التطفيل وحكايات الطفيليين

الخطيب البغدادي

بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله عدة للقائه

بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا اللَّه عدة للقائه أَخْبَرَنَا الشيخ أَبُو طاهر بركات بْن إِبْرَاهِيم بْن طاهر الخشوعي قراءة عَلَيْهِ, أَخْبَرَنَا الشيخ أَبُو المعالي الْحُسَيْن بْن حمزة بْن الْحُسَيْن الغساني الشعيري قراءة عَلَيْهِ وأنا أسمع فِي جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وخمس مئة, أَخْبَرَنَا الشيخ الإِمَام الحافظ أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِي بْن ثابت الخطيب البغدادي من لفظه فِي المحرم من سنة ثمان وخمسين وأربع مئة قَالَ: شغلنا اللَّه وإياك بطاعته, وتولاك بحفظه وحياطته؛ كنت ذكرت لي أنه انتهى إليك حطاية خبر طفيلي جرت لَهُ محاورة مَعَ نصر بْن عَلِي الجهضمي, وأنك أحببت الوقوف عَلَيْهِ بلفظه, وآثرت النظر فِيهِ عَلَى وجهه, فأعلمتك وقوع الْخَبَر إلي بإسناده, وَلَمْ يتسع الوقت لسياقه وإيراده, من حكايات الطفيليين وأخبارهم, ونوادر كلامهم وأشعارهم. ولقد كَانَ الاشتغال بغير ذَلِكَ أحرى, والتوفر عَلَى سواه أجدر وأولى؛ غَيْر أني رأيت إسعافك بطلبتك, وإجابتك إِلَى مسألتك؛ من الأمور اللازمة, وأحد الحقوق الواجبة؛ لتأكد حرمتك, وصفاء

خلتك, وصدق مودتك. وَقَدْ جمعت لَك فِي هَذَا الكتاب من ذكر التطفيل ومعناه, وأول من نسب إِلَيْهِ وعرف بِهِ, وبيان حكمه, وحمده وذمه, وأخبار أهله الموسومين بِهِ؛ مَا يستروح قلب العالم إِلَيْهِ من ثقل الجد, ويتروح خاطره بالنظر في من دوام الدرس والكد. وَقَدْ قَالَ عَلِي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: إِن هذه القلوب تمل كَمَا تمل الأبدان وابتغوا لَهَا طرف الحكمة. وَقَالَ قسامة بْن زهير: روحوا القلوب تعي الذكر. وجاء عَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الرخصة فس شبيه هَذَا المعنى مَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ الإِمَامُ بِأَصْبَهَانَ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّيَّانِ الْمِصْرِيُّ بِالْبَصْرَةِ, حَدَّثَنَا تَمْتَامٌ, وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ الضَّبِّيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو حذيفة, أخبرنا أبو سُفْيَانُ, عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ (الْحَضْرَمِيِّ) , عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ حَنَشٍ, عَنْ حَنْظَلَةَ (بْنِ الرَّبِيعِ) الْكَاتِبِ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ, وَكُنَّا كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ, فَخَرَجْتُ يَوْمًا, فَأَتَيْتُ أَهْلِي, فَضَحِكْتُ مَعَهُمْ, فَوَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ, فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ, فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ نَافَقْتُ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقُلْتُ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ, فَكُنَّا كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ, فَأَتَيْتُ أَهْلِي, فَضَحِكْتُ مَعَهُمْ؛ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّا لَنَفْعَلُ ذَلِكَ؛ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ, فَقَالَ "يَا حَنْظَلَةُ! لَوْ كُنْتُمْ عِنْدَ أَهْلِيكُمْ كَمَا تَكُونُونَ عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلائِكَةُ عَلَى فَرْشِكُمْ وَفِي الطَّرِيقِ؛ يَا حنظلة! ساعة وساعة". (مسلم, رقم: 2750) .

وَلَمْ تزل أفاضل النَّاس وأكابرهم تعجبهم الملح, ويؤثرون سماعها, ويهشون إِلَى المذاكرة بِهَا؛ لأنها جمام النفس ومستراح القلب, وإليها تصغي الأسماع عِنْدَ المحادثة, وبها يَكُون الاستمتاع فِي المؤانسة. أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ, أخبرنا أبر بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زياد المقرئ النقاش, أبو دَاوُدَ بْنَ وَسِيمٍ أَخْبَرَهُمْ ببوشنج, أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ ابْن أَخِي الأصمعي, عَن عمه, قَالَ: أنشدت مُحَمَّد بْن عمران قَاضِي الْمَدِينَة, وَكَانَ من أعقل من رأيت من القرشيين: يا أيها السائل عَن منزلي ... نزلت فِي الخان عَلَى نفسي يغدو عَلِي الخبز من خابز ... لا يقبل الرهن ولا ينسي آكل من كيسي ومن كسرتي ... حَتَّى لَقَدْ أوجعني ضرسي فقال: اكتبني هذه الأبيات؛ فَقُلْتُ لَهُ: أصلحك اللَّه! إِن هذه لا تشبهك؛ فَقَالَ لي: ويحك! إِن الأشراف والعقلاء تعجبهم الملح. أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم أَحْمَد بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن إِسْحَاق الحافظ بِأَصْبَهَانَ, أخبرنا أَحْمَد بْن كامل الْقَاضِي فِي كتابه إلي, سمعت أبا العيناء يَقُول: سمعت الأصمعي يَقُول: سمعت الأصمعي يَقُول: النوادر تشحذ الأذهان, وتفتح الآذان. والله تَعَالَى أسأل التوفيق لصالح القول والعمل, ومنه أطلب العفو عما اقترفته من الخطأ والزلل.

معنى التطفل في اللغة وأول من نسب إليه

معني التطفل فِي اللغة وأول من نسب إِلَيْهِ قرأت عَلَى الْحَسَن ابْن أَبِي القاسم, عَن أَبِي الفرج عَلِي بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الأَصْبَهَانِي, أخبرني الْحَسَن بْن عَلِي بْن زَكَرِيَّا, أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَان المازني, أَخْبَرَنَا الأصمعي, قَالَ: الطفيلي الداخل عَلَى الْقَوْم من غَيْر أَن يدعي, مأخوذ من الطَّفْل, وَهُوَ إقبال الليل عَلَى النهار بظلمته. وأرادوا أَن أمره يظلم عَلَى الْقَوْم, فلا يدرون من دعاه, ولا كَيْفَ دَخَلَ إليهم. أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الرافقي فِي كتابه, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن السري الهمداني, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْقَاسِمِ بْن خلاد, أَخْبَرَنَا الأصمعي, قَالَ: قولهم طفيلي للذي يدخل وليمة لَمْ يدع إِلَيْهَا, وَهُوَ منسوب إِلَى طفيل, رجل من أهل الكوفة من بَنِي غطفان, وكان يَأْتِي الولائم من غَيْر أَن يدعى إِلَيْهَا, فكان يقال لَهُ طفيل الأعراس والعرائس. والعرب تسمي الطفيلي: الرائش والوارش, والذي يدخل

عَلَى الْقَوْم فِي شرابهم وَلَمْ يدع إِلَيْهِ: الواغل. قَالَ امرؤ القيس: فاليوم فاشرب غَيْر مستحقب ... إثما من اللَّه ولا واغل أخبرنا علي ابن عَلِي المعدل, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم المازني, أَخْبَرَنَا عبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن بَكْر التميمي, أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُسْلِم بْن قتيبة, قَالَ: ويقال للداخل عَلَى الْقَوْم وَهُمْ يطعمون وَلَمْ يدع: الوارش, وللداخل عَلَى الْقَوْم وَهُمْ يشربون وَلَمْ يدع: الواغل. أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن عَلِي الجوهري, أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الخراز, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْقَاسِمِ بْن بشار الأنباري, قَالَ: والذي يدخل فِي طَعَام الْقَوْم من غَيْر أَن يدعى إِلَيْهِ, يقال لَهُ: الوارش, والوروش؛ والطفيلي من كَلام العامة, نسبوا إِلَى طفيل العرائس, رجل كَانَ بالكوفة يحضر الولائم من غَيْر أَن يدعى إِلَيْهَا. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَاحِد بْن عَلِي البزاز, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى الكاتب, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عيسى الكرخي, أَخْبَرَنَا الْحَارِث بْن أَبِي أُسَامَة, أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَان المازني,

حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَة, قَالَ: كَانَ رجل من بَنِي هلال ينزل الحفر الَّذِي يقال لَهُ اليوم: حفر أَبِي موسى- وَكَانَ أَبُو موسى أول من حفر فِيهِ ركية, فنسب الحفر إِلَيْهِ - وَكَانَ هَذَا المنزل منزلًا من منازل العرب, وَكَانَ رجل من بَنِي هلال ينزله يقال لَهُ: طفيل بْن زلال, فكان إِذَا سمع بقوم عندهم دعوة أتاهم, فأكل من طعامهم؛ فسمي الطفيلي طفيليا بِهِ. أنبأنا أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الخالع, أنبأنا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حماد, أنبأنا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِمِ الكوكبي, أنبأنا بْن عبيد, قَالَ: قَالَ الأصمعي: أول من طَفْل: الطفيل بْن زلال, وأول من زل: أبوه؛ فسمي التطفيل بِهِ, والزل بأبيه.

ذكر ما كان يسمى به الطفيلي في الجاهلية

ذكر مَا كَانَ يسمى بِهِ الطفيلي فِي الجاهلية أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ الْبَزَّازُ, أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ الطَّائِيُّ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ, أَخْبَرَنَا سفيان, عن عاصم ابن أبي النجود. وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْمُعَدَّلُ عِدَّةَ دُفْعَاتٍ, أَخْبَرَنَا محمد بن عمرو ابن البختري الزاز, أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرِ بْنِ مَنْصُورٍ أَبُو عُثْمَانَ الْبَزَّازُ, أَخْبَرَنَا سفيان بن عتيبة الْهِلالِيُّ, عَنْ عَاصِمٍ. عَنْ زِرٍّ, قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: اغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتُعَلِّمًا وَلا تَغْدُ إمعة بين ذلك. هذا آخر حَدِيث عَلِي بْن حرب؛ وزاد سعدان: قَالَ سُفْيَان: قَالَ أَبُو الزعراء, عَن أَبِي الأحوص, قَالَ: قَالَ عَبْد اللَّهِ: كُنَّا ندعو الإمعة فِي الجاهلية الرجل يدعى إِلَى الطعام فيذهب بالآخر مَعَهُ لَمْ يدع.

أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الصَّيْرَفِيُّ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ, أخبرنا أبو روق الهمداني بِالْبَصْرَةِ, أَخْبَرَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ بِمَكَّةَ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ, قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزَّعْرَاءِ, عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: كَانُوا يَعُدُّونَ الإِمَّعَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِي يُدْعَى إِلَى الطَّعَامِ فَيَذْهَبُ مَعَهُ بِآخَرَ, وَهُوَ الْمُحْقِبُ دِينَهُ الرَّجَّالُ. قَالَ الخطيب: يَعْنِي المتبع دينه آراء الرجال من غَيْر نظر فِي دليل ولا طلب لحجة, وَهُوَ مأخوذ من الحقيبة الَّتِي تعلق عَلَى الفرس؛ فَكَذَلِكَ هَذَا يعلق أمر دينه عَلَى غيره تقليدًا لا اجتهادًا. أَخْبَرَنَا عَلِي ابْن أَبِي عَلِي, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم المازني, أَخْبَرَنَا ابْن بَكْر, أَخْبَرَنَا ابن قتيبة, قال: والضيفين: الَّذِي يجيء مَعَ الضيف وَلَمْ يدع.

باب فيمن دعي إلى طعام فأراد أن يستصحب معه غيره (و)

باب فيمن دعي إلى طعام فأراد أَن يستصحب مَعَهُ غيره (و) أن السنة استذان الداعي لَهُ فِي ذَلِكَ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ الصَّيْرَفِيُّ بِنَيْسَابُورَ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُنَادِي, أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ, أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ, عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: اذْهَبْ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقُلْ لَهُ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَغَدَّى عِنْدَنَا فَافْعَلْ. فَقَالَ: "وَمَنْ عندي؟ " فقلت: نعم. (راجع البخاري, رقم:5434؛ ومسلم, رقم: 2040) . أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ غَالِبٍ الْفَقِيهُ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ حَمْزَةُ بن أحمد مَخَلْدٍ الْعَطَّارُ, أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ, أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, أَنَّ رَجُلا فَارِسِيًّا كَانَ جَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَكَانَتْ مَرَقَتُهُ أَطْيَبَ شَيْءٍ رِيحًا, فَصَنَعَ طَعَامًا, ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَةُ إِلَى جَنْبِهِ, فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَهَذَهِ مَعِي؟ " فقال نعم. (راجع مسلم, رقم:2037) .

أخبرنا الحسن ابن أَبِي بَكْرٍ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بن الحسن المعدل, أخبرنا يُوسُفَ الْقَاضِي, أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلا فَارِسِيًّا كَانَ جَارَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَكَانَتْ مَرَقَتُهُ أَطْيَبَ شَيْءٍ رِيحًا, فَصَنَعَ طَعَامًا, ثُمَّ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَعَائِشَةُ إِلَى جَنْبِهِ, فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ تَعَالَ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَهَذَهِ مَعِي؟ " وَأَشَارَ إِلَى عَائِشَةَ؛ فَقَال: لا! ثُمَّ أَشَارَ إِلَيْهِ, فَقَالَ: "وَهَذَهِ مَعِي؟ " فَقَال لا! ثم أشار إلى الثَّالِثَةَ, فَقَالَ "وَهَذَهِ مَعِي؟ " فَقَالَ: نعم! فذهبت عائشة معه. (راجع مسلم, رقم:2037) . أخبرنا أبو النعيم الْحَافِظُ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جفعر بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ, أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ, أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ, عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ, قَالَ: صَنَعَ رَجُلٌ مِنَّا يُكَنَّى أَبَا شُعَيْبٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا, فَقَالَ: تَعَالَ أَنْتَ وَخَمْسَةٌ مَعَكَ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَأْذَنُ فِي السَّادِسِ؟ " وَهَكَذَا رَوَاهُ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, عَنْ شُعْبَةَ. أَمَّا حَدِيثُ وَهْبٍ؛ فَأَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْمُعَدَّلُ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ , أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزْدٍ, أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ, أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ, عَنِ الأَعْمَشِ,

عَنْ أَبِي وَائِلٍ, عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ: أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ بَعَثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن ائتني أمنت وَخَمْسَةٌ مَعَكَ, فَبَعَثَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَتَأْذَنُ في سادس؟ "فأذن له. (راجع البخاري, رقم: 5461؛ ومسلم, رقم:2036) . وَأَمَّا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ؛ فَأَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ (بْنِ أَحْمَدَ) بْنِ غَالِبٍ, قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي العباس ابن حمدان, حدثكم محمد أبو أَيُّوبَ, أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, عَنْ شُعْبَةَ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ, عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ: أَنَّ رَجُلا صَنَعَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا, فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ تَعَالَ أَنْتَ وَخَمْسَةٌ مَعَكَ, فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْذِنُهُ في السادس. (راجع البخاري, رقم:5434؛ ومسلم, رقم: 2036) .

ذكر من طفل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة رضي الله عنهم

ذكر من طفل عَلَى عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُم أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ الأَصْبَهَانِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ, أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ ثَوْبٍ الْجُذَامِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ, أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ, عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ فِينَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شُعَيْبٍ, وَكَانَ لَهُ غُلامٌ لَحَّامٌ, فَقَالَ لِغُلامِهِ: اجْعَلْ لِي طَعَامًا لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم خامس وخمسة, فَتَبِعَهُ رَجُلٌ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ: "إِنَّكَ دَعَوْتَنِي خَامِسَ خَمْسَةٍ, وَإِنَّ هَذَا تَبِعَنَا, فَإِنْ أَذِنْتَ وَإِلا رَجَعَ" قال: بل آذن له. (راجع البخاري, رقم: 5434؛ رقم: 2036) . أخبرناه أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ الصَّيْرَفِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ الأَصْفَهَانِيُّ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عيسى البرتي. وأخبرناه الحسن ابن أبي بكر شاذان, ومحمد بن عمربن الْقَاسِمِ النَّرْسِيُّ, وَعُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ يُوسُفَ الْعَلافُ,

وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ غَيْلانَ الْبَزَّازُ؛ قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ, أَخْبَرَنَا- وَفِي حَدِيثِ ابْنِ غَيْلانَ: حَدَّثَنِي- إِسْحَاقُ بْنُ الحسن. وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ جعفر الأصبهاني, أخبرنا سليمان ابن أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ- سَمَّاهُ وَنَسَبَهُ بَعْضُهُمْ مُوسَى بْنَ مَسْعُودٍ- أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ, عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ, قَالَ: كَانَ فِينَا رَجُلٌ نَازِلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شُعَيْبٍ, وَكَانَ لَهُ غُلامٌ لَحَّامٌ, فَقَالَ لِغُلامِهِ: اصْنَعْ لِي طَعَامًا لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسَ خَمْسَةٍ؛ فَتَبِعَهُ رَجُلٌ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ دَعَوْتَنِي خَامِسَ خَمْسَةٍ, وَإِنَّ هَذَا تَبِعَنِي, فَإِنْ هَذَا تَبِعَنِي, فَإِنْ أَذِنْتَ لَهُ وَإِلا رَجَعَ" قَالَ: لا؛ بَلْ نأذن له, واللفظ لحديث ابْن غيلان. ورواه أيضًا عَن الأَعْمَش أَبُو مُعَاوِيَة الضرير, وأبو عوانة, وعلي بْن مسهر, ويزيد بْن عَطَاء, وعبد اللَّه بْن دَاوُد الخريبي, وعبد اللَّه بْن نمير الخارفي, وزهير بْن مُعَاوِيَة؛ واتفقوا كلهم عَلَى إسناده كرواية سُفْيَان الَّتِي ذكرناها آنفًا, إلا عَبْد اللَّهِ بْن نمير, فَإِنَّهُ قال فيه: عن أبي بن مَسْعُود, عَن أَبِي شُعَيْب؛ فجعله من مسند أَبِي شُعَيْب عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أما حَدِيث أَبِي مُعَاوِيَة (مُحَمَّد بن خازم) فأخبرناه أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِي بْن مُحَمَّد اليزدي الحافظ بنيسابور, أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمدان, أَخْبَرَنَا ابْن شيرويه. وأخبرناه أَبُو بَكْر البرقاني, قَالَ: قرأت عَلَى عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن زِيَاد, حدثكم عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن شيرويه. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ- وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ -, أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ, أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ, عَنْ شَقِيقٍ, عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ, قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ: أَبُو شُعَيْبٍ, فَقَالَ لِغُلامٍ لَهُ: اجْعَلْ لِي طَعَامًا؛ فَأَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ يأتيه وجلساءه الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ, فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامُوا مَعَهُ, فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حِينَ دُعُوا, فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبَابِ قَالَ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ: "إِنَّ رَجُلا تَبِعَنَا لَمْ يَكُنْ مَعَنَا حِينَ دَعَوْتَنَا, فَإِنْ أَذِنْتَ لَهُ دَخَلَ ", قَالَ: قَدْ أَذِنَّا لَهُ؛ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَخَلَ الرَّجُلُ. أما حَدِيث أَبِي عوانة؛ فأخبرناه عَلِي بْن أَحْمَد بْن عُمَر المقرئ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن إِبْرَاهِيم, أَخْبَرَنَا معاذ بْن المثنى, أَخْبَرَنَا مسدد, أخبرنا أبو عوانة, وأخبرناه أَبُو نعيم الحافظ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرو بْن حمدان, أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن سُفْيَان, أَخْبَرَنَا هدبة بْن خَالِد, أَخْبَرَنَا أَبُو عوانة. وأخبرناه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ (بْنِ أَحْمَدَ) بْن غالب واللفظ لَهُ,

قَالَ: قرئ عَلَى أَبِي بَكْر الإسماعيلي وأما أسمع: أخبرك يَحْيَى بْن مُحَمَّد الحنائي, أَخْبَرَنَا سُفْيَان, أَخْبَرَنَا أَبُو عوانة. عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ, عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ: أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شُعَيْبٍ أَبْصَرَ فِي وَجْهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوعَ, وَكَانَ لَهُ غُلامٌ لَحَّامٌ, فَقَالَ لَهُ: اجْعَلْ لِي طَعَامًا لِخَمْسَةِ نَفَرٍ لَعَلِّي أَدْعُو رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ خَمْسَةٍ, فَصَنَعَ طَعَامًا وَدَعَاهُ, فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ وَلَمْ يُدْعَ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَبِعَنَا رَجُلٌ, أَتَأْذَنُ لَهُ"؟ قَالَ: نَعَمْ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ؛ فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ الْكَاتِبُ بِأَصْبَهَانَ, أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارٍ الْمَدِينِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ الْكُوفِيُّ, أَخْبَرَنَا الْمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ , أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ شَقِيقٍ, عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَّا يُكَنَّى أَبَا شُعَيْبٍ لَهُ غُلامٌ لَحَّامٌ, فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ, فَعَرَفَ فِي وَجْهِهِ الْجُوعَ , فَأَتَى غُلامَهُ, فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوعَ, فَاصْنَعْ لِي طعاما يكفي خَمْسَةٍ, فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا, ثُمَّ دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ, فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْبَابِ, قَالَ: "إِنَّهُ قَدْ تَبِعَنَا رَجُلٌ, فَإِنْ أَذِنْتَ لَهُ وَإِلا رَجَعَ "قَالَ: لا! بَلْ آذَنُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَأَمَّا حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ عَطَاءٍ؛ فَأَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدَّلُ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ, أَخْبَرَنَا

يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا الْحَمْرَاوِيُّ الْعَلافُ, أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ, أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ, قَالَ: قَالَ أَبُو شُعَيْبٍ الأَنْصَارِيُّ لِغُلامٍ لَهُ لَحَّامٍ: اصْنَعْ لِي طَعَامًا لِخَمْسَةِ نَفَرٍ لَعَلِّي أَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسَ خَمْسَةٍ, فَقَدْ أَبْصَرْتُ فِي وَجْهِ رسول اله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوعَ, فَدَعَاهُ, فَتَبِعَهُمْ رَجَلٌ لَمْ يَدْعُوهُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ: "إِنَّهُ اتَّبَعَنَا رَجُلٌ, أَفَتَأْذَنُ لَهُ"؟ قَالَ: نَعَمْ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ؛ فَأَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَد بْن عُمَر المقرئ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيم, أَخْبَرَنَا معاذ بْن المثنى, أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ, عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ, قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شُعَيْبٍ, وَكَانَ لَهُ غُلامٌ لَحَّامٌ, فَقَالَ لِغُلامِهِ: اصْنَعْ لِي طَعَامًا خَامِسَ خَمْسَةٍ أَوْ سَادِسَ سِتَّةٍ أَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي رَأَيْتُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوعَ؛ فَدَعَاهُ, فَاتَّبَعَهُمْ رَجُلٌ, فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَأْذَنُ لَهُ؟ ". وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ نُمَيْرٍ؛ فَأَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَرْبِيُّ, أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ, أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ, أَخْبَرَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ, عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ, عَنْ رجل الأَنْصَارِ يُكَنَّى أَبَا شُعَيْبٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْجُوعَ, فَأَتَيْتُ غُلامًا لِي

قَصَّابًا, فَأَمَرْتُهُ أَنْ يَجْعَلَ طَعَامًا لِخَمْسَةِ رِجَالٍ, ثُمَّ دَعَوْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ خَامِسَ خَمْسَةٍ وَمَعَهُمْ رَجُلٌ, فلما دنا رسول اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَابِ قَالَ: "إِنَّ هَذَا قَدْ تَبِعَنَا, فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ وإلا رجع". وَأَمَّا حَدِيث زهير؛ فأخبرنيه أَحْمَد بْن عَلِي بْن مُحَمَّد اليزدي, أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَد الحافظ إملاء, أَخْبَرَنَا أَبُو عروبة السلمي, أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ - يَعْنِي ابْن عَمْرو- أَخْبَرَنَا زهير, عَنِ الأَعْمَش بنحو مَا تقدم. وَرَوَى هَذَا الْحَدِيث عمار بن زريق, عَنِ الأَعْمَش, عَن أَبِي سُفْيَان, عَن جَابِر بْن عَبْد اللَّهِ. كَذَلِكَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْيَزْدِيُّ, أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ, أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْجَوَّابِ الأَحْوَصُ بْنُ جواب, أخبرنا عمار بن زريق, عَنِ الأَعْمَش, عَن أَبِي سُفْيَان, عَنْ جَابِرٍ, قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شُعْبَةَ, كَانَ لَهُ غُلامٌ لَحَّامٌ, فَقَالَ: أَصْلِحْ لَنَا طَعَامًا لَعَلِّي أَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَادِسَ سِتَّةٍ, فَدَعَاهُمْ, فَاتَّبَعَهُمْ رَجُلٌ, فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا قَدِ اتَّبَعَنَا, فَتَأْذَنُ لَهُ؟ " قَالَ: نَعَمْ. هكذا قَالَ فِي هذه الرواية أَبُو شُعْبَة , والصواب أَبُو شُعَيْب كَمَا ذَكَرْنَا أولًا. والله أعلم.

باب في التغليط على من أتى طعاما لم يدع إليه

باب في التغليط عَلَى من أتى طعامًا لَمْ يدع إِلَيْهِ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيُّ بِالْبَصْرَةِ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن عمرو اللؤلؤي, أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الأشعث. أَوْ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْن عُمَر المقرئ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ, أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالا: أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ, أَخْبَرَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ, أَبَانِ بْنِ طَارِقٍ, حَدَّثَنِي نَافِعٌ- وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ, عَنْ نَافِعٍ- قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ, وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ فَقَدْ دَخَلَ سَارِقًا وخرج مغيرا" (أبو داود, رقم: 3741) . تفرد برواية هَذَا الْحَدِيث عَن نَافِع مولى ابْن عُمَر أبان بْن طارق, وعن أبان درست بْن زِيَاد. وَقَدْ رَوَاهُ عَن درست أيضًا مُحَمَّد بْن سَعِيد الخزاعي , والصلت بْن مَسْعُود الجحدري, وإسحاق ابْن أَبِي إسرائيل المروزي, وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عرعرة الشامي, والعباس بْن يَزِيد البحراني.

أَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ, فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْحَسَنُ بْنُ محمد حَسْنَوَيْهِ الأَصْبَهَانِيُّ بِهَا, أَخْبَرَنَا أَبُو جعفر أحمد بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَعْبَدٍ السِّمْسَارُ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيٍّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِيُّ, أَخْبَرَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ الْعَنْبَرِيُّ, عَنْ أَبَانِ بْنِ طَارِقٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ, وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ خَرَجَ مُغِيرًا". وَأَمَّا حَدِيثُ الصَّلْتِ؛ فَأَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ (بْنُ مُحَمَّدِ) بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن غيلان لا أُحْصِيهَا كَثْرَةً, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ إِمْلاءً, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْخَطِيبُ, أَخْبَرَنَا صلت بن مسعود. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ لَفْظًا, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْخَطِيبُ, أَخْبَرَنَا الدُّورِيُّ, أَخْبَرَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ. أَخْبَرَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ, أَخْبَرَنَا أبان بن طارق, بن نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْوَلِيمَةُ حَقٌّ, فَمَنْ لَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ, وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ فَقَدْ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَج مُغِيرًا". وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ؛ فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بن جعفر بن عَلانُ الْوَرَّاقِ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ الْحَافِظُ, أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَاسِينَ, أَخْبَرَنَا إسحاق ابن أَبِي إِسْرَائِيلَ,

أَخْبَرَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ, عَنْ أَبَانِ بْنِ طَارِقٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ دُعِيَ فَلْيُجِبْ, وَمَنْ لَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ, وَمَنْ دَخَلَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا". وأما حديث ابن عرعرة , فأخبرناه أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ, أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ النَّاقِدُ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ, أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ, أَخْبَرَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ, أَخْبَرَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ, أَخْبَرَنَا أَبَانِ بْنِ طَارِقٍ, حَدَّثَنِي نَافِعٌ, قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ, وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا ". وَأَمَّا حَدِيثُ الْعَبَّاسِ الْبَحْرَانِيُّ؛ فَأَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقُرَشِيُّ, أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ الشَّطَوِيِّ, أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ, أَخْبَرَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ, أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ طَارِقٍ, أَخْبَرَنَا نَافِعٌ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ دُعِيَ فَلْيُجِبْ, وَمَنْ دَخَلَ عَنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا". أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَرَشِيُّ

أخبرنا يحيى بن خالد أبو زكري- وقال خيثمة: أبو زكريا- ثم اتفقا عن روح القاسم, عن

بِنَيْسَابُورَ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو عُتْبَةَ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ الْحِمْصِيُّ, أخبرنا بقية. وَأَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ, أَخْبَرَنَا خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَطْرَابُلُسِيُّ فِي كِتَابِهِ إِلَيَّ, أَخْبَرَنَا أَبُو عُتْبَةَ أَحْمَدُ (بْنُ) الْفَرَجِ, أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ أَبُو زَكَرِيٍّ- وَقَالَ خَيْثَمَةُ: أَبُو زَكَرِيَّا- ثُمَّ اتَّفَقَا عَنْ روح القاسم, عن سعيد ابن أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ, عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ لِطَعَامٍ لَمْ يُدْعَ إِلَيْهِ فَأَكَلَ, دَخَلَ فَاسِقًا وَأَكَلَ مَا لا يَحِلُّ" وَقَالَ خَيْثَمَةُ: "مَا لا يحل له". ("سنن البيقهي" 7265) . أخبرناه الحسن ابن أَبِي بَكْرٍ, أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَجٍ الْمُعَدَّلُ, أَخْبَرَنَا موسى بن هارون, أخبرنا أبو عُثْمَانُ هُوَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو, أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ, حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ, عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ, عَنِ الْمَقْبُرِيِّ, عَنْ عُرْوَةَ, عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ لِطَعَامٍ لَمْ يُدْعَ لَهُ, فَأَكَلَ ,دَخَلَ فَاسِقًا وَأَكَلَ حَرَامًا". أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدَّلُ, أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ, أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ, أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ, عَنِ ابْنِ أَبِي حُنَيْسٍ - كَذَا قَالَ لَنَا أَبُو

الْحُسَيْنِ-, عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَجْلانَ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: "مَنْ جَاءَ إِلَى طَعَامٍ لم يدع إليه دخل غاضباً وَأَكَلَ حَرَامًا وَخَرَجَ مَسْخُوطًا عَلَيْهِ". أخبرنا القاضي أبو بكر بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو عُتْبَةَ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ, أَخْبَرَنَا بقية, أخبرنا الْكُوفِيُّ, عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عبد العزيز, عن عطاء ابن أبي رباح, قَالَ: "مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ هَدَمَ سَهْمًا مِنْ سهم الإِسْلامِ, وَمَنْ دَخَلَ إِلَى طَعَامٍ من غَيْر أَن يدعى إِلَيْهِ دَخَلَ فَاسِقًا وَأَكَلَ سُحْتًا". أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الإِيَادِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَلادٍ النَّصِيبِيُّ, أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ, أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ وَابْنُ لَهِيعَةَ, قَالا: أَخْبَرَنَا عُقَيْلٌ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: "مَنَ دَخَلَ وَلِيمَةً لَمْ يُدْعَ إِلَيْهَا فَقَدْ دَخَلَ فِسْقًا وَأَكَلَ سُحْتًا". أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو العلاء بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَعْقُوبَ الْوَاسِطِيُّ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيُّ, أَخْبَرَنَا ابْنُ رَمَضَانَ, قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الحكيم قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ, فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَعْوَانِ الشُّرَطِ, وَبَيْنَ يَدَيْهِ طَبَقُ تَمْرٍ. قَالَ: فَجَرَّ الطَّبَقَ, فَأَكَلَهُ حَتَّى أَتَى عَلَى مَا فِيهِ, ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا

والأصل في ذلك: ما أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر الدلال, أخبرنا عبد الصمد بن علي بن

عَبْدِ اللَّهِ! أَيْشٍ عِنْدَكَ فِي طَعَامِ الْفَجْأَةِ؟ فَقَالَ: كَانَ يَنْبَغِي أَنَ يَكُونَ سُؤَالُكَ هَذَا وَالتَّمْرُ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ الخطيب: إِذَا كَانَ لرجل صديق قَدْ تأكدت حرمته بِهِ, وثبتت مخالصته لَهُ؛ فقد رخص له في إيتان طعامه من غَيْر أَن يدعوه إِلَيْهِ, إِذَا علم أَنَّهُ يؤثر ذَلِكَ ويشتهيه ولا يكرهه؛ بَل يرغب فِيهِ. وَالأَصْلُ فِي ذَلِكَ: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الدَّلالُ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُكْرَمٍ الطَّسْتِيُّ إِمْلاءً, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ النَّرْسِيُّ, أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى, أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَاعَةٍ لا يَخْرُجُ فِيهَا وَلا يَلْقَاهُ فِيهَا أَحَدٌ, فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ, فَقَالَ: "مَا أَخْرَجَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ "قَالَ خَرَجْتُ لِلِقَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّظَرِ فِي وَجْهِهِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ؛ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: "مَا أَخْرَجَكَ يَا عُمَرُ؟ "قَالَ: الْجُوعُ, قَالَ: "وَأَنَا قَدْ وَجَدْتُ مِثْلَ هَذَا الَّذِي تَجِدُ؛ انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى بَيْتِ أَبِي الهيثم ابن التَّيِّهَانِ الأَنْصَارِيِّ", وَقَدْ كَانَ رَجُلا كَثِيرَ النَّخْلِ وَالشَّاءِ, وَلَمْ يَكُنْ له خادم. وساق بقيمة الحديث (راجع مجمع الزوائد) 10319) . فالتغليط الوارد فِي الْحَدِيث إِنَّمَا هُوَ محمول على إيتان طَعَام غَيْر الصديق, وصاحبه كاره لِذَلِكَ.

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أحمد رزق البزاز, أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن المظفر بْن يَحْيَى الشرابي, أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ المرثدي, عَن أَبِي إِسْحَاق الطلحي, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد , حَدَّثَنِي ابْن أَبِي الجارود مؤدب كَانَ لَهُ, قَالَ: قال رجل من الحكماء لبينه: اجتنبوا ثماني خصال, فمن تعاطى منكم شَيْئًا منهن فأهين فلا يؤمن إلا نَفْسه: المحدث لمن لا ينصت لَهُ, والمداخل نَفْسه فِي سر بَيْنَ اثنين لَمْ يدخلاه فِيهِ, والجالس المجلس لا يستحقه, وآتي الدعوة لَمْ يدع إِلَيْهَا , والملتمس الفضل من أيدي اللئام, والمعترض للخير من يد عدوه, والمتكلف ما لا يعينه, والمتحمق فِي الدالة. أَخْبَرَنَا أَبُو محمد بْن عَلِي الجوهري, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى, أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد عيسى الْمَكِّي, أَخْبَرَنَا أَبُو العيناء مُحَمَّد بْن الْقَاسِمِ, قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بْن حرب الهلالي: إِن بَعْض الحكماء قَالَ لابنه: من تعرض لخصال تقصر بِهِ فلا يلومن إلا نَفْسه: من حدث من لا يستمع لحَدِيثه, ومن دَخَلَ بَيْنَ اثنين لَمْ يدخلاه, ومن أتى الدعوة وَلَمْ يدع إِلَيْهَا , والجالس مجلسًا لا يستحقه, والطالب الفضل من اللئام, والمعترض للخير من عدوه, والمتحمق بالدالة, والمتكلف ما لا يعينه. وَقَدْ رَوَى نَحْوَ هَذَا الْقَوْلِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. أَخْبَرَنِيهِ أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ الأَسْيُوطِيُّ, أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ

إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عمرو ابن تَمَّامٍ, حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ تَمَّامٍ الْكَلْبِيُّ, حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبَانٍ الأَنْصَارِيُّ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: ثَمَانِيَةُ رَهْطٍ إِنْ أُهِينُوا فَلا يَلُومُنَّ إِلا أَنْفُسَهُمْ: الآتِي مَائِدَةً لَمْ يدع إليها, والمعترض لِفَضْلِ اللَّئِيمِ, وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ. كتب إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عُثْمَان الدمشقي, وحدثني عَبْد الْعَزِيز ابْن أَبِي طاهر الصوفي عَنْهُ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ حبيب الفقيه, أَخْبَرَنَا أَبُو أمية الطرسوسي. وأخبرنا الأزهري, أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عُمَر أَن مُحَمَّد بْن جَعْفَر المطيري أخبرهم, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق أَبُو بَكْر الصغاني. قَالا: أَخْبَرَنَا وضاح بْن حسان, أخبرنا أبو الهلال الراسبي, عَن غالب الْقَطَّان, عَن بَكْر بْن عَبْد اللَّهِ, قَالَ: إِن أحق النَّاس بلطمة من أتى طعامًا لَمْ يدع إِلَيْهِ, وإن أحق النَّاس بلطمتين من يَقُول لَهُ صاحب المنزل: اجلس ههنا, فَيَقُول: لا! بَل أجلس ههنا؛ وإن أحق النَّاس بثلاث لطمات من دعي إِلَى طَعَام, فَقَالَ لصاحب الْبَيْت: أدع ربة الْبَيْت تأكل معنا. لَفْظُ الأَزْهَرِيِّ: أخبرناه أحمد ابن أَبِي جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْكَاتِبُ بِمِصْرَ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ دُرَيْدٍ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْن أَخِي الأصمعي, عَن عمه الأصمعي, عن أبي عمرو ابن الْعَلاءِ, قَالَ: قَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

الْمُزَنِيُّ: أَحَقُّ النَّاسِ بِلَطْمَةٍ مَنْ إِذَا دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ يَذْهَبُ مَعَهُ بِآخَرَ؛ وَأَحَقُّ النَّاسِ بِلَطْمَتَيْنِ رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ, فَقَالُوا: اجْلِسْ هَهُنَا, قَالَ: لا, بَلْ هَهُنَا؛ وَأَحَقُّ النَّاسِ بِثَلاثِ لَطَمَاتٍ رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ فَقَدَّمُوا لَهُ طَعَامًا , فَقَالَ لِرَبِّ الْبَيْتِ: اجْلِسْ كُلْ مَعَنَا. والضيف إِذَا أطال المثوى عِنْدَ مضيفه حَتَّى يخرجه ويشق عَلَيْهِ, كَانَ بمنزلة المتطفل, وقد ورد الأثر بالنهي عَن ذَلِكَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد ابْن رزق, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ محمد الصفار. وَأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَرَشِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ. قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو يحيى بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ, أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرٍو, سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ يُخْبِرُ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخَرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ, مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخَرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ, مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخَرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ "

قَالَ سُفْيَان: وزاد ابْن عجلان: عن سعيد ابن أَبِي سَعِيد, عَن أَبِيهِ, عَن أَبِي شريح الخزاعي, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخَرِ فليكرم ضيفه, وجائزته يومه وليلته, والضيافة ثَلاث, ولا يحل لَهُ أَن يثوى عنده حَتَّى يحرجه, فَمَا أنفق عَلَيْهِ بَعْد ذَلِكَ - وَقَالَ الصفار: "ثَلاث"- فَهُوَ صدقة". (البخاري, رقم: 6135؛ ومسلم, رقم:48) . أَخْبَرَنَا أَبُو يعلى أَحْمَد بْن عَبْد الْوَاحِد بْن مُحَمَّد الوكيل, أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سَعِيد المعدل, أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِمِ الكوكبي, قَالَ: قَالَ لنا أَبُو الْعَبَّاس - يَعْنِي المبرد-: ضاف رجل قومًا, فكرهوه, فَقَالَ الرجل لامرأته: كَيْفَ لنا بعلم مقدار مقامه؟ قَالَتْ: ألق بيننا شرًا حَتَّى نتحاكم إِلَيْهِ, ففعلًا, فَقَالَتْ للضيف: بالذي يبارك لَك فِي غدوك, أينا أظلم؟ فَقَالَ الضيف: والذي يبارك لي فِي مقامي عندكم شهرًا, مَا أعلم. أخبرني أَحْمَد بْن عَلِي بْن مُحَمَّد المحتسب, أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد المقرئ, أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن بْن الْقَاسِمِ, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطوسي, أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن الجنيد, أَخْبَرَنَا الزُّبَيْر بْن بكار, حَدَّثَنِي عمي مُصْعَب, قَالَ: نزل بَعْض أهل البصرة عَلَى مديني, وَكَانَ صديقًا لَهُ, فألح عَلَى المديني بطول المقام, فَقَالَ المديني لامرأته: إِذَا كَانَ غدًا, فإني أقول لضيفنا: كم ذراعًا تقفز؟ فأقفز أنا من العتبة إِلَى الدار, فَإِذَا قفز الضيف أغلقي الباب خلفه, فلما كَانَ من الغد, قَالَ لَهُ المديني: كَيْفَ قفزك يا أبا فُلان؟

قَالَ: جيد, قَالَ: فوثب المديني من داخل منزله إِلَى خارج الدار أذرعا, فقال له: فوثب إِلَى داخل الدار ذراعين, فَقَالَ لَهُ: أنا وثبت إِلَى خارج الدار أذرعًا, وأنت وثبت إِلَى داخل الباب ذراعين؟ قَالَ: ذراعين إلى الداخل من أربعة إِلَى برًا.

باب في من ذم التطفيل وأصحابه, وهجا به غيره وعابه

بَاب فِي من ذم التطفيل وأَصْحَابه, وهجا بِهِ غيره وعابه أخبرنا الحسن ابن أَبِي بَكْرٍ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ, أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَاسِطِيُّ, أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ, حَدَّثَنِي قُرَّةُ, عَنْ مُحَمَّدٍ, قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ: يُحِبُّ الْخَمْرَ مِنْ مَالِ النَّدَامَى ... وَيَكْرَهُ أَنْ تُفَارِقَهُ الْفُلُوسُ أنشدني مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عبيد اللَّه البزاز لبعضهم: يحب الراح من مال الندامى ... ويأكل أكل شداد بْن عاد ولا يَرْوِي من الأشعار شَيْئًا ... سِوَى بَيْت لأبرهة العبادي قليل المال يصلحه فيبقى ... ولا يبقى الكثير عَلَى الفساد. وأنشدني أيضًا لآخر: طفيلي يرى التطفيل دينًا ... وقرة عينه غشيان عرس إِذَا قبضت يداه عَلَى رغيف ... يقسم نهبه بيد وضرس. أَخْبَرَنَا أَبُو الفتح مَنْصُور بْن ربيعة بْن أَحْمَد الزهري

الخطيب بالدينور, حَدَّثَنِي آدم الطويل, وقال: دَخَلَ حانوتي رجل يأكل شيئًا من الطعام, فتقدم سائل, فَقُلْتُ: مَا أَكْثَر ترددك إلي! فَقَالَ الغريب الَّذِي فِي الحانوت: لعله كَمَا قَالَ الشاعر: لو طبخت قدر بمطمورة ... أَوْ فِي ذرى قصر بأقصى الثغور وكنت بالصين لوافيتها ... يا عالم الغيب بِمَا في القلوب. أنشدني مُحَمَّد بْن عَلِي بْن عبيد اللَّه الكرخي: لو أوقد الراعي عَلَى شاهق ... بالطرق وافى جبل الطرق أَوْ كانت الإبرة سدا لَهُ ... لانسل كالبرق من الخرق تأكل أرزاق بَنِي آدم ... وأنت مخلوق بلا رزق. 63- أنشدني عَلِي بْن الْحَسَن بْن الصقر, أنشدني الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الخالع لبعضهم: يا وارث التطفيل عَن والد ... أحكم بالرفق وبالحذق تأكل أرزاق بَنِي آدم ... وأنت مخلوق بلا رزق. 64- أنشدني مُحَمَّد بْن عَلِي بْن الْحَسَن الجلاب لبعضهم: أسرف فِي التطفيل من ذباب ... عَلَى طَعَام وعلى شراب لو أبصر الرغفان فِي السحاب ... لطار فِي الجو مَعَ العقاب.

65- أنشدني عَلِي بْن المحسن بْن عَلِي الْقَاضِي لأبي عَلِي سُلَيْمَان بْن الفتح الموصلي المعروف بابن الزمكدم؛ يهجو أبا إسحاق ابن حجر الأنطاكي الملقب أبا الفضائل, ويرميه بالتطفيل: مطفل أطفل من ذباب ... عَلَى طَعَام وعلى شراب لقب طنزا أشرف الألقاب ... أدور بالموصل من دولاب يمر مر الريح والسحاب ... ينزل تطفيلًا بباب بَاب نزول شيب لاح فِي شباب ... يدخل بالحيلة فِي الأنقاب مكابرًا ينساب كالحباب ... لا يفرق الرد من البواب وإن لَهُ أغلظ فِي الْخَطَّاب ... لَهُ انقضاض سورة العقاب عَلَى القلايا وعلى الجواذب ... يحمل حملات أَبِي تراب فِي يَوْم صفين وَفِي الأحزاب ... بالجدي منه أثر الذئاب يمغثه مغثة ليث الغاب ... بكفه وظفره والناب فعامر الميدة فِي خراب ... وصاحب المنزل فِي عذاب لسوء مَا يَأْتِي من الآداب

66- قَالَ عَلِي بْن المحسن: وَقَالَ فِيهِ أيضًا يهجوه: طفيلي عَلَى فرس يدور ... يقدر عِنْدَ من غلت القدور بأوقات الموائد حِينَ يؤتى ... بِهَا للأكل علام خبير لَهُ فِي الغيب اصطرلاب وحي ... بمائدة إِذَا وضعت نذير فبطليموس فِي تحديد وقت ... إِلَيْهِ بغير مَا غلط يشير ولو قَالُوا بتاهرت طَعَام ... لمر إِلَيْهِ تطفيلًا يسير كأن عَلَى الموائد منه ليثا ... عَلَى خيوانها حنقًا يزير فرب الدار منه فِي حصار ... ومن فِيهَا بخدمته ضجور يكنى بالفضائل وَهُوَ نقص ... عَلَى طنز بلحيته صبور 67- قرأت فِي كتاب صاحبنا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن زَيْد العلوي لبعض الأدباء: يعجبه من عنده دعوة ... فَهُوَ يراها أبدا في المنام قد كتبت التطفيل فِي وجهه ... هَذَا حبيس فِي سبيل الطعام 68- أنشدني عَلِي ابن أَبِي عَلِي البصري, عَن أَبِيهِ, لأبي

الْحَارِث الموصلي فِي طاهر الهاشمي, يهجوه بالتطفيل: عَمْرو العلا ساد الورى ... بالجود والفعل الحميد هشم الثريد لقومه لقومه ... والناس فِي ضر شديد وهشمت أنت وجوه أه ... ل الأَرْض فِي طلب الثريد حَتَّى ارتجعت ثريده ... وشرعت فِي طلب المزيد لو أن قوما يشترو ... ن الحب فِي جبلي زرود لطرقتهم بضيائهم ... فِي نارهم ذَات الوقود وإذا سمعت بثردة ... ألفيت منها بالوصيد 69- وأنشدني علي ابن أَبِي عَلِي أيضًا, عَن أَبِيهِ لغيره: أطفل من ليل عَلَى نهار ... كَأَنَّهُ فِي الدار رب الدار 70- أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الخالع, أَخْبَرَنَا أَبُو الفرج عَلِي بْن الْحُسَيْن الأَصْبَهَانِي, أَخْبَرَنَا المطيري, أخبرنا عبد الله ابن أَبِي سَعْد, حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن خليفة الدرامي, حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سلمة, قَالَ: مَات لمساور الوراق بنت فِي يَوْم حار, فلم يحشد إِلَيْهِ جيرانه, وتخلفوا عَنْهُ إلا نفيرًا حَتَّى أبردوا, فحملت وَقَدْ تبعه مِنْهُم قوم, فلما انصرف, قَالَ:

تخلف عني كُل جاف ضرورة ... وكل طفيلي من الْقَوْم عاجز سريع إذا كَانَ يَوْم وليمة ... بطيء إِذَا مَا كَانَ حمل الجنائز 71- أنشدني مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عبيد البزاز لعلي بْن الْعَبَّاس بْن جريج الرومي فِي أكول من الطفيليين: يخالف إخوانه فِي الطريق ... إِلَى أَن تضمهم المائده فبينا كذاك إِذَا هُمْ بِهِ ... مَعَ الْقَوْم كالحية الراصده يلين الطحين عَلَى ضرسه ... ولو كَانَ من صخرة جامده ويأكل زاد الورى كُلهُ ... ولكنها أكلة واحده فلو عاينته جحيم الإله ... لخرت لمعدته ساجده 72- أخبرنا علي بن محسن التنوخي, قَالَ: وجدت فِي كتاب جدي الْقَاضِي أَبِي القاسم عَلِي بن محمد ابن أبي الفهم: أخبرنا حرمي ابن أَبِي العلاء, أنشدني إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن أبان النخعي لبعض البصريين فِي طفيلي: يمشي إِلَى الدعوة مستذفرًا ... مشي أَبِي الْحَارِث ليث العرين لَمْ ترعيني آكلًا مثله ... يأكل باليسرى معًا واليمين تجول فِي القصعة أطرافه ... لعب أَخِي الشطرنج بالشاهيين

73- أنشدني مُحَمَّد بْن عَلِي بْن عبيد اللَّه الكرخي لبعضهم: سواء عَلَيْهِم قدموا أَوْ تأخروا ... يوافي مَعَ الطباخ ساعة يفرغ فيمسك من فِي الْبَيْت خوف لسانه ... ويرجع رب الْبَيْت من حيث يبلغ 74- أنشدني أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن الْقَاسِمِ العلوي لجحظة من قصيدة يهجو بها بعض المغنيين: أظهرت التطفيل مَا لَمْ يكن ... يعرف فِي التطفيل أهل العقول تأكل سحتا وتزل الَّذِي ... يبقى من الزاد لأم النقول 75- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي بْن حمويه الهمذاني بِهَا, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الشيرازي, قَالَ: سمعت أبا الْعَبَّاس أَحْمَد أَحْمَد بْن سَعِيد بْن معدان يَقُول: سمعت أبا الْحَسَن مُحَمَّد ابن أَبِي خرسان يَقُول: سمعت العمري يَقُول: سمعت الجاحظ يَقُول: كَانَ عندنا فتى يعشق جارية, فكتب إِلَيْهَا يومًا: جعلت فداك, ابعثي إلي بشيء من الخبيص والخشكنانج, فَإِن عندي قومًا من القراء. فبعثت إِلَيْهِ, فلما كَانَ اليوم الثَّانِي كتب إِلَيْهَا: جعلت فداك, ابعثي إلي بشيء

من النبيذ وَمَا يصلحه, فَإِن عندي قومًا من القيان. فكتبت إِلَيْهِ: أبقاك اللَّه وحفظك, رأينا الحب يَكُون فِي القلب, فَإِذَا فشا دب فِي المفاصل؛ وحبك مَا يزول من المعدة, وأراك طفيليا تتأكل بالعشق.

باب فيمن حمد التطفيل واحتج لأهله وذكرهم بالجميل

بَاب فيمن حمد التطفيل واحتج لأهله وذكرهم بالجميل 76- أَخْبَرَنَا أَبُو القاسم عبيد اللَّه بْن أَحْمَد الصيرفي, وأبو يعلى أَحْمَد بْن عَبْد الْوَاحِد الوكيل؛ قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر التميمي, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر ابْن الأنباري, أَخْبَرَنَا ثعلب, عَن أَبِي نصر, قَالَ: قال لأصمعي: سمع أعربي قوما يذكرون, فَقَالَ: من بنو طفيل هَؤُلاءِ؟ فقيل: قوم يأتون الطعام من غَيْر أَن يدعوا إِلَيْهِ, فَقَالَ: هَؤُلاءِ والله قوم كرام. 77- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِي بْن الْحَسَن الجلاب, قَالَ: قَالَ رجل لأبيه وَكَانَ يتطفل: يا أبة! أما تستحي من التطفيل؟ قَالَ: وَمَا أنكرت منه؟ فَقَدْ تطفل بنو إسرائيل فَقَالُوا: "رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تكون لنا عيدا" (5 سورة المائدة الآية:114) . 78- أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, قَالَ:

قيل لبنان: من دَخَلَ إِلَى طَعَامٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْعَى إليه دخل لصا وخرج مغيرًا؛ قَالَ: مَا أكله إلا حلالًا. قيل لَهُ: وكيف ذَلِكَ؟ قَالَ أليس يَقُول لصاحب الوليمة للخباز: زد فِي كُل شَيْء؛ وإذا أراد أَن يطعم مئة قدر لمئة وعشرين, فَإِنَّهُ يجيئنا من نريد ومن لا نريد؟ فأنا مِمَّن لا يريد. 79- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن عَلِي المقرئ, أَخْبَرَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد البزاز, أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الْقَاسِمِ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاس الطوسي, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد, قَالَ: قُلْت لطفيلي مرة: ويلك! تأكل حرامًا؟! قَالَ: مَا أكلت قط إلا حلالًا. قُلْت: وكيف ذاك؟ قَالَ: لأني إِذَا دخلت دارًا لقوم قصدت بَاب النِّسَاء, فيقولون ههنا ههنا, فقولهم: ههنا هُوَ دعوة, فَمَا آكل إلا حلالًا. 80-أخبرني أَبُو القاسم الأزهري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم, أَخْبَرَنَا عبيد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَنِ السكري, أخبرنا عبد الله ابن أَبِي أسعد, حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن جَابِر بْن يَزِيد, حَدَّثَنِي سندي بْن صدقة, قَالَ: كُنَّا عَلَى سطح- يَعْنِي بمصر- ومعنا أَبُو نواس, فأقبلت رفقة يريدون الخصيب, فدعا أَبُو النواس بدواة, وكتب إِلَى الخصيب: قَدِ استزرت عصبة فأقبلوا ... وعصبة لَمْ تستزرهم طفلوا رجوك فِي تطفيلهم وأملوا ... وللرجاء حرمة لاتجهل قابلهم خيرًا فأنت الأفضل ... وافعل كَمَا كنت قديمًا تفعل

81- أنشدني أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَاحِد المنكدري لأبي روح ظفر بْن عَبْد اللَّهِ الهروي: إن الطفيلي له حرمة ... زرادت عَلَى حرمة ندماني لأنه جاء وَلَمْ أدعه ... مبتدئا فِيهِ بإحسان مائدتي لِلنَّاسِ منصوبة ... فليأتها القاصي مَعَ الداني أحبب بمن أنساه لا عَن قلى ... وَهُوَ يجيء لَيْسَ ينساني 82- أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِب عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الزهري الفقيه, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن العباس الخزار, قَالَ: أنشدنا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الكاتب, أنشدنا مُحَمَّد بْن المرزبان, قَالَ: أنشدت لبعض الكتاب: من يذم التطفيل يومًا فإنا ... قَدْ كلفنا بزلة الإخوان مَا حَدِيث عندي ألذ وأشهى ... من حَدِيث عَلَى شفير الخوان 83- أنشدني مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد الأهوازي, قَالَ: أنشدنا الْوَلِيد بْن معن الموصلي, قَالَ: أنشدت لبعضهم: لذة التطفيل دومي ... وأقيمي لاتريمي أَنْتَ تشفين عليلي ... وتسلين غمومي 84- أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن

مُحَمَّد بْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, قَالَ: أنشدنا بنان: لذة التطفيل دومي ... وأقيمي لا تريمي أَنْتَ تشفين سقامي ... وتجلين غمومي يا صفي النفس ياخي ... ر جليس ونديم قل إِذَا مَا جئت قوما ... زائرًا قَوْل حَكِيم قَدْ أتيناكم بحسن الظ ... ن الود القديم ما نخاف الرد والحر ... مان إلا من لئيم نحن قوم وهب الل ... هـ لنا فضل الحلوم قَدْ بلونا الناس ما جا ... هل أمر كعليم ليت من لام على التط ... فيل فِي نار الجحيم

باب في ذكر من طفل من الأكابر والأشراف وأهل العلم والأدب

بَاب فِي ذكر من طَفْل من الأكابر والأشراف وأهل العلم والأدب 85- أخبرني أبي الحسن ابن أَبِي بَكْر, أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل عيسى بن موسى ابن أبي محمد ابن المتوكل عَلَى اللَّه, أخبرني مُحَمَّد بْن خلف بْن المرزبان, قَالَ: رَوَى الْعَبَّاس بْن هِشَام, عَن أخيه أنيف بْن هِشَام, عَن أَبِيهِ, عَن بَعْض المدنيين, قَالُوا: مر عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر ومعه عدة من أَصْحَابه بمنزل رجل قَدْ أعرس, وإذا مغنية تقول: قل لكرام ببابنا يلجوا ... مَا فِي التصابي عَلَى الفتى حرج فَقَالَ عَبْد اللَّهِ لأَصْحَابه: لجوا, فَقَدْ أذن لنا الْقَوْم؛ فنزل ونزلوا, فدخلوا, فلما رآه صاحب المنزل تلقاه وأجلسه عَلَى الفرش, فَقَالَ للرجل: كم أنفقت عَلَى وليمتك؟ قَالَ: مئتي دِينَار. قَالَ: فكم مهر امرأتك؟ قَالَ: كذا وكذا؛ فأمر له بمئتي دينار ومهر امرأته, وبمئة دِينَار بَعْد ذَلِكَ معونة, واعتذر إِلَيْهِ, وانصرف.

86- أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْن الْعَبَّاس النعالي, أَخْبَرَنَا أَبُو الفرج عَلِي بْن الْحُسَيْن الأَصْبَهَانِي, أخبرني أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز, حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن عَلِي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن سَعِيد الكندي, قَالَ: سمعت أبا بكر ابن عياش يَقُول: حَدَّثَنِي من رأى ذا الرمة طفيليا يَأْتِي العرسات. 87-أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ الصيرفي, قَالَ: سمعت أبا الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يعقوب الأصم, يَقُول: سمعت الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد الدوري يَقُول: سمعت يَحْيَى بْن معين يَقُول: زَكَرِيَّا بْن منظور كَانَ طفيليا. 88-أَخْبَرَنَا عَلِي بْن المحسن التنوخي, قَالَ: وجدت فِي كتاب جدي: أخبرنا حرمي ابن أَبِي العلاء, أَخْبَرَنَا إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن أبان النخعي, حَدَّثَنِي القحذفي, قَالَ: كَانَ رقبة يقعد فِي الْمَسْجِد, فَإِذَا أمسى بعث جلساءه من جيران الْمَسْجِد, فيأتي كُل رجل مِنْهُم من منزله بطرفه, فيأكل, ثُمَّ يَقُول: ليت الليل كَانَ سرمدًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.

89- أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِب مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله بن بكير, أخبرنا أَبُو حامد أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن عَلِي الهمذاني, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَارِث بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم, أَخْبَرَنَا جدي مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم العبدي, أَخْبَرَنَا الهيثم بْن عدي, قَالَ: أتى رقبة بْن مصقلة العبدي مسعر بْن كدام, فاستلقى عَلَى ظهره, فقال: مالك يا أبا عَبْد اللَّهِ؟ قَالَ: صريع الفالوذج, كُنَّا فِي دار رجل قضى بَيْنَ النَّاس فِي الْجَمَاعَة وحكم بينهم فِي الفرقة , دعانا الوليد بن رحب بْن الْحَارِث بْن أَبِي موسى الأشعري إِلَى وليمة, فأتانا بخوان كجوبة من الأَرْض, ثُمَّ أتانا بخبز رقاق كآذان الفيلة, ثُمَّ أتانا

بجرجير كآذان المعز, ثم أتانا بثريدة ملساء, ثُمَّ أتانا بساكنة الماء كأن ظهرها ظهر طير قيراطي, ثُمَّ أتينا بفالوذج يقرأ نقش الدرهم من تحته؛ فوضع عَلَى رأس حب, فنحن عَلَى لذة من هَذَا وعلى يقين من ذاك. فَقَالَ له مسعر- وكان يكنى أباسلمة -: يا أبا عَبْد اللَّهِ! أراك طفيليا؟ فَقَالَ: يابا- وكانت كلمتهم- كلهم طفيليون, ولكنهم يتكاتمون. 90- أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الهاشمي, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الْمَأْمُون, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْقَاسِمِ بْن الأنباري, حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن المرزبان, حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عُثْمَان, قَالَ: كَانَ قوم جلوسًا عَلَى شراب الهم, فدخل عَلَيْهِم داخل, فاستقبلوه, فَقَالَ بَعْضهم: أيها الداخل الثقيل عَلَيْنَا ... حِينَ لذ الْحَدِيث لي ولصحبي خف عنا فأنت أثقل والل ... هـ عَلَيْنَا من فرسخي دير كعب قَالَ: فأجابه الرجل, فَقَالَ: لست بالبارح العشية والل ... هـ لشتم ولا لشدة ضرب أَوْ تديرون بالكبير ثلاثًا ... وتعلون بعدهن بقعب

91- قرأت فِي كتاب صاحبنا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن زَيْد العلوي لبعضهم: إن من كان عارفًا بالجميل ... لا يلوم الفتى عَلَى التطفيل أنا فِي منزلي وحيد وأنتم ... قَدْ خلوتم بمسمع وشمول هذه رقعتي وهذا رسولي ... أنا فِي إثرها وإثر الرسول 92- أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِي بْن الْحُسَيْن التوزي, أَخْبَرَنَا عبيد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد المقرئ, أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن الْقَاسِمِ, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطوسي, أَخْبَرَنَا ابْن أَبِي سَعْد, حَدَّثَنِي عُمَر بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْعَزِيز بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عوف, حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن شفنه الغفاري, قَالَ: خرج حكم الوادي المغني من الوادي

مغاضبًا لأبيه حَتَّى ورد الْمَدِينَة, فصحب قومًا من الجمالين إِلَى الكوفة يعاونهم, ويركب معهم العقبة حَتَّى دَخَلَ الكوفة ,فسأل: من أسرى من بالكوفة مِمَّن يشرب النبيذ وأسراه أَصْحَابًا؟ فقيل: فُلان التاجر البزاز, وَلَهُ ندماء من البزازين. وَكَانَ التجار يصيرون إِلَى منزل كل واحد كل يَوْم, فَإِذَا كَانَ يَوْم الجمعة صاروا إِلَى منزله, فخرج فجلس فِي حلقتهم, كُل واحد مِنْهُم يظن أَنَّهُ جاء مَعَ بَعْضهم يتحدثون ويتحدث معهم حَتَّى انصرفوا, فصاروا إِلَى منزل الرجل وَهُوَ معهم, فلما أخذوا مجالسهم جاءت جارية أخذت مِنْهُم أرديتهم وطوتها, وأوتوا بالطعام, ثُمَّ أوتوا بالنبيذ, فشربوا وكلهم يظن بالوادي ذاك الظن, حَتَّى إِذَا طابت أنفسهم ومر النبيذ في رؤوسهم قام الوادي إِلَى المتوضإ, فأقبل بَعْضهم عَلَى بَعْض, فَقَالُوا: مَعَ من جاء هَذَا!؟ فكلهم يَقُول: والله ما أعرفه! فقالوا: بعض, فَقَالُوا: طفيلي. فَقَالَ صاحب المنزل: فلا تكلموه بشيء, فَإِنَّهُ سري هني عاقل؛ وسمع الْكَلام, فلما خرج حيا الْقَوْم, ثُمَّ قَالَ لصاحب الْبَيْت: هل ها هنا دف مربع؟ قَالَ: لا والله! ولكن نطلبه لَك؛ فأرسل, فاشتري من السوق, وعلموا أَنَّهُ مغن, فلما وقع الدف فِي يده, فلما حركه كاد أَن يتكلم, فكادوا أَن يطيروا من الطرب من نقره بالدفء؛ ثم غنى بحق لَمْ يسمعوا بمثله؛ فلما سكت, قَالُوا: بأبي أَنْتَ يا سيدنا! مَا كَانَ ينبغي أَن يَكُون إلا هكذا. فَقَالَ: قَدْ سمعت كلامكم وَمَا ذكرتم من تطفيلي, وأي شَيْء كَانَ عليكم من رجل دَخَلَ فيما بَيْنَ أضعافكم؟ فَقَالُوا: مَا كَانَ عَلَيْنَا من ذَلِكَ من شَيْء؛ فأقام معهم يومًا, ثُمَّ قَالُوا لَهُ: أين تريد؟ قَالَ: بَاب أمِير الْمُؤْمِنيِنَ؛ فَقَالُوا: وكم أملك؟ قَالَ: ألف دِينَار. قَالُوا: فإنا نعطي اللَّه عهدا إن أراك أمِير الْمُؤْمِنيِنَ فِي سفرك هَذَا ولا عاينك ولا عاينت

بلادًا سِوَى الكوفة وَهِيَ عَلَيْنَا, فأخرجوا مَا بينهم ألف دِينَار فأخرجوا مَا بينهم ألف دِينَار وأخرجوا كسوة لَهُ ولعياله ولأبيه وهدايا من العراق, وأقام عندهم حَتَّى اشتاق إِلَى أهله, فحملوه ورجع إِلَى أهله. 93- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِي بْن عَبْد اللَّهِ الصوري, أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عُمَر التجيبي بمصر, أَخْبَرَنَا أَبُو هُرَيْرَة أَحْمَد بْن عَبْد اللَّهِ بن الْحَسَن ابْن أَبِي العصام العدوي, أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاس عيسى بْن عَبْد الرحيم, حَدَّثَنِي عَلِي بْن محمد هو ابن حيون, حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد الكوفي, حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الحلبي, عَن أَبِيهِ, قَالَ: أمر الْمَأْمُون أَن يحمل إِلَيْهِ عشرة من الزنادقة سموا لَهُ من أهل البصرة, فجمعوا, وأبصرهم طفيلي, فَقَالَ: مَا اجتمع هَؤُلاءِ إلا لصنيع؛ فانسل, فدخل وسطهم, ومضى بِهِمُ الموكلون حَتَّى انتهوا بِهِمْ إِلَى زورق قَدْ أعد لَهُمْ, فدخلوا الزورق: فَقَالَ الطفيلي: هِيَ نزهة؛ فدخل معهم الزورق, فلم يك بأسرع بأن قيد الْقَوْم وقيد معهم الطفيلي, فَقَالَ الطفيلي: بلغ تطفيلي إِلَى القيود! ثُمَّ سير بِهِمْ إِلَى بغداد, فدخلوا إلى المأمون, فجعل يدعو بأسماعهم رجلًا رجلًا, فيأمر بضرب رقابهم؛ حَتَّى وصل إِلَى الطفيلي وَقَدِ استوفي عدة الْقَوْم, فَقَالَ للموكلين بِهِمْ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: والله مَا ندري! غَيْر أنا وجدناه مَعَ الْقَوْم, فجئنا بِهِ؛ فَقَالَ الْمَأْمُون: مَا قصتك ويلك؟ فَقَالَ: يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ! امرأته طالق إِن كَانَ يعرف من أقوالهم شيئًا, ولا يعرف إلا اللَّه ومحمدًا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وإنما أنا رجل رأيتهم مجتمعين, فظننت صنيعًا يغدون إِلَيْهِ. فضحك الْمَأْمُون, وَقَالَ: يؤدب. وَكَانَ إِبْرَاهِيم بْن الْمَهْدِي قائمًا عَلَى رأس الْمَأْمُون, فَقَالَ: يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ هب لي أدبه أحدثك بحَدِيث عجيب عَن نفسي؛ فَقَالَ: قل يا إِبْرَاهِيم. قَالَ: يا أمِير

الْمُؤْمِنيِنَ! خرجت من عندك يومًا فِي سكك بغداد متطربًا حَتَّى انتهيت إِلَى موضع سماه, فشممت يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ من جناح أبازير قدور قَدْ فاح طيبها, فتاقت نفسي إِلَيْهَا وإلى طيب ريحها, فوقفت عَلَى خياط , وقلت له: لمن هذه الدار؟ قَالَ: فُلان بْن فُلان. (فرميت بطرفي إِلَى الجناح, فَإِذَا فِي بعضه شباك, فنظرت إِلَى كف قَدْ خرجت من الشباك قابضة عَلَى عضد ومعصم, فشغلني يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ حسن الكف والمعصم عَن رائحة القدور, وبقيت باهتا ساعة, ثُمَّ أدركني ذهني, فَقُلْتُ للخياط: هل) هُوَ مِمَّن يشرب النبيذ؟ قَالَ: نَعَم, وأحسب عنده اليوم دعوة, وليس ينادم إلا تجارًا مثله مستورين. فإني لكذلك إذ أقبل رجلان نبيلان راكبان من رأس الدرب, فَقَالَ الخياط: هؤلاء منادموه؛ فقلت: ما أسماؤهم ومت كناهما؟ فقال: فلان فلان؛ وأخبرني بكناهما. فحركت دابتي وداخلتهما, وقلت: جعلت فداكما! قَدِ استبطأكما أَبُو فُلان أعزه اللَّه؛ وسايرتهما حَتَّى أتينا إِلَى الباب , فأجلاني وقدماني, فدخلت ودخلا, فلما رآني معهما صاحب المنزل لَمْ يشك أني منهما بسبيل, أَوْ قادم قدمت عليهما من موضع, فرحب وأجلسني فِي أفضل المواضع, فجيء يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ بالمائدة وعليها خبز نظيف, وأتينا بتلك الألوان, فكان طعمها أطيب من ريحها, (فَقُلْتُ فِي نفسي: هذه الألوان قَدْ أكلتها؛ وبقيت الكف, كَيْفَ أصل إِلَى صاحبها) ثُمَّ رفع الطعام, وجيء بالوضوء, ثُمَّ صرنا إِلَى منزل

المنادمة, فَإِذَا أشكل منزل يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ, وجعل صاحب المنزل يلاطفني ويقبل علي بالحديث, وجعل صاحب المنزل يلاطفني ويقبل عَلِي بالحَدِيث, وجعلوا لا يشكون أَن ذَلِكَ منه لي عَن معرفة متقدمة, وإنما ذَلِكَ الفعل كَانَ منه لما ظن أني منهما بسبيل. (حَتَّى إِذَا شربنا أقداحا, خرجت عَلَيْنَا جارية- يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ- كَأَنَّهَا غصن بان تثنى؛ فأقبلت تمشي, فسلمت غَيْر خجلة, وثنيت لَهَا وسادة, فجلست, وأتى بعود, فوضع فِي حجرها, فحبسته, فاستنبت في جسها حذقها؛ ثن اندفعت تغني: توهمها طرفي فأصبح خدها ... وفيها مكان الوهم من نظري أثر وصافحها قلبي فآلم كفها ... فمن مس قلبي فِي أناملها عقر فهيجت- يا أمير المؤمنين- بلابلي, وطربت بحسن شعرها وحذقها, ثُمَّ اندفعت تغني: أشرت إِلَيْهَا هل عرفت مودتي ... فردت بطرف العين إني عَلَى العهد فحدت عَنِ الإظهار عمدا لسرها ... وحادت عَنِ الإظهار أيضًا عَلَى عمد فصحت: السَّلام- يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ- وجاءني من الطرب مَا لَمْ أملك نفسي, ثُمَّ اندفعت تغني الصوت الثالث: أليس عجيبًا أَن بيتا يضمني ... وإياك لا تخلو ولا نتكلم سِوَى أعين تشكو الهوى بجفونها ... وتقطيع أنفاس عَلَى النأي تضرم إشارة أفواه وغمز حواجب ... وتكسير أجفان وكف تسلم. فحسدتها - يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ- عَلَى حذقها, وإصابتها معنى الشعر, وأنها لَمْ تخرج من الفن الَّذِي ابتدأت فِيهِ, فَقُلْتُ: بقي عليك يا جارية؛ فضربت بعودها الأَرْض, وقال: مَتَى كنتم تحضرون مجالسكم البغضاء؟ فندمت عَلَى مَا كَانَ مني, ورأيت الْقَوْم كلهم قَدْ

تغيروا لي, فَقُلْتُ: لَيْسَ ثُمَّ عود؟ فقالوا: بلى والله ياسيدنا؛ فأتيت بعود, فأصلحت من شأنه مَا أردت, ثُمَّ اندفعت أغني: مَا للمنازل لا يجبن حزينا ... أصممن أم قدم المدى فبلينا؟ راحوا العشية روحة مذكورة ... إِن متن متنا, أَوْ حيين حيينا فَمَا أتممته- يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ- حَتَّى خرجت الجارية, فأكبت عَلَى رجلي, فقبلتها, وتقول معتذرة: يا سيدي! والله مَا سمعت من مغن هَذَا الصوت مثلك أحدًا؛ وقام مولاها وَجَمِيع من كَانَ حاضرًا, فصنعوا كصنعها, وطرب الْقَوْم, واستحثوا السراب, فشربوا بالكاسات والطاسات, ثُمَّ اندفعت أغني: أفي اللَّه أَن تمسين لا تذكرينني ... وَقَدْ سجمت عيناي من ذكرها الدما إِلَى اللَّه أشكو بخلها وسماحتي ... لَهَا عسل مني وتبذل علقما فردي مصاب القلب أَنْتَ قتلته ... ولا تتركيه ذاهب العقل مضرما إِلَى اللَّه أشكو أَنَّهَا أجنبية ... وأني بِهَا بالود مَا عشت مغرما فجاءنا من طرب الْقَوْم- يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ- شَيْء خشيت أَن يخرجوا من عقولهم, فأمسكت ساعة حَتَّى هدأ مَا كَانُوا فِيهِ من الطرب, ثُمَّ اندفعوا فِي الشرب بالصراحيات صرفًا عَلَى ذَلِكَ الطرب, ثُمَّ اندفعت أغنى بالصوت الثالث: هَذَا محبك مطوي عَلَى كمده ... حرى مدامعه تجري عَلَى جسده لَهُ يد تسأل الرحمن راحته ... مِمَّا بِهِ ويد أُخْرَى عَلَى كبده يا من رأى أسفًا مستهترًا دنفًا ... كانت منيته فِي عينه ويده فجعلت الجارية تصيح: هَذَا والله الغناء ياسيدي. وسكر الْقَوْم وخرجوا من عقولهم, وَكَانَ صاحب المنزل جيد الشرب, حسن

المعرفة, فأمر غلمانه مَعَ غلمانهم لحفظهم وصرفهم إِلَى منازلهم. وخلوت مَعَهُ, فشربنا أقداحًا, ثُمَّ قَالَ لي: يا سيدي! ذهب كَانَ من أيامي ضياعًا إذ كنت لا أعرفك, فمن أَنْتَ يا مولاي؟ فلم يزل يلح عَلِي حَتَّى أخبرته, فقام, فقبل رأسي, وَقَالَ: يا سيدي! وأنا أعجب أَن يَكُون هَذَا الأدب إلا من مثلك, وإذا أنا مَعَ الخلافة وأنا لا أشعر؟ ثُمَّ سألني عَن قصتي, وكيف حملت نفسي مَا فعلت, فأخبرته خبر الطعام, وخبر الكف والمعصم؛ فَقُلْتُ: أما الطعام فَقَدْ نلت منه حاجتي, فَقَالَ: والكف والمعصم؛ ثُمَّ قَالَ: يا فلانة- لجارية لَهُ- قولي لفلانة تنزل, فجعل ينزل لي واحدة واحدة, فأنظر إِلَى كفها ومعصمها, فأقول: ليست هِيَ. قَالَ: والله مَا بقي غَيْر أختي وأمي, والله لأنزلنهما إليك؛ فعجبت من كرمه وسعة صدره, فَقُلْتُ: جعلت فداك, ابدأ بأختك قبل الأم, فعسى أَن تكون هِيَ؛ فَقَالَ: صدقت؛ فنزلت, فلما رأيت كفها ومعصمها, قُلْت: هِيَ ذه) فأمر غلمانه, فصاروا إِلَى عشرة مشايخ من جلة جيرانه فِي ذَلِكَ الوقت, فأحضروا, ثُمَّ أمر ببدرتين فيهما عشرون ألف درهم, وَقَالَ للمشايخ: هذه أختي فلانة, أشهدكم أني زوجتها من سيدي إِبْرَاهِيم بْن الْمَهْدِي,

وأمهرتها عَنْهُ عشرين ألف درهم, فرضيت وقبلت النكاح؛ ودفع إِلَيْهَا البدرة, وفرق البدرة الأخرى عَلَى المشايخ, ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: اعذروا, وَهَذَا مَا حضر عَلَى الحال؛ فقبضوها ونهضوا. ثُمَّ قَالَ لي: يا سيدي! أمهد لَك بَعْض البيوت تنام مَعَ أهلك؛ فأحشمني, والله مَا رأيت من سعة صدره وكرم خيمه. فَقُلْتُ: بَل أحضر عمارية, وأحملها إِلَى منزلي؛ فَقَالَتْ: مَا شئت. فأحضرت عمارية, فحملتها, وصرت بِهَا إِلَى منزلي, فوحقك يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ لَقَدْ حمل إلي من الجهاز مَا ضاقت بِهِ بَعْض بيوتنا, فأولدتها هَذَا القائم عَلَى رأس سيدي أمِير الْمُؤْمِنيِنَ؛ فعجب الْمَأْمُون من كرم ذَلِكَ الرجل , وسعة صدره, وقال: الطفيلي, وأجاز بجائزة سنية, وأمر إِبْرَاهِيم بإحضار الرجل, فكان من خواص الْمَأْمُون وأهل محبته. 94- أَخْبَرَنَا علي ابن أَبِي عَلِي البصري, حَدَّثَنِي أَبِي, حَدَّثَنِي أَبُو الفرج عَلِي بْن الْحُسَيْن المعروف بالأصبهاني إملاء من حفظه, وكتبته عَنْهُ فِي أصول سماعاتي منه, وَلَمْ يحضرني كتابي فأنقله منه, فأثبته من حفظي, وتوخيت ألفاظه بجهدي؛ أخبرني مُحَمَّد بن فريد ابن أَبِي الأزهر, أَخْبَرَنَا حماد بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الموصلي, حَدَّثَنِي أَبِي, قَالَ: غدوت يومًا وأنا ضجر من ملازمة دار الخلافة والخدمة فِيهَا, فخرجت, وركبت بكرة, وعزمت عَلَى أَن أطوف الصحراء

وأتفرج, فَقُلْتُ لغلماني: إِن جاء رسول الخليفة أوغيره, فعرفوه أني بكرت فِي مهم, وأنكم لا تعرفون أين توجهت؛ قَالَ: ومضيت, فطفت مَا بدا لي, وعدت وَقَدْ حمي النهار, فوفقت فِي شارع بالمخرم, بِهِ فناء ثخين الظل, وجناح خارج رحب عَلَى الطريق؛ لأستريح. فلم ألبث أَن جاء خادم يقود حمارًا فارهًا, عَلَيْهِ جارية راكبة, تحتها منديل دابقي, وعليها من اللباس الفاخر مَا لا غاية وراءه, ورأيت لَهَا قوامًا حسنًا, وطرفًا فاترًا, وشمائل ظريفة؛ فحدست أَنَّهَا مغنية, فدخلت الدار الَّتِي كنت واقفًا عَلَيْهَا, وعلقها قلبي فِي الوقت علوقًا شديدًا لَمْ أستطع مَعَهُ البراح, فلم ألبث إلا يسيرًا حَتَّى أقبل رجلان شابان جميلان, لهما هيبة تَدُل عَلَى قدرهما وهما راكبان, فاستأذنا , فأذن لهما, فحملني مَا قَدْ حصل فِي قلبي من حب الجارية وإيثاري عَلَى حالها والتوصل إِلَيْهَا عَلَى أَن نزلت معهما ودخلت, فظنا أَن صاحب الْبَيْت دعاني وظن صاحب الْبَيْت أني معهما, فجلسنا, وأتي بالطعام, فأكلنا, وبالشراب فوضع. وخرجت الجارية وَفِي يدها عود, فرأيت جارية حسناء, وتمكن مَا فِي قلبي, فغنت غناء صالحًا, وشربنا. وقمت قومه للبول, فسأل صاحب المنزل عني الفتيين, فأخبراه أنهما لا يعرفانني, فَقَالَ: هَذَا طفيلي, ولكنه ظريف, فأجملوا عشرته. وجئت فجلست, فغنيت الجارية فِي لحن لي: ذكرتك أَن مرت بنا أم شادن ... أمام المطايا تشرئب وتسنح. من المؤلفات الرمل أدماء حرة ... شعاع الضحى فِي متنها يتوضح فأدته أداء صالحًا, وشربت, ثُمَّ غنت أصواتا فيها صنعتي:

الطلول الدوارس ... فارقتها الأوانس أوحشت بعد أهلها ... فهي قفز بسابس فكان أمرها منه أصلح من الأَوَّل. ثُمَّ غنت أصواتًا من القديم والمحدث, وغنت فِي أضعافها من صنعتي ومن شعري: قل لمن صد عاتبا ... ونأى عَنْك جانبا قَدْ بلغت الَّذِي أرد ... ت وإن كنت لاعبا واعترفنا بِمَا ادعي ... ت وإن كنت كاذبا فكان أصلح مَا غنته, فاستعدته منها لأصححه, فأقبل عَلِي رجل من الرجلين, فَقَالَ: مَا رأيت طفيليا أصفق منك, لَمْ ترض بالتطفيل حَتَّى أقترحت, وَهَذَا تصديق المثل "طفيلي ويقترح"؛ فأطرقت وَلَمْ أجبه, وجعل صاحبه يكفه عني فلا يكف. ثُمَّ قاموا للصلاة وتأخرت, فأخذت عود الجارية, فشددت طبقته, وأصلحته إصلاحًا محكمًا, وعدت إِلَى موضعي, فصليت, وعادوا, فأخذ ذَلِكَ الرجل فِي عربدته عَلِي وأنا صامت, ثُمَّ أخذت الجارية العود وجسته, فأنكرت حاله, فَقَالَتْ: من مس عودي؟ فَقَالُوا: مَا مسه أحد؛ فَقَالَتْ: بلى! والله قَدْ مسه حاذق متقدم وشد طبقته وأصلحه إصلاح متمكن فِي صناعته؛ فَقُلْتُ لَهَا: أنا أصلحته. قَالَتْ: فبالله عليك خذه وأضرب بِهِ؛ فأخذته منها, فضربت, فبدأ طريق عجيب صعب فِيهِ نقرات محركة, فَمَا بقي أحد مِنْهُم إلا وثب فجلس بين يدي, وَقَالُوا: بالله يا سيدنا! أتغني؟ قُلْت: نَعَم! وأعرفكم نفسي أيضًا, إنا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الموصلي, ووالله إني لأتيه عَلَى الخليفة وأنتم تشتمونني منذ اليوم لأنني تملحت معكم بسبب هذه الجارية, ووالله لا نطقت بحرف ولا جلست معكم حَتَّى تخرجوا هَذَا المعربد المقيت الغث؛ ونهضت لأخرج, فعلقوا

بي, فلم أعرج, ولحقتني الجارية, فعلقت بي, فَقُلْتُ: لا أجلس إلا أَن يخرجوا هَذَا المعربد البغيض؛ فَقَالَ لَهُ صاحبه: من هذا وشبه حذرت عليك؛ فأخذ يعتذر, فَقُلْتُ: أجلس, ولكن والله لا أنطق بحرف وَهُوَ حاضر؛ فأخذوا بيده فأخرجوه, فغنيت الأصوات الَّتِي غنتها الجارية؛ فأخذوا بيده فأخرجوه, فغنيت الأصوات الَّتِي غنتها الجارية من صنعتي؛ فطرب صاحب الْبَيْت طربًا شديدًا, وَقَالَ: هل لَك فِي أمر أعرضه عليك؟ قُلْت: مَا هُوَ؟ قَالَ تقيم عندي شهرًا والجارية والحمار لَك مَعَ مَا عَلَيْهَا للجارية من كسوة؛ قُلْت: أفعل؛ فأقمت عنده ثلاثين يومًا لا يعرف أحدا أين أنا , والمأمون يطلبني فِي كُل موضع فلا يعرف لي خبرا. فلما كان ثلاثين يومًا أسلم إلي الجارية والحمار والخادم, فجئت بِذَلِكَ إِلَى منزلي وَهُمْ فِي أقبح صورة لفقدي, وركبت إِلَى الْمَأْمُون من وقتي, فلما رآني, قَالَ: إِسْحَاق! ويحك! أين تكون؟ فأخبرته بخبزي؛ فقال: علي بالرجل الساعة؛ فذللتهم عَلَى بيته, فأحضر, فسأله الْمَأْمُون عَنِ القصة, فاخبره, فَقَالَ: أَنْتَ رجل ذو مروءة, وسبيلك أَن تعاون عَلَيْهَا؛ وأمر بِهِ بمئة ألف درهم, وَقَالَ لَهُ: لا تعاشر ذَلِكَ المعربد النذل؛ فَقَالَ: معاذ اللَّه يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ! وأمر لي بخمسين ألف درهم, وَقَالَ: أحضرني الجارية؛ فأحضرته إياها, فغنته؛ فَقَالَ لي: قَدْ جعلت لَهَا نوبة فِي كُل يَوْم ثلاثاء تغني من وراء الستارة مَعَ الجواري؛ وأمر لَهَا بخمسين ألف درهم, فربحت والله بتلك الركبة وأربحت. 95- أخبرني أَحْمَد بْن عَلِي بْن الْحُسَيْن التوزي, أَخْبَرَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المقرئ, أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن الْقَاسِمِ,

أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطوسي, حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سمعت مخارقًا المغني يَقُول: طفلت تطفيلة قامت عَلَى أمِير الْمُؤْمِنيِنَ الْمُعْتَصِم بمئة ألف درهم؛ فقيل لَهُ: وكيف ذاك؟ قَالَ: شربت مَعَ الْمُعْتَصِم ليلة إِلَى الصبح, فلما أصبحنا, قُلْت لَهُ: يا سيدي! إِن رأى أمِير الْمُؤْمِنيِنَ أَن يأذن لي فأخرج فأتنسم فِي الرصافة إِلَى وقت انتباه أمِير الْمُؤْمِنيِنَ. قَالَ: نَعَم! فأمر البوابين, فتركوني. قَالَ: فجعلت أمشي فِي الرصافة, فبينا أنا أمشي إذ نظرت إِلَى جارية كأن الشَّمْس تطلع من وجهها, فتبعتها, ومعها زبيل مشاوب, فوقفت عَلَى صاحب فاكهة, فاشترت مكنه سفرجلة بدرهم, ورمانة بدرهم, وكمثرة بدرهم؛ وتبعتها, فالتفتت, فرأتني خلفها أتبعها, فَقَالَتْ لي: يا ابْن الفاعلة! لا تلني, إِلَى أين؟ قُلْت: خلفك يا سيدتي. فَقَالَتْ: ارجع يا ابْن الفاعلة لا يراك أحد فتقتل. قَالَ: ثُمَّ التفتت بَعْد, فنظرت إلي. قَالَ: فشتمتني ضعف مَا شتمتني فِي المرة الأولى, ثم جاءت, ثُمَّ جاءت إِلَى بَاب كبير, فدخلت منه. فجلست بحذاء الباب, فَذَهَبَ عقلي, ونزلت الشَّمْس, وَكَانَ يومًا حارًا, فلم ألبث أَن جاء فتيان كأنهما صورتان عَلَى حمارين مصريين, فأذن لهما, فدخلا ودخلت معهما, فظن صاحب المنزل أني جئت مَعَ صديقيه, وظن صديقاه أَن صاحب المنزل دعاني, وجيء بالطعام, فاكلوا وغسلوا أيديهم, ثُمَّ قَالَ لَهُمْ صاحب المنزل: هل لكم فِي فلانة؟ قَالُوا: إِن تفضلت؟ فخرجت تلك الجارية بعينها وقدامها وصيفة تحمل عودًا لَهَا, فوضعته فِي حجرها, فغنت, فطربوا وشربوا, وَقَالُوا: لمن هَذَا يا ستنا؟ قَالَتْ: لسيدي مخارق؛ ثُمَّ غنت صوتًا آخر فطربوا, وازداد طربهم, فَقَالُوا لَهَا: لمن

هَذَا الصوت يا ستنا؟ قَالَتْ: لسيدي مخارق؛ ثُمَّ غنت الثالث, فطربوا وشربوا, وَهِيَ تلاحظني وتشك فِي, فَقَالُوا: لمن هَذَا يا ستنا؟ فَقَالَتْ: لسيدي مخارق. قَالَ: فلم أصبر, فَقُلْتُ لَهَا: يا جارية! شدي يدك؛ فشدت أوتارها , وخرجت عَن إيقاعها الَّذِي تقول عليه, فدعوت بداوة, وقضيت, فغنيت الصوت الَّذِي غنته أولًا, فقاموا فقبلوا رأسي. قَالَ أَبِي: وَكَانَ أَحْسَن النَّاس صوتًا, وَكَانَ يوقع بالقضيب. ثُمَّ غنيت الثَّانِي والثالث, فجنوا, فكادت عقولهم تذهب, فَقَالُوا: من أَنْتَ يا سيدنا؟ قُلْت: أنا مخارق؛ قَالُوا: فَمَا سبب مجيئك؟ فَقُلْتُ: طفيلي أصلحكم اللَّه؛ وخبرتهم خبري, فَقَالَ صاحب الْبَيْت لصديقيه: قَدْ تعلمان أني قَدْ أعطيت بِهَا ثلاثين ألف درهم, فأبيت أَن أبيعها, وأردت الزيادة, وَقَدْ نقصت من ثمنها عشرة آلاف درهم؛ قَالَ صديقاه: عَلَيْنَا عشرون ألف درهم؛ وملكوني الجارية. وقعد الْمُعْتَصِم, فطلبني فِي منازل أبناء القواد, فلم أصب, وتغيظ عَلِي, وقعدت عندهم إِلَى العصر, وخرجت بِهَا, فكلما مررت بموضع شتمتني فِيهِ, قُلْت لَهَا: يا مولاتي! أعيدي شتمك عليّ؛ فتأبى, فأحلف لتعيدنه, وأخذت بيدها حَتَّى جئت بِهَا إِلَى بَاب أمِير الْمُؤْمِنيِنَ, فدخلت ويدي فِي يدها, فلما رآني الْمُعْتَصِم سبني وشتمني, فَقُلْتُ: يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ! لا تعجل عَلِي؛ وحدثته, فضحك, وَقَالَ لي: نكافيهم عَنْك يا مخارق؛ فأمر لكل رجل مِنْهُم بثلاثين ألف درهم, وأمر لي بعشرة آلاف درهم.

من عرض بالتطفيل ولم يصرخ

من عرض بالتطفيل وَلَمْ يصرح 96- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَنِ الْمُؤَدِّبُ, أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْكُشَانِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرَبْرِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ, أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ, عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ, عَنِ الْمَقْبُرِيِّ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشِبَعِ بَطْنِي حِينَ لا آكُلُ الْخَمِيرَ وَلا أَلْبَسُ الْحَرِيرَ وَلا يَخْدِمُنِي فُلانٌ وَلا فُلانَةٌ, وَأُلْصِقُ بَطْنِي بِالْحَصْبَاءِ, وَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الآيَةَ وَهِيَ مَعِي كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمُنِي (البخاري, رقم 5432) . 97- أخبرني الحسن ابن أَبِي بَكْر, أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل عيسى بن موسى ابن أبي محمد ابن الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ, أَخْبَرَنِي ابْنُ خلف ابن الْمَرْزُبَانِ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْحُصَيْنِ الْكِنْدِيُّ, أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّمِيمِيُّ, أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَخْزُومِيُّ, عَنِ الْمَقْبُرِيِّ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَسْأَلُ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الآيَاتِ لأَنَا أَعْلَمُ بِهَا مِنْهُ, لا أَسْأَلُهُ إِلا لِيُطْعِمَنِي شَيْئًا. قَالَ: فَكُنْتُ إِذَا سألت جعفر ابن أَبِي طَالِبٍ لَمْ يُجِبْنِي حَتَّى يَذْهَبَ بِي إِلَى مَنْزِلِهِ, فَيَقُولُ لامْرَأَتِهِ: يَا

قال: فقلت له: تولى ذلك من كان أحق به منك يا عمر؛ والله لقد استقرأتك الآية وأنا

أَسْمَاءُ! أَطْعِمِينَا؛ فَإِذَا طَعِمْنَا أَجَابَنِي, وَكَانَ جَعْفَرٌ يُحِبُّ الْمَسَاكِينَ, وَيَجْلِسُ إليهم, ويحدثهم ويحدثونه. (الترمذي, رقم3766) . 98- أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ, أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ, أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى- هُوَ الْمَوْصِلِيُّ-, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أَبِي حَازِمٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: أَصَابَنِي جَهْدٌ شَدِيدٌ, فَلَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ, فَاسْتَقْرَأْتُهُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ, فَدَخَلَ دَارَهُ وَفَتَحَهَا عَلِيَّ, فَمَشَيْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ, فَخَرَرْتُ لِوَجْهِي مِنَ الْجَهْدِ, فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي, فَقَالَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! "فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي, وَأَقَامَنِي, وَعَرَفَ الَّذِي بِي؛ فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَحْلِهِ, فَأَمَرَ لِي بِعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ, فَشَرِبْتُ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: "عُدْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ "فَعُدْتُ, فَشَرِبْتُ حَتَّى اسْتَوَى بَطْنِي, فَصَارَ كَالْقَدَحِ, وَرَأَيْتُ عُمَرَ, فَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِي. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: تَوَلَّى ذَلِكَ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ يَا عُمَرُ؛ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَقْرَأْتُكَ الآيَةَ وَأَنَا أَقْرَأُ لَهَا مِنْكَ. فَقَالَ عُمَرُ: لأَنْ أَكُونَ أَدْخَلْتُكَ أَحَبُّ لِي مِنْ حمر النعم. "حلية الأولياء" 1377؛ وارجع "صحيح البخاري" رقم5375) . 99- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد الأهوازي,

قَالَ: سمعت الْحَسَن بْن عَبْد اللَّهِ اللغوي يَقُول: سمعت أبا بَكْر ابْن دريد يَقُول: سمعت أبا حاتم يَقُول: خرج بَعْضهم يعود مريضًا فِي أقاصي الكوفة, فلقيه أَبُو حَنِيفَة وأبو بَكْر الهذلي, فقال: فنعود فلانًا؛ فتبعاه إِلَى المريض يعودونه, فَقَالَ أَبُو حَنِيفَة لأبي بَكْر: إذا قعدنا فعرض له بالغدء؛ فلما دخلوا وتحدثوا تلا أَبُو بَكْر: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ والجوع) (2سورة البقرةالآية: 155) إِلَى آخر الآية, ففطن المريض وتمطى وتلا: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ ولا على المرضى) (9سورة التوبة الآية91) . الآية, فقال أبة حَنِيفَة: قوموا فَمَا عِنْدَ صاحبكم خير. 100- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِي الْحَسَن بْن عَلِي بْن عَبْد اللَّهِ المقرئ, أخبرنا محمد بن جفعر التميمي الكوفي, قَالَ: قَالَ لنا أَبُو مُحَمَّد العتكي: لقيني أَحْمَد بْن سَعِيد الطائي الكاتب بدمشق, فَقَالَ لي: اقتصدت, فكتبت إِلَى أَبِي يعقوب هذين البيتين, فأستمع بما أجابني: حجب الرحمن عني ... يا أبا يعقوب فقدك أي أَنَس كان لي من ... ك إِذَا مَا كنت عندك فأجابني: أبدًا تحصل عندي ... فَمَتَى أحصل عندك إِن تناصفنا وإلا ... بت يا طائي وحدك 101- أَخْبَرَنَا عَلِي ابْن أَبِي عَلِي, أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن

مُحَمَّد المقرئ, أَخْبَرَنَا المظفر بْن يَحْيَى, أنشدني أَبُو الْحَسَن الأسدي لنفسه: كنت يا سيدي عَلَى التطفيل ... أمس لولا مخافة التثقيل وتذكرت دهشة القارع البا ... ب إِذَا مَا أتى بغير رسول وتخوفت أن أكون على القو ... م ثقيلًا, فقدت كُل ثقيل لو تراني وَقَدْ وقفت أروي ... فِي دخول إليك أَوْ فِي حلول لرأيت العذراء حِينَ تحايا ... وَهِيَ من شهوة عَلَى التعجيل 102- حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْن عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد بْن الفضل القابوسي, عَن أَبِي عَلِي سُلَيْمَان بْن الفتح الموصلي, حَدَّثَنِي هبة اللَّه بْن مسرة الشاعر البلدي قَالَ: اجتزت وأبو الفضائل إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد الأنطاكي بباب رشأ غلام الخالدي الشاعر, فَقَالَ أَبُو الفضائل: لِهَذَا الرجل سماع وَقَدْ ورد مَعَهُ من العراق, فَمَا ترى فِي النزول بِهِ والتعرض لاستماع غنائه؟ فقلت: على شريطة أَن لا أسأله ذَلِكَ, وأن تتولى أَنْتَ خطابه. فنزلنا عنده, وأفضينا فِي الْحَدِيث, وعرض أَبُو الفضائل باستدعاء الطعام والشراب حرصًا على السماع؛ فلم يجبه إِلَى ذَلِكَ, واحتج بمعاذير اللئام, فانصرفنا عَنْهُ. قَالَ أَبُو عَلِي: فأنشدني فِي ذَلِكَ يخاطب أبا الفضائل: خفيت عليك منازل التطفيل ... فنزلت من رشأ بشر نزيل وطرقته فطرقت ذئبًا أطلسًا ... أَوْ حية صماء ذَات صليل فرقيته وقرأت كُل صحيفة ... حَتَّى قرأت صحيفة الإنجيل وزعمت أَن أباه من عظمائهم ... يومي إِلَى توفيل أَوْ منويل حَتَّى خشيتك أَن تقبل كفه ... حب الرجاء وطاعة التأميل

أسفي عليك وَقَدْ أرقت صبابة ... من ماء وجهك فِي سؤال بخيل فوجدت طعم سؤاله من نوله ... مرا كطعم الحنظل المبلول ولقيت دُونَ طعامه وشرابه ... ردا كحد الصيام المسلول أقبلت تنشده وأطرق معرضًا ... إطراق ذمر طَالِب بدخول حَتَّى ظننتك قاتلًا وظننته ... من فرط نخوته ولي قتيل وكفلت لي عَنْهُ بكل كريمة ... ثُمَّ انثنيت وأنت شر كفيل وأبت عليك خلائق حوزية ... تأبى إِذَا مَا قدتها لجميل هلا سألت عَن الصناعة أهلها ... فيخبروك بصنعة التطفيل الْقَوْم لا يغشون إلا منزلا ... يغشى العيون دخانه من ميل

من أحب تطفيل غيره عليه فسهل له السبيل إليه

من أحب تطفيل غيره عَلَيْهِ فسهل لَهُ السبيل إِلَيْهِ 103- أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم الْمَازِنِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَرِيرِيُّ , أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ الْخَرَّازُ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمَدِينِيُّ, قَالَ: قَالَ أَبُو بُرْدَةَ لابْنِ السَّمَّاكِ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ فِي جَوْزِينَج رَقَّ قِشْرُهُ, وَاشْتَدَّتْ عُذُوبَتُهُ, غَرِيقٌ فِي سُكَّرٍ وَدُهْنِ لَوْزٍ؟ قَالَ: أَيْ أَخِي! مَا أَشَدَّ الْوَصْفَ إِذَا لَمْ أَرَ مَعَهُ الْمَوْصُوفَ! فَإِنْ كَانَ الَّذِي ذَكَرْتَ حَاضِرًا فَمَنْظَرُهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ وَصْفِهِ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حاضرا فليفتنا كَمَا فَاتَنَا مَنْظَرُهُ. 104- أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْن يعقوب الواسطي, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن زَيْد بْن عَلِي بْن مَرْوَان الكوفي, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْقَاسِمِ الأنباري, حَدَّثَنِي أَبِي, أَخْبَرَنَا أَبُو النضر الفقيه, قَالَ: سمعت من يَرْوِي أَن الرشيد وَبَعْض من يحضره من أهل بيته اختلفا فِي الفالوذج واللوزينج أيهما أطيب؟ قَالَ الرشيد: نسأل أبا الْحَارِث جمين.

قَالَ: فاحضروه, فَقَالَ لَهُ: يا أبا الْحَارِث! مَا تقول فِي اللوزينج والفالوذج, أيهما أطيب؟ قَالَ: يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ! لا أقضي عَلَى غائب؛ قَالَ: فأحضروهما إياه, فجعل يأكل من الفالوذج ساعة, ومن اللوزينج ساعة, فَقَالَ لَهُ الرشيد: قل أيهما أطيب؟ أقض عَلَى أحدهما؛ فَقَالَ: يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ! كلما أردت أَن أقضي لأحدهما أدلى الآخر بحجته. 105- أخبرني أَبُو القاسم الأزهري, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سليمان بن الخضر العكبري بِهَا, أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن جَعْفَر التستري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن البصري, أَخْبَرَنَا أحمد ابن الأصبهاني, أخبرنا أبو بكر ابن عَبْد اللَّهِ الأَصْبَهَانِي, قَالَ: قَالَ: الْحَسَن بْن الصباح النسائي: دخلت عَلَى جَعْفَر بْن مُحَمَّد, فَقَالَ لي: مَا تقول فِي الحلوى؟ فَقُلْتُ: لا أقضي عَلَى غائب؛ فدعا بجام محكوك مخروط قوائمه منه, وفيه لوزينج معمول بالماورد الجوري, وباللوز المقشور من قشريه, والسكر الطبرزد, ملفوف بالعسل الأبيض, إذا قلعت اللوزنجة سمعت لَهَا صريرًا كصرير النعل السندي, فَإِذَا أدخلتها فِي فيك سمعت لَهَا نشيشًا كنشيش الحديد إِذَا خرج من الكير, فَقُلْتُ: (وإلهكم إله واحد) (2 سورة البقرةالآية:163) فأطعمني واحدة, قلت: (أرسلنا إليهم اثنين) (36 سورة يسالآية:14) فأطعمني ثانية, قُلْت: (فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) (36سورة يسالآية:14) فأطعمني ثالثة, قُلْت: (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ) (2سورة البقرة

الآية 26) .فأطعمني رابعة, قُلْت: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رابعهم ولا خمسة) (58 سورة المجادلةالآية:7) فأطعمني خامسة, قُلْت: (خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كلبهم) (18 سورة الكهفالآية 22) فأطعمني سادسة, قُلْت: (سَبْعَ سَمَوَاتٍ طباقا) (67 سورة الملكالآية:3) فأطعمني سابعة, قُلْت: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ) (6 سورة الأنعامالآية:48) فأطعمني ثامنة, قُلْت: (تِسْعَةُ رَهْطٍ) (2 سورة النمل الآية:196) فأطعمني تاسعة, قُلْت: (عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) (2 سورة البقرة الآية:196) فأطعمني عاشرة, قُلْت: (رَأَيْتُ أَحَدَ عشر كوكبا) (12 سورة يوسف الآية:4) فأطعمني أحد عشر, قُلْت: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ) (9 سورة التوبة الآية: 36) فأطعمني اثني عشر, قُلْت: (إِنْ يكن منكم عشرون صابرون) (8 سورة الأنفال الآية: 65) قَالَ: فرمى بالجام إلي, وَقَالَ لي: كُل يا ابْن البغيضة؛ قُلْت: والله لو لَمْ ترم إلي بالجام لقلت لَك: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أو يزيدون) (37 سورة الصافات الآية: 147) .

أخبار من صرف إلى التطفل همته وجعل ذلك صناعته وحرفته

أخبار من صرف إلى التطفل همته وجعل ذَلِكَ صناعته وحرفته 106- أخبرني أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن أَخُو الخلال, أخبرني إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّهِ بْن إِبْرَاهِيم الشطي بجرجان, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِي شُعْبَة , قَالَ: كان بالبصرة شيوخ طفلية ملاح يلبسون فِي الصيف الطيالسة الزرق, وَكَانَ مِنْهُم شيخ يقال لَهُ: أَبُو مَالِك الهالك, ينزل سكة قريش, جاء إِلَى أَبِي عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق يَوْم سبت بالعشي بَعْد العصر, ومحمد بْن إِبْرَاهِيم جالس عَلَى بابه قَدْ رش الطريق وكنس, وَلَهُ عرس يَوْم الأحد بابنة حسين بْن بشر الصابوني, فسلم عَلَيْهِ وبرك لَهُ, وَقَالَ: قَدْ بلغني هذه المأدبة الَّتِي هِيَ لَك فِي غد, فأجئ إِلَى دارك أدخلها بإذنك فآكل وأزل للصبيان معي؟ فَقَالَ: نَعَم. فلما كَانَ من الغد جاء, فدخل, فأكل, وأخذ من الطعام لصبيانه. 107- قرأت فِي كتاب الْحَسَن ابن أَبِي يعقوب الأَصْبَهَانِي, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن أسيد المديني, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن زَكَرِيَّا الغلابي, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن خَالِد بْن عَمْرو, قَالَ: اجتمع قوم من الطفيليين, فأرادوا وليمة, فَقَالَ رئيسهم: اللَّهُمَّ لا تجعل البواب لكازًا فِي الصدور, دفاعًا فِي الظهور؛ طراحًا للقلانس؛ هب لنا رأفته وبشره

وسهل لنا إذنه. فلما دخلوا, تلقاهم الخباز, فَقَالَ رئيسهم: غرة مباركة موصول بِهَا الخصب معدوم معها الجدب. فلما جلسوا عَلَى الخوان, قَالَ: جعلك اللَّه فِي البركة كعصا موسى وخوان إِبْرَاهِيم ومائدة عيسى. قَالَ: ثُمَّ قَالَ لأَصْحَابه: افتحوا أفواهكم, وأقيموا أعناقكم؛ وأجيدوا اللف, وأشرعوا الأكفح ولا تمضغوا مضغ المتعللين, الشباع المتخمين؛ واذكروا سوء المنقلب, وخيبة المضطرب. 108- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن عَلِي بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم صاحب الْعَبَّاسِي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْحَسَن الرازي, أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِمِ الكوكبي, حَدَّثَنِي ابْن صدقة, قَالَ: قيل لطفيلي مرة: كَيْفَ علمك بكتاب اللَّه؟ قَالَ: أنا من أعلم النَّاس بِهِ, فقيل لَهُ: مَا معني قَوْله: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا) (12 سورة يوسف الآية:82) , فَقَالَ معناه: واسأل أهل القرية, قيل لَهُ: وَمَا الدليل عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: كَمَا تقول: أكلت سفرة فُلان, وإنما تريد أكلت ما فيها. 109- أخبرنا أحمد ابن أَبِي جَعْفَر القطيعي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْحَسَن بْن المترفق الطرسوسي, قَالَ: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن عدي يَقُول: سمعت عصمة بْن كمال يَقُول: سمعت أبا عَمْرو الطفيلي يَقُول: سمعت أستاذي يَقُول فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى: (ثُمَّ إن مرجعهم لإلى الجحيم)

(37 سورة الصافات الآية 68) , قَالَ: الأكل من الحاصل. 110- وشبيه هذ التفسير مَا حكى لي أَبُو نعيم أَحْمَد بْن عَبْد اللَّهِ الحافظ أَنَّهُ سمع أبا بَكْر بْن المقرئ يَقُول فِي وصية الخضر لموسى: ولا تكن مشاء فِي غَيْر حاجة؛ قَالَ: لا تمش إلى موضع لا تمضغ فِيهِ شيئًا. 111- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِي بْن الْحَسَن الجلاب, قَالَ: نقش طفيلي عَلَى خاتمه: (فقال ألا تأكلون) (37 سورة الصافات الآية: 91) . 112- قَالَ: وَقَالَ طفيلي: خير البقاع ثلاثة: دكان الرواس والشواء والهراس. 113- قرأت عَلَى الْحَسَن ابْن أَبِي القاسم, عَن أَبِي الفرج عَلِي بْن الْحُسَيْن الأَصْبَهَانِي, أخبرني الْعَبَّاس بْن عَلِي الصولي, قَالَ: قيل لطفيلي مرة: مَا بالك أصفر اللون؟ فَقَالَ: من الفترة الَّتِي بَيْنَ الغضارتين أخاف أَن يَكُون الطعام قَدْ فني.

114- حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِم أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن بندار الْقَاضِي بقاسان, قَالَ: قرأت فِي كتاب أَبِي بخطه: قيل لبعض الطفيليين: أتحب أبا بَكْر وعمر؟ وَقَالَ: مَا ترك الطعام فِي قلبي حبًا لأحد. 115- سمعت من يذكر عَن بَعْض الطفيليين, قَالَ: إِذَا كنت عَلَى مائدة فلا تتكلمن فِي حال أكلك, وإن كلمك من لابد لَك من جوابه, فلا تجبه إلا بقول: نَعَم, فَإِن الْكَلام يشغل عَنِ الأكل؛ وقول نَعَم مضغة. 116- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي فِي كتابه, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ قَالَ: سئل عَبَّاس المطفل: أي شَيْء أحب إليك أَن يتفق؟ فَقَالَ: دعوة قريبة فِي يَوْم مطير. 117- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِي الجلاب قَالَ: خرج طفيلي مَعَ نفر فِي سفر, فعزموا أَن يخرج كُل واحد شيئًا للنفقة, فَقَالَ كُل واحد: عَلِي كَذَا. فلما بلغوا إِلَى الطفيلي, قَالَ لَهُمْ: عَلِي؛ وسكت, فَقَالُوا لَهُ: فإيش عليك؟ قَالَ: لعنة اللَّه. فضحكوا منه وأعفوه من

النفقة, وحملوه طول سفرهم. 118- أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا ابن مُحَمَّد بْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, أَخْبَرَنَا الْحَارِث ابن أَبِي أُسَامَة, قَالَ: سمعت المدائني يَقُول: دَخَلَ طفيلي عرسًا, فلما حضرت المائدة وقدمت المصلية, نظر إِلَيْهَا, ثُمَّ قَالَ: حكم اللَّه بيني وبينك, فأنت أقمتني هَذَا المقام. 119- قَالَ أَحْمَد بْن الْحُسَيْن: وسمعت مُحَمَّد بْن يَحْيَى الْكِسَائِي يَقُول: مر طفيلي بقوم عزموا عَلَى الشرب يومهم ذاك وَهُمْ فِي منظرة لَهُمْ, فسلم عَلَيْهِم, وَقَالَ: أدخل؟ فدخل, فَقَالَ لَهُمْ: يا فتيان! أي شَيْء جلوسكم؟ قَالُوا: قَدْ بعثنا نجيء بلحم. قال: فلما جاؤوا باللحم, قَالَ لَهُمُ الطباخ: مَا تطبخون؟ فقال

الطفيلي: كباب أروج, فلما أكل وانثنى, وضع رجلًا عَلَى رجل, وَقَالَ: لمن هذه الدار؟ ثُمَّ قَالَ مجيبًا لنفسه: لَك يا فاعل حَتَّى يخرج منازع. 120- حَدَّثَنِي عَلِي بْن المحسن بْن عَلِي الْقَاضِي, عَن أَبِيهِ, قَالَ: صحب طفيلي رجلًا فِي سفر, فَقَالَ لَهُ الرجل: امض فاشتر لنا لحمًا, قَالَ: لا, والله مَا أقدر؛ فمضى هُوَ فاشترى؛ ثُمَّ قَالَ لَهُ: قم فاطبخ؛ قَالَ: لا أَحْسَن؛ فطبخ الرجل؛ ثُمَّ قَالَ لَهُ: قم فأثرد؛ قَالَ: أنا والله كسلان؛ فثرد الرجل؛ ثُمَّ قَالَ لَهُ: قم فاغرف؛ قَالَ: أخشى أَن ينقلب عَلَى ثيابي؛ فغرف الرجل؛ فَقَالَ لَهُ: قم الآن فَكُل. قَالَ الطفيلي: قد والله استحييت من كثرة خلافي عليك؛ وتقدم فأكل. 121- أخبرنا أحمد ابن أَبِي جَعْفَر, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْحَسَن بْن المترفق الطرسوسي بمصر, قَالَ: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن عدي يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن عبيد اللَّه يَقُول: سمعت الجاحظ يَقُول: قُلْت لأبي سَعِيد الطفيلي: كم أربعة فِي أربعة؟ قَالَ: رغيفين وقطعة لحم. 122- أخبرني أَبُو الْحَسَن عَلِي بْن أيوب القمي, أَخْبَرَنَا أَبُو

عبيد اللَّه مُحَمَّد بْن عمران المرزباني, حَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر, أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاس المبرد, قَالَ: قيل لطفيلي: كم اثنان فِي اثنين؟ قَالَ: أربعة أرغفة. قَالَ: وَقَالَ مرة أُخْرَى: انتظرته مقدار مَا يأكل إِنْسَان رغيفًا. 123- أَخْبَرَنَا أَبُو يعلى أَحْمَد بْن عَبْد الْوَاحِد الوكيل, أخبرني إِسْمَاعِيل بْن سَعِيد بْن إِسْمَاعِيل المعدل, أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِمِ الكوكبي, أَخْبَرَنَا الهدادي قَالَ: قَالَ أَبُو هفان: قيل لطفيلي: كم أربعة فِي أربعة؟ قَالَ: ستة عشر رغيفًا. قَالَ: وَقَالَ أَبُو هفان: طَفْل رجل مرة عَلَى رجل, فَقَالَ لَهُ صاحب المنزل: من أَنْتَ؟ قَالَ: أنا الَّذِي لَمْ أحوجك إِلَى رَسُول. قَالَ: وأنشد أَبُو هفان: سواء عَلَيْهِم قدموا أَوْ تأخروا ... أجيء مَعَ الطباخ ساعة يغرف 124- قرأت عَلَى الْحَسَن ابْن أَبِي القاسم, عَن أَبِي الفرج عَلِي بْن الْحُسَيْن الأَصْبَهَانِي, أخبرني أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن أَحْمَد الكاتب, أَخْبَرَنَا جَعْفَر ابن أَبِي الفضل الشاعر, حَدَّثَنِي أَبِي, قَالَ: دَخَلَ طفيلي مرة عَلَى رجل قَدْ دعا قومًا, فَقَالَ لَهُ: يا هَذَا! قُلْت لَك تجيء؟ فَقَالَ الطفيلي: قُلْت لي لا تجيء؟ 125- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عبيد اللَّه البزاز: أَن طفيليا دَخَلَ عَلَى قوم, فَقَالُوا لَهُ: مَا دعاك أحد! قَالَ: إِذَا لَمْ تدعوني وَلَمْ أجئ أنا وقعت وحشة. فضحكوا منه وقربوه.

126- أخبرني الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد أَخُو الخلال, أخبرني إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّهِ الشطي, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِي شُعْبَة, قَالَ: جاء طفيلي إِلَى دار رجل لَهُ عرس, فَقَالَ لَهُ صاحب العرس: من أَنْتَ؟ قَالَ: أنا الَّذِي قَالَ فِي الشاعر: نزوركم لا نكافيكم بجفوتكم ... إِن المحب إِذَا لَمْ يستزر زارا فَقَالَ لَهُ صاحب الْبَيْت: زارا, لا أدري مَا هُوَ, قم اخرج من بيتنا. 127- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِي بْن الْحَسَن الجلاب, قَالَ: دعا رجل قومًا, فجاؤوا واتبعهم طفيلي, ففطن بِهِ الداعي, فأراد أن يعلمه أنه فطن بِهِ, فَقَالَ: مَا أدري لمن أشكر منكم, لكم إذ أجبتم دعوتي, أم لِهَذَا الَّذِي تجشم من غَيْر دعوة؟

أخبار من منع عن الدخول فاحتال وتسبب إلى الوصول

أخبار من منع عَنِ الدخول فاحتال وتسبب إِلَى الوصول 128- أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن السري الهمذاني, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ قَالَ: مر بنان بعرس, فأراد الدخول, فلم يقدر, فَذَهَبَ إِلَى بقال, فوضع خاتمه عنده عَلَى عشرة أقداح علاكية, وجاء إِلَى بَاب العرس, فَقَالَ: يا بواب! افتح لي؛ فَقَالَ لَهُ البواب: من أَنْتَ؟ قَالَ: أراك لَيْسَ تعرفني! أنا الَّذِي بعثوني أشتري لَهُمُ الأقداح. ففتح لَهُ, فدخل, فأكل وشرب على الْقَوْم, فلما فرغ أخذ الأقداح ونادى البواب: افتح لي, يريدون ناصحية حَتَّى أرد هذه؛ فخرج, فردها عَلَى البقال, وأخذ خاتمه. 129- وَقَالَ: وجاء بنان إِلَى وليمة, فأغلق الباب دونه, فاكترى سلمًا, ووضعه عَلَى حائط الرجل, وتسور, فأشرف عَلَى عيال الرجل وبناته, فَقَالَ لَهُ الرجل: يا هَذَا! أما تخاف اللَّه؟ رأيت أهلي وبناتي!

أخبرنا علي ابن أبي علي, أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل, أخبرنا أبو بكر ابن

فَقَالَ: يا شيخ! (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ) (11 سورة هود الآية"79) . قَالَ: فضحك الرجل, وَقَالَ لَهُ: انزل فَكُل. فَقَالَ لَهُ بنان: يا هَذَا لا تسيء بالمشايخ الظن, واستغفر اللَّه مِمَّا كَانَ. 130- وَقَدْ حكي عَن أشعب بْن جُبَيْر صاحب الملح بالمدينة نَحْو هذه الحكاية. أَخْبَرَنَا عَلِي ابْن أَبِي عَلِي, أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سَعِيد المعدل, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر ابْن الأنباري, قَالَ: قَالَ مُصْعَب الزبيري: خرج سالم بْن عَبْد اللَّهِ متنزهًا إِلَى ناحية من نواحي الْمَدِينَة هُوَ وحرمه وجواريه. وبلغ أشعب الْخَبَر, فوافى الموضع الَّذِي هُمْ بِهِ يريد التطفيل, فصادف الباب مغلقًا, فتسور الحائط, فَقَالَ لَهُ سالم: ويلك يا أشعب! معي بناتي وحرمي, فَقَالَ: (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ) (11 سورة هود الآية:79) , فوجه إِلَيْهِ سالم من الطعام مَا أكل وحمل إِلَى منزله.

131- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِي الجلاب قَالَ: جاء طفيلي إِلَى عرس؛ فمنع من الدخول, وَكَانَ يعرف أَن أَخَا للعروس غائب, فَذَهَبَ, فأخذ ورقة كاغد وطواها وسحاها وختمها, وليس فِي بطنها شَيْء, وجعل العنوان من الأخ إِلَى العروس؛ وجاء, فَقَالَ: معي كتاب من أَخِي العروس إِلَيْهَا؛ فأذن لَهُ, فدخل, ودفع إليهم الكتاب, فَقَالُوا: مَا رأينا مثل هَذَا العنوان, لَيْسَ عَلَيْهِ اسم أحد! فَقَالَ: وأعجب من هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي بطن الكتاب ولا حرف واحد, لأنه كَانَ مستعجلًا؛ فضحكوا منه, وعرفوا أَنَّهُ احتال لدخوله, فقبلوه.

132- قَالَ لي مُحَمَّد بْن عَلِي: وقيل لنوح الطفيلي: كَيْفَ تصنع إِذَا لَمْ يتركوك تدخل إِلَى عرس؟ قَالَ: أنوح عَلَى الباب حَتَّى يتطيروا مني فيدعوني. 133- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِي بْن عبيد اللَّه الكرخي, قَالَ: منع طفيلي عَن عرس, فَذَهَبَ فأخذ إحدى نعليه فِي كمه, وعلق الأخرى بيده, وأخذ خلالا طويلًا, فقطعه, وأخذ محلبًا من عطار, فلطخ بِهِ أَصَابِعه, وجعل يتخلل بِذَلِكَ الخلال الطويل, ودنا من البواب كالمستعجل, فَقَالَ لَهُ: إني أكلت فِي الفوج الأَوَّل لشغل كَانَ عَلِي, ولاستعجالي أخذت فرد نعل ونسيت الآخر, فتفضل بإخراجه لي, فَقَالَ البواب: أنا مشغول, أدخل فاطلبه لنفسك؛ فدخل فأكل وخرج. 134- ذكر بَعْض الرواة أَن أبا الْعَبَّاس المبرد أنشد للحمدوني فِي طفيلي: أراك الدهر تطرق كُل عرس ... كأمر اللَّه يطرق كُل ليله فَإِن غلظ الحجاب وَكَانَ صعبًا ... وَلَمْ تقدر هناك عَلَى دخيله أخذت لكي تخاطبهم خلالا ... وقلت: نسيت عندكم نعيله

فتلتهم الخوان بِمَا عَلَيْهِ ... وتبدرهم إِلَى بيض البقيله وتأكل أكل ميسرة وأيضًا ... فلا بد لعرسك من زليله وأنت بفضل حذقك ذا طفيل ... وتلك بِمَا تزل لَهَا طفيله 135- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الحسن بن عيسى المقتدر بالله, أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن مَنْصُور اليشكري, أَخْبَرَنَا ابْن الأنباري, حَدَّثَنِي أَبِي, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عبيد, عَن أَبِي عُبَيْدَة, قَالَ: أتينا رجلًا من بَنِي مخزوم, وَكَانَ ينزل ضاحية بَنِي تميم, فوافى دكين الراجز, فَقَالَ للبواب: إني ألاع إِلَى السخن, فأدخلني؛ فأبى البواب أَن يدخله, فوقف دكين عَلَى دكان وَقَدِ انصرف بَعْض الْقَوْم, فأنشأ يَقُول: اجتمع النَّاس وَقَالُوا: عرس ... إِذَا قصاع كالأكف خمس زلجلجات قد جمعن ملس ... ففقت عين وفاضت نفس فَقَالَ لَهُ البواب: من أَنْتَ لا حياك اللَّه؟ فَقَالَ: أنا دكين الراجز؛ فأدخله. قَالَ أَبُو بَكْر ابْن الأنباري: تفسير هَذَا الْحَدِيث, قَالَ لي أَبِي: قَالَ أَحْمَد بْن عبيد: ألاع, معناه: أتوقد حرصًا عَلَيْهِ, ويحترق فؤادي طلبا لَهُ. قل: والزلجلجات: الَّتِي تحرك وتذهب ويجاء لا تقر فِي موضع واحد.

136- أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد المقرئ, قَالَ: عمل طفيلي وليمة, فدخل عليه طفيليان, فعرفهما, فأصعداهما إِلَى غرفة لَهُ حَتَّى أطعم من أراد, ثُمَّ نزل بهما, فَقَالَ لهما: لا أصغر اللَّه ممشاكما. فأخرجهما وَلَمْ يأكلا من الطعام شيئًا. 137- وَقَدْ كَانَ لأبي سعيد ابن دراج الطفيلي فِي مثل هَذَا المعنى خبر ظريف: أخبرنيه أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن عَلِي المقرئ الواسطي, أَخْبَرَنَا عبيد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد البزاز, أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الْقَاسِمِ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاس الطوسي, أَخْبَرَنَا ابْن أَبِي سَعْد, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو, حَدَّثَنِي أَبُو عَلِي القرشي: أَن ابْن دراج الطفيلي كَانَ من أهل حران, قدم بغداد, فمر بباب قوم وعندهم وليمة, فدخل, فَإِذَا صاحب الدار قَدْ وضع سلمًا, فكلما رأى إِنْسَانًا لا يعرفه قَالَ: اصعد يا أبى. قَالَ ابْن دراج: فصعدت إِلَى غرفة مفروشة حتى وافينا فيها ثلاثة عشر طفيليا, ثُمَّ رفع السلم, ووضعت الموائد فبقي أَصْحَابي قَدْ تحيروا, وَقَالُوا: مَا مر بنا مثل ذا قط. قَالَ: قُلْت: يا فتيان! إيش صناعتكم؟ قَالُوا: الطفيلية, قُلْت: فإيش عندكم فِي هَذَا الأمر الَّذِي وقعنا فِيهِ؟ قَالُوا: مَا عندنا فِيهِ حيلة. قُلْت: فَإِذَا احتلت لكم حَتَّى تأكلوا وتنزلوا, تقرون لي أني أعلمكم بالتطفيل؟ قَالُوا: ومن تكون بالله؟ قَالَ: أنا ابْن دراج؛ قَالُوا: قَدْ أقررنا لَك قبل أَن تحتال لنا.

قَالَ: فجئت إِلَى صاحب الدار, فاطلعت عَلَيْهِ والناس يأكلون. قَالَ: قُلْت: صاحب الدار! قَالَ: مَا لَك؟ قَالَ: قُلْت: أيما أحب إليك, تصعد إلينا بخوان كبير نأكل وننزل أَوْ أرمي بنفسي راسية فيخرج من دارك قتيل ويصير عرسك مأتما؟ قَالَ: وجعلت أجر سراويلي كأني أريد أعدو وأرمي بنفسي. قَالَ: فجعل صاحب الدار يَقُول: اصبر ويلك لا تفعل؛ وجعل يعجلهم, وَيَقُول: هَذَا مجنون؛ فأصعدوا إلينا خوانًا, فأكلنا ونزلنا. وابن دراج هَذَا كَانَ قديمًا من الطفيليين, وَلَهُ فِي التطفيل حكايات معروفة. 138- أخبرني أَحْمَد بْن عَلِي بْن الْحُسَيْن المحتسب, أَخْبَرَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد المقرئ, أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الْقَاسِمِ, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطوسي, أَخْبَرَنَا ابْن أَبِي سَعْد, حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو, حَدَّثَنِي أَبُو عَلِي القرشي, قَالَ: سمعت عيسى بن محمد ابن أَبِي خَالِد يَقُول لابن دراج, وَكَانَ رأس ابْن دراج طويلًا: من أي شَيْء طال رأسك؟ قَالَ: من مزاحمة الأبواب؛ أي: يعصرونه مَعَ الحائط بالأبواب. 139- أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن السري, أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, حَدَّثَنِي أبو عبد الله ابن

الجهم, أَخْبَرَنَا يَحْيَى الفراء, قَالَ: كتن قاطعت ابْن دراج الطفيلي عَلَى أن يملي علي ثلاثين نادرة بدرهم, فكان إِذَا ذكر نادرة باردة لَمْ أحسبها لَهُ, فَقَالَ: إِن أردت النقاوة عشرة بدرهم.

ذكر بعض المحفوظ عن الطفليين في محاوراتهم وما أجابوا به وأوردوه في مناظراتهم

ذكر بعض المحفوظ عن الطفليين فِي محاوراتهم وَمَا أجابوا بِهِ وأوردوه فِي مناظراتهم 140- حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِم أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن بندار الْقَاضِي بقاسان, قَالَ: قرأت فِي كتاب أَبِي بخطه: ليم بعض الطفيليين عن تطفيله, فَقَالَ: مَا صنع الطعام إلا ليؤكل, وَمَا وضعت الموائد إلا لتبذل, ولا نجدت المنازل إلا لتدخل, وَمَا قدمت هدية فأتوقع رسولًا, وَمَا أكره أَن أكون ثقيلًا عَلَى من أراه بأكلي بخيلًا, فأتقحم مجالسًا, وأتمكن مستأنسًا, وأنبسط إِن رأيته عابسًا, فآكل شهوتي برغمه, وأعاود بَعْد الكظة لأغمه, لا أنفق درهمًا, ولا أتعب خادمًا, ولكذلك مَا قُلْت: كُل يَوْم أجول في عرصة المص ... ر أشم القتار شم الذباب فَإِذَا مَا رأيت آثار عرس ... أَوْ ختان أَوْ دعوة الأَصْحَاب لَمْ أودع دون التقحم لا أر ... هب سبا ولكزة البواب مستهينا بمن هجمت عَلَيْهِ ... غَيْر مستأذن ولا هياب فتراني ألف بالرغم مِنْهُم ... كُل مَا قدموه لف العقاب

ذاك أهنى من التكلف والغر ... م وغيظ البقال والقصاب 141- وَقَدْ حكى عَنِ ابْن داب أَن هذه الأبيات لأبي العراقيب المدني الطيلي, وأولها: قل لأهل التطفيل إني إمام ... لكم بَيْنَ شيبكم والشباب وذكر بَعْد هَذَا الْبَيْت أبياتًا عدة فيما سقنا, إلا أَن فِي بَعْض الألفاظ اخْتِلافًا, وبعدها: ما أبالي حللت بالسادة القا ... دة أم بالعلوج والأعراب لا تراني أخيم من نبحة الكل ... ب ولا من سفاهة البواب يرهب الناس من ثيابهم الش ... ق, وهمي هناك شق الثياب 142- حَدَّثَنِي أَبُو القاسم الأزهري, أخبرني أَحْمَد بن إبراهيم ابْن شاذان, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مَسْعُود الزبيري. (ح) وأخبرنا الْحَسَن بن محمد الخلال, أخبرنا أبو بكر ابْن شاذان, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مَسْعُود بْن عَمْرو, أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن عَبْد السَّلام, أَخْبَرَنَا بشر بن حيان, أخبرنا سليمان المنقري, قَالَ: كنت فِي دعوة لبعض أَصْحَابنا, وَفِي الْقَوْم طفيلي, فجعل بَعْض الْقَوْم ينظر إِلَيْهِ؛ فَقَالَ الطفيلي: يا فتى! سبحان اللَّه, ألم ينه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يتبع الرجل بصره لقمة أخيه؟ قَالَ: فأقبل عَلِي الرجل, فَقَالَ: أتعرف هَذَا؟ فَقُلْتُ: لا والله؛ فخرجت, فلم أزل أسأل عَنْهُ.

143- فَحَّدَثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ, أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَلَمَةَ؛ وَقَالَ الْخَلالُ: شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ, أَبُو عُمَرَ؛ عن عبد الله ابن أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ, عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُتْبِعَ الرَّجُلُ بَصَرَهُ لُقْمَةَ أَخِيهِ. 144- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ الْحِنَّائِيُّ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخُلْدِيُّ إِمْلاءً, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَثِيرٍ الْبَجَلِيُّ, أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ, عَنْ يَحْيَى بْنِ مُسْلِمٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ, حَدَّثَنِي أَبُو عُمَرَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ: رسول اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُتْبِعَنَّ أحدكم بصره لقمة أخيه" (كنز العمال) رقم 40816. 145- أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَعْقُوبَ الْوَاسِطِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحَافِظُ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ ابن أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيُّ بِالْبَصْرَةِ, أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُخَيْتٍ الْفَارِسِيُّ الْقَزَّازُ, حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو عَمْرٍو الْجَهْضَمِيُّ قَالَ: كَانَ لِي جَارٌ طُفَيْلِيٌّ, وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ مَنْظَرًا, وَأَعْذَبَهُمْ مَنْطِقًا, وَأَطْيَبَهُمْ رَائِحَةً, وَأَجْمَلَهُمْ لِبَاسًا؛ فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنِّي إِذَا دُعِيتُ إِلَى مَدْعَاةٍ تَبِعَنِي, فَيُكْرِمُهُ النَّاسُ مِنْ أَجْلِي, وَيَظُنُّونَ أَنَّهُ صَاحِبٌ لِي, فَاتَّفَقَ يَوْمًا أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ الْقَاسِمِ الْهَاشِمِيَّ أَمِيرَ الْبَصْرَةِ أَرَادَ أَنْ يَخْتِنَ بَعْضَ أولاده, فقلت في نفسي: كأني بِرَسُولِ الأَمِيرِ قَدْ جَاءَ, وَكَأَنِّي بِهَذَا الرَّجُلِ قَدْ تَبِعَنِي, وَاللَّهِ لإِنْ تَبِعَنِي لأَفْضِحَنَّهُ؛ فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذْ جَاءَ رَسُولُهُ يَدْعُونِي, فَمَا زِدْتُ أَنْ لَبِسْتُ

ثِيَابِي وَخَرَجْتُ, وَإِذَا أَنَا بِالطُّفَيْلِيِّ وَاقِفٌ عَلَى بَابِ دَارِهِ قَدْ سَبَقَنِي بِالتَّأَهُّبِ, فَتَقَدَّمْتُ وَتَبِعَنِي, فَلَمَّا دَخَلْنَا دَارَ الأَمِيرِ جَلَسْنَا سَاعَةً, وَدُعِيَ بِالطَّعَامِ, وَحَضَرَتِ الْمَوَائِدُ, وَكَانَ كُلُّ جَمَاعَةٍ عَلَى مَائِدَةٍ لِكَثْرَةِ النَّاسِ, فَقَدِمْتُ إِلَى مَائِدَةٍ وَالطُّفَيْلِيُّ مَعِي, فَلَمَّا مَدَّ يَدَهُ وَشَرَعَ لِتَنَاوُلِ الطَّعَامِ, قُلْت: أَخْبَرَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ, عَنْ أَبَانِ بْنِ طَارِقٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من دَخَلَ دَارَ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَأَكَلَ طَعَامَهُمْ, دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مغيرا" (أبو داود, رقم: 3741) , فلما سَمِعَ ذَلِكَ, قَالَ: أَنِفْتُ لَكَ وَاللَّهِ أَبَا عَمْرٍو مِنْ هَذَا الْكَلامِ؛ فَإِنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْجَمَاعَةِ إِلا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّكَ تَعْرِضُ بِهِ دُونَ صَاحِبِهِ, أَوَ لا تَسْتَحِي أَنْ تَتَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلامِ عَلَى مَائِدَةِ سَيِّدِ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ, وَتَبْخَلَ بِطَعَامِ غَيْرِكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ, ثُمَّ لا تَسْتَحِي أَنْ تُحَدِّثَ عَنْ دُرُسْتَ بْنِ زِيَادٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ, عَنْ أَبَانِ بْنِ طَارِقٍ وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ! تَحْكُمُ بِرَفْعِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى خِلافِهِ, لأَنَّ حُكْمَ السَّارِقِ الْقَطْعُ, وَحُكْمَ الْمُغِيرِ أَنْ يُعَزَّرَ عَلَى مَا يَرَاهُ الإِمَامُ؛ وَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ حَدِيثٍ حَدَّثَنَاهُ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ, عَنْ جَابِرٍ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ, وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ, وَطَعَامُ الأَرْبَعَةِ يكفي الثمانية" (البخاري, رقم: 5392؛ ومسلم, رقم: 2059) , وهو إسناد صحيح. قَالَ نصر بْن عَلِي: فأفحمني, فلم يحضرني لَهُ جواب, فلما خرجنا من الموضع للانصراف فارقني من جانب الطريق إِلَى الجانب الآخر بَعْد أَن كَانَ يمشي ورائي, وسمعته يَقُول: ومن ظن مِمَّن يلاقي الحروب ... بأن لا يصاب فَقَدْ ظن عجزًا.

146- أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أخبرنا علي بْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, قَالَ: عوتب بنان يومًا وأنا أسمع, فقيل لَهُ: ويحك يا بنان! كم يَكُون هَذَا الَّذِي أَنْتَ فِيهِ بسبب الأطعمة! تب إِلَى اللَّه مِمَّا أَنْتَ فِيهِ. فَقَالَ: فديتكم؛ من يصبر عَلَى السميذين الأبيض والأصفر, والجداء المرضع, والفالوذج المعقود؟ لا والله مَا يزهد فِي هَذَا عاقل, ولا يصبر عَن هَذَا حر. 147- قَالَ: وقيل لبنان وَقَدْ أكل فأكثر: حسبك! لا يقتلك! فَقَالَ: إِذَا كَانَ الأجل موقوتًا, فلأن أموت شبعًا وريا أحب إلي من أَن أموت غرثًا وجوعًا.

وصايا الطفيليين

وصايا الطفيليين 148- حدثنا علي ابن أَبِي عَلِي البصري, عَن أَبِي عبيد اللَّه مُحَمَّد بْن عمران المزرباني, قَالَ: كَانَ طفيل العرائس الَّذِي ينسب إِلَيْهِ الطفيليون يوصي ابنه عَبْد الحميد بْن طفيل فِي علته, فَيَقُول: إِذَا دخلت عرسًا فلا تلتفت تلفت المريب, وتخير المجالس, فَإِن كَانَ العرس كثير الزحام فأمر وانه, ولا تنظر فِي عيون أهل المرأة ولا فِي عيون أهل الرجل, ليظن هَؤُلاءِ أنك من هَؤُلاءِ, ويظن هَؤُلاءِ أنك من هَؤُلاءِ, فَإِن كَانَ البواب غليظًا وقاحًا, فابدأ بِهِ ومره وانهه من غَيْر أَن تعنفه, وعليك بكلام بَيْنَ النصيحة والإدلال. لا تجزعن من القري ... ب ولا من الرجل البعيد وادخل كأنك طابخ ... بيديك مغرفة الثريد متدليا فوق الطعا ... م تدلي البازي الصيود لتلف مَا فوق الموا ... ئد كلها لف الفهود واطرح حياءك إِنَّمَا ... وجه المطفل من حديد لا تلتفت نحو البقو ... ل ولا إِلَى غرف الثريد حَتَّى إذا جاء الطعا ... م ضربت فيه بالشديد

وعليك بالفالوذجا ... ت فإنها عين القصيد هَذَا إِذَا حررتهم ... ودعوتهم هل من مزيد والعرس لا يخلو من ال ... لوزينج الرطب العتيد فَإِذَا أتيت بِهِ محو-ت محاسن الجام الجديد قَالَ: ثُمَّ أغمي عَلَيْهِ ساعة عِنْدَ ذكر اللوزينج, فلما أفاق, رفع رأسه وقال: وتنقلن على الموا ... ئد فعل شَيْطَان مريد وإذا انتقلت عبثت بال ... كعك المجفف والقديد يا رب أَنْتَ رزقتني ... هَذَا عَلَى رغم الحسود واعلم بأنك إن قتل ... ت نعمت يا عَبْد الحميد 149- أنشدني مُحَمَّد بْن عَلِي بْن عَبْد اللَّهِ الكرخي لبعضهم: لا تسمعن بدعوة ووليمة ... فِي السند إلا كنت مِمَّن يجمع حَتَّى تفوز بِمَا لديهم عنوة ... وقلوبهم حقا عليك تصدع وعليك بالفالوذج عِنْدَ حضوره ... ودع البقول فإنها لا تنفع والجدي فاضرب فِيهِ ضربك بالعدى ... لا تعلعن عَنْهُ إِذَا قَالُوا: ارفعوا وهريسة الخباز فاقصد نحوها ... فَهِيَ الأمان من الخوى يا مربع واترك موائدهم بأكلك بلقعا ... تشكو الخواء ومن دعوا لَمْ يشبعوا

150- أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, قَالَ: قَالَ رجل لبنان: أوصيني! قَالَ: لا تنادم أحدًا, فَإِن كنت لابد فاعلًا فنادم من لا يستأثر عليك بالمخ, ولا ينتهب بيضة البقلية, ولا يلتقم جلد الدجاجة, ولا يختطف كلية الجدي, ولا يزدرد قانصة الكركي, ولا يقتطع سر الشصان, ولا يعر ض لعيون الرأس, ولا يستولي عَلَى صدر الدراج, ولا يتناول إلا مَا بَيْنَ يديه, ولا يلاحظ مَا بَيْنَ يدي غيره, وإن أتي بجدي شواء كشح كُل شيء عليه, ولا يرحم ذا سن لضعفه, ولا يرق عَلَى حدث لحدة شهوته, ولا ينظر للعيال, ولا يبالي كَيْفَ دارت بِهِمِ الحال. 151- أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِب مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن الْحَسَن الكرماني, قَالَ: سمعت أبا الفرج مُحَمَّد بْن عبيد اللَّه الشيرازي, يذكر أَن بَعْض الطفيليين مرض, فَقَالَ لَهُ غلامه: أوصني! قَالَ: من اللَّه عليك بصحة الجسم, وكثرة الأكل, ودوام الشهوة, ونقاء المعدة؛ ومتعك بضرس طحون, ومعدة هضوم, مَعَ السعة والدعة والأمن والعافية؛ إِذَا قعدت عَلَى مائدة وعزبك الماء فغصصت بلقمتك, فضع يدك اليمنى فَوْقَ رأسك وحركها كأنك تسوي كمتك, فإنها تنزل بإذن اللَّه؛ وإذا قعدت عَلَى مائدة وَكَانَ موضعك ضيقًا, فقل للذي إِلَى جانبك: يا أبا فُلان! لعلي قَدْ ضيقت عليك؟ فَإِنَّهُ يتأخر إِلَى خلف, وَيَقُول: سبحان اللَّه! لا والله, موضعي واسع؛ فيتسع عليك موضع رجل؛ ولا تصادفن من

الطعام شَيْئًا فترفع يدك عَنْهُ وتقول: لعلي أصادف مَا هُوَ أطيب منه. قَالَ: زدني؛ قَالَ: إِذَا وجدت خبزًا فِيهِ قلة, فَكُل الحروف, فَإِذَا كَانَ كثيرًا, فَكُل الأوساط, ولا تكثر شرب الماء وأنت تأكل, فَإِنَّهُ يمنعك من الأكل, وَهَذَا عين الحماقة. قَالَ: زدني؛ قَالَ: إِذَا وجدت الطعام فَكُل منه أكل من لم يره قط, وتود منه زاد م لا يراه أبدًا. قَالَ: زدني؛ قَالَ: إِذَا وجدت الطعام فاجعله زادك إِلَى اللَّه, ولا تأكل الكرمازك مطويا فَإِنَّهُ يعذبك؛ كُلهُ مشوشًا حَتَّى تقع عَلَيْهِ الأضراس, وَهُوَ أخف فِي المضغ؛ وإذا دخلت إِلَى عرس كثير الزحام فمر وانه, وإن كَانَ البواب غليظًا وقاحًا فمره وانهه من غَيْر أَن تعنف عَلَيْهِ, ويكون كلامًا بَيْنَ النصيحة والإدلال, فإني دخلت يومًا إِلَى بَعْض الولائم وعنده بغيض- يَعْنِي: الخباز- وكنت عَلَيْهِ واجدًا من شَيْء فعله, فجئت وَقَدْ عمل بزماوردا ليضعه وسط المائدة عِنْدَ الفراغ من

الطعام ليطلب الراشن؛ فَقُلْتُ لَهُ: استأذنت فِي هَذَا صاحبنا؟ وَمَا كَانَ عرفني بَعْد ولا يدري من أنا, فقال: ياشيخ! وهذا يستأذن فيه أحدا؟ قُلْت: أسكران؟! تريد أَن تغرم أحدهم أكثر مما أكل وتنفص عَلَيْهِ؟ إنك لجاهل أحمق, صاحب الوليمة لا يرضي بِهَذَا, وَهَذَا مِمَّا لا يَجُوز أَن أكتمه, ولولا خوفي لائمته لَمْ آسف بشيء يصير إليك. قَالَ الخباز: فهل لَك أَن تكفيني مؤنته ولك نصف مَا أصبت؟ فَقُلْتُ أفعل. ولزمته, وجعلت آكل كُل شَيْء أشتهي, وآمر وأنهي- وَكَانَ الخباز يظن أَن بيني وبين الرجل حرمة, وأخذت منه نصف مَا أصاب, ثُمَّ عرفني بَعْد ذَلِكَ, فصالحني.

ومن أشعار الطفيليين

ومن أشعار الطفيليين 152- قرأت عَلَى الْحَسَن بْن أَبِي القاسم, أَخْبَرَنَا عَن أَبِي الفرج عَلِي بْن الْحُسَيْن الأَصْبَهَانِي, حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن قدامة, أَخْبَرَنَا أَبُو هفان, قَالَ دَخَلَ طفيلي عَلَى قوم, فَقَالَ لَهُ صاحب الْبَيْت: من أَنْتَ عافاك اللَّه؟ فَقَالَ: أنا الَّذِي أقول: كُل يَوْم أدور فِي عرضة البا ... ب أشم القتار شم الذباب فَإِذَا مَا رأيت آثار عرس ... أَوْ ختان أَوْ دعوة لصحاب لَمْ أعرج دُونَ التقحم فِيهَا ... غَيْر مستأذن ولا هياب مستخفا بمن دخلت عَلَيْهِ ... لست أخشى تجهم البواب فتراني ألف بالرغم منه ... كُل مَا قدموه لف العقاب ذاك أهنا من التكلف والك ... د ونقد البقال والقصاب قائل: إِن جرى عَلِي امتهان ... فِي سبيل الحلواء والجواذب 153- أنشدني مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عبيد اللَّه البزاز للمسلمي: ولما رأيت النَّاس ضنوا بمالهم ... فلم يك فيهم من يهش إِلَى الفضل ولم أر فيها داعيًا لابن فاقة ... يحن إِلَى شرب ويصبو إِلَى أكل

ركبت طفيليا وطوقت فيه ... ولم أكترث للحلم والعلم والأصل كأن غدوي والرواح إليهم ... غدوي إِلَى أدنى القرابات من أهلي وَمَا النَّاس إلا ناعمان فمرسل ... إِلَيْهِ لإكرام, وآت بلا رسل 154- وأنشدني أيضًا لآخر: نحن قوم إن جفا النا ... س وصلنا من جفانا مَا نبالي صاحب الدا ... ر نسينا أَوْ دعانا 155- أنشدني الْقَاضِي أَبُو القاسم عَلِي بْن المحسن التنوخي لطفيلي: إن شكرت لمنة التطفيل ... وأياديه منذ دهر طويل كم تراني قَدْ نلت من لذة العي ... ش بأسبابه وحظ جزيل وتمتعت من طَعَام لذيذ ... وسماع فِيهِ شفاء العليل فَإِذَا مَا عرفت مجتمع الإخ ... وان فِي بَيْت صاحب أَوْ خليل كان إيتانه صوابا على الأن ... س وَلَمْ أجتنب كفعل الثقيل وجعلت السعي السبيل إلى ذا ... ك وَلَمْ أنتظر مجيء الرسول فأبن لي أين اجتماعكم اليو ... م إِلَى ذي سماحة أَوْ بخيل فلعلي أكون لا أعرف الدا ... ر فأحتال فِي حضور الدليل 156- أنشدني أَبُو يعلي يَحْيَى بْن الْحَسَن المقرئ لبعضهم:

نحن قوم إِذَا دعينا أجبنا ... فَإِذَا ننس يدعنا التطفيل ونقل: علنا دعينا فغبنا ... فأتانا فلم يجدنا الرسول نصرف القول نَحْو أجمل فعل ... مثل مَا يفعل الودود الوصول 157- أنشدني مُحَمَّد بْن عَلِي بْن عبيد اللَّه الكرخي لآخر: نحن عبيد البطون نأكل مَا ... ندعى إِلَيْهِ ولو إِلَى عدن نأكل مَا جاءنا ولاسيما ... إِذَا ظفرنا بِهِ بلا ثمن 158- أنبأنا إِبْرَاهِيم بْن مخلد, أنشدنا أَحْمَد بْن كامل الْقَاضِي, أنشدني أحمد بن يحيى لطفيلي: إن وجدنا خلفا شر الخلف ... وغدا إِذَا مَا ناء بالحمل خضف أغلق عنا بابه ثُمَّ حلف ... لا يدخل البواب إلا من عرف 159- أخبرنا يعلى أَحْمَد بْن عَبْد الْوَاحِد الوكيل, أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سَعِيد المعدل, أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِمِ الكوكبي, أخبرنا ابن أَبِي طاهر, حَدَّثَنِي حماد بْن إسحاق, عن أبيه, قال: قَالَ أعرابي: ودنا من وليمة رجل يدعى خلفًا, فدفع فِي صدره, فَقَالَ: إنا وجدنا خلفا شر الخلف وذكر الأبيات.

160- أنشدني مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عبيد اللَّه البزاز لبعضهم: ولما كنت فلم تجبني ... وَلَمْ تنظر إلي بعين أَنَس رأيت الحزم أَن أمضي ركابي ... إليك وأن أكون رَسُول نفسي 161- أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن محمد بن السري, أخبرنا بْن الْحَسَن المقرئ, قَالَ: أنشدنا بنان: دعوت نفسي حِينَ لَمْ تدعني ... والشكر لي لا لَك فِي الدعوة فَإِن ذا أَحْسَن من موعد ... إخلاقه يدني إِلَى الجفوة 162- قَالَ: وأنشدنا بنان: أتأذن لي حِينَ لا دعوة ... وتحجبني حِينَ ذبح الحمل جعلت فداك فماذا الجفا ... ألست طفيليكم لَمْ أزل

163- قَالَ: وأنشدنا بنان أيضًا: نحن قوم نحسن الإق ... دام فِي وقت الزحام هكذا فليكن التط ... فيل تطفيل الكرام

من أخبار بنان الطفيلي

من أخبار بنان الطفيلي 164- قَالَ الخطيب: كَانَ بنان من أشهر الطفيليين ذكرًا, وأبعدهم صيتًا, وَلَهُ فِي التطفيل وحدوده ورسومه وسننه مَا لَيْسَ لغيره, وأخباره كثيرة, قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضهَا فيما تقدم. ونحن نسوق بقيتها فِي هَذَا الموضع إِن شاء اللَّه. 165- اختلف فِي اسم بنان, فقيل عَبْد اللَّهِ بْن عُثْمَان, وقيل: عَلِي بْن مُحَمَّد, ولقبه بنان, ويكنى أبا الْحَسَن, وَكَانَ أصله مروزيًا, وَهُوَ بغدادي الدار, وَقَدْ رَوَى أخبارًا أسندها عَن جَمَاعَة من أهل العلم. 166- أخبرنا أحمد ابن أَبِي جَعْفَر, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْحَسَن الطرسوسي بمصر, قَالَ: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن عدي, يَقُول: سمعت

قال عبيد الله: أخبرنا, وقالا: حدثنا محمد بن عبيد الله بن شخير الصيرفي؛ حدثنا

الْحَسَن بْن عَلِي بْن صَالِح, يَقُول: سمعت بنانًا, يَقُول: حفظت القآن كُلهُ ثُمَّ أنسيته إلا حرفين (أتنا غداءنا) (18 سورة الكهف الآية:62) . 167- أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن عيسى الهمذاني, وأبو بكر القاسم عبيد اللَّه بْن عَبْد العزيز البرذعي, وعلي ابن أَبِي عَلِي البصري. قَالَ عبيد اللَّه: أَخْبَرَنَا, وَقَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عبيد اللَّه بْن شخير الصيرفي؛ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن عَلِي المقرئ, قَالَ: سأل أَبِي بنانًا وأنا أسمع: أتحفظ من كتاب اللَّه شيئًا؟ قَالَ: نَعَم, آية. قَالَ: مَا هِيَ؟ قال: (قال لفتاه أتنا غداءك) (18 سورة الكهف الآية:62) . قَالَ لَهُ: أتحفظ من الشعر شيئًا؟ قَالَ: نَعَم, بيتًا. قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: نزوركم لا نكافيكم بجفوتكم ... إِن المحب إِذَا لَمْ يستزر زارا

ذكر ما أسند إلى بنان من الأخبار

ذكر ما أسند إلى بنان من الأخبار 168- أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْنُ السَّرِيِّ, حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ, أَخْبَرَنَا بُنَانٌ, حَدَّثَنِي عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ, حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ المدائني وغيره من أصحابنا وعن عَلِيِّ بْنِ سُحَيْمٍ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ طَعَامَ الْعُرْسِ, فَقِيلَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ! مَا بَالُ طَعَامِ الْعُرْسِ فِيهِ طَعْمٌ لا نَجِدُهُ فِي غَيْرِهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: دَعَا فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَرَكَةِ, وَدَعَا لَهُ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ أَنْ يُبَارِكَ اللَّهُ فِيهِ وَيُطَيِّبَهُ, لأَنَّ فِيهِ مَثَاقِيلَ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ. 169- قَالَ الخطيب: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيث من وجه آخر عَن عُمَر, عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الإِيَادِيُّ, وَأَبُو الحسين محمد بن الْوَاحِدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَزَّازُ؛ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَلادٍ الْعَطَّارُ, حَدَّثَنَا الحارث بن محمد ابن أَبِي أُسَامَةَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ وَاقِدٍ , حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ رَاشِدٍ الْخُرَاسَانِيُّ, حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيُّ, عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ, عَنِ ابْنِ رُومَانَ, قَالَ: سُئِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ الْعُرْسِ, فَقِيلَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ! مَا بَالُ طَعَامِ الْعُرْسِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ طَعَامِنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ: "فِي طَعَامِ الْعُرْسِ مِثْقَالٌ مِنْ رِيحِ الْجَنَّةِ" وَقَالَ عُمَر: دعا لَهُ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَارِكَ فِيهِ وَيُطَيِّبَهُ. 170- أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, قَالَ: سمعت بنانا يَقُول: أَخْبَرَنَا محمد بن الحسن بن البزاز, حدثني ابن عَلِي بْن الْحَسَن بْن شقيق, عَن أَبِيهِ, حَدَّثَنِي ابْن المبارك, عَنِ المبارك وربيع, عَنِ الْحَسَن قَالَ: اثنا عشرة خصلة فِي الطعام ينبغي للمسلمين أَن يتعلموها: أربعة منها فريضة, وأربعة سنة, وأربعة أدب. فأما الفريضة: فالتسمية والمعرفة والرضا والشكر. وَأَمَّا السنة: فالجلوس عَلَى رجله اليسرى, والأكل مِمَّا يليه, والأكل بثلاثة أَصَابِع, ولعق الأَصَابِع إِذَا فرغ. وَأَمَّا الأدب: فغسل اليدين, وتصغير اللقمة, والمضغ الشديد, وقلة النظر فِي وجوه أَصْحَابه. 171- أَخْبَرَنَا عبيد اللَّه بْن عَبْد الْعَزِيز البرذعي, أخبرنا أحمد بن إبراهيم شاذان, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مَرْوَان بْن مُحَمَّد المالكي الْقَاضِي الدينوري بمصر, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن دِينَار, قَالَ سمعت وكيع بْن الجراح يَقُول: سمعت بنانا الطفيلي يَقُول وأنا مَعَهُ عَلَى مائدة أكل, فَقَالَ لي: ويحك يا وكيع! أنت فاقد الْحَدِيث وفقيه العراق تأكل باذنجان يباع مئة بدانق, وتدع صدور الدجاج الَّذِي يباع دجاجة بدينار؟ ما أقل علمك!

172- أخبرنا البرذعي, أَخْبَرَنَا ابْن شاذان, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مَرْوَان المالكي, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن دِينَار, قَالَ: سمعت وكيع بْن الجراح يَقُول: قَالَ لي بنان الطفيلي: يا وكيع! التمكن عَلَى المائدة خير لَك من زيادة أربعة ألوان. 173- قَالَ الخطيب: فِي هاتين الحكايتين تخليط شديد, لأن بنانا كَانَ بَعْد وكيع بْن الجراح بدهر بعيد وزمان طويل, وَذَلِكَ أَن وكيعًا توفي فِي سنة ست وتسعين ومئة, وكان بنان حدود سنة ثَلاث مئة. 174- والحكاية الثَّانِيَة هِيَ محفوظة عَن بنان عَن سَعِيد السمين عَن وكيع كَذَلِكَ. حَدَّثَنَا أَبُو طَالِب يَحْيَى بْن عَلِي بْن الطيب الدسكري لفظًا بحلوان, أنبأنا أَبُو بَكْر ابن المقرئ بِأَصْبَهَانَ, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن إِسْحَاق المادرائي, أَخْبَرَنَا بنان الطفيلي, أَخْبَرَنَا سَعِيد السمين قَالَ: سمعت وكيعًا يَقُول: التمكن عَلَى المائدة خير من ثلاثة ألوان. 175- وأخبرني أَبُو القاسم الأزهري, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن حميد بْن الْحُسَيْن بْن حميد بْن الرَّبِيع الحراز, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد الحكيمي, أَخْبَرَنَا عبد الله بن عثمان بن بنان, حَدَّثَنِي سَعِيد السمين, عَن وكيع الجراح. (ح) وأخبرنا عبيد اللَّه بْن عَبْد الْعَزِيز البرذعي, وعلي ابن أَبِي عَلِي البصري- واللفظ لعلي- قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبيد اللَّه بْن

الشخير, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن عَلِي المقرئ دبيس, حَدَّثَنِي بنان الطفيلي, حَدَّثَنِي سَعِيد السمين, عَن وكيع, قَالَ: التمكن عَلَى المائدة خير من زيادة ثلاثة ألوان, والسميذ الأبيض أحلى من السميذ الأصفر. 176- أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن عيسى, وعبيد اللَّه بن عبد العزيز, وعلي ابن أَبِي عَلِي؛ قَالَ عبيد اللَّه: أَخْبَرَنَا, وَقَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عبيد اللَّه بْن الشخير؛ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن عَلِي المقرئ قَالَ: سمعت بنانا يَقُول: حَدَّثَنِي عَبَّاس الدوري, قَالَ: سمعت يَحْيَى بْن معين يَقُول: الأكل مَعَ الإخوان لا يضر. 177- أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن السري, أخبرنا بْن الْحَسَن المقرئ, حَدَّثَنِي بنان- هو علي بن محمد عُثْمَان الطفيلي-, حَدَّثَنِي جَعْفَر الطيالسي, قَالَ: سمعت يَحْيَى بْن معين يَقُول: إِذَا دخلت عَلَى أخيك فاقعد مكان يقعدك, وأشرب مِمَّا يسقيك, وكن خفيف المؤنة. فَإِذَا أكلت فانتشر, ولا تعقد فتثقل عَلَيْهِم فِي مجلسهم. 178- قَالَ: وسمعت بنانًا يَقُول: قَالَ لي عَبَّاس الدوري والصاغاني, قَالَ يَحْيَى بْن معين: الحشمة فِي الطعام فِي منازل الإخوان باردة, ولا أعرف لَهَا وجهًا؛ والصوم فِي منازل الأصدقاء- أَوْ قَالَ: الإخوان- من الثقل والنفاق والرياء.

خبر بنان بالبصرة

خبر بنان بِالْبَصْرَةِ أخبرني أَبُو الْحَسَن عَلِي بْن أيوب القمي, أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى الكاتب, أخبرني الصولي, أَخْبَرَنَا أبو حامد ابن الْعَبَّاس, حَدَّثَنِي بنان الطفيلي, قَالَ: دخلت البصرة, فقيل لي: ههنا عريفا للطفيلية يبرهم, قال: دخلت البصرة, ويسكوهم, ويرشدهم إِلَى الأعمال, ويقاسمهم. فصرت إِلَيْهِ, فبرني وكساني, وأقمت عنده ثلاثة أَيَّام, وَلَهُ خلق يصيرون إِلَيْهِ بالزلات فيعطيهم النصف ويأخذ النصف, فوجهني معهم فِي اليوم الرابع, فحصلت فِي موضع وليمة, فأكلت, وأزللت معي شيئًا كثيرًا, فجئته بِهِ, فأخذ النصف وأعطاني النصف, فبعت مَا دفع لي بدراهم, فلم أزل عَلَى هَذَا أيامًا. فدخلت يومًا إِلَى عرس جليل, وأكلت, وخرجت بزلة حسنة , فلقيني إِنْسَان, فاشتراها مني بدينار, فأخذته وكتمته أمرها, فدعا جماعته من الطفيلية, وَقَالَ: إِن هَذَا البغدادي قَدْ خان, وظن أني لا أعلم كُل شَيْء يفعله, فاصفعوه, وعرفوه مَا كتمنا. فأجلسوني شئت أم أبيت, فما زالوا يصفعونني واحدًا واحدًا, وَيَقُول الأَوَّل مِنْهُم: قَدْ أكل مضيرة؛ ويصفعني الآخر, ويشم يده, وَيَقُول: وأكل بقيلة؛ وَيَقُول الآخر: وأكل سميذا؛ حَتَّى جاؤوا بكل شَيْء أكلته, مَا غلطوا بزيادة ولا نقصان. ثُمَّ صفعني شيخ

مِنْهُم صفعة عظيمة, وَقَالَ: باع الزلة بدينار؛ وصفعني آخر, وَقَالَ: هات الدينار؛ فدفعته إِلَيْهِ. وأخذ ثيابي الَّتِي كَانَ أعطانيها, وَقَالَ: اخرج يا خائن فِي غَيْر حفظ الله. فخرجت السفينة, وجئت إِلَى بغداد, وحلفت أَن لا أقيم ببلدة طفيلية يَعْلَمُونَ الغيب.

ما حفظ عن بنان في رسوم التطفل وحدوده وأحكامه

مَا حفظ عَن بنان فِي رسوم التطفل وحدوده وأحكامه فمن ذَلِكَ قَوْله فِي طبقات المعاشرين والمنادمين: أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ قَالَ: سمعت بنانا يَقُول: لا تنادم حائكًا, ولا حجامًا, ولا خياطًا, ولا مكاريًا, ولا دلالا. فَإِن الحائك يقطع يومه وكلامه: عملنا بالثوب بهلوكين, وعملنا فِيهِ ثلاثة بهاليك وأربع وخمس, حَتَّى يعد عشر بهاليك, وغدًا يقطع الثوب إِن شاء اللَّه هُوَ بالثلث ودرهم الثلث, وثلاثة بالنصف ودرهمين بالنصف وثلاثة دراهم, والثوب قليل العرض وَهُوَ خفيف, وَلَمْ ندقه, وَلَمْ نحكه, وَهُوَ جريش؛ فيومه أجمع فِي الثوب, قطعنا وبعنا, فلا يكن بينك وبين هَذَا الصنف عمل. وَأَمَّا الحجام , فمنذ يقعد إِلَى أَن يقوم فإنما هُوَ فِي غيبة النَّاس: حجمنا فلانًا فأعطانا درهمًا, وحجمنا فلانًا فأعطانًا نصف درهم, وأخذت شعر فُلان فأعطاني نصف درهم, وزينت فلانًا فأعطاني درهمًا, وفلان سخي, وفلان بخيل, ويتكلم بكل فضول الماص ل (بظر) أمه مَا يكره منذ

يقعد إِلَى أَن يقوم. والمكاري منذ يقعد إِلَى أَن يقوم: أكرينا بدانق, أكرينا بدانقين, أكرينا بنصف درهم, فلا يزال أكرينا إِلَى درهم وأكثر, ويحتاج الحمار إلى نصف درهم مكوك شعير, حمل قت؛ فيذهب النهار أجمع بالفضول. والخياط منذ يقعد إِلَى أَن يقوم فَهُوَ فِي غيبة النَّاس وذكرهم بالردي؛ فُلان يحب فلانة, وفلانة تحب فلانًا, وقطعنا لفلانة المغنية يتعشقها فُلان قطع لَهَا ثوب قصب ملحفة بعث إِلَيْهَا بثوب مروي مرتفع؛ فلا يزل فِي غيبة النَّاس منذ يقعد إِلَى أَن يقوم الماص لما يكره من أمه. والدلال: بعنا دار فُلان بكذا, وبعنا جارية فُلان بكذا, وفلانة مقنعة, وفلان مقنع؛ فمنذ يقعد إِلَى أَن يقوم فِي غيبة الْمُسْلِمِينَ, وحبس المحتسب فلانًا وفلانة, فيقطع المجلس بِهَذَا ونحوه. يا أَخِي! فدتك نفسي! لا تصحب من هَؤُلاءِ السفل أحدًا فيذهبون بجاهك عِنْدَ إخوانك وأهل الثقة من أَصْحَابك, أصحب - فدتك نفسي- بزازًا عطارًا صيرفيا أنماطيًا قطانًا دقاقًا صيدلانيًا. هَؤُلاءِ مثل ابن كاتب, قال ابْن قائد؛ وَهَذَهِ وصيتي لَك.

قوله في تقديم الوقت لحضور الدعوة

قَوْله فِي تقديم الوقت لحضور الدعوة أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بن السري, أخبرنا الحسن بْن الْحَسَن المقرئ, قَالَ: أوصى بنان رجلًا, فَقَالَ: إِذَا دعيت إلى وليمة إِن شاء اللَّه فإياك ثُمَّ إياك أَن تتأخر إِلَى آخر الوقت, وتشاغل وتسترخي وتثاقل وتقول: الساعة, وإلى ساعة, وإيش فاتني؟ وبعد مَا جاء أحد, وَمَا لي أكون من السبق؟ وَلَمْ أكون أنا أول النَّاس؟ ومثل هَذَا وأشباهه؛ فيخطئ حظك, ويسيء اختبارك, ويضيع يومكً؛ وَهَذَا فعال الحمقى القليلي الحزم. وإذا دعاك صديق لَك فاستخر اللَّه, وكن من السبق وأول من يوافي؛ وأقبل وصيتي, فإنك ترشد وتبين الصلاح إِن شاء اللَّه. اعلم أَنَّهُ لَيْسَ يجيء فِي أول الأوقات إلا جلة النَّاس وسراتهم: كاتب, وبزاز, وعطار, وسراج, وأنماطي, ونحوهم؛ فقعودك مَعَ مثل هَؤُلاءِ فائدة, وأنت معهم آمن مطمئن مسرور, تسمع كُل حَدِيث حسن وخبر ظريف, وأنت ريح البدن, واسع الموضع, طيب المكان, قاعد مَعَ هَؤُلاءِ عَلَى أول مائدة؛ الزم هذه الطبقة لا يزايل سوادك بياضهم فتهلك, وأنت إن لن تربح لم تخسر؛ وقعودك عَلَى أول مائدة فِيهِ خصال كثيرة محمودة؛ أعلم يا مغفل أنك تأكل رؤوس القدور وكل شَيْء كثير, والقدور ملأى, والماء بارد, والخباز نشيط, ورب المنزل فرح مسرور, وكل شَيْء من أمرك مستور, موضعك واسع, وأنت مَعَ قوم كأنهم الدنانير

أحيى من الأبكار يعقلون إيش يأكلون, لا تخفى عَلَيْهِم طيب الأطعمة ولذيذ الأشربة , فالأكل مَعَ هَؤُلاءِ غنيمة وسلامة, وتتهنأ بكل شَيْء تأكل وتشرب, وإذا أسرعت فِي ذهابك فرجت عَن صاحب الوليمة بسرعتك, وَلَمْ تقلق قلبه وقضيت واجب حقه, وإن تأخرت أَوْ تكاسلت إِلَى آخر الوقت فَقَدْ عطبت وهلكت وضيعت وتوانيت, أعلم أنك تصادف الطعام باردًا وَهُوَ فضلات القدور, والرقاق بقايا عجين قَدِ استعملوا الجيد, والماء سخنًا, وصاحب الوليمة ضجرًا متبرمًا, فيحمك فِي ذَلِكَ الوقت فِي الاحتراق. واعلم يا أَخِي أَن آخر مائدة يضيق عَلَيْهِم الطعام ويقل؛ لأن حكم المائدة عشرة, فيقعد ثلاثون, ولا يقدر الرجل أَن يأكل من اللون أَكْثَر من لقمة لقلته وكثرة الأيدي عَلَيْهِ, فموضعك أضيق من جوفك, فَإِذَا قَالَ لَهُمْ صاحب الوليمة: قوموا! سارعوا إِلَى الخوان, فانبسطوا فِي ميدان المضغ, ورفعوا قناع الحشمة, وألزقوا الأكتاف بالأكتاف كأنهم بنيان مرصوص, يأكلون ميمنة وميسرة وقلبًا, وتدور أيديهم عَلَى الخوان شرقيًا وغربيًا, وتسمع للقوم فِي حلوقهم معممة, وَذَلِكَ أَنَّهُ لا يقعد عَلَى آخر مائدة إلا ضعفى الجيران ومساكين المحلة والقوام, فَإِن كَانَ لَهُمْ جداء وحملان فليس يقدم- يَعْنِي إليهم- إلا شرها؛ يقدم الجدي أضلاع بلا لحم فوقه جلد وحوله خس وهندبا, كَأَنَّهُ كوخ ناطور قَدْ وقع خشبه وبقي القصب قائمًا, فإيش يَكُون حال من يَكُون لَهُ أدنى مروءة مَعَ هَؤُلاءِ؟ لا يأكل قليلًا ولا كثيرًا, فيقوم من الخوان وفؤاده أخلى من فؤاد أم موسى, جايع نايع مَا مَعَهُ من العرس إلا شم الطعام وتمشيش العظام, وإنما شرحت لَك لتفهم. واعلم أني قَدْ نصحتك غاية النصيحة, وبينت

لَك مَا بَيْنَ سُفْيَان الثَّوْرِي فِي جامعه, فأفهم تعلم, وتعلم بأدب متعك اللَّه بسعة الصدر, وطيب الأكل والصبر عَلَى المضغ, إنها دعوة مغفول عَنْهَا.

قوله في تخير المواضع

قَوْله فِي تخير المواضع وَقَالَ بنان: إِذَا دعاك صديق لَك فأقعد يمنة الْبَيْت, فإنك ترى كُل مَا تحب, وأنت تسودهم فِي كُل شَيْء, وتسبقهم إِلَيْهِ, وأنت أول من يغسل يده, والخوان بَيْنَ يديك, وأول القنينة أَنْتَ تشربه, والبقل الجيد يوضع قدامك, وأول من يتبخر أَنْتَ, وإذا خرجت إِلَى الخلاء لا تحتاج إلى أن تحظاهم ذاهبًا وجائيًا, وأنت فِي كُل سرور حَتَّى تنصرف.

قوله في صنوف الأطعمة وأنواع الأكل

قَوْله فِي صنوف الأطعمة وأنواع الأكل أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بن السري, أخبرنا بْن الْحَسَن المقرئ, قَالَ: سمعت بنانًا يَقُول: أطيب مَا يَكُون الباذنجان فِي السكباج والحصرمية والمضيرة والكشكية, وأطيب مَا يَكُون لحم الحمل: فِي العدسية والمضيرة والحصرمية والكشكية. وقا بنان: عصعص عنز خير من قدر باقلاء.

قَالَ: وسمعت بنانًا يَقُول: الأكل مَعَ الإخوان يهضم, والأكل مَعَ الثقلاء يتخم. أنبأنا الرافقي, أَخْبَرَنَا ابْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, قَالَ: سمعت جَعْفَر بْن يَحْيَى المدائني, يَقُول: حَدَّثَنِي صديق لي, قَالَ: كنت مَعَ بنان عَلَى مائدة, فَقَالَ لي: لا تخالفني عَلَى كُل مَا أقول لَك؛ فأتينا بقصعة عَلَيْهَا السميذان, فَقَالَ لي: كُل من الأحمر فَإِن فِيهِ طعمين؛ طعم السكر وطعم الزعفران - وَلَمْ يدعني آكل غيره- وبق نفسك. ثُمَّ أتينا بالهريسة, فَقَالَ لي: كُل منها لقمة أَوْ لقمتين أَوْ ثلاثة ثُمَّ أتينا بالزيرباج الأحمر, فَقَالَ لي: كُل لقمة أَوْ لقمتين ولا تكثر, وأولغ بِهَذَا الخبز اليابس- يَعْنِي الَّذِي فِي القلية-؛ ثُمَّ أتينا بالبقلية, فَقَالَ لي: كل لقمة أو لقميتن. ثُمَّ أتينا بالشواء , فَقَالَ لي: لا تأكل منه شيئًا وبق نفسك؛ فَإِن فِي كُل يَوْم نصيب الشواء بدانق يقوم مقام ذا ويكيفيك. ثُمَّ أتينا بالفالوذج- وَكَانَ كثيرًا شبيهًا بالصومعة- فَقَالَ لي: ائت من تَحْتَ حَتَّى ينهار. ففعلت, فَقَالَ لي: كُل وأكثر, فإنك لا ترى هَذَا فِي كُل يَوْم. ثُمَّ أتينا باللوزينج فَقَالَ لي: أزوج وثلث, فَإِن مت فِي ذا مت شهيدًا. ثُمَّ أتينا بطبق عَلَيْهِ دجاج مسمن مشوي, فأكل أكل اثنين أَوْ ثلاثة, وَقَالَ لي: كُل ولا تقصر, فَإِن قيمة هذه ثلاثة دنانير, ولا تأكل إلا مَا لَهُ قيمة.

فأكل هُوَ اثنين وأكلت أنا ثلاثة؛ أَوْ كَمَا قَالَ. أنبأنا الرافقي, أَخْبَرَنَا ابْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن مُحَمَّد الكوفي, قَالَ: كنت مَعَ بنان فِي وليمة لرجل نبيل ومعنا جَمَاعَة من الكتاب عَلَى مائدة, فكان قدام رجل منا دجاجة مسمنة, فضرب يده, فأخذها من قدام الرجل, فَقُلْتُ لَهُ: يا بنان! مَا هَذَا؟! أتفعل هكذا!؟ قَالَ: إنه أصلحك اللَّه مشاع غَيْر مقسوم. أنبأنا الرافقي, أَخْبَرَنَا ابْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن, قَالَ: قيل لبنان: مَا تقول فِي الفالوذنج؟ فَقَالَ: هُوَ والله من طَعَام أهل الْجَنَّة, فِي الدنيا أحد يرجع إِلَى عقل ومعرفة يسأل عَن هَذَا يا مغفل؟ كُل أبدًا حَتَّى تموت, فَإِن مُتَ مت شهيدًا, ورفع أجرك إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ بنان: كثرة المضغ تشد العمور, وتقوي الأسنان, وتدبغ اللثة, وتغدو أصولها. أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, قَالَ: قَالَ لي وصيف البنا: كَانَ بنان يجيئني فِي عرس, فَقُلْتُ لَهُ: ضيقت عَلِي!

قال أبو الحسن بنان: وإذا قمت من المائدة وقد تعذيت فاقعد في وسط الدار يضربك

فَقَالَ لي: إِن لَمْ أنفعك لَمْ أضرك؛ فعطشت, فَقَالَ لي: ارفع رأسك إِلَى فَوْقَ وتنفس ثلاثًا, فَإِنَّهُ ينزل مَا أكلت. أنبأنا الرافقي, أَخْبَرَنَا ابْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن, قَالَ: سمعت بنانا يَقُول: نقصان لونين وماء بارد فَهُوَ أحب إلي. قَالَ أَبُو الْحَسَن بنان: وإذا قمت من المائدة وقد تعذيت فأقعد فِي وسط الدار يضربك الهواء, وادع بالشراب, فَإِن أتوك بنبيذ فَهُوَ أحب إلي رطلًا أَوْ رطلين, ولا تصب فِيهِ ماء, وإن أتوك بفقاع فلا تكثر منه فَإِن كثرته تغثي, وإن حلفوا عليك فأدخلوك الْبَيْت فلا تقعد فِي الصدر؛ فَإِن القعود فِي الصدر قعود مغن أَوْ مخرف, إِن أردت أَن تقضي حاجة أَوْ تبول يصعب عليك القيام, وتستحي مِمَّن فِي المجلس من قيامك وقعودك, قاقعد بجنب الباب؛ وإن كَانَ فِي الْبَيْت فاكهة كثيرة, فاجذب منها إليك ولا تأمن أَن تذهب وتبقى أَنْتَ بلا شَيْء. ولا تكن أَنْتَ الساقي, وكن ذنبًا ولا تكن رأسًا. وإن كَانَ فِي المجلس مغنية وغلام حسن الوجه, فاتق اللَّه فِي نفسك ولا تولع بواحد منهم والزم العافية, وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى فِي كتابه: (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (20 سورة طه الآية: 131) . وإذا دار النبيذ فِي الأقداح, فأنظر خير نبيذ يَكُون فِي مجلسك, فخذ قنينة وقدحًا وأشرب وحدك, وإذا رأيتهم يخلطون فِي

حَدِيثهم, وإذا كَانَ فِي المجلس خمر, فاتق اللَّه ولا تشرب منه, ولا تقعد فِي مكان يكون فِي مكان يَكُون فِيهِ؛ وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْمُغِيرَةِ, وَعَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ الرَّازِيُّ؛ كُلُّهُمْ يرويه عَنْ مُعَاوِيَةَ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فاجلدوه, وإن عاد فاقتلوه" (راجع مسند أحمد) رقم: 16864) , يا أَخِي! وإياك إياك أَن تسكر, وأن يرى الْقَوْم منك زلة أَوْ كلمة غلط, فيحتكم بِهَا عليك؛ ولعلك مستور فِي جيرانك, فتخرج وَقَدِ انهتك سترك عندهم؛ ولعلك إمام أَوْ مؤذن, فَهُوَ الفضيحة الَّتِي لا تجبرها أبدًا. وعليك بخبر حسن, أَوْ حَدِيث حسن, فإنهم كلهم يميلون إليك وتصير سيدهم. وإن خلطت وولعت ومزحت, فإنما هُوَ صفع كُلهُ وعداوة بَيْنَ جيرانك لا تجبرها أبدًا. وإياك يا أَخِي أن تسكر, فَإِن خشيت من نفسك السكر فقم وأنت صحيح وعقلك معك, ولا تأمن الحدثان, سلمنا اللَّه وإياك يا أَخِي من آفات الدنيا والآخرة. فاقبل وصيتي فإنك ترشد إِن شاء اللَّه. قَالَ: وكنى بنان آلة الطعام, فَقَالَ: الجفنة: أم كثير, الخوان: أَبُو جامع, الطست والإبريق: بشر وبشير, الطيفورية: أم روح, الغضارة: أم الفرح, منديل الغمر: أَبُو اليسير.

وكنى بنان الخبز الحواري: أَبُو نعيم, والخشكار: أَبُو جَابِر, والسميذ: أَبُو السرور, ويقال: أَبُو الْمَلِك, اللحم: أَبُو عَاصِم, البقل: أَبُو جميل, الخل: أَبُو ثقيف, الحمل: أَبُو حميد, الجدي: أَبُو حبيب, الدجاجة: أم الخير, البطة: أم عَمْرو, الرأس: أَبُو الرجاء, الكارع: أبو الغشا, الجبن: راشد الخانق, الزيتون: خنافس الخوان, الصحناء: أم البلايا, الماحمص: أَبُو حفيص, الماباقلى: أَبُو رياح, الفالوذج: أَبُو العلا, الخبيص: أَبُو رزين, اللوزينج: قبور الأطفال, القطائف: قبور الشهداء, العصيدة: أم سهل, الماء: أَبُو الغيث, النديم: أَبُو الكمال, المجلس: أَبُو محمود, المنارة والسراج: أَبُو صياح, الخلال: كتاب العزل, الأشنان: أَبُو اليأس. أبنأنا الرافقي, أَخْبَرَنَا ابْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن, قَالَ: أتى بَعْض الشعراء بنانًا عِنْدَ موته فقال: يا أيها الميت الذمي ... م لدى الأقارب والأباعد من للهرايس إذ فقد ... ت وللثرائد والعصائد

وحضور أيام الولا ... ئم والقعود عَلَى الموائد والأكل مَا قدرت علي ... هـ يداك من حار وبارد قَدْ كنت تلتقم الرؤو ... س إِذَا خلوت وَفِي الشواهد وتعيث في مال الصدي ... ق كوارث فِي مال والد أظننت أنك سوف تخ ... لد وابن آدم غَيْر خَالِد أنشدني رئيس الرؤساء جمال الورى شرف الوزراء أَبُو القاسم عَلِي بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر لأبي عَبْد اللَّهِ البناني يرثي بَعْض الطفيليين: أبكي لفقدك عِنْدَ كُل غداء ... ولطيب أكلك عِنْدَ كُل عشاء يا شيخ أهل الأكل غَيْر مدافع ... لو كنت تسمع أَوْ تجيب ندائي لو تستطيع لَك الموائد فدية ... لفدت؛ وكيف ولات حِينَ فداء من للجواذب والرقاق ومن لأق ... راص السميذ ومن لخبز الماء وبوارد برد الغليل يحسنها ... كالروض أضحكه بكاء سماء محمرة بالخل فِي جنباتها ... مخضرة بالبقل والقثاء أبكيك للحمل السمين وتارة ... أبكي عليك لدخلة ألياء وكذاك للجدي الرضيع مبزرًا ... وصفاير يتبعن جنب شواء أبكيك للمبسوطة الصفراء ... تأتي أمام هريسة بيضاء لهفي عليك إذا العزوف تتابعت ... لهفا يديم تنفس الصعداء عمت مصيبتك البسيطة والورى ... طرًا عموم حنادس الظلماء من للثريد إِذَا ارتوى من دهنه ... فِي الصحن ري سحابة وطفاء

وتكللت جنباته بمجزع ... ذَات السديف بِهِ عَلَى الأرجاء أمن يفسر كُل مشكل أكلة ... أعيت عَلَى الندماء والأكلاء قرحت عيون النرجسية بعده ... شوقًا إِلَى الكشكية الخضراء وتبارتا أسفا عليك ولوعة ... وكذاك شرط تفرق القرناء زلت بمصرعك الولائم واغتدى الت ... طفيل رهن كآبة وبكاء أبقيت فِي قلب القطائف حسرة ... لا يستقل بِهَا صباح مساء هيهات أن تنسى اهتشاشك نحوها ... بطويل باعك واليد الرعشاء ولرب يَوْم أيوم أفنيت فِي ... علم الطعام وليلة ليلاء لطعم الخوان وَقَدْ نعيت تحرقًا ... واستعبر الطنجير للحلواء وتجرع الجواذب ثكلك وانثنى ... يثني بفضلك عَن أَبِي الصهباء أما وَقَدْ غالتك غائلة الردى ... فليأمن الحيوان سفك دماء يا قانص الفروج من سفوده ... قنصتك كف آذنت بفناء عفت المطابخ والقدور وأعفيت ... فِيهَا طهاتك بَعْد طول عناء وتركت أنضاء المغارف ظلعًا ... حسرى من الأنفال والإعياء لا غرو إِن كشف المروس رأسه ... حزنًا عليك وشق كُل رداء قَدْ كنت تصفيه المودة والهوى ... وتخصه بمودة دولاء إِن كَانَ ضعضعك الزَّمَان فطالما ... أودى بكل مصمم أباء لا تبعدان وَقَدْ بعدت وكل ذي ... قرب رهين تباعد وتنائي وسقى ثراك مجلجل واهي العرى ... يحمي عليه يدهن كُل سلاء وازداد قبرك جونة مشحونة ... تسعى إليك بِهَا يد الوصفاء ومؤانساك أوزة وأرزة ... صينت عن الأدناس والأقذاء فلقد تركت العرس بعدك مأتما ... وأقمت سوق الحزن والبرحاء واها فَإِن مصابنا بك كاف مف ... تاح الهموم وغاية الضراء خذها إليك مسيحة سيارة ... تنبيك عَن عهد وحسن وفاء

مجموع أخبار بنان

مجموع أخبار بنان أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد العتيقي, أَخْبَرَنَا سهل بْن أَحْمَد بْن سهل الديباجي, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر ابْن الأنباري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مَنْصُور, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِي قَالَ: قَالَ رجل لبنان الطفيلي: ادع لي. قَالَ: فرفع يديه, وَقَالَ: من اللَّه عليك بصحة الجسم, وكثرة الأكل, ودوام الشهوة, ونقاء المعدة؛ وأمتعك بضري طحون, ومعدة هضوم, مَعَ السعة والدعة والأمن والعافية؛ ثُمَّ قَالَ: هذه دعوة مغفول عَنْهَا. أنبأنا الرافقي, أَخْبَرَنَا ابْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن, قَالَ: سمعت بنانًا يَقُول: رأيت ابني يومًا يتلمظ, فجعلت أعوذه, وقلت: أرجو أَن يَكُون خلفًا صالحًا؛ يَعْنِي فِي التطفيل. قَالَ: وسمعت بنانًا يَقُول: مَا فِي الدنيا أَحْسَن من صنعتي, أنا أطفل منذ ثلاثين سنة مَا أسلموا إلي صبيا قط. قَالَ: وسمعت بنانًا يَقُول: اصطناع الوليمة إِذَا لَمْ يعملها فهو عيب واحد, وإذ عملها فَهِيَ عيوب كثيرة.

قَالَ: وسمعت بنانًا يَقُول: الشر والاختلاف في الوليمة أحد المصيبتين. قَالَ: وأتى بنان قومًا ليدخل إليهم, فَقَالُوا لَهُ: من أَنْتَ؟ قَالَ: الَّذِي كفيتكم مؤنة الإرسال إلي. قَالَ: وقيل لبنان: أي الطعام وجدت أطيب؟ قَالَ: مَا اتسع صدر صاحبه. قَالَ: وسمعت بنانًا يَقُول: سبعة يضنين, بَل يقتلن: إِذَا كَانَ صاحب الوليمة بخيلًا, والبواب كذابًا صلفا, والقيم عَلَى النَّاس بغيضًا يسيء الأدب, والخباز لا يحسن يعمل الطعام وَكَانَ قذر الكف, والمائدة حتى توضع, وجيء الإخوان, والمجلس لَيْسَ فِيهِ غناء ولا نبيذ كالبيت الخرب. وسبعة يزدن صاحب الوليمة سرورًا وفرحًا بِمَا هُوَ فِيهِ: إِذَا كَانَ سخيًا جوادًا كريمًا لَمْ يسأل شيئًا إلا جاد بِهِ, والحاجب إِذَا كَانَ ظريفًا لبيبًا, والوكيل- أَوْ قَالَ: القيم- إِذَا كَانَ عاقلًا حسن الأدب ينزل النَّاس منازلهم ويرتبهم, والخباز إِذَا كَانَ طيب العمل نظيف الكف, وغلام عاقل يضحك فِي وجوه النَّاس ويحثهم عَلَى الأكل, والمائدة إِذَا وضعت وَكَانَ معك من تحبه ويحبك يأكل معك, وليس يجيئك ثقيل ولا بغيض فيزحمك أَوْ يؤذيك, ويجيء أَصْحَابك العقلاء الَّذِي يعرفون حقك, ويكرمونك ويجلونك ويحلفون

بحياتك, وتعرف السرور في وجهوههم, فصلوات اللَّه عَلَى هَؤُلاءِ وعلى من ولدهم. وليس يبدؤك بِمَا تكره إلا من بخل أَوْ سفل أَوْ من فِي نسبه شَيْء, والمجلس الَّذِي يَكُون فِيهِ النبيذ والغناء الطيب فَهُوَ كمثل من حدث الْقَوْم بالحَدِيث وَهُمْ يشتهونه. قَالَ: وسمعت بنانا يَقُول: إِذَا دعيت إِلَى دعوتين, فأجب أقربهما بابًا إليك. قَالَ الْخَطِيبُ: قد جاءت السُّنَّةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِيمَا أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحمد ابن حَنْبَلٍ, حَدَّثَنِي أَبِي, أَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ, أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّالانِيُّ, عَنْ أَبِي الْعَلاءِ الأَوْدِيِّ, عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: "إِذَا اجْتَمَعَ الدَّاعِيَانِ فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا, فَإِنَّ أَقْرَبَهُمَا بَابًا أَقْرَبُهُمَا جِوَارًا, فَإِذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَأَجِبِ الَّذِي سَبَقَ" (أبو داود, رقم: 3756) . وَأَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ, أَخْبَرَنَا يُونُسُ بن حبيبي, أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ, أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ, عَنْ أَبِي عِمْرَانَ, عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لي جارين, فإلى أيهما؟ قَالَ: "إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا " (البخاري, رقم: 2259) .

أنبأنا الرافقي, أخبرنا أحمد بن الحسن بن المقرئ, قال: سمعت بنانا الطفيلي يقول:

حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِي الجلاب, قَالَ: سمع بنان رجلا يَقُول: إن الدجال فِي سنة قحط مَعَهُ جرادق أصبهاني, وملح ذراني, وأنجذان سرخسي؛ فَقَالَ: هَذَا عافاك اللَّه رجل يستحق أَن يستمع لَهُ ويطاع. أنبأنا الرافقي, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ المقرئ, قَالَ: سمعت بنانًا الطفيلي يَقُول: دعاني صديق لي وعنده قوم من التجار, فاشتيهيت عَلَيْهِ عصيدة, فجاءني بدوشاب خام سيلان لن تصبه النار, ودقيق من هَذَا المحور, قَدْ نخل بمنخلين دقيق وجليل, فتراه كَأَنَّهُ سحالة, الذهب فِي البوتقة, وسمن عربي بصري, وطنجير واسع مجلي, وساعد قوي, وعلامة الإنضاج من الدقيق أَن يَقُول: (تف تف) , وعلامة الإنضاج من السمن أَن يَقُول: (بق بق) , ثُمَّ أتيت بجون قحفي مقشور, وطرح فيها وحرك واختلط, ثم أتيت بطيفوية رحراحة, فأقليت وصيرت فِي وسطها قبرا فِيهَا سمن, فقعد معنا عليها قوم مجان لَمْ يعرفوني إلا بَعْد, فأخذ بَعْضهم لقمة, فألقاها فِي السمن, وَقَالَ: (فَكُبْكِبُوا فيها والغاون) (26 سورة الشعراء الآية: 94) . وجر إِلَيْهِ السمن, وَقَالَ الآخر: إذا لقوا فِيهَا (سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا) (25 سورة الفرقان الآية:12) . وجر إِلَيْهِ السمن, فَذَهَبَ, قُلْت: (وبئر معطلة وقصر مشيد) (22 سورة الحج الآية:45) . وخرقت السمن إلي, فقال الآخر: (أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ

أهلها لقد جئت شيا إمرا) (18 سورة الكهف الآية:71) . وجر السمن, فَقُلْتُ: (أَنَّا نَسُوقُ الماء إلى الأرض الجرز) (32 سورة السجدة الآية:27) . وخرقت السمن إلي, فَقَالَ آخر: (فيهما عينان نضاختان 66) (55 سورة الرحمن الآية:66) وجر السمن إِلَيْهِ, فَقُلْتُ أنا: (فيها عينان تجريان) (55 سورة الرحمن الآية:50) وخرقت السمن إلي, فَقَالَ آخر: (فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قدر) (54 سورة القمر الآية:12) وجر السمن إِلَيْهِ, فَقُلْتُ أنا: (فقسناه إلى بلد ميت) (35 سورة فاطرالآية:9) , وخرقت السمن إلي, فلم أر أحدًا يتكلم, فَقُلْتُ أنا: (وَقِيلَ يا أرض ابلعي ماءك وبسماء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ واستوت على الجودي وقيل بعد للقوم الظالمين) (11 سورة هود الآية: 44) . وخلطت السمن بِمَا بقي من العصيدة, فضحكوا, واختنق واحد مِنْهُم, فما زالوا يلطمون حَتَّى نزلت اللقمة, والحمد لِلَّهِ على سلامته كثيرا. أبنأنا الرافقي, أَخْبَرَنَا ابْن السري, أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن المقرئ, قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ حسين بْن جَعْفَر الكوفي, حَدَّثَنِي بنان الطفيلي, قَالَ: عمل مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر وليمة. قَالَ: فجئت, فدخلت مَعَ من دَخَلَ, فقصدنا إِلَى مائدة أجل مائدة, عَلَيْهَا بنو هاشم, قَالَ: فدعا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بشر بْن هَارُون كاتبه, فَقَالَ لَهُ: ويلك! من صاحب الكمة- يَعْنِي: قلنسوة طويلة سوداء- عَلَى رأسه كانت وطيلسان أخضر لَيْسَ أعرفه؟ قال: فقال: ياسيدي! هَذَا رجل يقال لَهُ: بنان, يشهد هذه الولائم, دعي أَوْ لَمْ يدع. فَقَالَ مُحَمَّد بْن عبد الله بن طاهر: يابشر! إِذَا تغدى جئني بِهِ. فلما جاء بِهِ قَالَ: إيش أَنْتَ؟ - يَعْنِي: مَا أَنْتَ؟ - قَالَ: أطال اللَّه بقاء الأمير! أنا

رجل أشهد هذه الولائم دعيت أَوْ لَمْ أدع؛ فَقَالَ: سلني حاجتك. قَالَ: يا سيدي! حاجتي تكتب لي منشورًا لا يدخل عَلِي أحد فِي هذه الصناعة- أَوْ قَالَ: العمل- إلا ويدي عَلَيْهِ مطلقة؛ قَالَ: فكتب لَهُ منشورًا بِمَا يحب, وأمر لَهُ بمئة دِينَار. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن الْحَسَن: فأنا قرأت المنشور عنده بخط بشر النَّصْرَانِي.

نسخة عهد في التطفيل

نسخة عهد فِي التطفيل حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو القاسم عَلِي بْن المحسن بْن عَلِي التنوخي, قَالَ: كَانَ فِي نقباء الأمير بختيار المعروف بعز الدولة, رجل يسمى عليكا, وَكَانَ كثير التطفيل عَلَى جَمِيع أهل العسكر من الحجاب والقواد والكتاب ووجوه الخاصة والغلمان, وشاع ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ بختيار, فرسم لَهُ أَن يستخلف عَلَى التطفيل خليفة, وتقدم إِلَى أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن هلال الصابي الكاتب أَن يكتب بِذَلِكَ عهدًا لابن عرس الموصلي عَن عليكا, وأن يجعله خليفة عَلَى التطفيل, فكتب لَهُ عَلَى طريق الهزل عهدًا قرأه أَبُو إِسْحَاق عَلَيْنَا, فكان نسخته: "هَذَا مَا عهد عَلِي بْن أَحْمَد المعروف بعليكا إِلَى عَلِي بْن عرس الموصلي حِينَ استخلفه عَلَى إحياء سنته, واستنابه فِي حفظ رسومه من التطفيل عَلَى أهل مدينة السَّلام, وَمَا يتحصل بِهَا من أكنافها, ويجري معها من سوادها وأطرافها؛ لما توسمه فِيهِ من قلة الحياء, وشدة اللقاء؛ وكثرة اللقم, وجودة الهضم, ورآه أهلا لَهُ من شدة مكانه فِي هذه الرفاهية المهملة الَّتِي فطن لَهَا, والرفاعية المطرحة الَّتِي اهتدى إِلَيْهَا؛ والنعم العائدة عَلَى لابسها بملاذ الطعوم, ومناعم الجسوم؛ متوردًا عَلَى من اتسعت مواد ماله, وتفرعت شعب حاله؛ وأقدره اللَّه عَلَى غرائب المأكولات, وأظفره ببدائع الطيبات؛ آخذًا من كُل ذَلِكَ بنصيب الشريك المناصف, وضاربًا فِيهِ بسهم الخليط المفاوض,

ومستعملا للمدخل اللطيف عَلَيْهِ, والمتولج العجيب إِلَيْهِ؛ والأسباب الَّتِي ستشرح فِي مواضعها من هَذَا الكتاب, وتستوفى الدلالة عَلَى مَا فِيهَا من رشاد صواب. وبالله التوفيق, وعليه التعويل, وَهُوَ حسبنا ونعم الوكيل. آمره بتقوى اللَّه الَّتِي هِيَ الجانب الْعَزِيز, والحرز الحريز؛ والركن المنيع, والطود الرفيع؛ والعصمة الكالئة, والجنة الواقية؛ والزاد النَافِع يَوْم المعاد, حين لا ينفع إلا مثله من الأزواد؛ وأن يستشعر خيفته فِي سره وجهره, ومراقبته فِي قَوْله وفعله؛ ويجعل رضاه مطلبه, وثوابه ملبسه؛ والقرب منه أربه, والزلفى لديه غرضه؛ ولا يخالفه فِي مسعاه قدم, ولا يتعرض عنده لعاقبة وندم. وآمره أَن يتأمل اسم التطفيل ومعناه, ويعرف مغزاه ومنحاه؛ ويتصفحه تصفح الباحث عَن حظه بمجهوده, غَيْر القائل فِيهِ بتسليمه وتقليده؛ فَإِن كثيرًا من النَّاس قَدِ استقبحه مِمَّن فعله, وكرهه لمن استعمله, ونسبه فِيهِ إِلَى الشره والنهم؛ فمنهم من غلط في استلالاله, فأساء فِي مقاله؛ وَمِنْهُم من شح عَلَى ماله, فدافع عَنْهُ باحتياله؛ وكلا الفريقين مذموم لا يتعريان من لباس فاضح؛ وَمِنْهُم الطائفة الَّتِي لا ترى شركة العنان فَهِيَ تبذله إِذَا كَانَ لَهَا, وتتدلى عَلَيْهِ إِذَا كَانَ لغيرها؛ وترى أَن المنة فِي المطعم للهاجم الآكل, وَفِي المشرب للوارد والواغل؛ وَهِيَ أحق بالحرية, وأخلق بالخيرية؛ وأحرى بالمروة, وأولى بالفتوة؛ وَقَدْ عرفت بالتطفيل, ولا عار فِيهِ عِنْدَ ذوي التحصيل؛ لأنه مشتق من الطَّفْل؛ وَهُوَ وقت المساء, وأوان العشاء, فلما كثر

استعمل فِي صدر النهار وعجزه وأوله وآخره, كَمَا قيل للشمس والقمر: القمران, وأحدهما القمر؛ ولأبي بَكْر وعمر: العمران, وأحدهما عُمَر. وآمره أَن يتعهد موائد الكبراء والعظماء بقراياه , وسمط الأمراء والوزراء بسراياه؛ فَإِنَّهُ يظفر منها بالغنيمة الباردة, ويصل عَلَيْهَا إِلَى الغريبة النادرة؛ وإذا استقراها وجد فِيهَا من طرائف الألوان, الملذة للسان؛ وبدائع الطعوم, السائغة فِي الحلقوم؛ مَا لا يجد عِنْدَ غيرهم, ولا يناله إلا لديهم. وآمره أَن يتتبع مَا يعرض لموسري التجار, ومجهزي الأَمْصَار؛ من وكيرة الدار, والعرس والإعذار؛ فإنهم يوسعون على أنفسهم عَلَى أنفسهم فِي النوائب, بحسب تضييقهم عَلَيْهَا فِي الراتب. وآمره أَن يصادق قهارمة الدور ومديريها, ويرافق وكلاء المططابخ وحماليها؛ فإنهم يملكون من أَصْحَابهم أزمة مطاعمهم ومشاربهم, ويضعونها بحيث يحبون من أهل موداتها ومعارفهم؛ وإذا عدت هذه الطائفة أحدا من الناس من خرنها, واتخذته أخًا من إخوانها؛ سَعْد بمرافقتها, وحظى بمصادقتها؛ ووصل إِلَى محابه من جهاتها, ومآربه فِي جنباتها. وآمره أَن يتعهد أسواق المتسوقين, ومواسم المتايعين؛ فإذا رأى

وظيفة وقد زَيْد فِيهَا, وأطعمة قَدِ احتشد مشتريها؛ اتبعها إِلَى المقصد بِهَا, وشيعها إِلَى المنازل الحاوية لَهَا؛ واستعلم ميقات الدعوة, ومن يحضرها من أهل اليسار والمروة؛ فَإِنَّهُ لا يخلو فيهم من عارف بن يراعي وقت مصيره إِلَيْهَا ليتبعه, ويكمن لَهُ ليصحبه ويدخل مَعَهُ؛ وإن خلا من ذَلِكَ اختلط بزمر الداخلين؛ فَمَا هُوَ إلا أَن يتجاوز عتب الأبواب, ويخرج من سلطان البوابين والحجاب؛ حَتَّى يحصل محصلًا قل مَا حصله أحد قبله, فانصرف عَنْهُ إلا ضلعًا من الطعام؛ نزيفًا من المدام. وآمره أَن ينصب الأرصاد عَلَى منازل المغنيات والمغنيين, ومواطن الأباليات والمخنثين؛ فَإِذَا أتاه خبر لمجمع يضمهم, أَوْ مأدبة تعمهم ضرب إِلَيْهَا أعقاب إبله, وأنضى حولها مطايًا خيله؛ وحمل عَلَيْهَا حملة الحوت الملتقم, والثعبان الملتهم؛ والليث الهاصر, والعقاب الكاسر. وآمره أَن يتجنب مجامع العوام المقلين, ومحامل الرعاع المعترين؛ وأن لا ينقل إِلَيْهَا قدمًا, ولا يفض لمأكلها فمًا؛ ولا يلقى فِي عتب دورها كيسانًا, ولا يعد الرجل منها إِنْسَانًا؛ فإنها عصابة تجتمع لَهَا ضيق النفوس والأحوال, وقلة الأحوال والأموال؛ وَفِي التطفيل عَلَيْهَا إجحاف بِهَا يؤثم وإزرار بمروءة المطفل؛ والتجنب لَهَا أجدى, والازورار عَنْهَا أرجى. وآمره أَن يحرر الخوان إِذَا وضع, والطعام إِذَا نقل؛ حَتَّى يعرف

بالحدث والتقريب, والبحث والتنقيب؛ عدد الألوان فِي الكثرة والقلة, وافتنانها فِي الطيب واللذة؛ فيقدر لنفسه أَن يشبع مَعَ آخرها, وينتهي عِنْدَ انتهائها؛ ولا يفوته النصيب من كثيرها وقليلها, ولا يخطئه الحظ من دقيقها وجليلها؛ ومتى أحس بقلة الطعام, وعجزه عَنِ الإقوام؛ أمعن فِي أوله إمعان الكيس فِي سعيه الرشيد فِي أمره, المالئ لبطنه من كُل حار وبارد, فَإِنَّهُ إِذَا فعل ذَلِكَ سلم من عواقب الأغمار؛ الَّذِينَ يكفون تظرفا, ويقلون تأدبًا؛ ويظنون أَن المادة تبلغهم إِلَى آخر أمرهم, وتنتهي بِهِمْ إِلَى غاية شبعهم؛ فلا يلبثون أَن يخجلوا خجلة الوامق, وينقلبوا بحسرة الخائب؛ أعاذنا اللَّه من مثل مقامهم, وعصمنا من شقاء جدودهم. وآمره أَن يروض نَفْسه, ويغالط حسه؛ ويضرب عَن كثير مِمَّا يلحقه صفحا, ويطوي دونه كشحًا؛ ويستحسن الصمم عَنِ الفحشاء, ويغمض عَن اللفظة الخشناء؛ وإن أتته اللكزة فِي حلقه, صبر عَلَيْهَا فِي الوصول إلي حقه؛ وإن وقعت بِهِ الصفعة فِي رأسه, أغضى عَنْهَا لمراتع أضراسه؛ إِن لقيه لاق بالجفاء, قابله باللطف والصفاء؛ إِذَا كَانَ إِذَا ولج الأبواب, وخالط الأسباب؛ وجلس مَعَ الحضور, وامتزج بالجمهور؛ فلابد أَن يلقاه المنكر لأمره, ويمر بِهِ المستغرب لوجهه؛ فَإِن كَانَ حرا حييا أمسك وتذمم, وإن كَانَ فظا غليظا همهم وتكلم؛ وأن يجتنب عِنْدَ ذَلِكَ المخاشنة, ويستعمل مَعَ المخاطب لَهُ الملاينة؛ ليرد غيظه, ويفل حده, ويكف غربه؛ ثُمَّ إِذَا طال المدى تكررت الألحاظ عَلَيْهِ فعرف, وأنست النفوس بِهِ فألف؛ ونال من الحال المجتمع عَلَيْهَا, منال من جشم وسئل العناء إِلَيْهَا؛ ولقد بلغنا أَن رجلا من هذه العصابة, كَانَ ذا فَهُمْ ودراية, وعقل وحصافة؛ طَفْل عَلَى وليمة لرجل ذيحال عظيمة, فمرقته فِيهَا من الْقَوْم العيون, وتصرفت بِهِمْ فِيهِ الظنون؛ فَقَالَ لَهُ قائل مِنْهُم: من تكون أعزك اللَّه؟ فَقَالَ: أنا

أول من دعي إِلَى هَذَا الحق, قيل: وكيف ذلاك ونحن لا نعرفك؟ فَقَالَ: إِذَا رأيت صاحب الدار عرفني وعرفته بنفسي؛ فجيء بِهِ, فلما رآه بدأه بالسلام, بأن قَالَ لَهُ: هل قُلْت أيدك اللَّه لطباخك أَن يصنع طعامك زائدا عَلَى عدد الحاضرين, ومقدار حاجة المدعوين؟ فَقَالَ: نَعَم! قَالَ: فإنما تلك الزيادة لي ولأمثالي, وبها تستظهر لمن جرى مجراي؛ وَهِيَ رزق أزله اللَّه عَلَى يدك, وسببه من جهتك؛ فَقَالَ: مرحبا بك, وأهلا وقربا, والله لا جلست إلا مَعَ علية النَّاس, ووجوه الجلساء والأناس؛ إذ قَدْ ظرفت فِي قولك, وتفننت فِي فعلك. فليكن ذَلِكَ الرجل لنا إماما نفتدي بِهِ, وحاديا نحدو عَلَى مثاله إِن شاء اللَّه. وآمره أَن يكثر من تعاهد الجوارشنات المنقذة للسدة, المقوية للمعدة؛ المشهية للطعام, المسهلة لسبيل الانهضام؛ فإنها عماد أمره وقوامه, وبها انتظامه والتئامه؛ لأنها تعين عَلَى عمل الدعوتين, وتنهض فِي اليوم الواحد بالأكلتين؛ وهو من تناولها كالكاتب الَّذِي يقط أقلامه, والجندي الذي يصقل حسمه؛ والصانع الَّذِي يحدد آلاته, والماهر الَّذِي يصلح أدواته. هَذَا عهد عَلِي بْن أَحْمَد المعروف بعليكا, وحجته عليك؛ لَمْ يألك فِي ذلك إرشادا وتوقيفا, وتهذيبا وتثقيفًا؛ ونعتا وتبصيرا, وحثا وتذكيرًا؛ فكن بأوامره مؤتمرًا, وبزواجره مزدجرًا؛ ولرسومه متبعًا, وبحفظها مطلعًا؛ إِن شاء اللَّه, والسلام عليك ورحمة عليك ورحمة الله وبركاته".

السماعات المثبتة في آخر النسخة

السماعات المثبتة في آخر النسخة سمع جميع هذا الجزء وهو كتاب "التطفيل" على الشيخ أبي طاهر بركات بن إبراهيم القرشي الخشوعي, بحق سماعه من أبي المعالي الحسين بن حمزة؛ صاحبه الشيخ الفقيه أبو الفضل ابن عسكر بن محمد بن اللحية, وأبو منصور ابن أحمد بن محمد بن محفوظ, وصلت السماع بذلك إلى المعمر بن إسماعيل التبريزي, وذلك في شهور سنة تسع وثمانين وخمس مئة بدمشق حرسها الله تعالى. وجدت على نسخة الأصل, وهي أصل لهذه بعد أن قابلتها على هذه وقالت هذه عليها: سمع "كتاب الطفيليين "من الشيخ الأجل أبي بكر ابن عَلِي بْن ثابت الخطيب البغدادي رضي الله عنه بقراءته على الجماعة المثبوتين بدمشق في بستان عين الدولة بظاهر دمشق, منهم: الشريف الأجل جلال الدولة أبو الحسن علي بن عبيد الله الهاشمي, والشيخ أبو الفضل المسلم بن الحسن بن هلال المعدل, والشيخ أبو الحسن جمال القراء علي بن طاووس البغدادي, وأبو علي الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فضل الكرماني, وولده محمد, وابنته فاطمة. وصح ذلك في شهور سنة اثنين وخمسين وأربع مئة. وكاتب السماع في الأصل أبو الحسن ابن طاووس, ونقل هذه الطبقة أفقر عبيد الله وأحوجهم إليه علي بن محمد بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بن المسلم بن الحسن بن

هلال بْن الْحَسَن بْن عبيد اللَّه بن محمد الشافعي الدمشقي عفا الله عنه, وغفر له ولوالديه ولمشايخه ولكافة المسلمين, آمين؛ في الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة إحدى وستين وست مئة. ووجدت بخط عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف يقول: تناول ابني محمد بن عبد الخالق جميع كتاب "التطفيل" هذا للخطيب من الشيخ أبي الحسين محمد بن أحمد بن عبد الجبار بن توبة, وهو سماعه من الخطيب المصنف, وقال له: بإذني ارويه عني عن الخطيب؛ وذلك في العشرين من المحرم سنة خمس وثلاثين وخمسة مئة. نقله في شهر جمادى الأولى أواخره علي بن محمد بن هلال من شهور سنة إحدى وست مئة, وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. ووجدت طبقة سماع عليه أيضا يقول فيها: سمع جميع كتاب "التطفيل "على الشيخ أبي القاسم ابن ابي طاهر بن البووري, بحق إجازته من الخطيب, بقراءة عبد الخالق بن عبد القادر بن محمد بن يوسف, فسمعه ولده أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الخالق في مجالس, آخرها: يوم السبت مستهل جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وخمس مئة, نقل ذلك في جمادى الأولى السادس والعشرين من سنة إحدى وست مئة. قال: علي بن محمد بن هلال.

§1/1