التصاريف لتفسير القرآن مما اشتبهت أسمائه وتصرفت معانيه

يحيى بن سلام

مقدمة التحقيق

مقدمة التحقيق تقديم يندرج تحقيق هذا الكتاب في نطاق خطة عملية تهدف إلى الكشف عن إسهام إفريقية التونسية في خدمة القرآن وعلومه. فقد وقفت الباحثة الفاضلة هند شلبي جهدها في السنوات الأخيرة على البحث في هذا الإسهام، مفيدة من ثقافتها العميقة وتخصصها المتين في أصول الدين الذي تخرجت فيه من الكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين. وبالرغم من أنه قد أنجزت لحد الآن دراسات تاريخية وحضارية تناولت الحياة الأدبية واللغوية في إفريقية، كما استهدفت التاريخ والسياسة والاجتماع على مدى يشمل أغلب أدوار إفريقية التاريخية فإننا لا نجد أية دراسة جادة اهتمت بالقرآن وعلومه في إفريقية خاصة في القرون الإسلامية الأولى، وهذا ما جعل عمل المحققة رائدا، فهو سيفتق للباحثين سبل البحث في القرآن وعلومه بإفريقية، وذلك بحكم طرحه لقضايا أصلية ما كان من اليسير الوقوف عليها أو تجليتها لو لم يكن للباحثة هذا الصبر البين على مثافنة النصوص، وتلك القدرة الفائقة على النقد والتحليل، وذلك التمرس البادي على الاستقراء والاستدلال. إن صورة إفريقية من خلال كتاب التصاريف ليحيى بن سلام المغربي تبدو جلية، يتآلف فيها تعلق التونسيين بالقرآن، واستهداؤهم به، وإلحافهم في مقاومة البدع والأهواء. وهذا الكتاب هو أحد الكتب الستة في الوجوه والنظائر التى ظهرت في القرن الثاني، وقد جلت جميعها اللفظ القرآني في تلاحق معانيه وسمو إعجازه، وكان أسبقها إلى الظهور كتاب التصاريف وكتاب مقاتل بن سليمان، بالإضافة إلى هذه القيمة اللغوية المتميزة فإنها ساعدت على تقريب علم التفسير بما أتاحته من الوقوف على مقاصد ألفاظ القرآن وطرائق بيانه وتنوع دلالته فأحكمت أفهام المختصين وأزاحت حيرة

المريدين، وغدت أداة طيعة في أيدي من لم تسعفه سليقته اللغوية بالوقوف على أسرار اللغة العربية، إما لقصور في ثقافته الدينية أو لجهله بالعربية وأساليبها بحكم انتسابه إلى غير العرب. ومنذ ذلك الوقت تتالت التآليف في هذا الموضوع حسبما فصلته المحققة في المقدمة، وتلاحق الاهتمام باللفظ القرآني من حيث كونه غريبا، أو متشابها، أو مبهما، وتبعا لذلك تعددت التفاسير وزكت علوم القرآن، واختلفت مناهج المفسرين وفقا لاختلاف المذاهب الفقهية والعقدية. ولقد أبدعت المحققة في تعريفها للوجوه والنظائر بالانطلاق من تعريف الزركشي وما أثاره من ردود فعل مختلفة، وفي وضع اطار لترجمة ابن سلام تناول أهم القضايا المتعلقة به، كما أنها حددت طبيعة العلاقة بين هذا الكتاب لابن سلام وبين تفسيره من جهة، وبينهما وبين مذهبه وثقافة مجتمعه من جهة ثانية، فكشفت عن تضلع في اعتمادها الاستقراء والاستدلال والمقارنة، وهو اعتماد لا غنى عنه للباحث في ثقافة الإسلام. إن كتاب التصاريف بتحقيقه ليدل على إبداع تونسي مزدوج، فهو إبداع مبكر من ابن سلام في خدمة القرآن وتقريبه من القراء والدارسين، وهو إبداع للمرأة التونسية يذكرنا بما كان لعدد من التونسيات في عهود مختلفة من شغف بالقرآن وانصراف إليه وعناية بكتابته واقتنائه وتحبيسه. وفي هذا النطاق يندرج إعداد المحققة لأطروحة للحصول على درجة دكتوراه الحلقة الثالثة من الكلية الزيتونية موضوعها: "القرآن وعلومه في تونس حتى منتصف القرن الخامس الهجري"، وهي قد أشرفت على الانتهاء منه، وبلا جدال فإن هذا الموضوع سيفتح آفاقاً للبحث تجلي إسهام تونس المبكر وتحض الباحثين على التعمق في دراسة موضوعات محددة تثري البحث وتنير السبيل التي عرفتها المباحث القرآنية في تلك الفترة. نرجو الله أن يوفقنا إلى ما فيه الخير والسداد وأن يكلأنا برعايته وعونه، إنه هو السميع المجيب

تصدير

تصدير نضع بين يدي القارئ الكريم كتاب "التصاريف"، وهو في الوجوه والنظائر القرآنية. والكتاب - حسب ما ورد في المخطوط - ليحيى بن محمد بن يحيى بن سلام البصري (ت 180/893) وقد رأينا نشر هذا المخطوط رغم ما به من نقص لأسباب: - انتماؤه إلى التراث الثقافي بإفريقية الإسلامية التونسية. 2- التعريف بالكتاب، لما لاحظناه من سكوت الناس عنه قديما وحديثا. 3- إننا نملك منه نسخة نادرة، لا نعلم لها ثانية في المكتبات التي وقفناعلى فهارسها. وقد لاحظنا تلاشي عدد كبير من أوراقها. فكانت المبادرة إلى نشرها، ضمانا لحفظ ما تبقى منها. وكتاب "التصاريف"، وإن لم يكن الأول في موضوعه ومادته، إذ قد ظهر قبله كتاب مقاتل بن سليمان (ت 150/767) ، فإنه فرصة لنا نغتنمها للحديث عن فن الوجوه والنظائر بشيء من التفصيل. ذلك أن ما اطلعنا عليه، مما نشر من كتب الوجوه والنظائر لم يحفل فيه المحققون بتفصيل القول في هذا الفن واكتفوا بتسجيل عبارة، كتب علوم القرآن في التعريف به، وهي كما سنرى موجزة لا تبرز موضوعه بوضوح، ولا تذكر منزلة هذا العلم بين بقية العلوم القرآنية الأخرى. وقد أبقينا التأليف على هيأته التي وصل بها إلينا، فهو مقسم إلى فقرات وكل فقرة اشتملت على شرح لفظة من الألفاظ القرآنية. وعمدنا إلى ترقيم هذه الفقرات ليتم الرجوع إليها بسهولة، وعند الإحالة نرجع إلى تلك الأرقام.

وقد سجل الناسخ في الجزءين الثاني والرابع، في الهوامش الجانبية، الكلمة التي سوف يقع البحث فيها مع المعنى الذي ذكرت به. وهو بهذا لا يضيف شيئاً إلى ما كتب داخل الفقرات. لذلك رأينا الاستغناء عن إيراد ذلك. ثم إننا عمدنا في الهوامش إلى الإشارة إلى أرقام الآيات في المصحف، كما أشرنا إلى السورة كلما وجدنا ابن سلام قد أغفل ذكرها. وأشرنا في الهوامش إلى الإضافات التي أدخلت على النص. وقد حرصنا على كتابة الآيات على الرسم التوقيفي الموجود بالمصحف المطبوع برواية حفص. وما وجدناه في النص مخالفا لهذه الرواية أشرنا إليه في الهامش مع ذكر صاحب تلك الرواية الأخرى. وعرفنا في الهوامش أيضاً بالأشخاص الذين ذكرهم ابن سلام عند نسبة الأقوال إلى قائليها. أما النقص الموجود في النسخة بسبب تلف أجزاء بعض الأوراق، فقد حاولنا إكماله بالوقوف على كتب الوجوه والنظائر الموجودة بين يدينا خاصة منها كتاب مقاتل بين سليمان، للشبه الكبير الموجود بينه وبين كتاب التصاريف. وقد جعلنا ما نقلناه من تلك الكتب بين معقفين هكذا [] . كما جعلنا للكتاب فهارس، لعلها تسهل البحث على الناظر في هذا الكتاب. أما ترقيم المخطوط، فما اعتبرنا فيه ما ورد في النسخة الخطية، لأن الأرقام التي نلاحظها عليها ليست من وضع الناسخ، إنما هي وضع المرحوم الأستاذ البهلي النيال، وقد وضعها لغاية عملية، ولم يراع فيها تجزئة الكتاب مراعاة صحيحة. لذلك فضلنا وضع الأرقام متسلسلة من رقم: 1 إلى آخر ورقة في المخطوط. وقبل الختام أود أن أذكر بتشجيعات أستاذي الجليل، الدكتور علي الشابي الذي تفضل بالإشراف على هذا التحقيق. وقد أنار لي السبل لإنجاز هذا العمل، بتوجيهاته القيمة فله جزيل الشكر. كما أود أن أشكر كل من قدم لي مساعدة في هذا العمل وأخص بالذكر الأستاذ عز الدين قلوز، مدير دار الكتب الوطنية بتونس، وأسرة قسم المخطوطات بها وكذلك الأستاذ سعد غراب، فقد مكنوني من الاطلاع على قطع كتاب التصاريف، وغيرها من المخطوطات الموجودة بمكتبة القيروان الأثرية مما يتعلق بالبحث، قبل أن تتم فهرسة تلك المكتبة.

كما أقدم شكري إلى الأستاذ محمد العياري الذي أعارني صورا لمخطوطات تتعلق بهذا البحث. أسأل الله التوفيق أولا وآخرا

علم الوجوه والنظائر القرآنية

علم الوجوه والنظائر القرآنية موضوع الكتاب - عنوان المخطوط ورد عنوان المخطوط بطريقتين مختلفتين: ففي الورقة الأولى من الجزء الأول ورد العنوان على هذا النحو: "الأول من التصاريف" كما ورد في الجزء الرابع على نفس الصورة: "الرابع من التصاريف" ثم جاء العنوان في ظهر الورقة الأولى من الجزء الأول على النحو التالي: "الأول من تفسير القرآن مما اشتبهت أسماؤه وتصرفت معانيه" وبالجمع بين الصورتين للعنوان نتبين موضوع الكتاب. فهو يتعلق بتفسير القرآن. وليس هو تفسيرا بأتم معنى الكلمة لأنه يتقيد بجانب معين من جوانب التفسير وهو: دراسة ألفاظ تكرر ورودها في القرآن، مع ذكر معانيها المختلفة التي جاءت بها في الآيات. يعني إيراد الوجوه التي يصرف إليها اللفظ الواحد في القرآن. فموضوع الكتاب إذن، علم من علوم القرآن عرف في الكتب التي تحدثت عن تلك العلوم بعلم الوجوه والنظائر أو النظائر

أو الألفاظ المشتركة. ومما يلفت الانتباه بالنسبة لعنوان الكتاب، أن ابن سلام انفرد على ما نعلم، بهذه الطريقة في التسمية، فجميع ما وقفنا عليه من عناوين كتب الوجوه والنظائر، سلك فيه منهج متقارب في التسمية، ذكر فيه لفظ الوجوه أو الأشباه ولفظ النظائر سوى هذا التأليف الذي اختلف عنها بأن حدد موضوع كتابه في العنوان بأكثر دقة. ولا يبتعد كتاب التصاريف عن المؤلفات الأخرى في استعمال المصطلحين الدالين على هذا العلم إذ أن المؤلف استعملهما داخل النص، فهو يردف كل كلمة يروم بيانها بعدد الوجوه التي جاءت بها في القرآن ويصدر كل معنى بلفظة الوجه، مشفوعة بالرقم المناسب لها على التسلسل. كما يستعمل عبارة: ونظيرها، للدلالة على كون اللفظ ورد بنفس المعنى في آية أخرى. غير أنه إن لم نجد من بين كتب الوجوه والنظائر ما يشبه عنوانه عنوان كتاب ابن سلام. فإن مادة "صرف" قد وردت في تلك الكتب سواء منها المؤلفة في الفن نفسه أو المتحدثة عنه. ولعل ابن سلام ذاته قد أوردها فيما لم نقف عليه من بقية كتابه. وبالرجوع إلى متون اللغة، نجد بأن المعاني التي أعطيت إلى هذه المادة ومشتقاتها يتضمن جميعها مفهوم الحركة والانتقال.

فالصرف هو رد الشيء عن وجهه، يعني إبعاده عما يكون عليه عادة، وتصريف الأمور هو الانتقال بها من حالة إلى أخرى والابتعاد بها عن الاستقرار. وتصريف الآيات، يعني تبيينها. نستخلص من هذا أن الذي يدل عليه العنوان: 1- معنى البيان يعني الخروج باللفظ من الغموض إلى الوضوح والانتقال به من حالة إلى أخرى. 2- تقليب اللفظ والانتقال به من معنى إلى آخر. نضيف إلى هذا العلاقة الموجودة بين مفهوم التصريف اللاحق بأصل الكلمة في الاشتقاق، والتصريف اللاحق بالمعنى الذي يتغير بتغير الاشتقاق. ففي تفسير "إظهار" مثلا، ورد اللفظ في صورته الفعلية المجردة: "ظهر" والمزيدة "تظهرون" وفي مصادر متعددة "الظهور"، "الإظهار"، "التظاهر"، وفي صورتين اسميتين، "ظاهر"، "ظهري"، ولكل مشتق من هذه المشتقات معناه الخاص. وهذا خلاف ما ذهب إليه صاحب كشف الظنون في تعريفه للوجوه والنظائر. وقد عقد الزركشي فصلا في كتابه سماه: "معرفة التصريف". عرفه بقوله: "وهو ما يلحق الكلمة ببنيتها ... . وفائدة التصريف حصول المعاني المختلفة المتشعبة عن معنى واحد". ولمزيد من التعريف نعود إلى عبارتي الوجوه والنظائر فتتبع معانيها في كتب اللغة وكتب علوم القرآن بالإضافة إلى الكتب التي عمدت إلى التعريف بالعلوم عموما، مثل كتاب كشف الظنون، وكتاب كشاف اصطلاحات الفنون.

الوجوه والنظائر في كتب علوم القرآن وما تابعها من التآليف

الوجوه والنظائر في كتب علوم القرآن وما تابعها من التآليف يقول الزركشي في كتابه البرهان، في الباب الذي عنونه بقوله: "في جمع الوجوه والنظائر ما يلي: "فالوجوه، اللفظ المشترك الذي يستعمل في عدة معان كلفظ الأمة، والنظائر كالألفاظ المتواطئة. وقيل النظائر في اللفظ والوجوه في المعاني، وضعف لأنه لو أريد هذا لكان الجمع في الألفاظ المشتركة. وهم يذكرون في تلك الكتب اللفظ الذي معناه واحد في مواضع كثيرة فيجعلون الوجوه نوعا لأقسام، والنظائر نوعا آخر، كالأمثال". لقد فضلنا إيراد مقالة الزركشي كاملة لسببين: 1- اعتماد المؤلفين في علوم القرآن، وكذلك من عرَّفوا بالعلوم عامة على تلك المقالة، عند تعريفهم للوجوه والنظائر. 2- شيء من الغموض فيها أحوجها إلى مزيد من التحليل. وقد ذكرت عبارة الزركشي في الإتقان وفي مفتاح السعادة وفي كشاف اصطلاحات الفنون. أما كشف الظنون فإنه قد شذ عن الجماعة، إذ عرف الوجوه والنظائر بما ضعفه الزركشي ومن أتى بعده. أورد الزركشي تعريفين اعتمد أولهما وضعّف الثاني. التعريف الأول للوجوه والنظائر عند الزركشي: إن ما ذكره الزركشي في التعريف الأول للوجوه والنظائر، يلتحق بالتعريف اللغوي للكلمتين، إذ نتبين في الوجوه معنى التعدد، وفي النظائر معنى التشابه والاتفاق. ولعل ترجمة عبارة الزركشي في الوجوه، تصبح أقرب للأذهان لو قلنا الوجوه هي

المعاني المختلفة التي تكون للفظ الواحد في سياقات متعددة فيسمى اللفظ من أجل ذلك مشتركا. يعني تتشارك فيه معان متعددة. وقد ذكر السيوطي هذه المسألة في كتابيه الإتقان، ومعترك الأقران، فسمى بحثه مرة في معرفة الوجوه والنظائر. وجعله في الكتاب الثاني متعلقا بالألفاظ المشتركة في القرآن. والملاحظ أن الزركشي قد استعمل في تعريف الوجوه والنظائر مصطلحين تابعين لعلم المنطق وهما: اللفظ المشترك، والألفاظ المتواطئة. فالألفاظ المشتركة في كتب المنطق هي "الألفاظ المتحدة الدالة بالوضع المتساوي على مسميات مختلفة بالحقيقة، كلفظ العين الدال على عين الماء، والذهب والعضو الباصر". فالوجوه إذن هي اللفظ المشترك باعتبار أن اللفظ الواحد تتعدد استعمالاته في القرآن دون أن تكون هنالك علاقة واضحة (في الظاهر) بين المعاني المختلفة التي استعمل فيها. وقد مثل الزركشي للوجوه بكلمة "الأمة" التي أوردها ابن سلام في الجزء الأول من كتاب التصاريف وجعل لها تسعة وجوه أو معاني هي: عصبة، ملة، سنين، قوم، إمام، الأمم الخالية، أمة محمد خاصة، أمة محمد الكفار منهم خاصة، خلق. أما النظائر فقد أوجز الزركشي في تعريفها إذ قال: "والنظائر كالألفاظ المتواطئة". وأضاف في موضع آخر: "فيجعلون (يعني الذين ألفوا في الوجوه والنظائر) الوجوه نوعا لأقسام، والنظائر نوعاً آخر كالأمثال". وذكرنا منذ قليل أن عبارة "الألفاظ المتواطئة" هي بدورها من مصطلحات علم المنطق. وتدل هذه العبارة على "الألفاظ المتحدة الدالة على مسميات مختلفة الحقيقة باعتبار

معنى مشترك بينها كدلالة الحيوان على أنواعه: الإنسان، والفرس والطائر. فالتواطؤ في اللفظ هو عبارة عن اتفاق مسميات مختلفة على الاشتراك في اللفظ وفي معنى معين كالحيوانية في المثال السابق بالنسبة للانسان، والفرس والطائر. وقد جعل الزركشي النظائر بمثابة الألفاظ المتواطئة. يعني ذلك أن اللفظ الواحد، إن تكرر وروده في مواضع متعددة من القرآن على معنى واحد، هو القسط المشترك بينها، تحصلنا على نظائر. فلفظ "الأمة"، عندما يرد في آيات متعددة (وهي ما يناسب المسميات في التعريف المنطقي) بمعنى عصبة (وهو ما يناسب المعنى المشترك بين المسميات) نسمي تلك الآيات نظائر، لاشتراكها جميعا في معنى واحد يجمع بينها. وكذلك عندما يرد لفظ الأمّة بمعنى "ملة" أو "سنين" الخ ... ويؤيد هذا الذي انتهينا إليه، سقالة طاش كبرى زادة في النظائر. وهو يتفق مثل ما رأينا في تعريف الوجوه والنظائر مع الزركشي. يقول طاش كبرى زادة: "ومثال النظائر: كل ما فيه من البروج، فهو الكواكب. إلا {وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} فهي القصور الطوال الحصينة. والمقصود من المثال إنما هو الجزء الأول منه، يعني "كل ما فيه من البروج فهو الكواكب" حيث نتبين التعريف اللغوي والتعريف المنطقي للفظة "نظائر". فكلما وردت كلمة بروج في القرآن (خلا ذلك الموضع الذي أشار إليه المثال) ، فإنها تعني الكواكب. معنى ذلك أن كل الآيات التي ورد فيها لفظ البروج بذلك المعنى، تعتبر نظائر لاتفاقها في المعنى المراد. فالعبرة إذن هنا بالاشتراك المعنوي إلى جانب الاشتراك اللفظي. وهكذا فإن الفرق واضح بين الوجوه والنظائر في هذا التعريف. فبينا تدل الوجوه على التعدد في المسميات للفظ الواحد مع الفصل بينهما، تدل النظائر على التعدد في المسميات أيضا، ولكن مع الجمع بينها عن طريق معنى معين تشترك فيه. فتكون النظائر بذلك أمثالاً، يعني أشباها، يلتقي جميعها في معنى واحد. ويمكن

تقسيم هذا التعريف الأول للوجوه والنظائر في رسم بياني. (الرسم رقم: 1) الشكل الأول حيث أن ثلاث مجموعات من النظائر: مجموعة أولى تشمل الآيات المتضمنة لكلمة "أمة" بمعنى عصبة. فلفظة "أمة" في الآية الثانية من المجموعة الأولى نظيرة لفظة "أمة" في الآية الأولى من نفس تلك المجموعة لاتحادهما لفظا ومعنى. لفظة "أمة" في الآية الثالثة من هذه المجموعة، نظيرة للفظة "أمة" في الآية الثانية من نفس المجموعة، وهكذا في بقية آيات المجموعة، وقل نفس الشيء في المجموعتين الثانية والثالثة. ففي كل مجموعة، ورد لفظ "أمة" على معنى واحد، في مواضع كثيرة من القرآن. ورد اللفظ في المجموعة الأولى في خمس نظائر وفي المجموعة الثانية في ثماني نظائر، وفي الثالثة في نظيرين. وكما نطلق لفظ "نظير" على كلمة "أمة" في هذا المثال، نطلقه أيضا على الآية التي ورد فيها لفظ "أمة". يقول طاش كبرى زادة: "ومثال النظائر: كل ما فيه من البروج والكواكب. يعني كل الآيات التي ورد فيها البروج فهي تعني الكواكب. فهي إذن نظائر. ويعبر ابن سلام أحيانا عن النظائر بقوله "والتي في سورة كذا ... " كما جاء في الوجه الثاني من كلمة "لباس" حيث قال: "والتي في عم يتساءلون {وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً} [الاية: 10] يعني بـ "التي" الآية. التعريف الثاني للوجوه والنظائر عند الزركشي = تعريف حاجي خليفة: أورد الزركشي تعريفا ثانيا للوجوه والنظائر، وذكر بأنه قد ضعف. لكنه لم يبين مَنْ ضعفه، ولم نقف بدورنا على من ذهب ذلك المذهب. إنما رأينا حاجي خليفة لا غير في تعريف الوجوه والنظائر سوى هذا التعريف. يقول حاجي خليفة في حديثه عن علم الوجوه والنظائر: "ومعناه أن تكون كلمة واحدة، ذكرت في مواضع من القرآن على لفظ واحد، وحركة واحدة، أريد بها في كل مكان معنى غير الآخر. فلفظ كل كلمة ذكرت في موضع نظير لـ الكلمة المذكورة في الموضع الآخر، هو النظائر، وتفسير كل كلمة بمعنى غير معنى الأخرى، هو الوجوه. فإذا النظائر اسم الألفاظ، والوجوه اسم المعاني". إن هذا التعريف مع التعريف السابق في معنى الوجوه. فهي المعاني المختلفة التي تصرف إليها اللفظة في القرآن. مثل تصرف لفظة "أمة" إلى: عصبة، ملة، سنين الخ ... .

لكنهما يفترقان افتراقا كليا في تعريف النظائر. وقد وقفنا قبل حين على التعريف اللغوي للنظائر فرأيناها تدل على التساوي في التشابه. لكن المقصود بها في هذا التعريف عكس ذلك تماما. فهي تعني هنا الانتقال باللفظ المشترك (يعني أمة في مثالنا) من معنى إلى آخر. يعني ذلك أن اللفظ المشترك الوارد بمعنى معين في مجموعة من الآيات يعتبر نظيرا لنفسه عندما يرد في مجموعة ثانية يكون فيها بمعنى ثان. ويمكن أن نستعمل الرسم السابق لنجسم الفرق الحاصل بين التعريفين: (انظر الرسم رقم: 2) . الشكل الثاني فالمقصود بالنظائر في هذا التعريف اللفظ الواحد، وبالتالي الآية التي ذكر فيها اللفظ، عندما يرد في سياقات مختلفة بمعان مختلفة. فيكون بذلك عدد النظائر في هذا التعريف على عدد الوجوه، مهما كان عدد الآيات المندرجة تحت كل معنى من معاني اللفظ المشترك. ولا يمكن الفصل بين الوجوه والنظائر في هذا التعريف، لأن النظائر تمثل التعبير اللفظي عن الوجوه. فلفظة: "وجوه"، وبالتالي عبارة: "لفظ مشترك"، يتضمنان مفهوم النظائر ضرورة لأن اختلاف المعاني لا بد أن يبرز في اللفظ، وذلك ما تحققه النظائر. وهذا هو المطعن الذي وجهه الزركشي إلى هذا التعريف. فهو يقول: "وقيل النظائر في اللفظ، والوجوه في المعاني. وضعف لأنه لو أريد هذا لكان الجمع (يعني الجميع: الوجوه والنظائر) في الألفاظ المشتركة". وهذا غير ممكن حسب الزركشي الذي توجه إلى واقع كتب الوجوه والنظائر، فوجدها تميز بين المصطلحين، ولم تجعل بينهما علاقة عضوية، من شأنها أن يتم عن طريقها معنى أحدها بالأخرى. فليست النظائر عند الزركشي سوى أمثال، يعني آيات متشابهة يتكرر فيها معنى معين من معاني اللفظ المشترك. فهي لا تضيف إلى مفهوم "الوجوه" أي شيء يذكر، بينما هي عند حاجي خليفة ضرورية لأنها تجسيم لفظي، يعبر عن الوجه المراد. فالفرق بين الزركشي وبين حاجي خليفة في تعريف النظائر يتمثل في أن الأول قد سلك في تعريفها سبيل المناطقة، مراعيا الاتفاق المعنوي بين الألفاظ، إلى جانب الاتفاق اللفظي، بينما عمد حاجي خليفة إلى اعتبار التشابه اللفظي فحسب. أي التعريفين أقرب إلى واقع كتب الوجوه والنظائر؟ يظهر أن التعريف الأول أقرب إلى واقع كتب الوجوه والنظائر من التعريف الثاني. ذلك أن المؤلفين في الوجوه والنظائر القرآنية يذكرون لفظة: "نظير" عند سرد الآيات

أسباب ظهور كتب الوجوه والنظائر القرآنية

التي يعددونها في سياق التمثيل لوجه واحد من الوجوه التي تكون للفظ المشترك، بحيث يكون لكل وجه نظائره التابعة له، ولا يمكن لوجهين أن يشتركا في النظائر، فيميزون بذلك بين الوجوه والنظائر. أضف إلى ذلك أن الاستعمالات الأخرى للفظة نظير، غالبا ما تركز على المعنى. وقبل أن ننهي الحديث عن تعريف الوجوه والنظائر، نذكر بأنه ليس من الضروري أن تكون الكلمة المشتركة - خلافا لما ذهب إليه حاجي خليفة - على لفظ واحد، وحركة واحدة، لأن الذي نلاحظه في كتب الوجوه والنظائر، استعمال اللفظة ومشتقاتها على السواء. أسباب ظهور كتب الوجوه والنظائر القرآنية لم نعثرعند من وقفنا عليهم ممن ألفوا في الوجوه والنظائر على ذكر واضح للأسباب التي دفعتهم للتأليف في هذا الفن. كما لم يبين المؤرخون لعلوم القرآن تلك الأسباب مثلما فعلوا عند حديثهم عن كتب الغريب. ولعل العودة إلى مادة كتب الوجوه والنظائر تقربنا أكثر من الإجابة عن سبب التأليف فيها. ونود أن تقف قبل ذلك على سبب عام يمكن تقديمه لوضع هذا الفن في إطاره. ذلك أنه قد ظهر في عصر مبكر، إذ أن أقدم أثر فيه وصل إلينا يرجع إلى القرن الثاني للهجرة. ولا يخفى أن هذا القرن يمتاز بنشاط الحركة العلمية، وتنافس المدن فيها. نخص بالذكر ذلك التنافس الذي ظهر بين الكوفة والبصرة حيث أقام مقاتل بن سليمان ويحيى ابن سلام. وبحكم الاستقرار السياسي نسبيا، بظهور الدولة العباسية، وبحكم كثرة الاختلاط الناتج عن دخول كثير من الأعاجم في الإسلام، ظهر في هذا القرن اهتمام شديد باللغة، قصد به إلى الحفاظ على القرآن خاصة من التحريف، وبدأ التأليف يظهر في عدة ميادين: في الحديث، والتفسير، واللغة. وظهرت التآليف أجزاء مفرقة، تختص بمسألة ضيقة، يجمع فيها أصحابها ما بلغهم عنها من معلومات، ترتكز على

الرواية خاصة. وهكذا ظهرت رسائل في اللغة، تتعلق بموضوع معين، ككتاب الخيل، وكتاب النخل، وكتاب المطر وغيرها. وظهرت رسائل تتعلق بعلوم قرآنية، في لغات القرآن، والناسخ والمنسوخ والتفسير وغيرها. فمن الطبيعي أن تظهر في هذا الإطار الثقافي كتب الوجوه والنظائر القرآنية التي تجمع بين الفهم اللغوي والتفسير القرآني، كما سنبين ذلك. ونعود إلى مادة كتب الوجوه والنظائر نستجليها عن أسباب ظهور التأليف فيها. إن الذي نستنتجه، بعد وقوفنا على تعريف مصطلحات هذا العلم، أن الباحث يجد في كتب الوجوه والنظائر: 1) شرحا لألفاظ قرآنية روعي فيه السياق القرآني. 2) جمعا لآيات اتفقت في اشتمالها على لفظ معين، يدل في كل مجموعة منها على معنى واحد من المعاني التي يتصرف إليها في النص القرآني. فربما كانت هاتان المسألتان هما الحافزتان على التأليف في الوجوه والنظائر. وكلتاهما هدف قرآني، ما دام المؤلف يعمد في الأول إلى شرح اللفظ ببيان معناها المقصود في الآية فيتمكن بذلك المطلع على كتب الوجوه والنظائر من الإلمام بالمعاني القرآنية. ولا تخفى العلاقة الموجودة بين هذا وبين اللغة. فالمعاني التي تعطى عادة للألفاظ في كتب الوجوه، نجدها غالبا في كتب اللغة. يقول الهروي في كتابه الغريبين: "فإن اللغة العربية إنما يحتاج إليها لمعرفة غريبي القرآن وأحاديث الرسول عليه السلام، والصحابة والتابعين. أما الهدف الثاني فهو شرح للقرآن بالقرآن، بتجميع الآيات المتحدة في المعنى في مكان واحد.

ولعله قصد بهذه الكتب إلى غاية عملية كانت سائدة في الكتب الدينية وغيرها، وأقصد بذلك تسهيل عملية الحفظ على الطلاب. وقد وقفت في مقدمة تفسير ابن جزي، على فصل عقده لذكر "الكلمات التي يكثر دورها في القرآن، أو تقع في موضعين فأكثر من الأسماء، والأفعال والحروف". فعلل أسباب جمعه لتلك الكلمات، وجعل من بينها حرصه على أن يلم المطلع على كتابه بتفسيرها، وأن يكون حفظه لها مجموعة أسهل عليه. كذلك ورد في مقدمة كتاب النيسابوري في الوجوه والنظائر قوله: "ورتبته على حروف التهجي ليسهل على الباحث طلبها (يعني الأبواب) وعلى التحفظ (هكذا) حفظها". وربما اعتبرنا ما أورده ابن جزي أيضاً سببا آخر للتأليف في هذا الفن. فقد اعتبر أنه من بين البواعث على الخلاف بين المفسرين، "اشتراك اللفظ بين معنيين فأكثر". فيكون ضبط معاني اللفظ القرآني الواحد، في مواضعه المختلفة داعيا إلى الحد من ذلك الخلاف. هذه الأسباب عموما، هي التي نجدها أصلا للتأليف في بقية العلوم القرآنية. والمتعلقة باللفظ القرآني خاصة، مثل كتب الغريب، وكتب المتشابه، وكتب مبهمات القرآن وغيرها. والهدف منها جميعا مزيد الاهتمام بالنص القرآني ضبطا، وحفظا. وقد ذكرت المصادر حديثا يروونه عن أبي الدرداء فيه حث على تعليم وجوه القرآن وهذ نصه: "لا يكون الرجل فقيها كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة". واتفقت المصادر على أن الذي أورد هذا الحديث مقاتل بن سليمان في كتابه في نظائر القرآن. وهذا الحديث لم نقف عليه في كتب الصحاح. إنما أورده ابن سعد في طبقاته

وكأنه اعتبره كلاما لأبي الدرداء لا حديثا نبويا شريفا يرويه، إذ يقول: ... عن أبي قلابة أن أبا الدرداء كان يقول: "إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى القرآن وجوها". وهذا الحديث لا يبتعد في اتجاهه عن الحديث الآخر الذي يحث على تعلم معاني الألفاظ القرآنية والإلمام بمعرفة غريبها. وقد روي عن أبي هريرة وغير ولفظه: "اعربوا القرآن والتمسوا غريبه". والقريب من الذهن أن هذا الحديث ومثله مما وضع قصد الحث على الاهتمام بهذه المادة، ومما نعلمه من أسباب الوضع في الحديث الترغيب والترهيب. ونضيف إلى هذا، أن الذي أورد الحديث مقاتل بن سليمان وهو كذاب. غير أن السيوطي بدا عليه الاهتمام بهذا الحديث. وقد نقل في تفسيره له تأويلين اثنين: التأويل الأول: يرجع إلى المعنى اللغوي للفظة وجوه. يعني أن يرى الباحث للفظ الواحد معاني متعددة في مواضع من القرآن. التأويل الثاني: يلتحق بالتفسير الإشاري، حيث إن المقصود بالوجوه فيه "استعمال الإشارات الباطنة، وعدم الاقتصار على التفسير الظاهر". ولعل تأليف الحكيم الترمذي يلتحق بهذا المفهوم للوجوه والنظائر، وكذلك ما نلمسه في تفاسير الشيعة عند اعتبارهم أن للقرآن ظاهرا وباطنا. ثم إن السيوطي عاد إلى التأويل الأول، ليبين انعكاس احتمال اللفظ القرآني لوجوه متعددة على نفسية الناظر في القرآن. فإذا الوجوه تصبح كالحاجز المانع للباحث عن الخوض في التفسير. وهذه الفكرة ترتبط ارتباطا وثيقا بموقف المانعين عن الخوض في التفسير. "فقلت لأيوب (وهو من رجال السند عن أبي الدرداء

كتب الوجوه والنظائر القرآنية

عند ابن عساكر) أرأيت قوله: "حتى ترى القرآن وجوها" أهو أن ترى له وجوها فتهاب الإقدام عليه؟ "قال: نعم، هو هذا". وقد تجاوز انعكاس خاصية احتمال اللفظ القرآني لوجوه متعددة ميدان العلوم إلى الميدان العقدي، بل قل والسياسي كذلك. فذكر السيوطي أن ابن سعد أخرج عن ابن عباس أن علي بن أبي طالب أرسله إلى الخوارج فقال: "اذهب إليهم فخاصمهم ولا تحاجّهم بالقرآن فإنه ذو وجوه، ولكن خاصمهم بالسنة". غير أنه قد رأينا قبل حين بأن هذا ليس سببا كافيا للإمساك عن الخوض في التفسير، ويكفي المفسر أن يطلع على مختلف الوجوه للفظ القرآني لكي يعصم نفسه من الوقوع في الخطأ. بهذا يمكن اعتبار علم الوجوه والنظائر من العلوم الأداة التي لا يحق لمفسر الاستغناء عنها. كتب الوجوه والنظائر القرآنية يمكن أن نعتبر التأليف في الوجوه والنظائر من أسبق ما ظهر في ميدان علوم القرآن. فقد ورد في كشف الظنون نقلا عن ابن الجوزي، أنه قد نسب في هذا العلم كتاب إلى عكرمة (ت105/723) مولى ابن عباس، وآخر إلى علي بن أبي طلحة (ت143/760) عن ابن عباس أيضا. ويتفق هذا القول مع ما ذكره الإمام أبو عبد الرحمن إسماعيل بن أحمد الضرير النيسابوري الحيري في مقدمة كتابه: وجوه القرآن حيث قال: "ذكرت في هذا الكتاب وجوه القرآن. والسابق بهذا التصنيف، عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ثم مقاتل ثم الكلبي".

لكن بقية المصادر تنطلق في ذكر كتب الوجوه والنظائر من كتاب مقاتل بن سليمان (ت150/767) الذي توجد منه نسخة بمكتبة جامعة الدول العربية تحت رقم: [عمومية بايزيد 561. 286ق. صغير الحجم] وقد تم نشره على يد د. عبد الله محمود شحاتة. وقد وضع المحقق مقدمة بين يدي الكتاب ضمنها دراسة حول مقاتل بن سليمان، في حياته وتهمته بالتشبيه والكذب، ونشاطه العلمي في الحديث، والتفسير، وعلوم القرآن. لكنه لم يتناول علم الوجوه والنظائر إلا بما ورد عند الزركشي. ووضع المحقق هوامش، تعين القارئ على مزيد الإفادة من الكتاب، وذلك بالإشارة إلى أرقام الآيات الواردة في النص، وبتصويب ما جاء فيه من أخطاء. وأغفل إلقاء بعض الأضواء على تأليف مقاتل بالرجوع إلى محتواه وقيمته وعلاقته بغيره من كتب هذا الفن. واشتمل كتاب مقاتل على تفسير خمس وثمانين ومائة كلمة، لم يُراع فيها ترتيب معين. وأبقيت على ترتيبها الذي ذكرت عليه في الأصل. وقد اتفق كتاب مقاتل في ترتيب عدد كبير من كلماته مع كتاب التصاريف، واختلف في عدد آخر. أما كيفية تقديم الوجوه والنظائر فهي واحدة بين الكتابين. وإن اشترك كتاب التصاريف مع كتاب مقاتل في حوالي سبع وسبعين كلمة فقد تفرد بقرابة أربعين كلمة لم ترد عند مقاتل. كما اختلف الكتابان في عدد وجوه بعض الكلمات، فتفوقت الوجوه في كتاب التصاريف في أحد عشر موضعا، وتفوقت في كتاب مقاتل في ثلاثة مواضع. ونود لفت الانتباه إلى الشبه الكبير الموجود بين الكتابين، بالنسبة للكلمات المشتركة بينهما. وقد يصبح هذا التشابه في مواضع عديدة تطابقا بين الكتابين. فكأن المسألة عملية نسخ من كتاب إلى آخر. ويبدو التطابق في عدد الوجوه المذكورة للكلمة، وفي طريقة تتاليها وفي الآيات النظائر المذكورة في كل وجه، بل وحتى في تسلسل عدد كبير من الكلمات المفسرة. ولم أوفق إلى معرفة سر هذا التطابق معرفة قطعية. ذلك أن مقاتل بن سليمان لم يرد ذكره في كتاب التصاريف، مثلما ورد عند الدامغاني.

وإن قلنا بإمكانية نقل ابن سلام عنه دون الإشارة إليه، يعترضنا الاختلاف الذي لاحظناه بين الكتابين، فيجعل التصاريف غير كتاب الأشباه والنظائر لمقاتل. وهنا نشير إلى ما سنذكره بعد حين حول الشبه الموجود بين التصاريف وبين تفسير يحيى الجد. ولعل ما سنذهب إليه من ترجيح نسبه "التصاريف" إلى الجد يتأكد بهذا الشبه الموجود بين "التصاريف" وبين كتاب مقاتل. ذلك أن مقاتل بي سليمان قد دخل البصرة وتوفي بها سنة (150/767) وقد نشأ ابن سلام (124 - 200/741 - 815) بالبصرة وأخذ عن عدد كبير من شيوخها. فلعله جلس إلى من جلس إليهم مقاتل فاشترك معه في السماع، ولعله جلس إلى مقاتل نفسه وأخذ عنه. غير أنه لم يرد ذكر مقاتل فيما وقفنا عليه من تفسير ابن سلام (وهو أغلب التفسير) ، كما لم تذكر له كتب التراجم تلمذة عليه، رغم اشتهار مقاتل الواسع في ميدان التفسير. ولا ينبغي أن نذهب إلى أن ابن سلام قد أمسك عن الرواية عن مقاتل، لما اشتهر به من الكذب والآراء الكلامية المرفوضة فسوف نرى ابن سلام الجد يروي عن أمثاله كالسدي والكلبي وغيرهما. إذن كل ما نستطيع تقديمه حول التشابه الموجود بين الكتابين هو إمكانية اشتراك ابن السلام ومقاتل في الأخذ عن شيخ واحد في موضوع كتاب "التصاريف". وربما ذكرنا كذلك بان موضوع الكتاب ذاته يدعو إلى هذا التشابه فهو يتناول علما من علوم التفسير، والتفسير في تلك الفترة يرتكز أساسا على الرواية والنقل فلا يسمح فيه بإعمال الرأي. ومن هنا اتحدت وجوه الكلمات في الكتابين الا في القليل. وبتتبع المصادر التي تحدثت عن علوم القرآن، وكذلك بمراجعة فهارس المكتبات، عثرنا على عدد من المؤلفين في الوجوه والنظائر. وتوزعت هذه التآليف بين القرنين 2/8 و 10/15. فلا يكاد يخلو قرن بين هذين القرنين من كتب في هذا الفن. وقد لاحظنا أن أكثر القرون حظا بالنسبة لكتب الوجوه والنظائر هو القرن الثاني، فقد أحصينا فيه ستة مؤلفين هم:

1- عكرمة مولى بن عباس (ت105/723) . 2- علي بن أبي طلحة (ت143/760) . 3- مقاتل بن سليمان (ت150/767) . 4- العباس بن الفضل الأنصاري الموصلي المقرئ (ت186/802) . 5- عبد الله بن هارون الحجازي. 6- علي بن وافد الذي كان يعيش في عهد الخليفة الرشيد (ت193/808) . ثم تتابعت التآليف على هذا النحو. 7- أبو العباس المبرد (ت285/898) واسم كتابه: ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد. وهو كتاب من الحجم الصغير، قليل الصفحات. وقد ذكر ابن النديم كتابا للمبرد بعنوان: "ما اتفقت ألفاظه ومعانيه في القرآن". ولسنا ندري إن كان هذا الكتاب يلتحق بالكتاب الأول لشبه ملحوظ بينهما، إذ أن في كل وجه من وجوه اللفظ المذكورة في كتب الوجوه والنظائر يذكر نفس اللفظ بنفس المعنى. 8- الحكيم الترمذي وقد اختلف في تاريخ وفاته بين (285/898) وبين (315/927) . واسم كتابه تحصيل نظائر القرآن. منه نسخة بجامعة الدول العربية تحت رقم: [البلدية 3585/2ح. 35ق] .

وقد نحا فيه منحى التصوف. وحلل P. Nwyia هذا التأليف في كتابه: Exegese: xoranique et langage mystique. 9- محمد النّقاش (ت351/962) وهو محمد بن الحسين بن محمد بن زياد بن هارون الموصلي الأصل البغدادي. ذكر ابن الجوزي أنه قد ألف في الوجوه والنظائر وأشار كحالة إلى أن له تأليف في غريب القرآن. 10- أبو الحسين أحمد بن فارس القزويني اللغوي (ت395/1004) واسم كتابه الأفراد. ذكر السيوطي نبذة منه في الإتقان. ولا يخفى أن ابن فارس ممن ألف في اللغة ومن كتبه: المجمل، ومقاييس اللغة، وكتاب فقه اللغة. 11- الثعالبي. ولعله أبو منصور عبد الملك (ت429-1037) صاحب الاقتباس من القرآن الكريم. وقد أشار إلى كتابه: الأشباه والنظائر فهرس جامعة الدول العربية، تحت رقم: [ولي الدين 52. 51ق] . 12- إسماعيل الحيري النيسابوري الضرير (ت430/1039) له وجوه القرآن. منه نسخة بجامعة الدول العربية، تحت رقم: [جامعة كمبريدج 1282 OR. 156ق] والكتاب لا زال مخطوطا. ونعتبر هذا التأليف هاما لأنه بالرجوع إلى ما وقفنا عليه من كتب الوجوه والنظائر، أول ما طلع علينا في هذا الفن بميزتين جديدتين هما: تضخم عدد الكلمات المشروحة فيه من ناحية، ومراعاة الترتيب الأبجدي في إيرادها من ناحية أخرى. وقد حدد المؤلف في المقدمة عدد الأبواب التي أوردها. فهو يقول: "والسابق بهذا التصنيف عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ثم مقاتل ثم الكلبي. ومصنفاتهم لا تزيد على مائتين وأربعة عشر بابا. وما جمعنا في هذا الكتاب خمسمائة وأربعين (هكذا) بابا". وقد قسم التأليف إلى كتب وأبواب، تمثل الكتب فيه الأحرف التي تفتتح بها الكلمات المدروسة، مثال ذلك: كتاب الألف، كتاب الباء الخ ... .

أما الأبواب فإنها عبارة عن الكلمات المشروحة في الكتاب مثال ذلك: باب الاتقاء باب الإيمان، باب الآخرة، وجميعها ورد في كتاب الألف. وذكر المؤلف عمله هذا في المقدمة حيث قال: "ورتبته على حروف التهجي ليسهل على الباحث طلبها (يعني الأبواب) ". وينبغي أن نشير إلى أن المؤلف لم يراع الاشتقاق في توزيع الكلمات على الكتب. إنما اعتبر الحرف الأول الذي افتتحت به سواء كان ذلك الحرف أصليا أم زائدا. فقد ذكر في كتاب الألف الاتقاء، والإقامة، والإنفاق إلى جانب الإيمان والآخرة. وذكر في كتاب التاء التسبيح، والتزكية، والتصريف إلى جانب التلاوة والتابوت. كما أنه لم يمراع الترتيب الأبجدي في ترتيب داخل الباب الواحد. فقد أورد في كتاب الجيم باب جعل، يليه باب الجنة، يليه باب الزاء، وبعده باب الجدال الخ ... . فالكتاب إذن في حاجة إلى إعادة التنظيم. وسلك المؤلف في شرح الكلمات وذكر وجوهها مسلك غيره من المؤلفين في هذا الفن، ولم يتميز عليهم سوى بوفرة الكلمات المشروحة، وكذلك أحيانا بتفوق عدد الوجوه للكلمات المشروحة. فكلمة: "الطعام" وردت عنه مقاتل وابن سلام على أربعة وجوه، وعند النيسابوري على اثني عشر وجها. وكلمة: "الكفر" أورد لها مقاتل وابن سلام أربعة وجوه بينما جعل لها النيسابوري تسعة وجوه. ولا يمنع هذا من أن نجد عدد وجوه بعض الكلمات عند النيسابوري دون ما أورده لها غيره من المؤلفين. فقد جعل الدامغاني لكلمة: "يقين" أربعة وجوه ولم يجعل لها النيسابوري سوى وجهين. وذكر الدامغاني لكلمة: "اليمين" تسعة وجوه، وجعل لها النيسابوري خمسة وجوه.

وقد عمد النيسابوري من حين لآخر إلى نسبة الأقوال إلى اصحابها فقد ذكر مثلا ابن عباس وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما ومجاهدا. ولم يقف عند هؤلاء بل إنه توسع في نطاق الرواية إلى ذكر أقوال الفقهاء مثل الشافعي واللغويين كذلك مثل الزجاج. غير أن هذا لم يتكرر كثيرا في الكتاب. 13- الحسن بن أحمد بن البناء البغدادي الحنبلي (أبو علي) (ت471/1079) . وقد نسب إليه ابن الجوزي تأليفا في الوجوه والنظائر. 14- الحسين الدامغاني (أبو عبد الله) (ت 478/1085) وكتابه في الوجوه والنظائر مطبوع. وقد ذكر بأنه وقف على كتاب مقاتل بن سليمان وغيره، فوجدهم قد أغفلوا أحرفا من القرآن لها وجوه كثيرة فكتب كتابه وضمنه ما وصفه السابقون وأضاف إلى ذلك ما أغفلوه. لكن الكتاب لم يصل إلينا في طبعته الحالية على صورته الأصلية. فقد عمد المحقق إلى إكماله وإصلاحه. لذلك أتى عنوانه على النحو التالي: "قاموس القرآن، أو إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم". وقد تمثل عمل المُحقق خاصة في ذكر السور التي منها الآيات المذكورة، لأن المؤلف قلما أتى بها، وكذلك في إعادة تبويب الكلمات على أحرف الهجاء، إذ يظهر أن الدامغاني رغم كونه قد تعهد بتبويب كتابه على حروف المعجم لم يوفق تمام التوفيق. فلم يعتبر الأحرف الأصلية للكلمة في التبويب، إنما اعتبر الحرف الأول منها سواء كان أصليا أو زائدا مثلما فعل النيسابوري فأرجع المحقق الكلمات إلى أصلها فأعاد بذلك ترتيب الكلمات. كما أنه عمد إلى حذف ما وقع في الكتاب من تكرار. وقد حلى المحقق الكتاب بحواشي علق بها على بعض التعاريف، أخذها من كتب الغريب أو التفسير. إن ما قام به المحقق عمل جليل، غير أنه يمكن مؤاخذته بعدم ذكر أشياء ذات بال

بالنسبة لهذا الكتاب، من ذلك عدم الإشارة في الحواشي إلى أرقام الآيات، وهو عمل ضروري في هذا الكتاب، كما يؤاخذ ببعض أخطاء وقع فيها، منها في تسمية السورة أو في الآية. ولم يجعل المحقق بي يدي الكتاب مقدمة ضافية حول المؤلف ولا حول كتاب، كما أنه لم يتعرض إلى علم الوجوه والنظائر بشيء من التفصيل. وتعوز التحقيق فهارس من شأنها أن تعين المطالع للكتاب على العثور على طلبته فيه. وكتاب الدامغاني ضخم في حجمه. فقد اشتمل على اثنتين وخمسمائة كلمة. فهو بذلك قريب من كتاب النيسابوري. وكما أن هذا لم يجدد في منهجه فكذلك الدامغاني الذي اكتفى بأن قفى على أثر سابقيه. 15- علي بن عبيد الله الزاغوني الحنبلي (أبو الحسن) (ت527/1132) . 16- عبد الرحمن بن الجوزي (ت597/1201) واسم كتابه: نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر. منه نسخة بجامعة الدول العربية تحت رقمي: [البلدية بالإسكندرية 3572 ج. 95ق] . [عمومية بايزيد 9499. 10ق] . وله كتاب ثان بعنوان: الوجوه والنظائر. ولعله نفس الكتاب الذي أشار إليه كشف الظنون تحت عنوان: الوجوه النواظر في الوجوه والنظائر، وقال المؤلف ذكر فيه وجوه الآيات المفسرة في مجلس الوعظ ونظائرها.

وقد جلب ابن الجوزي في كتابه المدهش في علوم القرآن والحديث واللغة أبوابا منتخبة من الوجوه والنظائر وهي ثلاثة وعشرون بابا. 17- مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز ابادي (ت817/1415) . وكتابه: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز. وذكر المؤلف في الجزء الأول من هذا الكتاب جملة من العلوم المتعلقة بالقرآن، ثم إنه خصص الأجزاء الثلاثة الباقية لذكر وجوه الكلمات الواردة في القرآن مرتبة على حروف الهجاء. والملاحظات التي أبديناها عند حديثنا عن كتابي النيسابوري والدامغاني تصدق على ما ورد في كتاب الفيروز ابادي. فهو قد رتب الكلمات على أحرف الهجاء، دون أن يراعي الاشتقاق. كما أنه توسع في إيراد الكلمات وربما فاق في ذلك النيسابوري ما دام أنه تعهد بإيراد "جميع كلمات القرآن". ولعل الجديد الذي اختص به الفيروز ابادي دون غيره أنه قدم بين يدي ذكر وجوه اللفظة القرآنية بحثا لغويا وصرفيا للكلمة المدروسة. وهذا مما يؤكد على العلاقة الموجودة بين كتب هذا الفن وكتب اللغة. غير أن المؤلف لم يلتزم هذه القاعدة في كل الكلمات. 18- محمد بن محمد بن علي البلبيسي ثم القاهري (شمس الدين، المعروف بابن العماد (ت887/1482) . واسم كتابه كشف السرائر في معنى الوجوه والأشباه والنظائر. منه نسخة بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم: 18324. ذكر ابن العماد في مقدمته، وهي مختصرة، أنه استخار الله في "تأليف كتاب أجْمَعُ فيه ما جاء من معانيه (يعني القرآن) العظيمة وما فيه من الوجوه والأشباه والنظائر ... . أجمعه من كتب التفاسير وغير ذلك. والكتاب قد احتوى على خمس ومائة كلمة وهو كامل ليس به نقص، والنسخة بخط مؤلفها، نسخت سنة 869هـ.

ولم يشذ ابن العماد في كتابه من حيث المنهج في سرد الوجوه والنظائر عن بقية المؤلفات الأخرى، وإن وجدنا فيه بعض التعليقات، يأتي بها بالمناسبة ليتحدث عن عصره. كما يذكر في تعليقاته بعض الأسماء كابن عباس، والحسن البصري، والشبلي، والطبري، والفضيل بن عياض. ويشير أحيانا إلى اختلافات وقعت بين العلماء في مسألة معينة. وهذا لم نقف عليه فيما اطلعنا عليه من كتب الوجوه والنظائر. والذي لفت الانتباه من حيث ترتيب الكلمات في كتاب ابن العماد، اتفاقه مع كتاب التصاريف، خاصة في الجزء الأول منه. كما اتفقا، إلا نادرا، في عدد الوجوه التي أورداها للكلمة الواحدة. 19- عبد الرحمان السيوطي (ت911/1505) . وقد أشار بنفسه إلى كتابه في معترك الأقران مرة، ومرة في الإتقان. ولم نعثر على هذا التأليف. غير أن السيوطي قد اشاد بذكره، معتبرا إياه كافيا في هذا الفن. وقد سمى السيوطي كتابه: معترك الأقران في مشترك القرآن وهو غير كتابه معترك الأقران في إعجاز القرآن. 20- أبو الحسين محمد بن عبد الصمد المصري. نسب إليه السيوطي مؤلفا في الوجوه والنظائر، وقال بأنه من المتأخرين. 21-22- ذكر ابن الجوزي أن ممن ألف في الوجوه والنظائر، أبو الفضل العباس بن الفضل الأنصاري، وأن مطروح بن محمد بن شاكر قد روى عن عبد الله بن هارون الحجازي، عن أبيه كتابا في الوجوه والنظائر. 23- ابن أبي المعافي. ذكره السيوطي في معترك الأقران، وذكر بأنه من المتأخرين. ذكرنا مجموع ما وقفنا عليه من كتب الوجوه والنَّظائر لغرضين: 1) لنبين كثرتها من جهة. 2) لنشير إلى خاصية فيها. إذ أنّ الذي استنتجناه مما طالعناه من كتب الوجوه والنظائر، أو من وصف بعضها، بقاؤها على حالتها الأولى التي ظهرت بها، خاصةً في مادتها ومنهجها الذي سارت عليه في تناول الكلمات وسرد الآيات المتعلقة بها.

فمطالعة كلمة "هدى" مثلا في كتاب مقاتل بن سليمان، وهو من المتقدمين، لا تختلف عمَّا جاء في أحدث ما وصلنا من كتب الوجوه والنظائر. فكأنما كتب الوجوه والنظائر، على مرّ القرون، كتاب واحد، تداولته أيدي النساخ، مع تغييرات قليلة، لا تغيّر من جوهر تلك الكتب. ونشير هنا إلى مقالة النيسابروي في مقدمته، فهي تعبر عن هذه الفكرة. يقول النيسابروي: "والسابق بهذا التصنيف عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ثم مقاتل ثم الكلبي. ومصنفاتهم لا تزيد على مائتين وأربعة عشر بابا. وجمعنا في هذا الكتاب خمسمائة وأربعين بابا. وليس بشيء منها يعزب عن أقاويلهم إمَّا ذكر في الوجوه وإمَّا ذكر في التَّفسير. ولست أبدع قولا". ولعل ما يمكن أن يذكر من تطوّر في هذه الكتب، تكاثر عدد كلماتها. فكتاب النيسابوري، ضخم إذا ما قورن بغيره. وكذلك ثم شيء من التصرف في كيفية تبويبها فبعد أن ذكرت الكلمات على الاتفاق في كتاب مقاتل وكتاب ابن سلام، حرص بعض المؤلفين على ترتيبها ترتيبا أبجديا. كما فعل النيسابوري والدامغاني. ولا يمكن أن نعتبر هذا تطوّرا في كتابة الوجوه والنَّظائر، بأتم معنى الكلمة، فإن الترتيب الأبجدي لم يظهر في آخر ما ألَّف منها. كما أنّ تكاثر الكلمات الوارد في بعضها، لم يكن في التآليف المتأخرة أيضا، ما دمنا قد وقفنا على تآليف متأخرة، لا تختلف في عدد كلماتها ولا في كيفية ترتيبها عن كتب الأوّلين. ونتساءل: هل توقّف التآليف في الوجوه والنظائر عند حدود القرن العاشر؟ إن المتأمل في بعض المعاجم القرآنية المعاصرة يتبين له، أنَّه من الضروريِّ اعتبارها مندرجة في فنّ الوجوه والنظائر. وأخصّ بالذكر من هذه المعاجم: معجم ألفاظ القرآن الكريم لمجمع اللغة العربية، وكذلك: معجم الألفاظ والأعلام القرآنية لمحمد اسماعيل إبراهيم. ما الذي يقدّمه معجم المجمع؟ لقد تعهد هذا المعجم باستعراض المعاني المختلفة الَّتي ترد عليها اللَّفظة الواحدة في القرآن، وذلك ما يطابق فيما رأيناه "الوجوه". كما تعهَّد باستعراض الآيات الواردة في كلّ معنى من معاني اللَّفظة. وتلك هي النظائر.

وقد رتَّب المعجم الكلمات ترتيبا أبجديا حسب الأصل، ثم فرّع عنه المشتقات. فهل أتى هذا المعجم بجديد في الميدان؟ لعلّ الَّذي توفَّر فيه خصوصا، ولم يتمّ في الكتب الَّتي مرَّت بنا أمران: 1) القصد إلى استيفاء الألفاظ القرآنية دون أي تخير. 2) القصد إلى استيفاء الآيات المتعلِّقة بكل معنى من المعاني القرآنية للَّفظ. فهو من هاتين النَّاحيتين يعتبر متمِّماً لكتب الوجوه والنظائر المذكورة إذ أنَّها لم تستوف الكلمات القرآنية، كما أنَّها لم تذكر كلّ الآيات المتعلِّقة بالمعنى الواحد، وتشير إلى وجود آيات أخرى في نفس المعنى بقولها: "ونحوه كثير" أو ما شابه ذلك. لكنّ هذا المعجم، من جهة ثانية لا يعتبر دقيقا دقَّة كتب الوجوه والنظائر في استخراج المعاني من اللَّفظ. كما يعطي المعجم لبعض الآيات معنى غير الَّذي أعطي لها في كتب الوجوه والنظائر. نذكر هذا لأن هذه الكتب أقرب إلى الصّحَّة ما دامت تتعلق بالتفسير بطريقة مباشرة، أي عن طريق الرواية التي هي الطريقة المتبعة في كتب الوجوه. هذا كله يجعلنا نعتبر المعجم غير مجدّد في الميدان، وذلك ما رآه الدكتور إبراهيم مدكور حين قال متحدثا عنه: "وقد جاء (يعني المعجم) حلاً وسطا يوفق بين الطرفين (القدامى والمحدثين) وإن كان إلى المحافظة أميل". أما المعجم الثاني فإنه لا يختلف كثيرا في منهجه وأهدافه عن معجم المجمع، وإنَّما يختلف عنه يسيرا في طريقة التَّقديم. فهو يعمد في أوّل حديثه عن مادة معينة إلى ذكر جميع وجوهها بالصيّغ الَّتي ذكرت بها في القرآن، ثم يستعرض إثر ذلك الآيات الَّتي ورد فيها اللَّفظ في مشتقَّاته المتنوّعة. لكنّ المؤلِّف لا يأتي بكلّ الآيات التي ضبط عددها تحت المادة مباشرة، رغم كونه قد وعد بذلك في مقدمته.

كتب الوجوه والنظائر وكتب غريب القرآن

كتب الوجوه والنظائر وكتب غريب القرآن إنّ أبرز مقارنة يمكن القيام بها هي التي تجمع بين كتب الوجوه والنظائر وكتب غريب القرآن. وبالرّجوع إلى كتب الغريب الَّتي نذكر من بينها كتاب الراغب الأصبهاني (ت 502/1108) : المفردات في غريب القرآن، وكتاب غريب القرآن لأبي بكر السجستاني (ت 316/929) وكذلك كتاب الغريبين للهروي (ت401/1011) ، وبمقارنتها بكتب الوجوه والنظائر، نلاحظ أن كتب الغريب تتضمَّن الكلمات الواردة في كتب الوجوه والنظائر، باستثناء عدد قليل لا يذكر، وتزيد عليها الكثير. ونذكر على سبيل المثال أن الأصبهاني قد أورد في حرف الألف كلّ الكلمات الواردة في الألف من كتاب الدامغاني ما عدا خمس كلمات، وزاد عليه في نفس الحرف ستّاً وأربعين كلمة. وهنا يتساءل الباحث ثانية عن سبب ظهور كتب الوجوه والنَّظائر ما دامت مادّتها متوفرة في كتب الغريب، وقد ظهرت هذه أيضا في زمن متقدم مثل كتب الوجوه والنَّظائر. يبدو أن المادة المشتركة بين كتب الغريب وكتب الوجوه هي تلك التي كثر ورودُها في القرآن، لا غير. ومن هنا عبثا نحاول البحث عن الأساس الَّذي وقع عليه إختيار الكلمات الواردة في كتب الوجوه والنَّظائر. فإن الباحث يجد فيها كلمات تنتمي إلى ميادين متعدّدة: العقيدة، الأخلاق، الفقه الخ ... ولعلّ الفرق الكبير بين كتب الغريب وكتب الوجوه، أنّ اهتمام الكتب الأولى باللّغة أكثر من أيّ شيء آخر، في حين تهتمّ كتب الوجوه باللّغة حسب السيّاق الَّذي وردت عليه في القرآن. اشعاع كتب الوجوه والنظائر على بعض الميادين العلمية الأخرى سبق أن قلْنا أنّ كتب الوجوه والنَّظائر القرآنيَّة ظهرتْ في زمن مُتقدم. ويبدو أنّ هذه الكتب قد لاقت في منهجها والفكرة الَّتي سارت عليها، استحسانا لدى العلماء. فقد تجاوز هذا الفنّ ميدان القرآن إلى غيره.

ولعل أول ميدان تابع العلوم القرآنية في ذلك هو ميدان اللغة، فقد ألف أبو عبيد القاسم بن سلام كتابا سماه: "كتاب الأجناس من كلام العرب وما اشتبه في اللفظ واختلف في المعنى" وقد استخرج هذا الكتاب من مؤلفه في غريب الحديث. وطريقته فيه أن يأتي بالكلمة ويستعرض معانيها على التوالي، كأن يقول: "الهادي من كل شيء: أوّله. والهادي: الدليل. والهادي: العصا". وهكذا يفعل بكل الكلمات التي أتي بها في كتابه ومجموعها تسع وأربعون ومائة كلمة. وطبيعي أن يكون الشبه بين هذا الكتاب وكتب الوجوه والنظائر القرآنية قويا. ذلك أن جميعها يهتم بمعاني اللفظ. ولعل الفرق بينهما أن الصنف الثاني منهما يتقيد بالمعاني القرآنية في حين أن الصنف الأول يجمع بينها وبين غيرها من المعاني التي يستعمل فيها اللفظ بصفة عامة. أما الميدان الثاني الذي تابع العلوم القرآنية في ميدان الوجوه والنظائر فهو ميدان الشعر. فقد ظهر كتاب الأشباه والنظائر للخالديّين: أبي بكر محمد (ت380/990) وأبي عثمان سعيد (ت390-391/1000) ابني هشام. وهما شاعران من الموصل. وقد جاء في مقدمة الكتاب، أن الغرض منه "إبراز" فضل السَّبق إلى المعاني الشعرِّية للمتقدمين والمخضرمين، وذلك بعقد المقارنة بينهم وبين المحدثين عن طريق التتَّبّع، وإيراد الأشباه والنَّظائر للمعاني المختلفة من كلام هؤلاء وهؤلاء". ونحن، وإن لم نكن بالضّبط هنا إزاء تآليف قد حذت كتب الوجوه والنظائر القرآنية، فإنّ الشَّبه بينهما كبير. فقد اهتمّ هذا الكتاب بالنظائر. ولم يهتمّ بالوجوه. وذلك راجع إلى طبيعة المادّة المبحوث فيها. فإن كتب الوجوه والنظائر القرآنية، تنطلق من اللَّفظة لتعدّد معانيها، ثم تعمد إلى ذكر النظائر الواردة منها في القرآن. ولعلّ شيئا من هذا المعنى يمكن العثور عليه في كتاب الأشباه والنظائر في الشعر، إن اعتبرنا الكيفيات المختلفة الَّتي وقع بها تناول معنى معيَّن عن طريق الحرف.

أمَّا الميدان الثَّالث الَّذي ظهرت فيه كتب النظائر فهو ميدان الفقه. وقد تأخر صدور المؤلفات فيه نسبيّاً. فقد اعتبر السيوطي بأن أوّل من فتح هذا الباب عزّ الدين بن عبد السلام (ت 660/1262) في قواعده الكبرى والصّغرى. وتتضمَّن هذه الكتب أبوابا تشكِّل مسائل، يدرج فيها الفقيه النظائر الَّتي يمكن إدخالها تحت ذلك الباب. وقد ألَّف في النَّظائر الفقهية كثيرون من الفقهاء من المذاهب المختلفة. أمَّا الميدان الرابع الَّذي اهتم بالتأليف في النظائر فهو ميدان النحو. وصلنا في ذلك كتاب: الأشباه والنَّظائر النَّحوية للسيّوطي (ت911/1505) . فذكر في مقدمته أنَّه لم يُسبق إلى التَّأليف في هذا الميدان الَّذي يشتمل على القواعد النَّحوية ذوات الأشباه والنظائر. وصرّح المؤلف بأنَّه قد تأسَّى في عمله هذا بعمل الفقهاء: "واعلم أنّ السَّبب الحامل لي على تأليف ذلك الكتاب الأوّل، أني قصدت أن أسلك بالعربية سبيل الفقه فيما صنعه المتأخرون وألّفوه من كتب الاشباه والنظائر.

كتاب التصاريف

كتاب التصاريف كتاب مجهول نستطيع أن نقول: إن كتاب التصاريف كتاب مجهول لم تذكره كتبُ التراجم عند حديثها عنِ ابن سلاّم، ولم يتعرّض إليه ابن خير في فهرسته رغم كونه قد أورد أسانيد دقيقة تتعلَّق بتفسير ابن سلام، ما لم نجد له أيّ ذكر في كتب علوم القرآن، ولم تشر إليه كتب الوجوه والنَّظائر الَّتي وقفنا عليها. فالمصدر الوحيد الَّذي أثبت وجود الكتاب هو الكتاب نفسه. فقد حمل عنوانه واضحا في الجزأين الأول والرّابع. والملاحظ أن ما نجده في الفهرست الَّتي وضعها المرحوم الشيخ البهلي النَّيَّال، عندما أشار إلى التَّصاريف، قد تمّ بالرّجوع إلى المخطوط نفسه. وقد أشار إلى الجزء الأول منه، بذكر عدد صفحاته وهي من 404 إلى 431 متعرِّضا باختصار إلى موضوعه قائلا: "والكتاب فيما اتَّفق لفظه واختلف معناه من كلام الله عز وجل". ونتساءل: لمَ لمْ يشتهر هذا التأليف؟ هنالك فيما يبدو ثلاثة عوامل تتسبَّب في عدم اشتهار تأليف معيَّن: 1) أن يكون المؤلف مغمورا. 2) أن يكون التأليف عديم الأهمية. 3) أن يضيع التأليف.

من ألف كتاب التصاريف

من ألف كتاب التصاريف يبدو للوهلة الأولى أن التَّساؤل عن مؤلف التصاريف في غير محلِّه، ذلك أن كلا الجزءين، الأوّل والرّابع، يحمل اسما نسب إليه الكتاب وهو: يحيى بن محمَّد بن يحيى بن سلاّم. وقد تمَّت إضافة التَّأليف إليه عن طريق اللام، هكذا: ليحي ابن محمد بن يحيى بن سلاّم. ومن المعلوم أن هذا الَّذي نسب إليه كتاب التصاريف هو حفيد يحيى بن سلاّم المفسّر. فلم التساؤل حول صحَّة نسبة الكتاب إلى ابن سلاَّم الحفيد إذن؟ إن الطَّريقة الَّتي وقعت بها نسبة الكتاب إلى ابن سلاّم الحفيد لا تُعتبر حاسمة حتَّى نسلِّم بكون المؤلف هو ابن سلاّم الحفيد. ذلك أنه قد وقفنا على مثل هذه الطَّريقة أو شبيهها في نسبة الكتب عند اطِّلاعنا على مخطوطات تفسير يحيى بن سلاّم الجدّ. وهذه الطريقة لا يقصد بها الإشارة إلى نسبة التأليف إلى صاحبه دائما، إنَّما تدل كذلك على رواية التَّأليف. فقد وردت في قطعة التفسير رقم: 180 القيروان، لتدل على نسبة الكتاب إلى مؤلفه: "كتاب تفسير ليحيى بن سلاّم". أو بنفس القطعة: "تفسير يحيى بن سلاّم". ووردت في القطعة رقم: 162 القيروان، لتدلّ على الرواية لا على التأليف: "بقية الكهف ... ليحيى بن محمد بن يحيى بن سلام التّيمي". كما وردت الطريقة الثانية لتدل على الرواية في القطعة رقم: 252 القيروان، "الجزء السادس عشر من تفسير القرآن ... . تفسير يحيى بن محمد بن يحيى بن السلام التيمي البصري". ونحن نعلم أن ابن سلاّم الحفيد لم يكتب تفسيرا، إنَّما روى تفسير جدّه عن أبيه محمد. وذلك ما نجده في آخر هذه القطعة حيث ورد: "تم الجزء السادس عشر من التفسير عن يحيى بن محمد بن يحيى بن السَّلام البصري التيمي". وتدل لفظة "عن"، كما هو معلوم، على النقل والإِسناد. أو كما ورد في قطعة رقم: 170.

القيروان، "الجزء السادس والثلاثين من (التفسير وهو لأبي العرب) حدثني به يحيى بن محمد بن يحيى بن السلاّم، عن أبيه، عن جده يحيى رحمه الله". كما ذكر ابن خير رواية الحفيد للتفسير فقال: "ورواه أيضا أبو عيسى عن أبي الحسن البجاني المذكور، عن يحيى بن محمد بن سلاّم، عن أبيه عن جدّه". ونحن لو عدنا إلى حياة ابن سلاّم الحفيد، لا نجد أنفسنا أمام شيخ مشهور شهرة جدّه. فأبو العرب لم يفرده بترجمة واكتفى بأن أدرجه في ترجمة جدّه رغم طول صحبته له. ولم يترجم له المالكي، ولا عياض. وقد اختصه الدبَّاغ في معالمه بترجمة موجزة لم يُضف فيها شيئا يذكر عمَّا ورد في طبقات أبي العرب؟ وسمَّاه محمد بن محمد بن يحيى بن سلام. والصواب أنَّه يحيى بن محمد. ولا يعني هذا أنّ ابن سلاّم الحفيد لم يكن ذا علم، لكنَّه لم يبلغ درجة جدّه في ذلك. وبَّما صحّ قولنا بأنَّه اكتفى بنشر ما وصله من كتب جدّه عن طريق الرواية. وبرجوعنا إلى نصّ التصاريف يمكن أن نخرج بملاحظة تتعلق بما نحن فيه، ذلك أنه بمقارنة ما ورد في التفسير بما جاء في التصاريف نلاحظ مطابقة قلما تتخلف بين الكتابين في تفسير الكلمات. ولا يبدو ذلك التطابق في الاتفاق في المعاني الواردة فحسب، إنَّما يتجاوزه إلى العبارة أيضا.

وهذه بعض نماذج من التَّصاريف، وما يناسبها في التفسير، تؤكد ما ذهبنا إليه. اللفظ ص التصاريف ورقة التفسير (*) هدى طه: 124 97 أفلم يهد، يعني أو لم يبيّن. وهو تفسير قتادة 31ظ أفلم يهد لهم سعيد عن قتادة. أفلم نبيّن لهم. ومن قرأها بالياء يقول: أفلم يهد لهم، أفلم يبين لهم. قال يحيى ولا أعرف أي المقراتين (كذا) قرأ قتادة. مريم: 76 98 ويزيد الله الذين اهتدوا هدى. يعني يزيدهم إيمانا. 24ظ ويزيد الله الَّذِين اهتدوا هدى، يزيدهم إيمانا. الأنبياء: 31 99 فجاجا سبلا لعلَّهم يهتدون، يعني لعلَّهم يعرفون الطريق. تفسير قتادة. 33و ولعلهم يهتدون. لكي يهتدوا الطّرق. الأنبياء: 73 98 وجعلناهم أئمة يهدون، يعني يدعون بأمرنا. 34ظ وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا، يعني يدعونا بأمرنا. السجدة: 23 101 وقال الحسن: وجعلناه هدى، يعني موسى، هدى لبني إسرائيل. 7و وجعلنه، تفسير الحسن، موسى هدى لبني إسرائيل لمن آمن به. الإيمان النحل: 106 109 إلاّ من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، يعني بالتوحيد. قال يحيى: بلغني أنَّها نزلت في عمَّار بن ياسر. 4و قال يحيى: بلغني أن هذه الآية نزلت عند ذلك (ذكر قبل هذا خبر عمار ابن ياسر مع المشركين والرسول عليه الصلاة والسلام) . الطمأنينه النحل: 106 218 وقلبه مطمئن بالإيمان، أي راض بالإيمان. 4و ... وقلبه مطمئن بالإيمان. مطمئن، راض بالإيمان.

الحسنى النحل: 62 129 أن لهم الحسنى يعني اليقين، الغلمان. 1ظ أن لهم الحسنى: أي الغلمان وفي تفسير الحسن أن لهم الجنة. أمة النحل: 92 151 أن تكون أمة هي أربى من أمة، أن يكون قوم أكثر من قوم. 3ظ أن تكون أمة هي أربى من أمة، هي أكثر من أمة ... قال قتادة: أربى من أمة أن يكون قوم هم أعز وأكثر من قوم. أمة النحل: 93 151 أمة واحدة، يعني على ملة الإسلام. 3ظ أمة واحدة، على الإيمان. النحل: 120 152 كان أمة، كان إماما يقتدى به في الخير. وهو قول قتادة. 5و كان أمة ... كان إمام هدى يهتدى به. الفساد الإسراء: 4 115 لتفسدن في الأرض ... . يعني لتهلكن في الأرض. 7و لتفسدن في الأرض ... . يعني لتهلكن في الأرض. حسنا الإسراء: 23 146 وبالوالدين إحسانا يعني برا. 8ظ وبالوالدين إحسانا ... يعني برا. تفسير السدي. إمام الإسراء: 71 148 يوم ندعوا كل أناس بإمامهم، يعني بكتابهم الذي عملوا في الدنيا وهو قول الحسن. 11و يوم ندعو كل أناس بإمامهم، قال الحسن بكتابهم ما نسخت عليهم الملائكة من أعمالهم. وقال قتادة: بإمامهم، بنبيهم. الفرقان: 74 148 واجعلنا للمتقين إماما، يعني قادة في الخير يقتدى بنا. وقال قتادة: قادة في الخير ودعاة هدى. 62و واجعلنا للمتقين إماما. قال قتادة: قادة في الخير ودعاة هدى يؤتم بهم. حسنة النمل: 89 - 90 125 126 من جاء بالحسنة، يعني التوحيد، فله خير منها، ومن جاء بالسيئة، يعني الشرك. 70ظ من جاء بالحسنة، بلا إله إلا الله مخلصا، فله خير منها وهي الجنة ... . ومن جاء بالسيئة يعني الشرك في تفسير قتادة. شكل نماذج من التصاريف

وهنالك ملاحظة ثانية نستنتجها من نصّ التصاريف وتتمثل في وجود عبارة "قال يحيى" في بعض المواضع منه. فقد وردت في الجزء الثاني كما وردت في ثلاثة مواضع من الجزء الأوّل. وإنما بدأنا بذكر الموضع في الجزء الثاني لما سنذكره حول نسبة الأقوال إلى أصحابها في التصاريف، هل هي من أصل النَّص، أم أنها زيدت عليه. أمَّا بالنسبة لهذا الموضع من الجزء الثاني، فإن نسبة القول فيه إلى يحيى قد كتبت بنفس الخط الَّذي كتب به النص، وبطريقة عادية، لا بين الأسطر. وهذه العبارة هي الَّتي نجدها في مواضع كثيرة من تفسير ابن سلام. وأخصّ بالذّكر القطعة التي وقعت نسبة التَّفسير فيها إلى الحفيد، والتي أشرنا إليها من قبل. وإنه ليس بدعا في الحقيقة، أن نلاحظ هذا التَّطابق بين التَّفسير وبين كتاب التصاريف، لأن هذا الأخير تابع بموضوعه لعلم التفسير. وقد حمل في عنوان الجزء الأول كلمة تفسير. كما وردت هذه اللفظة بمناسبة كل كلمة ذكرت للشرح. والتفسير في فتراته الأولى، لم يكن موكولا إلى الاجتهاد والرأي إنما كان يرتكز أساسا على الرّواية والنَّقل. وهذا ما يفسِّر اتِّفاق نسبة بعض الأقوال إلى أصحابها بين التَّصاريف وبين التفسير. ونسوق أخيرا هذا الدليل لترجيح نسبة كتاب التَّصاريف إلى يحيى بن سلاّم الجدّ. ويتمثل في الاتفاق الملحوظ بين كتاب يحيى وكتاب الأشباه والنظائر لمقاتل ابن سليمان. ويظهر ذلك الاتفاق في أغلب الكلمات المذكورة للتفسير، وفي المعاني التي فسّرت بها، وكذلك في كيفية ترتيبها وترتيب وجوهها والآيات النظائر التي وقع الاستشهاد بها. ولم يختلف الكتابان إلاّ في القليل من ذلك. ومعلوم أنّ ابن سلاّم قد نشأ بالبصرة. وقد كان قدوم مقاتل إليها بين سنتي (130-136هـ) . فلعل ابن سلاّم ومقاتلا قد سمعا هذا التأليف عن شيخ واحد، فذلك ما يفسِّر الاتِّفاق الموجود بينهما. نضيف إلى هذا، أن مقاتلا، كما لهُ كتاب في الوجوه والنظائر، فإن له كذلك تفسير للقرآن. فليس من الغريب إذن أن نجد لابن سلاّم كتابا في التفسير وآخر في الوجوه والنظائر.

تجزئة كتاب التصاريف

إنّ ما سقناه يجعلنا نميل إلى اعتبار التَّصاريف من تأليف ابن سلاّم الجدّ، وحتَّى إن لم يكن هو المؤلف مباشرة، فالأقرب إلى الذّهن أن يكون يحيى الحفيد قد سلخه من التفسير وقدّمه في كتاب مستقل. على أنّ نسبة الكتاب إلى هذا أو ذاك لا تغير من جوهره شيئا، لأنه مبنيّ على الرواية، وهذه لا تختلف باختلاف الرّاوي. أمَّا السَّبب الثَّاني في عدم اشتهار كتاب معيَّن، وهو انعدام جدواه، فهذا ممَّا لا يصحّ في كتاب في علم الوجوه والنَّظائر، وقد مرّ بنا شدة اهتمام العلماء بهذا الفنّ وكثرة تآليفهم فيه. بقي السبب الثالث، وهو إمكانية ضياع الكتاب، وهو هام في نظري لسببين: 1- ذلك أنَّنا لا نملك من التصاريف سوى نسخة واحدة، وهي نسخة ناقصة، كتبت بخطين مختلفين. - ما أفدناه من السّماعات المسجَّلة بالجزأين: الأوّل والرّابع. والذي يمكن استخلاصه من تلك السَّماعات، أن الكتاب لم يشتهر في القيروان، إذ لم يرد ذكره في ترجمة أية شخصية من شخصياتها، ويظهر أنّه دُرِّسَ بسوسة على شيخ لم يشتهر، وعلى طلبة لم يعرفوا عموما. فلعلّ هذا هو السَّبب الأصلي في عدم اشتهار الكتاب في إفريقية وبالتَّالي في الشرق. تجزئة كتاب التصاريف يوجد بين أيدينا من التَّصاريف ما يلي: الجزء الأوّل: وهو تامّ، كتب على الصفحة الأولى منه العنوان وصاحب الكتاب هكذا: الأول من التصاريف، ليحيى بن محمد بن يحيى بن سلام أمَّا الصفحة التي اعتبرناها الأخيرة في الجزء، فلم يسجل عليها عبارة تفيد انتهاء الجزء، ولم نلاحظ بها اسم النَّاسخ ولا تاريخ النَّسخ الَّذي تختم به الأجزاء الخطية القديمة عادة. إنما لاحظنا تسجيل عدّة سماعات إثر النَّص الَّذي توقف وسط الصّفحة تقريبا. وتسجَّل السّماعات في الغالب في آخر الكتاب (أو في أوّله) . وأوّل كلمة وردت في الجزء هي كلمة: "هدى". وآخر كلمة هي لفظة: "عدوا" التي لم يرد منها سوى العنوان. فاشتمل الجزء بذلك على اثنتين وثلاثين كلمة مفسرة وعنوان كلمة "عدوان".

الجزء الرّابع: فضّلنا الحديث عن الجزء الرّابع إثر الجزء الأوّل، وذلك لأنّ الأمور واضحة نسبياً في هذين الجزأين. تحمل الورقة الأولى من هذا الجزء في وجهها، فهرسا للكلمات المشروحة به، وهي تسع وثلاثون كلمة، أوّلها كلمة: "ظهر"، وآخرها لفظة "يوم". كما ورد في رأس هذه الورقة عنوان الجزء مع صاحب الكتاب هكذا: الرّابع من التصاريف ليحيى بن محمد بن يحيى بن سلاّم وكما جاء في آخر الجزء الأول عنوان أوّل كلمة سوف ترد في الجزء الثاني، كذلك حمل هذا الجزء عنوان أوّل كلمة سوف ترد في الجزء الخامس، الَّذي لم يصلنا. وتلك الكلمة هي: "الآخرة". ونجد في هذه الورقة الأخيرة وفي الَّتي قبلها سماعات عديدة، كثير منها لا يقرأ. وتتَّفق في بعضها مع سماعات الجزء الأول، كما تتفق مع الشيخ الملقي للكتاب وهو: أبو زكرياء. الجزء الثاني: وتتعقد الأمور فيما بين الجزءين الأول والرّابع. والَّذي سأعرضه إنَّما هو اجتهاد، يرتكز على ما تبقَّى بين أيدينا من كتاب التصاريف، بعد طرح هذين الجزأين.

لقد رأينا الجزء الأول يقف عند لفظة: "عدوان" دون أن يشرحها. فمعنى ذلك أنّ أوّل كلمة في الجزء الثاني سوف تكون لفظة: "عدوان". وعلى هذا الأساس اعتمدنا لتحديد بداية هذا الجزء. وإذا رجعنا إلى ما تبقى من التَّصاريف، بعد طرح الجزأين الأوّل والرّابع نجد قطعة بها نقص بالأول وبالآخر، تشترك في أوّلها مع آخر الجزء الأوّل في الألفاظ التّالية: "الخير" (الوجه الرّابع) ، "الخيانة"، "الفتنة"، ثم تأتي لفظة: "عدوان". ويستمر الشرح. كيف نفسر هذا الاختلاف بين الأجزاء؟ فهل أنّ تجزئة الكتاب تختلف من نسخة إلى أخرى؟ إنّ الذي نلاحظه أنّ عدد الكلمات بالجزء الأوّل اثنتان وثلاثون كلمة، وبالرابع تسع وثلاثون كلمة، وفيما تبقى من التَّصاريف نجد اثنتين وأربعين كلمة، بعد حذف الكلمات المشتركة مع الجزء الأول، وعددها ثلاث كلمات. والملاحظ أيضا، أن بآخر القطعة نقصا. فمعنى ذلك أنّ عدد الكلمات بهذه القطعة أكثر من اثنتين وأربعين كلمة. وهذا كثير إذا ما قارنَّاه بما جاء في الجزئين الأوّل والرّابع. والتجزئة القديمة معروفة لا تتجاوز حجما معيَّناً. لذلك نميل إلى كون هذه القطعة، مثلما اشتملت على بعض من الجزء الأوّل قد اشتملت على الجزء الثَّاني الَّذي يبدأ بكلمة: "عدوان"، وكذلك على بعض الجزء الثالث، دون أن يعمد الناسخ إلى الفصل بين تلك الأجزاء. والذي نستطيع أن نجزم به فيما يتعلَّق بالجزء الثالث، هو أنّ آخر كلمة اشتمل عليها هي كلمة: "الصَّلاح". فقد وردت في ظهر الورقة الأولى من الجزء الرّابع، تلك التي تحمل فهرس كلمات الجزء. وقد سجّل الناسخ بقية تفسيرها قبل أن يشرع في تفسير أوّل كلمة في الجزء، والَّتي هي كلمة: "ظهر". نستخلص من هذا أنّ للتَّصاريف ثلاث نسخ ناقصة، تبقَّى من الأولى الجزء الأوّل وهو تام، ومن الثَّانية الرَّابع وهو تام، ومن الثَّالثة الجزء الثَّاني مع شيء من الجزء الأوّل، وربما بعض كلمات من الجزء الثالث. وهكذا يكون لدينا من التَّصاريف الأجزاء: الأوّل، والثَّاني، والرَّابع وجميعها تام. وليس لنا من الجزء الثالث سوى بقية كلمة الصّلاح الَّتي يبدو أنَّها آخر كلم واردة فيه، وربَّما أيضا بعض كلمات من أوّله. والكلمة الأولى من الجزء الخامس.

وصف مخطوطات التصاريف

فهل أن عدد أجزاء التَّصاريف خمسة؟ الأقرب إلى الذهن أنَّها كذلك، نظرا لأسبقية التصاريف في التَّاريخ. وكلّ فنّ في أيامه الأولى، يستبعد فيه الشمول. وصف مخطوطات التصاريف توجد جميع نسخ التصاريف بالمكتبة العتيقة بالقيروان. ويندرج الجزء الأوّل تحت رقم: 151، ملفّ: 211. تحتوي القطعة على 28 ورقة مكتوبة، يتوقَّف النَّص في منتصف الورقة: 27 ليسجَّل في بقيَّتها وبعض الورقة الموالية عدد من السَّماعات. وقد وقع ترقيمها من طرف الأستاذ البهلي النَّيَّال من 404-1-211 إلى 431. وقد كتبت على الرّق، بخط مغربي، واضح نسبيًّا، لم يطرد فيه الإعجام. مقاسها: (5، 28 × 16. 5سم) . عدد الأسطر غير قارّ ويتراوح بين: 25 سطرا و 35 سطرا. وفي هذا الجزء تشويش في كتابة النَّص خلافا لما عليه بقية الأجزاء الأخرى. فالناسخ لا يعود إلى السَّطر لكتابة العناوين، ويكتب أشباه العناوين حيث ينتهي به الكلام السَّابق، إلاّ في القليل النَّادر. لذلك كان الخطّ في هذا الجزء فيه شيء من التَّداخل. ولا نجد تاريخ كتابة هذه القطعة، ولا اسم النَّاسخ. ونجد في الورقة الأخيرة منها سماعات، أرّخ بعضها سنة 370هـ، والبعض الآخر 371 هـ.

وهذا التَّاريخ قريب من الَّذي نراه على بعض نسخ تفسير يحيى بن سلاّم. فهنالك قطعة تحمل سماعا مؤرخا سنة 345هـ. وقد تمّ نسخها سنة 335هـ. فهذا الجزء يجعلنا نميل إلى أن تكون كتابة هذا الجزء من التَّصاريف قد تمَّت حوالي منتصف القرن الرابع. أما الجزء الثاني، فإنه يندرج تحت رقم: 159، ملف: 11. به 32 ورقة، بعد حذف الكلمات المشتركة بينه وبين الجزء الأول. وقد رقَّمها الأستاذ البهلي النَّيَّال من 437 إلى 465. وإن كنا نعلم بداية هذا الجزء - وهي كلمة "عدوان" - فلسنا نعلم على وجه التحديد آخر كلمة وردت فيه. وقد كتب هذا الجزء بدوره على الرّقّ بخطّ مغربي، شديد الوضوح، إلاّ في أماكن معدودة. مقاسه: (29. 5 × 17سم) . عدد الأسطر يتراوح بين: 30 و 33. ويمتاز هذا الجزء بنظامه الجميل في كيفية تقديم النَّص إذ كتبت العناوين الكبرى وسط السَّطر، ويعود الكاتب إلى السَّطر، كلّ مرة، لتسجيل أشباه العناوين. كما جعل هامشا جانبيّاً يسجّل في الكلمة المدروسة مع معناها المذكور لها. ونلاحظ أن الناسخ قد جعل في الهامش أيضا حرفا أو حرفين أمام العنوان الأصلي للكلمة المشروحة. مثال ذلك: ز، هـ، ج، ج ي، أي الخ. وقد لاحظنا هذه الظاهرة في السجلّ القديم لمكتبة القيروان. ولعلَّها طريقة قديمة في الترقيم. أما الجزء الرَّابع، فإن مخطوطته توجد في أوراق مبعثرة، بها نقص، قد سجلت تحت رقم: 169، وقد تم جبر ذلك النّقص بالاعتماد على صورة للمخطوط جلبت من القاهرة.

الخط والرسم في قطع التصاريف

ويشتمل الجزء على 27 ورقة، قد ظهر ترقيم الأستاذ البهلي النَّيَّال لها في الورقة الأولى: 432 - 1 - 211، لكنه اختفى بعد ذلك إلاّ من بعض الورقات. وبهذه القطعة نقص أيضاً بآخرها، قد أتممته بالرجوع إلى صورة ميكروفلم بها تفسير ابن سلام. كما أنَّ به خروما لا بأس بها أتلفت جزءا كبيرا من تفسير بعض الكلمات. وقد كتب هذا الجزء أيضا على الرّقّ، بنفس الخطّ، وعلى نفس النِّظام الَّذي سار عليه الجزء الثَّاني. ويحمل هذا الجزء سماعات في أعلى الورقة الأولى، وهي غير واضحة، كما يحمل سماعات في الورقتين الأخيرتين منه، معظمها غير واضح. الخط والرسم في قطع التصاريف قد ذكرنا بأن الخط الذي كتبت به أجزاء التَّصاريف خط مغربي قديم، والخط المغربي القديم النشأة ظهر بمجرد استقرار المسلمين بالقيروان بعد فتح عقبة لها. وهو مشتق من الخط الكوفي القديم، ويمتاز الرسم في قطع التصاريف بعدم اطِّراد الإعجام فيها، خاصة منها الجزء الأوّل، الذي خلا أيضاً خلوًا كليّاً من الحركات، وقد نجد شيئا منها في الجزءين الثاني والرّابع. وقد سلك الناسخ في رسم بعض الأحرف مسلكا خاصا، فهو يضع مثلا تحت حرف السين ثلاث نقاط أفقية للتنبيه على كونها ليست شينا. مثال بببفلوا، حبببر. لـ: سفلوا، خسر. وعوض أن يرسم الألف مقصورة في الكلمات التي أصلها ياء فإنَّهُ يجعلها في الغالب ألفا ممدودة. كما أهمل الناسخ رسم الهمزة، خاصة في آخر الكلمة، ولم يتَّبع في كتاب الآيات الرسم التَّوفيقي. وقد أرجعت رسم المخطوط إلى الكتابة المتعارفة لدينا دون أن أنبَّه إلى ذلك. الإضافات في قطع التصاريف هنالك ملاحظة ينبغي لفت الانتباه إليها لأهميَّتها. ذلك أن المتتبّع لأجزاء

التَّصاريف، يلاحظ في الجزءين الأول والثاني، نسبة الأقوال أحيانا إلى قائليها كالحسن، ومجاهد، ويحيى (يعني ابن سلاّم الجدّ) . ولا نجد ذلك في الجزء الرّابع إلا نادرا. وإذا تتبعنا كيفية إيراد نسبة الأقوال إلى قائليها، نجدها تختلف بين الجزء الأوّل والثَّاني. فقد وردت في الجزء الأوّل، مدرجة وسط النَّص، بنفس الخطْ الَّذي كتب به النص. بينما نجدها في الجزء الثَّاني، قد وردت على صورة إضافات في الهامش أو بين الأسطر، بخطّ وحبر يختلفان عن الذي نجده في النَّص. نستنتج من هذا أن تلك الإضافات ليست من الأصل، وإنما قد تم إدخالها عليه. وربَّما كان ذلك اثناء إلقاء الشيخ للكتاب. والذي يجعلنا نطمئن إلى هذا الاحتمال، وجود عبارة تدل على الموضع الذي منه يستأنف الدرس في الحصة الموالية. وهي: "غدا عرضنا من هنا". فإنّ خطَّها يشبه كثيرا الخط الذي كتبت به تلك الإضافات. وينبغي أن نشير إلى أنّ الذي قام بهذه الإضافات لا بدّ أنَّه كان ملمّا بتفسير يحيى الجدّ، للاتفاق الموجود بينهما وبين ما ورد فيه.

السماعات

السماعات يحمل الجزء الأوّل والجزء الرابع، عددا من السَّماعات. لكنّ الكتابة في هذه السماعات لم تكن دائما واضحة. فنتج عن ذلك عدم التوفيق إلى معرفة كل الأسماء المذكورة. ويظهر أن الأشخاص المذكورين لم يكونوا أولي شهرة، إذ لم نعثر في كتب التراجم إلاّ على واحد منهم، ذكر في سماعات الجزء الرابع. وهو: أبو حفص عمرون بن محمد بن عمرون السّوسي (ت 395/1004) . ويبدو من نسبه ومن

الشيوخ الَّذين درس عليهم، أنَّه من سوسة. ولم يشر عياض إلى شيخ تفقّه به أبو حفص يكنى أبا زكرياء. وهو الشيخ الذي ورد اسمه في السَّماعات. وقد عمّر أبو حفص طويلا إذ توفي وقد بلغ المائة سنة أو تجاوزها بأربع سنوات. وذكر عياض أَنَّه كان فقيها، فاضلا، متوقِّفا عن الشبهات. ويظهر أنه جلس للتَّدريس. وقد وقفت على قطعة من تفسير يحيى الجدّ برواية يحيى الحفيد، كان الملقي لها هو "أبو حفص عمرون بن محمد الفقيه" وذلك سنة 345هـ. وإذا قارنَّا هذا التاريخ بتاريخ سماع ابي حفص للتَّصاريف، يعني سنة 371هـ. نجده قد ألقى التفسير وعمره حوالي 54 سنة، وسمع التَّصاريف وعمره حوالي 80 سنة. ويبدو أن هذا ليس أمرا غريبا. فقد ذكر عياض أن أحد شيوخ أبي حفص وهو عبد الله بن أحمد بن ابراهيم بن اسحق، المعروف بالإبياني (أبو العباس) (ت352/963) قد استكمل حفظ القرآن وله سبعون سنة.

تحليل كتاب التصاريف

تحليل كتاب التصاريف يتكون كتاب التصاريف من فقرات، تحتوي كل فقرة منها: - على كلمة قرآنية قد تناولها المؤلف بالتفسير عن طريق ذكر وجوهها، يعني معانيها التي وردت بها في القرآن. - على مجموعة من الآيات وقع توزيعها باعتبار الوجوه المذكورة للَّفظ المدروس. ففي الكتاب إذن تجميع للآيات المتحدة في مادة معينة، ثم توزيع لتلك الآيات على وجوه تلك المادة. ويمكن أن تطرح في نطاق هذا الكتاب ثلاثة أسئلة: 1- على أيّ أساس وقع اختيار الألفاظ؟ 2- كيف تم ترتيبها؟ 3- ما هي طبيعة التفاسير التي فسرت بها؟

الأساس الذي وقع اختيار الألفاظ عليه: لم يذكر ابن سلاّم الأساس الذي اختار على ضوئه الألفاظ المفسَّرة، وذلك لأنه لم يضع في أول تأليفه مقدّمة يوضّح فيها منهجه. لذلك يتعذّر على الباحث الوصول إلى القول الفصل في المسألة. وقد سبق أن رأينا من بين الأسباب الداعية إلى التأليف في الوجوه والنَّظائر وجود كلمات يكثر ورودها في القرآن، فجمعها المؤلفون في هذا الفنّ، مبيّنين معانيها المختلفة التي استعملت بها في النصّ القرآني. غير أن هذا السبب لا نراه كافيا ليعتبر أساسا لانتقاء الألفاظ في كتاب التصاريف لأنه لم يستوعب كلّ الكلمات التي هي من هذا النَّوع. والكتاب، وإن كان به نقص، فإننا نعتقد أنَّه قد وصلنا معظمه، وذلك بمقارنته بكتاب مقاتل الذي كان معاصرا لابن سلاّم، والذي يتفق معه ابن سلاّم في التَّصاريف، في أغلب ما أورده. ولعلّ النظر في نوع الكلمات المفسَّرة يعين على حلّ المسألة. فالذي يلاحظه القارئ، أنّ أغلب الكلمات الواردة يسهل وضعها في إطاره مثل: الكفر، والهدى، والإيمان، والشِّرك فإنَّها كلمات تستعمل في ميدان العقيدة. ومثل: الصيحة، والصّراط، والآخرة فإنَّها من علوم الآخرة. ومثل: إمام، وفتنة، وعدوان، ووليّ فإنَّها من مشمولات الحقل الديني والحقل السياسي. وبتتبَّع هذه الكلمات وغيرها، نلاحظ أن الجانب الغالب عليها هو جانب أصول الدّين: العقيدة وما يتعلَّق بها. فقد فسَّر ابن سلاّم كلمات الكفر، والشِّرك، والإيمان، والهدى، والضّلال وهي كما لا يخفى كلمات أساسيَّة للتعبير عن العقيدة. ولم يكتف المؤلف بعقد فصل خاصّ لكلّ مصطلح منها، فقد ذكرها أيضاً باعتبارها وجها من أوجه كلمات عديدة أخرى وقع تفسيرها في الكتاب. فورد الشرك وجها لثلاث عشرة كلمة هي: هدى، إيمان، سوء، سيئة، فتنة، طهور، منكر وجها لثلاث عشرة كلمة هي: هدى، إيمان، سوء، سيئة، فتنة، طهور، منكر، ظلمات، ظالمين، ظلم، باطل، خاطئين وحنث. وقد علَّق المؤلف على قوله تعالى: {وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى الحنث العظيم} بقوله: "يعني الذنب العظيم، وهو الشرك".

وورد الكفر وجها من أوجه كلمة هدى، وفتنة، وحرب وضلال. وورد الإيمان وجها من أوجه كلمة مشي، ورحمة، وخير، وصلاح وكلام. وإلى جانب هذه المصطلحات العقدية، تعرض ابن سلاّم إلى المصطلحات الدَّالَّة على مشمولات العقيدة. فذكر القرآن والكتب في كلمات: رحمة، وفرقان، وذكر، وحكمة. وتعرّض إلى الأعمال من طاعة وعصيان في كلمات: فساد، وسوء، وخيانة، ولباس، وقانتين ومطيعين. وذكر اليوم الآخر وما يتعلق به في كلمات إمام، وصيحة، وأمر، وأرض ونشور، وكلام، وأجل وصراط. إلى جانب هذا يجد الباحث في الكتاب، ما يذكره بمسائل كان الخوض فيها حثيثا في عصر ابن سلاّم، من ذلك: الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وهي من الأصول الاعتزالية، وتفسير: قضى وكتب، حيث أكَّد أن كلّ ما يقع إنما هو من الله، أو الإشارة إلى نفي رؤية الله في الدّنيا، وتأويل الوجه إلى معنى الله. وتتعلق المسألة الأخيرة بالمتشابه من الصّفات في القرآن. بحيث يمكن للباحث أن يتبيَّن عموما الاتجاه السنّي الذي درج عليه المؤلف في هذا الكتاب، ولا تستوقفه أية إشارة يتبين من خلالها التهمة الَّتي ألصقت به في نسبة الإرجاء إليه. وربَّما رأينا عكس ما يثبتها إذ نراه يؤكد على قيمة الأعمال كلما سنحت له الفرصة بذلك. وليس من الغريب أن يتعيَّن اهتمام ابن سلاّم بالجانب الأصولي في انتقاء الكلمات. فالعصر الذي ظهر فيه، والبلاد التي نشأ فيها، يفسران وجهته تلك. فقد نشأ ابن سلام في عصر كانت للعقيدة فيه المكانة المرموقة. فهو عصر تبلورت فيه المذاهب الكلامية، وتحمَّست كلّ فرقة فيه لما رأته. كما أنه نشأ بالبصرة، ذلك البلد الذي التقى فيه الخارجي بالشيعي، وصاحب الأرجاء بالمعتزلي، للخوض في مسائل عقدية معلومة، كمسألة الكفر والإيمان، ومرتكب الكبيرة، وخلق القرآن والصّفات. وقد قال يحيى بن سلاّم حين سئل بالقيروان "ما أدركت النَّاس يقولون في الإيمان؟ " فأجاب: "أدركت مالكا وسفيان

الثوري وغيرهم يقولون: الإيمان قول وعمل، وأدركت مالك بن مغول، وقطن ابن خليفة وعمر بن ذر يقولون: الإيمان قول". لكن الذي ينبغي ملاحظته في رأيي، هو أن النَّاظر في كتاب التصاريف لا يشعر بحرص المؤلف على نقل ما كان يدور بين هؤلاء وهؤلاء في تلك المسائل. فلا يفسّر الكلمة إلاّ بقول واحد، كما أنه لا يتعمَّق في شروحه. وغايته القصوى، بيان الاستعمال القرآني للألفاظ. أوّل ملاحظة نبديها بالنسبة لهذه المسألة الاتفاق في ترتيب مجموعات من الكلمات بين كتاب التصاريف وكتاب الأشباه والنظائر لمقاتل بن سليمان. وقد أشرنا إلى هذه الملاحظة في موضع سابق. ولم يتمّ ترتيب الكلمات في الكتابين على الأحرف الهجائية ولا حسب المحاور. وقد لاحظت بالنسبة للجزء الأوّل، أن ابن سلاّم كان يبدأ دائما في ذكر النظائر بسورة البقرة، ولا يشذ عن ذلك إلا في شرح بعض الكلمات. كما لاحظت أنه قد تدرج بآياتها، من الآية الثالثة، وهي الآية التي وردت فيها كلمة هدى، أوّل ما جاء في الكتاب من الكلمات، إلى أن وصل إلى الآيات الأخيرة منها. ولم تتخلف هذه الطريقة في الجزء الأول إلا في القليل. يستنتج من هذه الملاحظة أن ترتيب الكلمات في هذا الجزء ناتج عن أسبقية ورود الكلمة في المصحف. فكلمة "هدًى"، وردت في الآية الثالثة من سورة البقرة، لذلك جاءت قبل كلمة "الكفر" المذكورة في الآية السادسة. ثم وردت كلمة "المرض"، وهي في الآية العاشرة. وكلمة "الفساد"، وهي في الآية الحادية عشر. و "المشي"، وهي في الآية العشرين. الخ ... . وهذا الترتيب شبيه بالذي جاء عليه كتاب لغات القرآن المرويّ عن ابن عباس. فإنه مرتب على السور، وقد استعرض راويه مجموعة من الكلمات، فأورد كل واحدة منها في آية أو بعض الآية، مثلما فعل ابن سلاّم في كتاب التصاريف، ثم شرحها. وعقَّب على ذلك باسم القبيلة التي تستعمل فيها الكلمة بذلك المعنى المذكور. مثال

ذلك: سورة البقرة، قال الله عزّ وجل: {أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ السفهآء} والسفيه الجاهل بلغة كنانة. وقوله: {رَغَداً} [البقرة: 35] يعني الخصب بلغة طيء. الخ. وإلى جانب هذه الملاحظة الأولى، تبينت ملاحظة ثانية، وهي أنّ تسلسل بعض الكلمات ناتج عن انتمائها لنفس المحور، كتسلسل كلمات: "الكفر"، و "الشرك" و "الإيمان"، وثلاثتها كان الاستشهاد الأوّل فيها من سور مختلفة. وكذلك تسلسل كلمات: "سوء"، "الحسنة" و "السَّيِّئة" و "الحسنى". لكن ملاحظتينا لا تطَّردان في بقية الأجزاء من الكتاب، لذلك لا نجزم بهما، إلاّ أن يكون قد دخل تغيير على ترتيب تلك الأجزاء وهو الأقرب إلى المعقول إذ تصور الشيخ الملقي لكتاب في الوجوه والنظائر يستعرض الكلمات في ترتيب تنازليّ للمصحف مُبيِّناً لكلّ آية ذُكرت فيها الكلمةُ لأوّل مرّة نظائرها في بقية السور الأخرى. هذه الإجابة لا تعدو أن تكون احتمالا نظرا لانعدام المستندات التي يمكن الاعتماد عليها بصفة يقينية. طبيعة التفسير في كتاب التصاريف: لقد سبق أن أشرنا إلى اتفاق كتاب التصاريف في المعاني التى ذكرها للكلمات مع كتاب التفسير ليحيى بن سلام. وهذا الكتاب، الذي نعُدّه اليوم أقدم تفسير تناول القرآن كاملا بالشرح، إذ هو من القرن الثاني للهجرة، يعتبر تفسيرا بالمنقول في عمومه. فقد اختص ابن سلاّم بكثرة مروياته عن عدد كبير من الذين التقى بهم في حياته، كما روى عمَّن لم يلتق بهم مباشرة؛ مثلما فعل مع الحسن البصري، إذ أنَّه أخذ عن تلاميذه. فالتفاسير طُبعت في كتاب التَّصاريف بطابع الرواية. يؤيد ذلك ما أشرنا إليه من اتفاق الكتاب مع كتاب التفسير، كما يؤيده ظهور أسماء بعض الرواة فيه مثل: مجاهد، والحسن، وابن عباس، والكلبي وغيرهم.

ويقتصر ابن سلاّم عند شرح الكلمة في الغالب على الشرح اللّغوي والشرح القرآني يقدمها في إيجاز. فكلمة "هدى" تعني البيان، ودين الإسلام، والدعاء والمعرفة الخ ... . وكلمة "توحيد" تعني الإقرار باللسان، والتصديق، والتوحيد الخ ... وهكذا بالنسبة لكل الكلمات الواردة في الكتاب. لكن هذا لا يمنع أن يجد الباحث في كتاب التصاريف أيضا تعرّضا لذكر أسباب النزول، أو لذكر القراءات، أو لذكر المكي والمدني من الآيات. غير أنّ ذلك لم يرد فيه بكثرة. فبالرجوع إلى ما ذكرنا يصحّ أن نعتبر كتاب التصاريف كتاب تفسير، إذ يصدق عليه تعريف كلمة التفسير بأنه بيان اللَّفظ عن طريق القرآن، أو عن طريق السَّماع والرواية. مع ملاحظة أنَّه يختلف عن كتب التفسير المعهودة في كيفية تقديم مادّته لأنه يرمي إلى غايتين معلومتين: الشرح والجمع. ويجوز أن نتساءل، هل يوجد في الكتاب تأويل إلى جانب التَّفسير لما نعلمه من علاقة بين المصطلحين؟ فإن كان بعض العلماء قد وحَّد بين الكلمتين فإن البعض الآخر قد جعلهما مختلفتين، وقد عرّف بعضهم التفسير بأنه: "بيان لفظ لا يحتمل إلاّ وجها واحدا، والتَّأويل توجيه لفظ متوجّه إلى معان مختلفة إلى واحد منها، بما ظهر من الأدلة". وأضاف الأصبهاني: "وأما التأويل فإنَّه يستعمل مرّة عاما، ومرة خاصا، نحو الكفر المستعمل تارة في الجحود المطلق، وتارة في جحود الباري عزّ وجلّ خاصّة ... وإما في لفظ مشترك بين معان مختلفة، نحو لفظ وجد المستعمل في الجِدة، والوجد والوجود". على هذا الأساس يعتبر كتاب التصاريف مشتملاً على التأويل مثلما هو كتاب تفسير. فهو كتاب تفسير بما فيه من الرواية، وهو كتاب تأويل أيضا بتوجيه اللَّفظ إلى المعنى المقصود دون غيره من المعاني المشتركة. لكن ينبغي أن لا نغفل عن ملاحظة هامَّة. وهي أن التَّوجيه المقصود في التَّعريف المذكور موكول إلى الاجتهاد، ما دامت هنالك أدلَّة يتصرّف فيها المفسر، ويرجّح على ضوئها المعنى المقصود؛ فالمؤوّل يستنبط المعنى استنباطا.

أمَّا في التصاريف فلا أعتقد أنّ فيه من التأويل بهذا المعنى شيئا، لأنه كما سبق أن قدّمنا كتاب مبنيّ على الرّواية أساسا. والوجوه المذكورة للَّفظ الواحد إنَّما أخذها ابن سلاّم عمَّن روى عنهم. وهي راجعة على ما يبدو، إمَّا إلى اختلاف اللَّهجات العربية، والقرآن لم يخل من تلك اللَّهجات، أو إلى نتيجة تطوّر الكلمة في بيئة معيَّنة، من المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي، وهذا ما يفسّر الاتفاق الملاحظ بين كتاب مقاتل وكتاب ابن سلام في الوجوه القرآنية، وكذلك اتفاق التصاريف مع كتب التفسير بالمأثور كالطبري، وكتب اللّغة كلسان العرب. ما تمتاز به كتب الوجوه والنظائر إن كان يوجد هذا الاتفاق بين كتاب التصاريف الذي هو في فنّ الوجوه والنظائر القرآنية، وبين كتب التفسير بالمأثور وكتب اللغة، فما هي فائدة كتب الوجوه والنظائر؟ لعل ذلك يبدو في أنه يوجد فيها ما لا يوجد في التَّفسير إلاّ نادرا. ذلك أنّ الباحث يظفر في تلك التآليف بتجميع الآيات المتحدة المعنى في مكان واحد. وهذا أمر هام، لأنه من ناحية شرح للقرآن بالقرآن، وهو كما نعلم أوّل أنواع التَّفاسير وأسماها. وتظهر أهميته من ناحية أخرى لمن أراد الإحاطة بالمعاني القرآنية المتحدة في نظرة عضوية متكاملة، خاصّة وأن الفترة الَّتي ألَّف فيها كتاب التصاريف لم تكن المعاجم اللّغوية، أو المعجمات العامة، قد ظهرت فيها بعد. فاللّغة لم تزل مفرّقة في الصّدور، يأخذها الناس مشافهة، ويتناقلونها عن طريق الرواية. وأوّل معجم عام ظهورا هو كتاب العين للخليل بن أحمد، من رجال القرن الثاني. لكتب الوجوه والنظائر إذن أهمية أتتْها خاصة من المنهج الذي سارت عليه في تقديم مادّتها. فهو يسهّل على النَّاظر فيها استيعاب ما ورد فيها بسرعة وبوضوح. قيمة كتاب التصاريف لكتاب التصاريف قيمة مزدوجة: تاريخية وفنية. فهو يعتبر من الناحية التاريخية، إلى جانب كتاب مقاتل، من أقدم ما وصلنا من

آثار القرن الثاني، وذلك هام بالنسبة لدراسة نشأة تفسير القرآن، خاصّة وأنّ الكتاب معزّز بوجود كتاب التفسير لابن سلاّم ذاته، فبطل بذلك قول من جعل كتاب الطبري أقدم أثر وصلنا في تفسير القرآن كاملا. وما دام ابن سلاّم قد تأخَّر في التاريخ عن مقاتل إذ توفي ابن سلام سنة (200/815) وتوفي مقاتل سنة (150/767) فإن اتفاق كتابه مع أغلب كتاب مقاتل طريق لتوثيقه. فنُبعد بذلك عن مقاتل ما رمي به من الكذب، في هذا الكتاب على الأقلّ، ونزيد اطمئنانا لما ورد في كتاب التصاريف، وبالتَّالي لكلّ ما وصلنا من كتب ابن سلاّم. أمّا من الناحية الفنية فإنّ كتاب التصاريف هام، لأنَّه طرق موضوعا من أقدم المواضيع التي وقع تناول النَّص القرآني بها. والغريب ان ابن النَّديم لم يخصص فقرة للحديث عن كتب الوجوه والنظائر، وقد أشار إلى عدة تآليف تتعلَّق بمواضيع قرآنية مختلفة كلغات القرآن، وغريب القرآن والتفسير الخ ... وقد ذكّرنا قبل حين بأهمية موضوع هذا العلم فيما يتعلق بدراسة القرآن، دراسة لغوية من جهة، إذ هو يعمد إلى شرح الكلمات شرحا لغويا، ودراسة معجمية من جهة أخرى إذ هو يعمد إلى تجميع الآيات النظائر يعني المتفقة في اللَّفظ والمعنى. فهو خطوة أولى لوضع المعاجم تتطلب من صاحبها يقظة ذهن ومعرفة دقيقة بالقرآن وباللّغة معا. وممَّا يدل على أهمية كتب هذا الفن أنَّه قد استمرَّ وجودها ولم يقْض عليها ظهورُ المعاجم اللّغوية. والسَّبب في ذلك أنَّه رغم اتفاق المعاجم اللّغوية مع كتب الوجوه والنظائر في أغلب المعاني الموجودة فيها، فإن هذه الكتب طغت عليها الصّبغة القرآنية. فربَّما وجدنا فيها معاني لا تتعرّض إليها كتب اللّغة، لأنَّها قرآنية محضة. نذكر على سبيل المثال تفسير كلمة: "الناس" التي جعل لها ابن سلاّم أحد عشر وجها، لم يذكر منها ابن منظور سوى وجه واحد. وكذلك كلمة "المشي". وربما كان هذا هو الذي أكسب كتب الوجوه والنظائر خصوصيتها، وإن شئت قلت: انعزاليتها، إذ لم نعثر في كتب التفسير أو في غيرها من كتب الدراسات

القرآنية واللغوية على من اعتمد هذا النَّوع من الكتب. فبقيت كتب هذا الفنّ كتب اختصاص، يقصدها من أراد تحقيق غاية معيَّنة وهي الإلمام بمعاني الكلمات القرآنية، في نسقها القرآني، واستحضار نظائرها بسرعة، فيعين ذلك حفَّاظ القرآن على امتلاكه لفظا ومعنى، مثلما امتلكوا المتشابه من لظفه مثلا عن طريق تجميع الآيات المتشابهة في مكان واحد. وهذا ولا شكّ له أهميته في حفظ نوع معيَّن من التفسير، هو التفسير بالمأثور، ولكن يوجد إلى جانب ذلك في هذه الكتب شيء من السلبية إذ أنّ هذا النَّوع من التأليف يعتبر عاملا يقيّد الأفهام ويشدها إلى تلك المعاني المأثورة فيتحجَّر بذلك النَّص وتتضاءل فرص الإفادة منه. ودليلنا على ذلك ما وجدنا في كتب الوجوه والنظائر ذاتها على مرّ العصور. فهي هي هي، لم تغيّر من معانيها إلا في القليل الذي لا يكاد يذكر. فمطالعة أقدم أثر في هذا الفنّ وأعني بذلك كتاب مقاتل وكتاب ابن سلاّم وكلاهما من القرن الثاني، تغني عن مطالعة أحدث ما وصلنا فيه وأعني بذلك كتاب ابن العماد الذي ظهر في القرن التاسع. ولا أعتقد أنّ ملاحظة P. Nwyia صائبة عندما اعتبر مقاتل بن سليمان قد نظر إلى النص القرآني في كتاب الوجوه نظرة تركيبية شاملة. ذلك لأن ما لاحظناه من تشابه كبير بين كتاب مقاتل وكتاب ابن سلاّم، يدلّ على أنّ كتاب مقاتل مبنيّ على الرّواية وليس على الاجتهاد الفردي. أضف إلى ذلك أنّ التفاسير المذكورة في الكتاب، بالاستناد إلى ما جاء في كتاب ابن سلاّم، لم تُرو عن مفسّر واحد. فكيف يصحّ القول بالنظرة التركيبيَّة بهذا الاعتبار؟ إن هذا الذي ذكرناه يطرح المشكلة الكلاسيكية المعروفة من جديد: هل ينبغي أن نتقيَّد في التَّفسير بما أثر عن الأوائل، أو ينبغي أن نجتهد فيه الرأي؟ وبعبارة أخرى: هل ينبغي أن نقتصر في فهمنا للقرآن على المنهج الأثري، اللّغوي ونُغفل ما وصل إليه الباحثون، خاصّة فيما يتعلَّق بتطوّر المفاهيم اللّغوية ونمُوّها عبر العصور؟

مؤلف كتاب التصاريف وراويه

مؤلف كتاب التصاريف وراويه يحيى بن سلام اسمه: أبو زكرياء يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة التَّيمي تيم ربيعة مولاهم. هكذا ورد ضبط اسمه في معالم الإيمان في طبعته الحديثة.

وقد ذكر الدَّباغ أنّ أبَاه من الكوفة، ثم انتقل إلى البصرة. لذلك اتَّفقت المصادر على تلقيب يحيى بن سلام بالبصري. ولم نصادف من لقَّبه إلى جانب البصري بلقب ثان سوى ابن حجر حيث ذكر اسم يحيى بن سلاّم، نقلا عن سعيد بن عمرو البردعي، متْبُوعاً بـ "المغربي"، إشارة ولا شك، إلى انتقاله إلى إفريقية الَّتي استقر بها. حياته: تكاد تكون جميع كتب التَّراجم عالة على أبي العرب، والمالكي، فيما أوردته عن ابن سلاّم. لذلك لا نعتبر محظوظين فيما لدينا من معلومات عن هذا الرّجل، خاصة وأنّ أبا العرب لم ينهج منهج الإطالة فيما كتب، فقد علَّق عند حديثه عن ابن سلاّم بقوله: "وله مناقب كثيرة تركتها كراهة التَّطويل". وربما عثرنا على شيء من التَّفصيل في كتاب المالكي، غير أنَّنا لا نظفر فيه بطلبتنا فيما يخصّ بعض المسائل التي بقيت غامضة إلى اليوم. كانت ولادة يحيى بن سلاّم بالكوفة سنة (124/741 - 742) . ثم انتقل به أبوه ليسكن البصرة. ويظهر أنّ ابن سلاّم قد اشتغل بتحصيل العلم. فقد ذكر المالكي أن يحيى كان يقول: "أحصيت بقلبي من لقيت من العلماء فعددت ثلثمائة وثلاثة وستين عالما سوى التَّابعين، وهم أربعة وعشرون، وامرأة تحدث عن عائشة رضي الله تعالى عنها". وَالذي ينظر فيما وصلنا من تآليف ابن سلاّم يمكن أن يطمئن إل صحَّة هذا الخبر. متى قدم يحيى إلى إفريقية؟ لقد رحل ابن سلاّم الرّحلة التَّقليديَّة في طلب العلم؛ فقد جاء أنَّه روى عن مالك. ويظهر أنه التقى به وله نصيب من العلم والمعرفة. فقد ذكر أنّ مالكا

كتب عنه ثمانية عشر حديثا. وهذه شهادة على منزلة ابن سلاّم العلميَّة. إذ أنّ مالكا لا يأخذ سوى عن ثقة. ثم تذكر كتب التراجم أنَّه قدم مصر، ثم صار إلى إفريقيَّة وسكن القيروان دهرا. لكنَّها لم تحدّد الفترة التي قدم فيها، ولا الأسباب التى دفعته إلى الإستقرار بها. وقد رأى الأستاذ صمّود الذي حقق قطعة من تفسير يحيى بن سلام بأن مجيئه إلى مصر لا يمكن أن يكون بعد 174/790. لأن ابن سلاّم قد روى مباشرة عن ابن لهيعة. وقد توفي هذا المحدث المصري سنة 174/790 بمصر "ولا نعلم لابن لهيعة رحلة إلى البصرة". إنّ هذا الاستنتاج، وإن كان منطقيّاً، لا يمكن أن نقتنع به إذا راعينا بعض الملاحظات الأخرى. رأينا أنّ ابن سلاّم قد رحل إلى المدينة للقاء مالك، فلعلَّه قد التقى عند مالك بابن لهيعة، وروى عنه. كما يجوز أن يكون يحيى قد التقى بابن لهيعة بمصر في رحلته العلمية. فيكون قد زار مصر أثناء هذه الرّحلة، ثمّ زارها عند تحوّله نهائيّاً إلى إفريقية. ويؤيد ما ذهبنا إليه، ما ذكره ابن حجر في اللسان، من أنّ ابن سلاّم قد حدّث عن سعيد بن أبي عروبة بالمغرب. وقد توفي ابن أبي عروبة سنة 156/772. وبالجمع بين هذا الخبر والخبر السَّابق، يتبيَّن أن ابن سلاّم قد قام برحلته قبل 156/772، حيث كان له من العمر ما يخوّل له أن يجعل مالكا يثق به في علمه ويروي عنه. ولا يمكن أن يكون قدومه بعد 156 هـ لوفاة ابن أبي عروبة في تلك السنة. ونذكر دليلا ثانيا على استبعاد أن يكون أقصى تاريخ لتحول يحيى بن سلاّم إلى إفريقيَّة نهائيا، هو سنة 174/790 ما يستنتج من معالم الإيمان من أن محمد بن يحيى بن سلاّم، ولد بالبصرة حوالي سنة 180/796، فلا يمكن أن يكون تحوّل ابن سلاّم نهائيا إلى إفريقيَّة إذن قبل هذا التاريخ فهو التاريخ الأدنى لإمكانية قدومه. أمَّا أقصى تاريخ لقدومه إفريقية فيبدو لي أنَّه سنة 183/799، ذلك أنّ ابن سلاّم قد

سمع من البهلول بن راشد، وقد توفِّي البهلول 183/799 ولم يسمع منه يحيى سوى حديث واحد. معنى ذلك أنه لم تطل صحبته له. فيحصل من هذا كله أن ابن سلاّم قدم إفريقيَّة بين 180/796 - و 183/799 ويكون حينذاك قد دخل في العقد السَّادس من عمره. ما هي أسباب هجرة يحيى إلى إفريقية؟ لا سبيل إلى تقديم إجابة دقيقة حول هذا السؤال. فإن المصادر لا تعيننا على ذلك. ولا أعتقد بأن المناخ السِّياسي بإفريقيَّة، في الفترة الَّتي دخلها ابن سلاّم هو الَّذي شجَّعه على القدوم إليها. فقد صادف دخوله الَّذي رجَّحنا أن يكون قد تمّ بين (180-183هـ) انقضاء إمارة المهالبة بسبب ثورة أهل تونس على المغيرة، عامل الفضل بن روح بن حاتم عليها سنة 178/794. كما صادف ولاية محمد بن مقاتل العكِّي على إفريقيَّة سنة 181/797. ومعلوم أنه قد وقعت الثورة عليه من طرف عامله بتونس: تمَّام بن تميم التَّميمي لجوره. وانتهى الأمر بعزل العكي وتولية إبراهيم بن الأغلب (184/800) . فإن لم يكن الجوّ السياسي هو الذي قد دعا ابن سلاّم إلى دخول افريقية، فلعلّ الجانب العلمي هو الَّذي دفعه إليها. ولا نقصد أن القيروان قد أصبحت في هذه الفترة المبكرة من التاريخ محطّ أنظار طلاّب العلم، يرحلون إليها للأخذ عن علمائها فإن ذلك لم يحصل بعد، إنَّما الذي نقصده ربَّما كان عمليَّة عكسيَّة. فقد قصد رجال القيروان في القرن الثَّاني بلاد المشرق طلبا للعلم. وبرز في تلك الفترة، من تلاميذ مالك الأفارقة، عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافري (ت161/

777) الَّذي روى عنه جلَّة المشارقة كسفيان الثوري، وعبد الله بن لهيعة، وعبد الله ابن وهب. وعبد الله بن فرّوح (ت176-792) الذي يروي عنه يحيى بن سلام. وقد كان ذا مكانة عند مالك. وأبو يزيد رباح بن يزيد اللخمي (ت 172/788) . والبهلول بن راشد (ت183/799) وغيرهم. والذي نتصوره أن يحيى بن سلام قد التقى ببعضهم، وأخذ عن البعض منهم أو عمَّن روى عنهم. فلعلّ إعجابا بهؤلاء دفع ابن سلاّم إلى اللَّحاق بهم في بلادهم، وهو المولع بالرواية. كما يمكن أن نتصور تحوّل ابن سلاّم إلى إفريقيَّة، ناتجا عن رغبته في بث علمه بتلك المنطقة النائية، سالكاً في ذلك مسلك غيره من المشارقة الذين قدموا إفريقية لهذا الغرض أو لغيره، خاصّة أيَّام أمراء المهالبة الَّذين أحسنوا وفادة العلماء. شيوخ يحيى بن سلاّم: لقد تعرضت المصادر إلى ذكر بعض الشيوخ الَّذين روى عنهم يحيى بن سلاّم. وهؤلاء الذين ذكرتهم المصادر، أمثال الحسن بن دينار وحماد بن سلمة (ت 167/783) ، وهمَّام بن يحيى (ت164/780) ، وسعيد ابن أبي عروبة (ت156/772) ، والبهلول بن راشد (ت 183/799) ، وعبد الله بن فرّوخ (ت176 وقيل 175/792) ، قلَّة من وفرة.

وقد أخبر يحيى أنَّه لقي ثلثمائة وثلاثة وستين عالما، سوى التَّابعين، وهم أربعة وعشرون وامرأة تحدّث عن عائشة. ولا نعتقد أن في هذا الخبر مبالغة، فإنّ من ينظر في التَّفسير الَّذي ألَّفه يحيى ابن سلاّم يتبيَّن مدى صدقه. ولعلّ هذا التَّعدّد في الشّيوخ يرجع إلى ناحيتين: 1- كثرة ترحال ابن سلاّم. فكلّ بلد دخله روى عن شيوخه. فقد روى عن شيوخ من الكوفة، مثل يونس بن أبي إسحاق (ت 159/775) . ومن البصرة، مثل أبي الأشهب (ت165/781) . ومن الشام، مثل عبد الرحمن بن يزيد (ت153/770) . ومن مكة، وعلى رأسهم مالك بن أنس (ت179/795) . ومن مصر، مثل عبد الله بن لهيعة (ت174/790) . ومن إفريقيَّة، مثل عبد الله بن فرّوح (ت176/792) . 2- عدم تقيّده بشروط اشترطها فيمن روى عنهم. فهو يروي عن الثِّقة الَّذي لا مغمز فيه، كسفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث. ويروي عن الضعفاء كالحارث بن نبهان (ت بين 150 - 160/ 767 - 776) ، وبحر بن كنيز السَّقَّا (ت160/779) الذي اتَّفق علماء الحديث على ضعفه. كما يروي عن أصحاب الأهواء والمتَّهمين أمثال إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى (ت184/800) الذي سئل عنه مالك أكان ثقة؟ فقال: "لا، ولا ثقة في دينه". وكان قدريا معتزليّا جهميا كلّ بلاء فيه.

وحمَّاد بن أبي سلمة (ت120/737) وقد ألحّ علماء الحديث على إرجائه ونافع بن الأزرق الخارجي (ت65/685) . والكلبي (ت146/763) وهو كما نعلم متَّهم بالكذب. وقد أكثر يحيى من الرواية عنه. فاجتمع له بذلك الوفرة في عدد الشيوخ مع التَّنوّع. ولا تحدّثنا المصادر عن الشّيوخ الذين تأثَّر بهم يحيى بن سلاّم أكثر من غيرهم، ولا يستطيع الباحث أن يعلم ذلك، بالوقوف على ما وصلنا من تآليف يحيى، غاية ما يمكن ملاحظته، أنّ هنالك أسماء ربَّما وردت أكثر من غيرها في التَّفسير، مثل قتادة، والحسن البصري، والحسن بن دينار، والسّدّي، وابن عباس. ولا تخفى شهرة هؤلاء في ميدان التَّفسير. فلعلّ ذلك هو السَّبب الذي جعله يكثر من الرواية عنهم، مثلما فعل غيره من المفسّرين الذين يعتمدون الرّواية في التَّفسير. وخلاصة القول، أنّ ابن سلاّم قد أكثر في كتبه من الرّواية عن الشيّوخ، ولم يتخيَّر عمَّن يروي. ونوَدّ أن نشير إلى أنَّنا لم نعثر في مرويات يحيى عن مقاتل بن سليمان، صاحب الأشباه والنظائر في القرآن، رغم اشتهار هذا في ميدان التفسير وعلوم القرآن. تلاميذ يحيى بن سلاّم: ذكرت المصادر عددا من تلاميذ يحيى بن سلاّم، أو من رووا عنه، وأغلب من ذكر، وهم في مجموعهم قلَّة، أفارقة. وهذا أمر طبيعيّ ما دام ابن سلام قد استقرّ بالقيروان. وقد أخبر ابن سلاّم أنّ مالك بن أنسٍ، روى عنه أربعة وعشرين حديثا. وكان يقول: "كلّ من رويت عنه العلم روى عنِّي إلاّ القليل". كما روى عنه أصبغ بن الفرج (ت225 أو 224/838) من أهل مصر. وقد كان كاتبا لابن وهب، صدوقا، ثقة، حجَّة في مذهب مالك. ونخصّ بالذّكر تلميذين له من إفريقيَّة هما: ابنه محمد (ت262/875) ، وأبو داود أحمد بن موسى بن جرير الأزدي العطَّار (ت274/887) ، لأنَّهما

اللَّذان وصل إلينا تفسير ابن سلاّم عن طريقهما، بروايتهما له عن يحيى بن سلاّم المؤلف، وذلك ما نجده في قطع تفسير ابن سلام وفي فهرست ابن خير. محمد بن يحيى بن سلاّم: قد ترجم لمحمد بن يحيى بن سلام الدَّبَّاغ في معالمه، ولم يفعل ذلك أبو العرب الَّذي اكتفى بالإشارة إليه ضمن ترجمة أبيه. ولا تفيدنا هذه الترجمة كثيراً عن حياة هذا الشيخ. فقد ذكر فيها أنَّه ولد بالبصرة. ويظهر أنَّه قد اشتغل بتحصيل العلم مثل أبيه. فقد ذكر الدَّبَّاغ أنَّه كان "فقيها، حافظا، له عناية كاملة بالحديث، ونقله وروايته، وضبطه، ومعرفة رجاله وحملته". ويظهر أن تكوين محمد بن يحيى قد تمّ بإفريقيَّة، إذ قد رجَّحنا أن يكون قدوم يحيى بن سلاّم إلى إفريقيَّة بين 180/183هـ. وقد ولد محمد 180هـ. ولم نعثر على ذكر لشيوخ محمد، إلاّ ما نعْلمه من تلمذته لأبيه يحيى عن طريق روايته للتَّفسير عنه. لكنَّنا لا نشكّ في كونه قد تفقَّه برجال القيروان، ما دام قد نشأ بها. ولا نعلم لمحمد رحلة سوى ما ذكره من مرافقته لأبيه في سفرته للحجّ. وقد خرج يحيى ابن سلاّم للحجّ سنة 200هـ وتوفي في تلك السنة، فيكون عمر محمد عند خروجه مع أبيه عشرين سنة. وقد عثرنا على بعض تلاميذ محمد بن يحيى. فمنهم: - أبو عبد الله محمد بن أبي داود العطار (ت300/912) ، الَّذي سمع أيضا من أبيه، أحمد بن موسى، الرّاوي الثَّاني لتفسير يحيى بن سلاّم. - وأبو العرب، محمد بن أحمد بن تميم التميمي (ت333/944) .

وقد كان سبب طلبه للعلم إعجابه بما شاهده في دار محمد بن يحيى بن سلاّم من طلبة وما كانوا عليه، فأصبح يقصد بدوره ابن سلاّم ويكتب ما يقوله. - ويحيى بن محمد بن يحيى بن سلاّم (ت280/893) الَّذي روى تفسير جده عن أبيه. وقد ذكر أبو العرب أن محمَّدا كان ثقة، نبيلا. ويظهر أنه كان على السّنَّة مقاوما للبدعة. فقد ذكر أبو العرب، نقلا عن يحيى الحفيد، أنّ أباه عاتب عباسا السدري، وأنكر عليه رأيه السّوء. ولا نعلم أيّ الأهواء كان عليها أبو الفضل. كما يبدو أنّه ذو خلق كريم حبَّبه إلى النَّاس. أمَّا نشاطه العلمي فيتمثَّل في جلوسه للإلقاء. ومرّ بنا خبر أبي العرب في ذلك. كما تعرّفنا أيضاً على بعض تلاميذه. وقد روى محمد تفسير أبيه فأخذه عنه الناس. وذكر ابن خير منهم أربعة بين افارقة وأندلسيين. ولا نعلم لمحمد بن يحيى تأليفا سوى ما ذكره ابن خير، من كونه قد زاد على تفسير أبيه يحيى. وقد حدّث بتلك الزيادة أبو الحسن علي بن الحسن المُرّي البَجَّاني (ت274/887) عن يحيى بن محمد بن يحيى بن سلاّم. أبو داود العطار: هو أحمد بن موسى بن جرير الأزدي العطار. كان من بيت علم "أقامت لهم الرئاسة وسؤدد العلم نحو مائة وثمانين سنة". ولد سنة 183/799 وأخذ في طلب العلم منذ حداثة سنه، إذ كان أبوه، أبو أحمد موسى بن جرير، يصطحبه معه؛ فسمع بسبب ذلك من جلَّة شيوخ القيروان.

فأخذ عن سحنون، ويحيى بن سلاّم، ومعاوية الصّمادحي، وأسد بن الفرات. كما أخذ عن أبيه موسى. ويظهر أن موسى، والد أبي داود، قد ألقى تفسير ابن سلاّم. وسمعه منه عيسى بن مسكين. فلا يستبعد أن يكون أبو داود قد أخذ ذلك التفسير عن والده. لكن الأمر الذي لا شك فيه، أن أبا داود قد أخذ التفسير مباشرة عن مؤلفه يحيى بن سلاّم، كما ورد في فهرست ابن خير، وفي قطع التفسير القيروانية. وقد أخذ تفسير ابن سلاّم عن أبي داود عدد كبير من الناس، من القيروان ومن الأندلس. وكان أبو داود ثقة. وذكر أن في كتبه خطأ وتصحيفا، ولم يذكر نوعه. وقد توفي أبو داود في ذي الحجَّة 274/888 وهو ابن 91 سنة. تهمة يحيى بن سلاّم بالأرجاء يقف النَّاظر في كتاب أبي العرب، وفي كتاب المالكي عند ترجمة يحيى بن سلاّم على خبر تهمته بالإرجاء. وتدلّ عبارة أبي العرب، في قوله: "ورمي بالإرجاء"، وما ذكره من تبرئة يحيى نفسه من هذه التهمة، وموقفه الدّفاعي عنه عندما علَّق على كلام حفيد يحيى الَّذي برّأ جدّه من التّهمة بقوله: "وكان يحيى ثقة، صدوقا، لا يقول عن جدّه إلاّ الحقّ"، يدلّ هذا كلّه على الرّغبة الملحَّة في تبرئة يحيى ممَّا نسب إليه. وهذه الرَّغبة نلمسها أيضا عند المالكي، حين أورد مقالة عون بن يوسف الخزاعي في مجلس ابن وهب، وقد أمر ابو وهب باطِّراح قول ابن سلاّم لقوله بالإرجاء.

وإن اختلفت صورة خبر عون في كتاب أبي العرب وكتاب المالكي، فإن جوهره فيهما واحد. ومفاده: أنّ ابن سلام ليس من المرجئة، إنَّما انجرّت إليه التّهمة بسبب سوء تفاهم وقع بين موسى بن معاوية الصّمادحي وسحنون حول المسألة. ولا يمكن أن نتبيّن حقيقة مذهب ابن سلاّم بالاكتفاء بما ورد في هذين المصدرين، خاصة وأن مقالة أبي العرب متأثرة بما ورد عن حفيد ابن سلاّم، وإن كان موثّقا. فالأسلم أن نبحث في التَّفسير، هل نجد فيه أثرا لهذا المذهب. ماذا نجد في التّفسير؟ نجد فيه ذمّا للأهواء والبدع، ودعوة إلى اتِّباع السّنَّة. فقد جاء في تفسير قوله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ} ما يلي: "قال النَّضر، وسمعت أبا قلابة يقول لأيّوب: يا أَيّوب، احفَظ منِّي ثلاثا: لا تقاعد أهل الأهواء، ولا تستمع منهم ... ". وروى يحيى حديثا عن مكحول، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السّنَّة سنَّتان، سنة في فريضة، الأخذ بها هدى، وتركها ضلالة، وسنَّة في غير فريضة، الأخذ بها فضيلة، وتركها ليس بخطيئة". ونجد في التَّفسير تأكيدا على التَّوحيد، ومبالغة في ذمّ الشرك. روى يحيى عن سفيان الثوري أن رسول الله صلى عليه وسلم، سئل عم الموجبتين، فقال: "من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنَّة، ومن مات يشرك بالله دخل النَّار". ونجد فيه أيضا إشادة بالأعمال. روى يحيى عن جعفر بن برقان الجزري عن أبي الدرداء، قال: "ويل لمن لا يعلم مرّة، ويل لمن يعلم ثمّ لا يعمل سبع مرات". فالجزاء مرتبط بالأعمال: "خلق الله تبارك وتعالى السماوات والأرض للقيامة ليجزي الناس بأعمالهم".

وبالأعمال تتفاوت الدّرجات. جاء في تفسير قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ} ، المؤمنون والمُشركون، للمؤمنين درجات في الجنَّة، عل قدر أَعمالهم، وللمشركين درجات في النار، على قدر أعمالهم". والطَّاعات، كفَّارات للصغائر. يقول في تفسير الآية: 7 من العنكبوت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إن الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفَّارات لما بينهنّ، ما اجتنبت الكبائر". ويذكر ابن سلاّم صورة حيَّة عن أهميَّة الأعمال بالنِّسبة لحياة الإنسان الأخروية، في حديث طويل تظهر فيه الزّكاة، والصّلاة، والدّور الذي تلعبانه في تحديد مصير الإنسان. فهذا الذي ذكرناه لا نلمس فيه إرجاء مطلقا، ما دام هنالك اهتمام وتأكيد على الأعمال إلى جانب الإيمان. لكنَّه وردت في التَّفسير إشارات أخرى، تجعل الباحث يقف وقفة تردّد. فقد جاء عند تفسيره لسورة التحريم، نقلا عن سفيان الثوري: "التَّائب من الذنب كمن لا ذنب له". ثم تلا هذه الآية: {إِنَّ الله يُحِبُّ التوابين} . فإذا أحبّ عبدا لم يضرّه ذنب. وذكر أثناء تفسيره لسورة مريم حديثا يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات كتبهنّ الله على عباده، من جاء بهنّ تامَّات، فإن له عند الله عهدا أن يدخله الجنَّة، ومن لم يأتي بهنّ تامَّات، فليس له عند الله عهد، إن ساء عذّبه وإن شاء غفر له". وهذه مقالة أخرى جاءت في التَّفسير، فيها إشارة إلى مبدإ أساسي من مبادئ الإِرجاء، وهو الإمساك عن القول في الصّحابة. وقد نشأ هذا المبدأ إثر وقوع الفتنة أيّام عثمان، رضي الله عنه، واستمرّ القول به في عهد الدولة الأموية، يقول يحيى بن سلاّم، قال النَّضر: وسمعت أبا قلابة يقول لأيوب: يا أيوب، احفظ

منِّي ثلاثا: لا تقاعد أهل الأهواء، ولا تستمع منهم، ولا تفسِّرَنّ القرآن برأيك فإنَّك لست من ذلك في شيء، وانظر هؤلاء الرّهط من أصحاب النبي، فلا تذكره إلا بخير". وفي رواية أخرى: "ثلاث ارفضوهن: مجِادلة أصحاب الأهواء، وشتم أصحاب رسول الله، والنظر في النجوم ... ". وقد وقفت في تفسير ابن أبي زمنين (4399/1009) ، وهو مختصر لتفسير يحيى بن سلاّم، على نصوص معبِّرة منها: "يحيى بن عمار الدهني ... عن الحسن قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على ثلاث: الجهاد ماض منذ بعث الله نبيه إلى آخر فئة من المسلمين، تكون هي التي تقاتل الدّجَّال، لا ينقصه جور من جار، والكفّ على أهل لا إله إلا الله أن يكفروهم بذنب، والمقادير خيرها وشرها من الله". وجاء في موضع آخر: "يحيى عن عاصم بن حكيم ... . عن عليّ قال: "لا تنزلوا العارفين المحدثين الجنَّة ولا النَّار حتَّى يكون الله هو الذي يقضي فيهم يوم القيامة". فهذه الملاحظات، التي بدت فيها مبادئ الإرجاء ومصطلحاته كعبارة: الذنب لا يضر، وعدم التكفير بالذّنب، وإرجاء الحكم لله في العفو والعقاب، وفي الصحابة، تجعل الباحث يعود ليتساءل أن كان يحيى بن سلام من المرجئة. إنّ الأقرب إلى الذّهن أن نقول: كان ابن سلاّم من مرجئة أهل السّنَّة لا من مرجئة البدعة. فلقد قسم العلماء المرجئة إلى هذين القسمين الكبيرين. ومنهم من أدخل في القسم الأول أبا حنيفة، وسعيد بن جبير، ومقاتل بن سليمان. فإنّ هؤلاء جميعا لا يكفرون بالذَّنب، ويرجئون الحكم لله في الجزاء، ويتوقَّفون عن الكلام في الصَّحابة، رضي الله عنهم. وهذا هو ما ذهب إليه ابن سلاّم. فإن صحَّت نسبة الإرجاء إلى ابن سلاّم فلا يمكن اعتباره من مرجئة البدعة الَّذين لا يحفلون بالأعمال، ما دام قد أكدَّ عليها كما رأينا ذلك. أمَّا ما ورد عنده من أحاديث تؤكد على أهميَّة الإيمان، وذمّ الشرك، فإنَّه لم يخالف بإيراده لذلك، أهل السّنَّة والجماعة.

ولعلّ شيوع التهمة عليه، إنَّما تمّ للسَّبب الذي ذكره أبو العرب. وهو أنّ موسى بن معاوية الصّمادحي، نقل إلى سحنون خبرا عن ابن سلاّم، فيه مقالة أناس بالشّرق، مذهبهم أن الإيمان قول، فظنّ سحنون أنه نقل بذلك عقيدة ابن سلاّم فقال: هذا مرجئي. ولا يخفى أن سحنونا (ت 240/854) كان متصدّيا للبدع بالقيروان. وهو أوّل من شتَّت حلقات المبتدعة من المساجد. فهو بالمرصاد لكلّ الشّبه يقطعها من أصلها. ويظهر أن موسى بن معاوية الصّمادحي (ت 225/839) كان بدوره مقاوما للبدع. فقد عثرت على قطعة بالمكتبة الأثرية بالقيروان، جاء في عنوانها: "كتاب فيه أحاديث في السَّنَّة والنهي عن البدعة، ممَّا حدثني به أحمد بن أحمد بن أحمد بن يزيد المعلم، عن موسى بن معاوية الصمادحي وغيره". وفي القطعة تشديد كبير على أهل البدع. فقد وردت فيها أحاديث حول القول بكفر من قال بخلق القرآن، وأحاديث حول القدرية، والجمهيَّة، والمرجئة. وقد ورد في شأن المرجئة أنَّهم الخبثاء. ويمكن أن نضيف إلى هذا، أن ابن سلاّم كان حسب ما ورد في تفسيره ميَّالا إلى مذهب السَّلف، وإلى العامَّة. زد إلى ذلك أن تهمة الإرجاء لا نجدها في مؤلَّفات المشارقة الذين تحدَّثوا عن يحيى بن سلاّم، وربَّما وجدنا فيها ما يثبت عكس التهمة. فقد ذكر ابن الجزري مثلا أنّ ابن سلام كان صاحب سنَّة.

مؤلفات يحيى بن سلاّم: إن الإجمال الذي رأيناه محيطا بحياة يحيى بن سلاّم، نجده ايضا فيما يتعلَّق بتآليفه. فقد ذكر أبو العرب أنّ له مصنَّفات كثيرة في فنون العلم، ولم يشر إلى أيّ واحد منها، سوى ملاحظة عابرة، ذكرها حول التَّفسير في ترجمة أبي أحمد موسى بن جرير العطَّار. ولعلَّ أوّل من اهتمّ بذكر تفسير ابن سلاّم، هو ابن خير في الفهرست حيث أورد عدّة أسانيد رُوي بها ذلك التفسير. ثمّ تظافرت المصادر على ذكره والتَّنويه بشأنه. فقد قال فيه ابن الجزري: "وليس لأحد من المتقدّمين مثله". ولا زال هذا التفسير مخطوطا. وقد وقعت العناية بتحقيق عدد من أجزائه. ولم تنشر هذه الأعمال بعد. ونسخ هذا التفسير متعدّدة، ولا زالت مشتَّتة تحتاج إلى الضبط. وتغلب على التفسير نزعة الرّواية، دون أن يغفل المؤلف التذكير برأيه إن اقتضى الأمر ذلك، أو أن يستعين على الشرح بالرّجوع إلى اللّغة، أو النَّحو، أو غيرهما من العلوم القرآنية السائدة في عصره. وأشار ابن الجزري إلى كتاب الجامع. ولم أعثر عليه، ولعلَّه حسب عنوانه، في الحديث. وذكر الدَّبَّاغ، أن لابن سلاّم اختيارات في الفقه، ولم أعثر عليه أيضا. غير أنه يوجد بالمكتبة الأثريَّة بالقيروان ورقة بها تمزيق، بدا لي من موضوعها ومن ذكر يحيى فيها، أنَّها من اختياراته الفقهيَّة. فهي تتحدث في الطَّلاق، وفي الخُلْع. وممَّا ورد فيها: "سعيد عن قتادة قال: إنما يبعث الحكمان ليصلحا، فإن أعياهما أن يصلحا شهد على الظالم بظلمه، وليس بأيديهما الفرقة، ولا يملكان ذلك. وبه يأخذ يحيى. الخ ... ". وهذه العبارة تكررت في التفسير مرارا.

كما عثرت بنفس المكتبة على بقية من ورقة جاء فيها: مقابل بكتاب محمد بن يحيى بن سلام ب الأشربة سلام حدثني به يحيى بن محمد ابن السلام عن أبيه عن جده بن أحمد بن تميم في سنة ثلث وسبعين ومائتين ذلك في سنة خمس وسبعين ومائتين ويتعلَّق النَّصّ الوارد في ظهر الورقة بتفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر} . فذكر مراحل تحريمهما، وتاريخه، ووصف ردّ فعل الصّحابة رضي الله عنهم عند سماعهم بخبر تحريم الخمر، ثم ذكر حكم شارب الخمر في الدّين: "فطر عن يونس بن خبَّاب ... .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر لم يقبل الله منه صلاة سبعة أيام، ومن انتشى منها، لم يقبل منه أربعين ليلة، وإن مات فيها، مات كافرا ... الخ ... ". ويدلّ هذا الحديث على شدّة اهتمام يحيى بالأعمال بالنِّسبة لمصير الإنسان. مقالة العلماء في يحيى بن سلاّم - شهرته: اتَّفقت المصادر الإفريقيَّة والشَّرقيَّة على توثيق يحيى بن سلاّم في علمه. فقد شهد له بالثقة أبو العرب، وأضاف الدَّبَّاغ: "ومحلّه من العلم معلوم". ولقَّبه ابن الجزري بالإمام. ورغم كون الدارقطني قد ضعَّفه، فقد ذكر بأن حديثه يكتب. ووصفه ابن أبي حاتم الرازي بأنه صدوق.

يحيى بن محمد بن يحيى بن سلام راوي كتاب التصاريف

وممَّن ذكر يحيى بن سلام في تآليف الداني في كتابه المقنع، وفي كتابه الوقف. كما اورده ابن عطية في تفسيره، وان لم يكثر من الرواية عنه. مغادرة يحيى بن سلاّم إفريقية - وفاته: نجد ذكر سبب مبارحة يحيى بن سلام إفريقية، عند ابن الأبار في الحلَّة. فقد ذكر بأنّ يحيى كان قد سفر بين أبي العبَّاس عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب، وبين عمران بن مجالد بن يزيد الرّبعي، الَّذي كان قد ثار على إبراهيم بن الأغلب ثم سأل الأمان فأمنه. ولم يلبث أبو العباس، حتى كاد لعمران فقتله، "فلمَّا قتله وجِدَ (يعني يحيى بن سلام) لذلك وقال: لا أسكن بلدا أخفر فيه العهد على يدي". فَخرج إلى مصر، ومنها إلى مكة. وفي طريق رجوعه توفي سنة 200/815، وبالتَّدقيق لأربع بقين من صفر. ودفن بمصر، بالمقطَّم. يحيى بن محمد بن يحيى بن سلام راوي كتاب التصاريف أفرده بالتَّرجمة الدَّبَّاع تحت اسم: محمد بن محمد بن يحيى بن سلاّم التيمي، تيم ربيعة. ولم يرد بهذا الاسم في غير هذا الكتاب. وتذكره المصادر الأخرى باسم: يحيى بن محمد بن يحيى بن سلاّم. كما نجده بهذا الاسم في قطع تفسير ابن سلام، جدّه، الَّتي رواها عن أبيه محمد. ولم يختصّه بترجمة مستقلِّة سوى الدّباغ. أمّا بقية المصادر، فإنَّها تتحدث عنه بالمناسبة، خاصّة عند الحديث عن جدّه يحيى بن سلام.

ولد يحيى الحفيد، حسب ما ورد في طبقات أبي العرب، سنة 198/813. ولم تذكر المصادر مكان الولادة، ولكن لا بدّ أن يكون افريقيَّة، ما دامت عائلة ابن سلاّم قد استقرّت بها. ولا بدّ أن يكون يحيى الحفيد قد اشتغل بتحصيل العلم، لكنّ المصادر لا تسعفنا بمعلومات كثيرة عن ذلك، سوى ما ذكره الدّبَّاغ من كون يحيى الحفيد سمع من أبيه محمد. ويشهد على هذا السماع، ما وصلنا من رواية يحيى الحفيد لتفسير جدّه، عن طريق أبيه محمد. وقد أثبت ابن خير هذه الرواية في فهرسته. ويظهر أن يحيى كان يتمتَّع بسمعة طيِّبة في الوسط العلمي، علما، وخلقا. فقد وصفه أبو العرب بكونه ثقة، صدوقا، محسنا في علمه، متواضعا فيه، ذا خلق كريم. كما وصفه الدّبَّاغ بالفقه، والضبط، والصّلاح. وقد وقفنا على عدد من تلاميذه نذكر في طليعتهم أبا العرب (ت 333/944) ، صاحب كتاب الطبقات. وقد طالت صحبته له، جعلها الدَّبَّاغ نحوا من سبعين سنة. ومن الغريب أنّ أبا العرب لم يفرد يحيى الحفيد بترجمة مستقلَّة، ولم يذكر روايته لتفسير جدّه. ولا لكتاب التصاريف. وتتلمذ على يحيى الحفيد، أبو الحسن علي بن الحسن البجاني (ت334هـ/945م) . الذي روي عنه تفسير جده. وكما ذكرت سابقا، لم تذكر المصادر ليحيى الحفيد تأليفا إلاّ ما ذكر من روايته لتفسير جدّه. وكتاب التَّصاريف الذي يوجد بين أيدينا، قد نسب له، ولكن قد بيَّنَّا رأينا حول نسبة هذا التأليف ليحيى الحفيد. أما وفاته فقد جعلها أبو العرب سنة 280/893. وكذلك جاء عند الدباغ. وقد اختلفا في عمره الذي توفي عليه لاختلافهما في سنة ولادته.

تفسير "هدى" على سبعة عشر وجها

تفسير "هُدًى" على سبعة عشر وجها الوجه الأول: هدى يعني بيانا وذلك في قوله في البقرة: {أولائك على هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ} يعني على بيان من ربهم. وقوله في لقمان: {أولائك على هُدًى} يعني على بيان. وتصديق ذلك في حمالسَّجدة قوله: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} يعني بيَّنَّا لَهُمْ. وقال في هل أتى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السبيل} يعني بَيَّنَّا له السَّبِيل. وقال في لا أقسم: {وَهَدَيْنَاهُ النجدين} يعني بيَّنَّا له. وقال في الأَعراف: {أَوَلَمْ يَهْدِ} يعني أو لم يبّيِّن، {لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرض} . وفي طاه: {أَفَلَمْ يَهْدِ} يعني أفلم يبَيِّن،

الوجه الثاني: هدى يعني دين الإسلام

وهو تفسير قتادة. وقال الحسن: وقوله: {قَدَّرَ فهدى} يَعْنِي بَيّن له سبيل الهدى وسبيل الضلالة، وفي الم تنزيل السَّجدة: {أَوَلَمْ يَهْدِ} يعني أو لم يبيّن لهم. ونحوه كثير. الوجه الثاني: هدى يعني دين الإسلام وذلك قوله في الحج {إِنَّكَ لعلى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} يعني على دين مستقيم، حق، وهو الإِسلام. ومثلها في البقرة: {قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الهدى} يعني دين الله، يعني الإِسلام، هو الدين وهو الحق. وفي الأَنعام: {قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الهدى} يعني دين الله هو الدِّين. وقال في آل عمران: {قُلْ إِنَّ الهدى هُدَى الله} يعني إِنَّ الدين دين الله وهو الإِسلام، وهو الحق. ونحوه كثير. الوجه الثالث: هدى يعني الإيمان وذلك قوله في سورة مريم:

الوجه الرابع: هدى يعني دعاء

{وَيَزِيدُ الله الذين اهتدوا هُدًى} يعني يزيدهم إيمانا. وكقوله في الكهف: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} يعني إِيمانا. وفي سبأ: {أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ عَنِ الهدى} يعني عن الإيمان. وقال في الزُخرف {إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ} يعني إِنَّنا لمؤمنون، وهو تفسير مجاهد. ونحوه كثير. الوجه الرابع: هدى يعني دعاء وذلك قوله في الرعد: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} يعني داعيا، يعني نبيّاً. وهو تفسير قتادة. وفي حمعاساقا: {وَإِنَّكَ لتهدي} يعني لتدعو. وفي الأَنبياء: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ} يعني يدعون {بِأَمْرِنَا} . وقال في الم السجدة: {أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} . ومثله كثير. وقال في سبحان: {إِنَّ هاذا القرآن يَِهْدِي} يعني يدعو، {لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} . وقال في الأَحقاف: {مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يهدي} يعني يدعو {إِلَى الحق} ، وقال في قل أوحي: {يهدي إِلَى الرشد} يعني يدعو. وقال في الصَّافَّات: {فاهدوهم} يعني

الوجه الخامس: هدى يعني معرفة

فادعوهم، {إلى صِرَاطِ الجحيم} . وقال في الأَعراف: {وَمِن قَوْمِ موسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ} يَعْنِي يدعون {بالحق وَبِهِ يَعْدِلُونَ} . الوجه الخامس: هدى يعني معرفة وذلك قوله في النَّحل: {وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ} يعني يعرفون الطّرق. وفي النَّمل {نَنظُرْ أتهتديا} يعني أتعرفه تفسير مجاهد {أَمْ تَكُونُ مِنَ الذين لاَ يَهْتَدُونَ} يعني أم تكون من الَّذين لا يعرفون. وفي الأَنبياء: {فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} يعني لعلَّهم يعرفون الطَّريق، تفسير قتادة. وقال في الزخرف: {سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} لكي تبصروا الطريق، يعني لعلكم تعرفون. وفي طه: {ثُمَّ اهتدى} ثم عرف الصّواب. الوجه السادس: هدى يعني أمر محمد يعني أمر النبي وذلك قوله تعالى في الذين كفروا: {مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى} يعني أمر محمد أنه رسول الله وقامت عليهم الحجة بالنبي والقرآن. وفي البقرة: {إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ البينات والهدى} يعني أمر محمد أنَّه رسول الله. وقال قتادة: وكتموا الإِسلام، وكتموا محمدا وهم يجدونه مكتوبا عندهم. وفي الَّذين كفروا أيضا: {وَشَآقُّواْ الرسول مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى}

الوجه السابع: هدى يعني رشدا

يعني أمر محمد أنَّه نبي وأنه رسول الله. وقال يحيى: من بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لهم الإِيمان، وقامت عليهم الحجًَّة على النبي والقرآن، يعني المنافقين. الوجه السابع: هدى يعني رشدا وذلك قوله في القصص: {عسى ربي أَن يَهْدِيَنِي} . قال قتادة: أن يرشدني {سَوَآءَ السبيل} . وفي طه: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النار هُدًى} يعني مرشدا للطريق. وقال قتادة: يهدونه الطَّرِيق. وفي ص: {واهدنآ إلى سَوَآءِ الصراط} يعني أرشدنا. وفي فاتحة الكتاب {اهدنا الصراط} يعني ارشدنا ونحوه كثير. الوجه الثامن: هدى يعني رسلا هدى يعني رسلا وكتبا، وذلك قوله في البقرة: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى} يعني رسلا وكتبا، {فَمَن تَبِعَ هُدَايَ} يعني فمَنْ تبِع رسلي وكتبي. وفي طه: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى} ، مثل الأَوًَّل سواء، {فَمَنِ اتبع هُدَايَ} يعني رسلي وكتبي، {فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يشقى} . الوجه التاسع: هدى يعني القرآن وذلك قوله في النجم: {وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهدى} يعني القرآن، فيه بيان كل شيء. وقال في سبحان: {وَمَا مَنَعَ الناس أَن يؤمنوا إِذْ جَآءَهُمُ الهدى} يعني القرآن. وفيه بيان كل شيء. وفي يوسف: {وَهُدًى وَرَحْمَةً} يعني القرآن. وفي آل عمران مثلها. وفي الكهف: {وَمَا مَنَعَ الناس أَن يؤمنوا إِذْ جَآءَهُمُ الهدى} يعني القرآن.

الوجه العاشر: هدى يعني التوراة

الوجه العاشر: هدى يعني التوراة وذلك قوله في حمالمؤمن: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الهدى} يعني التَّوراة. وفي الم السجدة: {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لبني إِسْرَائِيلَ} يعني التَّوْراة. وقال الحسن: {وَجَعَلْنَاهُ} يعني موسى {هُدًى لبني إِسْرَائِيلَ} . وفي أوّل سبحان مثلها. الوجه الحادى عشر: هدى يعني التوفيق وذلك قوله في البقرة: {وأولائك هُمُ المهتدون} إِلى الاسترجاع والصّبر، يعني هم الْموفَّقون. وفي التَّغابن: {وَمَن يُؤْمِن بالله يَهْدِ قَلْبَهُ} يعني يوفِّق قلبه إلى الاسترجاع عند المصيبة فسلَّم ورضي وعرف أَنها من الله. الوجه الثاني عشر: هدى يعني لا يهدي وذلك قوله في البقرة: {والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين} المشركين، لا يهديهم إِلى الحجّة، ولا يهديهم من الضَّلالةِ إِلى دينه. وفي براءة: {والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين} يعني إِلى الحجَّة. وفي سورة الجمعة: {والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين}

الوجه الثالث عشر: هدى يعني التوحيد

يعني لا يهديهم من الضَّلالةِ إِلى دينه. قال: هم الَّذِين يلقون الله بشركهم. وفي الصّف مثلها أيضا. ونحوه كثير. الوجه الثالث عشر: هدى يعني التوحيد وذلك قوله في القصص {إِن نَّتَّبِعِ الهدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ} يعني التَّوحيد وهو الإِيمان. وفي الصَّفِّ: {هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق} يعني التَّوحيد يعني الإِسلام. ومثلها في براءة. وفي إِنَّا فتحنا لك: {هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى} يعني التَّوحيد، {وَدِينِ الحق} . يعني الإِسلام. الوجه الرابع عشر: هدى يعني سنة وذلك قوله في الزخرف {وَإِنَّا على آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} يعني مستنون سنتهم في الكفر. وقال مجاهد: سنتهم. وفي الأَنعام يقول للنَّبي: {فَبِهُدَاهُمُ اقتده} يعني بسنتهم، التوحيد، "اقتده"، يعني اسْتَنَّ بِها.

الوجه الخامس عشر: هدى يعني التوبة

الوجه الخامس عشر: هدى يعني التوبة وذلك قوله في الأَعراف {إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ} . تفسير مجاهد وقتادة: إنَّا تبنا إليك. الوجه السادس عشر: هدى يعني يصلح يهدي يُصلح، وذلك قوله في سورة يوسف {وَأَنَّ الله لاَ يَهْدِي كَيْدَ الخائنين} يعني لا يصلح عمل الزُّناة. الوجه السابع عشر: هدى يعني الإلهام وذلك قوله في طه: {الذي أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى} يعني ألهمه لمرعاه، فمنها ما يأكل النَّبْت، ومنها ما يأكل الحب، ومنها ما يأكل اللَّحم. وقوله: {خَلْقَهُ} يعني صورته التي تصلح له. قال: {ثُمَّ هدى} يعني ألهمه كيف يأتي معيشته ومرعاه، وذلك قوله في سَبِّح اسم ربِّك الأعلى {والذي قَدَّرَ فهدى} يعني قدَّر الخلق، الذَّكر والأُنثى، "فهدى" يعني أَلهَم كيف يأتيها وتأتيه.

تفسير الكفر على أربعة وجوه

تفسير الكفر على أربعة وجوه الوجه الأول: الكفر يعني الكفر نفسه يعني الكفر بتوحيد الله والإِنكار له، وذلك قوله في البقرة: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ} . يقول: إِنَّ الَّذِين كفروا بتوحيد الله، الَّذين يلقون الله بكفرهم. وقال في سورة محمَّد: {الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله} ، الهُدَى، يعني الإِسلام، يعني كفروا بتوحيد الله. وفي الحجِّ: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} كفروا بتوحيد الله؟ الوجه الثاني: الكفر يعني الجحود وذلك قوله في البقرة: {فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ} يعني جحدوا به وهم يعرفونه. وفي الأَنعام {الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ} يعني يعرفون النَّبِيَّ عليه السَّلام لأنَّ نعته عندهم في التوراة، قال: {الذين خسروا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} لأَنهم كفروا به بعد المعرفة. وقال في البقرة: {وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحق وَهُمْ يَعْلَمُونَ} الحق. وقال في

الوجه الثالث: الكفر يعني كفر النعمة

آل عمران: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين} يعني من كفر بالحجِّ فجحد به من أهل الكتاب وأهل الأَديان، فلم ير الحج واجبا {فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين} يعني أهل الكتاب وغيرهم. الوجه الثالث: الكفر يعني كفر النعمة وذلك قوله في البقرة: {واشكروا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} ولا تكفروا نعمتي. وقال في النَّمل: {أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} يعني أم أكفر النِّعمة. وفي لقمان: {وَمَن كَفَرَ} يعني كفر النِّعمة. وقال فرعون: {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الكافرين} يعني الكافرين بنعمتي، إِذ ربيتك صغيرا وأحسنت إِليك. ونحوه كثير. الوجه الرابع: الكفر يعني البراءة وذلك قوله في الممتحنة: {كَفَرْنَا بِكُمْ} يعني تبرّأنا مِنْكُمْ. وقال الحسن: كفرْنا بولايتكم في الدِّين. وفي العنكبوت {يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ} يعني تبرأ بعضكم من بعض. وقال إِبليس: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} يعني تبرّأت. ونحوه كثير.

تفسير الشرك على ثلاثة أوجه

تفسير الشرك على ثلاثة أوجه الوجه الأول: الشرك يعني الشرك بالله الشرك يعني الشرك بالله الذي يعدل به غيره، وذلك قوله في سورة النِّسَاء: {واعبدوا الله وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً} يعني لا تعدلوا به غيره. وكقوله: {لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} يعني لا يغفر أن يُعْدَل به غيره. وفي المائدة {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بالله} يعني يَعْدِل بالله غيره، {فَقَدْ حَرَّمَ الله عَلَيهِ الجنة} إِذا مات مصرّا على ذلك. وفي براءة: {أَنَّ الله برياء مِّنَ المشركين وَرَسُولُهُ} يعني الَّذين يعدلون به غيره. ونحوه كثير. الوجه الثاني: الشرك يعني الطاعة من غير عبادة وذلك قوله في الأَعراف: {فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا} يعني جعلا إِبليس شريكاً لله في الطاعة، في اسم ولدهما من غير عبادة. وهو قول قتادة. وقول إِبليس: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} يعني أشركتموني مع الله في الطَّاعة. الوجه الثالث: الشرك يعني في الأعمال بالرياء وذلك قوله في

الكهف: {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً} من خلقه، يقول: لا يريد بذلك غير الله لأَنه قد برأه.

تفسير الإيمان على أربعة وجوه

تفسير الإيمان على أربعة وجوه الوجه الأول: الإيمان يعني الإقرار باللسان الإِيمان يعني الإقرار باللسان من غير تصديق، وذلك قوله في سورة المنافقون: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ} يعني أَقرّوا باللِّسَانِ في العلانية {ثُمَّ كَفَرُوا} في السِّرِّ ولم يصدِّقوا بالنبيِّ وما جاء به. وفيها أيضا مثلها، قوله: {ياأيها الذين آمَنُواْ} يعني أَقَرُّوا باللِّسَان من غير تصديق {لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ الله} . وقال في سورة الحديد: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمنوا أَن} يعْني الَّذِين أَقرُّوا باللِّسَانِ. {لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ الله عَلَيْهِمْ} . وفي المجَادلة. وفي الحجِّ مثله. الوجه الثاني: الإيمان يعني التصديق وذلك قوله في لم يكن: {إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات أولائك هُمْ خَيْرُ

الوجه الثالث: الإيمان يعني التوحيد

البرية} . وفي سورة إِنَّا فتحْنا لك: {لِّيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمنات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} . ونحوه كثير. الوجه الثالث: الإيمان يعني التوحيد الإِيمان يعني التَّوحيد، وذلك قوله في المائدة: {وَمَن يَكْفُرْ بالإيمان فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} يعني ومن يكفر بالتوحيد، وهو قول مجاهد، بالله. وفي سورة المؤمن: {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإيمان} يعني التَّوحيد، تفسير مجاهد. وفي النَّحل: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان} يعني بالتَّوحيد. قال يحيى: بلغني أَنَّها نزلت في عمَّار بن ياسر. الوجه الرابع: الإيمان يعني الشرك الإِيمان يعني الشِّرك، وذلك قوله في سورة يوسف: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ} يعني بذلك مشركي العرب وإِيمانهم. كما قال الله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله} . وهو قول سفيان الثوري. وقال في لقمان: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله} وهذا منهم إِيمان، وهم في ذلك

مشركون بالله. وأهل الكتاب يؤمنون ببعض الكتاب وبعض الرّسل ويكفرونَ ببعض. قال الله: {أولائك هُمُ الكافرون حَقّاً} ، فلم ينفعهم إِيمانهم ببعض الرّسل والكتب إِذ لم يؤمنوا بهم كلِّهم.

تفسير سواء على ستة وجوه

تفسير سواء على ستة وجوه الوجه الأول: سواء يعني عدلا وذلك قوله في آل عمران: {قُلْ ياأهل الكتاب تَعَالَوْاْ إلى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} يعني عدلا بيننا وبينكم. وفي حم السَّجدة: {سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ} يعني عدلا لمن يسأل الرّزق. وفي ص: {واهدنآ إلى سَوَآءِ الصراط} ، يعني إِلى عدل القضاء. الوجه الثاني: سواء يعني وسطا وذلك قوله في والصّافات: {فَرَآهُ فِي سَوَآءِ الجحيم} يعني في وسط الجحيم، وهو تفسير قتادة. وفي الدُّخان: {فاعتلوه إلى سَوَآءِ الجحيم} يعني وسط الجحيم، وهو تفسير قتادة. الوجه الثالث: سواء يعني أمرا بيّنا وذلك قوله في الأَنفال: {فانبذ إِلَيْهِمْ على سَوَآءٍ} يعني على أمر بيّن. وفي سورة الأَنبياء {فَقُلْ آذَنتُكُمْ على سَوَآءٍ} يعني ءاذنتكم على أمر بيّن.

الوجه الرابع: سواء يعني شرعا

الوجه الرابع: سواء يعني شرعا وذلك قوله في سورة الحجِّ: {سَوَآءً العاكف فِيهِ والباد} يعني أهل مكَّة، والباد، هم في بيوتها شرعا، سواء وفي النِّسَاء: {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً} يعني فتكونون أنتم والكفَّار في الكفر شرعا، سواء. وفي الرّوم: {هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يعني عبيدكم {مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ} وهم {فِيهِ سَوَآءٌ} يعني شرعا، سواء. وفي سورة النَّحل: {فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ} يعني شرعا، سواء. الوجه الخامس: سواء يعني قصدا وذلك قوله في القصص: {عسى ربي أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السبيل} يعني قصد الطَّرِيقِ. وفي المائدة: {وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ السبيل} يعني قصد الطَّرِيقِ. ونَحوه كثير. الوجه السادس: سواء يعني سواء في الاستواء سواء يعني سواء في الاستواء، وذلك قوله في البقرة: {سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} يعني أناسا من كفَّار العرب، لأنَّه طبع على قلوبهم، إِن أنذرت الكفَّار أم لم تنذرهم فهو عليهم سواء. وفي يس مثلها: {وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ} . ومثله كثير.

تفسير المرض على أربعة وجوه

تفسير المرض على أربعة وجوه الوجه الأول: المرض يعني الشك وذلك قوله في البقرة: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} يعني شكّا. وهو تفسير الحسن. {فَزَادَهُمُ الله مَرَضاً} يعني شكًّا. وفي براءة: {وَأَمَّا الذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} يعني شكًّا، نفاقا. وفي الَّذِين كفروا: {رَأَيْتَ الذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ} يعني شكًّا، نفاقاً. ونحوه كثير. الوجه الثاني: المرض يعني الفجور وذلك قوله في الأَحزاب: {فَيَطْمَعَ الذي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} يعني فجورا. وفي آخرها: {والذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ} يعني فجوراً. وليس في القرآن غيرهما. وقال قَتادة: الزِّنا. الوجه الثالث: المرض يعني الجراح وذلك قوله في سورة النساء: {وَإِنْ كُنْتُمْ مرضى} يعني جرحى. والَّتِي مثلها في المائدة

الوجه الرابع: المرض يعني المرض بعينه

مثلها: {وَإِن كُنتُم مرضى أَوْ على سَفَرٍ} يعني جرحى. وليس في القرآن غيرهما. الوجه الرابع: المرض يعني المرض بعينه المرض يعني المرض بعينه والأَوجاع، وذلك قوله في البقرة: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً} يعني جميع الأَوجاع. وفي براءة: {لَّيْسَ عَلَى الضعفآء وَلاَ على المرضى} يعني من كان به شيء من مرض. وفي إِنَّا فتحنا لك: {وَلاَ عَلَى المريض حَرَجٌ} . والَّتِي في النُّور مثلها.

تفسير الفساد على ستة وجوه

تفسير الفساد على ستة وجوه الوجه الأول: الفساد يعني المعاصي وذلك قوله في البقرة: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض} يعني لا تعملوا فيها بالمعاصي والشِّرك {قالوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} . وَالَّتي في الأَعراف: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} يعني لا تعملوا فيها بالمعاصي والشِّرك بعدما جاءكم الرّسل: {ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ} ونحوه كثير. الوجه الثاني: الفساد يعني الهلاك وذلك قوله في سبحان: {لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرض مَرَّتَيْنِ} يعني لتهلكنَّ في الأَرض مرّتين. وفي سورة الأَنبياء: {لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ} يعني في السَّمَاء والأَرض {إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا} يعني لهلكتا. ونظيرها في قد أفلح قوله: {وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ السماوات والأرض وَمَن فِيهِنَّ} يعني لهلكت السماوات والأَرض ومن فيهنَّ. والحقُّ في هذا الموضع هو الله تبارك وتعالى.

الوجه الثالث: الفساد يعني قحط المطر وقلة النبات

الوجه الثالث: الفساد يعني قحط المطر وقلّة النبات وذلك قوله في الرّوم: {ظَهَرَ الفساد فِي البر والبحر} يعني قحط المطر وقلة النبات في البرِّ، يعني البادية، والبحر، يعني العمران والرِّيف. الوجه الرابع: الفساد يعني القتل وذلك قوله في الأَعراف: {أَتَذَرُ موسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأرض} يعني يقتلوا أبناء أهل مصر كقول فرعون: {أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأرض الفساد} يعني يقتل أبناءكم - وهذا قول فرعون - كما قتلتم أبناء بني أَسرائيل. وفي الكهف: {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرض} يعني يقتلون النَّاس. الوجه الخامس: الفساد يعني الفساد بعينه وذلك قوله في البقرة: {وَإِذَا تولى سعى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيِهَا} يعني الفساد بعينه، {والله لاَ يُحِبُّ الفساد} يعني الفساد بعينه. وفي النَّمل: {إِنَّ الملوك إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} يعني خَرَّبوها. الوجه السادس: الفساد يعني السحر وذلك قوله في سورة يونس: {إِنَّ الله لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ المفسدين} يعني عمل السِّحر.

تفسير المشي على أربع وجوه

تفسير المشي على أربع وجوه الوجه الأول: المشي يعني المُضيّ وذلك قوله في البقرة: {كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ} يعني مَضْوا فيه. وفي تبارك: {فامشوا فِي مَنَاكِبِهَا} يعني امضُوا وسيروا في نواحيها. الوجه الثاني: المشي يعني الهدي وذلك قوله في الأَنعام: {وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ} يعني يهتدي به في الناس. وفي الحديد: {وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} يَعْنِي إِيمانا تهتدون به. الوجه الثالث: المشي يعني الممرّ وذلك قوله في الم السَّجدة: {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} يقول: قد مرّ أهل مكَّة عل قراهم، كقوله {وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ} . والَّتِي في طه: {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} يعني ممرّ أهل مكَّة على قراهم.

الوجه الرابع: المشي يعني المشي بعينه

الوجه الرابع: المشي يعني المشي بعينه وذلك قوله في سبحان {قُل لَوْ كَانَ فِي الأرض ملائكة يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ} يعني المشي قال: ومطمئنين مقيمين قد اطمأنت بهم الدَّار. وفي الفرقان: {وَقَالُواْ مَالِ هاذا الرسول يَأْكُلُ الطعام وَيَمْشِي فِي الأسواق} يعين المشي بعينه. وكقوله {الذين يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً} يعني المشي بعينه.

تفسير اللباس على ستة وجوه

تفسير اللباس على ستة وجوه الوجه الأول: اللباس يعني الخلط وذلك قوله في البقرة: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الحق بالباطل} يعني لا تخلطوا الحقَّ بالباطل. وفي آل عمران: {لِمَ تَلْبِسُونَ الحق بالباطل} يعني لِمَ تخلطون الحقَّ بالباطل؟ الإِسلام بالشِّرْك، تفسير الحسن. وفي الأَنعام: {وَلَمْ يلبسوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} يعني ولم يخلطوا إيمانهم بشرك. الوجه الثاني: اللباس يعني السكن وذلك قوله في البقرة: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} يقول: نساؤكم سكن لكم وأنتم سكن لهنَّ. وفي الفرقان: {جَعَلَ لَكُمُ الليل لِبَاساً} يعني سكنا. والَّتِي في عم يتساءلون: {وَجَعَلْنَا اليل لِبَاساً} يعني سكنا. الوجه الثالث: اللباس يعني الثياب التي تلبس وذلك قوله في

الوجه الرابع: اللباس يعني العمل الصالح

الأَعراف: {يابنيءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ} يعني الثِّيَابَ. وفي حم الدخان: {يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} يعني الثِّيَاب بعينها. الوجه الرابع: اللباس يعني العمل الصالح وذلك قوله في الأَعراف: {وَرِيشاً وَلِبَاسُ التقوى} يعني العمل الصَّالح والعفاف، لأَن العفيف مستور العورة وإِن كان عاريا من الثِّيَاب، وأن الفاجر بادي العورة وإِن كان كاسيا من الثِّياب. الوجه الخامس: اللباس يعني الشبيه وذلك قوله في سورة الأنعام: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} يعني ولشبَّهْنا عليهم ما يشبِّهون. الوجه السادس: اللباس يعني الشك وذلك قوله في سورة ق {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ} يعني بل هم في شك {مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} يعني في شكٍّ. وهو قول الحسن.

تفسير سوء على أحد عشر وجها

تفسير سوء على أحد عشر وجها الوجه الأول: سوء يعني شدة وذلك قوله في سورة البقرة: {يَسُومُونَكُمْ سواء العذاب} يعني شدة العَذابِ. ومثلها في سورة إبراهيم. وقال في الرَّعد: {أولائك لَهُمْ سواء الحساب} شدَّة الحساب. وقال أيضا: {وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ} شدة الحساب ونحوه كثير. الوجه الثاني: سوء يعني عقرا وذلك قوله في الأَعراف: {هاذه نَاقَةُ الله لَكُمْ آيَةً} إِلى قوْلِهِ: {وَلاَ تَمَسُّوهَا بسواء} يعني بعقر، أَي لا تعقروها. ونظيرها في الشُّعَرَاء. ونظيرها أيضاً في سورة هود، قال: {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ في أَرْضِ الله وَلاَ تَمَسُّوهَا بسواء} يَعنِي بعقر. الوجه الثالث: سوء يعني الزنا وذلك قوله في سورة يوسف: {مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سواء} مِنْ زِناً. و {مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ

الوجه الرابع: سوء يعني برصا

سوءا} يعني الزِّنا. وقال في سورة مريم: {مَا كَانَ أَبُوكِ امرأ سَوْءٍ} يعني مَا كان زانيا. وهو تفسير مجاهد وقتادة. وقال في سورة يوسف: {إِنَّ النفس لأَمَّارَةٌ بالسواء} يعني بالزِّنا. يعني مَا همَّ بها. الوجه الرابع: سوء يعني برصا وذلك قوله في طه لموسى: {واضمم يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سواء} يعني بيضاء من غير برص. وهو قول قتادة وغيره. ونظيرها في النَّمل. ومثلها في القصص. الوجه الخامس: سوء يعني العذاب وذلك قوله في النَّحل: {إِنَّ الخزي اليوم والسواء} يعين العذاب {عَلَى الكافرين} . وكقوله في سورة الزُّمر: {لاَ يَمَسُّهُمُ السواء} يعني عذاب النار. وهو قول الحسن. وكقوله في سورة الرّعد: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سواءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ} يعني عذابا. وكقوله في سورة الرّوم: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الذين أَسَاءُواْ السواءى} يعني العذاب. وقال قتادة: جهنَّم. ونحوه كثير. الوجه السادس: سوء يعني الشرك السُّوء يعني الشِّرْك، وذلك قوله في النَّحل: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سواء} يعني الشِّرْك. قول الحسن. وقال فيها أيضا: {ثُمَّ إِنَّ

الوجه السابع: سوء يعني الشتم

رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السواء بِجَهَالَةٍ} يعني الشِّرك. وكقوله في سورة الرّوم: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الذين أَسَاءُواْ السواءى} يعني أشركوا بالله. وكقوله في سورة النَّجْم: {لِيَجْزِيَ الذين أَسَاءُواْ} يعني أشركوا {بِمَا عَمِلُواْ} . الوجه السابع: سوء يعني الشتم وذلك قوله في سورة الممتحنة: {ويبسطوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بالسواء} يعني بالشّتْم. وكقوله في سورة النِّسَاء: {لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسواء مِنَ القول} يعني الشَّتْم {إِلاَّ مَن ظُلِمَ} . وهو قول مجاهد، والحسن، وقتادة. الوجه الثامن: سوء يعني بئس وذلك قوله في الرّعد: {أولائك لَهُمُ اللعنة وَلَهُمْ سواء الدار} يعين بئس الدَّار، يعني منازلهم، وكقوله في حم المؤمن: {وْمَ لاَ يَنفَعُ الظالمين مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللعنة وَلَهُمْ سواء الدار} يعني بئس الدَّار، يعني النار. الوجه التاسع: سوء يعني الذنب من المؤمن وذلك قوله في سورة النِّسَاء: {إِنَّمَا التوبة عَلَى الله لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السواء بِجَهَالَةٍ} يعين الذنب، وكلُّ ذنب من المؤمن فهو جهل منه. وكقوله في سورة الأَنعام: {أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سواءا} يعني ذنبا {بِجَهَالَةٍ} يعني بغيره من المؤمنين.

الوجه العاشر: سوء يعني الضر

الوجه العاشر: سوء يعني الضر وذلك قوله في الأَعراف: {وَمَا مَسَّنِيَ السواء} يعني الضرّ. وقال في النَّمل: {وَيَكْشِفُ السواء} يعني الضُّر. الوجه الحادي عشر: سوء يعني القتل والهزيمة وذلك قوله في سورة الأَحزاب: {إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سواءا} يعني القتل والهزيمة ونظيرها فيها أيضا. وقال في سورة آل عمران: {لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سواء} يعني لم يمسسهم قتل ولا هزيمة.

تفسير الحسنة والسيئة على خمسة وجوه

تفسير الحسنة والسيئة على خمسة وجوه الوجه الأول: الحسنة يعني النصر والغنيمة والسيئة يعني القتل والهزيمة الحسنة يعني النصر والغنيمة، والسَّيِّئة يعني القتل والهزيمة، وذلك قوله في سورة آل عمران: {إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ} يعني النَّصر والغنيمة، يعني يوم بدر، قال: {تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ} يعني القتل والهزيمة يوم أحد، {يَفْرَحُواْ بِهَا} . ونظيرها في سورة النِّسَاء قال: {مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله} يعني النَّصر والغنيمة يوم بدر تسؤهم، {وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ} يعني القتل والهزيمة يوم أحد. وهو تفسير السدِّي. وقال في سورة براءة: {إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ} النَّصر والغنيمة {تَسُؤْهُمْ} . الوجه الثاني: الحسنة والسيئة التوحيد والشرك وذلك قوله في طس النمل: {مَن جَآءَ بالحسنة} يعني التَّوحيد، {فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا} .

الوجه الثالث: الحسنة يعني كثرة المطر والخصب والسيئة يعني قحط المطر والجدب وقلة النبات

{وَمَن جَآءَ بالسيئة} يعني الشِّرك، {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النار} . ونظيرها في طسم القصص، وفي سورة الأَنعام أيضا. الوجه الثالث: الحسنة يعني كثرة المطر والخصب والسيئة يعني قحط المطر والجدب وقلة النبات وذلك قوله في سورة الأَعراف: {فَإِذَا جَآءَتْهُمُ الحسنة} يعني كثرة المطر والخصب {قَالُواْ لَنَا هاذه وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} ميعني قحط المطر، وقلَّة الخير والنَّبات {يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ} . ونظيرها فيها، قال: {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السيئة الحسنة} يعني مكان القحط المطر، ومكان قلَّة النَّبات الخصب والخير. وقال أيضا: {وَبَلَوْنَاهُمْ بالحسنات} كثرة المطر والخصب، {والسيئات} قلَّة المطر والجدب. وقال في سورة الرّوم: {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} يعني قحط المطر. قال: {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} يقول: بذنوبهم. الوجه الرابع: السيئة يعني العذاب في الدنيا والحسنة يعني العافية والرخاء وذلك قوله في سورة الرّعد: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالسيئة قَبْلَ الحسنة} يعني بالعذاب في الدنيا، {قَبْلَ الحسنة} يعني قبل العافية. وكقوله في النَّمل: {لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بالسيئة} يعني بالعذاب في الدنيا، {قَبْلَ الحسنة} يعني قبل العافية.

الوجه الخامس: الحسنة يعني العفو والقول المعروف والسيئة الأذى وقول الفحش

الوجه الخامس: الحسنة يعني العفو والقول المعروف والسيئة الأذى وقول الفحش وذلك قوله في القصص: {وَيَدْرَؤُنَ بالحسنة السيئة} يقول: ويدفعون بالقول المعروف والعفو الأَذى والأَمر القبيح. وقال في حم السَّجدة: {وَلاَ تَسْتَوِي الحسنة} يعني العفو والصفح، {وَلاَ السيئة} يعني الشرّ من القول والأَذى. ونظيرها في سورة المؤمنون، قال: {ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ السيئة} يقول: يدفع بالعفو والصَّفح القول القبيح والأَذى. نظيرها في سورة الرّعد: {وَيَدْرَءُونَ بالحسنة السيئة} . وفي حم السَّجدة.

تفسير الحسنى على أربعة وجوه

تفسير الحسنى على أربعة وجوه الوجه الأول: الحسنى يعني الجنة وذلك قوله في سورة يونس: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ} يعني لِلَّذِين وَحَّدوا الله، وأدَّوا الفرَائِض واجتنبوا الكبَائر "الحسنى" الجنَّة. وهو قول مجاهد. ونظيرها في سورة النَّجم قال: {وَيِجْزِيَ الذين أَحْسَنُواْ بالحسنى} يعني الذين وحدوا الله بالحسنى، بالجَنَّةِ. وقال في سورة الرّحمنِ: {هَلْ جَزَآءُ الإحسان إِلاَّ الإحسان} يقول: هل جزاء [أَهل] الإِيمان، أهل طاعة الله إِلاَّ الجنَّة. وقال في سورة واللَّيل: {وَصَدَّقَ بالحسنى} يعني بالجنَّة. وقال في سورة الأَنبياء: {إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الحسنى} يعني الجَنَّة {أولائك عَنْهَا} عن النَّارِ {مُبْعَدُونَ} . الوجه الثاني: الحسنى يعني الخلف أَي وأخلفوا في الآخرَة خيرا، وذلك قوله في سورة سبأ: {وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ} أَي في طاعة الله {فَهُوَ يُخْلِفُهُ} يعني في الآخرة يعوّضون منه الجنَّة.

الوجه الثالث: الحسنى يعني البنين

الوجه الثالث: الحسنى يعني البنين وذلك قوله في سورة النَّحل: {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الكذب أَنَّ لَهُمُ الحسنى} يعني البنين، الغلمان. الوجه الرابع: الحسنى يعني الخير وذلك قوله في سورة براءة: {وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الحسنى} يعني ما أردنا ببنيان هذا المسجد إِلاَّ الخير. ونظيرها في سورة النِّساء قال: {يَحْلِفُونَ بالله إِنْ أَرَدْنَآ إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً} يعني إِنْ أردنا إِلاَّ الخير.

تفسير الخزي على أربعة وجوه

تفسير الخزي على أربعة وجوه الوجه الأول: الخزي يعني القتل والجلاء وذلك قوله في سورة البقرة ليهود المدينة حيث يقول: {فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذلك مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الحياة الدنيا} يعني قتل قريظة وإِجلاء النَّضير. قال الكلبِي: فقتلت قريظة ونفيت النَّضير. ونظيرها في سورة المائدة قال: {لَهُمْ فِي الدنيا خِزْيٌ} يعني القتل يوم بدر، ويقال الخزْيَة {وَلَهُمْ فِي الآخرة عَذَابٌ عَظِيمٌ} . وقال في سورة الحجِّ فِي النَّضْرِ بن الحارث: {لَهُ فِي الدنيا خِزْيٌ} يعني القتل يوم بدر، قال: {وَنُذِيقُهُ يَوْمَ القيامة عَذَابَ الحريق} . وهو تفسير الكلبي. الوجه الثاني: الخزي يعني العذاب وذلك قول إِبراهيم في طسم الشعراء: {وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} يعني ولا تعذبني يوم يبعثون.

الوجه الثالث: الخزي يعني الذل والهوان

وكقوله: {يَوْمَ لاَ يُخْزِى الله النبي والذين آمَنُواْ مَعَهُ} يعني لا يعذِّبُ الله النَّبي والَّذين آمَنوا معه. وكقوله في سورة آل عمران: {وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القيامة} يعني ولا تعذبنا يوم القيامة. وقال في سورة هود: {نَجَّيْنَا صَالِحاً والذين آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} يعني من عذاب يومئِذٍ. وكقوله في الزمر: {فَأَذَاقَهُمُ الله الخزي فِي الحياة} يعني العذاب في الدنْيَا. الوجه الثالث: الخزي يعني الذل والهوان وذلك قوله في سورة يونس: {لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخزي} يعني عذاب الهوان فِي الدُّنْيَا. وكقوله في سورة النَّحل: {إِنَّ الخزي اليوم} يعني إِنَّ الْهوَان اليَوْم، {والسواء عَلَى الكافرين} . وقال في آل عمران: {رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النار فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} يعني فقد أهنته. وقال في سورة الحشر {وَلِيُخْزِيَ الفاسقين} يعني وليذلَّ وَليُهِينَ الفاسقين. الوجه الرابع: الخزي يعني الفضيحة وذلك قول لوط في سورة هود: {فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} يعني ولا تفضحون ونظيرها في سورة الحجر.

تفسير باءوا على أربعة وجوه

تفسير باءوا على أربعة وجوه الوجه الأول: باءوا يعني استوجبوا وذلك قوله في سورة البقرة: {فَبَآءُو بِغَضَبٍ على غَضَبٍ} يعني استوجبوا. ونظيرها في سورة آل عمران قال: {وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ الله} يعني استوجبوا غضبا من الله. وقال أيضا: {كَمَن بَآءَ بِسَخَطٍ مِّنَ الله} يعني استوجب. وقال في سورة الأَنفال: {فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ الله} يعني فقد استوجب غضبا من الله. الوجه الثاني: تبوء يعني ترجع وذلك قوله في سورة المائدة: {إني أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} يعني ترجع بإثمي وإِثمك. الوجه الثالث: تبوّئ يعني توطئ وذلك قوله في سورة آل عمران: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ المؤمنين مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} يعني تُوَطِّئ. وكقوله في سورة الحشر: {والذين تَبَوَّءُوا الدار والإيمان مِن قَبْلِهِمْ} يعين وَطَّؤوا.

الوجه الرابع: يتبوأ يعني ينزل

الوجه الرابع: يتبوأ يعني ينزل وذلك قوله في سورة يوسف: {يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ} . يقول: ينزل منها حيث يشاء. وكقوله في سورة الزُّمر: {الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأرض نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَآءُ} يعني ننزل منها حيث نشاء، يعني ننزل فيها حيث نشاء. وقال الحسن في سورة يونس: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بني إِسْرَائِيلَ} يعني أنزلنا بني إسرائيل {مُبَوَّأَ صِدْقٍ} يعني منزل صدق، يعني مصر. ومثلها أيضا: {أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً} .

تفسير الرحمة على أحد عشر وجها

تفسير الرحمة على أحد عشر وجها الوجه الأول: الرحمة يعني دين الإسلام وذلك قوله في هل أتى على الإِنسان: {يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ} يعني في دين الإِسلام. ونظيرها في حم عسق، قال: {وَلَوْ شَآءَ الله لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ولاكن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ} يعني في دين الإِسلام. وكقوله في سورة الفتح: {لِّيُدْخِلَ الله فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ} يعني في دين الإِسلام. وكقوله في سورة البقرة: {والله يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ} يعني بدينه، الإِسلام. وقال الحسن: النُّبوّة. ونظيرها في آل عمران. ونحوه كثير. الوجه الثاني: الرحمة يعني الجنة وذلك قوله في سورة آل عمران: {وَأَمَّا الذين ابيضت وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ الله} يعني ففي جنَّة الله {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} . ونظيرها في آخر النِّساء قال: {فَأَمَّا الذين آمَنُواْ بالله واعتصموا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ} يعني الجنَّة.

الوجه الثالث: الرحمة يعني المطر

وكقوله في الجاثية: {فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ} يعني في جنَّتِه. وقال في سورة بني إسرائيل: {يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ} يعني جنَّتهُ. وقال في سورة البقرة: {يَرْجُونَ رَحْمَتَ الله} يعني جنَّة الله. وكقوله في العنكبوت {أولائك يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي} يعني من جنَّتِي. وقال في الزُّمر: {يَحْذَرُ الآخرة وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ} يعني الجنَّة. الوجه الثالث: الرحمة يعني المطر وذلك قوله في سورة الأَعراف: {يُرْسِلُ الرياح بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} يعني قدَّام المطر. ونظيرها في الفرقان. وقال في حم عسق: {وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ} يعني المطر. وكقوله في سورة الرّوم: {فانظر إلى آثَارِ رَحْمَتِ الله} يعني المطر. وقال: {ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً} يعني المطر. وقال: {وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ} يعني المطر. الوجه الرابع: الرحمة يعني النبوة وذلك قوله في ص: {أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ} يعني مفاتيح النُّبُوَّةِ. ونظيرها في

الوجه الخامس: الرحمة يعني النعمة

الزُّخرف: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} يعني النُّبُوة. وقال في سورة يوسف: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ} النُبوَّة. الوجه الخامس: الرحمة يعني النعمة وذلك قوله في سورة النِّساء: {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} يعني ونعمته. [ونظيرها في سورة البقرة. وفي سورة النُّور قال: {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} يعني ونعمته. ومثله كثير] . ونحوه كثير. الوجه السادس: الرحمة يعني القرآن وذلك قوله في سورة يونس: {قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ} يعني القرآن. ومثلها في آخر سورة يوسف. الوجه السابع: الرحمة يعني الرزق وذلك قوله في سورة بني إسرائيل: {قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} يعني مفاتيح الرزق. وقال أيضاً: {ابتغآء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا} يعني انتظار رزق ترجو من الله. وهو قول مجاهد. وقال في أوّل سورة الملائكة: {مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ} يعني الرزق. وهو قول الكلبي، {فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا} . وقال

الوجه الثامن: الرحمة يعني النصر

في الكهف: {آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً} يعني رزقا. وقال فيها ايضا: {يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ} يعني من رزقه. الوجه الثامن: الرحمة يعني النصر وذلك قوله في الأَحزاب: {مَن ذَا الذي يَعْصِمُكُمْ مِّنَ الله إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سواءا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} أَي النَّصر والفتح. وقال يحيى: توبة. الوجه التاسع: الرحمة يعني العافية وذلك قوله في سورة الزُّمر: {أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ} يعني بعافية، {هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} يعني عافيته. وقال في الرّوم: {وَإِذَآ أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً} عافية وفي حم عسق نحوها. ويونس. الوجه العاشر: الرحمة يعني المودة وذلك قوله في سورة الحديد: {رَأْفَةً} يرأف بعضهم ببعض ويرحم بعضهم بعضا، {وَرَحْمَةً} يعني مودَّة. كقوله في سورة الفتح: {رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ} يعني متوادِّين. الوجه الحادي عشر: الرحمة يعني الإيمان الرّحمة يعني الإِيمان، وذلك قوله في سورة هود في قول نوح: {إِن كُنتُ على بَيِّنَةٍ مِّن ربي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ

عِندِهِ} يعني النبوّة، يعني نعمة، وهو الإِيمان. ومثلها قول صالح أيضا.

تفسير الفرقان على ثلاثة وجوه

تفسير الفرقان على ثلاثة وجوه الوجه الأول: الفرقان يعني النصر وذلك قوله في سورة البقرة {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب والفرقان} يعني النصر، فرّق الله بين الحق والباطل، فنصر موسى وأهلك عدوّه. وكقوله في سورة الأَنفال {وَمَآ أَنزَلْنَا على عَبْدِنَا يَوْمَ الفرقان} يعني النَّصر، فرّق بين الحق والباطل، فنصر الله نبيّه وهزم عدوّه. الوجه الثاني: الفرقان يعني المخرج وذلك قوله في سورة البقرة {وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهدى والفرقان} يعني المخرج في الدِّين من الشُّبْهةِ، والضَّلالة. وفي آل عمران مثلَها قال {وَأَنزَلَ الفرقان} . وكذلك في الأَنبياء. وقال في الأَنفال: {يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً} يعني مخرجا في الدِّينِ من الشُّبْهةِ والضَّلالةِ.

الوجه الثالث: الفرقان يعني القرآن

الوجه الثالث: الفرقان يعني القرآن وذلك قوله: {تَبَارَكَ الذي نَزَّلَ الفرقان} يعني القرآن. وفي قول قتادة: وفرقانه: حلاله وحرامه.

تفسير فلولا على ثلاثة وجوه

تفسير فلولا على ثلاثة وجوه الوجه الأول: فلولا يعني فلم وذلك قوله في سورة يونس: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا} عند نزول العذاب يعني فلم تكن قرية آمنت فنفعها إِيمانها عند نزول العذاب إِلاَّ قوم يونس. وكقوله في سورة هود: {فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ القرون مِن قَبْلِكُمْ} يقول: فلم يكن. الوجه الثاني: فلولا يعني فهلا وذلك قوله في سورة الأَنعام: {فلولا إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ} يعني هلاَّ. وكقوله في سورة الواقعة: {فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} يعني فهلاَّ. وقال في الفرقان: {لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً} يعني هلاَّ. الوجه الثالث: فلولا يعني فلوما وذلك قوله في سورة البقرة: {فَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُم مِّنَ الخاسرين} يعني فلوما ذلك. وقال في سورة والصّافات {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين} يقول: فَلوما أَنَّه كان من المصلِّينَ، {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} .

تفسير لما على ستة وجوه

تفسير لما على ستة وجوه الوجه الأول: لما يعني ما لَمَا يعني ما، واللاَّم هاهنا صلة، وذلك قوله في سورة البقرة: {وَإِنَّ مِنَ الحجارة لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنهار} يعني ما يتفجَّر منه الأَنهار، واللاَّم هاهنا صلة، مثل قوله: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ} يعني ما يتشقَّق {فَيَخْرُجُ مِنْهُ المآء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله} يعني ما يهبط. وقال في ن والقلم: {إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ} يعني ما تحكمون. {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا} يعني ما، {تَخَيَّرُونَ} ، واللاَّم صلة. الوجه الثاني: لما يعني لم لمَّا يعني لم، والأَلف هاهنا صلة. وذلك قوله في آل عمران: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَعْلَمِ الله} يعني ولم ير الله {الذين جَاهَدُواْ مِنكُمْ} ، والأَلف صلة. ومثلها في البقرة: {وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الذين} . وكقوله في براءة: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جَاهَدُواْ مِنكُمْ} يعني ولم ير الله. وكقوله في سورة الجمعة: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ} يعني لم يلحقُوا بهم. ونحوه كثير.

الوجه الثالث: لما يعني إلا

الوجه الثالث: لمَّا يعني إلاَّ وذلك قوله في يس: {وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} يعني إِلاَّ جميع لدينا محضَرونَ. ومن خفَّف لما جعل اللاَّم تأكيدا للفعل. وفي الزُّخرف مثلها: {وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الحياة الدنيا} يعني إِلاَّ متاع. وكقوله في والسَّماء والطَّارق: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} يعني إِلاَّ عليها حافظ. ومن خفَّف جعل اللاَّم توكيدا للفعل. الوجه الرابع: لمَّا يعني حين وذلك قوله في سورة يونس: {لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ} يعني حين آمنوا. وقوله في سورة هود: {لَّمَّا جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ} يعني حين جاء أمر ربِّك. الوجه الخامس: لمَّا يعني شديدا وذلك قوله في الفجر: {وَتَأْكُلُونَ التراث أَكْلاً لَّمّاً} يعني شديدا. وليس غيرها. الوجه السادس: لِما يعني الذي لِمَا مُخَفَّفة يعني الَّذِي، وذلك قوله في سورة البقرة: {مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} يعني لِلَّذِي بين يدِيْه. وكذلك في

سورة المائدة: {مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} يعني لِلَّذي بين يديْهِ. وكقوله في والسماءِ ذات البروج، قال: {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} يعني للَّذي يريد. وكقوله في سورة هود {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} يعني لَلَّذِي يريد. وكل شيء "لما"، إِذا كانت اللاَّم مكَسورة، مثل ذلك. غير أن في تنزيل السَّجدة: {لَمَّا صَبَرُواْ} فإنَّها بِما صبروا. ومن قرأها "لمّا صبروا" فإنَّه يعني حين صبروا.

تفسير حسنا على خمسة وجوه

تفسير حسنا على خمسة وجوه الوجه الأول: حسنا يعني حقا وذلك قوله في سورة البقرة: [ {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً} يعين حقا في أمر محمَّد أنه رسول ونبيّ. وكقوله في طه {أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً} يعني حقاًّ] . الوجه الثاني: حسنا يعني محتسبا وذلك قوله في سورة البقرة: {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً} يعني محتسبا يعني احتسابا. ونظيرها في سورة الحديد. وفي سورة التَّغابن. ومثل قوله {جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَاباً} يعني الجَّنَّة ثوابا من الله وعطية منه لأَعمالهم التي عملوا في الدُّنيا احتسابا. وقال رسول الله: "لا عمل لمن لا نيَّة لهُ، ولا أجر لمن لا حسنة له". تفسير السدي.

الوجه الثالث: حسنا يعني الجنة

الوجه الثالث: حسنا يعني الجنة وذلك قوله في سورة القصص: {أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً} هي الْجنَّةُ، {فَهُوَ لاَقِيهِ} ، داخل الجنَّة. وقال في الكهف: {أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً} عند الله الْجنَّة. وقال في يونس: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى} الجنَّة. الوجه الرابع: حسنا يعني العفو وذلك قوله في سورة الكهف: {وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} يعني العفو. الوجه الخامس: حسنا يعني برًا وذلك قوله في الأَحقاف: {وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً} يعني برّا. ومثلها في بني إِسرائيل قال: {وبالوالدين إِحْسَاناً} يعني برّا.

تفسير قانتين على وجهين

تفسير قانتين على وجهين الوجه الأول: قانتون يعين مُقرّين لله بالعبودية وذلك قوله: في سورة البقرة: {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} يقول: مقرّون بالعبودية. ومثلها في سورة الرّوم: {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} مقرّون بالعبوديَّة. وهو تفسير الحسن، كُلٌّ له قائم بالشَّهادة أنَّه عبد له. وليس مثلهما في القرآن. الوجه الثاني: قانتين يعني مطيعين وذلك قوله في سورة البقرة: {وَقُومُواْ للَّهِ قَانِتِينَ} يعني مطيعين. وهو تفسير ابن عبَّاس. وقال في سورة الأَحزاب: {والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات} يعني المطيعين لله والمطيعات. ومثلها: {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ} من يطع. وكذلك عامّة ما في القرآن.

تفسير إمام على خمسة وجوه

تفسير إمام على خمسة وجوه الوجه الأول: إمام يعني قائدا في الخير وذلك قوله في سورة البقرة لإِبراهيم: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} يعني قادئا في الخير يقتدى بسنَّتك وهديك وهداك. وكقوله في سورة الفرقان: {واجعلنا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} يعني قادة في الخير يُقتدى بنا. وقال قتادة: قادة في الخير ودعاة هدى. الوجه الثاني: إمام يعني كتاب أعمال بني آدم وذلك قوله في سبحان: {يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} يعني بكتابهم الَّذِي عملوا في الدنيا وهو قول الحسن ... . بِكتابهم. الوجه الثالث: إمام يعني اللوح المحفوظ وذلك قوله في يس: {وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ في إِمَامٍ مُّبِينٍ} يعني اللَّوح المحفوظ.

الوجه الرابع: إمام يعني التوارة

الوجه الرابع: إمام يعني التوارة وذلك قوله في سورة هود: {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى إِمَاماً وَرَحْمَةً} يعني التَّوراة إِماما يُقتدى به، ورحمة لمن آمن به. ومثلها في سورة الأَحقاف {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى إِمَاماً وَرَحْمَةً} يعني التَّوراة. وقوله: إِماما، يقتدى به ورحمة لمن آمن به. الوجه الخامس: إمام يعني طريقا واضحا وذلك قوله في سورة الحجر في قرية لوط وقرية شعيب قال: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} يعني وإِنَّهُما لبطريق واضح بيّن.

تفسير أمة على تسعة وجوه

تفسير أمة على تسعة وجوه الوجه الأول: أمة يعني عصبة وذلك قوله في سورة البقرة: {وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً} يعني عصبة، {مُّسْلِمَةً لَّكَ} . وكقوله أيضا: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} يعني عصبة. وكقوله في سورة آل عمران: {أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ} يعني عصبة قائمة. وكقوله في سورة المائدة: {مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ} يعني عصبة. وكقوله فيها: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بالحق} يعني عصبة. ونحوه كثير. الوجه الثاني: أمة يعني ملة وذلك قوله في سورة البقرة: {كَانَ الناس أُمَّةً} يعني على عهد آدم وأهل سفينة نوح، {أُمَّةً وَاحِدَةً} يعني على ملَّة الإِسلام وحدها. وهو قول الكلبي. ومثلها في سورة يونس: {وَمَا كَانَ الناس} يعني أهل سفينة نوح، وعلى عهد آدم، {إِلاَّ أُمَّةً

الوجه الثالث: أمة يعني سنين

وَاحِدَةً} يعني ملَّة واحدة، الإِسلام. وهو قول قتادة. وقال في سورة المؤمنون: {وَإِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} يعني ملَّتكم ملَّة واحدة، الإِسلام. ونظيرها في سورة الأَنبياء. وقال في النَّحل أيضا: {وَلَوْ شَآءَ الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} يعني على ملَّة الإِسلام. وكقوله في سورة المائدة: {وَلَوْ شَآءَ الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} يعني على ملَّة الإِسلام وقال في سورة الأَنعام: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ} يعني لكلِّ أهل ملَّة وقال في سورة الزخرف: {وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً} يعني ملَّة واحدة. وهو قول الحسَن. الوجه الثالث: أمة يعني سنين وذلك قوله في سورة هود {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ} يعني إِلى سنين معدودة. وهو قول الكلبي. ونظيرها في سورة يوسف حيث يقول: {وادكر بَعْدَ أُمَّةٍ} يعني بعد سنين. وليس في القرآن غيرهما. وهو قول الكلبي. الوجه الرابع: أمة يعني قوما وذلك قوله في سورة النَّحل: {أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} يعني أن يكون قوم أكثر من قوم. وهو قول قتادة. وقال في سورة الحجِّ: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً} [يعني

الوجه الخامس: أمة يعني إماما

ولكل قوم جعلنا منسكا] . وقال في سورة آل عمران: {وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخير وَيَأْمُرُونَ بالمعروف} بتوحيد الله، {وَيَنْهَوْنَ عَنِ المنكر} عن الشِّرْك بالله. الوجه الخامس: أمة يعني إماما وذلك قوله في سورة النَّحل: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} يعني كان إِماما يقتدى به في الخير. وهو قول قتادة. الوجه السادس: أمة هي الأمم الخالية أمة هي الأُمم الخالية وغيرهم مِن الكفار، وذلك قوله في سورة يونس: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ} يعني جميع الأُمم الخالية. وقال في آل عمران: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} يعني هذه الأُمَّة. وقال في سورة الحجر: {مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا} يعني الأمم الخاليَة. وقال في سورة الملائكة. {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ} يعني الأُمم الخالية كلها قد خلا فيهم النُّذر. الوجه السابع: أمة يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة وذلك قوله في سورة آل عمران: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} يعني المسلمين خاصَّة. وهوَ قول الحسن. وكقوله في سورة البقرة: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} يعني عدلا بين النَّاس، يعني المسلمين خاصَّة.

الوجه الثامن: أمة يعني أمة محمد الكفار منهم خاصة

الوجه الثامن: أمة يعني أمة محمد الكفار منهم خاصة وذلك قوله في سورة الرّعد: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ في أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ} يعني الكفَّار خاصَّة. الوجه التاسع: أمة يعني خلقا وذلك قوله في سورة الأَنعام: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأرض وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} يقول: خلق مثلكم.

تفسير شقاق على أربعة وجوه

تفسير شقاق على أربعة وجوه الوجه الأول: شقاق يعني ضلالا وذلك قوله في سورة البقرة: {وَإِنَّ الذين اختلفوا فِي الكتاب لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} يعني الضلال الطَّوِيل. وكقوله في سورة الحجِّ: {وَإِنَّ الظالمين لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} يعني ضلالا طويلا. وكقوله في سورة حم السَّجدة: {مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} يعني ضلالاً طويلا. وقال في سورة البقرة: {فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} يعني ضلالا. الوجه الثاني: شقاق يعني اختلافا وذلك قوله في سورة النساء: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} يعني اختلافا بينهما. وكقوله في ص: {فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} يعني اختلافا. وقال في سورة النِّسَاء: {وَمَن يُشَاقِقِ الرسول} يعني يُخالفُ الرّسول {مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهدى} وقال ... . الشِّقاق: الفراق.

الوجه الثالث: شقاق يعني عداوة

الوجه الثالث: شقاق يعني عداوة وذلك قوله في سورة الأَنفال: {شَآقُّواْ الله وَرَسُولَهُ} يعني عَادوا الله ورسوله. وهو قول الحسن. وكقوله في سورة الحشر: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ الله وَرَسُولَهُ} يعني عَادَوُا الله ورسوله. وكقول شعيب: {لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شقاقي} يقول: لا تحملنَّكم عدواتي. وهو قول قتادة. وكقوله في الَّذِين كفروا: {وَشَآقُّواْ الرسول} يعني عَادَوُا الرّسول. الوجه الرابع: شقاق يعني حجابا وذلك قوله في سورة النَّحل: {أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الذين كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ} يعني تحاجون فيهم ... كالمحاربة والعداوة.

تفسير وجهة، ووجهه ووجه على خمسة وجوه

تفسير وجهة، ووجهه ووجه على خمسة وجوه الوجه الأول: وجهة يعني قبلة وجهة يعني قبيلة، وذلك قوله في سورة البقرة: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ} يعني قبلة {هُوَ مُوَلِّيهَا} يعني مستقبلها. وكقوله في سورة النِّساء: {أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً} يعني من قبل أن تحول القبيلة عن الهدى والبصيرة إلى الضَّلال. وقال وقال مجاهد: عن الصّراط. وقال الحسن: عن الهدى. الوجه الثاني: وجهة يعني دينا وذلك قوله في سورة النِّساء {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله} يعني أخلص وجهه دينه الله. وكقوله في سورة البقرة: {بلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ} يعني أخلص دينه الله. ومثلها في لقمان. الوجه الثالث: وجه يعني الله تبارك وتعالى وذلك قوله: {وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشي يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} يعني يريدون الله ورضاه. وكقوله في القصص: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} يعني

الوجه الرابع: وجه يعني الوجه بعينه خاصة

الله تبارك وتعالى. وكقوله في الرّحمان: {ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ} . وكقوله في سورة البقرة: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله} يعني فَثَمَّ الله. وقال في سورة الرّوم: {وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ الله} يعني تريدون بها الله. وكقوله في هل أتى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله} يعني اللهِ. الوجه الرابع: وجه يعني الوجه بعينه خاصة وذلك قوله في آل عمران: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} يعني الوجوه بعينها. وقال في المائدة وفي النِّساء: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة فاغسلوا وُجُوهَكُمْ} . ونحوه كثير. الوجه الخامس: الوجه يعني أولا وذلك قوله في آل عمران: {وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الكتاب آمِنُواْ بالذي أُنْزِلَ عَلَى الذين آمَنُواْ وَجْهَ النهار واكفروا آخِرَهُ} يعني أوَّل النَّهارِ، {واكفروا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} وهو تفسير الكلبي، ومجاهد، وقتادة.

تفسير الذكر على ستة عشر وجها

تفسير الذكر على ستة عشر وجها الوجه الأول: الذكر يعني الطاعة والعمل وذلك قوله في سورة البقرة: {فاذكروني أَذْكُرْكُمْ} . يقول: اذكروني بالطَّاعة، أطيعوني، أذكركم بالخير. الوجه الثاني: الذكر باللسان وذلك قوله في سورة النِّساء: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصلاة فاذكروا الله} يعني اذكروه باللِّسان {قِيَاماً وَقُعُوداً} . وقال في آل عمران مثل ذلك. وقال في سورة البقرة: {فاذكروا الله} باللِّسان {كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ} بألسنتكم {أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً} يعني باللِّسَان. وقال في سورة الأَحزاب: {اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً} يعني باللِّسَان. وقال: {والذاكرين الله كَثِيراً والذاكرات} . الوجه الثالث: الذكر بالقلب وذلك قوله في سورة آل عمران:

الوجه الرابع: الذكر يعني اذكر أمري عند فلان

{والذين إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظلموا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ الله} يعني ذكروه في أنفسهم وعملوا أنَّهُ سَائلهم عمّا عملوا. الوجه الرابع: الذكر يعني اذكر أمري عند فلان وذلك قوله في سورة يوسف: {اذكرني عِندَ رَبِّكَ} . يقول يوسف: اذكر أمري عند الملك. وقال في سورة مريم: {واذكر فِي الكتاب إِبْرَاهِيمَ} . يقول: اذكر لأَهل مكَّة أمر إِبراهيم. وكذلك أمر مريم وموسى وإِسماعيل وإِدريس. الوجه الخامس: الذكر يعني الحفظ وذلك قوله في سورة البقرة: {خُذُواْ مَآ ءاتيناكم بِقُوَّةٍ واذكروا مَا فِيهِ} يعني احفظوا ما فيه، يعني ما في التوراة من الأَمر والنَّهي. وقال في سورة آل عمران: {واذكروا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ} يعني احفظوا. وكذلك التي في سورة البقرة. ونحوه كثير. الوجه السادس: الذكر يعني عظة وذلك قوله في سورة الأَنعام {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ} يعني ما وُعِظوا به. ومثلها في الأَعراف:

الوجه السابع: الذكر يعني الشرف

{فَلَماَّ نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ} يعني وعظوا به، {أَنجَيْنَا الذين يَنْهَوْنَ عَنِ السواء} . وقال في يس: {أَإِن ذُكِّرْتُم} يعني وعظتم. وقال في ق: {فَذَكِّرْ بالقرآن} يعني عظ بالقرآن. وقال: {إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ} يعني واعظا {لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} . ونحوه كثير. الوجه السابع: الذكر يعني الشرف وذلك قوله في سورة الزَّخرف: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} يعني لشرف لك ولقومك، يعني القرآن، يعني النبوة. وفي يس. وهو قول سفيان. وكقوله في سورة المؤمنون: {فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ} يعني شرفهم. وقال في سورة الأَنبيَاء: {لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ} يعني شرفكم، يعني قريشا. الوجه الثامن: الذكر يعني الخبر وذلك قوله في سورة الأَنبياء: {هاذا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي} يعني خبر من معي وخبر من قبلي. وكقوله في سورة والصَّافَّات: {لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ الأولين}

الوجه التاسع: الذكر يعني الوحي

يعني خبرا من الأَوَّلِين. وقال في سورة الكهف: {قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً} يعني خبرا من الأَولين. الوجه التاسع: الذكر يعني الوحي وذلك قوله في اقتربت السَّاعة: {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا} يعني أأنزل عليه الوحي من بيننا. وكقوله في الصَّافات: {فالتاليات ذِكْراً} يعني الوحي. وكقوله في والمرسلات: {فالملقيات ذِكْراً} يعني الوحي. وقال في الحجر: {وَقَالُواْ ياأيها الذي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذكر} يعني الوحي، القرآن. الوجه العاشر: الذكر يعني القرآن وذلك قوله في سورة الأَنبياء: {وهاذا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ} يعني القرآن وهو قول قتادة. وفيها أيضا {عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُّعْرِضُونَ} ، القرآن. وقال [في سورة الزخرف: {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذكر صَفْحاً} يعني القرآن. وقال في سورة] الأَنبياء: {مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ} يعني القرآن وكذلك في سورة الشُّعَراء. ونحوه كثير.

الوجه الحادي عشر: الذكر يعني التوراة

الوجه الحادي عشر: الذكر يعني التوراة وذلك قوله في سورة الأَنبياء: {فاسئلوا أَهْلَ الذكر} يعني أهل التَّوراة. وقال الحسن: أهل الكتابين. وقال ابن عباس: {مِن بَعْدِ الذكر} التوراة، عبد الله بن سلام وأصحابه المؤمنين. ومثلها في سورة النَّحل قال: {إِلَيْهِمْ فاسألوا أَهْلَ الذكر} يعني التوراة، عبد الله بن سلاَّم وأصحابه الَّذين أسلموا. وهو قول قتادة. الوجه الثاني عشر: الذكر يعني الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه يعني اللوح المحفوظ يعني اللَّوح المحفوظ. وذلك قوله في سورة الأَنبياء: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزبور مِن بَعْدِ الذكر} يعني من بعد اللَّوح المحفوظ. وهو قول مجاهد. الوجه الثالث عشر: الذكر يعني البيان من الله وذلك قول نوح لقومه في سورة الأَعراف: {أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ} يعني بيانا من ربِّكُمْ. وقول هود فيها أيضا: {أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ} . وقال: {ص والقرآن ذِي الذكر} يعني ذي البيان. وقال في ص: {هاذا ذِكْرٌ} يعني بيان {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} . ومثله كثير.

الوجه الرابع عشر: الذكر يعني التفكر

الوجه الرابع عشر: الذكر يعني التفكر وذلك قوله في ص: {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} يعني ما القرآن إِلاَّ تفكُّر للعالمين اي الغافلين عن الله. ومثلها في إِذا الشَّمس كوّرت: {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} يعني تفكُّرا. وقوله في سورة يس: {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ} يعني ما هو إِلاَّ تفكُّر للعالمين وقرآن مبين. الوجه الخامس عشر: الذكر يعني الصلوات الخمس وذلك قوله في سورة البقرة: {فَإِذَآ أَمِنتُمْ فاذكروا الله} يعني صلُّوا لله، يعني الصَّلوات الخمس {كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} . وكقوله في سورة النُّور: {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله} يعني عن الصلوات الخمس. وقال في سورة المنافقين: {ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ الله} يعني عن الصَّلوات الخمس، وحضور الجمعة. الوجه السادس عشر: الذكر يعني صلاة واحدة وذلك قوله في سورة الجمعة: {فاسعوا إلى ذِكْرِ الله} يعني صلاة الجمعة خاصَّة في هذا الموضع. وقول سليمان: {إني أَحْبَبْتُ حُبَّ الخير عَن ذِكْرِ رَبِّي} يعني عن الصَّلاّة، صلاة العصر خاصة.

تفسير الخوف على خمسة وجوه

تفسير الخوف على خمسة وجوه الوجه الأول: الخوف يعني القتل وذلك قوله في سورة النِّساء: {وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأمن أَوِ الخوف} يعني القتل والهزيمة. وكقوله في سورة البقرة: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الخوف} يعني القتل. الوجه الثاني: الخوف القتال وذلك قوله في سورة الأَحزاب {فَإِذَا جَآءَ الخوف} يَعْنِي القتالُ، {رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ} . وكقوله: {فَإِذَا ذَهَبَ الخوف} يعني إِذا ذهب القتال. الوجه الثالث: الخوف يعني العلم والمعرفة وذلك قوله في سورة البقرة: {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ} يعني من خاف، فمن علم. وقال في سورة البقرة أيضا: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله} يقول: إِن علمتم. وكقوله في سورة النِّساء: {وَإِنِ امرأة خَافَتْ} يعني علمت، {مِن بَعْلِهَا} يعني من زوجها، {نُشُوزاً} يعني بغضا أو إِعراضا. وقال

الوجه الرابع: الخوف بعينه

في سورة الأَنعام: {وَأَنذِرْ بِهِ الذين يَخَافُونَ أَن يحشروا إلى رَبِّهِمْ} يعني يعلمون ويستيقنون. وقال: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} يعني إن علمتم. الوجه الرابع: الخوف بعينه وذلك قوله في آل عمران: {أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} يعني ألاَّ خوف عليهم من العذاب. وقال في حم السَّجدة: {أَلاَّ تَخَافُواْ} العذاب {وَلاَ تَحْزَنُواْ} . وهو قول قتادة. وقال في الأَعراف: {وادعوه خَوْفاً} منْ عَذابِهِ، {وَطَمَعاً} في رحمته. وقال في تنزيل السَّجدة: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً} من عذابه {وَطَمَعاً} في رحمته. الوجه الخامس: الخوف يعني النقص وذلك قوله في سورة النَّحل: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ على تَخَوُّفٍ} يعني تَنقّص. وهو قول الكلبي.

تفسير الصلاة على وجهين

تفسير الصلاة على وجهين الوجه الأول: الاستغفار من المخلوقين، ومن الله المغفرة ومن الله، المغفرة، وذلك قوله في سورة الأَحزاب {هُوَ الذي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} يعني - الله تبارك وتعالى - هو الَّذي يغفر لكم إذا عصيتموه. قال: {وَمَلاَئِكَتُهُ} يعني وتستغفر لكم الملائكة. وهو قول ابن عباس. وكقوله: {إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي} يعني إنَّ الله يغفر للنَّبِيِّ وتستغفر له الملائكة. وقال: {ياأيها الذين آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ} يعني استغفروا له، {وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} . وقال في البقرة: {وَبَشِّرِ الصابرين} ... ... إلى قوله: {أولائك عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ} يعني مغفرة من ربّهم. وقال في براءة: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} . يقول للنَّبيِّ: استغفر لهم {إِنَّ صلاوتك} يعني إِنَّ استغفارك {سَكَنٌ} يعني طمأنينة قلوبهم. وقال فيها أيضا: {وَصَلَوَاتِ الرسول} يعني استغفار النَّبيِّ.

الوجه الثاني: الصلاة يعني الصلاة التي يصلي المخلوقن لله

الوجه الثاني: الصلاة يعني الصلاة التي يصلي المخلوقن لله الصَّلاة التي يصلِّي المخلوقون لله، وذلك قوله في سورة البقرة: {وَيُقِيمُونَ الصلاة} يعني يُتِمّون الصّلاة، يعني الصَّلوات الخمس. وقال أيضا: {وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار} . ونحوه كثير. وقال: {أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس} يعني الصَّلوات الخمس {إلى غَسَقِ اليل} . وقال في سور النِّسَاء: {إِنَّ الصلاة كَانَتْ عَلَى المؤمنين كِتَاباً مَّوْقُوتاً} .

تفسير الناس على أحد عشر وجها

تفسير الناس على أحد عشر وجها الوجه الأول: الناس يعني إنسانا واحداً، يعني النبي وحده وذلك قوله في سورة النِّساء: {أَمْ يَحْسُدُونَ الناس} يعني النَّبي وحده، قال: {على مَآ آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ} . قال الكلبي: النَّبيُّ وحده. وقال في سورة آل عمران: {الذين قَالَ لَهُمُ الناس} يعني نعيم بن مسعود الأَشجعي وحده. وقال في حمالمؤمن: {لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس} يعني الدَّجَّال وحده. الوجه الثاني: الناس يعني الرسل خاصة وذلك قوله في سورة البقرة: {أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس} يعني شهداء النّاس يعني الرّسل خاصّة. وكقوله في سورة الحجِّ: {وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس} يعني لتكونوا شهداء الرّسل خاصة.

الوجه الثالث: الناس يعني المؤمنين خاصة

الوجه الثالث: الناس يعني المؤمنين خاصة وذلك في قوله في سورة البقرة: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ} يعني على الكافرين، {لَعْنَةُ الله والملائكة والناس أَجْمَعِينَ} يعني بالنَّاس أجمعين المؤمنين خاصَّة. وهو قول قتادة في سورة آل عمران حيث يقول: {والناس أَجْمَعِينَ} يعني المؤمنين خاصَّة. وقال في آل عمران أيضا: {وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت} يعني المؤمنين خاصَّة. الوجه الرابع: الناس يعني المؤمنين من أهل التوراة خاصة وذلك قوله في سورة البقرة: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ الناس} يعني مؤمني أهل التَّوراة خاصَّة. الوجه الخامس: الناس يعني بني إسرائيل خاصة وذلك قوله في سورة المائدة: {ياعيسى ابن مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ} يعني بني إسرائيل خاصَّة، {اتخذوني وَأُمِّيَ إلاهين مِن دُونِ الله} . وكقوله في آل عمران: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ} يعني عيسى، {أَن يُؤْتِيهُ الله الكتاب والحكم والنبوة ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي} يعني بني إسرائيل خاصَّة. وقال في آل عمران أيضا: {وَأَنزَلَ التوراة والإنجيل * مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ} يعني لبني إِسرائيل خاصَّة.

الوجه السادس: الناس يعني أهل مصر خاصة

الوجه السادس: الناس يعني أهل مصر خاصة وذلك قوله في سورة يوسف: {لعلي أَرْجِعُ إِلَى الناس} يعني أهل مصر، {لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} . وقال أيضا: {عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ الناس} يعني أهل مصر. وقال في طه: {وَأَن يُحْشَرَ الناس ضُحًى} يعني أهل مصر. الوجه السابع: الناس يعني أهل مكة خاصة وذلك قوله في بني إِسرائيل: {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بالناس} يعني أهل مكة خاصَّة. وقال: {وَمَا جَعَلْنَا الرؤيا التي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ} يعني أهل مكَّة خاصة. وقال في سورة يونس: {ياأيها الناس} يعني أهل مكَّة خاصَّة، {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ على أَنفُسِكُمْ} . وقال في سورة النَّمْل: {أَنَّ الناس كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ} يعني أهل مكة خاصَّة. الوجه الثامن: الناس يعني أهل اليمن خاصة وذلك قوله: {وَرَأَيْتَ الناس يَدْخُلُونَ فِي دِينِ الله أَفْوَاجاً} يعني أهل اليمن خاصَّة. الوجه التاسع: الناس يعني أهل اليمن وربيعه وذلك قوله في سورة البقرة: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ الناس} يعني ربيعة وأهل اليمن.

الوجه العاشر: الناس يعني الناس كلهم

الوجه العاشر: الناس يعني الناس كلهم وذلك قوله في سورة النِّسَاء: {ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} . وقال في سورة الحجرات: {ياأيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأنثى} يعني جميع النَّاس. ونحوه كثير. وهو قول الحسن وقتادة. الوجه الحادي عشر: الناس يعني أهل سفينة نوح ومن كان على عهد آدم وذلك قوله في سورة البقرة: {كَانَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً} يعني أهل سفينة نوح، وعلى عهد آدم. وهو قول قتادة. وكقوله في سورة يونس: {وَمَا كَانَ الناس} يعني أهل سفينة نوح، وعلى عهد آدم.

تفسير كتب على أربعة وجوه

تفسير كتب على أربعة وجوه الوجه الأول: كتب يعني فرض وذلك قوله في سورة البقرة: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى} يعني فرض. وكقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام} يعني فرض. قال: {كَمَا كُتِبَ} يعني كما فرض {عَلَى الذين مِن قَبْلِكُمْ} . تفسير قتادة. وقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الموت} يعني فرض عليكم. وقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال} يعني فرض. وقال في سورة النِّسَاء: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتال} يعين فلمَّا فرض، {وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا} يقول: لِمَ فرضت علينا القتال. الوجه الثاني: كتب يعني قضى وذلك قوله في سورة المجادلة: {كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ} يعني قضى الله {أَنَاْ ورسلي} . وقال في براءة {قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ الله} يعني إِلاَّ مَا قضى الله {لَنَا}

الوجه الثالث: كتب يعني جعل

وقال في سورة الحجِّ {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ} يقول: قُضي على إبليس أنَّه من تولاَّهُ، {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إلى عَذَابِ السعير} . وقال في آل عمران: {لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ} يعني الَّذين قُضي عليهم القتل. الوجه الثالث: كتب يعني جعل وذلك قوله في سورة المجادلة: {أولائك كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمان} يعني جعل. وقال في سورة آل عمران: {رَبَّنَآ آمَنَّا بِمَآ أَنزَلَتَ واتبعنا الرسول فاكتبنا مَعَ الشاهدين} يعني واجعلنا مع الشَّاهدين. ومثلها في سورة المائدة: {فاكتبنا مَعَ الشاهدين} يعني فاجعلنا مع الشَّاهدين. وقال في سورة الأَعراف: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} يعني فسأجعلها. الوجه الرابع: كتب يعني أمر وذلك قوله في سورة المائدة: {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} يعني الَّتِي أمركم أن تدخلوها وهي الأُردن.

تفسير الخير على ثمانية وجوه

تفسير الخير على ثمانية وجوه الوجه الأول: الخير يعني المال وذلك قوله في سورة البقرة: {إِن تَرَكَ خَيْراً} يعني مالا. وكقوله: {قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ} يعني من مال، {فَلِلْوَالِدَيْنِ والأقربين} . وكقوله {وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ} يعني من مال، {فَلأَنْفُسِكُمْ} . وقال: {وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ} من مال، {يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} . وقال في صاد: {حُبَّ الخير} يعني المال. وقال: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} مالا. وهو قول الحسن. ونحوه كثير. الوجه الثاني: الخير يعني الإيمان وذلك قوله في الأَنفال: {وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً} يعني إِيمانا، {لأَسْمَعَهُمْ} الإِيمان، وقال فيها أيضا: {ياأيها النبي قُل لِّمَن في أَيْدِيكُمْ مِّنَ الأسرى إِن يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً} يعني إِيمانا. وقال نوح في سورة هود: {وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تزدري أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْراً} يعني إِيمانا.

الوجه الثالث: الخير يعني الاسلام

الوجه الثالث: الخير يعني الاسلام وذلك قوله في سورة البقرة: {أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ} يعني الإِسلام ونزول الوحي بالشَّرَائع. وكقوله في سورة ق: {مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ} يعني مَنَّاعاً للإِسلام، وهو المشرك، يعني الوليد بن المغيرة منع بني أخيه أن يسلموا. ومثلها في نون والقلم: {مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ} يعني للإِسلام. الوجه الرابع: الخير يعني الفضل وذلك قوله في سورة المؤمنون: {وَقُل رَّبِّ اغفر وارحم وَأنتَ خَيْرُ الراحمين} يعني وأنت أفضل من يرحم. [وقال في المائدة أيضا: {وَأَنتَ خَيْرُ الرازقين} يعني أفضل الرَّازقين] . وقال في يوسف: {وَهُوَ خَيْرُ الحاكمين} يعني أفضل الحاكمين. وكذلك كلُّ شيء في القرآن من نحو هذا. وقال في أفضل الحاكمين. وكذلك كلُّ شيء في القرآن من نحو هذا. وقال في سورة الزُّخرف: {أَمْ أَنَآ خَيْرٌ} بل أنا خير، يعني أفضل. الوجه الخامس: الخير يعني العافية وذلك قوله في سورة الأَنعام: {وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ} يعني بعافية، {فَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ} . ومثلها في سورة يونس: {وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ} يعني بعافية، {فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ} .

الوجه السادس: الخير يعني الأجر

الوجه السادس: الخير يعني الأجر وذلك قوله في سورة الحج: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} يعني لكم في البُدن أجر في نحرها، والصّدقة منها. الوجه السابع: الخير يعني الطعام الخير يعني الطَّعام، وذلك قوله في سورة القصص: {رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} يعني الطَّعام. الوجه الثامن: الخير الطعن في القتال الخير [يعني] الظَّفر في القتال، وذلك قوله في سورة الأَحزاب: {وَرَدَّ الله الذين كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً} يعني لم يصيبوا ظفرا ولا غنيمة. وقال: {أَشِحَّةً عَلَى الخير} . والخير القتال.

تفسير الخيانة على خمسة وجوه

تفسير الخيانة على خمسة وجوه الوجه الأول: الخيانة يعني الذنب في الإسلام وذلك قوله في سورة البقرة: {عَلِمَ الله أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ} يعني الذّنب في الإِسلام؛ وذلك أنَّ رجلا من المسلمين، يقال أَنَّه عمر بن الخطَّاب، واقع امرأته في شهر رمضان. وقال في سورة الأَنفال: {ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ الله والرسول وتخونوا أَمَانَاتِكُمْ} يعني المعصية في الإِسلام؛ وذلك أنَّ أبا لُبابة صاحب النبيِّ أشار إلى يهود قريظة بيده ألاَّ ينزلوا على الحكم، فكانت هذه منه خيانة وذنبا. وقوله في المؤمن: {يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعين} يعني النَّظرة في المعصية، وهو الذي يُسارق النَّظر. الوجه الثاني: الخيانة الذي تكون عنده أمانة فيخونها وذلك قوله في سورة النِّساء: {وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً} وهو

الوجه الثالث: الخيانة يعني نقض العهد

الذي يخون أمانته. نزلت في طعمة بن ابيرق، خان درعا من حديد كانت عنده وديعة. الوجه الثالث: الخيانة يعني نقض العهد وذلك قوله في سورة الأَنفال: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً} يعني نقض العهد، نزلت في اليهود. ومثلها في سورة المائدة {وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ على خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ} يعني اليهود. ذكره مجاهد: نقضوا العهد، وهمّوا بقتل النَّبيِّ عليه السلام ومن معه، وكانوا ثلاثة نفر: أبو بكر، وعمر، وعلي. الوجه الرابع: الخيانة يعني الخلاف في الدين وذلك قوله في سورة التَّحريم: {فَخَانَتَاهُمَا} يعني فخالفتاهما في الدِّين، كانت كافرتين. وقال في سورة الأَنفال: {وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ} - يعني الَّذين أسروا يوم بدر - ويريدوا خلافك في الدِّين أي الكفر بك، {فَقَدْ خَانُواْ الله مِن قَبْلُ} يعني فقد كفروا بالله من قبل. وقال في سورة النِّساء: {إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً} يعني في دينه. نزلت في طعمة بن أبيرق وكان منافقا. الوجه الخامس: الخيانة يعني الزنا وذلك قوله في سورة يوسف: {وَأَنَّ الله لاَ يَهْدِي كَيْدَ الخائنين} يعني لا يصلح عمل الزِّنا.

تفسير الفتنة على أحد عشر وجها

تفسير الفتنة على أحد عشر وجها الوجه الأول: الفتنة يعني الشرك. وذلك قوله في سورة البقرة: {وَقَاتِلُوهُمْ حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} يعني حَتَّى لا يكون شركٌ، {وَيَكُونَ الدين للَّهِ} . ومثلها في سورة الأَنفال. وقال في سورة البقرة: {والفتنة أَشَدُّ مِنَ القتل} يعني الشِّرك أعظم جرما عند الله من القتل في الشَّهر الحرام. الوجه الثاني: الفتنة يعني الكفر وذلك قوله في سورة آل عمران: {ابتغاء الفتنة} يعني الكفر. وقال في سورة براءة: {لَقَدِ ابتغوا الفتنة مِن قَبْلُ} يعني الكفر. وقال {أَلا فِي الفتنة سَقَطُواْ} يعني في الكفر وقعوا. وقال في سورة النَّور: {فَلْيَحْذَرِ الذين يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} يعني الكفر. وقال في سورة الحديد {ولكنكم

الوجه الثالث: الفتنة يعني البلاء

فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ} يعني كفرتم أنفسكم. وكذلك كل فتنة في المنافقين واليهود. الوجه الثالث: الفتنة يعني البلاء وذلك قوله في سورة العنكبوت: {الاما * أَحَسِبَ الناس أَن يتركوا أَن يقولوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ} يعني وهم لا يبتلون في إِيمانهم. {وَلَقَدْ فَتَنَّا} يعني ولقد ابتلينا، {الذين مِن قَبْلِهِمْ} . وقال لموسى في طه: {وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً} يعني ابتليناك ابتلاء على ابتلاء. وقال في سورة الدُّخان: {وَلَقَدْ فَتَنَّا} يعين ابتلينا، {قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ} . الوجه الرابع: الفتنة يعني العذاب في الدنيا وذلك قوله في سورة العنكبوت {فَإِذَآ أُوذِيَ فِي الله جَعَلَ فِتْنَةَ الناس} يعني جعل عذاب الناس في الدنيا {كَعَذَابِ الله} في الآخرة. نزلت في عياش بن أبي ربيعة أَخي أبي جهل. ونظيرها في النّحل حيث يقول: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ} يعني من بعد ما عذبوا في الدنيا.

الوجه الخامس: الفتنة يعني الحرق بالنار

الوجه الخامس: الفتنة يعني الحرق بالنار وذلك قوله في السَّماء ذات البروج: {إِنَّ الذين فَتَنُواْ المؤمنين والمؤمنات} يعني أحرقوا المؤمنين والمؤمنات في الدُّنيا. وقال في الذَّاريات: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ} يعني بالنَّار، يحرقون بها، يعذبون في الآخرة، {ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ} يعني ذوقوا حريقكم. الوجه السادس: الفتنة يعني القتل وذلك قوله في سورة النِّساء: {إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كفروا} يقول: أن يقتلكم الَّذين كفروا. وكقوله في يونس: {على خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ} أَي أن يقتلهم. الوجه السابع: الفتنة يعني الصدود وذلك قوله في المائدة: {واحذرهم أَن يَفْتِنُوكَ} يعني أن يَصدُّوك {عَن بَعْضِ مَآ أَنزَلَ الله إِلَيْكَ} وقال في بني إِسرائيل {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ} يعني يصدُّونك {عَنِ الذي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ} . الوجه الثامن: الفتنة يعني الضلالة وذلك قوله في سورة الصَّافات: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ * مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} يعني ما أنتم عليه بمضلِّين، {إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم} من قدر له أن يصلى الجحيم.

الوجه التاسع: الفتنة يعني المعذرة

وقال في المائدة: {وَمَن يُرِدِ الله فِتْنَتَهُ} يعني من يرد الله ضلالته {فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ الله شَيْئاً} . الوجه التاسع: الفتنة يعني المعذرة وذلك قوله في سورة الأَنعام: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} أي معذرتهم. وهو تفسير مجاهد وقتادة، {إِلاَّ أَن قَالُواْ والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} . الوجه العاشر: الفتنة يعني التسليط وذلك قوله لبني إسرائيل في سورة يونس {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظالمين} ، يقول: لا تسلَّط علينا فرعون وقومه فيقولون: لولا أَنَّا أمثَل منهم ما سُلِّطْنا عليهم، فيكون ذلك فتنة لهم. وقول إبراهيم في الممتحنة [ {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً] لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ} يقول لا تقتِّر علينا الرّزق وتبسطه لهم. الوجه الحادي عشر: المفتون يعني المجنون وذلك قوله [في ن] : {بِأَييِّكُمُ المفتون} يعني المجنون. وقال مجاهد: أيّكم المفتون، أيّكم الشَّيْطان.

تفسير عدوان على وجهين

تفسير عدوان على وجهين الوجه الأول: عدوان يعني سبيلا وذلك قوله في البقرة: {فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظالمين} يقول: فلا سبيل إِلاَّ على الظالمين. وكقول موسى في القصص: {أَيَّمَا الأجلين قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ} يقول: لا سبيل عليَّ. الوجه الثاني: عدوان يعني الظلم وذلك قوله في المائدة: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإثم والعدوان} يقول: لا تعاونوا على المعصية والظُّلم. ومثلها فيها. وقال أيضا في المجادلة: {فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بالإثم والعدوان} يعني بالعدوان الظُّلم. وقال في المؤمنون: {فَمَنِ ابتغى وَرَآءَ ذلك فأولائك هُمُ العادون} أي فأولئك هم المعتدون، أي الظَّالمون أنفسهم بركوب المعصية. ومثلها في سال سائل. وقال في البقرة: {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بالإثم وَالْعُدْوَانِ} أي الظُّلم.

تفسير الاعتداء على وجهين

تفسير الاعتداء على وجهين الوجه الأول: الاعتداء الذي يتعدى أمر الله وذلك قوله في البقرة: {تِلْكَ حُدُودُ الله} يعني سُنَّة الله، وأمره في الطَّلاقِ. يقول: {فَلاَ تَعْتَدُوهَا} إلى غيرها، {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فأولائك هُمُ الظالمون} لأَنفسهم. ونظيرها في النساء الصّغرى. وقال في النِّساء: {وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ} إلى غيرها استحلالا له {يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا} . الوجه الثاني: الاعتداء بعينه وذلك قوله في البقرة: {فَمَنِ اعتدى بَعْدَ ذلك} يقول: فمن اعتدى على القاتل بعد ما قُبل منه الدِّية، فقتله، {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . وكقوله في المائدة: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ الله بِشَيْءٍ مِّنَ الصيد تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} إِلى قوله: {فَمَنِ اعتدى بَعْدَ ذلك} يقول: فمن اعتدى فقتل الصّيد بعد النَّهي، {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} يقول: ضرب وجيع. وقال في البقرة: {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ} أي قاتلكم في الشَّهر الحرام، والبلد الحرام، {فاعتدوا عَلَيْهِ} أي قاتلوه، {بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ} .

تفسير فرض على خمسة وجوه

تفسير فرض على خمسة وجوه الوجه الأول: فرض يعني أوجب وذلك قوله في البقرة: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحج} يقول: فمن أوجب فيهن الحجَّ، فأحرم به. وذلك قوله في الأَحزاب: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ} يعني ما أوجبنا عليهم {في أَزْوَاجِهِمْ} . وقال في البقرة: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} يعني أوجبتم على أنفسكم. الوجه الثاني: فرض يعني بين وذلك قوله في يا أيّها النبي لم تحرّم: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} يعني قد بين لكم كفارة أيمانكم. وقال في النُّور: {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} يعني بينَّاها. الوجه الثالث: فرض يعني أحل وذلك قوله في الأَحزاب: {مَّا كَانَ عَلَى النبي مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ الله لَهُ} يعني فيما أحلَّ الله له.

الوجه الرابع: فرض يعني أنزل

الوجه الرابع: فرض يعني أنزل وذلك قوله في القصص: {إِنَّ الذي فَرَضَ عَلَيْكَ القرآن} يعني الَّذِي أنزل عليك القرآن، {لَرَآدُّكَ إلى مَعَادٍ} يعني إِلى مَكَّة. وليس في القرآن آية إِلا وهي مكية أو مدنية إِلاَّ هذه الآية فإنها ليست بمكيِّة ولا مدنية، وذلك إِنما نزلت على النَّبِي بالجحفة. الوجه الخامس: الفريضة بعينها وذلك قوله في سورة النِّساء في قسمة المورايث: {فَرِيضَةً مِّنَ الله} يعني قسمة المواريث لأَهلها الَّذين ذكرهم الله في هذه الآيات. وقال في براءة في أمر الصّدقات: [في] الذين ذكرهم الله {فَرِيضَةً} أي قسما، {مِّنَ الله} يعني الصَّدقات في هذه الآية أنهم أهلها، قال: {والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ} .

تفسير العفو على ثلاثة وجوه

تفسير العفو على ثلاثة وجوه الوجه الأول: العفو يعني الفضل من المال وذلك قوله في البقرة: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العفو} يعني الفضل من أموالهم. وقال في سورة الأَعراف: {خُذِ العفو} يعني الفضل من أموالهم، يعني في الصَّدقات. الوجه الثاني: العفو يعني الترك وذلك قوله في/ البقرة: {إِلاَّ أَن يَعْفُونَ} يعني إِلاَّ أن يتركن نصف المهر، {أَوْ يَعْفُوَاْ الذي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح} يعني أو يترك الزَّوجِ النِّصف الَّذي له للمرأة، فيوفيها تمام مهرها. وقال أيضا في البقرة: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} يعني وترككم فلم يعاقبكم. وقال: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} يقول: فمن ترك مظلمته. الوجه الثالث: العفو بعينه وذلك قوله في آل عمران للَّذين انهزموا يوم أحد: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} حين لم يستأصلكم. وكقوله في براءة للنَّبي: {عَفَا الله عَنكَ} يعني العفو بعينه.

تفسير الطهور على عشرة وجوه

تفسير الطهور على عشرة وجوه الوجه الأول: الطهور يعني الاغتسال وذلك قوله في البقرة: {وَلاَ تَقْرَبُوْهُنَّ حتى يَطْهُرْنَ} يعني حَتَّى يغتسلن من المحيض، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} يعني فإذا اغتسلن، {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله} يعني في الفرج. وقال في المائدة: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فاطهروا} يعني فاغتسلوا. الوجه الثاني: الطهور يعني الاستنجاء الطهور يعني الاستنجاء بالماء، وذلك قوله في براءة، {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} يعني أن يغتسلوا إِثر البول والغائط، {والله يُحِبُّ المطهرين} . الوجه الثالث: الطهور يعني به الطهر بعينه من جميع الأحداث والجنابة وذلك قوله في الأَنفال: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السمآء مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} يعني من الأَحداث والجنابة. وقوله في الفرقان: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً طَهُوراً} للمؤمنين، يتطهَّرون به من الأَحداث والجنابة.

الوجه الرابع: الطهر يعني التنزه عن إتيان الرجال في ادبارهم

الوجه الرابع: الطهر يعني التنزه عن إتيان الرجال في ادبارهم وذلك قوله في الأَعراف: {أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} يعني يتنزَّهُون عن إِتيان الرّجال في أدبارهم. ونظيرها في النَّمل. الوجه الخامس: الطهر يعني من الحيض والأقذار وذلك قوله: {وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} يعني لهم في الجنَّة أزواج مطهَّرة من الحيض والأَقذار كلّها. ونظيرها في آل عمران حيث يقول: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذلكم} إِلى قوله: {وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} من الحيض والأَقذار كلِّهَا. ونظيرها في سورة النِّساء. الوجه السادس: الطهور يعني من الذنوب وذلك قوله في إِذا وقعت الواقعة: {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون} يعني المطَهرُون من الذنوب، وهم الملائكة. وقال في المجادلة للمؤمنين: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرسول فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ} / لذنوبكم. وقال في براءة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} مِنْ الذُّنُوبِ، {وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} أي وتصلحهم بها.

الوجه السابع: الطهور يعني من الشرك

الوجه السابع: الطهور يعني من الشرك وذلك قوله في المفصَّل: {فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ} يعني القرآن، يعني من الشِّرك. وقال أيضا: {يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً} يعني القرآن مطهّر من الشِّرك والكفر. وقال في البقرة: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ} من الأَوثان، يعني لا تذرَا حَوْلهُ وَثنا يُعْبَدُ من دون الله، {لِلطَّائِفِينَ والعاكفين} . ونظيرها في الحجِّ. الوجه الثامن: الطهر يعني طهور القلب من الريبة وذلك قوله في البقرة/: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بالمعروف [ذلك يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر] ذلكم أزكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} لقلب الرجل والمرأة من الرّيبة. وقال في الأَحزاب لنساء النَّبِي عليه السَّلام: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسألوهن مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} يعني من الرّيبة والدَّنس. الوجه التاسع: الطهور يعني به من الفاحشة والإثم وذلك قوله في آل عمران: {يامريم إِنَّ الله اصطفاك وَطَهَّرَكِ} من الفاحشة والإِثم. ذلك أن اليهود قذفوها بالفاحشة. وقال في الأَحزاب. {يانسآء النبي مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ} إِلى قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس}

الوجه العاشر: الطهور يعني الحلال

يعني الإِثم الذي ذكر في هذه الآيات {وَيُطَهِّرَكُمْ} من الإِثم {تَطْهِيراً} . الوجه العاشر: الطهور يعني الحلال وذلك قوله في هود: {هاؤلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} يعني هنَّ أحلُّ لكم. وكلُّ رجس في القرآن فإنما هو إِثم، والرِّجز كلّه العذاب، والرِّجز الأَوثان.

تفسير "إن" و "أن" على ستة وجوه

تفسير "إن" و "أن" على ستة وجوه الوجه الأول: أن يعني إذ وذلك قوله في البقرة: {ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الربا إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ} يعني إِذ كنتم مؤمنين. وقوله في آل عمران: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ} يعني إِذ كنتم مؤمنين. وقال في سورة براءة: {فالله أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُمْ مُّؤُمِنِينَ} يعني إِذ كنتم مؤمنين. الوجه الثاني: ان يعني ما وذلك قوله/ في الأَنبياء: {لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً} يعني صاحبة وولدا، {لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَاعِلِينَ} يعني ما كنَّا فاعلين. وقال في الزُّخرف: {قُلْ إِن كَانَ للرحمان وَلَدٌ} يقول: ما كان للرحمن ولد. وقال في تبارك: {إِنِ الكافرون إِلاَّ فِي غُرُورٍ} يعني ما الكافرون إِلاَّ في غرور. وقال: {إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} يعني ما كانت إِلا صيحة واحدة.

الوجه الثالث: ان يعني لقد

وكذلك كل إِن خفيفة تستقبلها الأَلف. وقال في تبارك: {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ} يعني ما أنتم إِلاَّ في ضلال كبير. الوجه الثالث: ان يعني لقد وذلك قوله في آخر بني إِسرائيل: {إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً} يعني لقد كان وعد ربِّنا لمفعولا. وقال في طسم الشعراء: {تالله إِن كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} يقول: والله، لقد كُنَّا فِي ضلال مبين. وقال في الصَّافات: {تالله إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ} يعني والله لقد كدت تغويني. وقال في يونس: {إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ} يعني لقد كنَّا. وقال في سبحان: {وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ} يعني قد كادوا. وقال: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ} يعني قد كادوا. الوجه الرابع: ان مخففة يعني لئلا وذلك قوله في سورة النساء: {يُبَيِّنُ الله لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ} يعني لئلا تَضلُّوا. وقال في سورة الملائكة: {إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ} لئلاَّ تزولا. وقال في الحج: {وَيُمْسِكُ السمآء أَن تَقَعَ عَلَى الأرض} يعني لئلا تقع على الأرض {إِلاَّ بِإِذْنِهِ} . وقال فِي الكهف: {إِنَّا جَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ} لئِلا يفقهوه.

الوجه الخامس: ان يعني بأن

الوجه الخامس: ان يعني بأن وذلك قوله في حام الزُّخرف: {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذكر صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً} يعني بأن كُنْتُمْ قوْماً {مُّسْرِفِينَ} . وقال في الرّوم: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الذين أَسَاءُواْ السواءى أَن كَذَّبُواْ} يعني بأن كذَّبوا. وقال في الشعراء: {إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَآ أَن كُنَّآ} يعني بأن كنَّا {أَوَّلَ المؤمنين} . الوجه السادس: ان بعينه وذلك قوله {إِنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات} يعني بأن الله له ملك السّماوات. ونحوه ما كان مبتدأ في مبتدأ الكلام. وهذا الحرف الآخر مشدد. أَنْ.

تفسير أني على وجهين

تفسير أني على وجهين الوجه الأول: أنى يعني كيف وذلك قوله في البقرة: {فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أنى شِئْتُمْ} يقول: كيف شئتم في الفرج. وقال أيضا فيها: {أنى يُحْيِي هاذه الله بَعْدَ مَوْتِهَا} يقول: كيف يحيى هذه الله بعد موتها. الوجه الثاني: أنى يعني من أين وذلك قوله في آل عمران: {أنى لَكِ هاذا} يعني من أي لك هذا؟ وقوله: {أنى يَكُونُ لِي وَلَدٌ} . يقول: من أين يكون لي ولد. وقوله: {أنى يُؤْفَكُونَ} يعني من أين يكذِّبون. وقوله: {أنى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ} من أين يكون لِي غلام. ونحوه كثير.

تفسير نأى واناء على وجهين

تفسير نأى واناء على وجهين الوجه الأول: آناء ساعات وذلك قوله في آل عمران: {يَتْلُونَ آيَاتِ الله آنَآءَ الليل} يعني ساعات اللَّيْل، {وَهُمْ يَسْجُدُونَ} يصلُّون. وقال في طه: {وَمِنْ آنَآءِ الليل} يعني من ساعات اللَّيْلِ، {فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النهار} . وقال في الزّمر: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ اليل} يعني ساعات اللَّيْلِ، {سَاجِداً وَقَآئِماً} . الوجه الثاني: ناء يعني تباعد وذلك قوله في الأَنعام يريد النبي صلى الله عليه وسلم: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} وَيَنْئَوْنَ عَنْهُ نزلت في أبي طالب، ينهى عن أذى النبي من أراده وينأى عن دينه، وعمَّا جاء به. وقال في سبحان {أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} يعني تباعد. وهو مثل

قوله في يونس: {وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ} يقول: وهو مضطجع، {أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ} معرضا عنَّا، {كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إلى ضُرٍّ مَّسَّهُ} .

تفسير الحكمة على خمسة وجوه

تفسير الحكمة على خمسة وجوه الوجه الأول: الحكمة يعني السنة التي في الأمر والنهي وذلك قوله في البقرة: {وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الكتاب} يعني القرآن {والحكمة} يعني السّنة الَّتِي في القرى من الأَمر والنَّهْي، والحلا والحرام. وقوله في النساء: {وَأَنزَلَ الله عَلَيْكَ الكتاب} يعني القرآن {والحكمة} يعني السُّنَّة من الحلال والحرام الذي في القرآن. وقال في البقرة: {وَيُعَلِّمُكُمُ الكتاب} القرآن. / {والحكمة} يعني السّنَّة الَّتِي في القرآن، وهو الحلال والحرام. ومثلها في آل عمران، ومعناها كلِّها السُّنَّة. وهو تفسير قتادة، الكتاب: القرآن، والحكمة: السُّنَّة. الوجه الثاني: الحكمة يعني الفهم والعقل وذلك قوله في سورة مريم ليحيى {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبِيّاً} يعني الفهم والعقل. وقال في

الوجه الثالث: الحكمة يعني النبوة

لقمان: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الحكمة} يعني الفهم والعقل. وقال في الأَنعام: {أولائك الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب والحكم} يعني الفهم والعقل. وقال في الأَنبياء: {وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} يعني الفهم والعقل. ونظيرها قوله ليوسف وموسى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} عشرين سنة، {آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} يعني عقلا وفهما. الوجه الثالث: الحكمة يعني النبوة وذلك قوله في النِّساء: {فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الكتاب والحكمة} يعني النبوّة. وقال لداود في البقرة: {وَآتَاهُ الله الملك والحكمة} يعني النُّبُوّة. ونظيرها في ص: {وَآتَيْنَاهُ الحكمة وَفَصْلَ الخطاب} يعني النُّبوّة وعلم القضاء. الوجه الرابع: الحكمة يعني القرآن ظاهرا وعلم تفسيره وذلك قوله في البقرة: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ} يعني العلم بما في القرآن وقراءته ظاهرا {فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} . الوجه الخامس: الحكمة يعني القرآن وذلك قوله في سورة النَّحل: {ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة} يعني بالقرآن.

تفسير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على وجهين

تفسير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على وجهين الوجه الأول: الأمر بالمعروف بالتوحيد والنهي عن المنكر عن الشرك وذلك قوله في آل عمران: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بالمعروف} يعني بتوحيد الله، {وَتَنْهَوْنَ عَنِ المنكر} يعني عن الشِّرك بالله. وقال في براءة: {التائبون العابدون} إِلى قوله: {الآمرون بالمعروف} يعني بتوحيد الله، {والناهون عَنِ المنكر} يعني عن الشِّرك بالله. وقال لقمان لابنه: {يابني أَقِمِ الصلاة وَأْمُرْ بالمعروف} يعني بالتَّوْحيد، {وانه عَنِ المنكر} يعني الشِّرك بالله. الوجه الثاني: الأمر بالمعروف اتباع النبي والتصديق به والمنكر التكذيب به وذلك قوله في آل عمران لمؤمني أهل التَّوْرَاة: {لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ الكتاب} إِلى قوله: {وَيَأْمُرُونَ بالمعروف} بالإِيمان بمحمّد، {وَيَنْهَوْنَ عَنِ المنكر} يَعْنِي عنِ التَّكذْيِبِ بمحمد صلى الله عليه وسلم. / وقال أيضا في براءة: {والمؤمنون والمؤمنات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بالمعروف} بالإِيمان بمحمّد، {وَيَنْهَوْنَ عَنِ المنكر} يعني عن التَّكذيب بمحمّد صلى الله عليه وسلم.

تفسير المعروف على خمسة وجوه

تفسير المعروف على خمسة وجوه الوجه الأول: المعروف يعني القرض وذلك قوله في النِّساء: {وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بالمعروف} يعني بالقرض. ونظيرها في آخر السُّورة قوله: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ} يعني القرض. الوجه الثاني: المعروف يعني الزينة وذلك قوله في البقرة للمتوفّى عنها زوجها: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} يعني إذا انقضت العدَّة، {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ في أَنْفُسِهِنَّ بالمعروف} يعني: أن يتَزيّنَّ، ويتَشوَّفْنَ، ويلتمسن الأَزواج. ونظيرها عندها قوله: {مَّتَاعاً إِلَى الحول غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ في أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ} يعني أن يتزينَّ ويتشوفن ويلتمسن الأَزواج.

الوجه الثالث: المعروف يعني العدة الحسنة

الوجه الثالث: المعروف يعني العدة الحسنة وذلك قوله في البقرة: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النسآء} إِلى قوله: {و [لاكن] لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} يعني عدة حسنة. وقال أيضا في سورة النساء: {وارزقوهم فِيهَا واكسوهم وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} يعني عدة حسنة. وقال في النساء: {وَإِذَا حَضَرَ القسمة} إِلى قوله: {وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} عدة حسنة. الوجه الرابع: المعروف يعني الدعاء بالخير وذلك قوله في سورة البقرة: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} أي: قول حسن، دعاء الرّجل لأَخيه {خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى} أي يمنّ بها على المساكين. الوجه الخامس: المعروف يعني ما يتيسر على الإنسان وذلك قوله في البقرة: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بالمعروف} أي على قدر ميسرة الرّجل، {حَقّاً عَلَى المتقين} . وقال أيضا: {مَتَاعاً بالمعروف} يعني أن يُمَتِّعَ

المرأة إِذا طلقها على قدر ميسرته {حَقّاً عَلَى المحسنين} . وقال أيضا في المراضع: {وَعلَى المولود لَهُ} يعني الأَب، {رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمعروف} على قدر ميسرته.

تفسير الطاغوت على ثلاثة وجوه

تفسير الطاغوت على ثلاثة وجوه الوجه الأول: الطاغوت يعني به الشيطان وذلك قوله في البقرة: {فَمَنْ} ... {يَكْفُرْ بالطاغوت} يعني الشيطان. ونظيرها في النساء حيث يقول: {والذين كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطاغوت} يعني في سبيل الشيطان. ونظيرها في المائدة حيث يقول: {وَعَبَدَ الطاغوت} يعني الشيطان. الوجه الثاني: الطاغوت يعني به الأوثان التي تعبد من دون الله وذلك قوله في النحل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} يعني اجتنبوا الأَوثان. ونظيرها في الزمر حيث يقول: {والذين اجتنبوا الطاغوت أَن يَعْبُدُوهَا} يعني والَّذِين اجتنبوا عبادة الأَوثان، {وأنابوا إِلَى الله} . الوجه الثالث: الطاغوت يعني به كعب بن الأشرف اليهودي

وذلك قوله في البقرة: {والذين كفروا أَوْلِيَآؤُهُمُ الطاغوت} يعني كعب بن الأَشرف، {يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ النور إِلَى الظلمات} . ومثلها في النساء حيث يقول: {الذين أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الكتاب يُؤْمِنُونَ بالجبت والطاغوت} يعني كعب بن الأَشرف. وقال أيضا فيها: {يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت} يعني كعب بن الأَشرف.

تفسير الظلمات والنور على أربعة وجوه

تفسير الظلمات والنور على أربعة وجوه الوجه الأول: الظلمات يعني الشرك، والنور الإيمان وذلك قوله في البقرة: {الله وَلِيُّ الذين آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور} يعني يخرجهم من الشِّرك إِلى الإِيمان. ونظيرها عندها. وقال في الأَحزاب: {هُوَ الذي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور} يعني من الشرك إِلى الإِيمان. وقال لموسى: {أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظلمات إِلَى النور} . ونحوه كثير. الوجه الثاني: الظلمات يعني الليل، والنور يعني النهار وذلك قوله في الأَنعام: {الحمد للَّهِ الذي خَلَقَ السماوات والأرض وَجَعَلَ الظلمات والنور} يعني وجعل اللَّيل والنَّهار، وليس في القرآن غيرها. الوجه الثالث: الظلمات يعني الأهوال وذلك قوله في الأَنعام: {قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ البر والبحر} يعني من أهوال البرّ والبحر.

الوجه الرابع: ظلمات يعني ثلاث خصال

ومثلها في النَّمل حيث يقول: {أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ البر والبحر} في أهوال. الوجه الرابع: ظلمات يعني ثلاث خصال وذلك قوله في الزمر: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ} يعني البطن، والرّحم، والمشيمة. وقال في الأَنبياء ليونس: {فنادى فِي الظلمات} يعني ظلمة اللَّيل، وظلمة البحر، وبطن الحوت. وقال: في النُّور: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ} إِلى قوله {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} يعني به الكافر، يقول: قلبه مظلم في صدر مظلم، في جسد مظلم. قلبه بالشرك، وصدره بالكفر، وجسده بالشَّكِّ. وهو النِّفاق.

تفسير الظالمين على سبعة وجوه

تفسير الظالمين على سبعة وجوه الوجه الأول: الظالمون يعني المشركين وذلك قوله في الأَعراف: {أَن لَّعْنَةُ الله عَلَى الظالمين} يعني المشركين. ومثلها في هود وقال في هل أتى على الإِنسان: {والظالمين أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} يعني المشركين. الوجه الثاني: الظالمون المسلم يظلم نفسه بذنب يصيبه من غير شرك المسلم يظلم نفسه بذنب يصيبه من غير شرك، وذلك قوله في البقرة لآدم وحوّاء {وَلاَ تَقْرَبَا هاذه الشجرة فَتَكُونَا مِنَ الظالمين} لأَنفسكما. ومثلها في الأَعراف حيث يقول: {وَلاَ تَقْرَبَا هاذه الشجرة فَتَكُونَا مِنَ الظالمين} لأَنفسكما بخطيئتكما. وهو قول يونس في الأَنبياء: {لاَّ إلاه إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين} يعني بخطيئته. وقال موسى: {إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} بقتله النفس، {فاغفر لِي} . وهذا كُلُّهُ فِي التَّوْحِيد الظُّلْم للنفس من غير شرك.

الوجه الثالث: الظالمون يعني الذين يظلمون الناس

الوجه الثالث: الظالمون يعني الذين يظلمون الناس وذلك قوله في حمعاساقا: {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظالمين} يعني من يبدأ بظلم. ونظيرها {إِنَّمَا السبيل عَلَى الذين يَظْلِمُونَ الناس وَيَبْغُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الحق} . الوجه الرابع: الظلم يعني يضرون وينقضون أنفسهم من غير شرك وذلك قوله في البقرة لبني إِسرائيل: {كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} يعني المنَّ والسَّلْوَى، وكان أمرهم أن يأخذوا ما يكفيهم ليومهم مولا يزدادوا على على ذلك، فعصوا فيه، فذلك قوله: {وَمَا ظَلَمُونَا} يعني وما ضرّونا، وما نقصونا حين رفعوا من المنِّ والسَّلْوَى فوق يوم، {ولاكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} يعني أنفسهم يضرّون وينقصون. ومثلها في الأَعراف: {وَمَا ظَلَمُونَا} ما ضرّونا، وما نقصونا حين رفعوا من المنّ والسَّلوى فوق يومٍ {ولاكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} يعني ينقصون ويضرّون. الوجه الخامس: الظالمون يعني يظلمون أنفسهم بالشرك وذلك قوله في الزُّخرف: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ} يعني كفار الأُمم كلَّها فنعذبهم في الآخرة بغير ذنب، {ولاكن كَانُواْ هُمُ الظالمين} لأَنفسهم بكفرهم وتكذيبهم. وقال أيضا في آل عمران: {وَ [نَقُولُ] ذُوقُواْ عَذَابَ الحريق} يعني في الآخرة، {ذلك بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} من الكفر والتَّكذيب في

الوجه السادس: يظلمون يجحدون

الدُّنْيَا، {وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} يقول: وما ظلمناهم / فنعذِّبهم في الدُّنيا على غير ذنب، ولا نعذِّب في الآخرة على غير ذنب. وقال في هود لكفَّار الأُمم الَّذين عذّبوا في الدُّنيا: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ} فعذبناهم بغير ذنب، {ولاكن ظلموا أَنفُسَهُمْ} بكفرهم وتكذيبهم. وقال في الرّوم: {فَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ} يعني كفار الأُمم الخالية الَّذين كذبوا في الدُّنيا، يقول: لم يظلمهم فيعذبهم على غير ذنب، {ولاكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} بكفرهم وتكذيبهم. الوجه السادس: يظلمون يجحدون وذلك قوله في الأَعراف، {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأولائك الذين خسروا أَنْفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ} يعني بِمَا كانُوا بالقرآن يجحدون أنَّهُ ليس من الله. كقوله أيضا في الأَعراف: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم موسى بِآيَاتِنَآ} يعني اليد والعصى، {إلى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا} أي جحدوا بآياتنا أَنَّها ليست من الله. وقوله أيضا في بني إِسرائيل {وَآتَيْنَا ثَمُودَ الناقة مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا} أي فجحدوا بها أَنها ليست من اللهِ. الوجه السابع: الظالمون يعني السارقين وذلك قوله في يوسف {قَالُواْ جَزَآؤُهُ} يعني السارق، {مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ} السَّرِقة، {فَهُوَ جَزَاؤُهُ كذلك نَجْزِي الظالمين} يعني السَّارقين أن يُتَّخَذ عبدا بسرقته

فيستخدم على قدر سرقته. وقال في المائدة: {والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا} إِلى قوله: {فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ} يعني بعد سرقته.

تفسير الظلم على خمسة وجوه

تفسير الظلم على خمسة وجوه الوجه الأول: الظلم يعني الشرك وذلك قوله في الأَنعام: {الذين آمَنُواْ وَلَمْ يلبسوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} يعني بشرك. وقال لقمان لابنه: {يابني لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} يقول: الذنب عظيم. الوجه الثاني: الظلم يعني ظلم العبد نفسه بذنب يصيبه من غير شرك وذلك قوله في البقرة في أمر الطَّلاق: {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} بذنبه من غير شرك. وقوله في سورة النِّساء الصُّغْرَى: {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله} في أمر الطَّلاق، {فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} بمعصيته من غير شرك. ونظيرها في البقرة. وقال في سورة الملائكة {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} يعني أصحاب الكبائر من أهل التَّوحيد، ظلموا أنفسهم/ بذنوبهم من غير شرك. الوجه الثالث: من الظلم وهو الذي يظلم الناس وذلك قوله في بني إِسرائيل: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً} يعني المقتول ظلمَهُ القاتِلُ حين قتله

الوجه الرابع: الظلم يعني النقص

بغير حقٍ. وقال في النِّساء: {وَمَن يَفْعَلْ ذلك} يعني قتل النَّفس، وأخذ الأَموال {عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً} . وقال: {إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليتامى ظُلْماً} يعني بغير حق. قال يحيى: يذهبون به لا يريدون ردَّه، استحلالا له. الوجه الرابع: الظلم يعني النقص وذلك قوله في الكهف: {كِلْتَا الجنتين آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً} يعني حِمْلَها {وَلَمْ تَظْلِم} أي تنقص منه شيئا. وقال في الأَنبياء: {وَنَضَعُ الموازين القسط لِيَوْمِ القيامة فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً} يقول: فلا تُنقص من ثواب عملها شيئا. وقوله في مريم: {وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً} يقول: لا يُنقصون من أعمالهم. وقال: {وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً} لا تُنقصون فتيلا. الوجه الخامس: الظلم يعني العذاب وذلك قوله في النَّحل: {والذين هَاجَرُواْ فِي الله مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ} يعني من بعد ما عذِّبوا على الإِيمان.

تفسير الطمأنينة على ثلاثة وجوه

تفسير الطمأنينة على ثلاثة وجوه الوجه الأول: تطمئن يعني تسْكن وذلك قوله في البقرة: {لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} إِذا نظرتُ إِليه. وقال في المائدة: {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا} إِذا رأينا المائدة. وقال في الرّعد: {الذين آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ الله أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب} يعني تسكن القلوب. وقال في آل عمران: {وَمَا جَعَلَهُ الله} يعني مدد الملائكة يوم أحد، {إِلاَّ بشرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ} أي ولتسكن، {قُلُوبُكُمْ بِهِ} . وقال في الأَنفال: {وَمَا جَعَلَهُ الله} يعني المدد من الملائكة يوم بدر، {إِلاَّ بشرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} يعني ولتسكن. الوجه الثاني: الطمأنينة يعني الإقامة وذلك قوله في النِّساء: {فَإِذَا اطمأننتم} يقول: فإذا أَقمتم، {فَأَقِيمُواْ الصلاة} يعني فأتموا الصَّلاة. وقال في بني إِسرائيل: {قُل لَوْ كَانَ فِي الأرض ملائكة يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ} يعني مقيمين في الأَرض.

الوجه الثالث: الطمأنينة يعني الرضى

الوجه الثالث: الطمأنينة يعني الرضى وذلك قوله في الحجِّ: {حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطمأن بِهِ} يقول: رضي به. وقال في النَّحل: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ} أَي راض. {بالإيمان} . وقال في الفجر: {ياأيتها النفس المطمئنة} يعني الرّاضية ثواب الله.

تفسير الفرار على أربعة وجوه

تفسير الفرار على أربعة وجوه الوجه الأول: الفرار يعني الكراهية وذلك قوله في/ الجمعة {قُلْ إِنَّ الموت الذي تَفِرُّونَ مِنْهُ} يَعني الَّذِي تكرهونه {فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ} . الوجه الثاني: الفرار يعني الاعراض وذلك قوله في عبس: {يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ} يعني يعرض ولا يلتفت. الوجه الثالث: الفرار يعني التباعد وذلك قوله في سورة نوح: {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دعآئي إِلاَّ فِرَاراً} يعني تباعدا. الوجه الرابع: الفرار يعني الهرب وذلك قوله في الأَحزاب: {قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الفرار} يعني الهرب، {إِن فَرَرْتُمْ مِّنَ الموت} يعني إن هربتم {أَوِ القتل} . وكقوله في الشعراء: {فَفَرَرْتُ مِنكُمْ} يعني فهربت منكم {لَمَّا خِفْتُكُمْ} .

تفسير وجعلوا على وجهين

تفسير وجعلوا على وجهين الوجه الأول: الجعل الوصف وذلك قوله في الأَنعام: {وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ الجن} يعني وصفوا لله شركاء الجنِّ. وكقوله في الزُّخرف: {وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} يعني وصفوا له من عباده شركاء. وكقوله في سورة النَّحل: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ البنات} يعني ويصفون. وكقوله في الزخرف: {وَجَعَلُواْ الملائكة الذين هُمْ} يعني وَصَفُوا. الوجه الثاني: وجعلوا يعني فعلوا وذلك قوله في الأَنعام: {وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحرث والأنعام نَصِيباً} يعني فعلوا ذلك. وقال في سورة يونس: {فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً} يعني فعلتم، يعني الحرث والأَنعام.

تفسير السبيل على ثلاثة عشر وجها

تفسير السبيل على ثلاثة عشر وجها الوجه الأول: السبيل يعني الطاعة لله وذلك قوله في البقرة {مَّثَلُ الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله} يعني في طاعة الله. وقال: {الذين آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله} يعني في طاعة الله. وفي الفرقان. وفي هل أتى على الإنسان. ونحوه كثير. الوجه الثاني: سبيل يعني بلاغا وذلك قوله في سورة آل عمران: {وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً} يعني بلاغا. الوجه الثالث: السبيل المخرج وذلك قوله في سورة بني إِسرائيل: {انظر كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأمثال فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً} يعني مخرجا. ومثلها في الفرقان: وقال في سورة النِّساء: {أَوْ يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً} يعني مخرجا من الحبس.

الوجه الرابع: السبيل يعني المسلك

الوجه الرابع: السبيل يعني المسلك وذلك قوله في النِّساء: {وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً} يعني وبئس المسلك. ونظيرها في بني إسرائيل حيث يقول: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً} يعني وبئس المسلك. الوجه الخامس: السبيل العلل وذلك قوله في النِّساء: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} يعني عِللاً. الوجه السادس: السبيل يعني الدين وذلك قوله في النِّساء: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المؤمنين} يعني غير دين المؤمنين. ونظيرها فيها أيضا، وذلك قوله: {وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذلك سَبِيلاً} يعني دِيناً. وقال في النَّحل: {ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ} يعني إِلى دين ربِّكَ. ونحوه كثير. الوجه السابع: السبيل يعني الهدى وذلك قوله في النِّساء: {وَمَن يُضْلِلِ الله} يعني عن الهدى، {فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} أى هدى. وكقوله في عسق: {وَمَن يُضْلِلِ الله} عن الهُدى، {فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ} يعني الهدى. الوجه الثامن: السبيل يعني حجة وذلك قوله في النِّساء: {وَلَن

الوجه التاسع: السبيل الطريق

يَجْعَلَ الله لِلْكَافِرِينَ عَلَى المؤمنين سَبِيلاً} يعني حجة. وقال أيضا: {فَمَا جَعَلَ الله لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} حجة. الوجه التاسع: السبيل الطريق وذلك قوله في النِّساء: {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} يعني طريقا، لا يعرفون طريقا إِلى المدينة. وقال موسى في سورة القصص: {عسى ربي أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السبيل} يعني قصد الطَّرِيق إِلى مدين. الوجه العاشر: السبيل يعني طريق الهدى وذلك قوله في سورة المائدة: {وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ السبيل} يعني قصد طريق الهدى. وكقوله: {وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ السبيل} يعني قصد طريق الهدى. ونحوه كثير. الوجه الحادي عشر: سبيل يعني عدوانا وذلك قوله في حمعاساقا: {فأولائك مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ} يعني من عدوان، {إِنَّمَا السبيل} إِنما العدوان، {عَلَى الذين يَظْلِمُونَ الناس} . الوجه الثاني عشر: سبيل يعني ملة وذلك قوله في سورة يوسف: {قُلْ هاذه سبيلي} يعني مِلَّتِي، {أَدْعُو إلى الله على بَصِيرَةٍ} .

الوجه الثالث عشر: سبيل يعني إثما

الوجه الثالث عشر: سبيل يعني إثما وذلك قوله في آل عمران: {ذلك بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأميين سَبِيلٌ} يعني إِثما. وقال في براءة: {مَا عَلَى المحسنين مِن سَبِيلٍ} يعني إِثما في قعودهم عن الغزو إِذا كان لهم عذر.

تفسير الطعام على أربعة وجوه

تفسير الطعام على أربعة وجوه الوجه الأول: الطعام يعني الطعام الذي يأكله الناس وذلك قوله: {الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ} . وقال في سورة الأَنعام: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ} . وقال في سورة الأَحزاب: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا} . ونحوه كثير. الوجه الثاني: الطعام يعني الذبائح وذلك قوله / في سورة المائدة: {وَطَعَامُ الذين أُوتُواْ الكتاب حِلٌّ لَّكُمْ} يعني ذبائحهم، {وَطَعَامُكُمْ} يعني وذبائحكم {حِلٌّ لَّهُمْ} . الوجه الثالث: الطعام يعني مليح السمك وذلك قوله في سورة. المائدة: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البحر وَطَعَامُهُ} يعني مليح السّمك منفعة لكم. الوجه الرابع: الطعام يعني الشراب وذلك قوله في سورة المائدة: {لَيْسَ عَلَى الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جُنَاحٌ فِيمَا طعموا} يعني شربوا من الخمر قبل أن تُحرّم. وكقوله في سورة البقرة: {وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ} يعني ومن لم يشربه {فَإِنَّهُ مني} .

تفسير في على سبعة وجوه

تفسير في على سبعة وجوه الوجه الأول: في يعني مع وذلك قوله في الأَعراف {قَالَ ادخلوا في أُمَمٍ} يعني مع أمم {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن الجن والإنس فِي النار} وكقوله في سورة الأَحقاف: {أولائك الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول في أُمَمٍ} مع أمم. وكقول سليمان في النَّمل: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصالحين} مع عبادك الصّالحين، وهم أهل الجنَّة. وقال في سورة العنكبوت: {والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصالحين} يعني مع الصَّالحين، يعني أهل الجنَّة. وكقوله في الفجر: {فادخلي فِي عِبَادِي} يعني مع عبادي {وادخلي جَنَّتِي} . وقال في النَّمل: {فِي تِسْعِ آيَاتٍ} مع تسع آيات. وقال في سورة نوح: {وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً} يعني معهنَّ نورا. الوجه الثاني: في يعني على وذلك قوله في طه: {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النخل} يعني على جذوع النَّخل. وكقوله في الكهف:

الوجه الثالث: في يعني إلى

{فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا} يعني على ما أنفق عليها. وقال في طه: {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} يعني يمرّون على مساكنهم، يعني قراهم. الوجه الثالث: في يعني إلى وذلك قوله في النِّساء: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا} يعني إِليْها، يعني إِلى المدينة. الوجه الرابع: في يعني عن وذلك قوله في بني إِسرائيل: {وَمَن كَانَ فِي هاذه أعمى} يعني عن هذه أعمى، يعني هذه النعماء الَّتي ذكر الله في هذه الآية: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِيءَادَمَ} إِلى آخر الآية، {أعمى} ، قال: {فَهُوَ فِي الآخرة} يعني فهو عمّا ذكر الله من أمر بالآخرة {أعمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} . الوجه الخامس: في يعني من وذلك قوله في النَّحل: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ} يعني من كلِّ أمّة {شَهِيداً} وهم الأَنبياء. الوجه السادس: في يعني عند وذلك قوله في الشُّعراء: {وَلَبِثْتَ فِينَا} يعني عندنا {مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} . وقولهم لشعيب: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ

الوجه السابع: في يعني لنا

فِينَا ضَعِيفاً} يعني عندنا ضعيفا. وقولهم {ياصالح قَدْ كُنتَ فِينَا} يعني عندنا، {مَرْجُوّاً قَبْلَ هاذا} . الوجه السابع: في يعني لنا وذلك قوله في آخر الحجِّ: {وَجَاهِدُوا فِي الله} يعني لله، يعني اعملوا لله. وقوله: {حَقَّ جِهَادِهِ} يعني حق عمله. وقال في العنكبوت: {والذين جَاهَدُواْ فِينَا} يعني عملوا لنا.

تفسير من على أربعة وجوه

تفسير من على أربعة وجوه الوجه الأول: من صِلَةٌ في الكلام وذلك قوله في سورة نوح: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ} من هاهنا صلة. يعني يغفر لكم ذنوبكم كلَّها. وقال في حمعاساقا: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدين} يعني شرع لكم الدين. ومن هاهنا صلة. وقال في سورة النُّور: {قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ} يعني يغُضُّوا أبصارهم عن جميع المعاصي. ومن هاهنا صلة. وكذلك: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} من هاهنا صلة، يعني يغضضن أبصارهن. وكذلك قول يوسف: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الملك} يعني أعطيتني الملك. من هاهنا صلة. ونحوه كثير. الوجه الثاني: من ومعناها على معنى الباء وكذلك قوله في حمالمؤمن: {يُلْقِي الروح مِنْ أَمْرِهِ} . وكقوله في النَّحل: {يُنَزِّلُ الملائكة بالروح مِنْ أَمْرِهِ} يعني بأمره. وكقوله: {تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} يعني بكلِّ أمر. وكقوله: {وَأَنزَلْنَا مِنَ

الوجه الثالث: من يعني في

المعصرات} المُعْصِرات يعني بالمعصرات. وكقوله في سورة الرّعد: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله} يعني بأمر الله. الوجه الثالث: من يعني في وذلك قوله في البقرة: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ} في حيث أمركم الله، يعني الفرج. وكقوله في فَاطر: {مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأرض} . الوجه الرابع: من يعني على وذلك قوله في الأَنبياء: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ القوم} يعني على القوْم، يعني نوحا.

تفسير أمر على ثلاثة عشر وجها

تفسير أمر على ثلاثة عشر وجها الوجه الأول: أمر يعني الدين وذلك قوله في براءة: {حتى جَآءَ الحق وَظَهَرَ أَمْرُ الله} يعني دين الله، يعني الإِسلام. وقال في سورة المؤمنون: {فتقطعوا أَمْرَهُمْ} يعني دينهم الإِسلام الَّذِي أَمر الله به نبيّهم فدخلوا في غيره. ومثلها في سورة الأَنبياء قال: {وتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} يعني تفرَّقُوا دينهم / الإِسلام الَّذِي أمروا به فدخلوا في غيره. الوجه الثاني: أمر يعني قولا وذلك قوله في الكهف: {إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ} يعني قولهم. وكقوله في طه: {فتنازعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} يعني قولهم فيما بينهم. وقال في سورة هود: {حتى إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا} يعني قولنا، {وَفَارَ التنور} . وكذلك في هود وصالح.

الوجه الثالث: أمر يعني العذاب

الوجه الثالث: أمر يعني العذاب وذلك قوله في سورة إبراهيم: {وَقَالَ الشيطان لَمَّا قُضِيَ الأمر} يعني لمَّا وجب العذاب لأَهل النَّار. قال في كاهيعاصا: {إِذْ قُضِيَ الأمر} يعني وجب العذاب. وقال في هود: {وَغِيضَ المآء وَقُضِيَ الأمر} يعني وجب العذاب، وهو الغرَق. الوجه الرابع: الأمر يعني عيسى بن مريم وذلك قوله في مريم: {سُبْحَانَهُ إِذَا قضى أَمْراً} يعني عيسى، كان في علمه أَنَّه يكون من غير أب، قال: {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} . ومثلها في البقرة: {بَدِيعُ السماوات والأرض وَإِذَا قضى أَمْراً} يعني عيسى كان في علمه أَنَّهُ يكون من غير أب، قال: {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} . الوجه الخامس: الأمر يعني القتل وذلك قوله في الأَنفال {لِيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} يعني قتل كفَّار مكَّة ببدر، وقال في حمالمؤمن: {فَإِذَا جَآءَ أَمْرُ الله قُضِيَ بالحق} . الوجه السادس: أمر يعني الفتح وذلك قوله في براءة: {فَتَرَبَّصُواْ حتى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ} يعني فتح مكَّة. الوجه السابع: الأمر يعني الجلاء والقتل وذلك قوله في سورة البقرة: {لْحَقُّ فاعفوا واصفحوا حتى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ} يعني قتل قريظة

الوجه الثامن: أمر يعني القيامة

وإِجلاء النضير. ومثلها في المائدة. الوجه الثامن: أمر يعني القيامة وذلك قوله في سورة النَّحل: {أتى أَمْرُ الله} يعني القيامة. وكقوله في سورة الحديد: {وَغرَّتْكُمُ الأماني حتى جَآءَ أَمْرُ الله} يعني القيامة. الوجه التاسع: أمر يعني القضاء وذلك قوله في الرّعد: {يُدَبِّرُ الأمر} يعني يقضي القضاء وحده. وقال في سورة يونس: {يُدَبِّرُ الأمر} يَعْنِي يَقْضِي القضاء وحده. وقال في الأَعراف: {أَلاَ لَهُ الخلق والأمر} يعني القضاء في الخلق بما يشاء. الوجه العاشر: أمر يعني الوحي وذلك قوله في تنزيل السَّجدة: {يُدَبِّرُ الأمر مِنَ السمآء إِلَى الأرض} يعني ينزِّل الوحي من السَّماء إلى / الأَرض. وكقوله في سورة النِّساء القصرى: {يَتَنَزَّلُ الأمر} يعني الوحي، {بَيْنَهُنَّ} . الوجه الحادي عشر: أمر يعني الأمر بعينه وذلك قوله في حمعاساقا: {أَلاَ إِلَى الله تَصِيرُ الأمور} يعني أمور الخلائق.

الوجه الثاني عشر: أمر يعني النصر

الوجه الثاني عشر: أمر يعني النصر وذلك قوله في آل عمران: {يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ} يعنون النَّصر، {قُلْ إِنَّ الأمر} يعني النصر. الوجه الثالث عشر: الأمر يعني الذنب وذلك قوله في سورة النِّساء القصرى: {فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا} يعني جزاء ذنبها. وقال في سورة الحشر: {كَمَثَلِ الذين مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ} يعني جزاء ذنبهم. وقال في سورة المائدة: {لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} يعني جزاء ذنبه.

تفسير الولي على أحد عشر وجها

تفسير الولي على أحد عشر وجها الوجه الأول: الولي يعني الولد وذلك قول زكرياء في سورة مريم: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً} يعني الولد. الوجه الثاني: الولي يعني الصاحب وذلك قوله في سورة بني إِسرائيل: {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذل} يعني لم يكن له صاحب يتعزَّز به من ذلٍّ. وقال فيها أيضا: {فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ} يعني أصحابا من دونه يرشدونه. وكقوله في سورة الكهف: {وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً} يعني صاحبا مرشدا. الوجه الثالث: الولي يعني القرابة وذلك قوله في حمالسجدة: {كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} يعني قريبا. وفي حمالدخان: {يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً} يعني لا يغني قريب عن قريبه الكافر شيئا. وكقوله في حمعاساقا: {وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ} يعني قرابة، {يَنصُرُونَهُم}

الوجه الرابع: الولي يعني الرب

يعني يمنعونَهُمْ، {مِّن دُونِ الله} يعني الكفَّار. وقال في العنكبوت: {وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ الله مِن وَلِيٍّ} يعني من قريب يمنعكم، يعني الكفَّار. الوجه الرابع: الولي يعني الربّ وذلك قوله في سورةِ الأَنعام: {قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً} يعني ربّا، {فَاطِرِ السماوات والأرض} . وكقوله في سورة الأَعراف: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ} يعني أربابا. وقال في حمعاساقا: {أَمِ اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ} يعني الرّب. وقال في سورة الأَعراف: {إِنَّهُمُ اتخذوا الشياطين أَوْلِيَآءَ} يعني أربابا فأطاعوهم {مِن دُونِ الله} . وكقوله في سورة الأَنعام: {ثُمَّ ردوا إلى الله مَوْلاَهُمُ الحق} . وقال في يونس: {وردوا إِلَى الله مَوْلاَهُمُ الحق} يعني ربّهم. الوجه الخامس: الولي يعني العون وذلك / في الذين كفروا: {ذَلِكَ بِأَنَّ الله مَوْلَى الذين آمَنُواْ} يعني وليّهم في العون لهم.

الوجه السادس: الولي يعني الالهة

وكقوله في التَّحريم: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ} يعني وليّه في العون له، {وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} . الوجه السادس: الولي يعني الالهة وذلك قوله في سورة العنكبوت: {مَثَلُ الذين اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَآءَ} يعني آلهة. وكقوله في حمالجاثية: {وَلاَ يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً وَلاَ مَا اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَآءَ} يعني آلهة. وقال في سورة الزُّمر: {والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ} يعني آلهة. وكقوله في حمعاساقا: {والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ} يعني آلهة، {الله حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} . الوجه السابع: الولي يعني العصبة وذلك قوله في سورة مريم: {وَإِنِّي خِفْتُ الموالي مِن وَرَآئِي} يعني العصبة من بعدي. وكقوله في سورة النِّساء: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} يعني العصبة.

الوجه الثامن: الولي يعني الولاية في دين الكفر

الوجه الثامن: الولي يعني الولاية في دين الكفر وذلك قوله في سورة المجادلة: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ الله عَلَيْهِم} يعني المنافقين تولّوا اليهود في الدِّين. وقال في سورة المائدة: {ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود والنصارى أَوْلِيَآءَ} يعني في الدِّين. قال: {وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ} في الدِّين، {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} . الوجه التاسع: الولي يعني الولاية في دين الإسلام وذلك قوله في سورة المائدة: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ} . وقال في براءة: {والمؤمنون والمؤمنات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} يعني في الدِّين. الوجه العاشر: الولي يعني المولى الذي تعتقه وذلك قوله في سورة الأَحزاب: {فَإِخوَانُكُمْ فِي الدين وَمَوَالِيكُمْ} يعني المولى الذي تعتقه. الوجه الحادي عشر: الولي يعني الولي في النصح وذلك قوله في سورة الممتحنة: {لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ} يعني في

النَّصيحة. وكقوله في سورة النِّساء: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الكافرين أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ المؤمنين} يعني أولياء في النَّصيحة. وقال في آل عمران: {لاَّ يَتَّخِذِ المؤمنون الكافرين أَوْلِيَآءَ} يعني في النَّصيحة، {مِن دُونِ المؤمنين} .

تفسير صيحة على ثلاثة وجوه

تفسير صيحة على ثلاثة وجوه الوجه الأول: صيحة يعني صيحة جبريل في الدنيا بالعذاب وذلك قوله في سورة هود لقوم صالح: {وَأَخَذَ الذين ظَلَمُواْ الصيحة} يعني صيحة / جبريل. وقال في سورة الحجر: {فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة مُشْرِقِينَ} يعني صيحة جبريل. الوجه الثاني: صيحة يعني النفخة الأولى نفخة إسرافيل وذلك قوله في يس: {مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} يعني النَّفخة الأُولى من إِسرافيل. وقال في ص: {وَمَا يَنظُرُ هاؤلآء إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً} يعني النفخة الأُولى. الوجه الثالث: صيحة يعني النفخة الثانية من إسرافيل وذلك قوله في يس: {إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} من إِسرافيل يعني النَّفخة الثَّانية، يعني القيامة {فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} . وقال في ق: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصيحة بالحق} يعني النفخة الثَّانية، نفخة إِسرافيل.

تفسير الزبر على خمسة وجوه

تفسير الزبر على خمسة وجوه الوجه الأول: الزبر يعني الحديث حديث الأَوّلين، وأمرهم الَّذِي في الكتاب، وذلك قوله في سورة آل عمران: {بالبينات} يعني الآيات الَّتِي كانت تجيء بها الأَنبياء إِلى قومهم. قال: {والزبر} يعني وحديث الكتاب وما كان قبلهم من المواعظ، {والكتاب المنير} يعني الْمُضِيء في أمره ونهيه. وقال في سورة الملائكة. وفي سورة النَّحل مثل ذلك. الوجه الثاني: الزبر يعني الكتاب وذلك قوله في سورة الشُّعراء: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأولين} . يقول: نعتُ محمّد وأمَّتِهِ في زبر الأَوّلِين، يعني في كتاب الأَوّلين. وكقوله في سورة الأَنبياء: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزبور} يعني في الكُتُب كلّها، {مِن بَعْدِ الذكر} يعني بعد الَّلوح المحفوظ. الوجه الثالث: الزبر يعني اللوح المحفوظ وذلك قوله في اقتربت: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزبر} يعني في اللَّوح المحفوظ.

الوجه الرابع: زبرا يعني قطعا

الوجه الرابع: زبرا يعني قطعا وذلك قوله في سورة الكهف قال: {آتُونِي زُبَرَ الحديد} يعني قطع الحديد. وكقوله في سورة المؤمنون: {فتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً} يعني قطعا. الوجه الخامس: الزبور يعني زبور داود وذلك قوله في سورة النِّساء: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً} يعني كتابا. ومثلها في بني إِسرائيل.

تفسير الفرح على ثلاثة وجوه

تفسير الفرح على ثلاثة وجوه الوجه الأول: الفرح يعني البطر والمرح وذلك قوله في طسم القصص: {لاَ تَفْرَحْ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين} يعني لا تبْطر، ولا تفرح إِنَّ الله لا يُحِبُّ البطِرِين المرحين. وكقوله في سورة هود: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} يعني بقوله: فرح: بطر. وكقوله في حمالمؤمن: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الحق وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ} يعني بما كنتم مرِحين، بطرين بالخيلاء والكِبْر. الوجه الثاني: الفرح يعني به الرضى وذلك قوله في الرّعد: {وَفَرِحُواْ بالحياة الدنيا} يعني ورضوا بالحياة الدنيا، {وَمَا الحياة الدنيا فِي الآخرة إِلاَّ مَتَاعٌ} . وكقوله في سورة الرّوم: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} يقول: راضون. وقال في سورة المُؤمنون: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} يقول: راضون. وكقوله في

الوجه الثالث: الفرح هو الفرح بعينه

حم المؤمن: {فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ العلم} يعني رضوا بما عندهم من العلم. الوجه الثالث: الفرح هو الفرح بعينه وذلك قوله في يونس: {وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا} يعني الفرح بعينه.

تفسير الأرض على سبعة وجوه

تفسير الأرض على سبعة وجوه الوجه الأول: الأرض يعني أرض الجنة خاصة وذلك قوله في سورة الزُّمر: {وَأَوْرَثَنَا الأرض} أرض الجنَّة، {نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ العاملين} . وكقوله في سورة الأَنبياء: {مِن بَعْدِ الذكر أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصالحون} يعني أرض الجنَّة. وقوله: {مِن بَعْدِ الذكر} يعني اللَّوح المحفوظ. الوجه الثاني: الأرض يعني الأرض المقدسة، يعني الشام خاصة يعني الشَّام خاصَّة، وذلك قوله في الأَعراف: {وَأَوْرَثْنَا القوم الذين كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأرض وَمَغَارِبَهَا} يعني أرض الأُردن وفلسطين. وقال في سورة الرّوم: {الاما * غُلِبَتِ الروم * في أَدْنَى الأرض} يعني الأُردن وفلسطين. وقال في سورة الأَنبياء: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأرض التي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} يعني الأرض المقَدَّسة. الوجه الثالث: الأرض يعني أرض المدينة وذلك قوله في العنكبوت: {ياعبادي الذين آمنوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} يعني أرض المدينة،

الوجه الرابع: الأرض يعني أرض مكة

{فَإِيَّايَ فاعبدون} فيها، أمرهم بالهجرة إِليها. وذلك قوله في النساء: {قالوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ [الله] وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا} يعني إِلى المدينة. وقال في سورة الزُّمر: {وَأَرْضُ الله وَاسِعَةٌ} يعني المدينة. وقال في سورة بني إِسرائيل: {وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرض} يعني أرض المدينة، {لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا} . وقال في سورة النِّساء: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأرض مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} يعني أرض المدينة. الوجه الرابع: الأرض يعني أرض مكة وذلك قوله في سورة الرّعد {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} يعني أرض مكَّة. وقال في سورة الأَنبياء: {أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا} يعني أرض مكَّة. وقوله: {نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ} إِذا أَسلم أحد من الكفَّار نَقص منهم وزاد في المسلمين، وهو قوله: {أَفَهُمُ الغالبون} . وكقوله في سورة النِّساء: {قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرض} يعني أرض مكَّة. الوجه الخامس: الأرض يعني أرض مصر وذلك قول يوسف: {اجعلني على خَزَآئِنِ الأرض} يعني خراج مصر، يعني أرض مصرَ. وقال فيها أيضا: {وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض} يعني أرض مصر،

الوجه السادس: الأرض يعني أرض الإسلام خاصة

{يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ} . وقال أيضا: {وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض} يعني أرض مصر. وكقوله: {فَلَنْ أَبْرَحَ الأرض} يعني أرض مصر، {حتى يَأْذَنَ لي أبيا} . وقال في طسم القصص: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرض} يعني أرض مصر. وقال أيضا: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استضعفوا فِي الأرض} يعني أرض مصر. قال: {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض} يعني أرض مصر. وقال في الأَعراف: {إِنَّ الأرض للَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ} يعني أرض مصر. وقال: {عسى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرض} يعني أرض مصر. وقال في حمالمؤمن: {أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأرض الفساد} يعني أرض مصر. وقال: {ياقوم لَكُمُ الملك اليوم ظَاهِرِينَ فِي الأرض} يعني أرض مصر. ونحوه كثير. الوجه السادس: الأرض يعني أرض الإسلام خاصة وذلك قوله في سورة المائدة: {إِنَّمَا جَزَآءُ الذين يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً} إِلى قوله: {أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض} يعني من أرض الإِسلام

الوجه السابع: الأرض يعني جميع الأرضين

خاصَّة. ذلك قوله في سورة الكهف: {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرض} يعني أرض العرب، أرض الإِسلام. الوجه السابع: الأرض يعني جميع الأرضين وذلك قوله في سورة الأَنعام: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأرض} يعني جميع الأَرْضِ. وقال في سورة لقمان: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرض مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ} يعني جميع الأَرض. وقوله: {الحمد للَّهِ فَاطِرِ السماوات والأرض} يعني جميع الأَرض. وقوله: {خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ} يعني جميع الأَرْضِ. ونحوه كثير.

تفسير الفتح على أربعة وجوه

تفسير الفتح على أربعة وجوه الوجه الأول: الفتح يعين القضاء وذلك قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} يعني إِنَّا قضينا لك قضاء بيّنا. وقال في سورة سبأ: {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بالحق} يعني يقضي بيننا ربّنا بالحقِّ {وَهُوَ الفتاح العليم} يعني القاضي العليم. وقال في الأَعراف: {رَبَّنَا افتح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالحق وَأَنتَ خَيْرُ الفاتحين} يعني اقض بيننا وبين قومنا بالحقِّ، / وأنت خير القاضين. وقوله في الم تنزيل السَّجدة: {وَيَقُولُونَ متى هاذا الفتح} متى هذا القضاء {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الفتح} يعني يوم القضاء. الوجه الثاني: الفتح يعني الإرسال وذلك قوله في سورة الملائكة: {مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ} يعني ما يرسل الله للنَّاس من رزق: {فَلاَ مُمْسِكَ} . وقال في سورة الأَنبياء: {حتى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} [يعني حتى إذا أرسلت يأجوج وماجوج] . وكقوله في

الوجه الثالث: الفتح يعني الفتح بعينه

سورة المؤمنون: {حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ} يعني أرسلنا عليهم، {بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ} . الوجه الثالث: الفتح يعني الفتح بعينه وذلك قوله في الزُّمر: {حتى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} يعني الفتح بعينه. وقال في النَّار: {فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} يعني الفتح بعينه. الوجه الرابع: الفتح يعني النصر وذلك قوله في سورة المائدة: {فَعَسَى الله أَن يَأْتِيَ بالفتح} يعني بالنَّصر، نصر محمّد. وقال في الصفِّ: {وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} يعني فتح مكَّة، يعني نصرا سريعا. وقال في النِّساء: {فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ الله} [يعني النَّصر، نصرا وغنيمة] .

تفسير كريم على ستة وجوه

تفسير كريم على ستة وجوه الوجه الأول: كريم يعني حسنا وذلك قوله في سورة النِّساء: {وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً} يعني حسنا، وهو الجنَّة. وقال في سورة النَّمل: {إني أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} أي كتاب حسن. وقال في سورة الشُّعراء: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الأرض كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} أَي حسن. الوجه الثاني: كريم يعني كريما على الله في المنزلة وذلك قوله في سورة الشَّمس: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} يعني أنه كريم على ربّه. وقال في سورة الحاقَّة: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} يعني على ربِّه، وهو جبريل. وقال في سورة الحجرات: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله} يعني إنَّ أكرمكم على الله في المنزلة {أَتْقَاكُمْ} في الدُّنيا.

الوجه الثالث: الكريم يعني المتكرم

الوجه الثالث: الكريم يعني المتكرم وذلك قوله في حمالدُّخان: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم} يعني المتكرّم. الوجه الرابع: كريم يعني مسلما وذلك قوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ} يعني مسلمين، {بَرَرَةٍ} . وقال: {كِرَاماً كَاتِبِينَ} يعني مسلمين. الوجه الخامس: كريم يعني الله تبارك وتعالى وذلك قوله في سورة المؤمنون: {رَبُّ العرش الكريم} . وقال في سورة النَّمل: {فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} يتجاوز ويصفح. وقال: {لإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم} . وتفسير كريم يتجاوز ويصفح. الوجه السادس: كريم يعني مفضلا وذلك قوله في بني إسرائيل: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هاذا الذي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} يعني فضَّلتَ عليَّ. وقال فيها أيضا: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِيءَادَمَ} يعني فضَّلنا بني آدم. وقال في سورة الفجر: {فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ} يعني فضَّلهُ ونعَّمهُ، قال: {فَيَقُولُ ربي أَكْرَمَنِ} يعني فضَّلنِي.

تفسير الأمثال على خمسة وجوه

تفسير الأمثال على خمسة وجوه الوجه الأول: الأمثال يعني الأشباه وذلك قوله في سورة الحشر: {وَتِلْكَ الأمثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ} يعني الأَشباه، {لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} وقوله: {نَضْرِبُهَا} يعني نشبهها. وقوله: {ضَرَبَ الله مَثَلاً} يعني وصف الله مثلا يعني شبها. وقال: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التوراة} يعني شبههم فِي التَّوْراةِ {وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل} يعني وشبههم في الإِنجيل. الوجه الثاني: مثل يعني السنن وذلك قوله في البقرة: {وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم} يعني مؤمني الأُمم الخالية من سنن البلاء. وقال في سورة الزُّخرف: {ومضى مَثَلُ الأولين} يعني

الوجه الثالث: المثل يعني عبرة

سنن الأَوَّلِين. وقل في سورة النُّور: {وَمَثَلاً مِّنَ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُمْ} يعني سنن العذاب في الأُمم الخالية. الوجه الثالث: المثل يعني عبرة وذلك قوله في الزُّخرف: {سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ} يعني لمن بعدكم. وكقوله لعيسى بن مريم فيها أيضا: {إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً} يعني عبرة، {لبني إِسْرَائِيلَ} . الوجه الرابع: مثل يعني عذابا وذلك قوله في الفرقان: {وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأمثال} العذاب، يعني وصفنا له العذاب، وأنَّه نازل بهم في الدُّنيا، يعني الأُمم الخالية. ومثلها في سورة إِبراهيم قال: {وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمثال} يعني وصفنا لكم العذاب، يعني عذاب الأُمم الخالية، نخوّف كفار مكَّة. الوجه الخامس: مثل يعني ذكرا وذلك قوله في سورة المدثر: {مَاذَآ أَرَادَ الله بهاذا مَثَلاً} يعني ذكرا.

تفسير النشور على أربعة وجوه

تفسير النشور على أربعة وجوه الوجه الأول: النشور يعني الحياة وذلك قوله في الزُّخرف: {مَآءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ} يعني فأحيينا به {بَلْدَةً مَّيْتاً} . وقال في سورة الملائكة {كَذَلِكَ النشور} يعني هكذا تُحيَوْنَ بعد الموت بالماء يوم القيامة كما تحيا الأَرض بالماء فتنبت. الوجه الثاني: النشر يعني البعث النُّشور البعث، وذلك قوله في الفرقان / {وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَاةً وَلاَ نُشُوراً} يعني ولا بعثنا، لا يقدرون عل بعث الأَموات. وكقوله في سورة الأَنبياء: {أَمِ اتخذوا آلِهَةً مِّنَ الأرض هُمْ يُنشِرُونَ} يعني هم يبعثون، أَي يبعثون الأَموات. وقال في تبارك: {وَإِلَيْهِ النشور} يعني وإِليه البعث. وقال في الفرقان: {بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً} لا يخشون بعثا.

الوجه الثالث: النشر البسط

الوجه الثالث: النشر البسط وذلك قوله في حمعاساقا: {وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ} يعني ويبسط رحمته، يعني نعمه وهو المطر. وقال في الكهف: {يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ} يعني يبسط لكم من رزقه. وقال في الفرقان: "نُشرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ". يقول: يبسط الرّياح والسّحاب من بين يدي رحمته، يعني المطر. وقال في الأَعراف: "وَهُوَ الذي يُرْسِلُ الرياح نُشْراً" يعني يبسط السَّحاب قدَّام المطر. وقال في سورة الرّوم {ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ} يعني تنبسطون. الوجه الرابع: النشر يعني التفرق وذلك قوله في الأَحزاب {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا} يعني فتفرّقوا. وقال في سورة الجمعة: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة فانتشروا فِي الأرض} يعني فتفرّقوا، وقال في الفرقان {وَجَعَلَ النهار نُشُوراً} يعني يتفرّقونَ فيه يبتغونَ الرِّزق.

تفسير أرساها على وجهين

تفسير أرساها على وجهين الوجه الأول: أرساها يعني أثبتها وذلك قوله في والنَّازعات: {والجبال أَرْسَاهَا} يعني أثبت بها الأَرض لئلاَّ تزول بمن عليْها. وقوله في سبأ: {وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ} يعني ثابتات. وقال في ق: {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} يعني الجبال أثبت بها الأرض. الوجه الثاني: مُرساها يعني حينها وذلك قوله في سورة الأَعراف: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الساعة أَيَّانَ مُرْسَاهَا} يعني متى حينها. وقال في والنَّازِعَاتِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الساعة أَيَّانَ مُرْسَاهَا} يعني متى حينها. وقال في سورة هود: {بِسْمِ الله مجراها وَمُرْسَاهَا} يعني حين تحبس.

تفسير "أو" على ثلاثة وجوه

تفسير "أو" على ثلاثة وجوه الوجه الأول: أو يعني بل وذلك قوله في والصَّافاتِ: {وَأَرْسَلْنَاهُ إلى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} بل يزيدون، وكقوله في النَّحل: {وَمَآ أَمْرُ الساعة إِلاَّ كَلَمْحِ البصر أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} يعني بل هو أقرب. وكقوله في سورة النَّجم: {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أدنى} يعني بل أدنى. الوجه الثاني: أو وألفها صلة وذلك قوله في طه: {لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى} ألفها هنا صلة. يقول: / لعله يتذكر ويخشى. وقال في عبس: {لَعَلَّهُ يزكى * أَوْ يَذَّكَّرُ} يعني لعلَّه يزَّكَّى ويذَّكَّر، ألف صلة. وقال في طه: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً} لعلَّهم يتَّقون ويحدث لهم ذكرا، يعني القرون الأُولى، والأَلف ها هنا صلة. وقال في والمُرسلات: {عُذْراً أَوْ نُذْراً} يعني عذرا ونذرا والأَلف ها هنا صلة.

الوجه الثالث: أو خيار، يخيرهم

الوجه الثالث: أو خيار، يخيرهم وذلك قوله في سورة المائدة: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ [مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ] أَوْ كِسْوَتُهُمْ} فخيَّرهم، {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} فيه خيار، يخيّرهم. وقال أيضا في المائدة: {أَن يقتلوا أَوْ يصلبوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض} وهذا خيار. وقال في البقرة: {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وهذا خيار.

تفسير أم على ثلاثة وجوه

تفسير أم على ثلاثة وجوه الوجه الأول: أم والميم صلة في الكلام وذلك قوله في والطُّور: {أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} يعني أخلقوا من غير شيء، والميم صلة. وكقوله: {أَمْ لَهُ البنات} يعني أله البنات، والميم صلة. الوجه الثاني: أم يعني بل وذلك قوله في سورة الرّعد: {أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القول} يعني بل بظاهر من القول. وكقوله: {أَمْ أَنَآ خَيْرٌ} بل أنا خير. وكقوله في اقتربت السَّاعة: {أَمْ يَقُولُونَ} بل يقولون، {نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ} .

الوجه الثالث: أم أو استفهام

الوجه الثالث: أم أو استفهام وذلك قوله في سورة تبارك: {أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي السمآء} استفهام، أو أمنتم من في السماء. وقال في بني إِسرائيل: {أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ} يعني أو أمنتم. وقال: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكهف} أو حسبت.

تفسير الظن على أربعة وجوه

تفسير الظن على أربعة وجوه الوجه الأول: الظن يعني اليقين وذلك قوله في البقرة: {إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ الله} يعني إِن أيقنا. وكقوله في ص: {وَظَنَّ دَاوُودُ} أيقن داود، {أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} ابتليناه. وقال في الحَاقَّةِ: {إِنِّي ظَنَنتُ} أيقنت، {أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ} . الوجه الثاني: الظن يعني الشك وذلك قوله في الجاثية: {إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً} يعني ما نشك إِلاَّ شكا. الوجه الثالث: ظنَّ يعني حسب وذلك قوله في إِذا السمَاءُ انشقَّت: {إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ} يعني حسب أن لن يرجع. وقال

الوجه الرابع: الظن يعني التهمة

في حم السَّجدة: {ولاكن ظَنَنتُمْ} يعني حسبتم {أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ} . ونحوه في الشعراء. ونحوه في سبحان. الوجه الرابع: الظن يعني التهمة وذلك قوله في الأَحزاب: {وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا} يعني التُّهمة. ونظيرها في الفتح {وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السوء} . وقال في إِذا الشَّمس كوّرت: {وَمَا هُوَ عَلَى الغيب بِضَنِينٍ} يعني بمتَّهم. ومن قرأها "بظنين" فإنَّ معناها على التَّنزيل أي: لم يبخل عليهم بما علم من علم الغيب الَّذِي عَلَّمَهُ الله.

تفسير ما بين أيديهم وما خلفهم على أربعة وجوه

تفسير ما بين أيديهم وما خلفهم على أربعة وجوه الوجه الأول: ما بين أيديهم وما خلفهم يعني، ما بين أيديهم: ما كان قبل خلقهم. وما خلفهم يعني ما كان بعد خلقهم وذلك قوله في البقرة: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} يعني يعلم ما كان قبل خلق الملائكة {وَمَا خَلْفَهُمْ} ما بعد خلقهم. وقال في سورة مريم: {لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} يعني ما كان قبل خلقنا وما يكون من بعد خلقنا. ومثلها في طه: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} . وكقوله في سورة الأَنبياء: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} يعني يعلم ما كان قبل خلق الملائكة وما كان بعد خلقهم. الوجه الثاني: ما بين أيديهم، الآخرة. وما خلفهم يعني الدنيا وذلك قوله في سورة مريم قول جبريل: {لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا} يعني الآخرة {وَمَا خَلْفَنَا} من أمر الدُّنيا. وقال إِبليس في سورة الأعراف: {ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} من قِبَلِ الآخرة، فأخبرهم أنَّه لا بعث بعد الموت، {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} يعني من قِبَلِ الدُّنيا، فأزيِّنها في أعينهم. وكقوله

الوجه الثالث: ما بين أيديهم وما خلفهم يعني قبل وبعد في الدنيا

في حم السَّجدة: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} يعني الآخرة، أنه لا بعث بعد الموت، {وَمَا خَلْفَهُمْ} يعني الدنيا، فأزيِّنها في أعينهم. وقال في يس {اتقوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ} يعني عذاب الدُّنيا وعذاب الآخرة. الوجه الثالث: ما بين أيديهم وما خلفهم يعني قبل وبعد في الدنيا وذلك قوله في الأَحقاف: {وَقَدْ خَلَتِ النذر مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} يعني وقد بعثت الرّسل من قبل هود إِلى قومهم، {وَمِنْ خَلْفِهِ} يعني ومن بعده، {أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ الله} . وكقوله في حمالسَّجدة: {إِذْ جَآءَتْهُمُ الرسل مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} يعني قبل قوم هودٍ وصالحٍ، جاءت الرّسل أيضا إِلى قومه {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} يعني ومن بعدهم، يعني بعد هود وصالح جاءت الرّسل أيضا إلى قومهم، {أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ الله} . الوجه الرابع: ما بين أيديهم وما خلفهم يعني أمامهم ووراءهم وذلك قوله في سبأ: {أَفَلَمْ يَرَوْاْ إلى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ السمآء والأرض} يعني {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} أمامهم، {وَمَا خَلْفَهُمْ} وراءهم.

تفسير العالمين على خمسة وجوه

تفسير العالمين على خمسة وجوه الوجه الأول: العالمين يعني الانس والجن خاصة وذلك قوله: {الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} الإِنس والجِنّ. وكقوله في الفرقان: {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} يعني الإِنس والْجِنّ. ومثلها في سورة الأَنبياء [ {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} يعني العالمين من الإِنس والجان] . وقال في إِذا الشَّمس كوّرت: {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} . وقال في ص مثل ذلك. الوجه الثاني: العالمين يعني عالم أهل زمانهم وذلك قوله في سورة البقرة لبني إِسرائيل: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين} يعني عالم زمانهم. ومثلها فيها أيضا. وقال في الجاثية لبني إِسرائيل: {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى العالمين} يعني عالم زمانهم. وقال في الدُّخان:

الوجه الثالث: العالمين يعني من لدن آدم إلى يوم القيامة

{وَلَقَدِ اخترناهم على عِلْمٍ عَلَى العالمين} على عالم زمانهم. الوجه الثالث: العالمين يعني من لدن آدم إلى يوم القيامة وذلك قوله في آل عمران: {يامريم إِنَّ الله اصطفاك وَطَهَّرَكِ واصطفاك على نِسَآءِ العالمين} يعني على كلِّ امرأة من ولد آدم. وقال في الأَنبياء: {التي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} يعني جميع العالمين. الوجه الرابع: العالمين يعني ما كان بعد نوح وذلك قوله في الصَّافاتِ: {سَلاَمٌ على نُوحٍ فِي العالمين} يعني الثَّناء الحَسَن، يقال لنوح من بعده في الناس. الوجه الخامس: العالمين يعني أهل الكتاب وذلك قوله في آل عمران: {وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين} يعني عن أهل الكتاب، لأنهم لا يرون الحجّ واجبا عليهم.

تفسير الانذار والنذر على ثلاثة وجوه

تفسير الانذار والنذر على ثلاثة وجوه الوجه الأول: الانذار يعني التحذير وذلك قوله في يونس: {أَنْ أَنذِرِ الناس} يعني حذِّر كفَّار مكَّة العذاب. وقال في سورة البقرة: {سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ} أَحَذرْتَهُم، {أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} أم لم تحذِّرهم، {لاَ يُؤْمِنُونَ} . وقال في يس: {لِتُنذِرَ قَوْماً} يعني لتحذِّر قوما ما في القرآن من الوعيد، {مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ} كما أنذر آباؤهم، يعني كما حُذِّر آباؤهم. الوجه الثاني: النذر يعني الخبر وذلك قوله في سورة النَّجم: {هاذا نَذِيرٌ مِّنَ النذر الأولى} يعني هذا خبر من خبر الأُمم الخالية. وقال في براءة: {وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ} يعني وليخبروا قومهم، {إِذَا رجعوا إِلَيْهِمْ} . الوجه الثالث: النذر يعني الرسل وذلك قوله في اقتربت: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بالنذر} يعني بالرّسل. وقال: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ

بالنذر} بالرّسل. وقال: {وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ النذر} يعني الرّسل. وقال في تبارك: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} يعني رسولا، {قَالُواْ بلى قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ} يعني رسولاً. وقال في سورة هود: {إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ} يعني رسولاً.

تفسير المد على ستة وجوه

تفسير المد على ستة وجوه الوجه الأول: يمدهم يعني يلجُهم في ضلالتهم يعمهون وذلك قوله في الأَعراف: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغي} يعني يَلِجُونهُم فِي الغيِّ، {ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ} . الوجه الثاني: المد الاعطاء وذلك قوله في قد أفلح: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ} يعني نعطيهم من مال وبنين. وكقوله في سورة نوح: {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} يعني يعطيكم أموالا وبنين. وكقوله في سبحان لبني إِسرائيل: {وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} ، يقول: وأعطيناكم. الوجه الثالث: المد التقوية وذلك قوله في آل عمران: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الملائكة مُنزَلِينَ}

الوجه الرابع: المد الذي لا انقطاع له

يعني يقوّيكم. وقال في الأَنفال: {أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الملائكة مُرْدِفِينَ} يعني مقوِّيكم. وقوله {مُرْدِفِينَ} أعوانا للمسلمين. الوجه الرابع: المد الذي لا انقطاع له وذلك قوله: {وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً} يعني لا ينقطع شتاء ولا صيفا. وقال في سورة مريم: {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العذاب مَدّاً} يعني لا انقطاع له. وقال في الواقعة: {وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ} يعني لا انقطاع له. الوجه الخامس: المد يعني البسط وذلك قوله في الفرقان: {كَيْفَ مَدَّ الظل} يعني بسط الظلَّ من طلوع الفجر إِلى طلوع الشَّمس في الدُّنيا كلِّها. وقال في الرّعد: {وَهُوَ الذي مَدَّ الأرض} يعني بسط الأَرض من تحت الكعبة. وقال في سورة الحجر: {والأرض مَدَدْنَاهَا} يعني بسطناها من تحت الكعبة. وقال في ق: {والأرض مَدَدْنَاهَا} يعني بسطناها. ونحوه كثير. الوجه السادس: مدّت يعني سويت وذلك قوله: {وَإِذَا الأرض مُدَّتْ} يعني سويت، قد حلَّ ماء على ظهرها في بطنها. ومثله كثير.

تفسير الطغيان على أربعة وجوه

تفسير الطغيان على أربعة وجوه الوجه الأول: الطغيان يعني الضلالة وذلك قوله في البقرة: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} يعني في ضَلاَلتِهِمْ يتردَّدونَ. وقال: {فَنَذَرُ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} يعني في ضلالتهم. وقال في ق: {رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ} يعني ما أضللته. وقال في الصَّافات: {بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ} يعين ضالِّين. وقال في ص: {وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ} يعني للضَّالِّين، {لَشَرَّ مَآبٍ} لشرّ مرجع. وقال في عمّ يتساءلون: {لِّلطَّاغِينَ مَآباً} . الوجه الثاني: طغيان يعني عصيانا وذلك قوله في طه: {اذهب إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى} يعني عصى الله. وقال في النَّازعات: {إِنَّهُ طغى} يعني عصى الله. وقال في طه: {وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ} يعني لا تعصوا الله في رفع المن والسّلوى.

الوجه الثالث: الطغيان: الارتفاع والتكبر

الوجه الثالث: الطغيان: الارتفاع والتكبر وذلك قوله: {إِنَّا لَمَّا طَغَا المآء} يعني لمّا كثر وارتفع، {حَمَلْنَاكُمْ فِي الجارية} يعني في السّفينة. وقال: [ {كَلاَّ إِنَّ الإنسان ليطغى} يرتفع من ... .] . الوجه الرابع: طغى يعني ظلم وذلك قوله: {مَا زَاغَ البصر وَمَا طغى} يعني وما ظلم. وقال: {أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي الميزان} يعني لا تظلموا في الميزان.

تفسير الاشتراء على ثلاثة وجوه

تفسير الاشتراء على ثلاثة وجوه الوجه الأول: اشتروا يعني اختاروا وذلك قوله في البقرة: {أولائك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} يعني اختاروا الكفر بمحمَّد - بعد ما بعث - على الإِيمان به، وهم رؤوس اليهود. كقوله أيضا: {إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ الله مِنَ الكتاب وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} يعني يختارون الكفر بمحمّد بِعرض من الدنيا يسير. وقال في لقمان: {وَمِنَ الناس مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحديث} يعني يختار باطل الحديث على القرآن. الوجه الثاني: الاشتراء يعني الابتياع فذلك قوله في براءة: {إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجنة} . الوجه الثالث: اشتروا يعني باعوا فذلك قوله في البقرة: {بِئْسَمَا اشتروا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} يعني باعوا به أنفسهم، {أَن يَكْفُرُواْ بِمَآ أنَزَلَ الله} . ليس مثلها.

تفسير الصلاح على سبعة وجوه

تفسير الصلاح على سبعة وجوه الوجه الأول: الصلاح يعني الإيمان فذلك قوله في الرّعد: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ} يعني ومن آمن من آبائهم وأزواجهم، {وَذُرِّيَّاتِهِمْ} . وقال في النور: {والصالحين مِنْ عِبَادِكُمْ} يعني المؤمنين. وقال في يوسف: {وَأَلْحِقْنِي بالصالحين} يعني آباءه المؤمنين. وقال سليمان: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصالحين} يعني المؤمنين. الوجه الثاني: الصلاح يعني جودة المنزلة فذلك قوله في يوسف: {وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ} يعني تصلح منزلتكم عند أبيكم. وقال عن إِبراهيم في البقرة: {وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين} فِي المنزلة عند الله. مثلها في النَّحل. وكذلك كلُّ شيء لإِبراهيم: {فِي الآخرة مِنَ الصالحين} .

الوجه الثالث: الصلاح يعني الرفق

الوجه الثالث: الصلاح يعني الرفق فذلك قوله في القصص: {سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} يعني من الرّافقين بك. وقال موسى في الأَعراف لهارون: {اخلفني فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ} يعني وارفق بهم.

الوجه الرابع: الصلاح تسوية الخلق

الوجه الرابع: الصلاح تسوية الخلق وذلك قوله في سورة الأَعراف: {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً} لئن أعطيتنا ولداً سوِيَّ الخلْقِ في صورة البشر، {لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين * فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً} يعني سويَّ الخلق. الوجه الخامس: الصلاح يعني الاحسان وذلك قول شعيب في هود: {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإصلاح} . يعني الإِحسان: {مَا استطعت} . الوجه السادس: الصلاح يعني الطاعة وذلك قوله في سورة البقرة {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} يعني نحن مطيعون الله في الأَرض. وقال في سورة الأَعراف: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} بعد الطَّاعة فيها. وفي العنكبوت: {والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} يعني أطاعوا الله فيما أمرهم به وفرض عليهم. الوجه السابع: الصلاح يعني الامانة وذلك قوله في سورة الكهف: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً} يعني كان ذا أمانة.

تفسير إظهار على ثمانية وجوه

تفسير إظهار على ثمانية وجوه الوجه الأول: ظهر يعني بدا وذلك قوله في النُّور: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} يعني إِلاَّ ما بدا في الوجه والكفَّين. وقال في سورة الرّوم: {ظَهَرَ الفساد} يعني بدا. وقال في حمالمؤمن: {أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأرض الفساد} يعني يبدي في الأَرض الفسَاد. وقال في سورة الرّوم: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الحياة الدنيا} يعني ما بدا من معائشهم وحرثهم. الوجه الثاني: إظهار يعني اطلاعا وذلك قوله في التَّحريم: {وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ} يعني أطلعه الله على السّر الذي أفشت على النَّبِيِّ. وقال: {عَالِمُ الغيب فَلاَ يُظْهِرُ} يعني فلا يطلع {على غَيْبِهِ أَحَداً} وقال في الكهف: {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ} يعني يطَّلِعُوا عليْكُمْ. الوجه الثالث: يظهرون يعني يرتقون وذلك قوله في سورة

الوجه الرابع: التظاهر يعني التعاون

الزخرف: {وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} يعني يرتقون فيعلون فوق بيوتهم. وقال في سورة الكهف {فَمَا اسطاعوا أَن يَظْهَرُوهُ} يعني يرتقوه فيعلوه. الوجه الرابع: التظاهر يعني التعاون وذلك قوله/ في سورة التَّحريم: {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} يعني تعاونا عليه. وقال: {وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} يعني أعوانا للنبيّ. ومثلها في سورة القصص: {لَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ} . وقال في بني إِسرائيل: {وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} يعني أعوانا. وقال في الفرقان: {وَكَانَ الكافر على رَبِّهِ ظَهِيراً} يعني معينا. وقال في سورة سبأ: {وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ} يعني عوينا. وقال في الأَحزاب: {وَأَنزَلَ الذين ظَاهَرُوهُم} يعني عاونوهم. الوجه الخامس: الظهور يعني العلو وذلك قوله في براءة {هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين

الوجه السادس: بظاهر يعني باطلا

كُلِّهِ} يعني يعلو الإِسلام كلّ دين فيقهره. ومثلها في سورة الفتح. وفي سورة الصّف. وقال في حمالمؤمن: {ياقوم لَكُمُ الملك اليوم ظَاهِرِينَ فِي الأرض} . يعني غالبين على أهل مصر في القهر لهم. وقال في الصّفّ: {فَأَيَّدْنَا الذين آمَنُواْ على عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ} يعني غالبين على عدوّهم في القهر لهم. الوجه السادس: بظاهر يعني باطلا وذلك قوله في سورة الرّعد: {أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القول} يعني بباطل من القول، حين زعموا أنَّ للهِ شريكا. فأمَّا الَّتِي في المجادلة فيعني بها: الظّهار، الرّجل يظاهر من امرأته، يقول: أَنْتِ عَلَيَّ كظهر [أُمِّي] . الوجه السابع: الظهري يعني بظهر وذلك قوله في سورة هود: {واتخذتموه وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً} يعني جعلتم الله بظهر فلا تعظمونه وتعظمون

الوجه الثامن: تظهرون يعني نصف النهار

غيره. وقال في سورة البقرة: {كِتَابَ الله وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ} يعني جعلوا كتاب الله بظهر فلا يعملون به وعملوا بالسِّحر. الوجه الثامن: تظهرون يعني نصف النهار وذلك قوله في سورة الرّوم: {وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ} يعني صلاة الأُولى بعد انتصاف النَّهار. وقال في سورة النُّور: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثيابكم مِّنَ الظهيرة} يعني نصف النَّهار.

تفسير حتى على ثلاثة وجوه

تفسير حتى على ثلاثة وجوه الوجه الأول: حتى يعني إلى وذلك قوله في سورة الصّافَّات: {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتى حِينٍ} يعني إِلى حين، إِلى آجالهم. وكقوله في سورة الذَّاريات لقوم صالح: {إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حتى حِينٍ} إِلى حين يعني إِلى آجالهم. وقال في سورة المؤمنون: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حتى حِينٍ} يعني/ إلى آجالهم وقال: {حتى مَطْلَعِ الفجر} يعني إِلى مطلع الفجر. الوجه الثاني: حتى يعني فلما وذلك قوله في سورة يوسف: {حتى إِذَا استيأس الرسل} يعني فلمّا استيأس الرّسل من إِيمان قومهم. [وقال في] سورة الأَنبياء {حتى إِذَا فُتِحَتْ} يعني فلمّا فتحت {يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} . [وقال في سورة] المؤمنون {حتى إِذَآ أَخَذْنَا} يعني فلمّا أخذنا {مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب} . وقال في سورة هود: {حتى

الوجه الثالث: حتى وتفسيره قراءته

إِذَا جَآءَ} يعني فلمَّا جاء، {أَمْرُنَا وَفَارَ التنور} . الوجه الثالث: حتى وتفسيره قراءته وذلك قوله في سورة براءة: {حتى يُعْطُواْ الجزية} يعني بقوله حتَّى: أبدا {حتى يُعْطُواْ الجزية عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} يعني حتَّى يقرّوا بِالخَراج، فهذا وقتهم. وقال في سورة الحجرات: {فَقَاتِلُواْ التي تَبْغِي حتى تفياء} يعني حتى ترجع، {إلى أَمْرِ الله} . وقال في سورة الأَنفال: {وَقَاتِلُوهُمْ حتى} يعني أبدا، {حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} ، يعني حتَّى يذهب الشِّرك. ومثلها في سورة البقرة.

تفسير الأنفس على سبعة وجوه

تفسير الأنفس على سبعة وجوه الوجه الأول: الأنفس يعني القلوب وذلك قوله في سورة النَّجم: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَمَا تَهْوَى الأنفس} يعني القلوب. وقال في سورة يوسف: {وَمَآ أُبَرِّىءُ نفسي} يعني قلبي {إِنَّ النفس لأَمَّارَةٌ} للجسد {بالسواء} يعني بقوله: {إِنَّ النفس} إِنَّ القلب. وقال في ق: {مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} يعني قلبه. وقال في سورة بني إِسرائيل: {رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ} يعني بما في قلوبكم. ونحوه كثير. الوجه الثاني: أنفسكم يعني منكم وذلك قوله في آخر سورة براءة: {رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} يعني منكم، من جنسكم. الوجه الثالث: الأنفس يعني الانسان وذلك قوله في سورة المائدة: {النفس بالنفس} يعني الإِنسان بالإِنسان. وقال أيضا: {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ} يعني إنسانا بغير إِنسان.

الوجه الرابع: أنفسكم يعني بعضكم بعضا

الوجه الرابع: أنفسكم يعني بعضكم بعضا قوله في النِّساء: {وَلاَ تقتلوا أَنْفُسَكُمْ} يعني لا يقتل بعضكم بعضا، وذلك قوله في سورة البقرة: {فاقتلوا أَنفُسَكُمْ} يعني ليقتل بعضكم بعضا. وقال: {ثُمَّ أَنْتُمْ هاؤلاء تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} يعني يقتل بعضكم بعضا. الوجه الخامس: نفس يعني روح الإنسان يعني حياته، وذلك قوله في سورة الأَنعام: {وَلَوْ ترى إِذِ الظالمون} إِلى قوله: {أخرجوا أَنْفُسَكُمُ} يعني أرواحكم، حياة الإنسان فتفيض روحه. وقال في سورة الزُّمر: {الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مَوْتِهَا} يعني نفس الإِنسان، يعني/ حياته إِذا قبض روحه. الوجه السادس: أنفسكم يعني أهل دينكم وذلك قوله في سورة النِّساء: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تأكلوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بالباطل} إِلى قوله: {وَلاَ تقتلوا أَنْفُسَكُمْ} يعني لا يقتل بعضكم بعضا أهل دينكم، {إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} . وقال في سورة النُّور: {فَسَلِّمُواْ على أَنفُسِكُمْ} يعني على أهل دينكم، بعضكم على بعض.

الوجه السابع: أنفسكم وتفسيره قراءته

الوجه السابع: أنفسكم وتفسيره قراءته وذلك قوله في سورة النِّساء: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقتلوا أَنْفُسَكُمْ} يعني أن يقتل الرّجل نفسه، قال: {أَوِ اخرجوا مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ} .

تفسير آل على ثلاثة وجوه

تفسير آل على ثلاثة وجوه الوجه الأول: آل يعني قوما وذلك قوله: {وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ النذر} يعني قوم فرعَون القبْط. وقال في حمالمؤمن: {أدخلوا آلَ فِرْعَوْنَ} يعني قومه، آل ملَّته القبط، وفرعَون معهم، {أَشَدَّ العذاب} وقال فيها أيضا: {وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ} يعني من قوم فرعون. الوجه الثاني: آل يعني أهل الرجل وذلك قوله {إِلاَّ آلَ لُوطٍ} وابْنَتَيْهِ، {نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} . وقال في سورة الحجر: {فَلَمَّا جَآءَ آلَ لُوطٍ المرسلون} يعني أهل لوط. وقال أيضا: {إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} يعني لوطا وأهله. ثم استثنى من أهله فقال: {إِلاَّ امرأته} لا نُنَجِّيها، {قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ الغابرين} . وقال في العنكبوت: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امرأتك كَانَتْ مِنَ الغابرين} .

الوجه الثالث: آل يعني ذرية الرجل وان سفلوا

الوجه الثالث: آل يعني ذرية الرجل وان سفلوا وذلك قوله في سورة آل عمران: {إِنَّ الله اصطفىءَادَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ} يعني إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأَسباط، {وَآلَ عِمْرَانَ} يعني موسى وهارون اختارهم للرّسالة، {عَلَى العالمين} في زمانهم. وذلك قوله: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} .

تفسير النجم على ثلاثة وجوه

تفسير النجم على ثلاثة وجوه الوجه الأول: النجم يعني الكوكب وذلك قوله: {النجم الثاقب} يعني الكوكب المضيء. وقال في سورة النَّحلِ: {وبالنجم} يعني وبالكواكب، {هُمْ يَهْتَدُونَ} . وقال في سورة الصّافَّات: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النجوم} يعني في الكواكب. الوجه الثاني: النجم يعني نجوم القرآن إذا أنزل كان ينزل القرآن نجوما على النبي عليه السّلام، الآية والآيتين والسّورة والسّورتين ونحو ذلك، وذلك قوله {والنجم إِذَا هوى} [يعني نجوم] / القرآن إِذا نزل به جبريل على النَّبي يعني بذلك الآية والآيتين، والسورة والسورتين وفوق ذلك. وقال في سورة الواقعة {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم} يعني أقسم بِمواقِعِ النُّجوم، نجوم القرآن إِذا نزل به جبريل على النبي. الوجه الثالث: النجم يعني النبت الذي ليس له ساق وذلك قوله في سورة الرّحمنِ: {والنجم والشجر يَسْجُدَانِ} ، النَّجم كلُّ نبت ليس له ساق، والشَّجر كلُّ ما قام على ساق.

تفسير النشوز على أربعة وجوه

تفسير النشوز على أربعة وجوه الوجه الأول: النشوز يعني العصيان من المرأة لزوجها وذلك قوله في سورة النِّساء: {واللاتي تَخَافُونَ} تعلمون، {نُشُوزَهُنَّ} عصيانهن لأَزواجهنَّ {فَعِظُوهُنَّ} . الوجه الثاني: النشوز يعني النفار والأثرة، أن يؤثر زوج المرأة عليها غيرها من النساء أن يؤثر زوج المرأة عليها غيرَها من النساء، وذلك قوله في سورة النساء: {وَإِنِ امرأة خَافَتْ} يعني علمت، من زوجها {نُشُوزاً [أَوْ إِعْرَاضاً] } أثرة، آثر عليها غيرها من النِّساء، قال: {فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً} بالمال. الوجه الثالث: النشوز يعني الارتفاع، يعني القيام وذلك قوله: {وَإِذَا قِيلَ انشزوا} يعني ارتفعوا، قوموا، {فَانشُزُواْ} يعني فارتفعوا، قوموا من مجالسكم.

الوجه الرابع: النشوز يعني الحياة

الوجه الرابع: النشوز يعني الحياة وذلك قوله في سورة البقرة: {وانظر إِلَى العظام كَيْفَ نُنْشِزُهَا} يعني كيف نحييها. وقد قرأها ناس "كَيْفَ نُنْشِرُهَا" وهو أجود الوجهين. وتصديقه في كتاب الله {ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ} .

تفسير الباطل على أربعة وجوه

تفسير الباطل على أربعة وجوه الوجه الأول: الباطل يعني الكذب وذلك قوله في سورة المؤمن: {وَخَسِرَ هُنَالِكَ المبطلون} يعني خسر المكذِّبون بالعذاب. وقال في حمالجاثية: {وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ المبطلون} يعني يخسر المكذّبون بالبعث. وقال في سورة العنكبوت: {إِذاً لاَّرْتَابَ المبطلون} يقول: المكذّبون وهم اليهود. وقال في حمالسَّجدة: {لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ} يعني لا يأتي القرآنَ التكذيبُ من الكتب الَّتِي كانت قبله، ولا يجيء من بعده كتاب فيكذِّبه. الوجه الثاني: الابطال يعني الاحباط وذلك قوله في سورة البقرة: {ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم} يعني لا تحبطوا، {بالمن والأذى} . وقال في سورة محمّد: {وَلاَ تبطلوا أَعْمَالَكُمْ} يعني بالمنِّ. الوجه الثالث: الباطل يعني الشرك الباطل يعني الشِّرك الذي ليس له أصل ثابت، وذلك قوله في سورة بني إِسرائيل: {وَقُلْ جَآءَ الحق} التَّوحِيدُ، {وَزَهَقَ

الوجه الرابع: الباطل يعني الظلم

الباطل} يعني ذهب الشرك، عبادة الشيطان. قال: {إِنَّ الباطل كَانَ زَهُوقاً} . قال: الشّرك، لأَنَّ الشِّرك ليس له في الأرض أصل ولا في السَّماء فرع فلذلك قال: {كَانَ زَهُوقاً} . وقال في سورة العنكبوت: {والذين آمَنُواْ بالباطل} يعني بعبادة الشيطان الشرك، {وَكَفَرُواْ بالله أولائك هُمُ الخاسرون} . وقال في سورة النحل: {أفبالباطل يُؤْمِنُونَ} يعني بعبادة الشيطان، الشرك، يصدقون. الوجه الرابع: الباطل يعني الظلم وذلك قوله في سورة البقرة: {وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بالباطل} يعني بالظلم. ومثلها في سورة النِّساءِ وذلك قوله: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تأكلوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بالباطل} ، بالظلم، {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً} .

تفسير التوفي على ثلاثة وجوه

تفسير التوفي على ثلاثة وجوه الوجه الأول: التوفي يعني قبض ذهن الإنسان الذي به يعقل الأشياء ويرى الرؤيا وذلك قوله في سورة الأَنعام: {وَهُوَ الذي يَتَوَفَّاكُم بالليل} يعني يميتكم فيقبض من الأَنفس الذهن الذي به يعقل الأَشياء ويترك فيها الروح والحياة فهو يتقلب بالروح الذي فيه، ويرى الرؤيا بالذهن الذي قُبِض منه، وذلك قوله في سورة الزّمر: {الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مَوْتِهَا} يعني يقبض الأَنفس حين موتها. وذلك أن الإِنسان له حياة، وروح، ونفس. فإِذا نام وخرج من نفسه الذي به يعقل وله شعاع وله حبل / إِلى الجسد كشعاع الشمس في الأَرض فيرى الرؤيا بالنفس الَّتي خرجت منه كأنه بأرض أخرى، وتبقى الحياة والروح في الجسد، فبهما يتقلب ويتنفس، فإِذا حُرك رجعت النفس إِليه اسرع من طرْفه، فإِذا أراد اللهُ أن يميته في منامه أمسك النفس الخارجة وقبض الروح، فيموت في منامه. الوجه الثاني: التوفي يعني القبض إلى السماء وذلك قوله في المائدة في قول عيسى، قال: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} يعني فلمَّا قبضتني إِلى السماء وهو حيّ،

الوجه الثالث: التوفي يعني فيض الأرواح

قال: {كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} ، لأَنّ النَّصارى إِنَّما تنصَّروا بعدما رفع عيسى، وليس بعد موته. وقال في سورة آل عمران: {ياعيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} يعني قابضك من بني إِسرائيل ورافعك إِلى السماء، فقد فعل. الوجه الثالث: التوفي يعني فيض الأرواح وهو الموت بعينه، وذلك قوله في سورة المؤمن: {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} يعني نميتك {فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} . وقال في تنزيل السجدة: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الموت الذي وُكِّلَ بِكُمْ} يعني يقبض أرواحكم ملك الموت الَّذِي وكل بكم، {ثُمَّ إلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} . وقال في سورة النَّحل: {الذين تَتَوَفَّاهُمُ الملائكة} يعني يقبض أرواحهم ملك الموت، {طَيِّبِينَ} . وقال: {الذين تَتَوَفَّاهُمُ الملائكة ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} .

تفسير اللام المنكسرة على ثلاثة وجوه

تفسير اللام المنكسرة على ثلاثة وجوه الوجه الأول: اللام لكي وذلك قوله في تنزيل السجدة: {لِتُنذِرَ قَوْماً} يعني لكي تنذر قوما {مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ} . وقال في سورة يونس: {لِيَجْزِيَ الذين آمَنُواْ} يعني لكي يجزي الذين آمنوا. الوجه الثاني: اللام المنكسرة وتفسيرها إنما يقع بعدها اللاَّم التي تخرج مخرج الجحود، وذلك قوله {وَمَا كَانَ الله لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغيب} يعني ما كان الله أن يطلعكم على الغيب. وقال في سورة الأَنفال: {وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ} يعني وما كان الله أن يعذبهم / {وَأَنتَ فِيهِمْ} . وقال في سورة إِبراهيم: {وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجبال} يعني أن تزول منه الجبال.

الوجه الثالث: اللام تفسيرها لئلا

الوجه الثالث: اللام تفسيرها لئلا وذلك قوله في سورة النّحل {لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ} يعني لئلا يكفروا بما آتيناهم. ومثلها في سورة العنكبوت، وفي سورة الرّوم.

تفسير خاطئين على ثلاثة وجوه

تفسير خاطئين على ثلاثة وجوه الوجه الأول: خاطئين يعني مذنبين من غير شرك وذلك قول إِخوة يوسف {قَالُواْ ياأبانا استغفر لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} يعني مذنبين من غير شرك. الوجه الثاني: خاطئين يعني مشركين وذلك قوله في طسم القصص: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ} يعني مذنبين بالشرك. وقَالَ في سورة الحاقَّة {وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ * لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الخاطئون} المذنبون بالشرك. الوجه الثالث: الخطأ ما لم تتعمد له وذلك قوله في سورة البقرة: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا} يعني ما لم نتعمد له. وقال في سورة النّساء: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً} يعني لا يعتمد لقتله.

تفسير مثوى على ثلاثة وجوه

تفسير مثوى على ثلاثة وجوه الوجه الأول: مثوى يعني مأوى وذلك قوله في سورة محمد: {والله يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} يعني مأواكم. وقال فيها أيضا للكافرين: {والنار مَثْوًى لَّهُمْ} يعني مأوى لهم. وقال في سورة المؤمن: {جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى} يعني مأوى، {المتكبرين} . وقال في حمالسجدة: {فَإِن يَصْبِرُواْ فالنار مَثْوًى لَّهُمْ} يعني مأوى لهم. الوجه الثاني: مثوى يعني منزله وذلك قوله في سورة يوسف: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} يعني أحسني منزلهُ، وقال فيها أيضا: {إِنَّهُ ربي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} يعني منزلي، {إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون} . الوجه الثالث: المثوى يعني الاقامة في مكان وذلك قوله في طسم القصص: {وَمَا كُنتَ ثَاوِياً في أَهْلِ مَدْيَنَ} يقول: لم تكن يا محمد مقيما بمدين، فتعلم كيف كان أمرهم / فتخبر أهل مكة بشأنهم وأمرهم.

تفسير الكلام على خمسة وجوه

تفسير الكلام على خمسة وجوه الوجه الأول: الكلام يعني الكلام الذي كلم الله عباده من غير وحي وذلك قوله في سورة النساء: {وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً} كلاما من غير وحي. وقال في سورة البقرة لبني إِسرائيل، السبعين رجلا الذين اختارهم موسى، قال: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ} من بني إِسرائيل، {يَسْمَعُونَ كَلاَمَ الله} يعني إِنهم سمعوا كلامه، قال: {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} . الوجه الثاني: كلام الله يعني كلامه بالوحي وهو القرآن، وذلك قوله في براءة: {فَأَجِرْهُ حتى يَسْمَعَ كَلاَمَ الله} يعني القرآن الَّذِي أوحى الله إِلى محمد. وقال في سورة الفتح: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ الله} يعني قول الله للنبي عليه السَّلام. الوجه الثالث: كلمات الله يعني أمر الله وعجائبه وذلك قول الله في سورة الكهف: {قُل لَّوْ كَانَ البحر مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي} يعني لعلم ربِّي وعجائبه، {لَنَفِدَ البحر قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} يعني علم ربِّي. وعجائبه. وقال في آخر سورة لقمان: {وْ أَنَّمَا فِي الأرض مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ

الوجه الرابع: كلام الله من الخلوقين عند الموت ولا يسمعه بنو آدم

والبحر يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله} يعني علم الله وعجائبه: الوجه الرابع: كلام الله من الخلوقين عند الموت ولا يسمعه بنو آدم وذلك قول الكفّار: {حتى إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ رَبِّ ارجعون} وذلك أن الكافر إِذا نزل به الموت وعاين حسناته قليلة وسيئاته كثيرة نظر إِلة ملك الموت من قبل أن يخرج من الدنيا فتمنى الرّجعة وصدَّق بما كذب به، فعند ذلك يقول: {رَبِّ ارجعون} يعني إلى الدنيا {لعلي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} ، يقول الله: {كَلاَّ} يعني لا ترجع إلى الدنيا. ثم استأنف فقال: {كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا} ولا يسمع بها بنو آدم، وذلك مثل قول فرعون: {حتى إِذَآ أَدْرَكَهُ الغرق} ونزل به الموت وعاينه، {قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إلاه إِلاَّ الذي آمَنَتْ بِهِ بنوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ المسلمين} ، فلم ينفعه إِيمانه عند معاينة ملك الموت ولو كان آمن قبل أن يدركه الغرق لنفعه إِيمانه. وكما يؤمن أهل الكتاب بعيسى قال: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ / لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} يعني لا يموت أحد حتى يؤمن به، فلا ينفعه إِيمانه عند معاينة ملك الموت ونزول الموت به، لأَنه لا يستطيع أن ينطق به كمنطق أهل الدنيا. وذلك قوله في سورة النساء: {وَلَيْسَتِ التوبة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السيئات} يعني الشرك، {حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت} يعني إِذا نزل بأحدهم الموت وعاين حَسَنَاتِه وسيئاته، حين لا يسمع كلامه المخلوقون، {قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآن} قال: فليس من كافر إلا يتوب عند الموت فلا ينفعه. ولا يتجاوز عن {الذين يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} قال:

الوجه الخامس: الكلام يعني الإيمان من الكفار عند معاينة العذاب في الدنيا

{أولائك أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} . الوجه الخامس: الكلام يعني الإيمان من الكفار عند معاينة العذاب في الدنيا فقال يخبر عن الأُمم الخالية الَّذين عذِّبوا في الدُّنيا قال: {فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا} يعني عذابنا في الدُّنيا {قالوا آمَنَّا بالله وَحْدَهُ} ، يقول الله: {فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ} عند نزول العذاب بهم كما لم ينفع فرعونَ إِيمانُه عند الغرق. وقال: {فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ} ، و {قَالُواْ ياويلنآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} فأقرّوا على أنفسهم بالظُّلْمِ، وآمنُوا بما جاءت به الرّسل، وسألوا الرّجعة إِلى الدُّنيا وسألوا النَّظر ليحسنوا العمل. وقال في سورة الشعراء: {لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حتى يَرَوُاْ العذاب الأليم} فيقُولُوا عنذ ذلك، {فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ} . وقال في سورة يونس: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ} يعني حتى إِذا ما نزل العذاب، {آمَنْتُمْ بِهِ الآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} .

تفسير إلا على أربعة وجوه

تفسير إلا على أربعة وجوه الوجه الأول: إلا استثناء وذلك قوله في الزُّخرف: {الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المتقين} استثنى من الأَخِلاَّءِ المتَّقين فقالَ: {إِلاَّ المتقين} منهم، فإنَّهم ليسوا بأعداء بعضهم لبعض. وقال في سورة الفرقان {والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلاها آخَرَ} إِلى قوله {إِلاَّ مَن تَابَ} ، استثنى مَن تاب. ونحوه كثير. الوجه الثاني: وهو الذي يشبه الاستثناء وليس بالمستثنى ولكنه مستأنف الكلام، وذلك قوله في سورة الأَعراف حين سألوا النَّبِي عليه السَّلام عن القيامة: متى هي؟ فقال الله له: {قُل} يا محمّد {لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً} ، ثمّ انقطع / الكلام، ثمّ استأنف فقال: {إِلاَّ مَا شَآءَ الله} فإنَّه يصيبني ما شاء الله. وقال في يونس حين سألوا النبي متى ينزل العذاب: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً} ، وانقطع الكلام، ثم استأنف {إِلاَّ مَا شَآءَ الله} ، فإنه يصيبني ذلك. وقال

[إبراهيم] في سورة الأنعام: {وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ} ثُمَّ استأنف فقال: {إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً} فيصيبني ما شاء ربِّي. وقال شعيب في سورة الأَعراف: {وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ} يعني مِلَّة الشرك، ثمَّ استأنف فقال: {إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله رَبُّنَا} شيئا فيدخلنا فيها. وقال في آخر الدُّخان: {لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت} البتَّة، ثم استأنف فقال {إِلاَّ الموتة الأولى} التي ذاقوها في الدُّنيا. وقال في اللَّيل إِذا يغشى: {وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تجزى} يعني ما لبلال عند أبي بكر {مِن نِّعْمَةٍ تجزى} يجزيه بها حين أعتقه أبو بكر. ثم استأنف فقال: مَا فَعَلَ ذَلكَ {إِلاَّ ابتغآء وَجْهِ رَبِّهِ الأعلى} . وقال في هل أتاك: {لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} ، ثم انقطع الكلام، ثم استأنف فقال: {إِلاَّ مَن تولى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ الله العذاب الأكبر} . وقال: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} ، فانقطع الكلام، ثم استأنف فقال: {إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} . وقال في قل أوحي: {عَالِمُ الغيب فَلاَ يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً} يعني غيب وقت العذاب يعني وقته، ثم استأنف فقال: {إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ} .

الوجه الثالث: إلا يعني يخبر عن شيء

وقال في سورة سبأ: {وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بالتي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زلفى} ، ثم استأنف فقال: {إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} فإن ذلك يقرب إلى الله، قال: {فأولائك لَهُمْ جَزَآءُ الضعف بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِي الغرفات آمِنُونَ} . الوجه الثالث: إلا يعني يخبر عن شيء وذلك قوله في سورة الحجر: {وَإِن مِّن شَيْءٍ} ثم أخبر عنه فقال: {إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ} ، ثم أخبر عنه فقال: {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} . وقوله في إِبراهيم: {إِنْ أَنتُمْ} ثم أخبر فقال: {إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} ، وقال قولوا: {إِن نَّحْنُ} ، ثم أُخبِروا عنه، {إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} . وقال في تبارك: {إِنْ أَنتُمْ} ثمّ أخبر فقال: {إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ} . ونحوه كثير. الوجه الرابع: إلا يعني غير وذلك قوله في سورة الأَنبياء: {لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ الله} يعني غير الله {لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ الله رَبِّ العرش عَمَّا يَصِفُونَ} . وكقوله: {لاَ إلاه إِلاَّ الله} لاَ إِلهَ غير الله. وكذلكَ كُلُّ شَيْءٍ: لا إِلهَ إِلاَّ الله، غير الله.

تفسير السعي على ثلاثة وجوه

تفسير السعي على ثلاثة وجوه الوجه الأول: السعي يعني المشي على الأرجل وذلك قوله في البقرة: {ثُمَّ ادعهن يَأْتِينَكَ سَعْياً} يعني مشيا على أرجلهن. وقال في والصّافات: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي} يعني المشي. وفي الجمعة {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الجمعة فاسعوا إلى ذِكْرِ الله} يقول: فامشوا إِلى الصلاة المفروضة، وهي في قراءة ابن مسعود: فامضوا إِلى الصلاة. الوجه الثاني: السعي يعني السرعة وذلك قوله في عبس: {وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يسعى} يعني يسرع في الخير. وقال في القصص. وفي يس

الوجه الثالث: السعي يعني العمل

نحوها: {وَجَآءَ مِنْ أَقْصَى المدينة رَجُلٌ يسعى} يعني يسرع. وقال في طه: {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تسعى} أي تزحف على مكانها بسرعة. الوجه الثالث: السعي يعني العمل وذلك قوله في سبحان: {وَمَنْ أَرَادَ الآخرة وسعى لَهَا سَعْيَهَا} يعني وعمل لها عملها، {وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم} يعني عملهم {مَّشْكُوراً} يعني يشكر الله أعمالهم حتى يجزيهم بها. وقال: {إِنَّ هاذا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً} يعني عملهم. وقال في الليل: {إِنَّ سَعْيَكُمْ} يعني عملكم {لشتى} . وقال في الحجّ: {والذين سَعَوْاْ في آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} يعني يعملون في آياتنا في القرآن {مُعَاجِزِينَ} يثبطون الناس عن الإِيمان. ومثلها في سورة سبأ.

تفسير الحرب على وجهين

تفسير الحرب على وجهين الوجه الأول: الحرب يعني الكفر وذلك قوله في البقرة: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ} يعني بالحرب الكفر. وقال في المائدة: {إِنَّمَا جَزَآءُ الذين يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ} يعني محاربة الكفر. الوجه الثاني: الحرب يعني القتال وذلك قوله في الأنفال: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحرب فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ} يعني في القتال. وقال في المائدة: {كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا الله} يعني لقتالهم النبي عليه السلام، {أَطْفَأَهَا الله} .

تفسير بعل على وجهين

تفسير بعل على وجهين الوجه الأول: بعل يعني ربا وذلك قوله في والصافات: {أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الخالقين} يعني ربًّا. الوجه الثاني: بعل يعني زوجا وذلك قوله في البقرة: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} يعني زوج المرأة. وقال في هود: {قَالَتْ ياويلتى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وهاذا بَعْلِي شَيْخاً} يعني وهذا زوجي شيخا، {إِنَّ هاذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} . وقال في سورة النُّور: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ} يعني أبناء أزواجهنَّ.

تفسير السماء على ثلاثة وجوه

تفسير السماء على ثلاثة وجوه الوجه الأول: السماء يعني السماء والسماوات وذلك قوله: {والسمآء ذَاتِ البروج} . وقوله: {إِذَا السمآء انفطرت} . {إِذَا السمآء انشقت} . {والسمآء ذَاتِ الرجع} . ونحوه كثير. الوجه الثاني: السماء يعني المطر وذلك قول نوح لقومه: {يُرْسِلِ السمآء عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً} . وقال في الأَنعام: {وَأَرْسَلْنَا السمآء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً} يعني المطر. ونحوه كثير. الوجه الثالث: السماء يعني سقف البيت وذلك قوله في سورة الحجِّ: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السمآء} يعني سقف البيت. والسبب ها هنا حبل، فليمدد بحبل إِلى سقف البيت، {ثُمَّ لْيَقْطَعْ} يعني ثم ليختنق به حتى يموت.

تفسير حبل على وجهين

تفسير حبل على وجهين الوجه الأول: حبل يعني دينا وذلك قوله في آل عمران: {واعتصموا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً} يَعْنِي بِدِينِ اللهِ. الوجه الثاني: حبل يعني عهدا وذلك قوله في آل عمران: {أَيْنَ مَا ثقفوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ الله وَحَبْلٍ مِّنَ الناس} يعني بأمان وعهد من الله ومن الناس. وليس في القرآن غيرها.

تفسير الحنث على وجهين

تفسير الحنث على وجهين الوجه الأول: الحنث يعني الشرك وذلك قوله في الواقعة: {وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى الحنث العظيم} ، يعني الذنب العظيم، وهو الشرك. الوجه الثاني: الحنث يعني في اليمين وذلك قوله في ص: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فاضرب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ} .

تفسير الخاسيء والخاسئين على وجهين

تفسير الخاسيء والخاسئين على وجهين الوجه الأول: الخاسئون الصاغرون وذلك قوله في البقرة: {كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} يعني صاغرين، وقال في سورة المؤمنون {اخسئوا فِيهَا} اصغروا فيها {وَلاَ تُكَلِّمُونِ} . الوجه الثاني: الخاسئ الفاتر المنقطع وذلك قوله في تبارك الذي بيده الملك: {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً} يعني فاترا منقطعا {وَهُوَ حَسِيرٌ} يعني وهو كليل قد حسر، أي قد كلَّ، قد أعيَا.

تفسير لا أبرح على وجهين

تفسير لا أبرح على وجهين الوجه الأول: لا أبرح يعني لا أفارق وذلك قوله في يوسف: {فَلَنْ أَبْرَحَ الأرض حتى يَأْذَنَ لي أبيا} يعني فلن أفارق الأَرض، يعني أرض مصر. وكقوله في طه: {قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حتى يَرْجِعَ إِلَيْنَا موسى} يَعْنِي لن نزال عليه عاكفين. الوجه الثاني: لا أبرح يعني لا أزال أمضي وذلك قوله في الكهف: {قَالَ موسى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حتى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البحرين} يقول: لا أَزال أمضي حتى أبلغ مجمع البحرين، بحر فارس والروم حيث التقيا.

تفسير التفريط والفرط على ثلاثة وجوه

تفسير التفريط والفرط على ثلاثة وجوه الوجه الأول: مفرطون يعني مسلمون وذلك قوله في النَّحل: {لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النار وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} يعني وأنهم مُسلَّمُون. الوجه الثاني: التفريط يعني التقصير والتضييع وذلك قوله في الكهف: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} كان ضياعا. وكقوله في الزّمر: {مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ الله} يعني ضعت وقصرت. الوجه الثالث: الفرط يعني العجلة وذلك قوله في طه: {قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ} أن يعجل علينا {أَوْ أَن يطغى} .

تفسير الأجل على ثمانية وجوه

تفسير الأجل على ثمانية وجوه الوجه الأول: الأجل يعني أجل الدنيا ومدتها وذلك قوله في الأَنعام: {ثُمَّ قضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ} يعني أجل الدنيا ومدتها {وَأَجَلٌ مُّسَمًّى} وأجل الآخرة. الوجه الثاني: أجل يعني الموت وذلك قوله في الزّمر: {وَيُرْسِلُ الأخرى إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} يعني أَجل الموت. الوجه الثالث: أجل يعني أجل العذاب وذلك / قوله في الأَعراف: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ} فإن لم يؤمنوا إِلى ذلك الأَجلِ نزل بهم العذاب. ومثلها في يونس. وقال في عسق: {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} ألاَّ يعذب هذه الأُمَّة في الدنيا بعذاب الآخرة، لنزل بهم العذاب. وقال في نوح: {إِنَّ أَجَلَ الله إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ} وهو أجل العذاب.

الوجه الرابع: أجل يعني مطالع الشمس والقمر

الوجه الرابع: أجل يعني مطالع الشمس والقمر وذلك قوله في الملائكة. وفي الزمر: {وَسَخَّرَ الشمس والقمر كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى} وهو مطالع الشمس والقمر إلى غاية لا يجاوزانها في شتاء ولا صيف. الوجه الخامس: أجل يعني محل الحقوق وذلك قوله في البقرة: {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} يعني محلّ الحقوق التي يتبايع بها النَّاس. الوجه السادس: أجل يعني تقليد الهدي وذلك قوله في سورة الحجِّ: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} يقول: إِلى أن تُقلَّد، فإذا قلدت لم يُركب لها ظهر ولم يُشرب لها لبن. الوجه السابع: أجل يعني أجل الولادة وذلك قوله في سورة الحج: {وَنُقِرُّ فِي الأرحام مَا نَشَآءُ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} يعني إِلى منتهى الولادة. الوجه الثامن: أجل يعني انقضاء العدة وذلك قوله في البقرة {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} يعني انقضاء العدة. ومثلها في الطَّلاق. وقال في البقرة: {وَلاَ تعزموا عُقْدَةَ النكاح حتى يَبْلُغَ الكتاب أَجَلَهُ} يعني حتى تنقضي العدة.

تفسير الرجز والرجز والرجس على أربعة وجوه

تفسير الرَّجزُ والرِّجز والرجس على أربعة وجوه الوجه الأول: الرجز يعني الأوثان وذلك قوله في المدَّثر: {والرجز فاهجر} يعني الأَوثان. ومثله كل شيء مرفوع في القرآن. الوجه الثاني: الرجز وهي وساوس الشيطان وذلك قوله في الأَنفال: {وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشيطان} يعني المسلمين. وهذا يوم بدر قبل القتال، وساوس الشيطان. وليس في القرآن غيرها. الوجه الثالث: الرجز يعني العذاب وذلك قوله في الأَعراف: {لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرجز} يعني العذاب. وقال: {فَلَماَّ كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرجز} العذاب {إلى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ} . [وقوله فيها أيضا: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ السمآء بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ} ] . ونحوه كثير.

الوجه الرابع: الرجس يعني الإثم

الوجه الرابع: الرجس يعني الإثم وذلك قوله في الأَحزاب: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت / وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} يعني ليذهب عنكم الإِثم أهل البيت.

تفسير وزر على ثلاثة وجوه

تفسير وزر على ثلاثة وجوه الوجه الأول: وزر حمل وهو في قوله في الزمر: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} يعني لا تحمل حاملة ذنب نفس أخرى. وقال في سورة الملائكة مثل ذلك. وقال في سورة الأَنعام: {أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ} يعني بئس ما يحملون. ومثلها في سورة النَّحل. الوجه الثاني: آزره أعانه وأما قوله في سورة الفتح: {فَآزَرَهُ} فأعانه، فشدَّهُ. وأمَّا قوله في طه: {واجعل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي} يعني عوينا من أهلي. وقوله: {اشدد بِهِ أَزْرِي} يعني عوني. الوجه الثالث: الوزر الإثم وذلك قوله في سورة النَّحل: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ} يعني آثامهم {كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} يعني ومن آثام الذين يضلُّونهم بغير علم.

تفسير معجزين على وجهين

تفسير معجزين على وجهين الوجه الأول: معجزين يعني سابقين وذلك قوله: {وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ} يعني بسابقي الله بأعمالكم الخبيثة حتى يجزيكم بها. وقال في الأَنفال: {إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ} يعني إِنهم لا يسبقون الله فيفوتونه هربا. وقال في براءة: {واعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله} غير سابقي الله بأعمالكم. وقال في سورة العنكبوت: {وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرض وَلاَ فِي السمآء} يعني ما أنتم بسابقي الله بأعمالكم الخبيثة فتفوتونه هربا. الوجه الثاني: معاجزين مثبطين وذلك قوله في سورة الحج: {والذين سَعَوْاْ في آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} يعني عملوا في آيات القرآن مثبطين، يثبطون الناس عن الإِيمان به {أولائك أَصْحَابُ الجحيم} . كقوله في سورة سبأ: {والذين سَعَوْا} يعملون {في آيَاتِنَا} يعني القرآن {مُعَاجِزِينَ} يعني مثبطين، يثبطون الناس عن الإِيمان به، بالقرآن {أولائك لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ} ومثلها فيها أيضا.

تفسير الدعاء على خمسة وجوه

تفسير الدعاء على خمسة وجوه الوجه الأول: الدعاء يعني قولا وذلك قوله في الأَعراف: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ} يعني ما كان قولهم {إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَآ} عذابنا، {إِلاَّ أَن قالوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} . وكقوله في سورة الأَنبياء: {فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} قولهم: {ياويلنآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} يعني فما زال ذلك قولهم، {حتى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ} . وقال في سورة يونس: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا} يعني قولهم / فيها، يعني في الجنَّة إذا اشتهوا الطَّعام، {سُبْحَانَكَ اللهم} ، قال {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} يعني آخر قولهم. الوجه الثاني: دعاء يعني عبادة وذلك قوله في سورة الأَنعام: {قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ الله} يعني أنعبد من دون الله، {مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا} . وقال في سورة يونس: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ الله} يعني لا تعبد من دون الله، {مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ} . وقال في سورة بني إسرائيل: {ضَلَّ مَن تَدْعُونَ}

الوجه الثالث: دعاء يعني نداء

يعني ما تعبدون. وقال في طسم الشعراء: {فَلاَ تَدْعُ مَعَ الله} يعني لا تعبد مع الله إلها آخر {فَتَكُونَ مِنَ المعذبين} . وقال في الفرقان: {والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلاها آخَرَ} يعني لا يعبدون. وقال فيها أيضا: {لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ} لولا عبادتكم. الوجه الثالث: دعاء يعني نداء وذلك قوله: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ} يعني نادى ربَّه. وقال: {يَوْمَ يَدْعُ الداع} يعني ينادي المنادي، {إلى شَيْءٍ نُّكُرٍ} . وقال: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} يعني يوم يناديكم إِسرافيل. وقال في سورة الأَنبياء: {وَلاَ يَسْمَعُ الصم الدعآء} يعني النداء {إِذَا مَا يُنذَرُونَ} . وقال في سورة الملائكة: {إِن تَدْعُوهُمْ} يعني تنادوهم، {لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ} يعني نداءكم. الوجه الرابع: الدعاء يعني الاستعانة وذلك قوله في سورة البقرة: {وادعوا شُهَدَآءَكُم} يعني استعينوا بشركائكم من دون الله. وقال في سورة يونس: {وادعوا} يعني استعينوا، {مَنِ استطعتم} يعني من أطاعكم،

الوجه الخامس: الدعاء يعني السؤال

{مِّن دُونِ الله} . ومثلها في هود. وقال في حمالمؤمن: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذروني أَقْتُلْ موسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} يعني وليستعن بربه. الوجه الخامس: الدعاء يعني السؤال وذلك قوله في سورة البقرة في قول بني إِسرائيل لموسى: {قَالُواْ ادع لَنَا رَبَّكَ} أي سل لنا ربك. وقال في حمالزّخرف: {وَقَالُواْ ياأيه الساحر ادع لَنَا رَبَّكَ} أي سَلْ لنا ربك، {بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ} . وقال في حمالمؤمن: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ} يعني سلوني أعطكم. وقال فيها أيضا: {وَقَالَ الذين فِي النار لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادعوا رَبَّكُمْ} يعني سلو ربّكم، {يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ العذاب} ويعني بقوله: سلوا ربُّكم أي اطلبوا إليه. ونحوه كثير.

تفسير اعبدوا على ثلاثة وجوه

تفسير اعبدوا على ثلاثة وجوه الوجه الأول: اعبدوا يعني وحدوا وذلك قوله في سورة هود قول هود: {اعبدوا الله} يعني وحدوا الله، {مَا لَكُمْ مِّنْ إلاه غَيْرُهُ} . وكذلك قول صالح لقومه. وقال في سورة النساء: {واعبدوا الله وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً} يعني وحدوا الله. وقال في سورة نوح: {أَنِ اعبدوا الله واتقوه} يعني وحدوا الله، {واتقوه وَأَطِيعُونِ} . الوجه الثاني: يعبدون يعني يطيعون وذلك قوله في سورة سبأ: {ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أهاؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ} يعني يطيعون في الشرك، {قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن} يعين يطيعون الشياطين في عبادتهم إِيانا. وقال فِي طسم القصص: {تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كانوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} يعني يطيعون في الشرك. وقال في يس {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يابنيءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ الشيطان} يعني ألا تطيعوا الشيطان في الشرك، {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} .

الوجه الثالث: العبيد يعني المماليك

الوجه الثالث: العبيد يعني المماليك وذلك قوله في سورة الزمر: {قُلْ ياعباد الذين آمَنُواْ} يعني مماليكه. وقال في حمالزخرف: {وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} يعني من مماليكه جزءًا. وقال {والصالحين مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ} يعني مماليككم. وقال في الأَعراف: {إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} يعني مماليك مثلكم.

تفسير الصراط على وجهين

تفسير الصراط على وجهين الوجه الأول: الصراط يعني الطريق وذلك قوله في سورة الأَعراف: {وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ} يعني بكل طريق {تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ} . وقال في سورة الصافات: {مِن دُونِ الله فاهدوهم إلى صِرَاطِ} يعني إِلى طريق {الجحيم} وهي النَّار. الوجه الثاني: الصراط يعني الدين وذلك قوله: {اهدنا الصراط المستقيم} يعني الدين المستقيم. وقال في سورة الأَنعام: {وَأَنَّ هاذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً} يعني ديني مستقيما. وقال أيضا: {وهاذا صِرَاطُ رَبِّكَ} يعني دين ربك، {مُسْتَقِيماً} . ونحوه كثير.

تفسير آووا على وجهين

تفسير آووا على وجهين الوجه الأول: آووا ضموا وذلك قوله في آخر سورة / الأَنفال. {والذين آوَواْ ونصروا} يعني ضمّوا النبي عليه السلام إِلى أنفسهم ونصروه. وقال: {واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأرض تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ الناس فَآوَاكُمْ} يعْني ضمّكُمْ إِلى المدينة. الوجه الثاني: آووا يعني انتهوا وذلك قوله في سورة الكهف: {فَأْوُوا إِلَى الكهف} يعني فانتهوا إِلى الكهف. وقال فيها ايضا: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ} يعني إِذْ انْتَهَيْنا، {إِلَى الصخرة} .

تفسير الجهاد على ثلاثة وجوه

تفسير الجهاد على ثلاثة وجوه الوجه الأول: الجهاد يعني الجهاد بالقول وذلك قوله في سورة الفرقان {فَلاَ تُطِعِ الكافرين وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً} يعني بالقول. وقال في براءة: {ياأيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين} فجاهد المنافقين بالقول. وقال في سورة التحريم: {ياأيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين واغلظ عَلَيْهِمْ} يعني جاهد المنافقين بالقول والغلظة عليهم. الوجه الثاني: الجهاد يعني القتال بالسلاح وذلك قوله في سورة النساء: {لاَّ يَسْتَوِي القاعدون مِنَ المؤمنين} يقول: المقيمون عن الجهاد، {والمجاهدون فِي سَبِيلِ الله} يعني الَّذين يغزون ويقاتلون في سبيل الله. قال: {فَضَّلَ الله المجاهدين} الَّذين يقاتلون في سبيل الله {دَرَجَةً} . قَال: وَ {فَضَّلَ الله المجاهدين} الَّذين يقاتلون في سبيله، {عَلَى القاعدين} يعني المقيمين، {أَجْراً عَظِيماً} . وقال في براءة: {ياأيها النبي جَاهِدِ الكفار} يعني بالسيف. وقال في التحريم: {ياأيها النبي جَاهِدِ الكفار} بالسيف.

الوجه الثالث: جهاد يعني عملا

الوجه الثالث: جهاد يعني عملا وذلك قوله في سورة العنكبوت: {وَمَن جَاهَدَ} يعني ومن عمل الخير، {فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ} فإنما يعمل لنفسه، له نفع ذلك. وقال أيضا {والذين جَاهَدُواْ فِينَا} يعني عملوا لنا، {لَنَهْدِيَنَّهُمْ} . وقال في سورة الحج: {وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ} يعني اعملوا لله حقَّ عمله.

تفسير المستضعفين على ثلاثة وجوه

تفسير المستضعفين على ثلاثة وجوه الوجه الأول: المستضعفون يعني المقهورين وذلك قوله في سورة النساء: {قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرض} يعني كُنّا مقهورين في أرض مكة. وقال أيضا: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله والمستضعفين مِنَ الرجال والنسآء والولدان} ، يَقُول: ما لكم لا تقاتلون عن المستضعفين، يعني المقهورين من الرِّجال والنساء والولدان. / وقال في طسم القصص {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرض وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ} يعني يقهر طائفة منهم، [وهم من بني إِسرائيل فيستعبدهم] . وقال أيضاً: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استضعفوا فِي الأرض} ، قُهِرُوا في الأَرْضِ يعني أرض مصر، {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ... .} ، {واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ ... } مقهورين في أرض مكة. الوجه الثاني: المستضعفون يعني الضعفاء، الاتباع للقادة في الفكر وذلك قوله في سورة سبأ {يَقُولُ الذين استضعفوا} يعني الأَتباع من الكفار {لِلَّذِينَ

الوجه الثالث: المستضعفون يعني: العجزة

استكبروا} يعني القادة {لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} ، {قَالَ الذين استكبروا لِلَّذِينَ استضعفوا} يعني قَالت القادة للأَتباع: {أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ عَنِ الهدى بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ * وَقَالَ الذين استضعفوا لِلَّذِينَ استكبروا} يَعْنِي الأَتْبَاع قَالُوا للَّذين استكبروا، يعني القادة {بَلْ مَكْرُ اليل والنهار} إِلى آخر الآية. الوجه الثالث: المستضعفون يعني: العجزة وذلك قوله في سورة النساء: {إِلاَّ المستضعفين مِنَ الرجال والنسآء والولدان} يعني العجزة لا قوة لهم. قال في براءة: {لَّيْسَ عَلَى الضعفآء} يعني العجزة الذين لا قوة لهم. {وَلاَ على المرضى وَلاَ عَلَى الذين لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ} .

تفسير أول على أربعة وجوه

تفسير أول على أربعة وجوه الوجه الأول: أول يعني أول من كفر بالنبي من اليهود على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك قوله في سورة البقرة ليهود المدينة: {وَلاَ تكونوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} يعني أوَّلَ مَنْ كَفَرَ بِالنبِيِّ قال: {وَإِيَّايَ فاتقون} . الوجه الثاني: أول يعني أول من آمن بالله من أهل مكة وذلك قول النبي عليه السلام في الزخرف: {قُلْ إِن كَانَ للرحمان وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} يعني أول الموحدين لله من أهل مكة. وقال في سورة الأَنعام: {قُلْ إني أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} يعني من أهل مكة. ونظيرها في آخر سورة الأَنعام {وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين} من أهل مكة. وقال في سورة الزمر: {وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ المسلمين} يعني مِنْ أهل مَكَّة. الوجه الثالث: أول يعني أول من آمن أن الله لا يرى في الدنيا وذلك قوله لموسى في سورة الأَعراف حين قال: {رَبِّ أرني أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ولاكن انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تجلى

الوجه الرابع: أول المؤمنين من بني إسرائيل

رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسى صَعِقاً فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ المؤمنين} يعني تبت من قوله {أرني أَنظُرْ إِلَيْكَ} ، {وَأَنَاْ أَوَّلُ المؤمنين} يعني المصدقين بأنك لا تُرى في الدنيا. الوجه الرابع: أول المؤمنين من بني إسرائيل فذلك قول السحرة في طسم الشعراء بعدما أسلموا حين أوعدهم فرعون بالقتل: {إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَآ أَن كُنَّآ أَوَّلَ المؤمنين} يعني أن كنَّا أول المصدّقين من بني إِسرائيل بما جاء به موسى.

تفسير قليل على ستة وجوه

تفسير قليل على ستة وجوه الوجه الأول: قليل يعني يسيرا وذلك قوله في سورة البقرة {لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} يعني عرضا من الدنيا يسيرا. وقال في آخر آل عمران: {واشتروا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} يعني يسيرا. الوجه الثاني: قليل يعني رياء وسمعة وذلك قوله في سورة الأَحزاب: {وَلاَ يَأْتُونَ البأس إِلاَّ قَلِيلاً} يعني رياء وسَمْعة. وقال في سورة النساء للمنافقين: {وَلاَ يَذْكُرُونَ الله إِلاَّ قَلِيلاً} يعني رياء وسمعة. الوجه الثالث: قليل يعني لا شيء وذلك قوله في سورة الأَعراف: {قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} يعني أنهم لا يشكرون البتة. وقال في تبارك: {قُلْ هُوَ الذي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} يعني أنهم لا يشكرون. وقال في سورة الحاقة: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ} يعني أنهم لا يؤمنون، قال: {وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} يعني لا يذكَّرون.

الوجه الرابع: قليل يعين القليل من الكثير

الوجه الرابع: قليل يعين القليل من الكثير وذلك قوله في قول فرعون، في طسم الشعراء لموسى ومن معه {إِنَّ هاؤلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} يعني هم قليل في كثير. وكان أصحاب موسى ستمائة ألف، وفرعون وأصحابه ستة آلاف ألف. وقال في سورة النساء: {مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ} يعني أقلهم. الوجه الخامس: قليل يعني ثلاثمائة وثلاثة عشرة وذلك قوله في سورة البقرة لأَصحاب طالوت {إِنَّ الله مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ} إِلى قوله: {فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ} يعني ثلاثمائة وثلاثة عشر كعدد أصحاب النَّبي يوم بدر. الوجه السادس: القليل يعني ثمانين [القليل يعني ثمانين فذلك قوله في] سورة هود لأصحاب سفينة نوح: {وَمَنْ آمَنَ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} مع نوح إِلاَّ ثمانون نفسا، أربعون رجلا وأربعون امرأة.

تفسير قضى على عشرة وجوه

تفسير قضى على عشرة وجوه الوجه الأول: قضى يعني وصّى وذلك قوله في سورة بني إِسرائيل: {وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ} يعني وصَّى ربّك ألا تعبدوا إِلاَّ إياه. وقال في طسم: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربي إِذْ قَضَيْنَآ إلى مُوسَى الأمر} يعني عهدنا إلى موسى فأوصيناه [بالرسالة] إِلى فرعون وقومه. الوجه الثاني: قضى يعني أخبر وذلك قوله في بني إسرائيل: {وَقَضَيْنَآ إلى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكتاب} يعني في التَّوْرَاةِ {لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرض مَرَّتَيْنِ} يعني أخبرنا بني إِسرائيل. وقال في سورة الحجر: {وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمر} يعني عهدنا إلى لوط فأخبرناه {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} . الوجه الثالث: قضى يعني فرغ وذلك قوله في سورة البقرة: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ} يعني إِذا فرغتم من أمر مناسككم. كقوله في سورة النساء: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصلاة} يعني إِذا فرغتم. وقال في سورة الجمعة:

الوجه الرابع: قضى يعني فعل

{فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة} يعني فإذا فرغتم من صلاة الجمعة المكتوبة {فانتشروا فِي الأرض} . وقال في سورة الأَحقاف: {وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الجن} إِلى قوله {فَلَمَّا قُضِيَ} يعني فلما فرغ النبيِّ من قراءة القرآن {وَلَّوْاْ إلى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} . الوجه الرابع: قضى يعني فعل وذلك قوله في طه في قول السّحرة حين آمنوا، قالوا لفرعون: {فاقض مَآ أَنتَ قَاضٍ} يقولون: افعل في أمرنا ما أنت فاعل {إِنَّمَا تَقْضِي هاذه الحياة الدنيآ} يعني إِنما تفعل في هذه الحياة الدنيا. وقال في سورة الأَنفال: {لِّيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} يعني ليَفْعَل اللهُ أمْرًا كَانَ قَدْ شَاءَهُ في عِلْمِهِ أن يُفعَل. وقال في سورة آل عمران في أمر عيسى: {إِذَا قضى أَمْراً} إِذا فعل أمرا كان في عمله أن يفعله، {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} . نَظِيرُهَا في سورة مريم. وقال في سورة الأَحزاب: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً} يعني إِذا فعل الله ورسوله أمرا، يعني شيئا فِي أمْرِ تزويج زينب، {أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ} . الوجه الخامس: قضى يعني النزول وذلك / [قوله في الزخرف] :

الوجه السادس: قضى يعين وجب فوقع

{يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [يعنون الموت. وقال في] سورة الملائكة: {لاَ يقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} يعني لا ينزل بهم الموت فيَموتوا. وقال في سورة سبأ: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الموت} يعني فلما أنزلنا عليه الموت. وقال في طسم القصص: {فَوَكَزَهُ موسى فقضى عَلَيْهِ} يعني فأنزل به الموت. الوجه السادس: قضى يعين وجب فوقع وذلك قوله في هود: {وَقُضِيَ الأمر} يعني وجب العذاب فوقع بقوم نوح. وقال في سورة مريم: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحسرة إِذْ قُضِيَ الأمر} يعني إِذْ وجب العذاب فوقع بأهل النار. وَقَالَ: {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} . وقال في سورة إِبراهيم: {وَقَالَ الشيطان لَمَّا قُضِيَ الأمر} يعني لما وجب العذاب، فوقع بأهل النَّار. وقال في سورة يوسف: {قُضِيَ الأمر الذي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} يعني وجب، وقع الأَمر الذي فيه تستفتيان. وقال في سورة البقرة: {فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغمام والملائكة وَقُضِيَ الأمر} يعني وجب، وقع. الوجه السابع: قضى يعين كتب وذلك قوله في مريم في أمر عيسى: {وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً} يعني كان عيسى امرا من الله مكتوبا في اللوح المحفوظ أنه يكون.

الوجه الثامن: قضى يعني تم

الوجه الثامن: قضى يعني تم وذلك قوله في سورة القصص: {فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل} يعني أتَمّ موسى شرطه {وَسَارَ بِأَهْلِهِ} كَقَوْلِهِ: {أَيَّمَا الأجلين قَضَيْتُ} يعني أتممت. وقال في سورة الأَنعام: {ثُمَّ قضى أَجَلاً} يعني أتم أجلا، {وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ} . كقوله في طه: {وَلاَ تَعْجَلْ بالقرآن مِن قَبْلِ أَن يقضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} يعني لا تعجل بالقرآن من قبل أن ينزل الله جبريل بالوحي. وقال في سورة الأَحزاب: {فَمِنْهُمْ مَّن قضى نَحْبَهُ} يعني أتمّ أجله. الوجه التاسع: قضى يعني فصل وذلك قوله في سورة الزمر: {وَقُضِيَ بَيْنَهُم بالحق وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} يعني وفصل بينهم بالحقّ وهم لا يظلمون. وقال في سورة الأَنعام: {قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأمر بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} يعني لَفُصِل الأَمر بيني وبينكم بالعذاب. وقال في سورة يونس: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بالقسط} / يعني فُصِل بينهم بالعدل، {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} . وَقَال في يونس {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ} يعني يفصل بينهم، [ {يَوْمَ القيامة] فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} . الوجه العاشر: قضى يعني خلق وذلك قوله في حمالسّجدة: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} يعني فخلقهن سبع سماوات في يومين.

تفسير يسير على ثلاثة وجوه

تفسير يسير على ثلاثة وجوه الوجه الأول: يسير يعني هيِّنا وذلك قوله في سورة الحج: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي السمآء والأرض إِنَّ ذلك فِي كِتَابٍ إِنَّ ذلك عَلَى الله يَسِيرٌ} الذي فيه العلم على الله يسير، يعني هيّنا حين كتبه. وقال في سورة الحديد: {مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأرض وَلاَ في أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ} المصيبات في اللوح المحفوظ، {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ} يعني عليه هيّن. وقال في سورة الملائكة: {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ} يعني هينا عليه، وليس شديدا عليه. الوجه الثاني: يسير يعين خفيّا وذلك قوله في سورة الفرقان: {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً} يعني خفيّا. الوجه الثالث: يسير يعني سريعا وذلك قوله في سورة يوسف: {وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلك كَيْلٌ يَسِيرٌ} يعني سريعا.

تفسير ضلال على ثمانية وجوه

تفسير ضلال على ثمانية وجوه الوجه الأول: ضلال يعني هو الكفر فذلك قوله في النِّساء حكاية قول إِبليس {وَلأُضِلَّنَّهُمْ} يعني لأُغوينهم عن الهدى فيكفروا، كقوله في يس {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً} يقول: لقد أغوى إِبليس منكم خلقا كثيرا فكفروا. وقال في الصَّافات: {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأولين} فكفروا. ونحوه كثير. الوجه الثاني: الضلال يعني الاستذلال فذلك قوله في النساء للنبي صلى الله عليه وعلى آله: {لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ} يعني أن يستذلوك عن الحق. وقال في ص لداود: {فاحكم بَيْنَ الناس بالحق وَلاَ تَتَّبِعِ الهوى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ الله} يعني فيستزلك الهوى عن طاعة الله في الحكم / من غير كفر] . الوجه الثالث: ضلال يعني خسارا وذلك قوله في حمالمؤمن: {وَمَا كَيْدُ الكافرين إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ} يعني في خسار. وقال في يس:

الوجه الرابع: ضلال يعني شقاء

{إني إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} يعني في خسران بيّن. وقال في سورة يوسف فِي قَوْلِ أبْنَاءِ يَعْقُوب لأَبيهم: {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} يعنون خسرانا مبينا بيّنا من حب يوسف. وقال فيها أيضا: {قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ * قَالُواْ تالله إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ القديم} يعني خسرانك القديم من حبّ يوسف. وقال أيضا: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي المدينة} إِلى قوله: {إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} يعني خسرانا بينا من حب يوسف. الوجه الرابع: ضلال يعني شقاء وذلك قوله في تبارك: {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ} يعني في شقاء طويل. وقال في اقتربت: {إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ} يعني شقاء، وَقَالَ: {إِنَّ المجرمين فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ} يعني في شقاء وعناء. وقال في سبأ: {بَلِ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة فِي العذاب والضلال البعيد} يعني الشقاء الطويل. الوجه الخامس: ضلال يعني إبطالا وذلك قوله في سورة محمّد: {الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [يعني أبطل الله] أعمَالهم.

الوجه السادس: ضلال يعني جهالة

وقال فيها أيضا: {والذين قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله [فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} يعني لن يبطل أعمالهم] . وقال في سورة الكهف [ {الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحياة الدنيا} يعني بطل عملهم في الحياة الدنيا. الوجه السادس: ضلال يعني جهالة فذلك قوله في الفرقان: {إِنْ هُمْ إِلاَّ كالأنعام بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} يعني أخطأ طريقا. مثلها في الأَعراف. وقال أيضاً في الفرقان: {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العذاب مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً} يعني أخْطأ طريقا. وقال في الأَحزاب: {وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً} يعني أخطأ خطأ طويلا. وقال في النِّساء: {يُبَيِّنُ الله لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ} يعني لئلاَّ تخطئوا قسمة المواريث. الوجه السابع: ضلال يعني جهالة فذلك قول موسى في الشُّعراء: {قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضالين} يعني فعلتها وأنا من الجاهلين. الوجه الثامن: ضلال يعني النسيان فذلك قوله] / في البقرة: {أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا} يعني أن تنسى الشَّهادة، {الأخرى} .

تفسير آية على وجهين

تفسير آية على وجهين الوجه الأول: آية يعني عبرة وذلك قوله في سورة المؤمنون: {وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} يعني عبرة. وقال في سورة العنكبوت: {فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ السفينة وَجَعَلْنَاهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ} يعني عبرة للعالمين. وقال: {وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ آيَةً بَيِّنَةً} . قال مجاهد: عبرة وقال في سورة النَّحل: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} يعني لعبرة. الوجه الثاني: آية يعني علامة وذلك قوله في يس: {وَآيَةٌ لَّهُمْ} يعني وعلامة لهم، {أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الفلك المشحون} . وقال في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ} يعني ومن علامات الرّبّ أنه واحد، {أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ} . وقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ} يعني ومن علامات الرّبّ أنه واحد فاعرفوا توحيده في صنعه، {أَن تَقُومَ السمآء والأرض بِأَمْرِهِ} يعني بغير عَمَد. {وَمِنْ آيَاتِهِ}

يعني ومن علامات الرّبّ أَنَّه واحد، فاعرفوا توحيده في صنعه، {أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً} . وقال في البقرة: {إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التابوت} وقَالَ في آل عمران: {قَالَ رَبِّ اجعل لي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ الناس ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ} . وقال في مريم: {ثَلاَثَ لَيَالٍ} .

تفسير يوم على أربعة وجوه

تفسير يوم على أربعة وجوه الوجه الأول: يوم يعني الأيام الستة التي خلق الله فيهن الدنيا وذلك قوله في حمالسَّجدة: {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذي خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ} وقال: {وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} . ثم قال: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} ، وذلك ستَّة أيّام. وذلك قوله في تنزيل السَّجدة: {الله الذي خَلَقَ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} . وذلك قوله في سورة الحجِّ: {وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} . الوجه الثاني: يوم يعني أيام الدنيا وذلك قوله في تنزيل السّجدة: {يُدَبِّرُ الأمر مِنَ السمآء إِلَى الأرض ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ} من أيَّام الدُّنيا، قال: {كَانَ مِقْدَارُهُ} يعني مقدار نزول جبريل وصعوده إِلى السّماء، {أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} لغير جبريل. الوجه الثالث: يوم يعني يوم القيامة وذلك قوله في يس: {فاليوم} يعني في الآخرة، {لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً} . وقال: {إِنَّ أَصْحَابَ الجنة اليوم} يعني في الآخرة. وقوله: {اليوم نَخْتِمُ على أَفْوَاهِهِمْ}

الوجه الرابع: يوم يعني حين

يعني في الآخرة. وقوله: {اليوم نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هاذا} يعني الآخرة. وقال في حمالمؤمن: {اليوم تجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} يعني في الآخرة. وقوله: {هاذا يَوْمُ الدين} هو يوم الآخرة. الوجه الرابع: يوم يعني حين وذلك قوله في سورة مريم في يحيى {وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ} يعني حين ولد، {وَيَوْمَ يَمُوتُ} وحين يموت، {وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً} وحين يبعث حيّا. وكذلك قوله في عيسى لنفسه: {والسلام عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ} يعني حين ولدت، {وَيَوْمَ أَمُوتُ} يعني حين أموت، {وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً} يعني وحين أبعث حيا. وقال في النَّحل: {تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} يعني حين ظعنكم، {وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} يعني وحين إِقامتكم. وقال في سورة الأَنعام: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} يعني حين كيله] .

تفسير الآخرة على خمسة وجوه

تفسير الآخرة على خمسة وجوه الوجه الأول: الآخرة يعني القيامة فذلك قوله في المؤمنين: {وَإِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة} يعني بالبعث يوم القيامة، {عَنِ الصراط لَنَاكِبُونَ} . وقال في المفصل: {وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ والأولى} يعني الدُّنيا والآخرة. ونحوه كثير. الوجه الثاني: الآخرة يعني الجنة فذلك قوله في البقرة: {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشتراه مَا لَهُ فِي الآخرة مِنْ خَلاَقٍ} يعني ما له في الجَنَّةِ من نصيب. نظيرها فيها. وقال في الزُّخرف: {والآخرة عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} . وقال في القصص: {تِلْكَ الدار الآخرة} يعني الجنَّة، {نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرض} . وقال في عساقا: {وَمَا لَهُ فِي الآخرة} يعني الجنَّة، {مِن نَّصِيبٍ} .

الوجه الثالث: الآخرة يعني جهنم

الوجه الثالث: الآخرة يعني جهنم فذلك قوله في الزُّمر: {يَحْذَرُ الآخرة} يعني عذاب جهنَّم، {وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ} . الوجه الرابع: الآخرة يعني القبر فذلك قوله في إِبراهيم: {يُثَبِّتُ الله الذين آمَنُواْ بالقول الثابت فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة} يعني وفي القبر حين يسألهم منكر ونكير. الوجه الخامس: الآخرة يعني الأخير فذلك قوله في ص: {سَمِعْنَا بهاذا فِى الملة الآخرة} يعني الملَّة الأَخيرة، في ملَّة عيسى، وكانت آخر الملل بعد الأُمم قبل النبي عليه السلام. وقال في بني إِسرائيل: {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة} يعني الوقت الأَخير بين العذابين الَّذِي وعدهم.

§1/1