الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة
عبد العظيم المنذري
مقدمة الطبعة الأولى
مقدمة الطبعة الأولى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور، وأشهد أن لا إله إلا الله بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله ناداه مولاه فزاده إجلالا وإكراما (ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا، ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) فأدّى صلى الله عليه وسلم الأمانة، وبلغ الرسالة، وجاهد في الله حق جهاده، ونطق بالحكمة وفصل الخطاب، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والعاملين بسنته الأبرار الصالحين المتقين. أما بعد: فيقول الله تعالى (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) 78 من سورة النحل. ياابن آدم خلقك الله جاهلا لاتعرف شيئا من الحياة، وهيأ لك ثلاثة أمور للفهم والإدراك لعلك تصغى إلى ما ينفعك، وترى ما يقدِّمك، فتحمد الله تعالى على ما وهب لك من كمال العقل. قال البيضاوي: جهالا مستصحبين جهل الجمادية، سبحانه جعل أداة تتعلمون بها فتحسون بمشاعركم جزيئات الأشياء فتدركونها، ثم تنتبهون بقلوبكم لمشاركاتها ومباينات بينها بتكرّر الإِحساس حتى تتحصل لكم العلوم البديهية، وتتمكنوا من تحصيل المعالم الكسبية بالنظر فيها (لعلكم تشكرون) كي تعرفوا ما أنعم عليكم طورا بعد طور فتشكروه أهـ. ذكرت هذه الآية استدلالا على أن الإنسان في حاجة إلى البحث وكثرة الاطلاع ليغذي نفسه بلبان العلوم والمعارف ويذكرها بالموعظة الحسنة، ولن أجد نبراسا مضيئا، وسراجا وهاجا ومصباحا منيرا ادعي إلى الهداية والإرشاد، مثل كتاب الله جلّ وعلا، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يهديان الناس إلى المحجة الواضحة، ويبصرانهم مواطن الحجة الناصعة، وجماع الخير كله (الترغيب والترهيب) عكفت على قراءته من سنة 1349 من هجرة سيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأخرجت مختارات تزيد عن ألفين ولما تطبع. ثم راجعت الكتاب كله وضبطت ألفاظ أحاديثه ضبطا وافيا وأسماء الرواة رضي الله عنهم، ثم عقبت كل باب من أبوابه بذكر طائفة من الآيات القرآنية التي تناسب أن يذكره الواعظ المرشد، والناصح الأمين، والمهدى المخلص، والشارح الوافى كما ذيلتها بشرح (فتح جديد) كما ألهم الله سبحانه وتعالى يفسر غريب ألفاظها، ويحلّ مستغلق كلماتها، وأوردت كل ما تمس إليه الحاجة في فهمها، والاستدلال بعرضها، فجاء والحمد لله كتابا جميلا حوى آيات بينات، وحكما خالدات، وقرآنا عربيا مبينا، شنف آذان المسلمين بآيه الناطقة، وأثلج صدورهم بحكمه البالغة، وأفاض على القلوب من عظاته المؤثرة، فكان مصدر خير، ومبعث نور، وشمس هداية أضاءت للعالم سبل المصالح، وهدتهم خطط العمل الناجح. ثم حوى جملة من كلام خير البشر عليه الصلاة والسلام الذي أرسله الله على حين فترة من الرسل، وحاجة من البشر، فأهاب بالعقول من سباتها، وأخذ بالنفوس عن غيها، وعرض على الأنظار خيالة تمثلت فيها آى الكون الصامتة صلى الله عليه وسلم، أدّبه ربه فوصفه سبحانه بقوله (وإنك لعلى خلق عظيم) فكان تكوينه خير تكوين وتثقيفه أوّل تثقيف صلى الله عليه وسلم، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وإنها لأحاديث منتقاه متخيرة آية في الإبداع والإرشاد، تفصل شؤون الحياة، وتوضح مجمل المحامد، وتجلب كل المحاسن، وتضرب في صميم المنكرات والقبائح، فتزيل كل معوجّ، وتجارى العصر الحاضر ونهضته المباركة في الاستقامة والكدّ والجدّ والاشتغال بالأعمال الصالحة، وشرحتها بعبارة سهلة يلمحها الأديب فيروقه وصفها، ويقرؤها المربي فيسايره نهجها، وينظرها القارئ الساذج فيسهل عليه فهمها، وتروى منا نفسه. تراه يا أخى لكل واعظ غنية، ولكل تقّى بغية، ولكل راغب في الدين منية، ولكل خلق ثمرة غضة (وجنى الجنتين دان) مالئا نفس الراغب، سادّا جوعه الناهم، وأعدّ هذا إلهاما، راجيا من العليم سبحانه أن يهب لى توفيقا، ويرزقني الهداية والصحة والعافية، ويمدّني بروح منه، ويظلني في ظلال السعادة، ويمدني بعنايته لأبعد من الزلل، فهو الهادى المستعان (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب). وحسبك قول الحافظ المنذري في فائدة هذا الكتاب المستطاب سألني بعض الطلبة الحذاق أولو الهمم العالية ممن اتصف بالزهد في الدنيا على الله عز وجل بالعلم والعمل، زاده الله قربا منه وعزوفا عن دار الغرور، أن أملى كتابا جامعا في الترغيب والترهيب مجردا عن التطويل بذكر إسناد أو كثرة تعليل؛ فاستخرت الله وأسعفته بطلبته؛ لما وقر عندي من صدق
نيته؛ وإخلاص طويته، وأمليت عليه هذا الكتاب صغير الحجم، غزير العلم؛ حاويا لما تفرّق في غيره من الكتب) أهـ. أعجبني هذا القول العذب فأكثرت الإمعان فيه، والنظر إلى مراميه، وعقلت معانيه، وأشعر بانشراح صدر، والحمد لله لجنى ثماره، وقطف أزهاره، ونحن الآن في حاجة إليه لأنا في زمن كثر الانصراف فيه عن الدين، وحبب إلى الناس الدنيا وزخارفها، وغرّتهم المدنية الحديثة بسرابها الخادع وبعدوا من السنة وآدابها، ولنا رجاء في المولى جلّ وعلا أن يشمل المسلمين برحمته فيعملوا بالكتاب والسنة ليسعدوا، ولعل هذا السفر ينال حظا وإقبالا على قراءته وينظر إليه المؤمنون، فينقع غلة الصادى، ويشفى علة المرتاب. وإني أمدّ أكف الضراعة إلى من يجيب دعوة المضطرّين أن ينفع به كأصله ويرزقنى فيه الإخلاص، ليكون لى كفيلا في الآخرة بالخلاص، وإني أشكر لله مدده ورعايته إذ أشرقت شموس الوعظ والإرشاد في ربوع العالم وتصدّى للعلم وتعليمه العلماء الأكفاء، والسادة الفضلاء، وقاموا بقسط وافر، وعمل زاخر، جزاهم الله خيرا. والفأل الحسن اليوم 27/ 5/ 1373 هـ إقبال قادة المسلمين على الاطلاع عليه والاستضاءة بأنوار أحاديث صلى الله عليه وسلم. وإن أشكر لرجال دار الكتب الملكية عنايتهم المضاعفة، وهمتهم العالية، فقد يسروا لنا الطرق المعبدة في البحث والتنقيب والمراجعة والتصحيح على عدة نسخ مخطوطة من كتاب (الترغيب والترهيب) وقد اعتمدت على كتاب محضر من جامع شيخون في 5 يونيه نمرة 120 حديث، وقفه المرحوم محمد صالح أفندى شرمى زادة لطلبة العلم سنة 1262 هـ، وفي آخر هذه العبارة (ووافق الفراغ من كتابه نهار الثلاثاء تاسع عشر المحرّم سنة 825 هـ بصالحية دمشق المحروسة على يد المرحوم على بن يوسف البانياسى الشافعي غفر الله له). ثم راجعت على نسخة ثانية في آخرها هذه العبارة (كتبها الشيخ محمد ابن الشيخ محمد ابن أحمد زهران الأجهورى في عشرة من صفر سنة 1202 هـ). ثم قام حضرة أخى العزيز المحترم الفاضل (مصطفى أفندى محمدعبد القادر) المدرس بالمدارس الأميرية بالمراجعة وضبط ألفاظ الأحاديث على النسخ المخطوطة بدار الكتب. وقد ساعدنى حضرة الأستاذ المحدث التقى الشيخ أحمد بن الصديق المغربى نزيل مصر الآن على شراء نسخة مخطوطة من سنة 849 هـ. أراجع عليها الآن مرة ثانية في أثناء الطبع انظر (ص 376 جـ أول من الترغيب).
نبذة في مصطلح الحديث وفن أصوله
نبذة في مصطلح الحديث وفن أصوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أقسام الحديث النوع الأوّل: الصحيح: ما اتصل سنده بالعدول الضابطين من غير شذوذ ولا علة: أي لا أنه غير مقطوع به؛ ومعنى غير الصحيح لم يصح إسناده، وقيل المختار أنه لايجزم في إسناد أنه أصح الأسانيد مطلقا، وقيل أصحها الزهرى عن سالم عن أبيه، وقيل عن ابن سيرين عن عبيدة عن علىّ، وقيل الأعمش عن ابراهيم عن علقمة عن ابن مسعود، وقيل الزهرى عن عليّ عن الحسن عن أبيه عن على، وقيل مالك عن نافع عن ابن عمر، فعلى هذا قيل الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهم. الكتب الصحيحة أوّل مصنف في الصحيح المجرد صحيح البخاري. ثم مسلم، وهما أصح الكتب بعد القرآن الكريم، والبخاري أصحهما وأكثرهما فوائد، واختص مسلم بجمع طرق الحديث في مكان. وسنن أبى داود والترمذي والنسائي، تلك أصول خمسة لم يفتها إلا اليسير، وجملة ما في البخاري 7275 حديثا بالمكرر، وبحذف المكرر (4000). ومسلم بإسقاط المكرّر نحو (4000). ثم إن الزيادة في الصحيح تعرف من السنن المعتمدة كسنن أبى داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة والدراقطنى والحاكم والبيهقى وغيرهما منصوصا على صحته. والكتب المخرّجة على الصحيحين لم يلتزم فيها موافقتهما في الألفاظ فحصل فيها تفاوت في اللفظ والمعنى وكذا ما رواه البيهقى والبغوى وشبههما قائلين: رواه البخاري ومسلم وقع في بعضه تفاوت في المعنى. أقسام الصحيح. أعلاه ما اتفق عليه البخاري ومسلم، ثم ما انفرد به البخاري، ثم مسلم اثم ما على شرطهما، ثم ما على شرط البخاري، ثم مسلم، ثم صحيح عند غيرهما، وإذا قالوا صحيح متفق عليه أو على صحته فمرادهم اتفاق الشيخين.
النوع الثاني: قال الخطابي رحمه الله: هو ما عرف مخرّجه واشتهر رجاله، وعليه مدار أكثر الحديث ويقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء، وإذا قيل حسن صحيح: أي روى بإسنادين: أحدهما يقتضى الصحة، والآخر الحسن. النوع الثالث: الضعيف: وهو ما لم يجمع صفة الصحيح أو الحسن، وربما لقب بالموضوع أو الشاذ. النوع الرابع: المسند: قال الخطيب البغدادي: هو عند أهل الحديث ما اتصل سنده إلى منتهاه، وأكثر ما يستعمل فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره. النوع الخامس: المتصل: ويسمى الموصول: وهو ما اتصل إسناده مرفوعا كان أو موقوفا على من كان. النوع السادس: المرفوع: وهو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة لا يقع مطلقه على غيره متصلا كان أو منقطعا. النوع السابع: الموقوف: وهو المروى عن الصحابة قولا لهم أو فعلا أو نحوه متصلا كان أو منقطعا، ويستعمل في غيرهم مقيدا فيقال وقفه فلان. النوع الثامن: المقطوع: وهو الموقوف على التابعى قولا له أو فعلا واستعمله الشافعي، ثم الطبراني في المنقطع. النوع التاسع: المرسل: ما رواه التابعى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا. ثم المرسل حديث ضعيف عند جماهير المحدّثين والشافعي وكثير من الفقهاء وأصحاب الأصول، وقال مالك وأبو حنيفة في طائفة صحيح، وقيل مرسل الصحابي محكوم بصحته. النوع العاشر: المنقطع: هو الذي لم يتصل إسناده على أىّ وجه كان انقطاعه، وأكثر ما يستعمل في رواية من دون التابعى عن الصحابى كمالك عن ابن عمر. وقيل هو الذي اختلّ فيه رجل قيل التابعى محذوفاً كان أو مبهما. النوع الحادى عشر: المعضل: ما سقط من إِسناده اثنان فأكثر، ويسمى منقطعا، ويسمى مرسلا عند الفقهاء، وقيل ما قال فيه الراوى: بلغنى، كقول مالك عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (للمملوك طعامه وكسوته) يقال أعضل فهو معضل. الإِسناد المعنعن: هو فلان عن فلان، قيل إِنه مرسل، وقيل متصل بشرط أن لا يكون المعنعن مدلسا، وبشرط إمكان لقاء بعضهم بعضا. وفي اشتراط ثبوت اللقاء وطول الصحبة ومعرفته بالرواية عنه خلاف: منهم من لم يشترط شيئا من ذلك وهو مذهب مسلم بن الحجاج ادعى الاجماع فيه، ومنهم من شرط اللقاء وحده
وهو قول البخاري وابن المدينى والمحققين، ومنهم من شرط طول الصحبة، ومنهم من شرط معرفته بالرواية عنه. النوع الثاني عشر: التدليس (1) تدليس الإسناد: بأن يروى عمن عاصرهم مالم يسمعه منه موهما سماعه قائلا: قال فلان أو عن فلان، وربما لم يسقط شيخه وأسقط غيره ضعيفا أو صغيرا تحسينا للحديث. (2) تدليس الشيوخ: بأن يسمى شيخه أو يكنه أو ينسبه أو يصفه بما لم يعرف. أما الأول فمكروه جدّا. قال عنه العلماء: من عرف به صار مجروحا مردود الرواية، وأما الثاني فكراهته أخف، وسببها توعير طريق معرفته. النوع الثالث عشر الشاذ: ما روى الثقة مخالفا رواية الناس، لا أن يروى ما لا يروى غيره، هذا عند الشافعي وجماعة من علماء الحجاز. قال الخليلى: والذى عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إسناد واحد يشذ به ثقة أو غيره، فما كان عن غير ثقة فمتروك، وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به. النوع الرابع عشر: معرفة المنكر، قال الحافظ البرديجى: هو الفرد الذى لا يعرف متنه عن غير رواية (برديج) بلد بأذربيجان. النوع الخامس عشر: معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد، فالاعتبار أن يروى حماد مثلا حديثا لا يتابع عليه عن أيوب عن ابن سيرين عن ابى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم. والمتابعة أن يرويه عن أيوب غير حماد وهى المتابعة التامة، أو عن ابن سيرين غير أيوب، أو عن أبي هريرة غير ابن سيرين، أو عن النبى صلى الله عليه وسلم صحابيّ آخر: والشاهد أن يروى حديثا آخر بمعناه. النوع السادس عشر: معرفة زيادات الثقات وحكمها: مذهب الجمهور قبولها مطلقا. وقيل تقبل إن زادها من رواه ناقصا، ولا تقبل ممن رواه مرة ناقصا. النوع السابع عشر: معرفة الأفراد (1) فرد عن جميع الرواة (2) بالنسبة إلى جهة كقولهم: تفرّد به أهل مكة أو فلان. النوع الثامن عشر: المعلل: أي وجود سبب غامض قادح فيه مع أن الظاهر السلامة منه يفهمه أهل الحفظ والخبرة والفهم السابق. النوع التاسع عشر: المضطرب هو الذي يروى على أوجه مختلفة منفردا به، والحكم للراجح. النوع العشرون: المدرج (1) ما يذكر الراوى عقيب كلامه صلى الله عليه وسلم كلاما لنفسه أو لغيره فيرويه من بعده متصلا فيتوهم أنه من الحديث (2) أن يكون عنده متنان
بيان أقسام طرق تحمل الحديث ومجامعها
بإسنادين فيرويه بأحدهما. (3) أن يسمع حديثا من جماعة مختلفين في إسناده أو متنه فيرويه عنهم باتفاق، وكله حرام. النوح الحادى والعشرون: الموضوع هو المختلَق المصنوع، وشرّه الضعيف، ويحرم روايته مع العلم به في أي معنى إلا مبينا، ويعرف الوضع بإقرار واضعه، أو معنى إقراره، أوركاكة في لفظه ومعناه. النوع الثاني والعشرون: المقلوب هو نحو حديث مشهور عن سالم جعل عن نافع ليرغب فيه. النوع الثالث والعشرون: صفة من تقبل روايته أن يكون عدلا ضابطا مسلما بالغا عاقلا سليما من أسباب الفسق وخوارم المروءة، متيقظا حافظا إن حدّث من حفظه، ضابطا لكتابه إن حدّث منه، عالما بما يحيل المعنى إن روى به. من كفر ببدعته لم يحتج به، ومن أخذ على التحديث أجراً إلا تقبل روايته عند أحمد وإسحق وأبي حاتم، ولا تقبل رواية من عرف بالتساهل في سماعه أو إسماعه. وألفاظ التعديل: ثقة أو متقن، أو ثبت، أو حجة، أو عدل حافظ، أو ضابط، أو صدوق، أو محله الصدق. النوع الرابع والعشرون: كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه: بيان أقسام طرق تحمل الحديث ومجامعها (أ) الإجازة: أن يجيز معينا لمعين كأجزتك البخاري، أو مااشتملت عليه فهرستي. (ب) أن يجيز معينا غيره كأجزتك مسموعاتى، جوّز الجمهور الرواية وأوجبوا العمل بها. (جـ) يجيز غير معين بوصف العموم كأجزت المسلمين، أو كل أحد، أو أهل زماني. (د) إجازة مجهول أوّله كأجزتك كتاب السنن، وهو يروى كتبا في السنن. المناولة (1) مقرونة بالإجازة، هي أن يدفع الشيخ إلى الطالب أصل سماعه ويقول هذا سماعي أو روايتى عن فلان فاروه، أو أجزت لك روايته عنى ثم يبقيه معه تمليكا، أو لينسخه أو نحوه، أو يعرض سماع ليرويه عنه. (2) المجرّدة أن يناوله مقتصرا على (هذا سماعى) فلا تجوز الرواية بها. المكاتبة: هي أن يكتب مسموعه لغائب أو حاضر بخطه أو بأمره، وهي ضربان: مجردة عن الإجازة، ومقرونة بأجرتك ما كتبت لك، وهي في الصحة والقوة كالمناولة المقرونة. إعلام الشيخ الطالب أن هذا الحديث أو الكتاب سماعه مقتصرا عليه، جوّز أهل الحديث الراوية به.
الوصية: أن يوصى عند موته أو سفره بكتاب يرويه الصواب لا يجوز للموصى له روايته عنه. الوجادة: أن يقف على أحاديث بخط راويها لا يرويها الواجد فله أن يقول وجدت أو قرأت بخط فلان أو في كتابه بخط حدثنا فلان ويسوق الإسناد والمتن. النوع الخامس والعشرون: كتابة الحديث وضبطه. النوع السادس والعشرون: صفة رواية الحديث. النوع السابع والعشرون: معرفة آداب المحدث: علم الحديث شريف يناسب مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، وهو من علوم الآخرة، ومن حرمه حرم خيرا عظيما، ومن رزقه نال فضلا جزيلا، فعلى صاحبه تصحيح النية وتطهير قلبه من أغراض الدنيا. واختلف في السن الذي يتصدى فيه لإسماعه، والصحيح أنه متى احتيج إلى ما عنده جلس له في أيّ سن كان. وينبغى أن يمسك عن التحديث إذا خشى التخليط بهرم أو خرف أو عمى، ويختلف ذلك باختلاف الناس. (فصل) الأولى أن لا يحدّث بحضرة من هو أولى منه لسنه أو علمه أو غيره، وقيل يكره أن يحدّث في بلد فيه أولى منه. وينبغى له إذا طلب منه مايعلمه عند أرجح منه ان يرشد إليه فالدين النصيحة، ولا يمتنع من تحديث أحد لكونه غير صحيح النية فإنه يرجى صحتها، وليحرص على نشره مبتغيا جزيل أجره. (فصل) ويستحب له إذا أراد حضور مجلس التحديث أن يتطهر ويتطيب، ويسرح لحيته ويجلس متمكنا بوقار، فان رفع أحد صوته زبره، ويقبل على الحاضرين كلهم، ويفتتح مجلسه ويختتمه بتحميد الله تعالى، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاء يليق بالحال بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئا من القرآن العظيم، ولا يسرد الحديث سردا يمنع فهم بعضه، والله أعلم. ويستحب للمحدِّث العارف عقد مجلس لإملاء الحديث، ويستملى مرتفعا، ويتخذ متيقظا يبلغ عنه إذا كثر الجمع، ويستنصت المستملى الناس بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئا من القرآن، ثم يبسمل ويحمد الله تعالى ويصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم ويتحرّى الأبلغ فيه، وإذا ذكر صاحبيا قال: رضي الله عنه، أو ابنه قال: رضي الله عنهما، ويثني على شيخه حال الرواية بما هو أهله كما فعله جماعات من السلف. النوع الثامن والعشرون: معرفة آداب طالب الحديث: تصحيح النية والإخلاص لله تعالى في طلبه والحذر من التوصل به إلى أغراض الدنيا، ويسأل الله تعالى التوفيق والتسديد والتيسير، وليستعمل الأخلاق الجميلة والآداب. ثم ليفرغ جهده في تحصيله بالسماع من أرجح شيوخ بلده إسنادا وعلما وشهرة ودينا وغيره، فإذا فرغ من مهماتهم فليرحل على عادة الحافظ المبرزين، ويستعمل ما يسمعه من أحاديث العبادات والآداب، فذلك زكاة الحديث وسبب حفظه والله أعلم.
وينبغى أن يعظم شيخه ومن يسمع منه، فذلك إجلال العلم وسبب الانتفاع به، ويتحرى رضاه ولا يضجره، وليستشره في أموره وما يشتغل فيه، وإذا ظفر بسماع أن يرشد إليه غيره فان كتمانه لؤم يقع فيه جهلة الطلبة، فإن من بركة الحديث إفادته، وبنشره ينمى، ولا يمنعه الحياء والكبر من السعي التام في التحصيل وأخذ العلم ممن دونه في نسب أو سن أو غيره، وليصبر على جفاء شيخه، وليعتنِ بالمهمّ، ولا يضيع وقته في الاستكثار من الشيوخ لمجرّد اسم الكثرة. وليتعرف صحة ما يفهم وضعفه وفقهه ومعانيه ولغته وإعرابه وأسماء رجاله محققا كل ذلك معتنيا بإتقان مشكلها حفظا وكتابة، مقدما الكتب الصحيحة. النوع التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل: (1) أجلها القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم باسناد صحيح نظيف. (2) القرب من إمام من أئمة الحديث وإن كثر بعد العدد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. (3) العلوّ بالنسبة إلى رواية أحد الكتب الخمسة أو غيرها من الكتب المعتمدة. النوع الثلاثون: المشهور من الحديث، وهو ما نقله من يحصل العلم بصدقهم ضرورة عن مثلهم، وهو قسمان: صحيح، وغيره، ومشهور بين أهل الحديث خاصة وبين غيرهم، ومنه المتواتر المعروف في الفقه وأصوله، ولا يذكره المحدِّثون. النوع الحادي والثلاثون: الغريب والعزيز: فالغريب ما انفردوا بروايته، أو بزيادة في متنه إو إسناده وانفرد عن الزهرى وشبهه ممن يجمع حديثه رجل، فإن انفرد اثنان أو ثلاثة سمى عزيزا، فان رواه الجماعة سمى مشهورا، وغريب الحديث ما وقع في متن الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها. النوع الثاني والثلاثون: المسلسل. وهو ما تتابع رجال إسناده على صفة أو حالة، للرواة تارة وللراوية تارة، وصفات الرواة أقوال وأفعال وأنواع كثيرة غيرها كمسلسل التشبيك باليد والعدّ فيها، وكاتفاق أسماء الرواة أو صفاتهم أو نسبتهم كأحاديث رويناها كل رجالها دمشقيون وكمسلسل الفقهاء، وصفا كالمسلسل بسمعت أو بأخبرنا. النوع الثالث والثلاثون: ناسخ الحديث ومنسوخه، النسخ رفع الشارع حكما منه متقدما بحكم منه متأخر، فمنه ما عرف بتصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) ومنه ما عرف بقول الصاحبي كـ (كان آخر الأمرين من سول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار). ومنه ما عرف بالتاريخ، ومنه ما عرف بدلالة الإجماع كحديث قتل شارب الخمر في الرابعة، والإِجماع لا ينسخ ولا ينسخ، لكن يدل على ناسخ، والله أعلم.
النوع الرابع والثلاثون: معرفة مختلف الحديث وحكمه. وهو أن يأتي حديثان متضادان في المعنى ظاهرا فيوفق بينهما أو يرجح أحدهما، وإنما يكمل له الأئمة الجامعون بين الحديث والفقه والأصوليون الغوّاصون على المعانى. النوع الخامس والثلاثون: معرفة الصحابة رضي الله عنهم. قيل هو كل مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل عن أصحاب الأصول: من طالت مجالسته عن طريق التبع، وكلهم عدول رضي الله عنهم. قال أبو زرعة الرازى: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه. وأفضلهم سيدنا أبو بكر، ثم عمر وعثمان وعلىّ، ثم تمام العشرة، ثم أهل بدر، ثم أحد، ثم بيعة الرضوان، وممن لهم مزية أهل العقبتين من الأنصار، والسابقون الأولون. النوع السادس والثلاثون: معرفة التابعين رضي الله عنهم. هو من صحب الصحابىّ. وقيل من لقيه، ويليهم الذين ولدوا في حياة النبى صلى الله عليه وسلم من أولاد الصحابة، ومن التابعين المخضرمون الذين أدركوا الجاهلية وأسلموا في زمن النبى صلى الله عليه وسلم. ومن أكاببر التابعين الفقهاء السبعة: ابن المسيب، والقاسم بن محمد، وعروة، وخارجة بن زيد، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار. وعن أحمد بن حنبل قال: أفضل التابعين ابن المسيب، قيل فعلقمة والأسود. وقال ابن أبى داود: وسيدتا التابعيات حفصة بنت سيرين، وعمرة بنت عبد الرحمن، وتليهما أم الدرداء. وقال أبو عبد الله بن الخفيف: أهل المدينة يقولون أفضل التابعين ابن المسيب. وأهل الكوفة أو يس، والبصرة الحسن. وقال أحمد بن حنبل: أفضل التابعين قيس وأبو عثمان وعلقمة. النوع السابع والثلاثون: التاريخ والوفايات. الصحيح في سن سيدنا سيد البشر رسول الله صلى الله عليه وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنه ثلاث وستون، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى الاثنين 12 ربيع الأول سنة 11 هـ، وأبو بكر في جمادى الأولى سنة 13 هـ. وعمر في ذى الحجة سنة 23 هـ. وعثمان سنة 35 هـ. وهو ابن اثنتين وثمانين سنة وقيل ابن تسعين. وعلىّ في رمضان سنة 40 هـ. وهو ابن ثلاث وستين، وقيل أربع، وقيل خمس، وطلحة والزبير في جمادى الأولى سنة 36 هـ. قال الحاكم: كانا ابنى 64، وسعد بن ابى وقاص سنة 55 ابن ثلاث وسبعين، وأبو عبيدة سنة 18 ابن ثمان وخمسين، وصحابيان عاشا ستين سنة في الجاهلية وستين في الإسلام وماتا بالمدينة سنة 54: حكيم بن حزام، وحسان بن ثابت ابن المنذر بن حرام رضي الله عنه تعالى عنهم أجمعين، وسيدنا سفيان الثورى سنة 160 ومولده 97
الكلام على الأئمة الأربعة
وهو صاحب مذهب مشهور متبوع غير الأربعة أهـ بعبارة مختصر من التقريب للنووى رحمه الله. وبمناسبة تعرضى في شرحى للأحكام الفقهية، وذكر صاحب الترغيب الأئمة ورواة الحديث أتفضل بذكر كلمة تعريفا لحقهم، وقياما ببعض واجبهم، تكون نبراسا للقارئين، وذكرى حسنة للعاملين. الإمام أبو حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه (80 - 150 هـ) مولده ونشأته: هو الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطا بن ماه، فقيه العراق وقدوة أهل الرأى، وصاحب المذهب المقضىّ به الآن في أكثر الممالك الإسلامية، وأول من فتق الفقه وفصل فصوله وأقسامه وميز مسائله ورتب قياسه. والأشهر أن أصل جده زوطا من فرس كابل، ولد سنة 80 ونشأ بالكوفة، وعاصر بعض الصحابة، واشتغل بالفقة وأخذ كل علمه عمن شافه من الصحابة ونقل عنهم، وقد كان كثير من الزنادقة في عصره يضعون الأحاديث ويقبلها منهم أهل الغفلة، فحمل أبا حنيفة شدة تورعه واحتياطه على ألا يأخذ في دينه وفقهه إلا بما لا شك عنده في صحته وتصعب في ذلك فلم يصح عنده إلا أحاديث قلائل عمل بها. مذهبه: استنبط فقهه من القرآن واستعمال القياس والرأى، وتابعه في ذلك أكثر أئمة العراق لقلة رواة الحديث بينهم وكثرتهم في الحجاز، ولذلك امتاز فقهاء الحجاز بمتابعة السنة في أكثر فقههم وأنكروا الرأى على أهل العراق، ولكل حجة كما ترى. زهده وورعه: وكان من أعبد الناس وأكثرهم تهجدا وقراءة للقرآن وأكثرهم ورعا وتقية وتوخيا للكسب من وجه حلّ، رغب عن وظائف الملوك والخلفاء، ورضى أن يعيش تاجر خز، وعرض عليه القضاء من قِبَل أمراء بنى أمية ثم المنصور، فأبى حتى سجنه المنصور على ذلك وآذاه، فكان يعتذر بأنه لا يأمن نفسه. قيل إن المنصور حلف ليلينّ له عملا فكفّر عن يمينه بأن ولاه تعداد الآجر في بناء مدينة السلام، وكان الناس قبله يعدون بالآحاد فعده بالقصب المكعب بعد رصفه. وقرأ عليه الفقه علماء الكوفة وبغداد، وتخرج عليه منهما الأئمة من أصحابه كمحمد بن الحسن وأبي يوسف وزفر وربيعة الرأى ووكيع بن الجراح وغيرهم. وفاته: مات أبو حنيفة رحمه الله ببغداد سنة 150 هـ. مؤلفاته: وله من الكتب التى رواها عند أصحابه وتابعو أصحابه كتاب الفقه الأكبر، وكتاب العالم والمتعلم، وكتاب الرد على القدرية.
الإمام مالك رضي الله عنه
الإمام مالك رضي الله عنه (95 - 179 هـ) مولده ونشأته: هو سيدنا أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الأصبحى. ولد بالمدينة سنة 95 هـ ونشأ بها وتفقه وتعلم عن ربيعة الرأى سنة 136 هـ وتعمق في علوم الدين حتى صار حجة في الحديث وإماما في الفقه، نوّر الله قلبه وفتح عليه فتحا مبينا ورقاه وملأ قلبه إيمانا وورعا وتقوى وإخلاصا، وأدّبه فأحسن تأديبه، وقال الحق، وخشى ربه، وحارب البدع، ونازع الملحد وحاربه. فتاويه وتأليفه: قيل إنه أفتى بخلع المنصور ومبايعة محمد بن عبد الله من آل على. فأحفظ ذلك جعفر بن سليمان عم الخليفة وأمير المدينة فجرّده وضربه سبعين سوطا، فما ازداد إلا علاء وشرفا، ولما علم المنصور بذلك اعتذر إليه وترضاه، وقال له: لم يبق في الناس أفقه منى ومنك، وقد شغلتنى الخلافة، فضع للناس كتابا ينتفعون به. وتجنب رخص ابن عباس، وشدائد ابن عمر، وشواذّ ابن مسعود، ووطئه للناس توطئة. فصنف (الموطأ) وسمعه عليه المهدى. ثم الرشيد سنة 174، وتظهر عليه حلل النعمة وثياب العزة وأبهة العلم ووقاره، وبقى مشرقا لنور العلم، وقبلة لرواة الحديث، وعمدة للفتوى حتى أتاه اليقين بالمدينة سنة 179 هـ. أخى: تأمل في حادثة الإمام مالك مع أبى جعفر المنصور يحكم بعزله، ولكن يقدمه عنه التبريز في التأليف وبلوغ قمة المجد والشرف والعز، ويصبح الإمام مالك صاحب مذهب ومجتهدا علامة يعمل بآرائه ملايين المسلمين من لدن ظهوره إلى الآن، بل ما دامت الدنيا لن يفنى العاملون بمذهبه، ولن يضل متبعوه، ولن يذل أو يضل المهتدون بهديه. علمه وفضله: كان مالك من حجج الله على خلقه، لا يحدث إلا عن صحة، ولا يروى إلا عن ثقة؛ قد توفر حظه من السنة، فبنى مذهبه عليها، وانفسح ذرعه في الفقه، فانتهت إليه الفتوى وهو القائل عن نفسه (قلّ رجل كنت أتعلم منه ما مات حتى يجيئنى ويستفتينى) وله كتاب الموطأ في الحديث وهو أساس المذهب. ولما جاء ولى عهد المنصور (المهدى) حاجا سمعه منه، وأمر له بخمسة آلاف دينار وبألف لتلاميذه. ثم رحل إليه الرشيد وأولاده ليسمع موطأه فسمعه وأغدق عليه. صفته وأخلاقه: كان مالك أشقر شديد البياض، أصلع، كبير الرأس، حسن البزة، وقورا مهيبا عفيفا سخيا كريما، يشرك أهل العلم في ماله، متصفا بالنبل والتواضع والحب لرسول الله
صلى الله عليه وسلم، لا يحدّث إلا عن وضوء، ولا يركب دابة في دار الهجرة إجلالا لأرض ضمت جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه ضعيف، وكان أمينا على العلم، فلا يترفع أن يقول في الشئ (لا أدرى). اتفق أن امرأة توفيت بالمدينة، فغسلتها غاسلة فلصقت يدها على فرجها فاحتاروا في أمرها هل يقطعون يدها؟ أو يقطعون جزءا من لحمها؟ فاستفتوا الإمام مالكا رضى الله عنه، فقال: أرى عليها حداً فجلدوها وأقاموا عليها حدّ القذف والسبّ، وبعد ذلك خلصت يد الغاسلة، فهذا سبب قولهم: لايفتى ومالك بالمدينة. ومن كلامه رضي الله عنه. إذا رفع الزمان مكان شخص ... وكنت أحق منه ولو تصاعد أنله حق رتبته تجده ... ينيلك إن دنوت وإن تباعد ولا تقل الذي تدريه فيه ... تكن رجلا عن الحسنى تقاعد فكم في العرس أبهى من عروس ... ولكن للعروس الدهر ساعد ولما قدم الرشيد المدينة استقبله الناس إلا مالكا، فأرسل له يعتب عليه؛ فأرسل إليه: إنى شيخ كبير، ولى عذر من الأعذار لا يذكر. فأرسل إليه يا أبا عبد الله نريد أن تأتينا لتحدّثنا بكتابك، فأرسل إليه، إن هذا العلم عنكم أُخذ، وأنتم أولى بصيانته، العلم يؤتى له ولا يأتي، فقال صدقت ثم ركب الرشيد إلى مالك فحبسه ببابه، فقال يا أبا عبد الله لم تأتنا وإذا أتيناك حسبتنا بالباب؟ فقال: علمت أن أمير المؤمنين قصدنى إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأردت أن أتأهب لذلك، فطلب أن يقرأ عليه في مجلس خاصّ به، فقال الإمام: اعلم أن الخاصّ لا ينتفع به فنصب له كرسى فقعد عليه فقال الإمام: حدثنا فلان عن فلان عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تواضع لله رفعه ومن تكبر وضعه الله) فنزل الرشيد عن كرسيه وقعد على الأرض بين الناس. انتهى من كتاب حاشية الشيخ يوسف الصفتى المالكى رحمه الله تعالى ص 12. فانظر رعاك فقهه وورعه، أرشده الله إلى الحق وألهمه الرشد. اللهم وفقنا أن ننهج منهجه، ونسير على ضوئه. ونسأل الله جلّ وعلا أن يزيدنا إيمانا به وفقها في دينه إنه الرب العليم الحكيم، وصلى الله على سيدنا محمد النبى الأمى وعلى آله وصحبه وسلم.
الإمام الشافعى رضي الله عنه
الإمام الشافعي رضي الله عنه (150 - 204 هـ) هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب القرشى المطلبى عالم قريش وفخرها، وإمام الشريعة وحبرها. وهو من ولد المطلب بن عبد مناف، ويجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف. مولده ونشأته: ولد الشافعي بمدينة غزّة من أرض فلسطين سنة 150، وحمل إلى مكة وهو ابن سنتين، فنشأ بها، وما ميز حتى صار نادرة الدنيا ذكاء وحفظا. حفظ القرآن وهو ابن تسع سنين، وأولع بالعربية من النحو والشعر واللغة، وتتبعها من رواتها، ورحل إلى البادية في تطلبها، ولم يناهز سن البلوغ حتى حفظ منها شيئا كثيرا. وبينما هو يترنم بشعر للبيد زجره بعض الحَجَبة عن أن يكون مثلُه في شرفه ونسبه راوية للشعر وقال له تفقه يعلمك الله، فانتفع بهذا الكلام وحفظ موطأ مالك، وأفتى وهو ابن خمس عشرة سنة. ثم رحل في هذه السن إلى مالك بالمدينة وقرأ عليه الموطأ من حفظه، فقال مالك: إن يكن أحد يفلح فهذا الغلام، وضافه مالك على رقة حاله وقتئذ وخدمه بنفسه، فبقى عنده مدة. ثم رجع إلى مكة وعلم بها العربية والفقه وصحح عليه الأصمعى فيها شعر الهذليين، وكان الشافعي في حداثته فقيرا تربيه أمه وهى أرملة، فكان يتقبل معونات الأغنياء من ذوى قرابته من قريش. هجرته: ولى الرشيد أحد أصدقائه عملا باليمن، فخرج معه وولي بعض الأعمال بها، فأحسن التصرف، وبقى مدة حتى وشي به إلى الرشيد، وأنه يؤامر الطالبيين للخروج عليه، فحمل مع الطالبيين إلى الرشيد وهو بالرقة فلم يتبين شيئا في أمره فأطلقه، فقيل كان ذلك بشفاعة الفضل بن الربيع، وقيل بشفاعة محمد بن الحسن، وقيل غير ذلك. ثم دخل بغداد سنة 195 فاجتمع عليه علماؤها وأخذوا عنه. ومنهم أحمد بن حنبل فأقام بها حولين أملى فيهما مذهبه القديم، واجتمع أثناء إقامته بالعراق بمحمد بن الحسن فأكرمه وأغدق عليه، وكتب عنه الشافعي علما كثيرا؛ ثم رجع إلى مكة، ثم عاد إلى بغداد سنة 198 فأقام بها شهرا، ثم خرج إلى مصر فوصل إليها سنة 199 أو سنة 200 فألقى عصاه بها وسكن الفسطاط فكانت دار هجرته وبها أملى مذهبه الجديد بجامع عمرو. مذهبه: واستنبط الشافعي مذهبه بعد القرآن من الحديث والقياس والرأى، فكان
الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه
مذهبه وسطا بين أهل الرأى مثل أصحاب أبى حنيفة وبين أهل السنة من مثل أصحاب مالك وأحمد. وفاته: توفى سنة 204، ودفن بالقرافة، وقبره بها مشهور حتى صارت تنسب إليه، وكان الشافعي أفضل من رأى الناس ذكاء وعقلا وحفظا وفصاحة لسان وقوة حجة، ولم يناظر أحد إلا ظهر عليه، وكان يقول: ما ناظرت أحد إلا وددت أن يظهر الحق على يديه. وجملة القول: أنه كان إماما في كل شئ حتى الرمى فكان يصيب تسعة من عشرة. مؤلفاته: ومن كتبه التى أملاها على أصحابه (المبسوط) الذى سمى في مصر باسم الأمّ، وأكثر الناس على أنه أول من صنف في أصول الفقه، وله كتب أخرى كثيرة. الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه (164 - 241 هـ) مولده ونشأته: هو إمام أهل السنة، وأفقه أهل زمانه. الحافظ الحجة (أبو عبد الله أحمد ابن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيبانى) ولد ببغداد سنة 164 ونشأ بها يتيما، وطلب الحديث لست عشرة سنة. وقد كثرت رواته، وعرفت ثقاته، وتميز صحيحه، فجاب الأقطار الإسلامية في تلقيه وجمعه حتى حفظ ألف ألف حديث، تنحل منها أربعين ألفا ونيفا، قدوّنها في كتابه المسند، وهو من أصحاب الشافعي وصفوة تلاميذه. وقد قيل فيه وهو راحل إلى مصر خرجت من بغداد وما خلفت بها أتقى ولا أفقه ولا أزهد ولا أروع ولا أعلم من ابن حنبل. ورعه وزهده: استنبط مذهبه من الكتاب والسنة وشابه بشئ من القياس فقلّ أتباعه لبعده عن الاجتهاد وتمسكه بالرواية. وتصدى هو وشيعته لمجادلة المتكلمين، ومناضلة الفلاسفة في عصر الرشيد والمأمون، ودعى إلى الخَلق: أي القول بخلق القرآن زمن المتعصم، فأبى، فضرب تسعة وعشرين سوطا حتى تقطر دمه، وغاب رشده، واعتل جسمه، ولم ينعم باله، إلا في عهد المتوكل، وعاش في التوقى والجدّ والعمل، وخشى الله حتى انتقل إلى دار كرامته ومثوبته سنة 241 هجرية فشيعه ثمانمائة ألف رجل وستون ألف امرأة مما يدل على مكانته العالية في نفوس المسلمين، ورفعة شأنه وعلوّ قدره. قال قتيبة: أحمد إمام الدنيا. وقال إبراهيم الحربي: كأن الله قد جمع له علم الأولين والآخرين. أيها المسلمون: هذه ترجمة سيدنا أحمد الذي كان يعبد الله ليل نهار، ويخشى بأسه، ويرجو رحمته ويرحل إلى تمحيص حديث سيد الخلق، وقد عمل له مذهبا يعبد الله على منهجه خلق
الكلام على أئمة الحديث
تحلوا بآدابه، وأخلصوا لله في الطاعة، وانقادوا لأوامره، واجتنبوا مناهيه، وقد روى عنه صاحب (الترغيب والترهيب) أريد أن نقرأه ونعمل به، أرجو ذلك، والله غفور رحيم. الإمام البخاري رضي الله عنه (194 - 256 هـ) مولده ونشأته: هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري الجعفى رضي الله عنه. وهو المحدّث الذى ملأ ذكره الآفاق، وعم صيته، وانتشر اسمه، وذاع فضله، وشملته بركة النبى صلى الله عليه وسلم. وقد ولد ببخارى يوم الجمعة أو ليلتها ثالث عشر شوال سنة 194 هـ وتوفى ليلة السبت ليلة عيد الفطر سنة 256 هـ. وقد نشأ بها يتيما، وحفظ القرآن وثقف العربية وأجادها وفقه معنى ألفاظها، وطلب الحديث في التاسعة من عمره، أراد الله له أن يستضئ بالأنوار المحمدية، ويستظل بالرحمات الإِلهية، ويتغذى بالحكم المصطفوية، فلم يكد يبلغ الحلم حتى حفظ عشرات الألوف منها. هجرته لطلب العلم، ولأداء فريضة الحج: خرج إلى مكة في سنة 210 مع أمه وأخيه فعاد هذان، وتخلف هو للتوسع في الحديث، فرحل إلى معظم الممالك الشرقية، وقد روى عن علمائها وأخذ عن فقهائها. ورعه وزهده: هو رجل عظيم قوىّ العزيمة، رصين القول وصادقه، كثير الخوف من الله جل وعلا. وقيل كان يصلى فلسعته ستة عشر زنبورا فما قطع صلاته، وبعد أن أتمها مدّ ظهره لجاره، فإذا بعده عدة لسعات مميتات. قيل كان قبل أن يضع الحديث يتوضأ ويغتسل ويصلى ركعتين لله، ويطلب الإرشاد، ويستلهم الصواب، ويستجدى المغفرة، ويتطلب الحق، ويستغيث بمولاه أن يلهمه الرشد، ويرزقه الإقبال والقبول. تأليفه: وقد جمع كتابه (الجامع الصحيح) في ست عشرة سنة، وضمنه تسعة آلاف حديث تنحلها في ستمائة ألف، وفيها ستة آلاف مكررة بتكرر وجوها، وقد أجمع العلماء على أنه أصحّ كتاب في الحديث. وفاته: ومن حوادثه أنه ابتلى بفتنة القول بخلق القرآن، فثبت على إيمانه ولم يخش صولة الحاكم وإلحاده وزيغه وأفتى بأنه قديم غير مخلوق، لأن القرآن صفة من صفات الله جلا وعلا القديم، فأُخرج من بخارى مطرودا، فلاقته المنية سنة 256 هـ بقرية على ثلاثة فراسخ من سمرقند، ولما دفن رحمه الله تعالى فاح من قبره رائحة الغالية أطيب من المسك واستمرت إياما
الإمام مسلم رضي الله عنه
كثيرة حتى تواتر ذلك على جميع أهل البلاد، وكان يأكل في كل يوم لوزتين، وكانت أمه مجابة الدعوة، وكان رضي الله عنه قد ذهب بصره في صغره فرأت أمه الخليل إبراهيم عليه السلام في المنام فقال لها: ياهذه قد ردّ الله على ابنك بصره لكثرة دعائك فأصبح بصيرا، وهذا صحيح، لأنه أخلص لتمحيص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. شهادة الأئمة فيه وقد قال ابن خزيمة الحافظ: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من البخاري. وقد قال أحمد بن حنبل: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل. وقد قال الأحزم: رأيت مسلم بن الحجاج بين يدي البخاري وهو يسأله سؤال الصبى المتعلم. وقد قال أبو مصعب: محمد بن إسماعيل آفقه عندنا وأبصر من ابن حنبل. وقد قال أبو عمرالخفاف: حدثنا التقيّ العالم الذي لم أر مثله محمد بن إسماعيل البخاري وهو أعلم بالحديث من إِسحق وأحمد وغيرهما بعشرين درجة. أيها المسلمون: إن القلوب تضاء بأنوار الله بالاطلاع على حديث رسول الله، فأرجو أن تستزيدوا منها كل يوم، وتزوّدوا بالعمل بها، واهتدوا بهديها رجاء النجاح والفلاح (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم). الإمام مسلم رضي الله عنه (206 - 261 هـ) مولده ونشأته: هو الإمام المحدث والبحاثة العلامة، والمقتفى أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، والراوية الأوحد، والعلم المفرد: أبو الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم النيسابوري ولد سنة 206 هجرية، ورحل إلى العراق والحجاز والشام، وسمع من أئمتها، وقدم بغداد مرارا، وكان رحمه الله تعالى يستفيد من الإمام البخاري رضي الله عنه وناضل عنه، وشهد بسبقه وأنه وحيد دهره، وفريد عصره في الحديث، وأخذ عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وإسحق بن راهوية ومحمد بن مسلمة القعنبى، وقد جمع رحمه الله أربعة آلاف حديث أصولا دون المكررات، وتوفى رحمه الله سنة إحدى وستين ومائتين.
الإمام أبو داود
مميزاته: سلك رحمه الله تعالى في كتابه الصحيح طرقا بالغة في الاحتياط والإتقان والمعرفة والورع، جزاه الله خيرا على هذه الخدمة الجليلة. قال عنه العلماء: سيرته حسنة، وكلامه عذب تامّ المعرفة، غزير العلم، حاز قصب السبق والتبريز في استخراج الحديث وتمييز صحيحه من ضعيفه، وعلوّ محله في التمييز بين دقائق علومه. هذا هو الإمام أحد الرواة الذين نقل عنهم الحافظ المنذري بعض أحاديث كتابه ونفع الله به وينفع، وإنى أعتقد أنه محفوظ إلى يوم القيامة، لا يعتريه تغيير ولا تبديل، تحوطه عناية الله ويرعاه رب السموات والأرضين، ونعمة وبركة من صاحب الأحاديث السيد المصطفى صلى الله عليه وسلم، والحمد لله تكرم جل وعلا وأعاننى على نقل ألفى حديث من صحيحه (مختار الإمام مسلم) في جزءين، ضبطت لفظه وشرحت غامضة، فأشرقت شمس معارفه، تضئ للمسلمين سبل الهداية والحكم المحمدية. قال عنه إسحق بن منصور الكوسج: لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين (يخاطب الإمام مسلما صاحب الترجمة) وقال عنه النيساورى: ماتحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم. وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: حصل لمسلم في كتاب به حظ عظيم مفرط لم يحصل لأحد مثله بحيث إن بعض الناس كان يفضله على صحيح محمد بن إسماعيل البخاري، وذلك لمااختص به من جمع الطرق وجودة السياق، والمحافظة على أداء الألفاظ كما هي من غير تقطيع ولا رواية بمعنى. الإمام أبو داود (202 - 275 هـ) هو سلميان بن الأشعث بن إسحق الأزدى السجستاني الحافظ الإمام الثبت. قال محمد بن إسحق الصاغانى: ألين لأبى دواود الحديث كما ألين لداود الحديد. وقال الحافظ موسى بن إبراهيم: خلق أبو داود في الدنيا وللحديث وفي الآخرة للجنة، وما رأيت أفضل منه. وقال الحاكم: أبو داود إمام أهل الحديث في زمانه بلا مدافعة، ولد سنة 202 هـ ومات بالبصرة في 16 شوال سنة 275 هجرية. الإمام الترمذي (209 - 279 هـ) هو الحافظ الكبير الحجة أبو عيسى بن سورة الترمذي تلميذ البخاري وابن المدينى، وكان يضرب به المثل في الحفظ قال الترمذي: صنفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز
الإمام النسائي
والعراق وخراسان ورضوا به، ومن كان في بيته هذا الكتاب: يعنى الجامع الشهير بالسنن فكأنما في بيته نبىّ يتكلم. ولد سنة 209 ومات بترمذ في 13 رجب سنة 279 هـ. الإمام النسائي (215 - 303 هـ) هو الإمام شيخ الإسلام الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن على الخراساني النسائي القاضي. قال الدراقطنى: كان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث والرجال. ولد سنة 215 هـ. خرج من مصر في ذي القعدة سنة 302 هـ، وتوفى بفلسطين يوم الاثنين 13 صفر سنة 303 هـ. الإمام ابن ماجه (209 - 273 هـ) باسكان الهاء، وكتابته كما يكتبه الكثيرون خطأ، لأنه اسم أعجمى، وهو الحافظ الكبير المفسر أبو عبد الله محمدبن يزيد القزوينى، وابن ماجه هو لقب أبيه يزيد. ولد سنة 209 ومات في رمضان سنة 273 هـ. الإمام الطبراني (260 - 360 هـ) هو أبو القاسم بن أحمد بن أيوب الشامى اللخمى، الإمام الحافظ الحجة الذى نفع الله به وأكثر من الاطلاع على أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. ينسب إلى طبرية قرية على بحيرة طبرية بالأردن. ولد سنة 260 وسمع الحديث سنة 273 هـ، وحدّث عن ألف شيخ أو أكثر ومات في ذي القعدة سنة 360 هـ. الإمام أبو يعلى (210 - 307 هـ) هو الحافظ الثقة أحمد بن على بن المثنى التيميى صاحب المسند الكبير. ولد في شوّال سنة 210 ومات سنة 307 هـ
الإمام البزار
الإمام البزار هو الحافظ أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصرى، بزار نسبة إلى بيع البزور أو إخراج دهنها، قال الدارقطنى: كان ثقة يخطيء كثيرا، ويتكل على حفظه. مات بالرملة سنة 292 هـ. الإمام ابن حبان هو الإمام الحافظ العلامة القاضي الطبيب أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان التميمى السبتى. قال أبو سعد الإدريسى (كان على قضاء سمرقند زمانا، وكان من فقهاء الدين وحافظ الآثار عالما بالطب والنجوم وفنون العلم) وقال تلميذه الحاكم: كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ ومن عقلاء الرجال، مات في شوّال سنة 354 هجرية. الإمام النيسابوري (321 - 405 هـ) هو الأستاذ العلامة والبحر الفهامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الضبى النيسابوري المعروف في زمنه بابن البيع: إمام المحدثين، والحافظ المتقن الكبير. قال عبد الغافر إسماعيل (هو إمام أهل الحديث في عصره، العارف به حق معرفة، ولد في ربيع الأول سنة 321 هـ، ومات في صفر سنة 405 هجرية). الإمام ابن خزيمة (223 - 311 هـ) إمام الأئمة، الذي شهد له أهل الفضل بالسبق، وإتقان الرواية، وحسن الدارية، وجليل العمل. قال عنه الذهبى (هذا الإمام كان فريد عصره). وقال الدراقطنى (كان إماما ثبتا معدوم النظير. هو أبو بكر محمد بن إسحق بن خزيمة السلمي النيسابوري، ولد سنة 223 هـ، وتوفي يوم 12 من ذي القعدة سنة 311 هـ).
الإمام ابن أبي الدنيا
الإمام ابن أبي الدنيا (208 - 282 هـ) هو الإمام المحدث، العالم العامل أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبى الدنيا القرشى الأموى كثر اطلاعه وحسن بحثه. الإمام البيهقي (384 - 458 هـ) هو الإمام الحافظ العلامة صاحب الكتاب الضخم (السنن) في عشر مجلدات في الأحاديث النبوية، المؤلف في مذهب الإمام الشافعي حتى قال عنه إمام الحرمين أبو المعالمى (مامن شافعى إلا وللشافعى عليه منّة إلا أبا بكر البيهقى فإنه له المنة على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه). هو شيخ خراسان أبو بكر أحمد بن الحسين بن على البيهقى، تلميذ الحاكم أبى عبد الله صاحب التآليف العديدة التي تقارب ألف جزء. ولد سنة 384 ومات يوم 10 جمادى الأولى سنة 458 هجرية. الإمام الأصبهاني (457 - 535 هـ) هو الإمام المجتهد، الحافظ الكبير، شيخ الإسلام أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيميى القرشي الطلحي الأصبهاني، الملقب بقوام السنة، صاحب الترغيب والترهيب، شيخ أبى سعد السمعاني والسلفي وابن عساكر. رحمه الله - قنع وزهد في حطام الدنيا، وملأ قلبه إيمانا بالله وأبعد نفسه عن المطامع واعتكف ليهرع إليه السائلون ويلتجئ إليه المتعلمون، ومن أخلاقه ألا يدخل على السلاطين ولا على من هو أفضل منهم، قليل الكلام، حسن الصمت، وقور، مؤدب، ليس في وقته مثله. قال عبد الجليل بن محمد: سمعت أئمة بغداد يقولون: مارحل إلى بغداد بعد الإمام أحمد أحفظ وأفضل من الإمام إسماعيل، ولد سنة 457، ومات يوم عيد الأضحى سنة 535 هـ. هؤلاء هم السادة الذين ذكرهم الحافظ المنذري في مقدمه كتابه، ونقل عنهم أحاديث الترغيب والترهيب.
الحافظ المنذري
أرجو الله جلَّ وعلا أن يتفضل علىّ بقبول عملى هذا، ويجعله خالصا لوجهه الكريم، ويهب لنا صحة وتوفيقا ورضا النبىّ صلى الله عليه وسلم، مصدر الخير وشمس السعادة، وكوكب السيادة، ويتفضل علىّ، وأنا الحقير الذليل بالهداية لعلى أسلك سبيل هؤلاء الأعلام. ولى كلمة عن أثر صاحب هذا المؤلف (الترغيب والترهيب). الحافظ المنذري (581 - 565 هـ) هو الإمام المحدّث والشيخ الحافظ المتقن (عبد العظيم بن عبد القوى بن عبد الله بن سلامة بن سعد) الحافظ الكبير الورع الزاهد شيخ الإسلام زكىّ الدين أبو محمد المنذري الشامي المصري وليّ الله والمحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثَّبْت الحجة الذي أنفق حياته في طلب العلم وتعليمه، وشرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخريجه، والذي بيّن صحيحه وحسنه ومرسله وضعيفه، وأفاد العالَم بذكر رواة الحديث، واتقى ربه فأثمر علمه وأخلص في عمله فأينعت تعاليمه، وجاهد في الله حق جهاده، فبارك الله في تلاميذه، وكان لنا مَثَلا أعلا وقدوة حسنة. كان رحمه الله مجاب الدعوة يتبرك به في زمانه ويهرع إليه في استفتائه، ونقل العلم عنه وهو صاحب الأيادى البيضاء، والمآثر الغراء، والدرر البهية في التوضيح للغامص وتفهيم الخفىّ. قال عنه تاج الدين السبكى في طبقاته (نزجى الرحمة بذكره ويستنزل رضا الرحمن بعلمه). كان رحمه الله تعالى قد أوتى بالمكيال الأوفى من الورع والتقوى والنصيب الوافر من الفقة؛ وأما الحديث فلا مراء في أنه أحفظ أهل زمانه، وفارس أقرانه، له القدم الراسخ في معرفة صحيح الحديث من سقيمه، وحفظ أسماء الرجال، مفرط الذكاء، عظيم الخبرة بأحكامه والدراية بغريبه وإعرابه واختلاف كلامه. مولده وأستاتذته ولد في غرة شبعان سنة 581 هجرية، وتفقه على الإمام أبى القاسم عبد الرحمن بن محمد القرشى الورّاق، وسمع من أبى عبد الله الأرياحى وعبد المجيب بن زهير ومحمد بن سعيد المأمونى وسمع من المطهر بن أبى بكر البيهقى وربيع اليمن الحافظ، والحافظ الكبير على بن الفضل المقدسى وبه تخرج، وتوفى في الرابع من ذي القعدة سنة 656 هـ.
رحلاته رحل إلى مكة وسمع الحديث من أبى عبد الله بن البناء وطبقته، ثم ذهب إلى دمشق وسمع من عمر بن طبرزد ومحمد بن وهب بن الشريف والخضر بن كامل وأبى اليمن الكندى وخَلق، ثم سمع - بحران - والرها والاسكندرية وغيرها. مؤلفاته وتفقه رحمه الله فصنف شرحا على التنبيه، وألف مختصر سنن أبو داود وحواشيه، وهو كتاب مفيد يسطع ضوؤه للقارئين، وله مختصر صحيح مسلم، وخرّج لنفسه معجما كبيرا يفيد المطلعين، وأفتى في مسائل جمة، وخرج كثيرا، وأفاد العالم بعلمه، وبه تخرّج الحافظ أبو محمد الدمياطي، وإمام المتأحرين تقىّ الدين بن دقيق العيد: والشريف عز الدين وطائفة من العلماء فاضت عليهم بركته، وشملتهم فضائله، وعمتهم مباحثه، وقد سمعنا الكثير ببلبيس على أبى الطاهر إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن على بن سيف بإجازته منه. قال الذهبى: وماكان في زمانه أحفظ منه، ومن شعره: اعمل لنفسك صالحا لا تحتفل ... بظهور قيل في الأنام وقال فالخلق لايرجى اجتماع قلوبهم ... لا بدّ من مثن عليك وقال وإنى أبشر من يقرأ في هذا الكتاب بالمغفرة والرضوان: وقد قال في مقدمته (وأنا أستمد العون على ما ذكرت من القوى المتين، وأمدّ أكف الضراعة إلى من يجيب دعوة المضطرين أن ينفع به كاتبه وقارئه ومستمعه وجميع المسلمين). وهأنذا أضبط كلمات الأحاديث ليقرأها القارئ صحيحة، والله يغفر لنا، واعذرني أيها القارئ فالقلم يعجز أن يحدّث عن محامد ذلك العلامة الذي سهل للمسلمين سبل الاطلاع على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تشرح صدرك، وتبهج نفسك، وتقر عينك، وتزيل ألمك، وتبعد همك وتغذيك بلبان معارفها، وصريح عباراتها، وبلسم طبها، وحكيم قولها، وبديع لفظها، وجميل أسلوبها، ومحاسن وعظها، وبدائع إِرشادها. فتجد أبوابا اجتماعية وخلقية جمعت الخير كله وحثت على جنى ثمار الدين، وقطف أزهاره للعاملين، ونهت عن الشر العاصين وحذرت وأنذرت. فأرجو أن تقتنى هذه النفائس، وتكنز هذه الجوائز؛ وتعمل منها وردا كل صباح
ومساء بابا بابا، بقدر فراغك من عملك، فهنا تتجلى الموعظة الحسنة، وتشرق الحكمة من جوانبه، ويزيدك الله نورا على نور. ولا غرو فيحكى عنه تاج الدين السبكى أنه درس بالقاهرة في دار الحديث الكاملية وكان لا يخرج منها إلا لصلاة الجمعة حتى إنه كان له ولد نجيب محدث فاضل. توفاه الله في حياته ليضاعف له حسانته، فصلى عليه الشيخ داخل المدرسة وشيعه إلى بابها، ثم دمعت عيناه. وقال أودعتك يا ولدى الله، وفارقه أهـ. ما شاء الله، يعتكف في داره للعباده والعلم حتى لا يخرج لتشييع جنازة ابنه. أيها المسلمون أنشدكم الله أن تجعلوا كتاب (الترغيب والترهيب) سميركم ومرشدكم، لأن صاحبه كان يخشى الله ويتقى الله ويعمل لله، قال تعالى (واتقوا الله ويعلمكم الله) وأعتقد أن الإخلاص رائده ومحبة الله ورسوله وجهته وغاية مطلبه، إذا لا بدّ أن ينفع العلم منه ويصل إلى القلوب الظمآنة فيزيل ظمأها ويبعد أوارها. يحدّثنا عن شدة خوفه من الله والعمل بعلمه سيدنا تاج الدين السبكى إذ يقول: (سمعت من أبى رضي الله عنه يحكى عن الحافظ الدمياطي أن الشيخ المنذري مرة خرج من الحمام وقد أخذ منه حرها فما أمكنه المشى فاستلقى على الطريق إلى جانب حانوت، فقال له الدمياطي يا سيدى - أنا أقعدك على مصطبة الحانوت - وكان الحانوت مغلقا، فقال (وهو في تلك الشدة: بغير إذن صاحبه كيف يكون)؟ ومارضى. فكّر في هذا الحادث أيها القارئ، شيخ يمتنع أن يجلس أمام الحانوت ليستريح من تعبه لأن صاحبه لم يرض. مع أن الحانوت مغلق ولم يعطل أي حركة تجارية أو مصلحية، لا تعجب فإن في هذه نصوص العلم وتعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يتهاون العالم في الصغيرة خشية أن تجرّ إلى الكبيرة، ولا فتوى يحلها ولا تدليل أو تأويل أو تسهيل يتمشدق به. فلست أرى السعادة جمع مال ... ولكن التقى هو السعيد وتقوى الله خير الزاد ذخرا ... وعند الله للأتقى مزيد روى الإمام الغزالي عن عالم في الدولة الأموية جاء إليه محمد بن سليمان فلم يجد في داره غير حصير وراوية وخريطة: حصير يجلس عليه وراوية يتوضأ منها وخريطة يضع فيها كتبه، فقال للعالم ما لى أراك أزداد هيبة؟ فقال له ذلك العالم: معنى حديث (من خاف اللهَ خوّف اللهُ منه كل شئ، ومن خاف غير الله أخافه الله من أىّ شئ) بمعنى أن الله يحفظ من يخشاه ويملأ قلبه إيمانا به، فلا سلطان لغير الله عليه، ومن لم يخف الله يزداد فزعا من أقل شئ،
وتزول عنه الطمأنينة، وقد عرض عليه أربعين ألف درهم فلم يقبلها، وقال ردها إلى أربابها، وردّ المظالم إلى أهلها، واتق الله. أكتب ذلك وفي نفسي حسرة على إهمالها وتقصيرها في الله، أقرأ كثيرا وأطلع على الأحاديث كثيرا، ومع ذلك لم أذق طعم الخوف من الله جل وعلا، وأنسى الجملة المأثورة (رأس الحكمة مخافة الله) بي إيمان ضعيف. ورغبة في الدنيا شديدة. وعلم بلا عمل كشجر بلا ثمر فاللهمَّ الطف. أما آن لى ولأمثالي أن نرتدع وننزجر، ونخشى الله ونعمل بكتابه وسنة حبيبه صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول (ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون). أيها المسلمون إن باب التوبة مفتوح على مصراعيه، والله تعالى غفور رحيم؛ فهل أدلكم (ونفسي) على تجارة تنجيكم من عذاب أليم: تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في العمل بالدين ونصر الدين، والتحلى بآداب الدين، والعمل بشريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. وهذا كتاب (الترغيب والترهيب) البحر الزاخر في المواعظ والزواجر، وقد علمتم أن صاحبه كان قدوة حسنة في عصره، فليكن لنا قدوة حسنة في عصرنا، وليكن إمامَنا وهادينا ونورنا إلى أقوال سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) ولن يصيب الأمة الإسلامية ضير مااتبعت كتاب الله عز وشأنه وسنه حبيبه صلى الله عليه وسلم والتوسل بالصالحين وحضور مجالسهم والاقتداء بأقوالهم والتبرك بزيارة الأولياء لقوله صلى الله عليه وسلم (المرء مع من أحب) يذكرني ذلك قوله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) أرجو أن ننتفع، وأود أن نعمل، وآمل أن نخاف. رحماك يا ألله رحماك، يئنّ العالمَ من أزمة وهموم، وذلك من عدم تقوى الله. نسى المسلمون آداب دينهم، ومشوا وراء المدنية الكاذبة، وقلدوها في الشرور والفسوق وقصر العالم في إرشاده، والجاهل غفل عن تعليمه، وفشا الكذب، وساد النفاق، وعمّ الشقاق ورغب المسلمون عن سماع القرآن والسنة. واشتغل الشباب بالروايات الأفرنجية وانتشرت البدع فإنا لله وإنا إليه راجعون. فهل لك أيها القارئ أن تتوب معى إلى الله، وتنتفع بتأليف ذلك العالم الذي أخذ منه التعب كل مأخذ، وأبى أن يستريح فجلس على أرض لم يأذن صاحبها. الله. الله. الله.
أخلص ذلك العالم لربه فرضى عنه ونفع بعلمه، وجعل الله له لسان صدق وفقه، فأفاد واستفاد وجزاه ربه خيرا. قال الإمام شمس الدين أبو عبد الله الذهبي في طبقات الحفاظ في ترجمة المؤلف: درّس بالجامع الظافرى بالقاهرة، ثم ولى مشيخة الدار بالكاملية وانقطع بها ينشر العلم عشرين سنة. وقال الشريف عز الدين الحافظ: كان شيخنا زكىّ الدين عديم النظير في علم الحديث في اختلاف فنونه عالما بصحيحه وسقيمه ومعلوله وطرقه، متبحرا في معرفة أحكامه ومعانيه ومشكله قيما بمعرفة غريبه وإعرابه واختلاف ألفاظه، وإِماما حجة ثبتا ورعا متجردا فيما يقوله، متثبتا فيما يرويه، قرأت عليه قطعة حسنه من حديثه، وانتفعت به انتفاعا كثيرا. تلك كلمة موجزة أثبتها لقراء (الترغيب والترهيب) ليقبلوا عليه قراءة ودرسا، ويقتدوا بصاحبه علما وعملا، ويتحلوا بمكارم السيد المجتبى صلى الله عليه وسلم والله ولىّ التوفيق ومنه الهداية وبشائر النصر والفتح تتجلى في قادة العهد الجديد أمدهم الله بعونه ومنحهم مساعدته. إجازتان برواية السند (الأولى بقلم صاحب الفضيلة. الأستاذ الكبير الشيخ محمد حبيب الله بن مايابى الشنقيطى) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي جعل اتصال الأسانيد من خصوصيات هذه الأمة. والصلاة والسلام على رسولنا الذي أرسله الله للعالمين رحمة وعلى آله وأصحابه المجاهدين لإعلاء كلمة التوقى - وأعظم بها من كلمة! - وتابعيهم من علماء الحديث المشتغلين بتحرير أسانيده حتى كشف الله بتحريرهم عن القلوب كل ظلمة. أما بعد: فقد أجزت الأستاذ الذائق، المحقق الدرّاكة الفائق، المشتغل بخدمة أحاديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أتم الصلاة والسلام، اختصاراً لكتبها وانتقاء لصحيحها وتلخيصا لزبدة شروحها الشيخ (مصطفى بن محمد عمارة) في سائر مروياتى ومصنفاتى، وخاصة في جمع مصنفات الحافظ المنذري صاحب (الترغيب والترهيب) فانى أرويها كلها كالترغيب والترهيب، واختصار صحيح مسلم، واختصار سنن أبى داود وغيرها عن العلامة المحقق الرباني السيد المحدّث الكبير طائر الصيت الشهير، سيدى محمد ابن سيدى جعفر الكتانى دفين فاس، وهو يرويه أي (الترغيب والترهيب) عن أحمد بن أحمد البنانى عن الوليد بن العربى العراقى عن الشيخ الطيب بن كيران عن محمد بن الحسن البنانى ومحمد التاودى ابن سودة، كلاهما عن محمد
ابن عبد السلام البناني عن أبي الفضل بن الحاج السلمى عن مؤلف المنح البادية، وأرويه أيضا عن الأستاذ الذائق السيد محمد كامل الهبراوى الحلبى دفين حلب الشهباء عن الشيخ إبراهيم السقا عن الشيخ محمد الأمير الصغير عن والده، خاتمة المحققين الأمير الكبير عن الشيخ على بن محمد السقاط عن العلامة أحمد بن الحاج عن صاحب المنح البادية، سيدى محمد بن عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسى، وهو يرويه مسلسلا بالحفاظ. قال: أنبأنا به أبو المكارم الحافظ عن الشهاب ابن القاضي الحافظ، عن الحافظ الرملى عن الحافظ السخاوى، عن الحافظ بن الفرات وابن ظهيرة عن الحافظ ابن جماعة عن الحافظ الدمياطي، عن مؤلفه الحافظ الشيخ عبد العظيم زكىّ الدين ابن عبد القوى المنذري الشامي ثم المصري، المتوفي سنة 656 هـ، وهي سنة فتنة التتار كما في ثبت العلامة الأمير، وبهذا الإسناد أجزتك بسائر مصنفات المنذري كما قدمته سابقا، وأوصيك ونفسى بتقوى الله سراً وعلنا، وأن تدعولى لى بالدّوام في خلواتك وجلواتك وفي أوقات الإجابة كما هو دأب أهل الوفاء مع مشايخهم في الأسانيد لأنهم صاروا وصلة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وسلم. قال بلسانه، وقيده ببنانه في وقت استعجال في 7 المحرم الحرام سنة 1351 هـ. الإمضاء خادم نشر العلم بالحرمين الشريفين ثم بالتخصص للأزهر المعمور محمد حبيب الله بن مايَأْبَى الجَكَنى ثم اليوسفى نسبا الشنقيطى إقليما المدنى مهاجرا، أماته الله بها على الإيمان آمين. (الثانية) كلمة حضرة السيد الفاضل الشيخ الكتانى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد وآله، والحمد لله وكفى، وصلام على عباده الذين اصطفى أما بعد: فقد أجزت العالم الفاضل، الشيخ مصطفى محمد عمارة بجميع مروياته ومؤلفاته وبالخصوص كتاب (الترغيب والترهيب) للحافظ أبى محمد عبد العظيم المنذري حسبما أرويه عن والدنا الشيخ عبد الكبير الكتانى عن محدّث المدينة الشيخ عبد الغنى الدهلوى عن والده الشيخ أبى سعيد الدهلوى عن الشيخ عبد العزيز بن الشاه ولى الله الدهلوى عن أبيه عن المنلا أبي طاهر الكوراني عن أبيه عن نجم الدين الغزى عن أبيه عن القاضى زكريا عن الحافظ ابن حجر
عن البرهان التنوخى عن إسحق بن الوزير عن الحافظ المنذري، ياله من مؤلف ومروى موجب للمجاز المذكور بالدأب على الطاعات، ونشر الحسنات، والدعاء لى بخاتمة الخير. قاله وكتبه محمد عبد الحى الكتانى الحسنى الفاسى في 5 صفر الخير عام 1352 هـ بمصر القاهرة. الإمضاء الاعتراف بالجميل (1) أشكر لفضيلة المرحوم والدى طيب الله ثراه، وأثابه وأجزل أجره، وأشكر حضرة عمى المرحوم الفاضل الشيخ أبو هاشم مصطفى عمارة رأس أسرة (أبي عمارة) مدّ الله في نعيمه، ومتعنا برضاه وأدام علاه ورضوانه. عنوانه أو كبير عرب أبي نصار (فراشة) شرقية، فإنهما شجعانى على عملى هذا ورغبانى في علم الدين، وأحسنا إلىّ في تربيتي وشذبا أغصانى، وتعهدا دوحتى، أثابهما الله ونفعنى برضاهما. (2) أشكر لفضيلة أستاذي الشيخ الشنقيطى على نصائحه الثمينة؟ وإلزامه أن أكثر من قراءة الحديث النبوى والتحلى بمكارم الأخلاق، والتزود بالتقوى والعمل بالسنة وأخص الترغيب وأتحفنى بهذه الكلمة التي أثبتها تبركا بفضيلته، وإقرارا بفضله. (3) أشكر للأستاذ الحسيب النسيب المحدث المشهور الشيخ الكتانى الذي أتحفنى بإجازة رواية الحديث وضبطه، التي أثبتها اعترافا بإحسانه، وشمولى بمحبته. (4) الثناء المستطاب والاقرار بالفضل لحضرات السادة أساتذتي الأجلاء الذين جادوا علىّ بالتفهيم والإرشاد. (5) أشهد أن تربية الروح معنى وأدبا لأستاذي الجليلين؛ الشيخ أحمد السيد أبو هاشم والشيخ عبد الخالق عمر الشبراوى خليفتى الرسول صلى الله عليه وسلم في الهداية، نفعنا الله تعالى بحبهما وأرضاهما عنا لننهج منهجهما إنه قدير. هذا إلى الاعتقاد الجازم أن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وهو الموفق سبحانه والناصر الملهم، ونعم المولى ونعم النصير. مصطفى محمد عمارة مدرس اللغة العربية بالمدارس الأميرية حرر بالقاهرة في ذي القعدة سنة 1352 هـ في مارس سنة 1934 م
مقدمة الطبعة الثانية
مقدمة الطبعة الثانية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله تبارك وتعالى، والصلاة والسلام على السيد المصطفى محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الأبرار الأخيار. وبعد: فنظرا لنفاد الطبعة الأولى من شرحى على كتاب (الترغيب والترهيب) للحافظ المنذري طلب منيِّ حضرات السادة الذين نشروا الكتاب أصحاب شركة مكتبة ومطبعة (مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر) أن أراجعه بدقة وعناية. وهأنذا أقدمه للقراء في طبعته الثانية الجديدة بعد تمحيص ونظر، لذلك أعترف يارب بمساعدتك لى وأتضرع إليك بذلّ وخشوع أن تمنحنى رضا وتوفيقا وتغمرنى بمكرمك وتقبل عملى هذا خالصا لوجهك إنك رءوف رحيم غفور حليم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الأبرار الأخيار. الفقير إلى الله تعالى مصطفى محمد عمارة خادمة السنة النبوية حرر في 13 من جمادى الأولى 1373 18 من يناير 1954
تقاريظ الطبعة الثانية
تقاريظ الطبعة الثانية كلمة شيخ الإسلام والمسلمين الأستاذ الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر قال حفظه الله ونفعنا الله بعلمه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فإن من أعظم القربات وأزكاها خدمة السنة النبوية المطهرة، وقد وفق الله فضيلة الأستاذ الشيخ مصطفى محمد عمارة للتوفر على هذا العمل الجليل، فعُنى بالتعليق على كتاب (الترغيب والترهيب) للحافظ المنذري، تعليقا نافعا وضح المعنى وكشف الغامض: جزاه الله من السنة وصاحبها خير الجزاء. محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر 17 من ذي القعدة سنة 1372 18 من يوليو سنة 1953 كلمة صديقى الأستاذ الشيخ مصطفى محمود عمر الديابى هذا ما جاد به ذهنى السقيم، لما ألم بجسمى من المرض الأليم: سفْرٌ أضاء لنا في حالك الظلم ... من هدى خير عباد الله كلهم ورحمة العالمين حصن أمته ... ومن غدت بسناه أكرم الأمم يرغِّب المرء في التقوى يرهبه ... من المعاصى التي تفضى إلى الندم إن كنت تبغي صلاحا في المعاش أو ... المعاد أو فيهما فالزمه واستقم فإن فيه هدى للمتقين بما ... حواه من فضل تبيان ومن حكم وحسن ضبط وآيات مناسبة ... من القران بشرح واضح الكلم بذاك قام أخونا مصطفى فجزا ... هـ ربه بجزيل الأجر والنعم إذ نفسه بحديث المصطفى شغفت ... فصار يهدى بما يشفى من السقم فنسأل الله توفيقا لنا وله ... وأن ننال الرضا من خير معتصم صلى وسلم ربى دائما أبدا ... عليه عدّ الحصى والرمل والنسم مصطفى محمود عمر الديابى من خريجي دار العلوم ومدرس اللغة العربية بالمدارس الأميرية سابقا 28/ 5/ 1373
مصادر الفتح الجديد في الترغيب والترهيب
مصادر الفتح الجديد في الترغيب والترهيب 1 - تفسير القاضى ناصر الدين البيضاوى، وهو أغلب اختيارى واعتمادى على شرح الآيات. 2 - تفسير العارف بالله الشيخ الصاوى على الجلالين. 3 - تفسير أبى البركات النسفى. 4 - تفسير الشيخ الجمل. 5 - تفسير الفخر الرازى. 6 - النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير. 7 - المفردات في غريب القرآن للشيخ الراغب الأصفهاني. 8 - شرح الزبيدى للشيخ الشرقاوى. 9 - شرح الإمام النووي على صحيح مسلم. 10 - عمدة القارى شرح البخاري للإمام العيني. 11 - جواهر البخاري، وعليه مقتطف شرح القسطلاني للفقير إلى الله سبحانه صاحب الفتح الجديد. 12 - مختار الإمام مسلم وعليه موجز من شرح الإمام النووي للفقير إلى الله تعالى صاحب الفتح. 13 - نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للأمام الشوكاني. 14 - إحياء علوم الدين لحجة الإسلام الإمام الغزالي. 15 - دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين للعلامة ابن علان. 16 - فتح البارى شرح البخاري لقاضى القضاة ابن حجر. 17 - سنن النسائي شرح الحافظ جلال الدين السيوطي. 18 - شرح صحيح البخاري للعلامة الكرماني. 19 - شرح صحيح البخاري للعلامة للزركشي. 20 - شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير للعلامة العزيزى. 21 - المدخل لابن الحاج التلمساني. 22 - الزواجر لابن حجر المكى الهيتمي.
23 - زاد المعاد في هدى خير العباد للحافظ ابن القيم الجوزى. 24 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء للحافظ أبى نعيم الأصبهاني. 25 - حاشية العلامة الشيخ إبراهيم الباجورى على شرح ابن قاسم الغزى الشافعي. 26 - تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب للشيخ الكردى الأربلى الشافعي. 27 - القاموس المحيط للعلامة الفيروزاباذى. 28 - المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعى. 29 - مختار الصحاح للامام عبد القادر الرازى. 30 - النهج السعيد في علم التوحيد للفقير إلى ربه صاحب الفتح الجديد. 31 - الأمالى لأبى على القالى. 32 - أسرار الشريعة الإسلامية وآدابها الباطنية للمرحوم أستاذى إبراهيم أفندى على المدرّس بدار العلوم سابقا (من فراشه مركز أبو كبير شرقية). 33 - (محمد) صلى الله عليه وسلم المثل الكامل لصاحب العزة المرحوم محمد أحمد جاد المولى بك. 34 - الأدب النبوى للشيخ المرحوم محمد عبد العزيز الخولى.
خطبة الكتاب
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (قرآن كريم) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (*) قال إلإمام الحافظ زكى الدين عبد العظيم بن عبد القوى المنذري رحمه الله تعالى: الحمد لله المبدئ المعيد (¬1)، الغنىّ الحميد، ذو العفو الواسع والعقاب الشديد، من هداه فهو السعيد السديد (¬2) ومن أضله فهو الطريد البعيد (¬3)، ومن أرشده إلى سبيل النجاة ووفقه فهو الرشيد كلّ الرشيد، يعلم ما ظهر وما بطن، وما خفى وما علن (¬4)، وما هجن (¬5) وما كمل، وهو أقرب إلى كل مريد من حبل الوريد (¬6)، قسم الخلق قسمين، وجعل لهم منزلتين، فريق في الجنة وفريق في السعير، إن ربك فعّال لما يريد، ورغب في ثوابه، ورهب (¬7) من عقابه، ولله الحجة البالغة، ومن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد. أحمده وهو أهل الحمد والتحميد، وأشكره والشكر لديه من أسباب المزيد (¬8)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العرش المجيد، والبطش (¬9) الشديد، شهادة كافلة لى عنده بأعلى درجات أولى التوحيد، في دار القرار (¬10) والتأييد. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير (¬11) النذير، أشرف من أظلت السماء وأقلّت البيد (¬12) صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا وعلى آله وأصحابه أولى (¬13) المعونة على الطاعة والتأييد، صلاة دائمة في كل حين تنمو وتزيد، ولاتنفد (¬14) مادامت الدنيا والآخرة ولا تبيد. خطبة المؤلف أما بعد: فلما وفقنى الله سبحانه وتعالى لإملاء كتاب مختصر أبى داود، وإملاء كتاب الخلافيات، ومذاهب السلف، وذلك من فضل الله علينا وسعة منه. سألنى بعض الطلبة أولى ¬
الهمم العالية ممن اتصف بالزهد في الدنيا والإقبال على الله عزّ وجلّ بالعلم والعمل، زاده الله قربا منه وعزوفا (¬1) عن دار الغرور (¬2) أن أملى كتابا جامعا في: الترغيب والترهيب، مجرّدا عن التطويل بذكر إسناد أو كثرة تعليل، فاستخرت الله تعالى وأسعفته بطلبته؛ لما وقر عندى من صدق نيته، وإخلاص طويته، وأمليت عليه هذا الكتاب: صغير الحجم غزير العلم، حاويا لما تفرّق في غيره من الكتب مقتصراً فيه على ما ورد، صريحا في الترغيب والترهيب، ولم أذكر ما كان أفعال النبي صلى الله عليه وسلم المجرّدة عن زيادة نوع من صريحهما إلا نادراً في ضمن باب أو نحوه لأنى لو فعلت ذلك لخرج هذا الاملاء إلى حدّ الإِسهاب المملّ، مع أن الهمم قد داخلها القصور (¬3)، والبواعث قد غلب عليها الفتور (¬4). وقصر العمر مانع من استيفاء المقصود، فأذكر الحديث ثم أعزوه، (¬5) إلى من وراء من الأئمة أصحاب الكتب المشهورة التي يأتى ذكرها، وقد أعزوه إلى بعضها دون بعض طلبا للاختصار لا سيمان إن كان في الصحيحين أو في أحدهما، ثم أشير إلى صحة إسناده كما تقدّم، لأن المقصود الأعظم من ذكره إنما هو معرفة حاله من الصحة والحسن والضعف ونحو ذلك، وهذا لا يدركه إلا الأئمة الحفاظ أولو المعرفة التامة والإتقان فإذا أشير إلى حاله أغنى عن التطويل بإيراده، واشترك في معرفة حاله من له يد في هذه الصناعة وغيره. وأما دقائق العلل فلا مطمع في شيء منها لغير الجهابذة (¬6) من النقاد أئمة هذا الشأن، وقد أضربت عن ذكر من تقدّم من العلماء رضي الله عنهم أساغوا (¬7) التساهل في أنواع من الترغيب والترهيب، حتى إن كثيراً ذكروا الموضوع ولم يبينوا (¬8) حاله، وقد أشبعنا الكلام على حال كثير من الأحاديث الواردة في هذا الكتاب وفي غيره من كتبنا، فإذا كان إسناد الحديث صحيحا أو حسنا أو ما قاربهما صدّرته بلفظة: عن، وكذلك إن كان مرسلا أو منقطعا أو معضلا ¬
أو في إسناده راوٍ مبهم أو ضعيف وثق أوثقه ضعف وبقية رواة الإسناد ثقات أوفيهم كلام لا يضرّ، أو حسّنه بعض من خرّجه، أصدّره أيضا بلفظه: عن، ثم أشير إلى إرساله وانقطاعه أو عضله أو ذلك الراوى المختلف فيه، فأقول رواه فلان في رواية فلان أو من طريق فلان أو في إِسناده فلان أو نحو هذه العبارة ولا أذكر ما قيل فيه من جرح وتعديل خوفا من تكرار ما قيل فيه كلما ذكر وأفردت لهؤلاء، المختلف فيهم بابا في آخر الكتاب، أذكرهم فيه مرتبا على حروف المعجم، وأذكر ما قيل في كل منهم من جرح وتعديل على سبيل الاختصار، وقد لا أذكر ذلك الراوىَ المختلف فيه، فأقول إذا كان رواة إسناد الحديث ثقات وفيهم من اختلف فيه: إسناده حسن أو مستقيم أو لا بأس به ونحو ذلك حسبما يقتضيه حال الإسناد والمتن وكثرة الشواهد، وإذا كان في الإسناد من قيل فيه كذاب أو وضاع أو متهم أو مجمع على تركه أو ضعفه أو ذاهب الحديث أو هالك أو ساقط أو ليس بشئ أو ضعيف جدّا أو ضعيف فقط أو لم أر فيه توثيقا بحيث لا يتطرق إليه احتمال التحسين صدّرته بلفظة: روى، ولا أذكر ذلك الراوى ولا ما قيل فيه ألبتة فيكون للإسناد الضعيف دلالتان: تصديره بلفظة: روى، وإهمال الكلام عليه في آخره، وقد استوعبت جميع ما كان من هذا النوع في كتاب. بيان رواة الحديث الذى نقل المؤلف عنهم موطأ مالك (1). وكتاب مسند الامام أحمد (2). وكتاب صحيح البخاري (3). وكتاب صحيح مسلم (4). وكتاب سنن أبى داود. وكتاب المراسيل له (5). وكتاب جامع أبى عيسى الترمذي (6). وكتاب سنن النسائي الكبرى وكتاب اليوم والليلة له (7). وكتاب سنن ابن ماجه (8). وكتاب المعجم الكبير، وكتاب المعجم الأوسط، وكتاب المعجم الصغير، الثلاثة للطبراني (9). وكتاب مسند أبى يعلى الموصلى (10). وكتاب مسند أبى بكر البزار (11). وكتاب صحيح ابن حبان (12). وكتاب المستدرك على الصحيحين للحاكم أبى عبد الله النيسابوري (13) رضي الله عنهم أجمعين ولم أترك شيئا من هذا النوع في الأصول السبعة، وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم إلا ما غلب علىّ فيه ذهول حال الإملاء أو نسيان أو أكون قد ذكرت فيه ما يغنى عنه، وقد يكون للحديث دلالتان فأكثر فأذكره في باب ثم لا أعيده فيتوهم الناظر أنى تركته، وقد يرد الحديث عن جماعة من الصحابة بلفظ واحد وبألفاظ متقاربة فأكتفى بواحد منها عن سائرها، وكذلك لا أترك شيئا من هذا النوع من المسانيد والمعاجيم إلا ما غلب علىّ فيه ذهول أو نسيان أو يكون ما ذكرت أصلح إسنادا مما تركت أو يكون ظاهر النكارة جدّا. وقد أجمع على وضعه أو بطلانه. وأضفت إلى ذلك
المواضع التي اشتمل عليها الكتاب
جملا من الأحاديث معزوّة إلى أصولها كصحيح ابن خزيمة (14). وكتب ابن أبى الدنيا (15). وشعب الإيمان للبيهقى. وكتاب الزهد الكبير له (16). وكتاب الترغيب والترهيب لأبى القاسم الأصبهاني (17). وغير ذلك كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى، واستوعبت جميع ما في كتاب أبى القاسم الأصبهاني مما لم يكن في الكتب المذكورة وهو قليل، وأضربت عن ذكر ما قيل فيه من الأحاديث المتحققة الوضع، وإذا كان الحديث في الأصول السبعة لم أعزه إلى غيرها من المسانيد والمعاجيم إلا نادرًا بفائدة طلبا للاختصار، وقد أعزوه إلى صحيح ابن حبان ومسند الحاكم إن لم يكن متنه في الصحيحين، وأنبه على كثير مما حضرني حال الإملاء مما تساهل أبو داود رحمه الله تعالى في السكوت عن تضعيفه أو الترمذي في تحسينه أو ابن حبان والحاكم في تصحيحه، لاانتقاداً عليهم رضى الله عنهم بل مقياسا لمتبصر في نظائرها من هذا الكتاب، وكل حديث عزوته إلى أبى داود وسكت عنه فهو كما ذكر أبو داود (¬1) ولا ينزل عن درجة الحسن، وقد يكون على شرط الصحيحين أو أحدهما. وأنا أستمدّ العون على ما ذكرت من القوىّ المتين، وأمدّ أكف الضراعة إلى من يجيب دعوة المضطرّين، أن ينفع به كاتبه وقارئه ومستمعه وجميع المسلمين وأن يرزقنى فيه من الإخلاص، ما يكون كفيلا لى في الآخرة بالخلاص. ومن التوفيق ما يدلنى على أرشد طريق، وأرجو منه الإعانة على حزن الامر وسهله، وأتوكل عليه، وأعتصم بحبله، وهو حسبى ونعم الوكيل. ثم بعد تمامه رأيت أن أقدم فهرست ما فيه من الأبواب والكتب ليسهل الكشف على من أراد شيئاً من ذلك، والله المستعان. الترغيب: في الإخلاص والصدق والنية الصالحة. الترهيب: من الرياء وما يقوله من خاف شيئا منه. الترغيب: في اتباع الكتاب والسنة. الترهيب: من ترك السنة وارتكاب البدع والأهواء. الترغيب: في البداءة بالخير ليستنّ به. الترهيب: من البداء بالشرّ خوفا أن يستنّ به. دليل موضوعات: العلم كتاب العلم الترغيب: في طلب العلم وما جاء في فضل العلماء والمتعلمين الترغيب: في الرحلة في طلب العلم. ¬
الترغيب: في سماع الحديث وتبليغه ونسخه. الترهيب: من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. الترغيب: في مجالسة العلماء. الترغيب: في إكرام العلماء وإجلالهم وتوقيرهم الترهيب: من إضاعتهم وعدم المبالاة بهم. الترهيب: من تعلُّم العلم لغير وجه الله عزّ وجلّ. الترغيب: في نشر العلم والدلالة على الخير. والترهيب: من كتب العلم. الترهيب: من أن يعلم ولا يعمل به ويقول ما لا يفعل. الترهيب: من الجدال في العلم والقرآن. الترهيب: من المراء والجدال. الترغيب: في تركه للمحق والمبطل. كتاب الطهارة الترغيب: في الانحراف عن استقبال واستدبارها. والترهيب: منهما. الترهيب: من التخلى على طرق الناس أو ظلهم أو مواردهم. الترهيب: من البول في المغتسل والحجر والماء الترهيب: من الكلام على الخلاء. الترهيب: من إصابة بول الثوب وغيره وعدم الاستنزاه منه. الترهيب: من دخول الحمام بغير أُزر، ومن دخول النساء بالأزر وغيرها إلا نفساء أو مريضة وماجاء في النهى عن ذلك. الترهيب: من تأخير الغسل لغير عذر. الترغيب: في الوضوء وإسباغه. الترغيب: في المحافظة على الوضوء وتجديده. الترهيب: من ترك التسمية على الوضوء. الترغيب: في السواك وما جاء في فضله. الترغيب: في تخليل الأصابع. الترهيب: من تركه وترك الإسباغ إذا أخلّ بشئ من القدر الواجب. الترغيب: في كلمات يقولهن بعد الوضوء. الترغيب: في ركعتين بعد الوضوء. كتاب الصلاة الترغيب في الأذان وما جاء في فضله. الترغيب في إجابة المؤذن وبماذا يجيبه وما يقول بعد الأذان. الترغيب: في الإقامة. الترهيب: من الخروج من المسجد بعد الأذان لغير عذر. الترغيب: في الدّعاء بين الأذان والاقامة. الترغيب: في بناء المساجد في الأمكنة المحتاجة اليها. الترغيب: في تنظيف المساجد وتطهيرها وما جاء في تجميرها. الترهيب: من البصاق في المسجد وإنشاد الضالة وغير ذلك مما يذكر فيه. الترغيب: في المشئ إلى المساجد لا سيما في الظلم وما جاء في فضلها. الترغيب: في لزوم المساجد والجلوس فيها. الترهيب: من إتيان المسجد لمن أكل بصلا أو ثوما أو كراثا أو فجلا ونحو ذلك مما له رائحة كريهة. ترغيب: النساء في الصلاة في بيوتهنّ ولزومها. وترهيبهنّ من الخروج منها. الترغيب: في الصلوات الخمس والمحافظة عليها والإيمان
بوجوبها. الترغيب: في الصلاة مطلقا، وفضل الركوع والسجود والخشوع. الترغيب في الصلاة على أوّل وقتها. الترغيب في صلاة الجماعة وما جاء فيمن خرج يريد الجماعة فوجد الناس قد صلوا. الترغيب في كثرة الجماعة. الترغيب: في الصلاة في الفلاة. والترغيب: في صلاة العشاء والصبح خاصة في الجماعة. والترهيب: في التأخر عنهما. الترهيب: من ترك حضور الجماعة بغير عذر. الترغيب: في صلاة النافلة في البيوت. الترغيب: في انتظار الصلاة بعد الصلاة. الترغيب في المحافظة على الصبح والعصر. الترغيب في جلوس المرء في مصلاه بعد صلاة الصبح وصلاة العصر. الترغيب: في أذكار يقولها بعد صلاة الصبح والعصر والمغرب. الترهيب من فوات العصر بغير عذر. الترغيب: في الإمامة مع الإِتمام والإحسان. والترهيب: منها عند عدمها. والترهيب: من إمامة الرجل القومَ وهم له كارهون. الترغيب: في الصف الأوّل وماجاء في تسوية الصفوف والتراصّ فيها وفضل ميامنها، ومن صلى في الصف المؤخر مخافة إيذاء غيره لو تقدّم. الترغيب: في وصل الصفوف وسدّ الفُرَج. الترهيب: في تأخر الرجال إلى أواخر صفوفهم، وتقدم النساء إلى أوائل صفوفهن، ومن اعوجاج الصفوف. الترغيب: في التأمين خلف الإمام وفي الدعاء، وما يقوله في الاستفتاح والاعتدال. الترهيب: من رفع المأموم رأسه قبل الإمام في الركوع والسجود. الترهيب: من عدم إتمام الركوع والسجود وإقامة الصلب بينهما، وما جاءَ في الخشوع. الترهيب: من رفع البصر إلى السماء في الصلاة. الترهيب: من الالتفات في الصلاة وغيرها مما يذكر. الترهيب: من مسح الحصا على موضع السجود والنفخ فيه لغير ضرورة. الترهيب: من وضع اليد على الخاصرة في الصلاة. الترهيب: من المرور بين يدي المصلى. الترهيب: من ترك الصلاة تعمدا وإخراجها عن وقتها تهاونا. دليل موضوعات: النوافل كتاب النوافل الترغيب: في المحافظة على اثنتى عشرة ركعة من السُّنة في اليوم والليلة. الترغيب: في المحافظة على ركعتين قبل الصبح. والترغيب: في الصلاة قبل الظهر وبعدها، الترغيب: في الصلاة قبل العصر. والترغيب: في الصلاة بين المغرب والعشاء. الترغيب: في الصلاة بعد العشاء. الترغيب: في صلاة الوتر وما جاء فيمن لم يوتر. الترغيب: في أن ينام الانسان طاهرا ناويا للقيام. الترغيب: في كلمات يقولهنّ حين يأوى إلى فراشه وما جاء فيمن نام ولم يذكر الله عز وجل. الترغيب: في كلمات يقولهن إذا استيقظ من الليل. الترغيب: في قيام الليل. الترهيب: من صلاة الانسان
وقراءته حال النعاس. الترهيب: من نوم الإنسان إلى الصباح وترك قيام شئ من الليل. الترغيب: في آيات وأذكار يقولها إذا أصبح وإذا أمسى. الترغيب: في قضاء الإنسان ورده إذا فاته من الليل الترغيب: في صلاة الضحى. الترغيب: في صلاة التسبيح. الترغيب: في صلاة التوبة. الترغيب: في صلاة الحاجة ودعائها. الترغيب: في صلاة الاستخارة. دليل موضوعات الجمعة؛ والصدقات كتاب الجمعة الترغيب: في صلاة الجمعة والسعى إليها وما جاء في فضل يومها وليلتها وساعتها. الترغيب: في الغسل يوم الجمعة. الترغيب: في التبكير إلى الجمعة وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير من غير عذر. الترهيب: من تخطى الرقاب يوم الجمعة. الترهيب: من الكلام والإمام يخطب. والترغيب في الإنصات. الترهيب: من ترك الجمعة. الترغيب: في قراءة سورة الكهف وما يذكر معها ليلة الجمعة ويوم الجمعة. كتاب الصدقات الترغيب: في أداء الزكاة وتأكيد وجوبها. الترهيب: من منع الزكاة وماجاءَ في زكاة الحلى. الترغيب: في العمل على الصدقة بالتقوى. والترهيب من الخيانة والتعدّى فيها، واستحباب ترك العمل لمن لا يثق بنفسه، وما جاء في المكاسين والعشارين والعُرفاء. الترهيب: من المسئلة وتحريمها مع الغنى، وما جاء في ذمّ الطمع. والترغيب: في التعفف والقناعة والأكل من كسب يده. ترغيب: من نزلت به فاقة أو حاجة أن ينزلها بالله عزّ وجلّ. الترهيب: من أخذ ما دفع إليه من غير طيب نفس المعِطى. ترغيب: من جاءه شيء من غير مسئلة ولا إشراف نفس في قبوله سيما إن كان محتاجا والنهى عن رده وإن كان غنيا عنه. ترهيب السائل: أن يسأل بوجه الله غير الجنة ترهيب: المسئول بوجه الله أن يمنع. الترغيب: في الصدقة والحث عليها وما جاء في جهد المقلّ ومن تصدق بما لا يجب. الترغيب: في صدقة السرّ. الترغيب: في الصدقة على الزوج والأقارب تقديمهم على غيرهم. الترهيب: من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل ما له فيبخل عليه أو يصرف صدقته إلى الأجانب وأقرباؤه محتاجون. الترغيب: في القرض وما جاء في فضله. الترغيب: في التفريج عن المعسر وإنظاره والوضع عنه. الترغيب: في الانفاق في وجوه الخير كرما. والترهيب: من الإمساك والادّخار شحا. ترغيب المرأة: في الصدقة من مال زوجها إذا أذن، وترهيبها:
ما لم يأذن. الترغيب في إطعام الطعام وسقى الماء، والترهيب من منعهما. الترغيب: في شكر المعروف ومكافأة فاعله، وما جاء فيمن لم يشكر ما أولى إليه. دليل موضوعات: الصوم، العيدين، الحج كتاب الصوم الترغيب: في الصوم مطلقا وما جاء في فضله وفضل دعاء الصائم. الترغيب: في صوم رمضان احتسابا وقيام ليله لا سيما ليلة القدر وما جاء في فضله. الترهيب: من إفطار شئ من رمضان من غير عذر. الترغيب: في صوم ست من شوّال. الترغيب: في صوم يوم عرفة لمن لم يكن بعرفة وما جاء في النهى عنه لمن كان بها. الترغيب: في صوم شهر المحرّم. الترغيب: في صوم يوم عاشوراء والتوسيع فيه على العيال. الترغيب: في صوم شعبان وماجاء في صيام النبى صلى الله عليه وسلم وفضل ليلة نصفه. الترغيب: في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما الأيام البيض. الترغيب: في صوم الأربعاء والخميس والجمعة والسبت والأحد، وماجاء في النهى عن صوم يوم الجمعة وحده ويوم السبت وحده. الترغيب: في صوم يوم إفطار يوم وهو صوم داود عليه السلام. ترهيب المرأة أن تصوم تطوّعا وزوجها حاضر بغير إذنه. ترهيب: المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه. وترغيبه: في الإفطار. الترغيب: في السحور سيما بالتمر. الترغيب: في تعجيل الفطر وتأخير السحور. الترغيب: في الفطر على التمر، لم يجده فعلى الماء. الترغيب: في إطعام الصائم، وترغيب: الصائم في أكل المفطرين عنده. ترهيب: الصائم من الغيبة والفحش والكذب ونحو ذلك. الترغيب: في الاعتكاف. الترهيب: في صدقة الفطر وبيان تأكيدها. كتاب العيدين والأضحية الترغيب: في إحياء ليلتى العيدين. الترغيب: في التبكير في العيد وذكر فضله، الترغيب: في الأضحية وفضلها، وما جاء فيمن لم يضحّ مع القدرة، ومن باع جلد أضحيته، الترهيب: من المثلة بالحيوان، وما جاء في الأمر بتحسين القِتلة والذِّبحة. كتاب الحج الترغيب: في الحج والعمرة، وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات، الترغيب في الاحرام من المسجد الاقصى، الترغيب: في النفقة في الحج والعمرة، وماجاء فيمن أنفق من مال حرام،
الترغيب: في العمرة في رمضان. الترغيب: في التواضع في الحج والتبذّل ولبس الدّون من الثياب اقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام. الترغيب: في الإحرام والتلبية ورفع الصوت بها. الترغيب: في الطواف وتقبيل الحجر الأسود، وماجاء في فضله وفضل الركن اليمانى والمقام. الترغيب: في العمل الصالح في عشر ذى الحجة وفضله، الترغيب: في الوقوف بعرفة وفضله والمزدلفة وفضل يوم عرفة. الترغيب: في رمى الجمار وما جاء في رفعها الترغيب: في حلق الرأس بمنى. الترغيب: في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله. ترهيب: مَن قدر على الحج فلم يحج، وما جاء في لزوم المرأة بيتها بعد أداء فرض الحج، الترغيب: في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينة وقبا وبيت المقدس والدعاء في مسجد الفتح. الترغيب: في سكنى المدينة إلى الممات، وما جاء في فضلها وفضل أُحد ووادى العقيق. الترهيب: من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء. دليل موضوعات: الجهاد كتاب الجهاد الترغيب: في الرباط في سبيل الله عزّ وجلّ الترغيب: في الحراسة في سبيل الله. الترغيب: في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم في أهلهم. الترغيب: في احتباس الخيل في سبيل الله وما جاء فضلها، وفيمن اتخذها رياء وسمعة. الترغيب: فيما يذكر منها، والنهى عن قص نواصيها. ترغيب: الغازى والمرابط في الاكثار من العمل الصالح من الصوم والصلاة والذكر ونحو ذلك، الترغيب: في الخروج في سبيل الله عزّ وجلّ والغدوة والروحة وما جاء في فضل المشى والغبار في سبيل الله والخوف فيه، الترغيب: في سؤال الشهادة في سبيل الله. الترغيب: في الرمى في سبيل الله وتعلُّمه. الترهيب من تركه بعد تعلمه رغبة عنه. الترغيب: في الجهاد والقتال في سبيل الله، وماجاء في فضل الكلام فيه والدعاء عند الصف والقتال. الترهيب: من الفرار من الزحف. الترهيب: في الغزاة في البحر، وأنها أفضل من عشر غزوات البرّ. الترهيب: من الغلول والتشديد فيه، وما جاء فيمن ستر على غالّ. الترغيب: في الشهادة وما جاء في فضل الشهداء. الترهيب: من أن يموت الإنسان ولم يغز ولم ينو الغزو وذكر أنواع من الموات يلتحق أربابها بالشهداء. والترهيب: من الفرار من الطاعون
دليل موضوعات: قراءة القرآن، الذكر والدعاء كتاب قراءة القرآن الترغيب: في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها، وفضل تعلمه وتعليمه. الترغيب: في سجود التلاوة. الترهيب: من نسيان القرآن بعد تعلمه، وما جاء فيمن ليس في جوفه منه شئ. الترغيب: في دعاء يدعى به لحفظ القرآن. الترغيب: في تعاهد القرآن وتحسين الصوت به. الترغيب: في قراءة الفاتحة وماجاء في فضها. الترغيب: في قراءة البقرة وخواتيمها وآل عمران، وما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها. الترغيب: في قراءة آية الكرسى وما جاء في فضها. الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولها أو عشر من آخرها. الترغيب: في قراءة سورة يسّ وما جاء في فضلها. الترغيب: في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك. الترغيب: في قراءة سورة إذا الشمس كورت وما يذكر معها، الترغيب: في قراءة إذا زلزلت وما يذكر معها. الترغيب: في قراءة ألهاكم التكاثر، والترغيب: في قراءة قل هو الله أحد. الترغيب: في قراءَة المعوّذتين. كتاب الذكر والدعاء الترغيب: في الاكثار من ذكر الله عز وجل سرا وجهرا والمداومة عليه، وماجاءَ فيمن لم يكثر من ذكر الله: الترغيب: في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله. الترهيب: من أن يجلس الانسان مجلسا لا يذكر الله فيه ولا يصلى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. الترغيب: في كلمات يكفّرن لغط المجلس. الترغيب في قول: لا إله إلا الله وما جاء في فضلها. الترغيب: في قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. الترغيب: في التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل واختلاف أنواعه. الترغيب: في جوامع من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل بأنواعه. الترغيب: في قول لا حول ولا قوة إلا بالله. الترغيب: في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء. الترغيب: في كلمات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات. الترغيب: فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكرهه. الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق بالليل أو يفزع. الترغيب: فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما. الترغيب: فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها. الترغيب: في الاستغفار. الترغيب: في كثرة الدعاء وما جاء في فضله. الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في فضل اسم الله الأعظم. الترغيب: في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الآخر. الترهيب من استبطاء الإجابة وقوله: دعوت
فلم يستجب لى. الترهيب من رفع المصلى رأسه في الدعاء إلى السماء وأن يدعو وهو غافل. الترهيب: من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله. الترغيب: في الإكثار من الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم. والترهيب: من تركها عند ذكره صلى الله عليه وسلم. دليل موضوعات: البيوع وغيرها، النكاح كتاب البيوع وغيرها الترغيب: في الاكتساب بالبيع وغيره، الترغيب: في البكور في طلب الرزق وغيره، وما جاء في نوم الصبحة. الترغيب: في ذكر الله تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة. الترغيب: في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيه، وما جاء في ذم الحرص وحب المال. الترغيب: في طلب الحلال والأكل منه. الترهيب: من اكتساب الحرام وأكله ولبسه. الترغيب: في الورع وترك الشبهات وما يجول في الصدور ونحو ذلك. الترغيب: في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضى والقضاء. الترغيب: في إقالة النادم. الترهيب: من بخس الكيل والوزن. الترهيب: من الغش. والترغيب: في النصيحة في البيع وغيره. الترهيب: من الاحتكار. ترغيب التجار في الصدق. وترهيبهم: من الكذب والحلف وإن كانوا صادقين. الترهيب: في خيانة أحد الشريكين الآخر. الترهيب: من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه. الترهيب: من الدَّين. وترغيب: المستدين والمتزوج أن ينويا الوفاء والمبادرة إلى وفاء دين الميت. الترهيب: من مطل الغنى، والترغيب في إرضاء صاحب الدين. الترغيب: في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور. الترهيب: من اليمين الكاذبة. والترهيب: من الربا. والترهيب: من غصب الأرض وغيرها. الترهيب: من البناء فوق الحاجة تفاخرا وتكاثرا. الترهيب: من منع الأجير أجره، والأمر بتعجيل إعطائه. ترغيب المملوك: في أداء حق الله وحق مواليه. ترهيب: العبد من الإباق من سيده. الترغيب: في العتق. والترهيب: من استعباد الحر أو بيعه. كتاب النكاح وما يتعلق به الترغيب: في غض البصر. الترهيب: من إطلاقه ومن الخلو بالأجنبية ولمسها. الترغيب: في النكاح سيما بذات الدين الولود. ترغيب الزوج: في الوفاء بحق زوجته، والمرأة بحق زوجها وطاعته. وترهيبها: من مخالفته وإسخاطه. الترهيب: من ترجيح إحدى الزوجات وترك العدل بينهن. الترغيب: في النفقة على الزوجة والعيال. والترهيب: من إضاعتهم، وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهنّ. الترغيب: في التسمية بالأسماء الحسنة وماجاء في النهى عن الأسماء القبيحة وتغيّرها. الترغيب: في تأديب الأولاد. الترهيب: من أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه أو يتولى غير مواليه. ترغيب: من مات له ثلاثة من الأولاد أو اثنان. أو واحد وتسليته بما يذكر من جزيل
الثواب. الترهيب: من إفساد المرأة على زوجها والعبد على سيده. ترهيب: المرأة أن تسأل زوجها الطلاق من غير بأس. ترهيب: المرأة أن تخرج من بيتها متعطرة. الترهيب: من إفشاء السر سيما ما كان بين الزوجين. دليل موضوعات: اللباس والزينة، الطعام وغيره، القضاء وغيره كتاب اللباس والزينة الترغيب: في لبس الأبيض من الثياب. الترغيب: في القميص. والترهيب: من طوله وطول غيره مما يلبس وإسباله في الصلاة وغيرها وجرّه خيلاء. الترغيب: في كلمات يقولهن من لبس ثوبا جديدا. الترهيب: من لبس الرقيق من الثياب الذي يصف البشرة. ترهيب: الرجال من لبس الحرير وجلوسهم عليه والتحلى بالذهب. وترغيب النساء في تركها. الترهيب: من أن يتشبه الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك. الترغيب: في ترك الترفع في اللباس تواضعا واقتداء بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وبأصحابه رضى الله عنهم. والترهيب: من لباس الشهرة والفخر والمباهاة. الترغيب: في الصدقة على الفقير بما يلبسه كالثوب ونحوه. الترغيب: في إبقاء الشيب وكراهة نتفه. الترهيب: من خضب اللحية بالسواد. ترهيب: الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنصمة والمفلجة. الترغيب: في الكحل بالأثمد للرجال والنساء. كتاب الطعام وغيره الترغيب: في التسمية على الطعام. والترهيب: من تركها. الترهيب: من استعمال أوانى الذهب والفضة وتحريمه على الرجال والنساء. الترهيب: من الأكل والشرب بالشمال، وما جاء في النهى عن النفخ في الإناء والشرب من السقاء ومن ثلمة القدح. الترغيب: في الأكل من جوانب القصعة دون وسطها. الترغيب: في أكل الخل والزيت ونهش اللحم دون تقطيعها بالسكين. الترغيب: في الاجتماع على الطعام. الترهيب: من الإمعان في الشبع والتوسع في المأكل والمشرب الترهيب: من أن يُدعى الانسان فيمتنع من غير عذر، والأمر بإجابة الداعى وما جاء في طعام المتماريين الترغيب: في لعق الأصابع قبل مسحها. الترغيب: في حمد الله بعد الأكل. الترغيب: في غسل اليد قبل الطعام وبعده. الترهيب: من أن ينام الإنسان وفي يده ريح الطعام لا يغسلها. كتاب القضاء وغيره الترهيب: من تولى السلطنة والقضاء والإمارة سيما لمن لا يثق بنفسه، وترهيب: من وثق بنفسه أن يسأل شيئا من ذلك. ترغيب: من ولى شيئا من أمور المسلمين في العدل إماماً كان
أو غيره. وترهيبه: أن يشق على رعيته أو يجور عليهم أو يغشهم أو يحتجب عنهم أو يغلق بابه دون حوائجهم. ترهيب: من ولى شيئا من أمور المسلمين أن يولى عليهم رجلا وفي رعيته خير منه. ترهيب: الراشى والمرتشى والساعى بينهما. الترهيب: من الظلم ودعاء المظلوم وخذله. والترغيب: في نصرته. الترغيب في كلمات يقولهن من خاف ظالما. الترغيب في الامتناع عن الدخول على الظلمة. الترهيب: من الدخول عليهم وتصديقهم وإعانتهم. الترهيب: من إعانة المبطل ومساعدته والشفاعة المانعة من حد من حدود الله تعالى. الترهيب: من أن يُرِضِىَ الحاكم أو غيره الناسَ بما يسخط به الله عز وجل. الترغيب: في الشفقة على خلق الله من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم ورحمتهم والرفق بهم. والترهيب: من ضد ذلك ومن تعذيب العبد والدابة وغيرهما بغير سبب شرعىّ، وما جاء في النهى عن وسم الدواب في جوهها. ترغيب: الإمام وغيره من ولاة الأمور في اتخاذ وزير صالح وبطانة حسنة. الترهيب: من شهادة الزور. كتاب الحدود وغيرها الترغيب: في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. والترهيب: من تركهما والمداهنة فيهما. الترهيب: من أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر ويخالف قوله فعله. الترغيب: في ستر المسلم والترهيب: من هتكه وتتبع عورته. الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم. الترغيب: في إقامة الحدود. والترهيب: من المداهنة فيها. الترهيب: من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها والتشديد فيه. والترغيب: في تركه والتوبة منه. الترهيب: من الزنا سيما بحليلة الجار والمغنِّية. والترغيب: في حفظ الفرج. الترهيب: من اللواط وإتيان البهيمة والمرأة في دبرها سواء كانت زوجته أو أجنبية. الترهيب: من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. الترهيب: من قتل الانسان نفسه. الترهيب: من أن يحضر الانسان قتل إنسان ظلما أو ضَرْبه، وما جاء فيمن جرد ظهر مسلم بغير حق. الترغيب في العفو عن القاتل والجاني والظالم. والترهيب: من إظهار الشماتة بالمسلم. الترهيب: من ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب والإصرار على شيء منها. كتاب البر والصلة وغيرهما الترغيب: في برّ الوالدين وصلتهما وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما وبر أصدقائهما من بعدهما، الترهيب: من عقوق الوالدين. الترغيب: في صلة الرحم وإن قطعت. الترهيب: من قطعها. الترغيب: في كفالة اليتيم والنفقة عليه وعلى الأرملة والمسكين. الترهيب: من أذى الجار وما جاء في تأكيد حقه. الترغيب: في زيارة الإخوان والصالحين، وما جاء في إكرام الزائر، وما
جاء في الضيافة وإكرام الضيف وتأكيد حقه. وترهيب الضيف: أن يقيم حتى يؤثِّم أهل المنزل. الترهيب: من أن يحتقر المرء ما يقدم إليه أو يحتقر ما عنده أن يقدمه للضيف. الترغيب: في الزرع وغرس الأشجار المثمرة، الترهيب: من البخل والشح. والترغيب: في الجود والسخاء. الترهيب: من عود الإنسان في هبته. الترغيب: في قضاء حوائج المسلمين وإدخال السرور عليهم، وما جاء فيمن شفع فأهدى له. دليل موضوعات الأدب وغيره كتاب الأدب وغيره الترغيب: في الحياء وفضله. والترهيب: من الفحش والبذاء. الترغيب: في الخلق الحسن وفضله. والترهيب: من الخلق السيء وذمه. الترغيب: في الرفق والأناءة والحلم. الترغيب: في طلاقة الوجه وطيب الكلام وغير ذلك مما يذكر. الترغيب: في إفشاء السلام وما جاء في فضله. الترغيب: في المصافحة. وترهيب المرء: من حب القيام له. والترهيب: من الإشارة في السلام، وماجاء في السلام على الكفار. الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن. الترهيب من أن يتسَمَّع حديث قوم يكرهون أن يسمعه. الترغيب: في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط. الترهيب: من الغضب، والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب. الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر. الترهيب من قوله لمسلم: يا كافر. الترهيب: من اللعن والسباب سيما لمعيَّن سواء كان آدميا أو دابة أو غيرهما. وبعض ماجاء في النهى عن سبّ الديك والبرغوث والريح. والترهيب: من قذف المحصنة والمملوك. الترهيب: من سب الدهر. الترهيب: من ترويع المسلم ومن الاشارة إليه بسلاح ونحو جادّا أو مازحا. الترغيب: في الاصلاح بين الناس. الترهيب: من أن يعتذر والبهت وبيانهما. والترغيب: من الحسد. وفضل سلامة الصدر. الترغيب فى التواضع. والترهيب: من الكبر والعجب والافتخار. الترهيب: من قوله لفاسق أو مبتدع: يا سيِّدى أو نحوها من الكلمات الدالة على التعظيم. الترغيب: في الصدق. والترهيب: من الكذب. ترهيب: ذى الوجهين وذى اللسانين. الترهيب: من الحلف بغير الله سيمان بالأمانة، ومن قوله أنا برئ من الاسلام أو كافر أو نحو ذلك. الترهيب: من احتقار المسلمِ المسلمَ وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى. الترغيب: في إماطة الأذى عن الطريق وغير ذلك مما يذكر. الترغيب: في قتل الوزغ وما جاء في الحيات وغيرها مما يذكر. الترغيب فى إنجاز الوعد والأمانة. والترهيب: من إخلاف الوعد والخيانة والغدر وظلم المعاهَد أو قتله.
الترغيب: في الحب في الله تعالى. والترهيب: من حب الأشرار وأهل البدع ونحوهم لأن المرء مع من أحب. الترهيب: من السحر وإتيان الكهان والعرّافين والمنجمين بالرمل والحصى ونحو ذلك وتصديقهم. الترهيب: من تصوير الحيوانات في البيوت وغيرها. الترهيب: من اللعب بالنرد. الترغيب: في الجليس الصالح والترهيب: من الجليس السوء، وما جاء فيمن جلس وسط الحلقة وغير ذلك. الترهيب: من أن ينام الإنسان على سطح لا تحجير له أو يركب البحر عند ارتجاجه. الترهيب: من أن ينام الإنسان على وجهه من غير عذر. الترهيب: من الجلوس بين الظلّ والشمس. والترغيب: في الجلوس مستقبل القبلة. الترغيب: في سكنى الشام وفضلها. الترهيب: من الطَيرة. الترهيب: من اقتناء الكلب إلا لصيد أو ماشية. الترهيب: من سفر الرجل وحده أو مع آخر فقط، وماجاء في خير الأصحاب. ترهيب: المرأة أن تسافر وحدها. الترغيب: في ذكر الله تعالى لمن ركب دابته. الترهيب: من استصحاب الكلب والجرس في سفر وغيره. الترغيب: في الدلجة، وهو السير بالليل. والترهيب: من السفر أوّله، ومن التعريس في الطرق، والافتراق في المنزل. الترغيب: في ذكر الله لمن عثرت دابته. الترغيب: في كلمات يقولهنّ من نزل منزلا. الترغيب: في دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب سيما المسافر. الترغيب: في الموت في الغرب. دليل موضوعات: التوبة والزهد كتاب التوبة والزهد الترغيب: في التوبة والمبادرة بها وإتباع السيئةِ الحسنةَ. الترغيب: في الفراغ للعبادة والإقبال على الله عزّ وجلّ. الترهيب: في المداومة على العمل وإن قلّ. الترغيب في الفقر وقلة ذات اليد، وماجاء في فضل الفقراء والمساكين والمستضعفين وحبهم ومجالستهم. والترغيب: في الزهد في الدنيا والاكفتاء منها بالقليل. والترهيب: من حبها والتكاثر فيها والتنافس، وصفة عيش النبىّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه. الترغيب: في البكاء من خشية الله تعالى. الترغيب: في ذكر الموت وقصر الأمل، والمبادرة بالعمل وفضل طول العمر لمن حسن عمله، والنهى عن تمنى الموت. الترغيب: في الخوف وفضله. الترغيب: في الرجاء وحسن الظن بالله عزّ وجلّ سيما عند الموت.
دليل موضوعات: الجنائز وما يتقدمها كتاب الجنائز وما يتقدمها الترغيب: في سؤال العفو والعافية. الترغيب: في كلمات يقولهنّ من رأى مبتلى. الترغيب: في الصبر سيما لمن ابتلى في نفسه أو ماله وفضل البلاد والمرض والحمى، وما جاء فيمن فقد بصره. الترغيب: في كلمات يقولهنّ من آلمه شئ من جسده. الترهيب: من تعليق التمائم والحروز. الترغيب: في الحجامة ومتى يحتجم. الترغيب: في عيادة المرضى وتأكيدها. والترغيب: في دعاء المريض. الترغيب: في كلمات يدعى بهنّ للمريض وكلمات يقولهنّ المريض. الترغيب: في الوصية والعدل فيها. والترهيب من تركها أو المضارّة فيها وما جاء فيمن يعتق ويتصدق عند الموت. الترهيب: من كراهة الإنسان الموت. والترغيب: في تلقّيه بالرضا والسرور إذا نزل حبًّا للقاء الله. الترهيب: في كلمات يقولهن من مات له ميت. الترغيب: في حفر القبور وغسل الموتى وتكفينهم. الترغيب: في تشييع الميت وحضور دفنه. الترغيب: في كثرة المصلين على الجنازة وفي التعزية. الترغيب: في الإسراع بالجنازة وتعجيل الدفن. الترغيب: في الدعاء للميت وإحسان الثناء عليه. والترهيب: من سوى ذلك الترهيب: من النياحة على الميت في النعى ولطم الخدّ وخمس الوجه وشق الجيب. الترهيب: من إحداد المرأة على غير زوجها فوق ثلاث. الترهيب: من أكل مال اليتيم بغير حق. الترغيب: في زيارة الرجال القبورَ. والترهيب: من زيارةالنساء لها واتباعهنّ الجنائز. الترهيب: من المرور بقبور الظالمين وديارهم ومصارعهم من الغفلة عما أصابهم، وما جاء في عذاب القبر ونعيمه، وسؤال منكر ونكير عليهما السلام. الترهيب: من الجلوس على البر وكسر عظم الميت. كتاب البعث وأهوال يوم القيامة ويشتمل على فصول كتاب صفة الجنة والنار الترغيب: في سؤال الجنة والاستعاذة من النار. الترهيب: من النار، أعاذنا الله منها بمنه وكرمه، ويشتمل على فصول. الترغيب في الجنة ونعيمها في الجنة ويشتمل على فصول. باب ذكر الرواة المختلف فيهم المشار إليه في هذا الكتاب (¬1) ¬
[كتاب الإخلاص]
الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة 1 - عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: سمعت رسول الله ? يقول: انطلق ثلاثة نفر (¬1) ممن كان قبلكم حتى أَوَاهُمُ (¬2) المبيتُ إلى غار (¬3) قدخلوا فانحدرت (¬4) صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، فقالوا إنه لا يُنجيكم من هذه الصخرة، إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فقال رجل منهم: اللهم كان لى أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أَغْبُقُ قبلهما أهلا ولا مالا (¬5)، فنأى (¬6) بى طلبُ شجر يوماً فلم أرُحْ (¬7) عليهما حتى ناما، فحلبتُ لهما غَبُوقَهُمَا، فوجدتُهما نائمين، فكرهت أن أَغْبُقَ قبلهما أهلاً أو مالا، فلبثت والقدحُ على يدى، أنتظر استيقاظهما حتى بَرِق (¬8) الفجر. زاد بعض الرواه (والصبية يتضاغون عند قدمى) فاستيقظا فشربا غَبُوقَهُما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، ففرج عنا ما نحن فيه من هذ الصخرة فانفرجت (¬9) شيئا لا يستطيعون الخروج منها، قال النبى ? قال الآخر: اللهم كانت لى ابنة عم كانت أحب الناس إلىَّ فأردتُها (¬10) عن نفسها فامتنعت منى حتى أَلمَّتْ (¬11) بها سنة من السنين فجاءتنى فأعطيتها عشرين ومائة دينار، على أن تخلى بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت: لا يحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه (¬12) فتحرجت (¬13) من الوقوع عليها، فانصرفت عنها، وهي أحب الناس إلى، وتركت الذهب الذى ¬
أعطيتها: اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرةُ غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها. قال النبى?: وقال الثالث: اللهم إنى استأجرت أجراءَ وأعطيتهم غير رجلٍ واحدٍ ترك الذى له وذهب، فَثَمَّرْتُ (¬1) أجره حتى كثُرت منه الأموالُ فجاءنى بعد حين، فقال لى: يا عبد الله أد إلى أجرى؟ فقلت: كلُّ ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ (¬2) بى؟ فقلت إنى لا أستهزئُ بك، فأخذه كُلهُ فساقه فلم يترك منه شيئا: اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون. الترغيب في الاخلاص والصدق والنية الصالحة (وفي رواية) أن رسول الله ? قال: بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر فأووا إلى غار فانطبق عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنه والله يا هؤلاء لا ينُجيكم إلا الصدق فليدع (¬3) كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه، فقال أحدهم: اللهم إن كنت تعلم كان لى أجير عمل لى على فرق (¬4) من أُزْرٍ فذهب وتركهُ، وإنى عمدت (¬5) على ذلك الفرق فزرعته فصار من أمره إلى أن اشتريت منه بقرا، وإنه أتاني يطلب أجرهُ، فقلت له اعمد إلى تلك البقر، فإنها من ذلك الفرق فساقها، فإن كنت تعلم أنى فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساحت عنهم الصخرة (فذكر الحديث قريباً من الأول) رواه البخاري ومسلم والنسائي، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبى هريرة رضى الله عنه باختصار، ويأتى لفظه في برّ الوالدين إن شاء الله تعالى. (قوله): وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً. الغبوق بفتح الغين المعجمة: هو الذي يشرب بالعشى؛ ومعناه كنت لا أقدِّم عليهما في شرب اللبن أهلاً ولا غيرهم، يتضاغون: بالضاد والغين المعجمتين، أي يصيحون من الجوع. السنة: العام المقحط الذي لم تنبت الأرض ¬
فيه شيئاً سواء نزل غيث أم لم ينزل. تفضّ الخاتم: هو بتشديد الضاد المعجمة، وهو كناية عن الوطء. الفَرَق: بفتح الفاء والراء: مكيال معروف. فانساحت: هو بالسين والحاء المهملتين أي تنحت الصخرة وزالت عن فم الغار (¬1). فضل الاخلاص عند مفارقة الدنيا 2 - وعن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من فارق (¬2) الدنيا على الإخلاص لله وحده لا شريك له، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة فارقها والله عنه راض. رواه ابن ماجه والحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين. 3 - وعن أبي فراس (رجل من أسلم) قال: نادى رجل فقال يا رسول الله ما الإيمان؟ قال الإخلاص، وفى لفظ آخر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، سَلُونِى عمَّا شئتم، فنادى رجل يا رسول الله: ما الإسلام؟ قال إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، قال فما الإيمان؟ قال الإخلاص (¬3)، قال فما اليقين؟ قال التصديق (¬4). رواه البيهقي وهو مرسل ¬
4 - وعن معاذ بن جبل أنه قال: حين بُعث إلى اليمن: يا رسول الله أوصنى، قال أخلص دينك يكفك العمل القليل. رواه الحاكم من طريق عبيد الله بن زجر عن ابن أبى عمران، وقال صحيح الإسناد كذا قال. 5 - وَرُوِىَ عن ثوبان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: طُوبى للمخلصين أولئك مصابيح الهدى تنجلى عنهم كلُّ فتنة ظلماء. رواه البيهقى. 6 - وعن أبي سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: نَضَّرَ (¬1) الله أُمْرَأً سمع مقالتى فوعاها (¬2) فرُب حامل فقه (¬3) ليس بفقيه ثلاث لا يغلُّ (¬4) عليهن قلب امرئ مؤمن: إخلاصُ العمل لله، والمناصحة لأئمة المسلمين (¬5) ولُزُومُ جماعتهم (¬6) فإن دعاءهم محيط من ورائهم (¬7). رواه البزار بإسناد حسن، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث زيد بن ثابت، ويأتى في سماع الحديث إن شاء الله تعالى. قال الحافظ عبد العظيم، وقد روى هذا الحديث أيضا عن ابن مسعود، ومعاذ بن جبل، والنعمان بن بشير، وجبير بن مطعم، وأبى الدرداء، وأبى قرصافة (¬8) جندرة بن خيشنة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم. وبعض أسانيدهم صحيح. 7 - وعن مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه أنه ظن أن له فضلا على من دونه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها (¬9) بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم. رواه النسائي وغيره، وهو في البخاري وغيره دون ذكر الإخلاص. ¬
8 - وعن الضحاك بن قيس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى يقول: أنا خير شريكٍ، فمن أشرك معى شريكاً فهو لشريكى، ياأيُها الناس أخلصوا أعمالكم، فإن الله تبارك وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص (¬1) له ولا تقولوا: هذه لله وللرَّحم (¬2) فإنها للرَّحم وليس لله منها شيء، ولا تقولوا: هذه لله ولوجُوهِكُم (¬3) فإنها لوجوهكم، وليس لله منها شيء. رواه البزار بإسناد لا بأس به والبيهقى. (قال الحافظ) لكن الضحاك بن قيس مختلف في صحبته. 9 - وعن أبي أُمامه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجُلاً غَزَا (¬4) يلتمس الأجر والذكر، ماله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شئ له، فأعادها ثلاث مِرارٍ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شئ له (¬5)، ثم قال: إن الله عز وجل: لا يقبلُ من العمل إلاَّ ما كان خالصا، وابْتُغِىَ وجهه. رواه أبو داود والنسائي بإسناد جيد، وسيأتى أحاديث من هذا النوع في الجهاد إن شاء الله تعالى. 10 - وعن أبي الدرداء عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الدُّنيا ملعُونة (¬6) ملعون ما فيها إلا ما ابتغُىَ به وجه الله تعالى. رواه الطبراني بإسناد لا بأس به. 11 - وعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال: يُجَاءُ بالدنيا يوم القيامة فَيُقال مِيزُوا ما كان (¬7) منها لله عز وجل فَيُمازُ، ويُرْمَى سَائِرُهُ في النار. رواه البيهقى عن شهر ابن حوشب عنه موقوفاً. 12 - ورواه أَيضا عن شهر عن عمرو بن عَبْسَةَ (¬8) رضي الله عنه قال: إذا كان يوم القيامة جئ بالدنيا فَيُمَيَّزُ منها ماكان لله، وما كان لغير الله رُمِىَ به في نار جهنم. موقوف أيضاً. (قال الحافظ) وقد يقال: إن مثل هذا لا يقال من قِبَل الرأى والاجتهاد فسبيله سبيل المرفوع. ¬
فصل: إنما الأعمال بالنيات
13 - وَرُوِىَ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ أخلص لله (¬1) أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه. ذكره رُزَين العبدرى في كتابه، ولم أره فى شئ من الأصول التى جمعها، ولم أقف له على إسناد صحيح ولا حسن، إنما ذكر في كتاب الضعفاء كالكامل وغيره، لكن رواه الحسين بن الحسين المروزى في زوائده في كتاب الزهد لعبد الله ابن المبارك، فقال: حدثنا أبو معاوية أنبأنا حجاج عن مكحول عن النبى صلى الله عليه وسلم فذكره مرسَلاً؛ وكذا رواه أبو الشيخ ابن حبان وغيره عن مكحول مرسلاً، والله أعلم. 14 - وروى عن أبي ذَرٍّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قد أفلح (¬2) من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليماً (¬3)، ولسانه صادقا (¬4)، ونفسه مطمئنة (¬5)، وخليقته مستقيمة (¬6)، وجعل أذنه مستمعه (¬7)، وعينه ناظرةً (¬8)، فأما الأُذُنُ فقمعٌ (¬9) والعين مقرَّةٌ (¬10) بما يُوعِى القلب، وقد أفلح من جعل قلبه واعياً. رواه أحمد والبيهقى، وفي إسناد أحمد احتمال للتحسين. فصل 15 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنية (¬11) وفي رواية بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ¬
فمن كانت هجرته (¬1) إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها (¬2) فهجرته إلى ما هاجر إليه. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. (قال الحافظ) وزعم بعض المتأخرين أن هذا الحديث بلغ مبلغ التواتر، وليس كذلك فإنه انفرد به يحيى بن سعيد الأنصارى عن محمد إبراهيم التيمى، ثم رواه عن الأنصارى خلق كثير نحو مائتى راوٍ، وقيل سبعمائه راوٍ، وقيل أكثر من ذلك، وقد روى من طرق كثير غير طريق الأنصارى، ولا يصح منها شيء: كذا قاله الحافظ على بن المدينى وغيره من الأئمة. وقال الخطابي: لا أعلم في ذلك خلافا بين أهل الحديث، والله أعلم. 16 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا (¬3) ببيداء من الأرض يُخسفُ بأوَّلِهِمْ وآخرهم. قالت قُلتُ يا رسول الله كيف يُخسَفُ بأولهم وآخرهم، وفيهم أسواقهم (¬4)، ومن ليس منهم (¬5)؟ قال: يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم (¬6) رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 17 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يُبْعَثُ الناس على نياتهم (¬7)، رواه ابن ماجه باسناد حسن، ورواه أيضاً من حديث جابر إلا أنه قال: يحشر الناس. 18 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: رجعنا من غزوة تبوك (¬8) مع النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن أقواماً خلفنا بالمدينة ما سلكنا شِعْباً (¬9) ولا وادياً (¬10) ¬
إلا وهم معنا، حبسهم العذر (¬1). رواه البخاري وأبو داود، ولفظه: إن النبى ? قال لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيراً، ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم من وادٍ إلا وهم معكم (¬2) قالوا يا رسول الله: وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال حبسهم المرض. 19 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا ينظر إلى أجسامكم (¬3) ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم. رواه مسلم. ما نقص مال عبد من صدقة 20 - وعن أبي كبشة الأنمارىَّ رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثلاثٌ أُقسم عليهن (¬4) وأحدِّثُكُمْ حديثا فاحفظه. قال: ما نقص (¬5) مال عبدٍ من صدقة، ولا ظلم (¬6) عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسأله (¬7) إلا فتح الله عليه باب فقر (أو كلمة نحوها) وأُحدثكم حديثا فاحفظوه، قال: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقى (¬8) فيه ربه، ويصل (¬9) فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا (¬10)، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لى مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالا، ولم يرزقه علما يخبط (¬11) في ماله بغير علم، ولا يتقى فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأخبث (¬12) المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما، فهو يقول: لو أن لى مالا لعملت فيه بعمل فلان (¬13) فهو بنيته فوزرهما (¬14) سواء (رواه أحمد والترمذي، واللفظ له، وقال حديث ¬
حسن صحيح ورواه ابن ماجه، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأمة كمثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالاً وعلماً فهو يعمل بعلمه في ماله ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا وهو (¬1) يقول: لو كان لى مثل هذا عملت فيه بمثل الذي يعمل. قال رسول الله ? فهمافي الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يخبط في ماله ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله علما ولا مالاً وهو يقول: لو كان لى مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما في الوزر سواء. امتنان الله سبحانه وتعالى بمضاعفة الحسنات 21 - وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما يروى عن ربه عز وجل: إن الله كتب (¬2) الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، فإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائه ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هو هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة، زاد في رواية: أو محاها - ولا يهلكُ على الله إلا هالك. رواه البخاري ومسلم. 22 - وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عز وجل: إذا أراد عبدى أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلى فاكتبوها له حسنة (¬3)، وإن أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها اكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائه. رواه البخاري واللفظ له، ومسلم. 23 - وفي رواية لُمسلمٍ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هم بحسنة فلم يعملها كُتبت له حسنة، ومن هم بحسنة فعملها كتبت له عشر حسنات إلى سبعمائه ضعف، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه، وإن عملها تكتب. 24 - وفي أُخرى له: قال عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز ¬
وجل: إذا تحدث عبدى بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعملها، فإذا عملها فأنا أكتبها له بعشر أمثالها، وإذا تحدث بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها له ما لم يعملها، فإذا عملها فأنا أكتبها له بمثلها، وإن تركها فاكتبوها له حسنة، وإنما تركها من جَرَّايَ. (قوله): من جراى بفتح الجيم وتشديد الراء: أي من أجلى. يؤجر المتصدق على صدقته وإن كانت لغير مستحقها 25 - وعن معن بن زيد رضي الله عنهما قال: كان أبى يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته (¬1) بها، فقال والله ما إياك أردت فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لك ما نويت يايزيد، ولك ما أخذت يا معن. رواه البخاري. 26 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل لأتصدقن الليلة بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق فأصبحوا يتحدثون تُصُدِّقَ الليلة على سارق، فقال: اللهم لك الحمد على سارق، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غنيّ فأصبحوا يتحدثون تُصُدِّق الليلة على غنيٍّ فقال: اللهم لك الحمد على سارقٍ وزانيةٍ وغنيٍّ، فأُتِيَ فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغنى فلعله أن يعتبر فينفق مما أعطاه الله. رواه البخاري واللفظ له، ومسلم والنسائي، وقالا فيه: فقيل له: أما صدقتك فقد تقُبِّلتْ، ثم ذكر الحديث. 27 - وعن أبي الدرداء يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى فراشه وهو ينوى أن يقوم يُصلى من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح كتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه: رواه النسائي وابن ماجه بإسناد جيد، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبى ذَرٍّ أو أبى الدرداء على الشك. (قال الحافظ عبد العظيم) رحمه الله وستأتى أحاديث من هذا النوع متفرقة في أبواب متعددة من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى (¬2). ¬
الترهيب من الرياء، وما يقوله من خاف شيئا منه
الترهيب من الرياء وما يقوله من خاف شيئاً منه 1 - عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول الناس يُقْضي (¬1) يوم القيامة عليه رجل استشهد (¬2) فأُتِيَ به فعرَّفَهُ (¬3) نعمته فعرفها قال فما عملت فيها (¬4)؟ قال قاتلت فيك حتى استشهدت. قال كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال: هو جرئ فقد قيل (¬5) ثم أُمر به فَسُحب على وجهه حتى أُلقى في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن فأُتى به فعرفه نعمه (¬6) فعرفها. قال فما عملت فيها؟ ¬
قال تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو (¬1) قارئ فقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقِىَ في النار، ورجلٌ وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأُتى به فَعَرَّفَهُ نعمهُ فعرفها. قال فما عملت فيها؟ قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار. رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في صحيحه كلاهما بلفظ واحد. لا ثواب للأعمال الصالحة وإن جلت مع الرّياء 2 - وعن الوليد بن أبي الوليد أبى عثمان المدينيِّ أن عُقْبَةَ بن مسلم حدثه أن شَفِيًّا الأصبحى حدثه أنه دخل المدينة، فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال من هذا؟ قالوا: أبو هريرة. قال فدنوت (¬2) منه حتى قعدت بين يديه وهو يُحدث الناس، فلما سكت وخلا، قلت له أسألك بحق وبحق لما (¬3) حَدَّثْتَنىِ حديثا سمعته من رسول الله ? وعقلته (¬4) وعلمته، فقال أبو هريرة أفعلُ لأُحدِّثَنَّك حديثا حدَّثَنيِهِ رسول الله ? عقلته وعلمته، ثم نَشَغَ (¬5) أبو هريرة نشغَةً فمكثنا قليلاً ثم أفاق فقال: لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله ? أنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيرى وغيره ثم نشغ أبو هريرة نشغةً أخرى، ثم أفاق ومسح عن وجهه فقال: أفعل لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله ? انا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيرى وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة، ثم مال خارًّا (¬6) على وجهه فأسندته طويلاً، ثم أفاق فقال: حدثني رسول الله ?: أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضى بينهم، وكل أمةٍ جاثية (¬7)، فأول من يُدعى (¬8) به رجل جمع القرآن ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله عز وجل للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلتُ على رسولى؟ قال بلى (¬9) يارب. قال فما عملت فيما علمت؟ قال كنت أقوم به ¬
آناء الليل وأناء النهار فيقول الله عز وجل له كذبت، وتقول له الملائكة كذبت، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردت أن يقال فلان قارئ، وقد قيل ذلك، لا ثواب في صلة الرحم والجهاد مع الرياء ويُؤْتَى بصاحب المال فيقول الله عز وجل ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحدٍ؟ قال بلى يارب. قال فماذا عملت فيما أتيتُك؟ قال: كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله له كذبت، وتقول الملائكة كذبت، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردت أن يقال فلان جواد، وقد قيل ذلك، ويؤتى بالذي قُتِلَ في سبيل الله، فيقول الله لَهُ: فيماذا قتلت؟ فيقول أي رب أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله له كذبت، وتقول الملائكة كذبت، ويقول الله بل أردت أن يقال فلان جرئ، فقد قيل ذلك، وتقول الملائكة كذبت، ويقول الله بل أردت أن يقال فلان جرئ فقد قيل ذلك، ثم ضرب رسول الله ? على رُكْبَتَيَّ فقال: يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أوَّلُ خلق الله تُسْعَرُ بهم (¬1) النارُ يوم القيامة. قال الوليد أبو عثمان المدينى: وأخبرني عقبة أن شفيًّا هو الذى دخل على معاوية فأخبره بهذا قال أبو عثمان: وحدثنى العلاء بن أبى حكيم أنه ¬
كان سيّافَا لمعاوية. قال: فدخل عليه رجل فأخبره بهذا عن أبي هريرة، فقال: معاوية قد فُعِلَ بهؤلاء هذا، فكيف بمن بَقِىَ من الناس؟ ثم بكى معاوية بكاءً شديداً حتى ظننا أنه هالكٌ، وقلنا: قد جاء هذا الرجل بشر، ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه وقال صدق الله ورسوله ?، من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نُوَفِّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يُبْخَسُونَ. أُولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحَبِطَ ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون. ورواه ابن خزيمة في صحيحه نحو هذا لم يختلف إلا في حرف أو حرفين. (قوله): جرئ هو بفتح الجيم وكسر الراء وبالمد: أي شجاع، نشغ بفتح النون والشين المعجمة وبعدها غين معجمة: أي شهق حتى كاد يغشى عليه أسفاً أو شوقاً. من قتل صابرا محتسبا بعث كذلك 3 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قُلْتُ: يا رسول الله أخبرنى عن الجهاد والغزو؟ فقال: يا عبد الله بن عمرو، وإن قاتلت صابراً (¬1) مُحتسباً (¬2) بعثك الله صابراً محتسباً، وإن قاتلت مُرائياً (¬3) مُكاثراً بعثك الله (¬4) مرائيا مكاثرا، ياعبد الله بن عمرو، على أي حال قاتلت، أو قُتلت بعثك الله على تلك الحال. رواه أبو داود. (قال الحافظ) وستأتى أحاديث من هذا النوع في باب مفرد في الجهاد إن شاء الله تعالى. 4 - وعن أُبَيِّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم بَشِّرْ هذه الأمة بالسناء (¬5) والرفعة (¬6) والدِّين والتِّمْكِينِ في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخر من نصيب. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، والحاكم والبيهقى وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وفي رواية للبيهقي قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: بَشِّرْ هذه ¬
الأمة بالتيسير والسناء، والرفعة بالدين والتمكن في البلاد، والنصر، فمن عمل منهم بعمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة من نصيب. من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحاً 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل يا رسول الله إنى اقف الموقف أريد وجه الله، وأُريد أن يُرى موطني (¬1). فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسم حتى نزلت: فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يُشرك بعبادة ربه أحدا (¬2). رواه الحاكم، وقال صحيح على شريطهما، والبيهقى من طريقه، ثم قال رواه عبدان عن ابن المبارك فأرسله لم يذكر فيه ابن عباس. 6 - وعن أبي هند الداريّ أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: من قام مقام رياء وسُمعة رايا الله به يوم القيامة وسمَّع، رواه أحمد بإسناد جيد والبيهقى والطبراني ولفظه: أنه سميع رسول الله ? يقول: من رايا بالله لغير الله فقد برئ من الله. 7 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سمع (¬3) الناس بعمله (¬4) سمع الله به سامع خلقه وصغره وحقره (¬5). رواه الطبراني في الكبير بأسانيد أحدها صحيح، والبيهقي. 8 - وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: من سَمَّعَ (¬6) سَمَّعَ الله به، ومن يُرَاء يُرَاء الله به. رواه البخاري ومسلم. سمع بتشديد الميم، ومعناه: من أظهر عمله للناس رياء أظهر الله نيته الفاسدة في عمله يوم القيامة وفضحهُ على رءوس الأشهاد. 9 - وعن عوف بن مالك الأشجعى رضىَ الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى لله عليه وسلم يقول: من قام مقام رياء رَايَا الله به، ومن قام مقام سُمعةٍ سَمَّعَ اللهُ به. رواه الطبراني بإسناد حسن ¬
من تزين بعمل الآخرة وهو لا يريدها ولا يطلبها لعن في السموات والأرض 10 - وعن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبدٍ يقوم في الدنيا مقام سُمعةٍ ورياء إلا سَمَّعَ به على رءوس الخلائق يوم القيامة. رواه الطبراني بإسناد حسن. 11 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من رايا بشئ في الدنيا من عمله وكله (¬1) الله إليه يوم القيامة، وقال انظر هل يُغْنِي عنك شيئا. رواه البيهقي موقوفاً. 12 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من تزين بعمل الآخرة وهو لا يُريدها ولا يطلبها لُعن (¬2) في السموات والأرض. رواه الطبراني في الأوسط. 13 - وروى عن الجارود قال: قال رسول الله ? من طلب الدنيا بعمل الآخرة طُمس (¬3) وجهه ومُحق (¬4) ذكره، وأُثبت اسمه في النار. رواه الطبراني في الكبير. 14 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج في آخر الزمان رجالٌ يختلون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم قلوب الذئاب، يقول الله عز وجل: أبى يغترون، أم عليَّ يجترئون؟ فَبِى حلفتُ لأبعثن على أُولئك منهم فتنة تدع الحليم حيران. رواه الترمذي من رواية يحيى بن عبيد، سمعت أبى يقول: سمعت أبا هريرة فذكره، ورواه مختصراً من حديث ابن عمر، وقال حديث حسن. 15 - وروى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تحبب إلى الناس بما يحبون، وبارز الله بما يكرهون لَقِىَ الله وهو عليه غضبان. رواه الطبراني في الأوسط. 16 - وروى عنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعوَّذُوا بالله من جُبِّ الحُزْنِ. قالوا يا رسول الله وماجُب الحزن (¬5)؟ قال: وادٍ في جهنم تتعوذ منه جهنم ¬
كل يوم مائة (¬1) مرة. قيل يا رسول الله ومن يدخله؟ قال القُراء (¬2) المُراءُون بأعمالهم. رواه الترمذي وقال حديث غريب وابن ماجه، ولفظه: تعوذوا بالله من جُبِّ الحُزْنِ (¬3). قالوا يا رسول الله، وما جب الحزن؟ قال: وادٍ في جهنم تتعوذ منه جهنم كل يوم أربعمائة مرة. قيل يا رسول الله من يدخله؟ قال أُعِدَ للقرَّاء المرائين بأعمالهم، وإن من أبغض القُرَّاء إلى الله عز وجل الذين يزورون الأُمراء، وفيه الغرَّارُونَ. قيل يا رسول الله: وما الغرَّارُونَ؟ قال المُراَءَون بأعمالهم في الدنيا. في جهنم واد يسمى جب الحزن أعده الله للمرائين بأعمالهم 17 - ورواه أيضا عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن في جهنم لواديا تستعيذُ جهنمُ من ذلك الوادى في كل يوم أربعمائه مرة أُعِدَّ ذلك الوادى للمرائين من أُمة محمد صلى الله عليه وسلم: لحامل كتاب الله، والمتصدق في غير ذات الله، والحاج إلى بيت الله، وللخارج في سبيل الله، قال الحافظ: رفع حديث ابن عباس غريب ولعله موقوف، والله أعلم. 18 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحسن الصلاة حيث (¬4) يراه الناس وأساءها حيث يخلو فتلك استهانة استهان بها ربه تبارك وتعالى. رواه عبد الرزاق في كتابه وأبو يعلى، كلاهما من رواية إبراهيم بن مسلم الهجرى عن أبي الأحوص عنه. ورواه من هذه الطريق ابن جرير الطبرى مرفوعاً أيضاً وموقوفاً على ابن مسعود وهو أشبه. 19 - وعن شداد بن أوس رضي الله عنه أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: من صام يُرائى فقد أشرك، ومن صلى يُرائى فقد أشرك، ومن تصدَّق يُرائى فقد أشرك. رواه البيهقى من طريق عبد المجيد ابن بهرام عن شهر بن بو حوشب، وسيأتى أتم من هذا إن الله تعالى ¬
اليسير من الرياء شرك 20 - وعن ربيح بن عبد الرحمن بن أبى سعيد الخدرى عن أبيه عن جده قال: خرج علينا رسول الله ? ونحن نتذاكر المسيح الدجال فقال: ألا أُخبركم بما هو أخوف عليكم عندى من المسيح الدجال؟ فقلنا بلى يا رسول الله، فقال: الشرك الخفِيُّ، أن يقوم الرجل فيصلى فَيُزَيِّن صلاته لما يرى من نظر رجل. رواه ابن ماجه والبيهقى. ربيح: بضم الراء وفتح الباء الموحد بعدها ياء آخر الحروف وحاء مهملة، ويأتى الكلام عليه إن شاء الله تعالى. 21 - وعن محمود بن لبيدٍ قال: خرج النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس: إياكم وشرك السَّرائر. قالوا يا رسول الله وما شرك السرائر؟ قال يقوم الرجل فيصلى فَيُزَيَّنُ صلاته جاهداً لما يرى من نظر الناس إليه، فذلك شركُ السرائر. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 22 - وعن زيد بن أسلم عن أبيه ان عمر رضي الله عنه، خرج إلى المسجد فوجد معاذا عند قبر رسول الله ? يبكى، فقال مايُبكيك؟ قال حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: اليسير من الرياء شرك، ومن عادى (¬1) أولياء الله فقد بارز (¬2) الله بالمحاربة: إن الله يحبُ الأبرار الأتقياء الأخفياء (¬3) الذين غابُوا لم يُفْتَقَدُوا، وإن حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى (¬4) يخرجون من كل غبراء مُظلمة (¬5). رواه ابن ماجه والحاكم والبيهقى في كتاب الزهد له وغيره، وقال الحاكم صحيح ولا عله له. 23 - وعن محمود بن لبيدٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أخوف ما أخاف ¬
عليكم الشرك الأصغر. قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال الرياء (¬1) يقول الله عز وجل إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تُراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء. رواه أحمد باسناد جيد، وابن أبى الدنيا والبيهقى في الزهد وغيره. (قال الحافظ) رحمه الله: ومحمود بن لبيد رأى النبىّ صلى الله عليه وسلم، ولم يصح له منه سماع فيما رأى، وقد خرّج أبو بكر بن خزيمة حديث محمود المتقدم في صحيحه مع أنه لا يخرّج فيه شيئا من المراسيل، وذكر ابن أبى حاتم أن البخاري قال له صحبه. قال وقال أبى لا يعرف له صحبه، ورجح ابن عبد البر أن له صحبه، وقد رواه الطبراني بإسناد جيد عن محمود بن لبيد عن رافعبن خديج، وقيل إن حديث محمود هو الصواب دون ذكر رافع بن خديج فيه، والله أعلم. من كان أشرك في عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عنده 24 - وعن أبي سعيد بن أبى فضاله، وكان من الصحابة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة - ليوم لا ريب فيه - نادى مناد: من كان أشرك في عمله (¬2) لله أحدا فليطلب ثوابه من عنده، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك (¬3). رواه الترمذي في التفسير من جامعة، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقى. 25 - وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل لى عملاً أشرك فيه غيرى فأنا منه برئ وهو للذى أشرك. رواه ابن ماجه، واللفظ له وابن خزيمة في صحيحه والبيهقى، ورواه ابن ماجه ثقات. 26 - وعن شهر بن حَوْشَبٍ عن عبد الرحمن بن غنم قال: لما دخلت مسجد الجابية (¬4) ألفينا (¬5) عُبادَةَ ابن الصامت، فأخذ يميني بشماله وشمال أبى الدرداء بيمينه ¬
فخرج يمشى بيننا ونحن نَنْتَجِي (¬1) والله أعلم بما نتناجى، فقال عبادة بن الصامت: لئن طال بكما عمر أحدكما: أو كلاكما لتوشكان (¬2) أن تريا الرجل من ثبج المسلمين (يعنى من وسط) قُرَّاء القُرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم قد أعاده وأبداه فأحل حلاله وحرم حرامه، ونزل عند منازله لا يحور (¬3) منه إلا كما يحور رأس الحمار الميت. قال فبينمانحن كذلك إذا طلع علينا شداد بن أوس، وعوف بن مالك رضي الله عنهما فجلسا إليه، فقال شداد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لما (¬4) سمعت من سول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من الشهوة الخفية والشرك) فقال عبادة ابن الصامت وأبو الدرداء: اللهم (¬5) غفراً، أو لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حدثنا أن الشيطان قد يئس أن يُعبد في جزيرة العرب، فأما الشهوة الخفية فقد عرفناها هي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها - فما هذا الشرك الذى تخوفنا به يا شداد؟ فقال شداد: أرأيتم لو رأيتم رجلا يُصلى لرجل، أو يصوم لرجل، أو يتصدق له لقد أشرك. قال (¬6) عوف بن مالك عند ذلك: أفلا يعمد الله إلى ما ابتغى به وجهه من ذلك العمل كله فيقبل ما خلص له، ويدع ما أشرك به؟ قال شداد عند ذلك: فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل قال: أنا خير قسم لمن أشرك بى - من أشرك بى شيئا فإن جسده وعمله وقليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به أنا عنه غنى. رواه أحمد، وشهر يأتى ذكره، الترهيب من الشرك الخفى - حب التظاهر بصالحات الأعمال ورواه البيهقى، ولفظه عبد الرحمن بن غنم: أنه كان في مسجد دمشق مع نفر من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فيهم معاذ بن جبل، فقال عبد الرحمن: يا أيها الناس إن أخوف ما أخاف عليكم: الشرك الخفى، فقال معاذ بن جبل: اللهم غفراً ¬
أو ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، حيث ودعنا: إن الشيطان قد يئس أن يُعبد في جزيرتكم هذه، ولكن يُطاع فيما تحتقرون من أعمالكم فقد رضى بذلك فقال عبد الرحمن أنشدك الله يا معاذ أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صام (¬1) رياءً فقد أشرك، ومن تصدق رياء فقد أشرك. فذكر الحديث وإسناده ليس بالقائم، ورواه أحمد أيضاً والحاكم من رواية عبد الواحد بن زيد عن عباة بن نسى قال: دخلت على شداد بن أوس في مُصَلاَّهُ وهو يبكى، فقلت يا أبا عبد الرحمن: ما الذى أبكاك؟ قال حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وما هو؟ قال بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رأيت بوجهه أمرا ساءنى، فقلت: بأبى وأُمى يا رسول الله ما الذى أرى بوجهك (¬2). قال أمراً أتخوفه على أُمتى: الشرك، وشهوة خفية. قلت وتُشْرِكُ أُمَّتُكَ من بعدك؟ قال يا شداد: إنهم لا يعبدون شمساً، ولا وثناً، ولا حجراً، ولكن يُراءُون الناس (¬3) بأعمالهم. قلت يا رسول الله: الرياء شرك هو (¬4)؟ قال نعم. قلت: فما الشهوة الخفية؟ قال: يصبح أحدهم صائما (¬5) فتعرض له شهوة من شهوات الدنيا فيفطر. قال الحاكم: واللفظ له صحيح الإسناد. من صام رياء الخ فقد أشرك (قال الحافظ عبد العظيم) كيف وعبد الواحد بن زيد الزاهد متروك، ورواه ابن ماجة مختصرا من رواية روّاد بن الجرّاح عن عامر بن عبد الله بن ذكوان عن عبادة بن نسى عن شداد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أخوف على أُمتى الإشراك بالله، أما إنى لست أقول يعبدون شمساً ولا قمراً، ولا وثناء، ولكن أعمالاً لغير الله وشهوة خفية. وعامر بن عبد الله لا يعرف، وروّد يأتى الكلام عليه إن شاء الله تعالى، وروى البيهقى عن يعلى بن شداد عن أبيه قال: كنا نَعُدّ الرِّيَاء في زمن النبى صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر (¬6). ¬
لا يقبل الله عملا فيه مثقال حبة من خردل من رياء 27 - وعن القاسم بن مُخيمرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا يقبل الله عملا فيه مثال حبة من خردل من رياء. رواه جرير الطبرى مرسلاً. 28 - وروى عن عدىِّ بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يُؤْمَرُ يوم القيامة بناس من الناس إلى الجنة حتى إذا دنوا (¬1) منها، واستنشقوا ريحها، ونظروا إلى قصورها، وما أعد الله لأهلها فيها نُودُوا أن اُصْرِفُوهُم (¬2) عنها لا نصيب (¬3) لهم فيها، فيرجعون بحسرة (¬4) ما رجع الأولون بمثلها فيقولون: ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن تُرِيَنَا ما أرَيْتَنَا (¬5) من ثوابك، وما أعددت فيها لأوليائك كان أهون علينا، قال: ذاك أردت بكم، كنت إذا خلوتم بارزتمُونى بالعظائم (¬6)، وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين (¬7)، تُرَاءُونَ الناس بخلاف ما تعطونى من قلوبكم هِبْتمُ (¬8) الناس ولم تهابونى، وأجللتم (¬9) الناس ولم تُجِلُّونِي، وتركتم للناس ولم تتركولى - اليوم أُذيقُكُمْ أليم العذاب مع ما حُرِمتم من الثواب. رواه الطبراني في الكبير والبيهقى. 29 - وروى عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الاتقاء (¬10) على العمل أشدُّ من العمل، وإن الرجلُ ليعمل العمل فيكتبُ له عمل صالح معمول به في السر علانية ويُمْحى تضيف أجره كله، ثم لا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس الثانية، ويُحِبُّ أن يُذْكَرَ به، ويُحْمَدَ عليه فَيُمْحى من العلانية، ويُكْتَبَ رياء، فاتقى الله امرؤ صان دينه، وإن الرياء شرك. رواه البيهقى، وقال: هذا من أفراد بقية عن شيوخه المجهولين. ¬
(قال الحافظ عبد العظيم) أظنه موقوفاً، والله أعلم. اختلاف عمل الأمة وحديث معاذ رضى الله عنه 30 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان آخر الزمان صارت أُمتى ثلاث فرق: فرقة يعبدون الله خالصا، وفرقة يعبدون الله رياء، وفرقة يعبدون الله ليستأكلوا به (¬1) الناس، فإذا جمعهم الله يوم القيامة قال للذى يستأكلُ الناس: بعزتي وجلالى ما أردت بعبادتى؟ فيقول وعزتك وجلالك: أستأكل به الناس، قال: لم ينفعك ما جمعت، انطلقوا به إلى النار، ثم يقول للذى كان يعبده رياء بعزتى وجلال ما أردت بعبادتى؟ قال بعزتك وجلالك رياء الناس، قال لم يصعد إلى منه شيء، انطلقوا به إلى النار، ثم يقول: للذى كان يعبده خالصا بعزتى وجلالى ما أردت بعبادتى؟ قال بعزتك وجلالك أنت أعلم بذلك من أردت به أردت به ذكرك ووجهك؟ قال صدق عبدى انطلقوا به إلى الجنة (¬2). رواه الطبراني في الأوسط من رواية عبيد بن إسحق العطار، وبقية رواته ثقات، والبيهقى عن مولى أنس ولم يسمه قال: قال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره باختصار. 31 - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُؤْتَى يوم القيامة بصحف مُخَتَّمةٍ (¬3) فَتُنْصَبُ (¬4) بين يدى الله تعالى، فيقول تبارك وتعالى: ألقُوا هذه واقبلوا هذه، فتقول الملائكة وعزتك وجلالك ما رأينا إلا خيراً، فيقول الله عز وجل: إن هذا كان لغير وجهى (¬5) وإنى لا أقبل ما ابتغى به وجهى. رواه البزار والطبراني بإسنادين، رواة أحدهما رواة الصحيح، والبيهقى. 32 - وَرُوِىَ عن معاذ رضي الله عنه أن رجلاً قال: حدثنى حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبكى معاذ حتى ظننت أنه لا يسكت، ثم سكت ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لى يا معاذ: قلت له لبيك بأبى أنت وأمى. قال: إنى مُحدثك حديثا إن انت حفظته نفعك،، وإن أنت ضيعته ولم تحفظه انقطعت ¬
حجتك عند الله يوم القيامة، يا معاذ: إن الله خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السموات والأرض، ثم خلق السموات فجعل لكل سماء من السبعة ملكا بواباً عليها قد جللها عظما فتصعد الحفظة بعمل العبد من حين أصبح إلى أن أمسى، له نور كنور الشمس حتى إذا صعدت به إلى السماء الدنيا ذكرته فكثرته، فيقول الملك للحفظة: اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا صاحب الغيبة أمرنى ربى أن لا أدع عمل من اغتاب الناس يُجاوزنى إلى غيرى. قال ثم تأتي الحفظة بعمل صالح من أعمال العبد فتمر فتزكيه وتكثره حتى تبلغ به إلى السماء الثانية، فيقول لهم الملك الموكل بالسماء الثانية: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إنه أراد بعمله هذا عرض الدنيا، أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيرى، إنه كان يفتخر على الناس في مجالسهم. قال وتصعد الحفظة بعمل العبد يبتهج نورا من صدقة وصيام وصلاة قد أعجب الحفظة فتجاوز به إلى السماء الثالثة، فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الكبر، أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى إنه كان يتكبر على الناس في مجالسهم. قال وتصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كما يزهر الكوكب الدريُّ، له دوى من تسبيح وصلاة وحج وعمرة حتى يجاوزوا به إلى السماء الرابعة، فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، اضربوا ظهرَهُ وبطنه، أنا صاحب العُجب أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى إنه كان إذا عمل عملا أدخل العُجب في عمله. قال وتصعد الحفظة بعمل العبد حتى يجاوزوا به إلى السماء الخامسة كأنه العروس المزفوفة إلى بعلها، فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واحملوه على عاتقه، أنا ملك الحسد إنه كان يحسد الناس ممن يتعلم، ويعمل بمثل عمله، وكل من كان يأخذ فضلا من العباد يحسدهم ويقع فيهم، أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى. قال وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة، وزكاة؛ وحج وعمرة، وصيام فيجاوزون به إلى السماء السادسة، فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إنه كان لا يرحم إنسانا قط من عباد الله أصابه بلاءٌ أو ضرٌ بل كان يشمت (¬1) به، أنا ملك الرحمة أمرنى ربى أن لا أدع عمله ¬
يجاوزنى إلى غيري. قال وتصعد الحفظة بعمل العبد إلى السماء السابعة من صوم وصلاة ونفقة، واجتهاد، وورع له دوىٌّ كدوى الرعد، وضوء كضوء الشمس معه ثلاثة آلاف ملك فيجاوزون (¬1) به الى السماء السابعة، فيقول لهم الموكل بها، قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، واضربوا جوارحه، اقفلوا على قلبه إنى أحجب عن ربى كل عمل لم يرد به وجه ربى إنه أراد بعمله غير الله. إنه أراد به رفعةً عند الفقهاء، وذكراً عند العلماء، وصوتا في المدائن، أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى، وكل عمل لم يكن لله خالصا فهو رياء، ولا يقبل الله عمل المُرائى. قال وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة، وزكاة وصيام، وحج وعمرةٍ، وخلق حسن، وصمت، وذكر لله تعالى وتُشَيِّعُهُ ملائكة السموات حتى يقطعوا به الحجب كلها إلى الله عز وجل فيقفون بين يديه ويشهدون له بالعمل الصالح المخلص لله. قال فيقول الله لهم أنتم الحفظة على عمل عبدى وأنا الرقيب على نفسه إنه لم يُردنى بهذا العمل، وأراد به غيري فعليه لعنتى، فتقول الملائكة كلها: عليه لعنتك ولعنتنا، وتقول السموات كلها: عليه لعنة الله ولعنتنا وتلعنه السموات السبع ومن فيهن. قال معاذ قلت يا رسول الله أنت رسول الله وأنا معاذ. قال اقتد بى (¬2) وإن كان في عملك تقصير، يا معاذ: حافظ على لسانك من الوقيعة في إخوانك من حملة القرآن، واحمل ذنوبك عليك ولا تحملها عليهم، ولا تزك نفسك بذمهم، ولا ترفع نفسك عليهم، ولا تدخل عمل الدنيا في عمل الآخرة، ولا تتكبر في مجلسك لكى يحذر الناس من سوء خلقك، ولا تُنَاج رجلا وعندك آخر. ولا تتعظم على الناس فينقطع عنك خير الدنيا والآخرة؛ ولا تُمزق الناس فتمزقك كلاب النار يوم القيامة في النار. قال الله تعالى: (والناشِطات (¬3) نشطا) أتدرى ماهنَّ يا معاذ. قلت ما هن بأبى انت وأمى؟ قال كلاب في النار تنشط اللحم والعظم. قلت بأبى أنت وأمى فمن يطيق هذه الخصال. ومن ينجو منها؟ قال يا معاذ إنه ليسير على من يسره الله عليه. قال فما رأيتُ أكثر تلاوة للقرآن من معاذ للحذر مما في هذا الحديث رواه ابن المبارك في كتاب ¬
فصل: في بيان أن الشرك أخفى من دبيب النمل
الزهد عن رجل لم يسمه عن معاذ، ورواه ابن حبان في غير الصحيح والحاكم وغيرهما، وروى عن علىّ وغيره، وبالجملة فآثار الوضع ظاهرة عليه في جميع طرقه وبجميع ألفاظه. فصل 33 - وعن أبي علىٍّ رجل من بنى كاهل قال: خطبنا أبو موسى الأشعرى فقال: يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل. فقام عليه عبد الله بن حزن وقيس بن المضارب. فقالا: والله لتخرجن مما قلت أو لنأتينَّ عمر مأْذُوناً لنا أوغير مأْذُونٍ. فقال بل أخرج مما قلت: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال ياأيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل. فقال له من شاء الله أن يقول وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أنشرك به شيئاً نعلمه، ونستعفرك لما لا نعلمه. رواه أحمد والطبراني؛ ورواته إلى أبى علىّ محتج بهم في الصحيح. أبو علىّ وثقه ابن حبان؛ ولم أر أحداً جرحه. ورواه أبى يعلى بنحوه من حديث حذيفة إلا أنه قال فيه يقول كل يوم ثلاث مرات (¬1) ¬
الترغيب في اتباع الكتاب والسنة
الترغيب في اتباع الكتاب والسنة 1 - عن العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضى الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله ¬
عليه وسلم موعظة، وجلت (¬1) منها القلوب، وذرفت (¬2) منها العيون، فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مُودِّعٍ فأوْصِنا. قال أُوصيكم بتقوى (¬3) الله والسمع (¬4) والطاعة (¬5). وإن تأمر عليكم عبد (¬6). وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً. فعليكم بِسُنَّتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين (¬7) عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات (¬8) ¬
الأمور، فإن كل بدعة ضلالة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. الحث على التمسك بكتاب الله تعالى - وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوله): عضوا عليها بالنواجذ: أي اجتهدوا على السنة، والزموها واحرصوا عليها كما يلزم العاضّ على الشئ بنواجذه خوفاً من ذهابه وتفّلته، والنواجذ: بالنون والجيم والذال المعجمة: هي الأنياب، وقيل الأضراس. 2 - وعن أبي شُريح الخزاعى قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأنى رسول الله؟ قالوا بلى. قال إن هذا القرآن طرفه بيد (¬1) الله، وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا، ولن تهلكوا بعده أبداً. رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد. 3 - وروى عن جبير بن مطعم قال: كنا مع (¬2) النبى صلى الله عليه وسلم بالجحفة فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنى رسول الله، وأن القرآن جاء من عند الله؟ قلنا بلى: قال: فأبشروا، فإن هذا القرآن طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم فتمسكوا به، فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبداً. رواه البزار والطبراني في الكبير والصغير. 4 - وعن أبي سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل طيبا (¬3) وعمل في سنة (¬4) وأمن الناس بوائقه (¬5) دخل الجنة. قالوا يا رسول الله ¬
إن هذا في أمتك اليوم كثيرا. قال: وسيكون في قوم بعدى (¬1). رواه ابن أبى الدنيا في كتاب الصمت وغيره، والحاكم واللفظ له، وقال صحيح الإسناد. الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة 5 - وعن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من تمسك بِسُنَّتِى عند فساد أُمتى فله أجر مائة شهيد. رواه البيهقى من رواية الحسن بن قتيبه، ورواه الطبراني من حديث أبى هريرة بإسناد لا بأس به إلا إنه قال: فله أجر شهيد. 6 - وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس في حجة الوداع فقال: إن الشيطان قد يئس أن يُبعد بأرضكم (¬2) ولكن رضى أن يُطاع فيما سوى ذلك مما تحاقرون من أعمالكم فاحذروا، إنى قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا: كتاب الله وسنة نبيه - الحديث. رواه الحاكم، وقال صحيح الإسناد. احتج البخاري بعكرمة، واحتج مسلم بأبى أويس، وله اصل في الصحيح. 7 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة. رواه الحاكم موقوفاً وقال إسناده صحيح على شرطهما. 8 - وعن أبي أيوب الأنصارى قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مرغوب فقال: أطيعونى ما كنت بين أظهركم (¬3) وعليكم بكتاب الله. أَحِلُّوا حلاله، وحرموا حرامه. رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات. 9 - وعن عبد الله بن مسعود قال: إن هذا القرآن شافع مشفع من اتبعه قاده إلى الجنة، ومن تركه أو أعرض عنه (أو كلمة نحوها) زج (¬4) في قفاه إلى النار. رواه البزار هكذا موقوفا على ابن مسعود، ورواه مرفوعا من حديث جابر، وإسناد المرفوع جيد. 10 - وروى عن ابن عباس قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ¬
إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه إلا أن الله قد فرض فرائض، وسن سننا، وحد حدوداً، وأحل حلالاً، وحرمَ حراماً، وشرع الدين فجعله سهلا سمحاً واسعاً ولم يجعله ضيقاً؛ ألا إنه لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له، ومن نكث (¬1) ذمة الله طلبه، ومن نكث ذمتى خاصمته (¬2)، ومن خاصمته فلجت عليه، ومن نكث ذمتى لم ينل شفاعتى ولم يرد على الحوض. الحديث، رواه الطبراني في الكبير. (قوله): فلجت عليه بالجيم: أي ظهرت عليه بالحجة والبرهان وظفرت به (¬3). لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له، تقبيل الحجر الأسود 11 - وعن عابس بن ربيعة قال: رأيتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقبل الحجر (يعنى الأسود) ويقول إنى لأعلم أنك حجرٌ لا تنفع ولا تضر ولولا أنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قبلتك (¬4). رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. 12 - وعن عروة بن عبد الله بن قشير قال: حدثنى معاوية بن قُرّة عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهطٍ من مُزَيْنَةَ (¬5) فبايعناه وإنه لمطلق الأزرار (¬6) فأدخلت يدى في جنب قميصه فمسست الخاتم. قال عروة فما رأيت معاوية ¬
ولا ابنه قط، ولا صيفٍ إلا مطلقى الأزرار. رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه واللفظ له، وقال ابن ماجه: إلا مُطْلَقَةً أزرارهما. الحرص على التمسك بالسنة وبفعله صلى الله عليه وسلم محاكاة 13 - وعن زيد بن أسلم قال: رأيت ابن عمر يصلى محلولا أزراره فسألته عن ذلك، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. رواه ابن خزيمة في صحيحه عن الوليد بن مسلم عن زيد، ورواه البيهقى وغيره عن زهير بن محمد عن زيد. 14 - وعن مجاهد قال: كنا مع ابن عمر رحمه الله في سفر فمر بمكان فحاد عنه فسئل لم فعلت ذلك؟ قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا ففعلت. رواه أحمد والبزار بإسناد جيد. (قوله) حاد بالحاء والدال المهملتين: أي تنحى عنه وأخذ يميناً أو شمالا. 15 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يأتى شجرة بين مكة والمدينة فيقيل تحتها، ويخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. رواه البزار بإسناد لابأس به. 16 - وعن ابن سيرين قال كنت مع ابن عمر رحمه الله بعرفاتٍ. فلما كان حين راح رحتُ معه حتى أتى الإمام فصلى معه الأولى والعصر، ثم وقف وأنا وأصحاب لى ¬
الترهيب من ترك السنة وارتكاب البدع والأهواء
حتى أفاض الإمام فأفضنا معه حتى انتهى إلى المضيق دون المأزمين (¬1)، فأناخ، وأنخنا، ونحن نحسب أنه يريد أن يصلى، فقال غلامه الذي يُمسك راحلته إنه ليس يريد الصلاة ولكنه ذكر أن النبى (¬2) صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى هذا المكان قضى حاجته فهو يُحبُّ أن يقضى حاجته. رواه أحمد، ورواته محتج بهم في الصحيح. (قال الحافظ) رحمه الله: والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم في اتباعهم له واقتفائهم سنته كثيرة جدا، والله الموفق لاربّ غيره. الترهيب من ترك السنة وارتكاب البدع والأهواء 1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحدث (¬3) في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ (¬4). رواه البخاري ومسلم وأبو داود ولفظه: من صنع أمراً على أمرنا فهو ردٌّ. وابن ماجه. وفي رواية لمسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. 2 - وعن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب أحمرت عيناه وعلا صوته، واشتد غضبه (¬5) كأنه منذر جيش (¬6)، يقول صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ، ويقول بُعثتُ أنا والساعة (¬7) كهاتين، ويقرن (¬8) بين أُصْبُعَيه السبابة والوسطى ويقول: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور ¬
محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم يقول: أنا أولى (¬1) بكل مؤمن من نفسه من ترك مالاً فلأهله (¬2)، ومن ترك ديناً أو ضياعاً (¬3) فإلىَّ وعلىَّ (¬4). رواه مسلم وابن ماجه وغيرهما. الفرقة الناجية، ستة لعنهم الله ورسوله 3 - وعن معاوية رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفرق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهى الجماعة (¬5) رواه أحمد وأبو داود، وزاد في رواية: وإنه سيخرج في أمتى أقوام تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق، ولا مفصل إلا دخله. (قوله) الكلب بفتح الكاف واللام. (قال الخطابي) هو داء يعرض للإنسان من عضة الكلب. قال وعلامة ذلك في الكلب أن تحمرّ عيناه، ولا يزال يدخل ذنبه بين رجليه، فإذا رأى إنسانا ساوره. 4 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ستة لعنتهم ولعنهم الله، وكل نبىٍّ مجاب: الزائد في كتاب الله عز وجل، والمكذب بقدر الله (¬6) والمُتسلط على أمتى بالجبروت (¬7) ليذلَّ من أعز الله، ويعز من أذل الله، والمستحل حرمه الله (¬8)، والمستحل من عترتي (¬9) ما حرم الله، والتارك السنة. رواه الطبراني. ¬
في الكبير وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال صحيح الإسناد، ولا أعرف له عقلة. خوف النبى صلى الله عليه وسلم على أمته من تغلب الشهوات عليها 5 - وعن أبي برزة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إنما أخشى عليكم شهوات الغى (¬1) في بطونكم، وفروجكم، ومُضلات الهوى. رواه أحمد والبزار الطبراني في معاجيمه الثلاثة، وبعض أسانيدهم رواته ثقات. 6 - وعن عمرو بن عوف رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه ¬
وسلم يقول: إنى أخاف على أمتى من ثلاث: من زلة (¬1) عالم، ومن هوى (¬2) متبع، ومن حكم جائر (¬3). رواه البزار والطبراني من طريق كثير بن عبد الله، وهو واه، وقد حسنها الترمذي في مواضع، وصححها في موضع فأنكر عليه واحتج بها ابن خزيمة في صحيحه. يخاف من ثلاثة. ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة المهلكات 7 - وروى عن غُضيف بن الحارث الثُّمالي قال: بعث إلىَّ عبد الملك بن مروا فقال: يا أبا سليمان إنا قد جمعنا الناس على أمرين، فقال: وما هُما؟ قال رفع الأيدى على المنابر يوم الجمعة، والقصص بعد الصبح والعصر، فقال أما إنهما أمثل بدعتكم عندى ولست بمجيبكم إلى شيء منهما، قال لم؟ قال لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة، فتمسك بسنة خير من إحداث بدعةٍ. رواه أحمد والبزارُ. 8 - وروى عنه الطبراني أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما من أمة ابتدعت بعد نبيها في دينها إلا أضاعت مثلها من السنة. 9 - وروى عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تحت ظل السماء من إله يعبد أعظم عند الله من هوى مُتَّبَعٍ. رواه الطبراني في الكبير. وابن أبى عاصم في كتاب السنة. 10 - وعن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأما المهلكات: فشحٌ (¬4) مطاع، وهوى مُتبعٌ، وإعجاب (¬5) المرء بنفسه. رواه البزار والبيهقى وغيرهما ويأتى بتمامه في انتظار الصلاة إن شاء الله تعالى. 11 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله حجب (¬6) التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته. رواه الطبراني وإسناده حسن، ورواه ابن ماجه وابن أبى عاصم في كتاب السنة من حديث ابن عباس. ولفظهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبى الله أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى يدع (¬7) بدعته ورواه ابن ماجه أيضا من حديث حذيفة، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقبل ¬
الله لصاحب بدعة صوما، ولا صلاة، ولا حجا، ولا عمرةً، ولا جهاداً، ولا صرفاً، ولا عدلاً (¬1) يخرج من الإسلام (¬2) كما يخرج الشَّعَرُ من العجين. كل محدثة ضلالة: تارك السنة 12 - وعن العِرْبَاضِ بن سارية رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم (¬3) والمحدثات، فان كل محدثة ضلالة. رواه أبو داود والترمذي، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي حديث حسن صحيح، وتقدم بتمامه بنحوه. 13 - وروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن إبليس قال: أهلكتهم بالذنوب فأهلكوني بالاستغفار، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء (¬4) فهم يحسبون أنهم مهتدون فلا يستغفرون. رواه ابن أبى عاصم وغيره. 14 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل عمل شِرَّةٌ (¬5)، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتى فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك. رواه ابن أبى عاصم وابن حبان في صحيحه ايضا من حديث أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لكل عملٍ شرةٌ، ولكل شرةٌ فترةٌ، فإن كان صاحبها ساد أو قارب فارجوه، وإن أُشير إليه بالأصابع فلا تُعدُّوهُ (الشرّة) بكسر الشين المعجمة وتشديد الراء وبعدها تاء تأنيث هي النشاط والهمة، وشرّة الشباب أوّله وحدّته. 15 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رغِب (¬6) عن سُنتى فليس منى. رواه مسلم. 16 - وعن عمرو بن عوفٍ رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لبلال بن الحارث يوماً: اعلم يا بلال. قال ما أعلمُ يا رسول الله؛ قال اعلم أن من أحيا سُنَّةً من سُنَّتى أُمِيتَتْ بعدى كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل آثام (¬7) من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئاً. رواه الترمذي وابن ماجه ¬
كلاهما من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده، وقال الترمذي؛ حديث حسن. (قال الحافظ) بل كثير بن عبد الله متروك، رواه كما تقدم، ولكن للحديث شواهد. لا يزيغ عن السنة إلا هالك 17 - وعن العرباض بن سارية رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لقد تركتم على مثل البيضاء (¬1) ليلها كنهارها لا يزيع (¬2) عنها إلا هالك. رواه أبى عاصم في كتاب بإسناد حسن. ¬
الترغيب في البداءة بالخير ليستن به، والترهيب من البداءة بالشر خوف أن يستن به
18 - وعن عمرو بن زرارة قال: وقف على عبد الله، يعنى ابن مسعود وأنا أقُصُّ، فقال يا عمرو: لقد ابتدعت بدعة ضلالة أو إنك لأهدى من محمد وأصحابه به فلقد رأيتهم تفرقوا عنى حتى رأيت مكانى ما فيه أحدٌ. رواه الطبراني في الكبير باسنادين أحدهما صحيح. (قال الحافظ عبد العظيم) وتأتى أحاديث متفرقة من هذا النوع في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. الترغيب في البداءة بالخير ليستن به والترهيب من البداءة بالشرّ خوف أن يستن به 1 - عن جرير رضي الله عنه قال: كنا في صدر النهار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه قوم غزاةٌ مُجتابى النَّمار والعباء متقلدى السيوف عامتهم من مُضَرَ، بل كلهم من مُضَر فتمعَّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما بهم من الفاقة فدخل؛ ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى، ثم خطب فقال: يا أيها الناس اتقوا ¬
ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة. إلى آخر الآية: إن الله كان عليكم رقيبا (¬1) والآية التي في الحشر: اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ (¬2) تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بُرِّهِ، من صاع تمره حتى قال: ولو بشق تمرةٍ. قال فجاء رجل من الأنصار بصرةٍ كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت، قال ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مُذَهَّبَةٌ (¬3)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنةً فله أجرها وأجرُ من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجُورهم شئٌ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شئ. رواه مسلم، والنسائي، وابن ماجه، والترمذي باختصار القصة. (قوله: مجتابى) هو بالجيم الساكنة ثم تاء مثناه وبعد الألف باء موحدة (والنمار) جمع نمرة، وهى كساء من صفوف مخطط: أي لا بسى النمار قد خرقوها فى رؤوسهم، والجواب القطع (وقوله: تمعر) هو بالعين المهملة المشددة أي تغير (وقوله: كأنه مذهبه) ضبطه بعض الحفاظ بدال مهملة، وهاء مضمومة ونون، وضبطه بعضهم بذال معجمة، وبفتح الهاء وبعدها باء موحدة، وهو الصحيح المشهور، ومعناه على كلا التقديرين: ظهرَ البشر في وجهه صلى الله عليه وسلم حتى استنار وأشرق من السرور، والمذهبة: صحيفة منقشة بالذهب، أو ورقة من القرطاس مطلية بالذهب، يصف حسنه وتلألؤه صلى الله عليه وسلم. من سن في الاسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها الخ 2 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: سأل رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك القوم، ثم إن رجلاً أعطاهُ فأعطى القوم، فقال رسول الله صلى الله ¬
عليه وسلم: من سن خيراً فاسْتُنَّ به كان له أجره من تبعه غير منتقص من أُجورهم شيئاً، ومن سن شَرًّا به كان عليه وزره ومثل أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئاً، رواه أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد، ورواه ابن ماجه من حديث أبى هريرة. ليس من نفس تقتل إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها 3 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ليس من نفسٍ تُقْتَلُ ظُلْماً إلا كان على ابن آدم الأول كفلٌ (¬1) من دمها لأنه أول من سن القتل رواه البخاري وسلم والترمذي. 4 - وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من سن سنة حسنة فله أَجْرُها ما عُمِلَ بها في حياته وبعد مماته حتى تُتْركَ، ومن سن سنة سيئة فعليه إثْمُها حتى تُتْرَكَ، ومن مات مُرَابِطاً (¬2) جَرَى عليه عمل المُرَابط حتى يُبْعَثَ يوم القيامة. رواه الطبراني في الكبير باسناد لا بأس به. (قال الحافظ) وتقدم في الباب قبله حديثُ كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده النبى صلى الله عليه وسلم قال لبلال بن الحارث: اعلم يا بلال. قال ما أعلم يا رسول الله؟ قال: إنه من أحيا سنة من سُنتي قد أُمِيتَتْ بعدى كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أُجُورهم شيئاً، ومن ابتدع بدعةً ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل آثام (¬3) من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئاً. رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه. 5 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا الخير خزائن (¬4) ولتلك الخزائن مفاتيح. فطوبى (¬5) لعبدٍ جعله الله عز وجل مفتاحاً ¬
كتاب العلم
للخير مغلاقاً للشر، وويل لعبدٍ جعله الله مفتاحاً للشر مغلاقاً للخير. رواه ابن ماجه، واللفظ له، وابن ابى عاصم، وفي سنده وهو في الترمذي بقصة. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما من داعٍ يدعو إلى شيء إلا وقف يوم القيامة لازماً لدعوته ما دعا إليه، وإن دعا رجلٌ رجلاً. رواه ابن ماجه، ورواته ثقات. كتاب العلم الترغيب في العلم وطلبه وتعلمه وتعليمه وما جاء في فضل العلماء والمتعلمين 1 - عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يُرد الله به خيراً يفقِّهه (¬1) في الدين. رواه البخاري ومسلم وابن ماجه، ورواه أبى يعلى وزاد فيه ومن لم يُفَقَّهه لم يُبال به (¬2) رواه الطبراني في الكبير، ولفظه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ياأيُّها الناس إنما العلم بالتعلم، والفقة بالتفقه، ومن يُرد الله به خيراً يفقههُ في الدين، وإنما يخشى الله من عباده العلماء (¬3). وفي إسناده راوٍ لم يُسُمَّ. 2 - وعن عبد الله، يعنى ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بعبدٍ خيراً فقهه في الدين وألهمه رشده (¬4). رواه البزار والطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به. ¬
فصل: في فضل من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا .. إلخ
3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضلُ العبادة الفقه، وأفضل الدين الورع (¬1) رواه الطبراني في معاجيمه الثلاثة، وفي إسناده محمد ابن أبى ليلى. 4 - وعن حُذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العلم خيرٌ من فضل العبادة وخير دينكم الورع. رواه الطبراني في الأوسط، والبزار باسناد حسن. 5 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قليل العلم خير من كثير العبادة، وكفى بالمرء فقها إذا عبد الله، وكفى بالمرء جهلاً إذا أعجب برأيه. رواه الطبراني في الأوسط، وفي إسناده إسحاق بن أسيد وفيه توثيق لين، ورفع هذا الحديث غريب. قال البيهقى: ورويناه صحيحاً من قول مطرف بن عبد الله ابن الشخير ثم ذكره؛ والله أعلم. فصل 6 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفس (¬2) عن مؤمن كربة (¬3) من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر (¬4) مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه (¬5) علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت (¬6) الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه (¬7) بينهم إلا حفتهم (¬8) الملائكة، ونزلت عليهم ¬
السكينة (¬1) وغشيتهم (¬2) الرحمةُ، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يُسرع به نسبهُ (¬3). رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرطهما. من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة 7 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة؛ وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء. وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يُوَرِّثُوا (¬4) ديناراً ولا درهماً، إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقى، وقال الترمذي: لا يعرف إلا من حديث بن رجاء بن حيوة، وليس إسنادُه عندى بمتصل، وإنما يروى عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن جميل عن كثير بن قيس عن أبي الدرداء عن النبى صلى الله عليه وسلم، وهذا أصح. (قال المملى) رحمه الله: ومن هذه الطريق رواه أبو داود، وابن ماجه، وبن حبان في صحيحه، والبيهقى في الشعب وغيرهما، وقد روى عن الأوزاعى عن كثير بن قيس بن يزيد ابن سمرة عنه، وعن الأوزاعى عن عبد السلام بن سليم عن يزيد بن سمرة عن كثير بن قيس عنه، قال البخاري: وهذا أصح، وروى غير ذلك، وقد اختلف في هذا الحديث اختلافاً كثيراً ذكرت بعضه في مختصر السنن، وبسطته في غيره، والله أعلم. 8 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعلموا العلم، فإن تعلمه لله خشية (¬5) وطلبه عباده، ومُذاكرته تسبيح، ¬
والبحث (¬1) عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قُربةُ (¬2) لأنه معالم (¬3) الحلال والحرام ومنار (¬4) سبل أهل الجنة، وهو الأنيس في الوحشة، والصاحب في الغربة (¬5)، والمحدث في الخلوة، والدليل على السَّرَّاء والضَّرَّاء، والسلاح على الأعداء (¬6) والزين عند الأخِلاّء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة قائمة تقتصُّ آثارهم، ويقتدى بفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلتهم (¬7) وبأجنحتها تمسحهم، ويستغفر لهم كُلُّ رطبٍ ويابسِ، وحيتان البحر وهوامُّهُ، وسِبَاعُ البرِّ وأنعامه لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظُّلم، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العُلى في الدنيا والآخرة، التفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته (¬8) تعدل القيام، به توصل الأرحام (¬9)، وبه يعرف الحلال من الحرام، وهو إمام العمل، والعمل تابعه يلهمه السعداء (¬10)، ويُحْرَمُهُ الأشقياء. رواه ابن عبد البر النمرى في كتاب العلم من رواية موسى بن محمد بن عطاء القرشى. حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن الحسن عنه وقال: هو حديث حسن ولكن ليس له إسناد قوى، وقد روينا من طرق شتى موقوفاً: كذا قال رحمه الله. ورفعه غريب جدا، والله أعلم. 9 - وعن صفوان بن عَسَّال المُرَادِيَّ رضي الله عنه قال: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد متكئُ على بُردٍ (¬11) له أحمر، فقلت له يا رسول الله إنى جئت أطلب العلم، فقال: مرحبا بطالب العلم إن طالب العلم تَحُفُّه (¬12) الملائكة بأجنحتها، ثم يركبُ بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب (¬13). رواه أحمد ¬
والطبراني بإسناد جيد واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، والحاكم قال صحيح الإسناد، وروى ابن ماجه نحوه باختصار ويأتي لفظه إن شاء الله تعالى. فضل طلب العلم 10 - وروى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم (¬1) وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللولؤ والذهب. رواه ابن ماجه وغيره. 11 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جاءه أجله وهو يطلب العلم لقى الله ولم يكن بينه وبين النبيين إلا درجة النبوة. رواه الطبراني في الأوسط. 12 - وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طلب علماً فأدركه كتب الله له كفلين (¬2) من الأجر، ومن طلب علما فلم يدركه كتب الله له كفلا من الأجر. رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات وفيهم كلام. 13 - وروى عن سَخْبَرَةَ رضى الله عنه قال: مر رجلان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يُذَكر (¬3)، فقال اجلسا فإنكما على خير، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرق عنه أصحابه قاما فقالا يا رسول الله: إنك قلت لنا اجلسا فإنكما على خير: ألنا خاصة أم للناس عامة. قال: ما من عبد يطلب العلم إلا كان كفارة ما تقدم (¬4). رواه الترمذي مختصراً، والطبراني في الكبير واللفظ له (سخبرة) بالسين المهملة المفتوحة والخاء المعجمة الساكنة وباء موحدة وراء بعدها تاء تأنيث، في صحبته اختلاف، والله أعلم. 14 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبعٌ يجرى للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم أو كرى (¬5) نهرا، أوحفر ¬
بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورث مصحفاً (¬1)، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته. رواه البزار وأبو نعيم في الحلية، وقال هذا حديث غريب من حديث قتادة، تفرّد به أبو نعيم عن العزرمى، ورواه البيهقى ثم قال محمد بن عبد الله: العزرمى ضعيف غير أنه قد تقدمه ما يشهد لبعضه، وهما يعنى هذا الحديث والحديث الذى ذكره قبله لا يخالفان الحديث الصحيح فقد قال فيه: إلا من صدقة جارية، وهو يجمع ما وردا به من الزيادة والنقصان، انتهى. (قال الحافظ عبد العظيم) وقد رواه ابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه بنحوه من حديث أبى هريرة، ويأتى إن شاء الله تعالى. فضل طلب العلم 15 - وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اكتسب (¬2) مُكتسبٌ مثل فضل علم يهدى صاحبه إلى هُدىً، أو يرُدُّهُ عن رَدى، وما استقام دينه حتى يستقيم عمله (¬3). رواه الطبراني في الكبير واللفظ له، والصغير إلا أنه قال فيه: حتى يستقيم عقله. وإسنادهما متقارب. 16 - وروى عن أبي ذَرٍّ رضى الله عنهما أنهما قالا: لباب (¬4) يتعلمه الرجل أحبُّ إلىَّ من ألف ركعةٍ تطوعاً، وقالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء الموت لطالب العلم وهو على هذه الحالة مات وهو شهيد (¬5). رواه البزار والطبراني في الأوسط، إلا أنه قال: خير له من ألف ركعةٍ. 17 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر لأن تغدُو (¬6) فَتَعلَّمَ (¬7) آية من كتاب الله خير لك من أن تصلى مائة ركعةٍ، ولأن ¬
تغدو فتعلم بَاباً من العلم به أو لم يعمل به خير لك من أن تصلى ألف ركعة رواه ابن ماجه باسناد حسن. 18 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الدنيا ملعونة (¬1) ملعون ما فيها إلا ذكر الله، وما والاه (¬2)، وعالماً ومتعلماً. رواه الترمذي، وابن ماجه، والبيهقى وقال الترمذي حديث حسن. 19 - وروى عن عبد الله بن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من تعلم بابا من العلم ليعلم الناس أُعطى ثواب سبعين صِدِّيقاً. رواه أبو منصور الدَّيْلَمِى في مسند الفردوس، وفيه نكارة. 20 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجل تعلم كلمة، أو كلمتين، أو ثلاثاً، أو أربعا، أو خمساً مما فرض الله عز وجل فيتعلمهن ويعلمهن إلا دخل الجنة. قال أبو هريرة: فما نسيت حديثاً بعد إذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو نعيم، وإسنادُه حسن لو صح سماعُ الحسن من أبى هريرة. 21 - وعنه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الصدقة أن يتعلم المرء المسلم علما ثم يعلمه أخاه المسلم. رواه ابن ماجه باسناد حسن من طريق الحسن أيضاً عن أببى هريرة. 22 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته (¬3) في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة (¬4) فهو يقضي بها ويُعلمها. رواه البخاري ومسلم (الحسد) يطلق، ويراد به تمنى ¬
زوال النعمة من المحسود، وهذا حرام ويطلق ويراد به الغبطة، وهو تمنى مثل ماله، وهذا لا بأس به وهو المراد هنا. مثل من علم وعمل، ومن علم ولم يعلم 23 - وعن أبي موسى رضي الله: عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل ما بعثنى الله به من الهُدَى (¬1) والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة طيبةٌ قبلت الماء، وأنبتت الكلأ والعشب الكثير فكان منها أجادب (¬2) أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى منها إنما هى قيعان (¬3) لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه مابعثنى الله به فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، ومثلُ من لم يرفع بذلكَ رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلت به. رواه البخاري ومسلم. 24 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما عَلَّمه ونشره وولداً صالحا تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتاً لابن سبيل (¬4) بناه، أو نهراً أجراهُ، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته. رواه ابن ماجه باسناد حسن والبيهقى، ورواه ابن خزيمة في صحيحه مثله إلا أنه قال. أو نهراً كراه (¬5)، وقال يعنى حفره ولم يذكر المصحف. 25 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له. رواه مسلم وغيره ¬
خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث الخ 26 - وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير ما يخلف (¬1) الرجل من بعده ثلاثٌ: ولد صالح يدعو له، وصدقة تجرى (¬2) يبلغه أجرها، وعلم يعمل به (¬3) من بعده. رواه ابن ماجه باسناد صحيح. 27 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علماء هذه الأمة رجلان: رجل آتاه الله علما فبذله (¬4) للناس، ولم يأخذ عليه طمعاً، ولم يشتر به ثمنا فذلك تستغفر له حيتان البحر، ودواب البر، والطير في جو السماء (¬5)، ورجل آتاه الله علما فبخل به عن عباد الله، وأخذ عليه طمعا (¬6)، وشرى (¬7) به ثمناً فذلك يُلْجَمْ يوم القيامة بلجام من نار، وينادى منادٍ: هذا الذى آتاه الله علما فبخل به عن عباد الله، وأخذ عليه طمعا، واشترى به ثمنا، وكذلك حتى يفرغ الحساب. رواه الطبراني في الأوسط، وفي إسناده عبد الله بن خداش، وثقه ابن حبان وحده فيما أعلم. 28 - وعن أبي أُمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بهذا العلم (¬8) قبل أن يُقْبض، وقبضه أن يرفع، وجمع بين إصبعيه: الوسطى، والتى تلى الإبهام هكذا، ثم قال: العالم والمتعلم شريكان في الخير، ولا خير في سائر الناس رواه ابن ماجه من طريق على بن يزيد عن القاسم عنه. (قوله: ولا خير في سائر الناس) أي في بقية الناس بعد العالم والمتعلم، وهو قريب المعنى من قوله: الدنيا ملعونة معلون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً ومتعلماً. وتقدم. 29 - وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم (¬9) يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم ¬
أوشك أن تضل الهدَاةُ. رواه أحمد عن أبي حفص صاحب أنس عنه، ولم أعرفه، وفيه رشدين أيضاً. فضل من تعلم العلم وعلمه 30 - وعن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضى الله عنهم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من علم علماً فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل شيء (¬1). رواه ابن ماجه، وسهلٌ يأتى الكلام عليه. 31 - وعن أبي أُمامة قال: ذُكِرَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان: أحدهما عابدٌ، والآخر عالم، فقال عليه أفضل الصلاة والسلام: فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته، وأهل السموات والأرض حتى النملة في حجرها، وحتى الحوت ليصلون (¬2) على معلم (¬3) الناس الخير. رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، ورواه البزار من حديث عائشة مختصرا قال: معلم الخير يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر. 32 - وعن ثعلبة بن الحكم الصحابى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذ قعد على كرسيه لفصل عباده: إنى لم اجعل علمى وحلمى فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان فيكم ولا أُبالى (¬4). رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات. (قال الحافظ) رحمه الله: وانظر إلى قوله سبحانه وتعالى علمى وحلمى، وأمعن النظر فيه يتضح لك باضافته إليه عز وجل أنه ليس المراد به علم أهل الزمان المجرّد عن العمل به والإخلاص. 33 - وروى عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يبعث الله العباد يوم القيامة، ثم يُميزُ العلماء فيقول: يا معشر العلماء إنى لم أضع علمى فيكم لأعذبكم، اذهبوا فقد غفرت لكم. رواه الطبراني في الكثير. 24 - وروى عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُجاء بالعالم ¬
والعابِدِ، فيقال للعابدِ ادخُلِ الجنة، ويقال للعالم قف حتى تشفع للناس (¬1). رواه الأصبهاني. وغيره. 35 - وروى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُبْعَثُ العالم والعابدُ، فيقالُ للعابد ادخل الجنة، ويقال للعالم اثبت حتى تشفع للناس بما أحسنت أدبهم. رواه البيهقى وغيره. 36 - وروى عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العالم على العابد سبعون درجة ما بين كل درجتين خضر (¬2) الفرس سبعين عاماً، وذلك لأن الشيطان يبدع (¬3) البدعة للناس فَيُبصرُها العالم فينهى عنها، والعابد مقبل على عبادة ربه لا يتوجه لها ولا يعرفها: رواه الأصبهاني، وعجز الحديث يشبه المدرج. (خضر الفرس) يعنى: عَدْوَه. 37 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ففيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد. رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقى من رواية روح بن جناح، تفرّد به عن مجاهد عنه. 38 - وروى عن أبي هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما عبد الله بشئ أفضل من فقه في دين، ولفقيه واحد أشدُّ على الشيطان من ألف عابد، ولكل شئٍ عمادٌ وعمادُ الدين الفقه. وقال أبو هريرة: لأن أجلس ساعة فأفقه (¬4) أحبُ إلىَّ من أن أُحْيِىَ ليلة القدر. رواه الدارقطنى والبيهقى إلا أنه قال: أحبُّ إلىَّ من أن أُحِيىَ ليلةً إلى الصباح، وقال: المحفوظ هذا اللفظ من قول الزهري. 39 - وعن أبي هريرة رضيى الله عنه أنه مَرَّ بسوق المدينة فوقف عليها، فقال يا أهل السوق ما أعجزكم! (¬5). قالوا: وماذاك يا أبا هريرة؟ قال ذاك ميراث رسول الله ¬
فصل: العلم علمان
صلى الله عليه وسلم، يقسم وأنتم هاهنا، ألا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه. قالوا وأين هو؟ قال في المسجد فخرجوا سراعاً (¬1)، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا فقال لهم: مالكم (¬2)؟ فقالوا يا أبا هريرة قد أتينا المسجد فدخلنا فيه فلم نر فيه شيئاً يقسم، فقال لهم أبو هريرة: وما رأيتم في المسجد أحداً؟ قالوا بلى رأينا قوما يصلون، وقوما يقرءُون القرآن، وقوما يتذاكرون الحلال والحرام، فقال لهم أبو هريرة: ويحكم فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. فصل 40 - وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العلم علمان: علم في القلب فذاك العلم النافع، وعلم على اللسان (¬3) فذاك حجة الله على ابن آدم. رواه الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخه بإسناد حسن، ورواه ابن عبد البر النمري في كتاب العلم عن الحسن مرسلاً بإسناد صحيح. 41 - وروى عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العلم علمان فعلم ثابت في القلب فذاك (¬4) العلم النافع، وعلم في اللسان فذلك حجة الله على عباده. رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس، والأصبهاني في كتابه، ورواه البيهقي عن الفضيل بن عباض من قوله غير مرفوع. 42 - وروى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من العلم كهيئة المكنون (¬5) لا يعلمه إلا العلماء بالله تعالى، فإذا نطقوا به لا ينكره إلا أهل الغرَّة (¬6) بالله عز وجل. رواه أبو منصور الديلميُّ في المسند، وأبو عبد الرحمن السلمى في الأربعين التى له في التصوّف. ¬
الترغيب في الرحلة في طلب العلم
الترغيب في الرحلة في طلب العلم 1 - عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة. رواه مسلم وغيره، وتقدم بتمامه في الباب قبله. 2 - وعن ذر بن حُبَيْشٍ قال أتيت صفوان بن عسال المرادىَّ رضى الله عنه قال: ما جاء بك؟ قلت أنبط العلم. قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع. رواه الترمذي وصححه، وابن ماجه واللفظ له، وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد (قوله: أنبط العلم) أي أطلبه واستخرجه. 3 - وعن قبيصة بن المارق رضى الله عنه قال: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا قبيصةٌ ماجاء بك (¬1)؟ قلت كبرت سنى ورق عظمى، فأتيتك لتُعَلِّمَني ما ينفعنى الله تعالى به، فقال: يا قبيصة ما مررت بحجر، ولا شجر، ولا مدرٍ إلا استغفر لك، يا قبيصة: إذا صليت الصبح فقل ثلاثا: سبحان الله العظيم وبحمده تعاف (¬2) من العمى (¬3)، والجذام (¬4) والفلج (¬5) ياقبيصة: قل اللهم إنى أسألك مما عندك وأفض (¬6) عليَّ من فضلك، وأنشر على من رحمتك، وأنزل علىَّ من بركاتك (¬7). رواه أحمد، وفي إسناده راوٍ لم يسمَّ. 4 - وعن أبي أمامةَ عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من غدا (¬8) إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه (¬9) كان له كأجر حاجٍّ تامًّا حَجَّتُهُ (¬10). رواه الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به. ¬
من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع 5 - وروى عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من جاء مسجدى هذا لم يأْته إلا لخيرٍ يتعلمه، أو يُعَلَّمُهُ، فهو بمنزلة المجاهدين (¬1) فى سبيل الله، ومن جاء بغير ذلك فهو بمنزل الرجل ينظر إلى متاع غيره (¬2) رواه ابن ماجه والبيهقى، وليس في إسناده من ترك ولا أجمع على ضعفه. 6 - وروى عن عليٍّ رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما انتعل (¬3) عبد قط، ولا تخفف، ولا لبس ثوبا في طلب علم إلا غفر الله له ذنوبه حيث يخطو عتبة دارهِ. رواه الطبراني في الأوسط. (قوله تخفف) أي لبس خفه. 7 - وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع. رواه الترمذي وقال حديث حسن. 8 - وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من غدا يريد العلم يتعلمه لله، فتح الله بابا إلى الجنة، وفرشت له الملائكة (¬4) أكنافها، وصلت عليه (¬5) ملائكة السموات، وحيتان البحر، وللعالم من الفضل على العابد كالقمر ليلة البدر على أصغر كوكب في السماء، والعلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُوَرِّثوا ديناراً ولا درهما، ولكنهم ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظه، وموت العالم مصيبة لا تجبر وثلمة (¬6) لا تُسَدُّ، وهو نجم طُمسَ، موت قبيلةٍ أيسر من موت عالم ¬
رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، وليس عندهم: موت العالم إلى آخره. ¬
ورواه البيهقي واللفظ له من رواية الوليد بن مسلم حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن عثمان ابن أيمن عنه، وسيأتى في الباب بعده حديث أبى الردين إن شاء الله تعالى. ¬
الترغيب في سماع الحديث وتبليغه ونسخه والترهيب من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الترغيب في سماع الحديث وتبليغه ونسخه والترهيب من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم 1 - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نَضَّرَ الله أمراً سمع مِنَّا شيئاً فبلَّغه كما سمعه فَرُبَّ مُبلَّغٍ (¬1) أوعى من سامع (¬2) رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: رحم الله امرأً. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. (قوله نضر) هو بتشديد الضاد المعجمة وتخفيفها حكاه الخطابي، ومعناه الدعاء له بالنضارة، وهى النعمة والبهجة والحسن، فيكون تقديره: جملة الله وزينه، وقيل غير ذلك. 2 - وعن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نضَّر الله أمرأً سمع منَّا حديثاً (¬3) فبلغه غيره فَرُبَّ حامل فقهٍ (¬4) إلى من هو أفقه منه، ورُبَّ حامل فقهٍ ليس بفقيه (¬5) ثلاثٌ: لا يغلُّ (¬6) عليهن قلب مسلم: إخلاص (¬7) العمل لله، ومُناصحة وُلاَةِ الأمر (¬8) ولُزُومُ الجماعة (¬9)، فإن دعوتهم تُحيط من وراءهم (¬10)، ¬
ومن كانت الدنيا نيته (¬1) فرق الله عليه أمره (¬2) وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له، ومن كانت الأخرة نيته (¬3) جمع الله أمره وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهى راغمة (¬4). رواه ابن حبان في صحيحه، والبيهقى بتقديم وتأخير، وروى صدره إلى قوله: ليس بفقيه أبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه بزيادة عليها. رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه 3 - وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسجد الخيف من منى فقال: نضر الله امرأً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وبلغها من لم يسمعها، ثم ذهب بها إلى من لم يسمعها ألا فَرُبَّ حامل فقهٍ لا فقه له (¬5)، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، الحديث. رواه الطبراني في الأوسط. 4 - وعن جبير بن معطم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيف (خيف منى) يقول: نضر الله عبداً سمع مقالتى فحفظها ووعاها وبلغها من لم يسمعها فرب حامل فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغلُّ عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين، ولُزومُ جماعتهم، فإن دعوتهم تحفظ (¬6) من وراءهم. رواه أحمد وابن ماجه والطبراني في الكبير مختصرا ومطوّلا إلا أنه قال تحيط بياء بعد الحاء، رووه كلهم عن محمد بن إسحق عبد السلام عن الزهرى عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، وله عند أحمد طريق عن صالح بن كيسان عن الزهرى وإسناد هذه حسن. ¬
خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم وأضياف الله - إذا مات ابن آدم الخ 5 - وروى عن ابن عباس قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم. اللهم ارحم خلفائي. قلنا يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال الذين يأتون من بعدى يروون أحاديثي ويعلمونها الناس. رواه الطبراني في الأوسط. 6 - وعن أبي الرُّدين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من قوم يجتمعون على كتاب الله يتعاطونه بينهم إلا كانوا أضيافا لله (¬1) وإلا حفتهم (¬2) الملائكة حتى يقوموا، أو يخوضوا (¬3) في حديث غيره، وما من عالم يخرج في طلب علم (¬4) مخافة أن يموت، أو انتساخه مخافة أن يُدرس (¬5) إلا كان كالغازى الرائح في سبيل الله، ومن يُبطئ به (¬6) عمله لم يُسرع به نسبه. رواه الطبراني في الكبير من رواية إسماعيل بن عياش. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له. رواه مسلم وغيره، وتقدم هو وما ينتظم في سلكه، ويأتى له نظائر في نشر العلم وغيره إن شاء الله تعالى. (قال الحافظ) وناسخ العلم النافع له أجره وأجر من قرأه أو نسخه أو عمل به من بعده ما بقي خطه والعمل به، لهذا الحديث وأمثاله، وناسخ غير النافع مما يوجب الاثم عليه وزره ووزر من قرأه، أو نسخه، أو عمل به من بعده ما بقي خطه، والعمل به لما تقدم من الأحاديث: من سنّ سنة حسنة أو سيئة، والله أعلم. 8 - وروى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى (¬7) ¬
عَلىَّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له مادام اسمى في ذلك الكتاب. رواه الطبراني وغيره، وروى من كلام جعفر بن محمد موقوفاً عليه، وهو أشبه. 9 - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كذب علىَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وهذا الحديث قد روى عن غير واحد من الصحابة في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها حتى بلغ مبلغ التواتر، والله أعلم. 10 - وعن سمرة بن جُندُبٍ عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من حدث عني بحديث يرى أنه كذب (¬1) فهو أحد الكاذبين (¬2). رواه مسلم وغيره. 11 - وعن المغيرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن كذباً عليَّ ليس ككذب على أحدٍ فمن كذب علىَّ متعمدا (¬3) فليتبوأ مقعده (¬4) من النار. رواه مسلم وغيره ¬
الترغيب في مجالسة العلماء
الترغيب في مجالسة العلماء 1 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا (¬1). قالوا يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال مجالس العلم. رواه الطبراني في الكبير، وفيه راوٍ لم يسمّ. 2 - وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لقمان (¬2) قال لابنه يا بنى: عليك بمجالسة العلماء، واسمع كلام الحكماء (¬3) فإن الله لَيُحي القلب الميت بنور الحكمة كما يحيى الأرض الميتة بوابل المطر. رواه الطبراني في الكبير من طريق عبيد الله بن زحر عن علىّ بن يزيد عن القاسم، وقد حسنها الترمذي لغير هذا المتن، ولعله موقوف، والله أعلم. 3 - وعن ابن عباس قال: قيل يا رسول الله أيُّ جُلسائنا خير؟ قال: من ذكركم الله رُؤْيته (¬4)، وزاد في علمكم منطقه (¬5) وذكركم بالآخرة عمله (¬6) رواه أبو يعلى، ورواته، رواة الصحيح إلا مبارك بن حسان. ¬
الترغيب في إكرام العلماء وإجلالهم وتوقيرهم، والترهيب من إضاعتهم وعدم المبالاة بهم
الترغيب في إكرام العلماء وإجلالهم وتوقيرهم والترهيب من إضاعتهم وعدم المبالاة بهم 1 - عن جابر رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد (¬1) (يعنى في القبر) ثم يقول: أُيهما أكثر أخذاً للقرآن، فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد. رواه البخاري. 2 - وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن (¬2) من إجلال الله إكرام ذى الشيبة (¬3) المسلم، وحامل القرآن غير الغالى (¬4) فيه، ولا الجافى عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط. رواه أبو داود. 3 - وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: البركة (¬5) مع أكابركم. رواه الطبراني في الأوسط والحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم. 4 - وعنه عن النبى صلى الله عليه وسلم: قال: ليس منا (¬6) من لم يوقر الكبير، ويرحم الصغير، ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر. رواه أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه. 5 - وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق (¬7) كبيرنا. رواه الحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم. ¬
6 - وعن عُبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس من أُمتى (¬1) من لم يُجلَّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا (¬2). رواه أحمد باسناد حسن، والطبراني والحاكم إلا أنه قال: ليس منا. 7 - وعن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويُجلَّ (¬3) كبيرنا. رواه الطبراني من رواية ابن شهاب عن واثلة، ولم يسمع منه. 8 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا، رواه الترمذي وأبو داود إلا أنه قال: ويعرف حق كبيرنا. 9 - وروى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة (¬4) والوقار (¬5)، وتواضعوا (¬6) لمن تعلمون منه. رواه الطبراني في الأوسط. 10 - وعن سهل بن سعدٍ الساعدىِّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم لا يدُركنى زمان، أو قال: لا تُدركوا زماناً لا يُتبعُ فيه العليم (¬7)، ولا يُستحيا (¬8) فيه من الحليم، قلوبهم قلوب الأعاجم (¬9) وألسنتهم ألسنة العرب (¬10). رواه أحمد، وفى إسناده ابن لهيعة. ¬
الترهيب من تعلم العلم لغير وجه الله تعالى
11 - وعن أبي أُمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث لا يستخفُّ (¬1) بهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام، وذو العلم، وإمام مقسط (¬2). رواه الطبراني في الكبير من طريق عبيد الله بن زحر بن يزيد عن القاسم، وقد حسنها الترمذي لغير هذا المتن. 12 - وعن عبد الله بن بُسْرٍ رضى الله عنه قال: لقد سمعت حديثا منذ زمان: إذا كنت في قوم عشرين رجلا أو أقل أو أكثر فتصفحت وجوهم فلم تر فيهم رجلا يُهَابُ (¬3) في الله عز وجل فاعلم أن الأمر قد رق (¬4). رواه أحمد والطبراني في الكبير، وإسناده حسن. 13 - وروى عن أبي مالك الأشعرى أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: لا أخاف على أُمتى إلا ثلاث خلال أن يُكثر لهم (¬5) من الدنيا فيتحاسدوا (¬6)، وأن يفتح لهم الكتاب (¬7) يأخذه المؤمن من يبتغى تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولوا الألباب (¬8). وأن يروْ ذا علمٍ (¬9) فَيُضَيِعُوهُ ولا يُبَالُوا. رواه الطبراني في الكبير. الترهيب من تعلم العلم لغير وجه الله تعالى 1 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعلم علما مما يُبتغى (¬10) به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب (¬11) به عرضاً من الدنيا لم يجد (¬12) عرف الجنة يوم القيامة، يعنى ريحها. رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرط البخاري ومسلم، وتقدم حديث أبى هريرة في أول باب الرّياء: وفيه رجلٌ (¬13) تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن فأُتى به فعرَّفه نعمه فعرفها. قال فما عملت فيها؟ ¬
قال تعلمت العلم وعلمته، وقرأتُ فيك القرآن. قال كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم، وقرأت القرآن (¬1) ليقال هو قارئٌ، فقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النَّار، الحديث. رواه مسلم وغيره. الترهيب من طلب العلم لغير الله تعالى رياء 2 - ورُوِى عن كعب بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من طلب العلم ليُجارى (¬2) به العلماء أو لِيُمارِىَ (¬3) به السفهاء، ويصرف (¬4) به وجوه الناس إليه أدخله الله النار (¬5). رواه الترمذي، واللفظ له، وابن أبى الدنيا في كتاب الصمت وغيره، والحاكم شاهداً والبيهقى، وقال الترمذي: حديث غريب. 3 - وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعلَّموا العلم لتباهُوا به العلماء، ولا تماروا به السفهاء، ولا تخيرُوا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنار النار. رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقي كلهم من رواية يحي بن أيوب الغافقي عن ابن جريح عن أبي الزبير عنه، ويحي هذا ثقة احتج به الشيخان وغيرهما، ولا يلتفت إلى من شذ فيه، ورواه ابن ماجه أيضاً بنحو من حديث حذيفة. 4 - وروى عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم: من طلب العلم ليباهى به العلماء، ويمارى به السفهاء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار. رواه ابن ماجه. 5 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلم العلم لُيباهي به العلماء، ويُمارى به السفهاء ويصرف به وجوه الناس أدخله الله جهنم. رواه ابن ماجه أيضاً. 6 - وعن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من تعلم علماً لغير الله، ¬
أو أراد به غير الله فليتبوَّأ (¬1) مقعده من النار. رواه الترمذي وابن ماجه كلاهما عن خالد ابن دريك عن ابن عمر ولم يسمع منه، ورجال إسنادهما ثقات. 7 - وعن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن ناساً من أُمتى سيتفقهون في الدين يقرءون القرآن يقولون نأتي الأُمراء فنصيب من دنياهم ونعتزُّ لهم بديننا، ولا يكون ذلك كما لا يُجتنى من القتاد إلا الشوك كذلك لا يُجتنى من قربهم إلا (قال ابن الصباح كأنه يعنى) الخطايا (¬2). رواه ابن ماجه، ورواته ثقات. 8 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلم صرف (¬3) الكلام ليَسْبِيَ (¬4) به قلوب الرجال، أو الناس لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً (¬5) ولا عدلا (¬6) رواه أبو داود. (قال الحافظ) ويشبه أن يكون فيه انقطاع فان الضحاك بن شرحبيل ذكره البخاري وابن ابى حاتم ولم يذكروا له رواية عن الصحابة، والله أعلم. 9 - وعن أبن مسعود رضي الله عنه أنه قال: كيف بكم إذا لبستكم فتنة (¬7) يربو (¬8) فيها الصغير، ويهرم (¬9) فيها الكبير، وتتخذ سنة (¬10)، فإن غيرت يوما، قيل هذا منكر (¬11). قال ومتى ذلك؟ قال إذا قلت أُمناؤُكُمْ، وكثرت أمراؤُكم، وقَلَّت فقهاءُكم، وكثرت قُرَّاؤُكُمْ، وتفقه (¬12) لغير الدين، والتمست ¬
الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير
الدنيا بعمل الآخرة (¬1). رواه عبد الرزاق في كتابه موقوفاً. 10 - وعن عليٍ رضى الله عنه أنه ذكر فتناً تكون في آخر الزمان، فقال له عمر متى ذلك يا علىُّ؟ قال إذا تُفُقِّهَ لغير الدين، وتُعُلِّمَ لغير العمل، والتمست الدنيا بعمل الآخرة. رواه عبد الرزاق أيضاً في كتابه موقوفاً، وتقدم حديث ابن عباس المرفوع وفيه: ورجلٌ آتاه الله علماً فبخل به عن عباد الله، وأخذ عليه طمعاً، وشرى به ثمناً فذلك يلجم يوم القيامة بلجام من نارٍ، وينادى منادٍ هذا الذي آتاه الله علما فبخل به عن عباد الله، وأخذ عليه طمعاً، واشترى به ثمنا وكذلك حتى يفرغ الحساب. الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير. خير ما يخلف الرجل الخ 1 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مما يلحق المؤمنين من عمله وحسناته بعد موته علماً علمهُ ونشره وولدا صالحا (¬2) تركه، أو مصحفاً ورثه أو مسجداً بناهُ، أو بيتاً لابن سبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته. رواه ابن ماجه باسناد حسن والبيهقى، ورواه ابن خزيمة في صحيحه بنحوه. 2 - وعن قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير ما يخلف الرجل من بعد ثلاث: ولدٌ صالح يدعو له، وصدقة تجرى يبلغه أجرها، وعلم يُعمل به من بعده. رواه ابن ماجه باسناد صحيح، وتقدم حديث أبى هريرة: إذا مات ¬
ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم. 3 - وروى عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تصدَّق الناس بصدقة مثل علم ينشر (¬1). رواه الطبراني في الكبير وغيره. 4 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم العطية كلمة حق (¬2) تسمعها، ثم تحملها إلى أخ لك مسلم فَتُعَلِّمُهَا إياهُ. رواه الطبراني في الكبير، ويشبه أن يكون موقوفاً. ما تصدق الناس بصدقة مثل علم ينشر، والأجود، وأربعة باقية الأجر 5 - وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أُخبركم عن الأجود الأجود (¬3)، الله الأجود الأجود، وأنا أجودُ ولد آدم، وأجودكم من بعدى رجلٌ عَلَّمَ عِلماً فنشر علمه يبعث يوم القيامة أمة وحده، ورجل جاد (¬4) بنفسه لله عز وجل حتى يقتل. رواه أبو يعلى والبيهقى. 6 - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجل ينعش لسانه حقا يُعملُ به بعده إلا جرى له أجره إلى يوم القيامة، ثم وفاهُ الله ثوابه يوم القيامة. رواه أحمد باسناد فيه نظر، لكن الأصول تعضده. (قوله ينعش) أي يقول ويذكر. 7 - وروى عن أبي أُمامه رضى الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة تجرى عليهم أجورهم بعد الموت: رجل مات مرابطاً (¬5) في سبيل الله، ورجل علم علماً فأجره يجرى عليه ما عُمِلَ به، ورجل أجرى صدقة فأَجْرُهَا له ما جرت، ورجل ترك ولداً صالحا يدعوا له. رواه الإمام أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط، وهو صحيح مفرقاً من حديث غير ما واحد من الصحابة رضي الله عنهم. ¬
فصل: في بيان أن الدال على الخير كفاعله
فصل 8 - وعن أبي مسعود البدرى أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم ليستحمله (¬1) فقال: إنه قد أُبدع بى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائت فُلاناً فأتاهُ فحمله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دلَّ على خير فله مثل أجرِ فاعله، أو قال: عامله. رواه مسلم وأبو داود والترمذي. (قوله) أبدع بي: هو بضم الهمزة وكسر الدال: يعنى ظلعت ركابى، يقال أبداع به إذا كلت ركابه أو عطبت وبقى منقطعاً به. 9 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أتى رجُلٌ النبى صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: ما عندى ما أُعطيكهُ، ولكن أئتِ فلانا فأَتى الرجل (¬2) فأعطاه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل اجر فاعله، أو عامله. رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه البزار مختصراً: الدالُ على الخير كفاعله، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط من حديث سهل بن سعد. 10 - وعن أنس رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الدالُ على الخير كفاعله، والله يُحب إغاثة اللهفان (¬3). رواه البزار من رواية زياد بن عبد الله النميرى وقد وثق، وله شواهد. 11 - وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هُدىً كان له من الأجر مثلُ أُجُور من تبعهُ لا ينقص ذلك من أُجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً. رواه مسلم وغيره، وتقدم وهو وغيره في باب البداءة بالخير. ¬
الترهيب من كتم العلم
12 - وعن علىٍ رضي الله عنه في قول تعالى: (قُوا أنفسكم وأهليكم ناراً) قال عَلَّمُوا أهليكم الخيرَ. رواه الحاكم موقوفاً وقال صحيح على شرطهما. الترهيب من كتم العلم 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سئل عن علمٍ فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نارٍ. رواه أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقي، ورواه الحاكم بنحوه وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجَاه. وفي رواية لابن ماجه قال: ما من رجلٍ يحفظ علماً فيكتُمهُ إلا أتى يوم القيامة ملجوما بلجامٍ من نارٍ. 2 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كتم علماً (¬1) ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نارٍ. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم، وقاف صحيح لا غبار عليه. 3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سُئل عن علمٍ فكتمه جاء يوم القيامة ملجماً بلجام من نارٍ، ومن قال في القرآن بغير (¬2) ما يعلم جاء يوم القيامة ملجماً بلجام من نارٍ رواه أبو يعلى، ورواته ثقات محتج بهم في الصحيح، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط بسند جيد بالشطر الأول فقط. 4 - وروى عن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كتم علماً مما ينفع الله به (¬3) الناس في أمر الدين ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار رواه ابن ماجه. (قال الحافظ) وقد روى هذا الحديث دون قوله مما ينفع الله به عن جماعة من الصحابة غير من ذكر: منهم جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن مسعود، وعمرو بن عبسة، وعلى بن طلق وغيرهم. ¬
ذم كاتم العلم وتشديد العقوبة على من لم يتعلم 5 - وروى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لعن (¬1) آخرُ هذه الأمة أوَّلها فمن كتم حديثاً فقد كتم ما أنزل الله (¬2). رواه ابن ماجه وفيه انقطاع، والله أعلم. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثل الذى يتعلم العلم ثم لا يُحدثُ به كمثل الذي يكنز الكنز ثم لا ينفق منه (¬3)، رواه الطبراني في الأوسط، وفي إسناده ابن لهيعة. 7 - وعن علقمة بن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن جدِّهِ قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأثنى على طوائف من المسلمين خيراً، ثمَّ قال: ما بال (¬4) أقوامٍ لا يفقهون جيرانهم، ولا يُعلمونهم، ولا يعظونهم، ولا يأمرونهم ولا ينهونهم، وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم، ولا يتفقهون، ولا يتعظون. والله ليُعلِّمَنَّ قوم جيرانهم، ويفقهونهم، ويعظونهم، ويأمرونهم، وينهونهم وليتعلمن قومٌ من جيرانهم، ويتفقهون، ويتعظون أو لأُعاجلنهم العقوبة، ثم نزل فقال: قوم من ترونه عني (¬5) بهؤلاء؟ قال: الأشعريين هم قوم فقهاء، ولهم جيران جفاةٌ من أهل المياه (¬6) والأعراب (¬7) فبلغ ذلك الأشعريين، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله: ذكرت قوماً بخيرٍ، وذكرتنا بشرٍّ فما بالُنا؟ فقال لَيُعَلَّمَنَّ قومٌ جيرانهم، وليعظنهم، وليأمرونهم، ولينهونهم، وليتعلمن قومٌ من جيرانهم ويتعظون ويتفقهون أوْ لأُعاجِلَّنُهمُ العقوبة في الدنيا، فقالوا يا رسول الله: أَنُفَطِّنُ (¬8) غيرنا فأعاد قوله عليهم فأعادوا قولهم: أَنُفَطِّنُ غيرنا. فقال ذلك أيضاً، فقالوا أَمهِلنا (¬9) سنة فأمهلهم ¬
سنة لِيُفَقِّهُوهُم، ويعَلِّمُوهُمْ، وَيعظُوهمْ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: لَعِنَ الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم) الآية. رواه الطبراني في الكبير عن بكير بن معروف عن علقمة. ما جاء في ذم كاتم العلم وعدم النصيحة خيانة 8 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: تناصحُوا (¬1) في العلم فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله، وإن الله مُسائلُكُم. رواه الطبراني في الكبير أيضاً، ورواته ثقات إلا أن أبا سعيد البقال، واسمه سعيد بن المرزبان فيه خلاف يأتى. ¬
الترهيب من أن يعلم ولا يعمل بعلمه، ويقول ولا يفعله
الترهيب من أن يعلم ولا يعمل بعلمه ويقول ولا يفعله 1 - عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إنى أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعوةٍ لايستجاب لها. رواه مسلم والترمذي والنسائي، وهو قطعة من حديث. 2 - وعن أُسامة بن زيدٍ رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يُجاء (¬1) بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلقُ أقتَابُهُ (¬2) فيدورها كما يدور الحمارُ برحاهُ، فتجتمع أهل النار عليه فيقولون: يا فلان ما شأنُكَ، ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه. وأنهاكم عن الشر وآتيه. قال وإنى سمعته يقول: يعنى النبى صلى الله عليه وسلم مررت ليلة أسرى بى بأقوام تقرض شفاهُهُم بمقاريض (¬3) من نار، قلت من هؤلاء يا جبريل؟ قالك خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون. رواه البخاري ومسلم واللفظ له، ورواه ابن أبى الدنيا وابن حبان والبيهقى من حديث أنس، وزاد أبى الدنيا والبيهقى في رواية لهما. ويقرءُون كتاب الله ولا يعملون به. (قال الحافظ) وسيأتى أحاديث نحوه في باب من أمر بمعروف أو نهى عن منكر وخالف قوله فعله. 3 - وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الزبانية أسرع إلى فسقة القُرَّاء (¬4) منهم إلى عبدة الأوثان، فيقولون يُبدأُ بنا قبل عبدة الأوثان؟ فيقال لهم ليس من يعلم كمن لا يعلم. رواه الطبراني وأبو نعيم، وقال غريب من حديث أبى طوالة، تفرّد به العمرى عنه، يعنى: عبد الله بن عمر بن عبد العزيز الزاهد. (قال الحافظ) رحمه الله: ولهذا الحديث من غرابته شواهد، وهو حديث أبى هريرة: الصحيح: إن أوَّل من يدعو الله يوم القيامة رجلا جمع القرآن ليقال قارئٌ. وفي آخره ¬
أُولئك الثلاثة: أولُ خلق الله تُسعَرُ (¬1) بهم النارُ يوم القيامة. وتقدم لفظ الحديث تمامه في الرياء. 4 - وروى عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما آمن (¬2) بالقرآن من استحل محارمه. رواه الترمذي، وقال هذا حديث غريب ليس إسناده بالقوى. سؤال العبد في المحشر عن أربعة 5 - وعن أبي بَرْزَةَ الأسلمى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزُولُ قدما عبدٍ (¬3) حتى يُسأل عن عُمره فيم أفناه (¬4)، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه (¬5) وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه؟ (¬6). رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، ورواه البيهقى وغيره من حديث معاذ بن جبل عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما تزال قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عُمره فيما أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه؟. 6 - وعن ابن مسعود رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا يزولُ قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يُسأل عن خمس: عن عُمره فيم أفناهُ، وعن شبابه فيم أبلاهُ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وما عمل فيما علم؟. رواه الترمذي أيضاً والبيهقي، وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه من حديث ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا من حديث حسين بن قيس. (قال الحافظ) حسين هذا: هو حنش، وقد وثقه حصين بن نمير، وضعفه غيره، وهذا الحديث حسن في المتابعات إذا أضيف إلى ما قبله، والله أعلم. 7 - وروى عن الوليد بن عقبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أُناساً من أهل الجنة ينطلقون إلى أُناس من أهل الناس، فيقولون بم دخلتم النار؟ فوالله ما دخلنا الجنة إلا بما تعلمنا منكم، فيقولون: إنا كنا نقول ولا نفعل. رواه الطبراني في الكبير. 8 - وعن مالك بن دينارٍ عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
ما من عبدٍ يخطب خطبة إلاَّ الله عز وجل سائله عنها (¬1) أظُنُّهُ قال: ما أراد بها. قال جعفر كان مالك بن دينار إذا حدّث بهذا الحديث بكى حتى ينقطع، ثم يقول: تحسبون أن عينى تقرُّ بكلامي عليكم، وأنا أعلم أن الله عز وجل سائلى عنه يوم القيامة ما أردت به؟ (¬2) رواه ابن أبى الدنيا والبيهقي مرسلاً باسناد جيد. من لم ينفعه علمه ضره جهله - شرار العلماء 9 - وعن لقمان يعنى ابن عامر قال: كان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: إنما أخشى من ربي يوم القيامة أن يدعونى على رُءوس الخلائق فيقول لى يا عُويمر، فأقول لبيك (¬3) رب، فيقول ما عملت (¬4) فيما علمت؟. رواه البيهقي. 10 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: تعرضتُ أو تصديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت، فقلت يا رسول الله: أىُّ الناس شرٌّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم (¬5) غفراً، سل عن الخير، ولا تسأل عن الشر (¬6) شرار الناس، شرار العلماء في الناس. رواه البزار، وفيه الجليل بن مرة، وهو حديث غريب. 11 - وروى عن أبي برزة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يُعَلِّمُ الناس الخير وينسى نفسه. مثل الفتيلة (¬7) تضيء على الناس وتحرق نفسها. رواه البزار. 12 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رُب حامل فقه غير فقيه، ومن لم ينفعه علمه ضره جهله، اقرإ القرآن مانهاك (¬8)، فإن لم ينهك فلست تقرؤهُ. رواه الطبراني في الكبير وفيه شهر بن حوشب. 13 - وعن جندب بن عبد الله الأزدى رضي الله عنه صاحب النبى صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثلُ الذى يُعَلِّمُ الناس الخير وينسى ¬
نفسه كمثل السِّرَاجِ (¬1) يُضِيءُ للناس ويحرق نفسه، الحديث. رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن إن شاء الله تعالى. 14 - وعن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كُلُّ بُنيانٍ وبال (¬2) على صاحبه إلا ما كان هكذا، وأشار بكفه، وكل علمٍ وبال (¬3) على صاحبه إلا من عمل به. رواه الطبراني في الكبير أيضاً، وفيه هانئ بن المتوكل تكلم فيه ابن حبان. 15 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشدُّ الناس عذاباً يوم القيامة عالمٌ لم ينفعه علمه. رواه الطبراني في الصغير والبيهقي. 16 - وروى عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حَيٍّ من قيسٍ أُعلِّمُهُمْ شرائع الإسلام، فإذا قوم كأنهم الإبل الوحشية طامحةً أبصارهم ليس لهم هم إلا شاةٌ أو بعير، فانصرفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عمار ما عملت؟ فقصصت عليه قصة القوم وأخبرته بما فيهم من السَّهْوَةِ (¬4)، فقال يا عمار ألا أُخبرك بأعجب منهم قومٌ علموا ما جهل أُولئك، ثم سهوا (¬5) كسهوهم رواه البزار والطبراني في الكبير. 17 - وعن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنى لا أتخوف على أُمتى مؤمنا ولا مشركا: فأما المؤمن فيحجزه (¬6) إيمانه، وأما المشرك فيقمعه (¬7) كفره، ولكن أتخوف عليكم مُنافقا عالم اللسان، يقول ما تعرفون ويعمل ما تنكرون. رواه الطبراني في الصغير والأوسط من راوية الحارث وهو الأعور وقد وثقه ابن حبان وغيره. 18 - وعن عمران بن حُصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخوف ما أخاف عليكم بعدى كل منافق (¬8) عليم اللسان. رواه الطبراني ¬
في الكبير والبزار، ورواته محتج بهم في الصحيح، ورواه أحمد من حديث عمر بن الخطاب. 19 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل لا يكون مؤمنا حتى يكون قلبه مع لسانه سواءً، ويكون لسانه مع قلبه سواءً ولايخالف قوله عمله، ويأمن جاره بوائقه (¬1) رواه الأصبهاني باسناد فيه نظر. ذم من علم ولم يعمل، والمؤمن وناسى العلم ونتن ريحه 20 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إنى لأحسب الرجل ينسى العلم كما تعلمه للخطيئة يعملها (¬2). رواه الطبراني موقوفاً من رواية القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله عن جده عبد الله ولم يسمع منه، ورواته ثقات. 21 - وعن منصور بن زادان قال: نُبئتُ (¬3) أن بعض من يُلقى في النار تتأذى أهل النار بريحه، فيقال له ويلك (¬4) ما كنت تعمل (¬5) ما يكفينا ما نحن فيه (¬6) من الشر حتى ابتُلينا بك، وبِنَتْن (¬7) ريحك؟ فيقول كنت عالما فلم أنتفع بعلمى. رواه أحمد والبيهقي. ¬
الترهيب من الدعوى في العلم والقرآن
الترهيب من الدعوى في العلم والقرآن 1 - عن أُبى بن كعب رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: قام موسى صلى الله عليه وسلم خطيباً في بنى إسرائيل فسُئل أيُّ الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه أن عبداً (¬1) من عبادى بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال يارب كيف به؟ فقيل له أحمل حُوتاً في مكتلٍ (¬2) فإذا فقدته فهو ثمَّ (¬3). فذكر الحديث في اجتماعه بالخضر على أن قال: فانطلقا يمشيان على ساحل البحر ليس لهما سفينة، فمرت بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهما فعرف الخضر فحملوهما بغير نولٍ (¬4) فجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر (¬5) نقرةً أو نقرتين في البحر، فقال الخضر يا موسى: ما نقص علمى وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في هذا البحر. فذكر الحديث بطوله. وفي روايةٍ: بينما موسى يمشى في ملإِ من بنى إسرائيل إذ جاءه رجلٌ، فقال له: هل تعلم أحداً أعلم منكَ؟ قال موسى: لا، فأوحى الله إلى موسى بل عبدنا الخضر، فسأل موسى السبيل (¬6) إليه، الحديث. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 2 - وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يظهر الإسلام حتى تختلف التُّجَّارُ (¬7) في البحر، وحتى تخوض الخيل في سبيل الله (¬8)، ثم يظهر قوم يقرءُون القرآن يقولون من أقرأُ منا؟ (¬9). من أعلمُ منَّا. من أفقهُ منا؟ ثم قال لأصحابه: هل في أُولئك من خير؟ وقالوا: الله ورسوله أعلم. قال أولئك منكم من ¬
الترهيب من المراء والجدال والمخاصمة والمحاججة والقهر والغلبة، والترغيب في تركه للمحق والمبطل
هذه الأمة وأُولئك هم وقود النار. رواه الطبراني في الأوسط والبزار باسناد لا بأس به، ورواه أبى يعلى والبزار والطبراني أيضاً من حديث العباس بن عبد المطلب. ظهور الاسلام - الترهيب من المراء والجدال والمخاصمة والمحاججة الخ 3 - وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام ليلة بمكة من الليل فقال: اللهم هل بلغت (ثلاث مرات) فقام عمر بن الخطاب، وكان أوَّاهاً (¬1)، فقال: اللهم نعم (¬2)، وحرَّضْتَ وجهدت ونصحت، فقال: ليظهرنَّ الله الإيمان حتى يُرَدَّ الكفر إلى مواطنه، ولتخاضُّنَّ البحار بالإسلام (¬3)، وليأتين على الناس زمان يتعلمون فيه القرآن يتعلمونه ويقرءونه، ثم يقولون قد قرأنا وعلمنا، فمن ذا الذي هو خير منا، فهل في أُولئك من خيرٍ؟ قالوا يا رسول الله: من أُولئك؟ قال: أُولئك منكم، وأُولئك هم وقود النار. رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن إن شاء الله تعالى. 4 - وعن مجاهد عن ابن عمر رضى الله عنهما، لا أعلمه إلا عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من قال إنى عالمُ، فهو جاهل. رواه الطبراني عن ليت، وهو ابن أبى سليم عنه وقال: لا يروى عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد. (قال الحافظ) وستأتى أحاديث تنتظم في سلك هذا الباب في الباب بعده إن شاء الله تعالى. الترهيب من المراء والجدال والمخاصمة والمحاججة والقهر والغلبة والترغيب في تركه للمحق والمبطل 1 - عن أبي أمامه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ¬
ترك المِرَاء (¬1) وهو مُبطلٌ بُنِىَ له بيت في ربض الجنة، ومن تركه وهو محقٌ بني له في وسطها، ومن حسن خُلُقَهُ بنى له في أعلاها. رواه أبو داود والترمذي، واللفظ له وابن ماجه والبيهقي، وقال الترمذي حديث حسن، رواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر ولفطه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيتٍ في ربضِ الجنة لمن ترك المِرَاءَ وهو مُحِقٌّ، وببيتٍ في وسط الجنة لمن ترك الكذب وهو مازخٌ، وببيتٍ في أعلى الجنة لمن حَسُنَتْ سَريرتُهُ. (ربض الجنة) هو بفتح الراء والباء الموحدة وبالضاد المعجمة: وهو ما حولها. 2 - وروى عن أبي الدرداء، وأبى أُمامة وواثلة بن الأسقع، وأنس بن مالكٍ رضي الله عنهم قالوا: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ونحن نمارى (¬2) في شئ من أمر الدين فغضب غضباً شديداً لم يغضب مثله، ثم انتهرنا، فقال مهلا يا أُمة مُحمدٍ إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ذرُوا (¬3) المراءَ لقلة خيره، ذرُوا المراءَ فإن المؤمن لا يُمارِى (¬4) ذروا المِرَاء فإن المماري لا أشفَعُ له يوم القيامة، ذرو المراء فأنا زعيمٌ بثلاثة أبياتٍ في الجنة في رباضها ووسطها وأعلاها لمن ترك المراء وهو صادق (¬5)، ذرُوا المراءَ فإن أول ما نهانى عنه ربي بعد عبادة الأوثان المراءُ، الحديث. رواه الطبراني في الكبير. 3 - وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيتٍ في ربض الجنة، وببيتٍ في وسطٍ الجنة، وببيتٍ في أعلى الجنة لمن ترك المراءَ وإن كان مُحِقاً، وترك الكذب وإن كان مازحا (¬6) وحسَّن خُلُقَهُ. رواه البزار والطبراني في معاجيمه الثلاثة، وفيه سويد بن إبراهيم أبو حاتم. ¬
حسن تفاهم العلم: إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم 4 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كُنا جُلوساً عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتذاكر يَهْزِعُ (¬1) هذا بآيةٍ، وينزع هذا بآيةٍ، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يُفْقَأُ في وجهه حَبُّ الرُّمان (¬2) فقال يا هؤُلاء: بهذا بُعِثتم (¬3) أم بهذا أُمرتم؟ لا ترجعوا بعدى كُفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض (¬4). رواه الطبراني في الكبير، وفيه سويد أيضاً. 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ضلَّ قومٌ بعد هُدىً كانوا عليه إلا أُوتُوا الجدل (¬5) ثم قرأ: ما ضربوه لك إلا جدلاً. رواه الترمذي وابن ماجه وابن أبى الدنيا في كتاب الصمت وغيره، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. 6 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. (الألد) بتشديد الدال المهملة: هو الشديد الخصومة (الخصم) بكسر الصاد المهملة: هو الذي يحج من يخاصمه. 7 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كفى بك إثماً أن لا تزال مُخاصماً (¬6) رواه الترمذي، وقال حديث غريب. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المِراء في القرآن كُفرٌ. رواهأبو داود وابن حبان في صحيحه، ورواه الطبراني وغيره من حديث زيد بن ثابت. ¬
كتاب الطهارة
وعن بن عباس رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أن عيسى عليه السلام قال: إنما الأُمورُ ثلاثة: أمرٌ تبيَّنَ لكَ رُشْدُهُ فاتَّبعه (¬1)، وأمرٌ تبين لك غيُّه (¬2) فاجتنبه، وأمرٌ اختلف فيه فردهُ إلى عالم (¬3). رواه الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به. كتاب الطهارة الترهيب من التخلي على طرق الناس أو ظلهم أو مواردهم والترغيب في الانحراف عن استقبال القبلة واستدبارها 1 - عن أبي هرير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا (¬4) اللاعنين: قالوا وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال الذي يتخلى (¬5) في طُرُقِ الناس، أو في ظِلَّهِمْ. رواه مسلم وأبو داود وغيرهما. (قوله) اللاعنين: يريد الأمرين الجالبين اللعن، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم، فلما كانا سبباً لذلك أضيف الفعل إليهما فكأنهما اللاَّعنان. 2 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقُوا الملاعن الثلاث: البراز (¬6) في الموارد (¬7) وقارعة (¬8) الطريق، والظِّلِّ. رواه ¬
أبو داود وابن ماجه كلاهما عن أبي سعيد الحميرى عن معاذ، وقال أبو داود هو مرسل؛ يعنى أن أبا سعيد لم يدرك معاذا. (الملاعن) مواضع اللعن. قال الخطابي: والمراد هنا بالظل هو الظل الذى اتخذه الناس مقيلا ومنزلا ينزلونه، وليس كل ظل يحرم قضاء الحاجة تحته، فقد قضى النبى صلى الله عليه وسلم حاجته تحت حايش من النخل، وهو لا محالة له ظل انتهى. الترهيب من التغوط في طرق الناس 3 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اتقوا الملاعن الثلاث: قيل: ما الملاعن الثلاث يا رسول الله؟ قال أن يقعد أحدكم في ظلٍ يستظلُّ به، أو في طريقٍ، أو نقع ماءٍ (¬1) رواه أحمد. 4 - وعن حذيفة بن أُسيدٍ رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من آذى المسلمين في طُرقهم وجبت عليه لعنتهم (¬2). رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. 5 - وعن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: قال رجل لأبى هريرة أفتيتنا في كل شيءٍ يُوشِكُ أن تُفتينا في الخراءِ، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه سولم يقول: من غسل سخيمته على طريقٍ من طرق المسلمين، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. رواه الطبراني في الأوسط والبيهقى وغيرهما، ورواته ثقات إلا محمد بن عمرو الأنصارى. (قوله) يوشك: بكسر الشين المعجمة وفتحها لغية. معناه يكاد ويسرع، والخراء والسخيمة: الغائط. 6 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم والتعريس (¬3) على جواد الطريق، والصلاة عليها، فإنها مأوى الحيات ¬
والسِّباع، وقضاء الحاجة عليها، فإنها الملاعن. رواه ابن ماجه، ورواته ثقات.
الترهيب من البول في الماء والمغتسل والجحر
7 - وعن مكحول رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُبال بأبواب المساجد. رواه أبو داود في مراسيله. 8 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يستقبل القبلة (¬1) ولم يستدبرها في الغائط كتب له حسنةٌ، ومُحِىَ عنه سيئةٌ. رواه الطبراني ورواته رواة الصحيح. (قال الحافظ) وقد جاء النهى عن استقبال القبلة واستدبارها في الخلاء في غير ما حديث صحيح مشهور تغنى شهرته عن ذكره لكونه نهياً مجرداً، والله سبحانه وتعالى أعلم. الترهيب من البول في الماء والمغتسل والجحر 1 - عن جابر رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن يُبَال في الماء الراكد (¬2) رواه مسلم وابن ماجه والنسائي. 2 - وعنه قال: قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُبال في الماء الجارى. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد. 3 - وعن بكر بن ماعز قال: سمعت عبد الله بن يزيد يُحَدِّثُ عن النبى صلىلله عليه وسلم قال: لا يُنْقَعْ (¬3) بول في طَسْتٍ في البيت، فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه بول منتقع (¬4) ولا تبُولنَّ في مغتسلك. (¬5) رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن، والحاكم، وقال صحيح الإسناد. 4 - وعن حميد بن عبد الرحمن قال: لقيتُ رجلاً صحب النبى صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط (¬6) أحدُنا كلَّ يومٍ ¬
الترهيب من الكلام على الخلاء
أو يبول في مغتسله. رواه أبو داود والنسائي في أول حديث. 5 - وعن عبد الله بن مُغَفَّلٍ رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم: نهى أن يبول الرجل في مستحمه، وقال إن عامّة الوسواس منه (¬1). رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي واللفظ له، وقال حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث أشعث بن عبد الله، ويقال له أشعث الأعمى. (قال الحافظ) إسناده صحيح متصل، وأشعث بن عبد الله ثقة صدوق، وكذلك بقية رواته، والله أعلم. 6 - وعن قتادة عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُبال في الجحر (¬2). قالوا لقتادة: ما يُكره من البول في الجُحر؟ قال يقال إنها مساكن الجن. رواه أحمد وأبو داود والنسائي. الترهيب من الكلام على الخلاء 1 - عن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا يتناجى (¬3) اثنان على غائطهما (¬4) ينظر كُلُّ واحدٍ منهما على عورة صاحبه، فإن الله يمقت (¬5) على ذلك. رووه كلهم من رواية هلال بن عياض، أو عياض بن هلال عن أبي سعيد، وعياض هذا روى له أصحاب السنن، ولا أعرفهُ بجرح ولا عدالة، وهو في عداد المجهولين. (قوله) يضربان الغائط: قال أبو عمرو صاحب ثعلب: يقال ضربت الأرض إذا أتيت الخلاء، وضربت في الأرض: إذا سافرت. ¬
الترهيب من إصابة البول الثوب وغيره وعدم الاستبراء منه
2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج اثنان من الغائط فيجلسان يتحدثان كاشفين عن عوراتهما، فإن الله عز وجل يمقت على ذلك، رواه الطبراني في الأوسط بإسناد لِّين. الترهيب من إصابة البول الثوب وغيره، وعدم الاستبراء منه 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بقبرين، فقال: إنهما لَيُعَذَّبان، وما يُعَذَّبانِ في كبير، بلى إنه كبير. أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة (¬1)، وأما الآخر فكان لايستتر (¬2) من بوله. رواه البخاري، وهذا أحد ألفاظه ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. 2 - وفي رواية للبخارى وابن خُزيمة في صحيحه: أن النبى صلى الله عليه وسلم مَرَّ بحائطٍ من حيطان مكة أو المدينة، فسمع إنسانين يُعذبان في قبورهما، فقال النبى صلى الله عليه وسلم، إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشى بالنميمة، الحديث. وبَّوب البخاري عليه: باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله. (قال الخطابي) قوله: وما يعذبان في كبير: معناه أنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما ¬
أو يشق فعله لو أرادَا أن يفعلا، وهو التنزه من البول، وترك النميمة، ولم يرد أن المعصية في هاتين الخصلتين ليست بكبيرة في حق الدين، وأن الذنب فيهما هين سهل. (قال الحافظ عبد العظيم) ولخوف توهم مثل هذا استدرك، فقال صلى الله عليه وسلم بلى إنه كبيرٌ، والله أعلم. الترهيب من ترك الاستبراء من البول، وإتيان النميمة 3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة عذاب القبر في البول فاستنزهوا (¬1) من البول. رواه البزار والطبراني في الكبير والحاكم والدارقطنى كلهم من رواية أبى يحيى القتات عن مجاهد عنه، وقال الدراقطنى إسناده لا بأس به، والقتات مختلف في توثيقه. 4 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تنزهوا من البول، فإنه عامة عذاب القبر من البول. رواه الدارقطنى وقال: المحفوظ مرسل. 5 - وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: بينما النبى صلى الله عليه وسلم يمشى بيني وبين رجل آخر إذ أتى على قبرين فقال: إن صاحبى هذين القبرين يُعذبان (فائتيانى بجريدةٍ) قال أبو بكر: فاستقبت أنا وصاحبى فأتيته بجريدةٍ فشقها نصفين، فوضع في هذا القبر واحدة، وفي ذا القبر واحدةً. قال لعله يخفف عنهما مادامتا رطبتين، إنهما يُعذبان بغير كبير: الغيبة (¬2) والبول. رواه أحمد والطبراني في الأوسط واللفظ له، وابن ماجه مختصرا من رواية بحر بن مرار عن جده أبى بكرة ولم يدركه. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر عذاب القبر من البول (¬3) رواه أحمد وابن ماجه واللفظ له، والحاكم قال: صحيح على شرط الشيخين ولا أعلم له علة. (قال الحافظ) وهو كما قال. ¬
الترهيب من ترك الاستبراء من البول، وإتيان النميمة 7 - وعن أُمامة رضي الله عنه قال: مر النبى صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر نحو بقيع (¬1) الغرقد، قال وكان الناس يمشون خلفه، قال فلما سمع صوت النعال وقر ذلك في نفسه فجلس حتى قدمهم أمامه، فلما مر ببقيع الغرقد إذا بقبرين قد دفنوا فيهما رجلين. قال فوقف النبى صلى الله عليه وسلم فقال: من دفنتم هاهنا اليوم؟ قالوا فلان وفلانٌ. قالوا يا نبىَّ الله وما ذاك؟ قال أما أحدهما فكان لا يتنزَّهُ من البول، وأما الآخر فكان يمشى بالنميمة، وأخذ جريدةً رطبةً (¬2) فشقها، ثم جعلها على القبرين. قالوا يا نبى الله: لم فعلت هذا؟ قال لُيخفِّفَنَّ عنهما. قالوا: يا رسول الله: حتى متى (¬3) هما يعذبان؟ قال غيب لا يعلمه إلا الله، ولولا تمرُّغُ (¬4) قلوبكم وتزيُّدُكُم (¬5) في الحديث لسمعتم ما أسمع. رواه أحمد واللفظ له وابن ماجه، كلاهما من طريق على بن يزيد الالهانى عن القاسم عنه. 8 - وعن عبد الرحمن بن حسنة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده الدرقة (¬6) فوضعها (¬7)، ثم جلس فبال إليها، فقال بعضهم انظروا إليه يبول كما تبول المرأة فسمعه النبى صلى الله عليه وسلم فقال: ويحك (¬8) ما علمت ما أصاب صاحب بنى اسرائيل كانوا إذا أصابهم البول قرضُوهُ (¬9) بالمقاريض ¬
فنهاهم فعذب في قبره. رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه. الترهيب من عدم قضاء الدين والاستبراء من البول 9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا نمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا على قبرين فقام فقمنا معه فجعل لونه يتغير حتى رعد (¬1) كُمُّ قميصه، فقلنا مالك يا رسول الله؟ فقال أما تسمعون ما أسمعُ؟ فقلنا وما ذاك يا نبى الله؟ قال هذان رجلان يعذبان في قبورهما عذابا شديدا في ذنب هين، قلنا فيم ذلك؟ قال كان أحدهما لا يستنزه (¬2) من البول، وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه (¬3) ويمشى بينهم بالنميمة، فدعا بجريدتين من جرائد النخل فجعل في كل قبرٍ واحدةً، قلنا: وهل ينفعهم ذلك؟ قال نعم: يخفف عنهما ما دامتا رطبتين (¬4).رواه ابن حبان في صحيحه. (قوله: في ذنب هين) يعنى هِّين عندهما وفى ظنهما، أو هّين عليهما اجتنابه، لا أنه هين في نفس الأمر لأن النميمة محرمة اتفاقاً. 10 - وعن شفى بن ماتع الأصبحى رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أربعة يُؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى يسعون بين الحميم (¬5) والجحيم (¬6) يدعون (¬7) بالويل والثبور يقول أهل النار بعضهم لبعض: ما بال هؤلاء قد آذونا على ما بنا من الأذى؟ قال فرجل مُغلقٌ (¬8) عليه تابوت من جمر، ورجل يجُرُّ أَمعاءَهُ (¬9)، ¬
الترهيب من دخول الرجال الحمام بغير أزر ومن دخول النساء بأزر وغيرها إلا نفساء أو مريضة، وما جاء في النهي عن ذلك
ورجل يسيل فُوهُ قيحاً ودماً، ورجلٌ يأكل لحمهُ، قال فيقال لصاحب التابوت ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى، فيقول إن الأبعد مات وفي عنقه أموال الناس ما يجد لها قضاء أو وفاء، ثم يقال للذى يجُرُّ أمعاءَهُ ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى، فيقول: إن الأبعد كان لا يبالى أن أصاب البول منه لا يغسله. وذكر بقية الحديث. رواه ابن أبى الدنيا في كتاب الصمت، وكتاب ذمّ الغيبة، والطبراني في الكبير باسناد لِّين وأبو نعيم وقال: شفىّ بن ماتع مختلف فيه، فقيل له صحبة: ويأتى الحديث بتمامه في الغيبة إن شاء الله تعالى. 11 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا (¬1) البول فإنه أول ما يُحاسب به العبد في القبر. رواه الطبراني في الكبير أيضاً بإسناد لا بأس به. الترهيب من دخول الرجال الحمام بغير أزر ومن دخول النساء بأزر وغيرها إلا نفساء أو مريضة، وما جاء في النهى عن ذلك 1 - عن جابر رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر (¬2) ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته (¬3) الحمِّامَ. رواه النسائي وحسنه، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 2 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله قال: ستفتح عليكم أرض العجم (¬4)، وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات فلا يدخلنَّها الرجالُ ¬
إلا بالأُزُرِ، وامنعوها النساء إلا مريضةً أو نُفساء (¬1). رواه ابن ماجه وأبو داود، وفي إسناده. عبد الرحمن بن زياد بن أنعم. 3 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن دخول الحمامات، ثم رخص للرجال أن يدخلوها في المآزر (¬2). رواه أبو داود ولم يضعّفه واللفظ له والترمذي وابن ماجه، وزاد: نهى الرجال والنساء، وزاد ابن ماجه: ولم يرخّص للنساء. (قال الحافظ) رحمه الله: رووه كلهم من حديث أبى عذرة عن عائشة. وقد سئل أبو زرعة الرازى عن أبي عذرة هل يسمى؟ فقال لا أعلم أحداً سماه، وقال أبو بكر بن حازم لا يعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه، وأبو عذرة غير مشهور، وقال الترمذي: إسناده ليس بذاك القائم. الترهيب من عدم إكرام الجار والضيف الخ 4 - وعنها رضى الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الحمام حرامٌ على نساء أُمتى. رواه الحاكم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد. 5 - وعن أبي أيوب الأنصارى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره (¬3) ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت (¬4) ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم فلا يدخل الحمام. قال فنهيت بذلك إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في خلافته، فكتب إلى أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزام أن سل محمد بن ثابت عن حديثه فإنه رضى فسأله، ثم كتب إلى عمر: فمنع النساء عن الحمام. رواه ابن حبان في صحيحه واللفظ له والحاكم وقال صحيح الإسناد ورواه الطبراني في الكبير والأوسط من رواية عبد الله بن صالح كاتب الليث، وليس عنده ذكر عمر ابن عبد العزيز. ¬
ترهيب المرأة أن تضع ثيابها في غير بيتها 6 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احذروا بيتاً يقال له الحمام. قالوا يا رسول الله إنه يُنقى (¬1) الوسخ؟ قال فاستتروا (¬2) رواه البزار، وقال رواه الناس عن طاوس مرسَلاً. (قال الحافظ) ورواته كلهم محتج بهم في الصحيح، ورواه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ولفظه: اتقوُا (¬3) بيتاً يقال له الحمَّام. قالوا يا رسول الله يُذْهِب الدَّرَنَ، وينفعُ المريض قال فمن دخله فليستتر. ورواه الطبراني في الكبير بنحو الحاكم، وقال في أوله: شرُّ البيوت الحَمَّام تُرْفَعُ فيه الأصوات وتكشف فيه العورات (الدرن) بفتح الدال والراء هو الوسخ. 7 - وعن قاص الأجناد بالقسطنطينية أنَّهُ حدَّث أن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا أيها الناس إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدةٍ (¬4) يُدارُ عليها الخمر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بإزار، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام. رواه أحمد. وقاص الأجناد لا أعرفه، وروى آخره أيضا عن أبي هريرة، وفيه أبو خيرة لا أعرفه أيضاً. (الحليلة) بفتح الحاء المهملة هي الزوجة. 8 - وعن أبي المليح الهُذلي رضي الله عنه أن نساء من أهل حمص، أو من أهل الشام دخلن على عائشة رضي الله عنها فقالت: أنتُنَّ اللاتى تُدخلن نساءكُن الحمَّامات سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرأة تضع ثيابها (¬5) في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر (¬6) بينها وبين ربها. رواه الترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن، وأبو داود وابن ماجه والحاكم وقال صحيح على شرطهما. ¬
وروى أحمد وأبو يعلى والطبراني والحاكم أيضاً من طريق درّاج أبى السمح عن السائب: أن نساءَ دخلن على أُم سلمة رضي الله عنها فسألتهن من أنتُنَّ؟ قُلن من أهل حمص. قالت من أصحاب الحمَّامات؟ قُلن وبها بأسٌ؟ (¬1). قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أُيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق (¬2) الله عنها ستره. 9 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُدخل حليلته الحمام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليسع (¬3) إلى الجُمعة، ومن استغنى (¬4) عنها بلهوٍ أو تجارةٍ استغنى الله عنه (¬5)، والله غنيٌ حميدٌ. الترهيب من ترك الجمعة والجلوس على مائدة عليها الخمر الخ 10 - وعن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمَّام؟ فقال: إنه سيكون بعدى حمامات، ولا خير في الحمامات للنساء، فقالت يا رسول الله: إنها تدخُلُهُ بإزار؟ فقال لا، وإن دخلته بإزار ودرعٍ (¬6) وخمارٍ (¬7)، ومامن امرأةٍ تنزع خمارها (¬8) في غير بيت زوجها إلا كشفت الستر فيها بينها وبين ربها. رواه الطبراني في الأوسط من رواية عبد الله بن لهيعة. 11 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمَّام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُدخل حليلته الحمَّام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشرب الخمر، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يُشربُ عليها الخمر، ومن كان يؤمن بالله ¬
واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة بينه وبينها محرم (¬1). رواه الطبراني في الكبير وفيه يحيى بن أبى سليمان المدنى. الترهيب من دخول الحمامات 12 - وروى عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم ستفتحون أُفقاً فيها بيوت يقال لها الحمامات حرامٌ على أُمتى دخولها ¬
الترهيب من تأخير الغسل لغير عذر
فقالوا يا رسول الله إنها تُذهب الوصب، وتنقى الدرن؟ قال فإنها حلالٌ لذكور أُمتى في الأُزُر. حرامٌ على إناث أُمتى. رواه الطبراني. (الأفق) بضم الألف وسكون الفاء وبضمها أيضاً: هي الناحية (والوصب) المرض. الترهيب من تأخير الغسل لغير عذر 1 - عن عمَّار بن ياسرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثةٌ لا تقربهم الملائكة: جيفة (¬1) الكافر، والمتضمِّخُ (¬2) بالخلوق، والجنب إلا أن يتوضَّأَ (¬3). رواه أبو داود عن الحسن ابن أبى الحسن عن عمار ولم يسمع منه، ورواه هو وغيره عن عطاء الخرسانىّ عن يحيى بن يعمر عن عمار قال: ¬
قدمتُ على أهلى ليلاً وقد تشققت يداى فخلَّقُونىِ بزعفرانٍ فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمْتُ عليه فلم يَرُدَّ على السلام ولم يُرحب بي، وقال اذهب فاغسل عنك هذا فغسلته، ثم جئت فسلمت عليه فرد على ورحب بى وقال: إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخيرٍ، ولا المتضمخ بزعفرانٍ، ولا الجنب. قال ورُخصَ للجنب إذا نام، أو أكل، أو شرب أن يتوضأَ. (قال الحافظ) رحمه الله: المراد بالملائكة هنا هم الذين ينزلون بالرحمة والبركة دون الحفظة فإنهم لايفارقونه على حال من الأحوال، ثم قيل في حق كل من أخر الغسل لغير عذر ولعذر إذا أمكنه الوضوء فلم يتوضأ، وقيل هو الذي يؤخره تهاوناً وكسلاً، ويتخذ ذلك عادة، والله أعلم. الترهيب من اتخاذ الصور والكلاب والبقاء بالجنابة 2 - وعن علي بن أبى طالب كرم الله وجهه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورةٌ (¬1)، ولا كلبٌ (¬2) ولا جنبٌ. رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه. 3 - وعن البزار بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: ثلاثة لا تقربهم الملائكة: الجنب، والسكران (¬3)، والمتضمخ بالخلوق ¬
الترغيب في الوضوء وإسباغه
الترغيب في الوضوء وإسباغه 1 - عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم في سؤال جبرائيل إياه عن الإسلام فقال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن تُقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج، وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وأن تُتمَّ الوضوء (¬1)، وتصوم رمضان. قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلمٌ؟ قال: نعم، قال: صدقت. رواه ابن خزيمة في صحيحه هكذا، وهو في الصحيحين وغيرهما بنحوه، بغير هذا السياق. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أُمتى يُدَعونَ يوم القيامة غُرًّا (¬2) مُحَجَّلين (¬3) من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غُرَّته فليفعل. رواه البخاريّ ومسلم، وقد قيل إن قوله: من استطاع إلى آخره، إنما هو مدرج من كلام أبى هريرة موقوف عليه، ذكره غير واحد من الحفاظ، والله أعلم. 3 - وَلِمُسلمٍ عن أبي حازم قال: كنت خلف أبى هريرة وهو يتوضأ للصلاة، فكان يمد يده حتى يبلغ إبطه، فقلت له: يا أبا هريرة ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني الله فروخ أنتم هاهنا! لو علمت أنكم هاهنا ما توضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تبلغ الحلية (¬4) من المؤمن حيث الوضوء. ورواه ابن خزيمة ¬
في صحيحه بنحو هذا إلا أنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الحليةَ تبلغُ مواضع الطهور. (الحلية) ما يحلي به أهل الجنة من الأساور ونحوها. 4 - وعنهُ رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: السلام عليكم دار (¬1) قوم مؤمنين، وإنا إن شاء (¬2) لله بكم عن قريب لاحقون، وددتُ (¬3) أنا قد رأينا إخواننا. قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم أصحابى، وإخوانُنَا الذين لم يأتوا بعد. قالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أُمتك يا رسول الله؟ قال: أرأيت لو أن رجلاُ له خيل غُرٌّ مُحجَّلَةٌ بين ظهرى (¬4) خيل دهمٍ (¬5) بهُم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فإنهم يأتون غُرًّا مُحجلين من الوضوء، وأنا فرطُهُمْ على الحوض (¬6). رواه مسلم وغيره. ¬
5 - وعن زرً عن عبد الله رضى الله عنه أنهم قالوا يا رسول الله: كيف تعرف من لم تر من أُمتك؟ قال: غُرٌّ محجلون بُلْقٌ (¬1) من آثار الوضوء. رواهابن ماجه وابن حبان في صحيحه، ورواه أحمد والطبراني بإسناد جيد نحوه من حديث أبى أمامة. الترغيب في إسباغ الوضوء 6 - وعن أبي الدرداء رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أولُ من يُؤذَنُ له بالسجود يوم القيامة، وأنا أول من يرفع رأسه فأنظر بين يدىَّ فأعرف أُمتى من بين الأُمم، ومن خلفى مثل ذلك، وعن يمينى مثل ذلك، وعن شمالى مثل ذلك فقال رجلٌ: كيف تعرف أُمتك يا رسول الله من بين الأمم فيما بين نُوحٍ إلى أُمتك؟ قال: هم غُرُّ مُحَجَّلُون من أثر الوضوء ليس لأحدٍ كذلك غيرهم وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم تسعى بين أيديهم ذُريتهم. رواه أحمد، وفي إسناده ابن لهيعة، وهو حديث حسن في المتابعات. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأَ العبد المسلم، أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كُلُّ خطيئةٍ نظر إليها بعينه مع الماء، أو مع (¬2) آخر قطرة الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئةٍ كان بطشتها (¬3) يداه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئةٍ مشتها رجلاهُ مع الماء، أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب. رواه مالك ومسلم والترمذي، وليس عند مالك والترمذي غسل الرجلين. 8 - وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره. وفي روايةٍ: أن عُثمان توضأ ثم قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وُضُوئي هذا، ثم قال: من توضأ هكذا غُفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ¬
ومشيه إلى المسجد نافلةً (¬1). رواه مسلم، والنسائي مختصراً، ولفظه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرئٍ يتوضأُ فيحسن وُضُوءَهُ إلا غُفِرَ له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يُصليها. وإسناده على شرط الشيخين، ورواه ابن خزيمة في صحيحه مختصراً بنحو رواية النسائي، ورواه ابن ماجه أيضاً باختصار، وزاد في آخره: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغترُّ أحدٌ. وفي لفظ النسائي قال: من أتمَّ الوضوء كما أمره الله فالصلوات الخمس وكفَّارات لما بينهن. الترغيب في إسباغ الوضوء 9 - وعنه رضي الله عنه أنه توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: من توضأ مثل وُضُوئى هذا، ثم أتى المسجد فركع ثم جلس، غفر له ما تقدم من ذنبه (¬2)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاتغتروا (¬3). رواه البخاري وغيره. 10 - وعنه رضى الله عنه أيضا أنه دعا بماءٍ فتوضأ، ثم ضحك فقال لأصحابه: ألا تسألونى ما أضحكنى؟ فقالوا: ما أضحكك يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ كما توضأت ثم ضحك (¬4) فقال: ألا تسألونى ما أضحكك؟ فقالوا: ¬
ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: إن العبد إذا دعا بوضوء فغسل وجهه حط الله عنه كل خطيئة أصابها بوجهه، فإذا غسل ذراعيه كان كذلك، وإذا طهر قدميه كان كذلك. رواه أحمد بإسناد جيد، وأبى يعلى، ورواه البزار بإسناد صحيح، وزاد فيه: فإذا مسح رأسهُ كان كذلك. ما جاء في إسباغ الوضوء 11 - وعن حُمران رضي الله تعالى عنه قال: دعا عثمان رضي الله عنه بوضوء وهو يريدُ الخروج إلى الصلاة في ليلة باردةٍ فجئته بماءٍ فغسل وجهه ويديه، فقلت: حسبك (¬1) الله والليلة شديدة البرد، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يُسبغُ (¬2) عبدٌ الوضوء إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. رواه البزار بإسناد حسن. 12 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الخصلة الصالحة تكون في الرجل فيُصلحُ الله بها عمله كُلَّهُ، وطهور الرجل لصلاته يُكفرُ الله بطهوره ذنوبه (¬3)، وتبقى صلاته له نافلة. رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط من رواية بشار بن الحكم. 13 - وعن عبد الله الصنابحىِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظافر رجليه، ثم كان مشيهُ إلى المسجد (¬4) ¬
وصلاته نافلة. رواه مالك والنسائي، وابن ماجه والحاكم وقال صحيح على شرطهما، ولا علة له، والصنابحىّ. صاحبى مشهور. ماجاء في إسباغ الوضوء 14 - وعن عمرو بن عنبسة السُّلَمِىَّ رضي الله عنه قال: كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالةٍ، وأنهم ليسوا على شيءٍ وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل في مكة يُخبرُ أخباراً فقعدت على راحلتي فقدمت عليه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث إلى أن قال: فقلت: يا نبىَّ الله فالوضوء حدثنى عنه، فقال: ما منكم رجلٌ يُقَرِّبُ وضوءَه (¬1) فيمضمض (¬2)، ويستنشق (¬3) فيستنثر (¬4) إلا خرجت خطايا وجهه من فيه وخياشيمه (¬5)، ثم إذا غسل وجهه كما أمر الله إلا خرت (¬6) خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرَّت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام، وصلى فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ومجده (¬7) بالذى هو له أهل، وفرَّغَ (¬8) قلبه لله تعالى إلا انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه (¬9). رواه مسلم. 15 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيُّما رجلٍ قام إلى وضوئه يريد الصلاة، ثم غسل كفيه نزلت كل خطيئةٍ من كفيه مع أول قطرةٍ، فإذا مضمض، واستنشق واستنثر، نزلت خطيئته من لسانه وشفتيه مع أول قطرة، فإذا غسل وجهه نزلت كل خطيئة من سمعه وبصره مع أول قطرة، فإذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سلم من كل ذنب كهيئته يوم ولدته أمه. قال: فإذا قام إلى الصلاة رفع الله درجته، وإن قعد قعد سالماً. رواه أحمد وغيره ¬
من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب، وقد حسنها الترمذي لغير هذا المتن، وهو إسناد حسن في المتابعات لا بأس به. 16 - وفي راويةٍ له أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأسبغ (¬1) الوضوء: غسل يديه ووجهه، ومسح على رأسه وأُذنيه، وغسل رجليه، ثم قام إلى صلاة مفروضة، غفر له في ذلك اليوم ما مشت (¬2) إليه رجله، وقبضت عليه يداه، وسمعت إليه أُذناه، ونظرت إليه عيناه، وحدث به نفسه من سوءٍ (¬3). قال: والله لقد سمعته من نبى الله صلى الله عليه وسلم مالا أُحصيه. 17 - ورواه أيضا بنحوه من طريق صحيح، وزاد فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوضوء يكفر ما قبله ثم تصير الصلاة نافلة. 18 - وفي أُخرَى له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ الرجل المسلم خرجت ذنوبه من سمعه وبصره، ويديه، ورجليه، فإن قعد قعد مغفورا له. وإسناد هذه حسن. 19 - وفي أُخرى له أيضاً: إذا توضأ المسلم فغسل يديه كفر عنه ما عملت يداه، فإذا غسل وجهه كفر عنه ما نظرت إليه عيناه، وإذا مسح برأسه كفر به ما سمعت أُذناه، فإذا غسل رجليه كفر عنه ما مشت إليه قدماه، ثم يقوم إلى الصلاة فهى فضيلة، وإسناد هذه احسن أيضا. ¬
وفى رواية للطبرانى في الكبير. قال أبو أُمامة: لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سبع مراتٍ ما حدثت به. قال: إذا توضأ الرجل كما أُمر ذهب الإثم (¬1) من سمعه، وبصره، ويديه ورجليه وإسناده حسن أيضاً. الطهور شطر الإيمان الخ 21 - وعن ثعلبة بن عبادٍ عن أبيه رضي الله عنه قال: ما أدرى كم حدّثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجاً أو أفراداً، قال: ما من عبدٍ يتوضأُ فيحسن الوضوء فيغسل وجهه حتى يسيل الماء على ذقنه، ثم يغسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه ثم غسل رجليه حتى يسيل الماء من كعبيه، ثم يقوم فيصلى إلا غفر له ما سلف من ذنبه رواه الطبراني في الكبير بإسناد لِّين. (الذقن) بفتح الذال المعجمة والقاف أيضاً: وهو مجتمع اللَّحيين من أسفلهما. 22 - وعن أبي مالك الأشعرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطهور (¬2) شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان (¬3)، وسبحان الله، والحمد لله تملآن، أو تملأ ما بين السماء والأرض (¬4)، والصلاةُ نورٌ (¬5)، والصدقة برهان (¬6) ¬
والصبر (¬1) ضياء، والقُرآن حجةٌ لك أوعليك (¬2) كل الناس يغدو (¬3) فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها. رواه مسلم والترمذي وابن ماجه إلا أنه قال: إسباغ الوضوء شطر الإيمان، ورواه النسائي دون قوله: كُلُّ الناس يغدُوا إلى آخره. (قال الحافظ عبد العظيم) وقد أفردت لهذا الحديث وطرقه وحكمه وفوائده جزءاً مفرداً. 33 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلمٍ يتوضأ فيسبغ (¬4) الوضوء، ثم يقوم في صلاته فيعلم ما يقول إلا انفتل (¬5) وهو كيوم ولدته أُمه. الحديث. رواه مسلم وأبو داود والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد. ¬
إسباغ الوضوء في المكاره الخ يغسل الخطايا غسلا 24 - وعن علي بن أبى طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إسباغ الوضوء في المكاره (¬1)، وإعمال الأقدام (¬2) إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة (¬3) يغسل الخطايا غسلاً. رواه أو يعلى والبزار بإسناد صحيح، والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم. 25 - وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال: ألا أدُلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا (¬4) إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، رواه مالك ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه بمعناه، ورواه ابن ماجه أيضاً، وابن حبان في صحيحه من حديث أبى سعيد الخدرى إلا أنها قالا فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدُلُّكم على ما يُكفرُ الله به الخطايا، ويزيدُ به في الحسنات، ويكفرُ به الذنوب؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكروهات، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط (¬5). رواه ابن حبان في صحيحه عن شرحبيل بن سعد عنه. 26 - وروى عن على بن أبى طالب رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من أسبغ (¬6) الوضوء في البرد الشديد كان له من الأجر كفلان (¬7). رواه الطبراني في الأوسط. ¬
متى أتم الوضوء كما أمر الله فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينهن 27 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتانى الليلة آتٍ من ربى، قال يا محمد: أتدرى (¬1) فيم يختصم الملا الأعلى؟ قلت: نعم في الكفارات (¬2)، والدرجات (¬3)، ونقل الأقدام للجماعات (¬4)، وإسباغ (¬5) الوضوء في السَّبرات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ومن حافظ عليهن عاش بخيرٍ، ومات بخيرٍ، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أُمه، رواه الترمذي في حديث يأتى بتمامه إن شاء الله تعالى في صلاة الجماعة، وقال حديث حسن. (السبرات جمع سبرة، وهى شدة البرد. 28 - وعن أُبى بن كعب رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ واحدة (¬6) فتلك وظيفة الوضوء التى لا بُدَّ منها، ومن توضأ اثنين فله كفلان من الأجر، ومن توضأ ثلاثا (¬7) فذلك وُضُوئى ووضوء الأنبياء قبلى، رواه الإمام أحمد وابن ماجه، وفي إسنادهما زيد العمىّ، وقد وُثق، وبقية رواة أحمد رواة الصحيح، ورواة ابن ماجه أطول منه من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف. 29 - وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من أتم الوضوء كما أمره الله فالصلوات المكتوبات كفاراتٌ لما بينهن، رواه النسائي وابن ماجه بإسناد صحيح. 20 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ كما أُمر (¬8) وصلى كما أُمر غُفر له ما تقدم من ¬
عملٍ، رواه النسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: ¬
غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه. ¬
الترغيب في المحافظة على الوضوء وتجديده
الترغيب في المحافظة على الوضوء وتجديده 1 - عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقيموا ولن تحْصُوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولن يُحافظ على الوضوء إلا مُؤمن. رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، ولا علة له سوى وهم أبي بلال الأشعرى، ورواه ابن حبان في صحيحه من غير طريق أبى بلال، وقال في أوّله: سَدِّدُوا وقارِبُوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، والحديث. رواه بن ماجه أيضاً من حديث ليث هو ابن سليم عن مجاهد عن عبد الله بن عمر من حديث أبى حفص الدمشقي، وهو مجهول عن أبي أمامة يرفعه. 2 - وعن ربيعة الجُرَشِيِّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: استقيموا (¬1)، ونِعِمَّا إن استقمتم، وحافظوا على الوضوء، فإن خير أعمالكم الصلاة، وتحفظوا (¬2) من الأرض فإنها أُمُّكم، وإنه ليس أحد عامل عليها خيراً أو شراً إلا وهى مُخبرةٌ به. رواه الطبراني في الكبير من رواية ابن لهيعة. (قال المْملى الحافظ عبد العظيم): وربيعة الجرشى مختلف في صحبته، وروى عن عائشة وسعد وغيرهما، قتل يوم مرج راهط. ¬
الترهيب من ترك التسمية على الوضوء عامدا
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشقَّ (¬1) على أُمتى لأمرتهم عند كل صلاةٍ بوضوء، ومع كل وضوء بسواكٍ. رواه أحمد بإسناد حسن. 4 - وعن عبد الله بن بُرَيْدَة عن أبيه رضي الله عنهما قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فدعا بلالاً، فقال يا بلالُ: بم سبقتنى إلى الجنة؟ إنى دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامى، فقال بلالٌ: يا رسول الله: ما أذنتُ قط إلا صليت ركعتين، ولا (¬2) أصابنى حدث قط إلا توضأت عنده (¬3)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لهذا (¬4). رواه ابن خزيمة في صحيحه. 5 - وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ على طُهرٍ (¬5) كُتِبَ له عشر حسناتٍ، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. (قال الحافظ): وأما الحديث الذى يُروى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: الوضوء على الوضوء نورٌ على نورٍ. فلا يحضرنى له أصل من حديث النبى صلى الله عليه وسلم ولعله من كلام بعض السلف، والله أعلم. الترهيب من ترك التسمية على الوضوء عامدا 1 - قال الإمام أبو بكرٍ بن أبى شيبة رحمه الله: ثبت لنا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا وُضُوءَ لمن لم يسم الله (¬6) كذا قال: 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
الترغيب في السواك وما جاء في فضله
لا صلاة لمن لا وضوء له (¬1): ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والطبراني والحاكم وقال صحيح الإسناد. (قال الحافظ عبد العظيم): وليس كما قال، فإنهم رووه عن يعقوب بن سلمة الليثى عن أبيه عن أبي هريرة، وقد قال البخاري وغيره: لا يعرف لسلمة سماع من أبى هريرة، ولا ليعقوب سماع من أبيه انتهى، وأبوه سلمة أيضا لا يعرف ما روى عنه غير ابنه يعقوب، فأين شرط الصحة؟ 3 - وعن رباح بن عبد الرحمن بن أبى سُفيان بن حُويطبٍ عن جدته عن أبيها قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه رواه الترمذي واللفظ له وابن ماجه والبيهقى، وقال الترمذي: قال محمد بن إسماعيل يعنى البخاري: أحسن شئ في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن عن جدته عن أبيها، قال الترمذي: وأبوها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. (قال الحافظ): وفي الباب أحاديث كثيرة لا يسلم منها عن مقال. وقد ذهب الحسن وإسحاق بن راهويه، وأهل الظاهر إلى وجوب التسمية في الوضوء، حتى إنه إذا تعمد تركها أعاد الوضوء، وهو رواية عن الإمام أحمد، ولا شك أن الأحاديث التى وردت فيها، وإن كان لا يسلم شئ منها عن مقال، فإنها تتعاضد بكثرة طرقها، وتكتسب قوة، والله أعلم. الترغيب في السواك وما جاء في فضله 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن أَشُقَّ (¬2) على أُمتى لأمرتهم بالسواك مع كل صلاةٍ. رواه البخاري واللفظ له، ومسلم إلا أنه قال: عند كل صلاة. والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، إلا أنه قال: مع ¬
الوضوء عند كل صلاة ورواه أحمد وابن خزيمة في صحيحه، وعندهما: لأمرتهم بالسواك كل وضوء. 2 - وعن علي بن أبي طالب: رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أُمتى لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. 3 - وعن زينب بنت جحشٍ رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لولا أن أشق على أُمتى لأمرتهم بالسواك عند كل صلاةٍ كما يتوضئون. رواه أحمد بإسناد جيد، ورواه البزار والطبراني في الكبير من حديث العباس بن عبد المطلب ولفظه: لولا أن أشق (¬1) على أُمتى لفرضت عليهم السواك عند كل صلاةٍ كما فرضت عليهم الوضوء. ورواه أبى يعلى بنحوه وزاد فيه: وقال عائشة رضي الله عنها: وما زال النبى صلى الله عليه وسلم يذكر السواك حتى خشيت أن يُنزل فيه قُرآن. 4 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: السواك مطهرةٌ (¬2) للفم، مرضاةٌ (¬3) للرب. رواه النسائي وابن خزيمة وابن خزيمة في صحيحهما، ورواه البخاري معلقا مجزوما، وتعليقاته المجزومة صحيحة، ورواه الطبراني في الأوسط والكبير من حديث ابن عباس، وزاد فيه: ومجلاةٌ للبصر. 5 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربع ¬
من سنن المرسلين: الختان (¬1)، والتعطر (¬2)، والسواك، والنكاح (¬3). رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب. ما جاء في السواك وفضائله 6 - وعن أبي عمر رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بالسواك، فإنه طيبة للفم، مرضاة للرب تبارك وتعالى. رواه أحمد من رواية ابن لهيعه. 7 - وعن شُريح بن هانئٍ قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: بأى شيء كان يبدأُ النبى صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قلت: بالسواك (¬4). رواه مسلم وغيره. 8 - وعن زيدِ بن خالدٍ الجهنى رضي الله عنه قال: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من بيته لشئٍ من الصلاة (¬5) حتى يستاك. رواه الطبراني بإسناد لا بأس به. 9 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي بالليل ركعتين ركعتين، ثم ينصرف فيستاك، رواه ابن ماجه والنسائي، ورواته ثقات. 10 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تسوَّكوا (¬6)، فإن السواك مطهرة للفم، مرضاةٌ للرب، ما جاءنى جبريل إلا أوصانى بالسواك حتى لقد خشيت أن يُفرض علىَّ وعلى أُمتى، ولولا أني أخاف أن أشُقَّ على أثمتى لفرضته عليهم، وإنى لأستاك حتى خشيت أن أُحفى مقادم فمى. رواه ابن ماجه من طريق علىّ بن يزيد عن القاسم عنه. 11 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لقد أُمرت بالسواك حتى ظننت أنه ينزل (¬7) عليَّ فيه قُرآن، أو وحىٌ. رواه أبو يعلى وأحمد، ولفظه: قال: لقد أُمِرتُ بالسواك حتى خشيت أن يُوحَى إلىَّ فيه شئٌ. ورواته ثقات. 12 - وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
أُمِرتُ بالسواك حتى خشيت أن يُكتَبَ علىَّ (¬1). رواه أحمد والطبراني، وفيه ليث ابن أبى سليم. ما جاء في السواك وفضائله 13 - وعن أُم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مازال جبريل يُوصيني بالسواك حتى خفت على أضراسى. رواه الطبراني بإسناد لِّين. 14 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزمت السواك حتى خشيتُ أن يدُردِ فيَّ (¬2). رواه الطبراني في الأوسط، ورواته رواة الصحيح، ورواه البزار من حديث أنس، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أمرت بالسواك حتى خشيت أن أُدرد (¬3) (الدَّرَد): سقوط الاسنان. 15 - وعن علي رضي الله عنه أنه أُمر بالسواك، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا تسوك (¬4)، ثم قام يُصلى قام الملك خلفه فيستمع لقراءته فيدنوا منه - أو كلمةً نحوها - حتى يضع فاه على فيه، فما يخرج من فيه شئ من القرآن إلا صار في جوف (¬5) الملك، فطهروا (¬6) أفواهكم للقرآن. رواه البزار بإسناد جيد لا بأس به. وروى ابن ماجه بعضه موقوفا، ولعله أشبه. 16 - وعن عائشة رضي الله عنه زوج النبى صلى الله عليه وسلم النبى صلى الله عليه وسلم قال: فضل الصلاة (¬7) بالسواك على الصلاة بغير سواكٍ سبعون ضعفاً. ¬
الترغيب في تخليل الأصابع، والترهيب من تركه وترك الإسباغ إذا أخل بشيء من القدر الواجب
رواه أحمد والبزار، وأبى يعلى، وابن خزيمة في صحيحه، وقال: في القلب من هذا الخبر شئ، فإنى أخاف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمعه من ابن شهاب، ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وكذا قال، ومحمد بن إسحاق إنما أخرج له مسلم في المتابعات. 17 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن أُصلى ركعتين بسواكٍ أحبُّ إلىَّ من أن أصلى سبعين ركعة بغير سواكٍ رواه أبو نعيم في كتاب السواك بإسناد جيد. 18 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه ولم: ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواكٍ. رواه أبو نعيم أيضا بإسناد حسن. الترغيب في تخليل الأصابع، والترهيب من تركه وترك الإسباغ إذا أخل بشيء من القدر الواجب 1 - عن أبي أيوب، يعنى الأنصارى رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: حبذا (¬1) المُتخلِّلُون من أُمتى. قال: (¬2) وما المتخللون يا رسول الله؟ قال: المتخللون في الوضوء، والمتخللون من الطعام. أما تخليل الوضوء: فالمضمضة، ¬
والاستنشاق (¬1)، وبين الأصابع (¬2)، وأما تخليل (¬3) الطعام فمن الطعام، إنه ليس شيئ أشدّ على الملكين من أن يريا بين أسنان صاحبهما طعاما وهو قائم يصلى. رواه الطبراني في الكبير، ورواه أيضاً هو والإمام أحمد كلاهما مختصراً عن أبي أيُّوب وعطاء، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حبَّذا المتخللون من أُمتى في الوضوء والطعام. رواه في الأوسط من حديث أنس. ومدارُ طرقه كلها على وصل بن عبد الرحمن الرقاشى، ووقد وثقه شعبة وغيره. 2 - وعن عبد الله، يعنى ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تخللوا، فإنه نظافة، والنظافة تدعو إلى الإيمان، والإيمان مع صاحبه في الجنة. رواه الطبراني في الأوسط هكذا مرفوعا، ووقفه في الكبير على ابن مسعود بإسناد حسن، وهو الأشبه. 3 - ورُوى عن واثلة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من لم يخلل أصابعه بالماء خللها الله بالنار يوم القيامة. رواه الطبراني في الكبير. 4 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتنتهنكُنَّ (¬4) الأصابع بالطهور، أو لتنتهكَنَّهَا النارُ. رواه الطبراني في الأوسط. مرفوعاً ووقفه في الكبير على ابن مسعود بإسناد، والله أعلم. 5 - وفي رواية له في الكبير موقوفه قال: ¬
خللوا الأصابع الخمس لا يحشوها الله ناراً. (قوله لتنتهكنّ): أي لتبالغن في غلسها، أو لتبالغنّ النار في إحراقها، والنهك: المبالغة في كل شيء. ويل للأعقاب من النار 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لم يغسل عقبيه فقال: ويل (¬1) للأعقاب من النار. 7 - وفي رواية: أن أبا هريرة رأى قوماً يتوضئون من الطهرة (¬2) فقال: أسبغوا الوضوء، فإنى سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال: ويلٌ للأعقاب من النار، أو ويلٌ للعراقيب (¬3) من النار. رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه مختصراً. 8 - وروى الترمذي منه: ويلٌ للأعقاب من النار، ثم قال: وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار. (قال الحافظ): وهذا الحديث الذى أشار إليه الترمذي، رواه الطبراني في الكبير وابن خزيمة في صحيحه من حديث عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى مرفوعاً، ورواه أحمد موقوفا عليه. 9 - وعن أبي الهيثم قال: رآنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتوضأُ فقال: بَطْنَ (¬4) القدم يا أبا الهيثم. رواه الطبراني في الكبير، وفيه ابن لهيعة. 10 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قوماً وأعقابهم تلوح (¬5) فقال: ويلٌ للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء رواه مسلم. ¬
الترغيب في كلمات يقولهن بعد الوضوء
وأبو داود واللفظ له، والنسائي وابن ماجه، ورواه البخاري بنحوه. 11 - وعن أبي روح الكلاعى قال: صلى بنا نبىُّ صلى الله عليه وسلم صلاةً فقرأ فيها بسورة الروم فلبس عليه بعضها، فقال: إنما لبس علينا الشيطان القراءة (¬1) من أجل أقوامٍ يأتون الصلاة بغير وضوء، فإذا أتيتم الصلاة فأحسنوا الوضوء (¬2). 12 - وفي رواية: فتردد في آيةٍ، فلما انصرف قال: إنه لُبِسَ علينا القرآن إلى أقواماً منكم يُصلُّونَ معنا لا يُحسنون الوضوء، فمن شهد الصلاة معنا فليحسن الوضوء رواه أحمد هكذا، ورجال الروايتين محتجّ بهم في الصحيح، ورواه النسائي عن أبي روح عن رجل. 13 - وعن رفاعة بن رافعٍ أنه كان جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنها لا تتم صلاة لأحدٍ حتى يُسبغ (¬3) الوضوء كما أمر الله: يغسل (¬4) وجهه ويديه إلى المرفقين، ويسمح برأسه ورجليه إلى الكعبين رواه ابن ماجه بإسناد جيد. الترغيب في كلمات يقولهن بعد الوضوء 1 - رُوي عن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما منكم من أحدٍ يتوضأُ فيبلغُ (¬5)، أو فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله إلا فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء. رواه مسلم، وأبو داود وابن ماجه، وقالا فيحسن الوضوء. وزاد أبو داود: ثم يرفع طرفه إلى السماء ثم يقول، فذكره، ورواه الترمذي كأبى داود وزاد: اللهم اجعلنى من التوابين، واجعلنى من المتطهرين. الحديث، وتكلم فيه. ¬
الترغيب في ركعتين بعد الوضوء
2 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ سورة الكهف كانت له نوراً يوم القيامة من مُقامه إلى مكَّةَ، ومن قرأ عشر (¬1) آياتٍ من آخرها، ثم خرج الدجال لم يضره، ومن توضأ فقال: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك، كتب في رقٍّ. ثم جُعِلَ في طابعٍ فلم يُكسر إلى يوم القيامة رواه الطبراني في الأوسط، ورواته رواة الصحيح واللفظ له، ورواه النسائي، وقال في آخره: خُتِمَ عليها بخاتم فوضعت تحت العرش فلم تكسر إلى يوم القيامة. وصوّب وقفه على أبى سعيد. 3 - وروى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فغسل يديه، ثم مضمض ثلاثاً، واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، ويديه إلى المرفقين ثلاثاً، ومسح رأسه، ثم غسل رجليه، ثم لم يتكلم حتى يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد (¬2) أن محمداً عبده ورسوله، غفر له ما بين الوضوءين. رواه أبى يعلى والدارقطنى. الترغيب في ركعتين بعد الوضوء 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلالٍ: يا بلالُ حدِّثنى بأرجى (¬3) عمل عملته في الإسلام، إني (¬4) سمعت دف نعليك بين يديَّ في الجنة؟ قال: ما عملت عملاً أرجى عندى من أنى لم أَتَطَهَّرْ طُهُوراً (¬5) في ساعةٍ من ليلٍ أو نهارٍ إلا صليت بذلك الطهور ماكُتِبَ لى أن أُصَلِّىَ. رواه البخاري ومسلم ¬
(الدف) بالضم: صوت النعل حال المشى. الترغيب في صلاة ركعتين بعد الوضوء 2 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أحدٍ يتوضأُ فيحسن الوضوء، ويصلى ركعتين (¬1) يُقبلُ (¬2) بقلبه ووجهه (¬3) عليهما، إلا وجبت له الجنة. رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه في حديث. 3 - وعن زيد بن خالد الجُهنىِّ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ فأحسن الوضوء (¬4)، ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما، غفر له ما تقدم (¬5). رواه أبو داود. 4 - وعن حُمران مولى عثمان بن عفان رضى الله عنه أنه رأى عثمان بن عفان رضى الله عنه دَعَا بوضوءٍ (¬6) فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مراتٍ، ثم أدخل يمينه في الوضوء، ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ويديه إلى المرفقين ثلاثاً، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاثاً، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأُ نحو وُضُوئى هذا، ثم قال: من توضأ نحو وُضُوئي هذا، ثمَّ صلى ركعتين لا يُحدث (¬7) فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 5 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قام فصلى ركعتين أو أربعاً - يشك سهلٌ - يُحسنُ الركوع والخشوع، ثم استغفر الله، غفر له (¬8). رواه أحمد بإسناد حسن. ¬
كتاب الصلاة
كتاب الصلاة الترغيب في الأذان وما جاء في فضله 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم الناس ما في النداء (¬1)، والصف الأول (¬2)، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستقبوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة (¬3) والصبح لأتوهما ولو حبواً (¬4). رواه البخاري ومسلم. (قوله) لاستهموا: أي لاقترعوا، والتهجير: هو التبكير إلى الصلاة. 2 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في التأذين (¬5) لتضاربوا (¬6) عليه بالسيوف، رواه أحمد، وفي إسناده ابن لهيعة. 3 - وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى صعصعة عن أبيه أن أبا سعيدٍ الخدريَّ ¬
رضى الله عنه قال له: إنى أراك تُحبُّ الغنم والبادية (¬1)، فإذا كنت في غنمك. أو باديتك فأذنت للصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جِنٌ ولا إنسٌ إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورواه مالك والبخاري والنسائي وابن ماجه، وزاد: ولا حجرٌ ولاشجرٌ إلا شهد له، وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يسمع صوته شجرٌ، ولا مدرٌ (¬2)، ولا حجرٌ، ولاجنٌ ولا إنسٌ إلا شهد له. 4 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُغفرُ (¬3) للمؤذن مُنتهى أذانهِ، ويستغفر له كل رطبٍ (¬4) ويابس سمعه. رواه أحمد باسناد صحيح، والطبراني في الكبير، والبزار، إلا أنه قال: ويُجيبهُ كلُّ رطبٍ ويابسٍ. 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: المؤذنُ يُغفرُ له مدى صوته، ويصدقُهُ كل رطبٍ ويابس. رواه أحمد واللفظ له، وأبو داود، وابن خزيمة في صحيحه، وعندهما: ويشهد له كل رطبٍ ويابسٍ. والنسائي، وزاد فيه: وله مثل أجرِ من صلى معه. وابن ماجه، وعنده: يغفر له مدَّ صوتهِ، ويستغفر له كل رطبٍ ويابسٍ، وشاهدُ (¬5) الصلاة تكتب له خمسٌ وعشرون حسنةً، ويُكفَّرُ (¬6) عنه ما بينهما. (قال الخطابي) رحمه الله: مدى الشى غايته، والمعنى أنه يستكمل مغفرة الله تعالى إذا استوفى وسعه في رفع الصوت فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية من الصوت. (قال الحافظ) رحمه الله: ويشهد لهذا القول رواية من قال: يُغفرُ له مدَّ صوته. بتشديد الدال: أي بقدر مدّه صوته. ¬
(قال الخطابي) رحمه الله: وفيه: وجه آخر وهو أنه كلام تمثيل وتشبيه، يريدأن الكلام الذى ينتهى إليه الصوت لو يقدِّر أن يكون ما بين أقصاه وبين مقامه الذى هو فيه ذنوب تملا المسافة غفرها الله، انتهى. 6 - وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وملائكته يصلُّون (¬1) على الصف المُقدَّم، والمؤذَّنُ يُغفرُ له مدى صوته، وصدَّقهُ (¬2) من سمعه من رطبٍ ويابسٍ، وله أجرُ من صلى معه (¬3). رواه أحمد والنسائي باسناد حسن جيد، ورواه الطبراني عن أبي أمامة، ولفظه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤذن يُغفرُ له مدَّ (¬4) صوته، وأجرهُ مثلُ اجر من صلى معه. 7 - وروى عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يد (¬5) الرحمن فوق رأس المؤذن، وإنه ليغفر له مدى صوته أين (¬6) بلغ. رواه الطبراني في الأوسط. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإمام ضامنٌ (¬7)، والمؤذن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين. رواه أبو داود والترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، إلا أنهما قالا: فأرشد الله الأئمة، وغفر للمؤذنين. ولابن خزيمة رواية كرواية أبى داود. 9 - وفي أُخرى له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤذنون أمناءُ (¬8) والأئمةُ ¬
ضُمناء، اللهم اغفر للمؤذنين، وسدد الأئمة (¬1) ثلاث مراتٍ. ورواه أحمد من حديث أبى أمامة بإسناد حسن. الترغيب في الأذان 10 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، فأرشد الله الأئمة، وعفا (¬2) عن المؤذنين. رواه ابن حبان في صحيحه. 11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا نُودى بالصلاة أدبر (¬3) الشيطان وله ضراطٌ حتى لا يسمع التأذين، فإذا قُضِىَ الأذان أقبل، فإذا ثُوِّب (¬4) أدبر، فإذا قُضِىَ التثويبُ أقبل حتى يخطر (¬5) بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا، اذكر كذا لما لم (¬6) يكن يذكر من قبل، حتى يظل الرجل ما يدرى (¬7) كم صلى. رواه مالك والبخاري ومسلم، وأبو داود والنسائي. (قال الخطابي) رحمه الله: التثويب هنا الإقامة، والعامة لا تعرف التثويب إلا قول المؤذن في صلاة الفجر: الصلاة خيرٌ من النوم، ولمعنى التثويب الإعلام بالشئ والإنذار بوقوعه، وإنما سميت الإقامة تثويباً لأنه إعلام بإقامة الصلاة، والأذان إعلام بوقت الصلاة. 12 - وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة ذهب حتى يكون مكان الروحاء. قال الراوى: والروحاءُ من المدينة على ستةٍ وثلاثين ميلاً. رواه مسلم. 13 - وعن مُعاوية رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
يقول: المُؤَذِّنُونَ أطول الناس أعناقاً (¬1) يوم القيامة. رواه مسلم، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبى هريرة رضي الله عنه. 14 - وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أقسمت لبررتُ، إن أحبَّ عبادِ الله لَرُعاةُ الشمسِ والقمرِ (¬2) يعنى المؤذنين، وإنهم ليعرفون يوم القيامة بطول أعناقهم. رواه الطبراني في الأوسط. 15 - وعن أبن أبى أوفَى رضي الله عنه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن خيار عباد الله الذين يُراعون الشمس والقمر (¬3) والنجوم لذكر الله. رواه الطبراني واللفظ له والبزّار والحاكم وقال: صحيح الإسناد، ثم رواه موقوفا، وقال: هذا لا يفسد الأول لأن ابن عيينه حافظ، وكذلك ابن المبارك انتهى، ورواه أبو حفص بن شاهين، وقال: تفرّد به ابنعيينة عن مسعر، وحدّث بن غيره، وهو حديث غريب صحيح. 16 - وروى عن جابرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
إن المؤذنين والملبين يخرجون من قبورهم يُؤَذِّنُ المؤَذِّنُ (¬1) ويلبى المُلبىِّ. رواه الطبراني في الأوسط. 17 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة على كثبان (¬2) المسك. وأراه قال: يوم القيامة. زاد في روايةٍ: يغبطُهُمْ (¬3) الأوَّلُونَ والآخرون: عبدٌ (¬4) أدَّى حق الله وحقَّ مواليه، ورجل أمَّ (¬5) قوماً وهم به راضون، ورجلٌ (¬6) ينادى بالصلوات الخمس في كل يومٍ وليلةٍ. رواه أحمد والترمذي من رواية سفيان عن أبي اليقظان عن زاذان عنه، وقال: حديث حسن غريب. (قال الحافظ): وأبو اليقظان واهٍ، وقد روى عنه الثقات، واسمه عثمان بن قيس، قاله ¬
الترمذي، وقيل عثمان بن عمير، وقيل عثمان بن أبى حميد، وقيل غير ذلك، ورواه الطبراني في الأوسط، والصغير بإسناد لا بأس به. 18 - ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر، ولاينالهم الحساب، هم على كُثُبٍ (¬1) من مسكٍ حتى يفرغ من حساب الخلائق: رجلٌ قرأ القرآن ابتغاءَ (¬2) وجه الله، وأمَّ به قوماً وهم به راضون، وداعٍ (¬3) يدعو إلى الصلاة ابتغاء وجه الله، وعبدٌ أحسن فيما بينه وبين ربه، وفيما بينه وبين مواليه. ورواه في الكبير. 19 - ولفظه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرَّةً ومَرَّةً ومرَّةً، حتى عدَّ سبع مراتٍ لما حدثتُ به: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة لا يهولهم (¬4) الفزع، ولا يفزعون حين يفزع الناس: رجل علم القُرآن فقام به يطلب به وجه الله وما عنده، ورجلٌ نادى في كل يومٍ وليلةٍ خمس صلواتٍ يطلب وجه الله وما عنده، ومملوك لم يمنعه رقُّ من طاعة ربه. 20 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: سمع النبى صلى الله عليه وسلم رجلاً وهو في مسيرٍ (¬5) له يقول: الله أكبر الله أكبر فقال نبىُّ الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة. فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: خرج من النار، فاستبق القومُ إلى الرَّجُلِ. فإذا راعى غنمٍ حضرته الصلاة فقام يُؤذنُ. رواه ابن خزيمة في صحيحه وهو في مسلم بنحوه. 21 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
فقام بلالٌ ينادى. فلما سكت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال مثل (¬1) هذا يقيناً دخل الجنة. رواه النسائي وابن حبان في صحيحه. ماجاء في فضل الأذان 22 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجلٌ إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: علمنى أو دُلنى على عملٍ يُدخلني الجنة؟ قال: كُنْ مُؤَذِّناً قال لا أستطيع قال: كن إماماً، قال لا أستطيع، فقال: فقم بإزاء الإمام (¬2): رواه البخاري. في تاريخه والطبراني في الأوسط. 23 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المُؤذنُ المحتسب (¬3) كالشهيد المُتشحطِ (¬4) في دمه يتمنى على الله ما يشتهى بين الأذان والإقامة (¬5). رواه الطبراني في الأوسط، ورواه في الكبير. 24 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤذنُ المحتسب كالشهيد المتشحط في دمه، إذا مات لم يُدَوَّدْ (¬6) في قبره وفيهما إبراهيم بن رستم، وقد وُثِّقَ. 25 - وروى عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله ¬
عليه وسلم: إذا أُذنَ في قريةٍ أمَّنها الله عز وجل من عذابه ذلك اليوم. رواه الطبراني في معاجيمه الثلاثة. 26 - ورواه في الكبير من حديث مَعقِل بن يسار، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّما قَوْمٍ نُودِىَ فيهم بالأذانِ مساءً إلا كانوا في أمانِ الله حتى يُصبحوا (¬1). 27 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يعجبُ (¬2) ربُّكَ من راعى غنمٍ على رأس شظيةٍ للجبلِ (¬3) يُؤذنُ بالصلاة ويُصلى. فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدى هذا، يؤذن ويقيم الصلاة، يخاف منى، قد غفرت لعبدى وأدخلته الجنة. رواه أبو داود والنسائي. (الشظية) بفتح الشين وكسر الظاء معجمتين وبعدهما ياء مثناة تحت مشددة، وتاء تأنيث، هي: القطعة تنقطع من الجبل ولم تنفصل منه. 28 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من أذن ثنتى عشرة سنةً (¬4) وجبت له الجنة، وكُتِبَ له بتأذينه في كل يومٍ ستون حسنةً وبكلِّ إقامةٍ ثلاثون حسنةً. رواه ابن ماجه والدارقطنى والحاكم، وقال صحيح على شرط البخاريّ. (قال الحافظ) وهو كما قال، فإن عبد الله صالح كاتب الليث، وإن كان فيه كلام فقد روى عنه البخاريّ في الصحيح. ¬
الترغيب في إجابة المؤذن وبماذا يجيبه، وما يقول بعد الأذان؟
29 - وروى عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أذن محتسباً سبع سنين كُتِبَ له براءة (¬1) من النار. ورواه ابن ماجه والترمذي وقال: حديث غريب. 30 - وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان الرجل بأرضٍ قىً فحانتِ (¬2) الصلاة فليتوضأ، فإن لم يجد ماءً فليتيمم، فإن أقام صلى معه ملكاه (¬3)، وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود (¬4) الله ما لا يُرَى طرفاه. رواه عبد الرزّاق في كتابه عن ابن التميمى عن أبيه عن أبي عثمان النهدى عنه. (القىّ) بكسر القاف وتشديد الياء: هى الأرض القفر. الترغيب في إجابة المؤذن، وبماذا يجيبه؟ وما يقول بعد الأذان؟ 1 - عن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول المؤذن. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. ¬
2 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول ثم صلُّوا علىَّ، فإنه من صلى علىَّ صلاةً صلى الله (¬1) بها عشراً، ثم سلوا الله لى الوسيلة (¬2) فإنها منزلة في الجنة لا تنبغى إلا لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هُو، فمن سأل (¬3) لى الوسيلة حلت (¬4) له الشفاعة (¬5)، رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. 3 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قال المؤذن: الله أكبر (¬6)، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبرُ، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله. ثم قال: حيَّ على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حيَّ على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله (¬7) ثم قال: الله أكبر الله أكبر، ¬
قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله. قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة. رواه مسلم وأبو داود والنسائي. 4 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذى وعدته، حلت له شفاعتى يوم القيامة. رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ورواه البيهقى في سننه الكبرى، وزاد آخره: إنكَ لا تخلف الميعاد. 5 - وعن سعد بن أبى وقاصٍ رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين سمع المؤذن: وأنا أشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولاً غفر (¬1) الله له ذنوبه. رواه مسلم والترمذي واللفظ له، والنسائي وابن ماجه وأبو داود ولم يقل: ذنوبه، وقال مسلم: غُفِرَ له ذنبه. 6 - وعن هلال بن يسافٍ رضى الله عنه أنه سمع معاوية يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سمع المؤذن فقال: مثل ما يقول (¬2) فله مثل ¬
أجْرِهِ. رواه الطبراني في الكبير من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، لكن متنُه حسن، وشواهده كثيرة. 7 - وروى عن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بين صف الرجال والنساء فقال: يا معشر النساء إذا سمعتم أذان هذا الحبشي وإقامته، فقلن كما يقول، فإن لَكُنَّ بكل حرفٍ ألف ألف درجةٍ. قال عمر رضي الله عنه: هذا للنساء (¬1)، فما للرجال؟ قال: ضعفان يا عمر. رواه الطبراني في الكبير، وفيه نكارة. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام بلال ينادى، فلما سكت قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال مثل ما قال هذا يقيناً (¬2) دخل الجنة. رواه النسائي وابن ماجه في صحيحه والحاكم وقال: صحيح الإسناد ¬
ورواه أبى يعلَى عن يزيدَ الرقاشى عن أنس بن مالك. ولفظه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فأذَّن بلالٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال مثل مقالته، وشهد مثل شهادته فله الجنةُ. (عرّس المسافر) بتشديد الراء: إذا نزل آخر الليل ليستريح. ما يقال بعد الأذان 9 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين ينادى المنادى: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة النافعة، صلِّ على محمدٍ، وارض عنى رضاً لا سخط بعده استجاب الله له دعوته، رواه أحمد والطبراني في الأوسط، وفيه ابن لهيعة، وسيأتى في باب الدعاء بين الأذان والإقامة حديث أبى أمامة إن شاء الله تعالى. 10 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً قال: يا رسول إن المؤذنين يفضلوننا (¬1). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قُل كما يقولون، فإذا انتهيت فسل تُعطه (¬2). رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه. 11 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا سمع المؤذن: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة صل على محمدٍ وأعطهِ سُؤلَهُ يوم القيامة، وكان يسمعها من حوله، ويجب أن يقولوا مثل ذلك إذا سَمِعُوا المُؤَذِّنَ، قال: ومن قال مثل ذلك إذا سمع المؤذن وجبت له شفاعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم يوم القيامة (¬3). رواه الطبراني في الكبير والأوسط ¬
ولفظه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع النداءَ قال: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، صلى على عبدك ورسولكَ، واجعلنا في شفاعته يوم القيامة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال هذا عند النداء جعله الله في شفاعتى يوم القيامة. وفي إسنادهما صدقة بن عبد الله السمين. 12 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا الله لى الوسيلة، فإنه لم يسألها لى عبد في الدنيا إلا كُنتُ له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة. رواه الطبراني في الأوسط من رواية الوليد بن عبد الملك الحرانى عن موسى بن أعين، والوليد مستقيم الحديث فيما رواه عن الثقات، وابن أعين ثقة مشهور. 13 - ورواه في الكبير أيضاً، ولفظه قال: من سمع النداءَ فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله: اللهم صلى على محمدٍ وبلغه درجة الوسيلة عندك، واجعلنا في شفاعته يوم القيامة، وجبت له الشفاعة، وفيه إسحاق بن عبد الله بن كيسا، وهو لين الحديث ¬
الترغيب في الإقامة
14 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن يتشهد قال: وأنا وأنا. رواه أبو داود واللفظ له، وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح الإسناد. الترغيب في الإقامة 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا نودى بالصلاة أدبر (¬1) الشيطان، وله ضُرَاطٌ حَتَّى لا يسمع التأذين، فإذا قُضِىَ (¬2) الأذانُ أقبل، فإذا ثُوِّبَ (¬3) أدبرَ، الحديث تقدم، والمراد بالتثويب هنا: الإقامة. 2 - وعن جابرٍ رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا ثُوِّبَ بالصلاة فتحت أبواب السماء واستُجيب الدعاء. رواه أحمد من رواية ابن لهيعة. 3 - وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ساعتان لا تُردُّ على داعٍ دعوته: حين تقام الصلاة (¬4)، وفي الصَّفِّ في سبيل الله. رواه ابن حبان في صحيحه. الترهيب من الخروج من المسجد بعد الأذان لغير عذر 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج رجلٌ بعد ما أذنَ المؤذن: فقال أمَّا هذا (¬5) فقد عصى (¬6) أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كنتم في المسجد فنُودى (¬7) بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يُصلى. رواه أحمد واللفظ له، وإسناده صحيح، ورواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه دون قوله: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ. 2 - وعنه رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يسمع النداء في مسجدى (¬8) هذا، ثم يخرج منه إلا لحاجةٍ، ثم لا يرجع إليه ¬
الترغيب في الدعاء بين الأذان والإقامة
إلا منافق (¬1). رواه الطبراني في الأوسط، ورواته محتجّ بهم في الصحيح. 3 - وروى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدركه الأذان في المسجد، ثم خرج لم يخرج لحاجةٍ، وهو لا يُريد الرجعة فهو منافق (¬2). رواه ابن ماجه. 4 - وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا يخرج من المسجد أحدٌ بعد النداء إلا منافق إلا لعذرٍ أخرجته حاجة، وهو يريد الرُّجوعَ. رواه أبو داود في مراسيله. الترغيب في الدعاء بين الأذان والإقامة 1 - عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدعاء بين الأذان والإقامة لا يُردُّ (¬3). رواه أبو داود والترمذي، واللفظ له، والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، وزاد: فادعوا، وزاد الترمذي في رواية: قالوا: فماذا نقول يا رسول الله؟ قال: سَلُوا الله العافية (¬4) في الدنيا والآخرة. 2 - وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء، وقلما تُرَدُّ على داعٍ دعوته: عند حضور النداء (¬5)، والصَّفِّ في سبيل الله ¬
وفى بلفظ قال: ثنتان لاترُدان، أو قال ما يردان: الدعاء عند النداء، وعند البأس (¬1) حين يلحم بعضٌ بعضاً. رواه أبو داود، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما إلا أنه قال: في هذه: عند حضور الصلاة. 3 - وفي رواية له: ساعتان لا تُردُّ على داعٍ دعوته: حين تقام الصلاة، وفي الصف في سبيل الله، ورواه الحاكم وصححه، رواه مالك موقوفا. (قوله يلحم) هو بالحاء المهملة: أىحين ينشب بعضهم ببعض في الحرب. 4 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا نادى المنادى (¬2) فتحت أبواب السماء، واستجيب الدعاء، فمن نزل به كربٌ، أو شدَّةٌ فليتحين المنادى، فإذا كَبَّرَ كَبَّرَ، وإذا تشهد تشهد، وإذا قال: حىَّ على الصلاة قال: حىَّ على الصلاة، وإذا قال: حى على الفلاح، قال: حى على الفلاح، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة الصادقة المستجابة، والمستجاب لها دعوة الحق (¬3)، ¬
وكلمة التقوى (¬1) أحينا عليها (¬2) وأمتنا عليها، وابعثنا عليها، واجعلنا من خيار أهلها ¬
الترغيب في بناء المساجد في الأمكنة المحتاجة إليها
أحياء وأمواتاً، ثم يسألُ الله حاجاته. رواه الحاكم من رواية عقير بن معدان وهو واه، وقال صحيح الإسناد. (قوله فليتحين المنادى): أي ينتظر بدعوته حين يؤذن المؤذن فيجيبه، ثم يسأل الله تعالى حاجته. 5 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً قال: يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا (¬1)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قُل كما يقولون: فإذا انتهيت فسل تُعطَهْ. رواه أبو داود والنسائي، وابن حبان في صحيحه، وقالا: تعط بغير هاء. الترغيب في بناء المساجد في الأمكنة المحتاجة إليها 1 - عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: عند قول الناس فيه حين بنى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم أكثرتم علىَّ، وإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من بنى مسجداً يبتغى (¬2) به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة، وفي رواية: بنى الله مثله في الجنة. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 2 - وعن أبي ذَرً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بنى لله مسجداً قدرَمفحصِ قطاةٍ بنى الله له بيتاً في الجنة. رواه البزار واللفظ له، والطبراني في الصغير، وابن حبان في صحيحه. ¬
3 - وعن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من بنى لله مسجداً يُذكر فيه (¬1) بنى الله له بيتاً في الجنة. رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه. 4 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حفر بئر ماءٍ لم يشرب منه كبدٌ حَرِّى (¬2) من جِنً، ولا إنس، ولا طائرٍ إلا آجرهُ الله يوم القيامة، ومن بنى لله مسجداً كمفحص قطاةٍ أو أصغر بنى الله له بيتاً في الجنة. رواه ابن خزيمة في صحيحه، وروى ابن ماجه منه ذكر المسجد فقط بإسناد صحيح، ورواه أحمد والبزار عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا أنهما قالا: كمفحص (¬3) قطاةٍ لبيضها ¬
(مفحص القطاة) بفتح الميم والحاء المهملة: هو مُجَثّمُهَا. 5 - وروى عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من بنى لله مسجدا صغيراً كان أو كبيراً، بنى الله له بيتاً في الجنةِ. رواه الترمذي. 6 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً أوسع منه. رواه أحمد بإسناد لين. 7 - وروى عن بشر بن حيان قال: جاء واثلة بن الأسقع، ونحن نبنى مسجداً قال: فوقف علينا فسلم، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من بنى مسجداً يُصَلى فيه بنى الله عز وجل له في الجنة أفضل منه. رواه أحمد والطبراني. 8 - وروى عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بنى بيتاً يعبد الله فيه من مالٍ (¬1) حلال بنى الله له بيتاً في الجنة من دُرٍّ وياقوتٍ. رواه الطبراني في الأوسط، والبزار دون قوله: من دُرٍّ وياقوتٍ. 9 - وروى عن عائشة رضي الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من بنى مسجداً لا يُريدُ به رياءً (¬2) ولاسمعة (¬3) بنى الله (¬4) له بيتاً في الجنة. رواه ¬
الترغيب في تنظيف المساجد وتطهيرها، وما جاء في تجميرها
الطبراني في الأوسط. 10 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مِمَّا يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علماً علمه ونشره، أو ولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجداً بناهُ، أو بيتاً لابن السبيل بناهُ، أو نهراً أجراهُ، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه (¬1) من بعد موته. رواه ابن ماجه واللفظ له، وابن خزيمة في صحيحه، والبيهقى، وإسناد ابن ماجه حسن، والله أعلم. الترغيب في تنظيف المساجد وتطهيرها وما جاء في تجميرها 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأةً سوداء كانت تَقُمُّ المسجد ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها بعد أيام، فقيل له إنها ماتت، فقال: فهلا (¬2) آذنتمونى، فأتى قبرها فصلى عليها. رواه البخاري ومسلم وابن ماجه بإسناد صحيح، واللفظ له وابن خزيمة في صحيحه إلا أنه قال: إن امرأةً كانت تلقط الخِرَقَ، والعيدان من المسجد: 2 - ورواه ابن ماجه أيضا وابن خزيمة عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: كانت سوداء تَقُمُّ المسجد، فتوفيت ليلاً، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أُخبرَ بها ¬
فقال: ألا آذنتمونى فخرج بأصحابه فوقف على قبرها فكبر عليها والناس خلفه ودعا لها، ثم انصرف. 3 - وروى الطبراني في الكبير عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن امرأةً كانت تلقط القذى من المسجد فتوفيت فلم يُؤذن النبىُّ صلى الله عليه وسلم بدفنها. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: إذا مات لكم ميت فآذنُونى، وصلى عليها، وقال: إنى رأيتها في الجنة تلقط القذى من المسجد. 4 - وروى أبو الشيخ الأصبهاني عن عبيد الله بن مرزوق قال: كانت امرأة بالمدينة تَقُمُّ المسجد فماتت فلم يعلم بها النبى صلى الله عليه وسلم، فمرَّ على قبرها فقال: ما هذا القبر؟ فقالوا قبر (¬1) أُمِّ محجنٍ. قال: التى كانت تَقُمُّ المسجد؟ قالوا: نعم. فصفَّ الناس فصلى عليها، ثم قال: أىُّ العمل وجدت أفضل (¬2)؟ قالوا: يا رسول الله أتسمع؟ قال: ما أنتم بأسمع منها، فذكر أنها أجابته: قَمُّ المسجد، وهذا مُرسلٌ. (قمّ المسجد) بالقاف وتشديد الميم: هو كنسه. 5 - وروى عن أبي قرصافة أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: ابنوا المساجد، وأخرجُوا القمامة منها، فمن بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنةِ، فقال رجلٌ: يا رسول الله وهذه المساجد التى تُبنى في الطريق (¬3)؟ قال: نعم، وإخراج القمامة منها مُهُورُ الحُورِ العين (¬4). رواه الطبراني في الكبير. (القمامة) بالضم: الكناسة، واسم أبى قرصافة بكسر القاف: جندرة بن خيشنة. 6 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عُرِضَتْ علىَّ أُجُورُ أُمَّتى حتى القذاةُ (¬5) يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت على ذنوب أمتى ¬
فلم أر ذنباً أعظم (¬1) من سورةٍ من القرآن، أو آيةٍ أُتيها رجلٌ ثم نسيها. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه، كلهم من رواية المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه قال: وذاكرت به محمد بن إسماعيل، يعنى البخاري فلم يعرفه واستغربه، وقال محمد: لا أعرف للمطلب بن عبد الله سماعا من أحد من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم إلا قوله: حدثنى شهد خطبة النبى صلى الله عليه وسلم، وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول: لا نعرف للمطلب سماعا من أحد من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله: وأنكر علىّ بن المدينى أن يكون المطلب سمع مع أنس. (قال الحافظ عبد العظيم) قال أبو زرعة: المطلب ثقة أرجو أن يكون سمع من عائشة، ومع هذا ففى إسناده عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد، وفى توثيقه خلاف يأتى في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى. من أخرج أذى من المسجد بنى الله له بيتا في الجنة 7 - وعن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أخرج أذىً (¬2) من المسجد بنى الله له بيتاً في الجنةِ. رواه ابن ماجه، وفي إسناده احتمال للتحسين. 8 - وعن سَمرةَ بن جندب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن نتخذ المساجد في ديارنا (¬3)، وأمرنا أن ننظفها. رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث صحيح. ¬
الترهيب من البصاق في المسجد وإلى القبلة ومن إنشاد الضالة فيه وغير ذلك
9 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تُنظَّف وتُطيبَ. رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث صحيح إلىّ وأبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، ورواه الترمذي مسندا ومرسلا، وقال في المرسل: هذا أصح. 10 - وروى عن واثلة بن الأسقع أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: جنبوا مساجدكم (¬1) صبيانكم، ومجانينكم، وشراءكم (¬2)، وبيعكم، وخصوماتكم (¬3)، وَرفع أَصْوَاتكُم وَإِقَامَة حُدُودكُمْ وسل سُيُوفكُمْ وَاتَّخذُوا على أَبْوَابهَا الْمَطَاهِر (¬4) وَجَمِّرُوهَا في الجمع، رواه ابن ماجه، ورواه الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء وأبى أمامة وواثلة، ورواه في الكبير أيضا بتقديم وتأخير من رواية مكحول عن معاذ، ولم يسمع منه. (جمروها): أي بخروها وزنا ومعنى الترهيب من البصاق في المسجد، وإلى القبلة، ومن إنشاد الضالة فيه، وغير ذلك مما يذكر هنا 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوماً إذا رأى نُخامةً (¬5) في قبلة المسجد فتغيظ (¬6) على الناس، ثم حَكَّهَا (¬7) ¬
قال (¬1): وأحسبه. قال: فدعا بزعفرانٍ فلطخه به وقال (¬2) إن الله عز وجل قبل (¬3) وجه أحدكم إذا صلى فلا يبصق (¬4) بين يديه. رواه البخاري ومسلم وأبو داود واللفظ له. الترهيب من البصاق في المسجد الخ 2 - وروى ابن ماجه عن القاسم بن مهران، وهو مجهول عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نُخَامةً في قبلة المسجد فأقبل على الناس فقال: ما بالُ أحدكم يقوم مُستقبل ربه فيخنعُ أمامه، أَيُحبُّ أحدكم أن يُستقبل فيُتَنخعَ في وجهه؟ إذا بصق (¬5) أحدكم فليبصق عن شماله، أو ليتفل هكذا في ثوبه ثم أرانى إسماعيل، يعني ابن علية يبصق في ثوبه، ثم يدلكهُ. 3 - وعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه العراجين (¬6) أن يسمكها بيده، فدخل المسجد ذات يومٍ، وفي يده واحدٌ منها، فرأى نخاماتٍ في قبلة المسجد فحتهنَّ (¬7) حتى أنقاهنَّ، ثم أقبل على الناس مغضباً فقال: أيحب أحدكم أن يستقبله رجل فيبصق في وجهه، إن أحدكم إذا قام إلى الصلاة، فإنما يستقبل ربه، والملك (¬8) عن يمنيه، فلا يبصق بين يديه، ولا عن يمينه الحديث. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 4 - وفى رواية له بنحوه إلا أنه قال فيه: فإن الله عز وجل بين أيديكم (¬9) في صلاتكم، فلا توجهُوا شيئاً من الأذى بين أيديكم. الحديث، وبوّب عليه ابن خزيمة: باب الزجر عن توجيه جميع ما يقع عليه اسم أذى تلقاء القبلة في الصلاة. ¬
5 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا، وفي يده عُرجون، فرأى في قبلة المسجد نخامةً، فأقبل عليها فحتَّها بالعرجون، ثم قال: أيُّكم يحب أن يُعرض (¬1) الله عنه؟ إن أحدكم إذا قام يُصلى، فإن الله تعالى قبل وجهه، فلا يبصقن قبل (¬2) وجهه، ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره تحت رجله اليسرى، فإن عجلت به بادرةٌ (¬3) فليتفل (¬4) بثوبه هكذا، ووضعه على فيه، ثم دلكه. الحديث رواه أبو داود وغيره. 6 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تفل (¬5) تجاه القبلة جاء يوم القيامة، وتفلته بين عينيه (¬6). رواه أبو داود وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، ورواه الطبراني في الكبير من حديث أبى أمامة، ولفظه قال: من بصق في قبلةٍ ولم يُوارِها (¬7) جاءت يوم القيامة أحمى (¬8) ما تكون حتى تقع بين عينيه. (تفل) بالتاء المثناة فوق: أي بصق بوزنه ومعناه. 7 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُبعثُ صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهى في وجهه (¬9). رواه البزار وابن خزيمة في صحيحه، وهذا لفظه، وابن حبان في صحيحه. 8 - وعن أنس رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم: قال: البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها (¬10). رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. ¬
9 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التفلُ في المسجد سيئةٌ، ودفنهُ حسنةٌ. رواه أحمد بإسناد لا بأس به. 10 - وعن أبي سهلة السائب بن خلاد من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم: أن رجلاً أمَّ قوماً فبصق في القبلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ: لا يصلى لكم هذا (¬1)، فأراد بعد ذلك أن يُصلى لهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، وحسبتُ أنه قال: إنك آذيت (¬2) الله ورسوله. رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه. 11 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلى بالناس الظهر فتفل في القبلة، وهو يصلى للناس، فلما كانت صلاة العصر أرسل إلى آخر، فأشفق (¬3) الرجل الأول، فجاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: أأُنزل في شيءٌ؟ قال: لا، ولكنك تفلت بين يديك وأنت قائمٌ (¬4) تؤُّمُّ الناس، فآذيت الله والملائكة. رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد. 12 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا قام في الصلاة فتحت له الجنان، وكُشفت له الحجب بينه وبين ربه، واستقبله الحور العين مالم يمتخط (¬5)، أو يتنخع. رواه الطبراني في الكبير، وفي إسناده نظر. 13 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سمع رجلاً ينشدُ ضالَّةً (¬6) في المسجد فليقل: لا ردَّها الله عليك، فإن المساجد لم تُبنَ لهذا. رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه وغيرهم. 14 - وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: إذا رأيتم من ¬
يبيعُ أو يبتاع (¬1) في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد ضالة، فقولوا: لا ردها الله عليك. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي وابن خزيمة والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، ورواه ابن حبان في صحيحه بنحوه بالشطر الأول. الترهيب من البيع أو الشراء وإنشاد الضالة في المسجد 15 - وعن بُرَيدة رضي الله عنه أن رجلا نشد في المسجد فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وجدت (¬2) إنما بُنيت المساجد لما بنيت له. رواه مسلم والنسائي وابن ماجه. 16 - وعن ابن سيرين رضي الله عنه أو غيره قال: سمع ابن مسعودٍ رجلا ينشد (¬3) ضالةً في المسجد فأسكته وانتهره (¬4)، وقال: قد نُهِينا عن هذا. رواه الطبراني في الكبير، وابن سيرين لم يسمع من ابن مسعود، وتقدم حديث واثلة في الباب قبله: جَنِّبُوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، وشراءكم، وبيعكم. الحديث. 17 - وعن مولىً لأبى سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه قال: بينا أنا مع أبى سعيدٍ وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخلنا المسجد، فإذا رجل جالسٌ في وسط المسجد مُحتبياً (¬5) ¬
مُشبكاً أصابعه بعضها وبعض، فأشار إليه رسول الله صلى الله عيه وسلم، فلم يفطن (¬1) الرجل لإشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتفت إلى أبى سعيدٍ، فقال: إذا كان أحدكم في المسجد فلا يُشبِّكنَّ فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال في صلاةٍ (¬2) ما كان في المسجد حتى يخرج منه. رواه أحمد بإسناد حسن. الترهيب من التشبيك في المسجد 18 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا توضأ أحدكم في بيته، ثم أتى المسجد كان في الصلاة (¬3) حتى يرجع، فلا يقل هكذا، وشبك بين أصابعه. رواه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم، وقال صحيح على شرطهما، وفيما قاله نظر. 19 - وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامداً إلى الصلاة فلا يُشبكن بين يديه فإنه في صلاةٍ (¬4). رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد والترمذي، واللفظ له من رواية سعيد المقبرى عن رجل عن كعب بن عجرة، وابن ماجه من رواية سعيد المقبرى أيضاً عن كعب، وأسقط الرجل المبهم. 20 - وفي روايةٍ لأحمد رضي الله عنه: قال: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، وقد شبكت بين أصابع (¬5)، فقال لى: ياكعب: إذا كنت في المسجد فلا تشبكن بين أصعابك، فأنت في صلاة ما (¬6) انتظرت الصلاة. ورواه ابن حبان في صحيحه بنحو هذه. 21 - وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ¬
خصالٌ لا ينبغين (¬1) في المسجد: لا يُتخذُ طريقاً (¬2)، ولا يشهر فيه سلاح (¬3)، ولا ينبض فيه بقوسٍ (¬4)، ولا يُنثر (¬5) فيه نبلٌ، ولا يُمرُّ فيه بلحمٍ نيءٍ، ولا يُضربُ فيه (¬6) حدُّ، ولا يُقتصُّ فيه من أحدٍ، ولا يُتخذُ سوقاً (¬7). رواه ابن ماجه وروى منه الطبراني في الكبير: ولا تتخذوا المساجد طُرُقاً إلا لذكرٍ، أو صلاةٍ. وإسناد الطبراني لا بأس به. (قوله ولا ينبض فيه بقوس) يقال: أنبض القوس بالضاد المعجمة إذا حرّك وترها لترنّ (نيء): بكسر النون، وهمزة بعد الياء ممدودا: هو الذى لم يطبخ، وقيل لم ينضج. النهى عن فعل أشياء في المسجد 22 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أبو بدرٍ أراه رفعهُ إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الحصاة تناشدُ (¬8) الذى يُخرجها من المسجد. رواه أبو داود بإسناد جيد، وقد سئل الدارقطنى عن هذا الحديث فذكر أنه روى موقوفا على أبى هريرة، وقال: رفعه وهم من أبى بدر، والله أعلم. 23 - وعن عبد الله، يعنى ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيكون في آخر الزمان قومٌ يكون حديثهم (¬9) في مساجدهم، ليس لله فيهم حاجة. رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
الترغيب في المشي إلى المساجد سيما في الظلم، وما جاء في فضلها
الترغيب في المشى إلى المساجد سيما في الظلم وما جاء في فضلها 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في الجماعة تُضَعَّفُ (¬1) على صلاته في بيته، وفي سوقه خمساً وعشرين درجة وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة (¬2) لا يخرجه إلا الصلاة لم يخطُ خطوةً إلا رُفعت له بها درجة، وحطَّ (¬3) عنه بهاخطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تُصَلِّي (¬4) عليه ما دام في مُصلاه: اللهم صل عليه اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاةٍ ما انتظر (¬5) الصلاة، وفي روايةٍ: اللهم اغفر له، اللهم تُب عليه ما لم يؤذ (¬6) فيه، ما لم يُحدِث فيه (¬7). رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه باختصار. ومالك في الموطأ، ولفظه: من توضأ فأحسن الوضوء (¬8)، ثم خرج عامداً إلى الصلاة، فإنه في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة، وإنه يكتب له بإحدى خطوتيه حسنةٌ، ويمحى عنه بالأُخرى سيئةٌ، فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا يسع (¬9)، فإن أعظمكم أجراً أبعدكم داراً. قالوا لم يا أبا هريرة؟ قال: من أجل كثرة الخُطا. 2 - ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من حين يخرج أحدكم من منزله إلى مسجدى فرجلٌ تكتب له حسنة، ورجلٌ تحطُّ عنه سيئة حتى يرجع (¬10)، ورواه النسائي والحاكم بنحو ابن حبان، وليس عندهما حتى يرجع، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وتقدم في الباب قبله حديث أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا توضأ أحدكم في بيته، ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع الحديث. 3 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا تطهر (¬11) ¬
الرجلُ، ثم أتى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتباه أو كاتبهُ بكل خطوةٍ يخطوها إلى المسجد عشر حسناتٍ، والقاعد يرعى الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه. رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط وبعض طرقه صحيح، وابن خزيمة في صحيحه، ورواه ابن حبان في صحيحه مفرقا في موضعين. (القنوت) يطلق بإزاء معان منها: السكوت، والدعاء، والطاعة، والتواضع، وإدامة الحج، وإدامة الغزو، والقيام في الصلاة، وهو المراد في هذا الحديث، والله أعلم. 4 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من راح إلى مسجد الجماعة فخطوةٌ تمحو سيئة، وخطوة تكتب له حسنةً ذاهباً وراجعاً. رواه أحمد بإسناد حسن والطبراني وابن حبان في صحيحه. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على كل ميسمٍ (¬1) من الإنسان صلاةٌ كل يومٍ. فقال رجلٌ من القومِ: هذا من أشدِّ ما أُوتينا (¬2) به. قال: أمرُكَ بالمعروف، ونهيك عن المنكر صلاةٌ، وحلمك على (¬3) الضعيف صلاةٌ، وإنحاؤُك القذر عن الطريق صلاةٌ، وكلُّ خطوةٍ تخطوها إلى الصلاة صلاةٌ (¬4). رواه ابن خزيمة في صحيحه. 6 - وعن عثمان رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأسبغ (¬5) الوضوء، ثم مشى إلى صلاةٍ مكتوبةٍ (¬6) فصلاَّها مع الإمام غُفرَ له ذنبه. رواه ابن خزيمة أيضاً. 7 - وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: حضر رجلاً من الأنصار الموت ¬
فقال: إنى مُحدِّثكم حديثاً ما أُحَدِّثُكُمُوهُ إلاَّ احتساباً: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثُمَّ خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليُمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنةً، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عز وجل عنه سيئةً، فليقرب أحدكم أو ليبعد، فإن أتى المسجد فصلى في جماعةٍ غُفِرَ له، فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضاً وبقى بعض صلى ما أدرك وأتم ما بقى كان كذلك (¬1) فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتمَّ الصلاة كان كذلك. رواه أبو داود. 8 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني الليلة آتٍ من ربى، فذكر الحديث إلى أن قال: قال لى (¬2) يا محمدُ أتدرى (¬3) فيم يختصم الملأُ الأعلى؟ قلت: نعم في الدرجاتِ والكفارات، ونقل الأقدام إلى الجماعة (¬4)، وإسباغ الوضوء في السبرات (¬5)، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ومن حافظ عليهن عاش بخيرٍ، ومات بخيرٍ، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه. الحديث رواه الترمذي، وقال حديث حسن غريب، ويأتى بتمامه إن شاء الله تعالى. 9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتوضأ أحدكم فيحسن وضوءَهُ فيسبغه (¬6)، ثم يأتى المسجد لا يريدُ إلا الصلاة (¬7) إلا تبشش الله إليه كما يتبشش أهل الغائب بطلعته رواه ابن خزيمة في صحيحه. 10 - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: خلت البقاع (¬8) حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قُرب المسجد فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال لهم: بلغنى أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟ قالوا: نعم يا رسول الله: قد أردنا ذلك، ¬
فقال يا بنى سلم (¬1) دياركم تكتب آثاركم (¬2) دياركم تكتب آثاركم، فقالوا: ما يسرنا أنّا كُنَّا تحولنا. رواه مسلم وغيره. وفي روايةٍ: له بمعناه، وفي آخرهِ: إن لكم بكل خطوةٍ (¬3) درجة. ما جاء في فضل المشى إلى المسجد 11 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: قال: كانت الأنصار بعيدةً منازلهم من المسجد فأرادوا أن يتقربوا (¬4) فنزلت: ونكتب ما قدموا وآثارهم، فثبتوا. رواه ابن ماجه بإسناد جيد. 12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الأبعد (¬5) فالأبعد من المسجد أعظم أجراً. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم، وقال: حديث صحيح مدنىّ الإسناد. 13 - وعن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه قال: كنت أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نريد الصلاة، فكان يُقارب (¬6) الخطا، فقال: أتدرون لم أُقارب الخطا؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: لا يزال العبد في صلاةٍ مادام في طلب الصلاةِ. وفى رواية: إنما فعلت (¬7) لتكثر خُطاى في طلب الصلاة. رواه الطبراني في الكبير مرفوعا وموقوفا على زيد، وهو الصحيح. 14 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى (¬8) فأبعدهم، والذى ينتظر الصلاة حتى يُصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذى يُصليها (¬9) ثم ينام. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 15 - وعن أُبى بن كعبٍ رضي الله عنه قال: كان رجل من الأنصار لا أعلمُ ¬
أحداً أبعدَ من المسجد منه كانت لا تخطئه (¬1) صلاةٌ، فقيل له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، فقال، ما يَسُرُّنىِ أن منزلى إلى جنب المسجد، إنى أُريدُ أن يُكتب لى ممشاى إلى المسجد، ورجوعى إذا رجعت إلى أهلى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله. وفي روايةٍ: فتوجعت له، فقلت يا فلان: لو أنك اشتريت حماراً يقيك (¬2) الرمضاء وهوامَّ (¬3) الأرض؟ قال: أما والله ما أُحبُّ أن بيتى مُطنبٌ (¬4) ببيت محمدٍ صلى الله عليه وسلم قال: فحملت به حملاً حتى أتيت (¬5) نبىَّ الله صلى الله عليه وسلم: فأخبرته فدعاه، فقال له مثل ذلك، وذكر أنه يرجو الأثر، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لك ما احتسبت. رواه مسلم وغيره، ورواه ابن ماجه بنحو الثانية. (الرمضاء) ممدوداً: هى الأرض الشديدة الحرارة من وقع الشمس. 16 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يومٍ تطلع فيه الشمس: تعدل بين الاثنين ¬
صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقةٌ، والكلمةُ الطبيةُ صدقةٌ، وبكل خطوةٍ يمشيها إلى الصلاة صدقةٌ، وتُميطُ الأذى عن الطريق صدقة. رواه البخاري ومسلم. (السلامى): بضم السين، وتخفيف اللام، والميم مقصور: هو واحد السلاميات وهى: مفاصل الأصابع. قال أبو عبيد: هو في الأصل عظم يكون في فرسن البعير، فكان المعنى: على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة (تعدل بين الاثنين): أي تصلح بينهما بالعدل. (تميط الأذى عن الطريق): أي تنحيه وتبعده عنها. 17 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدُلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاةِ بعد الصلاةِ، فذكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط (¬1) رواه مالك ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه. ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كفارات الخطايا: إسباغ الوضوء على المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. 18 - ورواه ابن ماجه أيضاً من حديث أبى سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه إلا أنه قال: ألا أدُلكم على ما يكفر الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فذكره. 19 - ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث جابر، وعنده: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويكفر به الذنوب؟. 20 - وعن على بن أبى طالبٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إسباغ الوضوء في المكاره، وإعمال (¬2) الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة تغسل (¬3) الخطايا غسلاً. رواه أبى يعلى والبزار بإسناد صحيح. ¬
21 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من غدا إلى المسجد، أو راح أعد الله له في الجنة نُزُلاً كُلما غدا أو راح (¬1). رواه البخاري. ومسلم وغيرهما. 22 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الغدوُّ (¬2) والرواح إلى المسجد من الجهاد في سبيل الله. رواه الطبراني في الكبير من طريق القاسم عن أبي أمامة. 23 - وعن بُريدة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة. رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث غريب. (قال الحافظ عبد العظيم) رحمه الله: ورجال إسناده ثقات، ورواه ابن ماجه بلفظ من حديث أنس. 24 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليضئ للذين يتخللون إلى المساجد في الظُّلَمِ بنورٍ ساطعٍ يوم القيامة. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. 25 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من مشى في ظلمة الليل إلى المسجد لقى الله عز وجل بنورٍ يوم القيامة. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن، وابن حبان في صحيحه. ولفظه قال: من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد آتاه الله نوراً يوم القيامة. 26 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ¬
بشر المُدلجين (¬1) إلى المساجد في الظلم بمنابر من النور (¬2) يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزعون (¬3). رواه الطبراني في الكبير، وفي إسناده نظر. 27 - وعن سهل بن سعدٍ الساعدى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليبشر المشاءون (¬4) في الظُّلَمِ إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة. رواه ابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه، واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين كذا قال. (قال الحافظ) وقد روى هذا الحديث، عن ابن عباس، وابن عمر، وأبى سعيد الخدرىّ وزيد ابن حارثة، وعائشة وغيرهم. 28 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المشاءون إلى المساجد في الظلم أولئك الخوَّاضُون (¬5) في رحمة الله تعالى. رواه ابن ماجه، وفي إسناده إسماعيل بن رافع تكلم فيه الناس، وقال الترمذي ضعفه بعض أهل العلم، وسمعت محمداً، يعنى البخاري يقول: هو ثقة مقارب الحديث. 29 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من خرج من بيته مُتطَهِّراً إلى صلاةٍ مكتوبةٍ (¬6)، فأجرهُ كأجر الحَجِّ المُحْرِمِ (¬7)، ومن خرج إلى تسبيح الضحى (¬8) لا ينصبه إلا إياهُ فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاةٍ ¬
لا لغو بينهما كتابٌ في عليين (¬1) رواه أبو داود من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أُمامة. تسبيح الضحى يريد صلاة الضحى، وكل صلاة يتطوع بها فهى تسبيح وسبحة. (قوله لا ينصبه): أي لايتبعه، ولابن عجة: إلا ذلك. (والنصب) بفتح النون والصاد المهملة جميعاً: هو التعب. من خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله 30 - وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثةٌ كلهم ضامنٌ (¬2) على الله، إن عاش رُزق وكُفِىَ، وإن مات أدخله الله الجنة: من دخل بيته فسلم فهو ضامنٌ على الله، ومن خرج إلى المسجد فهو ضامنٌ على الله، ومن خرج في سبيل الله فهو ضامنٌ على الله. رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه، ويأتى أحاديث من هذا النوع في الجهاد وغيره إن شاء الله تعالى. 31 - وعن سلمان رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ في بيته فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد فهو زائر (¬3) الله، وحقٌّ على المزور (¬4) أن يكرم الزائر، رواه الطبراني في الكبير بإسنادين: أحدهما جيد، وروى البيهقى نحوه موقوفا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح. ¬
دعاء: أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها 32 - وروى عن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خرج من بيته إلى الصلاةِ، فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاى هذا، فإنى لم أخرج أشراً، ولا بطراً، ولا رياءً، ولا سُمعةً، وخرجت اتقاء (¬1) سخطك وابتغاء (¬2) مرضاتك، فأسألك أن تُعيذنى (¬3) من النار، وأن تغفر لى ذنوبى إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أقبل (¬4) الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملكٍ. رواه ابن ماجه. (قال المملى) رضي الله عنه: ويأتى فيما يقوله إذا خرج المسجد إن شاء الله تعالى. (قال الهروى): إذا قيل فعل فلان ذلك أشراً وبطراً فالمعنى: أنه لجّ في البطر. (وقال الجوهرى): الأشر والبطر بمعنى واحد. 33 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها (¬5)، وأبغض البلاد إلى الله أسواقُها (¬6). رواه مسلم. 34 - وعن جُبير بن مطعمٍ رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله أىُّ ¬
الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيها
البلدان أحبُّ إلى الله، وأىُّ البلدان أبغض إلى الله؟ قال: لا أدرى حتى أسأل جبريل عليه السلام، فأتاه فأخبره جبريل: أن أحسن (¬1) البقاع إلى الله المساجد، وأبغض البقاع إلى الله الأسواق. رواه أحمد والبزار واللفظ له، وأبى يعلى والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 35 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل النبى صلى الله عليه وسلم: أىُّ البقاع خيرٌ، وأىُّ البقاع شرٌّ؟ قال: لا أدرى (¬2) حتى أسأل جبريل عليه السلام، فسأل جبريل، فقال: لا أدرى حتى أسأل ميكائيل فجاء (¬3) فقال: خير البقاع المساجد، وشرُّ البقاع الأسواق. رواه الطبراني في الكبير، وابن حبان في صحيحه. 36 - وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: أي البقاع خيرٌ؟ قال: لا أدرى. قال: فاسأل عن ذلك ربك عز وجلَّ. قال: فبكى جبريل عليه السلام، وقال يا محمد: ولنا أن نسأله، هو الذى يُخبرنا بما يشاء فعرج إلى السماء، ثم أتاه فقال: خير البقاع بيوت الله في الأرض. قال فأى البقاع شرٌّ (¬4)؟ فعرج إلى السماء، ثم أتاه فقال: شرُّ البقاع الأسواق. رواه الطبراني في الأوسط. الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيها 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
يقول: سبعةٌ يُظلُّهم الله في ظله (¬1) يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل (¬2)، والشابُّ (¬3) نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجلٌ قلبه معلقٌ بالمساجد (¬4)، ورجلان تحابا (¬5) في الله اجتمعا على ذلك، وتفرقا عليه، ورجلٌ دعته (¬6) امرأة ذات منصب وجمال، فقال إنى أخاف الله، ورجلٌ (¬7) تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ¬
ورجلٌ ذكر الله خالياً (¬1) ففاضت عيناه. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 2 - وعن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم الرجل يعتاد (¬2) المساجد فاشهدوا له بالإيمان (¬3). قال الله عز وجل: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر. رواه الترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم، كلهم من طريق درّاج أبى السمح عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما توطَّن (¬4) رجل المساجد للصلاة، والذكر إلا تبشبش (¬5) الله تعالى إليه كما يتبشبش (¬6) أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم. رواه ابن أبى شيبة وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين. وفي رواية لابن خزيمة قال: ما من رجل كان توطن المساجد فشغله أمرٌ أو علةٌ، ثم عاد إلى ما كان إلا يتبشبش (¬7) الله إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم. 4 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ستُّ مجالس: المؤمن ضامنٌ (¬8) على الله تعالى ما كان فى شيئٍ (¬9) منها: في مسجد جماعةٍ (¬10) ¬
وعند مريضٍ (¬1) أو في جنازةٍ (¬2)، أو في بيته (¬3)، أو عند إمام مقسطٍ (¬4) يُعزِّرهُ (¬5) ويوقرهُ (¬6)، أو في مشهد جهادٍ (¬7). رواه الطبراني في الكبير والبزار، وليس إسناده بذاك، لكن روى من حديث معاذ بإسناد صحيح، ويأتى في الجهاد وغيره إن شاء الله تعالى. 5 - وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن عُمَّارَ (¬8) بيوت الله هم أهل الله (¬9) عز وجل. رواه الطبراني في الأوسط. 6 - وعن أبي سعيدٍ المخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ألف (¬10) المسجد ألفه الله. رواه الطبراني في الأوسط، وفيه ابن لهيعة. 7 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان ذئبُ (¬11) الإنسان كذئب الغنم يأخذُ الشاة القاصية والناحية (¬12) فإياكم والشعاب (¬13)، وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد. رواه أحمد بن رواية العلاء بن زياد عن معاذ ولم يسمع منه. ¬
المسجد بيت كل تقى 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن للمساجد أوتاداً (¬1) الملائكة جُلساؤُهُم، إن غابوُا يفتقدوهم (¬2)، وإن مرضوا عادوهم (¬3)، وإن كانوا في حاجةٍ أعانوهم، ثم قال: جليس بالمسجد على ثلاث خصالٍ: أخٌ (¬4) مستفادٌ أو كلمة حكمةٍ (¬5)، أو رحمةق منتظرةٌ (¬6). رواه أحمد من رواية ابن لهيعة، فإنه ليس في أصلى، وقال صحيح على شرطهما. 9 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المسجد بيت كل تقىٍّ (¬7)، وتكفلَ (¬8) الله لمن كان المسجد بيته بالرُّوح (¬9) ¬
والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة. رواه الطبراني في الكبير والأوسط. ¬
الترهيب من إتيان المسجد لمن أكل بصلا أو ثوما أو كراثا أو فجلا ونحو ذلك مما له رائحة كريهة
والبزار، وقال إسناده حسن، وهو كما قال رحمه الله تعالى، وفي الباب أحاديث غير ماذكرنا في انتظار إن شاء الله تعالى. الترهيب من إتيان المسجد لمن أكل بصلا أو ثوما أو كراثا أو فجلا ونحو ذلك مما له رائحة كريهة 1 - عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من أكل من هذه الشجرة، يعنى الثوم فلا يقربن مسجدنا. رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: فلا يقربنَّ مساجدنا، وفي رواية لهما: فلا يأتين المساجد، وفى رواية لأبى داود: من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن المساجد. 2 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا ولا يصلين معنا. رواه البخاري ومسلم ورواه الطبراني ولفظه قال: ¬
إياكم وهاتين البقلتين المنتنتين أن تأكلوها وتدخلوا مساجدنا، فإن (¬1) كنتم لا بد آكلوها اقتلوهما بالنار قتلاً. 3 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: من أكل بصلاً، أو ثوماً، فليعتزلنا، أو فليعتزل (¬2) مساجدنا، وليقعد في بيته. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. وفي روايةٍ لمسلم: من أكل البصل، والثوم، والكراث فلا يقربن مسجدنا (¬3)؛ فإن الملائكة (¬4) تنأذى (¬5) مما يتأذى منه بنو آدم. وفي روايةٍ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث فغلبتنا (¬6) الحاجة فأكلنا منها، فقال: من أكل من هذه الشجرة الخبيثة (¬7) فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس. رواه الطبراني في الأوسط والصغير ولفظه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أكل من هذه الخضراوات (¬8) الثوم ¬
والبصل والكراث والفجل فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. ورواته ثقات إلا يحيى بن راشد البصرى. 4 - وعن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه أنه ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: الثوم، والبصل، والكراث. وقيل يا رسول الله: وأشدُّ ذلك كله الثوم افتحرمه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوه، من أكله منكم فلا يقرب هذا المسجد حتى يذهب ريحه منه. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 5 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب يوم الجمعة فقال في خطبته: ثم إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين: البصل والثوم، لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما (¬1) من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع (¬2) فمن أكلهما فليمتهما طبخاً. رواه مسلم والنسائي وابن ماجه. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل من هذه الشجرة الثوم فلا يؤذينا بها في مسجدنا هذا رواه مسلم والنسائي وابن ماجه واللفظ له. 7 - وعن أبي ثعلبة رضي الله عنه أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فوجدوا في جنانها بصلاً وثوماً فأكلوا منه وهم (¬3) جياعٌ، فلما راح (¬4) الناس إلى المسجد إذا ريح المسجد بصلٌ وثومٌ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربنا فذكر الحديث بطوله رواه الطبراني بإسناد حسن وهو في مسلم من حديث أبى سعيد الخدرى بنحوه ليس فيه ذكر البصل. 8 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تفل (¬5) تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله (¬6) بين عينيه، ومن أكل من هذه البقلة (¬7) ¬
ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن ولزومها وترهيبهن من الخروج منها
الخبية فلا يقربن مسجدنا ثلاثاً. رواه ابن خزيمة في صحيحه. ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن ولزومها وترهيبهن من الخروج منها 1 - عن أُم حُميدٍ امرأة أبى حميدٍ الساعدىِّ رضي الله عنهما أنها جاءت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إنى أحبُّ الصلاة معك، قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معى، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خيرٌ من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خيرٌ من صلاتك في مسجدى. قال: فأمرت فَبُنى لها مسجد في أقصى شئٍ من بيتها وأظلمه (¬1)، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما. وبوّب عليه ابن خزيمة: باب اختيار صلاةِ المرأة في حجرتها على صلاتها في دارها، وصلاتها في مسجد قومها على صلاتها في مسجد النبى (¬2) صلى الله عليه وسلم، وإن كانت صلاة في مسجد النبى صلى الله عليه وسلم تعدلُ ألف صلاةٍ في غيره من المساجد، والدليل على أن قول النبى صلى الله عليه وسلم: صلاةٌ في مسجدى هذا أفضل من ألف صلاةٍ فيما سواه من المساجد إنما أراد به صلاة الرجال دون صلاة (¬3) النساء، وهذا كلامهُ. ¬
خير مساجد النساء قعر بيوتهن 2 - وعن أُم سلمة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خيرُ مساجد النساء قعرُ (¬1) بيوتهن. رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفي إسناده ابن لهيعة، ورواه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم من طريق درّاج أبى السمح عن السائب مولى أم سلمة عنها، وقال ابن خزيمة: لا أعرف السائب مولى أم سلمة بعدالة ولا جرح، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 3 - وعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في حجرتها خيرٌ من صلاتها في دارها، وصلاتها في دارها خيرٌ من صلاتها في مسجد قومها (¬2). رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد. 4 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا نساءكم المساجد (¬3)، وبيوتهن خيرٌ لهن. رواه أبو داود. 5 - وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المرأة عورة (¬4) وإنها إذا خرجت من بيتها استشرفها (¬5) الشيطان، وإنها لا تكون أقرب إلى الله ¬
منها في قعر بيتها (¬1). رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح. ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن 6 - عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها (¬2) أفضل من صلاتها في بيتها. رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه، وتردّد في سماع قتادة هذا الخبر من مورق. (والمخدع) بكسر الميم وإسكان الخاء المعجمة وفتح الدال المهملة: هو الخزانة في البيت. 7 - وعنه رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: المرأةُ عورةٌ فإذا خرجت استشرفها الشيطان. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما بلفظه، وزاد: وأقرب ما تكون من وجه ربها وهى في قعر بيتها. 8 - وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: ما صلت امرأةٌ من صلاةٍ أحب إلى الله من أشد مكان في بيتها ظلمة. رواه الطبراني في الكبير. 9 - ورواه ابن خزيمة في صحيحه من رواية إبراهيم الهجرى عن أبي الأحوص عنه رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن أحبَّ صلاةٍ المرأةِ إلى الله في أشدِّ مكانٍ في بيتها ظلمةً. 10 - وفي روايةٍ عند الطبراني قال: النساء عورةٌ، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها بأسٌ (¬3) فيستشرفها الشيطان فيقول: إنك لا تَمرين بأحدٍ إلا أعجبته وإن المرأة لتلبس ثيابها، فيقال أين تريدين؟ فتقول: أعود مريضاً، أو أشهد جنازةً، ¬
أو أُصلى في مسجدٍ (¬1)، وما عبدتِ امرأةٌ رَبَّها مثل أن تبعده في بيتها. وإسناد هذه حسن. (قوله: فيستشرفها الشيطان): أي ينتصب، ويرفع بصره إليها، ويهمّ بها لأنها قد تعاطت سبباً من أسباب تسلطه عليها، وهو خروجها من بيتها. 11 - وعن أبي عمرو الشيبانى أنه رأى عبد الله يُخرجُ النساء من المسجد يوم الجمعة، ويقول: أخرجن إلى بيوتكن خيرٌ لكن. رواه الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به. ¬
الترغيب في الصلوات الخمس والمحافظة عليها والإيمان بوجوبها
الترغيب في الصلوات الخمس والمحافظة عليها والإيمان بوجوبها فيه حديث ابن عمر وغيره 1 - عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: بُنِىَ (¬1) الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت. رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن غير واحد من الصحابة. 2 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما (¬2) نحن جلوس عند ¬
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذْ طلع علينا رجلٌ شديد بياض الثياب شديد سواد ¬
الشعر لا يُرَى عليه أثرُ السفر، ولا يعرفه منا أحدٌ حتى جلس إلى النبى صلى الله ¬
عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى رُكبتيه (¬1)، ووضع كفيه على فخذيه، فقال: يا محمدُ أخبرنى عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تشهد (¬2) أن لا إله إلا ¬
الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم (¬1) الصلاة، وتؤتى (¬2) الزكاة، وتصوم (¬3) رمضان، وتحج البيت (¬4) الحديث، رواه البخاري ومسلم، وهو مروى عن غير واحد من الصحابة في الصحاح وغيرها. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أرأيتم لو أن نهراً (¬5) بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسَ مراتِ هل يبقى من درنه (¬6) شئ؟ قالوا: لا يبقى من درنه شئٌ. قال: فكذلك مثلُ الصلوات الخمس يمحو (¬7) الله بهن الخطايا. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، ورواه ابن ماجه من حديث عثمان. (الدرن) بفتح الدال المهملة والراء جميعاً: هو الوسخ. 4 - وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارةٌ (¬1) لما بينهن ما لم تغش (¬2) الكبائر (¬3) رواه مسلم والترمذي وغيرهما. الصلوات الخمس كفارة لما بينها 5 - وعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: الصلوات الخمس: كفارةٌ (¬4) لما بينها، ثم قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو أن رجلا كان يعتمل (¬5)، وكان بين منزله وبين معتمله خمس أنهارٍ، فإذا أتى معتمله عمل فيه ما شاء الله فأصابه الوسخ أو العرق، فكلما مر بنهرٍ اغتسل، ما كان ذلك يُبقى من درنه، فكذلك الصلاة كلما عمل خطيئةً فدعا واستغفر غفر له ما كان قبلها. رواه البزار والطبراني في الأوسط والكبير بإسناد لا بأس به، وشواهده كثيرى. 6 - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل الصلوات الخمس: كمثل نهرٍ جارٍ غمرٍ (¬6) على باب أحدكم يغتسل منه كل يومٍ خمس مرات. رواه مسلم. (والغمر): بفتح الغين المعجمة وإسكان الميم بعدها: هو الكثير: 7 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحترقون تحترقون (¬7)، فإذا صليتم الصبح غسلتها (¬8)، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليت العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون، فلا يكتب (¬9) عليكم حتى تستيقظوا. رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وإسناده حسن، ورواه الكبير موقوفا عليه، وهو أشبه، ورواته محتجّ بهم في الصحيح. ¬
ما يقوله المنادى عند كل صلاة 8 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله ملكاً (¬1) ينادى عند كل صلاةٍ: يا بنى آدم قوموا إلى نيرانكم التى أوقدتموها فأطفئوها. رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وقال: تفرّد به يحيى بن زهير القرشى. (قال المملى) رضي الله عنه: ورجاله كلهم محتجّ بهم في الصحيح سراة. 9 - وروى عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يُبعثُ منادٍ عند حضرة كل صلاةٍ، فيقول يا بنى آدم: قوموا فأطفئوا ما أوقدتم (¬2) على أنفسكم، فيقومون فيتطهرون (¬3) ويصلون الظهر فيغفر لهم ما بينهما فإذا حضرت العصر فمثل ذلك، فإذا حضرت المغرب فمثل ذلك، فإذا حضرت العتمة (¬4) فمثل ذلك فينامون فمُدلجٌ (¬5) في خيرٍ، ومدلجٌ في شرٍّ. رواه الطبراني في الكبير. 10 - وعن طارق بن شهاب أنه بات عند سلمان الفارسي رضي الله عنه لينظر ¬
ما اجتهاده. قال: فقام يصلى من آخر الليل فكأنه لم ير الذى كان يظنُّ فذُكرَ ذلك له فقال سلمان: حافظوا على هذه الصلوات الخمس، فإنهن كفاراتٌ لهذه الجراحات ما لم تصب المقتلة. رواه الطبراني في الكبير موقوفا هكذا بإسناد لا بأس به، ويأتى بتمامه إن شاء الله تعالى. 11 - وعن عُمر بن مرة الجهنى رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى النبى صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله وصليت الصلوات (¬1) الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته (¬2) فممن أنا؟ قال: من الصديقين؟ قال: من الصديقين (¬3) والشهداء (¬4). رواه البزّار، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما واللفظ لابن حبان. 12 - وعن أبي مسلم التغلبى قال: دخلت على أبى أُمامه رضي الله عنه وهو في المسجد، فقلت يا أبا أُمامة؟ إن رجلا حدثنى عنك أنك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأسبغ الوضوء، فغسل (¬5) يديه، ووجهه، ومسح على رأسه، وأُذنيه، ثم قام إلى صلاةٍ مفروضةٍ غفر (¬6) الله له في ذلك اليوم ما مشت إليه رجلاه، وقبضت عليه يداه، وسمعت إليه أُذناهُ، ونظرت إليه عيناه، وحدث به نفسه من سوءٍ. فقال: والله قد (¬7) سمعته من النبى صلى الله عليه وسلم أمراً (¬8). رواه أحمد، والغالب على سنده الحسن، وتقدم له شواهد في الوضوء، والله أعلم. 13 - وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم يصلي وخطاياهُ مرفوعةٌ على رأسه كلما سجد تحات (¬9) عنه فيفرغ من ¬
صلاته، وقد تحاتت (¬1) عنه خطاياه. رواه الطبراني في الكبير والصغير، وفيه أشعثُ بن أشعث السعدانى لم أقف على ترجمته. 14 - وعن أبي عثمان قال: كنت مع سلمان رضي الله عنه تحت شجرةٍ فأخذ غصناً يابساً (¬2)، فهزَّهُ حتى تحاتَّ (¬3) ورقه، ثم قال: يا أبا عثمان ألا تسألنى لِمَ أفعلُ هذا. قلتُ: ولم تفعله؟ قال: هكذا فعل بى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه تحت شجرةٍ، وأخذ منها غصناً يابساً (¬4) فهزَّهُ حتى تحات ورقه. فقال: يا سلمان ألا تسألنى لم أفعل هذا. قلت: ولم تفعله؟ قال: إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء (¬5) ثم صلى الصلوات الخمس، تحاتت خطاياه كما تحاتَّ (¬6) هذا الورق، وقال: (أقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) رواه أحمد والنسائي والطبراني، ورواة أحمد محتج بهم في الصحيح إلا علىَّ بن زيد. 15 - وعن أبي هريرة وأبى سعيدٍ رضي الله عنهما قالا: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: والذى نفسى بيده ثلاث مراتٍ، ثم أكبَّ فأكَبَّ (¬7) كلُّ رجل منَّا يبكى، لاندرى على ماذا حلف، ثم رفع رأسه، وفى وجهه البُشرى (¬8)، وكانت أحب إلينا من حُمْرِ (¬9) النعم: قال: ما من رجلٍ (¬10) يصلى الصلوات الخمس، ¬
ويصوم رمضان، ويخرج الزكاة، ويتجنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى إنها لتصطفق (¬1)، ثم تلا (إن تجتنبوا كبائر (¬2) ما تنهون (¬3) عنه نكفر (¬4) عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريماً). وقال الحاكم صحيح الإسناد. 16 - وعن عثمان رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انصرافنا من صلاتنا، أراه قال العصر. فقال: ما أدرى أُحدثكم أو أسكت؟ قال: فقلنا يا رسول الله إن خيراً فحدثنا، وإن كان غير ذلك فالله ورسوله أعلم. قال: ما من مسلمٍ يتطهر فيُتم الطهارة التى كتب الله عليه فيصلى هذه الصلوات الخمس إلا كانت كفاراتٍ (¬5) لما بينها. وفي رواية: أن عثمان رضي الله عنه قال: والله لأُحدثكم حديثاً لولا آية (¬6) في كتاب الله ما حدثتكموه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يتوضأٌ رجلٌ ¬
فيحسن وضوءَهُ، ثم يصلى الصلاةَ إلا غفر الله له ما بينها وبين الصلاة التى تليها. رواه البخاريّ ومسلم. 17 - وفي رواية لمسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ للصلاة، فأسبغ (¬1) الوضوء، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس (¬2) أو مع الجماعة (¬3)، أو في المسجد غفر له ذنوبه. 18 - وفي روايةٍ أيضا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرِئٍ مسلمٍ تحضرهُ صلاةٌ مكتوبةٌ (¬4)، فيحسن وضوءَها وخشوعها وروكوعها إلا كانت كفارةً لما قبلها من الذنوب ما لم تؤتَ (¬5) كبيرةٌ، وذلك الدهر كله (¬6). 19 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم يقول: إن كل صلاة تحطُّ (¬7) ما بين يديها من خطيئةٍ. رواه أحمد بإسناد حسن. 20 - وعن الحارث مولى عثمان قال: جلس عثمان رضي الله عنه يوماً وجلسنا معه فجاء المؤذنُ فدعا بماءٍ في إناءٍ أظنهُ يكون فيه مُدٌّ (¬8) فتوضأَ، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتوضأُ (¬9) وُضُوئى هذا، ثم قال: من توضأ وضوئى هذا (¬10) ثم قام يصلى صلاة الظهر غُفر له ما كان بينها وبين الصبح، ثم صلى العصر غفر له ما كان بينها وبين الظهر، ثم صلى المغرب غفر له ما كان بينها وبين العصر، ثم صلى العشاء غفر له ما كان بينها وبين المغرب، ثم لعلَّهُ يبيت يتمرغ (¬11) ليلته، ثم إن قام فتوضأ فصلى الصبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء، وهنَّ: الحسنات يُذهبنَ ¬
السيئات. قالوا: هذه الحسنات فما الباقيات (¬1) يا عثمان؟ قال: هى: لا إله الله، وسبحان الله، والحمد الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. رواه بإسناد حسن، وأبو يعلى والبزار. يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل الخ 21 - وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الصبح فهو في ذمة (¬2) الله فلا يطلبكم (¬3) الله من ذمته بشئٍ، فإنه من يطلبه من ذمته بشئٍ يدركه ثم يكُبُّهُ (¬4) على وجهه في نار جهنم. رواه مسلم واللفظ له وأبو داود والترمذي وغيرهم. ويأتي في باب صلاة الصبح والعصر إن شاء الله تعالى. 22 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح (¬5)، وصلاة العصر، ثم يعرج (¬6) الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم، وهو أعلم بهم: كيف ¬
تركتم عبادى؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيانهم وهم يُصلون. رواه مالك والبخاري ومسلم والنسائي. خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة الخ 23 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن أول ما افترض الله على الناس من دينهم: الصلاة، وآخر ما يبقى: الصلاةُ، وأول ما يُحاسب به: الصلاة، ويقول الله: انظروا في صلاة عبدى، فإن كانت تامةً كُتبت تامةً، وإن كانت ناقصة يقول: انظروا هل لعبدى من تطوعٍ (¬1)، فإن وُجِد له تطوعٌ تمت الفريضة من التطوع، ثم قال: انظروا: هل زكاته تامةٌ؟، فإن كانت تامة كتبت تامةً، وإن كانت ناقصةً. قال: انظروا هل له صدقةٌ؟، فإن كانت له صدقة تمت له زكاته. رواه أبى يعلى. 24 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمسٌ من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس: على وُضُوئهن، ورُكوعهن، وسجودِهن، ومواقيتهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلاً، وآتى (¬2) الزكاة طيبةً بها نفسه، وأدى الأمانة. قيل يا رسول (¬3) الله: وما أداءُ الأمانة؟، قال: الغسل (¬4) من الجناة، إن الله لم يأمن ابن آدم على شئٍ من دينه غيرها. رواه الطبراني بإسناد جيد. ¬
25 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلواتٍ كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهنَّ كان له عند الله عهدٌ أن يدخله الجنة، ومن لم يأتِ بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة رواه مالك وأبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه. 26 - وفي رواية لأبى داود: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلواتٍ افترضهن الله، من أحسن وضوءهن، وصلاهن لوقتهن، وأتم رُكوعهنَّ وسجودهن، وخشوعهن (¬1) كان له (¬2) الله عهدٌ (¬3) أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس على الله عهدٌ، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه. 27 - وعن سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه قال: كان رجلان أخوان فهلك أحدهما قبل صاحبه بأربعين ليلةً، فذكرت فضيلة الأول منهما عند رسول الله ¬
صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم يكن الآخرُ مسلماً؟ قالوا بلى (¬1) وكان لا بأس به، فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم: وما يدريكم ما بلغت به صلاته إنما مثل الصلاة كمثل نهرٍ عذبٍ بباب أحدكم يقتحم (¬2) فيه كل يومٍ خمس مراتٍ فما ترون في ذلك يُبْقِى من درنه (¬3)، فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته (¬4). رواه مالك واللفظ له، وأحمد بإسناد حسن، والنسائي وابن خزيمة في صحيحه إلا أنه قال: عن عامر بن سعد بن أبى وقاص قال: سمعت سعداً وناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كان رجلان أخوان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحدهما أفضل من الآخر، فتوفى الذى هو أفضلهما، ثم عُمر الآخرُ بعد أربعين ليلة ثم توفى، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ألم يكن يصلى؟ قالوا: بلى يا رسول الله، وكان لا بأس به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وماذا يدريكم ما بلغت به صلاته. الحديث. 28 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رجلان من بُلَى حَىٍّ من قُضاعةَ أسلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشهد أحدهما، وأُخر الآخرُ سنةً. قال طلحة بن عبيد الله: فرأيت المؤخر منهما أُدخل الجنة قبل الشهيد (¬5) فتعجبت لذلك ¬
فأصبحت فذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم، أو ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس قد صام بعد رمضان، وصلى ستة آلاف ركعةٍ، وكذا وكذا ركعةً صلاة سنةٍ. رواه أحمد بإسناد حسن، وروى ابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقى، كلهم عن طلحة بنحوه أطول منه، وزاد ابن ماجه وابن حبان في آخره: لما بينهما أبعد من السماء والأرض. ثلاث لا أحلف عليهن الخ 29 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث أحلف عليهن (¬1) لا يجعل الله من له سهم (¬2) في الإسلام كمن لا سهم له، وأسهم الإسلام ثلاثة: الصلاة والصوم، والزكاة، ولا يتولى (¬3) الله عبداً في الدنيا فيوليه ¬
غيره يوم القيامة (¬1) ولا يُحبُّ رجل قوماً إلا جعله الله معهم (¬2)، والرابعة لو حلفت عليها رجوت أن لا إثم (¬3) لا يستر الله عبداً في الدنيا إلا ستره يوم القيامة. رواه أحمد بإسناد جيد، ورواه الطبراني في الكبير من حديث ابن مسعود. 30 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: مفتاح الجنة الصلاة. رواه الدرامىّ، وفي إسناده أبو يحيى القتات. 31 - وعن عبد الله بن قُرطٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت (¬4) صلح سائر عمله، ¬
وإن فسدت فسد سائر عمله. رواه الطبراني في الأوسط، ولا بأس بإسناده إن شاء الله. الترغيب في الصلوات الخمس والمحافظة عليها 32 - وروى عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة ينظر في صلاته، فإن صلحت فقد أفلح (¬1) وإن فسدت خاب (¬2) وخسر. رواه في الأوسط أيضاً. 33 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا إيمان (¬3) لمن لا أمانة له، ولا صلاة لمن لا طهور (¬4) له، ولا دين (¬5) لمن لا صلاة له، إنما موضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد. رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وقال: تفرّد به الحسين بن الحكم الحبرى. 34 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لمن حوله من أُمته: اكفلوا (¬6) لي بستٍّ أكفل لكم بالجنة. قالوا (¬7) وماهى ¬
يا رسول الله؟ قال: الصلاة، والزكاة، والأمانة (¬1)، والفرج (¬2)، والبطن (¬3)، واللسان (¬4)، رواه الطبراني في الأوسط، وقال: لا يُروى النبى ? إلا بهذا الإسناد. (قال الحافظ): ولا بأس بإسناده. 35 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن أفضل الأعمال؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة. قال: ثم مه (¬5)؟ قال: ثم الصلاة. قال: ثم مه؟ قال: ثم الصلاة ثلاث مراتٍ. قال: ثم مه؟ قال: الجهاد في سبيل الله، فذكر الحديث. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه واللفظ له: الترغيب في فضائل الأعمال وهى الصلاة الجهاد 36 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقيموا ولن تُحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن. رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما، ولاعلة له سوى وهم أبى بلال، ورواه ابن حبان في صحيحه من غير طريق أبى بلال نحوه، وتقدم وهو وغيره في المحافظة على الوضوء، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث سلمة بن الأكوع، وقال فيه: واعلموا أن أفضل أعمالكم الصلاة. 37 - وعن حنظلة الكاتب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حافظ على الصلوات الخمس: رُكوعهن وسجودهن، ومواقيتهن، وعلم أنهن حقٌّ من عند الله دخل الجنة، أو قال: وجبت له الجنة، أو قال: حَرُمَ (¬6) على النار. رواه أحمد بإسناد جيد، ورواته رواة الصحيح. 38 - وعن عثمان رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من علم أن الصلاة حق مكتوب (¬7) واجب دخل الجنة. رواه أبو يعلى، وعبد الله بن الإمام أحمد على المسند، والحاكم، وصححه، وليس عنده ولا عند عبد الله لفظة (مكتوب). ¬
الترغيب في الصلاة مطلقا وفضل الركوع والسجود والخشوع
(قال الحافظ) رضي الله عنه: وستأتى أحاديث أخر تنتظم في سلك هذا الباب في الزكاة والحج وغيرها إن شاء الله تعالى. الترغيب في الصلاة مطلقاً، وفضل الركوع والسجود والخشوع 1 - عن أبي مالك الأشعرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأُ الميزان، وسبحان الله، والحمد لله تملآن، أو تملأُ ما بين السماء والأرض، والصلاة نورٌ، والصدقة برهانٌ، والصبر ضياءٌ، والقرآن حجة لك، أو عليك. رواه مسلم وغيره، وتقدم. 2 - وعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج في الشتاء، والورق يتهافت (¬1) فأخذ بغصنٍ من شجرةٍ. قال: فجعل ذلك الورق يتهافت، فقال: يا أبا ذر. قُلتُ: لبيك يا رسول الله، قال: إن العبد المسلم ليصلى الصلاة يُريدُ بها وجه الله فتهافت (¬2) عنه ذنوبه كما تهافت هذا الورق عن هذه الشجرة. رواه أحمد بإسناد حسن. 3 - وعن معدان بن أبى طلحة رضي الله عنه قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أخبرنى بعمل أعمله يدخلنى الله به الجنة، أو قال قلت: بأحب الأعمال إلى الله، فسكت، ثم سألته فسكت، ثم سألته الثالثة، فقال سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: عليك بكثرة السجود (¬3)، فإنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك بها درجةً، وحط (¬4) بها عنك خطيئةً. رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه. 4 - وعن عُبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبدٍ يسجد لله سجدةً إلا كتب الله له بها حسنة ومحا (¬5) عنه بها ¬
سيئةً، ورفع له بها درجة فاستكثروا من السجود (¬1) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح. الترغيب في كثرة السجود وكثرة الدعاء فيه 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد: فأكثروا الدعاء. رواه مسلم. 6 - وعن ربيعة بن كعبٍ رضي الله عنه قال: كنت أخدمُ النبى صلى الله عليه وسلم نهارى، فإذا كان الليل آويت إلى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فَبِتَّ عنده فلا أزال أسمعه يقول: سبحان الله، سبحان الله، سبحان ربى حتى أمل أو تغلبنى عينى فأنام، فقال يوماً يا ربيعة: سلنى فأعطيك؟ فقلت: أنظرنى حتى أنظر، وتذكرتُ أن الدنيا فانية منقطعة، فقلت: يا رسول الله أسئلُكَ أن تدعو الله أن ينجينى من النار، ويُدخلنى الجنة، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: من أمرك بهذا؟ قلت ما أمرنى به أحد، ولكنى علمت أن الدنيا منقطعة فانية، وأنت من الله بالمكان الذى أنت منه فأحببت أن تدعو الله لى، قال: إنى فاعلٌ فأعنى على نفسك بكثرة السجود (¬2). رواه الطبراني في الكبير من رواية ابن إسحق واللفظ له، ورواه مسلم وأبو داود مختصرا، ولفظ مسلم قال: ¬
كنتُ أبِيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته، فقال لى: سلنى؟ فقلت أسألك (¬1) في الجنة. قال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك، فأعني على نفسك بكثرة السجود. الترغيب في كثرة السجود وما يترتب عليه 7 - وعن أبي فاطمة رضي الله عنه قال: قُلتُ يا رسول الله اخبرنى بعملٍ استقيم (¬2) عليه، وأعمله (¬3)؟ قال: عليك بالسجود فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة. رواه ابن ماجه بإسناد جيد، ورواه أحمد مختصرا. ولفظه قال: قال لى نبىُّ الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا فاطمة (¬4): إن أردت أن تلقانى فأكثر السجود. 8 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من حالةٍ يكون العبد عليها أحب إلى الله من أن يراه ساجداً يعفر (¬5) وجهه في التراب رواه الطبراني في الأوسط، وقال: تفرّد به عثمان. (قال الحافظ) عثمان هذا هو ابن القاسم ذكره ابن حبان في الثقات. 9 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة خير موضوعٍ، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر. رواه الطبراني في الأوسط. ¬
10 - وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بقبرٍ فقال: من صاحب هذا القبر؟ فقالوا: فلانٌ، فقال: ركعتان (¬1) أحبُّ إلى هذا من بقية دنياكم. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. 11 - وعن مُطَرِّفٍ رضي الله عنه قال: قعدت إلى نفرٍ من قريشٍ، فجاء رجلٌ فجعل يُصلى، ويرفع ويسجد، ولا يقعد، فقلت: والله ما أرى هذا يدرى ينصرف على شفعٍ (¬2)، أو على وترٍ (¬3)، فقالوا: ألا تقوم إليه فتقول له؟. قال: فقمت فقلت له: يا عبد الله ما أراك تدرى تنصرف على شفعٍ، أو على وترٍ؟ قال: ولكن الله يدرى (¬4)، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سجد لله سجدةً كتب الله له بها حسنةً، وحط عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة، فقلت من أنت؟ فقال: أبو ذرً فرجعت إلى أصحاب، فقلت: جزاكمُ الله من جلساء شراً (¬5) أمرتمونى أن أُعلم رجُلاً من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: فرأيته يُطيل القيام، ويكثر الركوع والسجود، فذكرت ذلك له فقال: ما آلوت أن أُحسن، إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ركع ركعة، أو سجد سجدةً رفع الله له بها درجةً، وحط عنه بها خطيئةً رواه أحمد والبزار بنحوه، وهو بمجموع طُرُقه حسن أوصحيح ما آلوت: أي قصرت. ¬
الترغيب في إسباغ الوضوء وإفراغ القلب لله في الصلاة 12 - وعن يوسف بن عبد الله بن سلامٍ قال: أتيتُ أبا الدرداء رضي الله عنه في مرضه الذى قُبض (¬1) فيه، فقال يابن أخى: ما علمت (¬2) إلى هذه البلدة، أو ما جاء بك؟ قال: قلت لا: إلا صلة (¬3) ما كان بينك وبين والدى: عبد الله بن سلامٍ، فقال: بئس ساعة الكذب هذه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأحسن الضوء، ثم قام فصلى ركعتين، أو أربعاً (يُشكُّ سهلٌ) يُحسن (¬4) فيهن الركوع والخشوع ثم يستغفر الله غفر له. رواه أحمد بإسناد حسن. 13 - وعن زيد بن خالدٍ الجُهنىِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ فأحسن وضوءهُ (¬5)، ثم صلى ركعتين لا يسهو (¬6) فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه أبو داود. وفي رواية عنده: ما من أحدٍ يتوضأُ فيحسن الوضوء ويصلى ركعتين يُقبلُ بقلبه (¬7) وبوجهه (¬8) عليهما إلا وجبت له الجنة. 14 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنهما قال: كُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خُدام أنفسنا نتناوب (¬9) الرعاية رعاية إبلنا، فكانت على رعاية الإبل فرواحتها (¬10) بالعشى، فإذا رسول الله صلى الله عليه يخطب الناس فسمعته يوماً يقول: ما منكم من أحدٍ يتوضأُ فيحسن الوضوء، ثم يقوم فيركع ركعتين يُقبلُ ¬
عليهما بقلبه ووجهه، فقد أوجب، فقلت: بخٍ بخٍ (¬1) ما أجود هذه!. رواه مسلم وأبو داود واللفظ له، والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه، وهو بعض حديث، ورواه الحاكم إلا أنه قال: ما من مسلمٍ يتوضأ فيسبغ (¬2) الوضوء، ثم يقوم في صلاته فيعلم (¬3) ما يقول إلا انفتل (¬4)، وهو كيوم ولدته أُمُهُ. الحديث، وقال صحيح الإسناد. (أوجب) أي أتى بما يوجب له الجنة. 15 - وعن عاصم بن سفيان الثقفى رضي الله عنه أنهم غزوا غزوة السلاسل ففاتهم الغزو فربطوا ثُمَّ رجعوا إلى معاوية، وعنده أبو أيُّوب، وعقبة بن عامرٍ، فقال عاصم: يا أبا أيوب، فاتنا الغزو العام، وقد أُخبرنا أنه من صلى في المساجد الأربعة غفر له ذنبه، فقال يابن أخى: ألا أدلك على أيسر من ذلك: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ كما أُمر، وصلى كما أُمر. غفر له ما قدم من عمل كذلك يا عقبة. قال: نعم. رواه النسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، وتقدم في الوضوء حديث عمرو بن عبسة، وفي آخره: فإن هو قام فصلى فحمد الله، وأثنى عليه، ومجدهُ بالذى هو له أهل، وفرغ قلبه لله تعالى إلا انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه. رواه مسلم، وتقدم في الباب قبله حديث عثمان، وفيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرئٍ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها، وخشوعها، وركوعها إلا كانت كفارةً (¬5) لما قبلها من الذنوب ما لم يُؤتِ (¬6) كبيرةً، وكذلك الدهر (¬7) كله. رواه مسلم، وتقدم أيضاً حديث عبادة. ¬
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلواتٍ افترضهن الله، من أحسن وضوءهن، وصلاهن لوقتهن، وأتم رُكوعهن، وسجودهن، وخشوعهن كان له على الله عهد (¬1) أن يغفر له، ويأتى في الباب بعده حديث أنس إن شاء الله. ¬
الترغيب في الصلاة في أول وقتها
الترغيب في الصلاة في أول وقتها 1 - عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله ¬
عليه وسلم: أىُّ العمل أحبُّ إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة (¬1) على وقتها، ثم أىُّ؟ قال بر الوالدين (¬2). قلت، ثم أي، قال: الجهاد (¬3) في سبيل الله قال: حدثنى بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو استزدته لزدانى. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. 2 - وروى عن رجلٍ من بنى عبد القيس يقال له عياضق: أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم: يقول عليكم بذكر (¬4) ربكم، وصلوا صلاتكم في أول وقتكم فإن الله يضاعف (¬5) لكم. رواه الطبراني في الكبير. 3 - وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوقت الأول من الصلاة رضوان (¬6) الله، والآخر عفو الله (¬7). رواه الترمذي والدارقطني. 4 - وروى الدراقطنى من حديث إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبى محذورة عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول الوقت رضوان الله، ووسط الوقت رحمة الله وآخر الوقت عفو الله عز وجل. 5 - وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: فضل (¬8) أول الوقت على آخره كفضل الآخرة على الدنيا، رواه أبو منصور الديلمىّ في مسند الفردوس. 6 - وعن رجلٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال شعبة: قال: أفضل العمل الصلاة لوقتها، وبرُّ الوالدين، والجهاد. رواه أحمد، ورواته محتجّ بهم في الصحيح. 7 - وعن أم فروةَ رضي الله عنها، وكانت ممن بايع النبى صلى الله عليه وسلم ¬
قالت: سُئل النبى صلى الله عليه وسلم أىُّ الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول وقتها. رواه أبو داود، والترمذي، وقال لا يرون إلا من حديث عبد الله بن عمر العمرى. وليس بالقوىّ عند أهل الحديث. واضطربوا في هذا الحديث. (قال الحافظ) رضي الله عنه: عبد الله هذا صدوق حسن الحديث فيه لين. قال أحمد صالح الحديث لا بأس به، وقال ابن معين: يكتب حديثه، وقال ابن عدى: صدوق لا بأس به، وضعّفه أبو حاتم، وابن المدينىّ. وأمّ فروة هذه: هى أخت أبى بكر الصديق لأبيه، ومن قال فيها: أم فروة الأنصارية فقد وَهِم. الترغيب في انتظار الصلاة، والصلاة في أول الوقت 8 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: أشهد أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلواتٍ افترضهن الله عز وجل، ومن أحسن وُضوءَهن وصلاهن لوقتهن وأتم رُكوعهن وسجودهن وخشوعهن كان له على الله عهد (¬1) أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه رواه مالك وأبو داود والنسائي، وابن حبان في صحيحه. 9 - وروى عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن سبعة نفرٍ: أربعةٌ من موالينا (¬2)، وثلاثة من غُرُبنا (¬3) مُسندى ظُهورنا إلى مسجده، فقال: ما أجلسكم؟ قلنا: جلسناننتظر الصلاة، قال: فأرمَّ (¬4) قليلاً: ثم أقبل علينا، فقال: هل تدرون ما يقول ربكم؟ قلنا لا، قال: فإن ربكم يقول: من صلى الصلاة لوقتها، وحافظ عليها، ولم يُضيعها استخفافاً بحقها، فله ¬
على عهدٌ أن أُدخله الجنة، ومن لم يصلها لوقتها، ولم يُحافظ عليها، وضيعها استخفافاً بحقها، فلا عهد له على، إن شئت عذبته، وإن شئت غفرت له (¬1). رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وأحمد بنحوه. (أرَمَّ) هو بفتح الراء وتشديد الميم: أي سكت. 10 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه: أن النبى صلى الله عليه وسلم مَرَّ على أصحابه يوماً، فقال لهم: هل تدرون (¬2) ما يقول ربكم تبارك وتعالى؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قالها ثلاثا، قال: وعزتى وجلال لا يُصليها أحدٌ لوقتها، إلا أدخلته الجنة، ومن صلاها بغير وقتها، إن شئت رحمته، وإن شئت عذبته. رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن إن شاء الله تعالى. 11 - وروى عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الصلوات لوقتها، وأسبغ لها وضوءها، وأتم لها قيامها وخشوعها وركوعها وسجودها، خرجت وهي بيضاء مسفرةٌ (¬3) تقول حفظك الله كما حفظتنى، ومن صلاها لغير وقتها، ولم يُسبغ لها وضوءها، ولم يُتم لها خشوعها، ولا رُكوعها، ولا سجودها، خرجت وهى سواء مُظلمة، تقول: ضيعك الله كما ضيعتنى، حتى إذا كانت حيث شاء الله لُفَّتْ كما يُلفُّ الثوب الخلق (¬4)، ثم ضُرب (¬5) بها وجهه. رواه الطبراني في الأوسط، وتقدم في باب الصلوات الخمس حديث أبى الدرداء وغيره. ¬
الترغيب في صلاة الجماعة، وما جاء فيمن خرج يريد الجماعة فوجد الناس قد صلوا
الترغيب في صلاة الجماعة وما جاء فيمن خرج يريد الجماعة فوجد الناس قد صلوا 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في جماعةٍ تضعف (¬1) على صلاته في بيته، وفي سوقه (¬2)، خمساً وعشرين ¬
ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يُخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوةً إلا رفعت له بها درجة (¬1)، وحط عنه بها خطيئةٌ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى (¬2) عليه ما دام في مصلاة ما لم يُحدِثْ (¬3): اللهم صَلِّ (¬4) عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاةٍ ما انتظر (¬5) الصلاة. رواه البخاري، واللفظ له، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ (¬6) بسبعٍ وعشرين درجة. رواه مالك والبخاري ومسلم، والترمذي، والنسائي. 3 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: من سرَّهُ أن يلقى الله غداً (¬7) مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى (¬8) بهن، فإن الله تعالى شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى (¬9) وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف في بيته، لتركتم سُنةَ نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم (¬10)، وما من رجلٍ يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجدٍ من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه، بها درجة، ويحط عنه ¬
بها سيئةً، ولقد رأيتنا، وما يتخلف عنها (¬1) إلا مُنافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتى به يُهادى (¬2) بين الرجلين يُقام في الصف. وفي رواية: لقد رأيتنا، وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد عُلم نفاقه (¬3) أو مريضٌ، إن كان الرجل ليمشى بين رجلين حتى يأتى الصلاة، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سُنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذى يُؤذن فيه. رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. (قوله يهادى بين الرجلين): يعنى يرفد من جانبه ويؤخذ بعضده يمشى به إلى المسجد. 4 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل صلاة الرجل في الجماعة على صلاته وحده بضع وعشرون درجةً. وفي رواية: كُلها مثل صلاته في بيته. رواه أحمد بإسناد حسن، وأبو يعلى والبزار والطبراني، وابن خزيمة في صحيحه بنحوه. ¬
الترغيب في صلاة الجماعة وأعمال ترفع الدرجات الخ 5 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله تبارك وتعالى ليعجب (¬1) من الصلاة في الجمع. رواه أحمد بإسناد حسن، وكذلك رواه الطبراني من حديث ابن عمر بإسناد حسن. 6 - وعن عثمان رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى صلاةٍ مكتوبةٍ فصلاها مع الإمام غفر له ذنبه. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 7 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتانى الليلة آتٍ من ربى. وفي روايةٍ: رأيت ربى (¬2) في أحسن صورةٍ، فقال لى: يا محمد. قلت: لبيك (¬3) رب وسعديك. قال: هل تدرى (¬4) فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أعلم، فوضع يده بين كتفى حتى وجدت بردها بين ثديي، أو قال: في نحرى، فعلمت ما في السموات وما في الأرض، أو قال: ما بين المشرق والمغرب. قال: يا محمد أتدرى فيم يختصم الملأُ الأعلى؟ قلت: نعم. في الدرجات، والكفارات، ونقل الأقدام إلى الجماعات. وإسباغ الوضوء في السبرات، وانتظار الصلاة، بعد الصلاة، ومن حافظ عليهن عاش بخيرٍ ومات بخيرٍ، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه. قال: يا محمد! قلت: لبيك وسعديك، فقال: إذا صليت قل أللهم إنى أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنةً (¬5) فاقبضنى إليك غير مفتون. قال: والدرجات: إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. ¬
(الملأ الأعلى): هم الملائكة المقربون. (والسبرات): بفتح السين المهملة، وسكون الباء الموحدة، جمع سبرة، وهى شدة البرد. 8 - وعن أبي أمامه رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم هذا المتخلف عن الصلاة في الجماعة ما لهذا الماشى إليها لأتاها ولو حبواً (¬1) على يديه ورجليه. رواه الطبراني في حديث يأتى بتمامه في ترك الجماعة إن شاء الله تعالى. 9 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى لله أربعين يوما في جماعة يُدرك التكبيرة الأولى كُتب له براءتان (¬2): براءة من النار، وبراءة من النفاق. رواه الترمذي، وقال: لا أعلم أحداً رفعه إلا ما روى مسلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو. (قال المُملى) رضي الله عنه: ومسلم وطعمة وبقية رواته ثقات، وقد تكلمنا على هذا الحديث في غيره هذا الكتاب. 10 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: من صلى في مسجدٍ جماعةً أربعين ليلة لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء. كتب الله له بها عتقاً من النار. رواه ابن ماجه واللفظ له، والترمذي وقال نحو حديث أنس: يعنى المتقدم، ولم يذكر لفظه، وقال: هذا الحديث مرسل. يعنى أن عمارة ابن غزية الراوى عن أنس لم يدرك أنسا، وذكره رُزَين العبدرى في جامعه، ولم أره في شئ من الأصول التى جمعها، والله أعلم. ¬
الترغيب في كثرة الجماعة
11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ فأحسن وضوءه، ثم راح (¬1) فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً. رواه أبو داود والنسائي والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وتقدم في باب المشى إلى المساجد حديث سعيد بن المسيب عن رجل من الأنصار قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فذكر الحديث، وفيه: فإن أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له، فإن أتى المسجد، وقد صلوا بعضاً، وبقى بعضٌ صلى ما أدرك، وأتم ما بقى كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك. الترغيب في كثرة الجماعة 1 - عن أُبى بن كعب رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الصبح فقال: أشاهدٌ (¬2) فلانٌ؟ قالوا: لا. قال: أشاهدٌ فلانٌ؟ قالوا: لا. قال: إن هاتين الصلاتين أثقل (¬3) الصلوات على المنافقين، ولو يعلمون ما فيهما لأتيتموها، ولو حبواً (¬4) على الركب وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى (¬5) من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وكل ما كثر فهو أحبُّ إلى الله عز وجل. رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم، وقد جزم يحيى ابن معين والذهلى بصحة هذا الحديث. ¬
الترغيب في الصلاة في الفلاة
2 - وعن قُباثِ بن أشيمٍ الليثىِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجلين يؤُّمُ أحدهما صاحبه أزكى (¬1) عند الله من صلاة أربعةٍ تترى، وصلاة أربعةٍ أزكى عند الله من صلاة ثمانيةٍ تترى، وصلاة ثمانيةٍ يؤمهم (¬2) أحدهم أزكى عند الله من صلاة مائةٍ تترى. رواه البزار والطبراني بإسناد لا بأس به. الترغيب في الصلاة في الفلاة (قال الحافظ) رحمه الله: وقد ذهب بعض العلماء إلى تفضيلها على الصلاة في الجماعة. 1 - وعن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاةُ في الجماعة (¬3) تعدل خمساً وعشرين صلاةً، فإذا صلاها في فلاةٍ (¬4) فأتم رُكوعها وسجودها بلغت خمسين صلاةً. رواه أبو داود، وقال: قال عبد الواحد ابن زياد في هذا الحديث. صلاةُ الرجل في الفلاة تضاعف على صلاته في الجماعة. رواه الحاكم بلفظه وقال صحيح على شرطهما، وصدر الحديث عند البخاري وغيره، ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في جماعةٍ تزيد على صلاته وحده بخمسٍ وعشرين درجة، فإن صلاها بأرضٍ رقى فأتم رُكوعها وسجودها تُكتبُ صلاته بخمسين درجة. (ألقّى) بكسر القاف وتشديد الياء: هو الفلاة كما هو مفسر في رواية أبى داود. 2 - وروى عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
ما من بقعةٍ يذكر الله عليها بصلاة أبو بذكرٍ إلا استشرفت بذلك إلى منتهاها إلى سبع أرضين، وفخرت على ما حولها من البقاع، وما من عبدٍ يقوم بفلاةٍ من الأرض يريد الصلاة إلا تزخرفت له الأرض (¬1). رواه أبو يعلى. 3 - وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان الرجل بأرض قِيٍّ فحانت الصلاة فليتوضأ، فإن لم يجد ماء فليتيمم، فإن أقام صلى معه ملكاه، وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ملا يُرى طرفاه (¬2). رواه عبد الرازق عن ابن التيمى عن أبيه عن أبي عثمان النهدىّ عن سلمان. وتقدم حديث عقبة بن عامر عن النبى صلى الله عليه وسلم: يعجب (¬3) ربك من راعى غنمٍ في رأس شظيةٍ (¬4) يؤذن بالصلاة، ويصلى فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدى هذا يُؤذن، ويقيم الصلاة يخاف منى، قد غفرت لعبدى وأدخلته الجنة. رواه أبو داود والنسائي. وتقدم في الأذان. ¬
الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعة، والترهيب من التأخر عنهما
الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعة والترهيب من التأخر عنهما 1 - عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول من صلى العشاء في جماعةٍ فكأنما قام نصف الليل (¬1)، ومن صلى الصبح في جماعةٍ فكأنما صلى الليل كله (¬2). رواه مالك ومسلم واللفظ له وأبو داود، ولفظه من صلى العشاء في جماعةٍ كان كقيام نصف ليلةٍ، ومن صلى العشاء والفجر في جماعةٍ كان كقيام ليلةٍ، رواه الترمذي كرواية أبى داود، وقال: حديث حسن صحيح، قال ابن خزيمة في صحيحه: باب فضل صلاة العشاء والفجر في جماعة وبيان: 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أثقل صلاةٍ (¬3) على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما، ¬
ولو حبواً (¬1)، ولقد هممت أن آمُرَ بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً (¬2) فيصلى بالناس، ثم انطلق معى برجالٍ معهم حزم من حطبٍ إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة فأُحرق عليهم بيوتهم بالنار. رواه البخاري ومسلم. 3 - وفي روايةٍ لمسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ناساً في بعض الصلوات فقال: لقد هممت أن آمر رجلا يصلى بالناس، ثم أخالف (¬3) إلى رجال يتخلفون (¬4) عنها فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم، ولو علم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً لشهدها، يعنى صلاة العشاء، وفي بعض روايات الإمام أحمد لهذا الحديث: لولا ما في البيوت من النساء والذرية أقمت صلاة العشاء، وأمرت فتيانى يُحرقون ما في البيوت بالنار. 4 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن (¬5). رواه الطبراني وابن خزيمة في صحيحه. 5 - وعن رجل من النخع قال: سمعت أبا الدرداء رضي الله عنه حين حضرته الوفاة قال: أُحدثكم حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت رسول الله ¬
صلى الله عليه وسلم يقول: اعبد الله كأنك تراه (¬1)، فإن لم تكن تراه فإنه يراك واعدد نفسك من الموتى (¬2)، وإياك ودعوة المظلوم فإنها تستجاب، ومن استطاع منكم أن يشهد الصلاتين: العشاء والصبح ولو حبواً فليفعل. رواه الطبراني في الكبير. وسمى الرجل المبهم جابراً، ولا يحضرنى حاله. 6 - وروى عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى العشاء في جماعة فقد أخذ بحظهِ (¬3) من ليلة القدر. رواه الطبراني في الكبير. 7 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: من صلى في مسجدٍ جماعة أربعين ليلة لا تفوته (¬4) الركعة الأولى من صلاة العشاء كتب الله له بها عتقاً من النار (¬5). رواه ابن ماجه والترمذي ولم يذكر لفظه، وقال: هو حديث مرسل، يعنى أن عُمارة بن غزية، وهو المازنى لم يدرك أنساً. 8 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ (¬6) ثم أتى المسجد فصلى ركعتين قبل الفجر، ثم جلس حتى يصلى الفجر كُتبت صلاته يومئذٍ في صلاة الأبرار (¬7) وكتب في وفد (¬8) الرحمن (¬9). رواه الطبراني عن القاسم أبى عبد الرحمن عن أبي أُمامة. ¬
الترغيب في صلاة الصبح في جماعة وبيان ما لها من الفضل 9 - وعن أُبى بن كعبٍ رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً الصبح فقال: أشاهد فلانٌ؟ قالوا: لا قال: أشاهد فلانٌ؟ قالوا: لا. قال: إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لاتيتموها (¬1) ولو حبواً على الرُّكب، الحديث. رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وتقدم بتمامه في كثرة الجماعة. 10 - وعن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قالك من صلى الصبح في جماعةٍ فهو في ذمة الله تعالى (¬2). رواه ابن ماجه بإسناد صحيح. 11 - ورواه أيضاً من حديث أبى بكر الصديق رضي الله عنه، وزاد فيه: فلا تُحفروا (¬3) لله في عهده، فمن قتله طلبه (¬4) الله حتى يكبه في النار على وجهه. رواه مسلم من حديث جندب، وتقدم في الصلوات الخمس. (يقال) أحفرت الرجل بالخاء المعجمة: إذا نقضت عهده. 12 - وروى عن سلمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من غدا (¬5) إلى صلاة الصبح غدا براية الإيمان، ومن غدا (¬6) إلى السوق غدا براية الشيطان. رواه ابن ماجه. ¬
صلاة الصبح في جماعة والمشى في الظلم 13 - وروى عن مَيْتَمٍ: رجلٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بلغنى أن الملك (¬1) يغدو برايته مع أول من يغدو إلى المسجد فلا يزال بها معه حتى يرجع فيدخل بها منزله، وإن الشيطان يغدو برايته (¬2) إلى السوق مع أول من يغدو فلا يزال بها معه حتى يرجع فيدخلها منزله. رواه ابن أبى عاصم، وأبو نعيم في معرفة الصحابة وغيرها. 14 - وعن أبي بكر بن سليمان بن أبى خيثمة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد سليمان بن أبى خيثمة في صلاة الصبح، وإن عُمر غدا (¬3) إلى السوق، ومسكن سليمان بين المسجد والسوق، فمرَّ على الشفاء أم سليمان، فقال لها: لم أر سليمان في الصبح؟ فقالت له: إنه بات يُصلى (¬4) فغلبته عيناه. قال عمر له: لأن أشهد صلاة الصبح في جماعةٍ أحبُّ إلى من أن أقوم ليلة. رواه مالك. 15 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد لقى الله عز وجل بنورٍ يوم القيامة (¬5). رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن، ولابن حبان في صحيحه نحوه. ¬
الترهيب من ترك حضور الجماعة لغير عذر
16 - وعن سهل بن سعدٍ الساعدى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة. رواه ابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وتقدم مع غيره. الترهيب من ترك حضور الجماعة لغير عذر 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء (¬1) فلم يمنعه من اتباعه عُذرٌ. قالوا: وما العُذر؟ قال: خوف، أو مرض لم تقبل منه الصلاة التى صلى (¬2). رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه وابن ماجه بنحوه. 2 - وعنه رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له (¬3) إلا من عذرٍ. رواه القاسم بن أصبغ في كتابه، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 3 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من ثلاثةٍ في قرية (¬4)، ولا بدوٍ (¬5) لا تقام فيهم الصلاة إلا قد ¬
استحوذ (¬1) عليهم الشيطا،، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية (¬2). رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم، وزاد رُزين في جامعه: وإن ذئب الإنسان الشيطان إذا خلا به أكله. وتقدم حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وفيه: ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سُنةَ نبيكم، ولو تركتم سُنة نبيكم لضللتم، والحديث، رواه مسلم وأبو داود وغيرهما. الترهيب من سماع المؤذن وعدم تلبيته وترك الصلاة 4 - وفي رواية لأبى داود: ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم. وتقدم حديث أبى أمامة في المعنى مرفوعاً. 5 - وعن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الجفاء كُلُّ الجفاء، والكفر والنفاق: من سمع منادى الله ينادى إلى الصلاة فلا يُجيبه. رواه أحمد والطبراني من رواية زبان بن فائد. 6 - وفي رواية للطبرانى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بحسب (¬3) المؤمن من الشقاء والخيبة أن يسمع المُؤذن يُثوب بالصلاة فلا يجيبه. (التثويب) هاهنا: اسم لإقامة الصلاة. ¬
الترهيب من ترك الصلاة كسلا وتهاونا 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد هممت أن آمُر فتيتى فيجمعوا لى حُزَماً من حطبٍ، ثم آتى قوماً يُصلون في بيوتهم ليست بهم علةٌ (¬1) فأُحرقها عليهم، فقيل ليزيد: هو ابن الأصم، الجمعة عني أو غيرها. قال: صُمت أُذناى إن لم أكن سمعت أبا هريرة يأثرهُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر جمعةً ولا غيرها. رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه والترمذي مختصراً. 8 - وعن عمرو بن أم مكتومٍ رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: أنا ضريرٌ (¬2) شاسعُ (¬3) الدار، ولى قائدٌ (¬4) لا يُلايمنى، فهل تجد لي رخصةً (¬5) أن أُصلي في بيتي؟ قال: أتسمع النداء؟ قال: نعم. قال: ما أجد لك رُخصةً (¬6). رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه والحاكم. 9 - وفي رواية لأحمد عنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتَى المسجد فرأى في القوم رقَّةً (¬7) فقال: إنى لأهم أن أجعل للناس إماماً، ثم أخرج فلا أقدرُ على إنسانٍ يتخلف عن الصلاة في بيتهِ إلا أحرقته عليه، فقال ابن أم مكتومٍ: يا رسول الله إن بينى وبين المسجد نخلاً وشجراً، ولا أقدر على قائدٍ كل ساعةٍ أيسعنى أن أُصلى في بيتي. قال: أتسمع الإقامة؟ قال: نعم. قال فائتها، وإسناد هذه جيد. ¬
(قوله شاسع الدار): هو بالشين المعجمة أولا والسين والعين المهملتين بعد الألف: أي بعيد الدار، وقوله: لا يلايمنى: أي لا يوافقنى، وفي نسخ أبى داود: لا يلاومنى بالواو، وليس بالصواب، قاله الخطابي وغيره. (قال الحافظ) أبى بكر بن المنذر: روَينا عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: من سمع النداء ثم لم يُجب من غير عُذر (¬1) فلا صلاة (¬2) له، منهم ابن مسعود، وأبو موسى الأشعرى. وقد روى ذلك عن النبى صلى الله عليه وسلم: ومن كان يرى أن حضور الجماعات (¬3) فرضٌ: عطاء وأحمد بن جنبل، وأبو ثور، وقال الشافعي رضي الله عنه: لا أُرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذرٍ، أنتهى. (وقال الخطابي) بعد ذكر حديث ابن ام مكتوم: وفى هذا دليل على أن حضور الجماعة واجب، ولو كان ذلك ندبا لكان أولى من يسعه التخلف عنها أهل الضرورة والضعف، ومن كان ¬
في مثل حال ابن أمِّ مكتوم، وكان عطاء بن أبى رباح يقول: ليس لأحد من خلق الله في الحضر وبالقرية رخصة إذا سمع النداء في أن يدع الصلاة. (وقال) الأوزعى: لا طاعة للوالد في ترك الجمعة والجماعات انتهى. عدم الترخيص في الصلاة بالبيت لمن سمع النداء ولو كان أعمى 10 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أَتَى النبى صلى الله عليه وسلم رجُلٌ أعمى (¬1) فقال: يا رسول الله ليس لى قائد يقودنى إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُرخص (¬2) له يصلى في بيته فرخص له، فلما وَلَّى دعاهُ فقال هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (¬3). رواه مسلم والنسائي وغيرهما. 11 - وعن أبي الشعثاء المحاربى رضي الله عنه قال: كنا قعوداً في المسجد فأذن المؤذن، فقام رجلٌ من المسجد يمشى (¬4) فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم وغيره، وتقدم. 12 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: أقبل ابن أُم مكتومٍ، وهو أعمى وهو الذى أُنزل فيه (عبس وتلوى أن جاءهُ الأعمى) وكان رجلاً من قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله بأبى وأُمى (¬5) أنا كما ترانى قد دبرت (¬6) سِنِّى، ورق (¬7) عظمى، وذهب بصرى، ولى قائد لا يُلايمنى (¬8) قياده ¬
إياى: فهل تجد لى رخصة أُصلى في بيتي الصلوات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تسمع المؤذن في البيت الذى أنت فيه؟ قال: نعم يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أجد لك رخصة، ولو يعلم هذا المتخلف عن الصلاة في الجماعة ما لهذا الماشى (¬1) إليها لأتاها ولو حبواً على يديه ورجليه. رواه الطبراني في الكبير من طريق علىّ بن يزيد الالهانى عن القاسم عن أبي أمامة. 13 - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: أتى ابن أُم مكتومٍ النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن منزلى شاسع (¬2)، وأنا مكفوف البصر (¬3)، وأنا أسمع الأذان، قال: فإن سمعت الأذان فأجب ولو حبواً أو زحفاً. رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط، وابن حبان في صحيحه، ولم يقل: أو زحفاً. 14 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنه سُئل عن رجلٍ يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يشهد الجماعة، ولا الجمعة، فقال هذا في النار (¬4). رواه الترمذي موقوفاً. 15 - وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: من سمع حىَّ على الفلاح فلم يُجب فقدترك سنة محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. 16 - وعن أُسامة بن زيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
الترغيب في صلاة النافلة في البيوت
لينتهين رجالٌ عن ترك الجماعة (¬1) أو لأُحرقن بيوتهم. رواه ابن ماجه من رواية. الزبرقان بن عمرو الضمرى عن أسامة ولم يسمع منه. 17 - وعن ابن بُريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فارغاً (¬2) صحيحاً فلم يجب فلا صلاة له. رواه الحاكم من رواية أبى بكر بن عياش عن أبي حصين بن أبى بريدة، وقال: صحيح الإسناد. (قال الحافظ) رضي الله عنه: الصحيح وقفه. الترغيب في صلاة النافلة في البيوت 1 - عن بن عمر رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قُبوراً (¬3). رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي. 2 - وعن جابر هو ابن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً (¬4). رواه مسلم وغيره، ورواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث أبى سعيد. 3 - وعن أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ¬
مثل البيت الذى يذكر الله فيه، والبيت الذى لايذكر الله فيه: مثل الحى والميت (¬1). رواه البخاري ومسلم. 4 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما أفضل: الصلاة في بيتي، أو الصلاة في المسجد؟ قال: ألا ترى إلى بيتى ما أقربه (¬2) من المسجد، فلأن أُصلى في بتيى أحبُّ إلى إلىَّ من أن أُصلى في المسجد إلا أن تكون صلاةً مكتوبة (¬3). رواه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه. 5 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: خرج نفر من أهل العراق إلى عُمر، فلمَّا قدموا عليه سألوه عن صلاة الرجل في بيته، فقال عمر: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما صلاة الرجل في بيته فنورٌ (¬4) فنوروا بيوتكم. رواه ابن خزيمة في صحيحه. ¬
6 - وعن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: صَلُّوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة. رواه النسائي بإسناد جيد، وابن خزيمة في صحيحه. 7 - وعن رجلٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أراه رفعه، قال: فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس (¬1) كفضل الفريضة على التطوع. رواه البيهقى، وإسناده جيد إن شاء الله تعالى. 8 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكرموا (¬2) بيوتكم ببعض صلاتكم. رواه ابن خزيمة في صحيحه. ¬
الترغيب في انتظار الصلاة بعد الصلاة
الترغيب في انتظار الصلاة بعد الصلاة 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لايزال أحدكم في صلاةٍ ما دامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة. رواه البخاري في أثناء حديث، ومسلم. 2 - وللبخارى: إن أحدكم في صلاةٍ مادامت (¬1) الصلاةُ تحبسه، والملائكة تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه ما لم يقم من مصلاهُ أو يُحْدِثْ. 3 - وفي رواية لمسلم وأبي داود قال: لا يزال العبد في صلاةٍ ما كان في مصلاه (¬2) ينتظر الصلاة، والملائكة تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه حتى ينصرف أو يُحْدِثْ. قيل: وما يُحْدِث؟ قال: يفسُو (¬3)، أو يضرُطُ. رواه مالك موقوفاً عن نعيم بن عبد الله المجمر أنه سمع أبا هريرة يقول: ¬
إذا صلى أحدكم، ثم جلس في مصلاه لم تزل الملائكة تصلى عليه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، فإن قام من مصلاه فجلس في المسجد ينتظر الصلاة لم يزل في صلاةٍ حتى يصلى. 4 - وعن أنسٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخَّرَ ليلةً صلاة العشاء إلى شطر (¬1) الليل، ثم أقبل بوجهه بعدما صلى فقال: صلى الناس ورقدوا (¬2)، ولم تزالوا في صلاةٍ منذُ انتظرتموها (¬3). رواه البخاري. 5 - وعن أنسٍ رضي الله عنه إن هذه الآية (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) نزلت في انتظار الصلاة التى تدعى العتمة. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. 6 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فرجع من رجع، وعقَّبَ (¬4) من عقب، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مُسرعاً قد حفزهُ النفسُ قد حسر عن ركبتيه، قال: أبشروا، هذا رَبُّكم قد فتح باباً من أبواب السماء يُباهى الملائكة يقول: انظروا إلى عبادى قد قضوا فريضةً وهم ينتظرون أُخرى (¬5). رواه ابن ماجه عن أبي أيوب عنه، ورواته ثقات، وأبو أيوب: هو المراغىّ العتكى ثقة، ما أراه سمع عبد الله، والله أعلم. (حفزه النفَس): هو بفتح الحاء المهملة والفاء وبعدهما زاى: أي ساقه وتعبه من شدة سعيه. (وحسر): هو بفتح الحاء والسين المهملتين: أي كشف عن ركبتيه. ¬
انتظار الصلاة بعد الصلاة 7 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وصلاة في إثر صلاةٍ لا لغو (¬1) بينهما كتابٌ في عليين (¬2). رواه أبو داود، وتقدم بتمامه. 8 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدُلكم على ما يمحو (¬3) الله به الخطايا، ويكفر (¬4) به الذنوب؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكروهات (¬5) وكثرة الخطا (¬6) إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعدالصلاة فذلكم الرباط (¬7). رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه مالك ومسلم والترمذي والنسائي من حديث أبى هريرة، وتقدم. ¬
9 - وعن على بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إسباغ الوضوء في المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلاً. رواه أبو يعلى والبزار بإسناد صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 10 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا جلس في مصلاه بعد الصلاة صلت عليه الملائكة، وصلاتهم عليه: اللهم اغفر له، وإن جلس ينتظر الصلاة صلت عليه، وصلاتهم عليه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه. رواه أحمد، وفيه عطاء بن السائب. 11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منتظر الصلاة بعد الصلاة، كفارسٍ اشتد به فرسه في سبيل الله على كشحه (¬1)، وهو في الرباط (¬2) الأكبر. رواه أحمد والطبراني في الأوسط، وإسناد أحمد صالح. ¬
12 - وعن أبن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتانى الليلة آت (¬1) من ربى. وفي رواية: ربى (¬2) في أحسن صورةٍ، فقال لى يا محمد، قلت: لبيك (¬3) ربى وسعديك، قال: هل تدرى (¬4) فيم يختصم الملأُ الأعلى (¬5)؟ قلت: لا أعلم، فوضع يده (¬6) بين كتفى، حتى وجدت بردها بين ثدي، أو قال في نحرى، فعلمت ما في السموات وما فى الأرض، أو قال ما بين المشرق والمغرب، قال: يا محمد أتدرى فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم، في الدرجات (¬7)، والكفارات (¬8) ونقل الأقدام (¬9) إلى الجماعات، وإسباغ (¬10) الوضوء في السبرات وانتظار (¬11) الصلاة بعد الصلاة، ومن حافظ عليهن عاش بخيرٍ، ومات بخيرٍ، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه. الحديث رواه الترمذي، وقال حديث حسن غريب، وتقدم بتمامه. 13 - وعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدُلكم على ما يكفر الله به الخطايا ويزيد به الحسنات؟ قالوا: بلى ¬
يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء أو الطهور في المكاره (¬1) وكثرة الخطا إلى المسجد والصلاة بعد الصلاة، وما من أحدٍ يخرج من بيته متطهراً، حتى يأتى المسجد فيصلى فيه مع المسلمين، أو مع الإمام، ثم ينتظر الصلاة التى بعدها، إلا قالت الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه. الحديث رواه ابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحه. واللفظ له، والدرامى في مسنده. 14 - وعن أنس رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثٌ كفَّارات، وثلاث درجاتٌ، وثلاثٌ منجياتٌ، وثلاثٌ مهلكاتٌ. فأما الكفَّارات (¬2) فإسباغ الضوء في السبرات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ونقل الأقدام إلى الجماعات وأما الدرجات (¬3): فإطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام. وأما المنجيات (¬4) فالعدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله في السر والعلانية. وأما المهلكات (¬5): فشحٌّ مطاعٌ، وهوىً متبعٌ، وإعجاب المرء بنفسه. رواه البزار واللفظ له، والبيهقى وغيرهما، وهو مروىّ عن جماعة من الصحابة، وأسانيده وإن كان لايسلم شئ منها من مقال، فهو بمجموعها حسن إن شاء الله تعالى. (السبرات) جمع سبرة، وهى شدة البرد. ¬
15 - وعن داود بن صالح قال: قال لى أبو سلمة: يابن أخى تدرى في أي شئٍ نزلت (اصبروا وصابروا ورابطوا)؟ قلت: لا، قال: سمعت أبا هريرة يقول: لم يكن في زمان النبى صلى الله عليه وسلم غزوٌ (¬1) يُرابط (¬2) فيه، ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 16 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: القاعد على الصلاة كالقانت (¬3)، ويُكتب من المصلين (¬4) من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه. رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه أحمد وغيره أطول منه، إلا أنه قال: والقاعد يرعى الصلاة كالقانت: وتقدم بتمامه في المشى إلى المساجد. (قوله) القاعد على الصلاة كالقانت: أي أجره كأجر المصلى قائماً مادام قاعداً ينتظر الصلاة، لأن المراد بالقنوت هنا القيام في الصلاة. 17 - وعن امرأةٍ من المبايعات رضي الله عنها أنها قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه من بنى صلمة فقربنا إليه طعاماً فأكل، ثم قربنا إليه ¬
وضوءاً فتوضأ، ثم أقبل على أصحابه فقال: ألا أُخبركم بمُكفرات (¬1) الخطايا؟ قالوا: بلى، قال: إسباغ (¬2) الوضوء على المكاره (¬3)، وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة ¬
بعد الصلاة. رواه أحمد، وفيه رجل لم يسمّ، وبقية إسناده محتج بهم في الصحيح. ¬
الترغيب في المحافظة على الصبح والعصر
الترغيب في المحافظة على الصبح والعصر 1 - عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى البردين دخل الجنة. رواه البخاري ومسلم. (البردان): هما الصبح والعصر. 2 - وعن أبي زهيرة عمارة بن روينة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لن يلج النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، يعنى الفجر والعصر. رواه مسلم. 3 - وعن أبي مالك الأشجعى عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: من صلى الصبح فهو في ذمة الله وحسابه على الله. رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورواته رواة الصحيح إلا الهيثم بن يمان، وتكلم فيه، فللحديث شواهد. ¬
(أبو مالك): هو سعد بن طارق. 4 - وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشئٍ، فإنه من يطلبه من ذمته بشئٍ يدركه، ثم يكُبُهُ على وجهه في نار جهنم (¬1). رواه مسلم وغيره. 5 - وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الغداة (¬2) فأُصيبت ذمته، فقد أصتبيح حمى الله (¬3) وأُخفرت (¬4) ذمته وأنا طالب بذمته (¬5). رواه أبو يعلى. 6 - وعن أبي بصرة الغفارى رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالمخمص، وقال: إن هذه الصلاة عُرضت على من كان قبلكم (¬6) فضيعوها، ومن حافظ عليها كان له أجره مرتين، الحديث. رواه مسلم والنسائي. (المخمص) بضم الميم، وفتح الخاء المعجمة والميم جميعاً، وقيل: بفتح الميم وسكون الخاء وكسر الميم بعدها، وفي آخره صاد مهملة: اسم طريق. ¬
المحافظة على الصبح والعصر 7 - وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الصبح في جماعةٍ فهو فى ذمة الله، فمن أخفر ذمة الله كبه الله في النار لوجهه. رواه ابن ماجه والطبراني في الكبير واللفظ له، ورجال إسناده رجال الصحيح. 8 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم: قال من صلى الصبح فهو في ذمة الله تبارك وتعالى، فلا تخفروا (¬1) الله تبارك وتعالى في ذمته، فإنه من أخفر ذمته طلبه الله تبارك وتعالى حتى يُكبه (¬2) على وجهه. رواه أحمد والبزار، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه. (وفى أول قصة) وهو: أن الحجاج (¬3) أمر سالم بن عبد الله (¬4) بقتل رجل، فقال له سالم: أصليت الصبح؟ فقال الرجل نعم فقال له انطلق، فقال له الحجاج: ما منعك من قتله؟ فقال سالم: حدثنى أبى أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى الصبح كان في جوار الله يومه: فكرهت أن أقتل رجلاً أجاره الله، فقال الحجاج لابن عمر: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال ابن عمر: نعم. (قال الحافظ) وفى الأولى: ابن لهيعة، وفي الثانية: يحيى بن عبد الحميد الحمانى. ¬
9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتعاقبون (¬1) فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر، وصلاة العصر، ثم يعرج (¬2) الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم - وهم أعلم بهم - كيف ترتكم عبادى؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون. وأتيانهم وهو يصلون. رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه في إحدى رواياته قال: ¬
الترغيب في جلوس المرء في مصلاه بعد صلاة الصبح وصلاة العصر
تجتمع ملائكة الليل، وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر فيجتمعون في صلاة الفجر فتصعد ملائكة الليل، وتثبت ملائكة الهار، ويجتمعون في صلاة العصر، فتصعد ملائكة النهار، وتبينت ملائكة الليل فيسألهم ربهم كيف تركتم عبادى؟ فيقولون: أتيناهم وهو يصلون، وتركناهم وهم يصلون فاغفر لهم يوم الدين. الترغيب في جلوس المرء في مصلاه بعد صلاة الصبح وصلاة العصر 1 - عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الصبح (¬1) في جماعةٍ، ثم قعد (¬2) يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ¬
ركعتين كانت له كأجر حجةٍ وعمرةٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تامةٍ تامةٍ تامةٍ. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. 2 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن أقعد أُصلى مع قومٍ يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة (¬1) حتى تطلع الشمس أحبُّ إلى من أن أعتق أربعة (¬2) من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قومٍ يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلى من أن أعتق أربعةً. رواه أبو داود وأبو يعلى. قال في الموضعين: أحبُّ إلى من أعتق أربعةً من ولد إسماعيل، دية كل واحدةٍ (¬3) منهم اثنا عشر ألفاً. رواه ابن أبى الدنيا بالشطر الأول إلا أنه قال: أحب إلى مما طلعت عليه الشمس. 3 - وعن سهل بن معاذٍ عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قعد في مصلاة حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يُسبح (¬4) ركعتى الضحى لا يقول إلا خيراً غفر له خطاياه، وإن كانت أكثر من زبد البحر. رواه أحمد وأبو داود وأبو يعلى، وأظنه قال: ¬
من صلى صلاة الفجر ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس وجبت له الجنة. (قال الحافظ) رواه الثلاثة من طريق زبان بن فائد عن سهل، وقد حسنت، وصححها بعضهم. 4 - وروى عن أبي أُمامة رضي الله عنه يرفعه قال: من صلى الفجر ثم ذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين أو أربع ركعاتٍ لم تمس جلده النار (¬1) وأخذ الحسن بجلده فمدّهُ. رواه البيهقى. 5 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن أقعد أذكر الله، وأُكبرهُ، وأحمدهُ، وأُسبِّحُهُ وأُهَلِّلُهُ حتى تطلع الشمس أحبُّ إلى من أن أعتق رقبتين من ولد إسماعيل، ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب إلى من أن أعتق أربع رقبات من ولد إسماعيل (¬2) رواه أحمد بإسناد حسن. 6 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الغداة في جماعةٍ، ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم قام فصلى ركعتين انقلب بأجرِ حجةٍ وعمرةٍ. رواه الطبراني وإسناده جيد. 7 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر لم يقم من مجلسه حتى تمكنه الصلاة، وقال: من صلى الصبح، ثم جلس في مجلسه حتى تمكنه الصلاة بمنزلة عمرةٍ، وحجةٍ متقبلتين. رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات إلا الفضل بن الموفق ففيه كلام. ¬
8 - وعن عبد الله بن غابرٍ أن أُمامه وعُتبة بن عبد رضي الله عنهما حدثاهُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى صلاة الصبح في جماعةٍ ثم ثبت (¬1) حتى يُسبح لله سُبْحَهَ الضُّحى كان له كأجر حاجٍّ ومعتمرٍ تاما له حجه وعمرته. رواه الطبراني وبعض رواته مختلف فيه، وللحديث شواهد كثيرة. 9 - وروى عن عمرةَ رضي الله عنها قالت: سمعت أُم المؤمنين، تعنى عائشة رضي الله عنها تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى الفجر (¬2) أو قال الغداة فقعد في مقعده فلم يلغ (¬3) بشئٍ من أمر الدنيا، ويذكر الله حتى يُصلى الضحى أربع ركعاتٍ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه لا ذنب له (¬4) رواه أبو يعلى واللفظ له والطبراني. 10 - وروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث بعثاً قبل نجدٍ فغنموا غنائم كثيرةً وأسرعوا الرجعة، فقال رجلٌ منا لم يخرج: ما رأينا بعثاً أسرع رجعةً ولا أفضل غنيمةً من هذا البعث، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكم على قومٍ أفضل غنيمة وأسرع رجعةً: قومٌ شهدوا صلاة الصبح ثم جلسوا يذكرون الله حتى طلعت الشمس، أُولئك أسرع رجعةً وأفضل غنيمةً (¬5). رواه الترمذي ¬
في الدعوات من جامعه، ورواه البزار وأبو يعلى، وابن حبان في صحيحه من حديث أبى هريرة بنحوه، وذكر البزار فيه أن القائل ما رأينا هو أبو بكر رضي الله عنه، وقال في آخره: فقال النبى صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر ألا أدُلكَ على ماهو أسرعُ إياباً (¬1) وأفضل مغنماً (¬2): من صلى الغداة في جماعة، ثم ذكر الله حتى تطلع الشمس. 11 - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر تربع (¬3) في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناً (¬4). رواه مسلم وأبو داود. ¬
والترمذي والنسائي والطبراني، ولفظه: كان إذا صلى الصبح جلس يذكر الله حتى تطلع ¬
الشمس، وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه قال: عن سماكٍ أنه سأل جابر بن سمرة كيف كان ¬
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا صلى الصبح؟ قال: كان يقعد في مصلاهُ إذا صلى ¬
الصبح حتى تطلع الشمس. ¬
الترغيب في أذكار يقولها بعد الصبح والعصر والمغرب
الترغيب في أذكار يقولها بعد الصبح والعصر والمغرب 1 - عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثانٍ رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير عشر مراتٍ كتب الله له عشر حسناتٍ، ومحا (¬1) عنه عشر سيئاتٍ، ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك كله في حرزٍ (¬2) من كل مكروهٍ، وحُرِسَ (¬3) من الشيطان، ولم ينبغ (¬4) لذنبٍ أن يُدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله تعالى. رواه الترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب صحيح، والنسائي، وزاد فيه: الخير، وزاد فيه أيضاً من حديث معاذ، وزاد فيه: من قالهن حين ينصرف من صلاة العصر أُعطى مثل ذلك في ليلته. 2 - وعن الحارث بن مسلم التميمى رضي الله عنه قال: قال لى النبى صلى الله ¬
عليه وسلم: إذا صليت الصبح، فقل قبل أن تتكلم: اللهم أجرنى (¬1) من النار سبع مراتٍ فإنك إن مت من يومك كتب الله لك جواراً (¬2) من النار، وإذا صليت المغرب، فقل قبل أن تتكلم: اللهم أجرنى من النار سبع مراتٍ فإنك إن مت من ليلتك كتب الله لك جواراً من النار. رواه النسائي وهذا لفظه، وأبو داود عن الحارث بن مسلم عن أبيه مسلم بن الحارث. (قال الحافظ): وهو الصواب لأن الحارث بن مسلم تابعى، قاله أبو زرعة وأبو حاتم الرازى. 3 - وعن عمارة بن شبيبٍ السِّبَانِّىِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويمت، وهو على كل شئ قدير عشر مرات على إثر (¬3) المغرب بعث الله له مسلحةً (¬4) يحفظنه من الشيطان حتى يصبح، وكتب الله له بها عشر حسناتٍ موجباتٍ (¬5)، ومحا عنه عشر سيئات موبقاتٍ (¬6) وكانت له بعدل (¬7) عشر رقباتٍ مؤمناتٍ. رواه النسائي والترمذي، وقال: حديث حسن لا نعرف إلا من حديث ليث ابن سعد ولا نعرف لعمارة سماعا من النبى صلى الله عليه وسلم. 4 - وعن أبي أيُّوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال: إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل ¬
شئٍ قديرٌ. عشر مراتٍ كتب الله له بهن عشر حسناتٍ، ومحا بهن (¬1) عشر سيئات، ورفع له بهن عشر درجاتٍ، وكن له عدل (¬2) عتاقةِ أربع رقابٍ، وكن له حرساً (¬3) حتى يمسى، ومن قالهن إذا صلى المغرب دبر صلاته (¬4) فمثل ذلك حتى يُصبح. رواه أحمد والنسائي وابن حبان في صحيحه، وهذا لفظه. وفي روايةٍ له: وكن له عدل عشر رقابٍ. 5 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين ينصرف من صلاة الغداة (¬5): لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد بيده الخير، وهو على كل شئٍ قدير عشر مراتٍ أُعطى بهنَّ (¬6) سَبْعاً: كتب ¬
الله له بهن عشر حسناتٍ، ومحا عنه بهن عشر سيئات، ورفع له بهن عشر درجاتٍ، وكُنَّ له عدل (¬1) عشر نسمات، وكن له حفظاً (¬2) من الشيطان، وحرزاً (¬3) من المكروه، ولم يلحقه في ذلك اليوم ذنب إلا الشرك بالله، ومن قالهن حين ينصرف من صلاة المغرب أُعطى مثل ذلك ليلته (¬4). رواه ابن أبى الدنيا والطبراني بإسناد حسن واللفظ له. (العدل): بالكسر وفتحه لغة: هو المثل: وقال بعضهم: العدل بالكسر، ما عادل الشئ من جنسه، وبالفتح ماعادله من غير جنسه. 6 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال دُبُرَ (¬5) صلاة الغداة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحي ويميت بيده الخير وهو على كل شئٍ قدير مائة مرة قبل أن يثني رجليه (¬6) كان يومئذٍ من أفضل أهل الأرض عملاً إلا من قال مثل ما قال، أو زاد على ما قال. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد، ورواه فيه، وفي الكبير أيضاً من حديث أبى الدرداء، ولفظه: من قال بعد صلاة الصبح وهو ثانٍ رجليه قبل أن يتكلم (¬7): لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شئ قديرٌ عشر مراتٍ. كتب الله له بكل مرةٍ عشر حسناتٍ، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجاتٍ، وكن له في يومه ذلك حرزاً من كل مكروهٍ، وحرساً (¬8) من ¬
الشيطان الرجيم، وكان له بكل مرةٍ عتق رقبةٍ من ولد إسماعيل، ثمن كل رقبةٍ اثنا عشر ألفاً، ولم يلحقه يومئذٍ ذنبٌ إلا الشرك بالله (¬1)، ومن قال ذلك بعد صلاة المغرب كان له مثل ذلك. 7 - وعن عبد الرحمن بن غنمٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال قبل أن ينصرف، ويثنى رجليه من صلاة المغرب والصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يُحيى ويميت، وهو على كل شئٍ قدير عشر مراتٍ كتب الله له بكل واحدةٍ عشر حسناتٍ، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجاتٍ، وكانت له حرزاً من كل مكروةٍ، وحرزاً من الشيطان الرجيم، ولم يحل للذنب (¬2) أن يدركه إلا الشرك، وكان من أفضل الناس عملا إلا رجلاً يفضله (¬3) يقول: أفضل مما قال. راه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير شهر بن حوشب، وعبد الرحمن ابن غنم مختلف في صحبته، وقد روى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم. 8 - وروى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قال بعد صلاة الفجر ثلاث مراتٍ، وبعد العصر ثلاث مراتٍ: استغفر الله الذى لا إله الحى القيوم وأتوب إليه كُفرت (¬4) عنه ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر. رواه ابن السنىّ في كتابه. ¬
الترهيب من فوات العصر بغير عذر
(قال الحافظ): وأما ما يقوله دبر الصلوات، وإذا أصبح، وإذا أمسى فلكلٍّ منهما باب يأتى إن شاء الله تعالى، وتقدم في باب الرحلة في طلب العلم حديث قبيصة، وفيه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: ياقبيصة إذا صليت الصبح فقل ثلاثاً: سبحان الله العظيم وبحمده تعافى من العمى والجذام، والفلج. رواه أحمد. الترهيب من فوات العصر بغير عذر 1 - عن بريدة رضي الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: من ترك صلاة العصر فقد حبط (¬1) عمله. رواه البخاري والنسائي وابن ماجه، ولفظه قال: بكروا بالصلاة في يوم الغيم (¬2) فإنه من فاتته صلاة العصر حبط عمله. 2 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: من ترك صلاة العصر متعمداً (¬3) فقد حبط عمله. رواه أحمد بإسناد صحيح. 3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الذى تفوته صلاة العصر كأنما وُتِرَ (¬4) أهله وماله. رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه، وزاد في آخره قال مالك: تفسيره ذهاب الوقت. ¬
الترغيب في الإمامة مع الإتمام والإحسان والترهيب منها عند عدمهما
4 - وعن نوفل بن معاوية رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِرَ أهله وماله. وفي روايةٍ، قال نوفلٌ: صلاةٌ: من فاتته فكأنما وُتِرَ أهله وماله. قال ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي العصر. رواه النسائي. الترغيب في الإمامة مع الإتمام والإحسان والترهيب منها عند عدمهما 13 - عن أبي علىٍّ المصري قال: سافرنا مع عقبة بن عامرٍ الجُهنى رضي الله عنه فحضرتنا (¬1) الصلاة فأردنا أن يتقدمنا، فقال: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أَمَّ (¬2) قوماً، فإن أتمَّ (¬3) فله التمام ولهم التمام، وإن لم يتم فلهم (¬4) التمام ¬
وعليه الإثمُ (¬1) رواه أحمد واللفظ له، وأبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، ولفظهما. من أَمَّ الناس فأصاب (¬2) الوقت، وأتمَّ الصلاة فله ولهم، ومن انتقص (¬3) من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم. (قال الحافظ): هو عندهم من رواية عبد الرحمن بن حرملة عن أبي علىّ المصريّ، وعبد الرحمن يأتى الكلام عليه. 2 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله الله عليه وسلم قال: من أمَّ (¬4) قوماً فليتق الله (¬5)، وليعلم أنه ضامن (¬6) مسئول (¬7) لما ضمن، وإن احسن كان له من الأجر مثل أجر من صلى خلفه من غير أن ينقص من أُجورهم شيئاً وما كان من نقصٍ (¬8) فهو عليه رواه الطبراني في الأوسط من رواية معارك بن عباد. الترغيب في الإمامة مع الإتمام والإحسان الخ 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يُصلُّون لكم، فإن أصابوا (¬9) فلكم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم (¬10). رواه البخاريّ وغيره، وابن حبان في صحيحه، ولفظه: ¬
سيأتى أو سيكون أقوامٌ يُصلون الصلاة، فإن أتموا فلكم، وإن انتقصوا فعليهم ولكم. 4 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة على كثبان (¬1) المسك - أراهُ قال - يوم القيامة: عبدٌ (¬2) أدى حق الله وحق مواليه، ورجلٌ أمَّ قوما وهم به راضون (¬3)، ورجل ينادى (¬4) بالصلوات الخمس في كل يومٍ وليلةٍ. رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن، وراه الطبراني في الصغير والأوسط بإسناد لا بأس به، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر (¬5)، ولا ينالهم الحساب (¬6)، وهم على كثيبٍ من مسكٍ حتى يفرغ (¬7) من حساب الخلائق، رجلٌ قرأ القرآن ابتغاء (¬8) وجه الله، وأمَّ به قوماً وهم به راضون، الحديث، وفي الباب أحاديث: ¬
الإمام ضامنٌ، والمؤذن مؤتمن (¬1) وغيرها، وتقدم في الأذان ¬
الترهيب من إمامة الرجل القوم وهم له كارهون
الترهيب من إمامة الرجل القوم وهم له كارهون 1 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاةً: من تقدم (¬1) قوماً وهم له كارهون (¬2) ورجلٌ يأتى الصلاة دباراً (¬3)، والدِّبَارُ (¬4) أن يأتيها بعدأن تفوته، ورجل اعتبد محرَّراً (¬5) رواه أبو داود وابن ماجه كلاهما من رواية عبد الرحمن بن زياد الإفريقى. 2 - وعن طلحة بن عبد الله رضي الله عنهما أنه صلى بقومٍ، فلما انصرف قال إنى نسيت أن أستأمركم (¬6) قبل أن أتقدم، أرضيتم بصلاتى؟ قالوا نعم، ومن يكره ذلك يا حوارىَّ (¬7) رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما رجل أم قوماً وهم له كارهون لم تجاوز صلاته أذنيه (¬8) رواه الطبراني في الكبير من رواية سليمان بن أيوب، وهو الطلحى الكوفى، قيل فيه له مناكير. 3 - وعن عطاء بن دينارٍ الهذلى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاةً، ولا تصعد إلى السماءِ، ولا تجاوزُ رُءُسوهم: رجلٌ أمّ قوماً وهم له كارهون، ورجلٌ صلى على جنازةٍ ولم يؤمر (¬9)، وامرأَةٌ ¬
دعاها (¬1) زوجها من الليل فأبت عليه. رواه ابن خزيمة في صحيحه هكذا مرسلاً، وروى له سند آخر إلى أنس يرفعه. 4 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا تُرتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أم قوماً وهم له كارهون، وامرأةٌ باتت وزوجها عليها ساخط (¬2)، وأخوان متصارمان (¬3). رواه ماجه وابن حبان في صحيحه، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثةٌ لا يقبل الله منهم صلاةً: إمام قومٍ وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها غضبان، وأخوان متصارمان. 5 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
الترغيب في الصف الأول، وما جاء في تسوية الصفوف والتراص فيها وفضل ميامنها ومن صلى في الصف المؤخر مخافة إيذاء غيره لو تقدم
ثلاثةٌ لا تُجاوز صلاتهم آذانهم: العبد (¬1) الآبق حتى يرجع، وامرأَةٌ باتت وزوجها عليها ساخطٌ، وإمام قومٍ وهم له كارهون. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. الترغيب في الصف الأول، وما جاء في تسوية الصفوف والتراص فيها وفضل ميامنها ومن صلى في الصف المؤخر مخافة إيذاء غيره لو تقدم 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
لو يعلمُ الناس منا في النداء (¬1) والصف الأول (¬2)، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا (¬3) عليه لاستهموا. رواه البخاري ومسلم. وفي روايةٍ لمسلمٍ: لو تعلمون ما في الصف المقدم لكانت قُرعةٌ. 2 - وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير صفوف الرجال أولها (¬4) وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها (¬5) وشرها أولها. رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وروى عن جماعة من الصحابة منهم: ابن عباس، وعمر بن الخطاب، وأنس بن مالك، وأبو سعيد، وأبو أمامة، وجابر بن عبد الله وغيرهم. 3 - وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستغفر (¬6) للصف المقدم ثلاثاً، وللثاني مرةً، رواه ابن ماجه والنسائي وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، ولم يخرّجا للعرباض، وابن حبان في صحيحه، ولفظه. كان يُصلى على الصف المقدم ثلاثاً، وعلى الثاني واحدةً. ولفظ النسائي كابن حبان إلا أنه قال: كان يُصلى على الصف الأول مرتين. 4 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ¬
الله وملائكته يُصلون (¬1) على الصف الأول. قالوا: يا رسول الله وعلى الثانى. قال: إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول. قالوا: يا رسول الله وعلى الثانى؟ قال وعلى الثانى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سَوُّوا (¬2) صفوفكم، وحاذوا (¬3) بين مناكبكم ولينوا (¬4) في أيدى إخوانكم، وسُدُّوا الخلل (¬5) فإن الشيطان يدخل فيما بينكم ¬
بمنزلة الحذف، يعنى أولاد الضأن الصغار، رواه أحمد بإسناد لا بأس به والطبراني وغيره. (الحذف): بالحاء المهملة والذال المعجمة مفتوحتين وبعدهما فاء. 5 - وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله وملائكته يصلون (¬1) على الصف الأول أو الصفوف الأول. رواه أحمد بإسناد جيد. 6 - وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى ناحية الصف، ويُسوى بين صدور القوم ومناكبهم، ويقول: لا تختلفوا فتختلف (¬2) قلوبكم، إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول (¬3). رواه ابن خزيمة في صحيحه. 7 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله وسلم: سَوُّوا (¬4) صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة. رواه البخاري ومسلم وابن ماجه وغيرهم. وفي رواية للبخارى: فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة. ورواه أبو داود ولفظه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رُصُّوا (¬5) صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذى نفسى بيده: إنى لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحذف. رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما نحو رواية أبى داود. (الخلل): بفتح الخاء المعجمة واللام أيضاً: هو ما يكون بين الاثنين من الاتساع عند عدم التراصّ. 8 - وروى عن على بن أبى طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
عليه وسلم: استووا تَسْتَو قلوبكم، وتماسُّوا تزاحموا. قال شريح: تماسوا، يعنى تزاحموا (¬1)، أو في الصلاة، وقال غيره: تماسُّوا تواصلوا. رواه الطبراني في الأوسط. 9 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسُدُّوا الخلل، ولينوا بأيدى إخوانكم، ولا تذروا (¬2) فرجات الشيطان، ومن وصل صفا وصله (¬3) الله، ومن قطع صفا قطعه (¬4) الله. رواه أحمد وأبو داود، وعند النسائي وابن خزيمة آخره. (الفرجات): جمع فرجة، وهى المكان الخالى بين الاثنين. 10 - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تُصفون كما تصف الملائكة عند ربها، فقلنا يا رسول الله: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يُتِمُّونَ الصفوف الأول، ويتراصُّون في الصف. رواه أبو مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. 11 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خياركم إلينكم مناكب في الصلاة (¬5). رواه أبو داود. 12 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا ¬
رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه (¬1)، فقال: أقيموا صفوفكم وتراصُّوا (¬2)، فإنى أراكم من وراء ظهرى (¬3). رواه البخاري، ومسلم بنحوه. وفى رواية للبخارى: فكان أحدنا يلزق (¬4) منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه. الترغيب في الصف الأول وما جاء في تسوية الصفوف الخ 13 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أحسنوا إقامة (¬5) الصفوف في الصلاة. رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح. 14 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته يصلون (¬6) على ميامين الصفوف. رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد حسن. 15 - وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمنيه يُقبل علنا بوجهه، فسمعته يقول: ¬
الترغيب في وصل الصفوف وسد الفرج
رب قنى (¬1) عذابك يوم تبعث (¬2) عبادك. رواه مسلم. 16 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ترك (¬3) الصف الأول مخافة أن يؤذى أحداً أضعف الله له أجرَ الصف الأول. رواه الطبراني في الأوسط. الترغيب في وصل الصفوف وسد الفرج 1 - عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون (¬4) الصفوف. رواه أحمد، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، زاد ابن ماجه: (ومن سد فُرْجَةً رفعه الله بها درجةً). 2 - وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى الصف من ناحيةٍ إلى ناحيةٍ فيمسح مناكبنا (¬5)، أو صدورنا ويقول: لا تختلفوا (¬6) فتختلف قلوبكم. قال: وكان يقول: إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون (¬7) الصفوف الأُول. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 3 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وصل صفا (¬8) وصله (¬9) الله، ومن قطع (¬10) صفا قطعه الله. رواه النسائي ¬
وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، ورواه أحمد وأبو داود في آخر حديث تقدم قريباً. الترغيب في وصل الصفوف وسد الفرج 4 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خياركم ألينكم مناكب في الصلاة، وما من خطوةٍ أعظم أجراً من خطوةٍ مشاها رجل إلى فُرجةٍ في الصف فسدها (¬1). رواه البزار بإسناد حسن، وابن حبان في صحيحه كلاهما بالشطر الأول، ورواه بتمامه الطبراني في الأوسط. 5 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سد فُرجةً رفعه الله بها درجة، وبنى له بيتاً في الجنة. رواه الطبراني في الأوسط من رواية مسلم بن خالد الزنجى، وتقدم عند ابن ماجه في أول الباب دون قوله: (وبنى له بيتاً في الجنة) ورواه الأصبهاني بالزيادة أيضاً من حديث أبى هريرة، وفي إسناده عصمة بن محمد. قال أبو حاتم: ليس بقوىّ، وقال غيره: متروك. 6 - وعن أبي جحيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سد فُرجةً (¬2) في الصف غفر له. رواه البزار بإسناد حسن، واسم أبى جحيفة: وهب بن عبد الله السوائى. 7 - وعن أبي هرير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وملائكته يصلون على الذين يَصِلُون الصفوف، ولا يَصِلُ عبدٌ صفاًّ إلا رفعه الله به درجة (¬3)، وذرَّت (¬4) عليه الملائكة من البر رواه الطبراني في الأوسط، ولا بأس بإسناده. ¬
8 - وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله وملائكته يصلون على الذين يَصِلُون الصُّفوف الأُول، وما من خطوةٍ (¬1) أحب إلى الله من خطوةٍ يمشيها العبد يصل بها صفاً. رواه أبو داود في حديث، وابن خزيمة بدون ذكر الخطوة، وتقدم. 9 - وعن معاذٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: خطوتان إحداهما: أحب الخُطا إلى الله، والأخرى: أبغض الخطا إلى الله: فأما التي يحبها الله عز وجل: فرجلٌ نظر إلى خللٍ في الصف فسدَّهُ، وأما التى يبغضها الله: فإذا أراد الرجل أن يقوم مدَّ (¬2) رجله اليمنى، ووضع يده عليها، وأثبت اليسرى ثم قام. رواه الحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم. 10 - وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قيل للنبى صلى الله عليه وسلم: إن ميسرة المسجد قد تعطلت (¬3) فقال النبى صلى الله عليه وسلم: من عمَّرَ ميسرة المسجد كُتِبَ له كفلان من الأجر. رواه ابن خزيمة وغيره. ¬
الترهيب من تأخر الرجال إلى أواخر صفوفهم وتقدم النساء إلى أوائل صفوفهن ومن اعوجاج الصفوف
11 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عمر جانب المسجد الأيسر لقلة أهله فله أجران. رواه الطبراني في الكبير من رواية بقية بن الوليد. الترهيب من تأخر الرجال إلى أواخر صفوفهم وتقدم النساء إلى أوائل صفوفهن ومن اعوجاج الصفوف 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيرُ صفوف الرجال: أولها، وشرها: آخرها، وخير صفوف النساء: آخرها، وشرها: أولها (¬1). رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وتقدم. 2 - وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخراً، فقال لهم: تقدموا فائتموا بى، وليأتمَّ بكم من بعدكم (¬2) لا يزال قومٌ يتأخرون حتى يؤخرهم الله. رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. 3 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لايزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار (¬3). رواه أبو داود، ¬
وابن خزيمة في صحيحه وابن حبان إلا أنهما قالا: حتى يُخلفهم الله في النار. 4 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح منا كبنا (¬1) في الصلاة ويقول: استوُوا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليلنى منكم أُولُوا الأحلامِ والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. رواه مسلم وغيره. 5 - وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لتسؤُّن صفوفكم، أو ليخالفن (¬2) الله بين وجوهكم. رواه مالك والبخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وفي رواية لهم خلا البخاري: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يُسَوِّى صفوفنا حتى كأنما يُسوى بها القِدَاحَ (¬3) حتى رآنا أنا قد عقلنا (¬4) عنه، ثم خرج يوماً فقام حتى كاد يُكبِّرُ (¬5) فرأى رجلا بادياً صدره (¬6) من الصف، فقال: عباد الله لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم. ¬
وفي رواية لأبى داود وابن حبان في صحيحه: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال: أقيموا صفوفكم، أو ليخالفن الله بين قلوبكم (¬1). قال فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه (¬2). (القداح): بكسر القاف، جمع قدح، وهو: خشب السهم إذا برى قبل أن يجعل فيه النصل والريش. 6 - وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل (¬3) الصف من ناحيةٍ إلى ناحيةٍ يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وكان يقول: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأُول. رواه أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه، ولفظه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتينا فيمسح عواتقنا (¬4) وصدورنا ويقول: لا تختلف صفوفكم فتختلف قلوبكم، إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول. وفي رواية لابن خزيمة: لا تختلف صدوركم فتختلف قلوبكم. 7 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتسوُّن (¬5) الصفوف، أو لتطمسن الوجوه، أو لتغمضن (¬6) أبصاركم، أو لتحفظن ¬
الترغيب في التأمين خلف الإمام وفي الدعاء، وما يقوله في الاعتدال والاستفتاح
أبصاركم. رواه أحمد والطبراني من طريق عبيد الله بن زحر عن علىّ بن زيد وقدحشاه بعضهم. الترغيب في التأمين خلف الإمام وفى الدعاء وما يقوله في الاعتدال والاستفتاح 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين (¬1). فإنه من وافق قوله قول الملائكة (¬2) غفر له ما تقدم من ذنبه (¬3). رواه مالك والبخاري، واللفظ له، ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. ¬
وفى رواية البخاري: إذا قال أحدكم آمين، وقالت الملائكة في السماء آمين، فوافقت إحداهما الأُخرى غُفر له ما تقدم من ذنبه. وفي رواية لابن ماجه والنسائي: إذا أمن (¬1) القارئُ فأمنوا، الحديث. وفي رواية للنسائى: وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين. فقولوا: آمين. فإنه من وافق كلامه كلام الملائكة غُفر لمن في المسجد (¬2). (آمين): تمد وتقصر، وتشديد الممدود لغيّة، وقيل: هو اسم من أسماء الله تعالى، وقيل معناها: اللهم استجب، أو كذا فافعل، أو كذلك فليكن. 2 - وعن عائشة رضي الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما حسدتكم اليهود على شيءٍ ما حسدتكم (¬3) على السلام والتأمين (¬4). رواه ابن ماجه بإسناد صحيح وابن خزيمة في صحيحه، وأحمد، ولفظه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذُكرت عنده اليهود فقال: إنهم لم يحسدونا على شئٍ كما حسدونا على الجمعة (¬5) التى هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة (¬6) التى هدانا الله لها، وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين (¬7). رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن، ولفظه قال: إن اليهود قد سئموا دينهم، وهم قومٌ حُسدٌ (¬8)، ولم يحسدوا المسلمين على أفضل من ¬
ثلاثٍ: رد السلام (¬1) وإقامة الصفوف (¬2)، وقولهم، خلف إمامهم في المكتوبة آمين (¬3). 3 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم جُلوساً فقال: إن الله قد أعطانى خصالاً ثلاثةً: أعطانى صلاةً (¬4) في الصفوف، وأعطانى التحية إنها لتحيةُ (¬5) أهل الجنة، وأعطانى التأمين (¬6) ولم يعطه أحداً من النبيين قبلى إلا أن يكون الله قد أعطاه هارون يدعو موسى، ويؤمن هارون. رواه ابن خزيمة في صحيحه من رواية زربىّ مولى آل المهلب، وتردّد في ثبوته. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال الذين خلفه (¬7): آمين. التقت من أهل السماء (¬8)، وأهل الأرض آمين غفر الله للعبد ما تقدم من ذنبه (¬9) قال: ومثل الذى لا يقول آمين كمثل رجلٍ غزا (¬10) مع قومٍ فاقترعوا فخرج سهامهم، ولم ¬
يخرج سهمه، فقال: ما لسهمى لم يخرج؟ قال: إنك لم تقل آمين. رواه أبو يعلى من رواية ليث أبى سليم. 5 - وعن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين يُجبكم (¬1) الله. رواه الطبرانيّ في الكبير، ورواه مسلم وأبو داود والنسائي في حديث طويل عن أبي موسى الأشعرى قال فيه: إذ صليتم فأقيموا صفوفكم، وليؤمكم أحدكم، فإذا كَبَّرَ فكبروا، وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين يُجبكم. 6 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حسدتكم (¬2) اليهود على شئٍ ما حسدتكم على آمين، فأكثروا من قول آمين. رواه ابن ماجه. 7 - وعن أبي مصبحٍ المقرائى قال: كُنَّا نجلسُ إلى زُهيرٍ النميري رضي الله عنه، وكان من الصحابة يُحدثُ أحسن الحديث، فإذا دعا الرجل منا بدعاءِ قال: اختمه (¬3) بآمين، فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة (¬4). قال أبو زهير النميرىّ: أُخبركم عن ذلك: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلةٍ نمشي فأتينا على ¬
رجلٍ قد ألحَّ (¬1) في المسئلة فوقف النبى صلى الله عليه وسلم يستمع منه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أوجب (¬2) إن ختم (¬3)، فقال رجلٌ من القوم بأى شئٍ يختمُ؟ فقال بآمين. فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب، فانصرف الرجل الذى سأل النبى صلى الله عليه وسلم فأتى الرجل فقال: اختم (¬4) يافلان بآمين وأبشر. رواه أبو داود. (مصبح) بضم الميم وكسر الباء الموحدة بعدها حاء مهملة. (والمقرائىّ) بضم الميم، وقيل بفتحها، والضم أشهر، وبسكون القاف وبعدها راء ممدودة: نسبة إلى قرية بدمشق. 8 - وعن حبيب بن سلمة الفهرى رضي الله عنه، وكان محاب الدعوة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يجتمع ملاٌ (¬5) فيدعو بعضهم ويؤمن بعضهم إلا أجابهم الله. رواه الحاكم. 9 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما نحن نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجلٌ من القوم: الله أكبر (¬6) كبيراً (¬7)، والحمد لله (¬8) كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من القائل كلمة كذا ¬
وكذا؟ فقال رجلٌ من القوم: أنا يا رسول الله، فقال: عجبت لها! فتحت لها أبواب السماء. قال ابن عمر: فما تركتهن منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. رواه مسلم. الترغيب في التسبيح في الصلاة 10 - وعن رفاعة بن رافعٍ الزرقى رضي الله عنه قال: كنا نصلى وراء النبى صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمدهُ. قال رجلٌ من ورائه: ربنا (¬1) ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً (¬2) مباركاً فيه (¬3)، فلما انصرف قال: من المتكلم (¬4)؟ قال أنا. قال: رأيتُ بضعةً وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول؟. رواه مالك والبخاري، وأبو داود والنسائي. ¬
الترهيب من رفع المأموم رأسه قبل الإمام في الركوع والسجود
11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي. وفي رواية البخاري ومسلم فقولوا: ربنا ولك الحمد، بالواو. الترهيب من رفع المأموم رأسه قبل الإمام في الركوع والسجود 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه من ركوعٍ أو سجودٍ قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمارٍ، أو يجعل الله صورته صورة حمارٍ (¬1). رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يؤمن أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول رأسه رأس كلبٍ ورواه في الكبير موقوفاً على عبد الله بن مسعود بأسانيد أحدها جيد، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبى هريرة أيضا عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولفظه: ¬
الترهيب من عدم إتمام الركوع والسجود وإقامة الصلب بينهما، وما جاء في الخشوع
أما يخشى الذى يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس كلبٍ (¬1). (قال الخطابي): اختلف الناس فيمن فعل ذلك، فروى عن ابن عمر أنه قال: لا صلاة لمن فعل ذلك، وأما عامةُ أهل العلم فإنهم قالوا: قد أساء وصلاته تُجزئه غير أن أكثرهم يأمرون بأن يعود إلى السجود، ويمكث في سجوده بعد أن يرفع الإمام رأسه بقدر ما كان ترك انتهى. 2 - وعنه أيضا رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الذى يخفض (¬2) ويرفع قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطانٍ. رواه البزار والطبراني بإسناد حسن، ورواه مالك في الموطأ فوقفه عليه ولم يرفعه. الترهيب من عدم إتمام الركوع والسجود وإقامة الصلب بينهما وما جاء في الخشوع 1 - عن أبي مسعود البدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تُجزئُ (¬3) صلاة الرجل حتى يُقِيمَ ظهره في الرُكوع والسجود. رواه أحمد وأبو داود، واللفظ له، والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، ورواه الطبراني والبيهقي، وقالا: إسناده صحيح ثابت، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. 2 - وعن عبد الرحمن بن شبلٍ رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله ¬
عليه وسلم عن نقرة الغراب (¬1)، وافتراش (¬2) السَّبُعِ وأن يوطن (¬3) الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير. رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. 3 - وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسوأُ (¬4) الناس سرقةً، الذى يسرق من صلاته. قالوا: يا رسول الله كيف يسرق من الصلاة؟ قال: لا يُتمُّ ركوعها، ولا سجودها، أو قال: لا يقيم صلبه في الركوع والسجود. رواه أحمد والطبراني وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 4 - وعن عبد الله بن مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسرق الناس (¬5) الذى يسرق صلاته. قيل: يا رسول الله كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها، وأبخل (¬6) من بخل بالسلام رواه الطبراني في معاجيمه الثلاثة بإسناد جيد. ¬
5 - وعن على بن شيبان رضي الله عنه قال: خرجنا حتى قدمنا (¬1) على رسول الله صلى الله عليه وسلم: فبايعناه (¬2) وصلينا خلفه (¬3) فلمح (¬4) بِمُؤَخَّرِ عينه رجلاً لا يقيم صلاته، يعنى صُلبه في الركوع، فلما قضى النبى صلى الله عليه وسلم صلاته قال: يا معشر المسلمين: لا صلاة لمن لا يُقيم صلبه في (¬5) الركوع والسجود. رواه أحمد وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما. 6 - وعن طلق بن على الحنفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينظر (¬6) الله إلى صلاة عبدٍ لا يُقيم فيها صلبه بين ركوعها وسجودها. رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات. 7 - وعن أبي عبد الله الأشعرى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لا يُتم ركوعه، وينقرُ (¬7) في سجوده وهو يصلى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو مات هذا على حاله هذه مات على غير ملة محمدٍ (¬8) صلى الله عليه وسلم ثم قال صلى الله عليه وسلم: مثل الذى لا يُتم ركوعه، وينقر في سجوده مثل الجائع يأكل التمرة والتمرتين لا تغنيان عنه شيئاً. قال أبو صالح: قلت لأبى عبد الله: من حدَّثَ بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أُمراءُ الأجنادِ عمرو بن العاصى وخالد بن الوليد، وشُرحبيلُ بن حسنة سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني في الكبير، وأبى يعلى بإسناد حسن، وابن خزيمة في صحيحه. ¬
الترهيب من عدم إتمام الركوع والسجود 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليُصلى ستين سنةً، وما تُقبلُ له صلاة لعله يُتم الركوع ولا يُتم السجود، ويُتم السجود ولا يُتم الركوع (¬1). رواه أبو القاسم الأصبهاني، وينظر سنده. 9 - وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه، وأنا حضارٌ: لو كان لأحدكم هذه السَّارية (¬2) لكره أن تُجدع كيف يعمد أحدكم فيجدع صلاته التى هى لله، فأتموا صلاتكم، فإن الله لا يقبل إلا تاماًّ. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. (الجدع): قطع بعض الشئ. 10 - وعن بلالٍ رضي الله عنه أنه أبصر رجلاً لا يُتم الركوع ولا السجود فقال: لو مات هذا لمات على غير ملة محمدٍ صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني ورواته ثقات. ¬
النهى عن القراءة في الركوع 11 - وروى عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن للصلاة المكتوبة عند الله وزناً (¬1) من انتقص منها شيئاً حُوسب به فيها على ما انتقص. رواه الأصبهاني. 12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاينظر الله إلى عبدٍ لا يُقيم صُلبه بين ركوعه وسجوده. رواه أحمد بإسناد جيد. 13 - وروى عن علىٍّ رضي الله عنه قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه أن أقرأ وأنا راكعٌ، وقال: يا عليُّ مثل الذى لا يقيم صُلبه في صلاته كمثل حُبلىَ حملت فلما دنا نفاسها أسقطت، فلا هى ذات حملٍ، ولا هى ذات ولدٍ (¬2). رواه أبو يعلى والأصبهاني، وزاد: مثل المُصلى كمثل التاجر لا يخلص له ربحه حتى يخلص له رأسُ ماله، وكذلك المصلى لا تُقبل نافلته حتى يُؤدى الفريضة. 14 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسوأُ الناس (¬3) سرقةً الذي يسرق صلاته. قال: وكيف يسرق صلاته؟ قال: لا يُتم ركوعها ولا سجودها. رواه الطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه. 15 - وروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مُصلٍّ: إلا وملكٌ عن يمنيه، وملكٌ عن يساره، فإن أتمها عرجا (¬4) بها، ¬
وإن لم يُتمها ضربا بها على وجهه (¬1). رواه الأصبهاني. الترهيب من عدم إتمام الركوع والسجود 16 - وعن النعمان بن مرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما ترون في الشارب، والزانى، والسارق؟ وذلك قبل أن تنزل فيهم الحدود قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هُنَّ فواحش، وفيهن عقوبة، وأسوأُ السرقة الذى يسرق صلاته (¬2) قالوا: وكيف يسرق صلاته؟ قال: لا يُتم ركوعها ولا سجودها. رواه مالك، وتقدم في باب الصلاة على وقتها حديث أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم، وفيه: ومن صلاها لغير وقتها، ولم يُسبغ (¬3) لها وضوءها، ولم يُتم لها خشوعها، ولا رُكوعها، ولاسجودها، خرجت وهى سوداء مُظلمة تقول: ضيعك الله كما ضيعتنى حتى إذا كانت حيث شاء الله لُفَّتْ كما يُلَفُّ الثوب الخلق، ثم ضُرِبَ بها وجهه. رواه الطبراني. 17 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ في ناحية المسجد فصلى (¬4) ثُمَّ جاء فسلَّم عليه، فقال له ¬
رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل، فصلى ثم جاء فسلم، فقال: وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل، فصلى ثم جاء فسلم فقال: وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل، فقال في الثانية: أو في التى تليها علمنى يا رسول الله: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تستوى قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم افعل ذلك في صلاته كلها. وفي رواية: ثم ارفع تستوى قائما، يعنى السجدة الثانية. رواه البخاري ومسلم، وقال في حديثه: فقال الرجل: والذى بعثك بالحق ما أُحسن غير هذا فعلمنى، ولم يذكر غير سجدةٍ واحدةٍ. رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وفي رواية لأبى داود: فإذا فعلت ذلك (¬1)، فقد تمت صلاتك، وإن انتقصت من هذا فإنما انتقصته من صلاتك. 18 - وعن رفاعة بن رافعٍ رضي الله عنه قال: كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجلٌ فدخل المسجد فصلى، فذكر الحديث إلى أن قال فيه: فقال الرجل: لا أدرى ما عبت على؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: إنه لا تتمُّ صلاة أحدكم حتى يُسبغ الوضوء، كما أمره الله، ويغسل وجهه، ويديه إلى المرفقين، ويسمح رأسه ورجليه (¬2) إلى الكعبين، ثم يكبر الله، ويحمده ويمجده ويقرأُ من القرآن ما أذن الله له فيه وتيسر، ثم يُكبرُ ويركعُ، فيضعُ كفيه على رُكبتيه حتى تطمئن مفاصله وتسترخى، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ويستوى قائماً حتى يأخذ كل عظيم (¬3) مأخذه، ويقيم صلبه، ثم يكبر فيسجد، ويمكن جبهته من الأرض ¬
حتى تطمئن مفاصلة وتسترخى، ثم يكبر فيرفع رأسه، ويستوى قاعداً على مقعدته ويُقيم صُلبه فوصف الصلاة هكذا حتى فرغ، ثم قال: لا تتم صلاةُ أحدكم حتى يفعل ذلك. رواه النسائي، وهذا لفظه، والترمذي وقال: حديث حسن، وقال في آخره. فإن فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، وإن انتقصت منها شيئاً انتقصت من صلاتك. قال أبو عمر بن عبد البر النمرى: هذا حديث ثابت. 19 - وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرجل لينصرف، وما كُتِبَ له إلا عُشرُ صلاته تُسعها ثُمُنُهَا سُبُعُهَا سُدُسُهَا خُمُسُهَا رُبُعُها ثُلُثُها نِصفُهَا (¬1). رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه بنحوه. 20 - وعن أبي اليسر رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: منكم من يصلى الصلاة كاملةً، ومنكم من يصلى النصف، والثلث، والربع، والخمس حتى بلغ العشر. رواه السنائى بإسناد حسن، واسم أبى اليسر بالياء المثناة تحت والسين المهملة مفتوحتين: كعب بن عمر السلمى، شهد بدرا. 21 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة (¬2) ثلاثة أثلاثٍ: الطهور ثلثٌ، والركوع ثلثٌ، والسجود ثلثٌ. فمن أداها بحقها قُبلت منه، وقبل مه سائر عمله، ومن رُدت عليه صلاته رُدَّ عليه سائر عمله. رواه البزار، وقال: لا نعلمه مرفوعاً إلا من حديث المغيرة بن مسلم. (قال الحافظ): وإسناده حسن. 22 - وعن حُريثِ بن قبيصة رضي الله عنه قال: قدمت المدينة وقلت: اللهم ارزقنى جليساً صالحاً. قال: فجلست إلى أبى هريرة فقلت: إنى سألت الله أن ¬
يرزقنى جليساً صالحاً فحدثنى بحديثٍ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله أن ينفعنى به فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة عن عمله صلاته، فإن صلحت (¬1) فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر (¬2)، وإن انتقص من فريضته (¬3). قال الله تعالى: انظروا هل لعبدى من تطوع يكمل به ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك. رواه الترمذي وغيره، وقال: حديث حسن غريب. 23 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، ثم انصرف فقال يا فلان: ألا تُحسن صلاتك، ألا ينظر المصلى إذا صلى كيف يُصلى، فإنما يُصلى لنفسه، إنى لأُبصر من ورائى كما أُبصر من بيدى يديَّ (¬4). رواه مسلم والنسائي، وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، فما سلم نادى رجلاً كان في آخر الصفوف، فقال يا فلان: ألا تتقى الله (¬5). ألا تنظر كيف تصلى؟ ¬
إن أحدكم إذا قام يُصلى إنما يقوم يناجى ربه، فلينظر كيف يناجيه، إنكم ¬
ترون أنى لا أراكم، إنى والله لأرى من خلف ظهرى كما أرى من ¬
بين يدىَّ. ¬
24 - وعن عثمان بن أبى دهرشن رضي الله عنه عن النبى صلى الله ¬
عليه وسلم قال: ¬
لا يقبل الله من عبدٍ عملاً حتى يُشهد قلبه مع بدنه (¬1). رواه محمد بن صر المروزى في كتاب الصلاة هكذا مرسلاً، ووصله أبو منصور الديلمى في مسند الفردوس بأبىِّ بن كعب. والمرسل أصحّ. 25 - وعن الفضل بن العباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة مثنى مثنى (¬2) تشهد في كل ركعتين، وتخشع وتضرعُ، وتمسكنُ وتقنع يديك تقول: ترفعهما إلى ربك مستقبلا ببطونهما وجهك وتقول: يارب يارب، من لم يفعل ذلك فهى (¬3) كذا وكذا. رواه الترمذي والنسائي وابن خزيمة في صحيحه، وتردد في ثبوته، رووه كلهم: عن ليث بن سعد حدثنا عبد ربه بن سعيد، عن عمران بن أبى أنس، عن عبد الله بن نافع بن العمياء، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل، وقال الترمذي: قال غير ابن المبارك في هذا الحديث: من لم يفعل ذلك فهى خداج، وقال سمعت محمد بن إسماعيل ¬
يعنى البخاري يقول: روى شعبة هذا الحديث عن عبد ربه، فأخطأ في مواضع، قال: وحديث ليث بن سعد أصح من حديث شعبة. (قال الحافظ): وعبد الله بن نافع بن العمياء: لم يرو عنه غير عمران بن أبى أنس، وعمران ثقة، ورواه أبو داود وابن ماجه من طريق شعبة، عند عبد ربه، عن ابن أبى أنس، عن عبد الله بن نافع بن العمياء، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد المطلب بن أبى وداعة. ولفظ ابن ماجه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاةُ مثنى مثنى، وتشهد في كل ركعتين، وتبأس، وتمسكن (¬1)، وتقنع، وتقول: اللهم اغفر لى، فمن لم يفعل ذلك فهى خداجٌ. (قال الخطابي): أصحاب الحديث يغلِّظون شعبة في هذا الحديث، ثم حكى قول البخاري المتقدم وقال: قال يعقوب بن سفيان في هذا الحديث مثل قول البخاري، وخطأ شعبة، وصوّب ليث ابن سعد، وكذلك قال محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: وقوله تبأس معناه إظهار البؤس والفاقة، وتمسكن من المسكنة، وقيل معناه: السكون والوقار، والميم مزيدة فيها، وإقناع اليدين: رفعهما في الدعاء والمسئلة، والخداج: معناه هاهنا: الناقص في الأجر والفضيلة انتهى. 26 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها (¬2) لعظمتى، ولم يستطل (¬3) على خلقى، ولم يبت مُصراً، على (¬4) معصيتى، وقطع النهار في ذكرى (¬5)، ¬
ورحم المسكين (¬1)، وابن السبيل (¬2)، والأرملة، ورحم المصاب (¬3) ذلك نوره كنور الشمس أكلؤه (¬4) بعزتى، وأستحفظه ملائكتى، أجعل له في الظلمة نوراً، وفي الجهالة حلماً، ومثله في خلقى كمثل الفردوس (¬5) في الجنة. رواه البزار من رواية عبد الله بن واقد الحرّانى، وبقية رواته ثقات. 27 - وروى عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد إذا صلى فلم يُيتمَّ خشوعها (¬6)، ولا رُكوعها وأكثر الالتفات لم تُقبل (¬7) منه، ومن جر ثوبه خُيلاء (¬8) لم ينظر الله إليه (¬9)، ¬
وإن كان على (¬1) الله كريماً (¬2). رواه الطبراني. 28 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أول شئٍ يُرفعُ من هذه الأُمة: الخشوع (¬3) حتى لا ترى فيها خاشعاً. رواه الطبراني بإسناد حسن، ورواه ابن حبان في صحيحه في آخر حديث موقوفاً على شداد بن أوس، ورفعه الطبراني أيضاً، والموقوف أشبه. 29 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا قال: مثل الصلاة المكتوبة (¬4) كمثل الميزان من أوفى استوفى. رواه البيهقى هكذا، ورواه غيره عن الحسن مرسلاً وهو الصواب. 30 - وعن مطرفٍ عن أبيه رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلى وفي صدره أَزيزٌ كأزيز الرحى من البكاء. رواه أبو داود والنسائي، ولفظه: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلى ولجوفه أزيزٌ كأزيز المرجل، يعنى يبكى. ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما نحو رواية النسائي إلا أن ابن خزيمة قال: ولصدره أزيزُ الرحى. بزايين: هو صوتها، والمرجل: بكسر الميم، وفتح الجيم: هو القدر، يعنى أن لجوفه حنينا كصوت غليان القدر. ¬
31 - وعن علي رضي الله عنه قال: ما كان فينا فارسٌ يوم بدرٍ غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائمٌ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرةٍ يُصلى ويبكى (¬1) حتى أصبح. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 32 - وعن عبد الله بن أبى بكرٍ أن أبا طلحة الأنصارى رضي الله عنه كان يُصلى في حائطٍ (¬2) له، فطار دُبْسِىٌّ (¬3) فطفق (¬4) يتردد يلتمس مخرجاً فلا يجد، فأعجبه ذلك فجعل يُتْبِعه (¬5) بصرة ساعةً، ثم رجع إلى صلاته، فإذا هو لا يدرى (¬6) كم صلى، فقال: لقد أصابنى في مالي هذا فتنةٌ (¬7)، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له الذى أصابه في صلاته، وقال: يا رسول الله هو صدقةٌ فضعه حيث شئت (¬8). رواه مالك، وعبد الله بن أبى بكر لم يدرك القصة، ورواه من طريق آخر فلم يذكر فيه أبا طلحة ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولفظه: أن رجلاً من الأنصار كان يُصلى في حائطٍ له بالقف، وادٍ من أودية المدينة في زمان الثمر، والنخلُ قد ذُللت (¬9) وهى مقطوفةٌ بثمرها فنظر إليها فأعجبته، ثم رجع إلى صلاته، فإذا هو لا يدرى كم صلى؟ فقال: لقد أصابنى في مالى هذا فتنةٌ فجاء عثمان رضي الله عنه وهو يومئذٍ خليفةٌ، فذكر ذلك له، وقال هو صدقةٌ (¬10) فاجعله في سبيل الخير، فباعه بخمسين ألفاً فسمىَّ المال الخمسين. (الحائط): هو البستان. ¬
(والدبسىّ): بضم الدال المهملة، وسكون الباء الموحدة، وكسر السين المهملة بعدها ياء مشددة: هو طائر صغير، قيل: هو ذكر اليمام. ¬
33 - وعن الأعمش قال: كان عبد الله، يعنى ابن مسعودٍ: إذا صلى كأنه ثَوْبٌ ¬
مُلْقىً. رواه الطبراني في الكبير، والأعمس لم يدرك ابن مسعود. ¬
34 - وعن عُقبة بن عامرٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ¬
ما من مسلمٍ يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقوم في صلاته فيعلم مايقول إلا انفتل وهو كيوم ولدته أمه. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وهو في مسلم وغيره بنحوه، وتقدم.
الترهيب من رفع البصر إلى السماء في الصلاة
الترهيب من رفع البصر إلى السماء في الصلاة 1 - عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال (¬1) أقوامٍ يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله (¬2) في ذلك حتىقال لينتهنَّ عن ذلك، أو لتخطفنَّ أبصارهم. رواه البخاري وأبو داود والنسائي. وابن ماجه. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاترفعوا (¬3) أبصاركم إلى السماء فتلتمع، يعنى في الصلاة. رواه ابن ماجه والطبراني في الكبير، ورواتهما رواة الصحيح، وابن حبان في صحيحه. 3 - وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لينتهينَّ أقوامٌ عن رفعهم أبصارهم إلى السماء عند الدعاء في الصلاة أو لَتُخْطَفنَّ أبصارهم (¬4). رواه مسلم والنسائي. ¬
4 - وعن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يرفع بصره إلى السماء لا يُلتمع. رواه الطبراني في الأوسط. من رواية ابن لهيعة، ورواه النسائي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أن رجلاً من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم حدثه ولم يسمعه. (يلتمع بصره): بضم الياء المثناة تحت: أي يُذهبُ به. 5 - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لينتهين أقوامٌ يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لا ترجع إليهم (¬1). رواه مسلم، وأبو داود، وابن ماجه ولأبى داود: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فرأى في ناساً يُصلون رافعى أيديهم إلى السماء فقال: لينتهين رجال يشخصون (¬2) أبصارهم في الصلاة، أو لا ترجع ¬
إليهم أبصارهم. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
الترهيب من الالتفات في الصلاة وغيره مما يذكر
الترهيب من الالتفات في الصلاة وغيره مما يذكر 1 - عن الحارث الأشعرى رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الله امر يحيى بن زكريا (¬1) بخمس كلماتٍ أن يعمل بها، ويأمر بنى إسرائيل أن يعملوا بها، وإنه كاد (¬2) أن يُبطئ بها. قال عيسى: إن الله أمرك بخمس كلماتٍ لتعمل بها، وتأمر بنى إسرائيل أن يعملوا بها. فإما أن تأمرهم، إما أن آمرهم، فقال يحيى: أخشى (¬3) إن سبقتنى بها أن يُخسف بى، أو أُعذب، فجمع الناس في بيت (¬4) المقدس ¬
فامتلأ وقعدوا على الشرف (¬1)، فقال: إن الله أمرنى بخمس كلماتٍ أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن. أُولاهن (¬2): أن تعبدوا الله (¬3) ولا تشرِكُوا به شيئاً، وإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبداً من خالص ماله بذهبٍ أو ورقٍ (¬4)، فقال: هذه دارى وهذا عملى، فاعمل وأد إلىَّ فكان يعمل، ويؤدى إلى غيره سيده، فأيُّكم يرضى أن يكون عبده كذلك (¬5)، وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا (¬6)، فإن الله ينصب (¬7) وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت، وأمركم بالصيام فإن مثل ذلك كمثل رجلٍ في عصابةٍ (¬8) معه صُرةٌ (¬9) فيها مسكٌ فكلهم يعجب أو يعجبه ريحها، وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وأمركم بالصدقة، فإن مثل ذلك كمثل رجلٍ أسرهُ العدوُّ فأوثقُوا (¬10) يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه، فقال: أنا أفدى نفسى منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم، وأمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجلٍ خرج العدو في إثرهِ (¬11) سراعاً حتى إذا ¬
أتى على حصنٍ حصينٍ (¬1) فأحرز (¬2) نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله. قال النبى صلى الله عليه وسلم: وأنا امركم بخمس: الله أمرنى بهن: السمع (¬3)، والطاعة (¬4)، والجهاد (¬5)، والهجرة (¬6)، والجماعة (¬7)، فإنه من فارق الجماعة قيد (¬8) شبرٍ، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يُراجع (¬9)، ¬
ومن ادعى دعوى (¬1) الجاهلية، فإنه من جُثاء جهنم، فقال رجلٌ: يا رسول الله، وإن صلى وصام؟ فقال: وإن صلى وصام، فادعوا (¬2) الله سَمَّاكمُ المسلمين المؤمنين عباد الله. رواه الترمذي، وهذه لفظه، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي ببعضه، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم. (قال الحافظ): وليس للحارث في الكتب الستة سوى هذا. (الربقة): بكسر الراء وفتحها وسكون الباء الموحدة، واحدة الربق: وهى عرى في حبل تشدّ به البهم، وتستعار لغيره. وقوله: (من جثاء جهنم) بضم الجيم بعدها ثاء مثلثة: أي من جماعات جهنم. لا يزال الله مقبلا على العبد في صلاته ما لم يلتفت 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التَّلَفُّتِ (¬3) في الصلاة، فقال: اختلاسٌ (¬4) يختلسه (¬5) الشيطان من صلاة العبد. رواه البخاري والنسائي وأبو داود وابن خزيمة. 3 - وعن أبي الأحوص عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لايزال الله مُقبلاً (¬6) على العبد في صلاته ما لم يلتفت (¬7)، فإذا صرف وجهه (¬8) انصرف عنه (¬9). رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وصححه. ¬
(قال المملى الحافظ عبد العظيم) رضي الله عنه: وأبو الأحوص هذا لا يعرف اسمه لم يرو عنه غير الزهرى، وقد صحح له الترمذي وابن حبان وغيرهما. ما ينهى عنه في الصلاة 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ، ونهانى عن ثلاثٍ: نهانى عن نقرةٍ (¬1) كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفاتٍ كالتفاتِ الثعلب (¬2). رواه أحمد وأبو يعلى، وإسناد أحمد حسن، ورواه ابن أبى شيبة وقال: كإقعاء القرد: مكان الكلب. (الإقعاء) بكسر الهمزة. قال أبو عبيد: هو أن يلزق الرجل أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه بالأرض كما يقعى الكلب. قال: وفسره الفقهاء بأن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين. قال: والقول هو الأول. 5 - وروى عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذ قام الرجل في الصلاة أقبل الله عليه بوجهه (¬3)، فإذا التفت. قال: يا ابن آدم إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك منى، أقبل إلىَّ (¬4)، فإذا التفت الثانية قال مثل ذلك، فإذا التفت الثالثة صرف الله (¬5) تبارك وتعالى وجهه عنه. رواه البزار. 6 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا قام إلى الصلاة أحسبه قال: فإنما هو بين يدي الرحمن تبارك وتعالى، فإذا التفت يقول الله تبارك وتعالى: إلى من تلتفت؟ إلى خيرٍ منى، أقبل يا ابن آدم فأنا خيرٌ ممن تلتفت إليه. رواه البزار أيضاً. ¬
7 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يابُنى إياك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هلكة (¬1) الحديث. رواه الترمذي من رواية علىّ بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أنس، وقال: حديث حسن، وفى بعض النسخ صحيح. (قال المملى): وعلىّ بن زيد بن جدعان يأتى الكلام عليه، ورواية سعيد بن أنس غير مشهورة. 8 - وروى عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى ركعتين فدعا ربه إلا كانت دعوته مستجابةً (¬2) معجلةً، أو مُؤخرةً (¬3). إياكم والالتفات (¬4) في الصلاة فإنه لا صلاة لِمُلتَفِتٍ (¬5)، فإن غلبتم في التطوع فلا تُغلبوا في الفريضة (¬6). رواه الطبراني في الكبير. ¬
وفي روايةٍ له أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قام في الصلاة فالتفت (¬1) رد الله عليه (¬2) صلاته. 9 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: لا يزال الله مقبلاً على العبد (¬3) بوجهه ¬
ما لم يلتفت أو يُحدِثْ. رواه الطبرانيّ في الكبير موقوفاً عن أبي قلابة عن ابن مسعود ولم يسمع منه. 10 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليقبل (¬1) عليها حتى يفرغ منها، وإياكم والالتفات (¬2) في الصلاة، فإن أحدكم يناجى (¬3) ربه مادام في الصلاة (¬4). رواه الطبراني في الأوسط. 11 - عن أُم سلمة بنت أبى أُمية رضي الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يُصلى لم يعد (¬5) بصرُ أحدهم موضع قدميه، فَتُوُفِّىَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الناس إذا قام أحدهم يصلى لم يعد بصرُ أحدهم موضع جبينه، فَتُوُفِّىَ أبو بكرٍ رضي الله عنه، فكان عمر رضي الله عنه، فكان إذا قام أحدهم يصلى لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة ثم تُوُفِّىَ عمر رضي الله عنه، فكان عثمان بن عفان رضي الله عنه وكانت الفتنة، فتلفت (¬6) الناس يميناً وشمالاً. رواه ابن ماجه بإسناد إلا أن موسى بن عبد الله بن أبى أمية المخزومى لم يخرّج له من أصحاب الكتب الستة غير ابن ماجه، ولا يحضرني فيه جرح ولا تعديل، والله أعلم. ¬
الترهيب من مسح الحصى وغيره في موضع السجود والنفخ فيه لغير ضرورة
الترهيب من مسح الحصى وغيره في موضع السجود والنفخ فيه لغير ضرورة 1 - عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح (¬1) الحصى، فإن الرحمة تواجهه. رواه الترمذي وحسنه والنسائيّ، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، ولفظ ابن خزيمة: إذا قام أحدكم في الصلاة، فإن الرحمة (¬2) تواجهه فلا تُحَرِّكوا الحصى. رووه كلهم من رواية أبى الأحوص عنه. 2 - وعن مُعيقيبٍ رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تمسح الحصى وأنت تصلى، فإن كنت لابد فاعلا فواحدةً (¬3) تسوية الحصا. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وأبو داود، وابن ماجه. 3 - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى في الصلاة، فقال: واحدةً ولأن تُمسك عنها خيرٌ لك (¬4) من مائة ناقةٍ كلها سُودُ الحدق. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 4 - وعن أبي صالحٍ مولى طلحة رضي الله عنه، قال: كنت عند أُم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم فأتي ذُو قرابتها شابٌّ ذو جُمَّةٍ (¬5) فقام يصلى، فلما أراد أن ¬
الترهيب من وضع اليد على الخاصرة في الصلاة
يسجد نفخ، فقالت: لا تفعل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لغلامٍ لنا أسود: يارباح تَرِّبْ وجهك (¬1). رواه ابن حبان في صحيحه. ورواه الترمذي من رواية ميمون أبى حمزة، عن أبي صالح، عن أم سلمة قالت: رأى النبى صلى الله عليه وسلم غلاماً لنا يقال له أفلح إذا سجد نفخ (¬2)، فقال با أفلح تَرِّبْ وجهك. وتقدم في الترغيب في الصلاة حديث حُذَيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من حالةٍ يكون العبد فيها أحب إلى الله من أن يراه ساجدا (¬3) يُعفرُ وجهه في التراب. رواه الطبرانيّ. الترهيب من وضع اليد على الخاصرة في الصلاة 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نُهى عن الخصر (¬4) في الصلاة. رواه البخاريّ ومسلم والترمذي، ولفظهما: أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى الرجل مُختصراً (¬5). والنسائي نحوه. ¬
الترهيب من المرور بين يدي المصلي
وأبو داود، وقام يعنى: يضع يده على خاصرته. 2 - وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الاختصار في الصلاة راحة (¬1) أهل النار. رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحه. الترهيب من المرور بين يدى المصلى 1 - عن أبي الجهم عبد الله بن الحارث بن الصِّمَّةِ الأنصارى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم المارُّ بين يدى المُصلى ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرٌ له من أن يمر بين يديه. قال أبو النضر: لا أدرى. قال أربعين يوماً، أو شهراً، أو سنةً (¬2). رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. ورواه البزار. ولفظه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو يعلم المارُّ بين يدى المصلى ماذا عليه لكان لأن يقوم أربعين (¬3) خريفاً خيرٌ له من أن يمرَّ بين يديه، ورجاله رجال الصحيح. قال الترمذي: وقد روى عن أنس أنه قال: لأن يقف (¬4) أحدكم مائة عامٍ خيرٌ له من أن يمر بين يدى أخيه وهو يصلى. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
لو يعلم أحدكم ماله (¬1) في أن يمشى بين يدى أخيه مُعترضا وهو يُناجى ربه لكان أن يقف في ذلك المقام مائة عامٍ أحب إليه من الخطوة التى خطاها. رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، واللفظ لابن حبان. 3 - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا صلى أحدكم إلى شئٍ يستره من الناس فأراد أحدٌ أن يجتاز بين يديه فليدفع (¬2) في نحره، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان (¬3)، وفي لفظٍ آخر: إذا كان أحدكم يُصلى فلا يدع (¬4) أحداً يمر بين يديه وليدرأهُ (¬5) ما استطاع، فإن أبى (¬6) فليقاتله، فإنما هو شيطان. رواه البخاري ومسلم، واللفظ له وأبو داود نحوه. (قوله وليدرأه): بدال مهملة: أي فليدفعه بوزنه ومعناه. ¬
الترهيب من ترك الصلاة تعمدا، وإخراجها عن وقتها تهاونا
4 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم يُصلى فلا يدع أحداً يمر بين يديه، فإن أبى فليقاتله، فإن معه القرين (¬1) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، وابن خزيمة في صحيحه. 5 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لأن يكون الرجل رماداً (¬2) يُذرى (¬3) به خيرٌ له من أن يمر بين يدى رجلٍ متعمدًا (¬4) وهو يصلى. رواه ابن عبد البر في التمهيد موقوفاً. الترهيب من ترك الصلاة تعمدا وإخراجها عن وقتها تهاونا 1 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بين الرجل (¬5) وبين الكفر ترك الصلاة. رواه أحمد ومسلم وقال: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. وأبو داود والنسائي ولفظه: ليس بين العبد، وبين الكفر إلا ترك الصلاة. والترمذي، ولفظه قال بين الكفر والإيمان ترك الصلاة. وابن ماجه ولفظه قال: بين العبد (¬6) وبين الكفر ترك الصلاة. 2 - وعن بُريدة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ¬
العهد الذى بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1). رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح، ولا نعرف له علة. 3 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: أوصانى خليلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع خصالٍ فقال: لا تشركوا بالله شيئاً، وإن قُطعتم (¬2) أو حرقتم، أو صلبتم، ولا تتركوا الصلاة، متعمدين، فمن تركها متعمدا فقد خرج من الملة، ولا تركبوا المعصية، فإنها سخط (¬3) الله، ولا تشربوا الخمر، فإنها رأس (¬4) الخطايا كلها الحديث. رواه الطبراني، ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة بإسنادين لا بأس بهما. 4 - وعن عبد الله بن شقيقٍ العقيلى رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفرٌ غير الصلاة. رواه الترمذي. 5 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بين العبد وبين الكفر والإيمان الصلاة، فإذا تركها فقد أشرك (¬5) رواه هبة الله الطبرى بإسناد صحيح. ¬
صفة الصلاة المطلوبة شرعا 6 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاسهم (¬1) في الإسلام لمن صلاة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له. رواه البزار. ¬
الترهيب من ترك الصلاة تعمدا الخ 7 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا صلاة لمن لا طهور له، ولا دين لمن لا صلاة له، إنما موضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد. رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وقال: تفرّد به الحسين بن الحكم الحِبرى. 8 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم أن لا تُشرك (¬1) بالله شيئاً، وإن قطعت، وإن حُرقت، ولا تترك صلاة (¬2) مكتوبة متعمدا، فمن تركها متعمداً فقد برئت (¬3) منه الذمة، ولا تشرب الخمر، فإنه مفتاح كل شرٍّ. رواه ابن ماجه والبيهقى عن شهر عن أمّ الدرداء عنه. 9 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: لما قام بصرى، قيل: نُدَاوِيكَ وتدعُ الصلاة أياماً قال: لا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال من ترك الصلاة لقى الله وهو عليه غضبان (¬4). رواه البزار والطبراني في الكبير، وإسناده حسن. (قامت العين) إذا ذهب بصرها والحدقة صحيحة. 10 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
من ترك الصلاة مُتعمداً، فقد كفر جهاراً. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد لا بأس به، ورواه محمد بن نصر في كتاب الصلاة، ولفظه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بين العبد والكفر أو الشرك ترك الصلاة، فإن ترك الصلاة فقد كفر. ورواه ابن ماجه عن يزيد الرَّقاشى عنه: عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة، فإذا تركها، فقد أشرك. الترهيب من ترك الصلاة عمدا وأشياء أخر 11 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال حماد بن زيدٍ: ولا أعلمه إلا قدر رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال: عُرَى (¬1) الإسلام، وقواعدُ الدين ثلاثة عليهن أُسِّسَ الإسلام، من ترك واحدة منهن فهو بها كافرٌ: حلال الدم (¬2) شهادة أن لا إله إلا الله والصلاة المكتوبة، وصوم رمضان. رواه أبى يعلى بإسناد حسن، ورواه سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد عن عمرو بن مالك النكرى عن أبي الجوزاء عن ابن عباس مرفوعاً، وقال فيه: من ترك منهن واحدة فهو بالله كافر، ولا يُقبل منه صرف (¬3)، ولا عدلٌ، وقد حلَّ (¬4) دمه وماله. 12 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فقال: يا رسول الله علمنى عملاً إذا أنا عملته دخلت الجنة: قال: لا تُشرك بالله شيئاً، وإن عُذبت وحُرقت، أطع (¬5) والديك وإن أخرجاك من مالك، ومن كل شئ (¬6) هولك، لا تترك الصلاة (¬7) متعمداً، فإن من ترك الصلاة متعمداً، ¬
فقد برئت منه ذمة الله الحديث. رواه الطبراني في الأوسط، ولا بأس بإسناده في المتابعات. 13 - وعنه رضي الله عنه قال: أوصانى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشرِ كلماتٍ، قال: لا تُشرك (¬1) بالله شيئاً، وإن قُتلت وحرقت، ولا تعص (¬2) والديك، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك، ولا تتركن صلاةً مكتوبة متعمداً، فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمداً، فقد برئت منه ذمة الله، ولا تشربن خمراً، فإنه رأس كل فاحشةٍ، وإياك (¬3) والمعصية فإن بالمعصية حل (¬4) سخط الله، وإياك والفرار (¬5) من الزحف، وإن هلك الناس، وإن أصاب الناس موت فاثبت، وأنفق على أهلك من طولك (¬6)، ولا ترفع عنهم عصاك (¬7) أدباً، وأخفهم (¬8) في الله. رواه أحمد والطبراني في الكبير، وإسناد أحمد صحيح لو سلم من الانقطاع، فإن عبد الرحمن ابن جبير بن نفير لم يسمع من معاذ. ¬
14 - وعن بُريدة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم: بكرُوا (¬1) بالصلاة في يوم الغيمِ، فإنه من ترك الصلاة فقد كفر. رواه ابن حبان في صحيحه. 15 - وعن أُميمة رضي الله عنها مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كنت أَصُبُّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وضُوءَهُ فدخل رجلٌ، فقال أوصنى (¬2) فقال: لا تُشرك بالله شيئاً، وإن قُطعت وحُرقت بالنار، ولا تعص والديك، وإن أمرَاك أن تتخلى من أهلك ودنياك فتلخه، ولا تشربن خمراً فإنها مفتاح كل شر، ولا تتركن صلاة متعمداً، فمن فعل ذلك فقد برئت منه (¬3) ذمة الله، وذمة رسوله الحديث رواه الطبراني، وفي إسناده يزيد بن سنان الرهاوى. 16 - وعن زياد بن نُعيم الخضرمى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعٌ فرضهنَّ (¬4) الله في الإسلام، فمن أتى بثلاثٍ لم يُغنين عنه شيئا حتى يأتى بهن جميعاً: الصلاة، والزكاة وصيام رمضان، وحج البيت. رواه أحمد، وهو مرسل. ¬
17 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتنقضنَّ (¬1) عُرَى الإسلام عُروةً عُروةً، فكلما انتقضت عروة تشبث (¬2) الناس بالتى تليها، فأولهن نقضاً: الحكم (¬3) وآخرهن: الصلاة. رواه ابن حبان في صحيحه. 18 - وروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ترك الصلاة مُتعمداً أحبط (¬4) الله عمله، وبرئت منه ذمة الله حتى يُراجع لله (¬5) عز وجل توبةً. رواه الأصبهاني. 19 - وعن أُم أيمن رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تترك الصلاة متعمداً، فإنه من ترك الصلاة مُتعمداً، فقد برئت منه ذمةُ الله ورسوله. رواه أحمد والبيهقى، ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن مكحولاً لم يسمع من أم أيمن. 20 - وعن على رضي الله عنه قال: من لم يصل فهو كافرٌ. رواه أبو بكر ابن أبى شيبة في كتاب الإيمان، والبخاري في تاريخه موقوفاً. 21 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من ترك الصلاة فقد كفر. رواه محمد بن نصر المرزوى. وابن عبد البر موقوفاً. 22 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: من ترك الصلاة فلا دين له. رواه محمد بن نصر أيضاً موقوفاً. 23 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: من لم يُصلِّ فهو كافرٌ. رواه ابن عبد البر موقوفاً. ¬
لا إيمان لمن لا صلاة له 24 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: لا إيمان لمن لا صلاة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له. رواه ابن عبد البر وغيره موقوفاً. وقال ابن أبى شيبة: قال النبى صلى الله عليه وسلم: من ترك الصلاة فقد كفر. وقال محمد بن نصر المروزىُّ إسحق يقول: صح عن النبى صلى الله عليه وسلم: أن تارك الصلاة كافرٌ، وكذلك كان رأى أهل العلم من لدن النبى صلى الله عليه وسلم: أن تارك الصلاة عمداً من غير عُذرٍ حتى يذهب وقتها كافرٌ. 25 - وروى عن حماد بن زيدٍ عن أيوب رضي الله عنه قال: ترك الصلاة كفر لا يُختلف فيه. 26 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال: من حافظ عليها كانت له نوراً (¬1)، وبرهاناً (¬2)، ونجاةً (¬3) يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نورٌ، ولا برهان، ولا نجاةٌ، وكان يوم القيامة مع قارون (¬4) وفرعون (¬5) وهامان (¬6) وأُبى بن خلفٍ (¬7). رواه أحمد بإسناد جيد، والطبراني في الكبير والأوسط، وابن حبان في صحيحه. ¬
الترهيب من ترك الصلاة عمدا وتأخيرها عن وقتها 27 - وعن سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه قال: سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل: (الذين هم عن صلاتهم ساهون) قال: هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها. رواه البزار من رواية عكرمة بن إبراهيم، وقال: رواه الحافظ موقوفاً، ولم يرفعه غيره. (قال الحافظ) رضي الله عنه: وعكرمة هذا هو الأزدى مجمع على ضعفه، والصواب وقفه. 28 - وعن مُصعب بن سعدٍ رضي الله عنه قال: قلت لأبى: يا أبتاهُ أرأيت قوله تبارك وتعالى: (الذين هم عن صلاتهم ساهون) (¬1). أَيُّنا لا يسهو، أَيُّنا لا يُحدثُ نفسه؟ قال: ليس ذاك، إنما هو إضاعة الوقت يلهو حتى يُضيع الوقت. رواه أبو يعلى بإسناد حسن. 29 - وعن نوفل بن معاوية رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من فاتته صلاةٌ فكأنما وُتِرَ (¬2) أهله وماله. رواه ابن حبان في صحيحه. 30 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جمع بين صلاتين (¬3) من غير عُذرٍ فقد أتى باباً من أبواب الكبائر. رواه الحاكم وقال: حنش هو ابن قيس: ثقة. (قال الحافظ): بل واهٍ بمرة، لا نعلم أحداً وثقه غير حُصين بن نُمير. 31 - وعن سُمرة بن جُندبٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليهوسلم مما يُكثرُ أن يقول لأصحابه: هل رأى أحدٌ منكم رُؤيا فَيقَصُّ عليه ما شاء الله أن يقصَّ، وإنه قال لنا ذات غداةٍ (¬4): إنه أَتانى الليلة آتيان وإنهما ابتعثانى (¬5)، وإنهما قالا لى انطلق (¬6)، وإنى انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجلٍ مُضطجعٍ (¬7)، وإذ آخر قائم عليه بصخرةٍ، وإذا هو يهوى (¬8) بالصخرة لرأسه ¬
فيثلغ (¬1) رأسه فيتدهده (¬2) الحجر فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان. ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى. قال قلت لهما: سبحان الله (¬3) ما هذا؟ قالا لى: انطلق انطلق، فأتينا على رجلٍ مستلقٍ (¬4) على قفاه، وإذا آخرُ قائمٌ عليه بكَلُّوبٍ من حديدٍ، وإذا هو يأتى أحد شقى وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه. قال: وربما قال أبو رجاءٍ فيشقَّ. قال: ثم يتحول إلى الجانب الآخر، فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول. قال: فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى. قال قلت: سبحان الله، ما هذا؟ قالا لى: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على مثل التنور قال: فأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغطٌ وأصواتٌ. قال: فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجالٌ ونساءٌ عراةٌ (¬5) وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا قال قلت: ما هؤلاء؟ قالا لى: انطلق انطلق. قالا: فانطلقنا فأتينا على نهرٍ حسبت أنه كان يقول: أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجلٌ سابحٌ يسبح، وإذا على شطِّ النهر رجلٌ عنده قد جمع حجارةً كثيرةً، وإذا ذلك السابح يسبح ما سبح ثم يأتى ذلك الذى قد جمع عنده الحجارة، فيفغر (¬6) فاه فيلقمه حجراً فينطلق فيسبح ثم يرجع إليه كلما رجع إليه فغرفاه فألقمه حجراً (¬7)، قلت: لهما ما هذان قال لى: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على رجلٍ كريه المرآة كأكره ما أنت رَاءٍ رُجلاً مرآة، وإذا عنده نارٌ يحشها ويسعى حولها. قال: قلت لهما: ما هذا؟ قال لى: انطلق انطلق. فانطلقنا فأتينا على روضةٍ مُعتمةٍ فيها من كل نور الربيع، وإذا بين ظهرى الروضة رجلٌ طويلٌ لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدانٍ رأيتهم. قال قلت: ما هذا، ما هؤلاء؟ قال لى انطلق انطلق: فانطلقنا فأتينا على ¬
دوحةٍ عظيمةٍ لم أر دوحةً قطُّ أعظم، ولا أحسن منها. قال قالا لى: ارق فيها فارتقينا فيها إلى مدينةٍ مبنيةٍ بلبن ذهبٍ ولبن فضةٍ. فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا فدخلنا، فتلقانا رجال شَطْرٌ من خَلْقِهِمْ كأحسن ما أنت رَاءٍ، وشطرٌ منهم كأقبحِ ما أنت راءٍ. قال قالا لهم: اذهبوا فقعُوا في ذلك النهر. قال: وإذا نهر مُعْتَرِضٌ يجرى كأن ماءهُ المحض في البياض، فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوءُ عنهم فصاروا في أحسن صورةٍ. قال قالا لى: هذه جنةُ عدنٍ، وهذا منزلك. قال فسما بصرى صُعُداً، فإذا قصرٌ مثلُ الربابة (¬1) البيضاء. قال قالا لى: هذا منزلك. قلت لهما: بارك الله فيكما فذرانى فأدخله؟ قالا: أما الآن فلا وأنت داخله. قال قلت لهما: فإنى رأيت منذ الليلة عجباً فما هذا الذى رأيت؟ قال قالا لى: إنا سنخبرك: أما الرجل الأول الذى أتيت عليه يُثلغُ رأسه بالحجر: فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه (¬2) وينام عن الصلاة المكتوبة، وأما الرجل الذى أتيت عليه يُشرشرُ شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه: فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق، وأما الرجل والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور: فإنهم الزناة والزوانى، وأما الرجل الذى أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر فإنه آكل الربا، وأما الرجل الكريه المرآة الذى عند النار يحُشَّها ويسعى حولها: فإنه مالك خازن جهنم، وأما الرجل الطويل الذى في الروضة: فإنه إبراهيم، أما الولدان الذين حوله: فكل مولودٍ مات على الفطرة. قال فقال بعض المسلمين: يا رسول الله وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأولاد المشركين، وأما القوم الذين كانوا شطرٌ منهم حسنٌ، وشطرٌ منهم قبيحٌ: فإنهم قومٌ خلطوا عملاً صالحاً، وآخر سيئاً تجاوز الله عنهم. رواه البخاري، وذكرته بتمامه لأحيل عليه فيما يأتى إن شاء الله تعالى: 32 - وقد روى البزار من حديث الربيع بن أنس عن أبي العالية أو غيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ثم أتى، يعنى النبى صلى الله عليه وسلم ¬
الترهيب من التثاقل عن الصلاة وتركها على قومٍ تُرضخ (¬1) رُءوسُهم بالصخرة كلما رُضخت عادت كما كانت، ولا يُفترُ عنهم من ذلك شئ. قال يا جبريل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين تثاقلت رءُوسهم عن الصلاة المكتوبة، فذكر الحديث في قصة الإسراء وفرض الصلاة. (قوله): يثلغ رأسه: أي يشدخ. (قوله): فيتدهده. أي فيتدحرج. ¬
(والكلوب): بفتح الكاف وضمها، وتشديد اللام: هو حديدة معوجة الرأس. (وقوله) يشرشر شدقه: هو بشينين معجمتين، الأولى منهما مفتوحة، والثانية مكسورة، وراءين الأولى منهما ساكنة، ومعناه: يقطعه ويشقه، واللفظ محرّكاً: هو الصخب والجلبة والصياح. (وقوله) ضوضوا: بفتح الضاضين المعجمتين وسكون الواوين وهو الصياح مع الانضمام والفزع. (وقوله) فغرفاه: بفتح الفاء والغين المعجمة معا بعدهما راء: أي فتحه. ¬
(وقوله) يحشها: هو بالحاء المهملة المضمومة والشين المعجمة: أي يوقدها. (وقوله) معتمة: أي طويلة النبات. يقال أعتم النبت: إذا طال. (والنَّور): بفتح النون: هو الزهر. (والمحض): بفتح الميم وسكون الحاء المهملة: هو الخالص من كل شئ. (وقوله) فسما بصرى صعدا: بضم الصاد والعين المهملتين: أي ارتفع بصرى إلى فوق. ¬
(والربابة) هنا: هى السحابة البيضاء. قال أبو محمد بن حزم: وقد جاء عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبى هريرة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم: أن من ترك صلاة فرضٍ واحدةً متعمداً حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتدٌ، ولا نعلم لهؤلاء من الصحابة مخالفاً. ¬
(قال الحافظ عبد العظيم): قد ذهب جماعة من الصحابة، ومن بعدهم إلى تكفير من ترك الصلاة متعمداً لتركها حتى يخرج جميع وقتها: منهم عمر بن الخطاب، عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، وجابر بن عبد الله، وأبو الدرداء رضي الله عنهم، ومن غير الصحابة: أحمد بن حنبل، وإسحق بن راهويه، وعبد الله بن المبارك، والنخعى، ¬
والحكم بن عتيبة، وأيوب السختيانى، وأبو داود الطيالسى، وأبو بكر بن أبى شيبة، وزهير بن حرب وغيرهم، رحمهم الله تعالى. ¬
كتاب النوافل
كتاب النوافل الترغيب في المحافظة على ثنتى عشرة ركعة من السنة في اليوم والليلة 1 - عن أُم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضي الله عنهما قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مامن عبدٍ مسلمٍ يصلى لله تعالى في كل يومٍ ثنتى عشرة ركعة تطوعاً غير فريضةٍ (¬1) إلا بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة، أو إلا بُنى له بيتٌ في الجنة. رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي، وداود: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الغداة (¬2). ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم إلا أنهم زادوا: وركعتين قبل العصر ولم يذكروا ركعتين بعد العشاء، وهو كذلك عند النسائي في رواية، ورواه ابن ماجه فقال: وركعتين قبل الظهر، وركعتين أظنه قبل العصر. ووافق الترمذي على الباقى. 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ثابر على ثنتى عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة: أربعا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر (¬3). رواه النسائي، وهذا لفظه، والترمذي وابن ماجه. كلهم من رواية المغيرة بن زياد عن عطاء عن عائشة ¬
الترغيب في المحافظة على ركعتين قبل الصبح
وقال النسائي: هذا خطأ، ولعله أراد عنبسة بن أبى سفيان فصحف، ثم رواه النسائي عن ابن جريج عن عطاء عن عنبسة بن أبى سفيان عن أم حبيبة، وقال: عطاء بن أبى رباح لم يسمعه من عنبسة، انتهى. (ثابر): بالثاء المثلثة وبعد الألف باء موحدة ثم راء: أي لازم وواظب. الترغيب في المحافظة على ركعتين قبل الصبح 1 - وعن عائشة رضي الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا (¬1) وما فيها. رواه مسلم والترمذي. وفي روايةلُمسلمٍ: لهما أحبُّ إلىَّ من الدنيا جميعاً (¬2). 2 - وعنها رضي الله عنها قالت: لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم على شئ من النوافل أشدّ تعاهدًا (¬3) منه على ركعتى الفجر. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه. وفي رواية لابن خزيمة قالت: مارأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شئ من الخير أسرع منه إلى الركعتين قبل الفجر، ولا إلى غنيمة. 3 - وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رجلٌ: يا رسول الله: دُلنى على عملٍ ينفعنى الله به؟ قال: عليك بركعتى الفجر فإن فيها فضيلة (¬4). رواه الطبراني في الكبير. ¬
وفي روايةٍ له أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تدعوا الركعتين قبل صلاة الفجر، فإن فيهما الرغائب (¬1). وروى أحمد منه: وركعتى الفجر حافظوا عليهما، فإن فيهما الرغائب. 4 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ: بصوم ثلاثة أيامٍ كل شهرٍ (¬2)، والوتر قبل النوم، وركعتى الفجر. رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد، وهو عند أبى داود وغيره خلا قوله: وركعتى الفجر، وذكر مكانهما: ركعتى الضحى، ويأتى إن شاء الله تعالى. 5 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل هو الله أحدٌ: تعدل (¬3) ثلث القرآن، وقل يا أيها الكافرون: تعدل ربع القرآن، وكان يقرؤهما في ركعتى الفجر، وقال: هاتان الركعتان فيهما رُغَبُ الدُّرِّ (¬4). رواه أبو يعلى بإسناد حسن والطبراني في الكبير، واللفظ له. ¬
الترغيب في الصلاة قبل الظهر وبعدها
6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا (¬1) ركعتى الفجر، ولو طردتكم الخيل. رواه أبو داود. الترغيب في الصلاة قبل الظهر وبعدها 1 - عن أُم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من يحافظ على أربع ركعاتٍ قبل الظهر، وأربعٍ بعدها: حرَّمَهُ الله على النار (¬2). رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي من رواية القاسم أبى عبد الرحمن صاحب أبى أمامة عن عنبسة بن أبى سفيان عن أم حبيبة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، والقاسم بن عبد الرحمن شامىّ ثقة انتهى. وفى رواية للنسائى: فتمسَّ وجهه النارُ أبداً. ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن سليمان ابن موسى عن محمد بن أبى سفيان عن أخته أم حبيبة. (قال الحافظ) رضي الله عنه: ورواه أبو داود والنسائي، وابن خزيمة في صحيحه أيضا وغيرهم من رواية مكحول عن عنبسة، ومكحول لم يسمع من عنبسة. قال أبو زرعة وأبو مِسهر والنسائي وغيرهم: ورواه الترمذي أيضاً، وحسنه وابن ماجه كلاهما من رواية محمد بن عبد الله الشعيثى عن أبيه عن عنبسة، ويأتى الكلام على محمد. 2 - وروى عن أبي أيوب رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم (¬3) تفتح لهن أبواب السماء (¬4). رواه أبو داود واللفظ له وابن ماجه، وفي إسنادها احتمال للتحسين، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط ولفظه قال: ¬
لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم علىَّ رأيته يُديمُ (¬1) أربعاً قبل الظهر وقال: إنه إذا زالت (¬2) الشمس فُتحت أبواب (¬3) السماء فلا يُغلقُ منها بابٌ حتى تُصلى الظهرُ فأنا أُحب أن يرفع لى في تلك الساعة خيرٌ. 3 - وعن قابوس رضي الله عنه عن أبيه، قال: أرسل أبى إلى عائشة رضي الله عنها: أىُّ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه أن يواظب (¬4) عليها؟ قالت: كان يُصلى أربعا قبل الظهر يُطيل فيهن القيام (¬5)، ويُحسن فيهن الركوع والسجود (¬6). رواه ابن ماجه. وقابوس: وهو ابن ظبيان وُثِّق وصحح له الترمذي وابن خزيمة والحاكم وغيرهم لكن المرسل إلى عائشة مبهم، والله أعلم. 4 - وعن عبد الله بن السائب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى أربعاً بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال: إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأُحب أن يصعد (¬7) لي فيها عمل صالحٌ. رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن غريب. 5 - وروى عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحبُّ أن يُصلى بعد نصف النهار، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله إنى أراك تستحب (¬8) الصلاة هذه الساعة؟ قال: تُفتَحُ أبواب السماء، وينظر (¬9) الله تبارك وتعالى بالرحمة إلى خلقه، وهى صلاةٌ كان يُحافظ عليها آدم، ونوحٌ، وإبراهيم، وموسى، وعيسى (¬10) صلوات الله عليهم. رواه البزار. ¬
6 - وروى عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من صلى قبل الظهر أربع ركعاتٍ كأنما تهجد بهن (¬1) من ليلته، ومن صلاهن بعد العشاء كمثلهن (¬2) من ليلة القدر. رواه الطبراني في الأوسط. 7 - وعن بشير بن سلمان عن عمرو بن الأنصارى رضي الله عنه عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من صلى قبل الظهر أربعاً كان كعدل (¬3) رقبة من بنى إسماعيل. رواه الطبراني في الكبير، ورواته إلى بشير ثقات. 8 - وعن عبد الرحمن بن حميدٍ رضي الله عنه عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الهجير (¬4) مثل صلاة الليل. قال الراوى فسألت عبد الرحمن بن حميدٍ عن الهجير؟ مثل صلاة الليل. قال الراوى: فسألت عبد الرحمن بن حميدٍ عن الهجير؟ فقال: إذا زالت الشمس. رواه الطبراني في الكبير، وفي سنده لين، وجد عبد الرحمن هذا: هو عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه. 9 - وعن الأسود ومُرة ومسروقٍ رضي الله عنهم قالوا: قال عبد الله: ليس شئٌ يعدل (¬5) صلاة الليل من صلاة النهار إلا أربعا قبل الظهر، وفضلهن على صلاة النهار كفضل صلاة الجماعة (¬6) على صلاة الوحدة. رواه الطبراني في الكبير وهو موقوف لا بأس به. 10 - وروى عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
الترغيب في الصلاة قبل العصر
يقول: أربع قبل الظهر، وبعد الزوال تُحسب (¬1) بمثلهن في السحر، وما من شئٍ إلا وهو يسبح الله في تلك الساعة، ثم قرأَ: (يَتَفَيِّؤُا (¬2) ظلاله عن اليمين والشَّمائل سُجَّداً لله وهم داخرون). رواه الترمذي في التفسير من جامعه، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث على بن عاصم. الترغيب في الصلاة قبل العصر 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ¬
رحم الله (¬1) امرأ صلى قبل العصر أربعاً. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما. 2 - وعن أُ حبيبة بنت أبى سفيان رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حافظ على أربع ركعاتٍ قبل العصر بنى الله له بيتاً في الجنة. رواه أبو يعلى، وفي إسناده محمد بن سعد المؤذن، لا يُدرى من هو؟ 3 - ورُوى عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من صلى أربع ركعاتٍ (¬2) قبل العصر حرم الله بدنه على النار، الحديث. رواه الطبراني في الكبير. 4 - وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدٌ في أُناسٍ من أصحابه فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأدركت من آخر الحديث، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى أربع ركعات قبل العصر لم تمسه (¬3) النار. رواه الطبراني في الأوسط. 5 - وروى عن علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله ¬
الترغيب في الصلاة بين المغرب والعشاء
عليه وسلم: لا تزال أُمتى يُصلون هذه الأربع ركعاتٍ قبل العصر حتى تمشى على الأرض مغفوراً لها مغفرةً حقاً. رواه الطبراني في الأوسط، وهو غريب. الترغيب في الصلاة بين المغرب والعشاء 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى بعد المغرب ست ركعاتٍ لم يتكلم فيما بينهن بسوءٍ عُدِلْن (¬1) بعبادةٍ ثنتى عشرة سنةً. رواه ابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه والترمذي، كلهم من حديث عمر ابن خثعم عن يحيى بن أبى كثير عن أبي سلمة عنه، وقال الترمذي: حديث غريب. 2 - روى عن عائشة رضي الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من صلى بعد المغرب عشرين ركعة (¬2) بنى الله له بيتاً في الجنة انتهى. وهذا الحديث الذى أشار إليه الترمذي، رواه ابن ماجه من رواية يعقوب بن الوليد المدائنى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، ويعقوب كذبه أحمد وغيره. 3 - وعن محمد بن عمار بن ياسر عنه قال: رأيت عمار بن ياسر يصلى بعد المغرب ست ركعاتٍ: وقال رأيت حبيبى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بعد المغرب ست ركعاتٍ، وقال: من صلى بعد المغرب ست ركعاتٍ غُفرت له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر (¬3). حديث غريب. رواه الطبراني في الثلاثة، وقال: تفرد به صالح بن قطن البخاري. (قال الحافظ): وصالح هذا لا يحضرنى الآن فيه جرح ولا تعديل. ¬
الترغيب في الصلاة بعد العشاء
4 - وعن الأسود بن يزيد رضي الله عنه قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: نعم ساعة الغفلة، يعنى الصلاة فيما بين المغرب والعشاء. رواه الطبراني في الكبير من رواية جابر الجعفى، ولم يرفعه. 5 - وعن مكحول رضي الله عنه يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم قال: من صلى بعد المغرب قبل أن يتكلم ركعتين. وفي روايةٍ: أربع ركعاتٍ رفعت صلاته في عليين (¬1). ذكره رُزين، ولم أره في الأصول. 6 - وعن أنسٍ رضي الله عنه في قوله تعالى: تتجافى جنوبهم عن المضاجع نزلت في انتظار الصلاة التى تُدعى العتمة (¬2). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيحٌ غريبٌ، وأبو داود إلا أنه قال: كانوا يتنفلون مابين المغرب والعشاء يصلون، وكان الحسن يقول: قيام الليل (¬3). 7 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم: فصليت معه المغرب فصلى إلى العشاء (¬4). رواه النسائي بإسناد جيد. الترغيب في الصلاة بعد العشاء 1 - روى عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربع قبل الظهر كأربع بعد العشاء، وأربع بعد العشاء كعدلهن (¬5) من ليلة القدر (¬6). رواه الطبراني في الأوسط. وتقدم حديث البراء: ¬
الترغيب في صلاة الوتر، وما جاء فيمن لم يوتر
من صلى قبل الظهر أربع ركعاتٍ كأنما تهجد بهن من ليلته، ومن صلاهن بعد العشاء كمثلهن من ليلة القدر. وفي الكبير من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من صلى العشاء الآخرة في جماعةٍ، وصلى أربع ركعاتٍ قبل أن يخرج من المسجد كان كعدل ليلة القدر. وفي الباب أحاديثُ: أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى العشاء ورجع إلى بيته صلى أربع ركعاتٍ، أضرب عن ذكرها لأنها ليست من شرط كتابنا. الترغيب في صلاة الوتر وما جاء فيمن لم يوتر 1 - عن على رضي الله عنه قال: الوتر ليس بحتمٍ (¬1) كصلاة المكتوبة، ولكن سن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وترٌ (¬2) يُحبُّ الوتر (¬3) فأوتروا يا أهل القرآن (¬4). رواه أبو داود والترمذي، واللفظ له، والنسائي وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن. 2 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله (¬5)، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر ¬
الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة (¬1) محضورةٌ،، وذلك أفضل. رواه مسلم والترمذي وابن ماجه وغيرهم. 3 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أهل القرآن أوتروا، فإن الله وِترٌ يحب الوتر. رواه أبو داود، ورواه ابن خزيمة في صحيحه مختصراً من حديث أبى هريرة رضي الله عنه: إن الله وتر يحب الوتر. 4 - وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى الضحى، وصام ثلاثة أيام من الشهر، ولم يترك الوتر في سفرٍ ولا حضرٍ (¬2) كُتبَ له أجر شهيدٍ. رواه الطبراني في الكبير وفيه نكارة. 5 - وعن خارجة بن حذافة رضي الله عنه قال: خرج علينا يوماً رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قد أمدكم الله بصلاةٍ هى خير لكم من حُمر النعم (¬3)، وهى الوتر فجعلها لكم فيما بين العشاء الآخرة (¬4) إلى طلوع الفجر (¬5). رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبى حبيب انتهى وقال البخاري: لا يعرف لإسناده؛ يعنى لإسناد هذا الحديث سماع بعضهم من بعض. 6 - وعن أبي تميم الجيشانى رضي الله عنه قال: سمعت عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول: أخبرنى رجلٌ من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل زادكم صلاة فصلوها فيما بين العشاء إلى الصبح: الوتر الوتر، ألا وإنه أبو بصرة الغفارى. رواه أحمد والطبراني، وأحد إسنادى أحمد رواته رواة ¬
الترغيب في أن ينام الإنسان طاهرا ناويا للقيام
الصحيح، وهذا الحديث قد روى من حديث معاذ ابن جبل، وعبد الله بن عمرو، وابن عباس وعقبة بن عامر الجهنى، وعمرو بن العاص وغيرهم. 7 - وعن بُريدة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوتر حقٌّ (¬1) فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حقٌّ فلمن لم يوتر فليس منَّا، الوتر حقٌّ فمن لم يوتر فليس منَّا، ثلاثاً. رواه أحمد وأبو داود واللفظ له، وفي إسناده عبيد الله بن عبد الله أبو المنيب العتكى، ورواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. الترغيب في أن ينام الإنسان طاهراً ناوياً للقيام 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بات طاهراً بات في شعاره ملكٌ (¬2) فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فُلانٍ فإنه بات طاهراً. رواه ابن حبان في صحيحه. (الشعار): بكسر الشين المعجمة: هو ما يلى بدن الإنسان من ثوب وغيره. 2 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلمٍ يبيتُ طاهراً فيتعارُّ (¬3) من الليل فيسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلاَّ أعطاه الله إياهُ. رواه أبو داود من رواية عاصم بن بهدلة عن شهر عن أبي ظبية عن معاذ، ورواه النسائي. وابن ماجه. وكذر أن ثابتا البُنانى رواه أيضاً عن شهر عن أبي ظبية. (قال الحافظ): وأبو ظبية: بفتح الظاء المعجمة، وسكون الباء الموحدة شامىّ ثقة. 3 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
طَهِّرُوا هذه الأجساد طَهَّرَكُمُ الله، فإنه ليس من عبدٍ يبيتُ طاهراً (¬1) إلا بات معه في شعاره ملكٌ، لا ينقلب ساعةً من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك فإنه بات طاهراً (¬2). رواه الطرانى في الأوسط بإسناد جيد. 4 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أوى (¬3) إلى فراشه طاهراً يذكر الله حتى يُدركه النعاس لم ينقلب ساعة من ليلٍ (¬4) يسأل الله خيراً من خير الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه. رواه الترمذي عن شهر بن حوشب عن أبي مامة، وقال: حديث حسن. 5 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من امرئٍ تكون له صلاةٌ بليلٍ (¬5) فيغلبه عليها نومٌ إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقةً. رواه مالك وأبو داود والنسائي، وفي إسناده رجل لم يسمّ، وسماه النسائيّ في رواية له: الأسود بن يزيد وهو ثقة ثبت، وبقية إسناده ثقات، ورواه ابن أبى الدنيا في كتاب التهجد بإسناد جيد، رواته محتج بهم في الصحيح. 6 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم قال: من أتى فراشه وهو ينوى أن يقوم يُصلى من الليل فغلبته عينه حتى أصبح كُتِبَ له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه. رواه النسائي وابن ماجه بإسناد جيد وابن خزيمة في صحيحه ورواه النسائي أيضاً، وابن خزيمة عن أبي الدرداء، وأبى ذرٍّ موقوفاً. قال الدراقطنى: وهو ¬
الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوي إلى فراشه، وما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى
المحفوظ، وقال ابن خزيمة: هذا خبر لا أعلم أحداً أسنده غيره حسين بن علىّ عن زائدة، وقد اختلف الرواة في إسناد هذا الخبر. 7 - وعن أبي ذَرٍّ، أوْ أَبى الدرداء (شك شُعبةُ رضي الله عنه) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبدٍ يُحَدِّثُ (¬1) نفسه بقيام ساعةٍ من الليل فينام عنها إلا كان نومه صدقة تصدق الله بها عليه، وكتب له أجر ما نوى. رواه ابن حبان في صحيحه مرفوعاً، ورواه ابن خزيمة في صحيحه موقوفا لم يرفعه. الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوى إلى فراشه وما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى 1 - عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتيت مضجعك (¬2) فتوضأ وُضوءكَ للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم إنى أسلمت (¬3) نفسى إليك، ووجهت (¬4) وجهى إليك، وفوضت (¬5) أمرئ إليك وألجأتُ (¬6) ظهرى إليك رغبةً ورهبة إليك، لا منجاً ولا ملجأ منك إلا إليك. آمنت بكتابك (¬7) الذى أنزلت، ونبيك (¬8) الذى أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة (¬9)، واجعلهن آخر ما تتكلم به، قال: فرددتها على النبى صلى الله عليه وسلم فلما بلغت، آمنتُ بكتابك الذى أنزلت، قلت ورسولك، قال: لا ونبيك الذى أرسلت. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وفى رواية للخبارى والترمذي: فإنك إن مت من ليلتك مت على الفطرة، وإن أصبحت أصبت خيراً (أوى): غير ممدود: ¬
2 - وعن رافع بن خديجٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا اضطجع أحدكم على جنبه الأيمن، ثم قال: اللهم أسلمت نفسى إليك، ووجهت وجهى إليك، وألجأت ظهرى إليك، وفوضت أمرى إليك، لا منجا منك ولا ملجأ إلا إليك، أُومنُ بكتابك وبرسولك، فإن مات من ليلته دخل الجنة. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب. 3 - وعن علي رضي الله عنه أنه قال لابن أعبدُ: ألا أُحدِّثُكَ عنى وعن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه سلم، وكانت من أحب أهله إليه، وكانت عندى؟ قلت: بلى. قال إنها جَرِّتْ بالرحا (¬1) حتى أثرَتْ (¬2) في يدها، واستقت بالقربة (¬3) حتى أثرَتْ في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها (¬4)، فأتى النبى صلى الله عليه سلم خدمٌ (¬5)، فقلت: لو أتيت أباك فسألته خادما، فأتته فوجدت عنده حُدَثَاءَ (¬6) فرجعت فأتاها من الغد (¬7) فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت، فقلت: أنا أُحدُثُك يا رسول الله، جَرَّتْ بالرحا حتى أثرت في يدها، وحملت بالقربة حتى أثرت في نحرها، فلما أن جاء الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادماً يقيها (¬8) حَرَّ ماهى فيه، قال: اتقى (¬9) الله يافاطمة، وأدى فريضة ربك، واعملى عمل أهلك، وإذا أخذت مضجعك: فسبحى ثلاثاً وثلاثين، واحمدى ثلاثاً وثلاثين، وكبرى أربعاً وثلاثين، فتلك مائةٌ، فهو خير لك (¬10) من خادم، قالت: رضيت عن الله وعن رسوله. زاد في الرواية ¬
ولم يُخدمها. رواه البخاري ومسلم وأبو داود واللفظ له، والترمذي مختصراً. وقال: وفي الحديث قصة ولم يذكرها. 4 - وعن فروة بن نوفلٍ عن أبيه رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لنوفلٍ: اقرأ: قُل ياأيها الكافرون (¬1)، ثم نم على خاتمتها فإنها براءة (¬2) من ¬
الشرك. رواه أبو داود، واللفظ له والترمذي والنسائي متصلا ومرسلا، وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 5 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: خصلتان (¬1)، أو خلَّتَانِ لا يُحافظ عليهما عبدٌ مسلمٌ إلا دخل الجنة، هما يسيرٌ (¬2)، ومن يعمل بهما قليلٌ (¬3) يُسَبِّحُ في دُبر كل صلاةٍ عشراً، ويحمدُ عشراً، ويكبرُ عشراً (¬4) فذلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، ويكبر أربعاً وثلاثين إذا أخذ مضجعه، ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويُسبح ثلاثاً وثلاثين فذلك (¬5) مائة باللسان، وألفٌ في الميزان. فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها. قالوا: يا رسول الله: كيف هما يسيرٌ، ومن يعمل بهما قليل؟ قال: يأتى أحدكم، يعنى الشيطان في منامه فينومه قبل أن يقوله (¬6) ويأتيه في صلاته فيذكره حاجةً قبل أن ¬
يقولها (¬1). رواه أبو داود واللفظ له والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي وابن حبان في صحيحه، وزاد بعد قوله: وألفٌ وخمسمائة في الميزان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأيُّكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة؟ (¬2). 6 - وعن العرْباضِ بن سارية رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرأُ المُسبحاتِ (¬3) قبل أن يرقد، ويقول: إن فيهن آيةً خيرٌ من ألف آيةٍ. رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، والنسائي، وقال: قال معاوية يعنى ابن صالح: إن بعض أهل العلم كانوا يجعلون المُسبحات سِتاٍّ: سورة الحديد، والحشر، والحواريين، وسورة الجمعة، والتغابن، وسبح اسم ربك الأعلى. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يأوى إلى فراشه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شئ قدير، لا حولا ولا قوة إلا بالله العلى (¬4) العظيم، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر غُفرت له ذنوبه، أو خطاياه (شكَّ مِسْعَرٌ) وإن كانت مثل زبد (¬5) البحر. رواه النسائي وابن حبان في صحيحه واللفظ له، وعند النسائي: سبحان الله وبحمده، وقال في آخره: غُفرت له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر. ¬
الترغيب فيما يقرأ ويقال عند النوم 8 - وعن شداد بن أوسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مامن مسلمٍ يأخذ مضجعه (¬1) فيقرأ سورةً من كتاب الله إلا وكل الله له به ملكاً فلا يقربه شئ يُؤذيه حتى يهب من نومه متى هبَّ. رواه الترمذي، ورواه أحمد. إلا أنه قال: بعث الله له ملكا يحفظه من كل شئٌ يؤذيه حتى يهب (¬2) متى هبَّ. ورواة أحمد رواة الصحيح. (هب): انتبه من نومه. 9 - وعن جابرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أوى (¬3) الرجل إلى فراشه ابتدره (¬4) ملك وشيطان، فيقول الملك: اختم (¬5) بخيرٍ، ويقول الشيطان: اختم بشرٍّ، فإذا ذكر الله ثم نام بات الملك يكلؤُهُ. وإذا استيقظ قال الملك: افتح بخيرٍ، وقال الشيطان: افتح بشرٍّ، فإن قال: الحمد لله الذى رد على نفسي ولم يُمتها (¬6) في منامها، الحمد لله الذى يُمسك السموات والأرض ¬
أنتزولا (¬1) إلى آخر الآية، الحمد لله الذى يُمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه فإن وقع عن سريرة فمات دخل الجنة. رواه أبو يعلى بإسناد صحيح، والحاكم، وزاد في آخره: الحمد لله الذى يُحيى الموتى وهو على كل شئ قدير. وقال: صحيح على شرط مسلم. (يكلؤه): أي يحرسه ويحفظه. الترغيب في شئ يقرأ عند النوم 10 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وضعت جنبك على الفراش، وقرأت فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد، فقد آمنت من كل شئٍ (¬2) إلا الموت. رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح إلا غسان بنعبيد. 11 - وروى عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من أراد أن ينام على فراشه، فنام على يمينه ثم قرأ: قل هو الله أحد (¬3) مائة مرةٍ، فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب: ياعبدى ادخل على يمينك الجنة. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب. 12 - وعن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يأوى إلى فراشه: أستغفر الله العظيم الذى لا إله إلا هو الحى القيوم، وأتوب إليه غُفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر (¬4)، وإن كانت عدد ورق الشجر، وإن كانت عدد رمل عالجٍ (¬5)، وإن كانت عدد أيام الدنيا. رواه الترمذي من طريق ¬
الوصافى عن عطية بن أبى سعيد، وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن الوليد الوصافى. (قال المملى) عبيدالله: هذا واهٍ لكن تابعه عليه عصام بن قدامة، وهو ثقة خرّجه البخاري في تاريخه من طريقه بنحوه، وعطية هذا: هو العوفى يأتي الكلام عليه. 13 - وعن أبي عبد الرحمن الحُبَلِيِّ رضي الله عنه قال: أخرج إلينا عبد الله ابن عمروٍ رضي الله عنهما قرطاساً (¬1) وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمنا يقول: اللهم فاطر (¬2) السموات والأرض عالم (¬3) الغيب والشهادة. أنت ربُّ كل شئٍ، وإله كل شيءٍ، أشهد أن لا إله إلا أنت، اعوذ بك من الشيطان وشركه (¬4) وأعوذ بك أن أقترف (¬5) على نفسي سُوءاً، أو أجُرَّهُ (¬6) إلى مسلمٍ. قال أبو عبد الرحمن: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمه عبد الله بن عمروٍ ويقول ذلك حين يريد أن ينام. رواه أحمد بإسناد حسن. 14 - وروى عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إذا أوى (¬7) إلى فراشه: الحمد لله الذى علا فقهر (¬8) وبطن (¬9) فخبر (¬10) وملك (¬11) فقدر (¬12) الحمد لله الذى يُحي ويميت وهو على كل شئٍ قدير خرج ¬
من ذنوبه كيوم ولدته أُمه (¬1). رواه الطبراني في الأوسط والحاكم، ومن طريقه البيهقي في الشُّعب وغيره. 15 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إذا أوى إلى فراشه: الحمد لله الذى كفانى (¬2) وأوانى، والحمد لله الذى أطعمنى (¬3) وسقانى، والحمد لله الذى منَّ (¬4) على فأفضل (¬5) فقد حمد الله بجميع محامد الخلق كلهم. رواه البيهقيى ولا يحضرنى إسناده الآن. 16 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلنى (¬6) رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتانى آتٍ يحثو (¬7) من الطعام فأخذته، فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنى مُحتاجٌ، وعلىَّ دينٌ وعيال، ولى (¬8) حاجة شديدة فخليت (¬9) عنه فأصبحت، فقال النبى صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة: ما فعل أسيرك البارحة؟ قال: قلت يا رسول الله شكا حاجةً شديدةً، وعيالاً فرحمته فخليت سبيله. قال: أما إنه قد كذبك وسيعود، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه سيعود فرصدته (¬10) فجاء يحثو (¬11) الطعام، وذكر الحديث إلى أن قال ¬
فأخذته، يعنى في الثالثة، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا آخر ثلاث مراتٍ، تزعم أنك لاتعود. قال: دعنى أُعلمك كلماتٍ ينفعك الله بها. قلت ما هن؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطانٌ حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك (¬1) البارحة؟ قلت يا رسول الله: زعم أنه يُعلمنى كلماتٍ ينفعنى الله بها فخليت سبيله. قال ما هى؟ قلت: قال لى إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى من أولها حتى تختم الآية (الله لا إله إلا هو الحى القيوم) وقال (¬2) لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، وكانوا أحرص (¬3) شئٍ على الخير، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد صدقك وهو كذوب (¬4) تعلم من تخاطب منذ ¬
الترغيب في كلمات يقولهن إذا استيقظ من الليل
ثلاث ليالٍ يا أبا هريرة؟ قال: لا، قال: ذاك الشيطان. رواه البخاري وابن خزيمة وغيرهما ورواه الترمذي وغيره من حديث أبى أيوب بنحوه، وفي بعض طرقه عنده قال: أرسلنى (¬1) وأُعلمك أيةً من كتاب الله لاتضعها على مالٍ ولا ولدٍ فيقربك شيطان أبداً. قلت: وما هي؟ قال: لا أستطيع أن أتكلم بها: أية الكرسى. (قال الحافظ) رحمه الله: وفي الباب أحاديث كثيرة من فعل النبى صلى الله عليه وسلم ليست من شرط كتابنا أضربنا عن ذكرها. 17 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اضطجع مضجعاً (¬2) لم يذكر الله فيه كان عليه ترةٌ يوم القيامة، ومن قعد مقعداً لم يذكر الله فيه كان عليه ترةٌ (¬3) يوم القيامة. رواه أبو داود، وروى النسائي منه ذكر الاضطجاع فقط. (الترة): بكسر التاء فوق مخففاً: هو النقص، وقيل: التَّبِعة. الترغيب في كلمات يقولهن إذا استيقظ من الليل 1 - عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ¬
من تعارَّ (¬1) من (¬2) الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قديرٌ، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لى، أو دعا استجيب له، فإن توضأ ثم صلى قُبلت صلاته. رواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه. تعارَّ: بتشديد الراء: أي استيقظ. 2 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله تعالى: إذا رَدَّ إلى العبد المؤمن نفسه (¬3) من الليل فسبحه ومجدَهُ واستغفره فدعاه تقبل منه. رواه ابن أبى الدنيا. 3 - وروى عن عبد الله بن عمرٍ رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يتحرك (¬4) من الليل بسم الله عشر مراتٍ، وسبحان الله عشر مرات آمنتُ بالله، وكفرت بالطاغوت (¬5) عشراً، وُقِىَ كُلَّ ذَنْبٍ (¬6) يتخوفه ولم ينبغ (¬7) لذنبٍ أن يُدركه إلى مثلها. رواه الطبراني في الأوسط، وفي الباب أحاديث كثيرة من فعله صلى الله عليه وسلم ليست صريحة في الترغيب لم أذكرها ¬
الترغيب في قيام الليل
الترغيب في قيام الليل 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يعقد (¬1) الشيطان على قافية (¬2) رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقدٍ يضرب (¬3) على كل عقدةٍ: عليك ليل طويل فارقد (¬4)، فإن استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدةٌ، فإن صلى انحلت عقدهُ كلها فأصبح (¬5) نشيطاً طيب النفس وإلا (¬6) أصبح خبيث النفس كسلان. رواه مالك والبخاري ومسلم، وأبو داود والنسائي، وابن ماجه وقال: فيصبح نشيطاً طيب النفس قد أصاب خيراً، وإن لم يفعل أصبح كسلا خبيث النفس لم يصب خيراً. رواه ابن خزيمة في صحيحه نحوه، وزاد في آخره ¬
فحلوا عقد الشيطان ولو بركعتين. (قافيه) الرأس: مؤخره، ومنه سمى آخر بيت الشعر قافية. 2 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من ذكر ولا أنثى إلا على رأسه جريرٌ معقودٌ حين يرقد (¬1) بالليل، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدةٌ، وإذا قام توضأ وصلى انحلت العقد وأصبح خفيفاً طيب النفس قد أصاب خيراً. رواه ابن خزيمة في صحيحه، وقال (الجرير): الحبل. رواه ابن حبان في صحيحه، ويأتى لفظه. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصيام بعد رمضان شهر المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل (¬2) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة في صحيحه. 4 - وعن عبد الله بن سلامٍ رضي الله عنه قال: أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه فكنت فيمن جاءهُ، فلما تأملت وجهه واستبنته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذابٍ. قال فكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: أيها الناس افشوا (¬3) السلام، وأطعموا الطعام (¬4)، وصلوا الأرحام (¬5)، وصلوا بالليل (¬6) والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام (¬7). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه والحاكم وقالا: صحيح على شرط الشيخين. (انجفل) الناس بالجيم: أي أسرعوا ومضوا كلهم. (استبنته): أي تحققته وتبينته. 5 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ¬
في الجنة غُرفةٌ يُرَى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، فقال أبو مالكٍ الأشعرى: لمن هى يا رسول الله؟ قال: لمن أطاب الكلام (¬1)، وأطعم الطعام، وبات قائماً (¬2) والناس نيام، رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 6 - وعن أبي مالكٍ الأشعرى رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة غُرفاً يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام. رواه ابن حبان في صحيحه، وتقدم حديث ابن عباس في صلاة الجماعة، وفيه: والدرجات: إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيامٌ. رواه الترمذي وحسنه. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إنى إذا رأيتكُ طابت (¬3) نفسى، وقرت (¬4) عينى، أنبئنى (¬5) عن كل شئ، قال: كل شئٍ خُلِقَ من (¬6) الماء، فقلت أخبرنى بشئٍ إذا عملته دخلت الجنة؟ قال: ¬
أطعم (¬1) الطعام، وأفش السلام (¬2)، وصِلِ الأرحام (¬3)، وصل بالليل والناس نيامٌ (¬4) تدخل الجنة بسلامٍ (¬5). رواه أحمد وابن أبى الدنيا في كتاب التهجد، وابن حبان في صحيحه واللفظ له، والحاكم وصححه. 8 - وروى عن على رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن في الجنة لشجرةً يخرج من أعلاها حُللٌ، ومن أسفلها خيلٌ من ذهبٍ مُسرجةٌ مُلجمةٌ من دُرٍّ وياقوتٍ لاتروثُ (¬6)، ولا تبول لها أجنحة خطوها (¬7) مد البصر فيركبها أهل الجنة فتطير بهم حيث شاءوا، فيقول الذين أسفل منهم درجةً يارب بما بلغ عبادك هذه الكرامة كُلها؟ قال فيقال لهم: كانوا يُصلون بالليل، وكنت تنامون، وكانوا يصومون وكنتم تأكلون، وكانوا ينفقون وكنتم تبخلون، وكانوا يُقاتلون وكنتم تجبُنُون. رواه ابن أبى الدنيا. 9 - وروى عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحشر الناس في صعيدٍ واحدٍ (¬8) يوم القيامة، فينادى منادٍ فيقول: أين الذين كانوا تتجافى جنوبهم (¬9) عن المضاجع، فيقومون وهم قليلٌ فيدخلون الجنة بغير ¬
حسابٍ، ثم يُؤْمرُ بسائر الناس إلى الحساب. رواه البيهقى. 10 - وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قام النبى صلى الله عليه وسلم حتى تورمت (¬1) قدماه، فقيل له: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. قال: أفلا أكون عبداً شكوراً. رواه البخاري ومسلم والنسائي. وفي رواية لهما وللترمذى قال: إن كان النبى صلى الله عليه وسلم ليقوم أو ليصلى حتى ترم قدماه أو ساقاهُ، فيقال له، فيقول: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ 11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تُرَمَّ (¬2) قدماه، فقيل له: أي رسول الله أتصنع هذا وقد جاءك من الله أن قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. قال: أفلا أكون عبداً شكوراً. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 12 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر (¬3) قدماه فقلت له: لم تصنع هذا، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك، وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً (¬4) شكوراً. رواه البخاري ومسلم. 13 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحبُّ الصلاة إلى الله صلاةُ داود، وأحبُّ الصيام إلى الله صيام داود كان ¬
ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه (¬1)، وينام سدسه (¬2) ويصوم يوماً، ويُفطر يوما (¬3) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وذكر الترمذي منه الصوم فقط. 14 - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلةٍ (¬4). رواه مسلم. 15 - وعن أبي أُمامة الباهلى رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بقيام الليل، فإنه دأب (¬5) الصالحين قبلكم، وقُربةٌ إلى ربكم، ومكفرةٌ للسيئات (¬6)، ومنهاةٌ (¬7) عن الإثم. رواه الترمذي في كتاب الدعاء من جامعة، وابن أبى الدنيا في كتاب التهجد، وابن خزيمة في صحيحه والحاكم، كلهم من رواية عبد الله بن صالح كاتب الليث رحمه الله. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. ¬
16 - وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربةٌ (¬1) لكم إلى ربكم، ومكفرةٌ للسيئات، ومنهاةٌ عن الإثم، ومطردةٌ (¬2) للداء عن الجسد. رواه الطبراني في الكبير من رواية عبد الرحمن بن سليمان بن أبى الجون، ورواه الترمذي في الدعوات من جامعه من رواية بكر بن خُنَيس، عن محمد بن سعيد الشامى، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولانى، عن بلال رضي الله عنه. وعبد الرحمن بن سليمان أصلح حالا من محمد بن سعيد (¬3). 17 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته، فإذا أبت نضخ (¬4) في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضخت في وجهه الماء، رواه أبو داود، وهذا لفظه، والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، والحاكم ¬
وقال صحيح على شرط مسلم، وعند بعضهم: رشّ، ورشت بدل نضح ونضحت. وهو بمعناه. 18 - وروى الطبراني في الكبير عن أبي مالك الأشعرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجلٍ يستيقظ من الليل فيوقظ امرأته، فإن غلبها النوم نضح في وجهها الماء فيقومان في بيتهما فيذكران الله عز وجل ساعةً من الليل إلا غُفر لهما. 19 - وعن أبي هريرة رضي وأبى سعيدٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا، أو صلى ركعتين جميعاً كُتِباَ في الذاكرين والذاكرات. رواه أبو داود، وقال: رواه ابن كثير موقوفاً على أبى سعيد، ولم يذكر أبا هريرة. ورواه النسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والحاكم وألفاظهم متقاربة. من استيقظ من الليل، وأيقظ أهله فصليا ركعتين. زاد النسائي: جميعاً كُتِباَ من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات. (قال الحافظ) (¬1) صحيح على شرط الشيخين. 20 - وعن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلُ (¬2) صلاة الليل على صلاة النهار كفضل صدقة السرِّ على صدقة العلانية. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. 21 - وروى عن سُمرةَ بن جُندبٍ رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُصلى من الليل (¬3) ما قلَّ أو كثُرَ، ونجل آخرَ ذلك وتراً رواه الطبراني والبزار. ¬
22 - وروى عن أنس رضي الله عنه يرفعه قال: صلاة في مسجدى (¬1) تُعدلُ بعشرة آلاف صلاة، وصلاةٌ في المسجد الحرام (¬2) تعدل بمائة ألف صلاةٍ، والصلاة بأرض الرباط (¬3) تعدل بألفى ألف صلاة، وأكثر من ذلك كُله الركعتان يُصليهما العبد في جوف الليل (¬4) لا يريد بهما إلا ما عند الله عز وجل. رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب. 23 - وعن إياس بن معاوية المُزنىِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا بُدَّ من صلاةٍ بليلٍ، ولو حلب (¬5) شاةٍ، وما كان بعد صلاة العشاء فهو من الليل (¬6). رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا محمد بن إسحق. 24 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: فذكرت قيام الليل، فقال بعضهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نصفه ثُلثه رُبعَهُ، فُوَاقَ حَلْبِ ناقةٍ، فُواقَ حلبِ شاةٍ. رواه أبو يعلى ورجاله محتجّ بهم في الصحيح، وهو بعض حديث. (فواق) الناقة: بضم الفاء. هو هنا قدرُ ما بين رفع يديك عن الضرع وقت الحلب وضمهما. 25 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة الليل، ورغب فيها حتى قال: عليكم بصلاة الليل ولو ركعةً (¬7) رواه الطبراني في الكبير والأوسط. ¬
26 - وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنهما قال: جاء جبريل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد: عش ماشئت فإنك ميتٌ، واعمل ماشئت فإنك مجزىٌّ به، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعزَّهُ استغناؤه عن الناس (¬1). رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. 27 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشراف (¬2) أُمتى حملةُ القُرآن، وأصحاب الليل (¬3). رواه ابن أبى الدنيا والبيهقى. 28 - وروى عن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى منكم من الليل فليجهر بقراءته، فإن الملائكة تُصلى بصلاته وتستمع (¬4) لقراءته، وإن مُؤمنى الجن الذين يكونون في الهواء وجيرانه في مسكنه يُصلون بصلاته، ويستمعون قراءته، وإنه يطرد (¬5) بقراءته عن داره وعن الدور التى حوله فُسَّاق (¬6) الجن، ومردة (¬7) الشياطين، وإن البيت الذى يقرأ فيه القرآن عليه خيمةٌ (¬8) من نورٍ يهتدى بها أهل السماء كما يُهتدى بالكوكب (¬9) الدرى في لجج (¬10) البحار وفي الأرض القفر (¬11)، فإذا مات صاحب القرآن رفعت تلك الخيمة فتنظر الملائكة ¬
من السماء فلا يرون ذلك النور فتلقَّاه (¬1) الملائكة من سماءٍ إلى سماءٍ فتصلى (¬2) الملائكة على روحه في الأرواح، ثم تستقبل الملائكة الحافظين الذين كانوا معه، ثم تستغفر (¬3) له الملائكة إلى يوم يُبعث؛ وما من رجلٍ تعلم كتاب الله، ثم صلى (¬4) ساعةً من ليلٍ إلا أوصت به تلك الليلة الماضية الليلة (¬5) المستأنفة أن تنبهه لساعته، وأن تكون عليه خفيفةً، فإذا مات وكان أهله في جهازه (¬6) جاء القرآن في صورةٍ حسنةٍ جميلةٍ فوقف عند رأسه حتى يدرج في أكفانه فيكون القرآن على صدره دون (¬7) الكفن، فإذا وُضِعَ في قبره، فيجئُ القرآن (¬8) حتى يكون بينه وبينهما فيقولان له: إليك (¬9) حتى نسأله؟ فيقول: لا ورب الكعبة إنه لصاحبى وخليلى، ولستُ أخذله (¬10) على حالٍ فإن كنتما أُمرتما بشئٍ فامضيا (¬11) لما أُمرتما، ودعانى (¬12) مكانى، فإنى لست أُفارقه حتى أُدخله الجنة، ثم ينظر القرآن إلى صاحبه فيقول: أنا القرآن الذى كنت تجهر (¬13) بى، وتُخفينى وتُحبُّنى فأنا حبيبك، ومن أحببته أحبه الله، ليس عليك بعد مسألة منكرٍ ونكيرٍ هم ولا حُزنٌ، فيساله منكر ونكيرٌ ويصعدان (¬14)، ويبقى هو والقرآن، فيقول: لأفرشنك (¬15) فراشاً ليناً، ولأدثرنك (¬16) دثاراً حسناً جميلاً ¬
بما أسهرت (¬1) ليلك، وأنصبت (¬2) نهارك. قال: فيصعد القُرآن إلى السماء أسرع من الطرف (¬3)، فيسأل الله ذلك له فيعطيه ذلك، فيجئُ القرآن فينزلُ به ألف ألف ملكٍ من مُقرَّبى (¬4) السماء السادسة، فيجيءُ القرآن فيحييه (¬5) فيقول: هل استوحشت، مازدت منذ فارقتك أن كلمت الله تبارك وتعالى حتى أخذت لك فراشاً ودثاراً ومصباحاً، وقد جئتك به فقم حتى تفرشك الملائكة عليهم السلام. قال: فتنهضه (¬6) الملائكة إنهاضاً لطيفاً، ثم يفُسحُ له في قبره مسيرة أربعمائه (¬7) عام، ثم يُوضعُ له فراش بطانته من حريرٍ أخضر، حشوه المسك (¬8) الأذفر، ويوضع له مرافق عند رجليه ورأسه من السندس (¬9) والإستبرق (¬10)، ويُسرجُ (¬11) له سِراجان من نور الجنة عند رأسه، ورجليه يزهران (¬12) إلى يوم القيامة، ثم تضجعه الملائكة على شقه الأيمن مستقبل القبلة، ثم يُؤتَى بياسمين (¬13) الجنة وتصعد عنه، ويبقى هو والقرآن فيأخذ القرآن الياسمين فيضعه على أنفه غضًّا (¬14) فيستنشقه حتى يُبعث، ويرجع القرآن إلى أهله فيخبرهم كل يومٍ وليلةٍ، ويتعاهده كما يتعاهد الوالد الشفيق ولده بالخير، فإن تَعَلَّمَ أحدٌ من ولدهِ القرآن بشره بذلك، وإن كان عقبهُ عقب (¬15) سوءٍ دعا لهم بالصلاح والإقبال، أو كما ذُكر. رواه البزار، وقال خالد بن معدان لم يسمع من معاذ ومعناه أنه يجئ ثواب القرآن كما قال ¬
إن اللقمةَ تجئُ يوم القيامة مثل أُحُدٍ، وإنما يجئُ ثوابها انتهى. (قال الحافظ): في إسناده من لا يعرف حاله، وفي متنه غرابة كثيرة، بل نكارة ظاهرة، وقد تكلم فيه العُقيليُّ وغيره ورواه ابن أبى الدنيا وغيره، عن عُبادة بن الصامت موقوفاً عليه، ولعله أشبه. 29 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بات ليلةً في خفةٍ من الطعام والشراب يُصلى تراكضت (¬1) حوله الحور العين حتى يصبح. رواه الطبراني في الكبير. 30 - وعن عمرو بن عنبسة رضي الله عنه أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: أقرب ما يكون الربُّ من العبد في جوف الليل (¬2) الآخر، فإن استعطت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن. رواه الترمذي واللفظ له، وابن خزيمة في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. 31 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خيب (¬3) الله امرأً قام في جوف الليل فافتتح سورة البقرة وآل عمران. رواه الطبراني في الأوسط، وفي إسناده بقية. 32 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثةٌ ¬
يُحبُّهم الله (¬1)، ويضحك إليهم، ويستبشر بهم: الذى إذا انكشفت فئةٌ قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل، فإما أن يُقتل، وإما أن ينصره الله عز وجل ويكفيه (¬2) فيقول: انظروا إلى عبدى هذا كيف صبر لى بنفسه؟ والذى له امرأةٌ حسنة، وفراشٌ لينٌ حسنٌ، فيقوم من الليل فيقول: يذرُ (¬3) شهوته ويذكرنى، ولو شاء رقد (¬4)، والذى إذا كان في سفرٍ، وكان معه ركبٌ (¬5) فسهروا (¬6)، ثم هجعوا (¬7) فقام من السحر (¬8) في ضراء وسراء. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. 33 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: عجب (¬9) ربُّنا تعالى من رجلين: رجلٍ ثار (¬10) عن وطائه (¬11) ولحافه من بين أهله وحبه (¬12) إلى صلاته، فيقول الله جل وعلا: انظروا إلى عبدى ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبةً (¬13) فيما عندى، وشفقةً (¬14) مما عندى. ورجلٍ غزا في سبيل الله، وانهزم أصحابه وعلم ما عليه (¬15) في الانهزام، وماله في الرجوع فرجع حتى يُهريق (¬16) دمه فيقول: انظروا إلى عبدى رجع رجاء فيما عندى وشفقةً مما ¬
عندى حتى يُهَرِيقَ دمه. رواه أحمد، وأبو يعلى والطبراني، وابن حبان في صحيحه، ورواه الطبراني موقوفاً بإسناد حسن، ولفظه: إن الله ليضحك (¬1) إلى رجلين: رجلٍ قام في ليلةٍ باردةٍ من فراشه ولحافه ودثاره فتوضأ ثم قام إلى الصلاة، فيقول الله عز وجل لملائكته (¬2): ما حمل عبدى هذا على ما صنع؟ فيقولون: ربنا رجاء ما عندك، وشفقةً مما عندك، فيقول: فإنى قد أعطتيه ما رجا (¬3) وآمنته مما يخاف، وذكر بقيته. 34 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الرجل من أُمتى يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور (¬4)، وعليه عُقدٌ (¬5) فإذا وضأ يديه انحلت عقدة، وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة، وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة،، فيقول الله عز وجل للذين وراء الحجاب: انظروا إلى عبدى هذا يُعالج نفسه يسألنى، عبدى هذا فهو له. رواه أحمد، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له. 35 - وعن أبي عبيدة رضي الله عنه قال: قال عبد الله (¬6): إنه مكتوب في التوراة: لقد أعدَّ الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عينٌ، ولم تسمع أذنٌ، ولم يخطر على قلب بشرٍ، ولا يعلمه ملك مقرَّبٌ، ولا نبىٌّ مرسلٌ. قال ونحن ¬
نقرؤُها: فلا تعلم نفسٌ ما اُخفى لهم من قُرةِ أعينٍ، الآية. رواه الحاكم وصححه. (قال الحافظ): أبو عبيدة لم يسمع من عبد الله بن مسعود، وقيل: سمع. 36 - وعن عبد الله بن أبى قيسٍ رضي الله عنه قال: قالت عائشة رضي الله عنها: لاتدع (¬1) قيام الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه (¬2)، وكان إذا مرض أو كسل (¬3) صلى قاعداً. رواه أبو داود، وابن خزيمة في صحيحه. 37 - وعن طارق بن شهاب أنه بات عند سلمان رضي الله عنه لينظر ما اجتهاده (¬4). قال: فقام يصلى من آخر الليل فكأنه لم ير الذى كان يظن، فذكر ذلك له، فقال سلمان: حافظوا على الصلوات الخمس، فإنهن كفاراتٌ (¬5) لهذه الجراحات ما لم تُصب المقتلة (¬6)، فإذا صلى الناس العشاء صدروا عن ثلاث منازل. منهم: من عليه ولا له، ومنهم: من له (¬7) ولا عليه، ومنهم: من لا له ولا عليه. فرجلٌ اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس، فركب (¬8) فرسه في المعاصى، فذلك عليه ولا له. ومن له ولا عليه: فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس فقام يصلى فذلك (¬9) له ولا عليه. ومن لا له ولا عليه: فرجل صلى ثم نام (¬10) فلا ولا عليه. إياك والحقحقة وعليك بالقصد وداومه (¬11). رواه الطبراني في الكبير موقوفاً بإسناد لا بأس به، ورفعه جماعة. (الحقحقة) بحاءين مهملتين مفتوحة وقافين، الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة: هو أشدّ ¬
السير، وقيل هو أن يجتهد في السير، ويلحّ فيه حتى تعطب راحلته، أو تقف، وقيل غير ذلك. لا حسد إلا في اثنتين 38 - وعن سُمرة بن جندبٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا: ليس في الدنيا حسدٌ (¬1) إلا في اثنتين: الرجل يغبط الرجل أن يُعطيه الله المال الكثير فينفق منه فيكثر النفقة، يقول الآخر: لو لى مالٌ لأنفقت مثل ما ينفق هذا وأحسن فهو يحسده، ورجلٌ يقرأُ القرآن فيقوم الليل وعنده رجلٌ إلى جنبه لا يعلم القرآن فهو يحسده على قيامه وعلى ما علمه الله عز وجل (¬2) من القرآن فيقول: لو علمنى الله مثل هذا لقمت مثل ما يقوم. رواه الطبراني في الكبير، وفي سنده لين. (الحسد) يطلق، ويراد به تمنى زوال النعمة عن المحسود، وهذا حرام بالإتفاق، ويطلق ويراد به الغبطة، وفي نظائره، فإن كانت الحالة التى عليها المغبوط محمودة فهو تمنّ محمود، وإن كانت مذمومة فهو تمنّ مذموم يأثم عليه المتمنى. 39 - وعن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجلٌ آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار. رواه مسلم وغيره. 40 - وعن يزيد بن الأخنسِ وكانت له صحبةٌ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لاتنافس (¬3) إلا في اثنتين: رجلٌ أعطاه الله قُرآناً فهو يقوم به آناء (¬4) الليل والنهار، فيقول رجلٌ: لو أن الله أعطانى ما أعطى فلاناً فأقوم به كما ¬
يقوم، ورجلٌ أعطاه الله مالاً فهو ينفق (¬1) منه ويتصدق، فيقول رجلٌ مثل ذلك. رواه الطبراني في الكبير، ورواته، ثقات مشهورون، ورواه أبو يعلى من حديث أبى سعيد نحوه بإسناد جيد. الترغيب في قراءة القرآن بالليل 41 - وعن فُضالة بن عبيدٍ وتميمٍ الدارىِّ رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ عشر آياتٍ (¬2) في ليلةٍ كُتب له قنطار، والقنطار خيرٌ من الدنيا وما فيها، فإذا كان يوم القيامة يقول ربك عز وجل: اقرأ وارق بكل آيةٍ درجة حتى ينتهى إلى آخر آيةٍ معه، يقول الله عز وجل للعبد: اقبض، فيقول العبد بيده: يارب أنت أعلم، يقول بهذه الخلد، وبهذه النعيم رواه الطبراني في الكبير والاوسط. 42 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام بعشر آياتٍ لم يُكتب من الغافلين (¬3)، ومن قام بمائة آيةٍ كُتِبَ من القانتين، ومن قام بألف آيةٍ كُتبَ من المقنطرين. رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه، كلاهما من رواية أبى سرية عن أبي حجيرة عن عبد الله بن عمرو، وقال ¬
ابن خزيمة: إن صح الخبر فإنى لا أعرف أبا سرية بعدالة ولا جرح، ورواه ابن حبان في صحيحه من هذه الطريق ايضاً إلا أنه قال: ومن قام بمائتى آيةٍ كتبَ من المقنطرينَ. (قوله) من المقنطرين: أي ممن كتب له قنطار من الأجر. (قال الحافظ): من سورة تبارك الذى بيده الملك إلى آخر القرآن ألفُ أيةٍ والله أعلم. 43 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: القنطار اثنا عشر ألف أُوقيةٍ، الأوقية خيرٌ (¬1) مما بين السماء والأرض. رواه ابن حبان في صحيحه. 44 - وروى عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ عشر آيات في ليلةٍ لم يُكتب من الغافلين، ومن قرأ مائة آيةٍ كُتبَ له قنوت ليلةٍ، ومن قرأ مائتى أيةٍ كُتب من القانتين، ومن قرأ أربعمائة آيةٍ كُتبَ من العابدين (¬2)، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من الحافظين (¬3)، ومن قرأ ستمائة آيةٍ كتب من الخاشعين (¬4)، ومن قرأ ثمانمائة أيةٍ كُتب من المخبتين (¬5)، ومن قرأ ألف آيةٍ ¬
أصبح له قنطارٌ، والقنطارُ ألف ومائتا أوقيةٍ، والأُوقيةُ خير مما بين السماء والأرض أو قال: خيرٌ مما طلعت عليه الشمس، ومن قرأ ألفى أيةٍ كان من الموجبين. رواه الطبراني ¬
(الموجب): الذى أتى بفعل يوجب له الجنة، ويطلق أيضاً على من أتى بفعل يوجب له النار. ¬
45 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يكن من الغافلين، ومن قرأ في ليلةٍ مائة آيةٍ لم يكتب من الغافلين، أو كتب من القانتين: رواه ابن خزيمة في صحيحه، والحاكم، ولفظه وهو رواية لابن خزيمة أيضاً قال: من صلى في ليلةٍ بمائة آيةٍ لم يكتب من الغافلين، ومن صلى في ليلةٍ بمائتى آيةٍ كتب من القانتين المخلصين. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وفي رواية له قال فيها على شرط مسلم أيضاً: من قرأ عشر آياتٍ في ليلةٍ لم يكتب من الغافلين. ¬
الترهيب من صلاة الإنسان وقراءته حال النعاس
الترهيب من صلاة الإنسان وقراءته حال النعاس 1 - عن عائشة رضي الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعسٌ لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه. رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي، ولفظه: إذا نعس أحدكم وهو يصلى فلينصرف فلعله يدعو على نفسه وهو لا يدرى. 2 - وعن أنسٍ رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم مايقرؤه. رواه البخاري والنسائي إلا أنه قال: إذا نعس أحدكم في صلاته فلينصرف (¬1) وليرقد. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم (¬2) القرآن على لسانه (¬3) فلم يدر ما يقول (¬4) فليضطجع (¬5). رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه، رحمهم الله تعالى. ¬
الترهيب من نوم الإنسان إلى الصباح وترك قيام شئ من الليل
الترهيب من نوم الإنسان إلى الصباح وترك قيام شئ من الليل 1 - عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: ذُكِرَ عند النبى صلى الله عليه وسلم رجلٌ نام ليلةً حتى أصبح قال: ذاك (¬1) رجل بال (¬2) الشيطان في أذنيه، أو قال في أُذُنه. رواه البخاري ومسلم والنسائي، وابن ماجه وقال: في أذنيه على التثنية من غير شكً، ورواه أحمد بإسناد صحيح عن أبي هريرة وقال: في أُذنه على الإفراد من غير شكً، وزاد في آخره. قال الحسن: إن بوله والله ثقيلٌ. 2 - وروى الطبراني في الأوسط حديث ابن مسعود رضي الله عنه، ولفظه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد العبد الصلاة من الليل أتاه ملكٌ (¬3) فقال: له: قم فقد أصبحت، فصلِّ (¬4) واذكر رَبَّك فيأتيه الشيطان فيقول: عليك ليلٌ طويلٌ وسوف تقوم، فإن قام فصلى أصبح نشيطاً خفيف الجسم قرير العين (¬5)، وإن هو أطاع الشيطان حتى أصبح بال في أُذُنه. 3 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله لاتكن مثل فُلانٍ كان يقوم الليل فترك قيام الليل. رواه البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم. ¬
4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقدٍ يضرب على كل عقدةٍ: عليك ليل طول فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدةٌ، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدةٌ، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان رواه مالك والبخاري، ومسلم، وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وعنده: فيصبح نشيطاً طيب النفس قد أصاب خيراً، وإن لم يفعل أصبح كسلان خبيث النفس لم يصب خيراً، وتقدم في الباب قبله. 5 - وروى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قالت أم سليمان بن داود لسليمان: يابنى: لاتكثر (¬1) النوم بالليل، فإن كثرة النوم بالليل تترك الرجل فقيراً (¬2) يوم القيامة. رواه ابن ماجه والبيهقى، وفي إسناده احتمال للتحسين. 6 - وعنه رضي الله عنه أيضاً أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلمٍ ذكرٍ ولا أُنثى ينام إلا وعليه جريرٌ معقودٌ، فإن هو توضأ وقام إلى الصلاة أصبح نشيطاً قد أصاب خيراً وقد انحلت عقدهُ كلها، وإن استيقظ ولم يذكر الله أصبح وعقده عليه، وأصبح ثقيلاً كسلان ولم يصب خيراً. رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، واللفظ لابن حبان، وتقدم لفظ ابن خزيمة. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبغض كل جعظرى جوَّاظٍ (¬3) صخَّابٍ في الأسواق جيفةٍ بالليل حمارٍ بالنهارِ ¬
الترغيب في آيات وأذكار يقولها إذا أصبح وإذا أمسى
عالمٍ بأمر الدنيا جاهلٍ بأمر الآخرةِ. رواه ابن حبان في صحيحه والأصبهاني، وقال أهل اللغة: الجعظرى: الشديد الغليظ، والجوَّاظ: الأكول، والصخاب: الصياح، انتهى. الترغيب في آيات وأذكار يقولها إذا أصبح وإذا أمسى 1 - عن معاذ بن عبد الله بن خبيبٍ عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: خرجنا في ليلة مطرٍ وظُلمةٍ شديدةٍ. نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلى بنا فأدركناه، فقال قُل، فلم أقل شيئاً، ثم قال قل، فلم أقل شيئاً، ثم قال قل: قلت يا رسول الله: ما أقول؟ قال: هو الله أحد (¬1) والمعوذتين (¬2) حين تصبح وحين تمسى ثلاث مراتٍ تكفيك (¬3) من كل شئ. رواه أبو داود، واللفظ والترمذي، وقال: حسن صحيح غريب، ورواه النسائي مسنداً ومرسلاً. 2 - وعن معقل بن يسارٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح ثلاث مراتٍ: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ¬
وقرأ ثلاث آياتٍ (¬1) من آخر سورة الحشر، وكل الله به سبعين ألف ملكٍ يصلون عليه (¬2) حتى يمسى، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيداً (¬3)، ومن قالها حين يمسى كان بتلك المنزلة. رواه الترمذي من رواية خالد بن طهمان، وقال: حديث غريب، وفي بعض النسخ حسن غريب. 3 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: من قال حين يصبح: (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيى الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون) أدرك مافاته (¬4) في يومه ذلك، ومن قالهن حين يمسى أدرك ما فاته في ليلته. رواه أبو داود ولم يضعفه، وتكلم فيه البخاري في تاريخه. 4 - وعن شداد بن أوسٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: سيد (¬5) الاستغفار: اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت خلقتنى وأنا عبدك (¬6) وأنا على عهدك (¬7) ووعدك مااستطعت (¬8)، أعوذ بك (¬9) من شر ما صنعت ¬
أبوءُ (¬1) لك بنعمتك علىَّ، وأبوءُ بذنبى (¬2) فاغفر لى إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت (¬3) من قالها (¬4) موقناً بها (¬5) حين يمسى، فمات من ليلته دخل الجنة (¬6)، ومن قالها موقناً بها حتى يصبح فمات من يومه دخل الجنة. رواه البخاري والنسائي والترمذي. وعنده: لا يقولها أحدٌ حين يمسى فيأتى عليه قدرٌ قبل أن يصبح إلا وجبت له الجنة، ولا يقولها حين يصبح فيأتى عليه قدرٌ قبل أن يسمى إلا وجبت له الجنة، وليس لشدادٍ في البخاري غير هذا الحديث، ورواه أبو داود، وابن حبان والحاكم من حديث بريدة رضي الله عنه. (أبوء): بباء موحدة مضمومة، وهمزة بعد الواو ممدواً معناه: أقرّ وأعترف. 5 - وروى عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منَّا (¬7) من حلف بالأمانة، وليس منا من خان أمرأً مسلماً في أهله وخادمه ومن قال حين يمسى، وحين يصبح: اللهم إنى اشهدك بأنك أنت الله الذى لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمد عبدك ورسولك، أبوء بنعمتك (¬8) علىَّ وأبوء بذنبى فاغفر لى إنه لا يغفر الذنوب غيرك، فإن قالها من يومه ذلك حين يصبح ¬
فمات من يومه ذلك قبل أن يُمسى مات شهيداً، وإن قالها حين يمسى فمات من ليلته مات شهيداً. رواه أبو القاسم الأصبهاني وغيره. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقربٍ لدغتنى البارحة؟ قال: أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات (¬1) من شر ما خلق لم تضرك. رواه مالك ومسلم، وأبو داود والنسائي، وابن ماجه والترمذي وحسنه، ولفظه: من قال حين يمسى ثلاث مراتٍ: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضره حمةٌ تلك الليلة. قال سهيل: فكان أهلنا تعلموها فكانوا يقولنها كل ليلةٍ فلدغت جاريةٌ منهم فلم تجد لها وجعاً. رواه ابن حبان في صحيحه بنحو الترمذي. (الحمة): بضم الحاء المهملة، وتخفيف الميم: هو السمّ، وقيل: لدغة كل ذى سمّ، وقيل: غير ذلك. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يصبح، وحين يمسى: سبحانه وبحمده مائة مرةٍ، لم يأت أحدٌ يوم القيامة بأفضل مما جاء إلا أحدٌ قال مثل ما قال، أو زاد عليه (¬2). رواه مسلم واللفظ له والترمذي والنسائي، وأبو داود، وعنده: سبحان الله العظيم وبحمده، ورواه ابن أبى الدنيا والحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم، ولفظه: من قال إذا أصبح (¬3) مائة مرةٍ، وإذا أمسى مائة مرةٍ: سبحان الله وبحمده غفرت ذنوبه، وإن كانت أكثر من زبد البحر (¬4). ¬
8 - وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئٍ قدير في يومٍ مائة مرة كانت له عدل (¬1) عشر رقابٍ، وكتب له مائة حسنةٍ، ومُحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً (¬2) من الشيطان يومه ذلك حتى يُمسى ولم يأت أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه. رواه البخاري ومسلم. 9 - وعن أبان بن عثمان قال: سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبدٍ يقول في صباح كل يومٍ ومساء كلِّ ليلةٍ: بسم الله الذى لا يضرُّ مع اسمه شئ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شئ، وكان أباه قد أصابه طرف فالج فجعل ينظر إليه، فقال أبان: ما تنظر؟ أما إن الحديث كما حدثتك، ولكنى لم أقله يومئذٍ ليمضى الله قدره (¬3). رواه أبو داود والنسائي، وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن غريب صحيح، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 10 - وعن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: من قال إذا أصبح وإذا أمسى: حسبى الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مراتٍ كفاه الله (¬4) ما أهمه صادقاً كان أو كاذباً. رواه أبو داود هكذا موقوفاً، ورفعه ابن السنىّ وغيره، وقد يقال: إن مثل هذا لا يقال من قبل الرأى والاجتهاد فسبيله المرفوع. 11 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح أو يمسى: اللهم إنى أصبحت أُشهدك، وأشهد حملة عرشك، ¬
وملائكتك، وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت، وأن محمداً عبدك ورسولك أعتق الله ربعه من النار، فمن (¬1) قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار، ومن قالها ثلاثاً، أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار، فإن قالها أربعا: أعتقه الله من النار. رواه أبو داود واللفظ له، والترمذي بنحوه وقال: حديث حسن، والنسائي، وزاد فيه بعد: إلا أنت وحدك لا شريك لك. رواه الطبراني في الأوسط. ولم يقل: أعتق الله إلى آخره، وقال: إلا غفر الله له ما أصاب من ذنب في يومه ذلك، فإن قالها إذا أمسى غفر الله له ما أصاب في ليلته تلك، وهو كذلك عند الترمذي. 12 - وعن أبي عياشٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شئ قديرٌ. كان له عدل رقبةٍ من ولد إسماعيل، وكان في حرزٍ من الشيطان حتى يُمسى، فإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يُصبح. قال حماد: فرأى رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم، فقال: يا رسول الله، إن أبا عياشٍ يحدث عنك بكذا وكذا. قال: صدق أبو عياشٍ. رواه أبو داود، وهذا لفظه، والنسائي وابن ماجه وابن السنى، وزاد: يُحيى ويميت وهو حيٌّ لا يموت وهو على كل شئٍ قديرٌ. واتفقوا كلهم على المنام. (أبو عياش): بالياء المثناة تحت والشين المعجمة، ويقال ابن أبى عياش: ذكره الخطيب، ويقال ابن عياش الزرقى الأنصارى: ذكره أبو أحمد والحاكم، واسمه زيد ابن الصامت، وقيل زيد بن النعمان، وقيل غير ذلك، وليس له في الأصول الستة غير هذا الحديث فيما أعلم، وحديث آخر في قصر الصلاة، رواه أبو داود. (العدل) بالكسر وفتحه لغة: هو المثل، وقيل: بالكسر: ما عادل الشئ من جنسه. وبالفتح: ما عادله من غير جنسه. ¬
13 - وعن أبي سلامٍ رضي الله عنه وهو ممطور الحبشىُّ أنه كان في مسجد حمص فمرَّ به رجلٌ، فقالوا: هذا خادم (¬1) رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقام إليه، فقال: حدثنى بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتداوله بينك وبينه الدَّجَّالُ (¬2)، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قال إذا أصبح وإذا أمسى: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولا إلا كان حقَّا على الله أن يرضيه. رواه أبو داود واللفظ له والترمذي من رواية أبى سعد سعيد بن المرزبان عن أبي سلمة عن ثوبان، وقال: حديث حسن غريب، وفي بعض النسخ: حسن صحيح، وهو بعيد وعنده: وبمحمدٍ نبياً فينبغى أن يُجمع بينهما فيقال: وبمحمدٍ نبياًّ ورسولاً. ورواه ابن ماجه عن سابق عن أبي سلاَّمٍ رضي الله عنه خادم النبى صلى الله عليه وسلم، ورواه أحمد والحاكم فقالا: عن أبي سلام سابق بن ناجية، وعند أحمد أنه يقول: ذلك ثلاث مرات حين يمسى وحين يصبح، وهو في مسلم من حديث ابى سعيد: من غير ذكر الصباح والمساء، وقال في آخره: وجبت له الجنة، صحح ابن عبد البر النمرى في الاستيعاب رواية ابن ماجه، وقال رواه وكيعٌ عن مسعرٍ عن أبي عقيل عن أبي سلامة عن سابق، فأخطأ فيه، وكذا في سلام أبى سلامة فأخطأ فيه. قال: ولا يصح سابق في الصحابة. 14 - وعن المنيذر رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يكون بإفريقية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قال إذا أصبح: رضيت بالله رباًّ، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ نبياًّ، فأنا الزعيم (¬3) لآخذن بيده حتى أُدخله الجنة. رواه الطبراني بإسناد حسن. 15 - وعن عبد الله بن غنام البياضى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بى من نعمةٍ، أو بأحدٍ من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر، فقد أدى شكر يومه، ومن قال مثل ¬
ذلك حين يمسى فقد أدى شكرَ ليلته. رواه أبو داود والنسائي واللفظ له، ورواه ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس بلفظ دون ذكر المساء، ولعله سقط من أصلى. 16 - وعن عمرو بن شعيب رضي الله عنه عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سبح الله مائةً بالغداة (¬1) ومائة بالعشىِّ (¬2) كان كمن حج مائة حجةٍ، ومن حمد الله مائةً بالغداةِ، ومائةً بالعشى كان كمن حمل (¬3) على مائة فرسٍ في سبيل الله، أو قال: غزا مائة غزوةٍ في سبيل الله، ومن هلل الله (¬4) مائة بالغداة، ومائة بالعشى، كان كمن أعتق مائة رقبةٍ من ولد إسماعيل عليه السلام، ومن كبر الله مائة بالغداة، ومائة بالعشى لم يأْتِ في ذلك اليوم أحدٌ بأكثر مما أتى به إلا من قال مثل ما قال، أو زاد على ما قال. رواه الترمذي من رواية أبى سفيان الحميرى، واسمه سعيد ابن يحيى عن الضحاك بن حمرة عن عمرو بن شعيب، وقال: حديث حسن غريب. (قال الحافظ): وأبو سفيان والضحاك وعمرو بن شعيب يأتى الكلام عليهم، ورواه النسائي، ولفظه: من قال سبحان الله مائة مرةٍ قبل طوع الشمس، وقبل غروبها كان أفضل من مائة بدنةٍ (¬5)، ومن قال: الحمد لله مائة مرةٍ قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها كان أفضل من مائة فرسٍ يحمل عليها (في سبيل الله) ومن قال: الله أكبر مائة مرةٍ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل (¬6) من عتق مائة رقبةٍ، ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شئٍ قدير مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها لم يجئ يوم القيامة أحدٌ بعملٍ أفضل من عمله إلا من قال مثل قوله، أو زاد عليه. ¬
17 - وعن عبد الحميد مولى بنى هاشمٍ رضي الله عنه أن أُمهُ حدثته، وكانت تخدم بعض بنات النبى صلى الله عليه وسلم: أن ابنة النبى صلى الله عليه وسلم حدثتها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يُعلمها فيقول: قولي حين تصبحين: سبحان الله وبحمده لا قوة إلا بالله، ماشاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شئٍ قديرٌ، وأن الله قد أحاط بكل شئٍ علماً، فإنه من قالهن حين يصبح حُفظ (¬1) حتى يُمسى، 18 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الكلمات حين يمسى وحين يُصبح: اللهم إنى أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. اللهم إني أسألك العفو والعافية في دينى ودنياي وأهلى ومالى. اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتى. اللهم احفظنى من بين يدىَّ، ومن خلفي، وعن يمينى، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال (¬2) من تحتى. قال وكيعٌ: وهو ابن الجراح: يعنى الخسف. رواه أبو داود واللفظ له، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم، وقال صحيح الإسناد. 19 - وعن أبي أيوب الأنصارى رضي الله عنه أنه قال، وهو في أرض الروم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال غُدوةً (¬3): لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شئٍ قديرٌ. عشر مراتٍ كتب الله له عشر حسناتٍ، ومحا عنه عشر سيئاتٍ، وكن له قدر عشر رقابٍ، وأجاره الله من الشيطان، ومن قالها عشية مثل ذلك. رواه أحمد والنسائي واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، وتقدم لفظه فيما يقول بعد الصبح والعصر والمغرب. وزاد أحمد في روايته بعد قوله: وله الحمد يُحي ويُميت، وقال: كتب الله له بكل واحدةٍ قالها عشر حسنات، ومحا عنه بها عشر سيئاتٍ، ورفعه الله بها عشر درجات، وكن له كعشر رقاب، ¬
وكن له مسلحةً (¬1) من أول النهار إلى آخره. ولم يعمل يومئذٍ عملاً يقهرهنَّ، فإن قالها (¬2) حين يمسى فمثل ذلك. ورواه الطبراني بنحو أحمد، وإسنادها جيد. (المسلحة): بفتح الميم واللام، وبالسين والحاء المهملتين: القوم إذا كانوا ذوى سلاح. 20 - وروى عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدع رجلٌ منكم أن يعمل لله كل يومٍ ألفى حسنةٍ حين يصبح يقول: سبحان الله وبحمده مائة مرةٍ فإنها ألفا حسنةٍ، والله إن شاء الله لن يعمل في يومه من الذنوب مثل ذلك، ويكون ما عمل من خيرٍ سوى ذلك وافراً. رواه الطبراني، واللفظ له وأحمد، وألفُ حسنةٍ. 21 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ الدخان كلها، وأول حم غافر إلى وإليه المصير، وآية الكرسى حين يمسى حُفظ بها حتى يصبح، ومن قرأها حين يصبح حفظ بها حتى يمسى. رواه الترمذي، وقال حديث غريب، وقد تكلم بعضهم في عبد الرحمن ابن أبى بكر بن أبى مليكة من قبل حفظه. 22 - وعن عبد الله بن بُسرٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استفتح أول نهاره بخيرٍ، وختمه بخير. قال الله عز وجل لملائكته: لا تكتبوا عليه ما بين ذلك من الذنوب. رواه الطبراني، وإسناده حسن إن شاء الله. 23 - وروى عن أبي أُمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يصبح ثلاث مراتٍ، اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت، انت ربى وأنا عبدك آمنت بك مخلصاً لك دينى إنى أصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت أتوب إليك من شر عملى، وأستغفرك لذنوبى التى لا يغفرها إلا أنت، فإن مات في ذلك اليوم دخل الجنة، وإن قال حين يمسى: اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت، أنت ربى وأنا عبدك آمنت بك مخلصاً لك ديني، إنى أمسيت على عهدك ووعدك ما استطعت أتوب إليك من شر عملى، واستغفرك لذنوبى التى لا يغفرها إلا أنت، فمات في تلك ¬
الليلة دخل الجنة، ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلف مالا يحلف على غيره، يقول: والله ما قالها عبدٌ في يومٍ فيموت في ذلك اليوم إلا دخل الجنة، وإن قالها حين يمسى فتوفى في تلك الليلة دخل الجنة. رواه الطبراني في الكبير والأوسط واللفظ له. 24 - ورواه أبن أبى عاصمٍ من حديث معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يحلف ثلاث مراتٍ لا يستثنى إنه ما من عبدٍ يقول هؤلاء الكلمات بعد صلاة الصبح فيموت من يومه إلا دخل الجنة، وإن قالها حين يمسى فمات من ليلته دخل الجنة، فذكره باختصارٍ إلا أنه قال: أتوب إليك من سيء عملي، وهو أقرب من قوله شر عملى، ولعله تصحيفٌ، والله سبحانه أعلم. 25 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إذا أصبح: سبحان الله وبحمده ألف مرة فقد اشترى نفسه من الله، وكان آخر يومه عتيق الله. رواه الطبراني في الأوسط والخرائطى والأصبهاني وغيرهم. 26 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها: ما يمنعك أن تسمعى ما أوصيك به أن تقولى إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حىُّ يا قيوم برحمتك أستغيث أصلحْ لى شأنى كله ولا تكلنى إلى نفسى طرفة عين. رواه النسائي والبزار بإسناد صحيح، والحاكم، وقال صحيح على شرطهما. 27 - وعن أُبى بن كعب رضي الله عنه أنه كان له جرن من تمرٍ فكان ينقص فحرسه ذات ليلةٍ، فإذا هو بدابةٍ شبه الغلام المحتلم فسلم عليه فرد عليه السلام، فقال: ما أنت جنىُّ أم إنسىٌّ؟ قال: جنىٌّ. قال: فناولنى يدك فناوله يده، فإذا يده يد كلبٍ، وشعره شعر كلبٍ. قال: هذا خلق الجنِّ؟ قال: قد علمت الجن أن ما فيهم رجلٌ أشدُ منى، قال: فما جاء بك؟ قال: بلغنا أنك تحب الصدقة، فجئنا نُصيبُ من طعامك. قال: فما ينجينا منكم؟ قال: هذه الآية التى في سورة البقرة. (الله لا إله إلا هو الحق القيوم) من قالها حين يمسى أُجير منا حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح أُجير منا حتى يمس، فلما أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر
ذلك له، فقال: صدق الخبيث. رواه النسائي والطبراني بإسناد جيد، واللفظ له. (الجرن): بضم الجيم وسكون الراء: وهو البيدر، وكذلك الجرين. 28 - وعن الحسن رضي الله عنه قال: قال سمرةُ بن جندبٍ: ألا أُحدثك حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم مراراً، ومن أبى بكرٍ مراراً؟ ومن عمر مراراً؟ قلت: بلى. قال: من قال إذا أصبح وإذا أمسى اللهم أنت خلقتنى، وأنت تهدينى، وأنت تطعمنى، وأنت تسقيني، وأنت تميتنى، وأنت تحيينى لم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه. قال: فلقيت عبد الله بن سليم، فقلت: ألا أُحدثك حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارا، ومن أبى بكرٍ مراراً، ومن عمر مراراً؟ قال: بلى، فحدثته بهذا الحديث فقال: بأبى وأُمى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات كان الله عز وجل قد أعطاهن موسى عليه السلام، فكان يدعو بهن في كل يومٍ سبع مراتٍ، فلايسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. 29 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى على حين يصبح وحين يمسى عشراً، أدركته شفاعتى يوم القيامة. رواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد. 30 - وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه دعاء، وأمره أن يتعاهد به أهله في كل يومٍ. قال: قل حين تصبح: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك، ومنك وإليك اللهم ما قلت من قولٍ، أو حلفت من حلفٍ، أو نذرت من نذرٍ فمشيئتك بين يديه، ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بك إنك على كل شئ قديرٌ. اللهم ما صليت من صلاةٍ فعلى من صليت، وما لعنت من لعنٍ فعلى من لعنت إنك ولِّي في الدنيا والآخرة توفنى مسلماً، وألحقنى بالصالحين. اللهم إنى أسألك الرضا بعد القضا، وبرد العيش بعد الموت، ولذة النظر إلى وجهك، وشوقاً إلى لقائك في غير ضرَّاءَ مُضرَّةٍ، ولا فتنةٍ مُضِلةٍ. وأعوذ بك اللهم أن أظلم، أو أُظلم، أو أعتدى، أو يُعتدى علىَّ، أو أكسبَ
خطيئة، أو ذنباً لاتغفره. اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ذا الجلالِ والإكرام، فإنى أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا وأُشهدك، وكفى بالله شهيداً، أنى أشهد لا إله إلا أنت وحدك، لا شريك لك، لك الملك، ولك الحمد، وأنت على كل شئ قديرٌ، وأشهد أن محمداً عبدك ورسولك، وأشهد أن وعدك حقٌّ، ولقاءك حقٌّ والجنة حقٌّ، والساعة آتيةٌ لا ريب فيها،، وأنك تبعث من في القبور، وأنك إن تكلنى إلى نفسى تكلنى إلى ضعيفٍ، وعورةٍ، وذنبٍ، وخطيئةٍ، وإنى لا أثقُ إلا برحمتك، فاغفر لي ذنوبى كلها إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وتب علىَّ إنك التواب الرحيم. رواه أحمد والطبراني والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وروى ابن أبى عاصم: منه إلى قوله بعد القضاء. 31 - وروى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مقاليد السموات والأرض، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ما سألنى عنها أحدٌ. تفسيرها: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله وبحمده، أستغفر الله لا حول ولا قوة إلا بالله، الأول والآخر، الظاهر الباطن، بيده الخير، يحيي ويُميت وهو على كل شيءٍ قديرٌ، يا عثمان من قالها إذا أصبح عشر مراتٍ أعطاه الله بها ست خصالٍ. أما واحدةٌ: فيحرس من إبليس وجنوده، وأما الثانية: فيعطى قنطاراً في الجنة، وأما الثالثة: فترفع له درجة في الجنة، وأما الرابعة: فيزوج من الحور العين، وأما الخامسة: فله فيها من الأجر كمن قرأ القرآن والتوراة والإنجيل، وأما السادسة ياعثمان: له كمن حج واعتمر فقبل الله حجة وعُمرتهُ، وإن مات من يومه ختم له بطابع الشهداء. رواه ابن أبى عاصم، وأبو يعلى، وابن السنى، وهو أصلحهم إسنادا وغيرهم وفيه نكارة، وقد قيل فيه موضوع، وليس ببعيد، والله أعلم. 32 - وروى عن أبان المحاربى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبدٍ مسلمٍ يقول إذا أصبح وإذا أمسى: ربى الله لا أُشرك به شيئاً، وأشهد أن لا إله إلا الله إلاغفر له ذنوبه حتى يُمسى، وكذلك إن قالها إذا أصبح. رواه البزار وغيره.
33 - وعن وُهيب بن الوردِ رضي الله عنه قال: خرج رجلٌ إلى الجبانة بعد ساعةٍ من الليل قال: فسمعت حساًّ وأصواتاً شديدةً وجئَ بسريرٍ حتى وُضِعَ، وجاء شيء حتى جلس عليه. قال: واجتمعت إليه جنوده، ثم صرخ فقال: من لى بعروة بن الزبير، فلم يجبه أحدٌ حتى قال: ما شاء الله من الأصوات؟ فقال واحدٌ أنا أكفيكه قال فتوجه نحو المدينة، وأنا أنظر إليه، فمكث ما شاء الله، ثم أوشك الرجعة فقال: لا سبيل لى إلى عُروة: ويلك لم؟ قال: وجدته يقول كلماتٍ إذا أصبح وإذا أمسى فلا يخلص إليه معهن. قال الرجل: فلما أصبحت قلت لأهلى جهزونى، فأتيت المدينة فسألت عنه حتى دُلِلْتُ عليه، فإذا هو شيخٌ كبيرٌ، فقلت شيئاً تقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت، فأبى أن يُخبرنى، فأخبرته بما رأيت وما سمعت، فقال: ما أدرى غير أنى أقول: إذا أصبحت وإذا أمسيت: آمنت بالله العظيم، وكفرْت بالجبت (¬1) والطاغوت (¬2)، واستمسكت (¬3) بالعورة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم، إذا أصبحت ثلاث مراتٍ، وإذا أمسيت ثلاث مراتٍ. رواه ابن أبى الدنيا في مكايد الشيطان. (أوشك): أي أسرع بوزنه ومعناه. 34 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من حافظين (¬4) يرفعان إلى الله عز وجل ما حفظا من ليلٍ أو نهارٍ فيجد الله في أول الصحيفة وفي آخرها (¬5): خيراً إلا قال للملائكة: أُشهدكم أنى قد غفرت لعبدى ما بين طرفى الصحيفة. رواه الترمذي والبيهقى من رواية تمام بن نجيح عن الحسن عنه. ¬
الترغيب في قضاء الإنسان ورده إذا فاته من الليل
الترغيب في قضاء الإنسان ورده إذا فاته من الليل 1 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام عن حزبه، او شئ منه، فقرأه فما بين صلاة الفجر، وصلاة الظهر كُتب له كأنما قرأه من الليل (¬1). رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه. الترغيب في صلاة الضحى 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر، وركعتى الضحى، وأن أُوتر قبل أن أرقد (¬2). رواه البخاري ومسلم وأبو داود، ورواه الترمذي والنسائي نحوه، وابن خزيمة، ولفظه قال: أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ لست بتاركهن: أن لا أنام إلا على وتر، وأن لا أدع (¬3) ركعتى الضحى، فإنها صلاة الأوابين (¬4)، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر (¬5). 2 - وعن أبي ذرَّ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يُصبح على كل سلامى من أحدكم صدقةٌ، فكل تسبيحةٍ صدقةٌ، وكل تحميدةٍ صدقةٌ، وكل تهليلة صدقةٌ، وكلُّ تكبيرةٍ صدقةٌ، وأمر بالمعروف صدقةٌ، ونهىٌ عن المنكر صدقةٌ، ويُجزئُ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى. رواه مسلم. 3 - وعن بُريدة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ¬
في الإنسان ستون وثلثمائة مفصلٍ (¬1) فعليه أن يتصدق عن كل مفصلٍ (¬2) منها صدقةً قالوا: فمن يطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: النخاعة في المسجد تدفنها (¬3)، والشئ تنحيه عن الطريق، إن لم تقدر فركعتا الضحى تُجزئُ عنك. رواه أحمد واللفظ له وأبو داود وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما. 4 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حافظ على شفعة (¬4) الضحى غُفرت له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر. رواه ابن ماجه والترمذي وقال: وقد روى غير واحد من الأئمة هذا الحديث عن نهاس بن قهم انتهى، وأشار إليه ابن خزيمة في صحيحه بغير إسناد. (شفعة الضحى) بضم الشين المعجمة، وقد تفتح. أرى ركعتا الضحى. 5 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أوصانى حبيبى صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ، وصلاة الضحى، وأن لا أنام إلى على وترٍ رواه مسلم وأبو داود والنسائي. 6 - وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله ¬
عليه وسلم يقول: من صلى الضحى ثنتى عشرة ركعة بنى الله له قصراً في الجنة من ذهبٍ. رواه ابن ماجه والترمذي بإسناد واحد شيخ واحد، وقال الترمذي: حديث غريب. 7 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريةً (¬1) فغنموا وأسرعوا الرجعة (¬2)، فتحدث الناس بقرب (¬3) مغزاهم، وكثرة غنيمتهم، وسرعة رجعتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدُلكم على أقرب منهم مغزى، وأكثر غنيمةً، وأوشك رجعةً؟ من توضأ، ثم غدا إلى المسجد لسبحة (¬4) الضحى، فهو أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعةً. رواه أحمد من رواية ابن لهيعة، والطبراني بإسناد جيد. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثاً فأعظموا الغنيمة (¬5) وأسرعوا الكرة (¬6)، فقال رجلٌ: يا رسول الله ما رأينا بعثاً قطٌّ أسرع كرَّةً، ولا أعظم غنيمةً من هذا البعث، فقال: ألا أُخبركم بأسرع كرةً منهم، وأعظم غنيمة؟: رجل توضأ فأحسن الوضوء، ثم عمد إلى المسجد فصلى فيه الغداة (¬7)، ثم عقب بصلاة الضحوة فقد أسرع الكرةَ، وأعظم الغنيمة. رواه ¬
أبو يعلى، ورجال إسناده رجال الصحيح، والبزار وابن حبان في صحيحه، وبين البزار في روايته أن الرجل أبو بكر رضي الله عنه، وقد روى هذا الحديث الترمذي في الدعوات من جامعه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتقدم. 9 - وعن عُقبة بن عامرٍ الجهنى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يقول ياابن آدم اكفنى أول النهار (¬1) بأربع ركعاتٍ أكفك بهن آخر يومك. رواه أحمد وأبو يعلى، ورجال أحدهما رجال الصحيح. 10 - وعن أبي الدرداء وأبى ذرَّ رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ياابن آدم لا تُعجزنى من أربع ركعاتٍ من أول النهار أكفك آخره. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. (قال الحافظ): في إسناده إسماعيل بن عياش، ولكنه إسناد شامى، ورواه أحمد عن أبي الدرداء وحده، ورواته كلهم ثقات، ورواه أبو داود من حديث نعيم بن همار. 11 - وعن أبي مرة الطائفى رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: ابن آدم صل لى أربع ركعاتٍ من أول النهار أكفك آخره. رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح. 12 - وروى عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يُحدثُ أصحابهُ فقال: من قام إذا استقبلته الشمس، فتوضأ فأحسن وضوءهُ، ثم قام فصلى ركعتين (¬2) غُفرت له خطاياه، وكان كماولدته أمه. رواه أبو يعلى. ¬
13 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من خرج من بيته مُتطهراً إلى صلاةٍ مكتوبةٍ (¬1) فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياهُ فأجره كأجر المعتتمر، وصلاةٌ على إثر صلاةٍ لا لغو بينهما (¬2) كتابٌ في عليين. رواه أبو داود، وتقدم. 14 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الضحى ركعتين لم يُكتب من الغافلين (¬3)، ومن صلى أربعاً كتب من العابدين (¬4)، ومن صلى ستا كُفِىَ ذلك اليوم، ومن صلى ثمانياً كتبه الله من القانتين (¬5)، ومن صلى ثنتى عشرةَ ركعةً بنى الله له بيتاً في الجنة، وما من يومٍ ولا ليلةٍ إلا لله منٌّ (¬6) يمُنُّ به على عباده وصدقةٌ، وما من الله على أحدٍ من عباده أفضل من ¬
أن يُلهمهُ ذكرهُ رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات، وفى موسى بن يعقوب الزمعى خلاف، وقد روى عن جماعة من الصحابة ومن طرق، وهذا أحسن أسانيده فيما أعلم. ورواه البزار من طريق حسين بن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر، قال: قُلت لأبى ذرٍّ: يا عماهُ أوصنى. قال: سألتنى كما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن صليت الضحى ركعتين لم تُكتب من الغافلين فذكر الحديث، ثم قال: لا نعلمه يُروى عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه كذا قال رحمه الله تعالى. 15 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا طلعت الشمس من مطلعها كهيئتها لصلاة العصر (¬1) حين تغرب من مغربها، فصلى رجل ركعتين وأربع سجداتٍ (¬2)، فإنه له أجر ذلك اليوم وحسبته قال: وكُفر عنه خطيئته وإثمه، وأحسبه قال: وإن مات من يومه دخل الجنة. رواه الطبراني وإسناده مقارب، وليس في رواته من ترك حديث، ولا أجمع على ضعفه. 16 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب (¬3). قال: وهى صلاة الأوابين. رواه الطبراني وابن خزيمة في صحيحه، وقال: لم يتابع إسماعيل بن عبد الله يعنى ابن زرارة الرقى على اتصال هذا الخبر، ورواه الدراوردى عن محمد عن أبي سلمة مرسلاً، ورواه حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة قوله. ¬
الترغيب في صلاة التسبيح
17 - وروى عنه رضي الله عنه أيضاً عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة باباً (¬1) يُقال له الضحى، فإذا كان يوم القيامة نادى منادٍ أين الذين كانوا يُديمون صلاة الضحى، هذا بابكم فادخلوه برحمة الله. رواه الطبراني في الأوسط. الترغيب في صلاة التسبيح 1 - عن عكرمة عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب: ياعباس يا عماهُ ألا أُعطيك، ألا أمنحك، ألا أحْبُوكَ (¬2)، ألا أفعل بك عشر خصالٍ إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمدهُ، وصغيره وكبيره، وسرهُ وعلانتيه، عشر خصال: أن تصلى أربع ركعاتٍ تقرأُ في كل ركعةٍ بفاتحة الكتاب وسورة (¬3) فإذا فرغت من القراءة في أول ركعةٍ فقل وأنت قائم: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمس عشرة مرةً، ثم تركع فتقول وأنت راكع عشراً، ثم ترفع ¬
رأسك من الركوع فتقولها عشرا، ثم تهوى ساجداً فتقول وأنت ساجدٌ عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، فذلك خمس وسبعون في كل ركعةٍ تفعل ذلك في أربع ركعات وإن استطعت أن تصليها في كل يومٍ مرةً فافعل، فإن لم تستطع ففى كل جمعةٍ مرةً، فإن لم تفعل ففي كل شهرٍ مرةً، فإن لم تفعل ففى كل سنةٍ مرةً، فإن لم تفعل ففي عمرك مرةً. رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، وقال: إن صحَّ الخبرُ فإن في القلب من هذا الإسناد شيئاً، فذكره، ثم قال: ورواه إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة مرسلاً لم يذكر ابن عباس. (قال الحافظ): ورواه الطبراني، وقال في آخره: فلو كانت ذنوبك مثل زبد البحر، أو رمل عالجٍ غفر الله لك. (قال الحافظ): وقد رُوى هذا الحديث من طرق كثيرة، وعن جماعة من الصحابة وأمثلها حديث عكرمة هذا. وقد صححه جماعة: منهم الحافظ أبو بكر الآجرىّ، وشيخنا أبو محمد عبد الرحيم المصري، وشيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسى رحمهم الله تعالى. وقال أبو بكر بن أبى داود: سمعت أبى يقول: ليس في صلاة التسبيح حديث صحيح غير هذا، وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى: لا يروى في هذا الحديث إسناد أحسن من هذا، يعنى إسناد حديث عكرمة عن ابن عباس، وقال الحاكم: قد صحت الرواية عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ابن عمه هذه الصلاة، ثم قال: حدثنا أحمد بن داود بمصر حدثنا إسحاق بن كامل حدثنا إدريس بن يحيى عن حيوة بن شريح عن يزيد بن أبى حبيب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبى طالب إلى بلاد الحبشة، فلما قدم اعتنقه، وقَبَّلَ بين عينيه، ثم قال: ألا أهبُ لك، ألا أسرك، ألا أمنحك؟ فذكر الحديث، ثم قال: هذا إسناد صحيح لا غبار عليه. (قال المملى) رضي الله عنه: وشيخه أحمد بن داود بن عبد الغفار أبو صالح الحرانى، ثم المصري تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وكذبه الدارقطنى.
2 - وروى عن أبي رافعٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: يا عم ألا أحبوك، ألا أنفعك، ألا أصلك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: فصل أربع ركعاتٍ تقرأُ في كل ركعةٍ بفاتحة الكتاب وسورةٍ، فإذا انقضت القراءةُ فقل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمس عشرة مرةً قبل أن تركع، ثم اركع فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشراً، ثم اسجد فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشرا، ثم اسجد فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشرا قبل أن تقوم، فذلك خمسٌ وسبعون في كل ركعةٍ، وهى: ثلاثمائةٍ في أربع ركعاتٍ، فلو كانت ذنوبك مثل رمل عالجٍ غفرها الله لك. قال: يا رسول الله، ومن لم يستطع يقولها في كل يومٍ؟ قال: قُلها في كل جمعةٍ، فإن لم تستطع فقلها في كل شهر، حتى قال: فقلها في سنةٍ. رواه ابن ماجه والترمذي والدراقطنى والبيهقى، وقال: كان عبد الله بن المبارك يفعلها، وتداولها الصالحون بعضهم من بعضٍ، وفيه تقويةٌ للحديث المرفوع انتهى. وقال الترمذي: حديث غريب من حديث أبى رافع، ثم قال: وقد رأى ابن المبارك وغير واحدٍ من أهل العلم صلاة التسبيح، وذكروا الفضل. حدثنا أحمد بن عبدة الضّبىّ حدثنا أبو وهب قال: سألت عبد الله بن المبارك عن الصلاة التي يُسبح فيها؟ قال: يُكبرُ، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمد، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يقول خمس عشرة مرةً: سبحان الله والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم يتعوذ ويقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وفاتحة الكتاب وسورة، ثم يقول عشرة مراتٍ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم يركع فيقولها عشراً، ثم يرفع رأسه فيقولها عشراً، ثم يسجد فيقولها عشراً، ثم يرفع رأسه فيقولها عشراً، ثم يسجد الثانية فيقولها عشراً يصلى أربع ركعاتٍ على هذا، فذلك خمس وسبعون تسبيحة، في كل ركعةٍ، يبدأ في كل ركعةٍ بخمس عشرة تسبيحةً، ثم يقرأُ، ثم يُسبح عشراً، فإن صلى ليلاً فأحبُّ أن يسلم فى كل ركعتين، وإن صلى نهاراً، فإن شاء سلم، وإن شاء لم يسلم. قال أبو وهب: وأخبرنى عبد العزيز هو ابن أبى رزمة عن عبد الله أنه قال:
يبدأ في الركوع: بسبحان ربى العظيم، وفي السجود: بسبحان ربى الأعلى ثلاثاً، ثم يسبح التسبيحات. قال أحمد بن عبدة: وحدثنا وهب بن زمعة. قال أخبرنى عبد العزيز وهو ابن أبى رزمة. قال قلت لعبد الله بن المبارك: إن سها فيها أيسبِّحُ في سجدتى السهو عشراً عشراً؟ قال: لا. إنما هي ثلاثمائة تسبيحةٍ. انتهى ما ذكره الترمذي. (قال المملى الحافظ) رضي الله عنه: وهذا الذى ذكره عن عبد الله بن المبارك من صفتها موافق لما في حديث ابن عباس، وأبى رافع إلا أنه قال: يسبح قبل القراءة خمس عشرة، وبعدها عشراً، ولم يذكر في جلسة الاستراحة تسبيحاً؛ وفي حديثيهما: أنه يُيسبح بعد القراءة خمس عشرة مرةً، ولم يذكر قبلها تسبيحاً ويسبح أيضا بعد الرفع في جلسة الاستراحة قبل أن يقول عشراً. 3 - وروى البيهقى من حديث أبى حباب الكلبي عن أبي الجوزاء عن ابن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال لى النبى صلى الله عليه وسلم: ألا أحبوك، ألا أُعطيك، فذكر الحديث بالصفة التى رواها الترمذي عن ابن المبارك، ثم قال: وهذا يوافق ما رويناه عن ابن المبارك، ورواه قتيبة بن سعيد عن يحيى بن سليم عن عمران بن مسلم عن أبي الجوزاء، قال: نزل على عبد الله بن عمرو بن العباص فذكر الحديث، وخالفه في رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر التسبيحات في ابتداء القراءة إنما ذكرها بعدها، ثم ذكر جلسة الاستراحة كما ذكرها سائرُ الرواة انتهى. (قال الحافظ): جمهور الرواة على الصفة المذكورة في حديث ابن عباس، وأبى رافع، والعمل بها أولى، إذ لا يصح رفع غيرها، والله أعلم. 4 - وروى عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ياغلام ألا أحبوك، ألا أنحلك (¬1)، ألا أُعطيك؟ قال قلت: بلى بأبى أنت (¬2) وأُمى ¬
يا رسول الله، قال: فظننت أنه سيقطع لى قطعةً من مالٍ، فقال لى: أربع ركعاتٍ تُصليهن، فذكر الحديث كما تقدم، وقال في آخره: فإذا فرغت قلت بعد التشهد، وقبل السلام: اللهم إنى أسألك توفيق (¬1) أهل الهدى، وأعمال أهل اليقين (¬2)، ومناصحة (¬3) أهل التوبة، وعزم أهل (¬4) الصبر، وجدَّ (¬5) أهل الخشية، وطلب أهل (¬6) الرغبة، وتبعد (¬7) أهل الورع، وعرفان (¬8) أهل العلم حتى أخافك، اللهم إنى أسألك مخافةً تحجزنى (¬9) عن معاصيك حتى أعمل بطاعتك عملاً أستحق به رضاك، وحتى أُناصحك (¬10) بالتوبة خوفاً منك، وحتى أُخلص لك النصيحة حباً لك، وحتى أتوكل عليك في الأمور حسن ظن بك، سبحان خالق النور، فإذا فعلت ذلك ياابن عباسٍ غفر الله لك ذنوبك كلها، صغيرها وكبيرها، وقديمها وحديثها، وسرها وعلانيتها، وعمدها وخطأها. رواه الطبراني في الأوسط، ورواه فيه أيضاً عن أبي الجوزاء قال: قال لى ابن عباسٍ: ياأبا الجوزاء ألا أحبوك (¬11) ألا أُعلمك ألا أُعطيك؟ قلت بلى، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى أربع ركعاتٍ، فذكر نحوه باختصار، وإسناده واهٍ، وقد وقع في صلاة التسبيح كلامٌ طويلٌ، وخلافٌ منتشرٌ، ذكرته في غير هذا الكتاب مبسوطا، وهذا كتاب ترغيب وترهيب، وفيما ذكرته كفاية. 5 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن أم سليمٍ غدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: علمنى كلماتٍ أقولهن في صلاتى، فقال: كَبِّرِى (¬12) الله عشراً، ¬
الترغيب في صلاة التوبة
وسبحيه عشراً، واحمديه عشراً. ثم سلى ما شئتِ، يقول: نعم نعم. رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن غريب، والنسائي وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. الترغيب في صلاة التوبة 1 - عن أبي بكرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجلٍ يُذنب (¬1) ذنباً، ثم يقوم فيتطهر، ثم يُصلى، ثم يستغفر الله إلا غفر الله له، ثم قرأ هذه الآية: (والذين إذا فعلوا فاحشةً (¬2) أو ظلموا (¬3) أنفسهم ذكروا الله) إلى آخر الآية. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، وأبو داود والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه والبيهقى، وقالا: ثم يصلى ركعتين، وذكره ابن خزيمة في صحيحه بغير إسناد، وذكر فيه الركعتين. ¬
الترغيب في صلاة الحاجة ودعائها
2 - وعن الحسن، يعنى البصرىَّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أذنب عبد ذنباً، ثم توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى برازٍ من الأرض فصلى فيه ركعتين، واستغفر الله من ذلك الذنب إلا غفر الله له. رواه البيهقى مرسلاً. (البراز): بكسر الباء، وبعدها راء، ثم ألف، ثم زاى: هو الأرض الفضاء. 3 - وعن عبد الله بن بُريدة رضي الله عنه عن أبيه قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، فدعا بالاً، فقال: يا بلال بم سبقتنى إلى الجنة؟ إنى دخلت الجنة البارحة، فسمعت خشخشتك (¬1) أمامى، فقال: يا رسول الله ما أذنبت قط إلا صليت ركعتين، وما أصابنى حدث قطٌّ إلا توضأت عندها، وصليت ركعتين. رواه ابن خزيمة في صحيحه. وفي روايةٍ: ما أذنبت، والله أعلم. الترغيب في صلاة الحاجة ودعائها 1 - عن عثمان بن حنيفٍ رضي الله عنه أن أعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ادع الله أن يكشف (¬2) لى عن بصرى قال: أو أدعك قال يا رسول الله: إنه قد شقَّ على ذهاب بصرى. قال: فانطلق فتوضأ، ثم صلِّ ركعتين، ثم قال: اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بِنَبييِّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم نبىِّ (¬3) الرحمة. يا محمد: إنى أتوجه إلى ربى بك أن يكشف لى عن بصرى ¬
اللهم شفعه (¬1) فىَّ، وشفعنى في نفسي (¬2) فرجع وقد كشف الله عن بصره (¬3). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب والنسائي، واللفظ له وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم، وليس عند الترمذي: ثم صل ركعتين، إنما قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يدعو بهذا الدعاء فذكره بنحوه. ورواه في الدعوات، ورواه الطبراني وذكر في أوله قصةً. وهو أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجةٍ له، وكان عثمان لايلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، فلقى عثمان بن حنيفٍ فشكا ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيفٍ: ائت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إنى أسألك، وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبى الرحمة، يا محمد! إنى أتوجه بك إلى ربى فيقضى حاجتى، وتذكر حاجتك ورح إلىَّ (¬4) حتى ¬
أروح معك، فانطلق الرجل فصنع ماقال له، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده، فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة، وقال: ماحاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها له، ثم قال: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال: ما كانت (¬1) لك من حاجةٍ فائتنا، ثم إن الرجل خرج من عندهِ فلقى عثمان بن حنيفٍ فقال له: جزاك الله خيراً (¬2)، ما كان ينظر في حاجتى، ولا يلتفت إلىَّ حتى كلمته فىَّ، فقال عثمان بن حنيفٍ: والله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتاه رجلٌ ضريرٌ فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: أو تصبر (¬3)، فقال: يا رسول الله إنه ليس لى قائد، وقد شق (¬4) علىَّ؟ فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ائت الميضأة فتوضأ، ثم صل ركعتين، ثم ادع بهذه الدعوات، ¬
فقال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرَّقنا، وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضُرٌّ قطٌّ. قال الطبراني بعد ذكر طُرقه: والحديث صحيح. (الطنفسة): مثلثة الطاء والفاء أيضاً، وقد تفتح الطاء وتكسر الفاء: اسم للبساط، وتطلق على حصير من سَعف يكون عرضه ذراعاً. 2 - وعن عبد الله بن أبى أوفى رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له إلى الله حاجةٌ، أو إلى أحدٍ (¬1) من بنى آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء وليصل ركعتين ثم ليُثْنِ (¬2) على الله، وليصل على النبى صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم (¬3) الكريم (¬4)، سبحانه الله رب العرش (¬5) العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات (¬6) رحمتك، وعزائم (¬7) مغفرتك، والغنيمة (¬8) من كل برٍّ، والسلامة (¬9) من كل إثم، لا تدع لى ذنباً إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته (¬10) ولا حاجة هى لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين. رواه الترمذي وابن ماجه كلاهما من رواية فايد عبد الرحمن بن أبى الورقاء عنه، وزاد ابن ماجه بعد قوله: يا أرحم الراحمين: ثم يسأل من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يُقدرُ (¬11). ورواه الحاكم باختصار، ثم قال: أخرجته شاهداً، وفايدٌ مستقيم الحديث، وزاد بعد قوله: وعزائم مغفرتك، والعصمة من كل ذنبٍ. ¬
(قال الحافظ): فايد متروك، روى الثقات، وقال ابن عدىٍّ: مع ضعفه يكتب حديثه. 3 - ورواه الأصبهاني من حديث أنسٍ رضي الله عنه، ولفظه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يا علىُّ ألا أُعلمك دُعاءً إذا أصابك غم أو هم تدعو به ربك فيستجاب لك بإذن الله، ويفرج عنك: توضأ، وصل ركعتين، واحمد الله، واثنِ عليه، وصلِّ على نبيك، واستغفر لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات، ثم قل: اللهم أنت تحكم (¬1) بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، لا إله إلا الله العلىُّ العظيم، لا إله إلا الله رب العالمين: اللهم كاشف (¬2) الغم، مُفرجَ (¬3) الهم، مُجيب (¬4) دعوةِ المضطرين إذا دعوك، رحمن (¬5) الدنيا والآخرة، ورحيمهما (¬6) فارحمنى في حاجتى هذه بقضائها ونجاحها رحمةً تُغنينى بها عن رحمةِ من سواك. 4 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اثنتى عشرةَ ركعةً تُصليهن من ليلٍ أو نهارٍ، وتتشهد بين كل ركعتين، فإذا تشهدت في آخر صلاتك فأثن على الله عز وجل، وصل على النبى صلى الله عليه وسلم، واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مراتٍ، وآية الكرسى سبع مرات، وقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شئٍ قدير عشر مرات، ثم قل: اللهم إنى أسألك بمعاقد (¬7) العز من عرشك، ومُنتهى الرحمة من كتابك، ¬
واسمك الأعظم، وجدك الأعلى (¬1)، وكلماتك (¬2) التامة، ثم سَلْ (¬3) حاجتك، ثم ارفع رأسك، ثم سلم يمنياً وشمالاً، ولا تُعلموها السفهاء (¬4)، فإنهم يدعون بها فيستجابون. رواه الحاكم، وقال: قال أحمد بن حرب: قد جربته فوجدته حقاًّ، وقال إبراهيم بن علىّ الدبيلي: قد جربته فوجدته حقاًّ، وقال الحاكم: قال لنا أبو زكريا: قد جربتهُ فوجدته حقاً. قال الحاكم: قد جربته فوجدته حقا. تفرد به عامر بن خدَّاش، وهو ثقة مأمون انتهى. (قال الحافظ): أما عامر بن خداش هذا هو النَّيْسابورى. قال شيخنا الحافظ أبو الحسن: كان صاحب كير، وقد تفرّد به عن عمر بن هارون البلخى وهو متروك متهم أثنى عليه ابن مهدى وحده فيما أعلم، والاعتماد في مثل هذا على التجربة، لا على الإسناد، والله أعلم. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جاءنى جبريل عليه السلام بدعواتٍ فقال: إذا نزل بك أمر من أمر دنياك فقدمهنَّ، ثم سل حاجتك يابديع (¬5) السموات والأرض، ياذا الجلال والإكرام، يا صريخ (¬6) المستصرخين، ياغياث المستغيثين، ياكاشف (¬7) السوء، يا أرحم الراحمين، يامُجيب دعوة المضطرين، يا إله العالمين (¬8) بك أُنزل (¬9) حاجتى، وأنت أعلمُ بها فاقضها رواه الأصبهاني، وفي إسناده إسماعيل بن عياش. وله شواهد كثيرة. ¬
الترغيب في صلاة الاستخارة، وما جاء في تركها
الترغيب في صلاة الاستخارة وما جاء في تركها 1 - عن سعد بن أبى وقاصٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سعادةِ ابن آدم استخارته الله عز وجل. رواه أحمد وأبو يعلى والحاكم، وزاد: ومن شقوةِ ابن آدم: تركه استخارة الله. وقال: صحيح الإسناد كذا قال، ورواه الترمذي، ولفظه: من (¬1) سعادة ابن آدم: كثرة استخارة الله تعالى، ورضاه بما قضى الله له، ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله تعالى وسخطه بما قضى الله له. وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبى حميد، وليس بالقوىّ عند أهل الحديث، ورواه البزار، ولفظه: ¬
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سعادة المرء استخارته ربه، ورضاه بما قضى، ومن شقاء المرء تركه الاستخارة، وسخطه بعد القضاء، ورواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب، والأصبهاني بنحو البزار. 2 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يُعلمنا السورةَ (¬1) من القرآن يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع (¬2) ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل (¬3): اللهم إنى أستخيرك (¬4) بعلمك، وأستقدرك (¬5) بقدرتك، وأسئلك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خيرٌ لى في دينى ومعاشى (¬6)، وعاقبة أمرى (¬7)، أو قال: عاجل أمرى وآجله فاقدره لى، ويسره لى، ثم بارك لى فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ ¬
لى في ديني (¬1) ومعاشى، وعاقبة أمرى، أو قال: عاجل أمرى وآجله، فاصرفه عنى (¬2) واصرفنى عنه، واقدر لى الخير حيث كان ثم أرضنى (¬3) به. قال: ويُسمِّى حاجته. رواه البخاري، وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه. ¬
كتاب الجمعة
كتاب الجمعة الترغيب في صلاة الجمعة والسعى إليها وما جاء في فضل يومها وساعتها 1 - عن ابى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عيه وسلم من توضأ فأحسن الوضوء (¬1)، ثم أتى الجمعة فاستمع (¬2) وأنصت (¬3) غُفر له (¬4) ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وزيادة ثلاثة أيام، ومن مسَّ (¬5) الحصا فقد لغا. رواه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه. (لغا) قيل: معناه خاب من الأجر، وقيل: أخطأ، وقيل: صارت جمعته ظهراً، وقيل: غير ذلك. ¬
2 - وعنه رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصلوات (¬1) الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مُكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر. رواه مسلم وغيره ¬
3 - وروى الطبراني في الكبير من حديث أبى مالك الأشعرى قال: قال رسول الله ¬
صلى لله عليه وسلم: الجمعة كفارةٌ لما بينها وبين الجمعة التى تليها، وزيادة ثلاثة أيامٍ وذلك بأن الله عز وجل قال: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها. 4 - وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمسٌ من عملهن في يومٍ كتبه الله من أهل الجنة: من عاد (¬1) مريضاً، وشهد جنازة (¬2) وصام (¬3) يوماً، وراح (¬4) إلى الجمعة، وأعتق رقبة (¬5). رواه ابن حبان في صحيحه. 5 - وعن يزيد بن أبى مريم رضي الله عنه قال: لحقنى عُباية بن رفاعة بن رافعٍ رضي الله عنه، وأنا أمشى إلى الجمعة، فقال: أبشر، فإن خُطاك هذه في سبيل الله. سمعت أبا عبسٍ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اغبرَّت (¬6) قدماه في سبيل الله ¬
فهما حرام على النار. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه البخاري. وعنده قال عباية: أدركني أبو عبس وأنا ذاهب إلى الجمعة، فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أغبرت قدماه في سبيل الله حرَّمه الله على النار. وفي رواية: ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسَّه النار، وليس عنده قول عباية ليزيد. 6 - وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من (¬1) اغتسل يوم الجمعة ومسَّ من طيبٍ إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد فيركع ما بدا له ولم يُؤذ أحداً ثم أنصت حتى يُصلي كان كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى. ورواه أحمد والطبراني وابن خزيمة في صحيحه، ورواة أحمد ثقات. 7 - وعن أبي الدَّرْداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اغتسل يوم الجمعة، ثم لبس من أحسن ثيابه، ومس طيباً إن كان عندهُ ثم مشى إلى الجمعة، وعليه السكينة (¬2)، ولم يتخطَّ أحداً ولم يُؤذه ثُمَّ ركع ما قضى له ثم انتظر حتى ينصرف الإمام غفر له ما بين الجمعتين. رواه أحمد والطبراني من رواية حرب عن أبي الدرداء ولم يسمع منه. 8 - وعن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال: كان نُبيشة الهذلي رضي الله عنه يحدثُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المسلم إذا اغتسل يوم الجمعة، ثم أقبل إلى المسجد لا يؤذي أحداً، فإن لم يجد الإمام خرج صلى ما بدا له، وإن وجد ¬
الإمام قد خرج جلس فاستمع وأنصت حتى يقضى الإمام جمعته وكلامه إن لم يغفر له في جمعته تلك ذنوبه كلها أن يكون كفارة الجمعة التى تليها. رواه أحمد، وعطاء لم يسمع من نبيشة فيما أعلم. 9 - وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغتسل رجلٌ يوم الجمعة (¬1) ويتطهر (¬2) ما استطاع من الطهور ويدهن من دهنه (¬3) ويمسُّ من طيب (¬4) بيته، ثم يخرج فلا يفرق (¬5) بين اثنين، ثم يصلى ما كُتِبَ (¬6) له، ثم ينصت (¬7) إذا تكلم (¬8) الإمام إلا غفر له ما بينه (¬9) وبين الجمعة الأخرى (¬10) رواه البخاري والنسائيّ. وفي رواية للنسائىّ: ما من رجلٍ يتطهر يوم الجمعة كما أُمر، ثم يخرج من بيته حتى يأتى الجمعة، وينصت حتى يقضى صلاته إلا كان كفارةً لما قبله من الجمعة. ورواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن نحو رواية النسائي، وقال في آخره: إلا كان كفارةً لمابينه وبين الجمعة الأُخرى، ما اجتنبت المقتلة (¬11) وذلك الدهر كلهُ. ¬
الترغيب في صلاة الجمعة والسعى إليها الخ 10 - وروى عن عتيق أبى بكرٍ الصديق، وعن عمران بن حصينٍ رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اغتسل يوم الجمعة كُفرت (¬1) عنه ذنوبه وخطاياه، فإذا أخذ في المشى كُتِبَ له بكل خطوةٍ عشرون حسنةً، فإذا انصرف من الصلاة أُجيز بعمل مائتى سنةٍ (¬2) رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفي الأوسط أيضاً عن أبي بكر رضي الله عنه وحده، وقال فيه: كان له بكل خطوةٍ عمل عشرين سنةً. 11 - وعن أوس بن أوسٍ الثقفى رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكرَ وابتكر ومشى ولم يركب ودنا (¬3) من الإمام فاستمع ولم يلغ (¬4) كان له بكل خطوةٍ عمل سنةٍ أجرُ صيامها وقيامها. رواه أحمد، وأبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن، والنسائيّ وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم وصححه، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس: قال الخطابي: قوله عليه الصلاة والسلام: غسل واغتسل وبكر وابتكر. اختلف الناس في معناه فمنهم من ذهب إلى أنه من الكلام المتظاهر الذى يراد به التوكيد، ولم تقع المخالفة بين المعنيين لاختلف اللفظين، وقال: ألا تراه يقول في هذا الحديث: ومشى ولم يركب، ومعناها واحد، وإلى هذا ذهب الأثرم صاحب أحمد. وقال بعضهم: قوله غَسَلَ معناه غسل الرأس خاصة، وذلك لأن العرب لهم لِمَم وشعور، وفي غسلها مؤمنة فأراد غسل الرأس من أجل ذلك، وإلى هذا ذهب مكحول، وقوله: واغتسل، معناه غسل سائر الجسد، وزعم بعضهم أن قوله: غسل، معناه أصاب أهله قبل خروجه إلى الجمعة ليكون أملك لنفسه، وأحفظ في طريقه لبصره، وقوله: وبكر وابتكر. زعم أن معنى بكر أدرك باكورة الخطبة، وهى أوّلها، ومعنى ابتكر: ¬
قدم في الوقت، وقال ابن الأنبارى: معنى بكر: تصدق قبل خروجه. وتأول في ذلك ما روى في الحديث من قوله صلى الله عليه سلم: باكِرُوا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطاها. (وقال الحافظ) أبو بكر بن خزيمة: من قال في الخبر: غَسَّلَ واغتسلَ. يعنى بالتشديد معناه جامع فأوجب الغسل على زوجته، أو أمته، واغتسل، ومن قال: غسل واغتسل. يعنى بالتخفيف أراد غسل الرأس، واغتسل فضل سائر الجسد لخبر طاوس عن ابن عباس، ثم روى بإسناده الصحيح إلى طاوس. قال: قلت لابن عباس: زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رءُوسكم وإن لم تكونوا جنباً (¬1)، ومسُّوا من الطيبِ قال ابن عباس: أما الطيب فلا أدرى، وأما الغسل: فنعم. 12 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من غسل واغتسل، ودنا وابتكر، واقترب واستمع كان له بكل خطوةٍ يخطوها قيام سنةٍ وصيامها. رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. 13 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: عُرِضت الجمعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه بها جبريل عليه السلام في كفِّهِ كالمرآة البيضاء في وسطها كالنُّكْتَةِ السوداء، فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذه الجمعة يعرضها عليك ربك لتكون لك عيداً، ولقومك من بعدك، ولكم فيها خيرٌ، تكون أنت الأول وتكون اليهود والنصارى من بعدك، وفيها ساعةٌ لا يدعو أحدٌ ربه فيها بخيرٍ هو له قسم إلا أعطاه، أو يتعوذ من شرٍّ إلا دفع عنه ما هو أعظم منه، ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد (¬2) الحديث. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد. 14 - وعن أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
عليه وسلم: إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى، ويوم الفطر، وفيه خمس خلال: خلق الله فيه آدم، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض، وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل الله فيها العبد شيئاً إلا أعطاه إياه ما لم يسأل حراماً (¬1)، وفيه تقوم الساعة، ما من ملكٍ مُقربٍ، ولا سماءٍ، ولا أرض، ولا رياحٍ، ولا جبالٍ، ولا بحرٍ إلا وهن يشفقن (¬2) من يوم الجمعة. رواه أحمد وابن ماجه بلفظ واحد، وفي إسنادها عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو ممن احتج به أحمد وغيره، ورواه أحمد أيضاً والبزار من طريق عبد الله أيضاً من حديث سعد بن عبادة. وبقية رواته ثقات مشهورون. 15 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير (¬3) يومٍ طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق الله آدم (¬4)، وفيه أُدخل الجنة ¬
وفيه أُخرج منها. رواه مسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه قال: ما طلعت الشمس، ولا غربت على يومٍ خيرٍ من يومِ الجمعةِ، هدانا الله له، وضل الناس عنه، فالناس لنا فيه تبعٌ فهو لنا، واليهود يوم السبت، والنصارى يوم الأحد، إن فيه لساعةً لا يوافقها مؤمنٌ يصلى يسأل الله شيئاً إلا أعطاه. فذكر الحديث. 16 - وعن أوس بن أوسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق الله آدم، وفيه قُبض، وفيه النفخة وفيه الصعقة، فأكثروا من الصلاة علىَّ فيه، فإن صلاتكم يوم الجمعة معروضةٌ علىَّ، قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك، وقد أرمت: أي بليت؟ فقال: إن الله عز وجل وعلا حرم على الأرض أن تأكل أجسامنا (¬1). رواه أبو داود والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له، وهو أتمُّ، وله علة دقيقة امتاز إليها البخاري وغيره، ليس هذا موضعها وقد جمعت طرقه في جزء. (أرمت): بفتح الراء وسكون الميم: أي صرت رميما، وروى أرمت بضم الهمزة وسكون الميم. 17 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تطلع الشمس ولا تغرب على أفضل من يوم الجمعة، وما من دابة إلا وهى تفزع يوم الجمعة إلا هذين الثقلين الجن والإنس. رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، ورواه أبو داود وغيره أطول من هذا، وقال في آخره: ¬
وما من دابةٍ إلا وهى مُصيخةٌ يوم الجمعة من حين تُصبح حتى تطلع الشمس شفقاً (¬1) من الساعة إلا الإنس والجن. (مصيخة): معناه مستمعة مصغية تتوقع قيام الساعة. 18 - وعن أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحشر الأيام على هيئتها، وتحشر الجمعة زهراء (¬2) منيرةً أهلها يحفون (¬3) بها كالعروس تُهدى إلى خدرها (¬4) تُضئ لهم يمشون في ضوئها ألوانهم كالثلج بياضاً، وريحهم كالمسك، يخوضون في جبال (¬5) الكافور، ينظر إليهم الثقلان (¬6) لا يطرفون تعجباً حتى يدخلون الجنة، لا يخالطهم أحدٌ إلا المؤذنون المحتسبون (¬7). رواه الطبراني وابن خزيمة في صحيحه، وقال: إن صح هذا الخبر، فإن في النفس من هذا الإسناد شيئاً. (قال الحافظ): إسناده حسن، وفي متنه: غرابة. 19 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: إن الله تبارك وتعالى ليس بتاركٍ أحداً من المسلمين يوم الجمعة إلا غفر له. رواه الطبراني في الأوسط مرفوعا فيما أرى بإسناد حسن. 20 - وعن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أضلَّ (¬8) الله تبارك وتعالى عن الجمعة من كان قبلنا، كان لليهود يوم السبت (¬9) والأحد للنصارى فهم لنا تبع إلى يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل ¬
الدنيا، والأولون يوم القيامة المقضى لهم قبل الخلائق. رواه ابن ماجه، والبزار، ورجالهما رجال الصحيح إلا أن البزار قال: نحن الآخرون في الدنيا الأولون يوم القيامة، المغفور لهم قبل الخلائق، وهو في مسلم بنحو اللفظ الأول من حديث حذيفة وحده. 21 - وروى عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يوم الجمعة، وليلة الجمعة، أربعةٌ وعشرون ساعة ليس فيها ساعة إلا ولله فيها ستمائة ألف عتيق (¬1) من النار. قال: فخرجنا من عنده فدخلنا على الحسن فذكرنا له حديث ثابت، فقال: سمعته، وزاد فيه: كلهم قد استوجبوا النار. رواه أبو يعلى والبيهقى باختصار، ولفظه: لله في كل جمعةٍ ستمائة ألف عتيق من النار. 22 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: فيها ساعة لا يُوافقها عبدٌ مسلم وهو قائم يُصلى يسألُ الله شيئاً إلا أعطاه، وأشار بيده يُقللها. رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه. (وأما تعيين الساعة): فقد ورد فيه أحاديث كثيرة صحيحة، واختلف العلماء فيها اختلافا كثيراً بسطته في غير هذا الكتاب، وأذكر هنا نبذة من الأحاديث الدالة لبعض الأقوال. 23 - وعن أبي بُردة بن أبى موسى الأشعرى رضي الله عنه قال: قال لى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أسمعت أباك يُحدثُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة؟ قال قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هى ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقضى الصلاة (¬2). رواه مسلم، وأبو داود، وقال: يعنى على المنبر، وإلى هذا القول ذهب طوائف من أهل العلم. ¬
الترغيب في التماس ساعة الإجابة يوم الجمعة 24 - وعن عمرو بن عوفٍ المزنى رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم: إن في الجمعة ساعةً لا يسأل الله العبد فيها شيئاً إلا آتاه الله إياه. قالوا يا رسول الله أيةُ ساعةٍ هى؟ قال هى حين تقام الصلاة إلى الانصراف منها. رواه الترمذي وابن ماجه كلاهما من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده، وقال الترمذي: حديث حسن غريب. (قال الحافظ): كثير بن عبد الله واهٍ بمرة، وقد حسّن له الترمذي هذا وغيره، وصحح له حديثاً في الصلح فانتقد له الحفاظ تصحيحه له بل وتحسينه، والله أعلم. 25 - وروى عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: التمسوا الساعة التى تُرجى في يوم الجمعة بعد صلاة العصر إلى عيوبة (¬1) الشمس. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب، ورواه الطبراني من رواية ابن لهيعة، وزاد في آخره: وهى قدر هذا، يعنى قبضة، وإسناده أصلح من إسناد الترمذي. 26 - وعن عبد الله بن سلامٍ رضي الله عنه قال: قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ: إنا لنجدُ في كتاب الله تعالى: في يوم الجمعة ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مؤمنٌ يصلى يسأل الله فيها شيئاً إلا قضى الله له حاجته. قال عبد الله: فأشار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أو بعض ساعةٍ، فقلت صدقت، أو بعض ساعةٍ. قلت: أي ساعةٍ هى؟ قال: آخر ساعات النهار. قلت: إنها ليست ساعة صلاةٍ؟ قال: بلى إن العبد إذا صلى، ثم جلس لم يجلسه إلا الصلاة فهو في صلاةٍ. رواه ابن ماجه، وإسناده على شرط الصحيح. 27 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل للنبى صلى الله عليه وسلم: أي ¬
شئٍ يوم الجمعة. قال: لأن فيها طُبعت (¬1) طينةٌ أبيكَ آدم، وفيها الصعقة (¬2) وفيها البعثة (¬3) وفيها البطشة (¬4)، وفي آخر ثلاث ساعاتٍ منها: ساعة من دعا الله فيها استجيب له. رواه أحمد من رواية علىّ بن أبى طلحة عن أبي هريرة، ولم يسمع منه، ورجاله محتجّ بهم في الصحيح. 28 - وروى عن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الساعة التى يُستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة آخر ساعةٍ من يوم الجمعة قبل غروب الشمس أغفل (¬5) ما يكون الناسُ. رواه الأصبهاني. 29 - وعن جابرٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يوم الجمعة اثنتا عشر ساعةً لا يوجد عبدٌ مسلمٌ يسأل الله عز وجل شيئاً إلا آتاهُ إياه فالتمسوها آخر ساعةٍ بعد العصر. رواه أبو داود والنسائي، واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وهو كما قال الترمذي. ورأى بعض أهل العلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن الساعة التى تُرجى بعد العصر إلى أن تغرب الشمس، وبه يقول أحمد وإسحاق، وقال أحمد: أكثر الحديث في الساعة التى تُرجى فيها إجابة الدعوة أنها بعد صلاة العصر. قال: وتُرجى بعد الزوال، ثم روى حديث عمرو بن عوف المتقدم، وقال الحافظ: أبو بكر بن المنذر: ¬
الترغيب في الغسل يوم الجمعة
اختلفوا في وقت الساعة التى يُستجاب فيها الدعاء من يوم الجمعة فروينا عن أبي هريرة قال: هى من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وقال الحسن البصرى، وأبو العالية: هى عند زوال الشمس، وفيه قولٌ ثالثٌ، وهو أنه إذا أذن المؤذن لصلاة الجمعة، رُوى ذلك عن عائشة، وروينا عن الحسن البصرى أنه قال: هى إذا قعد الإمام على المنبر حتى يفرغ (¬1)، وقال أبو بُردة: هى الساعة التى اختار الله فيها الصلاة، وقال أبو السوار العدوى: كانوا يرون الدعاء مستجاباً ما بين أن تزول الشمس إلى أن يدخل في الصلاة، وفيه قولٌ سابعٌ، وهو أنها بين أن تزيغ (¬2) الشمس يشير إلى ذراعٍ، وروينا هذا القول عن أبي ذرٍّ وفيه قولٌ ثامنٌ وهو أنها ما بين العصر إلى أن تغرب الشمس: كذا قال أبو هريرة، وبه قال طاوسٌ، وعبد الله بن سلامٍ رضي الله عنهم، والله أعلم. الترغيب في الغسل يوم الجمعة (وقد تقدم ذكر الغسل في الباب قبله في حديث نبيشة الهذلى، وسلمان الفارسي، وأوس بن أوس، وعبد الله بن عمرو، وتقدم أيضاً حديث أبى بكر، وعمران بن حصين، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اغتسل يوم الجمعة كُفرت عنه ذنوبه، وخطاياه. الحديث). 1 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الغسل يوم الجمعة ليسُلُّ (¬3) الخطايا من أُصُولِ الشعر استلالاً. رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات. ¬
2 - وعن عبد الله بن أبى قتادة رضي الله عنه قال: دخل على أبى وأنا أغتسل يوم الجمعة، فقال: غُسلك هذا من جنابةٍ أو للجمعة؟ قلت: من جنابةٍ. قال أعد غُسلاً آخر، إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارةٍ إلى الجمعة الأخرى (¬1). رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده قريب من الحسن، وابن خزيمة في صحيحه، وقال: هذا حديث غريب لم يروه غير هارون، يعنى ابن مسلم صاحب الحنا، ورواه الحاكم بلفظ الطبراني، وقال: صحيح على شرطهما، ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه: من اغتسل يوم الجمعة لم يزل طاهراً إلى الجمعة الأُخرى. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
الترغيب في التبكير إلى الجمعة، وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير من غير عذر
إذا كان يوم الجمعة فاغتسل الرجل (¬1)، وغسل رأسه، ثم تطيب من أطيب طيبه، ولبس من صالح ثيابه (¬2)، ثم خرج إلى الصلاة (¬3)، ولم يفرق (¬4) بين اثنين، ثم استمع (¬5) الإمام غُفر له من الجمعة، وزيادة ثلاثة أيامٍ. رواه ابن خزيمة في صحيحه. (قال الحافظ): وفي هذا الحديث دليل على ما ذهب إليه مكحول، ومن تابعه في تفسير قوله: غسل واغتسل. والله أعلم. 4 - وعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غسل يوم الجمعة واجبٌ (¬6) على كل مُحتلمٍ (¬7)، وسواكٌ، ويمسُّ من الطيب (¬8) ما قدر عليه. رواه مسلم وغيره. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا يوم عيدٍ جعله الله للمسلمين، فمن جاء الجمعة فليغتسل، وإن كان عنده طيب فليمس منه، وعليكم بالسواك. رواه ابن ماجه بإسناد حسن، وستأتى أحاديث تدل لهذا الباب فيما يأتى من الأبواب إن شاء الله تعالى. الترغيب في التبكير إلى الجمعة وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير من غير عذر 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اغتسل يوم الجمعة غُسل الجنابة (¬9)، ثم راح الساعة الأولى (¬10) فكأنما ¬
قرَّبَ بدنةً (¬1)، ومن راح في الساعة الثانية: فكأنما قرب بقرةً، ومن راح في الساعة الثالثة: فكأنما قرب كبشا (¬2) أقرن: ومن راح في الساعة الرابعة: فكأنما قرب دجاجةً، ومن راحة في الساعة الخامسة: فكأنما قرب بيضةً، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة (¬3) يستمعون الذكر (¬4). رواه مالك والبخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. 2 - وفي رواية البخاري ومسلم وابن ماجه: إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول، ومثل المهجر كمثل الذى يُهدى بدنةً ثم كالذى يهدى بقرةً، ثم كبشاً، ثم دجاجةً، ثم بيضةً، فإذا خرج الإمام طوَوْا صُحفهم يستمعون الذكر. ورواه ابن خزيمة في صحيحه بنحو هذه. 3 - وفي روايةٍ له: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المستعجل إلى الجمعة كالمهدى بدنةً، والذى يليه كالمهدى بقرةً، والذي يليه كالمُهدى شاةً، والذى يليه ¬
كالمهدى طيراً. وفى أُخرى له قال: على كل بابٍ من أبواب المساجد يوم الجمعة ملكان يكتبان الأول فالأول كرجل قدم بدنةً، وكرجل قدم بقرةً، وكرجل قدم شاةً، وكرجلٍ قدم طيراً، وكرجلٍ قدم بيضةً، فإذا قعد الإمام طويت الصحف. (المهجر): هو المبكر الآتى في أول ساعة. الترغيب في التبكير إلى الجمعة وماجاء فيمن يتأخر عن التبكير الخ 4 - وعن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب مثل يوم الجمعة، ثم التبكير، كأجرِ البقرةِ، كأجر الشاة حتى ذكر الدجاجة. رواه ابن ماجه بإسناد حسن. 5 - وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقعد الملائكة يوم الجمعة على أبواب المساجد معهم الصحف يكتبون الناس، فإذا خرج الإمام طويت الصحف، قلت: ياأبا أُمامة ليس لمن جاءَ بعد خروج الإمام جمعة؟ قال: بلى ولكن ليس ممن يكتب (¬1) في الصحف. رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفي إسناده مبارك بن فضالة. 6 - وفي رواية لأحمد رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقعد الملائكة على أبواب المساجد فيكتبون الأول والثانى والثالث حتى إذا خرج الإمام رُفعتِ الصحف. ورواة هذا ثقات. 7 - وعن علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال: إذا كان يوم الجمعة خرجت الشياطين يُريثون (¬2) الناس أسواقهم، وتقعد الملائكة على أبواب المساجد يكتبون الناس على قدر منازلهم: السابق والمُصلى والذي يليه حتى يخرج الإمام، فمن دنا من ¬
الإمام فأنصت واستمع، ولم يلغ (¬1)، كان له كفلان من الأجر، ومن نأى (¬2) فاستمع وأنصت، ولم يلغ كان له كفلٌ (¬3) من الأجر، ومن دنا (¬4) من الإمام فلغا ولم ينصت ولم يستمع كان عليه كفلان من الوزر (¬5)، ومن قال صه (¬6) فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له، ثم قال: هكذا سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول. رواه أحمد، وهذا لفظه. وأبو داود، ولفظه: إذا كان يوم الجمعة غدتِ الشياطين براياتها إلى الأسواق فيرمون النسا بالترابيث أو الربايث، ويثبطونهم عن الجمعة، وتغدو (¬7) الملائكة فيجلسون على أبواب المساجد، ويكتبون الرجل من ساعةٍ، والرجل من ساعتين، حتى يخرج الإمام، فإذا جلس مجلسا يستمكن فيه من الاستماع والنظر فأنصت (¬8) ولم يلغ (¬9) كان له كفلان من الأجر، فإن نأى حيث لا يسمع فأنصت ولم يلغ كان له كفلٌ من الأجر، فإن جلس مجلساً لا يستمكن فيه من الاستماع والنظر فلغا ولم ينصت كان له كفلان من وزرٍ، فإن جلس مجلسا يستمكن فيه من الاستماع والنظر، ولغا ولم يُنصت كان له كفلٌ من وزرٍ. قال: ومن قال لصاحبه يوم الجمعة أنصت فقد لغا، ومن لغا ليس له في جمعته شئ، ثم قال آخر ذلك: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك: (قال الحافظ): وفي إسنادهما راوٍ لم يسمّ. ¬
(الربايث): بالراء والباء الموحدة، ثم ألف وياء مثناة تحت بعدها ثاء مثلثة: جمع ربيثة وهى الأمر الذى يحبس المرء عن مقصده ويثبطه عنه، ومعناه أن الشياطين تشغلهم وتفندهم عن السعى إلى الجمعة إلى أن تمضى الأوقات الفاضلة. (قال الخطابي): الترابيث ليس بشئ إنما هو الربايث، وقوله: فيرمون الناس إنما هو فيريثون الناس. قال وكذلك روى لنا في غير هذا الحديث. (قال الحافظ): يشير إلى لفظ رواية أحمد المذكورة. وقوله: (صه): بسكون الهاء وتكسر منوّنة، وهى كلمة زجر للمتكلم: أي اسكت. (والكفل): بكسر الكاف: هو النصيب من الأجر أو الوزر. 8 - وعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المساجد فيكتبون من جاء من الناس على منازلهم، فرجل قدم جزوراً (¬1)، ورجل قدم بقرةً، ورجلٌ قدمَ شاةً، ورجلٌ قدّمَ دجاجة، ورجل قدم بيضةً. قال: فإذا أذن المؤذن، وجلس الإمام على المنبر طويت الصحف. ودخلوا المسجد يستمعون الذكر. رواه أحمد بإسناد حسن، ورواه النسائي بنحوه من حديث أبى هريرة. 9 - وعن عمرو بن شعيب رضي الله عنه عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: تُبعث الملائكة على أبواب المساجد يوم الجمعة يكتبون مجئ الناس، فإذا خرج الإمام طويت الصحف ورفعت الأقلام، فتقول الملائكة بعضهم لبعضٍ: ما حبس فلاناً؟ فتقول الملائكة: اللهم إن كان ضالاًّ فاهده، وإن كان مريضاً فاشفه، وإن كان عائلاً فأغنه. رواه ابن خزيمة في صحيحه (العائل): الفقير. 10 - وعن أبي عبيدة رضي الله عنه قال: قال عبد الله: سارعوا إلى الجمعة، فإن الله يبرز إلى أهل الجنة في كل يوم جمعةٍ في كثيبِ كافورِ فيكونون منه في القرب على قدر تسارعهم فيحدث الله عز وجل لهم من الكرامة شيئاً لم يكونوا ¬
الترهيب من تخطي الرقاب يوم الجمعة
رأوهُ قبل ذلك، ثم يرجعون إلى أهليهم فيحدثونهم بما أحدث الله لهم. قال: ثم دخل عبد الله المسجد فإذا هو برجلين يوم الجمعة قد سبقاه، فقال عبد الله: رجلان وأنا الثالث إن شاء الله أن يبارك في الثالث. رواه الطبراني في الكبير. وأبو عبيدة، اسمه عامر ولم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقيل سمع منه. 11 - وعن علقمة رضي الله عنه قال: خرجت مع عبد الله بن مسعودٍ يوم الجمعة فوجد ثلاثة قد سبقوه، فقال: رابع أربعةٍ، وما رابعُ أربعةٍ من الله ببعيدٍ، إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس يجلسون يوم القيامة من الله عز وجل على قدر رواحهم إلى الجمعات: الأول، ثم الثانى، ثم الثالث، ثم الرابع، وما رابع أربعةٍ من الله ببعيدٍ رواه ابن ماجه وابن أبى عاصم، وإسنادهما حسن. (قال الحافظ) رحمه الله: وتقدم حديث عبد الله بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من غسل واغتسل، ودنا وابتكر، واقترب واستمع، كان له بكل خطوةٍ يخطوها قيام سنةٍ وصيامها، وكذلك تقدم حديث أوس بن أوس نحوه. 12 - وروى عن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احضروا الجمعة، وادنوا (¬1) من الإمام، فإن الرجل ليكون من أهل الجنة فيتأخرُ عن الجمعة فيؤخرُ عن الجنة، وإنه لمن أهلها. رواه الطبراني والأصبهاني وغيرهما. الترهيب من تخطى الرقاب يوم الجمعة 1 - عن عبد الله بن بُسْرٍ رضي الله عنهما قال: جاء رجلٌ يتخطى (¬2) رقاب الناس يوم الجمعة والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: اجلس فقد آذيت وآنيت (¬3). رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان ¬
في صحيحيهما، وليس عند أبى داود والنسائي: وآنيت، وعند ابن خزيمة: فقد آذيت وأُوذيت، ورواه ابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله. (آنيت): بمد الهمزة وبعدها نون ثم ياء مثناة تحت: أي أخرت المجئ، وآذيت بتخطيك رقاب الناس. 2 - وروى عن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتُّخذ جسراً إلى جهنم. رواه ابن ماجه والترمذي، وقال: حديث غريب، والعمل عليه عند أهل العلم. 3 - وروى عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاء رجلٌ يتخطى رقاب الناس حتى جلس قريباً من النبى صلى الله عليه وسلم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: ما منعك يافلان أن تجمع معنا؟ قال: يا رسول الله قد حرصت أن أضع نفسي بالمكان الذى ترى. قال: قد رأيتك تتخطى رقاب الناس وتُؤذيهم، من آذى مسلما فقد آذانى (¬1)، ومن آذاني، فقد آذى (¬2) الله عز وجل. رواه الطبراني في الصغير والأوسط. 4 - وروى عن الأرقم بن أبى الأرقم رضي الله عنه، وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الذى يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة ويفرق بين الاثنين بعد خروج الإمام كجار قُصبه (¬3) في النار. رواه أحمد والطبراني في الكبير. ¬
الترهيب من الكلام والإمام يخطب، والترغيب في الإنصات
الترهيب من الكلام والإمام يخطب، والترغيب في الإنصات 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا قُلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت والإمام يخطب فقد لغوت. رواه البخاري ومسلم: وأبو داود والترمذي والنسائيّ، وابن ماجه وابن خزيمة. (قوله لغوت): قيل معناه: خبت من الأجر، وقيل: تكلمت، وقيل: أخطأت، وقيل: بطلت فضيلة جمعتك، وقيل: صارت جمعتك ظهراً، وقيل: غير ذلك. 2 - وعنه رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا تكلمت يوم الجمعة، فقد لغوت وألغيت، يعنى والإمام يخطب. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 3 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب، فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً (¬1)، والذى يقول له: أنصت ليس له جمعة (¬2). رواه أحمد والبزّار والطبراني. 4 - وعن أُبى بن كعبٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الجمعة تبارك وهو قائمٌ يذكر بأيام الله، وأبو ذر يغمز أُبىَّ بن كعبٍ، فقال: متى أُنزلت هذه السورة إنى (¬3) لم أسمعها إلى الآن، فأشار إليه أن اسكت، فلما انصرفوا قال: سألتك متى أُنزلت هذه السورة فلم تخبرنى؟ فقال: أُبىُّ: ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت، فذهب أبو ذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبره بالذى قال أُبى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق أُبي. رواه ابن ماجه بإسناد حسن. ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه أنه قال: دخلت المسجد يوم الجمعة، والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب فجلست قريباً من أُبى بن كعبٍ فقرأ النبىُّ ¬
صلى الله عليه وسلم سورة براءة، فقلت لأبى: متى نزلت هذه السورة؟ قال: فتجهَّمنى ولم يُكلمنى، ثم مكثت ساعةً، ثم سألته فتجهمنى ولم يكلمنى، ثم مكثت ساعةً، ثم سألته فتجهمنى ولم يُكلمنى، فلما صلى النبى صلى الله عليه وسلم قلت لأبى: سألتك فتجهمتنى ولم تُكلمنى، قال أُبىٌّ: مالك من صلاتك إلا ما لغوت، فذهبت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبى الله كنت بجنب أُبى وأنت تقرأ براءة، فسألته متى نزلت هذه السورة؟ فتجهمنى ولم يكلمنى، ثم قال: مالك من صلاتك إلا ما لغوت، قال النبى صلى الله عليه وسلم: صدق أُبىٌّ. (قوله فتجهمنى): معناه قطب وجهه وعبس إلىّ نظر المغضب المنكر. الترهيب من الكلام والإمام يخطب الخ 5 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً على المنبر فخطب الناس، وتلا آيةً، وإلى جنبى أُبىُّ بن كعبٍ، فقلت: له يا أُبىُّ ومتى أُنزلت (¬1) هذه الآية؟ قال: فأبى أن يكلمنى، ثم سألته فأبى أن يكلمنى حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أُبىُّ: مالك من جمعتك إلا ما لغيت (¬2)، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم جئته فأخبرته، فقلت: أي رسول الله إنك تلوت آيةً، وإلى جنبى أُبىُّ بن كعبٍ، فقلت له: متى أُنزلت هذه الآيةُ؟ فأبى أن يُكلمنى حتى إذا نزلت زعم أبى أنه ليس لى من جمعتى إلا ما لغيت، فقال: صدق أُبىٌّ: إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ. رواه أحمد من رواية حرب بن قيس عن أبي الدرداء، ولم يسمع منه. 6 - وروى عن جابر رضي الله عنه قال: قال سعد بن أبى وقاصٍ رضي الله عنه لرجل: لا جمعة لك، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لم ياسعد؟ قال: لأنه كان يتكلم وأنت تخطب، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: صدق سعدٌ. رواه أبو يعلى والبزّار. 7 - وعن جابرٍ أيضاً رضي الله عنه قال: دخل عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه المسجد والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس إلى جنب أُبى بن كعبٍ، فسأله ¬
عن شئٍ أو كلمه بشئٍ فلم يرد عليه أبىٌّ، فظن ابن مسعودٍ أنها موجدةٌ (¬1)، فلما انفتل (¬2) النبى صلى الله عليه وسلم من صلاته. قال ابن مسعود: ياأُبى ما منعك أن تردَّ علىَّ؟ قال: إنك لم تحضر معنا الجمعة. قال: لم؟ قال: تكلمت والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب، فقام ابن مسعودٍ: فدخل على النبى صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق أُبىُّ، أطِعْ أُبيًّا. رواه أبو يعلى بإسناد جيد، وابن حبان في صحيحه. 8 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: كفى لغواً (¬3) أن تقول لصاحبك: أنصت إذا خرج الإمام في الجمعة. رواه الطبراني في الكبير موقوفاً بإسناد صحيح، وتقدم في حديث علىّ المرفوع. ومن قال يوم الجمعة لصاحبه أنصت فقد لغا، ومن لغا فليس له في جمعته تلك شئ. 9 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اغتسل يوم الجمعة، ومس من طيب امرأته إن كان لها، ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخط رقاب الناس، ولم يلغ عند الموعظة كان كفارة لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظُهْراً. رواه أبو داود، وابن خزيمة ¬
الترهيب من ترك الجمعة لغير عذر
في صحيحه من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، ورواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث أبى هريرة بنحوه، وتقدم. 10 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحضر الجمعة ثلاثة نفرٍ، فرجلٌ حضرها بلغوٍ، فذلك حظه منها، ورجلٌ حضرها بدعاءٍ فهو رجلٌ دعا الله: إن شاء أعطاه وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصاتٍ وسكوتٍ ولم يتخط رقبة مسلمٍ، ولم يؤذ أحداً فهى كفارةٌ إلى الجمعة التى تليها، وزيادة ثلاثة أيامٍ وذلك أن الله يقول: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها. رواه أبو داود، وابن خزيمة في صحيحه، وتقدم في حدث علىٍّ. فمن دنا من الإمام فأنصت واستمع ولم يلغ كان له كفلان من الأجر، الحديث. الترهيب من ترك الجمعة لغير عذر 1 - عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لقومٍ يتخلفون عن الجمعة: لقد هممت أن آمر رجلاً يُصلى بالناس، ثم أُحرق على رجالٍ يتخلفون عن الجمعة بيوتهم. رواه مسلم والحاكم بإسناد على شرطهما؛ وتقدم في باب الحمام حديث أبى سعيد، وفيه: ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليسع إلى الجمعة، ومن استغنى عنها بلهوٍ (¬1) أو تجارةٍ استغنى الله عنه، والله غنى حميد. رواه الطبراني. 2 - وعن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: لينتهين أقوامٌ عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم، وابن ماجه وغيرهما. (قوله): ودعهم الجمعات. هو بفتح الواو، وسكون الدال: أي تركهم الجمعات. ورواه ابن خزيمة بلفظ تركهم من حديث أبى هريرة، وأبى سعيد الخدرى. ¬
3 - وعن أبي الجعد الضُّمرى وكانت له صحبةٌ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاوناً (¬1) بهاطبع (¬2) الله على قلبه. رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. وفي رواية لابن خزيمة، وابن حبان: من ترك الجمعة ثلاثاً من غير عذرٍ فهو منافق (¬3) وفي رواية ذكرها رزين: وليست في الأصول: فقد برئ من الله. (أبو الجعد): اسمه أدرع، وقيل جنادة، وذكر الكرابيسى أن اسمه عمر بن أبى بكر. وقال الترمذي: سألت محمدا، يعنى البخاري عن اسم أبى الجعد فلم يعرفه. 4 - وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك الجمعة ثلاث مراتٍ من غير ضرورةٍ طبع الله على قلبه. رواه أحمد بإسناد حسن والحاكم، وقال صحيح الإسناد. 5 - وعن أُسامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ترك ثلاث جمعاتٍ من غير عذرٍ كُتب من المنافقين (¬4): رواه الطبراني في الكبير من رواية جابر الجعفى، وله شواهد. 6 - وعن كعب بن مالكٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لينتهين (¬5) أقوامٌ يسمعون النداء يوم الجمعة، ثم لا يأتونها، أو ليطبعن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين (¬6). رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. ¬
7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا هل عسى أحدكم أن يتخذ الصُّبَّةَ (¬1) من الغنم على رأس ميلٍ أو ميلين فيتعذر عليه الكلأ فيرتفع، ثم تجئُ (¬2) الجمعة فلا يجئُ ولا يشهدها، وتجئُ الجمعةُ فلا يشهدها حتى يُطبع على قلبه. رواه ابن ماجه بإسناد حسن، وابن خزيمة في صحيحه. (الصبة): بضم الصاد المهملة، وتشديد الباء الموحدة: هى السرية إما من الخيل أو الإبل أو الغنم: ما بين العشرين إلى الثلاثين تضاف إلى ما كانت منه، وقيل: هى ما بين العشرة إلى الأربعين. 8 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً يوم الجمعة فقال: عسى رجلٌ تحضره الجمعة وهو على قدر ميلٍ من المدينة فلا يحضر الجمعة، ثم قال في الثانية: عسى رجل تحضره الجمعة وهو على قدر ميلين من المدينة فلا يحضرها، وقال في الثالثة: عسى يكون على قدر ثلاثة أميالٍ من المدينة فلا يحضر الجمعة ويطبع الله على قلبه رواه أبو يعلى بإسناد لين. وروى ابن ماجه عنه بإسناد جيد مرفوعاً: من ترك الجمعة ثلاثاً من غير ضرورةٍ (¬3) طبع الله على قلبه. 9 - وروى عن جابرٍ رضي الله عنه أيضاً قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
فقال: ياأيها الناس توبوا (¬1) إلى الله قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له، وكثرة الصدقة في السر والعلانية تُرزقوا، وتنصروا، وتُجبروا، واعلموا أن الله افترض عليكم الجمعة في مقامى هذا، في يومى هذا، في شهرى هذا، من عامى هذا إلى يوم القيامة، فمن تركها في حياتى أو بعدى وله إمام عادل أو جائرٌ استخفافاً بها وجحودا بها، فلا جمع الله له شمله، ولابارك له في أمره، ألا ولا صلاة له، وألا ولا زكاة له، ألا ولا جح له، ألا ولا صوم له، ولا برَّ له حتى يتوب، فمن تاب تاب الله عليه (¬2). رواه ابن ماجه، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث أبى سعيد الخدرى أخصر منه. 10 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من ترك الجمعة ثلاث جمع متوالياتٍ، فقد نبذ (¬3) الإسلام وراء ظهره. رواه أبو يعلى موقوفاً بإسناد صحيح. 11 - وعن حارثة بن النعمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتخذ أحدكم السائمة فيشهد الصلاة في جماعةٍ فتتعذر عليه سائمته، فيقول: لو طلبت لسائمتى مكاناً هُوَ أكلأ من هذا فيتحول، ولا يشهد إلا الجمعة فتتعذر عليه سائمته فيقول: لو طلبت لسائمتى مكاناً هو أكلأ من هذا فيتحول، ولا يشهد الجمعة ولا الجماعة فيطبع الله على قلبه. رواه أحمد من رواية عمر ابن عبد الله مولى غفرة، وهو ثقة عنده، وتقدم حديث أبى هريرة عند ابن ماجه، وابن خزيمة بمعناه. ¬
الترغيب في قراءة سورة الكهف، وما يذكر معها ليلة الجمعة ويوم الجمعة
(قوله): أكلأ من هذا. أي أكثر كلأ. والكلأ: بفتح الكاف واللام، وفى آخره: همزة غير ممدودة: هو العشب الرطب واليابس. 12 - وعن محمدِ بن عبد الرحمن بن زرارة رضي الله عنه قال: سمعت عمر ولم أر رجلاً منَّا به شبيهاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء يوم الجمعة فلم يأتها، ثم سمعه فلم يأتها، ثم سمعه ولم يأتها طبع الله على قلبه، وجعل قلبه قلب منافقٍ (¬1). رواه البيهقى. وروى الترمذي عن ابن عباس: أنه سُئل عن رجلٍ يصوم النهار ويقوم الليل، ولا يشهد الجماعة، ولا الجمعة. قال (¬2): هو في النار. الترغيب في قراءة سورة الكهف وما يذكر معها ليلة الجمعة ويوم الجمعة 1 - عن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين (¬3). رواه النسائي والبيهقى مرفوعا والحاكم مرفوعاً وموقوفاً أيضاً، وقال صحيح الإسناد، ورواه الدرامى في مسنده موقوفاً على أبى سعيد، ولفظه قال: من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت (¬4) العتيق ¬
وفى أسناديهم كلها إلا الحاكم أبو هاشمٍ يحيى بن دينارٍ الرومانى، والأكثرون على توثيقه، وبقية الإسناد ثقات، وفي إسناد الحاكم الذى صححه نعيم بن حماد، ويأتى الكلام عليه وعلى أبى هاشم. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه (¬1) إلى عنان (¬2) السماء يُضئُ له يوم القيامة وغُفر له ما بين الجمعتين. رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره بإسناد لا بأس به. 3 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة غفر له (¬3). وفي رواية: من قرأ حم الدخان في ليلةٍ أصبح يستغفر له سبعون ألف ملكٍ. رواه الترمذي والأصبهاني، ولفظه: من صلى بسورة الدخان في ليلة بات يستغفر له سبعون ألف ملكٍ. ورواه الطبراني والأصبهاني أيضاً من حديث أبى أمامة، ولفظهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ حم الدخان في ليلة الجمعة أو يوم الجمعة بنى الله له بها (¬4) بيتاً في الجنة. 4 - وروى عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ¬
كتاب الصدقات
قرأ سورة يس في ليلة الجمعة غفر له (¬1). رواه الأصبهاني. 5 - وروى عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ السورة التى يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى عليه الله وملائكته حتى تغيب الشمس (¬2). رواه الطبراني في الأوسط والكبير. كتاب الصدقات الترغيب في أداء الزكاة وتأكيد وجوبها 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بُنى (¬3) الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله (¬4)، وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة (¬5) وإيتاء الزكاة (¬6)، ¬
وحج البيت (¬1)، وصوم رمضان (¬2). رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 2 - وعن أبي هريرة وأبى سعيدٍ رضي الله عنهما قالا خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والذى نفسى بيده ثلاث مراتٍ، ثم اكَبَّ (¬3)، فأكبَّ كلُّ رجلٍ منا يبكى لا يدرى على ماذا حلف؟ ثم رفع رأسه، وفى وجهه البشرى فكانت أحبَّ إلينا من خمر النعم (¬4). قال: ما من عبدٍ يصلى الصلوات الخمس، ويصوم رمضان ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع (¬5) إلا فتحت له أبواب الجنة وقيل له ادخل بسلامٍ (¬6). رواه النسائي واللفظ له، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. ¬
3 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: أتى رجلٌ من تميمٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إنى ذو مالٍ (¬1) كثير، وذو أهلٍ ومالٍ، وحاضرةٍ (¬2) فأخبرنى كيف أصنع، وكيف أنفقُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تخرج الزكاة من مالك، فإنها طهرةٌ تطهرك، وتصل أقرباءك، وتعرف حق المسكين، والجار، والسائل، الحديث. رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. 4 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمسٌ من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس، على وضوئهن، وركوعهن، وسجودهن، ومواقيتهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلاً، وأعطى الزكاة طيبةً بها نفسه. الحديث. رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد، وتقدم. ¬
5 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فأصبحت يوماً قريباً منه، ونحن نسيرُ، فقلت: يا رسول الله أخبرنى بعملٍ يدخلنى الجنة، ويباعدنى من النار؟ قال: لقد سألت عن عظيمٍ، وإنه لُيسيرٌ (¬1) على من يسره الله عليه: تعبدُ الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت. الحديث. رواه أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه ويأتى بتمامه في الصمت إن شاء الله تعالى. 6 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الزكاة قنطرة (¬2) الإسلام. رواه الطبراني في الأوسط والكبير وفيه ابن لهيعة، والبيهقى وفيه بقية بن الوليد. 7 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثٌ أحلف عليهن: لا يجعل الله من له سهمٌ في الإسلام كما لا سهم له، وأسهم الإسلام ¬
ثلاثةٌ: الصلاة والصوم، والزكاةُ (¬1)، ولا يتولى الله (¬2) عبداً في الدنيا فيوليه (¬3) غيره يوم القيامة. الحديث. رواه أحمد بإسناد جيد. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لمن حوله من أُمته: اكفلوا (¬4) لى بست أكفلْ لكم بالجنةِ. قلت: ما هى يا رسول الله؟ قال: الصلاة، والزكاة، والأمانة، والفرج، والبطن، واللسان. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد لا بأس به، وله شواهد كثيرة. 9 - وعن حذيفة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الإسلام ثمانية أسهمٍ (¬5): الإسلام (¬6) سهمٌ، والصلاة سهمٌ، والزكاة سهمٌ، والصوم سهمٌ، ¬
وحج البيت سهمٌ، والأمرُ بالمعروف (¬1) سهم، والنهى عن المنكر (¬2) سهم، والجهاد في سبيل الله (¬3) سهم، وقد خاب (¬4) من لا سهم له. رواه البزار مرفوعاً، وفيه: يزيد بن عطاء اليشكرى، ورواه أبو يعلى من حديث علىّ مرفوعاً أيضاً، وروى موقوفاً على حذيفة وهو أصح، قاله الدراقطنى وغيره. 10 - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله: أرأيت إن أدَّى الرجل زكاة ماله (¬5)؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدى زكاة ماله، فقد ذهب عنه شرُّهُ (¬6). رواه الطبراني في الأوسط، واللفظ له، وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم مختصراً: إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شره. وقال صحيح على شرط مسلم. ¬
11 - وعن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حَصنوا (¬1) أموالكم بالزكاة، وداوو مرضاكم بالصدقة (¬2)، واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع (¬3). رواه أبو داود في المراسيل، ورواه الطبراني والبيهقى وغيرهما من جماعة من الصحابة مرفوعاً متصلاً، والمرسل أشبه. 12 - وروى عن علقمة رضي الله عنه أنهم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فقال لنا النبى صلى الله عليه وسلم: إن تمام إسلامكم أن تُؤدُّوا زكاة أموالكم (¬4). رواه البزار. 13 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كلُّ مالٍ (¬5) وإن كانت تحت سبع أرضين تُؤدى زكاته فليس بكنزٍ، وكل مالٍ لا تؤدى زكاته وإن كان ظاهراً فهو كنزٌ. رواه الطبراني في الأوسط مرفوعاً، ورواه غيره ¬
موقوفاً على ابن عمرو، وهو الصحيح. ¬
14 - وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقيموا ¬
الصلاة، وآتوا الزكاة، وحجوا واعتمروا، واستقيموا يستقم بكم. رواه الطبراني في الثلاثة، وإسناده جيد إن شاء الله تعالى، عمران القطان صدوق. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
15 - وروى عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله ¬
عليه وسلم: من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وحج البيت، وصام رمضان، ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
وقرى (¬1) الضيف دخل الجنة رواه الطبراني في الكبير، وله شواهد. 16 - وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان يؤمن بالله ورسوله فليؤد زكاة ماله، ومن كان يؤمن بالله ورسوله فليقل حقا (¬2)، أو ليسكت (¬3)، ومن كان يؤمن بالله ورسوله ¬
فليكرم ضيفه (¬1). رواه الطبراني في الكبير. 17 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم: أخبرنى بعملٍ يُدخلنى الجنة؟ قال: تعبد الله لا تُشرك به شيئاً (¬2)، وتقيم الصلاة (¬3) وتؤتى الزكاة (¬4)، وتصل الرحم (¬5). رواه البخاري ومسلم. 18 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دُلنى على عملٍ إذا عملته دخلت الجنة؟ قال: تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤتى الزكاة المفروضة (¬6)، وتصوم رمضان. قال: والذى نفسى بيده لا أزيد على هذا (¬7)، ولا أنقص منه، فلما ولى (¬8) قال النبى صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى رجلٍ من أهل الجنة فلينظر إلى هذا (¬9). رواه البخاري. 19 - وعن عمرو بن مرة الجهنى رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ من قضاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنى شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله (¬10): وصليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان وقمته (¬11)، وآتيت الزكاة، فقال رسول الله ¬
صلى الله عليه وسلم: من مات على هذا من الصديقين (¬1) والشهداء (¬2). رواه البزار بإسناد حسن، وابن خزيمة في صحيحه، وابن حبان، وتقدم لفظه في الصلاة. 20 - وعن عبد الله بن معاوية الغاضرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله علييه وسلم: ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان: من عبد الله وحده، وعلم أن لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبةً بها نفسه (¬3) رافدةً عليه كل عامٍ ولم يعط الهرمة (¬4)، ولا الدرنة، ولا المريضة، ولا الشرط اللئيمة، ولكن من وسط أموالكم، فإن الله لم يسئلكم خيره ولم يأمركم بشره. رواه أبو داود. (قوله: رافدة عليه) من الرفد، وهو الإعانة. ومعناه: أنه يُعطى الزكاة ونفسه تعينه على أدائها بطيبها وعدم حديثها له بالمنع. (والشرط): بفتح الشين المعجمة والراء: وهى الرذيلة من المال كالمسنة والعجفاء ونحوهما. (والدرنة): الجرباء. 21 - وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلمٍ. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 22 - وعن عبيد الله بن عميرٍ الليثي رضي الله عنه عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: إن أولياء الله (¬5) المصلون، ومن يقيم الصلوات ¬
الخمس التى كتبهن الله عليه، ويصوم رمضان، ويحتسب (¬1) صومه، ويُؤتى الزكاة محتسباً (¬2)، طيبةً بها نفسه، ويجتنب الكبائر؟ قال: تسع أعظمهن الإشراك بالله، وقتل المؤمن بغير حق، والفرار من الزحف (¬3)، وقذف المحصنة (¬4)، والسحر (¬5)، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، وعقوق الوالدين المسلمين، واستحلال البيت العتيق (¬6) الحرام قبلتكم أحياءً وأمواتاً، لا يموت رجلٌ لم يعمل هؤلاء الكبائر، ويقيم الصلاة، ويؤتى الزكاة إلا رافق محمداً صلى الله عليه وسلم في بحبوحة جنةٍ أبوابها مصاريع الذهب. رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات، وفي بعضهم كلام، وعند أبى داود بعضه. (بحبوحة الجنة): بضم الباءين الموحدتين وبحاءين مهملتين: هو وسطها. 23 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك، ومن جمع مالا حراماً، ثم تصدق به لم يكن له فيه أجرٌ، وكان إصره (¬7) عليه. رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 24 - وعن زر بن حُبيشٍ أن ابن مسعودٍ رضي الله عنه كان عنده غلام يقرأُ في المصحف وعنده أصحابه، فجاء رجل يقال له حضرمة، فقال يا أبا عبد الرحمن: أي درجات الإسلام أفضل؟ قال: الصلاة. قال: ثم أىٌّ؟ قال: الزكاة. رواه الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به. (قال المملى): وتقدم في كتاب الصلاة أحاديث تدل لهذا الباب، وتأتى أحاديث أخر في كتاب الصوم والحج إن شاء الله تعالى. ¬
الترهيب من منع الزكاة، وما جاء في زكاة الحلي
الترهيب من منع الزكاة، وما جاء في زكاة الحلى 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من صاحب ذهبٍ، ولا فضةٍ لا يُؤدى منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفايح من نار فأُحمى عليها في نهار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أُعيدت له في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ حتى يُقضى بين العباد فيرى سبيله (¬1) إما إلى الجنة، وإما إلى النار. قيل يا رسول الله: فالإبل؟ قال: ولا صاحب إبلٍ لا يؤدى منها حقها، ومن حقها حلبها يوم وردها إلا إذا كان يوم القيامة بُطح لها بقاعٍ قرقرٍ أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلاً واحداً تطؤُهُ بأخفافها، وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أُولاها رد عليه أُخراها في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار. قيل يا رسول الله فالبقر والغنم؟ قال: ولا صاحب بقرٍ ولا غنمٍ لا يُؤدى منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاعٍ قرقرٍ أوفر ما كانت لا يفقد منها شيئا ليس منها عقصاءُ ولا جلحاء، ولا عضباء تنطحه بقرونها وتطؤهُ بأظلافها كُلما مر عليه أولها رد عليه آخرها في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار. قيل يا رسول الله: فالخيل؟ قال: الخيل ثلاثة: هى لرجلٍ وزرٌ (¬2)، وهى لرجل سِترٌ (¬3)، وهى لرجل أجرٌ، فأما التى هى له وزرٌ: فرجلٌ ربطها رياءً وفخراً ونواءً (¬4) لأهل الإسلام فهى له وزرٌ، وأما التى هى له ستر: فرجل ربطها رياءً وفخراً ونواء لأهل الإسلام فهى له وزرٌ، وأما التى هى له سترٌ: فرجلٌ ربطها في سبيل الله، ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها، فهى له سترٌ، وأما التى هى له أجرٌ: فرجلٌ ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام في مرجٍ (¬5) أو روضةٍ، فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شئٍ إلا كُتب له عدد ما أكلت حسناتٌ، وكتب له عدد أروائها (¬6) وأبوالها حسنات، ولا تقطع طولها فاستنت شرفاً وشرفين إلا كتب له عدد آثارها وأرواثها ¬
حسناتٌ، ولا مرَّ بها صاحبها على نهرٍ فشربت منه، ولا يريد أن يسقيها إلا كتب الله تعالى له عدد ماشربت حسناتٍ. قيل يا رسول الله: فالحمر؟ قال: ما أُنزل على في الحمر إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره. رواه البخاري ومسلم، واللفظ له، والنسائي مختصراً. 2 - وفي رواية للنسائى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجلٍ لا يُؤدى زكاة ماله إلا جاء يوم القيامة شجاعاً من نارٍ فيكوى بها جبهته وجنبه وظهره في يومٍ كان مقداره خمسين الف سنةٍ حتى يُقضى بين الناس. 3 - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من صاحب إبلٍ لا يفعل حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت وقعد لها بقاعٍ قرقرٍ تستنُّ عليه بقوائمها وأخفافها. ولا صاحب بقر لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أوفر ما كانت، وقعد لها بقاعٍ قرقرٍ فتنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها ليس فيها جماءُ، ولا منكسرٌ قرنها، ولا صاحب كنزٍ لا يفعل فيه حقه إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعاً أقرع يتبعه فاتحاً فاه، فإذا أتاه فرَّ منه، فيناديه خذ كنزك الذى خبأته فأنا عنه غنىٌّ، فإذا رأى أن لا بُدَّ له منه سلك يده في فيه فيقضمها قضم الفحل. رواه مسلم. (القاع): المكان المستوى من الأرض. (والقرقر): بقافين مفتوحتين، وراءين مهملتين: هو الأملس. (والظِّلف): للبقر والغنم بمنزلة الحافر للفرس. (والعقصاء): هي الملتوية القرن. (والجلحاء): هى التى ليس لها قرن. (والعضباء): بالضاد المعجمة هى المكسورة القرن. (والطول): بكسر الطاء وفتح الواو، وهو حبل تشدّ به قائمة الدابة وترسلها ترعى، أو تمسك طرفه وترسلها. (واستنت): بتشديد النون. أي جرت بقوة. (شرفاً): بفتح الشين المعجمة والراء: أي شوطاً. وقيل: نحو ميل.
(والنواء) بكسر النون وبالمد: هو المعاداة. (والشجاع): بضم الشين المعجمة وكسرها هو الحية، وقيل: الذكر خاصة، وقيل: نوع من الحيات. (والأقرع): منه الذهب شعر رأسه من طول عمره 4 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحدٍ لا يُؤدى زكاة ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع حتى يُطوق (¬1) به عنقه، ثم قرأ علينا النبى صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله: ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله الآية. رواه ابن ماجه، واللفظ له، والنسائي بإسناد صحيح، وابن خزيمة في صحيحه. 5 - وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله فرض على أغنياء (¬2) المسلمين في أموالهم بقدر الذى يسع فقراءهم ولن يُجهد الفقراء إذا جاعوا وعروا (¬3) إلا بما يصنع أغنياؤهم، ألا وإن الله يُحاسبهم حساباً شديداً ويعذبهم عذاباً أليماً. رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وقال تفرد به ثابت بن محمد الزاهد. (قال الحافظ): وثابت ثقة صدوق روى عنه البخاري وغيره، وبقية رواته لا بأس بهم، وروى موقوفا على علىٍّ رضي الله عنه، وهو أشبه. 6 - وعن مسروقٍ رضي الله عنه قال: قال عبد الله: آكل الربا وموكله وشاهداه إذا علماه والواشمة والمؤتشمة، ولا وى الصدقة، والمرتدُّ أعرابياً بعد الهجرة ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. رواه ابن خزيمة في صحيحه واللفظ له، ورواه أحمد وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه عن الحارث الأعور عن ابن مسعود رضي الله عنه. (لاوى الصدقة): هو المماطل بها الممتنع عن أدائها. 7 - وروى الأصبهاني عن علىٍّ رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله ¬
عليه وسلم آكل الربا، وموكله (¬1)، وشاهده، وكاتبه (¬2)، والواشمة (¬3) والمستوشمة (¬4) ومانع الصدقة، والمحلل (¬5) والمحلل له. 8 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويلٌ (¬6) للأغنياء من الفقراء يوم القيامة يقولون ربنا ظلمونا حقوقنا التى فرضت لنا عليهم، فيقول الله عز وجل: وعزتى وجلال لأدنينكم (¬7) ولأباعدنهم (¬8)، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم). رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وأبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب كلاهما من رواية الحارث ابن النعمان. قال أبو حاتم: ليس بقوىَ، وقال البخاري: منكر الحديث. 9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عُرض علىَّ أول ثلاثةٍ يدخلون الجنة، وأول ثلاثةٍ يدخلون النار، فأما أول ثلاثة ¬
يدخلون الجنة، فالشهيد (¬1)، وعبدٌ مملوك أحسن عبادة ربه، ونصح لسيده (¬2)، وعفيفٌ متعففٌ (¬3) ذو عيالٍ، وأما أول ثلاثةٍ يدخلون النار فأمير مُسلط (¬4)، وذو ثروةٍ من مالٍ لا يؤدى حق الله في ماله، وفقيرٌ فخورٌ (¬5). رواه ابن خزيمة في صحيحه، وابن حبان مفرّقاً في موضعين. 10 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: أُمرنا بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، ومن لم يزك فلا صلاة له (¬6). رواه الطبراني في الكبير موقوفاً هكذا بأسانيد أحدهما صحيح، والأصبهاني. وفي روايةٍ للأصبهانى قال: من أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فليس بمسلمٍ ينفعه عمله. 11 - وعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك بعده كنزاً مُثِّلَ له يوم القيامة شجاع (¬7) أقرع له زبيبتان يتبعه فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا كنزك الذى خلفت، فلا يزال يتبعه حتى يُلقمه (¬8) يده فيقضمها (¬9) ثم يتبعه سائر جسده، رواه البزاز وقال: إسناده حسن، والطبراني وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. 12 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الذى لا يؤدى زكاة ماله يُخيل إليه ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان قال: فيلزمه، أو يطوقه يقول: أنا كنزك. أنا كنزك. رواه النسائي بإسناد صحيح. (الزبيبتان) هما الزبدتان في الشدقين، وقيل: هما النكتتان السوداوان فوق عينيه، والشجاع تقدم. ¬
13 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من آتاهُ الله مالاً فلم يُؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه، يعنى شدقيه، ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك، ثم تلا هذه الآية: (ولا يحسبن الذين يبخلون) الآية. رواه البخاري والنسائي ومسلم. 14 - وعن عمارة بن حزمٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعٌ فرضهن الله في الإسلام فمن جاء بثلاث لم يُغنين (¬1) عنه شيئاً حتى يأتي بهن جميعاً: الصلاة، والزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت. رواه أحمد، وفي إسناده ابن لهيعة، ورواه أيضاً عن نعيم بن زياد الحضرمى مرسلاً. 15 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتىَ بفرسٍ يجعل كل خطوةٍ معه أقصى بصره، فسار وسار معه جبريل عليه السلام، فأتى على قومٍ يزرعون في يومٍ، ويحصدون في يومٍ، كلما حصدوا عاد كما كان، فقال ياجبريل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تُضاعف (¬2) لهم الحسنة بسبعمائة ضعفٍ، وما أنفقوامن شئٍ فهو يخلفه، ثم أتى على قومٍ ترضخ (¬3) رءُوسهم بالصخر كلما رُضخت (¬4) عادت كما كانت، ولا يُفتر عنهم (¬5) من ذلك شئ. قال: ياجبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين تثاقلت (¬6) رءُوسهم عن الصلاة، ثم أتى على قومٍ على أدبارهم (¬7) رقاعٌ (¬8)، وعلى أقبالهم رقاعٌ ¬
يسرحون (¬1) كما تسرح الأنعام إلى الضريع (¬2)، والزقوم (¬3)، ورضف (¬4) جهنم. قال: ما هؤلاء ياجبريل؟ قال: هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم، وما ظلمهم الله، وما الله بظلامٍ للعبيد (¬5). الحديث بطوله في قصة الإسراء وفرض الصلاة. رواه البزار عن الربيع بن أنس عن أبي العالية أو غيره عن أبي هريرة. 16 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت من عمر بن الخطاب رضي الله عنه حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعته منه، وكنتُ أكثرهم لزوما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تلف مالٌ في برٍّ ولا بحرٍ إلا بحبسِ (¬6) الزكاة. رواه الطبراني في الأوسط، وهو حديث غريب. 17 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
مانع الزكاة يوم القيامة في النار. رواه الطبراني في الصغير عن سعد بن سنان، ويقال فيه سنان بن سعد عن أنس. مانع الزكاة يوم القيامة في النار 18 - وروى عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خالطت منه إلا أهلكته الصدقة، أو قالَ: الزكاةُ مالا إلا أفسدته رواه البزار والبيهقي. (وقال الحافظ): وهذا الحديث يحتمل معنيين: أحدهما أن الصدقة ما تُركت في مال ولم تخرج منه إلا أهلكته. ويشهد لهذا حديث عمر المتقدم: ما تلف مالٌ في برٍّ ولا بحرٍ إلا بحبس الزكاة. والثانى: أن الرجل يأخذ الزكاة وهو غنى عنها فيضعها مع ماله فتهلكه. وبهذا فسره الإمام أحمد، والله أعلم. 19 - وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ظهرت لهم الصلاة فقبلوها، وخفيت لهم الزكاة فأكلوها، أولئك هم المنافقون (¬1). رواه البزار. 20 - وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منع قومٌ الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين (¬2). رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات، والحاكم والبيهقى في حديث إلا أنهما قالا: ولا منع قومٌ الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ورواه ابن ماجه والبزار والبيهقى من حديث ابن عمر، ولفظ البيهقى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر المهاجرين (¬3) خصالٌ خمسٌ إن ابتليتم (¬4) بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة (¬5) في قومٍ قط حتى يُعلنوا بها إلا فشا ¬
فيهم الأوجاع (¬1) التى لم تكن في أسلافهم ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين (¬2)، وشدة المؤنة، وجور السلطان (¬3)، ولم يمنعوا زكاة (¬4) أموالهم إلا منعوا القطر (¬5) من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولا نقضوا عهد الله وعهد رسوله (¬6) إلا سلط عليهم عدوٌ من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم (¬7) بكتاب الله إلا جعل بأسهم (¬8) بينهم. 21 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله: خمسٌ بخمسٍ. قيل: يا رسول الله ما خمس بخمسٍ؟ قال: ما نقض قومٌ العهد إلا سلط (¬9) عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم (¬10) الموت، ولا منعوا الزكاة إلا حُبس عنهم القطر، ولا طفَّفُوا المكيال إلا حبس عنهم النبات وأُخذوا بالسنين. رواه الطبراني في الكبير وسنده قريب من الحسن وله شواهد. ¬
(السنين): جمع سنة، وهى العام المقحط الذى لم تنبت الأرض فيه شيئاً سواء وقع قطر أو لم يقع. 22 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: لا يُكوى رجل بكنزٍ فيمس درهم درهماً، ولا دينارٌ ديناراً يوسع جلده حتى يوضع كل دينارٍ ودرهمٍ على حدته (¬1). رواه الطبراني في الكبير موقوفاً بإسناد صحيح. 23 - وعنه رضي الله عنه قال: من كسب طيباً (¬2) خبَّثَهُ (¬3) منع الزكاة، ومن كسب خبيثا (¬4) لم تطيبه الزكاة. رواه الطبراني في الكبير موقوفاً بإسناد منقطع. 24 - وعن الأحنف بن قيس رضي الله عنه قال: جلست إلا ملإ من قريشٍ فجاء رجلٌ خشنُ الشعر والثياب والهيئة حتى قام عليهم فسلم، ثم قال: بشر الكانزين برضفٍ يحمى عليه في نار جهنم، ثم يوضع على حلمة ثدى أحدهم حتى يخرج من نُغضِ (¬5) كتفه، ويوضع على نُغضِ كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه (¬6) فيتزلزل، ثم ولى فجلس إلى سارية، وتبعته وجلست إليه، وأنا لا أدرى من هو، فقلت: لا أرى القوم إلا قد كرهوا الذى قلت. قال: إنهم لا يعقلون شيئاً قال لي خليلى. قلت: من خليلك؟ قال النبى صلى الله عليه وسلم: أتبصر أحداً (¬7)؟ قال: فنظرت إلى الشمس ما بقى ¬
من النهار، وأنا أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرسلنى في حاجةٍ؟ قلت: نعم ¬
قال: ما أُحب أن لى مثل أحُدٍ ذهباً أُنفقه كله إلا ثلاثة دنانير، وإن هؤلاء لا يعقلون ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
فصل: فيما جاء في زكاة الحلي
إنما يجمعون الدنيا، لا والله لا أسألهم دنيا، ولا أستفيتهم عن دينٍ (¬1) حتى ألقى الله عز وجل. رواه البخاري ومسلم. 25 - وفي رواية رواية لمسلمٍ أنه قال: بشر الكانزين بكىٍّ في ظهورهم يخرج من جنوبهم، وبكىٍّ من قبل أقفائهم حتى يخرج من جباههم. قال: ثم تنحى (¬2) فقعد. قال قلت: من هذا؟ قالوا: هذا أبو ذرٍّ. قال فقمت إليه فقلت: ما شئ سمعتك تقول قبيل؟ قال: ما قلت إلا شيئاً قد سمعته من نبيهم صلى الله عليه وسلم قال: قلت ما تقول في هذا العطاء؟ قال: خذه فإن فيه اليوم معونةً، فإذا كان ثمناً لدينك فدعه (¬3). (الرضف): بفتح الراء، وسكون الضاد المعجمة: هو الحجارة المحماة. (والنغض): بضم النون وسكون الغين المعجمة بعدها ضاد معجمة: وهو غضروف الكتف. فصل 26 - روى عن عمرو بن شعيبٍ رضي الله عنه عن أبيه عن جده أن امرأةً أتت النبى صلى الله عليه وسلم، ومعها ابنةٌ لها، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهبٍ، فقال لها: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يُسوركِ الله بهما يوم القيامة سوارين من نارٍ. قال فحذفتهما (¬4) فألقتهما إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ولرسوله. رواه أحمد وأبو داود، واللفظ له والترمذي والدارقطني، ولفظ الترمذي والدارقطنى نحوه: أن امرأتين أتتا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أيديهما سوارانِ من ذهبٍ، فقال لهما: أتؤديان زكاته؟ قالتا: لا. فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبان ¬
أن يُسَوِّرَكُمَا الله بسوارين من نارٍ؟ قالتا: لا. قال فأديا زكاته" ورواه النسائي مرسلاً ومتصلاً، ورجح المرسل. [المَسَكَةُ]: محركة، واحدة المسك، وهو أسورة من ذبل أو قرن أو عاج، فإذا كانت من غير ذلك أضيفت إليه. [قال الخطابي] في قوله: "أيَسُرُّكِ أن يُسَوِّرَكِ الله بهما سوارين من نارٍ" إنما هو تأويل قوله عز وجل: "يَوْمَ يُحْمى عَلَيْهَا في نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ". انتهى. 27 - وعن عائشة زوج النبي رضي الله عنها قالت: "دخل عليَّ رسول الله فرأى في يدي فَتَخَاتٍ من وَرِقٍ، فقال: ما هذا يا عائشةُ؟ فقلتُ: صنعتهن أتزينُ لك يا رسول الله. قال: أتؤدين زكاتهن؟ قلتُ: لا. أو ما شاء الله. قال: هي حَسْبُكِ من النار" رواه أبو داود والدارقطني، وفي إسنادهما: يحيى بن أيوب الغافقي، وقد احتج به الشيخان وغيرهما، ولا اعتبار بما ذكره الدارقطني من أن محمد بن عطاء مجهول، فإنه محمد بن عمر بن عطاء نسب إلى جده وهو ثقة ثبت. روى له أصحاب السنن، واحتج به الشيخان في صحيحهما. [الفتخات]: بالخاء المعجمة جمع فتخة، وهي: حلقة لا فصَّ لها تجعلها المرأة في أصابع رجليها، وربما وضعتها في يدها، وقال بعضهم: هي خواتم كبار كان النساء يتختمن بها. [قال الخطابي]: والغالب أن الفتخات لا تبلغ بانفرادها نصاباً، وإنما معناه أن تضم إلى بقية ما عندها من الحليِّ فتودي زكاتها فيه. 28 - وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: "دخلتُ أنا وخالتي على النبي وعلينا أسورةٌ من ذهبٍ، فقال لنا: أتعطيان زكاتهُ؟ قالتْ فقلنا: لا، فقال: أما تخافان أن يُسَوِّرَكُمَا الله أسورةً من نارٍ، أدَّيَا زكاتهُ" رواه أحمد بإسناد حسن. 29 - وعن محمد بن زيادٍ رضي الله عنه قال: سمعت أبا أمامة وهو يسأل عن حِلْيَةِ السيوف أمِنَ الكنوزِ هيَ؟ قال: نعم من الكنوز، فقال رجلٌ: هذا شيخٌ
أحمق قد ذهب عقلهُ، فقال أبو أمامة: أما إني ما أحدثكم إلا ما سمعتُ" رواه الطبراني، وفي إسناده بقية بن الوليد. الترهيب من منع أداء الزكاة 30 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: "جاءت هند بنت هُبيرةَ رضي الله عنها إلى رسول الله وفي يدها فَتَخٌ من ذهبٍ: أي خواتيم ضِخَامٌ، فجعل رسول الله يضربُ يدها، فدخلت على فاطمة رضي الله عنها تشكو إليها الذي صنع بها رسول الله فانتزعت فاطمة سلسلةً في عنقها من ذهب قالت: هذه أهداها أبو حسنٍ، فدخل رسول الله فقال: يا فاطمة أيُغُرُّكِ أن يقول الناسُ ابنةُ رسول الله، وفي يدكِ سلسلةٌ من نارٍ، ثم خرج ولم يقعد فأرسلت فاطمةُ رضي الله عنها بالسلسلة إلى السوقِ فباعتها واشترت بثمنها غلاماً، وقال مَرَّةً عَبداً، وذكر كلمةً معناها فأعتقته فَحُدِّثَ بذلك النبي فقال: الحمد لله الذي أنجى فاطمة من النار" رواه النسائي بإسناد صحيح. 31 - وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن رسول الله قال: "أيما امرأةٍ تَقَلَّدَتْ قلادةً من ذهبٍ قُلِّدَتْ في عنقها مثلها من النار يوم القيامة، وأيما امرأةٍ جعلت في أذنها خُرْصاً من ذهبٍ جُعِلَ في أذُنها مثلهُ من النار يوم القيامة" رواه أبو داود والنسائي بإسناد جيد. 32 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "من أحبَّ أن يُحَلِّقَ جَبينهُ حلقةً من نارٍ فَلْيُحَلِّقْهُ حلقةً من ذهبٍ، ومن أحبَّ أن يُطَوِّقَ جَبِينَهُ بسوارٍ من نارٍ فليسوره بسوارٍ من ذهبٍ ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها" رواه أبو داود بإسناد صحيح. [قال المملي] رحمه الله: وهذه الأحاديث التي ورد فيها الوعيد على تحلي النساء بالذهب تحتمل وجوهاً من التأويل. أحدها: أن ذلك منسوخ فإنه قد ثبت إباحة تحلي النساء بالذهب. الثاني: أن هذا في حق من لا يؤدي زكاته دون من أداها، ويدل على هذا حديث عمرو بن شعيب، وعائشة، وأسماء، وقد اختلف العلماء في ذلك، فروي عن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه: أنه أوجب في الحلي الزكاة، وهو مذهب عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمرو، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وسعيد بن جبير، وعبد الله بن شداد، وميمون بن مهران، وابن سيرين، ومجاهد، وجابر بن زيد، والزهري، وسفيان الثوري، وأبي حنيفة وأصحابه، واختاره ابن المنذر. وممن أسقط الزكاة فيه عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله، وأسماء ابنة أبي بكر، وعائشة والشعبي، والقاسم بن محمد، ومالك، وأحمد، وإسحق، وأبو عبيدة. قال المنذر: وقد كان الشافعي قال بهذا إذا هو بالعراق، ثم وقف عنه بمصر، وقال: هذا مما أستخير الله تعالى فيه. [وقال الخطابي]: الظاهر من الآيات، يشهد لقول من أوجبها، والأثر يؤيده، ومن أسقطها ذهب إلى النظر، ومعه طرَف من الأثر، والاحتياط أداؤها، والله أعلم. الثالث: أنه في حق من تزينت به وأظهرته، ويدل لهذا ما رواه النسائي وأبو داود عن رِبْعِيّ بن خراش عن امرأته عن أخت لحذيفة أن رسول الله قال: "يا معشر النساء ما لَكُنَّ في الفضة ما تَحَلَّينَ به، أما إنه ليس منكن امرأةٌ تتحلى ذهباً وتُظْهِرُهُ (¬1) إلا عُذِّبَتْ به، وأخت حذيفة اسمها فاطمة. وفي بعض طرقه عند النسائي عن ربعي عن امرأة عن أخت لحذيفة رضي الله عنها، وكان له أخوات قد أدركن النبي، وقال النسائي: باب الكراهة للنساء في إظهار حلي الذهب، ثم صدّره بحديث عقبة بن عامر أن رسول الله كان يمنع أهله الحلية والحرير، ويقول إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوهما في الدنيا، وهذا الحديث رواه الحاكم أيضاً، وقال صحيح على شرطهما، ثم رأى النسائي في الباب حديث ثوبان المذكور، وحديث أسماء. 33 - ورويَ أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كنتُ قاعداً عند النبي فأتتهُ امرأةٌ فقالت: يا رسول الله سِوَارينِ من ذهبٍ؟ قال: سوارينِ من نارٍ. قالت يا رسول الله: طَوْقٌ من ذهبٍ؟ قال: طوقٌ من نارٍ. قالت: قُرْطَيْنِ من ذهبٍ؟ قال: قُرطينِ من نارٍ قال: وكان عليها سوارٌ من ذهبٍ فَرَمَتْ به". ¬
الترغيب في العمل على الصدقة بالتقوى، والترهيب من التعدي فيها والخيانة، واستحباب ترك العمل لمن لا يثق بنفسه، وما جاء في المكاسين والعشارين والعرفاء
الرابع: من الاحتمالات أنه إنما منع منه في حديث الأسورة والفتخات لما رأى من غلظه فإنه مظنة الفخر والخيلاء، وبقية الأحاديث محمولة على هذا، وفي هذا الاحتمال شيء ويدل عليه ما رواه النسائي عن عبد الله بن عمر رضيَ الله عنهما أن رسول الله نهى عن لبس الذهب إلا مقطعا، وروى أبو داود والنسائي أيضاً عن أبي قلابة عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أن رسول الله نهى عن ركوب النمار، وعن لبس الذهب إلا مقطعا، وأبو قلابة لم يسمع من معاوية ولكن روى النسائي أيضاً عن قتادة عن أبي قتادة عن أبي شيخ أنه سمع معاوية فذكر نحوه، وهذا متصل، وأبو شيخ ثقة مشهور. وفي الترمذي والنسائي، وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: "جاء رجلٌ إلى النبي وعليه خاتمٌ من حديدٍ فقال: مالي أرى عليك حِلْيَةَ أهل النار، فذكر الحديث إلى أن قال: من أي شيء أتَّخِذُهُ؟ قال من وَرِقٍ، ولا تُتِمَّهُ مِثْقَالاً" والله أعلم. الترغيب في العمل على الصدقة بالتقوى والترهيب من التعدي فيها والخيانة، واستحباب ترك العمل لمن لا يثق بنفسه وما جاء في المكاسين والعشارين والعرفاء 1 - عن رافعِ بن خَدِيجٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: "العاملُ (¬1) على الصدقةِ بالحق لوجه الله تعالى كالغازي في سبيل الله عز وجل حتى يرجعَ إلى أهلهِ" رواه أحمد، واللفظ له، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، وابن خزيمة في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن، ورواه الطبراني في الكبير عن عبد الرحمن بن عوف ولفظه: "قال رسول الله: العاملُ إذا استُعْمِلَ فأخذَ الحق (¬2)، وأعطى الحقَّ ¬
لم يزل كالمُجاهد في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته". 2 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي أنه قال: "إن الخازنَ المسلم الأمين الذي يَنْقُلُ ما أُمِرَ به فَيُعْطِيهِ كاملاً موفراً طيبةً به نفسهُ فيدفعهُ إلى الذي أُمِرَ به أحد المتصدقين (¬1) " رواه البخاري ومسلم وأبو داود. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: "خيرُ الكسبِ كَسْبُ العاملِ (¬2) إذا نَصَحَ" رواه أحمد ورواته ثقات. 4 - وعن مسعودٍ بن قَبيصةَ، أو قبيصة بن مسعود رضي الله عنه قال: "صَلَّى هذا الحيُّ من مُحَارِبٍ (¬3) الصبحَ فلما صَلَّوْا قال شابٌ منهم: سمعت رسول الله يقول: إنه ستفتح عليكم مشارقُ الأرضِ ومغاربها، وإن عُمَّالها (¬4) في النار إلا من اتقى الله عز وجل، وأدى الأمانة" رواه أحمد، وفي إسناده شقيق ابن حبان، وهو مجهول، ومسعود لا أعرفه. 5 - وعن سعد بن عُبادةَ رضي الله عنه أن رسول الله قال له: "قُمْ على صدقةِ بني فلانٍ، وانظر أن تأتي يوم القيامة بِبِكْرٍ تَحْمِلُهُ على عاتقك أو كاهلك له رُغاء يوم القيامة. قال يا رسول الله: اصرفها عني، فصرفها عنه" رواه أحمد والبزار والطبراني، ورواة أحمد ثقات إلا أن سعيد بن المسيب لم يدرك سعداً، ورواه البزار أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله سعد بن عبادة فذكر نحوه، ورواته محتج بهم في الصحيح. [البكر] بفتح الباء الموحدة وسكون الكاف: هو الفتىّ من الإبل، والأنثى بكرة. 6 - وعن عبد الله بن بُريدةَ عن أبيه رضي الله عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬
قال: "من استعملناهُ على عملٍ فرزقناهُ رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غُلُولٌ (¬1) " رواه أبو داود. ¬
7 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "أن رسول الله بعثه ¬
على الصدقة فقال: يا أبا الوليد: اتقِ الله لا تأتي يوم القيامة ببعيرٍ تحملهُ له رُغاء، أو بقرةٌ لها خُوارٌ، أو شاةٍ لها ثُغَاءٌ. قال: يا رسول الله إن ذلك لكذلك؟ قال: إي والذي نفسي بيده. قال: فوالذي بعثك بالحق لا أعملُ لك على شيء أبداً" رواه الطبراني في الكبير، وإسناده صحيح. [الرغاء]: بضم الراء وبالغين المعجمة والمد: صوت البعير. [والخوار]: بضم الخاء المعجمة: صوت البقر. [والثغاء]: بضم الثاء المثلثة، وبالغين المعجمة ممدوداً: هو صوت الغنم. 8 - وعن عدي بن عميرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: "من استعملناهُ منكم على عملٍ فكتمنا مخيطاً فما فوقهُ كان غلولاً لا يأتي به يوم القيامة، فقام إليه رجلٌ أسود من الأنصار كأني أنظرُ إليه، فقال: يا رسول الله اقْبَلْ عني عملك. قال: ومالك؟ قال: سمعتك تقول كذا وكذا. قال: وأنا أقولُ الآن: ¬
من استعملناه منكم على عملٍ فليجئ بقليله وكثيره، فما أوتيَ منه أخذ وما نُهيَ عنه انتهى" رواه مسلم، وأبو داود وغيرهما. 9 - وعن أبي حُميدٍ الساعدي رضي الله عنه قال: "استعمل النبي رجلاً من الأزْدِ يُقالُ له ابن الُّلتْبِيَّةِ على الصدقةِ، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أُهديَ إليَّ. قال: فقام رسول الله، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعدُ فإني أستعملُ الرجل منكم على العمل مما ولاَّني الله، فيأتي فيقول: هذا لكم، وهذا هديةٌ أُهديتْ لي، أفلا جلس في بيتِ أبيه وأمهِ حتى تأتيهُ هديتهُ إن كان صادقاً؟ والله لا يأخذُ أحدٌ منكم شيئاً بغير حقهِ إلا لقيَ الله يحملهُ يوم القيامة فلا أعرفنَّ أحداً منكم لقيَ الله يحملُ بعيراً له رغاءٌ، أو بقرة لها خوارٌ، أو شاةً تَيْعَرُ، ثم رفع يديه حتى رُؤِيَ بياضُ إبطيه يقول: اللهم هل بلغت" رواه البخاري ومسلم، وأبو داود. [اللتبية]: بضم اللام، وسكون التاء المثناة فوق وكسر الباء الموحدة، بعدها ياء مثناة تحت مشددة ثم هاء تأنيث: نسبة إلى حيّ يقال لهم: بنو لتب. بضم اللام، وسكون التاء، واسم ابن اللتبية: عبد الله. [وقوله تيعر]: هو بمثناة فوق مفتوحة، ثم مثناة تحت ساكنة، ثم عين مهملة مفتوحة وقد تكسر: أي تصيح، واليعار: صوت الشاة. 10 - وعن أبي مسعودٍ الأنصاري رضي الله عنه قال: "بعثني رسول الله ساعياً، ثم قال: انطلق أبا مسعودٍ: لا أُلْفِيَنَّكَ تجيء يوم القيامة على ظهرك بعيرٌ من إبل الصدقة له رُغاءٌ قد غَللتهُ. قال فقلت: إذاً لا أنطلقُ قال: إذاً لا أُكرهك" رواه أبو داود. 11 - وعن أبي رافعٍ رضي الله عنه قال: "كان رسول الله إذا صلى العصر ذهب إلى بني عبد الأشهل فيتحدث عندهم حتى ينحدر للمغرب. قال: أبو رافعٍ: فبينما مُسرعٌ إلى المغرب مررنا بالبقيع، فقال أفاً لك أفاً لك: فَكَبُرَ ذلك في ذَرْعِي، فاستأخرتُ وظننتُ أنه يريدني، فقال:
مالك؟ امشِ، فقلتُ أأحْدَثْتُ حَدَثاً؟ قال: ومالك؟ أففتَ بي، قال: لا، ولكن هذا فلانٌ بعثتهُ ساعياً على بني فلانٍ فَغَلَّ نَمِرَةً فَدُرِّعَ علي مثلها من النار" رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه. [النمرة] بكسر الميم: كساء من صوف مخطط. 12 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "إني مُمسكٌ بِحُجَزِكُمْ عن النار هَلُمَّ عن النار هلم عن النار، وتغلبونني تقاحمون فيه تقاحم الفَرَاشِ أو الجنادبِ فأُوشِكُ أن أُرسلَ بِحُجَزِكُمْ، وأنا فَرَطُكُمْ على الحوض فَتَرِدُون عليَّ معاً وأشتاتاً فأعرفكم بسيماكم وأسمائكم كما يعرف الرجل الغريبة من الإبل في إبله، ويُذْهَبُ بكم ذات الشمالِ، وأناشد فيكم رب العالمين فأقولُ: أي ربِّ قومي: أي رب أمتي، فيقولُ: يا محمد: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم كانوا يمشون بعدك القهقري على أعقابهم، فلا أعرفنَّ أحدكم يوم القيامة يحملُ شاةً لها ثُغاءٌ، فَيُنَادِى يا محمد يا محمد، فأقول: لا أملكُ لك شيئاً قد بلغتك، فلا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل بعيراً له رُغاءٌ، فينادي: يا محمد يا محمد، فأقولُ: لا أملكُ لك شيئاً قد بلغتك، فلا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فَرَسَاً له حَمْحَمَةٌ، فينادي: يا محمد يا محمد، فأقول: لا أملكُ لك شيئاً قد بلغتك، فلا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحملُ سِقَاءً من أدَمٍ ينادي يا محمد يا محمد، فأقول: لا أملك لك شيئاً قد بلغتك" رواه أبو يعلى والبزار، إلا أنه قال: قَشَعاً مكان سِقَاءٍ، وإسنادهما جيدٌ إن شاء الله. [الفرط]: بالتحريك: هو الذي يتقدم القوم إلى المنزل ليهيئ مصالحهم. [والحجز]: بضم الحاء المهملة، وفتح الجيم بعدهما زاي: جمع حجزة بسكون الجيم، وهو معقد الإزار، وموضع التكة من السراويل. [والحمحمة]: بحاءين مهملتين مفتوحتين: هو صوت الفرس، وتقدم تفسير الثغاء، والرغاء. [والقشع]: مثلثة القاف، وبفتح الشين المعجمة: هو هنا القربة اليابسة، وقيل: بيت من أدم، وقيل: هو النطع، وهو محتمل الثلاثة غير أنه بالقربة أمس.
فصل: لا يدخل صاحب مكس الجنة
13 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "المعتدي في الصدقة، كمانعها" رواه أبو داود والترمذي، وابن ماجة، وابن خزيمة في صحيحه كلهم من رواية سعد بن سنان عن أنس، وقال الترمذي: حديث غريب، وقد تكلم أحمد بن حنبل في سعد بن سنان، ثم قال: [وقوله] المعتدي في الصدقة كمانعها: يقول على المعتدي من الإثم كما على المانع إذا منع. [قال الحافظ]: وسعد بن سنان، وُثِّقَ كما سيأتي. 14 - وعن جابر بن عَتِيكٍ رضي الله عنه أن رسول الله قال: "سيأتيكم رَكْبٌ (¬1) مُبَغَّضُونَ، فإذا جاءوكم فَرَحِّبُوا بهم، وخلوا بينهم وبين ما يبتغون، فإن عدلوا فلأنفسهم، وإن ظلموا فعليهم وأرضوهم، فإن تمام زكاتكم رضاهم وليدعوا لكم" رواه أبو داود. فصل 15 - عن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله يقول: "لا يدخل صاحبُ مَكْسٍ (¬2) الجنة. قال يزيد بن هارون: يعني العَشَّارَ (¬3) " رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه والحاكم، كلهم من رواية محمد بن إسحق، وقال الحاكم ¬
صحيح على شرط مسلم كذا قال، ومسلم إنما خرّج لمحمد بن إسحق في المتابعات. قال البغوي: يُريدُ بصاحب المكس الذي يأخذُ من التجار إذا مروا عليه مكساً باسم العُشْرِ. [قال الحافظ]: أما الآن فإنهم يأخذون مَكْساً باسم العُشْرِ ومُكُوساً أُخَرَ ليس لهم اسمٌ، بل شيء يأخذونه حراماً، وَسُحتاً (¬1) ويأكلونه في بطونهم ناراً حجتهم فيه داحضةٌ (¬2) عند ربهم وعليهم غضب (¬3) ولهم عذابٌ شديدٌ. 16 - وعن الحسن رضي الله عنه قال: "مَرَّ عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه على كِلاَبِ بن أمية وهو جالسٌ على مجلس العاشرِ بالبصرةِ، فقال: ما يجلسك هاهنا؟ قال: استعملني على هذا المكان، يعني زياداً، فقال له عثمان: ألا أحدثك حديثاً سمعته من رسول الله؟ فقال: بلى، فقال عثمان: سمعت رسول الله يقول: كان لداود نبي الله عليه السلام ساعةٌ يُوقظُ فيها أهلهُ، يقول: يا آل داود قوموا فَصَلُّوا فإن هذه الساعة يستجيب الله فيها الدعاء إلا لساحرٍ (¬4) أو عَاشِرٍ، فركب كِلاَبُ بن أمية سفينةً، فأتى زياداً فاستعفاهُ (¬5) فأعفاهُ" رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، ولفظه: "عن النبي قال: تفتحُ أبواب السماء نصف الليل فينادي منادٍ هل من داعٍ فيستجاب له، هل من سائلٍ فيعطى، هل من مكروبٍ (¬6) فيفرج عنه، فلا يبقى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجاب الله عز وجل له إلا زانيةً (¬7) تسعى بفرجها أو عَشَّاراً". 17 - وفي روايةٍ له في الكبير أيضاً: سمعت رسول الله يقول: ¬
"إن الله تعالى يدنو من خلقه فيغفر لمن يستغفر إلا لبغيٍّ (¬1) بفرجها، أو عَشَّارٍ" وإسناد أحمد فيه علي بن يزيد، وبقية رواته محتج بهم في الصحيح، واختلف في سماع الحسن من عثمان رضي الله عنه. صاحب المكس في النار 18 - وعن أبي الخير رضي الله عنه قال: "عَرَضَ مَسْلَمَةُ بنُ مَخلَدٍ وكان أميراً على مصرَ على رُوَيْفِعِ بن ثابتٍ رضي الله عنه أن يوليه العُشورَ فقال: إني سمعتُ رسول الله يقول: إن صاحبَ المكسِ في النار" رواه أحمد من رواية ابن لهيعة والطبراني بنحوه، وزاد يعني العاشر. 19 - ورويَ عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله في الصحراء، فإذا منادٍ يناديه: يا رسول الله فالتفت فلم يَرَ أحداً، ثم التفت فإذا ظَبْيَةٌ مُوثقةٌ (¬2)، فقالت: ادْنُ (¬3) مني يا رسول الله، فدنا منها، فقال: ما حاجتك؟ قالت: إن لي خِشْفَيْنِ (¬4) في هذا الجبل فَحُلَّنِي حتى أذهب فأرضعهما، ثم أرجعَ إليك. قال: وتفعلين؟ قالت: عَذَّبَنِي الله عذاب العَشَّارِ إن لم أفعل، فأطلقها فذهبت فأرضعت خِشفيها، ثم رجعت فأوثقها (¬5)، وانتبهَ الأعرابي فقال: ألك حاجةٌ يا رسول الله؟ قال: نعم تُطلق هذه، فأطلقها (¬6) فخرجت تَعْدُو (¬7)، وهي تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله" رواه الطبراني. ويلٌ للعرفاء، ويلٌ للأمناء 20 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "ويلٌ (¬8) ¬
للأمراء (¬1)، ويلٌ للعُرفاء (¬2)، ويلٌ للأمناء (¬3)، ليتمنين أقوامٌ يوم القيامة أن ذوائبهم (¬4) مُعلقةٌ بالثريا (¬5) يتذبذبون (¬6) بين السماء والأرض، ولم يكونوا عملوا على شيء" رواه أحمد من طرق رواة بعضها ثقات. 21 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "ويلٌ للأمراء، ويلٌ للعرفاء، ويلٌ للأمناء، ليتمنين أقوامٌ يوم القيامة أن ذوائبهم مُعلقةٌ بالثريا يُدلون بين السماء والأرض، وإنهم لم يَلُوا (¬7) عملاً" رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد. 22 - ورويَ عن سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "إن في النار حجراً يُقالُ له ويلٌ يصعدُ عليه العُرفاء وينزلون (¬8) " رواه البزار. 23 - وعن أنسٍ رضي الله عنه: "أن النبي مرت به جنازةٌ فقال: طوبى (¬9) له إن يكن عَرِيفاً" رواه أبو يعلى، وإسناده حسن إن شاء الله تعالى. 24 - وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه: "أن رسول الله ضرب على منكبيه، ثم قال: أفلحت يا قُدَيْمُ إن مُتَّ ولم تكن أميراً ¬
ولا كاتباً (¬1)، ولا عريفاً" رواه أبو داود. 25 - وعن مودود بن الحارث بن يزيد بن بن كُرَيْبِ بن يزيد بن سيف بن حارثة اليربوعي عن أبيه عن جده رضي الله عنه: "أنه أتى النبي فقال: يا رسول الله إن رجلاً من بني تميمٍ ذهب بمالي كلهِ (¬2)، فقال لي رسول الله: ليس عندي ما أعطيكهُ، ثم قال: هل لك أن تَعْرُفَ على قومك، أو ألا أُعَرِّفُكَ على قومكَ؟ قلت: لا. قال: أما إن العريف يُدْفَعُ في النار دفعاً" رواه الطبراني ومودود لا أعرفه. 26 - وعن غالب القطان عن رجلٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنه: "أن قوماً كانوا على مَنْهَلٍ (¬3) من المناهلِ، فلما بلغهم الإسلام جعل صاحب الماء لقومه مائةً من الإبل على أن يُسلموا فأسلموا، وقسم الإبل بينهم، وبدا له أن يرتجعها، فأرسل ابنه إلى النبي، فذكر الحديث، وفي آخره، ثم قال: إن أبي شيخٌ كبيرٌ وهو عريفُ (¬4) الماء، وإنه يسألك أن تجعل لي العرافةَ بعدهُ. قال: إن العرافةَ حقٌّ (¬5) ولابد للناس من عرافةٍ، ولكن العُرفاء في النار" رواه أبو داود، ولم يُسَمِّ الرجل ولا أباه ولا جده. 27 - وعن أبي سعيدٍ وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله: "ليأتين عليكم أُمراء (¬6) يُقَربون شرارَ الناس، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها، فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن عريفاً، ولا شُرطياً (¬7)، ولا جابياً (¬8)، ¬
ولا خازناً (¬1) ". رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
الترهيب من المسألة وتحريمها مع الغنى، وما جاء في ذم الطمع والترغيب في التعفف والقناعة والأكل من كسب يده
الترهيب من المسألة وتحريمها مع الغنى وما جاء في ذم الطمع والترغيب في التعفف والقناعة والأكل من كسب يده 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي قال: "لا تزالُ المسأَلَةُ (¬1) بأحدكم حتى يلقى الله تعالى، وليس في وجهه مُزْعَةُ لحمٍ" رواه البخاري ومسلم والنسائي. [المزعة]: بضم الميم، وسكون الزاي، وبالعين المهملة: هي القطعة. 2 - وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله قال: "إنما المسائل (¬2) كُلُوحٌ يَكْلَحُ بها الرجلُ وجههُ، فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء ترك إلا أن يسأل ذا سُلطانٍ، أو في أمرٍ لا يجدُ فيه بُداً" رواه أبو داود والنسائي والترمذي. وعنده المسألةُ كَدُّ يَكُدُّ بها الرجلُ وجهه. الحديث، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه ابن حبان في صحيحه بلفظ: كَدٌّ في رواية: وَكُلُوحٌ في أخرى. [الكلوح]: بضم الكاف آثار الخموش. 3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله يقول: "المسألة كُلُوحٌ (¬3) في وجه صاحبها يوم القيامة، فمن شاء استبقى على وجهه" الحديث. رواه أحمد، ورواته كلهم ثقات مشهورون. 4 - وعن مسعود بن عمروٍ رضي الله عنه أن النبي قال: "لا يزالُ العبدُ يسألُ وهو غنيٌّ حتى يَخْلَقَ (¬4) وجههُ فما يكون له عند الله وجهٌ" رواه ¬
البزار والطبراني في الكبير، وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. 5 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: "من سأل الناس في غير فاقةٍ (¬1) نزلت به، أو عِيَالٍ (¬2) لا يُطيقهُم جاء يوم القيامة بوجهٍ ليس عليه لحمٌ". 6 - وقال رسول الله: "من فتح على نفسهِ باب مسألةٍ من غير فاقةٍ نزلت به، أو عيالٍ لا يُطيقهم فتح الله عليه باب فاقةٍ (¬3) من حيثُ لا يحتسبُ" رواه البيهقي، وهو حديث جيد في الشواهد. 7 - وعن عائذ بن عمروٍ رضي الله عنه: "أن رجلاً أتى النبي يسألهُ فأعطاهُ، فلما وضع رجلهُ على أُسْكُفَّةِ (¬4) الباب. قال رسول الله: لو يعلمون ما في المسألة (¬5) ما مشيَ أحدٌ إلى أحدٍ يسألهُ" رواه النسائي. ورواه الطبراني في الكبير من طريق قابوس عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: "لو يعلم صاحب المسألة مَا لَهُ فيها لم يسئل". 8 - وعن عمران بن حصينٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "مسألة الغنيِّ شَيْنٌ (¬6) في وجهه يوم القيامة" رواه أحمد بإسناد جيد والطبراني والبزار، وزاد: ومسألة الغني نارٌ (¬7) إن أُعْطِيَ قليلاً فقليلٌ، وإن أعطيَ كثيراً فكثيرٌ". 9 - وعن ثوبان رضي الله عنه أن النبي قال: "من سأل مسألةً وهو عنها غنيٌّ كانت شيناً في وجهه يوم القيامة" رواه أحمد والبزار والطبراني، ورواة أحمد محتج بهم في الصحيح. إن المسألة لا تحل لغني إلخ 10 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله ¬
قال: "من سأل وهو غنيٌّ عن المسألة يُحشرُ يوم القيامة وهي خُمُوشٌ (¬1) في وجهه" رواه الطبراني في الأوسط بإسناد لا بأس به. 11 - وعن مسعود بن عمروٍ رضي الله عنه عن النبي: "أنه أتيَ برجلٍ يُصَلَّى عليه فقال: كم ترك؟ قالوا: دينارين أو ثلاثةً. قال: ترك كَيَّتَيْنِ (¬2) أو ثلاثَ كَيَّاتٍ، فلقيتُ عبد الله بن القاسم مولى أبي بكرٍ فذكرتُ ذلك له، فقال له: ذاك رجلٌ كان يسألُ الناس تَكَثُّراً (¬3) " رواه البيهقي من رواية يحيى بن عبد الحميد الحماني. 12 - وعن حبشي بن جُنادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: "من سأل (¬4) من غير فقرٍ فكأنما يأكلُ الجمر (¬5) " رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح، وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي، ولفظه: "سمعت رسول الله يقول: الذي يسألُ من غيرِ حاجةٍ (¬6) كمثلِ الذي يلتقط الجمر" وراه الترمذي من رواية مُجالدٍ عن عامر بن حبشي أطول من هذا، ولفظه: "فأخذ بطرف ردائهِ فسألهُ إياهُ فأعطاهُ وذهبَ، فعند ذلك حُرِّمَتِ المسألةُ، فقال رسول الله: إن المسألة لا تَحِلُّ لغنيٍّ ولا الذي مِرَّةٍ سويٍّ إلا لذي فقرٍ مُدقعٍ أو غُرْمٍ مُقطِعٍ، ومن سأل الناس لِيُثْرِيَ (¬7) به مالهُ كان خُموشاً في وجههِ يوم القيامة، ورَضْفاً يأكلهُ من جهنم، فمن شاء فليقلل، ومن شاء فليكثر" قال الترمذي: حديث غريب، زاد فيه رزين: ¬
"وإني لأعطي الرجلَ العَطيةَ فينطلق بها تحت إبطه، وما هي إلا النارُ، فقال له عمر: وَلِمَ تُعْطِي يا رسول الله ما هو نارٌ؟ فقال: أبى الله ليَ البُخل، وأبَوْا إلا مسألتي. قالوا: وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة؟ قال: قدرُ ما يُغَدِّيهِ أو يُعَشِّيهِ" وهذه الزيادة لها شواهد كثيرة لكني لم أقف عليها في شيء من نسخ الترمذي. [المرة]: بكسر الميم وتشديد الراء: هي الشدة والقوة. [والسويّ] بفتح السين من سأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمراً 13 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "من سأل الناس تَكَثُّراً، فإنما يسأل جمراً فَلْيَسْتَقِلَّ أو لِيَسْتَكْثِرْ" رواه مسلم وابن ماجة. 14 - وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "من سأل الناس عن ظهر غنىً استكثر بها من رَضْفِ جهنم. قالوا: وما ظهرُ غنى؟ قال: عَشَاءُ ليلةٍ" رواه عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند، والطبراني في الأوسط، وإسناده جيد. 15 - وعن سهلِ بن الحنظلية رضي الله عنه قال: "قَدِمَ عُيَينَةُ بن حِصْنٍ، والأقرعُ بن حابسٍ رضي الله عنهما على رسول الله فسألاهُ فأمر معاوية فكتب لهما ما سألا، فأما الأقرعُ: فأخذ كتابه فَلَفَّهُ في عمامتهِ وانطلقَ، وأما عُيينةُ: فأخذ كتابهُ وأتى به رسول الله فقال: يا محمد أتُراني حاملاً إلى قومي كتاباً لا أدري ما فيه كصحيفةِ المُتَلَمِّسِ، فأخبر مُعاوية بقوله رسول الله، فقال رسول الله: من سأل وعنده ما يغنيهِ، فإنما يستكثرُ من النار" قال الطفيلي وهو أحد رواته: قالوا: وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألةُ؟ قال: قدرَ ما يُغدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ" رواه أحمد واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، وقال فيه: "من سأل شيئاً وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم. قالوا: يا رسول الله وما يغنيهِ؟ ما يغديه أو يعشيه كذا عنده بألفٍ" ورواه ابن خزيمة باختصار إلا أنه قال:
"قيل: يا رسول الله وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة؟ قال: أن يكون له شِبَعُ يومٍ وليلةٍ، أو ليلةٍ ويومٍ". [قوله] كصحيفة المتلمس: هذا مثل تضرب العرب لمن حمل شيئاً لا يدري هل يعود عليه بنفع أو ضر. وأصله أن المتلمس، واسمه عبد المسيح قدم هو وطرفة العبدي على الملك عمرو ابن المنذر، فأقاما عنده فنِقمَ عليهما أمراً، فكتب إلى بعض عماله يأمره بقتلهما، وقال لهما إني قد كتبت لكما بصلة، فاجتازا البحيرة فأعطى المتلمس صحيفته فقرأها فإذا فيها الأمر بقتله فألقاها وقال لطرفة افعل مثل فعلي، فأبى عليه ومضى إلى عامل الملك فقرأها وقتله. [قال الخطابي]: اختلف الناس في تأويله، يعني حديث سهل، فقال بعضهم: من وجد غداء يومه وعشاءهُ لم تَحِلَّ له المسألةُ على ظاهر الحديث، وقال بعضهم: إنما هو فيمن وجد غداءً وعشاءً على دائم الأوقاتِ، فإذا كان عنده ما يكفيه لِقُوتِهِ المدة الطويلةَ حَرُمَتْ عليه المسألةُ، وقال آخرون: هذا منسوخ بالأحاديث التي تقدم ذكرها يعني الأحاديث التي فيها تقدير الغنى بملك خمسين درهماً، أو قيمتها، أو بملك أوقية، أو قيمتها. [قال الحافظ] رضي الله عنه: ادعاء النسخ مشترك بينهما، ولا أعلم مرجحاً لأحدهما على الآخر. وقد كان الشافعي رحمه الله يقول: قد يكون الرجل بالدرهم غنياً مع كسبه ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه، وكثرة عياله، وقد ذهب سفيان الثوري، وابن المبارك، والحسن ابن صالح وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهوية إلى أن من له خمسون درهماً، أو قيمتها من الذهب لا يدفع إليه شيء من الزكاة. وكان الحسن البصري، وأبو عبيدة يقولان: من له أربعون درهماً فهو غني، وقال أصحاب الرأي: يجوز دفعها إلى من يملك دون النصاب، وإن كان صحيحاً مكتسباً مع قولهم من كان له قوت يومه لا يحل له السؤال استدلالاً بهذا الحديث وغيره، والله أعلم. 16 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "من سأل الناس لِيُثْرِيَ (¬1) مالهُ، فإنما هي رَضْفٌ من ¬
النار مُلْهَبَةٌ (¬1) فمن شاء فَلْيُقِلَّ، ومن شاء فَلْيُكْثِرْ" رواه ابن حبان في صحيحه. [الرضف] بفتح الراء وسكون الضاد المعجمة بعدها فاء: الحجارة المحماة. 17 - ورويَ عن حكيم بن حزامٍ رضي الله عنه قال: "جاء مَالٌ من البَحْرَيْنِ فدعا النبي العباس رضي الله عنه فَحَفَنَ (¬2) له، ثم قال: أزِيدُكَ؟ قال: نعم، فَحَفَنَ له، ثم قال: أزيدُكَ؟ قال: نعم، فَحَفَنَ لهُ، ثم قال: أزيدك؟ قال: نعم، فحفن له، ثم قال: أزيدك؟ قال: نعم. قال: أبْقِ لمن بعدك ثم دعا بي، فَحَفَنَ لي، فقلتُ يا رسول الله: خيرٌ لي أو شرٌّ لي؟ قال: لا. بل شَرٌّ (¬3) لك فرددتُ عليه ما أعطاني، ثم قلتُ: لا والذي نفسي بيده لا أقبلُ من أحدٍ عطيةً بعدك. قال محمد بن سيرين: قال حكيمٌ: فقلت يا رسول الله ادعُ الله أن يبارك لي. قال اللهم بارك له في صفقةِ (¬4) يده" رواه الطبراني في الكبير. 18 - وعن أسْلَمَ قال: "قال لي عبد الله بن الأرقم. أدْلِلْنِي (¬5) على بعيرٍ من العطايا أستحملُ عليه أمير المؤمنين. قلت: نعم جَمَلٌ من إبلِ الصدقةِ، فقال عبد الله بن الأرقم: أتُحِبُّ لو أن رجلاً بادناً في يومٍ حارٍّ غسل ما تحت إزاره ورُفْغَيْهِ، ثم أعطاكهُ فشربتهُ. قال: فغضبتُ وقلتُ يغفرُ الله لك لِمَ تقول مثل هذا لي؟ قال: فإنما الصدقة أوساخُ الناس يغسلونها عنهم" رواه مالك. [البادن]: السمين. [والرفغ] بضم الراء وفتحها، وبالغين المعجمة: هو الإبط، وقيل: وسخ الثوب، والأرفاغ: المغابن التي يجتمع فيها العرق والوسخ من البدن. 19 - وعن علي رضي الله عنه قال: قُلتُ للعباس سَلِ النبي ¬
يستعملك (¬1) على الصدقة، فسألهُ قال: ما كنتُ لأستعملك على غُسَالَةِ (¬2) ذنوب الناس" رواه ابن خزيمة في صحيحه. 20 - وعن أبي عبد الرحمن عوف بن مالكٍ الأشجعي رضي الله عنه قال: "كنا عند رسول الله تسعةً، أو ثمانيةً، أو سبعةً، فقال ألا تُبايعون رسول الله، وكنا حديث عهدٍ (¬3) ببيعةٍ، فقلنا قد بايعناك يا رسول الله، فقال: قال ألا تُبايعون رسول الله فبسطنا أيدينا وقلنا: قد بايعناك يا رسول الله فَعَلاَمَ نُبايعك؟ قال: أن تعبدوا (¬4) الله، ولا تشركوا به شيئاً، والصلواتِ (¬5) الخمس، وتُطيعوا (¬6)، وأسَرَّ كلمةً خفيَّةً، ولا تسألوا (¬7) الناس، فلقد رأيتُ بعض أولئك النفر يسقطُ سَوْطُ أحدهم فما يسألُ أحداً يُناولهُ إياهُ (¬8) " رواه مسلم والترمذي والنسائي باختصار. ¬
إن حبي أمرني أن لا أسأل الناس شيئاً 21 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "بايعني رسول الله خمساً، وأوثقني سبعاً، وأشهد الله على سبعاً: أن لا أخاف في الله لومة لائمٍ، قال أبو المثنى قال أبو ذر، دعاني رسول الله فقال: هل لك إلى البيعةِ، ولك الجنةُ قلت: نعم، وبسطتُ يدي، فقال رسول الله: وهو يشترطُ عليَّ أن لا أسألَ الناس شيئاً؟ قلتُ: نعم. قال: ولا سَوْطَكَ إن سقطَ منكَ حتى تنزلَ فتأخذهُ". وفي روايةٍ: "أن النبي قال: ستة أيامٍ، ثم اعقل يا أبا ذر: ما يُقالُ لك بَعْدُ، فلما كان اليوم السابعُ قال: أوصيك بتقوى الله في سرِّ أمرك (¬1) وعلانيتهِ وإذا أسأت فأحسنْ (¬2)، ولا تسألنَّ أحداً شيئاً، وإن سقط سَوْطَكَ ولا تقبضنَّ أمانةً (¬3) " رواه أحمد، ورواته ثقات. 22 - وعن ابن مُليكةَ قال: "ربما سقط الخطامُ من يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيَضْرِبُ بذراعِ ناقتهِ فَيُنِيخُهَا (¬4) فيأخذهُ. قال فقالوا له: أفلا أمرتنا فَنُنَاوِلَكَهُ؟ قال: إن حِبِّي (¬5) أمرني أن لا أسأل الناس شيئاً" رواه أحمد، وابن أبي مليكة لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه. ¬
[الخطام] بكسر الخاء المعجمة: هو ما يوضع على أنف الناقة وفمها لتقاد به. ما أوصى به أبا ذر 23 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "من يبايعُ؟ فقال ثوبان مولى رسول الله بايعنا يا رسول الله. قال على أن لا تسأل أحداً شيئاً، فقال ثوبانُ: فمالهُ يا رسول الله؟ قال: الجنةُ: فبايعهُ ثوبان. قال أبو أمامة: فلقد رأيتهُ بمكةَ في أجمعِ ما يكونُ من الناس يسقُطُ سَوْطُهُ وهو راكبٌ، فربما وقعَ على عاتقِ رجلٍ فيأخذهُ الرجلُ فيناولهُ فما يأخذهُ حتى يكون هو ينزلُ فيأخذهُ" رواه الطبراني في الكبير من طريق علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة. 24 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي: بسبعٍ: بِحُبِّ المساكين (¬1)، وأن أدنو (¬2) منهم، وأن أنظر إلى من هو أسفلُ مني (¬3)، ولا أنظر إلى من هو فوقي (¬4)، وأن أصلَ رحمي (¬5) وإن جفاني، وأن أكثرَ من قول: ¬
لا حول ولا قوة إلا بالله (¬1)، وأن أتكلم بِمُرِّ الحق، ولا تأخذني في الله لومةُ لائمٍ (¬2)، وأن لا أسأل الناس شيئاً" رواه أحمد والطبراني من رواية الشعبي عن أبي ذر، ولم يسمع منه. اليد العليا خير من اليد السفلى 25 - وعن حكيم بن حزامٍ رضي الله عنه قال: "سألتُ رسول الله فأعطاني، ثم سألتهُ فأعطاني، ثم سألتهُ فأعطاني، ثم قال: يا حكيم! هذا المالُ خَضِرٌ حُلْوٌ، فمن أخذهُ بسخاوةِ نفسٍ بُوركَ له فيه، ومن أخذهُ بإشرافِ نفسٍ لم يُباركْ له فيه، وكان كالذي يأكلُ ولا يشبعُ، واليدُ العليا خيرٌ من اليد السفلى. قال حكيمٌ: فقلتُ: يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرْزَأ أحداً بعدك شيئاً حتى أفَارِقَ الدنيا، فكان أبو بكرٍ رضي الله عنه يدعو حكيماً ليعطيه العطاء، فيأبى أن يقبل منه شيئاً، ثم إن عمر رضي الله عنه دعاهُ ليعطيه العطاء، فأبى أن يقبلهُ، فقال يا معشر المسلمين: أشهدكم على حكيمٍ أني أُعْرِضُ عليه حقهُ الذي قسمَ الله له في هذا الفيء، فيأبى أن يأخذهُ، ولم يَرْزَأ حكيمٌ أحداً من الناس بعد النبي حتى تُوُفيَّ رضي الله عنه" رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي باختصار. [يرزأ] براء، ثم زاي، ثم همزة: معناه لم يأخذ من أحد شيئاً. [وإشراف النفس] بكسر الهمزة، وبالشين المعجمة وآخره فاء: هو تطلعها وطمعها وشرهها. [وسخاوة النفس]: ضد ذلك. 26 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "من يكفل (¬3) لي أن لا يسأل الناس شيئاً أتكفل له بالجنة، فقلتُ: أنا، فكان لا يسألُ أحداً شيئاً" رواه أحمد والنسائي وابن ماجة، وأبو داود بإسناد صحيح. وعن ابن ماجة قال: "لا تسأل الناس شيئاً. قال: فكان ثوبان يقعُ سوطهُ وهو راكبٌ، فلا يقولُ لأحدٍ ناولنيهِ حتى ينزلَ فيأخذهُ". 27 - وعن عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه أن رسول الله ¬
قال: "ثلاثٌ: والذي نفسي بيده إن كنتُ لحالفاً (¬1) عليهنَّ: لا ينقصُ مالٌ من صدقةٍ فتصدقوا، ولا يعفو (¬2) عبدٌ عن مظلمةٍ إلا زادهُ الله بها عزاً يوم القيامة، ولا يفتحُ عبدٌ باب مسألةٍ (¬3) إلا فتح الله عليه باب فقرٍ" رواه أحمد، وفي إسناده رجل لم يُسَمَّ، وأبو يعلى والبزار، وتقدم في الإخلاص من حديث أبي كبشة الأنماري مطولاً، رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. ورواه الطبراني في الصغير من حديث أم سلمة، وقال في حديثه: ولا عفا رجلٌ عن مظلمةٍ إلا زادهُ الله بها عزاً فاعفوا يُعِزُّكُمُ اللهُ، والباقي بنحوه. 28 - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: "قال عمر رضي الله عنه يا رسول الله: لقد سمعتُ فلاناً وفلاناً يُحسنان الثناء يذكران أنك أعطيتهما دينارين. قال: فقال النبي: والله لكنَّ فلاناً ما هو كذلك لقد أعطيتهُ ما بين عشرةٍ إلى مائةٍ فما يقول ذلك، أمَا والله إن أحدكم ليخرج (¬4) مسألتهُ من عندي يتأبطها، يعني تكون (¬5) تحت إبطهِ ناراً، فقال: قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله: لِمَ تُعطيها إياهم؟ قال فما أصنعُ؟ يأبون (¬6) إلا ذلك، ويأبى الله ليَ البخل (¬7) " رواه أحمد وأبو يعلى، ورجال أحمد رجال الصحيح. ¬
وفي روايةٍ جيدةٍ لأبي يعلى: "وإن أحدكم ليخرج بصدقتهِ من عندي مُتأبطها، وإنما هي له نارٌ. قلتُ: يا رسول الله كيف تُعطيهِ وقد علمت أنها له نارٌ؟ قال: فما أصنعُ يأبون إلا مسألتي (¬1)، ويأبى الله عز وجل ليَ البُخلَ (¬2) ". 29 - وعن أبي بشرٍ قُبيصةَ بن المخارقِ رضي الله عنه قال: "تحملتُ حمالةً، فأتيتُ رسول الله أسألهُ فيها فقال: أقمْ حتى تأتينا الصدقة فنأمرَ لك بها، ثم قال: يا قُبيصةُ: إن المسألة لا تَحِلُّ إلا لأحد ثلاثةٍ: رجلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ له المسألةُ حتى يُصيبها ثم يُمسِكَ، ورجلٍ أصابتهُ جائحةٌ اجتاحتْ مالهُ فَحَلَّتْ له المسألةُ حتى يُصيبَ قِوَاماً من عَيْشٍ، أو قال: سِدَاداً من عيشٍ، ورجلٍ أصابتهُ فاقةٌ حتى يقولَ ثلاثةٌ من ذوي الحِجَى من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقةٌ، فَحَلَّتْ لهُ المسألةُ حتى يُصيبَ قِوَاماً من عيشٍ، أو قال سِدَاداً من عيشٍ، فما سِوَاهُنَّ من المسألةِ. يا قبيصةُ سُحْتٌ يأكلها صاحبها سُحْتاً (¬3) " رواه مسلم وأبو داود والنسائي. [الحمالة] بفتح الحاء المهملة: هو الدية يتحملها قوم من قوم، وقيل: هو ما يتحمله المصلح بين فئتين في ماله ليرتفع بينهم القتال ونحوه. [والجائحة]: الآفة تصيب الإنسان في ماله. [والقوام] بفتح القاف، وكسرها أفصح: هو ما يقوم به حال الإنسان من مال وغيره. [والسداد] بكسر السين المهملة: هو ما يسد حاجة المعون ويكفيه. [والفاقة]: الفقر والاحتياج. [والحجى] بكسر الحاء المهملة مقصوراً: هو العقل. 30 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: ¬
"استغنوا عن الناس، ولو بِشَوْصِ (¬1) السواك" رواه البزار والطبراني بإسناد جيد والبيهقي. إن الله يحب الغني الحليم المتعفف 31 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: "لا يؤمن عبدٌ (¬2) حتى يأمن جارُهُ بوائقهُ (¬3)، ومن كان يؤمنُ بالله واليومِ الآخر، فلْيُكْرِمْ ضيفهُ (¬4)، ومن كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر: فليقل خيراً، أو ليسكت إن الله يحب الغني الحليم المتعفف (¬5)، ويبغضُ البذيَّ (¬6) الفاجر (¬7) السائل (¬8) المُلِحَّ (¬9) " رواه البزار. 32 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "عُرِضَ عليَّ أول ثلاثةٍ يدخلون الجنة، وأول ثلاثةٍ يدخلون النار، فأما أول ثلاثةٍ يدخلون الجنة: فالشهيدُ (¬10)، وعبدٌ مملوكٌ أحْسَنَ عبادة ربه، ونصحَ لسيدهِ (¬11)، وعفيفٌ (¬12) مُتعففٌ ذو عيالٍ (¬13) " رواه ابن خزيمة في صحيحه، وتقدم بتمامه في منع الزكاة. 33 - وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوفٍ عن أبيه رضي الله عنه قال: "كانت لي عند رسول الله عدةٌ، فلما فُتحت قُريظة جتُ لِيُنْجِزَ إليَّ ما وعدني فسمعتهُ يقول: من يستغنِ (¬14) يُغْنِهِ (¬15) الله، ومن يقنع (¬16) يُقنِّعْهُ (¬17) الله ¬
فقلتُ في نفسي لا جرم (¬1) لا أسأله شيئاً" رواه البزار، وأبو سلمة لم يسمع من أبيه، قاله ابن معين وغيره. 34 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: "وهو على المنبرِ، وذكر الصدقة، والتعففَ عن المسألةِ: اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى، والعليا: هي المنفقةُ، والسفلى: هي السائلة" رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، وقال أبو داود: اختلف على أيوب عن نافع في هذا الحديث. قال عبد الوارث: اليد العليا المتعففةُ. وقال أكثرهم عن حماد ابن يزيد عن أيوب المنفقة، وقال واحد عن حماد: المتعففة. [قال الخطابي]: رواية من قال: المتعففة أشبه وأصح في المعنى، وذلك أن ابن عمر ذكر أن رسول الله ذكر هذا الكلام وهو يذكر الصدقة، والتعفف عنها، فعطف الكلام جزم على سببه الذي خرج عليه وعلى ما يطابقه في معناه أولى، وقد يتوهم كثير من الناس أن معنى العليا أن يد المعطي مستعلية فوق يد الآخذ، يجعلونه من علو الشيء إلى فوق، وليس ذلك عندي بالوجه، وإنما هو من علا المجد والكرم، يريد التعفف عن المسألة والترفع عنها، انتهى كلامه، وهو حسن. 35 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "الأيدي ثلاثةٌ: فَيَدُ الله العليا، ويدُ المعطي التي تليها، ويدُ السائل السفلى (¬2) إلى يوم القيامة، فاستعفف (¬3) عن السؤال، وعن المسألة ما استطعت، فإن أُعطيتَ شيئاً أو قال خيراً فَلْيُرَ عليك (¬4)، وابدأ بمن تعول (¬5)، وارضخ من الفضل (¬6)، ولا تُلاَمُ ¬
على الكفاف" رواه أبو يعلى، والغالب على رواته التوثيق، ورواه الحاكم، وصحح إسناده. ¬
يد السائل السفلى 36 - وعن مالك بن نضلة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "الأيدي ثلاثةٌ: فَيَدُ الله العليا، ويَدُ المعطي التي تليها، ويدُ السائل السفلى، فأعطِ (¬1) الفضل، ولا تعجز عن نفسك" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه، واللفظ له. 37 - وعن حكيم بن حزامٍ (¬2) رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ¬
"اليد العليا (¬1) خيرٌ من اليد السفلى (¬2)، وابدأ بمن تعول (¬3)، وخيرُ الصدقةِ ما كان عن ظهر غنىً (¬4)، ومن يستعفَّ (¬5) يُعِفَّهُ (¬6) الله، ومن يستغنِ (¬7) يُغنهِ الله (¬8) " رواه البخاري واللفظ له، ومسلم. 38 - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه: "أن أُناساً من الأنصار سألوا رسول الله فأعطاهم، ثم سألوهُ فأعطاهم، ثم سألوهُ فأعطاهم، حتى إذا نفد (¬9) ما عنده قال: ما يكون عندي من خيرٍ فلن أدخرهُ عنكم (¬10)، ومن استعفَّ يُعِفَّهُ الله، ومن يستغنِ يُغنهِ الله، ومن يتصبر (¬11) يُصَبِّرْهُ الله (¬12)، وما أعطى الله أحداً عطاء هو خيرٌ له، وأوسعُ من الصبر (¬13) " رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. 39 - وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: "جاء جبريل إلى النبي فقال يا محمد: عش ما شئت فإنك ميتٌ، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌ به، ¬
وأحبب من شئت فإنك مفارقهُ، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وَعِزَّهُ استغناؤه عن الناس" رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. عز المؤمن استغناؤه عن الناس 40 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: "ليس الغنى عن كثرة العَرَضِ، ولكن الغنى غنى النفس" رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي. [العرض] بفتح العين المهملة والراء: هو كل ما يقتنى من المال وغيره. 41 - وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفعُ، ومن قلبٍ لا يخشعُ، ومن نفسٍ لا تشبعُ، ومن دعوةٍ لا يُستجابُ لها" رواه مسلم وغيره. 42 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله: "يا أبا ذر أترى كثرة المال هو الغنى؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: أفَتَرَى قلةَ المالِ هو الفقر؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال: إنما الغنى غنى القلب (¬1) والفقرُ فقرُ القلبِ (¬2) " رواه ابن حبان في صحيحه في حديث يأتي إن شاء الله تعالى. 43 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "ليس المسكينُ الذي تَرُدُّهُ اللقمةُ واللقمتان، والتمرةُ والتمرتان، ولكن المسكينُ الذي لا يجدُ غنىً يُغنيهِ، ولا يُفطنُ له فَيُتَصَدَّقَ عليه، ولا يقوم فيسأل الناس" رواه البخاري ومسلم. 44 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما أن رسول الله قال: "قد أفلح من أسلمَ، ورُزِقَ كفافاً، وقَنَّعَهُ الله بما آتاهُ" رواه مسلم والترمذي وغيرهما. 45 - وعن فُضالة بن عبيدٍ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله يقول: "طوبى (¬3) لمن هُديَ للإسلام، وكان عيشهُ كفافاً وَقَنِعَ" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. [الكفاف] من الرزق: ما كفا عن السؤال مع القناعة لا يزيد على قدر الحاجة. ¬
إياكم والطمع فإنه هو الفقر 46 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "يا ابن آدمَ إنك أن (¬1) تبذل الفضل خيرٌ لك، وأن تُمْسِكَهُ شرٌ لك، ولا تُلامُ على كفافٍ، وابدأ بمن تعولُ، واليد العليا خيرٌ من اليد السفلى" رواه مسلم والترمذي وغيرهما. 47 - ورويَ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: "إياكم (¬2) والطمع: فإنه هو الفقر، وإياكم وما يُعْتَذَرُ منه" رواه الطبراني في الأوسط. 48 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "أتى النبي رجلٌ، فقال يا رسول الله: أوصني وأوجزْ، فقال النبي: عليك بالإياس (¬3) مما في أيدي الناس، وإياك والطمع، فإنه فقرٌ حاضرٌ (¬4)، وإياك وما يُعتذرُ منه" رواه الحاكم والبيهقي في كتاب الزهد واللفظ له، وقال الحاكم: صحيح الإسناد كذا قال. 49 - ورويَ عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "القناعةُ كنزٌ لا يفنى" رواه البيهقي في كتاب الزهد، ورفعه غريب. 50 - وعن عبد الله بن محصنٍ الخطميِّ رضي الله عنه أن رسول الله قال: من أصبح آمناً في سِرْبِهِ مُعافىً (¬5) في بدنه، عنده قوتُ يومهِ فكأنما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها (¬6) " رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. [في سربه] بكسر السين المهملة: أي في نفسه. ¬
الحث على العمل والنهي عن المسألة 51 - وعن أنسٍ رضي الله عنه: "أن رجلاً من الأنصار أتى النبي فسأله، فقال: أما في بيتك شيء؟ قال: بلى. حِلْسٌ نلبسُ بعضهُ، ونبسُطُ بعضهُ، وَقَعْبٌ نشربُ فيه الماء. قال: ائتني بهما، فأتاه بهما فأخذهما رسول الله بيده، وقال من يشتري هذين. قال رجلٌ: أنا آخذهما بدرهمٍ. قال رسول الله: من يزيدُ على درهمٍ مرتين، أو ثلاثاً. قال رجلٌ: أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياهُ، وأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري، وقال: اشترِ بأحدهما طعاماً فانبذه إلى أهلكَ، واشترِ بالآخر قَدُوماً فائتني (¬1) به، فأتاه به فَشَدَّ فيه رسول الله عوداً بيده، ثم قال: اذهب فاحتطبْ وَبِعْ، ولا أرَيَنَّكَ خمسةَ عشرَ يوماً، ففعل فجاء وقد أصاب عشرةَ دراهم فاشترى ببعضها ثوباً وببعضها طعاماً فقال رسول الله: هذا خيرٌ لك من أن تجئ المسألةُ نُكتةً في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلحُ إلا لثلاثٍ: لذي فقرٍ مُدقعٍ، أو لذي غُرمٍ مُفظعٍ، أو لذي دمٍ مُوجعٍ" رواه أبو داود والبيهقي بطوله، واللفظ لأبي داود، وأخرج الترمذي والنسائي منه قصة بيع القدح فقط، وقال الترمذي: حديث حسن. [الحلس] بكسر الحاء المهملة، وسكون اللام وبالسين المهملة: هو كساء غليظ يكون على ظهر البعير، وسمي به غيره مما يداس، ويمتهن من الأكسية ونحوها. [الفقر المدقع] بضم الميم، وسكون الدال المهملة، وكسر القاف: هو الشديد الملصق صاحبه بالدقعة، وهي الأرض التي لا نبات بها. [والغرم] بضم الغين المعجمة، وسكون الراء: هو ما يلزم أداؤه تكلفاً لا في مقابلة عوض. [والمفظع] بضم الميم، وسكون الفاء وكسر الظاء المعجمة: هو الشديد الشنيع. [وذو الدم الموجع]: هو الذي يتحمل دية عن قريبه أو حميمه، أو نسيبه القاتل يدفعها إلى أولياء المقتول، ولو لم يفعل قتل قريبه، أو حميمه الذي يتوجع لقتله. 52 - وعن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ¬
لأن يأخذ أحدكم أحْبُلَهُ فيأتيَ بِحُزْمَةٍ من حطبٍ على ظهره فيبيعها فَيَكُفَّ بها وجههُ خيرٌ له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه (¬1) " روه البخاري وابن ماجة وغيرهما. 53 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "لأن يحتطبَ أحدكم حُزمةً على ظهره خيرٌ له من أن يسأل أحداً فيعطيه، أو يمنعه" رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي. 54 - وعن المقدام بن معد يكربَ رضي الله عنه عن النبي: "ما أكل أحدٌ طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده (¬2)، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده (¬3) " رواه البخاري. ¬
ترغيب من نزلت به فاقة أو حاجة أن ينزلها بالله تعالى
ترغيب من نزلت به فاقة أو حاجة أن ينزلها بالله تعالى 1 - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "من نزلت به فاقةٌ (¬1)، فأنزلها بالناس لم تُسَدَّ (¬2) فاقتهُ، ومن نزلت به فاقةٌ، فأنزلها بالله (¬3)، فيوشكُ الله له برزقٍ عاجلٍ (¬4) أو آجلٍ" رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح ثابت، والحاكم وقال: صحيح الإسناد إلا أنه قال فيه: أرسلَ الله له بالغنى إما بموتٍ عاجل أو غنىً آجلٍ. [يوشك]: أي يسرع وزناً ومعنىً. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "من جاع، أو احتاج (¬5) فَكَتَمَهُ الناس، وأفضى به إلى الله تعالى كان حقاً على الله ¬
أن يفتح له قوتَ سَنَةٍ من حلالٍ" رواه الطبراني في الصغير والأوسط. ¬
الترهيب من أخذ ما دفع من غير طيب نفس المعطي
الترهيب من أخذ ما دفع من غير طيب نفس المعطي 1 - عن عائشة رضي الله عنها عن النبي قال: "إن هذا المال خَضِرَةٌ (¬1) حُلْوَةٌ (¬2) فمن أعطيناهُ منها شيئاً بطيبِ نفسٍ منا، وحُسنِ طُعْمَةٍ منهُ من غير شَرَهِ نفسٍ بُوركَ لهُ فيه، ومن أعطيناه منها شيئاً بغير طيب نفسٍ منا، وحُسْنِ طعمةٍ (¬3) منهُ، وَشَرَهِ نفسٍ كان غير مُباركٍ لهُ فيه" رواه ابن حبان في صحيحه، وروى أحمد والبزار منه الشطر الأخير بنحوه بإسناد حسن. [الشره] بشين معجمة محركا: هو الحرص. 2 - وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "لا تُلْحِفُوا (¬4) في المسألة، فوالله لا يسألني أحدٌ منكم شيئاً فَتُخْرِجُ له مسألتهُ مني شيئاً، وأنا له كارِهٌ فَيُبَارَكُ لهُ فيما أعطيتهُ" رواه مسلم والنسائي والحاكم، وقال صحيح على شرطهما. 3 - وفي روايةٍ لمسلمٍ قال: وسمعت رسول الله يقول: "إنما أنا خازنٌ، فمن أعطيتهُ عن طيبِ نفسٍ فَمُبَاركٌ له فيه، ومن أعطيتهُ عن مسألةٍ، وَشَرَهِ نفسٍ (¬5) كان كالذي يأكلُ ولا يشبعُ". [لا تلحفوا]: أي لا تلحوا في المسألة. 4 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: "لا تُلحفوا في المسألة، فإنه من يستخرجُ منا شيئاً بها لم يُباركْ له فيه" رواه أبو يعلى، ورواته محتج بهم في الصحيح. ¬
الترهيب من أخذ ما دفع من غير طيب نفس 5 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: "إن الرجل يأتيني فيسألُني فأعطيه فينطلقُ، وما يحملُ في حضنهِ إلا النار" رواه ابن حبان في صحيحه. 6 - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: "بينما رسول الله يقسمُ ذَهَباً إذ أتاهُ رجلٌ، فقال: يا رسول الله أعطني، فأعطاهُ، ثم قال: زدني فزادهُ ثلاثَ مراتٍ، ثم وَلَّى مدبراً، فقال رسول الله: يأتيني الرجلُ فيسألني فأعطيهِ، ثم يسألني فأعطيهِ ثلاث مراتٍ، ثم وَلَّى (¬1) مُدبراً، وقد جعل في ثوبهِ ناراً إذا انقلب إلى أهله" رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
ترغيب من جاءه شيء من غير مسألة ولا إشراف نفس في قبوله سيما إن كان محتاجا، والنهي عن رده وإن كان غنيا عنه
7 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أنه دخل على النبي فقال: يا رسول الله رأيتُ فلاناً يشكرُ يذكرُ أنك أعطيتهُ دينارين، فقال رسول الله: لكن فلاناً قد أعطيتهُ ما بين العشرةِ إلى المائةِ فما شُكْرُهُ وما يقولهُ؟ إن أحدكم لَيَخْرُجُ من عندي بحاجته مُتأبِّطَهَا، وما هي إلا النار. قال: قلتُ: يا رسول الله لِمَ تُعْطِهمْ؟ قال: يأبون إلا أن يسألوني، ويأبى الله ليَ البُخلَ" رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه أحمد وأبو يعلى من حديث أبي سعيد، وتقدم. [متأبطها]: أي جاعلها تحت إبطه. ترغيب من جاءه شيء من غير مسألة ولا إشراف نفس في قبوله سيما إن كان محتاجاً، والنهي عن رده وإن كان غنيا عنه 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله يُعطيني ¬
العطاء (¬1)، فأقولُ أعْطِهِ من هو إليه أفقرُ مني. قال فقال: خُذْهُ إذا جاءك من هذا المال شيءٌ، وأنت غيرُ مُشْرِفٍ (¬2) ولا سائلٍ، فخذهُ فَتَمَوَّلْهُ، فإن شئت كلهُ، وإن شئت تصدق به، وَمَا لا (¬3) فلا تتبعهُ نفسك. قال سالم بن عبد الله فلأجل ذلك كان عبد الله لا يسأل أحداً شيئاً، ولا يَرُدُّ شيئاً أعطيه" رواه البخاري ومسلم والنسائي. 2 - وعن عطاء بن يسارٍ رضي الله عنه: "أن رسول الله أرسل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعطاءٍ فَرَدَّهُ عمر، فقال له رسول الله: لِمَ رَدَدْتَهُ؟ فقال: يا رسول الله أليس أخبرتنا أن خيراً لأحدنا أن لا يأخذ من أحدٍ شيئاً، فقال رسول الله: إنما ذلك عن المسألة (¬4)، فأما ما كان عن غير مسألةٍ، فإنما هو رزقٌ يرزقكه الله، فقال عمر رضي الله عنه: أما والذي نفسي بيده لا أسألُ أحداً شيئاً، ولا يأتيني شيءٌ من غير مسألةٍ إلا أخذتهُ (¬5) " رواه مالك هكذا مرسلاً. ورواه البيهقي عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: فذكر بنحوه. 3 - وعن المطلب بن عبد الله بن حَنْطَبٍ: "أن عبد الله بن عامرٍ بعث إلى عائشة رضي الله عنهما بنفقةٍ وكسوةٍ، فقالت للرسول: أي بُني لا أقبلُ من أحدٍ شيئاً، فلما خرج الرسول، قالت: رُدُّوهُ عليَّ، فردوه قالت: إني ذكرتُ شيئاً، قال لي رسول الله: يا عائشة من أعطاك عطاءً من غير (¬6) مسألةٍ فاقبليهِ فإنما هو ¬
رزقٌ عَرَّضَهُ الله إليك" رواه أحمد والبيهقي، ورواة أحمد ثقات لكن قد قال الترمذي قال محمد: يعني البخاري لا أعرف للمطلب بن عبد الله سماعاً من أحد من أصحاب النبي إلا قوله حدثني من شهد خطبة النبي، وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول: لا نعرف للمطلب سماعاً من أحد من أصحاب النبي. [قال المملى] رضي الله عنه: قد روي عن أبي هريرة، وأما عائشة، فقال أبو حاتم: المطلب لم يدرك عائشة، وقال أبو زرعة: ثقة أرجو أن يكون سمع من عائشة، فإن كان المطلب سمع عائشة فالإسناد متصل، وإلا فالرسول إليها لم يسمّ، والله أعلم. وما أتاك الله من غير مسألة فإنما هو رزق رزقكه الله 4 - وعن واصل بن الحطاب رضي الله عنه قال: " قلتُ: يا رسول الله قد قلت لي إن خيراً لك أن لا تسأل أحداً من الناس شيئاً. قال: إنما ذاك أن تسأل. وما آتاك الله من غير مسألةٍ، فإنما هو رزقٌ رزقكهُ (¬1) الله" رواه الطبراني وأبو يعلى بإسناد لا بأس به. 5 - وعن خالد بن علي الجهني رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: "من بلغهُ عن أخيه معروفٌ (¬2) من غير مسألةٍ، ولا إشرافِ (¬3) نفسٍ فليقبلهُ ولا يَرُدَّهُ، فإنما هو رزقٌ ساقه الله عز وجل إليه" رواه أحمد بإسناد صحيح، وأبو يعلى والطبراني، وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: "من آتاه الله شيئاً من هذا المال من غير أن يسأله فليقبله، فإنما هو رزقٌ ساقهُ الله إليه" ورواته محتج بهم في الصحيح. 7 - وعن عابد بن عمروٍ رضي الله عنه عن النبي قال: "من عُرِضَ له من هذا الرزق شيءٌ من غير مسألةٍ (¬4)، ولا إشرافِ نفسٍ (¬5) فليتوسع به في رزقهِ، فإن كان غنياً فليوجهه إلى من هو أحوجُ إليه منه (¬6) " رواه أحمد والطبراني والبيهقي، وإسناد أحمد جيد قوي. قال عبد الله بن أحمد حنبل رحمه الله: سألت ¬
أبي ما الاستشراف؟ قال: تقول في نفسك سيبعث إليَّ فلان سيصلني فلان. 8 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: "ما المُعْطِي من سعةٍ بأفضل من الآخذ إذا كان محتاجاً (¬1) " رواه الطبراني في الكبير. 9 - ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال النبي: "ما الذي يُعطي بسعةٍ بأعظمَ أجراً من الذي يقبلُ إذا كان محتاجاً" رواه الطبراني في الأوسط، وابن حبان في الضعفاء. ¬
ترهيب السائل أن يسأل بوجه الله غير الجنة، وترهيب المسئول بوجه الله أن يمنع
ترهيب السائل أن يسأل بوجه الله غير الجنة وترهيب المسئول بوجه الله أن يمنع 1 - عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله يقول: "ملعونٌ (¬1) من سأل (¬2) بوجه الله، وملعونٌ من سُئل بوجه الله، ثم منع سائلهُ ما لم يسأل هُجْراً" رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح إلا شيخه يحيى بن عثمان بن صالح وهو ثقة، وفيه كلام. [هجراً] بضم الهاء، وسكون الجيم: أي ما لم يسأل أمراً قبيحاً لا يليق. ويحتمل أنه أراد ما لم يسأل سؤالاً قبيحاً بكلام قبيح. 2 - وعن ابن عمر (¬3) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: "من استعاذ (¬4) بالله فأعيذُوهُ (¬5)، ومن سأل بالله (¬6) فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه (¬7)، ومن صنع إليكم معروفاً (¬8) فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه" رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين. ¬
ملعون من سُئل بوجه الله فمنع سائله 3 - ورويَ عن أبي عبيدة مولى رفاعة عن رافعٍ رضي الله عنه أن رسول الله قال: "ملعونٌ من سأل بوجه الله، وملعونٌ من سُئِلَ بوجه الله فمنع سائله" رواه الطبراني. 4 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال: "ألا أخبركم بشرِّ الناس (¬1) رجلٌ يُسألُ بالله (¬2)، ولا يُعطي" رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب والنسائي وابن حبان في صحيحه في آخر حديث يأتي في الجهاد إن شاء الله تعالى. 5 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "ألا أخبركم بشرِّ البرية؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الذي يُسألُ بالله ولا يُعطي" رواه أحمد. 6 - ورويَ عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "ألا أحدثكم عن الْخَضِرِ (¬3) قالوا بلى يا رسول الله. قال: بينما هو ذات يومٍ يمشي في سوق بني إسرائيل أبصرهُ رجلٌ مُكاتبٌ (¬4)، فقال تصدق (¬5) عليَّ بارك الله فيك فقال الخضرُ: آمنتُ بالله ما شاء الله من أمرٍ يكونُ (¬6) ما عندي شيءٌ أُعطيكهُ، فقال المسكين: أسألكَ بوجه الله لما تصدقت عليَّ، فإني نظرتُ السماحة في وجهك ورجوتُ البركة عندك، فقال الخضرُ: آمنتُ بالله ما عندي شيءٌ أُعطيكهُ إلا أن تأخذني فتبيعني، فقال المسكين: وهل يستقيمُ هذا؟ قال نعم، أقولُ لقد سألتني بأمرٍ عظيمٍ ¬
أما إني لا أخَيِّبُكَ بوجه ربي بِعْني (¬1). قال: فَقَدَّمَهُ إلى السوق فباعهُ بأربعمائة درهمٍ فمكثَ عند المشتري زمانا لا يستعملهُ في شيء، فقال: إنما اشتريتني التماس خيرٍ عندي فأوصني بعملٍ. قال: أكرهُ أن أشُقَّ عليك إنك شيخٌ كبيرٌ ضعيفٌ (¬2) قال ليس يشُقُّ عليَّ. قال: قُم فانقُلْ هذه الحجارةَ (¬3)، وكان لا ينقلها دون ستة نفرٍ في يومٍ فخرج الرجلُ لبعض حاجتهِ، ثم انصرف وقد نَقَلَ الحجارةَ في ساعةٍ: قال أحسنتَ وأجملتَ وأطقتَ ما لَمْ ارك تُطيقهُ. قال: ثم عَرَضَ للرجل سفرٌ فقال إني أحسبك أميناً فاخلفني في أهلي خلافةً حسنةً. قال: وأوصني بعملٍ. قال: إني أكرهُ أن أشُق عليك قال: ليس يَشُقُّ عليَّ. قال فاضرب من اللبن لبيتي حتى أقْدُمَ عليك. قال فَمَرَّ الرجلُ لسفرهِ قال فرجع الرجلُ وقد شيد بناءهُ (¬4) قال: أسألك بوجه الله ما سَبَبُكَ وما أمْرُكَ؟ قال: سألتني بوجه (¬5) الله ووجهُ الله أوقعني في هذه العبودية، فقال الخضرُ: سأخبركَ من أنا، أنا الخضرُ الذي سمعتَ به سألني مسكينٌ صدقةً فلم يكن عندي شيءٌ أعطيه فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي فباعني وأُخبرُكَ أنه من سُئلَ بوجه الله فَرَدَّ سائلهُ وهو يقدرُ وقف يوم القيامة جِلدةً (¬6)، ولا لحمَ له يتقعقعُ (¬7)، فقال الرجلُ آمنتُ بالله، شققتُ عليك يا نبي الله ولم أعلم. قال: لا بأس أحسنتَ وأتقنتَ، فقال الرجل: بأبي أنتَ وأمي يا نبي الله احكمْ في أهلي ومالي بما شئت، أو اخترْ فَأُخَلِّيَ سبيلك (¬8). قال أحِبُّ ¬
أن تُخَلِّيَ سبيلي فأعبد ربي فَخَلَّى سبيلهُ، فقال الخضرُ: الحمد لله الذي أوثقني (¬1) ¬
في العبودية، ثم نجَّاني منها" رواه الطبراني في الكبير وغير الطبراني، وحسَّن بعض مشايخنا إسناده، وفيه بعد، والله أعلم. تم الجزء الأول من الترغيب والترهيب، ويليه الجزء الثاني، وأوله: الترغيب في الصدقة والحث عليها. ¬
الترغيب في الصدقة والحث عليها، وما جاء في جهد المقل ومن تصدق بما لا يجب
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الترغيب في الصدقة والحث عليها وما جاء في جهد المقل ومن تصدق بما لا يجب 1 - عنْ أبي هُريرة رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ تصدَّق بعدْلِ (¬1) تَمرةٍ منْ كَسْبٍ طيِّبٍ (¬2)، ولا يَقْبل الله إلا الطَّيِّبَ، فإنَّ الله يَقْبَلُها (¬3) بيمينهِ (¬4)، ثمَّ يربِّيها لصاحبها كما يُربِّى أحدُكُمْ فلُوَّهُ (¬5) حتى تكون مثل الجبلِ. رواه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه. 2 - وفي روايةٍ لابنِ خُزيمة: إنَّ العبد إذا تصدَّق منْ طيِّبٍ تقبَّلها الله منْهُ، وأخذها بيمينهِ فرَبَّاها كما يُربِّى أحدكمْ مهْرهُ أوْ فصيلهُ (¬6)، وإنَّ الرَّجل ليتصدق بالقمةِ فتْربو في يد الله، أوْ قال في كفَّ الله حتى تكون مثْلَ الجبلِ فتصدَّقوا. 3 - وفي روايةٍ صحيحةٍ للتَّرمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله يقْبلُ الصَّدقة، ويأخذها بيمينه فيُربِّيها لأحدكمْ كما يربِّى أحدكم مُهْرهُ حتى إنَّ اللقمة لتصير مثل أحدٍ، وتصْديق ذلك في كتاب الله: ألمْ يعْلَموا أنَّ الله هو يقبل التَّوبةَ عن عبادهِ، ¬
ويَاخذ الصَّدقاتِ (¬1)، ويمْحَقُ الله الرِّبا ويُرْبي (¬2) الصدقات. ورواه مالك بنحو رواية الترمذي هذه عن سعيد بن يسار مرسلا، لم يذكر أبا هريرة. (إن العبد ليتصدق بالكسرة تربو عند الله عز وجل حتى تكون مثل أحد) 4 - وعنْ عائشة رضي الله عنها عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله ليُربِّي لأحدكمُ التَّمرة والَّقمة (¬3) كما يربِّي أحدكم فلوَّه، أوْ فصِيلهُ حتى تكون مثل أحدٍ. رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه، واللفظ له. (الفلوّ) بفتح الفاء، وضم اللام، وتشديد الواو: هو المهر أول ما يولد. (والفصيل): ولد الناقة إلى أن يفصل عن أمه. 5 - وروي عنْ أبي برْزَةَ الأسْلميِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ العبد ليتصدَّق بالكسرةِ (¬4) تربو عند الله عزَّ وجلَّ حتى تكون مثل أحدٍ. رواه الطبراني في الكبير. (6) وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عزَّ وجلَّ ليُدْخل بالُّلقمة (¬5) الخُبْزِ، وقبْصَةِ والتَّمْرِ، ومثلهِ مما ينتفع بهِ ¬
المسكين ثلاثة: الجنَّة ربَّ البيتِ الآمر به، والزَّوجة تُصلحهُ، والخادم الذي يناولُ المسكين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمْد لله الذي لمْ ينس خدمنا. رواه الحاكم والطبراني في الأوسط، واللفظ له في حديث يأتي بتمامه إن شاء الله. (القبصة) بفتح القاف وضمها، وإسكان الباء، وبالصاد المهملة: هو ما يتناوله الآخذ برءوس أنامله الثلاث. (ما نقصت صدقة من مال) 7 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصتْ صدقة من مالٍ، وما زاد الله عبْدا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عزَّ وجلَّ. رواه مسلم والترمذي، ورواه مالك مرسلا. 8 - وروى عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما يرفعه قال: ما نقصتْ صدقة منْ مالٍ، وما مدَّ عبْد يدهُ بصدقةٍ إلا ألْقيت في يد (¬1) الله قبْلَ أن تقع في يد السَّائل، ولا فتح عبدٌ باب مسْئلةٍ (¬2) له عنها غني إلا فتح الله له باب فقرٍ (¬3). رواه الطبراني. 9 - وروي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيُّها النَّاس توبا إلى الله قبل أن تموتوا وبادروا بالأعمال الصَّالحة قبل أن تشغلوا وصلوا الذي بينكم وبين ربِّكمْ بكثرة ذكركمْ له (¬4)، وكثرة الصَّدقة في السِّرِّ والعلانية ترْزقوا وتنصروا وتجبروا (¬5). رواه ابن ماجه في حديث تقدم في الجمعة. ¬
10 - ورُوى عنْ عائشة رضي الله عنها أنَّهم ذبحوا شاةً، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ما بقي منها؟ قالتْ: ما بقي منها إلا كتفها. قال: بقي كله كلُّها غير كتفها (¬1). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، ومعناه: أنهم تصدقوا بها إلا كتفها. 11 - وعنْ أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول العبدُ مالي مالي (¬2)، وإنَّما له منْ مالهِ ثلاثةٌ: ما أكل فأفني (¬3)، أوْ لبسَ فأبْلى (¬4) أوْ أعطي فاقتني (¬5) ما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس رواه مسلم. ¬
12 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّكُمْ مالُ وارثهِ أحبُّ منْ مالهِ؟ قالوا يا رسول الله: ما منَّا أحد إلا ماله أحبُّ إليه قال: فإنَّ ماله ما قدَّم ومال وارثهِ ما أخَّر. رواه البخاري والنسائي. 13 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنهٌ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينا رجُل فلا فلاةٍ من الأرض فسمع صوتاً في سحابةٍ: أسقِ حديقة فلانٍ، فتنحَّى ذلك السَّحاب فأفرغ ماءه في حرَّة، فإذا شرجة من تلك الشِّراج قد استوعبت ذلك الماء كلَّه فتتبَّع الماء، فإذا رجل قائم في حديقةٍ يحوِّل الماء بمساحته، فقال له عبد الله ما اسمك؟ قال: فلان للاسم الذي سمع في السَّحابة، فقال له: يا عبد الله لم سألتني عن اسمي. قال: سَمِعْتُ في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسْقِ حديثة فلانٍ لاسمكَ فما تصْنع فيها: قال أما إذا قلْتَ هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثهِ وآكل أنا وعيالي ثلثهُ، وأردُّ ثلثه (¬1). رواه مسلم. ¬
(الحديقة): البستان إذا كان عليه حائط. ¬
(الحرة) بفتح الحاء المهملة، وتشديد الراء،: الأرض التي بها حجارة سود. ¬
(والشرجة) بفتح الشين المعجمة، وإسكان الراء بعدها جيم، وتاه تأنيث: مسيل الماء إلى الأرض السهلة. (والمسحاة) بالسين والحاء المهملتين: هي المجرفة من الحديد. 14 - وعنْ عدِّي بن حاتم رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما منْكُمْ من أحدٍ إلا سيُكلِّمهُ الله ليْس بينه وبينهُ ترْجمان (¬1) فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم، فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدَّم، فينظر بين يديهِ فلا يرى إلا النَّار تلقاء وجههِ، فاتَّقوا النَّار ولو بشقِّ تمرةٍ (¬2). وفي رواية: من استطاع منكم أن يستتر من النَّار ولوْ بشقِّ تمرةٍ فليفعل. رواه البخاري ومسلم. 15 - وعنْ عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليقِ أحدكم وجههُ النَّار (¬3) ولوْ بشقِّ تمرةٍ (¬4). رواه أحمد بإسناد صحيح. 16 - وعنْ عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة اشتري من النَّار، ولو بشقِّ تمرةٍ فإنَّها تسدُّ من الجائع مسدَّها من الشَّبعان. رواه أحمد بإسناد حسن. ¬
17 - ورُوي عنْ أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعوادِ المنبر يقول: اتَّقوا النَّار ولو بشقِّ تمرةٍ فإنَّها تقيم (¬1) العِوَجَ، وتدْفعُ ميتة السُّوء وتقع من الجائع (¬2) موقعها من الشَّبْعان. رواه أبو يعلى والبزار، وقد روي هذا الحديث عن أنس وأبي هريرة، وأبي أمامة، والنعمان بن بشير، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم. 18 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: لكعْبِ بن عُجْرَة: يا كعْب بن عجْرة: الصَّلاة قُرْبانٌ (¬3)، والصِّيام جُنَّة (¬4)، والصَّدقة تُطفي الخطيئة (¬5) كما يُطفي الماء النَّار، يا كعْب بن عجرة: الناس غاديان (¬6) فبائع نفسه فموثق رقبته، ومُبْتاع نفسه في عتق رقبتهِ رواه أبو يعلى بإسناد صحيح. 19 - وعنْ كعْب بن عُجرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا كعْب بنَ عُجْرة إنَّه لا يدخل الجنَّة لحم ودم نبتا على سُحتٍ النَّار أولى به (¬7). يا كعب بن عجرة: النَّاس غاديان فغادٍ (¬8) في فكاكِ نفسه فمعتقها، وغادٍ فموثِقها يا كعبُ يا كعب ابن عجرة: الصَّلاة قربانٌ، والصوم جنَّة، والصدقة تُطفي الخطيئة كما يذهب الجليد على الصَّفا. رواه ابن حبان في صحيحه. 20 - وعنْ معاذ بن جبل قال: كنْتُ مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فذكر الحديث إلى أن قال فيه: ثم قال: يعني النَّبي صلى الله عليه وسلم: ألا أدُلك على أبواب الخير؟ قلت: بلى (¬9) يا رسول الله. قال: الصَّوم جُنَّة، والصَّدقة تُطفي الخطيئة كما يطفئ الماء النَّار. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، ويأتي تمامه في الصمت وهو عند ابن حبان من حديث جابر في حديث يأتي في كتاب القضاء إن شاء الله تعالى. ¬
21 - وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الصدقة لتطفئ غضب الرَّبِّ وتدفع ميتة السُّوء (¬1). رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وروى ابن المبارك في كتاب البر شطره. الأخير، ولفظه: (إنَّ الله ليدْرأبالصَّدقة سبعين باباً (¬2) منْ ميْتة السُّوء). (ما نقص مال عبد من صدقة) (يدرأ) بالدال المهملة: أي يدفع، وزنه ومعناه. ¬
22 - وعنْ أبي كبْشة الأنماريِّ رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلعليه وسلم يقول: ثلاث (¬1) أقسم عليْهنَّ، وأحدِّثكمْ حديثاً فاحفظوه قال: ما نقص (¬2) مالُ عبدٍ من صدقةٍ، ولا ظلم عبد مظلمةً صبر عليها إلا زاده الله عزَّا، ولا فتح عبد باب مسْألةٍ (¬3) إلا فتح الله عليه باب فقرٍ (¬4)، أوْ كلمةً نحوها، وأحدِّثكمْ حديثاً فاحْفظوه. قال إنَّما الدنيا لأربعة نفرٍ: عبدٌ رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتَّقي فيه ربَّه (¬5)، ويصل فيه رحمه (¬6)، ويعْلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النِّيَّة يقول: لوْ أنَّ لي مالاً لعملت بعمل فلانٍ فهو بنيَّتهِ فأجْرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً يخبط في ماله بغير علمٍ (¬7)، ولا يتَّقي فيه ربَّه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا فهذا بأخبثِ (¬8) المنازل، وعبد لمْ يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لوْ أنَّ لي مالاً لعملت فيه بعمل فلانٍ فهو بنيَّتهِ، فوزرهما (¬9) سواء. رواه الترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. 23 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: ضرب رسول الله (ما نقص مال عبد من صدقة) (يدرأ) بالدال المهملة: أي يدفع، وزنه ومعناه. مثل البخيل والمتصدِّق: كمثل رجلين عليهما جُنَّتان (¬10) من حديدٍ قد ¬
اضْطُرَّتْ أيديهما (¬1) إلى ثديِّهما وتراقيهما (¬2)، فجعلَ المتصدِّق كلَّما تصدَّق بصدقةٍ انبسطت (¬3) عنْه حتى تغشى (¬4) أنامله، وتعفوا أثره (¬5)، وجعل البخيل كُلَّما همَّ بصدقةٍ قلصت (¬6)، وأخذتْ كلُّ حلقةٍ بمكانها (¬7). قال أبو هريرة: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بأصبعيه هكذا في جيبه يُوسِّعها ولا تتوسَّع (¬8). رواه البخاري ومسلم، والنسائي، ولفظه: مثل المنفق المتصدق والبخيل: كمثل رجلينِ عليهما جبَّتان، أوْ جبَّتان من حديدٍ من لدنْ ثديِّهما إلى تراقيهما، فإذا أراد المنفق أن ينفق اتَّسعت عليه الدِّرعُ، أو مرَّتْ حتى تجنَّ بنانه، وتعفو أثره، فإذا أراد البخيل أن ينفق قلصتْ ولزمتْ كلُّ حلقةٍ موْضعها حتى (¬9) أخذت بترقوتهِ، أو برقبتهِ، يقول أبو هريرة رضي الله عنه: أشْهد أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوسعها (¬10) ولا تتَّسع. (الجنة) بضم الجيم، وتشديد النون: كل ما وقي الإنسان ويضاف إلى ما يكون منه. (التراقي) جمع ترقوة بفتح التاء، وضمها لحن: وهو العظم الذي يكون بين ثغرة نحر الإنسان وعانقه. (وقلصت) بفتح القاف واللام: أي انجمعت وتشمرت، وهو ضد: استرخت وانبسطت. ¬
(والجيب) هو: الخرق الذي يخرج الإنسان منه رأسه في الثوب ونحوه. 24 - وعنْ مالكٍ رحمهُ الله أنَّه بلغه عن عائشة رضي الله عنها أنَّ مسكيناً سألها وهي صائمة، وليْس في بيتها إلا رغيف، فقالت لمولاةٍ (¬1) لها: أعطيها إيَّاه، فقالتْ ليس لك ما تُفْطرين عليه، فقالت: أعْطيها إيَّاه. قالتْ: ففعلتْ، فلما أمْسينا أهدى لها أهل بيتٍ، أوْ إنسان ما كان يُهدى لها شاةً وكفنها فدعتها عائشة، فقالت كلي من هذا خير من قرصكِ. 25 - قال مالك: وبلغني أنَّ مسكيناً استطعم (¬2) عائشة أمَّ المؤمنين رضي الله عنها وبين يديها عنبٌ، فقالتْ لإنسان خذْ حبَّةً فأعْطهِ إيَّاها فجعل ينظر إليها ويعجب (¬3) فقالت عائشة رضي الله عنها: أتعجب كم ترى في هذه الحبَّة من مْثقال ذرةٍ (¬4)؟ ذكره في الموطأ هكذا بلاغاً بغير سند. (قوله) وكفنها. أي ما يسترها من طعام وغيره. 26 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قال رجلٌ: لأتصدَّقنَّ بصدقةٍ، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق فأصبحوا يتحدَّثون تصدِّق الليلة على سارقٍ، فقال: اللهمَّ لك الحمد على سارق لأتصدقنَّ بصدقةٍ، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانيةٍ فأصبحوا يتحدَّثون تصدِّق الليلة على زانيةٍ. قال: اللهمَّ لك الحمد على زانيةٍ لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني فأصبحوا يتحدَّثون تصدَّق الليلة على غنيٍ. قال: اللهمَّ لك الحمد على سارقٍ وزانية وغنيٍ فأتى ¬
فقيل له: أمَّا صدقتك على سارقٍ: فعلَّهُ أن يسْتفَّ عن سرقتهِ، وأمَّا الزَّانية (¬1): فلعلَّها أن تستعفَّ عن زناها، وأمَّا الغنيُّ: فلعله أن يعتبر فينفق مما أعطاه الله. رواه البخاري، واللفظ له، ومسلم والنسائي، وقالا فيه: فأتى، فقيل له: أمَّا صدقتك فقد تُقُبِّلت، ثمَّ ذكر الحديث: 27 - وعنْ عُقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلُّ امرئٍ في ظلِّ صدقته حتى يقضي بين الناس. قال يزيد: فكان أبو الخيْرِ مرْثد: لا يخطئه يوم إلا تصدَّق فيه بشيءٍ، ولوْ بكعكةٍ (¬2) أوْ بصلةٍ. رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 28 - وفي رواية لابن خزيمة أيضاً عنْ يزد بن أبي حبيبٍ عنْ مرثد بن أبي عيد الله اليزبيِّ: أنَّه كان أوَّل أهل مصر يروح إلى المسجد، وما رأيته داخلاً المسجد قطُّ إلا وفي كمِّه صدقة: إما فلوس، وإما خبزٌ، وإما قمح. قال: حتى ربما رأيت البصل يحمله: قال: فأقول يا أبا الخير إنَّ هذا ينتنُ ثيابك، قال فيلوق: يا أبن أبي حبيب أما إني لم أجد في البيت شيئاً أتصدق به غيره، إنه حدَّثني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ظلُّ المؤمن يوم القيامة صدقته. 29 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الصدَّقة لتطفئ عن أهلها حرَّ القبور (¬3)، وإنما يستظلُّ المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته. رواه الطبراني في الكبير والبيهقي، وفيه ابن لهيعة. 30 - وعن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيما ¬
يروى عن ربِّه عزَّ وجلَّ أنه يقول: يا ابن آدم. افزع (¬1) من كنزك عندي، ولا حرق، ولا غرق، ولا سرق أو فيكه أحْوج (¬2) ما تكون إليه. رواه الطبراني والبيهقي، قال هذا مرسل، وقد روينا عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنَّ الله إذا استودع شيئاً حفظه). 31 - وروي عن ميمونة بنت سعد أنَّها قالت: يا رسول الله: أفتنا عن الصَّدقة؟ فقال: إنها حجاب (¬3) من النَّار لمنْ احتسبها (¬4) يبتغي بها وجه الله عزَّ وجلَّ. رواه الطبراني. 32 - وعنْ بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يخْرج رجلٌ شيئاً من الصَّدقة حتى يفك عنها لحيى (¬5) سبعين شيطاناً. رواه أحمد والبزار والطبراني وابن خزيمة في صحيحه، وتردد في سماع الأمشق من بريدة، والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما، ورواه البيهقي أيضاً عن أبي ذر موقوفا عليه قال: ما خرجتْ صدقة حتى يفك عنها لحيا سبعين شيطاناً كلُّهم ينهى عنها. 33 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً منْ نخلٍ، وكان أحبَّ أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيِّبٍ. قال أنس: فلمَّا نزلت هذه الآية: لنْ تنالوا البرَّ حتى تنفقوا مما تحبُّون. قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله: إن الله تبارك وتعالى يقول: لن تنالوا البرَّ حتى تنفقوا مما تحبُّون، وإنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بيرحاءُ، وإنَّها صدقة أرجو برَّها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخٍ، ذلك مال رابحٌ، ذلك مال رابح. رواه البخاري ومسلم والترمذي ومسلم والترمذي والنسائي مختصراً. (بيرحاء) بكسر الباء وفتحها ممدوداً: اسم لحديقة نخل كانت لأبي طلحة رضي الله عنه ¬
وقال بعض مشايخنا: صوابه بيْرحي: بفتح الباء الموحدة، والراء مقصوراً، وإنما صحفه الناس. وقوله (رابح) روى بالباء الموحدة، وبالياء المثناة تحت. 34 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسول الله: ما تقول في الصَّلاة؟ قال: تمام العمل (¬1). قلتُ: يا رسول الله: تركتُ أفضل عملٍ في نفسي أوْ خيره؟ قال: ما هو؟ قلتُ: الصَّوم؟ قال: خير وليس هناك. قُلت يا رسول الله: أي الصَّدقة وذكر كلمة. قلت: فإن لم أقدر؟ قال: بفضل (¬2) طعامك. قلت: فإن (¬3) أفعل؟ قال: بشقِّ (¬4) تمرةٍ. قلت: فإن لم أفعل؟ قال: بكلمة طيبةٍ (¬5). قلت: فإن لم أفعل؟ قال: دع الناس (¬6) من الشِّرِّ، فإنَّها صدقة تصَّدق بها على نفسك. قلت: فإن لم أفعل؟ قال: تريد أن لا تدع (¬7) فيك من الخير شيئاً. رواه البزار، واللفظ له وابن حبان في صحيحه أطول منه بنحوه، والحاكم، ويأتي لفظه إن شاء الله. 35 - وروى البيهقي، ولفظه في إحدى رواياته قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا يُنْجِي العبد من النَّار؟ قال: الإيمان بالله - التصديق بوجوده سبحانه وتعالى، والثقة به (¬8). قُلت يا نبي الله: مع الإيمان عمل؟ قال: أن ترضخ (¬9) مما خوَّلك (¬10) الله، وترضخ مما رزقك الله. قُلْتُ يا نبيَّ الله، فإنْ كان فقيراً لا يجد ما يرضخ؟ قال: يأمر بالمعروف (¬11) وينهى (¬12) عن ¬
المنكر. قُلْتُ: إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر؟ قال: فليعنِ الأخرق. قلت: يا رسول الله: أرأيت إن كان يحسنُ أن يصنع؟ قال: فليعنْ مظلوماً (¬1). قُلتُ: يا نبي الله! أرأيت إن كان ضعيفاً لا يستطيع أن يعين مظلوماً؟ قال: ما تريد أن تترك لصاحبك (¬2) من خير ليمسك (¬3) أذاه عن الناس. قلتُ يا رسول الله: أرأيت إن فعل هذا يدخله الجنَّة؟ قال: من منْ عبدٍ مؤمن يُصيب خصْلةً من هذه الخصال إلا أخذت بيده (¬4) حتى تدخله الجنَّة. 36 - ورؤى عن رافع بن خديجٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصَّدقة (¬5) تسدٌّ سبعين باباً من السوء. رواه الطبراني في الكبير. 37 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: باكروا (¬6) بالصَّدقة، فإنَّ البلاء لا يتخطَّى الصَّدقة. رواه البيهقي مرفوعا وموقوفا ¬
على أنس، ولعله أشبه. 38 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدَّقوا، فإنَّ الصدقة فكاككم من النار. رواه البيهقي من طريق الحارث بن عمير عن حميد عنه. 39 - وروى عنْ عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: باكروا (¬1) بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطَّاها (¬2) رواه الطبراني، وذكره رزين في جامعة وليس في شيء من الأصول. ¬
40 - وعن الحارث الأشعريِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله أوْحى إلى يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام بخمس كلماتٍ أنْ يعمل بهنَّ، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ، فذكر الحديث إلى أن قال فيه: وآمركمْ بالصدقة، ومثل ذلك كمثل رجل أسره (¬1) العدوُّ، فأوْثقوا يده إلى عنقهِ، وقرَّبوه ليضربوا عنقه فجعل يقول: هل لكم أن أفدى نفسي (¬2) منكم، وجعل يُعطي القليل والكثير حتى فدى نفسه. الحديث رواه الترمذي وصححه، وابن خزيمة، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، وتقدم بتمامه في الالتفات في الصلاة. 41 - وعنْ رافع بن مكيثٍ، وكان ممَّنْ شهد الحديبية رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حُسنُ الملكة (¬3) نماء وسوء (¬4) الخلق، شؤم (¬5) والبرُّ (¬6) زيادة في العمر، والصَّدقة تطفيُّ (¬7) الخطيئة، وتقي (¬8) ميتة السُّوء. رواه الطبراني في الكبير، وفيه رجل لم يسم، وروى أبو داود بعضه. 42 - وعنْ عمر بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ صدقة المسلم تزيد في العمر، وتمنعُ ميتة السُّوء، ويذهب الله بها الكبْر والفخر. رواه الطبراني من طريق كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده عمرو بن عوف، وقد حسنها الترمذي، وصححها ابن خزيمة لغير هذا المتن. 43 - وعن عمر رضي الله عنه قال: ذُكرَ لي أنَّ الأعمال تباهي (¬9) فتقول: ¬
الصَّدقة أنا أفضلكم. رواه ابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 44 - وعنْ عوف بن مالكٍ رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده عصاً، وقدْ علَّق رجل قنْو (¬1) حشفٍ (¬2)، فجعل يطعن (¬3) في ذلك القنو، فقال: لو شاء رب هذه الصَّدقة تصدَّق بأطيب من هذا، إنَّ ربَّ هذه الصَّدقة يأكل حشفاً يوم القيامة. رواه النسائي واللفظ له، وأبو داود، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما في حديث. 45 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ جمع مالاً حراماً، ثمَّ تصدق به لمْ يكن له فيه أجْر، وكان إصْره (¬4) عليه. رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم، كلهم من رواية دراج عن ابن حجيرة عنه. 46 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: خير الصَّدقة ما أبقيت (¬5) غني، واليد العليا (¬6) خير من اليد السُّفلى (¬7)، وابدأ بمن تعول (¬8) تقول امرأتك: أنفق عليَّ، أو طلقني، ويقول مملوكك: أنفق عليَّ، أوْ بعني، ويقول ولدك إلى من تكلنا؟ رواه ابن خزيمة في صحيحه، ولعلّ قوله: تقول امرأتك. إلى آخره من كلام أبي هريرة مدرج. 47 - وعنه رضي الله عنه أنَّه قال يا رسول الله: أي الصَّدقة أفضل؟ قال: ¬
جهدُ (¬1) المقلِّ بمنْ تعول. رواه أبو داود، وابن خزيمة في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. 48 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبق درْهم مائة ألف درهمٍ، فقال رجل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال رجل له مال كثيرٌ أخذ منْ عرضهِ مائة ألف درهم تصدَّق بها، ورجل ليْس له إلا درهمان فأخذ أحدهما فتصدَّق به (¬2). رواه النسائي، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. (قوله) من عرضه بضم العين المهملة، وبالضاد المعجمة: أي من جانبه. 49 - وعنْ أمِّ بجيد رضي الله عنها أنَّها قالتْ: يا رسول الله إنَّ المسكين ليقوم على بأبي فما أجد له شيئاً أعطيه إيَّاه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنْ لمْ تجدي إلا ظلفاً محرقاً فادْفعيه إليه في يده (¬3). رواه الترمذي وابن خزيمة. وزاد في رواية: لا تردِّي سائلك ولوْ بظلفٍ محرقٍ. وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. (الظلف) بكسر الظاء المعجمة للبقر والغنم بمنزلة الحافر للفرس. 50 - وعنْ أبي ذرّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعبَّد عابد من بني إسرائيل، فعبد الله في صومعةٍ (¬4) ستين عاماً، فأمطرت الأرض فاخضرَّتْ، فأشرف (¬5) الرَّاهب منْ صومعته، فقال: لوْ نزلت فذكرتُ الله، فازددتُ خيرا، فنزل ومعه رغيف، أوْ رغيفان فبينما هو في الأرض لقيته امرأة فلم يزل يكلِّمها حتى غشيها (¬6)، ثمَّ أغمي عليهِ، فنزل العدير يسْتحمُّ، ¬
فجاء سائل، فأوْمأ إليه أنْ يأخذ الرَّغيفين، ثمَّ مات فوزنتْ عبادة ستين سنةً بتلك الزَّنْية فرجحت الزَّنية بحسناته ثمَّ وضع الرَّغيف أو الرغيفان مع حسناته، فرجحتْ حسناته فغفر له. رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه البيهقي عن ابن مسعود موقوفاً عليه، ولفظه: إنَّ راهباً عبد الله في صوْمعتهِ ستِّين سنةً، فجاءت امرأة فنزلت إلى جنبه، فنزل إليها فواقعها ست ليالٍ، ثمَّ سقط (¬1) في يده فهرب فأتى مسجداً فأوى فيه ثلاثا يطْعمُ ¬
شيئاً فأتى برغيفٍ فكسره فأعْطى رجلاً عن يمينهِ نصفه، وأعطى آخر عنْ يسارهِ نصفهُ ¬
فبعث الله إليه ملك الموت فقبض روحهُ فوضعت السِّتون في كفَّةٍ، ووضعت السِّتَّة في كفةٍ ¬
فرجحتْ، يعني السِّتة، ثمَّ وضع الرَّغيف، فرجح، يعْني رجح الرَّغيف السِّتَّة. ¬
51 - وعن المغيرة بن عبد الله الجعفيِّ قال: جلسنا إلى رجلٍ من أصحاب النبيِّ. ¬
الترغيب في صدقة السر
صلى الله عليه وسلم يقال له خَصْفَةُ بن خصفة: فجعل ينظر إلى سمينٍ، فقلتُ له: ما تنظر إليه؟ فقال: ذكرتُ حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعتهُ يقول: هلْ تدرون ما الشَّديد؟ قلنا: الرَّجل يصرع الرَّجل. قال: إنَّ الشديد كلَّ الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، تدرون ما الرَّقوبُ؟ قلنا: الرَّجل الذي لا يولد له. قال: إنَّ الرَّقوب الرَّجل الذي له الولد، لمْ (¬1) يقدِّم منهمْ شيئاً، ثمَّ قال: تدْرون ما الصُّعْلوك؟ قال قلنا: الرَّجل الذي لا مال له؟ قال: إن الصُّعلوك كلَّ الصُّعلوك الذي له المال لم يقدم منه شيئاً. رواه البيهقي، وينظر سنده. (قال الحافظ): ويأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الملبس: باب في الصدقة على الفقير بما يلبسه. الترغيب في صدقة السر 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
يقول: سبعة يظلهم الله في ظلَّه يوم لا ظلَّ إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله عزَّ وجلَّ، ورجل قلبه مُعلق بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجْتمعا على ذلك، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصبٍ وجمالٍ، قال: إني أخاف الله، ورجل تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعْلم (¬1) شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه. رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة هكذا، ورويناه أيضا، ومالك والترمذي عن أبي هريرة، أو أبي سعيد على الشك. 2 - ورؤى عنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما خلق الله الأرض جعلت تميد وتكفَّأ فأرْساها بالجبال فاستقرَّت فعجبت الملائكة من شدَّة الجبال، فقالتْ: يا ربنا! هلْ خلقْتَ خلقاً أشدَّ من الجبال؟ قال: نعم الحديد. قالوا: فهل خلقتَ خلقاً أشدَّ من الحديد؟ قال: النار. قالوا: فهلْ خلقتَ خلقاً أشدَّ من النار؟ قال: الماء. قالوا: فهل خلقتَ خلقاً أشدَّ من الماء؟ قال: الريح قالوا: فهلْ خلقتَ خلقاً أشدَّ من الريح؟ قال: ابن آدم إذا تصدَّق بصدقةٍ بيمنهِ فأخفاها عن شمالهِ. 3 - وعنْ معاوية بن حيدة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ صدقة السِّرِّ تُطْفيُّ غضب الرَّبِّ تبارك وتعالى. رواه الطبراني في الكبير، وفيه: صدقة ابن عبد الله السمين، ولا بأس به في الشواهد. 4 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنائع المعروفِ: تقي مصارع السُّوء، وصدقة السِّرِّ: تطفئ غضب الرَّب، وصلة الرَّحم (¬2) تزيد في العمر (¬3). رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. ¬
5 - وروي عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
صنائع المعروف: تقي مصارع السوء، والصَّدقة خفيا (¬1): تُطفئ (¬2) غضب الرَّبِّ، وصلة الرَّجم: تزيد في العمر، وكلُّ معروفٍ (¬3) صدقة، وأهل المعروف في الدنيا همْ أهلُ المعروف (¬4) في الآخرة، وأهلُ المنكرِ (¬5) في الدنيا همْ أهل المنكر (¬6) في الآخرة، وأوَّل منْ يدخل الجنَّة أهل المعروف. رواه الطبراني في الأوسط. 6 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ أبا ذرٍّ قال: يا رسول الله: ما الصَّدقة؟ قال: أضعاف مضاعفة، وعند الله المزيد، ثمَّ قرأ: منْ ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرةً. قيل: يا رسول الله أي الصَّدقة أفضل؟ قال: سر إلى فقيرٍ أوْ جهد منْ مُقلٍّ، ثم قرأ: إن تبدو الصَّدقات (¬7) فنعمَّا هي الآية. رواه أحمد مطولا والطبراني واللفظ له، وفي إسنادها عليّ بن يزيد. 7 - وعنْ أبي ذرٍّ رضي الله عنهُ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة يحبُّهمُ الله، وثلاثة يبْغضُهُمُ الله، فأمَّا الذين يحبُّهمْ: فرجل أتي قوماً فسألهمْ بالله، ولمْ يسْألهُمْ بقرابةٍ بينهمْ وبينه فمنعوه فتخلَّف رجلٌ (¬8) بأعقابهم فأعطاه سرًّا لا يعْلمُ بعطيتهِ إلا الله والذي أعْطاه، وقوم ساروا ليْلتهمْ حتى إذا كان النَّومُ أحب إليهم مما ¬
يُعدلُ به فوضعوا رءوسهمْ، فقام يتمَّلقني (¬1) ويتْلوا آياتي، ورجل كان في سريَّةٍ فلقي العدوَّ فهزموا، فأقبل بصدره حتى يُقتل، أوْ يفتَحَ لهُ (¬2). والثَّلاثة الذين يبغضهمُ الله: الشَّيخُ الزاني (¬3)، والفقير المخْتال (¬4) والغنيُّ الظَّلوم (¬5). رواه أبو داود، وابن خزيمة في صحيحه، واللفظ لهما إلا أن ابن ابن خزيمة لم يقل: فمنعوه. والنسائي، والترمذي ذكره في باب كلام الحور العين وصححه، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال في آخره: ويبغضُ الشَّيْخَ الزَّاني، والبخيل (¬6)، والمتكبِّر والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. ¬
الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم
الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم 1 - عنْ زينب الثَّقفية امرأة عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنهما قالتْ: قال ¬
رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدَّقْنَ يا معْشرَ النِّساء ولو منْ حُليِّكُنَّ، قالتْ: فرجعْتُ ¬
إلى عبد الله بن مسعودٍ، فقلت: إنَّك رجل خفيف ذات اليد، وإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدْ أمرنا بالصَّدقة فائتهِ فاسْأله، فإنْ كان ذلك يجزئ عنِّي وإلا صرفتها إلى غيركمْ، فقال عبْد الله بل ائْتهِ أنت، فانْطلقتُ، فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل (¬1) حاجتها حاجتي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيتْ عليه المهابة، فخرج ع لينا بلال رضي الله عنه فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن أمرأتين بالباب يسألانك أتجزئ الصَّدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ولا تخْبرهُ من نحن. قالتْ: فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال ¬
له رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ هُما؟ فقال: امرأة من الأنصار، وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الزَّيانب؟ قال: امرأة عبد الله بن مسعود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لهما أجْران القرابة، وأجر الصدقةِ (¬1) رواه البخاري ومسلم، واللفظ له. 2 - وعن سلمان بن عامرٍ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذوي الرَّحم ثنتان: صدقة، وصلة (¬2). رواه النسائي والترمذي وحسنه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، ولفظ ابن خزيمة قال: الصَّدقة على المسكين صدقة، وعلى القريب صدقتان: صدقةٌ، وصلةٌ. 3 - وعن حكم بن حزامٍ رضي الله عنه أنَّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن الصَّدقات أيها أفضل؟ قال: على ذي الرَّحم الكاشح. رواه أحمد والطبراني، وإسناد أحمد حسن. (الكاشح) بالشين المعجمة: هو الذي يضمر عداوته في كشحه، وهو خصره، يعني: أنَّ أفضل الصَّدقة على ذي الرَّحم القاطع المضر العداوة في باطنهِ. 4 - وعنْ أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الصَّدقة: الصَّدقة (¬3) على ذي الرَّحم الكاشح. رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح، وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 5 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الصَّدقة على ذي قرابة يضعَّف أجرها مرَّتين. رواه الطبراني في الكبير من طريق عبيد الله بن زحر. ¬
الترهيب من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل ماله فيبخل عليه أو يصرف صدقته إلى الأجانب وأقرباؤه محتاجون
الترهيب من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل ماله فيبخل عليه، أو يصرف صدقته إلى الأجانب وأقرباؤه محتاجون 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالحقِّ لا يعذِّب الله يوم القيامة منْ رحم (¬1) اليتيم، ولان له في الكلامِ (¬2)، ورحم يُتْمَهُ وضعفه (¬3)، ولمْ يتطاولْ (¬4) على جارهِ بفضل ما آتاه الله وقال يا أمَّة محمدٍ: والذي بعثني بالحقِّ لا يقبل الله صدقةً منْ رجلٍ، وله قرابة محتاجون إلى صلته (¬5) ويصرفها إلى غيرهم (¬6)، والذي نفسي بيده (¬7) لا ينظر الله (¬8) إليه يوم القيامة. رواه الطبراني، ورواته ثقات، وعبد الله بن عامر الأسلمي، قال أبو حاتم: ليس بالمتروك. 2 - وعنْ بهْز بْنِ عن أبيه عنْ جدِّه رضي الله عنه قال. قلت يا رسول الله: من أبرُّ (¬9) قال: أمَّك (¬10)، ثمَّ أمَّك، ثمَّ أمك، ثمَّ أباك، ثم الأقرب فالأقرب. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يسْأل رجل مولاه (¬11) منْ فضل هو عنده فيمنعه إيَّاه إلا دعى له يوم القيامة فضله الذي منعه شجاعا أقرع. رواه أبو داود، واللفظ له والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن. قال أبو داود: الأقرع الذي ذهب شعر رأسه من السمّ. 3 - وعن جرير بن عبد الله البجليِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
الترغيب في القرض، وما جاء في فضله
عليه وسلم: ما منْ ذي رحمٍ (¬1) يأتي ذا رحمهِ (¬2)، فيسأ له فضلاً أعطاه الله إيَّاه فيبخلُ عليه إلا أخرج الله له منْ جهنَّم حيَّة يقال لها شجاع يتلمَّظ فيطوَّق به. رواه الطبراني في الأوسط والكبير بإسناد جيد. (التلمظ) تطعم ما يبقى في الفم من آثار الطعام. 4 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّما رجلٍ أتاه ابن عمِّه يسْأله منْ فضلهِ فمنعه منعهُ الله فضْله يوم القيامة. رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وهو غريب. (الترغيب في القرض وما جاء في فضله) 1 - عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنهما قال: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ منحَ (¬3) منيحةَ لبنٍ، أو ورقٍ (¬4)، أو هدى زقاقاً كان له مثل عتق رقبةٍ. رواه أحمد والترمذي، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث ¬
حسن صحيح، ومعنى قوله: منح منيحة ورقٍ. إنما يعنى به قرض الدرهم، وقوله: أوْ هدى زُقاقاً: إنما يعنى به هداية الطريق، وهو إرشاد السبيل انتهاء. 2 - وعنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: كلُّ قرْض (¬1) صدقة. رواه الطبراني بإسناد حسن والبيهقي. 3 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: دخل رجل الجنَّة فرأى مكتوباً على بابها: الصَّدقة بعشر أمثالها، والقرضُ بثمانية عشر. رواه الطبراني والبيهقي، كلاهما من رواية عتبة بن حميد. ¬
ورواه ابن ماجه والبيهقي أيضاً كلاهما عن خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ليْلة أسْري (¬1) بي على باب الجنَّة مكتوباً: الصَّدقة بعشر أمثالها، والقرْض بثمانية عشر (¬2). الحديث، وعتبة بن حميد. عندي أصلح حالا من خالد. 4 - وعنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ مسلمٍ يُقرض (¬3) مسلماً قرضاً مرَّةً إلا كان كصدقتها مرَّتين. رواه ابن ماجه، وابن حبان في صحيحه والبيهقي مرفوعاً وموقوفاً. 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (منْ يسَّر على معسرٍ (¬4) يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة (¬5). رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه مسلم والترمذي، وأبو داود والنسائي، وابن ماجه في حديث يأتي إن شاء الله تعالى .. ¬
الترغيب في التيسير على المعسر وإنظاره والوضع عنه
الترغيب في التيسير على المعسر وإنظاره والوضع عنه 1 - عنْ أبي قتادة رضي الله عنه أنه طلب غريماً (¬1) له فتوارى (¬2) عنه، ثمَّ وجده، فقال: إنِّي مُعْسر (¬3)؟ قال: آلله. قال: آلله. قال: فإنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سرَّه أن يُنجيه الله من كرب (¬4) يوم القيامة فلينفِّس (¬5) عنْ مُعسرٍ أو يضع عنه. رواه مسلم وغيره، ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد صحيح، وقال فيه: من سرَّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، وأن يظلَّهُ (¬6) تحْت عرشهِ فلينظرْ معسراً. 2 - وعنْ حُذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلقَّت الملائكة روح رجلٍ ممنْ كان قبْلكمْ، فقال: عمْلتَ من الخير شيئاً؟ قال: لا. قالوا: تذكَّرْ؟ قال: كُنت أداين الناس (¬7) فآمر فتياني أن ينظروا (¬8) المعسر، ويتجوَّزوا عن الموسرِ (¬9) قال: قال الله: تجاوزوا عنه (¬10). رواه البخاري ومسلم واللفظ له. ¬
3 - وفي رواية لمسلم، وابن ماجه عن حذيفة أيضاً عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ رجلاً مات فدخل الجنَّة فقيل له: ما كنت تعمل؟ قال: فإمَّا: فإما ذكر، وإمَّا ذكِّرَ؟ فقال: كُنْت أبايع الناس فكنتُ أنظر المعسر، وأتجوَّز (¬1) في السِّكة، أو في النَّقد فغفر له. 4 - وفي رواية للبخاري ومسلم عنه أيضاً قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ رجلاً ممنْ قبْلكمْ أتاه الملك (¬2) ليقبض روحه، فقال: هل علمتَ من خيرٍ؟ قال: ما أعلم. قيل له: أنظرْ! قال: ما أعلم شيئاً غير أنِّي كنت أبايع النَّاس (¬3) في الدنيا فأنظر الموسر، وأتجاوز عن المعسرِ، فأدخله الله الجنة، فقال أبو مسعودٍ: وأنا سمعتهُ يقول ذلك. 5 - وعنه رضي الله عنه قالى: أتى الله بعبدٍ من عباده آتاه الله مالاً، فقال له: ماذا عمْلت في الدنيا؟ قال: ولا يكْتُمون الله حديثاً؟ قال: يا رب آتيتني مالا فكنتُ أبايع الناس، وكان من خُلقي الجواز (¬4) فكنت أيسِّر على (¬5) الموسر، وأنظر المعسرَ فقال الله تعالى: أنا أحق بذلك منك تجاوزوا عن عبدي، فقال عقبة بن عامر، وأبو مسعود الأنصاري: هكذا سمعناه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا موقوفاً على حذيفة، ومرفوعاً عن عقبة وأبي مسعود. 6 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رجل يداين الناس، وكان يقول لفتاه (¬6): إذا أتيت معسراً، فتجاوزْ عنه لعلَّ الله ¬
عزَّ وجلَّ يتجاوز عنَّا، فلقي الله، فتجاوز عنه. رواه البخاري ومسلم والنسائي، ولفظه: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ رجلا لمْ يعملْ خيراً قطُّ، وكان يُداين الناس، فيقول لرسولهِ خذ ما تيسَّر، واترك ما عسر، وتجاوز لعل الله يتجاوز عنَّا، فلمَّا هلك. قال الله له: هل عملت خيراً قطُّ؟ قال: لا إلا أنه كان لي غلام، وكنْتُ أداين الناس، فإذا بعثته يتقاضى (¬1). قُلْتُ له: خذ ما تيسَّر واتركْ ما عسر، وتجاوزْ لعلَّ الله يتجاوز عنَّا. قال الله تعالى: قدْ تجاوزت عنك. 7 - وعنْ أبي مسعودٍ البدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حُوسب رجل ممنْ كان قبلكم فلمْ يوجد له من الخير شيء إلا أنَّه كان يخالط النَّاس، وكان موسراً، وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسرِ. قال الله تعالى: نحنُ أحقُّ بذلك تجاوزوا عنه. رواه مسلم والترمذي. 8 - وعنْ بريدة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أنظر معسراً فله كلَّ يومٍ مثله صدقه. ثمَّ يقول: من أنظر معسراً فله كلَّ يوم مثلْيهِ صدقة، فقلت يا رسول الله سمعتك تقول: من أنظر معسراً فله كلَّ يومٍ مثله صدقة، ثمَّ سمعتك تقول: ما أنظر معسراً فله كلَّ يوم مثليهِ صدقة؟ قال له: كلهَ يوم مثله صدقة قبل أن يحلَّ الدين، فإذا حلَّ فأنظره فله بكلِّ (¬2) يومٍ مثليهِ صدقه. رواه الحاكم، ورواته محتجّ بهم في الصحيح. ورواه أحمد أيضاً، وابن ماجه والحاكم مختصراً: من أنظر معسراً فله كلَّ يومٍ صدقة قبل أن يحلَّ الدَّين، فإذا جلَّ الدين فأنظره بعد ذلك فله كلَّ يوم مثليهِ صدقة. وقال الحاكم: صحيح على شرطهما. 9 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: منْ نفَّس (¬3) عنْ مسلمٍ كرْبةً من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كرْبة من كرب يوم القيامة. ¬
ومن يسَّر على معسرٍ في الدنيا يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر على مُسلمٍ (¬1) في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والهل في عونِ العبد ما كان العبد في عون أخيه. رواه مسلم وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي، وابن ماجه مختصرا والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما. 10 - وروي عن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فرَّج عنْ مسلمٍ كربةً جعل الله تعالى له يوم القيامة شعبتين (¬2) من نورٍ على الصِّراط يستضيء بضوءيهما عالم (¬3) لا يُحْصيهمْ إلا ربُّ العزَّة. رواه الطبراني في الأوسط، وهو غريب. 11 - وعنه رضي الله عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ أنظر معسراً، أوْ وضعَ له أظلَّه الله يوم القيامة تحت ظلِّ عرشه (¬4) يوم لا ظلَّ إلا ظلهُ. 12 - وعن أبي اليُسر رضي الله عنه قال: أبصرت عيناي هاتان، ووضع أصبعيهِ (¬5) في أذنيه، ووعاهُ قلْبي هذا - وأشار إلى نياط قلبه - رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أنظر (¬6) معسراً أو وضع (¬7) له أظَّله الله في ظلِّهِ. رواه ابن ماجه والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح على شرط مسلم، ورواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن، ولفظه قال: ¬
أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعتهُ يقول: إنَّ أوَّل النَّاس يستظلُّ في ظلِّ الله يوم القيامةِ لرجل أنظر مُعْسرا حتى يجد شيئاً، أو تصدَّق عليه بما يطلبه يقول: مالي عليك صدقة ابتغاء وجه الله، ويخرِّق صحيفته (¬1). (قوله) ويخرق صحيفته: أي يقطع العهدة التي عليه. 13 - وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن تستجاب دعوته، وأن تكشف كرْبتهُ فليُفرِّجْ عن معسرٍ. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف. 14 - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ أنْظر معسراً إلى ميسرتهِ أنظره الله بذنبهِ إلى توبتهِ. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الكبير والأوسط. 15 - وعنهُ رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد وهو يقول: هكذا، وأوْمأ أبو عبد الرحمن بيدهِ إلى الأرض: من أنْظر معسراً، أوْ وضع له، وقاه الله (¬2) من فيْحِ جهنَّمَ. رواه أحمد بإسناد جيد، وابن أبي الدنيا في اصطناع المعروف، ولفظه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وهو يقول: أيُّكم يسُرُّه أن يقيه الله عزَّ وجلَّ من فيح جهنَّم؟ قلنا: يا رسول الله كلُّنا يسرُّه. قال: من أنظر مُعْسِراً، أوْ وضع له وقاه الله عزَّ وجلَّ من فيح جهنَّمَ. 16 - وعن أبي قتادة رضي الله عنه قا ل: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نفَّسَ عنْ غريمهِ، أوْ محى عنه كان في ظلِّ العرش (¬3) يوم القيامة. رواه البغوي في شرح السنة، وقال: هذا حديث حسن، وتقدم في أوّل الباب بنحوه. 17 - وروي عن عثمان بن عفَّان رضي الله عنه قال: سمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
يقول: (أظلَّ الله عبداً في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله (¬1) أنظر معسراً، أوْ ترك لغارمٍ. رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند. 18 - وروي عن أسعد بن زرارة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ سرَّه أن يظلَّه الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّهُ فليُيسِّر (¬2) على معسرٍ، أوْ ليضعْ عنه. رواه الطبراني في الكبير، وله شواهد. 19 - وروي عن شدَّاد بن أوسٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أنظر معسراً، أو تصدَّق عليه (¬3) أظلَّه الله في ظلَّهِ يوم القيامة. رواه الطبراني في الأوسط. ¬
الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرما والترهيب من الإمساك والادخار شحا
(الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرما) والترهيب من الإمساك والادّخار شحا 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من يومٍ يُصْبح العباد فيه إلا ملكانِ ينزلان فيقول أحدهما: اللهمَّ أعط منفقا (¬1) خلفاً ويقول الآخر: اللهمَّ أعط ممسكا (¬2) تلفاً (¬3). رواه البخاري ومسلم، وابن حبان في صحيحه، ولفظه: إنَّ ملكاً بيابٍ من أبواب الجنَّة يقول: من يقرضِ (¬4) اليوم يجزَ غداً (¬5)، وملك بابٍ آخر يقول: اللهمّ أعطِ منفقاً خلفاً، وأعطِ ممسكا تلفاً. ورواه الطيراني مثل ابن حبان إلا أنه قال: ببابٍ من أبواب السماء. 2 - وعن رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الله تعالى يا عبدي: أنفق أنفق عليك. وقال: يد (¬6) الله ملأى لا يغيضها نفقه سحاء الليل والنَّار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض، فإنَّه لم يغضْ ما بيدهِ، وكان عرشهُ على الماء، وبيده الميزان يخفض ويرفعُ. رواه البخاري ومسلم. (لا يغيضها) بفتح أوله: أي لا ينقصها. ¬
3 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابن آدم: إنك أن تبذلَ الفضلَ (¬1) خير لك، وأن تمسكهُ شر لك، ولاتلام على كفافٍ (¬2)، وابدأ بمن تعول (¬3)، واليد العليا خير من اليد السُّفلى. رواه مسلم والترمذي. (الكفاف) بفتح الكاف ما كف عن الحاجة إلى الناس مع القناعة لا يزيد على قدرا لحاجة. (والفضل): مازاد على قدر الحاجة. 4 - وعنْ أبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما طلعت شمسُ قطُّ إلا وبجنبيْها ملكان يناديان: اللهمَّ من أنفق فأعقبه خلفاً، ومنْ أمْسك فأعقبه تلفاً. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، والحاكم بنحوه، وقال: صحيح الإسناد، والبيهقي من طريق الحاكم، ولفظه في إحدى رواياته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ يومٍ طلعت شمسهُ إلا وبجنبيها ملكان يناديان نداءً يسمعه خلق الله كلُّهمْ غير الثَّقلين (¬4): يا أيها الناس: هلمُّوا (¬5) إلى ربِّكم إنَّ ما قلَّ وكفِى خير مما كثر وألهى، ولا ابتِ الشمس إلا وكان بجنبيها ملكان يناديان نداءً يسمعه خلق الله كلُّهُمْ غير الثَّقلين: اللهم أعط منفقاً خلفاً وأعط ممسكاً تلفاً، وأنزل الله في ذلك قرآنا في قول الملكين: يا أيها الناس هلمُّوا إلى ربكم، في سورة يونس: والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم: وأنزل في قولهما: اللهمَّ أعط منفقاً خلفاً، وأعط ممسكاً تلفاً: والليل إذا يغشى والنَّهار إذا تجلَّى وما خلق الذكر الذكر والأنثى إلى قوله (¬6) للعسرى. 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جنَّتان من حديدٍ من ثديِّهما إلى تراقيهما، فأمَّا المنفق: فلا ينفق إلا سبغتْ، أو وفرت على جلده حتى تخفى بنانه وتعفو ¬
أثره، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئاً إلا لزمت كلُّ حلقةٍ مكانها فهو يوسِّعها فلا تتَّسع. رواه البخاري ومسلم. (الجنة) بضم الجيم: ما أجنّ وستره، والمراد به هنا: الدرع، ومعنى الحديث أن المنفق كلما أنفق طالت عليه، وسبغت حتى تستر بنان رجليه ويديه، والبخيل كلما أراد أن ينفق لزمت كل حلقة مكانها فهو يوسعها ولا تتسع، شبه صلى الله عليه وسلم تعالى ورزقه بالجنة، وفي رواية: بالجبة، فالمنفق كلما أنفق اتسعت عليه النعم وسبغت، ووفرت حتى تستره سترا كاملا شاملا. والبخيل: كلما أراد أن ينفق منعه الشح، والحرص، وخوف النقص فهو بمنعه يطلب أن يزيد ما عنده، وأن تتسع عليه النعم فلا تتسع ولا تستر منه ما يروم ستره، والله سبحانه أعلم. 6 - وعنْ قيس بن سلعٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه أنَّ إخوته شكوهُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إنَّه يبذِّر (¬1) ماله، وينبسط (¬2) فيه. قُلْتُ: يا رسول الله آخذ نصيبي من التَّمرة فأنفقه في سبيل الله، وعلى من صحبني، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: أنْفِقْ يُنْفقِ الله عليك، ثلاث مرَّاتٍ، فلما كان بعد ذلك خرجت في سبيل الله، ومعي راحلة، وأنا أكثر أهل بيتي اليوم وأيسره (¬3). رواه الطبراني في الأوسط، وقال: تفرد به سعيد بن زياد أبو عاصم. 7 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأخلاء ثلاثة. فأمَّا خليل فيقول: أنا معك حتى تأتي قبرك، وأما خليل فيقول: لك ما أعطيت وما أمسكت فليس لك فذلك مالك، وأما خليل فيقول: أنا معك حيث دخلت، وحيث خرجتَ، فذلك عمله، فيقول: والله لقد كنْتَ من أهونِ الثلاثة عليَّ. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، ولا علة له. 8 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُكم مال وارثهِ أحبُّ إليه من ماله. قالوا يا رسول الله: ما منَّا أحد إلا ماله أحبُّ ¬
إليه من مال وارثهِ؟ قال: فإنَّ ماله ما قدَّم (¬1)، ومال وارثهِ ما أخَّر (¬2). رواه البخاري والنسائي. 9 - وعنْهُ رضي الله عنه قال: دخل النَّبي صلى الله عليه وسلم على بلالٍ وعنده صبر (¬3) من تمرٍ، فقال: ما هذا يا بلال (¬4)؟ قال: أعدُّ ذلك لأضْيافك. قال: أما تخشى أن يكون لك دخان في نار (¬5) جهنَّم، أنفق يا بلالُ (¬6)، ولا تخش من ذي العرش إقلالاً (¬7)، رواه البزار بإسناد حسن، والطبراني في الكبير، وقال: أما تخشى أن يفور له بخارٌ في نار جهنَّمَ. 10 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عاد بلالاً، فأخرج له صبرا من تمرٍ، فقال: ما هذا يا بلال؟ قال: ادَّخرته لك يا رسول الله. قال: أما تخشى أن يجعل لك بخار في نار جهنمَّ، أنفق يا بلال، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً. رواه أبو يعلي، والطبراني في الكبير، والأوسط بإسناد حسن. 11 - وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا توكي فيوكأ عليكِ. وفي رواية: أنفقي، أو انفحي (¬8) أو انضحي، ولا تُحْصي فيحصي الله عليك، ولا تُوعي فيوعى الله عليك. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود. ¬
(افنحي) بالحاء المهملة، وانضحي، وأنفقي الثلاثة معنى واحد، وقوله: لا توكي، قال الخطابي: لا تدخري، والإيكاء: شدّ رأس الوعاء بالوكاء، وهو الرباط الذي يربط به، يقول: لا تمنعي ما في يدك فتنقطع مادة بركة الرزق عنك انتهى. 12 - وعنْ بلالٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال: مُتْ فقيرا (¬1) ولا تمتْ غنيًّا. قلت: وكيف لي بذلك؟ قال: ما رُزقتَ فلا تخْبأ (¬2)، وما سُئلْت فلا تمنعْ، فقلتُ: يا رسول الله وكيف لي بذلك؟ قال: هو ذاك أو النَّار (¬3). رواه الطبراني في الكبير، وأبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وعنده: قال لي: ألق الله فقيراً، ولا تلقهُ غنيًّا، والباقي بنحوه. 13 - وعنِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: لا حسد إلا في اثنتينِ: رجل آتاه الله مالاً فسلطهُ على هلكتهِ في الحقِّ (¬4)، ورجل آتاه الله حكمة (¬5) فهو يقضي بها (¬6) ويعلِّمها (¬7). وفي روايةٍ: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو ييقوم به آناء الليل، وآناء النَّهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه (¬8) آناء الليل، وآناء النهار، رواه البخاري ومسلم، والمراد بالحسد: هنا الغبطة، وهو تمنى مثل ما للمغبط، وهذا لا بأس به، وله نيته، فإن تمنى زوالها عنه فذلك حرام، وهو الحسد المذموم. 14 - وعنْ طلحة بن يحيى عنْ جدَّتهِ سُعدى قالت: دخلت يوماً على طلحة تعْني ابن عبيد الله: فرأيت منه ثقلاً (¬9)، قلت له: مالك (¬10) لعلَّه رابك (¬11) منَّا ¬
شيء فنعتبك (¬1)؟ قال: لا، ولنعْمَ حليلةُ (¬2) المرء المسلم أنت، ولكن اجتمع عندي مال، ولا أدري كيف (¬3) أصنعن به. قالت: وما يغمُّك (¬4) منه، ادْعُ قومك فاقسمهُ بينهمْ، فقال يا غلام: عليَّ بقومي (¬5)، فسألتُ الخازن كمْ قسم؟ قال: أربعمائة ألفٍ. رواه الطبراني بإسناد حسن. 15 - وروى عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نشر (¬6) الله عبدين منْ عبادهِ أكثر لهما من المال والولد، فقال لأحدهما: أيْ فلان ابن فلان؟ قال: لبَّيك (¬7) ربِّ وسعديكَ. قال: ألم أكثر لك من المال والولد؟ قال: بلى (¬8) أي ربِّ. قال: وكيف صنعت فيما آتيتك؟ قال: تركته لولدي مخافة العيلةِ. قال: أما إنَّك لو تعلم العلم لضحكت قليلاً، ولبكيت كثيرا، أما إنَّ الذي تخوَّفت عليهم قد أنزلت بهمْ، ويقول للآخر: أي فلان ابن فلانٍ، فيقول: لبَّيك أي ربِّ وسعديك؟ قال له: ألم أكثر لك من المال والولد؟ قال: بلى. أي ربِّ قال: فكيف صنعت فيما آتيتك؟ فقال: أنفقتُ في طاعتك، ووثقتُ لولدي من بعدي بحسن طولك (¬9) قال: أما إنَّك لو تعْلم العِلْمَ لضحكت كثيراً، ولبكيت قليلاً، أما ¬
إنَّ الذي قدْ وثقت به أنزلتُ بهمْ. رواه الطبراني في الصغير والأوسط. (العيلة) بفتح العين المهملة، وسكون الياء: هو الفقر. (والطول) بفتح الطاء: هو الفضل والقدرة والغنى. 16 - وعن مالك الدَّار أنَّ عمر بن الخطَّاب رضي الله عنهُ أخذ أرْبعمائة دينارٍ فجعلها في صرَّةٍ (¬1)، فقال للغلام: اذْهب بها إلى أبي عبيدة بن الجرَّاح (¬2) ثمَّ تلَهَّ في البيت ساعة حتى تنظر ما يصْنعُ فذهب بها الغلام إليه، فقال يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: وصله الله ورحمه، ثمَّ قال: تعالى يا جارية اذهبي بهذه السَّبْعةِ إلى فلانٍ، وبهذه الخمسة إلى فلانٍ، وبهذه الخمسة إلى فلانٍ حتى أنفذها، ورجع الغلام إلى عمر فأخبرهُ قدْ أعدَّ مثلها لمعاذ بن جبلٍ (¬3)، فقال: اذهب بها إلى معاذ بن جبلٍ، وتلهَّ في البيت حتى تنظر ما يصنع فذهب بها إليه، فقال يقول لك ¬
أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتكَ (¬1)، فقال: رحمهُ الله ووصله، تعالى يا جارية اذهبي إلى بيت فلانٍ بكذا، اذهبي إلى بيت فلانٍ بكذا، اذهبي إلى بيت فلانٍ بكذا فاطَّلعتِ امرأةُ معاذٍ وقالتْ: نحن والله مساكين فأعطنا فلمْ يبق في الخرقة إلا ديناران فدحى بهما إليها، ولغلام إلى عمر فأخبره فسُرَّ بذلك، فقال إنَّهم إخوة بعضهم من بعض. رواه الطبراني في الكبير، رواته إلى مالك الدار ثقات مشهورون، ومالك الدارلا أعرفه. (تله) هو بفتح التاء المثناة فوق واللام أيضاً، وتشديد الهاء: أي تشاغل. (فدحى بهما) بالحاء المهملة: أي رمي بهما. 17 - وعن سهيل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة دنانير وضعها عند عائشة، فلمَّا كان عند مرضهِ. قال يا عائشة: ابعثي بالذهب إلى عليّ، ثمَّ أغمي عليه (¬2)، وشغل عائشة ما به حتى قال ذلك مرارا، كل ذلك يغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويشغل (¬3) عائشة ما به فبعث إلى عليِّ فتصدق بها وأمْسى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديد (¬4)، الموت ليلة الاثنين، فأرسلتْ عائشة بمصباحٍ لها إلى امرأةٍ من نسائها، فقالتْ: أهدى لنا في مصباحنا منْ عُكَّتِكِ (¬5) السَّمنِ فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمْسى في حديد الموت. رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات محتج بهم في الصحيح، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث عائشة بمعناه. 18 - وعنْ عبد الله بن الصَّامت قال: كُنت مع أبي ذرٍّ رضي الله عنه تفخرج عطاؤه، ومعه جارية له قال: فجعلتْ تقضي حوائجه ففضل (¬6) معها سبْعة فأمرها أن ¬
تشتري به فلوساً (¬1): قال قلْتُ: لو أخَّرْتهُ للحاجة تنوبك أو للضَّيفِ ينزل بك. قال: إنّ خليل عهد إليَّ أنَّ أيُّما (¬2) ذهبٍ، أوْ فضَّةٍ أوكئ عليه (¬3)، فهو جمر (¬4) على صاحبه حتى يفرغهُ (¬5) فيسبيل الله عزَّ وجلَّ. رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. ورواه أحمد أيضاً والطبراني باختصار القصة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أوْكى على ذهبٍ أو فضةٍ، ولمْ ينفقهُ في سبيل الله (¬6) كان جمراً يوم القيامة يُكوى به (¬7). هذا لفظ الطبراني، ورجاله أيضاً رجال الصحيح. 19 - وعنْ أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أهديتْ للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاث طوائر فأطعم (¬8) خادمه طائراً: فلمَّا كان من الغد أتتْهُ بها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألمْ أنهكِ أن ترْفعي شيئاً (¬9) لغدٍ: فإن الله يأتي برزق غدٍ. رواه أبو يعلي والبيهقي، ورواه أبي يعلي ثقات. 20 - وعن أنس أيضا رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدًّخر (¬10) شيئاً لغدٍ. رواه ابن حبان في صحيحه، والبيهقي كلاهما من رواية جعفر ابن سليمان الضبعي عن ثابت عنه. 21 - وعنْ سمرة بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: إنِّي لألج هذه الغرفة ما ألجها إلا خشية أن يكون فيها مال فأتوفَّى، ولمْ أنفقه. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. ¬
(لألج). أي لأدخل. (والغرفة) بضم الغين المعجمة: هي العلية. 22 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أحبُّ أنَّ لي أحداً ذهباً أبقى صبح ثالثةٍ، وعندي منه شيء إلا شيئاً أعدُّهُ لدينٍ (¬1). رواه البزار من رواية عطية عن أبي سعيد، وهو إسناد حسن، وله شواهد كثيرة. 23 - وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال لي أبو ذرٍ يا ابن أخي كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذاً بيده، فقال لي: يا أبا ذرٍ! ما أحبُّ أنَّ لي أحداً ذهباً وفضَّة أنفقه في سبيل الله، أموت يوم أموت أدع منه قيراطاً. قلت: يا رسول الله: قنطاراً. قال يا أبا ذرٍّ: أذهب إلى الأقلِّ وتذهب إلى الأكثر، أريد الآخرة، وتريد الدنيا، قيراطاً فأعادها على ثلاث مرَّاتٍ. رواه البزار بإسناد حسن. 24 - وعنه رضي الله عنه أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم التفت إلى أحدٍ، فقال والذي نفسي بيدهِ: ما يسُرُّني أنَّ أحداً تحوَّل (¬2) لآل مُحمَّدٍ ذهبا أنفقه في سبيل الله أموت يوم أموت أدع منه دينارين إلا دينارينِ أُعدُّهما للدين إن كان. رواه أحمد، وأبو يعلي، وإسناد أحمد جيِّد قوي. 25 - وعن قيْس بن أبي حازمٍ قال: دخلت على سعيد بن مسعودٍ نعوده (¬3) فقال ما أدْري ما يقولون، ولكنْ ليْتَ ما في تابوتي هذا جمر (¬4)، فلما مات نظروا، فإذا فيهِ ألف أو ألفانِ: رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. 26 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ رجلاً توفِّي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمْ يوجد له كفن، فأتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: انظروا إلى داخلةِ إزارهِ فأصيب دينار، أو ديناران، فقال: كيَّتانِ (¬5). ¬
وفي روايةٍ: توفِّي رجلٌ من أهل الصُّفَةِ فوجد في مئزرهِ دينارٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيَّة، ثمَّ توفِّي آخر فوجد في مئزره ديناران، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيَّتان. رواه أحمد والطبراني من طرق، ورواة بعضها ثقات أثبات غير شهر بن شوحب. 27 - وعنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: تُوفِّي رجلٌ من أهل الصُّفَّةِ فوجدوا في شملتهِ دينارين، فذكروا ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: كيَّتانِ. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه. (قال الحافظ): وإنما كان كذلك لأنه ادَّخر مع تلبسه بالفقر ظاهراً، ومشاركته الفقراء فيما يأتيهم من الصدقة، والله أعلم. 28 - وعنْ سلمةَ بن الأكوع رضي الله عنه قال: كُنْتُ جالساً عند النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فأتى بجنازةٍ، ثمَّ أتى بأخرى، فقال: هل ترك من دين؟ قالوا: لا. قال فهلْ ترك شيئاً؟ قالوا: نعم ثلاثة دنانير، فقال: بأصابعهِ (¬1) ثلاثُ كيَّاتٍ، الحديث. رواه أحمد بإسناد حسن جيد، واللفظ له والبخاري بنحوه، وابن حبان في صحيحه. 29 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ أعْرابيَّا فجعلهما في عباءةٍ فخيَّط عليهما ولف عليهما فمات الأعرابي فوجد الدِّيناران، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كيَّتانِ. رواه أحمد، وإسناده حسن لا بأس به في المتابعات. ¬
ترغيب المرأة في الصدقة من مال زوجها إذا أذن وترهيبها منها ما لم يأذن
ترغيب المرأة في الصدقة من مال زوجها إذا أذن وترهيبها منها ما لم يأذن 1 - عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها (¬1) غير مفسدةٍ (¬2) كان لها أجْرها بما أنفقت، ولزوجها أجْرُهُ بما اكتسبَ، وللخادم (¬3) مثل ذلك، لا ينقص بعْضهمْ من أجر بعضٍ شيئاً. رواه البخاري ومسلم واللفظ له، وأبو داود وابن ماجه والترمذي والنسائي، وابن حبان في صحيحه، وعند بعضهم: إذا تصدَّقت بدل: أنفقت. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحلُّ للمرأة أن تصوم، وزوجها شاهد (¬4) إلا بإذنهِ، ولا تأذن في بيتهِ (¬5) إلا بإذنه. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود. ¬
3 - وفي روايةٍ لأبي داود أنَّ أبا هريرة: سُئل عن المرأة هل تتصدَّق من بيت زوجها؟ قال: لا (¬1) إلا من قُوتها (¬2)، والأجر بينهما (¬3)، ولا يحلُّ لها أن تتصدَّق (¬4) من مال زوجها إلا بإذنه. زاد رزين العبدريّ في جامعه: فإن أذن لها فالأجر بينهما، فإنْ فعلتْ بغيرِ إذنهِ فالأجر له، والإثم عليها. 4 - وعن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجوز لامرأةٍ عطيَّةٌ (¬5) إلا بإذن زوجها. رواه أبو داود والنسائي من طريق عمرو بن شعيب. 5 - وعنْ أسماء رضي الله عنها قالتْ: قلتُ يا رسول الله: مالي مال إلا ما أدخل (¬6) عليَّ الزُّبير أفأتصدَّق؟ قال: تصدقي، ولاتوعي (¬7) فيوعي عليك. وفي رواية: أنها جاءت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبي الله: ليْس لي شيءٌ إلا ما أدخل عليَّ الزُّبير فهل عليَّ جُناحٌ (¬8) أن أرْضخ (¬9) مما يدخل عليَّ؟ .. قال ارْضخي ¬
ما استطعتِ، ولا توعي فيوعى الله عليك. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي. 6 - وعنْ عمرو بن شُعيبٍ عنْ أبيه عنْ جدِّهِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا تصدَّقت المرأة من بيتِ زوجها كان لها أجرها (¬1). ولزوجها مثل ذلك، لا ينقصُ كلُّ واحدٍ منهما من أجرِ صاحبهِ شيئاً، بما (¬2) كسب، ولها بما أنفقت (¬3). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. 7 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خُطْبَتهِ عام حجَّة الوداع: لا تُنْفقُ (¬4) امرأة شيئاً من بيت زوجها إلا بإذن زوجها. قيل يا رسول الله: ولا الطَّعام (¬5)؟ قال: ذلك أفضل (¬6) أموالنا. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. ¬
الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماء والترهيب من منعه
الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماء والترهيب من منعه 1 - عنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنَّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ (¬1) الإسلام خير؟ قال: تُطْعمُ الطعام، وتقرأ السَّلام (¬2) على منْ عرفتَ، ومنْ لم تعْرفْ. رواه البخاري ومسلم والنسائي. 2 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه: قال قُلْتُ يا رسول الله: إنِّي إذا رأيتك طابت نفْسي (¬3)، وقرَّتْ عيني، أنبئني عن كل شيء؟ قال: كلُّ شيء خُلق من الماء، فقلت: أخبرني بشيء إذا عمِلْتُهُ دخلت الجنَّة؟ قال: أطعم الطَّعام، وأفش السلام، وصلِ الأرْحام، وصل بالليل (¬4) والناس نيام تدخل الجنَّة بسلامٍ (¬5). رواه أحمد، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 3 - وعنْ عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
اعبدوا الرَّحمن، وأطْعموا الطَّعام، وأفْشوا السلام تدخلوا الجنَّة بسلامٍ. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. 4 - وعنهُ أيضاً رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ في الجنَّة غرفاً يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، فقال أبو مالكٍ الأشعريُّ: لمن هي يا رسول الله؟ قال: هي لمن أطاب (¬1) الكلام، وأطعم الطَّعام وبات قائما والنَّاس نيام. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 5 - وعنْ أبي مالكٍ الأشعريِّ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ في الجنَّة غرقاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها أعدَّها الله تعالى لمنْ أطعم الطَّعام، وأفشي السَّلام، وصلي بالليل والنَّاس نيام. رواه ابن حبان في صحيحه. 6 - وعنْ حمزة بن صهيبٍ عن أبيه رضي الله عنه قال: قال عمر لصهيبٍ: فيك سرف في الطعام، فقال: إنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خياركمْ منْ أطعم الطَّعام. رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب، وفي إسناد عبد الله بن محمد ابن عقيل، ومن لا يحضرني الآن حاله. 7 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكفَّارات (¬2) إطعام الطَّعام، وإفشاء السَّلام، والصلاة بالليل والنَّاس نيام. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. (قال المملي) رضي الله عنه: كيف، عبد الله بن أبي حميد متروك. 8 - وعنْ عبد الله بن سلامٍ رضي الله عنه قال: أوَّل ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة انجفل النَّاس إليه فكُنْتُ فيمن جاءه، فلمَّا تأمَّلتُ وجههُ واستثبتُّه علمت أنَّ وجهه ليس بوجهِ كذَّابٍ. قال: وكان أوَّل ماه سمعت منْ كلامهِ أنْ قال: أيها النَّاس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلُّوا، وصلوا بالليل والناس نيام تداخلوا الجنَّة ¬
بسلامٍ. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين. (انجفل الناس) بالجيم: أي أسرعوا، ومضوا كلهم. (استثبته): أي تحققته وتبينته، وتقدمت أحاديث من هذا الباب في الوضوء والصلاة وغيرهما، ويأتي أحاديث أخر في السلام وطلاقة الوجه إن شاء الله تعالى. 9 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: منْ موجباتِ (¬1) الرَّحمة إطعام المسلم المسكين. رواه الحاكم وصححه، والبيهقي متصلا ومرسلا من طريقه أيضاً إلا أنه قال: إنَّ من موجبات المغفرة إطعام المسلم السَّغبان، وقال: قال عبد الوهَّاب يعني: الجائع. ورواه أبو الشيخ في كتاب الثواب إلا أنه قال: إنَّ من موجبات الجنَّة: إطعام المسلم السَّغبان. (السغبان) بالسين المهملة، والغين المعجمة بعدهما باء موحدة. 10 - وعنْ عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله ليربِّي لأحدكم التَّمرة واللقمة كما يُربي أحدكمْ فلوَّه (¬2)، أوْ فصيله حتى يكون مثل أحدٍ. رواه ابن حبان في صحيحه، وتقدم هو وحديث أبي برزة أيضاً: إن العبد ليتصدَّق بالكسرةِ تربو عند الله عزَّ وجلَّ حتى تكون مثل أحدٍ. 11 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله عزَّ وجل ليدخل بُلقمة الخبز، وقبصة التمر ومثله مما ينفع المسكين ثلاثةً الجنَّة: الآمر به (¬3)، والزوجة المصلحة له، والخادم الذي يناول المسكين، وقال رسول الله ¬
صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي لمْ ينْس حدمنا. رواه الطبران في الأوسط والحاكم وتقدم. (القبصة) بفتح القاف وضمها وبالصماد المهملة: هي ما يتناوله الآخذ برءوس أصابعه الثلاث. 12 - وعنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعبَّد عابد من بني إسرائيل فعبد الله في صومعتهِ (¬1) ستِّين عاما، وأمطرت الأرض فاحضرَّتْ فأشرف (¬2) الرَّاهب من صومعتهِ فقال: لوْ نزلتُ فذكرت الله (¬3) فازددت خيرا، فنزل ومعه رغيف فبينما هو في الأرض لقيته امرأة، فلم يزلْ يكلِّمها وتكلِّمه حتى غشيها (¬4)، ثمَّ أغمى عليه فنزل الغدير (¬5) يستحمُّ (¬6)، فجاء سائل، فأوْمأ إليه (¬7) أن يأخذ الرَّغيفين، ثمَّ مات فوزنت عبادة ستين سنةً بتلك الزَّنْية (¬8) فرجحت الزَّنية بحسناته، ثمَّ وضع الرَّغيف، أو الرَّغيفان مع حسناتهِ فرجحتْ حسناته فغفر له. رواه ابن حبان في صحيحه. 13 - وعن البراء بن عازب قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله علِّمني عملاً يدخلني الجنَّة؟ قال: إن كنتَ أقصرْتَ الخطبة لقدْ أعرضت المسألة أعتق النَّسمة (¬9)، وفكَّ الرَّقبة، فإنْ لمْ تطق ذلك فأطعم الجائع، واسقِ الظَّمآن (¬10) الحديث: رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي، ويأتي بتمامه في العتق إن شاء الله تعالى. 14 - وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ أطعمَ أخاه حتى يشبعه، وسقاه من الماء حتى يرويه باعده الله من النَّار سبع خنادق ما بين كلِّ خندقين (¬11) مسيرة خمسمائة عامٍ. رواه الطبراني في الكبير وأبو الشيخ ¬
ابن حبان في الثواب، والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 15 - وعنْ أنسٍ رضي اللهه عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفْضلُ الصَّدقة أن تشبع كبداً جائعاً. رواه أبو الشيخ في الثواب والبيهقي، واللفظ له، والأصبهاني كلهم من رواية زربي مؤذن هشام عن أنس، ولفظ أبي الشيخ والأصبهاني قال: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما منْ عملٍ أفضلُ منْ إشْباع كبدٍ جائعٍ. 16 - وعنْ أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّما مؤمنٍ أطعم مؤمناً على جوعٍ أطعمه الله يوم القيامة من ثمارِ الجنَّة، وأيُّما مؤمن سقي مؤمناً على ظمإ سقاه الله يوم القيامة من الرَّحيق المختوم (¬1)، وأيُّما مؤمنٍ كسا مُؤمناً على عرىٍ كساه الله يوم القيامة من حلل الجنَّة. رواه الترمذي، واللفظ له وأبو داود، ويأتي لفظه، وقال الترمذي: حديث غريب، وقد روي موقوفاً على أبي مسعود، ولفظه قال: يُحشر النَّاس يوم القيامة أعرْى ما كانوا قطُّ، وأجوع ما كانونا قطُّ، وأظمأ ما كانوا قطُّ، وأنصبَ ما كانوا قطُّ، فمن كسا لله عزَّ وجلَّ كساه الله عزَّ وجلَّ، ومن أطعم لله عزَّ وجلَّ أطعمه الله عزَّ وجلَّ، ومنْ سقى لله عزَّ وجلَّ سقاه الله عزَّ وجلَّ، ومنْ عمل لله أغناه الله، ومن عفا لله عزَّ وجلَّ أعفاه الله عزَّ وجلَّ. وروى مرفوعاً بهذا اللفظ. 17 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول يوم القيامة يا ابن آدم: مرضتُ (¬2) فلمْ تعدني. قال يا ربِّ: كيف أعودك، وأنت ربُّ العالمين؟ قال: أما علمتَ أنَّ عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما علمت أنَّك لوْ عدته لوجدتني عنده (¬3). يا ابن آدم: اسْطْعمتكَ فلم تُطعمني. قال يا ربَّ: كيف أطعمكم، وأنت ربُّ العالمين؟ قال: أما علمتَ أنَّه اسْتطعمك عبدي. ¬
فلان فلمْ تُطْعِمهُ، أما علمت أنَّك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي (¬1). يا ابن آدم (¬2) اسْتسقيتك، فلم تسقني. قال يا رب: وكيف أسقيك، وأنت ربُّ العالمين. قال: استسقاك عبدي فلان فلمْ تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي. رواه مسلم. 18 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن أصبح منكمُ اليوم صائماً؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، فقال: منْ أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ فقال (¬3) أبو بكر: أنا قال: من تبع منكم اليوم جنازةً (¬4) قال أبو بكرٍ: أنا، فقال من عاد (¬5) منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعت هذه الخصال قطُّ في رجل إلا دخل الجنَّة. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 19 - وروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: إدخالك (¬6) السُّرور على مؤمنٍ أشبعْتَ جوْتهُ، أوْ كسوت عورته، أو قضيت له حاجةً. رواه الطبراني في الأوسط، ورواه أبو الشيخ في الثواب من حديث ابن عمر بنحوه. وفي روايةٍ له: أحبُّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ سرور تدخله على مسلمٍ أوْ تكشفُ عنه كرْبةً، أو تطرد عنه جوعاً، أو تقضي عنه ديناً. 20 - وروى عن معاذٍ بن جبل رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من أطْعَمَ مؤمناً حتى يشبعه من صغبٍ أدخله الله باباً من أبواب الجنَّة لا يدخله إلا منْ كان مثله. رواه الطبراني في الكبير. ¬
(السغب) بفتح السين المهملة المعجمة جميعا: هو الجوع. 21 - وروى عن جعفرٍ العبديِّ والحسن قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله عزَّ وجلَّ يُباهي ملائكته بالذين يطعمون (¬1) الطَّعام من عبيدهِ رواه أبو الشيخ في الثواب مرسلا. 22 - وروى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثٌ من كنَّ فيه نشر الله عليه كنفهُ، وأدخله جنَّته: رفْق (¬2) بالضَّعيف، وشفقه على الوالدين (¬3)، وإحسان إلى المملوك (¬4). وثلاث منْ كنَّ فيه أظلَّه (¬5) الله عزَّ وجلَّ تحت عرشه يوم لا ظلَّ إلا ظله: الوضوء في المكاره (¬6)، والمشي إلى المساجد في الظُّلم (¬7)، وإطعام الجائع. رواه الترمذي بالثلاث الأول فقط، وقال: حديث غريب. رواه الشيخ في الثواب، وأبو القاسم الأصبهاني بتهامه. 23 - وعنْ علي رضي الله عنه قال: لأن أجمع نفراً منْ إخواني على صاعٍ، أوْ صاعين من طعامٍ أحبُّ إليَّ من أن أدخل سوقكمْ فأشتري رقبة فأعتقها. رواه أبو الشيخ في الثواب موقوفاً عليه، وفي إسناده ليث بن أبي سليم. 24 - وروى عن الحسن بن علي رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: لأنْ أطعم أخالي في الله لُقْمة أحبُّ إليَّ من أن أتصدَّق على مسكين بدرهمٍ، ولأنْ أعطي أخالي في الله درهما أحبُّ إليِّ من أن أتصدَّق على مسكين بمائة درهم. رواه أبو الشيخ أيضاً فيه، ولعله موقوف كالذي قبله. 25 - وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنهُ عنْ نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
رجلان سلكا مفازة - صحراء (¬1) عابد، والآخر به رهق (¬2) فعطش العابد حتى سقط فجعل صاحبه ينظر إليه، وهو صريع - مغشي ومغمي عليه (¬3) فقال: والله إنْ مات هذا العبد الصَّالح عطشاً، ومعي ماء لا أصيب من الله خيراً أبداً (¬4)، ولئنْ سقيْتُه مائي لأموتنَّ فتوكَّل على الله وعزم فرشَّ عليه من مائه وسقاه فضله، فقام فقطع المفازة فيوقف الذي به رهق للحساب فيؤمر به إلى النَّار فتسوقه الملائكة فيرى العابد، فيقول: يا فلان أما تعرْفني فيقول: ومن أنت؟ فيقول: أنا فلان الذي آثرتك على نفسي (¬5) يوم المفازة، فيقول: بلى أعرفك، فيقول للملائكة: قفوا فيقفون فيجيء حتى يقف فيدعو ربَّه عزَّ وجلَّ فيقول يا ربِّ: قد عرفت يده (¬6) عندي، وكيف آثرني على نفسه. يا ربِّ: هبه لي فيقول: هو لك فيجيء فيأخذ بيد أخيه فيدخله الجنَّة، فقلت لأبي ظلالٍ: أحدَّثك أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعمْ. رواه الطبراني في الأوسط: وأبو ظلال اسمه هلال بن سويد، أو ابن أبي سويد وثقه البخاري، وابن حبان لا غير، ورواه البيهقي في الشعب عن أبي ظلال أيضاً عن أنس بنحوه، ثم قال: وهذا الإسناد إن كان غير قوي فله شاهد من حديث أنس، ثم روى بإسناد هـ من طريق علي بن أبي سارة، وهو متروك. 26 - وعنْ ثابتٍ البنانيِّ عنْ أنسٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ رجلاً منْ أهل الجنَّة يشرف (¬7) يوم القيامة على أهل النار، فيناديه رجل منْ ¬
أهلْ النَّار، فيقول يا فلان: هل تعْرفني؟ فيقول: لا، والله ما أعرفك من أنت؟ فيقول: أنا الذي مررتَ بي في الدُّنيا فاستسقيتني (¬1) شربةً من ماء فسقيتك؟ قال: قد عرفت، قال: فاشفع لي بها عند ربِّك. قال: فيسأل الله تعالى جلَّ ذكره، فيقول: إني أشرفت على النار فناداني رجل من أهلها، فقال لي هلْ تعرفني؟ قُلْتُ لا، والله ما أعرفك من أنت؟ قال: أنا الذي مررت بي في الدنيا فاستسقيتني شربةً من ماء فسقيتك، فاشفعْ لي عند ربك فشفِّعني (¬2) فيه فيشفعه الله فيأمر به، فيخرج من النار. رواه ابن ماجه، ولفظه قال: يُصفُّ الناس يوم القيامة صُفوفاً، ثمَّ يمرُّ أهل الجنَّة فيمرُّ الرَّجل على الرجل من أهل النار، فيوقل: يا فلان أما تذكر يوم استسقيت (¬3) فسقيتك شربةً. قال: فيشفع، ويمرُّ الرَّجل على الرَّجل فيقول: أما تذكر يوم ناولتك طهوراً فيشفع له، ويمرُّ الرَّجل على الرَّجل، فيقول: يا فلان أما تذكر يوم بعثتني لحاجة كذا وكذا فذهبتُ لك فيشفَعُ له. رواه الأصبهاني بنحو ابن ماجه. (قوله به رهق): بفتح الراء والهاء بعدهما قاف: أي غشيان للمحارم، وارتكاب للطغيان، والمفاسد. 27 - وعنْ كديرٍ الضَّبِّيِّ أنَّ رجلاً أعرابيًّا أتى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني بعملٍ يُقرِّبني من الجنَّة، ويباعدني من النَّار؟ فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: أو هما أعملتاك؟ قال: نعمْ: تقول العدل (¬4)، وتُعطي الفضل (¬5). قال: والله لا استطيع أن أقول العدل كلَّ ساعةٍ، وما أستطيع أنْ أعطي الفضل. قال: فتطعم الطَّعام وتفشي السَّلام (¬6)؟ قال: هذه أيضاً شديدة. قال: فهل لك إبل؟ قال: نعمْ. قال: فانظر إلى بعير بعيرٍ منْ إبلك وسقاء، ثمَّ أعمدْ إلى أهل بيتٍ لا يشربون الماء إلا غبًّا (¬7) فاسقهم فلعلَّك لا يهلكُ بعيرك (¬8)، ولا ينخرق سقاؤك حتى تجب لك الجنَّة. قال: ¬
فانطلق الأعرابي يكبِّر (¬1) فما انخرق سقاؤه، ولا هلك بعيره حتى قُتل شهيداً. رواه الطبراني والبيهقي، ورواه الطبراني إلى كدير رواة الصحيح، ورواه ابن خزيمة في صحيحه باختصار، وقال: لست أقف على سماع أبي إسحاق هذا الخبر من كدير. (قال الحافظ): قد سمعه أبو إسحاق من كدير، ولكن الحديث مرسل. وقد توهم. ابن خزيمة أن لكدير صحبة، فأخرج حديثه في صحيحه، وإنما هو تابعي شيعي تكلم فيه البخاري والنسائي، وقوّاه أبو حاتم وغيره، وقد عده جماعة من الصحابة وهماً منهم ولا يصح، والله أعلم. (أعملتاك) أي بعثتاك واستعملتاك وحملتاك على الإتيان والسؤال، وقوله: لا يشربون الماء إلا غبًّا. بكسر الغين المعجمة، وتشديد الباء الموحدة: أي يوما دون يوم. 28 - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: أتى النَّبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: ما عمل إن عملت به دخلت الجنَّة؟ قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجل فقال: ما عمل إنْ عملتُ به دخلت الجنَّة؟ قال: أنت ببلدٍ يُجْلبُ به الماء؟ قال: نعمْ. قال: فاشتر بها سقاء جديداً، ثمَّ اسق فيها حتى تخرِّقها، فإنَّك لن تخرقها حتى تبلغ بها عمل الجنَّة. رواه الطبراني في الكبير، ورواة إسناد ثقات إلا يحيى الحماني. 29 - وعنْ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنِّي أنزع (¬2) في حوض حتى إذا ملأته لإبلي ورد (¬3) عليَّ البعيرُ لغيري فسيته فهل في ذلك من أجرٍ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ في كل ذات كبدٍ (¬4) أجراً. رواه أحمد، ورواته ثقات مشهورون. 30 - وعن محمود بن الرَّبيع أنَّ سراقة بن جُعشمٍ. قال يا رسول الله صلى الله: الضَّالَّة ترد على حوضي فهل لي فيها من أجرٍ إن سقيتها. قال: اسقها، فإنَّ في كلِّ ذات كبدٍ حرَّاء أجراً. رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه ابن ماجه والبيهقي، كلاهما عن عبد الرحمن ابن مالك بن جعشم عن أبيه عن عمه سراقة بن جعشم رضي الله عنه. 31 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
بينما رجُلٌ يمشي بطريق اشتدَّ عليه الحرُّ فوجد بئراً، فنزل فيها فشرب، ثمَّ خرج، فإذا كلبٌ يلهث (¬1) يأكل الثَّرى (¬2) من العطش، فقال الرَّجل: لقد بلغ لهذا الكلب من العطش مثل الذي كان منِّي (¬3)، فنزل البئر فملأ خُفَّه (¬4) ماء، ثمَّ أمْسكه بفيه (¬5) حتى رقى (¬6) فسقى الكلب فشكر الله له (¬7)، فغفر له. قالوا: يا رسول الله إنَّ لنا في البهائم (¬8) أجْراً، فقال في كلِّ كبدٍ رطبةٍ (¬9) أجر. رواه مالك والبخاري ومسلم، وأبو داود وابن حبان في صحيحان إلا أنه قال: فشكر الله له فأدخله الجنَّة. 32 - وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبْع تجرى للعبد بعد موتهِ وهو في قبْرهِ: منْ علَّم علماً، أو كرى نهراً، أوْ حفرَ بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورَّث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد ¬
موتهِ. رواه البزار، وأبو نعيم في الحلية، وقال: هذا حديث غريب من حديث قتادة تفرد به أبو نعيم عن العزرمي. (قال الحافظ): تقدم أن ابن ماجه رواه من حديث أبي هريرة بإسناد حسن لكن لم يذاكر ابن ماجه: غرْس النَّخل، ولا حفر البئرِ، وذكر موضعهما الصَّدقة، وبيْتَ ابن السَّبيل. ورواه ابن خزيمة في صحيحه لم يذكر فيه المصحف وقال: أو نهْراً أكراه. يعني حفره. 32 - وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ليْس صدقة أعظم أجراً من ماء (¬1). رواه البيهقي. 34 - وعنْ أنس رضي الله عنه أنَّ سعْداً أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إنَّ أمِّي توُفيتْ، ولمْ توصِ أفينفعها أنْ أتصدَّق عنها؟ قال: نعمْ، وعليكَ بالماء (¬2). رواه الطبراني في الأوسط، ورواته محتجّ بهم في الصحيح. 35 - وعنْ سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: قُلتُ: يا رسول الله إنَّ أمِّي ماتتْ، فأيُّ الصَّدقة أفضل؟ قال: الماء فحفر بئراً (¬3) وقال: هذه لأمِّ سعدٍ. رواه أبو داود، واللفظ له، وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه إلا أنه قال: إن صح الخبر، وابن حبان في صحيحه، ولفظه: قلت يا رسول الله: أيُّ الصَّدقة أفضل؟ قال: سقي الماء. والحاكم بنحو ابن حبان، وقال: صحيح على شرطهما. (قال المملي الحافظ) رحمه الله: بل هو منقطع الإسناد عند الكل فإنهم كلَّهم رووه عن سعيد بن المسيب عن سعد ولم يدركه، فإن سعداً توفى بالشام سنة خمس عشرة، وقيل: سنة أربع عشرة، ومولد سعيد بن المسيب سنة خمس عشرة، ورواه أبو داود أيضاً، والنسائي وغيرهما عن الحسن البصري عن سعد، ولم يدركه أيضاً، فإن مولد الحسن سنة إحدى وعشرين ¬
ورواه أبو داود أيضاً وغيره عن أبي إسحاق السبيعي عن رجل عن سعد، والله أعلم. 36 - وعن جابرٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: من حفرَ ماء لمْ تشربْ منهُ كبد حرَّى (¬1) من جنٍ ولا إنسٍ ولا طائرٍ إلا آجره الله يوم القيامة رواه البخاري في تاريخه، وابن خزيمة في صحيحه. 37 - وعنْ عليِّ بن الحسن بن شقيقٍ قال: سمعت ابن المبارك، وسأله رجلٌ: يا أبا عبد الرَّحمن: قرْحة (¬2) خرجتْ في (¬3) رُكبتي منذ سبع سنين، وقد عالجتُ بأنواع العلاج، وسألتُ الأطبَّاء فلم أنتفعْ به؟ قال: اذهب فانظرْ موضعاً يحتاج النَّاس الماء فاحفر هناك بئراً فإني أرجو أن تنبع هناك عين، ويمسك عنك الدَّم، ففعل الرَّجل فبرأ (¬4). رواه البيهقي، وقال: وفي هذا المعنى حكاية شيخنا الحاكم أبي عبد الله رحمه الله: فإنه قرح وجههُ بأنواع المعالجة فلمْ يذْهب، وبقي فيه قريباً من سنةٍ فسأل الأستاذ الإمام أبا عثمان الصَّابوني أن يدعو له في مجلسه يوم الجمعة، فدعا له وأكثر النَّاس التأمين، فلمَّا كان يوم الجمعة الأخرى ألقت امرأة في المجلس رقعة بأنها عادت إلى بيتها، واجتهدت في الدعاء للحاكم أبي عبد الله تلك الليلة، فرأت في منامها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنَّه يقول لها: قولى لأبي عبد الله يوسِّع الماء على المسلمين، فجئْت بالرُّقعة إلى الحاكم فأمر بسقايةٍ (¬5) بنيت على باب داره وحين فرغوا منْ بنائها ¬
فصل في الترهيب من منع الماء والملح والنار
أمر بصبِّ الماء فيها، وطرحِ الجمدِ في الماء، وأخذ النَّاس في الشُّرب، فما مرَّ عليهِ أسبوع حتى ظهر الشِّفاء، وما زالت تلك القروح، وعاد وجهه إلى أحسن ما كان، وعاش بعد ذلك سنين. (فصل) 38 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلِّمهم الله (¬1) يوم القيامة، ولا ينظر إليهمْ (¬2)، ولا يزكِّيهم (¬3)، ولهمْ عذابٌ أليم (¬4): رجل على فضل ماءٍ (¬5) بفلاةٍ يمنعهُ ابن السَّبيل (¬6). زاد في روايةٍ: يقول الله له: اليوم أمنعكَ فضلي (¬7) كما منعت فضْلَ ما لمْ تعْمل يداك (¬8)، الحديث. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، ويأتي بتمامه إن شاء الله تعالى. 39 - وعن امرأةٍ يُقال لها بهيْسةُ عنْ أبيها قالت: استأذن أبي النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فدخل بينهُ وبين قميصهِ فجعل يُقبِّل ويلتزم، ثمَّ قال: يا نبيَّ الله ما الشَّيء الذي لا يحلُّ منعه؟ قال: الماء. قال: يا نبيَّ الله ما الشَّيء الذي لا يحلُّ منعهُ؟ قال: الملحُ قال: يا نبيَّ الله ما الشَّيء الذي لا يحلُّ منعه؟ قال: أنْ تفعل الخير خير لك. رواه أبو داود. 40 - وعنْ رجلٍ من المهاجرين منْ أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: غزوْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً أسمعهُ يقول: المسلمون شركاء في ثلاثٍ: في الكلإ، والماء، والنار. رواه أبو داود. 41 - وروي عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالتْ: يا رسول الله ما الشيء الذي ¬
الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له، وما جاء فيمن لم يشكر ما أولى إليه
لا يحلُّ منْعُه؟ قال: الماء، والملحُ، والنَّارُ. قُلْتُ يا رسول الله هذا الماء، وقدْ عرفناه، فما بال الملحِ والنَّار؟ قال يا حُميراء. منْ أعطى ناراً فكأنما تصدَّق بجميع ما أنضجتْ تلك النار، ومن أعطى ملحاً فكأنما تصدق بجميع ما طيَّبتْ تلك الملح، ومنْ سقى مُسلما شرْبة من ماء حيث يوجد الماء فكأنما أعتق رقبةً، ومن سقى مسلما شربةً من ماء حيث لا يوجد الماء فكأنما أحياها. رواه ابن ماجه. 42 - وروي عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والمسلمون شركاء في ثلاثٍ: في الماء والكلإ (¬1)، والنار، وثمنه حرامٌ. قال أبو سعيدٍ يعني: الماء الجاري. رواه ابن ماجه أيضاً. (الكلأ) بفتح الكاف واللام بعدهما همزة غير ممدودة: هو العشب رطبة ويابسه. (الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له) وما جاء فيمن لم يشكر ما أولى إليه 1 - عنْ عبد الله بن عمرو ورضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكمْ بالله فأعطوه، ومن استجارَ بالله فأجيروه ومنْ أتى إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعْلموا أن قدْ كافأتموه (¬2). رواه أبو داود والنسائي، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، ورواه الطبراني في الأوسط مختصرا قال: من اصْطَنَعَ إليكم معروفاً فجازوه (¬3)، فإنْ عجزْتم عن مجازاته فادعوا له حتى تعْلموا (¬4) أن قدْ شكرتمْ، فإنَّ الله شاكر يُحبُّ الشَّاكرين. 2 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من أعطى عطاءً ¬
فوجد فليجزِ به (¬1)، فإنْ لمْ يجدْ فَليُثْنِ، فإنْ من أثنى فقد شكر، ومنْ كتم فقد كفر، ومن تحلَّى بما لم يعْط كا ن كلابس ثوبيْ زورٍ. رواه الترمذي عن أبي الزبير عنه، وقال: حديث حسن غريب، ورواه أبو داود عن رجل عن جابر، وقال: هو شرحبيل ابن سعد، ورواه ابن حبان في صحيحه عن شرحبيل عنه، ولفظه: منْ أولى معروفاً فلمْ يجد له جزاءً إلا الثَّناء فقد شكره، ومنْ كتمهُ فقدْ كفرهُ ومن تحلَّى بباطلٍ فهو كلابس ثوبيْ زورٍ. (قال الحافظ) وشرحبيل بن سعد تأتي ترجمته. وفي رواية جيدة لأبي داود: منْ أبلى فذكره فقد شكره، ومنْ كتمهُ فقد كفرهُ. (قوله) من أبلى: أي من أنعم عليه، والإبلاء: الإنعام. 3 - وعنْ أسامة بن زيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صنعَ إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيراً، فقد أبْلغ في الثَّناء. وفي روايةٍ: من أولى معروفاً، أو أسدى (¬2) إليه معروفٌ، فقال للَّذي أسْداهُ: جزاك الله خيراً (¬3)، فقد أبْلغ في الثَّناء. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. (قال الحافظ): وقد أسقط من بعض نسخ الترمذي، ورواه الطبراني في الصغير مختصراً: إذا قال الرَّجل جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء. 4 - وعن الأشْعَث بن قيسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أشكر النَّاس لله تبارك وتعالى أشكرهم للنَّاس. وفي روايةٍ: لا يشكر الله من لا يشكر النَّاس (¬4). رواه أحمد ورواته ثقات، ورواه الطبراني من حديث أسامة بن زيد بنحو الأولى. ¬
5 - وعنْ عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أتى إليه معروفٌ فليكافئ به، ومنْ لمْ يستطعْ فليذكره، فإنَّ من ذكره فقد شكره ومنْ تشبَّع بما لمْ يعْط فهو كلابس ثوبيْ زُورٍ. رواه أحمد، ورواته ثقات إلا صالح ابن أبي الأخضر. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يشكر الله منْ لا يشكر النَّاس. رواه أبو داود والترمذي، وقال: صحيح. (قال الحافظ): روى هذا الحديث برفع الله، وبرفع الناس، ورُوي أيضاً بنصبها، وبرفع الله ونصب الناس، وعكسه، أربع روايات. 7 - ورُوي عنْ طلحةً، يعْني ابن عبيد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ أولى معْروفاً فلْيذكرهُ، فمنْ ذكره فقدْ شكرهُ، ومنْ كتمهُ فقد كفره. رواه الطبراني، ورواه ابن أبي الدنيا من حديث عائشة رضي الله عنها. 8 - وعن النُّعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ لمْ يشكُرِ القليل لم يشكُرِ الكثير، ومنْ لمْ يشكرِ النَّاس لم يشكر الله، والتَّحدثُ (¬1) بنعمة الله شكر، وترْكها كفر، والجماعة رحمةٌ (¬2)، والفرقة عذاب. رواه عبد الله بن أحمد في زوائده لا بأس به، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف باختصار. 9 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال الهاجرون: يا رسول الله ذهب الأنصارُ ¬
كتاب الصوم
بالأجر كلِّه ما رأينا قوماً أحسن بذلاً (¬1) لكثيرٍ، ولا أحسن مواساةً (¬2) في قليل منهمْ ولقدْ كفونا المؤنة (¬3). قال: أليس تثنون عليهم به، وتدعون لهمْ؟ قالوا: بلى. قال: فذاك بذاك. رواه أبو داود والنسائي واللفظ له. (كتاب الصوم) الترغيب في الصوم مطلقاً وما جاء في فضله، وفضل دعاء الصائم 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عزًّ وجلَّ: كلُّ عمل ابن آدم له، إلا الصَّوم (¬4) فإنَّه لي، وأنا أجزي به، والصِّيام جنة (¬5)، فإذا كان يوم صومِ أحدكمْ فلا يرفث (¬6)، ¬
ولا يخْصب (¬1). فإنْ سابَّهُ أحد، أوْ قاتله فليقلْ: إني صائمٌ (¬2) إنِّي صائم، والذي نفسُ محمدٍ بيده لخلوفُ فم الصَّائم (¬3) أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتانِ (¬4) يفرحُهما: إذا أفْطر فرح بفطرهِ، ورذا لقي ربَّه فرح بصومهِ رواه البخاري، واللفظ له، ومسلم. 2 - وفي رواية للبخاري: يَتْرُكُ طعامهُ وشرابهُ وشهوته (¬5) من أجلى (¬6)، الصِّيام لي وأنا أجْزي به، والحسنة بعشرِ أمثالها. ¬
3 - وفي رواية لمسلم: كلُّ عمل ابن آدم يُضاعف الحسنة بعشرِ أمثالها إلى سبعمائةِ ضعف. قال الله تعالى: إلا الصَّوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه منْ أجلي، للصَّائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاءِ ربِّه، ولخلوف فم الصَّائم أطيب عند الله من ريح المسك. 4 - وفي أخرى له أيضاً ولابن خزيمة: وإذا لقي الله عزَّ وجلَّ فجزاه فرح، الحديث. رواه مالك وأبو داود والترمذي والنسائي بمعناه مع اختلاف بينهم في الألفاظ. 5 - وفي رواية للترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ ربكم يقول: كلُّ حسنةٍ بعشر أمثالها إلى سبعمائةِ ضعفٍ، والصَّوم لي وأنا أجزي به، والصَّومُ جنَّة من النار، ولخلوف فم الصَّائم أطيب عند الله من ريح المسك، وإن جهل على أحدكم جاهل وهو صائم، فليقلْ: إني صائم إنِّي صائم. 6 - وفي رواية لابن خزيمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني قال الله عزَّ وجلَّ: كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصَّوم فهو لي وأنا أجزي به، الصِّيام جُنة، والذي نفس محمدٍ بيده: لخلوف فم الصَّائم أطيب عند الله يوم القيامة منْ ريح الملك. للصائم فرحتان: إذا أفطر بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومهِ. 7 - وفي أخرى له قال: كلٌّ عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائةِ ضعفٍ. قال الله: إلا الصَّوم فهو لي وأنا أجزي به، يدعُ الطعام من أجلي، ويدع الشَّراب من أجلي، ويدع لذته من أجلي، ويدع زوجته من أجلي، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتانِ: فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى ربه. (الرفث) بفتح الراء والفاء: يطلق، ويراد به الجماع، ويطلق ويراد به الفحش، ويطلق ويراد به خطاب الرجل والمرأة فيما يتعلق بالجماع. وقال كثير من العلماء: إن المراد به في هذا الحديث الفحش، وردئ الكلام. (والجنة) بضم الجيم: هو ما يجُنك. أي يسترك ويقيك مما تخاف، ومعنى الحديث: إن الصوم يستر صاحبه، ويحفظه من الوقوع في المعاصي.
(والخلوف) بفتح الخاء المعجمة، وضم اللام: هو تغير رائحة الفم من الصوم. وسئل سفيان بن عينة عن قوله تعالى: كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنَّه لي، فقال: إذا كان يوم القيامة يُحاسب الله عزَّ وجلَّ عبده، ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى إلا الصوم فيتحمل الله ما بقي عليه من المظالم، ويدخله بالصوم الجنَّة، هذا كلامه، وهو غريب، وفي معنى هذه اللفظة أوجه كثيرة ليس هذا موضع استيفائها. وتقدم حديث الحارث الأشعري، فيه: وآمركم بالصيام، ومثل ذلك كمثل رجلٍ في عصابةٍ معه صرَّة مسكٍ كلهمْ يحبُّ أن يجد ريحها، وإنَّ الصيام أطيب عند الله من ريح المسك، الحديث. رواه الترمذي وصححه إلا أنه قال: وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وابن خزيمة في صحيحه، واللفظ له، وابن حبان والحاكم، وتقدم بتمامه في الالتفات في الصلاة. 8 - وروي عنْ ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأعمال عند الله عزَّ وجلَّ سبع: عملان موجبان، وعملان بأمثالهما، وعمل بعشر أمثاله، وعمل بسبعمائةٍ، وعمل لا يعلم ثواب عاملهِ إلا الله عزَّ وجلَّ، فأمَّا الموجبان: فمن لقي الله يعبده مخلصاً لا يشرك به شيئاً وجبت له الجنَّة، ومن لقي الله قد أشرك به وجبت له النار، ومن عمل سيئةً جزي بها، ومن أراد أن يعمل حسنةً فلم يعملها جزي مثلها، ومنْ عمل حسنة جزي عشرا، ومن أنفق ماله في سبيل الله ضُعِّفت له نفقته: الدِّرْهم بسبعمائةٍ، والدينار بسبعمائةٍ، والصيام لله عزَّ وجلَّ لا يعلم ثواب عامله إلا الله عزَّ وجلَّ. رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي، وهو في صحيح ابن حبان من حديث حريم بن فاتك بنحو لم يذكر فيه الصوم. 9 - وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ
في الجنَّة باباً يقال له الرَّيان (¬1) يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منهُ أحد غيرهمْ فإذا دخلوا أغلق فلمْ يدخل منه أحد. رواه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي. وزاد: ومنْ دخله لمْ يظمأ أبداً وابن خزيمة في صحيحه إلا أنه قال: فإذا دخل أحدهم أغلق، من دخل شرب، ومنْ شرب لمْ يظمأ أبداً. 10 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغْزوا (¬2) تغنموا (¬3)، وصوموا تصحُّو، وسافروا تستغنوا (¬4). رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات. 11 - وروي عن نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم قال: الصِّيام جُنَّة، وحصْن حصينُ من النار. رواه أحمد بإسناد حسن والبيهقي. 12 - وعنْ جابر رضي الله عنه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: الصيام جُنَّة يسْتجنُّ بها العبد من النار. رواه أحمد بإسناد حسن والبيهقي. وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصيام جُنَّة من النار كجنَّة أحدكمْ من القتال، وصيام حسن ثلاثة أيامٍ من كلِّ شهرٍ. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 14 - وعنْ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أدلُّك على أبواب الخير؟ قُلْتُ: بلى يا رسول الله. قال: الصَّوْم جنَّة، والصدقة تُطفى الخطيئة كما يطفئ الماء النار. رواه الترمذي في حديث وصححه، ويأتي بتمامه في الصمت إن شاء الله، وتقدم حديث كعب بن عجرة وغيره بمعناه. ¬
15 - وعنْ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصِّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي ربِّ منعته الطعام والشَّهوة فشفعني فيه: ويقول القرآن: منعته النَّوم بالليل فشفعني فيه. قال فيشفعان (¬1): رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجاله محتجّ بهم في الصحيح، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع، وغيره بإسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 16 - وعن سلمة بن قيصر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ صام يوماً ابتغاء وجهِ الله باعده الله من جهنَّم كبعدِ غرابٍ طار، وهو فرخ (¬2) حتى مات هرماً (¬3). رواه أبو يعلي والبيهقي، ورواه الطبراني فسماه سلامة بزيادة ألف، وفي إسناده عبد الله بن لهيعة ورواه أحمد، والبزار من حديث أبي هريرة، وفي إسناده رجل لم يسمْ. 17 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لوْ أنَّ رجلاً صام يوماً تطوعاً، ثمَّ أعطى ملء الأرض ذهباً لمْ يستوف ثوابه دون يوم الحساب. رواه أبو يعلي والطبراني، ورواته إلا ليث بن أبي سليم. 18 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى على سريةٍ (¬4) في البحرِ، فبينما هم كذلك قد رفعوا الشِّراع في ليلةٍ مظلمةٍ إذا هاتف فوقهم يهتفُ يا أهل السَّفينة قفوا أخبركم بقضاء الله على نفسه، فقال أبو موسى: أخبرنا إن كنت مخبراً. قال: إنَّ الله تبارك وتعالى قضى على نفسه أنَّه منْ أعطش نفسه له في يوم صائفٍ (¬5) سقاه الله يوم العطش. رواه البزار بإسناد حسن إن شاء الله، ورواه ابن أبي الدنيا من حديث لقيط عن أبي بردة عن أبي موسى بنحوه إلا أنه قال فيه قال: ¬
إنَّ الله تعالى قضى على نفسه أنَّه من عطَّش نفسه لله في يومٍ حارّ كان حقا على الله عزَّ وجلَّ أن يرويه يوم القيامة. قال: وكان أبو موسى: يتوخَّى اليوم الشديد الحرِّ الذي يكاد الإنسان ينسلخ فيه حرا فيصومهُ. (الشراع) بكسر الشين المعجمة: هو قلع السفينة الذي يصفقه الريح فتمشى. 19 - وروي عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكلِّ شيءٍ زكاة، وزكاة الجسد الصَّوم، والصِّيام نصف الصَّبْرِ. رواه ابن ماجه. 20 - وعنْ حذيفة رضي الله عنه قال: أسندْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى صدري فقال: من قال: لا إله إلا الله ختم له بها دخل الجنَّة، ومنْ صام يوماً ابتغاء وجهِ الله خيم له به دخل الجنَّة، ومن تصدَّق بصدفةٍ ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنَّة. رواه أحمد بإسناد لا بأس به، والأصبهاني، ولفظه: يا حذيفة من خُتم له بصيام يومٍ يريد به وجه الله عزَّ وجلَّ أدْخله الله الجنة. 21 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: قُلتُ يا رسول الله مُرْني بعملٍ، قال عليك بالصَّوْم، فإنَّه لا عدل له (¬1). قلت: يا رسول الله مرْني بعملٍ قال: عليك بالصوَّم، فإنَّه لا عدل (¬2) له. قلتُ: يا رسول الله مُرني بعملٍ؟ قال عليك بالصوَّمِ، فإنه لا مثل له. رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه هكذا بالتكرار بدونه؟ وللحاكم وصححه. 22 - وفي رواية للنسائي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسول الله مرْني بأمرٍ ينفعني الله بهِ؟ قال: عليك بالصيام، فإنَّه لا مثل له. ورواه ابن حبان في صحيحه في حديث: قال: قُلتُ يا رسول الله دُلَّني على عملٍ أدْخلُ به الجنَّة؟ قال: عليكَ بالصَّومِ، فإنَّه لا مثل له. قال فكان (¬3) أبو أمامة: لا يُرى في بيته الدُّخان نهاراً إلا إذا نزل بهمْ ضيف. 23 - وعنْ أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
ما منْ عبدٍ يصومُ يوماً في سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهَهُ عن النَّار سبعين خريفاً (¬1). رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. 24 - وعنْ أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ صام يوماً في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقاً كما بين السَّماء والأرض (¬2). رواه الطبراني في الأوسط والصغير بإسناد حسن. 25 - وعنْ عمرو بن عبسةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ صام يوماً في سبيل الله (¬3) بعِّدتْ منه النار مسيرة مائة عامٍ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسناد لا بأس به. 26 - وعنْ معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ صام يوماً في سبيل الله في غير رمضان بُعد من النار مائة عام سير المضمرَّ (¬4) الجواد. رواه أبو يعلي من طريق زبائن بن فائد. ¬
27 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
منْ صام يوماً في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النَّار بذلك اليوم سبعين خريفاً رواه النسائي بإسناد حسن، والترمذي من رواية ابن لهيعة، وقال: حديث غريب ورواه ابن ماجه من رواية عبد الله بن عبد العزيز الليثي، وبقية الإسناد ثقات. ¬
فصل: إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد
28 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: منْ صام يوماً في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقاً كما بين السماء والأرض. رواه الترمذي من رواية الوليد بن جميل عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة، وقال: حديث غريب، رواه الطبراني إلا أنه قال: منْ صام يوماً في سبيل الله بعد الله وجهه عن النَّار مسيرة مائة عامٍ ركض الفرس الجوادِ المضمَّرِ، وقد ذهب طوائف من العلماء إلى أنَّ هذه الأحاديث جاءتْ في فضلِ الصَّوم في الجهادِ، وبوّب على هذا الترمذي وغيره، وذهبت طائفة إلى أنَّ كل الصَّوم في سبيل الله إذا كان خالصاً لوجهِ الله تعالى، ويأتي باب في الصوم في الجهاد إن شاء الله تعالى. (فصل) 29 - عنْ عبد الله، يعني ابن أبي مُليكة عن عبد الله، يعني ابن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ للصَّائم عند فطرهِ لدعوةً ما تردُّ، قال: وسمعتُ عبد الله يقول عند فطره: اللهمَّ إنِّي أسألك برحمتك التي وسعتْ كل شيءٍ أن تغفر لي. زاد في رواية: ذنوبي. رواه البيهقي عن إسحاق بن عبيد الله عنه، وإسحاق هذا مدني لا يعرف، والله أعلم. 30 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تردُّ دعوتهمْ: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمامِ، وتفتح لها أبواب السَّماء، ويقول الرَّبُّ: وعزَّتي وجلالي لأنصرنك ولوْ بعد حين. رواه أحمد في حديث، والترمذي وحسنه، واللفظ له، وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما إلا أنهم قالوا: حتى يفطر. ورواه البزار مختصرا: ثلاث حق على الله أن لا يردَّ لهم دعوةً: الصائم حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر والمسافر حتى يرجع.
الترغيب في صيام رمضان احتسابا وقيام ليله سيما ليلة القدر، وما جاء في فضله
الترغيب في صيام رمضان احتسابا، وقيام ليله سيما ليلة القدر وما جاء في فضله 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: منْ قام ليلة القدر إيماناً (¬1) واحتسابا (¬2) غفر له ما تقدَّم من ذنبهِ، ومن صامَ (¬3) رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبهِ. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، وابن ماجه مختصراً. 2 - وفي رواية للنسائي أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: منْ صام (¬4) رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبهِ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّمَ من ذنبهِ. قال: وفي حديث قتيبة: وما تأخَّر. (قال الحافظ): انفرد بهذه الزيادة قتيبة بن سعيد عن سفيان، وهو ثقة ثبت، وإسناده على شرط الصحيح، ورواه أحمد بالزيادة بعد ذكر الصوم بإسناد حسن إلا حماداً شك في وصوله أو إرساله. (قال الخطابي) قوله: إيماناً واحتساباً: أي نية وعزيمة، وهو أن يصومه على التصديق، والرغبة في ثوابه طيبة به نفسه غير كاره له ولا مستثقل لصيامه، ولا مستطيل لأيامه، لكن يغتنم طول أيامه لعظم الثواب. (وقال البغوي) قوله: احتساباً: أي طلباً لوجه الله تعالى وثوابه يقال: فلان يحتسب الأخبار، ويتحسبها: أي يتطلبها. 3 - وعنْه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغِّب في قيام رمضان منْ ¬
غير أن يأمرهم بعزيمةٍ (¬1) ثمَّ يقول: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبهِ. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. 4 - وعنْ أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان وعرف حدوده (¬2)، وتحفَّظ مما ينبغي له أن يتحفَّظ كفَّر (¬3) ما قبْلهُ: رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ومنْ أدرك شهر رمضان بمكَّة فصامَهُ، وقام منه ما تيسَّر كتب الله له مائة ألف شهر رمضان فيما (¬4) سواه، وكتب له بكلِّ يومٍ عتق رقبةٍ، وبكلِّ ليلةٍ عتقَ رقبةٍ، وكلِّ يومٍ حملان (¬5) فرسٍ في سبيل الله، وفي كلِّ يومٍ حسنةً، وفي كلِّ ليلة حسنةً. رواه ابن ماجه، ولا يحضرني الآن سنده. 6 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أُعْطيتُ أمتي خمس خصالٍ في رمضان لم تعْطهنَّ (¬6) أمَّة قبْلهمْ: خلوف فم الصَّائم أطْيبُ عند الله من ريح المسكِ، وتستغفر لهم الحيتان حتى يفطروا، ويزيِّن الله عزَّ وجلَّ كلَّ يوم جنَّتهُ، ثمَّ يقول: يُوشك (¬7) عبادي الصَّالحون أن يلْقوا عنهمُ المئونة، ويصيروا إليك، وتصفَّد فيه مردة الشَّياطين، فلا يخلصوا فيه إلى ما كانوا يخلصون إليهِ في غيره، ويغفرُ لهم في آخر (¬8) ليلةٍ. قيل: يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: لا، ولكنَّ التعامل إنما يوَّفى أجره إذا قضى عمله. رواه أحمد والبزار والبيهقي، ورواه ¬
أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب إلا أن عنده: وتستغفر لهم الملائكة بدل الحيتانُ. 7 - وعنْ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلمن قال: أُعطيتْ أمَّتي في شهر رمضان خمساً لمْ يُعطهُنَّ نبيٌّ قبلي. أمَّا واحدة فإنه إذا كان أوَّل ليلةٍ من شهرِ رمضان نظر (¬1) الله عزَّ وجلَّ إليهمْ، ومن نظر الله إليه لمْ يُعذبه أبداً، وأما الثانية فإنَّ خلوف أفواههم حين يُمْسونَ أطيب عند الله من ريح المسكِ، وأمَّا الثَّالثة فإنَّ الملائكة تستغفر لهم في كلِّ يومٍ وليلةٍ، وأما الرَّابعة فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يأمر جنَّته فيقول لها استعدِّي وتزيني لعبادي أوْشك (¬2) أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى داري وكرامتي، وأما الخامسة فإنَّه إذا كان آخر ليلةٍ غفر الله لهم جميعاً، فقال رجل من القومِ: أهي ليلة القدر؟ فقال: لا ألمْ تر إلى العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم. رواه البيهقي، وإسناده مقارب أصلح مما قبله. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصَّلوات الخمسُ، والجمعة إلى الجمعةِ، ورمضان إلى رمضان مُكفِّراتٌ ما بينهُنَّ إذا اجْتنبتِ الكبائر، رواه مسلم. (قال الحافظ) وتقدم أحاديث كثيرة في كتاب الصلاة، وكتاب الزكاة تدل على فضل صوم رمضان فلم نعدها لكثرتها، فمن أراد شيئاً من ذلك فليراجع مظانه. 9 - وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احْضروا المنبر، فحضرنا، فلما ارتقى درجةً قال: آمين (¬3)، فلما ارتقى (¬4) الدَّرجة الثانية قال: آمين، فلمَّا ارتقى الدرجة الثالثة قال: آمين، فلما نزل: قلنا يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنَّا نسمعه؟ قال: إنَّ جبريل عليه السلام عرض لي، فقال: بعد من أدرك رمضان (¬5) فلمْ يُغفرْ له قلتُ: آمين، فلما رقيت الثانية قال: بعدَ منْ ذكرت (¬6) عنده، فلمْ يُصلِّ عليك، فقلتُ: آمين، فلما رقيت الثَّالثة قال: بعُدَ ¬
من أدرك أبويهِ الكبرُ عنده أوْ أحدهما فلمْ يدخلاهُ الجنَّة قُلتُ: آمين. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. 10 - وعن الحسن بن مالك بن الحويرثِ عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر، فلما رقى عتبةً. قال: آمين، ثمَّ رقى أخرى فقال: آمين، ثمَّ رقى عتبة ثالثة فقال: آمين، ثم قال: أتاني جبريل عليه السلام، فقال: يا محمَّد من أدرك رمضان فلمْ يغفرْ له فأبعده الله، فقلتٌ: آمين. قال: ومنْ ذكرتَ عندهُ فلمْ يُصلِّ عليك (¬1) فأبعده الله، فقلت آمين. رواه ابن حبان في صحيحه. 11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صعد المنبرَ فقال: آمين. آمين. آمين. قيل: يا رسول الله إنَّك صعدت المنبر، فقلتُ: آمين آمين، فقال: إن جبريل عليه السلام أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان فلمْ يُغفرْ له، فدخل النار (¬2) فأبعده الله. قلْ: آمين، فقلتُ: آمين، الحديث: رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحه، واللفظ له. 12 - وروي عن أبي سعيدٍ الخدرِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان أوَّل ليلةٍ من رمضان فتِّحتْ أبواب السماء (¬3) فلا يغلق منها ¬
باب حتى يكون آخر ليلةٍ من رمضان، وليس عبد مؤمن يصلِّي في ليلةٍ فيها إلا كتبَ الله لها ألفاً وخمسمائة حسنةٍ بكلِّ سجدةٍ، وبني له بيتاً في الجنَّة من ياقوتةٍ حمراء لها ستون ألف باب لكلِّ منها قصر من ذهبٍ موشَّحٌ بياقوتةٍ حمراء، فإذا صام أوَّل يوم من رمضان غفر له ما تقدَّم من ذنبه إلى مثل ذلك اليوم من شهر رمضان، واستغفر له كلَّ يومٍ سبعون ألف ملكٍ من صلاة الغداة إلى أن توارى (¬1) بالحجاب، وكان له بكلِّ سجدةٍ يسجدها في شهر رمضان بليلٍ أو نهارٍ شجرة يسير الرَّاكب في ظلها خمسمائة عامٍ، رواه البيهقي وقال: قد روينا في الأحاديث المشهورة ما يدل على هذا، أو لبعض معناه كذا قال رحمه الله. 13 - وعنْ سلمان رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يومٍ منْ شعبان قال: يا أيُّها النَّاس قد أظلَّكمْ شهرٌ عظيمٌ مباركٌ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهرٍ (¬2) شهر جعل الله صيامه فريضةً، وقيام ليله تطوعاً (¬3)، من تقرَّبَ فيه بخصلةٍ (¬4) من الخيرِ كان كمنْ أدَّى فريضةً فيما سواه، ومن أدَّى فريضةً فيه كان كمن أدَّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصَّبر (¬5)، والصَّبر ثوابه الجنَّة، وشهرُ المواساةِ (¬6)، وشهر يزاد في رزق المؤمنِ فيه، من فطَّر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبهِ وعتقَ رقبته من النَّار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء. قالوا ¬
يا رسول الله: ليس كلُّنا يجد ما يُفطِّ الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُعْطي الله هذا الثَّواب من فطَّر صائما على تمرةٍ، أو على شربةِ ماء، أو مذقةِ (¬1) لبن، وهو شهر أوَّله رحمة، وأوْسطهُ مغفرة، وآخره عتقٌ (¬2) من النار، منْ خفَّف عنْ مملوكهِ (¬3) فيه غفر الله له، وأعتقه من النار واستكثروا فيه من أربعِ خصالٍ: خصلتين ترضون بهما ربَّكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما، فأمَّا الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه (¬4)، وأمَّا الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما: فتسألون (¬5) الله الجنَّة، وتعوذون به من النَّار، ومن سقى صائما سقاه الله من حوضي شربة (¬6) لا يظمأ حتى يدخل الجنة. رواه ابن خزيمة في صحيحه، ثم قال صحّ الخبر، ورواه من طريق البيهقي، ورواه أبو الشيخ ابن حبان في الثواب باختصار عنهما. 14 - وفي رواية لأبي الشيخ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فطَّر صائماً في شهر رمضان منْ كسبٍ حلالٍ صلَّتْ عليه الملائكة (¬7) ليالي رمضان كلَّها، وصافحه ¬
جبْرائيل عليه السلام ليلة القدر، ومن صافحه جبرائيل عليه السلام يرق (¬1) قلبهُ، وتكثر دموعه. قال: فقلت: يا رسول الله أفرأيت من لمْ يكن عنده؟ قال: فقبصة (¬2) منْ طعامٍ. قلتُ: أفرأيت إن لمْ يكن عنده لقمة خبزٍ؟ قال: فمذقة من لبنٍ. قال: أفرأيت إنْ لمْ تكنْ عنده؟ قال: فشربة من ماء. (قال الحافظ): وفي أسانيدهم على بن زيد بن جدعان، ورواه ابن خزيمة أيضاً، والبيهقي باختصار عنه من حديث أبي هريرة، وفي إسناده كثير بن زيد. 15 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أظلَّكم (¬3) شهرُكمْ هذا بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما مرَّ بالمسلمين شهرٌ خير لهم منهُ، ولا مرَّ بالمنافقين شهرٌ شهرٌّ لهم منه بمخلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليكتبُ أجره ونوافله قبل أن يدخله، ويكتب إصره (¬4)، وشقاءه قبل أنْ يدخله، وذلك أن المؤمن يعدُّ فيه القوت من النَّفقة للعبادة، ويعدُّ فيه المنافق اتِّباع غفلاتِ ¬
المؤمنين، واتِّباع عوراتهمْ فغنم يغنمه المؤمن، وقال بُندار في حديثه: فهو غنْمٌ للمؤمنين يغتنمه الفاجر. رواه ابن خزيمة في صحيحه وغيره. 16 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء رمضان (¬1) فتِّحتْ أبواب الجنَّةِ (¬2)، وغُلًّقت أبواب النار، وصُفِّدت الشياطين. رواه البخاري ومسلم. 17 - وفي رواية لمسلم: فُتِّحتْ أبواب الرَّحمة، وغلِّقتْ أبواب جهنم وسُلْسِلَتِ الشَّياطين (¬3). ورواه الترمذي، وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي كلهم من رواية أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، ولفظهم: قال إذا كان أوَّل ليلة من شهر رمضان صُفِّدت الشياطين، ومردة الجنِّ، وقال ابن خزيمة: الشَّياطين مردة الجنِّ بغير واوٍ، وغلِّقت أبوال النار فلمْ يُفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادى منادٍ يا باغي الخير أقْبل (¬4)، يا باغي الشَّر أقصرْ، ولله عتقاء من النَّار، وذلك كلِّ ليلةٍ. قال الترمذي: حديث غريب، ورواه النسائي والحاكم بنحو هذا اللفظ، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما. (صفدت) بضم الصاد، وتشديد الفاء: أي شدّت بالأغلال. ¬
18 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان أوَّل ليلةٍ من شهر رمضان نظر الله إلى خلقهِ، وإذا نظر الله إلى عبدٍ (¬1) لم يعذِّبهُ أبدا، ولله في كلِّ يومٍ ألف ألف عتيق (¬2) من النَّار، فإذا كانتْ ليلة تسعٍ وعشرين أعتق الله فيها مثل جميعِ ما أعتق في الشَّهْر كله، فإذا كانت ليلة الفطر ارْتَجَّت الملائكة، وتجلَّى الجبار تعالى بنوره مع أنه لا يصفه الواصفون، فيقول للملائ: ة وهمْ في عيدهمْ من الغد: يا معشر الملائكة يوحي إليهمْ ما جزاء الأجير إذا وفي عمله؟ تقول الملائكة: يوفَّى أجره، فيقول الله تعالى: أشهدكمْ أني قد غفرتُ لهمْ (¬3). رواه الأصبهاني. 19 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاكمْ شهر رمضان، شهرٌ مباركٌ فرض الله عليكمْ صيامه تُفْتَحُ فيه أبواب السَّماء، وتغلقُ فيه أبواب الجحيم، وتغلُّ فيه مردة الشَّياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهرٍ من ح رمَ خيرها فقد حرم. رواه النسائي، كلاهما عن أبي قلابة عن أبي هريرة، ولم يسمع منه فيما أعلم. (قال الحليمي): وتصفيد الشياطين في شهر رمضان، يحتمل أن يكون المراد به أيامه خاصة وأراد الشياطين التي مسترقة السمع، ألا تراه قال: مردة الشياطين لأن شهر رمضان كان وقتا لنزول القرآن إلى السماء الدنيا، وكانت الحراسة قد وقعت بالشهب كما قال: (وحِفْظاً من كلِّ شيطانٍ ماردٍ). فزيدوا التصفيد في شهر رمضان مبالغة في الحفظ، والله أعلم، ويحتمل أن يكون المراد أيامه وبعده، والمعنى أن الشياطين لا يخلصون فيه من إفساد الناس إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره لاشتغال المسلمين بالصيام الذي فيه قمع الشهوات، وبقراءة القرآن، وسائر العبادات. ¬
20 - وعن عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً وحضر رمضانُ: أتاكمْ رمضان شهرُ بركةٍ يغشاكم الله فيه (¬1) فينزل الرَّحمة، ويحطُّ الخطايا (¬2)، ويستجيب فيه الدُّعاء، ينظر الله تعالى تنافسكمْ فيه، ويباهي بكمْ ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيراً (¬3)، فإنَّ الشَّقي (¬4) من حُرم فيه رحمة الله عزَّ وجلَّ. رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا أن محمد بن قيس لا يحضرني فيه جرح، ولا تعديل. 21 - وعنْ أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه قال: دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ هذا الشهر قد حضركمْ، وفيه ليلة (¬5) خير من ألف شهرٍ من حرمها فقد حرم الخير كلَّه، ولا يحرم خيرها إلا محروم. رواه ابن ماجه. وإسناده حسن إن شاء الله تعالى. 22 - وروى الطبراني في الأوسط عنه قال: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هذا رمضان قد جاء، تُفْتَحُ فيه أبواب الجنَّةِ، وتغلقُ فيه أبواب النار، وتغلُّ فيه الشَّياطين، بعداً (¬6) لمن أدرك رمضان فلمْ يغفر له إذا لمْ يغفر له فمتى (¬7). 23 - وروي عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ الجنَّة لتُنجِّد (¬8)، وتزَّيَّنُ من الحول إلي الحولِ لدخول شهر رمضان، فإذا كانت أوَّل ليلةٍ من شهر رمضان هبَّت ريحٌ من تحت العرش يقال لهاا لمثيرة (¬9) فتصفِّقُ ورق أشجار الجنان (¬10)، وحلق المصاريع فيسمع لذلك طنين (¬11) لمْ يسمع السَّامعون أحسن منهُ فتبرز الحور العين (¬12) حتى يقفن بين شرف (¬13) الجنَّةِ فينادين ¬
هلْ منْ خاطبٍ إلى الله فيزوِّجه، ثمَّ يقلنَ الحور العين: يا رضوان الجنَّة، ما هذه الليلة فيجبيهنَّ بالتلبية (¬1) ثمَّ يقول: هذه أوَّل ليلةٍ من شهر رمضان فتحت أبواب الجنَّة للصائمين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال: ويقول الله عزَّ وجلَّ: يا رضوان افتح أبواب الجنان، ويا مالك: أغلق أبواب الجحيم عن الصَّائمين من أمة أحمد صلى الله عليه وسلم، ويا جبرائيل: اهبط (¬2) إلى الأرض فاصفد مردة الشياطين، وغلهم بالأغلال (¬3) ثم أقذفهم (¬4) في البحار حتى لا يفسدوا على أمة محمدٍ حبيبي صلى الله عليه وسلم صيامهم قال: ويقول الله عزَّ وجلَّ في كل ليلةٍ من شهر رمضان لمنادٍ ينادي ثلاث مراتٍ: هل منْ سائل فأعطيه سؤله (¬5). هل من تائبٍ فأتوب عليه. هل من مستغفرٍ فأغفر له، منْ يقرض المليء (¬6) غير العدوم، والموفيَّ (¬7) غير المظلوم. قال: ولله عزَّ وجلَّ في كل يومٍ من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النار كلهمْ قد استوجبوا النار، فإذا كان آخر يوم من شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بقدر ما أعتق من أوَّل الشهر إلى آخره، وإذا كانت ليلة القدر يأمر الله عزَّ وجلَّ جبرائيل عليه السلام فيهبط في كبكبةٍ (¬8) من الملائكة، ومعهمْ لواء (¬9) أخضر فيركزوا اللواء (¬10) على ظهر الكعبة، وله مائة جناحٍ منها جناحان لا ينشرهما إلا في تلك الليلة فينشرهما في تلك الليلة فيُسلِّمون على كلِّ قائم وقاعدٍ ومصلٍ وذاكرٍ، ويُصافحونهم، ويؤمنون على دعائهم حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر ينادي جبرائيل عليه السلام: معاشر الملائكة الرَّحيل الرَّحيل (¬11)، فيقولون يا جبرائيل: فما صنع الله في حوائج المؤمنين من أمة أحمد صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: ¬
نظر الله إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهمْ إلا أربعة، فقلنا: يا رسول الله من همْ؟ قال رجلٌ: مدمن خمرٍ (¬1)، عاق لوالديه (¬2)، وقاطع رحمٍ (¬3)، ومشاحن (¬4). قُلنا: يا رسول الله ما المشاحن؟ قال: هو المصارم (¬5)، فإذا كانت ليلة الفطر سُميِّتْ تلك الليلة ليلة الجائزة، فإذا كانت غداة الفطر بعث الله عزَّ وجلَّ الملائكة في كلِّ بلادٍ فيهبطون إلى الأرض فيقومون على أفواه السككِ (¬6) فينادون بصوتٍ يُسمع من خلق الله عزَّ وجلَّ إلا الجنَّ والإنس (¬7)، فيقولون يا أمة محمدٍ. اخرجوا إلى ربٍ كريمٍ يعطي الجزيل، ويعفو عن العظيم، فإذا برزوا إلى مصلاهم (¬8) يقول الله عزَّ وجلَّ للملائكة: ما جزاء الأجير إذا عمل عمله؟ قال فنقول الملائكة: إلهنا وسيدنا (¬9) جزاؤه أن توفيه أجره. قال فيقول: فإني أشهدكمْ يا ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم من صيامهم شهر رمضان وقيامهمْ رضاي ومغفرتي، ويقول: يا عبادي سلوني (¬10) فوعزَّتي وجلالي لا تسألوني اليوم شيئاً في جمعهكم لآخرتكمْ إلا أعطيتكم ولا لديناكمْ إلا نظرتُ لكمْ، فوعزَّتي لأسترنَّ عليكم عثراتكم ما راقبتموني (¬11)، وعزَّتي وجلالي لا أخزيكمْ، ولا أفضحكم بين أصحاب الحدود (¬12)، وانصرفوا مغفورا لكم قدْ أرضيتموني، ورضيت عنكمْ فتفرح الملائكة، وتستبشر بما يعطي عزَّ وجلَّ هذه الأمَّة إذا أفطروا من شهر رمضان. رواه الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب، والبيهقي واللفظ له، وليس في إسناده من أجمع على ضعفه. 24 - وروي عن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى ¬
الله عليه وسلم: إنَّ شهر رمضان شهر أمتي يمرض مريضهم فيعودونه، فإذا صام مسلم لمْ يكذبْ ولمْ يغتبْ، وفطره سعى إلى العتماتِ (¬1) محافظاً على فرائضهِ خرج من ذنوبه كما تخرج الحيَّة من سلخها (¬2). رواه أبو الشيخ أيضاً. 25 - وعنْ أبي مسعود الغفاريِّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ وأهلَّ رمضان فقال: لوْ يعْلم العباد ما رمضان لتمنَّت أمَّتي أن تكون السَّنة كلها رمضان (¬3)، فقال رجل من خزاعة يا نبيَّ الله: حدِّثنا؟ فقال: إنَّ الجنَّة لتزين لرمضان من رأس الحول إلى الحولِ (¬4)، فإذا كان أوَّل يوم من رمضان هبَّتْ (¬5) ريح من تحت العرش، فصفَّقت (¬6) ورق أشجار الجنَّة، فتنظر الحور العين (¬7) إلى ذلك فيلقن يا ربَّنا: اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجاً تقرُّ (¬8) أعيننا بهمْ، وتقرُّ أعينهم بنا؟ قال: فما من عبدٍ يصوم يوماً من رمضان إلا زُوِّج زوجةً من الحور العين في خيمةٍ من درَّةٍ كما نعت الله عزَّ وجلَّ: حور مقصورات في الخيام على كل امرأةٍ منهنَّ سبعون حلَّةً ليس منها حلَّة على لون الأخرى، وتعطى سبعين لوناً من الطِّيب ليس منه لون على ريح الآخر، لكلِّ امرأةٍ منهنَّ سبعون ألف وصيفةٍ (¬9) لحاجتها، وسبعون ألف وصيفٍ مع كلِّ وصيف صحفةٌ من ذهبٍ فيها لون طعامٍ تجد لآخر لقمةٍ منها لذَّة لم يجده لأوَّله، ولكل امرأةٍ منهنَّ سبعون سريراً من ياقوتةٍ حمراء، على كل سريرٍ سبعون فراشاً بطائنها من إستبرقٍ، فوق كلِّ فراش سبعون أريكةً ويُعطي زوجها مثل ذلك، على سرير من ياقوتٍ أحمر موشَّحاً بالدرِّ عليه سواران منْ ذهبٍ، هذا بكلِّ يومٍ صامه من رمضان سوى ما عمل من الحسنا. رواه ابن خزيمة ¬
في صحيحه، والبيهقي من طريقه، وأبو الشيخ في الثواب، وقال ابن خزيمة، وفي القلب من جرير بن أيوب شيء. (قال الحافظ): جرير أيوب البجلي واهٍ، والله أعلم. (الأريكة): اسم لسرير عليه فراش وبشخانة، وقال أبو إسحاق: الأرائك الفرش في الحجال، يعني البشخانات، وفي الحديث: ما يفهم أن الأريكة: اسم البشخانة فوق الفراش والسرير، والله أعلم. 26 - وعنْ أبي أُمامة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: لله عزَّ وجلَّ عند كلِّ فطرٍ عتقاء (¬1). رواه أحمد بإسناد لا بأس به، والطبراني والبيهقي، وقال: هذا حديث غريب في رواية الأكا من الأصاغر، وهو رواية الأعمش عن الحسين بن واقد. 27 - وروي عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله تبارك وتعالى عُتقاء في كلِّ يومٍ وليلةٍ، يعنى في رمضان، وإنَّ لكلِّ مسلمٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ دعوة مستجابة (¬2). رواه البزار. 28 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تردُّ دعوتهمْ: الصائم حتى يفطر، والإمال العادل، ودعوة المظلوم (¬3) يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرَّبُّ: وعزَّتي لأنصرنتك ولوْ بعد حينٍ. رواه أحمد في حديث، والترمذي وحسنه، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والبزار، ولفظه: ¬
ثلاثة حقُّ على الله أن لا يردَّ لهمْ دعوةً: الصائمُ حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر (¬1) حتى يرجع. 29 - وعن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عزَّ وجلَّ في كلِّ ليلةٍ من رمضان ستمَّائة من رمضان ستمائة ألف عتيقٍ من النَّار، فإذا كان آخر ليلةٍ أعتق الله بعدد من مضى. رواه البيهقي، وقال: هكذا جاء مرسلا. 30 - وعنْ عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أوَّل ليلةٍ من شهر رمضان فُتِّحت أبواب الجنان فلمْ يغلق منها باب واحد الشَّهر كلَّه، وغُلقَّت أبواب النار فلم يفتحْ منها باب الشَّهر كله، وغُلَّت عتاة الجنِّ (¬2) ونادى منادٍ من السَّماء كلَّ ليلةٍ إلى انفجار الصُّبح: يا باغي الخير يمِّمْ وأبشرْ (¬3)، ويا باغي الشَّرِّ أقصر وأبصر (¬4) هلْ من مستغفر يغفر له. هل من تائبٍ يتوبُ الله عليه. هلْ من داعٍ يُستجاب له، هلْ من سائلٍ يُعطي سؤاله، ولله عزَّ وجلَّ عند كلِّ فطرٍ من شهر رماضن كل ليلةٍ عتقاً من النار سُّتون ألفاً، فإذا كان يوم الفطر اتق الله مثل ما أعتق في جميع (¬5) الشَّهر ثلاثين مرَّةً ستين ألفاً ستين ألفاً. رواه البيهقي، وهو حديث حسن لا بأس به في المتابعات، في إسناده نائب بن عمرو الشيباني وثِّق، وتكلْم فيه الدارقطني. 31 - وروي عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاكر الله (¬6) في رمضان مغفور له، وسائل الله فيه لا يخيب (¬7). رواه الطبراني ¬
32 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا يسْتقبلكم، وتستقْبلُكمْ، وتستقبلون ثلاث مرَّاتٍ (¬1)؟، فقال عمر بن الخطَّاب: يا رسول الله وحي نزل (¬2)؟ قال: لا. قال: عدوُّ حضر (¬3)؟ قال: لا قال: فماذا؟ قال: إن الله يغفر في أوَّل ليلةٍ من شهر رمضان لكلِّ أهل هذه القبلةِ وأشار بيده إليها، فجعل رجل بين يديه يهزُّ رأسه، ويقول: بخٍ بخٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا فلان ضاق (¬4) به صدرك؟ قال: لا، ولكن ذكرت المنافق (¬5)، فقال: إن المنافقين همُ الكافرون، وليْس للكافرين في ذلك شيء. رواه ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي، وقال ابن خزيمة: إن صح الخبر، فإني لا أعرف خلفا أبا الربيع بعدالة ولا جرح، ولا عمرو ابن حمزة القيسي الذي دونه. (قال الحافظ): قدذكرهما ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيهما جرحا، والله أعلم. 33 - وعنْ عبد الرَّحمن بن عوفٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان يُفضله على الشهور فقال: من قام رمضان إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبهِ كيوم ولدته أمُّه. رواه النسائي، وقال: هذا خطأ، والصواب أنه عن أبي هريرة. 34 - وفي رواية له قال: إنَّ الله فرض صيام رمضان، وسننْتُ لكم قيامهُ، فمنْ صامه، وقامه (¬6) إيماناً، واحتساباً خرج من ذنوبهِ كيوم ولدته أمُّهُ (¬7). 35 وعن عمرو بن مرَّة الجهنيِّ رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أرأيت إنْ شهدت أن لا إله إلا الله، وأنَّك رسول الله، وصلَّيْت الصَّلوات الخمْسَ. وأدَّيت الزكاة وصمْتُ رمضان، وقمته فمِمَّنْ أنا؟ ¬
قال: من الصِّدِّيقين والشُّهداء (¬1). رواه البزار، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، واللفظ لابن حبان. 36 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبه. الحديث أخرجاه في الصحيحين. وتقدم في رواية لمسلم قال: منْ يقمْ ليلة القدر فيوافقها، وأراه قال: إيماناً. واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبه. 37 - وروي أحمد من طريق عبد الله بن محمد بن ع قيل عن عمرو بن عبد الرحمن عن عبادة بن الصامت قال: أخبرنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدرِ. قال: هي في شهر رمضان في العشرِ الأواخرِ ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاثٍ وعشرين، أوْ خمس وعشرين، أو سبع وعشرين، أو تسع وعشرين، أوْ آخر ليلةٍ من رمضان. من قامها احتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبهِ، وما تأخَّر، وما تقدمت هذه الزيادة في حديث أبي هريرة في أول الباب. 38 - وعنْ مالكٍ رحمه الله أنَّه سمع من يثق به من أهل العلم يقول: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى (¬2) النَّاس قبله، أو ما شاء الله من ذلك ¬
فكأنَّهُ تقاصرَ أعمارَ أمَّتِهِ أن يبْلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهمْ، فأعطاه الله ليلة القدر خيراً من ألف شهرٍ، ذكره في الموطإ هكذا. ¬
الترهيب من إفطار شيء من رمضان من غير عذر
الترهيب من إفطار شيء من رمضان من غير عذر 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ أفطر يوماً من رمضان من غير رخصةٍ (¬1) ولا مرضٍ لمْ يقضهِ (¬2) صوم الدَّهر كلِّه، وإنْ صامه (¬3). رواه الترمذي، واللفظ له، وأبو داود النسائي، وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه، والبيهقي كلهم من رواية من المطوس، وقيل: أبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة، وذكره البخاري تعليقاً غير مجزوم، فقال: ويذكر عن أبي هريرة رفعه: من أفطر يوماً من رمضان من غير عذرٍ ولا مرضٍ، لم يقضهِ صوم الدَّهرِ، وإنْ صامه. وقال الترمذي لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسمعت محمدا، يعني البخاري أيضاً: لا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به، والله أعلم. 2 - وعنْ أبي أمامة الباهليِّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينا أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبعيَّ (¬4)، فأتيا بي جبلاً وعراً (¬5)، ¬
فقالا: أصْعَدْ؟ فقلتُ: إنِّي لا أطيقه، فقال: إنَّا سنسهِّله (¬1) لك فصعدْتُ حتى إذا كنت في سواء (¬2) الجبل إذا بأصواتٍ شديدة. قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء (¬3) أهل النار، ثمَّ انطلق بي، فإذا أنا بقومٍ مُعلَّقين (¬4) بعراقيبهم مشقَّقَةَ أشداقهمْ (¬5) تسيل أشداقهم دماً. قال (¬6) قلت: من هؤلاء؟ قال: الذين يفطرون قبل تحلَّةِ صومهمْ (¬7)، الحديث. رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما. (وقوله): قيل تحلة صومهم: معناه يفطرون قبل وقت الإفطار. 3 - وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: (حمَّاد بن زيدٍ، ولا أعلمه إلا قدر رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: عرى (¬8) الإسلام، وقواعد الدين ثلاثة عليهنَّ أسِّسَ ¬
الترغيب في صوم ست من شوال
الإسلام، منْ ترك واحدةً منهنَّ فهو بها كافر حلال الدَّمِ: شهادة أن لا إله إلا الله، والصَّلاة المكتوبة، وصوم رمضان. رواه أبو يعلى بإسناد حسن. وفي رواية: منْ ترك منهنَّ واحدةً فهو بالله كافرٌ، ولا يُقبلُ منه صرف، ولا عدلٌ وقد حلَّ دمهُ وماله. (قال الحافظ): وتقدمت أحاديث تدل لهذا الباب في ترك الصلاة وغيره. الترغيب في صوم ست من شوال 1 - عنْ أبي أيُّوب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ صام رمضان، ثمَّ أتبعه ستًّا من شوَّال كان كصيام الدَّرً (¬1). رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وانب ماجه والطبراني. وزاد قال: قُلتُ بكلِّ يومٍ عشرة؟ قال: نعمْ. ورواته رواه الصحيح. 2 - وعنْ ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام ستَّة أيامٍ بعد الفطر كان تما السنَّةِ: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها. رواه ابن ماجه والنسائي، ولفظه: (جعل الله الحسنة بعشرأمثالها، فشهر بعشرة، وصيام ستَّة أيام بعد الفطر تمام السنة. وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه وهو رواية النسائي قال: ¬
الترغيب في صيام يوم عرفة لمن لم يكن بها، وما جاء في النهي عنه لمن كان بها حاجا
صيام شهر رمضان بعشرة أشهرٍ، وصيام ستَّة أيام بشهرين، فذلك صيام السَّنَةِ. وابن حبان في صحيح، ولفظه: من صام رمضان وستًّا من شوَّال، فقد صام السَّنة. رواه أحمد والبزار والطبراني من حديث جابر بن عبد الله. 3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: منْ صامَ رمضان، وأتبعه بستٍ من شوَّال فكأنَّما صام الدَّهر. رواه البزار، وأحد طرقه عنده صحيح، ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد فيه نظر قال: منْ صام ستَّة أيامٍ بعد الفطرِ متتابعة فكأنَّما صام السَّنة كلَّها. 4 - وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام رمضان وأتْبعه ستًّا من شوَّال خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه (¬1). رواه الطبراني في الأوسط. (الترغيب في صيام يوم عرفة لمن لم يكن بها) وما جاء في النهى عنه لمن كان بها حاجا 1 - عنْ أبي قتادة رضي الله عنه قال: سئلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنْ صوم يوم عرفة قال: يُكفِّر السَّنة (¬2) الماضية والباقية. رواه مسلم واللفظ له، وأبو داود والنسائي، وابن ماجه والترمذي، ولفظه: ¬
السَّنةَ التي بعده، والسَّنةَ التي قبْلهُ. 2 - وروى ابن ماجه أيضاً عن قتادة بن النعمان قال: سمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صام يوم عرفة غُفر له سنةٌ أمامه، وسنةٌ بعدهِ. 3 - وعن عطاء الخرساني أنَّ عبد الرَّحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما دخل على عائشة رضي الله عنها يوم عرفة وهي صائمة، والماء يرشُّ عليها، فقال لها عبدُ الرَّحمن: أفطري؟ فقالت: أفطرُ، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ صوم يوم عرفة يكفِّرُ العام الذي قبله رواه أحمد ورواته ثقات محتاج بهم في الصحيح أن عطاء الخرساني لم يسمع من عبد الرحمن بن أبي بكر. 4 - وعنْ سهلِ بن سعدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام يوم عرفة غُفرَ له ذنبُ سنتين متتابعتين. رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح. 5 - وعن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ صام يوم عرفة غفر له سنة أمامه، وسنة خلفه، ومن صام عاشوراء غفر له سنة، رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. 6 - وعن مسروقٍ أنه دخل على عائشة رضي الله عنها يوم عرفة، فقال: اسقوني فقالت عائشة: يا غلام اسقه عسلاً، ثم قالتْ: وما أنت بصائمٍ يا مسروق؟ قال: لا، إنِّي أخاف أن يكون يوم الأضحى، فقالت عائشة: ليس ذلك، إنما عرفة يوم يعرَّف الإمام، ويوم النَّحر يوم ينحر الإمام، أو ما سمعت يا مسروق أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعْدِلُهُ بألف يومٍ (¬1). رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن البيهقي. 7 - وفي رواية للبيهقي قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صيام يوم عرفة كصيام ألف يومٍ. 8 - وعنْ سعيد بن جبير قال: سأل رجل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عنْ ¬
الترغيب في صيام شهر الله المحرم
صوم يومِ عرفة فقال: كُنَّا ونحنُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعدلهُ بصوم سنتين. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن، وهو عند النسائي بلفظ سنة. 9 - وعنْ زيد بن أرْقم رضي الله عنه عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه سُئل عنْ صيام يوم عرفة قال: يكفِّرُ السُّنة التي أنت فيها، والسَّنة التي بعدها. رواه الطبراني في الكبير من رواية رشدين بن سعد. 10 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنْ صوم يوم عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ (¬1). رواه أبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه، ورواه الطبراني في الأوسط عن عائشة. (قال الحافظ): اختلفوا في صوم يوم عرفة بعرفة، فقال ابن عمر: لم يَصُمْهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكرٍ، ولا عمرُ، ولا عثمانُ، وأنا لا أصومه، وكان مالك والثَّوريُّ: يختاران الفطر، وكان ابن الزُّبير وعائشة: يصومان يوم عرفة. ورُوي ذلك عن عثمان بن أبي العاصي، وكان إسحاق: يميل إلى الصوم، وكان عطاء يقول: أصوم في الشِّتاء، ولا أصوم في الصيف، وقال قتاة: لا بأس به إذا لمْ يُضعفْ عن الدعاء، وقال الشافعيُّ: يستحبُّ صوم يوم عرفة لغير الحاجِّ، فأمَّا الحاجُّ فأحب إليَّ أن يفطر لتقويته على الدعاء، وقال أحمد بن حنبلٍ: إن قدر على أن يصوم صام وإنْ أفطر فذلك يوم (¬2) يحتاج فيه إلى القوَّة. الترغيب في صيام شهر الله المحرم 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
أفْضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم (¬1)، وأفضل الصَّلاة بعد الفريضة: صلاة الليل (¬2). رواه مسلم واللفظ له، وأبو داود والترمذي والنسائي، ورواه ابن ماجه باختصار ذكر الصلاة. 2 - وعنْ عليٍّ رضي الله عنه وسأله رجلٌ فقال: أي شهرٍ تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان؟ فقال له: ما سمعت أحداً يسأل عن هذا إلا رجلاً سمعته يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد عنده، فقال: يا رسول الله أيُّ شهر تأمرني أنْ أصوم بعد شهر رمضان؟ قال: إن كنت صائماً بعد شهر رمضان، فصم المحرَّم، فإنَّه شهر الله، فيه يوم تاب الله فيه على قومٍ، ويتوبُ فيه على قوْمٍ آخرين. رواه عبد الله ابن الإمام أحمد عن غيره أبيه، والترمذي من رواية عبد الرحمن بن إسحاق، وهو ابن أبي شيبة عن النعمان ابن سعد عن علي، وقال: حديث حسن غريب. 3 - وعنْ جُنْدُبِ بن سفيان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أفضل الصَّلاة بعد المفروضةِ الصلاة في جوف الليل، وأفضلَ الصِّيام بعد رمضان شهْرُ الله الذي تدعونه الحرَّم. رواه النسائي والطبراني بإسناد صحيح. 4 - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ صام يوم عرفة كان له كفَّارة سنتين، ومنْ صام يوماً من المحرَّم فله بكلِّ يوم ثلاثون يوماً (¬3). رواه الطبراني في الصغير، وهو غريب، وإسناده لا بأس به. والهيثم بن حبيب وثقه ابن حبان. ¬
الترغيب في صوم يوم عاشوراء، والتوسيع فيه على العيال
الترغيب في صوم يوم عاشوراء، والتوسيع فيه على العيال 1 - عنْ أبي قتادةَ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئلَ عنْ صيام يوم عاشوراء فقال: يُكَفِّر السَّنة الماضية (¬1). رواه مسلم وغيره، وابن ماجه ولفظه قال: صيام يوم عاشوراء إنِّي أحْتسب على الله أن يكفِّر السَّنة التي بعدها. 2 - وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يومَ عاشوراء، أوْ أمر بصيامِهِ. رواه البخاري ومسلم. 3 - وعنْهُ رضي الله عنه أنَّه سئل عنْ صيام يوم عاشوراء؟ فقال: ما علمْتُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوماً يطلب فضْلَهُ على الأيام إلا هذا اليوم، ولا شهر إلا هذا الشهر، يعني رمضان. رواه مسلم. 4 - وعنْهُ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لمْ يكنْ يتوخَّى فضل يوم على يومٍ بعد رمضان إلا عاشوراء. رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن بما قبله. 5 - وعنْهُ رضي الله عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليْسَ ليومٍ فضْلٌ على يومٍ في الصيام إلا شهر رمضان، ويوم عاشوراء، رواه الطبراني في الكبير، والبيهقي، ورواة الطبراني ثقات. 6 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام يومَ عرفة غفر له سنة أمامه وسنة خلْفَهُ، ومنْ صام عاشوراء غفر لهُ سنةٌ (¬2). رواه الطبراني بإسناد حسن، وتقدم. 7 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ ¬
الترغيب في صوم شعبان، وما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم له، وفضل ليلة نصفه
أوْسعَ (¬1) على عيالهِ وأهلهِ يوم عاشوراء، أوْسَعَ (¬2) الله عليه سائر سنَتِهِ. رواه البيهقي وغيره من طرق، وعن جماعة من الصحابة، وقال البيهقي: هذه الأسانيد وإن كانت ضعيفة فهي إذ ضم بعضها إلى بعض أخذت قوة، والله أعلم. (الترغيب في صوم شعبان) وما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم له، وفضل ليلة نصفه 1 - عنْ أسامة بن زيدٍ رضي الله عنهما قال: قُلْتُ: يا رسول الله لمْ أرَكَ تصومُ من شهرٍ من الشهور ما تصوم من شعبان. قال: ذاك شهرٌ يغفلُ النَّاس عنه بين رجبٍ ورمضان، وهو شهرٌ ترفع (¬3) فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، وأحبُّ أنْ يرْفع عملي وأنا صائم. رواه النسائي. 2 - وروي عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ولا يفطر، حتى نقول ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطر العام، ثمَّ يفطر فلا يصوم حتى نقول ما في نفسهِ أن يصوم العامَ، وكان أحبُّ الصَّوم إليه في شعبان (¬4). رواه أحمد والطبراني. ¬
3 - وروي الترمذيُّ عنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: سئل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أيُّ الصَّوم أفضل بعد رمضان؟ قال: شعبان لتعظيم رمضان. قال: فأي الصَّدقة أفضل؟ قال: صدقة في رمضان (¬1). قال الترمذي: حديث غريب. 4 - وعنْ عائشة رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعْبان كلَّهُ. قالتْ قُلْتُ: يا رسول الله أحبُّ الشهور إليك أن تصومه شعْبان؟ قال: إنَّ الله يكتبُ فيه على كلِّ ميتةٍ (¬2) تلك السَّنة، فأحب أن يأتيني أجلي، وأنا صائم. رواه أبو يعلي، وهو غريب، وإسناده حسن. 5 - وعنها رضي الله عنها قالتْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومْ حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم اسْتكمل صيام شهرٍ قطُّ إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهرٍ أكثر صياماً منْهُ في شعبان. رواه البخاري ومسلم وأبو داود. ورواه النسائي والترمذي وغيرهما قالتْ: ما رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في شهرٍ أكثر صياماً منهُ في شعبان كان يصومهُ إلا قليلا، بلْ كان يصومهُ كلَّهُ. 6 - وفي رواية لأبي داود قالت: كان أحبُّ الشُّهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان، ثمَّ (¬3) يصله برمضان. 7 - وفي رواية للنسائي قالت: لمْ يكنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم لشهرْ أكثر صياماً منهُ لشعبان كان يصومه أوْ عامَّتَهُ. 8 - وفي رواية للبخاري ومسلم قالت: لمْ يكنِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان، فإنَّه كان يصوم شعبْان كلَّه، وكان يقول: خذوا من العملِ ما تطيقون، فإنَّ الله لا يملُّ حتى تملُّوا، وكان أحبَّ الصلاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما دووم عليه وإن قلَّتْ. وكان إذا صلَّى صلاة داوم عليها. ¬
9 - وعنْ أمِّ سلمة رضي الله عنها قالتْ: ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرينِ متتابعين إلا شعبان ورمضان. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، وأبو داود، ولفظه: قالتْ: لمْ يكنِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يصوم من السَّنة شهراً تاما إلا شعبان كان يصله برمضان. رواه النسائي باللفظين جميعا. 10 - وعنْ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنهُ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: يطَّلع الله إلى جميع خلقهِ ليلة النِّصف من شعبان فيغفر لجميع خَلقهِ إلا لمشركٍ (¬1) أوْ مُشاحنٍ (¬2). رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه. 11 - وروي البيهقي من حديثِ عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبْرائيل عليه السَّلام فقال: هذه ليلة النِّصف من شعبان، وللهِ فيها عتقاء من النَّار بعدد شُعور غنمِ (¬3) كلبٍ، ولا ينظر الله فيها إلى مشتركٍ، ولا إلى مشاحنٍ، ولا إلى قاطع رحمٍ، ولا إلى مُسْبلٍ، ولا إلى عاقٍ لوالديه، ولا إلى مدمنِ خمرٍ، فذكر الحديث بطوله، ويأتي بتمامه في التهاجر إن شاء الله تعالى. ¬
12 - وروي الإمامُ أحمد عنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يطَّلع عزَّ وجلَّ إلى خلقِهِ ليلة النِّصف من شعبان فيغفر لعباده إلا اثنين: مشاحنٍ، وقاتلِ نفس. 13 - وعنْ عائشة رضي الله عنها قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الَّليل فصلَّى فأطال السُّجود حتى ظننْتُ أنه قد قبض، فلما ذلك قمْتُ حتى حرَّكتُ إبهامه فتحرَّك فرجعتُ فسمعتهُ (¬1) يقول في سجوده: أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك إليك، لا أحْصى ثناءً عليكَ أنت كما أثنيت على نفسك، فلَّما رفع رأسه من السُّجود، وفرغ من صلاتهِ. قال: يا عائشة، أو يا حميراء أظننتِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قدْ خاس بك؟ قلت: لا والله يا رسول الله، ولكنِّي ظننت أنَّك قبضتَ لطول سجودك، فقال: أتدرين أيُّ ليلة هذه؟ قُلْتُ: الله ورسوله أعلمُ. قال: هذه ليلة النِّصف من شعبان، إنَّ الله عزَّ وجلَّ يطَّلع على عبادهِ في ليلة أعلم. قال: هذه ليلة النِّصف من شعبان، إنَّ الله عزَّ وجلَّ يطَّلع على عبادهِ في ليلة النِّصف من شعبان فيغفر للمستغفرين، ويرْحمُ المسترحمين، ويؤخِّر أهل الحقدِ كما همْ. رواه البيهقي من طريق العلاء بن الحارث عنها، وقال: هذا مرسل جيدا، يعني أن العلاء لم يسمع من عائشة، والله سبحانه أعلم. (يقال خاس به): إذا غدره ولم يوفه حقه، ومعنى الحديث: أظننت أنني غدرت لك، وذهبت في ليلتك إلى غيرك، وهو بالخاء المعجمة والسين المهملة. 14 - وروي عنْ عليٍّ رضي الله عنه عنْ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا كانت ليلة النِّصف منْ (¬2) شعبان، فقوموا ليْلها، وصوموا يومها، فإنَّ الله تبارك وتعالى ينزل (¬3) فيها لغروب الشَّمسِ إلى السماء الدُّنيا، فيقول: ألا من مستغفرٍ فأغفر ¬
الترغيب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما الأيام البيض
له، ألا من مسترزقٍ فأرزقه؟ ألا من مُبتلِى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا؟ حتَّى يطْلعَ الفجْر (¬1) رواه ابن ماجه. (الترغيب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما الأيام البيض) 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوْصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ (¬2): صيام ثلاثة أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ، وركعتي الضَّحى وأن أوتر قبل أن أنام. رواه البخاري ومسلم والنسائي. 2 - وعنْ أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: أوصاني حبيبي بثلاثٍ لنْ أدعَهُنَّ ما عشتُ: بصيام ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شهر، وصلاة الضُّحى، وبأن لا أنام حتى أوتر. رواه مسلم. 3 - وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صوْم ثلاثةِ أيَّام من كلِّ شهرٍ صوْم الدَّهر كلِّه (¬3). رواه البخاري ومسلم. 4 - وعنه رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صام نُوح عليه السلام الدَّهر كلَّهُ إلا يوم الفطر والأضحى، وصام داود عليه السلام نصف الدَّهر، وصام إبراهيم عليه السلام ثلاثة أيامٍ منْ كلِّ شهرٍ صام الدَّهرَ (¬4)، وأفطر ¬
الدَّهر (¬1). رواه الطبراني في الكبير والبيهقي، وفي إسنادهما أبو فراس لم أقف فيه على جرح ولا تعديل، ولا أراه يعرف، والله أعلم. 5 - وعنْ أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثٌ من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدَّهر كلِّهِ (¬2). رواه مسلم، وأبو داود والنسائي. 6 - وعن قرَّة بن إياسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيام ثلاثة أيامٍ من كلِّ شهر صيام الدَّهرِ (¬3) وإفطاره. رواه أحمد بإسناد صحيح والبزار والطبراني، وابن حبان في صحيحه. 7 - وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صومُ شهر الصَّبرِ، وثلاثة أيامٍ من كلِّ شهرٍ يُذهبن وحر الصَّدر. رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح، ورواه أحمد وابن حبان في صحيحه، والبيهقي، الثلاثة من حديث الأعرابي، ولم يسموه، ورواه البزار أيضاً من حديث على. (شهر الصبر): هو رمضان. 8 - وروي عن ميمونة بنت سعدٍ رضي الله عنها أنَّها قالت: يا رسول الله أفتنا عن الصَّومِ؟ فقال: من كلِّ شهر ثلاثةٍ أيامٍ من استطاع أين يصومهنَّ، فإنَّ كلَّ يومٍ يُكفِّر عشر سيئاتٍ، وينقِّي من الإثم (¬4) كما يُنقِّي الماء الثَّوبَ. رواه الطبراني في الكبير. 9 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ صام من كلِّ شهرٍ ثلاثة أيامٍ، فذلك صيام الدَّهر، فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه: ¬
من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها. اليوم بعشرة أيامٍ. رواه أحمد والترمذي، واللفظ له وقال: حديث حسن، والنسائي، وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه. 10 - وفي رواية للنسائي: منْ صام ثلاثة أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ، فقد تمَّ صوْم الشَّهر، أوْ فله صوم الشَّهر. 11 - وعن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه عن رجلٍ من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قيل للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: رجل يصوم الدَّهر؟ فقال: وددتُ أنَّه لم يطعم الدَّهر. قالوا. فثلثيهِ؟ قال: أثر. قالوا: فنصفه؟ قال: أكثر، ثمَّ قال: ألا أخبركم بما يذهب وحر الصَّدر؟ قال: صوم ثلاثة أيام من كل شهرٍ. رواه النسائي. 12 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: بلغني أنَّك تصوم النَّهار، وتقوم الليل فلا تفعل، فإنَّ لجسدك عليك حظاً (¬1) ولعينيك عليك حظا، وإنَّ لزوجك عليك حظاً، صمْ وأفطرْ، صمْ منْ كلِّ شهرٍ ثلاثة أيامٍ، فذلك صوم الدَّهر. قالتُ: يا رسول الله إنَّ لي قوة؟ قال: فصم داود عليه السلام: صُمْ يوماً، وأفطر يوماً، فكان يقول: يا ليتني أخذت بالرُّصة (¬2) رواه الطبراني ومسلم والنسائي، ولفظه قال: ذكرت للنبيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّوم، فقال: صُمْ من كلِّ عشرة أيَّامٍ يوماً، ولك أجرُ تلك التسعة قُلْتُ: إني أقوى من ذلك؟ قال: فصُمْ من كلِّ تسعة أيامٍ يوماً، ولك أجر تلك الثمانية، فقلْتُ: إنِّي أقوى من ذلك؟ قال: فصمْ من كلِّ ثمانيةِ أيَّامٍ يوماً ولك أجر تلك السَّبعة. قُلْتُ: إني أقوى من ذلك؟ قال: فلم يزلْ حتى قال: صُمْ يوماً، وأفطر يوماً. 13 - وفي رواية له أيضاً ولمسلم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صُمْ يوماً، ولك أجرُ ما بقي. قال: إني أطيقُ أكثر من ذلك؟ قال: صمْ يومين ولك أجر ما بقي. قال: إني أطيق أكثر من ذلك؟ قال: صمْ ثلاثة أيامٍ، ولك أجر ما بقي ¬
قال: إني أطيقُ أكثر من ذلك (¬1)؟ قال: فصم الصِّيام عند الله: صوم داود، كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً. 14 - وفي أخرى للبخاري ومسلم قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم انَّه يقول: لأقومنَّ الليل، ولأصومنَّ النَّهار ما عشت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّك الذي تقول ذلك؟ فقلتُله: قدْ قُلْتُهُ يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنَّك لا تستطيع ذلك: فصمْ، وأفْطرْ، ونمْ، وقمْ، صمْ من الشَّهر ثلاثة أيامٍ فإنَّ الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدَّهر. قال: فإني أطيق أفضل في ذلك؟ قال: صمْ يوماً، وأفطرْ يومين. قال فقلتُ: فإنِّي أطيق أفضل من ذلك يا رسول الله، قال: فصمْ يوماً، وأفطرْ يوماً، وذلك صيام داود، وهو أعدل الصِّيام. قال: فإنِّي أطيق أفضل من ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أفضل من ذلك. زاد مسلم: قال عبد الله بن عمرو: لأنْ أكون قبلْتُ الثَّلاثة التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبُّ إليَّ منْ أهلي ومالي. 15 - وفي أخرى لمسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلغني أنَّك تقوم الليل، وتصوم النَّهار؟ قُلتُ: يا رسول الله ما أردْتُ بذلك إلا الخير، قال: لا صام منْ صام الدَّهر (¬2). وفي رواية: الأبد، ولكن أدُّلك على صوم الدَّهر: ثلاثة أيَّام من كل شهرٍ. قلتُ: يا رسول الله أنا أطيق أكثر من ذلك. الحديث. 16 - وعنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رذا صمت من الشَّهر ثلاثاً: فصمْ ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة (¬3). رواه أحمد والترمذي والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن. ¬
الترغيب في صوم الاثنين والخميس
وزاد ابن ماجه: فأنزل الله تصديق ذلك في كتابهِ: منْ جاء بالحسنة فله عشرُ أمثالها. فاليوم بعشرة أيامٍ. 17 - وعنْ عبد الله بن قدامة بن ملحان عن أبيه رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام أيام البيضِ: ثلاثة عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة. قال وقال: وهو كهيئة الدَّهر (¬1). رواه أبو داود والنسائي، ولفظه: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بهذه الأيام الثلاث البيض، ويقول هنَّ صيام الشَّهر. (قال المملي) رضي الله عنه: هكذا وقع في النسائي وابن ماجه أيضا: عبد الملك بن المنهال عن أبيه. 18 - وعنْ جريرٍ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: صيام ثلاثة أيامٍ من كلِّ شهرٍ صيام الدَّهر: أيام البيض صبيحة ثلاثة عشرة، وأربع عشرة وخمس عشرة. رواه النسائي بإسناد جيد والبيهقي. 19 - وعنِ بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصيام؟ فقال: عليك بالبيض: ثلاثة أيَّام من كلِّ شهرٍ. رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات. (الترغيب في صوم الاثنين والخميس) 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تُعرضُ الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحبُّ أن يعرضَ عملي وأنا صائم. رواه الترمذي. وقال: حديث حسن غريب. 2 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يصوم الاثنين والخميس، فقيل يا رسول الله: إنَّك تصوم الاثنين والخميس، فقال إنَّ يوْمَ ¬
الاثنين والخميس يغفر الله فيهما لكلِّ مسلمٍ إلا مهتجرين (¬1) يقول: دعهما حتى يصطلحا رواه ابن ماجه، ورواته ثقات. ورواه مالك ومسلم، وأبو داود والترمذي باختصار ذكر الصوم، ولفظ مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعْرضُ الأعمال في كلِّ اثنين وخميسٍ فيغفر الله عزَّ وجلَّ في ذلك اليوم لكلِّ لا يشرك بالله شيئاً إلا أمرأً كانت بينه وبين أخيه شحناء (¬2) فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا. وفي رواية له: تفتح أبواب الجنَّة يوم الاثنين والخميس فيغفر لكلِّ عبدٍ لا يشركُ بالله شيئاً إلا رجلاً كان بينه وبين أخيه شحناء الحديث. ورواه الطبراني، ولفظه قال: تُنْسخُ دواوين أهل الأرضِ في دواوين أهل السَّماء في كلِّ اثنينٍ وخميس فيغفر لكلِّ مسلمٍ لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً بينه وبين أخيه شحناء. 3 - وعنْ أسامة بن زيدٍ رضي الله عنه قال قلتُ: يا رسول الله إنَّك تصوم حتى لاتكاد تُفْطر، وتفطر حتى لا تكاد تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك، وإلا صمتهما قال: أيُّ يومين؟ قُلتُ: يوم الاثنين والخميس، قال: ذلك يومان تعْرض فيهما الأعمال على ربِّ العالمين فأحبُّ أن يعرض عملي وأنا صائم. رواه أبو داود والنسائي، وفي إسناده رجلان مجهولان: مولى قدامة، ومولى أسامة. 4 - ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن شرحبيل بن سعد عن أسامة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومُ الاثنين والخميس ويقول: إنَّ هذين اليومين تعرْضُ فيهما الأعمال. 5 - وعنْ جابر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعرضُ الأعمال يوم الاثنين والخميس فمنْ مستغفرٍ فيغفر له، ومن تائب فيتابُ عليهِ، ويردُّ أهل الضَّغائن بضغائنهم حتى يتوبوا. رواه الطبراني، ورواته ثقات. ¬
الترغيب في صوم الأربعاء والخميس والجمعة والسبت والأحد، وما جاء في النهي عن تخصيص الجمعة بالصوم أو السبت
6 - وعنْ عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرَّى صومَ الاثنين والخميس. رواه النسائي وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن غريب. (الترغيب في صوم الأربعاء والخميس والجمعة والسبت والأحد) وما جاء في النهي عن تخصيص الجمعة بالصوم أو السبت 1 - رُوي عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ صامَ يوم الأربعاء والخميس كُتبتْ له براءةٌ من النَّار. رواه أبو يعلي. 2 - وروي عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ صام الأربعاء والخميس والجمعة بنى الله له بيتاً في الجنَّة يُرى ظاهره منْ باطنهِ، وباطنهُ من ظاهرهِ. رواه الطبراني في الأوسط، ورواه في الكبير من حديث أبي أمامة. 3 - وروي عنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنَّه سمع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: منْ صامَ الأربعاء، والخميس، والجمعةَ بنى الله له قصراً في الجنَّة منْ لؤلؤٍ وياقوتٍ وزبرجدٍ، وكتب له براءةً من النَّار. رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي. 4 - وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ صام الأربعاء والخميس، ويوم الجمعةِ، ثمَّ تصدَّق يوم الجمعةِ بما قلَّ أوْ كثرَ غفر له كلُّ ذنبٍ عمله حتى يصير كيوم ولدته أمُّهُ من الخطايا. رواه الطبراني في الكبير والبيهقي. 5 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام يوم الجمعة كتبَ الله له عشرة أيَّام عددهنَّ من أيام الآخرة لا تشاكلهُنَّ أيَّامُ الدُّنيا. رواه البيهقي عن رجل من جشم عن أبي هريرة، وعن رجل من أشجع عن أبي هريرة أيضاً، ولم يسمّ الرجلين. وهذا الحديث: على تقدير وجوده محمول على ما إذا صام يوم الخميس قبله، أو عزم على صوم السبت بعده. 6 - وعن عُبيدِ الله بن مسلمٍ القُرشيِّ عنْ أبيه قال: سألت، أوْ سئل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن صيام الدَّهرِ، فقال: لا، إنَّ لأهْلك عليك حقا، صُمْ رمضان والذي
يليه، وكلَّ أربعاء وخميسٍ، فإذنْ أنت قدْ صمْتَ الدَّهرَ وأفطرتَ. رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حديث حسن غريب. (قال المملي عبد العظيم) رضي الله عنه: ورواته ثقات. 7 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: لا تخْصُّوا ليلة الجمعةِ بقيامٍ منْ بين الليالي، ولا تخصُّوا يوم الجمعة بصيامٍ (¬1) من بينِ الأيَّام إلا أن يكون في صومٍ أحدكمْ. رواه مسلم والنسائي. 8 - وعنْهُ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يصومنَّ أحدكمْ يوم الجمعةِ رلا أن يصومَ يوماً قبله أو يوما بعده. رواه البخاري واللفظ له، ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه. وفي رواية لابن خزيمة: إنَّ يوم الجمعة يوم عيدٍ فلا تجْعَلُوا يوم عيدكمْ يوم صيامكمْ إلا أن تصوموا قبْله أو بعده. 9 - وعنْ أمِّ المؤمنين جويرية بنتِ الحارث رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة، وهي صائمة: فقال: أصمتِ أمس: قالتْ: لا. قال: تريدين أنْ تصومي غدا؟ قالت: لا. قال: فأفطري. رواه البخاري، وأبو داود. 10 - وعنْ محمد بن عبادٍ رضي الله عنه قال: سألتُ جابراً وهو يطوف بالبيتِ أنهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عنْ صيام الجمعةِ؟ قال: نعمْ، وربِّ هذا البيتِ: رواه البخاري ومسلم. 11 - وعنْ عامرِ بن لُدينٍ الأشعري رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ يوم الجمعةِ عيدكمْ فلا تصوموا إلا أن تصوموا قبْله أو بعدهُ. رواه البزار بإسناد حسن. 12 - وعن ابن سيرين قال: كان أبو الدَّرداءِ رضي الله عنه يُحْيي ليلة الجمعةِ ويصوم يومها، فأتاه سلمانُ، وكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم آخى بينهما، ونام عنده، ¬
فأراد أبو الدَّرْداء أن يقوم ليلته، فقام إليه سلمان فلمْ يدعهُ حتى نام وأفطر، فجاء أبو الدرداءِ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: عُؤيمرُ، سُليمان أعلمُ منك، لا تخصَّ ليلة الجمعةِ بصلاةٍ، ولا يومها بصيامٍ. رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد. 13 - وعنْ عبد الله بن بسرٍ عنْ أختهِ الصَّماء رضي الله عنهمْ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تصوموا ليلة السَّبت إلا فيما افترضَ عليكمْ، فإنْ لمْ يجدْ أحدكمْ إلا لحاء عنبةٍ، أو عود شجرةٍ فليمضغه (¬1). رواه الترمذي وحسنه، والنسائي، وابن خزيمة في صحيحه، وأبو داود، وقال: هذا حديث منسوخ، ورواه النسائي أيضاً وابن ماجه وابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن بسر دون ذكر أخته. 14 - ورواه ابن خزيمة في صحيحه أيضاً عن عبد الله بن شقيق عن عمته الصماء أخت بسر أنَّّها كانت تقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنْ صيام يومِ السَّبتِ ويقول: إنْ لمْ يجدْ أحدكمْ إلا عوداً أخضر فليفطر عليه. (اللحاء) بكسر اللام وبالحاء والمهملة ممدودا: هو القشر. (قال الحافظ): وهذا النهي إنما هو عن إفراده بالصوم لما تقدم من حديث أبي هريرة: لا يصوم أحدكمْ يوم الجمعةِ إلا أنْ يصوم يوماً قبله، أوْ يوماً بعدهُ فجاز إذا صومه. 15 - وعنْ أمِّ سلمةَ رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ¬
الترغيب في صوم يوم وإفطار يوم، وهو صوم داود عليه السلام
ما كان يصومُ من الأيَّام يوم السبتِ، ويوم الأحد، كان يقول: إنَّهما يوما عيدٍ (¬1) للمشركين، وأنا أريد أنْ أخالفهمْ. رواه ابن خزيمة في صحيحه وغيره. (الترغيب في صوم يوم وإفطار يوم وهو صوم داود عليه السلام) 1 - عنْ عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّك لتصوم الدَّهر وتقومُ الليلَ؟ قُلْتُ: نعمْ. قال: إنَّك إذا فعلْتَ ذلك هجمتْ له العين (¬2)، ونفهت له النَّفس (¬3)، لا صامَ منْ صامَ الأبد (¬4)، صوم ثلاثة أيامٍ من الشهر صوم الشَّهر كلِّهِ (¬5) قُلْتُ: فإني أطيق أكثر من ذلك؟ قال: فصُمْ صومَ داود عليه السَّلام كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، ولا يفرُّ إذا لاقى (¬6). وفي روايةٍ: ألم أخبرْ أنَّك تصوم ولا تفطر، وتصلِّي الليل، فلا تفعلْ، فإنَّ لعينك حظا (¬7) ولنفسك حظاً، ولأهلك حظا، فصمْ وأفطرْ وصلِّ ونمْ، وصمْ منْ كلِّ عشرة أيامٍ يوما، ولك أجر تسعةٍ. قال: إني أجد أقوى من ذلك يا نبيَّ الله؟ قال: فصُمْ صيام داود عليه السلام، قال: وكيف كان يصوم يا نبيَّ الله؟ قال: كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، ولا يفرُّ إذا لاقى. ¬
وفي أخرى: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا صومَ فوقَ صومِ (¬1) داود عليهِ السَّلام: شطْرَ الدَّهْرِ (¬2)، صمْ يوماً، وأفطر يوماً. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 2 - وفي روايةٍ لمسلمٍ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: صُمْ يوماً، ولك أجرُ ما بقي. قال: أنا أطيق أفضل من ذلك؟ قال: صمْ ثلاثة أيامٍ، ولك أجْرُ ما بقي قال: إني أطيق أفضل من ذلك؟ قال صُمْ أفضل الصِّيام عند الله صوم داود عليه السلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً. 3 - وفي رواية لمسلم، وأبي داود قال: صُمْ يوماً وأفطرْ يوماً، وهو أعدل الصِّيام، وهو صيام داود عليه السلام. قلتُ: إنِّي أطيق أفضل من ذلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أفضلَ من ذلك. 4 - وفي رواية للنسائي: صُمْ أحبَّ الصِّيام إلى الله عزَّ وجلَّ، صوم داود: كان يصوم يوماً، ويفطرُ يوماً. 5 - وفي رواية لمسلم قال: كُنْتُ أصوم الدَّهْرَ، وأقرأ القرآن كلَّ ليلةٍ. قال: فإمَّا ذكرتُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإمَّا أرسل إلىَّ، فأتيْتُهُ، فقال ألمْ أخبرْ أنَّك تصوم الدَّهر، وتقرأ القرآن كلَّ ليلةٍ؟ فقلت: بلى (¬3) يا نبيَّ الله، ولمْ أردْ بذلك إلا الخير. قال: فإنَّ بحسبك (¬4) أنْ تصوم منْ كلِّ شهر ثلاثة أيامٍ، فقلتُ: يا نبيَّ الله إنِّي أطيق أفضل من ذلك؟ قال: فإنَّ لزوجك عليك حقا (¬5)، ولزورك (¬6) عليك حقا، ولجسدكَ ¬
ترهيب المرأة أن تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا أن تستأذنه
عليك حقا؟ قال: فصمْ صوم داود نبي الله عليه السَّلام فإنَّه كان أعبد النَّاس. قال: قُلْتُ يا نبيَّ الله وما صوم داود؟ قال: كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً. قال: واقرأ القرآن في كلِّ شهر. قال: قُلْتُ: يا رسول الله: إنِّي أطيق أفضل من ذلك؟ قال: فأقرأة في كلِّ عشرين. قال: قُلْتُ يا نبيَّ الله: إنِّي أطيق أفضل من ذلك؟ قال: فاقرأه في كلِّ عشرين. قال: قُلْتُ يا نبيَّ الله: إنِّي أطيق أفضل من ذلك؟ قال: فاقرأه في كلِّ عشرةٍ. قال قُلْتُ يا نبيَّ الله: إنِّي أطيق أفضلَ من ذلك؟ قال: فاقرأه في كلِّ سبعٍ (¬1)، ولا تزدْ على ذلك، فإنَّ لزوجك عليك حقا، ولزوْرِك عليك حقا، ولجسدك عليك حقا. 6 - وعنْهُ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: أحبُّ الصِّيامِ إلى الله صيام داود، وأحبُّ الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل، ويقوم ثُلُثهُ، وينام سُدسه، وكان يُفْطر يوماً ويصوم يوماً. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والنسائي وابن ماجه. (هجمت العين) بفتح الهاء والجيم: أي غارت وظهر عليها الضعف. (ونفهت النفس) بفتح النون، وكسر الفاء: أي كلت وملت وأعيت. (الزور) بفتح الزاي: هو الزائر الواحد، والجمع فيه سواء. (ترهيب المرأة أن تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا أن تستأذنه) 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحلُّ لامرأةٍ أن تصوم (¬2)، وزوجها شاهدٌ (¬3) إلا بإذنهِ ولا تأذن (¬4) في بيتهِ إلا بإذنه. ¬
ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه وترغيبه في الإفطار
رواه البخاري ومسلم وغيرها، ورواه أحمد بإسناد حسن، وزاد: إلا رمضان: وفي بعض روايات أبي داود: غير رمضان. 2 - وفي رواية للترمذي وابن ماجه: لا تصمِ المرأة وزوجها شاهد يوماً من غيرِ شهر رمضان إلا بإذنهِ. ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما بنحو الترمذي. 3 - وعنْهُ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّما امرأةٍ صامتْ بغير إذن زوجها فأرادها (¬1) على شيء فامْتنَعَتْ عليهِ، كتب الله عليها ثثلاثاً من الكبائر. رواه الطبراني في الأوسط من رواية بقية، وهو حديث غريب، وفيه: نكارة، والله أعلم. 4 - وروي الطَّبراني حديثاً عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفيه: من حقِّ الزِّوج على الزَّوجة أن لا تصوم تطوعاً إلا بإذنهِ، فإنْ فعلتْ جاعتْ وعطشتْ (¬2)، ولا يقبلُ منها، ويأتي بتمامهِ في النِّكاح إن شاء الله تعالى. (ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه) وترغيبه في الإفطار 1 - عنْ جابر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتحِ (¬3) إلى مكَّة في رمضان حتى بلغ كراع الغميم فصام وصام الناس، ثمَّ دعا بقدحٍ (¬4) من ماء فرفعهُ حتى نظر النَّاس إليه، ثمَّ شرب، فقيل له: بعد ذلك إن بعض الناس قدْ صام ¬
فقال: أولئك العُصاة (¬1). وفي روايةٍ، فقيل له: إنَّ بعض الناس قد صام، فقال، أولئك العصاة، أولئك العصاةُ. وفي روايةٍ، فقيل له: إنَّ بعض الناس قد شقَّ عليهم الصِّيام، وإنما ينظرون فيها فعلْتَ، فدعا بقدحٍ من ماءٍ بعد العصْرِ الحديث. رواه مسلم. (كراع) بضم الكاف. (الغيم) بفتح الغين المعجمة: وهو موضع على ثلاثة أميال عن عسفان. 2 - وعنه رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فرأى رجلاً قد اجتمع النَّاس عليه وقد ظلِّل عليه (¬2)، فقال: ما له؟ قالوا: رجلٌ صائمٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليسَ البرُّ (¬3) أن تصوموا في السَّفرِ. زاد في رواية: وعليكمْ رخصة الله التي رخَّص لكمْ. وفي رواية: ليْس من البرِّ الصوم في السفر. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. 3 - وفي رواية للنسائي: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على رجلٍ في ظل شجرةٍ يُرشُّ عليه الماء، قال: ما بال صاحبكمْ؟ قالوا يا رسول الله: صائم قال: إنَّه ليْس من البرِّ أن تصوموا في السفر، وعليكمْ برخصة الله عزَّ وجلَّ التي رخص لكمْ فاقبلوها. 4 - وعنْ عمَّار بن ياسرٍ رضي الله عنه قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منْ غزوةٍ فسرنا في يوم شديد الحرِّ، فنزلنا في بعض الطريق فانطلق رجلٌ منَّا فدخل تحت شجرةٍ، فإذا أصحابه يلوذون به (¬4) وهو مضْطَجِعٌ كهيئةِ الوجعِ (¬5)، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما بال (¬6) صاحبكمْ؟ قالوا: صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليْس من البرِّ أن تصوموا في السفر، عليكمْ ¬
الرُّخصة التي أرْخص (¬1) الله لكم فاقْبَلوها. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. 5 - وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل بأصحابه، وإذا ناس قدْ جعلوا عريشاً على صاحبهمْ وهو صائم فمرَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأن صاحبكم، أوجعٌ؟ قالوا: يا رسول الله، ولكنَّه صائم، وذلك في يومٍ حرورٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا برَّ أنْ يُصام في سفرٍ. رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح. 6 - وعنْ كعْبِ بن عاصمٍ الأشعريِّ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليْس من البرِّ الصِّيام في السَّفر. رواه النسائي وابن ماجه بإسناد صحيح، وهو عند أحمد بلفظ: ليْسَ من أمْ برِّ أمْ صيامُ في أم سفر، ورجال رجال الصحيح. 7 - وعنْ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صائم رمضان في السَّفر كالمفطر في الحضرِ (¬2). رواه ابن ماجه مرفوعا هكذا والنسائي بإسناد حسن إلا أنه قال: كان يقال: الصِّيام في السَّفر كالإفطار في الحضر. وفي روايةٍ: الصائم في السفر كالمفطر في الحَضَرِ. (قال الحافظ) قول الصحابي: كان يقال كذا هل يلتحق بالمرفوع أو الوقوف؟ فيه خلاف مشهور بين المحدثين والأصوليين ليس هذا موضع بسلطة لكن الجمهور على أنه إذا لم يصفه إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم يكون موقوفا، والله أعلم. 9 - وعنْ أبي طعْمةَ قال: كُنْتُ عند ابن عمر فجاءهُ رجل فقال: يا أبا عبد الرَّحمن ¬
إنِّي أقوى على الصِّيام في السفر، فقال ابن عمر رضي الله عنه: إنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: من لمْ يقبلْ رخصة الله عزَّ وجلَّ كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة (¬1). رواه أحمد والطبراني في الكبير. وكان شيخنا الحافظ أو الحسن رحمه الله يقول: إسناد أحمد حسن، وقال البخاري في كتاب الضعفاء: هو حديث منكر، والله أعلم. 10 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تبارك وتعالى يحبُّ أن تؤتي رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته (¬2). رواه أحمد بإسناد صحيح، والبزار والطبراني في الأوسط بإسناد حسن، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. وفي رواية لابن خزيمة قال: إنَّ الله يحبُّ أن تؤتى رخصه كما يُحِبُّ أن تترك معصيته. 11 - وروي الطبراني في الأوسط أيضاً والكبير عن عبد الله بن يزيد بن آدم قال: حدثني أبو الدرداء، وواثلة بن الأسقع، وأبو أمامة، وأنس بن مالك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ اله يحبُّ أن تقبلَ رخصهُ كما يحبُّ العبدُ مغفرة ربِّهِ. 12 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يحبُّ أن تؤتى رخصه كما يحبُّ أن تؤتي عزائمه، رواه البزار بإسناد حسن والطبراني، وابن حبان في صحيحه. 13 - وعنْ أنس رضي الله عنه قال: كنَّا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر (¬3) فمنَّا الصَّائم، ومنَّا المفطر، قال: فنزلنا منزلا في يوم حارٍ، أكثرنا ظلا صاحب ¬
الكساءِ، فمنَّا منْ يتَّقي الشَّمس بيده. قال: فسقط الصُّوَّامُ، وقام المفطرونَ: فضربوا الأبنية، وسقوا الرِّكاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذهب المفطرون اليوم بالأجر، رواه مسلم. 14 - وعنْ أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لستَّ عشرة (¬1) مضتْ من رمضان، فمنَّا منْ صام ومنَّا منْ أفطر، فلمْ يعب الصَّائ على المفطرِ ولا المفطر على الصائم. وفي رواية: يرون أن منْ وجد قوَّةً فصام فإنَّ ذلك حسن، ويرون أنَّ من وجدَ ضعفاً فأفطر ذلك حسن. رواه مسلم وغيره. (قال الحافظ): اختلف العلماء أيما أفضل في السفر: الصوم أو الفطر؟ فذهب أنس ابن مالك رضي الله عنه إلى أن الصوم أفضل، وحكى ذلك أيضاً عن عثمان بن أبي العاصي، وإليه ذهب إبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، والثوري، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال مالك، والفضيل بن عياض، والشافعي: الصوم أحبّ إلينا لمن قوى عليه. وقال عبد الله ابن عمر، وعبد الله بن عباس، وسعيد بن المسيب، والشعبي، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل ¬
الترغيب في السحور سيما بالتمر
وإسحاق بن راهوية: الفطر أفضل، وروي عن عمر بن عبد العزيز، وقتادة، ومجاهد: أفضلهما أيسرهما على المرء، واختار هذا القول الحافظ أبو بكر بن المنذر، وهو قول حسن، والله أعلم. (الترغيب في السحور سيما بالتمر) 1 - عنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: تسحَّروا، فإنَّ في السحور بركةً، رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه. 2 - وعنْ عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: فصْل (¬1) ما بين صيامنا، وصيامِ أهل الكتاب أكْلة (¬2) السَّحَرِ. رواه مسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة. 3 - وعنْ سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البركة في ثلاثةٍ: في الجماعة، والثَّريدِ، والسُّحورِ (¬3). رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات، وفيهم أبو عبد الله البصري لا يدري من هو. 4 - وعنِ ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله وملائكتهُ يُصَلُّون على المتسحِّرين (¬4). رواه الطبراني في الأوسط، وابن حبان في صحيحه. 5 - وعنِ العرْباضِ بن سارية رضي الله عنه قال: دعاني رسول الله صلى الله ¬
عليه وسلم إلى السحور في رمضان، فقال: هلمَّ إلى الغذاء المبارك (¬1). رواه أبو داود والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما. (قال المملي) رضي الله عنه: رووه كلهم عن الحارث بن زياد عن أبي رهم عن العرباض، والحارث لم يروعنه غير يونس بن سيف، وقال: أبو عمر النميري مجهول يروي عن أبي رهم حديثه منكر. 6 - وعنْ أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو الغداء (¬2) المبارك، يعني السَّحور. رواه ابن حبان في صحيحه. 7 - وعنِ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: استعينوا (¬3) بطعام السَّحر (¬4) على صيام النَّهار، والقيْلولة على قيام الليل. رواه ابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه، والبيهقي كلهم من طريق زمعة بن صالح عن سلمة هو ابن وهرام عن عكرمة عنه إلا أن ابن خزيمة قال: وبقيْلولة النَّهار على قيام الليل. 8 - وعنْ عبد الله بن الحارث عنْ رجلٍ من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: دخلْتُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يتسحَّر فقال: إنَّها بركة أعطاكم الله إيَّاها فلا تدعوه. رواه النسائي بإسناد حسن. ¬
الترغيب فيتعجيل الفطر وتأخير السحور
9 - وروي عن عبد الله بن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة ليْس عليهمْ حساب فيما طعموا إنْ شاء الله تعالى إذا كان حلالاً (¬1): الصَّائمُ، والمتسحِّرُ، والمرابط في سبيل الله. رواه البزار والطبراني في الكبير. 10 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السُّحور كلُّه بركة فلا تدعوه ولوْ أن يجرع أحدكمْ جرْعةً من ماءٍ، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ وملائكته يُصلُّون على المتسحرين. رواه أحمد، وإسناده قوي. 11 - وعنْ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسحَّروا ولوْ بجرعةٍ من ماء (¬2). رواه ابن حبان في صحيحه. 12 - وروي عن السَّائب بن يزيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعْمَ السَّحور التَّمر (¬3)، وقال: يرْحَمُ الله المتسحِّرين. رواه الطبراني في الكبير. 13 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعْم سحور المؤمن التَّمر. رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه. (الترغيب في تعجيل الفطر وتأخير السحور) 1 - عنْ سهل بن سعدٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال النَّاس بخيرٍ ما عجَّلوا الفطرَ (¬4). رواه البخاري ومسلم والترمذي. ¬
2 - وعنْهُ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لاتزال أمَّتي على سُنَّتي مالمْ تنْتظرْ بفطرها النُّجوم (¬1). رواه ابن حبان في صحيحه. 3 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عزَّ وجلَّ: إنَّ أحبَّ عبادي إليَّ أعجلهم فطراً (¬2). رواه أحمد والترمذي وحسنه، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما. 4 - وروي عنْ يعْلي بن مرَّةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يحبُّها الله عزَّ وجلَّ (¬3): تعجيل الإفطار، وتأخير السُّحور، وضرْبُ اليدينِ إحداهما على الأخرى في الصلاة. رواه الطبراني في الأوسط. 5 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال الدِّين ظاهراً ما عجَّل النَّاس الفطر (¬4) لأن اليهود والنصارى يؤخرون. رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، وعند ابن ماجه: لا يزال النَّاس بخيرٍ. 6 - وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه ¬
الترغيب في الفطر على التمر فإن لم يجد فعلى الماء
وسلم قطُّ صلَّى صلاة المغربِ حتى يفطرَ، ولوْ على شربةٍ منْ ماء (¬1). رواه أبو يعلي وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما. (الترغيب في الفطر على التمر، فإن لم يجد فعلى الماء) 1 - عنْ سلمان بن عامرٍ الضَّبيِّ رضي الله عنهُ عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ¬
إذا أفطر أحدكمْ فلْيُفْطرْ على تمرٍ فإنَّه بركة (¬1)، فإنْ لم يجد تمراً فالماء، فإنَّهُ طهور (¬2). رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. 2 - وعنْ أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطرُ قبلَ أنْ يصلِّي على رطباتٍ (¬3)، فإنْ لمْ تكنْ رطبات فتمراتٌ (¬4)، فإنْ لمْ تكنْ حسا حسواتٍ من ماء (¬5). رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن. 3 - ورواه أبو يعلي قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يحبُّ أن يفطر على ثلاث تمراتٍ، أو شيء لمْ تصبهُ النَّار (¬6). ¬
4 - وعنهُ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ وجد ثمراً فليفطر عليهِ، ومنْ لم يجد فليفطر على الماء، فإنَّه طهور. رواه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما ¬
الترغيب في إطعام الطعام
الترغيب في إطعام الطعام 1 - عنْ زيد بن خالدٍ الجهنيِّ رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: من فطَّرَ صائماً كان له مثْلُ أجرهِ غير أنَّه لا ينقص من أجرِ الصَّائمِ شيء (¬1). رواه الترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، وقال الترمذي: حديث صحيح. ولفظ ابن خزيمة والنسائي: من جهَّز (¬2) غازياً، أوْ جهَّز حاجًّا (¬3)، أو خلفهُ (¬4) في أهْلهِ، أو فطَّر صائماً كان له مثل أجورهمْ من غير أن ينقص من أجورهم شيء. 2 - وروي عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فطَّر صائماً على طعام وشرابٍ من حلالٍ صلَّتْ عليه الملائكة (¬5) في ساعات شهر رمضان وصلَّى عليه جبرائيل (¬6) ليلة القدر. رواه الطبراني في الكبير، وأبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب إلا أنه قال: وصافحهُ جبْرائيل ليلة القدرِ. وزاد فيه: ومنْ صافحهُ جبرائيل عليه السَّلام يرقُّ قلْبُهُ (¬7)، وتكثُرُ دموعهُ (¬8) قال: فقلتُ يا رسول الله: أفرأيت منْ لمْ يكن عندهُ؟ قال: فقبضةٌ من طعامٍ. قُلْتُ: ¬
ترغيب الصائم في أكل المفطرين عنده
أفرّايت إنْ لمْ يكنْ عندهُ لقمةُ خبزٍ؟ قال: فمذْقةٌ من لبنٍ. قال: أفرأيت إنْ لم يكُنْ عنده؟ قال: فشربة من ماء. (القبصة) بالصاد المهملة: هو ما يتناوله الآخذ بأنامله الثلاث. وتقدم حديث سلمان الذي رواه ابن خزيمة في صحيحه، وفيه: من فطرَّ فيه صائماً، يعني في رمضان، كان مغفرةً لذنوبه، وعتق رقبة من النَّار، وكان له مثل أجرهِ من غير أن ينقص من أجره شيء. قالوا: ليْسَ كلُّنا يجد ما يُفطِّر الصَّائم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُعطي الله هذا الثَّواب من فطَّرَ صائماً على تمرةٍ، أوْ شربةِ ماءٍ، أوْ مذْقهِ لبن (¬1) الحديث. (ترغيب الصائم في أكل المفطرين عنده) 1 - عن أمِّ عمارة الانصاريَّةِ رضي الله عنها: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقدَّمت إليه طعاماً، فقال: كلى، فقالتْ: إنِّي صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الصائم تُصَلِّي عليه الملائكة (¬2) إذا أكل عنده حتى يفرغوا، وربَّما قال: حتى يشبعوا: رواه الترمذي واللفظ له، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، وقال الترمذيّ: حديث حسن صحيح. وفي رواية للترمذيِّ: الصَّائم إذا أكل عنده المفاطير صلَّتْ عليه الملائكة. 2 - وعنْ سليمان بن بريدة رضي الله عنه عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: الغداء يا بلال (¬3)؟ فقال: إنِّي صائمٌ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نأكل أرْزاقنا، وفضْل رزق بلال في الجنَّة (¬4) شعرْت (¬5) يا بلالُ أنَّ الصَّائم تسبِّح عظامه (¬6)، وتستغفر له الملائكة ما أكل عنده (¬7). رواه ابن ماجه والبيهقي. ¬
ترهيب الصائم من الغيبة والفحش والكذب ونحو ذلك
كِلَاهُمَا من رِوَايَة بَقِيَّة حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن سُلَيْمَان، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن هَذَا مَجْهُول وَبَقِيَّة: مُدَلّس، وتصريحه بِالتَّحْدِيثِ لَا يُفِيد مَعَ الْجَهَالَة وَالله أعلم
رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وعنده: منْ لمْ يدعْ قوْلَ الزُّور والجهل (¬1) والعمل به، وهو رواية للنسائي. ورواه الطبراني في الصغير والأوسط من حديث أنس بن مالك، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ لم يدع الخنا والكذب (¬2) فلا حاجة لله أن يدع طعامه وشرابه. 2 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عزَّ وجلَّ: كلُّ عمل ابن آدم إلا الصِّيام فإليَّ، وأنا أجزي به، والصِّيام جنَّة، فإذا كان يوم صوم أحدكمْ فلا يرفث (¬3)، ولا يصخب (¬4)، فإنْ سابَّه أحد (¬5) أو قاتله فليقلْ: إني صائم إنِّي صائم (¬6)، الحديث. رواه البخاري، واللفظ له، ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وتقدم بطرقه، وذكر غريبه في الصيام. 3 - وعنْ أبي عبيدة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الصِّيام جنَّة (¬7) ما لمْ يخرقْها. رواه النسائي بإسناد حسن، وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة. وزاد: قيل وبم يخرقها؟ قال: بكذبٍ، أوْ غيبةٍ. 4 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
ليْسَ الصيام من الأكل والشُّرب، إنَّما الصيام من اللغْوِ (¬1) والرَّفثِ، فإنْ سابَّك أحدٌ، أوْ جهل عليك (¬2)، فقلْ: إني صائم. إنِّي صائم. رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 5 - وفي رواية لابن خزيمة عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تُساب، وأنت صائم، فإنْ سابَّك أحد، فقلْ: إنِّي صائم، وإنْ كُنْتَ قائماً فاجْلسْ. 6 - وعنْهُ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ربَّ (¬3) صائمٍ ليْسَ له من صيامهِ إلا الجوعُ، وربَّ قائمٍ ليْسِ له من قيامهِ إلا السَّهَرُ. رواه ابن ماجه واللفظ له، والنسائي وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاريَّ، ولفظهما: ربَّ صائمٍ حظُّهُ من صيامهِ الجوع والعطشُ، وربَّ قائمٍ حظُّ من قيامه السَّهرُ. ورواه البيهقي، ولفظه: ربَّ قائمٍ حظُّه من القيام السَّهر، وربَّ صائمٍ حظُّهُ من الصِّيام الجوعُ والعطش. 7 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ربَّ صائمٍ حظُّه من صيامهِ الجوع والعطش، وربَّ قائمٍ حظُّه من قيامهِ السَّهر. رواه الطبرانيُّ في الكبير، وإسناده لا بأس به. 8 - وعنْ عبيدٍ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنَّ امرأتين صامتا، وأنَّ رجلاً قال: يا رسول الله إنَّ هاهنا امرأتين قد صامتا، وإنَّهما قد كادتا أن تموتا من العطشٍ، فأعرض عنه، أو سكت، ثمَّ عاد، وأراه. قال: بالهاجرة. قال: يا بنيَّ الله إنَّهما، والله قد ماتتا، أو كادتا أن تموتا؟ قال: ادعهما. قال: فجاءنا. قال فجيء بقدحٍ أو عسٍّ، فقال: لإحداهما: قيء فقاءتْ قيحاً ودماً وصديداً ولحماً حتى ملأت نصفَ ¬
الترغيب في الاعتكاف
القَدحِ، ممَّ قال للأخرى: قييء فقاءتْ من قيحٍ وردمٍ وصديدٍ ولحمٍ عبيطٍ وغيره حتى ملأت القدح، ثمَّ قال: إنَّ هاتين صامتا عمَّا أحلَّ الله لهما، وأفطرنا على ما حرم الله عليهما جلستْ إحْداهما إلى لأخرى فجعلتا تأكلان من لحوم النَّاس (¬1). رواه أحمد واللفظ له، وابن أبي الدنيا، وأبو يعلي، كلهم عن رجل لم يسمّ عن عبيد، ورواه أبو داود الطيالسي، وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة، والبيهقي من حديث أنس، ويأتي في الغيبة إن شاء الله. (العُس) بضم العين، وتشديد السين المهملتين: هو القدح العظيم. (والعبيط) بفتح العين المهملة بعدها باء موحدة ثم ياء مثناة تحت، وطاء مهملة: هو الطرئ. (الترغيب في الاعتكاف) 1 - روي عنْ عليِّ بن حسينٍ عن أبيه رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منِ اعتكفَ (¬2) عشر في رمضان كان (¬3) كحجَّتين وعمرتين. رواه البيهقي. 2 - وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّه كان معتكفاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجلٌ فسلَّم عليه ثم جلس، فقال له ابن عبَّاسٍ يا فلان: أراك مكتئباً (¬4) حزيناً؟ قال: نعمْ يا ابن عمِّ رسول الله، لفلانٍ عليَّ حقُّ ولاء (¬5)، وحرمةِ صاحب (¬6) هذا القبر ما أقدر عليه. قال ابن عباسٍ: ¬
الترغيب في صدقة الفطر وبيان تأكيدها
أفلا أكلِّمهُ (¬1) فيك، فقال إنْ أحْببْتَ؟ قال: فانْتَعلَ (¬2) ابن عبَّاس، ثمَّ خرج منْ المسجد. فقال له الرَّجل: أنسيت ما كُنْتَ فيه؟ قال: لا ولكني سمعت صاحب هذا القبْرِ صلى الله عليه وسلم، والعهد به قريب فدمعتْ عيناه، وهو يقول: من مشي في حاجةِ أخيه (¬3)، وبلغ فيها كان خيراً لهُ من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكفَ يوماً ابتغاءَ وجه الله تعالى جعل الله بينهُ وبين النَّار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين (¬4). رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي واللفظ له، والحاكم مختصرا، وقال: صحيح الإسناد كذا قال. (قال الحافظ): وأحاديث اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم مشهورة في الصحاح وغيرها ليست من شرط كتابنا. (الترغيب في صدقة الفطر وبيان تأكيدها) 1 - عنِ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
صدقةً الفطْرِ (¬1) طهرةً للصَّائم (¬2) من اللغْو (¬3) والرَّفثِ (¬4) وطُعْمة للمساكين (¬5)، فمنْ أدَّاها قبل الصلاة (¬6)، فهي زكاة مقبولة، ومنْ أدَّاها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصَّدقة. رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري. (قال الخطابي) رحمه الله: قوله فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، فيه بيان: أن صدقة الفطر فرض واجب كافتراض الزكاة الواجبة في الأموال، وفيه بيان أن ما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما فرض الله لأن طاعته صادرة من طاعة الله، وقد قال بفريضة زكاة الفطر ووجوبها عامة أهل العلم، وقد عللت بأنها طهرة للصائم من الرَّفث واللغو، فهي واجبة على كل صائم غني ذي جدة، أو فقير يجدها فضلا عن قوته إذا كان وجوبها لعلة التطهير، وكل الصائمين محتاجون إليها، فإذا اشتركوا في العلة اشتركوا في الوجوب انتهى، وقال الحافظ أبو بكر بن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن صدقة الفطر فرض وممن حفظنا ذلك عنه من أهل العلم محمد بن سيرين، وأبو العالية، والضحاك، وعطاء، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وقال إسحاق: هو كالاجماع من أهل العلم انتهى. 2 - وعنْ عبد الله بن ثعلبة، أو ثعْلبةَ بن عبد الله بن أبي صُعيْرٍ عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صاعٌ منْ برٍ أوْ قمحٍ على كلِّ (¬7) صغيرٍ أوْ كبير، حرّ أوْ عبدٍ، ذكرٍ أوْ أنثى، غنيّ أو فقيرٍ، أمَّا غنيُّكمْ فيزكِّيهِ الله، وأما فقيركمْ فيردُّ الله عليه أكثر مما أعطى. رواه أحمد وأبو داود. (صعير) هو بالعين المهملة مصغرا. 3 - وعنْ جرير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صومُ ¬
كتاب العيدين والأضحية
شهْرِ رمضان مُعلَّق بين السَّماء والأرض، ولا يرْفعُ إلا بزكاة الفطر. رواه أبو حفص ابن شاهين في فضائل رمضان، وقال: حديث غريب حيد الإسناد. 4 - وعنْ كثير بن عبد الله المزنِّي رضي الله عنه عنْ أبيه عن جدِّهِ قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: قدْ أفْلحَ منْ تركِّي وذكر اسم ربَّهِ فصلى. قال: أنزلت في زكاة الفطر. رواه ابن خزيمة في صحيحه. (قال الحافظ): كثير بن عبد الله واهٍ. (كتاب العيدين والأضحية) الترغيب في إحياء ليلتي العيدين 1 - عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَامَ لَيْلَتي الْعِيدَيْنِ (¬1) محتسبا (¬2) لم يمت قلبه يَوْم تَمُوت الْقُلُوب (¬3) رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا أَن بَقِيَّة مُدَلّس وَقد عنعنه 2 - وَرُوِيَ عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَحْيَا (¬4) اللَّيَالِي الْخمس وَجَبت لَهُ الْجنَّة: لَيْلَة التَّرويَة (¬5) وَلَيْلَة عَرَفَة وَلَيْلَة النَّحْر وَلَيْلَة الْفطر وَلَيْلَة النّصْف من شعْبَان رَوَاهُ الْأَصْبَهَانِيّ ¬
الترغيب في التكبير في العيد وذكر فضله
3 - وَرُوِيَ عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أَحْيَا لَيْلَة الْفطر وَلَيْلَة الْأَضْحَى لم يمت قلبه يَوْم تَمُوت الْقُلُوب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْكَبِير الترغيب في التكبير في العيد وذكر فضله 1 - عنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زيِّنُوا أعيادكمْ بالتكبير (¬1). رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه نكارة. 2 - وعنْ سعد بن أوسٍ الأنصاري عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبوابِ الطُّرق فنادوْا: اغدوا يا معشر المسلمين (¬2) إلى ربِّ كريمٍ يمنُّ بالخير (¬3)، ثمَّ يُثِيب (¬4) عليه الجزيلَ لقدْ أمرْتُمْ بقيام الليل فقمتُمْ، وأمرْتم بصيام النَّهار فصمتمْ، وأطعتمْ ربِّكمْ فاقبضوا جوائزكم (¬5)، فإذا صلوا نادى منادٍ: ألا إنَّ ربَّكمْ قد غفر لكمْ فارجعوا راشدين إلى رحالكمْ فهو يوم الجائزة (¬6)، ويُسمَّى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة. رواه الطبراني في الكبير من رواية جابر الجعفي. وتقدَّم في الصِّيام ما يشهدُ له. الترغيب في الأضحية، وما جاء فيمن لم يضح مع القدرة، ومن باع جلد أضحيته 1 - عنْ عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما عمل آدميٌّ منْ عملٍ يومَ النَّحر أحبَّ إلى الله منْ إهراق الدَّم (¬7)، وإنَّه لتأتي يوم القيامة في فرشهِ بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدَّم ليقع من الله بمكانٍ قبل أن يقع من الأرض ¬
فطيبوا بها نفساً. رواه ابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن غريب، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. (قال الحافظ): رووه من طريق أبي المثنى، واسمه سليمان بن يزيد عن هشام بن عروة عن أبيه عنها، وسلمان واهٍ، وقد وثق. قال الترمذي: ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: الأضحية لصاحبها بكلِّ شعْرةٍ حسنة. وهذا الحديث الذي أشار إليه الترمذي رواه ابن ماجه والحاكم، وغيرهما كلهم عن عائذ الله عن أبي داود عن زيد بن أرقم قال: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ما هذه الأضاحي؟ قال: سُنَّة أبيكمْ إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه. قالوا: فمالنا فيها يا رسول الله؟ قال: بكلِّ شعرةٍ من الصُّوف حسنة. قالوا: فالصُّوف قال: بكلِّ شعرةٍ من الصُّوف حسنة، وقال الحاكم صحيح الإسناد. (قال الحافظ): بل واهية. عائذ الله: هو المجاشعي، وأبو داود: هو نفيع بن الحارث الأعمى، وكلاهما ساقط. 2 - وعنِ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في يوم أحْحى: ما عمل آدميُّ في هذا اليوم أفضل من دمٍ يُهراق إلا أن يكون رحماً توصل (¬1) رواه الطبراني في الكبير، وفي إسناده يحيى بن الحسن الخشني لا يحضرني حاله. 3 - وعنْ أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا فاطمة قومي إلى أضحيتكِ فاشهديها، فإنَّ لك بأوَّل قطرةٍ تقطرُ من دمها أنْ يُغفر لك ما سلفَ منْ ذنوبكِ، قالتْ: يا رسول الله ألنا خاصة أهل البيت، أوْ لنا وللمسلمينِ؟ قال: بل لنا وللمسلمين. رواه البزار، وأبو الشيخ بن حبان في كتاب الضحايا وغيره، وفي إسناده: عطية بن قيس وثق وفيه كلام. ورواه أبو القاسم الأصبهاني عن عليّ ولفظه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا فاطمة قومي فاشهدي أحضيتك، فإنَّ لك بأوَّل قطرةٍ تقطرُ من دمها مغفرةً لكلِّ ذنبٍ، أما إنه يجاء بلحمها ودمها توضع في ميزانكِ سبعين ضعفاً. قال أبو سعيدٍ: يا رسول الله هذا لآل محمدٍ خاصَّة، فإنَّهم أهل لما خصُّوا ¬
به من الخيرِ، أو للمسلمين عامَّة؟ قال: لآل محمَّدٍ خاصةً، وللمسلمين عامةً، وقدْ حسن بعض مشايخنا على هذا، والله أعْلمُ. 4 - وروي عن عليَّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس ضحُّوا (¬1) واحتسبوا (¬2) بدمائها، فإن الدَّم وإنْ وقع في (¬3) الأرض، فإنَّه يقع حرْز الله عزَّ وجلَّ رواه الطبراني في الأوسط. 5 - وروي عن حسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ ضحَّحى طيِّبة نفسه محتسبا لأضحيته كانت له حجاباً من النَّار (¬4). رواه الطبراني في الكبير. 6 - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنفقت الورقُ (¬5) في شيء أحبَّ إلى الله من نحر ينْحرُ في يوم عيدٍ. رواه الطبراني في الكبير والأصبهاني. 7 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيرُ الأضحية الكبشُ، وخيرُ الكفن الحلَّةُ: رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه إلا أنه قال: الكبْشُ الأقرنُ. رووه كلهم من رواية عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة. وقال الترمذي: حديث غريب. (قال الحافظ): عفير واهٍ. 8 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وجد سعةً لأن يضحِّي فلم يضحِّ: فلا يحضر مُصلانا (¬6). رواه الحاكم مرفوعا هكذا، وصححه، وموقوفا ولعله أشبه. 9 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
الترهيب من المثلة بالحيوان ومن قتله لغير الأكل، وما جاء في الأمر بتحسين القتلة والذبحة
منْ باع جلد أضْحيتهِ فلا أضحية له (¬1) رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. قال الحافظ: في إسناده ع بدالله بن عياش القتباني المصري مختلف فيه، وقد جاء في غير ما حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع جلد الأضحية. (الترهيب من المثلة بالحيوان ومن قتله لغير الأكل) وما جاء في الأمر بتحسين القتلة والذبحة عنْ شداد بن أوْس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ الله كتب الإحسان على كلِّ شيءٍ، فإذا قتلتمْ فأحسنوا القتلةَ، وإذا ذبحتمْ فأحسنوا الذِّبحة، ولْيُحدَّ أحدكمْ شفرتهُ (¬2) وليرح ذبيحته (¬3). رواه مسلم، وأبو داود والنسائي وابن ماجه. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجلٍ واضعٍ رجلهُ على صفْحةِ شاةٍ، وهو يحدُّ شفْرتهُ، وهي تلحظ إليه ببصرها قال: أفلا قبْل هذا؟ أو تريد أن تميتها موْتتين (¬4). رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجا ¬
رجال الصحيح، ورواه الحاكم إلا أنه قال: ¬
أتريد أنْ تميتها موْتاتٍ (¬1) هلا أحْددْتَ شفرتكَ قبل أن تضْجعها، وقال: صحيح على شرط البخاري. 3 - وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بحدِّ الشِّفار. وأن توارى عن البهائم (¬2)، وقال: إذا ذبح أحدكم فلْيجْهزْ رواه ابن ماجه. (الشفار) جمع شفرة: وهي السكين، وقوله: فليجهز، هو بضم الياء، وسكون الجيم وكسر الهاء، وآخره زاي: أي فليسرع ذبحها ويتمه. 4 - وعنِ ابن عمر أيضاً رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ إنسانٍ يقتلُ عصفوراً، فما فوقها بغير حقِّها إلا يسْأله الله عزَّ وجلَّ عنهما. قيل يا رسول الله وما حقُّها؟ قال: أن يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها، ويرمي بها (¬3) رواه النسائي والحاكم وصححه. 5 - وعنِ الشَّرِّيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ قتلَ عصفوراً عبثاً (¬4) عجَّ (¬5) إلى يوم القيامة يقول: يا ربِّ إنَّ فلاناً ¬
قتلني عبثاً ولمْ يقْتُلني منفعةً (¬1). رواه النسائي وابن حبان في صحيحه. 6 - وعن ابن سيرين أنَّ عمر رضي الله عنه رأى رجلاً يسْحَبُ شاةً برجلها ليذْبحها، فقال له: ويْلك (¬2) قدْها (¬3) إلى الموت قوْداً جميلاً. رواه عبد الرزاق في كتابه موقوفاً. 7 - ورواه أيضاً مرفوعاً عن محمد بن راشد عن الوضين بن عطاء قال: إنَّ جزَّاراً فتح باباً على شاةٍ ليذبحها فانفلتتْ منه حتى جاءت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فاتَّبعها فأخذها يسْحبها برجلها، فقال لها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: اصبري لأمرْ الله، وأنت يا جزَّار فسقها سوقاً رفيقاً (¬4) وهذا مُعْضل، والوضين فيه كلام. 8 - وعنْ أبي صالحٍ الحنفيِّ عنْ رجلٍ من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم رآه ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مثَّلَ (¬5) بذي روحٍ، ثمَّ لمْ يتبْ مثَّل الله به يوم القيامة (¬6). رواه أحمد ورواته ثقات مشهورون. 9 - وعن ما لك بن نضلة رضي الله عنه قال: أتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: هل تنتجُ (¬7) إبل قوْمك صحاحاً فتعمدُ إلى المرسى فتقطع آذانها، وتشقُّ جلودها وتقول هذه صرْم فتحرِّمها عليك، وعلى أهلك؟ قلتُ: نعم. قال: فكلُّ ما آتاك الله حلٌّ، ساعد الله أشدُّ من ساعدك (¬8)، وموسى (¬9) الله أشدُّ من موساك. رواه ابن حبان. ¬
في صحيحه، وسيأتي في باب الشفقة والرحمة إن شاء الله. ¬
(الصرم) بضم الصاد المهملة، وسكون الراء: جمع الصريم وهو الذي صرم منه: أي قطع. ¬
كتاب الحج
كتاب الحج الترغيب في الحج والعمرة وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ العملِ أفضل (¬1)؟ قال: إيمانٌ بالله ورسولهِ (¬2). قيل: ثمَّ ماذا؟ قال: الجهاد في سبيلِ الله (¬3). قيل: ثمَّ ماذا؟ قال حجٌ مبرورٌ. رواه البخاريّ ومسلم. ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضلُ الأعمالِ عندَ الله تعالى إيمانٌ لا شكَّ فيه، وغزوٌ لا غلول فيهِ (¬4)، وحجٌّ مبرورٌ. قال أبو هريرة: حجَّة تُكفِّرُ خطايا سنةٍ. (المبرور): قيل هو الذي لا يقع فيه معصية، وقد جاء من حديث جابر مرفوعا: إنَّ برَّ الحجِّ: إطعام الطَّعام، وطيب الكلام، وعندَ بعضهمْ: إطعام الطَّعام، وإفشاء السلام. وسيأتي. ¬
2 - وعنْهُ رضي الله عنه قال: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ حجَّ، فلمْ يرفثْ، ولم يفسُقْ رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمُّهُ. رواه البخاري ومسلم والنسائي، وابن ماجه والترمذي إلا أنه قال: غُفر له ما تقدَّم من ذنبهِ. (الرَّفث) بفتح الراء والفاء جميعا. روي عن ابن عباس أنه قال: الرفث: ما روجع به النساء. وقال الأزهري: الرّفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة. (قال الحافظ) الرّفث: يطلق ويراد به الجماع، ويلق ويراد به الفحش، ويطلب ويراد به خطاب الرجل المرأة فيما يتعلق بالجماع، وقد نقل في معنى الحديث كل واحد من هذه الثلاثة عن جماعة من العلماء، والله أعلم. 3 - وعنْهُ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العمْرةُ إلى العمرة كفَّارة لما بينهما، والحجُّ المبرور ليْس له جزاء إلا الجنة. رواه مالك والبخاريّ ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه والأصبهاني. وزاد: وما سبَّح منْ تسْبيحةٍ، ولا هلَّل من تهْليلةٍ، ولا كبَّر منْ تكبيرةٍ إلا بشِّرَ بها تبشيرةً. 4 - وعن ابن شمَّاسة رضي الله عنه قال: حضرنا عمرو بن العاص، وهو في سياقه الموْت فبكى طويلاً، وقال: فلمَّا جعل الله الإسلام في قلْبي أتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ يا رسول الله: ابْسُطْ يمينك لأبايعك فبسط يده فقبضتُ يدي، فقال: مالك يا عمرو؟ قال أردت أن أشترط. قال: تشترط ماذا؟ قال: أن يغفر لي. قال: أما علمْتَ يا عمرو أنَّ الإسلام يهدم ما كان قبله، وأنَّ الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأنَّ الحجَّ يهدم ما كان قبله (¬1). رواه ابن خزيمة في صحيحه هكذا مختصراً، ورواه مسلم وغيره أطول منه. ¬
5 - وعن الحسن (¬1) بن عليٍّ رضي الله عنهما قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنِّي جبانٌ، وإنِّي ضعيفٌ، فقال: هلمَّ إلى جهادٍ لا شوْكة فيه: الحجُّ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورواته ثقات، وأخرجه عبد الرازق أيضاً. 6 - وعنْ عائشة رضي الله عنها، قالتْ: قُلْتُ يا رسول الله: نرى الجهاد أفضلَ الأعمال أفلا نجاهد؟ فقال: لكنَّ أفضل الجهاد حجٌّ مبرور (¬2). رواه البخاري وغيره وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه قالت: قُلْتُ: يا رسول الله هلْ على النساء من جهادٍ؟ قال: عليهنَّ جهاد لا قتال فيه، الحجُّ العمرةُ. 7 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جهادُ الكبير والضَّعيف والمرأة: الحجُّ والعمرة. رواه النسائي بإسناد حسن. 8 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في سؤال جبرائيل عليه السَّلام إيَّاه عن الإسلام؟ فقال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزَّكاة، وتحجَّ، وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وأنْ تُتِمَّ الوضوء، وتصوم رمضان. قال: فإذا فعلتُ ذلك فأنا مسلم؟ قال: نعمْ. قال: صدقْتَ. رواه ابن خزيمة في صحيحه، وهو في الصحيحين وغيرهما بغير هذا السياق. وتقدم في كتاب الصلاة والزكاة أحاديث كثيرة تدل على فضل الحج، والترغيب فيه وتأكيد وجوبه لم نعدّها لكثرتها فليراجعها من أراد شيئاً من ذلك. 9 - وعنْ أمِّ سلمة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحجُّ جهاد كلِّ ضعيفٍ. رواه ابن ماجه عن أبي جعفر عنها. 10 - وعنْ عمرو بن عبسةً رضي الله عنه قال: قال رجلٌ يا رسول الله: ما الإسلام؟ قال: أن يُسْلمَ لله قلبكَ، وأنْ يسلمَ المسلمون من لسانك ويدك، قال: فأيُّ الإسلام أفضل؟ قال: الإيمان. قال: وما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكتهِ ¬
وكُتُبهِ ورسلهِ والبعثِ بعد الموت. قال: فأيُّ الإيمان أفضل؟ قال: الهجرة. قال: وما الهجرة؟ قال: أن تهجر السُّوء. قال: فأيُّ الهجرة أفضل؟ قال: الجهاد. قال: وما الجهاد؟ قال أن تقاتل الكفَّار إذا لقيتهم. قال: فأيُّ الجهاد أفضل؟ قال: منْ عقر جواده وأهريق دمه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثمَّ عملان هما أفضل الأعمال إلا منْ عمل بمثلهما: حجَّة مبرورة، أو عمرة مبرورة. رواه أحمد بإسناد صحيح، ورواته محتج بهم في الصحيح والطبراني وغيره، ورواه البيهقي عن أبي قلابة عن رجل من أهل الشام عن أبيه. 11 - وعنْ ماعزٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: برَّة تفضل سائر الأعمال كما بين مطلع الشَّمس إلى مغربها. رواه أحمد والطبرانيّ، ورواة أحمد إلى ماعز رواة الصحيح، وما عز هذا: صحابي مشهور غريب منسوب. 12 - وعنْ جابر رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: الحجُّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنَّة. قيل: وما برُّه؟ قال: إطعام الطعام، وطيب الكلام. رواه أحمد والطبراني في الأوسط بإسناد حسن، وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي والحاكم مختصراً وقال: صحيح الإسناد. وفي رواية لأحمد والبيهقيّ: إطعام الطَّعام، وإفْشاء السَّلام. 13 - وعنْ عبد الله، يعني ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحجِّ والعمرة (¬1)، فإنَّهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير (¬2) خبث الحديد والذَّهب والفضَّة (¬3)، وليس للحجَّة المبرورة ثواب إلا الجنَّة. رواه الترمذيّ وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، ورواه ابن ماجه والبيهقي من حديث عمر، وليس عندهما: والذَّهب إلى آخره. وعند البيهقي: ¬
فإنَّ متابعةً بينهما يزيدان في الأجل، وينفيان الفقر والذُّنوبَ كما ينفي الكير الخبيث. 14 - وروي عن عبد الله بن جرادٍ الصَّحابي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حجُّوا (¬1)، فإنَّ الحجَّ يغسل الذنوب كما يغسل الماء الدَّرن (¬2). رواه الطبراني في الأوسط. 15 - وعنْ أبي موسى رضي الله عنه، رفعه إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: الحاجُّ يشفعُ في أربعمائةٍ من أهل بيتٍ (¬3)، أو قال: من أهل بيتهِ، ويخرج منْ ذنوبهِ كيومَ ولدته أمُّهُ. رواه البزار، وفيه راوٍ لم يستم. 16 - وعنِ ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ما ترفعُ إبل الحاجِّ رجلاً، ولا تضع يداً إلا كتب الله له بها حسنةً، أوْ محا عنْهُ سيئةً، أوْ رفع بها درجةً رواه البيهقي وابن حبان في صحيحه في حديث يأتي إن شاء الله. 17 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: من جاء يومُّ البيت الحرام فركب بعيره فما يرفع البعير خُفًّا، ولا يضع خفًّ إلا كتب الله له بها حسنةً، وحطَّ عنه بها خطيئةً، ورفع له بها درجةً حتى إذا انتهى إلى البيت فطاف وطاف بين الصَّفا والمروة، ثمَّ حلق، أو قصَّر إلا خرج منْ ذنوبه كيوم ولدته أمُّهُ فهلمَّ نستأنف العمل فذكر الحديث، رواه البيهقي. 18 - وعنْ زاذان رضي الله عنه قال: مرض ابن عبَّاس مرضاً شديدا، فدعا ولده فجمعهم فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حجَّ من مكَّة ماشياً (¬4) حتى يرجع إلى مكة كتب الله له بكلِّ خطوة سبعمائة حسنةٍ، كلُّ حسنة مثل حسنات الحرم. قيل له: وما حسنات الحرم؟ قال: بكلِّ حسنةٍ مائة ألف حسنةٍ. رواه ¬
ابن خزيمة في صحيحه والحاكم كلاهما من رواية عيسى بن سوادة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وقال ابن خزيمة: إن صحّ الخبر، فإن في القلب من عيسى بن سوادة. (قال الحافظ) قال البخاريّ: هو منكر الحديث. 19 - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ آدم عليه السَّلام أتى البيت ألف أتيةٍ لمْ يرْكب قطُّ فيهنَّ من الهند على رجليهِ (¬1). رواه ابن خزيمة في صحيحه أيضاً، وقال: في القلب من القاسم بن عبد الرحمن. (قال الحافظ): القاسم هذا واهٍ. 20 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحجَّاج والعمَّارُ: وفد الله دعاهمْ فأجابوه، وسألوه فأعطاهم. رواه البزار، ورواته ثقات. 21 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: الغازي في سبيل الله، والحاجُّ والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهمْ. رواه ابن ماجه واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، كلاهما من رواية عمران بن عيينة عن عطاء بن السائب. 22 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحجَّاج والعمَّار وفد الله، إنْ دعوهُ أجابهمْ، وإن استغفروه غفر لهمْ. رواه النسائي وابن ماجاه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، ولفظهما قال: وفد الله ثلاثة: الحاجُّ، والمعتمر، والغازي. وقدّم ابن خزيمة: الغازي. 23 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يغفرُ للحاجِّ، ولمن استغفر له الحاجُّ. رواه البزار والطبراني في الصغير، وابن خزيمة في صحيحه والحاكم، ولفظها قال: اللهمَّ اغفرْ للحاجِّ، ولمن استغفر له الحاجُّ (2)، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، قال مسلم. (قال الحافظ): في إسناده شريك القاضي، ولم يخرِّج له مسلم إلا في المتابعات، ويأتي الكلام عليه إن شاء الله. ¬
24 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استمتعوا بهذا البيت (¬1) فقد هدم مرَّتينِ، ويرفعُ في الثَّالثةِ. رواه البزار والطبراني في الكبير، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، والحاكم، وقال صحيح الإسناد. قال ابن خزيمة قوله: ويرفع في الثالثة، يريد بعد الثالثة. 25 - وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لما أهبط الله آدم عليهِ السلام من الجنَّة قال: إنِّي مُهْبط معك بيتاً، أو منزلاً يطاف حوله كما يطاف حول عرشي، ويصلي عنده كما يصلي عند عرشي، فلمَّا كان زمن الطوفان رفع، وكان الأنبياء يحجُّونه، ولا يعْلمون مكانه فبوَّأه لإبراهيم عليه الصلاة والسلام فبناه من خمسة أجبلٍ: حراء، وثبير، ولبنان، وجبل الطُّورِ (¬2)، وجبل الخير، فتمتَّعوا منه ما استطعتم (¬3). رواه الطبراني في الكبير موقوفاً، ورجال إسناده رجال الصحيح. 26 - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعجَّلوا إلى الحجِّ (¬4)، يعني الفريضة، فإنْ أحدكمْ لا يدري ما يعرض له. رواه أبو القاسم الأصبهاني. 27 - وروي عنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أوْحي الله تعالى آدم عليه السلام: أن يا آدم، حجَّ هذا البيت قبل أن يحدث بك حدث الموتِ. قال: وما يحدث عليَّ يا ربهَ؟ قال: مالا تدري وهو الموْت. قال: وما الموت؟ قال: سوف تذوق. قال: ومن أستخلفُ في أهلي؟ قال: اعرضْ ذلك على السَّموات والأرض والجبال، فعرض ذلك على السَّموات فأبت، وعرض على الأرض فأبتْ، وعرض على الجبالِ فأبت، وقبله ابنه قاتل أخيه، فخرج آدم عليه السلام: من أرض الهندِ حاجًّا، فما نزل منزلاً أكل فيه وشرب إلا صار عمراناً بعده وقرى ¬
حتى قدم مكَّة فاستبلته الملائكة، فقالوا: السلام عليك يا آدم برَّ حجُّك، أما إنَّا قدْ حجبنا هذا البيت قبلك بألفي عامٍ. قال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والبيت يومئذ ياقوتة حمراء جوفاء لها بابان من يطوف يرى منْ في جوف البيت، ومنْ في جوفِ البيتِ يرى من يطوف، فقضى آدم نسكه، فأوحى الله تعالى إليه يا آدم قضيتَ نسكك؟ قال: نعم يا ربِّ. قال: فسلْ حاجتك تعط؟ قال: جلُّ حاجتي: أتغفر لي ذنوبي وذنب ولدي، قال أمَّا ذنبك يا آدم فقد غ فرنا حين وقعت بذنبك، وأمَّا ذنب ولدك، فمن عرفني، وآمن بي، وصدَّق رُسلي وكتابي غفرنا له ذنبه. رواه الأصبهاني أيضاً. 28 - وروي عنْ أبي جعفر مُحمَّد بن عليٍّ عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ عبدٍ ولا أمةٍ يضنَّ بنفقةٍ ينفقها فيما يرضي الله إلا أنفق أضعافها فيما يسْخط الله، وما من عبدٍ يدع الحجَّ لحاجٍ منْ حوائج الدنيا إلا رأي المخلفين (¬1) قبل أن يقضي تلك الحاجة (¬2) يعني حجَّة الإسلام، وما من عبدٍ يدع المثْنى في حاجة أخيه المسلمِ قضيتْ أوْ لمْ تُفْضَ إلا ابتلي بمعونة من يأثم عليه، ولا يؤجر فيه. رواه الأصبهاني أيضاً، وفيه نكارة. (يضنُّ) بالضاد المعجمة: أي يبخل، ويشحّ. 29 - وروي عنْ جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الكعبة لها لسان وشفتان، ولقد اشتكتْ فقالتْ: يا ربِّ قلَّ عوَّادي، وقلَّ زوَّاري، فأوْحى الله عزَّ وجلَّ: إنِّي خالق بشراً خشعاً سُجداً يحنُّون إليك كما تحنُّ الحمامة إلى بيضها. رواه الطبراني في الأوسط. 30 - وروي عنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ دواوَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: إلهي ما لعبادك عليك إذا همْ زاروك في بيتك؟ ¬
قال: لكلِّ زائرٍ حقٌّ على المزورِ (¬1) حقا يا داود إنَّ لهمْ علىَّ أن أعافيهم (¬2) في الدنيا، وأغفر لهمْ إذا لقيتهمْ. رواه الطبراني في الأوسط أيضاً. 31 - وروي عن سهل بن سعدٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما راح (¬3) مسلم في سبيل الله مجاهداً (¬4)، أوْ حاجا مهلاً (¬5)، أو ملبِّيا إلا غربتِ الشَّمسُ بذنوبهِ (¬6)، وخرج منها. رواه الطبراني في الأوسط أيضاً. 32 - وروي ابن عمر رضي الله عنهما قال: كُنْتُ جالسا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في مسجد منى، فأتاه رجل من الأنصار، ورجل من ثقيفٍ، فسلما ثمَّ قالا: يا رسول الله جئنا نسألك، فقال: إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه، فعلتُ، وإنْ شئتما أن أمسك وتسألاني فعلتُ؟ فقال أخبرنا يا رسول الله، فقال: الثَّقفيُّ للأنصاريِّ سلْ، فقال: أخبرني يا رسول الله، فقال: جئتني تسألني عن مخرجِكَ من بيتك تؤُّمُّ البيت الحرام، وما لك فيه، وعنْ ركعتيك بعد الطَّواف وما لك فيهما، وعنْ طوافك بين الصفا والمروة ومالك فيه، وعنْ وقوفك عشية عرفة وما لك فيه، وعنْ رميك الجمار وما لك فيه، وعن نحرك وما لك فيه مع الإفاضة، فقال: والذي بعثك بالحقِّ لعنْ هذا جئت أسألك. قال: فإنَّك إذا خرجْتَ من بيتك تؤُّمُّ (¬7) البيت الحرام لا تضع ناقتك خُفا (¬8)، ولا ترْفعهُ إلا كتب الله لك به حسنةً، ومحا عنْكَ خطيئةً، وأمَّا ركعتاك بعد الطَّواف كعتقِ رقبةٍ منْ بنى إسماعيل عليه السلام، وأما طوافك بالصفا والمروة كعتق سبعين رقبة، وأما وقوفك عشيَّة عرفة، فإنَّ الله يهبط (¬9) إلى سماء الدُّنيا فيباهي بكمُ الملائكة يقول: عبادي جاءوني شعثاً (¬10) من كلِّ فجٍّ (¬11) عميقٍ يرجونَ ¬
جنَّتي (¬1)، فلو كانتْ ذنوبكمْ كعدد الرَّمل، أوْ كقطْرِ المطر، أوْ كزبد البحرِ لغفرتها ¬
أفيضو عبادي مغفوراً لكمْ، ولمنْ شفعتمْ له، وأمَّا رميك الجمار فلك بكلِّ حصاةٍ ¬
رميتها تكفير كبيرةٍ من الموبقات، وأمَّا نحرْك فمذخور عند ربك، وأما حلاقك ¬
رأسك فلك بكلِّ شعرة حلقتها حسنة، ويمحى عنك بها خطيئة، وأمَّا طوافك بالبيت ¬
بعد ذلك، فإنَّك تطوف ولا ذنب لك، يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفيك فيقول: ¬
اعملْ فيما تستقبل فقد غفر لك ما مضى. رواه الطبراني في الكبير والبزار واللفظ له، وقال: وقد ¬
روي هذا الحديث من وجوه، ولا نعلم له أحسن عن هذا الطريق. (قال المملي) رضي الله عنه: وهي طريق لا بأس بها، رواتها كلهم موثَّقون، ورواه ابن حبان في صحيحه، ويأتي لفظه في الوقوف إن شاء الله تعالى. 33 - ورواه الطبراني في الأوسط من حديث عبادة بن الصامت، وقال فيه: فإن لك من الأجر إذا أمَّمت (¬1) البيتَ العتيق ألا ترفع قدماً، أو تضعها أنت ودابَّتك إلا كتبتْ لك حسنة، ورفعتْ لك درجة، وأمَّا وقوفك بعرفة (¬2)، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول لملائكته: يا ملائكتي ما جاء بعبادي؟ قالوا: جاءوا يلتمسون رضوانك والجنَّة، فيقول الله عزَّ وجلَّ: فإني أشهد نفسي وخلقي أني قد غفرتْ لهمْ، ولوْ كانتْ ذنوبهمْ عدد أيَّام الدَّهر (¬3)، وعدد رمل عالجٍ (¬4) , وأمَّا رميك الجمار. قال الله عزَّ وجلَّ: فلا تعْلم نفس ما أخفى لهمْ من قرَّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون (¬5). وأمَّا حلقك رأسك، فإنَّه ليس من شعرك شعرة تقع في الأرض إلا كانت لك نوراً يوم القيامة (¬6) وأمَّا طوافك بالبيتِ: إذا ودَّعت فإنَّك تخرجُ من ذنوبك كيومَ ولدتك أمُّك (¬7). ¬
ورواه أبو القاسم الأصبهاني من حديث أنس بن مالك نحوه إلا أنه قال فيه: وأمَّا وقوفك بعرفاتٍ، فإنَّ الله تعالى يطلع على أهل عرفاتٍ فيقول: عبادي أتوني شعثاً (¬1) غبرا (¬2) أتوني من كلِّ فجٍ عميقٍ (¬3)، فيباهي بهم الملائكة، فلوْ كان عليكَ من الذنوب مثل رمل عالجٍ، ونجوم السَّماء، وقطر البحر والمطر غفر الله لك، وأمَّا رميك الجمار: فإنه مدخور لك عند ربك أحوج ما تكون إليه (¬4)، وأما حلقك رأسك: فإن لك بكل شعرة تقع منك نورا يوم القيامة، وأما طوافك بالبيت: فإنَّك تصدر، وأنت من ذنوبك كهيئة يوم ولدتك أمُّك. 34 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خرج حاجاً فمات كتب له أجر الحاجِّ إلى يوم القيامة، ومنْ خرج معتمراً فمات كتب له أجرُ المعتمر إلى يوم القيامة، ومنْ خرج غازيا فمات كتب له أجرُ الغازي إلى يوم القيامة (5). رواه أبو يعلي من رواية محمد بن إسحاق، وبقية رواته ثقات. 35 - وروي عن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ خرج في هذا الوجهِ لحجٍ أو عمرةٍ، فمات فيه لمْ يعرضْ ولمْ يحاسبْ، وقيل له: ادخلِ الجنة قالتْ: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله يباهي بالطائفين. رواه الطبراني وأبو يعلي، والدارقطني، والبيهقي. 36 - وروي عن جابرٍ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ هذا البيت دعامة من دعائم الإسلام، فمنْ حجَّ البيت، أو اعتمر فهو ضامن على الله، فإنْ مات أدخله الجنَّة، وإنْ ردَّه أهله ردَّه بأجر وغنيمةٍ. رواه الطبراني في الأوسط. ¬
الترغيب في النفقة في الحج والعمرة، وما جاء فيمن أنفق فيهما من مال حرام
(الدعامة) بكسر الدال: هي عمود البيت والخباء. 37 - وروي عنه أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ مات في طريق مكَّة ذاهباً، أوْ راجعاً لمْ يعرضْ ولمْ يحاسبْ، أوْ غفر له. رواه الأصبهاني. 38 - وعنِ ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة إذ وقع عنْ راحلتهِ فأقصعته (¬1)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدرٍ، وكفِّنوه بثوبيهِ، ولا تخمِّروا (¬2) رأسه، ولا تحنِّطوه، فإنَّه يُبْعَثُ يوم القيامة ملبياً (¬3) رواه البخاري ومسلم، وابن خزيمة. وفي رواية لهم: أنَّ رجلا كان مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم فوقصتهُ ناقته وهو محرم فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماءٍ وسدرٍ، وكفِّنوه في ثوبيه، ولا تمسوه بطيبٍ، ولا تخمِّروا رأسه، فإنَّه يبعث يوم القيامة ملبياً. 39 - وفي رواية لمسلم: فأمرهمْ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنْ يُغَسِّلوهُ بماء وسدرٍ، وأنْ يكشفوا وجههُ، حسبتهُ. قال: ورأسه، فإنَّه يبعث وهو يهلُّ. (وقصته ناقته): معناه: رمته ناقته فكسرت عنقه. (وكذلك فأقصعته). (الترغيب في النفقة في الحج والعمرة) وما جاء فيمن أنفق فيهما من مال حرام 1 - عنْ عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في عمرتها: إنَّ لك من الأجر على قدر نصبك (¬4) ونفقتك (¬5). رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما. وفي رواية له وصححها: إنَّما أجركِ في عمرتك على قدر نفقتكِ. ¬
(النَّصب): هو التعب وزنا ومعنى. 2 - وعنْ بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النَّفقة في الحج كالنَّفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعفٍ (¬1). رواه أحمد والطبراني في الأوسط والبيهقي، وإسناد أحمد حسن. 3 - وروي الطبراني في الأوسط أيضاً عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النَّفقة في الحجِّ كالنَّفقة في سبيل الله: الدِّرهم بسبعمائةٍ. 4 - وروي عن عمرو بن شعيبٍ عنْ أبيه عنْ جدِّه رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحجَّاج والعمَّار وفد الله (¬2): إن سألوا أعطوا، وإنْ دعوا أجيبوا وإنْ أنفقوا أخلف لهمْ (¬3)، والذي نفسُ أبي القاسم بيده: ما كبَّر مكبِّرٌ على نشزٍ، ولا أهلَّ مهل على شرفٍ (¬4) من الأشراف إلا أهلَّ ما بين يديهِ، وكبَّر حتى ينقطع منه منقطع التراب. رواه البيهقي. (النشر) بفتح النون، وإسكان الشين المعجمة، وبالزاي: هو المكان المرتفع. 5 - وروي عنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحجَّاج والعمَّار وفد الله عزَّ وجلَّ يعطيهم ما سألوا، ويستجيب لهمْ ما دعوا، ويخْلفُ عليهمْ ما أنفقوا، الدَّرهم ألف ألفٍ. رواه البيهقي. 6 - وعنْ جابر بن عبد الله عنهما رفعه قال: ما أمعر حاجٌّ قطُّ. قيل لجابر: ما الإمعار؟ قال: ما افتقر. رواه الطبراني في الأوسط والبزار، ورجاله رجال الصحيح. 7 - وروي عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خرج الحاجُّ حاجا بنفقةٍ طيبةٍ (¬5)، ووضع رجله في الغرزِ فنادى: لبيك اللهمَّ لبيك. ناداه منادٍ من السماء لبيك (¬6) وسعديك، زادك حلال (¬7)، ¬
الترغيب في العمرة في رمضان
وراحلتك حلال، وحجُّك مبرور (¬1) غير مأزورٍ، ورذا خرج بالنَّفقة الخبيثة (¬2) فوضع رجله في الغرزِ، فنادى: ناداه منادٍ من السماء: لا لبَّيك ولا سعديك (¬3). زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجُّك مأزور غير مبرورٍ (¬4): رواه الطبراني في الأوسط، ورواه الأصبهاني من حديث أسلم مولى عمر بن الخطاب، مرسلاً مختصراً. (الغرز) بفتح الغين المعجمة، وسكون الراء بعدها زاي: هو ركاب من جلد. (الترغيب في العمرة في رمضان) 1 - عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجِّ، فقالت امرأة لزوجها: أحججني (¬5) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما عندي ما أحجِّجُكِ (¬6) عليه، فقالتْ أحججني على جملك فلانٍ؟ قال: ذاك حبيس (¬7) في سبيل الله عز وجلَّ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله، وإنَّها سألتني الحجَّ معك، فقلت: ما عندي ما أحججك (¬8) عليه قالت أحججني على جملك فلانٍ، فقلتُ: ذاك حبيسٌ في سبيل الله عزَّ وجلَّ، فقال: أما إنَّك لو أحْججتها عليه كان في سبيل الله (¬9). قال: وإنَّها أمرتني أن أسألك ما يعدلُ حجَّة معك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرئها السلام (¬10) ورحمة الله وبركاتهِ وأخبرها أنها تعدل حجَّة معي عمرةً في رمضان. رواه أبو داود، وابن خزيمة في صحيحه كلاهما بالقصة، واللفظ لأبي داود، وآخره عندهما سواء. ¬
2 - ورواه البخاري والنسائي وابن ماجه مختصرا: عمرة فيرمضان تعدل حجَّةً. ومسلم ولفظه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لامرأةٍ من الأنصار، يقال لها أمُّ سنانٍ: ما منعك أت تحُجِّي (¬1) معنا؟ قالتْ: لم يكن لنا إلا ناضحان، فحجَّ أبو ولدها وابنها على ناضحٍ (¬2)، وترك لنا ناضحاً ننضحُ عليه. قال: فإذا جاء رمضان فاعتمري فإنَّ عمرةً في رمضان تعدل حجَّة. وفي رواية له: تعدل حجَّة، أو حجة معي. 3 - وعنه رضي الله عنه قال: جاءت أمُّ سليمٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: حجَّ أبو طلحة وابنه وتركاني؟ فقال: يا أمَّ سليم عمرة في رمضان تعدل حجَّة معي. رواه ابن حبان في صحيحه. 4 - وعنْ أمِّ معقلٍ رضي الله عنها قالتْ: لما حجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجَّة والوداع، وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله. قالتْ: وأصابنا مرضٌ، وهلك أبو معقلٍ. قالتْ: فلمَّا قفل (¬3) رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجِّهِ فقال: يا أمَّ معقلٍ ما منعك أن تخرجي معنا؟ قالتْ: يا رسول الله لقد تهيَّأنا، فهلك أو معقلٍ، وكان لنا جملٌ هو الذي نحجُّ عليه فأوصي به أو معقلٍ في سبيل الله (¬4). قال: فهلا خرجت عليه، فإنَّ الحجَّ في سبيل الله (¬5) , فإما إذا فتتك هذه الحجَّة فاعتمري في رمضان فإنَّها كحجَّةٍ. رواه أبو داود والترمذي مختصرا عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عمرة في رمضان تعدل حجَّة. رواه أبو داود والترمذي مختصرا عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عمرةٌ في رمضان تعدل حجَّة. وقال: حديث حسن غريب، وابن خزيمة باختصار إلا أنه قال: عمرة في رمضان تعدل حجَّة. وقال: حديث حسن غريب، وابن خزيمة باختصار إلا أنه قال: إنَّ الحجَّ والعمرة في سبيل الله، وإنَّ عمرة في رمضان تعدل حجَّة، أو تجزي حجةً. 5 - وفي رواية لأبي داود والنسائي عنها أنها قالت: يا رسول الله إنِّي امرأة قدْ ¬
الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياب اقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام
كبِرْتُ وسقمتُ فهل من عملٍ يجزي عنِّي من حجَّتي. قال: عمرة في رمضان تعدل حجَّةً. (قفل) محركة: أي رجع من سفره. 6 - وعنْ أبي معقل رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: عمرة في رمضان تعدل حجَّة. رواه ابن ماجه. 7 - ورواه البزار والطبراني في الكبير في حديث طويل بإسناد جيد عن أبي طليقٍ أنه قال للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: فما يعدل الحجَّ معك؟ قال: عمرة في رمضان. (قال المملي) رضي الله عنه أبو طليق: هو أبو معقل، وكذلك زوجته أمّ معقل تكني أمّ طليق أيضاً، ذكره ابن عبد البر النمري. الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياب اقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام 1 - روي عن أنس بن ما لكٍ رضي الله عنه قال: حجَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم على رجلٍ رثٍ (¬1) وقطيفةٍ خلقةٍ تساوي (¬2) أربعة دراهم، أو لا تساوي، ثمَّ قال: اللهمَّ حجَّة لا رياء فيها، ولا سمعة (¬3). رواه الترمذي في الشمائل، وابن ماجه والأصبهاني إلا أنه قال: لا تساوي أربعة دراهم، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس. (القطيفة): كساء له خمل. 2 - عن ثمامة رضي الله عنه قال: حجَّ أنس على رجلٍ ولمْ يكنْ شحيحاً (¬4) وحدَّث أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حجَّ على رحلٍ، وكانت زاملته (¬5). رواه البخاري. ¬
3 - وعنْ قدامة بن عبد الله، وهو ابن عمَّار رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة يوم النَّحر على ناقةٍ صهباء (¬1) لا ضرب (¬2)، ولا طرْد، ولا إليك إليك. رواه ابن خزيمة في صحيحه وغيره. 4 - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: كنَّا مع النبي صلى الله عليه وسلم بين مكَّة والمدينة فمررنا بوادٍ فقال: أي وادٍ هذا؟ قالوا: وادي الأزرق. قال: كأنَّي أنظر إلى موسى صلى الله عليه وسلم، فذكر من طول شعره (¬3) شيئاً، لا يحفظه داود، واضعاً إصبعه في أذنه له جؤار (¬4) إلى الله بالتلبية مارًّا بهذا الوادي. قال: ثمَّ سرنا حتى أتينا على ثنيةٍ (¬5)، فقال: أي ثنيةٍ هذه؟ قالوا: ثنية هرشي، أو لفتٍ. قال: كأني أنظر إلى يونس صلى الله عليه وسلم على ناقة حمراء عليه جُبَّةُ صوفٍ وخطام ناقته خلبة مارا بهذا الوادي ملبياً (¬6). رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، وابن خزيمة، واللفظ لهما. 5 - ورواه الحاكم بإسناد على شرط مسلم، ولفظه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على وادي الأرزق، فقال: ما هذا؟ قالوا: وادي الأزرق، فقال: كأنِّي أنظر إلى موسى عليه السلام مهبطاً له جؤار (¬7) إلى الله بالتكبير، ثمَّ أتى على ثنيةٍ، فقال: كأنِّي أنظر إلى يونس عليه السلام على ناقةٍ حمراء جعدةٍ (¬8) خطامها ليف، وهو يلبِّي، وعليه جُبَّةُ صوفٍ. (هرشي) بفتح الهاء، وسكون الراء بعدهما شين معجمة مقصورة: ثنية قريب الجحفة. (ولفت) بكسر اللام، وفتحها أيضاً: هو ثنية جبل قديم بين مكة والمدينة. ¬
(والخلبة) بضم الخاء المعجمة، وسكون اللام: هي الليف كما جاء مفسراً في الحديث. 6 - وعنْهُ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم: صلَّى في مسجدِ الخيف (¬1) سبعون نبياً، منهمْ: موسى صلى الله عليه وسلم كأني أنظرُ إليه، وعليه عباءتان قطوا نيتان، وهو محرم على بعيرٍ منْ إبل شنوءة (¬2) مخطوم بخطام ليفٍ له صفيرتان (¬3). رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن. (قطوان) بفتح القاف والطاء المهملة جميعاً: موضع بالكوفة تنسب إليه العبى والأكسية. 7 - وعنْهُ رضي الله عنه قال: لمَّا مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان حين حجَّ. قال يا أبا بكرٍ: أيُّ وادٍ هذا؟ قال: وادي عسفان. قال: لقد مرَّ به هودٌ وصالح على بكراتٍ (¬4) خطمها (¬5) الليف، أزُرُهم العباء، وأرْديتُهُم النِّمار يحجون البيت العتيق. رواه أحمد والبيهقي كلاهما من رواية زمَّعة بن صالح عن سلمة بن وهرام، ولا بأس بحديثهما في المتابعات، وقد احتجّ بهما ابن خزيمة وغيره. (عسفان) بضم العين، وسكون السين المهملتين: موضع على مرحلتين من مكة. (والبكرات) جمع بكرة، بسكون الكاف: وهي الفتية من الإبل. (والنمرات) بكسر الميم: جمع نمرة وهي: كساء مخطط. 8 - وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حجَّ عليه اسلام على ثورٍ أحمر عليه عباءة قطوانية. رواه الطبراني من رواية ليث بن أبي سليم، وبقية رواته ثقات. 9 - وعنْ أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقدْ مرَّ بالروحاء (¬6) سبعون نبيا فيهمْ نبيُّ الله موسى عليه السلام حقا عليهم العباءة يؤمُّون (¬7) ¬
بيت الله العتيق. رواه أبو يعلي والطبراني، ولا بأس بإسناده في المتابعات، ورواه أبو يعلي أيضاً من حديث أنس بن مالك. 10 - وعنْ عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كأني أنظر إلى موسى بن عمران عليه السلام في هذا الوادي (¬1) محرماً بين قطوانيَّتين. رواه أبو يعلي والطبراني في الأوسط بإسناد حسن. 11 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رجلا قال: لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من الحاجُّ؟ قال: الشَّعث (¬2) التَّفل (¬3). قال: فأيُّ الحجِّ أفضل؟ قال: العجُّ (¬4) والثَّجُّ (¬5). قال: وما السبيل (¬6)؟ قال: الزَّاد، والرَّحالة. رواه ابن ماجه بإسناد حسن. ¬
وعند الترمذيِّ عنه: جاء رجلٌ، فقال: يا رسول الله ما يوجب الحجَّ؟ قال: الزَّاد والرَّحلة، وقال: حديث حسنٌ. 12 - وتقدم في حديث ابن عمر: وأمَّا وقوفك عشية عرفة، فإنَّ الله يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة يقول: عبادي جاءوني شعثاً من كلِّ فجٍ عميق يرجون جنَّتي، فلوْ كانت ذنوبكم كعدد الرَّمل، أوْ كقطرِ المطر، أو كزبدِ البحر لغفرتها، أفيضوا عبادي مغفوراً لكمْ، ولمنْ شفعتمْ له. الحديث. 13 - وفي رواية ابن حبان قال: فإذا وقف بعرفة، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ ينزلُ إلى السماء الدنيا فيقول: انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً، اشهدوا أنِّي قد غفرت لهمْ ذنوبهم وإنْ كانت عدد قطرِ السماء ورمل عالج. الحديث. (الشعث) بكسر العين: هو البعيد العهد بتسريح شعره، وغسله. ¬
الترغيب في الإحرام والتلبية ورفع الصوت بها
(والتفل) بفتح التاء المثناة فوق، وكسر الفاء: هو الذي ترك الطيب والتنظيف حتى تغيرت رائحته. (والعجّ) بفتح العين المهملة، وتشديد الجيم: هو رفع الصوت بالتلبية، وقيل: بالتكبير. (والثَّجّ) بالمثلثة: هو نحر البدنِ. 14 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله يبااهي بأهل عرفاتٍ ملائكة السماء فيقول: انظروا إلى عبادي هؤلاء جاءوني شعثاً غبرا. رواه أحمد، وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، وسيأتي أحاديث من هذا النوع في الوقوف إن شاء الله تعالى. (الترغيب في الإحرام والتلبية ورفع الصوت بها) 1 - عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تابعوا بين الحجِّ والعمرة، فإنَّهما ينفيان الفقر والذُّنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذَّهب والفضَّة، وليس للحجَّة المبرورة ثواب إلا الجنَّة، وما من مؤمنٍ يظلُّ يومه محرماً إلا غابت الشمس بذنوبه (¬1). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وليس في بعض نسخ الترمذي: وما منْ مؤمنٍ، إلى آخره، وكذا هو في النسائي، وصحيح ابن خزيمة بدون الزيادة. وزاد رزين فيه: وما من مؤمنٍ يلبِّي لله بالحجِّ إلا شهد له ما على يمينه وشماله إلى منقطع الأرض، ولمْ أر هذه الزيادة في شيء من نسخ الترمذيّ، ولا النسائي. 2 - وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ ملبٍ يُلبيِّ إلا لبَّى ما عنْ يمينهِ وشماله (¬2) من حجرٍ، أو شجرٍ، أوْ مدرٍ حتى تنقطع الأرض منْ هاهنا وهاهنا عن يمينهِ وشمالهِ. رواه الترمذيّ، وابن ماجه، ¬
والبيهقي كلهم من رواية إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية عن أبي حازم عن سهل، ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن عبيدة، يعني ابن حميد، حدثني عمارة بن غزية عن أبي حازم عن سهل، ورواه الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما. 3 - وعنْ خلاد بن السَّائبِ عنْ أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبرائيلُ فأمرني أصحابي أنْ يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتَّلبية. رواه مالك، وأبو داود والنسائي، وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن خزيمة في صحيحه، وزاد ابن ماجه: فإنَّها شعار الحجِّ. 4 - وعنْ زيد بن خالدٍ الجهنيِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جاءني جبرائيل عليه السلام فقال: مرْ أصحابك فليرفعوا أصواتهمْ بالتَّلبية، فإنَّها من شعار الحجِّ. رواه ابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 5 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ما أهلَّ مهلُّ قطُّ، ولا كبر مكبر قطُّ إلا بشر. قيل يا رسول الله: بالجنَّة؟ قال: نعمْ. رواه الطبراني في الأوسط بإسنادين رجال الصحيح، والبيهقي إلا أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أهلَّ مهلُّ قطُّ إلا آبت الشَّمس بذنوبهِ. (أهلّ) الملبي: إذا رفع صوته بالتلبية. 6 - وعنْ أبي بكرٍ الصِّديق رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: العجُّ والثَّجُّ: رواه ابن ماجه والترمذي، وابن خزيمة في صحيحه كلهم من رواية محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن يربوع، وقال الترمذي: لم يسمع محمد ابن عبد الرحمن. ورواه الحاكم وصححه، والبزار إلا أنه قال: ما برُّ الحجِّ؟ قال: العجُّ، والثَّجُّ. قال وكيعٌ: يعني بالعجِّ: العجيجَ بالتلبية، والثَّجِّ: نحر البدنِ, وتقدَّم. 7 - وروي عن جابر بن عبد الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ محرمٍ يُضحِّي لله يومه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت بذنوبه، فعاد
الترغيب في الإحرام من المسجد الأقصى
كما ولدته أمُّه. رواه أحمد، وابن أحمد، وابن ماجه واللفظ له، ورواه الطبراني في الكبير والبيهقي من حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه. وتقدم حديث سهل بن سعد في الباب الأول، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما راح مُسْلمٌ في سبيل الله مجاهداً، أوْ حاجا، مُهلاً، أوْ ملبياً إلا غربت الشَّمسُ بذنوبهِ، وخرج منها. رواه الطبراني في الأوسط. (الترغيب في الإحرام من المسجد الأقصى) 1 - عنْ أمِّ حكيمٍ بنتِ أبي أميَّة بن الأخنس عن أمِّ سلمة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ أهل (¬1) بعمرةٍ من بيت المقدس غفر له. رواه ابن ماجه بإسناد صحيح. وفي روايةٍ له قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أهلَّ بعمرةٍ منْ بيتِ المقدس كانتْ كفَّارةً لما قبلها من الذنوب، قالتْ: فخرجتْ أمِّي من بيت المقدس بعمرةٍ. 2 - ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه قالتْ: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أهلَّ من المسجد الأقصى بعمرةٍ غفر له ما تقدَّم من ذنبه. قال: فركبتْ أمُّ حكيم إلى بيت المقدس حتى أهلَّت منه بعمرةٍ. 3 - ورواه أبو داود والبيهقي، ولفظهما: من أهلَّ بحجَّةٍ، أوْ عمرةٍ من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدَّم من ذنبهِ، وما تأخَّر، أو وجبتْ له الجنَّة. شك الراوي أيتهما. 4 - وفي رواية للبيهقي قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ أهلَّ بالحجِّ والعمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرامِ، غُفر له ما تقدَّم من ذنبهِ، وما تأخَّر، ووجبتْ له الجنَّة. ¬
الترغيب في الطواف واستلام الحجر الأسود والركن اليماني، وما جاء في فضلهما وفضل المقام ودخول البيت
الترغيب في الطواف واستلام الحجر الأسود والركن اليماني، وما جاء في فضلهما وفضل المقام ودخول البيت 1 - عنْ عبد الله بن عبيد بن عُميرٍ رضي الله عنه: أنَّه سمع أباه يقول لابن عمر رضي الله عنهما: مالي لا أراك تستلم إلا هذين الركنين: الحجر الأسود، والرُّكن اليماني؟ فقال ابن عمر: إن أفعل فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ استلامها يحطُّ الخطايا (¬1). قال: وسمعته يقول: من طاف أسبوعاً يحصيه، وصلى ركعتين كان كعدلِ رقبةٍ. قال: وسمعتهُ يقول: ما رفع رجل قدماً لا وضعها إلا كتب له عشر حسناتٍ، وحطَّ عنه عشر سيِّئات، ورفع له عشر درجاتٍ. رواه أحمد، وهذا لفظه، والترمذي، ولفظه: إنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن مسحهما كفَّارة للخطايا، وسمعتهُ يقول: لا يضع قدماً، ولا يرفع أخرى إلا حطَّ الله عنه بها خطيئةً، وكتب له بها حسنةً. 2 - ورواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه قال: إنْ أفعلْ فإنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَسْحُهُما يحطُّ الخطايا، وسمعتهُ يقول: من طاف بالبيت لمْ يرفع قدماً، ولمْ يضع قدماً إلا كتب الله له حسنة، وحطَّ عنه خطيئةً، وكتب له درجةً، وسمعتهُ يقول: منْ أحصى أسبوعاً كان كعتقِ رقبةٍ. 3 - ورواه ابن حبان في صحيحه مختصراً: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: مسْحُ الحجر، والرُّكن اليمانيِّ يحط الخطايا حطًّا. (قال الحافظ): رووه كلُّهم عن عطاء بن السائب عن عبد الله. 4 - وعنْ محمد بن المنكدرِ عنْ أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ طاف بالبيتِ أسبوعاً لا يلغو فيه (¬2) كان كعدل رقبةٍ يعتقها. رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات. ¬
5 - وعنْ حميد بن أبي سويَّة رضي الله عنه قال: سمعتُ ابن هشام يسأل عطاء ابن أبي رباحٍ: عن الرُّكن اليمانيِّ، وهو يطوف بالبيت، فقال عطاء: حدَّثني أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: وكل به سبعون ملكاً، فمن قال: اللهمَّ إنِّي أسألك العفو (¬1) والعافية في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النَّار. قالوا: آمين: فلمَّا بلغ الرُّكن الأسود قال: يا أبا محمَّدٍ ما بلغك في هذا الرُّكن الأسود؟ فقال عطاء: حدثني أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ييقول: من فاوضه فإنما يفاوض يد الرحمن. قال له ابن هشامٍ: يا أبا محمدٍ! فالطواف؟ قال عطاء: حدثني أبو هريرة أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم: من طاف بالبيت سبعاً، ولا يتكلم إلا بسبحان (¬2) الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله محيتْ عنهُ عشر سيئاتِ، وكتبت له عشرُ حسناتٍ، ورفع له بها عشر درجاتٍ، ومن طاف فتكلم وهو في تلك الحال خاض في الرحمة برجليه كخائض الماء برجليه. رواه ابن ماجه عن إسماعيل بن عياش، حدثني حميد بن أبي سوية، وحسَّنه بعض مشايخنا. 6 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُنزَّل الله كلَّ يومٍ على حجَّاج بيته الحرام عشرين ومائة رحمةٍ (¬3): ستين للطائفين، وأربعين للمصلين، وعشرين للناظرين. رواه البيهقي باسناد حسن. 7 - وعن ابن عباس أيضاً رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: الطَّواف حول البيت صلاة إلا أنَّكم تتكلَّمون فيه، فمنْ تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخيرٍ. رواه الترمذي، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه. قال الترمذي: وقد روي عن ابن عباس موقوفا، ولا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن السائب. 8 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طاف ¬
بالبيت خمسين مرَّة خرج من ذنوبه به كيوم ولدته أمُّه. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب، سألت محمدا، يعني البخاري عن هذا الحديث، فقال إنما يروي عن ابن عباس من قوله. 9 - وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ طاف بالبيت، وصلى ركعتين كان كعتق رقبةٍ. رواه ابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، وتقدم. 10 - وعنه أيضا رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من طاف بالبيتِ أسبوعاً لا يضع قدماً، ولا يرفع أخرى إلا حطَّ الله عنه بها خطيئةً، وكتب لها بها حسنةً، ورفع له بها درجةً. رواه ابن خزيمة في صحيحه، وابن حبان، واللفظ له. 11 - وروي عن عبد الله بنع مرو بن العاص رضي الله عنهما قال: من توضَّأ فأسبغ الوضوء، ثمَّ أتى الرُّكن يستلمهُ (¬1) خاض في الرَّحمة، فإذا استلمه فقال: بسمِ الله، والله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله غمرتهُ الرَّحمة (¬2)، فإذا طاف بالبيت كتب الله له بكلِّ قدمٍ سبعين ألف حسنةٍ، وحطَّ عنه سبعين ألف سيئةٍ، ورفع له سبعين ألف درجةٍ، وشُفِّعَ في سبعين من أهل بيته، فإذا أتى مقام إبراهيم فصلى عنده ركعتين إيماناً واحتساباً كتب الله له عتق أربعةٍ محررةٍ من ولد إسماعيل، وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمُّهُ. رواه أبو القاسم الأصبهاني موقوفا. 12 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في الحجر: والله ليبعثنَّه الله يوم القيامة، له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحق (¬3). رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما. ¬
13 - ورواه الطبراني في الكبير، ولفظه: يبعث الله الحجر الأسود، والرُّكن اليماني يوم القيامة، ولهما عينان، ولسانان، وشفتان يشهدان لمن استلمهما بالوفاء. 14 - وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: يأتي الرُّكن اليماني يوم القيامة أعظم من أبي قبيسٍ له لسانان (¬1) وشفتان. رواه أحمد بإسناد حسن، والطبراني في الأوسط. وزاد: يشهدُ لمن استلمه بالحقِّ، وهو يمين الله عزَّ وجلَّ يصافح بها خلقهُ. وابن خزيمة في صحيحه. وزاد: يتكلَّم عمَّن استلمه بالنيَّة، وهو يمين الله التي يصافح بها خلقهُ. 15 - وعن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهدوا (¬2) هذا الحجر خيراً، فإنَّه يوم القيامة شافع يشفع، له لسانان وشفتان، يشهد لمن استلمه. رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات إلا أن الوليد بن عباد مجهول. 16 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزل الحجر الأسود من الجنَّة، وهو أشدُّ بياضاً من اللبن فسوَّدته خطايا (¬3) بني آدم، رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن خزيمة في صحيحه إلا أنه قال: أشدُّ بياضاً من الثلج. 17 - ورواه الطبراني في الأوسط والكبير بإسناد حسن، ولفظه قال: الحجرُ الأسود من حجارة الجنَّة، وما في الأرض من الجنَّة غيره، وكان أبيض كالمها، ولولا ما مسَّه من رجس الجاهلية ما مسَّه ذو عاهةٍ إلا برأ. 18 - وفي رواية لابن خزيمة قال: الحجر الأسود ياقوتة بيضاء منْ يواقيت الجنة، وإنما سوَّدته خطايا المشركين يبعث يوم القيامة مثل أحدٍ، يشهد لمن استلمه، وقبَّلهُ من أهل الدنيا. ¬
19 - ورواه البيهقيّ مختصرا قال: الحجرُ الأسود من الجنَّة، وكان أشدَّ بياضاً من الثَّلج، حتى سوَّدته خطايا أهل الشركِ. (المها) مقصورا: جمع مهاة، وهي البلورة. 20 - وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: نزل الرُّكن الأسود من السماء فوضع على أبي قبيْسٍ كأنَّه مهاة بيضاء فمكث أربعين سنةً، ثمَّ وضع على قواعد إبراهيم. رواه الطبراني في الكبير موقوفا بإسناد صحيح. 21 - وعنْهُ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مسنده ظهره إلى الكعبة (¬1) يقول: الرُّكن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنَّة، ولولا أنَّ الله تعالى طمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب. رواه الترمذي، وابن حبان في صحيحه، كلاهما من رواية، رجاء بن صبيح والحاكم، ومن طريقه البيهقي. 22 - وفي رواية للبيهقي قال: إنَّ الركن والمقام من ياقوت الجنَّة، ولولا ما مسَّهُ من خطايا بني آدم لأضاء ما بين المشرق والمغرب، وما مسَّهما من ذي عاهةٍ (¬2)، ولا سقمٍ (¬3) إلا شفي. 23 - وفي أخرى له رضي الله عنه أيضا رفعه، قال: لولا ما مسَّه من أنجاس (¬4) الجاهلية ما مسَّه ذو عاهةٍ إلا شفي، وما على الأرض شيء من الجنَّة غيره. 24 - وعنِ ابن عمر رضي الله عنهما قال: استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر، ثمَّ وضع شفتيهِ عليه يبكي طويلاً، ثمُّ التفت فإذا هو بعمر بن الخطاب يبكي فقال يا عمر: هاهنا تسكب (¬5) العبرات. رواه ابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وصححه، ومن طريقه البيهقي، وقال: تفرَّد به محمد بن عون. (قال الحافظ) ولا نعرفه إلا من حديثه، وهو متروك. 25 - وعنْ جابرِ بن عبد الله رضي الله عنهما قال: فدخلنا مسكَّة ارتفاع الضُّحى ¬
فأتى، يعني النبيَّ صلى الله عليه وسلم باب المسجد فأناخ (¬1) راحلته، ثمَّ دخل المسجد فبدأ بالحجر فاستلمه، وفاضت عيناه بالبكاء، فذكر الحديث، قال: ورمل (¬2) ثلاثاً، ومشى أربعاً حتى فرغ، فلما فرغ قبَّل الحجر، ووضع يديهِ عليه، ثمَّ مسح (¬3) بهما ¬
وجههُ. رواه ابن خزيمة في صحيحه، واللفظ له، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم: ¬
الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله
26 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ دخل البيت دخل في حسنةٍ، وخرج من سيِّئةٍ مغفورا له. رواه ابن خزيمة في صحيحه من رواية عبد الله بن المؤمل. الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله 1 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله عزَّ وجلَّ: من هذه الأيام. يعني أيَّام العشر قالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ (¬1) خرج بنفسهِ وما لهِ، ثمَّ لمْ يرجعْ من ذلك بشيء. رواه البخاري والترمذي، وأبو داود وابن ماجه، والطبراني في الكبير بإسناد جيد، ولفظه قال: ما من أيَّامٍ أعظم عند الله، ولا أحبُّ إلى الله العمل فيهنَّ من أيام العشر فأكثروا فيهنَّ من التَّسبيح، والتَّحميد، والتَّهليل، والتكبيرِ. 2 - وفي رواية للبيهقي قال: ما منْ عملٍ أزكى عند الله، ولا أعظم أجراً من خيرٍ يعملهُ في عشر الأضحى. قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه ومالهِ فلمْ يرجعْ من ذلك بشيءٍ، فقال: فكان سعيد بن جُبيرٍ إذا دخل أيَّام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدرُ عليه. 3 - وعنْ عبد الله، يعني ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
ما من أيَّامٍ العمل الصَّالح فيها أفضل من أيَّام العشر. قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله. رواه الطبراني بإسناد صحيح. 4 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفضل أيام الدنيا العشر. يعني عشر ذي الحجَّة. قيل: ولا مثْلُهنَّ في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهنَّ في سبيل الله إلا رجلٌ (¬1) عفِّر (¬2) وجههُ بالترابِ، الحديث. رواه البزار بإسناد حسن، وأبو يعلي بإسناد صحيح، ولفظه قال: ما منْ أيامٍ أفضل عند الله من أيَّام عشر ذي الحجَّة. قال فقال رجلٌ: يا رسول الله! هنَّ أفضل أمْ عدَّتهنَّ جهاداً في سبيل الله؟ قال: هنَّ أفضلُ من عدَّتهنَّ جهاداً في سبيل الله إلا عفيرٌ يُعَفَّرُ (¬3) وجههُ في التراب. الحديث، ورواه ابن حبان في صحيحه، ويأتي بتمامه إن شاء الله. 5 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ أيَّام أحبُّ إلى الله أنْ يتعبدَّ لها فيها منْ عشر ذي الحجَّة يعدل صيام كلِّ يومٍ منها بصيام سنةٍ، وقيام كلِّ ليلة منها بقيام ليلة القدر. رواه الترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، وقال الترمذي: حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل عن النهاس بن قهم، وسألت محمداً، يعني البخاري عن هذا الحديث، فلم يعرفه من غير هذا الوجه. (قال الحافظ): روي البيهقي وغيره، عن يحيى بن عيسى الرملي حدثنا يحيى بن أيوب البجلي عن عديّ بن ثابت، وهؤلاء الثلاثة ثقات مشهورون تكلَّم فيهم. 6 - وعنْ سعيد بن جبيرٍ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما من أيَّامٍ أفضل عند الله، ولا العمل فيهنَّ أحبُّ إلى الله عزًّ وجلَّ من هذه الأيام، يعني من العشر، فأكثروا فيهنَّ من التَّهليل والتكبير، وذكر الله، وإن صيام يوم منها يعدل بصيام سنةٍ، والعمل فيهنَّ يضاعف بسبعائة ضعفٍ. ¬
الترغيب في الوقوف بعرفة والمزدلفة وفضل يوم عرفة
7 - وعنْ أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه قال: كان يقال في أيَّام العشرِ بكلِّ يومٍ ألف يومٍ، ويوم عرفة عشرة آلاف يومٍ. قال يعني: في الفضل. رواه البيهقي والأصبهاني، وإسناد البيهقي لا بأس به. 8 - وعن الأوزاعيِّ رضي الله عنه قال: بلغني أنَّ العمل في اليوم من أيَّام العشر كقدرِ غزوة في سبيل الله، يصام (¬1) نهارها، ويحرس ليلها إلا أنْ يختصَّ امرؤ بشادةٍ. قال الأوزاعي: حدثني بهذا الحديث رجل من بني مخزوم، عن النبي صلى الله عليه وسلم. رواه البيهقي. (الترغيب في الوقوف بعرفة والمزدلفة، وفضل يوم عرفة) عنْ جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ أيَّامٍ عند الله أفضل من عشر ذي الحجَّة، قال فقال رجلٌ: يا رسول الله: هنَّ أفضل أمْ منْ عدَّتهنَّ جهاداً في سبيل الله؟ قال: هُنَّ أفضل من عدَّتهنَّ جهاداً في سبيل الله، وما من يومٍ أفضلُ عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السَّماء (¬2) الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي جاءوني شُعْثاً غبراً ضاحين جاءوا من كلِّ ¬
فجٍ عميق يرجون رحمتي ولمْ يروا عذابي فلمْ يرَ يوم أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة. رواه أبو يعلي والبزار، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحه واللفظ له. والبيهقي ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم عرفة، فإنَّ الله تبارك وتعالى يباهي بهم الملائكة فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً ضاحين من كلِّ فجِّ عميقٍ، أشهدكم أنِّي قد غفرت لهم، فتقول الملائكة: إنَّ فيهم فلاناً مرهَّقاً وفلاناً. قال: يقول الله عزَّ وجلَّ: قد عفرْتَ لهمْ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ يومٍ أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة، ولفظ ابن خزيمة نحوه لم يختلفا إلا في حرف، أو حرفين. (المرهَّق): هو الذي يغشى المحارم، ويرتكب المفاسد. (قوله ضاحين): هو بالضاد المعجمة، والحاء المهملة. أي بارزين للشمس غير مستترين منهام، يقال: لكل من برز للشمس من غير شيء يظله ويكنّه: إنه لضاحٍ. 2 - وعن طلحة بن عبيد الله بن كريز رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مارؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر، ولا أدحر، ولا أحقر، ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يرى فيه من تنزلُّ الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا مأ رأى (¬1) يوم بدرٍ، فإنَّه رأى جبرائيل عليه السلام يزع (¬2) الملائكة. رواه مالك والبيهقي من طريقة وغيرها، وهو مرسل. (أدحر) بالدال والحاء المهملتين بعدهما راء: أي أبعد وأذلّ. 3 - وعنْ عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم عرفة: أيها الناس إنَّ الله عزَّ وجلَّ تطوَّل عليكم في هذا اليوم، فغفر لكمْ إلا التَّبعات (¬3) فيما بينكم، ووهب مسيئكمْ لمحسنكمْ، وأعطي لمحسنكمْ ما سألَ ¬
فادفعوا باسم الله، فلمَّا كان بجمعٍ. قال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ: قدْ غفر لصالحيكمْ، وشفَّع صالحيكمْ في طالحيكمْ (¬1) تنزل الرَّحمة فتعمُّهُمْ، ثمَّ تفرَّق المغفرة في الأرض فتقع على كلِّ تائبٍ ممنْ حفظ لسانه ويده، وإبليس وجنوده على جبال (¬2) عرفاتٍ ينظرون ما يصْنع (¬3) الله بهمْ، فإذا نزلت الرَّحمة دعا إبليس وجنوده بالويل والثُّبور. رواه الطبراني في الكبير، ورواته محتجّ بهم في الصحيح، إلا أن فيهم رجلاً لم يسمّ. 4 - ورواه أبو يعلي من حديث أنس، ولفظه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ الله تطوَّل على أهل عرفات يباهي بهم الملائكة، يقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً، أقبلوا يضربون إليَّ من كلِّ فجٍّ عميق، فأشْهد كمْ أنِّي قد أجبت دعاءهمْ، وشفَّعتُ رغبتهمْ، ووهبت مسيئهمْ لمحسنهمْ، وأعطيت لمحسنهم جميع ما سألوني غير التَّبعات التي بينهمْ، فإذا أفاض القوم إلى جمعٍ، ووقفوا وعادوا في الرَّغبة والطلب إلى الله تعالى، فيقول يا ملائكتي: عبادي وقفوا فعادوا في الرَّغبة، والطلب فأشهدكمْ أنِّي قد أجبت دعاءهمْ، وشفَّعْتُ رغبتهمْ، ووهبتُ مسيئهم لمحسنهمْ، وأعْطيتُ محسنيهمْ جميع ما سألوني، وكفلتُ عنهم التَّبعات التي بينهمْ. 5 - وعنْ عباس بن مدراسٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشيَّة عرفة، فأجيب أني قد غفرتْ لهمْ ماخلا المظالم، فإنِّي آخذ للمظلوم منه. قال: أي ربِّ إنْ شئت أعطيت المظلوم الجنَّة، وغفرت للظالم فلمْ يجبْ عشية عرفة، فلمَّا أصبح بالمزدلفة أعاد، فأجيب إلى ما سأل. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قال تبسَّم، فقال له أبو بكرٍ وعمر رضي الله عنهما: بأبي أنت وأمي إنَّ هذه لساعة ما كنت تضحكُ فيها، فما الذي أضحكك؟ أضحك الله سنَّك. قال: إنَّ عدوَّ الله إبليس لما علم أنَّ الله قد استجاب دعائي، وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على ¬
رأسه، ويدعو بالويلِ (¬1) والثُّبورِ فأضحكني ما رأيت من جزعهِ. رواه ابن ماجه عن عبانة بن عباس بن مرداس أن أباه أخبره عن أبيه. 6 - ورواه البيهقي، ولفظه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشيَّة عرفة لامَّته بالمغفرة والرَّحمة فأكثر الدعاء، فأوحى الله إليه أنِّي فعلتُ إلا ظلم بعضهم بعضاً، أمَّا ذنوبهم فيما بيني وبينهمْ فقدْ غفرْتها، فقال: يا ربِّ إنَّك قادر على أن تثيب هذا المظلوم خيراً من مظلمتهِ، وتغفر لهذا الظالم فلمْ يجبهُ تلك العشيَّة، فلمَّا كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء، فأجابه الله أني قد غفرت لهمْ. قال: فتبسَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله! تبسَّمت في ساعة لمْ تكن تتبَسَّمُ؟ قال: تبسَّمت من عدوِّ الله إبليس، إنَّه لما علم أن الله قد استجاب لي في أمَّتي أهوي يدعو بالويل والثُّبور، ويحثوا التراب على رأسه. رواه البيهقي من حديث ابن كنانة ابن العباس بن مر داس السُّلمي، ولم يسمه عن أبيه عن جده عباس، ثم قال: وهذا الحديث له شواهد كثيرة، وقد ذكرناها في كتاب البعث، فإن صح بشواهده ففيه الحجة، وإن لم يصح فقد قال الله تعالى: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وظُلْمَ بعضهم بعضا دون الشرك. انتهى. 7 - وروي ابن المبارك عنْ سفيان الثَّوريِّ عن الزُّبير بن عديٍ عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: وقف النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بعرفاتٍ، وقد كادت الشَّمس أن تؤوب، فقال: يا بلال أنصت لي الناس، فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنصت الناس فقال: معشر الناس أتاني جبرائيل عليه السَّلام آنفاً فأقرأني من ربِّي السلام، وقال: إن الله عزَّ وجلَّ: غفر لأهل عرفات، وأهل المشعر، وضمن عنهمُ التَّبعات، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله: هذا لنا خاصة؟ قال: هذا لكمْ، ولمنْ أتى من بعدكمْ إلى يوم القيامة، فقال عمرُ ابن الخطاب رضي الله عنه كثر خير الله، وطاب. 8 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
إنَّ الله يباهي بأهل عرفاتٍ أهل السماء، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شُعثاً غبراً. رواه أحمد، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما. 9 - وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقول: إنَّ الله عزَّ وجلَّ يباهي ملائكته عشيَّة عرفة بأهل عرفة فيقول: انظروا إلى عبادي شعْثاً غبراً. ورواه أحمد الطبراني في الكبير والصغير، وإسناد أحمد لا بأس به. 10 - وعنْ عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ يومٍ أكثر من أنْ يعتق الله فيه عبيداً من النَّار من يوم عرفة، وإنَّه ليدنو يتجلَّى، ثمَّ يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ رواه مسلم والنسائي، وابن ماجه. وزاد رزين في جامعه فيه: اشهدوا ملائكتي أنِّي قدْ غفرتُ لهمْ. 11 - وعنْ عد العزيز بن قيسٍ العبديِّ قال: سمعتُ ابن عباس رضي الله عنهما يقول: كان فلانٌ ردفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهنَّ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن أخي، إنَّ هذا يوم من ملك فيه سمعهُ وبصرهُ ولسانه غفر له. رواه أحمد بإسناد صحيح والطبراني، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصَّمت، وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي، وعندهم: كان الفضل ابن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث. 12 - ورواه أبو الشيخ بن حبان في كتاب الثواب، والبيهقي أيضاً عن الفضل ابن العباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مختصراً، قال: من حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة. 13 - وروي عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو يعلم أهل الجمعِ بمن حلُّوا لاستبشروا بالفضل بعد المغفرة. رواه الطبراني والبيهقي. 14 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل من الأنصار إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم:
يا رسول الله! كلمات أسأل عنهنَّ، فقال صلى الله عليه وسلم: اجْلسْ، وجاء رجلٌ من ثقيفٍ، فقال: يا رسول الله، كلمات أسأل عنهنَّ، فقال صلى الله عليه وسلم: سبقك الأنصاريُّ، فقال الأنصاريُّ: إنَّه رجل غريب، وإن للغريب حقا فابدأ بهِ، فأقبل على الثَّقفي فقال: إن شئتَ أنبأتك عمَّا كنْتَ تسألني عنهُ، وإنْ شئت تسألني عن الركوع والسجود، والصلاة والصوم، فقال: والذي بعثك بالحقِّ ما أخطأتِ مما كان في نفسي شيئاً، قال: فإذا ركعتَ فضعْ راحتيك على ركبتيك، ثمَّ فرِّج أصابعك، ثمَّ اسكنْ حتى يأخذ كلُّ عضو مأخذه، وإذا سجدت فمكِّنْ جبهتك، ولا تنقر نقراً، وصلِّ أوَّل النهار وآخره، فقال: يا نبي الله فإن أنا صلَّيت بينهما؟ قال: فأنت إذاً مصلٍ، وصمْ من كل شهر ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، فقام الثقفي، ثمَّ أقبل على الأنصاري فقال: إن شئت أخبرتك عمَّا جئت تسألني، وإن شئت تسألني وأخبرك، فقال: لا يا نبيَّ الله، أخبرني بما جئت أسألك، قال: جئت تسألني عن الحاجِّ ماله حين يخرج من بيتهِ، وماله حين يقوم بعرفاتٍ، وما له حين يرمي الجمار، وما له حين يحلق رأسه، وما له حين يقضي آخر طوافٍ بالبيت، فقال: يا نبي الله! والذي بعثك بالحق ما أخطأت مما كان في نفسي شيئاً، قال: فإنَّ له حين يخرج من بيته أن راحلته لا تخطو خطوةً إلا كتب الله له بها حسنً، أوْ حطَّ عنها بها خطيئةً، فإذا وقف بعرفاتٍ (¬1) فإنَّ الله عزَّ وجلَّ ينزل إلى سماء الدنيا فيقول: انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً، اشهدوا أنِّي قدْ غفرتُ لهم ذنوبهمْ، وإنْ كانت عدد قطر السَّماء ورمل عالجٍ، وإذا رمى الجمار لا يدري أحد ماله حتى يتوفَّاه الله يوم القيامةِ، وإذا قضى آخر طوافٍ (¬2) بالبيت خرجَ من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه. رواه البزار والطبراني، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له. 15 - وعنْ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
عليه وسلم: ما من مسلمٍ عشيَّة عرفة بالموقف فيستقبل القبلة بوجههِ، ثمَّ يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيى ويميتُ، وهو على كل شيء قديرٌ، مائة مرَّةٍ، ثمَّ يقرأ: قل هو الله أحد مائة مرةٍ، ثم يقول: اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صلين على إبراهيم وآل وإبراهيم إنَّك حمد مجيد، وعلينا معهمْ مائة مرة إلا قال الله تعالى: يا ملائكتي: ما جزاء عبدي هذا سبحني، وهللني، وكبرني، وعظمني، وعرفني، وأثنى عليَّ، وصلَّى على نبيِّّ. اشهدوا ملائكتي (¬1): أني قد غفرت له، وشفَّعتهُ في نفسه، ولو سألني عبدي هذا لشفعته في أهل الموقف. رواه البيهقي، وقال: هذا متن غريب، وليس في إسناده من ينسب إلى الوضع، والله أعلم. 16 - وعنْ أبي سليمان الدَّاراني قال: سئل عليُّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه عن الوقوف بالجبل، ولم لمْ يكن في الحرم. قال: لأن الكعبة بيت الله، والحرم باب الله، فلمَّا قصدوه وافدين أوقفهمْ بالباب يتضرَّعون. قيل: يا أمير المؤمنين فالوقوف بالمشعر الحرام؟ قال: لأنه لما أذن لهمْ بالدخول إليه، وقفهم (¬2) بالحجاب الثاني، وهو المزدلفة، فلمَّا أن طال تضرُّعهم أذن لهمْ بتقريب قربانهم بمنى. فلما أن قضوا تفثهم، وقرَّبوا قربانهم فتطهروا بها من الذنوب التي كانت عليهم أذن لهمْ بالزِّيارة إليه على الطهارة. قيل: يا أمير المؤمنين: فمن أين حرِّم الصيام أيام التشريق؟ قال: لأنَّ القوم زوَّار الله، وهمْ في ضيافتهِ، ولا يجوز للضَّيف أن يصوم دون إذن من أضافه. قيل: يا أمير المؤمنين فتعلُّق الرَّجل بأستار الكعبة لأي معنى هو؟ قال: هو مثل الرَّجل بينه وبين صاحبهِ جناحية فيتعلَّق بثوبهِ، ويتنصَّل (¬3) إليه، ويتخدَّع (¬4) له ليهب له جنايته. رواه البيهقي وغيره هكذا منقطعا، ورواه أيضا عن ذي النون من قوله: وهو عندي أشبه، والله أعلم. ¬
الترغيب في رمي الجمار، وما جاء في رفعها
الترغيب في رمي الجمار، وما جاء في رفعها (قال الحافظ) تقدم في الباب قبله في حديث ابن عمر الصحيح: وإذا رمي الجمار لا يدري أحد ماله حتَّى يتوَّفَّاه الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة. لفظ ابن حبان، ولفظ البزار: وأمَّا رميك الجمار فلك بكلِّ حصاةٍ رميْتها تكفير كبيرةٍ من الموبقات. وتقدم في حديث عبادة بن الصامت: وأمَّا رميك الجمار، قال الله عزَّ وجلَّ: فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهمْ من قرَّة أعينٍ جزاء بما كانوا يعْملون. 1 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رجلا سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عنْ رمي الجمار ما لنا فيه؟ فسمعته يقول: تجد ذلك عند ربِّك أحوج ما تكون إليه. رواه الطبراني في الأوسط والكبير من رواية الحجاج بن أرطاة. وتقدم في حديث أنس رضي الله عنه: وأما رميك الجمار، فإنَّه مذخور لك عند ربك أحوج ما تكون إليه. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، رفعه إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: لما أتى إبراهيم خليل الله صلوات الله عليه وسلامه المناسك عرض له الشَّيطان عند جمرة العقبة، فرماه بسبعِ حصياتٍ حتى ساخ في الأرض، ثمَّ عرض له عند الجمرة الثانية, فرماه بسبع حصيات حتى ساخ (¬1) في الأرض, ثم عرض له عند الجمرة الثالثة، فرماه بسبع حصاتٍ حتى ساخ في الأرض. قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: الشيطان ترْجمون (¬2)، وملَّة أبيكمْ إبراهيم تتَّبعون. رواه ابن خزيمة في صحيحة، والحاكم واللفظ، وقال: صحيح على شرطهما. 3 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رميْتَ الجمار كان لك نوراً يوم القيامة. رواه البزار من رواية صالح مولى التوأمة. 4 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قلنا يا رسول الله هذه الجمار ¬
الترغيب في حلق الرأس بمنى
التي ترمي كلَّ سنةٍ فنحْسب أنها تنقص قال: ما تقبِّل منها رفع، ولولا ذلك رأيتموها مثل الجبال. رواه الطبراني في الأوسط والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. (قال المملي) رحمه الله: وفي إسنادهما يزيد بن سنان التميامي مختلف في توثيقه. (الترغيب في حلق الرأس بمنى) 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهمَّ اغفر للمحلِّقين. قالوا: يا رسول الله وللمقصرين. قال: اللهمَّ اغفر للمحلقين. قالوا: يا رسول الله وللمقصرين. قال: اللهمَّ اغفرْ للمحلقين. قالوا: يا رسول الله وللمقصرين؟ قال: وللمقصرين (¬1). رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما. 2 - وعنْ أمِّ الحصين رضي الله عنها أنَّها سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم في حجَّة الوداع دعا للمحلِّقين ثلاثاً، وللمقصِّرين مرَّة واحدةً. رواه مسلم. 3 - وعنْ مالك بن ربيعة رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: اللهمَّ اغفر للمحلقين. اللهمَّ اغفر للمحلقين. قال: يقول رجلٌ من القوم: وللمقصِّرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في الثالثة أو الرَّابعة: وللمقصرين ثمَّ قال: وأنا يومئذٍ محلوق الرَّأس فما يسرُّني بحلق رأسي حمر (¬2) النَّعم. رواه أحمد ¬
الترغيب في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله
والطبراني في الأوسط بإسناد حسن. (قال الحافظ): وتقدم في حديث ابن عمر الصحيح: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصاريِّ: وأما حلاقك رأسك فلك بكلِّ شعرةٍ حلقتها حسنة، وتمْحى عنك بها خطيئة. وتقدم أيضاً في حديث عبادة بن الصامت: أمَّا حلقُكَ رأسك فإنَّه ليس منْ شعرك شعرة تقع في الأرض إلا كانت لك نوراً يوم القيامة (¬1). (الترغيب في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله) 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير (¬2) ما على وجه الأرض: ماء زمزم (¬3) فيه طعام الطُّعمِ (¬4)، وشفاء السُّقم (¬5)، وشرُّ ماء على وجه الأرض: ماء بوادي برهوت بقيَّةٍ بحضرموت كرجل الجراد تصبح تتدفَّق وتمسى لا بلال فيها. رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات، وابن حبان في صحيحه. (برهوت) بفتح الباء الموحدة والراء، وضم الهاء، آخره تاء مثناة. (وحضرموت) بفتح الحاء المهملة: اسم بلد. قال أهل اللغة: وهما اسمان جعل اسماً واحداً، إن شئت بنيت حضر على الفتح وأعربت موت إعراب ما لا ينصرف، وإن شئت أضفت الأول إلى الثاني فأعربت حضراً وخفضت موت. 2 - وعنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زمزمُ طعام طعمٍ، وشفاء سُقْمٍ. رواه البزار باسناد صحيح. قوله: طعام طعمٍ. بضم الطاء وسكون العين: أي طعام يشيع من أكله. ¬
3 - وعنْ أبي الطُّفيل عن عباس رضي الله عنهما قال: سمعتهُ يقول: كنَّا نسمِّيها شبَّاعةً، يعني زمزم، وكنَّا نجدها نعم العون على العيال (¬1). رواه الطبراني في الكبير، وهو موقوف صحيح الإسناد. 4 - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماء زمزم لما شرب له، إنْ شربتهُ تستشفي شفاك الله، وإنْ شربتهُ لشبعك (¬2) أشبعك الله، وإنْ شربته لقطع ظمئك (¬3) قطعه الله، وهي: هزمة جبرائيل عليه السلام (¬4) وسقيا الله إسماعيل عليه السلام. رواه الدارقطني والحاكم. وزاد: وإنْ شربتهُ مستعيذاً أعاذك الله، وكان ابن عباسٍ رضي الله عنه إذا شرب ماء زمزم قال: اللهمَّ إنِّي أسألك علما نافعاً، ورزقا واسعاً، وشفاءً من كلِّ داء، وقال: صحيح الإسناد، إن سلم من الجارود، يعني محمد بن حبيب. (قال الحافظ): سلم منه فإنه صدوق، قال الخطيب البغدادي وغيره لكن الراوي عنه محمد ابن هشام المروزي لا أعرفه، وروي الدارقطني: دعاء ابن عباس مفردا من رواية حفص بن عمر العدني. (الهزمة) بفتح الهاء، وسكون الزاي: هو أن تغمز موضعا بيدك، أو رجلك فتصير فيه حفرة. 5 - وعنْ سويد بن سعيدٍ رضي الله عنه قال: رأيت عبد الله بن المباركِ بمكَّة أتى ماء زمزم واستسقى (¬5) منه شربةً (¬6)، ثمَّ استقبل الكعبة فقال: اللهمَّ إنَّ ابن أبي المولى حدثنا عن محمد بن المكندر عن جابر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ماء زمزم لما شرب له، وهذا أشربه لعطش يوم القيامة، ثمَّ شرب. رواه أحمد بإسناد صحيح، والبيهقي، وقال: غريب من حديث ابن أبي الموالي عن ابن المنكدر تفرَّد به سويد ¬
ترهيب من قدر على الحج فلم يحج، وما جاء في لزوم المرأة بيتها بعد قضاء فرض الحج
عن ابن المبارك عن هذا الوجه عنه انتهى، وروي أحمد وابن ماجه المرفوع منه عن عبد الله ابن المؤمل: أنه سمع أبا الزبير يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول فذكره، وهذا إسناد حسن. 6 - وعن السَّائب رضي الله عنه أنَّه كان يقول: اشربوا من سقاية العبَّاس (¬1) فإنَّه من السُّنَّة. رواه الطبراني في الكبير، وفي إسناده رجل لم يسمَّ، وبقيته ثقات. (ترهيب من قدر على الحج فلم يحج) (وما جاء في لزوم المرأة بيتها بعد قضاء فرض الحج) 1 - رُوي عنْ عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ ملكَ زاداً وراحلةً تُبَلِّغه إلى بيت الله الحرام (¬2) فلمْ يحجَّ فلا عليه أن يموت يهوديا، أوْ نصرانيا، وذلك أنَّ الله يقول: ولله على الناس حجُّ البيت من استطاع إليه سبيلاً. رواه الترمذي والبيهقي من رواية الحارث عن عليّ، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. 2 - ورواه البيهقي أيضاً عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: منْ لم تَحْبِسْهُ حاجة ظاهرة، أو مرضٌ حابسٌ، أو سلطانٌ جابر (¬3)، ولم يحجهَ فليمتْ إن شاء يهودياً، وإن شاء نصرانيا. 3 - وتقدَّم حديث حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ¬
الإسلام ثمانية أسهمٍ: الإسلام سهم، والصلاة سهمٌ، والزَّكاة سهمٌ، وحجُّ البيتِ سهمٌ (¬1)، والأمر بالمعروف سهمٌ، والنَّهي عن المنكر سهم، والجهاد في سبيل الله سهم، وقد خاب من لاسهم له. رواه البزار. 4 - وعنْ أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عزَّ وجلَّ. إنَّ عبداً صحَّحْتُ له جسمه، ووسَّعْتُ عليه في المعيشةِ (¬2) تمضي عليه خمسة أعوامٍ لا يفد إليَّ لمحروم (¬3). رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي، وقال: قال علي بن المنذر: أخبرني بعض أصحابنا، قال: كان حسن بن حُيي يعجبه هذا الحديث وبه يأخذ، ويحبُّ للرَّجل الموسر الصحيح أن لا يترك الحجَّ خمس سنين. 5 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لنسائهِ عام حجَّة الوداع: هذه، ثمَّ ظهور الحصْرِ. قال: وكنَّ كلُّهنَّ ويحججنَ إلا زينب بنت جحشٍ، وسودة بنت زمعة رضي الله عنهنَّ، وكانتا تقولان: والله لا تحرِّ كنا دابة بعد إذ سمعنا ذلك من النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقال إسحاق في حديثه قالتا: والله لا تحرِّ كنا دابة بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه ثمَّ ظهور الحصْرِ (¬4). رواه أحمد ¬
الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينة وبيت المقدس وقباء
وأبو يعلي، وإسناده حسن. رواه عن صالح مولى التوءمة بن أبي ذئب، وقد سمع منه قبل اختلاطه. 6 - وعنْ أمِّ سلمةَ رضي الله عنها قالتْ: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجَّة الوداع: هي هذه الحجَّة، ثمَّ الجلوس على ظهور الحصْرِ في البيوت. رواه الطبراني في الكبير، وأبو يعْلي، ورواته ثقات. 7 - ورواه الطبراني في الأوسط عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما حجَّ بنسائه قال: إنما هي هذه، ثمَّ عليكمْ بظهور الحصرِ. 8 - وعنِ ابنٍ لأبي واقدٍ الليثيِّ عنْ أبيه رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأزواجه في حجَّة الوداع: هذه، ثمَّ ظهور الحصرِ. رواه أبو داود، ولم يسمِّ ابن أبي واقد. الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينة وبيت المقدس وقباء 1 - عنْ ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي هذا أفضل منْ ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام (¬1). رواه مسلم والنسائي وابن ماجه. ¬
2 - وعنْ عبد الله بن الزُّبير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألفِ صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل منْ مائة صلاةٍ في هذا. رواه أحمد وبان خزيمة وابن حبان في صحيحه، وزاد: يعني في مسجد المدينة، والبزار ولفظه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام فإنَّه يزيد عليه مائة صلاة، وإسناده صحيح أيضا. 3 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي أفضلُ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرامِ أفضل من مائة ألف صلاةٍ فيما سواه. رواه أحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين. 4 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاةٍ فيما سواه إلا المسجد الحرام. رواه البخاري واللفظ له، ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه. 5 - وروي البزَّار عن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا خاتم الأنبياء، ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء أحقُّ المساجد أن يزار. وتشدَّ إليه الرَّواحل المسجد الحرام، ومسجدي، وصلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاةٍ فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام. 6 - وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: منْ ¬
صلَّى في مسجدي أربعين صلاةً لا تفوته صلاة كتبتْ له براءة من النار (¬1)، وبراءة من العذاب، وبريءَ من النِّفاق (¬2). رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح، والطبراني في الأوسط، وهو عند الترمذي بغير هذا اللفظ. 7 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرَّجلِ في بيته بصلاةٍ، وصلاته في مسجد القبائل بخمسِ وعشرين صلاةً، وصلاة في المسجدِ الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاةٍ، وصلاة في المسجد الأقصى (¬3) بخمسين ألف صلاةٍ، وصلاة في مسجدي بخمسين ألف صلاةٍ، وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاةٍ. رواه ابن ماجه، ورواته ثقات إلا أن أبا الخطاب الدمشقي لا تحضرني الآن ترجمته، ولم يخرج له من أصحاب الكتب الستة أحد إلا ابن ماجه، والله أعلم. 8 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائهِ، فقلتُ: يا رسول الله أيُّ المسجدين الذي أسِّس على التَّقوى؟ فأخذ كفًا من حصباء، فضرب به الأرض، ثمَّ قال: هو مسجدكم هذا، لمسجد المدينة (¬4). رواه مسلم والترمذي والنسائي، ولفظه قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أسِّس على التقوى من أوَّل يوم، فقال رجلٌ: هو مسجد قباء، وقال رجلٌ: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو مسجدي هذا. 9 - وعنْ سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: اختلف رجلان في المسجد الذي أسِّس على التقوى. فقال أحدهما: هو مسجد المدينة، وقال الآخر: هو مسجد قباء فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هو مسجدي هذا. رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
10 - وعنْ أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاةٍ، والصَّلاة في مسجدي بألف صلاةٍ، والصلاة في بيت المقدس بخمائة صلاةٍ. رواه الطبراني في الكبير، وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه قال: صلاة في المسجد الحرام أفضل مما سواه من المساجد بمائة ألف صلاةٍ، وصلاة في مسجد المدينة أفضل من ألف صلاةٍ فيما سواه، وصلاة في مسجد بيت المقدس أفضل مما سواه من المساجد بخمسمائة صلاةٍ. ورواه البزار، ولفظه قال: فضلُ الصلاة في المسجد الحرام على غيره بمائة ألف صلاةٍ، وفي مسجدي ألف صلاةٍ وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاةٍ، وقال البزار: إسناده حسن، كذا قال. 11 - وروي عن بلال بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رمضان بالمدينة خير من ألف رمضان فيما سواها من البلدان، وجمعة بالمدينة خير من ألف جمعةٍ فيما سواها من البلدان. رواه الطبراني في الكبير. 12 - وعنْ عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما فرغ سليمان بن داود عليهما السلام من بناء بيت المقدس سأل الله عزَّ وجلَّ ثلاثاً: أنْ يؤتيه (¬1) حكماً يصادف حكمه، وملكا لا ينبغي لأحدٍ من بعده، وأنَّّ لا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمَّا اثنتين فقد أعطيهما، وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة. رواه أحمد والنسائي، وابن ماجه، واللفظ له، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم أطول من هذا، وقال: صحيح على شرطهما، ولا علة له. 13 - وعنْ أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي خير من ألف صلاةٍ فيما سواه من المساجد إلا المسجد الأقصى. رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح. ¬
14 - وعنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في بيت المقدس أفضل، أو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلواتٍ، ولنعمَ المصلي، هو أرض المحشرِ والمنشرِ، وليأتينَّ على الناس زمان، ولقيد سوطٍ، أو قال: قوس الرَّجل حيث يرى منه بيت المقدس خير له، أو أحبُّ إليه من الدنيا جميعاً. رواه البيهقي بإسناد لا بأس به. وفي متْنه غرابة. 15 - وعنْ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصَّلاة في مسجدي هذا أفضل من ألفِ صلاةٍ فيما سواه إلا المسجد الحرام، والجمعة في مسجدي هذا أفضل من ألف جمعةٍ فيما سواه إلا المسجد الحرام، وشهر رمضان في مسجدي هذا أفضل من ألف شهرِ رمضان فيما سواه إلا المسجد الحرام. رواه البيهقي ورواه أيضاً هو وغيره من حديث ابن عمر بنحوه، وتقدم حديث بلال مختصراً. 16 - وعنْ أسيد بن ظهير الأنصاري رضي الله عنه، وكان من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم يحدِّث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: صلاة في مسجد قباء كعمرةٍ. رواه الترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، وقال الترمذي: حديث حسن غريب. (قال الحافظ): ولا نعرف لأسيد حديثاً صحيحاً غير هذا، والله أعلم. 17 - وعنْ سهل بن حنيفٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ تطهَّر في بيته، ثمَّ أتى مسجد قباء، فصلَّى (¬1) فيه صلاة كان له كأجر عمرةٍ. رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه، واللفظ له، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد والبيهقي، وقال: رواه يوسف بن طهمان عن أبي أمامة بن سهل عن أبيه عن النبي صلى الله ¬
عليه وسلم بمعناه، وزاد: ومنْ خرج على طهرٍ لا يريد إلا مسجدي هذا، يريد مسجد المدينة ليصلي فيه كانتْ بمنزلة حجَّةٍ. (قال الحافظ): انفرد بهذه الزيادة يوسف بن طهمان، وهو واهٍ، والله أعلم. 18 - وروي الطَّبراني في الكبير عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضَّأ فأحسن الوضوء، ثمَّ دخل مسجد قباء، فيركع فيه أربع ركعاتٍ كان ذلك عدل رقبةٍ (¬1). 19 - وروي عن كعب بن عجرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ توضَّأ فأسبغ الوضوء ثمَّ عمد إلى مسجد قباء لا يريد غيره، ولا يحمله على الغدوِّ إلا الصلاة في مسجد قباء، فصلَّى فيه أربع ركعاتٍ يقرأ في كلِّ ركعةٍ بأمِّ القرآن كان له كأجرِ المعتمر إلى البيت الله تعالى. رواه الطبراني في الكبير، وهذه الزيادة في الحديث منكرة. 20 - وعنِ ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يزور قباء، أوْ يأتي قباء راكباً وماشياً. زاد في رواية: فيصلِّي فيه ركعتين. رواه البخاري ومسلم. 21 - وفي رواية للبخاري والنسائي: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد (¬2) قباء كلَّ سبتٍ راكباً وماشياً، وكان عبد الله يفعله. 22 - وعن عامر بن سعدٍ، وعائشة بنت سعدٍ سمعا أباهما رضي الله عنه يقول: لأن أصلِّي في مسجد قباء أحبُّ إليَّ منْ أن أصلِّي في مسجد بيت المقدس. رواه الحاكم، وقال: إسناده صحيح على شرطهما. 23 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه شهد جنازةً بالأوساط في دار سعد بن عبادة فأقبل ماشياً إلى بني عمرو بن عوف بفناء الحارث بن الخزرج، فقيل له، أينَ ¬
الترغيب في سكنى المدينة إلى الممات، وما جاء في فضلها وفضل أحد ووادي العقيق
تؤمُّ يا أبا عبد الرَّحمن؟ قال: أوْم هذا المسجد في بني عمرو بن عوف، فإنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى فيه كان كعدل (¬1) عمرة. رواه ابن حبان في صحيحه. 24 - وعنْ جابر، يعني ابن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتح ثلاثاً: يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصَّلاتين فعرف البشر فيوجهه. قال جابر: فلم ينزل بي أمر مهم غليظ إلا توخَّيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة. رواه أحمد والبزار وغيرهما، وإسناد أحمد جيِّد. (الترغيب في سكنى المدينة إلى الممات وما جاء في فضلها) وفضل أُحُد، ووادي العقيق (قال الحافظ) تقدم في الباب قبله مما ينتظم في سلكه، ويقرب منه حديث بلال بن الحارث رمضان (¬2) بالمدينة خيرٌ من ألفِ رمضانٍ فيما سواها من البلدان، وجمعة بالمدينة خير من ألف جمعةٍ فيما سواها البلدان، وحديث جابر أيضا، وفيه: إلا المسجد الحرام. 1 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يصبر على لأواء المدينة وشدَّتها أحد من أمتي إلا كنت له شفيعاً يوم القيامة، أوْ شهيداً (¬3). رواه مسلم والترمذي وغيرهما. ¬
2 - وعنْ أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يصبر أحد على لأوائها إلا كنت له شفيعاً، أو شهيداً يوم القيامة إذا كان مسلماً. رواه مسلم. (اللأواء) مهموزا ممدودا: هي شدة الضيق. 2 - وعن سعدٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنِّي أحرِّمُ ما بين لابتي المدينة: أن يقطع عضاهها، أو يقتل صيدها، وقال: المدينة خير لهمْ لوْ كانوا يعلمون لا يدعها أحد رغبة إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبتُ أحد لعى لأوائها وجهدها إلا كنتُ له شفيعاً، أو شهيداً يوم القيامة. زاد في رواية: ولا يريد أحد أهل (¬1) المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوْبَ الرَّصاص، أوْ ذوْب الملح في الماء. رواه مسلم. ¬
(لابتا المدينة) بفتح الباب مخففة: هو حرّتاها، وطرفاها. (والعضاه) بكسر العين المهملة، وبالضاد المعجمة، وبعد الألف هاء، جمع عضاهة: وهي شجرة الخمط، وقيل: بل كل شجرة ذات شوك، وقيل: ما عظم منها: 4 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليأتينَّ على أهل المدينة زمان ينطلق الناس منها إلى الأرياف يلتمسون الرَّخاء فيجدون رخاءً، ثمَّ يأتون فيتحمَّلون بأهليهم إلى الرَّخاء، والمدينة (¬1) خير لهمْ لو كانوا يعملون. رواه أحمد والبزار واللفظ له، ورجاله رجال الصحيح. (الأرياف) جمع ريف، بكسر الراء، وهو: ما قارب المياه في أرض العرب، وقيل: هو الأرض التي فيها الزرع والخصب، وقيل غير ذلك. 5 - وعن سفيان بن أبي زهيرٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تفتحُ اليمن، فيأتي قوم يبسُّون (¬2) فيتحمَّلون بأهْليهمْ، ومنْ أطاعهمْ، والمدينة خير لهمْ لوْ كانوا يعلمون، وتفتح الشَّام: فيأتي قوم يبسُّون فيتحملون بأهليهم ومنْ أطاعهمْ، والمدينة خير لهمْ لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق فيأتي قوم بيسُّون فيتحمَّلون بأهليهمْ ومن أطاعهم، والمدينة خيرٌ لهمْ لوْ كانوا يعلمون. رواه البخاري ومسلم. (البسّ) السَّوْق الشديد، وقيل: البسّ: سرعة الذهاب. 6 - وعن أبي أسيدٍ السَّاعديِّ رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله ¬
عليه وسلم على قبر حمزة بن عبد المطلب فجعلوا يجرُّون النَّمرة على وجههِ فتنكشف قدماه ويجرُّونها على قدميهِ فينكشف وجهه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها على وجههِ، واجعلوا على قدميه من هذا الشَّجرِ. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، فإذا أصحابه يبكون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه يأتي على الناس زمان يخرجون إلى الأرياف فيصبون منها مطعماً (¬1) وملبساً ومركباً، أوْ قال: مراكب فيكتبون إلى أهليهمْ: هلمَّ إلينا، فإنَّكم بأرض حجازٍ جدوبة، والمدينة خيرٌ لهمْ لوْ كانوا يعلمون. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. (النمرة) بفتح النون، وكسر الميم: وهي بردة من صوف تلبسها الأعراب 7 - وعنْ عمر رضي الله عنه قال: غلا السَّعرُ بالمدينة فاشتدَّ الجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصبروا وأبشروا، فإنَّي قد باركت على صاعكمْ ومدِّكمْ، وكُلوا ولا تتفرَّقوا، فإنَّ طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الخمسة والسِّتَّة، وإن البركة في الجماعة، فمنْ صبر على لأوائها وشدَّتها كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة، ومنْ خرج عنْها رغبةً عمَّا (¬2) فيها أبدل الله به منْ هو خير منها فيها، ومنْ أرادها بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء رواه البزار بإسناد جيِّد. ¬
8 - وعنْ أفلح موْلى أبي أيُّوب الأنصاري أنَّه مرَّ بزيد بن ثابتٍ، وأبي أيُّوب رضي الله عنهما، وهما قاعدان عند مسجد الجنائز، فقال أحدهما: لصاحبه تذكر حديثاً حدَّثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد الذي نحن فيه؟ قال: نعمْ، عن المدينة سمعتهُ، بزعمُ أنه سيأتي على الناس زمانٌ تفتح فيه فتحات الأرض فتخرج إليها رجالٌ يصيبون رخاء وعيشا وطعاماً، فيمرُّون على إخوانٍ لهمْ حجَّاجاً، أو عمَّاراً، فيقولون: ما يقيمكمْ في لأواء العيش، وشدَّة الجوع؟ فذاهب وقاعد، حتى قالها مراراً، والمدينة خير لهم (¬1) لا يثبت بها أحد فيصبر على لأوائها وشدَّتها حتى يموت إلا كنتُ له يوم القيامة شهيداً أوْ شفيعاً. رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد، ورواته ثقات. 9 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من استطاع أن يموت (¬2) بالمدينة فليمتْ بها، فإنِّي أشفع (¬3) لمن يموت بها. رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والبيهقي، ولفظ ابن ماجه: من استطاع منكمْ أن يموت بالمدينة فليفعلْ، فإنِّي أشهد لمن مات بها. 10 - وفي رواية للبيهقي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكمْ أن يموت بالمدينة فليمتْ فإنَّه من مات بالمدينة شفعتُ له يوم القيامة. 11 - وعن الصُّميتة امرأةٍ من بني ليثٍ رضي الله عنها أنَّها سمعتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من استطاع منكمْ أن لا يموت إلا بالمدينة فليمتْ بها فإنه من يمتْ بها نشفع له، أو نشهد له، رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي. 12 - وفي رواية للبيهقي: أنَّها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من استطاع أن يموت بالمدينة فليمتْ، فمن مات بالمدينة كنتُ له شفيعاً أو شهيداً. 13 - وعن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من استطاع منْكمْ أن يموت بالمدينة فليمتْ، فإنَّه لا يموت بها أحد إلا كنت له ¬
شفيعاً، أو شهيداً يوم القيامة. رواه الطبراني في الكبير، ورواته محتجّ بهم في الصحيح إلا عبد الله بن عكرمة، روي عنه جماعة ولم يخرجه أحد، وقال البيهقي: هو خطّاءٌ، وإنما هو عن صميتة كما تقدم. 14 - وعن امرأةٍ يتيمةٍ كانتْ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثقيفٍ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من استطاع منْكمْ أن يموت بالمدينة فليمتْ، فإنَّه من مات بها كنْتُ له شهيداً، أو شفيعاً يوم القيامة. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. 15 - وعنْ حاطبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ زارني بعد موتي فكأنَّما زارني في حياتي، ومن مات بأحد الحرمين (¬1) بُثَ من الآمنين يوم القيامة: رواه البيهقي عن رجل من آل حاطب له يسمه عن حاطب. 16 - وعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من زار قبري، أو قال: من زارني كنت له شفيعاً، أو شهيداً يوم القيامة، ومنْ مات في أحدِ الحرمين بعثه الله في الآمنين (¬2) يوم القيامة. رواه البيهقي وغيره عن رجل من آل عُمر لم يسمه عن عمر. 17 - وروي عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات في أحد الحرمين. بعث من الآمنين يوم القيامة، ومنْ زارني مُحتسباً (¬3) إلى المدينة كان في حواري يوم القيامة. رواه البيهقي أيضاً. (قال المملي) الحافظ رحمه الله، وقد صح من غير ما طريقٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الوباء والدّجال لا يدخلانها، اختصرت ذلك لشهرته. ¬
18 - وعنْ أبي قتادة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ، ثمَّ صلى بأرض سعدٍ بأرض الحرَّة عند بيوت السُّقيا، ثمَّ قال: اللهمَّ إنَّ إبراهيم خليلك وعبدك ونبيك دعاك لأهل مكَّة، وأنا محمَّدٌ عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة مثل ما دعاك به إبراهيم لمكَّة، ندعوك أن تبارك لهمْ في صاعهم ومدِّهمْ وثمارهم (¬1). اللهمَّ حبِّبْ إلينا المدينة كما حبَّبْت إلينا مكَّة، واجعل ما بها من وباء نجمٍ. اللهمَّ إني حرَّمت (¬2) ما بين لا بتيها (¬3) كما حرَّمت على لسان إبراهيم الحرم. رواه أحمد، ورجال إسناده رجال الصحيح. (خم) بضم الخاء المعجمة، وتشديد الميم: اسم غيضة بين الحرمين قريباً من الجحفة لا يولد بها أحد فيعيش إلى أن يحتلم إلا أن يرتحل عنها لشدة ما بها من الوباء والحمى بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وأظن غدير خمْ مضافاً إليها. 19 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: كان الناس إذا رأوا أوَّل الثَّمر جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإذا أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: اللهمَّ بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا (¬4)، وبارك لنا في صاعنا ومدِّنا. ¬
اللهمَّ إنَّ إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك، وإنِّي عبدك ونبيك وإنَّه دعاك لمكة، وإنِّي أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكَّة ومثله معه. قال: ثمَّ يدعو أصغر وليدٍ يراه فيعطيه ذلك الثَّمر (¬1). رواه مسلم وغيره. (قوله في صاعنا ومدّنا) يريد في طعامنا المكيل بالصاع والمد، ومعناه أنه دعا لهم بالبركة في أقواتهم جميعاً. 20 - وعنْ عائشة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهمَّ حبِّبْ إلينا المدينة كحُبِّنا مكَّة أو أشدَّ، وصصْها لنا، وبارك لنا في صاعها ومدِّها، وانقلُ حمَّاها فاجعلها بالجحفة (¬2). رواه مسلم وغيره، قيل إنما دعا بنقل الحمى إلى الجحفة لأنها كانت إذ ذاك دار اليهود. 21 - وعنْ عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنَّا عند السُّقيا التي كانت لسعدٍ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
وسلَّم: اللهمَّ إنَّ إبراهيم عبدك وخليلك دعاك لأهلِ مكَّة بالبركة، وأنا محمد عبدك ورسولك، وإنِّي أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهمْ في صاعهم ومدِّهم مثل ما باركت لأهل مكَّة، واجعل مع البركة بركتينِ. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد قوي. 22 - وعنْ أبي سعيدٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهمَّ بارك لنا في مدينتنا. اللهمَّ اجعلْ مع البركة بركتين، والذي نفسي بيده ما من المدينة شيء، ولا شعْبٌ (¬1) ولا نقْبٌ (¬2) إلا عليه ملكان يحرسانها. رواه مسلم في حديث. 23 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهمَّ اجعَلْ بالمدينة ضعفي ما جعلتَ بمكَّةَ من البركة. رواه البخاري ومسلم. 24 - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: دعا نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم فقال: اللهمَّ بارك لنا في صاعنا ومدِّنا، وبارك لنا في شامنا ويمننا، فقال رجلٌ من القومِ: يا نبيَّ الله وعراقنا؟ قال: إن بها قرن الشَّيطان، وتهيُّج الفتنِ، وإنَّ الجفاء بالمشرق. رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات. (قرن الشيطان) قيل معناه: أتباع الشيطان، وأشياعه، وقيل: شدته وقوته، ومجل ملكه وتصريفه، وقيل: غير ذلك. 25 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت في المنام امرأةً سوداء ثائرة الرَّأس خرجتْ حتى قامتْ بمهيعة، وهي: الجحفة، فأوَّلتُ أنَّ وباء المدينة نقل إلى الجحفة. رواه الطبراني في الأوسط، ورواة إسناد ثقات. ¬
(مهيعة) بفتح الميم، وإسكان الهاء بعدها ياء مثناة تحت، وعين مهملة مفتوحتين: اسم لقرية قديمة قديمة كانت بميقات الحج الشامي على اثنين وثلاثين ميلا من مكة، فلما أخرج العماليق بني عبيل إخوة عاد من يثرب نزولها فجاءهم سيل الجحاف بضم الجيم فجحفهم، وذهب بهم فسميت حينئذ الجحفة، بضم الجيم، وإسكان الحاء المهملة. 26 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المدينة قبَّة الإسلام (¬1)، ودار الإيمان، وأرض الهجرةِ (¬2) ومثوى الحلال والحرام. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد لا بأس به. 27 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيرُ ما ركبتْ إليه الرَّواحل مسجد إبراهيم (¬3) صلى الله عليه وسلم، ومسجدي (¬4). رواه أحمد بإسناد حسن، والطبراني وابن خزيمة في صحيحه إلا أنه قال: مسجدي هذا، والبيت المعمور. وابن حبان في صحيحه، ولفظه: إنَّ خير ما ركبتْ إليه الرَّواحل مسجدي هذا، والبيت العتيق. (قال الحافظ). وقد صح من غير ما طريقٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تشدُّ الرَّواحل إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى. 28 - وعنْ سعدٍ رضي الله عنه قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك تلقَّاه رجالٌ من المتخلِّفين من المؤمنين فأثار غباراً فخمَّر (¬5) بعض من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفه، فأزال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللِّثام عن وجههِ، وقال: والذي نفسي بيدهِ إنَّ في غبارها (¬6) شفاء من كلِّ داء. قال: وأراه ذكر، ومن الجذم، والبرص. ذكره رزين العبدري في جامعة، ولم أره في الأصول. 29 - وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة: التمس لي غلاماً من غلْمانكم يخدمني، فخرج أبو طلحة يرد فني وراءه ¬
فكنت أخدمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كلَّما نزل. قال: ثمَّ أقبل حتى إذا بدا له أحد قال: هذا جبل يحبُّنا ونحبُّه (¬1) فلما أشرف على المدينة قال: اللهمَّ إني أحرِّم ما بين جبليها مثل ما حرَّم إبراهيم مكَّة ثمَّ قال: اللهمَّ بارك لهمْ في مدِّهم وصاعهمْ. رواه البخاري ومسلم، واللفظ له. (قال الخطابي): في قوله: هذا جبل يحبنا ونحبه، أراد به أهل المدينة وسكانها، كما قال تعالى: واسئل القرية: أي أهل القرية. قال البغوي: والأولى إجراؤه على ظاهره، ولا ينكر وصف الجمادات بحب الأنبياء والأولياء، وأهل الطاعة كما حنت الاسطوانة على مفارقته صلى الله عليه وسلم، حتى سمع القوم حنينها إلى أن سكنَّها، وكما أخبر أن حجراً كان يسلم عليه قبل الوحي، فلا ينكر عليه، ويكون جبل أحد، وجمع أجزاء المدينة تحبه، وتحنّ إلى لقائه حالة مفارقته إياها. (قال الحافظ) وهذا الذي قال البغوي حسن جيِّد، والله أعلم. 30 - وقد روي الترمذي من حديث الوليد بن أبي ثور، عن السدي عن عبادة ابن أبي يزيد، عن علي بن أبي طالب قال: كنت مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم بمكِّة فخرجنا في بعض نواحيها فما استقبله جبل ولا شجرٌ إلا وهو يقول: السَّلام عليك يا رسول الله. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. 31 - وعنْه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. أحدٌ جبلٌ ¬
يُحبُّنا ونُحبهُ، فإذا جئتموه فكلوا من شجرهِ (¬1) ولوْ منْ عاضهِ. رواه الطبراني في الأوسط من رواية كثير بن زيد. 32 - ورواه ابن ماجة من رواية محمد بن اسحق عن عبد الله بن مكنف عن أنس، وهذا إسناد واهٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ جبل (¬2) أحدٍ يُحبنا ونحبُّه، وهو على ترعةٍ من ترع الجنَّة، وعير على ترْعةِ من ترعِ النَّار. (قال المملي) رضي الله عنه: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ما طريقٍ وعن جماعة من الصحابة أنه قال لأحدٍ: هذا جبلٌ يُحبنا ونحبُّه. والزيادة على هذا عند الطبراني غريبة جدا. (العضاه) تقدم (والترعة) بضم التاء المثناة فوق، وسكون الراء بعدها عين مهملة مفتوحة: هي الروضة، والباب أيضا، وهو المراد في هذا الحديث. فقد جاء مفسرا في حديث أبي عنبس ابن جبر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأحدٍ: ¬
الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء
هذا جبل يحبُّنا ونحبُّه، على بابٍ من أبواب الجنَّةِ، وهذا عير: جبل يبغضنا ونبغضه، على بابٍ منْ أبواب النَّار. رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط. 33 - وروي عنْ سهل بن سعدٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحد ركن من أركان الجنَّة. رواه أبو يعلي والطبراني في الكبير. 34 - وعنْ سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كُنتُ أرمي الوحش وأصيدها وأهدي لحمها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما لوْ كنْتَ تصيدها بالعقيق لشيَّعْتك إذا ذهبتَ، وتلقيتك إذا جئت، فإنَّي أحبُّ العقيق (¬1). رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. 35 - وعنْ عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني آتٍ وأنا بالعقيق فقال: إنَّك بوادٍ مباركٍ (¬2). رواه البزار بإسناد جيد قويّ. 36 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: حدَّثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتاني الليلة آتٍ من ربِّي، وأنا بالعقيق: أن صلِّ في هذا الوادي المبارك رواه ابن خزيمة في صحيحه. (الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء) 1 - عنْ سعدٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: لا يكيد أهل المدينة أحد (¬3) إلا انماع (¬4) كما ينماع الملح في الملح. رواه البخاري ومسلم. 2 - وفي رواية لمسلم: ولا يريد أحد أهل المدينة بسوءٍ إلا أذابه الله في النَّارِ ¬
ذوْبَ الرَّصاص، أوْ ذوْبَ الملح في الماء. وقد روي هذا الحديث عن جماعة من الصحابة في الصحاح وغيرها. 3 - وعنْ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن أميراً من أمراء الفتنةِ قدم المدينة، وكان قد ذهب بصرُ جابرٍ، فقيل لجابر: لوْ تنحَّيْتَ عنه فخرج يمشي بين ابنيهِ فانكبَّ (¬1)، فقال: تعسَ من أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابناه أوْ أحدهما: يا أبتاه: وكيف أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مات؟ فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبيَّ (¬2). رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. 4 - ورواه ابن حبان في صحيحه مختصرا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ أخاف أهل المدينة أخافه الله (¬3). 5 - وعنْ عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: اللهمَّ من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (¬4)، ولا يُقبل منه صرف، ولا عدلٌ. رواه الطبراني في الأوسط والكبير بإسناد جيد. ¬
6 - وروي النسائي والطبراني عن السائب بن خلاد رضي الله عنه عن رسول الله ¬
صلى الله عليه وسلم قال: اللهمَّ من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخِفْهُ، وعليه لعنةُ الله ¬
والملائكة والنَّاس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً. ¬
7 - وفي رواية للطبراني قال: من أخاف أهل المدينة أخافه الله يوم القيامة ¬
وغضب عليه، ولم يقبلْ منه صرفاً، ولا عدلاً. ¬
(الصرف): هو الفريضة. (العدل): التطوع. قال سفيان الثوري، وقيل: هو ¬
النافلة، والعدل: الفريضة، وقيل: الصرف التوبة، والعدل: الفدية. قال مكحول، وقيل: ¬
الصرف الاكتساب، والعدل: الفدية، وقيل: الصرف الوزن، والعدل: الكيل، ¬
وقيل غير ذلك. 8 - وروي عنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ آذى أّل المدينة آذاه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين، ولا يقبل منه صرفٌ ولا عدلٌ رواه الطبراني في الكبير. ¬
كتاب الجهاد
9 - وعنْ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمَّ اكفهمْ من دهمهم ببأسٍ، يعني أهل المدينة، ولا يريدها أحد بسوء إلا أذابه الله كما يذوب الملح في الماء، رواه باسناد حسن، وآخر في الصحيح بنحوه وتقدم. (دهمهم) محركة: أي غشيهم بسرعة، والله أعلم. (كتاب الجهاد) الترغيب في الرباط في سبيل الله عز وجل 1 - وعنْ سهلِ بن سعدٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رباط يومٍ في سبيل الله (¬1) خير من الدنيا (¬2)، وما عليها (¬3)، وموضع سوط أحدكم (¬4) من الجنَّة خير من الدنيا وما عليها. والرَّوْحة يروحها العبد في سبيل الله، أو الغدوة (¬5) خير من الدنيا وما عليها (¬6). رواه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم. ¬
(الغدوة) بفتح الغين المعجمة: هي المرّة الواحدة من الذهاب. (والرّوحة) بفتح الراء: المرة الواحدة من المجيء. 2 - وعنْ سلمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رباط يومٍ وليلة خير من صيام شهرٍ وقيامه، وإنْ مات فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل، وأجرى عليه رزقه، وأمن من الفُتَّان (¬1). رواه مسلم واللفظ له والترمذي والنسائي والطبراني، وزاد: وبعث يوم القيامة شهيداً. 3 - وعن فضالة بن عبيدٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كلُّ ميتٍ يختم على عملهِ إلا المرابط في سبيل الله، فإنَّه يُنمَّى له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتنة القبر. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وابن حبان في صحيحه. وزاد في آخره قال: وسمعتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المجاهد من جاهد نفسه لله عزَّ وجلَّ، وهذه الزِّيادة في بعض نسخ الترمذي. 4 - وعن أبي الدَّرداء رضي الله عنه عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رباط شهر خيرٌ من صيام دهرٍ، ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر (¬2)، وغدى عليه برزقهِ (¬3)، وريح من الجنَّة، ويجرْى عليه أجر المرابط (¬4) حتى يبعثه الله عزَّ وجلَّ. رواه الطبراني، ورواته ثقات. 5 - وعن العرباضِ بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلُّ عملٍ ينقطع عنْ صاحبهِ إذا مات إلا المرابط في سبيل الله، ¬
فإنَّه يُنمَّي له عمله (¬1)، ويجري عليه رزقه (¬2) إلى يوم القيامة. رواه الطبراني في الكبير بإسنادين، رواة أحدهما ثقات. 6 - وعنْ أمِّ الدَّرداء رضي الله عنها ترْفع الحديث قال: من رابط في شيء منْ سواحل المسلمين (¬3) ثلاثة أيَّامٍ أجزأت عنه رباط سنةٍ. رواه أحمد من رواية إسماعيل ابن عياش عن المدنيين، وبقية إسناده ثقات. 7 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ مات مرابطاً في سبيل الله أجرى عليه أجر عملهِ الصَّالح الذي كان يعمل، وأجرى عليه رزقه، وأمن منْ الفتَّانِ، وبعثه الله يوم القيامة آمناً من الفزع الأكبرِ. رواه ابن ماجه بإسناد صحيح والطبراني في الأوسط أطول منه، وقال فيه: والمرابط إذا مات في رباطهِ كتبَ له أجرُ عملهِ إلى يوم القيامة، وغدى عليه، ورويح برزقهِ، ويزوَّج سبعين حوراء، وقيل له: قف اشفعْ إلى ¬
أن يفرغ من الحساب (¬1). وإسناده مقارب. 8 - وعنْ واثلة بن الأسقعِ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: منْ سنَّ سنةً حسنة فله أجرها ما عمل بها في حياته وبعد مماته حتى تترك، ومنْ سنَّ سنَّة سيئة فعليه إثما (¬2) حتى تترك، ومن مات مرابطاً في سبيل الله جرى عليه عمل المرابط في سبيل الله حتى يُبعث يوم القيامة (¬3). رواه الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به. 9 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أجر الرِّباط فقال: من رابط ليلة حارساً من وراء المسلمين كان له أجرُ منْ خلفهُ ممنْ صام وصلَّى. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد. 10 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رابط يوماً في سبيل الله جعل الله بينه وبين النَّار سبع خنادق (¬4) كلُّ خندقٍ كسبعِ سمواتٍ، وسبع أرضين. رواه الطبراني في الأوسط وإسناده لا بأس به إن شاء الله، ومتنه غريب. 11 - وروي عن أبيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لرباط يومٍ في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسباً من غير شهر رمضان أعظم أجراً من عبادة مائة سنةٍ صيامها وقيامها، ورباط يومٍ في سبيل الله من وراء عورات (¬5) المسلمين محتسباً من شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم أجراً، أراه قال: أفضل منْ عبادة ألفي سنةٍ صيامها وقيامها، فإنْ ردَّه الله إلى أهله سالما لمْ تكتبْ عليه سيئة ألف سنةٍ، وتكتب له الحسنا، ويجرى له أجر الرِّباط إلى يوم القيامةِ رواه ابن ماجه، وآثار الوضع ظاهرة عليه، ولا عجب فراويه عمر بن صبيح الخراساني، ولولا ¬
أنه في الأصول لما ذكرته. 12 - وعنْ مجاهدٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه كان في الرِّباط ففزعوا إلى الساحل، ثمَّ قيل: لا بأس فانصرف النَّاس ووقف أبو هريرة فمرَّ به إنسان فقال: مايُوِ قُفكَ يا أبا هريرة؟ فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: موقفُ ساعةٍ في سبيل الله (¬1) خيرٌ من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود. رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي وغيرهما. 13 - وعنْ عثمان بن عفَّان رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رباط يومٍ في سبيل الله خير من ألف يومٍ فيما سواه من المنازلِ (¬2). رواه النسائي والترمذي، وقال: حديث حسن غريب. 14 - ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم، وزاد: فلْينتظرْ كلُّ امرئ لنفسه، وهذه الزِّيادة مدرجةٌ من كلام عثمان غير مرفوعةٍ، كذا جاءتْ مبينة الترمذي، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاريّ. 15 - ورواه ابن ماجه إلا أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رابط ليلةً في سبيل الله كانت كألفِ ليلةٍ ليلة صيامها وقيامها. 16 - وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن صلاة المرابط تعدل خمسمائة صلاة (¬3) ونفقة الدِّينار والدِّرْهم منه أفضل منْ سبعمائة دينارٍ ينفقه في غيره. رواه البيهقي. 17 - وروي أبو الشيخ وغيره من حديث أنس: إنَّ الصلاة بأرض الرباط بألفي ألف (¬4) صلاة، وفيه نكارة. ¬
18 - وعنْ عتبةَ بن المنذر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتاط (¬1) غزوكمْ، وكثرت العزائمُ، واستُحلَّتِ الغنائم فخير جهادكم الرِّباط (¬2). رواه ابن حبان في صحيحه. 19 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: تعسَ عبد الدِّينار، وعبد الدِّرهم، وعبد الخميصة. زاد في رواية: وعبد القطيفة إنْ أعطى رضي، وإنْ لمْ يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبدٍ آخذٍ بعنان فرسهِ في سبيل الله أشعث رأسه مغبرَّة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسةِ، وإنْ كان السَّاقة كان في السَّاقة، إن استأذن لمْ يؤذن له، وإن شفع لمْ يشفَّع. رواه البخاري. (القطيفة): كساء له خمل يجعل دثارا. (والخميصة) بفتح الخاء المعجمة: ثوب معلم من خزّ، أو صوف. (وانتكس): أي انقلب على رأسه خيبة، وخسارا. (وشيك) بكسر، الشين المعجمة، وسكون الياء المثناه تحت: أي دخلت في جسمه شوكة، وهي واحدة الشوك، وقيل: الشوكة هنا السلاح، وقيل: النكاية في العدوّ. (والانتقاش) بالقاف والشين المعجمة: نزعها بالمنقاش. وهذا مثل معناه: إذا أصيب فلا انجبر. (وطوبى): اسم الجنة، وقيل: اسم شجرة فيها، وقيل: فعلى من الطيب، وهو الأظهر. 20 - وعنْه رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من خير معاش النَّاس لهمْ رجل يمسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنهِ كُلَّما سمع هيعةً، أوْ فزعة طار على متنهِ يبتغي القتل، أو الموت مظانَّه، ورجلٌ في غنيمةٍ في شفعةٍ منْ هذه الشَّعفاء، وبطن وادٍ منْ هذه الأودية، بقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد ربَّه حتى يأتيه اليقين ليْس من الناس إلا في خيرٍ. رواه مسلم والنسائي. (متن الفرس): ظهره. (والهيعة) بفتح الهاء، وسكون الياء: كل ما أفزع من جانب العدو من صوت أو خبر. (والشعفة) بالشين المعجمة والعين المهملة مفتوحين: هي رأس الجبل. ¬
الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى
21 - وعنْ أمِّ مالكٍ البهزيَّة رضي الله عنها قالتْ: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنةً فقرَّبها؟ قالتْ: يا رسول الله من خيْرُ الناس فيها؟ قال: رجل في ماشيةٍ يؤدِّي حقَّها (¬1) ويبعدُ ربَّه، ورجل آخذ برأس فرسهِ يخيف العدوَّ ويخيفونه (¬2)، رواه الترمذي عن رجل عن طاوس عن أمّ مالك، وقال: حديث غريب من هذا الوجه، ورواه ليث بن أبي سليم عن طاوس عن أم مالك انتهى. 22 - ورواه البيهقي مختصراً من حديث أم مبشر تبْلغُ به النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: خيرُ النَّاس منزلة رجلٌ على متن فرسهِ يخيف العدوَّ ويخيفونه. (الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى) 1 - عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عينان لا تمسُّهما النَّار: عين بكت من خشية الله (¬3)، وعين باتت تحرس في سبيل الله (¬4). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. 2 - وعنْ معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حرس منْ وراء المسلمين (¬5) في سبيل الله تبارك وتعالى متطوعاً لا يأخذه سُلْطان (¬6) لم ير النار بعينه (¬7) إلا تحلَّة القسم (¬8) فإنَّ الله تعالى يقول: وإنْ منكمْ إلا واردها. رواه أحمد وأبو يعلي والطبراني، ولا بأس بإسناده في المتابعات. (تحلة القسم). هو بفتح التاء المثناه فوق، وكسر الحاء المهملة، وتشديد اللام بعدها تاء تأنيث معناه: تكفير القسم، وهو اليمين. ¬
3 - وروي عنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حرس ليلةٍ في سبيل الله أفضل منْ صيام رجلٍ وقيامهِ في أهله ألف سنةٍ السَّنة ثلاثمائة يومٍ وستُّون يوماً، اليوم كألفِ سنةٍ. رواه ابن ماجه ويشبه أن يكون موضوعاً. 4 - ورواه أبو يعلي مختصرا قال: منْ حرس ليلةً على ساحل البحرِ (¬1) كان أفضل من عبادتهِ في أهلهِ ألف سنةٍ. 5 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عينانِ لا تمسُّهما النَّار أبداً: عينٌ باتتْ تكلأ في سبيل الله (¬2)، وعينٌ بكتْ من خشية الله (¬3). رواه أبو يعلي، ورواته ثقات، والطبراني في الأوسط إلا أنه قال: عينانِ لا تريان النَّار. (تكلأ مهموزاً): أي يحفظ ويحرس. 6 - وعنْ معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ترى أعينهمُ النَّار: عينْ حرست في سبيل الله، وعين بكتْ من خشية الله، وعينٌ كفَّتْ عن محارم الله (¬4). رواه الطبراني ورواته ثقات إلا أن أبا الحبيب العبقري لا يحضرني حاله. 7 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكمْ ¬
ليْلة أفضل من ليلة القدر، حارس حرس في أرض خوفٍ لعَّله أن لا يرجع إلى أهله. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري. 8 - وعنْ عثمان رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حرس (¬1) ليلةٍ في سبيل الله أفضل من ألف ليلةٍ يقام ليلها، ويصام نهارها. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 9 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة أعين لا تمسُّها النار: عينٌ فقئت في سبيل الله، وعين حرستْ في سبيل الله، وعين بكتْ من خشية الله. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. (قال المملي) رضي الله عنه: بل في إسناده عمر بن راشد اليماني. 10 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حرَّم على عينين أن تنالهما النَّار: عين بكتْ منْ خشية الله، وعين باتت تحرس الإسلام وأهله من الكفر. رواه الحاكم، وفي إسناده انقطاع. 11 - وعنْ أبي ريحانة رضي الله عنه قال: كُنَّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ فأتيننا ذات يومٍ على شرفٍ فبتنا عليهِ فبتنا عليه فأصابنا برد شديدٌ حتى رأيتُ منْ يحفر في الأرض حفرةً يدخل فيها، ويلْقى عليه الحجفة يعني التُّرس، فلمَّا رأي ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس قال: منْ يحرسنا الليلة، وأدْعو له بدعاء يكون فيه فضلٌ؟ رجلٌ من الأنصار: أنا يا رسول الله، قال: ادنُهْ فدنا، فقال: من أنت؟ ¬
فتسمَّى له الأنصاريُّ، ففتح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدُّعاء فأكثر منه. قال أبو ريحانة: فلمَّا سمعت مادعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أنا رجل آخر قال: ادنهْ فدنوْتُ، فقال: منْ أنتَ؟ فقلت: أبو ريحانة فدعا لي بدعاء، وهو دون ادعا للأنصاري، ثمّ قال: حرِّمت النَّار على عين دمعتْ، أو بكتْ من خشية الله، وحرِّمت النار على عينٍ سهرت في سبيل الله عز وجلَّ، وقال: حرِّمت النار على عينٍ أخرى ثالثةٍ لمْ يسمعها محمد بن شميرٍ. رواه أحمد واللفظ له، ورواته ثقات للنسائي ببعضه والطبراني في الكبير، والأوسط والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 12 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلُّ عينٍ باكية يوم القيامة إلا عين غضَّت عن محارم الله، وعينٌ سهرتْ في سبيل الله، وعينٌ خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله. رواه الأصبهاني. 13 - وعنْ سهلِ بن الحنظليَّة رضي الله عنه أنَّهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنينٍ فأطنبوا السير حتى كان عشيةً، فحضرتُ صلاة الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فارس فقال: يا رسول الله إني انطلقتُ بين أيديكمْ حتى طلعت على جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم بظعنهمْ ونعمهمْ ونسائهمُ اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك غنيمة المسلمين غداً إن شاء الله تعالى، ثم قال: من يحرسنا الليلة؟ قال أنس بن أبي مرثدٍ الغنويُّ: أنا يا رسول الله. قال: ارْكبْ فركب فرساً له، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقبلْ هذا الشِّعْب (¬1) حتى تكون ¬
في أعلاه، ولا تُغرَّنَّ من قبلك الليلة، فلما أصبحنا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلاه فركع ركعتين، ثم قال: هل أحسستم فارسكمْ؟ قالوا: يا رسول الله ما أحسسناه فثوِّب بالصلاة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي، وهو يلتفت إلى الشعبِ حتى إذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أبشروا فقد جاء فارسكم، فجعلنا ننظر إلى خلال الشَّجر في الشِّعبِ، فإذا هو قدْ جاء حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشِّعب حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحت اطَّلعت الشعبين كلاهما فنظرت فلمْ أر أحداً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلْ نزلتَ الليلة؟ قال لا: إلا مصليا أوْ قاضي حاجةٍ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قدْ أوْ جببتَ فلا عليك أن لا تعمل بعدها. رواه النسائي، وأبو داود واللفظ له. (أوجبت): أي أتيت بفعل أوجب لك الجنة. ¬
الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم في أهلهم
الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم في أهلهم 1 - عنْ خريمْ بن فاتكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ أنفقَ نفقة في سبيل الله كتبتْ بسبعمائة ضعفٍ (¬1). رواه النسائي والترمذي، وقال: حديث حسن، وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال صحيح الإسناد. 2 - وروي البزار حديث الاسراء من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية، أو غيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بفرسٍ يجعلُ كلَّ خطوٍ منه أقصى بصرهِ (¬2) فسار وسار معه جبرائيل عليه السلام فأتى على فومٍ يزرعون في يومٍ، ويحصدون (¬3) في يوم كلما حصدوا عاد كما كان، فقال: يا جبرائيل منْ هؤلاء؟ قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنات بسبعمائة ضعفٍ وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه (¬4) فذكر الحديث بطوله. 3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما نزلتْ: مثل الذين ينفقون أموالهمْ في سبيل الله كمثل حبَّةٍ أنبتتْ سبع سنابل في كلِّ سنبلةٍ مائة حبةٍ والله يضاعف لمنْ يشاء والله واسع عليم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رب زد أمَّتي، فنزلتْ: إنما يوفَّى الصابرون أجرهمْ بغير حساب. رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي. 4 - وعن الحسن بن علي بن أبي طالب، وأبي الدرداء، وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وعمران بن حصين رضي الله عنهم، كلهم يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أرسل نفقةً في سبيل الله، وأقام في بيته فله بكلِّ درهمٍ سبعمائة درهمٍ، ومنْ غزا بنفسه في سبيل الله، وأنفق في وجهه ذلك فله بكلِّ درهمٍ سبعمائة ألف درهمٍ، ثمَّ تلا هذه الآية: والله يضاعف لمن يشاء. رواه ابن ماجه عن الخليل بن عبد الله، ولا يحضرني فيه جرح. ولا عدالة عن ¬
الحسن عنهم، ورواه ابن أبي حاتم عن الحسن عن عمران فقط. (قال الحافظ): والحسن لمن يسمع من عمران، ولا من ابن عمر، وقال الحاكم: أكثر مشايخنا على أن الحسن سمع من عمران انتهى. والجمهور على أنه لم يسمع من أبي هريرة أيضاً وقد سمع من غيرهم، والله أعلم. 5 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: طوبى (¬1) لمنْ أكثر في الجهاد في سبيل الله من ذكر الله، فإنَّ له بكلِّ كلمة سبعين ألف حسنةٍ، كلُّ حسنة منها عشرة أضعافٍ مع الذي له عند الله من المزيد (¬2). قيل يا رسول الله: النَّفقة؟ قال: النفقة على قدر ذلك. قال عبد الرحمن، فقالت لمعاذٍ: إنَّما (¬3) النفقة بسبعمائة ضعفٍ، فقال معاذ: قلَّ فهْمك، إنما ذاك إذا أنفقوها وهمْ مقيمون في أهليهم غير غزاةٍ، فإذا غزوا، وأنفقوا خبأ الله (¬4) لهمْ من خزائن رحمته ما ينقطع عنه علم العباد وصفتهم (¬5) فأولئك حزب الله، وحزب الله هم الغالبون. رواه الطبراني في الكبير، وفي إسناده راو لم يسم. 6 - وعنْ زيد بن خالدٍ الجهنيِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جهَّز (¬6) غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومنْ خلف غازياً في أهله بخيرٍ (¬7) فقد غزا. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي. 7 - ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه: منْ جهَّز غازياً في سبيل الله، أوْ خلفه في أهله كتب الله له مثل أجره حتى إنَّه لا ينقص من أجر الغازي شيء. ورواه ابن ماجه بنحو ابن حبان لم يذكر: خلفه في أهله. 8 - وروى ابن ماجه أيضاً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعتُ ¬
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من جهَّز غازيا حتى يستقلَّ (¬1) كان له مثل أجره حتى يموت، أو يرجع. 9 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني لحيان: ليخرجْ من كلِّ رجلين رجلٌ، ثمَّ قال: للقاعد أيُّكم خلف الخارج في أهله فله مثل أجرهِ. رواه مسلم، وأبو داود وغيرهما. 10 - وعنْ زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: منْ جهَّز غازياً في سبيل الله فله مثل أجره، ومنْ خلف غازياً في أهله بخير، أو أنفق على أهله فله مثل أجرهِ. رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح. 11 - وعنْ عبد الله بن سهل بن حنيفٍ رضي الله عنه أن سهلا رضي الله عنه حدَّثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أعان مجاهداً في سبيل الله، أو غارماً (¬2) في عسرته أو مكاتباً (¬3) في رقبته أظلَّه يوم لا ظل إلا ظله. رواه أحمد والبيهقي كلاهما عن عبد الله بن عقيل عنه. 12 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ أظلَّ (¬4) رأس غازٍ أظله الله يوم القيامة، ومن جهَّز غازيا في سبيل الله فله ¬
مثل أجره وَمن بنى لله مَسْجِدا يذكر فِيهِ اسْم الله بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة ¬
رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ. ¬
الترغيب في احتباس الخيل للجهاد لا رياء ولا سمعة، وما جاء في فضلها، والترغيب فيما يذكر منها والنهي عن قص نواصيها لأن فيها الخير والبركة
13 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصَّدقات ظلُّ فُسطاطٍ في سبيل الله، ومنحة خادمٍ في سبيل الله، أوْ طروقة فحلٍ في سبيل الله. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. (طروقة الفحل) بفتح الطاء وبالإضافة: هي الناقة التي صلحت لطرق الفحل، وأقلّ سنها: ثلاث سنين، وبعض الرَّابعة، وهذه هي الحقة، ومعناه أن يعطي الغازي خادماً، أو ناقة هذه صفتها، فإن ذلك أفضل الصدقات. الترغيب في احتباس الخيل للجهاد لا رياء ولا سمعة، وما جاء في فضلها والترغيب فيما يذكر منها، والنهي عن قص نواصيها لأن فيها الخير والبركة 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من احتبسَ فرساً في سبيل الله (¬1) إيماناً بالله وتصديقاً بوعدهِ (¬2) فإنَّ شبعة (¬3) وريَّهُ (¬4) وروثه، وبوله في ميزانهِ يوم القيامة، يعني حسناتٍ (¬5). رواه البخاري والنسائي وغيرهما. 2 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله: فالخيل؟ قال: الخيل ثلاثة: هي لرجلٍ وزرٌ، وهي لرجلٍ سترٌ، وهي لرجلٍ أجرٌ، فأمَّا الذي هي له وزرٌ (¬6): فرجل ربطها رياء وفخراً، ونواء (¬7) لأهل الإسلام فهي له وزرٌ، وأمَّا التي هي له سترٌ: فرجل ربطها في سبيل الله، ثمَّ لمْ ينس حق الله في ظهورها، ولا رقابها فهي له ستر، وأما التي هي له أجرٌ: فرجل ربطها في سبيل الله تعالى لأهلِ الإسلام في مرجٍ (¬8) أو روضةٍ (¬9) فما أكلتْ من ذلك المرج أو الرَّوضة من شيء إلا كتب الله له ¬
عدد ما أكلت حسناتٍ، وكتب له عدد أرواثها (¬1) وأبوالها حسناتٍ، ولا تقطع طوالها فاستنَّتْ شرفاً، أو شرفين إلا كتب الله له عدد آثارها وأروثها حسناتٍ، ولا مرَّ بها صاحبها على نهرٍ فشربتْ منه ولا يريد أن يسقيها إلا كتب الله تعالى له عدد ما شربتْ حسناتٍ. رواه البخاري ومسلم واللفظ له، وهو قطعة من حديث تقديم بتمامه في منع الزكاة. 3 - ورواه ابن خزيمة في صحيحه إلا أنه قال: فأمَّا الذي هي له أجرٌ: فالذي يتخذها في سبيل الله (¬2)، ويعدها له لا تغيِّب في بطونها شيئاً إلا كتب له بها أجرٌ، ولوْ عرض مرجاً، أومرجينِ (¬3) فرعاها صاحبها فيه كتب له بما غيَّبت في بطونها أجر ولو استنَّذت شرفاً، أو شرفين تب له بكلِّ خطوة خطاها أجر، ولوْ عرض نهراً فسقاها به كانت (¬4) له بكلِّ قطرة غيبَّبت في بطونها منه أجر حتى ذكر الأجر في أوراثها وأبوالها. وأما التي هي له سترٌ: فالذي يتخذها تعففاً وتجملاً وتستراً، ولا يحبسُ حق ظهورها وبطونها في يسرها وعسرها: وأما الذي عليه وزرٌ: فالذي يتخذها أشراً وبطراً وبذخاً عليهم، الحديث. 4 - ورواه البيهقي مختصرا بنحو لفظ ابن خزيمة، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخيل (¬5) معقود في نواصيها (¬6) الخير إلى يوم القيامة، والخيل ثلاثةٌ: خيل ¬
أجرٍ، وخيل وزرٍ، وخيل سترٍ، فأمَّا خيل سترٍ: فمن اتَّخذها تعففاً وتكرُّما وتجملا، ولم ينس حقَّ ظهورها (¬1) وبطونها (¬2) في عسْرهِ ويسرهِ، وأما خيل الأجر فمن ارتبطها في سبيل الله، فإنَّها لا تغيب في بطونها شيئاً إلا كان له أجرٌ حتى ذكر أرواثها وأبوالها، ولا تعدو في وادٍ شوطاً أو شوطين إلا كان في ميزانهِ، وأما خيل الوزرِ، فمن ارتبطها تبذُّخا على الناس، فإنَّها لا تغيِّبُ في بطونها شيئاً إلا كان وزراً حتى ذكر أرْواثها وأبوالها، ولا تعدو في وادٍ شوطاً أو شوطين إلا كان عليه وزرٌ. (النواء) بكسر النون وبالمد: هو المعاداة. (الطِّوال) بكسر الطاء، وفتح الواو: هو حبل تشدّ به الدابة، وترسلها ترعى. (واستنت) بتشديد النون: أي جرت بقوة. (والشرف) بفتح الشين المعجمة، والراء جميعا: هو الشوط، ومعناه جرت بقوة شوطاً، أو شوطين كما جاء مفسراً في لفظ البيهقي. (البذخ) بفتح الباء الموحدة، وسكون الذال المعجمة آخره خاء معجمة: هو الكبر، والتبذخ التكبر، ومعناه أنه اتخذ الخيل تكبراً وتعاظماً، واستعلاء على ضعفاء المسلمين وفقرائهم. 5 - وعنْ أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
الخيل في نواصيها الخير معقود أبداً إلى يوم القيامة، فمن ارتبطها عدَّة في سبيل الله وأنفق عليها احتساباً في سبيل الله، فإنَّ شعبها وجوعها وريَّها وظمأها وأرْواثها وأبوالها فلاحٌ في موازينهِ (¬1) يوم القيامة، ومن ارتبطها رياءً وسمعة ومرحاً وفرحاً، فإن شعبها وجوعها وريها وظمأها، وأرواثها وأبوالها خسرانٌ (¬2) في موازينه يوم القيامة. رواه أحمد باسناد حسن. 6 - وروي عن خبَّابِ بن الأرتِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخيل ثلاثة: ففرس للرحمن، وفرس للإنسان، وفرس للشَّيطان، فأمَّا فرس الرَّحمن فما اتُّخذ في سبيل الله، وقتل عليه أعداء الله، وأما فرس الإنسان فما استبطنَ وتجمِّل (¬3) عليه، وأمَّا فرس الشيطان: فما روهن عليه، وقومر عليه. رواه الطبراني وهو غريب. 7 - وعن رجلٍ من الأنصار رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: الخيل ثلاثة: فرس يرتبطه الرَّجل في سبيل الله عزَّ وجلَّ فثمنه أجرٌ، وركوبه أجرٌ، وعاريَّته أجرٌ، وفرس يغالق (¬4) عليه الرجل ويراهن: فثمنه وزرٌ، وركوبه به وزرٌ، وفرسٌ للبطنة: فعسى أن يكون سداد من الفقر إن شاء الله. رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. 8 - وعنْ عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الخيل ثلاثةٌ: فرس (¬5) للرَّحمن (¬6)، وفرس للإنسان (¬7)، وفرس للشَّيطان (¬8)، فأما فرس الرَّحمن: فالذي يرتبط (¬9) في سبيل الله عز وجلَّ فعلفه وبوله وروْثهُ، وذكر ¬
ما شاء الله، وأما فرس الشيطان: فالذي يقامر عليه ويراهن (¬1)، وأما فرس الإنسانِ: فالفرس يرتبطها الإنسان يلتمس بطنها (¬2)، فهي ستر من فقرٍ. رواه أحمد أيضا باسناد حسن. 9 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة: ومثل المنفق عليه كالمتكفِّفِ بالصدقةِ. رواه أبو يعلي والطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح، وهو في الصحيح باختصار النفقة. 10 - وروي ابن حبان في صحيحه شطره الأخير قال: مثل المنفقِ على الخيل كالمتكتفِّفِ بالصدقة، فقلت لعمر: ما المتكفِّف بالصَّدقة؟ قال الذي يعطي بكفِّهِ (¬3). 11 - وعنْ أبي كبشة رضي الله عنه صاحب النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: الخيل معقود في نواصيها الخير (إلى يوم القيامة) (¬4) وأهلها معانون عليها، والمنفق عليها كالباسط يده بالصَّدقة. رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 12 - وروي عن عريبٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: الخيل معقود في نواصيها الخير والنَّيْل إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها، والمنفقُ عليها كالباسط (¬5) يده بالصَّدقة، وأبوالها وأرْواثها لأهلها عند الله يوم القيامة من مسكِ الجنة. رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفي نكارة. 13 - وعنْ سهل بن الحنظلية، وهو سهل بن الرَّبيع بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المنفقُ على الخيل كالباسط يده بالصَّدقة لا يقبضها (¬6). رواه أبو داود. ¬
14 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الخيلُ معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة. رواه مالك والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه. 15 - وعنْ عروق بن أبي الجعدِ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: الخيل معقود في نواصيها الخير: الأجر والمغنم إلى يوم القيامة. رواه البخاري، ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه. 16 - وعنْ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخيل معقود في نواصيها الخير والنَّيْلُ إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها فامْسحوا بنواصيها (¬1)، وأدْعوا لها بالبركة وقلِّدوها (¬2)، ولا تقلدوها الأوْتار. رواه أحمد باسناد جيد. 17 - وعنْ جريرٍ رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلْوي ناصية فرس بأصبعه، وهو يقول: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والغنيمة. رواه امسلم والنسائي. 18 - وعن معقل بن يسارٍ رضي الله عنه قال: لمْ يكنْ شيء أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيل ثمَّ قال: غفرانك النِّساء (¬3). رواه أحمد ورواته ثقات. 19 - ورواه النسائي من حديث أنس، ولفظه: ولفظه: لمْ يكن شيء أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النِّساء من الخيل. ¬
20 - وعنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ فرسٍ عربي إلا يؤذن له عند كلِّ سحرٍ (¬1) بكلمات يدعو بهنَّ: اللهمَّ خوَّلتني (¬2) منْ خوَّلتني (¬3) من بني آدم، وجعلتني له فاجعلني أحبَّ (¬4) أهلهِ ومالهِ، أوْ منْ أحبِّ أهله وماله إليه. رواه النسائي. 21 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البركة في نواصي الخيل. رواه البخاري ومسلم. 22 - وعنْ عقبة بن عبدٍ السُّلميِّ رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تقصوا نواصي الخيل، ولا معارفها (¬5)، ولا أذنابها، فإن أذنابها مذابُّها (¬6) ومعارفها دفؤها (¬7) ونواصيها (¬8) معقود فيها الخير. رواه أبو داود، وفي إسناده رجل مجهول. 23 - وعنْ عقبة بن عامر، وأبي قتادة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الخيلِ الأدْهم الأقرح (¬9) الأرْثم (¬10) المحجَّلُ (¬11) طلق اليد اليُمنى. قال يزيد، يعْني ابن أبي حبيبٍ، فإنْ لمْ يكن أدهم فكميتٌ على هذه الشِّية. رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
24 - ورواه الترمذي، وابن ماجه والحاكم عن أبي قتاده وحده، ولفظ الترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيْرُ الخيلِ الأدْهمُ الأقرح والأرْثم، ثمَّ الأقرح المحجَّل طلق اليد اليمنى، فإنْ لم يكنْ أدْهم فكميتٌ على هذا الشِّية. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما. (الأقرح): هو الفرس يكون في وسط جبهته قرحة، وهي بياض يسير. (والأرثم) بفتح الهمزة، وثاء مثلثة مفتوحة: هو الفرس يكون به رثم محرّكاً ومضموم الرّاء ساكن الثاء، وهو بياض في شفته العليا، والأنثى رثماء. (وطلق اليمنى) بفتح الطاء، وسكون الزام وبضمها أيضاً: إذا لم يكن بها تحجيل. (والكميت) بضم الكاف، وفتح الميم: هو الفرس الذي ليس بالأشقر ولا الأدهم، بل يخالط حمرته سواد. (والشية) بكسر الشين المعجمة، وفتح الياء مخففة: هو كل لون في الفرس يكون معظم لونها على خلافه. 25 - وعنْ عقبة رضي الله عنه أيضاً عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا أردْت أن تغزو فاشتر فرساً أغرَّ محجَّلا مطلق اليمنى (¬1) فإنَّك تغنم (¬2) وتسلم (¬3). رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. 26 - وعنْ أبي وهبٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عليكمْ من الخيلِ بكلِّ كميتٍ (¬4) أغرَّ (¬5) محجِّلٍ، أوْ أشقر أغرَّ محجَّلٍ، أوْ أدهم أغرَّ مجَّلٍ رواه أبو داود، واللفظ له، والنسائي أطول من هذا. 27 - وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمنُ الخيل في شقرها. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن غريب. (اليمن) بضم الياء: هو البركة والقوَّة. ¬
ترغيب الغازي والمرابط في الإكثار من العمل الصالح من الصوم والصلاة والذكر ونحو ذلك، وتقدم في باب النفقة في سبيل الله
ترغيب الغازي والمرابط في الاكثار من العمل الصالح من الصوم والصلاة والذكر ونحو ذلك، وتقدم في باب النفقة في سبيل الله 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به أتى على قومٍ يزرعون في يومٍ، ويحصدون في يوم كلَّما حصدوا عاد كما كان، فقال يا جبرائيل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهمْ الحسنة بسبعمائة ضعفٍ، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه (¬1). رواه البزار. 2 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ عبدٍ يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً (¬2). رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. 3 - وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام يوما في سبيل الله في غير رمضان بُعِّد من النار مائة عام سير المضمَّر (¬3) الجواد (¬4). رواه أبو يعلي من طريق زبان بن فائد. 4 - وعنْ أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام يوماً في سبيل الله جعل بينه وبين النَّار خندقاً (¬5) كما بين السماء والأرض. رواه الطبراني في الأوسط والصغير بإسناد حسن. 5 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: منْ صام يوماً في سبيل الله جعل الله بينه وبين النَّار خندقاً كما بين السماء والأرض. رواه الترمذي عن الوليد بن جميل عن القاسم عنه، وقال: حديث غريب. 6 - وعنْ عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
من صام يوماً في سبيل الله بعِّدتْ منه (¬1) النَّار مسيرة مائة عامٍ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسناد لا بأس به. ورواه في الكبير من حديث أبي أمامة إلا أنه قال فيه: بعَّدَ الله وجهه عن النَّار مسيرة مائة عامٍ ركض الفرسِ (¬2) الجواد المضمَّرِ. ورواه النسائي من حديث عقبة لم يقل فيه: ركض الفرس إلى آخر. 7 - وعنْ سهلِ بن معاذٍ عنْ أبيه رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الصلاة والصيام والذِّكر يضاعف على النَّفقة في سبيل الله بسبعمائةِ ضعفٍ (¬3) رواه أبو داود من طريق زبان عنه. 8 - وعنْ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: طوبى (¬4) لمنْ أكثر في الجهاد في سبيل الله من ذكر الله، فإنَّ له بكلِّ كلمةٍ سبعين ألف حسنةٍ، كلُّ حسنةٍ منها عشرة أضعاف مع الذي له عند الله من المزيد، الحديث. رواه الطبراني في الكبير، وفيه رجل لم يسمّ. 9 - وروي عن معاذٍ رضي الله عنه عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ رجلاً سأله فقال: أيُّ المجاهدين أعظم أجراً؟ قال: أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكراً، الحديث. رواه أحمد والطبراني، ويأتي بتمامه إن شاء الله. 10 - وعنْ سهل بن معاذٍ عن أبيه رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ آية في سبيل الله كتبه الله مع النبيين والصِّدِّيقين والشُّهداء والصَّالحين. رواه الحاكم من طريق زبان عنه، وقال: صحيح الإسناد. ¬
الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة، وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه
(قال المملي) رضي الله عنه: والظاهر أن المرابط أيضاً في سبيل الله فيضاعف عمله الصالح كما يضاعف عمل المجاهد. 11 - وقد روي عن أنس رضي الله عنه يرفعه قال: صلاة في مسجدي تُعْدلُ بعشرةِ آلاف صلاةٍ، وصلاة في المسجد الحرام تعدل بمائة ألف صلاةٍ، والصلاة بأرض الرباط بألفي ألف صلاةٍ، الحديث. رواه أبو الشيخ بن حبان في كتاب الثواب. 12 - وروي البيهقي عن أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ صلاة المرابط تعدل خمسمائة صلاةٍ، ونفقة الدِّينار والدِّرهم منه أفضل منْ سبعمائة دينارٍ ينفقه في غيره، والله أعلم. الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة، وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه 1 - عنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لغدوة في سبيل الله، أوْ روْحة خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، ولقاب (¬1) قوْس أحدكمْ من الجنَّة، أو موضع قيدٍ (¬2) يعني سوطه، خير من الدُّنيا وما فيها، ولوْ أنَّ امرأةً من أهل الجنة اطَّلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهماولملأته ريحاً ولنصيفها (¬3) على رأسها خير من الدنيا وما فيها. رواه البخاري ومسلم وغيرها. (الغدوة) بفتح الغين المعجمة: هي المرّة الواحدة من الذهاب. (والرّوحة) بفتح الراء: هي المرَّة الواحدة من المجيء. 2 - وعنْ أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عيله وسلم: غدوةٌ في سبيل الله، أوْ روْحة خير مما طلعتْ عليه الشَّمس، أو غربت (¬4). روراه مسلم والنسائي. ¬
3 - وعنْ سهل بن سعدٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رباط يومٍ في سبيل الله خير من الدُّنيا وما عليها، وموضع سوْط أحدكمْ من الجنَّة خيرٌ من الدنيا وما عليها، والرَّوحة يروحها العبد في سبيل الله، أو الغدوة خير من الدُّنيا وما عليها. رواه البخاري، ومسلم والترمذي، وابن ماجه، وتقدم. 4 - وروي عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما راح (¬1) مسلم في سبيل الله مجاهدا، أوْ حاجاً مهلا (¬2)، أوْ ملبيِّاً إلا غربت الشمس بذنوبهِ (¬3). رواه الطبراني في الأوسط. 5 - وعن ابن عمر رضي عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الغازي في سبيل الله، والحاجُّ إلى بيت الله والمعتمر: وفد الله دعاهم فأجابوه. رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه، واللفظ كلاهما عن عمران بن عيينة عن عطاء بن السائب عن مجاهد عنه، والبيهقي من هذه الطريق فوقفه ولم يرفعه، ورواه بنحوه من حديث أبي هريرة النسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، وقال ابن ماجه في آخره: إنْ دعوة أجابهمْ، وإن استغفروه غفر لهمْ. 6 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تضمَّن الله لمنْ خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهادٌ في سبيلي، وإيمان بي، وتصديقٌ برسلي فهو ضامنٌ (¬4) أن أدخله الجنَّة، أوْ أرجعه إلى منزله الذي خرج منه نائلا (¬5) ما نال من أجرٍ، أوْ غنيمةٍ، والذي نفس محمدٍ بيدهِ: ما كلْم يكلمُ في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم (¬6) لوْنه لون دمٍ، وريحه ريح مسكٍ، والذي نفس محمدٍ بيدهِ ¬
لولا أن أشقَّ على المسلمين ما قعدتُ خلاف سريةٍ (¬1) تغزو في سبيل الله أبدا، ولكنْ لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعةً، ويشقُّ عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفسُ محمدٍ بيده: لوددتُ أن أغزو في سبيل الله فأقتل، ثمَّ أغزو فأقتل، ثمَّ أغزو فأقتل. رواه مسلم واللفظ له. رواه مالك والبخاري والنسائي، ولفظهم: تكفَّل الله لمن جاهد في سبيلهِ لا يخرجهُ من بيته إلا الجهاد في سبيله، وتصديق بكلماتهِ أن يدخله الجنَّة، أوْ يردَّه إلى مسكنه بما نال من أجرٍ، أوْ غنيمةٍ، الحديث. (الكلم) بفتح الكاف، وسكون اللازم: هو الجرح. 7 - وعنْ أبي مالكٍ الأشعريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من فصلَ في سبيل الله فمات أوْ قتل فهو شهيدٌ، أو وقصه فرسهُ، أوْ بعيرهُ، أوْ لدغته هامَّة، أوْ مات على فراشه بأيِّ حتفٍ شاء الله مات فإنَّه شهيدٌ، وإنَّ له الجنَّة. رواه أبو داود من رواية بقية بن الوليد عن ابن ثوبان، وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، ويأتي الكلام على بقية، وعبد الرحمن. (فصل) بالصاد المهملة محركا: أي خرج. (وقصه) بالقاف والصاد المهملة محركا: أي رماه فكسر عنقه. (الحتف) بفتح المهملة، وسكون المثناه فوق: هو الموت ¬
8 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خرج حاجا (¬1) فمات كتب الله له أجر الحاجِّ إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمراً فمات كتب الله له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومنْ خرج غازياً (¬2) فمات كتب الله له أجر الغازي إلى يوم القيامة. رواه أبو يعلي من رواية محمد بن إسحاق، وبقية إسناده ثقات. 9 - وعنْ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خمسٍ من فعل واحدةً منهنَّ كان ضامناً على الله عزَّ وجلَّ: من عاد مريضا، أو خرج مع جنازةٍ، أوْ خرج غازياً في سبيل الله، أو دخل على إمام يريد بذلك تعزيزه (¬3) وتوقيره (¬4)، أو قعد في بيتهِ (¬5) فسلم وسلم الناس منه. رواه أحمد، واللفظ له والبزار والطبراني وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما. 10 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربِّه قال: أيُّما عبدٍ من عبادي خرج مجاهداً في سبيلي ابتغاء مرضاتي (¬6) ضمنت له إنْ رجعتهُ أرْجعهُ بما أصاب من أجرٍ أو غنيمةٍ، وإنْ قبضتهُ (¬7) غفرتُ له. رواه النسائي. 11 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يلج (¬8) النَّار رجلبكى منْ خشية الله حتى يعود اللبن في الضَّرع (¬9)، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنَّم. رواه الترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب صحيم. والنسائي والحاكم والبيهقي إلا أنهم قالوا: ولا يجتمع غبارٌ في سبيل الله، ودخان جهنَّم في منخريْ مسلمٍ أبداً. وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ¬
12 - وعنْ عبد الرَّحمن بن جبرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اغبرَّتْ قدما عبدٍ في سبيل الله فتمسَّه النَّار. رواه البخاري واللفظ له. ورواه النسائي والترمذي في حديث، ولفظه: من اغبرَّت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النار. 13 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: لا يجتمعانِ في النار اجتماعاً يضرُّ أحدهما الآخر: مسلم قتل كافراً، ثمَّ سدّد (¬1) المسلم وقارب (¬2)، ولا يجتمعان في جوف عبدٍ: غبار في سبيل الله ودخان جهنَّم، ولا يجتمعان في قلب عبدٍ: الإيمان (¬3) والشُّحُّ (¬4). رواه النسائي والحاكم، واللفظ له وهو أتم، وقال: صحيح على شرط مسلم، وقال النسائي: الإيمان والحسد، وصدر الحديث في مسلم. 14 - وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ رجلٍ يغبرُّ (¬5) وجهه في سبيل الله إلا آمنه الله دخان النار يوم القيامة، وما منْ رجلٍ تغْبرُّ قدماه في سبيل الله إلا آمن الله قدميه النَّار يوم القيامة. رواه الطبراني والبيهقي. 15 - وعنْ أبي الدرداء رضي الله عنه يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجمع الله عزَّ وجلَّ في جوف عبدٍ غباراً في سبيل الله، ودخان جهنم، ومن اغبرَّت قدماه في سبيل الله باعد الله منه النار يوم القيامة مسيرة ألف عامٍ للراكب المستعجل، ومنْ جرح جراحةً في سبيل الله ختم (¬6) له بخاتم الشُّهداء، له نور يوم القيامة لونها مثل لونِ الزَّعفران، وريحها مثل ريح المسكِ يعرفه بها الأولون والآخرون يقولوا: فلان عليه طابع (¬7) الشهداء، ومنْ قاتل ¬
في سبيل الله فواق ناقةٍ (¬1)، وجبت له الجنَّة. رواه أحمد، ورواة إسناده ثقات إلا أن خالد بن دريك لم يدرك أبا الدرداء. 16 - وروي الطبرانيَّ في الأوسط عن عمرو بن قيس الكندي قال: أنا مع أبي الدرداء منصرفين من الصَّائفة، فقال يا أيها الناس: اجتمعوا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغبرَّتْ قدماه في سبيل الله حرَّم الله سائر جسده على النار. (قوله) من الصائفة: أي من غزوة الصائفة، وهي غزوة الروم، سميت بذلك لأنهم كانوا يغزونهم في الصيف، خوفاً من البرد والثلج في الشتاء. 17 - وعنْ ربيع بن زيادٍ رضي الله عنه أنَّه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير إذا هو بغلامٍ منْ قريش معتزلٍ (¬2) من الطريق يسير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس ذاك فلان؟ قالوا: بلى. قال: فادعوه، فدعوه. قال: ما بالك اعتزلت الطريق (¬3)؟ قال: يا رسول الله كرهت الغبار. قال: فلا تعتزله، فو الذي نفس محمَّدٍ بيده إنَّه لذريرة (¬4) الجنَّة: رواه أبو داود في مراسيله. 18 - وعنْ أبي المصبِّح المقرائي رضي الله عنه قال: بينما نحن نسير بأرض الرُّوم في طائفةٍ عليها مالك بن عبد الله الخشعميُّ إذا مرَّ مالك بجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وهو يقود بغلاله، فقال له مالك: أي أبا عبد الله ارْكبْ فقد حملك الله؟ فقال جابر: أصلحُ (¬5) دابتي وأستغنى عن قومي، وسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغبرت قدماه في سبيل الله حرَّمه الله على النَّار، فسار حتى إذا كان حيث يسمعه الصوت نادي بأعلى صوته: يا أبا عبد الله اركب فقد حملك الله، فعرف جابر الذي يريد، فقال: أصلح دابتي، وأستغني عن قومي، وسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغتبرت قدماه في سبيل الله حرَّمه الله على النَّار، فتواثب الناس (¬6) ¬
عن دوابِّهمْ، فما رأيت يوماً أكثر ماشياً منهُ. رواه ابن حبان في صحيحه، واللفظ له. 19 - ورواه أبو يعلي بإسناد جيد إلا أنه قال: عنْ سليمان بن موسى قال: بينا نحن نسير، فذكره بنحوهِ، وقال فيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما اغبرَّتْ قدما عبدٍ في سبيل الله إلا حرم الله عليهما النَّار، فنزل مالك، ونزل الناس يمشون، فما روي يوماً أكثر ماشياً منهُ. (المصبح) بضم الميم، وفتح الصاد المهملة، وكسر الباء الموحدة. (والمقرائ) بضم الميم وقيل بفتحها، والضم أشهر، وبسكون القاف بعدها راء وألف ممدود، نسبة إلى قرية بدمشق. 20 - وعنْ عائشة رضي الله عنها قالتْ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما خالط قلْب امرئٍ رهجٌ في سبيل الله إلا حرَّم الله عليه النار. رواه أحمد، ورواته ثقات. (الرّهج) بفتح الراء، وسكون الهاء، وقيل بفتحها: هو ما يداخل باطن الإنسان من الخوف والجزع ونحوه. 21 - وروي عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رجف قلْب المؤمن في سبيل الله تحاتَّتْ عنه خطاياه (¬1) كما يتحاثُّ عذق النَّخلة. رواه الطبراني في الكبير والأوسط. (العذق) بكسر العين المهملة، وإسكان الذال المعجمة، بعدها قاف: هو القنو، وهو المراد هنا، وبفتح العين: النخلة. 22 - وعنْ أمِّ مالكٍ البهزية رضي الله عنها قالتْ: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقرَّبها. قالتْ: قُلْتُ يا رسول الله: من خير النَّاس فيها؟ قال: رجلٌ في ماشيةٍ (¬2) يؤدي حقها (¬3)، ويعبد ربه (¬4)، ورجل أخذ برأس فرسهِ يخيف (¬5) العدوَّ ¬
الترغيب في سؤال الشهادة في سبيل الله تعالى
ويخيفونه. رواه الترمذي عن رجل عن طاوس عن أم مالك، وقال: حديث غريب، وتقدم. الترغيب في سؤال الشهادة في سبيل الله تعالى 1 - عنْ سهل بن حنيفٍ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سأل الله (¬1) الشهادة بصدقٍ، بلَّغة الله منازل الشُّهداء، وإنْ مات على فراشهِ. رواه مسلم وأبو داود والترمذيُّ والنسائي وابن ماجه. 2 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طلب الشهادة صادقاً أعطيها، ولوْ لمْ تصبهُ. رواه مسلم وغيره، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 3 - وعنْ معاذِ جبلٍ رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ قاتل في سبيل الله فواق ناقةٍ، فقدْ وجبتْ له الجنَّة، ومنْ سأل الله القتل من نفسهِ (¬2) صادقاً، ثمَّ مات، أو قتل، فإنَّ له أجر شهيدٍ، ¬
الترغيب في الرمي في سبيل الله وتعلمه، والترهيب من تركه بعد تعلمه رغبة عنه
ومنْ جُرح جرحاً في سبيل الله (¬1)، أوْ نكب نكبةً، فإنَّها تجيء يوم القيامة فأغزر (¬2) ما كانتْ، لونها لونُ الزَّعفران، وريحها ريح المسك، فذكر الحديث. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه بنحوه إلا أنه قال فيه: ومنْ سأل الله الشهادة مخلصاً (¬3) أعطاه الله أجر شهيدٍ، وإنْ مات على فراشهِ رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما. (فواق الناقة) بضم الفاء، وتخفيف الواو: هو ما بين رفع يدك عن الضرع حال الحلب ووضعها، وقيل: هو ما بين الحلبتين. (الترغيب في الرمي في سبيل الله وتعلمه والترهيب من تركه بعد تعلمه رغبة عنه) 1 - عنْ عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: وأعدُّوا لهمْ ما استعتمْ من قوةٍ. ألا إنَّ القوَّة الرَّمي، ألا إنَّ القوَّة الرَّمي (¬4) ألا إنَّ القوَّة الرَّمي. رواه مسلم وغيره. 2 - وعنْه رضي الله عنه قال: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ ¬
الله يدخل بالسَّهم الواحد ثلاثة نفرٍ الجنَّة: صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرَّامي به ومنبلهُ. وارْموا وارْكبوا، وأنْ ترموا أحبُّ إليَّ من أن تركبوا. ومن ترك الرَّمي بعد ما علمه (¬1) رغبةً عنه (¬2)، فإنَّها نعمة تركها، أو قال: كفرها (¬3). رواه أبو داود، واللفظ لهوالنسائي، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، والبيهقيُّ من طريق الحاكم وغيرها. 3 - وفي رواية للبيهقيِّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ الله عزَّ وجلَّ يدخلُ بالسهْمِ الواحدِ ثلاثة نفرٍ (¬4) الجنَّة: صانعه الذي يحتسب في صنعتهِ الخير (¬5)، والذي يجهِّز به (¬6) في سبيل الله، والذي يرمي به في سبيل الله (¬7). ¬
(منبله) بضم الميم، وإسكان النون، وكسر الباء الموحدة. قال البغوي: هو الذي يناول الرامي النبل، وهو يكون على وجهين: أحدهما يقوم بجنب الرامي، أو خلفه يناوله النبل واحدا بعدو احد، حتى يرمي. والآخر: أن يرد النبل المرمي به، ويروي والممدّ به، وأي الأمرين فعل، فهو ممدّ به، انتهى. (قال الحافظ) عبد العظيم: ويحتمل أن يكون المراد بقوله منبله: أي الذي يعطيه للمجاهد، ويجهز به من ماله، وإمدادا له وتقوية، ورواية البيهقي تدل على هذا. 4 - وعنْ سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قومٍ ينتضلون (¬1)، فقال: ارْموا بني إسماعيل (¬2)، فإنَّ أباكم كان راميا، ارْموا وأنا مع بني فلانٍ فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالكمْ لا ترمون؟ قالوا: كيف نرمي وأنت معهمْ. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ارْموا وأنا معكم كلِّكمْ. رواه البخاري وغيره والدارقطني، إلا أنه قال فيه: ارْموا وأنا مع بني الأدرع فأمْسك القومُ، وقالوا: من كنتَ معه فأنَّي يغلب؟ قال: ارْموا وأنا معكم كلِّكم، فرموا عامة يومهمْ فلمْ يفضلْ أحدهمُ الآخر، أوْ قال: فلمْ يسبقْ أحدهمُ الآخر، أو كما قال. 5 - وعنْ سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه رفعه قال: عليكمْ بالرَّمي (¬3) فإنَّه خيرٌ، أوْ من خير لهولكمْ. رواه البزار والطبراني في الأوسط وقال: فإنَّه من خير لعبكمْ، وإسنادهما جيد قوي. ¬
6 - وروي عن أبي الدَّرداء رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من مشى بين الغرضين كان له بكلِّ خطوة حسنة. رواه الطبراني. 7 - وعنْ عطاء بن أبي رباح قال: رأيت جابر بن عبد الله، وجابر بن عميرٍ الأنصاري رضي الله عنهم يرتميان، فملَّ أحدهما فجلس، فقال له الآخر: كسلْت؟ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلُّ شيء ليس من ذكر الله (¬1) عزَّ وجلَّ فهو لهو، أو سهو إلا أربع خصالٍ: مشي الرَّجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعليم السباحة. رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد. (الغرض) بفتح الغين المعجمة، والراء بعدها ضاد معجمة: هو ما يقصد الرماة بالإصابة. 8 - وعنْ عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستفتح عليكم أرضون، ويكفيكم الله فلا يعجز أحدكمْ أن يلهو بأسمهِ (¬2). رواه مسلم وغيره. 9 - وعنْ أبي نجيحٍ عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ بلغ (¬3) بسهمٍ، فهو له درجة في الجنَّة فبلغتُ يومئذٍ ستَّة عشر سهماً. رواه النسائي. 10 - وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ رمى بسهمٍ في سبيل الله، فهو له عدل محرَّرٍ (¬4). رواه أبو داود في حديث، والترمذي ¬
وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه. 11 - وعنه رضي الله عنه أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شاب شيبةً في الإسلام كان له نوراً يوم القيامة، ومنْ رمى بسهمٍ في سبيل الله فبلغ به (¬1) العدوَّ، أوْ لمْ يبلغْ كان له كعتق رقبةٍ، ومنْ أعتق رقبة مؤمنةً كانت فداءه من النار عضواً بعضوٍ. رواه النسائي بإسناد صحيح، وأفراد الترمذي منه ذكر الشيب، وأبو داود ذكر العتق، وابن ماجه ذكر الرمي، ولفظه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رمى العدوَّ بسهمٍ، فبلغ سهمه أصاب، أوْ أخطأ فعدل رقبةٍ (¬2) ورويالحاكم ذكر الرمي في حديث، والعتق في آخر. 12 - وعنْ كعب بن مرَّة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من بلغ العدوَّ بسهمٍ رفع الله له درجةً، فقال له عبد الرَّحمن بن النَّحَّام: وما الدَّرجة يا رسول الله؟ قال: أما إنها ليستْ بعتبة أمِّك (¬3)، وما بين الدرجتين مائة عامٍ (¬4). رواه النسائي، وابن حبان في صحيحه. (النحام) بفتح النون، وتشديد الحاء المهملة: هو الكثير النحم، والتنحنح. 13 - وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ رمى بسهمٍ في سبيل الله كان كمن رقبةً. رواه ابن حبان في صحيحه. 14 - وعنْ معدان بن أبي طلحة رضي الله عنه، قال: حاصرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف فسمعته يقول: من بلغ بسهمٍ في سبيل الله فهو له درجة في الجنَّة. قال: فبلغت يومئذٍ ستة عشر سهماً. رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
15 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شاب شيبةً في الرسلام كانتْ له نوراً يوم القيامة، ومن رمى بسهمٍ في سبيل الله، أخطأ أوْ أصاب، كان له بمثل رقبةٍ من ولد إسماعيل. رواه الطبراني بإسنادين رواة أحدهما ثقات. 16 - وعنْ عقبةبن عبدٍ السُّلميِّ رضي الله عنه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: قوموا فقاتلوا، قال: فرمى رجلٌ بسهمٍ، فقال النَّبيُ صلى الله عليه وسلم: أوْجب هذا (¬1). رواه أحمد بإسناد حسن. (أوجب): أي أوجب لنفسه الجنة بما فعل. 17 - وعنْ أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رمي رميةً في سبيل الله قصَّر أو بلغ، كان له مثل أجر أربعة أناسٍ من بني إسماعيل أعتقهم. رواه البزار عن شبيب بن بشر عن أنس. 18 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رمى بسهمٍ في سبيل الله كان له نوراً يوم القيامة. رواه البزار بإسناد حسن. 19 - وروي عن محمد بن حنيفة قال: رأيت أبا عمرو الأنصاري رضي الله عنه، وكان بدرياً عقبياً أحديا (¬2)، وهو صائ يتلوَّى من العطش، وهو يقول لغلامه: ويحك ترِّسني (¬3) فترَّسه الغلام حتى نزع بسهمٍ نزعاً ضعيفاً، حتى رمى بثلاثة أسهمٍ، ثمَّ ¬
الترغيب في الجهاد في سبيل الله تعالى، وما جاء في فضل التكلم فيه والدعاء عند الصف والقتال
قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ رمى بسهمِ في سبيل الله قصرَ أوْ بلغ كان لهُ نوراً يوم القيامة، فقتل قبل غروب الشمس رضي الله عنه. رواه الطبراني. 20 - وعنْ عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ علم الرَّمي ثمَّ تركه فليْسَ منَّا (¬1)، أوْ فقدْ عصى (¬2). رواه مسلم وابن ماجه إلا أنه قال: منْ تعلَّم الرَّمي، ثمَّ تركه فقد عصاني. 21 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من تعلَّم تعلَّم الرَّمي، ثمَّ نسيه فهي نعمة جحدها (¬3). رواه البزار والطبراني في الصغير والأوسط بإسناد حسن، وتقدم في أول الباب حديثه عقبة بن عامر، وفيه: ومنْ ترك الرَّمي بعد ما علمه رغبةً عنه، فإنَّها نعمة تركها، أو قال: كفرها. الترغيب في الجهاد في سبيل الله تعالى، وما جاء في فضل التكلم فيه والدعاء عند الصف والقتال 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ ¬
العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله (¬1). قيل: ثمَّ ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله (¬2). قيل: ثمَّ ماذا؟ قال: حجٌ مبرور (¬3). رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الأعمال عند الله إيمان لا شكَّ فيه: وغزوٌ غلول فيه (¬4) وحجُّ مبرورٌ. 2 - وعنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: الإيمان بالله، والجهاد في سبيل الله، الحديث. رواه البخاري ومسلم. 3 - وعنْ أبي سعيد الخدرِّ رضي الله عنه قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيُّ النَّاس أفضل؟ قال: مؤمنٌ يجاهد بنفسهِ وبمالهِ (¬5) في سبيل الله تعالى، قال: ثمَّ منْ؟، قال: ثمَّ مؤمن في شعبٍ (¬6) من الشِّعاب يعبد الله، ويدع (¬7) الناس من شرِّه. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم بإسناد على شرطهما، ولفظه قال: عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه سئل: أيُّ المؤمنين أكمل (¬8) إيماناً؟ قال: الذي يجاهد بنفسه ومالهِ، ورجلٌ يعبد الله في شعبٍ من الشعاب، وقدْ كفى (¬9) الناس شرَّه. 4 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهمْ، وهمْ جلوسٌ في مجلسٍ لهمْ، فقال: ألا أخبركم بخير الناس منزلاً؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: رجل أخذ برأس فرسهِ (¬10) في سبيل الله حتى يموت أوْ يقتل، ¬
ألا أخبركمْ بالذي يليهِ؟ قلنا: بلى يا رسول الله صلى الله. قال: امرؤٌ معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويعتزل (¬1) شرور الناس، أو أخبركمْ بشرِّ الناس؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الذي يسأل بالله ولا يعطي (¬2) رواه الترمذي، وقال: حديث غريب، والنسائي وابن حبان في صحيحه، واللفظ لهما، وهو أتمّ، ورواه مالك عن عطاء ابن يسار مرسلاً. 5 - وعنْ سبرة بن الفاكهِ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان قعد (¬3) لابن آدم بطريق الإسلام، فقال: تُسلم وتذر (¬4) ودينك ودينك آبائك فعصاه فأسْلم فغفر له فقعد له بطريق الهجرة، فقال له: تُهاجر وتذر دارك وأرضك وسماءك فعصاه فهاجر فقعد بطريق الجهاد، فقال: تجاهد وهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة، ويقسم المال، فعصاه فجاهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمنْ فعل ذلك فمات، كان حقا على الله أنْ يدخله الجنَّة، وإنْ غرق كان حقا على الله أنْ يدخله الجنَّة، وإن وقصته دابَّة (¬5) كان حقاً على الله أن يدخله الجنَّة. رواه النسائي، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي. 6 - وعنْ فضالة بن عبيدٍ رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا زعيم - والزَّعيم الحميل (¬6) لمنْ آمن بي، وأسلم وهاجر، ببيتٍ في ربض الجنَّة، وببيتٍ في وسط الجنَّة، وأنا زعيم لمنْ آن بي وأسلم وجاهد في سبيل الله ببيتٍ في ربض الجنَّةِ (¬7)، وببيتٍ في وسط الجنَّة، وببيت في أعلى غرف الجنَّة، فمنْ فعل ذلك لمْ يدعْ للخير مطلباً (¬8)، ولا من الشرِّ مهرباً (¬9) يموت حيث شاء أن يموت. رواه النسائي، وابن حبان في صحيحه. ¬
7 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: مرَّ رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعبٍ فيه عينة من دماء عذبة فأجبته، فقال: لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشِّعْبِ، ولنْ أفعل حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تفعل (¬1) فإنَّ مقام أحدكمْ في سبيل الله (¬2) تعالى أفضل من صلاته في بيته سبعين عاماً، ألا تحبُّون أن يغفر الله لكمْ، ويدخلكم الجنَّة؟ اغزوا في سبيل الله، منْ قاتل في سبيل الله فواق ناقةٍ، وجبتْ له الجنَّة. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. رواه أحمد من حديث أبي أمامة أطول منه، إلا أنه قال: ولمقام (¬3) أحدكمْ في الصفِّ خيرٌ من صلاته ستِّين سنةً. (فواق الناقة): هو ما بين رفع يدك عن ضرعها وقت الحلب ووضعها، وقيل: هو ما بين الحلبتين. 8 - وعنْ عمران بن حصينٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مقام الرَّجل في الصفِّ في سبيل الله أفضل عند الله من عبادة الرَّجل ستِّن سنةً. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري. 9 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
أفضل الأعمال عند الله تعالى: إيمان لا شكَّ فيه (¬1)، وغزو لا غلول فيه، وحجٌ مبرورٌ. رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، وهو في الصحيحين وغيرهما بنحوه، وقد تقدم. 10 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً قال: قيل يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال: لا تستطيعونه فأعادوا عليه مرَّتين أوْ ثلاثاً، كلُّ ذلك يقول: لا تستطيعونه، ثمَّ قال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصَّائم القائم (¬2) القانت (¬3) بآيات الله لا يفتر منْ صلاةٍ ولا صيامٍ، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله. واه البخاري ومسلم، واللفظ له. 11 - وفي رواية البخاري: أنَّ رجلاً قال يا رسول الله: دلَّني على عملٍ يعدل الجهاد (¬4). قال: لا أجده، ثمَّ قال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر. قال: ومنْ يستطيع ذلك؟ فقال أبو هريرة: فإنَّ فرس المجاهد ليستنُّ يمرح في طولهِ (¬5) فيكتب له حسناتٌ. ورواه النسائي نحو هذا (استن الفرس): عدا. (والطِّوَل) بكسر الطاء وفتح الواو: هل الحبل الذي يشد به الدابة، ويمسك طرفه لترعى. 12 - وعنه رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ في الجنة مائة درجةٍ أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدَّرجتين كما بين السماء والأرض (¬6). رواه البخاري. 13 - وعنْ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس قبل غزوة تبوك، فلمَّا أن أصبح صلى بالناس صلاة الصُّبح، ثمَّ إنَّ الناس ركبوا فلما أن طلعتِ الشمس نعس الناس على إثر الدُّجْلة (¬7) ولزم معاذ رسول الله، صلى الله ¬
عليه وسلم يتلو إثره (¬1)، والنَّاس تفرَّقتْ بهم ركابهم على جواد (¬2) الطريق تأكل وتسير فبينا (¬3) معاذ على إثر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وناقته تأكل مرَّةً، وتسير أخرى عثرت (¬4) ناقة معاذٍ فحنَّكها بالزمام (¬5) فهبَّتْ، حتى نفرتْ منها ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف عنه قناعة فالتفت، فإذا ليْس في الجيش أدنى إليه من معاذٍ فناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معاذ! فقال: لبيك يا رسول الله. قال: ادن دونك، فدنا منه حتى لصقتْ راحلتاهما إحداهما بالأخرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كنت أحسب الناس منا بمكانهم (¬6) من البعد، فقال معاذ: يا نبي الله نعس الناس فتفرقتْ ركابهم ترتع وتسير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا كنت ناعساً، فلمَّا رأى معاذ بشر (¬7) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلوته له، فقال: يا رسول الله ائذن لي أسألك عن كلمة أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل عمَّا شئت، قال يا نبي الله حدِّثني بعملٍ يدخلني الجنَّة لا أسألك عن شيء غيره؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخٍ (¬8) بخٍ بخٍ. لقدْ سألت لعظيمٍ. لقد سألت لعظيمٍ ثلاثاً، وإنَّه ليسير على من أراد الله به الخير، وإنَّه ليسير على من أراد الله به الخير، وإنَّه ليسير على من أراد الله به الخير، فلمْ يحدِّثه بشيء إلا أعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مراتٍ حرصاً لكيما يتقنه عنه، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: تؤمن بالله واليوم الآخر، وتقيم الصَّلاة، وتؤتي الزَّكاة، وتعبد الله وحده لا تشرك به شيئاً حتى تموت، وأنت على ذلك. قال: يا رسول الله: أعد لي فأعادها ثلاث مرَّاتٍ، ثمَّ قال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: إن شئت يا معاذ حدَّثتك برأس هذا الأمر، وقوام هذا الأمر، وذروة السَّنام؟ فقال معاذ: بلى يا رسول الله حدثني بأبي أنت وأمي، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ رأس هذا ¬
الأمر: أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، وإنَّ قوام هذا الأمر: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإنَّ ذروة السَّنام منه الجهاد في سبيل الله، إنَّما أمرتُ أن أقاتل الناس، حتى يقيموا الصَّلاة، يؤتوا الزَّكاة، ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهمْ وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمدٍ بيده ما شحب (¬1) وجه، ولا اغبرَّت قدم (¬2) في عملٍ تبتغي به درجاتُ الآخرة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله، ولا ثقَّل ميزان عبدٍ كدابةٍ تنفقُ (¬3) في سبيل الله، أوْ يحمل عليها (¬4) في سبيل الله رواه أحمد، والبزار من رواية شهر ابن حوشب عن معاذ، ولا أراه سمع منه، ورواه أحمد أيضاً والترمذي وصححه والنسائي، وابن ماجه كلهم من رواية أبي وائل عنه مختصراً، ويأتي في الصمت إن شاء الله تعالى. 14 - وعنْ أبي سعيدٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ رضي بالله ربَّا، وبالاسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولاً، وجبتْ له الجنة. فعجب لها أبو سعيدٍ، فقال: أعدها عليَّ رسول الله فأعادها عليه، ثمَّ قال: وأخرى يرفع الله بها للعبد (¬5) مائة درجةٍ في الجنَّة ما بين كلِّ درجتين كما بين السماء والأرض قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: الجهاد في سبيل الله. رواه وأبو داود والنسائي. 15 - وروي عنْ أبي أمامة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ذروة سنام الإسلام الجهاد لا يناله إلا أفضلهمْ. رواه الطبراني. 16 - وروي عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من قاتل في سبيل الله فواق ناقةٍ حرَّم الله على وجهه النار. رواه أحمد. 17 - وعن أبي المنذر رضي الله عنه: أنَّ رجلاً جاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إنَّ فلانا هلك فصلِّ (¬6) عليه، فقال عمر: إنَّه فاجر فلا تصلِّ عليهِ ¬
فقال الرَّجل: يا رسول الله ألم تر الليلة التي صبِّحتَ (¬1) فيها في الحرس، فإنَّه كان فيهمْ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه، ثمَّ تبعه حتى جاء قبره قعد حتى إذا فرغ منه حتى عليه ثلاث حثياتٍ، ثمَّ قال: يثنى عليك الناس شرا، وأنثى عليك خيراً، فقال عمر: وما ذاك يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعنا منك يا ابن الخطاب، من جاهد في سبيل الله، وجبت له الجنَّة. رواه الطبراني وإسناده لا بأس به إن شاء الله تعالى. 18 - وعنْ عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذْ جاءه رجل، فقال: يا رسول الله أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله، وجهاد في سبيلهِ، حجٌّ مبرور، فلما ولى الرَّجل. قال وأهون عليك من ذلك: إطعام الطعام، ولينُ الكلام، وحسن الخلق، فلمَّا ولى الرَّجل. قال وأهون عليك من ذلك: لا تتَّهم الله على شيء قضاه عليك (¬2). رواه أحمد والطبراني بإسنادين أحدهما حسن واللفظ له. 19 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة حق على الله عونهم (¬3) المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء (¬4)، والناكح الذي يريد العفاف (¬5). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 20 - وعنْ مكحولٍ رضي الله عنه قال: كثر المستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
إلى الحجِّ يوم غزوة تبوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غزوة (¬1) لمنْ قدْ حجَّ أفضل من أربعين حجَّة. رواه أبو داود في المراسيل من رواية إسماعيل بن عياش. 21 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: حجَّة خيرٌ من أربعين غزوة، وغزوة خير من أربعين حجَّة يقول: إذا حجَّ الرَّجل حجَّة الإسلام، فغزوة خير له من أربعين حجَّة، وحجَّة الإسلام خير له من أربعين غزوةً. رواه البزار. ورواته ثقات معروفون. (وعنبسة بن هبيرة): وثقة ابن حبان، ولم أقف فيه على جرح. 22 - وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حجَّة لمنْ لم يحجَّ خير من عشر غزواتٍ، وغزوة لمن قد حجَّ خير من عشر حججِ، الحديث رواه الطبراني والبيهقي، ويأتي بتمامه في غزاة البحر إن شاء الله. 23 وعن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سمعت أبي وهو بحضرة العدوِّ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أبواب الجنَّة تحت ظلال السيوف (¬2)، فقام رجلٌ رثُّ الهيئة، فقال: يا أبا موسى أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ قال: نعم، فرجع إلى أصحابه فقال: أقرأ عليكم السلام ثم كسر جفن سيفهِ فألقاه، ثمًّ مشى بسيفه إلى العدوِّ فضرب به حتى قتل. رواه مسلم والترمذي وغيرهما. (جفن) السيف، بفتح الجيم، وإسكان الفاء: هو قرابه. 24 - وعن البراء رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنَّع بالحديد، فقال: يا رسول الله أقاتل أو أسلمُ؟ قال: أسلمْ (¬3) ثمَّ قاتل، فأسلم ثمَّ قاتل فقتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمل قليلاً (¬4)، وأجر كثيرا. رواه البخاري واللفظ له ومسلم. ¬
25 - وروى مسلم عن جابرٍ رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ من بني النَّبيت قبيل من الأنصار، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّك عبده ورسوله، ثمَّ تقدَّم فقاتل حتى قتل، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: عمل هذا يسيرا (¬1) وأجر كثيراً. (مقنع) بضم الميم، وفتح النون المشددة: أي متغطّ بالحديد. وقيل: على رأسه خوذة وقيل: غير ذلك. 26 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدرٍ، وجاء المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتقدَّمنَّ أحد منكمْ إلى شيء حتى أكون أنا دونه فدنا المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى جنَّةٍ عرضها السموات والأرض. قال عمير ابن الحمام: يا رسول الله: جنَّة عرضها السموات والأرض؟ قال: نعم. قال: بخٍ (¬2) بخٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ؟ فقال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها قال: فإنَّك من أهلها فأخرج تمراتٍ من قرنهِ، فجعل يأكل منهنَّ، ثمَّ قال: إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياةٌ ¬
طويلة فرمى بما كان معه من التَّمر. ثمَّ قاتلهمْ رضي الله عنه. رواه مسلم. (القرن) بفتح القاف والراء: هو جعبة النشاب. 27 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لايجتمع كافرٌ، وقاتله (¬1) في النَّار أبداً. رواه تمسلم وأبو داود، ورواه النسائي والحاكم أطول منه، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث معاذ بن جبل. 28 - وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعني يقول الله عزَّ وجلَّ: المجاهد في سبيلي هو عليَّ ضامنٌ (¬2) إن قبضتهُ أورثته الجنَّة، وإنْ رجعتهُ، رجعته بأجرٍ، أوْ غنيمةٍ. رواه الترمذي، وقال حديث غريب صحيح، وهو في الصحيحين وغيرهما بنحوه من حديث أبي هريرة، وتقدم. 29 - وعنْ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جاهد في سبيل الله كان ضامناً (¬3) على الله، ومن عاد (¬4) مريضاً كان ضامناً على الله، ومنْ غدا (¬5) إلى المسجد، أوْراح (¬6) كان ضامناً على الله، ومنْ دخل على إمامٍ يعزِّوه (¬7) كان ضامناً على الله، ومن جلس في بيته لم يغتب إنساناً كان ضامناً على الله. رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، واللفظ لهما. ¬
ورواه أبو يعلي بنحوه، وعنده: أوْ خرج مع جنازةٍ بدل: ومنْ غدا إلى المسجد. ورواه أحمد والطبراني، وتقدم لفظهما، وهو عند أبي داود من حديث أبي أمامة: إلا أنَّ عنده الثالثة، ورجل دخل بيته بسلامٍ (¬1) فهو ضامن على الله. 30 - وعنْ عبد الله بن حُبْشيٍّ الخثعميِّ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سئل: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمان لا شكَّ فيه، وجهاد لا غلول فيه، وحجَّة مبرورة. قيل: فأيُّ الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقلِّ (¬2). قيل: فأيُّ الهجرة أفضل؟ قال: منْ هجر ما حرَّم الله (¬3). قيل: فأي الجهاد أفضل؟ قال: من جاهد المشركين بنفسهِ ومالهِ. قيل: فأيُّ القتل أشرف؟ قال: من أهريق دمه (¬4)، وعقر جواده (¬5). رواه أبو داود والنسائي، واللفظ وهو أتمّ. 31 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جاهدوا في سبيل الله، فإنَّ الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنَّة ينجِّي الله تبارك وتعالى به من ألهمِّ والغمِّ (¬6). رواه أحمد واللفظ له، ورواته ثقات والطبراني في الكبير والأوسط والحاكم، وصحح إسناده. 32 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصَّائم لا يفتر صلاة ولا صياماً حتى يرجعه الله إلى أهله بما يرجعه إليهم من أجرٍ، أو غنيمة، أوْ يتوَّفاه فيدخله الجنَّة. رواه ابن حبان في صحيحه عن شيخه عمرو بن سعيد بن سنان. قال: وكان قدْ صام النَّهار، وقام الليل ثامنين سنةً غازياً ومرابطاً. (قال المملي) رحمه الله: وهو في الصحيحين وغيرهما بنحوه أطول منه وتقدم. 33 - وفي رواية للنسائي في هذا الحديث: مثل المجاهد في سبيل الله، والله أعلم. ¬
بمن جاهد في سبيله كمثل الصَّائم القائم الخاشع (¬1) الرَّاكع السَّاجد. 34 - وعنْ معاذ بن أنس رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ امرأةً أتتهُ، فقالتْ: يا رسول الله انطلق زوجي غازياً، وكنتُ أقتدي بصلاته إذا صلىَّ وبفعلهِ كلِّه فأخبرني بعملٍ يبلغني عمله حتى يرجع. قال لها: أتستطيعين أن تقومي ولا تقعدي، وتصومي ولا تفطري، وتذكري الله تعالى ولا تفتري، حتى يرجع؟ قالت: ما أطيق هذا يا رسول الله، فقال: والذي نفسي (¬2) بيده: لو أطقته (¬3) ما بلغت العشور منْ عملهِ. رواه أحمد من رواية رشدين بن سعد، وهو ثقة عنده، ولا بأس بحديثه في المتابعات والرقائق. (العشور): جمع عشر، وهو الواحد من عشرة أجزاء. 35 - وعن النُّعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصَّائم نهاره القائم ليله حتى يرجع متى يرجع (¬4) رواه أحمد والبزار والطبراني، ورجال أحمد محتج بهم في الصحيح. 36 - وعنْ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: منْ قاتل في سبيل الله من رجلٍ مسلمٍ فواق ناقةٍ، وجبتْ له الجنَّة، ومنْ جرح جرحاً في سبيل الله، أوْ نكب نكبةً فإنَّها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانتْ، لونها لون الزَّعفران، وريحها ريح المسك. رواه أبو داود والترمذي، والنسائي وابن ماجه، وقال: الترمذي: حديث حسن صحيح، وصدره في صحيح ابن حبان. 37 - وعنْه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جرح جرْحاً في سبيل الله جاء يوم القيامة ريحه كريح المسك، ولونه لون الزَّعفران عليه طابع الشُّهداء، ومن سأل الله الشهادة مخلصاً أعطاه الله أجر شهيدٍ وإن مات على فراشهِ. رواه ابن في صحيح واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. ¬
38 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ مكْلومٍ يُكلمُ في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة، وكلمه يدمي، واللون لون دمٍ والرِّيح ريح مسك. وفي روايةٍ: كلُّ كلمٍ يكلم في سبيل الله يكون يوم القيامة كهيئتها يوم طعنتْ تفجَّر دما. اللون لون دمٍ، والعرف عرف مسكٍ. رواه البخاري ومسلم، ورواه مالك والترمذي والنسائي بنحوه. (الكلم) بفتح الكاف، وإسكان اللام: هو الجرح. (والعرف) بفتح العين المهملة، وإسكان الراء: هو الرائحة. 39 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ليْس شيء أحبَّ إلى الله من قطرتين وأثرين، قطرة دموعٍ من خشية الله، وقطرة دمٍ تهراق في سبيل الله، وأمَّا الأثران: فأثر (¬1) في سبيل الله، وأثر في فريضةٍ من فرائض الله رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. 40 - وعنْ سهل بن سعدٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ساعتان تفتح فيهما (¬2) أبواب السماء، وقلَّما تردُّ على داعٍ دعوته عند حضور (¬3) النِّداء والصفِّ في سبيل الله، وفي لفظٍ ثنتان لا تردَّان، أو قال ما تردَّان: الدُّعاء ع ند النِّداء (¬4)، وعند البأس (¬5) حين يُلحمُ بعض بعضاً. رواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه. وفي رواية لابن حبان: ساعتان لا تردُّ على داعٍ دعوته حين تقام الصَّلاة، وفي الصَّفِّ في سبيل الله. (يلحم) بالمهملة: معناه ينشب بعضهم ببعض في الحرب. ¬
الترغيب في إخلاص النية في الجهاد، وما جاء فيمن يريد الأجر والغنيمة والذكر وفضل الغزاة إذا لم يغنموا
الترغيب في إخلاص النية في الجهاد وما جاء فيمن يريد الأجر والغنيمة والذكر، وفضل الغزاة إذا لم يغنموا 1 - عنْ أبي موسى رضي الله عنه أنَّ أعرابيا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله الرَّجل يقاتل للمغنم (¬1)، والرَّجل يقاتل ليذكر (¬2)، والرَّجل يقاتل ليرى مكانه (¬3) فمنْ في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. 2 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رجلا قال: يا رسول الله رجل يريد الجهاد، وهو يريد عرضاً من الدنيا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أجر له فأعظم ذلك الناس، وقالوا للرَّجل: عد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلعلَّك لمْ تُفهمه (¬4)، فقال الرَّجل: يا رسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله، وهو يبتغي عرض الدُّنيا (¬5)؟ قال: لا أجر (¬6) له، فأعظم ذلك الناس، وقالوا: عد (¬7) لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له الثالثة: رجلٌ يريد الجهاد وهو يبتغي عرضاً من الدُّنيا؟ فقال لا أجر له. رواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه والحاكم باختصار وصححه. (العرض) بفتح العين المهملة والراء جميعاً: هو ما يقتني من مال وغيره. 3 - وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما أنه قال: يا رسول الله أخبرني عن الجهاد (¬8) والغزو (¬9)؟ فقال: يا عبد الله بن عمرو إنْ قاتلتَ صابراً (¬10) ¬
مُحتسبا (¬1) بعثك الله صابرا محتسباً، وإنْ قاتلتَ مرائياً (¬2) مكاثراً (¬3) بعثك الله مرائيا مكاثراً، يا عبد الله بن عمرو على أيِّ حال قاتلت، أوْ قُتلت بعثك الله على تلك الحال. رواه أبو داود. 4 - وعنْ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الآمال بالنِّيَّة (¬4). وفي روايةٍ: بالنِّيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئ ما نوى (¬5) فمن كانت هجرته (¬6) إلى الله ورسولهِ (¬7)، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا (¬8) يصيبها، أو امرأةٍ ينكحها (¬9) ¬
فهجرته إلى ما هاجر إليه (¬1). رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي. 5 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجرَ (¬2)، والذِّكر ماله (¬3)؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شيء له، فأعادها ثلاث مرَّاتٍ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شيء له، ثمَّ قال: إنَّ الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وابتغى به وجهه (¬4). رواه أبو داود والنسائي. (قوله) يلتمس الأجر والذكر: يعني يريد أجر الجهاد، ويريد مع ذلك أن يذكره الناس بأنه غاز أو شجيع، ونحو ذلك. 6 - وعنْ أبيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بشِّرْ هذه الأمَّة بالتَّيسير (¬5)، والسَّناء، والرِّفعة بالدين، والتَّمكين في البلاد والنَّصر، فمنْ عمل منهمْ بعمل الآخرة للدُّنيا فليْس له في الآخرة من نصيبٍ (¬6). رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي واللفظ له، وتقدم في الرياء هو وغيره. 7 - وتقدم أيضا حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ عبدٍ يقوم في الدُّنيا مقام سُمعةٍ ورياءٍ إلا سمع الله به على رؤوس. ¬
الخلائق يوم القيامة (¬1). رواه الطبراني بإسناد حسن. 8 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الغزو غزوان: فأمَّا من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة (¬2)، وياسر الشَّريك، واجتنب الفساد، فإنَّ نومه وتنبُّهه أجرٌ كله، وأمَّا من غزا فخرا ورياء، وسمعةً وعصى الإمام، وأفسد في الأرض، فإنَّه لن يرجع بالكاف رواه أبو داود وغيره. (قوله) ياسر الشريك، معناه عامله باليسر والسماحة. 9 - وعن عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من غزا في سبيل الله ولمْ ينو إلا عقالا فله ما نوى. رواه النسائي وابن حبان في صحيحه. 10 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل: يا رسول الله إني أقف الموقف أريد وجه الله، وأريد أن يرى موطني فلمْ يردَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت: فمن كان يرجو لقاء ربِّه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحداً. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين. 11 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ أوَّل الناس يقضي عليه يوم القيامة رجل استشهد (¬3)، فأتى به فعرَّفه نعمته فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت ولكن قاتلتَ لأن يقال هو جريء (¬4)، فقد قيل: ثمَّ أمر به فحسب على وجهه حتى ألقى في النَّار، الحديث. رواه مسلم واللفظ له والنسائي والترمذي وابن خزيمة في صحيحه. 12 - وعند الترمذي حدَّثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله تبارك وتعالى: إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهمْ، وكلُّ جاثية فأوَّل من يدعو به رجلٌ جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجلٌ كثير المال، فذكر الحديث إلى أنْ قال، ويؤتي بالذي قتل في سبيل الله، فيقول الله له فيما ذا قتلتَ؟ ¬
فيقول: أي ربِّ أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلتُ حتى قُتلتُ، فيقول الله له: كذبت وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردت أن يقال فلان جريء، فقد قيل ذلك، ثمَّ ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتيَّ، فقال: يا أبا هريرة أولئك الثَّلاثة أوَّل خلق اله تسعَّر بهم النَّار يوم القيامة. وتقدم بتمامه في الرياء. (جريء): هو بفتح الجيم، وكسر الراء، وبالمد: أي شجاع. 13 - وعنْ شدَّاد بن الهاد رضي الله عنه أنَّ رجلاً من الأعراب جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فآمن به واتَّبعه، ثمَّ قال: اهاجر معك فأوصي به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فلمَّا كانت غزاته (¬1) غنم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فقسم وقسم له فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهمْ، فلمَّا جاء دفعوه إليه، فقال ما هذا؟ قالوا: قسم قسمة لك النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه، فجاء به إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ قال: قسمْتهُ لك. قال: ما على هذا اتَّبعتك، ولكن اتَّبعتك على أنْ أرْمي إلى هاهنا، وأشار إلى حلقهِ بسهمٍ. فأموت فأدخل الجنَّة، فقال: إنْ تصدق الله يصدقك فلبثوا قليلاً، ثمَّ نهضوا (¬2) إلى قتال العدوِّ، فأتى به إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يحمل قد أصابه سهمٌ حيث أشار، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أهو هو؟ قال: نعمْ. قال: صدق الله فصدقه، ثمَّ كفَّنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبَّتِه التي عليه، ثمَّ قدَّمه فصلى عليه، وكان مما ظهر من صلاته، اللهمَّ هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك، فقتل شهيداً أنا شهيد على ذلك. رواه النسائي. 14 - وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ غازيةٍ، أو سريَّةٍ تغزو في سبيل الله يسلمون (¬3)، ويصيبون (¬4) إلا تعجلوا ثلثي أجرهم (¬5)، وما من غازيةٍ، أوْ سريَّة تخفق وتخوَّف، وتصاب إلا تمَّ أجرهمْ (¬6). ¬
الترهيب من الفرار من الزحف
وفي روايةٍ: من غازيةٍ، أوْ سريَّةٍ تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجَّلوا ثُلثيْ أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثُّلثُ وإنْ لم يصيبوا غنيمةً ثمَّ لهمْ أجرهمْ. رواه مسلم، وروي أبو داود والنسائي وابن ماجه الثانية. (يقال) أخفق الغازي إذا غزا ولم يغنم، أو لم يظفر. (الترهيب من الفرار من الزحف) 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجْتنبوا السَّبع الموبقات (¬1). قالوا: يا رسول الله وما هنَّ؟ الإشراك (¬2) بالله، والسِّحْر (¬3)، وقتل النَّفس التي حرم الله إلا بالحقِّ، وأكل الربِّا (¬4)، وأكل مال اليتيم (¬5)، ¬
والتَّولِّي يوم الزَّحف (¬1) وقذف (¬2) المحصنات الغافلات (¬3) المؤمنات. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبزار، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكبائر سبع أو لهنَّ: الإشراك بالله، وقتل النَّفس بغير حقها، وأكل الرِّبا، وأكل مال اليتيم، والفرار يوم الزَّحف، وقذفُ المحصنات، والانتقال إلى الأعراب (¬4) بعد هجرته. 2 - وروي عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا ينفع معهنَّ عمل: الشرك بالله، وعقوق الوالدين (¬5)، والفرار من الزَّحف. رواه الطبراني في الكبير. 3 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ لقى الله عزَّ وجلَّ لا يشرك به شيئاً، وأدَّى زكاة ماله طيِّبة بها نفسه محتسباً، وسمع وأطاع فله الجنَّة، أو دخل الجنَّة، وخمس ليس لهنَّ كفارة: الشرك بالله، وقتلُ النفس بغير حقٍ، وبهْتُ مؤمنٍ (¬6)، والفرار من الزَّحف، ويمين صابرة (¬7) يقتطع ¬
بها مالا بغير حقٍ. رواه أحمد، وفيه بقية بن الوليد. 4 - وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: لا أقسم لا أقسم، ثمَّ نزل فقال: أبشروا وأبشروا، منْ صلي الصَّلوات الخمس، واجتنب الكبائر دخل من أيِّ أبواب الجنة شاء. قال المطَّلب: سمعت رجلاً يسأل عبد الله بن عمر أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرهنَّ؟ قال: نعمْ عقوق الوالدين، والشِّرك بالله، وقتل النَّفس (¬1)، وقذف المحصنات، وأكل مال اليتيم والفرار من الزَّحف، وأكل الرِّبا (¬2). رواه الطبراني، وفي إسناده مسلم بن الوليد ابن العباس لا يحصرني فيه جرح ولا عدالة. ¬
5 - وعن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزمٍ رضي الله عنه عنْ أبيه عن جده أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتابٍ فيه الفرائض والسُّنن والدِّيات فذكر فيه: وإنَّ أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة: الإشراك بالله، وقتل النفس المؤمنة بغير الحقِّ، والفرار في سبيل الله يوم الزحف، وعقوق الوالدين، ورمي المحصنة، وتعلم السحر، وأكل الرِّبا، وأكل مال اليتيم (¬1)، الحديث. رواه ابن حبان في صحيحه. 6 - وعنْ عبيدٍ بن عميرٍ الليثيِّ عنْ أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجَّة الوداع: إنَّ أولياء الله المصلُّون، ومن يقيم الصَّلوات الخمس التي كتبهنَّ الله عليه، ويصوم رمضان، ويحتسب صومه، ويؤتي الزكاة محتسباً طيبةً بها نفسه، ويجتنب الكبائر التي نهى الله عنها، فقال رجلٌ من أصحابه: يا رسول الله وكم الكبائر؟ قال: تسع أعظمهنَّ: الإشراك بالله، وقتل المؤمن بغير حق، والفرار من الزَّحف، وقذف المحصنة، والسحر، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، وعقوق الوالدين المسلمين، واستحلال البيت الحرام قبلتكمْ أحياء وأمواتاً، ولا يموت رجلٌ لم يعمل هؤلاء الكبائر، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة إلا رافق محمداً صلى الله عليه وسلم في بحبوحة جنةٍ أبوابها مصاريع الذَّهب. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. (بحبوحة) المكان بحاءين مهملتين وباءين موحدتين مضمومتين: هو وسطه. (قال الحافظ) كان الشافعي رضي الله عنه يقول: إذا غزا المسلمون فلقوا ضعفهم من العدو وحرم عليهمْ أن يولوا إلا محترفين لقتالٍ، أو متحيِّزين إلى فئة، وإن كان المشركون أكثر من ضعفهم لم أحبَّ لهمْ أن يولوا، ولا يستوجبون السخط عندي من الله لوْ ولَّوْا عنهمْ على غير التحرُّف للقتال، أو التحيز إلى فئة، وهذا مذهب ابن عباس المشهور عنه. ¬
الترغيب في الغزاة في البحر وأنها أفضل من عشر غزوات في البر
الترغيب في الغزاة في البحر وأنها أفضل من عشر غزوات في البر 1 - عنْ أنس رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أمِّ حرامٍ بنتِ ملحان فتطعمه، وكانت أمُّ حرامٍ تحت (¬1) عبادة بن الصامت رضي الله عنه، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمته، ثمَّ جلستْ تفلي رأسه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ استيقظ وهو يضحك. قالت فقلت: يا رسول الله ما يضحكك؟ قال: ناسٌ من أمَّتي عرضوا عليَّ غزاةً في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة (¬2)، أو مثل الملوك على الأسرَّة. قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها، ثمَّ وضع رأسه فنام، ثمَّ استيقظ وهو يضحك. قالتْ، فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمَّتي عرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله كما قال في الأولى. قالتْ، فقلتُ: يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهمْ؟ قال: أنت من الأوَّلين فركبتْ أمُّ حرامٍ بنت ملحان البحر في زمن معاوية فصرعت (¬3) عنْ دابَّتها حين خرجتْ من البحر فهلكتْ رضي الله عنها. رواه البخاري ومسلم واللفظ له. (قال المملي) رضي الله عنه: كان مع اوية رضي الله عنه قد أغزى عبادة بن الصامت قبرس، فركب البحر غازيا وركبت معه زوجته أم حرام. (ثبج البحر): هو بفتح الثاء المثلثة، والباء الموحدة بعدهما جيم: معناه وسط البحر ومعظمه. 2 - وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حجَّة لمنْ لمْ يحجَّ خير من عشر غزواتٍ، وغزوة لمن قد حجَّ خير منْ عشر حججٍ، وغزوة في البحر خير من عشر غزوات في البرِّ، ومنْ أجاز البحر فكأنما أجاز الأودية كلَّها، والمائد فيه كالمتشحِّط في دمهِ، رواه الطبراني في الكبير والبيهقي كلاهما من رواية عبد الله بن صالح كاتب الليث. ¬
الترهيب من الغلول والتشديد فيه، وما جاء فيمن ستر على غال
وروي الحاكم منه: غزوة في البحرِ خيرٌ من عشر غزواتٍ في البرِّ إلى آخره، وقال: صحيح على شرط البخاري، وهو كما قال، ولا يضر ما قيل في عبد الله بن صالح، فإن البخاري احتج به. (المائد): هو الذي يدوخ رأسه، ويميل من ريح البحر، والميد: الميل. 3 - وروي عنْ عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ غزا في سبيل الله غزوة في البحر، والله أعلم بمن يغزو في سبيله، فقد أدَّى إلى الله طاعته كلها، وطلب الجنَّة كلَّ مطلبٍ، وهرب من النار كلَّ مهربٍ. رواه الطبراني في معاجيمه الثلاثة. 4 - وعن أمِّ حرامٍ رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيدٍ، والغريق له أجر شهيدٍ. رواه أبو داود. 5 - وروي عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ فاته الغزو معي فليغز في البحر: رواه الطبراني في الأوسط. (الترهيب من الغلول والتشديد فيه، وما جاء فيمن ستر على غال) 1 - عنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال. قال على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يُقال له كرْكرة فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو في النار فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قدْ غلَّها (¬1). رواه البخاري، وقال: قال ابن سلام كركرة، يعني بفتحهما. (الثقل محركا): هو الغنيمة. (وكركرة): ضبط بفتح الكافين وبكسرهما، وهو أشهر. (والغلول): هو ما يأخذه أحد الغزاة من الغنيمة مختصا به، ولا يحضره إلى أمين الجيش ليقسمه بين الغزاة سواء قل أو كثر، وسواء كان الآخذ أمين الجيش، أو أحدهم. واختلف العلماء في الطعام والعلوفة، ونحوهما اختلافا كثيرا ليس هذا موضع ذكره. 2 - وعنْ عبد الله بن شقيقٍ أنَّه أخبره من سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وهو ¬
بوادي القري، وجاءه رجل، فقال: استشهد مولاك، أوْ قال غلامك فلان قال: بلْ يجرُّ (¬1) إلى النَّار في عباءة غلَّها. رواه أحمد باسناد صحيح. 3 - وعنْ زيد بن خالدٍ رضي الله عنه أنَّ رجلا من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم توفي في يوم خيبر، فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صلُّوا على صاحبكم، فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال: إنَّ صاحبكمْ غلَّ في سبيل الله، ففتَّشْنا متاعه، فوجدنا خرزاً من خرزٍ يهود لا يساوي درهمين (¬2). رواه مالك وأحمد وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. 4 - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال حدَّثني عمر رضي الله عنه، قال: لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: فلان شهيد، وفلان شهيدٌ، وفلان شهيدٌ حتى مرُّوا على رجلٍ، فقالوا: فلانٌ شهيدٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا (¬3) إنِّي رأيته في النار في بردةٍ غلَّها (¬4)، أو عباءة غلَّها، ثمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بن الخطاب اذهب فناد في الناس إنه لا يدخل الجنَّة إلا المؤمنون. رواه مسلم والترمذي وغيرهم. 5 - وعنْ حبيب بن مسلمة رضي الله عنه قال: سمعتُ أبا ذرٍ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنْ لمْ تغلَّ أمَّتي لمْ يقمْ لهمْ عدو أبداً (¬5). قال أبو ذرٍ: لحبيب بن مسلمة هل يثبت لكم العدوُّ حلب شاةٍ (¬6)؟ قال: نعم، وثلاث شياهٍ غزرٍ (¬7). قال أبو ذرٍ: غللتمْ (¬8)، وربِّ الكعبة: رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد ليس فيه ما يقال إلا تدليس بقية بن الوليد، فقد صرح بالتحديث. 6 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
ذات يومٍ، فذكر الغلول فعظَّمه وعظم أمره حتى قال: لا ألفينَّ أحدكمْ يجيء يوم القيامة على رقبتهِ بعير له رغاء، فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك، لا ألفينَّ أحدكمْ يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة، فيقول: يا رسول الله أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك، لا ألفينَّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول: يا رسول الله أغثني. فأقول: لا أملك شك شيئا قد أبلغتك، لا ألفينَّ أحدكمْ يجيء يوم القيامة على رقبتهِ نفس لها صياح، فيقول: يا رسول الله أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك، لا ألفينَّ أحدكمْ يجيء يوم القيامة على رقبتهِ رقاع تخفق، فيقول: يا رسول الله أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئا قدْ أبلغتك، لا ألفينَّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامتٌ، فيقول: يا رسول الله أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك (¬1). رواه البخاري ومسلم واللفظ له. (لا ألفين) بالفاء: أي لا أجدنّ. (والرغاء) بضم الراء، وبالغين المعجمة والمد: هو صوت الإبل وذوات الخفّ. (والحمحمة) بحاءين مهملتين مفتوحتين: هو صوت الفرس. (والثغاء) بضم المثلثة وبالغين المعجمة والمد: هو صوت الغنم (والرقاع) بكسر الراء جمع رقعة: وهو ما تكتب فيه الحقوق. (وتخفق): أي تتحرك وتضطرب. 7 - وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة أمر بلالاً فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم فيخمسهُ، ويقسمه، فجاء رجلٌ يوما بعد النِّداء بزمامٍ من شعر، فقال: يا رسول الله تهذا كان فيما أصبناه من الغنيمة، فقال: أسمعت بلالاً ينادي ثلاثاً؟ قال: نعم. قال: فما منعك أن تجيء به، فاعتذر إليه، فقال: كنْ أنت تجيء به يوم القيامة فلنْ أقبله عنك (¬2) رواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه. ¬
8 - وعنْ أبي هريرة رضنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، ففتح الله علينا فلمْ نغنمْ ذهباً ورقاً، غنمنا المتاع والطعام والثِّياب، ثمَّ انطلقنا إلى الوادي: يعني وادي القرى، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له وهبه له رجلٌ من (¬1) جذامٍ يدْعى رفاعة بن يزيد من بني الضَّبِّيب، فلما نزلنا الوادي قام عبدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلُّ رحْله فرمى بسهمٍ، فكان فيه حتفه (¬2)، فقلنا هنيئاً له الشَّهادة يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا (¬3)، والذي نفس محمَّدٍ بيده: إنَّ الشَّمْلةً لتلتهب (¬4) عليه ناراً، أخذها من الغنائم لم تصبها المقاسم. قال: ففزع (¬5) الناس، فجاء رجل بشراكٍ أو شراكين، فقال: أصبت يوم خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك من نارٍ، أو شراكان من نارٍ. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والنسائي. (الشملة): كساء أصغر من القطيفة يتَّشح بها. 9 - وعنْ أبي رافع رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ذهب إلى بني عبد الأشهل فيتحدَّث عندهم حتى ينحدر للمغرب. قال أبو ارفعٍ. فبينا (¬6) النبيُّ صلى الله عليه وسلم يسرع إلى المغرب مررنا بالبقيع، فقال: أفٍ (¬7) لك، أُفٍ لك، أُفٍ. قال: فكبر ذلك في ذرعي، فاستأخرتُ، وظننت أنه يريدني، فقال: مالك؟ أمش: قلت: وحدثَ حدثٌ؟ فقال: ما ذاك؟ قلت: أففْتَ بي. قال: لا، ولكنْ هذا فلان بعثتهُ ساعياً على بني فلان، فغلَّ نمرةً، فدرع مثلها من نارٍ. رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه. (البقيع) بالباء الموحدة: مواضع بالمدينة. منها بقيع الخيل، وبقيع الخنجمة بفتح الخاء المعجمة والجيم، وبقيع الغرقد، وهو المراد هنا، كذا جاء مفسراً في رواية البزار، وقوله كبر في ذرعي. هو بالذال المعجمة المفتوحة بعدها راء ساكنة: أي عظم عندي موقعه. ¬
الترغيب في الشهادة، وما جاء في فضل الشهداء
(والنمرة) بفتح النون، وكسر الميم: بردة من صوف تلبسها الأعراب. وقوله (فدرع) بالدال المهملة المضمومة: أي جعل له درع مثلها من نار. 10 - وعنْ ثوبان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جاء يوم القيامة بريئاً من ثلاثٍ دخل الجنَّة: الكبر (¬1)، والغلول (¬2)، والدين (¬3). رواه النسائي، وابن حبان في صحيحه واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 11 - وعنْ أبي حازمٍ رضي الله عنه قال: أتى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بنطعٍ (¬4) من الغنيمة، فقيل: يا رسول الله هذا لك تستظلُّ به من الشَّمس؟ قال: أتحبُّون أن يستظلَّ نبيكمْ بظلٍ من نارٍ؟. رواه أبو داود في مراسيله، والطبراني في الأوسط وزاد: يوم القيامة. 12 - وعنْ يزيد بن معاوية رضي الله عنه أنَّه كتب إلى أهل البصرة: سلامٌ عليكمْ، أمَّا بعد: فإنَّ رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم زماماً (¬5) من شعرٍ منْ مغنمٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألتني زماماً من نارٍ لمْ يكنْ لك أن تسألنيهِ ولمْ يكن لي أن أعطيه. رواه أبو داود في المراسيل أيضاً. 13 - وعنْ سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: أما بعد. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من يكتمْ غالاً فإنَّه مثله. رواه أبو داود. (يكتم غالا): أي يستر عليه. (الترغيب في الشهادة، وما جاء في فضل الشهداء) 1 - عن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أحدٌ يدخل الجنَّة يحبُّ أنْ يرجع إلى الدنيا، وإنَّ له ما على الأرض من شيء إلا الشهيد (¬6) فإنَّه ¬
يتَمَنَّى أَن يرجع إِلَى الدُّنْيَا فَيقْتل عشر مَرَّات لما يرى من الْكَرَامَة (¬1) وَفِي رِوَايَة: لما يرى من فضل الشَّهَادَة. رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ 2 - وَعنهُ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله يُؤْتى بلرجل من أهل الْجنَّة فَيَقُول الله لَهُ يَا بن آدم كَيفَ وجدت مَنْزِلك فَيَقُول أَي رب خير منزل فَيَقُول سل وتمنه فَيَقُول وَمَا أَسأَلك وأتمنى أَسأَلك أَن تردني إِلَى الدُّنْيَا فأقتل فِي سَبِيلك عشر مَرَّات لما يرى من فضل الشَّهَادَة رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم 3 - وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَوَدِدْت أَن أغزو فِي سَبِيل الله فأقتل ثمَّ أغزو فأقتل ثمَّ أغزو فأقتل رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي حَدِيث تقدم 4 - وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يغْفر للشهيد كل ذَنْب إِلَّا الدّين (¬2) رَوَاهُ مُسلم 5 - وَعَن أبي قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ فيهم فَذكر أَن الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَالْإِيمَان بِاللَّه أفضل الْأَعْمَال فَقَامَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن قتلت فِي سَبِيل الله تكفر عني خطاياي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم إِن قتلت فِي سَبِيل الله وَأَنت صابر (¬3) محتسب (¬4) مقبل (¬5) غير مُدبر (¬6) ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ قلت قَالَ أَرَأَيْت إِن قتلت فِي سَبِيل الله أتكفر عني خطاياي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم إِن قتلت وَأَنت صابر محتسب مقبل غير مُدبر إِلَّا الدّين فَإِن جِبْرَائِيل قَالَ لي ذَلِك رَوَاهُ مُسلم وَغَيره 6 - وَعَن ابْن أبي عميرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ¬
مَا من نفس مسلمة يقبضهَا (¬1) رَبهَا تحب أَن ترجع إِلَيْكُم وَإِن لَهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا غير الشَّهِيد قَالَ ابْن أبي عميرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن أقتل فِي سَبِيل الله أحب إِلَيّ من أَن يكون لي أهل الْوَبر والمدر رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَالنَّسَائِيّ وَاللَّفْظ لَهُ (أهل الْوَبر) هم الَّذين لَا يأوون إِلَى جِدَار من الْأَعْرَاب وَغَيرهم (وَأهل الْمدر) أهل الْقرى والأمصار والمدر محركا هُوَ الطين الصلب المستحجر 7 - وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ غَابَ عمي أنس بن النَّضر عَن قتال بدر فَقَالَ يَا رَسُول الله غبت عَن أول قتال قَاتَلت الْمُشْركين (¬2) لَئِن أشهدني الله قتال الْمُشْركين ليرين الله مَا أصنع فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد وانكشف الْمُسلمُونَ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أعْتَذر إِلَيْك مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ يَعْنِي أَصْحَابه وَأَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْمُشْركين ثمَّ تقدم فَاسْتَقْبلهُ سعد بن معَاذ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ يَا سعد بن معَاذ الْجنَّة وَرب النَّصْر إِنِّي أجد رِيحهَا دون أحد قَالَ سعد فَمَا اسْتَطَعْت يَا رَسُول الله أصنع مَا صنع قَالَ أنس فَوَجَدنَا بِهِ بضعا وَثَمَانِينَ ضَرْبَة بِالسَّيْفِ أَو طعنة بِرُمْح أَو رمية بِسَهْم ووجدناه قد قتل وَقد مثل بِهِ الْمُشْركُونَ فَمَا عرفه أحد إِلَّا أُخْته ببنانه (¬3) فَقَالَ أنس كُنَّا ¬
نرى أَو نظن أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِيهِ وَفِي أشباهه {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} إِلَى آخر الْآيَة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ (الْبضْع) بِفَتْح الْبَاء وَكسرهَا أفْصح وَهُوَ مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع وَقيل مَا بَين الْوَاحِد إِلَى أَرْبَعَة وَقيل من أَرْبَعَة إِلَى تِسْعَة وَقيل هُوَ سَبْعَة 8 - وَعَن سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت اللَّيْلَة رجلَيْنِ أتياني فصعدا بِي الشَّجَرَة فأدخلاني دَارا (¬1) هِيَ أحسن وَأفضل لم أر قطّ أحسن مِنْهَا قَالَا لي أما هَذِه فدار الشُّهَدَاء رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي حَدِيث طَوِيل تقدم 9 - وَعَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ جِيءَ بِأبي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد مثل بِهِ فَوضع بَين يَدَيْهِ فَذَهَبت أكشف عَن وَجهه فنهاني قومِي فَسمع صَوت صائحة (¬2) فَقيل ابْنة عَمْرو أَو أُخْت عَمْرو فَقَالَ لم تبْكي أَو لَا تبْكي مَا زَالَت الْمَلَائِكَة تظله بأجنحتها رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم 10 - وَعنهُ رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما قتل عبد الله بن عَمْرو بن حرَام يَوْم أحد، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا جَابر أَلا أخْبرك مَا قَالَ الله لابيك قلت بلَى قَالَ مَا كلم الله أحدا إِلَّا من وَرَاء حجاب وكلم أَبَاك كفاحا (¬3) فَقَالَ ¬
يَا عبد الله تمن عَليّ أعطك قَالَ: يَا رب تحييني فأقتل فِيك ثَانِيَة قَالَ: إِنَّه سبق مني أَنهم إِلَيْهَا لَا يرجعُونَ قَالَ: يَا رب فأبلغ من ورائي، فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء} آل عمرَان 961 الْآيَة كلهَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن مَاجَه بِإِسْنَاد حسن أَيْضا وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد 11 - وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت جَعْفَر بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ ملكا يطير فِي الْجنَّة ذَا جناحين يطير مِنْهَا حَيْثُ شَاءَ مقصوصة (¬1) قوادمه بالدماء رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحدهمَا حسن ¬
12 - وَعَن سَالم بن أبي الْجَعْد رَضِي الله عَنهُ قَالَ أريهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم فَرَأى جعفرا ملكا ذَا جناحين مضرجين (¬1) بالدماء وَزيد مُقَابِله رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَهُوَ مُرْسل جيد الْإِسْنَاد (قَالَ الْحَافِظ) كَانَ جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ قد ذهبت يَدَاهُ فِي سَبِيل الله يَوْم مُؤْتَة فأبدله بهما جناحين فَمن أجل ذَلِك سمي جعفرا الطيار 13 - وَعَن عبد الله بن جَعْفَر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَنِيئًا لَك يَا عبد الله أَبوك يطير مَعَ الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن 14 - وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ فِي غَزْوَة مُؤْتَة قَالَ فالتمسنا جَعْفَر بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فوجدناه فِي الْقَتْلَى فَوَجَدنَا بِمَا أقبل من جسده بضعا وَتِسْعين بَين ضَرْبَة ورمية وطعنة وَفِي رِوَايَة فعددنا بِهِ خمسين طعنة وضربة لَيْسَ مِنْهَا شَيْء فِي دبره رَوَاهُ البُخَارِيّ 15 - وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيدا وجعفرا وَعبد الله بن رَوَاحَة وَدفع الرَّايَة إِلَى زيد فأصيبوا جَمِيعًا قَالَ أنس فنعاهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يَجِيء الْخَبَر فَقَالَ أَخذ الرَّايَة زيد فأصيب ثمَّ أَخذهَا جَعْفَر فأصيب ثمَّ أَخذهَا عبد الله بن رَوَاحَة فأصيب ثمَّ أَخذ الرَّايَة سيف من سيوف الله خَالِد بن الْوَلِيد قَالَ فَجعل يحدث النَّاس وَعَيناهُ تَذْرِفَانِ (¬2) وَفِي رِوَايَة قَالَ وَمَا يسرهم أَنهم عندنَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَغَيره 16 - وَعَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رجل يَا رَسُول الله أَي الْجِهَاد أفضل قَالَ أَن يعقر (¬3) جوادك ويهراق (¬4) دمك رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث عَمْرو بن عبسة قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت فَذكره 17 - وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ¬
مَا يجد الشَّهِيد من مس الْقَتْل إِلَّا كَمَا يجد أحدكُم من مس القرصة (¬1) رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح 18 - وَعَن كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أَرْوَاح (¬2) الشُّهَدَاء فِي أَجْوَاف طير خضر تعلق من ثَمَر الْجنَّة أَو شجر الْجنَّة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح (تعلق) بِفَتْح الْمُثَنَّاة فَوق وَعين مُهْملَة وَضم اللَّام أَي ترعى من أعالي شجر الْجنَّة 19 - وَعَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الشَّهِيد (¬3) يشفع فِي سبعين من أهل بَيته رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه 20 - وَعَن عتبَة بن عبد السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْقَتْلَى ثَلَاثَة رجل مُؤمن جَاهد بِنَفسِهِ وَمَاله فِي سَبِيل الله حَتَّى إِذا لَقِي الْعَدو وَقَاتلهمْ حَتَّى يقتل فَذَلِك الشَّهِيد الممتحن (¬4) فِي جنَّة الله تَحت عَرْشه لَا يفضله النَّبِيُّونَ إِلَّا بِفضل دَرَجَة النُّبُوَّة وَرجل فرق على نَفسه من الذُّنُوب والخطايا جَاهد بِنَفسِهِ وَمَاله فِي سَبِيل الله حَتَّى إِذا لَقِي الْعَدو قَاتل حَتَّى يقتل فَتلك ممصمصة محت ذنُوبه وخطاياه إِن السَّيْف محاء للخطايا وَأدْخل من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شَاءَ فَإِن لَهَا ثَمَانِيَة أَبْوَاب ولجهنم سَبْعَة أَبْوَاب وَبَعضهَا أفضل من بعض وَرجل مُنَافِق جَاهد بِنَفسِهِ وَمَاله حَتَّى إِذا لَقِي الْعَدو قَاتل فِي سَبِيل الله ¬
عز وَجل حَتَّى يقتل فَذَلِك فِي النَّار إِن السَّيْف لَا يمحو النِّفَاق رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَيْهَقِيّ (الممتحن) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة هُوَ المشروح صَدره وَمِنْه {أُولَئِكَ الَّذين امتحن الله قُلُوبهم للتقوى} أَي شرحها ووسعها وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد: فَذَلِك المفتخر فِي خيمة الله تَحت عَرْشه وَلَعَلَّه تَصْحِيف (وَفرق) بِكَسْر الرَّاء أَي خَائِف وجزع (والممصمصة) بِضَم الْمِيم الأولى وَفتح الثَّانِيَة وَكسر الثَّالِثَة وبصادين مهملتين هِيَ الممحصة المكفرة 21 - وَرُوِيَ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشُّهَدَاء ثَلَاثَة (¬1) رجل خرج بِنَفسِهِ وَمَاله فِي سَبِيل الله لَا يُرِيد أَن يُقَاتل وَلَا يقتل يكثر سَواد الْمُسلمين فَإِن مَاتَ أَو قتل غفرت لَهُ ذنُوبه كلهَا وأجير من عَذَاب الْقَبْر ويؤمن من الْفَزع ويزوج من الْحور الْعين وحلت عَلَيْهِ حلَّة الْكَرَامَة وَيُوضَع على رَأسه تَاج الْوَقار والخلد وَالثَّانِي خرج بِنَفسِهِ وَمَاله محتسبا يُرِيد أَن يقتل وَلَا يقتل فَإِن مَاتَ أَو قتل كَانَت ركبته مَعَ إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن عَلَيْهِ السَّلَام بَين يَدي الله تبَارك وَتَعَالَى {فِي مقْعد صدق عِنْد مليك مقتدر} وَالثَّالِث خرج بِنَفسِهِ وَمَاله ¬
محتسبا يُرِيد أَن يقتل وَيقتل فَإِن مَاتَ أَو قتل جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة شاهرا سَيْفه وَاضعه على عَاتِقه وَالنَّاس جاثون على الركب يَقُول أَلا أفسحوا لنا فَإنَّا قد بذلنا دماءنا وَأَمْوَالنَا لله تبَارك وَتَعَالَى قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قَالَ ذَلِك لإِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن عَلَيْهِ السَّلَام أَو لنَبِيّ من الْأَنْبِيَاء لزحل لَهُم عَن الطَّرِيق لما يرى من وَاجِب حَقهم حَتَّى يَأْتُوا مَنَابِر من نور تَحت الْعَرْش فيجلسوا عَلَيْهَا ينظرُونَ كَيفَ يقْضى بَين النَّاس لَا يَجدونَ غم (¬1) الْمَوْت وَلَا يغتمون فِي البرزخ (¬2) وَلَا تفزعهم الصَّيْحَة (¬3) وَلَا يهمهم الْحساب وَلَا الْمِيزَان وَلَا الصِّرَاط ينظرُونَ كَيفَ يقْضى بَين النَّاس وَلَا يسْأَلُون شَيْئا إِلَّا أعْطوا وَلَا يشفعون فِي شَيْء إِلَّا شفعوا فِيهِ ويعطون من الْجنَّة مَا أَحبُّوا ويتبوؤون (¬4) من الْجنَّة حَيْثُ أَحبُّوا رَوَاهُ الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ والأصبهاني وَهُوَ حَدِيث غَرِيب (زحل) بالزاي والحاء الْمُهْملَة كَذَا فِي رِوَايَة الْبَزَّار وَقَالَ الْأَصْبَهَانِيّ فِي رِوَايَته لتنحى لَهُم عَن الطَّرِيق وَمعنى زحل وَتَنَحَّى وَاحِد 22 - وَعَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا وقف الْعباد لِلْحسابِ جَاءَ قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دَمًا فازدحموا على بَاب الْجنَّة فَقيل من هَؤُلَاءِ قيل الشُّهَدَاء كَانُوا أَحيَاء مرزوقين رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي حَدِيث يَأْتِي بِتَمَامِهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَإِسْنَاده حسن 23 - وَعَن نعيم بن عمار رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الشُّهَدَاء أفضل قَالَ الَّذين إِن يلْقوا (¬5) فِي الصَّفّ لَا يلفتون (¬6) وُجُوههم حَتَّى ¬
يقتلُوا أُولَئِكَ ينطلقون فِي الغرف الْعلَا من الْجنَّة ويضحك إِلَيْهِم رَبهم (¬1) وَإِذا ضحك رَبك إِلَى عبد فِي الدُّنْيَا فَلَا حِسَاب عَلَيْهِ رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى ورواتهما ثِقَات 24 - وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الْجِهَاد عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يلتقون (¬2) فِي الصَّفّ الأول فَلَا يلفتون وُجُوههم حَتَّى يقتلُوا أُولَئِكَ يتلبطون فِي الغرف من الْجنَّة يضْحك إِلَيْهِم رَبك وَإِذا ضحك إِلَى قوم فَلَا حِسَاب عَلَيْهِم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن (يتلبطون) مَعْنَاهُ هُنَا يضطجعون وَالله أعلم 25 - وَعَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أول ثَلَاثَة يدْخلُونَ (¬3) الْجنَّة الْفُقَرَاء الْمُهَاجِرُونَ الَّذين تتقى بهم المكاره (¬4) إِذا أمروا (¬5) سمعُوا وأطاعوا وَإِن كَانَت لرجل مِنْهُم حَاجَة (¬6) إِلَى السُّلْطَان لم تقض لَهُ حَتَّى يَمُوت وَهِي فِي صَدره (¬7) وَإِن الله عز وَجل ليدعو يَوْم الْقِيَامَة الْجنَّة فتأتي بزخرفها وَزينتهَا فَيَقُول أَيْن عبَادي الَّذين قَاتلُوا فِي سبيلي وَقتلُوا وأوذوا وَجَاهدُوا فِي سبيلي ادخُلُوا الْجنَّة فيدخلونها بِغَيْر حِسَاب وَتَأْتِي الْمَلَائِكَة فيسجدون فَيَقُولُونَ رَبنَا نَحن نُسَبِّح بحَمْدك اللَّيْل وَالنَّهَار ونقدس لَك من هَؤُلَاءِ الَّذين آثرتهم (¬8) علينا فَيَقُول الرب عز وَجل هَؤُلَاءِ عبَادي الَّذين قَاتلُوا فِي سبيلي وأوذوا فِي سبيلي فَتدخل عَلَيْهِم ¬
الْمَلَائِكَة من كل بَاب سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنعم عُقبى الدَّار رَوَاهُ الْأَصْبَهَانِيّ بِإِسْنَاد حسن لَكِن مَتنه غَرِيب 26 - وَرُوِيَ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبركُم عَن الأجود الأجود الله الأجود الأجود وَأَنا أَجود ولد آدم وأجودهم من بعدِي رجل علم علما فنشر علمه (¬1) يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة أمة وَحده وَرجل جاد بِنَفسِهِ لله عز وَجل حَتَّى يقتل رَوَاهُ أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ 27 - وَعَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل حَدِيث قبله وَمَتنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن للشهيد عِنْد الله سبع خِصَال أَن يغْفر لَهُ فِي أول دفْعَة من دَمه وَيرى مَقْعَده من الْجنَّة ويحلى حلَّة الْإِيمَان ويجار من عَذَاب الْقَبْر ويأمن من الْفَزع الْأَكْبَر وَيُوضَع على رَأسه تَاج الْوَقار الياقوتة مِنْهُ خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ويزوج ثِنْتَيْنِ وَسبعين زَوْجَة من الْحور الْعين ويشفع فِي سبعين إنْسَانا من أَقَاربه (¬2) رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَإسْنَاد أَحْمد حسن 28 - وَعَن الْمِقْدَام بن معديكرب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للشهيد عِنْد الله سِتّ خِصَال يغْفر لَهُ فِي أول دفْعَة وَيرى مَقْعَده من الْجنَّة ويجار من عَذَاب الْقَبْر ويأمن من الْفَزع الْأَكْبَر وَيُوضَع على رَأسه تَاج الْوَقار الياقوتة مِنْهُ خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ويزوج اثْنَتَيْنِ وَسبعين من الْحور الْعين ويشفع فِي سبعين من أَقَاربه رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث صَحِيح غَرِيب الدفعة بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الْفَاء وَهِي الدفقة من الدَّم وَغَيره 29 - وَعَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ ¬
شَيْء أحب إِلَى الله من قطرتين وأثرين قَطْرَة دموع من خشيَة الله وقطرة دم تهراق فِي سَبِيل الله وَأما الأثران فأثر فِي سَبِيل الله وَأثر فِي فَرِيضَة من فَرَائض الله رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب 30 - وَعَن مُجَاهِد عَن يزِيد بن شَجَرَة وَكَانَ يزِيد بن شَجَرَة رَضِي الله عَنهُ مِمَّن يصدق قَوْله فعله خَطَبنَا فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم مَا أحسن نعْمَة الله عَلَيْكُم ترى من بَين أَخْضَر وأحمر وأصفر وَفِي الرِّجَال مَا فِيهَا وَكَانَ يَقُول إِذا صف النَّاس للصَّلَاة وصفوا لِلْقِتَالِ فتحت أَبْوَاب السَّمَاء وأبواب الْجنَّة وغلقت أَبْوَاب النَّار وزين الْحور الْعين واطلعن فَإِذا أقبل الرجل قُلْنَ اللَّهُمَّ انصره وَإِذا أدبر احْتَجِبْنَ مِنْهُ وقلن اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ فانهكوا وُجُوه الْقَوْم فدى لكم أبي وَأمي وَلَا تخزوا الْحور الْعين فَإِن أول قَطْرَة تنضح من دَمه تكفر عَنهُ كل شَيْء عمله وَينزل إِلَيْهِ زوجتان من الْحور الْعين يمسحان التُّرَاب عَن وَجهه ويقولان فدانا لَك (¬1) وَيَقُول فدانا لَكمَا ثمَّ يكسى مائَة حلَّة من نسج (¬2) بني آدم وَلَكِن من نبت الْجنَّة لَو وضعن بَين أصبعين لوسعن وَكَانَ يَقُول نبئت أَن السيوف مَفَاتِيح الْجنَّة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من طَرِيقين إِحْدَاهمَا جَيِّدَة صَحِيحَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْبَعْث إِلَّا أَنه قَالَ فَإِن أول قَطْرَة تقطر من دم أحدكُم يحط الله عَنهُ (¬3) بهَا خطاياه كَمَا يحط الْغُصْن من ورق الشّجر وتبتدره اثْنَتَانِ من الْحور الْعين وتمسحان التُّرَاب عَن وَجهه ويقولان فدانا لَك وَيَقُول فدانا لَكمَا فيكسى مائَة حلَّة لَو وضعت بَين أُصْبُعِي هَاتين لوسعتاهما لَيست من نسج بني آدم وَلكنهَا من نَبَات الْجنَّة مكتوبون عِنْد الله بأسمائكم وسماتكم الحَدِيث رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ أَيْضا عَن يزِيد بن شَجَرَة مَرْفُوعا مُخْتَصرا وَعَن جدان أَيْضا مَرْفُوعا وَالصَّحِيح الْمَوْقُوف مَعَ أَنه قد يُقَال إِن مثل هَذَا لَا يُقَال من قبل الرَّأْي فسبيل الْمَوْقُوف فِيهِ سَبِيل الْمَرْفُوع وَالله أعلم (وَيزِيد بن شَجَرَة) بالشين الْمُعْجَمَة وَالْجِيم مفتوحتين قيل لَهُ صُحْبَة وَلَا يثبت وَالله أعلم ¬
(انهكوا وُجُوه الْقَوْم) هُوَ بِكَسْر الْهَاء بعد النُّون أَي أجهدوهم وابلغوا جهدهمْ والنهك الْمُبَالغَة فِي كل شَيْء 31 - وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ ذكر الشَّهِيد عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَا تَجف الأَرْض من دم الشَّهِيد حَتَّى تبتدره زوجتاه كَأَنَّهُمَا ظئران أظلتا فصيليهما فِي براح من الأَرْض وَفِي يَد كل وَاحِدَة مِنْهُمَا حلَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه من رِوَايَة شهر بن حَوْشَب (الظِّئْر) بِكَسْر الظَّاء الْمُعْجَمَة بعْدهَا همزَة سَاكِنة هِيَ الْمُرْضع وَمَعْنَاهُ أَن زوجتيه من الْحور الْعين تبتدرانه وتحنوان عَلَيْهِ وتظلانه كَمَا تحنو النَّاقة الْمُرْضع على فصيلها وَيحْتَمل أَن يكون أضلتا بالضاد فَيكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شبه بدارهما إِلَيْهِ باللهفة والحنو والشوق كبدار النَّاقة الْمُرْضع إِلَى فصيلها الَّذِي أضلته وَيُؤَيّد هَذَا الِاحْتِمَال قَوْله فِي براح من الأَرْض وَالله أعلم (والبراح) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة هِيَ الأَرْض المتسعة لَا زرع فِيهَا وَلَا شجر 32 - وَعَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الشُّهَدَاء أَرْبَعَة رجل مُؤمن جيد الْإِيمَان لَقِي الْعَدو فَصدق الله حَتَّى قتل فَذَاك الَّذِي يرفع النَّاس إِلَيْهِ أَعينهم يَوْم الْقِيَامَة هَكَذَا وَرفع رَأسه حَتَّى وَقعت قلنسوته فَلَا أَدْرِي قلنسوة عمر أَرَادَ أم قلنسوة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَرجل مُؤمن جيد الْإِيمَان لَقِي الْعَدو فَكَأَنَّمَا ضرب جلده بشوك طلح من الْجُبْن أَتَاهُ سهم غرب فَقتله فَهُوَ فِي الدرجَة الثَّانِيَة وَرجل مُؤمن خلط عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا لَقِي الْعَدو فَصدق الله حَتَّى قتل فَذَلِك فِي الدرجَة الثَّالِثَة وَرجل مُؤمن أسرف على نَفسه لَقِي الْعَدو فَصدق الله حَتَّى قتل فَذَلِك فِي الدرجَة الأولى رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب (القلنسوة) هُوَ مَا يلبس فِي الرَّأْس (والطلح) بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام نوع من الْأَشْجَار ذِي الشوك (والجبن) بِضَم الْجِيم وَإِسْكَان الْبَاء الْمُوَحدَة هُوَ الْخَوْف وَعدم الْإِقْدَام (وَسَهْمٌ غربٌ) و (سهمُ غربٍ) بِالْإِضَافَة أَيْضا وبسكون الرَّاء وتحريكها فِي كليهمَا أَيْضا أَرْبَعَة وُجُوه هُوَ الَّذِي لَا يدرى راميه وَلَا من أَيْن جَاءَ
33 - وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشُّهَدَاء على بارق نهر بِبَاب الْجنَّة فِي قبَّة خضراء يخرج عَلَيْهِم رزقهم من الْجنَّة بكرَة وعشيا (¬1) رَوَاهُ أَحْمد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم 34 - وَعَن ابْن عَبَّاس أَيْضا رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أُصِيب إخْوَانكُمْ جعل الله أَرْوَاحهم فِي جَوف طير خضر ترد أَنهَار الْجنَّة تَأْكُل من ثمارها (¬2) وتأوي إِلَى قناديل من ذهب معلقَة فِي ظلّ الْعَرْش فَلَمَّا وجدوا طيب مَأْكَلهمْ وَمَشْرَبهمْ وَمَقِيلهمْ (¬3) قَالُوا من يبلغ إِخْوَاننَا عَنَّا أَنا أَحيَاء فِي الْجنَّة نرْزق لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَاد وَلَا ينكلُوا عَن الْحَرْب فَقَالَ الله تَعَالَى أَنا أبلغهم عَنْكُم قَالَ فَأنْزل الله عز وَجل {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} إِلَى آخر الْآيَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد (ينكلُوا) مُثَلّثَة الْكَاف أَي يجبنوا ويتأخروا عَن الْجِهَاد 35 - وَعَن رَاشد بن سعد رَضِي الله عَنهُ عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله مَا بَال الْمُؤمنِينَ يفتنون (¬4) فِي قُبُورهم إِلَّا الشَّهِيد؟ ¬
قَالَ كفى ببارقة السيوف على رَأسه فتْنَة (¬1) رَوَاهُ النَّسَائِيّ 36 - وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا أسود أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي رجل أسود منتن الرّيح قَبِيح الْوَجْه لَا مَال لي (¬2) فَإِن أَنا قَاتَلت هَؤُلَاءِ حَتَّى أقتل فَأَيْنَ أَنا قَالَ فِي الْجنَّة فقاتل حَتَّى قتل فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ قد بيض الله وَجهك (¬3) وَطيب رِيحك وَأكْثر مَالك وَقَالَ لهَذَا أَو لغيره لقد رَأَيْت زَوجته من الْحور الْعين نازعته جُبَّة لَهُ من صوف تدخل بَينه وَبَين جبته رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم 37 - وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بخباء أَعْرَابِي وَهُوَ فِي أَصْحَابه يُرِيدُونَ الْغَزْو فَرفع الْأَعرَابِي نَاحيَة من الخباء (¬4) فَقَالَ من الْقَوْم فَقيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه يُرِيدُونَ الْغَزْو فَقَالَ هَل من عرض الدُّنْيَا يصيبون قيل لَهُ نعم يصيبون الْغَنَائِم ثمَّ تقسم بَين الْمُسلمين فَعمد إِلَى بكر (¬5) لَهُ فاعتقله وَسَار مَعَهم فَجعل يدنو ببكره إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجعل أَصْحَابه يذودون (¬6) بكره عَنهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعوا لي النجدي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه لمن مُلُوك (¬7) الْجنَّة قَالَ فَلَقوا الْعَدو فاستشهد فَأخْبر بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ فَقعدَ عِنْد رَأسه مُسْتَبْشِرًا أَو قَالَ مَسْرُورا يضْحك ثمَّ أعرض عَنهُ فَقُلْنَا يَا رَسُول الله رَأَيْنَاك مُسْتَبْشِرًا تضحك ثمَّ أَعرَضت عَنهُ فَقَالَ أما مَا رَأَيْتُمْ من استبشاري أَو قَالَ سروري (¬8) فَلَمَّا رَأَيْت من كَرَامَة روحه على الله عز وَجل ¬
وَأما إعراضي عَنهُ فَإِن زَوجته من الْحور الْعين الْآن عِنْد رَأسه رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد حسن 38 - وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن أم الرّبيع بنت الْبَراء رَضِي الله عَنْهَا وَهِي أم حَارِثَة بنت سراقَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا تُحَدِّثنِي عَن حَارِثَة وَكَانَ قتل يَوْم بدر فَإِن كَانَ فِي الْجنَّة صبرت وَإِن كَانَ غير ذَلِك اجتهدت عَلَيْهِ بالبكاء فَقَالَ يَا أم حَارِثَة إِنَّهَا جنان فِي الْجنَّة وَإِن ابْنك أصَاب الفردوس الْأَعْلَى (¬1) رَوَاهُ البُخَارِيّ 39 - وَعَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عجب رَبنَا (¬2) تبَارك وَتَعَالَى من رجل غزا فِي سَبِيل الله فَانْهَزَمَ يَعْنِي أَصْحَابه فَعلم مَا عَلَيْهِ فَرجع حَتَّى أهريق دَمه فَيَقُول الله عز وَجل لملائكته انْظُرُوا إِلَى عَبدِي رَجَعَ رَغْبَة فِيمَا عِنْدِي وشفقة مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أهريق دَمه (¬3) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن عَطاء بن السَّائِب عَن مرّة عَنهُ 40 - وَرَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَتقدم لَفظهمْ فِي قيام اللَّيْل وَتقدم فِيهِ أَيْضا حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة يُحِبهُمْ الله ويضحك إِلَيْهِم (¬4) ويستبشر بهم الَّذِي إِذا انكشفت فِئَة (¬5) قَاتل وَرَاءَهَا بِنَفسِهِ لله عز وَجل فإمَّا أَن يقتل وَإِمَّا أَن ينصره الله ويكفيه فَيَقُول انْظُرُوا إِلَى عَبدِي هَذَا كَيفَ صَبر لي بِنَفسِهِ (¬6) الحَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن ¬
41 - وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ أنَاس إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ابْعَثْ (¬1) مَعنا رجَالًا يعلمونا الْقُرْآن وَالسّنة فَبعث إِلَيْهِم سبعين رجلا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُم الْقُرَّاء فيهم خَالِي حرَام يقرؤون الْقُرْآن وَيَتَدَارَسُونَهُ (¬2) بِاللَّيْلِ يتعلمون وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يجيئون بِالْمَاءِ فيضعونه فِي الْمَسْجِد ويحتطبون (¬3) فيبيعونه ويشترون بِهِ الطَّعَام لاهل الصّفة (¬4) وللفقراء فبعثهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم فعرضوا لَهُم فَقَتَلُوهُمْ قبل أَن يبلغُوا الْمَكَان فَقَالُوا اللَّهُمَّ أبلغ عَنَّا نَبينَا أَنا قد لقيناك فرضينا عَنْك ورضيت عَنَّا (¬5) قَالَ وأتى رجل حَرَامًا خَال أنس من خَلفه فطعنه بِرُمْح حَتَّى أنفذه فَقَالَ حرَام فزت وَرب الْكَعْبَة (¬6) فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن إخْوَانكُمْ قد قتلوا وَإِنَّهُم قَالُوا اللَّهُمَّ أبلغ عَنَّا نَبينَا أَنا قد لقيناك فرضينا عَنْك ورضيت عَنَّا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَاللَّفْظ لَهُ 42 - وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ قَالَ أنس رَضِي الله عَنهُ أنزل فِي الَّذين قتلوا ببئر مَعُونَة قُرْآن قرأناه ثمَّ نسخ بعد بلغُوا قَومنَا أَنا قد لَقينَا رَبنَا فَرضِي عَنَّا ورضينا عَنهُ 43 - وَعَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَأَلنَا عبد الله عَن هَذِه الْآيَة {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ} فَقَالَ أما أَنا فقد سَأَلنَا عَن ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَرْوَاحهم (¬7) فِي جَوف طير ¬
خضر لَهَا قناديل معلقَة بالعرش تسرح من الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت ثمَّ تأوي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيل فَاطلع عَلَيْهِم رَبهم اطلاعة فَقَالَ هَل تشتهون شَيْئا قَالُوا أَي شَيْء نشتهي وَنحن نَسْرَح من الْجنَّة حَيْثُ شِئْنَا فَفعل ذَلِك بهم ثَلَاث مَرَّات فَلَمَّا رَأَوْا أَنهم لن يتْركُوا من أَن يسْأَلُوا قَالُوا يَا رب نُرِيد أَن ترد أَرْوَاحنَا فِي أَجْسَادنَا حَتَّى نقْتل فِي سَبِيلك مرّة أُخْرَى فَلَمَّا رأى أَن لَيْسَ لَهُم حَاجَة تركُوا رَوَاهُ مُسلم وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا 44 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه سَأَلَ جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام عَن هَذِه الْآيَة {وَنفخ فِي الصُّور فَصعِقَ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله} من الَّذين لم يشإ الله أَن يصعقهم قَالَ هم شُهَدَاء الله رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد 44 - ورواه ابن أبي الدنيا من طريق إسماعيل بن عياش أطول منه، وقال فيه: "هم الشهداء يَبعثهم الله متقلدين أسيافهم حول عرشه، فأَتاهم ملائكة من المحشر بنجائب (¬1) من ياقوت، أَزِمَّتُها الدرُّ الأَبيض، برحال الذهب (¬2)، أعنَّتُها (¬3) السندس والإِستبرق، ونمارقها (¬4) أَلْيَنُ من الحرير، مَدُّ خُطاها مدّ أبصار الرجال، يسيرون في الجنة على خيول، يقولون عند طول النزهة: انطلقوا بنا ننظر كيف يَقضي الله بين خلقه (¬5)، يضحك الله إليهم (¬6)، وإذا ضحك الله إلى عبدٍ في موطنٍ فلا حساب عليه". 46 - وَعَن عَامر بن سعد رَضِي الله عَنهُ عَن أَبِيه أَن رجلا جَاءَ إِلَى الصَّلَاة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فَقَالَ حِين انْتهى الصَّفّ اللَّهُمَّ آتني أفضل مَا تؤتي عِبَادك ¬
الترهيب من أن يموت الإنسان ولم يغز ولم ينو الغزو، وذكر أنواع من الموت تلحق أربابها بالشهداء، والترهيب من الفرار من الطاعون
الصَّالِحين فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة قَالَ من الْمُتَكَلّم آنِفا فَقَالَ الرجل أَنا يَا رَسُول الله قَالَ إِذا يعقر (¬1) جوادك وتستشهد رَوَاهُ أَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم التَّرْهِيب من أَن يَمُوت الْإِنْسَان وَلم يغز وَلم ينْو الْغَزْو وَذكر أَنْوَاع من الْمَوْت تلْحق أَرْبَابهَا بِالشُّهَدَاءِ والترهيب من الْفِرَار من الطَّاعُون 1 - عَن أبي عمرَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ كُنَّا بِمَدِينَة الرّوم فأخرجوا إِلَيْنَا (¬2) صفا عَظِيما (¬3) من الرّوم فَخرج إِلَيْهِم من الْمُسلمين مثلهم أَو أَكثر وعَلى أهل مصر عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ وعَلى الْجَمَاعَة فضَالة بن عبيد رَضِي الله عَنهُ فَحمل رجل من الْمُسلمين على صف الرّوم حَتَّى دخل بَينهم فصاح النَّاس وَقَالُوا سُبْحَانَ الله يلقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة فَقَامَ أَبُو أَيُّوب فَقَالَ أَيهَا النَّاس إِنَّكُم لَتَأَوَّلُون هَذَا التَّأْوِيل (¬4) وَإِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة فينا معشر الأنصار، لما أعز الله الإسلام، وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعضٍ سراً دون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أَمْوَالنَا قد ضَاعَت وَإِن الله تَعَالَى قد أعز الْإِسْلَام وَكثر ناصروه فَلَو (¬5) أَقَمْنَا فِي أَمْوَالنَا وأصلحنا مَا ضَاعَ مِنْهَا فَأنْزل الله تَعَالَى على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يرد علينا مَا قُلْنَا وللفقراء فِي سَبِيل الله {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} (¬6) وَكَانَت التَّهْلُكَة الْإِقَامَة ¬
على الْأَمْوَال وإصلاحها، وَتَركنَا الْغَزْو فَمَا زَالَ أَبُو أَيُّوب شاخصا فِي سَبِيل الله حَتَّى دفن بِأَرْض الرّوم (¬1) رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث غَرِيب صَحِيح 2 - وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تبايعتم بالعينة (¬2) وأخذتم أَذْنَاب الْبَقر (¬3) ورضيتم بالزرع وتركتم الْجِهَاد سلط الله عَلَيْكُم ذلا (¬4) لَا يَنْزعهُ حَتَّى ترجعوا إِلَى دينكُمْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره من طَرِيق إِسْحَاق بن أسيد نزيل مصر ¬
3 - وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَاتَ وَلم يغز (¬1) وَلم يحدث بِهِ نَفسه (¬2) مَاتَ على شُعْبَة من النِّفَاق (¬3) رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ 4 - وَعَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من لم يغز أَو يُجهز غازيا (¬4) أَو يخلف غازيا فِي أَهله (¬5) بِخَير أَصَابَهُ الله تَعَالَى بقارعة (¬6) قبل ¬
يَوْم الْقِيَامَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة 5 - وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لَقِي الله بِغَيْر أثر من جِهَاد لَقِي الله وَفِيه ثلمة (¬1) رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه كِلَاهُمَا من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن رَافع عَن سمي عَن أبي صَالح عَنهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب 6 - وَعَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا ترك قوم الْجِهَاد إِلَّا عمهم الله بِالْعَذَابِ (¬2) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن ¬
فصل في الشهداء .. الخ
فصل 7 - عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تَعدونَ الشُّهَدَاء (¬1) فِيكُم قَالُوا يَا رَسُول الله من قتل فِي سَبِيل الله فَهُوَ شَهِيد (¬2) قَالَ إِن شُهَدَاء أمتِي إِذا لقَلِيل قَالُوا فَمن يَا رَسُول الله قَالَ من قتل فِي سَبِيل الله فَهُوَ شَهِيد وَمن مَاتَ فِي سَبِيل الله فَهُوَ شَهِيد (¬3) وَمن مَاتَ فِي الطَّاعُون (¬4) فَهُوَ شَهِيد وَمن مَاتَ من الْبَطن (¬5) فَهُوَ شَهِيد قَالَ ابْن مقسم أشهد على أَبِيك يَعْنِي أَبَا صَالح أَنه قَالَ والغريق (¬6) شَهِيد رَوَاهُ مُسلم 8 - ورواه مالك والبخاري والترمذي، ولفظهم -وهو رواية لمسلم أيضاً في حديث-: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الشهداءُ خمسةٌ: المطعونٌ، والمبطونٌ، والغريقٌ، وصاحبُ الهدمِ (¬7)، والشهيدُ في سبيل الله". 9 - وَعَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ دَخَلنَا على عبد الله بن رَوَاحَة ¬
نعوده فَأُغْمِيَ (¬1) عَلَيْهِ فَقُلْنَا رَحِمك الله إِن كُنَّا لنحب أَن تَمُوت على غير هَذَا وَإِن كُنَّا لنَرْجُو لَك الشَّهَادَة فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن نذْكر هَذَا فَقَالَ وفيم تَعدونَ الشَّهَادَة فأرم الْقَوْم وتحرك عبد الله فَقَالَ أَلا تجيبون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَجَابَهُ هُوَ فَقَالَ نعد الشَّهَادَة فِي الْقَتْل فَقَالَ إِن شُهَدَاء أمتِي إِذا لقَلِيل إِن فِي الْقَتْل شَهَادَة وَفِي الطَّاعُون شَهَادَة وَفِي الْبَطن شَهَادَة وَفِي الْغَرق شَهَادَة وَفِي النُّفَسَاء يَقْتُلهَا وَلَدهَا جمعا شَهَادَة رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَاللَّفْظ لَهُ ورواتهما ثِقَات (أرم الْقَوْم) بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْمِيم سكتوا وَقيل سكتوا من خوف وَنَحْوه وَقَوله يَقْتُلهَا وَلَدهَا جمعا مُثَلّثَة الْجِيم سَاكِنة الْمِيم أَي مَاتَت وَوَلدهَا فِي بَطنهَا يُقَال مَاتَت الْمَرْأَة بِجمع مُثَلّثَة الْجِيم إِذا مَاتَت وَوَلدهَا فِي بَطنهَا وَقيل إِذا مَاتَت عذراء أَيْضا 10 - وَعَن ربيع الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاد ابْن أخي جبر الْأنْصَارِيّ فَجعل أَهله يَبْكُونَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُم جبر لَا تُؤْذُوا (¬2) رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَصْوَاتِكُمْ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْهُنَّ (¬3) يبْكين مَا دَامَ حَيا فَإِذا وَجب فليسكتن (¬4) فَقَالَ بَعضهم مَا كُنَّا نرى أَن يكون موتك على فراشك حَتَّى تقتل فِي سَبِيل الله مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أو ما الْقَتْل (¬5) إِلَّا فِي سَبِيل الله إِن شُهَدَاء أمتِي إِذا لقَلِيل إِن ¬
الطعْن شَهَادَة والبطن شَهَادَة والطاعون شَهَادَة وَالنُّفَسَاء بِجمع شَهَادَة والحرق شَهَادَة وَالْغَرق شَهَادَة وَذَات الْجنب (¬1) شَهَادَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح (قَوْله بِجمع) تقدم قبله (إِذا وَجب) أَي إِذا مَاتَ 11 - وَعَن رَاشد بن حُبَيْش رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ يعودهُ فِي مَرضه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتعلمون من الشَّهِيد من أمتِي فأرم الْقَوْم فَقَالَ عبَادَة ساندوني فَأَسْنَدُوهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله الصابر الْمُحْتَسب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن شُهَدَاء أمتِي إِذا لقَلِيل الْقَتْل فِي سَبِيل الله عز وَجل شَهَادَة والطاعون شَهَادَة وَالْغَرق شَهَادَة والبطن شَهَادَة وَالنُّفَسَاء يجرها وَلَدهَا بسرره إِلَى الْجنَّة قَالَ وَزَاد أَبُو الْعَوام سَادِن بَيت الْمُقَدّس والحرق والسل رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَرَاشِد بن حُبَيْش صَحَابِيّ مَعْرُوف (أرم الْقَوْم) تقدم (والسادن) بِالسِّين وَالدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ هُوَ الْخَادِم (والسل) بِكَسْر السِّين وَضمّهَا وَتَشْديد اللَّام هُوَ دَاء يحدث فِي الرئة يؤول إِلَى ذَات الْجنب وَقيل زكام أَو سعال طَوِيل مَعَ حمى عَادِية وَقيل غير ذَلِك 12 - وَعَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خمس من قبض فِي شَيْء مِنْهُنَّ فَهُوَ شَهِيد الْمَقْتُول فِي سَبِيل الله شَهِيد والغريق فِي سَبِيل الله شَهِيد والمبطون فِي سَبِيل الله شَهِيد والمطعون فِي سَبِيل الله شَهِيد وَالنُّفَسَاء فِي سَبِيل الله شَهِيد رَوَاهُ النَّسَائِيّ ¬
13 - وَعَن جَابر بن عتِيك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ يعود (¬1) عبد الله بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ فَوَجَدَهُ قد غلب عَلَيْهِ فصاح بِهِ فَلم يجبهُ فَاسْتَرْجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ غلبنا عَلَيْك يَا أَبَا الرّبيع فصاحت النسْوَة وبكين وَجعل ابْن عتِيك يسكتهن فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْهُنَّ (¬2) فَإِذا وَجب فَلَا تبكين باكية قَالُوا وَمَا الْوُجُوب يَا رَسُول الله قَالَ إِذا مَاتَ قَالَت ابْنَته وَالله إِنِّي لأرجو أَن تكون شَهِيدا فَإنَّك كنت قد قضيت جهازك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله قد أوقع أجره على قدر نِيَّته وَمَا تَعدونَ الشَّهَادَة قَالُوا الْقَتْل فِي سَبِيل الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشَّهَادَة سبع سوى الْقَتْل فِي سَبِيل الله المبطون شَهِيد والغريق شَهِيد وَصَاحب ذَات الْجنب شَهِيد والمطعون شَهِيد وَصَاحب الْحَرِيق شَهِيد وَالَّذِي يَمُوت تَحت الْهدم شَهِيد وَالْمَرْأَة تَمُوت بِجمع شَهِيد رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه 14 - وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الطَّاعُون شَهَادَة لكل مُسلم رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم 15 - وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الطَّاعُون فَقَالَ كَانَ عذَابا يَبْعَثهُ الله على من كَانَ قبلكُمْ فَجعله الله رَحْمَة للْمُؤْمِنين مَا من عبد يكون فِي بلد فَيكون فِيهِ فيمكث (¬3) لَا يخرج صَابِرًا (¬4) محتسبا (¬5) يعلم أَنه لَا يُصِيبهُ إِلَّا مَا كتب الله لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مثل أجر شَهِيد رَوَاهُ البُخَارِيّ 16 - وَعَن أبي عسيب رَضِي الله عَنهُ مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَانِي جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام بالحمى والطاعون فَأَمْسَكت ¬
الْحمى بِالْمَدِينَةِ وَأرْسلت الطَّاعُون إِلَى الشَّام فالطاعون شَهَادَة لامتي ورجز على الْكَافِر رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير ورواة أَحْمد ثِقَات مَشْهُورُونَ (الرجز) الْعَذَاب 17 - وَعَن أبي منيب الأحدب رَضِي الله عَنهُ قَالَ خطب معَاذ بِالشَّام فَذكر الطَّاعُون فَقَالَ إِنَّهَا رَحْمَة بكم ودعوة نَبِيكُم وَقبض الصَّالِحين قبلكُمْ اللَّهُمَّ اجْعَل على آل معَاذ نصِيبهم من هَذِه الرَّحْمَة ثمَّ نزل عَن مقَامه ذَلِك فَدخل على عبد الرَّحْمَن بن معَاذ فَقَالَ عبد الرَّحْمَن {الْحق من رَبك فَلَا تكونن من الممترين} فَقَالَ معَاذ {ستجدني إِن شَاءَ الله من الصابرين} رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد 18 - وَعَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ستهاجرون إِلَى الشَّام فتفتح لكم وَيكون فِيكُم دَاء كالدمل أَو كالخزة يَأْخُذ بمراق الرجل يستشهد الله بِهِ أنفسهم ويزكي (¬1) بِهِ أَعْمَالهم اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَن معَاذًا سَمعه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعطه هُوَ وَأهل بَيته الْحَظ الأوفر مِنْهُ فَأَصَابَهُمْ الطَّاعُون فَلم يبْق مِنْهُم أحد فطعن فِي أُصْبُعه السبابَة فَكَانَ يَقُول مَا يسرني أَن لي بهَا حمر النعم رَوَاهُ أَحْمد عَن إِسْمَاعِيل بن عبيد الله عَن معَاذ وَلم يُدْرِكهُ 19 - وَعَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنَاء أمتِي بالطعن (¬2) والطاعون فَقيل يَا رَسُول الله هَذَا الطعْن قد عَرفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُون قَالَ وخز أعدائكم من الْجِنّ وَفِي كل شَهَادَة رَوَاهُ أَحْمد بأسانيد أَحدهَا صَحِيح وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ (الوخز) بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة بعْدهَا زَاي هُوَ الطعْن 20 - وَعَن أبي بكر بن أبي مُوسَى عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ قَالَ ذكر الطَّاعُون ¬
عِنْد أبي مُوسَى فَقَالَ سَأَلنَا عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ وخز أعدائكم الْجِنّ وَهُوَ لكم شَهَادَة رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم 21 - وَعَن أبي بردة بن قيس أخي أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ اجْعَل فنَاء أمتِي قتلا فِي سَبِيلك بالطعن (¬1) والطاعون رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَرَوَاهُ الْحَاكِم من حَدِيث أبي مُوسَى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد 22 - وَعَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يخْتَصم الشُّهَدَاء والمتوفون على فرشهم إِلَى رَبنَا فِي الَّذين يتوفون فِي الطَّاعُون فَيَقُول الشُّهَدَاء قتلوا كَمَا قتلنَا وَيَقُول المتوفون على فرشهم إِخْوَاننَا مَاتُوا على فرشهم كَمَا متْنا فَيَقُول رَبنَا تبَارك وَتَعَالَى انْظُرُوا إِلَى جراحهم (¬2) فَإِن أشبهت جراح ¬
المقتولين فَإِنَّهُم مِنْهُم وَمَعَهُمْ فَإِذا جراحهم قد أشبهت جراحهم رَوَاهُ النَّسَائِيّ 23 - وَعَن عتبَة بن عبد رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَأْتِي الشُّهَدَاء والمتوفون بالطاعون فَيَقُول أَصْحَاب الطَّاعُون نَحن شُهَدَاء فَيَقُول انْظُرُوا فَإِن كَانَت جراحهم كجراح الشُّهَدَاء تسيل دَمًا كريح الْمسك فهم شُهَدَاء فيجدونهم كَذَلِك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ فِيهِ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش رِوَايَته عَن الشاميين مَقْبُولَة وَهَذَا مِنْهَا وَيشْهد لَهُ حَدِيث الْعِرْبَاض قبله 24 - وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تفنى أمتِي إِلَّا بالطعن والطاعون قلت يَا رَسُول الله هَذَا الطعْن قد عَرفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُون قَالَ غُدَّة كَغُدَّة الْبَعِير الْمُقِيم بهَا كالشهيد والفار (¬1) مِنْهُ كالفار من الزَّحْف رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ 25 - وَفِي رِوَايَة لأبي يعلى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وخزة تصيب أمتِي من أعدائهم من الْجِنّ كَغُدَّة الْإِبِل من أَقَامَ عَلَيْهَا (¬2) كَانَ مرابطا وَمن أُصِيب بِهِ كَانَ شَهِيدا وَمن فر مِنْهُ كَانَ كالفار من الزَّحْف (¬3) رَوَاهُ الْبَزَّار وَعِنْده قلت يَا رَسُول الله هَذَا الطعْن قد عَرفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُون قَالَ يشبه الدمل يخرج فِي الآباط والمراق وَفِيه تَزْكِيَة (¬4) أَعْمَالهم وَهُوَ لكل مُسلم شَهَادَة (قَالَ المملي) رَضِي الله عَنهُ: أَسَانِيد الْكل حسان 26 - وَعَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله ¬
عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي الطَّاعُون الفار مِنْهُ كالفار من الزَّحْف وَمن صَبر فِيهِ (¬1) كَانَ لَهُ أجر شَهِيد رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَإسْنَاد أَحْمد حسن 27 - وَعَن أبي إِسْحَاق السبيعِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ سُلَيْمَان بن صرد لخَالِد بن عرفطة أَو خَالِد بن سُلَيْمَان رَضِي الله عَنهُ أما سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من قَتله بَطْنه (¬2) لم يعذب فِي قَبره فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه نعم (¬3) رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ خَالِد بن عرفطة من غير شكّ (عرفطة) بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَالْفَاء جَمِيعًا بعدهمَا طاء مُهْملَة 28 - وَعَن سعيد بن زيد رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من قتل دون مَاله فَهُوَ شَهِيد (¬4) وَمن قتل دون دَمه (¬5) فَهُوَ شَهِيد وَمن قتل دون دينه (¬6) فَهُوَ شَهِيد وَمن قتل دون أَهله (¬7) فَهُوَ شَهِيد رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح 29 - وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل دون مَاله فَهُوَ شَهِيد (¬8) رَوَاهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ 30 - وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي وَغَيره قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أُرِيد مَاله (¬9) بِغَيْر حق فقاتل فَقتل فَهُوَ شَهِيد وَفِي رِوَايَة للنسائي من قتل دون مَاله مَظْلُوما (¬10) فَهُوَ شَهِيد ¬
31 - وَعَن سُوَيْد بن مقرن رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل دون مظلمته (¬1) فَهُوَ شَهِيد رَوَاهُ النَّسَائِيّ 32 - وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن جَاءَ رجل يُرِيد أَخذ مَالِي قَالَ فَلَا تعطه مَالك قَالَ أَرَأَيْت إِن قاتلني قَالَ قَاتله قَالَ أَرَأَيْت إِن قتلني قَالَ فَأَنت شَهِيد قَالَ أَرَأَيْت إِن قتلته قَالَ هُوَ فِي النَّار (¬2) رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَلَفظه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن عدي (¬3) على مَالِي قَالَ فانشد بِاللَّه (¬4) قَالَ فَإِن أَبَوا عَليّ (¬5) قَالَ فانشد بِاللَّه قَالَ فَإِن أَبَوا عَليّ قَالَ فانشد بِاللَّه قَالَ فَإِن أَبَوا عَليّ قَالَ فقاتل فَإِن قتلت فَفِي الْجنَّة وَإِن قتلت فَفِي النَّار (¬6) ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب قراءة القرآن
كتاب قراءة القرآن الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وفضل تعلمه وتعليمه والترغيب في سجود التلاوة 1 - عنْ عثمان بن عفَّان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيركمْ من تعلَّم القرآن وعلَّمه - أي أفضلكم الذي جاهد نفسه في حفظ القرآن، وفهم معناه وتفسير آياته، ثم يعلمه ويوضح مجمله، ويدعو الناس إلى العمل به. وذكره بعد باب الجهاد ليحث على أن التفقه في الدين، والبحث في معضلاته وشرح آياته من الجهاد في سبيل الله، وفي الحديث الحث على تعليم القرآن، وقد سئل الثوري عن الجهاد، وإقراء القرآن؟ فرجح الثاني، واحتج بهذا الحديث - قاله في الفتح. قال الشرقاوي: لا ريب أن الجامع بين تعلم القرآن، وتعليمه مكمل لنفسه ولغيره، جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي. لا يقال إن من لازم هذا أفضلية المقرى على الفقيه، لأن المخاطين بذلك كانوا فقهاء الناس بذلك. إذ كانوا يدرون معاني القرآن بالسليقة أكثر من دراية من بعدهم بالاكتساب. فإن قلت: يلزم أن يكون المقرئ أفضل ممن هو أعظم عناء في الإسلام بالمجاهدة، والرباط والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. أجيب بأن ذلك دائر على النفع المتعدي. فمن كان عنده حصوله أكثر كان أفضل. فلعل من مضمرة في الحديث بعد أن. أهـ ص 218 جـ 3. يرغب النبي صلى الله عليه وسلم في الوعظ والإرشاد، ويدعو العلماء إلى تعليم المسلمين، والعمل بأحكام الدين، والجهاد في تفهيم الضالين، والإقناع بالحجة وكثرة الاطلاع (¬1). رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي، والنسائي وابن ماجه وغيرهم. 2 - وعنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم ¬
حرف، ولكنْ ألف حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ (¬1). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب. 3 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلتْ عليهم السَّكينة (¬2)، وغشيتهم الرَّحمة (¬3)، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمنْ عنده (¬4). رواه مسلم وأبو داود وغيرهما. ¬
4 - وعنْ عُقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله
عليه وسلم ونحن في الصُّفَّة، فقال أيُّكم يحبُّ أن يغدو كلَّ يوم إلى بطحان، أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثمٍ ولا قطيعة رحمٍ؟ فقلنا: يا رسول الله كلُّنا نحبُّ ذلك. قال: أفلا يغدو أحدكمْ إلى المسجد فيتعلَّم، أو فيقرأ آيتين منْ كتاب الله عزَّ وجلَّ خيرٌ له من ناقتين، ثلاثٍ، وأربع خير له من أربعٍ، ومن أعدادهنَّ من الإبل. رواه مسلم وأبو داود، وعنده: كوماوين زهراوين بغير إثمٍ لله عزَّ وجلَّ، ولا قطيعة رحمٍ. قالوا: كلنا يا رسول الله. قال: فلأن يغدو أحدكمْ كلَّ يومٍ إلى المسجد فيعلم آيتين من كتاب الله خير له من نا قتين، وإن ثلاثٌ فثلاثٌ مثل أعدادهنَّ (¬1) (بطحان) بضم الباء، وسكون الطاء: موضع بالمدينة (والكوماء) بفتح الكاف، وسكون الواو، وبالمد: هي الناقة العظيمة السنام. 5 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من استمع (¬2) إلى آيةٍ من كتاب الله كتبتْ له حسنةٌ مضاعفةٌ، ومن تلاها (¬3) كانتْ له نورًا يوم القيامة. رواه أحمد عن عبادة بن ميسرة. واختلف في توثيقه عن الحسن عن أبي هريرة، والجمهور على أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة. 6 - وعنْ أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الرَّبُّ تبارك وتعالى: منْ شغله (¬4) القرآن عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين (¬5)، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله (¬6) على خلقهِ رواه ¬
الترمذي، وقال: حديث غريب. 7 - وعنْ أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجَّة (¬1): ريحها طيِّب، وطعمها طيِّب، ¬
ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التَّمرة لا ريح لها وطعمها حلوٌ، ومثل المنافق (¬1) الذي يقرأ القرآن مثل الرَّيحانة (¬2) ريحها طيِّب، وطعمها مرٌّ، ومثل المنافق الذي ¬
لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة (¬1) ليس لها ريح، وطعمها مرٌّ. وفي روايةٍ: مثل الفاجر، بدل المنافق. رواه البخاري ومسلم، والنسائي وابن ماجه. 8 - وعنْ أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجَّة ريحها طيِّب، وطعمها طيِّب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التَّمرة لا ريح لها، وطعمها طيِّب، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الرَّيحانة ريحها طيِّب، وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مرٌّ، ولا ريح لها، ومثل الجليس الصَّالح كمثل صاحب المسك (¬2) إنْ لمْ يصبك منه شيءٌ أصابك من ريحهِ (¬3)، ومثل الجليس السُّود (¬4) كمثل صاحب الكبير (¬5) إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانهِ. رواه أبو داود. 9 - وعنْ عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع السَّفرة (¬6) الكرام البررة، والذي يقرأ ويتتعتع فيه، وهو عليه شاقٌ له أجرانِ. ¬
وفي رواية: والذي يقرؤه، وهو يشتدُّ عليه له أجران. رواه البخاري ومسلم واللفظ له، وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه. 10 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أوْصني؟ قال: عليك بتقوى الله (¬1) فإنَّه رأس الأمر كلِّه. قلت: يا رسول الله زدني (¬2). قال: عليك بتلاوة القرآن (¬3)، فإنَّه نورٌ (¬4) لك في الأرض، وذخرٌ لك في السماء (¬5) رواه ابن حبان في صحيحه في حديث طويل. 11 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: القرآن شافع مشفَّعٌ، وما حلٌ مصدقٌ، من جعله أمامه (¬6) قاده (¬7) إلى الجنَّة، ومنْ جعله خلف ظهره (¬8) ساقه إلى النار. رواه ابن حبان في صحيحه. (ما حل) بكسر الحاء المهملة: أي ساعٍ، وقيل: خصم مجادل. 12 - وعنْ أبي أمامة الباهليِّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اقرءوا القرآن، فإنَّه يأتي يوم القيامة شفيعاً (¬9) لأصحابهِ. الحديث رواه مسلم، ويأتي بتمامه إن شاء الله. 13 - وعنْ سهل بن معاذٍ عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ القرآن، وعمل به ألبس والده تاجاً (¬10) يوم القيامة ضوؤه أحسن ¬
من ضوء الشَّمس في بيوت الدنيا، فما ظنُّكم بالذي عمل بهذا (¬1). رواه أبو داود والحاكم، كلاهما عن زبان عن سهل، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 14 - وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ما أذن الله لع بدٍ في شيء أفضل (¬2) من ركعتين يصلِّيهما، وإنَّ البرَّ ليذرُّ (¬3) على رأس العبد ما دام في صلاته، وما تقرَّب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه، يعني القرْآن (¬4). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. 15 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يجيء صاحب القرآن يوم القيامة، فيقول القرآن: ياربِّ حلِّهِ (¬5) فيلبس تاج الكرامة ثمَّ يقول: يا ربِّ زده فيلبس حالة الكرامة، ثمَّ يقول: يا ربِّ ارض عنه فيرض عنه، فيقال له: اقرأ وارق، ويزداد بكلِّ آيةٍ حسنةً: رواه الترمذي، وحسنه وابن خزيمة، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 16 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق (¬6)، ورتِّل (¬7) كما كنت ترتل في الدنيا، فإنَّ منزلك عند آخر آيةٍ تقرؤها. رواه الترمذي، وأبو داود وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي حديث حسن صحيح. (قال الخطابي): جاء في الأثر أن عدد آي القرآن على قدر درج (¬8) الجنَّة، فيقال للقارئ ارق في الدَّرج على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن، فمن استوفى قراءة ¬
جميع القرآن استولى على أقصى (¬1) درج الجنَّة في الآخرة، ومن قرأ جزءا منه كان رقيُّة في الدَّرج على قدر ذلك، فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة. 17 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في (¬2) اثنتين: رجل آتاه الله هذا الكتاب، فقام به آناء الليل وآناء النَّهار. ورجل أعطاه الله مالا فتصدَّق به آناء الليل وآناء النَّهار. رواه البخاري ومسلم. 18 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا حسد إلا في اثنتين: رجلٍ علَّمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النَّهار فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتى فلان فعملتُ مثل ما يعمل. ورجلٍ آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحقِّ، فقال رجلٌ: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، رواه البخاري. (قال المملي): والمراد بالحسد هنا الغبطة، وهو تمنى مثل ما للمحسود، لا تمنى زوال تلك النعمة عنه، فإن ذلك الحسد المذموم. 19 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يهولهم الفزع (¬3) الأكبر، ولا ينالهم الحساب (¬4)، همْ على كثيبٍ (¬5) منْ مسكٍ حتى يفرغ (¬6) من حساب الخلائق: رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله (¬7)، وأمَّ به قوما، وهمْ به راضون (¬8). وداعٍ (¬9) يدعو إلى الصلوات ابتغاء وجه الله. وعبدٌ أحسن فيما بينه وبين ربِّه، وفيما بينه وبين مواليه (¬10). رواه الطبراني في الأوسط، والصغير بإسناد لا بأس به. ¬
ورواه في الكبير بفحوه، وزاد في أوله قال ابن عمر رضي الله عنه: لوْ لمْ أسمعه منْ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرَّة ومرَّة حتى عدَّ سبع مرَّاتٍ لما حدَّثت به. 20 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثاً (¬1) وهمْ ذوو عددٍ فاستقرأهم (¬2) فاستقرأ كلَّ رجلٍ منهمْ يعني مامعه من القرآن (¬3)، فأتى على رجلٍ من أحدثهمْ سنًّا، فقال: ما معك يا فلان؟ قال: معي كذا وكذا، وسورة البقرة، فقال: أمعك سورة البقرة؟ قال: نعم. قال: اذهبْ فأنت أميرهم (¬4)، فقال رجل من أشرافهم: والله ما منعني أن أتعلم البقرة إلا خشية ألا أقوم بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعلَّموا القرآن واقرءوه، فإنْ مثل القرآن لمنْ تعلَّمه فقرأه كمثل جرابٍ (¬5) محشو مسكاً يفوح ريحه في كلِّ مكانٍ، ومنْ تعلَّمه فيرقد وهو في جوفه فمثله كمثل جرابٍ، أوكئ (¬6) على مسكٍ. رواه الترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن، وابن ما جه مختصراً، وابن حبان في صحيحه. 21 - وعنْ عبد الله بن عمرٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ القرآن فقد استدرج (¬7) النُّبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحي (¬8) إليه لا ينبغي لصاحب القرآن أن يجد (¬9) مع منْ وجد، ولا يجهل (¬10) مع من جهل، وفي جوفهِ (¬11) كلام الله. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. ¬
22 - وعنه رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصيام والقرآن يشفعان (¬1) للعبد يقول الصيام: ربِّ إني منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني (¬2) فيه ويقول القرآن: ربِّ منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان. رواه أحمد وابن أبي الدنيا في كتاب الجوع، والطبراني في الكبير والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح على شرح مسلم. 23 - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه أن أسيدَ بن حضيرٍ بينما هو في ليلة يقرأ في مربده (¬3) إذ جالت (¬4) فرسه، فقرأ ثمَّ جالت أخرى، فقرأ ثم جالتْ أخرى أيضاً. قال أسيدٌ: فخشيت أن تطأ يحيى فقمت إليها، فإذا مثل الظُّلَّةِ فوق رأسي فيها أمثال السُّرج عرجت (¬5) في الجو حتى ما أراها قال: فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله بينما أنا الباحة في جوف الليل أقرأ في مربدي إذا جالت (¬6) فرسي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ (¬7) ابن حضيرٍ. قال فقرأت ثمَّ جالت أيضاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ ابن حضيرٍ. قال فقرأت، ثمَّ جالت أيضاً، ثمً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ ابن حضير، قال: فانصرفت وكان يحيى (¬8) قريباً منها خشيت أن تطأه، فرأيت مثل الظُّلَّةِ فيها أمثال السُّرج (¬9) ¬
عرجت في الجو حتى ما أراها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الملائكة تستمع لك، ولوْ قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهمْ. رواخ البخاري ومسلم، واللفظ له. ورواه الحاكم بنحوه باختصار، وقال فيه: فالتفتُّ فإذا أمثال المصابيح، قال مدلاة بين السماء والأرض، فقال: يا رسول الله ما استطعت أن أمْضي، فقال: تلك الملائكة نزلت لقراءة القرآن، أما إنَّك لو مضيت لرأيت العجائب. وقال: صحيح على شرط مسلم. (الظلة) بضم الظاء المعجمة، وتشديد اللام: هي الغاشية، وقيل: السحابة. 24 - وعنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّكم لا ترجعون إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه يعني القرآن. رواه الحاكم وصححه، ورواه أبو داود في مراسيله عن جبير بن نفير. 25 - وعنْ عبد الله، يعني ابن مسعودٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قا ل: إنَّ هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا مأدبته ما استطعتمْ، إنَّ هذا القرآن حبل الله، والنور المبين، والشفاء النافع عصمة لمن تسمك به، ونجاة لمن اتَّبعه، لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوجُّ فيقوم، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق (¬1) من كثرة الرَّدِّ، اتلوه فإنَّ الله يأجركمْ (¬2) على تلاوته كل حرفٍ عشر حسناتٍ، أما إني لا أقول آلم حرفٌ، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف. رواه الحاكم من رواية صالح بن عمر عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص) عنه، وقال: تفرد به صالح بن عمر عنه، وهو صحيح. 26 - وعنْ أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ للهِ أهلين من الناس. قالوا: منْ همْ يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن همْ أهل الله (¬3) وخاصَّته. رواه النسائي وابن ماجه والحاكم كلهم عن ابن مهدي، حدثنا عبد الرحمن بن بديل عن أبيه عن أنس، وقال الحاكم: يروى من ثلاثة أوجه عن أنس هذا أجودها. (قال المملي) الحافظ عبد العظيم: وهو إسناد صحيح. ¬
27 - وعنْ عمران بن حصينٍ رضي الله عنهما أنَّه مرَّ على قارئٍ يقرأ، ثمَّ سأل فاسترجع (¬1) ثمَّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنَّه سيجيء أقوام يقرءون القرآن يسألون به الناس. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. 28 - وعنْ بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ قرأ القرآن، وتعلَّم وعمل به (¬2) ألبس والده يوم القيامة تاجاً (¬3) من نورٍ ضوؤه مثل ضوء الشِّمْس، ويُكْسى والده حلَّتين لا يقوم لهما الدنيا، فيقولان بم كسينا هذا؟ فيقال بأخذ ولد كما القرآن. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. 29 - وروي عنْ عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن فاستظهره (¬4) فأحلَّ حلاله، وحرَّم حرامه أدخله الله به الجنَّة وشفَّعه في عشرةٍ من أهل بيته (¬5) كلُّهمْ قد وجبت لهمُ النار. رواه ابن ماجه والترمذيّ، واللفظ له، وقال: حديث غريب. 30 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من قرأ القرآن لمْ يردَّ إلى أرذل العمر (¬6)، وذلك قوله تعالى: (ثمَّ رددْناهُ أسفل سافلين إلا الذين آمنوا. قال: الذين قرءوا القرآن. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 31 - وعنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذرٍ لان تغدو فتعلَّم آية من كتاب الله خير لك من أن تُصلِّي مائة ركعة، ولأن تغدو فتُعلم بابا من العلم عمل به أوْ لمْ يعمل به خيرٌ من أن تصلِّي ألف ركعةٍ. رواه ابن ماجه بإسناد حسن. ¬
32 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ عشر آيات في ليلةٍ لم يكتبْ من الغافلين. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. 33 - وعنْه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حافظ على هؤلاء الصَّلوات المكتوبات لمْ يكتب من الغافلين، ومن قرأ في ليلةٍ مائة آيةٍ كتب من القانتين. رواه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم، واللفظ له، وقال: صحيح على شرطهما. (قال الحافظ): وقد تقدم في صلاة الليل أحاديث نحو هذا. 34 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قرأ ابن آدم السَّجدة، فسجد اعتزل الشَّيطان يبكي يقول: يا ويله. وفي روايةٍ: يا ويلي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنَّة، وأمرت بالسُّجود فأبيت فلي النّار. رواه مسلم وابن ماجه، ورواه البزار من حديث أنس. ورواه الطبراني عن أبي إسحاق عن ابن مسعود موقوفاً قال: إذا رأي الشيطان ابن آدم ساجداً صاح، وقال: يا ويله يا ويل الشَّيطان، أمر الله ابن آدم أن يسجد وله الجنَّة فأطلع، وأمرني أن أسجد فعصيت فلي النَّار. 35 - وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنه رأى رؤيا: أنه يكتب ص فلمَّا بلغ إلى سجدتها قال: رأى الدَّواة والقلم وكلَّ شيء بحضرته انقلب ساجداً. قال: فقصصها على النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يسْجُدُ بها (¬1). رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح. 36 - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إنِّي رأيت في هذه الليلة فيما يرى النائم كأنِّي أصلِّي خلف شجرةٍ، فرأيت كأنِّي قرأت سجدةً، فرأيت الشجرة كأنَّها تسجد لسجودي (¬2) ¬
فسمعتها وهي ساجدة (¬1)، وهي تقول: اللهمَّ اكتب لي بها عندك أجراً، واجعلها لي عندك ذخراً (¬2) وضع عنِّي وزراً (¬3)، واقبلها مني كما تقبَّلت من عبدك داود. قال ابن عباسٍ: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ السَّجدة، فسمعته، وهو ساجد يقول: مثل ما قال الرَّجل عن كلام الشَّجرة. رواه الترمذي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له. (قال الحافظ) رووه كلهم عن محمد بن يزيد بن خنيس. عن الحسن بن محمد بن عبيد الله ابن أبي يزيد. عن ابن جريج. عن عبيد الله بن أبي يزيد. عن ابن عباس، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه انتهى، والحسن، قال بعضهم: لم يرو عنه غير محمد ابن يزيد، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه. 37 - ورواه أبو يعلي والطبراني من حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: رأيت فيما يرى النَّائم كأني تحت شجرةٍ، وكأن الشجرة تقرأ ص، فلما أتتْ على السَّجدة سجدتْ، فقالتْ في سجودها: اللهمَّ اغفر لي بها. اللهمَّ حطَّ (¬4) عنِّي بها ¬
وزرا، وأحدثْ لي بها شكراً (¬1)، وتقبَّلها مني كما تقبَّلت من عبدك داود سجدته فغدوت (¬2) على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: سجدت يا أبا سعيدٍ؟ قُلْتُ: لا، قال: فأنت حقٌّ بالسجود من الشَّجرة، ثمَّ قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة ص، ثمَّ أتى على السجدة فسجد وقال في سجوده ما قالت الشَّجرة في سجودها. وفي إسناده يمان بن نصر، لا أعرفه. 38 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كتبتْ عنده سورة النَّجم، فلمَّا بلغ السجدة سجد وسجدنا معه، وسجدت الدَّواة والقلم. رواه البزار بإسناد جيد. ¬
الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمه، وما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء
الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمه وما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء 1 - عنْ ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الذي ليس في جوفهِ شيء من القرآن كالبيت الخرب (¬1). رواه الترمذي والحاكم كلاهما من طريق قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه عن ابن عباس، وقال الحاكم: صحيح الإسناد وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. 2 - وعنْ عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: إن أصغر البيوت (¬2) بيت ليس فيه شيء من كتاب الله. رواه الحاكم موقوفاً، وقال: رفعه بعضهم. 3 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عرضتْ عليَّ أجور أمَّتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت عليّ ذنوب أمَّتي فلم أر ذنبا أعظم من سورةٍ من القرآن، أو آيةٍ أوتيها رجل ثمَّ نسيها (¬3) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، كلهم من رواية المطالب بن عبد الله بن حنطب عن أنس. (قال الحافظ) وتقدم الكلام عليه في تنظيف المساجد. 4 - وعنْ سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من امرئٍ يقرأ القرآن، ثمَّ ينساه إلا لقي الله أجذم (¬4). رواه أبو داود عن يزيد ابن أبي زياد. عن عيسى بن فائد. عن سعد. (قال الحافظ) ويزيد بن أبي زياد: هو الهاشمي مولاهم، كنيته أبو عبد الله، يأتي الكلام عليه، ومع هذا فعيسى بن فائد إنما روي عمن سمع سعدا. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره. (قال الخطابي) قال أبو عبيد: الأجذم، المقطع اليد، وقال ابن قتيبة: الأجذم ها هنا: ¬
الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن
المجذوم، وقال ابن الأعرابي: معناه أنه يلقى الله تعالى خالي اليدين من الخير، كني باليد عما تحويه اليد، وقال آخر: معناه لا حجة له، وقد رويناه عن سويد بن غفلة. (الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن) 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينهما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذْ جاءه عليُّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه فقال: بأبي أنت تفلَّت (¬1) هذا القرآن من صدري فما أجدني أقدر عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا الحسن أفلا أعلِّمك كلماتٍ ينفعك الله بهنَّ، وينفع بهنَّ من علَّمته، ويثبِّت ما تعلَّمت في صدرك؟ قال: أجل (¬2) يا رسول الله فعلمني. قال: إذا كان ليلة الجمعة، فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر، فإنها ساعة مشهودة، والدعاء فيها مستجاب (¬3) فقد قال أخي يعقوب لبنيه: سوف أستغفر لكمْ ربِّي (¬4)، يقول حتى تأتي ليلة الجمعة، فإنْ لم تستطع: فقمْ في وسطها، فإنْ لم تستطع: فقمْ في أوَّلها، فصلِّ أربع ركعاتٍ تقرأ في الرَّكعة الأولى: بفاتحة الكتاب، وسورة يس، وفي الرَّكعة الثانية: بفاتحة الكتاب، وحم الدُّخان، وفي الرَّكعة الثالثة: بفاتحة الكتاب، وألم تنزيل السَّجدة، وفي الرَّكعة الرابعة: بفاتحة الكتاب، وتبارك المفصل، فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله، وأحسن الثناء على الله، وصلِّ عليَّ وأحسنْ، وعلى سائر النبيين، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات، ولإخوانك الذين سبقون بالإيمان، ثم قل في آخر ذلك: اللهمَّ ارحمني بترك المعاصي أبداً ما أبقيتني (¬5)، وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عنِّي. اللهمَّ بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام، والعزَّة التي لا ترام (¬6) أسألك يا ألله يا رحمن بجلالك. ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علَّمتني وارزقني أن أتلوه على النَّحو الذي يرضيك عني اللهمَّ بديع (¬7) السموات ¬
الترغيب في تعاهد القرآن وتحسين الصوت به
والأرض ذا الجلال والإكرام، والعزَّة التي لا ترام. أسألك يا ألله يا رحمن بجلالك، ونور وجهك أن تنوِّر (¬1) بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرِّج به عنْ قلبي وأن تشرح به صدري، وأن تستعمل به بدني، فإنه لا يعينني على الحقِّ غيرك، ولا يؤتينيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، يا أبا الحسن تفعل ذلك ثلاث جمعٍ (¬2)، أوْ خمسا، أو سبعاً تجاب (¬3) بإذن الله، والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمناً قطُّ. قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: فوالله ما لبث عليٌّ إلا خمساً، أو سبعاً حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس، فقال يا رسول الله: إني كنت فيما خلا (¬4) لا آخذ إلا أربع آيات ونحوهن, فإذا قرأتهن على نفسي تفلتن, وأنا أتعَلَّمُ اليوم أربعين آية ونحوها، فإذا قرأتهنَّ (¬5) على نفسي فأكنما كتاب الله بين عينيَّ (¬6) ولقد كنت أسمع الحديث، فإذا ردَّدْته تفلَّت (¬7)، وأنا اليوم أسمع الأحاديث، فإذا تحدَّثت بها لمْ أخرم منها حرفاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: مؤمن وربِّ الكعبة، يا أبا الحسن. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم. ورواه الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، إلا أنه قال: يقرأ في الثانية بالفاتحة، وألم السَّجدة، وفي الثالثة: بالفاتحة والدُّخان، عكس ما في الترمذي، وقال في الدعاء: وأنْ تشغل به بدني مكان، وأن تستعمل، وهو كذلك في بعض نسخ الترمذي، ومعناهما واحد، وفي بعضها، وأن تغسل. (قال المملي) رضي الله عنه: طريق أسانيد هذا الحديث جيدة، ومتنه غريب جدا، والله أعلم. (الترغيب في تعاهد القرآن وتحسين الصوت به) 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّما مثلُ ¬
صاحب القرآن كمثل الإبل المعقَّلة (¬1) إنْ عاهد عليها أمسكها، وإنْ أطلقها ذهبتْ. رواه البخاري ومسلم. وزاد مسلم في رواية: وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره (¬2)، وإذا لم يقم به نسيه. 2 - وعنْ عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئسما لأحدهم يقول: نسيت آية (¬3) كيتَ وكيْتَ، بلْ هي نسِّيَ، استذْكروا القرآن، فلهو أشدُّ تفصِّيا (¬4) من صدور الرِّجال من النَّعمِ بعقلها. رواه البخاري هكذا، ومسلم موقوفاً. 3 - وعنْ أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: تعاهدوا القرآن، فوالذي نفس محمدٍ بيده لهو أشدُّ تفلتاً من الإبل في عقلها. رواه مسلم. 4 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ما أذن (¬5) الله لشيء كما أذن لنبيٍ حسن الصَّوت يتغنَّى (¬6) بالقرآن يجهر به. رواه البخاري ومسلم واللفظ له، وأبو داود النسائي. (قال الحافظ) أذن بكسر الذال. أي ما استمع لشيء من كلام الناس كما استمع ¬
الله إلى من يتغنى بالقرآن: أي يحسِّن به صوته، وذهب سفيان بن عيينة وغيره إلى أنه من الاستغناء، وهو مردود. 5 - وروي ابن جرير الطبري هذا الحديث بإسناد صحيح، وقال فيه: ما أذن الله لشيء ما أذن لنبيٍ حسن التَّرنّمِ (¬1) بالقرآن. 6 - وروي الإمام أحمد، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم والبيهقي عن فضالة بن عبيد: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: لله أشدُّ أذناً للرجل الحسن الصَّوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينتهِ. وقال الحاكم: صحيح على شرطهما. (القينة) بفتح القاف، وإسكان الياء المثناة تحت بعدها نون: هي الأمة المغنِّية. 7 - وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زيِّنوا القرآن بأصواتكمْ. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه. (قال الخطابي) معناه: زيِّنوا (¬2) أصواتكم بالقرآن. هكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث، وزعموا أنه من باب المقلوب كما قالوا: عرضت الناقة على الحوض: أي عرضت الحوض على الناقة، وكقولهم إذا طلعت الشعري، واستوى العود على الحرباء. أي استوت الحرباء على العود، ثم روي بإسناده عن شعبة. قال: نهاني أيوب أن أحدث: زينوا القرآن بأصواتكمْ. قال. رواه معمر عن منصور عن طلحة، فقدّم الأصوات على القرآن، وهو الصحيح أخبرناه محمد بن هاشم، حدثنا الديري. عن عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن منصور، عن طلحة، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: زيِّنوا أصواتكمْ بالقرآنِ، والمعنى: اشغلوا أصواتكم بالقرآنِ، والهجوا به، واتخذوه شعاراً، وزينةً. انتهى. 8 - وروي عن سعدٍ بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى ¬
الله عليه وسلم يقول: إنَّ هذا القرآن نزل بحزنٍ (¬1)، فإذا قرأتموه فابكوا، فإنْ لمْ تبكوا، فتباكوا وتغنَّوا به، فمنْ لم يتغنَّ بالقرآن فليس منَّا، رواه ابن ماجه. 9 - وروي عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ منْ أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه (¬2) يخشى الله. رواه ابن ماجه أيضاً. 10 - وعن ابن أبي مليكة قال: قال عبيد الله بن أبي يزيد رضي الله عنهما: مرَّ بنا أبو لبابة فاتَّبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه، فإذا رجلٌ رثُّ الهيئة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منَّا من لمْ يتغنَّ بالقرآن. قال: فقلتُ لابن أبي مليكة: يا أبا محمدٍ: أرأيت إنْ لمْ يكنْ حسن الصَّوْتِ؟ قال: يحسِّنُه (¬3) ¬
الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها
ما استطاع: ورواه أبو داود، والمرفوع منه في الصحيحين من حديث أبي هريرة. الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها 1 - عن أبي سعيد بن المعلَّي رضي الله عنه قال: كنْتُ أصلِّي بالمسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمْ أجبهُ، ثمَّ أتيتهُ فقلتُ: يا رسول الله إنِّي كنْتُ أصلِّي، ¬
فقال: ألم يقل الله تعالى: استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكمْ، ثمَّ قال: لا علِّمنَّك سورة هي أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد فأخذ بيدي، فلمَّا أردنا أن نخرج. قلت يا رسول الله: إنَّك قلت لا علِّمنَّك أعظم سورة في القرآن. قال الحمد لله ربِّ العالمين: هي السِّبع المثاني (¬1)، والقرآن العظيم الذي أوتيته. رواه البخاري، وأبو داود والنسائي وابن ماجه. (قال الحافظ): أبو سعيد هذا لا يعرف اسمه، وقيل: اسمه رافع بن أوس، وقيل: الحارث بن نفيع بن المعلي، ورجحه أبو عمر النَّمري، وقيل: غير ذلك، والله أعلم. 2 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علي أبي بن كعبٍ، فقال يا أبيُّ: وهو يصلِّي، فالتفت أبيٌّ فلم يجبه، وصلَّى أبي فخفف (¬2)، ثمَّ انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام، ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك؟ فقال: يا رسول الله: إنِّي كنت في الصلاة. قال: فلم تجد فيما أوْحى الله إليَّ: أن استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكمْ لما يحييكمْ؟ قال: بلى، ولا أعود إن شاء الله. قال: أتحبُّ أنْ ¬
أعلِّمك سورةً لمْ ينزل في التَّوراة (¬1) ولا في الإنجيل (¬2) ولا في الزَّبور (¬3)، ولا في الفرقان (¬4) مثلها؟ قال: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تقرأ في الصلاة؟ قال: فقرأ أمَّ القرآن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيدهِ ما أنزل الله في التَّوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزَّبور، ولا في الفرقان مثلها، وإنها سبعٌ من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، والحاكم باختصار عن أبي هريرة عن أبي. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. 3 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه: قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم في مسير (¬5)، فنزل ونزل رجلٌ إلى جانبه، قال: فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أخبرك بأفضل القرآن؟ قال: بلى، فتلا: الحمد ربِّ العالمين. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. 4 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ماسأل. وفي روايةٍ: فنصفها لي ونصفها لعبدي، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين. ¬
أعطيت مكان التوراة السبع الخ) قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: الرَّحمن الرحيم قال: أثنى عليَّ عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين. قال: مجدني (¬1) عبدي، فإذا قال: إيَّاك نعبد (¬2) وإياك نستعين (¬3). قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل (¬4)، فإذا قال: أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمتَ عليهمْ غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل: رواه مسلم: (قوله) قسمت الصلاة: يعني القراءة بدليل تفسيره بها، وقد تسمي القراءة صلاة لكونها جزءا من أجزائها، والله أعلم. 5 - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: بينما جبرائيل عليه السلام قاعدٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقه فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فتح لم يفتح قطُّ إلا اليوم فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قطُّ إلا اليوم، فسلَّم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لمْ يؤتهما نبيُّ قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة (¬5) لن تقرأ بحرفٍ منهما إلا أعطيته. رواه مسلم والنسائي، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. (النقيض) بالمعجمة: هو الصوت (¬6). 6 - وعنْ واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت مكان التَّوراة السَّبع، وأعطيت مكان الزَّبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضِّلتُ بالمفصل رواه أحمد، وفي إسناده عمران القطان. ¬
الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمران، وما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها
الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمران وما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تجعلوا بيوتكم مقابر (¬1) إنَّ الشيطان يفرُّ من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. رواه مسلم والنسائي والترمذي. 2 - وعنْ معقل بن يسار رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: البقرة سنام (¬2) القرآن وذروته نزل مع كلِّ آيةٍ منها ثمانون ملكاً، واستخرجت: الله لا إله إلا هو الحيُّ القيوم من تحت العرش فوصلت بها، أوْ فوصلتْ بسورة البقرة، ويس قلْب (¬3) القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدَّار الآخرة إلا غفر له. رواه أحمد عن رجل عن معقل، وروي أبو داود والنسائي وابن ماجه منه ذكر يس. 3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما جبرائيل عليه السلام قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقهِ فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء فتح لمْ يفتحْ قطُّ إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قطُّ إلا اليوم، فسلم وقال: أبشر بنورين أو تيتهما لمْ يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرفٍ منهما إلا أعطيته. رواه مسلم والنسائي والحاكم وتقدم. 4 - وعن أبي أمامة الباهليِّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اقرءوا القرآن، فإنَّه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. اقرءوا الزَّهْراوين (¬4): البقرة، وسورة آل عمران، فإنَّهما يأتيان يوم القيامة ¬
كأنهما غمامتانِ (¬1) أو غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صوافَّ تحاجَّان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة، فإنَّ أخذها بركة وتركها حسرةٌ، ولا تستطيعها البطلة. قال معاوية بن سلامٍ: بلغني أنَّ البطلة السَّحرة. رواه مسلم. (الغايتان) مثنى غياية بغين معجمة، وياءين مثناتين تحت، وهي: كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه كالسحابة والغاشية ونحوهما. (وفرقان): أي قطعتان. 5 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكلِّ شيءٍ سنامٌ، وإنَّ سنام القرآن سورة البقرة، وفيها آية هي سيدة (¬2) آي القرآن، رواه الترمذي، عن حكيم بن جبير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وقال: حديث غريب. ورواه الحاكم من هذه الطريق أيضاً، ولفظه: سورة البقرة فيها آية سيِّدة آي القرآن لا تقرأ في بيتٍ وفيه شيطان إلا خرج منه: آية الكرسيِّ. وقال صحيح الإسناد. 6 - وعنْ سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ لكلِّ شيء سناماً (¬3)، وإنَّ سنام القرآن سورة البقرة من قرأها في بيته ليلاً لمْ يدخل الشَّيطان بيته ثلاث ليالٍ، ومنْ قرأها نهاراً لمْ يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيَّامٍ. رواه ابن حبان في صحيحه. 7 - وعنْ عبد الله رضي الله عنه قال: اقرءوا سورة البقرة في بيوتكم، فإنَّ الشيطان لا يدخل بيتاً يقرأ فيه سورة البقرة. رواه الحاكم موقوفاً هكذا، وقال: صحيح على شرطهما ورواه عن زائدة عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي الأحوص عن عبد الله فرفعه. ¬
(قال الحافظ): وهذا إسناد حسن بما تقدم، والله أعلم. 8 - وعن أسيد بن حُضْيرٍ رضي الله عنه قال: يا رسول الله بينما أنا أقرأ الليلة سورة البقرة إذ سمعت وجبةً (¬1) منْ خلفي فظننتُ أنَّ فرسي انطلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ أبا عتيكٍ (¬2) فالتفتُّ، فإذا مثل المصباح مُدلي (¬3) بين السماء والأرض، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أقرأ أبا عتيكٍ، فقال: يا رسول الله فما استطعت أن أمضي (¬4)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الملائكة تنزَّلتْ لقراءة سورة البقرة، أما إنَّك لو مضيت (¬5) لرأيت العجائب. رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد بنحوه وتقدم. 9 - وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يؤتي بالقرآن يوم القيامة، وأهله الذين كانوا يعملون (¬6) به في الدنيا تقدمه (¬7) سورة البقرة وآل عمران، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثالٍ مانسيتهنَّ (¬8) بعد قال: كأنَّهما غمامتان، أو ظلَّتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما فرقان من طيرٍ صوافَّ يحاجَّان عن صاحبهما. رواه مسلم والترمذي، وقال: حديث حسن غريب. ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم أنه يجيء ثواب قراءته، كذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث، وما يشبه من الأحاديث أنه يجيء ثواب قراءة القرآن، وفي حديث نواس: يعني هذا ما يدل على ما فسروا إذ قال: وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا، ففي هذا دلالة على أنه يجيء ثواب العمل، انتهى. ¬
(قوله بينهما شرق) هو بفتح المعجمة، وقد تكسر، وبسكون الراء بعدهما قاف: أي بينهما فرق يضيء. 10 - وعن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه مرفوعاً: تعلَّموا البقرة وآل عمران فإنَّهما الزهراوان يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو غيايتان، أو فرقانْ منْ طيرٍ صوافَّ. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. 11 - وعن النُّعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عامٍ أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة لا يقرآن في دار ثلاث ليالٍ فيقربها شيطان. رواه الترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب والنسائي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم إلا أن عنده: ولا يقرآن في بيت فيقر به شيطان ثلاث ليالٍ. وقال صحيح على شرط مسلم. 12 - وعنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله ختم سورة البقرة بآيتين أعطانيها من كنزه الذي تحت العرش فتعلَّموهنَّ وعلِّموهنَّ نساءكمْ وأبناءكم فإنَّها: صلاة وقرآن ودعاء. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري. (قال الحالفظ): معاوية بن صالح لم يحتج به البخاري، إنما احتج به مسلم، ويأتي الكلم عليه، ورواه أبو داود في مراسليه عن جبير بن نفير. 13 - وعنْ عبيد بن عميرٍ رضي الله عنه أنه قال لعائشة رضي الله عنها: أخبرنا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فسكتتْ، ثمَّ قالت، لما كان ليلة من الليالي. قال يا عائشة: ذريني أتعبَّد الليلة لربي. قلت: والله إني أحبُّ قربك، و، أحب ما يسرُّك. قالتْ: فقام فتطهر، ثمَّ قام يصلي. قالتْ: فلمْ يزلْ يبكي حتى بلَّ حجره. قالت: وكان جالسا فلمْ يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بلَّ لحيته. قالت: ثم بكى حتى بلَّ الأرض فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي. قال: يا رسول الله تبكي. وقد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون
الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها
عبداً شكوراً. لقدْ نزلتْ (¬1) عليَّ الليلة آية: ويل (¬2) لمنْ قرأها. ولمْ يتفكَّر فيها: إنَّ في خلق السَّموات والأرض الآية كلَّها. رواه ابن حبان في صحيحه وغيره. 14 - وروي ابن أبي الدنيا عن سفيان يرفعه قال: منْ قرأ آخر آل عمران (¬3)، ولمْ يتفكر فيها ويله، فعدَّ بأصابعهِ عشراً. الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها 1 - عنْ أبي أيوب الأنصاريِّ رضي الله عنه أنَّه كانت له سهوة (¬4) فيها تمرٌ، ¬
وكانت تجيء الغول فتأخذ منه. قال: فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: اذهبْ فإذا رأيتها فقلْ: باسم الله أجيبي رسول الله، قال: فأخذها فحلفتْ أن لا تعود فأرسلها، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما فعل أسيرك؟ قال: حلفتْ أنْ لا تعود. قال: كذبت وهي معاودة للكذب. قال: فأخذها مرَّة أخرى فحلفتْ أن لا تعود فأرسلها، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: ما فعل أسيرك؟ قال: حلفتْ أن لا تعود، فقال: كذبت وهي معاودة للكذب فأخذها، فقال: ما أنا بتاركك حتى أذهب بك إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالتْ: إني ذاكرة لك شيئا آية الكرسيِّ اقرأها في بيتك فلا يقر بك شيطان ولا غيره، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما فعل أسيرك؟ قال: فأخبره بما قالتْ: قال صدقتْ وهي كذوبٌ رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب، وتقدم حديث أبي هريرة فيما يقوله إذا أوى إلى فراشه، وستأتي أحاديث في فضلها فيما يقوله دبر الصلوات إن شاء الله. (السهوة) بفتح السين المهملة: هي الطاق في الحائط يوضع فيها الشيء، وقيل هي: الصُّفَّة، وقيل: المخدع بين البيتين، وقيل: هو شيء شبيه بالرفِّ، وقيل: بيت صغير كالخزانة الصغيرة. (قال المملي) كل واحد من هؤلاء يسمي السهوة، ولفظ لحديث يحتمل الكل، ولكن ورد في بعض طرق هذا الحديث ما يرجح الأول. (والغول) بضم الغين المعجمة: هو شيطان يأكل الناس، وقيل: هو من يتلون من الجن. 2 - وعنْ أبيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه أنَّ أباه أخبره أنَّه كان لهم جرينٌ فيه تمرٌ، وكان مما يتعاهد فيجده ينقص فحرسه ذات ليلةٍ، فإذا هو بدايةٍ كهيئة الغلام المحتلم قال: فسلم فردَّ عليه السلام، فقلتُ ما أنت، جنٌّ أم إنس؟ قال: جنٌّ، فقلت ناولني يدك، فإذا يد كلبٍ، وشعر كلب (¬1)، فقلتُ: هذا خلق الجنِّ، فقال: لقدْ علمت الجنُّ أن ما فيهم من هو أشدُّ مني، فقلت: ما يحملك على ما صنعت؟ قال: بلغني أنَّك الصَّدقة فأحْببتُ أن أصيب من طعامك، فقلت: ما الذي يحرزنا ¬
الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولها أو عشر من آخرها
منكمْ؟ قال هذه الآية، آية الكرسي. قال: فتركته، وغدا أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال صدق الخبيث. رواه ابن حبان في صحيحه وغيره. (الجرين) بفتح الجيم وكسر الراء: هو البيدر. 3 - وعنْ أبيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا المنذر أيُّ آيةٍ من كتاب الله معك أعظم؟ قُلت: الله لا إله إلا هو الحيُّ القيُّوم (¬1). قال فضرب في صدري وقال: ليهنِّك (¬2) العلمُ أبا المنذر. رواه مسلم وأبو داود. ورواه أحمد وابن أبي شيبة في كتابه بإسناد مسلم، وزاد: والذي نفسي بيده إنَّ لهذهِ الآية لساناً وشفتين تقدِّس الملك عند ساق العرشِ. وتقدم حديث أبي هريرة: لكلِّ شيء سنامٌ، وإنَّ سنام القرآن سورة البقرة، وفيها آية هي سيدة آية آي القرآن. ولفظ الحاكم: سورة البقرة فيها آية سيِّدة آي القرآن لا تقرأ في بيتٍ، وفيه شيطانٌ إلا خرج منه: آية الكرسيِّ. الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولها أو عشر من آخرها 1 - عنْ أبي الدَّرداء رضي الله عنه أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ ¬
الترغيب في قراءة سورة يس وما جاء في فضلها
حفظ عشر آياتٍ من أوَّل سورة الكهف عصم (¬1) من الدَّجَّال. رواه مسلم واللفظ له وأبو داود والنسائي، وعندهما: عصم من فتنة الدَّجَّال، وهو كذا في بعض نسخ مسلم. وفي رواية لمسلم وأبي داود: من آخر سورة الكهف. وفي رواية للنسائي: من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف. ورواه الترمذي، ولفظه: من قرأ ثلاث آياتٍ من أوَّل الكهف عصم من فتنة الدَّجَّال (¬2). 2 - وعنْ أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ الكهف كما أنزلت كانت له نورا (¬3) يوم القيامة من مقامهِ إلى مكَّة، ومنْ قرأ عشر آياتٍ من آخرها ثمَّ خرج الدجال لمْ يسلَّطْ عليه، ومن توضَّأ ثمَّ قال: سبحانك اللهمَّ وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، كتب فيرقٍ (¬4)، ثمَّ طبع بطابعٍ، فلمْ يكْسرْ إلى يوم القيامة: رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وذكر أن ابن مهدي وقفه على الثوري عن أبي هاشم الرمان. (قال الحافظ): وتقدم باب في فضل قراءتها يوم الجمعة وليلة الجمعة في كتاب الجمعة. (الترغيب في قراءة سورة يس وما جاء في فضلها) 1 - عنْ معقل بن يسارٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قلبُ القرآن يس لا يقرؤها رجلٌ يريد الله والدَّار الآخرة إلا غفر الله له، اقرءوها على موتاكمْ (¬5). رواه أحمد وأبو داود والنسائي واللفظ له، وابن ماجه والحاكم وصححه. ¬
الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك
2 - وروي عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ لكلِّ شيء قلباً، وقلبُ القرآن يس، ومنْ قرأ يس كتب الله بقراءتها قراءة القرآن عشر مرَّاتٍ. زاد في رواية: دون يس. رواه الترمذي، وقال حديث غريب. 3 - وعنْ جندبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ يس في ليلةٍ ابتغاء وجه الله غفر له. رواه ملك، وابن السني، وابن حبان في صحيحه. (قال المملي) رضي الله عنه: ويأتي في باب ما يقوله بالباب والنهار غير مختص بصباح ولا مساء ذكر سورة الدخان. (الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك) 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ سورةً في القرآن ثلاثون آية شفعت (¬1) لرجلٍ حتى غفر له، وهي: تبارك الذي بيده الملك. رواه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وقال صحيح الإسناد. 2 - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ضرب بعض أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم خباءه على قبرٍ وهو لا يحسب أنه قبرٌ، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ضربت خبائي على قبرٍ، وأنا لا أحسب أنَّه قبرٌ، فإذا قبرٌ إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هي المانعة (¬2). هي المنجِّية (¬3) تنجيهِ (¬4) من عذاب القبر. رواه الترمذي وقال: حديث غريب. 3 - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وددت (¬5) أنَّها في قلب كلِّ مؤمنٍ: يعني تبارك الذي بيده الملك. رواه الحاكم، وقال: هذا إسناده عند اليمانيين صحيح. ¬
الترغيب في قراءة إذا الشمس كورت وما يذكر معها
4 - وعنْ عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: يؤتي الرَّجل في قبره فتؤتى رجلاه، فتقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ سورة الملك، ثمَّ يؤْتي منْ قبل صدره أو قاله بطنه، فيقول: ليس لكمْ على ما قبلي سبيل كان يقرأ في سورة الملك، ثمَّ يؤتي من قبل رأسه، فيقول: ليس لكمْ على ما قبلي سبيل كان يقرأ في سورة الملك، فهي المانعة تمنع عذاب القبر، وهي في التوراة سورة الملك من قرأها في ليلةٍ فقد أكثر (¬1) وأطيب (¬2). رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وهو في النسائي مختصر: من قرأ تبارك الذي بيدهِ الملك كلَّ ليلة منعه الله عزَّ وجلَّ بها من عذاب القبر، وكنَّا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها المانعة، وإنها في كتاب الله عزَّ وجلَّ سورة من قرأ بها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب. (الترغيب في قراءة إذا الشمس كورت وما يذكر معها) 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنَّه رأى العين (¬3) فليقرأ إذا الشَّمس كوِّرت (¬4)، وإذا السَّماء انفطرت (¬5)، وإذا السماء انشقَّت (¬6). رواه الترمذي وغيره. (قال المملي) رضي الله عنه: لم يصف الترمذي هذا الحديث بحسن، ولا بغرامة وإسناده متصل، ورواته ثقات مشهورون، ورواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. (الترغيب في قراءة إذا زلزلت وما يذكر معها) 1 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا زلزلتْ: تعدل نصف القرآن (¬7)، وقلْ هو الله أحد: تعدل ثلث القرآن (¬8)، ¬
الترغيب في قراءة ألهاكم التكاثر
وقلْ يا أيها الكافرون: تعدل ربع القرآن. رواه الترمذي والحاكم كلاهما عن يمان بن المغيرة العنزي، حدثنا عطاء عن ابن عباس، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يمان بن المغيرة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 2 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ منْ أصحابه: هل تزوجت (¬1) يا فلا؟ قال: لا والله يا رسول الله، ولا عندي ما أتزوَّج به. قال: أليس معك قلْ هو الله أحد (¬2) قال: بلى. قال: ثلث القرآن (¬3). قال أليس معك: إذا جاء نصر الله والفتح؟ قال: بلى. قال: ربع القرآن. قال أليس معك: إذا جاء نصر الله والفتح؟ قال: بلى. قال: ربع القرآن. قال أليس معك إذا زلزلت الأرض؟ قال: بلى. قال: ربع القرآن تزوَّج تزوَّج (¬4). رواه الترمذي عن سلمة ابن وردان عن أنس، وقال: هذا حديث حسن انتهى، وقد تكلم في هذا الحديث مسلم في كتاب التمييز، وسلمة يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى. (الترغيب في قراءة ألهاكم التكاثر) 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يستطيع أحدكمْ أن يقرأ ألف آيةٍ كلَّ يومٍ؟ قالوا: من يستطيع ذلك؟ قال: أما يستطيع أحدكم أن يقرأ لها كم التكاثر (¬5). رواه الحاكم عن عقبة بن محمد بن نافع عن ابن عمر، ورجال إسناده ثقات إلا أن عقبة لا أعرفه. ¬
الترغيب في قراءة قل هو الله أحد
الترغيب في قراءة قل هو الله أحد 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع رجلاً يقرأ: هو الله أحد. الله الصَّمد. لمْ يلدْ ولم يولدْ. ولمْ يكن له كفوا أحد (¬1). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجبتْ، فسألته ماذا يا رسول الله؟ فقال: الجنَّة، فقال أبو هريرة: فأردتُ أن أذهب إلى الرَّجل فأبشِّره، ثمَّ فرقت أنْ يفوتني الغداء (¬2) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ ذهبت إلى الرَّجل فوجدته قدْ ذهب. رواه مالك واللفظ له والترمذي، وليس عنده قول أبي هريرة فأردت إلى آخره، وقال: حديث حسن صحيح غريب والنسائي، والحاكم وقال صحيح الإسناد. (فرقت) بكسر الراء: أي خفت. 2 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احشدوا (¬3) فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن فحشد منْ حشد، ثمَّ خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقرأ: قل هو الله أحد ثمَّ دخل. فقال بعضنا لبعض: إنَّا نرى هذا (¬4) خبراً جاءه من السماء فذلك الذي أدخله، ثمَّ خرج نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنِّي قلتُ لكمْ سأقرأ عليكم ثلث القرآن، ألا إنها تعدل ثلثَ القرآن. رواه مسلم والترمذي. 3 - وعنْ أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: أيعجز أحدكمْ أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن. قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: قل هو الله أحدٌ. تعدل ثلث القرآن. وفي رواية قال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ جزَّأ القرآن بثلاثة أجزاء، فجعل: قلْ هو الله أحدٌ جزءا من أجزاء القرآن. رواه مسلم. ¬
4 - وعنْ أبي أيُّوب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيعجز أحدكمْ أن يقرأ في ليلةٍ ثلث القرآن، من قرأ: الله الواحد الصَّمد. فقد قرأ ثلث القرآن. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. 5 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ رجلاً سمع رجلاً يقرأ: قلْ هو الله أحد يردِّدها، فلما أصبح جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وكان الرَّجل يتقالها (¬1)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إنها لتعدلُ ثلث القرآن. رواه مالك والبخاري، وأبو داود والنسائي. (قال الحافظ): والرجل القارئ هو قتادة بن النعمان أخو أبي سعيد الخدري من أمه. 6 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ من أصحابه: هل تزوجت؟ قال: لا والله يا رسول الله وما عندي ما أتزوَّج به. قال: أليْس معك قلْ هو الله أحدٌ؟ قال: بلى. قال: ثلثُ القرآن. رواه الترمذي، وقال حديث حسنٌ، وتقدَّم. 7 - وروي عن معاذ بن أنسٍ الجهنيِّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ: قلْ هو الله أحدٌ. حتى يختمها عشر مراتٍ بني الله له قصراً في الجنَّة، فقال عمر ابن الخطَّاب: إذا نستكثر يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله، أكثر وأطيب (¬2). رواه أحمد. 8 - وعنْ عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرَّيةٍ (¬3)، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحدٌ: فلمَّا رجعوا ذكروا ذلك للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: سلوه (¬4) لأيِّ شيء يصنع ذلك؟ فسألوه. فقال: لأنَّها صفة الرَّحمن، وأنا أحبُّ أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه (¬5) رواه البخاري ومسلم والنسائي. ¬
الترغيب في قراءة المعوذتين
9 - ورواه البخاري أيضاً والترمذي عن أنس أطول منه، وقال في آخره: فلمَّا أتاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر، فقال: يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك وما يحملك على لزوم هذه السورة في كلِّ ركعةٍ؟ فقال: إنِّي أحبها، فقال حُبُّك إيَّاها أدخلك الجنَّة. (قال الحافظ): وفي باب ما يقوله دبر الصلوات وغيره أحاديث من هذا الباب، وتقدم أيضاً أحاديث تتضمن فضلها في أبواب متفرقة. (الترغيب في قراءة المعوذتين) 1 - عنْ عقبة بن عامرٍ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ¬
(ألم تر آياتٍ أنزلت الليلة لمْ يرَ مثلهنَّ (¬1): قل أعوذ بربِّ الفلقِ، وقُل أعوذ ¬
برب الناس. رواه مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود، ولفظه قال: ¬
كُنتُ أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم في السَّفر، فقال يا عقبة: ألا أعلِّمكَ ¬
خير سورتين قرئتا فعلَّمني: قل أعوذ بربِّ الفلق، وقل أعوذ برب الناس، فذكر الحديث.
2 - وفي رواية لأبي داود قال: بينما أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
بين الجحفة والأبواء إذ غشيتنا ريح وظلمة شديدة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
يتعوَّذ بأعوذ بربِّ الفلق، وأعوذ بربِّ الناس ويقول: يا عقبة تعوَّذْ بهما، فما تعوَّذ ¬
متعوِّذ بمثلهما. قال: وسمعته يؤُمُّنا بهما في الصلاة. ¬
3 - ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه: قلت يا رسول الله: أقرئني آياً من سورة ¬
هودٍ، وآياً من سورة يوسف، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: يا عقبة بن عامر، إنَّك لن تقرأ سورة أحبَّ إلى الله، ولا أبلغ عنده من أن تقرأ: قلْ أعوذ برب الفلق. فإن استطعت أن لا تفوتك في الصلاة فافعلْ. ورواه الحاكم بنحو هذه. صحيح الإسناد، وليس عندهما ذكر: قلْ أعوذ بربِّ الناس. ¬
كتاب الذكر والدعاء
4 - وعنْ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ يا جابر، فقلتُ: وما أقرأ بأبي أنت وأمي؟ قال: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ بربِّ النَّاس فقرأتهما، فقال: اقرأ بهما، ولنْ تقرأ بمثلهما. رواه النسائي، وابن حبان في صحيحه، وسيأتي ذكرهما في غير هذا الباب إن شاء الله تعالى. (كتاب الذكر والدعاء) (الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرَّا وجهرا والمداومة عليه وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى) 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله: أنا عند ظنِّ عبدي بي (¬1)، وأنا معه (¬2) إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه (¬3) ذكرته في نفسي (¬4) وإنْ ذكرني في ملأ (¬5) ذكرته في ملأٍ (¬6) خير منهمْ، وإن تقرَّب إليَّ شبراً (¬7) تقرَّبت إليه ذراعاً (¬8)، وإن تقرَّب إليَّ ذراعاً ¬
تقرَّبت إليه باعاً (¬1)، وإن أتاني يمشي أتيته هرولةً (¬2). رواه البخاري ومسلم، والترمذي والنسائي وابن ماجه. ورواه أحمد بنحوه بإسناد صحيح، وزاد في آخره قال قتادة: والله أسرع بالمغفرة. 2 - وعن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله جلَّ ذكره: لا يذكرني عبد في نفسه إلا ذكرته في ملأٍ من ملائكتي (¬3)، ولا يذكرني في ملأٍ إلا ذكرته في الملأ الأعلى (¬4) رواه الطبراني بإسناد حسن. 3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إذا ذكرتني خاليا (¬5) ذكرتك خاليا (¬6)، وإذا ذكرتني في ملأٍ ذكرتك في ملأٍ خير من الذين تذكرني فيهمْ رواه البزار بإسناد صحيح. 4 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول: أنا مع عبدي إذا هو ذكرني، وتحرَّكتْ بي شفتاه. رواه ابن ماجه، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه. 5 - وعنْ عبد الله بن بسرٍ رضي الله عنه: أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله إنَّ شرائع الإسلام قد كثرتْ فأخبرني بشيءٍ أتشبَّث به؟ قال: لا يزال لسانك رطباً (¬7) من ذكر الله. رواه الترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. (أتشبث به): أي أتعلق. ¬
6 - وعنْ مالك بن يخامر أنَّ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال لهمْ: إنَّ آخر كلامٍ فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قُلتُ: أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني واللفظ له، والبزار إلا أنه قال: أخبرني بأفضل الأعمال، وأقر بها إلى الله. وابن حبان في صحيحه. 7 - وعنْ أبي المخارق رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مررت ليلة أسري بي برجلٍ مغيَّبٍ في نور العرش. قلتُ من هذا؟ أهذا ملك: قيل: لا، قُلتُ: نبيٌّ؟ قيل لا. قلت: من هو؟ قال: هذا رجلٌ كان في الدنيا لسانه رطب من ذكر الله، وقلبه معلَّق بالمساجد (¬1)، ولمْ يسْتسب (¬2) لوالديه. رواه ابن أبي الدنيا هكذا مرسلاً. 8 - وعنْ سالم بن أبي الجعد رضي الله عنه قال: قيل لأبي الدَّرداء رضي الله عنه: إنَّ رجلاً أعتق مائة نسمةٍ قال: إن مائة نسمةٍ من مال رجلٍ لكثيرٌ، وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار، وأن لا يزال لسان أحدكمْ رطباً من ذكر الله. رواه ابن أبي الدنيا وموقوفاً بإسناد حسن. 9 - وعنْ أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبِّئكمْ بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككمْ، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٍ من إنفاق الذَّهب والورق، وخيرٍ لكمْ من أن تلقوا عدوَّكمْ فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكمْ؟ قالوا: بلى قال: ذكر الله. قال معاذ بن جبلٍ: ما شيءٌ أنجي منْ عذاب الله من ذكرِ الله. رواه أحمد بإسناد حسن، وابن أبي الدنيا والترمذي، وابن ماجه والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ورواه أحمد أيضاً من حديث م عاذ بإسناد جيد إلا أن فيه انقطاعا. 10 - وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه ¬
كان يقول: إنَّ لكلِّ شيءٍ صقالة (¬1)، وإن صقالة القلوب ذكر الله، وما من شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولوْ أنْ يضرب بسيفهِ حتى ينقطع. رواه ابن أبي الدنيا، والبيهقي من رواية سعيد بن سنان، واللفظ له. 11 - وروي عنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أيُّ العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ قال الذَّاكرون الله كثيراً. قال: قلت يا رسول الله: ومن الغازي (¬2) في سبيل الله؟ قال: لو ضرب بسيفهِ في الكفار والمشركين حتى ينكسر، ويختضب (¬3) دما لكان الذاكرون الله كثيرا أفضل منه درجةً. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب. ورواه البيهقي مختصراً. قال: قيل يا رسول الله أيُّ الناس أعظم درجة؟ قال الذاكرون الله. 12 - وعن ابن عباس رضي الله عنما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عجز منكمْ عن الليل أن يكابده (¬4)، وبخل (¬5) بالمال أن ينفقه، وجبن (¬6) عن العدوِّ أن يجاهده فليكثر ذكر الله. رواه الطبراني والبزار واللفظ له، وفي سنده أبو يحيى القتات، وبقيته فليكثرْ ذكر الله. رواه الطبراني والبزار واللفظ له، وفي سنده أبو يحيى القتات، وبقيته محتجّ بهم في الصحيح، ورواه البيهقي من طريقه أيضاً. 13 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما عمل آدميٌّ عملاً أبحى له من العذاب من ذكر الله تعالى (¬7) قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع. رواه الطبراني في الصغير والأوسط، ورجالهما رجال الصحيح. 14 - وعن الحارث الأشعريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله أوْحى إلى يحيى بن زكريا بخمس كلماتٍ أن يعمل بهنَّ، ويأمر ¬
بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ فكأنَّما أبْطأ بهنَّ، فأتاه عيسى فقال: إنَّ الله أمرك بخمس كلماتٍ أن تعمل بهنَّ، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ، فإمَّا أن تخبرهمْ، وإما أن أخبرهم، فقال: يا أخي لا تفعل فإنِّي أخاف إنْ سبقتني بهنَّ أن يخسف بي، أوْ أعذَّب (¬1). قال: فجمع بني إسرائيل بيت المقدس حتى امتلأ المسجد، وقعدوا على الشُّرفات ثمَّ خطبهمْ فقال: إنَّ الله أوحى إليَّ بخمس كلمات أن أعمل بهن، وآمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ، أولهنَّ: لا تشركوا بالله شيئاً (¬2)، فإنَّ مثل من أشرك بالله كمثل رجلٍ اشترى عبداً من خالص ماله بذهبٍ أو ورقٍ، ثمَّ أسكنه داراً. فقال: اعمل وارفعْ إليَّ فجعل يعمل ويرفع إلى غير سيده، فأيُّكم يرضي أن يكون عبده كذلك، فإنَّ الله خلقكمْ ورزقكم فلا تشركوا به شيئاً، وإذا قمْتمْ إلى الصلاة فلا تلتفتوا (¬3)، فإن الله يقبل بوجههِ إلى وجه عبدهِ مالمْ يلتفتْ، وأمركمْ بالصيام، ومثل ذلك كمثل رجلٍ في عصابةٍ معه صُّرَّة (¬4) مسكٍ، كلُّهم يحبُّ أن يجد ريحها، وإنَّ الصِّيام أطيب عند الله من ريح المسك. وأمركم بالصَّدقة، ومثل ذلك كمثل رجل أسرهُ (¬5) العدوُّ فأوْثقوا (¬6) يده إلى عنقه، وفرَّبوه ليضربوا عنقه، فجعل يقول: هلْ لكمْ أن أفدىَ نفسي منكمْ، وجعل يعطي القليل والكثير حتى فدى نفسه (¬7). وأمركمْ بذكر الله كثيراً، ومثل ذلك كمثل رجلٍ طلبه العدوُّ سراعاً في أثره حتى أتى حصناً حصيناً فأحرز نفسه (¬8) فيه، وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان إلا بذكر الله، الحديث. رواه الترمذي والنسائي ببعضه، وابن خزيمة في صحيحه واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم: قال الترمذي: حديث حسن صحيح. ¬
15 - وعنْ ثوبان رضي الله عنه قال: لما نزلتْ: والذين يكنزون الذَّهب والفضَّة قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارهِ، فقال بعض أصحابه: أنزلتْ في الذَّهب والفضَّة؟ لو علمنا أي المال خير فنتخذه. فقال: أفضله لسان ذاكرٌ (¬1)، وقلب شاكرٌ، وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه. رواه الترمذي الترمذي واللفظ له، وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن. 16 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: أرْبعٌ من أعطيهنَّ، فقد أعطى خيري الدنيا والآخرة: قلباً شاكراً (¬2)، ولساناً ذاكراً، وبدناً على البلاء صابراً (¬3)، وزوجةً لا تبغيهِ حوباً (¬4) في نفسها ومالهِ رواه الطبراني بإسناد جيد. 17 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليذكرنَّ الله أقوامٌ في الدنيا على الفرش (¬5) الممهَّدة يدخلهم الدَّرجات (¬6) العلى. رواه ابن حبان في صحيحه من طريق درّاج عن أبي الهيثم. 18 - وعنْ أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يذكر (¬7) ربَّه، والذي لا يذكر الله، مثل الحي والميت. رواه البخاري ومسلم، ¬
إلا أنه قال: مثل البيت الذي يذكر الله فيه. 19 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنونٌ. رواه أحمد وأبو يعلي وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 20 - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذكروا الله ذكراً يقول المنافقون: إنَّكم مراءون. رواه الطبراني، ورواه البيهقي عن أبي الجوزاء مرسلاً. 21 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكَّة، فمرَّ علي جبلٍ يقال له جمدان، فقال: سيروا هذا جمدان سبق المفرِّدون. قالوا: وما المفرِّدون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً. رواه مسلم واللفظ له، والترمذي، ولفظه: يا رسول الله: وما المفرِّدون؟ قال: المستهترون بذكر الله يضع الذِّكر عنهمْ أثقالهمْ فيأتون الله يوم القيامة خفافاً. (المفردون) بفتح الفاء، وكسر الراء. (والمستهترون) بفتح التاءين المثناتين فوق: هم المولعون بالذكر، المداومون عليه. لا يبالون ما قيل فيهم، ولا ما فعل بهم. 22 - وروي عن أنسٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ¬
إنَّ الشَّيطان واضعٌ خطمهُ على قلب ابن آدم، فإنْ ذكر الله خنس، وإنْ نسى التقم قلبه رواه ابن أبي الدنيا، وأبو يعلي والبيهقي. (وخطمه) بفتح الخاء المعجمة، وسكون الطاء المهملة: هو فمه. 23 - وروي عن أبي ذرٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ يوم وليلة إلا ولله عزَّ وجلَّ فيه صدقة يمنُّ بها على من يشاء من عبادهِ، ومنَّ الله على عبيد بأفضل من أن يلهمه ذكره. رواه ابن أبي الدنيا. 24 - وروي عن معاذٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ رجلاً سأله فقال: أيُّ المجاهدين أعظم أجراً؟ قال: أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكراً، قال: فأي الصالحين أعظم أجراً؟ قال: أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكراً، ثمَّ ذكر الصلاة، والزكاة، والحجَّ، والصدقة، كلُّ ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكراً، فقال أبو بكر لعمر: يا أبا حفصٍ ذهب الذَّاكرون بكلِّ خيرٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجلْ. رواه أحمد والطبراني. 25 - وعنْ أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أنَّ رجلاً في حجره دراهم يقسمها، وآخر يذكر الله كان الذَّاكر لله أفضل. وفي رواية: ما صدقة أفضل من ذكر الله. رواهما الطبراني، رواتهما حديثهم حسن. 26 - وعنْ أمِّ أنسٍ رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله أوصني قال: اهجُرِي (¬1) المعاصي، فإنها أفضل الهجرة، وحافظي على الفرائض (¬2)، فإنَّها أفضل الجهاد، وأكثري من ذكر الله، فإنَّك لا تأتين الله بشيء أحبَّ إليه منْ كثرة ذكره. رواه الطبراني بإسناد جيد. وفي رواية لهما عن أمِّ أنس: واذكري الله كثيراً، فإنَّه أحبُّ الأعمال إلى الله أنْ تلقاه بها. قال الطبراني: أم أنس هذه، يعني الثانية ليست أم أنس بن مالك. 27 - وعنْ معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى
ليس يتحسَّر أهل الجنة إلا على ساعةٍ مرَّت بهمْ لمْ يذكروا الله تعالى فيها. رواه الطبراني عن شيخه محمد بن إبراهيم الصوري، ولا يحضرني فيه جرح ولا عدالة، وبقية إسناده ثقات معروفون، ورواه البيهقي بأسانيد أحدها جيدة. 28 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ لمْ يكثر ذكر الله فقد برئ من الإيمان. رواه الطبراني في الأوسط والصغير وهو حديث غريب. 29 - وروي عنه رضي الله عنه أيضاً عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله يقول: يا ابن آدم! إنَّك إذا ذكرتني شكرتني، وإذا نسيتني كفرْتني (¬1). رواه الطبراني في الأوسط. 30 - وروي عن عائشة رضي الله عنها أنَّها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما منْ ساعةٍ تمرُّ بابن آدم لمْ يذكر الله فيها بخيرٍ إلا تحسَّر (¬2) عليها يوم القيامة. رواه أبي أبي الدنيا، والبيهقي وقال: في هذا الإسناد ضعف غير أن له شواهد من حديث معاذ المتقدم. (قال الحافظ): وسيأتي باب فيمن جلس مجلسا لم يذكر الله فيه إن شاء الله تعالى. (الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى) 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله ملائكة (¬3) يطوفو (¬4) في الطُّرُق يلتمسون أهل الذِّكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكمْ فيحفُّونهمْ (¬5) بأجنحتهمْ إلى السَّماء الدُّنيا. قال ¬
فيسألهمْ ربهُّمْ، وهو أعلم بهم: ما يقول عبادي؟ قال يقولون: يُسبحون ويكبرونك ويحمدونك ويمجِّدونك. قال فيقول: هل رأوني؟ قال فيقولون: لا والله يا ربِّ ما رأوك قال فيقول: كيف لو رأوني؟ قال يقولون: فما يسألوني؟ قال يقولون: يسألونك الجنَّة، قال فيقول: هل رأوها؟ قال فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها. قال فيقول: فكيف لو رأوها؟ قال يقولون: لو أنَّهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً، وأشد لها طلبا، وأعظم فيها رغبة. قال. ثم يتعوَّذون؟ قال: يتعوَّذون من النار. قال فيقول: هل رأوها؟ قال يقولون: لا والله ما رأوها. قال فيقولون: فكيف لو رأوها؟ قال يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارا (¬1)، وأشدَّ لها مخافةً. قال فيقول: أشهدكم أني قد غفرت (¬2) لهمْ، قال يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهمْ إنما جاء لحاجةٍ (¬3). قال: هُمُ القوْمُ لا يشقى (¬4) بهم جليسهمْ. رواه البخاري واللفظ له، ومسلم. ولفظه قال: إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فضلاء (¬5) يبتغون مجالس الذِّكر، فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر قعدوا معهمْ، وحفَّ بعضهمْ بعضاً، بأجنحتهمْ حتى يملئوا ما بينهمْ وبين السماء، فإذا تفرَّقوا عرجوا (¬6) وصعدوا إلى السماء. قال: فيسألهم الله عزَّ وجلَّ وهو أعلم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عبادك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهلِّلونك ويحمدونك ويسألونك. قال: فما يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنَّتك. قال: ¬
وهل رأواجنَّتي؟ قال: يا ربِّ. قال: وكيف لو رأوا جنَّتي؟ قالوا: ويستجيرونك (¬1) قال: وممَّ يستجيروني؟ قالوا: من نارك يا ربِّ. قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا يا ربِّ. قال: فكيف لوْ رأوا ناري؟ قال: ويستغفرونك قال فيقول: قد غفرتُ لهمْ وأعطيتهم ما سألوا، وأجرْتهمْ مما استجاروا قال يقولون: ربِّ فيهمْ فلان عبد خطَّاء (¬2) إنما مر فجلس معهم؟ قال فيقول: وله غفرتُ (¬3) هم القوم لا يشقى بهم جليسهمْ. 2 - وعنْ معاوية رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقةٍ من أصحابه، فقال: ما أجْلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنَّ به علينا. قال: آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذلك قال: أما إنِّي لمْ أستحلفكم تهمةً لكمْ، ولكنَّه أتاني جبرائيل فأخبرني أن الله عزَّ وجلَّ يباهي بكم الملائكم. رواه مسلم والترمذي والنسائي. 3 - وعنْ أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة: سيعلمُ أهل الجمع من أهل الكرم، فقيل: ومن أهل الكرم يا رسول الله؟ قال: أهل مجالس الذِّكر. رواه أحمد وأبو يعلي، وابن حبان في صحيحه والبيهقي وغيرهم. 4 - وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرَّجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعال نؤمن بربِّنا ساعةً، فقال ذات يومٍ لرجلٍ فغضب الرجل، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله: ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عنْ إيمانك إلى إيمان ساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله ابن رواحة إنَّه يحبُّ المجالس التي تتباهى بها الملائكة. رواه أحمد بإسناد حسن. 5 - وعنه أيضا رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ قومٍ اجتمعوا يذكرون الله عزَّ وجلَّ لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهمْ منادٍ من السماء أو قوموا مغفوراً لكمْ قدْ بُدِّلتْ سيِّئاتكمْ حسناتٍ رواه أحمد ورواته محتج بهم ¬
في الصحيح إلا ميمون المرائي، وأبو يعلي والبزار والطبراني، ورواه البيهقي من حديث عبد الله ابن مغفل. 6 - ورواه الطبراني عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جلس قوم مجلساً يذكرون الله عزَّ وجلَّ فيه فيقومون حتى يقال لهمْ: قوموا قد غفر الله لكمْ، وبدَّلت سيِّئاتكم حسناتٍ. 7 - وروي عنْ أنس رضي الله عنه أيضا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فإذا أتوا عليهم حفُّوا بهمْ، ثم يقفون وأيديهم إلى السماء إلى ربِّ العزة تبارك وتعالى، فيقولون: ربنا أتينا على عباد منْ عبادك يعظمون آلاءك، ويتلون كتابك، ويصلُّون على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ويسألونك لآخرتهم ودنياهمْ، فيقول الله تبارك وتعالى: غشُّوهمْ رحمتي، فهم الجلساء لا يشفى بهم جليسهمْ. رواه البزار. 8 - وروي عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن رواحة وهو يذكِّرُ أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنَّكم الملأ الذين أمرني الله أن أصبر (¬1) نفسي معكمْ، ثم تلا هذه الآية: واصبرْ نفسك مع الذين يدعون ربِّهُمْ بالغداة والعشيِّ (¬2) إلى قوله وكان أمره فرطاً. أما إنَّه ما جلس ¬
عدَّتُكمْ إلا جلس معهمْ عدَّتهمْ من الملائكة إنْ سبحوا الله تعالى سبَّحوه، وإن حمدوا الله حمدوه، وإن كبروا الله كبروه، ثمًّ يصعدون إلى الرَّبِّ جلَّ ثناؤه وهو أعلم بهم، فيقولون: يا ربنا عبادك سبَّحنا، وكبَّروك فكبَّرْنا، وحمدوك فحمدنا، فيقول ربنا جلَّ جلاله: يا ملائكتي أشهدكمْ أني قد غفرتُ لهم، فيقولون فيهم فلان وفلان: الخطَّاء، فيقول: همُ القوم لا يشقى بهم جليسهمْ. رواه الطبراني في الصغير. 9 - وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله: ما غنيمة (¬1) مجالس الذكر؟ قال: غنيمة مجالس الذِّكر الجنَّة. رواه أحمد بإسناد حسن. 10 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس: إنَّ الله سرايا من الملائكة تحلُّ وتقف على مجالس الذكر في الأرض فارتعوا في رياض الجنَّة، قالوا: وأين رياض الجنَّة؟ قال: مجالس الذكر فاغدوا (¬2)، أوْ روحوا في ذكر الله، وذكروه (¬3) أنفسكمْ، من كان يحبُّ أن يعلم منزلته (¬4) عند الله فلينظر كيف منزلة الله (¬5) عنده، فإنَّ الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسهِ رواه ابن أبي الدنيا، وأبو يعلي والبزار، والطبراني والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. (قال المملي) رضي الله عنه: في أسانيدهم كلها عمر مولى عفرة، ويأتي الكلام عليه، وبقية أسانيدهم ثقات مشهورون محتجّ بهم، والحديث حسن، والله أعلم. ¬
(الرتع): هو الأكل والشرب في خصب، وسعة. 11 - وعنْ عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عنْ يمين الرَّحمن، وكلتا يديه يمين: رجال ليسوا بأنبياء، ولا شهداء يغشى (¬1) بياض وجوههمْ نظر النَّاظرين يغبطهم (¬2) النبيُّون والشهداء، بمقعدهمْ وقربهمْ من الله عزَّ وجلَّ. قيل: يا رسول الله من همْ؟ قال: همْ جمَّاع من نوازع القبائل يجتمعون على ذكر الله فينتقون أطايب الكلام كما ينتقي آكل التَّمرِ طايبهُ. رواه الطبراني، وإسناده مقارب لا بأس به. (جماع) بضم الجيم، وتشديد الميم: أي أخلاط من قبائل شتى، ومواضع مختلفة. (ونوازع): جمع نازع، وهو الغريب، ومعناه أنهم لم يجتمعوا لقرابة بينهم، ولا نسب، ولا معرفة، وإنما اجتمعوا لذكر الله لا غير. 12 - وعنْ أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليبعثنَّ (¬3) الله أقواماً يوم القيامة في وجوههم النور على منابر اللؤلؤ يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء، ولا شهداء. قال: فجثا (¬4) أعرابي على ركبتيه فقال: يا رسول الله: حلَّهم (¬5) لنا نعرفهمْ؟ قال هم المتحابُّون (¬6) في الله من قبائل شتَّى، وبلادٍ شتَّى يجتمعون على ذكر الله يذكرونه. رواه الطبراني بإسناد حسن. 13 - وعن أبي هريرة، وأبي سعيدٍ رضي الله عنهما أنَّهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: لا يقعد قومٌ يذكرون الله إلا حفَّتهمُ (¬7) الملائكة وغشيتهم (¬8) الرَّحمة، ونزلتْ عليهم السَّكينة (¬9)، وذكرهم الله فيمن عنده (¬10) رواه مسلم والترمذي وابن ماجه. ¬
14 - وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
إذا مررتمْ برياض افارتفعوا. قالوا: وما رياض الجنَّة؟ قال: خلق الذِّكر. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. ¬
الترهيب من أن يجلس الإنسان مجلسا لايذكر الله فيه ولا يصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم
الترهيب من أن يجلس الإنسان مجلساً لا يذكر الله فيه ولا يصلى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ما جلس قوْمٌ مجلسا لمْ يذكروا الله فيه ولمْ يصلُّوا على نبيِّهم إلا كان عليهم ترةٌ، فإن شاء عذَّبهمْ، وإنْ شاء غفر لهمْ. رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن، ورواه بهذا اللفظ ابن أبي الدنيا والبيهقي. ولفظ أبو داود قال: من قَعدَ مقعداً لمْ يذكر الله فيه، كان عليه من الله ترةٌ، ومن اضطجع (¬1) مضجعا لا يذكر الله فيه كانتْ عليهِ من الله ترةٌ، وما مشى أحدٌ ¬
الترغيب في كلمات يكفرن لغط المجلس
ممشى لا يذكر الله (¬1) فيه إلا كان عليه من الله ترة. ورواه أحمد، وابن أبي الدنيا، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، كلهم بنحو أبي داود. (الترة) بكسر التاء المثناة فوق، وتخفيف الراء: هي النقص، وقيل: التبعة. 2 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قعد قوم مقعداً لمْ يذكروا الله عزَّ وجلَّ فيه، ويصلُّون على النبيِّ صلى الله عليه وسلم (¬2) إلا كان عليهمْ حسرة يوم القيامة، وإنْ دخلوا الجنَّة للثَّواب. رواه أحمد بإسناد صحيح، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري. 3 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ قومٍ يقومون من مجلسٍ لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفةِ (¬3) حمارٍ، وكان عليهمْ حسرةً (¬4) عليهم يوم القيامة. رواه الطبراني في الكبير، والأوسط والبيهقي، ورواه الطبراني محتج بهم في الصحيح. (الترغيب في كلمات يكفرن لغط المجلس) 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ ¬
جلس مجلسا كثر فيه لغطه (¬1)، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسهِ ذلك (¬2). رواه أبو داود والترمذي واللفظ له والنسائي، وابن حبان في صحيح، والحاكم وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. 2 - وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جلس مجلسا يقول بآخره إذا أراد أن يقوم من المجلس: سبحانك اللهمَّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك، فقال رجل: يا رسول الله إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى، فقال: كفَّارة (¬3) لما يكون في المجلس. رواه أبو داود. 3 - وعنْ عائشة رضي الله عنه قالتْ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس مجلساً، أو صلى تكلَّم بكلمات، فسألته عائشة عن الكلمات، فقال: إن تكلَّم بخيرٍ كان طابعا عليهنَّ إلى يوم القيامة، وإن تكلَّم بشرٍ كان كفَّارة له: سبحانك اللهمَّ وبحمدك لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك. رواه ابن أبي الدنيا والنسائي، واللفظ لهما، والحاكم البيهقي. 4 - وعنْ جبير بن مطعمٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال سبحان الله وبحمده، سبحانك اللهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، استغفرك وأتوب إليك، فقالها في مجلس ذكر كان كالطابع يطبع عليه، ومن قالها في مجلس لغو (¬4) كان كفارة له. رواه النسائي والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 5 - ورواه ابن أبي الدنيا، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جلس أحدكمْ في مجلس فلا يبرحنَّ منه حتى يقول ثلاث مرَّاتٍ: سبحانك اللهمَّ وبحمدك. ¬
الترغيب في قول لا إله إلا الله، وما جاء في فضلها
لا إله إلا أنت، اغفر لي وتب عليَّ، فإنْ كان أتى خيرا كان كالطابع عليه، وإن كان مجلس لغوٍ كان كفَّارة لما كان في ذلك المجلس. 6 - وعنْ رافع بن خديجٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخرهِ إذا اجتمع إليه أصحابه، فأراد أن ينهض، قال: سبحانك اللهمَّ وبحمدك. أشهد أن لا إله إلا أنت. أستغفرك وأتوب إليك. عملتٌ سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنَّه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال قلنا: يا رسول الله إن هذه كلمات أحدثهنَّ؟ قال: أجل، جاءني جبرائيل، فقال: يا محمد هنَّ كفَّارات المجلسِ. رواه النسائي واللفظ له، والحاكم وصححه، ورواه الطبراني في الثلاثة باختصار بإسناد جيد. (بأخره) بفتح الهمزة، والخاء المعجمة جميعا غير ممدود: أي بآخر أمره. 7 - وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: كلمات لا يتكلم بهنَّ أحد في مجلس حقٍ، أو مجلس باطلٍ عند قيامه ثلاث مرَّاتٍ إلا كفر بهنَّ عنه، ولاي قولهنَّ في مجلس خير ومجلس ذكرٍ إلا ختم الله له بهنَّ كما يختم بالخاتم على الصحيفة: سبحانك اللهمَّ وبحمدك. لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. رواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه. (الترغيب في قول: لا إله إلا الله وما جاء في فضلها) 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت في حرصك على الحديث: أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله (¬1) خالصا من قبلهِ أو نفسه. رواه البخاري. 2 - وعنْ عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: منْ ¬
شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ عبده ورسوله، وأنَّ عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروحٌ منه، والجنَّة حقٌّ، والنار حق أدخله الله الجنَّة على ما كان من عملٍ. زاد حباذة: من أبواب الجنَّة الثمانية أيها شاء رواه البخاري واللفظ له، ومسلم. ؛3 - وفي رواية لمسلم والترمذي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ شهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمَّدا رسول الله حرَّم (¬1) الله عليه النار. 4 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومعاذ رديفهُ على الرَّحل قال: يا معاذ بن جبلٍ؟ قال لبيك (¬2) يا رسول الله وسعديك ثلاثاً. قال: ما منْ أحدٍ يشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرَّمه الله على النار. قال: يا رسول الله أفلا أخبربهِ الناس فيستبشروا؟ قال إذا يتَّكلموا، وأخبر بها معاذٌ عند موتهِ تأثماً (¬3) رواه البخاري ومسلم. (تأثما): أي تحرّجا من الإثم، وخوفا منه أن يلحقه إن كتمه. (قال المملي) عبد العظيم: وقد ذهب طوائف من أساطين أهل العلم إلى أن مثل هذه الإطلاقات التي وردت فيمن قال: لا إله إلا الله دخل الجنَّة، أو حرَّم الله عليه النار. ونحو ذلك إنما كان في ابتداء الإسلام، حين كانت الدعوة إلى مجرد الإقرار بالتوحيد، فلما فرضت الفرائض، وحدت الحدود نسخ ذلك، والدلائل على هذا كثيرة متظاهرة، وقد تقدم غير ما حديث يدل على ذلك في كتاب الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، ويأتي أحاديث أخر متفرقة إن شاء الله، وإلى هذا القول ذهب الضحاك، والزهري، وسفيان الثوري وغيرهم وقال طائفة أخرى: لا احتياج إلى ادعاء النسخ في ذلك، فإن كل ما هو من أركان الدين، وفرائض الإسلام هو من لوازم الإقرار بالشهادتين، وتتماته، فإذا أقرّ ثم امتنع عن شيء من الفرائض جحدا، أو تهاونا على تفصيل الخلاف فيه حكمنا عليه بالكفر، وعدم دخول الجنة، ¬
وهذا القول أيضا قريب، وقالت طائفة أخرى: التلفظ بكلمة التوحيد سبب يقتضي دخول الجنة والنجاة من النار، بشرط أن يأتي بالفرائض، ويجتنب الكبائر، فإن لم يأت بالفرائض، ولم يجتنب الكبائر لم يمنعه التلفظ بكلمة التوحيد من دخول النار، وهذا قريب مما قبله، أو هو هو. وقد بسطنا الكلام على هذا، والخلاف فيه في غير ما موضع من كُتبنا، والله سبحانه وتعالى أعلم. 5 - وروي عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ قال: لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنَّة. قيل: وما إخلاصها؟ قال: أنْ تحجزه (¬1) عن محارم الله. رواه الطبراني في الأوسط، وفي الكبير إلا أنه قال: أن تحجزه عمَّا حرَّم الله عليه. 6 - وعنْ رفاعة الجهنيِّ رضي الله عنه قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كنَّا بالكيد (¬2)، أو بقديد فحمد الله، وقال خيراً، وقال أشهد عند الله لا يموت عبد يشهد أن لا إله إلا الله، وأنِّي رسول الله صدقاً من قبلهِ، ثمَّ يسدِّد (¬3) إلا سلك في الجنة. رواه أحمد بإسناد لا بأس به، وهو قطعة من حديث. 7 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قال عبد: لا إله إلا الله قطُّ مخلصاً: إلا فتحت له أبواب السماء حتى يفضي (¬4) إلى العرش ما اجتنبت (¬5) الكبائر. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. 8 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: لا إله إلا الله نفعته يوماً من دهرهِ يصيبهُ قبل ذلك ما أصابه (¬6). رواه الطبراني، وروا رواة الصحيح. ¬
9 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال موسى صلى الله عليه وسلم: يا ربِّ علِّمني شيئاً أذكرك به، وأدعوك به؟ قال قلْ: لا إله إلا الله. قال: يا ربِّ كلُّ عبادك يقول هذا؟ قال قلْ: لا إله إلا الله. قال: إنما أريد شيئاً تخصُّني به؟ قال: يا موسى لوْ أنَّ السموات السَّبع والأرضين السبع في كفةٍ، ولا إله إلا الله في كفةٍ مالتْ بهم (¬1) لا إله إلا الله. رواه النسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم، كلهم من طريق دراج عن أبي الهيثم عنه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 10 - وعن جابرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله. رواه ابن ماجه، والنسائي وابن حبان في صحيحه، والحاكم، كلهم من طريق طلحة بن خراش عنه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 11 - وعنْ يعلي بن شدَّاد قال: حدَّثني أبي شداد بن أوسٍ رضي الله عنه، وعبادة بن الصامت حاضر يصدِّقه، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل فيكمْ غريبٌ، يعني أهل الكتاب؟ قلنا: لا يا رسول الله، فأمر بغلق الباب وقال: ارفعوا أيديكم وقولوا: لا إله إلا الله، فرفعنا أيدينا ساعةً، ثمَّ قال: الحمد لله، اللهمَّ إنك بعثتني بهذه الكلمة، وأمرتني بها، ووعدتني عليها الجنَّة، وأنت لا تخلف الميعاد، ثمَّ قال: أبشروا فإنَّ الله قد غفر لكمْ. رواه أحمد بإسناد حسن، والطبراني وغيرهما. 12 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جدِّدوا إيمانكمْ. قيل يا رسول الله: وكيف نجدِّد إيماننا؟ قال: أكثروا من قول: لا إله إلا الله. رواه أحمد والطبراني، وإسناد أحمد حسن. 13 - وعنْ عبد الله رضي الله عنه من جاء بالحسنة؟ قال: من جاء بلا إله إلا الله، ومن جاء بالسَّيئة؟ قال: من جاء بالشِّرك: رواه الحاكم موقوفاً، وقال: صحيح على شرطهما. 14 - وعن عمرو رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ¬
إنِّي لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقًّا من قلبه فيموت على ذلك الإحرام على النَّار: لا إله إلا الله. رواه الحاكم. وقال: صحيح على شرطهما، وروياه بنحوه. 15 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا من شهادة أن لا إلا الله قبل أن يحال (¬1) بينكم وبينها. رواه أبو يعلي بإسناد جيد قويّ. 16 - وروي عن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مفاتيح الجنَّة شهادة أن لا إله إلا الله. رواه أحمد والبزار. 17 - وروي عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ عبدٍ قال: لا إله إلا الله في ساعةٍ من ليل أوْ نهارٍ إلا طمستْ (¬2) ما في الصَّحيفة من السيئات، حتى تسكن (¬3) إلى مثلها من الحسنات. رواه أبو يعلي. 18 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ لله تبارك وتعالى عموداً (¬4) من نورٍ بين يدي العرش، فإذا قال العبد: لا إله إلا الله اهتز ذلك العمود، فيقول الله تبارك وتعالى: اسكنْ، فيقول: كيف أسكن ولمْ تغفرْ لقائلها؟ فيقول: إني قد غفرت له، فيسكن عند ذلك. رواه البزار، وهو غريبْ. 19 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليْس عل أهل لا إله إلا الله وحشةٌ (¬5) في قبورهم، ولا منشرهمْ (¬6)، وكأني أنظر إلى أهل لا إله إلا الله، وهمْ ينفضون التراب عن رؤوسهمْ ويقولون: الحمد لله الذي أذهب عنَّا الحزن (¬7). ¬
وفي روايةٍ: ليْس على أهل لا إله إلا الله وحشةٌ (¬1) عند الموتِ، ولا عند القبر. رواه الطبراني، والبيهقي كلاهما من رواية يحيى بن عبد الحميد الحماني، وفي متنه نكارة. 20 - وعنْ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركمْ بوصيَّة نوحٍ ابنه؟ قالوا: بلى. قال: أوصى نوحٌ ابنه فقال لابنه: يا بنيَّ إنِّي أوصيك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: أوصيك بقول: لا إله إلا الله، فإنَّها لو وضعت (¬2) في كفَّةٍ، ووضعت السماوات والأرض في كفةٍ لرجحت بهنَّ، ولوْ كانت حلقة لقصمْتُهنَّ (¬3) حتى تخلص إلى الله، فذكر الحديث. رواه البزار، ورواته محتج بهم في الصحيح إلا ابن إسحاق، وهو في النسائي عن صالح بن سعيد رفعه إلى سليمان ابن يسار إلى رجل من الأنصار لم يسمِّه. ورواه الحاكم عن عبد الله، وقال: صحيح الإسناد، ولفظه قال: وآمر كما بلا إله إلا الله، فإنَّ السماوات والأرض، وما فيهما لوْ وضعت في كفةٍ، ووضعت لا إله إلا الله في الكفة الأخرى كانت أرجح منهما، ولوْ أنَّ السماوات والأرض، وما فيها كانتْ حلقة فوضعتْ لا إله إلا الله عليهما لقصمتهما، وآمرُ كما بسبحان الله وبحمده، فإنَّها صلاة كلِّ شيءٍ، وبها يرزق كلُّ شيء. 21 - وروي الترمذي عنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: التسبيح (¬4) نصف الميزان، والحمد لله تملؤه، ولا إله إلا الله ليس لها دون الله حجابٌ (¬5) حتى تخلص إليه، وقال الترمذي: حديث غريب. 22 - وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله يستخلص رجلاً من أمَّتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشرُ عليه تسعةً وتسعين سجلاًّ (¬6) كلُّ سجلٍ مثل مدِّ البصر، ثمَّ يقول: أتنكر من هذا ¬
الترغيب في قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له
شيئاً، أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: أفلك عذرٌ؟ فقال: لا ياربِّ، فيقول الله تعالى: بلى إنَّ لك عندنا حسنة، فإنَّه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقة (¬1) فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، فيقول: احضرْ وزنك، فيقول: يا ربِّ ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: فإنَّك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفةٍ، والبطاقة في كفَّةٍ، فطاشت السّجلات، وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيء. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، (الترغيب في قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له) 1 - عنْ أبي أيوب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلِّ شيء قدير عشر مرَّاتٍ كان كمنْ أعتق (¬2) أربعة أنفسٍ من ولد إسماعيل. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. ورواه أحمد والطبراني فقالا: كنَّ له عدْل عشر رقابٍ، أو رقبة على الشَّكِّ فهي، وقال الطبراني في بعض ألفاظه: كنَّ له كعدل عشر رقابٍ من ولد إسماعيل عليه السلام من غير شكٍ. 2 - وعنْ يعقوب بن عاصم رضي الله عنه عنْ رجلين من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهما سمعا النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ما قال عبد قطُّ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. مخلصا بها روحه مصدِّقا بها قلبهُ، ناطقاصا بها لسانه إلا فتق الله عزَّ وجلَّ له السَّماء فتقاً حتى ينظر إلى قائلها من الأرض، وحقَّ لعبدٍ نظر (¬3) الله إليه أن يعطيه سؤلهُ. رواه النسائي. ¬
3 - وعنْ أبي أيُّوب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير كان كعدلِ (¬1) محرَّرٍ، أوْ محررَّين. رواه الطبراني، ورواته ثقات محتج بهم. 4 - وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من منح (¬2) منيحة ورقٍ (¬3)، أو منيحة (¬4) لبنٍ، أو هدى زقاقاً (¬5) فهو كعتاق نسمةٍ (¬6)، ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قديرٌ، فهو كعتق نسمفةٍ (¬7). رواه أحمد، ورواته محتج بهم في الصحيح وهو في الترمذي باختصار التهليل، وقال: حديث حسن صحيح، وفرقة ابن حبان في صحيحه في موضعين فذكر المنيحة في موضع، والتهليل في آخر. 5 - عنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير لمْ يسبقها (¬8) عملٌ ولم يبق معها سيِّئة. رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في الصحيح، وسليم بن عثمان الطائي، ثم الفوزي يكشف حاله. 6 - وعنْ عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: خير الدُّعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلتُ أنا والنبيُّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. (قال المملي) وفي أذكار المساء والصباح، وما يقوله بعد الصبح والعصر والمغرب وما يقوله إذا دخل السوق، وغير ذلك أحاديث كثيرة من هذا الباب. ¬
الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه
(نوع منه) 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو الحيُّ الذي لا يموت بيدهِ الخير وهو على كلِّ شيء قدير لا يريد بها إلا وجه الله أدخله الله بها جنَّات النَّعيم. رواه الطبراني من رواية يحيى من عبد الله البابلتي. (نوع آخر منه) 1 - رُوي عن عبد الله بن أبي أوْفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحداً صمداً لمْ يلدْ يُولد ولمْ يكن له كفواً أحدٌ كتب الله له ألفي ألفِ (¬1) حسنة. رواه الطبراني. (الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه) 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلمتانِ (¬2) خفيفتان على اللِّسان، ثقيلتان في الميزان، وحبيبتان إلى الرَّحمن: سبحانَ ¬
الله وبحمده سبحان الله العظيم. رواه البخاري ومسلم، والترمذي والنسائي، وابن ماجه. 2 - وعنْ أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبرك بأحبِّ الكلام إلى الله؟. قلت: يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله، فقال: إن أحبَّ الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده. رواه مسلم والنسائي والترمذي إلا أنه قال: سبحان ربِّي وبحمده. وقال حديث حسن صحيح. 3 - وفي رواية مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أيُّ الكلام أفضل: قال: ما اصطفى (¬1) الله لملائكتهِ، أو لعبادهِ: سبحان الله وبحمده. 4 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من قال سبحان الله وبحمده، كتب له مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنةٍ، ومنْ قال: لا إله إلا الله كان له بها عهد عند الله يوم القيامة. رواه الطبراني بإسناد فيه نظر. زاد في رواية له عن أيوب بن عتبة عن عطاء عنه بنحوه، فقال رجل: كيف نهْلكُ بعد هذا يا رسول الله؟ قال: إنَّ الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبلٍ لأثقله فتقوم النِّعمة من نعم الله تكاد أن تستنفد (¬2) ذلك كله إلا أن يتطوَّل (¬3) الله برحمته. 5 - ورواه الحاكم من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه عن جده. ¬
ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلا الله دخل الجنَّة، أوْ وجبتْ له الجنَّة، ومنْ قال: سبحان الله وبحمدهِ مائة مرَّة كتب الله له مائة ألف حسنةٍ وأربعاً وعشرين ألف حسنةٍ. قالوا: يا رسول الله إذا لا يهملك منَّا أحدٌ؟ قال: بلى إنَّ أحدكم ليجيء بالحسنات لوْ وضعت على جبلٍ أثقلته، ثمَّ تجيء النعم فتذهب بتلك، ثمَّ بتطاول الرَّبُّ بعد ذلك برحمته، قال: الحاكم: صحيح الإسناد. 6 - وعنْ عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال سبحان الله وبحمده غرستْ له نخلةٌ في الجنَّة. رواه البزار بإسناد جيد. 7 - وعنْ جابرٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلةٌ في الجنَّة. رواه الترمذي وحسنه، واللفظ له والنسائي إلا أنه قال: غرست له شجرة في الجنَّة، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في موضعين بإسنادين قال في أحدهما: على شرط مسلم، وقال في الآخر: على شرط البخاري. 8 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هاله (¬1) الليل أن يكابده، أوْ بخل بالمال أن ينفقه، أو جبن عن العدوِّ أن يقاتله فليكثر (¬2) من: سبحان الله وبحمده، فإنها أحبُّ إلى الله من جبل ذهبٍ ينفقه (¬3) في سبيل الله عزَّ وجلَّ. رواه الفريابي والطبراني واللفظ له، وهو حديث غريب، ولا بأس بإسناده إن شاء الله. 9 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومن قال سبحان الله وبحمدهِ، في يومٍ مائة مرَّةٍ غفرت له ذنوبه، وإنْ كانت مثل زبد البحر (¬4) رواه مسلم والترمذي، والنسائي في آخر حديث يأتي إن شاء الله تعالى. ¬
وفي رواية للنسائي من قال: سبحان الله وبحمده حطَّ (¬1) الله عنه ذنوبه، وإنْ كانتْ أكثر من زبد البحر. لمْ يقلْ في هذه في يومٍ، ولمْ يقل مائة مرَّةٍ، وإسنادهما متصل، ورواتهما ثقات. 10 - وعنْ سليمان بن يسار رضي الله عنه عن رجل من الأنصار أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: قال نوح لابنهِ: إني موصيك بوصيَّةٍ وقاصرها لكيْ لا تنساها، أوصيك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: أما اللتان أوصيك بهما: فيستبشر الله بهما، وصالح خلقهِ، وهما يكثران الولوج على الله، أوصيك بلا إله إلا الله، فإنَّ السموات والأرض لو كانتا حلقة قصمتهما، ولوْ كانتا في كفَّةٍ وزنتهما، وأصيك: سبحانه الله وبحمده، فإنهما صلاة الخلق، وبهما يرزق الخلق، وإن من شيء إلا يسبِّح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهمْ إنه كان حليما غفوراً. وأما اللتان أنهاك عنهما: فيحتجب الله منهما، وصالح خلقهِ: أنهاك عن الشِّرك (¬2) والكبر (¬3) رواه النسائي، واللفظ له والبزار والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. (الولوج) الدخول. 11 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، أستغفر الله وأتوب إليه من قالها كتبت له كما قالها، ثمَّ علِّقت بالعرش لا يمحوها ذنب عمله صاحبها حتى يلقى الله يوم القيامة وهي مختومة كما قالها. رواه البزار، ورواته ثقات إلا يحيى بن عمر بن مالك النكري. 12 - وعنْ مصعب بن سعدٍ رضي الله عنه قال: حدَّثني أبي قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيعجز أحدكمْ أن يكسب كلَّ يوم ألف حسنةٍ فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة ¬
فتكتب له ألف حسنةٍ، أو تحطُّ عنه ألف خطيئةٍ. رواه مسلم والترمذي، وصححه. والنسائي. قال الحميدي رحمه الله: كذا هو في كتاب مسلم في جميع الروايات، أو تحطُّ. قال البرقاني: ورواه شعبة، وأبو عوانة، ويحيى القطان عن موسى الذي رواه مسلم من جهته، فقالوا: وتحطُّ بغير ألفٍ انتهى. (قال الحافظ) هكذا رواية مسلم، وأما الترمذي والنسائي، فإنهما قالا: وتحطُّ بغير ألفٍ، والله أعلم. 13 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس. رواه مسلم والترمذي. 14 - وعنْ سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبُّ الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرُّك بأيِّهِنَّ بدأت. رواه مسلم وابن ماجه والنسائي، وزاد: وهنَّ من القرآن ورواه النسائي أيضاً، وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة. 15 - وعنْ رجلٍ من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الكلام سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. رواه أحمد، ورواته محتجّ بهم في الصحيح. 16 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ به وهو يغرس غرساً، فقال: يا أبا هريرة، ما الذي تغرس؟ قلت غراساً. قال: ألا أدللك على غراسٍ خير من هذا؟ سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، تغرس لك بكل واحدةٍ شجرة في الجنة. رواه ابن ماجه بإسناد حسن، واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 17 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقيت إبراهيم عليه السلام ليلة أسري بي، قال يا محمَّد: أقرئ أمَّتك مني السلام،
وأخبرهمْ أنَّ الجنَّة طيِّبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعان (¬1) وأنَّ قيعان (1)، وأنَّ غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. رواه الترمذي والطبراني في الصغير والأوسط وزاد: ولا حول ولا قوَّة إلا بالله. وروياه عن عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود، قال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. (قال الحافظ) أبو القاسم: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وعبد الرحمن هذا لم يسمع من أبيه، وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الكوفي واهٍ. ورواه الطبراني أيضاً بإسناده واهٍ من حديث سلمان الفارسي، ولفظه: قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ في الجنَّة قيعانا فأكثروا منْ غرسها. قالوا: يا رسول الله وما غرسها؟ قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. 18 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر غرس له بكلٍ واحدة منهنَّ شجرةٌ في الجنَّة. رواه الطبراني وإسناده حسن لا بأس به في المتابعات. 19 - وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من هلَّل مائة مرَّة، وسبح مائة مرَّةٍ، وكبَّر مائة مرَّة كان خيرا له من عشر رقابٍ يعتقهنَّ، وستِّ بدناتٍ (¬2) ينحرهنَّ. ¬
وفي روايةٍ: وسبع بدناتٍ. رواه ابن أبي الدنيا عن سلمة بن وردان عنه، وهو إسناد متصل حسن. 20 - وعنْ أمِّ هانئ رضي الله عنها قالت: مرَّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقلت: يا رسول الله قدْ كبرتْ سنِّي، وضعفت، أو كما قالتْ: فمرني بعملٍ أعمله وأنا جالسة؟ قال: سبِّحي الله مائة تسبيحةٍ، فإنها تعدل لك مائةرقبةٍ تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميدةٍ، فإنها تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكبِّري الله مائة تكبيرة، فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلَّدة متقبلةٍ، وهلِّلي الله مائة تهليلة: قال أبو خلف: أحسبه قال تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذٍ لأحد عمل أفضل مما يرفع لك إلا أن يأتي بمثل ما أتيت. رواه أحمد بإسناد حسن، واللفظ له والنسائي، ولم يقل: ولا يرفع. إلى آخره، والبيهقي بتمامه ورواه ابن أبي الدنيا فجعل ثواب الرِّقاب في التحميد، ومائة فرس في التسبيح، وقال فيه: وهالي الله مائة تهليلةٍ لا تذر ذنباً، ولا يسبقها عملٌ. ورواه ابن ماجه بمعناه باختصار، ورواه الطبراني في الكبير بنحو أحمد، ولم يقل: أحسبهُ ورواه في الأوسط بإسناد حسن إلا أنه قال فيه: قلتُ يا رسول الله قد كبرت سني، ورقَّ عظمي فدلَّني على عملٍ يدخلني الجنة، قال: بخٍ بخٍ لقدْ سألت، وقال فيه وقولي: لا إله إلا الله مائة مرَّةٍ، فهو خير لك مما أطبقتْ عليه السماء والأرض، ولا يرفع يومئذٍ عمل أفضل مما يرفع لك إلا من قال مثل ما قلتِ، أو زاد. ورواه الحاكم بنحو أحمد، وقال: صحيح الإسناد، وزاد قولي: ولا حول ولا قوَّة إلا بالله لا تترك ذنبا، ولا يشبهها عمل. 21 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ قال: سبحان الله وبحمده كان مثل مائة بدنةٍ إذا قالها مائة مرَّةٍ، ومن قال: الحمد لله مائة مرَّة كان عدل مائة فرس مسرج ملجمٍ في سبيل الله، ومن قال: الله أكبر مائة مرَّة كان عدل مائة بدنةٍ تنحر بمكَّة. رواه الطبراني، ورواة إسناده رواة الصحيح خلا
سليم بن عثمان الفوزي يكشف حاله فإنه لا يحضرني الآن فيه جرح ولا عدالة. 22 - وعنْ أبي هريرة وأبي سعيدٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله اصطفى من الكلام أربعاً: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فمن قال: سبحان الله كتب له عشرون حسنة، وحطَّت عنه عشرون سيِّئة، ومن قال: الله أكبر فمثل ذلك، ومن قال: لا إله إلا الله فمثل ذلك، ومن قال: الحمد لله ربِّ العالمين من قبل نفسه كتبت له ثلاثون حسنةً. وحطَّت عنه ثلاثون سيئة. رواه أحمد، وابن أبي الدنيا، والنسائي واللفظ له، والحاكم بنحوه، وقال: صحيح على شرط مسلم، والبيهقي، وفي آخره: ومنْ أكثر ذكر الله فقد برئ من النِّفاق. 23 - وعن أبي مالكٍ الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطهور (¬1): شطر الإيمان، والحمد لله: تملأ الميزان، وسبحانه الله والحمد لله: تملآن الميزان أوْ تملأ ما بين السماوات والأرض (¬2)، والصلاة: نورٌ (¬3)، والصَّدقة: برهان (¬4)، ¬
والصبر (¬1): ضياء، والقرآن: حجة لك، أو عليك (¬2) كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها، أو موبقها (¬3) رواه مسلم والترمذي والنسائي. 24 - وعن رجل من بني سليمٍ قال: عدَّهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في يدي: أو في يده. قال: التسبيح (¬4): نصف الميزان، والحمد لله: تملؤه، والتكبير (¬5): يملأ (¬6) ما بين السماء والأرض، والصوم (¬7): نصف الصبر، والطهور: نصف الإيمان. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. ¬
ورواه أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بنحوه، وزاد فيه: ولا إله إلا الله ليْس لها دون الله حجابٌ حتى تخلص إليه. 25 - وعنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه أنَّ ناساً من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ذهب أهل الدُّثور بالأجور يصلُّون كما نصلِّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهمْ، قال: أو ليس قد جعل الله لكمْ ما تصدًّقون به؟ إن بكلِّ تسبيحة صدقةً، وكلُّ تكبيرة صدقة، وكل تحميدةٍ صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجرٌ (¬1)؟ قال: أرأيتم لوْ وضعها في حرام (¬2) كان علي وزرٌ (¬3) فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ. رواه مسلم وابن ماجه. (الدثور) بضم الدال: جمع دثر بفتحها، وهو المال الكثير. (والبضع) بضم الموحدة: هو الجماع، وقيل هو الفرج نفسه. 26 - وعنْ أبي سلمى رضي الله عنه راعى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بخٍ بخٍ (¬4) لخمس ما أثقلهنَّ (¬5) في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه (¬6) رواه النسائي واللفظ له، وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه ورواه البزار بلفظه من حديث ثوبان، وحسن إسناده، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث سفينة، ورجاله رجال الصحيح. ¬
27 - وعنْ عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلق كلُّ إنسان من بني آدم على ستِّين وثلاثمائة مفصلٍ (¬1). فمن كبَّر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعزل (¬2) حجراً عن طريق المسلمين، أو شوْكة أوع ظماً عن طريق المسلمين، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر عدد تلك السِّتين والثلثمائة، فإنَّه يمسى يؤمئذ، وقد زحزح - نحى: قال تعالى: (فمن زحزح عن النار) أي أزيل عن مقره فيها. أهـ غريب (¬3) نفسه عن النار. قال أبو توبة: وربما قال: يمشي، يعني بالشين المعجمة. رواه مسلم والنسائي. 28 - وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال أعرابي: يا رسول الله إنِّي قد عالجت (¬4) القرآن، فلمْ استطعه فعلِّمني شيئا يجزئ (¬5) من القرآن، قال قلْ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فقالها وأمسكها بأصابعهِ، فقال: يا رسول الله هذا لربي فمالي؟ قال تقول: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني، واحسبه قال واهدني، ومضى الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذهب الأعرابي وقد ملأ يديه خيراً. رواه ابن أبي الدنيا عن الحجاج بن أرطاة عن إبراهيم السكسكي عنه، ورواه البيهقي مختصرا، وزاد فيه. ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإسناده جيد. 29 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني كلاما أقوله، قال قلْ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله ربِّ العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم. قال: هؤلاء لربي فما لي؟ قال قل: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني، وزاد من حديث أبي مالك الأشجعي: وعافني. وفي رواية قال: فإنَّ هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك. رواه مسلم. 30 - وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ بدويٌّ إلى ¬
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله علمني خيرا. قال قلْ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. قال: وعقد بيده أربعاً، ثمَّ ذهب فقال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثمَّ رجع فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسم، وقال تفكَّر البائس، فقال: يا رسول الله سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، هذا كله لله فمالي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قلت سبحان الله. قال الله: صدقت، وإذا قلت: الحمد لله قال الله: صدقت، وإذا قلت: لا إله إلا الله. قال الله: صدقت، وإذا قلت: الله أكبر قال الله: صدقت، فتقول: اللهم اغفر لي فيقول الله: قد فعلت، فتقول: اللهمَّ ارحمني، فيقول الله: قد فعلتُ، وتقول: اللهم ارزقني، فيقول الله: قد فعلت. قال: فعقد الأعرابي سبعا في يده. رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي، وهو في المسند وسنن النسائي من حديث أبي هريرة بمعناه. 31 - وعنْ سلمى أمِّ بني أبي رافعٍ رضي الله عنها مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالتْ: يا رسول الله أخبرني بكلماتٍ، ولا تكثر عليَّ؟ فقال: قولي الله أكبر عشر مرَّات. يقول الله: هذا لي، وقولي: سبحان الله عشر مرَّات يقول الله: هذا لي، وقولي. اللهمَّ اغفر لي، يقول: قد فعلت، فتقولين عشر مرَّاتٍ، ويقول قد فعلت. رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في الصحيح. 32 - وعنْ أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: استكثروا من الباقيات (¬1) الصالحات (¬2). قيل: وما هنَّ يا رسول الله؟ قال: التكبير والتهليل، والتسبيح، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. رواه أحمد، وأبو يعلي والنسائي، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. ¬
33 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خذوا جنَّتكم. قالوا: يا رسول الله عدوٌّ حضر؟ قال: لا، ولكن جنَّتكم من النار. قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنَّهنَّ يأتين يوم القيامة مجتَّنبات ومعقِّباتٍ، وهنَّ الباقيات الصالحات. رواه النسائي واللفظ له، والحاكم والبيهقي وقال: الحاكم: صحيح على شرط مسلم. (جنتكم) بضم الجيم، وتشديد النون: أي ما يستركم، ويقيكم. (ومجنبات) بفتح النون: أي مقدمات أمامكم، وفي رواية الحاكم منجيات بتقديم النون على الجيم، وكذا رواه الطبراني في الأوسط، وزاد: ولا حول ولا قوَّة إلا بالله. ورواه في الصغير من حديث أبي هريرة فجمع بين اللفظين فقال: ومنجيات، ومجنبات. وإسناده جيد قوي. (ومعقبات) بكسر القاف المشددة: أي تتعقبكم، وتأتي من ورائكم. 34 - وعنْ أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله فإنَّهنَّ الباقيات الصالحات، وهنَّ يحططن (¬1) الخطايا كما تحط الشجرة ورقها، وهي منْ كنوز الجنة. رواه الطبراني بإسنادين أصلحهما فيه عمر بن راشد، وبقية رواته محتج بهم في الصحيح، ولا بأس بهذا الإسناد في المتابعات، ورواه ابن ماجه من طريق عمر أيضا باختصار. 35 - وعن النُّعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ مما تذكرون من جلال الله: التسبيح، والتهليل والتحميد ينعطفن (¬2) حول العرش لهنَّ دوي (¬3) كدويِّ النحل تذكر بصاحبها، أو يحبُّ أحدكم أن يكون له، أوْ لا يزال له من يذكر به. رواه ابن أبي الدنيا، وابن ماجه واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 36 - وعنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إذا حدَّثتكم بحديثٍ أتيناكمْ بتصديق ذلك في كتاب الله: إن العبد إذا قال سبحان الله، والحمد لله، ¬
ولا إله إلا الله، والله أكبر، وتبارك الله قبض عليهنَّ ملك فضمَّهنَّ تحت جناحهِ، وصعد بهنَّ لا يمرُّ بهنَّ على جمعٍ من الملائكة إلا استغفروا لقائلهنَّ حتى يحيا بهنَّ وجه الرَّحمن ثمَّ تلا عبد الله: إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه (¬1). رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. (قال الحافظ) كذا في نسختي يحيا بالحاء المهملة، وتشديد المثناة تحت، ورواه الطبراني فقال: حتى يجيء بالجيم، ولعله الصواب. 37 - وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما على الأرض أحد يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولاقوَّة إلا بالله إلا كفَّرت (¬2) عنه خطاياه: ولوْ كانتْ مثل زبد البحر. رواه النسائي والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن، وروي شعبة هذا الحديث من أبي بلج بهذا الإسناد نحوه. ولم يرفعه. انتهى، ورواه ابن أبي الدنيا والحاكم، وزادا: وسبحان الله، والحمد لله، وقال الحاكم: حاتم ثقة، وزيادته مقبولة: يعني حاتم ابن أبي صغيرة. 38 - وعنْ أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ غصناً فنفضه (¬3) فلمْ ينتفضْ، ثمَّ نفضه فلم ينتفض، ثمَّ نفضه فانتفض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ سبحان الله: والحمد لله، ولا له إلا الله، والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض (¬4) الشجرة ورقها. رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، والترمذي ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بشجرة يابسة الورق فضربها بعصا فتتناثر ورقها ¬
فقال: إنَّ الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر لتساقط من ذنوب العبد كما تساقط ورق هذه الشجرة. وقال: حديث غريب، ولا نعرف للأعمش سماعاً من أنس إلا أنه قد رآه، ونظر إليه انتهى. (قال الحافظ): لم يروه أحمد من طريق الأعمش. 39 - وعن معاذ بن عبد الله بن رافعٍ رضي الله عنهم قال: كنت في مجلس فيه عبد الله بن عمر، وعبد الله بن جعفرٍ، وعبد الله بن أبي عميرة رضي الله عنهم، فقال ابن أبي عميرة: سمعت معاذ بن جبل يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلمتان إحداهما ليس لها ناهية دون العرش، والأخرى تملأ ما بين السماء والأرض: لا إله إلا الله، والله أكبر، فقال ابن عمر لابن أبي عميرة: أنت سمعته يقول: كلمتان إحداهما ليس لها ناهية دون العرش، والأخرى تملأ ما بين السماء والأرض: لا إله إلا الله، والله أكبر، فقال ابن عمر لابن أبي عميرة: أنت سمعته يقول ذلك؟ قال: نعم، فبكى عبد الله بن عمر حتى اختضبت (¬1) لحيته بدموعه، وقال: هما كلمتان نعلِّقهما ونألفهما (¬2) رواه الطبراني، ورواته إلى معاذ بن عبد الله ثقات سوى ابن لهيعة، ولحديثه هذا شواهد. (نعلقهما): أي نحبهما ونلزمها. 40 - وروي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من قال لا إله إلا الله، والله أكبر أعتق الله ربعه من النار، ولا يقولها اثنتين إلا أعتق الله شطره من النار، وإن قالها أربعاً أعتقه الله من النار. رواه الطبراني في الكبير والأوسط. 41 - وعن عمران، يعني ابن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يستطيع أحدكمْ أن يعمل كلَّ يوم مثل أحدٍ عملاً؟ قالوا: يا رسول الله ومن يستطيع أن يعمل كلَّ يومٍ عملاً مثل أحدٍ؟ قال: كلكمْ يستطيعه. قالوا: يا رسول الله ماذا؟ قال: سبحان الله أعظم (¬3) من أحدٍ، ولا إله إلا الله أعظم منْ أحدٍ، والحمد لله أعظم من أحد، والله أكبر أعظم من أحدٍ. رواه ابن أبي الدنيا والنسائي، والطبراني والبزار، كلهم عن الحسن عن عمران، ولم يسمع منه، وقيل: سمع، ورجالهم رجال الصحيح إلا شيخ النسائي عمرو بن منصور، وهو ثقة. ¬
42 - وعنْ عبد الله، يعني ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: إنَّ الله قسم بينكمْ أخلاقكمْ كما قسم بينكم أرْزاقكمْ، وإنَّ الله يؤتي المال من يحبُّ ومن لا يحبُّ، ولا يؤتي الإيمان إلا من أحبَّ، فإذا أحبَّ الله عبدا أعطاه (¬1) الإيمان، فمن ضمنَّ بالمال أن ينفقه، وهاب العدوَّ أن يجاهده، والليل أن يكاد بده، فليكثر من قول: لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله (¬2). رواه الطبراني، ورواته ثقات وليس في أصله رفعه. (ضنَّ) بالضاد المعجمة: أي بخل. 43 - وعنْ أبي المنذر الجهنيِّ الله عنه قال: قلت يا نبيَّ الله علمني أفضل الكلام؟ قال: يا أبا المنذر قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، ويحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير مائة مرة في كل يومٍ فإنك يومئذ أفضل الناس عملا إلا من قال مثل ما قلت، وأكثر من قول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها سيد الاستغفار (¬3)، وإنها ممحاة (¬4) للخطايا، أحسبه قال: موجبة (¬5) للجنَّة. رواه البزار من رواية جابر الجعفي. 44 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، كتب له بكلِّ حرفٍ عشر حسناتٍ. رواه ابن أبي الدنيا بإسناد لا بأس به. 45 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: من قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قال الله: أسلم (¬6) عبدي واستسلم (¬7). رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد ¬
46 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
إذا مررتمْ برياض الجنَّة فارتعوا. قلتُ: يا رسول الله وما رياض الجنَّة؟ قال: المساجد قلت: وما الرَّتع؟ قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. رواه الترمذي وقال: حديث غريب (قال الحافظ): وهو مع غرابته حسن الإسناد. 48 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوَّل من يدعى إلى الجنة الذين يحمدون الله عزَّ وجلَّ في السراء والضراء. رواه ابن أبي الدنيا، والبزار والطبراني في الثلاثة بأسانيد أحدها حسن، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 49 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التأني من الله، والعجلة من الشيطان، وما أحدٌ أكثر معاذير من الله، وما من شيءٍ أحبَّ رلى الله من الحمد. رواه أبو يعلي، ورجاله رجال الصحيح. 50 - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنعم الله على عبدٍ من نعمةٍ، فقال الحمد لله، إلا أدَّى شكرها، فإنْ قالها ثانياً جدَّد الله له ¬
الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير
ثوابها، فإنْ قالها الثالثة غفر الله له ذنوبه. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. (قال الحافظ): في إسناده عبد الرحمن بن قيس أبو معاوية الزعفراني، واهي الحديث، وهذا الحديث مما أنكر عليه. 51 - وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنعم الله عزَّ وجلَّ على عبدٍ نعمة فحمد الله عزَّ وجلَّ عليها إلا كان ذلك أفضل من تلك النَّعمة، وإنْ عظمتْ رواه الطبراني، وفيه نكارة. 52 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل كلامٍ لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم. رواه أبو داود، واللفظ له، وابن ماجه والنسائي وابن حبان في صحيحه، إلا أنهما قالا: كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ فيه بحمد الله، فهو أقطع. (قال الحافظ): وفي الباب بعده أحاديث في الحمد. (الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير) 1 - عنْ جويرية رضي الله عنها: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها، ثمَّ رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ما زلتِ على الحال التي فارقتك عليها؟ قالتْ: نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلماتٍ ثلاث مراتٍ لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهنَّ: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضاء نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. رواه مسلم، وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي. وفي رواية لمسلم: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضاء نفسه، سبحان الله زنة عرشة، سبحان الله مداد كلماته. زاد النسائي في آخره: والحمد لله كذلك. وفي رواية له: سبحان الله وبحمده، ولا إله إلا الله، والله أكبر عدد خلقهِ، ورضاء نفسه، وزنة عرشهِ، ومداد كلماته. ولفظ الترمذي: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ عليها وهي في المسجد، ثمَّ مرَّ بها وهي في المسجد قريب نصف النهار، فقال: ما زلت على حالك؟ فقالت: نعم، فقال:
ما جاء في فضل أنواع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير) أعلِّمكِ كلماتٍ تقولينها: سبحان الله عدد خلقهِ، سبحان الله عدد خلقهِ، سبحان الله عدد خلقه ثلاث مراتٍ، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، ثلاث مراتٍ، وذكر زنة عرشهِ، ومداد كلماته ثلاثاً ثلاثاً. وقال: حديث صحيح. وفي رواية للنسائي: تكرار كلِّ وحدةٍ واحدةٍ ثلاثاً أيضاً. (نوع آخر) 1 - عن عائشة بنت سعد بن أبي وقَّاص عن أبيها رضي الله عنه أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأةٍ وبين يديها نوى، أو حصى تسبِّحُ به، فقال: أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا، أو أفضل؟ فقال: سبحان الله عدد ما خلق في السماء، سبحان الله عدد ما خلق في الأرض، سبحان الله عدد ما بين ذلك، سبحان الله عدد ما هو خالقٌ، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله مثل ذلك. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن غريب من حديث سعد، والنسائي وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 2 - وروى الترمذي والحاكم أيضاً عن صفيَّة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وبين يديها أربعة آلاف نواةٍ تسبِّح بهنَّ، فقال: ألا أعلمك بأكثر مما سبحتِ به؟ فقالتْ: بلى علِّمني، فقال: قولي سبحان الله عدد خلقه. وقال الحاكم: قولي: سبحان الله عدد ما خلق من شيء. وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه من حديث صفية إلا من هذا الوجه من حديث هاشم بن سعيد الكوفي، وليس إسناد بمعروف. (نوع آخر) 1 - عنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أحرِّك شفتيَّ، فقال لي: بأيِّ شيء تحرك شفتيك يا أبا أمامة؟ فقلت: أذكر الله يا رسول الله، فقال: ألا أخبرك بأكثر وأفضل من ذكرك بالليل والنهار؟ قلتُ بلى يا رسول الله. قال تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق،
سبحان الله عدد ما في الأرض، سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء، سبحان الله عدد ما أحْصى كتابه، سبحان الله ملء ما أحصى كتابه، سبحان الله عدد كلِّ شيءٍ، سبحان الله ملء كلِّ شيء، الحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في الأرض والسماء، والحمد لله ملء ما في الأرض والسماء، والحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيءٍ. رواه أحمد، وابن أبي الدنيا واللفظ له، والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما باختصار، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين. ورواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن، ولفظه قال: أفلا أخبرك بشيء إذا قلته، ثمَّ دأبت الليل والنهار لمْ تبلغه؟ قلتُ: بلى. قال تقول: الحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد ما أحصى خلقه، والحمد لله ملء مافي خلقه، والحمد لله ملء سماواته وأرضه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله على كلِّ شيءٍ، وتسبيح مثل ذلك وتكبِّر مثل ذلك. (نوع آخر) 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّثهم أن عبدا من عباد الله قال: يا ربِّ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك فعضلتْ بالملكين فلمْ يدريا كييف يكتبانها فصعدا إلى السماء، فقال يا ربنا: إن عبدك قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها؟ قال الله، وهو أعلم بما قال عبده: ماذا قال عبدي؟ قالا: يا ربِّ: إنه قد قال: يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك، فقال الله لهما: اكتباها كما قال عبدي حتى يلقاني فأجازيه بها. رواه أحمد وابن ماجه، وإسناده متصل، ورواته ثقات إلا أنه لا يحضرني الآن في صدقة بن بشير مولى العمريين جرح، ولا عدالة. (عضلت بالملكين) بتشديد الضاد المعجمة: أي اشتدت عليها، وعظمت واستغلق عليهما معناها.
(نوع آخر) 1 - روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال: الحمد لله ربِّ العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه على كلِّ حالٍ، حمداً يوافي نعمه، ويكافئ مزيده ثلاث مراتٍ، فتقول الحفظة: ربنا لا نحسن كنه ما قدَّسك عبدك هذا وحمدك، وما ندري كيف نكتبه؟ فيوحي الله إليهم أن اكتبوه كما قال عبدي. رواه البخاري في الضعفاء. (نوع آخر) 1 - عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال أبيُّ بن كعبٍ: لأدخلنَّ المسجد فلأصلِّينَّ ولأحمدن الله بمحامد لم يحمده بها أحد، فلما صلى وجلس ليحمد الله ويثني عليه، فإذا هو بصوت عالٍ تمن خلقه يقول: اللهمَّ لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله علانيته وسره. لك الحمد إنَّك على كل شيءٍ قدير، اغفر لي ما مضى من ذنوبي، واعصمني فيما بقي من عمري، وارزقني أعمالاً زاكية (¬1) ترضى بها عني، وتبْ عليَّ. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصَّ ع ليه فقال ذاك جبرائيل عليه السلام. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الذكر، ولم يسمّ تابعيه. 2 - وعنْ مصعب بن سعدٍ عن أبيه رضي الله عنه أن أعرابيا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء لعلَّ الله ينفعني به. قال قل: اللهم لك الحمد كله، وإليك يرجع الأمر كله. رواه البيهقي من رواية أبي بلج، واسمه يحيى بن سليم، وابن أبي سليم. 3 - وروي عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أي الدعاء خير أدعو به في صلاتي؟ قال: نزل جبرائيل عليه الصلاة والسلام فقال: إنَّ خير الدعاء أن تقول في الصلاة: اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، ولك الخلق كله، وإليك يرجع الأمر كله، أسألك من الخير كله، وأعوذ بك من الشر كله. رواه البيهقي أيضا. ¬
(نوع آخر) 1 - روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قال: الحمد لله الذي تواضع كلُّ شيء لعظمته، والحمد لله الذي ذلَّ كلُّ شيءٍ لعزته، والحمد لله الذي خضع كل شيء لملكه، والحمد لله الذي استسلم كل شيء لقدرته، فقالها يطلب بها ما عند الله كتب الله له بها ألف حسنةٍ، ورفع له بها ألف درجة، ووُكِّل به سبعون ألف ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة. رواه الطبراني. (نوع آخر) 1 - عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركا فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صاحب الكلمة؟ فسكت الرجل، ورأى أنه قد هجم من رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء يكرهه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هو؟ فإنه لم يقل إلا صوابا، فقال الرجل: أنا قلتها يا رسول الله أرجو بها الخير، فقال: والذي نفسي بيده لقد رأيت ثلاثة عشر ملكاً يبتدرون (¬1) كلمتك، أيهم يرفعها إلى الله تبار وتعالى؟. رواه ابن أبي الدنيا، والطبراني بإسناد حسن واللفظ له، والبيهقي. 2 - وعنْ أنس رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم جالسا في الحلقة إذ جاء رجل فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم والقوم، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد النبي صلى الله عليه وسلم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فلما جلس الرجل قال: الحمد لله حمدا كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا أن يحمد وينبغي له، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف قلت؟ فرد عليه كما قال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لقد ابتدرها عشرة أملاكٍ كلهم حريصٌ على أن يكتبها فما دروا كيف يكتبونها حتى رفعوها إلى ذي العزة، اكتبوها ¬
الترغيب في قول لا حول ولا قوة إلا بالله
كما قال عبدي. رواه أحمد، ورواته ثقات، والنسائي وابن حبان في صحيحه إلا أنهما قالا: كما يحب ربنا ويرضى. (نوع آخر) 1 - عن سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل: الحمد لله كثيرا فأعظمها الملك أن يكتبها فراجع فيها ربَّة عزَّ وجلَّ، فقال: اكتبها كما قال عبدي. رواه الطبراني بإسناد فيه نظر. 2 - وروي أبو الشيخ، وابن حبان من طريق عطية عن أبي سعيد مرفوعا أيضاً: إذا قال العبد الحمد لله كثيرا. قال الله تعالى: (اكتبوا لعبدي رحمتي كثيرا. (نوع آخر) عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه جبرائيل عليه السلام، فقال: يا محمد إذا سرَّك أن تعبد الله ليلة حق عبادته، أو يوماً، فقل: اللهمَّ لك الحمد حمداً كثيراً خالداً مع خلودك، ولك الحمد حمداً لا منتهى له دون علمك، ولك الحمد حمداً لا منتهى له دون مشيئتك، ولك الحمد حمداً لا آخر لقائله إلا رضاك. رواه البيهقي، وقال: لم أكتبه إلا هكذا وفيه انقطاع بين عليّ ومن دونه. (الترغيب في قول: لا حول ولا قوة إلا بالله) (قال المملي) رضي الله عنه قد تقدم قريبا في أحاديث كثيرة ذكر: لا حول ولا قوة إلا بالله. منها حديث أبي هريرة، وحديث أم هانئ، وحديث أبي سعيد، وحديث عبد الله بن عمرو، وحديث أبي المنذر وغيرها، فأغنى قربها عن إعادتها. 1 - وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: قل: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنَّة. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي، والنسائي وابن ماجه.
2 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإنها من كنز الجنة. قال مكحول: فمن قال: لا حول ولا قوة إلا بالله: ولا ملجأ من الله إلا إليه، كشف الله عنه سبعين باباً من الضُّرِّ أدناهنَّ الفقر. رواه الترمذي، وقال: هذا حديث إسناده ليس بمتصل. مكحول لم يسمع من أبي هريرة. ورواه النسائي والبزار مطولا، ورفعا: ولا ملجأ من الله إلا إليه، ورواتهما ثقات محتج بهم. ورواه الحاكم، وقال: صحيح ولا علة له، ولفظه: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أعلمك، أوْ ألا أدلك على كلمةٍ من تحت العرش من كنز الجنة؟ تقول: لا حول ولا قوَّة إلا بالله، فيقول الله: أسلم عبدي واستسلم. وفي رواية له وصححها أيضا، قال يا أبا هريرة: ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قلت بلى يا رسول الله، قال تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا ملجأ، ولا منجي من الله إلا إليه. ذكره في حديث. 3 - وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال: لا حول ولا قوة إلا بالله كان دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها ألهمُّ. رواه الطبراني في الأوسط، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. (قال الحافظ) بل في إسناده بشر بن رافع أبو الأسباط، ويأتي الكلام عليه. 4 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلك على باب من أبواب الجنة؟ قال: وما هو؟ قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال: ألا أدلك على كنز من كنوز الجنَّة، وإسناده صحيح إن شاء الله، فإن عطاء بن السائب ثقة، وقد حدث عنه حماد بن سلمة قبل اختلاطه. 5 - وعن قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه أن أباه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخدمه قال: فأتى علي نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، وقد صليت ركعتين
فضربني برجله وقال: ألا أدلك على بابٍ من أبواب الجنة؟ قلت: بلى. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 6 - وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مرَّ على إبراهيم عليه السلام فقال: من معك يا جبرائيل؟ قال: هذا محمد، فقال له إبراهيم عليه الصلاة والسلام يا محمد: مر أمَّتك فليكثروا من غراس الجنة، فإنَّ تربتها طيبة، وأرضها واسعة. قال: وما غراس الجنَّة؟ قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. رواه أحمد بإسناد حسن، وابن أبي الدنيا، وابن حبان في صحيحه. ورواه ابن أبي الدنيا في الذكر، والطبراني من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا من غ راس الجنة، فإنه عذْبٌ ماؤها، طيب ترابها فأكثروا من غراسها. قالوا: يا رسول الله وما غراسها؟ قال: ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله. 7 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: كنت أمشي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا أبا ذرٍ ألا أدلك على كنزٍ من كنوز الجنة؟ قلت بلى قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. رواه ابن ماجه، وابن أبي الدنيا، وابن حبان في صحيحه. 8 - وروي عن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنعم الله عليه نعمة، فأراد بقاءها فليكثرْ من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله. رواه الطبراني. 9 - وعن محمد بن إسحاق رضي الله عنه قال: جاء مالك الأشجعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أسر ابني عوفٌ، فقال أرسل إليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فأتاه الرسول فأخبره فأكبَّ عوف يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القدُّ عنه فخرج، فإذا هو بناقةٍ لهم فركبها فأقبل، فإذا هو بسرح القوم فصاح بهم. فأتبع آخرها أوَّلها، فلم يفجأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب، فقال أبوه: عوف وربِّ الكعبة، فقالت أمه: واسوأتاه وعوفٌ كئيب بألم ما فيه من القدِّ ما ستبق الأب والخادم إليه،
الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء
فإذا عوف قد ملأ الفناء إبلا فقصَّ على أبيه أمره الإبل، فأتى أبوه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بخير عوف وخبر الإبل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنع بهاما أحببت، وما كنت صانعاً بإبلك، ونزل: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه. رواه آدم ابن أبي إياس في تفسيره، ومحمد بن إسحاق لم يدرك مالكاً. (الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء) 1 - عن أبي مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود، والترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة. (كفتاه): أي أجزأتاه عن قيام تلك الليلة، وقيل: كفتاه ما يكون من الآفات تلك الليلة، وقيل: كفتاه من كل شيطان فلا يقربه ليلته، وقيل: معناه حسبه بهما فضلا وأجراً، وقال ابن خزيمة في صحيحه: باب ذكر أقل ما يجزئ من القراءة في قيام الليل ثم ذكره، وهذا ظاهر، والله أعلم. 2 - وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ يس في ليلةٍ ابتغاء وجه الله (¬1) غفر له. رواه ابن السني، وابن حبان في صحيحه. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ عشر آيات في ليلة لمْ يكتب من الغافلين. رواه ابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم. ¬
4 - وروي الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ عشر آيات في ليلةٍ لمْ يكتب من الغافلين، ومن قرأ مائة آيةٍ كتب له قنوت (¬1) ليلةٍ، ومن قرأ مائتي آيةٍ كتب من القانتين (¬2)، ومن قرأ أربعمائة آية كتب من العابدين، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من الحافظين، ومن قرأ ستمائة آية كتب من الخاشعين، ومن قرأ ثمانمائة آية كتب من المخبتين (¬3)، ومن قرأ ألف آية أصبح له قنطار، والقنطار: ألف ومائتا أوقيةٍ، والأوقية: خير مما بين السماء والأرض، أو قال: خير مما طلعت عليه الشمس، ومن قرأ ألفي آية كان في الموجبين (¬4). 5 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيعجز أحدكمْ أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة فشقَّ ذلك عليهمْ، وقالوا: أيُّنا يطبق ذلك يا رسول الله؟ فقال: الله الواحد الصَّمد ثلث القرآن. رواه البخاري ومسلم والنسائي. 6 - وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ كلَّ يوم مائتي مرة: قل هو الله أحد محى عنه ذنوب خمسين سنة إلا أن يكون عليه دين (¬5). رواه الترمذي، وقال: حديث غريب من حديث ثابت عن أنس. 7 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: من قرأ تبارك الذي بيده الملك كلَّ ليلةٍ منعه الله عزَّ وجل بها من عذاب القبر، وكنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها المانعة، وإنها في كتاب الله عز وجل سورة من قرأ بها في ليلة فقدْ أكثر وأطاب. رواه النسائي، واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 8 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ في ليلة: فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحداً (¬6) ¬
كان له نورٌ من عدن أبين (¬1) إلى مكة حشوه (¬2) الملائكة. رواه البزار، ورواتهلا أن أبا فروة الأسدي لم يرو عنه فيما أعلم غير النضر بن شميل. 9 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ كل ليلة سورة الواقعة لم تصبه فاقة (¬3)، وفي المسبِّحات آية كألف آيةٍ. ذكره رزين في جامعه، ولم أره في شيء من الأصول، وذكره أبو القاسم الأصبهاني في كتابه بغير إسناد. 10 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ سورة الدخان في ليلة أصبح يستغفر (¬4) له سبعون ألف ملكٍ. رواه الترمذي والدارقطني. وفي رواية للدارقطني: من قرأ سورة يس في ليلةٍ أصبح مغفورا له، ومن قرأ الدُّخان ليلة الجمعة أصبح مغفورا له. 11 - وعن أبي المنذر الجهني رضي الله عنه قال: قلت يا نبي الله علِّمني أفضل ¬
الكلام يا أبا المنذر، قلْ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير، وهو على كل شيء قدير مائة مرة في يوم، فإنك يومئذٍ أفضل الناس عملا إلا من قال مثل ما قلت، الحديث. رواه البزار من رواية جابر الجعفي. 12 - وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال: لا حول ولا قوة إلا بالله مائة مرة في كل يوم لمْ يصبه فقرٌ أبدا. رواه ابن أبي الدنيا عن أسد بن وداعة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواته ثقات إلا أسدا. 13 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كلِّ شيءٍ قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقابٍ، وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك، حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحدٌ عمل أكثر من ذلك. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه. وزاد مسلم والترمذي والنسائي: ومن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطَّت خطاياه ولوْ كانت مثل زبد البحر. 14 - وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كلِّ شيءٍ قدير مائتي مرة في يوم لمْ يسبقه أحد كان قبله ولمْ يدركه أحد بعده إلا من عمل بأفضل من عمله. رواه أحمد بإسناد جيد والطبراني. 15 - وروي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس من عبدٍ يقول: لا إله إلا الله مائة مرة إلا بعثه (¬1) الله يوم القيامة، وجهه كالقمر ليلة البدر، ولمْ يرفع يومئذ لأحدٍ عمل أفضل من عمله إلا من قال مثل قوله أو زاد. رواه الطبراني. 16 - وعن علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نزل عليه ¬
الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات
جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد إن سرَّك أن تعبد الله ليلة حقَّ عبادته فقل: اللهمَّ لك الحمد حمداً خالداً مع خلودك، ولك الحمد حمداً دائماً لا منتهى له دون مشيئتك وعند كل طرفه عين، أو تنفسِ نفسٍ. رواه الطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ ابن حبان. ولفظه قال: يا محمد إن سرَّك أن تعبد الله ليلا حقَّ عبادته، أو يوماً فقل: اللهم لك الحمد حمدا خالداً مع خلودك، ولك الحمد حمدا لا جزاء لقائلهِ إلا رضاك، ولك الحمد عند كلِّ طرفة عينٍ، أو تنفُّسِ نفس. وفي إسنادهما عليُّ بن الصَّلت العامري لا يحضرني حاله، وتقدم بنحو عند البيهقي، والله أعلم. (الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات) 1 - عن أبي هريرة رضية الله عنه أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدُّثُور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم. قال: وما ذاك؟ قال: يصلون كما نُصلِّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدَّقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلا أعلِّمكم شيئا تدركون به من سبكمْ وتسبقون به من بعدكمْ، ولا يكون أحدٌ أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر (¬1) كل صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين مرَّة. قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. قال سميٌّ: فحدث بعض أهلي بهذا الحديث، فقال: وهمت: إنما قال لك: تسبح ثلاثاً وثلاثين، وتحمد ثلاثاً وثلاثين، وتكبِّر أربعاً وثلاثين. قال: فرجعت إلى أبي صالحٍ، فقلت له ذلك فأخذ بيدي فقال: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد، حتى يبلغ من جميعهنَّ ثلاثاً وثلاثين. رواه البخاري ومسلم، واللفظ له. ¬
2 - وفي رواية لمسلم أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سبِّح في دبر كل صلاةٍ وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، ثمَّ قال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير غفرت له خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر. رواه مالك وابن خزيمة في صحيحه بلفظ هذه إلا أن مالكاً قال: غفرت له ذنوبه ولوْ كانت مثل زبد البحر. ورواه أبو داود، ولفظ قال أبو هريرة قال أبو ذرّ: يا رسول الله، ذهب أصحاب الدُّثورِ بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهمْ فضل أموال يتصدقون بها، وليس لنا مالٌ نتصدق به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذرٍّ، ألا أعلمك كلماتٍ تدرك بها من سبقك، ولا يلحقك من خلفك إلا من أخذ بمثل عملك؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: تكبر الله دبر كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين، وتحمده ثلاثاً وثلاثين، وتسبِّحه ثلاثاً وثلاثين، وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير غفر ذنوبك، ولوْ كانت مثل زبد البحر. رواه الترمذي وحسنه، والنسائي من حديث ابن عباس نحوه. وقالا فيه: فإذا صلَّيْتمْ فقولوا: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين مرَّةً، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين مرَّةً، والله أكبر أربعاً وثلاثين مرَّة، ولا إلا الله عشر مرَّاتٍ، فإنكم تدركون من سبقكمْ، ولا يسبقكمْ من بعدكم. (الدثور) بضم الدال المهملة: جمع دثر، وهو المال الكثير. 3 - وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: معقِّبات (¬1) لا يخيب، قائلهنَّ، أوْ فاعلهنَّ دبر كلِّ صلاة مكتوبةٍ: ثلاث وثلاثون تسبيحةً، وثلاثٌ وثلاثون تحميدةً، وأربع وثلاثون تكبيرةً. رواه مسلم والترمذي والنسائي. ¬
4 - وعن عليٍّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا زوَّجة فاطمة بعث معها بخميلةٍ، ووسادةٍ من أدمٍ حشوها ليفٌ، ورحيين، وسقاء، وجرَّتين، فقال عليٌّ رضي الله عنه لفاطمة رضي الله عنها ذات يومٍ: والله لقدْ سنوت حتى اشتكيتُ صدري، وقد جاء الله أباك بسبيٍ فاذهبي فاستخدميه، فقالتْ: وأنا والله لقد طحنت حتى مجلتْ يداي، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال، ما جاء بك أيْ بنيَّةُ؟ قالت: جئت لأسلم عليك، واستحيت أن تسأله ورجعتْ، فقال علي: ما فعلتِ؟ قالت: أستحييت أن أسأله، فأتيا جميعاً النبي صلى الله عليه وسلم، فقال علي: يا رسول الله لقد سنوْتُ حتى اشتكيت صدري، وقال فاطمة: قد طحنت حتى مجلتْ يداي، وقدْ جاءك الله بسبي وسعةٍ فأخدمنا، فقال: والله لا أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوي بطونهم من الجوع لا أجد ما أنفق عليهمْ، ولكن أبيعهم وأنفق عليهمْ أثمانهم، فرجعا فأتاهما النبي صلى الله عليه وسلم، وقد دخلا في قطيفتهما إذا غطَّت رءوسهما تكشف أقدامهما، وإذا غطت أقدامهما تكشفت رءوسهما فثارا، فقال مكانكما، ثمَّ قال: ألا أخبركما بخيرٍ مما سألتماني؟ قالا: بلى. قال: كلمات علَّمنيهنَّ جبرائيل، فقال: تسبِّحان الله في دبر كل صلاة عشراً، وتحمدان عشراً، وتكبران عشراً، فإذا أويتما إلى فراشكما فسبِّحا ثلاثاً وثلاثين، وأحمد أثلاثاً وثلاثين، وكبر أربعاً وثلاثين. قال عليٌّ - كرَّم الله وجهه - فوالله ما تركتهنَّ منذ سمعتهنَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فقال له ابن الكوا: ولا ليلة صِفِّين، فقال قاتلكمُ الله يا أهل العراق، ولا ليلة صفِّينَ. رواه أحمد واللفظ له، ورواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي، وتقدم فيما يقول: إذا أوى إلى فراشهِ بغير هذا السياق، وفي هذا السياق ما يستغرب، وإسناده جيد، ورواته ثقات، وعطاء بن السائب ثقة، وقد سمع منه حماد بن سلمة قبل اختلاطه، والله أعلم. (الخميلة) بفتح الخاء المعجمة، وكسر الميم: كساء له خمل يجعل غالباً - وهو القطيفة أيضاً - (من أدم) بفتح الألف والدال: أي من جلد، وقيل: من جلد أحمر. (رحيين) بفتح الراء والحاء، وتخفيف الياء مثنى رحى، وقوله. (سنوت) بفتح السين المهملة والنون: أي استقيت
من البئر فكنت مكان السانية، وهي الناقة التي تسقي عليها الأرضون. وقوله: (فاستخدميه): أي اسأليه خادماً، وكذلك قوله. (فأخدمنا) بكسر الدال: أي أعطنا خادما، وقوله. (مجلت يداي) بفتح الجيم وكسرها: أي تقطعت من كثرة الطحن. 5 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خصلتان لا يحْصيهما عبد إلا دخل الجنَّة، وهما يسيرٌ، ومن يعمل بهما قليلٌ: يسبح الله أحدكمْ دبر كل صلاة عشراً، ويحمده عشراً، ويكبره عشراً فتلك مائة وخمسون باللسان، وألف وخمسمائةٍ في الميزان، وإذا أوى إلى فراشه يسبح ثلاثاً وثلاثين، ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويكبِّرأربعاً وثلاثين فتلك مائة باللسان، وألف في الميزان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأيُّكم يعمل في يومهِ وليلته ألفين وخمسمائة سيئةٍ؟ قال عبد الله: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهنَّ بيدهِ. قال قيل يا رسول الله: كيف لا تحصيها؟ قال: يأتي أحدكم الشيطان وهو في صلاته، فيقول له: اذكرْ كذا، اذكرْ كذا، ويأتيه عند منامهِ فينوِّمهُ. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له. (قال المملي) رووه كلهم عن حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله. 6 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ آية الكرسي دبرَ كل صلاةٍ لمْ يمنعهُ من دخول الجنَّة إلا أنْ يموت. رواه النسائي والطبراني بأسانيد أحدها صحيح. وقال شيخنا أبو الحسن: هو على شرط البخاري وابن حبان في كتاب الصلاة وصححه. وزاد الطبراني في بعض طرقه: وقلْ هو الله أحدٌ: وإسناده بهذه الزيادة جيد أيضا. 7 - وعن الحسن بن عليٍّ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ آية الكرسيِّ في دبر الصلاة المكتوبة كان في ذمة الله إلى الصلاة الأخرى. رواه الطبراني بإسناد حسن. 8 - وعنْ أبي كثير موْلى بني هاشم أنه سمع أبا ذرٍ الغفاري رضي الله عنه
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلماتٌ من ذكرهنَّ مائة مرَّةٍ دبر كلِّ صلاةٍ: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا حول ولا قوة إلا الله إلا بالله، ثمَّ لوْ كانتْ خطاياه مثل زبد البحر لمحتْهُنَّ. رواه أحمد، وهو موقوف. 9 - وروي عن عبد الله بن أرقم عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال دبر كلِّ صلاةٍ: سبحان الله ربك ربِّ العزَّة عما يصفون وسلامٌ على المرْسلين والحمد لله ربِّ العالمين، فقد اكْتَالَ بالجريب الأوفى من الأجر. رواه الطبراني. 10 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ قال دبر الصلاة: سبحان الله العظيم وبحمده لا حول ولا قوة إلا بالله قام مغفوراً له. رواه البزار عن أبي الزهراء عن أنس، وسنده إلى أبي الزهراء جيد، وأبو الزهراء لا أعرفه. 11 - وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: منْ دعا بهؤلاء الكلماتِ، أو الدعوات في دبر كلِّ صلاة مكتوبةٍ حلت له الشفاعة مني يوم القيامة: اللهمَّ أعطِ محمداً الوسيلة، واجعلْ في المصطفين محبَّتهُ، وفي العالين درجته، وفي المقرَّبين داره. رواه الطبراني، وهو غريب. 12 - وروي عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال دبر كلِّ صلاةٍ: أستغفر الله وأتوب إليه غفر له، وإنْ كان فرَّ من الزَّحف. رواه الطبراني في الصغير والأوسط. 13 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدهِ يوماً، ثمَّ قال: يا معاذ، والله إنِّي لأحبُّك، فقال له معاذٌ: بأبي أنت وأمِّي يا رسول الله، وأنا والله أحبك. قال: أوصيك يا معاذ لا تدعنَّ في دبر كلِّ صلاةٍ أن تقول: اللهمَّ أعني على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك، وأوصى بذلك معاذٌ الصَّنابحيَّ، وأوصى بها الصَّنابحيُّ أبا عبد الرحمن، وأوصى به عبد الرحمن عقبة بن مسلمٍ. رواه أبو داود والنسائي، واللفظ له، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين.
الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره
الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره 1 - عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: إذا رأى أحدكمْ الرُّؤيا يكرهها فليبصقْ عن يسارهِ ثلاثاً وليستعذْ بالله من الشيطان الرجيم (¬1) ثلاثاً وليتحوَّلْ عن جنبهِ الذي كان عليه. رواه مسلم، وأبو داود والنسائي وابن ماجه. 2 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا رأى أحدكمُ الرُّؤيا يحبها فإنها هي من الله فليحْمدِ الله عليها، وليحدِّثْ بما رأى، وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنَّما هي من الشيطان فليستعذْ بالله منْ شرِّها، ولا يذكرها لأحدٍ فإنَّها لا تضره رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. 3 - وعنْ أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الرُّؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فمن رأى شيئاً يكرهه فلينفثْ من شمالهِ ثلاثاً، وليتعوذْ بالله من الشيطان، فإنَّها لا تضرُّه. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه. وفي رواية للبخاري ومسلم عن أبي سلمة: وإذا رأى ما يكره فليتعوَّذ بالله من شرِّها وشرِّ الشيطان، وليتفُلْ عن يساره ثلاثاً، ولا يحدِّث بها أحداً فإنَّها لن تضرَّهُ. وروياه أيضاً عن أبي هريرة، وفيه: فمن رأى شيئاً يكرههُ فلا يقصُّه على أحدٍ، وليقمْ فليصلِّ. (الحلم) بضم الحاء، وسكون اللام، وبضمها: هو الرؤيا. وبالضم والسكون فقط: هو رؤية الجماع في النوم، وهو المراد هنا. (وقوله فليتفل) بضم الفاء وكسرها: أي فليبزق وقيل: التفل أقلّ من البزق، والنفث أقل من التفل. (الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق أو يفزع بالليل) 1 - عنْ عمرو بن شعيبٍ رضي الله عنه عن أبيه عن جدِّهِ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا فزع أحدكمْ في النَّوْمِ، فليقُلْ: أعوذ بكلمات الله التَّامَّات منْ ¬
غضبهِ وعقابهِ، وشرِّ عبادهِ، ومنْ همزاتِ الشياطين، وأن يحضرون، فإنَّها لنْ تضرَّهُ. قال: وكان عبد الله بن عمرٍ ويلقِّنها من عقل من ولدهِ، ومنْ لمْ يعقلْ كتبها في صكٍ، ثمَّ علِّقها في عنقهِ. رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، والنسائي والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وليس عنده تخصيصها بالنوم. 2 - وفي رواية للنسائي قال: كان خالد بن الوليد رجلاً يفزعُ في منامه فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا اضْطَجعْتَ، فقلْ: بسم الله أعوذ بكلمات الله التَّامَّة فذكر مثله. وقال مالكٌ في الموطإ: بلغني أنَّ خالد ابن الوليد قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنِّي أروَّع في منامي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلْ، فذكر مثله. ورواه أحمد عن محمد بن يحيى بن حبان عن الوليد بن الوليد أنه قال: يا رسول الله إني أجد وحشةً. قال: إذا أخذت مضجعك فقلْ. فذكر مثله، ومحمد لم يسمع من الوليد. 3 - وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: حدَّث خالد بن الوليد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهاويل يراها بالليل حالت بينه وبين صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خالد بن الوليد ألا أعلَّمك كلماتٍ تقولهنَّ، ولا تقولهنَّ ثلاث مرَّات حتى يذهب الله عنك ذلك: قال: بلى يا رسول الله بأبي أنت وأمي، فإنما شكوت هذا إليك رجاء هذا منك قال: قل: أعوذ بكلمات الله التَّامَّةِ من غضبهِ وعقابهِ وشرِّ عبادهِ، ومن همزات الشيطان، وأن يحضرونِ. قالت عائشة رضي الله عنها: فلمْ ألبث إلا ليالي حتى جاء خالد بن الوليد، فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، والذي بعثك بالحقِّ ما أتمَمْتُ الكلمات التي علَّمتني ثلاث مرَّاتٍ حتى أذهب الله عني ما كنت أجد، ما أبالي لوْ دخلتُ على أسدٍ في خيستهِ بليلٍ. رواه الطبراني في الأوسط. (خيسة الأسد) بكسر الخاء المعجمة: هو موضعه الذي يأوى إليه. 4 - وعنْ أبي التَّيَّاح قال: قُلتُ لعبد الرحمن بن خنبشٍ التَّميميِّ رضي الله عنه وكان كبيراً: أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعمْ. قُلتُ: كيف صنعَ
الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما
رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة كادتْهُ الجنُّ. قال: إن الشياطين تحدَّرتْ تلك الليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية والشعابِ، وفيهم شيطان بيده شغلة منْ نارٍ يريد أن يحرق بها وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهبط إليه جبريل صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد قلْ، قال: ما أقول؟ قال قلْ: أعوذ بكلمات الله التَّامة من شرِّ ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شرِّ ما ينزل من السماء، ومن شرِّ ما يعرج فيها، ومن شرِّ فتن الليل والنهار، ومن شرِّ كل طارقاً يطرق بخيرٍ يا رحمن. قال: فطفئتْ نارهمْ، وهزمهم الله تبارك وتعالى. رواه أحمد وأبو يعلي، ولكل منهما إسناد جيد محتج به، وقد رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد مرسلاً، ورواه النسائي من حديث ابن مسعود بنحوه. (خنبش) هو بفتح الخاء المعجمة بعدها نون ساكنة، وباء موحدة مفتوحة وشين مع جمة. 5 - وعن خالد بن الوليد رضي الله عنه أنَّه أصابه أرقٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلِّمك كلماتٍ إذا قُلْتهُنَّ نمتَ، قل اللهمَّ ربِّ السماوات السبع وما أظلَّت، ورب الأرضين وما أقلَّتْ، ورب الشياطين وما أضلَّتْ، كنْ لي جاراً من شرِّ وما أظلَّتْ، وربِّ الأرضين وما أقلَّتْ، ورب الشياطين وما أضلَّتْ، كنْ لي جاراً من شرِّ خلقك أجمعين أن يفرط عليَّ أحد منهمْ أوْ أو يطغى، عزَّ جارك وتبارك اسمك. رواه الطبراني في الكبير والأوسط واللفظ له، وإسناده جيد إلا أن عبد الرحمن بن سابط لم يسمع من خالد. وقال في الكبير: عزَّ جارك، وجلَّ ثناؤك، ولا إله غيرك. ورواه الترمذي من حديث بريدة بإسناد فيه ضعف، وقال في آخره: عزَّ جارك، وجلَّ ثناؤك، ولا إله غيرك، لا إله إلا أنت. (الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما) (قال الحافظ): كان الأليق بهذا الباب أن يكون عقيب المشي إلى المساجد لكن حصل ذهولٌ عن إملائه هناك، وفي كلّ خير. 1 - عنْ أنسٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا خرج
الرَّجل من بيتهِ فقال: بسم الله توكَّلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله يقال له: حسبكَ هديتَ وكفيت ووقيت، وتنحَّى عنه الشيطان. رواه الترمذي وحسنه، والنسائي وابن حبان في صحيحه. ورواه أبو داود، ولفظه قال: إذا خرج (¬1) الرَّجل من بيتهِ، فقال: بسم الله توكَّلت (¬2) على الله، لا حول ولاقوَّة إلا بالله، يقال له حينئذٍ هديت (¬3) وكفيت (¬4) ووقيت، وتنحى عنه (¬5) الشيطان، فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجلٍ هدى وكفى ووقى. 2 - وعنْ عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ مسلمٍ يخرج من بيتهِ يريد سفراً أو غيره، فقال حين يخرج: آمنتُ بالله، اعتصمتُ بالله، توكَّلَّتُ على الله، لا حول ولا قوَّة إلا بالله إلا رزق (¬6) خير ذلك المخرجِ. رواه أحمد عن رجل لم يسمه عن عثمان، وبقية رواته ثقات. 3 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قا ل: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إنِّي أسألك بحقِّ السَّائلين عليك، وبحقِّ خروجي إليك إنك تعلم أنه لم يخرجني أشرٌ (¬7)، ولا بطرٌ (¬8)، ولا سُمْعَةٌ (¬9)، ولا رياء (¬10) خرجت هرباً وفراراً من ذنوبي إليك (¬11)، خرجت رجاء رحمتك وشفقاً من عذابك، خرجت اتِّقاء (¬12) سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار برحمتك، وكل الله به سبعين ألف ملكٍ يستغفرون له، وأقبل الله عليه بوجههِ حتى ¬
يفرغ من صلاته: ذكره رزين، ولم أره في شيء من الأصول التي جمعها، إنما رواه ابن ماجه بإسناد فيه مقال، وحسنه شيخنا الحافظ وأبو الحسن رحمه الله. ولفظه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهمَّ إني أسألك بحقِّ السَّائلين عليك، وبحقِّ ممشاي هذا، فإنِّي لمْ أخرجْ أشراً، ولا بطراً، ولا رياءً، ولا سمعةً، وخرجتُ اتِّقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك أسألك أن تعيذني (¬1) من النار وأن تغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أقبل الله إليه بوجههِ. واستغفر له سبعون ألف ملكٍ. 4 - وعن حيوة بن شريحٍ قال: لقيت عقبة بن مسلمٍ فقلتُ له: بلغني أنَّك حدَّثك عن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا دخل المسجد: أعوذ بالله العظيم، وبوجههِ الكريم، وسلطانهِ القديم (¬2) من الشيطان الرَّجيم. قال: أقطِ (¬3)؟ قُلتُ: نعم. قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ مني سائر ذلك اليوم. رواه أبو داود. 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من خرج من بيتهِ إلى المسجد فقال: أعوذ بالله العظيم، وسلطانهِ القديم من الشيطان الرَّجيم، ربي الله، توكلت على الله، فوَّضت أمري إلى الله، لا حول ولا قوَّة إلا بالله، قال له الملك: كفيت وهديت ووقيت. ذكره رزين. 6 - وعن جابر رضي الله عنه أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله عند دخوله، وعند طعامه (¬4). قال الشيطان لا مبيت (¬5) لكمْ، ولا عشاء (¬6)، وإذا دخل فلمْ يذكر الله عند دخوله. قال الشيطان: أدركتم ¬
المبيت، وإذا لمْ يذكر الله عند طعامهِ قال الشيطان. أدركتم المبيت والعشاء. رواه مسلم وأبو داود، والترمذي والنسائي وابن ماجه. 7 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بنيَّ إذا دخلت على أهلك فسلِّم (¬1) فتكون بركة عليك وعلى أهل بيتك. رواه الترمذي عن علي بن زيد عن ابن المسيب عنه، وقال: حديث حسن صحيح غريب. 8 - وروي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سرَّهُ أن لا يجد الشيطان عنده طعاماً، ولا مقيلاً (¬2)، ولا مبيتاً (¬3) فلْيسلمْ (¬4) إذا دخل بيته، وليسمِّ على طعامهِ. رواه الطبراني. 9 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة كلُّهُمْ ضامنٌ على الله عزَّ وجلَّ: رجل خرج غازياً في سبيل الله عزَّ وجلَّ فهو ضامنٌ على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة بما نال من أجر أو غنيمةً، ورجل راح إلى المسجد فهو ضامنٌ على الله حتى يتوفَّاه فيدخله الجنة، أو يرده بما نال من أجرٍ أو غنيمةٍ، ورجلٌ دخل بيته بسلامٍ فهو ضامن (¬5) على الله عزَّ وجلَّ. رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه. ¬
الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها
ولفظه قال: ثلاثة كلهم ضامن على الله إن عاش رزق وكفى، وإن مات دخل الجنة رجل دخل بيته بسلامٍ فهو ضامنٌ على الله، فذكر الحديث. (الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها) 1 - عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ أحدكمْ يأتيه الشيطان فيقول: من خلقك؟ فيقول: الله، فيقول من خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم، فلييقلْ: آمنت (¬1) بالله ورسوله، فإنَّ ذلك يذهب عنه. رواه أحمد بإسناد جيد وأبو يعلي والبزار، ورواه الطبراني في الكبير، والأوسط من حديث عبد الله بن عمرو. 2 - ورواه أحمد أيضاً من حديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه، وتقدم في الذكر وغيره حديث الحارث الأشعري، وفيه: وآمركمْ بذكر الله كثيراً، ومثل ذلك كمثل رجلٍ طلبه العدوُّ سراعاً في أثرهِ حتى أتى حصنا حصيناً فأحرز نفسه فيه، وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان إلا بذكر الله (¬2). رواه الترمذي، وصححه وابن خزيمة، وابن حبان وغيرهما. 2 - وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: تمنَّيْتُ أن أكون سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا يُنجينا مما يلقي الشيطان من أنفسنا، فقال أبو بكر. رضي الله عنه ¬
قد سألته عن ذلك فقال: يُنجيكم منه ما أمرت به عمِّي أن يقوله فلم يُقْلهُ. رواه أحمد، وإسناده جيد حسن، عبد الرحمن بمن معاوية أبو الحويرث: وثقة ابن حبان، وله شواهد. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي الشيطان أحدكمْ فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربَّك؟ فإذا بلغه فليستعذْ بالله ولينتهِ. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. وفي رواية لمسلم: فليقلْ: آمنت بالله ورسوله. وفي رواية لأبي داود والنسائي. فقولوا: الله أحدٌ، الله الصَّمد، لمْ يلدْ ولمْ يولد ولم يكن له كفواً أحدٌ، ثمَّ ليتفلْ عن يساره ثلاثاً، وليستعذْ بالله من الشيطان. وفي رواية للنسائي: فليستعذْ بالله منه، ومنْ فتنهِ. 4 - وعنْ أبي زميل سماك بن الوليد رضي الله عنه قال: سألت ابن عباسٍ فقلت: ما شيء أجده في صدري. قال: ما هو: قلت: والله لا أتكلم به. قال فقال لي: أشيء من شكٍ (¬1)؟. قال: وضحك، قال: مانجا (¬2) من ذلك أحدٌ. قال: حتى أنزل الله عز وجل (¬3): فإن كنت في شكٍ (¬4) مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك (¬5) لقد جاءك الحقُّ من ربِّك فلا تكوننَّ ¬
من الممترين. قال فقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئاً، فقل هو: الأوَّل (¬1)، والآخر (¬2)، والظاهر (¬3)، والباطن، وهو بكل شيء عليم (¬4). رواه أبو داود. 5 - وعن عثمان بن العاصي رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنَّ الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يُلبِّسها عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته فتعوَّذ بالله واتفُلْ (¬5) ¬
عن يسارك ثلاثاً. قال: ففعلتُ ذلك فأذهبه الله عنِّي. رواه مسلم. ¬
(خنزب) بكسر الخاء المعجمة، وسكون النون، وفتح الزاي بعدها باء موحدة. ¬
الترغيب في الاستغفار
الترغيب في الاستغفار 1 - عن أبي ذرٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يقول الله عزَّ وجلَّ: يا ابن (¬1) آدم كلكم مذنبٌ (¬2) إلا من عافيت (¬3) فاستغفروني (¬4) أغفر لكمْ، وكلكمْ فقيرٌ إلا من أغنيت فأسألوني (¬5) أعطكمْ وكلكمْ ضالٌ (¬6) إلا من هديت (¬7)، فأسألوني الهدي (¬8) أهدكمْ، ومن استغفرني، وهو يعلم أني ذو قدوة على أن أغفر له غفرت له ولا أبالي، ولوْ أنَّ أوَّلكم وآخركم، وحيَّك وميتكم ورطبكمْ ويابسكم اجتمعوا على قلب أشقى رجلٍ واحدٍ منكم ما نقص من ذلك من سلطاني مثل جناح بعوضةٍ، ولوْ أنَّ أوَّلكمْ وآخركمْ، وحيَّكم وميتكم، ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على اتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما زادوا في سلطاني ¬
مثل جناح بعوضةٍ، ولوْ أنَّ أوَّلكمْ وآخركمْ، وحيَّكمْ وميتكمْ ورطبكمْ ويابسكمْ سألوني حتى تنتهي مسألة كلِّ واحد منهم فأعطيتهم ما سألوني ما نقص دائما مما عندي كمغرز إبرةٍ (¬1) لو غمسها أحدكمْ في البحر، وذلك أني جواد (¬2) ماجد (¬3) واحد، عطائي كلام، وعذابي كلام، إنما أمري لشيء إذا أردته أن أقول له كنْ فيكون. رواه مسلم والترمذي وحسنه، وابن ماجه والبيهقي واللفظ له وفي إسناده شهر ابن حوشب، وإبراهيم بن طهمان، ولفظ الترمذي نحوه إلا أنه قال: يا عبادي: ويأتي لفظ مسلم في الباب بعده إن شاء الله. 2 - وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله: يا ابن آدم إنَّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لوْ ذنوبك عنان السماء، ثمَّ استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم: إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثمَّ لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرةً. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. (العنان) بفتح العين المهملة: هو السحاب. (وقراب الأرض) بضم القاف: ما يقارب ملأها. 3 - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال إبليس: وعزَّتك لا أبرح أغوي (¬4) عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال: ¬
وعزَّتي وجلالي لا أزال أغفر لهمْ ما استغفروني (¬1). رواه أحمد والحاكم من طريق درَّاج، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 4 - وروي عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكم على داءكم الذنوب، ودواءكم (¬2) الاستغفار. رواه البيهقي، وقد روي عن قتادة من قوله، وهو أشبه بالصواب. 5 - وعنْ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كلِّ همٍّ فرجاً (¬3)، ومن كلِّ ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب (¬4). رواه أبو داود والنسائي، وابن ماجه، والحاكم والبيهقي، كلهم من رواية الحكم بن مصعب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 6 - وعن عبد الله بن بسرٍ رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: طوبى (¬5) لمن وجد في صحيفته استغفار كثيرٌ. رواه ابن ماجه بإسناد صحيح والبيهقي. ¬
7 - وعن الزُّبير رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحبَّ أن تسرَّه صحيفته فليكثر فيها من الاستغفار. رواه البيهقي بإسناد لا بأس به. 8 - وعن أمِّ عصمة العوصيَّة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ مسلم يعمل ذنباً إلا وقف الملك ثلاث ساعاتٍ، فإن استغفر من ذنبه لمْ يكتبه عليه، ولم يعذِّبهُ الله يوم القيامة. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ العبد إذا أخطأ نكتت (¬1) في قلبه نكتة، فإن هو نزع واستغفر صقلتْ، فإنْ عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، فذلك الرَّان الذي ذكر الله تعالى: كلا بل رَانَ على قُلوبهمْ ما كانوا يكسبون. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 10 - وروي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن للقلوب صدأ كصدإ النُّحاس (¬2) وجلاؤها الاستغفار. رواه البيهقي. 11 - وعن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً نفعني الله به بما شاء أن ينفعني، وإذا حدَّثني أحدٌ من أصحابه استحلفته (¬3)، فإذا حلف لي صدقته، وقال: وحدَّثني أبو بكر رضي الله عنه ¬
وصدق (¬1) أبو بكر أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبدٍ يذنب (¬2) ذنباً فيحسن الطهور، ثمَّ يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله إلا غفر له ثم قرأ هذه الآية: والذين إذا فعلوا فاحشةً (¬3) أو ظلموا أنفسهم (¬4). إلى آخر الآية. رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، وليس عند بعضهم: ذكر الركعتين، وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وذكر أن بعضهم وقفه. 12 - وعن بلال بن يسار بن زيدٍ رضي الله عنه قال: حدَّثني أبي عن جدِّي أنه سمعه النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من قال: استغفر الله الذي لا إله إلا هو (¬5) الحيَّ (¬6) القيوم (¬7) وأتوب إليه غفر له، وإن كان فرَّ (¬8) من الزحف. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. (قال الحافظ): وإسناده جيد متصل متصل فقد ذكر البخاري في تاريخه الكبير أن بلالا سمع من أبيه يسار، وأن يساراً سمع من أبيه زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف في يسار والد بلال: هل هو بالباء الموحدة، أو بالياء المثناة تحت، وذكر البخاري في تاريخه أنه بالموحدة، والله أعلم. ورواه الحاكم من حديث ابن مسعود، وقال: صحيح على شرطهما إلا أنه قال: يقولها ثلاثاً. ¬
13 - وروي عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره فقال: استغفروا الله، فاستغفرنا فقال: أتموها سبعين مرَّة، يعني فأتممناها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد، ولا أمةٍ (¬1) يستغفر الله في يوم سبعين مرَّة إلا غفر الله له سبعمائة ذنبٍ، وقد خاب (¬2) عبد أوْ أمة عمل في يومٍ وليلةٍ أكثر من سبعمائة ذنبٍ. رواه بن أبي الدنيا والبيهقي والأصبهاني. 14 - وعن أنس أيضا رضي الله عنه في قوله عزَّ وجلَّ: فتلقى (¬3) آدم من ربه كلماتٍ فتاب (¬4) عليه إنه هو التواب (¬5) الرحيم (¬6)، قال قال: سبحانك اللهمَّ ¬
وبحمدك عملت سوءا (¬1) نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين (¬2) لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءاً، وظلمت نفسي فارحمني إنَّك أنت أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءاً وظلمت نفسي فتبْ عليَّ إنك أنت التواب الرحيم، وذكر أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن شكَّ فيه. رواه البيهقي، وفي إسناده من لا يحضرني حاله. 15 - وعن محمد بن عبد الله بن محمد بن جابرٍ بن عبد الله رضي الله عنه عن أبيه عن جدِّه قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: واذنوباه (¬3) واذنوباه، فقال هذا القول مرَّتين أو ثلاثاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل: اللهمَّ (¬4) مغفرتك أوسع من ذنوبي ورحمتك أرجى عندي من عملي، فقالها ثمَّ قال: عد فعاد، ثمَّ قال: عدْ فعاد، ثمَّ قال: قمْ فقد غفر الله لك. رواه الحاكم، وقال: رواته مدنيون لا يعرف واحد منهم بجرح. 16 - وعن البراء رضي الله عنه قال له رجلٌ: يا أبا عمارة، ولا تلقوا بأيديكمْ إلى التهلكة، أهو الرجل يلقي العدوَّ فيقاتل حتى يقتل؟ قال: لا، ولكن هو الرَّجل يذنب الذنَّب، فيقول: لا يغفره (¬5) الله. رواه الحاكم موقوفاً، وقال: صحيح على شرطهما. ¬
الترغيب في كثرة الدعاء، وما جاء في فضله
الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله 1 - عنْ أبي ذرٍّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عنْ ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
ربِّه عزَّ وجلَّ أنَّه قال: يا عبادي إني حرّمت الظُّلم (¬1) على نفسي، وجعلتهُ بينكمْ ¬
محرَّما فلا تظالموا (¬1) يا عبادي: كلكمْ ضالُّ (¬2) إلا من هديته فاستهدوني أهدكم. يا عبادي: كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكمْ. يا عبادي: كلُّكمْ عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم. يا عبادي: إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكمْ. يا عبادي: إنكم لن تبلغوا ضرِّي فتضرَّوني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي: لو أنَّ أوَّلكم وآخركم وإسنكمْ وجنَّكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي: لوْ أن أوَّلكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما نقص من ملكي شيئا. يا عبادي: لو أن أوَّلكم وآخركمْ وإنسكم وجنكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني، فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر (¬3) يا عبادي: إنما هي أعمالكمْ أحصيها لكمْ، ثمَّ أوفيكمْ إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله عز وجل، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه. قال سعيد: كان أبو إدريس الخولانيُّ إذا حدَّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه. رواه مسلم واللفظ له. ورواه الترمذي، وابن ماجه عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عنه، ولفظ ابن ماجه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى يقول: يا عبادي كلُّكم مذنبٌ إلا من عافيته فأسألوني المغفرة أغفر لكمْ، ومن علم منكم أني ¬
ذو قدرةٍ على المغفرة، واستغرني بقدرتي غفرتُ له، ولكُّكم ضالُّ إلا من هديت فاسألوني الهدى أهدكمْ، وكلُّكمْ فقير إلا من أغنيت فاسألوني أرزقكمْ، ولو أنَّ حيَّكم وميتكم، وأوَّلكم وآخركمْ، ورطبكمْ ويابسكمْ اجتمعوا فكانوا على قلب أتقى عبدٍ من عبادي لم يزد في ملكي جناح بعوضةٍ، ولو اجتمعوا فكانوا على قلب أشقى عبدٍ من عبادي لم ينقصْ من ملكي جناح بعوضةٍ، ولوْ أنَّ حيكمْ وميتكمْ وأوَّلكمْ وآخركمْ، ورطبكم ويابسكمْ اجتمعوا فسأل كلُّ سائل منهمْ ما بلغت أمنيته ما نقص من ملكي إلا كما لو أنَّ أحدكم مرَّ بشفة البحر فغمس فيها إبرةً، ثمَّ نزعها، ذلك بأنِّي جوادٌ ماجدٌ، عطائي كلامٌ، إذا أرادت شيئاً فإنما أقول له كنْ فيكون، ورواه البيهقي بنحو ابن ماجه، وتقدم لفظه في الباب قبله. (المخيط) بكسر الميم، وسكون الخاء المعجمة، وفتح الياء المثناة تحت: هو ما يخاط به الثوب كالإبرة ونحوها. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول: أنا عند ظنَّ عبدي (¬1) بي، وأنا معه (¬2) إذا دعاني. رواه البخاري ومسلم واللفظ له والترمذي، والنسائي وابن ماجه. 3 - وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدعاء هو العبادة، ثمَّ قرأ: وقال ربكم ادعوني (¬3) أستجبْ لكمْ إنَّ الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنَّم داخرين. رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 4 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
منْ سرَّهُ أن يستجيب الله له عند الشَّدائد فليكثر من الدعاء في الرَّخاء. رواه الترمذي والحاكم من حديثه، ومن حديث سلمان، وقال في كل منهما: صحيح الإسناد. 5 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس شيء أكرم على الله من الدُّعاء في الرَّخاء. رواه الترمذي، وقال: غريب، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 6 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: يا ابن آدم إنَّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، الحديث رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وتقدم بتمامه في الاستغفار. 7 - وعنْ عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوةٍ إلا آتاه الله تعالى إياها، أو صرف عنه من السُّوء مثلها ما لم يدع بإثمٍ، أوْ قطيعة رحمٍ، فقال رجلٌ من القوم: إذا نكثر. قال: الله أكثر. رواه الترمذي واللفظ، والحاكم كلاهما من رواية عبد الرحمن بن ثابت ابن ثوبان، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد قال الجراحي، يعني الله أكثر إجابة. 8 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ مسلم ينصب وجهه لله عزَّ وجلَّ في مسألةٍ إلا أعطاها إياها: إما أن يعجلها (¬1) له، وإما أن يدَّخرها (¬2) له في الآخرة. رواه أحمد بإسناد لا بأس به. 9 - وعنْ أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثم (¬3)، ولا قطيعة رحمٍ (¬4) إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاثٍ: إما أن يعجِّل له دعوته، وإمَّا أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السُّوء (¬5) مثلها. قالوا: إذاً نكثر. قال: الله أكثر (¬6). رواه أحمد البزار. ¬
وأبو يعلي بأسانيد جيدة، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 10 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يدعو الله بالمؤمن يوم القيامة حتى يوقفه بين يديه، فيقول: عبدي إني أمرتك أن تدعوني ووعدتك أن أستجيب لك، فهلْ كنت تدعوني؟ فيقول: نعم يا ربِّ، فيقول: أما إنك لم تدعني بدعوةٍ إلا استجبت لك، أليس دعوتني يوم كذا وكذا لغمٍّ نزل بك أن أفرِّج عنك ففرَّجت عنك؟ فيقول: نعم يا ربِّ. فيقول إني عجَّلتها لك في الدنيا، ودعوتني يوم كذا وكذا لغمٍ نزل بك أن أفرِّج عنك فلمْ تر فرجا. قال: نعم يا ربِّ، فيقول: إني ادَّخرت لك بها في الجنَّة كذا وكذا، ودعوتني في حاجةٍ أقضيها لك في يوم كذا وكذا فقضيتها، فيقول: نعم يا ربِّ، فيقول: إني عجَّلتها لك في الدنيا، ودعوتني يوم كذا وكذا في حاجة أقضيها لك فلمْ تر قضاءها؟ فيقول: نعم يا ربِّ، فيقول: إني ادَّخرت لك بها في الجنة كذا وكذا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا يدع الله دعوة دعا بها عبده المؤمن إلا بين له إما أن يكون عجَّل له في الدنيا، وإمَّا أن يكون ادَّخر له في الآخرة. قال فيقول المؤمن في ذلك المقام يا ليته (¬1) لمْ يكنْ عجِّل له شيء من دعائهِ. رواه الحاكم. 11 - وعنْ أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعجزوا في الدعاء، فإنَّه لنْ يهلك مع الدعاء أحد. رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 12 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدِّين، ونور السماوات والأرض. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ورواه أبو يعلي من حديث عليّ. 13 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فتح له منكمْ باب الدُّعاء فتحت له أبواب الرَّحمة، وما سئل الله شيئاً يعني ¬
أحبَّ إليه من أن يسأل العافية (¬1)، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدعاء ينفع مما نزل (¬2) ومما لمْ ينزلْ فعليْكمْ (¬3) عباد الله بالدعاء. رواه الترمذي، والحاكم كلاهما من رواية عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وهو ذاهب الحديث عن موسى بن عقبة عن نافع عنه، وقال الترمذي: حديث غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 14 - وعنْ سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله حيى (¬4) كريمٌ يستحيي إذا رفع الرَّجل إليه يديه أن يردَّهما صفراً خائبتين. ¬
رواه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين. (الصفر) بكسر الصاد المهملة، وإسكان الفاء: هو الفارغ. 15 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله رحيمٌ كريمٌ يستحيي (¬1) من عبده أن يرفع إليه يديه، ثمَّ لا يضع فيهما خيراً. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، وفي ذلك نظر. 16 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نزلتْ به فاقة (¬2) فأنزلها بالناس لمْ تسدَّ فاقته، ومنْ نزلتْ به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزقٍ عاجلٍ، أو آجلٍ. رواه أبو داود والترمذي، والحاكم وصححه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح ثابت. (يوشك) بكسر الشين المعجمة: أي يسرع وزنه ومعناه. 17 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يردُّ القدر إلا الدعاء (¬3)، ولا يزيد في العمر إلا البرُّ (¬4)، وإنَّ الرجل ليحرم الرِّزق بالذنب (¬5) يذنبه. رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد. ¬
18 - وعنْ عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغْني حذرٌ (¬1) من قدرٍ، والدُّعاء ينفع مما نزل ومما لمْ ينزلْ، وإنَّ البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. رواه البزار والطبراني، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. (يعتلجان): أي يتصارعان ويتدافعان. 19 - وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يردُّ القضاء إلا الدُّعاء، ولا يزيد في العمر إلا البرُّ. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. 20 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا الله من فضله (¬2)، فإنَّ الله يحبُّ أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج (¬3) رواه الترمذي وابن أبي الدنيا، وقال الترمذي: هكذا روى حماد بن واقد هذا الحديث، وحماد ابن واقد ليس بالحفاظ. وروي أبو نعيم هذا الحديث عن إسرائيل عن حكيم بن جبير عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي نعيم أشبه أن يكون أصح. 21 - وروي عن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدُّعاء مخُّ (¬4) العبادة. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب. ¬
22 - روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدُلكمْ على ما ينجيكمْ (¬1) من عدوِّكُمْ، ويدرُّ (¬2) لكمْ أرْزاقكم؟ تدعون الله في ليلكمْ ونهاركمْ، فإنَّ الدعاء سلاح (¬3) المؤمن. رواه أبو يعلي. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم
الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم 1 - عنْ عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: اللهمَّ إني أسألك بأني أشهد أنَّك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد (¬1) الذي لم يلد ولم يولد (¬2) ولمْ يكنْ له كفواً أحد (¬3)، فقال: لقد سألت الله بالاسمِ الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه والحاكم إلا أنه قال فيها: لقد سألت الله باسمه الأعظم. وقال صحيح على شرطهما. [قال المملي] قال شيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي: وإسناده لا مطعن فيه، ولم يرد في هذا الباب حديث أجود إسنادا منه. 2 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: سمع النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلاً وهو يقول: ياذا الجلال (¬4) والإكرام، فقال: قد استجيب لك فسلْ (¬5). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. ¬
3 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ لله ملكاً موكَّلاً بمن يقول: يا أرحم الراحمين، فمن قالها ثلاثاً. قال الملك: إنَّ أرْحم الرَّاحمين قد أقبل عليك فسلْ. رواه الحاكم. 4 - وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأبي عياشٍ زيد بن الصامت الزُّرقي، وهو يصلِّي وهو يقول: اللهم إني أسألك بأنَّ لك الحمد لا إله إلا أنت، يا حنَّان (¬1) يا منَّان (¬2)، يا بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد سألت الله باسمهِ الأعظم الذي إذا دعى به أجاب، وإذا سئل به أعطى. رواه أحمد واللفظ له، وابن ماجه. ورواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وزاد هؤلاء الأربعة: يا حيُّ يا قيوم، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وزاد الحاكم في رواية له: أسألك الجنَّة، وأعوذ بك من النَّار. 5 - وعن السريِّ بن يحيى رضي الله عنه عن رجل من طييءٍ، وأثنى عليه خيرا قال: كنت اسأل الله عز وجل أن يريني الاسم الذي إذ ادعى به أجاب فرأيت مكتوباً في الكواكب في السماء، يا بديع (¬3) السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام. رواه أبو علي، ورواته ثقات. 6 - وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من دعا بهؤلاء الكلمات الخمس لمْ يسأل الله شيئاً إلا أعطاه: لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسناد حسن. 7 - وعنْ أسماء بنتِ يزيد رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين، وإلهكمْ إله واحدٌ (¬4)، لا إله إلا هو (¬5) ¬
الرَّحمن الرَّحيم (¬1)، وفاتحة سورة آل عمران: الله لا إله إلا هو الحيُّ القيوم (¬2). رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. [قال المملي عبد العظيم] رووه كلهم عن عبيد الله بن أبي زياد القداح عن شهر ابن حوشب عن أسماء، ويأتي الكلام عليهما. 8 - وعنْ عائشة رضي الله عنها قالتْ: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمَّ إني أسألك باسمك الطاهر الطيِّب المبارك الأحب إليك الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، وإذا استرحمت (¬3) به رحمت، وإذا استفرجت (¬4) به فرَّجت. قُلتُ: فقال يوماً: يا عائشة هلْ علمتِ أنَّ الله قدْ دلَّني على الاسم الذي إذا دعى به أجاب؟ قالت: فقلتُ بأبي أنت وأمي يا رسول الله فعلِّمنيه؟ قال: إنه لا ينبغي لك يا عائشة. قالتْ: فتنحَّيتُ، وجلست ساعة، ثمَّ قمت فقبَّلتُ رأسه، ثم قلت: له يا رسول الله علمنيه، قال: إنه لا ينبغي لك يا عائشة أن أعلمك، إنه لا ينبغي أن تسألي به شيئا للدنيا. قلت: فقمت فتوضَّأت، ثمَّ صلَّيت ركعتين، ثمَّ قلت: اللهم إني أدعوك الله، وأدعوك الرَّحمن، وأدعوك البرَّ الرَّجيم، وأدعوك بأسمائك الحسنى كلها ما علمتُ منها وما لمْ أعلمْ، أن تغفر لي وترحمني. قال فاستضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ قال: إنه لفي الأسماء التي دعوت بها. رواه ابن ماجه. 9 - وعنْ فضالة بن عبيدٍ رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد إذ دخل رجلٌ فصلَّى، فقال: اللهمَّ اغفر لي وارحمني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجلت أيُّها المصلي إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله وصلِّ عليَّ، ثمَّ ادعه (¬5) قال: ثمَّ صلَّى رجل آخر بعدك فحمد الله، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أيها المصلي ادع تجبْ. رواه أحمد، وأبو داود ¬
الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الأخير
والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن، والنسائي. وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما. 10 - وعنْ سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون (¬1) إذ دعاه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قطُّ إلا استجاب الله له. رواه الترمذي واللفظ له، والنسائي والحاكم وقال: صحيح الإسناد. وزاد في طريق عنده، فقال رجل: يا رسول الله: هل كانت ليونس خاصة أم للمؤمنين عامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسمع إلى قول الله عزَّ وجلَّ: فنجيناه من الغمِّ وكذلك ننجي المؤمنين. 11 - وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قال العبد: يا ربِّ يا ربِّ يا ربِّ. قال الله: لبَّيك عبدي (¬2) سل تعط (¬3). رواه ابن أبي الدنيا مرفوعا هكذا، وموقوفا على أنس. وروي الحاكم وغيره عن أبي الدرداء وابن عباس أنهما قالا: اسم الله الأكبر ربِّ ربِّ. الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الأخير 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقرب ما يكون العبد من ربه عزَّ وجلَّ وهو ساجد (¬4)، فأكثروا الدعاء. رواه مسلم. وأبو داود والنسائي. ¬
2 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل (¬1) ربنا كلَّ ليلةٍ إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني، فأغفر له؟. رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي وغيرهم. وفي رواية لمسلم: إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من سائل فيعطي، هلْ من داعٍ فيستجاب له، هلْ من مستغفر يغفر له؟ حتى ينفجر الصُّبح. 3 - وعنْ عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أقرب ما يكون العبد من الرب في جوف الليل: فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكنْ. رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 4 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله أيُّ الدعاء أسمع (¬2)؟ قال: جوف الليل الأخير، ودبر (¬3) الصلوات المكتوبات. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. ¬
الترهيب من استبطاء الإجابة، وقوله دعوت فلم يستجب لي
الترهيب من استبطاء الإجابة، وقوله دعوت فلم يستجب لي 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل (¬1) يقول: دعوت فلم يستجب لي. رواه البخاري، ومسلم وأبو داود والترمذي، وابن ماجه. وفي رواية لمسلم والترمذي: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثمٍ (¬2)، أوْ قطيعة (¬3) رحيمٍ، ما لمْ يستعجل. قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوتُ، وقدْ دعوتُ فلمْ أر يستجب لي فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء. [فيستحسر]: أي يملّ ويعي فيترك الدعاء. 2 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال العبد بخيرٍ ما لمْ يستعجلْ. قالوا: يا نبيَّ الله: وكيف يستعجل؟ قال يقول: قد دعوت ربي فلمْ يستجب لي. رواه أحمد واللفظ له وأبو يعلي، ورواتها محتجٌّ بهم في الصحيح إلا أبا هلال الراسي. ¬
الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء، وأن يدعو الإنسان وهو غافل
الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لينتهينَّ أقوامٌ عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء، أو ليخطفنَّ (¬1) الله أبصارهم. رواه مسلم والنسائي وغيرهما. 2 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: القلوب أوعيةٌ، وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عزَّ وجلَّ يا أيها الناس، فاسألوه، وانتم موقنون (¬2) بالإجابة، فإنَّ الله لا يستجيب لعبدٍ دعاه (¬3) عن ظهر قلبٍ ¬
غافلٍ. رواه أحمد بإسناد حسن. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنَّ الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ (¬1) لاهٍ (¬2). ¬
الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله
رواه الترمذي، والحاكم وقال: مستقيم الإسناد، تفرّد به صالح المري، وهو أحد زهاد البصرة. [قال الحافظ]: صالح المري لا شك في زهده، لكن تركه أبو داود والنسائي. الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله 1 - عنْ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا (¬1) على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولاتدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعةً (¬2) يسأل فيها عطاء فيستجيب لكمْ. رواه مسلم وأبو داود، وابن خزيمة في صحيحه وغيرهم. 2 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعواتٍ لا شكَّ في إجابتهنَّ (¬3): دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولدهِ. رواه الترمذي وحسّنه. 3 - وروي ابن ماجه عن أم حكيم (¬4) عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ¬
الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والترهيب من تركها عند ذكره صلى الله عليه وسلم
دعاء الوالد (¬1) يفضي (¬2) إلى الحجابِ. ويأتي في باب دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب أحاديث فيها ذكر دعاء الوالد. الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والترهيب من تركها عند ذكره، صلى الله عليه وسلم كثيراً دائماً 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ صلى (¬3) عليَّ صلاةً واحدة صلَّى (¬4) الله عليه عشراً. رواه مسلم، وأبو داود والنسائي والترمذي وابن حبان في صحيحه. وفي بعض ألفاظ الترمذي: من صلَّى عليَّ مرَّةً واحدة كتب الله له بها عشر حسناتٍ. 2 - وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: منْ ذكرت (¬5) عنده فيصلِّ عليَّ، ومن صلَّى عليَّ مرَّة صلى الله عليه بها عشراً. وفي رواية: من صلَّى عليَّ، ومن صلَّى عليَّ مرَّة صلى الله عليه بها عشراً. وفي رواية: منْ صلَّى عليَّ صلاة واحدةً صلى الله عليه عشر صلواتٍ، ويحُطُّ (¬6) عنه بها عشر سيئاتٍ، ورفعه بها عشر درجاتٍ (¬7). رواه أحمد والنسائي، واللفظ له، ¬
وابن حبان في صحيحه، والحاكم ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلَّى عليَّ واحدةً صلَّى الله عليه عشر صلواتٍ وحطَّ عنه عشرة خطيئاتٍ. 3 - والطبراني في الصغير والأوسط، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلَّى عليَّ صلاة واحدة صلَّى الله عليه عشراً، ومن صلَّى عليَّ عشراً صلَّى الله عليه مائةً، ومن صلَّى عليَّ مائة كتب الله بين عينيه براءة (¬1) من النِّفاق، وبراءةً من النار، وأسكنه الله يوم القيامة مع الشهداء (¬2). وفي إسناده إبراهيم بن سالم بن شبل الهجعي لا أعرفه بجرح، ولا عدالة. 4 - وعنْ عبد الرَّحمن بن عوفٍ رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتَّبعته حتى دخل نخلا فسجد فأطال السجود حتى خفتُ، أو خشيت أن يكون الله قد توفَّاه أو قبضه. قال: فجئت أنظر فرفع رأسه فقال: مالك يا عبد الرَّحمن؟ قال: فذكرت ذلك له، قال: فقال: إن جبريل عليه السلام قال لي: ألا أبشرك (¬3) إن الله عزَّ وجلَّ يقول: من صلى عليك صلَّيتٌ عليه، ومن سلم عليك سلَّمت عليه. زاد في روايةٍ: فسجدت الله شكراً. رواه أحمد، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 5 - ورواه ابن أبي الدنيا وأبو يعلي، ولفظه قال: كان لا يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم منا خمسة، أو أربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما ينوبه (¬4) منْ حوائجه بالليل والنهار. قال: فجئته وقد خرج فاتَّبعته، فدخل حائطاً (¬5) من حيطان الاشراف فصلى فسجد فأطال السجود فبكيت وقلت: قبض الله روحه، قال: فرفع رأسه فدعاني فقال: مالك؟ فقلت: يا رسول الله أطلت السجود، وقلت: قبض الله روح رسوله لا أراه أبداً. قال: سجدت شكراً لربي فيما أبلاني في أمتي، من صلى عليَّ ¬
صلاة من أمتي كتب الله له عشر حسناتٍ، ومحاعنهُ عشر سيئاتٍ. لفظ أبي يعلي، وقال ابن أبي الدنيا: من صلَّى عليَّ صلاة صلى الله عليه عشراً، وفي إسنادهما موسى بن عبيدة الزبذي. [قوله فيما أبلاني] أي فيما أنعم عليَّ، والإبلاء: الإنعام. 6 - وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى عليَّ مرَّةً كتب الله له عشر حسناتٍ، ومحا عنه عشر سيئاتٍ، ورفعه بها عشر درجاتٍ، وكنَّ له عدل (¬1) عشر رقابٍ. رواه ابن أبي عاصم في كانت الصلاة عن مولى للبراء لم يسمه عنه. 7 - وعنْ أبي بردة بن نيارٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلَّى عليَّ من أمتي صلاة مخلصاً (¬2) من قلبه صلى الله عليه بها عشر صلواتٍ، ورفعه بها عشر درجاتٍ، وكتب له بها عشر حسناتٍ، ومحا عنه بهر عشر سيئاتٍ، رواه النسائي والطبراني والبزار. 8 - وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذِّن - معلن الأذان: أي الإشعار بدخول وقت الفريضة (¬3) فقولوا مثل ما يقول، ثمَّ صلوا عليَّ فإنه من صلى عليَّ صلاة صلَّى الله عليه بها عشراً، ثمَّ سلوا لي الوسيلة (¬4) فإنها منزلة من الجنَّة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلَّتْ (¬5) له الشفاعة. رواه مسلم وأبو داود والترمذي. ¬
9 - وعنه رضي الله عنه قال: من صلَّى علي النبيِّ صلى الله عليه وسلم واحدةً صلَّى الله عليه وملائكته سبعين صلاةً. رواه أحمد بإسناد حسن. 10 - وعنْ أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً طيِّب النفس يرى في وجهه البشر. قالوا: يا رسول الله! أصبحت اليوم طيِّب النفس يرى في وجهة البشر. قالوا: يا رسول الله! أصبحت اليوم طيب النفس يرى في وجهك البشر؟ قال: أجل: أتاني آتٍ من ربِّي عزَّ وجلَّ، فقال: من صلَّى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسناتٍ، ومحا عنه عشر سيئاتٍ، ورفع له عشر درجاتٍ، وردَّ عليه مثلها. رواه أحمد والنسائي. وفي رواية لأحمد: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذلك يوم السروري ويرى في وجهه، فقالوا: يا رسول الله! إنا لنرى السرور في وجهك؟ فقال: إنه أتاني الملك، فقال: يا محمد! أما يرضيك أنَّ ربك عزَّ وجلَّ يقول: إنه لا يصلي عليك أحد من أمَّتك إلا صليت (¬1) عليه عشراً، ولا يسلِّم عليك أحد من أمتك إلا سلمتُ عليه عشراً؟ قال: بلى: ورواه ابن حبان في صحيحه بنحو هذه، ورواه الطبراني، ولفظه: قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسارير (¬2) وجهه تبرقُ، فقلت: يا رسول الله: ما رأيتك أطيب نفساً، ولا أظهر بشراً من يومك هذا. قال: وما لي (¬3) ¬
لا تطيب نفسي، ويظهر بشرى؟ وإنما فارقني جبريل عليه السلام الساعة، فقال: يا محمد! منْ صلَّى عليك من أمَّتك صلاة كتب الله له بها عشر حسناتٍ، ومحا عنه عشر سيئاتٍ، ورفعه بها عشر درجاتٍ، وقال له الملك: مثل ما قال لك. قلت: يا جبريل! وما ذاك الملك؟ قال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ، وكلَّ ملكاً من لدنْ خلقك إلى أن يبعثك لا يصلي عليك أحدٌ من أمَّتك إلا قال: وأنت صلى الله عليك. 11 - وعنْ أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا الصلاة عليَّ يوم الجمعة، فإنَّه أتاني جبريل آنفاً (¬1) عن ربِّه عزَّ وجلَّ، فقال: ما على الأرض (¬2) من مسلم يصلِّي عليك مرَّة واحدة، إلا صليت أنا وملائكتي عليه عشراً. رواه الطبراني عن أبي ظلال عنه، وأبو ظلال وثِّق، ولا يضر في المتابعات. 12 - وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى عليَّ مرَّة صلى الله عليه عشراً، ملك موكَّلٌ بها حتى يبلغنيها. رواه الطبراني في الكبير. 13 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لله ملائكة سيَّاحين (¬3) يبلِّغوني عن أمتي السلام رواه النسائي وابن حبان في صحيحه. 14 - وعن الحسن بن علي رضي الله عنما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حينما كنتمْ فصلُّوا عليَّ، فإنَّ صلاتكم تبلغني (¬4). رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. 15 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلَّى عليَّ بلغتني صلاته وصلَّيت (¬5) عليه، وكتب له سوى ذلك عشر ¬
حسنات. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد لا بأس به. 16 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ أحدٍ يسلم عليَّ إلا ردَّ الله إليَّ روحي (¬1) حتى أردَّ عليه السلام. رواه أحمد وأبو داود. 17 - وعنْ عمَّار بن ياسرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وكل (¬2) بقبري ملكاً أعطاه الله أسماء الخلائق فلا يصلِّي عليَّ أحدٌ إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه: هذا فلان بن فلان قد صلَّى عليك. رواه البزار وأبو الشيخ ابن حبان، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله تبارك وتعالى ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فهو قائم (¬3) على قبري إذا متُّ (¬4) فليْس أحد يصلي عليَّ صلاة إلا قال: يا محمد صلَّى ¬
عليك فلان بن فلان. قال: فيصلي الرَّبُّ تبارك وتعالى على ذلك الرَّجل بكلِّ واحدةٍ عشراً. ورواه الطبراني في الكبير بنحوه. [قال الحافظ] رووه كلهم عن نعيم بن ضمضم، وفيه خلاف عن عمران بن الحميري، ولا يعرف. 18 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة (¬1). رواه الترمذي، وابن حبان في صحيحه، كلاهما من رواية موسى بن يعقوب الزمعي. 19 - وعن عامر بن ربيعة عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول: من صلى عليَّ صلاة لم تزل (¬2) الملائكة تصلِّي عليه ما صلَّى عليَّ فليقل عبد من ذلك أو ليكثر. رواه أحمد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وابن ماجه كلهم عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر، وعاصم وإن كان واهي الحديث فقد مشاه بعضهم وصحح له الترمذي، وهذا الحديث حسن في المتابعات، والله أعلم. 20 - وعن أبي بن كعبٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ربع الليل. قام فقال: يا أيها الناس! اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الرَّاجفة (¬3) تتبعها الرَّادفة (¬4) جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه. قال أبيُّ بن كعبٍ: فقلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة: فكم أجعل لك من صلاتي؟ (¬5). قال: ما شئت (¬6) قال: قلت: الرُّبُعَ. قال: ما شئْتَ، وإنْ زدت فهو خير لك؟ قال: فقلت: ¬
فثلثين؟. قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلتُ: النصف؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك. قال: أجعل لك صلاتي كلها؟، قال: إذاً يكفي همُّك (¬1)، ويغفر لك ذنبك. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وفي رواية لأحمد عنه: قال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: إذاً يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمَّك (¬2) من دنياك وآخرتك، وإسناد هذه جيد. قوله: أكثر الصلاة فكم أجعل لك من صلاتي؟. معناه أكثر الدعاء فكمْ أجعل لك من دعائي صلاة عليك. 21 - وعنْ محمد بن يحيى بن حبَّان عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه: أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله أجعل ثلث صلاتي عليك؟ قال: نعم إن شئت. قال: الثلثين؟ قال: نعمْ إن شئت. قال: فصلاتي كلها؟. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذاً يكفيك الله ما أهمَّك من أمْر دنياك وآخرتك. رواه الطبراني بإسناد حسن. 22 - وروي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلَّى عليَّ في يومٍ ألف مرَّةٍ (¬3) لمْ يمتْ (¬4) حتى يرى مقعده من الجنَّة. رواه ¬
أو حفص بن شاهين. 23 - وروي عن أبي كاهلٍ رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا كاهلٍ من صلى عليَّ كلَّ يومٍ ثلاث مراتٍ (¬1)، وكل ليلة ثلاث مرات حبا وشوقاً إليَّ (¬2) كان حقا (¬3) على الله أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة، وذلك اليوم. رواه ابن أبي عاصم والطبراني في حديث طويل، إلا أنه قال: كان حقا على الله أن يغفر له بكلِّ مرَّة ذنوب حولٍ (¬4)، وهو بهذا اللفظ منكرٌ، وأبو كاهل أحمسيّ، وقيل: بجليٌّ، يقال اسمه عبد الله بن مالك، وقيل: قيس بن عائد، وقيل: غير ذلك، والله أعلم. 24 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيُّما (¬5) رجلٍ مسلم لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه: اللهمَّ صلِّ على محمد عبدك ورسولك، وصلِّ على المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، فإنها زكاة (¬6) وقال: لا يشبع مؤمن خيراً (¬7) حتى يكون منتهاه (¬8) الجنَّة. رواه ابن حبان في صحيحه من طريق دراج عن أبي الهيثم. 25 - وعنْ أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
أكثروا (¬1) عليَّ من الصلاة كلَّ يوم الجمعة فإنه مشهود (¬2) تشهده (¬3) الملائكة، وإنَّ أحداً لنْ يصلِّي عليَّ إلا عرضت عليَّ صلاته حتى يفرغ (¬4) منها، قال قلت: وبعد الموت (¬5)؟ قال: إن الله حرَّم (¬6) على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. رواه ابن ماجه بإسناد جيد. 26 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا عليَّ من الصلاة في كل يوم الجمعة، فإنَّ صلاة أمتي تعرض عليَّ في كل يوم جمعة، فمن كان أكثرهم عليَّ صلاة كان أقربهم منِّي منزلة (¬7) رواه البيهقي بإسناد حسن إلا أن مكحولا قيل: لم يسمع من أبي أمامة. 27 - وعن أوسِ بن أوسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفضل أيَّامكم يوم الجمعة: فيه خلق آدم، وفيه قبض (¬8)، وفيه النَّفخة (¬9)، ¬
وفيه الصَّفقة فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه، فإنَّ صلاتكم معروضة عليَّ. قالوا يا رسول الله: وكيف تعرض صلاتنا عليك، وقد أرمت يعني بليت:؟ فقال: إن الله عزَّ وجلَّ حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والحاكم وصحيحه. [أرمت] بفتح الهمزة والراء وسكون الميم، وروي بضم الهمزة وكسر الراء. 28 - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال جزى الله عنَّا محمداً ما هو أهله أتعب سبعين كاتباً ألف صباحٍ (¬1). رواه الطبراني في الكبير والأوسط. 29 - وروي عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبدين متحابين (¬2) يستقبل أحدهما صاحبه، ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم، لمْ يتفرَّقا حتى يغفر لهما ذنوبهما ما تقدَّم منهما وما تأخَّر (¬3). رواه أبو يعلي. 30 - وعن رويفع بن ثابتٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال: اللهمَّ صلِّ على محمدٍ، وأنزله له المقعد (¬4) المقرَّب عندك يوم ¬
القيامة وجبتْ له شفاعتي. رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط، وبعض أسانيدهم حسن. 31 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إذ صليتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة فإنكم لا تدرون لعلَّ ذلك يعرض عليه. قال: فقالوا له: فعلِّمنا، قال قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين محمد ع بدك ورسولك، إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة، اللهمَّ ابعثه مقامًا محمودًا (¬1) يغبطه (¬2) به الأولون والآخرون. اللهمَّ صلِّ على محمد، وعلى آل محمدٍ كما صليت على إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد (¬3) مجيد (¬4)، اللهمَّ بارك على محمدٍ، وعلي آل محمدٍ كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد. رواه ابن ماجه موقوفًا بإسناد حسن. 32 - وعن علي رضي الله عنه قال: كلُّ دعاء محجوب (5) حتى يصلي على محمدٍ صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني في الأوسط موقوفًا، ورواته ثقات، ورفعه بعضهم، والموقوف أصحّ. 33 - ورواه الترمذي عن أبي قرة الأسدي عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب موقوفًا قال: إنَّ الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم. ¬
34 - وعنْ كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احضروا فحضرنا، فلما ارتقى درجة (¬1) قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: آمين، فلما نزل قلنا: يا رسول الله: لقد سمعنا منك اليوم شيئًا ما كنَّا نسمعه؟ قال: إن جبريل عرض لي فقال: بعد من أدرك رمضان فلمْ يغفر له (¬2). قلت: آمين، فلما رقيت الثانية. قال: بعد (¬3) من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليك، فقلت: آمين، فلما رقيت الثالثة قال: بعد من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما فلم يدخلاه الجنَّة. قلت: آمين. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 35 - وعن مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر، فلما رقى عتبةً. قال: آمين، ثمَّ ¬
رقى أخرى، فقال آمين، ثمَّ رقى عتبة ثالثةً، فقال آمين، ثمَّ قال: أتاني جبريل عليه السلام فقال يا محمد: من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله، فقلت: آمين. قال: ومن أدرك والديه أوْ أحدهما، فدخل النار فأبعده الله، فقلت: آمين. قال: ومن ذكرت عنده فلم يصلِّ عليك فأبعده الله. قل: آمين، فقلتُ: آمين. رواه ابن حبان في صحيحه. 36 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ارتقى (¬1) على المنبر فأمَّن (¬2) ثلاث مرَّاتٍ، ثمَّ قال: أتدرون لم أمَّنت؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم. قال: جاءني جبريل عليه السلام، فقال: إنه من ذكرت عنده، فلمْ يصلِّ عليك فأبعده (¬3) الله، وأسحقه (¬4). قلت: آمين. قال: ومن أدرك أبويه، أو أحدهما فلمْ يبرَّهما (¬5) دخل النار فأبعده الله وأسحقه. قلت: آمين، ومن أدرك رمضان فلمْ يغفر له دخل النار فأبعده الله وأسحقه، فقلت: آمين. رواه الطبراني بإسناد لين. 37 - وروي عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزَّبيديِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، وصعد المنبر، فقال. آمين آمين آمين، فلمَّا انصرف (¬6) قيل: يا رسول الله رأيناك صنعت شيئاً ما كنت تصنعه، فقال: إنَّ جبريل تبدَّى لي أوَّل درجةٍ (¬7)، فقال: يا محمد من أدرك والديه فلم يدخلاه الجنة فأبعده الله، ثمَّ أبعده، فقلت: آمين ثم قال لي في الدرجة الثانية: ومن أدرك شهر رمضان فلمْ يغفر له فأبعده الله، ثمَّ أبعده، فقلت: آمين، ثمَّ تبدي (¬8) لي في الدرجة الثالثة، فقال: ومن ذكرت عنده فلم يصلِّ عليك فأبعده الله، ثمَّ أبعده فقلت: آمين. رواه البزار والطبراني. 38 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، فقال: آمين. آمين. آمين قيل: يا رسول الله صلى إنَّك صعدت المنبر، فقلت: ¬
آمين. آمين. آمين، فقال: إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان فلمْ يغفرْ له، فدخل النار فأبعده الله. قلْ: آمين، فقلت: آمين. ومن أدرك أبويْه، أو أحدهما فلم يبرَّهما، فمات فدخل النار فأبعده الله، قل آمين، فقلت: آمين، ومن ذكرت عنده فلم يصلِّ عليك فمات، فدخل النار فأبعده الله. قلْ: آمين، فقلت: آمين. رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له. 39 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنف رجلٍ ذكرت عنده فلم يصلِّ عليَّ، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان، ثمَّ انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجلٍ أدرك عنده أبواه الكبر، فلمْ يدخلاه الجنَّة. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. [رغم] بكسر الغين المعجمة: أي لصق بالرغام، وهو التراب ذلا وهوانا، وقال ابن الأعرابي: هو بفتح الغين، ومعناه: ذل. 40 - وعنْ حسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ذكرتُ عنده فخطئ (¬1) الصلاة عليَّ خطئ (¬2) طريق الجنَّة. رواه الطبراني وروي مرسلا عن محمد بن الحنفية. 41 - وفي رواية لابن أبي عاصم عن محمد بن الحنفية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ذكرت عنده فنسي الصلاة على خطئ طريق الجنة. 42 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نسي الصلاة على خطئ (¬3) طريق الجنة. رواه ابن ماجه والطبراني وغيرهما عن جبارة المغلس ¬
وهو مختلف في الاحتجاج به، وقد عد الحديث من مناكيره. 43 - وعن حسين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البخيل (¬1) ¬
من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليَّ. رواه النسائي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وصححه الترمذي، وزاد في سنده عليّ بن أبي طالب، وقال: حديث حسن صحيح غريب. 44 - وعنْ أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: خرجت ذات يومٍ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركمْ بأبخل النَّاس؟ قالوا: بلى (¬1) يا رسول الله. ¬
قال: من ذكرتُ عنده فلمْ يصلِّ عليَّ، فذلك أبخل الناس. رواه ابن أبي عاصم ¬
في كتاب الصلاة من طريق علي بن يزيد عن القاسم. ¬
[قال الحافظ المملي]: من هذا الكتاب أبواب متفرقة، وتأتي أبواب أخر إن شاء الله ¬
فتقدم: ما يقوله من خاف شيئاً من الرياء في باب الرياء، وما يقوله بعد الوضوء في كتاب ¬
الطهارة، وما يقوله بعد الأذان، وما يقوله بعد صلاة الصبح والعصر والمغرب والعشاء في كتاب ¬
الصلاة، وما يقول حين يأوى إلى فراشه في كتاب النوافل، وكذلك ما يقول إذا استيقظ ¬
من الليل، وما يقول إذا أصبح وأمسى، ودعا الحاجة فيه أيضاً، ويأتي إن شاء الله في كتاب ¬
البيوع: ذكر الله في الأسواق، ومواطن الغفلة، وما يقوله المديون والمكروب والمأسور، ¬
وفي كتاب اللباس: ما يقوله من لبس ثواباً جديداً. وفي كتاب الطعام: التسمية، وحمد الله ¬
بعد الأكل. وفي كتاب القضاء: ما يقوله من خاف ظالماً. وفي كتاب الأدب: ما يقول من ركب دابته، ومن عثرت به دابته، ومن نزل منزلا، ودعا المرء لأخيه بظهر الغيب. وفي كتاب الجنائز: الدعاء بالعافية، وما يقوله من رأى مبتلى، وما يقوله من آلمه شيء من جسده، وما يدعي به للمريض، وما يدعو به المريض، وما يقول من مات له ميت. وفي كتاب صفة الجنة والنار: سؤال الجنة والاستعاذة من النار، من الله نسأل التيسير والإعانة. ¬
كتاب البيوع وغيرها
كتاب البيوع وغيرها الترغيب في الاكتساب بالبيع وغيره 1 - وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أكل (¬1) أحدٌ طعاماً قطُّ خيراً (¬2) من أن يأكل من عمل يده (¬3)، وإنَّ نبي الله ¬
داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده. رواه البخاري وغيره، وابن ماجه ولفظه قال: ما كسب الرَّجل كسبا أطيب (¬1) من عمل يده، وما أنفق الرَّجل على نفسهِ وأهله وولدهِ وخادمهِ فهو صدقة. 2 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يختطب أحدكمْ حزمةً على ظهره خير له من أي يسأل أحداً فيعطيه، أوْ يمنعهُ. رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي. 3 - وعن الزبير بن العوَّام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يأخذ أحدكمْ (¬2) أحْبُلَهُ (¬3)، فيأتي بحزمةٍ من حطب على ظهره فيبيعها فيكفَّ (¬4) الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أمْ منعوا. رواه البخاري. 4 - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه أنَّ رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: أما في بيتك شيء؟ قال: بلى حلسٌ (¬5) نلبس بعضه، ونبسط بعضه وقعب (¬6) نشرب فيه من الماء، قال: ائتني بهما، فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وقال: من يشتري هاذين؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهمٍ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يزيد على درهمٍ مرَّتين، أو ثلاثاً؟ قال رجلٌ: أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما ¬
إيَّاه، فأخذ الدِّرْهمين فأعطاهما الأنصاريَّ، وقال أشترِ بأحدهما طعاماً فنبذه (¬1) إلى أهلك، واشتر بالآخر قدماً (¬2) فائتني به، فأتاه به فشدَّ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عوداً بيدهِ، ثمَّ قال: اذهبْ فاحتطبْ وبعْ، ولا أرينَّك خمسة عشر (¬3) يوماً ففعل فجاء، وقد أصاب (¬4) عشرة دراهم، فاشتري ببعضها ثوباً، وببعضها طعاماً، فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة (¬5) في وجهك يوم القيامة، الحديث. رواه أبو داود واللفظ له والنسائي والترمذي، وقال: حديث حسن، وتقدم بتمامه في المسألة. 5 - وعن سعيد بن عميرٍ عن عمَّه رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ الكسْبِ أطيب (¬6)؟ قال: عمل الرَّجل بيده، وكلُّ كسبٍ مبرورٍ. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. قال ابن معين: عمّ سعيد هو البراء. ورواه البيهقي عن سعيد ابن عمير مرسلاً، وقال: هذا هو المحفوظ، وأخطأ من قال عن عمه. 6 - وعنْ جميع بن عميرٍ عن خاله قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنْ أفضل الكسب؟ فقال: بيع مبرورٌ (¬7)، وعمل الرَّجل بيدهِ. رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير باختصار، وقال: عن خالد أبي بردة بن نيار، وروي البيهقي عن محمد ابن عبد الله بن نمير، وذكر له هذا الحديث، فقال: إنما هو عن سعيد بن عمير. 7 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ الكسب أفضل؟ قال: عمل الرجل بيده، وكلُّ بيعٍ مبرورٍ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورواته ثقات. ¬
8 - وعن رافع بن خديجٍ رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله: أيُّ الكسبِ أطيب؟ قال: عمل الرَّجل بيده، وكلُّ بيعٍ مبرورٍ. رواه أحمد والبزار، ورجال إسناده رجال الصحيح خلا المسعودي فإنه اختلط، واختلف في الاحتجاج به، ولا بأس به في المتابعات. 9 - وعنْ كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلدهِ (¬1) ونشاطهِ، فقالوا: يا رسول الله: لوْ كان هذا في سبيل الله (¬2)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كان خرج يسعى على ولدهِ (¬3) صغاراً فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى على أبوينِ شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى على نفسه يعفُّها فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى رباء ومفاخرةً فهو في سبيل الشيطان. رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. 10 - وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يحبُّ المؤمن المحترف (¬4). رواه الطبراني في الكبير والبيهقي. 11 - وروي عن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أمسى كالاًّ (¬5) من عمل يدهِ، أمْسى مغفوراً له. رواه الطبراني في الأوسط ¬
والأصبهاني من حديث ابن عباس، وتقدم من هذا الباب غير ما حديث في المسألة أغنى عن إعادتها هنا. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
الترغيب في البكور في طلب الرزق وغيره، وما جاء في نوم الصبحة
الترغيب في البكور في طلب الرزق وغيره وما جاء في نوم الصبحة 1 - عنْ صخر بن وداعة الغامديِّ الصحابي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهمَّ بارك لأمتي في بكورها (¬1)، وكان إذا بعث سريَّةً (¬2)، أو جيشاً بعثهمْ منْ أوَّل النهار، وكان صخرٌ تاجراً فكان يبعث تجارته من أوَّل النَّهار فأثرى (¬3) وكثر ماله. رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن، ولا يعرف لصخر الغامدي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث. [قال المملي] عبد العظيم: رووه كلهم عن عمارة بن حديد عن صخر، وعمارة بن حديد بجليٌّ، سئل عنه أبو حاتم الرازي، فقال: مجهول وسئل عنه أبو زرعة، فقال لا يعرف، وقال أبو عمر النمري: صخر بن وداعة الغامدي، وغامد في الأزد، سكن الطائف، وهو معدود في أهل الحجاز، روي عنه عمارة بن حديد، وهو مجهول لم يرو عنه غير يعلي الطائفي، ولا أعرف لصخر غير حديث: بورك لأمَّتي في بكورها، وهو لفظ رواه جماعة عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه. [قال المملي] رحمه الله، وهو كما قال أبو عمر: قد رواه جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم. منهم: عليّ، وابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر، وأبو هريرة، وأنس ابن مالك، وعبد الله بن سلام، والنواس بن سمعان، وعمران بن حصين، وجابر بن عبد الله وبعض أسانيده جيد، ونبيط بن شريط، وزاد في حديثه: يوم خميسها، وبريدة، وأوس ابن عبد الله، وعائشة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وفي كثير من أسانيدها مقال، وبعضها حسن، وقد جمعتها في جزء، وبسطت الكلام عليها. 2 - وروي عن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
باكروا (¬1) الغدوَّ في طلب الرِّزق، فإنَّ الغدوَّ (¬2) بركة ونجاحٌ. رواه البزار والطبراني في الأوسط. 3 - وروي عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نوم (¬3) الصبحة يمنع الرزق. رواه أحمد والبيهقي وغيرها، وأوردها ابن عديّ في الكامل وهو ظاهر النكارة. 4 - وروي عن فاطمة بنت محمدٍ صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها قالتْ: مرَّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجعة متصبِّحة (¬4) فحرَّكني برجله، ثمَّ قال: يا بنيَّة قومي اشهدي (¬5) رزق ربك، ولا تكوني من الغافلين، فإن الله عزَّ وجلَّ ¬
الترغيب في ذكر الله تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة
يقسم أرزاق النَّاس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشَّمس. رواه البيهقي. 5 - ورواه أيضا عن عليٍّ رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة بعد أن صلَّى الصُّبح، وهي نائمة فذكره بمعناه. 6 - وروي ابن ماجه من حديث علي قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النَّوم قبل طلوع الشمس. (الترغيب في ذكر الله تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة) 1 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دخل السوق (¬1) فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيى ويميت وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخير وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ. كتب الله له ألف ألف حسنةٍ، ومحاعنه ألف ألف سيئةٍ ورفع له ألف ألف درجةٍ. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب. (قال المملي): وإسناده متصل حسن، ورواته ثقات أثبات، وفي أزهر بن سنان خلاف وقال ابن عديّ: أرجو أنه لا بأس به، وقال الترمذي في رواية له مكان: ورفع له ألف ألف درجةٍ، وبني (¬2) له بيتاً في الجنة. ورواه بهذا اللفظ ابن ماج، وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه كلهم من رواية عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن جده، ورواه الحاكم أيضا من حديث عبد الله بن عمر مرفوعاً أيضاً، وقال: صحيح الإسناد كذا قال، وفي إسناده مرزوق بن المرزبان يأتي الكلام عليه. 2 - وعنْ أبي قلابة رضي الله عنه قال: التقى رجلان في السُّوق، فقال أحدهما للآخر: تعالى (¬3) نستغفر الله في غفلة الناس ففعل فمات أحدهما، فلقيه الآخر في النوم ¬
فقال: علمت أن الله غفر لنا عشية التقينا (¬1) في السوق. رواه ابن أبي الدنيا وغيره. 3 - وعن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ: لا تزال مصليا قانتاً (¬2) ما ذكرت الله قائماً،، أو قاعداً، أو في سوقكَ، أوْ في ناديك (¬3). رواه البيهقي مرسلا، وفيه كلام. 4 - وعنْ مالكٍ رضي الله عنه قال: بلغني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل (¬4) خلف الفارِّين، وذاكر الله في الغافلين كغصن أخضر في شجرٍ يابسٍ (¬5). وفي رواية: مثل الشجرة الخضراء في وسط الشجر اليابس، وذاكر الله في الغافلين مثل مصباح (¬6) في بيت مظلمٍ، وذاكر الله في الغافلين يريه الله مقعده من الجنَّة وهو حيٌّ (¬7)، وذاكر الله في الغافلين يغفر له بعدد كلِّ فصيحٍ وأعجم. (والفصيح) بنو آدم، والأعجم البهائم، ذكره رزين، ولم أره في شيء من نسخ الموطأ، إنما رواه البيهقي في الشعب عن عباد بن كثير، وفيه خلاف عن عبد الله بن دينار عن عبد الله ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره بنحوه. ورواه أيضاً عن عباد بن كثير عن محمد بن جحادة عن سلمة بن كهيل عن ابن عمر، وزاد فيه: وذاكر الله في الغافلين ينظر الله إليه نظرةً لا يعذِّبه بعدها أبداً، وذاكر الله في السُّوق له بكلِّ شعرةٍ نورٌ يوم القيامة. قال البيهقي: هكذا وجدته ليس بين سلمة، وبين ابن عمر أحد، وهو منقطع الإسناد غير قويّ. 5 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ذاكرُ ¬
الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والاجمال فيه، وما جاء في ذم الحرص وحب المال
الله في الغافلين بمنزلة الصابر (¬1) في الفارِّين. رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط بإسناد لا بأس به. 6 - وروي عن عصمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبُّ العمل إلى الله عزَّ وجلَّ سبحة الحديث، وأبغض الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ التحريف فقلنا: يا رسول الله وما سبحة الحديث؟ قال: يكون القوم يتحدثون، والرَّجل يسبح (¬2) قلنا: يا رسول الله وما التحريف؟ قال: القوم يكونون بخيرٍ فيسألهم الجار والصاحب، فيقولون: نحن بشرٍ (¬3). رواه الطبراني. الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيه وما جاء في ذمّ الحرص وحب المال 1 - عن عبد الله بن سرجسٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ¬
السَّمْتُ (¬1) الحسن، والتؤدة (¬2)، والاقتصاد (¬3) جزء من أربعةٍ وعشرين جزءا من النبوَّة. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، ورواه مالك وأبو داود بنحوه من حديث ابن عباس إلا أنهما قالا: من خمسة وعشرين. 2 - وعنْ جابر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تستبطئوا (¬4) الرِّزق، فإنه لم يكن عبدٌ ليموت حتى يبلغ آخر رزقٍ هو له فأجملوا (¬5) في الطَّلب: أخذ الحلال، وترك الحرام. رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 3 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس اتَّقوا الله، وأجملوا في الطلب، فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها، وإنْ أبطأ عنها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حلَّ ودعوا ما حرم. رواه ابن ماجه واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 4 - وعنْ أبي حميدٍ السعيدِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أجملوا في طلب الدنيا، فإنَّ كلا ميسَّر (¬6) لما خل رواه ابن ماجه واللفظ له، وأبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب، والحاكم إلا أنهما قالا: فإنَّ كلا ميسَّرٌ لما كتب له منها، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما. 5 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس من عملٍ يقرِّب من الجنة إلا قد أمرتكم به، ولا عملٍ يقرِّب من النار إلا وقدْ نهيتكمْ عنه فلا يستبطئن أحد منكم رزقه، فإنَّ جبريل ألقى في روعي أنَّ أحداً منكمْ لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل (¬7) رزقه، فاتقوا الله أيُّها الناس: ¬
وأجملوا في الطَّلب، فإن استبطأ أحدٌ منكمْ رزقه فلا يطلبه بمعصية الله، فإنَّ الله لا ينال فضله (¬1) بمعصيته. رواه الحاكم. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيُّها الناس: إن الغني ليس عن كثرة العرض، ولكنَّ الغني غنى النفس، وإن الله عزَّ وجلَّ يؤتي عبده ما كتب له من الرِّزق فأجملوا في الطَّلب، خذوا ما حلَّ ودعوا ما حرم. رواه أبو يعلي، وإسناده حسن إن شاء الله. 7 - وعنْ حذيفة رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم فدعا الناس، فقال: هلمُّوا إليَّ فأقبلوا إليه فجلسوا، فقال: هذا رسول ربِّ العالمين جبريل صلى الله عليه وسلم نفث (¬2) في روعي أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فإنْ أبطأ (¬3) عليها فاتَّقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنَّكمُ استبطاء الرِّزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإنَّ الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته (¬4). رواه البزار، ورواته ثقات إلا قدامة بن زائدة ابن قدامة، فإن لا يحضرني فيه جرح، ولا تعديل. 8 - وعنْ أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرِّزق ليطلب (¬5) العبد كما يطلبه أجله (¬6). رواه ابن حبان في صحيحه والبزار، ورواه الطبراني بإسناد جيد إلا أنه قال: إنّ الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله. 9 - وروي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر يوم غزوة تبوك (¬7)، فحمد الله وأثنى عليه، ثمَّ قال: يا أيُّها الناس ¬
إنِّي ما آمركمْ إلا بما أمركم الله، ولا أنهاكمْ إلا عمَّا نهاكم الله عنه فأجملوا (¬1) في الطلب، فوالذي نفس أبي القاسم بيده إن أحدكمْ ليطلبه رزقه كما يطلبه أجله، فإن تعسَّر عليكمْ شيء منه فاطلبوه بطاعة الله (¬2) عزَّ وجلَّ رواه الطبراني في الكبير. 10 - وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتلو هذه الآية: ومنْ يتقِ الله يجعلْ له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب. فجعل يردِّدها حتى نعسْتُ، فقال يا أبا ذرٍّ: لوْ أن الناس أخذوا بها لكفتهمْ. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 11 - وعن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو فرَّ (¬3) أحدكم من رزقه أدركه (¬4) كما يدركه الموت. رواه الطبراني في الأوسط والصغير بإسناد حسن. 12 - وروي عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعْجلنَّ إلى شيء تظنُّ أنك إن استعجلت إليه أنَّك مدركه إن كان لم يقدَّر لك ذلك، ولا تستأخرنَّ عن شيء تظنُّ أنك إن استأخرتْ عنه أنَّه مدفوعٌ عنك إن كان الله قدره عليك. رواه الطبراني في الكبير والأوسط. 13 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى تمرةً عابرةً (¬5) فأخذها فناولها (¬6) سائلا: فقال: أما إنَّك لوْ لمْ تأتها لأتتك. رواه الطبراني بإسناد جيد، وابن حبان في صحيحه والبيهقي. 14 - وعنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
ما خلق الله من صباحٍ يعلمُ ملكٌ من السماء، ولا في الأرض ما يصنع الله في ذلك اليوم، وإنَّ العبد له رزقه، فلو اجتمع عليه الثَّقلان الجنُّ والإنس أن يصدُّوا (¬1) عنه شيئاً من ذلك ما استطاعوا (¬2). رواه الطبراني بإسناد لين، ويشبه أن يكون موقوفاً. 15 - وعنْ حبَّة وسواءا بنيْ خالدٍ رضي الله عنهما أنَّهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعمل عملاً يبني بناءً، فلمَّا فرغ دعانا فقال: لا تنافسا في الرِّزق ما تهزهزتْ رءوسكما، فإنَّ الإنسان تلده أمُّه أحمر ليس عليه قشرٌ، ثمَّ يعطيه الله ويرزقه. رواه ابن حبان في صحيحه. 16 - وعن أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما طلعت شمس قطُّ إلا بعث بجنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين يا أيها الناس: هلمُّوا (¬3) إلى ربكم، فإنَّ ما قلَّ وكفى خيْرٌ مما كثر وألهى (¬4)، ولا آبتْ (¬5) شمس قطُّ إلا بعث بحنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين: اللهمَّ أعط منفقاً خلقاً، وأعط ممسكاً تلفاً. رواه أحمد بإسناد صحيح واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وصححه. 17 - وعنْ سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خير الذكر الخفيُّ، وخير الرِّزق ما يكفي (¬6). رواه أبو عوانة وابن حبان في صحيحهما. 18 - وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من انقطع (¬7) إلى الله عزَّ وجلَّ كفاه الله كلَّ مؤنةٍ ورزقه من حيث لا يحتسب، ¬
ومن انقطع إلى الدنيا (¬1) وكله (¬2) الله إليها. رواه الشيخ في كتاب الثواب والبيهقي كلاهما من رواية الحسن عن عمران، وفي إسناده إبراهيم بن الأشعث خادم الفضل، وفيه كلام قريب. 19 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ كانت الدنيا همَّته (¬3) وسدمهُ، ولها شخصٌ (¬4)، وإيَّاها ينوي (¬5) جعل الله الفقر بين عينيه، وشتَّتَ عليه ضيعته، ولميأته منها إلا ما كتب (¬6) له منها، ومن كانت الآخرة همَّته (¬7) وسدمه، ولها شخصٌ (¬8) وإياها ينوي (¬9) جعل الله عز وجلَّ الغني في قلبه، وجمع عليه ضيعته، وأتته الدنيا وهي صاغرة (¬10). رواه البزار والطبراني واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، ورواه الترمذي أخصر من هذا، ويأتي لفظه في الفراغ للعبادة إن شاء الله. (سدمه) بفتح السين، والدال المهملتين: أي همه، وما يحرص عليه، ويلهج به. (وقوله شتت عليه ضيعته) بفتح الضاد المعجمة: أي فرق عليه حاله وصناعته، وما هو مهتمّ به، وشعبه عليه. 20 - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف (¬11) فحمد الله، وذكره بما هو أهلهُ، ثمَّ قال: منْ كانت ¬
الدنيا همَّه (¬1) فرَّق الله (¬2) شمْله، وجعل فقره بين عينيه، ولمْ يؤتهِ من الدُّنيا إلا ما كتب له. رواه الطبراني. 21 - وروي عن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصبح وهمه الدُّنيا (¬3) فليس من الله في شيء، ومنْ لم يهْتمَّ (¬4) بالمسلمين فليس منهمْ (¬5)، ومنْ أعطى الذِّلَّة (¬6) من نفسه طائعاً غير مكرهٍ فليس منَّا. رواه الطبراني. 22 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم إذ قضى الأمر وهمْ في غفلةٍ الذِّلة (¬7) من نفسه طائعاً غير مكرهٍ فليس منَّا. رواه الطبراني. 23 - وروي عنْ أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة من الشِّقاء (¬8) جمود العين (¬9)، وقسوة القلب (¬10)، وطول الأمل (¬11)، والحرصُ ¬
على الدنيا (¬1). رواه البزار وغيره. 24 - وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترضينَّ أحداً بسخط (¬2) الله، ولا تحمدنَّ أحداً على فضل الله (¬3)، ولا تذمنَّ (¬4) أحداً على ما لمْ يؤتك الله، فإنَّ الله لا يسوقه إليك حرص حريصٍ، ولا يردُّه عنك كراهية كارهٍ، وإنَّ الله بقسطه وعدلهِ جعل الرَّوح والفرج في الرضا واليقين، وجعل الهمَّ والحزن في السَّخط. رواه الطبراني في الكبير. 25 - وعن كعب بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذئبان جائعان أرسلا في غنمٍ بأفسد لها من حرص المرء على المرء (¬5) والشرف لدينه. رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن. (قال المملي) رضي الله عنه: وسيأتي غير ما حديث من هذا النوع في الزهد إن شاء الله. 26 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
قلْبُ الشَّيخ شاب (¬1) على حبِّ اثنتين: حبِّ العيش، أو قال طول الحياة، وحبِّ المال. رواه البخاري ومسلم والترمذي إلا أنه قال: طول الحياة، وكثرة المال. 27 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهمَّ إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع (¬2)، ومن قلب لا يخشع (¬3)، ومن نفس لا تشبع (¬4)، ومن دعاء لا يسمع (¬5). رواه ابن ماجه والنسائي، ورواه مسلم والترمذي وغيرهما من حديث زيد بن أرقم، وتقدم في العلم. 28 - وعنْ أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لوْ كان لابن آدم واديان (¬6) من مالٍ لابتغى (¬7) إليهما ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب (¬8) ويتوب الله على من تاب (¬9). رواه البخاري ومسلم. ¬
29 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو أنَّ لابن آدم وادياً من ذهبٍ لأحبَّ أن يكون إليه مثله، ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب. ويتوب الله على من تاب. رواه البخاري مسلم. 30 - وعن ابن عباس بن سهل بن سعدٍ رضي الله عنهم قال: سمعت ابن الزبير على منبر مكَّة في خطبتهِ يقول: يا أيها الناس: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: لو أنَّ ابن آدم أعطى وادياً من ذهب أحبَّ إليه أحبَّ إليه ثانياً، ولو أعطى ثانياً أحبَّ إليه ثالثاً، ولا يسدُّ (¬1) جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب. رواه البخاري. 31 - وعن بريدة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة: لو أن لابن آدم وادياً من ذهبٍ لابتغى إليه ثانياً، ولو أعطى ثانياً لابتغى إليه ثالثاً: ولايملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب. رواه البزار بإسناد جيد. 32 - وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجاء بابن آدم كأنه بذبح فيوقف (¬2) بين يدي الله عزَّ وجلَّ، فيقول الله له: أعطيتك، وخوَّلتك (¬3)، وأنعمت عليك فما صنعت: فيقول: يا ربِّ جمعته، وثمَّرته فتركتهُ ¬
أكثر ما كان فارجعني آتك به، فيقول الله له: أرني ما قدَّمت، فيقول يا ربِّ جمعتهُ ¬
وثمرَّته فتركته أكثر ما كان فارجعني آتك به، فإذا عبد لم يقدِّم خيراً فيمضي به ¬
الترغيب في طلب الحلال والأكل منه والترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك
إلى النار. رواه الترمذي عن إسماعيل بن مسلم المكي، وهو واهٍ، عن الحسن، وقتادة عنه، وقال: رواه غير واحد عن الحسن، ولم يسندوه. (قوله: البذخ) بباء موحدة مفتوحة، ثم ذال معجمة ساكنة، ثم جيم: هو ولد الضان شبه به لما يأتي فيه من الصَّغار، والذل، والحقارة. (قال الحافظ): وتأتي أحاديث كثيرة في ذم الحرص، وحب المال في الزهد وغيره إن شاء الله تعالى. الترغيب في طلب الحلال والأكل منه والترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله طيِّب (¬1) لا يقيبل إلا طيباً (¬2)، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الرُّسل كلوا من الطيّبات (¬3) واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليمٌ. وقال: يا أيها ¬
الذين آمنوا كلوا من طيِّبات ما رزقناكمْ. ثمَّ ذكر الرَّجل يطيل (¬1) السَّفر أشعث (¬2) أغبر يمدُّ يديه (¬3) إلى السماء: يا ربِّ يا ربِّ، ومطعمه حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغذي (¬4) بالحرام، فأنَّي (¬5) يستجاب لذلك؟. رواه مسلم والترمذي. 2 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: طلب الحلال واجب على كلِّ مسلمٍ. رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن إن شاء الله. 3 - وروي عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: طلب الحلال فريضةٌ (¬6) بعد الفريضة. رواه الطبراني والبيهقي. 4 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل طيباً (¬7)، وعمل في سنَّةٍ (¬8)، وأمن الناس بوائقه (¬9) دخل الجنَّة. قالوا: يا رسول الله إنَّ هذا في أمتك اليوم كثيرٌ؟ قال: وسيكون في قرون (¬10) بعدي. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 5 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك (¬11) ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانةٍ، وصدق حديثٍ، وحسن خليفةٍ، وعفَّةٌ في طعمةٍ. رواه أحمد والطبراني، وإسنادهما حسن. ¬
6 - وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما رجلٍ اكتسب (¬1) مالا من حلالٍ فأطعم نفسه، أوْ كساها (¬2)، فمن (¬3) دونه من خلق الله كان (¬4) له به زكاةٌ. رواه ابن حبان في صحيحه من طريق درّاج عن أبي الهيثم. 7 - وعنْ نصيحٍ العنسيِّ عن ركبٍ المصريِّ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طوبى (¬5) لمن طاب كسبه، وصلحت سريرته، وكرمتْ علانيتهُ وعزل عن النَّاس شرَّه، طوبى لمن عمل بعلمهِ، وأنفق الفضل (¬6) من ماله، وأمسك الفضل (¬7) من قوله. رواه الطبراني في حديث يأتي بتمامه في التواضع إن شاء الله. 8 - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تليت هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً. فقام سعد ابن أبي وقَّاص رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا سعد أطب مطعمك (¬8) تكنْ مستجاب الدعوة، والذي نفس محمَّد بيده: إنَّ العبد ليفذف (¬9) اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يوماً، وأيُّما عمدٍ نبت لحمه من سحتٍ (¬10) فالنار أولى (¬11) به. ¬
رواه الطبراني في الصغير. 9 - وروي عن عليٍّ رضي الله عنه قال: كنَّا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلع علينا رجلٌ من أهل العالية، فقال: يا رسول الله أخبرني بأشدِّ شيء في هذا الدِّين وألينهِ؟ فقال: ألينهُ شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، وأشدُّه يا أخا العالية: الأمانة (¬1) إنه لا دين لمن لا أمانة له، ولا صلاة له، ولازكاة له، يا أخا العالية: إنه من أصاب مالا من حرامٍ فلبس منه جلباباً، يعني قميصاً لم تقبل صلاته حتى ينحِّي ذلك الجلباب عنه، إن الله عزَّ وجلَّ أكرم وأجلُّ يا أخا العالية من أن يقبل عمل رجلٍ أو صلاته وعليه جلبابٌ (¬2) من حرامٍ. رواه البزار، وفيه نكارة. 10 - وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: من اشترى ثوباً بعشرة دراهم، وفيه درهم من حرامٍ لمْ يقبل الله عزَّ وجلَّ له صلاة ما دام عليه قال: ثمَّ أدخل أصبعيه في أذنيه، ثمَّ قال: صمَّتا (¬3) إن لم يكن النبيُّ صلى الله عليه وسلم سمعته يقوله. رواه أحمد. 11 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اشترى سرقةً (¬4)، وهو يعْلم أنها سرقة فقد اشترك في عارها (¬5) وإثمها. رواه البيهقي، وفي إسناده احتمال للتحسين، ويشبه أن يكون موقوفاً. 12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حَبْلَهُ فيذهب به إلى الجبل فيحتطب، ثمَّ يأتي به فيحمله على ظهره فيأكل خير له من أن يسأل الناس، ولأن يأخذ تراباً فيجعله في فيه خيرٌ له من أن يجعل في فيه ما حرَّم الله عليه (¬6). رواه أحمد بإسناد جيد. ¬
13 - وعنه رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أدَّيت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك، ومن جمع مالاً حراماً، ثمَّ تصدَّق به لمْ يكن له فيه أجرٌ وكان إصره عليه (¬1). رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، وا لحاكم، كلهم من رواية دراج عن ابن حجيرة عنه. ورواه الطبراني من حديث أبي الطفيل، ولفظه قال: من كسب مالاً من حرامٍ، فأعتق منه، ووصل منه رحمه (¬2) كان ذلك إصراً (¬3) عليه. 14 - وروي أبو داود في المراسيل عن القاسم بن مخيمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اكتسب مالاً من مأتمٍ (¬4) فوصل به رحمه، أوْ تصدَّق به، أو أنفقه في سبيل الله جمع ذلك كلُّه جميعاً فقذف (¬5) به في جهنم. 15 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قسم بينكم أخلاقكمْ كما قسم بينكم أرزاقكمْ، وإن الله يعطي الدنيا من يحبُّ ومنْ لا يحبُّ، ولا يعطي الدين (¬6) إلا من يحبُّ، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبَّه، ولا والذي نفسي بيده لا يسلم (¬7) أولا يسلم عبد حتى يسلم، أو يسلم قلبه (¬8) ولسانه، ولا يؤمن حتى يؤمن جاره بوائقه، قالوا: وما بوائقه؟ قال: غشمه (¬9) وظلمه، ¬
ولا يكسب عبدٌ مالاً حراماً فيتصدَّق به فيقبل منه، ولا ينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده (¬1) إلى النار. إن الله تعالى لا يمحو السيء (¬2) بالسيء ولكن يمحو السيء (¬3) بالحسن، إن الخبيث (¬4) لا يمحو الخبيث. رواه أحمد من طريق أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد، وقد حسنها بعضهم، والله أعلم. 16 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يأتي على الناس زمانٌ (¬5) لا يبالي المرء ما أخذ: أمن الحلال أم من الحرام. رواه البخاري والنسائي، وزاد رزين فيه: فإذ ذلك لا تجاب لهم دعوة. 17 - وعنه رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ قال: الفَمْ (¬6)، والفرْجُ (¬7)، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: تقوى الله (¬8)، وحسن الخلق (¬9). رواه الترمذي، وقال: حديث صحيح غريب. 18 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استحيوا من الله حقَّ الحياء (¬10). قال: قلنا يا نبيِّ الله إنا لنستحي، والحمد لله. قال: ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حقَّ الحياء أن تحفظ الرأس (¬11)، وما وعى، ¬
وتحفظ البطن (¬1) وما حوى، ولتذكر الموت والبلى (¬2)، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حقَّ الحياء. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب، إنما نعرفه من حديث أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد. (قال الحافظ) أبان والصباح مختلف فيهما، وقد ضعف الصباح برفعه هذا الحديث، وصوابه عن ابن مسعود موقوفاً عليه، ورواه الطبراني من حديث عائشة مرفوعاً. (قوله) تحفظ البطن وما حوى: يعني ما وضع فيه من طعام وشراب حتى يكونا من حلهما. 19 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تغبطنَّ (¬3) جامع المال من غير حلِّه، أو قال: من غير حقِّه، فإنه إن تصدَّق به لم يقبل منه، وما بقي كان زاده (¬4) إلى النار. رواه الحاكم من طريق حنش، واسمه حسين ابن قيس، وقال: صحيح الإسناد. (قال المملي): كيف وحنش متروك. ورواه البيهقي من طريقه، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يعجبنَّك رحب (¬5) الذراعين بالدم، ولا جامع المال من غير حلِّه، فإنه إن تصدق به لم يقبل منه، وما بقي كان زاده إلى النار. ورواه البيهقي أيضاً من حديث ابن مسعود بنحوه. 20 - وعن معاذٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تزال قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربعٍ: عن عمره فيم (¬6) أفناه؟ وعن شبابه (¬7) فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين (¬8) اكتسبه، وفيم أنفقه؟ وعن علمهِ (¬9) ماذا فيه؟ رواه ¬
البيهقي وغيره، ورواه الترمذي من حديث أبي برزة وصححه، وتقدم هو وغيره في العلم. 21 - وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدُّنيا خضرة (¬1) حلوة (¬2) من اكتسب فيها مالاً من حلِّهِ، وأنفقه في حقِّه (¬3) أثابه الله عليه، وأورده جنَّته، ومن اكتسب فيها مالاً من غير حلِّه، وأنفقه في غير حقه أحله الله دار الهوان (¬4)، وربَّ متخوِّضٍ (¬5) في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة يقول الله: كلما خبت (¬6) زدناهمْ سعيراً. رواه البيهقي. 22 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحمٌ (¬7) نبت من سحتٍ. رواه ابن حبان في صحيحه في حديث. 23 - وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور
وسلم يا كعب بن عجرة: إنه لا يدخل الجنة لحمٌ، ولا دمٌ نبتا على سحتٍ النار أولى به (¬1) يا كعب بن عجرة: الناس غاديان (¬2) فغادٍ في فكاك نفسه فمعنقها (¬3)، وغادٍ موبقها (¬4) رواه الترمذي. وابن حبان في صحيحه في حديث. ولفظ الترمذي: يا كعب بن عجرة إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به. (السحت) بضم السين، وإسكان الحاء وبضمهما أيضا: هو الحرام، وقيل: هو الخبيث من المكاسب. 24 - وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنَّة جسدٌ (¬5) غذِّي بحرامٍ. رواه أبو يعلي والبزار والطبراني في الأوسط، والبيهقي، وبعض أسانيدهم حسن. الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور 1 - عن النُّعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه ¬
وسلم يقول: الحلال بيِّن (¬1)، والحرام بيِّنٌ، وبينهما مشتبهات (¬2) لا يعلمهنَّ (¬3) كثيرٌ من الناس، فمن اتَّقى (¬4) الشبهات استبرأ (¬5) لدينهِ وعرضهِ، ومنْ وقع في الشبهات (¬6) وقع في الحرام كالرَّاعي (¬7) يرعى حول الحمى (¬8) يوشك (¬9) أن يرتع فيه، ألا وإنَّ لكل ملكٍ حمى، ألا وإنَّ حمى الله محارمه، ألا وإنَّ في الجسد مضغة - مقدار ما يمضغ (¬10) إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدتْ الجسد كلُّه، ألا وهي القلب (¬11). رواه البخاري ومسلم والترمذي، ولفظه: ¬
الحلال بيِّنٌ، والحرام بيِّنٌ، وبين ذلك أمور مشتبهات لا يدري كثيرٌ من الناس أمن الحلال هي أم من الحرام؟ فمن تركها استبرأ لدينهِ وعرضه فقد سلم، ومن واقع شيئاً منها يوشك أن يواقع الحرام كما أنه من يرعى حول الحمى أوشك أن يواقعه، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حمى، ألا وإن حمى الله محارمه. وأبو داود باختصار، وابن ماجه. وفي رواية لأبي داود والنسائي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمورٌ مشتهات، وسأضرب لكمْ في ذلك مثلاً: إن الله حمى حمى، وإن حمى ما حرَّم، وإنه من يرتع حول الحمى يوشك أن يخالطه، وإنَّ من يخالط الرِّيبة يوشك أن يخسر. وفي رواية للبخاري والنسائي: الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهة، فمن ترك ماشيِّة عليه من الإثم كان لما استبان أترك، ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أو شك أن يواقع ما استبان، والمعاصي حمى الله، ومنْ يرتع حوْل الحمى يوشك أن يواقعه. ورواه الطبراني من حديث ابن عباس. ولفظه: الحلال بيِّنٌ، والحرام بيِّنٌ، وبين ذلك شبهات، فمنْ أوقع بهنَّ فهو قمنٌ أن يأثم، ومن اجتنبهنَّ فهو أوفر لدينه كمرتعٍ إلى جنب حمى، وحمى الله الحرام. (رتع الحمى): إذارعي من حوله، وطاف به. (أوشك) بفتح الألف والشين: أي كاد، وأسرع. (واجترأ) مهموز: أي أقدم. (وقمن) في حديث ابن عباس: هو بفتح القاف، وكسر الميم: أي جدير وحقيق. 2 - وعن النَّوَّآس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ¬
البرُّ (¬1) حسن الخلق، والإثم (¬2) ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطَّلع (¬3) عليه الناس. رواه مسلم: (حاك) بالحاء المهملة والكاف: أي جال وتردد. 3 - وعن وابصة بن معبدٍ رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أريد أن لا أدع شيئاً من البرِّ والإثم إلا سألت عنه، فقال لي: ادن يا وابصة: فدنوت (¬4) منه حتى مسَّتْ ركبتي ركبته، فقال لي: يا وابصة: أخبرك عمَّا جئت تسأل عنه. قلت: يا رسول الله أخبرني. قال: جئت تسأل عن البرِّ والإثم؟ قلتُ: نعم، فجمعَ أصابعه الثلاث، فجعل ينكت (¬5) بها في صدري، ويقول: ياوابصة، ¬
استفتِ قلبك، البرُّ ما اطمأنَّت (¬1) إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب، وتردَّد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك. رواه أحمد بإسناد حسن. 4 - وعنْ أبي ثعلبة الخشنيِّ رضي الله عنه قال: قلتُ يا رسول الله أخبرني ¬
ما يحلُّ لي ويحرم عليَّ؟ قال: البرُّ ما سكنت (¬1) إليه النفس واطمأن (¬2) إليه القلب والاثم مالمْ تسكنْ إليه النفس، ولمْ يطمئنَّ إليه القلب، وإن أفتاك المفتون (¬3). رواه أحمد بإسناد جيد. 5 - وعن أنسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد تمرةً في الطريق فقال: لولا أنِّي أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها (¬4). رواه البخاري ومسلم. 6 - وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك (¬5) إلى مالا يريبك (¬6) رواه الترمذي والنسائي، وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. ورواه الطبراني بنحوه من حديث واثلة بن الأسقع، وزاد فيه: قيل فمن الورع (¬7)؟ قال: الذي يقف عند الشبهة. 7 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان لأبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه غلامٌ يخرج له الخراج، وكان أبو بكرٍ يأكل من خراجه، فجاء يوماً بشيء فأكل منه أبو بكرٍ، فقال له الغلام: أتدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنَّتُ (¬8) لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته، فلقيني فأعطاني ¬
لذلك هذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكرٍ يده فقاء (¬1) كل شيء في بطنهِ رواه البخاري. (الخراج): شيء يرفضه المالك على عبده يؤديه إليه كل يوم مما يكتسبه، وباقي كسبه يأخذه لنفسه. 8 - وعن عطيَّة بن عروة السعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين (¬2) حتى يدع مالا بأس (¬3) به حذراً لما به بأسٌ. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، وابن ماجه. والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 9 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم ما الإثم؟ قال: إذا حاك (¬4) في نفسك شيء فدعه. قال فما الإيمان؟ قال: ¬
إذا ساءتك (¬1) سيِّئتك، وسرَّنك حسنتك فأنت مؤمن. رواه أحمد باسناد صحيح. 10 - وروي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث مر كنَّ فيه أستوجب الثَّواب واستكمل الإيمان: خلقٌ (¬2) يعيش به في الناس، وورع يحجزه (¬3) عن محارم الله، وحلمٌ (¬4) يردُّ به جهل الجاهل. رواه البزار. 11 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل العبادة الفقه (¬5)، وأفضل الدين الورع (¬6). رواه الطبراني في معاجيمه الثلاثة، وفي إسناده محمد بن أبي ليلى. 12 - وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العلم خيرٌ من فضل العبادة (¬7)، وخير دينكم الورع (¬8). رواه الطبراني في الأوسط والبزار بإسناد حسن. 13 - وروي عن واثلة عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنْ ورعاً (¬9) تكن أعبد (¬10) الناس، وكن قنعا (¬11) تكنْ ¬
أشكر النَّاس (¬1)، وأحب للنَّاس ما تحبُّ لنفسك تكنْ مؤمناً (¬2)، وأحسن مجاورة من جاورك تكنْ مسلماً (¬3)، وأقلَّ الضَّحك، فإنَّ كثرة الضحك تميت القلب (¬4). رواه ابن ماجه، والبيهقي في الزهد الكبير، وهو عند الترمذي بنحوه من حديث الحسن عن أبي هريرة، ولم يسمع منه. 14 - وروي عن نعيم بن همَّارٍ الغطفانيِّ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: بئس العبد عبد تجبَّر (¬5)، واختال، ونسي الكبير المتعالي. بئس العبدُ عبدٌ يختلُ الدنيا بالدين (¬6) بئس العبد عبدٌ يستحلُّ المحارم (¬7) بالشبهات، بئس العبد عبد هوى (¬8) يضُّله. بئس العبد عبد رغبة تذلُّه (¬9). رواه الطبراني ورواه الترمذي من حديث أسماء بنت عميس أطول منه، ويأتي لفظه في التواضع إن شاء الله تعالى. ¬
الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء
الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء 1 - عنْ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رحم (¬1) الله عبداً سمحاً (¬2) إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى (¬3). رواه البخاري، وابن ماجه واللفظ له، والترمذي، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غفر الله (¬4) لرجلٍ كان قبلكمْ، كان سهلاً إذا باع، سهلاً إذا اشترى، سهلاً إذا اقتضى. 2 - وعن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدخل الله عزَّ وجلَّ رجلاً كان سهلاً، مشترياً وبائعاً، وقاضياً (¬5) ومقتضياً الجنَّة. رواه النسائي، وابن ماجه لم يذكر: قاضياً ومقتضياً. 3 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركمْ بمن يحرم (¬6) على النار، ومنْ تحرم عليه النَّار؟ على كلِّ قريبٍ ¬
هيِّن سهلٍ. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، والطبراني في الكبير بإسناد جيد، وزاد: ليِّنٍ. وابن حبان في صحيحه. وفي رواية لابن حبان إنما تحرم النَّار على كلِّ هيِّنٍ ليِّنٍ قريب سهلٍ. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من كان هيِّناً ليِّناً قريباً حرَّمه الله على النار. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. ورواه الطبراني في الأوسط من حديث أنس، ولفظه: قيل يا رسول الله: من يحرم على النَّار؟ قال: الهيِّن الليِّن السَّهل القريب. ورواه في الأوسط أيضاً والكبير عن معيقب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرِّمتِ النار على الهيِّن اللِّين السَّهل القريب. 5 - وعنه رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله يحبُّ سمح البيع، سمح الشراء، سمح القضاء. رواه الترمذي، وقال: غريب، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 6 - وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمح يسْمَحْ لك. رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح إلا مهديّ بن جعفر. 7 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل المؤمنين: رجلٌ سمح البيع، سمح الشِّراء، سمح الشِّراء، سمح القضاء، سمح الاقتضاء. رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات. 8 - وعن عبد الله بن عمرٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دخل رجلٌ الجنَّة بسماحته قاضياً ومقتضياً. رواه أحمد، ورواته ثقات مشهورون. 9 - وعنْ حذيفة رضي الله عنه قال: أتى الله بعبدٍ من عباده آتاه الله مالاً، فقال له: ماذا عملت في الدنيا؟ قال: ولا يكتمون الله حديثاً؟ قال يا ربِّ: آتيتني مالاً، فكُنت أبايع النَّاس، وكان من خلقي الجواز (¬1)، فكنت أيَسِّرُ على الموسر، ¬
وأنظر (¬1) المعسر، فقال الله تعالى: أنا أحقُّ بذلك منك، تجاوزوا (¬2) عن عبدي، فقال عقبة بن عامرٍ، وأبو مسعودٍ الأنصاريُّ: هكذا سمعناه منْ في رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم هكذا موقوفاً على حذيفة، ومرفوعاً عن عقبة وابن مسعود، وتقدمت بقية ألفاظ هذا الحديث في إنظار المعسر. 10 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يتقاضاه فأغلظ له فهمَّ به أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه فإنَّ لصاحب الحقِّ مقالاً، ثمَّ قال: أعطوه سنا (¬3) مثل سنِّهِ. قالوا يا رسول الله: لا نجد إلا أمثل من سنِّه. قال: أعطوه فإنَّ خيركمْ أحسنكمْ (¬4) قضاء. رواه البخاري ومسلم والترمذي مختصراً ومطولاً، وابن ماجه مختصراً. 11 - وعن أبي رافعٍ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكراً (¬5) فجاءته إبلٌ من الصَّدقة. قال أبو رافعٍ، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقضى الرَّجل بكره، فقلت: لا أجد في الإبل إلا جملاً خياراً (¬6) رباعياً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطه إياه، فإنَّ خيار الناس أحسنهم قضاءً. رواه مالك ومسلم، وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه. 12 - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر، ثمَّ قام خطيباً، فذكر الحديث إلى أن قال: ألا وإن منهمْ حسن القضاء (¬7) حسن الطلب (¬8)، ومنهم سيء القضاء حسن الطلب، فتلك بتلك، ألا وإنَّ منهم السيء القضاء، السيء الطلب، ألا وخيرهم الحسن القضاء، الحسن الطَّلب، ¬
ألا وشرُّهْم سيِّئ القضاء سيءٌ الطَّلبِ. رواه الترمذي في حديث يأتي في الغضب إن شاء الله تعالى، وقال: حديث حسن. 13 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: استسلف النبيُّ صلى الله عليه وسلم من رجلٍ من الأنصار أربعين صاعاً فاحتاج الأنصاريُّ فأتاه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جاءنا شيء، فقال الرَّجل: وأورد أن يتكلَّم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقل إلا خيرا، فإنه خير من تسلِّف فأعطاه أربعين فضلاً (¬1)، وأربعين لسلفهِ، فأعطاه ثمانين. رواه البزار بإسناد جيد. وروي ابن ماجه عنه قال: جاء رجل يطلب النبي صلى الله عليه وسلم بدينٍ فتكلَّم بعض الكلام، فهمَّ به بعض أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهْ (¬2) إنَّ صاحب الدين له سلطان (¬3) على صاحبه حتى يقضيه (¬4). 14 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ يتقاضاه قد استلف منه شطر وسقٍ، فأعطاه وسقاً، فقال: نصف وسق لك، ونصفُ وسقٍ من عندي، ثمَّ جاء صاحب الوسق يتقاضاه، فأعطاه وسقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وسق لك، ووسقٌ من عندي (¬5) رواه البزار، وإسناده حسن إن شاء الله. (شطر وسق): أي نصف وسقٌ. (الوسق) بفتح الواو، وسكون السين المهملة: ستون صاعا، وقيل: حمل بعير. 15 - وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طلب حقًّا فليطلبه في عفافٍ (¬6) وافٍ، أو غير وافٍ. رواه الترمذي ¬
الترغيب في إقالة النادم
وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرح البخاري. 16 - وروي ابن ماجه عن عبد الله بن ربيعة رضي الله عنه أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم استسلف منه حين غزا حنيناً ثلاثين، أوْ أربعين ألفاً قضاها إيَّاه، ثمَّ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: بارك الله لك في أهلك ومالك، إنَّما جزاء السَّلف (¬1) الوفاء، والحمد. (الترغيب في إقالة النادم) 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أقال (¬2) مسلماً بيعته أقاله (¬3) الله عثرته يوم القيامة. رواه أبو داود، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 2 - وفي رواية لابن حبان: من أقال مسلماً عثرته أقاله الله عثرته يوم القيامة. 3 - وفي رواية لأبي داود في المراسيل: من أقال نادماً (¬4) أقاله الله نفسه يوم القيامة. ¬
الترهيب من بخس الكيل والوزن
2 - وعن أبي شريحٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أقال أخاه بيعاً أقاله الله عثرته يوم القيامة. رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات. (الترهيب من بخس الكيل والوزن) 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لمَّا قدم النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث (¬1) الناس كيلاً، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: ويلٌ للمطففِّين فاحسنوا الكيل بعد ذلك (¬2) رواه ابن ماجه، وابن حبان في صحيحه والبيهقي. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الكيل والوزن: إنكم قد وليتمْ أمراً فيه هلكتِ الأممُ السالفة ¬
قبْلكمْ. رواه الترمذي، والحاكم كلاهما من طريق حسين بن قيس عن عكرمة عنه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. (قال الحافظ): كيف، وحسين بن قيس متروك، والصحيح عن ابن عباس موقوف، كذا قال الترمذي وغيره. 3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا معشر المهاجرين: خمسُ خصالٍ إذا ابتليتم (¬1) بهنَّ، وأعوذ بالله أن تدركوهنَّ (¬2): لم تظهر الفاحشة (¬3) في قومٍ قطّ حتى يعلنوا بها إلا فشافيهم الطاعون (¬4) والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم (¬5) الذي مضوا، ولمْ ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين (¬6)، وشدَّة المئونة (¬7)، وجور (¬8) السلطان عليهم، ولمْ يمنعوا زكاة (¬9) أموالهمْ إلا منعوا القطر (¬10) من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا. ولمْ ينقضوا عهد الله (¬11) وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا (¬12) من غيرهمْ فأخذوا ¬
بعض ما في أيديهمْ، وما لمْ تحكمْ أئمَّتهمْ (¬1) بكتاب الله تعالى، ويتخيَّروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم (¬2) بينمْ. رواه ابن ماجه، واللفظ له والبزار والبيهقي، ورواه الحاكم بنحوه من حديث بريدة، وقال: صحيح على شرط مسلم. ورواه مالك بنحوه موقوفاً على ابن عباس، ولفظه قال: ما ظهر الغلول (¬3) في قومٍ إلا ألقى الله في قلوبهم الرُّعب (¬4)، ولا فشا الزِّنا في قومٍ إلا كثر فيهم الموت (¬5) ولانقص قومٌ المكيال والميزان إلا قطع الله عنهم الرِّزق (¬6)، ولا حكم قومٌ بغير حقٍّ ¬
إلا فشافيهم الدَّم (¬1)، ولا ختر قومٌ إلا سلَّط الله عليهم العدوَّ (¬2). رفعه الطبراني وغيره إلى النبي صلى الله عليه وسلم. (الختر) بالخاء المعجمة، والتاء المثناة فوق: هو الغدر، ونقض العهد. (والسنين) جمع سنة: وهي العام المقحط الذي لم تنبت الأرض فيه شيئا سواء وقع قطر أو لم يقع. 4 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: القتل في السبيل (¬3) الله يكفِّر (¬4) الذنوب كلها إلا الأمانة. ثمَّ قال: يؤْتي بالعبد يوم القيامة، وإن قتل في سبيل الله فيقال أدِّ أمانتك فيقول: يا ربِّ كيف وقد ذهبت الدنيا. قال فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية فينطلق به إلى الهاوية، وتمثَّل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه فيراها فيعرفها فيهوى في أثرها حتى يدركها فيحملها على منكبيه حتى إذا نظر ظنَّ أنه خارجٌ زلَّت عن منكبيه فهو يهوى في أثرها أبد الآبدين، ثمَّ قال: الصلاة أمانة، والوضوء أمانةٌ، والوزن أمانة. والكيل أمانة، وأشياء عدَّها، وأشدُّ ذلك الودائع. قال يعني: زاذان، فأتيت البراء بن عازبٍ فقلتُ: ألا ترى إلى ما قال ابن مسعودٍ قال: كذا قال كذا. قال: صدق، أما سمعت الله يقول: إن الله يأمركم (¬5) أن تؤدُّوا الأمانات ¬
الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره
إلى أهلها. رواه البيهقي موقوفاً، ورواه بمعناه هو وغيره ومرفوعاً، والموقوف أشبه. الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حمل علينا السلاح فليْس منّا (¬1)، ومن غشَّنا فليْسَ منَّا. رواه مسلم. 2 - وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على صبرة (¬2) طعامٍ فأدخل يده فيها فنالتْ أصابعه بللاً (¬3)، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء (¬4) يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام (¬5) حتى يراه الناس، من غشَّنا فليس منَّا. رواه مسلم، وابن ماجه، والترمذي، وعنده: من غ شَّ فليْس منَّا، وأبو داود ولفظه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: مرَّ برجلٍ يبيع طعاماً فسأله كيف تبيع؟ فأخبره ¬
فأوحى الله إليه أن أدخل يدك فيه، فإذا هو مبلُولٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليْس منَّا منْ غشَّ (¬1). 3 - وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعامٍ، وقدْ حسَّنه (¬2) صاحبه، فأدخل يده فيه، فإذا طعامٌ ردئ فقال: بعْ هذا على حدةٍ (¬3)، وهذا على حدةٍ، فمنْ غشَّنا فليْس منَّا. رواه أحمد والبزار والطبراني، ورواه أبو داود بنحوه عن مكحول مرسلاً. 4 - عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السوق فرأى طعاماً مصبَّراً (¬4). فأدخل يده فأخرج طعاماً رطباً (¬5) قد أصابته السماء، فقال لصاحبها: ما حملك على هذا؟ قال: والذي بعثك بالحقّث إنه لطعامٌ واحدٌ. قال أفلا عزلْت الرَّطب على حدتهث (¬6) واليابس على حدتهث فتتبايعون (¬7) ما تعرفون، منْ غشَّنا فليْس منَّا. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد. 5 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليْس منَّا، والمكر، والخداع (¬8) في النار. رواه الطبراني في الكبير والصغير بإسناد جيد، وابن حبان في صحيحه. ¬
ورواه أبو داود في مراسيله عن الحسن مرسلا مختصرا قال: المكرُ، والخديعة، والخيانة (¬1) في النَّار. 6 - وعنْ قيس بن أبي غرزة رضي الله عنه قال: مرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم برجلٍ يبيع طعاماً، فقال يا صاحب الطعام: أسفل هذا مثل (¬2) أعلاه؟ فقال: نعمْ يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غشَّ المسلمين فليْس منهمْ. رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات. 7 - وعنْ صفوان بن سليمٍ أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه مرَّ بناحية الحرَّة، فإذا إنسان يحمل لبنا يبيعه فنظر إليه أبو هريرة، فإذا هو قدْ خلطه (¬3) بالماء، فقال له أبو هريرة: كيف بك إذْ قيل لك يوم القيمة خلص الماء من اللبن (¬4). رواه البيهقي والأصبهاني موقوفا بإسناد لا بأس به. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم: أنَّ رجلاً كان يبيع الخمر في سفينةٍ له، ومعه قردٌ في السفينة، وكان يشوب (¬5) الخمر بالماء فأخذ القرد الكيس فصعد (¬6) الذروة، وفتح الكيس فجعل يأخذ ديناراً فيلقيه في السنة، وديناراً في البحر حتى جعله نصفين. ورواه البيهقي أيضاً، ولا أعلم في رواته مجروحاً، وروي عن الحسن مرسلاً. وفي رواية للبيهقي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تشوبوا اللبن للبيع (¬7)، ثم ذكر حديث المحفلة، ثم قال موصولا بالحديث: ألا وإنَّ رجلاً ممنْ كان قبلكمْ جلب خمراً إلى قريةٍ فشابها بالماء فأضعف أضعافا فاشترى قرداً فركب البحر حتى إذا لججَ ¬
فيه ألهم الله صرَّة الدَّنانير فأخذها فصعد الدَّقل ففتح الصُّرَّة وصاحبها ينظر إليه فأخذ ديناراً فرمى به في البحري، وديناراً في السَّفينة حتى قسمها نصفين. وفي أخرى له أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ رجلاً كان فيمنْ كان قبلكمْ حمل خمراً، ثمَّ جعل في كلِّ رزقٍّ نصفاً ماء، ثمَّ باعه، فلمَّا جمع الثمن جاء ثعلبٌ فأخذ الكيس وصعد الدَّقل (¬1)، فجعل يأخذ ديناراً فيرمي به في السفينة، ويأخذ دينارا فيرمي به في الماء حتى فرغ ما في الكيس (¬2). 9 - وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: من غشنا فليْس منَّا. رواه البزار بإسناد جيد. (قال المملي) عبد العظيم: قد روي هذا المتن عن جماعة من الصحابة مهم: عبد الله ابن عباس، وأنس بن مالك، والبراء بن عازب، وحذيفة بن اليمان، وأبو موسى الأشعري، وأبو بردة بن نيار وغيرهم، وتقدم من حديث ابن مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة، وقيس بن أبي غرزة. 10 - وعن أبي سباعٍ رضي الله عنه قال: اشْتريت ناقةً من دار واثلة ابن الأسقع، فلمَّا خرجت بها أدركني يجرُّ إزاره، فقال: اشتريت؟ قلت: نعم. قال: أبيِّن (¬3) لك ما فيها. قلت: وما فيها؟ قال: إنها لسمينة ظاهرة الصِّحَّة. قال: أردت بها سفراً، أو أردت بها لحما؟ قلتُ: أردت بها الحجِّ (¬4) قال: فارتجعها (¬5)، فقال صاحبها: ما أردت إلى هذا، أصلحك الله تفسد عليَّ؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحلُّ لأحد يبيع شيئاً إلا بين ما فيه، ولا يحلُّ لمنْ علم ذلك إلا بيَّنه رواه الحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ورواه ابن ماجه باختصار القصة إلا أنه قال: عن واثلة بن الأسقع قال: سمعتُ رسول ¬
الله صلى الله عليه وسلم يقول: من باع عيباً لمْ يبيِّنْه لم يزل في مقت (¬1) الله، ولم تزل الملائكة تلعنه (¬2)، وروي هذا المتن أيضاً من حديث أبي موسى. 11 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمُ أخو المسلم (¬3)، ولا يحلُّ لمسلم إذا باع من أخيه بيعا فيه عيبٌ أن لا يبينه (¬4) رواه أحمد، وابن ماجه والطبراني في الكبير، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، وهو عند البخاري موقف على عقبة لم يرفعه. 12 - وروي عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمنون بعضهم لبعض نصحةٌ (¬5) وادُّون، وإنْ بعدتْ منازلهمْ وأبدانهم (¬6). والفجرة (¬7) بعضهم لبعض غششةٌ (¬8) متخاونون وإن اقتربت منازلهمْ وأبدانهمْ. رواه أبو الشيخ بن حبان في كتاب التوبيح. 13 - وعن تميمٍ الدَّاريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
إن الدين (¬1) النصيحة (¬2). قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمَّة المسلمين وعامَّتهمْ. رواه مسلم والنسائي. وعنده: إنما الدين النصيحة. وأبو داود، وعنده قال: إنَّ الدين النصيحة. إن الدين النصيحة. إن الدين النصيحة الحديث. ورواه الترمذي من حديث أبي هريرة بالتكرار أيضاً، وحسَّنه. ورواه الطبراني في الأوسط من حديث ثوبان إلا أنه قال: رأس الدين النَّصيحة، فقالوا: لمنْ يا رسول الله؟ قال: لله عزَّ وجلَّ، ولدينهِ، ولأئمة المسلمين وعامَّتهم. 14 - وعن زياد بن علاقة رضي الله عنه قال: سمعت جرير بن عبد الله يقول: يوم ماتَ المغيرة بن شعبة: أمَّا بعد فإني أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أبايعك على الإسلام فشرط عليَّ، والنُّصح لكلِّ مسلمٍ (¬3) فبايعته على هذا، وربِّ هذا المسجد (¬4) إني لكمْ لناصحٌ. رواه البخاري ومسلم. 15 - وعن جريرٍ أيضاً رضي الله عنه قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على ¬
إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة (¬1) والنصح لكلِّ مسلم (¬2). رواه البخاري ومسلم والترمذي. ورواه أبو داود والنسائي، ولفظهما: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على السَّمع (¬3) والطاعة (¬4)، وأن أنصح لكِّ مسلم، وكان إذا باع الشيء أو اشترى. قال: أما إن الذين أخذنا منك أحبُّ إلينا مما أعطاك فاختر (¬5). 16 - وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجلَّ: أحبُّ ما تعبَّد لي به عبدي النُّصح لي (¬6). رواه أحمد. 17 - وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لا يهتمُّ بأمر (¬7) المسلمين فليس منهمْ، ومنْ لمْ يصبحْ ويمس ناصحاً لله ولرسوله، ولكتابه، ولإمامهِ، ولعامَّة المسلمين فليس منهم رواه الطبراني من رواية عبد الله بن أبي جعفر. ¬
18 - وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن (1) (¬1) أحدكمْ ¬
حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنسفهِ. رواه البخاري، ومسلم وغيرها، ورواه ابن حبان ¬
في صحيحه، ولفظه: لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يحبَّ للناس ما يحبُّ لنفسه. ¬
الترهيب من الاحتكار
الترهيب من الاحتكار 1 - عن معمرِ بن أبي معمرٍ، وقيل: ابن عبد الله بن نضلة رضي الله عنه قال: ¬
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من احتكر (¬1) طعاماً فهو خاطئ (¬2). رواه مسلم وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه. ولفظهما قال: لا يحتكر إلا خاطئ. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من احتكر طعاماً أربعين (¬3) ليلة فقد برئ (¬4) من الله، وبرئ الله منه، وأيُّما أهل عرصةٍ (¬5) أصبح فيهم أمرؤ جائعاً، فقد برئتْ منهمْ ذمَّة الله تبارك وتعالى رواه أحمد وأبو يعلي والبزار والحاكم، وفي هذا المتن غرابة، وبعض أسانيده جيد، وقد ذكر رزين شطره الأول، ولم أره في شيء من الأصول التي جمعها. ¬
3 - وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجالب (¬1) مرزوق، والمحتكر ملعونٌ. رواه ابن ماجه والحاكم كلاهما عن علي بن سالم ابن ثوبان عن عليّ بن يزيد بن جدعان، وقال البخاري: والأزدي لا يتابع عليّ بن سالم على حديثه هذا. (قال الحافظ) زكي الدين: لا أعم لعليّ بن سالم غير هذا الحديث، وهو في عداد المجهولين، والله أعلم. 4 - وعن الهيثم بن رافعٍ عن أبي يحيى المكِّيِّ عن فرُّوخٍ مولى عثمان ابن عفان رضي الله عنه أن طعاما ألقى على باب المسجد، فخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو أمير المؤمنين يومئذٍ، فقال: ما هذا الطعام؟ فقالوا: طعام جلب إلينا، أو علينا فقال: بارك الله فيه وفيمنْ جلبه إلينا أو علينا، فقال له بعض الذين معه يا أمير المؤمنين: قد احتكر. قال: ومن احتكره؟ قالوا: احتكره فرُّوخٌ، وفلانٌ مولى عمر بن الخطاب، فأرسل إليهما فأتياه فقال: ما حملكما على احتكاركما طعام المسلمين؟ قالوا: يا أمير المؤمنين نشتري بأموالنا ونبيع، وقال عمر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس (¬2)، فقال عند ذلك فرُّوخٌ: أيا أمير المؤمنين فإني أعاهد الله، وأعاهدك ألا أعود في احتكار طعامٍ أبداً، فتحوَّل إلى مصر، وأما مولى عمر فقال: نشتري بأموالنا ونبيع، فزعم أبو يحيى أنه رأى مولى عمر مجذوماً (¬3) مشدوخاً (¬4). رواه الأصبهاني هكذا، وروى ابن ماجه المرفوع منه فقط عن يحيى بن حكيم حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الهيثم بن رافع حدثني أبو يحيى المكيّ. وهذا إسناد جيد متصل، ورواته ثقات، وقد أنكر على الهيثم روايته لهذا الحديث مع كونه ثقة، والله أعلم. 5 - وعن معاذ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بئس (¬5) العبد المحتكر إن أرخص الله الأسعار حزن (¬6)، وإن أغلاها فرح. ¬
وفي رواية: إن سمع برخصٍ ساءه، وإن سمع بغلاء فرح، ذكره رزين في جامعه، ولم أره في شيء من الأصول التي جمعها، إنما رواه الطبراني وغيرها بإسناد واوهٍ. 6 - توعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أهل المدائن (¬1) هم الحبساء (¬2) في سبيل الله فلا تحتكروا عليهم الأقوات، ولا تغلوا عليهم الأسعار، فإنَّ من احتكر عليهمْ طعاما أربعين يوماً، ثم تصدَّق به لم تكن كفَّارة له (¬3). ذكره رزين أيضاً ولم أجده. 7 - وعنْ أبي هريرة ومعقل بن يسارٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يحشر الحاكرون (¬4)، وقتلة الأنفس (¬5) في درجةٍ، ومن دخل في شيء من سعر المسلمين يغلِّبه عليهمْ (¬6) كان حقا على الله أن يعذِّبه في معظم النار يوم القيامة. ذكره رزين أيضاً، وهو مما انفرد به مهنأ بن يحيى عن بقية بن الوليد عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن أبي هريرة، وفي هذا الحديث والحديثين قبلة نكارة ظاهرة، والله أعلم. 8 - وعن الحسن قال: ثقل معقل بن يسار، فأتاه عبد الله بن زيادٍ رضي الله عنه يعوده فقال: هلْ تعلم يا معقل أني سفكتُ دماً حراماً. قال: لا أعلم. قال: هلْ علمت أني دخلت في شيء من أسعار المسلمين. قال: ما علمت؟ قال: أجلسوني، ثم قال: اسمع يا عبد الله حتى أحدِّثك شيئاً ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّة، ولا مرَّتين، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهمْ كان حقاً على الله تبارك وتعالى أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة. قال: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم غير مرَّةٍ ولا مرَّتين. ¬
ترغيب التجار في الصدق، وترهيبهم من الكذب والحلف وإن كانوا صادقين
رواه أحمد والطبراني في الكبير، والأوسط إلا أنه قال: كان حقا على الله تبارك وتعالى وأنْ يقذفه في معظم النار، والحاكم مختصرا، ولفظه قال: من دخل في شيء من أسعار المسلمين يغلي عليهمْ كان حقا على الله أن يقذفه في جهنَّم رأسه أسفله. رووه كلهم عن زيد ابن مرة عن الحسن، وقال الحاكم: سمعه معتمر بن سليمان وغيره من زيد. (قال المملي) الحافظ: ومن زيد بن مرة فرواته كلهم ثقات معروفون غيره فإني لا أعرفه، ولم أقف له على ترجمة، والله أعلم بحاله. 9 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: احتكار الطعام بمكة إلحاد. رواه الطبراني في الأوسط من رواية عبد الله بن المؤمل. 10 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من احتكر حكرةً يريد أن يغالي بها على المسلمين فهو خاطئ، وقد برئتْ منه ذمَّة الله. رواه الحاكم من رواية إبراهيم بن إسحاق الغسيلي، وفيه مقال، والله أعلم. ترغيب التجار في الصدق وترهيبهم من الكذب والحلف وإن كانوا صادقين 1 - عنْ أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التاجر الصدوق (¬1) الأمين مع النبيين والصِّدِّيقين والشهداء. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. ورواه ابن ماجه عن ابن عمر، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التاجر الأمين الصَّدوق المسلم مع الشهداء يوم القيامة. 2 - وروي عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة. رواه الأصبهاني وغيره. ¬
3 - وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ التاجر إذا كان فيه أربع خصالٍ طاب (¬1) كسبه: اذا اشترى لم يذمَّ، وإذا باع لمْ يمدحْ، ولمْ يدلِّس في البيع، ولمْ يحلف فيما بين ذلك. رواه الأصبهاني أيضاً، وهو غريب جداً. ورواه أيضا وهو البيهقي من حديث معاذ بن جبل، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أطيب الكسيب كسب التجار الذين إذا حدَّثوا (¬2) لم يكذبوا، وإذا ائتمنوا لمْ يخونوا، وإذا وعدوا (¬3) لم يخلفوا، وإذا اشتروا لمْ يذمُّوا، وإذا باعوا لمْ يمدحوا، وإذا كان عليهم لمْ يمطلوا (¬4)، وإذا كان لهمْ لمْ يعسِّروا (¬5). 4 - وعن حكيم بن جزام رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: البيعان (¬6) بالخيار مالمْ يتفرَّقا، فإن صدق (¬7) البيِّعان، وبيَّنا (¬8) بورك (¬9) لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا فعسى أن يربحا ربحاً، ويمحقا بركة بيعهما، اليمين الفاجرة (¬10) منفقة للسلعة ممحقة للكسب. رواه البخاري، ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. 5 - وعن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنهما أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلًّى فرأى الناس يتبايعون، فقال: يا معشر ¬
التجار، فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجَّاراً (¬1) إلا من اتَّقى الله وبرَّ وصدق. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 6 - وعن عبد الرحمن بن شبلٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ التجار همُ الفجَّار. قالوا: يا رسول الله أليْس قد أحلَّ الله البيع؟ قال: بلى، ولكنَّهم يحلفون فيأثمون، ويحدِّثون فيكذبون. رواه أحمد بإسناد جيد والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد. 7 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الحلف حنثٌ، أوْ ندمٌ. رواه ابن ماجه، وابن حبان في صحيحه. 8 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكِّيهم ولهم عذابٌ أليمٌ. قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مراتٍ، فقلت: خابوا وخسروا، ومن هم يا رسول الله؟ قال: المسبل (¬2). والمنَّان (¬3)، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب (¬4) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه إلا أنه قال: المسْبلُ إزاره، والمنَّان عطاءه، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب. 9 - وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر (¬5) الله إليهم يوم القيامة: أشميط زانٍ (¬6)، وعائلٌ (¬7) مستكبرٌ، ورجلٌ جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه (¬8)، ولا يبيع إلا بيمينه. رواه الطبراني في الكبير، وفي الصغير والأوسط إلا أنه قال: فيهما ثلاثة لا يكلِّمُهمُ الله ولا يزكِّيهم، ولهمْ عذابٌ أليمٌ، فذكره. ورواته محتجٌ بهم في الصحيح. ¬
(أشميط): مصغر أشمط، وهو من ابيضّ بعض شعر رأسه كبرا، واختلط بأسوده (والعائل) الفقير. 10 - وروي عن عصمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر الله إليهم غداً: شيخٌ (¬1) زانٍ، ورجل اتَّخذ الأيمان بضاعته يحلف في كلِّ حق وباطلٍ، وفقير مختالٌ مزهوٌ. رواه الطبراني. (مزهوٌ) أي متكبر معجب فخور. 11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهمْ، ولا يزكِّيهم، ولهمْ عذاب أليمٌ: رجلٌ على فضل (¬2) ماء بفلاةٍ يمنعه ابن السَّبيل، ورجلٌ بايع رجلاً بسلعتهِ (¬3) بعد العصر، فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا فصدَّقه فأخذها وهو على غير ذلك، ورجلٌ بايع إماماً (¬4) لا يبايعه إلا للدنيا، فإن أعطاه منها ما يريد وفي له، وإنْ لم يعطه لم يف. وفي رواية نحوه وقال: ورجلٌ حلف على سلعته لقد أعطي بها أكثر مما (¬5) أعطى وهو كاذبٌ، ورجلٌ حلف على يمينٍ كاذبةٍ (¬6) بعد العصر ليقتطع بها مال امرئٍ مسلمٍ ¬
ورجلٌ منع فضل ماءٍ، فيقول الله عزَّ وجلَّ له: اليوم أمنعك فضلي (¬1) كما منعت فضل (¬2) ما لمْ تعمل يداك. رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه، وأبو داود بنحوه. 12 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة يبغضهم الله (¬3): البيَّاع الحلاف (¬4)، والفقير المختال (¬5)، والشَّيخ الزَّاني (¬6)، والإمام الجائر (¬7). رواه النسائي، وابن حبان في صحيحه، وهو في مسلم بنحوه، دون ذكر البياع ويأتي لفظه في الترهيب من الزنا إن شاء الله. 13 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يحبُّ ثلاثة، ويبغض ثلاثة، فذكر الحديث إلى أن قال: قلتُ: فمنٍ الثلاثة الذين يبغضهم الله؟ قال: الختال الفخور (¬8) وأنتم تجدونه في كتاب الله المنزل: إنَّ الله لا يحبُّ كل مختال فخورٍ. والبخيل المنَّان (¬9) والتاجر، أو البائع الحلاف. رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، ورواه أبو داود والترمذي والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحه بنحوه، وتقدم لفظهم في صدقة السر. 14 - وعنْ أبي سعيد رضي الله عنه قال: مرَّ أعرابي بشاةٍ، فقلت: تبيعها ¬
بثلاثة دراهم؟ فقال. لا والله (¬1)، ثمَّ باعها، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: باع آخرته بدنياه. رواه ابن حبان في صحيحه. 15 - وعنْ واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلينا وكنَّا تجَّاراً، وكان يقول: يا معشر التجار إياكم والكذب (¬2). رواه الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به إن شاء الله. 16 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الحلف (¬3) منفقة (¬4) للسلعة (¬5) ممحقة (¬6) للكسب. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود إلا أنه قال: ممحقةٌ للبركة. 17 - وعن قتادة رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إياكم، وكثرة الحلف (¬7) في البيع، فإنه ينفق (¬8)، ثمَّ يمحق. رواه مسلم ¬
والنسائي، وابن ماجه. ¬
الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر
الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
يقول الله عزَّ وجلَّ: أنا ثالث الشَّريكين (¬1) ما لمْ يخنْ أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجت من بينهما (¬2). زاد رزين فيه: وجاء الشيطان. رواه أبو داود، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، والدارقطني، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يد الله على الشَّريكين (¬3) ما لمْ يخنْ أحدهما ¬
صاحبه، فإن خان أحدهما (صاحبه) رفعها عنهما
الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه
الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه 1 - عنْ أبي أيوب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من فرَّ (¬1) بين والدةٍ وولدها فرَّق (¬2) الله بينه وبين أحبَّته يوم القيامة. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، والحاكم والدارقطني، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 2 - وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ملعون من فرَّق بين والدةٍ وولدها (¬3). قال أبو بكر، يعني ابن عياش: هذا مبهم، وهو عندنا في السبى والولد. رواه الدارقطني من طريق طليق بن محمد عنه، وطليق مع ما قيل فيه لم يسمع من عمران. ¬
الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوج أن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت
ورواه ابن ماجه والدارقطني أيضاً من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، وقد ضعف عن طليق بن عمران عن أبي بردة عن أبي موسى قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فرَّق بين الوالدة وولدها، وبين الأخ وأخيه. الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوج أن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت 1 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أعوذ بالله من الكفر (¬1) والدَّين (¬2)، فقال رجلٌ: يا رسول الله، أتعدل الكفر بالدين؟ قال: نعم (¬3). رواه النسائي والحاكم من طريق درّاج عن أبي الهيثم، وقال: صحيح الإسناد. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدَّين راية الله في الأرض، فإذا أراد الله أن يذلَّ عبداً وضعه في عنقه. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. (قال الحافظ) بل فيه بشر بن عبيد الدارسي واهٍ. 3 - وروي عنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوصي رجلاً وهو يقول: أقلَّ من الذُّنوب يهنْ عليك الموتُ، وأقلَّ من الدين تعشْ حرًّا. رواه البيهقي. 4 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تخيفيوا أنفسكم بعد أمنها. قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: الدين. رواه أحمد واللفظ له، وأحد إسناديه ثقات، وأبو يعلي، والحاكم، والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 5 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فارق ¬
روحه جسده، وهو بريء من ثلاثٍ دخل الجنَّة: الغول (¬1) والدَّين (¬2)، والكبر (¬3). رواه الترمذي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، وتقدم لفظه. والحاكم، وهذا لفظ، وقال: صحيح على شرطهما. قال الترمذي: قال سعيد بن أبي عروبة: الكنز يعني بالزاي، وقال أبو عوانة في حديثه: الكبر يعني بالراء. قال: ورواية سعيد أصحّ، وقال البيهقي في كتابه عن أبي عبد الله يعني الحاكم: الكنز مقيد بالزاي، والصحيح في حديث أبي عوانة بالراء. 6 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعاً: من تداين بدينٍ، وفي نفس وفاؤه ثمَّ مات تجاوز (¬4) الله عنه، وأرضى غريمه (¬5) بما شاء، ومن تداين بدينٍ وليس في نفسه وفاؤه، ثمَّ مات اقتص (¬6) الله عزَّ وجلَّ لغريمه يوم القيامة. رواه الحاكم عن بشر ابن نمير، وهو متروك، عن القاسم عنه. ورواه الطبراني في الكبير أطول منه، ولفظه قال: من ادَّان (¬7) دينا وهو ينوي أنْ يؤديه (ومات) أدَّاه الله عنه يوم القيامة، ومن استدان ديناً وهو لا ينوي أن يؤدِّيه فمات قال الله عزَّ وجلَّ له يوم القيامة: ظننت أني لا آخذ لعبدي بحقِّه فيؤخذ من حسانتهِ فيجعل في حسنات الآخر، فإنْ لم يكن له حسنات أخذ من سيئات الآخر فيجعل عليه. 7 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس (¬8) يريد أداءها أدَّى الله عنه (¬9)، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها (¬10) ¬
أتلفه الله (¬1). رواه البخاري، وابن ماجه وغيرهما. 8 - وعن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ حمل منْ أمَّتي ديناً، ثمَّ جهد في قضائه، ثمَّ مات قبل أن يقضيه فأنا وليُّه (¬2). رواه أحمد بإسناد جيد، وأبو يعلي والطبراني في الأوسط. 9 - وعنها رضي الله عنها أنها كانت تداين، فقيل لها: مالك وللدَّين؟ ولك عنه مندوحةٌ (¬3) قالتْ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما منْ عبدٍ كانت له نيَّة في أداء دينه إلا كان له من الله عون (¬4)، فأنا ألتمس ذلك العون. وفي رواية: من كان عليه دينٌ همَّة قضاؤه أو همَّ بقضائه لمْ يزلْ معه من الله حارسٌ (¬5). رواه أحمد، ورواته محتجّ بهم في الصحيح إلا أن فيه انقطاعا. ورواه الطبراني بإسناد متصل فيه نظر، وقال فيه: كان له من الله عون، وسبَّب له رزقاً (¬6). 10 - وعن عمران بن حصينٍ رضي الله عنهما قال: كانت ميمونة تدَّان فتكثر فقال لها أهلها في ذلك، ولاموها (¬7) ووجدوا (¬8) عليها، فقالت: لا أترك الدين، وقدْ سمعتُ خليلي وصفيِّي (¬9) صلى الله عليه وسلم يقول: ما منْ أحدٍ يدَّان ديناً يعلم الله أنَّه يريد قضاؤه إلا أدَّاه الله عنه في الدنيا. رواه النسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه. 11 - وعنْ صهيب الخير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
أيُّما رجلٍ تديَّن ديناً، وهو مجمعٌ أن لا يوفِّيه (¬1) إياه لقى الله سارقاً. رواه ابن ماجه والبيهقي، وإسناده متصل لا بأس به إلا أن يوسف بن محمد بن صيفي بن صهيب قال البخاري: فيه نظر. ورواه الطبراني في الكبير، ولفظه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيُّما رجل تزوَّج أمرأة ينوي ألا يعطيها من صداقها شيئاً مات يوم يموت، وهو زانٍ (¬2) وأيُّما رجل اشترى من رجلٍ بيعا ينوي ألا يعطيه من ثمنه شيئاً مات يوم يموت، وهو خائنٌ (¬3) والخائن في النار. وفي إسناده عمر بن دينانر متروك. 12 - وعن القاسم مولى معاوية رضي الله عنه أنَّه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تديَّن بدينٍ وهو يريد أن يقضيه حريصٌ على أنَّ يؤديه فمات ولمْ يقض دينه، فإن الله قادرٌ على أن يرضي غريمه بما شاء من عنده ويغفر للمتوفي، ومن تدين بدينٍ وهو يريد ألا يقضيه فمات على ذلك ولم يقض دينه، فإنَّه يقال له: أظننت أنا لن نوفي فلاناً حقه منك فيؤخذ من حسناته فيجعل زيادة في حسنات ربِّ الدَّين، فإن لم يكن له حسناتٌ أخذ من سيئات ربِّ (¬4) الدَّين فجعلت في سيئات المطلوب. رواه البيهقي، وقال: هكذا جاء مرسلا. 13 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات وعليه دينارٌ، أو درهمٌ قضى (¬5) من حسناته، ليس ثم دينار (¬6) ولا درهم. رواه ابن ماجه بإسناد حسن، والطبراني في الكبير. ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدين دينان، فمن مات وهو ينوي قضاءه (¬7) ¬
فأنا وليُّه (¬1) ومن مات وهو لا ينوي قضاءه فذاك الذي يؤخذ من حسناته، ليْس يومئذٍ (¬2) دينارٌ ولا درهمٌ. 14 - وعن محمَّد بن عبد الله بن جحشٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً حيث توضع الجنائز فرفع رأسه قبل السماء، ثمَّ خفض بصره فوضع يده على جبهته، فقال: سبحان الله، سبحان الله، ما أنزل من التشديد. قال: فعرفنا وسكتنا حتى إذا كان الغد (¬3) سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: ما التشديد الذي نزل؟ قال: في الدين، والذي نفسي بيده لو قتل رجلٌ في سبيل الله، ثم عاش، ثم قتل، ثمَّ عاش، ثمَّ قتل وعليه دينٌ ما دخل الجنَّة حتى يقضي (¬4) دينه. رواه النسائي والطبراني في الأوسط، والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد. 15 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل أن يسلفه (¬5) ألف دينارٍ، فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم، فقال: كفى بالله شهيداً (¬6) قال فائتني بالكفيل (¬7). قال: كفى بالله كفيلا، قال: صدقت (¬8)، فدفعها إليه إلى أجلٍ مسمَّى (¬9) فخرج في البحر (¬10) فقضى حاجته، ثمَّ التمس (¬11) مرْكبا كبهُ، ويقدم عليه للأجل الذي أجَّله فلمْ يجد مرْكباً، فأخذ خشبةً فنقرها (¬12)، فأدخل فيها ألف دينارٍ، وصحيفةً (¬13) منه إلى ¬
صاحبها، ثمَّ زحَّج (¬1) موضعها، ثمَّ أتى بها البحر، فقال: اللهم إنك تعلمُ أني تسلفتُ فلاناً ألف دينارٍ فسألني كفيلاً، فقلت: كفى بالله كفيلا فرضي بك، وسألني شهيداً، فقلت: كفى بالله شهيداً فرضي بك، وإني جهدت (¬2) أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلمْ أقدرْ، وإني أستودعكها، فرمى بها في البحر حتى ولجت (¬3) فيه، ثمَّ انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده، فخرج الرَّجل الذي كان أسلفه ينظر لعلَّ مركباً قد جاء بماله، فإذا الخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطباً، فلما نشرها (¬4) وجد المال والصحيفة. ثمَّ الذي كان أسلفه، وأتى بالألف دينارٍ، فقال: والله ما زلت جاهداً في طلب مركبٍ لآتيك بمالك فما وجدت مركباً قبل الذي جئت ¬
فيه. قال: هلْ كنت بعثت إليَّ بشيءٍ. قال أخبرك أنِّي لمْ أجد مرْكباً قبل الذي جئت فيه. قال: فإنَّ الله قدْ أدَّى عنك الذي بعثته في الخشبة، فانصرف بالألف الدينار راشداً. رواه البخاري مغلقا مجزوما، والنسائي، وغيره مسنداً. (قوله زجج) بزاي وجيمين: أي طلي نقر الخشبة بما يمنع سقوط شيء منه. 16 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تزوَّج امرأة على صداقٍ (¬1)، وهو ينوي أن لا يؤدِّيه إليها، فهو زانٍ (¬2)، ومن أدان ديناً وهو ينوي أن لا يؤديه إلى ضاحبه أحسبه. قال: فهو سارق (¬3). رواه البزار وغيره. 17 - وعنْ ميمونٍ الكرديِّ عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما رجلٍ تزوَّج امرأةً على ما قلَّ من المهر، أو كثر ليْس في نفسه أن يؤدي إليها حقَّها خدعها (¬4)، فمات ولمْ يؤدِّ إليها حقها لقي الله يوم القيامة وهو زانٍ، وأيما رجلٍ استدان ديناً لا يريد أن يؤدي إلى صاحبه حقه خدعه حتى أخذ ماله، فمات ولمْ يؤدِّ إليه دينه، لقي الله وهو سارقٌ. رواه الطبراني في الصغير والأوسط، ورواته ثقات، وتقدم حديث صهيب بنحوه. 18 - وعنْ عبد الرَّحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يدعو الله بصاحب الدين يوم القيامة حتى يوقف بين يديه، فيقال يا ابن آدم: فيم أخذت هذا الدين، وفيم ضيَّعت حقوق الناس؟ فيقول يا ربِّ: إنك تعلم أنِّي أخذته، فلمْ آكلْ، ولم أشربْ، ولم ألبسْ، ولمْ أضيِّعْ، ولكنْ أتى عليَّ إما حرقٌ، وإما سرقٌ، وإما وضيعةٌ، فيقول الله: صدق عبدي، أنا أحقُّ من قضي عنك، فيدعو الله بشيءٍ، فيضعه في كفَّة ميزانه، فترجع حسناته على سيِّئاته، فيدخل الجنَّة بفضل رحمته (¬5). رواه أحمد، والبزار، والطبراني، وأبو نعيم، أحد أسانيدهم حسن. (الوضيعة): هي البيع بأقلّ عما اشترى به. ¬
19 - وروي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الدَّين يقتصُّ من صاحبه يوم القيامة إذا مات إلا من تديِّن في ثلاث خلالٍ: الرَّجل تضعف قوَّته في سبيل الله، فيستدين يتقوَّى به على عدوِّ الله وعدوِّه، ورجل يموت عنده مسلم لا يجد بما يكفِّنه ويواريه إلا بدين، ورجلٌ خاف على نفسه العزبة فينكح خشيةً على دينه، فإنَّ الله يقض عن هؤلاء يوم القيامة (¬1). رواه ابن ماجه هكذا، والبزار. ولفظه: ثلاثٌ من تديَّن فيهنَّ، ثمَّ مات ولم يقض فإنَّ الله يقضي عنه: رجل يكون في سبيل الله فيخلق (¬2) ثوبه، فيخاف أن تبدو عورته (¬3)، أو كلمة نحوها فيموت، ولمْ يقض دينه، ورجلٌ مات عنده رجل مسلمٌ فلمْ يجد ما يكفِّنه به، ولا ما يواريه فمات ولمْ يقض دينه ورجلٌ تخاف على نفسه العنت فتعفَّف بنكاح امرأةٍ فمات ولمْ يقْضِ، فإنَّ الله يقضي عنه يوم القيامة. (العنت) بفتح العين والنون جميعا: هو الإثم والفساد. 20 - وعن عبد الله بن ججعفرٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله مع الدَّائن (¬4) حتى يقضي دينه مالمْ يكنْ فيما يكرهه الله. قال: وكان عبد الله بن جعفرٍ يقول لخازنه: اذهب فخذ لي بدينٍ (¬5) فإني أكره أن أبيت ليلة إلا ¬
والله معي (¬1) بعد إذ سمعته منْ رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه ابن ماجه باسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وله شواهد. 21 - وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من حالتْ (¬2) شفاعته دون حدٍ من حدود الله، فقدْ ضادَّ الله (¬3) في أمره، ومن مات وعليه دينٌ، فليس ثمَّ (¬4) دينارٌ ولا درهمٌ ولكنَّها الحسنات والسَّيئات، ومن خاصم (¬5) في باطلٍ، وهو يعلم لمْ يزلْ في سخط (¬6) الله حتى ينزع (¬7)، ومن قال في مؤمن: ما ليْس فيه حبس في ردغة (¬8) الخبال حتى يأتي بالمخرج (¬9) مما قال. رواه الحاكم وصححه، ورواه أبو داود والطبراني بنحوه، ويأتي لفظهما إن شاء الله تعالى. 22 - وعن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هاهنا أحدٌ من بني فلانٍ؟ فلم يحبه أحدٌ، ثمَّ قال: هاهنا أحدٌ من بني فلان؟ فلمْ يحبه أحدٌ، ثمَّ قال: هاهنا أحدٌ من بني فلانٍ؟ فقام رجل فقال: أنا يا رسول الله فقال: من منعك أن تجيبني في المرَّتين الأوليين. قال: إني لم أنوِّهْ بكمْ إلا خيراً، ¬
إن صاحبكم مأسورٌ بدينه فلقد رأيته أدِّى (¬1) عنه حتى ما أحد يطلبه بشيءٍ. رواه أبو داود، والنسائي، والحاكم إلا أنه قال: إن صاحبكم حبس على باب الجنَّة بدينٍ كان عليه. زاد في رواية: فإن شئتمْ فافدوه (¬2)، وإنْ شئتمْ فأسلموه إلى عذاب الله، فقال رجلٌ: عليَّ دينه فقضاه (¬3). قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. (قال الحافظ) عبد العظيم: رووه كلهم عن الشعبيّ عن سمعان، وهو ابن مشنج عن سمرة، وقال البخاري في تاريخه الكبير: لا نعلم لسمعان سماعا من سمرة، ولا للعشبيّ سماعا من سمعان. 23 - وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صاحب الدين مأسورٌ (¬4) بدينهِ يشكو إلى الله الوحدة (¬5). رواه الطبراني في الأوسط، وفيه المبارك بن فضالة. 24 - وعن أبي موسى رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أعظم الذنوب عند الله أن يلقاه بها عبدٌ بعد الكبائر التي نهي الله عنها: أن يموت رجلٌ وعليه دينٌ لايدع له (¬6) قضاء. رواه أبو داود والبيهقي. 25 - وعن شفيِّ بن ماتعٍ الأصبحيِّ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربعةٌ يؤذون (¬7) أهل النار على ما بهم من الأذى: يسعون ما بين الحميم (¬8)، والجحيم (¬9) يدعون بالويل والثُّبور (¬10) يقول بعض أهل النار لبعضٍ: ما بال (¬11) هؤلاء ¬
قدْ آذوْنا على ما بنا من الأذى. قال: فرجلٌ معلَّق عليه تابوت (¬1) من جمرٍ، ورجلٌ يجرُّ أمعاءه (¬2) ورجلٌ يسيل فوه (¬3) قيحاً ودماً، ورجلٌ يأكل لحمه، فيقال لصاحب التَّابوت: ما بال الأبعد قدْ آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إنَّ الأبعد مات، وفي ع نقه أموال الناس (¬4) لا يجد لها قضاءً، أو وفاءً. الحديث رواه ابن أبي الدنيا، والطبراني بإسناد ليِّن، ويأتي بتمامه في الغيبة إن شاء الله تعالى. 26 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلَّقة (¬5) بدينه حتى يقضي عنه. رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، ولفظه: قال: نفس المؤمن معلَّقة ما كان عليه دينٌ، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين. 27 - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: توفِّي رجل فغسَّلناه وكفَّنَّاه وحنَّطناه، ثمَّ أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقلنا: تصلِّي عليه فخطا خطوةً، ثم قال: أعليه دينٌ؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحمَّلهما أبو قتادة فأتيناه، فقال أبو قتادة: الدِّيناران عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منهما الميِّت؟ قال: نعم فصلَّى عليه، ثمَّ قال بعد ذلك بيومين: ما فعل الديناران؟ قلت: إنما مات أمس. قال: فعاد إليه من الغد؟ فقال: قد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردتْ جلدته (¬6). رواه أحمد بإسناد حسن، والحاكم والدارقطني، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ورواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه باختصار. 28 - وروي عن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بالجنازة (¬7) لمْ يسأل عن شيء من عمل الرَّجل، ويسأل عن دينه، فإن قيل عليه دينٌ كفَّ (¬8) عن الصلاة عليه، وإن قيل ليس عليه دين صلَّى عليه، فأتى بجنازةٍ، ¬
فلمَّا قام ليكبِّر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل على صاحبكم دينٌ؟ قالوا: ديناران، فعدل عنه (¬1) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: صلُّوا على صاحبكم، فقال عليٌّ رضي الله عنه: هما عليَّ (¬2) يا رسول الله برئ منهما (¬3) فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلَّى عليه، ثمَّ قال لعلي بن أبي طالبٍ: جزاك الله خيراً (¬4) فكَّ الله رهانك (¬5) كما فككت رهان أخيك. إنه ليس من ميت يموت وعليه دينٌ إلا وهو مرتهنٌ (¬6) بدينه، ومن فكَّ رهان ميِّت فك الله رهانه يوم القيامة، فقال بعضهم: هذا لعليّ خاصة أم للمسلمين عامة؟ قال: بل للمسلمين عامَّة (¬7). رواه الدارقطني ورواه أيضاً بنحوه عن طريق عبيد الله الوصافي عن عطية عن أبي سعيد. 29 - وروي عن أنسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بجنازةٍ ليصلي عليها قال: هل عليه دين؟ قالوا: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ جبريل نهاني (¬8) أن أصلِّي على من عليه دينٌ، فقال: إن صاحب الدين مرتهنٌ (¬9) في قبره حتى يقضي عنه دينه. رواه أبو يعلي، والطبراني، ولفظه قال: كنَّا عند النبي صلى الله عليه وسلم: فأتى برجل يصلِّي عليه، فقال: هل على صاحبكمْ دينٌ؟ قالوا: نعمْ. قال: فما ينفعكمْ أن أصلي على رجلٍ روحه مرْتهنٌ (¬10) في قبره لا تصعد روحه (¬11) إلى السماء، فلوْ ضمن (¬12) رجلٌ دينه قمت، فصلَّيت عليه، فإن صلاتي تنفعه. ¬
(قال الحافظ): قد صح النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي على المدين، ثمَّ نسخ ذلك. فروى مسلم وغيره من حديث أبي هريرة وغيره أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتي بالرَّجل الميت عليه الدين، فيسأل (¬1) هل ترك لدينه قضاءً، فإن حدِّث أنه ترك وفاءً صلى الله عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكمْ، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمنْ توفي وعليه دينٌ فعليَّ قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثتهِ (¬2). ¬
الترهيب من مطل الغني، والترغيب في إرضاء صاحب الدين
الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين 1 - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مطل (¬1) الغنيِّ (¬2) ظلمٌ (¬3)، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبعْ (¬4). رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه. (أتبع) بضم الهمزة وسكون التاء: أي أحيل. (قال الخطابي): وأهل الحديث يقول: أتبع بتشديد التاء، وهو خطأ. 2 - وعنْ عمرو بن الشِّرِّيد عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليُّ الواجد يحلُّ عرضه وماله. رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. (ليّ الواجد) بفتح اللام، وتشديد الياء: أي مطل الواجد الذي هو قادر على وفاء دينه يحلّ عرضه: أي يبيح أن يذكر بسوء المعاملة، وعقوبته حبسه. 3 - وعنْ عليٍّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ¬
لا يحبُّ الله الغني (¬1) الظلوم، ولا الشيخ الجهول، ولا الفقير المختال (¬2). وفي رواية: إنَّ الله يبغض الغني الظلوم، والشيخ الجهول، والعائل (¬3) المختال. رواه البزار والطبراني في الأوسط من رواية الحارث الأعور عن علي، والحارث وثّق، ولا بأس به في المتابعات. 4 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة يحبُّهم الله، وثلاثة يبغضهم الله، فذكر الحديث إلى أن قال: والثلاثة الذين يبغضهم الله: الشيخ الزَّاني (¬4)، والفقير المختال، والغني الظلوم. رواه أبو داود، وابن خزيمة في صحيحه واللفظ لهما، ورواه بنحو النسائي، وابن حبان في صحيحه والترمذي والحاكم وصححاه. 5 - وروي عن خولة بنت قيسٍ امرأة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قدَّس (¬5) الله أمَّةً لا يأخذ ضعيفها الحق من قويها غير متعتع (¬6)، ثم قال: من انصرف غريمه (¬7) وهو عنه راضٍ، صلَّت (¬8) عليه دوابُّ الأرض، ونون الماء (¬9)، ومن انصرف غريمه وهو ساخطٌ (¬10) كتب (¬11) عليه في كلِّ يوم وليلة وجمعة وشهر ظلمٌ. رواه الطبراني في الكبير. 6 - وعنها رضي الله عنها قالتْ: كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسق من تمرٍ لرجلٍ من بني ساعدة فأتاه يقتضيه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأنصار أن يقضيه، فقضاه تمراً دون تمره فأبى (¬12) أن يقبله، فقال: أتردُّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ومن أحقُّ بالعدل من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فاكتحلتْ (¬13) عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدموعه، ثم قال: صدق، ¬
ومن أحقُّ بالعدل منِّي، لا قدَّس (¬1) الله أمة لا يأخذ ضعيفها حقَّة من شديدها (¬2)، ولا يتعتعه، ثمَّ قال: ويا خولة عدِّيه (¬3) وأقضيه، فإنه ليس من غريمٍ يخرج من عند غريمه راضياً إلا صلَّتْ عليه دوابُّ الأرض، ونون البحار، وليس من عبد يلوي غريمه وهو يجد إلا كتب الله عليه في كلِّ يوم وليلة إثماً (¬4). رواه الطبراني في الأوسط والكبير من رواية حبان بن عليّ، واختلف في توثيقه، ورواه بنحوه الأمام أحمد من حديث عائشة بإسناد قوي. (تعتعه) بتاءين مثناتين فوق، وعينين مهملتين: أي أقلقه وأتعبه بكثرة ترداده إليه ومطله إياه. (ونون البحار): حوتها. (وقوله يلوي غريمه): أي يمطله ويسوّفه. 7 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا قدِّستْ (¬5) أمة لا يعطى الضعيف فيها حقه غير متعتعٍ. رواه أبو يعلي، ورواته رواة الصحيح ورواه ابن ماجه بقصة، ولفظه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه ديناً كان عليه فاشتدَّ عليه حتى قال: أخرج عليك إلا قضيتني فانتهره أصحابه، فقالوا: ويحك (¬6) تدري (¬7) من تكلم؟ فقال: إني أطلب حقي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلا (¬8) من صاحب الحق كنتم، ثمَّ أرسل إلى خولة بنت قيس، فقال لها: إن كان عندك تمرٌ فأقرضينا (¬9) حتى يأتينا تمر فنقضيك؟ فقالت: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فاقترضه فقضى (¬10) الأعرابي وأطعمه، فقال: أوفيت (¬11) أوْفى ¬
الله لك، فقال: أولئك خيار الناس، إنه لا قدِّست أمَّة لا يأخذ الضعيف فيها حقَّه غير ¬
الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور
مُتعتعٍ. ورواه البزار عن حديث عائشة مختصراً، والطبراني من حديث ابن مسعود بإسناد جيد. (الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور) 1 - عن علي رضي الله عنه أن مكاتباً جاءه، فقال: إني عجزت عن مكاتبتي (¬1) فأعني (¬2)، فقال: ألا أعلِّمك كلمات علمنيهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لوْ كان عليك مثل جبل صبيرٍ ديناً أدَّاه الله عنك، قل: اللهم اكفني (¬3) بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك (¬4) عمَّن سواك. رواه الترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. ¬
2 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ المسجد، فإذا هو برجلٍ من الأنصار يقال له: أبو أمامة جالساً فيه، فقال: يا أبا أمامة مالي أراك جالساً في المسجد في غير وقت صلاةٍ؟ قال: هموم (¬1) لزمتني وديونٌ يا رسول الله. قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا قلته أذهب الله عزَّ وجلَّ وهمك، وقضى عنك دينك؟ فقال: بلى يا رسول الله؟ قال قل: إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهمَّ (¬2) إني أعوذك بك من الهمِّ والحزن، وأعوذ بك من العجز (¬3) والكسل، وأعوذ بك من البخل والجبن، وأعوذك بك من غلبة الدَّين، وقهر (¬4) الرِّجال قال: فقلت ذلك، فأذهب الله عزَّ وجلَّ همِّي، وقضى عني ديني. رواه أبو داود. 3 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذٍ: ألا أعلمك دعاء تدعو به لوْ كان عليك مثل جبل أحدٍ ديناً لأدَّاه الله عنك؟ قلْ يا معاذ: اللهمَّ مالك (¬5) الملك تؤتي (¬6) الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعزُّ (¬7) من تشاء، وتذلُّ من تشاء بيدك الخير (¬8) إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ. رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطيهما من تشاء، وتمنع منهما من تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك. رواه الطبراني في الصغير بإسناد جيد. 4 - وروي عن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم افتقده يوم الجمعة، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى معاذاً، فقال: يا معاذ مالي لمْ أرك؟ فقال: يا رسول الله، ليهوديِّ عليَّ أوقيَّةٌ من تبرٍ فخرجت إليك فحبسني عنك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاذ ألا أعلِّمك دعاءً تدعو به، فلوْ كان عليك من الدين مثل صبيرٍ أدَّاه الله عنك. ¬
(وصبير): جبلٌ باليمن، فادْع الله يا معاذ، قل: اللهمَّ مالك الملك تؤتي الملك منْ تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعزُّ من تشاء، وتذلُّ من تشاء بيدك الخير إنك على كلِّ شيء قديرٌ. تولج (¬1) الليل في النهار وتولج النهار في الليل، وتخرج الحيَّ من الميت، وتخرج الميت من الحيِّ، وترزق من تشاء بغير حسابٍ رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطي من تشاء منهما، وتمنع من تشاء ارحمني رحمةً تغنيني بها عن رحمة من سواك. وفي روايةٍ قال معاذٌ: كان لرجلٍ عليَّ بعض الحقِّ فخشيته، فلبثت يومين لا أخرج، ثمَّ خرجت فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا معاذ ما خلَّفك؟ قلت: كان لرجلٍ عليَّ بعض الحقِّ، فخشيته حتى استحييت وكرهت أن يلقاني. قال: ألا آمرك بكلماتٍ تقولهنَّ، لوْ كان عليك أمثال الجبال قضاه (¬2) الله؟ قلتُ: بلى يا رسول الله. قال قل: اللهمَّ مالك الملك، فذكر نحوه باختصار. وزاد في آخره: اللهمَّ أغنني من الفقر، واقض عنِّي الدين، وتوَّفني (¬3) في عبادتك، وجهادٍ (¬4) في سبيلك. رواه الطبراني. 5 - وعن عائشة رضي الله عنها قالتْ: دخل عليَّ أبو بكرٍ، فقال سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاءاً علَّمنيه، قلت: ما هو؟ قال: كان عيسى ابن مريم يعلِّم أصحابه. قال: لوْ كان على أحدكم جبل ذهبٍ ديْناً فدعا الله بذلك لقضاه الله عنه: اللهمَّ فارج الهمِّ (¬5)، وكاشف الغمِّ، ومجيب دعوة المضطرين (¬6). رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، أنت ترحمني فارحمني برحمة تغنيني (¬7) بها عن رحمة من سواك. قال أبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه: وكانت على بقية من الدين، وكنت للدين كارهاً، ¬
فكنت أدعو الله بذلك، فأتاني الله بفائدة فقضى عنِّي ديني. قالت عائشة: كان لأسماء بنت عميس رضي الله عنها: على دينارٌ، وثلاثة دراهم، وكانت تدخل عليَّ فأستحيي أن أنظر في وجهها لأني لا أجد ما أقضيها فكنت أدعو بذلك الدعاء فما لبثت إلا يسيراً حتى رزقني الله رزقاً ما هو بصدقةٍ تصدِّق بها عليَّ، ولا ميراثٍ ورثته، فقضاه الله عني، وقسمت في أهلي قسما حسناً، وحلَّيت ابنة عبد الرحمن بثلاث أواقٍ من ورقٍ (¬1)، وفضل لنا فضلٌ حسنٌ. رواه البزار، والحاكم والأصبهاني، كلهم عن الحكم بن عبد الله الأيلي عن القاسم عنها، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. (قال الحافظ) عبد العظيم: كيف والحكم متروك متهم، والقاسم مع ما قيل فيه لم يسمع من عائشة. 6 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أصاب أحداً قطُّ همٌّ، ولا حزن فقال: اللهمَّ إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك ناصيتي (¬2) بيدك ماضٍ فيَّ (¬3) حكمك، عدلٌ قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سمَّيتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحداً من خلقك، أو استأثرت (¬4) به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن ربيع (¬5) قلبي، ونور صدري، وجلاء (¬6) حزني، وذهاب همَّي إلا أذهب الله عزَّ وجلَّ همَّه، وأبدله مكان حزنه فرحاً. قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: أجل، ينبغي لمن سمعهنَّ أن يتعلمهن. رواه أحمد والبزار وأبو يعلي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم كلهم عن أبي سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبد الرحمن عن أبيه. (قال الحافظ): لم يسلم، وأبو سلمة الجهني يأتي ذكره. ¬
وروي هذا الحديث الطبراني من حديث أبي موسى الأشعري بنحوه، وقال في آخره: قال قائلٌ: يا رسول الله إنَّ المغبون (¬1) لمنْ غبن هؤلاء الكلمات. قال: أجلْ (¬2) فقولوهنَّ وعلِّموهنَّ، فإنه من قالهنّ وعلَّمهن التماس ما فيهنَّ أذهب الله كربه، وأطال فرحه. 7 - وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كلمات المكروب: اللهمّ رحمتك أربجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ (¬3)، وأصلحْ لي شأني كله. رواه الطبراني، وابن حبان في صحيحه. وزاد في آخره: لا إله إلا أنت. 8 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار (¬4) جعل الله له من كلِّ ضيقٍ مخرجاً، ومنْ كلِّ همٍّ فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود واللفظ له، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي، كلهم من رواية الحكم بن مصعب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 9 - وروي عن ابن عباس أيضا رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: لا إله إلا الله قبل كل شيءٍ، ولا إله إلا الله يبقى ربُّنا ويفني كلُّ شيء عوفي (¬5) من الهمِّ والحزن. رواه الطبراني. 10 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال: لا حول ولا قوة إلا بالله كان دواء من تسعةٍ وتسعين داء أيسرها الهمُّ. رواه الطبراني في الأوسط، والحاكم كلاهما من رواية بشر بن رافع أبي الأسباط، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 11 - وعن أسماء بنت عميسٍ رضي الله عنها قالتْ: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلِّمك كلماتٍ تقوليهنَّ عند الكرب، أو في الكرب: الله الله ربي ¬
لا أشرك به شيئا. رواه أبو داود واللفظ له، والنسائي، وابن ماجه. ورواه الطبراني في الدعاء، وعنده فليقل ربي لا أشرك به شيئا ثلاث مراتٍ. وزاد: وكان ذلك آخر كلام عمر بن عبد العزيز عند الموت. 12 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولع ند الكرب: لا إله إلا الله الحليم العظيم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله ربُّ السماوات والأرض، وربُّ العرش الكريم. رواه البخاري ومسلم والترمذي إلا أنه قال في الأولى: لا إله إلا الله العليُّ الحليم: والنسائي وابن ماجه إلا أنه قال: لا إله إلا الله الحليم الكريم. سبحان الله رب العرش العظيم. سبحان الله ربِّ السماوات السبع، ورب العرش الكريم. 13 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النُّون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا الله أنت سبحانك إني كنت من الظالمين (¬1)، فإنه لم يدع رجلٌ مسلم في شيء قطُّ إلا استجاب الله له. رواه الترمذي، واللفظ له والنسائي، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. وزاد الحاكم في رواية له: فقال رجل يا رسول الله. هل كانت ليونس خاصة أم للمؤمنين عامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسمع إلى قول الله عزَّ وجلَّ: ونجيَّناه (¬2) من الغم وكذلك ننجي المؤمنين. 14 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك الكلمات التي تكلم بها موسى عليه السلام حين جاوز (¬3) البحر ببني إسرائيل؟ فقلنا: بلى يا رسول الله. قال قولوا: اللهمَّ لك الحمد، وإليك المشتكى، وأن المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال عبد الله: فما تركتهنَّ منذ سمعتهنَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني في الصغير بإسناد جيد. 15 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نادى ¬
الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس
المنادي فتحت له أبواب السماء، واستجيب الدعاء، فمن نزل به كربٌ، أو شدَّة فليتَّحين المنادي، فإذا كبَّر كبَّرَ، وإذا تشهَّد تشهَّد، وإذا قال: حي على الصَّلاة قال: حي على الصلاة، وإذا قال: حي على الفلاح قال: حي على الفلاح، ثم يقول: اللهمَّ ربَّ هذه الدعوة التامة الصادقة المستجابة لها دعوة الحقِّ، وكلمة التَّقوى أحينا عليها، وأمتنا عليها، وأبعثنا عليها، وأجعلنا من خيار أهلها أحياء وأمواتاً، ثمَّ يسأل الله حاجته رواه الحاكم من رواية عفير بن معدان، وهو واهٍ، وقال: صحيح الإسناد. 16 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كَرَبَني أمرٌ إلا تمثَّل لي جبريل، فقال: يا محمد قل: توكلت على الحيِّ الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتخذه ولداً، ولمْ يكن له شريك في الملك، ولمْ يكن له وليٌّ من الذلِّ، وكبِّره تكبيراً. رواه الطبراني، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. وروي الأصبهاني عن إبراهيم، يعني ابن الأشعث قال: سمعت الفضيل يقول: إن رجلاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرة العدوُّ، فأراد أبوه أن يفديه فأبوا عليه إلا بشيء كثير لم يطقه فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اكتب إليه فليكثر من قوله: توكلت على الحي الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا إلى آخرها قال: فكتب بها الرَّجل إلى ابنه، فجعل يقولها، فغفل العدوُّ عنه فاستاق أربعين بعيراً، فقدم وقدم بها أإلى أبيه. (قال الحافظ): وهذا معضل، وتقدم في باب: لا حول ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم. 17 - وعن محمد بن إسحاق رضي الله عنه قال: جاء مالك الأشجعيُّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أسر ابن عوفٍ، فقال له: أرسل إليه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تكثر من قول: لا حول ولا قوَّة إلا بالله، فذكر الحديث. (الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس) 1 - عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على مالِ أمرئٍ مسلم بغير حقه لقي الله وهو عليه غضبان. قال عبد الله: ثمَّ قرأ علينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله عزَّ وجلَّ: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً. إلى آخر الآية. زاد في رواية بمعناه قال: فدخل الأشعث بن قيسٍ الكنديُّ، فقال ما يحدثكمْ أبو عبد الرحمن؟ فقلنا: كذا وكذا، قال صدق أبو عبد الرحمن، كان بيني وبين رجل خصومةٌ في بئرٍ، فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شاهداك (¬1)، أوْ يمينة، قلت: إذاً يحلف ولا يبالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين صبرٍ (¬2) يقتطع بها مال امرئٍ مسلم هو فيها فاجرٌ (¬3) لقى الله وهو عليه غضبان، ونزلتْ: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهمْ ثمناً قليلاً. إلى آخر الآية رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه مختصرا. 2 - وعنْ وائل بن حجرٍ رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ من حضرموت، ورجلٌ من كندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الحضرميُّ: يا رسول الله، إنَّ هذا قد غلبني على أرضٍ كانت لأبي، فقال الكنديُّ: هي أرضي في يدي أزرعها ليْس له فيها حقٌّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي: ألك بيِّنة؟ قال: لا قال: فلك يمينه. قال: يا رسول الله إنَّ الرجل فاجرٌ لا يبالي على ما حلف عليه، وليس يتورَّع عن شيءٍ، فقال: ليس لك منه إلا يمينه، فانطلق ليحلف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لمَّا أدبر، لئن حلف على مالٍ ليأكله ظلماً ليقينَّ الله وهو عنه معرضٌ. رواه مسلم، وأبو داود والترمذي. 3 - وعن الأشعث بن قيس رضي الله عنه أن رجلا من كندة، وآخر من حضرموت اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض من اليمن فقال الحضرميُّ: يا رسول الله: إن أرضي اغتصبنيها أبو هذا، وهي في يده. قال: هل لك بيِّنةٌ؟ قال: ¬
لا، ولكنْ أحلفه، والله ما يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه فتهيَّأ الكنديُّ لليمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقتطع أحدٌ مالاً بيمينٍ إلا لقي الله وهو أجذم (¬1)، فقال الكندي: هي أرضه. رواه أبو داود، واللفظ له، وابن ماجه مختصراً قال: من حلف على يمينٍ ليقتطع بها مال امرئٍ مسلمٍ هو فيها فاجرٌ لقي الله أجذم. 4 - وعنْ أبي موسى رضي الله عنه قال: اختصم رجلان إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم في أرضٍ أحدهما من حضرموت. قال: فجعل يمين أحدهما فضجَّ الآخر. قال: إذاً يذهب بأرضي، فقال: إن هو اقتطعها بيمينه ظلماً كان ممنْ لا ينظر الله إليه يوم القيامة، ولا يزكِّيه وله عذابٌ أليمٌ. قال: وورع الآخر فردَّها. رواه أحمد بإسناد حسن، وأبو يعلي والبزار والطبراني في الكبير، ورواه أحمد أيضاً بنحوه من حديث عديّ ابن عميرة إلا أنه قال: خاصم رجلٌ من كندة يقال له: امرؤ القيس بن عابس رجلاً منْ حضرموت، فذكره، ورواته ثقات. (قال الحافظ) عبد العظيم: وقد وردت هذه القصة من غير ما وجهٍ، وفيما ذكرناه كفاية. (ورع) بكسر الراء: أي تحرج من الإثم، وكف ع ما هو قاصده، ويحتمل أنه بفتح الراء: أي جبن، وهو بمعنى ضمها أيضاً، والأول أظهر. 5 - وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس. وفي روايةٍ أنَّ أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: الإشراك بالله. قال: ثمَّ ماذا؟ قال: اليمين الغموس. قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: الذي يقتطع مال امرئٍ مسلمٍ، يعني بيمينٍ هو فيها كاذبٌ. رواه البخاري والترمذي والنسائي. (قال الحافظ): سميت اليمين الكاذبة التي يحلفها الإنسان متعمداً يقتطع بها مال امرئ مسلم عالماً أن الأمر بخلاف ما يحلف. (غموسا) بفتح الغين المعجمة لأنها تغمس الحالف في الإثم في الدنيا، وفي النار في الآخرة. ¬
6 - وعنْ عبد الله بن أنيسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق (¬1) الوالدين، واليمين الغموس، والذي نفسي بيده لا يحلف رجلٌ على مثل جناحِ بعوضة إلا كانت كيًّا (¬2) في قلبه يوم القيامة. رواه الترمذي وحسنه والطبرانيّ في الأوسط، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له والبيهقي إلا أنه قال فيه: وما حلف حالفٌ بالله يمين صبرٍ فأدخل فيها مثل جناح بعوضةٍ إلا جعلتْ نكتةٌ (¬3) في قلبه إلى يوم القيامة، وقال الترمذي في حديثه: وما حلف حالفٌ بالله يمين صبرٍ، فأدخل فيها مثل جناح بعوضةٍ إلا جعلتْ نكتةٌ في قلبه إلى يوم القيامة. 7 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: كنَّا نعدُّ من الَّنب الذي ليس له كفَّارة اليمين الغموس. قيل: وما اليمين الغموس؟ قال: الرجل يقتطع بيمينه مال الرَّجل. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما. 8 - وعن الحارث بن البرصاء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجِّ بين الجمرتين، وهو يقول: من اقتطع مال أخيه بيمينٍ فاجرةٍ، فليتبوَّا مقعده من النار ليبلِّغ شاهدكمْ غائبكم مرتين، أو ثلاثاً. رواه أحمد، والحاكم وصححه، واللفظ له، وهو أتمّ. ورواه الطبراني في الكبير، وابن حبان في صحيحه إلا أنهما قالا: فليتبوَّأ بيتاً في النار. 9 - وعنْ عبد الرَّحمن بن عوفٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اليمين الفاجرة تذهب المال، أو تذهب بالمال. رواه البزار وإسناده صحيح لو صحّ سماع أبي سلمة من أبيه عبد الرحمن بن عوف. 10 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليْس مما عصى الله به هو أجل عقاباً من البغي (¬4)، وما من شيءٍ أطيع الله فيه أسرع ثواباً من الصِّلة (¬5)، واليمين الفاجرة تدع الدِّيار بلاقع (¬6). رواه البيهقي. ¬
من حلف على يمين مصبورة كاذبة فليتبوأ مقعده من النار) 11 - وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لقى الله لا يشرك به شيئاً، وأدَّى زكاة ماله طيِّبة بها نفسه محتسباً، وسمع وأطاع فله الجنَّة، أو دخل الجنَّة، وخمسٌ ليس لهنَّ كفارة: الشرك بالله، وقتل النفس بغير حقٍّ، وبهتُ (¬1) مؤمنٍ، والفرار (¬2) من الزَّحف، ويمينٌ صابرةٌ يقتطع بها مالاً بغير حقٍّ. رواه أحمد، وفيه بقية ولم يصرح بالسماع. 12 - وعن عمران بن حصينٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من حلف علي يمينٍ مصبورة كاذبة فليتبوَّأ مقعده من النار. رواه أبو داود، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. (قال الخطابي) اليمين المصبورة: هي اللازمة لصاحبها من جهة الحكم فيصبر من أجلها إلى أن يحبس، وهي يمين الصبر، وأصل الصبر: الحبس، ومنه قولهم: قتل فلان صبراً. أي حبسا على القتل، وقهراً عليه. 13 - وعن عبد الله بن ثعلبة أنَّه أتى عبد الرحمن بن كعب بن مالكٍ رضي الله عنه وهو في إزارٍ (¬3) خزّ ذي طاقٍ (¬4) خلقٍ قد التبب (¬5) به وهو أعمى يقاد قال: فسلَّمت عليه فقال: هل سمعت أباك يحدِّث بحديثٍ؟ قلت: لا أدري. قال سمعت أباك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اقتطع مال امرئٍ مسلمٍ بيمين كاذبةٍ كانتْ نكتةً سوداء في قلبه لا يغيرها شيء إلى يوم القيامة. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 14 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله جلَّ ذكره أذن لي أن أحدث عن ديكٍ قد فرَّقت رجلاه الأرض وعنقه مثنىُّ (¬6) تحت العرش، وهو يقول: سبحانك ما أعظمك ربَّنا، فيردُّ عليه: ما علم ذلك من حلف بي كاذباً (¬7). رواه الطبراني بإسناد صحيح، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 15 - وعن جابر بن عتيكٍ رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
وسلم يقول: من اقتطع مال امرئٍ مسلمٍ بيمينه حرَّم الله عليه الجنَّة، وأوجب له النار. قيل يا رسول الله: وإنْ كان شيئاً يسيراً. قال: وإن كان سواكاً (¬1). رواه الطبراني في الكبير، واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. ¬
16 - وعنْ أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثيِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اقتطع حقَّ امرئٍ مسلم بيمينه، فقد أوجب له النار، وحرَّم عليه الجنَّة، قالوا: وإن كان شيئاً يسيرا يا رسول الله؟ فقال: وإن كان قضباً من أراكٍ. رواه مسلم والنسائي وابن ماجه. ورواه مالك إلا أنه كرَّر: وإن كان قضيباً منْ أراك ثلاثاً. 17 - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحلف عند هذا المنبر عبدٌ، ولا أمة على يمينٍ آثمةٍ، ولوْ على سواكٍ رطبٍ إلا وجبتْ له النار. رواه ابن ماجه بإسناد صحيح. 18 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمينٍ آثمةٍ عند قبري هذا فليتبوَّأ مقعده من النار، ولوْ على سواكٍ أخضر. رواه ابن ماجه، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه لم يذكر السواك. (قال الحافظ) كانت اليمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المنبر، ذكر ذلك أبو عبيد والخطابي، واستشهد بحديث أبي هريرة المتقدم، والله أعلم. 19 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الحلف حنْثٌ، أوْ ندمٌ. رواه ابن ماجه، وابن حبان في صحيحه أيضاً. 20 - وعنْ جبير بن مطعمٍ رضي الله عنه أنه افتدى يمينه بعشرة آلاف، ثمَّ قال: وربِّ الكعبة لوْ حلفت حلف صادقاً، وإنما هو شيء افتديت به يميني. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد. وروي فيه أيضاً عن الأشعث بن قيس رضي الله عنه قال: اشتريت يميني مرَّة بسبْعينَ ألفاً. ثم الجزء الثاني. ويليه الجزء الثالث. وأوله: الترهيب من الربا ¬
الترهيب من الربا
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اجتنبوا السبع الموبقات الترهيب من الربا 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله (¬1)، والسحر (¬2)، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف (¬3)، وقذف المحصنات (¬4) الغافلات المؤمنات. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود، والنسائي. [الموبقات: المهلكات]. 2 - وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيت الليلة رجلين (¬5) أتياني، فأخرجاني إلى أرضٍ مقدسةٍ (¬6)، فانطلقنا حتى أتينا على نهرٍ من دمٍ فيه رجل قائم، وعلى شط النهر رجلٌ بين يديه حجارةٌ، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجرٍ في فيه (¬7) فَرَدَّهُ حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيهِ بحجرٍ فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا الذي رأيته في النهر؟ قال: آكلُ الربا". رواه البخاري هكذا في البيوع مختصراً، وتقدم في ترك الصلاة مطولاً. لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه .. إلخ 3 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
آكل الربا ومؤكله" رواه مسلم والنسائي، وأبو داود والترمذي وصححه، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، كلهم من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ولم يسمع منه وزادوا فيه: وشاهديه وكاتبه. 4 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء" رواه مسلم وغيره. 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكبائر سبعٌ: أولهن الإشراك بالله، وقتل النفس بغير حقها، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم (¬1)، وفرار يوم الزحف (¬2)، وقذف المحصنات (¬3)، والانتقال إلى الأعراب (¬4) بعد هجرته" رواه البزار من رواية عمرو بن أبي شيبة، ولا بأس به في المتابعات. 6 - وعن عون بن أبي جُحَيفة عن أبيه رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة (¬5) والمستوشمة (¬6)، وآكل الربا، ومؤكله، ونهى عن ثمن الكلب (¬7) وكسب (¬8) البَغِيِّ، ولعنَ المصَوِّرِين (¬9) " رواه البخاري، وأبو داود. ¬
قال الحافظ: واسم أبي جحيفة: وهب بن عبد الله السوائي. أربع حقٌ على الله أن لا يدخلهم الجنة .. إلخ 7 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "آكل الربا ومؤكله (¬1)، وشاهداه، وكاتباه إذا علموا به، والواشمة والمستوشمة لِلْحُسْنِ (¬2)، ولاَوِي (¬3) الصدقة، والمرتد (¬4) أعرابياً بعد الهجرة ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم " رواه أحمد، وأبو يعلى، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، وزاد في آخره: يوم القيامة (¬5). قال الحافظ: رووه كلهم عن الحارث، وهو الأعور عن ابن مسعود إلا ابن خزيمة فإنه رواه عن مسروق عن عبد الله بن مسعود. 8 - وعن أبي هريرة رضي اله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربعٌ حقٌ على الله أن لا يدخلهم الجنة، ولا يُذيقهم نعيمها: مُدمن الخمر (¬6)، وآكل (¬7) الربا، وآكل مال اليتيم (¬8) بغير حقٍ، والعاقُ لوالديه (¬9) " رواه الحاكم عن إبراهيم بن خيثم بن عراك، وهو واهٍ عن أبيه عن جده عن أبي هريرة، وقال: صحيح الإسناد. ¬
الربا سبعون باباً أدناها كالذي يقع على أمه 9 - وعن عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الربا ثلاثٌ وسبعون باباً أيسرها مِثْلُ أن ينكح الرجل أمه (¬1) " رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم، ورواه البيهقي من طريق الحاكم، ثم قال: هذا إسناد صحيح، والمتن منكر بهذا الإسناد، ولا أعلمه إلا وهما، وكأنه دخل لبعض رواته إسناد في إسناد. 10 - وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الربا بضعٌ (¬2) وسبعون باباً، والشركُ مثل ذلك" رواه البزار، ورواته رواة الصحيح، وهو عند ابن ماجة بإسناد صحيح باختصار: والشركُ مثل ذلك. 11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الربا سبعون باباً أدناها كالذي يقعُ على أمه" رواه البيهقي بإسناد لا بأس به، ثم قال: غريب بهذا الإسناد، وإنما يعرف بعبد الله بن زياد عن عكرمة، يعني ابن عمار. قال: وعبد الله بن زياد هذا منكر الحديث. 12 - وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدرهمُ يصيبهُ الرجلُ من الربا أعظمُ عند الله من ثلاثةٍ وثلاثين زنيةً يزنيها في الإسلام (¬3) " رواه الطبراني في الكبير من طريق عطاء الخراساني عن عبد الله، ولم يسمع منه، ورواه ابن أبي الدنيا والبغوي وغيرهما موقوفاً على عبد الله، وهو الصحيح. ¬
في أحد طرقه، قال عبد الله: الربا اثنان وسبعون حُوباً (¬1) أصغرها حُوباً كمن أتى أمهُ في الإسلام، ودرهمٌ من الربا أشد من بضعٍ وثلاثين زنيةً، قال: ويأذن الله بالقيامِ للبَرِّ (¬2) والفاجر يوم القيامة إلا آكل الربا، فإنه لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس (¬3). 13 - وروى أحمد بإسناد جيد عن كعب الأحبار قال: "لأن أزني ثلاثاً وثلاثين زنيةً أحبُّ إليَّ من أن آكل درهم رباً، يعلمُ الله أني أكلتهُ حين آكلتهُ رباً". 14 - وعن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "درهم رباً يأكله الرجل وهو يعلم أشدُ من ستةٍ وثلاثين زنيةً (¬4) " رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجال أحمد رجال الصحيح. قال الحافظ: حنظلة والد عبد الله، لُقب بغسيل الملائكة لأنه كان يوم أحدٍ جنباً، وقد غسل أحد شقي رأسه، فلما سمع الهيْعَةَ خرج فاستشهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد رأيت الملائكة تُغَسِّلُهُ. 15 - ورويَ عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أمر الربا، وعظَّمَ شأنه، وقال: إن الدرهم يصيبهُ الرجلُ من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ستٍ وثلاثين زينةً يزنيها الرجلُ، وإن أربى الربا (¬5) عِرْضُ الرجل المسلم" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الغيبة والبيهقي. 16 - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"مَنْ أعان ظالماً بباطلٍ لِيُدْحِضَ (¬1) به حقاً فقد بَرِئ (¬2) من ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أكل درهماً من رباً فهو مثل ثلاثةٍ وثلاثين زنية، ومن نبت لحمهُ مِنْ سُحْتٍ (¬3) فالنار أولى به (¬4) " رواه الطبراني في الصغير والأوسط والبيهقي لم يذكر: مَنْ أعان ظالماً، وقال: إن الربا نَيْفٌ وسبعون باباً: أهْوَنُهُنَّ باباً مِثْلُ مَنْ أتى أمهُ في الإسلام، ودرهمٌ من رباً أشد من خمسٍ وثلاثين زنيةً، الحديث. 17 - وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الربا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل إتيان الرجل (¬5) أمهُ، وإن أربى الربا (¬6) استطالة الرجل في عرض أخيه" رواه الطبراني في الأوسط من رواية عمر بن راشد، وقد وثق. 18 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الربا سبعون حُوباً، أيسرها أن ينكح الرجل أمهُ" رواه ابن ماجة والبيهقي كلاهما عن أبي معشر، وقد وُثق عن سعيد المقبري عنه، ورواه ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن سعيد وهو واهٍ عن أبيه عن أبي هريرة، وتقدم بنحوه. [الحوب] بضم الحاء المهملة، وفتحها: هو الإثم. إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله 19 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُشترى الثمرةُ حتى تُطْعَمَ (¬7)، وقال: إذا ظهر الزنا والربا في قريةٍ فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله (¬8) " رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 20 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه ذكر حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه: "ما ظهرَ في قومٍ الزنا والربا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله" رواه أبو يعلى بإسناد جيد. 21 - وعن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قومٍ يظهرُ فيهم الربا إلا أُخذوا بالسَّنَةِ، وما من قومٍ يظهرُ فيهمُ الرِّشا (¬9) ¬
إلا أُخِذوا بالرعب (¬1) " رواه أحمد بإسناد فيه نظر. [السنة]: العام المقحط سواء نزل فيه غيث، أو لم ينزل. 22 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت ليلة أُسريَ بي لما انتهينا إلى السماء السابعة فنظرتُ فوقي، فإذا أنا برعدٍ وبرُوقٍ وصواعقَ، قال: فأتيت على قومٍ بطونهم كالبيوت فيها الحيات تُرى (¬2) من خارج بطونهم. قلتُ: يا جبريل مَنْ هؤلاء؟ قال: هؤلاء أكلةُ الربا" رواه أحمد في حديث طويل، وابن ماجة مختصراً والأصبهاني كلهم من رواية علي بن زيد عن أبي الصلت عن أبي هريرة. 23 - وروى الأصبهاني أيضاً من طريق أبي هارون العبدي، واسمه عمارة بن جوين وهو واهٍ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عُرجَ به إلى السماء نظر في سماء الدنيا، فإذا رجال بُطونهم كأمثال البُيوت العظام قد مالت بُطونهم وهم مُنَضَّدُونَ على سابلةِ آل فرعون يُوقَفُونَ على النار كُلَّ غداةٍ وعَشيٍ يقولون: ربنا لا تُقم الساعة أبداً، قلت: يا جبريل مَنْ هؤلاء؟ قال: هؤلاء أكلةُ الربا من أُمتك لا يقومون إلا كما يقومُ الذي يتخبطه الشيطان من المس". قال الأصبهاني قوله [منضدون]: أي طرح بعضهم على بعض، والسابلة: المارّة، أي يتوطؤهم آل فرعون الذين يُعرضون على النار كل غداة وعشي. انتهى. بين يدي الساعة يظهر الربا والزنا والخمر 24 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين يَدَيِ الساعةِ يظهرُ الربا، والزنا، والخمر (¬3) " رواه الطبراني، ورواته رواة الصحيح. ¬
25 - وعن القاسم بن عبد الواحد الوَرَّاقِ قال: "رأيت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما في السوق في الصيارفة (¬1)، فقال يا معشر الصيارفة: أبشروا، قالوا: بَشَّرَكَ الله بالجنة، بِمَ تُبشرنا يا أبا محمد؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشروا بالنار (¬2) " رواه الطبراني بإسناد لا بأس به. 26 - ورويَ عن عوف بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياك والذنوب التي لا تُغفرُ: الغلول (¬3) فمن غَلَّ شيئاً أُتيَ بهِ يوم القيامة، وآكلُ الربا، فمن أكل الربا بُعِثَ يومَ القيامة مجنوناً يتخبطُ، ثم قرأ: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس" رواه الطبراني والأصبهاني من حديث أنس، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي آكلُ الربا يوم القيامة مُخبلاً يَجُرُّ شِقَّيْهِ (¬4)، ثم قرأ: لا يقومون إلا كما يقومُ الذي يتخبطه الشيطان من المس. قال الأصبهاني [المخبل]: المجنون. 27 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أحدٌ أكثر من الربا إلا كان عاقبةُ أمرهِ إلى قلةٍ (¬5) " رواه ابن ماجة، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وفي لفظ له قال: الربا وإن كَثُرَ، فإن عاقبتهُ إلى قُلٍ، وقال فيه أيضاً: صحيح الإسناد. ليأتين على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا .. إلخ 28 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا يبقى منهم أحدٌ إلا أكَلَ الربا (¬6)، فمن لم يأكله أصابهُ مِنْ غُبَارِهِ" رواه أبو داود، وابن ماجة كلاهما من رواية الحسن عن أبي هريرة، واختلف في سماعه، والجمهور على أنه لم يسمع منه. ¬
ليبيتن ناس من أمتي على أشرٍ وبطرٍ ولعبٍ ولهوٍ .. إلخ 29 - وَرويَ عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لَيَبيتَنَّ أُناسٌ من أمتي على أشرٍ (¬1)، وبطرٍ (¬2)، ولعبٍ، ولهوٍ، فيصبحوا قِرَدَةً (¬3) وخنازير: باستحلالهم المحارمَ، واتخاذهمُ القيْناتِ (¬4) وشُربهمُ الخمر، وبأكلهم الربا، ولُبسهمُ الحرير (¬5) " رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائده. ¬
يبيت قوم من هذه الأمة على طعم وشرب ولهو ولعب .. إلخ 30 - ورويَ عن أبي أُمامةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يبيتُ (¬1) قومٌ من هذه الأمة على طُعْمٍ، وشُرْبٍ، ولهوٍ، ولعبٍ، فيصبحوا قدْ مُسِخُوا قردةً وخنازير، ولَيُصِيبنهم خَسْفٌ (¬2)، وقَذْفٌ (¬3) حتى يُصبح الناسُ، فيقولون: خُسِفَ الليلةَ ببني فُلانٍ (¬4)، وخُسفَ الليلة بدار فُلانٍ، ولَتُرسَلَنَّ عليهم حجارةٌ من السماء كما أُرسلت على قوم لوطٍ على قبائل فيها، وعلى دُورٍ، ولَتُرْسَلَنَّ (¬5) عليهم الريحُ العقيمُ التي ¬
[خلاصة الأضرار التي تلحق آكل الربا والمصائب التي تحل به] (¬1) أهلكت عاداً على قبائل فيها، وعلى دورٍ بِشُرْبهم الخمر، وَلبسهم الحرير، واتخاذهمُ ¬
الْقَيْنَاتِ، وأكلهمُ الربا، وَقطيعة الرحم، وَخَصْلَةٍ نَسِيَها جعفر" رواه أحمد مختصراً واللفظ له. [القينات]: جمع قينة وهي المغنية. ¬
الترهيب من غصب الأرض وغيرها
" الترهيب من غصب الأرض وغيرها" 1 - عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ظَلَمَ قيدَ (¬1) شبر من الأرض طُوِّقَهُ مِنْ سَبْع أرَضين" رواه البخاري ومسلم. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "من أخذ من الأرض شبراً بغير حقه طُوِّقَهُ من شبع أرضين" رواه أحمد بإسنادين أحدهما صحيح، ومسلم إلا أنه قال: "لا يأخذ أحدٌ شبراً من الأرض بغير حقه إلا طوقه الله إلى سبع أرضين يوم القيامة" قوله: طُوِّقَهُ من سبع أرضين. قيل أرد طَوْقَ التكليف، لا طوق التقليد، وهو أن يُطَوَّقَ حملها يوم القيامة، وقيل: إنه أراد أنه يخسف به الأرض فتصير البقعة المغصوبة في عنقه كالطوق. قال البغوي: وهذا أصح، ثم روى بإسناده عن سالم عن أبيه رضي الله عنهما قال: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أخذ من الأرض شبراً بغير حقه خُسِفَ (¬2) به يوم القيامة إلى سبع أرضين" وهذا الحديث رواه البخاري وغيره. 3 - وعن يعلى بن مُرَّةَ رضي الله عنه قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أيما رجلٍ ظَلَمَ شبراً من الأرض كَلَّفَهُ الله عز وجل أن يحفره حتى يبلغ به سبع أرضين، ثم يُطَوَّقَهُ يوم القيامة حتى يقضي بين الناس" رواه أحمد والطبراني، وابن حبان في صحيحه ¬
وفي رواية لأحمد والطبراني عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخذ أرضاً بغير حقها كُلِّفَ أن يحمل تُرابها إلى المحشر"، وفي رواية للطبراني في الكبير: "مَن ظَلَمَ مِنَ الأرض شبراً كُلِّفَ أن يحفره حتى يبلغ الماء، ثم يحملهُ إلى المحشر". من أخذ أرضاً بغير حقها كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر 4 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أخذ شيئاً من الأرض بغير حِلِّهِ طُوِّقَهُ من سبع أرضين لا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ، ولا عدلٌ (¬1) " رواه أحمد والطبراني من رواية حمزة بن أبي محمد. 5 - وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله أي الظلم أظلم؟ فقال: ذراعٌ من الأرض ينتقصها المرء المسلم من حق أخيه فليس حصاةٌ من الأرض يأخذها إلا طُوِّقَهَا يوم القيامة إلى قعر الأرض، ولا يعلمُ قعرها إلا الله الذي خلقها" رواه أحمد والطبراني في الكبير، وإسناد أحمد حسن. 6 - وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعظمُ الغُلُول عند الله عز وجل ذراعٌ من الأرض، تجدون الرجلين جارين في الأرض، أو في الدار فيقتطع أحدهما من حظِّ صاحبه ذراعاً إذا اقتطعهُ طُوِّقَهُ من سبع أرضين" رواه أحمد بإسناد حسن، والطبراني في الكبير. 7 - وعن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غصب رجلاً أرضاً ظُلماً لَقِيَ الله وهو عليه غضبان" رواه الطبراني من رواية يحيى بن عبد الحميد الحماني. 8 - وعن الحكم بن الحارث السُّلَمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أخذ من طريق المسلمين شبراً جاء به يوم القيامة يحملهُ من سبع أرضين" رواه الطبراني في الكبير والصغير من رواية محمد بن عقبة السدوسي. 9 - وعن أبي حُمَيْدٍ الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ¬
الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخرا وتكاثرا
لا يحل لمسلم أن يأخذ عصاً (¬1) بغير طيب نفسٍ منه. قال: ذلك لشدة ما حرَّم الله من مال المسلم على المسلم" رواه ابن حبان في صحيحه، قال الحافظ: وسيأتي في باب الظلم إن شاء الله تعالى. الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخراً وتكاثراً 1 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجلٌ (¬2) شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر لا يُرى عليه أثرُ السفر، ولا يعرفهُ منا أحدٌ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه (¬3)، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلاً. قال: صدقت فعجبنا له يسألهُ ويُصدِّقُهُ. قال: فأخبرني عن الإيمان (¬4)؟ قال: ¬
[من علامات الساعة تطاول الحفاة العراة في البنيان] أن تؤمن بالله (¬1)، وملائكته (¬2)، وكتبه (¬3)، ورسله (¬4)، واليوم الآخر (¬5)، وتؤمن بالقدر (¬6) خيره وشره، فقال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان (¬7)؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة (¬8)؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرني عن أماراتها (¬9)؟ قال: أن تلد الأمَةُ رَبَّتها (¬10)، وأن ترى الحُفاة العُراة (¬11) العالة رعاء ¬
الشاء يتطاولون (¬1) في البنيان. قال: ثم انطلق فلبثتُ ملياً (¬2)، ثم قال يا عمر: أتدري (¬3) مَنِ السائل؟ قُلتُ: الله ورسوله أعلم! قال: فإنه جبريل أتاكم يُعلمكم دينكم" رواه البخاري ومسلم وغيرهما. من علامات الساعة أن ترى رعاء البهم يتطاولون في البنيان 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَلُونِي، فهَابُوهُ أن يسألوه، فجاء رجل فجلس عند ركبتيه، فقال يا رسول الله: ما الإسلام؟ قال: لا تشرك بالله شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان. قال: صدقت. قال يا رسول الله: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتابه، ورسله وتؤمن بالبعث (¬4) الآخر، وتؤمن بالقدر كله. قال: صدقت. قال يا رسول الله: ما الإحسان؟ قال: أن تخشى الله كأنك تراه، فإنك إن لا تكن تراه فإنه يراك. قال: صدقت قال: يا رسول الله: متى تقوم الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، وسأُحدثُك عن أشراطها: إذا رأيت المرأة تلد ربها فذاك من أشراطها، وإذا رأيت الحفاة العُراة الصم البكم (¬5) مُلوك الأرض فذاك من أشراطها، وإذا رأيت رِعَاء البُهْمِ (¬6) يتطاولون في البنيان (¬7) فذاك من أشراطها" الحديث. رواه البخاري ومسلم واللفظ له. وهذا الحديث له دلالات كثيرة، ولم نذكره إلا في هذا المكان حسبما اتفق في الإملاء. 3 - وعن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خرج يوماً ونحن معه، فرأى قُبةً مُشرفَةً فقال: ما هذه؟ قال أصحابه: هذه لفلان: رجلٍ من الأنصار ¬
[إن كل بناء وبال على صاحبه إلا مالا إلا مالا] فسكت وحَمَلهَا في نفسه حتى إذا جاء صاحبُها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسَلَّمَ عليه في الناس، فأعرَضَ عنه صَنَعَ (¬1) ذلك مراراً حتى عَرَفَ الرجل الغضب فيه، والإعراض (¬2) عنه فشكا ذلك إلى أصحابه، فقال: والله إني لأنكرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: خَرجَ، فرأى قُبَّتَكَ، فرجعَ إلى قُبَّتِهِ، فَهَدَمَها (¬3) حتى سواها بالأرض، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ فلم يرها. قال: ما فعلتِ القُبةُ؟ قالوا: شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه، فأخبرناه فهدمها، فقال: أما إن كلَّ بناءٍ وبالٌ (¬4) على صاحبه إلا مالا إلا مالا" رواه أبو داود واللفظ له، وابن ماجة أختصر منه، ولفظه قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبةٍ على باب رجلٍ من الأنصار (¬5)، فقال: ما هذه؟ قالوا: قبة بناها فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُلُّ ما كان هكذا فهو وبالٌ على صاحبه يوم القيامة فبلغ الأنصاري ذلك فوضعها (¬6)، فمر النبي صلى الله عليه وسلم بَعْدُ فلم يرها فسأل عنها فأخبر أنه وضعها لما بلغه، فقال: يَرْحَمُهُ الله. يرحمه الله (¬7). ورواه الطبراني بإسناد جيد مختصراً أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مرَّ بِبَنِيَّةٍ (¬8) قُبة لرجلٍ من الأنصار، فقال: ما هذه؟ قالوا: قُبةٌ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كُلُّ بناءٍ: وأشار بيده على رأسه، أكثر مِنْ هذا فهو وبالٌ على صاحبه يوم القيامة". قوله إلا مالا: أي إلا ما لابد للإنسان منه مما يستره من الحر والبرد والسباع ونحو ذلك. ¬
إذا أراد الله بعبد هواناً أنفق ماله في البنيان 4 - وعن واثلةً بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُ بُنيان وبالٌ على صاحبه إلا ما كان هكذا، وأشار بكفه، وكلُ علمٍ وبالٌ على صاحبه إلا مَنْ عَملَ به" رواه الطبراني، وله شواهد. 5 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبدٍ شراً خَضَّرَ (¬1) لهُ في اللَّبِنِ (¬2) والطين حتى يَبْنِيَ" رواه الطبراني في الثلاثة بإسناد جيد. 6 - وروى في الأوسط من حديث أبي بشير الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أراد الله بعبدٍ هواناً أنفق ماله في البنيان". 7 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بَنىَ فوق ما يكفيه (¬3) كُلَّفَ أن يحمله يوم القيامة" رواه الطبراني في الكبير من رواية المسيب بن واضح، وهذا الحديث مما أنكر عليه، وفي سنده انقطاع. 8 - وعن أبي العالية: "أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه بَنَى غُرفةً (¬4)، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اهدمها، فقال أهدمها، أو أتصدقُ بثمنها؟ فقال اهدمها" رواه أبو داود في المراسيل والطبراني في الكبير، واللفظ له، وهو مرسل جيد الإسناد. 9 - وعن جابر رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
كلُ معروفٍ (¬1) صدقةٌ، وما أنفق الرجل على أهله كُتِبَ له صدقةٌ، وما وَفّى به المرء عِرْضَهُ كُتبَ له به صدقةٌ، وما أنفق المؤمن من نفقةٍ، فإن خَلَفَهَا على الله، والله ضامنٌ إلا ما كان في بُنيان، أو معصيةٍ" رواه الدارقطني والحاكم، كلاهما عن عبد الحميد بن الحسن الهلالي عن محمد بن المنكدر عنه، وقال الحاكم صحيح الإسناد، وقال الحافظ: ويأتي الكلام على عبد الواحد. 10 - وعن حارثة بن مَضْرَبٍ قال: "أتينا خُبَاباً نَعُودُهُ، وقد اكتوى سبع كياتٍ، فقال: لقد تطاول مرضي، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تتمنوا الموت لتمنيتُ، وقال: يؤجر الرجلُ في نفقته كُلها إلا في التراب، أو قال: في البناء" رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح. النفقة كلها في سبيل الله إلا البناء فلا خير فيه 11 - ورويَ عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النفقة كلها في سبيل الله إلا البناء فلا خير فيه" رواه الترمذي. 12 - وعن عطية بن قيس رضي الله عنه قال: كان حُجَرُ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بِجَريدِ النخل، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في مَغْزىً له، وكانت أم سلمة موسرة، فجعلت مكان الجريد لبناً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قالت: أردتُ أن أكُفَّ عني أبصار الناس، فقال يا أم سلمة: إن شر ما ذهب فيه مالُ المرء المسلمُ البنيان" رواه أبو داود في المراسيل. 13 - وعن الحسن رضي الله عنه قال: "لما بَنَى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد. قال: ابنوهُ عَرِيشاً كَعَرِيشِ موسى، قيل للحسن: وما عريش موسى؟ قال: إذا رفع يده بلغ العريش، يعني السقف" رواه ابن أبي الدنيا مرسلاً، وفيه نظر. ¬
الترهيب من منع الأجير أجره، والأمر بتعجيل إعطائه
14 - وعن عمار بن عامر رضي الله عنه قال: "إذا رفع الرجل بناء فوق سبع أذرعٍ نُودي يا أفسَقَ الفاسقين إلى أين (¬1) ". رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً عليه، ورفعه بعضهم، ولا يصح. الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: ثلاثةٌ أنا خَصْمُهُمْ (¬2) يوم القيامة، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ (¬3): رجلٌ أعْطَى بي (¬4) ثُم غَدَرَ، ورجلٌ باعَ حُراً (¬5) فأكل ثمنه، ورجلٌ استأجر أجيراً (¬6)، فاستوفى منه، وَلمَ يُعْطِهِ أجْرَهُ" رواه البخاري، وابن ماجة وغيرهما. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطوا الأجير أجرهُ قبل أن يجف (¬7) عرقه" رواه ابن ماجة من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقد وُثق. قال ابن عدي: أحاديث حسان، وهو ممن احتمله الناس وصدّقه بعضهم، وهو ممن يكتب حديث انتهى، وبقية رواته ثقات، ووهب بن سعيد بن عطية السلمي اسمه عبد الوهاب، وثقه ابن حبان وغيره. 3 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
ترغيب المملوك في أداء حق الله تعالى وحق مواليه
"أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" رواه أبو يعلى وغيره، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث جابر، وبالجملة فهذا المتن مع غرابته يكتسب بكثرة طرقه قوة، والله أعلم. ترغيب المملوك في أداء حق الله تعالى وحق مواليه 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا نصح لسيده (¬1) وأحسن عبادةَ الله فله أجرهُ مرتين" رواه البخاري ومسلم وأبو داود. 2 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المملوك الذي يُحسن عبادة ربه، ويؤدي إلى سيده الذي عليه من الحق، والنصيحة والطاعة، له أجران" رواه البخاري. 3 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لهم أجران: رجلٌ من أهلِ الكتاب آمن بنبيه (¬2) وآمن بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، والعبد المملوك (¬3) إذا أدى حق الله، وحقَّ مواليه (¬4) ورجلٌ كانت له أمَةٌ (¬5) فأدَّبها، فأحسن تأديبها، وعَلَّمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها (¬6) فتزوجها، فله أجران" رواه البخاري، ومسلم والترمذي وحسنه، ولفظه قال: ¬
ثلاثةٌ يؤتون أجرهم مرتين: عبدٌ أدى حق الله وحق مواليه، فذاك يُؤتى أجرهُ مرتين، ورجلٌ كانت عنده جاريةٌ وضيئةٌ فأدَّبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها، ثم تزوجها يبتغي بذلك وجه الله، فذلك يؤتى أجره مرتين، ورجلٌ آمن بالكتاب الأول، ثم جاء الكتاب الآخرُ فآمن به فذلك يؤتى أجره مرتين. [الوضيئة]: بفتح الواو، وكسر الضاد المعجمة ممدوداً: هي الحسنة الجميلة النظيفة. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للعبد المملوك المصلح (¬1) أجران، والذي نفسُ أبي هريرة بيده (¬2) لولا الجهاد في سبيل الله، والحج، وبرُّ أمي لأحببتُ أن أموت وأنا مملوك (¬3) " رواه البخاري ومسلم. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عبدٌ أطاع الله، وأطاع مواليه أدخله الله الجنة قبل مواليه بسبعين خريفاً، فيقول السيد: رب ¬
هذا كان عبدي في الدنيا؟ قال: جازيتهُ بعملهِ، وجازيتكَ بعملك" رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وقال: تفرّد به يحيى بن عبد الله بن عبدربه الصفَّار عن أبيه. [قال الحافظ]: لا يحضرني فيهما جرح ولا عدالة. 6 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عبداً دخل الجنة، فرأى عَبْدَهُ فوق درجتهِ، فقال يا رب: هذا عبدي فوق درجتي؟ قال: نعم جزيتهُ بعمله وجزيتكَ بعملك" رواه الطبراني في الأوسط. ما جاء في المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عُرِضَ عليَّ أولُ ثلاثةٍ يدخلون الجنة: شهيد (¬1)، وعفيفٌ (¬2) مُتَعففٌ، وعَبدٌ أحسن عبادة الله، ونصح لمواليه (¬3) " رواه الترمذي وحسنه واللفظ له، وابن حبان في صحيحه. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نِعِماً (¬4) لأحدكم أن يطيع الله عز وجل، ويؤدي حق سيده، يعني المملوكَ" رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح. 9 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثةٌ على كُثبان المسك (¬5) أرَاهُ. قال يوم القيامة: عبدٌ أدى حق الله وحق مواليه، ورجلٌ أمَّ قوماً (¬6) وهم به راضون، ورجلٌ يُنادي (¬7) بالصلوات الخمس في كل يومٍ وليلةٍ" رواه الترمذي، وقال حديث حسن غريب، ورواه الطبراني في الأوسط والصغير، ولفظه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يَهُولُهُمُ (¬8) الفزعُ الأكبر، ولا ينالهمُ الحساب (¬9)، هم على كَثِيبٍ من مسك حتى يُفرَغَ ¬
ترهيب العبد من الإباق من سيده
من حساب الخلائق: رجلٌ قرأ القرآن ابتغاء وجه الله، وأمَّ به قوماً وهم به راضون، وداعٍ يدعو إلى الصلاة ابتغاء وجه الله، وعبدٌ أحسن فيما بينه وبين ربه، وفيما بينه وبين مواليه" ورواه في الكبير بنحوه إلا أنه قال في آخره: ومملوك لم يمنعه رقُّ الدنيا من طاعة ربه. 10 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول سابقٍ إلى الجنة مملوكٌ أطاع الله وأطاع مواليه" رواه الطبراني في الأوسط. أول من يقرع باب الجنة المملوكون إذا أحسنوا فيما بينهم وبين الله عز وجل 11 - وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة بخيلٌ (¬1)، ولا خَبٌّ، ولا خائنٌ سيئُ المَلَكَةِ (¬2)، وأولُ من يقرعُ باب الجنة المملوكون إذا أحسنوا فيما بينهم وبين الله عز وجل، وفيما بينهم وبين مواليهم" رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن، وبعضه عند الترمذي وغيره. [الخب]: بفتح الخاء المعجمة وتكسر، وبتشديد الباء الموحدة: هو الخدّاع المكار الخبيث. ترهيب العبد من الإباق من سيده 1 - عن جرير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما عبدٍ أبقَ (¬3)، فقد برئت منه الذمة (¬4) " رواه مسلم. ¬
إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة 2 - وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أبق العبدُ لم تُقبل له صلاة (¬1) "، وفي رواية: فقد كفر حتى يرجع إليهم. رواه مسلم. 3 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا يقبلُ الله لهم صلاة، ولا تصعد (¬2) لهم إلى السماء حسنةٌ: السَّكران حتى يصحو (¬3)، والمرأة السَّاخط عليها (¬4) زوجها، والعبد الآبقُ حتى يرجعَ فيضع يده في يد مواليه (¬5) " رواه الطبراني في الأوسط من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل، واللفظ له، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما من رواية زهير بن محمد. 4 - وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لا تسأل عنهم: رجلٌ فارق (¬6) الجماعة، وعصى إمامه (¬7)، وعبدٌ أبق من سيده فمات مات عاصياً، وامرأةٌ غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤونة الدنيا فخانته (¬8) بعده، وثلاثةٌ لا تسأل عنهم: رجلٌ نازع (¬9) الله عز وجل رداءه، فإن رداءه الكبر (¬10) وإزاره العِزُّ، ورجلٌ في شكٍ (¬11) من أمر الله، والقانطُ (¬12) من رحمة الله" رواه ابن حبان في صحيحه، وروى الطبراني والحاكم شطره الأول، وعند الحاكم: فتبرجت بعدهُ بدل: فخانتهُ، وقال في حديثه: وأمَةٌ أو عبدٌ أبق من سيده، وقال صحيح على شرطهما ولا أعلم له علة. ¬
الترغيب في العتق، والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه
أيما عبد مات في إباقته دخل النار وإن قتل في سبيل الله 5 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اثنان لا تجاوزُ صلاتهما رءوسهما: عبدٌ أبقَ من مواليه حتى يرجعَ، وامرأةٌ عصت زوجها حتى ترجع (¬1) " رواه الطبراني في الأوسط، والصغير بإسناد جيد، والحاكم. 6 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبدُ الآبقُ حتى يرجع، وامرأةٌ باتت وزوجها عليها ساخطٌ (¬2)، وإمامُ قومٍ وهم له كارهون (¬3) " رواه الترمذي، وقال حديث حسن غريب. 7 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما عبدٍ (¬4) مات في إباقته (¬5) دخل النار، وإن قتل (¬6) في سبيل الله" رواه الطبراني في الأوسط من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل، وبقية رواته ثقات. الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجلٍ أعتقَ (¬7) امرأً مُسلماً استنقذ (¬8) الله بكل عضوٍ منه عُضواً منه منَ النار. قال سعيد بنُ مرجانة: فانطلقتُ به إلى عليِّ (¬9) بن الحسين فَعَمَدَ (¬10) عليُ بن الحسين إلى عبدٍ له ¬
قد أعطاه (¬1) عبد الله بن جعفر فيه عشرةَ آلاف درهمٍ، أو ألف دينارٍ فأعتقه (¬2) " رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وفي رواية لهما، وللترمذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أعتق رقبةً مُسلمةً أعتق الله بكل عضوٍ منه من النار حتى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ". من أعتق رقبة مؤمنة فهي فكاكه من النار 2 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرئ مسلمٍ أعتق امرَأً مُسلماً كان فِكاكَهُ من النار يَجْزِى كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْواً مِنْهُ، وأيما امرِئٍ مسلمٍ أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار، يجزي كل عضوٍ منهما عُضواً منه" رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، ورواه ابن ماجة من حديث كعب بن مرة، أو مرة بن كعب، ورواه أحمد وأبو داود، بمعناه من حديث كعب بن مرة السلمي، وزاد فيه: "وأيما امرأة مسلمة أعتقتِ امرأةً مسلمةً كانت فكاكها من النار، يجزي كل عضوٍ من أعضائها عُضواً من أعضائها". 3 - وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعتق رقبةً مؤمنةً فهي فكاكه (¬3) من النار" رواه أحمد بإسناد صحيح واللفظ له، وأبو داود والنسائي في حديث مرَّ في الرمي، وأبو يعلى والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ولفظه قال: "من أعتق رقبةً فك اللهُ بكل عُضوٍ من أعضائه عُضواً من أعضائه من النار". 4 - وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: "كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك (¬4) فإذا نفرٌ من بني سليم، فقالوا: إن صاحبنا قد أوجب، ¬
فقال: أعتقوا عنه رقبةً يُعتِقِ اللهُ بكل عضوٍ منها عضواً منه من النار" رواه أبو داد وابن حبان في صحيحه، والحاكم قول صحيح على شرطهما. [أوجب]: أي أتى بما يوجب له النار. من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار 5 - وعن شعبة الكوفي قال كنا عند أبي بُردة بن أبي موسى فقال: "أي بَنِيَّ ألا أحدثكم حديثاً؟ حدثني أبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أعتق رقبةً أعتق الله بكل عضو منها عضواً منه في النار" رواه أحمد، ورواته ثقات. 6 - وعن مالك بن الحارث رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من ضَمَّ يتيماً من أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يستغنى (¬1) عنه وجبت له الجنةُ البتة (¬2)، ومن أعتق امرأً مسلماً كان فكاكه من النار يجزي بكل (¬3) بكل عضوٍ منه عضواً من النار" رواه أحمد من طريق علي بن زيد عن زرارة بن أبي أوفى عنه. 7 - وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: "سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الليل أسمعُ؟ قال: جوف الليل الآخر، ثم الصلاة مقبولة حتى تطلع الشمس، ثم لا صلاة حتى تكون الشمس قيد (¬4) رُمحٍ، أو رمحين، ثم الصلاة مقبولة حتى يقوم الظل قيام الرمح، ثم لا صلاة حتى تزول الشمس قيد رمح أو رمحين، ثم الصلاة مقبولة، ثم لا صلاة حتى تغيب الشمس، قال ثم أيما امرئٍ مسلم أعتق امرأً مسلماً، فهو فكاكه من النار، يجزي بكل عظمٍ منه عظماً منه، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فهي فكاكها من النار يجزي بكل عظمٍ منها عظماً منها، وأيما امرئٍ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين فهما فكاكه من النار، يجزي بكل عظمين من ¬
عظامها عظماً منه" رواه الطبراني، ولا بأس برواته إلا أن أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه. من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار 8 - وعن أبي نجيحٍ السُّلَمِي رضي الله عنه قال: حاصرنا (¬1) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أيما رجلٍ مسلم أعتق رجلاً مسلماً، فإن الله عز وجل جاعلٌ وفاء (¬2) كل عظمٍ من عظامه عظماً من عظام مُحرره (¬3)، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امراة مسلمة، فإن الله عز وجل جاعلٌ وفاء كل عظمٍ من عظامها عظماً من عظام مُحررتها من النار" رواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه، وفي رواية لأبي داود والنسائي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار" [قال الحافظ]: أبو نجيح هو عمرو بن عبسة. 9 - وعن البراء عازب رضي الله عنه قال: "جاء أعرابيٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله علمني عملاً يدخلني الجنة؟ قال: إن كنت أقصرت الخُطبة لقد أعرضت المسألة، أعتق النسمة، وفك (¬4) الرقبة. قال: أليستا واحدةً؟ قال لا. عتق النسمة أن تنفرد بعتقها، وفك لارقبة أن تُعطيَ في ثمنها، والمنحةُ (¬5) الوكوف (¬6) والفيء (¬7) على ذي الرحم القاطع (¬8)، فإن لم تُطِقْ ذلك، فأطعم الجائع، واسقِ الظمآن (¬9)، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، فإن لم تُطق ذلك فكف (¬10) لسانك ¬
فصل منه
إلا عن خير" رواه أحمد وابن حبان في صحيحه واللفظ له والبيهقي وغيره. 10 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خمسٌ من عملهن في يومٍ كتبهُ الله من أهل الجنة: من عاد مريضاً، وشهد جنازةً، وصام يوماً، وراح إلى الجمعة، وأعتق رقبةً" رواه ابن حبان في صحيحه. فصل 11 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لا تُقبل منهم صلاةٌ: من تقدم قوماً وهم له كارهون، ورجلٌ أتى الصلاة دِبَاراً: والدِّبارُ أن يأتيها بعد أن تفوته، ورجلٌ اعْتَبَدَ مُحررهُ (¬1) " رواه أبو داود، وابن ماجة من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عمران المعافري عنه. [قال الخطابي]: واعتبار المحرر يكون من وجهين: أحدهما أن يعتقه، ثم يكتم عتقه أو ينكره، وهذا أشر الأمرين، والثاني: أن يعتقله بعد العتق فيستخدمه كرهاً. 12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: ثلاثةٌ أنا خَصْمُهُمْ يوم القيامة، ومن كنت خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ: رجلٌ أعطى بي ثم غدر، ورجلٌ باع حُراً وأكل ثمنه، ورجلٌ استأجر أجيراً فاستوفى، ولم يُوفِهِ أجره" رواه البخاري، وابن ماجة وغيرهما. راجعت على النسخة المعمارية المؤرخة 22 من شهر ربيع الأول سنة 849 هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام غفر الله لي ولوالدي ولجميع المسلمين. ¬
كتاب النكاح وما يتعلق به
كتاب النكاح وما يتعلق به ابتداء الجزء الثاني من النسخة المعمارية المخطوطة المحفوظة الترغيب في غض البصر والترهيب من إطلاقه ومن الخلوة بالأجنبية ولمسها 1 - عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني عن ربه عز وجل: "النظرة (¬1) سهمٌ مسمومٌ من سهام إبليس، من تركها من مخافتي أبدلته (¬2) إيماناً يجد حلاوته في قلبه" رواه الطبراني، والحاكم من حديث حذيفة، وقال: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: خرّجاه من رواية عبد الرحمن بن إسحق الواسطي، وهو واهٍ. 2 - وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلمٍ ينظرُ إلى محاسن امرأة، ثم يغض (¬3) بصرهُ إلا أحدث الله له عبادةً يجدُ حلاوتها في قلبه" رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال: ينظر إلى امرأةٍ أول رَمْقَةٍ، والبيهقي وقال: إنما أراد إن صح، والله أعلم: أن يقع بصرهُ عليها من غير قصدٍ فيصرفَ بصره عنها تورعاً. 3 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُ عينٍ باكيةٌ (¬4) يوم القيامة إلا عينٌ غضتْ (¬5) عن محارم الله، وعينٌ سهرت (¬6) في سبيل الله، وعينٌ خرج منها مثل رأس الذباب (¬7) من خشية الله" رواه الأصبهاني. ¬
4 - وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا ترى أعْيُنُهُمُ النار: عينٌ حرست في سبيل الله، وعينٌ بكتْ من خشية الله، وعينٌ كَفَّتْ عن محارم الله" رواه الطبراني، ورواته ثقات معروفون إلا أن أبا حبيب النعقري ويقال له القنوي لم أقف على حاله. 5 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اضمنوا لي سِتاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا (¬1) إذا حدَّثتم، وأوفوا (¬2) إذا وعدتم، وأدوا الأمانة (¬3) إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم (¬4)، وغضوا (¬5) أبصاركم وكفوا (¬6) أيديكم" رواه أحمد، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، كلهم من رواية المطلب بن عبد الله بن حنطب عنه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: بل المطلب لم يسمع من عبادة، والله أعلم. يا علي لا تتبع النظرة النظرة 6 - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا عليُّ إن لك كنزاً في الجنة، وإنك ذو قَرْنيْها فلا تُتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة (¬7) " رواه أحمد. ورواه الترمذي، وأبو داود من حديث بُريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: "يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرةُ"، وقال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك. قوله صلى الله عليه وسلم لعليٍ: "وإنك ذو قَرْنَيْها: أي ذو قَرْنَيْ هذه الأمة، وذاك لأنه كان له شَجَّتَانِ في قرني رأسه إحداهما من ابن مُلجَمٍ لعنه الله، والأخرى من عمرو بن وُدٍ، وقيل معناه: إنك ذو قرني الجنة: أي ذو طرفيها ومَلِيكُهَا المُمَكَّنُ فيها الذي يسلك جميع نواحيها كما سلك ¬
الإسكندر جميع نواحي الأرض شرقاً وغرباً فَسُمِّيَ ذا القرنين على أحد الأقوال، وهذا قريب، وقيل: غير ذلك، والله أعلم. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، فهو مُدركٌ ذلك لا محالة، العينان: زناهما (¬1) النظر، والأذنان: زناهما الاستماع (¬2)، واللسان: زناه الكلام (¬3)، واليد: زناها البطش، والرِّجْلُ: زناها الخطى (¬4)، والقلبُ يَهْوَى (¬5) وَيتمنى، ويُصَدِّق ذلك الفَرْجُ، أو يُكذبه (¬6) " رواه مسلم والبخاري باختصار، وأبو داود والنسائي، وفي رواية لمسلم، وأبي داود: واليدان تزنيان، فزناهما البطشُ، والرِّجْلاَنِ تزنيان، فزناهما المشي، والفمُ يزني فزناه القُبَلُ. 8 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العينان تزنيان، والرجلان تزنيان، والفرج يزني" رواه أحمد بإسناد صحيح والبزار وأبو يعلى. 9 - وعن جرير رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفُجَاءةِ، فقال: اصرف (¬7) بصرك" رواه مسلم، وأبو داود والترمذي. ما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع 10 - وعن عبد الله، يعني ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإثم حَوَّازُ القلوب، وما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع (¬8) " ¬
رواه البيهقي وغيره، ورواته لا أعلم فيهم مجروحاً، لكن قيل صوابه الوقوف. [حوّاز القلوب]: بفتح الحاء المهملة، وتشديد الواو، وهو ما يحوزها، ويغلب عليها حتى ترتكب ما لايحسن، وقيل: بتخفيف الواو، وتشديد الزاي: جمع حازة، وهي الأمور التي تحزّ في القلوب، وتحك وتؤثر، وتتخالج في القلوب أن تكون معاص، وهذا أشهر. 11 - ورويَ عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَتَغُضُّنَّ (¬1) أبصاركم، وَلتَحْفَظُنَّ فُرُوجكم، أو لَيَكْسِفَنَّ اللهُ وجوهكم" رواه الطبراني. ويل للرجال من النساء وويل للنساء من الرجال 12 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من صباح إلا وَمَلَكَانِ يُنَاديانِ: ويلٌ (¬2) للرجال من النساء، وويلٌ للنساء من الرجال" رواه ابن ماجة، والحاكم وقال صحيح الإسناد. 13 - وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ في المسجد إذ دخلت امرأةٌ مِنْ مُزَيْنَةَ تَرْفُلُ في زِينةٍ لها في المسجد، فقال النبي ¬
يا أيها الناس انهوا نساءكم عن لُبْسِ الزينة والتبختر (¬1) في المسجد، فإن بني إسرائيل لم يُلْعَنُوا حتى لَبِسَ نساؤهم الزينة، وتبختروا في المساجد" رواه ابن ماجة. لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان 14 - وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والدخول على النساء، فقال رجلٌ من الأنصار: أفرأيت الحَمَ؟ قال: الْحَمَ الموْتُ (¬2) " رواه البخاري ومسلم والترمذي، ثم قال: ومعنى كراهية الدخول على النساء، على نحو ما رويَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان (¬3) ". [الحم]: بفتح الحاء المهملة، وتخفيف الميم، وبإثبات الواو أيضاً، وبالهمز أيضاً: هو أبو الزوج، ومن أدلى به كالأخ والعم، وابن العم ونحوهم، وهو المراد هنا، كذا فسره الليث بن سعد وغيره، وأبو المرأة أيضاً، ومن أدلى به، وقيل: بل هو قريب الزوج فقط، وقيل: قريب الزوجة فقط. قال أبو عبيد في معناه: يعني فليمت، ولا يفعلن ذلك، فإذا كان هذا رواية في أب الزوج، وهو محرَم فكيف بالغريب؟ انتهى. 15 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
"لا يخلون أحدكم بامرأةٍ إلا مع ذي مَحْرَمٍ" (¬1) رواه البخاري ومسلم. وتقدم في أحاديث الحمّام حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: "وَمَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس بينها وبينه مَحْرَمٌ" رواه الطبراني. 16 - وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يُطْعَنَ (¬2) في رأس أحدكم بمخيطٍ من حديد خير له من أن يمس امرأةً لا تحل له" رواه الطبراني والبيهقي، ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح. [المخيط]: بكسر الميم، وفتح الياء: هو ما يخاط به كالإبرة والمسلة، ونحوهما. ما خلا رجلٌ بامرأةٍ إلا ودخل الشيطان بينهما 17 - وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياك والخلوة (¬3) بالنساء، والذي نفسي بيده ما خلا رجلٌ بامرأةٍ إلا ودخل الشيطان بينهما، ولأن يَزْحَمَ رجلٌ خنزيراً مُتلطخاً بطين، أو حَمْأةٍ خيرٌ له مِنْ أن يَزْحَمَ (¬4) منكبهُ منكب (¬5) امرأةٍ لا تحل له" حديث غريب، رواه الطبراني. ¬
الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود
[الحمأة] بفتح الحاء المهملة، وسكون الميم بعدها همزة، وتاء تأنيث: هو الطين الأسود المنتن. الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود 1 - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب (¬1) من استطاع منكم الباءة (¬2) فليتزوج فإنه أغض للبصر (¬3) وأحصن للفرج (¬4)، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجاءٌ (¬5) " رواه البخاري ومسلم واللفظ لهما، وأبو داود والترمذي والنسائي. 2 - وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أراد أن يَلْقَى الله طاهراً مطهراً فليتزوج الحرائر" رواه ابن ماجة. 3 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعٌ من سُنن المرسلين: الحناء، والتعطرُ، والسواك، والنكاح (¬6) " وقال بعض الرواة: الحياء بالياء، رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. ¬
الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة 4 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدنيا متاعٌ، وخير متاعها المرأة الصالحة" رواه مسلم والنسائي وابن ماجة، ولفظه قال: إنما الدنيا متاعٌ، وليس من متاع الدنيا شيئ أفضل من المرأة الصالحة. 5 - وعنه رضي اله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدنيا متاعٌ، ومن خير متاعها امرأةٌ تُعينُ زوجها على الآخرة، مسكينٌ مسكينٌ رجلٌ لا امرأةٌ له، مسكينةٌ مسكينةٌ امرأةٌ لا زوج لها" ذكره رُزين، ولم أره في شيء من أصوله، وشطره الأخير منكر. 6 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: "ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيراً له من زوجةٍ صالحةٍ إن أمرها أطاعتهُ، وإن نظر إليها سرَّتْهُ، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله" رواه ابن ماجة عن علي بن يزيد عن القاسم عنه. 7 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربعٌ من أعْطِيَهُنَّ، فقد أُعْطِيَ خير الدنيا والآخرة: قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وبدناً على البلاء صابراً وزوجةً لا تبغيه حَوْباً في نفسها وماله" رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وإسناد أحدهما جيد. [الحوب] بفتح الحاء المهملة، وتضم: هو الإثم. 8 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: "لما نَزَلَتْ: والذين يكنزون الذهب والفضة. قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فقال بعض أصحابه: أُنْزِلَتْ في الذهب والفضة لو علمنا أيُّ المال خيرٌ فنتخذه؟ فقال: أفضلهُ لسانٌ ذاكرٌ، وقلبٌ شاكرٌ، وزوجةٌ مؤمنةٌ تُعينهُ على إيمانه" رواه ابن ماجة، والترمذي وقال: حديث حسن، سألت محمد بن إسماعيل، يعني البخاري، فقلت له: سالم بن أبي الجعد سمع من ثوبان؟ فقال: لا. 9 - وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده رضي الله عنهما
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ سعادة (¬1) ابن آدم ثلاثةٌ: وَمِنْ شقاوةِ ابن آدم ثلاثةٌ: مِنْ سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة (¬2)، والمسكن الصالح (¬3)، والمركب الصالحُ (¬4). ومن شقاوة ابن آدم: المرأة السوء (¬5)، والمسكن السوء، والمركب السوء" رواه أحمد بإسناد صحيح، والطبراني والبزار، والحاكم وصححه إلا أنه قال: والمسكن الضيق، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: أربعٌ من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجارُ الصالح، والمركب الهنئ، وأربعٌ من الشقاء: الجار السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق. من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة 10 - وعن محمد بن سعيد، يعني ابن أبي وقاصٍ عن أبيه أيضاً رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ من السعادة: المرأة الصالحة تراها تُعجبكَ (¬6) وتغيبُ فتأمنها على نفسها (¬7) وَمَالِكَ، والدابةُ تكون وطيئةً (¬8) فَتُلْحِقُكَ بأصحابك، والدار تكون واسعةً كثيرة المرافق، وثلاثٌ من الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومَالِكَ، والدابة تكون قَطُوفاً، وفإن ضربتها أتعبتكَ، وإن تركتها لم تُلْحِقْكَ بأصحابك، والدار تكون ضيقةً قليلة المرافق" رواه الحاكم، وقال: تفرد به محمد، يعني ابن بكير الحضرمي، فإن كان حفظه بإسناده على شرطهما. [قال الحافظ] محمد: هذا صدوق، وثقة غير واحد. 11 - وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ رزقهُ الله امرأة صالحةً، فقد أعانهُ على شطرِ (¬9) دينه، فليتق الله في الشطر الباقي" رواه الطبراني في الأوسط والحاكم، ومن طريقه البيهقي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وفي رواية البيهقي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين، فليتقِ الله في النصف الباقي". ¬
12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ حقٌ على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب (¬1) الذي يريد الأداء، والناكحُ الذي يريد العفافُ (¬2) ". رواه الترمذي واللفظ له، وقال حديث حسن صحيح، وابن حبان له في صحيحه، والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم. من كان موسراً لأن ينكح، ثم لم ينكح فليس مني 13 - وعن أبي نُجَيْحٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان موسراً لأن ينكح، ثم لم ينكح فليس مني (¬3) " رواه الطبراني بإسناد حسن، والبيهقي، وهو مرسل، واسم أبي نجيح يسار بالياء المثناة تحت، وهو والد عبد الله بن أبي نجيح المكي. 14 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "جاء رهطٌ (¬4) إلى ببوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم: فلما أُخْبِرُوا كأنهم تقالوها (¬5)، فقالوا: وأين نحنُ من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدَّمَ من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أُصلي الليل (¬6) أبداً، وقال آخرُ: أنا أصوم الدهر (¬7) ولا أفطر أبداً، وقال آخرُ: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: أنتم القوم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما (¬8) والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له (¬9) لكني: أصوم، وأفطر، وأُصلي، وأرقدُ ¬
وأتزوج النساء، فمن رغب (¬1) عن سُنتي، فليس (¬2) مني" رواه البخاري، واللفظ له ومسلم وغيرهما. 15 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُنْكَحُ المرأة (¬3) على إحد خِصَالٍ لجمالها، وَمَالِهَا، وَخُلُقِهَا، وَدِينِهَا، فعليك بذات الدين (¬4)، والخلق تربت يمينك" رواه أحمد بإسناد صحيح والبزار وأبو يعلى، وابن حبان في صحيحه. ¬
تنكح المرأة لأربع ... إلخ 16 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تُنْكَحُ المرأة لأربعٍ (¬1) لِمَالِها (¬2) وَلِحَسَبِها (¬3)، ولجمالها (¬4)، ولدينها (¬5)، فاظفر بذات الدين تربت يداك (¬6) " رواه البخاري ومسلم، وأبو دواد والنسائي وابن ماجة. [تربت يداك]: كلمة معناها الحث والتحريض، وقيل: هي هنا دعاء عليه بالفقر، وقيل: بكثرة المال، واللفظ مشترك بينهما قابل لكل منهما، والآخر هنا أظهر، ومعناه اظفر بذات الدين، ولا تلتفت إلى المال، أكثر الله مالك، وروى الأول عن الزهري، وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال له ذلك لأنه رأى الفقر خيراً له من الغنى، والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم. ¬
17 - وروي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من تزوج امرأةً لِعِزِّهَا لم يزده الله إلا ذُلاً، ومن تزوجها لِمَالِهَا لم يزده الله إلا فقراً، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءة، ومن تزوج امرأة لم يُرِدْ بها إلا أن يَغُضَّ بصره ويُحصِّنَ فرْجَهُ أو يصل رحمهُ بارك الله له فيها وبارك لها فيه (¬1) " رواه الطبراني في الأوسط. 18 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزوجوا النساء لِحُسْنِهِنَّ فعسى حُسْنُهُنَّ أن يُرْدِيَهُنَّ (¬2)، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تُطغيهنَّ (¬3)، ولكن تزوجوهن على الدِّينِ، ولأمَةٌ خَرْمَاءُ (¬4) سوداء ذات دِينٍ أفضل" رواه ابن ماجة من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم. تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم 19 - وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إني أصبتُ امرأةً ذات حَسَبٍ (¬5) ومَنْصَبٍ (¬6) ومَالٍ (¬7) إلا أنها لا تلدُ أفأتزوجها؟ فنهاهُ، ثم أتاه الثانية فقال له: مثل ذلك، ثم أتاه الثالثة فقال له: تزوجود الودود (¬8) الولود (¬9)، فإني مكاثرٌ بكم الأمم" رواه أبو داود ¬
والنسائي، والحاكم واللفظ له وقال: صحيح الإسناد. ¬
ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته وحسن عشرتها، والمرأة بحق زوجها وطاعته وترهيبها من إسقاطه ومخالفته
ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته، وحسن عشرتها والمرأة بحق زوجها وطاعته، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته 1 - [قال الحافظ]: قد تقدم في باب الترهيب من الدين ميمون عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما (¬1) رجلٍ تزوج (¬2) امرأةً على ما قلَّ من المهرِ، أو كَثُرَ ليس في نفسه أن يؤدي إليها حقها خدعها (¬3)، فمات ولم يؤدِّ إليها حقها لقي الله يوم القيامة وهو زان (¬4) الحديث" وتقدم في معناه أيضاً حديث أبي هريرة، وحديث صهيب الخير. كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راعٍ (¬5) ومسئول عن رعيته، الإمامُ راعٍ ومسئول عن رعيته، والرجلُ ¬
راعٍ في أهله ومسئولٌ عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادمُ راعٍ في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسئول عن رعيته" رواه البخاري ومسلم. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً وخياركم خياركم (¬1) لنسائهم" رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. 4 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً وألطفهم بأهله (¬2) " رواه الترمذي، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما كذا قال: وقال الترمذي: حديث حسن، ولا نعرف لأبي قلابة سماعاً من عائشة. 5 - وعن عائشة أيضاً رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي (¬3) " رواه ابن حبان في صحيحه. 6 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" رواه ابن ماجة، والحاكم إلا أنه قال: خيركم خيركم للنساء (¬4)، وقال صحيح الإسناد. 7 - وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المرأة خُلقت من ضلعٍ، فإن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها" رواه ابن حبان في صحيحه. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"استوصوا (¬1) بالنساء، فإن المرأة خُلقت من ضلعٍ (¬2)، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه (¬3) فإن ذهبت تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ (¬4)، وإن تركتهُ لم يزل أعوجَ فاستوصوا بالنساء" رواه البخاري ومسلم وغيره. وفي رواية لمسلمٍ: "إن المرأة خُلِقتْ من ضلعٍ لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها، استمتعت بها وفيه عِوَجٌ (¬5)، وإن ذهبت تُقِيمُها كسرتها، وكَسْرُهَا طلاقها". [الضلع]: بكسر الضاد، وفتح اللام، وبسكونها أيضاً، والفتح أفصح. [والعوج]: بكسر العين، وفتح الواو، وقيل: إذا كان فيما هو منتصب كالحائط والعصا، قيل فيه: عوج بفتح العين والواو، وفي غير المنتصب كالدين والخلق والأرض ونحو ذلك، يقال فيه عوج بكسر العين وفتح الواو، قال ابن السكّيت. 9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَفْرَكْ مُؤمنٌ مؤمنةً إن كَرِهَ منها خُلقاً رضي منها آخر (¬6) "، وقال غيره: رواه مسلم. [يفرك]: بسكون الفاء، وفتح الياء، والراء أيضاً وضمها شاذ: أي يبغض. ¬
ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم 10 - وعن معاوية بن حَيْدَةَ رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله! ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: إن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حق المرأة على الزوج، فذكره. [لا تقبح] بتشديد الباء: أي لا تسمعها المكروه، ولا تشتمها، ولا تقل قبحك الله، ونحو ذلك. 11 - وعن عمرو بن الأحْوَصِ الجُشَمِيِّ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول: بعد أن حمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ، ثم قال: ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوانٌ عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشةٍ (¬1) مُبينةٍ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرحٍ (¬2)، فإن أطعنكم فلا تبغوا (¬3) عليهن سبيلاً، ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فحقكم عليهن أن لا يوطئن فُرشكم (¬4) من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن (¬5) " رواه ابن ماجة والترمذي، وقال: حديث ¬
حسن صحيح. [عوان] بفتح العين المهملة، وتخفيف الواو: أي أسيرات. 12 - وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأةٍ ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة (¬1) " رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه، والحاكم كلهم عن مساور الحميري عن أمه عنها، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 13 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها، وحصَّنَتْ (¬2) فرجها، وأطاعت بعلها (¬3) دخلت من أي أبواب الجنة شاءت" رواه ابن حبان في صحيحه. 14 - وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد والطبراني، ورواه أحمد ورواته رواة الصحيح خلا ابن لهيعة، وحديثه حسن في المتابعات. أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة 15 - وعن حُصين بن محصن رضي الله عنه أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: "أذاتُ (¬4) زوجٍ أنت؟ قالت: نعم. قال: فأين أنت منه؟ قالت: ما آلوهُ إلا ما عجزتُ عنه. قال: فكيف (¬5) أنتِ له؟ فإنه جنَّتُكِ وناركِ" رواه ¬
أحمد والنسائي بإسنادين جيدين، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 16 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الناس أعظمُ حقاً على المرأة؟ قال: زوجها. قلت: فأيُّ الناس أعظم حقاً على الرجل (¬1)؟ قال أمُّهُ" رواه البزار والحاكم، وإسناد البزار حسن. 17 - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قالك: "جاءت امرأةٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! أنا وافدةُ النساء إليك، هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فإن يصيبوا أُجِرُوا، وإن قُتِلُوا كانوا أحياءً عند ربهم يُرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج، واعترافاً بحقه يَعْدِلُ (¬2) ذلك، وقليلٌ منكنَّ من يفعله (¬3) " رواه البزار هكذا مختصراً، والطبراني في حديث قال في آخره: "ثم جاءته يعني النبي صلى الله عليه وسلم امرأةٌ فقالت: إني رسول النساء إليك، وما منهن امرأةٌ علمت، أو لم تعلم إلا وهي تهوى مَخْرَجي إليك، الله رب الرجال والنساء وإلهُهُنَّ، وأنت رسول الله إلى الرجال والنساء، كتب الله الجهاد على الرجال، فإن أصابوا أُجِرُوا وإن استشهدوا كانوا أحياءً عند ربهم يرزقون، فما يَعْدِلُ ذلك من أعمالهم من الطاعة؟ قال: طاعة أزواجهن، والمعرفةُ بحقوقهن، وقليلٌ منكنَّ من يفعله". 18 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أتى رجلٌ بابنته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابنتي هذه أبَتْ (¬4) أن تتزوج، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطيعي أباكِ، فقالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج حتى تُخبرني ما حق الزوج على زوجته؟ قال: حق الزوج على زوجته لو كانت به قَرْحَةٌ (¬5) فلحستها، أو انتثر مِنْخَرَاهُ صَديداً أو دماً ثم ابتلعته ما أدت حقهُ. قالت: ¬
والذي بعثك بالحق لا أتزوج أبداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنكحوهن إلا بإذنهن" رواه البزار بإسناد جيد، رواته ثقات مشهورون، وابن حبان في صحيحه. 19 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: "أنا فلانة بنت فلان، قال: قد عرفتك فما حاجتك؟ قالت: حاجتي إلى ابن عمي فلانٌ العابد. قال: قد عرفتهُ، قالت: يخطُبني فأخبرني ما حق الزوج على الزوجة؟ فإن كان شيئاً أطيقه تزوجته؛ قال: من حقهِ أن لو سال منخراه دماً وقيحاً فلحسته بلسانها ما أدت حقه، لو كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشرٍ لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضله (¬1) الله عليها. قالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج ما بقيت الدنيا" رواه البزار والحاكم كلاهما عن سليمان بن داود اليمامي عن القاسم بن الحكم، وقال صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: سليمان واهٍ، والقاسم تأتي ترجمته. 20 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان أهل بيتٍ من الأنصار لهم جملٌ يَسْنُونَ عليه: وإنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره، وإن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنه كان لنا جملٌ نَسْنِي عليه، وإنه استصعب علينا، ومنعنا ظهره، وقد عطش الزرعُ والنخل؟ فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا، فقاموا فدخل الحائط والجملُ في ناحيته فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، فقالت الأنصار: ¬
يا رسول الله قد صار مثل الكلْبِ الْكَلِبِ نخافُ عليك صولتهُ؟ قال: ليس علىَّ منهُ بأسٌ، فلما نظر الجملُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجداً بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيتهِ أذلَّ ما كانت قطُّ حتى أدخلهُ في العملِ، فقال له أصحابه: يا رسول الله هذا بهيمةٌ لا يَعْقِلُ يسجد لك، ونحن نعقلُ فنحن أحقُّ أن نسجدُ لك، قال: لا يصلحُ لبشرٍ أن يسجدَ لبشرٍ، ولو صلح لبشرٍ أن يسجد لبشرٍ لأمرتُ المرأة أن تسجدُ لزوجها لِعِظَمِ حقهِ عليها، لو كان من قدمهِ إلى مَفْرَقِ رأسه قَرْحَةٌ تنبجسُ بالقيح والصديد ثم استقبلتهُ فلحستهُ ما أدت حقه (¬1) " رواه أحمد والنسائي بإسناد جيد رواته ثقات مشهورون، والبزار بنحوه، ورواه مختصراً، وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة بنحوه باختصار، ولم يذكر قوله، لو كان إلى آخره، وروى معنى ذلك في حديث أبي سعيد المتقدم. [قوله يسنون عليه]: بفتح الياء، وسكون السين المهملة، أي يستقون عليه الماء من البئر. [والحائط]: هو البستان. [تنبجس]: أي تتفجر وتنبع. لو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها 21 - عن قيس بن سعد رضي الله عنه قال: "أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لِمَرْزُبَانٍ لهم، فقلتُ: رسول الله صلى الله عليه وسلم أحقُّ أن يُسجدَ له فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت إني أتيتُ الحيرة فرأيتهم يسجدون لِمَرْزُبَانٍ لهم، فأنت أحقُ أن يُسجد لك، فقال لي: أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد له؟ فقلت: لا. فقال: لا تفعلوا لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ النساء أن يسجدوا لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق" رواه أبو داود في إسناده شريك، وقد أخرج له مسلم في المتابعات، ووثق. 22 - وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: لما قدم مُعاذ بن جبل من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قال: يا رسول الله، قَدِمْتُ الشام، فوجدتهم يسجدون لبطارقَتِهِم وأسَاقِفهم، فأردتُ أن أفعل ذلك ¬
بك؟ قال: فلا تفعل، فإني لو أمرتُ شيئاً أن يسجد لشيء لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفسي بيده لا تُؤدي المرأة حق ربها (¬1) حتى تُؤدي حق زوجها" رواه ابن ماجة، وابن حبان في صحيحه واللفظ له. ولفظ ابن ماجة "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا، فإني لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجدَ لغير الله لأمرتُ المرأة أن تسجدَ لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على ظهر قَتَبٍ (¬2) لَمْ تَمْنَعْهُ (¬3) ". وروى الحاكم المرفوع منه من حديث معاذ، ولفظه قال: "لو أمرت أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأةَ أن تسجد لزوجها من عِظَمِ حقهِ عليها، ولا تجد امرأةٌ حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها، وهي على ظهر قتبٍ". 23 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجدَ لزوجها" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. 24 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أمرتُ أحداً أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها، ولو أن رجلاً أمرَ امرأته أن تنتقل من جبلٍ أحمرَ إلى جبلٍ أسودَ، أو من جبل أسود إلى جبل أحمر لكان نَوْلُهَا أن تفعل (¬4) " رواه ابن ماجة من رواية علي بن زيد بن جدعان، وبقية رواته محتج بهم في الصحيح. من هم رجال الجنة؟ 25 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم برجالكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: النبي في الجنة، والصِّدِّيق في الجنة، والرجل يزورُ أخاه في ناحيةِ الْمِصْرِ (¬5) لا يزُورُه إلا لله في الجنة، ألا ¬
أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: ودُودٌ وَلُودٌ (¬1) إذا غضبت أو أُسيء إليها أو غضبَ زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحلُ بِغَمْضٍ (¬2) حتى ترضى .. " رواه الطبراني ورواته محتج بهم في الصحيح إلا إبراهيم بن زياد القرشي فإنني لم أقف فيه على جرح ولا تعديل، وقد روى هذا المتن من حديث ابن عباس، وكعب بن عجرة وغيرهما. 26 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة أن تصوم، وزوجها شاهدٌ (¬3) إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته (¬4) إلا بإذنه" رواه البخاري، واللفظ له، ومسلم وغيرهما. حق الزوج على الزوجة وبالعكس 27 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأةٍ تؤمن بالله أن تأذن في بيت زوجها وهو كارهٌ، ولا تخرج وهو كارهٌ، ولا تطيعَ فيه أحداً، ولا تَعْزِلَ فِرَاشَهُ، ولا تَضْرِبَهُ، فإن كان هو أظلمَ فَلْتَأتِهِ حتى تُرضيهُ، فإن قبل منها فبها ونعمتْ، وَقَبِلَ الله عُذْرَها وأفلجَ حُجتها، ولا إثمَ عليها، وإن هو لم يَرْضَ، فقد أبلغتْ عند الله عُذرها" رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد كذا قال. [أفلج]: بالجيم حجيتها: أي أظهر حجتها وقوّاها. 28 - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن امرأةً من خثعم أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! أخبرني ما حق الزوج على الزوجة فإني امرأةٌ أيِّمٌ (¬5) فإن استطعتُ، وإلا جلستُ أيماً. قال: فإن حق الزوج على زوجته إن سألها نفسها وهي على ظهر قَتَبٍ أن لا تمنعهُ نفسها، ومن حقِّ الزوج عل الزوجة أن لا تصوم تطوعاً إلا بإذنه، فإن فعلت جاعت وعطشتْ ولا يُقبلُ منها (¬6)، ولا تخرج ¬
من بيتها إلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها (¬1) ملائكة السماء، وملائكة الرحمة، وملائكة العذاب حتى ترجع. قالت: لا جرمَ، ولا أتزوجُ أبداً" رواه الطبراني. المرأة لا تؤدي حق الله عليها حتى تؤدي حق زوجها كله 29 - وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة لا تؤدي حق الله عليها حتى تؤدي حق زوجها كله، ولو سألها وهي على ظهر قَتَبٍ لم تمنعهُ نفسها" رواه الطبراني بإسناد جيد. 30 - وعن عَبْدِ بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظرُ الله تبارك وتعالى إلى امرأةٌ لا تشكرُ (¬2) لزوجها وهي لا تستغني عنه" رواه النسائي والبزار بإسنادين رواة أحدهما رواة الصحيح، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 31 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤذي امرأةٌ زوجها في الدنيا إلا قالت زوجتهُ من الحورِ العين: لا تُؤذيه قاتلكِ اللهُ، فإنما هو عندكَ دخيلٌ، يوشكْ أن يفارقك إلينا .. " رواه ابن ماجة، والترمذي وقال: حديث حسن. [يوشك]: أي يقرب، ويسرع، ويكاد. 32 - وعن طَلَقِ بن عليٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأتهِ، وإن كانت على التنور (¬3) " رواه الترمذي وقال: حديث حسن، والنسائي، وابن حبان في صحيحه. إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح 33 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا الرجلُ امرأتهُ إلى فراشهِ (¬4) فلم تأتهِ، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تُصبحَ" رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والنسائي. وفي رواية للبخاري ومسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ما مِنْ ¬
رجلٍ يدعو امرأتهُ إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء (¬1) ساخطاً عليها حتى يرضى عنها". وفي رواية لهما والنسائي: "إذا باتت المراة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تُصبح" وتقدم في الصلاة حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا ترتفع صلاتهم فوق رءوسهم شبراً: رجلٌ أمَّ قوماً وهم له كارهون، وامرأةٌ باتت وزوجها عليها ساخطٌ (¬2)، وأخوانِ مُتصارمان (¬3) " رواه ابن ماجة، وابن حبان في صحيحه واللفظ لابن ماجة، وروى الترمذي نحوه من حديث أبي أمامة وحسنه وتقدم في إباق العبد. 34 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا تقبل لهم صلاةٌ، ولا تصعدُ لهم إلى السماء حسنةٌ: العبدُ الآبق (¬4) حتى يرجعَ إلى مواليه (¬5) فيضع يده في أيديهم، والمرأة الساخطُ عليها زوجها حتى يرضى، والسكران حتى يصحو (¬6) " رواه الطبراني في الأوسط من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما من رواية زهير بن محمد، واللفظ لابن حبان. 35 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اثنان لا تُجَاوِزُ صلاتهما رءوسهما: عبدٌ أبَقَ (¬7) من مواليه حتى يرجع، وامرأةٌ عصت (¬8) زوجها حتى ترجع" رواه الطبراني بإسناد جيد والحاكم. 36 - وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن المرأة إذا خرجت من بيتها، وزوجها كارهٌ لعنها كُلُّ ملكٍ في السماء، وكل شيء (¬9) مرت عليه غير الجن والإنس حتى ترجع" رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات إلا سويد بن عبد العزيز. ¬
الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات، وترك العدل بينهم
الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات، وترك العدل بينهم 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ كانت عندهُ امرأتان (¬1)، فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة، وشقهُ ساقطٌ (¬2) " رواه الترمذي، وتكلم فيه، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. ورواه أبو داود، ولفظه: "من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقهُ مائلٌ"، والنسائي ولفظه: "من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحدُ شقيه مائلٌ"، ورواه ابن ماجة، وابن حبان في صحيحه بنحو رواية النسائي هذه إلا أنهما قالا: جاء يوم القيامة، وأحدُ شقيه ساقطٌ (¬3). 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَقْسِمُ فيَعْدِلُ (¬4)، ويقول: اللهم هذا قَسْمِي فيما أملكُ فلا تَلُمني فيما تملكُ ولا أملك، يعني القلب (¬5) " رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: روى مرسلاً، وهو أصح. 3 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المقسطين (¬6) عند الله على منابر (¬7) من نورٍ عن يمين (¬8) الرحمن، وكلتا يديه يمينٌ، الذين يعدلون في حُكمهم، وأهليهم وما وَلُوا (¬9) " رواه مسلم وغيره. ¬
الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال، والترهيب من إضاعتهم، وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن
الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال والترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن [قال الحافظ]: وقد تقدم في كتاب الصدقة باب في الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب، وتقديمهم على غيرهم. 1 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دينارٌ أنفقتهُ في سبيل الله، ودينارٌ أنفقتهُ في رقبةٍ، ودينارٌ تصدقت به على مسكينٍ، ودينارٌ أنفقتهُ على أهلكَ، أعظَمُها أجراً الذي أنفقته على أهلك (¬1) " رواه مسلم. 2 - وعن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ دينارٍ ينفقهُ الرجلُ دينارٌ ينفقهُ على عياله (¬2)، ودينارٌ ينفقه على فرسهِ في سبيل الله، ودينارٌ ينفقهُ على أصحابه في سبيل الله، قال أبُو قلابة: بدأ بالعيال، ثم قال أبو قلابة: أيُّ رجلٍ أعظمُ أجراً من رجُلٍ ينفق على عيالٍ صغار يُعِفُّهُمُ (¬3) الله، أو ينفعهم الله به ويغنيهم؟ " رواه مسلم والترمذي. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَ علىَّ أولُ ثلاثةٍ يدخلون الجنة، وأول ثلاثةٍ يدخلون النار، فأما أول ثلاثةٍ يدخلون الجنة، فالشهيدُ، وعبدٌ مملوكٌ أحسن عبادةَ ربه، ونصحَ لسيده، وعفيفٌ مُتعفف ذو عيالٍ (¬4)، وأما أول ثلاثةٍ يدخلون النار، فأمير مُسلطٌ (¬5)، وذو أثرٍ (¬6) من مالٍ لا يؤدي حق الله في ماله، وفقير فخورٌ (¬7) " رواه ابن خزيمة في صحيحه، ورواه الترمذي، وابن حبان بنحوه. ¬
ومن أنفق على امرأته وولده وأهل بيته فهي صدقة 4 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: وإنك لن تُنفقَ نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أُجِرْتَ عليها حتى ما تجعل في في (¬1) امرأتك" رواه البخاري ومسلم في حديث طويل. 5 - وعن ابن مسعود البدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أنفق الرجل على أهله نفقةً وهو يحتسبها كانت له صدقة" رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. 6 - وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أطعمت نفسك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمت ولدك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمت زوجتك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقةٌ" رواه أحمد بإسناد جيد. 7 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اليد العليا (¬2) خيرٌ من اليد السفلى (¬3)، وابدأ (¬4) بمن تعول: أمكَ وأباكَ، وأختكَ وأخاك وأدناكَ فأدناكَ (¬5) " رواه الطبراني بإسناد حسن، وهو في الصحيحين، وغيرهما بنحوه من حديث حكيم بن حزام، وتقدم. 8 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ أنفق على نفسه نفقةً يستعفُ (¬6) بها فهي صدقةٌ، ومن أنفق على امرأته وولده، وأهل بيتهِ فهي صدقةٌ" رواه الطبراني بإسناددين: أحدهما حسن. 9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال يوماً لأصحابه: تصدقوا، فقال رجلٌ: يا رسول الله! عندي دينارٌ، قال: أنفقه على نفسك، قال إن عندي آخر، قال: أنفقهُ على زوجتك، قال: إن عندي آخر؟ قال: أنفقه على ولدك ¬
قال: إن عندي آخر، قال: أنفقه على خادمك، قال: عندي آخر، قال: أنت أبصرُ به (¬1) " رواه ابن حبان في صحيحه. وفي رواية له: تصدق بدل أنفق في الكل. ما أنفق المرء على نفسه وولده وأهله وذي رحمه وقرابته فهو له صدقة 10 - وعن كعب بن عُجْرَةَ رضي الله عنه قال: "مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ جَلَدِهِ ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله! لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يُعفها (¬2) فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياءً (¬3) ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان" رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. 11 - ورويَ عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنفق المرء على نفسه وولده وأهله، وذي (¬4) رَحِمِهِ وقرابتهِ، فهو له صدقةٌ" رواه الطبراني في الأوسط، وشواهده كثيرة. 12 - وعن جابر رضي الله عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل معروفٍ صدقةٌ، وما أنفق الرجل على أهله كُتبَ له صدقةٌ، وما وقى (¬5) به المرء عِرْضَهُ كُتبَ له به صدقةٌ، وما أنفق المؤمن من نفقة، فإن خَلَفَهَا (¬6) على الله، والله ضامنٌ إلا ما كان في بُنيان، أو معصيةٍ، قال عبد الحميد، يعني ابن الحسن الهلالي: فقلت لابن المنكدر: وما ما وقيَ بهِ المرء عِرْضَهُ؟ قال: ما يُعطِى الشاعر (¬7) وذا اللسان المتقي (¬8) " رواه الدارقطني، والحاكم وصحح إسناده. [قال الحافظ]: وعبد الحميد المذكور يأتي الكلام عليه. ¬
13 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المعونة تأتي من الله على قَدْرِ (¬1) المئُونةِ، وإن الصبر يأتي من الله على قدر البلاء (¬2) " رواه البزار، ورواته محتج بهم في الصحيح إلا طارق بن عمار ففيه كلام قريب، ولم يترك، والحديث غريب. أول ما يوضعُ في ميزان العبدِ نفقته 14 - ورويَ عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أول ما يوضعُ في ميزان العبدِ نفقته (¬3) على أهله" رواه الطبراني في الأوسط. 15 - وعن عمرو بن أمية رضي الله عنه قال: مرَّ عثمان بن عفان أو عبد الرحمن بن عوف بمرطٍ، واستغلاهُ. قال: فمرَّ به على عمرو بن أمية فاشتراه فكساهُ امرأتهُ سُخيلةَ بنت عُبيدة بن الحارث بن المطلب، فمرَّ به عثمان أو عبد الرحمن فقال: ما فعل المِرْطُ الذي ابتعتَ؟ قال عمروٌ: تصدقت به على سُخيلةَ بنت عبيدة، فقال: إن كلَّ ما صنعت إلى أهلك صدقةٌ، فقال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذاك، فذكر ما قال عمروٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدق عمروٌ كل ما صنعت إلى أهلك فهو صدقةٌ عليهم" رواه أبو يعلى والطبراني ورواته ثقات، وروى أحمد المرفوع منه قال: ما أعطى الرجل أهله فهو صدقة. [المرط] بكسر الميم: كساء من صوف، أو خزّ يؤتزر به. 16 - ورويَ عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرجل إذا سقى امرأته من الماء أُجرَ (¬4) قال فأتيتها فسقيتها وحدثتُها بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط. 17 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من ¬
فصل منه
يومٍ يُصبحُ العبادُ فيه إلا ملكان (¬1) ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ مُنفقاً خلفاً (¬2)، ويقول الآخرُ: اللهم أعطِ مُمسكاً (¬3) تلفاً (¬4) " رواه البخاري ومسلم وغيرهما. [قال الحافظ] عبد العظيم: وقد تقدم هذا الحديث وغيره في باب الإنفاق والإمساك. فصل 18 - عن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثماً (¬5) أن يضيع من يقوت (¬6) " رواه أبو داود والنسائي والحاكم إلا أنه قال: من يعول. وقال صحيح الإسناد. 19 - وعن الحسن رضي الله عنه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله سائلٌ كل راعٍ عما استرعاه (¬7) حفظ أم ضيع (¬8) حتى يسأل الرجل عن أهل بيته" رواه ابن حبان في صحيحه. 20 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله سائلٌ كل راعٍ عما استرعاه حفظ أم ضيع" زاد في رواية: "حتى يسأل الرجل عن أهل بيته" رواه ابن حبان في صحيحه أيضاً. 21 - [قال الحافظ]: وتقدم حديث ابن عمر: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راعٍ ومسئولٌ عن رعيته، الإمام راعٍ ومسئولٌ عن رعيته، والرجلُ راعٍ في أهله ومسئولٌ عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسئولةٌ عن رعيتها، ¬
فصل منه
والخادم راعٍ في مال سيدهِ ومسئولٌ عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسئولٌ عن رعيته" رواه البخاري ومسلم وغيرهما. فصل 22 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخلت عليَّ امرأةٌ ومعها ابنتانِ لها تسألُ، فلم تجد عندي شيئاً غير تمرةٍ واحدةٍ فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئاً، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرتهُ فقال: من ابتلى (¬1) من هذه البنات بشيء، فأحسن (¬2) إليهن كُنَّ له ستراً (¬3) من النار" رواه البخاري ومسلم والترمذي. وفي لفظ له: "من ابْتُليَ بشيء من البنات فصبر عليهن كُنَّ له حجاباً من النار". 23 - وعنها رضي الله عنها قالت: "جاءتني مسكينةٌ تحملُ ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرةً، ورفعتَ إلى فيها تمرةً لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرةُ التي كانت تريدُ أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله قد أوجب (¬4) لها بهما الجنة، أو أعتقها (¬5) بهما من النار" رواه مسلم. 24 - وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ عالَ (¬6) جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو، وضَمَّ أصابعهُ" رواه مسلم واللفظ له، والترمذي ولفظه: "من عالَ جاريتين دخلت أنا وهو الجنة كهاتين وأشار بأُصبعيه السبابة والتي تليها" وابن حبان في صحيحه ¬
ولفظه "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عال ابنتين أو ثلاثاً، أو أختين أو ثلاثاً حتى يَبِنَّ أو يموتَ عنهن كنتُ أنا وهو في الجنة كهاتين وأشار بأصبعيه: السبابة والتي تليها". 25 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم له ابنتان فَيُحْسِنُ إليهما ما صحبتاهُ، أو صَحِبَهُمَا إلا أدخلتاه الجنة" رواه ابن ماجة بإسناد صحيح، وابن حبان في صحيحه من رواية شرحبيل عنه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 26 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كَفَلَ يتيماً له ذا قرابةٍ، أو لا قرابةَ له، فأنا وهو في الجنة كهاتين، وَضَمَّ أصبعيهِ، ومن سعى (¬1) على ثلاث بنات فهو في الجنة وكان له كأجر مُجاهد في سبيل الله صائماً قائماً" رواه البزار من رواية ليث بن أبي سليم. 27 - وروى الطبراني عن عوف بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم يكون له ثلاث بناتٍ فينفقُ عليهن حتى يَبِنَّ أو يَمُتْنَ إلا كُنَّ له حجاباً من النار، فقالت له امرأةٌ: أو بنتان؟ قال: وبنتان. وشواهده كثيرة". لا يكون لأحدكم ثلاث بنات أوثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا دخل الجنة 28 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان له ثلاث بناتٍ، أو ثلاثُ أخواتٍ، أو بنتان أو أختان فأحسنَ صُحْبَتَهُنَّ واتقى الله فيهنَّ فله الجنة" رواه الترمذي واللفظ له، وأبو داود إلا أنه قال: "فأدبهن وأحسن إليهن، وزوجهن: فله الجنة" وابن حبان في صحيحه، وفي رواية للترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يكون لأحدكم ثلاثُ بناتٍ أوثلاثُ أخوات فيحسن إليهن إلا دخل الجنة" [قال الحافظ]: وفي أسانيدهم اختلاف ذكرته في غير هذا الكتاب. 29 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"من كانت له أنثى فلم يئدها (¬1)، ولم يُهِنْها (¬2)، ولم يُؤثِرْ (¬3) ولده، يعني الذكور، عليها أدخله الله الجنة" رواه أبو داود، والحاكم، كلاهما عن ابن حدير، وهو غير مشهور عن ابن عباس، وقال الحاكم صحيح الإسناد. [قوله لم يئدها]: أي لم يدفنها حية، وكانوا يدفنون البنات أحياء، ومنه قوله تعالى: "وإذا الموؤدة سُئلت". ما جاء في فضل الإنفاق على البنات وذوات القرابة 30 - وعن المطلب بن عبد الله المخزومي رضي الله عنه قال: دخلتُ على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا بُنيَّ: "ألا أحدثك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلتُ: بلى (¬4) يا أُمَّهْ. قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أنفق على ابنتين، أو أختين، أو ذواتيْ قرابةٍ يحتسب (¬5) النفقة عليهما حتى يُغنيهما (¬6) من فضل الله، أو يكفيهما كانتا له ستراً من النار" رواه أحمد والطبراني من رواية محمد بن أبي حميد المدني ولم يترك، ومشاه بعضهم، ولا يضر في المتابعات. 31 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كُنَّ له ثلاثُ بنات يُؤويهنَّ (¬7) ويرْحَمُهُنَّ (¬8)، ويكْفُلُهُنَّ (¬9)، وجبت له الجنة البتة. قيل: يا رسول الله فإن كانتا اثنتين؟ قال: وإن كانتا اثنتين. قال: فرأى بعض القوم أن لو قال: واحدةً لقال: واحدةً" رواه أحمد بإسناد جيد، والبزار والطبراني في الأوسط، وزاد: ويُزوجهنَّ. 32 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كُنَّ له ثلاثُ بناتٍ فصبر على لأوَائهِنَّ (¬10) وَضَرَّائهِنَّ (¬11) وَسَرائهنَّ أدخلهُ الله الجنة ¬
الترغيب في الأسماء الحسنة وما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها
بِرحمتهِ إياهنَّ، فقال رجلٌ: واثنتان يا رسول الله؟ قال: واثنتان. قال رجلٌ: يا رسول الله وواحدةٌ؟ قال: وواحدةٌ" رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، ويأتي باب في كفالة اليتيم، والنفقة على المسكين، والأرملة إن شاء الله. الترغيب في الأسماء الحسنة وما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها 1 - عن أبي الدراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تُدْعَوْن (¬1) يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فَحَسِّنُوا أسماءكم (¬2) " رواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه كلاهما عن عبد الله بن أبي زكريا عنه، وعبد الله بن أبي زكريا ثقة عابد. [قال الواقدي]: كان يعدل بعمر بن عبد العزيز لكنه لم يسمع من أبي الدرداء، واسم أبي زكريا: إياس بن يزيد. أحبُّ الأسماء إلى الله تعالى: عَبْدُ اللهِ، وعبد الرحمن 2 - وعن ابن عمر رضي الله عهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ الأسماء إلى الله تعالى: عَبْدُ اللهِ، وعبد الرحمن" رواه مسلم وأبو داود والترمذي، وابن ماجة. 3 - وعن أبي وهبٍ الجُشَمِيِّ، وكانت له صُحبةٌ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ¬
صلى الله عليه وسلم: "تَسَمَّوْا بأسماء الأنبياء، وأحبُّ الأسماء إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن، وأصدقها: حارثٌ، وهمامٌ، وأقبحها (¬1): حربٌ، ومُرَّة (¬2) " رواه أبو داود واللفظ له والنسائي: "وإنما كان حارثٌ وهمامٌ أصدق الأسماء لأن الحارث هو الكاسبُ، والهمام هو الذي يَهُمُّ مَرَّةُ بعد أخرى، وكلُ إنسان لا ينفك عن هذين". 4 - وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب الكلام إلى الله أربعٌ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهنَّ بدأت، لا تُسَمِّيَنَّ غُلامكَ يَسَاراً (¬3)، ولا رَبَاحاً (¬4)، ولا نَجيحاً (¬5) ولا أفْلَحَ (¬6) فإنك تقول: أثَمَّ هُوَ (¬7) فلا يكون (¬8) فيقولُ: لا (¬9) إنما هُنَّ أربعٌ فلا تزيدنَّ عليَّ" رواه مسلم واللفظ له، وأبو داود والترمذي، وابن ماجة مختصراً، ولفظه قال: "نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن نُسَمِّيَ رقيقنا أربعة أسماء: أفلحَ، ونافعٍ، ورباحٍ، ويَسَارٍ". 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخْنَعَ (¬10) اسمٍ عند الله عز وجل رجلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأمْلاَك (¬11) "، زاد في رواية: "لا مَلِكَ إلا الله" قال سفيان: مثل شاهِنْشَاهُ، وقال أحمد بن حنبل: سألت أبا عمروٍ، يعني الشيباني: عن أخنع، فقال: أوْضَعَ" رواه البخاري ومسلم، ولمسلم: أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه: رجلٌ كان تَسَمَّى ملك الأملاك لا ملكَ إلا الله. ¬
فصل منه
فصل 6 - عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يُغَيِّرُ (¬1) الاسمَ القبيح" رواه الترمذي، وقال: قال أبو بكر بن نافع: وربما قال عمر بن علي في هذا الحديث هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، ولم يذكر فيه عائشة. 7 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن ابنةً لِعُمَرَ كان يقال لها عاصيةُ، فَسَمَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلةَ" رواه الترمذي، وابن ماجة، وقال الترمذي: حديث حسن، ورواه مسلم باختصار قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: غَيَّرَ اسم عاصية، قال أنت جميلةُ. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن زينب بنت أبي سلمة كان اسمها بَرَّةَ، فقيل تُزَكي نفسها: فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب" رواه البخاري ومسلم، وابن ماجة وغيرهم. 9 - وعن محمد بن عمرو بن عطاء رضي الله عنه قال: "سميتُ ابنتي بَرَّةَ، فقالت زينبُ بنتُ أبي سلمة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم، وسُمِّيتُ بَرَّةَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تُزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم، فقالوا: بِمَ نُسَمِّيها؟ فقال: سَمُّوها زينب" رواه مسلم وأبو داود. قال أبو داود: وغَيَّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم اسم العاصي، وعزيز، وعتلة، وشيطانٍ، والحكم، وغراب، وحُبَابٍ، وشهابٍ، فسماه هشاماً، وسمَّى حرباً: سلماً، وسمَّى المضطجع: المنبعث، وأرضاً تُسَمَّى عَفِرَةً سمَّاها: خَضِرَةً، وَشِعْبَ الضلالة سَمَّاهُ: شِعْبَ الهُدَى، وبني الزنية سماهم: بني الرشدة، وسمى بني مُغْوِيَة بني رِشْدَةَ، قال أبو داود: تركت أسانيدها اختصاراً. [قال الخطابي]: أما العاصي، فإنما غَيَّرَه كراهية لمعنى العصيان، وإنما سمة المؤمن: الطاعة، والاستسلام، والعزيز: إنما غَيَّرَهُ لأن العزة لله، وشعار العبد الذلة، والاستكانة، وَعَتْلة: معناها الشدة والغلظ، ومنه قولهم: رجل عتلّ: أي شديد غليظ، ومن صفة المؤمن ¬
الترغيب في تأديب الأولاد
اللين والسهولة، وشيطان: اشتقاقه من الشطن، وهو البعد من الخير، وهم اسم المارد الخبيث من الجن والإنس، والحكم: هو الحاكم الذي لا يُرد حكمه، وهذه الصفة لا تليق إلا بالله تعالى، ومن أسمائه الحَكَم، وغراب: مأخوذ من الغَرْب، وهو البعد، ثم هو حيوان خبيث المطعم أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله في الحل والحرم، وحُباب: يعني بضم الحاء المهملة، وتخفيف الباء الموحدة: نوع من الحيات، وروى أنه اسم شيطان، والشهاب: الشعلة من النار، والنار عقوبة الله، وأما عَفِرة: يعني بفتح العين، وكسر الفاء، فهي نعت الأرض التي لا تنبت شيئاً، فسماها خضرة على معنى التفاؤل حتى تخضر. انتهى. الترغيب في تأديب الأولاد لأن يؤدب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع 1 - عن جابر بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يؤدب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاعٍ (¬1) " رواه الترمذي من رواية ناصح عن سماك عنه، وقال حديث حسن غريب. [قال الحافظ]: ناصح هذا هو ابن عبد الله المحلمي واهٍ، وهذا مما أنكره عليه الحفاظ. 2 - وعن أيوب بن موسى عن أبيه عن جَدِّه رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما نَحَلَ (¬2) وَالدٌ وَلداً مِنْ نَحَلٍ أفضل من أدبٍ حَسَنٍ" رواه الترمذي أيضاً، وقال: حديث غريب، وهذا عندي مرسل. [نحل]: بفتح النون، والحاء المهملة: أي أعطى ووهب. 3 - وروى ابن ماجة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أكرموا (¬3) أولادكم، وأحْسِنُوا أدَبَهُمْ". ¬
الترهيب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه أو يتولى غير مواليه
الترهيب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه أو يتولى غير مواليه من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام 1 - عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ادعى (¬1) إلى غير أبيه، وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرامٌ" رواه البخاري ومسلم، وأبو داود وابن ماجة، عن سعد، وأبي بكرة جميعاً. 2 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس من رجلٍ ادعى بغير أبيه وهو يعلم إلا كَفَرَ، ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليبتوأ مقعده من النار، ومن دعا رجلاً بالكفر، أو قال: عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه" رواه البخاري ومسلم. [حار] بالحاء المهملة والراء: أي رجع عليه ما قال. 3 - وعن يزيد بن شريك بن طارق التميمي قال: "رأيتُ علياً رضي الله عنه على المنبر يخطب فسمعتهُ يقول: لا والله ما عندنا من كتاب نقرؤه إلا كتاب الله، وما في هذه الصحيفة فَنَشَرَها، فإذا فيها أسنان الإبل، وأشياء من الجراحات، وفيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المدينةُ حَرَامٌ ما بين عَيْرٍ إلى ثَوْرٍ، فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى مُحْدِثاً فعليه لعنةُ الله، والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلاً، ولا صرفاً (¬2)، وذمة المسلمين واحدةٌ يسعى بها أدناهم، فمن أخفرَ (¬3) مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلاً ولا صرفاً، ومن ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى (¬4) إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلاً ولا صرفاً" رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي. 4 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بامرئٍ تَبَرُّؤ مِنْ نَسَبٍ، وإنْ دَقَّ، وادعاءُ نسبٍ لا يُعْرَفُ" رواه أحمد والطبراني في الصغير، وعمرو يأتي الكلام عليه. ¬
ترغيب من مات له ثلاثة من الأولاد أو اثنان أو واحد فيما يذكر من جزيل الثواب
من ادعى إلى غير أبيه لم يرح رائحة الجنة 5 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ادعى إلى غير أبيه لم يَرَحْ (¬1) رائحة الجنة، وإن ريحها لَيُوجَدُ من قدر سبعين عاماً، أو مسيرة سبعين عاماً" رواه أحمد وابن ماجة إلا أنه قال: وإن ريحها ليوجدُ من مسيرة خمسمائة عامٍ، ورجالهما رجال الصحيح، وعبد الكريم هو الجزري ثقة احتج به الشيخان وغيرهما، ولا يلتفت إلى ما قيل فيه. 6 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ادعى إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين" رواه أحمد وابن ماجة وابن حبان في صحيحه. 7 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تولى إلى غير مواليه فليتبوأ مقعدهُ من النار" رواه ابن حبان في صحيحه. 8 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله المتتابعةُ إلى يوم القيامة" رواه أبو داود. 9 - وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ادعى نسباً لا يُعْرَفُ كَفَرَ بالله، أو انتفى من نَسَبٍ وإن دَقَّ كَفَرَ بالله" رواه الطبراني في الأوسط من رواية الحجاج بن أرطاة، وحديث عمرو بن شعيب يعضده. ترغيب من مات له ثلاثة من الأولاد أو اثنان أو واحد فيما يذكر من جزيل الثواب 1 - عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ مسلم يموت له ثلاثة (¬2) لم يبلغوا الحِنْثَ إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمتهِ إياهم" رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة. ¬
وفي رواية للنسائي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من احتسب ثلاثةً من صُلْبِهِ دخل الجنة، فقامت امرأةٌ فقالت: أو اثنان؟ فقال: أو اثنان. قالت المرأة: يا ليتني قلتُ: واحدةٌ، ورواه ابن حبان في صحيحه مختصراً: "من احتسب ثلاثةً من صلبه دخل الجنة". [الحنث]: بكسر الحاء، وسكون النون: هو الإثم والذنب، والمعنى أنهم لم يبلغوا السن الذي تكتب عليهم فيه الذنوب. 2 - وعن عتبة بن عبدٍ السُّلمي رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يموت له ثلاثةٌ من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تَلَقَّوْهُ (¬1) مِنْ أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل" رواه ابن ماجة بإسناد حسن. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يموت لأحدٍ من المسلمين ثلاثةٌ من الولد فتمَسَّهُ النارُ إلا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ (¬2) " رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. ولمسلم: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لنسوةٍ من الأنصار: لا يموت لإحداكن ثلاثةٌ من الولد فتحتسبهُ إلا دخلت الجنة. فقالت امرأةٌ (¬3) منهن: أو اثنانِ يا رسول الله؟ قال: أو اثنان". وفي أخرى له أيضاً قال: "أتت امرأةٌ بصبيٍ لها، فقالت: يا نبي اللهِ: ادعُ الله لي فلقد دفنتُ ثلاثةً، فقال: أدفنتِ ثلاثةً؟ قالت: نعم. قال: لقد احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شديدٍ من النار". [الحظار]: بكسر الحاء المهملة، وبالظاء المعجمة: هو الحائط يجعل حول الشيء كالسور المانع، ومعناه لقد احتميتِ وتحصنت من النار بحمى عظيم، وحصن حصين. ¬
ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله الجنة 4 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما مِنَ مسلمين يموتُ بينهما ثلاثةٌ من الولد لم يبلغوا الحِنْثَ إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته إياهم" رواه ابن حبان في صحيحه، وهو في المسند من حديث أم أنس بن مالك، وفي النسائي بنحوه من حديث أبي هريرة، وزاد فيه قال "يُقالُ لهمُ ادخلوا الجنة، فيقولون: حتى تدخلَ آباؤنا، فيقالُ لهم: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم". 5 - وعن أبي حسان رضي الله عنه، قال: "قلتُ لأبي هريرة: إنه قد مات لي ابنانِ، فما أنت مُحدِّثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث يُطَيِّبُ أنفسنا عن موتانا؟ قال: نعم، صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الجنة يتلقى أحدهم أباهُ، أو قال أبويه، فيأخذُ بثوبهِ، أو قال: بيده كما آخُذُ أنا بِصَنَفَةِ ثَوْبِك هذا، فلا يتناهى، أو قال: ينتهي حتى يُدخله الله وأباه الجنة" رواه مسلم. [الدعاميص]: بفتح الدال جمع دُعموص بضمها، وهي: دويبة صغيرة يضرب لونها إلى السواد تكون في الغدران إذا نشفت، شبه الطفل بها في الجنة لصغره، وسرعة حركته، وقيل: هو اسم للرجل الزوَّار للملوك، الكثير الدخول عليهم والخروج، لا يتوقف على إذن منهم، ولا يخاف أين ذهب من ديارهم، شبه طفل الجنة به لكثرة ذهابه في الجنة حيث شاء لا يمنع من بيت فيها ولا موضع، وهذا قول ظاهر، والله أعلم. [وَصَنَفَةِ الثوب]: بفتح الصاد المهملة والنون، بعدهما فاء وتاء تأنيث: هي حاشيته وطرفه الذي لا هدب له، وقيل: بل هي الناحية ذات الهدب. 6 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "جاءت امرأةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ذهب الرجالُ بحديثكَ فاجعلْ لنا من نفسك يوماً نأتِكَ فيه تُعلمنا مما علمك الله. قال: اجتمعن يوم كذا وكذا في موضعِ كذا وكذا فاجتمعن، فأتاهنَّ النبي صلى الله عليه وسلم فَعَلَّمَهُنَّ مما علمه الله، ثم قال: ما منكنَّ
من امرأةٍ تُقَدِّمُ ثلاثةً من الولد إلا كانوا لها حجاباً (¬1) من النار، فقالت امرأةٌ: واثنين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: واثنين" رواه البخاري ومسلم وغيرهما. مَنْ أثْكَلَ ثلاثةً من صُلْبِهِ فاحتسبهم على الله في سبيل الله وجبت له الجنة 7 - وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ أثْكَلَ (¬2) ثلاثةً من صُلْبِهِ فاحتسبهم (¬3) على الله في سبيل الله عز وجل: وجبت له الجنة" رواه أحمد والطبراني ورواته ثقات. 8 - وعن عبد الرحمن بن بشيرٍ الأنصاري رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات له ثلاثةٌ من الولد لم يبلغوا الحِنْثَ لم يَرِدِ النار إلا عابر (¬4) سبيل، يعني الجواز على الصراط" رواه الطبراني بإسناد لا بأس به، وله شواهد كثيرة. 9 - وعن أبي أمامة عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: "قلتُ له حدثنا حديثاً سمعتهُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه انتقاصٌ، ولا وَهَمٌ. قال: سمعته يقول: مَنْ ولد له ثلاثةُ أولادٍ في الإسلام فماتوا قبل أن يبلغوا الحِنْثَ أدخله الله الجنة برحمته إياهم، ومن أنفق زوجين في سبيل الله، فإن للجنة ثمانية أبواب يُدْخِلُهُ اللهُ من أي بابٍ شاء من الجنة" رواه أحمد بإسناد حسن. 10 - وعن حبيبة أنها كانت عند عائشة رضي الله عنها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخل عليها فقال: "ما من مُسلمين يموتُ لهما ثلاثةٌ من الولد لم يبلغوا الحنث إلا جيء بهم يوم القيامة حتى يُوقفوا على باب الجنة فيقال لهم: ادخلوا الجنة فيقولون: حتى تدخلَ آباؤنا، فيقالُ لهمُ: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم (¬5) " رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن جيد. 11 - وعن زُهير بن علقمة رضي الله عنه قال: جاءت امرأةٌ من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابنٍ لها مات فكأن القوم عَنَّفُوهَا (¬6)، فقالت: يا رسول الله: قد مات لي ابنانِ منذ دخلتُ في الإسلام سوى هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ¬
والله لقد احْتَظَرْتِ من النار بِحِظَارٍ شديدٍ" رواه الطبراني في الكبير بإسناد صحيح، وتقدم معنى الحظار. ما من مسلمين يُقدمان ثلاثةً لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله الجنة 12 - وعن الحارث بن أقيش رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمين يموتُ لهما أربعةُ أولادٍ: إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته، قال رجلٌ: يا رسول الله وثلاثةٌ؟ قال: وثلاثةٌ. قال: واثنان" رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائده، وأبو يعلى بإسناد صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمين يُقدمان ثلاثةً لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمتهِ إياهم. قالوا: يا رسول الله وذَوَا الاثنين؟ قال: وذوا الاثنين، إن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته أكثرُ من مُضَرَ، وإن من أمتي من يُستعظمُ للنار حتى يكونَ إحدى زواياها". 13 - وعن أبي بُرْدَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلمين يموتُ لهما أربعةٌ أفرَاطٌ (¬1) إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته، قالوا: يا رسول الله وثلاثةٌ؟ قال: وثلاثةٌ. قالوا: واثنان؟ قال: واثنان. قال: وإن من أمتي لمن يُعظَّمُ للنار حتى يكون أحد زواياها (¬2)، وإن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته مثل مُضَرَ" رواه عبد الله ابن الإمام أحمد، ورواته ثقات، وأراه حديث الحارث بن أقيش الذي قبله، ويأتي بيان ذلك إن شاء الله. 14 - وعن أبي ثعلبة الأشجعي رضي الله عنه قال: قُلتُ يا رسول الله مات لي ولدان في الإسلام، فقال: من مات له ولدان في الإسلام أدخلهُ الله الجنة بفضلِ رحمته إياهما، قال: فلما كان بعد ذلك لَقيَني أبو هريرة، فقال لي: أنت الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: في الزائدين ما قال؟ قلتُ: نعم. قال: لأن يكون قاله لي أحبُّ إليَّ مما غُلِّقَتْ عليه حِمْصُ وَفِلِسْطِينُ" رواه أحمد والطبراني ورواة أحمد ثقات. ¬
[فلسطين] بكسر الفاء، وفتح اللام، وسكون السين المهملة: كورة بالشام، وقد تفتح الفاء. 15 - وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مات له ثلاثةٌ من الولد فاحتسبهم دخل الجنة، قال قلنا: يا رسول الله: واثنان؟ قال: واثنانِ. قال محمودٌ، يعني ابن لبيدٍ، فقلتُ لجابرٍ: أراكم لو قلتم: واحداً لقال واحداً. قال: وأنا أظن ذلك" رواه أحمد، وابن حبان في صحيحه. 16 - وعن قُرَّةَ بن إياسٍ رضي الله عنه: أن رجلاً كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه ابنٌ لهُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تُحِبُّهُ؟ قال: نعم يا رسول الله أحبك الله (¬1) كما أُحِبُّهُ فَفَقَدَهُ (¬2) النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما فعل فلانُ بن فلانٍ؟ قالوا يا رسول الله: مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه: ألا تُحِبُّ أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك؟ فقال رجلٌ يا رسول الله: ألَهُ خاصةً أم لِكُلِّنَا؟ قال: بل لِكُلِّكُمْ" رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، والنسائي وابن حبان في صحيحه باختصار قول الرجل: ألَهُ خاصةً. إلى آخره. وفي رواية النسائي قال: "كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس جَلَسَ إليه نفرٌ من أصحابه: فيهم رجلٌ له ابنٌ صغيرٌ يأتيه من خلف ظهرهِ فيقعدهُ بين يديه فهَلَكَ فامتنعَ الرجلُ أن يَحْضُرَ الحلقةَ لذكرِ ابنهِ، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي لا أرى فلاناً؟ قالوا يا رسول الله: بُنَيُّهُ الذي رأيته هَلكَ، فَلَقِيَهُ النبي صلى الله عليه وسلم فسألهُ عن بُنيِّهِ فأخبره أنه هلك فَعَزَّاهُ عليه (¬3)، ثم قال: يا فلان! أيما كان أحبُّ إليك؟ أن تتمتع به عُمْرَكَ (¬4)، أو لا تأتي إلى بابٍ من أبواب الجنة إلا وجدتهُ قد سبقك إليه ¬
يَفْتَحُهُ لك. قال يا نبي الله: بل يَسْبِقُني إلى باب الجنة فيفتحها، لَهُوَ (¬1) أحبُّ إليَّ قال: فذاك لك (¬2) ". 17 - وعن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسملين يتوفى لهما ثلاثةٌ من الولد إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمتهِ إياهم، قالوا: يا رسول الله! أو اثنان؟ قال: أو اثنانِ. قالوا: أو واحدٌ، ثم قال: والذي نفسي بيده إن السِّقْطَ لَيَجُرُّ أمَّهُ بِسَرَرِهِ إلى الجنة إذا احتسبتهُ" رواه أحمد والطبراني، وإسناد أحمد حسن أو قريب من الحسن. [السرر]: بسين مهملة وراء مكررة محركاً: هو ما تقطعه القابلة، ومابقي بعد القطع فهو السرة. 18 - وعن أبي سلمى رضي الله عنه راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بَخٍ بخٍ، وأشار بيد لخمسٌ ما أثقلهنَّ في الميزان: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، والولد الصالح يُتوفى للمرء المسلم فيَحْتَسِبُهُ" رواه النسائي وابن حبان في صحيحه؛ واللفظ له والحاكم، ورواه البزار من حديث ثوبان، وحسن إسناده، والطبراني من حديث سفينة؛ ورجاله رجال الصحيح وتقدم. من كان له فَرَطَان من أمتي أدخله الله بهما الجنة 19 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان له فَرَطَان من أمتي أدخله الله بهما الجنة؛ فقالت له عائشة: فمن كان لهُ فَرَطٌ؟ فقال: ومن كان له فرطٌ يا مُوَفَّقةُ. قالت: فمن لم يكن له فَرَطٌ من أمتك؟ قال: فأنا فَرَطُ أمتي لن يُصابوا بمثلي" رواه الترمذي، وقال حديث حسن غريب. [الفرط] بفتح الفاء والراء: هو الذي يدرك من الأولاد الذكور والإناث، وجمعه أفراط. 20 - وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَدَّمَ ثلاثةً من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا له حصناً (¬3) حصيناً من ¬
النار، فقال أبو ذرٍ: قَدَّمت اثنين؟ قال: واثنين. قال أُبَيُّ بن كعب سيد القراء: قَدَّمْتُ واحداً؟ قال وواحداً" رواه ابن ماجة. ما جاء في جزاء من مات له ولد فحمد الله واسترجع 21 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ولدٌ لِعَبْدٍ قال الله عز وجل لملائكته (¬1): قبضتم (¬2) وَلَدَ عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرةَ فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حَمِدَكَ (¬3) واسترجعَ، فيقول: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، وسموه بيتَ الحمد" رواه الترمذي، وابن حبان في صحيحه، وقال: حديث حسن غريب. جزاء فقد الأولاد من فقه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الفتح (¬4): ¬
الترهيب من إفساد المرأة على زوجها، والعبد على سيده
الترهيب من إفساد المرأة على زوجها والعبد على سيده 1 - عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا (¬1) مَنْ حَلَفَ بالأمانة، ومن خَبَّبَ على امرئٍ زوجتهُ أو مملوكهُ فليس منا" رواه أحمد بإسناد صحيح واللفظ له، والبزار، وابن حبان في صحيحه. [خبب] بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الباء الموحدة الأولى معناه: خدع وأفسد. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا مَنْ خَبَّبَ امرأةً على زوجها، أو عبداً على سيده" رواه أبو داود، وهذا أحد ألفاظه، والنسائي وابن حبان في صحيحه، ولفظه: "من خبب عبداً على أهله فليس منا، ومن أفسد امرأةً على زوجها فليس منا" رواه الطبراني في الصغير والأوسط بنحوه من حديث ابن عمر، ورواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس، ورواة أبي يعلى كلهم ثقات. 3 - وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن إبليس يضع عَرْشَهُ (¬2) على الماء ثم يبعث سَرَاياهُ (¬3) فأدناهم (¬4) منه مَنزلةً أعظمهم فتنة (¬5)، يجيء أحدهم، فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئاً، ثم يجئ أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقتُ بينه وبين امرأتهِ فيُدْنِيهِ (¬6) منه ويقول: نِعْمَ (¬7) أنت فَيَلْتَزِمُهُ" رواه مسلم وغيره. ¬
ترهيب المرأة أن تسأل زوجها الطلاق من غير بأس
الآيات القرآنية الدالة على حُسن المعاشرة (¬1) ترهيب المرأة أن تسأل زوجها الطلاق من غير بأس 1 - عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأةٍ (¬2) ¬
ترهيب المرأة أن تخرج من بيتها متعطرة متزينة
سألت (¬1) زوجها طلاقها من غير ما بأسٍ (¬2)، فحرامٌ (¬3) عليها رائحة الجنة" رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه والبيهقي في حديث قال: وإن المختلعات (¬4) هنَّ المنافقات (¬5)، وما من امرأةٍ تسأل زوجها الطلاق من غير بأسٍ فتجدُ ريح الجنة، أو قال: رائحة الجنة. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أبغض (¬6) الحلال إلى الله الطلاق (¬7) " رواه أبو داود وغيره. [قال الخطابي]: والمشهور فيه عن محارب بن دثار عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل لم يذكر فيه ابن عمر، والله أعلم. ترهيب المرأة أن تخرج من بيتها متعطرة متزينة 1 - عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلُّ عينٍ زانيةٌ، والمرأة إذا استعطرت (¬8)، فمَرَّتْ بالمجلس كذا وكذا، يعني زانيةٌ (¬9) " رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، ورواه النسائي، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهم، ولفظهم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ¬
"أيما امرأةٌ استعطرت، فمَرَّتْ على قومٍ ليجدوا (¬1) ريحها فهي زانيةٌ وكل عينٍ زانية" رواه الحاكم أيضاً، وقال صحيح الإسناد. 2 - وعن موسى بن يسار رضي الله عنه قال: "مَرَّتْ بأبي هريرة امرأةٌ وريحها تَعْصِفُ (¬2)، فقال لها: أين تُريدين (¬3) يا أمة الجبار؟ قالت: إلى المسجد. قال: وتَطَيَّبْتِ؟ قالتْ: نعم. قال: فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقبلُ الله من امرأةٍ صلاةً خرجتْ إلى المسجد، وريحها تَعْصِفُ حتى تَرْجِعَ فتغتسل" رواه ابن خزيمة في صحيحه، قال: باب إيجاب الغسل على المطيبة للخروج إلى المسجد، ونفي قبول صلاتها إن صلت قبل أن تغتسل، إن صح الخبر. [قال الحافظ]: إسناده متصل، ورواته ثقات، وعمرو بن هاشم البيروتي ثقة، وفيه كلام لا يضر، ورواه أبو داود، وابن ماجة من طريق عاصم بن عبيد الله العمري، وقد مشاه بعضهم، ولا يحتج به: وإنما أُمِرَتْ بالغُسْلِ لِذَهَابِ رائحتها، والله أعلم. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأةٍ أصابت بخوراً (¬4) فلا تشهدنَّ معنا العشاء. قال أبو نقلٍ: الآخرةَ" رواه أبو داود والنسائي وقال: لا أعلم أحداً تابع يزيد بن خصيفة عن بشر بن سعيد على قوله: عن أبي هريرة، وقد خالفه يعقوب بن عبد الله بن الأشج، رواه عن زينب الثقفية، ثم ساق حديث بشر عن زينب من طرق به. 4 - ورويَ عن عائشة رضي الله عنها قالت: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ في المسجد دخلت امرأةٌ من مُزَيْنةَ تَرْفُل (¬5) في زينةٍ لها في المسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناسُ انْهَوْا (¬6) نساءكم عن لُبْسِ الزينة والتبختر (¬7) في المسجد فإن بني إسرائيل لم يُلْعَنُوا حتى لَبِسَ نساؤهم الزينة وتبختروا في المسجد" رواه ابن ماجة. [قال الحافظ]: وتقدم في كتاب الصلاة جملة أحاديث في صلاتهن في بيوتهن. ¬
الترهيب من إفشاء السر سيما ما كان بين الزوجين
الترهيب من إفشاء السر سيما ما كان بين الزوجين 1 - عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من شر (¬1) الناس عند الله منزلةً يوم القيامة الرجلُ يفضي (¬2) إلى امرأته وتُفضي إليه، ثم يَنْشُرُ أحَدُهُما سرَّ صاحبه" وفي رواية: إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يُفضي إلى امرأته وتُفضي إليه، ثم ينشرُ سرَّها" رواه مسلم وأبو داود وغيرهما. 2 - وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: "أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قُعُودٌ عنده فقال: لعل رجلاً يقول ما فعل بأهله، ولعل امرأةً تُخْبِرُ بما فعلتْ مع زوجها، فأرَمَّ القَوْمُ، فقلتُ: إي والله يا رسول الله إنهم ليفعلون وإنهنَّ ليفعلن؟ قال: فلا تفعلوا، فإنما مثلُ ذلك مثلُ شيطانٍ لقيَ شيطانةً فَغَشِيَهَا (¬3)، والناس ينظرون" رواه أحمد من رواية شهر بن حوشب. [أرم القوم]: بفتح الراء وتشديد الميم: أي سكتوا، وقيل: سكتوا من خوف ونحوه. 3 - ورويَ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا عسى أحدُكم أن يخلوَ بأهلهِ يُغْلِقُ باباً، ثم يُرْخِي سِتْراً، ثم يقضي حاجتهُ، ثم إذا خرج حَدَّثَ أصحابه بذلك، ألا عسى إحْدَاكنَّ أن تُغلق بابها وتُرْخي سترها فإذا قضت حاجتها حَدَّثَتْ صواحبها، فقالت امرأةٌ سَفْعَاءُ الخدَّيْن: والله يا رسول الله إنهنَّ ليفعلن، وإنهم ليفعلون؟ قال: فلا تفعلوا فإنما مثل ذلك مثلُ شيطان لقيَ شيطانةً على قارعةِ الطريق، فقضى حاجتهُ منها، ثم انصرف وتركها" رواه البزار وله شواهد تقوّيه، ¬
كتاب اللباس والزينة
وهو عند أبي داود مطولاً بنحوه من حديث شيخ من طفاوة، ولم يسمه عن أبي هريرة. 4 - وعن أبي سعيد الخدري أيضاً رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "السِّبَاعُ حرَامٌ، قال ابن لهيعة: يعني به الذي يفتخرُ بالجماع" رواه أحمد، وأبو يعلى، والبيهقي، كلهم من طرق درّاج عن أبي الهيثم، وقد صححها غير واحد. [السباع]: بكسر السين المهملة بعدها باء موحدة: هو المشهور، وقيل: بالشين المعجمة. 5 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المجْلِسُ (¬1) بالأمانة إلا ثلاث مجالس: سَفكُ دمٍ حرامٍ، أو فَرْجٌ حَرَامٌ، أو اقتطاعُ مالٍ بغير حقٍ" رواه أبو داود من رواية ابن أخي جابر بن عبد الله، وهو مجهول، وفيه أيضاً عبد الله بن نافع الصائغ، روى له مسلم وغيره، وفيه كلام. 6 - وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حدَّثَ رجلٌ رجلاً بحديثٍ، ثم التفتَ فهو أمانةٌ" رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن إنما نعرفه من حديث ابن أبي ذئب. [قال الحافظ] ابن عطاء المدني: ولا يمنع من تحسين الإسناد، والله أعلم. كتاب اللباس والزينة الترغيب في لبس الأبيض من الثياب 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "البسوا مِنْ ثيابكمُ البياض، فإنها من خير ثيابكم، وَكَفِّنُوا فيها موتاكم" رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وابن حبان في صحيحه. 2 - وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البَسُوا ¬
الترغيب في القميص
البيَاضَ، فإنها أطهرُ وأطيبُ، وكفنوا فيها موتاكم" رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، والنسائي، وابن ماجة، والحاكم وقال صحيح على شرطهما. 3 - وروي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسن ما زُرْتمُ الله عز وجل به في قبوركم ومساجدكمُ البياضُ" رواه ابن ماجة. الترغيب في القميص والترهيب من طوله وطول غيره مما يلبس، وجرِّه خيلاء، وإسباله في الصلاة وغيرها 1 - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان أحبَّ الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص" روه أبو داود، والنسائي والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، وابن ماجة، ولفظه، وهو رواية لأبي داود: لم يكن ثوبٌ أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من القميص. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أسفلَ منَ الكعبينِ من الإزار ففي النار" رواه البخاري والنسائي، وفي رواية النسائي: "إزْرَةُ المؤمن إلى عَضْلَةِ ساقه، ثم إلى نصف ساقهِ، ثم إلى كَعْبِهِ، وما تحت الكعبين من الإزار ففي النار". 3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القميص" رواه أبو داود. 4 - وعن العلاء بن عبد الرحمن رضي الله عنه عن أبيه قال: "سألت أبا سعيدٍ عن الإزار فقال: على الخبير بها سقطتَ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أزْرَةُ المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج، أو قال: لا جُناح عليه فيما بَيْنَهُ، وبين الكعبين وما كان أسفل (¬1) من ذلك فهو في النار، ومن جرَّ إزارهُ بطراً (¬2) لم ينظرُ (¬3) الله إليه يوم القيامة" رواه مالك، وأبو داود والنسائي، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه. ¬
5 - وعن أنس رضي الله عنه قال: "حَمِيدٌ كأنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال: الإزار إلى نصف الساق فشقَّ عليهم، فقال: أو إلى الكعبين لا خيرَ فيما في أسفل من ذلك" رواه أحمد ورواته رواة الصحيح. 6 - وعن زيد بن أسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "دخلتُ على النبي صلى الله عليه وسلم وعليَّ إزارٌ يَتَقَعْقَعُ (¬1) فقال: مَنْ هذا؟ فقلتُ عبد الله بن عمر قال: إن كنت عَبْدَ اللهِ، فارفعْ إزاركَ فرفعتَ إزاري إلى نصف الساقين، فلم تزل أُزْرَتهُ حتى مات" رواه أحمد، ورواته ثقات. 7 - وعن أبي ذرٍ الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لا يُكلمهمُ الله يوم القيامة، ولا ينظرُ إليهم، ولا يُزكيهمْ، ولهم عذابٌ أليمٌ. قال: فقَرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مراتٍ. قال أبو ذرٍ: خابوا وخسروا. مَنْ هُمْ يا رسول الله؟ قال: المُسْبِلُ، والمنان (¬2)، والمنفقُ (¬3) سِلْعَتَهُ بالحلف الكاذب" وفي رواية: المسبل إزاره" رواه مسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة. [المسبل]: هو الذي يطوِّل ثوبه، ويرسله إلى الأرض كأنه يفعل ذلك تجبراً واختيالاً. 8 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإسبالُ في الإزار، والقميص، والعمامة، مَنْ جَرَّ شيئاً خُيلاء (¬4) لم ينظر الله إليه يوم القيامة" رواه أبو داود والنسائي، وابن ماجة من رواية عبد العزيز بن أبي روّاد، والجمهور على توثيقه. 9 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء" رواه مالك والبخاري، ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. 10 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
"لا ينظرُ الله يوم القيامة إلى من جَرَّ إزارهُ بطراً" رواه مالك والبخاري، ومسلم وابن ماجة إلا أنه قال: من جر ثوبه من الخيلاء. من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة 11 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله إن إزاري يَسْتَرْخِي (¬1) إلا أن أتعاهده (¬2)، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لست ممن يفعله خُيلاء" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. ولفظ مسلم قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأُذني هاتين يقول: من جرَّ إزاره لا يريدُ بذلك إلا المخيلة (¬3)، فإن الله عز وجل لا ينظر إليه يوم القيامة. [الخيلاء]: بضم الخاء المعجمة وكسرها أيضاً وبفتح الياء المثناة تحت ممدوداً: هو الكبر والعجب. [والمخيلة]: بفتح الميم، وكسر لخاء المعجمة، من الاختيال، وهو الكبر واستحقار الناس. 12 - وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بِحُجْزَةِ سفيان بن أبي سهلٍ، فقال: يا سفيان لا تُسْبلْ (¬4) إزارك، فإن الله لا يحب المسبلين" رواه ابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له. [قال الحافظ]: ويأتي إن شاء الله تعالى في طلاقة الوجه حديث أبي جريّ الهجيمي، وفيه: وإياك وإسبال الإزار، فإنه من المخيلة ولا يُحبها الله. 13 - وعن هبيب بن مُغْفِل بضم الميم وسكون المعجمة وكسر الفاء، رضي الله عنه "أنه رأى محمداً القرشي قام فَجَرَّ إزارهُ، فقال هبيبٌ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَنْ وَطِئَهُ (¬5) خُيلاء وَطِئَهُ (¬6) في النار" رواه أحمد بإسناد جيد، وأبو يعلى والطبراني. 14 - ورويَ عن بريدة رضي الله عنه قال: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل رجلٌ من قريشٍ يَخْطُرُ (¬7) في حُلَّةٍ له، فلما قام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بُريدةُ: هذا لا يقيمُ (¬8) الله له يوم القيامة وزناً" رواه البزار. ¬
15 - وروي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن مجتمعون، فقال: يا معشر المسلمين، اتقوا الله وَصِلُوا أرْحَامَكم (¬1)، فإنه ليس من ثوابٍ أسرعُ من صلة الرحم، وإياكم والبغيَ (¬2) فإنه ليس من عقوبةٍ أسرعُ من عقوبةِ بغيٍ، وإياكم وعقوق الوالدين (¬3)، فإن ريح الجنةِ يُوجدُ من مسيرةِ ألف عامٍ، والله لا يجدها عاقٌ (¬4)، ولا قاطعُ (¬5) رحمٍ، ولا شيخٌ زانٍ (¬6)، ولا جارٌّ إزارهُ (¬7) خُيلاء، إنما الكبرياء (¬8) لله رب العالمين (¬9) " الحديث رواه الطبراني في الأوسط. 16 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من جر ثوبه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، وإن كان على الله كَرِيماً (¬10) " رواه الطبراني من رواية علي بن يزيد الألهاني. 17 - ورويَ عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أتاني جبريل عليه السلام فقال لي: هذه ليلةُ النصف من شعبان؛ ولله فيها عُتَقاء (¬11) مِنَ ¬
النار بعدد شعر غنمِ كَلْبٍ لا ينظرُ الله فيها إلى مشركٍ (¬1)، ولا إلى مُشاحنٍ (¬2)، ولا إلى قاطع رحمٍ (¬3) ولا إلى عاقٍ (¬4) لوالديه، ولا إلى مدمن (¬5) خمرٍ" رواه البيهقي. 18 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أسبل (¬6) إزاره في صلاته خُيلاء فليس من الله في حِلٍّ (¬7)، ولا حَرَامٍ" رواه أبو داود وقال: وروه جماعة موقوفاً على ابن مسعود. 19 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما رجلٌ يُصلي مُسبلاً إزاره، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ، فذهب فتوضأ ثم جاء، ثم قال له: اذهب فتوضأ، فقال له رجلٌ آخرُ: يا رسول الله: ما لك أمرتهُ أن يتوضأ، ثم سكتَّ عنه؟ قال: إنه كان يصلي وهو مسبلٌ إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجلٍ مُسبلٍ (¬8) " رواه أبو داود، وأبو جعفر المدني، إن كان محمد بن علي بن الحسين فروايته عن أبي هريرة مرسلة، وإن كان غيره فلا أعرفه. ¬
الترغيب في كلمات يقولهن من لبس ثوبا جديدا
الترغيب في كلمات يقولهن من لبس ثوباً جديداً 1 - عن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل طعاماً فقال: الحمدُ لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه (¬1) من غير حولٍ مني ولا قوةٍ غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن لبس ثوباً جديداً فقال: الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حولٍ مني ولا قوةٍ، غُفر له ما تقدم من ذنبهِ وما تأخر" رواه أبو داود والحاكم، ولم يقل: وما تأخر، وقال: صحيح الإسناد، وروى الترمذي؛ وابن ماجة شطره الأول؛ وقال الترمذي: حديث حسن غريب. [قال الحافظ] عبد العظيم: رواه هؤلاء الأربعة من طريق عبد الرحيم أبي مرحوم عن سهل بن معاذ عن أبيه؛ وعبد الرحيم وسهل يأتي الكلام عليهما. 2 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "لبس عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثوباً جديداً فقال: الحمد لله الذي كساني ما أواري (¬2) به عورتي؛ وأتجمل به (¬3) في حياتي؛ ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لبس ثوباً جديداً فقال: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي؛ وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الذي أُخْلِقَ (¬4) فتصدق به كان في كَنَفِ (¬5) الله، وفي حفظ الله، وفي ستر الله حياً وميتاً" رواه الترمذي واللفظ له؛ وقال: حديث غريب، وابن ماجة، والحاكم كلهم من رواية أصبغ بن زيد عن أبي العلاء عنه؛ وأبو العلاء مجهول؛ وأصبغ يأتي ذكره؛ ورواه البيهقي وغيره من طريق عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عنه فذكره؛ وقال فيه: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لبس ثوباً؛ أحْسِبُهُ قال: جديداً فقال: حين يبلغُ تَرْقُوَتَهُ مثل ذلك؛ ثم عمد إلى ثوبه الخلق فكساه مسكيناً لم ¬
الترهيب من لبس النساء الرقيق من الثياب التي تصف البشرة
يَزَلْ في جوار الله، وفي ذمة الله، وفي كنفِ الله حياً وميتاً ما بقي من الثوب سِلْكٌ" زاد في بعض رواياته قال يس: فقلتُ لعبيد الله من أيِّ الثوبين؟ قال: لا أدري. 3 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنعمَ الله على عبدٍ نعمةً فعلمَ أنها من الله إلا كتبَ الله له مغفرةً قبل أن يستغفرهُ، وما اشترى عبدٌ ثوباً بدينارٍ، أو نصفَ دينارٍ فلَبِسَهُ فحمد الله عز وجل إلا لم يبلغ رُكبتيهِ حتى يغفر الله له" رواه ابن أبي الدنيا، والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: رواته لا أعلم فيهم مجروحاً؛ كذا قال. الترهيب من لبس النساء الرقيق من الثياب التي تصف البشرة 1 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون في آخر أمتي رجالٌ يركبون على سُرُجٍ (¬1) كأشباه الرجال ينزلون على أبواب المساجد نساؤهم كاسياتٌ (¬2) عارياتٌ (¬3) على رءوسهنَّ كأسنمة (¬4) البُخْتِ العِجَافِ الْعَنُوهُنَّ (¬5) فإنهنَّ ملعونات، لو كان وراءكم أمةٌ من الأمم خدَمتهُنَّ نساؤكم كما خدمكم نساء الأمم قبلكم" رواه ابن حبان في صحيحه واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
صنفان من أهل النار لم أرهما: قومٌ معهم سياطٌ كأذنابِ البقرِ يضربون بها الناس ونساء كاسياتٌ عارياتٌ مميلاتٌ (¬1) مائلاتٌ رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة، ولا يجدن (¬2) ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" رواه مسلم وغيره. إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا الوجه والكف 3 - وعن عائشة رضي الله عنها: "أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثيابٌ رِقَاقٌ (¬3)، فأعرضَ (¬4) عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال: يا أسماء: إن المرأة إذا بلغت المحيض (¬5) لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا. وأشار إلى وجهه وكفيه" رواه أبو داود. وقال: هذا مرسل. وخالد بن دريك لم يدرك عائشة. ¬
ترهيب الرجال من لبسهم الحرير وجلوسهم عليه والتحلي بالذهب وترغيب النساء في تركهما
ترهيب الرجال من لبسهم الحرير وجلوسهم عليه والتحلي بالذهب وترغيب النساء في تركهما 1 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا الحرير، فإنه من لَبِسَهُ في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" رواه البخاري، ومسلم، والترمذي والنسائي، وزاد وقال ابن الزبير: من لبسه في الدنيا لم يدخل الجنة. قال الله تعالى: "وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ". 2 - وعنه رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما يلبسُ الحريرَ من لا خَلاقَ له (¬1) " رواه البخاري وابن ماجة والنسائي في رواية: مَنْ لا خلاق له في الآخرة. 3 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه" رواه النسائي وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال صحيح الإسناد. 4 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسهُ في الآخرة" رواه البخاري، ومسلم، وابن ماجة. 5 - وعن علي رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعلهُ في يمينه وذَهَباً فجعله في شماله، ثم قال: إن هذين حرامٌ على ذكور أمتي" رواه أبو داود والنسائي. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن شرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب بها في الآخرة، ثم قال: لباسُ ¬
أهل الجنة وشراب أهل الجنة، وآنية أهل الجنة" رواه الحاكم، وقال صحيح الإسناد. 7 - وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "أهديَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فَرُّوجُ حريرٍ فَلَبِسَهُ، ثم صلى فيه، ثم انصرف فنزعهُ نزعاً شديداً (¬1) كالكارِهِ له، ثم قال: لا ينبغي هذا للمتقين" رواه البخاري ومسلم. [والفروج]: بفتح الفاء، وتشديد الراء وضمها وبالجيم: هو القباء الذي شق من خلفه. 8 - وعن أب رُقية رضي الله عنه قال: "سمعت مَسْلَمَةَ بن مَخْلَدٍ وهو على المنبر يخطبُ الناس يقول: يا أيها الناس أما لكم في العَصْبِ والكتان ما يُغنيكم عن الحرير وهذا رجلٌ يخبرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قُمْ يا عقبةُ، فقام عقبةُ بن عامر، وأنا أسمعُ، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كذب (¬2) عليَّ متعمداً فليتبوأ (¬3) مقعده من النار، وأشهدُ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لبس الحرير في الدنيا حَرَمَهُ (¬4) أن يلبسه في الآخرة" رواه ابن حبان في صحيحه. [العصب]: بفتح العين، وسكون الصاد مهملتين: هو ضرب من البرود. 9 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشربَ في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لُبْسِ الحرير والديباج (¬5)، وأن نجلس عليه" رواه البخاري. 10 - ورويَ عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يستمتعُ بالحرير من يرجو (¬6) أيَّامَ الله" رواه أحمد، وفيه قصة. 11 - وعن أبي هريرة رضي الله قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما يلبسُ الحرير في الدنيا من لا يرجو أن يلبسهُ في الآخرة. قال الحسن: فما بالُ أقوامٍ يبلغهمْ هذا عن نبيهم فيجعلون حريراً في ثيابهم وبيوتهم" رواه أحمد من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن عنه. ¬
إذا استحلت أمتي خمساً فعليهم الدمار .. إلخ 12 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استحلت أُمتي خمساً فعليهمُ الدمار (¬1) إذا ظهر التلاعُنُ (¬2)، وشربوا الخمور، ولبسوا الحرير، واتخذوا القينات (¬3)، واكتفى الرجالُ بالرجال (¬4)، والنساء بالنساء" رواه البيهقي عقيب حديث، ثم قال: إسناده وإسناد ما قبله غير قوي غير أنه إذا ضم بعضه إلى بعض أخذ قوةً. 13 - وعن صفوان بن عبد الله بن صفوان قال: "استأذن سعدٌ رضي الله عنه على ابن عامرٍ، وتحتهُ مَرَافِقُ من حريرٍ، فأمَرَ بها فرُفعت فدخل عليه وهو على مَطْرَفٍ مِنْ خَزٍ، فقال له: استأنت وتحتي مَرَافِقُ من حريرٍ، فأمَرْتُ بها فرفعت، فقال له: نِعْمَ الرجلُ أنت يا ابن عامرٍ إن لم تكن ممن قال الله: أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا، والله لأن أضطجع على جَمْرِ الغضا أحبُّ إليَّ أن أضطجع عليها" رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما. [المرافق]: بفتح الميم جمع مرفقة بكسرها: وفتح الفاء: وهي شيء يتكأ عليه شبيه بالمخدة. 14 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جُبَّةً مُجيَّبَةً بحريرٍ، فقال: طَوْقٌ من نارٍ يوم القيامة" رواه البزار والطبراني في الأوسط، ورواته ثقات. [مجيبة]: بضم الميم، وفتح الجيم بعدهما ياء مثناة تحت مفتوحة، ثم باء موحدة: أي لها جيب بفتح الجيم من حرير، وهو الطوق. 15 - وعن جويرية رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لبس ثوبَ حريرٍ في الدنيا ألبسهُ الله عز وجل يوماً، أو ثوباً من النار يوم القيامة" ¬
وفي روايةٍ: من لبس ثوب حريرٍ في الدنيا ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلةٍ (¬1) من النار، أو ثوباً من النار" رواه أحمد والطبراني، وفي إسناده جابر الجعفي، ورواه البزار عن حذيفة موقوفاً: من لبس ثوب حريرٍ ألبسهُ الله يوماً من نارٍ ليس من أيامكم، ولكن من أيام الله الطوَال. 16 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه: "أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من كان يؤمن بالله واليومِ الآخرِ فلا يلبس حريراً، ولا ذهباً" رواه أحمد ورواته ثقات. من لبس ثوب حرير ألبسه الله يوماً من نار 17 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات من أمتي وهو يشربُ الخمرَ حَرَّمَ (¬2) الله عليه شُربها في الجنة، ومن مات من أمتي وهو يتحلى بالذهب (¬3) حَرَّمَ (¬4) الله عليه لِبَاسَهُ في الجنة" رواه أحمد، ورواته ثقات، والطبراني. 18 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذَهَبٍ في يد رجلٍ فنزعه وطرحه، وقال: يَعْمِدُ أحدكم إلى جمرةٍ (¬5) من نارٍ فيطرحها في يده، فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خُذْ خاتمك انتفع به؟ فقال: لا والله لا آخذهُ، وقد طرحه (¬6) رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه مسلم. 19 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه: "أن رجلاً قَدِمَ من نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه خاتمٌ من ذهبٍ فأعرضَ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إنك جئتني، وفي يدك جمرةٌ (¬7) من نارٍ" رواه النسائي. 20 - وعن خليفة بن كعبٍ رضي الله عنه قال: "سمعت ابن الزبير يخطبُ ويقولُ: لا تُلْبِسُوا نساءكم الحرير، فإني سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: قال ¬
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا الحريرَ، فإنه من لبسهُ في الدنيا لم يلبسهُ في الآخرة (¬1) " رواه البخاري ومسلم والنسائي، وزاد في روايةٍ: ومن لم يلبسه في الآخرة لم يدخل الجنة. قال تعالى: وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِير. 21 - وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهل الحلية والحرير ويقول: إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوها في الدنيا" رواه النسائي، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 22 - وعن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل: من ترك الخمرَ وهو يقدرُ عليه (¬2) لأسْقِيَنَّهُ منهُ في حظيرةِ القُدْسِ (¬3)، ومن ترك الحريرَ وهو يقدرُ عليه لأكسونه إياه في حظيرة القدس" رواه البزار بإسناد حسن، ويأتي في باب شرب الخمر أحاديث نحو هذا إن شاء الله تعالى. 23 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سَرَّهُ أن يسقيهُ الله الخمرَ في الآخرة فليترُكها (¬4) في الدنيا، ومن سَرَّهُ أن يكسوه الله الحرير في الآخرة فليتركهُ في الدنيا" رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات إلا شيخه المقدام بن داود، وقد وثق، وله شواهد. 24 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ويلٌ للنساء من الأحَمَرَيْنِ: الذهب (¬5)، والمعصفرِ (¬6) " رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم منزلة الفقراء والأغنياء والنساء في الجنة 25 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُرِيتُ (¬1) أني دخلتُ الجنة، فإذا أعالي أهل الجنة فقراءُ المهاجرين (¬2)، وَذَرَارِي المؤمنين، وإذا ليس فيها أحدٌ أقل من الأغنياء والنساء، فقيل لي: أما الأغنياء فإنهم على الباب يُحاسبون وَيُمَحَّصُونَ، وأما النساء فَألْهَاهُنَّ الأحْمَرَانِ: الذهبُ، والحريرُ" الحديث رواه أبو الشيخ ابن حبان وغيره من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم عنه. 26 - وتقدم حديث أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يبيتُ (¬3) قومٌ من هذه الأمة على طُعْمٍ، وشُرْبٍ، ولهوٍ ولعبٍ فيصبحون (¬4)، وقد مُسِخُوا قِرَدَةً وخنازير، وَلَيُصِيبَنَّهُمْ (¬5) خَسْفٌ، وَقَذْفٌ حتى يُصبح الناس، فيقولون: خُسِفَ الليلة ببني فلان، وخُسِفَ الليلة بدار فلان، وَلَيُرْسَلَنَّ عليهم (¬6) حجارةٌ من ¬
السماء كما أُرسلت على قوم لوطٍ على قبائل فيها وعلى دُورٍ، ولَتُرْسَلَنَّ عليهمُ الريحُ العقيمُ التي أهلكت عاداً على قبائل فيها، وعلى دُورٍ بِشُرْبِهِمُ الخمر، ولُبْسِهِمُ الحريرَ، واتخاذهم القينات، وأكلهم الربا، وقطيعة الرحم، وَخَصْلَةٍ نسيها جعفرٌ" رواه أحمد والبيهقي. ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الخمر والحرير .. إلخ 27 - وعن عبد الرحمن بن غُنْمٍ الأشعري قال: "حدثني أبو عامر، وأبو مالكٍ الأشعري والله يمينٌ أخرى ما كَذَّبَنِي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الخمر والحرير، وذكرَ كلاماً قال: يمسخُ منهم قردةً وخنازير إلى يوم القيامة" رواه البخاري تعليقاً، وأبو داود، واللفظ له. ¬
الترهيب من تشبه الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك
الترهيب من تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لعن (¬1) رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين (¬2) من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال" رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة والطبراني، وعنده: أن امرأة مَرَّتْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مُتقلدةً (¬3) قَوْساً، فقال: لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء ¬
وفي رواية البخاري: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء. [المخنث] بفتح النون وكسرها: من فيه إنخناث، وهو التكسر والتثني كما يفعله النساء، لا الذي يأتي الفاحشة الكبرى (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل (¬2) " روه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. ليس منا من تشبه بالرجال من النساء .. إلخ 3 - وعن رجلٍ من هُذَيْلٍ قال: "رأيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، ومنزلهُ في الحِلِّ ومسجدُهُ في الحرَم قال: فبينا أنا عندهُ رأى أم سعيدٍ بنتَ أبي جهل مُتقلدةً قوساً، وهي تمشي مشية الرجلُ، فقال عبد الله: من هذه؟ فقلتُ: هذه أم سعيد بنتُ أبي جهل، فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس (¬3) منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال" رواه أحمد واللفظ له، ورواته ثقات إلا الرجل المبهم، ولم يَسمّ، والطبراني مختصراً، وأسقط المبهم فلم يذكره. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم مُخَنَّثِي الرجال الذين يتشبهون بالنساء، والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال وراكبَ ¬
الفَلاَةِ وَحْدَ (¬1) " رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا طيب بن محمد، وفيه مقال، والحديث حسن. أربعة لعنوا في الدنيا والآخرة رجل جعله الله ذكراً فأنث نفسه .. إلخ 5 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعةٌ لُعِنُوا في الدنيا والآخرة، وَأمَّنَتِ الملائكةُ: رجلٌ جعلهُ الله ذَكَراً، فأنَّثَ نفسهُ وتشبه بالنساء، وامرأةٌ جعلها الله أُنثى فَتَذَكَّرَتْ وتشبهت بالرجال، والذي يُضِلُّ الأعمى (¬2) ورجلٌ حَصُورٌ (¬3) ولم يجعلِ الله حصوراً إلا يَحْيىَ بن زكريا" رواه الطبراني من طريق علي بن يزيد الألهاني، وفي الحديث غرابة. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أُتِىَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمُخَنَّثٍ قد خَضَبَ يديه (¬4) ورجليه بالحناء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بالُ (¬5) هذا؟ قالوا: يتشبه (¬6) بالنساء فَأُمِرَ به فَنُفِيَ إلى النقيع (¬7) فقيل: يا رسول الله ألا تقتله؟ فقال: إني نهيتُ عن قتل المصلين (¬8) " رواه أبو داود. قال: وقال أبو أسامة. [والنقيعُ]: ناحية من المدينة، وليس بالبقيع: يعني أنه بالنون لا بالباء. [قال الحافظ]: رواه أبو داود عن أبي يسار القرشي عن أبي هاشم عن أبي هريرة، وفي ¬
متنه نكارة، وأبو يسار هذا لا أعرف اسمه، وقد قال أبو حاتم الرازي لما سئل عنه: مجهول وليس كذلك، فإنه قد رَوى عنه الأوزاعي والليث، فكيف يكون مجهولاً، والله أعلم. 7 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: العاقُّ (¬1) لوالديه، والديُّوثُ (¬2)، وَرَجُلَةُ النساء (¬3) " رواه النسائي والبزار في حديث يأتي في العقوق إن شاء الله، والحاكم، واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد. [الديوث] بفتح الدال، وتشديد الياء المثناة تحت: هو الذي يعلم الفاحشة في أهله، ويقرُّهم عليها. 8 - وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة أبداً: الديوثُ، والرَّجُلَةُ من النساء، ومدمن (¬4) الخمر. قالوا ¬
الترغيب في ترك الترفع في اللباس تواضعا واقتداء بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه والترهيب من لباس الشهرة والفخر والمباهاة
يا رسول الله: أما مدمن الخمر فقد عرفناه، فما الديوث؟ قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله. قلنا: فما الرَّجُلَةُ من النساء؟ قال: التي تشبهُ بالرجال" رواه الطبراني ورواته ليس فيهم مجروح. الترغيب في ترك الترفع في اللباس تواضعاً واقتداءً بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه والترهيب من لباس الشهرة والفخر والمباهاة 1 - عن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك اللباس (¬1) تواضعاً لله، وهو يقدرُ (¬2) عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس (¬3) الخلائق حتى يُخَيِّرَهُ من أي حُلَلِ الإيمان شاء يلبسُهَا" رواه الترمذي، وقال حديث حسن، والحاكم في موضعين من المستدرك، وقال في أحدهما: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: روياه من طريق أبي مرحوم، وهو عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ، ويأتي الكلام عليهما. 2 - وعن رجلٍ من أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ترك لُبْسَ ثوبِ جَمَالٍ، وهو يقدرُ عليه (¬4) قال بِشْرٌ: أحْسِبُهُ قال: تواضعاً، كساه الله حُللَ الكرامةِ (¬5) " رواه أبو داود في حديث، ولم يسم ابن الصحابي، ورواه البيهقي من طريق زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه بزيادة. ¬
3 - وعن أبي أمامة بن ثعلبة الأنصاري، واسمهُ إياسٌ رضي الله عنه قال: "ذكر أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً عنده الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسمعون ألا تسمعون؟ إن البذاذةَ (¬1) من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان يعني التفحُّلَ" رواه أبو داود وابن ماجة كلاهما من رواية محمد بن إسحاق، وقد تكلم أبو عمر النمري في هذا الحديث. [البذاذة] بفتح الباء الموحدة، وذالين معجمتين: هي التواضع في اللباس برثاثة الهيئة وترك الزينة، والرضا بالدون من الثياب (¬2). 4 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل يحب المتبذل الذي لا يبالي ما لبس" رواه البيهقي. 5 - وعن أبي بُرْدَةَ رضي الله عنه قال: "دخلت على عائشة رضي الله عنها، فأخرجت إلينا كساء مُلَبَّداً من التي تُسَمُّونها المُلبَّدَةَ، إزاراً عظيماً مما يُصنعُ باليمن، وأقسمتْ بالله لقد قُبضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين الثوبين" رواه البخاري ومسلم وأبو داود، والترمذي أخصر منه. [الملبد]: المرقع، وقيل غير ذلك. 6 - ورويَ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: تُوفيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن نَمِرَةً من صوفٍ (¬3) تُنْسَجُ له" رواه البيهقي. 7 - وعن أنس رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل خَشِناً، وَلبِسَ خَشناً، لبس الصوفَ، واحتذى المَخْضُوفَ (¬4). قيل للحسن: ما الخشنُ؟ قال: ¬
غليظ الشعير، ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسيغُهُ (¬1) إلا بجرْعةٍ (¬2) من ماء" رواه ابن ماجة، والحاكم، واللفظ له، كلاهما من رواية يوسف بن أبي كثير عن نوح بن ذكوان وقال الحاكم: صحيح الإسناد. [قال الحافظ] يوسف: لا يعرف، ونوح بن ذكوان، قال قال أبو حاتم: ليس بشيء. 8 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان على موسى يومَ كلَّمَهُ ربهُ كِسَاء صوفٍ (¬3) وجبةُ صوفٍ، وكُمَّةُ صُوفٍ، وسراويلُ صوفٍ، وكانت نعلاهُ من جلد حمارٍ ميتٍ" رواه الترمذي، وقال حديث حسن غريب، والحاكم كلاهما عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. [قال الحافظ]: توهم الحاكم أن حميداً الأعرج هذا هو حميد بن قيس المكي، وإنما هو حميد بن علي، وقيل: ابن عمار أحد المتروكين، والله أعلم. [الكمَّةُ]: بضم الكاف، وتشديد الميم: القلنسوة الصغيرة. 9 - وعن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كانت الأنبياء يستحبون أن يلبسوا الصوف، ويحتلبوا (¬4) الغنم، ويركبوا الحُمْرَ (¬5) " رواه الحاكم موقوفاً، وقال: صحيح على شرطهما. ¬
10 - وروى ابن ماجة عن عبادة بن الصامت قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ عليه جُبَّةٌ من صُوفٍ ضيقة الكُمَّيْنِ، فصلى بنا فيها ليس عليه شيء غيرها". 11 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بَرَاءةٌ (¬1) من الكبر" لَبُوسُ الصوف، ومُجالسةُ فقراء المسلمين، ورُكوبُ الحمارِ، واعتقالُ العَنْزِ أو البعير" رواه البيهقي وغيره. 12 - وعن الحسن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يصلي في مُرُوطِ نسائه، وكانت أكْسِيَةً من صوفٍ مما يُشْتَرى بالسِّتَّةِ والسبعة، وكُنَّ نساؤه يَتّزِرْنَ بها (¬2) " رواه البيهقي، وهو مرسل، وفي سنده لين. 13 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أسْوَدَ" رواه مسلم، وأبو داود والترمذي. [المرط] بكسر الميم وسكون الراء: كساء يؤتزر به، قال أبو عبيد: وقد تكون من صوف ومن خزّ. [ومرحل] بفتح الحاء المهملة وتشديدها: أي فيه صور رحال الجمال. 14 - وعن عائشة أيضاً رضي الله عنها قالت: "كان وِسَادُ (¬3) رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يَتَّكئُ عليه من أدَمٍ (¬4) حَشْوُهُ لِيفٌ". 15 - وعنها رضي الله عنها قالت: "إنما كان فِراشُ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينامُ عليه أدَماً حَشْوُهَا لِيفٌ" رواهما مسلم وغيره. 16 - وعن عُتْبَةَ بن عَبْدٍ السُّلَميِّ رضي الله عنه قال: "استكسيتُ رسول الله ¬
صلى الله عليه وسلم، فكساني خَيْشَتَيْنِ، فلقد رأيْتُني، وأنا أكسي أصحابي" رواه أبو داود والبيهقي كلاهما من رواية إسماعيل بن عياش. [الخيشة] بفتح الخاء المعجمة، وسكون الياء المثناة تحت بعدها شين معجمة: هو ثوب يتخذ من مشاقة الكتان يغزل غزلاً غليظاً، وينسج نسجاً رقيقاً، وقوله: وأنا أكسى أصحابي: يعني أعظمهم، وأعلاهم كسوة. لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه 17 - وعن ابن بُريدةَ قال: "قال لي أبي: لو رأيتنا، ونحن مع نبينا، وقد أصابتنا السماءُ حسبْتَ أن رِيحَنَا ريحُ الضأن" رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي، وقال: حديث صحيح. [ومعنى الحديث]: أنه كان ثيابهم الصوف، وكان إذا أصابهم المطر يجئ من ثيابهم ريح الصوف انتهى. رواه الطبراني بإسناد صحيح أيضاً نحوه، وزاد في آخره: إنما لباسنا الصوف، وطعامنا الأسودان: التمرُ والماء. 18 - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: خرجتُ في غداةٍ (¬1) شاتيةٍ (¬2) جائعاً، وقد أوْبَقَني (¬3) البرد، فأخذت ثوباً من صُوفٍ قد كان عندنا، ثم أدخلتُهُ في عُنُقي، وحَزَمْتُهُ على صدري أسْتَدْفئ (¬4) به، والله ما كان في بيتي شيء آكلُ منه، ولو كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم شيء لبَلَغَني، فذكر الحديث إلى أن قال ثم جئتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلستُ إليه في المسجد، وهو مع عصابةٍ (¬5) من أصحابه، فطلع علينا مصعب بن عمير في بُرْدَةٍ (¬6) مرْقُوعةٍ بِفَرْوَةٍ، وكان أنْعَمَ غلام بمكة (¬7) وأرْفَهَهُ عيشاً، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ما كان فيه من النعيم (¬8)، ورأى حاله التي هو عليها، فذرفت عيناه، فبكى، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم اليوم خيرٌ أم إذا غُدِىَ (¬9) على أحدكم بِحفنةٍ (¬10) من خُبزٍ ¬
ولحمٍ، وَرِيحَ (¬1) عليه بأُخرى، وغدا في حُلَّةٍ، وراح في أخرى: وسترتم بيوتكم (¬2) كما تُسْتَرُ الكعبةُ. قلنا: بل نحن يومئذٍ (¬3) خيرٌ نتفرَّغُ للعبادة. قال: بل أنتم اليوم خيرٌ" رواه أبو يعلى، واللفظ له، ورواه الترمذي إلا أنه قال: خرجت في يومٍ شاتٍ (¬4) من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخذتُ إهاباً معطوناً (¬5)، فجوَّبْتُ وسطهُ؛ فأدخلتهُ في عنقي، وشددتُ وسطي؛ فحزمتهُ بخُوصِ النخلِ، وإني لشديد الجوع؛ فذكر الحديث؛ ولم يذكر فيه مصعب بن عمير؛ وذكر قصته في مواضع أخر مفردة؛ وقال في كل منهما: حديث حسن غريب. [قال الحافظ]: وفي إسناديه؛ وإسناد أبي يعلى رجل لم يسّم. [جَوَّبت وسطه] بتشديد الواو: أي خرقت في وسطه خرقاً كالجيب؛ وهو الطوق الذي يخرج الإنسان منه رأسه. [والإهاب] بكسر الهمزة: هو الجلد؛ وقيل: ما لم يدبغ. ما جاء في استحباب لبس الصوف 19 - وعن عمر رضي الله عنه قال: "نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مُصعب بن عمير مُقبلاً عليه إهابُ كبشٍ قد تَنَطَّقَ به (¬6) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انظروا إلى هذا الذي نَوَّرَ الله قلبه (¬7)! لقد رأيته بين أبوين يَغْذُوَانِهِ بأطيب الطعامِ ¬
والشراب، ولقد رأيت عليه حُلة شراها أو شُريتْ بمائتي درهم، فدعاه حُبُّ الله، وحبُّ رسوله إلى ما ترون" رواه الطبراني والبيهقي. 20 - وعن أنس رضي الله عنه قال: "رأيتُ عمر رضي الله عنه، وهو يومئذٍ أمير المؤمنين، وقد رَقَّعَ بين كتفيه بِرقاعٍ ثلاثٍ لُبِّدَ بعضها على بعضٍ" رواه مالك. كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره 21 - وعن أنس رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم من أشعث (¬1) أغبر (¬2) ذي طِمْرَيْنِ (¬3) لا يُؤبَهُ لَهُ لو أقسم على الله (¬4) لأبَرَّهُ، منهم البراء بن مالك" رواه الترمذي، وقال حديث حسن. [قال الحافظ]: ويأتي في باب الفقر أحاديث من هذا النوع وغيره إن شاء الله تعالى. 22 - ورويَ عن الشَّفَّاء بنت عبد الله رضي الله عنها قالت: "أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أسألهُ، فجعل يعتذرُ إليَّ، وأنا ألُومُهُ، فَحَضَرَتِ الصلاةُ فخرجتُ، فدخلتُ على ابنتي، وهي تحت شُرَحْبيلَ بن حَسَنَةَ، فوجدت شرحبيل في البيت، فقلت: قد حضرت الصلاةُ، وأنت في البيت؛ وجعلت ألُومُهُ (¬5)؛ فقال يا خالةُ: لا تلوميني؛ فإنه كان لي ثوبٌ فاستعارَهُ (¬6) النبي صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: بأبي وأمي كنتُ ألومهُ منذ اليوم؛ وهذه حالهُ، ولا أشعرُ؛ فقال شرحبيل: ما كان إلا درعٌ رقَّعْنَاهُ (¬7) " رواه الطبراني والبيهقي. ¬
لباس الصحابة رضي الله عنهم 23 - وعن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: "رأيت عثمان بن عفان رضي الله يوم الجمعة على المنبر عليه إزارٌ عَدَنيٌّ غليظٌ ثمنهُ أربعة دراهم أو خمسةٌ، وَرَيْطَهٌ كُوفيةٌ مُمَشَّقَةٌ، ضَرْبَ اللَّحْمِ، طويلَ اللحية، حسن الوجه" رواه الطبراني بإسناد حسن، والبيهقي. [عدنيّ] بفتح العين والدال المهملتين: منسوب إلى عدن. [والرَّيطة] بفتح الراء، وسكون الياء المثناة تحت: كل ملاءة تكون قطعة واحدة، ونسجاً واحدا ليس لها لفقان. [وضرب اللحم]: بفتح الضاد المعجمة، وسكون الراء: خفيفه. [وممشقة] أي مصبوغة بالمشق بكسر الميم: وهو المغرة. 24 - وروي عن جابر رضي الله عنه قال: "حضرنا عُرْسَ علي وفاطمة رضي الله عنهما، فما رأينا عُرْساً كان أحسنَ منهُ، حَشَوْنا الفراش يعني الليف، وأتينا بتمرٍ وزبيبٍ فأكلنا، وكان فراشها ليلةَ عِرسها إهاب كبشٍ (¬1) " رواه البزار. 25 - وعن محمد بن سيرين قال: "كنا عند أبي هريرة رضي الله عنه، وعليه ثَوْبَان مُمَشَّقانِ (¬2) من كتانٍ فَمَخَطَ في أحدهما، ثم قال: بخٍ بخٍ يمتخطُ أبو هريرة في الكتان، لقد رأيتني، وإني لأجَرّ فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحجرة عائشة رضي الله عنها من الجوع مغشياً عليَّ، فيجئ الجائي، فيضع رجلهُ على عُنُقي يرى أن بي الجنون (¬3)، وما هو إلا الجوع" رواه البخاري والترمذي وصححه. 26 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لقد رأيتُ سبعين من أهل الصُّفَّةِ ما منهم رجلٌ عليه رداءٌ إما إزارٌ، وإما كساء، قد ربطوا في أعناقهم، فمنها ما يبلغُ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين، فيجمعه بيده (¬4) كراهية أن نرى عورته" رواه البخاري. ¬
شرار أمتي الذين غذوا بالنعم .. إلخ 27 - ورويَ عن ثوبان رضي الله عنه قال: قلتُ يا رسول الله، ما يكفيني من الدنيا؟ قال: ما سدَّ جوعتك (¬1) وواري عورتك، وإن كان لك بيتٌ يُظلك فذاك وإن كان لك دابةٌ فبخٍ بخٍ" رواه الطبراني. 28 - وعن أبي يعفور قال: "سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يسأله رجلٌ: ما ألبسُ من الثياب؟ قال: ما لا يزدريك فيه السفهاء، ولا يعيبك به الحكماء. قال: ما هو؟ قال: ما بين الخمسة دراهم إلى العشرين درهماً" رواه الطبراني؛ ورجاله رجال الصحيح. 29 - وروي عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أحدٍ يلبس ثوباً ليباهى (¬2) بهِ، وينظر الناسُ إليه لم ينظرِ الله إليه حتى ينزعهُ (¬3) متى نزعه (¬4) " رواه الطبراني. 30 - وعن ضَمْرَةَ بن ثعلبةَ رضي الله عنه: "أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه حُلتان من حُللِ اليمن، فقال يا ضمرة: أترى ثوبيك هذين مُدْخِليكَ (¬5) الجنة، فقال: يا رسول الله لئن استغفرت لي لا أقعدُ حتى أنزعهما عني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لضمرةَ، فانطلق سريعاً حتى نزعهما (¬6) عنه" رواه أحمد، ورواته ثقات، إلا بقية. 31 - ووري عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شرار أمتي الذين غُذُوا (¬7) بالنعيم الذين يأكلون ألوان الطعام، ويلبسون ألوان الثياب ويتشدقون (¬8) في الكلام" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الغيبة وغيره. 32 - ورويَ عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
الترغيب في الصدقة على الفقير بما يلبسه كالثوب ونحوه
سيكون رجال من أمتي يأكلون ألوان الطعام، ويشربون ألوان الشراب، ويلبسون ألوان الثياب، ويتشدقون في الكلام، وأولئك شرارُ أمتي" رواه الطبراني في الكبير والأوسط. من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة .. إلخ 33 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما يرفعه قال: "من لبس ثوب شهرةٍ (¬1) ألبسه الله إياه يوم القيامة، ثم ألهب فيه النار، ومن تشبه بقومٍ فهو منهم" ذكره رُزين في جامعه، ولم أره في شيء من الأصول التي جمعها، إنما رواه ابن ماجة بإسناد حسن، ولفظه: "قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لبس ثوب شهرةٍ في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلةٍ (¬2) يوم القيامة، ثم ألهب فيه ناراً" ورواه أيضاً أخصر منه. 34 - ورويَ أيضاً عن عثمان بن جهمٍ عن زرِّ بن حُبيش عن أبي ذرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لبس ثوبَ شهرةٍ أعرضَ (¬3) الله عنه حتى يضعهُ (¬4) متى وضعه (¬5) ". الترغيب في الصدقة على الفقير بما يلبسه كالثوب ونحوه 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلمٍ كَسَا (¬6) مُسلماً ثوباً إلا كان في حفظ الله (¬7) مادام عليه منه خِرْقَةٌ" رواه الترمذي والحاكم، كلاهما من رواية خالد بن طهمان. ولفظ الحاكم: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كسا مسلماً ثوباً لم يزل في ستر الله مادام عليه منه خيطٌ أو سلكٌ" قال الترمذي: حديث حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ¬
الترغيب في إبقاء الشيب وكراهة نتفه
أيما مسلم كسا مسلماً ثوباً على عري كساه الله من خضر الجنة 2 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما مسلمٍ كسا مُسلماً ثوباً على عُريٍ كساهُ الله من خُضْرِ الجنة، وأيما مسلمٍ أطعم مُسلماً على جُوعٍ أطعمهُ الله من ثمار الجنة، وأيما مسلمٍ سقى مُسلماً على ظمأ سقاه الله عز وجل من الرحيق المختوم" رواه أبو داود من رواية أبي خالد يزيد ابن عبد الرحمن الدالاني، وحديثه حسن، والترمذي بتقديم وتأخير، وتقدم لفظه في إطعام الطعام، وقال: حديث غريب، وقد روي موقوفاً على أبي سعيد، وهو أصح وأشبه. [قال الحافظ]: ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف عن ابن مسعود موقوفاً عليه، قال: "يُحشرُ الناسُ يوم القيامة أعْرَى ما كانوا قطُّ، وأجوعَ ما كانوا قطُّ، وأظمأ ما كانوا قط، وأنصب ما كانوا قط، فمن كسا لله عز وجل كساه الله عز وجل، ومن أطعم لله عز وجل أطعمه الله عز وجل، ومن سقى لله عز وجل سقاه الله عز وجل، ومن عمل لله أغناهُ الله ومن عفا لله عز وجل أعفاه الله عز وجل. [أنصب]: أي أتعب. [قال الحافظ]: وتقدم حديث أبي أمامة في باب ما يقول: إذا لبس ثوباً جديداً، وفيه قال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لبس ثوباً أحسبهُ قال: جديداً، فقال حين يبلغ ترقوته مثل ذلك، ثم عمد إلى ثوبهِ الخَلِقِ فكساهُ مسكيناً لم يزل في جوار الله، وفي ذمة الله وفي كنفِ الله، حياً وميتاً ما بقي من الثوب سلكٌ. 3 - وروي عن عمر رضي الله عنه مرفوعاً: "أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن، كسوت عورته وأشبعت جوعته، أو قضيت له حاجةً" رواه الطبراني. الترغيب في إبقاء الشيب وكراهة نتفه 1 - عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنتفوا (¬1) الشيب فإنه ما من مسلمٍ يشيبُ شيبةً في الإسلام إلا كانت له نوراً (¬2) يوم القيامة"، ¬
الترهيب من خضب اللحية بالسواد
وفي رواية: "كتب الله له بها حسنةً، وحطَّ (¬1) عنه بها خطيئة" رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن، ولفظه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نتفِ الشيب، وقال: إنه نور المسلم" ورواه النسائي، وابن ماجة. 2 - وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شاب شيبةً في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة، فقال له رجلٌ عند ذلك: فإن رجالاً ينتفون الشيب (¬2)؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شاء فلينتف (¬3) نُورَهُ" رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط من رواية ابن لهيعة، وبقية إسناده ثقات. 3 - وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شاب شيبةً في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة" رواه النسائي في حديث، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. 4 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نوراً يوم القيامة" رواه ابن حبان في صحيحه. 5 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "كان يكره أن ينتفِ الرجلُ الشعرةَ البيضاء من رأسه ولحيته" رواه مسلم. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنتفوا الشيب، فإنه نورٌ يوم القيامة. من شاب شيبةً في الإسلام كتب الله له بها حسنةً، وحطَّ عنه بها خطيئةً، ورفع له بها درجةً" رواه ابن حبان في صحيحه. الترهيب من خضب اللحية بالسواد 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
ترهيب الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجة
يكون قومٌ يخضبون في آخر الزمان بالسواد (¬1) كَحَوَاصِلِ الحَمَامِ لا يَرِيحُونَ رائحةَ الجنة" رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد [قال الحافظ]: رووه كلهم من رواية عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الكريم، فذهب بعضهم إلى أن عبد الكريم هذا هو ابن أبي المخارق، وضعف الحديث بسببه، والصواب أنه عبد الكريم بن مالك الجزري، وهو ثقة احتج به الشيخان وغيرهما، والله أعلم. ترهيب الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة، والمتفلجة 1 - عن أسماء رضي الله عنها: "أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله: إني ابنتي أصابتها الحصبةُ (¬2) فَتَمَزَّقَ (¬3) شَعْرُهَا، وإني زوجتها، أفأصلُ فيه (¬4)؟ فقال: لعن الله الواصلة والموصولة ¬
وفي رواية: قالت أسماء رضي الله عنها: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة" روه البخاري ومسلم وابن ماجة. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات .. إلخ 3 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "لعن رسول الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْق الله، فقالت له امرأةٌ في ذلك، فقال: وما لي (¬1) لا ألعنُ من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كتاب الله قال الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. [المتفلجة]: هي التي تفلج أسنانها بالمبرد ونحوه للتحسين. 4 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لُعِنَتِ الواصلة والمستوصلة، والنامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة من غير داءٍ" رواه أبو داود وغيره. [الواصلة]: التي تصل الشعر بشعر النساء. [والمستوصلة]: المعمول بها ذلك. [والنامصة]: التي تنقش الحاجب حتى ترقه، كذا قال أبو داود، وقال الخطابي: هو من النمص، وهو نتف الشعر عن الوجه. [والمتنمصة]: المعمول بها ذلك. [والواشمة]: التي تغرز اليد أو الوجه بالإبر، ثم تحشي ذلك المكان بكحل أو مداد. [والمستوشمة]: المعمول بها ذلك. 5 - وعن عائشة رضي الله عنها: "أن جاريةً من الأنصار تزوجت، وأنها مَرِضَتْ فتمعط (¬2) شعرُها، فأرادوا أن يَصِلُوهَا، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لعن الله الواصلة والمستوصلة ¬
وفي رواية: "أن امرأةً من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له وقالت: إن زوجها أمرني أن أصِلَ في شعرها فقال: لا، إنه قد لُعِنَ الموصولات" رواه البخاري ومسلم. نهى النبي صلى الله عليه وسلم النساء عن وصل الشعر 6 - وعن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن بن عوفٍ: "أنه سمع معاوية عام حَجَّ على المنبر، وتناول قُصَّةً (¬1) من شعرٍ كانت في يد حَرَسِيٍّ (¬2) فقال: يا أهل المدينة أين عُلماؤكم (¬3) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا، ويقول: إنما هَلَكَتْ (¬4) بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم" رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ¬
وفي رواية للبخاري ومسلم: عن ابن المسيب قال: قَدِمَ معاوية المدينة فخطبنا، وأخرج كُبَّةً (¬1) من شَعَرٍ، فقال: ما كنت أرى أن أحداً يفعلهُ إلا اليهود، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه فسماه الزور (¬2). وفي أخرى للبخاري ومسلم: أن معاوية قال ذات يوم: إنكم قد أحدثتم زيَّ سُوءٍ (¬3) وإن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الزُّورِ (¬4). قال قتادة: يعني ما يُكَثِّرُ به النساء أشْعَارَهُنَّ من الخِرَقِ (¬5). قال: وجاء رجلٌ بعصاً على رأسها خِرْقَةٌ، فقال معاوية: ألا هذا الزُّورُ. 7 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بقُصَّةٍ، فقال: إن نساء بني إسرائيل كُنَّ يجعلن هذا في رءوسهن، فَلُعِنَّ (¬6)، وَحُرِّمَ (¬7) عليهنَّ المساجد" ¬
الترغيب في الكحل بالأثمد للرجال والنساء
رواه الطبراني في الكبير والأوسط من رواية ابن لهيعة، وبقية إسناده ثقات. الترغيب في الكحل بالإثمد للرجال والنساء 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اكتحلوا بالإثِمِدِ، فإنه يَجْلُو البَصَرَ (¬1)، ويُنبتُ (¬2) الشعرَ، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له مُكْحُلَةٌ يكتحلُ منها كل ليلة ثلاثةً في هذه، وثلاثةً في هذه" رواه الترمذي، وقال حديث حسن، والنسائي، وابن حبان في صحيحه في حديث، ولفظهما: "قال: إن من خَيْرِ أكْحَالِكُمُ الإثمدَ، إنه يجلو البصر، ويُنبتُ الشعرَ". 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيرُ أكحالكمُ الإثمدُ يُنبتُ الشعرَ، ويجلو البصرَ" رواه البزار، ورواته رواة الصحيح. 3 - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بالإثمدِ، فإنه مَنبتةٌ للشعر مَذْهَبَةٌ للقذى (¬3)، مصفاةٌ للبصر (¬4) " رواه الطبراني بإسناد حسن. كتاب الطعام وغيره الترغيب في التسمية على الطعام، والترهيب من تركها 1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل طعامهُ في سِتَّةٍ من أصحابهِ، فجاء أعرابيٌ، فأكلهُ بِلُقْمَتَيْنِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"أما إنهُ لو سَمَّى (¬1) كَفَاكُمْ (¬2) " رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، وزاد: فإذا أكل أحدكم طعامه، فليذكر اسم الله عليه، فإن نسيَ في أوله فليقل: بسم الله أولهُ وآخرهُ، وهذه الزيادة عند أبي داود وابن ماجة مفردة. 2 - ورويَ عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ سَرَّهُ أن لا يجد الشيطان عنده طعاماً (¬3)، ولا مَقِيلاً (¬4)، ولا مَبِيتاً (¬5)، فَلْيُسَلِّمْ (¬6) إذا دخل بيتهُ، وَلْيُسَمِّ (¬7) على طعامه" رواه الطبراني. 3 - وعن جابر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله تعالى عند دخوله، وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت (¬8) لكم ولا عَشَاءً (¬9)، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت (¬10)، وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال الشيطان: أدركتم المبيت والعشاء (¬11) " رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. 4 - وعن أمية بن مَخْشِيٍّ رضي الله عنه: "وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلاً كان يأكلُ، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظرُ، فلم يُسَمِّ الله حتى كان في آخر طعامه فقال: بسم الله أوَّلَهُ وآخِرَهُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مازال الشيطان يأكلُ، معه حتى سَمَّى، فما بقي في بطنه شيء إلا قاءهُ (¬12) " رواه أبو داود والنسائي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. [مخشي]: بفتح الميم، وسكون الخاء المعجمة، بعدهما شين معجمة مكسورة وياء. قال ¬
الترهيب من استعمال أواني الذهب والفضة وتحريمه على الرجال والنساء
الدارقطني: لم يسند أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، وكذا قال أبو عمر النمروي وغيره. 5 - وعن حذيفة هو ابن اليماني رضي الله عنه قال: "كنا إذا حضرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً لم يَضَعْ أحَدُنا يده حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنا حضرنا معه طعاماً، فجاء أعرابيٌ كأنما يُدْفَعُ، فذهبَ ليضعَ يده في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، ثم جاءت جاريةٌ كأنما تُدْفَعُ، فذهبت لتضعَ يدها في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، وقال: إن الشيطان يَسْتَحِلُّ الطعام الذي لم يُذْكُرِ اسمُ الله عليه، وإنه جاء بهذا الأعرابي يَسْتَحِلُّ بِهِ، فأخذتُ بيده، وجاء بهذه الجارية يستحل بها، فأخذتُ بيدها، فوالذي نفسي بيده إن يده لفي يدي مع أيديهما" ورواه مسلم والنسائي وأبو داود. [قال الحافظ]: ويأتي ذكر التسمية في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الحمد بعد الأكل. الترهيب من استعمال أواني الذهب والفضة وتحريمه على الرجال والنساء 1 - عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الذي يشرب في آنية الفضة إنما يُجَرْجِرُ (¬1) في بطنه نار جهنم" رواه البخاري ومسلم ¬
وفي رواية لمسلم: "إن الذي يأكل أو يشربُ في آنيةِ الذهب والفضة إنما يُجرجر في بطنه نار جهنم"، وفي أخرى له: "من شرب في إناء من ذهبٍ أو فضةٍ، فإنما يُجرجرُ في بطنه ناراً من جهنم". 2 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تلبسوا الحرير، ولا الديباج (¬1)، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها (¬2)، فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة (¬3) " رواه البخاري ومسلم. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسهُ في الآخرة، ومن شرب الخمرَ في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن شرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب بها في الآخرة، ثم قال: لِبَاسُ ¬
الترهيب من الأكل والشرب بالشمال، وما جاء في النهي عن النفخ في الإناء، والشرب من في السقاء ومن ثلمة القدح
أهل الجنة وشرابُ أهل الجنة، وآنية أهل الجنة" رواه الحاكم، وقال صحيح الإسناد. 4 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَبسَ الحريرَ، وشَرِبَ من الفضة، فليس منا (¬1)، ومن خَبَّبَ (¬2) امرأةً على زوجها، أو عَبْداً (¬3) على مَوَاليهِ (¬4)، فليس منا" رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا عبد الله بن مسلم أبا طيبة. الترهيب من الأكل والشرب بالشمال وما جاء في النهي عن النفخ في الإناء والشرب من في السقاء ومن ثلمة القدح 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يأكلن أحدُكم بشمالٍ (¬5)، ولا يشربنَّ بها، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب ¬
بها، قال: وكان نافعٌ يزيد فيها: ولا يأخذ بها ولا يُعْطِ بها" رواه مسلم والترمذي بدون الزيادة، ورواه مالك وأبو داود بنحوه. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لِيَأْكُلْ أحَدُكُمْ بيمينه، ويشرب بيمينه، وليأخذ بيمينه، ولْيُعْطِ بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشمالهِ، ويشرب بشماله، ويُعطي بشماله، ويأخذ بشماله" رواه ابن ماجة بإسناد صحيح. 3 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى عن النفخ في الشراب، فقال رجلٌ: القَذَاةُ (¬1) أراها في الإناء: فقال: أهْرِقْهَا (¬2) قال: فإني لا أُرْوَى من نَفَسٍ واحدٍ، قال فأبِنِ (¬3) القَدح إذاً عن فيك" رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح. 4 - وعنه رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثلمة (¬4) القدح، وأن يُنفخ (¬5) في الشراب" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه كلاهما من رواية قرة بن عبد الرحمن بن حيويل المصري المعافري. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى أن يُتنفس في الإناء، أو يُنفخ فيه" رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح وابن حبان في صحيحه، ولفظه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب الرجلُ مِنْ في (¬6) السِّقَاء، وأن يتنفس في الإناء. ¬
[قال الحافظ]: وروى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي النهي عن التنفس في الإناء من حديث أبي قتادة. 6 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفسُ في الإناء ثلاثاً، ويقول: هو أمْرَأ وَأرْوَى" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. 7 - وروي أيضاً عن ثمامة عن أنس رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس ثلاثاً" وقال: هذا صحيح. [قال الحافظ] عبد العظيم: وهذا محمول على أنه كان يبين القدح عن فيه كل مرة، ثم يتنفس كما جاء في حديث أبي سعيد المتقدم، لا أنه كان يتنفس في الإناء. 8 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى عن اخْتِنَاثِ الأسْقَيَةِ، يعني أن تكسر أفواهها، فيشرب منها" رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى أن يُشرب مِنْ فِي السِّقَاء، فأنبئتُ أن رجلاً شرب مِنْ فِي السِّقاء، فخرجت عليه حَيَّةٌ" رواه البخاري مختصراً دون قوله: فأنبئت إلى آخره، ورواه الحاكم بتمامه، وقال: صحيح على شرط البخاري. 10 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية، فإن رجلاً بعد ما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قام من الليل إلى السِّقَاء فاختنثهُ؛ فخرجت عليه منه حيَّةٌ" رواه ابن ماجة من طريق زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام، وبقية إسناده ثقات. [خنث السقاء]: واختنثه: إذا كسر فمه إلى خارج فشرب منه. 11 - وعن عيسى بن عبد الله بن أُنيس عن أبيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بإدَاوَةٍ يومَ أُحُدٍ؛ فقال: اخْنِثْ فَمَ الإدَاوَةِ؛ ثم اشرب مِنْ فِيهَا" رواه أبو داود عن عبيد الله بن عمر عنه؛ ومن طريقه البيهقي؛ وقال: الظاهر أن خبر النهي كان بعد هذا.
الترغيب في الأكل من جوانب القصعة دون وسطها
[قال الحافظ]: ورواه الترمذي أيضاً، وقال: ليس إسناده بصحيح، عبيد الله بن عمر يضعف في الحديث، ولا أدري سمع من عيسى أم لا، والله أعلم. الترغيب في الأكل من جوانب القصعة دون وسطها 1 - عن عبد الله بن بُسْرٍ رضي الله عنه قال: "كان للنبي صلى الله عليه وسلم قَصْعَةٌ (¬1) يُقالُ لها الغَرَّاءُ (¬2) يحملها أربعةُ رجال، فلما أضحوا (¬3)، وسجدوا الضحى أُتيَ بتلك القصعة يعني، وقد أُثْرِدَ (¬4) فيها، فالتفوا عليها، فلما كَثُرُوا جَثَا (¬5) رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أعرابيٌ: ما هذه الجلسةُ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله جعلني عبداً (¬6) كريماً، ولم يجعلني جباراً (¬7) عنيداً، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا من جوانبها، ودعوا ذِرْوَتَهَا يُبَارَكْ لكم فيها" رواه أبو داود وابن ماجة. [ذروتها] بكسر الذال المعجمة: هي أعلاها. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنههما: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البركة تنزلُ وسط الطعام، فكلوا من حافتيه (¬8)، ولا تأكلوا من وسطه" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه، كلهم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عنه، وقال الترمذي واللفظ له: حديث حسن صحيح. ولفظ أبي داود وغيره: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يأكل من أعلى الصَّحْفَةِ (¬9)، ولكن ليأكل من أسفلها، فإن البركة تنزل من أعلاها". ¬
الترغيب في أكل الخل والزيت ونهس اللحم دون تقطيعه بالسكين إن صح الخبر
الترغيب في أكل الخل والزيت، ونهس اللحم دون تقطيعه بالسكين إن صح الخبر 1 - عن جابر رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل أهلهُ الأُدْمَ (¬1) فقالوا: ما عندنا إلا الخل، فدعا به، فجعل يأكل به، ويقول: نِعْمَ الإدامُ الخلُ، نِعْمَ الإدَامُ الخلُّ، نِعْمَ الإدَامُ الخلُّ، قال جابرٌ: فمازلت أحبُ الخل منذ سمعتها من نبي الله صلى الله عليه وسلم، قال طلحة بن نافعٍ: ومازلت أحبُّ الخل منذ سمعتها من جابرٍ" رواه مسلم، وروى أبو داود والترمذي وابن ماجة منه: نِعْمَ الإدَامُ الخلُّ. 2 - وعن أم هانئ بنت أبي طاب رضي الله عنها قالت: "دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هل عندكم من شيءٍ؟ فقلت: لا إلا كِسْرَةٌ يابسةٌ وَخَلٌّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قَرِّبِيهِ، فما افتقر بيتٌ من إدامٍ فيه خَلٌّ" رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب. وورى ابن ماجة عن محمد بن زاذان قال: "حدثتني أم سعد رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة وأنا عندها، فقال: هل من غَداء؟ قالت: عندنا خُبزٌ وتمرٌ وخَلٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نِعْمَ الإدَامُ الخلُّ، اللهم بارك في الخلِّ، فإنه كان إدامَ الأنبياء قبلي، ولم يُفْقِرْ بيتٌ فيه خَلٌ". كلوا الزيت وادهنوا به فإنه طيب مبارك 3 - وعن أبي أُسيد رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال كلوا الزيتَ، وادَّهِنُوا به، فإنه من شرجة مباركةٍ" رواه الترمذي، وقال حديث غريب والحاكم، وقال صحيح الإسناد. 4 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً قال: كلوا الزيت، وادَّهِنُوا به فإنه طيبٌ (¬2) مباركٌ (¬3) " رواه الحاكم شاهداً. 5 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"كلوا الزيت، وادَّهِنُوا به، فإنه من شجرة مباركةٍ (¬1) " رواه ابن ماجة والترمذي، وقال: لا نعرفه إلا من حديث عبد الرزاق، وكان عبد الرزاق يضطرب في رواية هذا الحديث ورواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وهو كما قال. 6 - وعن صفوان بن أمية رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "انْهَسُوا (¬2) اللحمَ نَهْساً، فإنه أهْنَأ (¬3) وأمْرَأُ" رواه أبو داود والترمذي، واللفظ له والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ولفظه قال: "رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا آخذُ اللحمَ عن العظمِ بيدي، فقال يا صفوان، قلتُ: لبيك. قال: قَرِّب اللحمَ مِنْ فِيكَ، فإنه أهنأُ وأمْرَأُ". [قال الحافظ] عبد العظيم: رواه الترمذي عن عبد الكريم بن أبي أمية المعلم عن عبد الله بن الحارث عنه، قال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الكريم. [قال الحافظ]: عبد الكريم هذا، روى له البخاري تعليقاً، ومسلم متابعة، وقد روى من غير حديث فروى أبو داود، والحاكم من حديث عبد الرحمن بن معاوية عن عثمان بن أبي سليمان عنه، وعثمان لم يسمع من صفوان، والله أعلم. 7 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقطعوا اللحمَ بالسكين، فإنه من صنيع الأعاجم، وانْهَشُوهُ نَهْشاً (¬4)، فإنه أهْنَأُ وَأمْرَأُ" رواه أبو داود وغيره عن أبي معشر عن هشام بن عروة عن أبيه عنها، وأبو معشر هذا اسمه: نجيح لم يترك، ولكن هذا الحديث مما أنكر عليه، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم احْتَزَّ (¬5) مِنْ كتِفِ شاةٍ، فأكلَ، ثم صلى، والله أعلم. ¬
الترغيب في الاجتماع على الطعام
الترغيب في الاجتماع على الطعام 1 - عن وَحْشِيِّ بن حرب بن وحشي بن حربٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: "قالوا يا رسول الله: إنا نأكلُ، ولا نشبعُ؟ قال: تجتمعون على طعامكم أو تتفرقون؟ قالوا: نتفرقُ قال: اجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله تعالى (¬1) يُباركُ لكم فيه (¬2) " رواه أبو داود، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه. وروى ابن ماجة أيضاً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا جميعاً، ولا تتفرقوا، فإن البركة مع الجماعة" وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير واهي الحديث. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طعام الاثنين كافي الثلاثة (¬3)، وطعام الثلاثة كافي الأربعة" رواه البخاري ومسلم. 3 - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي ¬
الترهيب من الإمعان في الشبع والتوسع في المآكل والمشارب شرها وبطرا
الثمانية" رواه مسلم والترمذي وابن ماجة، ورواه البزار من حديث سمرة دون قوله: "وطعام الأربعة يكفي الثمانية" وزاد في آخره: "ويدُ الله على الجماعة". 4 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا جميعاً ولا تتفرقوا (¬1)، فإن طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثمانية" رواه الطبراني في الأوسط. 5 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحبَّ الطعام إلى الله ما كَثُرَتْ عليه الأيدي (¬2) " رواه أبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ في كتاب الثواب، كلهم من رواية عبد المجيد بن أبي داود، وقد وُثِّق، ولكن في هذا الحديث نكارة. الترهيب من الإمعان في الشبع، والتوسع في المأكل والمشارب شَرَهاً وبطراً 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم يأكلُ في مِعيٍ (¬3) واحدٍ، والكافر (¬4) في سبعة أمعاءٍ" رواه مالك والبخاري ومسلم وابن ماجة وغيرهم. ¬
وفي رواية للبخاري: "أن رجلاً كان يأكلُ أكلاً كثيراً فأسلمَ، فكان يأكلُ أكلاً قليلاً، فَذُكِرَ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن المؤمن يأكل في معي واحدٍ، وإن الكافر يأكل في سبعة أمعاء". وفي رواية لمسلم قال: "أضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَيْفاً كافراً، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاةٍ فَحُلِبَتْ، فشرب حِلاَبَهَا، ثم أخرى فشرب حلابها ثم أخرى فشرب حلابها حتى شرب حلاب سبعِ شياةٍ، ثم إنه أصبح فأسلمَ، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
بشاةٍ، فشرب حِلابها، ثم أخرى فلم يسْتَتِمَّهُ (¬1)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المؤمن ليشربُ في مِعىً واحدٍ، والكافرَ يشرب في سبعة أمعاء" رواه مالك والترمذي بنحو هذه. ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنٍ 2 - وعن المقدام بن مَعْدِ يكرب رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما ملأ (¬2) آدميٌ وعاءً شراً من بطنٍ، بحسبِ ابن آدم أكيلاتٌ (¬3) يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فإن كان لا محالة (¬4)، فثلث لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنفسه" رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجة وابن حبان في صحيحه إلا أن ابن ماجة قال: "فإن غلبت الآدميَّ نفسهُ فثلثٌ للطعام" الحديث. 3 - وعن أبي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قال: "أكلتُ ثَرِيدَةً من خُبزٍ ولحمٍ، ثم أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أتجشأُ (¬5)، فقال: يا هذا كُفَّ عَنَّا (¬6) مِنْ جُشَائِكَ، ¬
فإن أكثر الناس شِبَعاً في الدنيا أكثرهمُ جوعاً يوم القيامة" رواه الحاكم، وقال صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: بل واهٍ جداً، فيه فهد بن عوف، وعمر بن موسى لكن رواه البزار بإسنادين، رواة أحدهما ثقات، ورواه ابن أبي الدنيا، والطبراني في الكبير والأوسط والبيهقي، وزادوا: "فما أكَلَ أبو جُحيفة ملْء بطنه حتى فارق الدنيا، كان إذا تغدى لا يتعشى، وإذا تعشى لا يتغدى"، وفي رواية لابن أبي الدنيا: قال أبو جُحيفة: فما ملأتُ بطني منذ ثلاثين سنة. 4 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "تجشأ رجلٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: كُفَّ عنا جُشاءك، فإن أكثرهم شبعاً في الدنيا أطوَلُهُمْ جوعاً يوم القيامة" رواه الترمذي، وابن ماجة والبيهقي كلهم من رواية يحيى البكاء عنه؛ وقال الترمذي: حديث حسن. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أهل الشبعِ في الدنيا هم أهل الجوع غداً في الآخرة" رواه الطبراني بإسناد حسن. 6 - ورويَ عن عطية بن عامر الجهَنِيِّ قال: "سمعتُ سلمان رضي الله عنه وأُكْرِهَ على طعامٍ يأكلهُ: فقال: حسبي أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة" رواه ابن ماجة والبيهقي؛ وزاد في آخره: وقال يا سلمان: الدنيا سجن المؤمن؛ وجنة الكافر. 7 - وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أوَّلُ بلاء حدث في هذه الأمة بعد نبيها الشِّبَعُ (¬1)، فإن القوم لما شَبِعَتْ بُطُوُنُهمْ سَمِنَتْ (¬2) أبدانهم، فَضَعُفَتْ قلوبهم (¬3)، وجمحت شهواتهم (¬4) " رواه البخاري في كتاب الضعفاء، وابن أبي الدنيا في كتاب الجوع. ¬
8 - وعن جَعْدَةَ رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً عظيم (¬1) البطن، فقال بأُصْبُعِهِ: لو كان هذا في غير (¬2) هذا لكان خيراً لك" رواه ابن أبي الدنيا والطبراني بإسناد جيد، والحاكم والبيهقي. 9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَيُؤتَيَنَّ يوم القيامة بالعظيم، الطويل (¬3)، الأكول، الشَّروبِ، فلا يزنُ عند الله جناح بعوضةٍ، واقرءوا إن شئتم: "فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً"" رواه البيهقي، واللفظ له. ورواه البخاري ومسلم باختصار قال: "إنه ليأتي الرجلُ العظيمُ السمين يوم القيامة، فلا يزنُ عند الله جناح بعوضةٍ (¬4) " ¬
ما كان عليه اصحاب النبي خير مما نحن عليه الآن 10 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجوعِ في وجوهِ أصحابه، فقال: أبشروا! فإنه سيأتي عليكم زمانٌ يُغْدَى (¬1) على أحدكم بالقصعة من الثَّرِيدِ، وُيُراحُ عليه بمثلها. قالوا: يا رسول الله نحن يومئذٍ خيرٌ؟ قال: بل أنتم اليوم خيرٌ منكم يومئذٍ" رواه البزار بإسناد جيد. 11 - وعن عليٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم اليوم خيرٌ أم إذا غُدِيَ على أحدكم بِحِفْنَةٍ (¬2) من خُبزٍ ولحمٍ وريحَ عليه بأخرى، وغدا في حُلَّةٍ، وراح في أخرى، وسترتم بيوتكم كما تُستَرُ الكعبة؟ قلنا: بل نحن يومئذٍ خيرٌ نتفرغُ للعبادة، فقال: بل أنتم اليوم خيرٌ (¬3) " رواه الترمذي في حديث تقدم في اللباس وحسنه. 12 - وروي عن ابن بُجيرٍ رضي الله عنه، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أصابَ (¬4) النبي صلى الله عليه وسلم جُوعٌ يوماً فَعَمَدَ (¬5) إلى حجرٍ فوضعهُ ¬
على بطنه (¬1)، ثم قال: ألا رُبَّ نفسٍ طاعمةٍ (¬2) ناعمةٍ (¬3) في الدنيا جائعةٌ (¬4) عاريةٌ (¬5) يوم القيامة. ألا رُبَّ مُكْرِمٍ (¬6) لنفسهِ، وهو لها مُهِينٌ (¬7) ألا رُبَّ مُهينٍ (¬8) لنفسهِ وهو لها مُكرمٌ (¬9) " رواه ابن أبي الدنيا. 13 - وعن اللجلاج رضي الله عنه قال: "ما ملأتُ بطني طعاماً منذ أسلمتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آكلُ حَسْبي (¬10)، وأشربُ حسبي، يعني قوتي" رواه الطيراني بإسناد لا بأس به، والبيهقي. وزاد: وكان قد عاش مائة وعشرين سنةً: خمسين في الجاهلية، وسبعين في الإسلام. 14 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أكلتُ في اليوم مرتين، فقال: يا عائشة أما تُحبينَ أن يكون لك شُغلٌ إلا جوفكِ (¬11)، الأكلُ في اليوم مرتين من الإسراف، والله لا يحب المسرفين" رواه البيهقي، وفيه ابن لهيعة. وفي رواية فقال: يا عائشة اتخذت الدنيا بطنك، أكثرُ من أكلةٍ كلَّ يومٍ سَرَفٌ (¬12)، والله لا يحب المسرفين. 15 - ورويَ عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
"من الإسراف أن تأكل كل ما اشتهيتَ" رواه ابن ماجة وابن أبي الدنيا في كتاب الجوع، والبيهقي، وقد صحح الحاكم إسناده لمتن غير هذا، وحسنه غيره. 16 - وعن أبي بَرْزَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما أخشى عليكم شهوات (¬1) الْغَيِّ (¬2) في بطونكم، وفروجكم (¬3)، ومُضِلاَّتِ (¬4) الهوى" رواه أحمد والطبراني والبزار، وبعض أسانيدهم رجاله ثقات. 17 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "لقيني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد ابتعتُ (¬5) لحماً بدرهم، فقال: ما هذا يا جابر؟ قلتُ: قَرِمَ أهلي فابتعتُ لهم لحماً بدرهمٍ، فجعل عمر يُردد: قَرِمَ أهلي حتى تمنيتُ أن الدرهم سقط مني ولم ألقَ عمر" رواه البيهقي. 18 - وروى مالك عن يحيى بن سعيد: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أدرك جابر بن عبد الله، ومعه حاملُ لحمٍ، فقال عمر: أما يريد أحدكم أن يطويَ بطنه لجاره، وابن عمه، فأين تذهبُ عنكم هذه الآية "أذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ في حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بها" قال البيهقي: وروى عن عبد الله بن دينار مرسلاً وموصولاً. قوله [قرم أهلي]: أي اشتدت شهوتهم للحم، قال الحليمي رحمه الله: وهذا الوعيد من الله تعالى، وإن كان للكفار الذين يقدمون على الطيبات المحظورة، ولذلك قال: "فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ" فقد يخشى مثله على المنهمكين في الطيبات المباحة لأن من يعودها مالت نفسه إلى الدنيا، فلم يؤمن أن يرتبك في الشهوات والملاذ كلما أجاب نفسه إلى واحد ¬
منها دعته إلى غيرها، فيصير إلى أن لا يمكنه عصيان نفسه في هوى قط، وينسد باب العبادة دونه، فإذا آل به الأمر إلى هذا لم يبعد أن يقال: "أذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ في حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ"، فلا ينبغي أن تعود النفس ربما تميل به إلى الشره ثم يصعب تداركها، ولْتُرَضْ من أول الأمر على السداد، فإن ذلك أهون من أن تدرب على الفساد ثم يجتهد في إعادتها إلى الصلاح، والله أعلم. قال البيهقي: وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه اشترى من اللحمِ المهزول، وجعل عليه سَمْناً، فرفع عمر يده، وقال: والله ما اجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قط إلا أكل أحدهما، وتصدق بالآخر، فقال ابن عمر: اطعم يا أمير المؤمنين، فوالله لا يجتمعان عندي أبداً إلا فعلت ذلك. 19 - وعن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُلوا، واشربوا، وتصدقوا ما لم يُخالطهُ إسْرافٌ (¬1) ولا مَخيلةٌ (¬2) " رواه النسائي وابن ماجة، ورواته إلى عمر ثقات يحتج بهم في الصحيح. 20 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث به إلى اليمن قال له: إياك والتنعم (¬3)، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين" رواه أحمد والبيهقي، ورواة أحمد ثقات. 21 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أشرار أمتي الذين غُذُوا بالنعيم (¬4)، ونبتت عليه أجسامهم" رواه البزار، ورواته ثقات إلا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم. 22 - ورويَ عن أبي أُمامةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيكون رجالٌ من أمتي يأكلون ألوان الطعام، ويشربون ألوان الشراب، ¬
ويلبسون ألوان الثياب، ويتشدقون (¬1) في الكلام، فأولئك شرار أمتي" رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الكبير والأوسط. 23 - ورويَ عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: شرار أمتي الذين ولدوا (¬2) في النعيم، وغُذُوا به يأكلون من الطعام ألواناً، ويتشدقون في الكلام" رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في حديث. 24 - وعن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مَطْعَمَ ابن آدم (¬3) جُعِلَ مثلاً للدنيا، وإن قَزَّحَهُ ومَلَحَهُ، فانظر (¬4) إلى ما يصير" رواه عبد الله بن أحمد في زوائده بإسناد جيد قوي، وابن حبان في صحيحه والبيقي، وزاد في بعض طرقه، ثم يقول الحسن: أو ما رأيتهم يطبخونه بالأفواه والطيب، ثم يرمون كما رأيتم. [قوله قزحه]: بتشديد الزاي: أي وضع فيه القزح، وهو التابل، وملحه بتخفيف اللام معروف. 25 - وعن الضحاك بن سفيان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "يا ضحاك ما طعامك؟ قال: يا رسول الله اللحم واللبنُ. قال: ثم يصير إلى ماذا؟ قال: إلى ما قد علمتَ، قال: فإن الله تعالى ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلاً للدنيا" رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح إلا علي بن زيد بن جدعان. [قال الحافظ]: ويأتي في الزهد ذكر عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، إن شاء الله تعالى. ¬
الترهيب من أن يدعى الإنسان إلى الطعام فيمتنع من غير عذر والأمر بإجابة الداعي وما جاء في طعام المتباريين
الترهيب من أن يدعى الإنسان إلى الطعام فيمتنع من غير عذر والأمر بإجابة الداعي وما جاء في طعام المتباريين 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أنه كان يقول: شَرُّ الطعام طعامُ الوليمة (¬1) يُدْعَى إليها الأغنياء (¬2)، وتُترك المساكين، ومن لم يأتِ (¬3) الدعوة، فقد عصى الله ورسوله" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة موقوفاً على أبي هريرة. ورواه مسلم أيضاً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها، ويُدعى إليها من يأباها (¬4)، ومن لم يُجب الدعوة، فقد عصى الله ورسوله". 2 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دُعِيَ فلم يُجبْ، فقد عصى الله ورسوله، ومن دخل على غير دعوةٍ دخل سارقاً (¬5)، وخرج مُغِيراً (¬6) " رواه أبو داود، ولم يضعفه عن درست بن زياد، والجمهور على تضعيفه، ووهّاه أبو زرعة عن أبان بن طارق، وهو مجهول، قاله أبو رزعة وغيره. إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب 3 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
"إذا دُعيَ أحدكم إلى الوليمة فليأتها" رواه البخاري ومسلم وأبو داود. 4 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عِرْساً كان، أو نحوه" رواه مسلم وأبو داود. وفي رواية لمسلم: إذا دعيتم إلى كُرَاعٍ (¬1) فأجيبُوهُ. 5 - وعن جابر هو ابن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دُعيَ أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم (¬2)، وإن شاء ترك" رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حق المسلم على المسلم خمسٌ: ردُّ السلام (¬3)، وعيادة المريض (¬4)، واتباع الجنائز (¬5)، وإجابة الدعوة (¬6)، وتشميت العاطس (¬7) " رواه البخاري ومسلم، ويأتي أحاديث من هذا النوع إن شاء الله تعالى. 7 - وروى أبو الشيخ بن حبان في كتاب التوبيخ وغيره عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستُّ خصالٍ واجبةٌ للمسلم على المسلم، من ترك شيئاً منهن، فقد ترك حقاً واجباً: يُجيبهُ إذا دعاهُ، وإذا لقيهُ ¬
الترغيب في لعق الأصابع قبل مسحها لإحراز البركة
أن يُسَلِّمَ عليه، وإذا عطس أن يُشّمِّتهُ (¬1)، وإذا مرض أن يَعُودَهُ (¬2) وإذا استنصحه (¬3) أن ينصح له". 8 - وعن عكرمة رضي الله عنه قال: "كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن طعام المتباريين (¬4) أن يُؤكَلَ" رواه أبو داود، وقال أكثر من رواه عن جرير لا يذكر فيه، وابن عباس يريد أن أكثر الرواة أرسلوه. [قال الحافظ]: الصحيح أنه عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل. [المتباريان]: هما المتماريان المتباهيان. الترغيب في لعق الأصابع قبل مسحها لإحراز البركة 1 - عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "امر بِلَعْقِ ¬
الأصابع والصحفة (¬1)، وقال: إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة" رواه مسلم. 2 - وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وقعتْ لُقْمَةُ أحدكم فليأخذها، فَلْيُمِطْ (¬2) ما كان بها من أذىً (¬3)، وليأكلها، ولا يدعها (¬4) للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعهُ، فإنه لا يدري في أي طعامهِ البركة" رواه مسلم. 3 - وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان ليحضرُ أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يَحْضُرَهُ عند طعامه، فإذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها، فليمط ما كان بها من أذىً، ثم ليأكلها، ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعهُ، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة" رواه مسلم وابن حبان في صحيحه، وقال: فإن الشيطان يرْصُدُ الناس أو الإنسان على كل شيء حتى عند مطعمهِ ¬
الترغيب في حمد الله تعالى بعد الأكل
أو طعامه، ولا يرفعُ الصحفة حتى يلعقها، فإن آخر الطعام البركة. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أكل أحدكم، فليلعق أصابعهُ، فإنه لا يدري في أيتهن البركة" رواه مسلم والترمذي. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أكلَ أحدكم طعاماً، فلا يمسح أصابعهُ حتى يلعقها، أو يُلْعِقَهَا" رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة. الترغيب في حمد الله تعالى بعد الأكل 1 - عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل طعاماً، ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام، ورزقنيهِ من غير حولٍ مني ولا قوةٍ غُفر له ما تقدم من ذنبه" رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي، وقال حديث حسن غريب. [قال الحافظ]: رووه كلهم من طريق عبد الرحيم أبي مرحوم عن سهل بن معاذ، ويأتي الكلام عليهما. 2 - وعن أنسٍ بن مالكٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلةَ، فيحمدهُ عليها، ويشرب الشربةَ، فيحمدهُ عليها" رواه مسلم والنسائي والترمذي وحسنه. [الأكلة]: بفتح الهمزة: المرة الواحدة من الأكل، وقيل: بضم الهمزة وهي اللقمة. 3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "خرج أبو بكرٍ بالهاجرة (¬1) إلى المسجد، فسمع عمر، فقال يا أبا بكر: ما أخرجك هذه الساعة؟ قال: ما أخرجني إلا ما أجدُ من حاقِّ (¬2) الجوعِ قال: وأنا والله ما أخرجني غيره، فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أخرجكما هذه الساعة؟ قالا: ¬
والله ما أخرجنا إلا ما نجدهُ في بطوننا من حاقِّ الجوع. قال: وأنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غيرهُ فقوما؛ فانطلقوا حتى أتوا باب أبي أيوب الأنصاري، وكان أبو أيوب يدَّخِرُ (¬1) لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً كان أو لبناً، فأبطأ عليه يومئذٍ، فلم يأتِ لحينه، فأطعمه لأهلهِ، وانطلق إلى نخلهِ يعمل فيه، فلما انتهوا إلى الباب خرجت امرأتهُ، فقالت: مرحباً بنبي الله صلى الله عليه وسلم، وبمن معه. قال لها نبي الله صلى الله عليه وسلم: أين أبو أيوب؟ فَسَمِعَهُ، وهو يعمل في نخلٍ له، فجاء يشتد، فقال: مرحباً بنبي الله صلى الله عليه وسلم، وبمن معه. يا نبي الله: ليس بالحين الذي كنت تجئ فيه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: صدقت. قال: فانطلق، فقطع عِذقاً من النخل فيه من كُلٍّ من التمر والرطب والبُسْرِ، فقال صلى الله عليه وسلم: ما أردت إلى هذا ألا جنيت لنا من تمره؟ قال: يا رسول الله أحببتُ أن تأكل من تمرهِ ورُطَبهِ وبُسْرِهِ، ولأذبحنَّ لك مع هذا. قال: إن ذبحت، فلا تَذْبَحَنَّ ذات دَرٍّ (¬2) فأخذ عناقاً (¬3) أو جَدْياً، فذبحه، وقال لامرأته: اخبزي واعجني لنا، وأنتِ أعلمُ بالخبز فأخذَ نصف الجدي، فطبخهُ وشوى نصفهُ، فلما أدرك الطعام، ووضع بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أخذ من الجدي فجعله في رغيفٍ، وقال: يا أبا أيوب! أبلغْ بهذا فاطمة، فإنها لم تُصبْ مثل هذا منذ أيامٍ، فذهب أبو أيوب إلى فاطمة، فلما أكلوا وشبعوا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: خُبزٌ؛ ولحمٌ، وتمرٌ، وبُسْرٌ، ورُطَبٌ، ودَمَعَتْ عيناهُ، والذي نفسي بيده إن هذا هو النعيم الذي تُسألون عنه يوم القيامة، فَكَبُرَ ذلك على أصحابه، فقال: بل إذا أصبتم مثل هذا، فضربتم بأيديكم. فقوال: بسم الله، فإذا شبعتم، فقولوا: الحمد لله الذي أشبعنا، وأنعم علينا فَأفْضَلَ، فإن هذا كَفَافٌ بهذا، فلما نهض قال لأبي أيوب: ائتنا غداً (¬4)، وكان لا يأتي أحدٌ إليه معروفاً إلا أحب أن يُجازيهُ. قال: وإن أبا أيوب لم يسمع ذلك؛ فقال عمر رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تأتيه غداً، فأتاه من الغد، فأعطاه وَليدتَهُ (¬5)، ¬
الترغيب في غسل اليد قبل الطعام وبعده، والترهيب أن ينام وفي يده ريح الطعام لا يغسلها
فقال: يا أبا أيوب اسْتَوْصِ بها خيراً، فإنا لم نَرَ إلا خيراً مادامت عندنا، فلما جاء بها أبو أيوب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا أجدُ لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً لهُ من أن أعتقها، فأعتقها" رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه كلاهما من رواية عبد الله بن كيسان عن عكرمة عن ابن عباس. [حاق الجوع]: بحاء مهملة، وقاف مشددة: هو شدته وكلبه. 4 - وروي عن حماد بن أبي سُليمان قال: تَعَشَّيْتُ مع أبي بُردة رضي الله عنه فقال: "ألا أحدثك ما حدثني به أبو عبد الله بن قيسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل فشبع وشرب فَرَوِيَ، فقال: الحمد لله الذي أطعمني وأشبعني، وسقاني، وأرْوَاني خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" رواه أبو يعلى. [قال الحافظ]: وفي الباب أحاديث كثيرة مشهورة من قول النبي صلى الله عليه وسلم ليست من شرط كتابنا لم نذكرها. الترغيب في غسل اليد قبل الطعام وبعده، والترهيب أن ينام وفي يده ريح الطعام لا يغسلها 1 - عن سلمان رضي الله عنه قال: قرأت في التوراة: إن بركة الطعام الوضوء بعده، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، وأخبرتهُ بما قرأتُ في التوراة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بركة الطعام الوضوء (¬1) قبلهُ، والوضوء بعده" رواه أبو داود والترمذي، وقال: لا يعرف هذا الحديث إلا من حديث قيس بن الربيع، وقيس يضَعِّف في الحديث. انتهى. [قال الحافظ]: قيس بن الربيع صدوق، وفيه كلام لسوء حفظه لا يخرج الإسناد ¬
عن حد الحسن، وقد كان سفيان يكره الوضوء قبل الطعام، قال البيهقي: وكذلك مالك بن أنس كرهه، وكذلك صاحبنا الشافعي استحب تركه، واحتج بالحديث، يعني حديث ابن عباس قال: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى الخلاء، ثم إنه رجع، فأُتِىَ بالطعام، فقيل: ألا تتوضأ؟ قال: لم أُصَلِّ فأتوضأ" رواه مسلم وأبو داود والترمذي بنحوه إلا أنهما قالا: فقال: إنما أُمرتُ بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة. 2 - وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب أن يُكْثِرَ (¬1) الله خير بيته، فليتوضأ إذا حضر غذاؤهُ، وإذا رفع (¬2) " رواه ابن ماجة والبيهقي، والمراد بالوضوء غسل اليدين. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نام، وفي يده غَمَرٌ، ولم يغسلهُ؛ فأصابه شيء؛ فلا يلومنَّ إلا نفسه (¬3) " رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وابن ماجة؛ وابن حبان في صحيحه؛ ورواه ابن ماجة أيضاً عن فاطمة رضي الله عنها بنحوه. [الغمر]: بفتح الغين المعجمة والميم بعدهما راء: هو ريح اللحم وزهومته. 4 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان حَسَّاسٌ (¬4) لَحَّاسٌ فاحذروه على أنفسكم، من بات وفي يده ريحُ غَمَرٍ؛ فأصابه شيء؛ ¬
فلا يَلُومَنَّ إلا نفسه" رواه الترمذي والحاكم كلاهما عن يعقوب بن الوليد المدني ¬
عن ابن أبي ذئب عن المقبُري عنه، وقال الترمذي: حديث غريب من هذا الوجه، وقد روي من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. انتهى، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: يعقوب بن الوليد الأزدي هذا كذاب واتهم، لا يحتج به لكن رواه البيهقي والبغوي، وغيرهما من حديث زهير بن معاوية عن سهيل بن أبي صالح ¬
كتاب القضاء وغيره
عن أبي هريرة كما أشار إليه الترمذي، وقال البغوي في شرح السنة: حديث حسن، وهو كما قال رحمه الله، فإن سهيل بن أبي صالح وإن كان تُكلم فيه، فقد روى له مسلم في الصحيح احتجاجاً واستشهاداً، وروى له البخاري مقروناً، وقال السلمي: سألت الدارقطني: لِمَ ترك البخاري سهيلاً في الصحيح؟ فقال: لا أعرف له فيه عذراً، وبالجملة فالكلام فيه طويل، وقد روى عنه شعبة ومالك، ووثقه الجمهور، وهو حديث حسن، والله أعلم. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من بات وفي يده ريحُ غَمَرٍ، فأصابه شيئ، فلا يلومن إلا نفسه" رواه البزار والطبراني بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح إلا الزبير بن بكار، وقد تفرد به كما قال الطبراني، ولا يضر تفرده، فإنه ثقة إمام. 6 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من بات وفي يدهِ ريحُ غَمَرٍ، فأصابهُ وَضَحٌ، فلا يلومَنَّ إلا نفسهُ" رواه الطبراني بإسناد حسن. [الوضح]: بفتح الواو والضاد المعجمة جميعاً بعدهما حاء مهملة، والمراد به هنا البرص. كتاب القضاء وغيره الترهيب من تولي السلطنة والقضاء والإمارة سيما لمن لا يثق بنفسه وترهيب من وثق بنفسه أن يسأل شيئاً من ذلك 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كُلُّكُمْ راعٍ (¬1)، ومسئولٌ عن رعيته: الإمامُ راعٍ، ومسئولٌ عن رعيته، ¬
والرجلُ راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيتِ زوجها ومسئولةٌ عن رعيتها، والخادمُ راعٍ في مال سيده، ومسئولٌ عن رعيته، وكُلُّكُمْ راعٍ ومسئولٌ عن رعيته" رواه البخاري ومسلم. 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاهُ حَفِظَ (¬1) أم ضَيَّعَ" رواه ابن حبان في صحيحه. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ وَلِيَ القضاء، أو جُعِلَ قاضياً بين الناس، فقد ذُبِحَ بغير سكينٍ" رواه أبو داود والترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجة، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: ومعنى قوله ذبح بغير سكين أن الذبح بالسكين يحصل به إراحة الذبيحة بتعجيل إزهاق روحها، فإذا ذبحت بغير سكين كان فيه تعذيب لها، وقيل: إن الذبح لما كان في ظاهر العرف، وغالب العادة بالسكين عدل صلى الله عليه وسلم عن ظاهر العرف والعادة إلى غير ذلك، ليعلم أن مراده صلى الله عليه وسلم بهذا القول ما يخاف عليه من هلاك دينه دون هلاك بدنه ذكره الخطابي، ويحتمل غير ذلك. 4 - وعن بُريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "القضاةُ ثلاثةٌ: واحدٌ في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة، فرجلٌ عَرَفَ (¬2) الحق فقضى به ¬
ورجلٌ عرف الحقَّ فَجَارَ (¬1) في الحكم فهو في النار، ورجلٌ قضى للناس على جهلٍ فهو في النار" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة. 5 - وعن عبد الله بن مَوْهَبٍ أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال لابن عمر: "اذهب فكن قاضياً (¬2). قال: أوَ تُعْفِيني (¬3) يا أمير المؤمنين؟ قال: اذهب فاقضِ بين الناس. قال: تُعْفِيني يا أمير المؤمنين؟ قال: عَزمْتُ عليك إلا ذهبت فقضيت. قال: لا تَعْجَلْ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَنْ عاذَ بالله، فقد عاذ بمُعاذٍ. قال نعم. قال: فإني أعوذ بالله أن أكون قاضياً. قال: وما يمنعك، وقد كان أبوك يقضي؟ قال: لأني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: مَنْ كان قاضياً، فقضى بالجهلِ كان من أهل النار، ومن كان قاضياً فقضى بالجور (¬4) كان من أهل النار، ومن كان قاضياً، فقضى بحقٍ أو بعدلٍ (¬5) سأل التفلُّتَ كَفَافاً، فما أرجو منه بعد ذلك" رواه أبو يعلى وابن حبان في صحيحه، والترمذي باختصار عنهما، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان قاضياً، فقضى بالعدل فبالحريِّ أن ينفلت منه كفافاً، فما أرجو بعد ذلك؟ ولم يذكر الآخرين، وقال: حديث غريب، وليس إسناده عندي بمتصل، وهو كما قال، فإن عبد الله بن موهب لم يسمع من عثمان رضي الله عنه. ¬
الإمارة أولها ندامة وأوسطها غرامة .. إلخ 6 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليأتينَّ على القاضي العدل يوم القيامة ساعةٌ يتمنى أنه لم يقضِ بين اثنين في تمرةٍ قطُّ" رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، ولفظه قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يُدعى القاضي العَدْلُ (¬1) يوم القيامة، فيلقى مِنْ شدة (¬2) الحساب ما يتمنى أنه لم يقضِ بين اثنين في عُمُرِهِ (¬3) قطُّ". [قال الحافظ]: كذا في أصل من المسند والصحيح، تمرة، وعمره، وهما متقاربان في الخط ولعل أحدهما تصحيف، والله أعلم. 7 - وعن عوف بن مالكٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن شئتم أنبأتُكم (¬4) عن الإمارة وما هي؟ فناديتُ بأعلى صوتي: وما هي يا رسول الله؟ قال: أولها مَلامَةٌ (¬5)، وثانيها ندامةٌ (¬6)، وثالثها عذابٌ يوم القيامة إلا من عَدَل، وكيف يعدلُ مع قريبه (¬7) " رواه البزار والطبراني في الكبير، ورواته رواة الصحيح. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "شريكٌ لا أدري رَفَعَهُ أم لا. قال: الإمارةُ أولها ندامةٌ، وأوسطها غرامةٌ (¬8)، وآخرها عذابٌ يوم القيامة" رواه الطبراني بإسناد حسن. 9 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما مِنْ رجلٍ يَلي (¬9) أمْرَ عشرةٍ فما فوق ذلك إلا أتى الله مغلولاً (¬10) يوم القيامة يدهُ إلى عنقه ¬
فَكَّهُ (¬1) بِرُّهُ، أو أوثقهُ (¬2) إثمهُ: أولها ملامةٌ، وأوسطها ندامةٌ، وآخرها خِزْيٌ (¬3)، يوم القيامة" رواه أحمد، ورواته ثقات إلا يزيد بن أبي مالك. من ولى أحداً من المسلمين أتى به يوم القيامة حتى يوقف على جسر جهنم .. إلخ 10 - ورويَ عن أبي وائل شقيق ابن سامة "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعملَ بشرَ بن عاصمٍ رضي الله عنه على صدقات هوازن، فتخلفَ بِشرٌ، فلقيهُ عمر، فقال ما خَلَّقَكَ؟ أما لنا سمعاً وطاعةً؟ قال: بلى، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَنْ وَليَ شيئاً من أمر المسلمين أُتِيَ به يوم القيامة حتى يُوقفَ على جسرِ جهنم، فإن كان مُحْسِناً نجا، وإن كان مُسيئاً انخرق به الجسر (¬4) فهوى فيه سبعين خريفاً (¬5). قال: فخرج عمر رضي الله عنه كئيباً محزوناً، فلقيهُ أبو ذرٍ، فقال: مالي أراك كئيباً حزيناً؟ فقال: مالي لا أكون كئيباً حزيناً، وقد سمعت بشر بن عاصمٍ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من وليَ شيئاً من أمر المسلمين أُتي به يوم القيامة حتى يُوقف على جسر جهنم، فإن كان مُحسناً نجا (¬6)، وإن كان مُسيئاً (¬7) انخرق به الجسر، فهوى فيه سبعين خريفاً، فقال أبو ذرٍ: أوَ ما سمعتهُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا. قال: أشهدُ أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من وَلِيَ (¬8) أحداً من المسلمين أُتِيَ به يوم القيامة حتى يُوقف على جسر جهنم، فإن كان مُحسناً نجا، وإن كان مُسيئاً انخرق (¬9) به الجسر فهوى فيه سبعين خريفاً (¬10)، وهي سوداءُ (¬11) مظلمةٌ، فأيُّ الحديثين أوجعُ (¬12) لقلبك؟ قال: كلاهما قد أوجعَ قلبي، فمن يأخذها بما فيها، فقال أبو ذرٍ: مَنْ سَلَتَ الله أنفهُ، وألصقَ (¬13) خَدَّهُ بالأرض، أما إنا لا نعلمُ إلا خيراً، وعسى أن وَلَّيْتَهَا (¬14) مَنْ لا يَعْدِلُ فيها أن لا تنجو من إثمها (¬15) " ¬
رواه الطبراني ويأتي أحاديث نحو هذه في الباب بعده إن شاء الله تعالى. [سلت أنفه]: بفتح السين المهملة واللام بعدهما تاء مثناة فوق: أي جدعه. 11 - وعن عبد الله، يعني ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من حاكمٍ يحكمُ بين الناس إلا جاء يوم القيامة وَمَلَكٌ آخذٌ بِقَفَاهُ، ثم يرفع رأسهُ إلى السماء، فإن قال: ألْقهْ ألقاه (¬1) فهو في مَهْوَاةٍ (¬2) أربعين خريفاً" رواه ابن ماجة، واللفظ له، والبزار، ويأتي لفظه في الباب بعده إن شاء الله، وفي إسنادهما مجالد بن سعيد. 12 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: "جاء حمزةُ بن عبد المطلب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله اجعلني على شيء أعيش به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حمزةُ! نَفْسٌ تُحْييها أحبُّ إليكَ أم نَفْسٌ تُميتها؟ قال: نفسٌ أُحييها. قال: عليك نفسك (¬3) " رواه أحمد، ورواته ثقات إلا ابن لهيعة. 13 - وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب على منكبيه (¬4)، ثم قال: أفلحتَ يا قديمُ إن مِتَّ، ولم تكن أميراً (¬5)، ولا كاتباً (¬6)، ولا عريفاً (¬7) " رواه أبو داود، وفي صالح بن يحيى بن المقدام كلام قريب لا يقدح. ¬
لا تؤمرنّ على اثنين ولا تلينّ مال يتيم 14 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: يا أبا ذرٍ: إنك ضعيفٌ (¬1)، وإنها أمانةٌ، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامةٌ إلا من أخذها بحقها (¬2)، وأدى الذي عليه فيها" رواه مسلم. 15 - وعنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحبُ لنفس لا تُؤمَّرَنَّ (¬3) على اثنين، ولا تَلِيَنَّ (¬4) مال يتيمٍ" رواه مسلم وأبو داود والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما. 16 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنكم ستحرصون على الإمارة (¬5)، وستكون ندامةً (¬6) يوم القيامة، فنعمت المُرْضِعَةُ (¬7)، وبئستِ الفاطمةُ" رواه البخاري والنسائي. ¬
ويل للأمراء ويل للعرفاء ويل للأمناء .. إلخ 17 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ويلٌ للأمراء (¬1)، ويلٌ للعُرَفاء (¬2)، ويلٌ للأمناء (¬3) لَيَتَمَنَّيَنَّ أقوامٌ يوم القيامة أن ذوائبهم (¬4) مُعلقةٌ بالثُّرَيَّا (¬5) يُدلون بين السماء والأرض، وإنهم لم يَلُوا (¬6) عملاً" رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد. 18 - وفي رواية له وصحح إسنادها أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَيُوشِكَنَّ (¬7) رجلٌ أن يتمنى أنه خَرَّ (¬8) من الثُريا، ولم يَلِ (¬9) من أمْرِ الناس شيئاً". [قال الحافظ]: وقد وقع في الإملاء المتقدم باب فيما يتعلق بالعمال والعرفاء والمكاسين والعشارين في كتاب الزكاة أغني عن إعادته هنا. ¬
من ابتغى القضاء وسأل فيه شفعاء وكل إلى نفسه .. إلخ 19 - وعن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الرحمن بن سمرة: لا تسأل الإمارة (¬1)، فإنك إن أُعطيتها من غيرِ مسألةٍ أُعِنْتَ عليها، وإن أُعطِيتَهَا عن مسألةٍ وُكِلْتَ إليها (¬2) " الحديث. رواه البخاري ومسلم. 20 - وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتغى (¬3) القضاء، وسأل فيه شُفعاء، وَكِلَ إلى نفسه، ومن أُكْرِهَ عليه أنزل الله عليه مَلَكاً يُسَدِّدُهُ (¬4) " رواه أبو داود والترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجة ¬
ولفظه، وهو رواية الترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل القضاء وُكِلَ إلى نفسه، ومن أُجبرَ عليه ينزل عليه ملك فيسدده". ¬
ترغيب من ولي شيئا من أمور المسلمين في العدل إماما كان أو غيره، وترهيبه أن يشق على رعيته أو يجور أو يغشهم أو يحتجب عنهم أو يغلق بابه دون حوائجهم
ترغيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين في العدل إماماً كان أو غيره وترهيبه أن يشق على رعيته، أو يجور، أو يغشهم، أو يحتجب عنهم، أو يغلق بابه دون حوائجهم 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعةٌ يُظِلُّهُمُ الله في ظلهِ (¬1) يوم لا ظلِّ إلا ظلهُ: إمامٌ عادلٌ (¬2)، وشابٌ (¬3) نشأ في عبادة الله، ¬
ورجلٌ قلبهُ (¬1) معلقٌ بالمساجد، ورجلان تحابا في اللهِ (¬2) اجتمعا عليه، وتفرقا (¬3) عليه، ورجلٌ دعتهُ امرأةٌ ذاتُ منصبٍ (¬4) وجمالٍ (¬5)، فقال (¬6): إني أخاف الله، ورجلٌ تصدَّقَ (¬7) بصدقةٍ، فأخفاها (¬8) حتى لا تعلم شمالهُ ما تُنفقُ يمينهُ (¬9)، ورجلٌ ذكر الله خالياً (¬10) ففاضت عيناه" رواه البخاري ومسلم. تفتح أبواب السماء لدعوة المظلوم 2 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتهم (¬11): الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق ¬
الغمام (¬1)، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الربُّ: وعزتي لأنصرنك (¬2)، ولو بعد حينٍ" رواه أحمد في حديث، وحسنه ابن ماجة، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما. ¬
عدل ساعة أفضل من عبادة ستين سنة 3 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المُقْسِطِينَ (¬1) عند الله على منابرَ (¬2) من نورٍ عن يمينِ الرحمن، وكلتا يديه يمينٌ. الذين يعدلون في حُكمهم، وأهلهم، وما وَلُوا (¬3) " رواه مسلم والنسائي. 4 - وعن عياض بن حمارٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أهل الجنة ثلاثةٌ: ذو سلطانٍ مُقْسطٌ مُوَفقٌ، ورجلٌ رَحِيمٌ رقيق القلب لكل ذي قُربى مسلمٍ، وعفيفٌ متعففٌ ذو عيالٍ" رواه مسلم. [المقسط]: العادل. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يومٌ من إمامٍ عادلٍ أفضلُ من عبادة ستين سنةً، وحدٌّ يُقامُ في الأرض بحقه أزكى فيها من مَطَرٍ أربعين صباحاً" رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وإسناد الكبير حسن. 6 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة عَدْلُ ساعةٍ أفضل من عبادة ستين سنةً: قيامٌ ليلها وصيامٌ نهارها، ويا أبا هريرة: جَوْرُ ساعةٍ في حُكْمٍ أشد وأعظمُ عند الله عز وجل من معاصي ستين سنةً" وفي رواية: "عدل يوم واحد أفضل من عبادة ستين سنة" رواه الأصبهاني. 7 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ الناسِ إلى الله يوم القيامة، وأدناهم (¬4) منه مجلساً: إمامٌ عادلٌ، وأبغض الناس إلى الله تعالى، وأبعدهم منه مجلساً: إمامٌ جائرٌ" رواه الترمذي والطبراني في الأوسط مختصراً، إلا أنه قال: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة إمامٌ جائرٌ (¬5) "، وقال الترمذي حديث حسن غريب. ¬
أفضل الناس عند الله منزلة يوم القيامة إمام عادل رفيق 8 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الناس عند الله منزلةً يوم القيامة إمامٌ عادلٌ رفيقٌ (¬1)، وشرُّ عباد الله عند الله منزلةً يوم القيامة إمامٌ جائرٌ خَرِقٌ (¬2) " رواه الطبراني في الأوسط من رواية ابن لهيعة وحديثه حسن في المتابعات. 9 - ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُجاء بالإمام الجائرِ يوم القيامة فتخُاصمهُ الرعيةُ فيفلجوا عليه، فيقال له: سُدَّ (¬3) رُكناً من أركان جهنم" رواه البزار، وهذا الحديث مما أنكر على أغلب بن تميم. [فيفلجوا عليه] بالجيم: أي يظهروا عليه بالحجة والبرهان، ويقهروه حال المخاصمة. 10 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أشد أهل النار عذاباً يوم القيامة من قتل نبياً، أو قتله (¬4) نبيٌ، وإمامٌ جائرٌ" رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا ليث بن أبي سليم، وفي الصحيح بعضه، ورواه البزار بإسناد جيد إلا أنه قال: وإمامُ ضلالةٍ. 11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعةٌ يُبغضهم (¬5) الله: البياعُ الحلاَّفُ (¬6)، والفتى المختالُ (¬7)، والشيخُ الزاني (¬8)، والإمام الجائر" رواه النسائي، وابن حبان في صحيحه، وهو في مسلم بنحوه إلا أنه قال: "وملكٌ كذابٌ، وعائلٌ مُستكبرٌ". 12 - وعن طلحة بن عُبيد الله رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ¬
يقول: ألا أيها الناسُ لا يقبلُ الله صلاةَ إمامٍ جائرٍ" رواه الحاكم من رواية عبد الله بن محمد العدوي وقال: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: وعبد الله هذا واهٍ متهم، وهذا الحديث مما أنكر عليه. 13 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا يقبلُ الله لهم شهادة أن لا إله إلا اللهُ، فذكر منهم الإمام الجائر" رواه الطبراني في الأوسط. 14 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السلطانُ ظِلُّ الله في الأرض يأوي (¬1) إليه كُلُّ مظلومٍ من عباده، فإن عَدَلَ كان لهُ الأجرُ، وكان - يعني - على الرعية الشُّكُرُ، وإن جار، أو حَافَ، أو ظَلَمَ كان عليه الوزرُ (¬2)، وعلى الرعية الصبرُ، وإذا جارت الولاةُ (¬3) قُحطتْ (¬4) السماء، وإذا مُنعتِ (¬5) الزكاة هلكت المواشي (¬6)، وإذا ظهر الزنا ظهرَ (¬7) الفقرُ، والمسكنةُ (¬8)، وإذا أُخْفِرَتِ الذمة (¬9) أُدِيلَ (¬10) الكفار أو كلمةً نحوها" رواه ابن ماجة. وتقدم لفظه، والبزار واللفظ له، والبيهقي، ولفظه عن ابن عمر قال: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كيف أنتم إذا وقعت فيكم خمسٌ، وأعوذ بالله أن تكون فيكم، أو تُدركوهنَّ: ما ظهرت الفاحشةُ (¬11) في قومٍ قطُّ يُعْمَلُ بها فيهم علانيةً إلا ظهر فيها الطاعون (¬12) والأوجاعُ التي لم تكن في أسلافهم (¬13)، وما منع قومٌ الزكاة ¬
إلا مُنِعُوا القَطْرَ (¬1) من السماء، ولولا البهائم لم يُمْطَرُوا، وما بَخَسَ (¬2) قومٌ المكيال والميزان إلا أُخِذُوا بالسنين (¬3)، وشدة المؤنة، وَجَوْرِ السلطان، ولا حَكَمَ أُمراؤهم بغير ما أنزل الله إلا سلط عليهم عدوهم فاستنقذوا بعض ما في أيديهم؛ وما عَطَّلُوا كتاب الله، وسنة نبيه إلا جعل الله بأسهم بينهم" رواه الحاكم بنحوه من حديث بريدة، وقال: صحيح على شرط مسلم. 15 - وعن بُكَيْر بن وهبٍ رضي الله عنه قال: "قال لي أنسٌ: أحدثك حديثاً ما أحدثه كل أحدٍ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قام على باب البيتِ ونحن فيه، فقال الأئمة من قريشٍ، إن لي عليكم حقاً، ولهم عليكم حقاً مثل ذلك ما إن اسْتُرْحِمُوا (¬4) رَحِمُوا، وإن عاهدوا (¬5) وَفَّوْا، وإن حكموا عدلوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله (¬6) والملائكة والناس أجمعين" رواه أحمد بإسناد جيد واللفظ له، وأبو يعلى والطبراني. ¬
16 - وعن سَيَّارِ بن سلامة أبي المنهال رضي الله عنه قال: "دخلت مع أبي على أبي بَرْزَةَ، وإن في أذني لقرطين وأنا غلامٌ قال: قال صلى الله عليه وسلم: الأمراء مِنْ قريش ثلاثاً ما فعلوا ثلاثاً: ما حكموا فعدلوا، واسترحموا فرحموا، وعاهدوا فَوَفَّوْا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين" رواه أحمد، ورواته ثقات والبزار وأبو يعلى بنصه. 17 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على باب بيتٍ في نفرٌ (¬1) من قريش، وأخذ بِعُضَادتي (¬2) الباب، فقال: هل في البيت إلا قرشيٌ؟ قال: فقيل يا رسول الله: غير فلان ابن أختنا، فقال: ابن أخت القوم منهم ثم قال: إن هذا الأمر في قريشٍ (¬3) ما إذا استرحموا رَحِمُوا، وإذا حكموا عَدَلُوا، وإذا قَسَمُوا أقْسَطُوا (¬4)، فمن لم يفعل ذلك منهم، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يُقبلُ منه صَرْفٌ (¬5) ولا عدلٌ" رواه أحمد ورواته ثقات، والبزار والطبراني. 18 - وعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُقَدَّسُ (¬6) أمةٌ لا يُقْضَى (¬7) فيها بالحق، ولا يأخذُ الضعيفُ حقهُ من القوي غير متعتعٍ (¬8) " رواه الطبراني، ورواته ثقات، ورواه البزار بنحوه من حديث عائشة مختصراً والطبراني من حديث ابن مسعود بإسناد جيد، ورواه ابن ماجة مطولاً من حديث أبي سعيد. 19 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
"من طلب قضاء المسلمين حتى يناله (¬1) ثم غَلَبَ عَدْلَهُ جَوْرُهُ (¬2) فله النارُ" رواه أبو داود. 20 - وعن أبي بُريدة عن أبيه رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "القضاة ثلاثةٌ: قاضيان في النار، وقاضٍ في الجنة: رجلٌ قضى بغير حقٍ يعلمُ بذلك، فذلك في النار، وقاضٍ لا يَعْلَمُ فأهلكَ حقوق الناس فهو في النار، وقاضٍ قضى بالحق فذلك في الجنة" رواه أبو داود، وتقدم لفظه، وابن ماجة والترمذي، واللفظ له، وقال حديث حسن غريب. إن الله مع القاضي ما لم يَجُرْ 21 - وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله مع القاضي ما لم يَجُرْ (¬3)، فإذا جَارَ تخلى عنه، ولَزِمَهُ الشيطان (¬4) " رواه الترمذي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم إلا أنه قال: "فإذا جار تبرأ الله منه" رووه كلهم من حديث عمران القطان، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: وعمران يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى. 22 - وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه: "أن مسلماً ويهودياً اختصما إلى عمر رضي الله عنه فرأى الحق لليهودي، فقضى له عمر به، فقال له اليهودي: والله لقد قضيت بالحق، فضربهُ عمر بالدِّرَّةِ (¬5)، وقال: وما يدريك؟ فقال اليهودي: والله إنا نجد في التوراة ليس قاضٍ يقضي بالحق إلا كان عن يمينه ملكٌ، وعن شماله ملكٌ يُسددانه، ويوفقانه للحق مادام مع الحق (¬6)، فإذا ترك الحق عَرَجَا (¬7) وتركاهُ" رواه مالك. ¬
من ولي أمة من أمتي قلت أو كثرت فلم يعدل فيهم كبه الله على وجهه في النار 23 - وعن عبد الله، يعني ابن مسعود رضي الله عنه يرفعه قال: "يُؤتى بالقاضي يوم القيامة، فَيُوقَفُ على شفير (¬1) جهنم، فإن أُمِرَ به دُفِعَ فَهَوَى فيها سبعين خريفاً" رواه ابن ماجة والبزار، واللفظ له كلاهما من رواية مجالد عن عامر عن مسروق عنه، وتقدم لفظ ابن ماجة في الباب قبله. 24 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن بشر بن عاصمٍ الجُشَمِيِّ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يَلي (¬2) أحدٌ من أمر الناس شيئاً إلا وقَفَهُ الله على جسر جهنم، فزلزل به (¬3) الجسر زلزلةً، فناجٍ، أو غير ناجٍ، فلا يبقى منه عظمٌ إلا فارقَ صاحبهُ، فإن هو لم يَنْجُ ذُهِبَ به في جُبٍ (¬4) مُظلمٍ كالقبر في جهنم لا يبلغُ قَعْرَهُ سبعين (¬5) خريفاً، وإن عمر رضي الله عنه سأل سلمان وأبا ذرٍ: هل سمعتما ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالا: نعم" رواه ابن أبي الدنيا وغيره. 25 - وعن مَعْقَلٍ بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من وَلِيَ أمةً من أمتي قَلَّتْ أو كَثُرَتْ فلم يعدل فيهم كبه (¬6) الله على وجهه في النار" رواه الطبراني في الأوسط من رواية عبد العزيز بن الحصين، وهو واهٍ، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. ولفظه قال: "ما من أحدٍ يكون على شيء من أمور هذه الأمة: فلم يعدل فيهم إلا كبهُ الله في النار" وهو في الصحيحين بغير هذا اللفظ، وسيأتي لفظه إن شاء الله. 26 - وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن في جهنم وادياً وفي الوادي بئرٌ يُقالُ له: هَبْهَبٌ، حقٌ على الله أن يُسْكِنَهُ كل جبارٍ عنيدٍ" رواه الطبراني بإسناد حسن وأبو يعلى، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. ¬
ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولاً لا يفكه إلا العدل 27 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أمير (¬1) عشرةٍ إلا يُؤتى به يوم القيامة مغلولاً (¬2) لا يَفُكُهُ إلا العدلُ" رواه أحمد بإسناد جيد رجاله رجال الصحيح. 28 - وعن رجلٍ عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: "سمعتهُ غير مرَّةٍ ولا مرتين يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أمير عشرةٍ إلا يُؤتى به يوم القيامة مغلولاً لا يفكهُ من ذلك الغُلِّ إلا العدل" رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح إلا الرجل المبهم. 29 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أمير عشرةٍ إلا يُؤتى به مغلولاً يوم القيامة حتى يَفُكُّهُ العدلُ، أو يُوبِقُهُ (¬3) الجورُ" رواه البزار والطبراني في الأوسط، ورجال البزار رجال الصحيح. وزاد في رواية: "وإن كان مُسيئاً زيد غُلاً إلى غُلِّهِ" ورواه الطبراني في الأوسط بهذه الزيادة أيضاً من حديث بريدة. 30 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما يرفعهُ قال: "ما من رجلٍ وَلِيَ عشرةً إلا أُتيَ به يوم القيامة مغلولةً يدهُ إلى عنقه حتى يُقضى بينه وبينهم" رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات. 31 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من والي ثلاثةٍ إلا لَقِيَ الله مغلولةً يمينهُ (¬4) فَكَّهُ عَدْلُهُ أو غَلَّهُ جَوْرُهُ" رواه ابن حبان في صحيحه من رواية إبراهيم بن هشام الغساني. 32 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَ عليَّ أولُ ثلاثةٍ يدخلون النار: أميرٌ مُسَّلطٌ وذُو ثَروةٍ من مالٍ لا يُؤدي حق الله فيه وفقيرٌ فَخُورٌ" رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما. ¬
من ولي شيئاً من أمور المسلمين لم ينظر الله في حاجته حتى ينظر في حوائجهم 33 - وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني أخاف على أمتي من أعمالٍ ثلاثةٍ. قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال زَلَّةُ عالمٍ، وَحُكْمُ جائرٍ، وهوىً مُتبعٌ" رواه البزار والطبراني من طريق كثير بن عبد الله المزني، وهو واهٍ، وقد احتج به الترمذي، وأخرج له ابن خزيمة في صحيحه، وبقية إسناده ثقات. 34 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: "اللهم من وَلِيَ من أمْرِ أمتي شيئاً فشقَّ (¬1) عليهم، فاشقق عليه (¬2) ومن وَلِيَ من أمْرِ أمتي شيئاً فَرَفَقَ (¬3) بهم، فارفق به" رواه مسلم والنسائي. ورواه أبو عوانة في صحيحه، وقال فيه: من وَلِيَ منهم شيئاً فَشَقَّ عليهم فعليه بَهْلَةُ الله: قالوا يا رسول الله: وما بَهْلَةُ الله؟ قال لعنةُ الله" [قال الحافظ]: ويأتي في باب الشفقة إن شاء الله. 35 - وعن أبي عثمان قال: "كتب إلينا عمر رضي الله عنه، ونحن بأذربيجان: يا عتبةُ بن فَرْقَدٍ إنه ليس من كَدِّكَ، ولا كَدِّ أبيك، ولا كَدِّ أمكَ، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبعُ منه في رَحْلِكَ، وإياكم والتنعم، وزي أهل الشرك، ولبوس الحرير" رواه مسلم. 36 - ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أمتي أحدٌ وليَ من أمْرِ الناس شيئاً لم يحفظهم بما يحفظُ به نفسه إلا لم يجد رائحة الجنة (¬4) " رواه الطبراني في الصغير والأوسط. 37 - وعن ابن عباس أيضاً رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من وَلِيَ شيئاً من أمور المسلمين لم ينظر الله في حاجته حتى ينظر في حوائجهم (¬5) " رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح إلا حسين بن قيس المعروف بحنش، وقد وثقه ابن نمير، وحسّن له، والترمذي غير ما حديث، وصحح له الحاكم، ولا يضر في المتابعات. ¬
من ولي من أمر المسلمين شيئاً فغشهم فهو في النار 38 - وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ (¬1) الله عز وجل رَعِيَّةً يموتُ يوم يموت، وهو غاشٌ رَعِيَّتَهُ إلا حرَّمَ الله تعالى عليه الجنة" وفي رواية: "فلم يَحُطْهَا (¬2) بِنُصْحِهِ لم يرح رائحة الجنة" رواه البخاري ومسلم. 39 - وعنه أيضاً رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أميرٍ يلي أمور المسلمين، ثم لا يجهدُ لهم، وينصحُ لهم إلا لم يدخل معهم الجنة" رواه مسلم والطبراني، وزاد: كنصحهِ وجهدهِ لنفسه. 40 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وَلِيَ من أمر المسلمين شيئاً فغشهم فهو في النار" رواه الطبراني في الأوسط والصغير، ورواته ثقات إلا عبد الله بن ميسرة أبا ليلى. 41 - وعن عبد الله بن مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ رضي الله عنه قال: "أشهدُ لَسَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من إمامٍ ولا والٍ بات ليلةً سوداء (¬3) غاشاً لرعيته إلا حرَّمَ الله عليه الجنة" رواه الطبراني بإسناد حسن ¬
وفي رواية له: "ما من إمامٍ يبيتُ غاشاً لرعيته إلا حَرَّمَ الله عليه الجنة، وَعَرْفُهَا يوجدُ يوم القيامة مسيرة سبعين عاماً". 42 - وعن ابن مريم عمرو بن مُرَّةَ الجهني رضي الله عنه أنه قال لمعاوية: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من وَلاَّهُ (¬1) الله شيئاً من أمور المسلمين فاحتجبَ (¬2) دون حاجتهم وَخَلَّتِهِمْ وفَقْرِهمْ احتجب (¬3) الله دون حاجته وَخَلَّتِهِ وفقرهِ يوم القيامة، فجعل معاوية رجلاً (¬4) على حوائج المسلمين" رواه أبو داود واللفظ له والترمذي. ولفظه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من إمامٍ يُغْلِقُ (¬5) بابهُ دون ذوي الحاجةِ (¬6) وَالخلَّةِ (¬7)، والمسكنة (¬8) إلا أغلق الله أبواب السماء دُونَ خَلَّتِهِ ¬
وحَاجَتِهِ ومَسْكَنَتِهِ (¬1) " ورواه الحاكم بنحو لفظ أبي داود، وقال صحيح الإسناد. 43 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وَلِيَ من أمْرِ الناس شيئاً، فاحْتَجَبَ عن أولِي الضَّعْفِ والحاجةِ احْتَجَبَ الله عنهُ يوم القيامة" رواه أحمد بإسناد جيد والطبراني وغيره. 44 - وعن أبي السَّمَاح الأزدي عن ابن عمٍ له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى معاوية، فدخل عليه، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من وَلِيَ من أمْرِ المسلمين، ثم أغْلَقَ بابهُ دون المسكين والمظلوم، وذوي الحاجة أغلق الله تبارك وتعالى أبواب رحمته دون حاجته وفقرهِ أفقرَ ما يكونُ إليها" رواه أحمد وأبو يعلى، وإسناد أحمد حَسَن. 45 - وعن أبي جُحَيفةَ أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: "ضرب على الناس بعثاً فخرجوا، فرجع أبو الدحداح، فقال له معاوية: ألم تكن خرجت؟ قال بلى، ولكن سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً أحببتُ أن أضعهُ عندك مخافةَ أن لا تلقاني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬2) يقول: يأيها الناس: من وَلِيَ عليكم عملاً: فَحَجَبَ بابهُ عن ذي حاجةِ المسلمين حَجَبَهُ الله أن يَلِجَ (¬3) بابَ الجنة، ومن كانت هِمَّتُهُ الدنيا حَرَّمَ الله عليه جِوَارِي (¬4)، فإني بُعثتُ بِخَرَابِ الدنيا ولم أُبْعَثْ بِعِمَارتِها" رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا شيخه جبرون بن عيسى، فإني لم أقف فيه على جرح ولا تعديل، والله أعلم به. ¬
ترهيب من ولي شيئا من أمور المسلمين أن يولي عليهم رجلا وفي رعيته خير منه
ترهيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين أن يولي عليهم رجلاً وفي رعيته خير منه 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استعمل رجلاً من عصابةٍ، وفيهم مَنْ هو أرْضَى (¬1) لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين" روه الحاكم من طريق حسين بن قيس عن عكرمة عنه، قال: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: حسين هذا هو حنش: واهٍ، وتقدم في الباب قبله. 2 - وعن يزيد بن أبي سفيان قال: "قال لي أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين بعثني إلى الشام: يا يزيد إن لك قرابةً عَسِيتَ أن تُؤثِرَهُمْ بالإمارة، وذلك أكثرُ ما أخافُ عليك بعد ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ وَلِيَ من أمْرِ المسلمين شيئاً، فَأمَّرَ عليهم أحداً مُحابَاةً (¬2)، فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صَرْفاً، ولا عدْلاً (¬3) حتى يُدخِلَهُ جهنم" رواه الحاكم، وقال صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: فيه بكر بن خنيس يأتي الكلام عليه، ورواه أحمد باختصار، وفي إسناده رجل لم يسمّ. ترهيب الراشي والمرتشي والساعي بينهما 1 - عن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشيَ (¬4) والمرتشيَ (¬5) " رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجة ولفظه: ¬
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعنة الله على الراشي والمرتشي" وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال صحيح الإسناد. 2 - وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الراشي والمرتشي في النار" رواه الطبراني، ورواته ثقات معروفون، ورواه البزار بلفظه من حديث عبد الرحمن بن عوف. 3 - وعن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما مِنْ قَوْمٍ يظهرُ فيهم الربا إلا أُخِذُوا بِالسَّنَةِ (¬1)، وما من قومٍ يظهرُ فيهم الرِّشَا (¬2) إلا أُخِذُوا بالرُّعْبِ (¬3) " رواه أحمد بإسناد فيه نظر. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم" رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وزادوا: والرائش، يعني الذي يسعى بينهما. 5 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي، والرائش، يعني الذي يمشي بينهما" رواه الإمام أحمد والبزار والطبراني، وفيه أبو الخطاب لا يُعرف. [الرائش] بالشين المعجمة: هو السفير بين الراشي والمرتشي. 6 - وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله الراشي والمرتشي في الحُكْمِ" رواه الطبراني بإسناد جيد. ¬
7 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ وَلِيَ عشرةً فَحَكَمَ بينهم بما أحبوا، أو بما كرهوا جئ به مَغْلُولَةً يدهُ، فإن عَدَلَ، ولم يَرْتَشِ ولم يَحِفْ (¬1) فك الله عنه؛ وإن حَكَمَ بغير ما أنزل الله وارتشى وَحَابَى (¬2) فيه شُدَّتْ يسارهُ إلى يمينه، ثم رُميَ به في جهنم، فلم يبلغُ قعرها (¬3) خمسمائة عامٍ" رواه الحاكم عن سعدان بن الوليد عن عطاء عنه، وقال: سمعه الحسن بن بشر البجلي منه، وسعدان بن الوليد البجلي الكوفي قليل الحديث لم يخرّجا عنه. 8 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "الرشوة في الحُكم كُفْرٌ، وهي بين الناس سُحْتٌ (¬4) " رواه الطبراني موقوفاً بإسناد صحيح. الترهيب من الرشوة والتعاون على فعلها من كلام الله تعالى (¬5): ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله والترغيب في نصرته
الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله، والترغيب في نصرته 1 - عن أبي ذرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "فيما يَرْوِي عن ربه عز وجل أنه قال: يا عبادي إني حرمت (¬1) الظلم على نفسي، وجعلتهُ بينكم مُحَرَّماً فلا تَظَّالَمُوا (¬2) " الحديث رواه مسلم والترمذي وابن ماجة، وتقدم بتمامه في الدعاء وغيره. 2 - وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا (¬3) الظلم، فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشُّحَّ (¬4) فإن الشُّحَّ أهلكَ من كان قبلكم، حَمَلَهُمْ على أن سَفَكُوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم" رواه مسلم وغيره. ¬
3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الظلمُ ظلماتٌ يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم والترمذي. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه يَبْلُغُ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والظلمَ فإن الظلم هو ظلماتٌ يوم القيامة، وإياكم والفحش (¬1) فإن الله لا يحب الفاحش والمتفحش، وإياكم والشح فإن الشح دَعَا من قبلكم فسفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم" رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم. 5 - وروي عن الهرماس بن زياد رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقته، فقال: إياكم والخيانة (¬2) فإنها بئستِ البطانة (¬3) وإياكم والظلم، فإنه ظلماتٌ يوم القيامة، وإياكم والشح، فإنما أهلك من كان قبلكم الشح، حتى سفكوا دماءهم، وقطعوا أرحامهم" رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وله شواهد كثيرة. 6 - ورويَ عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تظلموا فتدعوا فلا يستجاب لكم، وتستقوا (¬4) فلا تُسْقَوْا، وتستنصروا، فلا تُنصروا" رواه الطبراني. ¬
إن الله يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته 7 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أمتي لن تنالهما (¬1) شفاعتي: إمامٌ ظلومٌ غَشُومٌ، وكُلُّ غالٍ مارقٍ" رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات. 8 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "المسلم أخو المسلم لا يظلمهُ، ولا يخْذُلُهُ (¬2) ويقول: والذي نفسي بيده ما توادَّ اثنانِ فيفرقُ بينها إلا بذنبٍ يُحْدِثُهُ أحدهما" رواه أحمد بإسناد حسن. 9 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يملي (¬3) للظالم فإذا أخذه لم يُفلتهُ (¬4)، ثم قرأ: (وَكَذلِكَ أخْذُ رَبِّكَ إذا أخَذَ الْقُرَى (¬5) وَهِيَ ظَالِمَةٌ إنَّ أخْذَهُ ألِيمٌ (¬6) شَدِيدٌ) " رواه البخاري ومسلم والترمذي. 10 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان قد يئس أن تُعبدَ الأصنام في أرض العرب، ولكنه سيرضى منكم بدون ذلك بالمُحَقَّرَاتِ، وهي الموبقات يوم القيامة؛ اتقوا الظلم ما استطعتم، فإن العبد يجئ بالحسنات يوم القيامة يرى أنها سَتُنْجِيهِ، فمازال عَبْدٌ يقول: يا رب ظلمني عبدك مظلمةً، فيقول: امحوا من حسناته، ومايزالُ كذلك حتى ما يبقى له حسنةٌ من الذنوب، وإن مثل ذلك كَسَفْرٍ نزلوا بفلاةٍ من الأرض ليس معهم حطبٌ فتفرق القومُ ليحتطبوا فلم يلبثوا أن حطبوا، فأعظموا النار، وطبخوا ما أرادوا، وكذلك الذنوب" رواه أبو يعلى من طريق إبراهيم بن مسلم الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود، ورواه أحمد والطبراني بإسناد حسن نحوه باختصار. 11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ ¬
كانت عنده مَظْلَمَةٌ (¬1) لأخيه مِنْ عِرْضٍ أو من شيء (¬2)، فليتحلله منه اليوم من قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهمٌ (¬3) إن كان له عملٌ صالحٌ أُخِذَ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسناتٌ أُخِذَ من سيئات صاحبهِ (¬4) فَحُمِلَ عليه" رواه البخاري والترمذي، وقال في أوله: رحم الله عبداً كانت له عند أخيه مظلمةٌ في عِرْضٍ أو مالٍ. الحديث. اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب 12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي وقد شتم هذا، وقَذَفَ هذا، وأكل مالَ هذا، وسفكَ دمَ هذا، وضرب هذا، فَيُعْطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقْضى ما عليه أُخذَ من خطاياهم فَطُرِحَتْ عليه، ثم طُرحَ في النار (¬5) " رواه مسلم والترمذي. 13 - وعن ابن عتمان عن سلمان الفارسي، وسعد بن مالكٍ، وحذيفةَ بن اليمان، وعبد الله بن مسعودٍ حتى عَدَّ ستةً أو سبعةً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: "إن الرجل لَتُرْفَعُ له يوم القيامة صحيفتهُ حتى يرى أنه ناجٍ، فما تزال مَظَالِمُ بني آدمَ تتبعُهُ حتى ما يبقى له حسنةٌ، ويُحْمَلُ عليه من سيئاتهم" رواه البيهقي في البعث بإسناد جيد. 14 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعث مُعاذاً إلى اليمن فقال: اتقِ (¬6) دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجابٌ (¬7) " رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي في حديث، والترمذي مختصراً هكذا، واللفظ له ومطولاً كالجماعة. ¬
ثلاثة تستجاب دعوتهم الوالد والمسافر والمظلوم 15 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتهم: الصائم حتى يُفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام (¬1) ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الربُ: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حينٍ" رواه أحمد في حديث، والترمذي وحسنه، وابن ماجة، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والبزار مختصراً: "ثلاثٌ حقٌ على الله أن لا يَرُدَّ لهم دعوةً: الصائم حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع. وفي رواية للترمذي حَسَنةٍ: ثلاثُ دعواتٍ لاشك في إجابتهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على الولد" وروى أبو داود هذه بتقديم وتأخير. 16 - وعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ تُستجابُ دعوتهم: الوالدُ، والمسافرُ، والمظلومُ" رواه الطبراني في حديث بإسناد صحيح. 17 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعدُ إلى السماء كأنها شرارةٌ" رواه الحاكم وقال: رواته متفق على الاحتجاج بهم، إلا عاصم بن كليب فاحتج به مسلم وحده. 18 - وعن أبي هريرةً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوةُ المظلومِ مُستجابةٌ، وإن كان فاجراً (¬2)، ففجورهُ على نفسه" روه أحمد بإسناد حسن. 19 - ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوتان ليس بينهما وبين الله حجابٌ: دعوة المظلوم، ودعوة المرء لأخيه بظهر الغيب (¬3) " رواه الطبراني وله شواهد كثيرة. 20 - وعن خزيمة بن ثابتٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"اتقوا دعوة المظلومِ فإنها تُحْمَلُ على الغمام يقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حينٍ" رواه الطبراني، ولا بأس بإسناده في المتابعات. 21 - وعن أبي عبد الله الأسدي قال: "سمعت أنس بن مالكٍ رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة المظلوم، وإن كان كافراً ليس دونها حجابٌ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دَعْ ما يُرِيبُكَ (¬1) إلى ما لا يُريبكَ" رواه أحمد، ورواته إلى عبد الله محتج بهم في الصحيح، وأبو عبد الله لم أقف فيه على جرح ولا تعديل. 22 - ورويَ عن عليٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله: اشتد غضبي على من ظَلمَ مَنْ لا يَجِدُ له ناصراً غيري" رواه الطبراني في الصغير والأوسط. 23 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يَحْقِرُهُ، التقوى هاهنا. التقوى هاهنا. التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره، بِحَسْبِ امرئٍ من الشر أن يحتقر أخاه المسلم. كُلُّ المسلم على المسلم حَرَامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ" رواه مسلم. 24 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: "قلتُ يا رسول الله ما كانت في صحف إبراهيم؟ قال: كانت أمثالاً كُلُّها، أيها الملك المُسَلَّطُ (¬2) المُبتلى (¬3) المغرور (¬4): إني لم أبعثك (¬5) لتجمع الدنيا بعضها على بعضٍ، ولكني بعثتكَ لِتَرُدَّ عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها، وإن كانت من كافرٍ، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له ساعاتٌ: فساعةٌ يُنَاجي (¬6) فيها ربهُ، وساعةٌ يُحاسبُ (¬7) فيها نفسهُ، وساعةٌ يتفكرُ فيها ¬
في صنع الله عز وجل، وساعةٌ يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون ظاعناً (¬1) إلا لثلاثٍ: تزودٍ لمعادٍ (¬2) أو مَرَمَّةٍ لمعاشٍ (¬3)، أو لذَّةٍ في غير مُحَرَّمٍ (¬4) وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه مُقبلاً على شأنهِ حافظاً للسانه، ومن حَسَبَ كلامهُ من عمله قَلَّ كَلامُهُ إلا فيما يعنيه (¬5) قلتُ: يا رسول الله فما كانت صحفُ موسى عليه السلام؟ قال: كانت عِبَراً (¬6) كلها: عجبتُ لمن أيقن بالموتَ ثم هو يفرحُ، عجبتُ لمن أيقنَ بالنار، ثم هو يضحكُ. عجبتُ لمن أيقنَ بالقدرِ ثم هو ينصبُ، عجبتُ لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها، عجبتُ لمن أيقنَ بالحساب غداً ثم لا يعمل. قلت: يا رسول الله أوصني. قال: أوصيك بتقوى الله، فإنها رأسُ الأمر كله. قلتُ يا رسول الله زدني، قال: عليك بتلاوة القرآن وذكر الله عز وجل، فإنه نور لك في الأرض، وذُخرٌ لك في السماء. قلت يا رسول الله: زدني؛ قال: إياك وكثرة الضحك فإنه يُميتُ القلب (¬7)، ويذهبُ بنورِ الوجه، قُلتُ: يا رسول الله زدني، قال: عليك بالجهاد فإنه رهبانيةُ (¬8) أمتي. قلت يا رسول الله زدني، قال: أحبَّ المساكين وجالسهم. قلتُ يا رسول الله زدني، قال: انظر إلى من هو تحتك، ولا تنظر إلى ما هو فوقك، فإنه أجدر أن لا تزدري (¬9) نعمة الله عندك. قلت: يا رسول الله زدني، قال: قل الحق وإن كان مُرّاً. قلت: يا رسول الله زدني، قال: لِيَرُدَّكَ عن الناس ما تعملهُ من نفسك ولا تجدُ عليهم فيما تأتي، وكفى بك عيباً أن تعرف من الناس ما تجهله من نفسك؛ وتجدَ عليهم فيما تأتي، ثم ضرب بيده على صدري، فقال: يا أبا ذرٍ: لا عَقْلَ كالتدبيرِ، ولا وَرَع كالكَفِّ (¬10)، ولا حَسَبَ (¬11) كَحُسْنِ الْخُلُقِ" رواه ابن حبان في صحيحه واللفظ له، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. ¬
[قال الحافظ]: انفرد به إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني عن أبيه، وهو حديث طويل في أوله ذكر الأنبياء عليهم السلام، ذكرت منه هذه القطعة لما فيها من الحكم العظيمة والمواعظ الجسيمة، ورواه الحاكم أيضاً، ومن طريق البيهقي كلاهما عن يحيى بن سعيد السعدي البصري حدثنا عبد الملك بن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر بنحوه، ويحيى بن سعيد فيه كلام، والحديث منكر من هذه الطريق، وحديث إبراهيم ابن هشام هو المشهور، والله أعلم. ما من امرئ ينصر مسلماً إلخ إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته 25 - وعن جابر وأبي طلحة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما مسلمٍ يخذل (¬1) امرأ مسلماً في موضعٍ تُنتهكُ فيه حُرمتهُ، وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئٍ ينصر مسلماً في موضع يُنتقص فيه من عِرْضِهِ ويُنتهكُ فيه من حُرْمَتِهِ إلا نصرهُ الله في موطنٍ يُحبُّ فيه نُصرَتَهُ" رواه أبو داود. 26 - ورويَ عن عبد الله، يعني ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أُمر بعبدٍ من عباد الله يُضَربُ في قبره مائةَ جلدةٍ فلم يزل يسألُ ويدعو حتى صارت جَلدةً واحدةً، فامتلأ قبرهُ عليه ناراً، فلما ارتفع عنه وأفاقَ قال: علامَ جلدتموني (¬2)؟ قال: إنك صليت صلاة بغير طُهُورٍ (¬3)، ومررتَ على مظلومٍ فلم تنصرهُ (¬4) " رواه أبو الشيخ بن حبان في كتاب التوبيخ. 27 - وعن محمد بن يحيى بن حمزة قال: كتب إليَّ المهديُّ أمير المؤمنين، وأمرني أن أصْلُبَ (¬5) في الحكم، وقال في كتابه: حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله (¬6) وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوماً فقدر أن ينصره فلم يفعل" رواه أبو الشيخ أيضاً فيه من رواية أحمد بن محمد بن يحيى، وفيه نظر ¬
عن أبيه، وجدّ المهدي هو محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وروايته عن ابن عباس مرسلة والله أعلم. 28 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالماً (¬1) أو مظلوماً، فقال رجلٌ: يا رسول الله أنصرهُ إذا كان مظلوماً، أفرأيتَ إن كان ظالماً كيف أنْصُرُهُ؟ قال: تَحْجُزُهُ أو تمنعهُ عن الظلم، فإن ذلك نصرهُ" رواه البخاري ورواه مسلم في حديث عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وَلْيَنْصُرِ الرجلُ أخاهُ ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً فَلْيَنْهَهُ فإنه له نُصْرَةٌ، وإن كان مظلوماً فليَنْصُرْهُ". ¬
29 - وعن سهل بن معاذ بن أنسٍ الجهني عن أبيه رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حمى مؤمناً من منافقٍ، أُرَاهُ قال: بعث الله ملكاً يحمي لحمهُ يوم القيامة من نار جهنم" الحديث. رواه أبو داود ويأتي بتمامه في الغيبة إن شاء الله تعالى. ¬
الترغيب في كلمات يقولهن من خاف ظالما
الترغيب في كلمات يقولهن من خاف ظالماً 1 - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا تَخَوَّفَ أحدكم السلطان فليقل: اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم كُنْ لي جاراً من شر فلان بن فلان، يعني الذي يريده، وشر الجن والإنس وأتباعهم أن يَفْرُطَ عليَّ أحدٌ منهم، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك" رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح إلا جناد بن سلم، وقد وُثق، ورواه الأصبهاني، وغيره موقوفاً على عبد الله لم يرفعوه. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إذا أتيت سلطاناً مهيباً تخافُ أن يسطو بك فقل: الله أكبر. الله أعز من خلقهِ جميعاً. الله أعز مما أخاف وأحذرُ. أعوذ بالله الذي لا إله إلا هو الممسك السموات أن يقعن على الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان وجنوده وأتباعه وأشياعه من الجن والإنس. اللهم كُنْ لي جاراً من شرهم. جل ثناؤك، وعز جارك، وتبارك اسمك، ولا إله غيرك ثلاث مراتٍ" رواه ابن أبي شيبة موقوفاً، وهذا لفظه وهو أتم، ورواه الطبراني، وليس عنده: ثلاث مرات، ورجاله محتج بهم في الصحيح. 3 - وعن أبي مِجْلَزٍ، واسمه لاحِقُ بن حُميدٍ رضي الله عنه قال: "من خاف من أمير ظلماً فقال: رضيت الله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً وبالقرآن حكماً وإماماً نجاة الله منه" رواه ابن أبي شيبة موقوفاً عليه، وهو تابعي ثقة. الترغيب في الامتناع عن الدخول على الظلمة والترهيب من الدخول عليهم وتصديقهم وإعانتهم 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"مَنْ بَدا (¬1) جَفَا، ومن تَبِعَ الصيد (¬2) غَفَلَ (¬3) وَمَنْ أتى أبواب السلطان (¬4) افتتن (¬5)، وما ازداد عبدٌ من السلطان قُرباً إلا ازداد من الله بعداً" رواه أحمد بإسنادين رواة أحدهما رواة الصحيح. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن" رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن. 3 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكعب بن عُجْرَةَ: أعاذك الله من إمارة السفهاء، قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بِهَدْيِي، ولا يستنون بسُنَّتي، فمن صدَّقَهُمْ بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا مني ولستُ منهم، ولا يردون على حَوْضي، ومن لم يُصَدِّقْهُمْ بكذبهم، ولم يُعِنْهُمْ على ظلمهم، فأولئك مني، وأنا منهم، وسَيَرِدُون على حَوْضِي. يا كعب بن عُجْرَةَ: الصيام جُنَّةٌ (¬6) والصدقة تطفئ (¬7) الخطيئة، والصلاة قربان (¬8)، أو قال: بُرهانٌ. يا كعبُ بن عُجْرَةَ: الناسُ غاديان (¬9) فَمُبْتاعٌ (¬10) نفسهُ فَمُعْتِقُها، وبائعٌ ¬
نفسه فَمُوبِقُها (¬1) " رواه أحمد واللفظ له والبزار، ورواتهما محتج بهم في الصحيح ورواه ابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: "ستكون أمراء من دخل عليهم، فأعانهم على ظلمهم وصدقهم بكذبهم، فليس مني، ولستُ منه، ولن يَرِدَ على الحوْضِ، ومن لم يدخل عليهم، ولم يُعنهُم على ظلمهم، ولم يُصدقهم بكذبهم، فهو مني، وأنا منه، وسيردُ على الحوض" الحديث. ورواه الترمذي والنسائي من حديث كعب بن عجرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعيذك بالله يا كعب بن عُجرة من أمراء يكونون من بعدي، فمن غشى (¬2) أبوابهم، فصدقهم في كذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني، ولستُ منه، ولا يَرِدُ علىَّ الحوْضَ، ومن غشى أبوابهم أو لم يَغْشَ، فلم يُصدقهم في كذبهم، ولم يُعنهم على ظلمهم فهو مني، وأنا منه، وسَيَرِدُ عليَّ الحوْضَ" الحديث واللفظ للترمذي. 4 - وفي رواية له أيضاً عن كعب بن عجرة قال: "خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن تسعةٌ خَمْسَةٌ وأربعةٌ: أحدُ العددين من الْعَرَبِ والآخر من العجمِ، فقال: اسمعوا هل سمعتم؟ إنه سيكون بعدي أمراءٌ فمن دخل عليهم فَصَدَّقَهُمْ بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني، ولستُ منه، وليس بواردٍ على الحوْض، ومن لم يدخل عليهم، ولم يُعنهم على ظُلمهم، ولم يُصدقهم بكذبهم، فهو مني، وأنا منه، وهو واردٌ على الحوْضِ" قال الترمذي حديث غريب صحيح. 5 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد بعد صلاة العشاء فرفع بصره إلى السماء، ثم خفض حتى ظننا أنه حدث في السماء أمرٌ، فقال: ألا إنها ستكون بعدي أُمراء يظلمون، ويكذبون فمن صدقهم بكذبهم، ومالأهم على ظلمهم، فليس مني، ولا أنا منه، ومن لم يُصدقهم بكذبهم، ولم يُمالئهم على ظُلمهم، فهو مني (¬3)، وأنا منه" حديث رواه أحمد، وفي إسناده راوٍ لم يسمّ، وبقيته ثقات محتج بهم في الصحيح. ¬
الترهيب من إعانة الظالمين ومن تصديقهم 6 - وعن عبد الله بن خَبَّابٍ عن أبيه رضي الله عنهما قال: "كنا قعوداً على باب النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج علينا فقال: اسمعوا، قلنا: قد سمعنا، قال: اسمعوا، قلنا: قد سمعنا، قال: إنه سيكونُ بعدي أُمراءُ، فلا تُصدقوهم بِكذبهم، ولا تُعينوهم على ظُلمهم، فإن من صدَّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظُلمهم لم يَرِدْ على الحوْض" رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه واللفظ له. 7 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يكون أمراء تغشاهم غواشٍ (¬1) أو حَوَاشٍ (¬2) من الناس يكذبون ويظلمون، فمن دخل عليهم، فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظُلمهم، فليس مني، ولستُ منهُ، ومن لم يدخل عليهم، ولم يُصدقهم بكذبهم، ولم يُعنهم على ظُلمهم، فهو مني، وأنا منه" رواه أحمد، واللفظ له وأبو يعلى، ومن طريق ابن حبان في صحيحه إلا أنهما قالا: فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظُلمهم فأنا منه برئ. 8 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن ناساً من أمتي سيتفقهون في الدين، ويقرءون القرآن يقولون نأتي الأمراء، فنُصيبُ من دُنياهم، ونعتزلهم بديننا، ولا يكون ذلك كما لا يُجتنى (¬3) من القتاد (¬4) إلا الشوكُ كذلك لا يُجتنى من قُربهم إلا. قال ابن الصباح: كأنه يعني الخطايا (¬5) " رواه ابن ماجة، ورواته ثقات. 9 - وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأهله؛ فذكر علياً وفاطمة وغيرهما، فقلت: يا رسول الله أنا من أهلِ ¬
الترهيب من إعانة المبطل ومساعدته والشفاعة المانعة من حد من حدود الله، وغير ذلك
البيت قال: نعم ما لم تقم على باب سُدةٍ (¬1)، أو تأتي أميراً تسألهُ" رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات، والمراد بالسُّدَّة هنا: باب السلطان ونحوه، ويأتي في باب الفقر ما يدل له. 10 - وعن علقمة بن أبي وقاصٍ الليثي رضي الله عنه: "أنه مرَّ برجلٍ من أهل المدينة له شَرَفٌ، وهو جالسٌ بسوق المدينة، فقال علقمةُ: يا فلان! إن لك حُرْمةً (¬2) وإن لك حقاً (¬3)، وإني رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء، فتتكلمُ عندهم، وإني سمعت بلال بن الحارث رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن أحدكم ليتكلمُ بالكلمةِ (¬4) من رضوان الله ما يظنُّ أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة (¬5) من سُخْطِ الله ما يظنُ أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله له بها سُخْطَهُ إلى يوم القيامة. قال علقمة: انظر ويحك ماذا تقول، وما تكلمُ به؟ فَرُبَّ كلامٍ قد مَنَعَنِيهِ ما سمعت من بلال بن الحارث" رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه، وروى الترمذي والحاكم المرفوع منه وصححاه، ورواه الأصفهاني، إلا أنه قال عن بلال بن الحارث أنه قال لبنيه: إذا حضرتم عند ذي سلطان، فأحسنوا المحضرَ (¬6)، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فذكره. الترهيب من إعانة المبطل ومساعدته والشفاعة المانعة من حد من حدود الله وغير ذلك 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
يقول: "مَنْ حَالَتْ (¬1) شفاعتهُ دون حَدٍ من حدود الله عز وجل، فقد ضَادَّ (¬2) الله عز وجل، ومن خَاصم في باطلٍ، وهو يعلم لم يزل في سُخطِ الله حتى ينزع (¬3)، ومن قال في مؤمنٍ ما ليس فيه أسكنه الله رَدْغَةَ الخَبَالِ حتى يخْرُجَ مما قال" رواه أبو داود، واللفظ له، والطبراني بإسناد جيد نحوه، وزاد في آخره: وليس بخارجٍ، ورواه الحاكم مطولاً ومختصراً وقال في كل منهما صحيح الإسناد. ولفظ المختصر قال: "من أعان على خُصومةٍ بغير حقٍ كان في سُخطِ الله حتى يَنْزِعَ" وفي رواية لأبي داود: "ومن أعان على خصومةٍ بظلمٍ فقد باء بغضب من الله". [الردغة]: بفتح الراء وسكون الدال المهملة وتحريكها أيضاً وبالغين المعجمة: هي الوحل، وردغة الخبال بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة: هي عصارة أهل النار، أو عرقهم كما جاء مفسراً في صحيح مسلم وغيره. 2 - وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعودٍ عن أبيه رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مثلُ الذي يُعِينُ قومهُ على غير الحق كمثلَ بعيرِ تَرَدَّى (¬4) في بئرٍ، فهو يَنْزِعُ (¬5) منها بِذَنَبِهِ" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه، وعبد الرحمن لم يسمع من أبيه. [قال الحافظ]: ومعنى الحديث أنه قد وقع في الإثم، وهلك كالبعير إذا تردى في بئر فصار ينزعُ بِذَنَبِهِ، ولا يقدر على الخلاص. 3 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما رجلٍ حالتْ شفاعتهُ دون حدٍ من حدود الله لم يَزَلْ في غضبِ الله حتى يَنْزِعَ، وأيما رجلٍ شد غضباً على مسلمٍ في خُصومةٍ لا عِلْمَ له بها فقد عاند الله حقهُ، وحرص على سُخْطِهِ ¬
ترهيب الحاكم وغيره من إرضاء الناس بما يسخط الله عز وجل
وعليه لعنة الله تتابع إلى يوم القيامة، وأيما رجلٍ أشاع على رجلٍ مسلم بكلمةٍ، وهو منها برئ سَبَّهُ بها في الدنيا كان حقاً على الله أن يُذِيَبهُ يوم القيامة في النار حتى يأتيَ بنفاذ ما قال" رواه الطبراني ولا يحضُرني الآن حال إسناده، وروى بعضه بإسناد جيد قال: من ذكر امرأً بشيء ليس فيه ليعيبهُ حَبَسَهُ الله في نار جهنم حتى يأتيَ بنفاذِ ما قال فيه. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حالت شفاعته دون حدٍ من حدود الله فقد ضادَّ الله في مُلْكِهِ، ومن أعانَ على خُصومةٍ لا يعلمُ أحقٌ أو باطلٌ فهو سُخْطِ الله حتى ينْزِعَ، ومن مشى مع قومٍ يرى أنه شاهدٌ، وليس بشاهدٍ، فهو كشاهدِ زورٍ، ومن تَحَلَّمَ كاذباً كُلَّفَ أن يعقدَ بين طرفي شَعِيرَةٍ، وَسبَابُ المسلم فسوقٌ، وقتالهُ كُفرٌ" رواه الطبراني من رواية رجاء بن صبيح السقطي. 5 - ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعانَ ظالماً بباطلٍ لِيُدْحِضَ (¬1) به حقاً فقد برئ (¬2) من ذمة الله، وذمة رسوله" رواه الطبراني والأصبهاني. 6 - ورويَ عن أوس بن شُرحبيلٍ أحد بني أشجع رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مشى مع ظالمٍ لِيُعِينَهُ، وهو يعلمُ أنه ظالمٌ فقد خرجَ من الإسلام" رواه الطبراني في الكبير، وهو حديث غريب. ترهيب الحاكم وغيره من إرضاء الناس بما يسخط الله عز وجل 1 - عن رجلٍ من أهل المدينة قال: "كتب معاوية إلى عائشة رضي الله عنها أن اكتبي لي كتاباً تُوصيني فيه، ولا تُكثري عليَّ، فكتبت عائشة إلى معاوية: سلامٌ ¬
عليك، أما بعدُ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضا الله بِسُخْطِ (¬1) الناس كفاهُ الله مئونةَ الناس، ومن التمس رضا الناس بِسُخْطِ الله وَكَلَهُ الله إلى الناس، والسلام عليك" رواه الترمذي، ولم يسمّ الرجل، ثم روي بإسناده عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها كتبت إلى معاوية قال: فذكر الحديث بمعناه، ولم يرفعوه، وروى ابن حبان في صحيحه المرفوع منه فقط، ولفظه قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من التمس رضا الله بِسُخْطِ الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بِسُخْطِ الله سَخِطَ الله عليه، وأسْخَطَ عليه الناس". 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أسْخَطَ الله في رضا الناس سَخِطَ الله عليه، وأسَخَطَ عليه من أرضاهُ في سُخْطِهِ، ومن أرضى الله في سُخْطِ الناس رضي الله عنه، وأرضى عنه من أسْخَطَهُ في رضاهُ حتى يُزَيَنَهُ ويُزَيِّنَ قولهُ وعَمَلَهُ في عينهِ (¬2) " رواه الطبراني بإسناد جيد قوي. 3 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أرضى سُلطاناً بما يُسْخِطُ ربهُ خرج من دين الله" رواه الحاكم، وقال: تفرد به علاق بن أبي مسلم عن جابر، والرواة إليه كلهم ثقات. 4 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من طَلَبَ مَحَامِدَ الناس بمعاصي اللهِ عادَ حَامِدُهُ (¬3) لهُ ذَامّاً" رواه البزار وابن حبان في صحيحه، ولفظهُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أرضى الله بِسُخْطِ الناس كَفَاهُ (¬4) الله ومَنْ أسْخَطَ الله برضا الناس وَكَلَهُ اللهُ إلى الناس" ورواه البيهقي بنحوه في كتاب الزهد الكبير. ¬
الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم، ورحمتهم والرفق بهم
وفي رواية له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أراد سُخْطَ اللهِ، ورضا الناس عَادَ (¬1) حَامِدُهُ من الناس ذَاماً". 5 - وروي عن عبد الله بن عصمة بن مالكٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تحبب إلى الناس بما يُحبونه، وبارزَ الله تعالى لقيَ الله تعالى يوم القيامة وهو عليه غضبان" رواه الطبراني. الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم، ورحمتهم والرفق بهم والترهيب من ضد ذلك، ومن تعذيب العبد والدابة وغيرهما بغير سبب شرعي وما جاء في النهي عن وسم الدواب في وجوهها 1 - عن جرير بن عبالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لا يَرْحَمُ الناسَ لا يَرْحَمُهُ الله" رواه البخاري ومسلم والترمذي، ورواه أحمد وزاد: ومن لا يغفرُ لا يُغفرُ له، وهو في المسند أيضاً من حديث أبي سعيد بإسناد صحيح. 2 - وعن أبي موسى رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لن تؤمنوا حتى تَرَاحَمُوا. قالوا يا رسول الله كُلنا رَحِيمٌ؟ قال: إنه ليسَ برحمةِ أحدكم صاحبهُ، ولكنها رحمةُ العامَّةِ (¬2) " رواه الطبراني، ورواته رواة الصحيح. 3 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ لَمْ يَرْحَمِ الناس لَمْ يَرْحَمْهُ الله" رواه الطبراني بإسناد حسن. 4 - وعن جريرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ¬
"من لا يرحمُ من في الأرض لا يرحمهُ من في السماء" رواه الطبراني بإسناد جيد قوي. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء 5 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" رواه أبو داود والترمذي بزيادة وقال: حديث حسن صحيح. 6 - وعنه رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ارحموا تُرْحَمُوا، واغفروا يُغفرْ لكم، ويلٌ لأقماعِ (¬1) القول، ويلٌ للمُصِرِّينَ الذين يُصِرُّونَ على ما فعلوا وهم يعلمون" رواه أحمد بإسناد جيد. 7 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من لم يُوقر الكبير، ويرحم الصغير، ويأمر بالمعروف، ويَنْهَ عن المنكر" رواه أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه، وقد روي هذا اللفظ من حديث جماعة من الصحابة وتقدم بعض ذلك في إكرام العلماء. 8 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيتٍ فيه نفرٌ من قريشٍ، فأخذ بِعُضَادتيِ البابِ، فقال: هل في البيتِ إلا قُرشيٌ؟ فقالوا: لا. إلا ابن أُختٍ لنا. قال: ابن أختِ القوم منهم، ثم قال: إن هذا الأمر في قريشٍ ما إذا استُرْحِمُوا (¬2) رَحِمُوا، وإذا حَكمُوا عَدَلُوا، وإذا أقسموا أقسطوا، ومن لم يفعل ذلك فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين" رواه الطبراني في الصغير والأوسط، ورواته ثقات. 9 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "كنا في بيتٍ فيه نفرٌ من المهاجرين والأنصار، فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل كلُ رجلٍ يُوسِعُ رجاء ¬
أن يجلس إلى جَنْبِهِ، ثم قام إلى الباب فأخذ بِعُضَادَتَيْهِ (¬1)، فقال: الأئمة من قريشٍ وَلِيَ عليكم حقٌ عظيمٌ، ولهم ذلك ما فعلوا ثلاثاً: إذا استرحموا رَحِمُوا، وإذا حكموا عَدَلُوا، وإذا عاهدوا وَفَّوْا، فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن واللفظ له، وأحمد بإسناد جيد، وتقدم بلفظه، وأبو يعلى، ورواه ابن حبان في صحيحه مختصراً من حديث أبي هريرة، وتقدم حديث بنحوه لأبي برزة، وحديث لأبي موسى العدل والجور. 10 - وعن نَصِيحٍ العنسي عن رَكبٍ المصري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طُوبَى (¬2) لمن تواضعَ في غير مَنْقَصَةٍ، وذَلَّ في نفسهِ من غيرِ مسألةٍ، وأنفقَ مالاً جَمَعَهُ في غيرِ معصيةٍ، وَرَحِمَ أهل الذِّلةِ والمسكنة، وخالطَ أهلَ الفقهِ والحكمةِ" الحديث رواه الطبراني، ورواته إلى نَصِيح ثقات. 11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سمعت الصادقَ المصدوقَ صاحب هذه الحجرةِ أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: لا تُنْزَعُ الرحمةُ إلا من شقيٍ (¬3) " رواه أبو داود واللفظ له، والترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن، وفي بعض النسخ حسن صحيح. 12 - وعنه رضي الله عنه قال: "قَبَّلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحَسَنَ أو الحُسَيْنَ بن عليٍ، وعنده الأقرعُ بن حابسٍ التميمي. فقال الأقرعُ: إن لي عَشرةً من الولد ما قَبَّلْتُ منهم أحداً قطُّ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي. ¬
ما من إنسان يقتل عصفوراً فما فوقها بغير حقها إلا سأل الله عنها يوم القيامة 13 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "جاء أعرابيٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تُقَبِّلُونَ الصبيان وما نُقَبِّلُهُمْ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوَ أمْلِكُ لك أن نزع الله الرحمة من قلبك" رواه البخاري ومسلم. 14 - وعن معاوية بن قُرَّةَ عن أبيه رضي الله عنه أن رجلاً قال: "يا رسول الله إني لأرحَمُ الشاةَ أن أذبحها، فقال: إن رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ الله" رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد والأصبهاني. ولفظه: قال: "يا رسول الله إني آخذُ شاةً وأُريدُ أن أذبحها فأرْحَمَها قال: والشاة إن رَحِمْتَهَا رحمك الله". 15 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رجلاً أضجع شاةً، وهو يُحِدُّ شفرتهُ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتُرِيدُ أن تُميتها مَوتتين، هَلاَّ أحْدَدْتَ (¬1) شفرتك قبل أن تُضجعها" رواه الطبراني في الكبير والأوسط والحاكم، واللفظ له، وقال صحيح على شرط البخاري. 16 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من إنسانٍ يقتلُ عُصفوراً فما فوقها بغير حقها إلا يَسْألُ الله عنها يوم القيامة. قيل يا رسول الله: وما حَقُّها؟ قال: حَقُّها أن تذبحها فتأكلها، ولا تقطع رأسها فترميَ به" رواه النسائي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 17 - وعن الشِّرِّيدِ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قتل عصفوراً عبثاً عَجَّ (¬2) إلى الله يوم القيامة يقول: يا رب إن فلاناً قتلني عبثاً، ولم يقتلني منفعة" رواه النسائي وابن حبان في صحيحه. 18 - وعن الوَضِينِ بن عطاءٍ قال: "إن جزاراً فتح باباً على شاةٍ ليذبحها، فانفلتت منه حتى جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأتبعها، فأخذ يسحبها برجلها، ¬
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: اصبري لأمرِ الله، وأنت يا جزار فَسُقْها سَوْقاً رفيقاً" رواه عبد الرزاق في كتابه عن محمد بن راشد عنه، وهو مُعضل. 19 - وعن ابن سيرين أن عمر رضي الله عنه: "رأى رجلاً يَسْحَبُ شاةً برجلها ليذبحها، فقال له: ويلك قُدْهَا (¬1) إلى الموت قَوْداً جميلاً" رواه عبد الرزاق أيضاً موقوفاً. 20 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما" أنه مرَّ بفتيانٍ من قريشٍ قد نَصَبُوا طيراً أو دجاجةً يترامونها، وقد جعلوا لصاحب الطير كلَّ خاطئةٍ من نَبْلِهمْ، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئاً فيه الروحُ غَرَضاً" رواه البخاري ومسلم. [الغرض] بفتح الغين المعجمة والراء: هو ما ينصبه الرماة يقصدون إصابته من قرطاس وغيره. 21 - وعن أبي مسعودٍ رضي الله عنه قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فانطلقَ لحاجتهِ، فرأينا حُمَّرَةً معها فَرْخَانِ، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تُعْرِشُ فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من فَجَعَ هذه بوالديها؟ رُدُّوا ولديها إليها، ورأى قرية نملٍ قد حَرَقْنَاهَا فقال: مَنْ حَرَقَ هذه؟ قلنا: نحن، قال: إنه لا ينبغي أن يُعذب بالنار إلا ربُّ النار" رواه أبو داود. [قرية النمل]: هي موضع النمل مع النمل. 22 - وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: "أرْدَفَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يومٍ، فَأسَرَّ إليَّ حديثاً لا أُحَدِّثُ به أحداً من الناس، وكان أحبُّ ما اسْتَتَرَ به النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً (¬2) أو حَايِشَ (¬3) نَخْلٍ، فدخل حائطاً لرجلٍ من الأنصار فإذا فيه جَمَلٌ فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حَنَّ (¬4) وذرفت (¬5) ¬
عيناه، فأتاه سول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح ذِفْرَاهُ فسكت، فقال: من ربُّ هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتىً من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي مَلَّكَكَ الله إياها؛ فإنه شكا إليَّ أنك تُجِيعُهُ (¬1) وَتُدْئِبُهُ (¬2) " رواه أحمد وأبو داود. 23 - وروى أحمد أيضاً في حديث طويل عن يحيى بن مرة قال فيه وكنتُ معهُ، يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم جالساً ذات يومٍ إذ جاء جملٌ يَخُبُّ (¬3) حتى ضرب (¬4) بِجِرَانِهِ بين يديه، ثم ذرفت (¬5) عيناه، فقال: ويحك (¬6) انظر لمن هذا الجمل؟ إن له لشأناً قال: فخرجت ألتمس صاحبه فوجدته لرجلٍ من الأنصار، فدعوته إليه فقال: ما شأن جملك هذا؟ فقال: وما شأنه؟ لا أدري والله ما شأنه عملنا عليه، ونضحنا (¬7) عليه حتى عجز عن السقاية فائتمرنا (¬8) البارحة أن ننحره ونقَسِّمَ لحمه. قال: فلا تفعل، هَبْهُ لي أو بِعْنِيهِ، قال: بل هو لك يا رسول الله. قال: فوَسَمَهُ (¬9) بِمِيْسَمِ الصدَقَةِ، ثم بَعَثَ به" وإسناده جيد. وفي رواية له نحوه إلا أنه قال فيه: إنه قال: لصاحب البعير: ما لبعيرك يشكوك؟ زعم أنك سَنَأتَهُ (¬10) حتى كَبِرَ، تريد أن تنحره (¬11) قال: صدقتَ، والذي بعثك بالحق لا أفعلُ. وفي أخرى له أيضاً قال يعلى بن مرة: بينا نحن نسير معه يَعني مع النبي صلى الله عليه وسلم ¬
إذ مررنا ببعيرٍ يُسْنَى عليه، فلما رآه البعير جَرْجَرَ (¬1)، ووضع جِرَانَهُ فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أين صاحب هذا البعير؟ فجاء فقال: بِعْنِيهِ قال: لا، بل أهَبُهُ لك، وإنه لأهل بيتٍ ما لهم معيشةٌ غيرهُ، فقال: أما إذْ ذكرتَ هذا من أمره، فإنه شكا كثرة العمل، وقلة العلف (¬2)، فأحسنوا إليه" الحديث. 24 - وروى ابن ماجة عن تميمٍ الداري رضي الله عنه قال: "كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل بعيرٌ يعدو حتى وقف على هامة (¬3) رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: أيها البعيرُ اُسْكُنْ، فإن تَكُ صادقاً فلك صدقك، وإن تكُ كاذباً، فعليك كذبك مع أن الله تعالى قد أمَّنَ عائذنا (¬4)، وليس بخائبٍ لائذُنَا، فقلنا: يا رسول الله ما يقول هذا البعير؟ فقال هذا بعيرٌ قد هَمَّ أهلهُ بنحرهِ وأكلِ لحمهِ فهرب منهم واستغاث بنبيكم صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن كذلك إذ أقبل أصحابهُ يتعادون، فلما نظر إليهم البعير عادَ إلى هامةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلاذ بها، فقالوا: يا رسول الله هذا بعيرنا هرب منذ ثلاثةِ أيامٍ فلم نَلْقَهُ إلا بين يديك، فقال صلى الله عليه وسلم: أما إنه يشكو إليَّ، فبئست الشكاية، فقالوا: يا رسول الله ما يقول؟ قال: يقول إنه رُبِّيَ (¬5) في أمنكم أحْوَالاً، وكنتم تحملون عليه في الصيف إلى موضعِ الكلأ، فإذا كان الشتاء رَحَلْتُمْ إلى موضع الدِّفاء، فلما كبر استفحلتموه، فرزقكم الله منه إبلاً سائمةً، فلما أدركتهُ هذه السَّنَةُ الخصبةُ (¬6) هممتم بنحره، وأكل لحمه، فقالوا: قد والله كان ذلك يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: ما هذا جزاء المملوكُ الصالح (¬7) من مواليه، فقالوا: يا رسول الله فإنا لا نبيعهُ ولا ننحرهُ ¬
فقال عليه الصلاة والسلام: كذبتُم قد استغاث بكم فلم تُغِيثُوهُ، وأنا أولى بالرحمة منكم، فإن الله نزع الرحمة من قلوب المنافقين، وأسكنها في قلوب المؤمنين، فاشتراه عليه الصلاة والسلام منهم بمائة درهمٍ، وقال: يا أيها البعير انطلق فأنت حُرٌّ لوجه الله تعالى فَرَغَى (¬1) على هامة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: آمين (¬2)، ثم دعا فقال: آمين، ثم دعا فقال: آمين، ثم دعا الرابعة فبكى عليه الصلاة والسلام، فقلنا: يا رسول الله! ما يقول هذا البعير؟ قال: قال جزاك الله أيها النبي عن الإسلام والقرآن خيراً، فقلت: آمين، ثم قال: سَكَّنَ الله رُعْبَ أمتك يوم القيامة كما سَكَّنْتَ رُعْبِي، فقلتُ: آمين، ثم قال: حَقَنَ (¬3) الله دماء أمتك من أعدائها كما حقنت دمي، فقلتُ: آمين، ثم قال: لا جعل الله بأسها بينها فبكيتُ، فإن هذه الخصال سألتُ ربي فأعطانيها، ومنعني هذه، وأخبرني جبريل عن الله تعالى أن فناء أُمتي بالسيف (¬4) جرى القلمُ بما هو كائنٌ". [الهدف] بفتح الهاء والدال المهملة بعدها فاء: هو ما ارتفع على وجه الأرض من بناء ونحوه. [والحائش] بالحاء المهملة وبالشين المعجمة ممدوداً: هو جماعة النخل، ولا واحد له من لفظه. [والحائط]: هو البستان. [وذفرا البعير] بكسر الذال المعجمة مقصور: هي الموضع الذي يعرق في قفا البعير عند أذنه، وهما ذفريان. ¬
[وقوله تدئبه] بضم التاء، ودال مهملة ساكنة بعدها همزة مكسروة وباء موحدة: أي تتبعه بكثرة العمل. [وجران البعير] بكسر الجيم: مقدّم عنقه من مذبحه إلى نحره قال ابن فارس. [يسنى عليه] بالسين المهملة والنون: أي يسقي عليه. 25 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دخلت امرأةٌ النار في هرةٍ (¬1) ربطتها، فم تُطعمها، ولم تدعها (¬2) تأكل من خشاش الأرض" وفي رواية: عُذِّبَتِ امرأةٌ في هرةٍ سجنتها حتى ماتت، لا هي أطعمتها وسقتها، إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خُشاشِ الأرض" رواه البخاري وغيره، ورواه أحمد من حديث جابر، فزاد في آخره: فوَجَبَتْ لها النار بذلك. [خشاش الأرض] مثلة الخاء المعجمة، وبشينين معجمتين: هو حشرات الأرض والعصافير ونحوها. 26 - وعن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال: "مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعيرٍ قد لَصِقَ ظهرهُ ببطنه (¬3)، فقال: اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة (¬4)، فاركبوها صالحةً، وكلوها صالحةً" رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه إلا أنه قال: قد لحق ظهرهُ. 27 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دخلت الجنة فرأيتُ أكثر أهلها الفقراء، واطلعتُ في النار فرأيتُ أكثر أهلها النساء ورأيت فيها ثلاثةً يُعذبون: امرأةً من حميرٍ (¬5) طوَالةً (¬6) رَبَطتْ هِرةً لها لم تطعمها، ولم ¬
تَسْقِهَا، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، فهي تنهش (¬1) قُبُلَهَا وَدُبُرَهَا، ورأيت فيها أخا بني دَعْدَعٍ الذي كان يسرق الحاجَّ بِمِحْجَنِهِ، فإذا فُطِنَ له قال: إنما تعلق بمحجني، والذي سرق بَدَنَتَيْ (¬2) رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه ابن حبان في صحيحه. وفي رواية له ذكر فيها الكسوف قال: وعرضت عليَّ النار، فلولا أني دفعتها عنكم لغشيتكم (¬3)، ورأيت فيها ثلاثةً يعذبون: امرأةً حِمْيَرِيَّةٌ سوداء طويلةً تُعذبُ في هرةٍ لها أوثقتها (¬4) فلم تدعها تأكلُ من خشاش الأرضِ، ولم تُطعمها حتى ماتت، فهي إذا أقبلتْ (¬5) تنهشها؛ وإذا أدْبَرَتْ تنهشها، الحديث. [المحجن] بكسر الميم وسكون الحاء المهملة بعدهما جيم مفتوحة: هي عصا محنية الرأس. 28 - وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم "صلى صلاة الكسوف، فقال: دَنَتْ مني النارُ حتى قلتُ: أي ربِّ وأنا معهم، فإذا امرأةٌ حَسِبْتُ أنه قال: تخدشها (¬6) هرةٌ. قال: ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعا" رواه البخاري. ما جاء في فضل الرفق بالحيوان 29 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دنا رجلٌ إلى بئرٍ فنزل، فشرب منها، وعلى البئر كلبٌ يلهثُ (¬7)، فَرَحِمَهُ، فَنزَعَ أحد خُفَّيْهِ فَسقَاهُ، فشكرَ (¬8) الله له فأدخله الجنة" رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود أطول من هذا. وتقدم في إطعام الطعام. 30 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التَّحْرِيشِ (¬9) بين البهائم" رواه أبو داود والترمذي متصلاً ومرسلاً عن مجاهد، وقال في المرسل: هو أصح. ¬
من ضرب مملوكه ظلماً أقيد منه يوم القيامة 31 - وعن أبي مسعودٍ البدري رضي الله عنه قال: "كنت أضرب غلاماً لي بالصَّوْتِ فسمعتُ صوتاً من خلفي: اعلم أبا مسعودٍ، فلم أفهم الصَّوْتَ من الغضب، فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعودٍ أن الله عز وجل أقدرُ عليكَ منك على هذا الغلام، فقلتُ: لا أضربُ مملوكاً بعده أبداً". وفي رواية: "فقلت: يا رسول الله هو حُرٌّ لوجه الله تعالى، فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار" رواه مسلم وأبو داود والترمذي. 32 - وعن زاذان وهو الكِنْديُّ مولاهمُ الكوفي قال: "أتيتُ ابن عمر، وقد أعتق مملوكاً له، فأخذ من الأرض عوداً أو شيئاً، فقال: مالي فيه من الأجرِ ما يساوي هذا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لَطَمَ مملوكاً له أو ضربه فكفارته أن يُعتقهُ" رواه أبو داود واللفظ له، ورواه مسلم، ولفظه قال: "من ضرب غلاماً له حداً لم يأتهِ أو لطمهُ فإن كفارته أن يُعتِقَهُ". 33 - وعن معاوية بن سويد بن مُقَرِّنٍ قال: لطمتُ مولىً لنا فدعاه أبي ودعاني فقال اقتص منه فإنا معشر بني مُقرنٍ كنا سبعةً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وليس لنا إلا خادمٌ، فلطمها رجلٌ منا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعتقوها، قالوا: إنه ليس لنا خادمٌ غيرها، قال فلتخدمهم حتى يستغنوا فإذا استغنوا فليعتقوها" رواه مسلم وأبو داود واللفظ له والترمذي، والنسائي. 34 - وعن عمار بن ياسرٍ رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ضرب مملوكه (¬1) ظلماً أُقِيدَ (¬2) منه يوم القيامة" رواه الطبراني، ورواته ثقات. 35 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم نبي التوبة (¬3): من قذف (¬4) مملوكه بريئاً (¬5) مما قال أُقيم عليه الحد (¬6) يوم القيامة ¬
إلا أن يكون كما قال" رواه البخاري ومسلم والترمذي واللفظ له وقال: حسن صحيح. حُسنُ الملكة نماء، وسوء الخلق شؤم 36 - وعن رافع بن مكيثٍ، وكان ممن شهدَ الحديبية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حُسْنُ الملكةِ (¬1) نماء، وسوء الخلق شؤمٌ (¬2) " رواه أحمد وأبو داود عن بعض بني رافع بن مكيث، ولم يسمعه عنه، ورواه أبو داود أيضاً عن الحارث بن رافع بن مكيث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلاً. 37 - وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة سيئ الملكة. قالوا: يا رسول الله أليس أخبرتنا أن هذه الأمة أكثر الأمم مملوكين ويتامى. قال: نعم، فأكرموهم ككرامة أولادكم وأطعموهم مما تأكلون. قالوا: فما ينفعنا من الدنيا؟ قال: فرسٌ (¬3) تربطهُ تقاتل عليه في سبيل الله، مملوكك (¬4) يكفيك، فإذا صلى، فهو أحق" رواه أحمد وابن ماجة والترمذي مقتصراً على قوله: لا يدخل الجنة سيء الملكة. وقال حديث حسن غريب، وقد تكلم أيوب السختياني في فرقد السنجي من قبل حفظه، ورواه أبو يعلى والأصبهاني أيضاً مختصراً، وقال: قال أهل اللغة سيئ الملكة إذا كان سيء الصنيعة إلى مماليكه. 38 - وعن المعرور بن سُويدٍ رضي الله عنه قال: "رأيت أبا ذرٍ بالرَّبّذَةِ، وعليه بُردٌ غليظٌ، وعلى غلامه مثله. قال: فقال القوم: يا أبا ذرٍ لو كنت أخذت الذي على غُلامك، فجعلته مع هذا، فكانت حُلةً؛ وكسوت غُلامك ثوباً غيره؟ قال: فقال أبو ذرٍ: إني كنت ساببتُ رجلاً، وكانت أمه أعجمية (¬5) فَعَيَّرْتُهُ بأمه، فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا أبا ذرٍ: إنك امرؤ فيك جاهلية (¬6)، فقال: ¬
إنهم إخوانكم فَضَّلَكُمُ (¬1) الله عليهم، فمن لم يُلائمكم (¬2) فبيعوه، ولا تُعذبوا خلق الله" رواه أبو داود، واللفظ له، وهو في البخاري ومسلم والترمذي بمعناه، إلا أنهم قالوا فيه: هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسهُ مما يلبسُ، ولا يُكلفهُ من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبهُ فَلْيُعِنْهُ عليه" واللفظ للبخاري. من لاءمكم من مملوكيكم فأطعموهم مما تأكلون .. إلخ 39 - وفي رواية للترمذي قال: "إخوانكم جعلهم الله فتية تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه من طعامه، وليلبسه من لباسه، ولا يكلفه ما يغلبه؛ فإن كلفه ما يغلبهُ فليعنه عليه". 40 - وفي رواية لأبي داود عنه قال: "دخلنا على أبي ذرٍ بالربذة، فإذا عليه بُردٌ، وعلى غلامه مثله؛ فقلنا: يا أبا ذر لو أخذت بُردَ غلامك إلى بُردك فكانت حُلةً، وكسوته ثوباً غيره؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إخوانكم جعلهم الله تحت أيدكم فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وَلْيَكْسُهُ مما يكتسي، ولا يُكلفهُ ما يغلبه فإن كلفهُ ما يغلبه فَلْيُعِنْهُ". 41 - وفي أخرى له: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لاءمكم (¬3) من مملوكيكم فأطعموهم مما تأكلون، وأكسوهم مما تلبسون، ومن لم يلائمكم منهم فبيعوه، ولا تُعذبوا خلق الله" ¬
[قال الحافظ]: الرجل الذي عيَّره أبو ذر هو بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. 42 - وعن زيد بن حارثة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: "أرقاءكم أرقاءكم أطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون، فإن جاءوا بذنبٍ لا تريدون (¬1) أن تغفروه، فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم" رواه أحمد والطبراني من رواية عاصم بن عبيد الله، وقد مشاه بعضهم، وصحح له الترمذي والحاكم، ولا يضر في المتابعات. للمملوك طعامه وشرابه وكسوته ولا يكلف إلا ما يطيق 43 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في العبيد: "إن أحسنوا فاقبلوا، وإن أساءوا فاعفوا، وإن غلبوكم (¬2) فبيعوا" رواه البزار وفيه عاصم أيضاً. 44 - ورويَ عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الغنمُ بركةٌ على أهلها، والإبل عزٌّ لأهلها، والخيلُ معقود في نواصيها الخير، والعبدُ أخوك فأحسن إليه، وإن رأيته مغلوباً فأعنه" رواه الأصبهاني. 45 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "للملوك طعامهُ وشرابهُ وكسوته، ولا يُكلفُ إلا ما يطيق، فإن كلفتموهم فأعينوهم ولا تُعذبوا عباد الله خلقاً أمثالكم" رواه ابن حبان في صحيحه، وهو في مسلم باختصار. 46 - وعن عمر بن حُريثٍ رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما خفَّفتَ على خادمك من عمله كان لك أجراً في موازينك (¬3) " رواه أبو يعلى، وابن حبان في صحيحه. ¬
[قال الحافظ]: وعمرو بن حريث: قال ابن معين: لم ير النبي صلى الله عليه وسلم، والذي عليه الجمهور أن له صحبة، وقيل: قُبضَ النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن اثنتي عشرةَ سنةً، وروى عن أبي بكر وابن مسعود، وغيرهم من الصحابة. 47 - وعن عليٍ رضي الله عنه قال: "كان آخر كلام النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم (¬1) " رواه أبو داود وابن ماجة إلا أنه قال: الصلاة وما ملكت أيمانكم. 48 - وروى ابن ماجة وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في مرضه الذي تُوفي فيه: الصلاة وما ملكت أيمانكم، فمازال يقولها حتى ما يُفيضُ لسانهُ". 49 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وجاءه قهرمانٌ لهُ، فقال له: "أعطيتَ الرَّقيقَ قُوْتهم؟ قال: لا. قال: فانطلق فأعطهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى إثماً (¬2) أن تحبسَ عمن تملك قوتهم" رواه مسلم. 50 - وعن كعب بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "عهدي بنبيكم صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بخمسِ ليالٍ، فسمعتهُ يقول: لم يكن نبيٌ إلا ولهُ خليلٌ من أمته، وإن خليلي أبو بكر بن أبي قحافة، وإن الله اتخذ صاحبكم خليلاً، ألا وإن الأمم من قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، وإني أنهاكم عن ذلك، اللهم هل بلغت، ثلاث مراتٍ، ثم قال: اللهم اشهد، ثلاث مراتٍ، وأغمي عليه هُنيهةً، ثم قال: الله الله فيما ملكت أيمانكم: أشبعوا بطونهم، واكسوا ظهورهم، وألينوا القول لهم (¬3) " رواه الطبراني من طريق عبد الله بن زحر عن علي بن يزيد، وقد وثقا، ولا بأس بهما في المتابعات. ¬
ما جاء في العفو عن الخادم وعدد مراته 51 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله كم أعفو (¬1) عن الخادم؟ قال: كل يومٍ سبعين مرةً" رواه أبو داود والترمذين وقال: حديث حسن غريب، وفي بعض النسخ حسن صحيح، وروى أبو يعلى بإسناد جيد عنه، وهو رواية للترمذي: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن خادمي يُسيء ويظلمُ أفأضربهُ؟ قال: تعفو (¬2) عنه كل يومٍ سبعين مرةً". [قال الحافظ]: كذا وقع في سماعنا عبد الله بن عمر، وفي بعض نسخ أبي داود عبد الله بن عمرو، وقد أخرجه البخاري في تاريخه من حديث عباس بن جليد عن عبد الله بن عمرو بن العاص ومن حديث أيضاً عن عبد الله بن عمر، وقال الترمذي: روى بعضهم هذا الحديث بهذا الإسناد، وقال: عن عبد الله بن عمرو، وذكر الأمير أبو نصر أن عباس بن جليد يروى عنهما كما ذكره البخاري، ولم يذكر ابن يونس في تاريخ في مصر، ولا ابن أبي حاتم روايته عن عبد الله بن عمرو بن العاص، والله أعلم. 52 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء رجلٌ فقعد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن لي مملوكين يُكذبونني، ويخونونني، ويعصونني، وأشتمهم وأضربهم، فكيف أنا منهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم القيامة يُحسبُ ما خانوك وعصوْك وكذَّبوك، وعقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافاً لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل، فتنحى (¬3) الرجل، وجعل يهتفُ ويبكي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما تقرأُ قول الله: "ونَضَعُ الموَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شيئاً وَإنْ كانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَردْلٍ أتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبينَ" فقال الرجلُ: يا رسول الله ما أجد لي ولهؤلاء خيراً من مفارقتهم أُشهدكَ أنهم كلهم أحرارٌ" رواه أحمد والترمذي، وقال ¬
حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن غزوان، وقد روى أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن غزوان هذا الحديث. [قال الحافظ] عبد الرحمن: هذا ثقة احتج به البخاري، وبقية رجال أحمد بهم البخاري ومسلم، والله أعلم. من ضرب سوطاً ظلماً اقتص منه يوم القيامة 53 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ضرب سوطاً (¬1) ظلماً اقْتُصَّ (¬2) منه يوم القيامة" رواه البزار والطبراني بإسناد حسن. 54 - وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وكان بيده سواكٌ، فدعا وصيفةً له أولها حتى استبان (¬3) الغضبُ في وجهه، وخرجت أم سلمةَ إلى الحجرات، فوجدت الوصيفةَ وهي تلعب ببَهْمَةٍ (¬4) فقالت: ألا أراكِ تلعبين بهذه البَهْمَةِ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك؟ فقالت: لا والذي بعثك بالحق ما سمعتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا خشيةُ القَوَدِ (¬5) لأوجعتكِ بهذا السواك (¬6) " رواه أحمد بأسانيد أحدها جيد، واللفظ له، ورواه الطبراني بنحوه. 55 - وعن هشام بن حكيم بن حزامٍ رضي الله عنه: "أنه مر بالشام على أُناسٍ من الأنْبَاطِ، وقد أُقيُموا في الشمس، وَصُبَّ على رءوسهم الزيتُ، فقال: ما هذا؟ قيل: يُعذبون في الخَرَاجِ" وفي رواية: "حُبسوا في الجزيةِ، فقال هشام: أشهد لسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يُعذب الذين يُعذبون الناس في الدنيا، فدخل على الأمير فَحَدَّثَهُ فأمر بهم فَخُلُّوا (¬7) " رواه مسلم وأبو داود والنسائي. [الأنباط]: فلاحون من العجم ينزلون بالبطائح بين العراقين. 56 - ورويَ عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
فصل: في النهي عن الضرب على الوجه والوسم فيه
"ثلاثٌ من كُنَّ فيه نشر الله عليه كنفه (¬1)، وأدخله جنته: رفقٌ بالضعيف، وشفقةٌ على الوالدين، وإحسانٌ إلى المملوك" رواه الترمذي وقال حديث غريب. فصل 57 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَرَّ على حمارٍ قد وُسِمَ (¬2) في وجههِ فقال: لعن الله الذي وَسَمَهُ" رواه مسلم. وفي رواية له: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه، وعن الوَسْمِ في الوجه" ورواه الطبراني بإسناد جيد مختصراً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ مَنْ يَسِمُ (¬3) في الوجه. 58 - وعن جُنادةَ بن جَرادةَ أحد بني غَيْلاَنَ بن جُنادة رضي الله عنه قال: "أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم بإبلٍ قد وسمتها في أنفها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جُنادةُ فما وجدت عضواً تَسِمُهُ إلا في الوجه. أما إن أمامك القصاص فقال: أمرها إليك يا رسول الله" الحديث. رواه الطبراني. 59 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: مَرَّ حمارٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم قد كُوِيَ (¬4) في وجهه يفوزُ مِنْخَراهُ مِنْ دَمٍ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
ترغيب الإمام وغيره من ولاة الأمور في اتخاذ وزير صالح وبطانة حسنة
لعن الله من فعل هذا، ثم نهى عن الكي في الوجه والضرب في الوجه" رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه الترمذي مختصراً وصححه، والأحاديث في النهي عن الكي في الوجه كثيرة. ترغيب الإمام وغيره من ولاة الأمور في اتخاذ وزير صالح وبطانة حسنة 1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدقٍ، إن نسيَ ذكَّرَهُ، وإن ذَكَرَ أعانهُ، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسيَ لم يُذكِّرْهُ، وإن ذكر لم يُعِنْهُ" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه والنسائي، ولفظه قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وَلِيَ منكم عملاً، فأراد الله به خيراً جعل له وزيراً صالحاً إن نسيَ ذَكَّرَهُ، وإن ذكرَ أعانهُ". 2 - وعن أبي سعيدٍ الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما بعث (¬1) الله من نبيٍ، ولا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَليفةٍ إلا كانت له بطانتان: بطانةٌ تأمرُ بالمعروفِ وتَحُضُّهُ عليه، وبطانةٌ تأمره بالشر وتحضه عليه (¬2) والمعصوم من عصم الله" رواه البخاري واللفظ له. ورواه النسائي عن أبي هريرة وحده ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ¬
والٍ إلا وله بطانتان: بطانةٌ تأمره بالمعروف، وتنهاهُ عن المنكر، وبطانةٌ لا تألوهُ (¬1) خَبَالاً فمن وُفِيَ (¬2) شرها فقد وُفِيَ، وهو إلى من يغلبُ عليه مِنْهُمَا". 3 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما بعث الله من نبيٍ، ولا كان بعدهُ من خليفة إلا له بطانتان: بطانةٌ تأمرهُ بالمعروف، وتنهاه عن المنكر، وبطانةٌ لا تألوهُ خبالاً، فمن وُفِيَ (¬3) شرها فقد وُفِيَ" رواه البخاري. ¬
الترهيب من شهادة الزور
الترهيب من شهادة الزور 1 - عن أبي بكرةَ رضي الله عنه قال: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر (¬1) ثلاثاً: الإشراك بالله (¬2)، وعقوق الوالدين (¬3) وشهادة الزور، ألا وشهادة الزور (¬4)، وقولِ الزور (¬5)، وكان مُتكئاً فجلس، فمازال يُكررها (¬6) حتى قلنا: ليته (¬7) سكت" رواه البخاري ومسلم والترمذي. 2 - وعن أنس رضي الله عنه قال: "ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر، فقال: الشركُ بالله، وعقوق الوالدين، وقتلُ النفس (¬8)، وقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قولِ الزور، أو قال: شهادة الزور" رواه البخاري ومسلم. 3 - وعن خُرَيْمِ بن فاتِكٍ رضي الله عنه قال: "صَلَّى صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما انصرف قام قائماً فقال: عُدَّتْ شهادة الزورِ، والإشراكُ بالله ثلاث ¬
مراتٍ، ثم قرأ: "فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ (¬1) وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (¬2) حُنَفَاءَ (¬3) للهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ" رواه أبو داود، واللفظ له والترمذي وابن ماجة، ورواه الطبراني في الكبير موقوفاً على ابن مسعود بإسناد حسن. لن تزول قدم شاهد الزور حتى يوجب الله له النار 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ شهد على مسلمٍ شهادةً ليس لها بأهلٍ فليتبوأ (¬4) مقعدهُ من النار" رواه أحمد ورواته ثقات إلا أن ثانيهِ لم يسمّ. 5 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن تزول قدمُ شاهدِ الزور حتى يُوجبَ (¬5) الله له النار" رواه ابن ماجة والحاكم، وقال صحيح الإسناد، ورواه الطبراني في الأوسط، ولفظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الطيرَ لتضربُ بمناقيرها، وتُحركُ أذنابها من هَوْلِ يوم القيامة، وما يتكلمُ به شاهدُ الزور، ولا تُفارقُ قدماه على الأرض حتى يُقذفَ (¬6) به في النار". 6 - وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كتم (¬7) شهادةً إذا دُعيَ إليها كان كمن شهد بالزور" حديث غريب رواه الطبراني في الكبير والأوسط من رواية عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقد احتج به البخاري. ¬
كتاب الحدود وغيرها
كتاب الحدود وغيرها الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما 1 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من رأى منكم مُنكراً فليغيره (¬1) بيده، فإن لم يستطع (¬2) فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه (¬3)، وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم والترمذي وابن ماجة والنسائي، ولفظه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من رأى منكم منكراً فَغَيَّرَهُ بيده فقد برئ (¬4)، ومن لم يستطع أن يُغيرهُ بيده فَغَيَّرَهُ بلسانه فقد برئ، ومن لم يستطع أن يُغيرهُ بلسانه فَغَيَّرَهُ بقلبه فقد برئ، وذلك أضعف الإيمان". 2 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
على السمع (¬1)، والطاعة في العُسرِ واليُسرِ (¬2)، والمنْشَطِ والمكرَهِ (¬3)، وعلى أثَرَةٍ (¬4) علينا، وأن لا نُنَازع الأمر أهله إلا أن تروا كُفراً بوَاحاً عندكم من الله فيه برهانٌ، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائمٍ" رواه البخاري ومسلم. أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صلاة 3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علىكل مِيْسَمٍ (¬5) من الإنسان صلاةٌ كل يومٍ، فقال رجلٌ من القوم: هذا من أشد ما أنبأتنا به قال: أمرُكَ بالمعروف، ونهيك عن المنكر صلاةٌ، وحَمْلُكَ (¬6) عن الضعيف صلاةٌ، وإنحاؤك (¬7) القذى عن الطريق صلاةٌ، وكل خطوةٍ تخطوها إلى الصلاة صلاةٌ (¬8) " رواه ابن خزيمة في صحيحه. 4 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه أن أُناساً قالوا يا رسول الله: "ذهب أهل الدثور (¬9) بالأجور يُصَلُّون كما نُصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم قال: أوَليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به؟ إن بكل تسبيحةٍ صدقةً، وبكل تكبيرةٍ صدقةً، وبكل تحميدةٍ صدقةً، وبكل تهليلةٍ صدقةً، وأمرٌ بالمعروف صدقةٌ، ونهيٌ عن منكرٍ صدقةٌ" رواه مسلم وغيره. ¬
أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان أو أمير جائر 5 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فضل الجهاد كلمةُ حقٍ عند سلطان أو أمير جائرٍ (¬1) " رواه أبو داود، واللفظ له، والترمذي وابن ماجة كهم عن عطية العوفي عنه، وقال الترمذي: حديث حسن غريب. 6 - وعن أبي عبد الله طارق بن شهابٍ البجلي الأحْمَسيِّ: "أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وضع رجله في الغَرْزِ: أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة حقٍ عند سلطان جائرٍ" رواه النسائي بإسناد صحيح. [الغرز]: بفتح الغين المعجمة وسكون الراء بعدهما زاي: هو ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب، وقيل: لا يختص بهما. 7 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "عَرَضَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ عند الجمرة الأولى، فقال: يا رسول الله، أيُّ الجهاد أفضل؟ فسكت عنه، فلما رمى الجمرة الثانية سألهُ، فسكت عنه، فلما رمى جمرة العقبة وضع رجلهُ في الغَرْزِ ليركب. قال: أين السائل؟ قال: أنا يا رسول الله. قال: كلمة حق تُقالُ عند ذي سُلطان جائرٍ" رواه ابن ماجة بإسناد صحيح. 8 - وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سيدُ الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائرٍ فأمرهُ ونهاهُ، فقتله" رواه الترمذي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 9 - وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثلُ القائم في حدود الله، والواقع فيها كمثل قومٍ اسْتَهَمُوا (¬2) على سفينةٍ، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم (¬3)، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خَرْقاً، ولم نؤذِ مَنْ فوقنا، ¬
فإن تركوهم وما أرادوا (¬1) هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونَجَوْا جميعاً" رواه البخاري والترمذي. 10 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نبيٍ بعثهُ الله في أمةٍ قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحابٌ يأخذون (¬2) بِسُنَّتِه، ويَقْتَدُونَ بأمره، ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم خُلُوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده (¬3) فهو مؤمنٌ، ومن جاهدهم بلسانه (¬4) فهو مؤمنٌ، ومن جاهدهم بقلبه، فهو مؤمنٌ ليس وراء ذلك من الإيمان حبةُ خردلٍ" رواه مسلم. [الحواري]: هو الناصر للرجل، والمختص به، والمعين، والمصافي. ويل للعرب من شر قد اقترب 11 - وعن زينب بنت جحش رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فَزِعاً يقول: "لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب، فُتِحَ اليوم من رَدْمِ يأجوج ومأجوج مِثلُ هذه، وحَلَّقَ بين أُصبعيه: الإبهام والتي تليها، فقلتُ: يا رسول الله ¬
أنَهْلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كَثُرَ الخبثُ (¬1) " رواه البخاري ومسلم. 12 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "قلت: يا رسول الله إن الله أنزل سطوتهُ بأهل الأرض، وفيهم الصالحون، فَيَهْلِكُونَ بهلاكهم؟ فقال: يا عائشة إن الله عز وجل إذا أنزل سطوته بأهل نقمته، وفيهم الصالحون، فيصيرون معهم، ثم يُبعثون على نياتهم (¬2) " رواه ابن حبان في صحيحه. 13 - وعن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله يبعثُ عليكم عذاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. 14 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُحقرنَّ أحدكم نفسه، قالوا: يا رسول الله: وكيف يُحقِّرُ أحدنا نفسه؟ قال: يرى أن عليه مقالاً، ثم لا يقولُ فيه، فيقول الله عز وجل يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس (¬3)، فيقول: فإياي كنت أحقَّ أن تخشى" رواه ابن ماجة، ورواته ثقات. 15 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن عبدٌ حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده، والناس أجمعين" رواه مسلم وغيره. 16 - وعن جرير رضي الله عنه قال: "بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، فلقنني فيما استطعت والنصح لكل مسلمٍ" رواه البخاري ومسلم. ¬
وتقدم حديث تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدينُ النصيحة (¬1) قاله لهُ ثلاثاً. قال: قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله (¬2)، ولرسوله (¬3)، ولأئمة المسلمين (¬4)، وعامتهم (¬5) " رواه البخاري ومسلم، واللفظ له. 17 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجلُ يلقى الرجلَ، فيقولُ: يا هذا اتق الله وَدَعْ (¬6) ما تصنعُ به، فإنه لا يحلُ لك، ثم يلقاهُ من الغدِ (¬7) وهو على حاله، فلا يمنعهُ ذلك أن يكون أكيلهُ وشَرِيَبهُ وقَعِيدَهُ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعضٍ، ثم قال: "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَني إسْرَائِيلَ عَلىَ لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ (¬8) الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أنْفُسُهُمْ (¬9) إلى قوله فاسقون". ثم قال: كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد (¬10) الظالم، وَلَتَأْطُرُنَّهُ (¬11) على الحق أطراً" رواه أبو داود واللفظ له، والترمذي، وقال حديث حسن غريب، ولفظه: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهاهم ¬
علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم، وواكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داودَ وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان متكئاً فقال: لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطراً". [قال الحافظ]: رويناه من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، ولم يسمع من أبيه، وقيل سمع، ورواه ابن ماجة عن أبي بعدة مرسلاً. [تأطروهم]: أي تعطفوهم وتقهروهم، وتلزموهم باتباع الحق. 18 - وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يُغيروا عليه، ولا يُغيرون إلا أصابهم اله منه بعقابٍ قبل أن يموتوا" رواه أبو داود عن أبي إسحاق قال: أظنه عن ابن جرير عن جرير، ولم يسمّ ابنه، ورواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه والأصبهاني وغيرهم عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن جرير عن أبيه. 19 - وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: "يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: "يأيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ (¬1) ". وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا (¬2) على يديه أوشكَ أن يَعُمهمُ الله بعقابٍ من عنده" رواه أبو داود والترمذي، وقال حديث حسن صحيح، وابن ماجة والنسائي وابن حبان في صحيحه، ولفظ النسائي: "إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن القوم إذا رأوا المنكر فلم يُغيروهُ عَمَّهُمُ الله بعقاب". وفي رواية لأبي داود: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قومٍ ¬
يُعْمَلُ فيهم بالمعاصي، ثم يقدرون على أن يُغيروا، ثم لا يُغيروا إلا يُوشك (¬1) أن يعمهم الله منه بعقابٍ". 20 - وعن أبي كثيرٍ السُّحَيْمِي عن أبيه قال: "سألت أبا ذرٍ قلتُ: دُلني على عملٍ إذا عمل العبدُ به دخل الجنة؟ قال: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تؤمن بالله واليوم الآخر. قلت: يا رسول الله إن مع الإيمان عملاً. قال: يَرْضَخُ (¬2) مما رزقه الله. قلت: يا رسول الله أرأيتَ إن كان فقيراً لا يجدُ ما يرضخُ به؟ قال: يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر. قال: قلتُ: يا رسول الله أرأيت إن كان عيياً لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ قال: يصنعُ لأِخْرَقَ (¬3)، قلت: أرأيت إن كان أخرقَ أن يصنع شيئاً؟ قال: يُعينُ مَغْلُوباً. قلت: أرأيت إن كان ضعيفاً لا يستطيع أن يُعين مغلوباً؟ قال: ما تريدُ أن يكون في صاحبك (¬4)؟ من خَيْر، يُمْسِكُ (¬5) عن أذى الناس، فقلت: يا رسول الله إذا فعل ذلك دخل الجنة؟ قال: ما من مسلمٍ يفعل خَصْلَةً من هؤلاء إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة" رواه الطبراني في الكبير، واللفظ له، ورواته ثقات، وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم. 21 - ورويَ عن ذَرَّةَ بنتِ أبي لهبٍ رضي الله عنها قالت: "قلتُ يا رسول الله مَنْ خَيْرُ الناسِ؟ قال: أتقاهم (¬6) للرب عز وجل، وأوصلهم (¬7) للرحم، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر" رواه أبو الشيخ في كتاب الثواب، والبيهقي في الزهد الكبير وغيره. 22 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس مُروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا الله فلا يستجيب ¬
لكم، وقبل أن تستغفروه فلا يغفر لكم. إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يدفع (¬1) رزقاً، ولا يُقربُ أجلاً (¬2)، وإن الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر لعنهم الله على لسان أنبيائهم، ثم عُمُّوا بالبلاء (¬3) " رواه الأصبهاني. 23 - ورويَ عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزالُ لا إله إلا الله (¬4) تنفعُ من قالها، وتَرُدُّ عنهم العذاب والنقمة ما لم يستخفوا بحقها. قالوا: يا رسول الله وما الاستخفافُ بحقها؟ قال: يظهرُ العملُ بمعاصي الله، فلا يُنْكَرُ (¬5)، ولا يُغير" رواه الأصبهاني أيضاً. 24 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تُعْرَضُ الفتنُ على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأيُّ قلبٍ أُشربها (¬6) نُكتت (¬7) فيه نُكتةٌ سوداء، وأيُّ قلبٍ أنكرها نُكتتْ فيه نُكتةٌ بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تُضره فتنةٌ مادامت السموات والأرضُ، والآخر أسود مُرْبَاداً (¬8) كالكوز مُجَخَّياً لا يعرفُ معروفاً، ولا يُنكرُ منكراً إلا ما أُشربَ من هواه" رواه مسلم وغيره. [قوله: مجخياً] هو بميم مضمومة، ثم جيم مفتوحة، ثم خاء معجمة مكسورة: يعني مائلاً، وفسره بعض الرواة بأنه المنكوس، ومعنى الحديث: أن القلب إذا افتتن، وخرجت منه حرمة المعاصي والمنكرات خرج منه نور الإيمان كما يخرج الماء من الكوز إذا مال أو انتكس. 25 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ¬
"إذا رأيت أمتي تَهابُ (¬1) أن تقول للظالم يا ظالمُ، فقد تُوُدِّعَ منهم (¬2) " رواه الحاكم، وقال صحيح الإسناد. 26 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بخصالٍ من الخير: أوصاني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأوصاني أن أقول الحق إن كان مراً" مختصراً رواه ابن حبان في صحيحه، ويأتي بتمامه. الإسلام أن تعبد الله لا تشرك به شيئاً .. إلخ 27 - وعن عُرْسِ بن عميرة الكندي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عُملتِ الخطيئة في الأرض كان من شهدها وكرهها" وفي رواية: "فأنكرها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها، فَرَضِيَهَا (¬3) كان كمن شهدها (¬4) " رواه أبو داود من رواية مغيرة بن زياد الموصلي. 28 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإسلام أن تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج (¬5)، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتسليمكَ (¬6) على أهلك، فمن انتقص شيئاً منهن فهو سهمٌ من الإسلام يدعه (¬7)، ومن تركهن، فقد وَلَّى الإسلام ظهره (¬8) " رواه الحاكم. وتقدم حديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الإسلام ثمانية أسهمٍ: الإسلام سهمٌ، والصلاة سهمٌ، والزكاة سهمٌ، والصوم سهمٌ، وحج البيت سهمٌ، والأمر بالمعروف سهمٌ، والنهي عن المنكر سهمٌ، والجهاد في سبيل الله سهمٌ، وقد خاب (¬9) من لا سهم له" رواه البزار. ¬
الترهيب من أن يأمر بمعروف وينهى عن منكر ويخالف قوله فعله
يا أيها الناس إن الله يقول لكم مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر .. إلخ 29 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم فعرفتُ في وجهه أن قَدْ حضرهُ شيء فتوضأ، وما كَلَّمَ أحداً، فَلَصِقْتُ بالحجرة أستمعُ ما يقولُ، فقعد على المنبرِ، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: يا أيها الناس، إن الله يقول لكم: مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا أُجيبَ لكم، وتسألوني فلا أُعطيكم، وتستنصروني فلا أنصركم، فما زاد عليهنَّ حتى نزل" رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه كلاهما من رواية عاصم بن عمر بن عثمان عن عروة عنهما. 30 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر (¬1) كبيرنا، ويأمر بالمعروف، ويَنْهَ عن المنكرِ" رواه أحمد والترمذي، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه. 31 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كنا نسمعُ أن الرجلَ يتعلقُ بالرجلِ يوم القيامة وهو لا يعرفهُ، فيقول له: مالك (¬2) إليَّ، وما بيني وبينك معرفةٌ فيقول: كنت تراني على الخطأ وعلى المنكر ولا تنهاني" ذكره رزين، ولم أره. الترهيب من أن يأمر بمعروف وينهى عن منكر ويخالف قوله فعله 1 - عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يُؤتى بالرجلِ يوم القيامة، فَيُلْقَى في النار، فَتَنْدَلِقُ أقْتَابُ بطنه، فيدور بها كما يدورُ الحمارُ في الرَّحَى، فيجتمعُ إليه أهلُ النار، فيقولون: يا فلان! مَالكَ؟ ألم تكن تأمرُ بالمعروفِ، وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى كنتُ آمرُ بالمعروف، ولا آتيهِ، وأنهى عن المنكرِ وآتيه" رواه البخاري ومسلم. ¬
جزاء الذي يأمر بالمعروف ولا يأتيه وينهى عن المنكر ويأتيه وفي رواية لمسلم قال: "قيل لأسامة بن زيد: لو أتيت عثمان فكلمته؟ فقال: إنكم لَتُرَوْنَ أني لا أكلمه إلا أُسمعكم، وإني أُكلمهُ في السر دون أن أفتحَ باباً لا أكون أول من فتحه، ولا أقول لرجلٍ إن كان عليَّ أميراً: إنه خيرُ الناس بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وما هو؟ قال: سمعته يقول: يُجاء بالرجلِ يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقْتابهُ، فيدور كما يدور الحمار بِرَحَاهُ، فيجتمع أهلُ النار عليه فيقولون يا فلان: ما شأنك، أليس كنتَ تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر؟ فيقول: كنتُ آمركم بالمعروفِ ولا آتيه، وأنهاكم عن الشرِّ وآتيه". [الأقتاب]: الأمعاء، واحدها قِتْب بكسر القاف وسكون التاء. [تندلق]: أي تخرج. 2 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت ليلةَ أُسْرِيَ بيَ رجالاً تُقْرَضُ (¬1) شفاههم بمقاريضَ من النار، فقلتُ: مَنْ هؤلاء يا جبريل؟ قال: الخطباء من أمتك الذين يأمرون بالناس بالبر، وينسون أنفسهم ¬
وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له والبيهقي. 3 - وفي رواية لابن أبي الدنيا: "مررتُ ليلة أُسريَ بي على قومٍ تُقرضُ شفاههم بمقاريض من نارٍ كلما قُرضتْ عادت، فقلتُ يا جبريل: مَنْ هؤلاء؟ قال: خُطباء مِنْ أمتك يقولون ما لا يفعلون". 4 - وفي رواية للبيهقي: قال: "أتيتُ ليلةَ أُسريَ بي على قومٍ تُقرضُ شفاههم بمقاريضَ من نارٍ، فقلتُ: مَنْ هؤلاء يا جبريل؟ قال: خُطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون، ويقرءون كتاب الله، ولا يعملون به". 5 - وعن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبدٍ يخطبُ خُطبةً إلا الله سَائِلُهُ عنها يوم القيامة ما أردتَ بها؟ قال: فكان مالكٌ يعني ابن دينارٍ إذا حَدَّثَ بهذا بَكَى، ثم يقول: أتحسبون أن عيني تقَرُّ بكلامي عليكم، وأنا أعلمُ أن الله سائلي عنه يوم القيامة. قال: ما أردتَ به، فأقولُ أنت الشهيدُ على قلبي لو لم أعلم أنه أحبُّ إليك لم أقرأ على اثنين أبداً" رواه ابن أبي الدنيا، والبيهقي مرسلاً بإسناد جيد. 6 - ورويَ عن الوليد بن عقبةُ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ناساً من أهل الجنة ينطلقون إلى أُناسٍ من أهل النار فيقولون: بِمَ دخلتمُ النار؟ فوالله ما دخلنا الجنة إلا بما تعلمنا منكم، فيقولون: إنا كنا نقول ولا نفعلُ" رواه الطبراني في الكبير. 7 - وعن أبي تميمة عن جُندُبِ بن عبد الله الأزدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَثَلُ الذي يُعلِّمُ الناس الخير وينسى نفسهُ كمثلِ السِّرَاجِ يُضيء للناس، ويُحْرِقُ (¬1) نفسه" الحديث رواه الطبراني وإسناده حسن إن شاء الله، ورواه البزار من حديث أبي برزة إلا أنه قال: مثل الفتيلة. ¬
إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم باللسان 8 - وعن عمران بن حُصينِ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كلُ منافقٍ عليم باللسان" رواه الطبراني في الكبير والبزار، ورواته محتج بهم في الصحيح. 9 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرجلُ لا يكون مؤمناً حتى يكون قلبه مع لسانه سواءً، ويكون لسانهُ مع قلبهِ سواءً ولا يخالف قوله عمله، ويأمنُ جارهُ بوائقه" رواه الأصبهاني بإسناد فيه نظر. 10 - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لا أتخوفُ على أمتي مؤمناً، ولا مُشركاً، أما المؤمن فَيَحْجُزُهُ (¬1) إيمانهُ، وأما المشركُ، فَيَقْمَعُهُ (¬2) كُفْرُهُ، ولكن أتخوف عليكم مُنافقاً عالمَ اللاسان يقول ما تعرفون، ويعمل ما تنكرون" رواه الطبراني في الصغير والأوسط من رواية الحارث، وهو الأعور عن علي، والحارث هذا واهٍ، وقد رضيه غير واحد. 11 - وعن الأغَرِّ أبي مالكٍ قال: "لما أراد أبو بكر أن يستخلف عمر بعث إليه فدعاه فأتاه فقال: إني أدعوك إلى أمرٍ مُتعِبٍ لمن وَلِيَهُ، فاتقِ الله يا عمر بطاعته، وأطِعْهُ بتقواهُ، فإن التقي آمنٌ محفوظٌ، ثم إن الأمر معروضٌ لا يستوجبهُ إلا من عمل به، فمن أمر بالحق، وعمل بالباطل، وأمر بالمعروف، وعمل بالمنكر يُوشكُ أن تنقطع أُمنيتهُ، وأن يُحبطَ عملهُ، فإن أنت وَلِيتَ عليهم أمْرَهُمْ، فإن استطعت أن تُجِفَّ يدك من دمائهم، وأن تُضَمَّرَ بطنك من أموالهم، وأن تُجف لسانك عن أعرَاضهم فافعل، ولا قُوةَ إلا بالله" رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا أن فيه انقطاعاً. 12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُبصرُ أحدكمُ القذاةَ في عينِ أخيهِ وينسى الجِذْعَ (¬3) في عَيْنِهِ" رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
الترغيب في ستر المسلم، والترهيب من هتكه وتتبع عورته
الترغيب في ستر المسلم، والترهيب من هتكه وتتبع عورته 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نَفَّسَ (¬1) عن مسلمٍ كُربةً (¬2) من كُربِ الدنيا نَفَّسَ الله عنه كربةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومن ستر (¬3) علىمسلم ستره (¬4) الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان (¬5) العبد في عون أخيه" رواه مسلم، وأبو داود واللفظ له، والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة. 2 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمهُ ولايُسْلِمُهُ (¬6)، منكان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فَرَّجَ عن مسلمٍ كُرْبةً فَرَّجَ الله عنه بها كُرْبةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة" رواه أبو داود واللفظ له والترمذي، وقال حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يسترُ عبدٌ عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة" رواه مسلم. ¬
لا يرى مؤمن من أخيه عورة فيسترها إلا أدخله الله بها الجنة 4 - ورويَ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يرى مؤمنٌ من أخيهِ عورةً فيسترها عليه إلا أدخلهُ الله بها الجنة" رواه الطبراني في الأوسط والصغير. 5 - وعن دَخيرٍ أبي الهيثم كاتب عقبة بن عامر قال: "قلتُ لعقبة بن عامرٍ: إن لنا جيراناً يشربون الخمرَ وأنا داعٍ لهمُ الشُّرَطَ ليأخذوهم قال: لا تفعل وَعِظْهُمْ وَهَدِّدْهُمْ قال: إني نَهَيْتُهمْ فلم ينتهوا، وأنا داعٍ لهم الشُّرَطَ ليأخذوهم، فقال عقبةُ: وَيحكَ لا تفعل فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ستر عورةً فكأنما استحيا مَوْءُدَةً (¬1) في قبرها" رواه أبو داود والنسائي بذكر القصة وبدونها، وابن حبان في صحيحه واللفظ له والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: رجال أسانيدهم ثقات، ولكن اختلف فيه على إبراهيم بن نشيط اختلافاً كثيراً، ذكرت بعضه في مختصر السنن. [الشرط] بضم الشين المعجمة وفتح الراء: هم أعوان الولاة والظلمة، الواحد منه شُرْطي بضم الشين وسكون الراء. 6 - وعن يزيد بن نُعَيْمٍ "أن ماعزاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقرَّ عندهُ أربعَ مراتٍ، فأمر برجمه، وقال لِهُزَالٍ: لو سترته بثوبك كان خيراً لك" رواه أبو داود والنسائي. [قال الحافظ]: ونعيم هو ابن هزال، وقيل: لا صحبة له، وإنما الصحبة لأبيه هزال، وسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم لهزال: لو سترته بثوبك، ما رواه أبو داود وغيره عن محمد بن المنكدر أن هزالاً أمر ماعزاً أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، وروي في موضع آخر عن يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال: "كان ماعزُ بن مالكٍ يتيماً ¬
في حَجْرِ أبي، فأصاب جاريةً من الحي، فقال له أبي: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرهُ بما صنعت لعله يستغفرُ لك"، وذكر الحديث في قصة رجمه، واسم المرأة التي وقع عليها ماعز: فاطمة، وقيل: غير ذلك، وكانت أمَةً لِهَزَّالٍ. 7 - وعن مكحولٍ "أن عقبة بن عامر رضي الله عنه أتى مَسْلَمَةَ بن مُخَلَّدٍ، فكان بينه وبين البواب شيء، فسمع صوته، فأذن له، فقال: إني لم آتك زائراً ولكن جئتك لحاجةٍ، أتذكرُ يوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ عَلِمَ من أخيه سيئةً فسترها ستر الله عليه يوم القيامة؟ قال: نعم. لهذا جئتُ" رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. 8 - وعن رجاء بن حَيْوَةَ قال: "سمعتُ مَسْلَمَةَ بن مُخَلَّدٍ رضي الله عنه يقول: بينا أنا على مِصْرَ فأتى البواب فقال إن أعرابياً على الباب يستأذنُ فقلتُ: من أنت؟ قال: أنا جابر بن عبد الله، قال: فأشرَفتُ عليه فقلتُ: أنزلُ إليك أو تصعدُ؟ قال: لا تنزل ولا أصعدُ، حديثٌ بلغني أنك تَرْوِيِهِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ستر المؤمن، جئت أسمعهُ. قلت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ستر على مؤمنٍ عورةً فكأنما أحيا موءودةً فضرب بعيرهُ راجعاً" رواه الطبراني في الأوسط من رواية أبي سنان القسملي. 9 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ستر عورة أخيه ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته" رواه ابن ماجة بإسناد حسن. 10 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوتٍ رفيعٍ، فقال: يا معشر من أسلمَ بلسانه ولم يُفْضِ الإيمانُ إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحهُ، ولو في جوفِ رَحْلِهِ، ونظر ابن عمر يوماً إلى الكعبة
فقال: ما أعظمك وما أعظم حُرمتكِ! والمؤمن أعظم حُرمةً عند الله منك" رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال فيه: يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبهُ لا تؤذوا المسلمين، ولا تُعَيِّرُوهم، ولا تطلبوا عثراتهم. الحديث. لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تطلبوا عثراتهم 11 - وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر من آمنَ بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته" رواه أبو داود عن سعيد بن عبد الله بن جريج عنه، ورواه أبو يعلى بإسناد حسن من حديث البراء. 12 - وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنك إن اتبعت عوراتِ المسلمين أفسدتهم أو كِدْتَ تُفسدهم" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه. 13 - وعن شريح بن عُبيد عن جُبير بن نُفير، وكَثيرِ بن مُرَّةَ، وعمرة بن الأسود، والمقدام بن معد يكرب، وأبي أمامة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الأمير إذا ابتغى (¬1) الرِّيبة في الناس أفسدهم" رواه أبو داود من رواية إسماعيل بن عياش. ¬
[قال الحافظ] عبد العظيم: جبير بن نفير أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو معدود ¬
الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم
في التابعين، وكثير بن مرة نص الأئمة على أنه تابعي، وذكره عبدان في الصحابة، وعمرو بن الأسود عنسي حمصي أدرك الجاهلية، وروى عن عمر بن الخطاب، ومعاذ، وابن مسعود وغيرهم. الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا آخذٌ بِحُجَزِكُمْ (¬1) أقول: إياكم وَجَهَنَّمَ، إياكم والحدود، إياكم وجهنم، إياكم والحدود، إياكم وجهنم إياكم والحدود، ثلاث مراتٍ، فإذا أنا متُّ تركتكم وأنا فَرَطُكُمْ (¬2) على الحوْضِ فمن وردَ أفلحَ" الحديث. رواه البزار من رواية ليث بن أبي سليم. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل يغارُ (¬3) وَغَيْرَةُ الله أن يأتي المؤمنُ ما حَرَّمَ الله عليه" رواه البخاري ومسلم. 3 - وعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لأعْلَمَنَّ أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال (¬4) جبال تِهَامَةَ بيضاء، فيجعلها الله هباءً منثوراً (¬5) قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا، حَلِّهِمْ (¬6) لنا، لا نكون منهم ونحن لا نعلمُ، قال: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون ¬
ولكنهم قومٌ إذا خَلَوْا (¬1) بمحارمِ الله انتهكوها (¬2) " رواه ابن ماجة ورواته ثقات. 4 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الطابعُ (¬3) مُعَلَّقةٌ بقائمةِ عرشِ الله عز وجل، فإذا انتُهِكَتِ الحُرْمَةُ، وَعُمِلَ بالمعاصي واجتُرئ على الله بعث الله الطابع، فيطبعُ على قلبه، فلا يعقلُ بعد ذلك شيئاً" رواه البزار والبيهقي واللفظ له. 5 - وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ضرب مثلاً صراطاً (¬4) مستقيماً، علىكَنَفِيَ الصراط داران لهما أبوابٌ مُفتحةٌ على ¬
الأبواب سُتُورٌ، وداعٍ يدعو فوقهُ: "وَاللهُ يَدْعُوا إلى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" والأبواب التي على كَنَفَيَ الصراط حدود الله فلا يقع أحدٌ في حدود الله حتى يكشف الستر، والذي يدعو من فوقهِ واعظُ ربه عز وجل" رواه الترمذي من رواية بقية عن بجير بن سعد وقال: حديث حسن غريب. [كنفا الصراط] بالنون: جانباه. اتق المحارم تكن أعبد الناس 6 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً وعن جَنَبَتَي الصراط سُورانِ فيهما أبوابٌ مُفتحةٌ، وعلى الأبواب سُتُورٌ (¬1) مُرْخَاةٌ، وعند رأس الصراط يقول: استقيموا على الصراط ولا تَعْوَجُّوا، وفوق ذلك داعٍ يدعوا كلما هَمَّ عَبْدٌ أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال: ويحك (¬2) لا تفتحهُ، فإنك إن فتحته تَلِجْهُ (¬3)، ثم فسره فأخبر أن الصراط هو الإسلام، وأن الأبواب المفتحة محارم الله، وأن الستور المرخاة حدود الله (¬4)، والداعي على رأس الصراط هو القرآن، والداعي من فوقه هو واعظُ الله في قلب كل مؤمنٍ" ذكره رزين ولم أره في أصوله، إنما رواه أحمد والبزار مختصراً بغير هذا اللفظ بإسناد حسن. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من يأخذ مني هذه الكلمات فيعمل بهنَّ أو يُعَلِّمَ من يعملُ بهنَّ؟ فقال أبو هريرة: قلتُ أنا يا رسول الله فأخذ بيدي، وعَدَّ خمساً قال: اتق (¬5) المحارم تكن أعبد الناس (¬6) وارضَ بما قَسَمَ (¬7) الله لك تكن أغنى الناس (¬8)، وأحسن إلى جاركَ تكن مؤمناً، وأحب للناس (¬9) ما تُحبُّ لنفسك تكن مسلماً، ولا تُكثر الضحك، فإن كثرة ¬
الضحك تُميتُ القلب (¬1) " رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان، والحسن لم يسمع من أبي هريرة، ورواه ابن ماجة والبيهقي وغيرهما من حديث واثلة عن أبي هريرة، وتقدم في هذا الكتاب أحاديث كثيرة جداً في فضل التقوى، ويأتي أحاديث أخر، والله أعلم. ¬
الترغيب في إقامة الحدود، والترهيب من المداهنة فيها
الترغيب في إقامة الحدود، والترهيب من المداهنة فيها 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَحدٌّ (¬1) يُقَامُ في الأرض خيرٌ لأهلِ الأرضِ من أن يُمْطَرُوا ثلاثين صباحاً". 2 - وفي رواية قال أبو هريرة رضي الله عنه: "إقامة حدٍ في الأرض خيرٌ لأهلها من أن يُمْطَرُوا أربعين ليلة" رواه النسائي هكذا مرفوعاً وموقوفاً، وابن ماجة ولفظه: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدٌ يُعْمَلُ به في الأرض خيرٌ لأهل الأرضِ من أن يُمْطَرُوا أربعين صباحاً" وابن ماجة في صحيحه، ولفظه: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إقامةُ حدٍ بأرضٍ خيرٌ لأهلها من مطر أربعين صباحاً". 3 - وروى ابن ماجة أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إقامةُ حدٍ من حدود الله خيرٌ من مطر أربعين ليلةً في بلاد الله". 4 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يومٌ (¬2) من إمام عادلٍ أفضلُ من عبادة ستين سنةً، وحدٌ يقامُ في الأرض بحقهِ أزكى (¬3) فيها من مطر أربعين عاماً" رواه الطبراني بإسناد حسن وهو غريب بهذا اللفظ. 5 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائمٍ (¬4) " رواه ابن ماجة ورواته ثقات إلا أن ربيعة بن ناجد لم يرو عنه إلا أبا صادق فيما أعلم. ¬
سبب هلاك الأمم السابقة 6 - وعن عائشة رضي الله عنها أن قُريشاً (¬1) أهَمّهُمْ (¬2) شأن المخزومية (¬3) التي سرقت فقالوا: من يُكلمُ (¬4) فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم قالوا: من يَجْتَرِئُ (¬5) عليه إلا أسامة بن زيدٍ حِبَّ (¬6) رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمهُ أسامة (¬7) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أسامة أتشفعُ في حدٍ من حدود الله؟ ثم قام فاختطب فقال: إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وَايْمُ (¬8) الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت ¬
الترهيب من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها والتشديد في ذلك والترغيب في تركه والتوبة منه
لقطعت يدها" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. مثل القائم في حدود الله والواقع فيها 7 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَثَلُ القائمِ (¬1) في حدود الله، والواقعِ (¬2) فيها كمثل قومٍ اسْتَهَامُوا (¬3) على سفينةٍ، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا اسْتَقَوْا (¬4) من الماء مَرُّوا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً (¬5)، ولم نُؤذِ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم (¬6) نجوا وَنَجَوْا جميعاً" رواه البخاري، واللفظ له والترمذي وغيره، وتقدمت أحاديث في الشفاعة المانعة من حد من حدود الله تعالى. الترهيب من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها والتشديد في ذلك والترغيب في تركه والتوبة منه 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
"لا يزني الزاني حين يزني (¬1) وهو مؤمنٌ، ولا يسرق السارق حين يسرقُ وهومؤمنٌ، ولا يشرب الخمر حين يشربها، وهو مؤمنٌ" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وزاد مسلم وفي رواية: وأبو داود بعد قوله: "ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمنٌ: ولكن التوبة (¬2) معروضةٌ بَعْدُ". 2 - وفي رواية النسائي قال: "لا يزني الزاني وهو مؤمنٌ، ولا يسرق السارقُ وهو مؤمنٌ، ولايشربُ الخمرَ وهو مؤمنٌ، وذكر رابعةً فنسيتها، فإذا فعل ذلك فقد خلع رِبْقَةَ (¬3) الإسلام من عُنقهِ، فإن تاب تاب الله عليه". 3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الخمر وشاربها وساقيها ومُبتاعها (¬4) وبائعها وعاصرها ومُعتصرها (¬5) وحاملها (¬6) ¬
والمحمولة إليه (¬1) " رواه أبو داود واللفظ له وابن ماجة وزاد: وآكل ثمنها. إن الله حرم الخمر وثمنها 4 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرةً: عاصرها ومعتصرها، وشاربها وحاملها، والمحمولة إليه وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشترِيَ لها، والمشترى له" رواه ابن ماجة والترمذي واللفظ له وقال حديث غريب. [قال الحافظ]: ورواته ثقات. 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله حرَّمَ الخمر وثمنها، وحرَّمَ الميتة (¬2) وثمنها، وحرَّمَ الخنزيرَ وثمنه" رواه أبو داود وغيره. 6 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله اليهود ثلاثاً، إن الله حرَّمَ عليهم الشحوم (¬3) فباعوها، فأكلوا أثمانها، إن الله إذا حرَّمَ على قومٍ أكل شيءٍ حرَّمَ عليهم ثمنه" رواه أبو داود. 7 - وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من باع الخمرَ فَلْيُشَقِّصِ الخنازير (¬4) " رواه أبو داود أيضاً. [قال الخطابي]: معنى هذا توكيد التحريم، والتغليظ فيه يقول: من استحل بيع الخمر فيستحل أكل الخنازير، فإنهما في الحرمة والإثم سواء، فإذا كنت لا تستحل أكل لحم الخنزير فلا تستحل ثمن الخمر. انتهى. 8 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أتاني جبريل فقال: يا محمد إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها، وشاربها، والمحمولة إليه، وبائعها ومبتاعها، وساقيها ومُسْقَاهَا (¬5) " رواه أحمد بإسناد صحيح وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال صحيح الإسناد. ¬
إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء 9 - ورويَ عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يبيت قومٌ من هذه الأمة على طعمٍ وشُربٍ ولهوٍ ولعبٍ، فيصبحوا قد مُسخوا (¬1) قِرَدةً وخنازير، وليصيبهم خسفٌ وقذفٌ حتى يُصبح الناسُ، فيقولون: خُسف الليلة ببني فلانٍ، وخسف الليلة بدار فلانٍ خواصَّ، ولَتُرسَلنَّ عليهم حجارةٌ من السماء كما أُرسلت على قومِ لوطٍ على قبائل فيها، وعلى دُورٍ، ولترسلن عليهم الريح العقيم التي أهلكت عاداً على قبائل فيها، وعلى دورٍ بشربهم الخمر، ولبسهم الحرير، واتخاذهم القينات (¬2)، وأكلهم الربا، وقطيعتهم الرحم (¬3)، وخصلةٍ نسيها جعفرٌ" رواه أحمد مختصراً، وابن أبي الدنيا والبيهقي. 10 - ورويَ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلةً حَلَّ بها البلاء (¬4) قيل: ما هُنَّ يا رسول الله؟ قال: إذا كان المغنمُ دُولاً (¬5)، والأمانة مغنماً (¬6) والزكاة مغرماً (¬7) وأطاع الرجل زوجته، وعقَّ (¬8) أمهُ، وَبَرَّ صديقهُ، وجفا (¬9) أباه، وارتفعتِ الأصوات في المساجد، وكان زعيمُ (¬10) القومِ أرذلهم، وأُكْرِمَ الرجلُ مخافة شَرِّهِ، وشُربت الخمور، وَلُبسَ الحريرُ، واتخذت القينات والمعازف (¬11)، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليرتقبوا (¬12) عند ذلك ريحاً (¬13) حمراء، أو خَسْفاً (¬14) وَمَسْخاً (¬15) " رواه الترمذي، وقال حديث غريب. ¬
11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من زنى، أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه" رواه الحاكم. ¬
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشرب الخمر وتقدم في باب الحمّام حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشرب الخمر، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلسُ على مائدةٍ يُشربُ عليها الخمر" الحديث. رواه الطبراني. 12 - ورويَ عن خَبَّابِ بن الأرَتِّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إياك والخمر فإنها تُفَرِّعُ (¬1) الخطايا كما أن شجرها يُفَرِّعُ الشَّجَرَ" رواه ابن ماجة، وليس في إسناده مَن ترك. 13 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكل مُسْكِرٍ حَرامٌ، ومن شرب الخمر في الدنيا، فمات وهو يُدمنها (¬2) لم يشربها في الآخرة" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي ولفظه في إحدى رواياته: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر في الدنيا ولم يَتُبْ لم يشربها في الآخرة وإن دخل الجنة". 14 - وفي رواية لمسلم قال: "من شرب الخمر في الدنيا، ثم لم يَتُبْ منها حُرِمَهَا في الآخرة" [قال الخطابي] ثم البغوي في شرح السنة: وفي قوله "حرمها في الآخرة" وعيدٌ بأنه لا يدخل الجنة لأن شراب أهل الجنة خمرٌ إلا أنهم لا يُصَدَّعُونَ عنها ولا يُنزفون، ومن دخل الجنة لا يُحرمُ شرابها. انتهى. 15 - وعن أبي موسى رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: مُدمنُ (¬3) الخمرِ وقاطعُ (¬4) الرحمِ ومُصَدِّقٌ بالسِّحْرِ (¬5) ومن ¬
مات مُدمن (¬1) الخمر سقاه الله جل وعلا من نهر الْغُوطَةِ قيل: وما نهر الغوطة؟ قال: نهرٌ يجري من فُرُوجِ المومسات يُؤذي أهل النار ريحُ (¬2) فُروجهم" رواه أحمد وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والحاكم، وصححه في رواية لابن حبان: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة مُدمن خمرٍ، ولا مؤمنٌ بسحرٍ (¬3) ولا قاطعُ رحمٍ" [المومسات]: هنَّ الزانيات. 16 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربعٌ حقٌ على الله أن لا يُدخلهمُ الجنة، ولا يُذيقَهُمْ نعيمها: مُدمنُ الخمرِ، وآكلُ الربا، وآكل مال اليتيم بغير حقٍ، والعاقُ (¬4) لوالديه" رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد. ¬
[قال الحافظ]: فيه إبراهيم بن خيثم بن عراك، وهو متروك. 17 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَلِجُ حائِطَ (¬1) القُدْسِ مُدمنُ خمرٍ، ولا العاقُّ، ولا المنانُ عطاءً" رواه أحمد من رواية علي بن زيد، والبزار إلا أنه قال: لا يلجُ جنان الفردوس. مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن 18 - وعن ابن المنكدر قال: حُدِّثْتُ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثنٍ (¬2) " رواه أحمد هكذا، ورجاله رجال الصحيح، ورواه ابن حبان في صحيحه عن سعيد بن جبير. 19 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لقيَ الله مدمن خمرٍ، لقيه كعابد وثنٍ". 20 - وعن أبي موسى رضي الله عنه أنه كان يقول: "ما أبالي شُرِبَتِ الخمرُ أو عُبِدَتْ هذه الساريةُ (¬3) دون الله" رواه النسائي. 21 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة مُدمن خمرٍ، ولا عاقٌ، ولا مَنَّانٌ، قال ابن عباسٍ: فشق ذلك عليَّ لأن المؤمنون يُصيبون ذنوباً حتى وجدت ذلك في كتاب الله عز وجل في العاقِّ: "فَهَلْ ¬
عَسَيْتُمْ (¬1) إنْ تَوَلَّيْتُمْ (¬2) أنْ تُفْسِدُوا في الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا (¬3) أرْحَامَكُمْ" الآية، وفي المنان: "لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ والأذَى (¬4) " الآية، وفي الخمر: "إنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ والأزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ (¬5) " الآية. رواه الطبراني ورواته ثقات إلا أن عتاب بن بشير لا أراه سمع من مجاهد. 22 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ حَرَّمَ الله تبارك وتعالى عليهم الجنة: مُدمنُ الخمرِ، والعاقُّ، والدَّيُّوثُ الذي ¬
يُقرُّ في أهلهِ الخبَثَ" رواه أحمد واللفظ له والنسائي والبزار والحاكم وقال: صحيح الإسناد. اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر 23 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُرَاحُ رِيحُ الجنةِ من مسيرةِ خمسمائة عامٍ، ولا يجدُ ريحها مَنَّانٌ بعملهِ، ولا عاقٌ ولا مُدمنُ خمرٍ" رواه الطبراني في الصغير. 24 - وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة أبداً: الديوث، والرَّجُلَةُ من النساء، ومدمن الخمر، قالوا يا رسول الله: أما مدمن الخمر فقد عرفناه، فما الديوث (¬1)؟ قال: الذي لا يُبالي من دخل على أهله. قلنا: فما الرَّجُلَةُ من النساء؟ قال: التي تشبهُ بالرجال" رواه الطبراني، ورواته لا أعلم فيهم مجروحاً، وشواهده كثيرة. 25 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شرٍ" رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 26 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الخمرُ جِمَاعُ الإثم (¬2)، والنساء حَبَائِلُ (¬3) الشيطان، وحُبُّ الدنيا رأس (¬4) كل خطيئةٍ" ذكره رزين، ولم أره في شيء من أصوله. 27 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن لا تُشْرِكَ بالله شيئاً وإن قُطِّعْتَ (¬5) وإن حُرِّقْتَ (¬6)، ولا تترك صلاةً مكتوبة مُتعمداً فمن تركها متعمداً فقد برئت (¬7) منه الذمة، ولا تشرب الخمر، فإنها مفتاح (¬8) كُلِّ ¬
شَرٍّ" رواه ابن ماجة والبيهقي كلاهما عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عنه. اجتنبوا أم الخبائث 28 - وعن سالم بن عبد الله عن أبيه أن أبا بكرٍ وعمر، وناساً جلسوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا أعظم الكبائر فلم يكن عندهم فيها علمٌ فأرسلوني إلى عبد الله بن عمروٍ أسألهُ، فأخبرني أن أعظم الكبائر شرب الخمرِ، فأتيتهم فأخبرتهم، فأكثروا ذلك، وَوَثَبُوا إليه جميعاً (¬1) حتى أَتَوْهُ في دارهِ، فأخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن ملكاً من مُلوكِ بني إسرائيل أخذ رجلاً فَخَيَّرَهُ بين أن يشرب الخمر، أو يقتل نفساً، أو يزني، أو يأكل لحم خنزيرٍ، أو يقتلوهُ؟ فاختار الخمر، وإنه لما شَرِبَ الخمر لم يمتنع من شيء أرادوه منه، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحدٍ يشربها فَتُقْبَلَ له صلاةُ أربعين ليلةً، ولا يموتُ، وفي مثانتهِ منه شيء إلا حُرِّمَتْ بها عَليه الجنة، فإن مات في أربعين ليلةً مات ميتةً جاهليةً" رواه الطبراني بإسناد صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 29 - وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اجتنبوا أم الخبائث، فإنه كان رجلٌ ممن كان قبلكم يتعبدُ، ويعتزلُ النسا، فَعَلِقَتْهُ (¬2) امرأةٌ، فأرسلت إليه خادماً إنا ندعوك لشهادةٍ فدخل، فَطَفِقَتْ (¬3) كلما يدخلُ باباً أغلقتهُ دونه حتى إذا أفضى (¬4) إلى امرأةٍ وضيئةٍ (¬5) جالسةٍ، وعندها غُلامٌ وبَاطِيَةٌ (¬6) فيها خمرٌ، فقالت: إنا لم نَدْعُكَ لشهادةٍ ولكن دعوتك لقتلِ (¬7) هذا الغُلامِ أو تقع عليَّ، أو تشربَ كأساً من الخمر، فإن أبيت صِحْتُ (¬8) بك وفَضَحْتُكَ. ¬
قال: فلما رأى أنه لابد له من ذلك قال: اسقيني كأساً من الخمر، فسقتهُ كأساً من الخمر فقال: زيديني، فلم تزل حتى وقعَ عليها (¬1) وقتل النَّفْسَ، فاجتنبوا الخمر فإنه والله لا يجتمعُ إيمانٌ وإدمانُ الخمر في صدر رجلٍ وليوشكن أحدهما يُخْرِجُ صاحبهُ" رواه ابن حبان في صحيحه واللفظ له، والبيهقي مرفوعاً مثله، وموقوفاً وذكر أنه المحفوظ. 30 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن آدم لما أُهْبِطَ (¬2) إلى الأرض قالت الملائكة: أيْ ربِّ أتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لكَ (¬3) قال: إنِّي أعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ. قالوا: ربنا نحن أطوع لك من بني آدم، قال الله لملائكته: هَلُمُّوا (¬4) مَلَكَيْنِ مِنَ الملائكةِ، فننظر كيف يعملان؟ قالوا: ربنا هاروت وماروت. قال: فاهبطا (¬5) إلى الأرض، فتمثلت لهما الزهرةُ (¬6) امرأةً من أحسن البشر، فجاءاها، فسألاها نفسها، فقالت: لا واللهِ حتى تتكلما بهذه الكلمةِ من الإشراكِ، قالا: والله لا نُشركُ بالله أبداً، ¬
فذهب عنهما، ثم رجعت إليهما ومعها صبيٌ تحملهُ، فسألاها نفسها، فقالت: لا والله حتى تقتُلاَ هذا الصبي، فقالا: والله لا نقتلهُ أبداً، فذهبت، ثم رجعت بقدحٍ من خمرٍ تحملهُ، فسألاها نفسها، فقالت: لا واللهِ حتى تشربا هذه الخمرَ، فشربا فَسَكِرَا، فوقعا عليها، وقتلا الصبي، فلما أفاقا، قالت المرأةُ: والله مَا تَركتما من شيءٍ أبيتماهُ عليَّ إلا فعلتماهُ حين سَكِرْتُمَا، فَخُيِّرَا عند ذلك بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا" رواه أحمد وابن حبان في صحيحه من طريق زهير بن محمد، وقد قيل: إن الصحيح وقفه على كعب، والله أعلم. 31 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لما حُرِّمَتِ الخمرُ مشى أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعضٍ، وقالوا: حُرِّمَتِ الخمرُ، وجُعِلَتْ عِدْلاً للشرك (¬1) " رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. 32 - وعن أبي تميم الجيشاني: أنه سمع قيس بن سعيد بن عبادة الأنصاري وهو على مِصْرَ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كذب عليَّ كذبةً مُتعمداً، فليتبوأ (¬2) مضجعاً من النار، أو بيتاً في جهنم، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شرب الخمر أتى عطشان يوم القيامة، ألا فكل مُسْكِرٍ (¬3) خمرٌ، وكل خمرٍ حرامٌ، وإياكم والغُبَيْرَاءَ (¬4)، وسمعت عبد الله بن عمروٍ، بعد ذلك يقول مثلهُ، لم يختلف إلا في بيتٍ أو مضجعٍ" رواه أحمد وأبو يعلى، كلاهما عن شيخ من حمير لم يسمياه، عن أبي تميم. 33 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
قال: من شرب الخمر خرج نور الإيمان من جوفه" رواه الطبراني. 34 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب الخمر أسقاه الله من حميمِ (¬1) جهنم" رواه البزار. 35 - وعن جابر رضي الله عنه: "أن رجلاً قَدِمَ من جَيْشَانَ، وجيشانُ من اليمن فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرابٍ يشربونهُ بأرضهم من الذرة، يقال له: المزْرُ (¬2) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوَمُسْكِرٌ هُوَ؟ قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُلُّ مُسْكِرٍ حرامٌ، وإن عند الله عهداً لمن يشربُ المسكرَ أن يسقيهُ من طينة الخَبَالِ. قالوا: يا رسول الله! وما طينةُ الخَبَالِ؟ قال عَرَقُ أهل النارِ أو عُصارةُ أهل النار" رواه مسلم والنسائي. 36 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ثلاثةٌ لا تقربهم الملائكةُ: الجُنُبُ والسَّكرَانُ، والمُتَضَمِّخُ بالخُلوقِ (¬3) " رواه البزار بإسناد صحيح. 37 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا يقبل الله لهم صلاةً، ولا تصعدُ لهم إلى السماء حسنةٌ: العبدُ الآبقُ (¬4) حتى يرجع إلى مواليه (¬5)، فيضع يده في أيديهم، والمرأة الساخطُ (¬6) عليها زوجها حتى يرضى، والسكران حتى يصحو (¬7) " رواه الطبراني في الأوسط وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، والبيهقي. 38 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله بعثني رحمةً وهدىً للعالمين، وأمرني أن أمحقَ المزامير (¬8)، والْكُبَّارَاتِ، يعني الْبَرَابِطَ ¬
والمعازف (¬1) والأوثان (¬2) التي كانت تُعْبَدُ في الجاهلية، وَأقْسَمَ ربي بعزته: لا يشربُ عَبْدٌ من عبيدي جَرْعَةً من خمرٍ إلا سَقَيْتُهُ مكانها من حميم جهنم مُعذباً أو مغفوراً (¬3) له ولا يسقيها (¬4) صبياً صغيراً إلا سقيتهُ مكانها من حميم جهنمَ مُعَذَّبَاً أو مغْفُوراً له، ولا يدعها عبدٌ من عبيدي من مخافتي إلا سقيتها إياهُ من حظيرة القُدْسِ (¬5) " رواه أحمد من طريق علي بن يزيد. [البرابط]: جمع بربط، بفتح الباءين الموحدتين: وهو العود. من سره أن يسقيه الله الخمر في الآخرة فليتركها في الدنيا 39 - وعن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك الخمر وهو يقدرُ عليه لأسقينهُ منه في حظيرة القدس: ومن ترك الحرير، وهو يقدرُ عليه لأكسونه إياه في حظيرة القدس" رواه البزار بإسناد حسن. 40 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يسقيه الله الخمر في الآخرة فليتركها في الدنيا، ومن سره أن يكسوهُ الله الحريرَ في الآخرة فليتركهُ (¬6) في الدنيا" رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات إلا شيخه المقدام بن داود، وقد وُثِّق، وله شواهد. 41 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من شربَ حَسْوَةً (¬7) من خمرٍ، لم يقبل الله منه ثلاثةَ أيامٍ صَرْفاً ولا عَدْلاً (¬8)، ومن شرب كأساً لم يقبلِ الله صلاتهُ أربعين صباحاً، وَمُدمنُ الخمر حقاً على الله أن يسقيهُ من نهر الخَبَالِ. قيل: يا رسول الله: وما نهر الخبَالِ؟ قال: صديدُ (¬9) أهل النار" رواه الطبراني من رواية حكم بن نافع. ¬
في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، الحديث 42 - وروي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لَيَبِيتَنَّ أُنَاسٌ من أمتي على أشَرٍ وَبَطَرٍ وَلَعِبٍ وَلَهْوٍ فيصبحوا قردةً وخنازير (¬1) باستحلالهم المحارمَ، واتخاذهم القينات، وشربهم الخمر وبأكلهم الربا، وَلُبْسِهمُ الحرير" رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في رواية، وتقدم حديث أبي أمامة في معناه. 43 - وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يَشْرَبُ ناسٌ من أمتي الخمر، يُسمُّونها بغير اسمها، يُضربُ على رؤوسهم بالمعازف والقيناتِ يخسفُ الله بهم الأرض، ويجعلُ منهم القردةَ والخنازير" رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه. 44 - وعن عمران بن حُصينٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "في هذه الأمة خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ. قال رجلٌ من المسلمين: يا رسول الله! متى ذلك؟ قال: إذا ظهرت القِيَانُ (¬2) والمعازفُ (¬3)، وشُربتِ الخمور" رواه الترمذي من رواية عبد الله بن عبد القدوس، وقد وُثِّق، وقال: حديث غريب، وقد روى عن الأعمش عن عبد الرحمن بن سابط مرسلاً. ¬
من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً 45 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات من أمتي، وهو يشرب الخمر حَرَّمَ الله عليه شُربها في الجنة، ومن مات من أمتي، وهو يتحلى الذهب حرم الله عليه لباسهُ في الجنة" روه أحمد والطبراني، ورواة أحمد ثقات. 46 - وعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر فاجلدوه (¬1)، فإن عاد في الرابعة فاقتلوهُ" رواه الترمذي وأبو داود، ولفظه: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا شربوا الخمر فاجلدوهم ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاقتلوهم" ورواه ابن حبان في صحيحه بنحوه. 47 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سَكِرَ فاجلدوه، ثم إن سكرَ فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة، وعندهما: فإن عاد في الرابعة فاضربوا عنقه. [قال الحافظ]: قد جاء قتل شارب الخمر في المرة الرابعة من غير ما وجهٍ صحيح، وهو منسوخ، والله أعلم. 48 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر لم تُقبل له صلاةٌ أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عادَ لم تُقبلْ له صلاةٌ أربعين صباحاً فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم تُقبل له صلاةٌ أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد في الرابعة لم تقبل له صلاةٌ أربعين صباحاً، فإن تاب لم يَتُبِ الله عليه، وغضب الله عليه، وسقاهُ من نهر الخبال. قيل: يا أبا عبد الرحمن! وما نهر الخَبَالِ؟ قال: نهر يجري من صديد أهل النار" رواه الترمذي ¬
وحسنه، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد: ورواه النسائي موقوفاً عليه مختصراً. ولفظه: "من شرب الخمر فلم يَنْتَشِ (¬1) لم تُقبل له صلاةٌ مادام في جوفه أو عروقه منها شيء، وإن مات مات كافراً، وإن انتشى (¬2) لم تقبل منه صلاةٌ أربعين (¬3) يوماً وإن مات فيها مات كافراً (¬4) ". من شرب الخمر فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً 49 - وفي رواية للنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب الخمر فجعلها في بطنه لم تُقبل منه صلاةٌ سبعاً، وإن مات فيها مات كافراً، فإن أذهبت عَقْلَهُ عن شيء من الفرائض"، وفي رواية: "عن القرآن لم تقبل منه صلاةٌ أربعين يوماً، وإن مات فيها مات كافراً". 50 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمرَ فَسَكِرَ لم تقبل له صلاةٌ أربعين صباحاً، فإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد فشرب فَسَكِرَ لم تقبل له صلاةٌ أربعين صباحاً، فإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاةٌ أربعين صباحاً، فإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد في الرابعة، كان حقاً على الله أن يسقيهُ من طينة الخَبَالِ يوم القيامة. قالوا: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار" رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه الحاكم مختصراً ببعضه، قال: "لا يشرب الخمر رجلٌ من أمتي فتقبل له صلاةٌ أربعين صباحاً" وقال: صحيح على شرطهما. 51 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كُلُّ ¬
مُخَمِّرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حرَامٌ، ومن شرب مُسْكِراً بُخِسَتْ صلاتهُ أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة كان حقاً على الله أن يسقيهُ من طينة الخبالِ. قيل: وما طينةُ الخبالِ يا رسول الله؟ قال: صديد أهل النار، ومن سقاه صغيراً لا يعرفُ حلالهُ من حرامهِ، كان حقاً على الله أن يسقيهُ من طينة الخبالِ" رواه أبو داود. من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين ليلة 52 - وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من شرب الخمر لم يرضَ الله عنه أربعين ليلةً، فإن مات مات كافراً، وإن تاب تابَ الله عليه، فإن عاد كان حقهُ على اللهِ أن يسقيهُ من طينةِ الخبال، قيل: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار" رواه أحمد بإسناد حسن، ورواه أحمد أيضاً والبزار والطبراني من حديث أبي ذر بإسناد حسن. 53 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب الخمر سخطَ الله عليه أربعين صباحاً، وما يُدريهِ لعل مَنِيَّتَهُ (¬1) تكون في تلك الليالي، فإن عاد سخط الله عليه أربعين صباحاً، وما يدريه لعل منيته تكون في تلك الليالي، فإن عاد سخط الله عليه أربعين صباحاً، فهذه عشرون ومائة ليلةٍ، فإن عاد فهو في رَدْغَةِ الخبال. قيل: وما ردغة الخبال؟ قال: عرقُ أهل النار وصديدهم" رواه الأصبهاني، وفيه إسماعيل بن عياش، ومن لا يحضرني حاله. 54 - ورويَ عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من فارق الدنيا وهو سكران، دخل القبر سكران، وبُعِثَ من قبره سكران، وأُمِرَ به إلى النار سكران إلى جبلٍ يُقالُ له سكرانُ فيه عينٌ يجري منها القيحُ والدمُ ¬
وهو طعامهم وشرابهم مادامت السموات (¬1) والأرضُ" رواه الأصبهاني وأظنه في مسند أبي يعلى أيضاً مختصراً، وفيه نكارة. 55 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك الصلاة سُكراً مرةً واحدةً فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فَسُلِبَهَا (¬2)، ومن ترك الصلاة أربع مراتٍ سُكراً كان حقاً على الله أن يسقيهُ من طينة الخبالِ. قيل: وما طينةُ الخبال؟ قال: عُصارةُ أهل جهنم" رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد. 56 - وروى أحمد منه: "من ترك الصلاة سُكراً مرةً واحدةً فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فَسُلِبَهَا" ورواته ثقات. 57 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استحلت أمتي خمساً فعليهم الدمار (¬3): إذا ظهر التَّلاَعُنُ (¬4)، وشربوا الخمور، ولبسوا الحرير، واتخذوا القيان (¬5)، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء (¬6) " رواه البيهقي وتقدم في لبس الحرير. ¬
الترهيب من الزنا سيما بحليلة الجار والمغيبة والترغيب في حفظ الفرج
الترهيب من الزنا سيما بحليلة الجار والمغيبة والترغيب في حفظ الفرج 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ، ولا يسرق السارقُ حين يسرقُ وهو مؤمنٌ، ولا يشربُ الخمر حين يشربها وهو مؤمنٌ" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. وزاد النسائي في رواية: "فإذا فعل ذلك خلع (¬1) رِبْقَةَ الإسلام من عنقه، فإن تاب تاب الله عليه". ورواه البزار مختصراً: "لا يسرق السارق وهو مؤمنٌ، ولا يزني الزاني وهو مؤمن. الإيمان أكرمُ على الله من ذلك". ¬
لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، الحديث 2 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دمُ امرئٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاثٍ: الثَّيِّبُ (¬1) الزاني، والنَّفْسُ بالنَّفُسِ، والتاركُ لدينه المفارقُ للجماعة" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. ¬
إن الزناة تشتعل وجوههم ناراً 3 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل دمُ امرئٍ مسلمٍ يشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وأن محمداً رسول الله إلا في إحدى ثلاثٍ: زناً بعد إحصانٍ (¬1) فإنه يُرجمُ، ورجلٌ خرج مُحارباً لله (¬2) ولرسوله فإنه يُقتلُ أو يُصلبُ أو يُنفى من الأرض، أو يَقْتُلُ نفساً فَيُقْتَلُ بها" رواه أبو داود والنسائي. 4 - وعن عبد الله بن زيدٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا بغايا العرب! يا بغايا العرب، إن أخوف ما أخاف عليكم الزنا، والشهوةُ الخفيةُ" رواه الطبراني بإسنادين أحدهما صحيح، وقد قيده بعض الحفاظ الرياء بالراء والياء. 5 - وعن عثمان بن أبي العاصي رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تفتح أبواب السماء نصف الليل فَيُنَادي مُنَادٍ: هل من داعٍ فيستجاب له؟ هل من سائلٍ فَيُعْطَى؟ هل من مكروبٍ فَيُفَرَّجَ عنه؟ فلا يبقى مُسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجاب الله عزوجل له إلا زانيةً تسعى بفرجها أو عَشَّاراً (¬3) ". 6 - وفي رواية: إن الله يدنو من خلقه فيغفر لمن يستغفرُ إلا لبغيٍ بفرجها أو عَشَّارٍ" رواه أحمد والطبراني واللفظ له، وتقدم في باب العمل على الصدقة. 7 - وعن عبد الله بن بُسرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الزناةَ تشتعلُ وجوههم ناراً" رواه الطبراني بإسناد فيه نظر. 8 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الزنا يُورثُ الفقر (¬4) " رواه البيهقي، وفي إسناده الماضي بن محمد. 9 - وعن سَمُرَةَ بن جُندبٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ¬
"رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرضٍ مقدسةٍ، فذكر الحديث إلى أن قال: فانطلقنا إلى ثُقبٍ (¬1) مثل التنور أعلاهُ ضَيِّقٌ، وأسفلهُ واسعٌ يتوقدُ تحته ناراً، فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، وإذا أُخمدت رجعوا فيها، وفيها رجالٌ ونساء عرُاةٌ" الحديث. 10 - وفي رواية: "فانطلقنا على مثل التنور: قال: فأحْسِبُ أنه كان يقولُ: فإذا فيه لَغَطٌ (¬2) وأصواتٌ. قال: فاطلعنا فيه فإذا فيه رجالٌ ونساء عراةٌ، وإذا هم يأتيهم لهبٌ من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهبُ ضَوْضَوْا (¬3) " الحديث. وفي آخره: وأما الرجال والنساء العُراةُ الذين هم في مثل بناء التنور، فإنهم الزناةُ والزواني" رواه البخاري وتقدم بطوله في ترك الصلاة. 11 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائمٌ أتاني رجلان فأخذا بضَبْعَيَّ (¬4)، فأتيا بي جبلاً وَعْراً (¬5)، فقالا اصعد، فقلت: إني لا أطيقهُ فقالا: إنا سنسهلهُ لك، فصعدتُ حتى إذا كنت في سواء (¬6) الجبل فإذا أنا بأَصواتٍ شديدةٍ، فقلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عُواء (¬7) أهل النار، ثم انْطُلِقَ بي، فإذا أنا بقومٍ مُعَلقينَ بعراقيبهم (¬8) مُشققةٍ أشداقهُم (¬9) تسيلُ أشداقهم دماً. قال: قلت: مَنْ هؤلاء؟ قيل: هؤلاء الذين يُفطرون قبل تَحِلَّةِ (¬10) صومهم، فقال: خابت اليهود والنصارى، فقال سُلَيْمٌ: ما أدري أسَمِعَهُ أبو أمامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم شيء مِنْ رَأيه؟ ثم انْطُلِقَ بي فإذا أنا بقومٍ أشد شيء انتفاخاً، وأنتنهُ (¬11) ريحاً، وأسوأه منظراً، فقلتُ: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ¬
قتلى الكفار، ثم انْطُلِقَ بي، فإذا أنا بقومٍ أشد شيء انتفاخاً وأنتنهُ ريحاً كأن ريحهم المراحيضُ (¬1) قلتُ: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزانون، ثم انْطُلِقَ بي فإذا أنا بنساء تنهشُ (¬2) ثُدِيَّهُنَّ الحياتُ. قلتُ: ما بال هؤلاء؟ قيل: هؤلاء يمنعن أولادهن ألبانهن (¬3)، ثم انطلق بي فإذا بغلمان يلعبون بين نهرين. قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذراري المؤمنين، ثم شَرَفَ (¬4) شَرْفاً فإذا أنا بثلاثةٍ يشربون من خمرٍ لهم. قلتُ: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء جعفرٌ وزيدٌ وابن رواحةَ، ثم شَرَفَ بي شَرْفاً آخرَ فإذا أنا بنفرٍ ثلاثةٍ. قلتُ: من هؤلاء؟ قال: هذا إبراهيم وموسى وعيسى وهم ينتظرونك" رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، واللفظ لابن خزيمة. [قال الحافظ]: ولا علة له. 12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا زنى الرجلُ خرج منه الإيمانُ، فكان عليه كالظلةِ (¬5)، فإذا أقلعَ (¬6) رجع إليه الإيمان" رواه أبو داود واللفظ له والترمذي والبيهقي والحاكم، ولفظه قال: "من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلعُ الإنسانُ القميص من رأسه". 13 - وفي رواية للبيهقي "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الإيمان سِرْبَالٌ (¬7) يُسَرْبِلُهُ (¬8) اللهُ من يشاء، فإذا زنى العبدُ نزع منه سربال الإيمان، فإن تاب (¬9) رُدَّ عليه". ¬
لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن 14 - وروى الطبراني عن شريكٍ عن رجلٍ من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من زنى خرج منه الإيمان، فإن تاب تاب الله عليه". 15 - وعن عبد الله رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي برَجُلٍ قد شرب فقال يا أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله (¬1) فمن أصاب من هذه القاذورة شيئاً فليستتر (¬2) بستر الله، فإنه من يُبدِ لنا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عليه كتاب الله (¬3) وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: والَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إلهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلوُنَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ باِلْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ. وقال: قُرِنَ الزنا مع الشرك (¬4)، وقال: ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ" ذكره رزين، ولم أره بهذا السياق في الأصول. 16 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَعَبَّدَ عابدٌ من بني إسرائيل، فَعَبَدَ اللهَ في صومعته ستين عاماً، فأمطرت الأرضُ فاخضرتْ، فأشرف (¬5) الراهبُ من صومعتهِ، فقال: لو نزلتُ فذكرتُ الله فازددتُ خيراً، فنزلَ ومعهُ رغيفٌ أو رغيفان فبينما هو في الأرض لقيتهُ امرأةٌ، فلم يزل يُكلمها وتُكلمهُ حتى غشيها (¬6)، ثم أُغْمِيَ عليه فنزل الغدير يستحمُّ (¬7) فجاء سائلٌ فأومأ (¬8) إليه أن يأخذ الرغيفين ثم مات، فَوْزِنَتْ عبادةُ ستين سنة بتلك الزنية فرجحت تلك الزنيةُ بحسناته، ثم وضع الرغيف أو الرغيفان مع حسناته، فرجحت حسناتهُ فَغُفِرَ له (¬9) " رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
17 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا يُكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظرُ إليهم ولهم عذابٌ أليمٌ، شيخٌ زانٍ (¬1)، وملكٌ كذَّابٌ، وعائلٌ مُستكبرٌ (¬2) " رواه مسلم والنسائي، ورواه الطبراني في الأوسط ولفظه: "لا ينظر الله يوم القيامة إلى الشيخ الزاني، ولا العجوز الزانية". [العائل]: الفقير. 18 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعةٌ يُبغضهمُ الله: البياعُ (¬3) الحلاَّفُ، والفقير المُخْتَالُ (¬4)، والشيخ الزاني، والإمام الجائر (¬5) " رواه النسائي وابن حبان في صحيحه. 19 - وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: الشيخ الزاني، والإمام الكذاب (¬6)، والعائل المزهو (¬7) " رواه البزار بإسناد جيد، وتقدم في باب صدقة السر حديث أبي ذر، وفيه: "والثلاثة الذين يبغضهم الله: الشيخ الزاني، والفقير المختال، والغني الظلوم (¬8) " رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 20 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينظر الله عز وجل إلى الأُشَيْمِطِ الزاني، ولا العائل المزهو" رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا ابن لهيعة، وحديث حسن في المتابعات. [الأشيمط]: تصغير أشمط، وهو من اختلط شعر رأسه الأسود بالأبيض. 21 - وعن نافعٍ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
قال: "لا يدخل الجنة مسكينٌ مُستكبرٌ (¬1)، ولا شيخٌ زانٍ، ولا منانٌ (¬2) على الله بعمله" رواه الطبراني من رواية الصباح بن خالد بن أبي أمية عن رافع، ورواته إلى الصباح ثقات. 22 - ورويَ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن مجتمعون فقال: فذكر الحديث إلى أن قال: وإياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة يوجد من مسيرة ألف عامٍ، والله لا يجدها عاقٌ، ولا قاطعُ رحمٍ، ولا شيخٌ زانٍ، ولا جارٌّ إزاره خُيلاء، إنما الكبرياء (¬3) لله رب العالمين" رواه الطبراني، ويأتي بتمامه في العقوق إن شاء الله. 23 - وروي عن بُريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن السموات السبع، والأرضين السبع ليلعنَّ (¬4) الشيخ الزاني، وإن فُرُوجَ الزناة لَيُؤذِي أهل النار نَتْنُ ريحها (¬5) " رواه البزار. 24 - ورويَ عن أبي الدنيا والخرائطي وغيرهما من حديث عبد السلام بن شداد أبي طالوتَ عن غزوان بن جرير عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "إن الناس تُرسلُ عليهم يوم القيامة ريحٌ مُنتنةٌ حتى يتأذى منها كل بَرٍّ وفاجرٍ حتى إذا بلغت منهم كل مبلغٍ ناداهم مُنادٍ يُسمعهمُ الصوتَ، ويقولُ لهم: هل تدرون هذه الريحَ التي قد آذتكم؟ فيقولون: لا ندري (¬6) والله إلا أنها قد بلغت منا كُلَّ مبلغٍ، فيقال: ألا إنها ريح فروج الزُناةِ الذين لقوا الله بزناهم ولم يتوبوا منه، ثم ينصرفُ بهم، ولم يذكر عند الصّرْفِ بهم جنةً ولا ناراً". ¬
المقيم على الزنا كعابد وثن وتقدم في شرب الخمر حديث أبي موسى، وفيه: "ومن مات مدمن الخمر سقاهُ الله من نهرِ الْغَوْطَةِ (¬1). قيل: وما نهرُ الغوطة؟ قال: نهرٌ يجري من فُرُوج المومسات يعني الزانيات، يؤذي أهل النار ريحُ فروجهم". 25 - وعن راشد بن سعدٍ المقرائي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما عُرِجَ (¬2) بي مررتُ برجالٍ تُقْرَضُ (¬3) جلودهم بمقاريض من نارٍ، فقلت: من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: الذين يتزينون لِلْزِّنَيةِ. قال: ثم مررتُ بِجُبٍّ مُنتن الريحِ، فسمعتُ فيه أصواتاً شديدةً، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: نساءٌ كُنَّ يتزينَّ لِلْزِّنْيَةِ، ويفعلن ما لا يحلُّ لهنَّ" رواه البيهقي في حديث يأتي في الغيبة إن شاء الله تعالى. 26 - ورويَ عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المقيم على الزنا كعابد وَثَنٍ" رواه الخرائطي وغيره. وقد صح أن مدمن الخمرإذا مات لقيَ الله كعابد وثنٍ، ولاشك أن الزنا أشد وأعظم عند الله من شرب الخمر، والله أعلم. 27 - وعن ميمونة رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزالُ أمتي بخيرٍ ما لم يَفْشُ (¬4) فيهم ولدُ الزنا، فإذا فشا فيهم ولدُ الزنا فأوشك أن يَعُمهمُ الله بعذاب" روه أحمد، وإسناده حسن، وفيه ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع، ورواه أبو يعلى إلا أنه قال: لا تزالُ أمتي بخيرٍ مُتَماسكٍ أمْرُها مَا لم يظهر فيهم ولدُ الزنا". وتقدم في كتاب القضاء حديث ابن عمر، وفي آخره: "وإذا ظهر الزنا ظهر الفقر والمسكنة" رواه البزار. ¬
ما ظهر في قوم الزنا أو الربا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله 28 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ظهر الزنا والربا في قريةٍ فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله" رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 29 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه ذكر حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه: "ما ظهر في قومٍ الزنا أو الربا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله" روه أبو يعلى بإسناد جيد. 30 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية المُلاَعنة: "أيما امرأةٍ أدخلت على قومٍ مَنْ ليس منهم فليستْ مِنَ الله في شيء، ولن يُدخلها الله في شيء، ولن يُدخلها الله جنتهُ، وأيما رجلٍ جحد ولدهُ وهو ينظرُ إليه احتجبَ الله منه يوم القيامة، وفَضَحَهُ (¬1) على رؤوس الأولين والآخرين" رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه. 31 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنبِ أعظمُ عند الله؟ قال: أن تجعل لله نداً (¬2)، وهو خَلقَكَ، قلتُ: إن ذلك لعظيمٌ، ثم أيٌ؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يَطْعَمَ معك (¬3). قلتُ: ثم أي؟ قال: أن تُزاني حليلةَ جارك" رواه البخاري ومسلم، ورواه الترمذي والنسائي. وفي رواية لهما: وتلا هذه الآية: "والَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إلهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ بِالحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً". [الحليلة] بفتح الحاء المهملة: هي الزوجة. الزاني بحليلة جاره لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه، الحديث 32 - وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
لأصحابه: "ما تقولون في الزنا؟ قالوا: حرامٌ حَرَّمَهُ الله عز وجل ورسوله فهو حرامٌ إلى يوم القيامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: لأن يزني الرجلُ بعشرِ نسوةٍ أيسرُ عليه من أن يزني بامرأةِ جارهِ (¬1) " رواه أحمد، ورواته ثقات، والطبراني في الكبير والأوسط. 33 - ورويَ عن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الزاني بحليلةَ جارهِ لا ينظرُ الله إليه يوم القيامةِ، ولا يُزكِّيهِ، ويقولُ: ادخُلِ النار مع الداخلين" رواه ابن أبي الدنيا والخرائطي وغيرهما. 34 - وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قعدَ على فِراشِ مُغِيبَةٍ قَيَّضَ (¬2) الله له ثُعباناً يوم القيامة" رواه الطبراني في الأوسط والكبير من رواية ابن لهيعة. [المغيبة] بضم الميم وكسر الغين وبسكونها أيضاً مع كسر الياء: هي التي غاب عنها زوجها. 35 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما، رفع الحديث، قال: "مثل الذي يجلسُ على فراش المُغِيبَةِ مثلُ الذي يَنْهَشُهُ (¬3) أسْوَدُ من أسَاوِدِ يوم القيامة" رواه الطبراني، ورواته ثقات. [الأساود]: الحيات، واحدها أسود. 36 - وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حُرْمَةُ نساء المجاهدين على القاعدين كَحُرْمَةِ أمهاتهم، ما من رجلٍ من القاعدين يَخْلُفُ ¬
فصل منه
رجلاً من المجاهدين في أهله، فيخونهُ فيهم إلا وقف له يوم القيامة، فيأخذُ من حسناته ما شاء حتى يرضى، ثم التفتَ إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فما ظنكم؟ " رواه مسلم وأبو داود إلا أنه قال فيه: "إلا نُصِبَ له يوم القيامة، فقيل: هذا خَلَفُكَ في أهلكَ، فخذ من حسناته ما شئت" ورواه النسائي كأبي داود، وزاد: أترون يَدَعُ لَهُ مِنْ حسناتهِ شيئاً؟. فصل 37 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سبعةٌ يُظلهمُ (¬1) الله في ظلهِ يوم لا ظل إلا ظلهُ: الإمام العادل (¬2) وشابٌ (¬3) نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجلٌ قلبهُ مُعلقٌ بالمساجد (¬4)، ورجلان تحابا في الله (¬5) اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجلٌ دعتهُ (¬6) امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ، فقال: إني أخاف الله (¬7)، ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه (¬8)، ورجلٌ ذكر الله خالياً (¬9) ففاضت عيناهُ" رواه البخاري ومسلم. ¬
حديث الكفل، وحديث الثلاثة الذين سد عليهم الغار 38 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ حديثاً لو لم أسمعهُ إلا مرةً أو مرتين حتى عد سبع مراتٍ، ولكن سمعتهُ أكثر من ذلك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كان الكفل من بني إسرائيل، وكان لا يتورعُ (¬1) من ذنبٍ عملهُ، فأتتهُ امرأةٌ، فأعطاها ستين ديناراً على أن يطأها، فلما أرادها على نفسها ارتعدتْ (¬2) وبكت، فقال: ما يبكيك؟ قالت: لأن هذا عملٌ ما عملتهُ، وما حَمَلَنِي عليه إلا الحاجةُ (¬3)، فقال: تفعلين أنتِ هذا من مخافةِ الله، فأنا أحرى (¬4)، اذهبي فلك ما أعطيتُكِ، ووالله لا أعصيهِ بعدها أبداً، فمات من ليلتهِ فأصبحَ مكتوباً على بابه: إن الله قد غفرَ (¬5) للكفلِ، فعجبَ الناسُ من ذلك" رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 39 - وعن ابن عمر أيضاً رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "انطلقَ ثلاثةُ نفرٍ (¬6) ممن كان قبلكم حتى أواهمُ المبيتُ (¬7) إلى غارٍ (¬8) فدخلوهُ فانحدرتْ (¬9) صخرةٌ من الجبلِ فسدتْ عليهم الغار فقالوا: إنه لا يُنْجِيكم (¬10) من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فذكر الحديث إلى أن قال (¬11) الآخر: اللهم كانت لي ابنةُ عمٍ، كانت أحب الناس إليَّ، فأردتها (¬12) على نفسها، فامتنعت مني حتى ألَّمَتْ (¬13) بها سنةٌ من السنين، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة ¬
دينارٍ على أن تُخَلِّيَ بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت: لا أُحِلُّ لك أن تَفُضَّ الخاتمَ إلا بحقهِ فتَحَرَّجْتُ (¬1) من الوقوع عليها فانصرفت عنها، وهي أحبُّ الناس إليَّ، وتركتُ الذهب الذي أعطيتها (¬2). اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج (¬3) عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرةُ" الحديث. رواه البخاري ومسلم، وتقدم بتمامه في الإخلاص، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة بنحوه، ويأتي في بر الوالدين إن شاء الله تعالى. [ألمت] هو بتشديد الميم، والمراد بالسنة: العام المقحط الذي لم تنبت الأرض فيه شيئاً سواء نزل غيث أم لم ينزل، ومراده أنه حصل لها احتياج وفاقة بسبب ذلك. [وقوله: تفض الخاتم]: هو كناية عن الوطء. 40 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا شباب قريشٍ: احفظوا فروجكم، لا تزنوا، ألا من حَفِظَ فَرْجَهُ، فله الجنة" رواه الحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما. 41 - وفي رواية للبيهقي: "يا فتيان قريشٍ لا تزنوا، فإنه من سَلِمَ (¬4) له شبابهُ دخل الجنة". 42 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها (¬5)، وحصنت (¬6) فرجها، وأطاعت بعلها (¬7) دخلت من أي أبواب الجنة شاءت" رواه ابن حبان في صحيحه. من حفظ ما بين فقميه وفخذيه دخل الجنة 43 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"من يضمن لي ما بين لَحْيَيْهِ (¬1) وما بين رجليه تَضَمَّنْتُ له بالجنة" رواه البخاري واللفظ له، والترمذي وغيرهما. [قال الحافظ]: المراد بما بين لحييه: اللسان، وبما بين رجليه: الفرج، واللحيان: هما عظما الحنك. 44 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وقاهُ الله شر ما بين لحييهِ، وشر ما بين رجليه دخل الجنة" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. 45 - وعن أبي رافعٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حفظ ما بين فَقْمَيْهِ وفخذيهِ دخل الجنة" رواه الطبراني بإسناد جيد. [الفقمان] بسكون القاف: هما اللحيان. 46 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حفظ ما بين فقميه وفرجه دخل الجنة" رواه أبو يعلى، واللفظ له والطبراني، ورواتهما ثقات. 47 - وفي رواية للطبراني قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أحدثك ثنتين من فعلهما دخل الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: يحفظ الرجل ما بين فقميه وما بين رجليه". 48 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اضمنوا لي ستاً (¬2) من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا ¬
إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغُضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم" رواه أحمد وابن أبي الدنيا وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد. ¬
الترهيب من اللواط وإتيان البهيمة والمرأة في دبرها سواء كانت زوجته أو أجنبية
[قال الحافظ]: رووه كلهم عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن عبادة، ولم يسمع منه. والله أعلم. الترهيب من اللواط، وإتيان البهيمة، والمرأة في دبرها سواء كانت زوجته أو أجنبية 1 - عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أخوف ما أخافُ على أمتي من عملِ قومِ لوطٍ (¬1) " رواه ابن ماجة، والترمذي، وقال: حديث حسن غريب، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 2 - وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما نقضَ قومٌ العهد (¬2) إلا كان القتل بينهم، ولا ظهرت الفاحشة (¬3) في قومٍ إلا سَلَّطَ الله عليهم ¬
الموت (¬1)، ولا منع قومٌ الزكاة إلا حُبسَ عنهم الْقَطْرُ (¬2) " رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. ورواه ابن ماجة والبزار والبيهقي من حديث ابن عمر بنحوه، ولفظ ابن ماجة قال: أقبلَ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشرَ المهاجرين خمسُ خصالٍ إذا ابتُليتم (¬3) بهنَّ، وأعوذ بالله أن تدركوهون: لم تظهر الفاحشة (¬4) في قومٍ قط حتى يُعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون (¬5) والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم (¬6) الذين مضوا" الحديث. 3 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ظُلِمَ أهل الذمة (¬7) كانت الدولة دولة العدو (¬8)، وإذا كَثُرَ الزنا كثر السِّبَاءُ (¬9)، وإذا كثر اللوطية (¬10) رفع الله عز وجل يده عن الخلق (¬11)، فلا يبالي في أي وادٍ هلكوا" رواه الطبراني، وفيه عبد الخالق بن زيد بن واقد ضعيف، ولم يترك. لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من غَيَّرَ حدود الأرض 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله سبعةً من خلقهِ من فوق سبعِ سمواته، وردد اللعنةَ على واحدٍ منهم ثلاثاً، ولعنَ كل واحدٍ لعنةً تكفيه، قال: ملعون (¬12) من عَمِلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ، ملعونٌ من عَمِلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ، ملعونٌ من عَمِلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ، ملعون من ذبح لغير الله (¬13)، ¬
ملعونٌ من أتى شيئاً من البهائم (¬1)، ملعونٌ من عقَّ والديه (¬2)، معلونٌ من جمع بين امرأةٍ وابنتها، ملعونٌ من غَيَّرَ حدود الأرضِ (¬3)، ملعونٌ من ادعى إلى غير مواليه (¬4) " رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح، إلا محرز بن هارون التيمي، ويقال فيه: محرز بالإهمال، ورواه الحاكم من رواية هارون أخي محرر، وقال: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: كلاهما واهٍ، لكن محرز قد حسن له الترمذي، ومشاه بعضهم، وهو أصلح حالاً من أخيه هارون، والله أعلم. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من غَيَّرَ تُخُومَ (¬5) الأرض، ولعن الله من كَمَّهَ (¬6) أعمى عن السبيل، ولعن الله من سب والديه، ولعن الله من تولى (¬7) غير مواليه، ولعن الله من عَمِلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ، قالها (¬8) ثلاثاً في عمل قوم لوطٍ" رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي، وعند النسائي آخره مكرراً. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربعةٌ يُصبحون في غضبِ الله ويُمسون في سخط الله، قلت: من هم يا رسول الله؟ قال: المتشبهون من الرجال بالنساء، والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي الرجال (¬9) " ¬
رواه الطبراني والبيهقي من طريق محمد بن سلام الجزاعي، ولا يعرف عن أبيه عن أبي هريرة وقال البخاري: لا يتابع على حديثه. 7 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وجدتموه يعمل عمل قومِ لوطٍ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به" رواه أبو داود والترمذي، وابن ماجة والبيهقي، كلهم من رواية عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس، وعمور هذا قد احتج به الشيخان وغيرهما، وقال ابن معين: ثقة ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس، يعني هذا، انتهى. 8 - وروى أبو داود وغيره بالإسناد المذكور عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى بهيمةً فاقتلوهُ واقتلوها معه". [قال الخطابي]: قد عارض هذا الحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيوان إلا لمأكلةٍ. اقتلوا الفاعل والمفعول به والذي يأتي البهيمة 9 - وروى البيهقي أيضاً وغيره عن مِفْضَلِ بن فضالة عن ابن جريرج عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقتلوا الفاعل والمفعول به، والذي يأتي البهيمة". قال البغوي: اختلف أهل العلم في حد اللوطي فذهب إلى أن حد الفاعل حد الزنا: إن كان محصناً يرجم، وإن لم يكن محصناً يجلد مائة، وهو قول سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والحسن وقتادة والنخعي، وبه قال الثوري والأوزاعي، وهو قول الشافعي، ويحكى أيضاً عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وعلى المفعول به عند الشافعي على هذا القول جلدُ مائة، وتغريب عام رجلاً كان أو امرأة، محصناً كان أو غير محصن، وذهب قوم إلى أن اللوطي يرجم محصناً كان أو غير محصن. رواه سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس، وروى ذلك عن الشعبي، وبه قال الزهري، وهو قول مالك وأحمد وإسحاق، وروى حماد بن إبراهيم عن إبراهيم يعني النخعي قال: لو كان أحد يستقيم أن يرجم مرتين لرجم اللوطي والقول الآخر للشافعي أنه يقتل الفاعل والمفعول به كما جاء في الحديث. انتهى.
[قال الحافظ]: حرق الوطية بالنار أربعةٌ من الخلفاء: أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير، وهشام بن عبد الملك. 10 - وروى ابن أبي الدنيا، ومن طريقه البيهقي بإسناد جيد عن محمد بن المنكدر: "أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه وجد رجلاً في بعض ضواحي العرب يُنْكَحُ كما تُنْكَحُ المرأةُ، فجمع لذلك أبو بكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيهم علي بن أبي طالب، فقال عليٌّ: إن هذا ذنبٌ لم تعمل به أمةٌ إلا أمةٌ واحدةٌ، ففعل الله بهم ما قد علمتم، أرى أن تَحْرِقَهُ بالنار، فاجتمعَ رأيُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُحْرَقَ بالنار، فأمر أبو بكر أن يُحْرَقَ بالنار". 11 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا تقبلُ لهم شهادةُ أن لا إله إلا الله: الراكبُ (¬1) والمركوبُ، والراكبةُ والمركوبة (¬2) والإمام الجائر (¬3) " حديث غريب جداً. رواه الطبراني في الأوسط. 12 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الله عز وجل إلى رجلٍ أتى رجلاً أو امرأةً في دبرها (¬4) " رواه الترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه. 13 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هي اللوطيةُ (¬5) الصغرى يعني الرجل يأتي امرأته في دبرها" رواه أحمد والبزار، ورجالهما رجال الصحيح. 14 - وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استحيوا (¬6) فإن الله لا يستحي من الحق، ولا تأتوا النساء في أدبارهن" رواه أبو يعلى بإسناد جيد. ¬
15 - وعن خزيمة بن ثابتٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يستحي من الحق ثلاث مراتٍ، لا تأتوا النساء في أدبارهن" رواه ابن ماجة، واللفظ له، والنسائي بأسانيد، أحدها جيد. 16 - وعن جابر رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن مَحَاشِّ النساء" رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات، والدارقطني. ولفظه: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: استحيوا من الله فإن الله لا يستحي من الحق، لا يحلُّ مأتاك النساء في حُشُوشِهنَّ". 17 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الذين يأتون النساء في محاشهنَّ" رواه الطبراني من رواية عبد الصمد بن الفضل. [المحاش]: بفتح الميم وبالحاء المهملة وبعد الألف شين معجمة مشددة، جمع محشة بفتح الميم وكسرها، وهي الدبر. 18 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى النساء في أعْجَازِهنَّ (¬1) فقد كفر" رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات. 19 - وروى ابن ماجة والبيهقي، كلاهما عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن البي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الله (¬2) إلى رجلٍ جامع امرأةً (¬3) في دبرها". 20 - وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ملعونٌ (¬4) من أتى امرأة في دبرها" رواه أحمد وأبو داود. 21 - وعنه رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى حائضاً (¬5) ¬
أو امرأة في دبرها أو كاهناً (¬1) فَصَدَّقَهُ كفر بما أُنزلَ على محمدٍ صلى الله عليه وسلم " رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة وأبو داود إلا أنه قال: فقد برئ مما أُنزلَ على محمدٍ، صلى الله عليه وسلم. [قال الحافظ]: رووه من طريق حكيم الأثرم عن أبي تميمة، وهو طريف بن خالد عن أبي هريرة، وسئل علي بن المديني عن حكيم من هو؟ فقال أعيانا هذا، وقال البخاري في تاريخه الكبير: لا يعرف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة. 22 - وعن علي بن طَلْقٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تأتوا النساء في أسْتَاهِهِنَّ (¬2)، فإن الله لا يستحي من الحق" رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن، ورواه النسائي وابن حبان في صحيحه بمعناه. ¬
الترهيب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق
الترهيب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق 1 - عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولُ ما يُقضىَ بين الناس يوم القيامة في الدماء (¬1) " رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. 2 - وللنسائي أيضاً: "أولُ ما يُحاسبُ عليه العبدُ الصلاة، وأول ما يُقضىَ بين الناس في الدماء". 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات: قيل يا رسول الله: وما هُنَّ؟ قال: الشركُ بالله (¬2)، والسحرُ وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مالِ اليتيم، وأكلُ الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصناتِ الغافلات المؤمنات" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. [الموبقات]: المهلكات. 4 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
لايزال المؤمن في فُسحةٍ (¬1) من دينهِ ما لم يُصب (¬2) دماً حراماً. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: إن من وَرَطاتِ الأمور التي لا مخرجَ لمن أوقعَ نفسهُ فيها سَفْكَ (¬3) الدمِ الحرامِ بغير حِلِّهِ (¬4) " رواه البخاري والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. [الورطات]: جمع ورطة بسكون الراء، وهي الهلكة، وكل أمر تعسر النجاة منه. 5 - وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لزوال الدنيا أهونُ (¬5) على الله من قتلِ مؤمنٍ بغير حقٍ" رواه ابن ماجة بإسناد حسن، ورواه البيهقي والأصبهاني. وزاد فيه: "ولو أن أهل سمواتهِ، وأهل أرضهِ اشتركوا في دم مؤمنٍ لأدخلهمُ الله النار". 6 - وفي رواية للبيهقي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لزوال الدنيا جميعاً أهونُ على الله من دمٍ سُفِكَ بغير حقٍ". 7 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لزوال الدنيا أهونُ عند (¬6) الله من قتلِ رجلٍ مسلمٍ" رواه مسلم والنسائي والترمذي مرفوعاً وموقوفاً، ورجح الموقوف. ¬
لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار 8 - وروى النسائي والبيهقي أيضاً من حديث بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قتل المؤمن أعظمُ عند الله من زوال الدنيا". 9 - وروى ابن ماجة عن عبد الله بن عمروٍ قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك، وما أطيبَ ريحكِ، ما أعظمكِ وما أعظمَ حُرْمَتَكِ! والذي نفسُ محمدٍ بيدهِ لَحُرْمَةُ المؤمنِ (¬1) عند الله أعظمُ من حُرْمَتِكِ: مالهِ (¬2) وَدَمِهِ" اللفظ لابن ماجة. 10 - وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دمِ مؤمنٍ لأكبَّهُمُ (¬3) الله في النار" رواه الترمذي، وقال حديث حسن غريب. 11 - وروى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قُتِلَ بالمدينة قتيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُعْلَمْ مَنْ قتلهُ، فصعدَ النبي صلى الله عليه وسلم المنبر، فقال: يا أيها الناسُ يُقْتَلُ قَتيلٌ وأنا فيكم، ولا يُعْلَمُ من قتلهُ، لو اجتمع أهل السماء والأرض على قتلِ امرئٍ (¬4) لعذبهم الله إلا أن يفعل ما يشاء". 12 - ورواه الطبراني في الصغير من حديث أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن أهل السموات والأرض اجتمعوا على قتل مُسلمٍ لكبهمُ الله جميعاً على وجوههم في النار". 13 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعان على قتلِ مؤمنٍ بِشَطْرِ (¬5) كلمةٍ لقي الله مكتوباً بين عينيه آيسٌ (¬6) ¬
من رحمة الله" رواه ابن ماجة والأصبهاني، وزاد قال سفيان بن عيينة: هو أن يقول: اُقْ، يعني لا يُتمُّ كلمة اقْتُلْ. كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركاً أو يقتل مؤمناً متعمداً 14 - ورواه البيهقي من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعان على دمِ امرئٍ مُسلمٍ بشطر كلمةٍ كُتبَ بين عينيه يوم القيامة: آيسٌ من رحمة الله". 15 - وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استطاع منكم أن لا يَحُولَ بينهُ وبين الجنة ملءُ كفٍّ (¬1) من دمِ امرئٍ مسلمٍ أن يُهَرِيقَهُ كما يذبحُ به دجاجةً كلما تعرَّضَ لبابٍ من أبواب الجنة حال اللهُ بينهُ وبينَهُ، ومن استطاع منكم أن لا يجعل في بطنه إلا طيباً فليفعل، فإن أول ما يُنْتِنُ (¬2) من الإنسان بطنهُ" رواه الطبراني، ورواته ثقات، والبيهقي مرفوعاً هكذا وموقوفاً، وقال: الصحيح أنه موقوف. 16 - وعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل ذنبٍ عسى (¬3) الله أن يغفرهُ إلا الرجلَ يموتُ كافراً، أو الرجل يقتلُ مؤمناً متعمداً" رواه النسائي والحاكم وقال صحيح الإسناد. 17 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ذنبٍ عسى الله أن يغفرهُ إلا الرجل يموت مشركاً، أو يقتلُ مؤمناً متعمداً" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال صحيح الإسناد. ¬
يجئ المقتول آخذاً قاتله وأوداجه تشخب دماً .. إلخ 18 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنه سألهُ سائلٌ، فقال: يا أبا العباس! هل للقاتل من توبةٍ؟ فقال ابن عباس كالمُعَجِّبِ (¬1) من شأنه: ماذا تقول؟ فأعاد عليه مسألتهُ، فقال: ماذا تقول؟ مرتين أو ثلاثاً. قال ابن عباس: سمعت نبيكمُ صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي المقتول متعلقاً رأسُهُ (¬2) بإحدى يديه مُتلبباً قاتلهُ باليد الأخرى تَشْخُبُ (¬3) أوداجهُ دماً حتى يأتيَ به العرشَ فيقولُ المقتولُ لرب العالمين: هذا قتلني، فيقول الله عز وجل للقاتلِ: تَعَسْتَ (¬4)، ويُذهْبُ به إلى النار" رواه الترمذي وحسنه والطبراني في الأوسط، ورواته رواة الصحيح، واللفظ له. 19 - ورواهُ فيه أيضاً من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يجئ المقتول آخذاً قاتلهُ، وأوداجهُ تَشْخُبُ دماً عند ذي العزة، فيقول يا رب: سلْ (¬5) هذا فِيمَ (¬6) قتلني؟ فيقولُ: فيمَ قتلتهُ؟ قال: قتلتهُ لتكون العزةُ لفلانٍ. قيل: هي لله". 20 - وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أصبح إبليسُ بَثَّ جنودهُ (¬7) فيقولُ: من أخْذَلَ (¬8) اليومَ مُسلماً ألبَسْتُهُ التاجَ. قال: فيجئ هذا فيقول: لم أزَلْ به حتى طلق امرأتهُ، فيقولُ، يوشكُ (¬9) أن يتزوج، ويجئ لهذا فيقولُ: لم أزَلْ به حتى عق والديه (¬10) فيقول: يوشكُ أن يَبَرَّهُما، ويجئ هذا فيقول: لم أزَلْ به حتى أشرك (¬11) فيقول: أنت (¬12) أنتَ، ويجئ هذا فيقول: ¬
لم أزَلْ به حتى قتل فيقولُ: أنت أنت، ويُلبسُهُ التاج" رواه ابن حبان في صحيحه. 21 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل مؤمناً فاغتبطَ (¬1) بقتلهِ لم يقبل الله منه صَرْفاً (¬2) ولا عَدْلاً (¬3) " رواه أبو داود، ثم روى عن خالد بن دهقان سألت يحيى بن يحيى الغساني عن قوله: فاغتبط بقتله؟ قال: الذين يُقَاتِلُونَ في الفتنة، فَيُقْتَلُ أحدهمْ فيرى أحدهم أنه على هدىً لا يستغفر الله. [الصرف]: النافلة. [والعدل]: الفريضة، وقيل: غير ذلك، وتقدم فيمن أخاف أهل المدينة. 22 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يخرجُ عُنُقٌ (¬4) من النار يتكلمُ يقول: وُكِّلْتُ اليومَ بثلاثةٍ: بكل جبارٍ (¬5) عنيدٍ (¬6)، ومن جعل مع الله إلهاً آخر، ومن قَتلَ نفساً بغير حقٍ فينطوي عليهم فيقذفهم في حمراء (¬7) جهنم" رواه أحمد والبزار، ولفظه: "تخرج عنقٌ من النار تتكلم بلسان طلقٍ ذَلِقِ لها عينان تُبصرُ بهما، ولها لسانٌ تتكلمُ به فتقولُ: إني أُمرتُ بمن جعل مع الله إلهاً آخر، وبكل جبارٍ عنيدٍ، وبمن قتل نفساً بغير نفسٍ، فتنطلق بهم قبل سائر الناس بخمسمائة عامٍ، وفي إسناديهما عطية ¬
العوفي، ورواه الطبراني بإسنادين رواة أحدهما رواة الصحيح، وقد روي عن أبي سعيد من قوله موقوفاً عليه. 23 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل مُعاهداً (¬1) لَمْ يَرَحْ رائحة الجنة، وإن ريحها يُوجدُ من مسيرةِ أربعين عاماً (¬2) " رواه البخاري واللفظ له، والنسائي إلا أنه قال: من قتل قتيلاً من أهل الذمة. ¬
[لم يرح] بفتح الراء: أي لم يجد ريحها ولم يشمها. 24 - وعن أبي بكرةَ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قَتَلَ مُعاهداً في غير كُنههِ حَرَّمَ الله عليهِ الجنة" رواه أبو داود والنسائي، وزاد: أن يَشُمَّ ريحها. [في غير كنهه]: أي في غير وقته الذي يجوز قتله فيه حين لا عهد له. 25 - وفي رواية للنسائي قال: "من قتل رجلاً من أهل الذمة لم يجد ريحَ الجنة وإن ريحها لَيُوجدُ (¬1) من مسيرة سبعين عاماً". 26 - ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه قال: "من قتل نفساً مُعَاهَدَةً بغير حقها لم يَرَحْ رائحة الجنة، وإن ريح الجنة ليوجدُ من مسيرة مائة عامٍ". ¬
الترهيب من قتل الإنسان نفسه
الترهيب من قتل الإنسان نفسه 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تَردَّى (¬1) من جبلٍ فقتلَ نفسهُ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مُخلداً فيها أبداً، ومن تَحَسَّى (¬2) سُماً فقتل نفسهُ فَسُمُّهُ في يده يَتَحَسَّاهُ في نار جهنم خالداً مُخلداً فيها أبداً، ومن قتلَ نفسهُ بحديدةٍ، فحديدتهُ في يده يتوجأُ بها في نار جهنم خالداً مُخلداً فيها أبداً (¬3) " رواه البخاري ومسلم والترمذي بتقديم وتأخير والنسائي، ولأبي داود: "ومن حَسَا سُماً فَسُمُّهُ في يده يتحساهُ في نار جهنم". [تردى]: أي رمى بنفسه من الجبل أو غيره فهلك. [يتوجأ بها] مهموزاً: أي يضرب بها نفسه. 2 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذي يَخْنُقُ نفسهُ يخنقها في النار، والذي يطعن نفسهُ يطعنُ نفسهُ في النار، والذي يقتحمُ (¬4) يقتحمُ في النار" رواه البخاري. ¬
جزاء من قتل نفسه 3 - وعن الحسن البصري قال: "حدثنا جُندبُ بن عبد الله في هذا المسجد، فما نسينا منه حديثاً، وما نخاف أن يكون جُندبٌ كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان برجلٍ جراحٌ، فقتل نفسه، فقال الله: بَدَرَني (¬1) عبدي نفسه، فَحَرَّمْتُ عليه الجنة". 4 - وفي رواية: "كان فيمن قبلكم رجلٌ به جُرْحٌ فَجَزِعَ، فأخذ سكيناً، فَحَزَّ (¬2) بها يدهُ، فما رَقَأ الدمُ حتى مات، فقال الله: بادرني عبدي بنفسه" الحديث. رواه البخاري ومسلم، ولفظه قال: "إن رجلاً كان ممن كان قبلكم خرجت بوجهه قُرحة فلما آذتهُ انتزعَ سهماً من كنانتهِ فنكأها، فلم يرقأ الدمُ حتى مات. قال ربكم: قد حرمتُ عليه الجنة (¬3) ". [رقأ] مهموزاً: أي جف وسكن جريانه. [الكنانة] بكسر الكاف: جعبة النشاب. [نكأها] بالهمز: أي نخسها وفجرها. 5 - وعن جابر بن سَمُرَةَ رضي الله عنه "أن رجلاً كانت به جراحةٌ فأتى قَرَناً له، فأخذ مِشْقَصاً فذبحَ به نفسهُ، فلم يُصَلِّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم " روه ابن حبان في صحيحه. [القرن] بفتح القاف والراء: جعبة النشاب. [والمشقص] بكسر الميم وسكون الشين المعجمة، وفتح القاف: سهم فيه نصل عريض ¬
وقيل: هو النصل وحده، وقيل: سهم فيه نصل طويل، وقيل: النصل وحده، وقيل: هو ما طال وعرض من النصال. ليس على المرء نذر فيما لا يملك .. إلخ 6 - وعن أبي قلابةَ رضي الله عنه أن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أخبره بأنه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرةِ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على يمينٍ بِملَّةٍ (¬1) غير الإسلام كاذباً مُتعمداً فهو كما قال (¬2)، ومن قتلَ نفسه بشيءٍ عُذِّبَ به يوم القيامة، وليس على رجلٍ نذرٌ فيما لا يملك (¬3)، وَلَعْنُ (¬4) المؤمنِ كقتله، ومن رَمَى مؤمناً بكفرٍ (¬5) فهو كقتلهِ، ومن ذبح نفسه بشيء عُذِّبَ به يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي باختصار، والترمذي وصححه، ولفظه: "إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على المرء نذرٌ فيما لا يملكُ، وَلاَعِنُ المؤمن كقاتلهِ، ومن قذف مؤمناً بِكُفْرٍ فهو كقاتلهِ، ومن قتل نفسه بشيء عَذَّبَهُ الله بما قتلَ به نفسهُ يوم القيامة". 7 - وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكرهِ، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ (¬6) لا يَدَعُ لهم ¬
شَاذَّةً، وفاذَّةً إلا اتبعها يَضْرِبُهَا بسيفه، فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحدٌ كما أجزأ فلانٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه من أهل النار". إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار .. إلخ 8 - وفي رواية فقالوا: "أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار؟ فقال رجلٌ من القوم (¬1). أنا صاحبهُ أبداً قال: فخرج معه كلما وقف وقف معهُ، وإذا أسرعَ أسرعَ معه. قال: فَجُرحَ الرجلُ جُرحاً شديداً، فاستعجل الموت فوضع سيفهُ بالأرضِ وذُبَابَهُ بين ثَدْيَيْهِ، ثم تحاملَ على سيفهِ، فقتلَ نفسهُ، فخرجَ الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أشهدُ أنك رسول الله. قال: وما ذاك؟ قال: الرجلُ الذي ذكرتَ آنفاً أنه من أهل النار، فأعظمَ الناس ذلك، فقلتُ: أنا لكم بهِ، فخرجتُ في طلبهِ حتى جُرِحَ جُرْحاً شديداً، فاستعجل الموتَ، فوضع نصل سيفهِ بالأرض وذَبَابَهُ بين ثدييهِ، ثم تحامل عليه، فقتل نفسهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل لَيَعْمَلُ عَمَلَ أهل الجنة فيما يبدو (¬2) للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ¬
الترهيب أن يحضر الإنسان قتل إنسان ظلما أو ضربه، وما جاء فيمن جرد ظهر مسلم بغير حق
ليعمل عمل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة" رواه البخاري ومسلم. [الشاذة] بالشين المعجمة. [والفاذة] بالفاء وتشديد الذال المعجمة فيهما: هي التي انفردت عن الجماعة، وأصل ذلك في المنفردة عن الغنم، فنقل إلى كل من فارق الجماعة، وانفرد عنها. الترهيب أن يحضر الإنسان قتل إنسان ظلماً أو ضربه وما جاء فيمن جرد ظهر مسلم بغير حق 1 - عن خِرْشَةَ بن الحُرِّ رضي الله عنه، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يشهد (¬1) أحدكم قتيلاً لعلهُ أن يكون مظلوماً، فَتُصِيبَهُ السَّخْطَةُ (¬2) " رواه أحمد، واللفظ له والطبراني إلا أنه قال: "فعسى أن يُقْتَلَ مظلوماً، فتنزلَ السخطةُ عليهم، فيصيبهُ معهم" ورجالهما رجال الصحيح خلا ابن لهيعة. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقفنَّ أحدكم موقفاً يُقْتَلُ فيه رجلٌ ظلماً، فإن اللعنة (¬3) تنزلُ على كُلِّ من حضر حين لم يدفعوا عنه، ولا يقفنَّ أحدكم موقفاً يُضْرَبُ فيه رجلٌ ظلماً، فإن اللعنة تنزلُ على من حضرهُ حين لم يدفعوا عنه" رواه الطبراني والبيهقي بإسناد حسن. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ¬
الترغيب في العفو عن القاتل والجاني والظالم، والترهيب من إظهار الشماتة بالمسلم
جَرَّدَ (¬1) ظهر مسلمٍ بغير حقٍ لقيَ الله، وهو عليه غضبانُ" رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسناد جيد. 4 - وروي عن عِصْمَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ظهر المؤمن حِمى إلا بحقهِ" رواه الطبراني وعصمة هذا هو ابن مالك الخطمي الأنصاري. الترغيب في العفو عن القاتل والجاني والظالم والترهيب من إظهار الشماتة بالمسلم 1 - عن عدي بن ثابت قال: "هَشَمَ رجلٌ فَمَ رجلٍ على عهدِ معاوية، فأعطى ديتهُ، فأبى أن يقبلَ حتى أعطى ثلاثاً، فقال رجلٌ: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من تَصَدَّقَ بِدَمٍ (¬2) أو دُونَهُ كان كفارةً (¬3) له من يوم وُلِدَ إلى يوم تَصَدَّقَ" رواه أبو يعلى، ورواته رواة الصحيح غير عمران بن ظبيان. 2 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من رجلٍ يُجْرَحُ (¬4) في جسدهِ جراحةً، فيتصدقُ بها إلا كَفَّرَ الله تبارك وتعالى عنه مِثْلَ ما تصدق به" رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. 3 - ورويَ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ من جاء بهنَّ مع إيمانٍ دخل من أي أبواب الجنة شاء، وَزُوِّجَ مِنَ ¬
الحور العين كَمْ شاء: من أدى ديناً خفياً (¬1)، وعفا عن قاتلهِ (¬2)، وقرأ في دُبُرِ (¬3) كل صلاةٍ مكتوبةٍ عشر مراتٍ قل هو الله أحد، فقال أبو بكر: أو إحداهنَّ يا رسول الله؟ فقال: أو إحداهنَّ" رواه الطبراني في الأوسط، ورواه أيضاً من حديث أم سلمة بنحوه. 4 - وعن أبي السُّفْرِ قال: "دَقَّ رجلٌ من قُريشٍ سِنَّ رَجُلٍ من الأنصار، فاستعدى عليه معاوية، فقال لمعاوية: يا أمير المؤمنين إن هذا دَقَّ سِنَّين فقال له معاوية: إنا سَنُرْضِيكَ منهُ، وألحَّ الآخر على معاوية شأنك بصاحبك، وأبو الدرداء جالسٌ عنده، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجلٍ يُصابُ بشيء في جسده، فيتصدقُ (¬4) به إلا رفعهُ الله به درجةً، وحَطَّ عنه به خطيئةً (¬5)، فقال الأنصاري: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعته أُذُنَايَ، ووعاهُ (¬6) قلبي. قال: فإني أذَرُهَا له (¬7). قال معاوية: لا جَرَمَ (¬8) لا أُخَيِّبُكَ، فأمرَ له بمالٍ" رواه الترمذي، وقال حديث غريب، ولا أعرف لأبي السفر سماعاً من أبي الدرداء، وروى ابن ماجة المرفوع منه عن أبي السفر أيضاً عن أبي الدرداء، وإسناده حسن لولا الانقطاع. 5 - وعن رجلٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أصيب بشيء في جسده فتركهُ لله عز وجل كان كفارةً لهُ" رواه أحمد موقوفاً من رواية مجالد. 6 - وعن عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثٌ والذي نفسي بيده إن كنت لحالفاً عليهنَّ: لا ينقصُ مالٌ من صدقةٍ فتصدقوا ¬
ولا يعفو عبد عن مظلمةٍ إلا زاداهُ اللهُ بها عزاً يوم القيامة، ولا يفتحُ عبدٌ باب مسألةٍ (¬1) إلا فتح الله عليه باب فقرٍ" رواه أحمد، وفي إسناده رجل لم يسمّ، وأبو يعلى والبزار، وله عند البزار طريق لا بأس بها. ورواه الطبراني في الصغير والأوسط من حديث أم سلمة، وقال فيه: "ولا عفا رجلٌ عن مظلمةٍ إلا زادهُ الله بها عزاً، فاعفوا يعزكم اللهُ". ألا أدلكم على ما يرفع الله به الدرجات .. إلخ 7 - وعن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ثلاثٌ أقسمُ عليهنَّ، وأحدِّثُكمْ حديثاً فاحفظوه قال: ما نقص مالُ عبدٍ من صدقةٍ، ولا ظُلمَ عبدٌ مظلمةً صبر عليها إلا زاده الله عزاً، فاعفوا (¬2) يُعزكمُ الله ولا فتح عبد باب مسألةٍ إلا فتح الله عليه باب فقرٍ، أو كلمة نحوها" الحديث رواه أحمد والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما نقصت صدقة من مالٍ، ومازاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعهُ الله عز وجل" رواه مسلم والترمذي. 9 - وعن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سَرَّهُ أن يُشْرَفَ (¬3) له البنيان، وتُرفعَ له الدرجات، فليعفُ عمن ظلمهُ، ويُعْطِ مَنْ حَرَمَهُ (¬4)، وَيَصلْ (¬5) مَنْ قطعهُ" رواه الحاكم، وصحح إسناده، وفيه انقطاع. 10 - ورويَ عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على ما يرفعُ الله به الدرجات؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: تَحْلُمُ على من جَهِلَ عليكَ، وتعفو عمن ظلمكَ، وتُعطي من حرمك، وتَصِلُ من قطعك" رواه البزار والطبراني. ¬
اعف عمن ظلمك وصل من قطعك وأحسن إلى من أساء إليك 11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ من كُنَّ فيه حاسبهُ الله حساباً يسيراً، وأدخلهُ الجنة برحمتهِ. قالوا: وما هي يا رسول الله؟ بأبي أنت وأمي، قال: تُعطي من حرمكَ، وتَصِلُ من قطعكَ، وتعفو عمن ظلمك، فإذا فعلت ذلك تدخل الجنة" رواه البزار والطبراني في الأوسط والحاكم وقال: صحيح الإسناد إلا أنه قال فيه: "قال: فإذا فعلت ذلك فمالي يا رسول الله؟ قال: أن تُحاسبَ حساباً يسيراً، ويُدخلكَ الله الجنة برحمته". [قال الحافظ]: رواه الثلاثة من رواية سليمان بن داود اليماني عن يحيى بن أبي سلمة عنه وسليمان هذا واهٍ. 12 - وعن عليٍ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أدُلُّكَ على أكرمِ أخلاقِ الدنيا والآخرة؟ أن تَصِلَ من قطعك، وتُعطي من حرمكَ، وأن تعفو عمن ظلمك" رواه الطبراني في الأوسط من رواية الحارث الأعور عنه. 13 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ارحموا تُرْحَمُوا. واغفروا يُغفر لكم" رواه أحمد بإسناد جيد. 14 - وفي رواية له من حديث جرير بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لا يرحمُ الناس لا يرحمهُ الله، ومن لا يغفرُ (¬1) لا يُغفرُ له". 15 - وعن عليٍ رضي الله عنه قال: "وجدنا في قائم سيفِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعفُ عمن ظلمك، وَصِلْ من قطعكَ، وأحسنْ إلى من أساء إليكَ، وقُلِ الحقَّ ولو على نفسك" ذكره رزين العبدري ولم أره، ويأتي أحاديث من هذا النوع في صلة الرحم. 16 - وعن عائشة رضي الله عنها: "أنها سُرِقَ لها شيء، فجعلت تدعو عليه ¬
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تُسَبِّخي عنهُ" رواه أبو داود؛ ومعنى لا تسبخي عنه: أي لا تخففي عنه العقوبة وتنقصي أجرك في الآخرة بدعائك عليه. [والتسبيخ]: التخفيف وهو بسين مهملة ثم باء موحدة وخاء معجمة. 17 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وقف العبادُ للحساب جاء قومٌ واضعي سيوفهم على رقابهم تقطرُ دماً، فازدحموا على باب الجنة، فقيل: من هؤلاء؟ قيل الشهداء كانوا أحياءً مرزوقين، ثم نادى مُنادٍ: لِيَقُمْ مَنْ أجْرُهُ على الله فليدخلِ الجنة، ثم نادى الثانية: ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة. قال: ومن ذا الذي أجره على الله؟ قال العافون عن الناس، ثم نادى الثالثة؟ ليقم من أجره على الله، فليدخل الجنة، فقام كذا وكذا ألفاً، فدخلوها بغير حساب" رواه الطبراني بإسناد حسن. 18 - وعن أنسٍ أيضاً رضي الله عنه قال: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه (¬1)، فقال له عمرُ: ما أضحكك يا رسول الله؟ بأبي أنت وأمي قال: رجلان من أمتي جثيا (¬2) بين يدي رب العزة، فقال أحدهما: يا رب خُذْ لي مظلمتي من أخي، فقال الله: كيف تصنعُ بأخيك ولم يَبْقَ من حسناتهِ شيء؟ قال: يا رب فليحملْ من أوزاري (¬3)، وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء، ثم قال: إن ذلك ليومٌ عظيمٌ يحتاج الناسُ أن يُحْمَلَ من أوزارهم، فقال: الله للطالب: ارفع بصرك فانظرْ فرفع، فقال: يا رب أرى مدائن من ذهبٍ، وقصوراً من ذهبٍ مُكللةً (¬4) باللؤلؤ، أي نبيٍ هذا؟ أو لأي صدِّيقٍ هذا؟ أو لأي شهيدٍ هذا؟ قال: لمن أعطى الثمن. قال: يا رب ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكهُ. قال: بماذا؟ قال: بعفوك عن أخيك: قال: يا رب إني قد عفوتُ عنه. قال الله: فخذ بيد أخيك ¬
وأدخلهُ الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: اتقوا الله (¬1)، وأصلحوا ذات بينكم (¬2)، فإن الله يُصلحُ بين المسلمين" رواه الحاكم والبيهقي في البعث كلاهما عن عباد عن شيبة الحبطي عن سعيد بن أنس عنه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد كذا قال. 19 - وعن واثلةَ بن الأسقعِ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُظهر الشماتة (¬3) لأخيك، فَيَرْحَمَهُ الله ويَبْتَلِيكَ (¬4) " رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، ومكحول قد سمع من واثلة. 20 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَيَّرَ (¬5) أخاهُ بِذَنْبٍ لم يَمُتْ حتى يعملهُ. قال أحمد قالوا: من ذنبٍ قد تاب منه" ¬
الترهيب من ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب والإصرار على شيء منها
رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وليس إسناده بمتصل. خالد بن معدان لم يدرك معاذ بن جبل. الترهيب من ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب والإصرار على شيء منها 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا أخطأ (¬1) خطيئةً نكتتْ في قلبهِ نُكتةً (¬2) سوداء، فإن هو نزعَ واستغفر صقُلَتْ (¬3) فإن عاد زيدَ فيها حتى تعلو قلبهُ، فهو الرانُ الذي ذكر الله تعالى (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) " رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه، والحاكم من طريقين قال في أحدهما: صحيح على شرط مسلم. [النكتة] بضم النون وبالتاء المثناة فوق: هي نقطة شبه الوسخ في المرآة. 2 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم ومُحَقَّرَاتِ الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يُهْلِكْنَهُ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلاً كمثلِ قومٍ نزلوا أرضَ فلاةٍ، فحضر صنيعُ القومٍ، فجعل الرجل ينطلقُ فيجئ بالعودِ، والرجلُ يجيء بالعود حتى جمعوا سواداً، ¬
وأجَّجُوا (¬1) ناراً، وأنضجوا ما قذفوا فيها" رواه أحمد والطبراني والبيهقي كلهم من رواية عمران القطان، وبقية رجال أحمد والطبراني رجال الصحيح، ورواه أبو يعلى بنحوه من طريق إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عنه، وقال في أوله: "إن الشيطان قد يئس أن تُعبدَ الأصنامُ في أرض العرب، ولكنه سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقرات، وهي الموبقات يوم القيامة" الحديث. ورواه الطبراني والبيهقي أيضاً موقوفاً عليه. إياكم ومحقرات الذنوب .. الحديث 3 - وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مَثَلُ مُحقرات الذنوب كمثل قومٍ نزلوا بطن وادٍ، فجاء ذا بعودٍ، وجاء ذا بعودٍ حتى حملوا ما أنضجوا به خُبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يأخذُ بها صاحبُها تَهْلِكُه" رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح. 4 - ورويَ عن سعد بن جُنادة رضي الله عنه قال: "لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حُنينٍ نزلنا قَفْراً (¬2) من الأرض ليس فيها شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجمعوا، من وجد شيئاً، فليأتِ بهِ، ومن وجد عظماً أو سِناً فليأتِ به. قال: فما كان إلا ساعةٌ حتى جعلناهُ رُكاماً (¬3)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أترون هذا؟ فكذلك تُجْمَعُ الذنوب على الرجل منكم كما جمعتم هذا، فليتقِ الله رجلٌ فلا يُذنب صغيرةً ولا كبيرةً، فإنها مُحْصَاةٌ (¬4) عليه". 5 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا عائشةُ: إياكِ (¬5) ومحقرات الذنوب، فإن لها من الله طالباً" رواه النسائي، واللفظ له وابن ماجة وابن حبان في صحيحه، وقال: الأعمال، بدل الذنوب. ¬
إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه 6 - وعن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرجل ليحرمُ (¬1) الرزقَ بالذنب يُصيبهُ" رواه النسائي بإسناد صحيح، وابن حبان في صحيحه بزيادة الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 7 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "إني لأحسبُ الرجلَ ينسى (¬2) العلمَ كما تعلمهُ للخطيئة يعملها" رواه الطبراني في الكبير موقوفاً، ورواته ثقات إلا أن القاسم لم يسمع من جده عبد الله. 8 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "إنكم لتعملون أعمالاً هي أدقُّ (¬3) في أعينكم من الشَّعَر كُنا نَعُدُّها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات، يعني المهلكات" رواه البخاري وغيره، ورواه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري بإسناد صحيح. 9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن الله يُؤاخذني وَعيسىَ بذنوبنا لعذبنا، ولا يظلمنا شيئاً. قال: وأشار بالسبابةِ والتي تليها". 10 - وفي رواية: "لو يؤاخذني الله وابن مريم بما جنت هاتان، يعني الإبهام والتي تليها لعذبنا الله ثم لم يظلمنا شيئاً" رواه ابن حبان في صحيحه. 11 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو غُفِرَ لكم ما تأتون إلى البهائم (¬4) لَغُفِرَ لكم كثيراً" رواه أحمد والبيهقي مرفوعاً هكذا، ¬
كتاب البر والصلة وغيرهما
ورواه عبد الله في زياداته موقوفاً على أبي الدرداء، وإسناده أصح، وهو أشبه. 12 - وعن أبي الأحوص قال: "قرأ ابن مسعودٍ: (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤخِّرُهُمْ إلى أجَلٍ مُسمَىًّ .. الآية) فقال: كاد الجُعَلُ يُعذَّبُ في جُحْرِهِ بذنب ابن آدم" رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. [الجعل] بضم الجيم وفتح العين: دويبة تكاد تشبه الخنفساء تدحرج الروث. كتاب البر والصلة وغيرهما الترغيب في بر الوالدين وصلتهما وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما وبر أصدقائهما من بعدهما 1 - عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُ العملِ أحبُ إلى اللهِ؟ قال: الصلاة على وقتها. قلتُ: ثم أي؟ قال: برُّ الوالدين (¬1). قلتُ: ثم أيُّ؟ قال: الجهاد في سبيل الله" رواه البخاري ومسلم. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجزي ولدٌ والدهُ إلا أن يجدهُ مملوكاً (¬2) فيشتريهُ فيعتقهُ" رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. 3 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "جاء رجلٌ إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنهُ في الجهاد، فقال: أحَيٌّ والدكَ؟ قال: نعم. قال: ¬
فيهما فجاهد (¬1) " رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. ما جاء أن بر الوالدين أفضل من الجهاد 4 - وفي رواية لمسلم قال: "أقبل رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أُبايعُكَ على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله. قال: فهل من والديكَ أحدٌ حَيٌّ؟ قال: نعم. بل كلاهما حَيٌّ. قال: فتبتغي (¬2) الأجر من الله؟ قال: نعم. قال: فارجع إلى والديك، فأحسن صُحْبَتَهُمَا". 5 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: جئتُ أُبايعُكَ على الهجرة، وتركتُ أبوَيَّ يبكيان؟ فقال: ارجعْ إليهما، فأضحكهُما (¬3) كما أبكيتهما" رواه أبو داود. 6 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه: "أن رجلاً من أهل اليمن هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل لك أحدٌ باليمن؟ قال: أبوايَ. قال: أذِنَا لك؟ قال: لا. قال: فارجع إليهما، فاستأذنهما، فإن أذِنَا لك فجاهد، وإلا فَبِرَّهُمَا (¬4) " رواه أبو داود. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنهُ في الجهاد، فقال: أحَيٌّ والدكَ؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد" رواه مسلم وأبو داود وغيره. 8 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "أتى رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أشتهي الجهادَ ولا أقْدِرُ عليه. قال: هل بَقِيَ من والديكَ أحدٌ. قال: أمي. قال: قَابِلِ اللهَ في برها، فإذا فعلتَ ذلك فأنت حاجٌّ ومعتمرٌ ومجاهدٌ (¬5) " رواه أبو يعلى والطبراني في الصغير والأوسط، وإسنادهما جيد، ميمون بن نجيح وثقه ابن حبان، وبقية رواته ثقات مشهورن. ¬
الوالد أوسط أبواب الجنة .. إلخ 9 - ورويَ عن طلحةَ بن معاويةَ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قال: "أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسول الله إني أُريدُ الجهاد في سبيل الله؟ قال: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ قلتُ: نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: الزم رِجْلَهَا (¬1) فَثَمَّ الجنةُ" رواه الطبراني. 10 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه: "أن رجلاً قال: يا رسول الله ما حقُّ الوالدين على ولدهما؟ قال هُما جنتك ونارك" رواه ابن ماجة من طريق علي بن يزيد عن القاسم. 11 - وعن معاوية بن جاهمةَ: "أن جاهمةَ جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أردتُ أن أغزو، وقد جئتُ أستشيرك؟ فقال: هل لك من أُمٍّ؟ قال: نعم. قال: فالزمها، فإن الجنة عند رجلها (¬2) " رواه ابن ماجة والنسائي، واللفظ له والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 12 - ورواه الطبراني بإسناد جيد، ولفظه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستشيرهُ في الجهاد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألك والدنِ؟ قلتُ: نعم. قال: الزمهما، فإن الجنة تحت أرجُلِهِما". 13 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه: "أن رجلاً أتاه فقال: إن لي امرأةً، وإن أمي تأمرني بطلاقها؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالدُ أوْسَطُ أبواب الجنة، فإن شئت فأضعْ (¬3) هذا الباب أو احفظهُ" رواه ابن ماجة والترمذي واللفظ له، وقال: ربما قال سفيان أمي، وربما قال أبي، قال الترمذي: حديث صحيح. 14 - ورواه ابن حبان في صحيحه ولفظه: "أن رجلاً أتى أبا الدرداء، فقال: إن أبي لم يزل بي حتى زَوَّجَني، وإنه الآن يأمرُني بطلاقها؟ قال: ما أنا بالذي آمرُكَ أن تَعُقَّ والديك، ولا بالذي آمركَ أن تُطَلِّقَ امرأتكَ غير أنك إن شئت حدثتكَ بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: الوالدُ أوسطُ أبواب الجنة، فحافظ على ذلك ¬
الباب إن شئت أوْ دَعْ (¬1)، قال: فأحْسِبُ عَطَاءً. قال: فَطَلِّقْها". 15 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان تحتي امرأةٌ أُحِبُّها، وكان عمر يكرهها، فقال لي: طلقها فأبيتُ، فأتى عمرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرَ ذلك لهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طلقها" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. 16 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سَرَّهَ أن يُمَدَّ لهُ في عُمُرِهِ ويُزادَ في رزقهِ فَلْيَبَّر (¬2) والديه وَلْيَصِلْ (¬3) رحمه" رواه أحمد، ورواته محتج بهم في الصحيح، وهو في الصحيح باختصار ذكر البر. 17 - وعن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من بَرَّ والديه طُوبى (¬4) له زاد الله في عمرهِ" رواه أبو يعلى والطبراني والحاكم والأصبهاني، كلهم من طريق زبان بن قائد عن سهل بن معاذ عن أبيه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 18 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجلَ لَيُحْرَمُ (¬5) الرزقَ بالذنب يُصِيبُهُ، ولا يَرُدُّ القدرَ إلا الدعاء، ولا يزيدُ العمرِ إلا البِرُّ (¬6) " رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه، واللفظ له والحاكم بتقديم وتأخير، وقال: صحيح الإسناد. 19 - وعن سلمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَرُدُّ القضاء إلا الدعاء، ولا يزيدُ في العمر إلا البرُّ" رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. 20 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عِفُّوا عن نساء الناس تَعِفُّ نساؤكم، وبَرُّوا آباءكم تَبَرُّكُمْ أبناؤكم، ومن أتاهُ أخوهُ ¬
مُتنصلاً (¬1) فليقبلْ ذلك مُحقاً (¬2) كان أو مُبْطِلاً، فإن لم يفعل لم يَرِدْ على الحوْضِ" رواه الحاكم من رواية سويد عن أبي رافع عنه وقال: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: سويد عن قتادة هو ابن عبد العزيز واهٍ. 21 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "برُّوا آباءكم تَبَرُّكُمْ أبناؤكم، وَعِفُّوا تَعِفَّ نساؤكم" رواه الطبراني بإسناد حسن، ورواه أيضاً هو وغيره من حديث عائشة. 22 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رغم أنفهُ، ثم رغم أنفهُ، ثم رغم أنفهُ. قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة" رواه مسلم. [رغم أنفه]: أي لصق بالرغام، وهو التراب. 23 - وعن جابرٍ، يعني ابن سمرةَ رضي الله عنه قال: "صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبرَ فقال: آمين (¬3) آمين، آمين. قال: أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام، فقال يا محمدُ: من أدركَ أحد أبويه فمات، فدخل النار، فأبعدهُ الله، فقل آمين، فقلتُ: آمين، فقال: يا محمد من أدركَ شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار، فأبعده الله، فقل آمين. فقلتُ: آمين. قال: ومن ذُكِرْتُ عندهُ فلم يُصَلِّ عليك فمات، فدخل النار، فأبعدهُ الله فقل: آمين، فقلتُ: آمين" رواه الطبراني بأسانيد أحدُه حسن، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة إلا أنه قال فيه: "ومن أدرك أبويهِ أو أحدهما، فلم يبرهما فمات، فدخل النار، فأبعده الله قل ¬
آمين. فقلت: آمين" رواه أيضاً من حديث الحسن بن مالك الحويرث عن أبيه عن جده، وتقدم، ورواه الحاكم وغيره من حديث كعب بن عجرة، وقال في آخره: "فلما رقيتُ الثالثةَ قال: بعد من أدرك أبويه الكبرُ عنده أو أحدهما، فلم يُدخلاهُ الجنة. قلتُ: آمين" وتقدم أيضاً. رواه الطبراني من حديث ابن عباس بنحوه، وفيه: "ومن أدرك والديه أو أحدهما فلم يبرهما دخل النار، فأبعده الله وأسحقهُ (¬1) قلتُ: آمين". 24 - وعن مالك بن عمرو القشيري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أعتق رقبةً مسلمةً فهي فداؤه من النار، ومن أدركَ أحدَ والديهِ ثم لم يُغفر له فأبعدهُ الله" رزاد في رواية: وأسحقهُ. رواه أحمد من طرق أحدها حسن. 25 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "انطلق ثلاثةُ نفرٍ ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيتُ إلى غارٍ فدخلوه، فانحدرت صخرةٌ من الجبل، فَسَدَّتْ عليهمُ الغار، فقالوا: إنه لا يُنجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم. قال رجلٌ منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكُنتُ لا أغْبُقُ (¬2) قبلهُما أهلاً ولا مالاً، فنأى (¬3) بي طلب شجرٍ يوماً فلم أُرِحْ (¬4) عليهما حتى ناما، فحلبتُ لهما غَبُوقَهُما فوجدتهما نائمين، فكرهتُ أن أغْبُقَ قَبْلَهُمَا أهلاً أو مالاً، فلبثتُ والقدحُ (¬5) على يدي انتظرُ استيقاظهما حتى بَرِقَ (¬6) الفجرُ فاستيقظا فشربا غبوقهما. اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فَفَرِّجْ عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج. وقال الآخر: اللهم كانت ¬
لي ابنةُ عمٍ، وكانت أحبَّ الناس إليَّ فأردتها" الحديث. رواه البخاري ومسلم، وتقدم بتمامه، وشرح غريبه في الإخلاص. حديث الثلاثة الذين سدت عليهم الغار ثم فتح ببركة العمل الصالح 26 - وفي رواية البخاري قال: "بينما ثلاثةُ نفرٍ يتماشون أخذهم المطرُ فمالوا إلى غارٍ (¬1) في الجبِ فانحطت (¬2) على فمِ غارهم صخرةٌ من الجبلِ، فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها لله عزوجل صالحةً، فادعوا الله بها لعلهُ يُفْرِجُهَا (¬3)، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي والدن شيخان كبيران، ولي صبيةٌ صغارٌ كنتُ أرعى، فإذا رُحتُ عليهم فحلبتُ لهم بدأتُ بوالدي أسقيهما قبل ولدي، وإنه نأى الشجرُ فما أتيتُ حتى أمسيتُ، فوجدتهما قد ناما، فحلبتُ كما كُنتُ أحلبُ، فجئتُ بالحلاب، فقمتُ عند رءوسهما أكرهُ أن أوقظهما من نومهما، وأكرهُ أن أبدأ بالصبيةِ قبلهما، والصبيةُ يتضاغون (¬4) عند قدمي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلمُ أني فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا فُرجةً نرى منها السماء، ففرَّجَ الله عز وجل لهم حتى رأوا منها السماء" وذكر الحديث. 27 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خرج ثلاثةٌ فيمن كان قبلكم يرتادون لأهلهم فأصابتهم السماء، فلجئوا إلى جبلٍ فوقعتْ عليهم صخرةٌ، فقال بعضهم لبعضٍ: عفا الأثرُ (¬5)، ووقع الحجرُ، ولا يعلمُ بمكانكم إلا الله، فادعوا الله بأوثق (¬6) أعمالكم، فقال أحدهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كانت لي امرأةٌ تُعجبني فطلبتها فأبتْ (¬7) علىَّ فجعلتُ لها جُعلاً (¬8) فلما قرَّبَتْ نفسها تركتها، فإن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتكَ، وخشيةَ عذابك، فافرج عنا، فزال ثلثُ الحجرِ، وقال الآخر: اللهم إن كنتَ تعلم أنه كان لي والدان ¬
وكنت أحلب لهما في إنائهما، فإذا أتيتهما، وهما نائمان قمتُ حتى يستيقظا، فإذا استيقظا شربا، فإن كنتَ تعلمُ أني فعلتُ ذلك رجاء رحمتكَ، وخشية عذابك، فافرج عنا، فزال ثلث الحجر، وقال الثالث: اللهم إن كنت تعلم أني استأجرتُ أجيراً يوماً، فعمل لي نصف النهار، فأعطيتهُ أجراً، فَسَخِطَه (¬1) ولم يأخذهُ، فوفرتها عليه حتى صار من كل المال، ثم جاء يطلب أجرهُ، فقلتُ: خذ هذا كلهُ، ولو شئت لم أُعْطِهِ إلا أجرهُ الأول، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك رجاء رحمتك، وخشية عذابك فافرج عنا، فزال الحجرُ، وخرجوا يتماشون" رواه ابن حبان في صحيحه. 28 - وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ (¬2) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحقُّ الناس بُحسنِ صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم مَنْ؟ قال: أمك. قال: ثم مَنْ؟ قال: أمك. قال: ثم مَنْ؟ قال: أبوك" رواه البخاري ومسلم. 29 - وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: "قَدِمَتْ على أمي، وهي مُشركةٌ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
قلتُ: قَدِمَتْ على أمي، وهي راغبةٌ، أفَأصِلُ أمي؟ قال: نعم صِلِي (¬1) أمك" رواه البخاري ومسلم وأبو داود، ولفظه قالت: "قدمت على أمي راغبةً في عهدٍ قريبٍ، وهي راغمةٌ مُشركةٌ، فقلتُ: يا رسول الله إن أمي قَدِمَتْ عليَّ، وهي راغمةٌ مُشركةٌ أفَأصِلُهَا؟ قال: نعم صِلي أمك". [راغبة]: أي طامعة فيما عندي تسألني الإحسان إليها. [راغمة]: أي كارهة للإسلام. 30 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رضا الله في رضا الوالد (¬2)، وسُخْطُ اللهِ في سُخطِ الوالد" رواه الترمذي، ورجح وقفه، وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقالا: صحيح على شرط مسلم، ورواه الطبراني من حديث أبي هريرة إلا أنه قال: "طاعة الله طاعةُ الوالدِ، ومعصيةُ الله معصيةُ الوالد" ورواه البزار من حديث عبد الله بن عمر، أو ابن عمر، ولا يحضرني أيهما، ولفظه قال: "رضا الرب تبارك وتعالى في رضا الوالدين، وسُخْطُ الله تبارك وتعالى في سخط الوالدين". 31 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: إني أذنبتُ ذنباً عظيماً فهل لي من توبةٍ؟ فقال: هل لك من أمٍ؟ قال: لا. قال: فهل لك من خالةٍ؟ قال: نعم. قال: فَبِرَّهَا (¬3) " رواه الترمذي واللفظ له ¬
وابن حبان في صحيحه والحاكم إلا أنهما قالا: "هل لك والدان بالتثنية" وقال الحاكم: صحيح على شرطهما. من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده 32 - وعن أبي أسيدٍ مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: "بينا نحن جلوسٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجلٌ من بني سلمةَ، فقال: يا رسول الله هل بقيَ من برِّ أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم الصلاة عليهما (¬1)، والاستغفار لهما (¬2)، وإنفاذُ (¬3) عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم (¬4) التي لا تُوصلُ إلا بهما، وإكرام صديقهما (¬5) " رواه أبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه، وزاد في آخره: قال الرجل ما أكثر هذا يا رسول الله وأطيبهُ. قال: فاعمل به. 33 - وعن عبد الله بن دينارٍ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً من الأعراب لقيهُ بطريق مكة، فَسَلَّمَ عليه عبد الله بن عمر، وحملهُ على حمارٍ كان يركبهُ، وأعطاهُ عمامةً كانت على رأسه. قال ابن دينارٍ: فقلنا له أصلحك الله إنهم الأعرابُ (¬6) وهم يرضون باليسير، فقال عبد الله بن عمر: إن أبا هذا كان وُداً لعمرَ بن الخطاب، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أبرَّ البر صلةُ الولدِ أهلَ وُدِّ أبيه (¬7) " رواه مسلم. 34 - وعن أبي بُرْدَةَ قال: قدمتُ المدينة فأتاني عبد الله بن عمر فقال: أتدري لم أتيتكُ؟ قال: قلتُ لا. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحبَّ أن يَصِلَ (¬8) أباهُ في قبره فَلْيَصِلْ إخوان (¬9) أبيه بعده، وإنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاء وَوُدٌّ فأحببتُ أن أصِلَ ذاكَ" رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
الترهيب من عقوق الوالدين
الترهيب من عقوق الوالدين 1 - عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ¬
حَرَّمَ عليكم عقوق الأمهاتِ (¬1)، ووأدَ البناتِ (¬2)، ومنعاً وهاتِ (¬3)، وكره لكم قيل وقال (¬4)، وكثرة السؤال (¬5)، ¬
وإضاعة المال (¬1) " رواه البخاري وغيره. 2 - وعن أبي بركة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم (¬2) بأكبر الكبائر ثلاثاً؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: الإشراكُ بالله (¬3) وعقوق الوالدين، وكان مُتكئاً فجلسَ، فقال: ألا وقولُ الزور، وشهادة الزور، فمازال يكررها حتى قلنا: ليتهُ سكت (¬4) " رواه البخاري ومسلم والترمذي. 3 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الكبائر الإشراكُ بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس (¬5) " رواه البخاري. 4 - وعن أنس رضي الله عنه قال: "ذُكرَ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر، فقال: الشركُ بالله، وعقوق الوالدين" الحديث. رواه البخاري ومسلم والترمذي ¬
وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الذي كتبه إلى أهل اليمن، وبعث به مع عمرو بن حزم: "وإن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراك بالله، وقتل النفس المؤمنة بغير الحق، والفرارُ (¬1) في سبيل الله يوم الزحفِ، وعقوق الوالدين، ورميُ المحصنة (¬2) وتَعَلُّمُ السحر، وأكل الربا، وأكل مالِ اليتيم" الحديث. رواه ابن حبان في صحيحه. 5 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لا ينظرُ اللهُ إليهمْ يومَ القيامةِ: العاقُّ لوالديهِ، ومدمنُ الخمرِ، والمنَّانُ عطاءه، وثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: العاقُّ لوالديه، والديُّوثُ، والرَّجِلَةُ" رواه النسائي والبزار، واللفظ له بإسنادين جيدين، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وروى ابن حبان في صحيحه شطره الأول. [الديوث] بتشديد الياء: هو الذي يقر أهله على الزنا مع علمه بهم. [والرجلة] بفتح الراء وكسر الجيم: هي المترجلة المتشبهة بالرجال. 6 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ حَرَّمَ الله تبارك وتعالى عليهمُ الجنة: مدمن الخمر، والعاقُّ، والديوثُ الذي يقر الْخَبَثَ في أهله" رواه أحمد واللفظ له، والنسائي والبزار والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 7 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُرَاح ريحُ الجنة من مسيرةِ خمسمائة عامٍ، ولا يجدُ ريحها مَنَّانٌ بِعَمَلِهِ، ولا عاقٌ ولا مدمنُ خمرٍ" رواه الطبراني في الصغير. 8 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا يقبلُ الله عز وجل منهم صَرْفاً ولا عَدْلاً: عاقٌ، ولا مَنَّانٌ، ومُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ" رواه ¬
ابن أبي عاصم في كتاب السنة بإسناد حسن، وتقدم في شرب الخمر حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربعٌ حقٌّ على اللهِ أن لا يُدخلهمُ الجنة، ولا يُذيقهم نعيمها: مُدمنُ الخمر، وآكلُ الربا، وآكل مالِ اليتيم بغير حقٍ (¬1)، والعاقُّ لوالديهِ" رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 9 - ورويَ عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لا ينفعُ معهنَّ عَمَلٌ (¬2) الشركُ باللهِ، وعقوقُ الوالدينِ، والفرارُ من الزحفِ" رواه الطبراني في الكبير. 10 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من الكبائر شَتْمُ (¬3) الرجلِ والديهِ. قالوا: يا رسول الله وهلْ يشتمُ الرجلُ والديه؟ قال: نعم يَسُبُّ أبا الرجلِ فيسبُّ أباهُ، ويسبُّ أمهُ" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي. 11 - وفي رواية للبخاري ومسلم: "إن من أكبر الكبائر أن يلعنَ الرجلُ والديه. قيل: يا رسول الله وكيف يلعنُ الرجلُ والديه (¬4)؟ قال: يسبُّ أبا الرجلِ، فيسبُّ أباهُ، ويسبُّ أمهُ فيسبُّ أمهُ". ¬
اتقوا الله وصلوا أرحامكم 12 - وعن عمرو بن مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله شهدتُ أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليتُ الخمس، وأديتُ زكاة مالي، وصُمتُ رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من مات على هذا (¬1) كان مع النبيين والصِّدِّيقِينَ والشهداء يوم القيامة هكذا، وَنَصَبَ أُصبعيهِ ما لم يَعُقَّ والديه" رواه أحمد والطبراني بإسنادين أحدهما صحيح، ورواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما باختصار. 13 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: "أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشرِ كلماتٍ قال: لا تُشركْ بالله شيئاً وإن قُتِلْتَ (¬2) وَحُرِّقْتَ، ولا تَعُقَّنَّ والديكَ وإن أمراكَ أن تُخْرُجُ من أهلكَ (¬3) ومالكَ، الحديث" رواه أحمد وغيره، وتقدم في ترك الصلاة بتمامه. 14 - ورويَ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مجتمعون، فقال: يا معشر المسلمين اتقوا الله، وَصِلُوا أرحامكم (¬4)، فإنه ليس من ثوابٍ أسرعَ من صلةِ الرحمِ، وإياكم والبغي (¬5)، ¬
فإنه ليس من عقوبةٍ أسرعَ من عقوبةِ البغي، وإياكم وعقوق الوالدينِ فإن ريحَ الجنةِ تُوجدُ من مسيرةِ ألف عامٍ، والله لا يجدها عاقٌّ، ولا قاطعُ رحمٍ ولا شيخٌ زانٍ ولا جارٌّ إزارهُ خُيلاء (¬1) إنما الكبرياء لله رب العالمين، والكذبُ كلهُ إثمٌ (¬2) إلا ما نفعتَ به مؤمناً، ودفعتَ به عن دينٍ، وإن في الجنة لَسُوقاً (¬3) ما يُباعُ فيها ولا يُشترى ليس فيها إلا الصُّوَرُ فمن أحبَّ صُورَةً من رجلٍ أو امرأةٍ دخل فيها" رواه الطبراني في الأوسط. وتقدم في اللواط حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لعنَ الله سبعةً من فوقِ سبع سمواتهِ، وردد اللعنةَ على واحدٍ منهم ثلاثاً، ولعنَ كلَّ واحدٍ منهم لعنةً تكفيهِ، قال: ملعونٌ من عَمِلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ، ملعونٌ من عَمِلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ، ملعونٌ من عَمِلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ، ملعونٌ من ذبح لغير الله، ملعونٌ من عَقَّ (¬4) والديه. الحديث" رواه الطبراني والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. ¬
وتقدم أيضاً حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله من ذبح (¬1) لغير الله، ولعن الله من غَيَّرَ تُخُومَ الأرض (¬2)، ولعن الله من سَبَّ والديه (¬3) " الحديث رواه ابن حبان في صحيحه. 15 - وعن أبي بكرةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل الذنوب يُؤخِّرُ الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين (¬4)، فإن الله يُعَجِّلُهُ لصاحبهِ في الحياة قبل الممات" رواه الحاكم والأصبهاني كلاهما من طريق بكار بن عبد العزيز وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 16 - ورويَ عن عبد الله بن أبي أوْفَى رضي الله عنه قال: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاهُ آتٍ، فقال: شابٌ يَجُودُ بنفسهِ، فقيل له: قل لا إله إلا الله، فلم يستطع، فقال: كان يُصَلِّي؟ فقال: نعم، فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونهضنا معهُ، فدخل على الشابِّ، فقال له: قل لا إله إلا الله، فقال: لا أستطيعُ. قال: لِمَ؟ قال: كان يَعُقُّ والدتهُ (¬5)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحَيَّةٌ والدتهُ؟ قالوا: ¬
نعم. قال: ادعوها، فَدَعَوْهَا، فجاءت، فقال: هذا ابنك؟ فقالت: نعم. فقال لها: أرأيتِ لو أُجِّجَتْ (¬1) نارٌ ضخمةٌ، فقيل لك: إن شفعت له خَلَّيْنَا عنهُ، وإلا حرقناه بهذه النار، أكنتِ تشفعين له؟ قالت: يا رسول الله إذاً أشفعَ له. قال: فأشهدي الله وأشْهِدِيني قد رضيت عنهُ. قالت: اللهم إني أُشهدك، وأُشهدُ رسولك أني قد رضيتُ عن ابني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا غلامُ قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسولهُ، فقالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي أنقذهُ بي (¬2) من النار" رواه الطبراني وأحمد مختصراً. 17 - وعن العوام بن حوْشَبٍ رضي الله عنه قال: "نزلتُ مَرَّةً حَياً (¬3)، وإلى جانب ذلك الحي مقبرةٌ، فلما كان بعد العصر انشق منها قبرٌ فخرج رجلٌ رأسهُ رأسُ الحمارِ وجسدهُ جسدُ إنسانٍ، فَنهَقَ (¬4) ثلاثَ نهقاتٍ، ثم انطبق عليه القبرُ، فإذا عجوزٌ تغزلُ شَعْراً أو صُوفاً، فقالت امرأةٌ: ترى تلك العجوز؟ قلت: ما لها؟ قالت: تلك أم هذا، قلتُ: وما كان (¬5) قصتهُ؟ قالت: كان يشرب الخمرَ فإذا راحَ تقولُ له أمهُ: يا بني ¬
الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت، والترهيب من قطعها
اتق الله إلى متى تشربُ هذه الخمر؟ فيقولُ لها: إنما أنت تنهقينَ كما ينهقُ الحمارُ. قالت فمات بعد العصرِ، قالت: فهو ينشقُّ عنه القبرُ بعد العصرِ كل يومٍ، فينهقُ ثلاثَ نهقاتٍ، ثم ينطبقُ عليه القبرُ" رواه الأصبهاني وغيره، وقال الأصبهاني: حدّث به أبو العباس الأصم إملاءٍ بينسابور بمشهد من الحفاظ فلم ينكروه. الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت، والترهيب من قطعها 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر (¬1)، فَلْيُكْرِمْ ضَيفهُ (¬2)، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ (¬3)، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً (¬4) أو ليصمت (¬5) " رواه البخاري ومسلم. ¬
إن صلة الرحم محبة في الأهل 2 - وعن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحبَّ أن يُبْسَطَ (¬1) له في رزقهِ وَيُنَسَّأ لهُ (¬2) في أثَرِهِ (¬3)، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" رواه البخاري ومسلم. ¬
[ينسأ] بضم الياء وتشديد السين المهملة مهموزاً: أي يؤخر له في أجله. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "من سَرَّهُ أن يُبسطَ له في رزقِهِ، وأن يُنَسَّأ له في أثره، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" رواه البخاري والترمذي، ولفظه: "قال: تعلموا من أنسابكم ما تَصِلُونَ به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبةٌ في الأهل مَثْرَاةٌ (¬1) في المال مُنَسَّأةٌ في الأثر" وقال حديث غريب، ومعنى منسأة في الأثر، يعني به الزيادة في العمر انتهى. رواه الطبراني من حديث العلاء بن خارجة كلفظ الترمذي بإسناد لا بأس به. 4 - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سَرَّهُ أن يُمد له في عمره، ويوسع له في رزقهِ، ويُدفعَ عنه مِيتَةُ السوء، فليتقِ الله، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائده، والبزار بإسناد جيد والحاكم. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مكتوبٌ في التوراةِ: من أحب أن يُزاد في عمره، ويُزاد في رزقه فَلْيَصِلْ رحمهُ" رواه البزار بإسناد لا بأس به والحاكم وصححه. 6 - ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم سمعه يقول: "إن الصدقة، وصلة الرحم يزيدُ الله بهما في العمر، ويدفعُ بهما ميتة السوء، ويدفعُ بهما المكروهَ والمحذور" رواه أبو يعلى. 7 - وعن رجلٍ من خَثْعَمٍ قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في نفرٍ من أصحابه، فقلتُ: أنت الذي تزعمُ أنك رسول الله؟ قال: نعم. قال: قلت: يا رسول الله أي الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ قال: الإيمان بالله. قال: قلتُ: يا رسول الله ثم مَهْ (¬2)؟ ¬
قال: ثم صلة الرحم. قال: قلتُ: يا رسول الله ثم مَهْ؟ قال: ثم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. قال: قلتُ: يا رسول الله أي الأعمال أبغضُ إلى الله؟ قال: الإشراك بالله. قال: قلتُ: يا رسول الله ثم مَهْ؟ قال: ثم قطيعةُ الرحم. قال: قلتُ: يا رسول الله ثم مَهْ؟ قال: ثم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف" رواه أبو يعلى بإسناد جيد. 8 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه: "أن أعرابياً عَرَضَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في سفرٍ، فأخذ بخطام (¬1) ناقته أو بزمامها (¬2) ثم قال: يا رسول الله أو يا محمد: أخبرني بما يقربني من الجنة، ويُباعدني من النار؟ قال: فَكَفَّ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نظر في أصحابه، ثم قال: لقد وُفِّقَ (¬3) أو لقد هُدِيَ، قال: كيف قلتَ؟ قال: فأعادها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تعبدُ الله ولا تُشركُ به شيئاً وتُقيمُ الصلاةَ، وتؤتي الزكاة، وتصلُ الرحم، دَعِ الناقةَ". 9 - وفي رواية: "وتَصِلُ ذا رَحِمِكَ، فلما أدبرَ (¬4) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن تَمَسَّكَ (¬5) بما أمرتهُ به دخل الجنة" رواه البخاري ومسلم واللفظ له. 10 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لَيُعَمِّرُ بالقومِ الديارَ، ويُثَمِّرُ (¬6) لهم الأموال وما نظر إليهم منذ خلقهم بُغضاً لهم، قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: بصلتهم أرحامهم" رواه الطبراني بإسناد حسن والحاكم، وقال: تفرد به عمران بن موسى الرملي الزاهد عن أبي خالد، فإن كان حفظه فهو صحيح. 11 - وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "إنه من أُعْطِيَ حظهُ من الرفقِ فقد أُعطِيَ حظهُ من خير الدنيا والآخرة، وصلةُ الرحم، وحُسنُ ¬
الجوار، أو حُسْنُ الخُلق يُعَمِّرَانِ (¬1) الديار، ويزيدان في الأعمار" رواه أحمد، ورواته ثقات، إلا أن عبد الرحمن بن القاسم لم يسمع من عائشة. 12 - ورويَ عن دُرَّةَ بنت أبي لهبٍ رضي الله عنها قالت: "قلتُ: يا رسول الله من خَيْرُ الناس؟ قال: أتقاهم للرب، وأوصلهم للرحم، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر" رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب، والبيهقي في كتاب الزهد وغيره. 13 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بخصال من الخير: أوصاني أن لا أنظر إلى من هو فوقي (¬2)، وأن أنظرُ إلى من هو دوني (¬3) وأوصاني بحب المساكين، والدنو منهم (¬4)، وأوصاني أن أصِلَ رحمي، وإن أدْبَرَتْ (¬5) وأوصاني أن لا أخاف في الله لومة لائمٍ (¬6)، وأوصاني أن أقول الحق، وإن كان مُرّاً، وأوصاني أن أكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنزٌ من كنوز الجنة" رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه واللفظ له. خير الناس أتقاهم للرب وأوصلهم للرحم 14 - وعن ميمونة رضي الله عنها: "أنها أعتقت وليدةً لها، ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت: أشَعَرْتَ يا رسول الله أني أعتقتُ وليدتي؟ قال: أوَ فَعلتِ؟ قالت: نعم. قال: أما أنك لو أعطيتها أخوالكِ كان أعظمَ لأجركِ (¬7) " رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. وتقدم في البر حديث ابن عمر قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: إني أذنبتُ ذنباً عظيماً فهل لي من توبةٍ؟ فقال: هل لك من أمٍ؟ قال: لا. قال: فهل لك من خالةٍ؟ قال: نعم. قال: فَبِرَّهَا (¬8) " رواه ابن حبان والحاكم. 15 - ورويَ عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
ثلاثٌ مُتعلقاتٌ بالعرش: الرحم (¬1) تقول: اللهم إني بك فلا أُقْطَعُ، والأمانةُ تقول: اللهم إني بك فلا أُخَانُ، والنعمةُ تقولُ: اللهم إني بك فلا أُكْفَرُ (¬2) " رواه البزار. الرحم متعلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله .. الحديث 16 - وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الرحمُ مُتعلقةٌ (¬3) بالعرش تقول: من وصلني وَصَلَهُ الله، ومن قطعني قطعهُ الله" رواه البخاري ومسلم. 17 - وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله عز وجل: أنا الله وأنا الرحمن خلقتُ الرحم، وشققتُ لها اسماً من اسمي، فمن وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، ومن قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ، أو قال بَتَتُّهُ (¬4) " رواه أبو داود والترمذي من رواية أبي سلمة عنه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. [قال الحافظ] عبد العظيم: وفي تصحيح الترمذي له نظر، فإن أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه شيئاً، قاله يحيى بن معين وغيره، ورواه أبو داود وابن حبان في صحيحه من حديث معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن روّاد الليثي عن عبد الرحمن بن عوف، وقد أشار الترمذي إلى هذا، ثم حكى عن البخاري أنه قال: وحديث معمر خطأ، والله أعلم. 18 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى خَلَقَ (¬5) الخلقَ حتى إذا فرغ منهم قامتِ الرحمُ، ¬
فقالت (¬1): هذا مقام العائذِ بك من القطيعة. قال: نعم أما تَرْضَيْنَ أن أصِلَ من وَصَلَكِ (¬2)، وأقطع من قطعكِ؟ قالت: بلى. قال: فذاك لكِ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أرْحَامَكُمْ، أولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأصَمَّهُمْ وَأعْمَى أبْصَارَهُمْ) " رواه البخاري ومسلم. 19 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرحم شُجْنَةٌ (¬3) من الرحمنِ تقولُ: يا ربِّ إني قُطِعْتُ، يا رب إني أُسِيءَ إليَّ، يا رب إني ظُلِمتُ، يا رب، فَيُجِيبُهَا: ألا تَرْضَيْنَ أن أصِلَ من وَصَلَكِ، وأقْطَعَ من قَطَعَكِ" رواه أحمد بإسناد جيد قوي، وابن حبان في صحيحه. ¬
20 - وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الرحمُ حَجَنَةٌ مُتَمَسِّكَةٌ بالعَرْشِ تَكَلَّمُ بلسان ذُلَقٍ (¬1): اللهم صِلْ من وَصَلَنِي، واقطعْ من قَطَعَنِي، فيقولُ اللهُ تبارك وتعالى: أنا الرحمن الرحيم، وإني شَقَقْتُ للرحم من اسمي، فمن وصلها وصَلْتُهُ، ومن بَتَكَهَا بَتَكْتُهُ" رواه البزار بإسناد حسن. [الحجنة] بفتح الحاء المهملة والجيم وتخفيف النون: هي صنارة المغزل، وهي الحديدة العقفاء التي يعلق بها الخيط ثم يفتل الغزل، وقوله: من بتكها بتكته: أي من قطعها قطعته. 21 - وعن سعيد بن زيدٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن من أرْبَى الربا (¬2) الاسْتِطالةَ في عِرْضِ المسلمِ بغيرِ حقٍ، وإن هذه الرحم شُجْنَة من الرحمن عز وجل، فمن قطعها حَرَّمَ اللهُ عليهِ الجنة" رواه أحمد والبزار، ورواة أحمد ثقات. [قوله: شجنة من الرحمن] قال أبو عبيد: يعني قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، وفيها لغتان شجنة بكسر الشين وبضمها وإسكان الجيم. 22 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الوَاصِلُ بالمكافئ (¬3)، ولكن الواصل الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا (¬4) " رواه البخاري واللفظ له وأبو داود والترمذي. ¬
23 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكونوا إمَّعَةً، تقولون. إن أحسنَ الناسُ أحْسَنَّا، وإن ظلموا ظَلَمْنَا، ولكن وَطِّنُوا أنفسكم، إن أحْسَنَ الناسُ أن تُحْسِنُوا، وإن أساءوا أن لا تَظْلِمُوا (¬1) " رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. [قوله: إمعة] هو بكسر الهمزة وتشديد الميم وفتحها وبالعين المهملة، قال أبو عبيد: الإمعة هو الذي لا رأي معه، فهو يتابع كل أحد على رأيه. 24 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رجلاً قال يا رسول الله: إني لي قرابةً أصِلُهُمْ ويقطعوني، وأُحسنُ إليهم ويُسيئون إليَّ، وأحْلُمُ عليهم، ويجهلون عليَّ، فقال إن كنت كما قلتَ، فكأنما تُسِفُّهُمُ المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم مادمت على ذلك" رواه مسلم. [المل] بفتح الميم وتشديد اللام: هو الرماد الحار. 25 - وعن أم كلثومٍ بنت عقبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الصدقة الصدقةُ على ذي الرحم الكاشح" رواه الطبراني وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. ومعنى [الكاشح]: أنه الذي يضمر عداوته في كشحه، وهو خصره، يعني أن أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم المضمر العداوة في باطنه، وهو في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: وَتَصِلُ من قَطَعَكَ. 26 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ من كُنَّ فيه حاسَبَهُ الله حساباً يسيراً، وأدخلهُ الجنة برحمته. قالوا: وما هي ¬
يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ قال: تُعْطي من حَرَمَكَ، وتَصِلُ من قَطَعَكَ، وتعفُو عمن ظلمكَ، فإذا فعلت ذلك يدخلك الله الجنة" رواه البزار والطبراني والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: وفي أسانيدهم سليمان بن داود اليماني واهٍ. صل من قطعك وأعط من حرمك وأعرض عمن ظلمك 27 - وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "ثم لَقِيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ن فأخذتُ بيده، فقلتُ يا رسول الله: أخبرني بفواضلِ الأعمال، فقال: يا عقبة صِلْ من قطعكَ، وأعطِ من حرمكَ، وأعرضْ عمن ظلمكَ" وفي رواية: "واعف عمن ظلمك" رواه أحمد، والحاكم. وزاد: "ألا ومن أراد أن يُمَدَّ في عُمُرِهِ، وَيُبْسَطَ في رزقه فليصل رحمهُ" ورواة أحد إسنادي أحمد ثقات. 28 - وعن علي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلك على أكرم أخلاق الدنيا والآخرة: أن تصل من قطعك، وتُعطي من حرمك، وأن تعفو عمن ظلمك" رواه الطبراني في الأوسط من رواية الحارث الأعور عنه. 29 - وعن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أفضل الفضائل أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتصفح عمن شتمك" رواه الطبراني من طريق زبان بن فائد. 30 - ورويَ عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على ما يرفعُ الله به الدرجات؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: تَحْلُمُ (¬1) على من جهل عليك، وتعفو (¬2) عمن ظلمك، وتُعطي من حرمك، وتَصِلُ من قطعك" رواه البزار والطبراني إلا أنه قال في أوله: ألا أُنبئكم بما يُشَرِّفُ الله به البُنيانَ، ويرفعُ به الدرجات؟ فذكره. ¬
أسرع الخير ثواباً البر وصلة الرحم 31 - ورويَ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسرعُ الخير ثواباً البر، وصلة الرحم، وأسرع الشر عقوبة البغي (¬1)، وقطيعةُ الرحم" رواه ابن ماجة. 32 - وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ذنبٍ أجدر أن يُعَجِّلَ الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخرُ (¬2) له في الآخرةِ من البغي، وقطيعة الرحم" رواه ابن ماجة والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 33 - ورواه الطبراني فقال فيه: "من قطيعة الرحم والخيانة والكذب، وإن أعَجَلَ البر ثواباً لَصِلَةُ الرحمِ حتى إن أهل البيتِ ليكونونَ فَجَرَةً فتنمو أموالهم، ويَكْثُرُ عددهم إذا تواصلوا" ورواه ابن حبان في صحيحه، ففرّقه في موضعين، ولم يذكر الخيانة والكذب، وزاد في آخره: وما من أهل بيتٍ يتواصلون فيحتاجون. 34 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما رفعه قال: "الطابعُ مُعَلَّقٌ بقائمةِ العرشِ، فإذا اشتكت الرحمُ، وعُمِلَ بالمعاصي، واجْتُرِئ على الله بعث الله الطابعَ فيطبعُ على قلبه، فلا يعقلُ بعد ذلك شيئاً" رواه البزار واللفظ له والبيهقي، وتقدم لفظه في الحدود، وقال البزار: لا نعلم رواه عن التيمي، يعني سليمان، لا سليمان بن مسلم، وهو بصري مشهور. 35 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أعمال بني آدم تُعرضُ كُلَّ خميسٍ ليلةَ الجمعةِ، فلا يُقْبَلُ عملُ قاطعِ رحمٍ" رواه أحمد، ورواته ثقات. 36 - ورويَ عن عائشةَ رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أتاني جبريل عليه السلام فقال: هذه ليلةُ النصف من شعبانَ، ولله فيها عُتقاء من النار ¬
بعددِ شُعُورِ غنمِ (¬1) كلبٍ لا ينظرُ الله فيها إلى مُشركٍ، ولا إلى مُشاحنٍ، ولا إلى قاطعِ رحمٍ، ولا إلى مُسْبلٍ (¬2)، ولا إلى عاقٍ لوالديه، ولا إلى مُدمنِ خمرٍ" رواه البيهقي في حديث يأتي بتمامه في الهاجر إن شاء الله. 37 - وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطعُ الرحمِ، ومُصَدِّقٌ بالسِّحْرِ" رواه ابن حبان وغيره، وتقدم بتمامه في شرب الخمر. وتقدم فيه أيضاً حديث أبي أمامة: "يبيتُ قومٌ من هذه الأمة على طُعْمٍ وَشُرْبٍ وَلَهْوٍ وَلَعِبٍ، فيصبحوا قد مُسخوا قردةً وخنازيرَ بِشُربهم الخمرَ، ولُبسهمُ الحريرَ، واتخاذهمُ القينات، وقطعيتهم الرحم". يا معشر المسلمين اتقوا الله وصلوا أرحامكم 38 - وعن جبير بن مُطعمٍ رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخلُ الجنة قاطعٌ. قال سفيان: يعني قاطع رحمٍ (¬3) " رواه البخاري ومسلم والترمذي. وتقدم في اللباس حديث جابر رضي الله عنه قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ونحن مجتمعون، فقال: يا معشر (¬4) المسلمين اتقوا الله وَصِلُوا أرحامكم، فإنه ليس من ثوابٍ أسرعُ من صلة الرحم (¬5)، وإياكم والبغيَ (¬6)، فإنه ليس من عقوبةٍ أسرعُ من عقوبةِ بَغْيٍ، وإياكم وعقوق الوالدين، فإن ريحَ الجنة تُوجدُ من مسيرة ألف عامٍ، والله لا يجدها عاقٌ، ولا قاطعُ رحمٍ، ولا جارٌّ إزاره خُيلاء، إنما الكبرياء لله رب العالمين". 39 - وعن الأعمش قال: "كان ابن مسعودٍ رضي الله عنه جالساً بعد الصبحِ ¬
في حلقةٍ، فقال: أُنْشِدُ اللهَ قاطعَ رحمٍ (¬1) لما قام عنا، فإنا نُريدُ أن تدعو ربنا، وإن أبواب السماء مرْتَجةٌ دون قاطعِ رحمٍ" رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في الصحيح إلا أن الأعمش لم يدرك ابن مسعود. [مرتجة] بضم الميم وفتح التاء المثناة فوق وتخفيف الجيم: أي مغلقة. 40 - ورويَ عن عبد الله بن أوْفَى رضي الله عنهما قال: "كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا يجالسنا اليوم قاطعُ رحمٍ، فقام فتى من الحلقةِ، فأتى خالةً له قد كان بينهما بعضُ الشيء، فاستغفرَ لها، واستغفرت له، ثم عاد إلى المجلسِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرحمة لا تنزلُ على قومٍ فيهم قاطعُ رحمٍ" رواه الأصبهاني. 41 - ورواه الطبراني مختصراً: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الملائكة لا تنزلُ (¬2) على قومٍ فيهم قاطعُ رحمٍ". ¬
الترغيب في كفالة اليتيم ورحمته والنفقة عليه والسعي على الأرملة والمسكين
الترغيب في كفالة اليتيم ورحمته، والنفقة عليه والسعي على الأرملة والمسكين 1 - عن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافلُ (¬1) اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى، وفَرَّجَ بينهما" رواه البخاري وأبو داود والترمذي. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كافلُ اليتيمِ له أو لغيرهِ (¬2)، وأنا وهو كهاتين في الجنة: وأشار مالكٌ بالسبابةِ ¬
والوسطى" رواه مسلم، ورواه مالك عن صفوان بن سليم مرسلاً. 3 - ورواه البزار متصلاً، ولفظه قال: "من كفل يتيماً له ذا قرابةٍ أو لا قرابةَ له فأنا وهو في الجنة كهاتين، وضمَّ أُصبعيه، ومن سعى على ثلاث بناتٍ، فهو في الجنة وكان له كأجر المجاهد في سبيل الله صائماً قائماً (¬1) ". 4 - ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عال (¬2) ثلاثةً من الأيتام كان كمن قام ليلهُ، وصام نهارهُ، وغدا وراح (¬3) شاهراً سيفهُ في سبيل الله، وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كما أن هاتين أُختانِ وألْصَقَ أصبعيهِ السبابة والوسطى" رواه ابن ماجة. 5 - وعنه رضي الله عنه أيضاً أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قبض (¬4) يتيماً من بين مسلمين إلى طعامهِ وشرابه أدخلهُ الله الجنة ألبتة (¬5) إلا أن يعمل ذنباً لا يُغفر (¬6) " رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح. 6 - وعن عمرو بن مالكِ القشيري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ومن ضَمَّ يتيماً من بين أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه وجبت (¬7) له الجنة" رواه أحمد والطبراني، ورواة أحمد محتج بهم إلا علي بن زيد. 7 - وعن زُرارةَ بن أبي أوْفَى، عن رجلٍ من قومه يُقالُ له مالكٌ أوا بن مالكٍ سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من ضم يتيماً بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغنى (¬8) عنه وجبت له الجنة ألبتةَ، ومن أدرك والديه أو أحدهما ثم لم يبرهما (¬9) ¬
دخل النار، فأبعدهُ الله، وأيما مسلمٍ أعتقَ رقبةً مُسلمةً كانت فِكاكهُ من النار" رواه أبو يعلى والطبراني وأحمد مختصراً بإسناد حسن. 8 - وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما قَعَدَ يتيمٌ مع قومٍ على قصعتهم، فيقرب قصعتهم شيطانٌ (¬1) " حديث غريب رواه الطبراني في الأوسط والأصبهاني كلاهما من رواية الحسن بن واصل، وكان شيخنا الحافظ أبو الحسن رحمه الله يقول: هو حديث حسن، ورواه الأصبهاني أيضاً من حديث أبي موسى. إن أحب البيوت إلى الله بيت فيه يتيم مكرم 9 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحبَّ البيوت إلى الله بيتٌ فيه يتيمٌ مُكرمٌ" رواه الطبراني والأصبهاني. 10 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خيرُ بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُحْسَنُ إليه، وشرُّ بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُساءُ إليه" رواه ابن ماجة. 11 - ورويَ عن عوف بن مالكٍ الأشجعيِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا وامرأةٌ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ كهاتين يوم القيامة، وأوْمأ بيدهِ يَزِيدُ بن زريعٍ: الوسطى والسبابة، امرأةٌ آمَتْ زوجها ذاتُ منصبٍ وجمال حَبستْ نفسها على يَتَامَاهَا حتى بانوا أو ماتوا" رواه أبو داود. [السفعاء]: بفتح السين المهملة وسكون الفاء بعدهما عين مهملة ممدوداً. [قال الحافظ]: هي التي تغبر لونها إلى الكمودة والسواد من طول الأيمة، يريد بذلك أنها حبست نفسها على أولادها ولم تتزوج، فتحتاج إلى الزينة والتصنع للزوج. [وآمت] المرأة بمد الهمزة وتخفيف الميم: إذا صارت أيِّماً، وهي من لا زوج لها بكراً كانت أو ثيباً، تزوجت أو لم تتزوج بعد، والمراد هنا من مات زوجها وتركها أيِّماً. 12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"أنا أولُ من يفتحُ باب الجنة إلا أني أرى امرأةً تُبادرني فأقولُ لها: مالكِ ومن أنتِ؟ فتقولُ: أنا امرأةٌ قعدتُ على أيتامٍ لي" رواه أبو يعلى، وإسناده حسن إن شاء الله. من أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين 13 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مسح على رأس يتيمٍ لم يمسحهُ إلا لله كان له في كل شعرةٍ مَرَّت عليها يدهُ حسناتٌ، ومن أحسنَ إلى يتيمةٍ أو يتيمٍ عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وفَرَّقَ بين أصبعيه: السبابة والوسطى" رواه أحمد وغيره من طريق عبيد الله بن زحر عن علي ابن يزيد عن القاسم عنه. 14 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ يشكو قسوةَ قلبهِ، قال أتُحبُّ أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحمِ اليتيم، وامسح رأسهُ وأطعمهُ من طعامك يَلِنْ قلبك، وتُدركْ حاجتك" رواه الطبراني من رواية بقية، وفيه راوٍ لم يسمّ أيضاً. 15 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، فقال: امسح رأس اليتيم وأطعمِ المسكين" رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. 16 - ورويَ عن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي بعثني بالحق لا يُعذبُ الله يوم القيامة من رحم اليتيم وَلاَنَ له (¬1) في الكلام، ورحم يُتْمَهُ وضعفهُ، ولم يتطاول على جاره بفضل (¬2) ما آتاه الله" رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا عبد الله بن عامر، وقال أبو حاتم: ليس بالمتروك. 17 - ورويَ عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم وبكاء اليتيم، فإنه يسري (¬3) في الليل، والناسُ نيامٌ" رواه الأصبهاني. ¬
السبب في ذهاب بصر يعقوب عليه السلام وحنى ظهره 18 - وعن أنسٍ رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "أن رجلاً قال ليعقوب عليه السلام: ما الذي أذهب بصرك، وَحَنَى ظهرك؟ قال: أما الذي أذهبَ بصري فالبكاءُ على يوسف، وأما الذي حَنَى ظهري فالحزن على أخيه بنيامين، فأتاه جبريل عليه السلامُ، فقال: أتشكو الله عز وجل؟ قال: إنما أشكو بَثَّي وَحُزْني إلى الله. قال جبريلُ عليه السلام: الله أعلمُ بما قلت منك. قال: ثم انطلق جبريل عليه السلام، ودخل يعقوبُ عليه السلام بيتهُ، فقال: أي رَبِّ أما ترحمُ الشيخ الكبير. أذهبتَ بصري، وَحَنَيْتَ ظهري، فَارْدُدْ عليَّ رَيْحَانَتَيَّ، فأشمهما شَمَّةً واحدةً، ثم اصنع بي بعد ما شئت، فأتاه جبريل، فقال: يا يعقوب إن الله عز وجل يُقرئك السلام، ويقول: أبشر فإنهما لو كانا ميتين لَنَشَرْتُهُما (¬1) لك لأُقِرَّ بهما عينك، ويقول لك يا يعقوب: أتدري لِمَ أذْهَبْتُ بصرك، وَحَنَيْتُ ظهرك، وَلِمَ فَعَلَ إخوةُ يوسف بيوسف ما فعلوه؟ قال: لا. قال: إنه أتاك يتيمٌ مسكينٌ وهو صائمٌ جائعٌ وذبحت أنت وأهلك شاةً فأكلتموها ولم تُطعموه (¬2)، ويقول: إني لم أُحِبَّ شيئاً من خَلْقي حُبي اليتامى والمساكين (¬3)، فاصنع طعاماً، وادْعُ (¬4) المساكين. قال أنسٌ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكان يعقوبُ كلما أمسى نادى مُناديهِ: من كان صائماً فليحضر طعام يعقوب، وإذا أصبح نادى مُناديه: من كان مُفطراً فليفطر على طعام يعقوب" رواه الحاكم والبيهقي والأصبهاني واللفظ له، وقال الحاكم: كذا في سماع حفص بن عمر بن الزبير، وأظن الزبير وَهِم، وأنه حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة، فإن كان كذلك فالحديث صحيح، وقد أخرجه إسحاق بن راهوية في تفسيره قال: أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا زافر بن سليمان عن يحيى بن عبد الملك عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. ¬
الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله 19 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الساعي (¬1) على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبهُ قال: وكالقائمِ لا يَفْتُرُ وَكالصائم لا يُفطرُ" رواه البخاري ومسلم وابن ماجة إلا أنه قال: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وكالذي يقوم الليل، ويصوم النهار". 20 - ورويَ عن المطلبَ بن عبد الله المخزومي قال: "دخلتُ على أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا بُنيَّ ألا أُحدثكَ بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلتُ: بلى يا أُمَّهْ. قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أنفق على بنتين، أو أُختين، أو ذَوَاتَيْ قرابةٍ يحتسب (¬2) النفقةَ عليهما حتى يُغنيهما من فضل الله، أو يكفيهما كانتا له سِتْراً من النار" رواه أحمد والطبراني، وتقدم لهذا الحديث نظائر في النفقة على البنات. ¬
الترهيب من أذى الجار وما جاء في تأكيد حقه
الترهيب من أذى الجار، وما جاء في تأكيد حقه 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جارهُ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت" رواه البخاري ومسلم. 2 - وفي رواية لمسلم: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيُحْسِنْ إلى جاره". 3 - وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "ما تقولون في الزنا؟ قالوا: حرامٌ حَرَّمَهُ الله ورسوله فهو حرامٌ إلى يوم القيامة. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يزني الرجلُ بعشر نسوةٍ أيسرُ عليه من أن يزني بامرأة جاره. قال: ما تقولون في السرقة؟ قالوا: حرَّمها الله ورسوله فهي حرامٌ. قال: لأن يسرق الرجل من عشرة أبياتٍ أيسرُ عليه من أن يسرق من جاره" رواه أحمد واللفظ له، ورواته ثقات والطبراني في الكبير والأوسط. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والله لا يؤمنُ، والله لا يؤمنُ، والله لا يؤمنُ. قيل مَنْ (¬1) يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمنُ جارهُ بوائقه (¬2) " رواه أحمد والبخاري ومسلم. وزاد أحمد: "قالوا: يا رسول الله، وما بوائقه! قال: شَرُّهُ". 5 - وفي رواية لمسلم: "لا يدخل الجنة من لا يؤمن جارهُ بوائقهُ". 6 - وعن أبي شُريحٍ الكعبي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لا يؤمنُ، والله لا يؤمنُ، والله لا يؤمنُ. قيل: يا رسول الله لقد خاب وخسر، ¬
من هذا؟ قال: من لا يأمنُ جارهُ بوائقهُ. قالوا: وما بؤائقهُ؟ قال: شَرُّهُ" رواه البخاري. 7 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما هو بمؤمنٍ من لم يأمن جارهُ بوائقهُ" رواه أبو يعلى من رواية ابن إسحاق والأصبهاني أطول منه، ولفظه: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل لا يكونُ مؤمناً حتى يأمن جارهُ بوائقهُ، يبيتُ حين يبيتُ وهو آمنٌ من شَرِّهِ، فإن المؤمن الذي نفسهُ منه في غناء (¬1)، والناسُ منهُ في راحةٍ". 8 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يؤمنُ عبدٌ حتى يُحبَّ لجاره، أو قال لأخيه، ما يحب لنفسه" رواه مسلم. 9 - ورويَ عن كعبٍ بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول الله إني نزلتُ في محلةِ (¬2) بني فلانٍ، وإن أشَدَّهُمْ إليَّ أذىً أقربهم لي جواراً، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكرٍ وعمر وعلياً رضي الله عنهم يأتون المسجد، فيقومون على بابه، فيصيحون: ألا إن أربعين داراً جارٌ (¬3)، ولا يدخلُ الجنة من خاف جاره بوائقهُ" رواه الطبراني. [البوائق] جمع بائقة: وهي الشرُّ، وغائلته كما جاء في حديث أبي هريرة المتقدم. 10 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ حتى يستقيم قلبهُ، ولا يستقيمُ قلبه حتى يستقيم لسانهُ، ولا يدخل الجنة حتى يأمنَ جارهُ بوائقهُ" رواه أحمد، وابن أبي الدنيا في الصمت كلاهما من رواية علي بن مسعدة. 11 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن من ¬
أمِنَهُ (¬1) الناسُ، والمسلمُ من سَلِمَ المسلمون (¬2) من لسانه ويده، والمهاجرُ (¬3) من هجر السوء، والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبدٌ لا يأمنُ جَارُهُ بوائقهُ" رواه أحمد وأبو يعلى والبزار وإسناد أحمد جيد، تابع عليَّ بن زيد حميدٌ، ويونس بن عبيدٍ. 12 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل قَسَّمَ بينكم أخلاقكم كما قَسَّمَ بينم أرزاقكم، وإن الله عز وجل يُعطي الدنيا من يُحبُّ ومن لا يُحبُّ، ولا يُعطي الدين إلا من أحَبَّ، فمن أعطاه الدين فقد أحَبَّهُ، والذي نفسي بيده لا يُسْلِمُ عبدٌ حتى يُسْلِمَ قلبهُ ولسانهُ، ولا يؤمنُ حتى يأمنَ جارهُ بوائقهُ. قلت: يا رسول الله، وما بوائقهُ؟ قال: غشْمُهُ (¬4) وظلمهُ، ولا يكسب مالاً من حرامٍ، فَيُنْفِقَ منه فَيُبَارَكَ فيه، ولا يتصدقُ به فَيُقْبَلَ منهُ، ولا يتركهُ خلف ظهرهِ إلا كان زادهُ إلى النار. إن الله لا يمحو السيء بالسيء، ولكن يمحو السيء بالحسنِ (¬5) إن الخبيث لا يمحو الخبيث" رواه أحمد وغيره من طريق أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد عنه. 13 - ورويَ عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من آذى جارهُ فقد آذاني (¬6) ومن آذاني، فقد آذى (¬7) الله، ومن حاربَ جارهُ (¬8) فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله (¬9) عز وجل" رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب التوبيخ. ¬
أول خصمين يوم القيامة جاران 14 - ورويَ عن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاةٍ قال: لا يصحبنا اليوم من آذى (¬1) جارهُ، فقال رجلٌ من القومِ أنا بُلْتُ في أَصلِ حائطِ جاري، فقال: لا تصحبنا اليوم (¬2) " رواه الطبراني، وفيه نكارة. 15 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أعوذُ بك من جار السوء في دار المقامة (¬3) فإن جارَ الباديةِ (¬4) يتحولُ" رواه ابن حبان في صحيحه. 16 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول خَصْمَيْنِ يوم القيامة جاران (¬5) " رواه أحمد، واللفظ له والطبراني بإسنادين أحدهما جيد. 17 - وعن أبي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو جارهُ قال: اطرح متاعك على طريقٍ فطرحَهُ، فجعل الناس يمرون عليه ويلعنونهُ (¬6)، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله لقيتُ من الناس. قال: وما لقيت منهم؟ قال: يلعنوني. قال: لقد لعنك الله قبل الناس، فقال إني لا أعودُ، فجاء الذي شكاهُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ارفع متاعكَ، فقد كُفِيتَ (¬7) " رواه الطبراني والبزار بإسناد حسن بنحوه إلا أنه قال: ¬
ضع متاعك على الطريق أو على ظهر الطريق فوضعهُ، فكان كل من مَرَّ به قال ما شأنك؟ قال: جاري يؤذيني. قال: فيدعو عليه، فجاء جارهُ، فقال: رُدَّ متاعك، فإني لا أوذيك أبداً". إن أذية الجار تحبط ثواب الأعمال الصالحة 18 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو جارهُ، فقال له: اذهب فاصبر، فأتاه مرتين أو ثلاثاً، فقال: اذهب فاطرحْ متاعك في الطريق ففعل، فجعل الناس يمرون ويسألونه، فيخبرهم خبر جارهِ فجعلوا يلعنونهُ فعل الله به وفعل، وبعضهم يدعو عليه، فجاء إليه جارهُ، فقال: ارجع، فإنك لن ترى مني شيئاً تكرههُ" رواه أبو داود، واللفظ له وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. 19 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رجلٌ يا رسول الله: إن فلانة تُكثرُ من صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تُؤذي جيرانها بلسانها. قال: هي في النار. قال: يا رسول الله، فإن فلانة يُذكرُ من قلة صيامها وصلاتها، وأنها تتصدقُ بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها. قال: هي في الجنة" رواه أحمد والبزار وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة بإسناد صحيح أيضاً، ولفظه وهو لفظ بعضهم: "قالوا: يا رسول الله فلانةُ تصومُ النهار، وتقومُ الليل، وتؤذي جيرانها. قال: هي في النار. قالوا: يا رسول الله فلانة تُصلي المكتوبات، وتَصَدَّقُ (¬1) بالأثوار من الأقطِ ولا تؤذي جيرانها. قال: هي في الجنة". [الأثوار] بالمثلثة جمع ثور: وهي قطعة من الأقط. [والأقط] بتفح الهمزة وكسر القاف وبضمها أيضاً وبكسر الهمزة والقاف معاً وبفتحهما: هو شيء يتخذ من مخيض اللبن الغنمي. ¬
حقوق الجار 20 - ورويَ عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أغلق بابهُ دون جارهِ مخافةً على أهلهِ ومالهِ، فليس ذلك بمؤمنٍ، وليس بمؤمنٍ من لم يأمنُ جارهُ بوائقهُ. أتدري ما حقُّ الجار؟ إذا استعانك أعنته، وإذا استقرضك (¬1) أقرضته، وإذا افتقر عُدْتَ عليه، وإذا مرض عُدْتَهُ، وإذا أصابهُ خيرٌ هنأتهُ، وإذا أصابتهُ مصيبةٌ عَزَّيْتَهُ، وإذا مات اتبعتَ جنازتهُ، ولا تستطيلُ بالبنيان فتحجبُ عنه الريحَ إلا بإذنه، ولا تُؤذِهِ بقُتَارِ ريح قِدْرِكَ إلا أن تغرف له منها، وإن اشتريت فاكهةً فأهدِ له، فإن لم تفعل فأدخِلها سراً، ولا يخرجْ بها ولدكَ ليغيظَ بها ولدهُ (¬2) " رواه الخرائطي من مكارم الأخلاق. [قال الحافظ]: ولعل قوله أتدري ما حق الجار إلى آخره في كلام الراوي غير مرفوع، لكن قد روى الطبراني عن معاوية بن حيدة قال: "قلتُ: يا رسول الله ما حق الجار عليَّ؟ قال: إن مَرِضَ عُدْتَهُ، وإن مات شَيَّعْتَهُ، وإن استقرضك أقرضتهُ، وإن أعْوَذَ سترتهُ" فذكر الحديث بنحوه. 21 - وروى أبو الشيخ ابن حبان في كتاب التوبيخ عن معاذ بن جبل قال: "قلنا: يا رسول الله ما حق الجوار؟ قال: إن استقرضك أقرضتهُ، وإن استعانكَ أعنتهُ، وإن احتاجَ أعطيتهُ وإن مرضَ عُدْتَهُ" فذكر الحديث بنحوه، وزاد في آخره: هل تفقهون ما أقولُ لكم؟ لن يُؤدي حق الجار إلا قليلٌ ممن رحم الله، أو كلمة نحوها. 22 - وروى أبو القاسم الأصبهاني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، قالوا: يا رسول الله وما حق الجار على الجار؟ قال: إن سألك (¬3) فأعطه" فذكر الحديث بنحوه ¬
لم يذكر فيه الفاكهة، ولا يخفى أن كثرة هذه الطرق تكسبه قوة، والله أعلم. 23 - وعن فضالة بن عبيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ من الفواقرِ (¬1): إمامٌ (¬2) إن أحسنتَ لم يشكر (¬3) وإن أسأت لم يغفر (¬4) وجارٌ سَوء (¬5) إن رأى خيراً دفنهُ، وإن رأى شراً أذاعهُ (¬6)، وامرأةٌ (¬7) إن حضرت آذتكَ (¬8) وإن غبت عنها خانتك (¬9) " رواه الطبراني بإسناد لا بأس به. 24 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما آمَنَ بي (¬10) من بات شبعاناً وجارهُ جائعٌ إلى جنبه وهو يعلمُ" رواه الطبراني والبزار وإسناده حسن. 25 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن الذي يشبعُ وجارهُ جائعٌ" رواه الطبراني وأبو يعلى ورواته ثقات ورواه الحاكم من حديث عائشة ولفظه: "ليس المؤمن الذي يبيت شبعاناً، وجارهُ جائعٌ إلى جنبه". 26 - ورويَ عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ¬
فقال: يا رسول الله اكْسُني، فأعْرَضَ عنهُ، فقال: يا رسول الله اكْسُني. فقال: أما لك جارٌ له فضلُ ثوبين؟ قال: بلى غيرُ واحدٍ. قال: فلا يَجْمَعُ الله بينك وبينه في الجنة" رواه الطبراني في الأوسط. 27 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كم من جارٍ مُتعلقٌ بجارهِ يقول: يارب سَلْ هذا لِمَ أغلق عني بابهُ، ومنعني فَضْلَهُ؟ " رواه الأصبهاني. 28 - وعن أبي شريحٍ الخزاعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيُحْسِنُ إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت" رواه مسلم. 29 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخرفليقل خيراً أو ليصمتْ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جارهُ" رواه أحمد بإسناد حسن. 30 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يأخذ عني هذه الكلمات فيعملَ بهنَّ أو يُعَلِّمَ من يعملُ بهنَّ؟ فقال أبو هريرة: قلتُ أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي فَعَدَّ خمساً فقال: اتَّقِ المحارم (¬1) تكن أعبد الناس، وَارْضَ بما قَسَمَ الله لك تكن أغنى الناس، وأحْسِنْ إلى جاركَ تكن مؤمناً وأحِبَّ للناس ما تُحبُّ لنفسكَ تكن مسلماً، ولا تُكْثِر الضحك فإن كثرة الضحك تُميتُ القلب" رواه الترمذي وغيره من رواية الحسن عن أبي هريرة، وقال الترمذي: الحسن لم يسمع من أبي هريرة، ورواه البزار والبيهقي بنحوه في كتاب الزهد عن مكحول عن واثلة عنه وقد سمع مكحول من واثلة قاله الترمذي وغيره لكن بقيةُ أمضاه، وفيه ضعف. ¬
خير الجيران عند الله خيرهم لجاره 31 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير الأصحاب (¬1) عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره" رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 32 - وعن مُطرفٍ، يعني ابن عبد الله قال: "كان يَبْلُغُني عن أبي ذر حديثٌ وكنتُ أشتهي لقاءهُ فلقيتهُ فقلتُ يا أبا ذر: كان يَبْلُغُني عنك حديثٌ، وكنتُ أشتهي لقاءك، قال: لله أبوُك قد لقيتني فهاتِ، قلتُ: حديثٌ، بَلَغَني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حَدَّثَكَ قال: إن الله عز وجل يُحبُّ ثلاثةً، قال: فما إخَالُنِي أكذبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقلتُ: فمن هؤلاء الثلاثةُ الذين يحبهم الله عز وجل؟ قال: رجلٌ غزا في سبيل الله صابراً محتسباً، فقاتل حتى قُتِلَ، وأنتم تجدونه عندكم في كتاب الله عز وجل ثم تلا: "إنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً (¬2) كأنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (¬3) " قلتُ: وَمَنْ؟ قال: رجلٌ كان له جارُ سوء يؤذيه، فيصبرُ على أذاهُ حتى يَكْفِيَهُ (¬4) الله إياهُ بِحَياةٍ أوْ مَوْتٍ" فذكر الحديث. رواه أحمد والطبراني واللفظ له وإسناده، وأحد إسنادي أحمد رجالهما محتج بهم في الصحيح، ورواه الحاكم وغيره بنحوه وقال: صحيح على شرط مسلم. 33 - وعن ابن عمر وعائشةَ رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مازال جبريل عليه السلام يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سَيُورِّثُهُ (¬5) " رواه ¬
البخاري ومسلم والترمذي، ورواه أبو داود وابن ماجة من حديث عائشة وحدها، وابن ماجة أيضاً وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة. ¬
34 - وعن رجلٍ من الأنصار قال: "خرجت مع أهلي أريدُ النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا به قائمٌ، وإذا رجلٌ مُقبلٌ عليه، فظننتُ أن له حاجةً، فجلستُ فوالله لقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جعلتُ أرْثى (¬1) له من طول القيام، ثم انصرف، فقمتُ إليه، فقلتُ: يا رسول الله لقد قام بك هذا الرجلُ حتى جعلتُ أرْثِي لك من طول القيام. قال: أتدري من هذا؟ قلتُ: لا. قال: جبريل صلى الله عليه وسلم، مازال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه، أما إنك لو سَلَّمْتَ عليهِ لردَّ عليك السلام" رواه أحمد بإسناد جيد، ورواته رواة الصحيح. 35 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ناقته الجَدْعَاء (¬2) في حجةِ (¬3) الوداع يقول: أوصيكم بالجار حتى أكثر، فقلتُ: إنه يُوَرِّثُهُ" رواه الطبراني بإسناد جيد. 36 - وعن مجاهد أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "ذُبِحَتْ له شاةٌ في أهله، فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي، أهديتم لجارنا اليهودي؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيُوَرِّثُهُ" رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب. [قال الحافظ]: وقد روى هذا المتن من طرق كثيرة، وعن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم. ¬
الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكرام الزائرين
37 - وعن نافع بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سعادة المرء الجارُ الصالح، والمركبُ الهنيء (¬1)، والمسكن الواسعُ" رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح. 38 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعٌ من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكنُ الواسعُ، والجارُ الصالحُ، والمركبُ الهنيء، وأربعٌ من الشقاء: الجارُ السوء، والمرأةُ السوء (¬2)، والمركبُ السوء (¬3)، والمسكن الضيق" رواه ابن حبان في صحيحه. 39 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل لَيَدْفَعُ بالمسلمِ الصالح عن مائة أهل بيتٍ من جيرانه البلاء، ثم قرأ: "وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ (¬4) " رواه الطبراني في الكبير والأوسط. الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكرام الزائرين 1 - عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن رجلاً زار أخاً له في قريةٍ، فأرْصَدَ (¬5) الله تعالى على مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً، فلما أتى عليه قال: أين تُريدُ؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمةٍ تَرُبُّهَا؟ قال: ¬
لا، غير أني أحببتهُ في الله. قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك (¬1) كما أحببتهُ فيه" رواه مسلم. [المدرجة] بفتح الميم والراء: الطريق. [وقوله: تَرُبُّهَا]: أي تقوم بها، وتسعى في صلاحها. 2 - وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عادَ (¬2) مريضاً، أو زار أخاً له في الله ناداهُ مُنادٍ بأن طِبْتَ (¬3)، وطَابَ مَمْشاكَ (¬4)، وَتَبَوَّأتَ (¬5) من الجنة منزلاً" رواه ابن ماجة والترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن، وابن حبان في صحيحه، كلهم من طريق أبي سنان عن عثمان بن أبي سودة عنه. 3 - وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "ما من عبدٍ أتى أخاهُ يزورهُ في الله (¬6) إلا ناداهُ ملكٌ من السماء أن طِبْتَ وطابتْ لك الجنةُ، وإلا قال الله في ملكوتِ عرشه: عبدي زار فِيَّ، وَعَليَّ قِرَاهُ (¬7) فلم يرضَ له بثوابٍ دون الجنة" الحديث رواه البزار وأبو يعلى بإسناد جيد. 4 - وعن أنسٍ أيضاً رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم برجالكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: النبي في الجنة، والصِّدِّيقُ في الجنة، والرجلُ يزورُ أخاهُ في ناحية المِصْرِ (¬8) لا يزوروه إلا لله في الجنة" الحديث رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وتقدم بتمامه في حق الزوجين. 5 - ورويَ عن أبي رُزَيْنٍ العُقَيْلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا رزين إن المسلم إذا زار أخاهُ المسلم شَيَّعَهُ (¬9) سبعون ألف ملكٍ ¬
يُصَلُّونَ (¬1) عليه يقولون: اللهم كما وَصَلَهُ فيكَ فَصِلْهُ (¬2) " روه الطبراني في الأوسط. 6 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تبارك وتعالى: وجبت (¬3) محبتي للمتحابين فِيَّ، وللمُتَجالسينَ فِيَّ، وللمُتزاورينَ فِيَّ، وللمُتباذلينَ فِيَّ" رواه مالك بإسناد صحيح، وفيه قصة أبي إدريس، وسيأتي بتمامه في الحب لله مع حديث عمرو بن عبسة. 7 - ورويَ عن بُريدةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة غُرَفاً تُرَى ظواهرها من بواطنها، وبواطنها من ظواهرها أعدها الله للمتحابين فيه والمتزاورين فيه والمتباذلين فيه" رواه الطبراني في الأوسط. 8 - وعن عونٍ قال: "قال عبد الله، يعني ابن مسعودٍ رضي عنه لأصحابه حين قدموا عليه: هل تجالسون؟ قالوا: لا نترُكَ ذاك. قال: فهلْ تزاورون؟ قالوا: نعم يا أبا عبد الرحمن إن الرجلَ منا ليفقدُ أخاهُ، فيمشي على رجليهِ إلى آخر الكوفةِ حتى يلقاهُ. قال: إنكم لن تزالوا بخيرٍ ما فعلتم ذلك" رواه الطبراني وهو منقطع. 9 - ورويَ عن زُرِّ بن حُبَيْشٍ قال: "أتينا صفوان بن عَسَّالٍ المُراديَّ فقال: أزائرين؟ قلنا: نعم، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من زار أخاه المؤمن خَاضَ (¬4) في الرحمةِ حتى يرجعَ، ومن عاد أخاهُ المؤمن خَاضَ في رياضِ الجنةِ حتى يَرْجِعَ" رواه الطبراني في الكبير. 10 - وعن جُبيرِ بن مُطعمٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انطلقوا بنا إلى بني واقفٍ نَزُورُ البصير، رجلٌ كان مكفوفَ البصر" رواه البزار بإسناد جيد. 11 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
زُرْ غِباًّ (¬1) تَزْدَدْ حُباً" رواه الطبراني، ورواه البزار من حديث أبي هريرة، ثم قال: لا يعلم فيه حديث صحيح. ¬
[قال الحافظ]: وهذا الحديث قد روي عن جماعة من الصحابة، وقد اعتنى غير واحد من الحفاظ بجميع طرقه، والكلام عليها، ولم أقف له على طريق صحيح كما قال البزار بل له أسانيد حسان عند الطبراني وغيره، وقد ذكرت كثيراً منها في غير هذا الكتاب، والله أعلم. 12 - وروى ابن حبان في صحيحه عن عطاء قال: "دخلت أنا، وعُبيدُ بن عُميرٍ على عائشة رضي الله عنها، فقالت لِعُبيد بن عُميرٍ: قد آن لك أن تزورنا، فقال: أقولُ يا أُمّهْ كما قال الأوَّلُ: زُرْ غِباًّ تَزْدَدْ حُباً. قال: فقالت دعونا من بطالتكم هذه. قال ابن عُمير: أخبرينا بأعجب شيء رأيتهِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث في نزول (إنَّ في خَلْقِ السَّمَوَاتِ والأرْضِ) ". 13 - وعن أم سلمةرضي الله عنها قالت: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصلحي لنا لمجلس، فإنه ينزلُ ملكٌ إلى الأرضِ لم ينزلْ إليها قطُّ" رواه أحمد، ورواته ثقات إلا أن التابعي لم يسمّ. 14 - وعن أم بُجَيْدٍ رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا في بني عمرو بن عوفٍ، فأتخذُ له سَويقاً في قَعْبَةٍ، فإذا جاء سَقَيْتُهَا إياهُ" رواه أحمد ورواته ثقات سوى ابن إسحاق. [أم بجيد]: بضم الباء الموحدة وفتح الجيم، واسمها حواء بنت يزيد الأنصارية. 15 - وعن إبراهيم بن نَشِيطٍ "أنه دخل على عبد الله بن الحارث بن جَزْءٍ الزبيدي رضي الله عنه، فَرَمىَ إليه بوسادةٍ كانت تحتهُ، وقال: مَنْ لم يُكرم جليسهُ فليس مِنْ أحمد، ولا من إبراهيم عليهما الصلاة والسلام" رواه الطبراني موقوفاً، ورواته ثقات. ¬
الترغيب في الضيافة وإكرام الضيف وتأكيد حقه، وترهيب الضيف أن يقيم حتى يؤثم أهل المنزل
الترغيب في الضيافة وإكرام الضيف، وتأكيد حقه وترهيب الضيف أن يقيم حتى يؤثم أهل المنزل 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه (¬1)، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمهُ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" رواه البخاري ومسلم. 2 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنها قال: "دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ألم أُخْبَرْ أنك تقومُ الليل، وتصومُ النهار؟ قلتُ بلى، قال فلا تفعل، قُمْ وَنَمْ وأفْطِرْ، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينكَ عليك حقاً، وإن لِزَوْرِكَ عليك حقاً، وإن لزوجكَ عليك حقاً" الحديث رواه البخاري واللفظ له، ومسلم وغيرهما. [وقوله: وإن لزورك عليك حقاً]: أي وإن لزوَّارك وأضيافك عليك حقاً، يقال للزائر: زور بفتح الزاي سواء فيه الواحد والجمع. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني مَجْهُودٌ، فأرْسَلَ إلى بعض نسائهِ، فقالت: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، ثم أرسلَ إلى أخرى فقالت مثل ذلك حتى قُلنَ كُلهنَّ مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، فقال: من يُضِيفُ هذا الليلةَ رحمه الله، فقام رجلٌ من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رَحْلِهِ فقال لامرأتهِ: هل عندك شيء؟ ¬
قالت: لا. إلا قوت صبياني قال: فَعَلِّلِيهمْ (¬1) بشيء، فإذا أرادوا العشاء فَنَوِّمِيهِمْ، فإذا دخل ضيفنا فاطفئي السراج، وأريه أنَّا نأكُلُ (¬2) ". وفي رواية: فإذا أهوى ليأكلَ، فقومي إلى السراج حتى تُطفئيه. قال: فقعدوا وأكل الضيف، وباتا طاويين (¬3)، فلما أصبحَ (¬4) غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قد عَجِبَ (¬5) الله من صنيعكما بضيفكما. زاد في رواية فنزلت هذه الآية: "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أنْفُسِهِمْ وَلوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ (¬6) " رواه مسلم وغيره. 4 - وعن أبي شُريحٍ خُويلد بن عمروٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزتهُ يومٌ وليلةٌ، والضيافةُ ثلاثةُ أيام فما كان بعد ذلك فهو صدقةٌ (¬1)، ولا يحلُّ لهُ أن يَثْوِيَ عنده حتى يُحْرِجَهُ" رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة. قال الترمذي: ومعنى لا يثوي: لا يقيم حتى يشتد على صاحب المنزل، والحرج: الضيق. انتهى. [وقال الخطابي]: معناه لا يحل للضيف أن يقيم عنده بعد ثلاثة أيام من غير استدعاء منه حتى يضيق صدره، فيبطل أجره. انتهى. [قال الحافظ]: وللعلماء في هذا الحديث تأويلان: أحدهما أنه يعطيه ما يجوز به ويكفيه في يوم وليلة إذا اجتاز به، وثلاثة أيام إذا قصده، والثاني يعطيه ما يكفيه يوماً وليلة يستقبلهما بعد ضيافته. 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "للضيفِ على من نزل به من الحق ثلاثٌ، فما زاد فهو صدقةٌ، وعلى الضيف أن يرتحل (¬2) لا يُؤثِّمُ (¬3) أهْلَ المنزل" رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورواته ثقات سوى ليث بن أبي سليم. ¬
الضيافة ثلاثة أيام حق لازم 6 - وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما ضيفٍ نزلَ بقومٍ، فأصبحَ الضيفُ محروماً، فله أن يأخذ بقدر قِرَاهُ (¬1)، ولا حرج (¬2) عليه" رواه أحمد، ورواته ثقات والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 7 - وعن أبي كريمة وهو المقدام بن معد يكربَ الكَنْدِي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة الضيف حقٌ (¬3) على كل مسلمٍ، فمن أصبح بفنائه، فهو عليه دينٌ إن شاء قضى، وإن شاء ترك" رواه أبو داود وابن ماجة. 8 - وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما رجلٍ أضاف قوماً، فأصبحَ الضيف محروماً، فإن نصرهُ حقٌ على كل مسلمٍ حتى يأخذَ بِقِرَى ليلته من زرعه وماله" رواه أبو داود والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 9 - وعن التلب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الضيافةُ ثلاثةُ أيامٍ حقٌ لازمٌ، فما كان بعد ذلك فصدقةٌ" رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسناد فيه نظر. 10 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفهُ، قالها ثلاثاً. قال رجلٌ: وما كَرَامَةُ الضيف يا رسول الله؟ قال: ثلاثة أيام، فما زاد بعد ذلك فهو صدقةٌ" رواه أحمد مطولاً ومختصراً بأسانيد أحدها صحيح والبزار وأبو يعلى. 11 - وعن عبد الله، يعني ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الضيافةُ ثلاثةُ أيامٍ، فما زاد فهو صدقةٌ، وكلُ معروفٍ صدقةٌ" رواه البزار ورواته ثقات. 12 - ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
: "من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، وَقَرَى الضيف (¬1) دخل الجنة" رواه الطبراني في الكبير. 13 - ورويَ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الملائكة تُصلي (¬2) على أحدكم مادامت مائدتهُ (¬3) موضوعةً" رواه الأصبهاني. 14 - ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخيرُ أسرعُ (¬4) إلى البيت الذي يؤكلُ فيه من الشَّفْرَةِ (¬5) إلى سنام البعير" رواه ابن ماجة واروه ابن أبي الدنيا من حديث أنس وغيره. [قال الحافظ]: وتقدم بباب في إطعام الطعام، وفيه غير ما حديث يليق بهذا الباب لم نعد منها شيئاً. 15 - وعن شهاب بن عبادٍ أنه سمع بعض وفد عبد القيس وهم يقولون: "قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاشتد فرحهم، فلما انتهينا إلى القومِ أوسعوا لنا، فقعدنا، فَرَحَّبَ بنا النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا لنا، ثم نظر إلينا، فقال مَنْ سَيِّدُكُمْ وزعيمكم؟ فأشرنا جميعاً إلى المنذر بن عائذٍ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أهذا الأشَجُّ؟ فكان أول يومٍ وُضِعَ عليه الاسمُ لِضَرْبَةٍ كانت بوجهه بحافر حمارٍ قلنا: نعم يا رسول الله، فتخلف بعد القومِ، فَعَقَلَ رواحلهم، وَضَمَّ مَتاعهم، ثم أخرجَ عَيْبَتَهُ، فألقى عنه ثياب السفر، ولبس من صالح ثيابه، ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بسط النبي صلى الله عليه وسلم رِجْلَهُ واتكأ، فلما دنا منه الأشج أوسعَ ¬
القوم له، وقالوا هاهنا يا أشجُّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، واستوى قاعداً، وقبض رجلهُ: هاهنا يا أشجُّ، فقعد عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرحب به وألطفهُ، وسأله عن بلادهم، وسَمَّى (¬1) لهم قريةً قريةَ الصفا والمُشَقَّرَ، وغير ذلك من قرى هجرٍ، فقال بأبي وأمي يا رسول الله، لأنت أعلم بأسماء قُرَانا منا، فقال: إني وطئت بلادكم، وَفُسِحَ (¬2) لي فيها. قال: ثم أقبل على الأنصار، فقال: يا معشر الأنصار أكرموا إخوانكم، فإنهم أشباهكم في الإسلام أشبهُ شيء بكم أشعاراً (¬3) وأبشاراً. أسلموا طائعين غير مكرهين، ولا مَوْتُورِينَ (¬4) إذ أبَى قومٌ أن يُسلموا حتى قُتلوا: قال: فلما أصبحوا قال: كيف رأيتم كرامة إخوانكم لكم، وضيافتهم إياكم. قالوا: خيرُ إخوانٍ ألاَنُوا (¬5) فُرُشَنَا، وأطابوا (¬6) مطعمنا، وباتوا وأصبحوا يُعَلِّمُونَا كتاب ربنا (¬7) تبارك وتعالى، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، فأُعجب النبي صلى الله عليه وسلم وَفَرِحَ" وهذا الحديث بطوله رواه أحمد بإسناد صحيح. [العيبة] بفتح العين المهملة وسكون الياء المثناة تحت بعدها باء موحدة: هي ما يجعل المسافر فيه الثياب 16 - وعن حُميدٍ الطويل عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "دخل عليه قومٌ يَعُودُونَهُ (¬8) في مرضٍ له، فقال: يا جارية هلمي لأصحابنا ولو كِسَراً (¬9)، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مكارمُ الأخلاق (¬10) من أعمال الجنة" رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد. ¬
الترهيب أن يحتقر المرء ما قدم إليه أو يحتقر ما عنده أن يقدمه للضيف
17 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا خيرَ فيمن لا يُضَيِّفُ (¬1) " رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح خلا ابن لهيعة. الترهيب أن يحتقر المرء ما قدم إليه أو يحتقر ما عنده أن يقدمه للضيف 1 - عن عبد الله بن عميرةَ قال: "دخل على جابرٍ رضي الله عنه نفرٌ من أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَدَّمَ إليهم خُبزاً وَخَلاً، فقال: كلوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نِعْمَ الإدامُ الخلُّ. إنه هلاكٌ بالرجلِ أن يدخلَ إليه النفرُ من إخوانه (¬2)، فيحتقرَ ما في بيته أن يُقدمهُ إليهم، وهلاكٌ بالقومِ أن يحتقروا ما قُدِّم إليهم" رواه أحمد والطبراني وأبو يعلى إلا أنه قال: "وكفى بالمرء شراً أن يحتقر ما قُرِّبَ إليه"، وبعض أسانيدهم حسن، وَنِعْمَ الإدَامُ الخلُّ. في الصحيح، ولعل قوله: إنه هلاكٌ بالرجل إلى آخره من كلام جابر مدرج غير مرفوع، والله أعلم. الترغيب في الزرع وغرس الأشجار المثمرة 1 - عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ¬
مسلمٍ يغرسُ غرساً إلا كان ما أكِلَ منه له صدقةٌ، وما سُرِقَ منه له صدقةٌ، ولا يَرْزَؤه أحدٌ إلا كان له صدقةٌ إلى يوم القيامة". 2 - وفي رواية: "فلا يغرس المسلم غرساً فيأكل منه إنسانٌ، ولا دابةٌ، ولا طيرٌ إلا كان له صدقةٌ إلى يوم القيامة". 3 - وفي رواية له: "لا يغرسُ مسلمٌ غرساً، ولا يزرعُ زرعاً، فيأكل منه إنسانٌ ولا دابةٌ، ولا شيء إلا كانت له صدقةٌ" رواه مسلم. [يرْزَؤُه] بسكون الراء وفتح الزاي بعدهما همزة، معناه: يصيب منه وينقصه. 4 - وعن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلمٍ (¬1) يغرسُ (¬2) غرساً، أو يزرعُ (¬3) زرعاً، فيأكلُ منه طيرٌ، أو إنسانٌ إلا كان له به صدقةٌ (¬4) " رواه البخاري ومسلم والترمذي. 5 - وعن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
"مَنْ بَنَى بُنياناً في غير ظُلْمٍ (¬1) ولا اعتداءٍ (¬2)، أو غرس غرساً في غير ظُلمٍ، ولا اعتداءٍ كان له أجر جارياً ما انتفعَ (¬3) به من خلق الرحمنُ تبارك وتعالى" رواه أحمد من طريق زبان. 6 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغرسُ مسلمٌ غرساً ولا يزرعُ زرعاً، فيأكلُ منه إنسانٌ ولا طائرٌ ولا شيء إلا كان له أجرٌ" رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. 7 - وعن خَلاَّد بن السائب عن أبيه رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من زرع زرعاً فأكلَ منه الطيرُ أو العافيةُ (¬4) كان له صدقةٌ" رواه أحمد والطبراني، وإسناد أحمد حسن. 8 - وعن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ بأذُنَيَّ هاتينِ: من نصب (¬5) شجرةً، فصبرَ على حفظها، والقيام عليها حتى تثمرَ كان له في كل شيء يُصابُ من ثمرها صدقةٌ (¬6) عند الله عز وجل" رواه أحمد، وفيه قصة، وإسناده لا بأس به. 9 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه: "أن رجلاً مَرَّ به، وهو يغرسُ غرساً بدمشق. فقال له: أتفعلُ هذا، وأنت صاحب (¬7) رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ¬
لا تَعْجَلْ (¬1) عليَّ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من غرس غرساً لم يأكل منه آدميٌ، ولا خَلْقٌ من خَلْقِ الله إلا كان له به صدقةٌ" رواه أحمد وإسناده حسن بما تقدم. 10 - وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من رجلٍ يغرسُ غرساً إلا كتبَ الله له من الأجرِ قدر ما يخرجُ من ذلك الغرس" رواه أحمد، ورواته محتج بهم في الصحيح إلا عبد الله بن عبد العزيز الليثي. 11 - وتقدم في كتاب العلم وغيره حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبعٌ يجري للعبد أجْرُهُنَّ وهو في قبرهِ وهو بعد موته: مَنْ عَلَّمَ عِلْماً، أو كَرَى (¬2) نهراً، أو حَفَرَ بئراً، أو غرس نخلاً، أو بَنى مسجداً، أو وَرَّثَ (¬3) مُصْحَفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته" رواه البزار وأبو نعيم والبيهقي. 12 - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عمرو بن عوفٍ يوم الأربعاء، فذكر الحديث إلى أن قال: يا معشر الأنصار قالوا: لبيك (¬4) يا رسول الله، فقال: كنتم في الجاهلية إذ لا تعبدون الله تحملون الْكَلَّ (¬5) وتفعلون في أموالكمُ المعروفَ (¬6)، وتفعلون إلى ابن السبيل (¬7) حتى إذا مَنَّ اللهُ عليكم بالإسلام وَبنبيه إذا أنتم تُحصنون أموالكم (¬8): فيما يأكلُ ابن آدم أجرٌ، ¬
الترهيب من البخل والشح والترغيب في الجود والسخاء
وفيما يأكلُ السَّبُعُ والطيرُ أجرٌ. قال: فرجعَ القومُ فما منهم أحدٌ إلا هَدَمَ من حديقتهِ ثلاثين باباً" رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. قال: وفيه النهي الواضح عن تحصين الحيطان والنخيل والكرْم وغيرها من المحتاجين والجائعين أن يأكلوا منها شيئاً. انتهى. الترهيب من البخل والشح، والترغيب في الجود والسخاء 1 - عن أنسٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أعوذُ بك من البخلِ، والكسل، وأرذَلِ العمرِ (¬1)، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات (¬2) " رواه مسلم وغيره. 2 - وعن جابرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا الظلمَ فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهْلَكَ من كان قبلكم حَمَلَهُمْ على أن سَفَكُوا دماءهم، واستحلوا محارمهم" رواه مسلم. [الشح] مثلث الشين: هو البخل والحرص، وقيل: الشح الحرص على ما ليس عندك، والبخل بما عندك. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"إياكم والفُحْشَ والتَّفَحُّشَ، فإن الله لا يُحبُّ الفاحش (¬1) المُتَفَحِّشَ، وإياكم والظلمَ (¬2)، فإنه هو الظلماتُ يوم القيامة، وإياكم والشُّحَّ، فإنه دعا من كان قبلكم فَسَفَكُوا دماءهم، ودعا من كان قبلكم، فقطعوا أرحامهم، ودعا من كان قبلكم، فاستحَلُّوا حُرُمَاتهم" رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد. 4 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "إياكم والظلم، فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، وإياكم والفُحْشَ والتفحش، وإياكم والشح، فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمَرَهُمْ بالقطيعة، فقطعوا، وأمَرَهُمْ بالبُخل فبخلوا، وأمرهُمْ بالفجور (¬3) ففجروا، فقام رجلٌ، فقال: يا رسول الله أيُّ الإسلامِ أفضلُ؟ قال: أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك، فقال ذلك الرجلُ أو غيره: يا رسول الله أي الهجرةِ أفضلُ؟ قال: أن تهجر ما كره ربك، والهجرةُ هجرتان: هِجْرَةُ الحاضرِ، وهجرةُ البادي (¬4). فهجرةُ البادي أن يُجيبَ إذا دُعيَ، ويطيع إذا أُمِرَ؛ وهجرةُ الحاضر (¬5) أعظمها بَلِيَّةً، وأفضلها أجراً" رواه أبو داود مختصراً والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح على شرط مسلم. 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شَرُّ ما في الرجل شُحٌّ هَالِعٌ، وجُبْنٌ خَالِعٌ" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه. [قوله: شح هالع]: أي محزن، والهلع: أشد الفزع. [وقوله: جبن خالع]: هو شدة الخوف، وعدم الإقدام، ومعناه أنه يخلع قلبه من شدة تمكنه منه. ¬
لا يدخل الجنة خب ولا منان ولا بخيل 6 - وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمعُ غُبَار (¬1) في سبيل الله، ودُخانُ جهنم في جوف عبدٍ أبداً، ولا يجتمع شُحٌّ وإيمانٌ في قلب عبدٍ أبداً" رواه النسائي وابن حبان في صحيحه، والحاكم واللفظ له، ورواه أطول منه بإسناد على شرط مسلم، وتقدم في الجهاد. 7 - ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما محق (¬2) الإسلام محقَ الشُّحِّ شيء" رواه أبو يعلى والطبراني. 8 - ورويَ عن نافعٍ رضي الله عنه قال: "سمع ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً يقول: الشحيحُ أغْدَرُ (¬3) من الظالمِ، فقال ابن عمر: كذبت، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: الشحيحُ لا يدخلُ الجنة" رواه الطبراني في الأوسط. 9 - ورويَ عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخلُ الجنة خَبٌّ، ولا مَنَّانٌ، ولا بخَيلٌ" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. [الخب] بفتح الخاء المعجمة وتكسر: هو الخدَّاع الخبيث. 10 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلق الله جنة عدنٍ بيدهِ، ودَلَّى فيها ثمارها، وشَقَّ فيها أنهارها، ثم نظر إليها، فقال ¬
لها: تكلمي، فقالت: قد أفلح المؤمنون (¬1)، فقال: وعزتي وجلالي لا يُجاورُني فيكِ بخيلٌ" رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسنادين أحدهما جيد، ورواه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة من حديث أنس بن مالك ويأتي إن شاء الله تعالى. خصلتان لا يجتمعان في مؤمن: البخل وسوء الخلق 11 - وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ مُهلكاتٌ، وثلاثٌ مُنجياتٌ، وثلاثٌ كَفَّاراتٌ، وثلاثٌ درجاتٌ، فأما المهلكاتُ، فَشُحٌّ مُطاعٌ (¬2)، وهوىً مُتَّبَعٌ (¬3)، وإعجاب المرء بنفسه (¬4) " الحديث. رواه الطبراني في الأوسط، وتقدم في باب انتظار الصلاة حديث أنس بنحوه. 12 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ يحبهم الله، وثلاثةٌ يُبغضهمُ الله. فذكر الحديث إلى أن قال: وَيُبْغِضُ الشيخُ الزاني، والبخيلَ، والمتكبر" رواه ابن حبان في صحيحه، وهو بتمامه في صدقة السر. 13 - ورويَ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خصلتان لا يجتمعان في مؤمنٍ: البخلُ وسوء الخلق" رواه الترمذي وغيره وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صدقة بن موسى. 14 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السخيُّ قريبٌ من اللهِ، قريبٌ من الجنة، قريبٌ من الناس، بعيدٌ من النار، والبخيلُ بعيدٌ من الله، بعيدٌ من الجنة، بعيدٌ من الناس، قريبٌ من النار، وَلَجَاهِلٌ سخيٌّ أحَبُّ إلى الله من عابدٍ بخيلٍ" رواه الترمذي من حديث سعيد بن محمد الوراق عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة، وقال: إنما يروى عن يحيى بن سعيد عن عائشة مرسلاً. 15 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ¬
"ألا إن كُلَّ جَوَادٍ في الجنة حَتْمٌ على الله، وأنا به كفيلٌ. ألا وإن كُلَّ بخيلٍ في النار حَتْمٌ على اللهِ، وأنا به كفيلٌ. قالوا: يا رسول الله مَنِ الجوادُ وَمَنِ البخيلُ؟ قال: الجوادُ مَنْ جَأدَ بِحقوقِ الله عز وجل في ماله، والبخيلُ من منعَ حقوق الله، وبخلَ على ربه، وليس الجوادُ من أخذَ حراماً وأنفقَ إسرافاً" رواه الأصبهاني وهو غريب. 16 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن غِرٌّ كَريمٌ، والفاجرُ خَبٌّ لئيمٌ" رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث غريب. [قال الحافظ]: لم يضعفه أبو داود ورواتهما ثقات سوى بشر بن رافع وقد وُثق. [قوله: غرٌّ كريم]: أي ليس بذي مكر ولا فطنة للشر، فهو ينخدع لانقياده ولينه. [والخب] بفتح الخاء المعجمة وتكسر: هو الخدّاع الساعي بين الناس بالشر والفساد. 17 - ورويَ عن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سُمحاءكم، وأموركم شُورى بينكم، فظهر الأرض خيرٌ لكم من بطنها، وإذا كانت أمراؤكم شراركم، وأغنياؤكم بُخلاءكم، وأموركم إلى نسائكم، فبطنُ الأرض خيرٌ لكم من ظهرها (¬1) " رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. 18 - وعن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بقومٍ خيراً وَلَّى أمرهمُ الحكماء (¬2) وجعل المال عند السُّمَحَاء (¬3)، وإذا أراد ¬
الله بقومٍ شراً وَلَّى أمرهمُ السفهاء (¬1)، وجعل المال عند البخلاء" رواه أبو داود في مراسيله. السخاء خُلُقُ اللهِ الأعظَمُ 19 - ورويَ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "السخاء خُلُقُ اللهِ الأعظَمُ" رواه أبوالشيخ ابن حبان في كتاب الثواب. 20 - ورويَ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما جُبِلَ وَلِيٌّ لله (¬2) عز وجل إلا على السخاء وحُسنِ الخلقِ" رواه أبو الشيخ أيضاً. 21 - ورويَ عن عمران بن حُصينٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله استخلص هذا الدين لنفسه، فلا يصلحُ لدينكم إلا السخاء وحُسْنُ الخلقِ، ألا فزينوا دينكم (¬3) بهما" رواه الطبراني في الأوسط والأصبهاني إلا أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جاءني جبريلُ عليه السلام، فقال يا محمد: إن الله استخلص هذا الدين" فذكره بلفظه. 22 - ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قيل: يا رسول الله مَنِ السَّيِّدُ (¬4)؟ قال: يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم. قالوا: فما في أمتكَ سَيِّدٌ؟ قال: بلى رجلٌ أُعْطِيَ مالاً، وَرُزِقَ سَمَاحَةً، وأدنى الفقير، وَقَلَّتْ شِكَايَتُهُ في الناس" رواه الطبراني في الأوسط. 23 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة بيتاً يُقالُ له: بيتُ السخاء (¬5) " رواه الطبراني وأبو الشيخ في كتاب الثواب إلا ¬
أنه قال: الجنة دارُ الأسخياء. قال الطبراني: تفرّد به جَحْدَرُ بن عبد الله. 24 - ورويَ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تبارك وتعالى بعث حبيبي جبريلَ عليه الصلاة والسلام إلى إبراهيم عليهما السلام فقال له يا إبراهيم: إني لم أتَّخِذْكَ خليلاً على أنك أعْبَدُ عبادي لي ولكن اطلعت (¬1) على قلوب المؤمنين، فلم أجد قلباً أسْخَى (¬2) من قلبك" رواه أبو الشيخ في كتاب الثواب والطبراني. 25 - ورويَ عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرزقُ إلى أهل بيتٍ فيه السَّخَاءُ أسرعُ من الشَّفَرَةِ (¬3) إلى سنام البعير" رواه أبو الشيخ أيضاً، ولابن ماجة من حديث ابن عباس نحوه وتقدم لفظه في الضيافة. 26 - ورويَ عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَجَافَوْا (¬4) عن ذَنْبِ السَّخِيِّ فإن الله آخذٌ بيده كُلما عَثَرَ" رواه ابن أبي الدنيا والأصبهاني، ورواه أبو الشيخ من حديث ابن عباس. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
الترهيب من عود الإنسان في هبته
الترهيب من عود الإنسان في هبته 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الذي ¬
يَرْجِعُ في هِبَتِهِ (¬1) كالكلب يَرْجِعُ في قَيْئِهِ (¬2) ". 2 - وفي رواية: "مثل الذي يَعُودُ (¬3) في هِبَتِهِ كَمَثَلِ الكلب يَقيء، ثم يعود في قَيْئِهِ فيأكلهُ" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. ¬
ولفظ أبي داود: العائدُ في هبته كالعائد في قيئهِ. قال قتادة: ولا نعلم القيء إلا حراماً. 3 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "حَمَلْتُ على فَرَسٍ (¬1) في سبيل (¬2) الله، فأردتُ أن أشتريه، فظننتُ أنه يبيعُهُ بِرُخْصٍ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تشترهِ (¬3)، ولا تَعُدْ في صدقتك، وإن أعطاكَهُ بدرهمٍ، فإن العائد في صدقته (¬4) كالعائد في قيئه" رواه البخاري ومسلم. [قوله: حملت على فرسٍ في سبيل الله]: أي أعطيت فرساً لبعض الغزاة ليجاهد عليه. 4 - وعن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحلُّ لرجلٍ أن يُعْطِي لرجلٍ عطيةً، أو يهب هبةً، ثم يرجعَ فيها إلا الوالدُ فيما يُعطي ولدهُ، ومثل الذي يرجعُ في عطيتهِ أو هبتهِ كالكلبِ يأكلُ فإذا شبعَ قاء، ثم عاد في قيئه" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. 5 - وعن عمرو بن شُعيبٍ عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مثلُ الذي يستردُّ ما وهب كمثل الكلب يقيء، فيأكل قيئهُ، فإذا استرد الواهب فليوقف فَلْيُعَرَّفْ بما اسْتَرَدَّ، ثم لِيَدْفَعَ ما وهب" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة. ¬
الترغيب في قضاء حوائج المسلمين وإدخال السرور عليهم وما جاء فيمن شفع فأهدى إليه
الترغيب في قضاء حوائج المسلمين، وإدخال السرور عليهم وما جاء فيمن شفع فأهدى إليه 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم (¬1) لا يظلمه (¬2) ولا يُسْلِمُهُ (¬3)، من كان في حاجة (¬4) أخيه كان اللهُ في حاجته، ومن فَرَّجَ عن مُسلمٍ كُرْبَةً (¬5) فَرَّجَ الله عنه بها كربة من كُربِ يوم القيامة، ومن سَتَرَ (¬6) مُسلماً سَتَرَهُ الله يوم القيامة (¬7) ". رواه البخاري ومسلم وأبو داود ¬
وزاد فيه رزين العبدري: ومن مشى مع مظلومٍ حتى يُثبتَ له حقهُ ثَبَّتَ الله قَدَمَيْهِ على الصراط يومَ تزولُ الأقدامُ، ولم أرَ هذه الزيادة في شيء من أصوله، إنما رواه ابن الدنيا والأصبهاني كما سيأتي. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ نَفَّسَ عن مُسلمٍ كُربةً من كُربَ الدنيا نَفَّسَ الله عنه كُربةً من كُربِ يوم القيامة، ومن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ في الدنيا يَسَّرَ الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن سَتَرَ على مُسلمٍ في الدنيا سَتَرَ الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون (¬1) أخيه" رواه مسلم وأبو داود والترمذي واللفظ له، والنسائي وابن ماجة والحاكم وقال صحيح على شرطهما. 3 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله خَلْقاً خَلَقَهُمْ لحوائج (¬2) الناس يَفْزَعُ الناسُ إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون من عذاب الله" رواه الطبراني، ورواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث الجهم بن عثمان، ولا يعرف عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف عن الحسن مرسلاً. 4 - ورويَ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله عند أقوامٍ نِعَماً أقرها عندهم ما كانوا في حوائج المسلمين ما لم يَمَلُّوهُمْ (¬3) فإذا مَلُّوهُمْ نَقَلَهَا إلى غيرهم" رواه الطبراني. ¬
من مشى في حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكاف عشر سنين 5 - ورويَ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله أقواماً اختصهم بالنِّعَمِ لمنافع العبادِ يُقرُّهُمْ (¬1) فيها ما بَذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم فَحَوَّلها إلى غيرهم" رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الكبير والأوسط ولو قيل بتحسين سنده لكان ممكناً. 6 - ورويَ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما عَظُمَتْ نِعمةُ الله عز وجل على عبدٍ إلا اشتدتْ إليه مُؤنةُ (¬2) الناس، ومن لم يحمل تلك المؤنة للناس، فقد عَرَّضَ تلك النعمة للزوال" رواه ابن أبي الدنيا والطبراني وغيرهما. 7 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبدٍ أنعمَ الله عليه نعمةً، فأسبغها (¬3) عليه، ثم جعل من حوائجِ الناس إليه، فَتَبَرمَ (¬4)، فقد عَرَّضَ تلك النعمة للزوال" رواه الطبراني بإسناد جيد. 8 - وعن ابن عباس أيضاً رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مشى في حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكاف عشر سنين (¬5)، ومن اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله جعل الله بينهُ وبين النار ثلاثَ خنادقَ، كُلُّ خندقٍ أبعدُ مما بين الخافقين" رواه الطبراني في الأوسط والحاكم، وقال صحيح الإسناد إلا أنه قال: "لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته -وأشار بأصبُعِهِ - أفضلُ من أن يَعتكف في مسجدي هذا شهرين (¬6) ". 9 - ورويَ عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله ¬
صلى الله عليه وسلم: "من مشى في حاجة أخيه حتى يُثَبِّتَهَا (¬1) له أظَلَّهُ الله عز وجل بخمسةٍ وسبعين ألف ملكٍ يُصَلُّونَ له، ويدعون له إن كان صباحاً حتى يُمسي، وإن كان مساءً حتى يُصبحَ، ولا يرفعُ قدماً إلا حَطَّ (¬2) الله عنه بها خطيئةً، ورفع له بها درجة" رواه أبو الشيخ وابن حبان وغيره. لايزال الله في حاجة العبد مادام في حاجة أخيه 10 - ورويَ أيضاً عن ابن عمر وحدهُ رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أعان عبداً في حاجته ثَبَّتَ الله له مقامهُ يوم تَزُولُ الأقدامُ". 11 - وعن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزالُ الله في حاجةِ العبدِ مادام في حاجة أخيه" رواه الطبراني، ورواته ثقات. 12 - ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرجُ خَلْقٌ من أهل النار، فَيَمُرُّ الرجلُ بالرجلِ من أهل الجنة، فيقولُ: يا فلانُ أما تَعْرِفُني؟ فيقولُ: وَمَنْ أنت؟ فيقولُ: أنا الذي اسْتَوْهَبْتَني (¬3) وَضُوءاً، فَوَهَبْتُ لك، فَيشفع (¬4) فيه، ويَمُرُّ الرجل فيقول: يا فلان أما تعرفني؟ فقول: ومن أنت؟ فيقول أنا الذي بعثتني (¬5) في حاجة كذا وكذا، فقضيتها لك فيشفع (¬6) له فَيُشَفَّعُ فيه" رواه ابن أبي الدنيا باختصار وابن ماجة وتقدم لفظه والأصبهاني، واللفظ له. [الوَضوء]: بفتح الواو، وهو: الماء الذي يتوضأ به. 13 - ورويَ عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مشى في حاجةِ أخيه المسلمِ كَتبَ الله له بكل خطوةٍ سبعين حسنةَ ومحا عنه سبعين سيئةً إلى أن يرجعَ من حيث فارقهُ، فإن قُضيتْ حاجتهُ على يديه خرج من ذنوبه ¬
كيوم ولدته أمه، وإن هلك فيما بين ذلك دخل الجنة بغير حساب" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف، والأصبهاني. ما جاء في فضل السعي في مصالح الناس 14 - وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "على كُلِّ مُسلمٍ صدقةٌ. قيل: أرأيتَ إن لم يَجِدْ؟ قال: يَعْتَمِلُ بيديه، فينفعُ نفسهُ ويتصدقُ، قال أرأيتَ إن لم يستطع؟ قال: يُعينُ ذا الحاجة الملهوف. قال: قيل له: أرأيتَ إن لم يستطع؟ قال: يأمرُ بالمعروفِ أو الخير. قال: أرأيتَ إن لم يفعل؟ قال: يُمْسِكُ عن الشر، فإنها صدقةٌ" رواه البخاري ومسلم. 15 - وعن أبي قِلاَبَةَ "أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قَدِمُوا يَثْنُونَ على صاحبٍ لهم خيراً. قالوا: ما رأينا مثل فلانٍ هذا قَطُّ ما كان في مَسِيرٍ إلا كان في قراءةٍ، ولا نزلنا في مَنْزِلٍ إلا كان في صلاةٍ. قال: فمن كان يَكْفِيهِ ضَيْعَتَهُ (¬1) حتى ذكرَ، ومن كان يَعْلِفُ جَمَلَهُ أو دابتهُ؟ قالوا: نحن. قال: فكلكم خيرٌ منه" رواه أبو داود في مراسيله. 16 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان وُصْلَةً (¬2) لأخيهِ المسلمِ إلى ذي سُلطانٍ في مَبْلَغِ بِرٍّ، أو تيسير عسير أعانهُ الله على إجازة (¬3) الصراط يوم القيامة عند دَحْضِ (¬4) الأقدام" رواه الطبراني في الصغير والأوسط وابن حبان في صحيحه، كلاهما من رواية إبراهيم بن هشام الغساني. ورواه الطبراني في الصغير والأوسط من حديث أبي الدرداء، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان وُصْلَةً لأخيه إلى ذي سلطانٍ في مَبْلَغِ برٍ، أو إدخال سُرورٍ رفعهُ الله في الدرجات العُلى من الجنة". ¬
أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن 17 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَقِيَ أخاهُ المسلمَ بما يُحِبُّ لِيَسُرَّهُ بذلك سَرَّهُ الله عز وجل يوم القيامة" رواه الطبراني في الصغير بإسناد حسن، وأبو الشيخ في كتاب الثواب. 18 - ورويَ عن الحسنِ بن عليٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من مُوجبات المغفرةِ إدخالك السرور على أخيك المسلم" رواه الطبراني في الكبير والأوسط. 19 - ورويَ عن عمر رضي الله عنه مرفوعاً: "أفضل الأعمالِ إدخالُ السرور (¬1) على المؤمن كَسَوْتَ عَوْرَتَهُ، أو أشبعت جَوْعَتَهُ، أو قضيتَ له حاجةً" رواه الطبراني في الأوسط، ورواه أبو الشيخ من حديث ابن عمر، ولفظه: "أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تُدْخِلُهُ على مُسلمٍ، أو تَكْشِفُ عنه كُرْبَةً (¬2) أو تَطْرُدُ (¬3) عنه جَزَعاً، أو تقضي عنه دَيْناً". 20 - ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أحبَّ الأعمالِ إلى الله تعالى بعد الفرائضِ إدخالُ السرورِ على المسلمِ" رواه الطبراني في الأوسط والكبير. 21 - ورويَ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدخل على أهلِ بيتٍ من المسلمين سروراً لم يرضَ الله له ثواباً دون الجنة (¬4) " رواه الطبراني. 22 - ورويَ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أيُّ الناس أحَبُّ إلى الله؟ فقال: أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله عز وجل سرورٌ تُدخلهُ على مسلمٍ، تكشفُ ¬
عنه كُربةً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطردُ عنه جوعاً، ولأن أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ (¬1) أحَبُّ إلىَّ من أن أعتكف في هذا المسجد. يعني مسجد المدينة شهراً، ومن كظم (¬2) غيظهُ، ولو شاء أن يُمْضِيَهُ (¬3) أمْضَاهُ (¬4) ملأ الله قلبهُ يوم القيامة رضى، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يقضيها له، ثَبَّتَ الله قدميه يوم تزولُ الأقدامُ" رواه الأصبهاني، واللفظ له، ورواه ابن أبي الدنيا عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمّه. 23 - وعن جعفر بن محمدٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أدخل رجلٌ على مؤمن سروراً إلا خَلَقَ الله عز وجل من ذلك السرور ملكاً يَعْبُدُ اللهَ عز وجل ويوحده، فإذا صار العبدُ في قبرهِ أتاه ذلك السرور فيقول: أما تعرفني؟ فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا السرور الذي أدخلتني على فلانٍ أنا اليومَ أُونِسُ (¬5) وَحْشَتَكَ، وأُلَقِّنُكَ (¬6) حُجَّتَكَ، وأُثَبِّتُكَ بالقولِ (¬7) الثابت، وأُشْهِدُكَ مَشَاهِدَكَ (¬8) يوم القيامة، وأشفعُ (¬9) لك إلى ربك، وأريكَ مَنْزِلكَ من الجنة" رواه ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ في كتاب الثواب، وفي إسناده من لا يحضرني الآن حاله، وفي مَتنه نكارة، والله أعلم. 24 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شفعَ شفاعةً لأحدٍ، فأهْدَى له هديةً عليها فَقَبِلَهَا (¬10)، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب ¬
الكبائر" رواه أبو داود عن القاسم بن عبد الرحمن عنه. ¬
كتاب الأدب وغيره
كتاب الأدب وغيره الترغيب في الحياء، وما جاء في فضله، والترهيب من الفحش والبذاء 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَرَّ على رجُلٍ من الأنصار، وهو يَعِظُ أخاه (¬1) في الحياء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دَعْهُ (¬2) فإن الحياء من الإيمان" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. 2 - وعن عمران بن حُصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحياء لا يأتي إلا بخيرٍ" رواه البخاري ومسلم. ¬
3 - وفي رواية لمسلم: "الحياء خَيْرٌ كُلُّهُ". 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمانُ بضعٌ وسبعون، أو بضعٌ وستون شعبةً، فأفضلها قولُ: لا إله إلا الله، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريقِ، والحياءُ شُعبةٌ من الإيمان (¬1) " رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحياء من الإيمان، والإيمانُ في الجنة، والبَذَاءُ من الجفاء، والجفاءُ في النار" رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، والترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. 6 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحياء وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ من الإيمان، والبَذَاءُ والبيَانُ شُعبتان من النفاق" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، إنما نعرفه من حديث أبي غسان محمد بن مطرف. [والعي]: قلة الكلام. [والبذاء]: هو الفحش في الكلام. والبيان: هو كثرة الكلام، مثل هؤلاء الخطباء الذين يخطبون فيتوسعون في الكلام، ويتفصحون فيه من مدح الناس فيما لا يرضي الله. انتهى. ورواه الطبراني بنحوه، ولفظه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحياء والعِيُّ من الإيمان، وهما يُقَرِّبَانِ من الجنةِ ويُباعدانِ من النار، والفُحْشُ والبَذَاءُ من الشيطان، وهما يُقَربان من النار، ويباعدان من الجنة. فقال أعرابيٌ لأبي أمامة: إنا لنقولُ في الشِّعْرِ: العِيُّ من الحُمْقِ، فقال: إني أقولُ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتَجِيُنِي بِشِعْرِكَ المُنْتِنِ (¬2) ". ¬
ما كان الحياء في شيء إلا زانه 7 - ورويَ عن قُرَّةَ بن إياسٍ رضي الله عنه قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فَذُكِرَ عندهُ الحياء، فقالوا: يا رسول الله الحياءُ من الدين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل هو الدينُ كُلُّهُ (¬1)، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الحياء والعَفَافَ والْعِيَّ: عِيَّ اللسانِ، لا عِيَّ القلبِ، والعفةَ من الإيمان، وإنهنَّ يَزِدْنَ في الآخرة (¬2): وَيَنْقُصْنَ من الدنيا، وما يَزِدْنَ في الآخرة أكثرُ مما ينقصنَ من الدنيا، وإن الشُّحَّ والْعَجْزَ والْبَذَاءَ من النفاق، وإنهنَّ يزدن في الدنيا، وينقصن من الآخرة، وما ينقصن من الآخرة أكثرُ مما يزدنَ من الدنيا" رواه الطبراني باختصار، وأبو الشيخ في الثواب، واللفظ له. 8 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة لو كان الحياءُ رجلاً كان رجُلاً صالحاً، ولو كان الفُحْشُ رجُلاً لكان رجلَ سَوْءٍ (¬3) " رواه الطبراني في الصغير والأوسط وأبو الشيخ أيضاً، وفي إسنادهما ابن لهيعة، وبقية رواة الطبراني محتج بهم في الصحيح. 9 - وعن زيد بن طلحة بن رُكانة يرفعهُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لكلِّ دينٍ خُلُقاً، وخُلُقَ الإسلام الحياء" رواه مالك، ورواه ابن ماجة، وغيره عن أنس مرفوعاً، ورواه أيضاً من طريق صالح بن حسان عن محمد بن كعب القرظيّ عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. 10 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما كان الفُحْشُ في شيء إلا شَانَهُ (¬4)، وما كان الحياءُ في شيءٍ إلا زَانَهُ" رواه ابن ماجة، والترمذي، وقال: حديث حسن غريب، ويأتي في الباب بعده أحاديث في ذم الفحش إن شاء الله تعالى. ¬
الحياء شعبة من الإيمان 11 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحياء، والإيمانُ قُرناء (¬1) جميعاً، فإذا رُفِعَ أحدهما رُفِعَ الآخرُ" رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس. 12 - وعن مُجَمِّعِ بن حارثةَ بن زيد بن حارثة عن عمه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الحياء شُعبةٌ من الإيمان، ولا إيمان لمن لا حياء له" رواه أبو الشيخ ابن حبان في الثواب، وفي إسناده بشر بن غالب الأسدي مجهول. 13 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استحيوا من الله حق الحياء. قال: قلنا يا نبي الله: إنا لنستحي، والحمد لله. قال ليس ذلك، ولكن الاستحياءُ من الله حقَّ الحياء: أن تحفظ الرأس (¬2)، وما وَعَى، وتحفظَ البطنَ (¬3) وما حَوَى، ولْتَذْكُرِ الموتَ وَالبِلَى (¬4)، ومَنْ أراد الآخرةَ ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك، فقد استحيا من الله حقَّ الحياء" رواه الترمذي، وقال: هذا حديث إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث أبان بن إسحق عن الصباح بن محمد. [قال الحافظ]: أبان بن إسحق فيه مقال، والصباح مختلف فيه، وتكلم فيه لرفعه هذا الحديث، وقالوا: الصواب عن ابن مسعود موقوف، ورواه الطبراني مرفوعاً من حديث عائشة، والله أعلم. 14 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل إذا أراد أن يُهلكَ عبداً نزع منه الحياء فإذا نُزِعَ منه الحياء لم تُلْفِهِ (¬5) إلا مَقِيتاً (¬6) ¬
فإذا لم تُلْفِهِ إلا مقيتاً ممقتاً نُزعتْ منه الأمانة، فإذا نُزعتْ منه الأمانة لم تُلْفِهِ إلا خائناً مُخَوَّناً، فإذا لم تُلْفِهُ إلا خائناً مُخَوَّناً (¬1) نُزعت منه الرحمة، فإذا نزعت منه الرحمةُ لم تُلْفِهِ إلا رجيماً (¬2) مُلْعَناً (¬3)، فإذا لم تُلْفِهِ إلا رجيماً مُلعناً نُزعت منه رِبْقَةُ الإسلام" رواه ابن ماجة. [الربقة] بكسر الراء وفتحها: واحدة الربق: وهي عرى في حبل تشد به البهم، وتستعار لغيره. ¬
الترغيب في الخلق الحسن وفضله، والترهيب من الخلق السيئ وذمه
الترغيب في الخلق الحسن وفضله، والترهيب من الخلق السيئ وذمه 1 - عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر (¬1) والإثم، فقال: البر حُسْنُ الْخُلُقِ، والإثمُ ما حَاكَ (¬2) في صَدركَ، وكَرِهْتَ أن يَطلعَ عليه الناسُ" رواه مسلم والترمذي. 2 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "لم يكن ¬
رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً (¬1)، ولا مُتَفَحِّشاً، وكان يقول: إن من خياركم (¬2) أحسنكم أخلاقاً" رواه البخاري ومسلم والترمذي. 3 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من شيء أثقلَ في ميزان المؤمن يوم القيامة من خُلُقٍ حسنٍ، وإن الله يُبغضُ الفاحشَ البذيء" رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي حديث حسن صحيح. وزاد في رواية له: "وإن صاحب حُسْنِ الخلق لَيَبْلُغُ به درجة صاحب الصوم والصلاة" ورواه بهذه الزيادة البزار بإسناد جيد لم يذكر فيه: الفاحش البذيء، ورواه أبو داود مختصراً قال: "ما من شيء أثقل في الميزان من حُسْنِ الخلق". [البذيء] بالذال المعجمة ممدوداً: هو المتكلم بالفحش، وردئ الكلام. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدخلُ الناس الجنة؟ فقال: تقوى الله، وحُسْنُ الخلق، وسُئلَ عن أكثرِ ما يُدْخِلُ الناس النار؟ فقال: الفَمُ (¬3) والفَرْجُ (¬4) " رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه والبيهقي في الزهد وغيره، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. 5 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أكْمَلِ المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً، وألطفهم (¬5) بأهله" رواه الترمذي والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، كذا قال، وقال الترمذي: حديث حسن، ولا نعرف لأبي قلابة سماعاً من عائشة. ¬
إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجات قائم الليل وصائم النهار 6 - وعنها رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن المؤمن لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ درجةَ الصائم (¬1) والقائم" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، ولفظه: "إن المؤمن ليدرك بِحُسْنِ الخلق درجات قائم الليل، وصائم النهار" ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة إلا أنه قال: "إن الرجل ليدرك بِحُسْنِ خُلُقهِ درجةَ القائم بالليل الظامئ بالهواجر (¬2) ". 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لَيُبَلِّغُ العبدَ بِحُسْنِ خُلُقِهِ درجة الصوم والصلاة" رواه الطبراني في الأوسط، وقال: صحيح على شرط مسلم. ورواه أبو يعلى من حديث أنس، وزاد في أوله: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً". 8 - وعن أنسٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبدَ ليبلغُ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة، وشرف المنازل، وإنه لضعيفُ العبادة، وإنه ليبلغُ بسوء خُلقهِ أسفلَ درجةٍ في جهنم" رواه الطبراني ورواته ثقات سوى شخية المقدام بن داود، وقد وُثق. 9 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن المسلم المُسَدَّدَ (¬3) لَيُدْرِكُ درجةَ الصُّوَّامِ القَوَّامِ بآيات الله بِحُسْنِ خُلُقِهِ، وَكَرَمِ ضَرِيبَتِهِ" رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورواة أحمد ثقات إلا ابن لهيعة. [الضريبة: الطبيعة] وزناً ومعنى. 10 - وعن صفوان بن سُلَيْمٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ¬
أخبركم بأيْسَر (¬1) العبادة، وأهونها على البدن: الصَّمْتُ (¬2)، وَحُسْنُ الخلق" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت مرسلاً. 11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كَرَمُ المؤمن دِينُهُ، وَمُروءتهُ عَقْلُهُ، وَحَسَبُهُ خُلُقُهُ" رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي كلهم من رواية مسلم بن خالد الزنجي، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ورواه البيهقي أيضاً موقوفاً على عمر صحح إسناده، ولعله أشبه. 12 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا أبا ذرٍ لا عَقْلَ كالتدبير (¬3)، ولا وَرَعَ (¬4) كالْكَفِّ، ولا حَسَبَ (¬5) كَحُسْنِ الخُلُقِ" رواه ابن حبان في صحيحه، وغيرهُ في آخر حديث طويل تقدم منه قطعة في الظلم. 13 - وتقدم في الإخلاص حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "قد أفلح من أخلص قلبهُ للإيمان، وجعل قلبهُ سليماً (¬6)، ولسانهُ صادقاً، ونَفْسَهُ مُطمئنةً (¬7)، وخَلِيقَتَهُ مُستقيمةً (¬8) " الحديث. 14 - وعن العلاء بن الشِّخِّيرِ رضي الله عنه: "أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم من قِبَلِ وَجْهِهِ، فقال يا رسول الله: أي العمل أفضلُ؟ قال: حُسْنُ الخلق، ثم أتاهُ عن يمينه، فقال: أي العمل أفضلُ؟ قال: حُسْنُ الخلق، ثم أتاهُ عن شمالهِ، فقال ¬
يا رسول الله: أي العمل أفضلُ؟ قال: حُسْنُ الخلق، ثم أتاه من بعدهِ، يعني من خَلْفِهِ، فقال: يا رسول الله: أي العمل أفضلُ؟ فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مَالَكَ لا تَفْقَهُ (¬1) حُسْنُ الخُلُقِ هو أن لا تغضبَ إن استطعت" رواه محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة مرسلاً هكذا. حسن الخلق خلق الله الأعظم 15 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيمٌ (¬2) ببيتٍ في رَبَضِ (¬3) الجنةِ لمن ترك المِراءَ (¬4)، وإن كان مُحِقاً، وببيتٍ في وَسَطِ الجنة لمن ترك الكذِبَ، وإن كان مَازِحاً، وببيتٍ في أعلى الجنة لمن حَسَّنَ خُلُقَهُ" رواه أبو داود، واللفظ له، وابن ماجة والترمذي، وتقدم لفظه، وقال: حديث حسن. 16 - وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أحَبِّكُمْ إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً الحديث" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. 17 - ورويَ عن عمَّار بن ياسرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حُسْنُ الخلقِ خُلُقُ الله الأعْظَمُ" رواه الطبراني في الكبير والأوسط. 18 - ورويَ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن الله تعالى قال: إن هذا دينُ ارتضيتهُ (¬5) لنفسي، ولن يَصْلُحَ له إلا السَّخَاءُ (¬6)، وَحُسْنُ الخلقِ، فأكرموهُ بهما ما صَحِبْتُمُوهُ" رواه الطبراني في الأوسط، وتقدم في البخل والسخاء حديث عمران بن حصين بمعناه. 19 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
قال: "أوْحَى الله إلى إبراهيم عليه السلام: يا خليلي حَسِّنْ خُلُقَكَ ولو مع الكفار تدخل مدخلَ الأبرار، وإن كلمتي سبقت لمن حَسَّنَ خُلُقَهُ أن أُظِلَّهُ تحت عرشي، وأن أسْقِيَهُ من حظيرة (¬1) قدسي، وأن أُدنيه (¬2) من جواري" رواه الطبراني. 20 - وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما حَسَّنَ اللهُ خَلْقَ رجُلٍ وَخُلُقَهُ، فَتَطْعَمَهُ النارُ أبداً (¬3) " رواه الطبراني في الأوسط. عليك بحسن الخلق وطول الصمت 21 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا أخبركم بأحَبِّكُمْ إليَّ، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟ فأعادها مرتين أو ثلاثاً. قالوا: نعم يا رسول الله. قال: أحسنكم خُلُقاً" رواه أحمد وابن حبان في صحيحه. 22 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "لقيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر فقال: يا أبا ذرٍ ألا أدُلُّكَ على خَصْلَتيْنِ هما أخفُّ على الظهر، وأثقلُ على الميزانِ من غيرهما؟ قال: بلى يا رسول الله قال: عليك بِحُسْنِ الخُلُقِ، وطُولِ الصَّمْتِ (¬4)، فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائقُ بمثلهما" رواه ابن أبي الدنيا والطبراني والبزار وأبو يعلى بإسناد جيد ورواته ثقات، واللفظ له، ورواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب بإسناد واهٍ عن أبي ذر، ولفظه: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذرٍ ألا أدلك على أفضل العبادة، وأخفها ¬
على البدن، وأثقلها في الميزان، وأهونها (¬1) على اللسان؟ قلتُ: بلى فداك أبي وأمي (¬2) قال: عليك بطولِ الصمت (¬3)، وحُسْنِ الخُلُقِ، فإنك لست بعاملٍ يا أبا ذرٍ بمثلهما (¬4) ". 23 - ورواه أيضاً من حديث أبي الدرداء قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أبا الدرداء: ألا أُنَبِّئُكَ بأمرين خفيفٍ مُؤنَتُهُما (¬5)، عظيمٍ أجْرُهُمَا، لم تَلْقَ الله عز وجل بمثلهما: طول الصمت، وحُسْنِ الخُلُقِ". 24 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بخياركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال أطْوَلُكُمْ أعماراً (¬6)، وأحسنكم أخلاقاً" رواه البزار وابن حبان في صحيحه كلاهما من رواية ابن إسحاق، ولم يصرح فيه بالتحديث. 25 - وعن أسامةبن شريكٍ رضي الله عنه قال: "كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطيرُ، ما يتكلمُ منا مُتَكلمٌ (¬7) إذ جاءهُ أُناسٌ فقالوا: مَنْ أحَبُّ عِبَادِ اللهِ إلى اللهِ تعالى؟ قال: أحْسَنُهُمْ خُلُقاً" رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في الصحيح، وابن حبان في صحيحه. 26 - وفي رواية لابن حبان بنحوه إلا أنه قال: "يا رسول الله فما خَيْرُ ما أُعْطِيَ الإنسانُ؟ قال: خُلُقٌ حَسَنٌ" ورواه الحاكم والبيهقي بنحو هذه، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما، ولم يخرّجاه لأن أسامة ليس له سوى راوٍ واحد، كذا قال، وليس بصواب فقد روى عنه زياد بن علاقة، وابن الأقمر وغيرهما. 27 - وعن جابر بن سَمُرَةَ رضي الله عنهما قال: "كنت في مجلسٍ فيه النبيُّ ¬
صلى الله عليه وسلم، وسَمُرَةُ، وأبو أمامة، فقال: إن الفُحْشَ (¬1) والتَفَحُّشَ (¬2) ليسا من الإسلام في شيء، وإن أحسن الناس إسلاماً أحسنهم خُلُقاً" رواه أحمد والطبراني وإسناد أحمد جيد، ورواته ثقات. إن أحسن الناس إسلاماً أحسنهم أخلاقاً 28 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "أن معاذ بن جبل رضي الله عنه أراد سفراً فقال: يا نبي الله أوصني، قال: اعْبُد الله لا تُشركْ به شيئاً. قال: يا نبي الله زدني، قال: إذا أسأت فأحْسِنْ، قال: يا نبي الله زدني، قال: اسْتَقِمْ، وَلْيَحْسُنْ (¬3) خُلُقُكَ" رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 29 - ورواه مالك عن معاذ قال: "كان آخرُ ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وَضَعْتُ رِجْلِي في الغَرْزِ (¬4) أن قال: يا معاذُ أحْسِنْ خُلُقَكَ للناس". 30 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقِ الله حيثما كنت (¬5) وأتبع السيئة الحسنةَ تمحُها (¬6)، وخَالِقِ الناس بِخُلُقٍ حَسَنٍ" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. 31 - وعن عُمير بن قتادة رضي الله عنه: "أن رجلاً قال: يا رسول الله: أي الصلاة أفضلُ؟ قال: طُولُ القُنُوتِ (¬7). قال: فأي الصدقة أفضلُ؟ قال: جَهْدُ المُقِلِّ (¬8). قال: أي المؤمنين أكملُ إيماناً؟ قال: أحسنهم خُلُقاً" رواه الطبراني في الأوسط من رواية سويد بن إبراهيم أبي حاتم، ولا بأس به في المتابعات. ¬
32 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم كما أحسنت (¬1) خَلْقِي فأحْسِنْ خُلُقِي (¬2) " رواه أحمد، ورواته ثقات. 33 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أحَبَّكُمْ إليَّ أحَاسِنُكُمْ أخلاقاً الموطِّئُونَ (¬3) أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون (¬4)، وإن أبغضكم إليَّ المشَّاءون بالنميمة (¬5) المُفَرِّقُون بين الأحبة (¬6)، الملتمسون للبرآء العيب (¬7) " رواه الطبراني في الصغير والأوسط، ورواه البزار من حديث عبد الله بن مسعود باختصار، ويأتي في النميمة إن شاء الله حديث عبد الرحمن بن غنم بمعناه. 34 - ورويَ عن أنس رضي الله عنه قال: "قالت أم حبيبة: يا رسول الله المرأةُ يكون لها زوجان، ثم تموت فتدخل الجنة هي وزوجاها لأيهما (¬8) تكونُ، للأول أو للآخر؟ قال: تُخَيَّرُ، أحسنهما خُلُقاً كان معها في الدنيا يكون زوجها في الجنة، يا أم حبيبة ذهب حُسْنُ الخلق بخير الدنيا والآخرة" رواه الطبراني والبزار باختصار، ¬
ورواه الطبراني أيضاً في الكبير والأوسط من حديث أم سلمة في آخر حديث طويل يأتي في صفة الجنة إن شاء الله تعالى. 35 - ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْخُلُقُ الْحَسَنُ يُذِيبُ الخطايا (¬1) كما يُذيبُ الماء الجليد، والخلقُ السوء يفسد العمل كما يفسد الخلُّ العسل" رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبيهقي. أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً 36 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً، وخياركم خياركم لأهلهِ" رواه أبو داود والترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح، والبيهقي إلا أنه قال: "وخياركم خياركم لنسائهم" والحاكم دون قوله: وخياركم خياركم لأهلهِ"، ورواه بدونه أيضاً محمد بن نصر المروزي، وزاد فيه: "وإن المرء ليكونُ مؤمناً وإن في خُلُقِهِ شيئاً فينقص ذلك من إيمانه". 37 - وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم لن تَسَعُوا الناس بأموالكم، ولكن يَسَعُهُمْ منكم بسطُ الوجه (¬2)، وحُسْنُ الخُلُقِ" رواه أبو يعلى والبزار من طرق أحدُها حسن جيد. 38 - وعن رجلٍ من مُزَيْنَةَ قال: "قيل يا رسول الله ما أفضل ما أُوتِيَ الرجلُ المسلم؟ قال: الخُلُقُ الحسن. قال: فما شرُّ ما أُوتِيَ الرجل المسلم؟ قال: إذا كرهت أن يُرى عليك شيء في نادي القوم، فلا تفعلهُ إذا خلوت" رواه عبد الرزاق في كتابه عن معمر بن أبي إسحاق عنه. 39 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذه الأخلاق من الله، فمن أراد الله به خيراً منحه (¬3) خُلُقاً حسناً، ومن أراد به سوءاً منحه خُلُقاً سيئاً" رواه الطبراني في الأوسط. ¬
حسن الخلق نماء وسوء الخلق شؤم 40 - وعن أبي ثعلبة الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحَبَّكُمْ (¬1) إليَّ، وأقربكم مني (¬2) في الآخرة محاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إليَّ (¬3)، وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم (¬4) أخلاقاً الثرثارون المتفيهقون المتشدقون" رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح والطبراني وابن حبان في صحيحه، ورواه الترمذي من حديث جابر، وحسنه لم يذكر فيه: أسوؤكم أخلاقاً. وزاد في آخره: قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون. [الثرثار] بثاءين مثلثتين مفتوحتين: هو الكثير الكلام تكلفاً. [والمتشدق]: هو المتكلم بملء شدقه تفاصحاً، وتعظيماً لكلامه. [والمتفيهق] أصله من الفهق، وهو الامتلاء، وهو بمعنى المتشدق، لأنه الذي بالكلام، ويتوسع فيه إظهاراً لفصاحته وفضله، واستعلاء على غيره، ولهذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالمتكبر. 41 - وعن رافعٍ بن مَكِيثٍ، وكان ممن شهد الحديبية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حُسْنُ الخلق نماء (¬5)، وسوء الخلق شؤم (¬6) والبر (¬7) زيادةٌ في العمر، والصدقةُ تدفعُ ميتةَ السوء (¬8) " رواه أحمد وأبو داود باختصار، وفي إسنادهما راوٍ لم يسمّ، وبقية إسناده ثقات. 42 - ورويَ عن جابرٍ رضي الله عنه قال: "قيل يا رسول الله ما الشؤم؟ قال: سوء الخلق" رواه الطبراني في الأوسط. ¬
43 - ورواه فيه أيضاً من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشؤم سوء الخلق". 44 - ورويَ عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من شيء إلا له توبةٌ إلا صاحب سوء الخلق، فإنه لا يتوبُ من ذنبٍ إلا عاد (¬1) في شرٍ منه" رواه الطبراني في الصغير والأصبهاني. 45 - وفي رواية للأصبهاني عن رجل من أهل الجزيرة لم يسمه عن ميمون بن مهران قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ذنبٍ أعظمُ عند الله عز وجل من سوء الخلق، وذلك أن صاحبهُ لا يخرجُ من ذنبٍ إلا وقعَ في ذنبٍ" وهذا مرسل. 46 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يدعو يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشقاق (¬2)، والنفاق (¬3) وسوء الأخلاق" رواه أبو داود والنسائي. ¬
الترغيب في الرفق والأناة والحلم
الترغيب في الرفق والأناة والحلم 1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ¬
رفيقٌ (¬1) يُحِبُّ الرفق في الأمر كُلِّهِ" رواه البخاري ومسلم. 2 - وفي رواية لمسلم: "إن الله رفيقٌ يحب الرفق، ويُعطي على الرفقِ (¬2) ما لا يُعطى على العنف، وما لا يُعطى على سواهُ". 3 - وعنها أيضاً رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرفق لا يكونُ في شيء إلا زانهُ، ولا يُنزعُ من شيء إلا شانهُ" رواه مسلم. ¬
الرفق يمن والخرق شؤم 4 - وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل لَيُعْطِي على الرفق ما لا يُعطي على الخرْقِ، وإذا أحَبَّ الله عبداً أعطاهُ الرفقَ، ما من أهل بيتٍ يُحْرَمُونَ (¬1) الرفق إلا حُرِمُوا" رواه الطبراني، ورواته ثقات ورواه مسلم وأبو داود مختصراً: "من يُحرمُ الرفق يُحرمُ الخير" زاد أبو داود: كُلَّهُ. 5 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أُعطيَ حظهُ من الرفق فقد أُعطيَ حظهُ من الخير، ومن حُرمَ حظهُ من الرفقِ فقد حُرمَ حظهُ من الخير" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. 6 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يُحبُ الرفقَ، ويرضاه، ويُعينُ عليه ما لا يُعينُ على العنف" رواه الطبراني من رواية صدقة بن عبد الله السمين: وبقية إسناده ثقات. 7 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "يا عائشة ارفقي، فإن الله إذا أراد بأهل بيتٍ خيراً أدخل عليهم الرفق" رواه أحمد والبزار من حديث جابر، ورواتهما رواة الصحيح. 8 - ورويَ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرفقُ يَمْنٌ، والخرقُ (¬2) شؤمٌ" رواه الطبراني في الأوسط. 9 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما أُعطيَ أهلُ بيتٍ الرفق إلا نفعهم" رواه الطبراني بإسناد جيد. 10 - ورويَ عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ من كنَّ فيه نشر الله عليه (¬3) كَنَفَهُ، وأدخلهُ جنتهُ: رِفْقٌ بالضعيف، وشفقةٌ على الوالدين، وإحسانٌ إلى المملوك" رواه الترمذي، وقال حديث غريب. ¬
ما كان الرفق في شيء قط إلا زانه 11 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما كان الرفق في شيء قط إلا زانهُ، ولا كان الخرقُ في شيء قط إلا شانهُ، وإن الله رفيقٌ يُحبُّ الرفقَ" رواه البزار بإسناد لين، وابن حبان في صحيحه، وعنده الفُحْشُ مكان الخُرْق، ولم يقل: وإن الله إلى آخره. 12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بال أعرابيٌ في المسجد فقام الناسُ إليه ليقعوا فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دَعُوهُ (¬1) وَأرِيقُوا (¬2) على بَوْلِهِ سَجْلاً، من ماء، أو ذَنُوباً من ماء، فإنما بعثتم مُيسرين (¬3)، ولم تُبعثوا مُعَسِّرينَ" رواه البخاري. [السجل]: بفتح السين المهملة وسكون الجيم: هي الدلو الممتلئة ماء. [والذنوب] بفتح الذال المعجمة مثل السَّجْل، وقيل: هي الدلو مطلقاً سواء كان فيها ماء أو لم يكن، وقيل: دون الملآى. 13 - وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَسروا (¬4)، ولا تُعسروا، وبشروا (¬5) ولا تُنفروا" رواه البخاري ومسلم. 14 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما خُيِّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قطُّ إلا أخذ أيسرهما (¬6) ما لم يكن إثماً (¬7)، فإن كان ثَمَّ (¬8) إثمٌ كان أبعدَ الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حُرمةُ الله، فينتقم لله تعالى" رواه البخاري ومسلم. التأني من الله والعجلة من الشيطان 15 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"ألا أُخْبِرُكُمْ بمن يُحَرَّمُ (¬1) على النار، أو بمن تُحَرَّمُ عليه النار؟ تُحَرَّمُ على كل هينٍ لَيِّنٍ سهلٍ (¬2) " رواه الترمذي، وقال حديث حسن، وابن حبان في صحيحه، ولفظه في إحدى رواياته: "إنما تَحْرُمُ النارُ على كل هَيِّنٍ لَيِّنٍ قريبٍ سهلٍ". 16 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التأني (¬3) من الله، والعجلةُ من الشيطان، وما أحدٌ أكثر معاذيرَ من الله، وما من شيء أحبُّ إلى الله من الحمدِ" رواه أبو يعلى، ورواته رواة الصحيح. 17 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشجِّ: "إن فيك لَخَصْلَتَيْنِ يُحبهُمَا ورسولهُ: الحلمَ والأناةَ" رواه مسلم. 18 - ورويَ عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جَمَعَ الله الخلائق نادى مُنادٍ أين أهلُ الفضلِ؟ قال: فيقومُ ناسٌ وهم يسيرٌ، فينطلقون سراعاً إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكةُ، فيقولون: إنا نراكم سراعاً إلى الجنة، فمن أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الفضل، فيقولون: وما فضلكم؟ فيقولون: كنا إذا ظُلمنا صبرنا، وإذا أُسيء إلينا حَلُمنا (¬4)، فيقال لهم: ادخلوا الجنة فَنِعْمَ أجرُ العاملين" رواه الأصبهاني. 19 - ورويَ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد لَيُدْرِكُ بالْحِلْمِ درجةَ الصائمِ القائم". زاد بعض الرواة فيه: "وإنه لَيُكْتَبُ جباراً، وما يملكُ إلا أهل بيته" رواه أبو الشيخ بن حبان في كتاب الثواب. 20 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
وعليه بُرْدٌ (¬1) نجرانيٌ غليظُ الحاشية (¬2)، فأدركهُ أعرابيٌ، فجذبهُ (¬3) بردائهِ جَذْبَةً شديدةً، فنظرتُ إلى صَفْحَةِ عُنُقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أثَّرَ بها (¬4) حاشيةُ الرداء من شدة جَذْبَتِهِ، ثم قال: يا محمدُ مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمَرَ له بِعَطَاء (¬5) " رواه البخاري ومسلم. وجبت محبة الله على من أغضب فحلم 21 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "كأني أنظرُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضَرَبَهُ قومهُ، فأدْمَوْهُ (¬6)، وهو يمسحُ الدم عن وجههِ، ويقولُ: اللهم اغفر (¬7) لقومي فإنهم لا يعلمون" رواه البخاري ومسلم. 22 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "وَجَبَتْ محبةُ الله على من أُغْضِبَ (¬8) فَحَلُمَ" رواه الأصبهاني، وفي سنده أحمد بن داود بن عبد الغفار المصري شيخ الحاكم، وقد وثقه الحاكم وحده. 23 - وتقدم حديث عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أُنَبِّئُكُمْ بما يُشَرِّفُ الله به البُنيان، ويرفعُ به الدرجات؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: تَحْلُمُ على من جَهِلَ (¬9) عليك، وتعفو عمن ظلمك، وتُعْطِي من حرمك، وتَصِلُ من قَطَعَكَ" رواه الطبراني والبزار. 24 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
"ليس الشديدُ بالصُّرَعَةِ، إنما الشديدُ الذي يملكُ نفسهُ عند الغضبِ (¬1) " رواه البخاري ومسلم. [قال الحافظ]: وسيأتي باب في الغضب ودفعه إن شاء الله تعالى. ¬
الترغيب في طلاقة الوجه وطيب الكلام وغير ذلك مما يذكر
الترغيب في طلاقة الوجه، وطيب الكلام، وغير ذلك مما يذكر 1 - عن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَحْقِرَنَّ من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طليقٍ (¬1) " رواه مسلم. 2 - وعن الحسن رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مِنَ الصدقة أن تُسَلِّمَ على الناس، وأنت طليقُ الوجهِ" رواه ابن أبي الدنيا، وهو مرسل. 3 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ معروفٍ صدقةٌ، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ، وأن تُفْرِغَ (¬2) من دَلْوِكَ في إناء أخيك" رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وصدرُه في الصحيحين من حديث حذيفة وجابر. ¬
تبسمك في وجه أخيك صدقة 4 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تبسمك في وجه أخيك صدقةٌ، وأمْرُكَ بالمعروف، ونَهيُكَ عن المنكر صدقةٌ، وإرشادك الرجل في أرض (¬1) الضلال لك صدقةٌ، وإماطتك الأذى (¬2) والشَّوْكَ والْعَظْمَ عن الطريق لك صدقةٌ، وإفراغُكَ من دَلْوِكَ في دَلْوِ أخيك لك صدقةٌ" رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في صحيحه، وزاد: "وبَصَرُكَ للرجلِ الرَّدِئ البَصَرِ لكَ صدقة". 5 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ تبسمك في وجه أخيك يُكْتَبُ لك به صدقةٌ، وإماطتك الأذى عن الطريق يُكتبُ لك به صدقةٌ، وإنَّ أمْرَكَ بالمعروف صدقةٌ، وإرشادكَ الضال (¬3) يُكْتَبُ لك به صدقةٌ" رواه البزار والطبراني من رواية يحيى بن أبي عطاء، وهو مجهول. 6 - وعن أبي جُرِيٍّ الْهُجَيْمِي رضي الله عنه قال: "أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلتُ يا رسول الله: إنا قومٌ من أهل الباديةِ، فَعَلِّمْنَا شيئاً ينْفَعُنَا الله به؟ فقال: لا تَحْقِرَنَ من المعروف شيئاً، ولو أن تُفرغَ من دَلوكَ في إناء المُسْتَسْقِي (¬4)، ولو أن تُكلمَ أخاك، ووجهكَ إليه مُنْبَسِطٌ، وإياك وإسبالَ (¬5) الإزارِ فإنه من المخيلة (¬6)، ولا يُحِبُّهَا اللهُ، وإن امرؤ شَتَمَكَ بما يعلمُ فيك فلا تشتمهُ بما تعلمُ فيه، فإن أجرهُ لك وَوَبَالَهُ (¬7) على من قالهُ" رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي مفرّقاً، وابن حبان في صحيحه واللفظ له. 7 - وفي رواية النسائي: "فقال: لا تحقرن من المعروف شيئاً أن تأتيهُ، ولو أن تَهَبَ صَلَةَ الْحَبْلِ، ولو أن تُفرغَ من دلوك في إناء المُستسقي، ولو أن تلقى أخاك المسلم ووجهك ¬
بَسطٌ إليه، ولو أن تُونِسَ (¬1) الوَحْشَانَ بنفسك، ولو أن تَهَبَ الشِّسْعَ (¬2) ". الكلمة الطيبة صدقة 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ" رواه البخاري ومسلم في حديث. 9 - وعن عدي بن حاتمٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا النار (¬3)، ولو بشقِّ تمرةٍ، فمن لم يجد فبكلمة طيبةٍ" رواه البخاري ومسلم. 10 - وعن المقدام بن شُريحٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قُلْتُ يا رسول الله حَدِّثْنِي بشيء يُوجبُ لي الجنة، قال: مُوجبٌ الجنة (¬4) إطعامُ الطعامِ، وإفشاء السلامِ (¬5) وَحُسْنُ الكلامِ" رواه الطبراني بإسنادين رواة أحدهما ثقات، وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت، والحاكم إلا أنهما قالا: "عليك بِحُسْنِ الكلام، وبَذْلِ الطعامِ" وقال الحاكم: صحيح ولا علة له، رواه البزار من حديث أنس، "قال: قال رجلٌ للنبي صلى الله عليه وسلم: عَلِّمْنِي عملاً يُدْخِلُنِي الجنة؟ قال: أطعِمِ الطعامَ، وأفْشِ السلامَ، وأطِبِ الكلامَ، وَصَلِّ (¬6) بالليل والناسُ نيامٌ تدخل الجنة بسلامٍ". 11 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة غُرْفَةً يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، فقال أبو مالكٍ الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً ¬
الترغيب في إفشاء السلام وما جاء في فضله وترهيب المرء من حب القيام له
والناسُ نيامٌ" رواه الطبراني والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، وتقدمت جملة من أحاديث هذا النوع في قيام الليل، وإطعام الطعام. الترغيب في إفشاء السلام، وما جاء في فضله وترهيب المرء من حب القيام له 1 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الإسلام خيرٌ؟ قال تُطعم الطعام (¬1)، وتقرأ السلام (¬2) على من عرفت، ومن لم تعرف" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا (¬3)، ولا تؤمنوا حتى تحابوا (¬4)، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة. 3 - وعن ابن الزبير رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
"دَبَّ (¬1) إليكم داءُ الأمم قبلكم: البغضاء والحسدُ، والبغضاءُ هي الحالقة (¬2) ليس حالقةَ الشعر، ولكن حالقةُ الدِّين، والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة تحتى تؤمنوا (¬3)، ولا تؤمنوا حتى تحابوا (¬4) ألا أُنبئكم بما يُثبتُ لكم ذلك؟ أفشوا (¬5) السلام بينكم" رواه البزار بإسناد جيد. 4 - ورويَ عن شيبةَ الحُجَبِيِّ عن عمه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ يُصْفِينَ (¬6) لك وُدَّ أخيكَ: تُسَلِّمُ عليه إذا لقيتهُ، وتُوسعُ له في المجلس، وتدعوهُ بأحبِّ (¬7) أسمائه إليه" رواه الطبراني في الأوسط. 5 - وعن البراء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفشوا السلام تَسْلَمُوا" رواه ابن حبان في صحيحه. 6 - وعن أبي يوسف عبد الله بن سلامٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وَصَلُّوا بالليل (¬8) والناس نيامٌ تدخلوا الجنة بسلامٍ (¬9) " رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. 7 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعبدوا الرحمن (¬10)، وأفشوا السلام وأطعموا الطعام تدخلوا الجنان (¬11) " رواه الترمذي وصححه، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له. [قال الحافظ]: وتقدم غيرُ ما حديث من هذا النوع في إطعام الطعام وغيره. 8 - وعن أبي شُريحٍ رضي الله عنه أنه قال: "يا رسول الله أخبرني بشيء يُوجبُ ¬
لي الجنة؟ قال: طِيبُ الكلام (¬1)، وبذلُ السلامِ، وإطعامُ الطعام" رواه الطبراني، وابن حبان في صحيحه في حديث، والحاكم وصححه. 9 - وتقدم في رواية جيدة للطبراني قال: "قُلتُ يا رسول الله: دُلَّني على عمل يُدخلُني الجنة؟ قال: إن من موجبات المغفرة بذل السلام وحُسنَ الكلام". 10 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حقُّ المسلمِ على المسلم خمسٌ: ردُّ السلام، وعيادةُ (¬2) المريض، واتباعُ (¬3) الجنائز، وإجابةُ الدعوة (¬4) وتشميتُ (¬5) العاطس" رواه البخاري ومسلم وأبو داود. ولمسلم: "حقُّ المسلم على المسلم ستٌّ (¬6) قيل: وما هُنَّ يا رسول الله؟ قال: إذا لقيتهُ، فَسَلِّمْ عليه (¬7)، وإذا دعاك فأجِبْهُ (¬8)، وإذا استنصحك (¬9)، فانصحْ له، وإذا عطس، فَحَمِدَ الله فَشَمِّتْهُ، وإذا مرض فَعُدْهُ (¬10)، وإذا مات فاتْبَعْهُ (¬11) " ورواه الترمذي، والنسائي بنحو هذه. 11 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفشوا السلام كي تَعْلُوا (¬12) " رواه الطبراني بإسناد حسن. ¬
إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام 12 - وعن الأغَرِّ أغَرِّ مُزَيْنَةَ رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَ لي بِجَريبٍ (¬1) من تَمْرٍ عند رجلٍ من الأنصار، فَمَطَلني (¬2) به. فَكَلَّمْتُ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اغْدُ (¬3) يا أبا بكرٍ، فَخُذْ لهُ تمرهُ، فوعدني أبو بكرٍ المسجدَ إذا صلينا الصُّبْحَ فوجدتهُ حيث وعدني، فانطلقنا، فكلما رأى (¬4) أبا بكرٍ رجلٌ من بعيدٍ سَلَّمَ عليه، فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه: أما ترى ما يُصيبُ (¬5) القومَ عليك من الفضلِ (¬6)؟ لا يسبقك إلى السلام أحدٌ، فَكُنَّا إذا طلع الرجلُ من بعيدٍ بادرناه (¬7) بالسلام قبل أن يُسَلِّمَ علينا" رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وأحد إسنادي الكبير رواته محتج بهم في الصحيح. 13 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أوْلَى (¬8) الناس بالله من بدأهم بالسلام" رواره أبو داود والترمذي وحسنه، ولفظه: "قيل يا رسول الله: الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟ قال: أوْلاَهُمَا بالله تعالى". 14 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُسَلِّمُ الراكبُ على الماشي، والماشي على القاعد، والماشيان أيهما بدأ، فهو أفضل (¬9) " رواه البزار وابن حبان في صحيحه. 15 - وعن عبد الله، يعني ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السلام (¬10) اسمٌ من أسماء الله تعالى وضعهُ في الأرضِ فأفشوه بينكم فإن الرجل ¬
المسلم إذا مَرَّ بقومٍ فَسَلَّمَ عليهم، فَرَدُّوا عليه كان له عليهم فضلُ درجةٍ بتذكيره إياهمُ السلام، فإن لم يردوا عليه ردَّ عليه من هو خيرٌ منهم" رواه البزار والطبراني، وأحد إسنادي البزار جيد قوي. ما جاء في بدء السلام ورده 16 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فَتُفَرِّقُ بيننا شجرةٌ فإذا التقينا يُسَلِّمُ بعضنا على بعضٍ" رواه الطبراني بإسناد حسن. 17 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فَلْيُسَلِّمْ، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليستِ الأولى بأحقَّ من الآخرةِ" رواه أبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي. وزاد رزين: "ومن سَلَّمَ على قومٍ حين يقومُ عنهم كان شريكهم فيما خاضوا من الخير بعده". 18 - وروي أحمد من طريق ابن لهيعة عن زبان فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " حقٌّ على من قام على جماعةٍ أن يُسَلِّمَ عليهم وحقٌّ على من قام من مجلسٍ أن يُسَلِّمَ، فقام رجلٌ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلمُ فلم يُسَلِّمْ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أسرعَ ما نسيَ". 19 - وعن معاوية بن قُرَّةَ عن أبيه رضي الله عنه قال: "يا بُنَيَّ إذا كنت في مجلسٍ ترجو خيرهُ، فَعَجِلَتْ بك حاجةٌ، فقل: السلام عليكم، فإنك شريكهم فيما يُصيبون في ذلك المجلس" رواه الطبراني موقوفاً هكذا، ومرفوعاً، والموقوف أصح. 20 - وعن عمران بن الحصين رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليكم، فَرَدَّ عليه، ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عَشْرٌ (¬1) ثم جاء آخرُ، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فَرَدَّ فجلس، فقال عشرون، ثم جاء آخرُ، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فَرَدَّ فجلسَ، ¬
فقال: ثلاثون" رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي وحسنه أيضاً، ورواه أبو داود أيضاً من طريق أبي مرحوم، واسمه عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ عن أبيه مرفوعاً بنحوه. وزاد: "ثم أتى آخرُ، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرتهُ، فقال: أربعون، قال: هكذا تكون الفضائلُ". فضائل السلام وأنواع من البر 21 - ورويَ عن سهل بن حُنيفٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال: السلام عليكم، كُتبتْ له عشر حسناتٍ، ومن قال: السلام عليكم ورحمة الله كُتبتْ له عشرون حسنةً، ومن قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كُتبتْ له ثلاثون حسنةً" رواه الطبراني. 22 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رجلاً مَرَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في مجلسٍ، فقال: سلامٌ عليكم، فقال: عشر حسناتٍ، ثم مَرَّ آخرُ فقال: سلامٌ عليكم ورحمة الله، فقال: عشرون حسنةً، ثم مَرَّ آخرُ فقال: سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال: ثلاثون حسنةً، فقام رجلٌ من المجلسِ، ولم يُسَلِّمْ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أوشكَ ما نَسِيَ صاحبكم. إذا جاء أحدكم إلى المجلس، فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، وإن قام فليسلم، فليست الأولى بأحقَّ من الآخرة" رواه ابن حبان في صحيحه. [ما أوشك]: أي ما أسرع. 23 - وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربعون خصلةً أعلاهُنَّ مَنِيحَةُ العَنْزِ (¬1) ما من عاملٍ يعملُ بخصلةٍ منها رجاء ثوابها، وتصديقَ موعودها إلا أدخلهُ الله بها الجنة. قال حسانُ: فعددنا ما دون مَنِيَحةِ العَنْزِ من رَدِّ ¬
السلام، وتشميت العاطسِ، وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه، فما استطعنا أن تبلغ خمس عشرةَ" رواه البخاري وغيره. أعجز الناس من عجز في الدعاء 24 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعجزُ الناسِ من عجز (¬1) في الدعاء، وأبخلُ الناس من بَخِلَ (¬2) بالسلام" رواه الطبراني في الأوسط، وقال: لا يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد. [قال الحافظ]: وهو إسناد جيد قوي. 25 - وعن عبد الله بن مُغْفَلٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسْرَقُ الناس الذي يسرقُ صلاتهُ، قيل: يا رسول الله، وكيف يسرقُ صلاتهُ؟ قال: لا يُتمُّ رُكوعها، ولا سجودها، وأبخلُ الناس من بخل بالسلام" رواه الطبراني بإسناد جيد. 26 - وعن جابرٍ رضي الله عنه: "أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لفلانٍ في حائطي عَذْقاً (¬3)، وإنه قد آذاني، وشَقَّ عليَّ مكان عَذْقِهِ، فأرْسَلَ إليهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بِعْني عَذْقَكَ الذي في حائط فلانٍ، قال: لا. قال: فَهَبْهُ لي. قال: لا. قال: فَبِعْنِيهِ بِعَذْقٍ في الجنة. قال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأيتُ الذي هو أبخلُ منك إلا الذي يَبْخَلُ بالسلام" رواه أحمد والبزار، وإسناد أحمد لا بأس به. [قال الحافظ]: وتقدم فيما يقول إذا دخل بيته أحاديث من السلام، فأغنى عن إعادتها هنا. ¬
الترغيب في المصافحة والترهيب من الإشارة في السلام وما جاء في السلام على الكفار
من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار 27 - وعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحَبَّ أن يتمثل (¬1) له الرجالُ قياماً، فليتبوأ (¬2) مقعدهُ من النار" رواه أبو داود بإسناد صحيح والترمذي، وقال: حديث حسن. 28 - وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئاً على عصاً، فقمنا إليه، فقال: لا تقوموا كما تقومُ الأعاجمُ (¬3) يُعَظِّمُ بعضها بعضاً" رواه أبو داود وابن ماجة، وإسناده حسن. فيه أبو غالب، واسمه حزور ويقال نافع، ويقال: سعيد بن الحزور، فيه كلام طويل ذكرته في مختصر السنن وغيره، والغالب عليه التوثيق، وقد صحح له الترمذي وغيره، والله أعلم. الترغيب في المصافحة، والترهيب من الإشارة في السلام وما جاء في السلام على الكفار 1 - عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ¬
مُسْلِمَيْنِ يلتقيانِ فيتصافحان (¬1) إلا غُفِرَ (¬2) لهما قبل أن يتفرقا" رواه أبو داود والترمذي كلاهما من رواية الأجلح عن أبي إسحاق عن أبي البراء، وقال الترمذي: حديث حسن غريب. 2 - وفي رواية لأبي داود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى المسلمانِ فتصافحا وحمدا الله (¬3) واستغفراهُ غُفِرَ لهما". [قال الحافظ]: وفي هذه الرواية أبو بلج، بفتح الباء وسكون اللام بعدها جيم، واسمه يحيى بن سليم، ويقال: يحيى بن أبي الأسود، ويأتي الكلام عليه، وعلى الأجلح، واسمه يحيى بن عبد الله أبو حجبة الكندي، وإسناد هذا الحديث فيه اضطراب. 3 - وروى الطبراني عن أبي داود الأعمى، وهو متروكٌ قال: "لقيني البراء بن عازبٍ، فأخذ بيدي وصافحني، وضحك في وجهي، ثم قال أتدري: لِمَ أخذتُ بيدك؟ قلتُ: لا. إلا أنني ظننتُ أنك لم تفعلهُ إلا لخيرٍ، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لقيني، ففعل بي ذلك، ثم قال: تدري لِمَ فعلت بك ذلك؟ قلت: لا. قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن المُسْلِمَيْنِ إذا التقيا وتصافحا، وضحكَ (¬4) كلٌّ منهما في وجهِ صاحبهِ، لا يفعلان ذلك إلا لله، لم يتفرقا حتى يُغفرَ لهما". 4 - وعن أنسٍ رضي الله عنه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مُسْلِمَيْنِ التقيا، فأخذ أحدهما بيد صاحبه إلا كان حقاً على الله عز وجل أن يَحْضُرَ (¬5) دُعاءهُما ولا يُفَرِّقُ بين أيديهما حتى يغفر لهما" رواه أحمد، واللفظ له والبزار وأبو يعلى، ورواة أحمد كلهم ثقات إلا ميمون المرادي، وهذا الحديث مما أنكر عليه. ¬
5 - وعنه رضي الله عنه قال: "كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفرٍ تعانقوا" رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في الصحيح. 6 - وعن حُذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن المؤمن إذا لقيَ المؤمن، فَسَلَّمَ عليه، وأخذ بيده، فصافحهُ تناثرتْ (¬1) خطاياهما كما يتناثرُ ورقُ الشجر" رواه الطبراني في الأوسط، ورواته لا أعلم فيهم مجروحاً. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيَ حذيفة فأراد أن يُصافحهُ، فتنحى حُذيفةُ، فقال إني كنتُ جُنُباً، فقال: إن المسلم إذا صافح أخاه تحاتَّتْ (¬2) خطاياهما كما يتحاتُّ ورقُ الشجر" رواه البزار من رواية مصعب بن ثابت. 8 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المُسْلِمَيْنِ إذا التقيا فتصافحا وتساءلا (¬3) أنزل الله بينهما مائة رحمةٍ: تسعةً وتسعينَ لأبَشِّهِمَا وأطلقَهِمِا وأبَرِّهِمَا وأحسنهما مساءلةً بأخيه (¬4) " رواه الطبراني بإسناد فيه نظر. [لأبشهما]: أي لأكثرهما بشاشة، وهي طلاقة الوجه مع الفرح والتبسم وحسن الإقبال واللطف في المسألة. [وأطلقهما]: أي أكثرهما وأبلغهما طلاقة، وهي بمعنى البشاشة. 9 - ورويَ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى الرجلان المسلمان، فَسَلَّمَ أحدهما على صاحبه، فإن أحَبَّهُمَا إلى اللهِ أحسنُهُمَا بِشْراً لصاحبه، فإذا تصافحا نزلت عليهما مائةُ رحمةٍ، وللبادي منهما تسعون، وللمُصافَحِ عشرةٌ" رواه البزار. 10 - وعن سلمان بن الفارسيِّ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن المسلمَ إذا لقيَ أخاهُ، فأخذ بيده تحاتَّتْ عنهما ذنوبهما كما يتحاتُّ الورقُ عن الشجرةِ ¬
اليابسة في يوم ريحٍ عاصفٍ (¬1)، وإلا غُفِرَ لهما، ولو كانت ذنوبهما مثل زبد البحر" رواه الطبراني بإسناد حسن. 11 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تمام التحية الأخذُ باليد" رواه الترمذي عن رجل لم يسمه عنه، وقال: حديث غريب. 12 - وعن قتادة قال: "قلتُ لأنس بن مالكٍ رضي الله عنه: أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم" رواه البخاري والترمذي. 13 - وعن أيوبَ بن بشيرٍ العدويِّ عن رُجلٍ من عَنْزَةَ قال: "قلتُ لأبي ذرٍ حيث سِيرَ إلى الشام: إني أريدُ أن أسألك عن حديثٍ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إذَنْ أُخْبِرَكَ به إلا أن يكون شراً، قلتُ: إنه ليس بشرٍ: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصافحكم إذا لقيتموهُ؟ قال: ما لقيتهُ قَطُّ إلا صافحني وبعثَ إليَّ ذاتَ يومٍ، ولم أكن في أهلي، فجئتُ فأُخْبِرْتُ أنه أرسل إليَّ، فأتيتهُ وهو على سريرهِ فَالْتَزَمَنِي، فكانت تلك أجودَ وأجودَ (¬2) " رواه أبو داود، والرجل المبهم اسمه عبد الله مجهول. 14 - وعن عطاءٍ الخراساني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تصافحوا يذهب عنكم الغِلُّ (¬3)، وتهادوا تحابوا وتذهبَ الشحناء (¬4) " رواه مالك هكذا معضلاً وقد أسند من طرق فيها مقال. 15 - ورويَ عن عمرو بن شُعيبٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا (¬5) من تشبه بغيرنا لا تَشَبَّهُوا (¬6) باليهود ¬
الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن
ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهودِ الإشارةُ بالأصابعِ (¬1)، وإن تسليم النصارى بالأكُفِّ" رواه الترمذي والطبراني، وزاد: "ولا تَقُصُّوا النَّوَاصيَ (¬2)، وأحْفُوا الشارب (¬3)، وأعفوا اللحا (¬4)، ولا تمشوا في المساجد والأسواق، وعليكمُ القُمُصُ (¬5) إلا وتحتها الأزُرُ (¬6) ". 16 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسليمُ الرجل بأصْبُعٍ واحدةٍ يشيرُ بها فِعْلُ اليهود" رواه أبو يعلى، ورواته رواة الصحيح، والطبراني واللفظ له. 17 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريقٍ، فاضطروهم إلى أضيقه" رواه مسلم، واللفظ له، وأبو داود والترمذي. 18 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سَلَّمَ عليكم أهلُ الكتاب فقولوا: وعليكم (¬7) " رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة، ومن نوع هذين الحديثين كثير ليس من شرط كتابنا فتركناها. الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اطلع في بيتِ قومٍ بغير إذنهم فقد حَلَّ لهم أن يفقئوا (¬8) عينهُ" رواه البخاري ومسلم وأبو داود إلا أنه قال: ¬
ففقئوا عَيْنَهُ فقد هُدِرَتْ (¬1) ". 2 - وفي رواية للنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اطلعَ في بيتِ قومٍ بغير إذنهم، ففقئوا عينهُ، فلا دِيَةَ لهُ (¬2) ولا قصاص (¬3) ". 3 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجلٍ كشف ستراً (¬4)، فأدخل بصرهُ قبل أن يؤذن له، فقد أتى حداً (¬5) لا يحلُّ له أن يأتيهُ، ولو أن رجلاً فقأ عينهُ لَهُدِرَتْ، ولو أن رجلاً مَرَّ على بابٍ لا سِتْرَ لهُ، فرأى عورةَ أهلهِ، فلا خطيئة عليه إنما الخطيئةُ على أهل المنزلِ (¬6) " رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح إلا ابن لهيعة، ورواه الترمذي، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة. 4 - وعن عُبادةَ، يعني ابن الصامت رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن الاستئذان (¬7) في البيوت؟ فقال: من دخلت عَيْنُهُ قبل أن يستأذن، وَيُسَلِّمَ، فلا إذن، وقد عصى ربهُ (¬8) " رواه الطبراني من حديث إسحاق بن يحيى عن عُبادة، ولم يسمع منه، ورواته ثقات. 5 - وعن أنسٍ رضي الله عنه: "أن رجلاً اطلع من بعض حُجَرِ النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِشقَصٍ أو بِمَشَاقِصَ، فكأني أنْظُرُ إليه يختلُ الرجلَ ليطعنهُ" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، ولفظه: "أن أعرابياً أتى باب النبي صلى الله عليه وسلم فألقَمَ عَيْنَهُ خصاصةَ البابِ، فبَصُرَ بهِ النبي صلى الله عليه وسلم، فَتَوَخَّاهُ بحديدةٍ أو عُودٍ ليفقأ عَيْنَهُ، فلما أن أبصرهُ انقمعَ، ¬
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنك لو ثَبَتَ عليكَ لفقأت عينك" [المشقص] بكسر الميم بعدها شين معجمة ساكنة، وقاف مفتوحة: هو سهم له نصل عريض، وقيل: طويل. وقيل: هو النصل العريض نفسه، وقيل: الطويل. [يختله] بكسر التاء المثناة فوق: أي يخدعه ويراوغه. [وخصاصة الباب] بفتح الخاء المعجمة وصادين مهملتين: هي الثقب فيه والشقوق، ومعناه أنه جعل الشق الذي في الباب محاذياً عينه. [توخاه] بتشديد الخاء المعجمة: أي قصده. إنما جعل الاستئذان من أجل البصر 6 - وعن سهل بن سعدٍ الساعدي رضي الله عنه: "أن رجلاً اطلعَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حُجْرٍ (¬1) في حُجْرَةِ النبي صلى الله عليه وسلم، ومع النبي صلى الله عليه وسلم مِدْرَاةٌ (¬2) يَحُكُّ بها رأسهُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو علمتُ أنك تنظرُ لطعنتُ بها في عينكَ (¬3) إنما جُعِلَ الاستئذانُ (¬4) من أجل البَصَرِ" رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. 7 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ لا يَحِلُّ لأحدٍ أن يفعلهنَّ: لا يَؤمُّ (¬5) رجلٌ فَيَخُصَّ نفسهُ بالدعاء دونهم، فإن فعل فقد خانهم (¬6)، ولا ينظرُ في قَعْرِ (¬7) بيتٍ قبل أن يستأذنَ، فإن فعلَ فقد دخل (¬8)، ولا يُصَلِّي وهو حَقِنٌ (¬9) حتى يتخفف (¬10) " رواه أبو داود، واللفظ له، والترمذي وحسنه وابن ماجة مختصراً، ورواه أبو داود أيضاً من حديث أبي هريرة. ¬
الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه
8 - وعن عبد الله بن بُسْرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تأتوا البيوتَ من أبوابها، ولكنِ ائتوها من جوانبها (¬1) فاستأذنوا، فإن أُذِنَ لكم فادخلوا، وإلا فارجعوا" رواه الطبراني في الكبير من طرق أحدها جيد. الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه 1 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تَحَلَّمَ بِحُلْم (¬2) لم يَرَهُ كُلِّفَ (¬3) أن يَعْقِدَ بين شَعِيرَتَيْنِ ولن يفعل (¬4)، ومن استمعَ إلى حديث قومٍ، وهم له كارهون (¬5) صُبَّ في أذنيه الآنكُ يوم القيامة، ومن صَوَّرَ صُورَةً عذِّبَ، أو كُلِّفَ أن ينفخَ فيها الروح: وليس بنافخٍ (¬6) " رواه البخاري وغيره. ¬
الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط
[الآنك] بمد الهمزة وضم النون: هو الرصاص المذاب. الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط 1 - عن عامر بن سعدٍ قال: "كان سعد بن أبي وقاص في بيته، فجاءهُ ابنهُ عمر فلما رآهُ سعدٌ قال: أعوذُ بالله من شرِّ هذا الراكبِ، فنزل فقال له: أنَزَلْتَ في إبلك وغنمكَ، وتركتَ الناس يتنازعون المُلْكَ بينهم، فضرب سعدٌ في صدرهِ، وقال اسكتْ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يُحِبُّ العبدَ التقيَّ الغنيَّ الخفيَّ" رواه مسلم. [الغني]: أي الغني النفس القنوع. 2 - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: "قال رجلٌ أيُّ الناس أفضلُ يا رسول الله؟ قال: مؤمنٌ يُجاهدُ بنفسهِ ومالهِ في سبيل الله. قال: ثم مَنْ؟ قال: ثم رجلٌ مُعْتَزِلٌ (¬1) في شِعْبٍ (¬2) من الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ". 3 - وفي رواية: "يتقي الله وَيَدَعُ الناسَ من شَرِّهِ" رواه البخاري ومسلم وغيرهما، ورواه الحاكم بإسناد على شرطهما إلا أنه قال: "عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سُئل: أيُّ المؤمنين أكملُ إيماناً؟ قال: الذي يُجاهد بنفسه ومالهِ، ورجلٌ يعبدُ ربهُ في شِعْبٍ من الشعاب، وقد كَفَى الناس شَرَّهُ". 4 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُوشكُ أن يكون خير مال المسلم غَنَمٌ يَتَّبِعُ بها شَعَفَ الجبال، ومواقعَ القَطْرِ يَفِرُّ بدينه من الفتن" رواه مالك والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة. [شعف الجبال] بالشين المعجمة والعين المهملة مفتوحتين: هو أعلاها ورءوسها. 5 - وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنه قال مِنْ خَيْرِ ¬
مَعَايِشِ الناس لهم رجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ في سبيل الله يطيرُ على مَتْنِهِ (¬1) كُلما سمع هَيْعَةً (¬2) أو فَزْعَةً (¬3) طار عليه يبتغي (¬4) القتلَ أو الموت مَظَانَّهُ، ورجلٌ في غُنَيْمَةٍ في رأس شَعَفَةٍ من هذه الشُّعَفِ، أو بطن وادٍ من هذه الأوديةِ يُقيمُ الصلاة، ويؤتي الزكاةَ، ويعبدُ ربهُ حتى يأتيهُ اليقينُ (¬5) ليس من الناس إلا خيرٍ" رواه مسلم، وتقدم بشرح غريبه في الجهاد. 6 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بخير الناس: رجلٌ مُمسك بعنان (¬6) فرسهِ في سبيل الله. ألا أخبركم بالذي يتلوهُ: رجلٌ مُعتزلٌ في غُنيمةٍ له يؤدي حق الله فيها. ألا أخبركم بِشَرِّ الناس؟ رجلٌ يُسْألُ بالله ولا يُعْطي" رواه النسائي والترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، وابن حبان في صحيحه، ولفظه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم وهم جلوسٌ في مجلسٍ لهم فقال: ألا أخبركم بخير الناس منزلاً؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: رجلٌ أخذ برأس فرسه في سبيل الله حتى يموتَ أو يُقتلَ. ألا أخبركم بالذي يليه؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: امرؤ معتزلٌ في شعبٍ يُقيمُ الصلاة، ويؤتي الزكاةَ، ويعتزل (¬7) شُرورَ الناس. ألا أخبركم بشرِّ الناس؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الذي يُسأل بالله، ولا يُعطي" ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب العزلة من حديثه، ورواه أيضاً هو والطبراني من حديث أم مبشر الأنصارية أطول منه. 7 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من جاهد في سبيل الله كان ضامناً على الله، ومن عاد مريضاً كان ضامناً على الله، ومن ¬
دخل على إمامهِ يُعَزِّرُهُ (¬1) كان ضامناً (¬2) على الله، ومن جلس في بيتهِ لم يغتبْ (¬3) إنساناً كان ضامناً على الله" رواه أحمد والطبراني وابن خزيمة في صحيحه، وابن حبان، واللفظ له، وعند الطبراني: "أو قعد في بيته فَسَلِمَ الناسُ منهُ، وَسَلِمَ من الناس" وهو عند أبي داود بنحوه، وتقدم لفظه، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث عائشة، ولفظه: "قال: خصالٌ ستٌّ ما من مُسلمٍ يموتُ في واحدةٍ منهنَّ إلا كان ضامناً على الله أن يدخُلَ الجنة، فذكر منها: ورجلٌ في بيته لا يغتاب المسلمين ولا يَجُرُّ إليهم سُخْطاً ولا نِقْمَةً". 8 - ورويَ عن سهل بن سعدٍ الساعدي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أعجبَ الناس إليَّ رجلٌ يؤمن بالله ورسوله، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويُعَمِّرُ ماله (¬4)، ويحفظ دينه، ويعتزلُ الناس" رواه ابن أبي الدنيا في العزلة. 9 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طُوبى (¬5) لمن مَلَكَ لسانهُ، وَوَسِعَهُ بَيْته، وبكى على خطيئته (¬6) " رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وحسن إسناده. 10 - وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "قلتُ يا رسول الله: ما النجاةُ (¬7) قال: أمْسِكْ (¬8) عليك لسانكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ (¬9)، وَابْكِ على خطيئتك (¬10) " رواه ¬
الترمذي وابن أبي الدنيا والبيهقي، كلهم من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد، وقال الترمذي: حديث حسن. 11 - وعن مكحولٍ رضي الله عنه قال: "قال رجلٌ: متى قيام الساعة (¬1) يا رسول الله؟ قال: ما المسئول عنها بأعلمَ من السائلِ (¬2)، ولكن لها أشراطٌ (¬3) وتقاربُ أسواقٍ. قالوا: يا رسول الله وما تقاربُ أسواقها؟ قال: كسادها (¬4) وَمَطَرٌ (¬5) ولا نباتَ، وأن تَفْشُوَ (¬6) الغيبةُ وتَكْثُرَ أولادُ البغيةِ (¬7)، وأن يَعُظَّمَ ربُّ المالِ (¬8)، وأن تعلوَ أصواتُ الفَسَقَةِ (¬9) في المساجد، وأن يظهر (¬10) أهلُ المنكرِ على أهل الحقِّ. قال رجلٌ: فما تأمرني (¬11)؟ قال: فِرَّ بدينكَ (¬12) وَكُنْ حِلْساً من أحْلاَسِ بيتكَ" رواه ابن أبي الدنيا هكذا مرسلاً. 12 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين أيديكم فتناً (¬13) كَقِطَعِ الليلِ المُظْلِمِ يُصْبِحُ الرجلُ فيها مؤمناً، ويُمسي كافراً، ¬
ويمسي مؤمناً، ويصبحُ كافراً، القاعد (¬1) فيها خيرٌ من القائم، والقائم فيها خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خيرٌ من الساعي. قالوا: فما تأمرنا؟ قال: كونوا أحْلاسَ بُيُوتكم" رواه أبو داود، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة في الصحاح وغيرها. [الحلس]: هو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب، يعني الزموا بيوتكم في الفتن كلزوم الحلس لظهر الدابة. إن السعيد لمن جنب الفتن 13 - وعن المقداد بن الأسود قال: "أيْمُ الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن السعيد لمن جُنِّبَ الفتن، إن السعيدَ لمن جُنِّبَ الفتنَ، إن السعيد لمن جُنِّبَ الفتن، وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فصبر فَوَاهاً" رواه أبو داود. [واهاً]: كلمة معناها التلهف، وقد توضع للإعجاب بالشيء. 14 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة، فقال: إذا رأيتم الناس قد مَرَجَتْ عُهُودُهُم، وَخَفَّتْ أماناتُهُمْ وكانوا هكذا، وَشَبَّكَ بين أصابعهِ. قال: فقمتُ إليه فقلتُ: كيف أفعلُ عند ذلك جعلني الله تبارك وتعالى فداك؟ قال: الزم بيتكَ، وَابْكِ على نفسكَ وَدَعْ عنك أمْرَ العامة" رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن. [مرجت]: أي فسدت، والظاهر أن معنى قوله: خفت أماناتهم، أي قلّت، من قولهم: خَفَّ القوم: أي قلّوا، والله أعلم. 15 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن عمر خرج إلى المسجد، فوجد مُعاذاً عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي، فقال: ما يبكيك؟ قال: حديثٌ سمعتهُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اليسيرُ من الرِّيَاء شِرْكٌ (¬2)، ومن ¬
عَادَى (¬1) أولياء (¬2) الله، فقد بارزَ (¬3) الله بالمحاربة. إن الله يُحِبُّ الأبرار الأتقياء الأخفياء الذين إن غابوا لم يُفْتَقَدُوا (¬4)، وإن حضروا لم يُعْرَفُوا، قلوبهم مصابيحُ الهدى يخرجون من كُلِّ غَبراء مظلمة (¬5) " رواه ابن ماجة والحاكم والبيهقي في الزهد، وقال الحاكم: صحيح، ولا علة له. من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤنة 16 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمانٌ لا يَسْلَمُ لذي دينٍ دِينُهُ إلا من هَرَب (¬6) بدينهِ من شاهقٍ إلى شاهقٍ، ومن جُحْرٍ إلى جُحْرٍ، فإن كان ذلك كذلك لم تُنَلِ المعيشةُ إلا بسخط الله (¬7)، فإذا كان ذلك كذلك كان هلاكُ الرجل على يديْ زوجتهِ وولده، فإن لم يكن له زوجةٌ ولا ولدٌ كان هلاكهُ على يديْ أبويه، فإن لم يكن له أبوانِ كان هلاكهُ على يديْ قرابته أو الجيران. قالوا: كيف ذلك يا رسول الله؟ قال: يُعَيِّرُونَهُ بضيق المعيشةِ، فعند ذلك يُوردُ نفسهُ المواردَ التي يُهْلِكُ فيها نفسهُ" رواه البيهقي في كتاب الزهد. 17 - وعن عمران بن حُصينٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من انقطعَ إلى الله (¬8) كَفَاهُ (¬9) الله كُلَّ مؤنةٍ، ورزقهُ من حيث لا يحتسبُ ¬
الترهيب من الغضب والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب
ومن انقطع إلى الدنيا (¬1) وَكَلَهُ الله إليه (¬2) " رواه الطبراني وأبو الشيخ ابن حبان في الثواب، وإسناد الطبراني مقارب، وأملينا لهذا الحديث نظائر في الاقتصاد والحرص، ويأتي له نظائر في الزهد إن شاء الله تعالى. الترهيب من الغضب، والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: لا تغضب (¬3)، فردد مراراً، قال: لا تغضب" رواه البخاري. 2 - وعن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال رجلٌ: يا رسول الله أوصني. قال: لا تغضب. قال: ففكرتُ حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، فإذا الغضبُ يَجْمَعُ الشرَّ كُلَّهُ" رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح. 3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يُباعدني من غضب الله عز وجل؟ قال: لا تغضب" رواه أحمد وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: ما يمنعني؟ 4 - وعن جارية بن قُدامةَ" أن رجلاً قال يا رسول الله: قُل لي قولاً وأقْلِلْ لعلي ¬
أعِيهِ (¬1) قال: لا تغضب، فأعاد عليه مراراً، كُلُّ ذلك يقولُ: لا تغضب" رواه أحمد واللفظ له، ورواته رواة الصحيح، وابن حبان في صحيحه، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط إلا أنه قال: "عن الأحنف بن قيس عن عمه، وعمُّه جارية بن قدامة أنه قال يا رسول الله: قل لي قولاً ينفعني الله به فَذَكَرَهُ"، وأبو يعلى إلا أنه قال: "عن جارية بن قدامة أخبرني عم أبي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه" ورواته أيضاً رواة الصحيح. 5 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: "قال رجلٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: دُلَّني على عملٍ يُدخلني الجنة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تغضب ولك الجنة" رواه الطبراني بإسنادين أحدهما صحيح. 6 - وعن ابن المسيب رضي الله عنه قال: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ، ومعه أصحابهُ وقعَ رجلٌ (¬2) بأبي بكرٍ رضي الله عنه فآذاهُ، فَصَمَتَ عنهُ أبو بكرٍ، ثم آذاهُ الثانية، فَصَمَتَ عنه أبو بكرٍ، ثم آذاهُ الثالثة فانتصرَ أبو بكر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه: أوَجَدْتَ (¬3) عليَّ يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزل مَلَكٌ من السماء يُكذِّبُهُ بما قال لك، فلما انتصرتَ ذهب المَلَكُ، وقَعَدَ الشيطانُ، فلم أكن لأجلس (¬4) إذن مع الشيطان" رواه أبو داود هكذا مرسلاً ومتصلاً من طريق محمد ابن غيلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة بنحوه، وذكر البخاري في تاريخه أن المرسل أصح. ¬
7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الشديد بالصُّرَعَةِ (¬1) إنما الشديدُ الذي يملكُ نفسهُ عند الغضب (¬2) " رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 8 - ورواه ابن حبان في صحيحه مختصراً: ليس الشديد من غَلَبَ الناس، إنما الشديدُ من غلب نفسه". 9 - ورواه أحمد في حديث طويل: "عن رجلٍ شهدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبُ ولم يُسَمِّهِ، وقال فيه: ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما الصرعةُ؟ قال: قالوا الصَّريعُ. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصُّرعَةُ كُلُّ الصُّرَعَةِ، الصُّرعَةُ كُلُّ الصُّرَعَةِ، الصُّرعَةُ كُلُّ الصُّرَعَةِ: الرجل الذي يغضبُ، فيشتدُّ غضبهُ، ويَحْمَرُّ وجههُ، ويقشعرُ جلدهُ، فَيَصْرَعُ غَضَبَهُ". [قال الحافظ]: الصرعة بضم الصاد وفتح الراء: هو الذي يصرع الناس كثيراً بقوته، وأما الصرعة بسكون الراء، فهو الضعيف الذي يصرعه الناس حتى لا يكاد يثبت مع أحد، وكل من يكثر عنه الشيء يقال فيه: فُعَلَة بضم الفاء وفتح العين مثل حُفظة وخُدَعة وضُحَكة وما أشبه ذلك، فإذا سكنت ثانيه فعلى العكس: أي الذي يفعل به ذلك كثيراً. 10 - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
يوماً صلاة العصر، ثم قام خطيباً، فلم يَدَعْ (¬1) شيئاً يكون إلى قيام الساعة إلا أخبرنا به، حَفِظَهُ من حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ، وكان فيما قال: إن الدنيا خَضِرَةٌ (¬2) حُلْوَةٌ وإن الله مُسْتَخلِفُكُمْ فيها فناظرٌ كيف تعملون (¬3)، ألا فاتقوا الدنيا (¬4)، واتقوا النساء (¬5)، وكان فيما قال: ألا لا يمنعنَّ رجلاً هَيْبَةُ الناس أن يقول بحقٍ إذا عَلِمَهُ (¬6). قال: فبكى أبو سعيدٍ، وقال: وقد والله رأينا أشياء فَهِبْنَا، وكان فيما قال: الا إنه يُنْصَبُ لكل غادرٍ (¬7) لواء يوم القيامة بقدر غَدْرَتِهِ، ولا غَدْرَةَ أعظمُ من غَدْرَةِ (¬8) إمام عامةٍ يَرْكُزُ لواءهُ عند اسْتِهِ (¬9)، وكان فيما حفظناهُ يومئذٍ: ألا إن بني آدم خُلقوا على طبقاتٍ، ألا وإن منهمُ البطئ الغضبِ السريع الفيء (¬10)، ومنهم سريعُ الغضبِ سريعُ الفيء، فتلك بِتلكَ، ألا وإن منهم سريع الغضب بطيء الفيء، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريعُ الفيء، وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء، ألا وإن الغضبَ جمرةٌ في قلب ابن آدم، أما رأتيم إلى حُمرةِ عينيهِ، وانتفاخ أوداجه (¬11) فمن أحسَّ بشيء من ذلك فليلصقْ بالأرض (¬12) " رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. 11 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: " في قوله تعالى: (ادْفَعْ بالَّتِي هِيَ أحْسَنُ) ¬
قال: الصبرُ عند الغضب، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا عَصَمَهُمُ اللهُ، وخضعَ لهم (¬1) عَدُوهم" ذكره البخاري تعليقاً. 12 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ من كُنَّ فيه آواهُ الله (¬2) في كَنَفِهِ، وسَتَرَ عليهِ برحمتهِ، وأدخلهُ في محبته: من إذا أُعْطِيَ شَكَرَ، وإذا قَدَرَ غَفَرَ، وإذا غضب فَتَرَ (¬3) " رواه الحاكم من رواية عمر بن راشد، وقال: صحيح الإسناد. 13 - ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دفع غضبهُ (¬4) دفعَ الله عنه عذابهُ، ومن حفظ لسانهُ (¬5) سَتَر الله عورتهُ (¬6) " رواه الطبراني في الأوسط. 14 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من جُرعةٍ (¬7) أعظمَ عند الله من جُرعةِ غيظٍ كظمها (¬8) عَبْدٌ ابتغاء وجه الله" رواه ابن ماجة، ورواته محتج بهم في الصحيح. 15 - وعن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كظم غيظاً وهو قادرٌ على أن يُنْفِذَهُ (¬9) دعاهُ الله سبحانه على رءوس الخلائقِ حتى يُخَيِّرَهُ (¬10) من الحور العين ما يشاء" رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وابن ماجة كلهم ¬
من طريق أبي مرحوم، واسمه عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ عنه، ويأتي الكلام على سهل وأبي مرحوم إن شاء الله تعالى. 16 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا غضب أحدكم وهو قائمٌ فليجلس، فإن ذهب عنه الغضبُ، وإلا فليضطجع" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه، كلاهما من رواية أبي حرب بن الأسود عن أبي ذر، وقد قيل: إن أبا حرب إنما يروي عن عمه عن أبي ذر، ولا يحفظ له سماع من أبي ذر، وقد رواه أبو داود أيضاً عن داود، وهو ابن هند عن بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا ذر بهذا الحديث، ثم قال أبو داود: وهو أصح الحديثين، يعني أن هذا المرسل أصح من الأول، والله أعلم. 17 - وعن سليمان بن صُرَدٍ رضي الله عنه قال: "اسْتَبَّ (¬1) رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل أحَدُهُما يغضبُ، ويَحْمَرُّ وجههُ، وتنتفخُ أوداجهُ، فنظرَ إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأعلمُ كلمةً لو قالها لذهب عنه ذا: أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم، فقام إلى الرجل رجلٌ ممن سمعَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل تدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفاً (¬2)؟ قال: لا. قال: إني لأعْلَمُ كلمةً لو قالها لذهب عنه ذا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقال له الرجل: أمَجْنُوناً تُرَاني؟ " رواه البخاري ومسلم. 18 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: "استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ¬
فغضب أحدهما غضباً شديداً حتى خُيِّلَ (¬1) إليَّ أن أنفهُ يتمرغُ (¬2) من شدة غضبهِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجدُ (¬3) من الغضب، فقال: ما هي يا رسول الله؟ قال تقول: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم. قال: فجعل مُعاذٌ يأمرُهُ، فأبى وضحكَ، وجعل يزدادُ غضباً" رواه أبو داود والترمذي والنسائي، كلهم من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه، وقال الترمذي: هذا حديث مرسل، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل. مات معاذ في خلافة عمر بن الخطاب، وقتل عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام ابن ست سنين، والذي قاله الترمذي واضح، فإن البخاري ذكر ما يدل على أن مولد عبد الرحمن بن أبي ليلى سنة سبع عشرة، وذكر غير واحد أن معاذ بن جبل توفي في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة، وقيل: سنة سبع عشرة، وقد روى النسائي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أُبَّي بن كعب، وهذا متصل، والله أعلم. 19 - وعن أبي وائلٍ القاصِ قال: "دخلنا على عروة بن محمد السعدي فكلمه رجلٌ فأغضبهُ، فقام فتوضأ فقال: حَدَّثَنِي أبي عن جدي عطية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الغضب من الشيطان (¬4)، وإن الشيطان خُلق ¬
من النار وإنما تُطفأ النارُ بالماء، فإذا غضبَ أحدكم فليتوضأ" رواه أبو داود. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر
الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر 1 - عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقَاطَعُوا ولا تَدَابَرُوا (¬1)، ¬
ولا تباغضوا (¬1)، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجر أخاهُ فوق ثلاثٍ (¬2) " رواه مالك والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي، ورواه مسلم أخصر منه، والطبراني، وزاد فيه: "يلتقيان فَيُعْرِضُ هذا، ويُعْرِضُ هذا، وخَيْرُهُمُ الذي يبدأ بالسلام، والذي يبدأ بالسلام يسبقُ إلى الجنة". قال مالك: ولا أحسبُ التدابر إلا الإعراض عن المسلم يُدْبِرُ عنه بوجهه. 2 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاهُ فوق ثلاثِ ليالٍ، يلتقيان، فَيُعْرِضُ هذا، وَيُعْرِضُ هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي وأبو داود. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاهُ فوق ثلاثٍ، فمن هَجَرَ فوقَ ثلاثٍ فمات دخل النار" رواه أبو داود والنسائي بإسنادٍ على شرط البخاري ومسلم. 4 - وفي رواية لأبي داود، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لمؤمنٍ أن يهجرَ ¬
مؤمناً فوق ثلاثٍ، فإن مَرَّتْ به ثلاثٌ فَلْيَلْقَهُ (¬1) فَلْيُسَلِّمْ عليه، فإن رد عليه السلام، فقد اشتركا (¬2) في الأجر، وإن لم يَرُدَّ عليه، فقد باء (¬3) بالإثم، وخرج المسلمُ من الهجرةِ (¬4) ". 5 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يكونُ لمسلمٍ أن يهجرَ مُسلماً فوق ثلاثةِ أيامٍ، فإذا لَقِيَهُ سَلَّمَ عليه ثلاثَ مراتٍ، كُلُّ ذلك لا يَرُدُّ عليه، فقد باء بإثمه" رواه أبو داود. 6 - وعن هشام بن عامرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ مُسلماً فوق ثلاثِ ليالٍ، فإنهما ناكبان (¬5) عن الحق ماداما على صِرَامِهِمَا (¬6) وأولهما فَيْء (¬7) يكونُ سَبْقُهُ بالفيء كفارة له (¬8)، وإن سَلَّمَ فلم يقبل ورَدَّ عليه سلامهُ ردتْ عليه الملائكة (¬9)، وردَّ على الآخرِ الشيطانُ، فإن ماتا على صِرَامِهِمَا لم يَدْخُلا الجنة جميعاً أبداً" رواه أحمد، ورواته محتج بهم في الصحيح، وأبو يعلى والطبراني وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: "لم يدخُلا الجنة، ولم يجتمعا في الجنة" ورواه أبو بكر بن أبي شيبة إلا أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحلُّ أن يَصْطَرِمَا (¬10) فوق ثلاثٍ، فإن اصطرما فوق ثلاثٍ لم يجتمعا في الجنة أبداً، وأيهما (¬11) بدأ صاحبهُ كُفِّرَتْ ذُنُوبُهُ، وإن هو سَلَّمَ فلم يَرُدَّ عليه، ولم يقبل سلامهُ رَدَّ عليه المَلَكُ، وردَّ على ذلك الشيطان". 7 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"لا تَحِلُّ الهجرة فوق ثلاثةِ أيامٍ، فإن التقيا، فَسَلَّمَ أحدهما، فَرَدَّ الآخرُ اشتركا في الأجر، وإن لم يَرُدَّ بَرِئ (¬1) هذا من الإثم، وباء به الآخرُ، وأحسبهُ قال: وإن ماتا وهما مُتهاجران لا يجتمعان في الجنة" رواه الطبراني في الأوسط والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد. من هجر أخاه فهو كسفك دمه 8 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تدابروا ولا تَقَاطَعُوا، وكونوا عباد الله إخواناً (¬2) هَجْرُ المؤمنين ثلاثاً (¬3)، فإن تكلما وإلا أعْرَضَ (¬4) الله عز وجل عنهما حتى يتكلما" رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا عبد الله بن عبد العزيز الليثي. 9 - وعن فضالة بن عُبيدٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من هجر أخاهُ فوق ثلاثٍ، فهو في النار إلا أن يتداركهُ (¬5) الله برحمته" رواه الطبراني ورواته رواة الصحيح. 10 - وعن أبي حِرَاشٍ حَدْرَدِ بن أبي حدردٍ الأسلميِّ رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من هجر أخاهُ سنةً، فهو كَسَفْكِ دَمِهِ" رواه أبو داود والبيهقي. 11 - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الشيطان قد يئس أن يعبدهُ المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التَّحْرِيشِ بينهم" رواه مسلم. [التحريش]: هو الإغراء، وتغيير القلوب والتقاطع. 12 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "لا يتهاجرُ الرجلان قد دَخَلاَ ¬
في الإسلام إلا خرج (¬1) أحدهما منه حتى يرجعَ إلى ما خرج منه، ورجوعه (¬2) أن يأتيهُ فَيُسَلِّمَ عليه" رواه الطبراني موقوفاً بإسناد جيد. 13 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن رجلين دخلا في الإسلام فاهْتَجَرَا لكان أحدهما خارجاً عن الإسلام حتى يرجعَ، يعني الظالم (¬3) منهما" رواه البزار، ورواته رواة الصحيح. 14 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعْرَضُ الأعمال في كل اثنين وخميسٍ، فيغفرُ الله عز وجل في ذلك اليوم لكلِّ امرئٍ لا يُشركُ بالله شيئاً إلا امرؤٌ كانت بينه وبين أخيه شحناء (¬4)، فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا" رواه مالك ومسلم، واللفظ له، وأبو داود والترمذي وابن ماجة بنحوه. 15 - وفي رواية لمسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تُفتحُ أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فَيُغْفَرُ لكلِّ عبدٍ لا يُشركُ بالله شيئاً إلا رجلٌ كان بينه وبين أخيه شحناء فيقالُ: أنْظِرُوا هذين حتى يصطلحا، أنْظِرُوا هذين حتى يصطلحا، أنْظِرُوا هذين حتى يصطلحا". 16 - ورواه الطبراني، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُنسخُ دواوينُ أهل الأرضِ في دواوينِ أهل السماء في كل اثنينٍ وخميسٍ، فَيُغْفَرُ لكلِّ مُسْلمٍ لا يُشركُ بالله شيئاً إلا رجلٌ بينهُ وبين أخيه شحناء. قال أبو داود: إذا كانت الهجرةُ لله (¬5) فليس من هذا بشيءٍ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم هجر بعض نسائه أربعين يوماً، وابن عمر هجر ابناً له إلى أن مات" انتهى. 17 - وعن جابرٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تُعْرَض الأعمالُ يوم الاثنين والخميس، فَمِنْ مُسْتَغْفِرٍ، فَيُغْفَرُ له، ومن تائبٍ فَيُتَابُ عليه، ¬
وَيَرُدُّ أهلَ الضغائنِ بضغائنهم حتى يُتوبوا" رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات. [الضغائن] بالضاد والغين المعجمتين: هي الأحقاد. 18 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَطَّلِعُ اللهُ إلى جميع خَلْقِهِ ليلةَ النصف من شعبان، فَيَغْفِرُ لجميعِ خلقهِ إلا لِمُشركٍ (¬1) أو مُشاحنٍ (¬2) " رواه الطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه والبيهقي، ورواه ابن ماجة بلفظه من حديث أبي موسى الأشعري، والبزار والبيهقي من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه بنحوه بإسناد لا بأس به. 19 - ورويَ عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: "دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضع عنه ثوبيه، ثم لم يَسْتَتِمَّ (¬3) أن قام فلبسهما، فأخذتني غَيْرَةٌ شديدةٌ ظننتُ أنه يأتي بعض صُوَيْحِبَاتِي، فخرجتُ أتْبَعُهُ، فأدركتهُ بالبقيع (بقيع الغرقد) يستغفرُ للمؤمنين (¬4) والمؤمنات والشهداء، فقلتُ: بأبي وأمي أنت في حاجةِ ربك، وأنا في حاجة الدنيا، فانصرفتُ فدخلتُ حُجْرَتي، ولي نَفَسٌ عَالٍ (¬5)، ولحقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا النفس يا عائشةُ؟ قلتُ (¬6): بأبي وأمي أتيتني فوضعت عنك ثوبيك، ثم لم تستتم (¬7) أن قمتَ فلبستهما، فأخذتني غيرةٌ شديدةٌ (¬8) ظننتُ أنك تأتي بعض صُويحباتي حتى رأيتُكَ بالبقيع تصنعُ ما تصنعُ فقال: يا عائشة أكنتِ تخافين أن يحيفَ (¬9) الله عليك ورسولهُ! أتاني جبريل عليه السلام، فقال: ¬
هذه ليلةُ النصف من شعبان، ولله فيها عُتقاءُ من النار بعدد شُعُورِ غَنَمِ كَلْبٍ (¬1) لا ينظرُ الله فيها إلى مشركٍ، ولا إلى مُشاحنٍ، ولا إلى قاطعِ رحمٍ، ولا إلى مُسبلٍ، ولا إلى عاقٍ لوالديه، ولا إلى مدمن خمرٍ. قال: ثم وضع عنه ثوبيه، فقال لي: يا عائشة تأذنين لي في قيام هذه الليلة؟ قلتُ بأبي وأمي، فقام فسجد ليلاً طويلاً حتى ظننتُ أنه قد قُبضَ (¬2)، فقمتُ ألتمسُهُ ووضعتُ يدي على باطن قدميه، فتحرك ففرحتُ، وسمعتهُ يقول في سجوده: أعوذُ بعفوك (¬3) من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، جَلَّ وجهك (¬4) لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، فلما أصبح ذكرتهنَّ له، فقال: يا عائشةُ: تَعَلَّمِيهنَّ، فقلتُ: نعم، فقال: تعلميهن وعَلَّمِيهِنَّ، فإن جبريل عليه السلام عَلَّمَنِيهِنَّ، وأمرني أن أُرددهُنَّ في السجود (¬5) " رواه البيهقي. 20 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَطَّلِعُ (¬6) الله عز وجل إلى خلقهِ ليلة النصف من شعبان، فيغفرُ لعباده إلا اثنين: مُشاحنٍ، وقاتلِ نفسٍ" رواه أحمد بإسناد لين. ¬
يغفر الله عز وجل لأهل الأرض إلا مشرك أو مشاحن 21 - وعن مكحولٍ عن كثير بن مُرَّةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في ليلة النصف من شعبان يغفرُ الله عز وجل لأهل الأرض إلا مُشركٌ أو مُشاحنٌ" رواه البيهقي، وقال: هذا مرسل جيد. 22 - [قال الحافظ]: ورواه الطبراني والبيهقي أيضاً عن مكحول عن أبي ثعلبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يطلعُ الله إلى عباده ليلة النصف من شعبان، فيغفرُ (¬1) للمؤمنين، ويُمْهِلُ (¬2) الكافرين، وَيَدَعُ (¬3) أهل الحقد بحقدهم حتى يَدَعُوهُ (¬4) " قال البيهقي: وهو أيضاً بين مكحول وأبي ثعلبة مرسل جيد. 23 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ من لم يكن فيه واحدةٌ منهن، فإن الله يغفرُ له ما سوى ذلك لمن يشاء: من مات لا يُشركُ بالله شيئاً (¬5)، ولم يكن ساحراً (¬6) يتبعُ السحرة، ولم يحقد (¬7) على أخيه" رواه الطبراني في الكبير والأوسط من رواية ليث بن أبي سليم. 24 - وعن العلاء بن الحرث أن عائشة رضي الله عنها قالت: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فصلى، فأطال السجود حتى ظننتُ أنه قد قُبضَ، فلما رأيت ذلك قُمتُ حتى حركتُ إبهامهُ، فتحرك فرجع، فلما رفع رأسه من السجود، وفرغَ من صلاته قال: يا عائشةُ أو يا حُمَيْرَاءُ أظننتِ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خَاسَ (¬8) بك قلتُ لا والله يا رسول الله، ولكني ظننتُ أنك قُبضتَ (¬9) لطول سجودك، فقال: أتدرين (¬10) أيُّ ليلةٍ هذه؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم. قال: هذه ليلةُ النصف من ¬
شعبان، إن الله عز وجل يَطَّلِعُ على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفرُ للمستغفرين ويرحمُ المسترحمين، ويؤخرُ أهلَ الحقد كما هم" رواه البيهقي أيضاً، وقال: هذا مرسل جيد، ويحتمل أن يكون العلاء أخذه عن مكحول. [قال الأزهري]: يقال للرجل إذا غدر بصاحبه، فلم يؤته حقه: قد خاس به، يعني بالخاء المعجمة، والسين المهملة. 25 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لا تُرفعُ صلاتهم فوق رءوسهم شبراً: رجلٌ أمَّ قوماً (¬1)، وهم له كارهون، وامرأةٌ باتت وزوجها عليها ساخطٌ (¬2)، وأخوان مُتَصارمانِ (¬3) " رواه ابن ماجة، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: "ثلاثةٌ لا يقبلُ الله لهم صلاةً" فذكر نحوه. [قال الحافظ]: ويأتي في باب الحسد حديث أنس الطويلُ إن شاء الله تعالى. ¬
الترهيب من قوله لمسلم يا كافر
الترهيب من قوله لمسلم: يا كافر 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجلُ لأخيه: يا كافرُ فقد باء (¬1) بها أحدهما، فإن كان كما قال، وإلا رجعت عليه" رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي. 2 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ومن دعا رجلاً بالكفر، أو قال: يا عدو (¬2) الله، ¬
وليس كذلك (¬1) إلا حَارَ عليه" رواه البخاري ومسلم في حديثٍ. [حار] بالحاء المهملة والراء: أي رجع. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال لأخيه: يا كافرُ فقد باء بها أحدُهُمَا (¬2) " رواه البخاري. 4 - وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أكْفَرَ رجُلٌ (¬3) رَجُلاً إلا باء أحدهما بها إن كان كافراً، وإلا كَفَرَ بتكفيره (¬4) " رواه ابن حبان في صحيحه. 5 - وعن أبي قلابة رضي الله عنه: "أن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أخبرهُ أنه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرةِ (¬5)، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حَلَفَ على يمينٍ بملةٍ (¬6) غير الإسلام كاذباً متعمداً، ¬
فهو كمال قال (¬1)، ومن قتل نفسهُ بشيء عُذِّبَ به (¬2) يوم القيامة، وليس على رجلٍ نذرٌ (¬3) فيما لا يملك (¬4)، وَلَعْنُ المؤمن كقتلهِ (¬5)، ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله، ومن ذبح نفسهُ بشيء عُذِّبَ به يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم، ورواه أبو داود والنسائي باختصار والترمذي وصححه، ولفظه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على المرء نذرٌ فيما لا يملكُ، وَلاَعِنُ المؤمن كقاتلهِ، ومن قذف (¬6) مؤمناً بكفرٍ فهو كقاتله، ومن قتل نفسهُ بشيء (¬7) عُذِّبَ بما قتل به نفسهُ يوم القيامة". 6 - وعن عمران بن حُصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجلُ لأخيهِ يا كافرُ (¬8)، فهو كقتله" رواه البزار، ورواته ثقات. ¬
الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدميا كان أو دابة وغيرهما وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك
الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدمياً كان أو دابة وغيرهما وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المُسْتَبَّانِ (¬1) ما قالا (¬2)، فعلى البادئُ منهما حتى يتعدى المظلوم" رواه مسلم وأبو داود والترمذي. 2 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سباب (¬3) المسلم فُسوقٌ، وقتالهُ كفرٌ" رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. ¬
3 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما رَفَعَهُ قال: "سبابُ المسلم (¬1) كالمُشْرِفَ على الهَلَكَةِ" رواه البزار بإسناد جيد. 4 - وعن عياض بن جُمان رضي الله عنه قال: "قلتُ يا نبي الله: الرجلُ يشتمني وهو دوني، أعَلَيَّ من بأسٍ أن أنتصرَ منه؟ قال: المُسْتَبَّانِ (¬2) شيطانانِ (¬3) يتهاتران (¬4) ويتكاذبان (¬5) " رواه ابن حبان في صحيحه. 5 - وعن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مُسْلِمَيْنِ إلا وبينهما سِتْرٌ من الله عز وجل، فإذا قال أحدهما لصاحبه كلمة هُجْرٍ خَرَقَ (¬6) سِتْرَ الله" رواه البيهقي هكذا مرفوعاً، وقال: الصواب موقوف. [الهجر] بضم الهاء وسكون الجيم: هو ردئ الكلام وفحشه. 6 - وعن أبي جَرِيٍّ جابر بن سُلَيْمٍ رضي الله عنه قال: "رأيتُ رجلاً يَصْدُرُ الناسُ (¬7) عن رأيه، لا يقولُ شيئاً إلا صَدَرُوا (¬8) عنه. قلت: من هذا؟ قالوا: ¬
رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلتُ: عليك السلامُ يا رسول الله. قال: لا تقل: عليك السلامُ، عليك السلامُ تحيةُ الميتِ (¬1) قل: السلامُ عليك. قال: قلتُ: أنت رسول الله؟ قال: أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضُرٌّ، فدعوتهُ كَشَفَهُ عنك، وإن أصابك عامُ سَنَةٍ فدعوتهُ أنبتها لك، وإذا كنت بأرضٍ قَفْرٍ، أو فلاةٍ، فَضَلَّتْ راحلتك، فدعوته رَدَّهَا عليك (¬2). قال قلتُ: اعهد إليَّ. قال: لا تَسُبَّنَّ أحداً (¬3)، فما سببتُ بعدهُ حُراً ولا عبداً، ولا بعيراً، ولا شاةً. قال: ولا تَحْقِرَنَّ شيئاً من المعروف، وأن تُكَلِّمَ أخاك، وأنت مُنْبَسِطٌ إليه (¬4) وجهك، إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك (¬5) إلى نصف الساق، فإن أبيت (¬6)، فإلى الكعبين، وإياك وإسبالَ الإزارِ (¬7)، فإنها من المخيلةِ وإن الله لا يُحبُّ المخيلةَ، وإن امرؤ شتمك وعَيَّرَكَ بما يعلمُ فيك فلا تُعَيِّرْهُ بما تعلمُ فيه فإنما وَبَالُ ذلك (¬8) عليه" رواه أبو داود واللفظ له، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح وابن حبان في صحيحه والنسائي مختصراً في رواية لابن حبان نحوه، وقال فيه: "وإنِ امرؤٌ عَيَّرَكَ بشيءٍ يعلمهُ فيك، فلا تُعَيِّرْهُ بشيءٍ تعلمهُ فيه، وَدَعْهُ يكونُ وبالهُ عليه، وأجره لك، ولا تَسُبَّنَّ شيئاً. قال: فما سببتُ بعد ذلك دابةً ولا إنساناً". [السنة]: هي العام المقحط الذي لم تنبت فيه الأرض، سواء نزل غيث أو لم ينزل. [المخيلة]: بفتح الميم وكسر الخاء المعجمة، من الاختيال، وهو الكبر واستحقار الناس. 7 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"إن من أكبر الكبائر (¬1) أن يعلنَ الرجلُ والديه. قيل يا رسول الله: وكيف يلعنُ الرجلُ والديه (¬2)؟ قال: يَسُبُّ أبا الرجلِ فَيَسُبُّ أباهُ، ويَسُبُّ أمهُ فيسب أمه" رواه البخاري وغيره. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينبغي لِصِدِّيقٍ (¬3) أن يكون لعَّاناً (¬4) " رواه مسلم وغيره، والحاكم وصححه، ولفظه: قال: "لا يجتمعُ أن تكونوا لعَّانين صِدِّيقينَ". 9 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكرٍ، وهو يَلْعَنُ بعض رقيقهِ، فالتفت إليه، وقال: لَعَّانين وصِدِّيقين؟ كلا ورب الكعبة، فعتقَ أبو بكر رضي الله عنه يومئذٍ بعض رقيقه. قال: ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال لا أعُودُ (¬5) " رواه البيهقي. 10 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يكونُ اللعانون شُفعاء (¬6)، ولا شُهداء (¬7) يوم القيامة" رواه مسلم، وأبو داود لم يقل: يوم القيامة. ¬
11 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يكون المؤمنُ لعاناً" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. 12 - وعن جَرْمُوذٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه قال: "قلتُ: يا رسول الله أوصني؟ قال: أوصيكَ ألا تكون لعاناً" رواه الطبراني من رواية عبيد بن هودة عن جرموذ، وقد صححها ابن أبي حاتم، وتكلم فيها غيره، ورواته ثقات، ورواه أحمد، فأدخل بينهما رجلاً لم يسمَّ. 13 - وعن سَمُرَةَ بن جُندبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلاعنوا بلعنةِ الله (¬1)، ولا بغضبه (¬2)، ولا بالنار (¬3) " رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، رووه كلهم من رواية الحسن البصري عن سمرة، واختلف في سماعه منه. 14 - وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف (¬4) على يمينٍ بملةٍ غير الإسلام كاذباً مُتعمداً، فهو كما قال: ومن قتل ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
نَفْسَهُ بشيء عُذِّبَ (¬1) به يوم القيامة، وليس على رجُلٍ نذرٌ فيما لا يملك (¬2)، ولَعْنُ (¬3) المؤمن كقتله" رواه البخاري ومسلم، وتقدم. 15 - وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: "كنا إذا رأينا الرجل يَلْعَنُ (¬4) أخاهُ رأينا أن قد أتى باباً من الكبائر (¬5) " رواه الطبراني بإسناد جيد. 16 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا لعن (¬6) شيئاً صعدت اللعنةُ إلى السماء، فَتُغْلَقُ أبوابُ السماء (¬7) دونها، ثم تهبطُ (¬8) إلى الأرض، فَتُغْلَقُ أبوابها دونها، ثم تأخذُ يميناً وشمالاً، فإن لم تجد مساغاً (¬9) رجعت إلى الذي لُعِنَ (¬10)، فإن كان أهلاً (¬11)، وإلا رجعتْ إلى قائلها (¬12) " رواه أبو داود. ¬
17 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن اللعنة إذا وُجِّهَتْ إلى من وُجِّهَتْ إليه، فإن أصابت عليه سبيلاً (¬1) أو وجدت فيه مسلكاً (¬2)، وإلا قالت (¬3): يا رب وُجِّهْتُ إلى فُلانٍ، فلم أجد فيه مسلكاً، ولم أجد عليه سبيلاً، فَيُقالُ لها: ارجعي من حيثُ جئتِ (¬4) " رواه أحمد وفيه قصة، وإسناده جيد إن شاء الله تعالى. 18 - وعن عمران بن حُصينٍ رضي الله عنه قال: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارهِ، وامرأةٌ من الأنصار (¬5) على ناقةٍ، فضجرتْ (¬6) فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: خُذُوا ما عليها، ودعوها (¬7)، فإنها ملعونةٌ قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يَعْرِضُ (¬8) لها أحدٌ" رواه مسلم وغيره. ¬
19 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "سار رجلٌ مع النبي صلى الله عليه وسلم، فَلَعَنَ بَعِيرَهُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عَبْدَ اللهِ لا تَسِرْ معنا (¬1) على بعيرٍ ملعون" رواه أبو يعلى وابن أبي الدنيا بإسناد جيد. 20 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر يسيرُ، فلعن رجلٌ ناقةً (¬2)، فقال: أين صاحبُ الناقة؟ فقال الرجلُ: أنا، فقال: أخِّرْهَا (¬3) فقد أُجيبَ فيها" رواه أحمد بإسناد جيد. 21 - وعن زيد بن خالدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَسُبُّوا الديك (¬4) فإنه يوقظ للصلاة" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: "فإنه يدعو للصلاة" ورواه النسائي مسنداً ومرسلاً. 22 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه: "أن ديكاً صرخ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَسَبَّهُ رجلٌ، فنهى عن سَبِّ الديك" رواه البزار بإسناد لا بأس به والطبراني إلا أنه قال فيه: "قال: لا تلعنهُ ولا تسُبَّهُ، فإنه يدعو إلى الصلاة". 23 - وعن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما: "أن ديكاً صرخ قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رجلٌ: اللهم العنهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ (¬5) كلا إنه يدعو (¬6) إلى الصلاة" رواه البزار، ورواته رواة الصحيح إلا عباد ابن منصور. ¬
من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه 24 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلدغت رجلاً بُرْغُوثٌ فلعنها (¬1)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنها (¬2) فإنها نَبَّهَتْ (¬3) نبياً من الأنبياء للصلاة" رواه أبو يعلى واللفظ له، والبزار إلا أنه قال: "لا تَسُبَّهُ فإنه أيقظ نبياً من الأنبياء لصلاة الصبح" ورواته رواة الصحيح إلا سويد بن إبراهيم، ورواه الطبراني في الأوسط، ولفظه: "ذُكِرَتِ البراغيثُ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنها تُوقظ للصلاة" ورواة الطبراني ثقات إلا سعيد بن بشير. 25 - ورويَ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "نزلنا منزلاً، فآذتنا البراغيثُ فسببناها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تَسُبُّوها فَنِعْمَتِ (¬4) الدابةُ، فإنها أيقظتكم (¬5) لذكر الله" رواه الطبراني في الأوسط. 26 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رجلاً لعن الريح عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تلعنِ الريحَ، فإنها مأمورةٌ، من لعن شيئاً ليس له بأهلٍ (¬6) رجعتِ اللعنةُ عليه" رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعلم أحداً أسنده غير بشر بن عمر. [قال الحافظ]: وبشر هذا ثقة احتج به البخاري ومسلم وغيرهما، ولا أعلم فيه جرحاً 27 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبعَ الموبقات (¬7) قالوا: يا رسول الله وما هُنَّ؟ قال: الشركُ بالله (¬8) والسِّحْرُ، وقتلُ النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مالِ اليتيم، والتولي يوم الزحف (¬9) وقذف المحصنات (¬10) الغافلات المؤمنات" رواه البخاري ومسلم. ¬
28 - وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الذي كتبه إلى أهل اليمن قال: "وإن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراكُ بالله، وقتلُ النفس المؤمنة بغير الحقِّ، والفرارُ في سبيل الله يوم الزحف، وعقوق الوالدين (¬1)، ورمي المحصنة، وتَعَلُّمُ السِّحْرِ (¬2) " الحديث. رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم عن أبيه عن جده. 29 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ذكر امرأً بشيءٍ ليس (¬3) فيه ليعيبهُ به (¬4) حَبَسَهُ الله في نار جهنم حتى يأتيَ بنفاد (¬5) ما قال فيه" رواه الطبراني بإسناد جيد، ويأتي هو وغيره في الغيبة إن شاء الله تعالى. 30 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قذف مملوكهُ بالزنا (¬6) يُقامُ عليه الحد (¬7) يوم القيامة إلا أن يكون كما قال" رواه البخاري ومسلم والترمذي، وتقدم لفظه في الشفقة. 31 - وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه: "أنه زار عَمَّةً له فَدَعَتْ له بطعامٍ، فأبطأتِ الجاريةُ فقالت: ألا تستعجلي يا زانيةُ؟ فقال عمروٌ: سبحان الله! لقد قُلتِ عظيماً هل اطلعتِ منها على زناً؟ قالت: لا والله، فقال: إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: أيُّما عبدٍ أو امرأةٍ قال أو قالت لوليدتها: يا زانيةُ، ولم تَطَّلِعْ منها على زناً جَلَدَتْهَا وَلِيدَتُهَا (¬8) يوم القيامة لأنه لا حَدَّ لهنَّ في الدنيا" رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. ¬
[قال الحافظ]: كيف وعبد الملك بن هارون متروك متهم؟ وتقدم في الشفقة أحاديث من هذا الباب لم نعدها هنا. ¬
الترهيب من سب الدهر
الترهيب من سب الدهر 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"قال الله تعالى: يَسُبُّ (¬1) بنو آدمَ الدهرَ، ¬
وأنا الدهرُ (¬1) بيدي الليل والنهارُ (¬2) ". 2 - وفي رواية: "أقَلِّبُ لَيْلَهُ ونهارهُ، وإذا شئتُ قَبَضْتُهُمَا" رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 3 - وفي رواية لمسم: "لا يَسُبُّ أحدكم الدهر (¬3)، فإن الله هو الدهرُ (¬4) ". 4 - وفي رواية للبخاري: "لا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ (¬5)، ولا تقولوا: خَيْبَةَ ¬
الدهرِ (¬1)، فإن الله هو الدهرُ". 5 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: يُؤذيني ابنُ آدمَ، يقولُ: يا خيبةَ الدهرِ، فلا يقل أحدكم: يا خيبة الدهر، فإني أنا الدهرُ، أقلبُ ليلهُ ونهاره" رواه أبو داود والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. 6 - ورواه مالك مختصراً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَقُلْ أحدكم: يا خيبة الدهرِ، فإن الله هو الدهرُ". 7 - وفي رواية للحاكم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله: اسْتَقْرَضْتُ (¬2) عَبْدي، فلم يُقْرِضْنِي (¬3)، وشتمني عبدي (¬4)، وهو لا يدري يقول: وَا دَهْرَاهُ (¬5) وَا دَهْرَاهُ، وأنا الدهرُ" قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ورواه البيهقي، ولفظه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الدهر، قال الله عز وجل: أنا الدهر، الأيام والليالي أجَدِّدُها وأُبْليِهَا (¬6)، وآتي بملوكٍ (¬7) بعد ملوكٍ". ¬
[قال الحافظ]: ومعنى الحديث أن العرب كانت إذا أنزلت بأحدهم نازلة، وأصابته مصيبة أو مكروه يسب الدهر اعتقاداً منهم أن الذي أصابه فعل الدهر، كما كانت العرب تستمطر بالأنواء، وتقول: مُطرنا بنوء كذا اعتقاداً أن فعل ذلك فعل الأنواء، فكان هذا كاللعن للفاعل، ولا فاعل لكل شيء إلا الله تعالى خالق كل شيء وفعله، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وكان ابن داود ينكر رواية أهل الحديث، وأنا الدهر بضم الراء، ويقول:
الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه جادا أو مازحا
لو كان كذلك كان الدهر اسماً من أسماء الله عز وجل، وكان يرويه: وأنا الدَّهرَ أُقلب الليل والنهار بفتح راء الدهر على الظرف، معناه: أنا طول الدهر والزمان أقلب الليل والنهار، ورجح هذا بعضهم، ورواية من قال: فإن الله هو الدهر يرد هذا الجمهور على ضم الراء، والله أعلم. الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه جاداً أو مازحاً 1 - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "حدثنا أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنام رجُلٌ منهم، فانطلق بعضهم إلى حبلٍ معه فأخذه (¬1)، فَفَزِعَ (¬2)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يُرَوِّعَ مُسلماً (¬3) " رواه أبو داود. 2 - وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مَسيرٍ، فَخَفَقَ رجُلٌ على راحلتيه، فأخذ رجلٌ سهماً من كنانتهِ، فانتبهَ الرجلُ ففزعَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يَحِلُّ لرجلٍ أن يُروعَ مُسلماً" رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات، ورواه البزار من حديث ابن عمر مختصراً: "لا يحل لمسلمٍ أو مؤمنٍ أن يُروعَ مُسلماً". [خفق الرجل]: إذا نعس. 3 - وعن عبد الله بن السائب بن يزيد عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يأخُذَنَّ أحدكم متاع أخيهِ لاعباً (¬4)، ولا جاداً (¬5) " رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. ¬
لا تروعوا المسلم 4 - ورويَ عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه: "أن رجلاً أخذ نعل رجلٍ فَغَيَّبَها وهو يَمْزَحُ (¬1)، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تُروعوا المسلم، فإن روعةَ المسلم (¬2) ظُلْمٌ عظيمٌ" رواه البزار والطبراني وأبو الشيخ ابن حبان في كتاب التوبيخ. 5 - ورويَ عن أبي الحسن، وكان عَقَبِيّاً بَدْرياً رضي الله عنه قال: "كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام رجلٌ، ونسيَ نعليهِ، فأخذهما رجلٌ، فوضعهما تحتهُ، فرجعَ الرجلُ فقال: نَعْلَيَّ، فقال القومُ: ما رأيناهما، فقال: هو ذِهِ، فقال: فكيف بروعة المؤمن؟ فقال: يا رسول الله إنما صَنَعْتُهُ لاعباً، فقال: فكيف بروعة المؤمن؟ مرتين أو ثلاثاً" رواه الطبراني. 6 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أخافَ مؤمناً كان حقاً على الله أن لا يُؤمِّنَهُ من أفزاع يوم القيامة" رواه الطبراني. 7 - ورويَ عن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نَظَرَ إلى مسلمٍ نظرةً يُخيفهُ (¬3) فيها بغير حقٍ أخافهُ الله يوم القيامة" رواه الطبراني، ورواه أبو الشيخ من حديث أبي هريرة. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُشيرُ أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان يَتْرِعُ في يده، فيقع في حفرةٍ من النار" رواه البخاري ومسلم. [يترع] بالعين المهملة وكسر الراء: أي يرمي، وروي بالمعجمة مع فتح الزاي (¬4)، ومعناه أيضاً: يرمي ويفسد، وأصل النزع: الطعن والفساد. ¬
9 - وعنه رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "من أشار إلى أخيه بحديدةٍ (¬1)، فإن الملائكة تلعنه (¬2) حتى ينتهي (¬3)، وإن كان أخاه لأبيه وأمهِ" رواه مسلم. 10 - وعن أبي بَكرَةَ (¬4) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تواجه المُسلمان بسيفيهما (¬5) فالقاتلُ والمقتولُ في النار". ¬
النهي عن حمل السلاح على المسلم 11 - وفي رواية: "إذا المسلمان حَمَلَ أحدهما على أخيهِ السلاحَ فهما على حَرْفِ جهنم، فإذا قَتَلَ أحدهما صاحبهُ دخلاها جميعاً. قال: فقلنا، أوْ قيل يا رسول الله: هذا القاتلُ (¬1) فما بالُ المقتولِ (¬2)؟ قال: إنه قد أراد قَتْلَ صاحبه" رواه البخاري ومسلم. ¬
الترغيب في الإصلاح بين الناس
12 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبابُ المؤمن (¬1) فسوقٌ، وقتالهُ كُفْرٌ (¬2) " رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، والأحاديث من هذا النوع كثيرة، وتقدم بعضها. الترغيب في الإصلاح بين الناس 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُلُّ سلامى (¬3) من الناس عليه صدقةٌ (¬4) كُلَّ يومٍ تطلعُ فيه الشمسُ: يَعْدِلُ بين الاثنين صدقةٌ (¬5) وَيُعِينُ الرجل (¬6) في دابته، فيحمله عليها، أو يرفعُ له عليها متاعهُ صدقةٌ، والكلمةُ الطيبةُ (¬7) صدقةٌ، وبكل خطوةٍ يمشيها إلى الصلاةِ صدقةٌ، ويميطُ الأذى عن الطريق (¬8) صدقةٌ" رواه البخاري ومسلم. [يعدل بين الاثنين]: أي يصلح بينهما بالعدل. ¬
2 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى (¬1). قال: إصلاحُ ذاتِ الْبَيْنِ (¬2)، فإن فساد ذات البين هي الحالقةُ (¬3) " رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث صحيح. قال: ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "هي الحالقةُ، لا أقول تَحْلِقُ الشعرَ، ولكن تحلقُ الدِّينَ (¬4) " انتهى. 3 - وعن أم كلثومٍ بنت عقبة بن أبي مُعَيْطٍ رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لم يكذب من نَمَى بين اثنين لِيُصْلِحَ". 4 - وفي رواية: "ليس بالكاذبِ من أصلحَ بين الناس فقال خيراً أو نَمَى خيراً" رواه أبو داود. [وقال الحافظ]: يقال نميت الحديث بتخفيف الميم: إذا بلَّغته على وجه الإصلاح، وبتشديدها إذا كان على وجه إفساد ذات البين: كذا ذكر ذلك أبو عبيد، وابن قتيبة والأصمعي والجوهري وغيرهم. 5 - ورويَ عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما عُمِلَ شيء (¬5) ¬
أفضل من الصلاة، وإصلاح ذات البين، وَخُلُقٍ جائرٍ (¬1) بين المسلمين" رواه الأصبهاني. 6 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ الصدقة إصلاحُ ذاتِ البين" رواه الطبراني والبزار، وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وحديثه هذا حسن، لحديث أبي الدرداء المتقدم. 7 - ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "قال لأبي أيوب ألا أدلك على تجارةٍ؟ قال: بلى. قال: صِلْ (¬2) بين الناسِ إذا تفاسدوا (¬3)، وَقَرِّبْ بينهم إذا تباعدوا" رواه البزار والطبراني، وعنده: "ألا أدلك على عملٍ يرضاه الله ورسولهُ؟ قال: بلى. قال: صِلْ بين الناس إذا تفاسدوا وقَرِّبْ بينهم إذا تباعدوا" رواه الطبراني، وعنده: "ألا أدلك على عملٍ يرضاه الله ورسولهُ؟ قال: بلى" فذكره. 8 - ورواه الطبراني أيضاً والأصبهاني عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا أيوب! ألا أدلك على صدقةٍ يُحبها الله ورسوله؟ تُصْلِحُ بين الناس إذا تباغضوا (¬4) وتفاسدوا" لفظ الطبراني، ولفظ الأصبهاني: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلك على صدقةٍ يُحبُّ الله موضعها؟ قال: قلتُ بأبي أنت وأمي، قال: تُصلحُ بين الناس، فإنها صدقةٌ يُحِبُّ الله موضعها". 9 - وروي عن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أصلحَ بين الناس أصلحَ الله أمرهُ، وأعطاه بكل كلمةٍ تَكَلَّمَ بها عتق رقبةٍ، ورجعَ مغفوراً له ما تقدم من ذنبه (¬5) " رواه الأصبهاني وهو حديث غريب جداً. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . ¬
الترهيب أن يعتذر إلى المرء أخوه فلا يقبل عذره
الترهيب أن يعتذر إلى المرء أخوه فلا يقبل عذره 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ¬
عِفُّوا (¬1) عن نساء الناس تَعِفَّ (¬2) نِسَاؤكم، وبِرُّوا آبائكم (¬3) تَبَرَّكُمْ أبناؤكم (¬4)، ومن أتاهُ أخوهُ مُتنصلاً فليقبلْ ذلك مُحقاً كان أو مُبطلاً، فإن لم يفعل لم يَرِدْ (¬5) عليَّ الحوض" رواه الحاكم من رواية سويد عن قتادة عن أبي رافع عنه، وقال: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: بل سويد هذا هو ابن عبد العزيز واهٍ. ¬
وروى الطبراني وغيره صدره، دون قوله: "ومن أتاهُ أخوهُ إلى آخره من حديث ابن عمر" بإسناد حسن. [التنصل]: الاعتذار. 2 - وعن جُودان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اعتذر (¬1) إلى أخيه المسلم، فلم يقبل منه كان عليه ما على صاحب مَكْسٍ (¬2) " رواه أبو داود في المراسيل وابن ماجة بإسنادين جيدين إلا أنه قال: "كان عليه مثل خطيئة صاحب مكسٍ" ورواه الطبراني في الأوسط من حديث جابر بن عبد الله، ولفظه قال: "من اعتذر إلى أخيه فلم يقبل عذره كان عليه مثل خطيئة صاحب مكسٍ". [قال أبو الزبير] والمكّاس: العشّار. 3 - وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تُنُصِّلَ (¬3) إليه فلم يقبل لم يَرِدْ عليَّ الحوض". [قال الحافظ]: روي عن جماعة من الصحابة، وحديث جودان أصح، وجودان مختلف في صحبته، ولم ينسب. 4 - وروي عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عِفُّوا تَعِفَّ نساؤكم، وَبِرُّوا آباءكم تَبَرَّكُمْ أبناؤكم، ومن اعتذر إلى أخيه المسلم فلم يقبل عُذرهُ لم يردْ عليَّ الحوض" رواه الطبراني في الأوسط. ¬
من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره أشر خلق الله تعالى 5 - وروي عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بشراركم (¬1)؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: إن شراركم الذي ينزلُ وحدهُ (¬2)، ويَجْلِدُ عَبْدَهُ (¬3)، ويَمْنَعُ رِفْدَهُ (¬4)، أفلا أنبئكم بشرٍ من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: من يبغضُ (¬5) الناسَ ويبغضونهُ قال: أفلا أنبئكم بشرٍ من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: الذين لا يقيلون عَثْرَةً (¬6)، ولا يقبلون معذرةً (¬7)، ولا يغتفرون ذنباً (¬8). قال: أفلا أنبئكم بشرٍ من ذلك (¬9)؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من لا يُرجى خَيْرُهُ (¬10)، ولا يُؤْمَنُ شَرُّهُ" رواه الطبراني وغيره. ¬
الترهيب من النميمة
الترهيب من النميمة 1 - عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"لا يدخلُ الجنة نَمَّامٌ (¬1) " وفي رواية قَتَّاتٌ، رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي. [قال الحافظ]: القتات والنمام بمعنى واحد، وقيل: النمام الذي يكون مع جماعة يتحدثون حديثاً فينمّ عليهم، والقتات: الذي يتسمع عليهم وهم لا يعلمون ثم ينمّ. 2 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَرَّ بقبرين يُعذبان فقال: إنهما يُعذبان، وما يُعذبان في كبيرٍ (¬2) بلى إنه كبيرٌ (¬3): أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر (¬4) من بوله" الحديث. رواه البخاري واللفظ له، ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، ورواه ابن خزيمة في صحيحه بنحوه. 3 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم في يومٍ ¬
شديد الحرِّ نحو بقيعِ الغرقد (¬1) قال: فكان الناسُ يمشون خلفهُ (¬2). قال: فلما سمع صوت النعالِ وَقَرَ (¬3) ذلك في نفسه، فجلس حتى قَدَّمَهُمْ (¬4) أمامهُ لئلا يقع في نفسه شيء من الكبر، فلما مر ببقيع الغرقد إذا بقبرين قد دَفَنُوا فيهما رجلين. قال: فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من دفنتم اليوم هاهنا؟ قالوا: فلانٌ وفلانٌ. قالوا: يا نبي الله وما ذاك؟ قال: أما أحدهما فكان لا يَتَنَزَّهُ (¬5) من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة (¬6)، وأخذ جريدةً (¬7) رَطبةً فَشَقَّهَا، ثم جعلها على القبر. قالوا يا نبي الله لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: لِيُخَفَّفَنَّ عنهما. قالوا يا نبي الله: حتى متى (¬8) هُما يُعذبان قال: غَيْبٌ لا يعلمهُ إلا الله عز وجل، ولولا تَمَزُّعُ قلوبكم (¬9) وَتَزَيُّدُكُمْ في الحديث لسمعتم ما أسمعُ" رواه أحمد من طريق علي بن يزيد عن القاسم عنه. 4 - ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "النميمةُ والشتيمةُ (¬10) والْحَمِيَّةُ (¬11) في النار". ¬
ما جاء في عقاب النمام 5 - وفي لفظٍ: "إن النميمةَ والحقد (¬1) في النار لا يجتمعان في قلبِ مُسلمٍ" رواه الطبراني. 6 - وعن أبي بَرْزَةَ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا إن الكذبَ يُسَوِّدُ الوجهَ، والنميمةَ من عذاب القبر (¬2) " رواه أبو يعلى والطبراني وابن حبان في صحيحه والبيهقي. [قال الحافظ]: رووه كلهم من طريق زياد بن المنذر عن نافع بن الحارث عنه. [وزياد]: هذا هو أبو الجارود الكوفي الأعمى تنسب إليه الجارودية من الروافض. [ونافع]: هو نفيع أبو داود الأعمى أيضاً، وكلاهما متروك متَّهَم بالوَضع. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كنا نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا على قبرين فقامَ فقمنا معه، فجعل لونهُ يتغيرُ حتى رَعَدَ كُمُّ قميصهِ (¬3) فقلنا: مَا لَكَ يا رسول الله؟ فقال: أما تستمعون ما أسمعُ؟ فقلنا: وما ذاك يا نبي الله؟ قال: هذان رجلان يُعذبان في قُبورهما عذاباً شديداً في ذَنْبٍ هَيِّنٍ. قلنا: فِيمَ ذاك؟ قال: كان أحدهما لا يستنزهُ من البول، وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه، ويمشي بينهم بالنميمة، فدعا بِجَرِيدَتين من جرائدِ النخلِ، فجعل في كل قبر واحدةً. قلنا: وهل ينفعهم ذلك؟ قال: نعم يُخَفَّفُ عنهما مادامتا رَطبتين (¬4) " رواه ابن حبان في صحيحه. [قوله: في ذنبٍ هين]: أي هين عندهما، وفي ظنهما، لا أنه هين في نفس الأمر، فقد تقدم في حديث ابن عباس قوله صلى الله عليه وسلم: بلى إنه كبيرٌ، وقد أجمعت الأمة على تحريم النميمة، وأنها من أعظم الذنوب عند الله تعالى. ¬
شرار عباد الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة 8 - ورويَ عن عبد الله بن بُسْرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس مني (¬1) ذو حسدٍ (¬2)، ولا نميمةٍ، ولا كَهَانَةٍ (¬3)، ولا أنا منه، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْر مَا اكْتَسَبُوا (¬4) فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وإثْماً مُبِيناً) (¬5) " رواه الطبراني. 9 - وعن عبد الرحمن بن غَنْمٍ يَبْلُغُ به النبي صلى الله عليه وسلم: "خيارُ عباد الله الذين إذا رُءوا (¬6) ذُكِرَ اللهُ، وَشِرَارُ عباد الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبةِ الباغُونَ (¬7) لِلْبُرَآء الْعَنَتَ" رواه أحمد عن شهر عنه، وبقية إسناده محتج بهم في الصحيح، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا عن شهر عن أسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنهما قالا: المفسدون بين الأحبةِ، والطبراني من حديث عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم ¬
وابن أبي الدنيا أيضاً في كتاب الصمت عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث عبد الرحمن أصح، وقد قيل له إن له صحبة. 10 - وعن العلاء بن الحارثِ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الهمَّازُونَ (¬1) واللَّمَّازُون (¬2)، والمشَّاءون بالنميمة الباغونَ للِبُرَآء الْعَنَتَ يَحْشُرُهُمُ الله في وجوهِ الكلاب" رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب التوبيخ معضلاً هكذا، وتقدم في باب الإصلاح حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بأفضلَ (¬3) من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى. قال: إصلاحُ ذات البين (¬4)، فإن فسادَ ذاتِ البين هي الحالقةُ (¬5) " رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه والترمذي وصححه، ثم قال: "وَيُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "هي الحالقةُ، لا أقولُ: تَحْلِقُ الشَّعَرَ ولكن أقولُ: تَحْلِقُ الدِّينَ (¬6) ". ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما والترغيب في ردهما
الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما، والترغيب في ردهما 1 - عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال في خطبته ¬
في حجة الوداع (¬1): إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت (¬2) " رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كُلُّ المسلم على المسلم حرامٌ دمهُ (¬3) وعِرْضُهُ (¬4) ومالهُ (¬5) " رواه مسلم والترمذي في حديث. 3 - وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الربا اثنان وسبعون باباً، أدناها (¬6) مثل إتيان الرجل أمهُ، وإن أربى الربا (¬7) استطالةُ الرجل في عِرْضِ أخيهِ" رواه الطبراني في الأوسط من رواية عمر بن راشد. 4 - وروي عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أمر الربا، وَعَظَّمَ شأنه، وقال: إن الدرهم يُصيبهُ الرجلُ من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ستٍ وثلاثين زنيةً يزنيها الرجلُ، وإن أربى الربا عِرْضُ الرجلِ المسلم" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الغيبة. ¬
5 - ورويَ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الربا نَيَّفٌ (¬1) وسبعونَ باباً، أهونهن (¬2) باباً من الربا مثلُ من أتى أمَّهُ في الإسلام، ودرهمٌ من الربا أشدُّ من خمسٍ وثلاثين زنيةً وأشدُّ الربا، وأربى الربا، وأخْبَثُ الربا انتهاكُ عِرْضِ المسلم (¬3) وانتهاكُ حُرْمَتِهِ (¬4) " رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي، وروى الطبراني منه ذكر الربا في حديث تقدم. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أرْبَى الربا استطالةُ المرء في عَرْضِ أخيه" رواه البزار بإسنادين أحدهما قوي، وهو في بعض نسخ أبي داود إلا أنه قال: "إن من الكبائر استطالة الرجل في عِرْضِ رجلٍ مسلمٍ بغير حقٍ، ومن الكبائر السَّبَّتَأنِ بالسَّبَّةِ" ورواه ابن أبي الدنيا أطول منه، ولفظه: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الربا سبعون حُوباً، وأيسرها (¬5) كنكاح الرجل أمهُ، وإن أربى الربا عِرْضُ الرجل المسلم". [الحوب] بضم الحاء المهملة: هو الإثم. 7 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: تَدْرون (¬6) أربى الربا عند الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن أربى الربا عند الله ¬
استحلالُ عِرْضُ امرئٍ مُسلمٍ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَملُوا بُهْتَاناً وَإثْماً مُبِيناً) " رواه أبو يعلى، ورواته رواة الصحيح. 8 - وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أربى الربا الاستطالةَ في عِرْضِ المسلمِ بغير حقٍ (¬1) " رواه أبو داود. 9 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "قُلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حَسْبُكَ (¬2) من صفيةَ كذا وكذا. قال بعض الرواة: تعني قصيرة، فقال: لقد قُلْتِ كلمةً لو مُزجتْ بماء البحر لمزجته (¬3) قالتْ: وحكيتُ له إنساناً فقال: ما أُحِبُّ أن حَكَيْتِ لي إنساناً، وإن لي كذا وكذا (¬4) " رواه أبو داود والترمذي والبيهقي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. 10 - وعن عائشة أيضاً رضي الله عنها: "أنه اعْتَلَّ (¬5) بَعِيرٌ لِصَفِيَّةَ بنت حُيَيٍّ، وعند زينب فضْلُ ظهرٍ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزينب: أعطيها بعيراً، فقالت: أنا أُعْطِي تلك اليهودية، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَهَجَرهَا (¬6) ذا الحِجَّةِ وَالمُحَرَّمَ، وبَعضَ صَفَرٍ" رواه أبو داود عن سمية عنها، وسمية لم تنسب. 11 - ورويَ عنها رضي الله عنها قالت: "قلتُ لامرأةٍ مَرَّةً وأنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ¬
: إن هذه لَطَوِيلَةُ الذَّيْلِ فقال: الْفِظِي الْفِظِي، فلفظتُ بضعةً من لحمٍ" رواه ابن أبي الدنيا. [الفظي] معناه ارمي ما في فمك. [والبضعة]: القطعة. 12 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجلٌ فقالوا: يا رسول الله ما أعجزَ فلاناً! أو قالوا: ما أضعفَ (¬1) فُلاناً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغتبتمُ صاحبكم وأكلتم لَحْمَهُ" رواه أبو يعلى والطبراني. ولفظه: أن رجلاً قام من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فرأوا في قيامهِ عجزاً فقالوا: ما أعجز فُلاناً؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلتم أخاكم واغتبتموه. 13 - وعن عمرو بن شُعيبٍ عن أبيه عن جده: "أنهم ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فقالوا: لا يأكلُ حتى يُطعمَ (¬2)، ولا يَرْحَلُ حتى يُرْحَلَ له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغتبتموه، فقالوا: يا رسول الله! إنما حدثنا بما فيه. قال: حَسْبُكَ (¬3) إذا ذكرت أخاك بما فيه" رواه الأصبهاني بإسناد حسن. 14 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رجلٌ فوقعَ فيه (¬4) رجلٌ من بعدهِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تَحَلَّلْ (¬5) فقال: ومما أتَحَلَّلُ (¬6)؟ ما أكلتُ لحماً، قال: إنك أكلتَ لَحمَ أخيكَ" حديث غريب رواه أبو بكر بن أبي شيبة والطبراني، واللفظ له، ورواته رواة الصحيح. ¬
ما جاء في ذم الغيبة 15 - ورويَ عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بصوم يومٍ، وقال: لا يُفْطِرَنَّ أحدٌ منكم حتى آذن له، فصام الناسُ حتى إذا أمْسَوْا، فجعل الرجلُ يجئ، فيقولُ: يا رسول الله إني ظللتُ صائماً، فائذن لي فأُفِطِرَ فيأذنُ له، الرجل والرجلُ حتى جاء رجلٌ فقال: يا رسول الله! فتاتان من أهلكَ ظَلَّتَا صائمتين، وإنهما يستحيان أن يأتياك فَأْذَنْ لهما فليفطرا، فأعْرَضَ عنه (¬1)، ثم عَاوَدَهُ (¬2) فأعرضَ عنه، ثم عَاوَدَهُ فأعرضَ عنه، ثم عاودهُ فأعرضَ عنه، فقال: إنهما لم يصوما (¬3)، وكيف صامَ من ظلَّ هذا اليوم يأكلُ لحومَ الناسِ، اذهبْ فَمُرْهُمَا إن كانتا صائمتين فَلْيَسْتَقِيئا (¬4)، فرجعَ إليهما فأخبرهما فاستقاءتا، فقاءتْ كل واحدةِ عَلَقةً من دمٍ، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرهُ، فقال: والذي نفسي بيده لو بقيتا في بطونهما لأكلتهما النار" رواه أبو داود الطيالسي، وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة والبيهقي، ورواه أحمد وابن أبي الدنيا أيضاً، والبيهقي من رواية رجل لم يسم عن عُبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه إلا أن أحمد قال: "فقال لإحداهما: قِيئي فقاءت قيْحاً وَدَماً وصديداً ولحماً حتى ملأت نصف القدح، ثم قال للأخرى: قِيئي، فقاءت من قيْحٍ ودمٍ وصديدٍ ولحمٍ عبِيطٍ (¬5) وغيره حتى ملأت القدحَ ثم قال: إن هاتين صامتا عَمَّا أحَلَّ الله لهما، وأفطرتا على ما حَرَّمَ الله عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى، فجعلتا تأكلانِ من لُحُومِ الناس" وتقدم لفظ أحمد بتمامه في الصيام. 16 - وعن شُفَيِّ بن مانع الأصبحي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أربعةٌ يُؤذُونَ أهل النار على ما بهم من الأذى يَسْعَوْنَ ما بين الحميمِ (¬6) ¬
والجحيم (¬1) يدعون بالويل (¬2) والثبور يقول بعض أهل النار لبعضٍ: ما بالُ هؤلاء قد آذوْنا على ما بنا من الأذى. قال: فرجلٌ مُغْلَقٌ عليه تابوتٌ من جَمْرٍ (¬3)، ورجلٌ يَجُرُّ أمعاءهُ (¬4)، ورجلٌ يسيلُ فُوهُ قَيْحاً ودماً، ورجلٌ يأكلُ لحمهُ، فيقالُ لصاحبِ التابوتِ (¬5): ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقولُ: إن الأبعدَ قد ماتَ وفي عُنُقِهِ أموال الناس، ثم يقالُ للذي يَجُرُّ أمعاءه: ما بالُ الأبعدِ قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقولُ: إن الأبعدَ كان لا يُبالي أين أصاب البول منه (¬6) ثم يقالُ للذي يسيلُ فُوهُ قيحاً ودماً: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان ينظر إلى كلمةٍ فيستلذها كما يُستلذُ الرَّفَثُ (¬7)، ثم يقال للذي يأكلُ لحمهُ: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس بالغيبة، ويمشي بالنميمة" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت، وفي ذم الغيبة والطبراني في الكبير بإسناد لين وأبو نعيم، وقال: [شفي بن مانع] مختلف في صحبته، فقيل له صحبة. [قال الحافظ]: شُفَي ذكره البخاري وابن حبان في التابعين. 17 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل لحمَ أخيه (¬8) في الدنيا قُرِّبَ إليه يوم القيامة، فيقالُ له: كُلْهُ مَيِّتاً كما ¬
أكلتهُ حياً، فيأكلهُ ويَكْلَحُ وَيَضِجُّ" رواه أبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ في كتاب التوبيخ إلا أنه قال: يَصِيحُ. بالصاد المهملة، كلهم من رواية محمد بن إسحق، وبقية رواة بعضهم ثقات. [يضج]: بالضاد المعجمة بعدها جيم ويصيح كلاهما بمعنى واحد كذا قال بعض أهل اللغة والظاهر أن لفظة يضج بالضاد المعجمة فيها زيادة إشعار بمقارنة فزع أو قلق، والله أعلم. [ويكلح] بالحاء المهملة: أي يعبس ويقبض وجهه من الكراهة. 18 - وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه: "أنه مَرَّ على بَغْلٍ ميتٍ فقال لبعضِ أصحابه لأن يأكلَ الرجلُ من هذا حتى يملأ بطنه خيرٌ لهُ من أن يأكل لحم رجلٍ مُسلمٍ (¬1) " رواه أبو الشيخ بن حبان وغيره موقوفاً. 19 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء الأسلميَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشهد على نفسه بالزنا أربع شهاداتٍ يقول: أتيتُ امرأةً حراماً وفي كُلِّ ذلك يُعْرِضُ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ الحديث إلى أن قال: فما تريدُ بهذا القول؟ قال: أريدُ أن تُطَهِّرَنِي (¬2)، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُرجم، فَرُجِمَ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من الأنصار يقولُ أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم يَدَعْ نفسهُ (¬3) حتى رُجمَ رَجْمَ الكلبِ. قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سار ساعةً، فَمرَّ بجيفةِ حمارٍ شائلٍ برجلهِ (¬4)، فقال: أين فلانٌ وفلانٌ (¬5)؟ فقالوا: نحن ذا يا رسول الله، فقال لهما كلا من جيفة هذا الحمار، فقالا يا رسول الله: غَفَرَ الله لك، من يأكلُ من هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نِلْتُما من عِرْضِ هذا الرجلِ آنفاً (¬6) أشدُّ من ¬
أكل هذه الجيفة، فوالذي نفسي بيده إنه الآن في أنهار الجنة (¬1) ينغمسُ فيها" رواه ابن حبان في صحيحه. 20 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ليلة أُسريَ بنبي الله صلى الله عليه وسلم، ونظر في النار، فإذا قومٌ يأكلون الجيفَ (¬2). قال: من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومَ الناس (¬3)، ورأى رجُلاً أحمرَ أزرقَ جِداً (¬4)، فقال: من هذا يا جبريلُ؟ قال: هذا عاقرُ الناقة (¬5) " رواه أحمد ورواته رواة الصحيح خلا قابوس ابن أبي ظبيان. إن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه 21 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما عُرجَ (¬6) بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نحاسٍ يَخْمِشُونَ (¬7) وجوههم وصدورهم، فقلتُ من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس (¬8)، ويقعون في أعراضهم" رواه أبو داود، وذكر أن بعضهم رواه مرسلاً. 22 - وعن راشد بن سعد المقرائي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما ¬
عُرجَ بي مررتُ برجالٍ تُقْرَضُ (¬1) جلودهم بمقاريضَ من نارٍ، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ. قال: الذين يتزينون للزنية (¬2). قال: ثم مررت بُجِبٍّ (¬3) مُنتنِ الريحِ، فسمعتُ فيه أصواتاً شديدةً، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: نساء كُنَّ يتزينَّ للزنية (¬4)، ويفعلن ما لا يحلُّ لهنَّ، ثم مررت على نساءٍ ورجالٍ مُعلقين بِثُديِّهِنَّ، فقلتُ من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء اللمازون (¬5) والهمازون، وذلك قول الله عز وجل: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) " رواه البيهقي من رواية بقية عن سعيد بن سنان، وقال: هذا مرسل، وقد رويناه موصولاً، ثم روي عن ابن جريج قال: الهمز بالعين والشدق واليد، واللمز باللسان. قال: وبلغني عن الليث أنه قال: اللمزة الذي يعيبك في وجهك، والهمزة: الذي يعيبك بالغيب. 23 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعتْ ريحٌ مُنتنةٌ (¬6)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون (¬7) ما هذه الريحُ؟ هذه ريحُ الذين يغتابون المؤمنين (¬8) " رواه أحمد وابن أبي الدنيا، ورواة أحمد ثقات. 24 - ورويَ عن جابر بن عبد الله، وأبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الغيبةُ أشد من الزنا. قيل: وكيف؟ قال: الرجلُ يزني، ثم يتوب، فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبةِ لا يُغفر له (¬9) حتى يغفرَ له صاحبُهُ (¬10) " رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الغيبة والطبراني في الأوسط والبيهقي، ورواه ¬
البيهقي أيضاً عن رجل لم يسمّ عن أنس، ورواه عن سفيان بن عيينة غير مرفوع، وهو الأشبه، والله أعلم. 25 - وعن أبي بَكْرَةَ رضي الله عنه قال: "بَيْنَا أنا أُمَاشِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو آخذٌ بيدي، ورجلٌ على يساره، فإذا نحن بقبرين أمامنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهما لَيُعَذَّبَانِ وما يُعذبان في كبيرٍ (¬1) وَبَلى (¬2)، فأيكم يأتيني بجريدةٍ، فاستبقنا فسبقتهُ، فأتيتهُ بجريدةٍ، فكسرها نصفين، فألقى على ذا القبر قطعةً، وعلى ذا القبر قطعةً. قال: إنه يُهَوَّنُ عليهما ما كانتا رَطبتين (¬3)، وما يُعذَّبان إلا في الغيبة والبول" رواه أحمد وغيره بإسناد رواته ثقات. 26 - وعن يعلى بن سيابة رضي الله عنه: "أنه عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأتى على قبرٍ يُعَذَّبُ صاحبهُ، فقال: إن هذا كان يأكلُ لحوم الناس (¬4)، ثم دعا ¬
بجريدةٍ رطبةٍ، فوضعها على قبرهِ، وقال: لعله أن يُخفف عنه مادامت هذه رطبةً" رواه أحمد والطبراني، ورواة أحمد ثقات إلا عاصم بن بهدلة. 27 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيع الغرقدِ، فوقف على قبرين ثَرِيَّيْنِ (¬1) فقال: أدفنتم فلاناً وفلانةً، أو قال: فلاناً وفلاناً؟ قالوا: نعم يا رسول الله قال: قد أُقْعِدَ فلانٌ الآن، فَضُربَ (¬2)، ثم قال: والذي نفسي بيده لقد ضُرب ضربةً ما بقي منه عضوٌ إلا انقطعَ، ولقد تطاير (¬3) قبرهُ ناراً، ولقد صرخَ (¬4) صرخةً سمعها الخلائقُ إلا الثقلين: الإنس والجنَّ، ولولا تَمْرِيِجُ قلوبكم (¬5) وتزَيُّدُكم في الحديثٍ لسمعتم ما أسمعُ (¬6)، ثم قالوا: يا رسول الله وما ذنبهما؟ قال: أما فلانٌ، فإنه كان لا يستبرئ (¬7) من البول، وأما فلانٌ أو فلانةٌ فإنه كان يأكل لحوم الناس (¬8) " رواه ابن جرير الطبري من طريق علي بن يزيد عن القاسم عنه، ورواه من هذه الطريق أحمد بغير هذا اللفظ، وزاد فيه: "قالوا: يا نبي الله، حتى متى (¬9) هما يُعذبان؟ قال: غيبٌ لا يعلمهُ إلا الله" وتقدم لفظه في النميمة. ¬
[قال الحافظ]: وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة مشهورة في الصحاح، وغيرها عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وفي أكثرها أنهما يعذبان في النميمة والبول، والظاهر أنه اتفق مروره صلى الله عليه وسلم مرة بقبرين يعذب أحدهما في النميمة، والآخر في البول، ومرة أخرى بقبرين يعذب أحدهما في الغيبة، والآخر في البول، والله أعلم. 28 - وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الغيبةُ والنميمةُ يَحُتَّانِ (¬1) الإيمان كما يَعْضِدُ الراعي (¬2) الشجرة" رواه الأصبهاني. 29 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم (¬3) له، ولا متاع (¬4)، فقال: المفلس (¬5) من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفكَ دم هذا (¬6)، وضرب هذا، فَيُعْطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته (¬7) قَبْلَ أن يَقْضِيَ (¬8) ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فَطُرِحَتْ عليه، ثم طُرحَ في النار" رواه مسلم والترمذي وغيرهما. ¬
30 - وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل لَيُؤتى كتابهُ منشوراً (¬1) فيقول: يا رب فأين حسناتُ (¬2) كذا وكذا عملتُها ليست في صحيفتي؟ فيقول: مُحِيتْ باغتيابك الناس (¬3) " رواه الأصبهاني. 31 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ما الغيبةُ؟ قالوا: الله ورسولهُ أعلمُ. قال: ذكرك أخاك بما يكرهُ. قيل: أرأيتَ إن كان في أخي ما أقولُ؟ قال: إن كان فيه ما تقولُ فقد اغتبتهُ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّهُ (¬4) " رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة، وعن جماعة من الصحابة اكتفينا بهذا عن سائرها لضرورة البيان. 32 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ذكر امرأ بشيءٍ ليس فيه لِيَعِيبهُ (¬5) به حَبَسَهُ الله في نار جهنم حتى يأتي بنفادِ ما قال فيه (¬6) " رواه الطبراني بإسناد جيد. 33 - وفي رواية له: أيما رجلٍ أشاع (¬7) على رجلٍ مُسلمٍ بكلمةٍ وهو منها برئ (¬8) يَشِينُهُ بها (¬9) في الدنيا كان حقاً على الله أن يُذِيبَهُ (¬10) يوم القيامة في النار حتى يأتيَ بنفادِ ما قال". ¬
34 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قال في مؤمنٍ ما ليس فيه أسكنه الله رَدْغَةَ الخَبَالِ (¬1) حتى يخرجَ مما قال" رواه أبو داود في حديث، والطبراني، وزاد: وليس بخارجٍ، والحاكم بنحوه، وقال: صحيح الإسناد. [ردغة الخبال]: هي عصارة أهل النار كذا جاء مفسراً مرفوعاً، وهو بفتح الراء وإسكان الدال المهملة، وبالغين المعجمة. [والخبال] بفتح الخاء المعجمة وبالموحدة. 35 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمسٌ ليس لَهُنَّ كفارةٌ (¬2) الشركُ بالله (¬3) وقتلُ النفسِ بغير حقٍ (¬4) وَبَهْتُ مُؤمنٍ (¬5) والفرارُ من الزحفِ (¬6) ويمينٌ صابرةٌ (¬7) يقتطعُ بها مالاً بغير حقٍ" رواه أحمد من طريق بقية، وهو قطعة من حديث. 36 - وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"مَنْ ذَبَّ (¬1) عن عِرْضِ أخيه بالغيبةِ كان حقاً على الله أن يُعتقهُ من النار" رواه أحمد بإسناد حسن، وابن أبي الدنيا والطبراني وغيرهم. من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة 37 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من رَدَّ (¬2) عن عِرْضِ أخيه رَدَّ الله عن وجههِ (¬3) النار يوم القيامة" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، وابن أبي الدنيا وأبو الشيخ في كتاب التوبيخ، ولفظه قال: "من ذَبَّ عن عِرْضِ أخيه رَدَّ الله عنه عذابَ النار يوم القيامة، وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَكانَ حَقاً عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنينَ) ". 38 - وعن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حَمَى (¬4) مؤمناً من مُنافقٍ (¬5) أراهُ قال: بعث الله (¬6) مَلَكاً يَحْمِي لحمهُ يوم القيامة من نار جهنم، ومن رمى مُسلماً يريدُ به شَيْنَهُ (¬7) حَبَسَهُ (¬8) الله على جسرِ جهنم حتى يخرج مما قال" رواه أبو داود وابن أبي الدنيا. [قال الحافظ]: وسهل بن معاذ يأتي الكلام عليه، وقد أخرج هذا الحديث ابن يونس في تاريخ مصر من رواية عبد الله بن المبارك عن يحيى بن أيوب بإسناد مصري كما أخرجه أبو داود، وقال ابن يونس: ليس هذا الحديث فيما أعلم بمصر، ومراده أنه إنما وقع له من حديث الغرباء، والله أعلم. ¬
من نصر أخاه المسلم بالغيب نصره الله في الدنيا والآخرة 39 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حمى عِرْضَ أخيهِ في الدنيا بعث الله عز وجل ملكاً يوم القيامة يحميهِ عن النار" رواه ابن أبي الدنيا عن شيخ من أهل البصرة لم يسمه عنه، وأظن هذا الشيخ أبان بن أبي عياش وهو متروك كذا جاء مسمى في رواية غيره. 40 - ورويَ عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغْتِيبَ عنده أخوه المسلم فلم ينصرهُ، وهو يستطيعُ نصرهُ أدركهُ إثمه (¬1) في الدنيا والآخرة" رواه أبو الشيخ في كتاب التوبيخ، والأصبهاني أطول منه، ولفظه قال: "من اغتيب عنده أخوه، فاستطاع نصرته، فنصرهُ نصرهُ الله في الدنيا والآخرة، وإن لم ينصره أدركهُ الله في الدنيا والآخرة". 41 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "من نصر أخاه المسلم بالغيبِ نصرهُ الله في الدنيا والآخرة" رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً. 42 - وعن جابر بن أبي طلحةَ الأنصاري رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئٍ مسلم يخذلُ (¬2) امْرَأ مُسلماً في موضع تُنتهكُ فيه حُرمتهُ، وَيُنتقصُ فيه من عرْضِهِ إلا خذلهُ الله في موطنٍ (¬3) يُحبُّ فيه نُصرتَهُ، وما من ¬
امرئٍ مسلمٍ ينصرُ مسلماً في موضعٍ يُنتقصُ فيه من عِرْضِهِ، وينتهك فيه من حرمته ¬
إلا نصرهُ الله في موطنٍ يُحبُّ فيه نُصرَتَهُ" رواه أبو داود، وابن أبي الدنيا وغيرهما، واختلف في إسناده. ¬
الترغيب في الصمت إلا عن خير والترهيب من كثرة الكلام
الترغيب في الصمت إلا عن خير، والترهيب من كثرة الكلام 1 - عن أبي موسى رضي الله عنه قال: "قلتُ: يا رسول الله أيُّ المسلمين ¬
أفضل (¬1)؟ قال: مَنْ سَلِمَ (¬2) المسلمون من لسانه ويده" رواه البخاري ومسلم والنسائي. 2 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم (¬3) من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده ¬
والمهاجرُ (¬1) من هجر ما نهى الله عنه" رواه البخاري ومسلم. 3 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ يا رسول اله: أي الأعمال أفضلُ؟ قال: الصلاة على ميقاتها (¬2). قلتُ ثم ماذا يا رسول الله؟ قال: أن يَسْلَمَ الناسُ من لسانك (¬3) " رواه الطبراني بإسناد صحيح، وصدرُه في الصحيحين. 4 - وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: "جاء أعرابيٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله عَلِّمْنِي عملاً يُدخلني الجنة؟ قال: إن كنت أقْصَرْتَ الخطبة (¬4) لقد أعْرَضْتَ المسألة (¬5): أعْتِقِ النَّسَمَةَ (¬6)، وَفُكَّ الرَّقَبةَ (¬7)، فإن لم تُطِقْ ذلك، فأطعم الجائع، وَاسْقِ الظَّمْآنَ، وأْمُرْ بالمعروفِ (¬8)، وَانْهَ عن المنكرِ، فإن لم تُطقْ ذلك، فَكُفَّ لسانك إلا عن خيرٍ (¬9) " مختصر رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي، وتقدم بتمامه في العتق. ¬
طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته 5 - وعن عُقبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه قال: قُلتُ يا رسول الله: ما النجاةُ؟ قال: أمْسِكْ عليك لسانك، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ على خطيئتك" رواه أبو داود والترمذي وابن أبي الدنيا في العزلة، وفي الصمت والبيهقي في كتاب الزهد وغيره، كلهم من طريق عبد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عنه، وقال الترمذي: حديث غريب. 6 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طُوبى (¬1) لمن مَلَكَ لسانهُ، وَوَسِعَهُ بيتهُ، وبكى على خطيئته (¬2) " رواه الطبراني في الأوسط والصغير وحسن إسناده. 7 - ورويَ عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله (¬3)، واليوم الآخر، وَيَشْهَدُ أني رسول الله، فَلْيَسَعْهُ بيتهُ (¬4)، وَلْيَبْكِ على خطيئته، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً لِيَغْنَمَ (¬5)، وَلْيَسَكُتْ عن شَرٍ فَيَسْلَمَ" رواه الطبراني والبيهقي في الزهد. 8 - وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يضمنُ لي (¬6) ما بين لَحْيَيْهِ (¬7)، وما بين رجليه (¬8) ¬
أضمنُ (¬1) له الجنة" رواه البخاري والترمذي. من حفظ لسانه ستر الله عورته 9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وَقَاهُ الله شر ما بين لَحْيَيْهِ، وشر ما بين رجليه دخل الجنة (¬2) " رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه، ورواه ابن أبي الدنيا إلا أنه قال: من حفظ ما بين لحييه. 10 - وعن أبي جُحيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيُّ الأعمال أحَبُّ إلى الله عز وجل؟ قال: فسكتوا، فلم يُجِبْهُ أحدٌ، قال: هو حفظُ اللسان (¬3) " رواه أبو الشيخ بن حبان والبيهقي، وفي إسناده من لا يحضرني الآن حاله. 11 - ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دفع غضبهُ (¬4) دفع الله عنه عذابهُ، ومن حفظَ لسانه ستر الله عورته" رواه الطبراني في الأوسط، وأبو يعلى، ولفظه قال: "من خَزَنَ لسانهُ (¬5) ستر الله عورته، ومن كَفَّ غضبهُ كَفَّ الله عنه عذابه، ومن اعتذر إلى الله قَبِلَ الله عُذرهُ" ورواه البيهقي مرفوعاً على أنس، ولعله الصواب. ¬
من حفظ ما بين فقميه وفرجه دخل الجنة 12 - وروى الطبراني في الصغير والأوسط عنه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَبْلُغُ العبدُ حقيقةَ الإيمان حتى يَخْزُنَ من لسانه". 13 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "والذي لا إله غيرهُ ما على ظهر الأرض (¬1) من شيء أحوج إلى طول سجنٍ (¬2) من لسانٍ" رواه الطبراني موقوفاً بإسناد صحيح. 14 - وعن عطاء بن يسارٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من وقاهُ الله شر اثنين وَلِجَ الجنة (¬3)، فقال رجلٌ: يا رسول الله ألا تُخبرنا؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالتهُ، فقال الرجلُ: ألا تُخبرنا يا رسول الله؟ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك أيضاً، ثم ذهب الرجلُ يقول مثل مقالته، فأسْكَتَهُ رجلٌ إلى جنبهِ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة: ما بين لَحْيَيْهِ، وما بين رجليه (¬4) " رواه مالك مرسلاً هكذا. [ولج]: أي دخل الجنة. 15 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حفظ ما بين فقميه وفرجهُ دخل الجنة" رواه أحمد والطبراني، وأبو يعلى، واللفظ له ورواته ثقات. 16 - وفي رواية للطبراني: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أحدثك بثنتين من فعلهما دخل الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: يحفظُ الرجلُ ما بين فقميه، وما بين رجليه، والمراد بما بين فقميه: هو اللسان، وبما بين رجليه: هو الفرج". ¬
[والفقمان]: بفتح الفاء وسكون القاف: هو اللَّحيان. من حفظ ما بين فقميه وفخذيه دخل الجنة 17 - وعن أبي رافعٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حفظ ما بين فقميه وفخذيه دخل الجنة" رواه الطبراني بإسناد جيد. 18 - وعن ركبٍ المصري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طوبى لمن عمل بعلمهِ وأنفقَ الفضلَ (¬1) من مالهِ، وأمسك الفضلَ (¬2) من قولهِ" رواه الطبراني في حديث يأتي في التواضع إن شاء الله. 19 - وعن سُفَيْنٍ بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال: "قلتُ: يا رسول الله حدثني بأمرٍ أعتصمُ (¬3) به؟ قال: قُلْ ربي الله (¬4) ثم استقم. قال: قلتُ: يا رسول الله ما أخوفُ ما تخافُ عليَّ؟ فأخذ بلسان نفسه (¬5)، ثم قال: هذا" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجة وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 20 - وعنه رضي الله عنه قال: "قلتُ: يا رسول الله أيُّ شيء أتقى؟ فأشارَ بيده إلى لسانه" رواه أبو الشيخ ابن حبان في الثواب بإسناد جيد. 21 - وعن الحارث بن هشامٍ رضي الله عنه: "أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبرني بأمرٍ أعتصم به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمْلِكْ هذا، وأشار إلى لسانه" رواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد. 22 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يستقيمُ إيمانُ (¬6) عبدٍ حتى يستقيم قلبهُ (¬7)، ولا يستقيم قلبهُ حتى يستقيم لسانهُ (¬8)، ولا يدخلُ الجنة رجلٌ لا يأمنُ جارهُ بوائقه (¬9) " رواه أحمد وابن أبي الدنيا في الصمت ¬
كلاهما من رواية علي بن مسعدة الباهلي عن قتادة عنه. 23 - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فأصبحتُ يوماً قريباً منه، ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله أخبرني بعملٍ يُدخلني الجنة، ويُباعدني عن النار؟ قال: لقد سألت عن عظيمٍ، وإنه لِيَسيرٌ (¬1) على من يَسَّرَهُ الله عليه (¬2): تعبدُ الله، ولا تُشركُ به شيئاً، وتُقيمُ الصلاة، وتُؤتي الزكاة وتصوم رمضان، وتحج البيتَ، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ قلتُ: بلى يا رسول الله. قال: الصوم جُنَّةٌ (¬3)، والصدقةُ تُطفئ الخطيئة (¬4) كما يُطفئ الماء النار، وصلاةُ الرجلِ في جوف الليل شعارُ الصالحين، ثم تلا قوله: "تَتَجَافَى (¬5) جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ" حتى بلغ يَعْمَلُون، ثم قال: ألا أخبركَ برأس الأمر (¬6)، وعموده (¬7)، وذروة سنامه (¬8)؟ قلتُ: بلى يا رسول الله. قال: رأسُ الأمر: الإسلام، وعموده: الصلاةُ، وذروة سنامه: الجهاد، ثم قال: ألا أخبرك بِمِلاَكِ ذلك كُلِّهِ. قلتُ: بلى يا رسول الله. قال: كُفَّ (¬9) عليك هذا، وأشار إلى لسانه. قلتُ: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلمُ به؟ قال: ثكلتك أمك (¬10)، وهل يَكُبُّ الناس (¬11) في النار على وجوههم أو قال: على مناخرهم: إلا حصائدُ ألسنتهم (¬12) " رواه أحمد والترمذي والنسائي ¬
وابن ماجة كلهم من رواية أبي وائل عن معاذ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. [قال الحافظ]: وأبووائل أدرك معاذاً بالسن، وفي سماعه عندي نظر، وكان أبو وائل بالكوفة، ومعاذ بالشام، والله أعلم. قال الدارقطني: هذا الحديث معروف من رواية شهر بن حوشب عن معاذ، وهو أشبه بالصواب على اختلاف علمه فيه كذا قال: وشهر مع ما قيل فيه لم يسمع معاذاً، ورواه البيهقي وغيره عن ميمون بن أبي شيبة عن معاذ، وميمون هذا كوفي ثقة ما أراه سمع من معاذ بل ولا أدركه، فإن أبا داود قال لم يدرك ميمون بن أبي شيبة عائشة، وعائشة تأخرت بعد معاذ من نحو ثلاثين سنة، وقال عمرو بن علي: كان يحدث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس عندنا في شيء منه يقول: سمعت ولم أخبر أن أحداً يزعم أنه سمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. 24 - ورواه الطبراني مختصراً قال: "قلتُ: يا رسول الله أكُلُّ ما نتكلمُ به يُكْتَبُ علينا (¬1)؟ قال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس (¬2) على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم، إنك لن تزال سالماً ما سَكَتَّ (¬3)، فإذا تكلمت كُتبَ لك أو عليك (¬4) ". 25 - ورواه أحمد وغيره عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن ¬
عبد الرحمن بن غنم أن معاذاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله أيُّ الأعمالِ أفضلُ؟ فقال: الصلاة (¬1) بعد الصلاة المفروضة. قال: لا وَنِعِمَّا هِيَ. قال: الصوم (¬2) بعد صيام رمضان. قال: لا وَنِعِمَّا هيَ. قال: فالصدقةُ بعد الصدقةِ المفروضة (¬3)، قال: لا وَنِعِمَّا هي. قال: يا رسول الله أيُّ الأعمال أفضلُ؟ قال: فَأَخْرَجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لسانهُ، ثم وضع إصبعهُ عليه، فاسترجع (¬4) معاذٌ، فقال يا رسول اله أنُؤاخذُ بما نقولُ كُلِّهِ، وَيُكْتَبُ علينا؟ قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْكِبَ (¬5) مُعاذٍ مراراً، فقال له: ثكلتك أمك يا معاذ بن جبلٍ وهل يَكُبُّ الناس على مناخرهم في نار جهنم إلا حصائد ألسنتهم". 26 - وعن أسودَ بن أصْرَمَ رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله أوصني قال: تَمْلِكُ يَدَكَ (¬6). قلتُ: فماذا أمْلِكُ إذا لم أملكْ يدي؟ قال: تَمْلِكُ لسانك. قلت: فماذا أملكُ إذا لم أملك لساني؟ قال: لا تَبْسُطْ يدك إلا إلى خيرٍ، ولا تقل بلسانك إلا معروفاً (¬7) " رواه ابن أبي الدنيا والطبراني بإسناد حسن والبيهقي. 27 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: "دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث بطوله إلى أن قال: قلت يا رسول الله أوصني. قال: أوصيك بتقوى (¬8) الله، فإنها زَيْنٌ لأمرِكَ كُلِّهِ. قلت: يا رسول الله زدني قال: عليك بتلاوة القرآن (¬9) وذكر الله عز وجل (¬10)، فإنه ذِكْرٌ لك في السماء، ونُورٌ لك في الأرض. قلت: ¬
يا رسول الله زدني، قال: عليك بطول الصمت (¬1)، فإنه مَطَردَةٌ للشيطان، وعونٌ لك على أمر دينك. قلت: زدني. قال: وإياك وكثرة الضحك، فإنه يميتُ القلب (¬2)، ويذهبُ بنور الوجه. قلتُ: زدني، قال: قل الحق (¬3)، وإن كان مُراً. قلت: زدني، قال: لا تخف في الله لومة لائمٍ (¬4). قلتُ: زدني. قال: لِيَحْجُزْكَ (¬5) عن الناس ما تعلم من نفسك" رواه أحمد والطبراني وابن حبان في صحيحه والحاكم، واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد، وقد أملينا قطعة من هذا الحديث أطول من هذه بلفظ ابن حبان في الترهيب من الظلم، وفيها حكاية عن صحف إبراهيم عليه السلام. 28 - وعلى العاقلِ أن يكون بصيراً بزمانه (¬6)، مُقبلاً على شانهِ (¬7) حافظاً للسانه (¬8)، ومن حَسِبَ كَلاَمَهُ (¬9) من عمله قَلَّ كلامهُ إلا فيما يعنيه (¬10). الحديث. ¬
29 - وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أوصني قال: عليك بتقوى الله (¬1)، فإنها جماعُ كل خيرٍ، وعليك بالجهاد في سبيل الله، فإنها رهبانية المسلمين (¬2)، وعليك بذكر الله (¬3) وتلاوة كتابه، فإنه نورٌ لك (¬4) في الأرض، وذكرٌ لك (¬5) في السماء، واخْزُنْ لسانك (¬6) إلا من خيرٍ، فإنك بذلك تغلبُ الشيطان (¬7) " رواه الطبراني في الصغير وأبو الشيخ في الثواب كلاهما من رواية ليث بن أبي سليم، ورواه ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ أيضاً مرفوعاً عليه مختصراً. 30 - وعن معاذٍ رضي الله عنه قال: "يا رسول الله أوصني. قال: اعْبُدِ الله كأنك تراه (¬8)، واعْدُدْ نفسك في الموتى (¬9)، وإن شئت أنبأتُكَ بما هو أمْلَكُ بك من هذا كُلِّهِ؟ قال: هذا، وأشار بيده إلى لسانه" رواه ابن أبي الدنيا بإسناد جيد. 31 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "لقيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذرٍ ¬
فقال: يا أبا ذرٍ ألا أدلك على خصلتين هما خفيفتان (¬1) على الظهر وأثقلُ في الميزان من غيرهما؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: عليك بِحُسْنِ الخلق، وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائقُ بمثلهما" رواه ابن أبي الدنيا والبزار والطبراني وأبو يعلى ورواته ثقات والبيهقي بزيادة، ورواه أبو الشيخ ابن حبان من حديث أبي الدرداء قال: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا الدرداء ألا أنبئك بأمرين خفيفٍ مؤنتهما (¬2) عظيمٍ أجرهما لم تلقَ الله عز وجل بمثلهما؟ طول الصمتِ، وحُسنُ الخلق" ورواه ابن أبي الدنيا أيضاً عن صفوان بن سليم مرسلاً قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأيسر العبادة وأهونها على البدن؟ الصمتُ، وحسنُ الخلق". 32 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه رفعه قال: "إذا أصبح ابن آدم، فإن الأعضاء كلها تفكر (¬3) اللسان فتقولُ: اتقِ الله فينا، فإنما نحن بك، فإن ¬
استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا" رواه الترمذي وابن أبي الدنيا وغيرهما، وقال الترمذي: رواه غير واحد عن حماد بن زيد ولم يرفعوه قال: وهو أصح. يا لسان قل خيراً تغنم 33 - وعن أبي وائلٍ عن عبد الله رضي الله عنهما: "أنه ارتقى الصفا (¬1)، فأخذ بلسانه، فقال: يا لسانُ قل خيراً تغنم (¬2)، واسكت عن شرٍ تَسْلَمْ (¬3) من قبل أن تندم (¬4)، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أكثرُ خطأ ابن آدم في لسانه" رواه الطبراني، ورواته رواة الصحيح، وأبو الشيخ في الثواب والبيهقي بإسناد حسن. 34 - وعن أسلمَ: "أن عمر دخل يوماً على أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنهما وهو يُجْبِذُ لسانهُ، فقال عمر: مَهْ، غفر الله لك، فقال له أبو بكرٍ: إن هذا أوردني شرَّ المواردِ" رواه مالك وابن أبي الدنيا والبيهقي. 35 - وفي لفظ البيهقي قال: "إن هذا أوردني شر المواردِ. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس شيء من الجسد إلا يشكو ذَرَبَ اللسان على حِدَّتِهِ". [مَهْ]: أي اكفف عما تفعله. [وذرب اللسان] بفتح الذال المعجمة والراء جميعاً: هو حِدَّتُهُ وَشَرُّهُ وَفُحْشُهُ. 36 - وعن أنسٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أربعٌ لا يُصبنَ إلا بِعَجَبٍ (¬5): الصمت (¬6)، وهو أول العبادة (¬7)، والتواضعُ (¬8)، وذكر الله (¬9) عز وجل، وقِلَّةُ الشيء (¬10) " رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. ¬
[قال الحافظ] في إسناده العوّام، وهو ابن جويرية. قال ابن حبان: كان يروي الموضوعات، وقد عدّ هذا الحديث من مناكيره، وروي عن أنس موقوفاً عليه، وهو أشبه أخرجه أبو الشيخ في الثواب وغيره. 37 - ورويَ أيضاً عن رهيب قال: "قال عيسى بن مريم صلوات الله عليه: أربعٌ لا يجتمعن في أحدٍ من الناس إلا بعَجَبٍ" الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت وأبو الشيخ وغيرهما. 38 - ورويَ عن مجاهدٍ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: "سمعته يقول: خمسٌ لهن أحسنُ من الدُّهْمِ (¬1) المُوقَفَةِ: لا تكلم فيما لا يعنيك (¬2)، فإنه فَضْلٌ، ولا آمنُ عليك الوزرَ (¬3)، ولا تكلم فيما يعنيك (¬4) حتى تجد له موضعاً، فإنه رُبَّ مُتكلم في أمرٍ يعنيهِ قد وضعهُ في غير موضعهِ فَعِيبَ، ولا تُمَارِ (¬5) حليماً، ولا سفيهاً، فإن الحليم يَقْلِيكَ (¬6)، وإن السفيهَ يُؤذيك (¬7)، واذكرْ أخاك إذا تَغَيَّبَ عنك بما تُحِبُّ أن يذكركَ به، وَأَعْفِهِ (¬8) مما تُحِبُّ أن يُعفِيكَ منه، واعمل عمل رجلٍ (¬9) يرى ¬
أنهُ مُجَازَى بالإحسانِ مأخوذٌ بالإجرام" رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً. 39 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صَمَتَ (¬1) نجا" رواه الترمذي، وقال: حديث غريب، والطبراني، ورواته ثقات. 40 - ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سَرَّهُ أن يَسْلَمَ فليلزم الصمت" رواه ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ وغيرهما. 41 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن العبد ليتكلمُ بالكلمةِ ما يتبينُ فيها يَزِلُّ بها في النار (¬2) أبعدَ ما بين المشرقِ والمغرب" رواه البخاري ومسلم والنسائي، ورواه ابن ماجة والترمذي إلا أنهما قالا: "إن الرجل ليتكلمُ بالكلمة لا يرى بها بأساً (¬3) يهوي بها سبعين خريفاً (¬4) ". [قوله ما يتبين فيها]: أي ما يتفكر هل هي خير أو شر؟ 42 - ورويَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد ليتكلمُ بالكلمة من رضوان الله تعالى (¬5) ما يُلقي لها بالاً (¬6) يرفعهُ الله بها درجاتٍ في الجنة، وإن العبدَ ليتكلمُ بالكلمة من سخط الله تعالى لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم" رواه مالك والبخاري واللفظ له، والنسائي والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، ولفظه: ¬
"إن الرجل ليتكلمُ بالكلمة مايظن أن تبلغ ما بلغت يهوي بها سبعين خريفاً في النار" ورواه البيهقي، ولفظه: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد ليقولُ الكلمة لا يقولها إلا لِيُضْحِكَ (¬1) بها المجلس يهوي بها أبعدَ ما بين السماء والأرض، وإن الرجلَ لَيَزِلُّ عن لسانهِ أشدَّ مما يزلُّّ عن قدميه". إن الرجل ليتكلم بالكلمة الحديث يهوي بها سبعين خريفاً في النار 43 - وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليتحدثُ بالحديث ما يريدُ به سوءاً إلا لِيُضْحِكَ به القومَ يهوي به أبعدَ من السماء" رواه أبو الشيخ عن أبي إسرائيل عن عطية. وهو العوفيّ عنه. 44 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا هل عسى رجلٌ منكم أن يتكلمَ بالكلمةِ يُضْحِكُ بها القوم فَيَسْقُطُ بها أبعد من السماء، ألا هل عسى رجلٌ منكم يتكلمُ بالكلمة يُضحِكُ بها أصحابهُ، فيسخطُ الله بها عليه لا يرضى عنه حتى يُدخِلَهُ النار" رواه أبو الشيخ أيضاً بإسناد حسن، ورواه عن علي بن زيد عن الحسن مرسلاً. 45 - وعن بلالِ بن الحارث المُزَنِيِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرجل ليتكلمُ بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغَ ما بلغت يكتبُ الله له بها رضوانهُ إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلمُ بالكلمةِ من سخطِ الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتبُ الله بها سخطهُ إلى يوم يلقاه" رواه مالك والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 46 - وعن أمَةَ بنتِ الحكمِ الغفارية رضي الله عنه قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرجل ليدنو من الجنة حتى ما يكون بينه وبينها ¬
إلا قيدُ رُمْحٍ فيتكلمُ بالكلمة (¬1) فيتباعدُ منها أبعدَ من صنعاء" رواه ابن أبي الدنيا والأصبهاني كلاهما من رواية محمد بن إسحق. 47 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوةٌ (¬2) للقلب، وإن أبعد الناس من الله تعالى القلب القاسي" رواه الترمذي والبيهقي، وقال الترمذي: حديث حسن غريب. لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله 48 - وعن مالكٍ رضي الله عنه: "بلغه أن عيسى بن مريم عليه السلام كان يقول: لا تُكثروا الكلام بغير ذكر الله، فتقسو قلوبكم، فإن القلب القاسيَ بعيدٌ من الله ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أربابٌ (¬3)، أو انظروا في ذنوبكم كأنكم عبيدٌ (¬4)، فإنما الناس مُبتلىً (¬5) ومعافىً (¬6)، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية" ذكره في الموطأ. 49 - وعن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كُلُّ كلامِ ابن آدم عليهِ لا لهُ إلا أمرٌ بمعروفٍ أو نهيٌ عن منكرٍ، أوذكرُ الله" رواه الترمذي وابن ماجة وابن أبي الدنيا، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن يزيد بن خنيس. [قال الحافظ]: رواته ثقات، وفي محمد بن يزيد كلام قريب لا يقدح، وهو شيخ صالح. 50 - وعن المغيرة بن شُعبةَ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
يقولُ: إن الله كَرِهَ لكم ثلاثاً (¬1): قيل وقال (¬2)، وإضاعة المال (¬3)، وكثرة ¬
السؤال (¬1) " رواه البخاري واللفظ له ومسلم، وأبو داود، ورواه أبو يعلى وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة بنحوه. 51 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثر الناس ذنوباً أكثرهم كلاماً فيما لا يعنيه" رواه أبو الشيخ في الثواب. 52 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حُسنِ إسلامِ المرء تركهُ ما لا يعنيه (¬2) " رواه الترمذي، وقال: حديث غريب. [قال الحافظ]: رواته ثقات إلا قرة بن حيويل ففيه خلاف، وقال ابن عبد البر النمري هو محفوظ عن الزهري بهذا الإسناد من رواية الثقات انتهى، فعلى هذا يكون إسناده حسناً لكن قال جماعة من الأئمة: الصواب أنه عن علي بن حسين عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل كذا قال أحمد وابن معين والبخاري وغيرهم، وهكذا رواه مالك عن الزهري عن علي بن حسين، ورواه الترمذي أيضاً عن قتيبة عن مالك به. وقال: وهذا عندنا أصح من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة، والله أعلم. 53 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "تُوفيَ رجلٌ فقال رجلٌ آخرُ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يسمعُ: أبْشِرْ بالجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
أولا تدري (¬1)؟ فلعله تكلمَ فيما لا يعنيه (¬2) أو بَخِلَ بما لا ينقصه (¬3) " رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. [قال الحافظ]: رواته ثقات. 54 - وروى ابن أبي الدنيا، وأبو يعلى عن أنسٍ أيضاً رضي الله عنه قال: "استشهد رجلٌ منا يوم أحد (¬4) فوجد على بطنه صخرةٌ مربوطةٌ من الجوع فمسحتْ أمهُ التراب عن وجهه، وقالت: هنيئاً لك يا بُنَيَّ الجنةُ (¬5)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يُدْريكِ (¬6)؟ لعلهُ كان يتكلمُ فيما لا يعنيه، ويمنعُ ما لا يَضُرُّهُ (¬7) ". 55 - وروى أبو يعلى أيضاً والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قُتِلَ رجلٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيداً، فَبَكتْ عليه باكيةٌ، فقالت: وَا شهيداهُ، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يُدريكِ أنه شهيدٌ؟ لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه، أو يبخلُ بما لا ينقصه (¬8) ". 56 - وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن: "أن امرأةً كانت عند عائشة، ومعها نسوةٌ، فقالت امرأةٌ منهن: والله لأدخُلَنَّ الجنة، فقد أسلمتُ، وما سرقتُ، وما زَنَيْتُ، فَأُتِيَتْ في المنامِ، فقيل لها: أنتِ المُتَألِّيَةُ (¬9) لَتَدْخُلِنَّ الجنة؟ كيف وأنتِ تَبْخَلينَ (¬10) بما ¬
لا يُغْنِيكِ، وتتكلمينَ فيما لا يَعْنيكِ، فلما أصبحت المرأةُ دخلت على عائشة، فأخبرتها ¬
بما رأت، وقالت: اجمعي النسوة اللاتي كُنَّ عندك حين قلتُ ما قلتُ، فأرسلتْ إليهنَّ عائشة رضي الله عنها فَجِئنّ فحدثتهن المرأة بما رأت في المنام". رواه البيهقي. ¬
الترهيب من الحسد وفضل سلامة الصدر
الترهيب من الحسد وفضل سلامة الصدر 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم ¬
والظن (¬1)، فإن الظن أكذبُ الحديثِ (¬2)، ولا تَحَسَّسُوا (¬3)، ولا تجسسوا (¬4)، ولا تنافسوا (¬5)، ولا تحاسدوا (¬6)، ولا تباغضوا (¬7)، ولا تدابروا (¬8)، وكونوا عباد الله ¬
إخواناً (¬1) كما أمركم (¬2) المسلم أخو المسلم (¬3) لا يظلمهُ (¬4)، ولا يخذلهُ (¬5)، ولا يَحْقِرُهُ (¬6) التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا (¬7)، وأشار إلى صدره بحسب امرئٍ من الشر أن يَحْقِرَ أخاهُ المسلم (¬8) كل المسلم على المسلم حرامٌ (¬9) دَمُهُ وَعِرْضُهُ ومالهُ" رواه مالك والبخاري ومسلم، واللفظ له، وهو أتمَّ الروايات وأبو داود والترمذي. 2 - وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجتمع في جوف عبدٍ مؤمنٍ غُبَارٌ في سبيل الله (¬10)، وفَيْحُ جهنمَ، ولا يجتمعُ في جوف عبدٍ الإيمانُ والحسدُ" رواه ابن حبان في صحيحه، ومن طريقه البيهقي. 3 - وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والحسد (¬11) ¬
فإن الحسد يأكلُ الحسنات كما تأكل النار الحطب، أو قال: العُشْبَ" رواه أبو داود والبيهقي ورواه ابن ماجة والبيهقي أيضاً وغيرهما من حديث أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الحسدُ يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، والصدقةُ تُطفئ الخطيئة (¬1) كما يطفئ الماء النار، والصلاة نور المؤمن (¬2)، والصيام جُنَّةٌ (¬3) من النار". 4 - وعن ضَمُرَةَ بن ثعلبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزالُ الناس بخيرٍ ما لم يتحاسدوا (¬4) " رواه الطبراني ورواته ثقات. 5 - ورويَ عن عبد الله بن بُسْرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس مِني ذو حسدٍ، ولا نميمةٍ، ولا كَهَانَةٍ (¬5)، ولا أنا منه، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإثْماً مُبِيناً) (¬6) " رواه الطبراني، وتقدم في باب أجلاء العلماء حديثه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا أخاف على أمتي إلا ثلاث (¬7) خِلاَل أن يكثر (¬8) لهم من الدنيا فيتحاسدون". ¬
إياكم والحسد فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار العشب 6 - وعن عبد الله بن كعبٍ عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما ذئبان جائعان أُرْسِلاَ في زريبة غنمٍ بأفسدَ لها من الْحِرْصِ على المال والحسد في دين المسلم (¬1)، وإن الحسد ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب". 7 - وفي رواية: "إياكم والحسد فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار العشب" ذكره رزين، ولم أره في شيء من أصوله بهذا اللفظ إنما روى الترمذي صدره وصححه، ولم يذكر الحسد بل قال: "على المال والشرف" وبقية الحديث تقدمت عند أبي داود من حديث أبي هريرة. 8 - وعن الزبير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دَبَّ (¬2) إليكم داء الأمم قبلكم: الحسدُ والبغضاءُ، والبغضاء هي الحالقةُ: أما إني لا أقولُ: تحلقُ الشعر، ولكن تحلقُ الدين" رواه البزار بإسناد جيد والبيهقي وغيرهما. 9 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بُنَيَّ إن قدرت على أن تُصبحَ وتُمسيَ ليس في قلبك غِشٌ (¬3) لأحدٍ فافعل" الحديث. رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب. 10 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
فقال: "يَطْلُعُ (¬1) الآن عليكم رجلٌ من أهل الجنة، فطلعَ رجلٌ من الأنصار تَنْطُفُ لحيتهُ من وَضُوئِهِ قد عَلَّقَ نعليه بيده الشمال، فلما كان الغدُ (¬2) قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجلُ مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضاً، فطلع ذلك الرجلُ على مثلِ حاله الأول، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تَبِعَهُ عبد الله بن عمرو، فقال: إني لاَحَيْتُ (¬3) أبي، فأقسمتُ أني لا أدخلُ عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت. قال: نعم. قال أنسٌ: فكان عبد الله يُحَدِّثُ أنه بات معه تلك الثلاث الليالي فلم يرهُ يقومُ من الليل شيئاً (¬4) غير أنه إذا تَعَارَّ تقَلَّبَ على فراشهِ (¬5) ذكر الله عز وجل، وكَبَّرَ حتى لصلاة الفجر. قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً، فلما مضتِ الثلاثُ الليالي، وَكِدتُ أن أحتقرَ عملهُ قلتُ: يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضبٌ ولا هجرةٌ، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مراتٍ: يطلعُ عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث المرات، فأردتُ أن آويَ إليك، فأنظرُ ما عملك، فأقتدي بك، فلم أرَكَ عملت كبيرَ عملٍ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، فلما وَلَّيْتُ دعاني (¬6) فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجدُ في نفسي لأحدٍ من المسلمين غشاً ولا أحسدُ أحداً على خيرٍ أعطاهُ الله إياهُ، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك" رواه أحمد بإسناد على شرط البخاري ومسلم والنسائي، ورواته احتج بهم أيضاً إلا شيخه سويد بن نصر، وهو ثقة وأبو يعلى والبزار بنحوه، وسمى الرجل المبهم سعداً. ¬
وقال في آخره: "فقال سعدٌ: ما هو إلا ما رأيت يا ابن أخي إلا أني لم أبِتْ ضاغناً (¬1) على مسلمٍ" أو كلمة نحوها. وزاد النسائي في رواية له والبيهقي والأصبهاني: "فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نُطيقُ". 11 - ورواه البيهقي أيضاً عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: "كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فقال: لَيَطْلُعَنَّ عليكم رجلٌ من هذا الباب من أهل الجنة، فجاء سعدُ بن مالكٍ فدخل منه. قال البيهقي: فذكر الحديث قال: فقال عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما: ما أنا بالذي أنتهي حتى أُبَايِتَ (¬2) هذا الرجل، فأنظرَ عملهُ قال: فذكر الحديث في دخوله عليه قال: فناولني عَباءةً، فاضجعتُ عليها قريباً منه، وجعلتُ أرْمُقُهُ (¬3) بعيني لَيْلَهُ (¬4) كلما تَعَارَّ سَبَّحَ، وكَبَّرَ، وَهَلَّلَ، وَحَمِدَ الله حتى إذا كان في وجه السَّحَرِ قام فتوضأ، ثم دخل المسجد فصلى ثنتي عشرة ركعةً باثنتي عشرة سورة من المفصل (¬5) ليس من طوالهِ، ولا من قصاره، يدعو في كل ركعتين بعد التشهد بثلاث دعواتٍ يقول: اللهم آتنا في الدنيا حسنةً (¬6) وفي الآخرة حسنةً (¬7) وقنا عذاب النار. اللهم أكفنا ما أهمنا من أمر آخرتنا ودنيانا. اللهم إنا نسألك من الخير كله، وأعوذ بك من الشر كله حتى إذا فرغ قال فذكر الحديث في استقلال عمله، وعوده إليه ثلاثاً إلى أن قال: فقال: آخُذُ مضجعي، وليس في قلبي غِمْرٌ على أحدٍ". ¬
[الغمر] بكسر الغين المعجمة وسكون الميم: هو الحقد، وقوله: تنطف: أي تقطر. [لاحيت] بالحاء المهملة بعدها ياء مثناة تحت: أي خاصمت. [تعار] بتشديد الراء: أي استيقظ. 12 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: "قيل يا رسول الله: أيُّ الناس أفضلُ؟ قال كُلُّ مَخْمُومِ القلب صَدُوقِ اللسان. قالوا: صدوقُ اللسان نعرفهُ، فما مخموم القلب؟ قال: هو النقي لا إثم فيه، ولا بغيَ، ولا غِلَّ ولا حسد" رواه ابن ماجة بإسناد صحيح والبيهقي وغيره أطول منه. 13 - وروى الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بُدلاء (¬1) أمتي لم يدخلوا الجنة بكثرةِ صلاةٍ، ولا صومٍ، ولا صدقةٍ، ولكن دخلوها برحمةِ اللهِ، وسخاوةِ الأنفسِ (¬2)، وسلامة الصدور (¬3) " رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء مرسلاً. 14 - ورويَ عن أبي ذرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قد أفلح (¬4) من أخلص قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليماً (¬5) ولسانه صادقاً، ونفسهُ مطمئنةً، وخليقتهُ مستقيمةً (¬6) الحديث" رواه أحمد والبيهقي، وتقدم بتمامه في الإخلاص ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
الترغيب في التواضع والترهيب من الكبر والعجب والافتخار
الترغيب في التواضع، والترهيب من الكبر والعجب والافتخار 1 - عن عياض بن حمادٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا (¬1) حتى لا يَفْخَرَ (¬2) أحدٌ على أحدٍ، ولا يبغي (¬3) أحدٌ على أحدٍ" رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما نقصت صدقةٌ من مالٍ (¬4)، وما زاد الله عبداً بعفوٍ (¬5) إلا عزاً، وما تواضعَ أحدٌ للهِ إلا رفعهُ الله (¬6) " رواه مسلم والترمذي. 3 - وعن نصيحٍ العنسي عن ركب المصري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طوبى (¬7) لمن تواضع في غير منقصةٍ (¬8)، وذَلَّ في نفسهِ (¬9) من غير مسألةٍ (¬10)، وأنفق مالاً جمعهُ في غير معصيةٍ، ورحمِ أهل الذل والمسكنةِ، وخالط أهل الفقه والحكمة. طوبى لمن طاب (¬11) كَسْبهُ، وصلحت سريرته (¬12)، وكَرُمَتْ علانيتهُ، وَعَزَلَ (¬13) عن الناس شَرَّهُ. طوبى لمن عمل بعلمهِ، وأنفق الفضلَ (¬14) من مالهِ، وأمسك الفضلَ من قولهِ (¬15) " رواه الطبراني، ورواته إلى نصيح ثقات، وقد حسن ¬
هذا الحديث أبو عمر النمري وغيره. وركب. قال البغوي: لا أدري سمع من النبي صلى الله عليه وسلم أم لا، وقال ابن منده: لا نعرف له صحبة، وذكر غيرهما أن له صحبة، ولا أعرف له غير هذا الحديث. من مات وهو بريء من الكبر والغلول والدين دخل الجنة 4 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات، وهو بريء من الكبر (¬1) والغلول (¬2) والدَّيْنِ (¬3) دخل الجنة" رواه الترمذي، واللفظ له والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، وقد ضبطه بعض الحفاظ، الكنز بالنون والزاي، وليس بمشهور، وتقدم الكلام عليه في الدَّيْن. 5 - وعن طارقٍ قال: "خرج عمر رضي الله عنه إلى الشام، ومعنا أبو عبيدة، فأتوا على مخاضةٍ (¬4)، وعمر على ناقة له، فنزل وخلع خُفيه، فوضعهما على عاتقهِ (¬5) وأخذ بزمام ناقته (¬6) فخاض، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا! ما يَسُرُّني أن أهل البلد استشرفوك (¬7) فقال: أوَّهْ (¬8)، ولو يَقُلْ ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالاً (¬9) لأمة محمدٍ. إنا كنا أذل قومٍ فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب ¬
العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله" رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما. 6 - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من تواضع لله درجةً يرفعهُ الله درجةً حتى يجعلهُ الله في أعلى عِليينَ (¬1)، ومن تكبر على الله درجةً يضعهُ الله درجةً حتى يجعلهُ في أسفل سافلين (¬2)، ولو أن أحدكم يعملُ في صخرةٍ صماء ليس عليها بابٌ، ولا كوةٌ لخرجَ ما غَيَّبَهُ للناس كائناً ما كان" رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه كلاهما من طريق دراج عن أبي الهيثم عنه وليس عند ابن ماجة: ولو أن أحدكم إلى آخره. 7 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا أعلمُهُ إلا رفعهُ قال: "يقول الله تبارك وتعالى: من تواضع لي هكذا (وجعل يزيدُ باطنَ كفهِ إلى الأرضِ وأدناها) رفعتهُ هكذا (وجعل باطن كفهِ إلى السماء، ورفعها نحو السماء) " رواه أحمد والبزار ورواتهما محتج بهم في الصحيح والطبراني، ولفظه: "قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه على المنبر: أيها الناس تواضعوا، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من تواضع لله (¬3) رفعهُ الله (¬4)، وقال: انتعش (¬5) نَعَشَكَ الله، فهو في أعين الناس عظيمٌ، وفي نفسهِ صغيرٌ، ومن تكبر قَصَمَهُ الله (¬6)، وقال: اخسأ (¬7) فهو في أعين الناس صغيرٌ، وفي نفسه كبيرٌ". ¬
8 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من آدميٍ إلا في رأسه حكمةٌ بِيَدِ مَلَكٍ، فإذا تواضع قيل للملكِ: ارفع حكمتهُ، وإذا تكبر قيل للملكِ: ضع حكمتهُ (¬1) " رواه الطبراني والبزار بنحوه من حديث أبي هريرة وإسنادهما حسن. [الحكمة] بفتح الحاء المهملة والكاف: هي ما تجعل في رأس الدابة كاللجام ونحوه. 9 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تواضع لأخيه المسلم رفعهُ الله، ومن ارتفعَ عليه (¬2) وَضَعَهُ الله (¬3) " رواه الطبراني في الأوسط. 10 - وعن عبد الله، يعني ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "من يُرائي (¬4) يُرَائي الله به (¬5)، ومن يُسَمِّعُ يُسَمِّعُ الله به (¬6)، ومن تطاول تعظيماً (¬7) يخفضهُ الله (¬8)، ومن تواضع خشيةً يرفعهُ الله، الحديث" رواه الطبراني من رواية المسعودي، وليس في أصلي رفعه. 11 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والكبر (¬9)، فإن الكبر يكونُ في الرجل، وإن عليه العباءة (¬10) " رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات. ¬
العز إزاري والكبرياء ردائي 12 - وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أحَبِّكم إليَّ، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إليَّ، وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون. قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارين والمتشدقين (¬1) فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، ورواه أحمد والطبراني، وابن حبان في صحيحه من حديث أبي ثعلبة، وتقدم. [الثرثار] بثاءين مثلثتين مفتوحتين، وتكرير الراء: هو الكثير الكلام تكلفاً. [والمتشدق]: هو المتكلم بملء شدقيه تفاصحاً وتعاظماً، واستعلاء على غيره، وهو معنى المتفيهق أيضاً. 13 - وعن أبي سعيدٍ، وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عزوجل: العزُّ إزارهُ، والكبرياءُ رداؤهُ (¬2)، فمن ينازعني عَذَّبْتُهُ (¬3) " رواه مسلم، ورواه البرقاني في مستخرجه من الطريق الذي أخرجه مسلم، ولفظه: "يقول الله عز وجل: العز إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني شيئاً منهما عذبتهُ" ورواه أبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة وحده، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تبارك وتعالى: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفتهُ في النار". ¬
14 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله جل وعلا: الكبرياء ردائي، والعظمةُ إزاري، فمن نازعني واحداً منهما ألقيتهُ في النار" رواه ابن ماجة واللفظ له، وابن حبان في صحيحه كلاهما من رواية عطاء بن السائب. 15 - وعن فضالة بن عُبيدٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لايُسألُ عنهم: رجلٌ نازع الله رداءهُ، فإن رداءهُ الكبرُ (¬1)، وإزارهُ العِزُّ، ورجلٌ في شكٍ من أمر الله، والقُنُوطِ من رحمته" رواه الطبراني واللفظ له وابن حبان في صحيحه أطول منه. 16 - وعن حارثة بن وهبٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا أخبركم بأهل النار؟ كُلُّ عُتُلٍ جَوَّاظٍ مُستكبرٍ (¬2) " رواه البخاري ومسلم. [العُتُل] بضم العين والتاء وتشديد اللام: هو الغليظ الجافي (¬3). [والجواظ] بفتح الجيم وتشديد الواو، وبالظاء المعجمة: هو الجموع المنوع، وقيل: الضخم المختال في مشيته، وقيل: القصير البطين (¬4). 17 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخلُ الجنة الجوَّاظُ (¬5)، ولا الجعْظَرِيُّ (¬6) " قال: والجواظُ الغليظ الفظ. رواه أبو داود. أما أهل الجنة فالضعفاء المغلوبون 18 - وعن سراقة بن مالك بن جعشمٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا سراقةُ ألا أخبرك بأهل الجنة، وأهل النار؟ قُلتُ: بلى يا رسول الله ¬
قال: أما أهل النار فكلُّ جَعْظَريٍّ جَوَّاظٍ مُستكبرٍ، وأما أهل الجنة فالضعفاء المغلوبون (¬1) " رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 19 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازةٍ قال: ألا أخبركم بشرِّ عباد الله؟ الفظُّ المستكبرُ. ألا أخبركم بخير عباد الله؟ الضعيفُ المستضعفُ ذو الطِّمْرَيْنِ (¬2) لا يُؤبَهُ له، لو أقسم على الله لأبَرَّهُ (¬3) " رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح إلا محمد بن جابر. 20 - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "احْتَجَّتِ (¬4) الجنة والنار، فقالتِ النارُ: في الجبارون (¬5) والمتكبرون، وقالت الجنة: في ضعفاء المسلمين (¬6) ومساكينهم، فقضى الله بينهما: إنك الجنة رحمتي أرْحَمُ بك من أشاء، وإنك النار عذابي أُعذبُ بك من أشاء، ولكليكما عليَّ مِلؤها (¬7) " رواه مسلم. 21 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ لا يُكلمهم الله (¬8) يوم القيامة، ولا يُزكيهم (¬9)، ولا ينظرُ إليهم ولهم عذابٌ ¬
أليم: شيخٌ زانٍ (¬1)، ومَلِكٌ كذابٌ (¬2)، وعائلٌ مُستكبرٌ (¬3) " رواه مسلم والنسائي. [العائل] بالمد: هو الفقير. لا يدخل الجنة مسكين مستكبر 22 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعةٌ يبغضهم الله: البياعُ الحلاّفُ، والفقيرُ المختالُ، والشيخُ الزاني، والإمامُ الجائر" رواه النسائي وابن حبان في صحيحه. 23 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَ عليَّ أولُ ثلاثٍ يدخلون النار: أميرٌ مُسَلَّطٌ (¬4)، وذُو ثروةٍ (¬5) من مالٍ لا يؤدي حق الله فيه، وفقيرٌ فخورٌ" رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. 24 - وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: الشيخُ الزاني، والإمامُ الكذَّابُ، والعائلُ المزْهُوُّ" رواه البزار بإسناد جيد. [المزهو]: هو المعجب بنفسه المتكبر. 25 - وعن نافعٍ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخلُ الجنة مسكينٌ مُستكبرٌ (¬6)، ولا شيخٌ زانٍ، ولا مَنَّانٌ (¬7) على ¬
الله بعمله" رواه الطبراني من رواية الصباح بن خالد بن أبي أمية عن نافع، ورواته إلى الصباح ثقات. لا يدخل الجنة إنسان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر 26 - وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوفٍ قال: "التقى عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمروٍ بن العاص رضي الله عنهم على المروة فتحدثا، ثم مضى عبد الله بن عمرو، وبقيَ عبد الله بن عمر يبكي، فقال له رجلٌ: ما يُبكيك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: هذا، يعني عبد الله بن عمروٍ، زعم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان في قلبه مثقالُ حبةٍ من خردلٍ (¬1) من كبرٍ كَبَّهُ الله (¬2) لوجهه في النار" رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح. 27 - وفي أخرى له أيضاً رواتهما رواة الصحيح: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخلُ الجنة إنسانٌ في قلبهِ مثقالُ حبةٍ من خردلٍ من كبرٍ". 28 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من رجلٍ يموت حين يموتُ، وفي قلبهِ مثقالُ حبةٍ من خردلٍ من كبرٍ تَحِلُّ له الجنةُ أن يَريَح ريحها، ولا يراها" الحديث رواه أحمد من رواية شهر بن حوشب عن رجل لم يسمّ عنه. 29 - وعن عبد الله بن سلامٍ رضي الله عنه: "أنه مَرَّ في السوقِ؛ وعليهِ حُزمةٌ من حطبٍ، فقيل لهُ: ما يحملكُ على هذا؟ وقد أغناك الله عن هذا. قال: أردتُ أن أدفعَ الكبرَ (¬3) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة من في قلبهِ خردلةٌ من كبرٍ" رواه الطبراني بإسناد حسن، والأصبهاني إلا أنه قال: مثقال ذرةٍ من كبرٍ. ¬
30 - وعن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: "يُحْشَرُ المتكبرون يوم القيامة أمثال الذَّرِّ (¬1) في صور الرجال يغشاهمُ الذُّلُّ (¬2) من كل مكانٍ يُساقون إلى سجنٍ في جهنم يُقال له: بُولَسٌ تَعْلُوهُمْ نارُ الأنيار يُسقونَ من عُصارةِ أهل النار: طينة الخبال" رواه النسائي والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن. [بولس] بضم الباء الموحدة وسكون الواو وفتح اللام بعدها سين مهملة. [والخبال] بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة. 31 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخلُ الجنة من كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ من كبرٍ، فقال رجلٌ: إن الرجل يحبُّ أن يكون ثوبهُ حسناً، ونعلهُ حسنةً (¬3)؟ قال: إن الله جميلٌ (¬4) يحب الجمال. الكبرُ بَطَرُ الحق، وغَمْطُ الناس" رواه مسلم والترمذي. [بطر الحق] بفتح الباء الموحدة والطاء المهملة جميعاً: هو دفعه ورده. [وغمط الناس] بفتح الغين المعجمة وسكون الميم وبالطاء المهملة: هو احتقارهم وازدراؤهم وكذلك غمصهم بالصاد المهملة، وقد رواه الحاكم فقال: ولكنَّ الكبر مَنْ بَطَرَ الحق، وازدرى الناس، وقال: احتجا برواته. ¬
النهي عن الكبر وسوء عاقبته 32 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجلٌ ممن كان قبلكم (¬1) يَجُرُّ إزارهُ من الخيلاء خُسِفَ به، فهو يتجلجلُ في الأرضِ إلى يوم القيامة" رواه البخاري والنسائي وغيرهما. [الخيلاء] بضم الخاء المعجمة وتكسر وبفتح الياء ممدوداً: هو الكبر والعجب. [ويتجلجل] بجيمين: أي يغوص وينزل فيها. 33 - وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا رجلٌ ممن كان قبلكم خرج في بُرْدَيْنِ أخضرين يختالُ فيهما (¬2) أمر الله عز وجل الأرض فأخذتهُ، فهو يتجلجلُ فيها إلى يوم القيامة" رواه أحمد والبزار بأسانيد رواةُ أحدها محتج بهم في الصحيح. 34 - وعن جابرٍ رضي الله عنه، أحسبهُ رَفَعَهُ: "أن رجلاً كان في حُلةٍ حمراء، فتبختر واختالَ فيها، فخسفَ الله به الأرضَ، فهو يتجلجلُ فيها إلى يوم القيامة" رواه البزار، رواته رواة الصحيح. 35 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجلٌ يمشي في حُلَّةٍ (¬3) تُعجبهُ نفسُهُ مُرَجِّلٌ رأسهُ، يختالُ في مشيتهِ إذ خسفَ الله به فهو يتجلجلُ في الأرض إلى يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم. [مرجل]: أي ممشط. ¬
36 - ورويَ عن كُريبٍ قال: "كنتُ أقودُ ابن عباسٍ في زُقاقِ أبي لهبٍ فقال: يا كُريبُ بلغنا مكان كذا وكذا؟ قلتُ: أنت عندهُ الآن، فقال: حدَّثني العباسُ بن المطلب رضي الله عنه قال: بينا أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضعِ إذ أقبلَ رجلٌ يتبخترُ بين بُردَيْنِ (¬1)، وينظرُ إلى عِطْفَيْهِ (¬2)، وقد أعجبتهُ نفسُهُ إذ خسف الله به الأرض في هذا الموضع، فهو يتجلجلُ فيها إلى يوم القيامة" رواه أبو يعلى. 37 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من جَرَّ ثوبهُ خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه: يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهَدَهُ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لست ممن يفعلهُ خُيلاء" رواه مالك والبخاري، واللفظ له، وهو أتمّ، ومسلم والترمذي والنسائي وتقدم في اللباس أحاديث من هذا. 38 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من تَعَظَّمَ في نفسهِ أو اختالَ في مشيتِهِ، لقيَ الله تبارك وتعالى وهو عليه غضبانُ" رواه الطبراني في الكبير واللفظ له، ورواته محتج بهم في الصحيح، والحاكم بنحوه، وقال: صحيح على شرط مسلم. 39 - وعن خولةَ بنت قيسٍ رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ¬
إذا مشتْ أمتي المُطَيْطَاءَ، وخدمتهم فارسُ والروم (¬1) سُلِّطَ بعضهم على بعضٍ (¬2) " رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه الترمذي وابن حبان أيضاً من حديث ابن عمر. [المطيطاء] بضم الميم وفتح الطاءين المهملتين بينهماياء مثناة تحت ممدوداً ويقصر: هو التبختر، ومد اليدين في المشي. بئس العبد سها ولها ونسي المقابر والبلى 40 - ورويَ عن أسماء بنت عُميسٍ رضي الله عنهما قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بئس (¬3) العبدُ عبدٌ تخيلَ واختال (¬4)، ونسيَ الكبيرَ المُتعالَ (¬5) بئس العبدُ عبدٌ تجبر واعتدى (¬6)، ونسيَ الجبار الأعلى. بئس العبدُ عبدٌ سَهَا وَلَهَا (¬7) ونسيَ المقابر والبلى (¬8) بئس العبدُ عبدٌ عَتَى (¬9) وطغى (¬10)، ونسي المُبتدا والمُنتهى (¬11) بئس العبدُ عبدٌ يَخْتِلُ الدنيا بالدِّينِ (¬12) بالشهواتِ (¬13) بئس العبدُ عبدٌ طَمَعٍ يقودهُ (¬14) ¬
بئس العبدُ عبدٌ هوىً يُضلُّهُ (¬1). بئس العبدُ عبدٌ رَغَبٍ يُذِلُّهُ (¬2) " رواه الترمذي، وقال: حديث غريب، ورواه الطبراني من حديث نعيم بن همار الغطفاني أخصر منه وتقدم. لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر منه: العُجْبَ 41 - وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في جهنم وادياً يُقالُ له هَبْهَبُ، حقاً على الله أن يُسكنهُ كل جبارٍ عنيدٍ (¬3) " رواه أبو يعلى والطبراني والحاكم كلهم من رواية أزهر بن سنان، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. [هبهب] بفتح الهاءين وموحدتين. 42 - وعن سلمة بن الأكوعِ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزالُ الرجلُ يذهبُ بنفسهِ حتى يُكْتَبَ في الجبارين فَيُصيبهُ ما أصابهم" رواه الترمذي، وقال حديث حسن. [قوله: يذهب بنفسه]: أي يترفع ويتكبر. 43 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو لم تُذنبوا لخشيتُ عليكم ما هو أكبر منه: العُجْبَ (¬4) " رواه البزار بإسناد جيد. ¬
44 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
لَيَنْتَهِيَنَّ أقوامٌ يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فَحْمُ جهنم، أو ليكونن أهونَ على الله عز وجل من الْجُعَلِ الذي يُدَهْدِهُ الخُرْء بأنفهِ إن الله أذهبَ عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية ¬
وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمنٌ تقيٌ، وفاجرٌ شقيٌ، الناسُ بنو آدم، وآدمُ خُلِقَ من ¬
ترابٍ" رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن، وستأتي أحاديث من هذا النوع في الترهيب من احتقار المسلم إن شاء الله. ¬
[الجُعَل] بضم الجيم وفتح العين المهملة: هو دويبة أرضية. ¬
[يدهده]: أي يدحرج، وَزنه ومعناه. ¬
[والعُبيِّة] بضم العين المهملة وكسرها، وتشديد الباء الموحدة وكسرها، وبعدها ياء مثناة تحت مشددة أيضاً: هي الكبر والفخر والنخوة. ¬
الترهيب من قوله لفاسق أو مبتدع يا سيدي أو نحوها من الكلمات الدالة على التعظيم
الترهيب من قوله لفاسق أو مبتدع: يا سيدي أو نحوها من الكلمات الدالة على التعظيم 1 - عن بُريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا للمنافق سَيِّدٌ (¬1)، فإنه إن يكُ سيداً (¬2)، فقد أسْخَطْتُمْ ربكم (¬3) عز وجل" رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح، والحاكم، ولفظه قال: "إذا قال الرجلُ للمنافق: يا سيدُ، فقد أغضبَ ربهُ". وقال: صحيح الإسناد كذا قال. ¬
الترغيب في الصدق والترهيب من الكذب
الترغيب في الصدق، والترهيب من الكذب 1 - عن عبد الله بن كعب بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "سمعت كعب بن مالكٍ يُحَدِّثُ حديثهُ حين تخلفَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك. قال كعبُ بن مالكٍ: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ غزاها قطُّ إلا في غزوة تبوك، غير أني قد تخلفتُ في غزوة بدرٍ، ولم يُعَاتِبْ أحداً تخلف عنه (¬1) إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسلمون يريدون عير قريشٍ حتى جمع الله بينهم، وبين عدوهم على غير ميعادٍ، ولقد شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبةِ حين تواثقنا (¬2) على الإسلام، وما أحِبُّ أن لي بها مشهدَ بدرٍ، وإن كانت بدراً ذُكِرَ في الناس منها، وكان من خبري حين تخلفتُ (¬3) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قَطُّ أقوى، ولا أيسرَ مني حين تخلفتُ عنه في تلك الغزوةِ، والله ما جمعتُ قبلها راحلتين قَطُّ حتى جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدُ غزوةً إلا وَرَّى بغيرها (¬4) حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرٍ شديدٍ، واستقبل سفراً بعيداً ومَفَاوِزَ، واستقبل عدواً كثيراً، فَجَلاَ للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، وأخبرهم بوجههم الذي يريد والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكثيرٌ لا يجمعهم كتابٌ حافظٌ، يريد بذلك الديوان، قال كعبٌ: فَقَلَّ رجلٌ يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى ما لم ينزل فيه وحيٌ من الله عز وجل، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمارُ والظلالُ فأنا إليها أصْعَرُ، فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم، فأرجِعُ ولم أقْضِ شيئاً، وأقولُ في نفسي: أنا قادرٌ على ذلك إذا أردتُ، ولم يزل ذلك يتمادى بي (¬5) حتى استمر بالناس ¬
الْجدُّ، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غادياً والمسلمون معه، ولم أقضِ من جهازي شيئاً، ثم غدوتُ فرجعتُ، ولم أقضِ شيئاً، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا، وتَفَارَطَ الغزو، فهممتُ أن أرتحل فأدركهم، فيا ليتني فعلتُ، ثم لم يُقَدَّرْ لي ذلك وطفقتُ إذا خرجتُ في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يَحْزُنُني أني لا أرى لي أُسوةً (¬1) إلا رجلاً مغموضاً عليه في النفاق أو رجلاً ممن عذرَ الله من الضعفاء ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالسٌ في القوم بتبوك: ما فعل كعبُ بن مالكٍ؟ فقال رجلٌ من بني سلمةَ: يا رسول الله حبسهُ بُرْدَاهُ (¬2) والنظرُ في عِطْفَيْهِ، فقال له معاذ بن جبلٍ: بئسما قلت، والله يا رسول الله، ما علمنا عليه إلا خيراً، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما هو على ذلك، فرأى رجلاً مُبيضاً يزول به السرابُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُنْ أبا خَيْثَمَةَ، فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تَصَدَّقَ بصاعِ التمر حين لَمَزَهُ المنافقون (¬3). قال كعبٌ: فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلاً (¬4) من تبوك حضرني بَثِّي (¬5) فطفقتُ أتذكرُ الكذبَ وأقولُ بما أخرجُ من سخطه غداً وأستعينُ على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظلَّ قادماً راح عني الباطلُ حتى عرفتُ أني لن أنجو منه بشيء أبداً فأجمعتُ صدقةً، وصَبَّحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قادماً، وكان إذا قَدِمَ من سفر بدأ بالمسجد، فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءهُ المُخَلّفُونَ (¬6)، فطفقوا يعتذرون إليه، ويحلفون له، وكانوا بضعةً وثمانين رجلاً، فَقَبِلَ (¬7) منهم علانيتهم وبايعهم، واستغفر ¬
لهم (¬1)، وَوَكَلَ سرائرهم (¬2) إلى الله عز وجل حتى جئتُ، فلما سَلَّمْتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المغْضَبِ، ثم قال: تعال فجئتُ أمشي حتى جلستُ بين يديهِ، فقال لي: ما خَلَّفَكَ (¬3)؟ ألم تكن قد ابتعت (¬4) ظهرك؟ قلت: يا رسول الله إني والله لو جلستُ عند غيركَ من أهل الدنيا لرأيتُ أني سأخرجُ من سَخَطِهِ (¬5) بعذرٍ، ولقد أُعطيتُ جدلاً (¬6)، ولكني والله لقد علمتُ لئن حدَّثْتُكَ اليوم حديث كذبٍ ترضى به عني لَيُوشِكَنَّ الله أن يُسْخِطَكَ عليَّ، ولئن حدثتك حديث صدقٍ تَجِدْ عليَّ فيه (¬7) إني لأرجو فيه عُقْبَى (¬8) الله عز وجل. وفي رواية: عفو الله، والله ما كان لي من عُذرٍ (¬9) ما كنتُ قَطُّ أقوى ولا أيسر مني حين تخلفتُ (¬10) عنك. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك، فقمتُ وثارَ رجالٌ (¬11) من بني سلمةَ، فاتبعوني، فقالوا: والله ما علمناك أذنبتَ ذنباً قبل هذا، لقد عجزتَ في أن لا تكون اعتذرتَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المُخَلَّفُونَ، فقد كان كافيكَ ذنبكَ استغفارُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لك، قال: فوالله مازالوا يؤنبونني (¬12) حتى أردتُ أن أرجعَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُكْذِبَ نفسي قال: ثم قلتُ لهم: هل لقيَ هذا معي أحدٌ؟ قالوا: نعم لَقِيَهُ معك رجلانِ قالا مثل ما قلتَ، وقيل لهما ما قيل لك. قال: قلتُ: من هما؟ قالوا: مُرارةُ بن ربيعة العامري، وهلالُ بن أمية الواقفي. قال: ¬
فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدراً فيهما أسوةٌ (¬1)، قال فمضيتُ (¬2) حتى ذكروهما لي قال: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين مَنْ تخلف عنه. قال: فَاجْتَنَبَنَا الناسُ، أو قال: تَغَيَّرُوا لنا حتى تَنَكَّرَتْ (¬3) لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي أعرفُ فلبثنا على ذلك خمسين ليلةً، فأما صاحبايَ، فاستكانا (¬4) وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنتُ أشَبَّ القومِ (¬5) وأجلدهم، فكنت أخرجُ فأشهدُ الصلاةَ، وأطوفُ في الأسواقِ فلا يُكلمني أحدٌ، وآتِي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في مجلسه بعد الصلاةِ، فَأُسَلَّمُ فأقولُ في نفسي: هل حَرَّكَ شفتيهِ بِرَدِّ السلام أم لا؟ ثم أُصلي قريباً منه وأُسَارِقُهُ النظر (¬6)، فإذا أقبلتُ على صلاتي نظر إليَّ، فإذا التفتُّ نحوه أعرضَ عني حتى إذا طال عليَّ ذلك من جفوة المسلمين مشيتُ (¬7) حتى تَسَوَّرْتُ (¬8) جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي، وأحَبُّ الناس إليَّ فَسَلَّمْتُ عليه، فوالله ما رَدَّ عليَّ السلام، فقلتُ له: يا أبا قتادة أنْشُدُكَ بالله (¬9) هل تَعْلَمَنَّ أني أُحِبُّ الله ورسوله؟ قال: فسكتَ، فَعُدتُ فناشدتهُ، فسكتَ، فعدتُ فناشدتهُ، فقال: الله ورسولهُ أعلم، ففاضت عينايَ، وتوليتُ حتى تسورتُ الجدارُ، فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نَبَطِيٌّ من أنْبَاطِ (¬10) أهل الشامِ ممن قَدِمَ بطعامٍ يَبيعهُ بالمدينة يقولُ: من يَدُلُّ على كعب بن مالكٍ؟ قال: فطفق الناس يشيرون له إليَّ حتى جاءني، فدفع إليَّ كتاباً من ملكِ غَسَّانَ، وكنتُ كاتباً فقرأتهُ، فإذا فيه: أما بعدُ، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك (¬11)، ولم يجعلك الله بدارِ هوانٍ (¬12)، ¬
ولا مَضْيَعَةٍ، فَألْحِقْ بنا نُوَاسِكَ (¬1). قال: فقلتُ حين قرأتها: وهذه أيضاً من البلاء (¬2) فَتَيَمَّمْتَ بها التنورَ (¬3) فَسَجَرْتُهَا (¬4) حتى إذا مضت أربعون من الخمسين، واسْتَلْبَثَ (¬5) الوحيُ، وإذا رسولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك (¬6). قال: فقلتُ: أُطلِّقُهَا أم ماذا أفعل؟ قال: لا. بل اعتزلها فلا تقربها، وأرسل إلى صاحبيَّ بمثل ذلك. قال: فقلتُ لامرأتي: ألحِقِي بأهلكِ، فكوني عندهم حتى يقضيَ الله في هذا الأمر. قال: فجاءت امرأةُ هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله: إن هلال بن أمية شيخٌ ضائعٌ (¬7) ليس له خادمٌ، فهل تكرهُ أن أخدمهُ؟ قال: لا، ولكن لا يقربنك. قالت: إنه والله ما به حَرَكَةٌ إلى شيء (¬8)، ووالله مازال يبكي منذ كان من أمرهِ ما كان إلى يومه هذا. قال: فقال لي بعضُ أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمهُ. قال: فقلتُ: والله لا أستأذنُ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يدريني ما يقولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنتهُ فيها؟ وأنا رجلٌ شابٌّ (¬9)، قال: فلبثتُ بذلك عشر ليالٍ، فَكَمُلَ لنا خمسون ليلةً من حين نهى عن كلامنا. قال: ثم صليتُ صلاة الصبح صباح خمسينَ ليلةً على ظهر بيتٍ من بيوتنا، فبينا أنا جالسٌ على الحالةِ التي ذكرَ الله عز وجل منا قد ضاقت عليَّ نفسي، وضاقت عليَّ الأرضُ بما رَحُبَتْ، سمعتُ صوت صارخٍ أوْفَى على سَلْعٍ يقول بأعلى صوتهِ: يا كعبُ بن مالكٍ! أبشر، قال فخررتُ ساجداً، وعلمتُ أن قد جاء فرجٌ، قال: وأذنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبةِ الله علينا حين صلى ¬
صلاة الفجرِ، فذهب الناس يُبَشروننا، فذهب قِبَلَ صاحبيَّ مُبشرون، وركضَ رجلٌ إليَّ فَرَساً، وسعى ساعٍ من أسْلَمَ من قِبَلِي، وأوْفَى على الجبل فكان الصوتُ أسرع من الفرس فلما جاءني الذي سمعتُ صوتهُ يبشرني نزعتُ له ثوبيَّ (¬1) فكسوتهما إياهُ ببشارته والله ما أمْلِكُ غيرهما يومئذٍ، واستعرتُ ثوبين فلبستهما، وانطلقتُ أُيَمِّمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلقاني الناس فوجاً فوجاً (¬2) يُهنئوني بالتوبة، ويقولون: وَلْيَهْنَكَ توبةُ الله عليك حتى دخلنا المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله الناس، فقام طلحةُ ابن عبيد الله يهرول (¬3) حتى صافحني وهنأني، والله ما قام إليَّ رجلٌ من المهاجرين غيرهُ. قال: فكان كعبٌ لا ينساها لطلحةَ. قال كعبٌ: فلما سَلَّمْتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وهو يَبْرُقُ (¬4) وجهه من السرور، قال: أبشر بخير يوم مَرَّ عليك منذ ولدتك أمك. قال فقلتُ: أمِنْ عندك يا رسول الله، أم من عند الله؟ قال: بل من عند الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه حتى كأن وجهه قطعةُ قمرٍ (¬5) قال: وكنا نعرف ذلك. قال: فلما جلستُ بين يديه قلتُ يا رسولُ الله: إن من توبتي أن أتَخَلَّعَ من مالي صدقةً إلى الله وإلى رسولهِ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك بعض مالك فهو خيرٌ لك. قال: فقلتُ فإني أُمْسِكُ سهمي الذي بخيبرَ. قال: وقلتُ: يا رسول الله إنما أنجاني الله بالصدقِ، وإن من توبتي أن لا أُحَدَّثَ إلا صدقاً ما بقيتُ، قال: فوالله ما علمتُ أحداً أبلاهُ اللهُ في صدقِ الحديث منذ ذكرتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بَقيَ (¬6). قال: فأنزل الله عز وجل: (لَقَدْ تَابَ اللهُ على النبيِّ وَالمُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ (¬7) الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ في سَاعَةِ الْعُسْرَةِ) (¬8) حتى بلغ (إنَّهُ بِهمْ ¬
رَءوفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلاَثَةِ (¬1) الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ) (¬2) حتى بلغ (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين). قال كعبٌ: والله ما أنعم الله عليَّ من نعمةٍ قَطُّ بعد إذ هداني الله للإسلام أعظمَ في نفسي من صدقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكونَ كذبْتُهُ، فَأهْلِكَ كما هَلكَ الذين كذبوا، إن الله عز وجل قال للذين كذبوا حين نزل الوحي شر ما قال لأحدٍ فقال: (سَيَحْلِفُونَ باللهِ لَكُمْ إذَا انْقَلَبْتُمْ إلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ (¬3) فَأعْرِضُوا عَنْهُمْ (¬4) إنَّهُمْ رِجْسٌ (¬5) وَمَأوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ (¬6) فَإنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإن اللهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الفَاسِقِينَ). قال كعبٌ: كُنا خُلِّفْنَا أيها الثلاثة عن أمرِ ¬
أولئك الذين قَبِلَ منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له فبايعهم، واستغفر لهم، وأرْجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله تعالى فيه بذلك. قال الله عز وجل: (وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) وليس الذي ذكره ما خُلِّفْنَا تخلفنا عن الغزو، وإنما هو تَخْلِيفُهُ إيانا، وإرجاؤهُ أمرنا عمن حلفَ له، واعتذر إليه، فَقَبِلَ منه" رواه البخاري ومسلم، واللفظ له، ورواه أبو داود والنسائي بنحوه مفرقاً مختصراً، وروى الترمذي قطعة من أوله، ثم قال: وذكر الحديث. [وَرّى عن الشيء]: إذا ذكره بلفظ يدل عليه، أو على بعضه دلالة خفية عند السامع. [المفاز] والمفازة: هي الفلاة لا ماء بها. [يتمادى بي]: أي يتطاول ويتأخر. [وقوله: تفارط الغزو]: أي فات وقته من أراده، وبَعُدَ عليه إدراكه. [المغموض] بالغين والضاد المعجمتين: هو المعيب المشار إليه بالعيب. [ويزول به السراب]: أي يظهر شخصه خيالاً فيه. [أوْفَى على سَلَع]: أي طلع عليه، وسلع جبل معروف في أرض المدينة. [أيمم] أي أقصد. [أرجأ أمرنا]: أخره، والإرجاءُ: التأخير. [وقوله: فانا إليها أصعر] بفتح الهمزة والعين المهملة جميعاً وسكون الصاد المهملة: أي أميل إلى البقاء فيها، وأشتهي ذلك، والصعر: الميل، وقال الجوهري: في الخد خاصة. 2 - وعن عبادةَ بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اضمنوا لي (¬1) سِتاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم (¬2)، وأوفوا إذا وعدتم (¬3)، وأدُّوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم (¬4)، وغضوا أبصاركم (¬5)، وكُفُّوا ¬
أيديكم (¬1) " رواه أحمد وابن أبي الدنيا وابن حبان في صحيحه، والحاكم والبيهقي كلهم من رواية المطلب بن عبد الله بن حنطب عنه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. [قال الحافظ]: المطلب لم يسمع من عبادة. 3 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَقَبَّلُوا لي ستاً (¬2) أتَقَبَّلْ لكمُ الجنة: إذا حَدَّثَ أحدكم فلا يكذب، وإذا وعدَ (¬3) فلا يُخْلِفُ، وإذا ائتمنَ فلا يَخُنْ (¬4) غُضوا أبصاركم (¬5)، وكُفُّوا أيديكم (¬6)، واحفظوا فروجكم (¬7) " رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو يعلى والحاكم والبيهقي، ورواتهم ثقات إلا سعد بن سنان. ¬
4 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا زعيمٌ (¬1) ببيتٍ في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحاً" رواه البيهقي بإسناد حسن، ورواهُ أبو داود والترمذي وحسنه، وابن ماجة في حديث تقدم في حُسن الخلق. 5 - وعن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي قُرادٍ السُّلَميَّ رضي الله عنه قال: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فدعا بطَهُورٍ (¬2)، فغمس يده فتوضأ فتتبعناهُ فَحَسَوْنَاهُ (¬3) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حَمَلَكُمْ على ما فعلتمُ؟ قلنا: حُبُّ الله ورسولهِ (¬4) قال: فإن أحببتم (¬5) أن يُحِبَّكُمُ الله ورسولهُ، فأدُّوا إذا ائتمنتم، واصدقوا إذا حدَّثتُم، وأحسنوا جوارَ من جاوركم" رواه الطبراني. 6 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أربعٌ إذا كُنَّ فيكَ (¬6) فلا عليك ما فاتك من الدنيا (¬7): حفظُ أمانةٍ، وصدقُ حديثٍ، وحُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعِفَّةٌ في طُعْمَةٍ" رواه أحمد وابن أبي الدنيا والطبراني والبيهقي بأسانيد حسنة. 7 - وعن الحسن بن عليٍ رضي الله عنهما قال: "حفظتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم: دَعْ ما يَرِيُبكَ (¬8) إلى ما لا يَرِيُبكَ، فإن الصدقَ طمأنينةٌ، والكذب رِيبَةٌ" رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. ¬
8 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "قلنا: يا نبي الله من خيرُ الناس؟ قال: ذو القلب المخْمُومِ، واللسان الصادقِ. قال: يا نبيَّ الله: قد عرفنا اللسان الصادق فما القلبُ المخموم؟ قال: التقيُّ الذي لا إثم فيه (¬1)، ولا بغيَ، ولا حسد. قال: قلنا يا رسول الله، فمن على أثَرِهِ (¬2)؟ قال: الذي يَشْنَأُ الدنيا (¬3)، ويُحبُّ الآخرة. قلنا ما نعرفُ هذا فينا إلا رافعٌ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن على أثرهِ؟ قال: مؤمنٌ في خُلُقٍ حسنٍ (¬4). قلنا: أما هذه ففينا" رواه ابن ماجة بإسناد صحيح، وتقدم لفظه، والبيهقي، وهذا لفظه، وهو أتمّ. 9 - وعن منصور بن المعتمرِ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحروا الصدق (¬5)، وإن رأيتمُ أن الهلكةَ فيه فإن فيه النجاة" رواه ابن الدنيا في كتاب الصمت هكذا معضلا، ورواته ثقات. ¬
10 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصدق (¬1)، فإن الصدق يهدي إلى البر (¬2)، والبر يهدي إلى الجنة، وما يزالُ الرجلُ يصدقُ (¬3)، ويتحرى الصدقَ حتى يُكتبَ عند الله صِدِّيقاً (¬4)، وإياكم والكذب (¬5)، فإن الكذب يهدي إلى الفجور (¬6)، والفجور يهدي إلى النار، وما يزال العبدُ يكذبُ (¬7)، ويتحرى الكذب حتى يُكتبَ عند الله كَذَّاباً (¬8) " رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه، واللفظ له. 11 - وعن أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصِّدْقِ، فإنه مع البر، وهما في الجنة، وإياكم والكذب، فإنه مع الفجورِ، وهما في النار" رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
إذا صدق العبد بَرَّ 12 - وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصدقِ فإنه يهدي إلى البر، وهما في الجنة، وإياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور، وهما في النار" رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. 13 - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما: "أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما عملُ الجنة؟ قال: الصدقُ، إذا صَدَقَ العبدُ بَرَّ (¬1)، وإذا بَرَّ آمَنَ (¬2)، وإذا آمن دخل الجنة. قال يا رسول الله: وما عملُ النار؟ قال: الكذبُ، إذا كذبَ العبدُ فَجَرَ (¬3)، وإذا فَجَرَ كَفَرَ (¬4)، وإذا كَفَرَ، يعني دخل النار" رواه أحمد من رواية ابن لهيعة. 14 - وعن مالكٍ أنه بلغهُ أن ابن مسعودٍ قال: "لا يزالُ العبدُ يكذبُ ويتحرى الكذبَ (¬5)، فَتَنْكُتَ (¬6) في قلبهِ نُكْتَةً حتى يَسْوَدَّ قلبهُ، فيكتبَ عند الله من الكاذبين (¬7) " ذكره مالك في الموطأ هكذا، وتقدم بنحوه متصلاً مرفوعاً. 15 - وعن سَمُرَةَ بن جُندبٍ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ الليلةَ رجلين أتياني قالا لي: الذي رأيته يُشَقُّ شِدْقُهُ (¬8) فَكَذَّابٌ يكذبُ الكذبةَ فتُحْملُ عنه حتى تبلغَ الآفاقَ (¬9)، فيُصْنَعُ به هكذا إلى يوم القيامة" رواه البخاري هكذا مختصراً في الأدب من صحيحه، وتقدم بطوله في ترك الصلاة. ¬
آية المنافق ثلاث 16 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آية المنافِق ثلاثٌ (¬1) إذاحَدَّثَ كذب، وإذا وعد أخلف (¬2)، وإذا عاهد غدر (¬3) " رواه البخاري ومسلم. وزاد مسلم في رواية له: "وإن صلى وصام وزعم أنه مسلمٌ (¬4) ". 17 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربعٌ من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كان فيه خَصْلَةٌ منهن كانت فيه خصلة النفاق حتى يدعها: إذا ائتُمِنَ خان (¬5)، وإذا حَدَّثَ كذب، وإذا عاهد غدر، ¬
وإذا خاصم فَجَرَ (¬1) " رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. 18 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ثلاثٌ من كُنَّ فيه فهو مُنافقٌ، وإن صام وصلى وحجَّ واعتمرَ، وقال: إني مُسلمٌ: إذا حَدَّثَ كذبَ، وإذا وعد أخلفَ، وإذا ائتُمِنَ خان" رواه أبو يعلى من رواية الرقاشي، وقد وثق، ولا بأس به في المتابعات. 19 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن العبدُ الإيمان كلهُ حتى يترك الكذب في المزاحةِ (¬2) والمراء (¬3) وإن كان صادقاً" رواه أحمد والطبراني. 20 - ورواه أبو يعلى من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبلغُ العبدُ صريحَ الإيمانِ (¬4) حتى يَدَعَ (¬5) المزاحَ والكذبَ، ويَدَعَ المراء، وإن كان مُحقاً" وفي أسانيدهم من لا يحضرني حاله، ولمتنه شواهد كثيرة. 21 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"يُطبعُ (¬1) المؤمن على الخِلاَلِ كلها إلا الخيانة والكذب" رواه أحمد قال: حدثنا وكيع سمعت الأعمش قال: حُدثت عن أبي أمامة. 22 - وعن سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يُطبعُ المؤمن على كل خَلَّةٍ غيرَ الخيانةِ والكذب" رواه البزار وأبو يعلى، ورواته رواة الصحيح، وذكره الدارقطني في العلل مرفوعاً وموقوفاً، وقال: الموقوف أشبه بالصواب، ورواه الطبراني في الكبير والبيهقي من حديث أبي عمر مرفوعاً. 23 - وعن أبي بكرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الكذبُ مُجَانِبُ الإيمانِ" رواه البيهقي، وقال: الصحيح أنه موقوف. 24 - وعن صفوان بن سُليمٍ قال: "قيل يا رسول الله أيكونُ المؤمنُ جباناً (¬2)؟ قال: نعم. قيل له: أيكونُ المؤمنُ بخيلاً (¬3)؟ قال: نعم. قيل له: أيكونُ المؤمنُ كذَّاباً؟ قال: لا" رواه مالك هكذا مرسلاً. 25 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجتمعُ الكفرُ والإيمانُ في قلب امرئٍ، ولا يجتمعُ الصدقُ والكذبُ جميعاً، ولا تجتمعُ الخيانةُ والأمانةُ جميعاً (¬4) " رواه أحمد من رواية ابن لهيعة. 26 - وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَبُرَتْ خيانةً (¬5) أن تُحَدَّثَ أخاك حديثاً هو لك مُصَدِّقٌ، وأنت له كاذبٌ" رواه أحمد عن شيخه عمر بن هارون، وفيه خلاف، وبقية رواته ثقات. ¬
27 - وعن سفيان بن أسيدٍ الحضرميِّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كَبُرَتْ خِيانةً أن تُحَدِّثَ أخاك حديثاً هو لك مصدقٌ، وأنت له به كاذبٌ" رواه أبو داود من رواية بقية بن الوليد، وذكر أبو القاسم البغويّ في معجمه سفيان هذا، وقال: لا أعلم روى غير هذا الحديث. 28 - وعن أبي بُريدةَ الأسلمي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا إن الكذب يُسَوِّدُ الوجه (¬1)، والنميمة عَذابُ القبرِ (¬2) " رواه أبو يعلى والطبراني وابن حبان في صحيحه والبيهقي كلهم من رواية زياد بن المنذر عن نافع بن الحارث، وتقدم الكلام عليها في النميمة. 29 - وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بر الوالدين (¬3) يزيدُ العمر (¬4)، والكذب يَنْقُصُ الرزقَ (¬5)، والدعاء يَرُدُّ القضاء (¬6) " رواه الأصبهاني. ¬
إذا كذب العبد تباعد الملك عنه ميلاً من نتن ما جاء به 30 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كذب العبدُ تباعد الملك عنه ميلاً من نتن ما جاء به" رواه الترمذي وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت، وقال الترمذي: حديث حسن. 31 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما كان من خُلُقٍ أبغضَ (¬1) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب ما اطلع على أحدٍ من ذاك بشيء، فيخرج من قلبه حتى يعلم أنه قد أحدث توبةً (¬2) " رواه أحمد والبزار واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، ولفظه قالت: "ما كان من خُلُقٍ أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذبِ، ولقد كان الرجلَ يكذبُ عندهُ الكذبةَ، فما يزالُ في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث فيها توبةً"، ورواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، ولفظه قالت: "ما كان شيء أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب، وما جَرَّبَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحدٍ وإن قَلَّ، فيخرج له من نفسه حتى يُجَدَّدَ له توبةً". 32 - وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: "فقلت يا رسول الله إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه: لا أشتهيه يُعَدُّ ذلك كذباً؟ قال: إن الكذب يُكتبُ كذباً حتى تُكتب الكُذَيْبَةُ كُذَيْبَةً" رواه أحمد في حديث، وابن أبي الدنيا في الصمت والبيهقي كلهم من رواية يونس بن يزيد الأيلي عن أبي شداد عن شهر بن حوشب عنها، وعن أبي شداد أيضاً عن مجاهد عنها، وقد زعم بعض مشايخنا أنا أبا شداد مجهول لم يرو عنه غير ابن جريح فقد روى عنه يونس أيضاً كما ذكرنا وغيره، وليس بمجهول، والله أعلم. 33 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ¬
من قال لصبيٍ تعالَ هَاكَ (¬1)، ثم لم يُعْطِهِ، فهيَ كذبةٌ (¬2) " رواه أحمد وابن أبي الدنيا كلاهما عن الزهري عن أبي هريرة، ولم يسمع منه. 34 - وعن عبد الله بن عامرٍ رضي الله عنه قال: "دعتني أمي يوماً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدٌ في بيتنا، فقالت: هَا تعال أُعْطِكَ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أردتِ أن تُعطيهِ (¬3)؟ قالت: أردتُ أن أعطيهَ تمراً، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنك لو لم تُعْطِهِ شيئاً كُتبتْ عليكِ كذبةٌ" رواه أبو داود والبيهقي عن مولى عبد الله ابن عامر، ولم يسمياه عنه، ورواه ابن أبي الدنيا فسماه زياداً. 35 - وعن بَهْزِ بن حكيمٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويلٌ (¬4) للذي يُحَدِّثُ بالحديث لِيُضْحِكَ به القوم فيكذب، ويلٌ له، ويلٌ له" رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي. 36 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"ثلاثةٌ لا يُكلمهم الله (¬1) يوم القيامة، ولا يُزَكِّيهِمْ (¬2)، ولا ينظرُ إليهم (¬3)، ولهم عذابٌ أليمٌ: شيخٌ زانٍ (¬4)، ومَلِكٌ كذابٌ (¬5) وعائلٌ مُستكبرٌ" رواه مسلم وغيره. ¬
37 - وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬
"ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: الشيخُ الزاني، والإمامُ الكذَّابُ، والعائلُ المزهو" رواه البزار بإسناد جيد. ¬
ترهيب ذي الوجهين وذي اللسانين
[العائل]: هو الفقير. [المزهو]: هو المعجب بنفسه المتكبر. ترهيب ذي الوجهين وذي اللسانين 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَجِدُونَ الناس معادن (¬1) خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فَقَهُوا (¬2)، وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهةً، وتجدون شر الناس ¬
ذا الوجهين (¬1) الذي يأتي هؤلاء بوجهٍ، وهؤلاء بوجهٍ (¬2) " رواه مالك والبخاري ومسلم. 2 - وعن محمد بن زيدٍ أن ناساً قالوا لجده عبد الله بن عمر رضي الله عنهم: "إننا ندخلُ على سُلطاننا فنقولُ بخلافِ ما نتكلمُ (¬3) إذا خرجنا من عنده، فقال: كنا نَعُدُّ هذا نفاقاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه البخاري. 3 - وعن سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ذُو الوجهين في الدنيا يأتي يوم القيامة، وله وجهان من نارٍ (¬4) " رواه الطبراني في الأوسط. ¬
من كان ذا لسانين جعل الله له يوم القيامة لسانين من نار 4 - وعن عمار بن ياسرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نارٍ" رواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه. 5 - ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان ذا لسانين (¬1) جعل الله له يوم القيامة لسانين من نارٍ (¬2) " رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت والطبراني والأصبهاني وغيرهم. ¬
الترهيب من الحلف بغير الله سيما بالأمانة، ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر ونحو ذلك
الترهيب من الحلف بغير الله سيما بالأمانة، ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر ونحو ذلك 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم (¬1) من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت (¬2) " رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. ¬
2 - وفي رواية لابن ماجة من حديث بُريدة قال: "سَمِعَ النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يحلفُ بأبيه فقال: "لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فَلْيَصْدُقْ (¬1)، ومن حُلِفَ لهُ بالله فَلْيَرْضَ (¬2)، ومن لم يَرْضَ بالله فليس من الله (¬3) ". 3 - وعنه رضي الله عنه: "أنه سمع رجلاً يقولُ: لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا يُحْلَفُ بغير الله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (¬4) " رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 4 - وفي رواية للحاكم: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كُلُّ يمينٍ يُحْلَفُ بها دون الله شِرْكٌ (¬5) ". 5 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "لأن أحلفَ بالله كاذباً (¬6) ¬
أحبُّ إليَّ من أن أحلفَ بغيرهِ وأنا صادقٌ" رواه الطبراني موقوفاً، ورواته رواة الصحيح. 6 - وعن بُريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف بالأمانة فليس منا" رواه أبو داود. 7 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف قال إني برئٌ من الإسلام (¬1)، فإن كان كاذباً، فهو كما قال (¬2)، وإن كان صادقاً (¬3) فلن يرجع إلى الإسلام سالماً (¬4) " رواه أبو داود وابن ماجة، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على يمينٍ فهو كما حلف (¬5) إن قال: هو يهوديٌ، فهو يهوديٌ، وإن قال: هو نصرانيٌّ، فهو نصرانيٌّ، وإن قال هو برئٌ من الإسلام فهو برئٌ من الإسلام، ومن ادَّعَى دُعاء الجاهلية فإنه من جُثاء جهنم (¬6) قالوا: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟ قال: وإن صام وصلى" رواه أبو يعلى والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد كذا قال. 9 - وروى ابن ماجة من حديث أنسٍ رضي الله عنه قال: "سَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: أنا إذاً يهوديٌّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَجَبَتْ (¬7) ". 10 - وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بملةٍ غير الإسلام (¬8) ¬
كاذباً، فهو كما قال (¬1) رواه البخاري ومسلم في حديثٍ، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. ¬
الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى
الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ¬
المسلم أخو المسلم لا يظلمهُ (¬1)، ولا يخذله (¬2)، ولا يَحْقِرُهُ (¬3) التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا (¬4)، ويشير إلى صدره، بحسب امرئٍ (¬5) من الشر أن يحقر أخاه (¬6) المسلم، كل المسلم على المسلم حرامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ (¬7) " رواه مسلم وغيره. ¬
إن الله جميل يحب الجمال 2 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ (¬1) من كِبْرٍ، فقال رجلٌ: إن الرجلَ يُحبُّ أن يكون ثوبهُ حسناً، ونعلهُ حسناً؟ فقال: إن الله تعالى جميلٌ (¬2) يحب الجمال (¬3) الكبر بَطَرُ الحق، وَغَمْطُ الناس" رواه مسلم والترمذي، والحاكم إلا أنه قال: "ولكن الكبر من بَطَرَ الحق وازدرى الناس" وقال الحاكم: احتجا برواته. [بطر الحق]: دفعه ورده. [وغمط الناس]: بفتح الغين المعجمة وسكون الميم وبالطاء المهملة: هو احتقارهم وازدراؤهم كما جاء مفسراً عند الحاكم. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم الرجل يقولُ: هَلَكَ الناسُ (¬4) فهو أهلكهم" رواه مالك ومسلم وأبو داود وقال: قال أبو إسحاق: سمعته بالنصب والرفع، ولا أدري أيهما قال، يعني بنصب الكاف من أهلكهم أو رفعها: وفسره مالك إذا قال ذلك معجباً بنفسه مزدرياً بغيره، فهو أشد هلاكاً منهم لأنه لا يدري سرائر الله في خلقه. انتهى. 4 - وعن جُندبُ بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال رجلٌ: والله لا يغفرُ الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتَألَّى (¬5) عليَّ أن لا أغفر له؟ إني قد غفرتُ له وأحبطتُ عملك (¬6) " رواه مسلم. 5 - وعن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المستهزئين بالناس يُفْتَحُ لأحدهم في الآخرة بابٌ من الجنة، فيقال له: هَلُمَّ (¬7) ¬
فيجيء بِكَرْبِهِ (¬1) وَغَمِّهِ، فإذا جاء أُغلق دونه (¬2) ثم يُفتحُ له بابٌ آخر، فيقال له: هَلُمَّ هَلُمَّ، فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاءه أغلق دونه، فما يزال كذلك حتى إن أحدهم لَيُفْتَحُ له البابُ من أبواب الجنة فيقالُ له: هَلُمَّ، فما يأتيه من الإياس (¬3) " رواه البيهقي مرسلاً. 6 - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أنسابكم هذه ليست بِسِبَابٍ على أحدٍ (¬4)، وإنما أنتم ولد آدم طَفُّ الصَّاعِ لم تملؤوه ليس لأحدٍ فضلٌ على أحدٍ إلا بالدِّينِ، أو عملٍ صالحٍ (¬5) " رواه أحمد والبيهقي كلاهما من رواية ابن لهيعة، ولفظ البيهقي قال: "ليس لأحدٍ على أحدٍ فضلٌ إلا بالدين، أو عملٍ صالحٍ. حَسْبُ الرجلِ أن يكون فاحشاً بذياً بخيلاً". 7 - وفي رواية له: "ليس لأحد على أحدٍ فضلٌ إلا بدينٍ أو تقوى، وكفى بالرجلِ أن يكون بذياً فاحشاً بخيلاً". قوله [طف الصاع] بالإضافة: أي قريب بعضكم من بعض. 8 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "انظرْ فإنك لست بخيرٍ من أحْمَرَ، ولا أسودَ إلا أن تَفْضُلَهُ بتقوى (¬6) " رواه أحمد، ورواته ثقات مشهورون إلا أن بكر بن عبد الله المزني لم يسمع من أبي ذر. 9 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال: يا أيها الناس إن ربكم واحدٌ، وإن أباكم واحدٌ. ألا لا فضل لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأحمرَ على ¬
أسودَ، ولا لأسودَ على أحمرَ، إلا بالتقوى (¬1) إن أكرمكم عند الله أتقاكم. ألا هل بلغتُ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فليبلغِ الشاهدُ الغائب" ثم ذكر الحديث في تحريم الدماء والأموال والأعراض. رواه البيهقي، وقال في إسناده بعض من يجهل. 10 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم القيامة أمر الله منادياً ينادي: ألا إني جعلتُ نسباً، وجعلتم نسباً، فجعلتُ أكرمكم أتقاكم، فأبيتم (¬2) إلا أن تقولوا: فلانُ ابن فلانٍ خيرٌ من فلان ابن فلانٍ، فاليوم أرفعُ نسبي (¬3)، وأضعُ نسبكم (¬4). أين المتقون؟ " رواه الطبراني في الأوسط والصغير والبيهقي مرفوعاً وموقوفاً، وقال: المحفوظ الموقوف، وتقدم في أول كتاب العلم حديث أبي هريرة الصحيح فيه: "من بَطّأ به عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ به نَسَبُهُ (¬5) ". ¬
11 - وعن أبي هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل أذهب عنكم عُبِّيّةَ الجاهلية (¬1)، وفخرها (¬2) بالآباء، الناسُ بنو آدم، وآدمُ من تُرابٍ: مؤمنٌ تقيٌّ، وفاجرٌ شقيٌّ (¬3) لَيَنْتَهِيَنَّ (¬4) أقوامٌ يفتخرون برجالٍ (¬5) إنما هُم فحمٌ من فحمِ جهنم، أو ليكونن (¬6) أهون على الله من الجُعْلاَنِ التي تدفعُ النتن بأنفها" رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وتقدم لفظه، والبيهقي بإسناد حسن أيضاً، واللفظ له، وتقدم معنى غريبه في الكبر. ¬
الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق وغير ذلك مما يذكر
الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق، وغير ذلك مما يذكر 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإيمانُ بضعٌ (¬1) وستون أو سبعون شعبةً (¬2) أدناها (¬3) إماطةُ (¬4) الأذى عن الطريق، وأرْفَعُهَا (¬5) قول: لا إله إلا الله (¬6) " رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. ¬
[أماط] الشيء عن الطريق: نحاه وأزاله، والمراد بالأذى كل ما يؤذي المار كالحجر والشوكة والعظم والنجاسة ونحو ذلك. 2 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عُرضتْ عليَّ أعمالُ امتي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا (¬1)، فوجدتُ في محاسنِ أعمالها الأذى يُماطُ عن الطريق ووجدتُ في مساوي أعمالها النُّخَامةَ (¬2) تكون في المسجد لا تُدفنُ" رواه مسلم وابن ماجة. 3 - وعن أبي بَرْزَةَ رضي الله عنه قال: "قلتُ يا نبي الله: إني لا أدري نفسي تمضي أو أبقى بعدك فزودني شيئاً ينفعني الله به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افعل كذا، افعل كذا، وأمِرَّ (¬3) الأذى عن الطريق". 4 - وفي رواية قال أبو برزة: "قلتُ يا نبي الله: علمني شيئاً أنتفع به، قال: اعزل الأذى عن طريق المسلمين (¬4) " رواه مسلم وابن ماجة. 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ سُلاَمَى (¬5) من الناس عليه صدقةٌ كل يومٍ تطلعُ فيه الشمسُ: تَعْدِلُ بين الاثنين (¬6) صدقةٌ، وَيُعينُ الرجل في دابته (¬7)، فَيَحْمِلُهُ عليها أم يرفعُ له عليها متاعهُ (¬8) صدقةٌ، والكلمةُ الطيبةُ (¬9) صدقةٌ، وبكل خطوةٍ يمشيها إلى ¬
الصلاة (¬1) صدقةٌ، ويميط الأذى عن الطريق صدقةٌ" رواه البخاري ومسلم. إن أبواب الخير لكثيرة 6 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على كُلِّ مِيْسَمٍ (¬2) من الإنسان صلاةٌ كل يومٍ، فقال رجلٌ من القومِ: هذا من أشدِّ ما أنبأتنا به. قال: أمْرُكَ بالمعروفِ (¬3)، ونهيك عن المنكر (¬4) صلاةٌ، وَحَمْلُكَ على الضعيف صلاةٌ، وإنحاؤك القَذَرَ عن الطريق صلاةٌ، وكل خطوةٍ تخطوها إلى الصلاة صلاةٌ (¬5) " رواه ابن خزيمة في صحيحه. 7 - وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقةٌ في كل يومٍ طلعت فيه الشمسُ، قيل: يا رسول الله من أين لنا صدقةٌ نتصدقُ بها؟ فقال: إن أبواب الخير لكثيرةٌ: التسبيحُ، والتحميدُ، والتكبيرُ، والتهليلُ، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتميطُ الأذى عن الطريق، وتُسْمِعُ الأصمَّ، وتُهْدِي الأعمى، وَتَدُلُّ المُستدلَّ على حاجته، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث، وتحملُ بشدة ذراعيك مع الضعيف، فهذا كلهُ صدقةٌ منك على نفسك" رواه ابن حبان في صحيحه، والبيهقي مختصراً، وزاد في رواية: "وتبسمك في وجه أخيك صدقةٌ، وإماطتك الحجرَ والشوكة والعظمَ عن طريق الناس صدقةٌ، وَهَدْيُكَ الرجلَ في أرض الضالة لك صدقةٌ". ¬
8 - وعن بُريدةَ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في الإنسانُ ستون وثلاثمائة مفصلٍ، فعليه أن يتصدق عن كُلِّ مفصلٍ منها صدقةً، قالوا: فمن يُطيقُ (¬1) ذلك يا رسول الله؟ قال: النُّخامةُ في المسجدِ تدفنُها، والشيء تُنَحِّيهِ (¬2) عن الطريق، فإن لم تقدر، فركعتا الضحى تجزي عنك (¬3) " رواه أحمد، واللفظ له، وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما. 9 - وعن المستنير بن أخضرَ بن معاوية عن أبيه قال: "كنتُ مع مَعْقِلٍ بن يسارٍ رضي الله عنه في بعض الطرقات، فمررنا بأذىً فأمَاطَهُ، أو نَحَّاهُ عن الطريق، فرأيتُ مثلهُ، فأخذتهُ فَنَحَّيْتُهُ، فأخذ بيدي وقال: يا ابن أخي ما حَمَلَكَ على ما صنعت؟ قلتُ: يا عمُّ رأيتك صنعت شيئاً، فصنعتُ مثلهُ، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أماطَ أذىً من طريقِ المسلمين كُتبتْ له حسنةٌ، ومن تُقُبِّلَتْ (¬4) منهُ حسنةٌ دخل الجنة" رواه الطبراني في الكبير هكذا، ورواه البخاري في كتاب الأدب المفرد، فقال: عن المستنير ابن أخضر بن معاوية بن قرة عن جده. [قال الحافظ]: وهو الصواب. 10 - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "حَدَّثَ نبي الله صلى الله عليه وسلم بحديثٍ فما فَرِحْنَا بشيء مُنذُ عرفنا الإسلام أشدَّ من فَرحنا به. قال: إن المؤمن لَيُؤجَرُ (¬5) في إماطةِ الأذى عن الطريق، وفي هدايةِ السبيل (¬6)، وفي تعبيرهِ عن الأرْتمِ (¬7)، ¬
وفي منحة اللبن (¬1) حتى إنه ليؤجرُ في السلعة (¬2) تكونُ مصرورةً (¬3) فيلمسها فتخطؤها يده" رواه أبو يعلى والبزار، وزاد: "إنه ليؤجرُ في إتيانه أهله (¬4) حتى إنه ليؤجر في السلعةِ (¬5) تكون في طَرَفِ ثوبه، فيلمسها، فيفقدُ مكانها، أو كلمةً نحوها: فيخفقُ (¬6) بذلك فؤادهُ، فيردها الله عليه، ويكتبُ له أجرها" وفي إسناده المنهال بن خليفة، وقد وثقه غير واحد، وتقدم ما يشهد لهذا الحديث. 11 - وعن أبي شيبةَ الهروي قال: "كان معاذٌ يمشي، ورجلٌ معه فرفعَ حجراً من الطريق فقال: ما هذا؟ فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رفع حجراً (¬7) من الطريق كُتبتْ له حسنةٌ، ومن كانت له حسنةٌ دخل الجنة" رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات، ورواه في الأوسط من حديث أبي الدرداء إلا أنه قال: "من أخرج من طريق المسلمين شيئاً يؤذيهم كتب الله له به حسنةً، ومن كتب له عندهُ حسنةً أدخله بها الجنة". 12 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خُلِقَ كل إنسانٍ من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كَبَّرَ الله، وحمد الله، وهلل ¬
الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعَزَلَ حجراً عن طريق المسلمين، أو شوْكَةً، أو عَظْماً عن طريق المسلمين، وأمر بمعروفٍ، أو نهى عن منكرٍ عَدَدَ تلك الستين والثلاثمائةٍ، فإنه يُمسي يومئذٍ، وقد زحزح نفسهُ (¬1) عن النار. قال أبو توبة: وربما قال: يمشي، يعني بالمعجمة" رواه مسلم والنسائي. 13 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ وجد غُصنَ شوكٍ فأخَّرَهُ، فشكر الله لهُ (¬2)، فغفرَ الله له" رواه البخاري ومسلم. 14 - وفي رواية لمسلم قال: "لقد رأيت رجلاً يتَقَلَّبُ في الجنة في شجرةٍ قطعها من ظهر الطريق (¬3) كانت تؤذي المسلمين". 15 - وفي أخرى له: "مَرَّ رجلٌ بغُصنِ شجرةٍ على ظهر الطريق، فقال: والله لأنَحِيَنَّ هذا (¬4) عن المسلمين لا يُؤذيهم (¬5)، فَأُدْخِلَ الجنةَ (¬6) ". ورواه أبو داود، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نزع رجلٌ (¬7) لم يعمل خيراً قَطُّ غُصنَ شوكٍ عن الطريقِ: إما قال: كان في شجرةٍ فقطعهُ، وإما كان موضوعاً، فأماطهُ عن الطريق، فشكر الله (¬8) ذلك لهُ، فأدخله الجنة". ¬
16 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "كانت شجرةٌ تُؤذي الناس، فأتاها رجلٌ فعزلها عن طريق الناس قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلقد رأيتهُ يتقلبُ في ظلها في الجنة" رواه أحمد وأبو يعلى، ولا بأس بإسناده في المتابعات. ¬
الترغيب في قتل الوزغ، وما جاء في قتل الحيات وغيرها مما يذكر
الترغيب في قتل الوزغ وما جاء في قتل الحيات وغيرها مما يذكر 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل وَزَغَةً (¬1) في أول ضَربةٍ، فله كذا وكذا حسنةً، ومن قتلها في الضربةِ الثانية فله كذا وكذا حسنةً دون الحسنة الأولى، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنةً لِدُونِ الثانية" رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة. 2 - وفي رواية لمسلم: "من قتل وَزَغاً في أول ضربةٍ كتبت له مائة حسنةٍ، وفي الثانية دون ذلك (¬2)، وفي الثالثة دون ذلك". وفي أخرى لمسلم وأبي داود أنه قال: "في أول ضربةٍ سبعين حسنة". [قال الحافظ]: وإسناد هذه الرواية الأخيرة منقطع لأن سهيلاً قال: حدثتني أختي ¬
عن أبي هريرة، وفي بعض نسخ مسلم أخي، وعند أبي داود أخي أو أختي على الشك، وفي بعض نسخ أخي وأختي بواو العطف، وعلى كل تقدير، فأولاد أبي صالح، وهم سهيل وصالح وعبادة وسودة ليس منهم من سمع من أبي هريرة، وقد وجد في بعض نسخ مسلم في هذه الرواية قال سهيل: حدثني أبي كما في الروايتين الأُوليين، وهو غلط، والله أعلم. [الوزغ]: هو الكبار من سام أبرص. 3 - وعن سائبة مولاةِ الفَاكِةِ بن المغيرةِ: "أنها دخلت على عائشة رضي الله عنها فرأت في بيتها رُمحاً موضوعاً، فقالت يا أم المؤمنين ما تصنعين بهذا؟ قالت: أقتلُ به الأوزَاغَ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن إبراهيم عليه السلام لما أُلقيَ في النارِ لم تكنْ دابةٌ في الأرض إلا أطفأتِ النار عنه غيرَ الوَزَغِ، فإنه كان ينفخُ عليه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلهِ" رواه ابن حبان في صحيحه والنسائي بزيادة. 4 - وعن أم شريكٍ رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمر بقتلِ الأوزاغ، وقال كان ينفخُ على إبراهيم" رواه البخاري، واللفظ له ومسلم والنسائي باختصار ذكر النفخ. 5 - وعن عامر بن سعدٍ عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "أمر بقتلِ الوزغ وسماهُ فُوَيسقاً (¬1) " رواه مسلم وأبو داود. 6 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتلَ حيةً فله سبعُ حسناتٍ، ومن قتل وزغاً فلهُ حسنةٌ، ومن ترك حيةً مخافةَ عاقبتها (¬2) فليس منا" رواه أحمد وابن حبان في صحيحه دون قوله: ومن ترك إلى آخره. [قال الحافظ]: روياه عن المسيب بن رافع عن ابن مسعود، ولم يسمع منه. 7 - ورويَ عن أبي الأحْوَصِ الْجُشمي قال: "بينما ابنُ مسعودٍ يخطبُ ذات يومٍ ¬
فإذا هو بِحَيَّةٍ تَمْشِينَ على الجدار فقطع خطبته، ثم ضربها بقضيبه حتى قتلها، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قتل حيةً، فكأنما قتل مُشركاً (¬1) قد حَلَّ دَمُهُ" رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني مرفوعاً وموقوفاً، والبزار إلا أنه قال: "من قتل حيةً أو عقرباً". 8 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتلوا الحيات كُلَّهُنَّ، فمن خاف نَارَهُنَّ فليس مني (¬2) " رواه أبو داود والنسائي والطبراني بأسانيد رواتها ثقات إلا أن عبد الرحمن ابن مسعود لم يسمع من أبيه. 9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما سَالمْنَاهُنَّ منذ حاربناهن، يعني الحيات، ومن ترك قتل شيء منهن خيفةً فليس منا" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه. 10 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ترك الحيات مخافةَ طلبهنَّ فليس منا ما سالمناهن منذ حاربناهن" رواه أبو داود، ولم يجزم موسى بن مسلم راويه بأن عكرمة رفعه إلى ابن عباس. 11 - وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا نريدُ أن نكنس زمزم، وإن فيها من هذه الجِنَّانِ، يعني الحياتِ الصغار فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهنَّ" رواه أبو داود، وإسناده صحيح إلا أن عبد الرحمن بن سابط ما أراه سمع من العباس. [الجنان] بكسر الجيم وتشديد النون جمع جان، وهي الحية الصغيرة كما في الحديث، وقيل: الدقيقة الخفيفة، وقيل: الدقيقة البيضاء، ويروى عن ابن عباس الجنّان مسخ الجن كما مسخت القردة من بني إسرائيل. 12 - وعن أبي ليلى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سئل عن ¬
جِنَّانِ البيوتِ، فقال: إذا رأيتم منهن شيئاً في مساكنكم فقولوا: أنشدكم العهد (¬1) الذي أخذ عليكم نوحٌ، أنشدكم العهد الذي أخذ عليكم سليمان أن لا تؤذونا، فإن عُدْنَ (¬2) فاقتلوهنَّ" رواه أبو داود والترمذي والنسائي كلهم من رواية ابن أبي ليلى عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه، وقال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وابن أبي ليلى: هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى يأتي. 13 - وعن نافعٍ قال: "كان ابن عمر يقتلُ الحيات كلهن حتى حدثنا أبو لبابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل جِنَّانِ البيوت فأمسك" رواه مسلم. 14 - وفي رواية له لأبي داود: "وقال أبو لبابة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطُّفْيَتَيْنِ، فإنها اللذان يخطفان البصر، ويتبعان ما في بطون النساء". 15 - وعن أبي السائب: "أنه دخل على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في بيته قال: فوجدتهُ يُصلي، فجلستُ أنتظرهُ حتى يقضيَ صلاته، فسمعتُ تحريكاً في عراجين في ناحية البيتِ فالتفتُّ، فإذا حيةٌ، فوثبتُ (¬3) لأقتلها، فأشار إليَّ أن أجلس فجلستُ، فلما انصرف أشار إلى بيتٍ في الدار، فقال: أترى هذا البيت؟ فقلتُ: نعم، قال: كان فيه فتىً منا حديثُ عهد بِعُرسٍ (¬4). قال: فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصافِ النهار، فيرجعُ إلى أهله، فاستأذنهُ يوماً فقال: خُذ عليك سلاحك، فإني أخشى عليك قُريظةَ، فأخذ الرجل سلاحهُ، ثم رجع فإذا امرأتهُ بين البابين قائمةٌ، فأهوى إليها بالرُّمحِ ليطعنها به، وأصابتهُ غيرةٌ، فقالت له: اكْفف عليك رُمحك، وادخلِ البيت حتى تنظرَ ما الذي أخرجني، فدخل فإذا بحيةٍ عظيمةِ مُنطويةٍ على الفراش، ¬
فأهوى إليها بالرمح، فانتظمها به، ثم خرج، فَرَكَزَهُ في الدار، فاضطربتْ عليه، فما يُدْرَى أيهما كان أسرعُ موتاً: الحيةُ أم الفتى؟ قال: فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرنا ذلك له، وقلنا: ادعُ الله أن يُحْييهُ لنا، فقال: استغفروا لصاحبكم، ثم قال: إن بالمدينة جِناًّ قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئاً، فآذنوهُ ثلاثةَ أيامٍ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوهُ، فإنما هو شيطانٌ". 16 - وفي رواية نحوه، وقال فيه: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لهذه البيوت عوامرَ، فإذا رأيتم منها شيئاً، فَحَرِّجُوا عليها ثلاثاً، فإن ذهبَ، وإلا فاقتلوهُ فإنه كافرٌ، وقال لهم: اذهبوا فادفنوا صاحبكم" رواه مالك ومسلم وأبو داود. 17 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يقول: "اقتلوا الحيات، واقتلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأبترَ، فإنهما يطمسانِ البصر، ويُسقطانِ الحبلَ. قال عبد الله: فبينا أنا أُطاردُ حيةً أقتلها ناداني أبو لبابة: لا تقتلها، قلتُ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرَ بقتل الحياتِ، قال إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوتِ، وهُنَّ العوامرُ" رواه البخاري ومسلم، ورواه مالك وأبو داود والترمذي بألفاظ متقاربة. 18 - وفي رواية لمسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأمر بقتل الكلاب يقول: اقتلوا الحيات والكلابَ، واقتلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأبتر، فإنهما يلتمسان البصر، ويستسقطان الحبالى". [قال الزهري]: ونرى ذلك من سيمتهما، والله أعلم. قال سالم قال عبد الله بن عمر: فلبثتُ لا أتركُ حيةً أراها إلا قتلتها فبينما أنا أطارد حيةً يوماً من ذوات البيوتِ مَرَّ بي زيدُ بن الخطاب وأبو لبابة، وأنا أطاردها، فقالا: مهلاً يا عبد الله، فقلتُ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلهنَّ، قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذواتِ البيوتِ.
إن لهذه البيوت لعوامر 19 - وفي رواية لأبي داود قال: "إن ابن عمر وجد بعد ما حدثهُ أبو لبابةَ حيةً في دارهِ، فأمر بها، فأُخرجتْ إلى البقيع. قال نافعٌ: ثم رأيتها بعدُ في بيتهِ". [الطفيتان] بضم الطاء المهملة وإسكان الفاء: هما الخطان الأسودان في ظهر الحية، وأصل الطفية: خوصة المقل شبه الخطين على ظهر الحية بخوصتي المقل، وقال أبو عمر النمري: يقال إن ذا الطفيتين جنس يكون على ظهره خطان أبيضان. [والأبتر]: هو الأفعى، وقيل: جنس أبتر كأنه مقطوع الذنب، وقيل: هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب إذا نظرت إليهُ الحامل ألقت. قاله النضر بن شميل. [وقوله: يلتمسان البصر] معناه يطمسانه بمجرد نظرهما إليه بخاصية جعلها الله فيهما. [قال الحافظ]: قد ذهب طائفة من أهل العلم إلى قتل الحيات أجمع في الصحاري والبيوت بالمدينة، وغير المدينة، ولم يستثنوا في ذلك نوعاً ولا جنساً ولا موضعاً، واحتجوا في ذلك بأحاديث جاءت عامة كحديث ابن مسعود المتقدم، وأبي هريرة، وابن عباس، وقالت طائفة: تقتل الحيات أجمع إلا سواكن البيوت بالمدينة وغيرها فإنهن لا يقتلن لما جاء في حديث أبي لبابة وزيد بن الخطاب من النهي عن قتلهن بعد الأمر بقتل جميع الحيات، وقالت طائفة تنذر سواكن البيوت في المدينة وغيرها، فإن بَدَين بعد الإنذار قتلن، وما وجد منهن في غير البيوت يقتل من غير إنذار وقال مالك: يقتل ما وجد منها في المساجد، واستدل هؤلاء بقوله صلى الله عليه وسلم: "إن لهذه البيوت عوامر، فإذا رأيتم منها شيئاً فَحَرِّجُوا عليها ثلاثاً، فإن ذَهَبَ، وإلا فاقتلوه"، واختار بعضهم أن يقول لها ما ورد في حديث أبي ليلى المتقدم، وقال مالك: يكفيه أن يقول: أحرج عليك بالله واليوم الآخر أن لا تبدو لنا ولا تؤذينا، وقال غيره: يقول لها: أنت في حرج إن عدت إلينا، فلا تلومينا أن نضيق عليك بالطرد والتتبع، وقالت طائفة: لا تنذر إلا حيات المدينة فقط لما جاء في حديث أبي سعيد المتقدم من إسلام طائفة من الجن بالمدينة، وأما حيات غير المدينة في جميع الأرض والبيوت فتقتل من غير إنذار لأنا لا نتحقق وجود مسلمين من الجن ثَمَّ، ولقوله صلى الله عليه وسلم
: "خمسٌ من الفواسقِ تُقتلُ في الحلِّ والحرمِ، وذكر منهن الحية"، وقالت طائفة: يقتل الأبتر وذو الطفيتين من غير إنذار سواء كن بالمدينة وغيرها لحديث أبي لبابة "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجِنَّانِ التي تكونُ في البيوتِ إلا الأبتر وذا الطفيتين"، ولكل من هذه الأقوال وجه قوي، ودليل ظاهر، والله أعلم. 20 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن نملةً قَرَصَتْ نبياً من الأنبياء، فأمر بقرية النملِ فَأُحرِقَتْ، فأوحى الله إليه في أن قرصتكَ نملةٌ، فأحرقتَ أمَّةً من الأمم تُسَبِّحُ". زاد في رواية: "فَهَلاَّ نملةٌ واحدةٌ" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. 21 - وفي رواية لمسلم وأبي داود قال: "نزل نبيٌّ من الأنبياء تحت شجرةٍ، فلدغتهُ نملةٌ، فأمر بجهازهِ، فأُخرجَ من تحتها، ثم أمر فأحرقت، فأوحى الله إليه هَلاَّ نملةٌ واحدةٌ". [قال الحافظ]: قد جاء من غير ما وجه أن هذا النبي هو عزيز عليه السلام، وفي قوله: فَهَلاَّ نملةٌ واحدةٌ دليل على أن التحريق كان جائزاً في شريعتهم، وقد جاء في خبر أنه بقرية أو بمدينة أهلكها الله تعالى فقال: يا رب كان فيهم صبيان ودواب، ومن لم يقترف ذنباً، ثم إنه نزل تحت شجرة فجرت به هذه القصة التي قدرها الله على يديه تنبيهاً له على اعتراضه على بديع قدرة الله وقضائه في خلقه فقال: إنما قرصتك نملة واحدة فهلا قتلت واحدة، وفي الحديث تنبيه على أن المنكرَ إذا وقع في بلد لا يؤمن العقاب العام. 22 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى عن قتل أربعٍ من الدواب: النملةِ والنحلةِ والهدهدِ والصُّرَدِ" رواه أبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه. [الصرد] بضم الصاد المهملة وفتح الراء: طائر معروف ضخم الرأس والمنقار له ريش عظيم نصفه أبيض، ونصفه أسود.
[قال الخطابي]: أما نهيه عن قتل النمل، فإنما أراد نوعاً منه خاصاً، وهو الكبار ذوات الأرجل الطوال لأنها قليلة الأذى والضرر، وأما النحلة فلما فيها من المنفعة، وأما الهدهد والصرد، فإنما نهى عن قتلهما لتحريم لحمهما، وذلك أن الحيوان إذا نهى عن قتله، ولم يكن لحرمة ولا لضرر فيه كان ذلك لتحريم لحمه. 23 - وعن عبد الرحمن بن عِبَانَ رضي الله عنه: "أن طبيباً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدعٍ يجعلها في دواءٍ، فنهاهُ عن قتلها" رواه أبو داود والنسائي. [قال الحافظ]: الضفدع بكسر الضاد والدال، وفتح الدال ليس بجيد، والله أعلم. تم الجزء الثالث 277 - 2 ع، ويليه الجزء الرابع، وأوله: الترغيب في إنجاز الوعد والأمانة، والترهيب من إخلافه والخيانة والغدر، وقتل المعاهد أو ظلمه بِمَكَارِمِ الأخْلاَقِ كُنْ مُتَحَلِّياً ... وَاصْدُقْ وَجِدَّ وَنَافِسِ الأبْطَالاَ وَاللهَ فَاعْبُدْ وَاسْتَقِمْ وَتَصَدَّقَنْ ... وَادْعُ الشَّكُورَ فَلاَ يَرُدُّ سُؤالاَ قُلْ مَا تَشَاءُ فَفَضْلُ رَبِّي وَاسِعٌ ... وَاللهُ وَهَّابٌ قَضَى وَأنَالا قَدْ نِلْتُ ثَانِيَةً بِفَضْلِ حَدِيثِهِ ... أُعْطِيتُ مَا أهْوَى وَأصْلَحَ بَالاَ والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم 20/ 1/ 1375 هـ 7/ 8/ 1955 م. مصطفى محمد عمارة خادم السنة النبوية مدرس اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم المصرية
الترغيب في إنجاز الوعد والأمانة، والترهيب من إخلافه ومن الخيانة والغدر، وقتل المعاهد أو ظلمه
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الترغيب في إنجاز الوعد والأمانة، والترهيب من إخلافه ومن الخيانة والغدر، وقتل المعاهد أو ظلمه 1 - وَعنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عَليه وسلم قالَ: تَقَبَّلُوا (¬1) لِي سِتَّاً أَتَقَبَّلْ لَكُمْ (¬2) بِالْجَنَّةِ: إِذَا حَدَّثَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَكْذِبْ، وَإِذَا وَعَدَ فَلاَ يُخْلِفْ، وَإِذَا ائْتُمِنَ فَلاَ يَخُنْ، الحديث. رواه أَبو يعلى والحاكم والبيهقي، وتقدم في الصدق. 2 - وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: اضْمَنُوا ليَ سِتَّاً أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ، الحديث. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي وتقدم. 3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَليه وسلم أَنَّهُ قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ مِنْ أُمَّتِهِ: اكْفُلُوا لِي (¬3) بسِتٍّ أَكْفُلْ لَكُمْ بِالجَنَّةِ، قُلْتُ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: الصَّلاَةُ، والزَّكاةُ، والأَمَانَةُ، والْفَرْجُ، والْبَطْنُ، واللِّسَانُ. رواه الطبراني في الأوسط بإِسناد لا بأس به. ¬
4 - وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: حَدَّثَنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ في جَذْرِ قلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَعَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ، ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِ الأَمَانَةِ، فَقَالَ: يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ الرَّجُلُ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِنْ أَثَرِ المَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجَتَهُ عَلَى رِجْلِك فنَفَطَ، فَتَراهُ مُنْتَبِرَاً، وَلَيْسَ فِيهِ شَيءٌ ثمَّ أَخَذَ حَصَاةً فَدَحْرَجَهَا عَلَى رِجْلِهِ فَيُصْبِحُ النّاسُ يَتَبَايَعُونَ لا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ في بَنِي فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِيناً، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَظْرَفَهُ مَا أعْقَلَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ (¬1) مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمانٍ. رواه مسلم وغيره. [الجذر] بفتح الجيم وإِسكان الذال المعجمة: هو أصل الشيء. [والوكت] بفتح الواو وإسكان الكاف بعدها تاء مثناة: هو الأثر اليسير. [المجل] بفتح الميم وإسكان الجيم: هو تنفط اليد من العمل وغيره. [وقوله: مُنتبراً] بالراء: أي مرتفعاً. القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة 5 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: الْقَتْلُ في سَبِيلِ اللهِ (¬2) يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ (¬3) كُلَّهَا إِلاَّ الأَمَانَةَ قالَ: يُؤْتَى العَبْدُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَإِنْ قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ، فَيقَالُ: أَدِّ أَمَانَتَكَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ كَيْفَ، وقَدْ ذَهَبتِ الدُّنْيَا، فَيُقَالُ: انْطَلِقُوا بِهِ إِلى الهَاوِيَةِ (¬4)، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلى الْهاوِيَةِ، وَتُمَثَّلُ لَهُ أَمَانَتُهُ كَهَيْئَتِهَا يَوْمَ دُفِعَتْ إِلَيْهِ، فَيَراهَا فَيَعْرِفُها، فَيَهْوِي في أَثَرِهَا حَتَّى يُدْرِكَهَا، فَيَحْمِلُهَا عَلى مَنْكِبَيْهِ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ خَارِجٌ قلْت عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَهُوَ يَهْوِي في أَثَرِهَا أَبَدَ الآبِدِينَ، ثُمَّ قَالَ: ¬
الصَّلاَةُ أَمَانَةٌ (¬1)، وَالْوُضُوءُ أَمَانَةٌ (¬2)، وَالْوَزْنُ أَمَانَةٌ (¬3)، وَالْكَيْلُ أَمَانَةٌ، وَأَشْيَاءُ عَدَّدَهَا، وَأَشَدُّ ذَلِكَ (¬4) الْوَدَائِعُ (¬5). قال: يعني زذان: فأتيت البراءَ بن عازب فقلت: ألا ترى إِلى ما قال ابن مسعود؟ قال: كذا، قال: صدق. أَمَا سَمِعْتَ اللهَ يَقُولُ "إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلى أَهْلِهَا" رواه أحمد والبيهقي موقوفاً، وذكر عبد الله بن الإِمام أحمد في كتاب الزهد أَنه سأل أباه عنه فقال: إسناد جيد. 6 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَليه وسلم: لاَ إِيمانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ (¬6)، وَلاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ طَهُورَ لَهُ، الحديث. رواه الطبراني، وتقدم في الصلوات. 7 - وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنَّا جُلُوسَاً مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عليه وسلم فَطَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: أَخْبِرْني بِأَشَدِّ شَيْءٍ في هذَا الدِّينِ وأَلْيَنِهِ؟ فَقَالَ: أَلْيَنُهُ (¬7) شَهادَةُ (¬8) أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وأَشَدُّهُ (¬9) يَا أَخَا الْعَالِيَةِ الأَمَانَةُ، إِنّهُ لا دِينَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ، وَلاَ صَلاةَ لَهُ، وَلاَ زَكَاةَ لَهُ. الحديث رواه البزار. 8 - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِذا فَعَلَتْ أُمَّتِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً، فَقَدْ حَلَّ بِهَا الْبَلاَءُ. قِيلَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: إِذَا كانَ ¬
المَغْنَمَ (¬1) دُوَلاً (¬2)، وَإِذَا كَانَتِ الأَمَانَةُ مَغْنَمَاً، والزَّكَاةُ مَغْرَماً (¬3)، وأَطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ (¬4)، وعَقَّ أُمَّهُ (¬5)، وبَرَّ صَدِيقَهُ (¬6)، وَجَفا أَبَاهُ (¬7)، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ في الْمَسَاجِدِ (¬8)، وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ (¬9) أَرْذَلَهُمْ (¬10)، وأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ (¬11)، وَشُرِبَتِ الْخَمْرُ، وَلُبِسَ الْحَرِيرُ، واتُّخِذَتِ الْقَيْنَاتُ (¬12) والْمَعَازِفُ (¬13)، وَلَعَنَ آخِرُ (¬14) هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا، فَلْيَرْتَقِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ رِيحاً حَمْرَاءَ (¬15)، أَوْ خَسْفاً (¬16) أَوْ مَسْخاً (¬17). ¬
رواه الترمذي، وقال: لا نعلم أحداً روى هذا الحديث عن يحيى بن سعيد الأنصاري غير الفرج بن فضالة. 9 - وفي رواية للترمذي من حديث أبي هريرة: إِذَا اتُّخِذَ الْفَيْءُ دُوَلاً (¬1) وَالأَمَانَةُ مَغْنَمَاً، والزَّكَاةُ مَغْرَمَاً، وَتُعُلِّمَ لِغَيْرِ دِينٍ (¬2)، وَأطَاعَ الرَّجُلُ اَمْرَأَتَهُ، وَعَقَّ أُمَّهُ، وأَدْنَى صَدِيقَهُ (¬3)، وأَقْصَى أَبَاهُ (¬4) وَظَهَرَتِ الأَصْوَاتُ في المَسَاجِدِ، وَسَادَ (¬5) الْقَبِيلَةَ فَاسِقُهُمْ وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ، وَظَهَرَتِ القِيْناتُ والمَعَازِفُ، وَشُرِبَتِ الْخُمُورُ، وَلَعَنَ آخِرُ هذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَلْيَرْتَقِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ رِيحاً حَمرَاءَ، وخَسْفاً وَمَسْخاً وقَذْفاً (¬6)، وآيَاتٍ تَتَابَعُ (¬7) كَنِظَامٍ بَال قُطِعَ سِلْكُهُ فَتَتَابَعَ. قال الترمذي: حديث غريب. ¬
10 - وَرُوِيَ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلِيه وسلم: ثلاَثٌ مُتَعَلِّقاتٌ بالْعَرْشِ (¬1): الرَّحِم تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلاَ أُقْطَعُ، والأَمَانَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلاَ أُخَانُ، وَالنِّعْمَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلاَ أُكْفَرُ. رواه البزار. خيركم قرني 11 - وَعَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَن النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: خَيْرُكُمْ قَرْنِي (¬2)، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ (¬3)، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ (¬4)، وَيَخُونُونَ (¬5) وَلا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذِرُونَ (¬6) وَلا يُوفُونَ، وتَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ (¬7). رواه البخاري ومسلم. ¬
12 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِي الْحَمْسَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: بَايَعْتُ (¬1) رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَليه وسلم بِبَيْعٍ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ فَبَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ وَوَعَدْتُهُ أَنْ آتِيَهُ بِهَا في مَكَانِهِ، فَنَسِيتُ (¬2)، ثُمَّ ذَكَرْتُ بَعْدَ ثَلاَثٍ، فِجِئْتُ، فَإِذَا هُوَ مَكَانَهُ (¬3) فَقَالَ: يَا فَتَى لَقَدْ شَقَقْتَ (¬4) عَلَيَّ، أَنَا هَهُنَا مُنْذُ ثَلاثٍ أَنْتَظِرُكَ. رواه أبو داود وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت كلاهما عن إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن عبد الكريم عن عبد الله بن شقيق عن أبيه عنه، وقال أبو داود: قال محمد بن يحيى: هذا عندنا عبد الكريم بن عبد الله بن شقيق. وقد ذكر عبد الله بن أبي الحمساء أبو علي بن السكن في كتاب الصحابة فقال: روى حديث إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن ابن شقيق عن أبيه، ويقال عن بديل عن عبد الكريم المعلم، ويشبه أن يكون ما ذكره أبو عليّ من إسقاط عبد الكريم منه هو الصواب، والله أعلم. آية المنافق ثلاث 13 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ (¬5)، إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ. رواه البخاري ومسلم. وزاد مسلم في رواية له: وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ. 14 - ورواه أبو يعلى من حديث أنس، ولفظُهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ ¬
عليه وسلم يَقُولُ: ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَحَجَّ واعْتَمَرَ، وَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ. فذكر الحديث. أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً 15 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَها (¬1): إِذَا ائْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ (¬2)، وَإِذَا خَاصَمَ (¬3) فَجَرَ (¬4). رواه البخاري ومسلم. 16 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِذَا جَمَعَ اللهُ الأَوَّلِينَ والآخِرينَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ (¬5) لِوَاءٌ (¬6)، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنٍ (¬7) ابْنِ فُلانٍ، رواه مسلم وغيره. 17 - وفي رواية لمسلم: لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ، يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنٍ. 18 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخيَانَةِ فَإِنَّها بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة. 19 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيَضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قالَ الله تَعَالَى: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرَّاً فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيراً، فَاسْتَوفَى مِنْهُ الْعَمَلَ، وَلَم يُوَفِّهِ أَجْرَهُ. رواه البخاري. 20 - وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْكٍ قالَ: رَأَيْتُ عَلِيّاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لاَ واللهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ نقْرَؤُهُ إِلاَّ كِتَابَ اللهِ، ومَا في هذِهِ الصَّحِيفَةِ ¬
فَنَشَرَهَا، فَإذَا فِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ، وأَشْيَاءٌ مِنَ الْجِرَاحَاتِ، وَفِيهَا قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ذِمَّةُ الْمُسْلِمينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِماً، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ والملاَئِكَةِ والنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَدْلاً وَلاَ صَرْفاً (¬1) الْحَدِيث. رواه مسلم وغيره. [يقال: أخفر بالرجل] إذا غدره ونقض عهده. لا إيمان لمن لا أمانة له 21 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَا خَطَبَنا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَليه وسلم إِلاَّ قالَ: لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ (¬2)، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ. رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه إِلا أَنه قالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَليه وسلم فَقَالَ في خُطْبَتِهِ: فذكر الحديث، ورواه الطبرانيّ في الأوسط والصغير من حديث ابن عمر، وتقدم. 22 - وَعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلاَّ كَانَ الْقَتْلُ بَيْنَهُمْ (¬3)، وَلاَ ظَهَرَتِ الْفَاحِشَةُ (¬4) في قَوْمٍ إِلاَّ سَلَّطَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ (¬5)، وَلاَ مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكاةَ إِلاَّ حُبِسَ عَنْهُمُ الْقَطْرُ (¬6). رواه الحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم. 23 - وعن صفوانَ بن سُلَيم عن عدّة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ آبَائِهِمْ: أَنَّ رسُولَ اللهَ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ ظَلَمَ (¬7) مُعَاهَداً (¬8)، أَو انْتَقَصَهُ (¬9)، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ (¬10)، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ، فَأَنَا ¬
حَجِيجُهُ (¬1) يومَ الْقِيَامَةِ. رواه أبو داود. والأبناء مجهولون. 24 - وَعَنْ عَمْرو بْنِ الْحَمِقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: أَيُّمَا رَجُلٍ أَمَّنَ رَجُلاً عَلَى دَمِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ، فَأَنَا مِنَ الْقَاتِلِ بَرِيءٌ (¬2)، وَإِنْ كانَ الْمَقْتُولُ كافِراً، رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه، واللفظ له، وقال ابن ماجة فَإِنَّهُ يَحْمِلُ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة 25 - وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ قَتَلَ نَفْساً مُعاهَدَةً بِغَيْرِ حَقِّها لَمْ يُرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ (¬3). 26 - وفي رواية: مَنْ قَتَلَ مُعاهَداً في عَهْدِهِ لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ. رواه ابن حبان في صحيحه، وهو عند أبي داود والنسائي بغير هذا اللفظ، وتقدم. [قوله: لم يرح] قال الكسائي: هو بضم الياءِ، من قوله: أرحت الشيءَ فأنا أريحه إذا وجدت ريحه، وقال أبو عمرو: لم يرح بكسر الراءِ من رحت أريح إذا وجدت الريح، وقال غيرهما: بفتح الياء والراء، والمعنى واحد، وهو شم الرائحة. 27 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: أَلاَ مَنْ قَتَلَ نَفْساً مُعَاهَدَةً لَهُ ذِمَّةُ اللهِ، وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَقَدْ أَخْفَرَ بِذِمَّةِ اللهِ، فَلاَ يُرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفاً (¬4). رواه ابن ماجة والترمذيّ، ¬
واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح.
الترغيب في الحب في الله تعالى، والترهيب من حب الأشرار وأهل البدع، لأن المرء مع من أحب
الترغيب في الحب في الله تعالى، والترهيب من حب الأشرار وأهل البدع، لأن المرء مع من أحب 1 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ (¬1) وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ (¬2): مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُما، وَمَنْ ¬
2 - وفي رواية: ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيْمَانِ وَطَعْمَهُ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ في اللهِ وَيَبْغَضَ في اللهِ، وَأَنْ تُوقَدَ نَارٌ عَظِيمَةٌ فَيَقَعَ فِيهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُشْرِكَ باللهِ شَيْئَاً. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. 3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيامَةِ: أَيْنَ المُتَحابُّونَ بِجَلالِي (¬1) الْيَوْمَ أُظِمُّهُمْ في ظِلِّي (¬2) يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّي. رواه مسلم. من سره أن يجد حلاوة الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا الله 4 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَجِدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ فَلْيُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ. رواه الحاكم من طريقين وصحح أحدهما. 5 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ (¬3) يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ (¬4)، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللهِ (¬5)، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المسَاجِدِ (¬6)، ¬
ورَجُلاَنِ تَحَابَّا في اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ (¬1)، وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ (¬2)، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ (¬3) وَجَمَالٍ (¬4)، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا (¬5) حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً (¬6) فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. فضل الحب في الله 6 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ يعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَليه وسلم: إِنَّ مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ رَجُلاً لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ مِنْ غَيْرِ مَالٍ أَعْطَاهُ فَذلِكَ الإِيْمَانُ. رواه الطبراني في الأوسط. 7 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا تَحَابَّ رَجُلاَنِ في اللهِ إِلاَّ كانَ أَحَبُّهُمَا إِلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ أَشَدَّهُمَا حُبّاً لِصَاحِبِهِ. رواه الطبراني وأبو يعلى، ورواته رواة الصحيح إلا مبارك بن فضالة، ورواه ابن حبان في صحيحه ¬
والحاكم إلا أنهما قالا: كاَنَ أَفْضَلُهُمَا أَشَدَّهُمَا حُبّاً لِصَاحِبهِ. وقال الحاكم: صحيح الإسناد. خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه 8 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيْرَانِ عِنْدَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ. رواه الترمذي وحسنه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 9 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ قالَ: مَا مِنْ رَجُلَيْنِ تَحَابَّا في اللهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ (¬1) إِلاَّ كَانَ أَحَبُّهُما إِلى اللهِ أَشَدَّهُمَا حُبَّاً لِصَاحِبهِ. رواه الطبراني بإِسناد جيد قويّ. 10 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ أَحَبَّ رَجُلاً للهِ، فَقَالَ: إِنّي أُحِبُّكَ للهِ فَدَخَلاَ جَمِيعاً الْجَنَّةَ، فَكَانَ الَّذِي أَحَبَّ أَرْفَعَ مَنْزِلَةً مِنَ الآخَرِ، وَأَحَقَّ بالذِي أَحَبَّ للهِ. رواه البزار بإِسناد حسن. 11 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخاً لَهُ في قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ للهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً (¬2)، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قالَ: أُرِيدُ أَخاً لِي في هذِهِ الْقَرْيَةِ. قالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قال: لاَ، غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّهُ في اللهِ. قالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ إِنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كما أَحْبَبْتَهُ فِيهِ. رواه مسلم. [المدرجة] بفتح الميم والراءِ: هي الطريق. [قوله: تربها]: أي تقوم بها، وتسعى في صلاحها. يقول الله تبارك وتعالى وجبت محبتي للمتحابين فيّ 12 - وَعَنْ أَبِي إِدْريسَ الْخَوْلاَنِيِّ قالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ، فَإِذَا فَتَىً بَرَّاقُ ¬
الْثَنَايَا (¬1)، وَإِذَا النَّاسُ مَعَهُ فَإِذَا اخْتَلَفُوا في شَيْءٍ أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ (¬2)، وَصَدَرُوا عَنْ رَأْيِهِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ: هذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَلَمَّا كانَ مِنَ الْغَدِ (¬3) هَجَّرْتُ (¬4) فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي بالتَّهْجِيرِ، وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فانْتَظَرْتُهُ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ، ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِه، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: واللهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ للهِ، فَقَالَ: آللهِ (¬5). فَقُلْتُ: آللهِ. فَقَالَ: آللهِ. فَقُلْتُ: آللهِ. فَأَخَذَ بِحُبْوَةِ رِدَائِي (¬6)، فَجَذَبَنِي إِلَيْهِ (¬7)، فَقَالَ: أَبْشِر (¬8) فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ يَقُولُ: قالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَجَبَتْ (¬9) مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ (¬10)، ولِلْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَلِلْمُتَباذِلِينَ فِيَّ (¬11). رواه مالك بإسناد صحيح، وابن حبان في صحيحه. 13 - وَعَنْ أَبِي مُسْلِمٍ قالَ: قُلْتُ لِمُعَاذٍ: وَاللهِ إِني لأُحِبُّكَ لِغَيْرِ دُنْيَا أَرْجُو أَنْ أُصِيبَهَا مِنْكَ، وَلاَ قَرَابَةَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قالَ: فَلاَ شَيءَ؟ قُلْتُ: للهِ. قالَ: فَجَذَبَ حُبْوَتِي ثُمَّ قالَ: أَبْشِرْ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: المُتَحَابُّونَ في اللهِ في ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ يَغْبِطُهُمْ (¬12) بِمَكَانِهِمْ النَّبِيُّونَ (¬13) والشُّهَدَاءُ (¬14). قالَ: وَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِ مُعَاذٍ، فَقَالَ: سَمِعْتُ ¬
رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: حَقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى الْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى الْمُتَنَاصِحِينَ فِيَّ (¬1)، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى الْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ، هُمْ عَلَى مَنَابِرَ (¬2) مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ والشُّهَدَاءُ والصِّدِّيقُونَ. رواه ابن حبان في صحيحه. المتحابون في جلالي لهم منابر من نور 14 - وروى الترمذي حديث معاذ فقط، ولفظه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ يَقُولُ: قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: المُتَحَابُّونَ في جَلاَلِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُور يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ. وقال: حديث حسن صحيح. 15 - وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَأْثُرُ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ (¬3)، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ. رواه أحمد بإِسناد صحيح. 16 - وَعَنْ شَرَحْبِيلَ بْنِ السَّمْطِ أَنَّهُ قالَ لِعَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ: هَلْ أَنْتَ مُحَدِّثِي حَدِيثاً سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لَيْسَ فِيهِ نِسْيَانٌ، ولاَ كَذِبٌ؟ قالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: قَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَحَابُّونَ مِنْ أَجْلِي، وَقَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَزَاوَرُونَ مِنْ أَجْلِي، وَقَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي للذِينَ يَتَبادَلُونَ مِنْ أَجْلِي، وَقَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَصَادَقُونَ مِنْ أَجْلِي (¬4). رواه أحمد ورواته ثقات، والطبراني في الثلاثة، واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 17 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ للهِ جُلَسَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، وَكِلْتَا يَدَيِ اللهِ يَمِينٌ - عَلى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ وُجُوهُهُمْ مِنْ نُورٍ، لَيْسُوا بأَنْبِياءَ، وَلاَ شُهَدَاءَ، وَلاَ صِدِّيقِين، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ: منْ هُمْ؟ قالَ: هُمُ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلالِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعالَى، الْمُتَحَابُّونَ بِجَلالِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى. رواه أحمد بإسناد لا بأس به. ¬
حال المتحابين في الله يوم القيامة وجزاؤهم 18 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ مِنْ عِبادِ اللهِ عِباداً لَيْسُوا بِأَنْبِياءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِياءُ والشُّهَدَاءُ. قِيلَ: مَنْ هُمْ لَعَلَّنَا نُحِبُّهْمْ؟ قالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا (¬1) بِنُورِ اللهِ مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ (¬2) وَلاَ أَنْسابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ (¬3) عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ. لاَ يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ (¬4)، وَلا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، ثُمَّ قرَأَ: [أَلاَ إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (¬5)]. رواه النسائي وابن حبان في صحيحه، واللفظ له، وهو أتمّ. 19 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ للهِ عِباداً يُجْلِسُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَغَشِّي (¬6) وُجُوهَهُمُ النُّورُ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْ حِسَابِ الْخَلائِقِ (¬7). رواه الطبراني بإسناد جيد. 20 - وَعَنِ العِرْباضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ ¬
عليه وسلم: قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: المُتَحَابُّونَ بِجَلالِي في ظِلِّ عَرْشِي يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّي. رواه أحمد بإسناد جيد. ليبعثن الله أقواماً يوم القيامة في وجوههم النور الخ 21 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَيَبْعَثَنَّ (¬1) اللهُ أَقْوَاماً يَوْمَ القِيَامَةِ في وُجُوهِهِمُ النُّورُ عَلَى مَنَابِرِ اللُّؤْلُؤِ (¬2) يَغْبِطُهُمُ النَّاسُ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ ولا شُهَدَاءِ، قالَ: فَجَثَى (¬3) أَعْرَابِيٌّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: جَلِّهِمْ (¬4) لَنَا نَعْرِفْهُمْ، قالَ: هُمُ الْمُتَحَابُّونَ في اللهِ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى (¬5)، وَبِلادٍ شَتَّى يَجْتَمِعُونَ عَلى ذِكْرِ اللهِ يَذْكُرُونَهُ. رواه الطبراني بإِسناد حسن. 22 - وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِن مِنْ عِبادِ اللهِ لأُنَاساً مَا هُمْ بِأَنْبِياءَ، وَلاَ شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِياءُ والشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللهِ. قالُوا يَا رَسُولَ اللهِ: فَخَبِّرْنا (¬6) مَنْ هُمْ؟ قالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللهِ (¬7) عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلاَ أَمْوَالٍ يَتَعاطَوْنَهَا، فَوَاللهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ لَعَلَى نُورٍ، وَلاَ يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ (¬8)، وَلاَ يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هذِهِ الآيَةَ [أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ]. رواه أبو داود. 23 - وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا واعْقِلُوا (¬9)، واعْلَمُوا أَنَّ للهِ عَزَّ وجَلَّ عِبَاداً لَيْسُوا بِأَنْبِياءَ، وَلاَ شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَنَازِلِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللهِ، فَجَثَى رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ مِنْ قَاصِيَةِ النَّاسِ، وَأَلْوَى بِيَدِهِ (¬10) إِلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ¬
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: ناسٌ مِنَ الناسِ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَداءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ، وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللهِ، أَنْعِتْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنا: يَعْنِي صِفْهُمْ لَنَا شَكِّلْهُمْ لَنا، فَسُرَّ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم (¬1) بِسُؤَالِ الأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَليه وسلم: هُمْ ناسٌ مِنْ أَفْناءِ النَّاسِ (¬2)، وَنَوازِعِ الْقَبَائِلِ (¬3) لَمْ تُصَلْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ مُتَقَارِبَةٌ، تَحَابُّوا فِي اللهِ وَتَصَافَوْا (¬4) يَضَعُ اللهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فَيَجْلِسُونَ (¬5) عَلَيْهَا، فَيَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ نُوراً، وَثِيابَهُمْ نُوراً، يَفْزَعُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلاَ يَفْزَعُونَ وَهُمْ أَوْلِياءُ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. ما أعده الله للمتحابين فيه والمتزاورين فيه الخ 24 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ في الجَنَّةِ لَعُمُداً مِنْ يَاقُوتٍ عَلَيْهَا غُرَفٌ مِنْ زَبَرْجَدٍ لَهَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ تُضيءُ كمَا يُضِيءُ الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ. قالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ: مَنْ يَسْكُنُهَا؟ قالَ: المُتَحَابُّونَ في اللهِ، والمُتَباذِلُونَ في الله، والمُتَلاقُونَ في اللهِ (¬6). رواه البزار. 25 - وَرُوِيَ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ في الجَنَّةِ غُرَفاً تُرَى ظَوَاهِرُهَا مِنْ بَوَاطِنِهَا وَبَوَاطِنُهَا مِنْ ظَوَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللهُ لِلْمُتَحَابِّينَ فِيهِ، وَالْمُتَزَاورِينَ فيهِ، والْمُتَبَاذِلِينَ فيهِ. رواه الطبراني في الأوسط. ¬
أفضل الإيمان أن تحب لله وتبغض لله الخ 26 - وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَليه وسلم عن أفْضَلِ الإِيْمَانِ؟ قالَ: أَنْ تُحِبَّ للهِ، وَتُبْغِضَ للهِ (¬1)، وتَعْمَلَ لِسَانَكَ (¬2) في ذِكْرِ اللهِ، قالَ: وَمَاذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: وَأَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ (¬3)، وَتَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ. رواه أحمد. 27 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى اللهُ عَلِيه وسلم يَقُولُ: لاَ يَجِدُ الْعَبْدُ صَرِيحَ الإِيْمَانِ (¬4) حَتَّى يُحِبَّ للهِ تَعَالى، وَيُبْغِضَ للهِ، فَإِذَا أَحَبَّ للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَأَبْغَضَ للهِ، فَقَدْ اسْتَحَقَّ الْوِلايَةَ للهِ تَعَالَى. رواه أحمد والطبراني، وفيه رشيد بن سعد. 28 - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ أَعْطى للهِ، وَمَنَعَ للهِ، وأَحَبَّ للهِ، وأَبْغَضَ للهِ، وأَنْكَحَ للهِ (¬5)، فَقَدْ اسْتَكْمَلَ (¬6) إِيمَانَهُ. رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث منكر، والحاكم وقال: صحيح الإسناد والبيهقي وغيرهم. ¬
29 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ أَحَبَّ للهِ، وأَبْغَضَ للهِ، وأَعْطَى للهِ، وَمَنَعَ للهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيْمَانَ. رواه أبو داود. إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله 30 - وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: أَيُّ عُرَى (¬1) الإِسْلامِ أَوْثَقُ؟ قالُوا: الصَّلاةُ. قالَ: حَسَنةٌ، وَمَا هِيَ بِهَا قالُوا: صِيَامُ رَمَضَانَ. قالَ: حَسَنٌ، وَمَا هُوَ بِه؟ قالُوا: الْجِهَادُ. قالَ: حَسَنٌ، وَمَا هُوَ بِهِ؟ قالَ إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الإِيْمَانِ أَنْ تُحِبَّ في اللهِ وَتُبْغِضَ في اللهِ. رواه أحمد والبيهقي، كلاهما من رواية ليث بن أبي سليم، ورواه الطبرانيّ من حديث ابن مسعود أخصر منه. 31 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أفْضَلُ الأَعْمَالِ الْحُبُّ في اللهِ، وَالْبُغْضُ في اللهِ. رواه أبو داود، وهو عند أحمد أطول منه، وقال فيه: إِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ الْحُبُّ في اللهِ، والْبُغْضُ في اللهِ. وفي إِسنادهما راوٍ لم يسمّ. 32 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَتَى السَّاعَةُ (¬2)؟ قالَ: وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا (¬3)؟ قالَ: لاَ شَيْءَ إِلاَّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ. قالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ (¬4). قالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه ¬
وسلم: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَر وأَرْجُوا أَن أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ (¬1). رواه البخاري ومسلم. ¬
33 - وفي رواية للبخاري: أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَى النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: مَتَى السَّاعَةُ قائِمَةً (¬1)؟ قالَ: وَيْلَكَ (¬2)، وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا إِلاَّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ. قالَ: إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قالَ: وَنَحْنُ كَذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ. فَفَرِحْنَا يَوْمَئِذٍ فَرَحاً شَدِيداً. 34 - ورواه الترمذي، ولفظه قالَ: رَأَيْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَرِحُوا بِشَيْءٍ لَمْ أَرَهُمْ فَرِحُوا بِشَيْءٍ أَشَدَّ مِنْهُ. قالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُحِبُّ الرَّجُلَ عَلَى الْعَمَلِ مِنَ الْخَيْرِ يَعْمَلُ بِهِ، وَلاَ يَعْمَلُ بِمِثْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. 35 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: كَيْفَ تَرَى في رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمَاً وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ (¬3)؟ فَقَالَ ¬
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. رواه البخاري ومسلم، ورواه أحمد بإسناد حسن مختصراً من حديث جابر: الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. 36 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ بِعَمَلِهِمْ. قالَ: أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قالَ: فَإِنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسولَهُ؟ قالَ: فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ، قالَ: فَأَعَادَهَا أَبُو ذَرٍّ، فَأَعَادَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود. لا تصاحب إلا مؤمناً الخ 37 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لا تُصَاحِبْ (¬1) إِلاَّ مُؤْمِنَاً، وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ (¬2). ورواه ابن حبان في صحيحه. 38 - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ثَلاثٌ هُنَّ حَقٌّ (¬3): لاَ يَجْعَلُ اللهُ مَنْ لَهُ سَهْمٌ في الإِسْلامِ كَمَنْ لاَ سَهْمَ لَهُ (¬4)، وَلاَ يَتَولَّى اللهُ عَبْداً (¬5) فَيُوَلِّيَهُ غَيْرَهُ (¬6). ¬
وَلاَ يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْماً إِلا حُشِرَ مَعَهُمْ (¬1). رواه الطبراني في الصغير والأوسط بإسناد جيد، ورواه في الكبير من حديث ابن مسعود. لا يحب رجل قوماً إلا جعله الله معهم 39 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: ثلاَثَةٌ حُلِفَ عَلَيْهِنَّ (¬2): لاَ يَجْعَلُ اللهُ مَنْ لَهُ سَهْمٌ في الإِسْلامِ كَمَنْ لاَ سَهْمَ لَهُ، وَأَسْهُمُ الإِسْلاَمِ ثَلاَثَةٌ: الصَّلاةُ والصَّوْمُ والزَّكاةُ، وَلاَ يَتَولَّى اللهُ عَبْداً (¬3) في الدُّنْيَا فَيُوَلِّيَهُ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (¬4)، وَلاَ يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْماً إِلاَّ جَعَلَهُ اللهُ مَعَهُمْ. الحديث. رواه أحمد بإسناد جيد. 40 - وَعَنْهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ الذَّرِّ (¬5) عَلَى الصَّفَا (¬6) في اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، وأَدْنَاهُ أَنْ تُحِبَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْجَوْرِ، وَتُبْغِضَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْعَدْلِ، وَهَلِ الدِّينُ إِلاَّ الْحُبُّ وَالْبُغْضُ. قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: [قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله (¬7)] رواه الحاكم، وقال صحيح الإسناد. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
الترهيب من السحر وإتيان الكهان والعرافين والمنجمين بالرمل والحصى أو نحو ذلك وتصديقهم
الترهيب من السحر وإتيان الكهان والعرّافين والمنجمين بالرمل والحصى أو نحو ذلك وتصديقهم 1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الموبِقَاتِ (¬1) قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ: وَمَا هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللهِ، والسِّحْرُ (¬2)، وَقَتْلُ ¬
النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّولِّي يَوْمَ الزَّحْفِ (¬1)، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ (¬2) الْغَافِلاَتِ (¬3) الْمؤْمِنَاتِ. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 2 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ عَقَدَ عُقدَةً (¬4) ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا (¬5) فَقَدْ سَحَرَ (¬6)، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ (¬7)، وَمَنْ تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ وُكِلَ إِليْهِ (¬8). رواه النسائي من رواية الحسن عن أبي هريرة، ولم يسمع منه عند الجمهور. [وقوله: تعلق]: أي وعلق على نفسه العوز والخروز. 3 - وَعَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يقُولُ: كانَ لِدَاوُدَ نَبِيِّ اللهِ صَلَوَاتُ اللهُ وَسلاَمُهُ عَلَيْهِ سَاعَةٌ يُوقِظُ فيهَا أَهْلَهُ يقُولُ: يا آلَ دَاوُدَ قُومُوا فَصَلُّوا فَإنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ (¬9) يَسْتَجِيبُ اللهُ فِيهَا الدُّعَاءَ إِلاَّ لِسَاحِرٍ ¬
أَوْ عَاشِرٍ، رواه أحمد عن علي بن زيد عنه، وبقية رواته محتجّ بهم في الصحيح، واختلف في سماع الحسن من عثمان. من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد 4 - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ (¬1)، أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ (¬2)، أَوْ تَكَهَّنَ (¬3)، أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ (¬4)، أَوْ سَحَرَ، أَوْ سُحِرَ لَهُ (¬5)، وَمَنْ أَتَى كاهِنَاً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى اللهُ عليه وسلم. رواه البزار بإسناد جيد، ورواه الطبراني من حديث ابن عباس دون قوله: وَمَنْ أَتَى إِلى آخره بإِسناد حسن. 5 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ثَلاثٌ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، فَإِنَّ اللهَ يَغْفِرُ لَهُ مَا سِوَى ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ: مَنْ مَاتَ ¬
لمْ يُشْرِكْ (¬1) باللهِ شَيْئاً، وَلَمْ يَكُنْ سَاحِراً يَتْبَعُ السَّحَرَةَ، وَلَمْ يَحْقِدْ (¬2) عَلى أَخِيهِ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه ليث بن أبي سليم. الكبائر تسع أعظمهنّ الإشراك بالله الخ 6 - وَعَنْ عَبِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَمِ الْكَبَائِرُ؟ قالَ: تِسْعٌ أَعْظَمُهُنَّ الإِشْرَاكُ باللهِ، وَقَتْلُ الْمُؤْمِنِ بِغَيْرِ حَقٍّ، والْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، وَالسِّحْرُ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا. الحديث، رواه الطبراني في حديث تقدم في الفرار من الزحف. وروى ابن حبان في صحيحه حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الَّذِي كَتَبَهُ إِلى أَهْلِ الْيَمَنِ في الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالدِّيَاتِ (¬3) وَالزَّكَاةِ فَذَكَرَ فِيهِ: وَإِنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرَ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ الإِشْرَاكُ باللهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْفِرَارُ في سَبِيلِ اللهِ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَرَمْيُ الْمُحْصَنَةِ، وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ. 7 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ أَتَى كَاهِنَاً فَصَدَّقَهُ بِمَا قال، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى اللهُ عليه وسلم. رواه البزار بإسناد جيد قوي. 8 - وَعَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أَتَى كاهِناً فَصَدَّقَهُ بما يَقُولُ فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلى مُحَمَّدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وَمَنْ أَتَاهُ غَيْر مُصَدِّقٍ لَهُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. رواه الطبراني من رواية رشيد بن سعد. ¬
[الكاهن]: هو الذي يخبر عن بعض المضمرات، فيصيب بعضها، ويخطئ أكثرها ويزعم أن الجن تخبره بذلك. 9 - وَرُوِيَ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ أَتَى كاهِناً فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ حُجِبَتْ (¬1) عَنْهُ التَّوْبَةُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فإنْ صَدَّقَهُ بِمَا قالَ كَفَرَ. رواه الطبراني. لن ينال الدرجات العلى من تكهن أو استقسم الخ 10 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَنْ يَنَالَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مَنْ تَكَهَّنَ، أَوِ اسْتَقْسَمَ (¬2)، أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ تَطَيُّراً (¬3). رواه الطبراني بإسنادي رواةُ أحدهما ثقات. ¬
مضار إتيان العرافين والكهان 11 - وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ أَتَى عَرَّافاً فَسَأَلَهُ (¬1) عَنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمَاً. رواه مسلم. [العرّاف] بفتح العين المهملة وتشديد الراء كالكاهن، وقيل: هوالساحر. وقال البغوي: العرّاف: هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها كالمسروق من الذي سرقه ومعرفة مكان الضالة، ونحو ذلك، ومنهم من يسمى المنجم كاهناً انتهى. 12 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أَتَى عَرَّافاً أَوْ كاهِناً، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ (¬2). رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وفي أسانيدهم كلام ذكرته في مختصر السنن، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 13 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَنْ أَتَى عَرَّافاً أَوْ سَاحِراً أَوْ كاهِناً فَسَأَلَهُ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ علَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. رواه البزار وأبو يعلى بإسناد جيد موقوفاً. 14 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَنْ أَتَى عَرَّافاً أَوْ سَاحِراً أَوْ كَاهِناً يُؤْمِنُ بِمَا يَقُولُ (¬3)، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ علَى مُحَمَّدٍ صلى اللهُ عليه وسلم. رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات. 15 - وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ (¬1)، وَلاَ مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ (¬2)، وَلاَ قَاطِعُ رَحِمٍ (¬3). رواه ابنُ حبان في صحيحه. من اقتبس علماً من علم النجوم اقتبس شعبة من السحر 16 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمَاً مِنَ النُّجُومِ (¬4) اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ (¬5). رواه أبو داود وابن ماجة وغيرهما. ¬
[قال الحافظ]: والمنهيّ عنه من علم النجوم هو ما يدّعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية في مستقبل الزمان كمجيء المطر، ووقوع الثلج، وهبوب الريح، وتغيير الأسعار، ونحو ذلك ويزعمون أنهم يدركون ذلك بسير الكواكب واقترانها وافتراقها وظهورها في بعض الأزمان وهذا علم استأثر اللهُ به لا يعلمه أحد غيره؛ فأما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة، وكم مضى من الليل والنهار وكم بقي، فإنه غير داخل في النهي، والله أعلم. 17 - وَعَنْ قَطَنِ بْنِ قَبِيصَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: الْعِيافَةُ (¬1). ¬
وَالطِّيَرَةُ (¬1) والطَّرْقُ (¬2) مِنَ الْجِبْت. رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه. قال أبو داود: الطرق: الزجر، والعيافة: الخط، انتهى. وقال ابن فارس: الطرق: الضرب بالعصى، وهو جنس من التكَهُّن. ¬
[الطرق] بفتح الطاء وسكون الراءِ. [والجبت] بكسر الجيم: كل ما عبد من دون الله تعالى. أضرار السحر والكهانة الخ ¬
الترهيب من تصوير الحيوانات والطيور في البيوت وغيرها
الترهيب من تصوير الحيوانات والطيور في البيوت وغيرها 1 - عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ (¬1) هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ (¬2). رواه البخاري ومسلم. 2 - وَعنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ (¬3) وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رآهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم تَلَوَّنَ وَجْهُهُ (¬4) وَقالَ: يَا عَائِشَةُ: أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ (¬5) بِخَلْقِ اللهِ. قَالَتْ: فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ. 3 - وَفي رِوَايَةٍ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَفي الْبَيْتِ قِرَامٌ فِيهِ صُوَرٌ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، ثُمَّ تَنَاوَلَ السِّتْرَ فَهَتَكَهُ (¬6) وَقَالَ: إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ. 4 - وَفِي أُخْرَى أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ. قالَتْ: فَقُلْتُ: ¬
يَا رَسُولَ اللهِ أَتُوبُ (¬1) إِلى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ مَاذَا أَذْنَبْتُ (¬2)؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا بَالُ هذِهِ النُّمْرُقَةِ؟ فَقُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَصْحَابَ هذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ، وَقَالَ: إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ الْملائِكَةُ (¬3). رواه البخاري ومسلم. [السهوة] بفتح السين المهملة: هي الطاق في الحائط يوضع فيه الشيء، وقيل: هي الصفة وقيل المخدع بين البيتين، وقيل: بيت صغير كالخِزانة الصغيرة. [والقرام] بكسر القاف: هو الستر. [والنمرقة]: بضم النون والراء أيضاً، وقد تفتح الراء، وبكسرهما: هي المخدة. 5 - وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفْتِنِي فِيهَا، فَقالَ لَهُ: ادْنُ مِنِّيْ (¬4)، فَدَنَا، ثُمَّ قالَ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا، حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: أُنَبِّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْساً، فَيُعَذِّبُهُ في جَهَنَّمَ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فاصْنَعِ الشّجَرَ وَمَا لا نَفَسَ لَهُ (¬5). رواه البخاري ومسلم. 6 - وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ قالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: ¬
يَا ابْنَ عَبَّاسٍ: إِنِّي رَجُلٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التّصَاوِيرَ (¬1)؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لاَ أُحَدِّثُكَ إِلاَّ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ صَوَّرَ صُورَةً (¬2)، فَإِنَّ اللهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيها (¬3) أَبَداً، فَربَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً، فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلاّ أَنْ تَصْنَعَ، فَعَلَيْكَ بِهذا الشَّجَرِ (¬4) وَكُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ. [ربا الإنسان]: إذا انتفخ غيظاً أو كبراً. 7 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ (¬5). رواه البخاري ومسلم. ¬
8 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قالَ اللهُ تَعَالَى: وَمَنْ أَظْلَمُ (¬1) مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوهُ ذَرَّةً، وَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، وَلْيَخْلُقُوا شَعِيرَةً. رواه البخاري ومسلم. 9 - وَعَنْ حَيَّانَ بْنِ حُصَيْنٍ قالَ: قالَ لِي عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَلاَ أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم؟ أَلاَّ تَدَعَ (¬2) صُورَةً إِلاَّ طَمَسْتَهَا (¬3)، وَلاَ قَبْراً مُشْرِفاً (¬4) إِلاَّ سَوَّيْتَهُ (¬5). رواه مسلم وأبو داود والترمذي. 10 - وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ عَلِيٍّ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فِي جَنَازَةٍ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَنْطَلِقُ إِلى الْمَدِينَةِ، فَلاَ يَدَعُ فِيهَا وَثنَاً إِلاَّ كَسَرَهُ، وَلاَ قَبْراً إِلاَّ سَوَّاهُ. وَلاَ صُورَةً إِلا لَطَخَهَا، فَقالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ فَهَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ. قالَ: فَانْطَلَقَ ثُمَّ رَجَعَ فَقالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَمْ أَدَعْ بِهَا وَثَناً إِلاَّ كَسَرْتُهُ، وَلاَ قَبْراً إِلاَّ سَوَّيْتُهُ، وَلاَ صُورَةً إِلاَّ لَطَخْتُها، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ عَادَ إِلى صَنْعَةِ شَيْءٍ مِنْ هذَا ¬
فَقدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى اللهُ عليه وسلم (¬1). وإسناده جيد إن شاء الله. 11 - وَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لاَ تَدْخُلُ الْملائِكَةُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. 12 - وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: لا تَدْخُلُ الملائِكَة (¬2) بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ تَمَاثِيلُ. 13 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: وَاعَدَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتِيَهُ فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَخَرَجَ، فَلَقِيَهُ جِبْرِيلُ صلى اللهُ عليه وسلم، فَشَكَا إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتَاً فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ. رواه البخاري. [راث] بالثاء المثلثة غير مهمور: أي أبطأ. 14 - وَعَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: لاَ تَدْخُلُ الملائِكَةُ بَيْتَاً فِيهِ صُورَةٌ، وَلاَ جُنُبٌ، وَلاَ كَلْبٌ. رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه كلهم من رواية عبد الله بن يحيى. قال البخاري: فيه نظر. 15 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ لِي: أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْبَابِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ في الْبَيْتِ كَلْبٌ ¬
فَمُرْ (¬1) بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ يُقْطَعُ فَيَصِيرَ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَيُقْطَعَ فَيُجْعَلَ وِسَادَتَيْنِ مَنْبُوذَتَيْنِ تُوطَآنِ، وَمُرْ بالْكَلْبِ فَلْيَخْرُجْ. رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وتأتي أحاديث من هذا النوع في اقتناء الكلب إن شاء الله تعالى. 16 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيامَةِ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلاثَةٍ بِمَنْ جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ، وَبِكلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِالمُصَوِّرينَ (¬2). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب. [عنق] بضم العين والنون: أي طائفة وجانب من النار. ¬
الترهيب من اللعب بالنرد
الترهيب من اللعب بالنرد 1 - عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ (¬1) فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي دَمِ خِنْزِيرٍ. رواه مسلم. وله لأبي داود وابن ماجة: فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِيْ لَحْم خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ. ¬
2 - وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ لَعِبَ بِنَرْدٍ أَوْ نَرْدَشِيرَ فقَدء عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ (¬1). رواه مالك واللفظ له وأبو داود وابن ماجة والحاكم والبيهقي، ولم يقولوا: أَوْ نَرْدَشِيرَ، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما. قال البيهقي: وروينا من أوجه أخر عن محمد بن كعب عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لاَ يَقْلِبُ كَعَبَاتِهَا (¬2) أَحَدٌ يَنْتَظِرُ مَا تَأْتِي بِهِ إِلاَّ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ. ¬
الترغيب في الجليس الصالح والترهيب من الجليس السيء وما جاء فيمن جلس وسط الحلقة وأدب المجلس وغير ذلك
[قال الحافظ]: قد ذهب جمهور العلماء إلى أن اللعب بالنرد حرام، ونقل بعض مشايخنا الإجماع على تحريمه، واختلفوا في اللعب بالشطرنج؛ فذهب بعضهم إلى إباحته لأنه يستعان به في أمور الحرب ومكائده لكن بشروط ثلاثة: أحدها: أن لا يؤخر بسببه صلاة عن وقتها. والثاني: أن لا يكون فيه قمار. والثالث: أن يحفظ لسانه حال اللعب عن الفحش والخناء، ورديء الكلام؛ فمتى لعب به، أو فعل شيئاً من هذه الأمور كان ساقط المروءة مردود الشهادة، وممن ذهب إلى إباحته سعيد بن جبير والشعبي، وكرهه الشافعي كراهة تنزيه، وذهب جماعات من العلماء إلى تحريمه كالنرد، وقد ورد ذكر الشطرنج في أحاديث لا أعلم لشيء منها إسناداً صحيحاً ولا حسناً، والله أعلم. الترغيب في الجليس الصالح والترهيب من الجليس السيء وما جاء فيمن جلس وسط الحلقة وأدب المجلس وغير ذلك 1 - عَنْ أَبِي موسى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ (¬1) والْجَلِيسِ السُّوءِ (¬2) كَحَامِلِ الْمِسْكِ (¬3)، وَنَافِخِ الْكِيرِ (¬4)، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ (¬5)، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحاً طَيِّبَةً، ¬
وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يَحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً خَبِيثَةً. رواه البخاري ومسلم [يحذيك]: أي يعطيك. 2 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِنْ لَمْ يُصِبْكَ مِنْهُ شَيْءٌ أَصَابَكَ مِنْ رِيحِهِ (¬1)، وَمَثَلُ الْجَلِيسِ السُّوءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْكِيرِ إِنْ لَمْ يُصِبْكَ مِنْ سَوَادِهِ أَصَابَكَ مِنْ دُخَانِهِ. رواه أبو داود والنسائي. 3 - وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ (¬2). رواه أبو داود. 4 - وَعَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ رَجُلاً قَعَدَ وَسْطَ حَلْقَةٍ. قالَ حُذَيْفَةُ: مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى اللهُ عليه وسلم أَوْ لَعَنَ اللهُ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَنْ جَلَسَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم بنحوه، وقال: صحيح على شرطهما. 5 - وَعَنِ الشِّرِّيدِ بْنِ سُوَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَأَنَا جَالِسٌ وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِي الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي، واتَّكَأْتُ عَلَى أَلْيَةِ يَدِي (¬3) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ تَقْعُدْ قِعْدَةَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ. رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه. وزاد قال ابْن جريج: وَضَعْ رَاحَتَيْكَ (¬4) عَلَى الأَرْضِ. ¬
6 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَامَ لَهُ رَجُلٌ عَنْ مَجْلِسِهِ، فَذَهَبَ لِيَجْلِسَ فِيهِ، فَنَهاهُ (¬1) رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم. رواه أبو داود. 7 - وَفي رواية له عن سعد بن أبي الحسن قال: جَاءَ أَبُو بَكْرَةَ في شَهَادَةٍ، فَقَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ فِيهِ، وَقالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَا. لا يقيمنّ أحدكم رجلاً من مجلسه ثم يجلس فيه الخ 8 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ رَجُلاً مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ، وَلكِنْ تَوَسَّعُوا وَتَفَسَّحُوا (¬2) يَفْسَح اللهُ لَكُمْ. 9 - وفي رواية قال: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ لَمْ يَجْلِسْ فِيهِ. رواه البخاري ومسلم. 10 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا النبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم جَلَسَ أَحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي (¬3). رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وابن حبان في صحيحه. 11 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلاَّ بِإذْنِهِمَا. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن. 12 - وفي رواية لأبي داود: لاَ يُجْلَسُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إِلاَّ بإِذْنِهِمَا. ¬
13 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهث أَن رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِه (¬1). رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة. 14 - وَعَنْ وَهْبِ بْنِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَن رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الرَّجُلُ أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ، فَإِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ. رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه. 15 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: خَيْرُ الْمَجَالِسِ أَوْسَعُهَا. رواه أبو داود. إياكم والجلوس بالطرقات 16 - وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِيَّاكُمْ والْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ (¬2). قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَنَا بُدٌّ (¬3) مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنْ أَبَيْتُمْ فأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ. قالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: غَضُّ الْبَصَرِ (¬4)، وَكَفُّ الأَذَى (¬5)، وَرَدُّ السَّلاَمِ (¬6)، والأَمْرُ بالمعْرُوفِ (¬7)، والنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ (¬8). رواه البخاري ومسلم وأبو داود. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
الترهيب أن ينام المرء على سطح لا تحجير له أو يركب البحر عند ارتجاجه
الترهيب أن ينام المرء على سطح لا تحجير له أو يركب البحر عند ارتجاجه 1 - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيٍّ: يَعْنِي ابْنَ شَيْبَانَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ ¬
رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ (¬1) لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ (¬2) فَقَدْ بَرِئَتْ منْهُ الذِّمَّةُ. رواه أبو دود. [قال الحافظ]: هكذا وقع في روايتنا حجار بالراء بعد الألف، وفي بعض النسخ: حجاب بالباء الموحدة هو بمعناه. 2 - وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ بِمَحْجُورٍ (¬3) عَلَيْهِ. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب. 3 - وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ رَمَانَا بِاللَّيْلِ (¬4) فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ رَقَدَ (¬5) عَلَى سَطْح لاَ جدَارَ لَهُ فَمَاتَ فَدَمُه هَدَرٌ (¬6). رواه الطبراني. ¬
الترهيب أن ينام الإنسان على وجهه من غير عذر
4 - وَعَنْ أَبي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ قالَ: كُنَّا بِفَارِسَ، وَعَلَيْنَا أَمِيرٌ يُقَالُ لَهُ: زُهَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَأَبْصَرَ إِنْسَاناً فَوْقَ بَيْتٍ أَوْ إِجَّارٍ لَيْس حَوْلَهُ شَيْءٌ، فَقَالَ لِي: سَمِعْتَ في هذَا شَيْئاً؟ قُلْتُ: لاَ. قالَ: حَدَّثَني رَجُلٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ بَاتَ فَوْقَ إِجَّارٍ، أَوْ فَوْقَ بَيْتٍ لَيْسَ حَوْلَهُ شَيْءٌ يَردُّ رِجْلَهُ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ وَمَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ بَعْدَمَا يَرْتَجُّ (¬1) فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ. رواه أحمد مرفواعاً هكذا وموقوفاً ورواتهما ثقات والبيهقي مرفوعاً. 5 - وفي رواية للبيهقي عن أبي عمران أيضاً قال: كُنْتُ مَعَ زُهَيْرٍ الشَّنَوِيِّ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ نَائِمٍ عَلَى ظَهْرِ جِدَار، وَلَيْسَ لَهُ مَا يَدْفَعُ رِجْلَيْهِ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، ثُمَّ قالَ قُمْ، ثُمَّ قَالَ زُهَيْرٌ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ جِدَارٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَا يَدْفَعُ رِجْلَيْهِ، فَوَقَعَ فَمَاتَ، فَقَدْ بَرئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَمَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ في ارْتِجَاجِهِ، فَغَرِقَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ. قال البيهقي: ورواه شعبة عن أبي عمران عن محمد بن أبي زهير، وقيل: عن محمد بن زهير بن أبي علي، وقيل: عن زهير بن أبي جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: غير ذلك. [الإجّار] بكسر الهمزة وتشديد الجيم: هو السطح. [وارتجاج البحر]: هيجانه. الترهيب أن ينام الإنسان على وجهه من غير عذر 1 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَرَّ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم بِرَجُلٍ مُضْطَجِعٍ (¬2) عَلَى بَطْنِهِ، فَغَمَزَهُ (¬3) بِرِجْلِهِ، وَقال: إِنَّ هذِهِ ضَجْعَةٌ (¬4) لاَ يُحِبُّهَا اللهُ عَزَّ ¬
وَجَلَّ. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، واللفظ له، وقد تكلم البخاري في هذا الحديث. 2 - وَعَنْ يَعِيشَ بْنِ طخْفَةَ بْنِ قَيْسِ الْغِفَاريِّ قال: كانَ أَبي مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: انْطَلِقُوا بِنَا إِلى بَيْتِ عَائِشَةَ، فَانْطَلَقْنَا فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَطْعِمِينَا فَجَاءَتْ بِحَشِيشَةٍ (¬1) فَأَكَلْنَا، ثُمَّ قالَ: يَا عَائِشَةُ أَطْعِمِيْنَا، فَجَاءَتْ بِحَيْسَةٍ (¬2) مِثْلِ الْقَطاةِ فَأَكَلْنَا، ثُمَّ قالَ: يَا عَائِشَةُ اسْقِنَا، فَجَاءَتْ بِعُسٍّ (¬3) مِنْ لَبنٍ فَشَرِبْنَا، فَجَاءَتْ بِقَدَحٍ صَغِيرٍ فَشَرِبْنَا، ثُمَّ قالَ: إِنْ شِئْتُمْ بِتُّم (¬4)، وَإِنْ شِئْتُمْ انْطَلَقْتُمْ إِلى المسْجِدِ. قَال: فَبَيْنَا أَنَا مُضْطَجِعٌ مِنَ السَّحَرِ (¬5) عَلَى بَطْنِي إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يُحْرِكُنِي بِرِجْلِهِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ ضَجْعَةٌ يَبْغُضُهَا (¬6) اللهُ عَزَّ وجَلَّ. قالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم. رواه أبو داود واللفظ له، ورواه النسائي عن قيس بن طغفة بالغين المعجمة قال: حدثني أبي فذكره وابن ماجة عن قيس بن طهفة بالهاء عن أبيه مختصراً، ورواه ابن حبان في صحيحه عن قيس بن طغفة بالغين المعجمة عن أبيه كالنسائي، ورواه ابن ماجة أيضاً عن ابن طهفة أو طخفة على اختلاف النسخ عن أبي ذر قال: مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وأَنَا مُضْطَجِعٌ عَلَى بَطْنِي، فَرَكَضنِي بِرِجْلِهِ (¬7)، وَقالَ: يَا جُنَيْدَبُ (¬8) إِنَّما هذِهِ ضَجْعَةُ أَهْلِ النَّارِ، قالَ أَبو عمر النمري: اختلف فيه اختلافاً كثيراً ¬
الترهيب من الجلوس بين الظل والشمس والترغيب في الجلوس مستقبل القبلة
واضطرب فيه اضطراباً شديداً، فقيل طهفة بن قيس بالهاء، وقيل: طخفة بالخاء، وقيل: ضغفة بالغين، وقيل: طقفة بالقاف والفاء، وقيل: قيس بن طخفة، وقيل: عبد الله بن طخفة عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم، وقيل: طهفة عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم، وحديثهم كلهم واحد قال: كُنْتُ نَائِماً بِالصُّفَّةِ، فَرَكَضَنِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بِرجْلِهِ، وَقَالَ: هذِهِ نَوْمةٌ يَبْغَضُهَا اللهُ. وكان من أهل الصفة، ومن أهل العلم من يقول إن الصحبة لأبيه عبد الله، وإنه صاحب القصة انتهى، وذكر البخاري فيه اختلافاً كثيراً، وقال طغفة بالغين خطأ، والله أعلم. [الحيسة] على معنى القطعة من الحيس: وهو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن، وقد يجعل عوض الأقط دقيق. [والعس]: القدح الكبير الضخم حرز ثمانية أرطال أو تسعة الترهيب من الجلوس بين الظل والشمس والترغيب في الجلوس مستقبل القبلة نهى رسول الله أن يجلس الرجل بين الضح والظل 1 - عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أصْحَابِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّ النَّبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم نَهى أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ بَيْنَ الضَّحِّ والظِّلِّ، وَقالَ: مَجْلِسُ الشَّيْطَانِ. رواه أحمد بإسناد جيد، والبزار بنحوه من حديث جابر، وابن ماجة بالنهي وحده من حديث بريدة. [الضحّ] بفتح الضاد المعجمة وبالحاء المهملة: هو ضوء الشمس إذا استمكن من الأرض. وقال ابن الأعرابي: هو لون الشمس. 2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الْفَيءِ، وَفِي روايَةٍ: فِي الشَّمْسِ، فَقَلَصَ (¬1) عَنْهُ الظِّلُّ، فَصَارَ بَعْضُهُ ¬
الترغيب في سكنى الشام وما جاء في فضلها
في الشَّمْسِ، وَبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ فَلْيَقُمْ. رواه أبو داود، وتابعيه مجهول، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، ولفظه: نَهى رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ بَيْنَ الظِّلِّ والشَّمْسِ. 3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَيِّداً، وَإِنَّ سَيِّدَ الْمَجَالِسِ (¬1) قُبَالَةُ الْقِبْلَةِ. رواه الطبراني بإسناد حسن. 4 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: أَكْرَمُ المَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ. رواه الطبراني في الأوسط. 5 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شَرَفاً (¬2)، وَإِنَّ أَشْرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ. رواه الطبراني، وفيه أحاديث غير هذه لا تسلم من مقال. الترغيب في سكنى الشام وما جاء في فضلها 1 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: اللَّهُم بَارِكْ لَنَا في شَامِنَا (¬3)، وَبَارِكْ لَنَا في يَمَنِنَا (¬4). قالُوا: وَفِي نَجْدِنَا؟ قالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا، وَبَارِكْ لَنَا في يَمَنِنَا. قالُوا: وَفِي نَجْدِنَا؟ قالَ: هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ (¬5)، وَبِهَا أَوْ قالَ: مِنْهَا يَخْرُجُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ (¬6). رواه الترمذي، وقال حديث حسن غريب. ¬
2 - وَعَنِ ابْنِ حَوَالَةَ، وَهُوَ عَبْدُ اللهِ قالَ: قالَ رَسولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم: سَيَصِيرُ الأَمْرُ أَنْ تَكُونُوا أَجْناداً مُجَنَّدَةً: جُنْدٌ بالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِاليَمَنِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ قال ابْنُ حَوَالَةَ: خِرْ لِي (¬1) يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالشَّامِ فَإِنَّهَا خِيَرَةُ اللهِ (¬2) مِنْ أَرْضِهِ يَجْتَبي (¬3) إِلَيْهَا خِيَرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَأَمَّا إِن أَبَيْتُمْ (¬4) فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ، وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ (¬5)، فَإنَّ اللهَ تَوَكَّلَ، وَفِي رِوَايَةٍ: تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ. رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 3 - وَعَنْهُ أَنَّهُ قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ خِرْ لِي بَلَداً أَكُونَ فِيهِ، فَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَبْقَى لَمْ أَخْتَرْ عَنْ قُرْبِكَ شَيْئاً، فَقَالَ علَيْكَ بِالشَّامِ، فَلَمَّا رَأَى كَرَاهِيَتِي لِلشَّامِ قالَ: أَتَدْرِي مَا يَقُولُ اللهُ فِي الشَّامِ؟ إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ يَقُولُ: يَا شَامُ أَنْتِ صَفْوَتِي مِنْ بِلادِي أُدْخِلُ فِيكِ خِيرَتِي مِنْ عِبَادِي. إِنَّ اللهَ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِه. رواه الطبراني من طريقين إحداهما جيدة. 4 - وَعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ قامَ يَوْماً في النَّاسِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوشِكُونَ أَنْ تَكُونُوا أَجْنَاداً مُجَنَّدَةً: جُنْدٌ بِالشَّامِ وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ، وَجنْدٌ بالْيَمَن، فَقَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكَنِي ذلِكَ الزَّمَانُ فاخْتَر لِي قالَ: إِنِّي أَخْتَارُ لَكَ الشَّامَ، فَإِنَّهُ خِيَرَةَ الْمُسْلِمينَ، وَصَفْوَةُ اللهِ مِنْ بِلادِه يَجْتَبي إلَيْهَا صَفْوَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ. فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِه، وَلْيَسق مِنْ غُدُرِهِ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشامِ وأَهْلِهِ. رواه الطبراني، ورواته ثقات، ورواه البزار والطبراني أيضاً من حديث أبي الدرداء بنحوه بإسناد حسن. 5 - وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ¬
يُجَنَّدُ النَّاسُ أَجْنَاداً: جُنْدٌ بِالْيَمَنِ، وَجندٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالمَشْرِقِ، وَجُنْدٌ بِالْمَغْرِب فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ خِرْ لِي إِنِّي فَتَىً شَابٌّ فَلَعَلِّي أُدْرِك ذَلِكَ، فَأَيُّ ذلِكَ تَأْمُرُنِي؟ قالَ: عَلَيْكَ بِالشَّامِ. رواه الطبراني من طريقين إحداهما حسنة. 6 - وفي رواية عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم يَقُولُ لِحُذَيْفَةَ بْنُ الْيَمَانِ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَهُمَا يَسْتَشِيرَانِهِ فِي الْمَنْزِلِ، فَأَوْمَأَ إِلى الشَّامِ (¬1)، ثمّ سَأَلاَهُ فَأَوْمَأَ إِلى الشَّامِ. قالَ: عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ، فإِنَّهَا صَفْوَةُ بِلاَدِ اللهِ يُسْكِنُهَا خِيرَتَهُ مِنْ خَلْقِه، فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ، وَلْيَسْقِ مِنْ غُدُرِهِ، فَإنَّ اللهَ تَكَفَّلَ بِالشَّامِ وأَهْلِهِ. 7 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، فَخِيَارُ أَهْلِ الأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ مَهَاجِرَ إِبْرَاهِيمَ وَيَبْقَى في الأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا تَلْفِظُهُمْ أَرَضُوهُمْ، وَتَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللهِ، وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ والْخَنَازِيرِ. رواه أبو داود عن شهر عنه، والحاكم عن أبي هريرة عنهُ، وقال: صحيح على شرط الشيخين كذا قال. 8 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ عَمُودَ الْكِتَابِ انْتُزِعَ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي، فَإذَا هُوَ نُورٌ سَاطِعٌ عُمِدَ بِهِ (¬2) إِلى الشَّامِ. أَلاَ وَإِنَّ الإِيمانَ إِذَا وَقَعَتِ الْفِتَنُ بِالشَّامِ رواه الطبراني في الكبير والأوسط، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما. 9 - وفي رواية للطبراني: إِذَا وَقَعَتِ الْفِتَنُ فَالأَمْنُ بِالشَّامِ. وَرواه أحمد من حديث عمرو بن العاصي. 10 - وَعَنْ أَبِي الدّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ احْتُمِلَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي، فَعُمِدَ بِهِ (¬1) إِلى الشام. أَلاَ وَإِنَّ الإِيمانَ حِينَ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ. رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح. 11 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَمُوداً أَبْيَضَ كَأَنَّهُ لُؤْلُؤَةٌ تَحْمِلُهُ الْملائِكَةُ. قُلْتُ: مَا تَحْمِلُونَ؟ فَقَالُوا: عَمُودَ الْكِتَابِ أُمِرْنَا أَنْ نَضَعَهُ بِالشَّامِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ اخْتُلِسَ (¬2) مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي. فَظَنَنْتُ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ تَخَلَّى مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي، فَإِذَا هُوَ نُورٌ سَاطِعٌ بَيْنَ يَدَيَّ حَتَّى وُضِعَ بِالشَّامِ، فَقَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ خِرْ لِي، قالَ عَلَيْكَ بِالشَّامِ. رواه الطبراني، ورواته ثقات. الشام صفوة الله من بلاده 12 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبي صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الشَّامُ صَفْوَةُ اللهِ مِنْ بِلاَدِهِ إِلَيْهَا يَجْتَبي صَفْوَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَمَنْ خَرَجَ مِنَ الشَّامِ إِلى غَيْرِهَا فَبِسَخَطِهِ (¬3)، وَمَنْ دَخَلَهَا مِنْ غَيْرِهَا فَبِرَحْمَتِهِ. رواه الطبراني والحاكم كلاهما من رواية عفير بن معدان، وهو واهٍ عن سليم بن عام عنه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد كذا قال. 13 - وَعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: نَزَلَتْ عَلَيَّ النُّبُوَّة مِنْ ثَلاَثَةِ أَمَاكِنَ: مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ والشَّامِ، فَإنْ أُخْرِجَتْ مِنْ إِحْدَاهُنَّ لَمْ تَرْجِعْ (¬4) إِلَيْهِنَّ أَبَداً. رواه أبو داود في المراسيل من رواية بقية. 14 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَهْلُ الشَّامِ، وَأَزْوَاجُهُمْ، وَذَرَارِيهِمْ، وَعَبِيدُهُمْ، وَإِمَاؤُهمْ إِلى مُنْتَهَى الْجَزِيرَةِ (¬5) مُرَابِطُونَ، فَمَنْ نَزَلَ مَدِينَةً مِنَ الْمَدَائِنِ (¬6) فَهُوَ في رَبَاطٍ، أَوْ ثَغْراً (¬7) مِنَ الثُّغُورِ فَهُوَ ¬
في جِهَادٍ. رواه الطبراني وغيره عن معاوية بن يحيى أبي مطيع، وهو حسن الحديث عن أرطاة بن المنذر عمن حدثه عن أبي الدرداء، ولم يسمه. 15 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَوْماً ونحْنُ عِنْدَهُ: طُوبَى (¬1) لِلشَّامِ. إِنَّ مَلائِكَةَ الرَّحْمنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَهَا عَلَيْهِ. رواه الترمذي وصححه وابن حبان في صحيحه والطبراني بإسناد صحيح، ولفظه: قالَ: رسول الله صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ عِنْدَهُ: طُوبَى للشَّامِ. قُلْنَا: مَالَهُ يَا رَسُولَ الله؟ قالَ: إِنَّ الرَّحمنَ لَبَاسِطٌ رَحْمَتَهُ عَلَيْهِ. 16 - وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: سَيَخْرُجُ عَلَيْكُمْ في آخِر الزَّمَانِ نَارٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ تَحْشُرُ النَّاسَ. قالَ: قُلْنَا: بِمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولُ اللهِ؟ قالَ: عَلَيْكُمْ بِالشّامِ رواه أحمد والترمذي، وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. 17 - وَعَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: أَهْلُ الشّامِ سَوْطُ اللهِ في أَرْضِهِ يَنْتَقِمُ بِهِمْ مِمَّنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وحَرَامٌ عَلَى مُنَافِقِيهِمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى مُؤمِنِيهِمْ، وَلاَ يَمُوتُوا إِلاَّ هَمَّاً وَغما. رواه الطبراني مرفوعاً هكذا وأحمد موقوفاً، ولعله الصواب، ورواتهما ثقات، والله أعلم. 18 - وَعَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ في الْمَلْمَحَةِ الْكُبْرَى: فُسْطَاط الْمُسْلِمِينَ بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا الْغُوطَةُ فِيهَا مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ خَيْرُ مَنَازِلِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. [قوله فسطاط المسلمين] بضم الفاء: أي مجتمع المسلمين. ¬
الترهيب من الطيرة
الترهيب من الطيرة 1 - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال: الطِّيَرَةُ شِرْكٌ (¬1). الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، وَمَا مِنَّا إِلاَّ (¬2) وَلكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ (¬3). رواه أبو داود، واللفظ له والترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. [قال الحافظ]: قال أبو القاسم الأصبهاني وغيره: في الحديث إضمار والتقدير وما منا إلا وقد وقع في قلبه شيء من ذلك، يعني قلوب أمته، ولكن الله يذهب ذلك عن قلب كل من يتوكل على الله، ولا يثبت على ذلك، هذا لفظ الأصبهاني، والصواب ما ذكره البخاري وغيره أن قوله: وما منا إلى آخره من كلام ابن مسعود مدرج غير مرفوع. [قال الخطابي]: وقال محمد بن إسماعيل: كان سليمان بن حرب ينكر هذا الحرف، ويقول: ليس من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأنه قول ابن مسعود، وحكى الترمذي عن البخاري أيضاً عن سليمان بن حرب نحو هذا. 2 - وَعَنْ قَطَنِ بْنِ قَبِيصَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: الْعِيَافَةُ (¬4). ¬
الترهيب من اقتناء الكلب إلا لصيد أو ماشية
وَالطِّيَرَةُ، وَالطَّرْقُ (¬1) مِنَ الْجِبْتِ (¬2). رواه أبو داود والنسائي، وابن حبان في صحيحه. وقال أبو داود: الطرق: الزجر، والعيافة: الخط. 3 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَنْ يَنَالَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مَنْ تَكَهَّنَ (¬3) أَوِ اسْتَقْسَمَ (¬4) أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرٍ تَطَيُّراً (¬5). رواه الطبراني والبيهقي، وأحد إسنادي الطبراني ثقات. الترهيب من اقتناء الكلب إلا لصيد أو ماشية 1 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَنِ اقْتَنَى كَلْباً (¬6) إِلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ ¬
قِيرَاطَانِ. رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي. ¬
2 - وفي رواية للبخاري أنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنِ اقْتَنَى كَلْباً لَيْسَ بِكَلْبِ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ. 3 - ولمسلم: أَيُّمَا أَهْلِ دَارٍ اتَّخَذُوا كَلْباً إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ (¬1) أَوْ كَلْبَاً صَائِداً (¬2) نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ. 4 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أَمْسَكَ كَلْباً فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ إِلاَّ كَلْبَ حَرْثٍ (¬3) أَوْ مَاشِيَةٍ. رواه البخاري ومسلم. 5 - وفي رواية لمسلم: مَنِ اقْتَنَى كَلْباً لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ، وَلاَ مَاشِيَةٍ، وَلاَ أَرْضٍ (¬4)، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ. 6 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنِّي لَمِمَّنْ يَرْفَعُ أَغْصَانَ الشَّجَرَةِ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَهُوَ يَخْطُبُ فَقَالَ: لَوْلاَ أَنَّ الْكِلابَ أُمَّةٌ (¬5) مِنَ الأُمَمِ لأَمَرْتُ بِقَتْلهَا، فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بِهِيمٍ (¬6)، وَمَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يَرْتَبطُونَ ¬
كَلْباً إِلاَّ نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ إِلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ، أَوْ كَلْبَ غَنَمٍ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن وابن ماجة إلا أنه قال: وَمَا مِنْ قَوْمٍ اتَّخَذُوا كَلْباً إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أَوْ كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ إِلا نَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ. إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب أو صورة 7 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: وَاعَدَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم جِبْرِيلُ صلى اللهُ عليه وسلم في سَاعَةٍ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَتْ تِلْكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأْتِهِ. قَالَتْ: وَكَانَ بِيَدِهِ عَصاً، فَطَرَحَهَا مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: مَا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلاَ رُسُلُهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَإِذَا جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ، فَقَالَ: مَتَى دَخَلَ هذَا الْكَلْبُ؟ فَقُلْتُ: واللهِ مَا دَرَيْتُ (¬1)، فَأَمَرَ بِهِ فأُخْرِجَ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ صلى اللهُ عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَدْتَنِي فَجَلَسْتُ لَكَ، وَلَمْ تَأْتِنِي؟ فَقَالَ: مَنَعَنِي الْكَلْبُ الَّذِي كَانَ في بَيْتِكَ. إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتَاً فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ. رواه مسلم. 8 - وَعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: احْتَبَسَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: مَا حَبَسَكَ؟ فَقَالَ: إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ. رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح. 9 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ (¬2)، فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ في بَابِ الْبَيْتِ تِمْثَالُ (¬3) الرِّجَالِ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ (¬4) فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَال الَّذِي فِي الْبَابِ فَلْيُقْطَعْ (¬5)، ¬
الترهيب من سفر الرجل وحده أو مع آخر فقط وما جاء في خبر الأصحاب عدة
فَيَصِيرَ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ وَيُجْعَلَ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ (¬1) مُنْتَبِذَتَيْنِ (¬2) تُوطَآنِ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجَ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَكَانَ ذَلِكَ الْكَلْبُ جِرْواً لِلْحُسَيْنِ أَوْ لِلْحَسَنِ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فأُخْرِجَ (¬3). رواه أبو داود والترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي وابن حبان في صحيحه. [النضد] بفتح النون والضاد المعجمة: هو السرير لأنه ينضد عليه المتاع. 10 - وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَعَلَيْهِ الْكَآبَةُ، فَسَأَلْتُهُ مَا لَهُ (¬4)؟ فَقَالَ: لَمْ يَأْتِنِي جِبْرِيلُ مُنْذُ ثَلاثٍ، فَإِذَا جِرْوُ كَلْبٍ بَيْنَ بُيُوتِهِ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، فَبَدَا لَهُ (¬5) جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَهَشَّ (¬6) إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَالَكْ لَمْ تَأْتِنِي (¬7)؟ فَقَالَ: إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتَاً فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ تَصَاوِيرُ. رواه أحمد، ورواته محتج بهم في الصحيح، ورواه الطبراني في الكبير بنحوه، وقد روى هذه القصة غير واحد من الصحابة بألفاظ متقاربة، وفيما ذكرناه كفاية. الترهيب من سفر الرجل وحده أو مع آخر فقط وما جاء في خبر الأصحاب عدة 1 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مِنَ الْوِحْدَةِ (¬8) مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ. رواه البخاري والترمذي وابن خزيمة في صحيحه. ¬
2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَعَنَ (¬1) رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مُخَنِّثِي الرِّجَالِ الَّذِينَ يَتَشَبَّهُونَ بالنِّسَاءِ (¬2)، وَالمُتَرَجِّلاَتِ (¬3) مِنَ النِّسَاءِ المُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ، وَرَاكِبَ الْفَلاَةِ (¬4) وَحْدَهُ. رواه أحمد من رواية الطيب بن محمد، وبقية رواته رواة الصحيح. 3 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلاً قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ صَحِبْتَ؟ قالَ: مَا صَحِبْتُ أَحَداً، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم: الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ (¬5)، والرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلاَثَةُ رَكْبٌ (¬6). رواه الحاكم وصححه، وروى المرفوع منه مالك وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي، وابن خزيمة في صحيحه، وبوّب عليه باب النهي عن سير الاثنين، والدليل على أن ما دون الثلاثة من المسافرين عصاة إذ النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم قد أعلم أن الواحد شيطان، والاثنان شيطانان، ويشبه أن يكون معنى قوله شيطان: أي عاص كقوله: شياطين الإنس والجن معناه عصاة الإنس والجن انتهى. ¬
ترهيب المرأة أن تسافر وحدها بغير محرم
4 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الْوَاحِدُ شَيْطَانٌ، والاثْنَانِ شَيْطَانَان، والثَّلاثَةُ رَكْبٌ. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. 5 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا (¬1) أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ (¬2) اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً مِنْ قِلَّةٍ. رواه أبو داود والترمذي وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، وقال الترمذي: حديث حسن غريب، ولا يسنده كبير أحد، وذكر أنه روي عن الزهري مرسلاً. ترهيب المرأة أن تسافر وحدها بغير محرم 1 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ (¬3) تُؤْمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَراً يَكُونُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فصاعِداً إِلاَّ وَمَعَهَا أَبُوهَا، أَوْ أَخُوهَا، أَوْ زَوْجُهَا، أَوِ ابْنُهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا (¬4). رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة. ¬
الترغيب في ذكر الله لمن ركب دابته
2 - وَفي رواية للبخاري ومسلم: لاَ تُسَافِرُ المَرْأَةُ يَوْمَيْن مِنَ الدَّهْر إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا أَوْ زَوْجُهَا. 3 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ ثَلاثَاً إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا. رواه البخاري ومسلم وأبو داود. 4 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ اللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلاّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا وفي رواية: مَسِيرَةَ يَوْمٍ، وَفِي أُخْرَى: مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا. رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه. وفي رواية لأبي داود وابن خزيمة: أَنْ تُسَافِرَ بَرِيداً. الترغيب في ذكر الله لمن ركب دابته 1 - عَنْ أَبِي لاَسٍ الخُزَاعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: حَمَلَنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَلى إِبِلٍ (¬1) مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ بُلَّحٍ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا نَرَى أَن تَحْمِلَنَا هذِهِ؟ فَقَالَ: مَا مِنْ بَعِيرٍ إِلاَّ فِي ذِرْوَتِهِ (¬2) شَيْطَانٌ، فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا رَكِبْتُمُوهَا كما أَمَرَكُمُ اللهُ، ثُمّض امْتَهِنُوهَا (¬3) لأَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّمَا يَحْمِلُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ. رواه أحمد والطبراني وابن خزيمة في صحيحه. [قوله: بلح] هو بضم الموحدة وتشديد اللام بعدها حاء مهملة، ومعناه أنها قد أعيت ¬
وعجزت عن السير. يقال: بلح الرجل بتخفيف اللام وتشديدها: إذا أعيا، فلم يقدر أن يتحرك، واسم أبي لاس بالسين المهملة عبد الله بن غنمة، وقيل: زياد له حديثان عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم أحدهما هذا. 2 - وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ عَمْروٍ الأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: علَى كُلِّ بَعِيرٍ شَيْطَانٌ، فَإِذَا رَكِبْتُمُوهَا، فَسَمُّوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلاَ تُقَصِّرُوا (¬1) عَنْ حَاجَاتِكُمْ رواه أحمد والطبراني وإسنادهما جيد. الحث على ذكر الله عز شأنه بعد ركوب الدابة 3 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَرْدَفَهُ (¬2) عَلَى دَابَّتِهِ فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهَا (¬3) كَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ثَلاثَاً (¬4) وَحَمِدَ اللهَ ثَلاثَاً، وسَبَّحَ اللهَ ثَلاثَاً، وَهَلَّلَ اللهَ وَاحِدَةً، ثُمَّ اسْتَلْقَى (¬5) عَلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيْهِ (¬6) فَقَالَ: مَا مِنِ امْرئٍ يَرْكَبُ دَابَّتَهُ (¬7)، فَصَنَعَ مَا صَنَعْتُ إِلاَّ أقْبَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ (¬8)، فَضَحِكَ إِلَيْهِ (¬9). رواه أحمد. 4 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا مِنْ رَاكِبٍ يَخْلُو في مَسِيرِهِ بِاللهِ (¬10) وَذِكْرِهِ إِلاَّ رَدِفَهُ مَلَكٌ (¬11)، وَلاَ يَخْلُو بِشِعْر وَنَحْوِهِ إِلاَّ رَدِفَهُ شَيْطَانٌ (¬12). رواه الطبراني بإسناد حسن. ¬
الترهيب من استصحاب الكلب والجرس في سفر وغيره
الترهيب من استصحاب الكلب والجرس في سفر وغيره 1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ تَصْحَبُ الْملاَئِكَة (¬1) رُفقةً فِيهَا كَلْبٌ أَوْ جَرَسٌ (¬2). رواه مسلم وأبو داود والترمذي. 2 - وفي رواية لأبي داود: وَلاَ تَصْحَبُ الْمَلائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جِلْد نَمرٍ. ذَكَرَهَا فِي اللِّبَاسِ. الجرس مزامير الشيطان 3 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الجَرَسُ مَزَامِيرُ (¬3) الشَّيْطَانِ. رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه. ¬
4 - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لاَ تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتاً فِيهِ جَرَسٌ، وَلاَ تَصْحَبُ المَلاَئِكَةُ رُفْقَةً (¬1) فِيهَا جَرَسٌ. رواه أبو داود والنسائي. 5 - وَعَنْ أُمِّ حَبيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لاَ تَصْحَبُ الملائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ. رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه، ولفظه: قالَ: إِنَّ الْعِيرَ الَّتِي فِيهَا الْجَرَسُ لاَ تَصْحَبُهَا الملاَئِكَةُ. 6 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَمَرَ بالأَجْراسِ أَنْ تُقْطَعَ (¬2) مِنْ أَعْناقِ الإِبِلِ يَوْمَ بَدْرٍ (¬3)، رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
7 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم أَمَرَ بقَطْعِ الأَجْرَاسِ. رواه ابن حبان في صحيحه أيضاً. 8 - وَعَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنّ مَوْلاةً لَهُمْ ذَهَبَتْ بِابْنَةِ الزُّبَيْرِ إِلى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَفي رِجْلَيْهَا أَجْرَاسٌ، فَقَطَعَهَا عُمَرُ (¬1) وَقال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ مَعَ كُلِّ جَرَسٍ شَيْطَاناً. رواه أبو داود، ومولاة لهم مجهولة، وعامر لم يدرك عمر بن الخطاب. 9 - وَعَنْ بُنَانَةَ مَوْلاةِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ حَيَّانَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا إِذْ دَخَلَ عَلَيْهَا جَارِيةٌ وَعَلَيْهَا جَلاَجِلُ يُصَوِّتْنَ، فَقَالَتْ: لاَ تُدْخِلْنَهَا عَلَيَّ إِلاَّ أَنْ تَقْطَعَنَّ جَلاَجِلَهَا (¬2)، وَقالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لاَ تَدْخُلُ الْملائِكَةُ بَيْتاً فِيهِ جَرَسٌ. رواه أبو داود. ¬
الترغيب في الدلجة وهو السفر بالليل والترهيب من السفر أوله ومن التعريس في الطرق والافتراق في المنزل والترغيب في الصلاة إذا عرس الناس
[بنانة]: بضم الباء الموحدة ونونين. 10 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لاَ تَصْحَبُ المَلائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جُلْجُلٌ. 11 - وفي رواية: قالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ سَالِمٍ، فمرَّ بِنَا رَكْبٌ لأُمِّ الْبَنِينِ مَعَهُمْ أَجرَاسٌ، فَحَدّثَ سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ أَنّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لاَ تَصْحَبُ الْملائِكَةُ رَكْباً مَعَهُمْ جُلْجُلٌ كَمْ تَرَى مَعَ هَؤلاءِ (¬1) مِنْ جُلْجُلٍ؟. رواه النسائي. الترغيب في الدلجة، وهو السفر بالليل والترهيب من السفر أوّله، ومن التعريس في الطرق، والافتراق في المنزل والترغيب في الصلاة إذا عَرَّس الناسُ 1 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: عَلَيْكُمْ بالدُّلْجَةِ (¬2)، فَإِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِالَّليْلِ. رواه أبو داود. 2 - وَعَنْ جَابِرٍ، وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ تُرْسِلُوا مَوَاشِيَكُمْ (¬3) إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، ¬
فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تُبْعَثُ (¬1) إِذَا غَابَت الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ. رواه مسلم وأبو داود والحاكم، ولفظه: احْبِسُوا صِبْيَانَكُمْ حَتَّى تَذْهَب فوْعَة الْعِشَاءِ، فإنهَا سَاعَةٌ تَخْتَرقُ فيهَا الشَّيَاطِينُ. وقال: صحيح على شرط مسلم. 3 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَقِلُّوا الْخُروجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ. إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبُثُّ (¬2) في لَيْلِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا يَشَاء. رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه، واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 4 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الخِصْبِ (¬3)، فأَعْطُوا الإِبِلَ حَظَّهَا (¬4) مِنَ الأَرْضِ، وَإِذَا سَافَرْتُم في الجَدْبِ (¬5)، فَأَسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ، وَبَادِرُوا بِهَا نِقْيَهَا، وَإِذَا عَرَّسْتُمْ فاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ فَإِنَّهَا طَريقُ الدَّوَابِّ (¬6). وَمَأْوَى الْهَوَامِ بِالَّليْلِ. رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. [نقيها] بكسر النون وسكون القاف بعدها ياء مثناة تحت: أي مخها: ومعناه أسرعوا حتى تصلوا مقصدكم قبل أن يذهب مخها من ضنك السير والتعب. ¬
5 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِيَّاكُمْ وَالتَّعْرِيسَ عَلَى جَوَّادِ (¬1) الطَّرِيقِ، وَالصَّلاَةَ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا مَأْوَى الحَيَّاتِ والسِّبَاعِ، وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا، فَإِنَّها الملاَعِن (¬2). رواه ابن ماجة، ورواته ثقات. [التعريس]: هو نزول المسافر آخر الليل ليستريح. 6 - وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشْنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلُوا تَفَرَّقوا فِي الشِّعَابِ (¬3) وَالأَوْدِيَةِ (¬4)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِي الشِّعَابِ والأَوْدِيَةِ إِنَّمَا ذَلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلَمْ يَنْزِلُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَنْزِلاً إِلاّ انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ (¬5). رواه أبو داود والنسائي. 7 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: ثلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللهُ، وثَلاَثَةٌ يُبْغَضُهُمُ اللهُ. أَمَّا الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللهُ: فَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَتَهُمْ (¬6) حَتى إِذا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إلى أَحَدِهِمْ مِمَّا يُعْدَلُ بِهِ نَزَلُوا (¬7) فَوَضَعُوا رُؤُوسَهُمْ (¬8)، فَقَامَ يَتَمَلَّقُنِي (¬9) وَيَتْلوا آياتي. فذكر الحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما. وتقدم في صدقة السرّ بتمامه. ¬
الترغيب في ذكر الله لمن عثرت دابته
الترغيب في ذكر الله لمن عثرت دابته 1 - عَنْ أَبِي الْمَليْحِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ رَدِيفَ (¬1) النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، فَعَثُرَ بَعِيرُنَا (¬2) ¬
فَقُلْتُ: تَعَسَ الشَّيْطَانُ (¬1) فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ تَقُلْ تَعَسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّهُ يَعْظُمُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْبَيْتِ، وَيَقُولُ: بِقُوَّتِي، وَلكِنْ قُلْ: بِسْمِ اللهِ (¬2)، فَإِنَّهُ يَصْغُرُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الذُّبَابِ. رواه النسائي والطبراني والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. النهي عن الدعاء على الشيطان بالتعسة 2 - وَعَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ عَمَّنْ كَانَ رِدْفَ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: كُنْتُ رِدْفَهُ عَلَى حِمَارٍ، فَعَثُرَ الْحِمَارُ، فَقُلْتُ: تَعَسَ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ تَقُلْ تَعَسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ: تَعَسَ الشَّيْطَانُ تَعَاظَمَ في نَفْسِهِ، وَقالَ: صَرَعْتُهُ بِقُوَّتِي (¬3)، وَإِذَا قُلْتَ: بِسْمِ اللهِ تَصَاغَرَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ (¬4) حَتَّى يَكُونَ أَصْغَرَ مِنْ ذُبَابٍ (¬5) رواه أحمد بإسناد جيد والبيهقي، والحاكم إلا أنه قال: وَإِذَا قِيلَ: بِسْمِ اللهِ خَنَسَ (¬6) حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الذُّبَابِ. وقال: صحيح الإسناد. ¬
الترغيب في كلمات يقولهن من نزل منزلا
الترغيب في كلمات يقولهن من نزل منزلاً 1 - عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً (¬1)، ثُمَّ قالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ (¬2) التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (¬3) لَمْ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ (¬4) مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ. رواه مالك ومسلم والترمذي وابن خزيمة في صحيحه. 2 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَرَجْتُ مِنْ حِمْصَ (¬5)، فَأَوَانِي اللَّيْلُ إِلى الْبَيْعَةِ، فَحَضَرنِي مِنْ أَهْلِ الأَرْض، فَقَرَأْتُ هَذِهِ الآيَةَ مِنَ الأَعْرَافِ: [إِن رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَواتِ والأَرْضَ] إِلى آخر الآية. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: احْرُسُوهُ الآنَ (¬6) حَتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ (¬7) رَكِبْتُ دَابَّتِي. رواه الطبراني ورواته رواة الصحيح إلا المسيب بن واضح. ¬
الترغيب في دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب سيما المسافر
الترغيب في دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب سيما المسافر 1 - عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: حَدَّثَنِي سَيِّدِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ¬
صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا دَعَا الرَّجُلُ لأَخِيهِ (¬1) بِظَهْرِ الْغَيْبِ قالَتِ الملاَئِكَةُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ (¬2). رواه مسلم وأبو داود واللفظ له. [قال الحافظ]: أمّ الدرداء هذه هي الصغرى تابعية، واسمها هجيمة، ويقال: جهيمة بتقديم الجيم، ويقال: جمانة ليس لها صحبة إنما الصحبة لأم الدرداء الكبرى، واسمها خيرة وليس لها في البخاري ولا مسلم حديث قاله غير واحد من الحفاظ. 2 - وَرُويَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: دَعْوَتَانِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ اللهِ حَجَابٌ (¬3): دَعْوَةُ المظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المرْءِ لأخيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ. رواه الطبراني. إن أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب 3 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعاص رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنّ أَسْرَعَ الدُّعَاءِ إِجَابةً (¬4) دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغائِبٍ. رواه أبو داود والترمذي كلاهما من رواية عبد الرحمن بن يزاد بن أنعم، وقال الترمذي: حديث غريب. 4 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الوَالِدِ، وَدَعْوَةُ المظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ (¬5) رواه أبو داود والترمذي في موضعين وحسنه في أحدهما والبزار، ولفظه قالَ: ¬
الترغيب في الموت في الغربة
ثلاَثٌ حَقٌّ عَلى اللهِ أَنْ لاَ يَرُدَّ لَهُمْ دَعْوَةً: الصَّائِمُ (¬1) حَتَّى يُفْطِرَ (¬2) والمظْلُومُ حَتَّى يَنْتَصِرَ (¬3)، والمسَافِرُ حَتَّى يَرْجِعَ (¬4). 5 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرِ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: ثَلاثٌ مُسْتَجَابٌ دَعْوَتُهُمْ: الْوَالِدُ وَالْمُسَافِرُ والمظْلُومُ. رواه الطبراني في حديث بإسناد جيد. الترغيب في الموت في الغربة 1 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: مَاتَ رَجُلٌ بِالمَدِينَةِ مِمَّنْ وُلِدَ بِهَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ثُمَّ قالَ: يَا لَيْتَهُ مَاتَ بِغَيْرِ مَوْلِدِهِ (¬5) قالوا: وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: إِنّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ بِغَيْرِ مَوْلِدِهِ قِيسَ بَيْنَ مَوْلِدِهِ إِلى مُنْقَطَعِ أَثَرِهِ في الْجَنَّةِ. رواه النسائي، واللفظ له، وابن ماجة وابن حبان في صحيحه. 2 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه ¬
وسلم: مَوْتُ غُرْبَةٍ (¬1) شَهَادَةٌ. 3 - رواه ابن ماجة. وروى الطبراني من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة، وهو متروك عن أبيه عن جده، قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ: مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ: مَنْ قُتِلَ في سَبِيلِ اللهِ (¬2) قالَ إِنّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذاً لَقَلِيلٌ مَنْ قُتِلَ في سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَالمُتَرَدِّي شَهِيدٌ (¬3)، والنُّفَسَاءُ شَهِيدٌ (¬4)، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ (¬5)، وَالسُّلُّ شَهِيدٌ (¬6)، والْحَرِيقُ شَهِيدٌ (¬7)، والْغَرِيبُ شَهِيدٌ (¬8). ¬
[قال الحافظ]: وقد جاء في أن موت الغريب شهادة جملة من الأحاديث لا يبلغ شيء منها درجة الحسن فيما أعلم. ¬
كتاب التوبة والزهد
كتاب التوبة والزهد الترغيب في التوبة، والمبادرة بها، وإتباع السيئةِ الحسنة 1 - عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ (¬1) يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ (¬2)، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا (¬3). رواه مسلم والنسائي. 2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللهُ عَلَيْهِ. رواه مسلم. 3 - وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ مِنْ قِبَلِ المغْرِبِ لَبَاباً مَسِيرَةُ عَرْضِهِ أَرْبَعُونَ عَاماً (¬4) أَوْ سَبْعُونَ سَنَةً فَتَحَهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ لِلتَّوْبَةِ (¬5) يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ فَلاَ يُغْلِقُهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْهُ (¬6). ¬
رواه الترمذي في حديث والبيهقي، واللفظ له، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. 4 - وفي رواية له وصححها أيضاً، قال: زِرٌّ، يعني ابن حبيش: فَمَا بِرِحَ يَعْنِي صَفْوان يُحَدِّثُنِي حَتَّى حَدَّثَني أَنَّ اللهَ جَعَلَ بِالمَغْرِبِ بَاباً عَرْضُهُ مَسِيرَةُ سَبْعِينَ عَاماً لِلتّوبَةِ لاَ يُغْلَقُ مَا لَمْ تَطلُعِ الشَّمْسُ مِنْ قِبَلِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: [يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا (¬1) الآية. وليس في هذه الرواية ولا الأول تصريح برفعه كما صرح البيهقي، وإسناده صحيح أيضاً. للجنة ثمانية أبواب، الحديث 5 - وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لِلْجَنَّةِ ثَمانِيَةُ أَبْوَابٍ: سَبْعَةٌ مُغْلَقَةٌ، وبَابٌ مَفْتُوحٌ لِلتّوْبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ. رواه أبو يعلى والطبراني بإسناد جيد. 6 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: ¬
لَوْ أَخْطَأْتُم (¬1) حَتَّى تَبْلُغَ السَّمَاءَ، ثُمَّ تُبْتُمْ لَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ (¬2). رواه ابن ماجة بإسناد جيد. 7 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ أَنْ يَطُولَ عُمُرُهُ، وَيَرْزُقَهُ اللهُ الإِنَابَةَ (¬3). رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. من أراد أن يسبق الدائب المجتهد فليكفّ عن الذنوب 8 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْبِقَ الدَّائِبَ المُجْتَهِدَ فَلْيَكُفَّ (¬4) عَنِ الذُّنُوبِ. رواه أبو يعلى، ورواته رواة الصحيح إلا يوسف بن ميمون. [الدائب]: بهمزة بعد الألف: هو المتعب نفسه في العبادة المجتهد فيها. 9 - وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: المؤْمِنُ وَاهٍ رَاقِعٌ، فَسَعِيدٌ مَنْ هَلَكَ عَلى رَقْعِه. رواه البزار والطبرانيّ في الصغير والأوسط وقال: معنى واهٍ: مذنب، وراقع يعني تائب مستغفر. 10 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَثلُ المؤْمِنِ وَمَثَلُ الإِيمَانِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ في آخِيَّتِهِ يَجُولُ ثُمَّ يَرِجِعُ إِلى آخِيَّتِهِ، وَإِنَّ المؤْمِنَ يَسْهُو (¬5) ثُمَّ يَرِجِعُ، فَأَطْعِمُوا طَعَامَكُمْ الأَتْقِياءَ، وَأَوْلُوا مَعْرُوفَكُمْ المؤمِنينَ. رواه ابن حبان في صحيحه. [الآخيّة] بمد الهمزة وكسر الخاء المعجمة بعدها ياء مثناة تحت مشددة: هي حبل يدفن في الأرض مثنيّاً، ويبرز منه كالعروة تشد إليها الدابة، وقيل: هو عود يعرض في الحائط تشد إليه الدابة. ¬
11 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ (¬1)، وَخَيْرُ الخطَّائِينَ التَّوَّابُونَ (¬2). رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم كلهم من رواية علي بن مسعدة، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة عن قتادة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 12 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ عَبْداً أَصَابَ ذَنْباً، فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنِّي أَذنَبْتُ ذَنْباً فاغْفِرْهُ (¬3)، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيأْخُذُ بِه (¬4)، فَغَفَرَ لَهُ، ثُمَّ مَكثَ (¬5) مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْباً آخَرَ، وَرُبَّمَا قالَ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْباً آخَرَ، فَقَالَ: يا رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْباً آخَرَ فاغْفِرْهُ لِي. قالَ رَبُّهُ: علِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، فَغَفَرَ لَهُ، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَصَابَ ذَنْباً آخَرَ، وَرُبَّمَا قالَ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْباً آخَرَ فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْباً فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِه، فَقَالَ رَبُّهُ: غَفَرْتُ (¬6) لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ. رواه البخاري ومسلم. [قوله: فليعمل ما شاء] معناه والله أعلم: أنه ما دام كلما أذنب ذنباً استغفر وتاب منه، ولم يعد إليه بدليل قوله: ثم أصاب ذنباً آخر فليفعل إذا كان هذا دأبه ما شاء لأنه كلما أذنب كانت توبته واستغفاره كفارة لذنبه فلا يضره، لا أنه يذنب الذنب، فيستغفر منه بلسانه من غير إقلاع ثم يعاوده، فإن هذه توبة الكذابين. ¬
13 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ المؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً كَانَتْ نُكْتَةٌ (¬1) سَوْدَاءُ في قَلْبِه، فَإِنْ تَابَ (¬2)، وَنَزَعَ (¬3)، واسْتَغْفَرَ (¬4) صُقِلَ (¬5) مِنْهَا، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ (¬6) حَتَّى يُغَلَّفَ بِهَا قَلْبُهُ، فَذلِكَ الرَّانُ الذي ذَكَرَ اللهُ في كِتَابِهِ: [كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ]. رواه الترمذي وصححه النسائي، وابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم، واللفظ له من طريقين قال في أحدهما: صحيح على شرط مسلم. ولفظ ابن حبان وغيره: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً يُنْكَتُ في قُلْبِهِ نُكْتَةٌ، فَإِنْ هُوَ نَزَعَ واسْتَغْفَرَ وَتَابَ صَقُلَتْ، فَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ الحديث. 14 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَجْعَلْ لَنَا الصَّفَا ذَهَباً (¬7)، فَإِنْ أَصْبَحَ ذَهَبَاً اتَّبَعْنَاكَ، فَدَعا رَبَّهُ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ لَكَ: إِنْ شِئْتَ أُصْبِحُ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَباً، فَمَنْ كَفَرَ مِنْهُمْ عَذَّبْتُهُ (¬8) عَذَاباً لاَ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ والرَّحْمَةِ (¬9). ¬
قالَ: بَلْ بَابَ التَّوْبَةِ والرَّحْمَةِ (¬1). رواه الطبراني، ورواته رواة الصحيح. 15 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ (¬2). رواه ابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن. [يغرغر] بغينين معجمتين الأولى مفتوحة والثانية مكسورة وبِراء مكررة: معناه ما لم تبلغ روحه حلقومه فيكون بمنزلة الشيء الذي يتغرغر به. 16 - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَوْصِنِي (¬3)؟ قالَ: عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ (¬4) مَا اسْتَطَعْتَ (¬5)، ¬
واذْكُرِ اللهَ عِنْدَ كُلِّ حَجَرٍ وَشَجَرٍ (¬1)، وَمَا عَمِلْتَ مِنْ سُوءٍ فَأَحْدِثْ (¬2) لَهُ تَوْبةً، السِّرُّ بِالسِّرِّ (¬3)، وَالْعَلانِيَةُ بِالْعَلانِيَةِ (¬4). رواه الطبراني بإسناد حسن إلا أن عطاء لم يدرك مُعاذاً، ورواه البيهقي، فأدخل بينهما رجلاً لم يسمّ. 17 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا تَابَ الْعَبْدُ مِنْ ذُنُوبِهِ أَنْسَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حَفَظَتَهُ (¬5) ذُنُوبَهُ، وَأَنْسَى ذَلِكَ ¬
جَوَارِحَهُ (¬1) وَمَعالِمَهُ (¬2) مِنَ الأَرْضِ حَتَّى يَلْقَى اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ مِنَ اللهِ بِذَنْبٍ (¬3). رواه الأصبهاني. 18 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: النَّادِمُ (¬4) يَنْتَظِرُ مِنَ اللهِ الرَّحْمَةَ، وَالمُعْجِبُ (¬5) يَنْتَظِرُ الْمَقْتَ (¬6)، واعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ أَنَّ كُلَّ عَامِلٍ (¬7) سَيَقْدُمُ عَلَى عَمَلِهِ، وَلاَ يَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَرَى ¬
حُسْنَ عَمَلِهِ (¬1)، وَسُوءَ عَمَلِهِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِها، وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مُطِيَّتانِ (¬2)، فَأحْسِنُوا السَّيْرَ عَلَيْهِمَا إِلى الآخِرَةِ، وَاحْذَرُوا التَّسْوِيفَ (¬3)، فَإِنَّ الْمَوْتَ يَأْتِي بَغْتَةً (¬4)، وَلاَ يَغْتَرَّنَّ أَحَدُكُمْ بِحِلْمِ (¬5) اللهِ عَزَّ وجَلَّ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَقْرَبُ إِلى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ (¬6) نَعْلِهِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ (¬7) خَيْراً يَرَهُ (¬8)، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ]. رواه الأصبهاني من رواية ثابت بن محمد الكوفيّ العابد. ¬
19 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: التَّائِبُ (¬1) مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجة والطبراني كلاهما من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ولم يسمع منه، ورواةُ الطبراني رواة الصحيح، ورواة ابن أبي الدنيا والبيهقي مرفوعاً أيضاً من حديث ابن عباس، وزاد: وَالمسْتَغْفِرُ مِنَ الذَّنْبِ (¬2) وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ، وقد روي بهذه الزيادة موقوفاً، ولعله أشبه. 20 - وَعَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قالَ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَقالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: النَّدَمُ تَوْبَةٌ؟ قالَ: نَعَمْ (¬3). رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
21 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ قالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ أَبِي: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: النَّدَمُ تَوْبَةٌ؟ قالَ: نَعَمْ. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 22 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا عَلِمَ اللهُ مِنْ عَبْدٍ نَدَامَةً عَلَى ذَنْبٍ إِلاَّ غَفَرَ لَهُ (¬1) قَبْلَ أَنْ يَسْتَغْفِرَهُ مِنْهُ. رواه الحاكم من رواية هشام بن زياد، وهو ساقط، وقال: صحيح الإسناد. 23 - وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ المدْحُ (¬2) مِنَ اللهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ (¬3) مِنَ اللهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ (¬4)، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ (¬5) مِنَ اللهِ ¬
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنْزَلَ الْكِتَابَ (¬1)، وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ. رواه مسلم. لو لم تذنبوا وتستغفروا لذهب الله بكم، الحديث 24 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ (¬2) لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ (¬3)، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ. رواه مسلم وغيره. 25 - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَهِيَ حُبْلى مِنَ الزِّنَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَصَبْتُ حَدّاً (¬4)، فَأَقِمْهُ ¬
عَلَيَّ، فَدَعَا نَبِيُّ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَلِيَّهَا فَقَالَ: أَحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا، فَفَعَلَ، فَأَمَرَ بِهَا نَبِيُّ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَقَدْ زَنَتْ؟ قالَ: لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا للهِ عَزَّ وَجَلَّ (¬1). رواه مسلم. 26 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُحَدِّثُ حَدِيثاً لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلاَّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَلكِنْ سَمِعْتُهُ أَكْثَرَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: كَانَ الْكِفْلُ (¬2) مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يَتَورَّعُ (¬3) مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ، فأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَاراً عَلَى أَنْ يَطَأَهَا، فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ أُرْعِدَتْ (¬4) وَبَكَتْ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ أَكْرَهْتُكِ؟ قالتْ لاَ، وَلَكِنَّهُ عَمَلٌ مَا عَمِلْتُهُ قَطُّ (¬5)، وَمَا حَمَلَنِي عَلَيْهِ إِلاَّ الْحَاجَةُ (¬6)، فَقَالَ: تَفْعَلِينَ أَنْتِ هَذَا، وَمَا فَعَلْتِهِ قَطُّ (¬7)، اذْهَبِي فَهِيَ لَكِ (¬8)، وَقالَ: لاَ وَاللهِ لا أَعْصِي اللهَ (¬9) بَعْدَهَا أَبَداً، فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، فَأَصْبَحَ مَكْتُوباً عَلَى بَابِهِ: إِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لِلْكِفْلِ. رواه الترمذي وحسنه، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً يَقُولُ: فذكر بنحوه، والحاكم والبيهقي من طريقه وغيرها، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 27 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَتْ قَرْيَتَانِ إِحْدَاهُمَا صَالِحَةٌ، ¬
وَالأُخْرَى ظَالِمَةٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْقَرْيَةِ الظَّالِمَةِ يُرِيدُ (¬1) الْقَرْيَةَ الصَّالِحَةَ، فَأَتَاهُ الْمَوْتُ حَيْثُ شَاءَ اللهُ، فاخْتَصَمَ فِيهِ الملَكُ والشَّيْطَانُ، فَقَالَ الشَّيْطَانُ: واللهِ مَا عَصَانِي قَطُّ فَقَالَ الْمَلَكُ: إِنَّهُ قَدْ خَرَجَ يُرِيدُ التَّوْبَةَ، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا أَنْ يُنْظَرَ إِلى أَيِّهِمَا أَقْرَبُ، فَوَجَدُوهُ أَقْرَبَ إِلى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ. قالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ: قَرَّبَ اللهُ إِلَيْهِ الْقَرْيَةَ الصَّالِحَةَ. رواه الطبراني بإسناد صحيح، وهو هكذا في نسختي غير مرفوع. 28 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكَمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْساً، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْساً فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لاَ، فَقَتَلَهُ فَكَمَلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ مَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ. انْطَلِقْ إِلى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاساً يَعْبُدُونَ اللهَ، فاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلاَ تَرْجِعْ إِلى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سُوءٍ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَّفَ الطَّرِيقَ، فَأَتَاهُ مَلَكُ الْمَوتُ فاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلائِكَةُ الْعَذَابِ، فَقَالَتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِباً مُقْبلاً بِقَلْبِهِ إِلى اللهِ تَعَالَى، وَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْراً قَطُّ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ في صُورَةِ آَدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ، فَإِلى أَيَّتِهِمَا كانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ، فَقَاسُوا فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلى الأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ (¬2). ¬
وفي رواية: فَكَانَ إِلى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَجُعِلَ مِنْ أَهْلِهَا. وفي رواية: فأَوْحَى اللهُ إِلى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي، وَإِلى هَذَهِ أَن تَقَرَّبِي، وَقَالَ: قِيسُوا بَيْنَهُمَا فَوَجَدُوهُ إِلى هذِهِ أقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ. وفي رواية: قال قتادة قال الحسن: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ نَأَى بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا. رواه البخاري ومسلم وابن ماجة بنحوه. 29 - وَعَنْ أَبِي عَبْدِ رَبِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ رَجُلاً أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَقِيَ رَجُلاً فَقَالَ: إِنّ الآخَرَ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْساً كُلَّهُمْ ظُلْماً، فَهَلْ تَجِدْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: إِنْ حَدَّثْتُكَ أَنَّ اللهَ لاَ يَتُوبُ عَلى مَنْ تَابَ كَذَبْتُكَ، ههُنا قَوْمٌ يَتَعَبَّدُونَ، فَأْتِهِمْ تَعْبُدِ (¬1) اللهَ مَعَهُمْ، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ، فَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ فاجْتَمَعَتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ، وَمَلائِكَةُ الْعَذَابِ فَبَعَثَ اللهُ إِلَيْهِمْ مَلَكاً فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ المَكانَيْنِ، فَأَيُّهُمْ كانَ أقْرَبَ فَهُوَ مِنْهُمْ، فَوَجَدُوهُ أقْرَبَ إِلى دَيْرِ التَّوَّابِينَ بِأَنْمُلَةٍ فَغُفِرَ لَهُ. رواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد، ورواه أيضاً بنحوه بإِسناد لا بأس به عن عبد الله بن عمرو، فذكر الحديث إِلى أن قال: ثُمَّ أَتَى رَاهِباً آخَرَ فَقَالَ: إِنِّي قَتَلْتُ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ تَجِدُ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَقَدْ أَسْرَفْتَ وَمَا أَدْرِي (¬2)، وَلكِن ههُنَا قَرْيَتَانِ قَرْيَةٌ يُقَالُ لها: نَصْرَةُ، والأُخْرَى يُقَالُ لَها: كَفْرَةُ، فأَمَّا أَهْلُ نَصْرَةَ فَيَعْمَلُونَ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ (¬3) لاَ يَثْبُتُ فِيهَا غَيْرُهُمْ، وَأَمَّا ¬
أَهْلُ كَفْرَةَ، فَيَعْمَلُونَ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ لاَ يَثْبُتُ فِيهَا غَيْرُهُمْ، فَانْطَلِقْ إِلى أَهْلِ نَصْرَةَ، فَإِنْ ثَبَتَّ فِيهَا، وَعَمِلْتَ عَمَلَ أَهْلِهَا، فَلاَ شَكَّ في تَوْبَتِكَ (¬1)، فانْطَلَقَ يَؤُمُّها (¬2) حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ الْقَرْيَتِيْنِ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَسَأَلَتِ الملائِكَةُ رَبَّهَا عَنْهُ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلى أَي الْقَرْيَتِينِ كانَ أقْرَبَ، فَاكْتُبُوهُ مِنْ أَهْلِهَا، فَوَجَدُوهُ أَقْرَبَ إِلى نَصْرَةَ بِقيدِ أُنْمُلَةٍ (¬3) فكُتِبَ مِنْ أَهْلِهَا. أنا عند ظن عبدي بي 30 - وَعَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنّ عَبْدِي بِي (¬4)، وَأَنا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي (¬5)، وَاللهِ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ (¬6) يَجِدُ ضَالَّتَهُ (¬7) بِالْفَلاَةِ (¬8)، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ¬
شِبْراً (¬1) تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعَاً (¬2)، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِليَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِليهِ بَاعاً، وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَيَّ يَمْشِي أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ. رواه مسلم، واللفظ له، والبخاري بنحوه. من أقبل إلى الله عزّ وجلّ ماشياً أقبل إليه مهرولاً 31 - وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ قالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ بِالْفُسْطَاطِ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ تَقَرَّبَ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ شِبْراً تَقَرَّبَ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ ذِرَاعَاً تَقَرَّبَ إِلَيْهِ بَاعاً، وَمَنْ أَقْبَلَ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَاشِياً أَقْبَلَ إِلَيْهِ مُهَرْوِلاً، واللهُ أَعْلَى وأَجَلُّ، واللهُ أَعْلَى وأَجَلُّ، واللهُ أَعْلى وأَجَلُّ. رواه أحمد والطبراني، وإسنادهما حسن. 32 - وَعَنْ شُرَيْحٍ هُوَ ابْنُ الْحَرِثِ قالَ: سَمِعْتُ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: قالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ قُمْ (¬3) إِلَيَّ أَمْشِ إِلَيْكَ (¬4)، وَامْشِ إِلَيَّ أُهَرْوِلْ إِلَيْكَ. رواه أحمد بإسناد صحيح. 33 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلى بَعِيرِهِ (¬5)، وَقَدْ أَضَلَّهُ بِأَرْضٍ فَلاَةٍ. رواه البخاري ومسلم. 34 - وفي رواية لمسلم: لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضٍ فَلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ (¬6) عَنْهُ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، ¬
فَأَيِسَ مِنْهَا (¬1)، فَأَتَى شَجَرَةً، فاضْطَجَعَ (¬2) فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ (¬3) مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةٌ عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا (¬4)، ثُمَّ قالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ: اللهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي، وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ (¬5). 35 - وَعَنِ الحرِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ في أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مُهْلِكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ (¬6) فاسْتَيْقَظَ، وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ، فَطَلَبَهَا حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ، أَوْ مَا شَاءَ اللهُ تَعَالَى: قالَ: أَرْجِعُ إِلى مَكَانِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فاسْتَيْقَظَ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ عَلَيْهَا زَادُهُ وَشَرَابُهُ، فاللهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هذَا بِرَاحِلَتِهِ. رواه البخاري ومسلم. [الدّوية] بفتح الدال المهملة، وتشديد الواو والياء جميعاً: هي الفلاة القفر والمفازة (¬7). من أحسن فيما بقي من عمره غفر له ما مضى 36 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أَحْسَنَ فِيمَا بَقِيَ (¬8) غُفِرَ لَهُ مَا مَضَى، وَمَنْ أَسَاءَ فِيمَا بَقِيَ (¬9) أُخِذَ (¬10) بِمَا مَضَى وَمَا بَقِيَ. رواه الطبراني بإسناد حسن. 37 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه ¬
وسلم: إِنَّ مَثَلَ الَّذِي يَعْمَلُ السَّيِّئَاتِ، ثُمَّ يَعْمَلُ الْحَسَنَاتِ كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَتْ عَلَيْهِ دِرْعٌ (¬1) ضَيِّقَةٌ قَدْ خَنَقَتْهُ (¬2)، ثُمَّ عَمِلَ حَسَنَةً فانْفَكَّتْ (¬3) حَلْقَةٌ، ثُمَّ عَمِلَ حَسَنَةً أُخْرَى، فانْفَكَّتْ أُخْرَى حَتَّى تَخْرُجَ إِلى الأَرْضِ. رواه أحمد والطبراني بإسنادين، رواةُ أحدهما رواة الصحيح. إذا أسأت فأحسن 38 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَرَادَ سَفَراً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: أَوْصِنِي. قالَ: اعْبُدِ اللهَ وَلا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئاً، قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ زِدْنِي، قالَ: إِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ (¬4) وَلْيَحْسُنْ خُلُقُكَ (¬5). رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة 39 - ورواه الطبراني بإسناد، ورواتُه ثقات: عَنْ أَبي سَلَمَةَ عَنْ مُعَاذٍ قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْصِنِي، قالَ: اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ (¬6)، واعْدُدْ نَفْسَكَ في المَوْتَى (¬7)، واذْكُرِ اللهَ عِنْدَ كُلِّ حَجَرٍ (¬8)، وَعِنْدَ كُلِّ شَجَرٍ، وَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فاعْمَلْ بِجَنْبِهَا ¬
حسَنَةً (¬1) السِّرُّ بِالسِّرِّ، والْعَلاَنِيَةُ بالْعَلاَنِيَةِ. وأبو سلمة لم يدرك معاذاً. ورواه البيهقي في كتاب الزهد من رواية إسماعيل بن رافع المدنيّ عن ثعلبة بن صالح عن سليمان بن موسى عن معاذ قالَ: أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، فَمَشَى قَلِيلاً، ثُمَّ قالَ يَا مُعَاذُ: أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ (¬2)، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ (¬3)، وَوَفَاءِ الْعَهْدِ (¬4)، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ (¬5)، وَتَرْكِ الْخِيَانَةِ، وَرُحْمِ الْيَتِيمِ (¬6)، وَحِفْظِ الْجِوَارِ (¬7)، وَكَظْمِ الْغَيْظِ (¬8)، وَلِينِ الْكَلاَمِ (¬9)، وَبَذْلِ السَّلاَمِ (¬10)، وَلُزُومِ الإِمَامِ (¬11)، ¬
وَالتَّفَقُّهِ في الْقُرْآنِ (¬1)، وَحُبِّ الآخِرَةِ (¬2)، وَالْجَزَعِ مِنَ الْحِسَابِ (¬3)، وَقِصَرِ الأَمَلِ (¬4) وَحُسْنِ الْعَمَلِ، وَأَنْهَاكَ أَنْ تَشْتِمَ مُسْلِمَا (¬5)، أَوْ تُصَدِّقَ كَاذِباً، أَوْ تُكَذِّبَ صَادِقاً، ¬
أَوْ تَعْصِيَ إِمَامَاً عَادِلاً، وَأَنْ تُفْسِدَ فِي الأَرْضِ. يَا مُعَاذُ اذْكُرِ اللهَ عِنْدَ كُلِّ شَجَرٍ وَحَجَرٍ، وَأَحْدِثْ لِكُلِّ ذَنْبٍ تَوْبَةً. السِّرُّ بِالسِّرِّ، والْعَلانِيَةُ بِالْعَلانِيَةِ. 40 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: اتَّقِ اللهَ (¬1) حَيْثُمَا كُنْتَ، وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ (¬2) تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ (¬3). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. ¬
41 - وروى أحمد بإسناد جيد عن أبي ذرّ ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما: أَنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: سِتَّةُ أَيَّامٍ (¬1)، ثُمَّ اعْقِلْ يَا أَبَا ذَرٍّ مَا يُقَالَ لَكَ بَعْدُ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ قالَ: أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ في سِرِّ أَمْرِكَ وَعَلانِيَتِه (¬2)، وَإِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ (¬3)، وَلاَ تَسْأَلَنَّ أَحَداً شَيْئاً، وَإِنْ سَقَطَ سَوْطُكَ (¬4)، وَلاَ تَقْبِضْ أَمَانَةً (¬5). ¬
42 - وَعَنْ أَبي الدَّرْدَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: أَوْصِنِي. قال: إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً، فَأَتْبِعْهَا (¬1) حَسَنَةً تَمْحُهَا. قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَمِنَ الْحسَنَاتِ (¬2) لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ؟ قالَ: هِيَ أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ. رواه أحمد عن شمر بن عطية عن بعض أشياخه عنه. 43 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ قُبْلَةً (¬3) وفي رواية: جاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً في أَقْصَى الْمَدِينَةِ (¬4)، وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا (¬5)، فَأَنا هذَا (¬6) فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَقَدْ سَتَرَكَ اللهُ (¬7) لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ. قال: وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم شيئاً، فَقَامَ فانْطَلَقَ، فَأَتْبَعَهُ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم رَجُلاً فَدَعَاهُ، فَتَلا عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ [وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ (¬8) وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ (¬9) إِنَّ الْحَسَناتِ (¬10) يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذلِكَ ذِكْرَى للذَّاكِرِينَ (¬11)]. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا نَبِيَّ اللهِ هذَا لَهُ خَاصَّةً؟ قالَ: بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً. رواه مسلم وغيره. ¬
من فعل ذنوباً كثيرة فهل له من توبة؟ 44 - وَعَنْ أَبِي طَوِيلٍ شَطْبٍ الْمَمْدُودِ أَنَّهُ أَتَّى النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ مَنْ عَمِلَ الذُّنُوبَ (¬1) كُلَّهَا، وَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئَاً، وَهُوَ في ذَلِكَ لَمْ يَتْرُكْ حَاجَةً وَلا دَاجَةً (¬2) إِلاَّ أَتَاهَا، فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قالَ: فَهَلْ أَسْلَمْتَ (¬3)؟ قالَ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنْ لا إِله إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ. قالَ: تَفْعَلُ الْخَيْرَاتِ (¬4)، وَتَتْرُكُ السَّيِّئَاتِ، فَيَجْعَلُهُنَّ اللهُ لَكَ خَيْرَاتٍ كُلَّهُنَّ. قالَ: وَغَدَرَاتِي (¬5) وَفَجَرَاتِي (¬6)؟ قالَ: نَعَمْ (¬7) قالَ: اللهُ أَكْبَرُ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ حَتَّى تَوَارَى (¬8). رواه البزار والطبراني ¬
واللفظ له، وإسناده جيد قوي، وشطب قد ذكره غير واحد في الصحابة إلا أن البغوي ¬
ذكر في معجمه أن الصواب عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير مرسلاً. ¬
أن رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم طَوِيلٌ شَطْبٌ. ¬
والشطب في اللغة: الممدود، فصحفه بعض الرُّواة، وظنه اسم رجل، والله أعلم. ¬
الترغيب في الفراغ للعبادة والإقبال على الله تعالى والترهيب من الاهتمام بالدنيا والانهماك عليها
الترغيب في الفراغ للعبادة، والإقبال على الله تعالى والترهيب من الاهتمام بالدنيا، والانهماك عليها 1 - عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَقُولُ رَبُّكُمْ: يَا ابْنَ آدَمَ (¬1) تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي (¬2) أَمْلأْ قَلْبَكَ غِنَىً (¬3)، وأَمْلأْ يَدَكَ رِزْقاً (¬4). يَا ابْنَ آدَمَ لاَ تَبَاعَدْ مِنِّي (¬5) أَمْلأْ قَلْبَكَ فَقْراً، ¬
وَامْلأْ يَدَكَ شُغْلاً (¬1). رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. 2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: تَلاَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ (¬2) الآية. قالَ: يَقُولُ اللهُ: ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنىً، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلاَّ تَفْعَلْ مَلأْتُ صَدْرَكَ شُغْلاً (¬3)، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ. رواه ابن ماجة والترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن، وابن حبان في صحيحه باختصار إلا أنه قال: مَلأْتُ يَدَكَ شُغْلاً، والحاكم والبيهقي في كتاب الزهد، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 3 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ إِلاَّ بُعِثَ بِجَنْبَتَيْها مَلَكَانِ إِنَّهُمَا يُسَمِّعَانِ أَهْلَ الأَرْضِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ (¬4): يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا (¬5) إِلى رَبِّكُمْ، فَإِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى (¬6)، وَلاَ غَرَبَتْ شَمْسٌ قَطُّ إِلاَّ وَبُعِثَ بِجَنْبَتَيْهَا مَلَكانِ يُنَادِيَانِ: اللَّهُمَّ عَجِّلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً (¬7)، وَعَجِّلْ لِمُمْسِكٍ تَلَفاً (¬8). رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم، واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد، ورواه البيهقي من طريق الحاكم، ولفظه: ¬
قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا مِنْ يَوْمٍ طَلَعَتْ شَمْسُهُ إِلاَّ وَكَانَ بِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ نِدَاءً يَسْمَعُهُ مَا خَلَقَ كُلُّهُمْ غَيْرَ الثَّقَليْنِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إِلى رَبِّكُمْ. إِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى، وَلا آبَتِ الشَّمْسُ إِلاَّ وَكَانَ بِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ نِدَاءً يَسْمَعُهُ خَلْقُ اللهِ كُلُّهُمْ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، وَأَعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في ذلِكَ قُرْآناً في قَوْلِ المَلَكَيْنِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إِلى رَبِّكُمْ في سُورَةِ يُونُسَ: [واللهُ يَدْعُو إِلى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (¬1)]، وَأَنْزَلَ اللهُ في قَوْلِهِمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقاً خَلَفَا، وَأَعْطِ مُمْسِكَاً تَلَفاً: ¬
[وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، والنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى، وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ والأُنْثَى (¬1) إِلى قَوْلِهِ: لِلْعُسْرَى]. 4 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: تَفَرَّغُوا مِنْ هُمُومِ الدُّنْيَا مَا اسْتَطَعْتُمْ (¬2)، فَإِنَّهُ مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّهِ (¬3) أَفْشَى اللهُ ضَيْعَتَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ (¬4)، وَمَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ (¬5) أَكْبَرَ هَمِّهِ جَمَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ أُمُورَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ في قَلْبِهِ (¬6)، وَمَا أَقْبَلَ عَبْدٌ بِقَلْبِهِ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ جَعَلَ اللهُ قُلُوبَ المؤْمِنينَ تَفِدُ إِلَيْهِ (¬7) بِالْوُدِّ والرَّحْمَةِ، وَكَانَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ إِلَيْهِ ¬
بِكُلِّ خَيْرٍ أَسْرَعَ (¬1). رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبيهقي في الزهد. 5 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ يَقُولُ: مَنْ كَانَتِ الدُّنيَا هَمَّهُ (¬2) فَرَّقَ اللهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ نِيَّتَهُ (¬3) جَمَعَ اللهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ (¬4). رواه ابن ماجة، ورواته ثقات، والطبراني، ولفظه: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّهُ مَنْ تَكُنِ الدُّنْيَا نِيَّتَهُ يَجْعَلِ اللهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَيُشَتِّتْ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَلاَ يُؤْتِيهِ مِنْهَا إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ تَكُنِ الآخِرَةُ نِيَّتَهُ يَجْعَل اللهُ غِنَاهُ في قَلْبِهِ، وَيَكْفِيهِ ضَيْعَتَهُ، وَتَأْتِيهِ الدُّنْيَا، وَهِيَ رَاغِمَةٌ. رواه في حديث بإسناد لا بأس به، ورواه ابن حبان في صحيحه بنحوه، وتقدم لفظه في العلم. [قوله: شتت عليه ضيعته] بفتح الضاد المعجمة، وإسكان المثناة تحت: معناه فرق عليه حاله وصناعته ومعاشه، وما هو مهتم به، وشعّبه عليه ليكثر كدُّه، ويعظم تعبه. 6 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ ¬
الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ. رواه الترمذي عن يزيد الرقاشي عنه، ويزيد قد وُثق، ولا بأس به في المتابعات، ورواه البزار، ولفظه: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الآخِرَةَ جَعَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْغِنَى في قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ. وَنزَعَ الْفَقْرَ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، فلاَ يُصْبِحُ إِلاَّ غَنِيّاً، وَلاَ يُمْسِي إِلاَّ غَنِيّاً، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا جَعَلَ اللهُ الْفَقْرَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَلاَ يُصْبِحُ إِلاَّ فَقِيراً، وَلا يُمْسِي إِلاّ فَقِيراً. رواه الطبراني بلفظ تقدم في الاقتصاد. من انقطع إلى الله عز وجل كفاه الله كل مؤنة الحديث 7 - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلم: مَنِ انْقَطَعَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَفَاهُ اللهُ كُلَّ مُؤْنَةٍ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ، وَمَنْ انْقَطَعَ إِلى الدُّنْيَا وَكَلَهُ اللهُ إِلَيْهَا (¬1). رواه أبو الشيخ بن حبان والبيهقي من رواية الحسن عن عمران، واختلف في سماعه منه. 8 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ جَعَلَ الْهَمَّ (¬2) هَمَّاً وَاحِداً كَفَاهُ اللهُ هَمَّ دُنْيَاهُ (¬3)، وَمَنْ تَشَعَّبَتْهُ الْهُمُومُ (¬4) لَمْ يُبَالِ اللهُ في أيِّ أَوْدِيَةِ الدُّنْيَا هَلَكَ. رواه الحاكم والبيهقي من طريقه وغيرها، وقال الحاكم: صحيح الإِسناد، ورواه ابن ماجة في حديث عن ابن مسعود. ¬
9 - وفي رواية له عن ابن مسعود أيضاً قالَ: سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمَّاً وَاحِداً هَمَّ الْمَعَادِ (¬1) كَفَاهُ اللهُ هَمَّ دُنْيَاهُ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ أَحْوَال الدُّنْيَا (¬2) لَمْ يُبَالِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في أَيِّ أَوْدِيَتِه هَلَكَ. 10 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أَصْبَحَ وَهَمُّهُ الدُّنْيَا (¬3) فَلَيْسَ مِنَ اللهِ في شَيْءٍ (¬4) الحديث رواه الطبراني. 11 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ أَصْبَحَ حَزِيناً (¬5) عَلَى الدُّنْيَا أَصْبَحَ سَاخِطاً عَلَى رَبِّهِ (¬6). رواه الطبراني. ¬
[قال الحافظ]: وتقدم في الاقتصاد في طلب الرزق وغيره غير ما حديث يليق بهذا الباب، ويأتي في الزهد إن شاء الله تعالى أحاديث أخر. ¬
الترغيب في العمل الصالح عند فساد الزمان
الترغيب في العمل الصالح عند فساد الزمان 1 - عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشّعْبَانِيِّ قالَ: سَأَلْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيَّ قالَ: قُلْتُ يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ كَيْفَ تَقُولُ في هذِهِ الآيَةِ: [عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ]؟ قالَ: أَمَا وَاللهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيراً (¬1)، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: ائْتَمِرُوا (¬2) بِالمعْرُوفِ، وانْتَهُوا (¬3) عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحَّاً مُطَاعَاً (¬4) وَهَوىً مُتَّبَعَاً (¬5) وَدُنْيَا مُؤثَرَةً (¬6) وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْي بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِنَفْسِكَ (¬7)، وَدَعْ عَنْكَ الْعَوَامَّ (¬8)، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ (¬9) الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ (¬10) لِلعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ ¬
خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ. رواه ابن ماجة والترمذيّ، وقال: حديث حسن غريب، وأبو داود، وزاد: قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ: أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلاً مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟ قالَ: بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ. 2 - وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قالَ: عِبَادَةٌ في الهَرْجِ (¬1) كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ. رواه مسلم والترمذي وابن ماجة. ¬
[الهرج]: هو الاختلاف والفتن، وقد فسر في بعض الأحاديث بالقتل لأن الفتن والاختلاف من أسبابه، فأقيم المسبب مقام السبب. ¬
الترغيب في المداومة على العمل وإن قل
الترغيب في المداومة على العمل وإن قل 1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: كانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم حَصِيرٌ (¬1)، وَكَانَ يَحْجُزُهُ بِاللَّيْلِ (¬2)، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ، وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ (¬3) فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ (¬4) إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَيُصَلُّونَ بِصَلاتِه حَتَّى كَثُرُوا فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ (¬5) فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ (¬6)، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَمَلُّ (¬7) حَتَّى تَمَلُّوا (¬8)، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ (¬9). 2 - وفي رواية: وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ إِذَا عَمِلُوا عَمَلاً وأَثْبَتُوهُ. 3 - وفي رواية قالت: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم سُئِلَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلى اللهِ؟ قالَ: أَدْوَمُهُ وإِنْ قَلَّ. ¬
4 - وفي رواية: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: سَدِّدُوا (¬1) وَقارِبُوا (¬2)، واعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ (¬3)، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ أَدْوَمُهَا وإِنْ قَلَّ. رواه البخاري ومسلم. ¬
الترغيب في الفقر وقلة ذات اليد
ولمالك والبخاري أيضاً: قالَتْ: كانَ أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلى الله عَزَّ وجَلَّ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. ولمسلم: كانَ أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ أَدْوَمَهَا وَإِنْ قَلَّ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا إِذَا عَمِلَتِ الْعَمَلَ لَزِمَتْهُ. ورواه أبو داود، ولفظه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ اكْلُفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ، وَكَانَ إِذَا عَمِلَ عَمَلاً أَثْبَتَهُ. 5 - وفي رواية له قال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئاً مِنَ الأَيَّامِ؟ قالَتْ: لاَ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَسْتَطِيعُ. ورواه الترمذي. ولفظه: كَانَ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَا دِيمَ عَلَيْهِ. 6 - وفي رواية له: سُئِلَتْ عَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَيُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالا: مَا دِيمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ. [يحجره]: أي يتخذه حجرة وناحية ينفرد عليه فيها. [يثوبون]: بثاء مثلثة ثم واو ثم باء موحدة: أي يرجعون إليه، ويجتمعون عنده. أحب العمل ما داوم عليه العبد 7 - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قالَتْ: مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم حَتَّى كَانَ أَكْثَرُ صَلاَتِهِ، وَهُوَ جَالِسٌ، وَكَانَ أَحَبَّ الْعَمَلِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ (¬1) وَإِن كَانَ شَيْئاً يَسِيراً (¬2) رواه ابن حبان في صحيحه. الترغيب في الفقر وقلة ذات اليد وما جاء في فضل الفقراء والمساكين والمستضعفين وحبهم ومجالستهم 1 - عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِن ¬
بَيْنَ أَيْدِيكُمْ عَقَبَةً كَؤُوداً لاَ يَنْجُو مِنْهَا إِلاَّ كُلُّ مُخِفّ. رواه البزار بإسناد حسن. إن وراءكم عقبة كؤوداً لا يجوزها المثقلون 2 - وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قُلْتُ لَهُ: مَالَكَ لاَ تَطْلُبُ مَا يَطْلُبُ فُلانٌ وَفُلاَنُ؟ قالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ وَرَاءَكُمْ عَقَبَةً كَؤُوداً لاَ يَجُوزُهَا المثْقِلُونَ (¬1) فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَتَخَفَّفَ (¬2) لِتِلْكَ الْعَقَبَةِ. رواه الطبراني بإسناد صحيح. [الكؤود] بفتح الكاف وبعدها همزة مضمومة: هي العقبة الصعبة. 3 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَوْماً وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ أَبِي ذَرٍّ، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرّ: أَعَلِمْتَ أَنَّ بَيْنَ أَيْدِينَا عَقَبَةً كَؤُوداً لا يَصْعَدُهَا إِلاَّ المخِفُّونَ. قالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَمِنَ الْمُخِفِّينَ (¬3) أَنَا أَمْ مِنَ الْمُثْقَلِينَ؟ قالَ: عِنْدَكَ طَعَامُ يَوْمٍ؟ قالَ: نَعَمْ، وَطعَامُ غَدٍ (¬4). قالَ: وَطَعَامُ بَعْدَ غَدٍ (¬5)؟ قالَ: لاَ. قالَ: لَوْ كَانَ عِنْدَكَ طَعَامُ ثَلاثٍ كُنْتَ مِنَ الْمُثْقَلِينَ (¬6). رواه الطبراني. ¬
4 - وَعَنْ أَبِي أَسْمَاءَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ بِالرَّبَذَةِ (¬1) وَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ مُشَنَّعَةٌ (¬2) لَيْسَ عَلَيْهَا أَثَرُ الْمَحَاسِنِ (¬3)، وَلا الْخَلُوقِ (¬4)، فَقَالَ: أَلاَ تَنْظُرُونَ إِلى مَا تَأْمُرُني هَذِهِ السُّوَيْدَاءُ؟ تَأْمُرُني أَنْ آتِيَ الْعِرَاقَ، فَإِذَا أَتَيْتُ الْعِرَاقَ مَالُوا عَلَيَّ (¬5) بِدُنْيَاهُمْ، وَإِنَّ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم عَهِدَ (¬6) إِليَّ أَنَّ دُونَ جِسْرِ جَهَنَّمَ طَرِيقاً ذَا دَحْضٍ وَمَزَلَّةٍ، وَإِنَّا أَنْ تَأْتِيَ عَلَيْهِ (¬7)، وَفي أَحْمَالِنَا اقْتِدَارٌ (¬8) واضْطِمَارٌ أَحْرَى (¬9) أَنْ نَنْجُوَ مِنْ أَنْ نَأْتِيَ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ مَوَاقِيرُ (¬10). رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح. [الدَّحض] بفتح الدال وسكون الحاء المهملتين، وبفتح الحاء أيضاً، وآخره ضاد معجمة: هو الزلق. 5 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَحْمِي (¬11) عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الدُّنْيَا، وَهُوَ يُحِبُّهُ كما تَحْمُونَ مَرِيضَكُمُ الطَّعَامَ والشَّرَابَ (¬12). رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. إذا أحب الله عز وجل عبداً حماه الدنيا 6 - وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا أَحَبَّ اللهُ (¬13) عَزَّ وَجَلَّ عَبْدَاً حَمَاهُ الدُّنْيَا كما يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الماءَ. ¬
رواه الطبراني بإسناد حسن، ورواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم بلفظ من حديث أبي قتادة وقال الحاكم: صحيح الإسناد. أكثر أهل الجنة الفقراء 7 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: اطَّلَعْتُ في الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَراءَ (¬1)، واطَّلَعْتُ في النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ. رواه البخاري ومسلم، ورواه أحمد بإِسناد جيد من حديث عبد الله بن عمرو إلا أنه قال فيه: واطَّلَعْتُ في النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الأَغْنِيَاءَ والنِّسَاءَ. 8 - وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: إِنَّ مُوسَى صلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ قالَ: أَيْ رَبِّ عَبْدُكَ الْمؤْمِنُ تُقَتِّرُ عَلَيْهِ (¬2) في الدُّنْيَا؟ قالَ: فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا، قالَ لَهُ: يَا مُوسَى: هَذَا مَا أَعْدَدْتُ لَهُ، فَقَالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ لَوْ كَانَ أَقْطَعَ الْيَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ يُسْحَبُ عَلَى وَجْهِه مُنْذُ يَوْمِ خَلَقْتَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ هَذَا مَصِيرَهُ لَمْ يَرَ بُؤْساً (¬3) قَطُّ. قَالَ: ثُمَّ قالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ عَبْدُكَ الْكَافِرُ تُوَسِّعُ عَلَيْهِ في الدُّنْيَا؟ قالَ: فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ النَّارِ، فَيُقَالَ لَهُ: يَا مُوْسَى! هَذَا مَا أَعْدَدْتُ لَهُ. فَقَالَ مُوْسَى: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ لَوْ كَانَ لَهُ الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْمِ خَلَقْتَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ هَذَا مَصِيرَهُ كَأَنْ لَمْ يَرَ خَيْراً قَطُّ. رواه أحمد من طريق ابن لهيعة عن دراج. أول من يدخل الجنة الفقراء 9 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: هَلْ تَدْرُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُل الجَنَّةَ مِنْ خَلْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قالُوا: الله ¬
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قالَ: الْفُقَرَاءُ المُهَاجِرُونَ (¬1) الَّذِينَ تُسَدُّ (¬2) بِهِمُ الثُّغُورُ، وَتُتقَى بِهِم (¬3) المَكَارِهُ، وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ في صَدْرِهِ لاَ يَسْتَطِعُ لها قَضَاءً، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ يَشَاءُ مِن مَلائِكَتِه: ائْتُوهُمْ فَحَيُّوهُمْ، فَتَقُولُ الملائِكَةُ: رَبَّنَا نَحْنُ سُكَّانُ سَمَائِكَ وَخِيرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، أَفَتَأْمُرُنُا أَنْ نَأْتِيَ هؤُلاءِ فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ؟ قالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا عِبَاداً يَعْبُدُونِي، وَلاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً، وَتُسَدُّ بِهِمُ الثُّغُورُ، وَتُتَّقَى بِهِمُ المكَارِهُ، وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ في صَدْرِهِ (¬4) لاَ يَسْتَطِيعُ لها قَضَاءً (¬5). قالَ: فَتَأْتِيهِمُ الملائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ (¬6) بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (¬7) رواه أحمد والبزار، ورواتهما ثقات، وابن حبان في صحيحه. أول الناس وروداً على الحوض فقراء المهاجرين 10 - وَعَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ حَوْضِي (¬8) مَا بَيْنَ عَدَن (¬9) إِلى عَمَّانَ أَكْوَابُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْج وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ وُرُوداً عَلَيْهِ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ¬
صِفْهُمْ لَنَا قالَ: شُعْثُ الرُّؤُوسِ (¬1) دُنْسُ الثِّيَابِ (¬2) الَّذِينَ لا يَنْكِحُونَ المتَنَعِّمَاتِ (¬3)، وَلا تُفْتَحُ لَهُمْ السُّدُدُ الَّذِينَ يُعْطُونَ مَا عَلَيْهِمْ (¬4)، وَلاَ يُعْطَوْنَ مَا لَهُمْ. رواه الطبراني، ورواته رواة الصحيح، وهو في الترمذي وابن ماجة بنحوه. [السدد] هنا: هي الأبواب. 11 - وَعنْ أَبي سَلاَمِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ قالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: سَمِعْتُ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم حَوْضِي مَا بَيْنَ عَدَنَ إِلى عَمَّانَ الْبَلْقَاءِ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَوَانِيهِ عَدَدُ النُّجُومِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ (¬5) بَعْدَهَا أَبَداً، وَأَوَّلُ النَّاسِ وُرُوداً عَلَيْهِ فُقَراءُ المهَاجِرِينَ الشُّعْثُ رُؤوساً، الدُّنْسُ ¬
ثِيَاباً، الَّذِينَ لاَ يَنْكِحُونَ الْمُنَعَّمَاتِ، وَلاَ تُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ. قالَ عُمَرُ (¬1): لكِنِّي قَدْ نَكَحْتُ الْمُنَعَّمَاتِ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ الملِكِ، وَفُتِحَتْ إِليَّ السُّدَدُ، لاَ جَرَمَ أَنِّي (¬2) لاَ أَغْسِلُ رَأْسِي حَتَّى يَشْعَثَ (¬3)، وَلاَ ثَوْبِي الَّذِي يَلِي جَسَدِي حَتَّى يَتَّسِخَ. رواه الترمذي، وابن ماجة والحاكم، واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد. يدخل فقراء أمتي الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفاً 12 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: يَدْخُلُ فُقَراءُ أُمَّتِي الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً (¬4)، فَقِيلَ: صَفْهُمْ لَنَا؟ قالَ: الدَّنِسَةُ ثِيَابُهُمُ الشَّعِثَةُ رُؤُوسُهُمْ الَّّذِينَ لاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ عَلَى السُّدَاتِ (¬5)، وَلاَ يَنْكِحُونَ الْمُنَعَّمَاتِ (¬6) تُوَكَّلُ بِهِمْ مَشَارِقُ الأَرْضِ وَمَغَارِبُهَا يُعْطُونَ كُلَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَلاَ يُعْطَوْنَ كُلَّ الَّذِي لَهُمْ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورواته ثقات. ورواه مسلم مختصراً: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ فُقَرَاءَ أُمَّتِي الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً. رواه ابن حبان في صحيحه مختصراً أيضاً، وقال: بِأَرْبَعِينَ عَاماً. 13 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قال: يَجْتَمِعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: أَيْنَ فُقَراءُ هذِهِ الأُمَّةِ؟ قالَ: فَيُقَالُ لَهُمْ: مَاذَا عَمِلْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا ابْتُلِينَا (¬7) فَصَبَرْنَا، وَوَلّيْتَ الأَمْوَالَ وَالسُّلْطَانَ غَيْرَنَا، فَيَقُولُ اللهُ جَلَّ ¬
وَعَلا: صَدَقْتُمْ. قالَ: فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ النَّاسِ، وَيَبْقَى شِدَّةُ الحِسَابِ عَلَى ذَوِي الأَمْوَالِ والسُّلْطَانِ (¬1). قالُوا: فَأَيْنَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قالَ: يُوضَعُ لَهُمْ كَرَاسِيُّ مِنْ نُورٍ وَيُظَلّل عَلَيْهِمُ الْغَمَامُ (¬2) يَكُونُ ذَلِكَ اليَوْمُ (¬3) أَقْصَرَ عَلى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ سَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ. رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه. إن فقراء المسلمين يزفون كما تزف الحمام 14 - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ سَابِطٍ قالَ: أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلى سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ: إِنَّا مُسْتَعْمِلُوكَ (¬4) عَلى هَؤلاءِ تَسِيرُ بِهمْ إِلى أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَتُجَاهِدُ بِهِمْ. قال فذكر حديثاً طويلاً قال فيه: قال سعيد: وَمَا أَنَا بِمُتَخَلِّفٍ عَنِ الْعَنَقِ الأَوَّلِ (¬5) بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ يُزَفُّونَ كَمَا تُزَفُّ الْحَمَامُ (¬6) فَيُقَالَ لَهُمْ: قِفُوا لِلْحِسَابِ، فَيَقُولُونَ: وَاللهِ مَا تَرَكْنَا شَيْئاً نُحَاسَبُ بِهِ، فَيَقُولُ اللهُ عَزّ ¬
وَجَلَّ: صَدَقَ عِبَادِي، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ النّاسِ بِسَبْعِينَ عَامَاً. رواه الطبراني وأبو الشيخ بن حبان في الثواب، ورواتهما ثقات إلا يزيد بن أبي زياد. يأتي قوم يوم القيامة نورهم كنور الشمس 15 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَوْماً، فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ: يَأْتِي قَوْمٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورُهُمْ كَنُورِ الشَّمْسِ قالَ أَبُو بَكْرٍ: نَحْنُ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: لاَ، وَلَكُمْ خَيْرٌ كَثِيرٌ، وَلكِنَّهُمُ الْفُقَراءُ الْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ (¬1) مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ. فذكر الحديث. رواه أحمد والطبراني وزاد ثم قال: طُوبَى (¬2) لِلْغُرَبَاءِ. قِيلَ: مَنِ الْغُرَبَاءُ؟ قالَ: أُناسٌ صَالِحُونَ قَلِيلٌ في نَاسٍ سُوءٍ (¬3) كَثِيرٌ مَنْ يَعْصِيِهِمْ (¬4) أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ. وأحد إِسنادَيِ الطبراني رواته رواة الصحيح. 16 - وَعَنْ أَبِي الصِّدِّيق النَّاجِي عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِياءِ بَأَرْبَعِمِائَةِ عَامٍ. قالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ الْحَسَنَ يَذْكُرُ أَرْبَعِينَ عَاماً؟ فَقَالَ: عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم أَربَعُمِائَةِ عَامٍ حَتَّى يَقُولَ الْمُؤْمِنُ الْغَنِيُّ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ عَيِّلاً (¬5). قالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: سَمِّهِمْ لَنَا بِأَسْمَائِهِمْ؟ قالَ: هُمْ الَّذِينَ إِذَا كَانَ مَكْرُوهٌ (¬6) بُعِثُوا إِلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ نَعِيمٌ بُعِثَ إِلَيْهِ سِوَاهُمْ، وَهُمُ الَّذِينَ يُحْجَبُونَ عَنِ الأَبْوَابِ (¬7). رواه أحمد من رواية زيد بن الحواريّ عنه. يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم 17 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِياءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ. رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. [قال الحافظ]: ورواته محتجّ بهم في الصحيح، ورواه ابن ماجة بزيادة من حديث موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر. 18 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الْتَقَى مُؤْمِنَانِ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ: مُؤْمِنٌ غَنِيٌّ، وَمُؤْمِنٌ فَقِيرٌ كَانَا فِي الدُّنْيَا، فَأُدْخِلَ الْفَقِيرُ الْجَنَّةَ، وَحُبِسَ الْغَنِيُّ (¬1) مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يُحْبَسَ، ثُمَّ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، فَلَقِيَهُ الْفَقِيرُ فَقَالَ: يَا أَخِي مَاذَا حَبَسَكَ (¬2)؟ وَاللهِ لَقَدْ حُبِسْتَ حَتَّى خِفْتُ عَلَيْكَ، فَيَقُولُ: يَا أَخِي إِنِّي حُبِسْتُ بَعْدَكَ مَحْبساً (¬3) فَظِيعاً كَرِيهاً مَا وَصَلْتُ إِلَيْكَ حَتَّى سَالَ مِنِّي مِنَ الْعَرَقِ مَا لَوْ وَرَدَهُ أَلْفُ بَعِيرٍ كُلُّهَا أَكَلَةُ حُمْضِ النَّبَاتِ لَصَدَرَتْ عَنْهُ رِوَاءً. رواه أحمد بإِسناد جيد قويّ. [الحُمض]: ما ملح وأمرّ من النبات. مراتب الصحابة في الجنة 19 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعَ مَا كَانُوا، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ مَنَازِلَكُمْ في الْجَنَّةِ، وَقُرْبَ مَنَازِلِكُمْ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ الله صلى اللهُ عليه وسلم أَقْبَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ: إِنِّي لأَعْرِفُ رَجُلاً أَعْرِفُ اسْمَهُ، واسْمَ أَبِيهِ وأُمِّهِ لاَ يَأْتِي بَاباً مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلاَّ قَالُوا: مَرْحَباً (¬4) مَرْحَباً، فَقَالَ سَلْمَانُ: إِنَّ هَذَا: الْمُرْتَفِع شَأْنُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: فَهُوَ أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا عُمَرُ لَقَدْ رَأَيْتُ في الْجَنَّةِ قَصْراً مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ لُؤْلُؤهُ أَبْيَضُ، مُشَيَّدٌ بِالْيَاقُوتِ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هذَا؟ فَقِيلَ: لِفَتَىً مِنْ قُرَيْشٍ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ لِي، فَذَهَبْتُ لأَدْخُلَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدْ هذَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَمَا مَنَعَنِي مِنْ دُخُولِهِ إِلاَّ غَيْرَتَكَ (¬5) يَا أَبَا حَفْصٍ، فَبَكَى عُمَرُ ¬
وَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي عَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ يَا عُثْمَانُ إِنَّ لِكُلِّ نَبيٍّ رَفِيقاً فِي الْجَنَّةِ، وَأَنْتَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ يَا عَليُّ: أَوَمَا تَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُكَ فِي الْجَنَّةِ مُقَابِلَ مَنْزِلِي (¬1)، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: يَا طَلْحَةُ وَيَا زُبَيْرُ: إِنَّ لِكُلِّ نَبيٍّ حَوَارِيَّ (¬2)، وَأَنْتُمَا حَوَارِييِّ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ: لَقَدْ بَطَّأَ (¬3) بِكَ عَنَّا مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي حَتَّى خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ هَلَكْتَ، وَعَرِقْتُ عَرَقاً شَدِيداً، فَقُلْتُ: مَا بَطَّأَ بِكَ؟ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ مِنْ كَثْرَةِ مَالِي مَا زِلْتُ مَوْقُوفاً مُحَاسَباً أَسْأَلُ عَنْ مَالِي مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتُهُ، وَفِيما أَنْفَقْتُهُ، فَبَكَى عَبْدُ الرَّحْمنِ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذِهِ مَائَةُ رَاحِلَةٍ جَاءَتْنِي اللَّيْلَةَ مِنْ تِجَارَةِ مِصْرَ، فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهَا عَلَى فُقَراءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَيْتَامِهِمْ لَعَلَّ اللهَ يُخَفِّفُ عَنِّي ذَلِكَ الْيَومَ. رواه البزار، واللفظ له والطبراني ورواته ثقات إلا عمار بن سيف، وقد وُثق. [قال الحافظ]: وقد ورد من غير وجه، ومن حديث جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ حَبْواً لِكَثْرَةِ مَالِهِ، ولا يسلم أجودُها من مقال، ولا يبلغ منها شيء بانفراده درجة الحسن، ولقد كان ماله بالصفة ¬
التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ، فَأَنى تنقص درجاته في الآخرة، أو يقصر به دون غيره من أغنياء هذه الأمة؟ فإنه لم يرد هذا في حق غيره إنما صح سبق فقراء هذه الأمة أغنياءهم على الإطلاق، والله أعلم. 20 - وَعَنْ أُسَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَكَانَ عَامّة مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ (¬1)، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ (¬2) مَحْبُوسُونَ (¬3) غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ، فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاء. رواه البخاري ومسلم. [الجد]: بفتح الجيم: هو الحظ والغنى. 21 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: رَأَيْتُ أَنِّي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَعَالِي أَهْلِ الْجَنَّةِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ، وَذَرَارِي (¬4) الْمُؤْمِنِينَ، وَإِذَا لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ أَقَلَّ مِنَ الأَغْنِياءِ وَالنِّسَاءِ، فَقِيلَ لِي: أَمَّا الأَغْنِياءُ فَإِنَّهُمْ عَلَى الْبَابِ يُحَاسَبُونَ وَيُمَحَّصُونَ (¬5)، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَأَلْهَاهُنَّ الأَحْمَرَانِ: الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ (¬6). الحديث. رواه أبو الشيخ ابن حبان وغيره من طريق عبد الله بن زُحَر عن علي بن يزيد عن القاسم عنه. 22 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: اللَّهُمَّ ¬
أحْيِني مِسْكِيناً (¬1)، وَأَمِتْنِي مِسْكِيْناً، وَاحْشُرنِي في زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: إِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً يَا عَائِشَةُ لاَ تَرُدِّي مِسْكِيناً، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ. يَا عَائِشَةُ حُبِّي الْمَسَاكِينَ وَقَرِّبِيهِمْ، فَإِنَّ اللهَ يُقَرِّبُك يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب، وتقدم في صلاة الجماعة حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، وفي رواية: رَبِّي في أَحْسَنِ صُورَةٍ. فذكر الحديث إلى أن قال: قالَ ياَ مَحمَّدْ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ (¬2). فَقَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ، قُل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْك المُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً (¬3)، فاقْبِضْنِي إلَيْكَ (¬4) غَيْرَ مَفْتُونٍ. الحديث. رواه الترمذي وحسنه. 23 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: اللَّهُمَّ أحْيِنِي مِسْكِيناً، وَتَوَفَّنِي مِسْكِيناً، وَاحْشُرْنِي في زُمْرَةِ المَسَاكِينِ وَإِنَّ أَشْقَى الأَشْقِيَاءِ (¬5) مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الآخِرَةِ. رواه ابن ماجة إلى قوله: المساكين، والحاكم بتمامه، وقال صحيح الإسناد. ورواه أبو الشيخ والبيهقي عن عطاء بن أبي رباح سمع أبا سعيد يقول: يا أَيُّهَا النَّاسُ: لاَ تَحْمِلَنَّكُمُ الْعُسْرَةُ (¬6) عَلَى طَلَبِ الرِّزْقِ (¬7) مِنْ غَيْرِ حِلَّهِ، فَإِنِّي ¬
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: اللَّهُمَّ تَوَفَّنِي فَقِيراً، وَلاَ تَوَفَّنِي غَنِيّاً، واحْشُرْنِي في زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ، فَإِنَّ أَشْقَى الأَشْقِيَاءِ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا، وَعَذَابُ الآخِرَةِ. قال أبو الشيخ: زاد فيه غير أبي زرعة عن سليمان بن عبد الرحمن: وَلاَ تَحْشُرْنِي في زُمْرَةِ الأَغْنِياءِ. أحبوا الفقراء وجالسوهم 24 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعاً: أَحِبُّوا الْفُقَراءَ (¬1)، وَجَالِسُوهُمْ وَأحِبَّ الْعَرَبَ (¬2) مِنْ قَلْبِكَ، وَلْيرُدُّكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْلَمُ مِنْ نَفْسِكَ (¬3). رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 25 - وَعَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَبِلاَلٍ في نَفَرٍ (¬4)، فَقَالُوا (¬5): مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللهِ مَأْخَذَهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَتَقُولُونَ هذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ (¬6) وَسَيِّدِهِمْ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَجَارَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ: لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ؟ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغَضَبْتَ رَبَّكَ (¬7)، فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهُ أَغْضَبْتُكُمْ (¬8)؟ قَالُوا: لاَ (¬9) يَغْفِرُ اللهُ لَكَ يَا أُخَيُّ. رواه مسلم وغيره. ¬
26 - وَعَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَسْتَفْتِحُ (¬1) بِصَعَالِيكِ (¬2) المسْلِمِينَ. رواه الطبراني، ورواتُه رواة الصحيح، وهو مرسل. وفي رواية: يَسْتَنْصِرُ بِصَعَالِيكِ الْمُسْلِمِينَ. حديث يعقوب عليه السلام مع من آخاه في الله تعالى 27 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: كَانَ لِيَعْقُوبَ أَخٌ مُؤَاخٍ (¬3) فِي اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا يَعْقُوبُ (¬4) مَا الَّذِي أَذْهَبَ بَصَرَكَ (¬5)؟ قاَلَ: الْبُكَاءُ عَلَى يُوسُفَ (¬6). قالَ: مَا الَّذِي قَوَّسَ ظَهْرَكَ (¬7)؟ قالَ الْحُزْنُ عَلَى بِنْيَامِينَ، فَأَتَأهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ! إِنَّ اللهَ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ. وَيَقُولُ: أَمَا تَسْتَحِي أَنْ تَشْكُوَنِي إِلى غَيْرِي؟ قالَ: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي (¬8) وَحُزْنِي إِلى اللهِ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: اللهُ أَعْلَمُ بِمَا تَشْكُو يَا يَعْقُوبُ، ثُمَّ قالَ يَعْقُوبُ: أَيْ رَبِّ أَمَا تَرْحَمُ (¬9) الشَّيْخَ الْكَبِيرَ! أَذْهَبْتَ بَصَرِي، وَقَوَّسْتَ ظَهْرِي، فازْدُدْ عَليَّ رَيْحَانَتِي أَشمُّهُ شَمَّةً قَبْلَ الْمَوْتِ، ثُمَّ اصْنَعْ بِي مَا أَرَدْتَ، قالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يُقْرِئكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ لَكَ: أَبْشِرْ، وَلْيَفْرِحْ قَلْبُكَ، فَوَعِزَّتِي لَوْ كَانَا مَيِّتَيْنِ لَنَشَرْتُهُمَا (¬10)، فاصْنَعْ طَعَاماً لِلْمَسَاكِين (¬11) فَإِنَّ أَحَبَّ عِبَادِي إِلَيَّ الأَنْبِيَاءُ والْمَسَاكِينُ، وَتَدْرِي (¬12) لِمَ أَذْهَبْتُ بَصَرَكَ وَقَوَّسْتُ ظَهْرَكَ، وَصَنَعَ إِخْوَةُ يُوسُفَ بِيُوسُف مَا صَنَعُوا؟ إِنَّكُمْ ذَبَحْتُمْ شَاةً، فَأَتَاكُمْ مِسْكِينٌ يَتيم (¬13)، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمْ تُطْعِمُوهُ مِنْهُ شَيْئاً. قَالَ: فَكانَ ¬
يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَرَادَ الْغَدَاءَ أَمَرَ مُنَادِيَاً فَنَادَى: أَلاَ مَنْ أَرَادَ الْغَدَاءَ مِنَ الْمَسَاكِينِ فَلْيتَغَذَّ مَعَ يَعْقُوبَ، وَإِنْ كانَ صَائِمَاً أَمَرَ مُنَادِياً فَنَادى: أَلاَ مَنْ كَانَ صَائِماً مِنَ الْمَسَاكِينِ فَلْيُفْطِرْ مَعَ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. رواه الحاكم ومن طريقه البيهقي عن حفص بن عمر بن الزبير عن أنس قال الحاكم: كذا في سماعي عن حفص بن عمر بن الزبير، وأظن الزبير وهم، وأنه حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة، فإن كان كذلك فالحديث صحيح، وقد أخرجه إسحق بن راهويه في تفسيره قال: أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا زافر بن سليمان عن يحيى بن عبد الملك عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذرّ 28 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بِخِصَالٍ مِنَ الْخَيْرِ: أَوْصَانِي أَنْ لا أَنْظُرَ إِلى مَنْ هُوَ فَوْقِي (¬1)، وَأَنْظُرَ إِلى مَنْ هُوَ دُونِي (¬2)، وَأَوْصَانِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ، وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ (¬3) وَأَوْصَانِي أَنْ أَصِلَ رَحِمِي (¬4)، وَإِنْ أَدْبَرَتْ. الحديث رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه. 29 - وَعَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُسْتَضْعَفٍ لَوْ يُقْسِمُ عَلى اللهِ لأَبَرَّهُ. أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ. رواه البخاري ومسلم وابن ماجة. ¬
[العتلّ] بضم العين والتاء وتشديد اللام: هو الجافي الغليظ. [والجوّاظ] بفتح الجيم وتشديد الواو وآخره ظاء معجمة: هو الضخم المختال في مشيته، وقيل: القصير البطين، وقيل الجموع المنوع. 30 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَهْلُ النَّارِ كُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ جَمَّاعٍ (¬1) مَنَّاعٍ (¬2)، وَأَهْلُ الْجَنَّة الضُّعَفَاءُ الْمَغْلُوبُونَ (¬3). رواه أحمد والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. [الجعظريّ] بفتح الجيم وإِسكان العين المهملة وفتح الظاء المعجمة قال ابن فارس: هو المنتفخ بما ليس عنده. 31 - وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم في جَنَازَةٍ فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ عِبَادِ اللهِ؟ الْفَظُّ الْمُسْتَكْبِرُ (¬4). أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ عِبَادِ اللهِ: الضَّعِيفُ الْمُسْتَضْعَفُ ذُو الطِّمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ (¬5) لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ. رواه أحمد ورواته رواة الصحيح إلا محمد بن جابر. [الطمر] بكسر الطاء: هو الثوب الخلق. 32 - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى قال: رَجُلٌ ضَعِيفٌ مُسْتَضْعَفٌ ذُو طِمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ. رواه ابن ماجة، ورواة إسناده محتجّ بهم في الصحيح إلا سويد بن عبد العزيز. 33 - وَعضنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشَمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: يَا سُرَاقَةُ أَلاَ أُخْبِرُكَ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. ¬
قالَ: أَمَّا أَهلُ النَّارِ، فَكُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ، وَأمَّا أَهْلُ الْجَنَّةِ فَالضُّعَفَاءُ الْمَغْلُوبُونَ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 34 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: احْتَجَّتِ (¬1) الْجَنَّةُ والنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: فِيَّ الْجَبَّارُونَ (¬2) وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَقالَتِ الْجَنَّةُ: فِيَّ ضُعَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَمَسَاكِينُهُمْ، فَقَضَى اللهُ بَيْنَهُمَا: إِنَّكِ الْجَنَّة رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَإِنَّكِ النَّارُ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكِلَيْكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا. رواه مسلم. 35 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ (¬3) السَّمِينُ (¬4) يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ. رواه البخاري ومسلم. 36 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٌ. مَا رَأْيُكَ في هَذَا؟ قالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ (¬5): هَذَا وَاللهِ حَرِيٌّ (¬6) إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ (¬7) أَنْ يُشَفَّعَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا رَأْيُكَ في هذَا؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ. هذَا أَحْرَى (¬8) إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ ¬
وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم هذا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هذَا. رواه البخاري ومسلم وابن ماجة. 37 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَا أَبَا ذَرٍّ: أَتَرَى كَثْرَةَ الْمَالِ هُوَ الْغَنَى؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: فَتَرَى قِلَّةَ الْمَالِ هُوَ الْفَقْرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى الْقَلْبِ، والْفَقْرُ فَقْرُ الْقَلْبِ، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قالَ: هَلْ تَعْرِفُ فُلاَناً؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: فَكَيْفَ تَرَاهُ أَوْ تُرَاهُ. قُلْتُ: إِذَا سَأَلَ أُعْطِي (¬1)، وَإِذَا حَضَرَ أُدْخِل (¬2). قالَ: ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ (¬3)، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُ فُلاناً؟ قُلْتُ: لاَ وَاللهِ مَا أَعْرِفُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا زَالَ يُجَلِّيهِ (¬4) وَيُنْعِتُهُ حَتَّى عَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: قَدْ عَرَفْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ: فَكَيْفَ تَرَاهُ أَوْ تُرَاهُ؟ قُلْتُ: هُوَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ. فَقَالَ: هُوَ خَيْرٌ (¬5) مِنْ طِلاعِ الأَرْضِ (¬6) مِنَ الآخَرِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلا يُعْطَى مِنْ بَعْضِ مَا يُعْطَى الآخَرُ؟ فَقَالَ: إِذَا أُعْطِيَ خَيْراً فَهُوَ أَهْلُهُ (¬7)، وَإِذَا صُرِفَ عَنْهُ فَقَدْ أُعْطِيَ حَسَنَةً. رواه النسائي مختصراً وابن حبان في صحيحه واللفظ له. ¬
38 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: انْظُرْ أَرْفَعَ رَجُلٍ في الْمَسْجِدِ قالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ حُلَّةٌ، قُلْتُ: هذا، قالَ: قالَ لي: انْظُرْ أَوْضَعَ رَجُلٍ في الْمَسْجِدِ، قالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ أَخْلاقٌ، قالَ: قُلْتُ: هَذَا، قالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَهَذَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هذَا. رواه أحمد بأسانيد رواتها محتج بهم في الصحيح، وابن حبان في صحيحه. 39 - وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ لَهُ فَضْلاً عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ. رواه البخاري والنسائي، وعنده: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّمَا تُنْصَرُ هذِهِ الأُمَّةُ بِضَعِيفِيهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلاتِهِمْ وَإِخْلاصِهِمْ. 40 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: ابْغُونِي في ضُعَفَائِكُمْ، فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ. رواه أبو داود والترمذي والنسائي. 41 - وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ في أصْحَابِ الصُّفَةِ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا مِنَّا إِنْسَانٌ عَلَيْهِ ثَوْبٌ تَامٌّ، وَأَخَذَ الْعَرَقُ في جُلُودِنَا طُرُقاً مِنَ الْغُبَارِ وَالْوَسَخِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: لِيَبْشُرْ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَيْهِ شَارَةٌ حَسَنَةٌ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم لاَ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ إِلاَّ كَلَّفَتْه نَفْسُهُ أَنْ يَأْتِي بِكَلاَمٍ يَعْلُو كَلاَمَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا انْصَرَفَ قالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يُحِبُّ هذَا وَضَرْبَهُ (¬1) يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ لِلنَّاسِ (¬2) ¬
لَيَّ الْبَقَر (¬1) بلِسَانِهَا الْمَرْعَى كَذَلِكَ يَلْوِي اللهُ (¬2) عَزَّ وَجَلَّ أَلْسِنَتَهُمْ وَوُجُوهَهُمْ في النَّارِ. رواه الطبراني بأسانيد أحدها صحيح. لو تعلمون ما ادّخر لكم ما حزنتم على ما زوي عنكم 42 - وَعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم يَخْرُجُ إِلَيْنَا في الصُّفَّةِ، وَعَلَيْنَا الْحَوْتَكِيَّةُ، فَقَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا ادُّخِرَ (¬3) لَكُمْ مَا حَزِنْتُمْ عَلَى مَا زَوِيَ (¬4) عَنْكُمْ، وَلَتُفَتَّحَنَّ عَلَيْكُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ (¬5). رواه أحمد بإسناد لا بأس به. [الحوتكية] بحاء مهملة مفتوحة ثم واو ساكنة ثم تاء مثناة فوق، قيل: هي عمة يتعممها الأعراب يسمونها بهذا الاسم، وقيل: هو مضاف إلى رجل يسمى حوتكا كان يتعممها، والحوتك: القصير، وقيل: هي خميصة منسوبة إليه وإلى القصر، وهذا أظهر، والله أعلم. 43 - وَعَنْ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِكَ (¬6)، وَشَهِدَ أَنِّي رَسُولُكَ، فحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَكَ، وَأَقْلِلْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا (¬7)، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِكَ، وَيَشْهَدْ أَنِّي رَسُولُكَ، فَلاَ تُحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَلاَ تُسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَكَ، وَكَثِّرْ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا. رواه ابن أبي الدنيا ¬
والطبراني وابن حبان في صحيحه، وأبو الشيخ ابن حبان في الثواب، ورواه ابن ماجة من حديث عمرو بن غيلان الثقفي وهو مختلف في صحبته قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي، وَعَلِمَ أَنَّ مَا جِئْتُ بِهِ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَقْلِلْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَعَجِّلْ لَهُ الْقَضَاءَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي، وَلَمْ يُصَدِّقْنِي، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ. 44 - وَعَن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى اللهُ عليه وسلم قالَ: اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ: الْمَوْتُ (¬1)، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ المالِ، وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ (¬2). رواه أحمد بإسنادين رواة أحدهما محتج بهم في الصحيح، ومحمود له رؤية، ولم يصح له سماع فيما أرى، وتقدم الخلاف في صحبته في باب الرياء وغيره، والله أعلم. 45 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ قَلَّ مَالُهُ، وَكَثُرَتْ عِيَالُهُ (¬3)، وَحَسُنَتْ صَلاَتُهُ (¬4)، وَلَمْ يَغْتَبِ الْمُسْلِمِينَ (¬5) جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ مَعِي كَهَاتَيْنِ. رواه أبو يعلى والأصبهاني. رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره 46 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
رُبَّ أَشْعَثَ (¬1) أَغْبَرَ مَدْفُوعٍ بِالأَبْوَابِ (¬2) لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ. رواه مسلم. 47 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ رُبَّ أَشْعَثَ (¬3) أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ مُصفِحٍ (¬4) عَنْ أَبْوَابِ النَّاسِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ. رواه الطبراني في الأوسط، ورواته رواة الصحيح إلا عبد الله بن موسى التيمي. 48 - وَعَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم. إِنَّ مِنْ أُمَّتِي (¬5) مَنْ لَوْ جَاءَ أَحَدَكُمْ يَسْأَلُهُ دِيَنَاراً لَمْ يُعْطِهِ، وَلَوْ سَأَلَهُ دِرْهَمَاً لَمْ يُعْطِهِ، وَلَوْ سَأَلَهُ فَلْساً (¬6) لَمْ يُعْطِهِ، فَلَوْ سَأَلَ اللهَ الْجَنَّةَ أَعْطَاهَا إيَّاهُ، ذِي طِمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ. رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في الصحيح. ما جاء في فضل الفقراء الذين لا يعبأ بهم في الدنيا 49 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَغْبَطَ ¬
أَوْلِيَائِي عِنْدِي (¬1) لَمُؤْمِنٌ خَفِيفُ الْحاذِ ذُو حَظٍّ مِنْ صَلاَةٍ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَأَطَاعَهُ في السِّرِّ (¬2)، وَكَانَ غَامِضاً في النَّاسِ (¬3) لاَ يُشَارُ إِلَيْهِ بالأَصَابِعِ، وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافاً (¬4)، فَصَبَرَ عَلى ذَلِكَ (¬5)، ثُمَّ نَقَرَ بِيَدِهِ (¬6) فَقَالَ: عَجِلَتْ مَنِيَّتُهُ، قَلَّتْ بَواكِيهِ، قَلّ تُرَاثُهُ. رواه الترمذي من طريق عبيد الله بن زحر عن عليّ بن يزيد عن القاسم بن أبي أمامة ثم قال: وهذا الإِسناد عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِيَ بَطْحَاءَ مَكَّةَ (¬7) ذَهَبَاً، قُلْتُ: لاَ يَا رَبِّ، وَلكِنْ أَشْبَعُ يَوْماً، وأَجُوعُ يَوْماً، أَوْ قالَ: ثَلاَثاً، أَوْ نَحْوَ هذَا، فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ (¬8) إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ (¬9)، وَإِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَحَمِدْتُكَ. ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن. 50 - وروى ابن ماجة والحاكم الحديث الأول إلا أنهما قالا: أَغْبَطُ النَّاسِ ¬
عِنْدِي (¬1). والباقي بنحوه. قال الحاكم: صحيح الإسناد كذا قال: [قوله: خفيف الحاذ] بحاء مهملة وذال معجمة مخففة: خفيف الحال قليل المال. إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء 51 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَرَجَ إِلى الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ مُعاذَاً عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَبْكِي، فقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قالَ: حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الْيَسِيرُ (¬2) مِنَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ، وَمَنْ عَادَى (¬3) أَوْلِيَاءَ اللهِ فَقَدْ بَارَزَ (¬4) اللهَ بِالْمُحَارَبَةِ (¬5) إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الأَبْرَارَ الأَتْقِياءَ الأَخْفِياءَ الَّذِينَ إِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا (¬6)، وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُعْرَفُوا. قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الدُّجَى يَخْرُجُونَ مِنْ كلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ (¬7). رواه ابن ماجة والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح، ولا علة له. ¬
[قال الحافظ]: ويأتي بقية أحاديث هذا الباب بعده إن شاء الله تعالى. ¬
الترغيب في الزهد في الدنيا والاكتفاء منها بالقليل والترهيب من حبها والتكاثر فيها والتنافس وبعض ما جاء في عيش النبي صلى الله عليه وسلم في المأكل والملبس والمشرب ونحو ذلك
الترغيب في الزهد في الدنيا والاكتفاء منها بالقليل والترهيب من حبها والتكاثر فيها والتنافس، وبعض ما جاء في عيش النبي صلى الله عليه وسلم في المأكل والملبس والمشرب ونحو ذلك 1 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللهُ (¬1)، وَأَحَبَّنِي النَّاسُ (¬2)، فَقَالَ: ازهَدْ في الدُّنْيَا (¬3) يُحِبُّكَ اللهُ (¬4)، وازْهَدْ فِيمَا أَيْدِي النَّاسِ (¬5) ¬
يُحِبُّكَ النَّاسُ. رواه ابن ماجة، وقد حسن بعض مشايخنا إسناده، وفيه بعد لأنه من رواية خالد بن عمرو القرشي الأموي السعيدي عن سفيان الثوري عن أبي حازم عن سهل، وخالد هذا قد ترك واتُّهم، ولم أر من وثقه، لكن على هذا الحديث لامعة من أنوار النبوة، ولا يمنع كون راويه ضعيفاً أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قاله، وقد تابعه عليه محمد بن كثير الصنعاني عن سفيان، ومحمد هذا قد وثق على ضعفه وهو أصلح حالاً من خالد، والله أعلم. 2 - وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ دُلَّنِي عَلى عَمَلٍ يُحِبُّنِي اللهُ عَلَيْهِ، وَيُحِبُّنِي النَّاسُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: أَمَّا الْعَمَلُ الَّذِي يُحِبُّكَ اللهُ عَلَيْهِ فالزُّهْدُ في الدُّنْيَا، وَأَمَّا الْعَمَلُ الَّذِي يُحِبُّكَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ مَا فِي يَدَيْكَ مِنَ الْحُطَامِ (¬1). رواه ابن أبي الدنيا هكذا معضلا، ورواه بعضهم عنه عن منصور عن ربعي بن حراش قال: جَاءَ رَجُلٌ. فذكره مرسلاً. الزهد في الدنيا يريح القلب والجسد. 3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا (¬2) يَرِيحُ الْقَلْبَ والْجَسَدَ. رواه الطبراني، وإسناده مقارب. من أزهد الناس 4 - وَعَن الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: ¬
يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَزْهَدُ النَّاسِ (¬1)؟ قالَ: مَنْ لَمْ يَنْسَ الْقَبْرَ (¬2) وَالْبِلَى (¬3)، وَتَرَكَ فَضْلَ زِينَةِ الدُّنْيَا (¬4)، وآثَرَ مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى (¬5)، وَلَمْ يَعُدَّ غَداً في أَيَّامِهِ (¬6)، وَعَدَّ نَفْسَهُ مِنَ الْمَوْتَى. رواه ابن أبي الدنيا مرسلاً وستأتي له نظائر في ذكر الموت إن شاء الله تعالى. ¬
5 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَاجَى مُوسى بِمَائَةِ أَلفٍ وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ كَلِمَةٍ في ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، فَلَمَّا سَمِعَ مُوسى كَلاَمَ الآدَمِيِّينَ مَقَتَهُمْ (¬1) لِمَا وَقَعَ فِي مَسَامِعِهِ مِنْ كَلامِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَانَ فِيمَا نَاجَاهُ رَبُّهُ أَنْ قالَ: يَا مُوسى إِنَّهُ لَمْ يَتَصَنَّعْ لِي (¬2) الْمُتَصَنِّعُون بِمِثْلِ الزُّهْدِ (¬3) في الدُّنْيَا، وَلَمْ يَتَقَرَّبْ إِلَيَّ الْمُتَقَرِّبُونَ بِمِثْلِ الْوَرَعِ (¬4) عَمَّا حَرَّمْتُ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَعَبَّدْ إِلَيَّ الْمتَعَبِّدُونَ بِمِثْلِ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَتِي (¬5) قالَ مُوسى: يا رَبَّ الْبَرِيَّةِ (¬6) كُلِّهَا، وَيَا مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ، وَيَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ: مَاذَا أَعْدَدْتَ لَهُمْ، وَمَاذَا جَزَيْتَهُمْ؟ قالَ: أَمَّا الزُّهَّادُ في الدُّنْيَا، فَإِنِّي أَبَحْتُهُمْ جَنَّتِي (¬7) يَتَبَوَّؤُونَ مِنْهَا حَيْثُ شَاؤُوا، وَأَمَّا الْوَرِعُونَ عَمَّا حَرَّمْتُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ لَمْ يَبْقَ عَبْدٌ إِلاَّ نَاقَشْتُهُ وَفَتَّشْتُهُ إِلاَّ الْوَرِعُونَ فَإِنِّي أَسْتَحْيِيهِمْ (¬8) وَأُجِلُّهُمْ وَأُكْرِمُهُمْ، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَأَمَّا الْبَكَّاؤونَ مِنْ خَشْيَتِي فَأُولئِكَ لَهُمُ الرَّفِيقُ الأَعْلَى (¬9) لاَ يُشَارَكُونَ فِيهِ. رواه الطبراني والأصبهاني. 6 - وَرُوِيَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَا تَزَيَّنَ الأَبْرَارُ (¬10) في الدُّنْيَا بِمِثْلِ الزُّهْدِ في الدُّنْيَا. رواه أبو يعلى. 7 - وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قال رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا رأَيْتُمْ مَنْ يَزْهَدُ في الدُّنْيَا فَادْنُوا مِنْهُ (¬11)، فَإِنَّهُ يُلَقَّى الْحِكْمَةَ. رواه أبو يعلى. ¬
صلاح هذه الدنيا بالزهادة واليقين 8 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ رَفَعَهُ قالَ: صَلاَحُ أَوِّلِ (¬1) هذِهِ الأُمَّةِ بِالزَّهَادَةِ وَالْيَقِينِ (¬2)، وَهَلاَكُ آخِرِهَا بِالْبُخْلِ (¬3) وَالأَمَلِ (¬4). رواه الطبراني، وإسناده محتمل للتحسين، ومتنه غريب. 9 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ قالَ: يُنَادِي مُنَادٍ: دَعُوا الدُّنْيَا لأَهْلِهَا، دَعُوا الدُّنْيَا لأَهْلِهَا، دَعُوا الدُّنْيَا لأَهْلِهَا. مَنْ أَخَذَ مِنَ الدُّنْيَا أَكْثَرَ مِمَّا يَكْفِيهِ أَخَذَ حَتْفَهُ (¬5)، وَهُوَ لا يَشْعُرُ. رواه البزار، وقال: لا يروى عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم إلا من هذا الوجه. 10 - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ (¬6). ¬
وَخَيْرُ الرِّزْقِ أَوِ الْعَيْشِ مَا يَكِفِي (¬1)، الشَّكُّ من ابن وهب. رواه أبو عوانة وابن حبان في صحيحيهما والبيهقي. إن الدنيا حلوة خضرة 11 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ (¬2) خَضِرَةٌ (¬3)، وَإِنَّ اللهَ تَعَالى مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا (¬4) فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا (¬5) وَاتَّقُوا النِّسَاءَ. رواه مسلم والنسائي. وزاد: فَمَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ (¬6) ¬
عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ (¬1). رب متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة 12 - وَعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا (¬2) بَارَكَ اللهُ لَهُ فِيهَا، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ (¬3) في مَالِ اللهِ وَرَسُولِهِ لَهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيامَةِ. رواه الطبراني بإسناد حسن. 13 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا (¬4) بَارَكَ اللهُ لَهُ فِيهَا، وَرُبَّ ¬
مُتَخَوِّضٍ (¬1) فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ لَيْسَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاّ النَّارُ. رواه الطبراني في الكبير. ورواته ثقات. 14 - وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ قَضَى نَهْمَتَهُ (¬2) في الدُّنْيَا حِيلَ (¬3) بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَهْوَتِهِ في الآخِرَةِ، وَمَنْ مَدَّ عَيْنَيْهِ إِلى زِينَةِ الْمُتْرَفِينَ (¬4) كَانَ مَهِيناً (¬5) في مَلَكُوتِ السَّمَواتِ، وَمَنْ صَبَرَ (¬6) عَلَى الْقُوتِ الشَّدِيدِ صَبْراً جَمِيلاً أَسْكَنَهُ اللهُ مِنَ الْفِرْدَوْسِ حَيْثُ شَاءَ. رواه الطبراني في الأوسط والصغير من رواية إسماعيل بن عمرو البجلي، وبقية رواته رواة الصحيح، ورواه الأصبهاني إلا أنه قال: كَانَ مَمْقُوتاً فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ، والباقي مثله. لا يصيب عبد من الدنيا شيئاً إلا نقص من درجاته عند الله 15 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: لاَ يُصِيبُ (¬7) عَبْدٌ مِنَ الدُّنْيَا شَيْئاً إِلاَّ نَقَصَ مِنْ دَرَجَاتِهِ عِنْدَ اللهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كَرِيماً. رواه ابن أبي الدنيا، وإسناده جيد، وروي عن عائشة مرفوعاً، والموقوف أصحّ. 16 - وَرُوِيَ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يَكْفِينِي مِنَ الدُّنْيَا؟ قالَ مَا سَدَّ جَوْعَتَكَ، وَوَارَى (¬8) عَوْرَتَكَ، وَإِنْ كَانَ لَكَ بَيْتٌ يُظِلُّكَ فَذَاكَ (¬9) وَإِنْ كَانَتْ لَكَ دَابَّةٌ فَبَخٍ (¬10). رواه الطبراني في الأوسط. ¬
يسأل العبد يوم القيامة عن كل ما ملكه إلا ثلاثاً 17 - وَعَنْ أَبي عَسِيبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَرَجَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لَيْلاً فَمَرَّ بِي فَدَعَانِي فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، ثُمَّ مَرَّ بِأَبي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللهُ فَدَعَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ، ثُمَّ مَرَّ بِعُمَرَ رَحِمَهُ اللهُ فَدَعَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ (¬1) حَائِطَاً لِبَعْضِ الأَنْصَارِ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ: أَطْعِمْنَا، فَجَاءَ بِعِذْقٍ (¬2) فَوَضَعَهُ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ بَارِدٍ فَشَرِبَ فَقَالَ: لَتُسْأَلُنَّ (¬3) عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قالَ: فَأَخَذَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللهُ الْعِذْقَ، فَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ حَتَّى تَنَاثَرَ الْبُسْرُ (¬4) قِبَلَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، ثُمَّ قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا لَمَسْؤُولُونَ عَنْ هذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قالَ: نَعَمْ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ (¬5): خِرْقَةٍ كَفَّ بِهَا عَوْرَتَهُ، أَوْ كِسْرَةٍ سَدَّ بِهَا جَوْعَتَهُ، أَوْ جُحْرٍ يَدْخُلُ فِيهِ مِنَ الْحَرِّ والْقَرِّ. رواه أحمد، ورواته ثقات. 18 - وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَيْسَ لابْنِ آدَمَ حَقٌّ في سِوَى هذِهِ الْخِصَالِ: بَيْتٌ يُكِنُّه (¬6)، وَثَوْبٌ يَوارِي (¬7) عَوْرَتَهُ، وَجِلْفُ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ. رواه الترمذي والحاكم وصححاه والبيهقي، ولفظه: ¬
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: كُلُّ شَيْءٍ فَضَلَ (¬1) عَنْ ظِلِّ بَيْتٍ، وَكِسَرِ خُبْزٍ، وَثُوْبٍ يُوارِي عَوْرَةَ ابْنِ آدَمَ فَلَيْسَ لابْنِ آدَمَ فِيهِ حَقٌّ. قالَ الْحَسَنُ. فَقُلْتُ لِحُمْرَانَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْخُذَ؟ وَكَانَ يُعْجِبُهُ الْجَمَالُ، يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ الدُّنْيَا تَقَاعَدَتْ بِي. [الجلف] بكسر الجيم وسكون اللام بعدهما فاء: هو غليظ الخبز وخشنه، وقال النضر بن شميل: هو الخبز ليس معه إدام. 19 - وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ الْجُبْلِي قالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاص، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَلَسْتُ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ: أَلَكَ امْرَأَةٌ (¬2) تَأْوِي إِلَيْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: أَلَكَ مَسْكَنٌ (¬3) تَسْكُنُهُ؟ قالَ: نَعَمْ. قالَ: فَأَنْتَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ. قالَ: فَإِنِّي لِي خَادِماً؟ قالَ: فَأَنْتَ مِنَ الْمُلُوكِ. رواه مسلم موقوفاً. 20 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا فَوْقَ الإِزَارِ (¬4)، وَظِلِّ الحائِطِ، وَحَرِّ الماءِ فَضْلٌ (¬5) يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ يُسْأَلُ عَنْهُ. رواه البزار، ورواته ثقات إلا ليث بن أبي سليم، وحديثه جيد في المتابعات 21 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ أُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ (¬6)، وَأَرْوِكَ مِنَ الْمَاءِ البَارِدِ. ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. إن أردت اللحوق بي فليكفك من الدنيا كزاد الراكب 22 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ لِي رَسُولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم: إِنْ أَرَدْتِ اللُّحُوقَ بِي (¬7) فَلْيَكْفِكِ مِنَ الدُّنْيَا كَزَادِ الرَّاكِبِ (¬8)، وَإِيَّاكِ وَمُجَالَسَةَ (¬9) ¬
الأَغْنِيَاءِ، وَلاَ تَسْتَخْلِقي (¬1) ثَوْباً حَتَّى تُرَقِّعِيهِ. رواه الترمذي والحاكم والبيهقي من طريقها وغيرها كلهم من رواية صالح بن حسان، وهو منكر الحديث عن عروة عنها، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وذكره رزين فزاد فيه: قال عروة: فَمَا كَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَجِدُّ ثَوْباً حَتَّى تُرَقِّعَ ثَوْبَهَا وَتُنَكِّسَهُ (¬2)، وَلَقَدْ جَاءَهَا يَوْماً مِنْ عِنْدِ مُعَاوِيَةَ ثَمَانُونَ أَلْفَاً، فَما أَمْسَى عِنْدَهَا دِرْهَمٌ، قَالَتْ لَهَا جَارِيَتُها: فَهَلاَّ اشْتَرَيْتِ لَنَا مِنْهُ لِحْمَاً بِدِرْهَمٍ؟ قَالَتْ: لَوْ ذَكَّرْتِنِي لَفَعَلْتُ. 23 - وَعَنْ أَبِي سُفيْنٍ عَنْ أَشْيَاخِهِ قالَ: قَدِمَ سَعْدٌ عَلَى سَلْمَانَ يَعُودُهُ قالَ: فَبَكَى، فَقَالَ سَعْدٌ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ تُوَفِّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، وَتَرِدُ عَلَيْهِ الْحَوْضَ، وَتَلْقَى أَصْحَابَكَ. فَقَالَ: مَا أَبْكِي جَزَعاً (¬3) مِنَ الْمَوْتِ، وَلاَ حِرْصَاً عَلَى الدُّنْيَا (¬4)، وَلكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إِلَيْنَا عَهْداً قالَ: لِتَكُنْ بُلْغَةُ (¬5) أَحَدِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا كَزَادِ الرَّاكِبِ، وَحَوْلِي هذِهِ الأَسَاوِدُ، قالَ: وَإِنَّمَا حَوْلَهُ إِجَّانَةٌ (¬6) وَجَفْنَةٌ (¬7) وَمِطْهَرَةٌ (¬8)، فَقَالَ: يَا سَعْدُ: اذْكُرِ اللهَ عِنْدَ هَمِّكَ (¬9) إِذَا هَمَمْتَ، وَعِنْدَ يَدَيْكَ إِذَا قَسَمْتَ (¬10)، وَعِنْدَ حُكْمِكَ إِذَا حَكَمْتَ (¬11). رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد كذا قال: ¬
[قوله: وهذه الأساود حولي] قال أبو عبيد: أراد الشخوص من المتاع، وكل شخص سواد من إنسان أو متاع أو غيره. 24 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: اشْتَكَى سَلْمَانُ فَعَادَهُ سَعْدٌ فَرَآهُ يَبْكِي فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا يُبْكِيكَ يَا أخِي؟ أَلَيْسَ قَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، أَلَيْسَ، أَلَيْسَ؟ قالَ سَلْمَانُ: مَا أَبْكِي وَاحِدَةً مِنَ اثْنَتَيْنِ مَا أَبْكِي ضَنَّاً (¬1) عَلَى الدُّنْيَا، وَلاَ كَرَاهِيةَ ¬
الآخِرَةِ، وَلكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَهِدَ إِلَيْنَا عَهْداً مَا أَرَانِي إِلاَّ قَدْ تَعَدَّيْتُ. قالَ: وَمَا عَهِدَ إِلَيْكَ؟ قالَ عَهِدَ إلَيْنَا أَنَّهُ يَكْفِي أَحَدَكُمْ مِثْلُ زَادِ الرَّاكِبِ، وَلاَ أُرَانِي إِلاَّ قَدْ تَعَدَّيْتُ (¬1)، وَأَمَّا أَنْتَ يَا سَعْدُ فَاتَّقِ اللهَ (¬2) عِنْدَ حُكْمِكَ إِذَا حَكَمْتَ، وَعِنْدَ قَسْمِكَ (¬3) إِذَا قَسَمْتَ: وَعِنْدَ هَمِّك (¬4) إِذَا هَمَمْتَ. رواه ابن ماجة ورواته ثقات احتج بهم الشيخان إلا جعفر بن سليمان فاحتج به مسلم وحده. [قال الحافظ]: وقد جاء في صحيح ابن حبان أن مال سلمان رضي الله عنه جُمِعَ، فبلغ خمسة عشر درهماً، وفي الطبراني: أن متاع سلمان بيع، فبلغ أربعة عشر درهماً، وسيأتي إن شاء الله. يا أيها الناس هلموا إلى ربكم 25 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: ما طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ إِلاَّ بُعِثَ بِجَنْبَتَيْهَا (¬5) مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ يُسْمِعَانِ أَهْلَ الأَرْضِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ (¬6): يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إِلى رَبِّكُمْ (¬7). فَإِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى (¬8). رواه أحمد في حديث تقدم، ورواتُه رواة الصحيح وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 26 - وروى الطبراني من حديث فضالة عن أبي أمامة قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى ¬
اللهُ عليه وسلم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إِلى رَبِّكُمْ، فَإِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى. يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا هُمَا نَجْدَانِ نَجْدُ خَيْرٍ وَنَجْدُ شَرٍّ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشَّرِّ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الْخَيْرِ؟ [النجد] هنا: الطريق، ومنه قوله تعالى: وهديناه النجدين: أي الطريقين: طريق الخير، وطريق الشر. 27 - وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: طُوبَى (¬1) لِمَنْ هُدِيَ للإِسْلامِ، وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافاً وَقَنِعَ. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً 28 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم قالَ: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافاً، وَقَنَّعَهُ (¬2) اللهُ بِمَا آتَاهُ. رواه مسلم والترمذي وابن ماجة. [الكفاف] الذي ليس فيه فضل عن الكفاية. 29 - وروى أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب عن سعيد بن عبد العزيز أنَّهُ سُئِلَ مَا الْكَفَافُ مِنَ الرِّزْقِ؟ قالَ: شِبَعُ يَوْمٍ، وَجُوعُ يَوْمٍ. 30 - وَعَنْ نُقَادَةَ الأَسَدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إِلى رَجُلٍ يَسْتَمْنِحُهُ (¬3) نَاقَةً، فَرَدَّهُ (¬4)، ثُمَّ بَعَثَنِي إِلى رَجُلٍ آَخَرَ يَسْتَمْنِحُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِنَاقَةٍ، فَلَمَّا أَبْصَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهَا وَفِيمَنْ بَعَثَ بِهَا. قالَ نُقَادَةُ: فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا؟ قالَ: ¬
وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُلِبَتْ فَدَرَّتْ (¬1)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَ فُلانٍ لِلْمَانِعِ (¬2) الأَوَّلِ، واجْعَلْ رِزْقَ فُلاَنٍ يَوْمَا بِيَوْمٍ لِلَّذِي بَعَثَ بِالنَّاقَةِ. رواه ابن ماجة بإسناد حسن. اللهم اجعل رزق آل محمد كفافاً 31 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتاً (¬3). وفي رواية: كَفَافاً. رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة. 32 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا مِنْ غَنِيٍّ وَلاَ فَقِيرٍ إِلاَّ وَدَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (¬4) أَنَّهُ أُوتِيَ مِنَ الدُّنْيَا قُوتاً. رواه ابن ماجة. ¬
33 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يَتْبَعُ (¬1) المَيِّتَ ثَلاثٌ (¬2): أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ، يَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ. رواه البخاري ومسلم. 34 - وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ (¬3) وَلاَ أَمَةٍ إِلاَّ وَلَهُ ثَلاَثُ أَخِلاَّءَ (¬4)، فَخَلِيلٌ يَقُولُ: أَنَا مَعَكَ فَخُذْ مَا شِئْتَ، وَدَعْ مَا شِئْتَ، فَذَلِكَ مَالُهُ، وَخَلِيلٌ يَقُولُ: أَنَا مَعَكَ، فَإِذَا أَتَيْتَ بَابَ الْمَلِكِ تَرَكْتُكَ فَذلِكَ خَدَمُهُ وَأَهْلُهُ. وَخَلِيلٌ يَقُولُ أَنَا مَعَكَ حَيْثُ دَخَلْتَ وَحَيْثُ خَرَجْتَ فَذَلِكَ عَمَلُهُ. رواه الطبراني في الكبير بأسانيد أحدها صحيح، ورواه في الأوسط، ولفظه: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَثَلُ الرَّجُلِ وَمَثَلُ الْمَوْتِ كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ ثَلاَثَةُ أَخِلاَّء فَقَالَ أَحَدُهُمْ: هذَا مَالِي، فَخُذْ مِنْهُ مَا شِئْتَ، وَأَعْطِ مَا شِئْتَ، وَدَعْ مَا شِئْتَ، وَقَالَ الآخَرُ: أَنَا مَعَكَ أَخْدُمُكَ، فَإِذَا مِتَّ تَرَكْتُكَ، وَقَالَ الآخَرُ: أَنَا مَعَكَ أَدْخُلُ مَعَكَ، وأَخْرُجُ مَعَكَ، إِنْ مِتَّ وَإِنْ حَيِيتَ، فأَمَّا الَّذِي قالَ: هَذَا مَالِي فَخُذْ مِنْهُ مَا شِئْتَ، وَدَعْ مَا شِئْتَ، فَهُوَ مَالُهُ، وَالآخَرُ عَشِيرَتُهُ (¬5)، والآخَرُ عَمَلُهُ، يَدْخُلُ مَعَهُ، وَيَخْرُجُ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ. 35 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَثَلُ ابْنِ آدَمَ وَمَالِهِ وَأَهْلِهِ وَعَمَلِهِ كَرَجُلٍ لَهُ ثَلاثَةُ إِخْوَةٍ أَوْ ثَلاَثَةُ أَصْحَابٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَنَا مَعَكَ حَيَاتَكَ (¬6) فَإِذَا مِتَّ فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي، وقالَ الآخَرُ: أَنَا مَعَكَ فَإِذَا بَلَغْتَ تِلْكَ ¬
الشَّجَرَةَ فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي، وقالَ الآخَرُ: أَنَا مَعَكَ حَيّاً وَمَيِّتاً. رواه البزار ورواته رواة الصحيح. 36 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَقُولُ الْعَبْدُ: مَالِي مَالِي (¬1)، وإِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلاَثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفْنَى (¬2)، أَو لَبِسَ فَأَبْلَى (¬3)، أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى (¬4) مَا سِوَى ذلِكَ، فَهُوَ ذَاهِبٌ، وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ. رواه مسلم. 37 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِيرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم، وَهُوَ يَقْرَأُ: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ قالَ: يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فأَمْضَيْتَ (¬5). رواه مسلم والترمذي والنسائي، وتقدم أحاديث من هذا النوع في الصدقة وفي الإنفاق. 38 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَرَّ بِالسُّوقِ، والنَّاسُ كَنَفَتَيْهِ، فَمَرّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ: فَتَنَاوَلَهُ بِأُذُنِهِ ثُمَّ قالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَن هذا بِدِرْهَمٍ؟ فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنُّهُ لَنَا بِشَيءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قالَ: أَتُحِبُّونَ أَنُّهُ لَكُمْ؟ قالُوا: واللهِ لَوْ كَانَ حَيَّاً لَكَانَ عَيْباً فِيهِ لأَنَّهُ أَسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: واللهِ لَلدُّنيا أَهْوَنُ علَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ مِنْ هذَا عَلَيْكُمْ. رواه مسلم. [قوله: كنفتيه] أي عن جانبيه. [والأسك] بفتح الهمزة والسين المهملة أيضاً وتشديد الكاف: هو الصغير الأذن. ¬
39 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ قَدْ أَلْقَاهَا أَهْلُهَا فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا. رواه أحمد بإسناد لا بأس به. والله للدنيا أهون على الله من هذه السخلة على أهلها 40 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم بِدِمْنَةِ (¬1) قَوْمٍ فِيهَا سَخْلَةٌ مَيِّتَةٌ فَقَالَ: مَا لأَهْلِهَا فِيهَا حَاجَةٌ؟ قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ كَانَ لأَهْلِهَا فِيها حَاجَةٌ مَا نَبَذُوهَا (¬2)، فَقَالَ: واللهِ للدنيا أَهْوَنُ علَى اللهِ مِنْ هَذِهِ السَّخْلَةِ عَلَى أَهْلِهَا فَلا أُلْفِيَنَّهَا (¬3) أَهْلَكَتْ أَحَداً مِنْكُمْ. رواه البزار والطبراني في الكبير من حديث ابن عمر بنحوه، ورواتهما ثقات، ورواه أحمد من حديث أبي هريرة ولفظه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَرَّ بِسَخْلَةٍ جَرْبَاءَ (¬4) قَدْ أَخْرَجَهَا أَهْلُهَا، فَقَالَ: أَتَرَوْنَ هذِه هَيِّنَةً عَلَى أَهْلِهَا؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلى اللهِ مِنْ هَذِهِ عَلى أَهْلِهَا. 41 - وَفي رواية للطبراني من حديث ابن عمر أيضاً نحوه، وزاد فيه: وَلَوْ كَانَتْ تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ لَمْ يُعْطِها إِلاَّ لأَوْلِيَائِهِ وأَحْبَابِهِ مِنْ خَلْقِهِ. [الدمنة] بكسر الدال: هي مجتمع الدمن، وهو السرجين الملبد بعضه على بعض [والسخلة] الأنثى من ولد الضأن. [وقوله: فلا ألفينها] بالفاء وتشديد النون: أي فلا أجِدَنَّها. 42 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ (¬5) عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ. رواه ابن ماجة والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. 43 - وَعَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جاءَ قَوْمٌ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ¬
فَقَالَ لَهُمْ: أَلَكُمْ طَعَامٌ؟ قالُوا: نَعَمْ. قالَ: فَلَكُمْ شَرَابٌ؟ قالُوا: نَعَمْ، قالَ: وَتُبَرِّدُونَهُ؟ قالُوا: نَعَمْ. قالَ: فَإِنَّ مَعَادَهُمَا كَمَعَادِ الدُّنْيَا (¬1) يقُومُ أَحَدُكُمْ إِلى خَلْفِ بَيْتِهِ فَيُمْسِكُ أَنْفَهُ مِنْ نَتْنِهِ. رواه الطبراني، ورواته محتجّ بهم في الصحيح. 44 - وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ لَهُ: يَا ضَحَّاكُ: مَا طَعَامُكَ؟ قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اللَّحْمُ واللَّبَنُ. قالَ: ثُمَّ يَصِيرُ إِلى مَاذَا؟ قالَ: إِلى مَا قَدْ عَلِمْتَ. قالَ: فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى ضَرَبَ مَا يَخْرُجُ مِنِ ابْنِ آدَمَ مَثَلاً لِلدُّنْيَا. رواه أحمد، ورواتُه رواة الصحيح إلا عليّ بن زيد بن جدعان. 45 - وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ مَطْعَمَ ابْنِ آدَمَ جُعِلَ مَثَلاً لِلدُّنْيَا وَإِنْ قَزَّحَهُ وَمَلَحَهُ، فانْظُرْ إِلى مَا يَصِيرُ؟ رواه عبد الله بن أحمد وابن حبان في صحيحه. [قوله: قزَّحه] بتشديد الزاي: هو من القزح، وهو التابل يقال: قزحت القدر: إذا طرحت فيها الأبزار. [وملحه] بتخفيف اللام: معروف. إن الدنيا ملعونة 46 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ (¬2) مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلاَّ ذِكْرُ اللهِ، وَمَا وَالاَهُ، وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ. رواه ابن ماجة والبيهقي والترمذي، وقال: حديث حسن. 47 - وَعَنْ الْمُسْتَوْلِدِ أَخِي بَنِي فِهْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا الدُّنْيَا في الآخِرَةِ إِلاَّ كما يَجْعَلُ أَحَدُكُم اصْبُعَهُ في هذِهِ الْيَمِّ (¬3)، وَأَشَارَ يَحْيى بْنُ يَحْيى بالسَّبَّابَةِ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ؟ رواه مسلم. تعس عبد الدينار وعبد الدرهم 48 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: ¬
تَعِسَ (¬1) عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ (¬2) إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ (¬3)، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وانْتَكَسَ (¬4) وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ، طُوبَى لِعَبْدٍ أَخَذَ بِعِنَانِ فَرَسِهِ (¬5) في سَبِيلِ اللهِ أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، وَإِنْ كانَ في الحرَاسَةِ كَانَ في الْحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ في السَّاقَةِ كَانَ في السَّاقَةِ (¬6)، وَإِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنَ لَهُ (¬7)، وَإِنْ شَفَعَ (¬8) لَمْ يُشَفَّعْ. رواه البخاري، وتقدم مع شرح غريبه في الرباط. 49 - وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ (¬9) أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، ومَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ، فَآثِرُوا (¬10) مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنى. رواه أحمد ورواته ثقات، والبزار وابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي في الزهد وغيره، كلهم من رواية المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبي موسى وقال الحاكم: صحيح على شرطهما. ¬
[قال الحافظ]: المطّلب لم يسمع من أبي موسى، والله أعلم. 50 - وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قالَ: يَا مَعْشَرَ الأَشْعَرِيِّينَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِد الْغَائِبَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: حُلْوَةُ الدُّنْيَا (¬1) مُرَّةُ الآخِرَةِ، وَمُرَّةُ الدُّنْيَا حُلْوَةُ الآخِرَةِ. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. 51 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهث قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أُشْرِبَ (¬2) حُبَّ الدُّنْيَا الْتَاطَ (¬3) مِنْهَا بِثَلاثٍ: شَقَاءٍ (¬4) لاَ يَنْفَدُ عَنَاهُ، وَحِرْصٍ (¬5) لاَ يَبْلُغُ غِنَاهُ، وَأَمَلٍ (¬6) لاَ يَبْلُغُ مُنْتَهَاهُ، فَالدُّنْيَا طَالِبَةٌ وَمَطْلُوبَةٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبْتَهُ الآخِرَةُ حَتَّى يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ فَيَأْخُذَهُ، وَمَنْ طَلَبَ الآخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوفِيَ مِنْهَا رِزْقَهُ رواه الطبراني بإسناد حسن. 52 - وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذْ ¬
قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ في غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (¬1). قال: في الدُّنْيَا رواه ابن حبان في صحيحه وهو في مسلم بمعناه في آخر حديث يأتي إن شاء الله تعالى. 53 - وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ (¬2) أُرْسِلا في غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلى المالِ والشَّرَفِ لِدِينِهِ (¬3). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح وابن حبان في صحيحه. 54 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا ذِئْبَانِ ضارِيَانِ (¬4) جَائِعَانِ بَاتَا في زَرِيبَةِ (¬5) غَنَمٍ أَغْفَلَهَا أَهْلُهَا يَفْتَرِسَانِ وَيَأْكُلانِ بِأَسْرَعَ فِيهَا فَسَادَاً مِنْ حُبِّ المالِ والشَّرَفِ في دِينِ المرْءِ الْمُسْلِمِ. رواه الطبراني واللفظ له وأبو يعلى بنحوه، وإسنادهما جيد. 55 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا ذِئْبَانِ ضَارِبَانِ في حَظِيرَةٍ (¬6) يَأْكُلانِ وَيُفْسِدَانِ بِأَضَرَّ فِيهَا (¬7) مِنْ حُبِّ الشَّرَفِ، وَحُبِّ المَالِ في دِينِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ. رواه البزار بإسناد حسن. ¬
56 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: هَلْ مِنْ أَحَدٍ يَمْشِيْ عَلَى الماءِ إِلاَّ ابْتَلَّتْ قَدَمَاهُ؟ قالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: كَذَلِكَ صَاحِبُ الدُّنْيَا لاَ يَسْلَمُ مِنَ الذُّنُوبِ (¬1). رواه البيهقي في كتاب الزهد. 57 - وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً (¬2)، وَفِتْنَةُ أُمَّتِي المالُ (¬3). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 58 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لاَ دَارَ لَهُ، وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لاَ عَقْلَ لَهُ (¬4). رواه أحمد والبيهقي. وزاد: وَمَالُ مَنْ لاَ مَالَ لَهُ. وإسنادهما جيد. 59 - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنِ انْقَطَعَ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَفَاهُ اللهُ كُلَّ مُؤْنَةٍ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسبُ ¬
وَمَنِ انْقَطَعَ إِلَى الدُّنْيَا وَكَلَهُ اللهُ إِلَيْهَا (¬1). رواه أبو الشيخ في كتاب الثواب من رواية الحسن عن عمران، في إسناده إبراهيم بن الأشعث ثقة، وفيه كلام قريب. من كانت همته الدنيا حرّم الله عليه جواري 60 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَنْ أَصْبَحَ وَهَمُّهُ الدُّنْيَا فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيءٍ (¬2)، وَمَنْ أَعْطَى الذِّلَّةَ مِنْ نَفْسِهِ طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ فَلَيْسَ مِنَّا (¬3). رواه الطبراني، وتقدم في العدل حديث أبي الدحداح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: وَمَنْ كَانَتْ هِمَّتُهُ الدُّنْيَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ جِوَارِي (¬4)، فَإِنِّي بُعِثْتُ بِخَرَابِ الدُّنْيَا، وَلَمْ أُبْعَثْ بِعِمَارَتِهَا. رواه الطبراني. 61 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ أَصْبَحَ حَزِيناً عَلَى الدُّنْيَا أَصْبَحَ سَاخِطاً عَلَى رَبِّهِ تَعَالَى، وَمَنْ أَصْبَحَ يَشْكُو مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا يَشْكُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ تَضَعْضَعَ (¬5) لِغَنِيٍّ لِيَنَالَ مِمَّا في يَدَيْهِ أَسْخَطَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ أُعْطِيَ الْقُرْآنَ (¬6) فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللهُ. رواه الطبراني في الصغير، ورواه أبو الشيخ في الثواب من حديث أبي الدرداء إلا أنه قال في آخره: وَمَنْ قَعَدَ أَوْ جَلَسَ إِلى غَنِيٍّ فَتَضَعْضَعَ لَهُ لِدُنْيَا تُصِيبُهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ، وَدَخَلَ النَّارَ. 62 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم رَحِمَ اللهُ مَنْ سَمِعَ مَقَالَتِي حَتَّى يُبَلِّغَهَا غَيْرَهُ: ثَلاثٌ (¬7) لا يَغُلُّ (¬8) عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ: إِخْلاصُ الْعَمَلِ للهِ (¬9) ¬
وَالنُّصْحُ لأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ (¬1)، وَاللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ (¬2)، فَإِنَّ دُعَاءَهُمْ يُحِيطُ (¬3) مِنْ وَرَائِهِمْ، إِنَّهُ مَنْ تَكُنِ الدُّنْيَا نِيَّتَهُ (¬4) يَجْعَلِ اللهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَيُشَتِّتْ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ (¬5)، وَلاَ يَأْتِيهِ مِنْهَا إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ (¬6)، وَمَنْ تَكُنِ الآخِرَةُ نِيَّتُهُ يَجْعَلِ اللهُ غِنَاهُ في قَلْبِهِ، وَيَكْفِيهِ ضَيْعَتَهُ، وَتَأْتِيهِ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ (¬7). رواه ابن ماجة وتقدم لفظه وشرح غريبه في الفراغ للعبادة، والطبراني واللفظ له وابن حبان في صحيحه، وتقدم لفظه في سماع الحديث. من تكن الآخرة نيته يجعل الله غناه في قلبه 63 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا فَقَدِمَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أبي عُبَيْدَةَ، فَوَافَوا صَلاةَ الْفَجْرِ (¬8) مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ ثُمَّ قالَ: أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيءِ مِنَ الْبَحْرَيْنِ؟ قالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ: أَبْشِرُوا (¬9) وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ فَوَاللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى (¬10) عَلَيْكُمْ، وَلكِنْ أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ (¬11) الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كما بُسِطَتْ عَلى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنافَسُوهَا (¬12) كما تَنَافَسُوهَا فَتُهْلِكَكُمْ كما أَهْلَكَتْهُمْ. رواه البخاري ومسلم. ما أخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم التكاثر 64 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قال رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
مَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ، وَلكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ التَّكَاثُرَ (¬1)، وَمَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْخَطَأَ، وَلكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ التَّعَمُّدَ (¬2). رواه أحمد، ورواته محتج بهم في الصحيح وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 65 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يُجَاءُ بِابْنِ آدَمَ كَأَنَّهُ بَذجٌ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ، فَيقُولُ اللهُ لَهُ: أَعْطَيْتُكَ وَخَوَّلْتُكَ (¬3)، وَأَنْعَمْتُ عَلَيْكَ، فَماذَا صَنَعْتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ جَمَعْتُهُ وَثَمَّرْتُهُ، فَتَرَكْتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ (¬4)، فَارْجِعْنِي آتِكَ بِهِ، فَيقُولُ لَهُ: أَيْنَ مَا قَدَّمْتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ جَمَعْتُهُ وَثَمَّرْتُهُ، فَتَرْكْتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ، فَارْجِعْنِي آتِكَ بِهِ، فَإِذَا عَبْدٌ لَمْ يُقَدِّمْ خَيْراً، فَيُمْضَى بِهِ إِلى النَّارِ. رواه الترمذي عن إسماعيل بن مسلم، وهو المكي رواه عن الحسن وقتادة، وقال: رواه غير واحد عن الحسن ولم يسندوه. [قوله: البذج] بباء موحدة مفتوحة ثم ذال معجمة ساكنة وجيم: هو ولد الضأن، وشبه به من كان هذا عمله لما يكون فيه من الصَّغَار والذل والحقارة والضعف يوم القيامة. 66 - وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: الْفَقْرَ تَخَافُونَ أَوِ الْعَوَزَ أَمْ تَهُمُّكُمُ الدُّنْيَا؟ فَإِنَّ اللهَ فَاتِحٌ عَلَيْكُمْ فَارِسَ وَالرُّومَ، وَتُصَبُّ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا (¬5) صَبَّاً حَتَّى لا يُزِيغَكُمْ بَعْدَ أَنْ زِغْتُم (¬6) إِلاَّ هيَ. رواه الطبراني وفي إسناده بقية. [العوز] بفتح العين والواو: هو الحاجة. ¬
67 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَيْسَ عَدُوُّكَ الَّذِي إِنْ قَتَلْتَهُ كَانَ لَكَ نُوراً، وَإِنْ قَتَلَكَ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ، وَلكِنّ أَعْدَى عَدُوٍّ لَكَ وَلَدُكَ الَّذِي خَرَجَ مِنْ صُلْبِكَ (¬1)، ثُمَّ أَعْدَى عَدُوٍ لَكَ مَالُكَ الَّذِي مَلَكَتْ يَمِينُكَ. رواه الطبراني. 68 - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قالَ الشَّيْطَانُ لَعَنَهُ اللهُ (¬2): لَنْ يَسْلَم مِنِّي صَاحِبُ الْمَالِ مِنْ إِحْدَى ثَلاثٍ: أَغْدُو (¬3) عَلَيْهِ بِهِنَّ وَأَرُوحُ: أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ، وَإِنْفَاقِهِ في غَيْرِ حَقِّهِ، وَأُحَبِّبُهُ إِلَيْهِ، فَيَمْنَعُهُ مِنْ حَقِّهِ. رواه الطبراني بإسناد حسن. 69 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُعْطِي النَّاسَ عَطَاءَهُمْ فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قالَ: خُذْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الدِّيْنَارُ والدِّرْهَمُ، وَهُمَا مُهْلِكَاكُمْ. رواه البزار بإسناد جيد. 70 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عمْروٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه ¬
وسلم: اطَّلَعْتُ (¬1) في الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، واطَّلَعْتُ في النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الأَغْنِيَاءَ والنِّسَاءَ (¬2) رواه أحمد بإسناد جيد. إن مما أخاف عليكم ما يفتح الله عليكم من زهرة الدنيا وزينتها 71 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلَى اللهُ عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ فَقَالَ: إِنَّ مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يَفْتَحُ اللهُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ (¬3) الدُّنْيَا وَزِيْنَتِهَا. رواه البخاري ومسلم في حديث. 72 - وَعَن أبي سنان الدؤلي أنه دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلى سَفَطٍ أُتِيَ بِهِ مِنْ قَلْعَةِ الْعِرَاقِ، فَكَانَ فِيهِ خَاتَمٌ فَأَخَذَهُ بَعْضُ بَنِيهِ، فَأَدْخَلَهُ في فِيهِ، فَانْتَزَعَهُ عُمَرُ مِنْهُ، ثُمَّ بَكَى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ مَنْ عِنْدَهُ: لِمَ تَبْكِي، وَقَدْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكَ، وَأَظْهَرَكَ عَلى عَدُوِّكَ (¬4)، وَأَقَرَّ عَيْنَكَ (¬5)؟ فَقَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لاَ تُفْتَحُ الدُّنْيَا عَلَى أَحَدٍ إِلاّ أَلقى اللهُ عُزَّ وَجَلَّ بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ والْبَغضَاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا أَشْفَقُ (¬6) مِنْ ذَلِكَ. رواه أحمد بإسناد حسن والبزار وأبو يعلى. [السفط] بسين مهملة وفاء مفتوحتين: هو شيء كالقفة أو كالجوالق. 73 - وَعَنْ أَبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم جَالِسٌ إِذْ قامَ أَعْرَابِيٌّ فِيهِ جَفَاءٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَكَلَتْنَا الضَّبُعُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: غَيْرُ ذَلِكَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ حِينَ تُصَبُّ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا صَبَاباً، فَيَا لَيْتَ أُمَّتِي لاَ تَلْبَسُ الذَّهَبَ، رواه أحمد والبزار، ورواة أحمد رواة الصحيح. [الضبع] بضاد معجمة مفتوحة وباء موحدة مضمومة: هي السنة المجدبة. ¬
إن الدنيا حلوة خضرة 74 - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لأَنَا لِفِتْنَةِ (¬1) السَّرَّاءِ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنْ فِتْنَةِ الضَّرَّاءِ إِنَّكُمُ ابْتُلِيتُمْ بِفِتْنَةِ الضَّرَّاءِ فَصَبَرْتُمْ، وَإِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ. رواه أبو يعلى والبزار، وفيه راوٍ لم يسمّ وبقية رواته رواة الصحيح. 75 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم في حَرَّةٍ (¬2) بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ (¬3)، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ: مَا يَسُرُّني أَنَّ عِنْدِي مِثْلُ أُحُدٍ هَذَا ذَهَباً تَمْضِي (¬4) عَلَيْهِ ثَالِثَةٌ، وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ إِلاّ شَيءٌ أَرْصُدُهُ (¬5) لِدَيْنٍ إِلاَّ أَنْ أَقُولَ في عِبَادِ الله: هَكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا (¬6) عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، وَعَنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ سَارَ فَقَالَ: إِنَّ الأَكْثَرِينَ (¬7) هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ مَنْ قَالَ: هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا عَنْ يَمِينِهِ، وَعنْ شِمَالِهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، ¬
وَقَلِيلٌ مَا هُمْ (¬1)، ثُمَّ قالَ لِي: مَكَانَكَ (¬2) لاَ تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ، الحديث. رواه البخاري واللفظ له ومسلم، وفي لفظ لمسلم قال: انْتَهَيْتُ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم وَهُوَ جَالِسٌ في ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا رَآنِي قالَ: هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قالَ: فَجِئْتُ حَتَّى جَلَسْتُ، فَلَمْ أَتَقَارَّ (¬3) أَنْ قُمْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: فِدَاكَ أَبِي (¬4) وَأُمِّي مَنْ هُمْ؟ قالَ: هُمُ الأَكْثَرُونَ (¬5) أَمْوالاً إِلاَّ مَنْ قالَ: هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا (¬6) مِنْ يَدِيْهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ، الحديث. الأكثرون هم الأسفلون يوم القيامة ورواه ابن ماجة مختصراً: الأَكْثَرُونَ هُمُ الأَسْفَلُونَ (¬7) يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ مَنْ قالَ: هكَذَا وَهكَذَا، وَكَسْبُهُ مِنْ طَيِّبٍ (¬8). 76 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في نَخْلٍ لِبَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَلَكَ الْمُكْثِرُونَ (¬9) إِلاَّ مَنْ قالَ: هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ حَثَا بِكَفَّيْهِ (¬10) عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَقَلِيلٌ مَا هُم، الحديث. رواه أحمد، ورواتُه ثقات وابن ماجة بنحوه. 77 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: نَحْنُ الآخِرُونَ (¬11) الأَوَّلُونَ (¬12) يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَسْفَلُونَ (¬13) إِلاَّ ¬
مَنْ قَالَ: هكَذَا وهكَذَا عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ، وَيَحْسي بِثَوْبِهِ (¬1). رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه ابن ماجة باختصار. وقال في أوله: وَيلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. [قال الحافظ]: وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة تدور على هذا المعنى اختصرناها. 78 - وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ سَأَلَ عَنِّي (¬2)، أَوْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظرَ إِلَيَّ فَلْيَنْظُرْ إِلى أَشْعَثَ شَاحِبٍ مُشَمِّرٍ (¬3) لَمْ يَضَعْ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ (¬4)، وَلاَ قَصَبَةً عَلَى قَصَبَةٍ، رُفِعَ لَهُ عَلَمٌ فَشَمَّرَ إِلَيْهِ (¬5)، الْيَوْمَ الْمِضْمَارُ (¬6) وَغداً السِّبَاقُ (¬7)، والْغَايَةُ الْجَنَّةُ أَوِ النَّارُ. رواه الطبراني في الأوسط. أقلوا الدخول على الأغنياء 79 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَقِلُّوا الدُّخُولَ عَلَى الأَغْنِياءِ (¬8)، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ لا تَزْدَرُوا نِعَمَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. ¬
فصل منه
فصل 80 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى اللهُ عليه وسلم مِنْ طَعَامٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ تِباعَاً (¬1) حَتَّى قُبِضَ (¬2). 81 - وفي رواية قال أبو حازم: رأيت أبا هريرة يشير بأصبعه مراراً يقول: والَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ مَا شَبِعَ نَبِيُّ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ثَلاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعَاً مِنْ خُبْزِ حِنْطَةٍ حَتَّى فارَقَ الدُّنْيَا. رواه البخاري ومسلم. 82 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَبِيتُ اللَّيَالِيَ (¬3) المُتَتَابِعَةَ وَأَهْلُهُ طَاوِياً (¬4) لاَ يَجِدُونَ عَشَاءً، وَإِنَّمَا كَانَ أَكْثَرُ خُبْزِهِمُ الشَّعِيرُ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين 83 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا قالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمدٍ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم. رواه البخاري ومسلم. 84 - وفي رواية لمسلم قالت: لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ في يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ. 85 - وفي رواية للترمذي قال مسروق: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَدَعَتْ لِي بِطَعامٍ، فَقَالَتْ: مَا أَشْبَعُ، فَأَشَاءُ أَنْ أَبْكِيَ (¬5) إِلاَّ بَكَيْتُ. قُلْتُ: لِمَ؟ قالَتْ: أَذْكُرُ الْحَالَ الَّتِي فارَقَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم الدُّنْيَا، واللهِ مَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ مَرَّتَيْنِ في يَومٍ. ¬
ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام متوالية 86 - وفي رواية للبيهقي قالَتْ: مَا شَبِعَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيةً، وَلَوْ شِئْنَا لَشَبِعْنَا (¬1)، وَلكِنَّهُ كَانَ يُؤْثِرُ عَلَى نَفْسِهِ (¬2). 87 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا (¬3) نَاوَلَتْ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ فَقَالَ لَهَا: هَذَا أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلَهُ أَبُوكِ مُنْذُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ. رواه أحمد والطبراني. وزاد: فَقَالَ: مَا هذِهِ؟ فَقَالَتْ: قُرْصٌ خَبَزْتُهُ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَتَيْتُكَ بِهذِهِ الْكِسْرَةِ. فقال: فذكره، ورواتهما ثقات. 88 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بِطَعَامٍ سُخْنٍ فَأَكَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ قالَ: الْحَمْدُ للهِ، مَا دَخَلَ بَطْنِي طَعَامٌ سُخْنٌ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا. رواه ابن ماجة بإسناد حسن والبيهقي بإسناد صحيح. إن الله لم يأمرني بكنز الدنيا 89 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم حَتَّى دَخَلَ بَعْضَ حِيطَانِ الأَنْصَارِ، فَجَعَلَ يَلْتَقِطُ مِنَ التَّمْرِ وَيَأْكُلُ، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ عُمَرَ مَالَكَ لاَ تَأْكُلُ؟ قُلْتُ: لاَ أَشْتَهِيهِ (¬4) يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: وَلكِنِّي أَشْتَهِيهِ، وَهذِهِ صُبْحُ رَابِعَةٍ (¬5) مُنْذُ لَمْ أَذُقْ طَعَاماً، وَلَوْ شِئْتُ لَدَعَوْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، فَأَعْطَانِي مِثْلَ مُلْكِ كِسْرَى وَقَيْصَر، فَكَيْفَ بِكَ يَا ابْنَ عُمَرَ إِذَا بَقِيتَ في قَوْمٍ يَخْبِئُونَ (¬6) رِزْقَ ¬
سَنَتِهِمْ، وَيَضْعُفُ الْيَقِينُ، فَوَاللهِ مَا بَرِحْنَا حَتَّى نَزَلَتْ: [وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لاَ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم (¬1)]. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ لَمْ يَأْمُرْنِي بِكَنْزِ الدُّنْيَا (¬2)، وَلاَ بِاتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ (¬3)، فَمَنْ كَنَزَ دُنْيَا يُرِيدُ بِهَا حَيَاةً بَاقِيَةً، فَإِنَّ الْحَيَاةَ بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَلاَ وَإِنِّي لاَ أَكْنِزُ دِينَاراً، وَلاَ دِرْهَمَاً، وَلاَ أَخْبَأُ (¬4) رِزْقاً لِغَدٍ. رواه الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب. 90 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: عَرَض عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ (¬5) ذَهَباً. قُلْتُ: لاَ يَا رَبِّ، وَلكِنْ أَشْبَعُ يَوْمَاً، وَأَجُوعُ يَوْماً، وَقَالَ ثَلاثاً، أَوْ نَحْوَ هَذَا، فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ (¬6) وَذَكَرْتُكَ، وَإِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَحَمِدْتُكَ (¬7). رواه الترمذي من طريق عبيد الله بن زُحَر عن عليّ بن يزيدَ عن القاسم عنه، وقال: حديث حسن. 91 - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مِنَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَشْبَع هُوَ وَلاَ أَهْلُهُ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ. رواه البزار بإسناد حسن. ¬
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير 92 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ فَدَعَوْهُ (¬1)، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، وَقَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مِنَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ. رواه البخاري والترمذي. [مصلية]: أي مشوية. 93 - وَرُوِيَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَا شَبِعَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في يَوْمٍ شَبْعَتَيْنِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا. رواه الطبراني. 94 - وَرُوِيَ أَيْضاً عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: واللهِ مَا شَبِعَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مِنْ غَدَاءٍ (¬2) وَعَشَاءٍ حَتَّى لَقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ. 95 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: مَا كَانَ يَبْقَى عَلى مَائِدَةِ (¬3) رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ لعيه وسلم مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ قَلِيلٌ وَلاَ كَثِيرٌ. رواه الطبراني بإسناد حسن. 96 - وفي رواية له: مَا رُفِعَتْ مَائِدَةُ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مِنْ بَيْن يَدَيْ ¬
رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَعَلَيْهَا فَضْلَةٌ (¬1) مِنْ طَعَامٍ قَطّ. رواه ابن أبي الدنيا إلا أنه قال: وَمَا رُفِعَ بَيْنَ يَدِيْهِ كِسْرَةٌ فَضْلاً حَتَّى قُبِضَ. 97 - وللترمذي وحسنه من حديث أبي أمامة قال: مَا كَانَ يَفْضُلُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم خُبْزُ الشَّعِيرِ. إن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى معادنه 98 - وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَرَأَيْتُهُ مُتَغَيِّراً (¬2) فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ، مَالِي أَرَاكَ مُتَغَيِّراً؟ قالَ: مَا دَخَلَ جَوْفِي مَا يَدْخُلُ جَوْفَ ذَاتِ (¬3) كَبِدٍ مُنْذُ ثَلاثٍ. قالَ: فَذَهَبْتُ فَإِذَا يَهُودِيٌّ يَسْقِي إِبِلاً لَهُ، فَسَقَيْتُ لَهُ عَلَى كُلِّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ (¬4)، فَجَمَعْتُ تَمْراً، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكَ يَا كَعْبُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: أَتُحِبُّنِي (¬5) يَا كَعْبُ؟ قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ (¬6) نَعَمْ. قالَ: إِنَّ الْفَقْرَ أَسْرَعُ إِلى مَنْ يُحِبُّنِي مِنَ السَّيْلِ (¬7) إِلى مَعَادِنِهِ، وَإِنَّهُ سَيُصِيبُكَ بَلاءٌ (¬8)، فَأَعِدَّ لَهُ تَجْفَافاً (¬9). قَالَ: فَفَقَدَهُ (¬10) النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: مَا فَعَلَ كَعْبٌ؟ قَالُوا: مَرِيضٌ، فَخَرَجَ يَمْشِي حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: أَبْشِرْ يَا كَعْبُ (¬11)، فَقَالَتْ أُمُّهُ: هَنِيئاً لَكَ الْجَنَّةُ يَا كَعْبُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ هذِهِ الْمُتَأَلِّيَةُ (¬12) عَلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ؟ قُلْتُ: هِيَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: ¬
مَا يُدْرِيكِ (¬1) يَا أُمَّ كَعْبٍ لَعَلَّ كَعْباً قالَ مَا لاَ يَنْفَعُهُ (¬2)، وَمَنَعَ مَا لاَ يُغْنِيهِ. رواه الطبراني، ولا يحضرني إسناده إلا أن شيخنا الحافظ أبا الحسن رحمه الله كان يقول: إسناده جيد. لم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان حتى مات 99 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَمْ يَأْكُلِ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم عَلَى خِوَانٍ (¬3) حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَأْكُلْ خُبْزاً مُرَقَّقاً حَتَّى مَاتَ. وفي رواية: وَلا رَأَى شَاةً سَمِيطاً (¬4) بِعَيْنِهِ قَطُّ. رواه البخاري. 100 - وَعَنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُوَاسِي (¬5) النّاسَ بِنَفْسِهِ حَتَّى جَعَلَ يُرَقِّعُ إِزَارَهُ بِالأَدَمِ (¬6)، وَمَا جَمَعَ بَيْنَ غَدَاءٍ وَعَشَاءٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلاءٍ (¬7) حَتَّى لَحِقَ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع مرسلاً. 101 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم النَّقِيَّ مِنْ حِينِ ابْتَعَثَهُ (¬8) اللهُ تَعَالَى حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ، فَقِيلَ: هَلْ كَانَ لَكُمْ في عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مُنْخُلٌ (¬9)؟ قالَ: مَا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مُنْخُلاً مِنْ حِينِ ابْتَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ، فَقِيلَ: فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ؟ قالَ: كُنَّا نَطْحَنُهُ وَنَنْفُخُهُ (¬10)، فَيَطِيرُ مَا طَارَ، وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْنَاهُ. رواه البخاري. [النَّقِيُّ]: هو الخبز الأبيض الحواري. [ثَرَّيْنَاهُ] بثاء مثلثة مفتوحة وراء مشددة بعدها ياء مثناة تحت ثم نون: أي بللناه وعجناه. ¬
ترفع النبي صلى الله عليه وسلم عن الدنيا 102 - وَرُوِيَ عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا غَرْبَلَتْ (¬1) دَقِيقاً، فَصَنَعَتْهُ لِلنَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم رَغِيفاً، فَقَالَ: مَا هذَا؟ قَالَتْ: طَعَامٌ نَصْنَعُهُ بِأَرْضِنَا، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَصْنَعَ لَكَ مِنْهُ رَغِيفاً، فَقَالَ: رُدِّيهِ فِيهِ، ثُمَّ اعْجِنِيهِ. رواه ابن ماجة وابن أبي الدنيا في كتاب الجوع وَغيرُهما. 103 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَمْ يَكُنْ يُنْخَلُ لِرَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم الدَّقِيقُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلاَّ قَمِيصٌ وَاحِدٌ. رواه الطبراني في الصغير والأوسط. 104 - وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: أَلَسْتُمْ في طَعَامٍ وَشَرَابٍ مَا شِئْتُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُ نَبِيَّكُمْ صلى اللهُ عليه وسلم، وَمَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلأُ بَطْنَهُ. رواه مسلم والترمذي. 105 - وفي رواية لمسلم عن النعمان قالَ: ذَكَرَ عُمَرُ مَا أَصَابَ النَّاسُ مِنَ الدُّنْيَا فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي (¬2) مَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلأُ بَطْنَهُ. [الدقل] بدال مهملة وقاف مفتوحتين: هو رديء التمر. 106 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنْ كَانَ لَيَمُرُّ بِآلِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم الأَهِلَّةُ (¬3) مَا يُسْرَجُ في بَيْتِ أَحَدٍ مِنْهُمْ سِرَاجٌ (¬4)، وَلاَ يُوقَدُ (¬5) فِيهِ نَارٌ إِنْ وَجَدُوا زَيْتاً ادَّهَنُوا بِهِ (¬6). ¬
وَإِنْ وَجَدُوا وَدَكاً (¬1) أَكلُوهُ. رواه أبو يعلى، ورواته ثقات إلا عثمان بن عطاء الخراساني وقد وُثق. 107 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: أَرْسَلَ إِليْنَا آلُ أَبِي بَكْرٍ بِقَائِمَةِ شَاةٍ (¬2) لَيلاً، فَأَمْسَكْتُ (¬3)، وَقَطَعَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم، أَوْ قَالَتْ: فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَقَطَعْتُ. قالَ: فَتَقُولُ لِلَّذِي تُحَدِّثُهُ هذَا عَلى غَيْرِ مِصْبَاحٍ. رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح والطبراني. وزاد: فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنينَ عَلَى مِصْبَاحٍ؟ قالَتْ: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا دُهْنٌ غَيْرُ مِصْبَاحٍ لأَكَلْنَاهُ. 108 - وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: واللهِ يَا ابْنَ أُخْتِي إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلى الْهِلالِ، ثُمَّ الهِلالِ، ثُمَّ الْهِلالِ ثَلاثَةَ أَهِلَّةٍ في شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَ في أَبْيَاتِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم نَارٌ. قُلْتُ: يَا خَالَةُ، فَما كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتِ: الأَسْوَدَانِ (¬4): التَّمْرُ والْمَاءُ إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم جِيرَانٌ مِنَ ¬
الأَنْصَارِ: وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَايحُ (¬1) فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مِنْ أَلْبَانِهَا فَيَسْقِينَاهُ (¬2). رواه البخاري ومسلم. رضا النبي صلى الله عليه وسلم وآله بالقليل من الدنيا 109 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّا كُنَّا نَشْبَعُ مِن التَّمْرِ فقَدْ كَذَبَكُمْ (¬3)، فَلَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قُرَيْظَةَ أَصَبْنَا شَيْئاً مِنَ التَّمْرِ وَالْوَدَكِ. رواه ابن حبان في صحيحه. 110 - وَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: شَكَوْنَا إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم الجُوعَ، وَرَفَعْنَا ثِيَابَنَا عَنْ حَجَرِ حَجَرٍ (¬4) عَلى بُطُونِنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنْ حَجَرَيْنِ. رواه الترمذي. 111 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَوْماً فَوَجَدْتُهُ جَالِساً، وَقَدْ عَصَبَ بَطْنَهُ (¬5) بِعِصَابَةٍ، فَقُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: لِمَ عَصَبَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بَطْنَهُ؟ فَقَالُوا: مِنَ الْجُوعِ، فَذَهَبْتُ إِلى أَبي طَلْحَةَ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ سُليْمٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ قَدْ رأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَصَبَ بَطْنَهُ بِعِصَابَةٍ، فَسَأَلْتُ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا: مِنَ الْجَوعِ، فَدَخَلَ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى أُمِّي فَقَالَ: هَلْ ¬
مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ عِنْدِي كِسَرٌ مِنْ خُبْزٍ وَتَمَراتٍ، فَإِنْ جَاءَنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَحْدَهُ أَشْبَعْنَاهُ، وَإِنْ جَاءَ آخَرُ مَعَهُ قَلّ عَنْهُمْ (¬1). فذكر الحديث رواه البخاري ومسلم. 112 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلى الصَّفَا (¬2)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَا جِبْرِيْلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَمْسَى لآلِ مُحَمَّدٍ سَفَةٌ (¬3) مِنْ دَقِيقٍ وَلاَ كَفٌّ (¬4) مِنْ سَوِيقٍ فَلَمْ يَكُنْ كَلاَمُهُ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ سَمِعَ هَدَّةً (¬5) مِنَ السَّمَاءِ أَفْزَعَتْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَرَ اللهُ الْقِيَامَةَ أَنْ تَقُومَ؟ قالَ: لاَ وَلكِنْ أَمَرَ إِسْرَافِيلَ، فَنَزَلَ إِلَيْكَ (¬6) بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ أَنْ أُسَيِّرَ مَعَكَ جِبَالَ تِهَامَةَ زُمُرُّداً وَيَاقُوتاً وذَهَباً وَفِضَّةً فَعَلْتُ، فَإِنْ شِئْتَ نَبِيّاً مَلِكاً، وَإِنْ شِئْتَ نَبيّاً عَبْداً فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ تَوَاضَعْ (¬7) فَقَالَ: بَلْ نَبِيّاً عَبْداً ثَلاثاً. رواه الطبراني بإسناد حسن والبيهقي في الزهد وغيره. 113 - ورواه ابن حبان في صحيحه مختصراً من حديث أبي هريرة، ولفظه قال: جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، فَنَظَرَ إِلى السَّمَاءِ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هذَا الْملَكُ مَا نَزَلَ مُنْذُ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ قالَ: يَا مُحَمَّدُ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ أَمَلِكاً أَجْعَلُكَ أَمْ عَبْداً رَسُولاً؟ قالَ لَهُ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لا، بَلْ عَبْداً رَسُولاً (¬8). ¬
114 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أُتِيتُ بِمَقَالِيدِ الدُّنْيَا عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ (¬1) عَلَى قَطِيفَةٍ مِنْ سُنْدِسٍ (¬2) رواه ابن حبان في صحيحه. 115 - وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بِقَدَحٍ فِيهِ لَبَنٌ وَعَسَلٌ فَقَالَ: شَرْبَتَيْنِ في شَرْبَةٍ، وَأُدْمَيْنِ (¬3) فِي قَدَحٍ، لاَ حَاجَةَ لِي بِهِ، أَمَا إِنِّي لاَ أَزْعُمُ أَنَّهُ حَرَامٌ، وَلَكِنْ أَكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَنِي اللهُ عُزَّ وَجَلَّ عَنْ فَضُولِ الدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَتَوَاضَعُ للهِ، فَمَنْ تَوَاضَعَ للهِ رَفَعَهُ اللهُ، وَمَنْ تَكَبَّرَ وَضَعَهُ اللهُ، وَمَنِ اقْتَصَدَ (¬4) أَغْنَاهُ اللهُ، ومَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ (¬5) أَحَبَّهُ اللهُ، رواه الطبراني في الأوسط. 116 - وَعَنْ سُلْمَى امْرَأَةِ أَبي رَافِعٍ قالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَقَالُوا: اصْنَعِي لَنَا طَعَاماً مِمَّا كَانَ يُعْجِبُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم أَكْلُهُ، فَقَالَتْ: يَا بَنِيَّ إِذاً لاَ تَشْتَهُونَهُ الْيَوْمَ، فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ شَعِيراً فَطَحَنْتُهُ وَنَسَفْتُهُ (¬6) وَجَعَلْتُ مِنْهُ خُبْزَةً، وَكَانَ أُدْمُهُ الزَّيْتُ، وَنَثَرْتُ عَلَيْهِ الْفُلْفُلَ ¬
فَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِمْ وَقُلْتُ: كَانَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم يُحِبُّ هذَا. رواه الطبراني بإسناد جيد. 117 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَقَدْ أُخِفْتُ (¬1) في اللهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ (¬2) في اللهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلاَثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا لِيَ وَلِبَلالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ (¬3) إِلاَّ شَيءٌ يُوَارِيهِ (¬4) إِبْطُ بِلالٍ. رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. [ومعنى هذا الحديث] حِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم هَارِباً مِنْ مَكَّةَ، وَمَعَهُ بِلاَلٌ إِنَّمَا كَانَ مَعَ بِلاَلٍ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَحْمِلُ تَحْتَ إِبْطِهِ، انْتَهَى. مالي وللدنيا 118 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: نَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ، فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ في جَنْبِهِ (¬5). قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ: لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً (¬6)؟ فَقَالَ: مَالِي وَلِلدُّنْيَا (¬7) مَا أَنَا في الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا. رواه ابن ماجة والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. والطبراني ولفظه قال: دَخَلْتُ علَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، وَهُوَ في غُرْفَةٍ كَأَنَّهَا بَيْتُ حَمَّامٍ، وَهُوَ نَائِمٌ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِهِ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا عَبْدَ اللهِ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ كِسْرَى وَقَيْصَرُ يَطَؤُونَ عَلَى الْخَزِّ وَالدِّيْبَاجِ وَالْحَرِيرِ، وَأَنْتَ نَائِمٌ عَلى هذا الْحَصِيرِ قَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِكَ؟ قالَ: فَلاَ تَبْكِ يَا عَبْدَ اللهِ، فَإِنَّ لَهُمُ الدُّنْيَا، وَلَنَا الآخِرَةُ (¬8) وَمَا أَنَا والدُّنْيَا، وَمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلاَّ كَمَثَلِ رَاكِبٍ نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ سَارَ وَتَرَكَهَا. ورواه أبو الشيخ في كتاب الثواب بنحو الطبراني. ¬
[قوله: كأنها بيت حمام] هو بتشديد الميم: ومعناه أن فيها من الحر والكرب كما في بيت الحمام. مثل النبي صلى الله عليه وسلم ومثل الدنيا 119 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ، وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ في جَنْبِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَوِ اتَّخَذْتَ فِرَاشاً أَوْثَرَ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: مَالِي وَلِلدُّنْيَا، مَا مِثلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ سَارَ في يَوْمٍ صَائِفٍ، فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي. 120 - وَعنه رضي الله عنه قال: حدثني عمر بن الخطاب، قال: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَهُوَ عَلى حَصِيرٍ قالَ: فَجَلَسْتُ، فَإِذَا عَلَيْهِ إِزَارُهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ في جَنْبِهِ، وَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِير نَحْوَ الصَّاعِ، وَقَرَظٍ (¬1) في نَاحِيَةٍ في الْغُرْفَةِ، وَإِذَا إِهَابٌ مُعَلَّقٌ، فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ، فقَالَ: مَا يُبْكِيكَ ¬
يَا بْنَ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ وَمَالِي لاَ أَبْكِي! وَهذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ في جَنْبِكَ وَهذِهِ خِزَانَتُكَ لاَ أَرَى فِيهَا إِلاَّ مَا أَرَى، وَذَاكَ كِسْرَى وَقَيْصَرُ في الثِّمارِ وَالأَنْهَارِ، وَأَنْتَ نَبيُّ اللهِ وَصَفْوَتُهُ وَهذِهِ خِزَانَتُكَ. قالَ: يَا بْنَ الْخَطَّابِ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الآخِرَةُ ولَهُمُ الدُّنْيَا؟ رواه ابن ماجة بإسناد صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. ولفظه قالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: اسْتَأْذَنْتُ علَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ في مَشْرُبَةٍ (¬1) وَإِنَّهُ لَمُضْطَجِعٌ عَلَى خَصَفَةٍ (¬2) إِنَّ بَعْضَهُ لَعلَى التُّرَابِ وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مَحْشُوَّةٌ لِيفاً، وَإِنَّ فَوْقَ رَأْسِهِ لإِهَاباً (¬3) عَطِناً، وَفي نَاحِيَةِ الْمَشْرُبَةِ قَرَظٌ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: أَنْتَ نَبِيُّ اللهِ وَصَفْوَتُهُ، وَكِسْرَى وَقَيْصَرُ عَلى سُرُرِ الذَّهَبِ وَفُرشِ الدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ، فَقَالَ: أُولئِكَ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ وَهِيَ وَشِيكَةُ الانْقِطَاعِ، وَإِنَّا قَوْمٌ أُخِّرَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنا في آخِرَتِنَا. رواه ابن حبان في صحيحه عن أنس أن عمر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه. [المشربة] بفتح الميم، والراء وبضم الراء أيضاً: هي الغرفة. [وشيكة الانقطاع]: أي سريعة الانقطاع ¬
121 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: كانَ لِرسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم سَرِيرٌ مُزَمَّلٌ (¬1) بِالْبَرْدِي عَلَيْهِ كِسَاءٌ أَسْوَدُ قَدْ حَشَوْنَاهُ بِالْبَرْدِي، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَلَيْهِ، فَإِذَا النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم نَائِمٌ عَلَيْهِ، فَلمَّا رَآهُما اسْتَوَى جَالِساً فَنَظَرَا فَإِذَا أَثَرُ السَّرِير في جَنْبِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمَا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا يُؤْذِيكَ خُشُونَةُ مَا نَرَى مِنْ فِرَاشِكَ وَسَرِيرِكَ، وَهذَا كِسْرَى وَقَيْصَرُ عَلَى فِرَاشِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ؟ فَقَالَ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ تَقُولا هذَا، فَإِنَّ فِرَاشَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ في النَّارِ، وَإِنَّ فِرَاشِي وَسَرِيري هذَا عَاقِبَتُهُ إِلى الْجَنَّةِ. رواه ابن حبان في صحيحه من رواية الماضي بن محمد. 122 - وَعَنْهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّمَا كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم الَّذِي يَنَامُ عَلَيْهِ أَدَماً (¬2) حَشْوُهُ لِيفٌ. 123 - وفي رواية: كانَ وِسَادُ (¬3) رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم الَّذِي يَتَّكِئُ عَلَيْهِ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهُ لِيفٌ. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 124 - وَعَنْهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فرَأَتْ فِرَاشَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قَطِيفَةً (¬4) مَثْنِيَّةً (¬5)، فَبَعَثَتْ إِلَيّ بِفِرَاشٍ حَشْوُهُ ¬
الصُّوفُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ قالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: فُلانَةُ الأَنْصَارِيَّةُ دَخَلَتْ فَرَأَتْ فِرَاشَكَ فَذَهَبَتْ فَبَعَثَتْ إِليَّ بِهذَا، فَقَالَ: رُدِّيهِ يَا عَائِشَةُ. فَوَاللهِ لَوْ شِئْتُ (¬1) لأَجْرَى اللهُ مَعِي جِبَالَ الذَّهَبِ والْفِضَّةِ. رواه البيهقي من رواية عباد بن عباد المهلبي عن مجالد بن سعيد. 125 - ورواه أبو الشيخ في الثواب عن ابن فضيل عن مجالد عن يحيى بن عباد عن امرأة من قومهم لم يسمّها قالت: دَخَلْتُ علَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَمَسَسْتُ فِرَاشَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ خَشِنٌ، وَإِذَا دَاخِلُهُ بُرْدِيٌّ (¬2) أَوْ لِيفٌ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمؤْمِنِينَ إِنَّ عِنْدِي فِرَاشاً أَحْسَنَ مِنْ هذَا وأَلْيَنَ. فذكره أطول منه. 126 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَبِسَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الصُّوفَ واحْتَذَى (¬3) المخصُوفَ، وَقالَ: أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بَشِعاً وَلَبِسَ حِلْساً خَشِناً (¬4). قِيل لِلْحَسَنِ: مَا الْبَشِعُ؟ قالَ: غَلِيظُ الشَّعِيرِ، مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم يُسِيغُهُ (¬5) إِلاَّ بِجُرْعَةٍ مِنْ مَاءٍ. رواه ابن ماجة والحاكم كلاهما من رواية يوسف بن أبي كثير وهو مجهول، عن نوح بن ذكوان، وهو واهٍ، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وعنده خشناً موضعُ بَشِعاً. ¬
127 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: خرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ذَاتَ غَدَاةٍ، وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعَرٍ أَسْوَدَ. رواه مسلم وأبو داود والترمذي، ولم يقل: مرحل. [المرط] بكسر الميم وإسكان الراء: هو كساء من صوف أو خزّ يُؤتزر به. [والمرحل] بتشديد الحاء المهملة مفتوحة: هو الذي فيه صور الرحال. 128 - وَعَنْ أَبي بُرْدَةَ بْنِ أَبي مُوسى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَخْرَجَتْ لَنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا كِسَاءً مُلَبَّداً وَإِزَاراً غَلِيظاً قالَتْ. قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في هذَيْنِ. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم. [قوله: ملبداً]: أي مرقّعاً، وقد لبَدْت الثوب بالتخفيف، ولبدته بالتشديد، يقال للرقعة التي يرقع بها صدر القميص اللبدة، والرقعة التي يرقع بها قبّ القميص القبيلة. 129 - وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهمَا قالَتْ: صَنَعْتُ سُفْرَةً (¬1) لِرَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في بَيْتِ أَبي بَكْرٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلى الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَجِدْ لِسُفْرَتِه، وَلاَ لِسَقائِه (¬2) مَا يَرْبِطُهُمَا بِه، فَقُلْتُ لأَبي بَكْرٍ: وَاللهِ مَا أَجِدُ شَيْئاً أَرْبُطُ بِهِ إِلاَّ نِطَاقِي؟ قالَ: فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ وَارْبُطِي بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ، وَبِوَاحِدٍ السُّفْرَةَ، فَفَعَلْتُ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ. رواه البخاري. [النطاق] بكسر النون: شيء تشدّ به المرأة وسطها لترفع به ثوبها عن الأرض عند قضاء الأشغال. 130 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ عَلَيْهَا، وَعِنْدَهَا جَارِيةٌ لَهَا عَلَيْهَا دِرْعٌ ثَمَنُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَقَالَتِ: ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلى جَارِيَتِي انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهَا تَزْهُو عَلى أَنْ تَلْبَسَهُ في الْبَيْتِ، وَقَدْ كَانَ لِي مِنْهُنَّ دِرْعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ¬
فَما كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ (¬1) بِالْمَدِينَةِ إِلاَّ أَرْسَلَتْ إِليَّ تَسْتَعِيرُهُ. رواه البخاري 131 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَلَيْسَ عِنْدِي شَيءٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ (¬2) إِلاَّ شَطْرُ شَعِيرٍ في رَقٍ لي (¬3)، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ (¬4) عَلَيَّ، فَكِلْتُهُ (¬5) فَفَنِيَ. رواه البخاري ومسلم والترمذي. ما تركه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته 132 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْحرِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمَاً وَلاَ دِيناراً، وَلا عَبْداً، وَلا أَمةً، وَلا شَيئاً إِلا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ التي كانَ يَرْكَبُهَا وَسِلاحَهُ، وَأَرْضاً جَعَلَهَا لابْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً (¬6). رواه البخاري. ¬
133 - وَعَنْ عُلَيِّ بْنِ رِبَاحٍ قالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: لَقَدْ أَصْبَحْتُمْ وَأَمْسَيْتُمْ تَرْغَبُونَ فِيمَا كَانَ رَسُولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم يَزْهَدُ فِيهِ، أَصْبَحْتُمْ ترْغَبُونَ في الدُّنْيَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَزْهَدُ فِيهَا، وَاللهِ مَا أَتَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لَيْلَةٌ من دَهْرِهِ إِلاَّ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنَ الَّذِي لَهُ قالَ: فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قَدْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَسْتَسلِفُ. رواه أحمد ورواتُه رواة الصحيح، والحاكم إلا أنه قال: مَا مَرَّ بِهِ ثَلاثٌ مِنْ دَهْرِهِ إِلاَّ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِي لَهُ، وقال: صحيح على شرطهما. ورواه ابن حبان في صحيحه مختصراً: كَانَ نَبِيُّكُمْ صلى اللهُ عليه وسلم أَزْهَدَ النَّاسِ في الدُّنْيَا، وَأَصْبَحْتُمْ أَرْغَبَ النَّاسِ فِيهَا. 134 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: وَدِرْعُهُ (¬1) مَرْهُونَةٌ (¬2) عِنْدَ يَهُودِيٍّ في ثَلاثِينَ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ (¬3). رواه البخاري ومسلم والترمذي. 135 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ذاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هذِهِ السَّاعَةَ؟ قالاَ: الجُوعُ يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ: وَأَنَا والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَوا رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَإِذا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ فلمَّا رأَتْهُ الْمَرْأَةُ قالَتْ: مَرْحَباً (¬4) وَأَهْلاً، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَيْنَ فُلانٌ؟ ¬
قالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ (¬1) لَنَا الماءَ، إِذْ جَاءَ الأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قالَ: الْحَمْدُ للهِ مَا أَحَدٌ اليَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافاً مِنِّي، فانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، وَقالَ: كُلُوا، وَأَخَذَ المُدْيَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ (¬2)، فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرُوُوا قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لأَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه مالك بلاغاً باختصار ومسلم، واللفظ له والترمذي بزيادة، والأنصاري المبهم: هو أبو الهيثم بن التيهاني بفتح المثناة فوق وكسر المثناة تحت وتشديدها، كذا جاء مصرحاً به في الموطأ والترمذي، وفي مسند أبي يعلى ومعجم الطبراني من حديث ابن عباس أنه أبو الهيثم وكذا في المعجم أيضاً من حديث ابن عمر؛ وقد رُويت هذه القصة من حديث جماعة من الصحابة مصرح في أكثرها بأنه أبو الهيثم، وجاء في معجم الطبراني الصغير والأوسط وصحيح ابن حبان من حديث ابن عباس وغيره أنه أبو أيوب الأنصاري، والظاهر أن هذه القصة اتفقت مرة مع أبي الهيثم، ومرة مع أبي أيوب. والله أعلم، وتقدم حديث ابن عباس في الحمد بعد الأكل. [العذق] هنا بكسر العين وهو الكباسة والقِنْو، وأما بفتح العين فهو النخلة. رفض النبي صلى الله عليه وسلم للدنيا 136 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فاستَسْقَى (¬3)، فَأُتِيَ بِمَاءٍ وَعَسَلٍ، فَلَمَّا وَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ بَكَى وانْتَحَبَ (¬4) حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ بِهِ ¬
شَيْئَاً (¬1)، وَلاَ نَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمَّا فَرَغَ قُلْنَا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ مَا حَمَلَكَ عَلَى هذَا الْبُكَاء؟ قالَ: بِيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إِذْ رَأَيْتُهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ شَيْئاً، وَلاَ أَرَى شَيْئاً، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الذِي أَرَاكَ تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِكَ (¬2)، وَلاَ أَرَى شَيْئاً قالَ: الدُّنْيَا تَطَوَّلَتْ لِي، فَقُلْتُ: إِلَيْكِ عَنِّي (¬3)، فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّكَ لَسْتَ (¬4) بِمُدْرِكِي. قالَ أَبُو بَكْرٍ. فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ (¬5)، وَخِفْتُ أَنْ أَكُونَ قَدْ خَالَفْتُ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَلَحِقَتْنِي الدُّنْيا (¬6). رواه ابن أبي الدنيا والبزار، ورواته ثقات إلا عبد الواحد بن زيد، وقد قال ابن حبان: يعتبر حديثه إذا كان فوقه ثقة، ودونه ثقة، وهو هنا كذلك. 137 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قالَ: اسْتَسْقَى (¬7) عُمَرُ، فَجِيءَ بِمَاءٍ قَدْ شِيبَ (¬8) بِعَسَلٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَطَيِّبٌ (¬9) لكِنِّي أَسْمَعُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَعَى (¬10) عَلَى قَوْمٍ شَهَوَاتِهِمْ ¬
فَقَالَ: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ في حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا واسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا) فَأَخَافُ أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، فَلَمْ يَشْرَبْهُ. ذكره رزين، ولم أره. ما يريد أحدكم أن يطوي بطنه لابن عمه وجاره 138 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أَنَّ عُمَرَ رَأَى في يَدِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ دِرْهَمَاً فَقَالَ: مَا هذَا الدِّرْهَمُ؟ قالَ: أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ بِهِ لأَهْلِي لَحْماً قَرِمُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَكُلَّ مَا اشْتَهَيْتُمْ (¬1) اشْتَرَيْتُمْ، مَا يُرِيدُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَطْوِيَ بَطْنَهُ (¬2) لابْنِ عَمِّهِ وَجَارِهِ أَيْنَ تَذْهَبُ عَنْكُمْ هذِهِ الآيَةُ: [أَذَهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ في حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا واسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا] رواه الحاكم من رواية القاسم بن عبد الله بن عمر، وهو واهٍ، وأراه صححه مع هذا، ورواه مالك عن يحيى بن سعيد: أن عمر بن الخطاب أدرك جابر بن عبد الله فذكره، وتقدم حديث جابر في الترهيب من الشبع. [قوله: قرِموا إليه] أي اشتدت شهواتهم له، والقَرَم: شدة الشهوة للحم حتى لا يصبر عنه. 139 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ المؤمِنِينَ وَقَدْ رَقَّعَ (¬3) بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِرِقاعٍ (¬4) ثَلاثٍ لَبَّدَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ. رواه مالك. 140 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلى الْمِنْبَرِ عَلَيْهِ إِزَارٌ عَدَنِيٌّ (¬5) غَلِيظٌ ثَمَنُهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ أَوْ خَمْسَةٌ، وَرَيْطَةٌ كُوفِيَّةٌ (¬6) مُمَشَّقَةٌ (¬7) ضَرْبَ اللَّحْمِ (¬8)، طَوِيلَ اللِّحْيَةِ حَسَنَ الْوَجْهِ. رواه الطبراني بإسناد حسن، وتقدم في اللباس مع شرح غريبه. كيف بكم إذا غدا أحدكم في حلة وراح في حلة. الحديث 141 - وَعَنْ محمد بن كعب القرظي قال: حدثني من سمع عليّ بن أبي طالب يقول: ¬
إِنَّا لَجُلوسٌ مَعَ رِسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في المسْجِد إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ مَا عَلَيْهِ إِلاّ بُرْدَةٌ (¬1) لَهُ مَرْقُوعَةٌ بِفَرْوَةٍ (¬2)، فَلَمّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بَكَى (¬3) لِلَّذِي كَانَ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، وَالَّذِي هُوَ فِيهِ الْيَوْمَ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: كَيْفَ بِكُمْ إِذَا غَدَا أَحَدُكُمْ فِي حُلَّةٍ (¬4)، وَرَاحَ فِي حُلَّة، وَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صَحْفَةٌ، وَرُفِعَتْ أُخْرَى، وَسَتَرْتُمْ بُيُوتَكُمْ كَمَا تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ؟ قالَوا: يَا رَسُولَ اللهِ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مِنَّا الْيَوْمَ: نَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ (¬5)، وَنُكْفَى الْمَؤُونَةَ (¬6)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لأَنْتُمْ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ. رواه الترمذي من طريقين تقدم لفظ أحدهما مختصراً، ولم يسم فيهما الراوي عن عليّ، وقال: حديث حسن غريب، ورواه أبو يعلى ولم يسمه أيضاً، ولفظه: أنتم اليوم خير أم إذا غُدِيَ على أحدكم بجفنة من خبز ولحم عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَرَجْتُ في غَدَاةٍ (¬7) شَاتِيَةٍ، وَقَدْ أَوْبَقَنِي (¬8) الْبَرْدُ فَأَخَذْتُ ثَوْباً مِنْ صُوفٍ كَانَ عِنْدَنَا، ثُمَّ أَدْخَلْتُهُ في عُنُقِي، وَحَزَّمْتُهُ عَلَى صَدْرِي أَسْتَدْفِئُ بِهِ، واللهِ مَا فِي بَيْتِي شَيءٌ آكُلُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ في بَيْتِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ لَبَلَغَنِي (¬9)، فَخَرَجْتُ في بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَة، فَانْطَلَقْتُ إِلى يَهُودِيٍّ في حَائِطٍ (¬10) فاطَّلَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ ثَغْرَةٍ (¬11) في جِدَارِهِ، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَعْرَابِيُّ هَلْ لَكَ في دَلْوٍ (¬12) بِتَمْرَةٍ. قُلْتُ: نَعَم، افْتَحْ لِي الْحَائِطَ، فَفَتَحَ فَدَخَلْتُ فَجَعَلْتُ أَنْزِعُ الدَّلْوَ (¬13) وَيُعْطِينِي تَمْرَةً حَتَّى مَلأْتُ كَفِّي، قُلْتُ: حَسْبِي مِنْكَ الآنَ، فَأَكَلْتُهُنَّ، ثُمَّ جَرَعْتُ ¬
مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ جِئْتُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ في الْمَسْجِدِ، وَهُوَ مَعَ عِصَابَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَطَلَعَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ في بُرْدَةٍ لَهُ مَرْفُوعَةٍ بِفَرْوَةٍ، وَكَانَ أَنْعَمَ غُلامٍ بِمَكَّةَ، وَأَرْهَفَهُ عَيْشاً (¬1)، فَلَمَّا رآهُ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم ذَكَرَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، وَرَأَى حَالَهُ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، فَذَرِفَتْ (¬2) عَيْنَاهُ فَبَكَى، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَنْتُمْ الْيَوْمَ خَيْرٌ أَمْ إِذَا غُدِيَ (¬3) عَلَى أَحَدِكُمْ بِجَفْنَةٍ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ، وَرِيحَ عَلَيْهِ بِأُخْرَى، وَغَدَا في حُلَّةٍ، وَرَاحَ في أُخْرَى، وَسَتَرْتُمْ بُيُوتَكُمْ كَما تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ؟ قُلْنَا: بَلْ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ نَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ. قالَ: بَلْ أَنْتُمْ الْيَوْمَ خَيْرٌ (¬4). شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أهل بيته 142 - وَعَنْ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَتَاهَا يَوْماً فَقَالَ: أَيْنَ ابْنَايَ؟ يَعْنِي حَسَناً وَحُسَيْناً، قالَتْ: أَصْبَحْنَا، وَلَيْسَ في بَيْتِنَا شَيْءٌ يَذُوقُهُ (¬5) ذَائِقٌ، فَقالَ: عَلِيٌّ: أَذْهَبُ بِهِمَا، فَإِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ يَبْكِيَا عَلَيْكِ، وَلَيْسَ عِنْدَكِ شَيْءٌ، فَذَهَبَ إِلى فُلانٍ الْيَهُودِيِّ، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم، فَوَجَدَهُمَا يَلْعَبَانِ في شَرَبَةٍ (¬6) بَيْنَ أَيْدِيهِمَا فَضْلٌ مِنْ (¬7) تَمْرٍ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ أَلا تَقْلِبُ (¬8) ابْنَيَّ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ الْحَرُّ؟ قالَ: أَصْبَحْنَا وَلَيْسَ في بَيْتِنَا شَيءٌ (¬9)، فَلَو جَلَسْتَ يَا رَسُولَ اللهِ حَتَّى أَجْمَعَ ¬
لِفَاطِمَةَ فَضْلَ تَمَرَاتٍ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم حَتَّى اجْتَمَعَ لِفَاطِمَةَ فَضْلٌ مِنْ تَمْرٍ، فَجَعَلَهُ فِي خِرْقَةٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ، فَحَمَلَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم أَحَدَهُمَا، وَعَلِيٌّ الآخَرَ حَتَّى أَقْلَبَهُمَا (¬1). رواه الطبراني بإسناد حسن. 143 - وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: حَضَرْنَا (¬2) عِرْسَ عَلِيٍّ وَفاطِمَةَ، ¬
فَمَا رَأَيْنَا عِرْساً كَانَ أَحْسَنَ مِنْهُ، حَشَوْنَا الْفِرَاشَ، يَعْنِي مِنَ اللِّيفِ، وَأُوتِينَا بِتَمْرٍ وَزَيْتٍ فَأَكَلْنَا، وكانَ فِرَاشُهَا لَيْلَةَ عِرْسِهَا إِهَابَ كَبْشٍ. رواه البزار. [الإهاب] الجلد، وقيل: غير المدبوغ. 144 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: لَمَّا جَهَّزَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَاطِمَةَ إِلى عَلِيٍّ بَعَثَ مَعَهَا بِخَمِيلٍ (¬1) قالَ عَطَاءٌ: مَا الْخَمِيلُ؟ قالَ: قَطِيفَةٌ وَوِسادَةٌ مِنْ أُدُمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِذْخِرٌ (¬2) وَقِرْبَةٌ كَانَا يَفْتَرِشَانِ الْخَمِيلَ وَيَلْتَحِفَانِ بِنِصْفِهِ. رواه الطبراني من رواية عطاء بن السائب، ورواه ابن حبان في صحيحه عَنْ عَطاءٍ بْنِ السَّائِبِ أَيْضاً عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَهَّزَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَاطِمَةَ في خَمِيلَةٍ وَوِسَادَةٍ أُدُمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ. زهد الصحابة رضي الله عنهم في الدنيا ورضاهم بالقليل منها 145 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ تَجْعَلُ في مَزْرَعَةٍ لَهَا سِلْقاً (¬3)، فَكَانَتْ إِذَا كانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ تَنْزِعُ أُصُولَ السِّلْقِ فَتَجْعَلُهُ في قِدْرٍ، ثُمَّ تَجْعَلُ قَبْضَةً مِنْ شَعِيرٍ تَطْحَنُهُ، فَتَكُونُ أُصُولُ السِّلْقِ عِرْقَهُ، قالَ سَهْلٌ: كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَيْهَا مِنْ صَلاةِ الْجُمُعَةِ فَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا فَتُقَرِّبُ ذلِكَ الطَّعَامَ إِلَيْنَا، فَكُنَّا نَتَمَنَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِطَعَامِهَا ذلِكَ. ¬
وفي رواية: لَيْسَ فِيهَا شَحْمٌ وَلاَ وَدَكٌ، وَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ. رواه البخاري. 146 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: وَالَّذِي لاَ إلهَ إِلاَّ هُوَ إِنْ كُنْتُ لأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ ولَقَدْ قَعَدْتُ يَوْماً عَلَى طَرِيقِهمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمرَّ بِي أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ في كِتَابِ اللهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيَسْتَتْبِعَنِي (¬1) فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ (¬2) ثُمَّ مَرَّ عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلا لِيَسْتَتْبِعَنِي، ثُمَّ مَرَّ أَبُوا الْقَاسِمِ صلى اللهُ عليه وسلم فَتَبَسَّمَ حِينَ رآنِي، وَعَرَفَ مَا فِي وَجْهِي، وَمَا فِي نَفْسِي، ثُمَّ قالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ قالَ: أَلْحِقْ وَمَضى فَأَتْبَعْتُهُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَوَجَدَ لَبَناً (¬3) في قَدَحٍ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هذَا اللَّبَنُ؟ قالُوا: أَهْدَاهُ لَكَ فُلانٌ أَوْ فُلانَةُ قالَ: يَا أَبَا هِرٍّ (¬4) قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ: أَلْحِقْ إِلى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي، قالَ: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلاَمِ لاَ يَأْوُونَ (¬5) عَلَى أَهْلٍ وَلاَ مَالٍ وَلاَ عَلَى أَحَدٍ إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ (¬6) بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا (¬7) شَيْئاً، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ مِنْهَا (¬8)، وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا فَسَاءَنِي ذلِكَ (¬9) فَقُلْتُ: وَمَا هذَا اللَّبَنُ في أَهْلِ الصُّفَّةِ؟ كُنْتُ أَحَقَّ أَنْ أُصِيبَ مِنْ هذَا اللَّبَنِ شُرْبةً أَتَقَوَّى بِهَا، فَإِذَا جَاؤُوا أَمَرَنِي، فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي (¬10) مِنْ هذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ، وَطَاعَةِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بُدُّ (¬11) فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا واسْتَأْذَنُوا فَأُذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ قالَ: يَا أَبَا هِرٍّ (¬12) قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: خُذْ فَأَعْطِهِمْ، فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ حَتَّى انْتَهَيْتُ ¬
إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ قال: بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ؟ قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: اقْعُدْ فَاشْرَبْ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ: اشْرَبْ فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: اشْرَبْ حَتَّى قُلْتُ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بالْحَقِّ لاَ أَجِدُ مَسْلَكاً (¬1) قالَ: فَأَرِنِي (¬2)، فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ، فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى وَسَمَّى (¬3) وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ (¬4). رواه البخاري وغيره، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. زهد الصحابة رضي الله عنهم 147 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَإِنِّي كنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لِشَبَعِ بَطْنِي حِينَ لاَ آكُلُ الْخَمِيرَ، وَلاَ أَلْبَسُ الْحَرِيرَ، وَلاَ يَخْدُمُنِي فَلانٌ وَفُلانَةٌ، وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بالْحَصْبَاءِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لأَسْتَقْرئُ (¬5) الرَّجُلَ الآيَةَ هِيَ مَعِيَ لِكَيْ يَنْقَلِبَ (¬6) بِي فَيُطْعِمَنِي، وَكانَ خَيْرَ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ في بَيْتِه حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ (¬7) الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا. رواه البخاري والترمذي، ولفظه: قالَ: إِنْ كُنْتُ لأَسْأَلُ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنِ الآيَاتِ مِنَ الْقُرْآنِ، أَنَا أَعْلَمُ بِهَا مِنْهُ، مَا أسْأَلُهُ إِلاَّ لِيُطْعِمَنِي شَيْئاً، وَكُنْتُ إِذَا سأَلْتُ جَعْفَرَ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمْ يُجِبْنِي حَتَّى يَذْهَبَ بِي إِلى مَنْزِلِهِ، فَيَقُولَ لامْرَأَتِهِ: يَا أَسْمَاءُ أَطْعِمِينَا، فَإِذَا أَطْعَمَتْنَا أَجَابَنِي، وَكَانَ جَعْفَرُ يُحِبُّ الْمَسَاكِينَ. وَيَجْلِسُ إِلَيْهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ وَيُحَدِّثُونَهُ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُكَنِّيهِ بَأَبِي الْمسَاكِينِ. ¬
رضى الصحابة بالقليل من الدنيا 148 - وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقَانِ مِنْ كَتَّانٍ، فَمَخَطَ (¬1) في أَحَدِهِمَا، ثُمَّ قالَ: بَخٍ بَخٍ (¬2) يَمْتَخِطُ أَبُو هُرَيْرَةَ في الْكَتَّانِ (¬3) لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لأخِرُّ فيما بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَحُجْرَةِ عَائِشَةَ مِنَ الْجُوعِ مَغْشِيَّاً عَلَيَّ (¬4)، فَيَجِيءُ الْجائِي فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي يَرَى أَنَّ بِيَ الْجُنُونَ (¬5)، وَمَا هُوَ إِلاَّ الْجُوعُ. رواه البخاري والترمذي وصححه. [المشق] بكسر الميم: المغرة، وثوب ممشق: مصبوغ بها. 149 - وَعَنْ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى اللهُ عليه وسلم كَانَ إِذَا صَلَّى بالنَّاسِ يَخِرُّ رِجَالٌ (¬6) مِنْ قَامَتِهِمْ في الصَّلاةِ مِنَ الْخَصَاصَةِ، وَهُمْ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ، حَتَّى يَقُولُ الأَعْرَابُ: هؤُلاءِ مَجَانِينُ أَوْ مَجَانُونَ، فَإِذَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا لَكُمْ عِنْدَ اللهِ لأَحْبَبْتُمْ أَنْ تَزْدَادُوا فَاقَةً وَحَاجَةً. رواه الترمذي، وقال: حديث صحيح، وابن حبان في صحيحه. [الخصاصة] بفتح الخاء المعجمة وصادين مهملتين: هي الفاقة والجوع. 150 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَتَتْ عَلَيَّ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ لَمْ أَطْعَمْ، فَجِئْتُ أُرِيدُ الصُّفَّةَ فَجَعَلْتُ أَسْقُطُ، فَجَعَلَ الصِّبْيَانُ يَقُولُونَ: جُنَّ أَبُو هُرَيْرَةَ، قالَ: فَجَعَلْتُ أُنَادِيهِمْ وأَقُولُ: بَلْ أَنْتُمُ الْمَجَانِينُ حَتَّى انْتَهَيْنَا (¬7) إِلى الصُّفَّةِ، فَوَافَقْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِقَصْعَتَيْنِ مِنْ ثَرِيدٍ، فَدَعَا عَلَيْهَا أَهْلَ الصُّفَّةِ، وَهُمْ يَأْكُلُونَ مِنْهَا، فَجَعَلْتُ أَتَطَاوَلُ كَيْ يَدْعُوَنِي حَتَّى قامَ الْقَوْمُ، وَلَيْسَ في الْقَصْعَةِ إِلاَّ شَيْءٌ في نَوَاحِي الْقَصْعَةِ، فَجَمَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَصَارَتْ لُقْمَةً فَوَضَعَهُ عَلَى أَصَابِعِهِ ¬
فَقَالَ لِي: كُلْ بِاسْمِ اللهِ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا زِلْتُ آكُلُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعْتُ (¬1) رواه ابن حبان في صحيحه. 151 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ قالَ: أَقَمْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ سَنَةً فَقَالَ لِي ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ عِنْدَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا لَنَا ثِيَابٌ إِلا الأَبْرَادُ الْخَشِنَة (¬2) وَإِنَّهُ لَيَأْتِي عَلَى أَحَدِنَا الأَيَّامُ مَا يَجِدُ طَعَاماً يُقِيمُ بِهِ صُلْبَهُ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَأْخُذُ الْحَجَرَ فَيَشُدُّ بِهِ عَلَى أَخْمُصِ (¬3) بَطْنِهِ ثُمَّ يَشُدُّهُ بِثَوْبِهِ لِيُقِيمَ صُلْبَهُ. رواه أحمد وراوتُه رواة الصحيح. بشارة النبي صلى الله عليه وسلم بالخير لأصحابه على القليل من الدنيا 152 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إِلى الْجُوعِ في وُجُوهِ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يُغْدَى (¬4) عَلَى أَحَدِكُمْ بِالْقَصْعَةِ مِنَ الثَّرِيدِ، وَيُرَاحُ عَلَيْهِ (¬5) بِمِثْلِهَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ؟ قالَ: بَلْ أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ (¬6). رواه البزار بإسناد جيد. 153 - وَعَنْ أَبي بَرْزَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنَّا في غَزَاةٍ لَنَا فَلَقِينَا أُنَاساً مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَجْهَضْنَاهُمْ عَنْ مَلَّةٍ لَهُمْ، فَوَقَعْنَا فِيهَا فَجَعَلْنَا نَأْكُلُ مِنْهَا، وَكُنَّا نَسْمَعُ في الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّهُ مَنْ أَكَلَ الْخُبْزَ سَمِنَ (¬7)، فَلَمَّا أَكَلْنَا ذَلِكَ الْخُبْزَ جَعَلَ أَحَدُنَا يَنْظُرُ في عِطْفَيْهِ هَلْ سَمِنَ؟. رواه الطبرانين رواتُه رواة الصحيح. [أجهضاهم] أي أزلناهم عنها وأعجلناهم. رضى الصحابة رضي الله عنهم بالقليل من الدنيا 154 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ ¬
عليه وسلم، وَأَمَّرَ (¬1) عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نَلْتَقِي عِيرَ (¬2) قُرَيْشٍ وَزَوَّدَنَا جِرَاباً مِنْ تَمْرٍ لَمْ نجِدْ لَنَا غَيْرَهُ، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً، فَقِيلَ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِهَا؟ قَالُوا: نَمَصُّهَا كَما يَمَصُّ الصَّبِيُّ، ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلى اللَّيْلِ، وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا (¬3) الْخَبَطَ، ثُمَّ نَبُلُّهُ فَنَأْكُلُهُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رواه مسلم. 155 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّهُ أَصَابَهُمْ جُوعٌ وَهُمْ سَبْعَةٌ، قالَ: فَأَعْطَانِي النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم سَبْعَ تَمَرَاتٍ لِكُلِّ إِنْسَانٍ تَمْرَةٌ. رواه ابن ماجة بإسناد صحيح. 156 - وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِ ¬
النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلمَ يَأْتِي عَلَيْهِ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ لاَ يَجِدُ شَيْئاً يَأْكُلُهُ، فَيَأْخُذُ الْجِلْدَةَ (¬1) فَيَشْوِيهَا فَيَأْكُلُهَا، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ شَيْئاً أَخَذَ حَجَراً (¬2) فَشَدَّ صُلْبَهُ. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع بإسناد جيد. 157 - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنِّي لأَوَّلُ الْعَرَبِ (¬3) رَمَى بِسَهْمٍ في سَبِيلِ اللهِ، وَلَقَدْ كُنَّا نَغْزُوا (¬4) مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَالَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الْحُبْلَةِ، وَهَذَا السَّمُرُ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ (¬5) كما تَضَعُ الشَّاةُ مَالَهُ خِلْطٌ. رواه البخاري ومسلم. [الحبل] بضم الحاء المهملة وإسكان الباء الموحدة. [والسمر] بفتح السين المهملة وضم الميم: كلاهما من شجر البادية. إن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء 158 - وعن خالد بن عمير العدويّ قال: خطبنا عتبة بن غزوان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَانَ أَمِيراً بِالْبَصْرَةِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بصُرْمٍ وَوَلَّتْ حَذَّاءَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا، وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلى دَارٍ لاَ زَوَالَ لَهَا، فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ (¬6)، فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ، فَيَهْوِي فِيها سَبْعِينَ عَامَاً لاَ يُدْرِكُ لَهَا قَعْراً (¬7)، وَاللهِ لَتُمْلأَنَّ (¬8)، أَفَعَجِبْتُمْ؟ وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعِينِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِيْنَ عَاماً، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ يَوْمٌ، وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ، وَلَقَدْ رأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الشَّجَرِ حَتَّى قَرِحَتْ (¬9) أَشْدَاقُنَا ¬
فالْتَقَطْتُ بُرْدَةً (¬1) فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا، واتَّزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا، فَمَا أصْبَحَ الْيَوْمَ مِنَّا أَحَدٌ إِلا أَصْبَحَ أَمِيراً عَلَى مِصْرٍ (¬2) مِنَ الأَمْصَارِ، وَإِنِّي أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ فِي نَفْسِي عَظِيماً وَعِنْدَ اللهِ صَغِيراً. رواه مسلم وغيره. [آذنت] بمد الألف: أي أعلمت. [بصرم] هو بضم الصاد وإسكان الراء: بانقطاع وفَناء. [حذاء] هو بحاء مهملة مفتوحة ثم ذال معجمة مشددة ممدوداً، يعني سريعة. [والصبابة] بضم الصاد: هي البقية اليسيرة من الشيء. [يتصابها] بتشديد الموحدة قبل الهاء: أي يجمعها. [والكظيظ] بفتح الكاف وظاءين معجمتين: هو الكثير الممتلئ. إنما لباسنا الصوف وطعامنا الأسودان 159 - وَعَنْ أَبي مُوسى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَوْ رَأَيْتَنَا وَنَحْنُ مَعَ نَبِيِّنَا صلى اللهُ عليه وسلم لَحَسِبْتَ أَنَّمَا رِيحُنَا (¬3) الضَّأْنُ، إِنَّمَا لِباسُنَا الصُّوفُ، وَطَعامُنَا الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ والماءُ. رواه الطبراني في الأوسط، ورواتُه رواة الصحيح، وهو في الترمذي وغيره دون قوله: إِنما لِبَاسُنَا إلى آخره، وتقدم في اللباس. 160 - وَعَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ فمِنَّا مَنْ مَاتَ (¬4) لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئاً، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ بِهِ إِلاَّ بُرْدَةً إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ، وَمِنَّا مَن أَيْنَعَتْ ¬
لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدُبُهَا (¬1). رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود باختصار. [البردة]: كساء مخطط من صوف، وهي النمرة. [أينعت] بياء مثناة تحت بعد الهمزة: أي أدركت ونضجت. [يهدبها] بضم الدال المهملة وكسرها بعدها باء موحدة: أي يقطعها ويجنيها. حديث وفاة أبي ذر رضي الله عنه 161 - وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ، يَعْنِي ابْنَ الأَشْتَرِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، وَهُوَ بالرَّبَذَةِ فَبَكَتِ امْرَأَتُهُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ فَقَالَتْ: أَبْكِي فَإِنَّهُ لا يَدَ لِي بِنَفْسِكَ، وَلَيْسَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُ لَكَ كَفَنَاً، قالَ: لاَ تَبْكِي، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ يَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، قالَ: فَكُلُّ مَنْ كَانَ مَعِي فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مَاتَ في جَمَاعَةٍ وَقَرْيَةٍ، فلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيْرِي، وَقَدْ أَصْبَحْتُ بِالفَلاةِ أَمُوتُ، فَرَاقِبِي (¬2) الطرِيقَ، فَإِنَّكَ سَوْفَ تَرَيْنَ (¬3) مَا أَقُولُ، فَإِنِّي واللهِ مَا كَذَبْتُ (¬4) وَلاَ كُذِّبْتُ (¬5). قالَتْ: وَأَنَّى ذَلِكَ (¬6)، وَقَدِ انْقَطَعَ الْحَاجُّ؟ قالَ: رَاقِبي الطّرِيقَ. قالَ: فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذَا هِيَ بِالْقَوْمِ تَخُبُّ (¬7) بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ كَأَنَّهُمُ الرَّخَمُ (¬8)، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ حَتَّى وَقَفُوا عَلَيْهَا فَقَالُوا: مَالَكِ (¬9)؟ فَقَالَتِ: امْرُؤٌ (¬10) مِنَ الْمُسْلِمِينَ ¬
تُكَفِّنُوهُ (¬1) وتُؤْجَرُوا فِيهِ؟ قالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ قالَتْ: أَبُو ذَرٍّ، فَفَدَوْهُ بِآبَائِهمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَوَضَعُوا سِيَاطَهُمْ في نُحُورِهَا (¬2) يَبْتَدِرُونَهُ، فَقَالَ: أَبْشِرُوا، فَإِنَّكُمُ النَّفَرُ الَّذِينَ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فِيكُمْ مَا قالَ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ الْيَوْمَ حَيْثُ تَرَوْنَ، وَلَوْ أَنَّ لِي ثَوْبَاً مِنْ ثِيَابي يَسَعُ كَفَنِي لَمْ أُكَفَّنْ إِلاَّ فِيهِ، فَأَنْشُدُكُمْ (¬3) بِاللهِ لا يُكَفِّنُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ عَرِيفاً (¬4) أَوْ أَمِيراً (¬5) أَوْ بَرِيداً (¬6) فَكُلُّ الْقَوْمِ قَدْ نَالَ مِنْ ذلِكَ شَيْئاً ¬
إِلاَّ فَتَىً مِنَ الأَنْصَارِ، وَكَانَ مَعَ الْقَوْمِ قالَ: أَنَا صَاحِبُكَ، ثَوْبَانَ فِي عَيْبَتِي مِنْ غَزْلِ أُمِّي وَأَحَدُ ثَوْبَيَّ هذَيْنِ اللَّذِيْنِ عَلَيَّ. قالَ: أَنْتَ صَاحِبِي. رواه أحمد، واللفظ له، ورجالُه رجال الصحيح، والبزار بنحوه باختصار. [العيبة] بفتح العين المهملة وإسكان المثناة تحت بعدها موحدة: هي ما يجعل المسافر فيها ثيابه. 162 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ: إِمَّا إِزَارٌ وَإِمَّا كِسَاءٌ قَدْ رَبَطُوا في أَعْنَاقِهِمْ، مِنْها مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْنِ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ. رواه البخاريّ والحاكم مختصراً، وقال: صحيح على شرطهما. 163 - وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: اسْتَكْسَيْتُ (¬1) رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَكَسَانِي خَيْشَيْنِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا أَكْسَى (¬2) أَصْحَابي. رواه أبو داود من رواية إسماعيل بن عياش. [الخيشة] بفتح الخاء المعجمة وإسكان المثناة تحت بعدهما شين معجمة: هو ثوب يتخذ من مشاقة الكتاب يغزل غليظاً وينسج رقيقاً. 164 - وَعَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالَ: عَادَ خَبَّاباً نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تَرِدُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى اللهُ عليه وسلم الْحوْضَ فَقَالَ: كَيْفَ بِهذَا؟ وَأَشَارَ إِلى أَعْلَى الْبَيْتِ وأَسْفَلِهِ، وَقَدْ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه ¬
وسلم إِنَّما يَكْفِي أَحَدَكُمْ كَزَادِ الرَّاكِبِ. رواه أبو يَعْلَى والطبراني بإسناد جيد. 165 - وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ قالَ: جَاءَ مُعَاوِيَةُ إِلى أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ يَعُودُهُ (¬1) فَوَجَدَهُ يَبْكِي، فَقَالَ: يَا خَالُ مَا يُبْكِيكَ، أَوَجِعٌ يُشْئِزُكَ أَمْ حِرْصٌ عَلَى الدُّنْيَا؟ قالَ: كَلاَّ، وَلكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَهِدَ إِلَيْنَا عَهْداً لَمْ نَأْخُذْ بِهِ، قالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّمَا يَكْفِي مِنْ جَمْعِ الْمَالِ خَادِمٌ (¬2) وَمرْكَبٌ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَجِدُنِي الْيَوْمَ قَدْ جَمَعْتُ. رواه الترمذي والنسائي، ورواه ابن ماجة عن أبي وائل عن سمرة بن سهم عن رجل من قومه لم يسمّه، قال: نَزَلْتُ على أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ فَجَاءَهُ مُعَاويَةُ، فذكر الحديث بنحوه. ورواه ابن حبان في صحيحه عن سمرة بن سهم قال: نَزَلْتُ علَى أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ مَطْعُونٌ (¬3)، فَأَتَاهُ مُعَاوِيةُ فذكر الحديث. وذكره رزين، فزاد فيه: فَلَمَّا مَاتَ حُصِرَ مَا خَلَّفَ (¬4) فَبَلغَ ثَلاثِينَ دِرْهَماً وَحُسِبَتْ فِيهِ الْقَصْعَةُ الَّتِي كَانَ يَعْجِنُ فِيهَا وَفِيهَا يَأْكُلُ. [يُشئزك] بشين معجمة ثم همزة مكسورة وزاي: أي يقلقك، وزنه ومعناه. 166 - وَعَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ سَلْمَانَ الْخَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ عَرَفُوا مِنْهُ بَعْضَ الْجَزَعِ، فَقَالُوا: مَا يُجْزِعُكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ وَقدْ كانَتْ لَكَ سَابِقَةٌ فِي الْخَيْرِ، شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَغَازِيَ حَسَنَةً وَفُتُوحاً عِظَاماً. قالَ: يُجْزِعُنِي أَنَّ حَبِيبَنَا صلى اللهُ عليه وسَلَّم حِينَ فَارَقَنَا عَهِدَ إِلَيْنَا، قالَ لِيَكْفِ الْمَرْءَ مِنكمْ (¬5) كَزَادِ الرَّاكِب، فهذَا الَّذِي أَجْزَعَنِي (¬6)، فَجُمِعَ مَالُ سَلْمَانَ فَكَانَ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمَاً. رواه ابن حبان في صحيحه. ¬
167 - وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ بُدَيْمَةَ قالَ: بِيعَ مَتَاعُ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَبَلَغَ أَرْبَعَةَ ¬
عَشَرَ دِرْهَمَاً. رواه الطبراني، وإسناده جيد إلا أن عليّاً لم يدرك سلمان. ¬
[قال الحافظ]: ولو بسطنا الكلام على سيرة السلف وزهدهم لكَان من ذلك مجلدات ¬
لكنه ليس من شرط كتابنا، وإنما أملينا هذه النبذة استطراداً تبركاً بذكرهم ونموذجاً لما تركنا من سيرهم، والله الموفق من أراد، لا ربّ غيره. ¬
الترغيب في البكاء من خشية الله تعالى
الترغيب في البكاء من خشية الله تعالى 1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: سَبْعَةٌ يُظِلهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا في اللهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 2 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ ذَكَرَ اللهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ (¬1) مِنْ خَشْيَةِ اللهِ حَتَّى يُصِيبَ الأَرْضَ مِنْ دُمُوعِهِ لَمْ يُعَذَّبْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. 3 - وَعَنْ أَبي رَيْحَانَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْن دَمَعتْ أَوْ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَحُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ في سَبِيلِ اللهِ، وَذَكَرَ عَيْناً ثَالِثَةً. رواه أحمد واللفظ له والنسائي والحاكم وقال: صحيح الإسناد. ¬
4 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: عَيْنَان لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ (¬1) في سَبِيلِ اللهِ. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. 5 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: حُرِّمَ عَلَى عَيْنَيْنِ أَنْ تَنَالَهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بكتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ الإِسْلاَم وَأَهْلَهُ مِنَ الْكُفْر. رواه الحاكم، وفي سنده انقطاع. 6 - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم. لاَ يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ، وَلاَ يَجْتَمِعُ غُبَارٌ (¬2) في سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي والحاكم وقال: صحيح الإسناد. [لا يلج] أي لا يدخل. 7 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ [أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ (¬3) تَعْجَبُونَ (¬4) وَتَضْحَكُونَ (¬5) وَلاَ تَبْكُونَ (¬6)] بَكَى أَصْحَابُ الصُّفَّةِ حَتَّى جَرَتْ دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ، فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم حِسَّهُمْ بَكَى مَعهُمْ فَبَكَيْنَا بِبُكَائِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ يَلِجُ النَّارَ مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَلاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُصِرٌّ (¬7) عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَلَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَجَاءَ اللهُ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ. رواه البيهقي. 8 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَاتَتْ تَكْلأُ (¬8) في سَبِيلِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ. ¬
رواه أبو يعلى ورواته ثقات والطبراني في الأوسط إلا أنه قال: عَيْنَانِ لاَ تَرَيَانِ النَّارَ. 9 - وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ بِمَ أَتَّقِي النَّارَ؟ قالَ بِدُمُوعِ عَيْنَيْكَ: فَإِنَّ عَيْناً بَكَتْ منْ خَشْيَةِ اللهِ لاَ تَمَسُّهَا النَّارُ أَبداً. رواه ابن أبي الدنيا والأصبهاني. ثلاثة لا ترى عينهم النار 10 - وَعَنْ مُعَاوِيَة بْنِ حَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ثَلاَثَةٌ لاَ تَرَى أَعْيُنُهُمُ النَّارَ: عَيْنٌ حَرَسَتْ في سَبِيلِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ كَفَّتْ (¬1) عَنْ مَحَارِمِ اللهِ. رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا أن أبا حبيب المنقري لا يحضرني الآن حاله. 11 - وَعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: عَيْنَان لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ في جَوْفِ اللَّيْلِ (¬2) مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ في سَبِيلِ اللهِ. رواه الطبراني من رواية عثمان عن عطاء الخراساني، وقد وثق. 12 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ (¬3) يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ عَيْنٌ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ، وَعَيْنٌ سَهِرَتْ في سَبِيلِ اللهِ، وَعَيْنٌ خَرَجَ مِنْهَا مِثْلُ رَأْسِ الذُّبَابِ (¬4) مِنْ خَشْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. رواه الأصبهاني. 13 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
مَا مِنْ مُؤْمِن يَخْرُجُ مِنْ عَيْنَيْهِ دُمُوعٌ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ رَأْسِ الذُّبَابِ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، ثُمَّ تُصِبُ شَيْئاً مِنْ حَرِّ وَجْهِهِ إِلاَّ حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ. رواه ابن ماجة والبيهقي والأصبهاني، وإسناد ابن ماجة مقارب. 14 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: لَيْسَ شَيءٌ أَحَبُّ إِلى اللهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْنِ: قَطْرَةُ دُمُوعٍ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَقَطْرَةُ دَمٍ تُهْرَاقُ (¬1) فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَمَّا الأَثَرَانِ فَأَثَرٌ في سَبِيلِ اللهِ (¬2)، وَأَثَرٌ في فَرِيضَةٍ (¬3) مِنْ فَرَائِضِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. 15 - وَعَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا اغْرَوْرَقَتْ عَيْنٌ بِمَائِهَا إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ سَائِرَ ذَلِكَ الْجَسَدِ عَلَى النَّارِ، وَلاَ سَالَتْ قَطْرَةٌ عَلَى خَدِّهَا فَيْرْهَقَ (¬4) ذلِكَ الْوَجْهَ قَتَرٌ (¬5) وَلاَ ذِلَّةٌ، وَلَوْ أَنّ بَاكِياً بَكَى في أُمَّةٍ مِنْ الأُمَمِ رُحِمُوا وَمَا مِنْ شَيءٍ إِلاّ لَهُ مِقْدَارٌ وَمِيزانٌ إِلاَّ الدَّمْعَةَ، فَإِنَّهُ تُطْفَأُ بِهَا بِحَارٌ مِنْ نَارٍ (¬6). رواه البيهقي هكذا مرسلاً، وفيه راوٍ لم يسمّ، وروى عن الحسن البصري، وأبي عمران الجونيّ، وخالد بن معدان غير مرفوع وهو أشبه. 16 - وَعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قالَ: جَلَسْنَا إِلى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في الْحِجْرِ فَقَالَ: ابْكُوا (¬7)، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا بُكاءً فَتَبَاكَوْا، لَوْ تَعْلَمُوا الْعِلْم (¬8) لَصَلَّى أَحَدُكُمْ حَتَّى يَنْكَسِر ظَهْرُهُ، وَلَبَكَى حَتَّى يَنْقَطِعَ صَوْتُهُ. رواه الحاكم مرفوعاً وقال: صحيح على شرطيهما. ¬
17 - وَعَنْ مُطَرَّفٍ عَنْ أَبِيهِ قالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُصَلِّي وَلِصَدْرِهِ أَزِيرٌ كَأَزِيزِ الرَّحَا مِنَ الْبُكَاءِ. رواه أبو داود واللفظ له، والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وقال بعضهم: وَلِجَوْفِهِ أَزِيرٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ. [قوله: أَزيز كأزيز الرحا]: أي صوت كصوت الرحا، يقال: أَزَّت الرحا إذا صوّتت، والمرجل: القدر، ومعناه أن لجوفه حنيناً كصوت غليان القدر إذا اشتد. 18 - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَا كَانَ فِينَا فارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرَ الْمِقْدَادِ وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا فِينَا إِلاَّ نَائِمٌ إِلاَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم تَحْتَ شَجَرَةٍ يُصَلِّي وَيَبْكِي حَتى أَصْبَحَ. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 19 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَاجى مُوسى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِمِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ كَلِمَةٍ في ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، وَكَانَ فِيمَا نَاجَاهُ بِهِ أَنْ قالَ: يَا مُوسى: إِنّهُ لَمْ يَتَصَنَّعْ إِلَيَّ الْمُتَصَنِّعُونَ (¬1) بِمِثْلِ الزُّهْدِ في الدُّنْيَا، وَلَمْ يَتَقَرَّبْ إِلَيَّ الْمُتَقَرِّبُونَ بِمِثْلِ الْوَرَعِ عَمَّا حَرَّمْتُ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَتَعَبَّدْ إِلَيَّ الْمُتَعَبِّدُونَ بِمِثْلِ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَتِي، فذكر الحديث إلى أن قال: وَأَمَّا الْبَكَّاؤُونَ مِنْ خَشْيَتِي فَأُولَئِكَ لَهُمُ الرَّفِيقُ الأَعْلَى لاَ يُشَارَكُونَ فِيهِ. رواه الطبراني والأصبهاني، وتقدم بتمامه. 20 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا النَّجَاةُ؟ قالَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ (¬2)، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ. رواه الترمذي وابن أبي الدنيا والبيهقي، كلهم من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيدَ عن القاسم عنه، وقال الترمذي: حديث حسن غريب. 21 - وَعَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: طُوبَى ¬
لِمَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ، وَوَسِعَهُ بَيْتُهُ، وَبَكَى عَلَى خَطِيتِهِ. رواه الطبراني في الأوسط والصغير وحسّن إسناده. 22 - وَعَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، فَبَكَى رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: لَوْ شَهِدَكُمُ الْيَوْمَ كُلُّ مُؤْمِنٍ عَلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي لَغُفِرَ لَهُمْ بِبُكَاءِ هذَا الرَّجُلِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَلائِكَةَ تَبْكِي وَتَدْعُو لَهُ، وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ شَفِّعِ الْبَكَّائِينَ فِيمَنْ لَمْ يَبْكِ. رواه البيهقي وقال: هكذا جاءَ هذا الحديث مرسَلاً. 23 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صلى اللهُ عليه وسلم هذه الآية: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ (¬1) وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ] تَلاَهَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى أَصْحَابِهِ فَخَرَّ فَتَىً مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَوَضَعَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم يَدَهُ عَلَى فُؤَادِهِ، فَإِذَا هُوَ يَتَحَرَّكُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَا فَتَى قُلْ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، فَقَالَهَا فَبَشَّرَهُ بالْجَنَّةِ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَمِنْ بَيْنِنَا؟ فَقَالَ: أَوَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَهُ تَعَالى: [ذَلِك لِمَنْ خَافَ مَقَامِي (¬2) وَخَافَ وَعِيدِ (¬3)]. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد كذا قال. 24 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: تَلاَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم هذِهِ الآيَةَ: [وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجَارَةُ] فَقَالَ: أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفُ عَامٍ حَتَّى احْمَرَّتْ وأَلْفُ عَامٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ وَأَلْفُ عَامٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ لاَ يُطْفَأُ لَهِيْبُهَا قالَ: وَبَيْن يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم رَجُلٌ أَسْوَدُ فَهَتَفَ بِالْبُكَاءِ (¬4) فَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ ¬
عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: مَنْ هذَا الْبَاكِي بَيْنَ يَدِيْكَ؟ قالَ: رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ (¬1) مَعْرُوفاً، قالَ: فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي وَارْتِفَاعِي فَوْقَ عَرْشِي لاَ تَبْكِي عَيْنُ عَبْدٍ في الدُّنْيَا مِنْ مَخَافَتِي إِلاَّ أَكْثَرْتُ ضَحِكَهَا في الْجَنَّةِ (¬2)، رواه البيهقي والأصبهاني. إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه 25 - وَرُوِيَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا اقْشَعَرَّ (¬3) جِلْدُ الْعَبْدِ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ تَحَاتَّتْ (¬4) عَنْهُ ذُنُوبُهُ كما يَتَحاتُّ عَنِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ (¬5) وَرَقُهَا. رواه أبو الشيخ ابن حبان في الثواب والبيهقي واللفظ له. 26 - وفي رواية له قال: كُنَّا جُلُوساً مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم تَحْتَ شَجَرَةٍ فَهَاجَتِ الرِّيْحُ (¬6)، فَوَقَعَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ وَرَقٍ نَخِرٍ (¬7) وَبَقِيَ مَا كَانَ مِنْ وَرَقٍ أَخْضَرَ ¬
الترغيب في ذكر الموت وقصر الأمل والمبادرة بالعمل وفضل طول العمر لمن حسن عمله والنهي عن تمني الموت
فقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا مَثَلُ هذِهِ الشَّجَرَةِ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَقَالَ: مَثَلُ الْمُؤْمِنِ إِذَا اقْشَعَرَّ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَعَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ، وَبَقِيَتْ لَهُ حَسَنَاتُهُ. الترغيب في ذكر الموت وقصر الأمل والمبادرة بالعمل، وفضل طول العمر لمن حسن عمله، والنهي عن تمني الموت 1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّات (¬1) يَعْنِي الْمَوْتَ. رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه، ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن وابن حبان في صحيحه وزاد: فَإِنَّهُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ في ضِيقٍ إِلاَّ وَسَّعَهُ، ولا ذَكَرَهُ في سَعَةٍ إِلاَّ ضَيَّقَهَا عَلَيْهِ. 2 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَكْثِرُوا ذِكْرَ هاذِمِ اللَّذَّات، يَعْنِي الْمَوْتَ، فَإِنَّهُ مَا كَانَ في كَثِيرٍ إِلاَّ قَلَّلَهُ، وَلاَ قَلِيلٍ إِلاَّ جَزَّأَهُ (¬2) رواه الطبراني بإسناد حسن. 3 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَرَّ بِمَجْلِسٍ وَهُمْ يَضْحَكُونَ فَقَالَ: أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّات، أَحْسِبُهُ قالَ: فَإِنَّهُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ في ضِيقٍ مِنَ الْعَيْشِ إِلاَّ وَسَّعَهُ، وَلاَ في سَعَةٍ إِلاَّ ضَيَّقَهُ عَلَيْهِ. رواه البزار بإسناد حسن والبيهقي باختصار، وتقدم في باب الترهيب من الظلم حديث أبي ذرّ، وفيه: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلاَمُ (¬3)؟ قالَ: كانَتْ عِبَراً ¬
كُلُّهَا: عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ ثُمَّ هُوَ يَفْرَحُ. عَجبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ ثُمَّ هُوَ يَضْحَكُ عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ هُوَ يَنْصَبُ. عَجِبْتُ لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبِهَا بِأَهْلِهَا ثُمَّ اطْمَأَنَّ إِلَيْهَا. وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَداً ثُمَّ لاَ يَعْمَلُ. رواه ابن حبان في صحيحه وغيرُه. 4 - وَعَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مُصَلاَّهُ فَرَأَى نَاساً كأَنَّهُمْ يَكْتَشِرُونَ (¬1) فَقَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ أَكْثَرْتُمْ ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذّاتِ أَشْغَلَكُمْ عَمَّا أَرَى الْمَوْتِ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ: المَوْتِ (¬2) فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَلَى الْقَبْرِ يَوْمٌ إِلاَّ تَكَلَّمَ فِيهِ فَيَقُولُ: أَنَا بَيْتُ الْغُرْبَةِ (¬3)، وَأَنَا بَيْتُ الْوَحْدَةِ وَأَنَا بَيْتُ التُّرَابِ وَأَنَا بَيْتُ الدُّودِ، فَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْمؤْمِنُ قالَ لَهُ الْقَبْرُ: مَرْحَباً (¬4) وَأَهْلاً أَمَا إِنْ كُنْتَ أَحَبَّ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي أَيْ فَإِذْ وَلِيتُكَ (¬5) الْيَوْمَ فَسَتَرَى صَنِيعِي بِكَ قالَ فَيَتّسِعُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ (¬6)، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلى الْجَنَّةِ (¬7)، وَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْفَاجِرُ أَوِ الْكَافِرُ فَقَالَ لَهُ الْقَبْرُ: لاَ مَرْحَباً وَلاَ أَهْلاً أَمَا إِنْ كُنْتَ لأَبْغَضَ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيَّ فَإِذَا وَلِيتُكَ الْيَوْمَ وَصِرْتَ إِلَيَّ فَسَتَرَى صَنِيعِي بِكَ قالَ: فَيَلْتَئِمُ (¬8) عَلَيْهِ حَتَّى تَلْتَقِيَ عَلَيْهِ وَتَخْتَلِفَ أَضْلاَعُهُ قالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بِأَصَابِعِهِ، فَأَدْخَلَ بَعْضَهَا في جَوْفِ بَعْضٍ قالَ [وِيَقيَّضُ (¬9) لَهُ سَبْعُونَ تِنِّيناً (¬10) لَوْ أَنَّ وَاحِدَاً مِنْهَا نَفَخَ في الأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ شَيْئاً مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا (¬11) فَتَنْهَشُهُ وَتَخْدِشُهُ حَتَّى يُفْضَى بِهِ إِلى الْحِسَابِ]. القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ¬
قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ. رواه الترمذي واللفظ له والبيهقي كلاهما من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي وهو واهٍ، عن عطية وهو العوفي عن أبي سعيد، وقال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. 5 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في جَنَازَةٍ، فَجَلَسَ إِلىَ قَبْر مِنْهَا فَقَالَ: مَا يَأْتِي عَلَى هذَا الْقَبْرِ يَوْمٌ إِلاَّ وَهُوَ يُنادِي بِصَوْتٍ ذَلِقٍ طَلِقٍ: يَا ابْنَ آدَمَ نَسِيتَنِي أَلَمْ تَعْلَمْ (¬1) أَنِّي بَيْتُ الْوَحْدَةِ وَبَيْتُ الْغُرْبَةِ وَبَيْتُ الْوَحْشَةِ وَبَيْتُ الدُّودِ وَبَيْتُ الضِّيقِ إِلاَّ مَنْ وَسَّعَنِي اللهُ (¬2) عَلَيْهِ، ثُمَّ قال رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الْقَبْرُ إِمَّا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّار. رواه الطبراني في الأوسط. 6 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم عَاشِر (¬3) عَشْرَةٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ مَنْ أَكْيَسُ (¬4) النَّاسِ وأَحْزَمُ النَّاس؟ قالَ: أَكْثَرُهُمْ ذِكْرَاً لِلْمَوْتِ، وَأَكْثَرُهُمُ اسْتِعْدَاداً لِلْمَوْتِ، أُولئِكَ الأَكْيَاسُ ذَهَبُوا بِشَرَفِ الدُّنْيَا وَكَرَامَةِ الآخِرَةِ. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الموت والطبراني في الصغير بإسناد حسن، ورواه ابن ماجة مختصراً بإسناد جيد، والبيهقي في الزهد، ولفظه: أَنَّ رَجُلاً قالَ لِلنَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: أَيُّ الْمؤمِنينَ أَفْضَلُ؟ قالَ أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً. قالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنيِنَ أَكْيَسُ؟ قالَ: أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْراً، وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَاداً، أُولئكَ الأَكْيَاسُ، وذكره رزين في كتابه بلفظ البيهقي من حديث أنس، ولم أره. ¬
7 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، فَجَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُثنُونَ (¬1) عَلَيْهِ، وَيَذْكُرُونَ مِنْ عِبَادَتِهِ وَرَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم سَاكِتٌ، فَلَمَّا سَكَتُوا قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: هَلْ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَ الْمَوتِ؟ قَالُوا: لاَ. قالَ: فَهَلْ كَانَ يَدَعُ (¬2) كَثِيراً مِمَّا يَشْتَهِي؟ قالُوا: لاَ. قالَ: مَا بَلَغَ صَاحِبُكُمْ كَثِيراً مِمَّا تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ. رواه الطبراني بإسناد حسن، ورواه البزار من حديث أنس قالَ: ذُكِرَ عنْدَ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم رَجُلٌ بِعِبَادَةٍ وَاجْتِهَادٍ فَقَالَ: كَيْفَ ذِكْرُ (¬3) صَاحِبُكُمْ لِلْمَوْتِ؟ قالُوا: مَا نَسْمَعُهُ يَذْكُرُهُ قالَ: لَيْسَ صَاحِبُكُمْ هُنَاكَ. 8 - وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: عَلَى الْمِنْبَرِ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ: أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا لَنَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسْتَحْيِياً فَلاَ يَبِيتَنَّ لَيْلَةً إِلاَّ وَأَجَلُهُ (¬4) بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلْيَحْفَظِ الْبَطْنَ وَمَا وَعَى (¬5)، والرَّأْسَ وَمَا حَوَى (¬6)، وَلْيَذْكُر الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَلْيَتْرُكْ زِينَةَ الدُّنْيَا. رواه الطبراني في الأوسط. من أراد الآخرة ترك زينة الدنيا 9 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ، قالَ: قُلْنَا يَا نَبِيَّ اللهِ إِنَّا لَنَسْتَحِي وَالْحَمْدُ للهِ قالَ: لَيْسَ ذَلِكَ، وَلكِن الاسْتِحْيَاءُ مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ (¬7) وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ¬
فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب إنما نعرفه من حديث أبانَ بن إسحاق عن الصباح بن محمد. [قال الحافظ]: أبان والصباح مختلف فيهما، وقد قيل: إن الصباح إنما رفع هذا الحديث وَهْماً منه وضعف برفعه، وصوابه موقوف، والله أعلم. 10 - وَعنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَزْهَدُ النَّاسِ؟ فَقالَ: مَنْ لَمْ يَنْسَ الْقَبْرَ وَالْبلَى، وَتَرَكَ فَضْلَ (¬1) زِينَةِ الدُّنْيَا، وآثَرَ مَا يَبْقَى (¬2) عَلَى مَا يَفْنَى، وَلَمْ يَعُدَّ غَداً (¬3) مِنْ أَيَّامِهِ، وَعَدَّ نَفْسَهُ مِنَ الْمَوْتَى رواه ابن أبي الدنيا، وهو مرسل. كفى بالموت واعظاً 11 - وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظاً (¬4)، وَكَفَى بِالْيَقِينِ غِنىً (¬5). رواه الطبراني. 12 - وَعَنِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فِي جَنَازَةٍ، فَجَلَسَ عَلى شَفِيرِ (¬6) الْقَبْرِ، فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى (¬7)، ثُمَّ قالَ: يَا إِخْوَانِي لِمِثْلِ هذَا (¬8) فَأَعِدُّوا. رواه ابن ماجة بإسناد حسن. 13 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَرْبَعَةٌ مِنَ الشَّقَاءِ (¬9): جُمُودُ الْعَيْنِ (¬10)، ¬
وَقَسْوَةِ الْقَلْبِ (¬1)، وَطُولُ الأَمَلِ (¬2)، والْحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا. رواه البزار. 14 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لا أَعْلَمُهُ إِلاّ رَفَعَهُ قالَ: صَلاَحُ أَوَّلِ هذِهِ الأُمَّةِ (¬3) بِالزَّهَادَةِ وَالْيَقِينِ، وَهَلاَكُ آخِرِهَا بِالْبُخْلِ والأَمَلِ. رواه الطبراني، وفي إسناده احتمال للتحسين. يهلك آخر هذه الأمة بالبخل والأمل ورواه ابن أبي الدنيا والأصبهاني كلاهما من طريق ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: نَجَا أَوَّلُ هذِهِ الأُمَّةِ بِالْيَقِينِ والزُّهْدِ، وَيَهْلِكُ آخِرُ هذِهِ الأُمَّةِ بالْبُخْلِ والأَمَلِ. 15 - وَرُوِيَ عَنْ أُمِّ الْوَلِيدِ بِنْتِ عُمَرَ قالَتِ: اطَّلَعَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ذَاتَ عَشِيَّةٍ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ تَسْتَحْيُونَ (¬4)؟ قالُوا: مِمَّ ذَاكَ (¬5) يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: تَجْمَعُونَ ما لاَ تأْكُلُونَ، وَتَبْنُونَ مَا لاَ تَعْمُرُونَ (¬6)، وَتأْمَلُونَ مَا لاَ تُدْرِكُونَ (¬7)، أَلاَ تَسْتَحْيُونَ مِنْ ذَلِكَ؟ رواه الطبراني. 16 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: اشْتَرى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ¬
وَلِيدَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلى شَهْرٍ (¬1) فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: أَلاَ تَعْجَبُونَ مِنْ أُسَامَةَ الْمُشْتَرِي إِلى شَهْرٍ (¬2) إِنَّ أُسَامَةَ لَطَوِيلُ الأَمَلِ، والّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا طَرَفَتْ عَيْنَايَ إِلاّ ظَنَنْتُ أَنَّ شُفَرَيَّ (¬3) لاَ يَلْتَقِيَانِ حَتَّى يَقْبِضَ اللهُ رُوحِي، وَلاَ رَفَعْتُ قَدَحاً (¬4) إِلى فِيَّ، فَظَنَنْتُ أَنِّي وَاضِعُهُ حَتَّى أَقْبَضَ، وَلاَ لَقَمْتُ لُقْمَةً إِلاَّ ظَنَنْتُ أَنِّي لاَ أُسِيغُهَا (¬5) حَتَّى أُغَصَّ بِهَا (¬6) مِنَ الْمَوتِ، وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لآتٍ (¬7)، وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (¬8). رواه ابن أبي الدنيا في كتاب قصر الأمل، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي والأصبهاني. كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل 17 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: أَخذَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بِمَنْكِبي فَقَالَ: كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبيلٍ (¬9)، وَكَانَ ¬
خذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ (¬1) فَلاَ تَنْتَظِر الصَّباحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ (¬2) لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ (¬3) لِمَوْتِكَ. رواه البخاري والترمذي ولفظه: قالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بِبَعْضِ جَسَدِي فَقَالَ: كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّكض غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ في أَصْحَابِ الْقُبُورِ (¬4)، وَقَالَ لي: يَا ابْنَ عُمَرَ إِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالْمَسَاءِ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ فلاَ تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بالصَّبَاحِ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ، فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي يَا عَبْدَ اللهِ مَا اسْمُكَ غداً ورواه البيهقي وغيره نحو الترمذي. 18 - وَعَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: أَوْصِنِي قالَ: اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، واعْدُدْ نَفْسَكَ في الموْتَى، واذْكُرِ اللهَ عِنْدَ كُلِّ حَجَرٍ وعِنْدَ كُلِّ شَجَرٍ، وَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فاعْمَلْ بِجَنْبِهَا حَسَنَةً، السِّرُّ بِالسِّرِّ والْعَلانِيَةُ بالْعَلانِيَةِ. رواه الطبراني بإسناد جيد إلا أن فيه انقطاعاً بين أبي سلمة ومعاذ. 19 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم وَأَنَا أُطَيِّنُ (¬5) حَائِطاً لِي أَنَا وأُمِّي فَقَالَ: مَا هذَا يا عَبْدَ اللهِ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَهَى فَنَحْنُ نُصْلِحُهُ فَقَالَ: الأَمْرُ (¬6) أَسْرَعُ مِنْ ذَلك. ¬
20 - وَفي رِوَايَةٍ قالَ: مَرَّ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَنَحْنُ نُعَالِجُ خُصّاً لَنَا وَهَى، فَقَالَ: مَا هذَا؟ فَقُلْنَا: خُصٌّ (¬1) لَنَا وَهَى، فَنَحْنُ نُصْلِحُهُ فَقَالَ: مَا أَرَى الأَمْرَ إِلاَّ أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ. رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح وابن ماجة وابن حبان في صحيحه. 21 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَطَّ (¬2) النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم خَطَّاً مُرَبَّعاً، وَخَطَّ خَطَّاً في الْوَسَطِ خَارِجَاً مِنْهُ، وَخَطَّ خُطُوطاً صِغَاراً إِلى هذا الَّذِي في الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي في الْوَسَطِ فَقَالَ: هذَا الإِنْسَانُ وَهذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ، أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ، وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ، وَهذِهِ الْخطُطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هذَا نَهَشَهُ (¬3) هذَا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هذَا نَهَشَهُ هذَا. رواه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة. وهذا صورة ما خط صلى الله عليه وسلم ص 367 - 2 ... ع 22 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَطَّ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم خَطّاً، وَقالَ: هذَا الإِنْسَانُ، وَخَطَّ إِلى جَنْبِهِ خَطّاً وقالَ: هذَا أَجَلُهُ، وَخَطَّ آخَرَ بَعِيداً مِنْهُ فَقَالَ: هذَا الأَمَلُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كذلِكَ إذْ جَاءَهُ الأَقْرَبُ (¬4). رواه البخاري، واللفظ له، والنسائي بنحوه. ¬
23 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: هذَا ابْنُ آدَمَ وَهذَا أَجَلُهُ، وَوَضَعَ يَدَهُ عِنْدَ قَفَاهُ ثُمَّ بَسَطَهَا وَقَالَ: وَثُمَّ أَمَلُهُ (¬1)، وَثُمَّ أَمَلُهُ. رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه، ورواه النسائي أيضاً وابن ماجة بنحوه. 24 - وَعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: هَلْ تَدْرُونَ مَا مِثْلُ هذِهِ وَهذِهِ؟ وَرَمَى بِحَصَاتَيْنِ. قالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قالَ: هذَا الأَمَلُ وذَاكَ الأَجَلُ (¬2). رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. اقتربت الساعة 25 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ (¬3)، ¬
وَلاَ نَزْدَادُ مِنْهُمْ إِلاَّ بُعْداً (¬1). رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في الصحيح، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، ولفظه: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ، وَلاَ يَزْدَادُ النَّاسُ عَلَى الدُّنْيَا إِلا حِرْصاً (¬2)، وَلاَ تَزْدَادُونَ مِنَ اللهِ إِلاَّ بُعْدَاً (¬3). 26 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ (¬4)، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ. رواه البخاري وغيره. ¬
27 - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْصِني. قالَ: عَلَيْكَ بالإِيَاسِ (¬1) مِمَّا في أَيْدِي النَّاسِ وَإِيَّاكَ والطَّمَعَ فَإِنَّهُ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ، وَصَلِّ صَلاَتَكَ (¬2) وَأَنْتَ مُوَدِّعٌ، وَإِيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ (¬3). رواه الحاكم والبيهقي في الزهد، وقال الحاكم واللفظ له: صحيح الإسناد. 28 - ورواه الطبراني من حديث ابن عمر قال: أَتى رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ، واجْعَلْهُ مُوجَزاً، فَقَالَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: صَلِّ صَلاَةَ مُوَدِّعٍ فَإِنَّكَ إِنْ كُنْتَ لاَ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَراكَ (¬4)، وايْأَسْ مِمَّا في أَيْدِي النَّاسِ تَكُنْ غَنِيّاً، وَإِيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ. 29 - وروى الطبراني عن رجل من بني النخع قال: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قالَ: أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، واعْدُدْ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتَى، وَإيَّاكَ وَدَعْوَةَ الْمَظْلُومِ (¬5) فَإِنَّهَا تُسْتَجَابُ، الحديث. 30 - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قالَ: نَزَلْنَا مِنَ الْمَدَائِنِ عَلَى فَرْسَخٍ، فَلَمَّا جَاءَتِ الْجُمُعَةُ حَضَرْنَا فَخَطَبَنَا حُذَيْفَةُ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانْشَقَّ الْقَمَرُ، أَلاَ وَإِنَّ السّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ، أَلاَ وَإِنَّ الْقَمَرَ قَدِ انْشَقّ، أَلاَ وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ (¬6) بِفِرَاقٍ، أَلاَ وَإِنَّ الْيَوْمَ الْمِضْمَارُ (¬7)، وَغداً السِّبَاقُ، فَقُلْتُ لأَبِي: أَيَسْبِقُ النَّاسُ غداً؟ قالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَجَاهِلٌ، إِنَّمَا يَعْنِي: الْعَمَلُ الْيَوْمَ والْجَزَاءُ غداً، فَلَمّا جَاءَتِ ¬
الْجُمعَةُ الأُخْرَى حَضَرْنَا فَخَطَبَنَا حُذَيْفَةُ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانْشَقّ الْقَمَرُ، أَلاَ وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِفِرَاقٍ، أَلاَ وَإِنّ الْيَوْمَ الْمِضْمَارُ وَغَداً السِّبَاقُ، أَلاَ وَإِنَّ الْغَايَةَ النَّارُ، وَالسَّابِقُ مَنْ سَبَقَ إِلى الْجَنَّةِ. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. بادروا بالأعمال 31 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: بَادِرُوا بالأَعْمَالِ (¬1) فِتَناً كَقَطْعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمناً وَيُمْسِي كَافِراً، وَيُمْسِي مُؤْمِناً ويُصْبِحُ كَافِراً يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ (¬2) مِنَ الدُّنْيَا. رواه مسلم. ¬
32 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: بَادِرُوا بالأَعْمَالِ سِتّاً: طُلُوعُ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا (¬1)، أَوِ الدُّخَانُ، أَوِ الدَّجّالُ، أَوِ الدّابّةُ (¬2)، ¬
أَوْ خَاصَّةُ أَحَدِكُمْ (¬1)، أَوْ أَمْرُ الْعَامَّةِ (¬2). رواه مسلم. 33 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: بَادِرُوا بالأَعْمَالِ سَبْعَاً (¬3): هَلْ تَنْظُرُونَ إِلاَّ فَقْراً مُنْسِياً، أَوْ غِنَىً مُطْغِياً، أَوْ مَرَضاً مُفْسِداً، أَوْ هَرَمَاً مُفْنِداً (¬4) أَوْ مَوْتاً مُجْهِزاً (¬5)، أَوِ الدَّجّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةَ فالسَّاعَةُ ¬
أَدْهَى وَأَمَرُّ. رواه الترمذي من رواية محرر، ويقال: محرز بالزاي، وهو واهٍ عن الأعرج عنه وقال: حديث حسن. 34 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: اغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ (¬1): شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ (¬2)، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ (¬3)، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ (¬4)، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شغْلِكَ (¬5)، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ (¬6). رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما. ¬
35 - وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا (¬1) إِلى اللهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا وَبَادِرُوا بالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا (¬2)، وَصِلُوا الّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ وَكَثْرَةِ الصّدَقَةِ في السِّرِّ والْعَلانِيَةِ تُرْزَقُوا وَتُنْصَرُوا وَتُجْبَرُوا. رواه ابن ماجة. 36 - وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الْكَيِّسُ (¬3) مَنْ دَانَ نَفْسَهُ (¬4)، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، والْعَاجِزُ (¬5) مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ (¬6). رواه ابن ماجة والترمذي، وقال: حديث حسن. 37 - وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، قالَ الأَعْمَشُ: وَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: التُّؤَدَةُ في كُلِّ شَيْءٍ خَيْرٌ إِلاَّ في عَمَلِ الآخِرَةِ. رواه أبو داود والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما. [قال الحافظ]: لم يذكر الأعمش فيه مَنْ حدثه، ولم يجزم برفعه. [التؤدة] بفتح المثناة فوق وبعدها همزة مضمومة ثم دال مهملة مفتوحة وتاء تأنيث هي التأني والتثبت وعدم العجلة. ¬
38 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ إِلاَّ نَدِمَ. قَالُوا: وَمَا نَدَامَتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: إِنْ كَانَ مُحْسِناً نَدِمَ أَنْ لاَ يَكُونَ ازْدَادَ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئاً نَدِمَ أَنْ لاَ يَكُونَ نَزَعَ (¬1). رواه الترمذي والبيهقي في الزهد. 39 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْراً اسْتَعْمَلَهُ. قِيلَ: كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ؟ قالَ: يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ. رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 40 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْداً عَسَلهُ. قالُوا: مَا عَسَلُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: يُوَفِّقُ لَهُ عَمَلاً صَالِحاً بَيْنَ يَدَيْ رِحْلَتِهِ يَرْضَى عَنْهُ جِيرانُهُ، أَوْ قالَ: مَنْ حَوْلَهُ. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي من طريقه وغيرهما. [عسله] بفتح العين والسين المهملتين من العسل: وهو طِيب الثناء، وقال بعضهم: هذا مثل، أي وفقه الله لعمل صالح يتحفه به كما يتحف الرجل أخاه إذا أطعمه العسل. 41 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَعْذَرَ اللهُ (¬2) إِلى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلغَ سِتِّينَ سَنَةً. رواه البخاري. ¬
42 - وَعَنْ سَهْلٍ مَرْفُوعاً: مَنْ عَمَّرَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ فَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَيْهِ في الْعُمُرِ. رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 43 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَلاَ أُنَبِّؤُكُمْ (¬1) بِخَيْرِكُمْ؟ قالُوا: نَعَمْ. قالَ: خِيَارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعْمَاراً، وَأَحْسَنُكُمْ أَعْمَالاً. رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح، وابن حبان في صحيحه والبيهقي، ورواه الحاكم من حديث جابر وقال: صحيح على شرطهما. 44 - وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قالَ: مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ. قالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قالَ: مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ (¬2). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والطبراني بإِسناد صحيح والحاكم والبيهقي في الزهد وغيره. 45 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، خَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ. رواه الترمذي وقال حديث حسن. 46 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَلا أُنَبِّؤُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟ قالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ: خِيَارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعْماراً إِذَا سَدَّدُوا (¬3). رواه أبو يعلى بإِسناد حسن. 47 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ ¬
عليه وسلم: إِنَّ للهِ عِبَاداً يَضِنُّ (¬1) بِهِمْ عَنِ الْقَتْلِ، وَيُطِيلُ أَعْمَارَهُمْ في حُسْنِ الْعَمَلِ، وَيُحْسِنُ أَرْزَاقَهُمْ، وَيُحْييهِمْ في عَافِيَةٍ، وَيَقْبِضُ أَرْوَاحَهُمْ في عَافِيَةٍ (¬2) عَلَى الْفَرْشِ، وَيُعْطِيهِمْ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ. رواه الطبراني، ولا يحضرني الآن إسناده. 48 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ رَجُلانِ مِنْ بَلي، حَيٌّ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، فاسْتَشْهَدَ أَحَدُهُمَا (¬3)، وَأُخِّرَ الآخَرُ سَنَةً قالَ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: فَرَأَيْتُ الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا أُدْخِلَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الشَّهِيدِ، فَتَعَجَّبْتُ لِذلِكَ فأَصْبَحْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلافِ رَكْعَةٍ وَكَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلاةَ سَنَةٍ رواه أحمد بإسناد حسن، ورواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه والبيهقي كلهم عن طلحة بنحوه أطول منه، وزاد ابن ماجة وابن حبان في آخره: فَلَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ (¬4). 49 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّ نَفَراً مِنْ بَنِي عَذْرَةَ ثَلاثَةً أَتَوُا النَّبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَأَسْلَمُوا قالَ: فَقَالَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ يَكْفِيهمْ؟ قالَ طَلْحَةُ أَنَا قالَ: فَكَانُوا عِنْدَ طَلْحَةَ، فَبَعَثَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم بَعْثاً، فَخَرَجَ فيهِ أَحَدُهُمْ فاسْتَشْهَدَ ¬
ثُمَّ بَعَثَ بَعْثاً فَخَرَجَ فِيهِ آخَرُ فاسْتَشْهَدَ، ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ عَلَى فِرَاشِهِ. قالَ طَلْحَةُ فرأيْتُ هؤُلاءِ الثَّلاثَةَ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدِي في الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ المَيِّتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَمَامَهُمْ، وَرَأَيْتُ الذِي اسْتَشْهَدَ أَخِيراً يَلِيهِ، وَرَأَيْتُ أَوَّلَهُمْ آخِرَهُمْ. قالَ: فَدَاخَلَنِي مِنْ ذلِكَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذلِكَ لَهُ فَقَالَ: وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ في الإِسْلامِ (¬1) لِتَسْبيحِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَهْلِيلِهِ. رواه أحمد وأبو يعلى، ورواتُهما رواة الصحيح، وفي أوله عند أحمد إرسال كما مرّ، ووصَلَه أبو يعلى بذكر طلحة فيه. لا تتمن الموت، إن كنت محسناً تزداد إحساناً إلى إحسانك الخ 50 - وَعَنْ أُمِّ الْفَضْلِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم دَخَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ وَهُوَ يَشْتَكِي (¬2) فَتَمَنَّى الموْتَ فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ عَمَّ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لاَ تَتَمَنَّ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتَ مُحْسِناً تَزْدَادُ إِحْسَاناً إِلى إِحْسَانِكَ خَيْرٌ لَكَ (¬3)، وَإِنْ كُنْتَ مُسِيئاً، فَإِنْ تُؤَخَّرْ (¬4) تَسْتَعْتِبْ (¬5) مِنْ إِسَاءَتِكَ خَيْرٌ لَكَ، لاَ تَتَمَنَّ الْمَوْتَ. رواه أحمد والحاكم واللفظ له، وهو أتمّ وقال: صحيح على شرطهما. ¬
51 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ تَتَمَنُّوا الْمَوْتَ، فَإِنَّ هَوْلَ الْمَطْلَعِ (¬1) شَدِيدٌ، وَإِنَّ مِنَ السَّعَادَةِ أَنْ يَطُولَ عُمُرُ الْعَبْدِ، وَيَرْزُقَهُ اللهُ الإِنَابَةَ (¬2). رواه أحمد بإسناد حسن والبيهقي. 52 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِناً فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإِمَّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ. رواه البخاري، واللفظ له ومسلم. 53 - وفي رواية لمسلم: لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ، وَلاَ يَدْعُوا بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ (¬3)، وَإِنَّهُ إِذَا مَاتَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ (¬4)، وَإِنَّهُ لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمُرُهُ إِلاَّ خَيْراً. 54 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قال رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ (¬5) نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كانَ وَلاَ بُدَّ فاعِلاً فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ (¬6) خَيْراً لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْراً لِي. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. ¬
الترغيب في الخوف وفضله
الترغيب في الخوف وفضله 1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ فَذَكَرَهُمْ إِلى أَنْ قالَ: وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ (¬1) وَجَمَالٍ (¬2) فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ. رواه البخاري ومسلم، وتقدم بتمامه. 2 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: كَانَ الْكِفْلُ (¬3) مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يَتَورَّعُ (¬4) مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَاراً علَى أَنْ يَطَأَهَا (¬5) فَلَمَّا أَرَادَهَا عَلَى نَفْسِهَا ارْتَعَدَتْ (¬6) وَبَكَتْ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ قالَتْ: لأَنَّ هَذَا عَمَلٌ مَا عَمِلْتُهُ، وَمَا حَمَلَنِي عَلَيْهِ إِلاَّ الْحَاجَةُ، فَقَالَ تَفْعَلِينَ أَنْتِ هذا مِنْ مَخَافَةِ اللهِ، فَأَنَا أَحْرَى (¬7) اذْهَبِي فَلَكِ مَا أَعْطَيتُكِ، وَوَاللهِ مَا أَعْصِيهِ بَعْدَهَا أَبَداً، فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، فَأَصْبَحَ مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِهِ: إِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ للْكِفْلِ فَعَجِبَ (¬8) النَّاسُ مِنْ ذلِكَ. رواه الترمذي وحسنه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. ¬
فضل الزهد ودرجاته 3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: خَرَجَ ثَلاثَةٌ فِيمَنْ كانَ قَبْلَكُمْ يَرْتَادُونَ (¬1) لأَهْلِهِمْ فَأَصَابَتْهُمُ السَّمَاءُ فَلَجَؤُوا (¬2) إِلى جَبَلٍ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ لِبَعْضٍ: عَفَا الأَثَرُ (¬3)، وَوَقَعَ الْحَجَرُ، وَلاَ يَعْلَمُ بِمَكَانِكُمْ إِلاَّ اللهُ، فَادْعُوا اللهَ بِأَوْثَقِ أَعْمَالِكُمْ (¬4)، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كانَتِ امْرَأَةٌ تُعْجِبُنِي فَطَلَبْتُهَا فَأَبَتْ عَلَيَّ فَجَعَلْتُ لَهَا جُعْلاً (¬5)، فَلَمَّا قَرَّبَتْ نَفْسَهَا تَرَكْتُهَا (¬6)، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّما فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَخَشْيَةَ عَذَابِكَ فافْرُجْ عَنَّا (¬7) فَزَالَ ثُلُثُ الْحَجَرِ، وَقالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كانَ لِي وَالِدَانِ فَكُنْتُ أَحْلُبُ (¬8) لَهُمَا في إِنَائِهِمَا، فَإِذَا أَتَيْتُهُمَا وَهُمَا نَائِمَانِ قمْتُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَا، فَإِذَا اسْتَيْقَظَا شَرِبَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَخَشْيَةَ عَذَابِكَ فافْرُجْ عَنَّا فَزَالَ ثُلُثُ الْحَجَرِ، وَقَالَ الثّالِثُ: اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيراً (¬9) يَوْماً فَعَمِلَ لِي نِصْفَ النّهَارِ، فَأَعْطَيْتُهُ أَجْراً فَسَخِطَهُ (¬10) وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَوَفّرْتُهَا عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالُ (¬11)، ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ أَجْرَهُ فَقُلْتُ: خُذْ هذَا كُلّهُ، وَلَوْ شِئْتُ لَمْ ¬
أُعْطِيهِ إِلاَّ أَجْرَهُ الأَوَّلَ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَخَشْيَةَ عَذَابِكَ فافْرُجْ عَنَّا، فَزَالَ الْحَجَرُ وَخَرَجُوا يَتَمَاشَوْنَ. رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عمر بنحوه وتقدم. فضل الخوف من الله تعالى 4 - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: كَانَ رَجُلٌ (¬1) يُسْرِفُ (¬2) عَلَى نَفْسِهِ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قالَ لِبَنِيهِ: إِذَا أَنَا مِتُّ فَاحْرِقُونِي ثُمَّ اطْحَنُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي (¬3) في الرِّيحِ، فَوَاللهِ لَئِنْ قَدَّرَ اللهُ عَلَيَّ لَيُعَذِّبُنِي عَذَاباً مَا عَذَّبَهُ أَحَداً، فَلَمَا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذلِكَ، فَأَمَرَ اللهُ الأَرْضَ فَقَالَ: اجْمَعِي مَا فِيكِ فَفَعَلَتْ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قالَ: خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ، أَوْ قالَ: مَخَافَتُكَ، فَغَفَرَ لَهُ (¬4). 5 - وَفي رواية: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: قالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ لأَهْلِهِ: إِذَا مِتُّ فَحَرِّقُوهُ ثُمَّ ذَرُّوا نِصْفَهُ في الْبَرِّ وَنِصْفَهُ في الْبَحْرِ، فَوَاللهِ لَئِنْ قَدَّرَ اللهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا يُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ، فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا بِهِ مَا أَمَرَهُمْ فأَمَرَ اللهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ الْبَحْرَ أَنْ يَجْمَعَ مَا فِيهِ، ثُمَّ قالَ: لِمَ فَعَلْتَ هذا؟ قالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ فَغَفَرَ اللهُ تَعَالى لَهُ. رواه البخاري ومسلم، ورواه مالك والنسائي ونحوه. 6 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ رَجُلاً كَانَ قَبْلَكُمْ رَغَسَهُ اللهُ مالاً فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حَضَرَ: أَيَّ أَبٍ (¬5) كُنْتُ لَكُمْ؟ قالوا خَيْرَ أَبٍ. فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْراً قَطُّ فَإِذَا مِتُّ فَاحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي ¬
في رِيحٍ عَاصِفٍ (¬1) فَفَعَلُوا فَجَمَعَهُ اللهُ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ؟ فَقَالَ: مَخَافَتُكَ، فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ؛ رواه البخاري ومسلم. [رغسه] بفتح الراء والغين المعجمة بعدهما سين مهملة. قال أبو عبيدة: معناه أكثر له منه وبارك له فيه. 7 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ ذَكَرَنِي يَوْمَاً أَوْ خَافَنِي في مَقَامٍ (¬2). رواه الترمذي والبيهقي، وقال الترمذي: حديث حسن غريب. 8 - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلاَ تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي (¬3) فاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً. الحديث رواه البخاري ومسلم وتقدم بتمامه في الإخلاص، وفي لفظ مسلم: إِنْ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَرَايَ (¬4) أَيْ مِنْ أَجْلِي. وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين 9 - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فِيما يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلا أَنَّهُ قالَ: وَعِزَّتِي لا أَجْمَعُ عَلى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَأَمْنَيْنِ: إِذَا خَافَنِي (¬5) في الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا أَمِنَنِي في الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ في الآخِرَةِ. رواه ابن حبان في صحيحه. ألا إن سلعة الله الجنة 10 - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَيَضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه ¬
وسلم يَقُولُ: منْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمنْزِلَ، أَلاَ إِن سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الْجَنَّةُ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. [أدلج] بسكون الدال: إذا سار من أول الليل؛ ومعنى الحديث: أن من خاف ألزمه الخوف السلوك إلى الآخرة، والمبادرة بالأعمال الصالحة خوفاً من القواطع والعوائق. 11 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ فَتَىً مِنَ الأَنْصَارِ دَخَلَتْهُ خَشْيَةُ اللهِ فَكَانَ يَبْكِي عِنْدَ ذِكْرِ النَّارِ حَتَّى حَبَسَهُ ذَلِكَ في الْبَيْتِ فَذُكِرَ ذلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَجَاءَهُ في الْبَيْتِ، فَلَمَا دَخَل عَلَيْهِ اعْتَنَقَهُ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم وَخَرَّ مَيِّتاً فَقَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: جَهِّزُوا صَاحِبَكُمْ فَإِنَّ الْفَرَقَ فَلَذَ كَبِدَهُ. رواه الحاكم والبيهقي من طريقه وغيره، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الخائفين، والأصبهاني من حديث حذيفة، وتقدم حديث ابن عباس في البكاء قريباً من معناه، وحديث النبي أيضاً. [الفرق] بفتح الفاء والراء: هو الخوف. [وفلذ كبده] بفتح الفاء واللام وبالذال المعجمة: أي قطع كبده. 12 - وَعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ قالَ: أَمَّنَا زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في مَسْجِدِ بَنِي قُشَيْرٍ (¬1) فَقَرَأَ الْمُدَّثِّرَ، فَلَمَّا بَلَغَ نُقِرَ في النَّاقُورِ (¬2) خَرَّ مَيِّتاً (¬3). رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. 13 - وَعَنْ أَبي هَرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ (¬4) مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ ¬
اللهِ مِنْ الرَّحْمَةِ (¬1) مَا قَنَطَ (¬2) مِنْ رَحْمَتِهِ. رواه مسلم. من برّ والديه حياً وميتاً كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة 14 - وَعَنْ أَبي كاهِلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَا أَبَا كاهِلٍ أَلاَ أُخْبِرُكَ بِقَضَاءٍ قَضَاهُ اللهُ عَلَى نَفْسِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ: أَحْيَا اللهُ قَلْبَكَ، وَلاَ يُمِتْهُ يَوْمَ يَمُوتُ بَدَنُكَ. اعْلَمْ يَا أَبَا كاهِلٍ أَنَّهُ لَمْ يَغْضَبْ رَبُّ الْعِزَّةِ عَلَى مَنْ كانَ فِي قَلْبِهِ مَخَافَةٌ (¬3)، وَلاَ تَأْكُلُ النَّارُ مِنْهُ هُدْبَةً (¬4) اعْلَمْ يَا أَبَا كاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ سَتَرَ عَوْرَتَهُ حَيَاءً مِنَ اللهِ (¬5) سِرّاً وَعَلانِيَةً كانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ (¬6) يَوْمَ الْقِيَامَةِ. اعْلَمْ يَا أَبَا كَاهِلٍ أَنّهُ مَنْ دَخَلَ حَلاَوَةَ الصَّلاَةِ (¬7) قَلْبَهُ حَتَّى يُتِمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا كانَ حَقّاً على اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. اعْلَمْ (¬8) يَا أَبَا كاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمَاً وَأَرْبَعِيَنَ لَيْلَةً في جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كانَ حَقّاً علَى اللهِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ (¬9). اعْلَمَنَّ يَا أَبَا كَاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ صَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مَعَ شَهْرِ رَمَضَانَ كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُرْوِيَهُ (¬10) يَوْمَ الْعَطَشِ. اعْلَمَنَّ يَا أَبَا كَاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ كَفَّ (¬11) أَذَاهُ عَنِ النَّاسِ كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ عَذَابَ الْقَبْرِ. اعْلَمَنَّ يَا أَبَا كَاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ حَيّاً وَمَيِّتاً كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قُلْتُ: كَيْفَ يَبَرُّ وَالِدَيْهِ إِذَا كَانَا مَيِّتَيْنِ؟ قالَ: بِرُّهُمَا أَنْ يَسْتَغْفِرَ (¬12) ¬
لِوَالِدَيْهِ، وَلاَ يَسُبَّهُمَا، وَلاَ يَسُبَّ وَالِدَيْ أَحَدٍ فَيَسُبَّ وَالِدَيْهِ. اعْلَمنَّ يَا أَبَا كَاهِلٍ أَنّهُ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ عِنْدَ حُلُولِهَا كانَ حَقّاً عَلى اللهِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ رُفَقَاءِ الأَنْبِيَاءِ (¬1). اعْلَمنَّ يَا أَبَا كَاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ قلّتْ عِنْدَهُ حَسَنَاتُهُ، وَعَظُمَتْ عِنْدَهُ سَيِّئَاتُهُ كانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُثْقِلَ مِيزانَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. اعْلَمَنَّ يَا أَبَا كَاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ يَسْعَى عَلَى امْرَأَتِهِ وَوَالِدِهِ، وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ (¬2) يُقِيمُ فِيهِمْ أَمْرَ اللهِ يُطِعِمُهُمْ مِنْ حَلالٍ (¬3) كَانَ حَقّاً عَلى اللهِ أَنْ يَجْعَلَهُ مَعَ الشُّهَدَاءِ (¬4) في دَرَجَاتِهِمْ. اعْلَمَنَّ يَا أَبَا كَاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ (¬5) ثَلاَثَ مَرّاتٍ حُبّاً لِي، وَشَوقَاً إِلَيَّ كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ بِكُلِّ مَرَّةٍ ذُنُوبَ حَوْلٍ. رواه الطبراني، وهو بجملته منكر، وتقدم في مواضع من هذا الكتاب ما يشهد لبعضه، والله أعلم بحاله. والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً 15 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيراً، وَلَضَحِكْتُمُ قَلِيلاً، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَيَّ الصُّعُدَاتِ (¬6) تَجْأَرُونَ إِلى اللهِ لاَ تَدْرُونَ تَنْجُونَ أَوْ لاَ تَنْجُونَ. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. [تجأرون] بفتح المثناة فوق وإسكان الجيم بعدهما همزة مفتوحة: أي تضجون وتستغيثون. والله لوددت أني شجرة تعضد 16 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ] حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ قَالَ: إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لاَ تَسْمَعُونَ. أَطَّتِ السَّماءُ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَ مَا فِيهَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلاَّ مَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدَاً للهِ، وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً، وَمَا ¬
تَلَذَّذْتُمْ (¬1) بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَيَّ الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلى اللهِ، وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَد (¬2). رواه البخاري باختصار والترمذي إلا أنه قال: مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد. [أطت] بفتح الهمزة وتشديد الطاء المهملة من الأطيط: وهو صوت القتب والرحل ونحوهما إذا كان فوقه ما يثقله، ومعناه أن السماء من كثرة ما فيها من الملائكة العابدين أثقلها حتى أطت. [والصعدات] بضم الصاد والعين المهملتين: هي الطرقات. 17 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ فَقَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً، فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وُجُوهَهُمْ لَهْم خَنِينٌ (¬3). رواه البخاري ومسلم. 18 - وفي رواية: بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ فَخَطَبَ ¬
فَقَالَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ والنَّارُ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ في الْخَيْرِ والشَّرِّ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً، فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ غَطَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ. [الخنين] بفتح الخاء المعجمة بعدها نون: هو البكاء مع غنة بانتشار الصوت من الأنف. إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه 19 - وَرُوِيَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا اقْشَعَرَّ (¬1) جِلْدُ الْعَبْدِ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ تَحَاتَّتْ (¬2) عَنْهُ ذُنُوبُهُ كما يَتَحَاتُّ عَنِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ وَرَقُهَا. رواه أبو الشيخ في كتاب الثواب والبيهقي. 20 - وفي رواية للبيهقي قال: كُنَّا جُلُوساً مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَهَاجَتِ (¬3) الرِّيحُ، فَوَقَعَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ وَرَقٍ نَخِرٍ (¬4)، وَبَقِيَ مَا كَانَ مِن وَرَقٍ أَخْضَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صل اللهُ عليه وسلم: مَا مَثَلُ هذِهِ الشَّجَرَةِ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: مَثَلُ الْمؤْمِنِ إِذَا اقْشَعَرَّ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَعَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ وَبَقِيَتْ لَهُ حَسَنَاتُهُ. 21 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: لما أنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صلى اللهُ عليه وسلم هذِهِ الآيَةَ: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا (¬5) أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارا (¬6) ¬
الترغيب في الرجاء وحسن الظن بالله عز وجل سيما عند الموت
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ] تَلاَهَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى أَصْحَابِهِ فَخَرَّ فَتىً مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَوَضَعَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى فُؤَادِهِ فَإِذَا هُوَ يَتَحَرَّكُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَا فَتَى قُلْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ فَقَالَها، فَبَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَمِنْ بَيْنِنَا؟ قالَ: أَوَ مَا سَمِعْتُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: [ذلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامي وَخَافَ وَعِيدِ]. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد كذا قال. من خاف الله عز وجل خوف الله منه كل شيء 22 - وَرُوِيَ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ خَافَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَوَّفَ اللهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ، وَمَنْ لَمْ يَخَفِ اللهَ خَوَّفَهُ اللهُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ. رواه أبو الشيخ في كتاب الثواب ورفعه منكر. الترغيب في الرجاء وحسن الظن بالله عز وجل سيما عند الموت 1 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: قالَ اللهُ تَعَالَى يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي (¬1) وَرَجَوْتَنِي (¬2) غَفَرْتُ لَكَ (¬3) عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ، وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ (¬4) ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ ¬
يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا، ثُمّ لَقِيتَني لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئاً (¬1) لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. [قراب الأرض] بكسر القاف وضمها أشهر: هو ما يقارب ملأها. 2 - وَعَنْ أَنَسٍ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم دَخَلَ على شَابٍّ وَهُوَ في الْمَوْتِ فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قالَ: أَرْجُو اللهَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ يَجْتَمِعَانِ في قَلْبِ عَبْدٍ في مِثْلِ هذَا الْمَوْطِنِ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللهُ مَا يَرْجُو، وَأَمّنَهُ مِمَّا يَخَافُ. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب وابن ماجة وابن أبي الدنيا كلهم من رواية جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت عن أنس. [قال الحافظ]: إسناده حسن، فإن جعفراً صدوق صالح احتج به مسلم، ووثقه النسائي وتكلم فيه الدارقطني وغيره. أول ما يقول الله عز وجل للمؤمنين يوم القيامة 3 - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنْ شِئْتُمْ أَنْبَأْتُكُمْ مَا أَوَّلُ مَا يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُؤْمِنينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَا أَوَّلُ مَا يقُولُونَ لَه؟ قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ قالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِلْمُؤْمِنينَ هَلْ أَحْبَبْتُمْ لِقَائِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ يَا رَبَّنَا، فَيَقُولُ: لِمَ؟ فَيَقُولُونَ: رَجَوْنَا عَفْوَكَ (¬2) وَمَغْفِرَتَكَ، فَيَقُولُ: قَدْ وَجَبَتْ (¬3) لَكُمْ مَغْفِرَتِي. رواه أحمد من رواية عبيد الله بن زحر. [قال الحافظ]: وتقدم في الباب قبله حديث الغار وغيره، وفي الباب أحاديث كثيرة ¬
جداً تقدمت في هذا الكتاب ليس فيها تصريح بفضل الخوف والرجاء، وإنما هي ترغيب أو ترهيب في لوازمهما ونتائجهما لم نعد ذلك فليطلبه من شاء. 4 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي (¬1) وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي الحديث. رواه البخاري ومسلم. حسن الظن من حسن العبادة 5 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: حُسْنُ الظّنِّ مِنْ حُسْنِ الْعِبَادَةِ. رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه واللفظ لهما والترمذي والحاكم ولفظهما قال: إِنّ حُسْنَ الظَّنِّ مِنْ حُسْنِ عِبَادَةِ اللهِ. 6 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ: لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنّ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ. رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة. 7 - وَعَنْ حَيَّانَ أَبِي النَّضْرِ قالَ: خَرَجْتُ عَائِداً لِيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ فَلَقِيتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ وَهُوَ يُرِيدُ عِيَادَتَهُ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَلَمّا رَأَى وَاثِلَة بَسَطَ يَدَهُ وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْهِ فَأَقْبَلَ وَاثِلَةُ حَتَّى جَلَسَ فَأَخَذَ يَزِيدُ بِكَفَّي وَاثِلَةَ فَجَعَلَهُمَا عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ وَاثِلَةُ: كَيْفَ ظَنُّكَ باللهِ؟ قالَ: ظَنِّي بِاللهِ واللهِ حَسَنٌ. قالَ: فَأَبْشِرْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: قالَ اللهُ جَلَّ وَعَلا: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي إِنْ ظَنَّ خَيْراً فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرّاً فَلَهُ (¬2). رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي. ¬
8 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: وَالَّذِي لاَ إِلهَ غَيْرُهُ لاَ يُحْسِنُ عَبْدٌ باللهِ الظَّنَّ إِلاَّ أَعْطَاهُ ظَنّهُ، وَذَلِكَ بِأَنَّ الْخَيْرَ في يَدِهِ رواه الطبراني موقوفاً، ورواته رواة الصحيح إلا أن الأعمش لم يدرك ابن مسعود. 9 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ إِلى النَّارِ، فَلَمَا وَقَفَ على شَفَتِهَا (¬1) الْتَفَتَ فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ يَا رَبِّ إِنْ كَانَ (¬2) ظَنِّي بِكَ لَحَسَنٌ، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: رُدُّوهُ أَنَا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِ بِي. رواه البيهقي عن رجل من ولد عبادة بن الصامت لم يسمه عن أبي هريرة. ¬
كتاب الجنائز وما يتقدمها
كتاب الجنائز وما يتقدمها الترغيب في سؤال العفو والعافية سل ربك العافية والمعافاة في الدنيا والآخرة 1 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ قالَ: سَلْ رَبَّكَ الْعَافِيَةَ (¬1) وَالْمُعَافَاة في الدُّنْيَا والآخِرَةِ، ثُمَّ أَتَاهُ في الْيَوْمِ الثَّانِي فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَاهُ في الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذلِكَ قالَ: فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعَافِيَةَ في الدُّنْيَا وَأُعْطِيتَهَا في الآخِرَةِ فَقَدْ أَفْلَحْتَ (¬2). رواه الترمذي واللفظ له وابن أبي الدنيا كلاهما من حديث سلمة بن وردان عن أنس، وقال الترمذي: حديث حسن. سلوا الله العفو والعافية 2 - وَعَنْ أَبي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قامَ عَلى المِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ: قَامَ فِينَا ¬
رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَامَ أَوَّلَ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ: سَلُوا اللهَ الْعَفْوَ والْعَافِيَةَ فَإِنَّ أَحَداً لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْراً مِنَ الْعَافِيَةِ. رواه الترمذي من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل وقال: حديث حسن غريب، ورواه النسائي من طرق، وعن جماعة من الصحابة. وأحد أسانيده صحيح. 3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا مِنْ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ والْعَافِيَةَ. 4 - وَفي رِوَايَةٍ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْمُعَافَاةَ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ. رواه ابن ماجة بإسناد جيد. 5 - وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي؟ قالَ: قُلِ اللَّهُمَّ اغْفِر لِي وارْحَمْنِي وَعَافِنِي وارْزُقْنِي، ويَجْمَعُ أَصَابِعَهُ إِلاَّ الإِبْهَامَ، فَإِنَّ هؤلاءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وآخِرَتَكَ. رواه مسلم. 6 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسَلَّم: يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم أَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ بِالْعَافِيةِ. رواه ابن أبي الدنيا والحاكم وقال صحيح على شرط البخاري. 7 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الدُّعَاءُ لاَ يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ والإِقَامَةِ (¬1). قَالُوا: فَمَاذَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: سَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. 8 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَا سُئِلَ اللهُ شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَافِيَةِ. رواه الترمذي وقال: حديث غريب، وابن أبي الدنيا والحاكم في حديث، وقال: صحيح الإسناد. ¬
الترغيب في كلمات يقولهن من رأى مبتلى
[قال الحافظ]: رووه كلهم من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وهو ذاهب الحديث عن موسى بن عقبة عن نافع عنه. 9 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قالَ: قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. الترغيب في كلمات يقولهن من رأى مبتلى 1 - عَنْ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلاءٍ (¬1) فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الذِي عَافَانِي (¬2) مِمَّا ابْتَلاكَ بِهِ (¬3)، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً، لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلاءُ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، ورواه ابن ماجة من حديث ابن عمر، ورواه البزار والطبراني في الصغير من حديث ¬
الترغيب في الصبر سيما لمن ابتلي في نفسه أو ماله وفضل البلاء والمرض والحمى، وما جاء فيمن فقد بصره
أبي هريرة وحده، وقال فيه: فَإِذَا قالَ ذلِكَ شَكَرَ تِلْكَ النِّعْمَةَ. وإسناده حسن. الترغيب في الصبر سيما لمن ابتلي في نفسه أو ماله وفضل البلاءِ والمرض والحمى، وما جاء فيمن فقد بصره الصبر ضياء 1 - عَنْ أَبي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الطُّهُورُ (¬1) شَطْرُ الإِيْمَانِ، وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ (¬2)، وَسُبْحَانَ اللهِ (¬3) وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلآنِ أَوْ تَمْلأُ (¬4) مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ (¬5)، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ (¬6) وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ (¬7)، ¬
القرآن حجة لك أو عليك وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا (¬1) أَوْ مُوبِقُهَا (¬2) رواه مسلم. ¬
2 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: وَمَنْ يَتَصَبَّرْ (¬1) يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً (¬2) وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ. رواه البخاري ومسلم في حديث تقدم في المسألة. ما رزق الله عبداً خيراً له ولا أوسع من الصبر ورواه الحاكم من حديث أبي هريرة مختصراً: مَا رَزَقَ اللهُ عَبْدَاً خَيْراً لَهُ وَلاَ أَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ. وقال: صحيح على شرطهما. 3 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: أَرْبَعٌ لاَ يُصَبْنَ ¬
إِلاَّ بِعَجَبٍ (¬1): الصَّبْرُ وَهُوَ أَوَّلُ الْعِبَادَةِ، وَالتَّوَاضُعُ، وَذِكْرُ اللهِ، وَقِلَّةُ الشَّيْءِ. رواه الطبراني والحاكم كلاهما من رواية العوام بن جويرية، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وتقدم في الصمت. 4 - وَرَوَى التِّرمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الزَّهَادَةُ (¬2) في الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِتَحْرِيمِ الْحَلالِ وَلاَ إِضَاعَةِ المالِ، وَلَكِنَّ الزّهَادَةَ في الدُّنْيَا أَنْ لاَ تَكُونَ بِمَا في يَدِكَ أَوْ ثَقَ مِنْكَ بِمَا في يَدِ اللهِ، وَأَنْ تَكُونَ في ثَوَابِ المُصِيبَةِ إِذَا أَنْتَ أُصِبْتَ بِهَا أَرْغَبَ فِيهَا لَوْ أَنَّهَا أُبْقِيَتْ لَكَ. قال الترمذي حديث غريب. الصبر نصف الإيمان 5 - وَعَنْ عَلْقَمَةَ قالَ: قالَ عَبْدُ اللهِ: الصَّبْرُ نِصْفُ الإِيْمَانِ، وَالْيَقِينُ (¬3) الإِيمانُ كُلُّهُ. رواه الطبراني في الكبير، ورواتُهُ رواة الصحيح، وهو موقوف، وقد رفعه بعضهم. 6 - وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الصَّبْرُ مِعْوَلُ المُسْلِمِ (¬4). ذكره رُزَين العبدوي، ولم أره. ¬
7 - وَعَنْ صُهَيْبٍ الرُّومِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: عَجَباً (¬1) لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ لَهُ كُلَّهُ (¬2) خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ (¬3)، فَكَانَ خَيْرَاً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ (¬4) صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ. رواه مسلم. 8 - وَعَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قالَ: يَا عِيسى (¬5) إِنِّي بَاعِثٌ مِنْ بَعْدِكَ أُمَّةً إِنْ أَصَابَهُمْ مَا يُحِبُّونَ حَمِدُوا اللهَ، وَإِنْ أَصَابَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ احْتَسَبُوا (¬6) وَصَبَرُوا (¬7)، وَلاَ حِلْمَ وَلاَ عِلْمَ (¬8)، فَقَال: يَا رَبِّ كَيْفَ يَكُونُ هذَا؟ قالَ: أُعْطِيهِمْ مِنْ حِلْمِي وَعِلْمِي (¬9). رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري. 9 - وَرُوِيَ عَنْ سَخْبَرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أُعْطِيَ فَشَكَرَ، وابْتُلِيَ فَصَبَرَ، وَظَلَمَ فاسْتَغْفَرَ، وَظُلِمَ فَغَفَرَ، ثُمَّ سَكَتَ فَقَالُوا: ¬
يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَهُ (¬1)؟ قالَ: أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ. رواه الطبراني. [سخبرة] بفتح السين المهملة وإسكان الخاء المعجمة بعدهما باء موحدة يقول: إن له صُحبةً، والله أعلم. 10 - وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَثَلُ المؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ (¬2) مِنَ الزَّرْعِ تُفِيئُهَا (¬3) الرِّيحُ تَصْرَعُهَا (¬4) مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا أُخْرَى حَتَّى تَهِيجَ (¬5). 11 - وفي رواية: حَتَّى يَأْتِيَهُ أَجَلُهُ، وَمَثَلُ الكافِرِ كَمَثَلِ الأَرْزَةِ الْمُجْدِبَةِ عَلى أَصْلِهَا لاَ يُصِيبُهَا شَيءٌ حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا (¬6) مَرَّةً وَاحِدَةً. رواه مسلم. 12 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ لاَ تَزَالُ الرِّيَاحُ تفِيئُهُ، وَلاَ يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ بَلاءٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ الأُرْزِ لاَ تَهْتَزُّ حَتّى تَسْتَحْصِدَ. رواه مسلم والترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح: ¬
[الأرز] بفتح الهمزة وتضم وإسكان الراء بعدهما زاي: هي شجرة الصنوبر، وقيل: شجرة الصنوبر الذكر خاصة، وقيل: شجرة العرعر، والأول أشهر. 13 - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَا ابْتَلَى اللهُ عَبْداً بِبلاَءٍ، وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةٍ يَكْرَهُهَا إِلاَّ جَعَلَ اللهُ ذلِكَ الْبَلاءَ كَفَّارَةً (¬1) وَظُهُوراً مَا لَمْ يُنْزِلْ مَا أَصَابَهُ مِنَ الْبَلاءِ بِغَيْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (¬2)، أَوْ يَدْعُو غَيْرَ اللهِ في كَشْفِهِ (¬3). رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض والكفارات، وأمّ عبد الله ابنة أبي ذئاب لا أعرفها. أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل 14 - وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً (¬4)؟ قالَ: الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ (¬5) فَالأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ (¬6) عَلَى ¬
حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْباً (¬1) اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ في دِينِهِ رِقَّةٌ (¬2) ابْتَلاَهُ اللهُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ (¬3) الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى الأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ. رواه ابن ماجة وابن أبي الدنيا والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. 15 - ولابْنِ حَبَّانَ في صَحِيحِهِ مِنْ رِوَايَةِ الْعَلاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ قالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه سلم أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قالَ: الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، يُبْتَلَى النَّاسُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِمْ، فَمَنْ ثَخُنَ (¬4) دِينُهُ اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَمَنْ ضَعُفَ دِينُهُ ضَعُفَ بلاؤُهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُصِيبُهُ الْبَلاءُ حَتَّى يَمْشِيَ في النَّاسِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ (¬5). 16 - وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَهُوَ مَوْعُوكٌ، عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَوَضَعَ يَدَهُ فَوْقَ الْقَطِيفَةِ فَقَالَ: مَا أَشَدَّ حُمَّاكَ (¬6) يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: إِنَّا كَذلِكَ (¬7) يُشَدَّدُ عَلَيْنَا الْبَلاءُ (¬8) وَيُضَاعَفُ لَنَا الأَجْرُ، ثُمَّ قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ¬
مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً؟ قالَ: الأَنْبِيَاءُ. قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: الْعُلَمَاءُ. قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: الصَّالِحُونَ كَانَ أَحَدُهُمْ يُبْتَلَى بِالْقَمْلِ حَتَّى يَقْتُلَهُ، وَيُبْتَلَى أَحَدُهُمْ بالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدَ إِلاَّ الْعَبَاءَةَ يَلْبَسُهَا وَلأَحَدُهُمْ كَانَ أَشَدَّ فَرَحاً (¬1) بِالْبَلاءِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِالْعَطَاءِ. رواه ابن ماجة وابن أبي الدنيا في كتاب المرض والكفارات، والحاكم واللفظ له وقال: صحيح على شرط مسلم، وله شواهد كثيرة. 17 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلاءِ الثَّوابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كانَتْ قُرِضَتْ بِالْمَقَارِيضِ. رواه الترمذي وابن أبي الدنيا من رواية عبد الرحمن بن مغراءَ، وبقية رواته ثقات، وقال الترمذي: حديث غريب، ورواه الطبراني في الكبير عن ابن مسعود موقوفاً عليه، وفيه رجل لم يسمّ. 18 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يُؤْتَى بالشَّهِيدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ لِلْحِسَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْمُتَصَدِّقِ فَيُنْصَبُ لِلْحِسَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِأَهْلِ الْبَلاءِ فَلا يُنْصَبُ لَهُمْ مِيزَانٌ، وَلاَ يُنْصَبُ لَهُمْ دِيوَان، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمُ الأَجْرُ صَبّاً حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الْعَافِيَةِ لَيَتَمَنَّوْنَ في الموْقِفِ أَنَّ أَجْسَادَهُمْ قُرِضَتْ بِالمقَارِيضِ مِنْ حُسْنِ ثَوابِ اللهِ. رواه الطبراني في الكبير من رواية مجاعة بن الزبير، وقد وُثّق. 19 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدَاً أَوْ أَرَادَ أَنْ يُصَافِيَهُ صَبَّ عَلَيْهِ الْبَلاءَ صَبّاً وَثَجَّهُ (¬2) عَلَيْهِ ثَجّاً. فَإِذَا دَعَا الْعَبْدُ قالَ: يَا رَبَّاهُ، قالَ اللهُ: لَبَّيْكَ يَا عَبْدِي لاَ تَسْأَلُنِي شَيْئاً إِلاَّ أَعْطَيْتُكَ إِمَّا أَنْ أُعَجِّلَهُ لَكَ، وَإِمَّا أَنْ أَدّخِرَهُ لَكَ. رواه ابن أبي الدنيا. ¬
من يرد الله به خيراً يصب منه 20 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُصِبْ مِنْهُ. رواه مالك والبخاري. [يُصِبْ منه]: أي يوجه إليه مصيبة ويصيبه ببلاء. 21 - وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِذَا أَحَبّ اللهُ قَوْماً ابْتَلاهُمْ؛ فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ. رواه أحمد ورواتُه ثقات. ومحمود بن لبيد رأى النبي صلى اللهُ عليه وسلم، واختُلِف في سماعه منه. 22 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوْماً ابْتَلاهُمْ، فَمنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ. رواه ابن ماجة والترمذي وقال: حديث حسن غريب. 23 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ لَهُ عِنْدَ اللهِ الْمَنْزِلَةُ فَمَا يَبْلُغُهَا بِعَمَلٍ فَمَا يَزَالُ يَبْتَلِيهِ بِمَا يَكْرَهُ (¬1) حَتَّى يُبَلِّغَهُ إِيّاهَا. رواه أبو يعلى وابن حبان في صحيحه من طريقه، وغيرُهما. 24 - وَرُوِيَ عَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَا أَصَابَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَكْبَةٌ (¬2) فَمَا فَوْقَهَا حَتَّى ذَكَرَ الشَّوْكَةَ إِلاَّ لإِحْدَى خَصْلَتَيْنِ: إِمَّا لِيَغْفِرَ اللهُ لَهُ مِنَ الذُّنُوبِ ذَنْباً لَمْ يَكُنْ لِيَغْفِرَهُ لَهُ إِلاَّ بِمِثْلِ ذلِكَ، أَوْ يَبْلُغَ بِهِ مِنَ الْكَرَامَةِ كَرَامَةً (¬3) لَمْ يَكُنْ لِيَبْلُغَهَا إِلاَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ. رواه ابن أبي الدنيا. 25 - وَعَنْ مُحَمّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللهِ مَنْزِلَةٌ فَلَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلٍ ابْتَلاهُ اللهُ في جَسَدِهِ (¬4)، أَوْ مَالِهِ، أَوْ في وَلَدِهِ، ثُمَّ ¬
صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يُبَلِّغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللهِ عَزّ وَجَلَّ. رواه أحمد وأبو داود وأبو يَعلى والطبراني في الكبير والأوسط، ومحمد بن خالد لم يرو عنه غير أبي المليح الرقيّ. ولم يرو عن خالد إلا ابنه محمد، والله أعلم. 26 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ: انطَلِقُوا إِلى عَبْدِي فَصُبُّوا عَلَيْهِ الْبَلاءَ صَبّاً، فَيَحْمَدُ اللهَ، فَيَرْجِعُونَ فَيَقُولُونَ: يَا رَبّنَا صَبَبْنَا عَلَيْهِ الْبَلاءَ صَبّاً كَمَا أَمَرْتَنَا، فَيَقُولُ: ارْجِعُوا فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَهُ. رواه الطبراني في الكبير. 27 - وَرُوِيَ فِيهِ أَيْضاً عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ اللهَ لَيُجَرِّبُ أَحَدَكُمْ (¬1) بِالْبَلاءِ كَمَا يُجَرِّبُ أَحَدُكُمْ ذَهَبَهُ بِالنَّارِ، فَمِنْهُ مَا يَخْرُجُ كَالذَّهَبِ الإِبْرِيزِ، فَذَاكَ الَّذِي حَمَاهُ اللهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ، وَمِنْهُ مَا يَخْرُجُ دُونَ ذَلِكَ فَذَلِكَ الَّذِي يَشُكُّ بَعْضَ الشَّكِّ، وَمِنْهُ مَا يَخْرُجُ كالذَّهَبِ الأَسْوَدِ فَذَاكَ الَّذِي افْتَتَنَ. المصيبة تبيض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه 28 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: المصِيْبَةُ تُبَيِّضُ وَجْهَ صَاحِبِهَا يَوْمَ تَسْوَدُّ الْوُجُوه. رواه الطبراني في الأوسط. 29 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنُ مِنْ نَصَبٍ، وَلاَ وَصَب، وَلاَ هَمٍّ، وَلاَ حَزَنٍ، وَلاَ أَذَىً، وَلاَ غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةَ يُشَاكُّهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ. رواه البخاري ومسلم ولفظه: مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنُ مِنْ وَصَبٍ، وَلا نَصَبٍ، وَلاَ سَقَمٍ، وَلاَ حُزْنٍ حَتَّى الْهُمّ يَهُمُّهُ إِلاَّ كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، ورواه ابن أبي الدنيا من حديث أبي هريرة وحده. 30 - وفي رواية له: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُشَاكُ بِشَوْكَةٍ في الدُّنْيَا يَحْتَسِبُهَا إِلاَّ قُصَّ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. [النصب]: التعب. [الوصب]: المرض. ¬
31 - وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، وَطَبِيبٌ يُعَالِجُ قَرْحَةً في ظَهْرِهِ وَهُوَ يَتَضَرَّرُ فَقُلْتُ لَهُ: لَوْ بَعْضُ شَبَابِنَا فَعَلَ هذَا لَعِبْنَا ذلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي لا أَجِدُهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذَىً (¬1) مِنْ جَسَدِهِ، إِلاَّ كَانَ كَفَّارَةً لِخَطَايَاهُ (¬2). رواه ابن أبي الدنيا، وروى المرفوع منه أحمد بإِسناده رواتُه محتج بهم في الصحيح إلا أنه قال: ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر الله عنه من سيئاته سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ شَيْءٍ يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ في جَسَدِهِ يُؤذِيهِ إِلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهِ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ. ورواه الطبراني، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 32 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلاَّ كَفَّرَ اللهُ عَنْهُ بِهَا، حَتّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُّهَا. رواه البخاري ومسلم. 33 - وفي رواية مسلم: لا يُصِيبُ الْمُؤْمِنُ شَوْكَةٌ (¬3) فَمَا فَوْقَهَا إِلاَّ نَقَصَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطِيئَتِهِ. وفي أخرى: إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً. 34 - وفي أخرى له قال: دَخَلَ شَبَابٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَهِيَ بِمِنَىً، وَهُمْ يَضْحَكُونَ، فَقَالَتْ: مَا يُضْحِكُكُمْ؟ قَالُوا: فُلانٌ خَرَّ عَلى طنُبِ (¬4) فُسْطَاطٍ ¬
فَكَادَتْ عُنُقُهُ أَوْ عَيْنُهُ أَنْ تَذْهَبَ، فَقَالَتْ: لاَ تَضْحَكُوا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ بِشَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلاّ كُتِبَتْ لَهُ بِها دَرَجَةٌ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ. 35 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ في نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللهَ تَعَالى وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 36 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ بِمَالِهِ أَوْ في نَفْسِهِ فَكَتَمَها وَلَمْ يَشْكُهَا إِلى النَّاسِ كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ. رواه الطبراني، ولا بأس بإسناده. 37 - وَرُوِيَ عَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَتَى رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم شَجَرَةً فَهَزَّهَا حَتَّى تَسَاقَطَ وَرَقُهَا مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَتسَاقَطَ، ثُمَّ قالَ: لَلْمُصِبَاتُ والأَوْجَاعُ أَسْرَعُ في ذُنُوبِ ابْنِ آَدَمَ مِنِّي في هذِهِ الشَّجَرَةِ. رواه ابن أبي الدنيا وأبو يعلى. 38 - وَرُوِيَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قالَ: عَادَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَأَكَبَّ (¬1) عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ مَا غَمَضْتُ مُنْذُ سِبْعٍ، وَلاَ أَحَدٌ يَحْضُرُنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَيْ أَخِي اصْبِرْ أَيْ أَخِي اصْبِرْ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ ذُنُوبِكَ كَمَا دَخَلْتَ فِيهَا. قالَ: وقالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: سَاعَاتُ الأَمْرَاضِ يُذْهِبْنَ سَاعَاتِ الْخَطَايَا (¬2). رواه ابن أبي الدنيا. 39 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ما مِنْ شَيْءٍ يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ، وَلاَ حَزَنٍ، وَلاَ وَصَبٍ حَتَّى الْهَمّ يَهُمُّه (¬3) ¬
إِلاَّ يُكَفِّرُ اللهُ عَنْهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ. رواه ابن أبي الدنيا والترمذي وقال: حديث حسن. 40 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: وَصَبُ (¬1) الْمؤْمِنِ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَاهُ. رواه ابن أبي الدنيا، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 41 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُ الْعَبْدِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُكَفِّرُهَا (¬2) ابْتَلاهُ اللهُ بِالحُزْنِ لِيُكَفِّرَهَا عَنْهُ. رواه أحمد، ورواته ثقات إلا ليث بن أبي سليم. 42 - وَعَنْ عَائِشَةَ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِذَا اشْتَكَى الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ (¬3) أَخْلَصَهُ اللهُ مِنَ الذُّنُوبِ كَما يُخَلِّصُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني واللفظ له، وابن حبان في صحيحه. 43 - وَعَنْ عَطاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قالَ: قالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ فَقُلْتُ: بَلَى. قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ (¬4) وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ (¬5)، فَادْعُ الله لِي، قالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ (¬6)، فَقالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ فادْعُ اللهَ لي أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا. رواه البخاري ومسلم. ¬
44 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِهَا لَمَمٌ (¬1) إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ لِي فَقَالَ: إِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ فَشَفَاكِ، وَإِنْ شِئتِ صَبَرْتِ وَلاَ حِسَابَ عَلَيْكِ؟ قالَتْ: بَلْ أَصْبِرُ وَلاَ حِسَابَ عَلَيَّ. رواه البزّار وابن حبان في صحيحه. 45 - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ رَسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّه قالَ لأَصْحَابِهِ: أَتُحِبُّونَ أَنْ لاَ تَمْرَضُوا؟ قالُوا: وَاللهِ إِنَّا لَنُحِبُّ الْعَافِيَةَ (¬2) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: وَمَا خَيْرُ أَحَدِكُمْ أَنْ لا يَذْكُرَهُ اللهُ (¬3). رواه ابن أبي الدنيا، وفي إسناده إسحاق بن محمد الفرويّ. ما ضرب على مؤمن عرق قط إلا حط الله به عنه خطيئة 46 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَا ضَرَبَ عَلَى مُؤْمِنٍ عِرْقٌ (¬4) قَطُّ إِلاَّ حَطَّ اللهُ بِهِ عَنْهُ خَطِيئَةً، وَكَتَبَ لَهُ حَسَنَةً، وَرَفَعَ لَهُ دَرَجَةً. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الأوسط بإسناد حسن واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. ¬
إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحا 47 - وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ (¬1) أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً (¬2). رواه البخاري وأبو داود. 48 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ يُصَابُ بِبلاءٍ في جَسَدِهِ إِلاَّ أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الملائِكَةَ الَّذِينَ يَحْفَظُونَهُ قالَ: اكْتُبُوا لِعَبْدِي في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَا كَانَ يَعْمَلُ مِنْ خَيْرٍ مَا كَانَ في وَثَاقِي. رواه أحمد واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 49 - وفي رواية لأحمد قال رسولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ عَلَى طَرِيقَةٍ حَسَنَةٍ مِنَ الْعِبَادَةِ ثُمَّ مَرِضَ قِيلَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ (¬3): اكْتُبْ لَهُ مِثْلَ عَمَلِهِ ¬
إذَا كَانَ طَلِيقاً حَتَّى أُطْلِقَهُ (¬1) أَوْ أَكْفِتَهُ إِلَيَّ. وإسناده حسن. [قوله: أكفته إليّ] بكاف ثم فاء ثم تاء مثناة فوق: معناه أضمه إليَّ وأقبضه. 50 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا ابْتَلَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَبْدَ المسْلِمَ بِبِلاءٍ في جَسَدِهِ، قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمَلَكِ: اكْتُبْ لَهُ صَالِحَ عَمَلِهِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ، وَإِنْ شَفَاهُ (¬2) غَسَلَهُ وَطَهَّرَهُ وَإِنْ قَبَضَهُ غَفَرَ لَهُ وَرَحِمَهُ. رواه أحمد، ورواتُه ثقات. ما من عبد يمرض مرضاً إلا أمر الله حافظه الحديث 51 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا مِنْ عَبْدٍ يَمْرَضُ مَرَضاً إِلاَّ أَمَرَ اللهُ حَافِظَهُ (¬3) أَنَّ مَا عَمِلَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَلا يَكْتُبُهَا، وَمَا عَمِلَ مِنْ حَسَنَةٍ أَنْ يَكْتُبُهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَأَنْ يَكْتُبَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ كَمَا كَانَ يَعْمَلُ (¬4) وَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ. رواه أبو يَعْلَى وابن أبي الدنيا. 52 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: عَجَبٌ (¬5) لِلْمُؤْمِنِ وَجَزَعِهِ مِنَ السَّقَمِ، وَلَوْ كَانَ يَعْلَمُ مَا لَهُ مِنَ السَّقَمِ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ سَقِيماً الدَّهْرَ (¬6)، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم رَفَعَ رَأْسَهُ إِلى السَّمَاءِ فَضَحِكَ ¬
فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ مِمَّ رَفَعْتَ رَأْسَكَ إِلى السَّمَاءِ (¬1) فَضَحِكْتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: عَجِبْتُ مِنْ مَلَكَيْنِ كَانَا يَلْتَمِسَانِ عَبْداً في مُصَلَّى كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فَلَمْ يَجِدَاهُ فَرَجَعَا فَقَالا: يَا رَبّنَا عَبْدُكَ فُلانٌ كُنَّا نَكْتُبُ لَهُ في يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ عَمَلَهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ فَوَجَدْنَاهُ حَبَسْتَهُ في حِبَالِكَ (¬2) قالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى: اكْتُبُوا لِعَبْدِي عَمَلَهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ في يَوْمِهِ ولَيْلَتِهِ، وَلاَ تَنْقُصُوا مِنْهُ شَيْئاً، وَعَلَيَّ أَجْرُهُ مَا حَبَسْتُهُ، وَلَهُ أَجْرُ مَا كَانَ يَعْمَلُ. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الأوسط والبزار باختصار. بيان أن الله يكفر سيئات المريض ويحط عنه الخطايا 53 - وَعَنْ أَبي الأَشْعَثِ الصِّنْعَانِيِّ أَنَّهُ راحَ إِلى مَسْجِدِ دِمِشْقَ، وَهَجَّرَ الرَّوَاحَ، فَلَقِيَ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ وَالصُّنَابِحِيُّ مَعَهُ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدَانِ يَرْحَمُكُمَا اللهُ تَعَالَى؟ فَقالاَ: نُرِيدُ ههُنَا إِلى أَخٍ لَنَا مِنْ مُضَرَ نَعُودُهُ، فانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا حَتّى دَخَلاَ عَلَى ذلِكَ الرَّجُلِ فَقَالا لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَقَالَ: أَصْبَحْتُ بِنِعْمَةٍ، فَقَالَ شَدَّادٌ: أَبْشِرْ بِكَفَّارَاتِ السَّيِّئَاتِ وَحَطِّ الخطَايَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ: إِذَا ابْتَلَيْتُ (¬3) عَبْداً مِنْ عِبَادِي مُؤْمِناً (¬4). ¬
فَحَمِدَنِي عَلَى مَا ابْتَلَيْتُهُ فَأَجْرُوا لَهُ كما كُنْتُمْ (¬1) تُجْرُونَ لَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ. رواه أحمد من طريق إسماعيل بن عياش عن راشد الصِّنعاني، والطبراني في الكبير والأوسط، وله شواهد كثيرة. 54 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي الْمُؤْمِنَ فَلَمْ يَشْكُنِي إِلى عُوَّادِهِ (¬2) أَطْلَقْتُهُ مِنْ إِسَارِي (¬3)، ثُمَّ أَبْدَلْتُهُ لَحْماً خَيْراً مِنْ لَحْمِهِ، وَدَماً خَيْراً مِنْ دَمِهِ، ثُمُّ يَسْتَأْنِفُ (¬4) الْعَمَلَ. رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 55 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لاَ يَمْرَضُ مُؤْمِنٌ (¬5) وَلاَ مُؤْمِنَةٌ، وَلاَ مُسْلِمٌ وَلاَ مُسْلِمَةٌ (¬6). ¬
إِلاَّ حَطَّ اللهُ (¬1) بِهِ خَطِيْئَتَهُ، وفي رواية: إِلاَّ حَطَّ اللهُ عَنْهُ مِنْ خَطَايَاهُ. رواه أحمد والبزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: إِلاَّ حَطَّ اللهُ بِذَلِكَ خَطَايَاهُ كما تَنْحَطُّ (¬2) الْوَرَقَةُ عَنِ الشَّجَرَةِ. 56 - وَعَنْ أَسَدِ بْنِ كُرْزٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: المرِيضُ تَحَاتُّ (¬3) خَطَايَاهُ كما يَتَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ. رواه عبد الله بن أحمد في زوائده وابن أبي الدنيا بإسناد حسن. 57 - وَعَنْ أُمِّ الْعَلاءِ، وَهِيَ عَمَّةُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قالَتْ: عَادَنِي (¬4) رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَأَنَا مَرِيضَةٌ فَقَالَ: يَا أُمَّ الْعَلاءِ، أَبْشِرِي، فَإِنَّ مَرَضَ الْمُسْلِمِ يُذْهِبُ اللهُ بِهِ خَطَايَاهُ كما تُذْهِبُ النَّارُ (¬5) خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالْفِضة. رواه أبو داود. 58 - وَعَنْ عَامِرٍ الرَّامِ أَخِي الْخَضِرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ أَبُو دَاوُدَ، قال النُّفَيْليُّ هُوَ الْخَضِرُ وَلكِنْ كَذَا قالَ: قالَ إِنِّي لَبِبِلاَدِنَا إِذْ رُفِعَتْ لَنَا رَايَاتٌ وَأَلْوِيَةٌ (¬6) فَقُلْتُ: مَا هذَا؟ قالُوا: هذَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ تَحْتَ شَجَرَةٍ قَدْ بُسِطَ لَهُ كِسَاءٌ (¬7) وَهُوَ جَالِسٌ عَلَيْهِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلم الأَسْقَامَ فَقَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَصَابَهُ السَّقَمُ، ثُمَّ أَعْفَاهُ اللهُ مِنْهُ كانَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ، وَمَوْعِظَةً لَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ، وَإِنَّ الْمُنَافِقَ إِذَا مَرِضَ ثُمَّ أُعْفِيَ كَان ¬
كالْبَعِيرِ عَقَلَهُ (¬1) أَهْلُهُ ثُمَّ أَرْسَلُوهُ (¬2) فَلمْ يَدْرِ لِمَ عَقَلُوهُ وَلَمْ يَدْرِ لِمَ أَرْسَلُوهُ (¬3) فَقَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ حَوْلَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا الأَسْقَامُ، وَاللهِ مَا مَرِضْتُ قَطُّ؟ قالَ: قُمْ عَنَّا فَلَسْتَ مِنَّا (¬4). رواه أبو داود، وفي إسناده راوٍ لم يسمّ. 59 - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: [مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ (¬5)] فَقَالَ: إِنَّا لَنُجْزَى بِكُلِّ مَا عَمِلْنَا هَلَكْنَا إذاً، فَبَلَغَ ذلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: نَعَمْ يُجْزَى بِهِ في الدُّنْيَا مِنْ مُصِيبَةٍ في جَسَدِهِ مِمَّا يُؤْذِيهِ. رواه ابن حبان في صحيحه. 60 - وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ الصَّلاحُ بَعْدَ هذِهِ الآيَةِ [لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ (¬6)] الآية، وَكُلُّ شَيْءٍ عَمِلْنَاهُ جُزِينَا بِهِ؟ فَقَالَ: غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ يُصِيبُكَ اللّأْوَاءُ؟ فَقُلْتُ: بَلَى. قالَ: هُوَ مَا تُجْزَوْن بِهِ. رواه ابن حبان في صحيحه أيضاً. [واللَّأْوَاء] بهمزة ساكنة بعد اللام وهمزة في آخره ممدودة: هي شدة الضيق. 61 - وَعَنْ أُمَيْمَةَ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ عَنْ هذِهِ الآيَةِ: [وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ (¬7)] الآيَةَ، وَ [مَنْ يَعْمَلْ سُوءاَ يُجْزَ بِهِ] فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا سَأَلَنِي أَحَدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ ¬
رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ لِي النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: يَا عَائِشَةُ هذِهِ مُبَايَعَةُ اللهِ الْعَبْدَ بِمَا يُصِيبُهُ مِنَ الْحُمَّى والْنَّكْبَةِ والشَّوْكَةِ حَتَّى الْبِضَاعَةِ يَضَعُهَا في كُمِّهِ فَيَفْقِدُهَا فَيَفْزَعُ لَهَا فَيَجِدُهَا في ضِبْنِهِ حَتَّى إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَا يَخْرُجُ الذّهَبُ الأَحْمَرُ مِنَ الْكِيرِ (¬1). رواه ابن أبي الدنيا من رواية علي بن يزيدَ عنه. [الضِّبن] بضاد معجمة مكسورة ثم باء موحدة ساكنة ثم نون: هو ما بين الإبط والكشح، وقد أضبنت الشيء: إذا جعلته في ضِبْنِك فأمسكتَه. 62 - وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ بَعَثَ اللهُ إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ (¬2) فَقَالَ: انْظُرُوا مَا يَقُولُ لِعُوَّادِهِ (¬3)، فَإِنْ هُوَ إِذَا جَاؤُوهُ حَمِدَ اللهَ وأَثْنَى عَلَيْهِ رَفَعَا ذَلِكَ إِلى اللهِ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُ: لِعَبْدِي عَلَيَّ إِنْ تَوَفَّيْتُهُ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ أَنَا شَفَيْتُهُ (¬4) أَنْ أُبْدِلَهُ لَحْماً خَيْراً مِنْ لَحْمِهِ، وَدَماً خَيْراً مِنْ دَمِهِ، وَأَنْ أُكَفِّرَ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ. رواه مالك مُرسَلا، وابن أبي الدنيا، وعنده: فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنّ لِعَبْدِي هذَا عَلَيَّ إِنْ أَنَا تَوَفَّيْتُهُ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ أَنَا رَفَعْتُهُ أَنْ أُبَدِّلَهُ لَحْمَاً خَيْراً مِنْ لَحْمِهِ، وَدَماً خَيْراً مِنْ دَمِهِ، وَأَغْفِرَ لَهُ. 63 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَمَسَسْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ تُوعَكُ (¬5) وَعْكاً شَدِيداً؟ فَقَالَ: أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كما يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ، قُلْتُ: ذَلِكَ بِأَنَّ لَكَ (¬6) أَجْرِيْنِ؟ قالَ: أَجَلْ (¬7) مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيْبُهُ أَذَىً مِنْ مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ إِلاّ حَطّ اللهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشّجَرَةُ وَرَقَهَا. رواه البخاري ومسلم. ¬
64 - وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ هذِهِ الأَمْرَاضَ الَّتِي تُصِيبُنَا مَا لَنَا بِها (¬1)؟ قالَ: كَفَّارَاتٌ (¬2). قالَ أُبَيُّ يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنْ قَلَّتْ؟ قالَ: وَإِنْ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا، فَدَعَا عَلَى نَفْسِهِ (¬3) أَنْ لاَ يُفَارِقَهُ الْوَعَكُ حَتَّى يَمُوتَ، وَأَنْ لاَ يَشْغَلَهُ عَنْ حَجٍّ وَلاَ عُمْرَةٍ وَلاَ جِهَادٍ في سَبِيلِ اللهِ، وَلاَ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ في جَمَاعَةٍ، قالَ: فَمَا مَسَّ إِنْسَانٌ جَسَدَهُ إِلاَّ وَجَدَ حَرَّهَا حَتَّى مَاتَ. رواه أحمد وابن أبي الدنيا وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه. [الوعك]: الحمى. 65 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ الصُّدَاعَ والْمَلِيلَةَ لاَ تَزَالُ بالْمُؤْمِنِ، وَإِنَّ ذَنْبَهُ مِثْلُ أُحُدٍ (¬4) فَمَا تَدَعُهُ (¬5) وَعَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ. ما يزال المرء المسلم به المليلة والصداع الحديث 66 - وفي رواية: مَا يَزالُ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ بِهِ الْمَلِيلَةُ والصُّدَاعُ، وَإِنَّ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا لأَعْظَمَ مِنْ أُحُدٍ حَتَّى تَتْرُكَهُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ. رواه أحمد واللفظ له وابن أبي الدنيا والطبراني، وفيه ابن لهيعة وسهل بن معاذ. ¬
[المليلة] بفتح الميم بعدها لام مكسورة: هي الحمى تكون في العظم. 67 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ تَزَالُ الْمَلِيلَةُ وَالصُّدَاعُ بِالْعَبْدِ والأَمَةِ، وَإِنَّ عَلَيْهِمَا مِنَ الْخَطَايَا مِثْلَ أُحُدٍ فَمَا تَدْعُهُمَا وَعَلَيْهِمَا مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ. رواه أبو يعلى ورواتُه ثقات. 68 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ صُدِعَ رَأْسُهُ في سَبِيلِ اللهِ فاحْتَسَبَ (¬1) غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ ذَنْبٍ. رواه الطبراني والبزار بإسناد حسن. 69 - وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: صُدَاعُ (¬2) الْمُؤْمِنِ وَشَوْكَةٌ يُشَاكُهَا، أَوْ شَيْءٌ يُؤْذِيهِ يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ دَرَجَةً، وَيُكَفِّرُ عَنْهُ بِهَا ذُنُوبَهُ. رواه ابن أبي الدنيا، ورواتُه ثقات. إن الله ليبتلي عبده بالسقم حتى يكفر ذلك عنه كل ذنب 70 - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ اللهَ لَيَبْتَلِي (¬3) عَبْدَهُ بِالسَّقَمِ (¬4) حَتَّى يُكَفِّرَ ذَلِكَ عَنْهُ كُلَّ ذَنْبٍ. رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 71 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لاَ أُخْرِجُ أَحَداً مِنَ الدُّنْيَا أُرِيدُ أَغْفِرُ لَهُ حَتّى أَسْتَوْفِيَ كُلَّ خَطِيئَةٍ في عُنُقِهِ بِسَقَمٍ في بَدَنِهِ، وَإِقْتَارٍ (¬5) في رِزْقِهِ. ذكره رُزَين، ولم أره. 72 - وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلاً جَاءَهُ الْمَوْتُ في زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ رَجُلٌ: هَنِيئاً لَهُ مَاتَ وَلَمْ يُبْتَلَ (¬6) بِمَرَضٍ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ ¬
عليه وسلم: وَيْحَكَ (¬1) مَا يُدْرِيكَ (¬2) لَوْ أَنَّ اللهَ ابْتَلاَهُ بِمَرَضٍ يُكَفِّرُ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ. رواه مالك عنه مرسَلاً. 73 - وَعَنْ أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ يُصْرَعُ صَرْعَةً مِنْ مَرَضٍ إِلاّ بَعَثَهُ اللهُ مِنْهَا طَاهِرَاً. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الكبير، ورواتُه ثقات. 74 - وَعَنْ جَابِرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أُمِّ السَّائِبِ أَوْ أُمِّ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: مَا لَكِ تُزَفْزِفِينَ؟ قالَتِ: الْحُمَّى، لاَ بَارَكَ اللهُ فِيهَا، فَقَالَ: لاَ تَسُبِّي الْحُمَّى، فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَما يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ. رواه مسلم. [تزفزفين] روي براءين وبزاءين، ومعناهما متقارب: وهو الرِّعدة التي تحصل للمحموم. إن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه الحديث 75 - وَعَنْ أُمِّ الْعَلاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: عَادَنِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَأَنَا مَرِيضَةٌ فَقَالَ: أَبْشِرِي يَا أُمَّ الْعَلاءِ، فَإِنَّ مَرَضَ الْمُسْلِمِ يُذْهِبُ اللهُ بِهِ خَطَايَاهُ كما تُذْهِبُ النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ. رواه أبو داود. 76 - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّمَا مَثَلُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ حِينَ يُصِيبُهُ الْوَعَكُ والْحُمَّى كَحَدِيدَةٍ تَدْخُلُ النَّارَ فَيَذْهَبُ خَبَثُهَا وَيَبْقَى طِيبُهَا (¬3). رواه الحاكم، وقال: صحيح الإِسناد. 77 - وَعَنْ فَاطِمَةَ الْخُزَاعِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: عَادَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ وَهِيَ وَجِعَةٌ فَقَالَ لَهَا: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ فَقَالَتْ: بِخَيْرٍ إِلاَّ أَنَّ أُمَّ مِلْدَامٍ قَدْ بَرَحَتْ بِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: اصْبِرِي، فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَبَثَ ابْنِ آدَمَ ¬
كما يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ. رواه الطبراني، ورواته رواة الصحيح. إن الله ليكفر عن المسلم خطاياه بحمى ليلة 78 - وَعَنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَعَهُ، قالَ: إِنَّ اللهَ لَيُكَفِّرُ عَنِ الْمُؤْمِنِ خَطَايَاهُ كلَّهَا بِحُمَّى لَيلَةٍ. رواه ابن أبي الدنيا من رواية ابن المبارك عن عمر بن المغيرة الصنعاني عن حوشب عنه، وقال: قال ابن المبارك: هذا من جيد الحديث. 79 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانُوا يَرْجُونَ في حُمَّى لَيلَةٍ (¬1) كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنَ الذُّنُوبِ. رواه ابن أبي الدنيا أيضاً، ورواته ثقات. 80 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ وُعِكَ لَيْلَةً (¬2) فَصَبَرَ وَرَضِيَ بِهَا عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمَّهُ. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الرضا وغيره. 81 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: اسْتَأْذَنَتِ الْحُمَّى عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ هذِهِ؟ قالَتْ: أُمُّ مِلْدَمٍ (¬3)، فَأَمَرَ بِهَا إِلَى أَهْلِ قُبَاءٍ، فَلَقَوْا مِنْهَا مَا يَعْلَمُ اللهُ، فَأَتَوْهُ فَشَكَوْا ذلِكَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا شِئْتُمْ (¬4)؟ إِنْ شِئْتُمْ دَعَوْتُ اللهَ فَكَشَفَهَا عَنْكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَكُونَ لَكُمْ طَهُوراً (¬5)؟ قالُوا: أَوَ تَفْعَلُ (¬6)؟ قالَ: نَعَمْ. قالُوا: فَدَعْهَا (¬7). رواه أحمد، ورواتُه رواة الصحيح، وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه، ورواه الطبراني بنحوه من حديث سلمان، وقال فيه: فَشَكَوُا الْحُمَّى إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: مَا شِئْتُمْ؟ إِنْ شِئْتُمْ دَعَوْتُ اللهَ فَدَفَعَهَا عَنْكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُمُوهَا وَأَسْقَطَتْ بَقِيَّةَ ذُنُوبِكُمْ؟ قالُوا: فَدَعْهَا يَا رَسُولَ اللهِ. ¬
82 - وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قالَ: يا رَسُولَ اللهِ مَا جَزَاءُ الحُمَّى؟ قالَ: تَجْرِي الْحَسَنَاتُ عَلَى صَاحِبِهَا مَا اخْتَلَجَ (¬1) عَلَيْهِ قَدَمٌ أَوْ ضَرَبَ عَلَيْهِ عِرْقٌ. قالَ أُبَيُّ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُمَّى لاَ تَمْنَعُنِي خُرُوجاً في سَبِيلِكَ وَلاَ خُرُوجَاً إِلى بَيْتِكَ، وَلاَ مَسْجِدِ نَبِيِّكَ. قالَ: فَلَمْ يُمَسَّ أُبَيٌّ قَطُّ إِلاَّ وَبِهِ حُمَّى. رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وسندُه لا بأس به. محمد وأبوه ذكرهما ابن حبان في الثقات وتقدم حديث أبي سعيد بقصة أبيّ أيضاً. 83 - وَعَنْ أَبي رَيْحَانَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ (¬2) جَهَنَّمَ، وَهِيَ نَصِيبُ الْمُؤْمِنِ مِنَ النَّارِ. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني كلاهما من رواية شهر بن حوشب عنه. 84 - وَعَنْ أَبي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: قالَ: الْحُمَّى كِيرٌ مِنْ جَهَنّمَ فَمَا أَصَابَ الْمُؤْمِنَ مِنْهَا كَانَ حَظَّهُ مِنْ جَهَنَّمَ. رواه أحمد بإسناد لا بأس به. 85 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الْحُمَّى حَظ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنَ النَّارِ. رواه البزار بإِسناد حسن. ¬
فصل منه
فصل 86 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي (¬1) بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ يُرِيدُ عَيْنَيْهِ. رواه البخاري والترمذي ولفظه: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا أَخَذْتُ كَرِيمَتَيْ عَبْدِي فِي الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ جَزَاءٌ عِنْدِي إِلاَّ الْجَنَّةَ. 87 - وفي رواية له: مَنْ أَذْهَبْتُ حَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ واحْتَسَبَ لَمْ أَرْضَ لَهُ ثَوَاباً دُونَ الْجَنَّةِ. 88 - وَعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: يَعْنِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قالَ: إِذَا سَلَبْتُ مِنْ عَبْدِي كَرِيمَتَيْهِ وَهُوَ بِهِمَا ضَنِينٌ لَمْ أَرْضَ لَهُ ثَوَاباً دُونَ الْجَنَّةِ إِذْ هُوَ حَمِدَنِي (¬2) عَلَيْهِمَا. رواه ابن حبان في صحيحه. عزيز على الله أن يأخذ كريمتي مؤمن ثم يدخله النار 89 - وَعَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: عَزِيزٌ عَلَى اللهِ أَنْ يَأْخُذَ كَرِيمَتِيْ مُؤْمِنٍ ثُمَّ يُدْخِلَهُ النَّارَ. قالَ يُونُسُ: يَعْنِي عَيْنَيْهِ. رواه أحمد والطبراني من رواية عبد الرحمن بن عثمان الحاطبيّ. 90 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: ¬
لاَ يَذْهَبُ اللهُ بِحَبِيبَتَيْ عَبْدٍ فَيَصْبِرَ وَيَحْتَسِبَ إِلاَّ أَدْخلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ. رواه ابن حبان في صحيحه. 91 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَقُولُ اللهُ: إِذَا أَخَذْتُ كَرِيمَتَي عَبْدِي فَصَبَرَ واحْتَسَبَ لَمْ أَرْضَ لَهُ ثَوَاباً دُونَ الْجَنَّةِ. رواه أبو يعلى، ومن طريقه ابن حبان في صحيحه. 92 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا ابْتُلِيَ عَبْدٌ بَعْدَ ذَهَابِ دِينِهِ بِأَشَدَّ مِنْ ذَهَابِ بَصَرِهِ، وَمَنِ ابْتُلِيَ بِبَصَرِهِ فَصَبَرَ حَتَّى يَلْقَى اللهَ، لَقِيَ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلاَ حِسَابَ عَلَيْهِ. رواه البزار من رواية جابر الْجُعْفي. 93 - وَعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَنْ يُبْتَلَى عَبْدٌ بِشَيْءٍ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ الشِّرْكِ باللهِ، وَلَنْ يُبْتَلَى عَبْدٌ بِشَيْءٍ بَعْدَ الشِّرْكِ باللهِ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ ذَهَابِ بَصَرِهِ، وَلَنْ يُبْتَلَى عَبْدٌ بِذَهَابِ بَصَرِهِ إِلاَّ غَفَرَ اللهُ لَهُ. رواه البزّار من رواية جابر أيضاً. 94 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أَذْهَبَ اللهُ بَصَرَهُ فَصَبَرَ واحْتَسَبَ كانَ حَقّاً عَلَى اللهِ وَاجِباً أَنْ لاَ تَرَى عَيْنَاهُ النَّارَ. رواه الطبراني في الصغير والأوسط. 95 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلم عَنْ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا ثَوَابُ عَبْدِي إِذَا أَخَذْتُ كَرِيمَتَيْهِ (¬1) إِلاَّ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِي (¬2) وَالْجِوَارَ في دَارِي (¬3). قالَ أَنَسٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم يَبْكُونَ حَوْلَهُ يُرِيدُونَ أَنْ تَذْهَبَ أَبْصَارُهُمْ (¬4). رواه الطبراني في الأوسط. ¬
الترغيب في كلمات يقولهن من آلمه شيء من جسده
الترغيب في كلمات يقولهن من آلمه شيء من جسده 1 - عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبي الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ ¬
عليه وسلم وَجَعاً يَجِدُهُ في جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ضَعْ ¬
يَدَكَ عَلَى الَّذِي يَأْلَمُ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ: بِسْمِ اللهِ ثَلاثاً: وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ باللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ (¬1). رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وعند مالك: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ. قالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَب اللهُ مَا كَانَ بِي فَلَمْ أَزَلْ آمُرُ بِهَا أَهْلِي وَغَيْرَهُمْ. وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ مِثْلُ ذلِكَ وَقَالاَ في أَوَّلِ حَدِيثِهِمَا: أَتَانِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَبِي وَجَعٌ قَدْ كَادَ يُهْلِكُنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: امْسَحْ بِيَمِينِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قُلْ أَعُوذُ (¬2) بِعِزَّةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ الْحديث. 2 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَنِ اشْتَكَى مِنْكُمْ شَيْئاً، أَوِ اشْتَكَاهُ (¬3) أَخٌ لَهُ فَلْيَقُلْ: رَبُّنَا اللهُ الَّذِي في السَّمَاءِ تَقَدَّسَ اسْمُكَ، وَأَمْرُكَ في السَّمَاءِ والأَرْضِ كما رَحْمَتُكَ في السَّمَاءِ فاجْعَلْ رَحْمَتَكَ في الأَرْض. اغْفِرْ لَنَا حَوْبَنَا (¬4) وَخَطَايَانَا أَنْتَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ أَنْزِلْ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ، وَشِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ على هذَا الْوَجَعِ فَيَبْرَأُ (¬5). رواه أبو داود. 3 - وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ قالَ: قالَ لِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: يَا مُحَمَّدُ إِذَا اشْتَكَيْتَ فَضَعْ يَدَكَ حَيْثُ تَشْتَكِي، ثُمَّ قُلْ: بِسْمِ اللهِ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ ¬
الترهيب من تعليق التمائم والحروز
مِنْ وَجَعِي هذَا ثُمَّ ارْفَعْ يَدَكَ ثُمَّ أَعِدْ ذَلِكَ وِتْراً (¬1). فإِن أنس بن مالك حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه بذلك. رواه الترمذي. الترهيب من تعليق التمائم والحروز من علق تميمة فلا أتم الله له. الحديث 1 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً (¬2) فَلاَ أَتَمَّ اللهُ لَهُ (¬3)، وَمَنْ عَلَّقَ وَدَعَةً (¬4) فَلاَ وَدَعَ (¬5) اللهُ لَهُ. رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. من علق فقد أشرك 2 - وَعَنْ عُقْبَةَ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ جَاءَ في رَكْبٍ عَشَرَةٌ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فقَالُوا: مَا شَأْنُهُ؟ فَقَالَ: إِنَّ في عَضُدِهِ ¬
تَمِيمَةً فَقَطَعَ الرَّجُلُ التَّمِيمَةَ، فَبَايَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ثُمَّ قالَ: مَنْ عَلَّقَ فَقَدْ أَشْرَكَ. رواه أحمد والحاكم واللفظ له، ورواة أحمد ثقات. [التميمة] يقال إنها خرزة كانوا يعلقونها يرون أنها تدفع عنهم الآفات، واعتقاد هذا الرأي جهل وضلالة، إذ لا مانع إلا الله، ولا دافع غيره. ذكره الخطابي. 3 - وَعَنْ عِيسَى بْنِ حَمْزَةَ قالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ حَكِيمٍ وَبِهِ حُمْرَةٌ فَقُلْتُ أَلاَ تُقَلِّقُ تَمِيمَةً؟ فَقَالَ: نَعُوذُ باللهِ مِنْ ذَلِكَ، قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ عَلَّقَ شَيْئاً وُكِلَ إِلَيْهِ (¬1). رواه أبو داود والترمذي إلا أنه قال: فَقُلْنَا: أَلاَ تُعَلِّقُ شَيْئاً؟ فَقَالَ: الْمَوْتُ أَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ (¬2). وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. 4 - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَبْصَرَ عَلى عَضُدِ رَجُلٍ حَلَقَةً، أُرَاهُ قالَ: مِنْ صُفْرٍ (¬3) فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا هذِهِ؟ قالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ. قالَ: أَمَا إِنَّهَا لاَ تَزِيدُكَ إِلاَّ وَهْناً (¬4) انْبِذْهَا عَنْكَ (¬5)، فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ (¬6). أبداً. رواه أحمد وابن ماجة دون قوله: انْبِذْهَا إلى آخره، وابن حبان في صحيحه وقال: فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ وُكِلْتَ إِلَيْهَا. والحاكم وقال: صحيح الإسناد ¬
[قال الحافظ]: رووه كلهم عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن عمران، ورواه ابن حبان أيضاً بنحوه عن أبي عامر الخزّار عن الحسن عن عمران، وهذه جيدة إلا أن الحسن اختلف في سماعه من عمران، وقال ابن المديني وغيره: لم يسمع منه، وقال الحاكم: أكثر مشايخنا على أنّ الحسن سمع من عمران، والله أعلم. 5 - وَعَنِ ابْنِ أُخْتِ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ عَنْ زَيْنَبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: كَانَتْ عَجُوزٌ تَدْخُلُ عَلَيْنَا تُرَقِّي مِنَ الْحُمْرَةِ (¬1)، وَكَانَ لَنَا سَرِيرٌ طَوِيلُ الْقَوَائِمِ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا دَخَلَ تَنَحْنَحَ وَصَوَّتَ فَدَخَلَ يَوْمَاً فَلَمَّا سَمِعَتْ صَوْتَهُ احْتَجَبَتْ مِنْهُ (¬2)، فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلى جَانِبي فَمَسَّنِي، فَوَجَدَ مَسَّ خَيْطٍ فَقَالَ: مَا هذَا؟ فَقُلْتُ: رُقِيَ لِي فِيهِ مَن الْحُمْرَةِ (¬3)، فَجَذَبَهُ فَقَطَعَهُ فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قالَ: لَقَدْ أَصْبَحَ آلُ عَبْدِ اللهِ أَغْنِيَاءَ عَنِ الشِّرْكِ (¬4) سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ والتِّوَلَةَ شِرْكٌ (¬5). قُلْتُ: فَإِنِّي خَرَجْتُ يَوْماً فَأَبْصَرَنِي فُلانٌ فَدَمَعَتْ عَيْنِي الَّتِي تَلِيهِ، فَإِذَا رَقَيْتُهَا سَكَنَتْ (¬6) دَمْعَتُهَا، وَإِذَا تَرَكْتُهَا دَمَعَتْ (¬7)؟ قالَ: ذَلِكَ الشَّيْطَانُ إِذَا أَطَعْتَهُ تَرَكَكِ، وَإِذَا عَصِيتِهِ طَعَنَ بِأُصْبُعِهِ في عَيْنِكِ، وَلكِنْ لَوْ فَعَلْتِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم كانَ خَيْراً لَكِ، وَأَجْدَرُ (¬8) أَنْ تُشْفَي: تَنْضَحِي (¬9) في عَيْنِكِ الْماءَ وَتَقُولِي: أَذْهِبِ الْبَأْسَ (¬10) رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ ¬
سَقَمَاً (¬1). رواه ابن ماجة، واللفظ له وأبو داود باختصار عنه إلا أنه قال: عن ابن أخي زينب، وهو كذا في بعض نسخ ابن ماجة، وهو على كلا التقديرين مجهول، ورواه الحاكم أخصر منهما، وقال: صحيح الإسناد: قال أبو سليمان الخطابي: المنهيّ عنه من الرقى ما كان بغير لسان العرب فلا يدري ما هو، ولعله قد يدخله سحر أو كفر، فأما إذا كان مفهوم المعنى وكان فيه ذكر الله تعالى فإنه مستحب متبرَّك به، والله أعلم. 6 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَفِي عُنُقِهَا شَيْءٌ مَعْقُودٌ فَجَذَبَهُ (¬2) فَقَطَعَهُ ثُمَّ قالَ: لَقَدْ أَصْبَحَ آلُ عَبْدِ اللهِ أَغْنِيَاءَ عَنْ أَنْ يُشْرِكُوا (¬3) بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً (¬4)، ثُمَّ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ الرُّقَى (¬5) ¬
وَالتَّمَائِمَ (¬1)، وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ قالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ هذِهِ الرُّقَى وَالتَّمَائِمُ قَدْ عَرَفْنَاهُمَا فَمَا التِّوَلَةُ؟ قالَ: شَيءٌ تَصْنَعُهُ النِّسَاءُ يَتَحَبَّبْنَ إِلى أَزْوَاجِهِنَّ. رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم باختصار عنه وقال: صحيح الإسناد. [التِّوَلَة] بكسر المثناة فوق وبفتح الواو: شيء شبيه بالسحر أو من أنواعه تفعله المرأة ليحببها إلى زوجها. 7 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: لَيْسَ التَّمِيمَةُ مَا تُعُلِّقَ بِهِ بَعْدَ الْبَلاءِ (¬2) إِنَّمَا التَّمِيمَةُ (¬3) مَا تُعُلِّقَ بِهِ قَبْلَ الْبلاءِ. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. ¬
الترغيب في الحجامة ومتى يحتجم
الترغيب في الحجامة ومتى يحتجم 1 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ ¬
عليه وسلم يَقُولُ: إِنْ كَانَ في شَيءٍ (¬1) مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ عَسَلٍ (¬2) أَوْ لَدْغَةٍ بِنَارٍ (¬3)، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتوِيَ. رواه البخاري ومسلم. 2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنْ كَانَ في شَيءٍ مِمَّا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ خَيْرٌ فَالْحِجَامَةُ. رواه أبو داود وابن ماجة. 3 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَهُ أَن الْحَجْمَ (¬4) أَنْفَعُ مَا تَدَاوَى بِهِ النَّاسُ. رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما. 4 - وَعَنْ مَالِكٍ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنْ كَانَ دَوَاءٌ يَبْلُغُ الدَّاءَ فَإِنَّ الْحِجَامَةَ تَبْلُغُهُ. ذكره في الموطأ هكذا. 5 - وَعَنْ سَلْمَى خَادِمِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَتْ: مَا كَانَ أَحَدٌ يَشْتَكِي إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَجَعاً في رَأْسِهِ إِلاَّ قالَ: احتَجِمْ، وَلاَ وَجَعاً في ¬
رِجْلَيْهِ إِلاّ قالَ: اخْضِبْهُمَا (¬1). رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وقال: حديث غريب إنما نعرفه من حديث فائد. [قال الحافظ]: إسناده غريب. [فائد]: هو مولى عبيد الله بن علي بن أبي رافع يأتي الكلام عليه، وعلى شيخه عبيد الله بن علي. 6 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: حَدَّثَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ عَلَى مَلأٍ مِنَ الْملائِكَةِ إِلاَّ أَمَرُوهُ أَنْ مُرْ أُمَّتَكَ بِالْحِجَامَةِ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. [قال الحافظ] عبد الرحمن لم يَسمع من أبيه عبد الله بن مسعود، وقيل: سَمِع. 7 - وَعَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: كَانَ لابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا غِلْمَةٌ ثَلاثَةٌ حَجَّامُونَ، وَكانَ اثْنَانِ مِنْهُمْ يُغِلاَّنِ عَلَيْهِ (¬2) وَعَلَى أَهْلِهِ، وَوَاحِدٌ يَحْجُمُهُ وَيَحْجُمُ أَهْلَهُ. قالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ نَبِيُّ اللهِ صلى اللهُ عليه وسَلَّم: نِعْمَ الْعَبْدُ الْحَجَّامُ يُذْهِبُ الدَّمَ، وَيُخِفُّ الصُّلْبَ، وَيَجْلُو عَنِ الْبَصَرِ (¬3)، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم حَيْثُ عُرِجَ بِهِ مَا مَرَّ عَلَى مَلإٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِلاَّ قَالُوا: عَلَيْكَ بالْحِجَامَةِ، وَقَالَ: إِنَّ خَيْرَ مَا تَحْتَجِمُونَ فِيهِ يَوْمُ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَيَوْمُ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَيَوْمُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقالَ: إِنَّ خَيْرَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ: السَّعُوطُ (¬4) وَاللَّدُودُ (¬5) وَالْحِجَامَةُ وَالْمَشْيُ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى ¬
اللهُ عليه وسلم لَدَّهُ الْعَبَّاسُ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ لَدَّنِي؟ فَكُلُّهُمْ أَمْسَكُوا، فَقَالَ: لاَ يَبْقَى أَحَدٌ مِمَّنْ في الْبَيْتِ إِلاَّ لُدَّ غَيْرَ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ. قال النضر: اللدود: الوَجور. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عباد بن منصور، يعني الناجي. 8 - وَرَوَى ابْنُ مَاجَة مِنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا مَرَرْتُ لَيلَةَ أُسْرِيَ بِي بِمَلإٍ مِنَ الْملائِكَةِ إِلاَّ كُلُّهُمْ يَقُولُ لِي: عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ بالْحِجَامَةِ. ورواه الحاكم بتمامه مفرقاً في ثلاثة أحاديث، وقال في كل منها: صحيح الإسناد. 9 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَحْتَجِمُ في الأَخْدَعَيْنِ والْكَاهِلِ، وَكَانَ يَحْتَجِمُ لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسعَ عَشْرَةَ. رواه الترمذي: وقال: حديث حسن غريب، وأبو داود ولفظه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم احْتَجَمَ ثَلاثاً في الأَخْدَعَيْنِ والْكَاهِلِ. قالَ مَعْمَرٌ: احْتَجَمْتُ فَذَهَبَ عَقْلِي حَتَّى كُنْتُ أُلَقَّنُ فاتِحَةَ الْكِتَابِ في صَلاتِي، وَكَانَ احْتَجَمَ عَلَى هَامَتِهِ. [الهامة]: الرأس. [والأخدع]: بخاء معجمة ودال وعين مهملتين. قال أهل اللغة: هو عرق في سالفة العنق. [والكاهل]: ما بين الكتفين. من احتجم لسبع عشرة من الشهر كان له شفاء من كلّ داء 10 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنِ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ كَانَ لَهُ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ. رواه الحاكم فقال: صحيح على شرط مسلم. ¬
ورواه أبو داود أطول منه قال: مَنِ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ، وَتِسْعَ عَشْرَةَ، وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ. الأيام التي تفضل فيها الحجامة 11 - وفي رواية ذكرها رزين ولم أرها: إِذَا وَافَقَ يَوْمُ سَبْعَ عَشْرَةَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ كَانَ دَوَاءَ السَّنَةِ لِمَنِ احْتَجَمَ فِيهِ. وقد روى أبو داود من طريق أبي بكرة بكّار بن عبد العزيز عن كبشة بنت أبي بكرة عن أبيها أنَّهُ كَانَ يَنْهَى أَهْلَهُ عَنِ الْحِجَامَةِ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ، وَيَزْعُمُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ يَوْمُ الدَّمِ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لا يَرْقَأُ (¬1). 12 - وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ لَهُ: يَا نَافِعُ تَبَيَّغَ بِي الدَّمُ فالْتَمِسْ لِي حَجَّاماً واجْعَلْهُ رَفِيقَاً إِنِ اسْتَطَعْتَ، وَلاَ تَجْعَلْهُ شَيْخاً كَبِيراً؛ وَلاَ صَبِيّاً صَغِيراً فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ أَمْثَلُ (¬2)، وَفِيهَا شِفَاءٌ وَبَرَكَةٌ، وَتَزِيدُ في الْعَقْلِ وَفي الْحِفْظِ، وَاحْتَجِمُوا (¬3) عَلَى بَرَكَةِ اللهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ واجْتَنِبُوا بالْحِجَامَةِ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ والْجُمُعَةِ والسَّبْتِ والأَحَدِ تَحَرِّياً (¬4)، واحْتَجِمُوا يَوْمَ ¬
الترغيب في عيادة المرضى وتأكيدها والترغيب في دعاء المريض
الاثْنَيْنِ والثُّلاثَاءِ، فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي عَافَى اللهُ فِيهِ أَيُّوبَ، وَضَرَبَهُ بِالْبَلاءِ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ فَإِنَّهُ لاَ يَبْدُوا جُذَامٌ وَلاَ بَرَصٌ إِلاَّ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ وَلَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ. رواه ابن ماجة عن سعيد بن ميمون، ولا يحضرني فيه جرح ولا تعديل عن نافع، وعن الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة عن نافع، وَيأتي الكلام عن الحسن ومحمد ورواه الحاكم عن عبد الله بن صالح حدثنا عطاف بن خالد عن نافع. [قال الحافظ]: عبد الله بن صالح هذا كاتب الليث، أخرج له البخاري في صحيحه، واختلف فيه وفي عطاف ويأتي الكلام عليهما. [تَبَيغ به الدم]: إذا غلبه حتى يقهره، وقيل: إذا تردد فيه مرة إلى هنا ومرة إلى هنا فلم يجد مخرجاً، وهو بمثناة فوق مفتوحة ثم موحدة ثم مثناة تحت مشددة ثم غين معجمة. الأيام التي تجتنب فيها الحجامة 13 - وَعَنْ مَعْمَرٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنِ احْتَجَمَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ، فَأَصَابَهُ وَضحٌ فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ. رواه أبو داود هكذا وقال: قد أُسند ولا يصح. [الوضح] بفتح الواو والضاد المعجمة جميعاً بعدها حاء مهملة، والمراد به هنا: البرص. 14 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فاسْتَعِينُوا بِالْحِجَامَةِ لاَ يَتَبَيَّغُ الدَّمُ بِأَحَدِكُمْ فَيَقْتُلَهُ. رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد. الترغيب في عيادة المرضى وتأكيدها والترغيب في دعاء المريض 1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: حَقُّ الْمُسْلِمِ (¬1) عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ (¬2)، واتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ (¬3)، ¬
وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ (¬1)، وَتَشْمِيتُ (¬2) الْعَاطِسِ. رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة. حقوق المسلم على المسلم 2 - وفي رواية لمسلم: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ (¬3) قِيلَ: وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ (¬4)، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ (¬5)، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ (¬6) فانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتْهُ (¬7)، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ (¬8)، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبعْهُ (¬9). ورواه الترمذي والنسائي بنحو هذه. 3 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ (¬10) فَلَمْ تَعُدْنِي؟ قالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاناً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلْمَتْ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ (¬11). يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمنِي؟ قالَ: يَا رَبِّ ¬
كَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ. أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذلِكَ عِنْدِي. يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِني؟ قالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلان فَلَمْ تَسْقِهِ. أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي (¬1). رواه مسلم. 4 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: عُودُوا الْمَرْضَى، واتْبَعُوا الْجَنَائِزَ تُذَكِّرْكُمُ الآخِرَةَ. رواه أحمد والبزار وابن حبان في صحيحه. 5 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: خَمْسٌ مَنْ عَمِلَهُنَّ في يَوْمٍ كَتَبَهُ اللهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنّةِ: مَنْ عَادَ مَرِيضاً، وَشَهِدَ جَنَازَةً، وَصَامَ يَوْمَاً وَرَاحَ إِلى الْجُمُعَةِ، وَأَعْتَقَ رَقبَةً. رواه ابن حبان في صحيحه. 6 - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: خَمْسٌ مَنْ فَعَلَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ كَانَ ضَامِناً (¬2) عَلَى اللهِ عَزّ وَجَلَّ: مَنْ عَادَ مَرِيضاً، أَوْ خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ (¬3)، أَوْ خَرَجَ غَازِياً (¬4)، أَوْ دَخَلَ عَلَى إِمَامٍ (¬5) يُرِيدُ تَعْزِيرَهُ (¬6) وَتَوْقِيرَهُ (¬7)، أَوْ قَعَدَ في بَيْتِهِ (¬8) فَسَلِمَ النَّاسُ مِنْهُ، وَسَلِمَ مِنَ النَّاسِ (¬9). رواه أحمد ¬
والطبراني واللفظ له وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وروى أبو داود نحوه من حديث أبي أمامة، وتقدم في الأذكار. 7 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِماً؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. فَقَالَ: مَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِيناً؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. فَقَالَ: مَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قالَ: مَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضاً؟ قالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا اجْتَمَعَتْ هذِهِ الْخِصَالُ قَطُّ في رَجُلٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 8 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ عَادَ مَرِيضاً نَادَاهُ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: طِبْتَ (¬1) وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً (¬2). رواه الترمذي وحسنه وابن ماجة واللفظ له وابن حبان في صحيحه، كلهم من طريق أبي سنان، وهو عيسى بن سنان القسملي عن عثمان بن أبي سودة عنه، ولفظ ابن حبان عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا عَادَ الرَّجُلُ أَخَاهُ أَوْ زَارَهُ قالَ اللهُ تَعَالَى: طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مَنْزِلاً في الْجَنَّةِ. 9 - وَعَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ في خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ؟ قالَ: جَنَاهَا. رواه أحمد ومسلم واللفظ له والترمذي. [خرفة الجنة] بضم الخاء المعجمة وبعدها راء ساكنة: هو ما يخترف من نخلها. أي يجتنى. 10 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوَضُوءَ وَعَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ مُحْتَسِباً بُوعِدَ (¬3) مِنْ جَهَنَّمَ (¬4) سَبْعِينَ خَرِيفاً. قُلْتُ: ¬
يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا الْخَرِيفُ؟ قالَ: الْعَامُ. رواه أبو داود من رواية الفضل بن دلهم القصاب. فضل عيادة المريض 11 - وَعَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِماً غُدْوَةً (¬1) إِلاّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَ عَشِيَّةً (¬2) إِلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّةِ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وقد رُوي عن عليّ موقوفاً انتهى، ورواه أبو داود موقوفاً على علي، ثم قال: وأسند هذا عن علي من غير وجه صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رواه مسنداً بمعناه. ولفظ الموقوف: مَا مِنْ رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضاً مُمْسِياً إِلاّ خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّةِ، وَمَنْ أَتَاهُ مُصْبِحَاً خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّةِ. ورواه بنحو هذا أحمد وابن ماجة مرفوعاً. وزاد في أوله: إِذَا عَادَ الْمُسْلِمُ أَخاهُ مَشَى في خِرَافَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ، فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ. الحديث، وليس عندهما: وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّةِ، ورواه ابن حبان في صحيحه مرفوعاً أيضاً، ولفظه: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمَاً إِلاَّ يَبْعَثُ اللهُ إِلَيْهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ في أَيِّ سَاعَاتِ النَّهَارِ حَتَّى يُمْسِيَ، وفي أَيِّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ حَتَّى يُصْبِحَ. وَرواه الحاكم مرفوعاً بنحو الترمذي وقال: صحيح على شرطهما. [قوله: في خرافة الجنة] بكسر الخاء: أي في اجتناء ثمر الجنة. يقال: خرفت النخلة أخرفها فشبه ما يحوزه عائد المريض من الثواب بما يحوزه المخترف من الثمر. هذا قول ابن الأنباري. 12 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
مَنْ عَادَ مَرِيضاً وَجَلَسَ عِنْدَهُ سَاعَةً أَجْرَى اللهُ لَهُ عَمَلَ أَلْفِ سَنَةٍ لاَ يُعْصَى اللهُ فِيهَا طَرْفَةَ عَيْنٍ. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض والكفارات، ولوائح الوضع عليه تلوح. 13 - وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ قالا: مَنْ مَشَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ أَظَلَّهُ اللهُ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَدْعُونَ لَهُ، وَلَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ حَتَّى يَفْرُغَ، فَإِذَا فَرَغَ كَتَبَ اللهُ لَهُ حَجَّةً وَعُمْرَةً، وَمَنْ عَادَ مَرِيضاً أَظلَّهُ اللهُ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ لاَ يَرْفَعُ قَدَماً إِلاَّ كُتِبَ لَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَلاَ يَضَعُ قَدَمَاً إِلاَّ حُطَّ عَنْهُ سَيِّئَةٌ وَرُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ حَتَّى يَقْعُدَ في مَقْعَدِهِ، فَإِذَا قَعَدَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى إِذَا أَقْبَلَ حَيْثُ يَنْتَهِي إِلى مَنْزِلِهِ. رواه الطبراني في الأوسط، وليس في أصلي رفْعُه. 14 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: أَيُّمَا رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضاً فَإِنَّمَا يَخُوضُ في الرَّحْمَةِ (¬1)، فَإِذَا قَعَدَ عِنْدَ الْمَرِيضِ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ. قالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: هذَا لِلصَّحِيحِ الذِي يَعُودُ المرِيضَ فَمَا لِلْمَرِيضِ؟ قالَ: تُحَطُّ (¬2) عَنْهُ ذُنُوبُهُ. رواه أحمد، ورواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الصغير والأوسط. وزاد: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ (¬3). من عاد مريضاً لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس 15 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ عَادَ مَرِيضاً لَمْ يَزَلْ يَخُوضُ في الرَّحْمَةِ حَتَّى يَجْلِسَ، فَإِذَا جَلَسَ اغْتَمَسَ فِيهَا (¬4). رواه مالك بلاغاً، وأحمدُ، ورواته رواة الصحيح والبزار وابن حبان في صحيحه، ورواه الطبراني من حديث أبي هريرة بنحوه، ورواته ثقات. 16 - وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
فصل منه
مَنْ عَادَ مَرِيضاً خاضَ في الرَّحْمَةِ، فَإِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ اسْتَنْقَعَ فِيهَا (¬1). رواه أحمد بإسناد حسن، والطبراني في الكبير والأوسط، ورواه فيهما أيضاً من حديث عمرو بن حَزْم رضي الله عنه، وزاد فيه: وَإِذَا قامَ مِنْ عِنْدِهِ فَلاَ يَزَالُ يَخُوضُ فِيهَا حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ. وإسناده إِلى الْحُسْنِ أقرب فصل 17 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مَرِيضٍ فَمُرْهُ يَدْعُو لَكَ (¬2) فَإِنَّ دُعَاءَهُ كَدُعَاءِ الْملائِكَةِ (¬3). رواه ابن ماجة. ورواته ثقات مشهورون إلا أن ميمون بن مهران لم يسمع من عمر. إن دعوة المريض مستجابة 18 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: عُودُوا (¬4) الْمَرْضَى وَمُرُوهُمْ فَلْيَدْعُو لَكُمْ، فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَرِيضِ مُسْتَجَابَةٌ وَذَنْبُهُ مَغْفُورٌ. رواه الطبراني في الأوسط. 19 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ تُرَدُّ دَعْوَةُ الْمَرِيضِ حَتَّى يَبْرَأَ (¬5). رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض والكفارات. الترغيب في كلمات يدعى بهن للمريض وكلمات يقولهن المريض 1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ عَادَ مَرِيضاً لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ¬
أَنْ يَشْفِيكَ إِلاَّ عَافَاهُ اللهُ (¬1) مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ. رواه أبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري. [قال الحافظ] فيما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم للمريض أو أمر به أحاديثُ مشهورة ليست من شرط كتابنا أضربنا عن ذكرها. 2 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: مَنْ قالَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ صَدّقَهُ رَبُّهُ، فَقَالَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنَا وَأَنَا أَكْبَرُ، وَإِذَا قالَ: لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَحْدَهُ، قالَ: يَقُولُ: لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنَا وَحْدِي، وَإِذَا قالَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريْكَ لَهُ، قالَ: يَقُولُ: صَدَقَ عَبْدِي لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنَا وَحْدِي لاَ شَرِيكَ لِي، وَإِذَا قالَ: لاَ إِلهَّ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْطَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، قالَ: يَقُولُ: لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنَا لِيَ الْمُلْكُ وَلِيَ الْحَمْدُ، وَإِذَا قالَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَلاَ حَولَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللهِ قالَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنَا وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِي، وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ قالَهَا في مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن وابن ماجة والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم. 3 - وفي رواية للنسائي عن أبي هريرة وحده مرفوعاً: مَنْ قالَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ واللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلِهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ (¬2) لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَلاَ شَرِيكَ لَهُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللهِ يَعْقِدُهُنَّ خَمْساً بِأَصَابِعِه، ثُمَّ قالَ: مَنْ قَالَهُنَّ فِي يَوْمٍ أَوْ في لَيْلَةٍ أَوْ في شَهْرٍ، ثُمَّ مَاتَ في ذلِكَ الْيَوْمِ أَوْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَوْ في ذلِكَ الشَّهْرِ، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ. 4 - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: في قَوْلِهِ: لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (¬3): أَيُّمَا مُسْلِمٍ دَعَا بِهَا ¬
في مَرَضِهِ أَرْبَعِينَ مَرَّةً فَماتَ في مَرَضِهِ ذلِكَ أُعْطِيَ أَجْرَ شَهِيدٍ، وَإِنْ بَرَأَ بَرَأَ (¬1) وَقَدْ غُفِرَ لَهُ جَمِيعُ ذُنُوبِهِ. رواه الحاكم وقال: رواه أحمد بن عمرو بن أبي بكر السكسكي عن أبيه عن محمد بن زيد عن ابن المسيِّب عنه. 5 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَلاَ أُخْبِرُكَ بِأَمْرٍ هُوَ حَقٌّ، مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ في أَوَّلِ مَضْجَعِهِ مِنْ مَرَضِهِ نَجَّاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ؟ قُلْتُ: بَلَى بِأَبِي وَأُمِّي (¬2). قالَ: فاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا أَصْبَحْتَ لَمْ تُمْسِ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ لَمْ تُصْبِحْ، وَأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذلِكَ في أَوَّلِ مَضْجَعِكَ مِنْ مَرَضِكَ نَجَّاكَ اللهُ مِنَ النَّارِ أَنْ تَقُولَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعِبَادِ وَالْبِلادِ، وَالْحَمْدُ للهِ كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. اللهُ أَكْبَرُ كَبِيراً كِبْرِيَاءُ رَبِّنَا وَجَلالُهُ وَقُدْرَتِهِ بِكُلِّ مَكَانٍ. اللَّهُمَّ إِنْ أَنْتَ (¬3) أَمْرَضْتَنِي لِتَقْبِضَ رُوحِي في مَرَضِي هذَا فاجْعَلْ رُوحِي في أَرْوَاحِ مَنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنْكَ الْحُسْنَى (¬4)، وَأَعِذْنِي (¬5) مِنَ النَّارِ كما أَعَذْتَ أَوْلِيَاءَكَ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنْكَ الْحُسْنَى، فَإِنْ مُتَّ في مَرَضِكَ ذلِكَ فَإِلى رِضْوَانِ اللهِ والْجَنَّةِ. وَإنْ كُنْتَ قَدِ اقْتَرَفْتَ (¬6) ذُنُوباً تَابَ اللهُ عَلَيْكَ (¬7). رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض والكفارات، ولا يحضرني الآن إسناده. 6 - وَرُوِيَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ فَرَافِصَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ مَرِيضٍ يَقُولُ: سُبْحَانَ الْملِكِ الْقُدُّوسِ (¬8) الرَّحْمنِ الملِكِ الدّيَّانِ (¬9) لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مُسَكِّنُ الْعُرُوقِ (¬10) الضَّارِبَةِ، وَمُنَيِّمُ الْعُيُونِ السَّاهِرَةِ إِلاَّ شَفَاهُ اللهُ تَعَالى. رواه ابن أبي الدنيا في آخر كتاب المرض والكفارات هكذا مُعْضَلا. ¬
الترغيب في الوصية والعدل فيها والترهيب من تركها أو المضارة فيها وما جاء فيمن يعتق ويتصدق عند الموت
الترغيب في الوصية والعدل فيها والترهيب من تركها أو المضارة فيها، وما جاء فيمن يعتق ويتصدق عند الموت 1 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيءٌ يُوصِي فِيهِ (¬1) يَبِيتُ فِيهِ لَيْلَتِينِ. ¬
وَفِي رِوَايَةٍ: ثَلاَثَ لَيَالٍ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ (¬1) عِنْدَهُ. قالَ نَافِعٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ ذلِكَ إِلاَّ وَعِنْدِي وَصِيَّتِي مَكْتُوبَةٌ. رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. 2 - وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ مَاتَ عَلَى وَصِيَّةٍ مَاتَ عَلَى سَبِيلٍ (¬2). ¬
وَسُنَّةٍ (¬1) وَمَاتَ عَلَى تُقىً (¬2) وَشَهَادَةٍ (¬3)، وَمَاتَ مَغْفُوراً لَهُ. رواه ابن ماجة. 3 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَاتَ فُلانٌ. قالَ: أَلَيْسَ كَانَ مَعَنا آنِفاً (¬4)؟ قالُوا: بَلى، قالَ: سَبْحَانَ اللهِ كَأَنَّهَا أَخْذَةٌ عَلى غَضَبٍ (¬5). الْمَحْرُومُ (¬6) مَنْ حُرِمَ وَصِيَّتَهُ. رواه أبو يعلى بإسناد حسن. ورواه ابن ماجة مختصراً قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الْمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ وَصِيَّتَهُ. 4 - وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: تَرْك الْوَصِيَّةِ عَارٌ في الدُّنْيَا وَنَارٌ وَشَنَارٌ (¬7) في الآخِرَةِ. رواه الطبراني في الصغير والأوسط. 5 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ أَوِ الْمَرْأَةَ بِطَاعَةِ اللهِ سِتِّينَ سَنَةً، ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ فَيُضَارَّانِ في الْوَصِيَّةِ، فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ ثُمَّ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: [مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ] (¬8) حَتَّى بَلَغَ: [وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعظِيمُ]. رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجة، ولفظه: ¬
قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْخَيْرِ (¬1) سَبْعِينَ سَنَةً. فَإِذَا أَوْصَى خَافَ (¬2) في وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ ¬
لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّرِّ سَبْعِينَ سَنَةً، فَيَعْدِلُ في وَصِيَّتِهِ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ. 6 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الإِضْرَارُ في الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ (¬1)، ثُمَّ تَلاَ: [تِلْكَ حُدُودُ (¬2) اللهِ]. رواه النسائي. 7 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ فَرَّ بِمِيرَاثِ وَارِثِهِ قَطَعَ اللهُ مِيرَاثَهُ (¬3) مِنَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه ابن ماجة. 8 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ (¬4) أَجْراً؟ قالَ: أَنْ تَصَّدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ (¬5) شَحِيحٌ (¬6) تَخْشَى الْفَقْرَ (¬7)، وَتَأْمُلُ الْغِنَى (¬8)، وَلاَ تُمْهِلْ حَتّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (¬9). قُلْتَ لِفُلانٍ كَذَا، وَلِفُلانٍ كَذا، وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ كَذَا. رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة بنحوه، وأبو داود إلا أنه قال: أَنْ تَصَّدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ تَأْمُلُ الْبَقَاءَ وَتَخْشَى الْفَقْرَ. ¬
9 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لأَنْ يَتَصَدَّقَ الْمَرْءُ في حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ بِدِرْهَمٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ عِنْدَ مَوْتِهِ بِمِائَةٍ (¬1) رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه كلاهما عن شرحبيل بن سعد عن أبي سعيد. 10 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَثَلُ الَّذِي يُعْتِقُ عِنْدَ مَوْتِهِ كَمَثلِ الَّذِي يُهْدِي إِذَا شَبِعَ. رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قالَ: مَثَلُ الَّذِي يَتَصَدَّقُ عِنْدَ مَوْتِهِ مَثَلُ الَّذِي يُهْدِي بَعْدَ مَا يَشْبَعُ. ورواه النسائي، وعنده قالَ: أَوْصَى رَجُلٌ بِدَنَانِيرَ في سَبِيلِ اللهِ فَسُئِلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَحَدّثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، قالَ: مَثَلُ الَّذِي يُعْتِقُ وَيَتَصَدَّقُ عِنْدَ مَوْتِهِ مَثَلُ الَّذِي يُهْدِي بَعْدَ مَا شَبِعَ (¬2). ¬
[قال الحافظ]: وقد تقدم في كتاب البيوع ما جاء في المبادرة إلى قضاء دين الميت، والترغيب في ذلك. ¬
الترهيب من كراهية الإنسان الموت والترغيب في تلقيه بالرضا والسرور إذا نزل حبا للقاء الله عز وجل
الترهيب من كراهية الإنسان الموت والترغيب في تلقيه بالرضا والسرور إذا نزل حبا للقاء الله عز وجل 1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ ¬
أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ ¬
أَكَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ فَكُلُّنَا يَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ قالَ: لَيْسَ ذَلِكَ، وَلكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللهِ وَسَخَطِهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. 2 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ كُلُّنَا يَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ قالَ: لَيْسَ ذَلِكَ كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ، وَلكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حُضِرَ (¬1) جَاءَهُ الْبَشِيرُ مِنَ اللهِ فَلَيْسَ شَيءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ لَقِيَ اللهَ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ. وَإِنَّ الْفَاجِرَ (¬2) أَوِ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ جَاءَهُ مَا هُوَ صَائِرٌ (¬3) إِلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ، أَوْ مَا يَلْقَى مِنَ الشَّرِّ فَكَرِهَ لِقَاءَ اللهِ فَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ. رواه أحمد ورواتُه رواه الصحيح، والنسائي بإسناد جيد، إلا أنه قال: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا مِنَّا أَحَدق إِلاَّ يَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ قالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِكَرَاهِيَةِ الْمَوْتِ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا جَاءَهُ الْبُشْرَى مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ لِقَاءِ اللهِ، وَكَانَ ¬
اللهُ لِلِقَائِهِ أَحَبَّ، وَإنّ الْكَافِرَ إِذَا جَاءَهُ مَا يَكْرَهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِنْ لِقَاءِ اللهِ، وَكَانَ اللهُ لِلِقَائِهِ أَكْرَهَ. 3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ (¬1): إِذَا أَحَبّ عَبْدِي لِقَائِي (¬2) أَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ (¬3)، وَإِذَا كَرِهَ لِقَائِي كَرِهْتُ لِقَاءَهُ. رواه مالك والبخاري واللفظ له ومسلم والنسائي. 4 - وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ. رواه البخاري ومسل والترمذي والنسائي. 5 - وَعَنْ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِكَ، وَشَهِدَ أَنِّي رَسُولُكَ فَحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَكَ، وَأَقْلِلْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِكَ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَنِّي رَسُولُكَ فَلا تُحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَلاَ تُسهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَكَ، وَأَكْثِرْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا. رواه ابن أبي الدنيا والطبرانيّ وابن حبان في صحيحه، ورواه ابن ماجة من حديث عمرو بن غيلان الثقفي، وهو ممن اختلف في صحبته، ولفظه: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي، وَعَلِمَ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ، فأَقْلِلْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَحَبِّبْ إَلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَعَجِّلْ لَهُ الْقَضَاءَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي، وَلَمْ يُصَدِّقْنِي، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا جئْتُ بِهِ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وأَطِلْ عُمُرَهُ. تحفة المؤمن الموت 6 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: تُحْفَةُ الْمُؤْمِنِ الْمَوْتُ. رواه الطبراني بإسناد جيد. ¬
الترغيب في كلمات يقولهن من مات له ميت
7 - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنْ شِئْتُمْ أَنْبَأْتُكُمْ مَا أَوَّلُ مَا يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا أَوَّلُ مَا يَقُولُونَ لَهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ ياَ رَسُولَ اللهِ، قالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ: هَلْ أَحْبَبْتُمْ لِقَائِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ يَا رَبَّنَا، فَيَقُولُ: لِمَ؟ فَيَقُولُونَ: رَجَوْنَا عَفْوَكَ وَمَغْفِرَتَكَ فَيَقُولُ: قَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ مَغْفَرِتي. رواه أحمد من رواية عبيد الله بن زحر. الترغيب في كلمات يقولهن من مات له ميت 1 - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إذَا حَضَرْتُمُ الْمَرِيضَ أَوِ الْمَيِّتَ فَقُولُوا خَيْراً فَإِنَّ الْملائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ (¬1) عَلَى مَا تَقُولُونَ. قالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبَا سَلَمَةَ قَدْ مَاتَ؟ قالَ: قُولِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ، وأَعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبَى حَسَنَةً، فَقُلْتُ ذلِكَ (¬2) فَأَعْقَبَنِي اللهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُ: مُحَمَّداً صلى اللهُ عليه وسلم. رواه مسلم هكذا بالشك، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة: الميِّتَ، بلا شك. ما يقوله المصاب عند مصيبته 2 - وَعَنْهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ: اللَّهُمَّ آجِرْنِي في مُصِيبَتي، وَاخْلُفْ لِي خَيْراً مِنْهَا مِنْهَا إِلاَّ آجَرَهُ اللهُ تَعَالَى في مُصِيبَتِهِ. وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْراً مِنْهَا. قالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا فَأَخْلَفَ اللهُ لِي خَيْراً مِنْهُ: رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم. رواه مسلم وابو داود والنسائي والترمذي، ولفظه قالت: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا أَصابَ أَحَدَكُمْ مُصِيْبَةٌ فَلْيَقُلْ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راَجِعُونَ. اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي بِهَا وَأَبْدِلْنِي خَيْراً مِنْهَا، فَلَمَّا ¬
احْتُضِرَ أَبُو سَلَمَة قالَ: اللَّهُمَّ اخْلُفْنِي في أَهْلِي خَيراً مِنِّي، فَلَمَّا قُبِضَ قالَتْ أُمُّ سَلَمَة: [إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ]، عِنْدَ اللهِ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِيْ فَأْجُرِني فِيهَا. رواه ابن ماجة بنحو الترمذي. فضل الرجوع إلى الله والتسليم له عند المصيبة 3 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في قَوْلِهِ تَعَالَى: [الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ (¬1) قالُوا: إِنَّا للهِ (¬2) وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (¬3) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ (¬4) مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (¬5)] قالَ: أَخْبَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا سَلَّمَ لأَمْرِ اللهِ وَرَجَعَ فاسْتَرْجَعَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ كُتِبَ لَهُ ثلاثُ خِصَالٍ مِنَ الْخَيْرِ: الصَّلاةُ مِنَ اللهِ والرَّحْمَةُ، وَتَحْقِيقُ سَبِيلِ الْهُدَى، وَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنِ اسْتَرْجَعَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، جَبَرَ (¬6) اللهُ مُصِيبَتَهُ، وَأَحْسَنَ عُقْبَاهُ (¬7)، وَجَعَلَ لَهُ خَلَفاً (¬8) يَرْضَاهُ. رواه الطبرانيّ في الكبير. 4 - وفي رواية له قال رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أُعْطِيَتْ أُمَّتِي شَيْئاً لَمْ يُعْطَهُ أَحَدٌ مِنَ الأُمَمِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ: [إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ]. 5 - وَرُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَذَكَرَ مُصِيبَتَهُ فَأَحْدَثَ اسْتِرْجَاعَاً، وَإِنْ تَقَادَمَ عَهْدُهَا، كَتَبَ اللهُ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلَهُ يَوْمَ أُصِيبَ. رواه ابن ماجة. 6 - وَعَنْ أَبِي مُوسى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قالَ اللهُ تَعَالَى لِملائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ (¬9)؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: ¬
الترغيب في حفر القبور وتغسيل الموتى وتكفينهم
حَمِدَكَ (¬1) واسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتَاً في الْجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ. رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه. الترغيب في حفر القبور وتغسيل الموتى وتكفينهم فضل حفر القبور وتغسيل الموتى وتكفينهم وتعزية المصاب 1 - عَنْ أَبِي رَافِعٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً فَكَتَمَ عَلَيْهِ (¬2) غَفَرَ اللهُ لَهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرةً، وَمَنْ حَفَرَ لأَخِيهِ قَبْراً حَتَّى يُجْنِبَهُ (¬3) فَكَأنَمَّا أَسْكَنَهُ مَسْكَنَاً حَتَّى يُبْعَثَ. رواه الطبراني في الكبير، ورواته محتجّ بهم في الصحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، ولفظه: مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً فَكَتَمَ عَلَيْهِ غَفَرَ اللهُ لَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً، وَمَنْ كَفَّنَ (¬4) مَيِّتاً كَسَاهُ اللهُ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ (¬5) في الْجَنَّةِ، وَمَنْ حَفَرَ لِمَيِّتٍ قَبْراً، فَأَجنَّهُ فِيهِ (¬6) أَجْرَى اللهُ لَهُ مِنَ الأَجْرِ كَأَجْرِ مَسْكَنٍ أَسْكَنَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. ورواه الطبراني في الأوسط من حديث جابر، وفي سنده الخليل بن مرة، ولفظه: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ حَفَرَ قَبْراً بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتاَ في الْجَنَّةِ، وَمَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، وَمَنْ كَفَّنَ مَيِّتاً كَسَاهُ اللهُ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ عَزَّى حَزِيناً (¬7) أَلْبَسَهُ اللهُ الْتَّقْوَى (¬8)، وَصَلّى عَلَى رُوحِهِ في الأَرْوَاحِ، وَمَنْ عَزّى مُصَاباً كَسَاهُ اللهُ حُلَّتَيْنِ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ لاَ تَقُومُ لَهُمَا الدُّنْيَا، وَمَنْ تَبِعَ جَنَازَةً ¬
حَتَّى يُقْضَى دَفْنُهَا كَتَبَ اللهُ لَهُ ثَلاَثَةَ قَرَارِيطَ، الْقِيراطُ مِنْهَا أَعْظَمُ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ، وَمَنْ كَفَلَ يَتِيماً أَوْ أَرْمَلَةً أَظَلَّهُ اللهُ في ظِلِّهِ، وأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ. 2 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً فَكَتَمَ عَلَيْهِ طَهَّرَهُ اللهُ مِنْ ذُنُوبِهِ، فَإِنْ كَفَّنَهُ كَسَاهُ اللهُ مِنَ السُّنْدُسِ. رواه الطبراني في الكبير. 3 - وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً وَكَفَّنَهُ وَحَنَّظَهُ وَحَمَلَهُ وَصَلّى عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ مَا رَأَى، خَرَجَ مِن خَطِيئَتِهِ مِثْلَ مَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. رواه ابن ماجة. 4 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً فَأدَّى فِيهِ الأَمَانَةَ (¬1)، وَلَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ مَا يَكُونُ مِنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. رواه أحمد والطبراني من رواية جابر الجعفيّ. زر القبور تذكر بها الآخرة 5 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: زُرِ الْقُبُورَ تَذْكُرْ (¬2) بِهَا الآخِرَةَ، واغْسِلِ الْمَوْتَى فَإِنَّ مُعَالَجَةَ جَسَدٍ خَاوٍ (¬3) مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ، وَصَلِّ عَلَى الْجَنائِزِ لَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يُحْزِنَكَ (¬4)، فَإِنَّ الْحَزِينَ في ظِلِّ اللهِ (¬5) يَتَعرَّضُ كُلَّ خَيْرٍ. رواه الحاكم وقال: رواته ثقات. ¬
الترغيب في تشييع الميت وحضور دفنه
الترغيب في تشييع الميت وحضور دفنه 1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: حَقُّ الْمُسْلِمِ (¬1) عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ. قِيلَ: وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فاتْبَعْهُ. رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. 2 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم كانَ يَقُولُ: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ (¬2) لاَ يَظْلِمُهُ (¬3) وَلاَ يَخْذُلُهُ (¬4)، وَيَقُولُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فَيُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا (¬5) إِلاَّ بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا. وَكَانَ يَقُولُ: لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: يُشَمِّتُهُ إِذَا عَطَسَ، وَيَعُودُهُ إِذَا مَرِضَ، وَيَنْصَحُهُ إِذَا غَابَ أَوْ شَهِدَ، وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَهُ، ويُجِيبُهُ إِذَا دَعَاهُ، وَيَتْبَعُهُ إِذَا مَاتَ. رواه أحمد بإسناد حسن. 3 - وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سِتُّ خِصَالٍ وَاجِبَةٌ، فَمَنْ تَرَكَ خَصْلَةً مِنْهَا فَقَدْ تَرَكَ حَقّاً وَجِباً، فذكر الحديث بنحو ما تقدم، ورواه الطبراني وأبو الشيخ في الثواب، ورواتهما ثقات إلا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم. ¬
4 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: خَمْسٌ مَنْ عَمِلَهُنَّ في يَوْمٍ كَتَبَهُ اللهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ: مَنْ عَادَ مَرِيضاً، وَشَهِدَ جَنَازَةً، وَصَامَ يَوْماً (¬1)، وَرَاحَ (¬2) إِلى الْجُمُعَةِ، وَأَعْتَقَ رَقَبَةً (¬3). رواه ابن حبان في صحيحه. 5 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: عُودُوا الْمَرْضَى واتْبَعُوا الْجَنَائِزَ (¬4) تُذَكِّرْكُمُ الآخِرَةَ. رواه أحمد والبزار وابن حبان في صحيحه، وتقدم هو وغيره في العيادة. 6 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيراطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قالَ: مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ (¬5). رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. وفي رواية لمسلم وغيره: أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ. 7 - وفي رِوَاية البخاري: مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَاناً واحْتِسَاباً، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا، وَيُفَرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيراطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ. 8 - وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ قَاعِداً عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا إِذْ طَلَعَ خَبَّابٌ صَاحِبُ الْمَقْصُورَةِ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟ يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صل اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا واتَّبَعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ ¬
مِنَ الأَجْرِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُحُدٍ، فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ خَبَّاباً (¬1) إِلى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ بِمَا قالَتْ، وَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ قَبْضَةً مِنْ حَصَى الْمَسْجِدِ يُقَلِّبُهَا في يَدِهِ حَتَّى يَرْجِعَ فَقَالَ: قالَتْ عَائِشَةُ: صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَضَرَبَ ابْنُ عُمَرَ بالْحَصَى الَّذِي كَانَ في يَدِهِ الأَرْضَ ثُمَّ قالَ: لَقَدْ فَرَّطْنَا (¬2) فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ. رواه مسلم. 9 - وَعَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَإِنْ شَهِدَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، الْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ. رواه مسلم. وابن ماجة أيضاً من حديث أبي بكر بن كعب. وزاد في آخره: والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ الْقِيراطُ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ هذَا. من تبع جنازة حتى يصلى عليها فإن له قيراطا 10 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَن تَبِعَ جَنَازَةً حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَإِنَّ لَهُ قِيرَاطاً، فَسُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنِ الْقِيرَاطِ، فَقَالَ: مِثْلُ أُحُدٍ (¬3). وفي رواية قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مِثْلُ قَرارِيطِنَا هذِهِ؟ قالَ: لا بَلْ مِثْلُ أُحُدٍ وَأَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ. رواه أحمد، ورواته ثقات. 11 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ أَتَى جَنَازَةً فِي أَهْلِهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ اتَّبَعَهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنِ انْتَظَرَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطٌ. رواه البزار، ورواتُه رواة الصحيح إلا معديّ بن سليمان. 12 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِماً؟ قالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. فَقَالَ: مَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِيناً؟ قالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قالَ: مَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضاً؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، ¬
الترغيب في كثرة المصلين على الجنازة وفي التعزية
فَقَالَ: مَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ قالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا اجْتَمَعَتْ هذِهِ الْخِصَالُ (¬1) قَطُّ في رَجُلٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ. رواه ابن خزيمة في صحيحه. 13 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُجَازَى (¬2) بِهِ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُغْفَرَ لِجَمِيعِ مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَتَهُ. رواه البزار. الترغيب في كثرة المصلين على الجنازة وفي التعزية 1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ (¬3) مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ (¬4). رواه مسلم والنسائي والترمذي، وعِنْدَهُ: مِائِةً فَمَا فَوْقَهَا. 2 - وَعَنْ كُرَيْبٍ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَاتَ لَهُ ابْنٌ بِقَدِيدَ أَوْ بِعُسْفَانَ فَقالَ: يَا كُرَيْبُ انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ النَّاسِ؟ قالَ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَاسٌ قَدِ اجْتَمَعُوا، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُونَ؟ قالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قالَ: أَخْرِجُوهُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً لاَ يُشْرِكُونَ باللهِ شَيْئاً إِلاَّ شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ. رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة. ما من رجل يصلي عليه مائة إلا غفر الله له 3 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ مِائَةٌ إِلاَّ غَفَرَ اللهُ لَهُ. رواه الطبراني في الكبير، وفيه مبشر بن أبي المليح لا يحضرني حاله. ¬
الترغيب في الإسراع بالجنازة وتعجيل الدفن
4 - وَعَنِ الْحَكَمِ بْنِ فَرُّوخٍ قالَ: صَلَّى بِنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَلَى جَنَازَةٍ فَظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ كَبَّرَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَلْتَحْسُنْ شَفَاعَتُكُمْ. قالَ أَبُو الْمليح: حدثني عبد الله عن إِحدى أمهات المؤمنين، وهي ميمونةٌ زوج النبي صلى اللهُ عليه وسلم قالت: أَخْبَرَنِي النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ، فَسَأَلْتُ أَبَا الْمَلِيحِ عَنِ الأُمَّةِ؟ قالَ أَرْبَعُونَ. رواه النسائي. 5 - وَعَنْ مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلاثَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ أَوْجَبَ (¬1)، وَكَانَ مَالِكٌ إِذَا اسْتَقْبَلَ أَهْلَ الْجَنَازَةِ جَزَّأَهُمْ (¬2) ثَلاثَةَ صُفُوفٍ لهذَا الْحَدِيثِ. رواه أبو داود واللفظ له وابن ماجة والترمذي وقال: حديث حسن. [قوله: أوجب]: أي وجبت له الجنة. من عزى مصاباً فله مثل أجر صاحبه 6 - وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ عَزَّى مُصَاباً فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ صَاحِبهِ. رواه الترمذي وقال: حديث غريب، وقد رُوِيَ موقوفاً. 7 - وَرَوى الترمذي أيضاً عن أَبي برَّرَة عن النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ عَزَّى ثَكْلَى (¬3) كُسِيَ بُرْداً (¬4) في الْجَنَّةِ، وقالَ: حديث غريب. 8 - وَرَوَى ابْنُ مَاجَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلاَّ كَسَاهُ اللهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. الترغيب في الإسراع بالجنازة وتعجيل الدفن 1 - عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: أَسْرِعُوا ¬
الترغيب في الدعاء للميت وإحسان الثناء عليه والترهيب من سوى ذلك
بِالْجَنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. 2 - وَعَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ في جَنَازَةِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَكُنَّا نَمْشِي مَشْياً خَفِيفاً فَلَحِقَنَا أَبُو بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَرَفَعَ صَوْتَهُ قالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم نَرْمُلُ (¬1) رَمَلاً. رواه أبو داود والنسائي. 3 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَأَلْنَا نَبِيَّنَا صَلى اللهُ عليه وسلم عَنِ الْمَشْيِ مَعَ الْجَنَازَةِ فَقَالَ: مَا دُونَ الْخَبَبِ إِنْ يَكُنْ خَيْراً فَعَجِّلْ إِلَيْهِ، وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ فَبُعْداً لأَهْلِ النَّارِ. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث غريب لا نعرفه من حديث عبد الله بن مسعود إلا من هذا الوجه، يعني من حديث يحيى إمام بني تيم الله عن أبي ماجد عن عبد الله. [قال الحافظ] يحيى هذا هو ابن عبد الله بن الحارث الجابر الكوفيّ التيميّ. قال أحمد: ليس به بأس، وقال ابْنُ مَعِين والنَّسائي ضعيف، وقال ابن عديّ أحاديثه متقاربة، وأرجو أنه لا بأس به، وابو ماجد في عِداد من لا يعرف، وقال البخاري: ضعيف، وقال النسائي، منكر الحديث، والله أعلم. [الخبب] بخاء معجمة مفتوحة وباءين موحدتين: ضرب من العَدْو، وقيل: هو الرمَل. الترغيب في الدعاء للميت وإحسان الثناء عليه والترهيب من سوى ذلك 1 - عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا (¬2) لأَخِيكُمْ، واسْأَلُوا لَهُ بِالتّثْبِيتَ (¬3) ¬
فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ (¬1). رواه أبو داود. 2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَرُّوا عَلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوا عَلَيْهَا خَيْراً، فَقَالَ وَجَبَتْ، ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوا عَلَيْهَا شَرّاً، فَقَالَ: وَجَبَتْ ثُمَّ قالَ: إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ شَهِيدٌ. رواه أبو داود واللفظ له وابن ماجة. 3 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ، وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ، فَقَالَ عُمَرُ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌ فَقُلْتَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ، وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ فَقُلْتَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْراً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرَّاً وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأَرْضِ. رواه البخاري ومسلم واللفظ له والترمذي والنسائي وابن ماجة. أيما مسلم شهد له أربعة نفر بخير أدخله الله الجنة 4 - وَعَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَجَلَسْتُ إِلى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ فَأَثْنُوا عَلَى صَاحِبِهَا خَيْراً، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مَرَّ بِأُخْرَى فَأَثْنَوا على صاحِبِهَا خَيْراً فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ بِالثَّالِثَةِ فَأَثْنَوا عَلَى صَاحِبِهَا شَرّاً، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ. قالَ أَبُو الأَسْوَدِ: فَقُلْتُ مَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ قالَ: قُلْتُ كَمَا قالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ قالَ: فَقُلْنَا: وَثَلاثَةٌ؟ فَقَالَ: وَثَلاثَةٌ. فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ؟ قالَ: واثْنَانِ، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ. رواه البخاري. 5 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَرْبَعَةٌ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الأَدْنَيْنَ (¬2) إِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ إِلاَّ خَيْراً ¬
إِلاَّ قالَ اللهُ: قَدْ قَبِلْتُ عِلْمَكُمْ فِيهِ، وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ. رواه أبو يعلى وابن حبان في صحيحه. 6 - وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَمْ يُسَمِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ ثَلاثَةُ أَبْيَاتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الأَدْنَيْنَ بِخَيْرٍ إِلاَّ قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: قَدْ قَبِلْتُ شَهَادَةَ عِبَادِي عَلَى مَا عَلِمُوا، وَغَفَرْتُ لَهُ مَا أَعْلَمُ. 7 - وَرُوِيَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مِنْهُ شَرّاً، وَيَقُولُ النَّاسُ خَيْراً، قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِملائِكَتِهِ: قَدْ قَبِلْتُ شَهَادَةَ عِبَادِي عَلَى عَبْدِي وَغَفَرْتُ لَهُ عِلْمِي فِيهِ. رواه البزار. 8 - وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إِذَا دُعِيَ إِلى جَنَازَةٍ سَأَلَ عَنْهَا، فَإِنْ أُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌ قَامَ فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَإِنْ أُثْنِيَ عَلَيْهَا غَيْرُ ذلِكَ قالَ لأَهْلِهَا: شَأْنُكُمْ بِهَا وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا. رواه أحمد، ورواتُهُ رواة الصحيح. اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم 9 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: اذْكُرُوا مَحَاسِنَ (¬1) مَوْتَاكُمْ، وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ (¬2). رواه أبو داود والترمذي. حديث غريب، سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: عمران بن أنس منكر الحديث. [قال الحافظ] وتقدم حديث أم سلمة الصحيح قالت: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا حَضَرْتُمُ الْمَيِّتَ فَقُولُوا خَيْراً فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ يُؤْمِّنُونَ (¬3) عَلَى مَا تَقُولُونَ. 10 - وَعَنْ مُجَاهِدٍ قالَ. قالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: مَا فَعَلَ يَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ لَعَنَهُ اللهُ؟ قالُوا: قَدْ مَاتَ، قَالَتْ: فَأسْتَغْفِرُ اللهَ، فَقَالُوا لَهَا: مَالَكِ لَعَنْتِهِ (¬4) ثُمَّ قُلْتِ أَسْتَغْفِرُ ¬
الترهيب من النياحة على الميت والنعي ولطم الخد وخمش الوجه وشق الجيب
اللهَ؟ قالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ أَفْضَوْا (¬1) إِلى مَا قَدَّمُوا. رواه ابن حبان في صحيحه، وهو عند البخاري دون ذكر القصة. ولأبي داود: إِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ (¬2) لاَ تَقَعُوا فِيهِ (¬3). الترهيب من النياحة على الميت والنعي ولطم الخدّ وخمش الوجه وشق الجيب الميت يعذب في قبره بما نيح عليه 1 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: المَيِّتُ يُعَذَّبُ في قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ (¬4). وفي رواية: مَا نِيحَ عَلَيْهِ. رواه البخاري ومسلم وابن ماجة والنسائي، وقال: بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ. 2 - وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه البخاري ومسلم. 3 - وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ تَبْكِي: وَاجَبَلاهُ، وَاكَذَا، وَاكَذَا، تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئاً إِلاَّ قِيلَ لِي: أَنْتَ كَذَلِكَ (¬5). رواه البخاري. وزاد في رواية: فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ. ورواه الطبراني في الكبير عن الأعمش عن عبد الله بن عمر بنحوه، وفيه: فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: أُغْمِيَ عَلَيَّ فَصَاحَتِ النِّسَاءُ: وَاعِزَّاهُ وَاجَبَلاهُ، فَقَالَ مَلَكٌ مَعَهُ ¬
مِرْزَبَّةٌ فَجَعَلَهَا بَيْنَ رِجْلَيَّ فَقَالَ: أَنْتَ كَمَا تَقُولُ: قُلْتُ: لاَ، وَلَوْ قُلْتُ نَعَمْ ضَرَبَنِي بِهَا (¬1). والأعمش لم يدرك ابن عمر. 4 - وَعَنِ الْحَسَنِ قالَ: إِنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ تَقُولُ: وَاجَبَلاهُ أَوْ كَلِمَةً أُخْرَى، فَلَمَّا أَفَاقَ قالَ: مَا زِلْتِ مُؤْذِيَةً لِي مُنْذُ الْيَوْمَ قالَتْ: لَقَدْ كَانَ يَعِزُّ عَلَيَّ أَنْ أُوذِيَكَ قالَ: مَا زَالَ مَلَكٌ شَدِيدُ الانْتِهَارِ (¬2) كُلَّمَا قُلْتِ كَذَا، قالَ: أَكَذَاكَ أَنْتَ؟ (¬3) فَأَقُولُ: لاَ. رواه الطبراني في الكبير، والحسن لم يدرك معاذاً. 5 - وَعَنْ أَبِي مُوسى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ بَاكِيهِمْ (¬4) فَيَقُولُ: وَاجَبَلاهُ وَاسَيِّدَاهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إِلاَّ وُكِّلَ بِهِ مَلَكَانِ يُلْهِزَانِهِ هكَذَا كُنْتَ. رواه ابن ماجة والترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب. [اللهز]: هو الدفع بجميع اليد في الصدر. إن الميت ليعذب ببكاء الحي 6 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ إِذَا قالَتْ وَاعَضُدَاهُ، وَامَانِعَاهُ، وَانَاصِرَاهُ، وَاكَاسِيَاهُ جُبِذَ (¬5) الْمَيِّتُ فَقِيلَ: أَنَاصِرُهَا أَنتَ، أَكَاسِيهَا أَنْتَ؟. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. 7 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: اثْنَتَانِ في النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ (¬6) في النّسَبِ، والنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ. رواه مسلم. 8 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ثَلاثَةٌ مِنَ الْكُفْرِ باللهِ (¬7) ¬
شَقُّ الْجَيْبِ (¬1)، والْنِّيَاحَةُ، والطَّعْنُ في النَّسَب. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح الإسناد. وفي رواية لابن حبان: ثَلاثَةٌ هِيَ الْكُفْرُ. وفي أُخْرى: ثَلاثٌ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُنُنَّ أَهْلُ الإِسْلامِ، فذكر الحديث. [الجيب]: هو الخرق الذي يُخرج الإنسان منه رأسه في القميص ونحوه. 9 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: لَمّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسَلَّم مَكَّةَ رَنَّ (¬2) إِبْلِيسُ رَنَّةً اجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ جُنُودُهُ فَقَالَ: ايْأَسُوا (¬3) أَنْ تَردُّوا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى الشِّرْكِ بَعْدَ يَوْمِكُمْ هذَا، وَلكِنِ افْتِنُوهُمْ فِي دِينِهِمْ، وَأَفْشُوا فِيهِمْ النَّوْحَ. رواه أحمد بإسناد حسن. 10 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ: مِزْمَارٌ (¬4) عِنْدَ نِعْمَةٍ وَرَنَّة (¬5) عِنْدَ مُصِيبَةٍ. رواه البزار، ورواته ثقات. لا تصلي الملائكة على نائحة ولا مُرِنَّة 11 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لاَ تُصَلِّي الْملائِكَةُ (¬6) عَلَى نَائِحَةٍ وَلا مُرِنَّةٍ. رواه أحمد وإسناده حسن إن شاء الله. 12 - وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي (¬7) مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ: ¬
الْفَخْر في الأَحْسَابِ (¬1)، والطَّعْنُ في الأَنْسَابِ (¬2)، وَالاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ (¬3)، والنِّيَاحَةُ (¬4) وَقَالَ: النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ، وَدِرْعُ مِنْ جَرَبٍ. رواه مسلم وابن ماجة، ولفظه: النياحة من أمر الجاهلية قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: النِّيَاحَةُ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنَّ النَّائِحَةَ إِذَا مَاتَتْ وَلَمْ تَتُبْ قَطَعَ اللهُ لَهَا ثِيَاباً مِنْ قَطِرَانٍ، وَدِرْعاً مِنْ لَهَبِ النَّارِ. [القطران]: بفتح القاف وكسر الطاء، قال ابن عباس: هو النحاس المذاب، وقال الحسن: هو قطران الإبل، وقيل: غير ذلك. 13 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ هذِهِ النَّوائِحَ يُجْعَلْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَفَّيْنِ في جَهنَّمَ: صَفٌّ عَنْ يَمِينِهِمْ وَصَفٌّ عَنْ يَسَارِهِمْ فَيَنْبَحْنَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ كما تَنْبَحُ الْكِلابُ. رواه الطبراني في الأوسط. 14 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: النَّائِحَةَ والْمُسْتَمِعَةَ (¬5). رواه أبو داود، وليس في إسناده من ترك، ورواه البزار والطبراني فزاد فيه وَقالَ: لَيْسَ لِلنّسَاءِ فِي الْجَنَازَةِ (¬6) نَصِيبٌ. 15 - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: لَمّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ: غَرِيبٌ، وفي أَرْضِ غُرْبَةٍ لأَبْكِيَنَّهُ بُكَاءً يُتَحَدَّثُ عَنْهُ فَكُنْتُ قَدْ تَهَيَّأْتُ لِلْبُكَاءِ عَلَيْهِ إِذْ ¬
أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ تُرِيدُ أَنْ تُسَاعِدَنِي، فاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تُدْخِلي الشَّيْطَانَ بَيْتاً أَخْرَجَهُ اللهُ مِنْهُ، فَكَفَفْتُ عَنِ الْبُكَاءِ فَلَمْ أَبْكِ (¬1) رواه مسلم. 16 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: لَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، قالَتْ: وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ، وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ فأَمَرَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ الرَّجُلُ، ثُمَّ أَتَى فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي أَوْ غَلَبْنَنَا، فَزَعَمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: فَاحْثُ (¬2) في أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ، فَقُلْتُ: أَرْغَمَ (¬3) اللهُ أَنْفَكَ، فَوَ اللهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، وَلاَ تَرَكْتَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مِنَ الْعَنَا (¬4). رواه البخاري ومسلم. النهي عن النعي 17 - وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّه قالَ إِذْ حُضِرَ (¬5): إِذَا أَنَا مِتُّ فَلا يُؤْذِنُ (¬6) عَلَيَّ أَحَدٌ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَعْياً، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَنْهَى عَنِ النَّعْيِ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وذكره رُزَين فزاد فيه: فَإِذَا مِتُّ فَصَلُّوا عَلَيَّ وَسَلُّونِي (¬7) إِلى رَبِّي سَلاَّ. ورواه ابن ماجة إلا أنه قال: كَانَ حُذَيْفَةُ إِذَا مَاتَ لَهُ الْمَيِّتُ قالَ: لاَ تُؤْذِنُوا بِهِ أَحَداً، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَعْياً، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ يَنْهَى عَنِ النَّعْيِ. ¬
18 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم كانَ يَنْهَى عَنِ النَّعْيِ، وَقَالَ: إِيَّاكُمْ والنَّعْيَ، فَإِنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ. قالَ عَبْدُ اللهِ: وَالنَّعْيُ أَذَانٌ بالمَيِّتِ. رواه الترمذي مرفوعاً، وقال: غريب، ورواه من طريق أخرى قال نحوه ولم يرفعه، ولم يذكر فيه: والنعْيُ أذَانٌ بالميِّتِ، وقال: وهذا أصح، وقد كره بعض أهل العلم النعي، والنعي عندهم أن ينادي في الناس أن فلاناً مات ليشهدوا جنازته، وقال بعض أهل العلم لا بأس أن يعلم الرجل أهل قرابتِه وإخوانه انتهى. 19 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عْنَهُ لَمَّا طُعِنَ عَوَّلَتْ عَلَيْهِ حَفْصَةُ فَقَالَ لَهَا عُمَرُ يَا حَفْصَةُ أَمَا سَمِعْتِ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ الْمُعْوَلَ عَلَيْهِ (¬1) يُعَذَّبُ قالَتْ: بَلَى. رواه ابن حبان في صحيحه. 20 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَيْسَ مِنَّا (¬2) مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ (¬3)، وَشَقَّ الْجُيُوبَ (¬4)، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ (¬5). رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. ليس منا من حلق ولا خرق ولا صلق 21 - وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قالَ: وُجِعَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَرَأْسُهُ في حِجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، فَأَقْبَلَتْ تَصِيحُ بِرَنَّةٍ (¬6) فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئاً، فَلَمَا أَفَاقَ قالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ والْحَالِقَةِ والشَّاقَّةِ. رواه البخاري وابن ماجة والنسائي إلا أنه قالَ: أَبْرَأُ إِلَيْكُمْ كما بَرئَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَلاَ خَرَقَ وَلاَ صَلَقَ. [الصالقة]: التي ترفع صوتها بالندب والنياحة. ¬
الترهيب من إحداد المرأة على غير زوجها فوق ثلاث
[والحالقة]: التي تحلق رأسها عند المصيبة [والشاقة]: التي تشق ثوبها. 22 - وَعَنْ أَسِيدِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ التَّابِعِيِّ عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ قالَتْ: كانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في الْمَعْرُوفِ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ لا نَخْمِشَ (¬1) وَجْهاً، وَلاَ نَدْعُو وَيْلاً (¬2)، وَلاَ نَشُقَّ جَيْباً، وَلاَ نَنْشُرَ شَعْراً. رواه أبو داود. من دعا عليهن رسول الله صلى الله عليه وسلم باللعن 23 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لَعَنَ الْخَامِشَةَ وَجْهَهَا، والشَّاقَّةَ جَيْبَهَا، والدَّاعِيَةَ بِالْوَيْلِ والثُّبُور. رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه. الترهيب من إحداد المرأة على غير زوجها فوق ثلاث 1 - عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبيِّ صلى ¬
الترهيب من أكل مال اليتيم بغير حق
اللهُ عَليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَدَعَتْ بِطِيب (¬1) فِيهِ صُفْرَةُ خَلُوقٍ (¬2) أَوْ غَيْرِهِ فَدَهَنَتْ (¬3) مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ: واللهِ مَالِي (¬4) بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ (¬5) عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثِ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، قالَتْ زَيْنَبُ: ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ ثُمَّ قالَتْ: أَمَا وَاللهِ مَالِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. الترهيب من أكل مال اليتيم بغير حق لا تَلِيَنَّ مال يتيم 1 - عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ لَهُ: يَا أَبا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفاً، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي: لاَ تُؤَمَّرَنَّ (¬6) عَلَى اثْنَيْنِ، وَلاَ تَلِيَنَّ (¬7) مَال يَتِيمٍ. رواه مسلم وغيره. ¬
2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قالُوا يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللهِ، والسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. ورواه البزار، ولفظه قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الْكَبَائِرُ سَبْعٌ، أَوَّلُهُنَّ: الإِشْرَاكُ باللهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقِّهَا، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَفِرَارُ يَوْمِ الزَّحْفِ (¬1) وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ (¬2)، والانْتِقَالُ إِلى الأعْرَابِ (¬3) بَعْدَ هِجْرَةٍ. [الموبقات]: المهلكات. 3 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: أَرْبَعٌ حَقٌّ عَلَى اللهِ أَنْ لاَ يُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ وَلاَ يُذِيقَهُمْ نَعِيمَها: مُدْمِنُ الْخَمْرِ (¬4)، وَآكِلُ الرِّبَا، وَآكِلُ مَالِ الْيَتِيمِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ (¬5). رواه الحاكم من طريق إبراهيم بن خثيم بن عراك وقد ترك، عن أبيه عن جده عن أبي هريرة وقال: صحيح الإسناد. 4 - وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم كَتَبَ إِلى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ: وَإِنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الإِشْرَاكُ باللهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، والْفِرَارُ في سَبِيلِ اللهِ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَرَمْيُ الْمُحْصَنَةِ، وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ ¬
الترغيب في زيارة الرجال القبور والترهيب من زيارة النساء واتباعهن الجنائز
الْيَتِيم. فذكر الحديث، وهو كتاب طويل فيه ذكر الزكاة والديات وغير ذلك. رواه ابن حبان في صحيحه. 5 - وَعَنْ أَبي بَرْزَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَوْمٌ مِنْ قُبُورِهِمْ تَأَجَّجُ (¬1) أَفْوَاهُهُمْ نَاراً فَقِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: [إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمَاً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَاراً] رواه أبو يعلى، ومن طريقه ابن حبان في صحيحه من طريق زياد بن المنذر أبي الجارود عن نافع بن الحارث، وهما واهيان مُتَّهَمان عن أبي برزة. الترغيب في زيارة الرجال القبور والترهيب من زيارة النساء واتباعهن الجنائز 1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: زَارَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ: اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي في أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، واسْتَأْذَنْتُهُ في أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ (¬2). رواه مسلم وغيره. 2 - وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنِّي نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّ فِيهَا عَبْرَةً. رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح. 3 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوا الْقُبُورَ (¬3) فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ في الدُّنْيَا (¬4) وَتُذَكِّرُ الآخِرَةَ. رواه ابن ماجة بإسناد صحيح. ¬
زر القبور تذكر بها الآخرة 4 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: زُرِ الْقُبُورَ تَذْكُرْ بِهَا الآخِرَةَ، واغْسِلْ الْمَوْتَى فَإِنَّ مُعَالَجَةَ جَسَدٍ خَاوٍ مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ، وَصَلِّ عَلَى الْجَنَائِزِ لَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يُحْزِنَكَ، فَإِنَّ الْحَزِينَ في ظِلِّ اللهِ يَتَعَرَّضُ كُلَّ خَيْرٍ. رواه الحاكم وقال: رواته ثقات، وتقدم قريباً. 5 - وَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ في زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. [قال الحافظ]: قد كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور نهياً عامّاً للرجال والنساء ثم أذن للرجال في زيارتها، واستمر النهي في حق النساء، وقيل: كانت الرخصة عامة، وفي هذا كلام طويل ذكرته في غير هذا الكتاب، والله أعلم. 6 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لَعَنَ زَائِرَاتِ (¬1) الْقُبُورِ، وَالْمُتّخِذِينَ (¬2) عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ والسُّرُجَ. رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه، كلهم من رواية أبي صالح عن ابن عباس. [قال الحافظ]: وأبو صالح هذا هو باذام، ويقال: باذان مكيّ مولى أم هانئ، وهو صاحب الكلبيّ قيل: لم يسمع من ابن عباس، وتكلم فيه البخاري والنسائي وغيرهما. 7 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ. رواه الترمذي وابن ماجة أيضاً وابن حبان في صحيحه، كلهم من رواية عمر بن أبي سلمة، وفيه كلام عن أبيه عن أبي هريرة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. التحذير من زيارة النساء للقبور 8 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قَبَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، يَعْنِي مَيِّتاً، فَلَمَّا فَرَغْنَا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وانْصَرَفْنَا مَعَهُ، فَلَمّا حَاذَى رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بَابَهُ وَقَفَ، فَإِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ ¬
مُقْبِلَةٍ قالَ: أَظُنُّهُ عَرَفَهَا فَلَمَّا ذَهَبَتْ إِذا هِيَ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا أَخْرَجَكِ يَا فَاطِمَةُ (¬1) مِنْ بَيْتِكِ؟ قالَتْ: أَتَيْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَهْلَ هذَا الْمَيِّتِ فَرَحِمْتُ إِلَيْهِمْ مَيِّتَهُمْ أَوْ عَزَّيْتُهُمْ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَعَلَّكِ بَلَغْتِ مَعَهُمْ الْكُدَا؟ فَقَالَتْ: مَعَاذَ اللهِ (¬2) وَقَدْ سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ فِيهَا مَا تَذْكُرُ. قالَ: لَوْ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الْكُدَا؟ فَذَكَرَ تَشْدِيداً فِي ذلِكَ، قالَ: فَسَأَلْتُ رَبِيعَةَ بْنَ سَيْفٍ عَنِ الْكُدَا فَقَالَ: الْقُبُورُ فِيمَا أَحْسِبُ. رواه أبو داود والنسائي بنحوه إلا أنه قال في آخره: فَقَالَ: لَوْ بَلَغْتِهَا مَعَهُمْ مَا رَأَيْتِ الْجَنَّةَ حَتَّى يَرَاهَا جَدُّ أَبِيكِ. وربيعة هذا من تابعي أهل مصر، فيه مقال لا يقدح في حسن الإسناد. [الكدا] بضم الكاف وبالدال المهملة مقصوراً: هو المقابر. 9 - وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَإِذَا نِسْوَةٌ جُلُوسٌ قالَ: مَا يُجْلِسُكُنَّ؟ قُلْنَ: نَنْتَظِرُ الْجَنَازَةَ، قالَ: هَلْ تُغَسِّلْنَ؟ قُلْنَ: لاَ. قالَ: هَلْ تَحْمِلْنَ؟ قُلْنَ: لاَ. قالَ: هَلْ تُدْلِيَنَّ فِيمَنْ يُدْلِي؟ قُلْنَ: لا. قالَ فارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ (¬3) غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ. رواه ابن ماجة ورواه أبو يعلى من حديث أنس. ¬
الترهيب من المرور بقبور الظالمين وديارهم ومصارعهم مع الغفلة عما أصابهم وبعض ما جاء في عذاب القبر ونعيمه وسؤال منكر ونكير عليهما السلام
الترهيب من المرور بقبور الظالمين وديارهم ومصارعهم مع الغفلة عما أصابهم، وبعض ما جاء في عذاب القبر ونعيمه وسؤال منكر ونكير عليهما السلام 1 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ لأَصْحَابِهِ: يَعْنِي لَمَّا وَصَلُوا الْحِجْرَ دِيَارَ ثَمُودَ (¬1) لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ لاَ يُصِيبُكُمْ (¬2) مَا أَصَابَهُمْ. رواه البخاري ومسلم. لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين 2 - وفي رواية قالَ: لَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ صلى اللهُ علهي وسلم بِالْحِجْرِ قالَ: لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، ثُمَّ قَنَعَ (¬3) رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الْوَادِيَ. فصل 3 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. قالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه ¬
وسلم عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ. قالَتْ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بَعْدُ - صَلَّى صَلاةً إِلاَّ تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. رواه البخاري ومسلم. 4 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْمَوءتَى لَيُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ حَتَّى إِنَّ الْبَهَائِمَ لَتَسْمَعُ أَصْوَاتَهُمْ. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن. 5 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَوْلاَ أَنْ لاَ تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ عَذَابَ الْقَبْرِ. رواه مسلم. القبر أول منزل من منازل الآخرة 6 - وَعَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ قالَ: كانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ: تَذْكُرُ الْجَنَّةَ والنَّارَ فَلاَ تَبْكِي، وَتَذْكُرُ الْقَبْرَ فَتَبْكِي؟ فَقَالَ: إِنِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: الْقَبْرُ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الآخِرَةِ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ، قالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ مَنْظَراً قَطُّ إِلاَّ والْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وزاد درزين فيه مما لم أره في شيء من نسخ الترمذي، قال هانئ: وَسَمِعْتُ عُثْمَانَ ينْشدُ عَلَى قَبْرٍ: فَإِنْ تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيمَةٍ ... وَإِلاَّ فَإِنِّي لا إِخَالُكَ (¬1) نَاجِياً 7 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ (¬2) إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ فَيُقَالُ: هذَا مَقْعَدُكَ (¬3) حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود دون قوله: فَيُقَالُ إِلى آخِره. ¬
8 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قال رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يُسَلَّكُ عَلَى الْكَافِرِ في قَبْرِهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّيناً (¬1) تَنْهَشُهُ وَتَلْدَغُهُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَلَوْ أَنَّ تِنِّيناً مِنْهَا نَفَخَتْ في الأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ خَضْرَاءَ. رواه أحمد وأبو يعلى، ومن طريقه ابن حبان في صحيحه، كلهم من طريق درّاج عن أبي الهيثم. يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنيناً الخ 9 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ فِي قَبْرِهِ لَفِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فَيُرَحَّبُ لَهُ قَبْرَهُ سَبْعُونَ ذِرَاعاً، وَيُنَوِّرُ لَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ أَتَدْرُونَ فِيمَا أُنْزِلَتْ هذِهِ الآيَةُ (¬2): [فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى] قالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْمَعِيشَةُ الضَّنْكُ؟ قالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قالَ: عَذَابُ الْكَافِرِ في قَبْرِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّيناً أَتَدْرُونَ مَا التِّنِينُ؟ سَبْعُونَ حَيَّةً لِكُلِّ حَيَّةٍ سَبْعُ رُؤُوسٍ يَلْسَعُونَهُ وَيَخْدِشُونَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. رواه أبو يعلى وابن حبان في صحيحه واللفظ له، كلاهما من طريق درّاج عن ابن حجيرة عنه. 10 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ذَكَرَ فَتَّانَ الْقَبْرِ فَقَالَ عُمَرُ: أَتُرَدُّ عَلَيْنَا عُقُولُنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: نَعَمْ كَهَيْئَتِكَ الْيَوْمَ، فَقَالَ عُمَرُ بِفِيهِ الْحَجَرُ (¬3). رواه أحمد من طريق ابن لهيعة والطبراني بإسناد جيد. 11 - وَعَنْ عَائشِةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ تُبْتَلى هذِهِ الأُمَّةُ ¬
في قُبُورِهَا فَكَيْفَ بي وأَنَا امْرَأَةٌ ضَعِيفَةٌ. قالَ: [يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا (¬1) بِالْقَوْلِ الثّابِتِ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآخِرَةِ (¬2)]. رواه البزار، ورواته ثقات. جواب المؤمن والكافر والمنافق حين يسألون في القبر 12 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ (¬3) إِذَا انْصَرَفُوا أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ: مَا كَنْتَ تَقُولُ في هذَا النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلى مَقَعَدِكَ مِنَ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَداً مِنَ الْجَنَّةِ، قالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلم: فَيَراهُمَا جَمِيعاً، وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوِ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ، فَيُقَالُ: لاَ دَرَيْتَ (¬4) وَلاَ تَلَيْتَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلا الثّقَلَيْنِ (¬5). رواه البخاري واللفظ له، ومسلم. 13 - وفي رواية: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذا وُضِعَ في قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ فيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ فَإِنَّ اللهُ هَدَاهُ قالَ: كُنْتُ أَعْبُدُ اللهَ. فَيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ في هذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فَمَا يُسْأَلُ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلى بَيْتٍ كَانَ لَهُ في النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هذَا كانَ لَكَ، وَلكِنَّ اللهُ عَصَمَكَ (¬6) فَأَبْدَلَكَ بِهِ بَيْتاً في الْجَنَّةِ فَيَرَاهُ فَيَقُولُ: دَعُوني حَتَّى أَذْهَبَ فَأُبَشِّرَ ¬
أهْلِي فَيُقَالُ لَهُ. اسْكُنْ. قالَ: وَإِنَّ الْكَافِرَ أَوِ الْمُنَافِقَ (¬1) إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ فَيَنْتَهِرَهُ (¬2) فَيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، فَيُقَالُ: لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ، فَيُقَالُ لَهُ مَا كَنْتَ تَقُولُ في هذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيَضْرِبُهُ بِمِطْرَاقٍ بَيْنَ أُذنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا الْخَلْقُ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ. ورواه أبو داود نحوه والنسائي باختصار، ورواه أحمد بإِسناد صحيح من حديث أبي سعيد الخدري بنحو الرواية الأولى وزاد في آخره: فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَحَدٌ يَقُومُ عَلَيْهِ مَلَكٌ في يَدِهِ مِطْرَاقٌ إِلاَّ هِيلَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ]. ما ورد في الاستعاذة من فتنة القبر وعذابه وفتنة الدجال 14 - وَعَنْ عَائِشَةَ رضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: جَاءَتْ يَهُودِيَّةٌ اسْتَطْعَمَتْ عَلَى بَابِي فَقَالَتْ: أَطْعِمُونِي أَعَاذَكُمُ اللهُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَالِ وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ، قالَتْ: فَلَمْ أَزَلْ أَحْبِسُهَا حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا تَقُولُ هذِهِ الْيَهُودِيَّةُ قالَ: مَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: تَقُولُ: أَعَاذَكُمُ اللهُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ قالَتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَرَفَعَ يَدَيْهِ مَدّاً يَسْتَعِيذُ بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ، ثُمَّ قالَ: أَمَّا فِتْنَةُ الدَّجَّالِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلاَّ حَذَّرَ (¬3) أُمَّتَهُ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثْ لَمْ يُحَذِّرْهُ نَبِيٌّ أُمَّتَهُ: إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ اللهُ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، فَأَمَّا فِتْنَةُ الْقَبْرِ فَبِي يُفْتَنُونَ وَعَنِّي يُسْأَلُونَ فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ أُجْلِسَ في قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ وَلاَ مَشْعُوفٍ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ فَمَا كَنْتَ تَقُولُ في الإِسْلامِ؟ فَيُقَالُ: مَا هذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ جاءَ بالْبَيِّنَاتٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَصَدَّقْنَاهُ فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ (¬4) قِبَلَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يُحَطِّمُ بَعْضُهَا بَعْضاً فَيُقالُ لَهُ: انْظُرْ إِلى مَا وَقَاكَ اللهُ (¬5)، ثُمَّ تُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ إِلى الْجَنَّةٍ فَيَنْظُرُ إِلى ¬
زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا، وَيُقَالُ: عَلَى الْيَقِينِ كنْتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ أُجْلِسَ في قَبْرِهِ فَزِعاً مَشْعُوفاً فَيُقالُ لَهُ: فَمَا كُنْتَ تَقُولُ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلاً فَقُلْتُ كمَا قَالُوا فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ إِلى الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلى مَا صَرَفَ اللهُ عَنْكَ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يُحَطِّمُ بَعْضها بَعْضاً، وَيُقَالُ: هذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا، عَلى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُعَذَّبُ. رواه أحمد بإسناد صحيح. [قوله] غير مشعوف، هو بشين معجمة بعدها عين مهملة وآخره فاء، قال أهل اللغة: الشعف، هو الفزع، حتى يذهب بالقلب. 15 - وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فانْتَهَيْنَا إِلى الْقَبْرِ، وَلَمَّا يُلْحَدْ (¬1) بَعْدُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُؤُوسِنَا الطَّيْرُ (¬2)، وَبِيَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ (¬3) بِهِ في الأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثاً. زاد في رواية وقالَ: إِن الْمَيِّتَ يَسْمَعُ خَفْقَ (¬4) نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (¬5) حِينَ يُقَالُ لَهُ: يَا هذَا مَنْ رَبُّكَ وَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟. وفي رواية: وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، فَيَقُولاَنِ لَهُ: وَمَا دينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِي الإِسْلامُ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللهِ، فَيَقُولانِ لَهُ: وَمَا يُدْرِيكَ (¬6)؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ وآمَنْتُ وَصَدَّقْتُ. ¬
إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة الخ زاد في رواية فذلك قَوْلُهُ: [يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآخِرَةِ] فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَافْرُشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وافْتَحُوا لَهُ بَاباً إِلى الْجَنَّةِ فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، وَإِنَّ الْكَافِرَ فَذَكَرَ مَوْتَهُ قالَ: فَتُعَادُ رُوحُهُ في جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَان فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولاَنِ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي: فَيَقُولانِ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي، فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا هذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ (¬1) لاَ أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ قَدْ كَذَبَ فَافْرُشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ، وافْتَحُوا لَهُ بَاباً إِلى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، ويُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ (¬2) فِيهِ أَضْلاعُهُ. زاد في رواية: ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوْ ضَرَبَ بِهَا جَبَلاً لَصَارَ تُرَاباً فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَنْ بَيْنَ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ فَيَصِيرُ تُرَاباً ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ (¬3). رواه أبو داود، ورواه أحمد بإسناد رواتُهُ محتجٌّ بهم في الصحيح أطول من هذا، ولفظه قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فذَكَرَ مِثْلَهُ إِلى أَنْ قالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اسْتَعِيذَوا (¬4) بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثَاً، ثُمَّ قالَ: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ في انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ (¬5) مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، وَيَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ حَتَّى يُجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ قالَ: فَتَخْرُجُ فَتَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ في (¬6) السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا في يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ¬
كيف يكون حال المؤمن في القبر ومآله حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا في ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفي ذلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ، وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، قالَ: فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلاَ يَمُرُّونَ عَلى مَلأٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِلاَّ قَالُوا: مَا هذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فَيَقُولاَنِ: فُلاَنٌ ابْنُ فُلانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ التي كَانَ يُسَمَّى بِهَا في الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرِّبُوهَا إِلى السَّمَاءِ التي تليها، حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ (¬1)، وَأَعِيْدُوهُ إِلى الأَرْضِ في جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، فَيَقُولاَنِ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِي الإِسْلامُ، فَيَقُولانِ: مَا هذَا الرَّجُلُ الّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللهِ، فَيَقُولاَنِ: مَا يُدْرِيكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ (¬2)، وَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُهُ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ قَدْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وافْتَحُوا لَهُ بَاباً إِلى الْجَنَّةِ. قالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا (¬3) وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ. قالَ: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بالّذِي يَسُرُّكَ، هذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الْحَسَنُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ، رَبِّ أَقَمِ السَّاعَةَ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلى أَهْلِي وَمَالِي. وَإِنّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ في انْقِطَاعٍ مِنَ الْدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمُ الْمُسُوحُ (¬4) فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ؛ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلى سَخَطٍ مِنَ اللهِ، وَغَضَبٍ فَتَفَرَّقُ في جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا (¬5) كَنَا يُنْتَزَعُ السَّفُودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا في يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا في تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَتَخْرُجُ مِنْهَا ¬
كيف يكون حال الكافر في القبر ومآله؟ كَأَنْتَنِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلأٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِلاَّ قَالُوا: مَا هذِهِ الرِّيحُ الْخَبِيثَةُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلانُ ابْنُ فُلاَنٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ التي كَانَ يُسَمَّى بِهَا في الدُّنْيَا؛ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلاَ يُفْتَحُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ (¬1) السَّمَاءِ، وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ (¬2) الْجَمَلُ في سَمِّ الْخِيَاطِ) فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ في سِجِّينٍ في الأَرْضِ السُّفْلَى، ثُمَّ تُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحاً، ثُمَّ قَرَأَ: [وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ (¬3) مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ (¬4) أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ في مَكَانٍ سَحِيقٍ (¬5)] فَتُعَادُ رُوحُهُ في جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي. قالَ: فَيَقُولانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي. قالَ: فَيَقُولانِ لَهُ: مَا هذَا الرَّجُلُ الّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَاباً إِلى النَّارِ. فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفُ فِيهِ أَضْلاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبشِرْ بالّذِي يَسُوؤُكَ، هذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الْقَبِيحُ يُجِيءُ بِالشَّرِّ! فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيبُ، فَيَقُولُ: رَبِّ لاَ تُقِمِ السَّاعَةَ. وفي رواية له بمعناه وزاد: فَيَأْتِيهِ آتٍ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِهَوَانٍ مِنَ اللهِ وَعَذَابٍ مُقِيمٍ، فَيقُولُ: بَشَّرَكَ اللهُ بِالشَّرِّ، مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: ¬
أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ كُنْتَ بَطِيئاً عَنْ طَاعَةِ اللهِ سَرِيعاً في مَعْصِيَتِهِ فَجَزَاكَ اللهُ بِشَرٍّ، ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَصَمُّ أَبْكَمُ في يَدِهِ مِرْزَبَّةٌ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ كَانَ تُرَاباً، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً فَيَصِيرُ تُرَاباً ثُمَّ يُعَيدُهُ اللهُ كَمَا كَانَ فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أُخْرَى فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلاّ الثَّقَلَيْنِ. قالَ الْبَرَاءُ: ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ النَّارِ، وَيُمَهَّدُ لَهُ مِنْ فَرْشِ النَّارِ. [قال الحافظ]: هذا الحديث حديث حسن، ورواته محتج بهم في الصحيح كما تقدم، وهو مشهور بالمنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء، كذا قال أبو موسى الأصبهاني رحمه الله، والمنهال روى له البخاري حديثاً واحداً، وقال ابن معين: المنهال ثقة وقال أحمد العجلي: كوفي ثقة وقال أحمد بن حنبل: تركه شعبة على محمد. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: لأنه سُمِع من داره صوت قراءة بالتطريب، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: أبو بشر أحب إليّ من المنهال، وزاذان ثقة مشهور ألانه بعضهم، وروى له مسلم حديثين في صحيحه، ورواه البيهقي من طريق المنهال بنحو رواية أحمد، ثم قال: وهذا حديث صحيح الإسناد، وقد رواه عيسى بن المسيب عن عدي بن ثابت عن البراء عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم، وذكر فيه اسم الملكين فقال في ذكر المؤمن: فَيُرَدُّ إِلى مَضْجَعِهِ فَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ يُثِيرَانِ الأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا وَيَلْجُفَانِ الأَرْضَ بِشِفَاهِهِمَا فَيُجْلِسَانِهِ؛ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: يَا هذَا مَنْ رَبُّكَ؟ فَذَكَرَهُ وَقَالَ في ذِكْرِ الْكَافِرِ: فَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ وَنَكيرٌ يُثِيرَانِ الأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا، ويَلْجُفَانِ الأَرْضَ بِشفَاهِهِمَا، أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ، وَأَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ فَيُجْلِسَانِهِ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا هذَا مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، فَيُنَادَى مِنْ جَانِبِ الْقَبْرِ: لاَ دَرَيْتَ وَيَضْرِبَانِهِ بِمِرْزَبَّةٍ مِنْ حَدِيدٍ، لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا منْ بَيْن الْخَافِقِيْنِ لَمْ يُقِلُّوهَا يَشْتَعِلُ مِنْهَا في قَبْره ناراً، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاعُهُ. [قوله: هاه هاه] هي كلمة تقال في الضحك وفي الإبعاد، وقد تقال للتوجع، وهو أليق بمعنى الحديث والله أعلم. 16 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ
الْمُؤْمِنَ إِذَا قُبِضَ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ، فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي إِلى رَوْحِ اللهِ (¬1) فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ حَتّى إِنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَيَشُمُّونَهُ حَتّى يَأْتُوا بِهِ بَابَ السَّمَاءِ؛ فَيَقُولُونَ: مَا هذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ الّتِي جَاءَتْ مِنَ الأَرْضِ، وَلاَ يَأْتُونَ سَمَاءً إِلاَّ قالُوا مِثْلَ ذَلِكَ حَتّى يَأْتُوا بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحاً بِهِ مِنْ أَهْلِ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ، فَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلانٌ؟ فَيَقُولُونَ: دَعُوهُ حَتَّى يَسْتَرِيحَ فَإِنَّهُ كَانَ في غَمِّ الْدُّنْيَا، فَيَقُولُ: قَدْ مَاتَ أَمَا أَتَاكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: ذُهِبَ بِهِ إِلى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَأْتِيهِ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ بِمِسْحٍ فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي إِلى غَضَبِ اللهِ فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ، فَيُذْهَبُ بِهِ إِلى بَابِ الأَرْضِ. رواه ابن حبان في صحيحه، وهو عند ابن ماجة بنحوه بإسناد صحيح. ما يجري بين الميت في القبر وبين منكر ونكير في القول. 17 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: شَهِدْنَا جَنَازَةً مَعَ نَبِيِّ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهَا، وانْصَرَفَ النَّاسُ، قالَ نَبِيُّ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّهُ الآنَ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِكُمْ أَتَاهُ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ أَعْيُنُهُمَا مِثْلُ قُدُورِ (¬2) النُّحَاسِ، وَأَنْيَابُهُمَا مِثْلُ صَيَاصِي الْبَقَرِ، وأَصْوَاتُهُمَا مِثْلُ الرَّعْدِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَسْأَلاَنِهِ مَا كَانَ يَعْبُدُ وَمَنْ كَانَ نَبِيُّهُن فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْبُدُ اللهَ قالَ: أَعْبُدُ اللهَ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صلى اللهُ عليه وسلم، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَآمَنَّا بِهِ واتَّبَعْنَاهُ فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: [يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بالْقَوْلِ الثَّابِتِ، في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ] فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ حَيِيتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ (¬3)، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيُوَسَّعُ لَهُ في حُفْرَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّكِّ قالَ: لاَ أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئاً فَقُلْتُهُ، فَيُقَالُ لَهُ عَلَى الشَّكِّ حَيِيتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلى النَّارِ، وَتُسَلَّطُ عَلَيْهِ عَقَارِبُ وَتَنانِينُ لَوْ نَفَخَ أَحَدُهُمْ عَلَى الدُّنْيَا مَا أَنْبَتَتْ شَيْئاً تَنْهَشُهُ، وَتُؤْمَرُ الأَرْضُ فَتَضْطَمُّ عَلَيْهِ (¬4) ¬
حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاعُهُ. رواه الطبراني في الأوسط، وقال: تفرد به ابن لهيعة: [قال الحافظ]: ابن لهيعة حديثه حسن في المتابعات، وأما ما انفرد به فقليل من يحتج به، والله أعلم. [صياصي البقر]: قرونها. بيان أن الأعمال الصالحة تنفع المرء المسلم في القبر 18 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ؛ أَوْ قالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَادَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا: الْمُنْكَرُ وللآخَرِ النَّكِيرُ، فَيَقُولانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ في هذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللهِ ورَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هذاَ، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً في سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فيهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَقُولُ: أَرْجِعُ إِلى أَهْلِي فأُخْبِرُهُمْ؟ فَيَقُولانِ: نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الذِي لاَ يُوقِظُهُ إِلاَّ أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ (¬1) ذلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُنَافِقاً قالَ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلاً فَقُلْتُ مِثْلَهُ لاَ أَدْرِي فَيَقُولانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ فَيُقَالُ للأَرْضِ: الْتَئِمِي عَلَيْهِ فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفُ أَضْلاعُهُ فَلاَ يَزَالُ فِيهَا مُعَذّباً، حَتَّى يَبْعَثُهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وابن حبان في صحيحه. [العروس] يطلق على الرجل وعلى المرأة ما داما في أعراسهما. يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة 19 - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ، إِنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يَوَلُّوا مُدْبِرِينَ، فَإِنْ كانَ مُؤْمِناً كانَتِ الصَّلاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَانَتِ الزّكاةُ عَنْ شِمَالِهِ وَكَانَ فِعْلُ الْخَيْراتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصَّلاةِ والْمَعْرُوفِ والإِحْسَانِ إِلى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَتَقُولُ الصَّلاَةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ (¬2) ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ فَيَقُولُ الصِّيَامُ: ¬
مَا قِبَلي مَدْخلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ فَتَقُولُ الزَّكَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَيَقُولُ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالإِحْسَانِ إِلى النَّاسِ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ فَيُقَالُ لَهُ اجْلِسْ فَيَجْلِسُ قَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ، وَقَدْ دَنَتْ لِلْغُرُوبِ فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كانَ قِبَلَكُمْ مَا تَقُولُ فِيهِ، وَمَاذَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَيَقُولُونَ إِنَّكَ سَتَفْعَلُ أَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلُكَ عَنْهُ أَرَأَيْتَكَ هذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ قِبَلَكُمْ مَاذَا تَقُولُ فِيهِ، وَمَاذَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ؟ قالَ: فَيَقُولُ: مَحَمَّدٌ أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَأَنَّهُ جَاءَ بالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ، وَعَلى ذَلِكَ مِتَّ، وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: هذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا، وَمَا أَعَدَّ اللهُ لَكَ فِيهَا فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُوراً، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هذَا مَقْعَدُكَ وَمَا أَعَدَّ اللهُ لَكَ فِيهَا لَوْ عَصَيْتَهُ فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُوراً، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً وَيُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، وَيُعَادُ الْجَسَدُ (¬1) كَما بَدَأَ مِنْهُ فَتُجْعَلُ نَسَمَتُهُ في النَّسِيمِ الطَّيِّبِ وَهِيَ طَيْرٌ تَعْلَقُ في شَجَرِ الْجَنَّةِ (¬2) فَذلِكَ قَوْلُهُ: [يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِيْنَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثابِتِ، في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآخِرَةِ] الآيَة، وَإِنّ الْكَافِرَ إِذَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ ثُمَّ أُتِيَ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ أُتِيَ عَنْ شِمَالِهِ فَلاَ يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَلاَ يُوجَدُ شَيْءٌ. فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ فَيَجْلِسُ مَرْعُوباً (¬3) خَائِفاً، فَيُقَالُ: أَرَأَيْتَكَ هذَا الرّجُلُ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ مَاذَا تَقُولُ فِيهِ وَمَاذَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: أَيُّ رَجُلٍ وَلاَ يَهْتَدِي لاسْمِهِ فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: لا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ قَالُوا قَوْلاً فَقُلْتُ كَمَا قالَ النَّاسُ فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هذَا مَقْعَدُكَ مِنَ النَّارِ وَمَا أَعَدَّ اللهُ لَكَ فِيهَا فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُوراً (¬4) ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِن أَبْوَابِ الْجنَّةِ قالَ لَهُ: هذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا وَمَا أَعَدَّ اللهُ ¬
لَكَ فِيهَا لَوْ أَطَعْتَهُ فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُوراً، ثُمَّ يُضَيَّقْ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ فَتِلْكَ الْمَعِيشَةُ الضَّنْكَةُ (¬1) الَّتِي قالَ اللهُ: [فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً، وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (¬2)]. رواه الطبراني في الأوسط، وابن حبان في صحيحه واللفظ له، وزاد الطبراني قال: أبو عمر يعني الضرير قلت لحماد بن سلمة: كان هذا من أهل القبلة؟ قال: نعم. قال أبو عمر: كان شهد بهذه الشهادة على غير يقين يرجع إلى قلبه كان يسمع الناس يقولون شيئاً فيقوله. 20 - وفي رواية للطبراني: يُؤتَى الرَّجُلُ في قَبْرِهِ فَإِذَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ دَفَعَتْهُ تِلاوَةُ الْقُرْآنِ، وَإِذَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ يَدَيْهِ دَفَعَتْهُ الصَّدَقَةُ، وَإِذَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ دَفَعَهُ مَشْيُهُ إِلى الْمَسَاجِدِ الْحديث. [النسمة] بفتح النون والسين: هي الروح. [قوله: تعلق] بضم اللام: أي تأكل. [قال الحافظ]: وقد أملينا في الترهيب من إصابة البول الثوب؛ وفي النميمة جملة من الأحاديث في أن عذاب القبر من البول والنميمة لم نعد من تلك الأحاديث هنا شيئاً، والأحاديث في عذاب القبر وسؤال الملكين كثيرة، وفيما ذكرناه كفاية، والله الموفق لا رب غيره. ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر 21 - وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلاّ وَقَاهُ اللهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ (¬3). رواه الترمذي وغيره وقال الترمذي: حديث غريب، وليس إسناده بمتصل. الترهيب من الجلوس على القبر، وكسر عظم الميت 1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ (¬4) فَتَحْرِقَ ثِيَابَهُ ¬
فَتَخْلصَ (¬1) إِلى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ. رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. 2 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لأَنْ أَمْشِيَ عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ سَيْفٍ (¬2) أَوْ أَخْصِفَ نَعْلِي (¬3) بِرِجْلِي أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ. رواه ابن ماجة بإسناد جيد. 3 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لأَنْ أَطَأَ (¬4) عَلَى جَمْرَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِم. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن وليس في أصلي رفعه. 4 - وَعَنْ عِمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: رَآنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: جَالِساً عَلَى قَبْرٍ فَقَالَ: يَا صَاحِبَ الْقَبْرِ انْزِلْ مِنْ عَلى الْقَبْرِ، لاَ تُؤْذِي صَاحِبَ الْقَبْرِ (¬5) وَلاَ يُؤْذِيكَ (¬6). رواه الطبراني في الكبير من رواية ابن لهيعة. ¬
5 - وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيَّاً (¬1) رواه أبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه. ¬
كتاب البعث وأهوال يوم القيامة
كتاب البعث وأهوال يوم القيامة [قال الحافظ]: وهذا الكتاب بجملته ليس صريحاً في الترغيب والترهيب، وإنما هو ¬
حكاية أمور مهولة تؤول بالسعداء إلى النعيم، وبالأشقياء إلى الجحيم، وفي غضونها ما هو صريح ¬
فيها أو كالصريح على إملاءِ نبذ منه يحصل بالوقوف عليها الإِحاطة بجميع معاني ما ورد فيه على طرف من الإجمال، ولا يخرج عنها إلا زيادة شاذة في حديث ضعيف أو منكر، إذ لو ¬
استوعبنا منه كما استوعبنا من غيره من أبواب هذا الكتاب لكان ذلك قريباً مما مضى، ولخرجنا عن غير المقصود إلى الإطناب المملّ، والله المستعان، وجعلناه فصولاً. ¬
فصل في النفخ في الصور وقيام الساعة
فصل في النفخ في الصور وقيام الساعة 1 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: مَا الصُّورُ؟ قالَ: قَرْنٌ (¬1) يُنْفَخُ فِيهِ. رواه أبو داود والترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه. ¬
2 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: كَيْفَ أَنْعَمُ (¬1) وَقَدِ الْتَقَمَ صَاحِبُ الْقَرْنِ الْقَرْنَ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ (¬2)، وَأَصْغى سَمْعَهُ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْمَرَ فَيَنْفُخَ فَكَأَنَّ ذَلِكَ ثَقُلَ (¬3) عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالُوا: فَكَيْفَ تَفْعَلُ يَا رَسُولَ الهِ أَوْ نَقُولُ؟ قالَ: قُولُوا حَسْبُنَا اللهُ (¬4) وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا، وَرُبَّمَا قالَ: تَوَكلْنَا عَلَى اللهِ. رواه الترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن وابن حبان في صحيحه، ورواه أحمد والطبراني من حديث زيد بن أرقم ومن حديث ابن عباس أيضاً. 3 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحرِثِ قالَ: كَنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَعِنْدَهَا كَعْبُ الأَحْبَارِ فَذُكِرَ إِسْرَافِيلُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا كَعْبُ أَخْبِرْنِي عَنْ إِسْرَافِيلَ؟ فَقَالَ كَعْب: عِنْدَكُمْ الْعِلْمُ قالَتْ: أَجَلٌ (¬5) قالَتْ: فَأَخْبِرْنِي، قالَ: لَهُ أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ جَنَاحَانِ في الْهَواءِ وَجَنَاحٌ قَدْ تَسَرْبَلَ بِهِ (¬6)، وَجَنَاحٌ عَلى كَاهِلِهِ (¬7)، والْقَلَمُ عَلى أُذُنِهِ، فإِذَا نَزَلَ (¬8) الْوَحْيُ كَتَبَ الْقَلَمُ، ثُمَّ دَرَسَتِ الْمَلائِكَةُ، وَمَلَكُ الصُّورِ جَاثٍ (¬9) عَلَى إِحْدَىرُكْبَتَيْهِ وَقَدْ نَصَبَ (¬10) الأُخْرَى فالْتَقَمَ الصُّورَ يُحْنِي ظَهْرَهُ (¬11)، وَقَدْ أُمِرَ إِذَا رَأَى إِسْرَافِيلُ قَدْ ضَمَّ جَنَاحَهُ أَنْ يَنْفُخَ في الصُّورِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. ¬
4 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ قَبْلَ السَّاعَةِ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ مِثْلُ التُّرْسِ فَلاَ تَزَالُ تَرْتَفِعُ في السَّمَاءِ وَتَنْتَشِرُ حَتَّى تَمْلأَ السَّمَاءَ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَتَى أَمْرُ اللهِ (¬1) فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ، قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الرَّجُلَيْنِ يَنْشُرَانِ الثَّوْبَ فَلاَ يَطْوِيَانِهِ (¬2)، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَمْدُرُ حَوْضَهُ فَلاَ يَسْقِي مِنْهُ شَيْئًا أَبَدًا، وَالرَّجُلُ يَحْلُبُ نَاقَتَهُ فَلا يَشْرَبُهُ أَبدًا. رواه الطبراني بإسناد جيد رواته ثقات مشهورون. [مدر الحوض] أي طيّنه لئلا يتشرب منه الماء. 5 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَتَقُومُ السَّاعَةُ وَثَوْبُهُمَا بَيْنَهُمَا لاَ يُبَايِعَانِهِ وَلاَ يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومُ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ بِلَبَنِ لَفْحَتِهِ لاَ يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومُ السَّاعَةُ يَلُوطُ حَوْضَهُ لاَ يَسْقِيهِ، وَلَتَقُومُ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ لُقْمَتَهُ إِلى فِيهِ لاَ يَطْعَمُهَا. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه. [لاطه] بالطاء المهملة بمعنى مدره. 6 - وَعَنْ أَبِي مَرِيَةَ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، أَوْ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: النَّافِخَانِ في السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ رَأْسُ أَحَدِهِمَا بِالْمَشْرِقِ وَرِجْلاَهُ بالْمَغْرِبِ، أَوْ قالَ: رَأْسُ أَحَدِهِمَا بِالْمَغْرِبِ وَرِجْلاهُ بالْمَشْرِقِ يَنْتَظِرَانِ مَتَى يُؤْمَرَانِ أَنْ يَنْفُخَا في الصُّورِ فَيَنْفُخَانِ. رواه أحمد بإسناد جيد هكذا على الشك في إرساله أو اتصاله. ¬
7 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ قِيلَ: أَرْبَعُونَ يَوْماً؟ قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَبَيْتُ، قالَ (¬1): أَرْبَعُونَ شَهْرَاً؟ قالَ: أَبَيْتُ. قالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قالَ: أَبَيْتُ. ثُمَّ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءٌ فَيَنْبُتُونَ كما يَنْبُتُ الْبَقْلُ (¬2)، وَلَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلاَّ يَبْلَى (¬3) إِلاَّ عَظْمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ عَجْبُ الذنَبِ، مِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه البخاري ومسلم. 8 - ولمسلم قال: إِنَّ في الإِنْسَانِ عَظْمَاً لاَ تَأْكُلُهُ الأَرْضُ أَبَداً، فِيهِ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قالُوا: أَيُّ عَظْمٍ هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: عَجْبُ الذَّنَبِ. ورواه مالك وأبو داود والنسائي باختصار، قال: كُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ الأَرْضُ إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَبِ، مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ. [عجب الذنب] بفتح العين وإسكان الجيم بعدها باء أو ميم، وهو العظم الحديد الذي يكون في أسفل الصلب، وأصل الذنب من ذوات الأربع. 9 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَأْكُلُ التُّرَابُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الإِنْسَانِ إِلاَّ عَجْبَ ذَنَبِهِ، قِيلَ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْهُ تُنْشَؤُونَ (¬4). رواه أحمد وابن حبان في صحيحه من طريق دراج عن أبي الهيثم. 10 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا ثُمَّ قالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: الْمَيِّتُ يُبْعَثُ (¬5) في ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا. رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه، وفي إسناده يحيى بن أيوب وهو الغافقي المصري احتج به البخاري ومسلم وغيرهما، وله مناكير، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال أحمد سيء الحفظ، وقال ¬
فصل في الحشر وغيره
النسائي: ليس بالقويِّ، وقد قال كل من وقفت على كلامه من أهل اللغة: إن المراد بقوله: يُبْعَثُ في ثِيَابِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا، أي في أعماله قال الهروي: وهذا كحديثه الآخر يُبْعَثُ الْعَبْدُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ، قال: وليس قول من ذهب إلى الأكفان بشيء، لأن الميت إنما يكفن بعد الموت، انتهى. [قال الحافظ]: وفعل أبي سعيد راوي الحديث يدل على إجرائه على ظاهره، وان الميت يبعث في ثيابه التي قبض فيها، وفي الصحاح وغيرها أن الناس يبعثون عراة كما سيأتي في الفصل بعده إن شاء الله، فالله سبحانه أعلم. فصل في الحشر وغيره 11 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: إِنَّكُمْ مُلاقُو الله حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً. زاد في رواية: مُشَاةً. إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا 12 - وفي رواية قال: قامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بِمَوْعِظَةٍ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلى اللهِ حُفَاةً (¬1) عُرَاةً (¬2) غُرْلاً (¬3) [كما بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ (¬4) وَعْداً (¬5) عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (¬6)]. أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلائِقِ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَلاَ وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟ فَأَقُولُ كما قالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: وَكُنْتُ ¬
عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ (¬1) إِلى قَوْلِهِ: الْعَزِيزُ الْحكِيمُ. قالَ: فَيَقُالُ لِي: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ (¬2) عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ. زاد في رواية: فأَقُولُ: سُحقاً سُحْقاً (¬3). رواه البخاري ومسلم، ورواه الترمذي والنسائي بنحوه [الغُرْل] بضم الغين المعجمة وإسكان الراء: جمع أغرل، وهو الأقلف. 13 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يقُولُ: يُحْشَرُ النَّاسُ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً. قالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ جَمِيعاً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ؟ قالَ: الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذلِكَ. وفي رواية: مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ. رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة. يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة غرلا 14 - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً حُفَاةً، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَاسَوْأَتَاهُ ينْظُرُ بَعْضُنا إلى بَعْضٍ فَقَالَ: شُغِلَ النَّاسُ، قُلْتُ: مَا شَغَلَهُمْ؟ قالَ: نَشْرُ الصَّحَائِفِ فِيهَا مَثَاقِلُ الذَّرِّ (¬4)، وَمَثَاقِيل الْخَرْدَلِ. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد صحيح. 15 - وَعَنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يُبْعَثُ النَّاسُ حُفَاةً عرَاةً غُرْلاً قَدْ أَلْجَمَهُمُ الْعَرَقُ وَبَلَغَ شُحُومَ الآذَانِ، فَقُلْتُ: ¬
يُبْصِرُ بَعْضُنَا بَعْضاً؟ فَقَالَ: شُغِلَ النَّاسُ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (¬1) رواه الطبراني ورواته ثقات. 16 - وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُحشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللهِ فَكَيْفَ يَرَى بَعْضُنَا بَعْضاً؟ فَقَالَ: إِنَّ الأَبْصَارَ شَاخِصَةٌ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلى السَّمَاءِ (¬2)، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتِي، قالَ: اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتَهَا. رواه الطبراني، وفيه سعيد بن المرزُبان وقد وُثق. يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء 17 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ لَيْسَ فِيْهَا عَلَمٌ لأَحَدٍ. وفي رواية قال سهل أو غيره: لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَدٍ. رواه البخاري ومسلم. [العفراء] هي البيضاء ليس بياضها بالناصع. [والنقيّ]: هو الخبز الأبيض. [والمعلم] بفتح الميم: ما يجعل علماً وعلامة للطريق والحدود، وقيل: المعلم: الأثر، ومعناه أنها لم توطأ قبل فيكون فيها اثر أو علامة لأحد. 18 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قالَ اللهُ تَعَالَى: [الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ (¬3) إِلى جَهَنَّمَ] أَيُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ؟ قالَ ¬
رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسلم: أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ في الدُّنْيَا قادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ؟ قالَ قَتَادَةٌ حِينَ بَلَغَهُ: بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا (¬1). رواه البخاري ومسلم. 19 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلاثَةَ أَصْنَافٍ (¬2). صِنْفَاً مُشَاةً، وَصِنْفاً رُكْباناً، وَصِنْفاً عَلى وُجُوهِهِمْ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ؟ قالَ: إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَقْدَامِهِمْ قادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَمَا يَتَّقُونَ بَوُجُوهِهِمْ كُلَّ حَدَبٍ وَشَوْكٍ، رواه الترمذي وقال: حديث حسن. إنكم تحشرون رجالاً وركباناً وتجرون على وجوهكم 20 - وَعَنْ بَهَزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ علهي وسلم: يَقُولُ: إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ رِجَالاً (¬3) وَرُكْبَاناً. وَتُجَرُّونَ عَلَى وُجُوهِكُمْ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. 21 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ حَدَّثّنِي أَنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ ثَلاثَةَ أَفْوَاجٍ (¬4) فَوْجاً رَاكِبِينَ (¬5) طَاعِمِينَ كَاسِينَ، وَفَوْجَاً تَسْحَبُهُمُ الْملائِكَةُ عَلَى وُجُوهِهِمْ، وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ، وَفَوْجاً يَمْشُونَ وَيَسْعَوْنَ. الحديث رواه النسائي. 22 - وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يَبْعَثُ ¬
اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاساً في صُوَرِ الذَّرِّ (¬1) يَطَؤُهُمْ النَّاسُ بِأَقْدَامِهِمْ، فَيُقَالُ: مَا هؤُلاءِ في صُوَرِ الذَّرِّ؟ فَيُقَالُ: هؤُلاءِ الْمُتَكَبِّرُونَ فِي الدُّنْيَا. رواه البزار. 23 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ في صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ يُسَاقُونَ إِلى سِجْنٍ في جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُ: بُؤْلَسُ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةِ الْخَبَالِ (¬2). رواه النسائي والترمذي، وقال: حديث حسن، وتقدم مع غريبه في الكبير. يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق 24 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ علهي وسلم: يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى ثَلاثِ طَرَائِقَ رَاغِبِينَ وَرَاهِبِينَ، واثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَيَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قالُوا، وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا. رواه البخاري ومسلم. [الطرائق] جمع طريقة: وهي الحالة. 25 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ في الأَرْضِ عَرَقُهُمْ سَبْعِينَ ذِرَاعاً، وَإِنَّهُ يُلْجِمُهُمْ (¬3) حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ. رواه البخاري ومسلم. ¬
26 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين) قالَ: يَقُومُ أَحَدُهُمْ في رَشْحِهِ إِلى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ. رواه البخاري ومسلم واللفظ له، ورواه الترمذي مرفوعاً وموقوفاً، وصحح المرفوع. ما جاء في دنو الشمس من رؤوس الخلق يوم القيامة 27 - وَعَنِ الْمِقْدَادِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: تُدْنَى (¬1) الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ. قالَ سَلِيمُ بْنُ عَامِرٍ: واللهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ مَسَافَةَ الأَرْضِ، أَوِ الْمِيلَ الَّتِي تُكْحَلُ بِهِ الْعَيْنُ، قالَ: فَتَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ في الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلى حَقْوَيْهِ (¬2)، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَاماً، وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بِيَدِهِ إِلى فِيهِ. رواه مسلم. 28 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: تَدْنُو الشَّمْسُ مِنَ الأَرْضِ فَيَعْرَقُ النَّاسُ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَبْلُغُ عَرَقُهُ عَقِبيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ إِلى الْعَجُزِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْخَاصِرَة، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ مَنْكِبَيْهِ،، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ عُنُقَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ وَسَطَهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ أَلْجَمَهَا فَاهُ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُشِيرُ هكَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ يُغَطِّيْهِ عَرَقُهُ: وَضَرَبَ بِيَدِهِ وَأَشَارَ وَأَمَرَّ يَدَهُ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصِيبَ الرَّأْسَ دَوْرُ رَاحَتَيْهِ يَمِيناً وَشِمَالاً. رواه أحمد والطبراني وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإِسناد. 29 - وَعَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَطَّارِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لا أَعلمه إلا رفعه قالَ: لَمْ يَلْقَ ابْنُ آدَمَ شَيْئاً مُنْذُ خَلَقَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ، ثُمَّ إِنَّ الْمَوتَ أَهْوَنُ ¬
مِمَّا بَعْدَهُ، وَإِنَّهُمْ لَيَلْقَوْنَ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ شِدَّةً حَتَّى يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ (¬1) حَتَّى إِنَّ السُّفُنَ لَوْ أُجْرِيَتْ فِيهِ لَجَرَتْ. رواه أحمد مرفوعاً باختصار والطبراني في الأوسط على الشك هكذا واللفظ له وإِسنادهما جيد. الأرض كلها نار يوم القيامة 30 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: الأَرْضُ كُلُّهَا نَارٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْجَنَّةُ مِنْ وَرَائِهَا كَوَاعِبُهَا وَأَكْوَابُهَا، والَّذِي نَفْسُ عَبْدِ اللهِ بِيَدِهِ إِنَّ الرَّجُلَ لِيَفِيضُ عَرَقَاً حَتَّى يَسِيحَ في الأَرْضِ قامَتَهُ (¬2)، ثُمَّ يَرْتَفِعُ حَتَّى يَبْلُغَ أَنْفَهُ، وَمَا مَسَّهُ الْحِسَابُ. قالُوا: مِمَّ ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ؟ قالَ: مِمَّا يَرَى النَّاسَ (¬3) يَلْقَوْنَ، رواه الطبراني موقوفاً بإسناد جيد قويّ. 31 - وَعَنْ عَبْد اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُلْجِمُهُ الْعَرَقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَرِحْنِي (¬4) وَلَوْ إِلى النَّارِ. رواه الطبراني في الكبير بإِسناد جيد، وأبو يعلى، ومن طريقه ابن حبان إلا أنهما قالا: إِنَّ الْكَافِرَ. ورواه البزار والحاكم من حديث الفضل بن عيسى وهو واهٍ عن المنكدر عن جابر، ولفظه: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ الْعَرَقَ لَيَلْزَمُ الْمَرْءَ في الْمَوْقِفِ حَتَّى يَقُولَ: يَا رَبِّ إِرْسَالُكَ بِي إِلى النَّارِ أَهْوَنُ عَلَيِّ مِمَّا أَجِدُ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا فِيهَا مِنْ شِدَّةِ الْعَذَابِ. وقال الحاكم: صحيح الإِسناد. 32 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) مِقْدَارَ نِصْفِ يَوْمٍ مِنْ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَيَهُونُ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِ كَتَدَلِّي الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ إِلى أَنْ تَغْرُبَ، رواه أبو يعلى بإِسناد صحيح، وابن حبان في صحيحه. 33 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: ¬
يَوْماً كَانَ مِقْدَارُهُ خَمسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَقِيلَ: مَا أَطْوَلَ هذَا الْيَوْمَ! قالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيُخَفَّفُ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ مِنْ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ (¬1). رواه أحمد وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه كلهم من طريق درّاج عن أبي الهيثم. 34 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: تَجْتَمِعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ: أَيْنَ فُقَرَاءُ هذِهِ الأُمَّةِ وَمَسَاكِينُهَا؟ فَيَقُومُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَاذَا عَمِلْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا ابْتَلَيْتَنَا (¬2) فَصَبَرْنَا، وَوَلَّيْتَ الأَمْوَالَ وَالسُّلْطَانَ غَيْرَنَا، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقْتُمْ. قالَ: فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ النَّاسِ، وَتَبْقَى شِدَّةُ الْحِسَابِ عَلَى ذَوِي الأَمْوَالِ وَالسُّلْطَانِ. قالُوا: فَأَيْنَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَئِذٍ (¬3)؟ قال تُوضَعُ لَهُمْ كَرَاسِيُّ مِنْ نُورٍ، وَيُظَلَّلُ عَلَيْهِمْ الْغَمَامُ يَكُونُ ذَلِكَ الْيَوْمُ أَقْصَرَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ سَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه. [قال الحافظ]: وقد صح أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام، وتقدم ذلك في الفقر. يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم 35 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يَجْمَعُ اللهُ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ لِميقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (¬4) قِيَامَاً أَرْبَعِينَ سَنَةً شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ يَنْتَظِرُونَ فَصْلَ الْقَضَاءِ. قالَ: وَيَنْزِلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ مِنَ الْعَرشِ إِلى ¬
أهوال يوم القيامة الْكُرْسِيِّ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ أَيُّهَا النَّاسُ: أَلَمْ تَرْضَوْا مِنْ رَبِّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، وَأَمَرَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً أَن يُوَلِّي كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ في الدُّنْيَا، أَلَيْسَ ذَلِكَ عَدْلاً مِنْ رَبِّكُمْ؟ قالُوا: بَلَى، فَيَنْطَلِقُ كُلُّ قَوْمٍ إِلى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَيَتَوَلَّوْنَ فِي الدُّنْيَا، قالَ: فَيَنْطَلِقُونَ وَيُمَثَّلُ لَهُمْ أَشْبَاهُ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يُنْطَلِقُ إِلى الشَّمْسِ (¬1)، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْطَلِقُ إِلى الْقَمَرِ وَالأَوْثَانِ مِنَ الْحِجَارَةِ، وَأَشْبَاهِ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ. قالَ: وَيُمَثَّلُ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُ عِيسَى شَيْطَانُ عِيسَى وَيُمَثَّلُ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُ عُزَيْراً شَيْطَانُ عُزَيْرٍ، وَيَبْقَى مُحَمَّدٌ صلى اللهُ عليه وسلم وأُمَّتُهُ قالَ: فَيَتَمَثَّلُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَيَأْتِيهِمْ فَيَقُولُ: مَا لَكُمْ لا تَنْطَلِقُونَ كما انْطَلَقَ النَّاسُ؟ قالَ: فَيَقُولُونَ: إِنَّ لَنَا إلهاً ما رأَيْنَاهُ: فيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَهُ إِنْ رَأَيْتُمُوهُ؟ فَيَقُولُونَ: إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ علامَةً إِذَا رَأَيْنَاهَا عَرَفْنَاهَا. قالَ: فَيَقُولُ: مَا هِيَ؟ فَيَقُولُونَ: يَكْشِفُ عَنْ ساقِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ فَيَخِرُّ كُلُّ مَنْ كَانَ مُشْرِكَاً يُرَائِي لِظَهْرِهِ، وَيَبْقَى قَوْمٌ ظُهُورُهُمْ كَصَيَاصِي الْبَقَرِ (¬2) يُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ (¬3)، وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ، ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ، فَيَرْفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ فَيُعْطِيهِمْ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ (¬4)؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ يَسْعَى بَيْنَ ¬
أَيْدِيهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى مِثْلَ الْنَّخْلَةِ بِيَدِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ رَجُلاً يُعْطَى نُورَهُ عَلَى إِبْهامِ قَدَمِهِ يُضِيءُ مَرَّةً وَيُطْفَأُ مِرَّةً، فَإِذَا أَضَاءَ قَدَمُهُ قَدِمَ، وَإِذَا أُطْفِئَ قامَ. قالَ: والرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمَامَهُمْ حَتَّى يَمُرَّ بِهِمْ إِلى النَّارِ فَيَبْقَى أَثَرُهُ كَحَدِّ السَّيْفِ. قالَ: فَيَقُولُ: مُرُّوا فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ نُورِهِمْ، مِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كانْقِضَاضِ الْكَواكِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الْفَرَسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرِّجْلِ حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي يُعْطَى نُورَهُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ يَحْبُو عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، تُجَرُّ يَدٌ، وَتُقَلَّقُ يَدٌ، وَتُجَرُّ رِجْلٌ وَتُعَلَّقُ رِجْلٌ، وَتُصِيبَ جَوَانِبَهُ النَّارُ، فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَخْلُصَ، فَإِذَا خَلَصَ وَقَفَ عَلَيْهَا فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَعْطَانِي مَا لَمْ يُعْطِ أَحَداً إِذْ أَنْجَانِي مِنْهَا بَعْدَ إِذْ رَأَيْتُهَا. قالَ: فَيُنْطَلقُ بِهِ إِلى غَدِيرٍ (¬1) عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ فَيَغْتَسِلُ فَيَعُودُ إِلَيْهِ رِيحُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَلْوَانُهُمْ فَيَرَى مَا في الْجَنَّةِ مِنْ خَلَلِ (¬2) الْبَابِ فَيَقُولُ: رَبِّ: أَدْخلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللهُ: أَتَسْأَلُ الْجَنَّةَ وَقَدْ نَجَّيْتُكَ مِنَ النَّارِ؟ فَيَقُولُ: رَبِّ اجْعَلْ بَينِي وَبَيْنَهَا حِجَاباً حَتَّى لا أَسْمَعَ حَسِيسَهَا (¬3) قال: فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَيَرى أَوْ يُرْفَعُ لَهُ مَنْزِلٌ أَمَامَ ذَلِكَ كَأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ حلْمٌ فَيَقُولُ: رَبِّ أَعْطِنِي ذَلِكَ الْمَنْزِلَ، فَيَقُولُ لَعَلَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهُ تَسْأَلُ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَعِزَّتِكَ لا أَسْأَلُ غَيْرَهُ، وَأَيُّ مَنْزِلٍ أَحْسَنُ مِنْهُ فَيُعْطَاهُ فَيَنْزِلُهُ، وَيَرَى أَمَامَ ذَلِكَ مَنْزِلاً كَأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ حلْمٌ قالَ: رَبِّ أَعْطِنِي ذلِكَ الْمَنْزِلَ فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ: لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتَهُ تَسْأَلُ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَعِزَّتِكَ، وَأَيَّ مَنْزِلٍ أَحْسَنُ مِنْهُ فيُعْطَاهُ فَيَنْزِلُهُ ثُمَّ يَسْكُتُ، فَيَقُولُ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: مَالَكَ لاَ تَسْأَلُ (¬4)؟ فَيَقُولُ: رَبِّ ¬
قَدْ سَأَلْتُكَ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُكَ فَيَقُولُ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: أَلَمْ تَرْضَ أَنْ أُعْطِيكَ مِثْلَ الدُّنْيَا مُنذُ خَلَقْتُهَا إِلى يَوْمِ أَفْنَيْتُهَا وَعَشْرَةَ أَضْعَافِهِ؟ فَيَقُولُ: أَتَهْزَأُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ؟ قالَ: فَيَقُولُ الرَّبُّ جَلَّ ذِكْرُهُ: لاَ وَلكِنِّي عَلَى ذَلِكَ قَادِرٌ، فَيَقُولُ: أَلْحِقْنِي بِالنَّاسِ، فيَقُولُ: الْحَقْ بِالنَّاسِ. قالَ: فَيَنْطَلِقُ يَرْمُلُ في الْجَنَّةِ حَتَّى إِذَا دَنَا (¬1) مِنَ النَّاسِ رُفِعَ لَهُ قَصْرٌ مِنْ دُرَّةٍ فَيَخِرُّ سَاجِداً، فَيَقُولُ لَهُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ مَالَكَ (¬2) فَيَقُولُ: رَأَيْتُ رَبِّي أَوْ تَرَاءَى لِي رَبِّي، فَيُقَالُ: إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ مِنْ مَنازِلِكَ، قالَ: ثُمَّ يَأْتِي رَجُلاً فَيَتَهَيَّأُ لِلسُّجُودِ فَيُقَالُ لَهُ: مَهْ (¬3) فَيَقُولُ: رَأَيْتُ أَنَّكَ مَلَكٌ مِنَ الْملائِكَةِ، فَيَقُولُ: إِنَّمَا أَنَا خَازِنٌ مِنْ خُزَّانِكَ وَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِكَ تَحْتَ يَدِي أَلْفُ قَهْرَمَان (¬4) عَلَى مَا أَنَّا عَلَيْهِ. قالَ: فَيَنْطَلِقُ أَمَامَهُ حَتَّى يَفْتَحَ لَهُ بَابَ الْقَصْرِ. قالَ: وَهُوَ مِنْ دُرَّةٍ مُجَوَّفَةٍ سَقَائِفُهَا (¬5) وَأَبْوَابُهُا وأغْلاقُهَا (¬6) وَمَفاتِيحُهَا مِنْهَا، يَسْتَقْبِلُهُ جُوْهَرَةٌ خَضْرَاءُ مُبَطَّنَةٌ بِحَمْراءَ فِيهَا سَبْعُونَ باباً، كُلُّ بَابٍ يُفْضِي (¬7) إِلى جَوْهَرَةٍ خَضْرَاءَ مُبَطَّنَةٍ (¬8) كُلُّ جَوْهَرَةٍ تُفْضِي إِلى جَوْهَرَةٍ عَلَى غَيْرِ لَوْنِ الأُخْرَى، فِي كُلِّ جَوْهَرَةٍ سُرُرٌ وأَزْوَاجٌ وَوَصائِفُ (¬9) أَدْنَاهُنَّ حَوْرَاءُ عَيْنَاءُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ حُلَلِهَا، كَبِدُهَا مِرْآتُهُ وَكَبِدُهُ مِرْآتُهَا، إِذَا أَعْرَضَ عَنْهَا إِعْرَاضَةً ازْدَادَتْ في عَيْنِهِ سَبْعِينَ ضِعْفَاً عَمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ لَهَا: وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتِ فِي عَيْنِي سَبْعِينَ ضَعْفاً، وَتَقُولُ لَهُ: وَأَنْتَ ازْدَدْتَ فِي عيْنِي سَبْعِينَ ضِعْفاً، فَيُقَالُ لَهُ: أَشْرِفْ (¬10) ¬
فصل في ذكر الحساب وغيره
فَيُشْرِفُ فَيُقَالُ لَهُ: مُلْكُكَ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ يَنْفُذُهُ بَصَرُكَ قالَ: فَقَالَ: لَهُ عُمَرُ: أَلاَ تَسْمَعُ مَا يُحَدِّثُنَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ يَا كَعْبُ عَنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً فَكَيْفَ أَعْلاهُمْ؟ قالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، فذكر الْحَديث. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني من طرق أحدها صحيح واللفظ له والحاكم وقال: صحيح الإِسناد. فصل في ذكر الحساب وغيره 36 - عَنْ أَبِي بُرْدَةَ رضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: ¬
لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِهِ (¬1) فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَا عَمِلَ بِهِ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاهُ؟ رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. 37 - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَنْ تَزُولَ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ (¬2) فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذا عَمِلَ فِيهِ. رواه البزار والطبراني بإِسناد صحيح واللفظ له. 38 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ، فَقُلْتُ: أَلَيْسَ يَقُولُ اللهُ: [فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً (¬3) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ (¬4) مَسْرُوراً] (¬5) فَقَالَ: إِنَّما ذَلِك الْعَرْضُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ هَلَكَ. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي. ¬
39 - وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ (¬1). رواه البزار والطبراني في الكبير بإِسناد صحيح. 40 - وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلاً يَخِرُّ عَلَى وَجْهِهِ (¬2) مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلى يَوْمِ يَمُوتُ هَرِماً، في مَرْضَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَحَقَّرَهُ (¬3) يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه الطبراني ورواته ثقات إلا بقية. 41 - وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ رضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، أَحْسِبُهُ رَفَعَهُ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلاً خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلى يَوْمِ يَمُوتُ هَرَماً في طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَحَقَّرَهُ ذَلِكَ الْيَوْمُ وَلَوْ دَانَهُ (¬4) رُدَّ إِلى الدُّنْيَا كَيْمَا يَزْدَادَ مِنَ الأَجْرِ وَالثَّوَابِ. رواه أحمد ورواته، رواة الصحيح. 42 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يُخْرَجُ لابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلاَثَةُ دَوَاوِينَ: دِيوَانٌ فِيهِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَدِيوَانٌ فِيهِ ذُنُوبُهُ، وَدِيوَانٌ فِيهِ النِّعَمُ مِنَ اللهِ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: لأَصْغَرِ نِعْمَةٍ، أَحْسِبُهُ قالَ: في دِيوَانِ النِّعَمِ خُذِي ثَمَنَكِ مِنْ عَمَلِهِ الصَّالِحِ، فَتَسْتَوعِبُ (¬5) عَمَلَهُ الصَّالِحَ، ثُمَّ تَنَحَّى (¬6) ¬
وَتَقُولُ: وَعِزَّتُكَ مَا اسْتَوْفَيْتُ، وَتَبْقَى الذُّنُوبُ والنِّعَمُ، وَقَدْ ذَهَبَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَرْحَمَ عَبْداً (¬1) قالَ: يَا عَبْدِي قَدْ ضَاعَفْتُ لَكَ حَسَنَاتِكَ، وَتَجَاوَزْتُ عَنْ سَيِّئَاتِكَ، أَحْسِبُهُ قالَ: وَوَهَبْتُ لَكَ نِعَمِي. رواه البزار. 43 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلاً مِنَ الْحَبَشَةِ أَتَى النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ فُضِّلْتُمْ عَلَيْنَا بِالأَلْوَانِ وَالنُّبُوَّةِ، أَفَرَأَيْتَ إِنْ آمَنْتُ بِمِثْلِ مَا آمَنْتَ بِهِ، وَعَمِلْتُ بِمِثْلِ مَا عَمِلْتَ بِهِ إِنِّي لَكَائِنٌ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: نَعَمْ (¬2)، ثُمَّ قالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ قالَ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ كانَ لَهُ بِهَا عَهْدٌ (¬3) عِنْدَ اللهِ، وَمَنْ قالَ: سُبْحَانَ اللهِ (¬4) كُتِبَ لَهُ مِائَةُ أَلْفِ حَسَنَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ نَهْلِكُ بَعْدَ هذَا؟ فَقَالَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِعَمَلٍ لَوْ وُضِعَ عَلَى جَبَلٍ لأَثْقَلَهُ (¬5)، فَتَقُومُ النِّعْمَةُ مِنْ نِعَمِ اللهِ، فَتَكَادُ تَسْتَنْفِدُ (¬6) ذلِكَ كُلَّهُ لَوْلاَ مَا يَتَفَضَّلُ (¬7) اللهُ مِنْ رَحْمَتِهِ، ثُمَّ نَزَلَتْ: [هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (¬8)؟]. إلى قوله: [وَإِذَا ¬
رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً]. فَقَالَ الْحَبَشِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَلْ تَرَى عَيْنِي في الْجَنَّةِ مِثْلَ مَا تَرَى عَيْنُكَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: نَعَمْ، فَبَكَى الْحَبَشِيُّ حَتَّى فاضَتْ نَفْسُهُ (¬1) قالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُدْلِيهِ (¬2) في حُفْرَتِهِ. رواه الطبراني من رواية أيوب بن عتبة. 44 - وَرُوِيَ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يَبْعَثُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَبْداً لاَ ذَنْبَ لَهُ، فَيَقُولُ اللهُ: أَيُّ الأَمْرَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَجْزِيَكَ بِعَمَلِكَ، أَوْ بِنِعْمَتِي عِنْدَكَ؟ قالَ: يَا رَبِّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَعْصِكَ، قالَ خُذُوا عَبْدِي بِنِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِي، فَمَا تَبْقَى لَهُ حَسَنَةٌ إِلاَّ اسْتَغْرَقَتْهَا (¬3) تِلْكَ النِّعْمَةُ، فَيَقُولُ: رَبِّ بِنِعْمَتِكَ وَرَحْمَتِكَ فَيَقُولُ: بِنِعْمَتِي وَرَحْمَتِي. رواه الطبراني. 45 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: خَرَجَ مِنْ عِنْدِي خَلِيلِي جِبْرِيلُ آنِفاً (¬4) فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَالَّذِي بَعَثَكَ (¬5) بِالْحَقِّ، إِنَّ للهِ عَبْداً مِنْ عِبَادِهِ عَبَدَ اللهَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ في الْبَحْرِ عَرْضُهُ وَطُولُهُ ثَلاثُونَ ¬
فضل الله تعالى لا نهاية له ذِرَاعاً في ثَلاثِينَ ذِرَاعاً، والْبَحْرُ مُحِيطٌ بِهِ أَرْبَعَةُ آلافِ فَرْسَخٍ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَأَخْرَجَ لَهُ عَيْناً عَذْبَة بِعَرْضِ الأَصْبُعِ تَفِيضُ بِمَاءٍ عَذْبٍ فَيَسْتَنْقِعُ (¬1) في أَسْفَلِ الْجَبَلِ، وَشَجَرَةُ رُمَّانٍ تُخْرِجُ لَهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ رُمَّانَةً يَتَعَبَّدُ يَوْمَهُ، فَإِذَا أَمْسَى نَزَلَ فَأَصَابَ مِنَ الْوَضُوءِ، وَأَخَذَ تِلْكَ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا؛ ثُمَّ قامَ لِصَلاتِهِ فَسَأَلَ رَبَّهُ عِنْدَ وَقْتِ الأَجَلِ أَنْ يَقْبِضَهُ سَاجِداً، وَأَنْ لاَ يَجْعَلَ للأَرْضِ وَلاَ لِشَيْءٍ يُفْسِدُهُ عَلَيْهِ سَبِيلاً حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ وَهُوَ سَاجِدٌ قالَ: فَفَعَلَ فَنَحْنُ نَمُرُّ عَلَيْهِ إِذَا هَبَطْنَا وَإِذَا عَرَجْنَا (¬2)، فَنَجِدُ لَهُ في الْعِلْمِ أَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ، فَيَقُولُ لَهُ الرَّبُّ: أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي فَيَقُولُ: رَبِّ بَلْ بِعَمَلِي (¬3) فَيَقُولُ: أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، فَيَقُولُ: رَبِّ بَلْ بِعَمَلِي فَيَقُولُ اللهُ: قايِسُوا عَبْدِي بِنِعْمَتِي عَلَيْهِ وَبِعَمَلِهِ، فَتُوجَدُ نِعْمَةُ الْبَصَرِ قَدْ أَحَاطَتْ بِعِبَادَةِ خَمْسِمَائَةِ سَنَةٍ، وَبَقِيَتْ نِعْمَةُ الْجَسَدِ فَضْلاً عَلَيْهِ فَيَقُولُ: أَدْخِلُوا عَبْدِي النَّارَ، فَيُجَرُّ إِلى النَّارِ فَيُنَادشي: رَبِّ بِرَحْمَتِكَ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: رُدُّوهُ (¬4) فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ يَا عَبْدِي مَنْ خَلَقَكَ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً؟ فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: مَنْ قَوَّاكَ لِعِبَادَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ فَيَقُولُ مَنْ أَنْزَلَكَ فِي جَبَلٍ وَسَطَ اللُّجَّةِ، وَأَخْرَجَ لَكَ الْماءَ الْعَذْبَ مِنَ الْمَاءِ الْمَالِحِ. وَأَخْرَجَ لَكَ كُلَّ لَيْلَةٍ رُمَّانَةً، وَإِنَّما تَخْرُجُ مَرَّةً في السَّنَةِ، وَسَأَلْتَهُ أَنْ يَقْبِضَكَ سَاجِداً فَفَعَلَ؟ فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ، قالَ: فَذَلِكَ بِرَحْمَتِي، وَبِرَحْمَتِي أُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ ¬
أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ فَنِعْمَ الْعَبْدُ كُنْتَ يَا عَبْدِي فَأَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ. قالَ جِبْرِيلُ: إِنَّمَا الأَشْيَاءُ بِرَحْمَةِ اللهِ يَا مُحَمَّدُ. رواه الحاكم عن سليمان بن هرم عن محمد بن المنكدر عن جابر وقال: صحيح الإسناد. لن يدخل الجنة أحد إلا برحمة الله 46 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: سَدِّدُوا (¬1) وَقَارِبُوا (¬2) وَأَبْشِروا (¬3)، فَإِنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ أَحَداً الْجَنَّةَ عَمَلُهُ. قالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي (¬4) اللهُ بِرَحْمَتِهِ. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. 47 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَحَدٌ إِلاَّ بِرَحْمَةِ اللهِ، قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِرَحْمَتِهِ، وَقَالَ بِيَدِهِ فَوْقَ رَأْسِهِ. رواه أحمد بإسناد حسن، ورواه البزار والطبراني من حديث أبي موسى، والطبراني أيضاً من حديث أسامة بن شريك، والبزار أيضاً من حديث شريك بن طارق بإسناد جيد. 48 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَتُؤَدَّنَّ الْحُقوقُ إِلى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ (¬5). رواه مسلم والترمذي. وَرواه أحمد ولفظه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يُقْتَصُّ لِلْخَلْقِ بَعْضُهُمْ ¬
مِنْ بَعْضٍ حَتَّى لِلْجَمَّاءِ (¬1) مِنَ الْقَرْنَاءِ، وَحَتَّى لِلذَّرَّةِ مِنَ الذَّرَّةِ. ورواته رواة الصحيح. [الجلحاء]: التي لا قرن لها. ليختصمن كل شيء يوم القيامة 49 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَيَخْتَصِمَنَّ كُلُّ شَيْءٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى الشَّاتَانِ فِيمَا انتَطَحَتَا (¬2). رواه أحمد بإسناد حسن ورواه أحمد أيضاً وأبو يعلى من حديث أبي سعيد. 50 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم جَلَسَ بَيْنَ يَدِيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي مَمْلُوكِينَ يُكَذِّبُونَنِي وَيَخُونُونَنِي وَيَعْصُونَنِي وَأَضْرِبُهُمْ وَأَشْتِمُهُمْ فَكَيْفَ أَنَا مِنْهُمْ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يُحْسَبُ مَا خَانُوكَ وَعَصَوْكَ وَكَذَّبُوكَ وَعِقَابُكَ إِيَّاهُمْ، فَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ دُونَ ذُنُوبِهِمْ (¬3) كَانَ فَضْلاً لَكَ (¬4)، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ بِقَدْرِ ذُنُوبِهِمْ كَانَ كَفَافاً (¬5) لاَ لَكَ وَلاَ عَلَيْكَ، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ فَوْقَ ذُنُوبِهِم (¬6) اقْتُصَّ لَهُمْ مِنْكَ الْفَضْلُ الَّذِي بَقِيَ قَبلَكَ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَبْكِي بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَيَهْتِفُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَالَكَ (¬7) مَا تَقْرَأُ (¬8) كِتَابَ اللهِ؟ [وَنَضعُ الْمَوَازِينَ (¬9) الْقِسَطَ (¬10) لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً، وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ (¬11) مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (¬12)]. فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَجِدُ شَيْئاً خَيْراً مِنْ ¬
فِرَاقِ هؤُلاءِ، يَعْنِي عَبِيدَهُ، أُشْهِدُكَ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ (¬1). رواه أحمد والترمذي وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه غلا من حديث عبد الرحمن بن غزوان، وقد روى أحمد بن حنبل هذا الحديث عن عبد الرحمن بن غزوان انتهى. [قال الحافظ]: وإِسناد أحمد والترمذي متصلان ورواتهما ثقات، عبد الرحمن هذا يكنى أبا نوح ثقة احتج به البخاري، وبقية رجال أحمد ثقات احتج بهم البخاري ومسلم. 51 - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في بَيْتِي، وَكَانَ بِيَدِهِ سِوَاكٌ، فَدَعَا وَصِيفَةً (¬2) لَهُ أَوْ لَهَا حَتَّى اسْتَبَانَ (¬3) الْغَضبُ في وَجْهِهِ فَخَرَجَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إِلى الْحُجُرَاتِ فَوَجَدَتِ الْوَصِيفَةَ وَهِيَ تَلْعَبُ بِبَهْمَةٍ (¬4) فَقَالَتْ: أَلاَ أَرَاكِ تَلْعَبِينَ بِهَذِهِ الْبَهْمَةِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَدْعُوكِ؟ فَقَالَتْ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا سَمِعْتُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَوْلاَ خَشْيَةُ الْقَوَدِ (¬5) لأَوْجَعْتُكِ بِهذَا السِّوَاكِ. وفي رواية: لَوْلاَ الْقِصَاصُ لَضَرَبْتُكِ بِهذَا السِّوَاكِ. رواه أبو يعلى بأسانيدَ أحدها جيّد. من ضرب مملوكه سوطاً ظلماً اقتصّ منه يوم القيامة 52 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ ضَرَبَ مَمْلُوكَهُ (¬6) ¬
سَوْطاً (¬1) ظُلْمَاً اقْتُصَّ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه البزار والطبراني بإسناد حسن. يحشر العباد يوم القيامة عراة غرلا بُهما 53 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: يحشُرُ اللهُ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَوْ قالَ: النَّاسَ عُرَاةً غُرْلاً بُهْماً. قالَ: قُلْنَا: وَمَا بُهْمَاً؟ قالَ: لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الدَّيَّانُ، أَنَا الملِكُ، لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةَ. قالَ: قُلْنَا: كَيْفَ (¬2) وَإِنَّنَا نَأْتِي عُرَاةً غُرْلاً بِهُمَاً؟ قالَ: الْحَسَنَاتُ والسَّيِّئَاتُ. رواه أحمد بإسناد حسن. 54 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يُجيءُ الظَّالِمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى إِذَا كَانَ عَلَى جسْر جَهَنَّمَ بَيْنَ الظُّلْمَةِ (¬3) وَالْوَعِرَةِ لَقِيَهُ الْمَظْلُومُ فَعَرَفَهُ وَعَرَفَ مَا ظَلَمَهُ بِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الَّذِينَ ظُلِمُوا يُقَصُّونَ (¬4) منَ الَّذِينَ ظَلَمُوا حَتَّى يَنْزِعُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْحَسَنَاتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ رُدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ حَتَّى يُورَدُوا الدَّرْكَ الأَسْفَلَ مِنَ النَّارِ (¬5). رواه الطبراني في الأوسط، ورواتُه مختلف في توثيقهم. ¬
المفلس يوم القيامة وتقدم في الغِيبة حديث عن أبي هريرة رضي اللهُ عَنه عن رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الْمُفْلِسُ (¬1) مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هذَا، وَقَذَفَ هذَا، وأَكَلَ مَالَ هذَا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فَيُعْطَى هذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وهذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ. رواه مسلم وغيره. 55 - وَرُوِيَ عَنْ زَاذَانَ قالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَقَدْ سَبَقَ إِلَى مَجْلِسِهِ أَصْحَابُ الْخَزِّ وَالدِّيبَاجِ، فَقُلْتُ: أَدْنَيْتَ النَّاسَ وَأَقْصَيْتَنِي؟ فَقَالَ لِي: ادْنُ فَأَدْنَانِي حَتَّى أَقْعَدَنِي عَلَى بِسَاطِهِ، ثُمَّ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّهُ يَكُونُ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى وَلَدِهِمَا دَيْنٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَتَعَلَّقَانِ بِهِ، فَيَقُولُ: أَنَا وَلَدُكُمَا، فَيَوَدَّانِ (¬2) أَوْ يَتَمَّنَيانِ لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ. رواه الطبراني. 56 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم جَالِسٌ إِذْ رَأَيْنَاهُ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ (¬3)، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا أَضْحَكَكَ (¬4) يَا رَسُولَ اللهِ؟ بِأبِي أَنْتَ وَأُمِّي (¬5) قالَ: رَجُلانِ مِنْ أَمَّتِي جَثَيَا (¬6) بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعِزَّةِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَبِّ خُذْ لِي مَظْلَمَتِي (¬7) مِنْ أَخِي، فَقَالَ اللهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِأَخِيكَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْءٌ؟ قالَ يَا رَبِّ فَلْيَحْمِلْ مِنْ أَوْزَارِي (¬8)، وَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ¬
بِالْبُكَاءِ، ثُمَّ قالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَيَوْمٌ عَظِيمٌ يَحْتضاجُ النَّاسُ أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُمْ مِنْ أَوْزَارِهِمْ فذكر الحديث. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد وتقدم بتمامه في العفو. العباد الذين يقرّرهم ربهم يوم القيامة على نعمه مع تقصيرهم في العمل 57 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: هَلْ تُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ الشَّمْسِ في الظَّهِيرَةِ (¬1) لَيْسَتْ في سَحَابَةٍ؟ قالُوا: لاَ. قالَ: فَهَلْ تُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ في سَحَابَةٍ؟ قالُوا: لاَ. قال: فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تُضَارُّونَ (¬2) في رُؤيَةِ رَبِّكُمْ إِلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، فَيَلْقَى الْعَبْدُ رَبَّهُ فَيَقُولُ: أَيْ فُلُ (¬3) أَلَمْ أُكْرِمْكَ (¬4) وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ، وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالإِبِلَ وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ فَيَقُولُ: بَلَى يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لاَ، فَيَقُولُ: فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي، ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِيَ فَيَقُولُ: أَيْ فُلُ، أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالإِبِلَ، وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ فَيَقُولُ: بَلَى يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لاَ، فَيَقُولُ: إِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي، ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ فَيَقُولُ: أَيْ فُلُ، أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرَ لَكَ الْخَيْلَ والإِبِلَ وأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ فَيَقُولُ: بَلَى يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: أَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاقِيَّ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرُسُلِكَ وَصَلَّيْتُ وَصُمْتُ وَتَصَدَّقْتُ وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ، فَيَقُولُ: هَهُنَا إذاً، ثُمَّ يَقُولُ: الآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَاً عَلَيْكَ، فَيَتَفَكَّرُ في نَفْسِهِ مَنْ ذَا الَّذِي يِشْهَدُ عَلَيَّ؟ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، وَيُقالُ لِفَخِذِهِ: انْطِقِي، فَيَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ، وَذلِكَ لِيُعْذَرَ مِنْ نَفْسِهِ، وَذلِكَ الْمُنَافِقُ، وَذلِكَ الَّذِي يَسْخَطُ اللهُ عَلَيْه. رواه مسلم. [ترأس] بمثناة فوق ثم راء ساكنة ثم همزة مفتوحة: أي تصير رئيساً. ¬
[وتربع] بموحدة بعد الراء مفتوحة: معناه يأخذ ما يأخذه رئيس الجيش لنفسه، وهو ربع المغانم، ويقال له: المرباع. من كان يعبد شيئاً فليتبعه 58 - وَعَنْهُ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّاسَ قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قالَ: هَلْ تُمَارُونَ في الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟ قالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللهِ قالَ: هَلْ تُمَارُونَ في الشَّمْسِ لَيْسَ دَونَهَا سَحابٌ؟ قالُوا: لاَ. قالَ: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يَحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئاً فَلْيَتْبَعْهُ (¬1)، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الْقَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الطَّوَاغِيتَ (¬2)، وَتَبْقَى هذِهِ الأُمَّةُ، فِيهَا مُنَافِقُوهَا (¬3)، فَيَأْتِيهِمُ اللهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَدْعُوهُمْ، وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ (¬4) جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ (¬5) مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلاَّ الرُّسُلُ، وَسَلامُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ (¬6)، وَفي جَهَنَّمَ كَلالِيبُ (¬7) مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ. هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ قالُوا: نَعَمْ. قالَ: فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلاَّ اللهُ، تَخْطفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ (¬8) بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ (¬9)، ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ اللهُ الملائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ، فَيُخْرِجُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ (¬10)، وَحَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ وَقَدْ امْتَحَشُوا (¬11) فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ (¬12) مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا ¬
كرم الله الذي لا نهاية له تَنْبُتُ الْحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ (¬1)، ثُمَّ يَفْرُغُ اللهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ والنَّارِ، وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولاً الْجَنَّةَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ (¬2) قِبَلَ النَّارِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ (¬3) وَجْهِي عَنِ النَّارِ قَدْ قَشَبَني (¬4) رِيحُها، وَأَحْرَقَنِي ذكَاهَا (¬5)، فَيَقُولُ: هَلْ عَسِيتَ إِنْ أَفْعَلْ (¬6) أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَعِزَّتِكَ فَيُعْطِي اللهَ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ (¬7)، فَيَصْرِفُ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الْجَنَّةِ رَأَى بَهْجَتَهَا (¬8) سَكَتَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ قالَ: يَا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، فَيقُولُ اللهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لاَ أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: فَمَا عَسِيتَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَعِزَّتِكَ لا أَسْأَلُكَ غَيْرَ هذاَ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ فَيُقَدِّمُهُ إِلى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا رَأَى زَهْرَتَهَا وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ والسُّرُورِ فَسَكَتَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللهُ: وَيْحَكَ (¬9) يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ (¬10) أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَنِي الْعُهُودَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَضْحَكُ اللهُ (¬11) مِنْهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ في دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: تَمَنَّ (¬12) فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ أُمْنِيَّتُهُ (¬13) قالَ اللهُ: تَمَنَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا يُذَكِّره رَبُّهُ (¬14) حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ قالَ اللهُ: لكَ ذلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ. ¬
قالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ لأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: قالَ اللهُ: لَكَ ذلِكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ. قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَمْ أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إِلاَّ قَوْلَهُ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ. قالَ أَبُو سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ. قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ. رواه البخاري. [أي فل]: أي يا فلان حذفت منه الألرف والنون لغير ترخيم، إذ لو كان ترخيماً لما حذفت الألف. قال الأزهريّ: ليست ترخيم فلان، ولكنها كلمة على حدها توقعها بنو أسد على الواحد والاثنين والجمع بلفظ واحد، وأما غيرهم فيثنّي ويجمع ويؤنث. [أُسوِّدك] بتشديد الواو وكسرها: أي أجعلك سيداً في قومك. [السعدان]: نبت ذو شوك معقَّف. [المخردل]: المرميّ المصروع، وقيل: المقطع، يقال: لحم خراديل إذا كان قطعاً؛ والمعنى أنه تقطعه كلاليب الصراط حتى يهوي في النار. [امتحش] بضم التاء وكسر الحاء المهملة بعدها شين معجمة: أي احترق، وقال الهيثم: هو أن تذهب النار الجلد وتبدي العظم. [الحبة] بكسر الحاء: هي بزور البقول والرياحين، وقيل: بزر العشب، وقيل نبت في الحشيش صغير، وقيل: جمع بزور النبات، وقيل: بزر ما نبت من غير بذر، وما بذر تفتح حاؤه. [حميل السيل] بفتح الحاء المهملة وكسر الميم: هو الزَّبد وما يلقيه على شاطئه. [قشبني ريحها]: أي آذاني. [ذكاها] بذال معجمة مفتوحة مقصور: هو إشعالها ولهبها. رؤية الله عز وجل يوم القيامة 59 - وَعَنْ سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: نَعَمْ، فَهَلْ تُضَارُونَ في رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ صَحْواً (¬1) لَيْسَ مَعَهَا سَحَابٌ، وَهَلْ تُضَارُونَ في رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْر ¬
صَحْواً لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟ قالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: فَمَا تُضَارُونَ في رُؤْيَةِ اللهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ كَمَا تُضَارُونَ في رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ: لِتَتْبَعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، فَلاَ يَبْقَى أَحَدٌ كانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللهِ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلاَّ يَتَسَاقَطُونَ في النَّارِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ مِنْ بَرٍّ وَفاجِرٍ وَغُبَّرُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيُدْعَى الْيَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْراً ابْنَ اللهِ فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ فَمَاذَا تَبْغُونَ؟ قالُوا: عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا فاسْقِنَا فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلاَ تَرِدُونَ؟ فَيُحْشَرُونَ إِلى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضاً فَيَتَسَاقَطُونَ في النَّارِ، ثُمَّ تُدْعَى النَّصَارَى فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ ولَدٍ، فَمَاذَا تَبْغُونَ؟ فَيَقُولُون: عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا فاسْقِنَا فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلا تَرِدُونَ؟ فَيُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ كَأَنَّهَا سَرَابٌ (¬1) يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضاً، فَيَتَسَاقَطُونَ في النَّارِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، أَتَاهُمُ اللهُ في أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا، قالَ: فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، قالُوا: يَا رَبَّنَا فَارَقْنَا النّاسَ (¬2) في الدُّنْيَا أَفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ (¬3)، وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ لاَ نُشْرِكُ باللهِ شَيْئاً مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثاً حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكادُ أَنْ يَنْقَلِبَ، فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ (¬4) فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ، فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ للهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلاَّ أَذِنَ الله لَهُ بِالسُّجُودِ، وَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً (¬5) إِلاَّ جَعَلَ اللهُ ظَهْرَهُ ¬
طَبَقَةً وَاحِدَةً (¬1) كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ وَقَدْ تَحَوَّلَ في صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ (¬2) عَلَى جَهَنَّمَ وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ، وَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْجِسْرُ؟ قالَ: دَحْضٌ (¬3) مَزَلَّةٌ، فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلالِيبُ وَحَسَكَةٌ (¬4) يَكُونُ بِنَجْدٍ، فِيهَا تَشْوِيكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ. فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعِيْنِ (¬5)، وَكالْبَرْقِ، وَكالرِّيحِ وَكَالطَّيْرِ، وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ (¬6) وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوشٌ (¬7) مُرْسَلٌ، وَمَكْدُوشٌ (¬8) فِي نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّى إِذَا خَلَصَ (¬9) الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ بِأَشَدِّ (¬10) مُنَاشَدَةً للهِ في اسْتِيفاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ للهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ في النَّارِ. وفي رواية: فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً في الْحَقِّ قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنينَ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ (¬11) إِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا في إِخْوَانِهِمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا كانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا، وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ؟ فَيُقَالَ لَهُمْ: أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ، فَتَحْرُمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقاً كَثِيراً قَدْ أَخَذَتِ النَّارُ إِلى نِصْفِ سَاقِهِ وَإِلى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا مَا بَقِيَ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ، فَيُقَالُ: ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ في قَلْبِهِ مِثْقَالَ (¬12) دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقاً كَثِيراً، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ (¬13) فِيهَا أَحَداً مِمَّنْ أَمَرْتَنَا، ثُمَّ يَقُولُ: ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ في قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ ¬
فَيُخْرِجُونَ خَلْقَاً كَثِيراً، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَداً، ثُمَّ يَقُولُ: ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ في قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقَاً كَثِيراً، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيْهَا خَيْراً، وَكان أَبو سعيد يقول: إِن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقْرَؤُوا إِنْ شئْتُم: [إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ (¬1) وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدنْه أَجْراً عَظِيماً] فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَفَعَتِ الْمَلائِكَةُ (¬2) وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَيَقْبِضُ (¬3) قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْماً مِنَ النَّارِ لَمْ يَعْمَلُوا خَيْراً قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَماً فَيُلْقِيهِمْ في نَهْرٍ في أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهْرُ الْحِيَاةِ، فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ، أَلا تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلى الْحَجَرِ (¬4) أَوْ إِلى الشَّجَرِ، مَا يَكُونُ إِلى الشَّمْسِ أُصَيْفِرَ وَأُخَيْضِرَ، وَمَا يَكُون مِنْهَا إِلى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ (¬5) قالَ: فَيَخْرُجُونَ كَالُّلؤْلُؤِ (¬6) في رِقَابِهِمْ الْخَوَاتِيمُ يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلاءِ عُتَقَاءُ اللهِ الَّذِينَ أَدْخَلَهُمُ اللهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ، وَلا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، ثُمَّ يَقُولُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَمَا رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ ¬
تُعْطِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ! فَيَقُولُ: لَكُمْ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ هذَا، فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا أَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ هذَا؟ فَيَقُولُ: رَضَايَ (¬1) فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ أَبَداً. رواه البخاري ومسلم واللفظ له. [الغُبَّر] بغين معجمة مضمومة ثم باء موحدة مشددة مفتوحة: جمع غابر وهو الباقي، وقوله دحض مزلة، الدحض بإسكان الحاء: هو الزلق، والمزلة: هو المكان الذي لا يثبت عليه القدم إلا زلّت. [المكدوش] بشين معجمة: هو المدفوع في نار جهنم دفعاً عنيفاً. [الحمم] بضم الحاء المهملة وفتح الميم: جمع حممة، وهي الفحمة، وبقية غريبه تقدم. نطق الجوارح وشهادتها على العبد 60 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَضَحِكَ (¬2) فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ (¬3) مِمَّ أَضْحَكُ؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قالَ: مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِي (¬4) مِنَ الظُّلْمِ؟ يَقُولُ: بَلَى. فَيَقُولُ: إِنِّي لا أُجِيزُ (¬5) الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي شَاهِداً إِلاَّ مِنِّي، فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً، وَالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ (¬6) شُهُوداً. قالَ: فَيَخْتِمُ عَلَى فِيهِ، وَيَقُولُ لأَرْكَانِهِ: انْطِقي فَتَنْطِقُ بأَعْمَالِهِ ثُمَّ يُخَلِّي (¬7) بَيْنَهُ وبَيْنَ الْكَلامِ فَيَقُولُ: بُعْداً لَكُنَّ وَسُحْقاً، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ. رواه مسلم. ¬
[أناضل] بالضاد المعجمة: أي أجادل وأخاصم وأدافع. 61 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم هذه الآية: [يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (¬1)] قالَ: أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟ قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قالَ: فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ وَأَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا (¬2) تَقُولُ: عَمِلَ كَذَا وَكَذَا. رواه ابن حبان في صحيحه. 62 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم في قوله: [يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ (¬3)]. ¬
قالَ: يُدْعَى أَحَدُهُمْ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وَيُمَدُّ لَهُ في جِسْمِهِ سِتُّونَ ذِرَاعَاً وَيَبْيَضُّ وَجْهُهُ ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
فصل في الحوض والميزان والصراط
وَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ (¬1) مِنْ لُؤْلُؤٍ يَتَلأْلأُ. قالَ: فَيَنْطَلِقُ إِلى أَصْحَابِهِ فَيَرَوْنَهُ مِنْ بَعِيدٍ فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي هذَا حَتَّى يَأْتِيَهُمْ، فَيَقُولُ: أَبْشِرُوا (¬2)، فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هذَا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ مُسْوَدَّاً وَجْهُهُ، وَيُمَدُّ لَهُ في جِسْمِهِ (¬3) سِتُّونَ ذِرَاعاً عَلَى صُورَةِ آدَمَ، وَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ نَارٍ، فَيَرَاهُ أَصْحَابُهُ فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ اخْزِهِ، فَيَقُولُ: أَبْعَدَكُمُ اللهُ، فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هذا. رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه واللفظ له والبيهقي في البعث. فصل في الحوض والميزان والصراط 63 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ (¬4) مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ (¬5) مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لاَ يَظْمَأُ أَبَداً. 64 - وفي رواية: حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ (¬6)، وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الْوَرِقِ. رواه البخاري ومسلم. 65 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
66 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال: إِنَّ اللهَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفَاً بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الأَخْنَسِ: واللهِ مَا أُولئِكَ في أُمَّتِكَ إِلاَّ كَالذُّبَابِ الأَصْهَبِ (¬1) في الذُّبَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قَدْ وَعَدَنِي سَبْعِينَ أَلْفاً مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلفاً وَزَادَنِي ثلاث حَثَيَاتٍ (¬2). قال فَمَا سَعَةُ حَوْضِكَ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: كَمَا بَيْنَ عَدَنٍ إِلى عَمَّانَ (¬3) وَأَوْسَعُ وَأَوْسَعُ، يُشِيرُ بِيَدِهِ قالَ: فِيهِ مَثْعَبَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ. قالَ: فَمَاءُ حَوْضِكَ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمُسْكِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً وَلَمْ يَسْوَدَّ وَجْهُهُ. رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح وابن حبان في صحيحه. ولفظه قال: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الأَخْنَسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا سَعَةُ حَوْضِكَ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مَذَاقَةً مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَداً وَلَمْ يَسْوَدَّ وَجْهُهُ أَبَداً. [المثعب] بفتح الميم والعين المهملة جميعاً بينهما ثاء مثلثة وآخره موحدة: وهو مسيل الماء. 67 - وَعَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنِّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ النَّاسَ لأَهْلِ الْيَمَنِ أَضْرِبُ بِعَصَايَ حَتَّى يَرْفَضَّ عَلَيْهِمْ، فَسُئِلَ عَنْ عَرْضِهِ؟ فَقَالَ: مِنْ مَقَامِي (¬4) إِلى عَمَّانَ، وَسُئِلَ عَنْ شَرَابِهِ فَقَالَ: أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، ¬
حوضي مثل ما بين عدن وعمان والبلقاء وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ أَحَدُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَالآخَرُ مِنْ وَرَقٍ رواه مسلم، وروى الترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه عن أبي سلام الحبشي قال: بعث إليّ عمر بن عبد العزيز فحملت عن البريد، فلما دخلت إليه قلت يا أمير المؤمنين: لقد شق على مركبي البريد، فقال: يا أبا سلام ما أردت أن أشق عليك ولكن بلغني عنك حديث تحدثه عن ثوبان عن رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في الحوض فأحببت أن تشافهني به، فقلت: حدثني ثوبان أن رسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال: حَوْضِي مِثْلُ مَا بَيْنَ عَدَنٍ إِلى عَمَّانَ الْبَلْقَاءِ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَكْوَابُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً، وَأَوَّلُ النَّاسِ وُرُوداً علَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ (¬1) الشُّعْثُ رُؤْوساً (¬2) الدُّنُسُ (¬3) ثِياباً، الَّذِينَ لاَ يَنْكِحُونَ الْمنَعَّمَاتِ، وَلاَ تُفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السُّدَدِ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ أَنْكَحْتُ الْمُنَعَّمَاتِ (¬4) فاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَفُتِحَتْ لِي أَبْوَأبُ السُّدَدِ لاَ جَرَمَ (¬5) لاَ أَغْسِلُ رَأْسِي حَتَّى يَشْعَثَ، وَلاَ ثَوْبِي الَّذِي يَلِي جَسَدِي حَتَّى يَتَّسِخَ. [عقر الحوض] بضم العين وإسكان القاف: هو مؤخره. [أذود الناس لأهل اليمن]: أي أطردهم وأدفعهم ليرد أهل اليمن. [يرفضّ] بتشديد الضاد المعجمة: أي يسيل ويترشش. [يغتّ فيه ميزابان] هو بغين معجمة مضمومة ثم تاء مثناة فوق: أي يجريان فيه جرياً له صوت، وقيل: يدفقان فيه الماء دفقاً متتابعاً دائماً، من قولك: غت الشارب الماء جرعاً بعد جرع. [الشعث] بضم الشين المعجمة: جمع أشعث، وهو البعيد العهد بدهن رأسه وغسل وتسريع شعره. ¬
[الدنس] بضم الدال والنون. جمع دنس، وهو الوسخ. حوضي كما بين عدن وعمان 68 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال: حَوْضِي كما بَيْنَ عَدَنٍ وَعَمَّانَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رِيحاً مِنَ الْمِسْكِ أَكْوَابُهُ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً أَوَّلُ النَّاسِ عَلَيْهِ وُرُوداً صَعَالِيكُ الْمُهَاجِرِينَ. قالَ قائِلٌ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: الشَّعِثَةُ رُؤُوسُهُمُ الشَّحِبَةُ وُجُوهُهُمُ، الدَّنِسَةُ ثِيَابُهُمْ، لاَ تُفْتَّحُ لَهُمُ السُّدَدُ، وَلاَ يَنْكِحُونَ الْمُنَعَّمَاتِ الَّذِينَ يُعْطُونَ كُلَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَلاَ يَأْخُذُونَ كُلَّ الَّذِي لَهُمْ. رواه أحمد بإِسناد حسن. [قوله: الشحبة وجوههم] بفتح الشين المعجمة وكسر الحاء المهملة بعدها باءٌ موحدة هو من الشحوب: وهو تغيّر الوجه من جوع أو هزال أو تعب. [وقوله: لا تفتح لهم السدد]: أي لا تفتح لهم الأبواب. 69 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِليِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: حَوْضِي كما بَيْنَ عَدَنٍ وَعَمّانَ، فِيهِ أَكاوِيبُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأ بَعْدَهَا أَبَداً، وَإِنَّ مَنْ يَرِدُهُ عَلَيَّ مِنْ أُمَّتِي الشَّعِثَةُ رُؤُوسُهُمُ الدَّنِسَةُ ثِيَابُهُمْ لاَ يَنْكِحَونَ الْمُنَعَّمَاتِ وَلاَ يَحْضُرُونَ السُّدَدَ، يَعْنِي أَبْوَابَ السُّلْطَانِ. رواه الطبراني وإسناده حسن في المتابعات [الأكاويب] جمع كوب: وهو كوب لا عروة له، وقيل: لا خرطوم له، فإذا كان له خرطوم فهو إبريق. 70 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا بَيْنَ جَنْبَتَيْ حَوْضِي كما بَيْنَ صَنْعَاءَ (¬1) وَالْمَدِينَةِ. وفي رواية: مِثْلُ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَعَمَّانَ. وفي رواية: تَرَى فِيهِ أَبَارِيقُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ. زَادَ في رواية: أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. ¬
أعطيت الكوثر 71 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: أُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ (¬1) فَضَرَبْتُ بِيَدِي، فَإِذَا هِيَ مِسْكَةٌ ذَفِرَةٌ (¬2)، وَإِذَا حَصْبَاؤُهَا (¬3) اللُّؤْلُؤ، وَإِذَا حَافتَاهُ (¬4) أَظُنُّهُ قالَ: قِبَابٌ تَجْرِي عَلَى الأَرْضِ جَرْياً لَيْسَ بِمَشْقُوقٍ. رواه البزار وإسناده حسن في المتابعات، ويأتي أحاديث الكوثر في صفات الجنة إن شاء الله تعالى. 72 - وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قامَ أَعْرَابِيٌّ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: مَا حَوْضُكَ الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: هُوَ كَما بَيْنَ صَنْعَاءَ إِلى بُصْرَى ثُمَّ يَمُدُّنِي اللهُ فِيهِ بِكُرَاعٍ (¬5) لاَ يَدْرِي بَشَرٌ (¬6) مِمَّنْ خُلِقَ أَيُّ طَرْفَيْهِ (¬7) قالَ: فَكَبَّرَ عُمَرُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ صلى اللهُ عليه وسلم: أَمَّا الْحَوْضُ فَيَزْدَحِمُ عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ (¬8) الَّذِينَ يُقْتَلُونَ في سَبِيلِ اللهِ وَيَمُوتُونَ في سَبِيلِ اللهِ، وَأَرْجُوا أَنْ يُورِدَنِي اللهُ الْكُرَاعَ فَأَشْرَبَ مِنْهُ (¬9). رواه ابن حبان في صحيحه. [الكراع] بضم الكاف: هو الأنف الممدد من الحرة، استعير هنا، والله أعلم. 73 - وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: مَا بَيْنَ نَاحِيَتِيْ حَوْضِي كما بَيْنَ أَيْلَةَ إِلى صَنْعَاءَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ (¬10) عَرْضُهُ كَطُولِهِ ¬
فِيهِ مِرْزَابَانِ (¬1) يَنْبَعِثَانِ (¬2) مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ وَرِقٍ (¬3) وَذَهَبٍ، أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، فِيهِ أَبَارِيقُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ. رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه من رواية أبي الوازع، واسمه جابر بن عمر عن أبي برزة، واللفظ لابن حبان. إن لي حوضاً ما بين الكعبة وبيت المقدس 74 - وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ لِي حَوْضاً مَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، أَبْيَضُ مِثْلُ اللَّبَنِ، آنِيَتُهُ كَعَدَدِ (¬4) النُّجُومِ، وَإِنِّي لأَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعاً (¬5) يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه ابن ماجة من حديث زكريا عن عطية وهو العوفيّ عنه. 75 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ عَلى الْحَوْضِ إِذَا زُمْرَةٌ (¬6) حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ: هَلُمَّ (¬7) فَقُلْتُ: إِلى أَيْنَ (¬8)؟ قالَ: إِلى النَّارِ وَاللهِ. فَقُلْتُ: مَا شَأْنُهُمْ؟ فَقَالَ: إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا (¬9) عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى، ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ أُخْرَى حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ (¬10)، فَقَالَ لَهُمْ: هَلُمَّ، قُلْتُ: إِلى أَيْنَ؟ قالَ: إِلى النَّارِ وَاللهِ. قُلْتُ: مَا شَأْنُهُمْ؟ قالَ: إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا علَى أَدْبَارِهِمْ فَلاَ أَرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلاَّ مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ. رواه البخاري ومسلم. 76 - وَلمسلم قال: تَرِدُ عَلَيَّ أُمَّتِي الْحَوْضَ وَأَنَا أَذُودُ (¬11) النَّاسَ عَنْهُ كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ إِبِلَ الرَّجُلِ عَنْ إِبِلِهِ. قالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ تَعْرِفُنَا؟ قالَ نَعَمْ لَكُمْ سِيمَا (¬12) لَيْسَتْ لأَحَدٍ غَيْرِكُمْ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرّاً (¬13) مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، وَلَيُصَدَّنّ عَنِي طَائِفَةٌ مِنْكُمْ فَلاَ يَصِلُونَ ¬
فَأقُولُ: يَا رَبِّ هؤُلاءِ مِنْ أَصْحَابِي (¬1) فيُجِيبُنِي مَلَكٌ فَيَقُولُ: وَهَلْ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟ [همل النعم]: ضوالّها، ومعناه أن الناجي قليل كضالة النعم بالنسبة إلى جملتها. 77 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ: إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْظُرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ فَوَ اللهِ لَيُقْتَطَعَنَّ دُونِي رِجَالٌ فَلأَقُولَنَّ: أَيْ رَبِّ مِنْ أُمَّتِي (¬2)، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لا تَدْرِي ¬
ما أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ. رواه مسلم، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. 78 - وَعَنْهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا يُبْكِيكِ؟ قُلْتُ: ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ. فَهَلْ تَذْكَرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: أَمَّا في ثَلاثَةِ مُوَاطِنَ فَلاَ يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَداً. عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ (¬1) أَمْ يَثْقُلُ؟ وَعِنْدَ تَطَايُرِ الصُّحُفِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعَ كِتَابُهُ في يَمِينِهِ أَمْ فِي شِمَالِهِ أَمْ وَرَاءَ ظَهْرِهِ؟ وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ حَتَّى يَجُوزَ. رواه أبو داود من رواية الحسن عن عائشة، والحاكم إلا أنه قال: وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ حَافَتَاهُ كَلالِيبُ كَثِيرَةٌ وَحَسَك كَثِيرَةٌ، يَحْبِسُ اللهُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَنْجُو أَمْ لا؟ الحديث وقال: صحيح على شرطهما لولا إرسال فيه بين الحسن وعائشة. 79 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنْ ¬
يَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: أَنَا فَاعِلٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. قُلْتُ: فأَيْنَ أَطْلُبُكَ (¬1) قالَ: أَوَّل مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصَّرَاطِ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصَّرَاطِ قالَ: فاطْلُبْنِي عِنْدَ الْمِيزَانِ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ الْمِيزَانِ قالَ: فاطْلُبْنِي عِنْدَ الْحَوْضِ، فَإِنِّي لا أُخْطِئُ هذِهِ الثَّلاثَةَ مَوَاطِنَ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، والبيهقي البعث وغيره. 80 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ قالَ: مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِالمِيْزَانِ فَيُؤْتَى بِابْنِ آدَمَ فَيُوقَفُ بَيْنَ كَفَّتَيِ الْمِيزَانِ فَإِنْ ثَقُلَ مِيزَانُهُ نَادَى مَلَكٌ بِصَوْتٍ يُسْمِعُ الْخلائِقَ: سَعِدَ (¬2) فُلاَنٌ سَعَادَةً لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَداً، وَإِنْ خَفَّ مِيزَانُهُ نَادَى مَلَكٌ بِصَوْتٍ يُسْمِعُ الْخَلائِقَ شَقِيَ (¬3) فُلانٌ شَقَاوَةً لاَ يِسْعَدُ بَعْدَهَا أَبداً. رواه البزار والبيهقي. 81 - وَعَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يُوضَعُ الْمِيزَانُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَوْ دُرِّيَ (¬4) فِيهِ السَّموَاتُ وَالأَرْضُ لَوَسِعَتْ، فَتَقُولُ الملائِكَةُ: يَا رَبِّ لِمَنْ يَزِنُ (¬5) هذَا؟ فَيَقُولُ اللهُ لِمَنْ شِئْتُ (¬6) مِنْ خَلْقِي، فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَكَ (¬7) مَا عَبدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ. رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 82 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: يُوضَعُ الصِّرَاطُ (¬8) عَلَى سَوَاءِ جَهَنَّمَ مِثْلَ حَدِّ السَّيفِ الْمُرْهَفِ (¬9) مَدْحَضَةٌ (¬10) مَزَلَّةٌ (¬11) عَلَيْهِ كَلالِيبُ (¬12) ¬
مِنْ نَارٍ يَخْطَفُ بِهَا، فَمُمْسَكٌ يَهوِي فِيهَا، وَمَصْرُوعٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالْبَرْقِ فَلا يَنْشَبُ (¬1) ذلك أَنْ يَنْجُوَ، ثُم كالرِّيحِ فَلا يَنْشَبُ ذلِكَ أَنْ يَنْجُوَ، ثُمَّ كَجَرْي الْفَرَسِ، ثُمَّ كَرَمَلِ الرِّجْلِ (¬2) ثُمَّ كَمَشْيِ الرِّجْلِ ثُمَّ يَكُونُ آخِرَهُمْ إِنْسَاناً رَجُلٌ قَدْ لَوَّحَتْهُ (¬3) النَّارُ وَلَقِيَ فِيهَا شَرّاً حَتَّى يُدْخِلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: تَمنَّ وَسَلْ (¬4)، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَتَهْزَأُ مِنِّي (¬5) وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: تَمَنَّ وَسَلْ حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ (¬6) قالَ: لَكَ مَا سَأَلْتَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ. رواه الطبراني بإِسناد حسن، وليس في أصلي رفعُه، وتقدم بمعناه في حديث أبي هريرة الطويل. لا يدخل النار إن شاء الله من أهل الشجرة أحد 83 - وَعَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ الأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ: لاَ يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللهُ مِنْ أَهْلِ الشَّجَرَةِ (¬7) أَحَدٌ، الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا. قالَتْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ فانْتَهَرَهَا (¬8). فَقَالَتْ حَفْصَةُ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا (¬9)، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: قَدْ قالَ اللهُ تَعَالَى: [ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ ¬
اتَّقَوْا (¬1) وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً]. رواه مسلم وابن ماجة 84 - وَعَنْ أَبِي سُمَيَّةَ قالَ: اخْتَلَفْنَا في الْوُرُودِ؟ فَقَالَ بَعْضُنَا: لاَ يَدْخُلُهَا مُؤْمِنٌ، وَقالَ بَعْضُنَا: يَدْخُلُونَهَا جَمِيعاً ثُمَّ يُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوا، فَلَقِيتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فَقُلْنَا: إِنَّا اخْتَلَفْنَا ههُنَا في الْوُرُودِ؟ فَقَالَ: تَرِدُونَهَا جَمِيعاً. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا اخْتَلَفْنَا في ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُنَا: لاَ يَدْخُلُهَا مُؤْمِنٌ، وَقالَ بَعْضُنَا: يَدْخُلُونَهَا جَمِيعاً، فَأَهْوَى بِأُصْبُعَيْهِ إِلى أُذُنَيْهِ وَقالَ صُمَّتَا (¬2) إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: الْوُرُودُ الدُّخُولُ لاَ يَبْقَى بَرٌّ (¬3) وَلاَ فَاجِرٌ (¬4) إِلاَّ دَخَلَهَا فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بَرْداً وَسَلامَاً كَمَا كَانَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ حَتَّى إِنَّ لِلنَّارِ، أَوْ قالَ: لِجَهَنَّمَ ضَجِيجَاً (¬5) مِنْ بَرْدِهِمْ، ثُمَّ يُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَيَذَرُ الظَّالِمِينَ. رواه أحمد ورواته ثقات، والبيهقي بإِسناد حسنه. وإن منكم إلا واردها 85 - وَعَنْ قَيْسٍ، هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ قالَ: كانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَاضِعاً رَأْسَهُ في حِجْرِ امْرَأَتِهِ فَبَكَى فَبَكَتِ امْرَأَتُهُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ قالَتْ: رَأَيْتُكَ تَبْكِي فَبَكَيْتُ، قالَ: إِنِّي ذَكَرْتُ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا (¬6) وَلاَ أَدْرِي أَنْجُو مِنْهَا أَمْ لاَ؟ رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما كذا قال. اختلاف الناس في مرورهم على الصراط 86 - وَعَنْ حُذَيْفَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالاَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ فذكر الحديث إلى أن قالا: فَيَأْتُونَ (¬7) مُحَمَّداً صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، ¬
فَيَقُومُ وَيُؤْذَنُ لَه وَتُرْسَلُ مَعَهُ الأَمَانَةُ (¬1) وَالرَّحِمُ (¬2) فَيَقُومَانِ جَنْبَتَي الصَّرَاطِ يَمِيناً وَشِمَالاً فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ (¬3) كَالْبَرْقِ. قالَ قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَيُّ شَيْءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ؟ قالَ: أَلَمْ تَرَوْا إِلى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ في طَرْفَةِ عَيْنٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ وَشَدِّ الرِّجَالِ تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ، وَنَبِيُّكُمْ صَلى اللهُ عليه وسلم قائِمٌ عَلى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ (¬4) سَلِّمْ حَتَّى تَعْجَزُ أَعْمَالُ الْعِبَادِ حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلاَ يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلاَّ زَاحِفاً قالَ: وَفِي حَافَّتَيِ الصِّراطِ كَلالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ تَأْخُذُ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ (¬5) نَاجٍ، وَمَكْدُوشٌ (¬6) في النَّارِ، وَالَّذِي نَفْسُ أَبي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ إِنَّ قَعْرَ (¬7) جَهَنَّمَ لَسَبْعِينَ خَرِيفاً. رواه مسلم، ويأتي بتمامه في الشفاعة إن شاء الله، وتقدم حديث ابن مسعود في الحشر، وفيه: والصِّرَاطُ كَحَدِّ السَّيْفِ دَحْضٌ (¬8) مَزَلَّةٌ. قالَ: فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ نورِهِمْ (¬9) فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كانْقِضَاضِ (¬10) الْكَوْكَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالطَّرْفِ (¬11)، وَمِنْهُمْ ¬
مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيْحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرّجْلِ وَيَرْمُلُ رَمْلاً (¬1) فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمَيْهِ تَخِرُّ يَدٌ وَتَعْلُقُ يَدٌ (¬2)، وَتَخِرُّ رِجْلٌ وَتَعْلُقُ رِجْلٌ، فَتُصيبُ جَوَانِبَهُ النَّارُ. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني والحاكم واللفظ له، وروى الحاكم أيضاً بإِسناد ذكر أنه على شرط مسلم عن المسيب قال: سَأَلْتُ مَرَّةً عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا فَحَدَّثَنِي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ ثُمَّ يَصْدُرُونَ عَنْهَا (¬3) بِأَعْمَالِهِمْ، وَأَوَّلُهُمْ كَلَمْحِ الْبَرْقِ، ثُمَّ كَلَمْحِ الرِّيْحِ، ثُمَّ كَحُضْرِ الْفَرَسِ، ثُمَّ كَالرَّاكِبِ (¬4) في رَحْلِهِ، ثُمَّ كَشَدِّ الرّجْلِ (¬5) ثُمَّ كَمَشْيِهِ. ما جاء في الصراط والمرور عليه 87 - وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الصِّرَاطُ عَلَى جَهَنَّمَ مِثْلُ حَرْفِ السَّيْفِ، بِجَنْبَتَيْهِ الْكَلالِيبُ (¬6) وَالْحَسَكُ، فَيَرْكَبُهُ النَّاسُ فَيَخْتَطِفُونَ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَإِنَّهُ لَيُؤْخَذُ بِالْكَلُّوبِ الْوَاحِدِ أَكْثَرُ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ (¬7). رواه البيهقي مرسلاً وموقوفاً على عبيد بن عمير أيضاً. 88 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَلْقَى رَجُلٌ (¬8) أَبَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا أَبَتِ أَيَّ ابْنٍ كُنْتُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: خَيْرَ ¬
ابْنٍ (¬1) فَيَقُولُ: هَلْ أَنْتَ مُطِيعِي (¬2) الْيَوْمَ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَقُولُ: خُذْ بِأُزْرَتِي (¬3) فَيَأْخُذُ بِأُزْرَتِهِ ثُمَّ يَنْطَلِقُ حَتَّى يَأْتِيَ اللهَ تَعَالَى وَهُوَ يَعْرِضُ بَيْنَ (¬4) الْخَلْقِ فَيَقُولُ: يَا عَبْدِي (¬5) ادْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتَ، فَيَقُولُ: أَيْ ربِّ وَأَبِي (¬6) مَعِي فَإِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لاَ تُخْزِيَنِي (¬7)؟ قالَ: فَيَمْسَخُ (¬8) اللهُ أَبَاهُ ضَبُعاً فَيَهْوِي (¬9) في النَّارِ فَيَأْخُذُ (¬10) بِأَنْفِهِ فَيَقُولُ اللهُ: يَا عَبْدِي أَبُوكَ هَوَى؟ فَيَقُولُ: لاَ وَعِزَّتِكَ (¬11). رواه الحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم، وهو في البخاري إلا أنه قال: يَلْقَى إِبراهيم أَبَاهُ آزَرَ فذكر القصة بنحوه. ¬
فصل في الشفاعة وغيرها
فصل في الشفاعة وغيرها [قال الحافظ]: كان الأولى أن يقدم ذكر الشفاعة على ذكر الصراط لأن وضع الصراط متأخر عن الإذن في الشفاعة العامة من حيث هي، ولكن هكذا اتفق الإملاء والله المستعان. 89 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: كُلُّ نَبِيٍّ سَأَلَ (¬1) سُؤَالاً. أَوْ قالَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَاهَا لأُمَّتِهِ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ (¬2) دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي. رواه البخاري ومسلم. ¬
90 - وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: أُرِيتُ مَا تَلْقَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، وَسَفْكَ (¬1) بَعْضِهِمْ دِمَاءَ بَعْضٍ فَأَحْزَنَنِي، وَسَبَقَ ذَلِكَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا سَبَقَ فِي الأُمَمِ قَبْلَهُمْ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُولِيَنِي (¬2) فِيهِمْ شَفَاعَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَفَعَلَ. رواه البيهقي في البعث وصحح إسناده. لقد أعطيت الليلة خمساً ما أعطيهن أحد قبلي 91 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ قامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي فاجْتَمَعَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَحْرُسُونَهُ حَتَّى إِذَا صَلَّى وَانْصَرَفَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُمْ: لَقَدْ أُعْطِيتُ اللَّيْلَةَ خَمْساً مَا أُعْطِيَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: أَمَّا أَنَا فَأُرْسِلْتُ إِلى النَّاسِ كُلِّهِمْ عَامَّةً، وَكَانَ مَنْ قَبْلِي إِنَّمَا يُرْسَلُ إِلى قَوْمِهِ، وَنُصِرْتُ عَلَى الْعَدُوِّ بِالرُّعْبِ (¬3) وَلَوْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَسِيرَةُ شَهْرٍ لَمُلِئَ مِنْهُ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ (¬4) أَكْلُهَا، وَكَانَ مَنْ قَبْلِي يُعَظِّمُونَ أَكْلَهَا، وَكَانُوا يَحْرِقُونَهَا (¬5)، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسَاجِدَ (¬6) وَطَهُوراً (¬7) أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي (¬8) الصَّلاةُ تَمَسَّحْتُ وَصَلَّيْتُ، وَكَانَ مَنْ قَبْلِي يُعَظِّمُونَ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانُوا يُصَلُّونَ في كِنَائِسِهِمْ (¬9) وَبِيَعِهِمْ (¬10)، والْخَامِسَةُ هِيَ مَا هِيَ؟ قِيلَ لِي: سَلْ فَإِنَّ ¬
كُلّ نَبِيٍّ قَدْ سَأَلَ فَأَخَّرْتُ مَسْأَلَتِي إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ لَكُمْ وَلِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ. رواه أحمد بإسناد صحيح. 92 - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: انْطَلَقْتُ في وَفْدٍ (¬1) إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَأَتَيْنَاهُ فَأَنَخْنَا بِالْبَابِ وَمَا في النَّاسِ أَبْغَضُ إِلَيْنَا مِنْ رَجُلٍ نَلِجُ (¬2) عَلَيْهِ، فَمَا خَرَجْنَا حَتَّى مَا كَانَ في النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ قائِلٌ مِنَّا: يَا رَسُولَ اللهِ أَلاَ سأَلْتَ رَبَّكَ مُلْكاً كَمُلْكِ سُلَيْمَانَ؟ قالَ فَضَحِكَ ثُمَّ قالَ: فَلَعَلَّ لِصَاحِبِكُمْ عِنْدَ اللهِ أَفْضَلَ مِنْ مُلْكِ سُلَيْمَانَ، إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيّاً إِلاَّ أَعْطَاهُ دَعْوةً، مِنْهُمْ مَنِ اتَّخَذَهَا دُنْيَا فَأُعْطِيَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ دَعَا بِهَا عَلَى قَوْمِهِ إِذْ عَصَوْهُ فَأُهْلِكُوا بِهَا، فَإِنَّ اللهَ أَعْطَانِي دَعْوَةً فَاخْتَبَأْتُهَا عِنْدَ رَبِّي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه الطبراني والبزار بإِسناد جيد. 93 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أُعْطِيتُ خَمْسَاً لَمْ يُعْطَهُنّض أَحَدٌ قَبْلِي: جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُوراً وَمَسْجِداً، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِنَبِيٍّ كَانَ قَبْلِي، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ عَلَى عَدُوِّي، وَبُعِثْتُ إِلى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ (¬3)، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، ¬
وَهِيَ نَائِلَةٌ (¬1) مِنْ أُمَّتِي مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً. رواه البزار وإسناده جيد إلا أن فيه انقطاعاً والأحاديث من هذا النوع كثيرة جداً في الصحاح وغيرها. 94 - وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم سَفَراً حَتَّى إِذَا كَانَ في اللَّيْلِ أَرِقَتْ (¬2) عَيْنَايَ فَلَمْ يَأْتِنِي النَّوْمُ فَقُمْتُ فَإِذَا لَيْسَ في الْعَسْكَرِ (¬3) دَابَّةٌ (¬4) إِلاَّ وَاضِعٌ خَدَّهُ إِلى الأَرْضِ وَأُرَى وَقْعَ كُلِّ شَيءٍ في نَفْسِي، فَقُلْتُ لآتِيَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وَسَلم فلأَكْلأَنَّهُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أُصْبِحَ. فَخَرَجْتُ أَتَخَلَّلُ الرِّجَالَ (¬5) حَتَّى خَرَجْتُ مِنَ الْعَسْكَرِ، فَإِذَا بِسَوَادٍ فَتَيَمَّمْتُ ذلِكَ السَّوَادَ فَإِذَا هُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ فَقَالاَ لِي: مَا الَّذِي أَخْرَجَكَ؟ فَقُلْتُ: الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، فَإِذَا نَحْنُ بِغَيْضَةٍ (¬6) مِنَّا غَيْرَ بَعِيدَةٍ فَمَشَيْنَا إِلى الْغَيْضَةِ فَإِذَا نَحْنُ نَسْمَعُ فِيهَا كَدَوِيِّ النَّحْلِ وَكَخَفِيقِ الرِّيَاحِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ههُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قالَ: وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قالَ: وَعَوْفُ بْنُ مَالِكٍ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لا نَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ، وَلاَ يَسْأَلُنَا عَنْ شَيْءٍ حَتَّى رَجَعَ إِلى رَحْلِهِ، فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا خَيَّرَنِي رَبِّي آنِفاً (¬7)؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: خَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يُدْخِلَ ثُلُثَيْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ، وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الَّذِي اخْتَرْتَ؟ قالَ: ¬
اخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ، قُلْنَا جَمِيعاً: يَا رَسُولَ اللهِ اجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ، قالَ: إِنَّ شَفَاعَتِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ. رواه الطبراني بأسانيد أحدها جيد وابن حبان في صحيحه بنحوه إلا أن عنده الرجلين: معاذَ بن جبل وأبا موسى، وهو كذلك في بعض روايات الطبراني، وهو المعروف. وقال ابن حبان في حديثه: فَقَالَ مُعَاذٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَتِي فاجْعَلْنِي مِنْهُمْ قالَ: أَنْتَ مِنْهُمْ. قالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو مُوسَى: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّا تَرَكْنَا أَمْوَالَنَا وَأَهْلِينَا وذَرَارِينَا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فاجْعَلْنَا مِنْهُمْ قالَ: أَنْتُمَا مِنْهُمْ. قالَ: فانْتَهَيْنَا إِلى الْقَوْمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَخَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أَمَّتِي الْجَنَّةَ وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا رَسُولَ اللهِ اجْعَلْنَا مِنْهُمْ، فَقَالَ: أَنْصِتُوا فَأَنْصَتُوا (¬1) حَتَّى كَأَنَّ أَحَداً لَمْ يَتَكَلَّمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: هِيَ لِمَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ باللهِ شَيْئاً (¬2). 95 - وَعَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: تُعْطَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَرَّ عَشْرِ سِنينَ ثُمَّ تُدْنَى مِنْ جَمَاجِمِ النَّاسِ (¬3). قالَ: فذكر الحديث، قال: فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَيَقُولُونَ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَنْتَ الَّذِي فَتَحَ اللهُ لَكَ، وَغَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، وَقَدْ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ فاشْفَعْ لَنَا إِلى رَبِّكَ، فَيَقُولُ: أَنَا صَاحِبُكُمْ، فَيَخْرُجُ يَجُوسُ (¬4) بَيْنَ النَّاسِ حَتَّى يَنْتَهِي إِلى بَابِ الْجَنَّةِ، فَيَأْخُذ بِحَلْقَةٍ في الْبَابِ مِنْ ذَهَبٍ فَيَقْرَعُ الْبَابَ فَيَقُولُ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيُفْتَحُ لَهُ حَتَّى يَقُومَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَسْجُدُ فَيُنَادِيَ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ فَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمُحْمُودُ (¬5) رواه الطبراني بإسناد صحيح. ¬
96 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: حَدَّثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنِّي لَقَائِمٌ أَنْتَظِرُ أُمَّتِي تَعْبُرُ (¬1) إِذْ جَاءَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ قالَ: فَقَالَ هذِهِ الأَنْبِيَاءُ قَدْ جَاءَتْكَ يَا مُحَمَّدُ يَسْأَلُونَ، أَوْ قالَ: يَجْتَمِعُونَ إِلَيْكَ يَدْعُونَ اللهَ أَنْ يَفْرُقَ بَيْنَ جَمْعِ الأُمَمِ إِلى حَيْثُ يَشَاءُ لِعِظَمِ مَا هُمْ فِيهِ، فالْخَلْقُ مُلْجَمُونَ في الْعَرَقِ، فَأَمَّا الْمُؤمِنُ فَهُوَ عَلَيْهِ كَالزُّكْمَةِ (¬2)، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَتَغَشَّاهُ (¬3) الْمَوْتُ، قالَ يَا عِيسَى: انْتَظِرْ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ: قالَ: وَذَهَبَ نَبِيُّ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَامَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَلَقِيَ مَا لَمْ يَلْقَ مَلَكٌ مُصْطَفَىً (¬4)، وَلاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، فَأَوْحَى اللهُ إِلى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنِ اذْهَبْ إِلى مُحَمَّدٍ فَقُلْ لَهُ: ارْفَعْ رَأسَكَ سَلْ تُعْطَهْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ. قالَ: فَشَفَعْتُ في أُمَّتِي أَنْ أُخْرِجَ مِنْ كُلِّ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ إِنْسَانَاً وَاحِداً. قالَ: فَمَا زِلْتُ أَتَرَدَّدُ عَلَى رَبِّي فَلا أَقُومُ فِيهِ مَقَاماً إِلاَّ شَفَعْتُ حَتَّى أَعْطَانِي اللهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ قالَ: أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مِنْ خَلْقِ اللهِ مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ (¬5) يَوْماً وَاحِداً مُخْلِصاً وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ. رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح. 97 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاص رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَدْخُلُ مِنْ أَهْلِ هذِهِ الْقِبْلَةِ النَّارَ مَنْ لاَ يُحْصِي عَدَدَهُمْ إِلاَّ اللهُ بِمَا ¬
عَصَوُا اللهَ، واجْتَرَؤوا (¬1) عَلَى مَعْصِيَتِهِ وَخَالَفُوا طَاعَتَهُ، فَيُؤْذَنُ لِي في الشَّفَاعَةِ فأُثْنِي عَلَى اللهِ سَاجِداً (¬2) كما أُثْنِي عَلَيْهِ قائِماً (¬3) فَيُقَالُ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ وَسَلْ تُعْطَهُ واشْفَعْ تُشَفَّعْ. رواه الطبراني في الكبير والصغير بإسناد حسن. 98 - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَاذَا رَدَّ إِلَيْكَ رَبُّكَ في الشَّفَاعَةِ؟ قالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بَيَدِهِ لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَوَّلُ مَنْ يَسْأَلُنِي عَنْ ذَلِكَ مِنْ أُمَّتِي لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْعِلْمِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَا يَهُمُّنِي مِنِ انْقَصافِهِمْ (¬4) عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ أَهَمُّ عِنْدِي مِنْ تَمَامِ شَفَاعَتِي لَهُمْ. وَشَفَاعَتِي لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ مُخْلِصاً وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ يُصَدِّقُ (¬5) لِسَانَهُ قَلْبُهُ وَقَلْبَهُ لِسَانُهُ. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه. تنحي المرسلين عن الشفاعة إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم 99 - وَعَنْ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَصَلَّى الْغَدَاةَ (¬6) ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى إذَا كَانَ مِنَ الضُّحَى ضَحِكَ (¬7) رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَجَلَسَ مَكَانَهُ حَتَّى صَلَّى الأُولَى وَالْعَصْرَ والْمَغْرِبَ، كُلُّ ذَلِكَ لاَ يَتَكَلَّمُ حَتَّى صلَّى الْعِشَاءَ الآخِرَةَ ثُمَّ قَامَ إِلى أَهْلِهِ فَقَالَ النَّاسُ لأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: سَلْ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَا شَأْنُهُ؟ صَنَعَ الْيَوْمَ شَيْئاً لَمْ يَصْنَعْهُ قَطُّ فَقَالَ: نَعَمْ عُرِضَ عَلَيَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَجُمِعَ الأَوَّلُونَ والآخِرُونَ بِصَعِيدٍ وَاحِدٍ حَتَّى انْطَلَقُوا إِلى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَالْعَرَقُ يَكَادُ يَلْجِمُهُمْ (¬8) فَقَالُوا: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ اصْطَفَاكَ اللهُ، اشْفَعْ لَنَا إِلى رَبِّكَ فَقَالَ: قَدْ لَقِيتُ مِثْلَ الَّذِي لَقِيتُمْ، انْطَلِقُوا إِلى ¬
أَبِيْكُمْ بَعْدَ أَبِيكُمْ إِلى نُوحٍ [إِنَّ اللهَ اصْطَفَى (¬1) آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ] فَيَنْطَلِقُونَ إِلى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا إِلى رَبِّكَ فَأَنْتَ اصْطَفَاكَ اللهُ، واسْتَجَابَ لَكَ في دُعَائِكَ [فَلَمْ يَدَعْ (¬2) عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارا] فَيَقُولُ: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، فانْطَلِقُوا إِلى إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ اللهَ اتَّخَذَهُ خَلِيلاً (¬3) فَيَنْطَلِقُونَ إِلى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَيَقُولُ: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، فانْطَلِقُوا إِلى مُوسَى فَإِنَّ اللهَ كَلَّمَهُ تَكْلِيماً (¬4)، فَيَنْطَلِقُونَ إِلى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، فَيقُولُ: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَإِنَّهُ كَانَ يُبْرِئُ (¬5) الأَكْمَهَ والأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى، فَيَقُولُ عِيسَى: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلى سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ (¬6) فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، انْطَلِقُوا إِلى مُحَمَّدٍ فَلْيَشْفَعَ لَكُمْ إِلى رَبِّكُمْ قالَ: فَيَنْطَلِقُونَ إِلَيَّ، وَآتِي جَبْرِيلَ، فَيَأْتِي جَبْرِيلُ رَبَّهُ فَيَقُولُ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بالْجَنَّةِ قالَ: فَيَنْطَلِقُ بِهِ جَبْرِيلُ فيَخِرُّ سَاجِداً قَدْرَ جُمُعَةٍ (¬7)، ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ (¬8) وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَإِذَا نَظَرَ إِلى رَبِّهِ خَرَّ ¬
سَاجِداً قَدْرَ جُمُعَةٍ أُخْرَى، فَيَقُولُ اللهُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ تُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَيَذْهَبُ لِيَقَعَ سَاجِداً فيَأْخُذُ جِبْرِيلُ بِضَبْعَيْهِ (¬1)، وَيَفْتَحُ (¬2) اللهُ عَلَيْهِ مِنَ الدُّعَاءِ مَا لَمْ يَفْتَحُ عَلَى بَشَرٍ قَطُّ (¬3) فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ جَعَلْتَنِي سَيِّدَ (¬4) وَلَدِ آدَمَ وَلاَ فَخْرَ، وَأَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ (¬5) عَنْهُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ حَتَّى إِنَّهُ لَيَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ أَكْثَرُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وأَيْلَةَ (¬6)، ثُمَّ يُقَالُ: ادْعُوا الصِّدِّيقِينَ فَيَشْفَعُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: ادْعُوا الأَنْبِيَاءَ فيَجِيءُ النَّبِيُّ مَعَهُ الْعِصَابَةُ (¬7) وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ، والنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ يُقَالُ: ادْعُوا الشُّهَدَاءَ فَيَشْفَعُونَ فِيمَنْ أَرَادُوا، فَإِذَا فَعَلَتِ الشُّهَدَاءُ ذلِكَ يَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَلا: أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أَدْخِلُوا جَنَّتِي مَنْ كَانَ لاَ يُشْرِكُ بِي شَيْئاً فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: انْظُرُوا في النَّارِ هَلْ فِيهَا مِنْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْراً قَطُّ؟ فَيَجِدُونَ في النَّارِ رَجُلاً فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْراً قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لاَ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ (¬8) النَّاسَ في الْبَيْعِ فَيَقُولُ اللهُ: اسْمَحُوا لِعَبْدِي كَإِسْمَاحِهِ إِلى عَبِيدِي، ثُمَّ يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ آخَرُ فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْراً قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لاَ غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أَمَرْتُ وَلَدِي إِذَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي بِالنَّارِ ثُمَّ اطْحَنُونِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِثْلَ الْكُحْلِ اذْهَبُوا بِي إِلى الْبَحْرِ فَذُرُّونِي في الرِّيحِ، فَقَالَ اللهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قالَ مِنْ مَخَافَتِكَ، فَيَقُولُ: انْظُرْ إِلى مُلْكِ أَعْظَمِ مَلِكٍ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهُ وَعَشْرَةَ أَمْثَالِهِ، فَيَقُولُ: لِمَ تَسْخَرُ بِي (¬9) وَأَنْتَ الْمَلِكُ. فَذَلِكَ الذِي ضَحِكْتُ بِهِ مِنَ الضُّحَى (¬10). رواه أحمد، والبزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه، وقال: ¬
قال إسحق يعني ابن إبراهيم: هذا من أشرف الحديث، وقد روى هذا الحديثَ عدة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، منهم حذيفة وأبو مسعود وأبو هريرة وغيرهم انتهى. [العصابة] بكسر العين: الجماعة لا واحد له قاله الأخفش، وقيل: هي ما بين العشرة أو العشرين إلى الأربعين. 100 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْبَراً مِنْ نُورٍ وَإِنِّي لَعَلَى أَطْوَلِهَا وَأَنْوَرِهَا فَيَجِيءُ مُنَادٍ يُنَادِي أَيْنَ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ؟ قالَ: فَتَقُولُ الأَنْبِيَاءُ كُلُّنَا نَبِيٌّ أُمِّيٌّ، فَإِلَى أَيْنُ أُرْسِلَ، فَيَرْجِعُ الثَّانِيَةَ فَيَقُولُ: أَيْنَ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ الْعَرَبِيُّ؟ قالَ: فَيَنْزِلُ مُحَمَّدٌ صلى اللهُ عليه وسلم حَتَّى يَأْتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَيَقْرَعُهُ فَيَقُولُ: مَنْ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ أَوْ أَحْمَدُ، فَيُقَالُ: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُ فَيَدْخُلُ فَيَتَجَلَّى لَهُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلاَ يَتَجَلَّى لِشَيْءٍ قَبْلَهُ، فَيَخِرُّ للهِ سَاجِداً، وَيَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُ وَلَنْ يَحْمَدَهُ بِهَا أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ تَكَلَّمْ تُسْمَعْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فذكر الحديث رواه ابن حبان في صحيحه. 101 - وَعَنْ حُذَيْفَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالاَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَجْمَعُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى النَّاسَ قالَ: فَيَقُومُ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ (¬1) لَهُمُ الْجَنَّةُ، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا أَبَانَا اسْتَفْتِحْ (¬2) لَنَا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ؟ (¬3) لَسْتُ بَصَاحِبِ ذَلِكَ، اذْهَبُوا إِلى ابْنِي إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللهِ ¬
قالَ: فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيلاً مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ (¬1) اعْمَدُوا إِلى مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ تَكْلِيماً، قالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذلِكَ، اذْهَبُوا إِلى عِيسَى كَلِمَة (¬2) اللهِ وَرُوحِهِ (¬3) فَيَقُولُ عِيسَى: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، فَيَأْتُونَ مُحَمَّداً صلى اللهُ عليه وسلم، فَيَقُومُ فَيُؤْذَنُ لَهُ (¬4)، وَتُرْسَلُ الأَمَانَةُ والرَّحِمُ فَيَقُومَانِ جَنْبَتِي الصِّرَاطِ يَمِينَاً وَشِمَالاً، فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ. قالَ قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي أَيُّ شَيْءٍ كَالْبَرْقِ؟ قالَ: أَلَمْ تَرَوْا إِلى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ في طَرْفَةِ عَيْنٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ وَشَدِّ الرِّحَالِ تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ، وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ (¬5) حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلاَّ زَحْفاً. قالَ: وفي حَافتَيِ الصِّرَاطِ كَلالِيبُ (¬6) مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ (¬7) وَمَكْدُوشٌ (¬8) ¬
في النَّارِ، وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ إِنَّ قَعْرَ (¬1) جَهَنَّمَ لَسَبْعِينَ خَرِيفاً. رواه مسلم. 102 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ (¬2) وَلاَ فَخْرَ، وَمَا مِنْ بَنِي آَدَمَ يَوْمَئِذٍ (¬3) فَمَنْ سِوَاهُ إِلاَّ تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلاَ فَخْرَ (¬4). قالَ: فَيَفْزَعُ (¬5) النَّاسُ ثَلاث فَزَعَاتٍ، فَيَأْتُونَ آدَمَ فذكر الحديث إِلى أَنْ قالَ: فَيَأْتُونِي فَأَنْطَلِقُ مَعَهُمْ، قالَ ابنُ جُدْعَانَ: قالَ أَنَسٌ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، قالَ: فآخُذُ بِحَلْقَةِ بَابِ الْجَنَّةِ فَأُقَعْقِعُها (¬6)، فَيُقَالُ، مَنْ هَذَا؟ فَيُقَالُ: مُحَمَّدٌ، فَيَفْتَحُونَ لِي وَيُرَحِّبُونَ فَيَقُولُونَ: مَرْحَباً فَأَخِرُّ سَاجِداً (¬7) فَيُلْهِمُنِي اللهُ مِنَ الثَّنَاءِ والْحَمْدِ فَيُقَالُ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهُ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَقُلْ يُسْمَعْ لِقَوْلِكَ، وَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي قالَ اللهُ: [عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً]. رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وروى ابن ماجة صدرَه قال: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آَدَمَ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ (¬8) وَأَوَّلُ مُشَفَّعْ (¬9) وَلاَ فَخْرَ، وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ. وفي إسنادهما علي بن يزيد بن جدعان. 103 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم في دَعْوَةٍ فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً (¬10) وَقالَ: أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَاكَ؟ يَجْمَعُ اللهُ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ، وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَتَدْنُو (¬11) مِنْهُمُ الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ ¬
وَالْكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقُونَ وَلاَ يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ: أَلاَ تَرَوْنَ إِلى مَا أَنْتُمْ فِيهِ، وَإِلَى مَا بَلَغَكُمْ، أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ: يَا آَدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ (¬1) وَأَمَرَ الْملائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ، أَلاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا، فَقَالَ: إِنَّ رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلاَ يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلى غَيْري اذْهَبُوا إِلى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحاً فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللهُ عَبْدَاً شَكُوراً (¬2) أَلاَ تَرَى إِلى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلاَ تَرَى إِلى مَا بَلَغَنَا، أَلاَ تَشْفَعُ إِلى رَبِّكَ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بِهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِ] نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلى إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ نَبيُّ اللهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ لِهُمْ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذِبَاتٍ (¬3) فَذَكَرَهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلى مُوسَى، فَيَأْتُونَ ¬
مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى أَنْتَ رَسولُ اللهِ فَضَّلَكَ اللهُ بِرِسَالاَتِهِ (¬1) وَبِكلامِهِ (¬2) عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلى رَبِّكَ، أَمَا تَرَى إِلى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسَاً لَمْ اُومَرْ بِقَتْلِهَا نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلى عِيسَى فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ (¬3)، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ في الْمَهْدِ (¬4) اشْفَعْ لَنَا إِلى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْباً، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلى مُحَمَّدٍ صلى اللهُ عليه وسلم فَيَأْتُونِي (¬5) فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ (¬6) وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِداً لِرَبِّي ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهُ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي ¬
يَا رَبُّ أُمَّتِي يَا رَبُّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ (¬1) مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كما بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى. رواه البخاري ومسلم. 104 - وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يَقُولُ إِبْرَاهِيمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا رَبَّاهُ! فَيَقُولُ الرَّبُّ جَلَّ وَعَلا: يَا لَبَّيْكَاهُ (¬2) فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ حَرَّقْتَ بَنِيَّ (¬3)؟ فَيَقُولُ: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ ذَرَّةٌ (¬4) أَوْ شَعِيرَةٌ مِنْ إِيمَانٍ. رواه ابن حبان في صحيحه، ولا أعلم في إسناده مطعنا. وروى الطبراني عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يُشَفِّعُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ذُرِّيّتِهِ في مِائَةِ أَلْفِ أَلْفٍ، وَعَشْرَةِ آلاَفِ أَلْفٍ. 105 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ قالَ: جَلَسْتُ إِلى قَوْمٍ أَنَا رَابِعُهُمْ فَقَالَ أَحَدُهُمْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ. قُلْنَا: سِوَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: سِوَايَ. قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم؟ قالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا قامَ قُلْتُ: مَنْ هذَا؟ قالُوا: ابْنُ الْجَدْعَاءِ أَوِ ابْنُ أَبِي الْجَدْعَاءِ. رواه ابن حبان في صحيحه وابن ماجة إلا أنه قال: عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْجَدْعَاءِ. 106 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ لَيْسَ بِنَبِيٍّ مِثلُ الْحَيَّيْنِ (¬5) رَبِيعَةَ وَمُضَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوَمَا رَبِيعَةُ مِنْ مُضَرٍ؟ قالَ: إِنَّمَا أَقُولُ مَا أَقُولُ. رواه أحمد بإسناد جيد. ¬
107 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَشْفَعُ لِلرَّجُلَيْنِ وَالثَّلاثَةِ. رواه البزار، ورواته رواة الصحيح. 108 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يُوضَعُ للأَنْبِيَاءِ مَنَابِرُ (¬1) مِنْ نُورٍ يَجْلِسُونَ عَلَيْهَا، وَيَبْقَى مِنْبَرِي لاَ أَجْلِسُ عَلَيْهِ أَوْ قالَ: لاَ أَقْعُدُ عَلَيْهِ، قائِماً (¬2) بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي مَخَافَةَ أَنْ يُبْعَثَ بِي (¬3) إِلى الْجَنَّةِ وَتَبْقَى أُمَّتِي بَعْدِي، فَأَقُولُ: يَا رَبُّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا مُحَمَّدُ مَا تُرِيدُ أَنْ أَصْنَعَ بِأُمَّتِكَ؟ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ عَجِّلْ حِسَابَهُمْ (¬4) فَيُدْعَى بِهِمْ فَيُحَاسَبُونَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِي، فَمَا أَزَالُ أَشْفَعُ حَتَّى أُعْطَى صِكَاكاً بِرِجَالٍ قَدْ بُعِثَ بِهِمْ إِلى النَّارِ حَتَّى إِنَّ مَالِكاً (¬5) خَازِنَ النَّارِ لَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ مَا تَرَكْتَ لِغَضَبِ رَبِّكَ في أُمَّتِكَ مِنْ نِقْمَةٍ (¬6). رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبيهقي في البعث، وليس في إسنادهما من ترك. [الصِّكاك]: جمع صك، وهو الكتاب. 109 - وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: أَشْفَعُ (¬7) لأُمَّتِي حَتَّى يُنَادِيَنِي (¬8) رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَيَقُولُ: أَقَدْ رَضِيتَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَأَقُولُ: إِيْ رَبِّ (¬9) قَدْ رَضِيتُ. رواه البزار والطبراني وإسناده حسن إن شاء الله. شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي 110 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: شَفَاعَتِي (¬10) لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي. رواه أبو داود والبزار والطبراني وابن حبان في صحيحه والبيهقي، ورواه ابن حبان أيضاً والبيهقي من حديث جابر. ¬
111 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: خُيِّرْتُ بَيْنَ الشَّفَاعَةِ أَوْ يَدْخُلُ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ لأَنَّهَا أَعَمُّ وَأَكْفَى، أَمَا إِنَّهَا لَيْسَتْ لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ (¬1)، وَلَكِنَّهَا لِلْمُذْنِبِينَ (¬2) الْخَطَّائِينَ الْمُتَلَوِّثِينَ (¬3). ¬
رواه أحمد والطبراني، واللفظ له، وإسناده جيد، ورواه ابن ماجة من حديث أبي موسى الأشعري بنحوه. ¬
[قال الحافظ]: وتقدم في الجهاد أحاديث في شفاعة الشهداء وأحاديث الشفاعة كثيرة وفيما ذكرناه غنية عن سائرها، والله الموفق. ¬
كتاب صفة الجنة والنار
كتاب صفة الجنة والنار الترغيب في سؤال الجنة والاستعاذة من النار 1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم: كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هذَا الدُّعَاء كما يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، قُولُوا: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ (¬1) مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ (¬2) الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ (¬3). رواه مالك ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. 2 - وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: سَمِعَنِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَأَنَا أَقُولُ: اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللهِ، وَبِأبِي: أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: سَأَلْتِ اللهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ (¬4)، وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ (¬5) لَنْ يُعَجِّلَ (¬6) شَيْئاً مِنْهَا قَبْلَ أَجَلِهِ (¬7) وَلاَ يُؤَخِّرَ، وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللهَ أَنْ يُعِيذَكِ (¬8) مِنَ النَّارِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ كانَ خَيْراً وَأَفْضَلَ. رواه مسلم. 3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قال رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا اسْتَجَارَ عَبْدٌ مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِلاَّ قالَتِ النَّارُ: يَا رَبُّ إِنَّ عَبْدَكَ فُلاناً اسْتَجَارَ مِنِّي فَأَجِرْهُ (¬9)، وَلاَ سَأَلَ عَبْدٌ الْجَنَّةَ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِلاَّ قالَتِ الْجَنَّةُ: يَا رَبُّ إِنَّ عَبْدَكَ فُلاناً سَأَلَنِي فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ. رواه أبو يعلى بإسناد على شرط البخاري ومسلم. 4 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ¬
الترهيب من النار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه
مَنْ سَأَلَ اللهَ الْجَنَّةَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ قالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَمَنِ اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ قالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنَ النَّارِ. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه ولفظهم واحد، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 5 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ للهِ مَلائِكَةً سَيَّارَةً يَتَّبِعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فذكر الحديث إلى أن قال: فَيَسْأَلُهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ. قالَ: فَمَا يَسْأَلُونِي؟ قالُوا: يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ قالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قالُوا: لاَ أَيْ رَبِّ، قالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قالُوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ. قالَ: وَمِمَّا يَسْتَجِيرونِي (¬1)؟ قالُوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قالَ وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قالُوا: لاَ. قالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي. قالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ قالَ فَيَقُولُ (¬2): قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، وَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا. الحديث رواه البخاري ومسلم واللفظ له، وتقدم بتمامه في الذكر. الترهيب من النار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه 1 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً (¬3) وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. رواه البخاري. 2 - وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: اتَّقُوا النَّارَ، قالَ: وَأَشَاحَ، ثُمَّ قالَ: اتَّقُوا النَّارَ ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلاثَاً حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قالَ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَمنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ. رواه البخاري ومسلم. ¬
[أشاح] بشين معجمة وحاء مهملة: معناه حذر النار كأنه ينظر إليها، وقال الفراء: المشيح على معنيين: المقبل إليك، والمانع لما وراء ظهره، قال وقوله: أعرض وأشاح: أي أقبل. 3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيَةُ: [وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ] (¬1) دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قُرَيْشَاً فاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ: يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ أَنْقِذُوا (¬2) أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً. رواه مسلم واللفظ له، والبخاري والترمذي والنسائي بنحوه. 4 - وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَخْطُبُ يَقُولُ: أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلاً كانَ بِالسُّوقِ (¬3) لَسَمِعَهُ مِنْ مَقَامِي هذَا حَتَّى وَقَعَتْ خَمِيصَةٌ (¬4) كَانَتْ عَلَى عَاتِقِهِ (¬5) عِنْدَ رِجْلَيْهِ. رواه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم. 5 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ أَمَّتِي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَاراً (¬6) فَجَعَلَتِ الدَّوَابُّ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ، وأَنَتُمْ تَقَحَّمُونَ (¬7) فِيهَا. رواه البخاري ومسلم. ¬
6 - وفي رواية لمسلم: إِنَّمَا مَثَلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهذِهِ الدَّوابُّ يَقَعْنَ فِيهَا، وَجَعَلَ يَحْجُزُهُنَّ (¬1) وَيَغْلِبْنَهُ، فَيَتَقَحَّمْنَ فِيهَا. قال: فَذَلِكُمْ مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ، وَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، هَلُمَّ عَنِ النَّارِ، هَلُمَّ عَنِ النَّارِ فَيَغْلِبُونِي وَيَقْتَحِمُونَ فِيهَا. 7 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَاراً فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ (¬2) عَنْهَا وَأَنَا آخِذ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفْلِتُونَ مِنْ يَدَيَّ. رواه مسلم. [الحجز] بضم الحاء وفتح الجيم: جمع حجزة: وهي معقد الإزار. 8 - وَرُوِيَ عَنْ كُلَيْبِ بْنِ حَزْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: اطْلُبُوا الْجَنَّةَ جُهْدَكُمْ (¬3)، وَاهْرُبُوا مِنَ النَّارِ جُهْدَكُمْ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ لاَ يَنَامُ طَالِبُهَا، وَإِنَّ النَّارَ لاَ يَنَامُ هَارِبُهَا، وَإِنَّ الآخِرَةَ الْيَوْمَ مَحْفُوفَةٌ بِالْمَكَارِهِ، وَإِنَّ الْدُّنْيَا مَحْفُوفَةٌ بِاللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ فَلا تُلْهِيَنَّكُمْ عَنِ الآخِرَةِ. رواه الطبراني. 9 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا، وَلاَ مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا. رواه الترمذي وقال: هذا حديث إنما نعرفه من حديث يحيى بن عبيد الله، يعني ابن موهب التيمي. [قال الحافظ]: قد رواه عبد الله بن شريك عن أبيه عن محمد الأنصاري، والسدي عن أبيه عن أبي هريرة أخرجه البيهقي وغيره. 10 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ: ارْغَبُوا فِيمَا رَغَّبَكُمُ اللهُ فِيهِ، واحْذَرُوا مِمَّا حَذَّرَكُمُ اللهُ مِنْهُ، وَخَافُوا مِمَّا خَوَّفَكُمُ اللهُ بِهِ مِنْ عَذَابِهِ وَعِقَابِهِ، وَمِنْ جَهَنَّمَ، فَإِنَّهَا لَوْ كانَتْ قَطْرَةٌ مِنَ الْجَنَّةِ مَعَكُمْ ¬
في دُنْيَاكُمُ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا حَلَّتْهَا لَكُمْ، وَلَوْ كَانَتْ قَطْرَةٌ مِنَ النَّارِ مَعَكُمْ في دُنْيَاكُمُ التِي أَنْتُمْ فِيهَا خَبَأتْهَا عَلَيْكُمْ. رواه البيهقي، ولا يحضرني الآن إسناده. تمثل العصاة ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم 11 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أُتِيَ بِفَرَسٍ يَجْعَلُ كُلَّ خَطْوٍ مِنْهُ أَقْصَى بَصَرِهِ، فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَأَتَى عَلَى قَوْمٍ يَزْرَعُونَ في يَوْمٍ وَيَحْصُدُونَ في يَوْمٍ كُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ كَمَا كَانَ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلاءِ؟ قالَ: هَؤُلاءِ الْمُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ اللهِ، تُضَاعَفُ لَهُمُ الْحَسَنَةُ بِسَبْعِمِائَةِ ضَعْفٍ وَمَا أَنْفَقُوا مِنْ شَيءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُرْضَخُ (¬1) رُؤُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ كما كَانَتْ، وَلا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، قالَ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤلاءِ؟ قالَ: هؤلاءِ الَّذِينَ تَثَاقَلَتْ (¬2) رُؤُوسُهُمْ عَنِ الصَّلاَةِ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ عَلَى أَدْبَارِهِمْ رِقاعٌ (¬3)، وَعَلَى أَقْبَالِهِمْ رِقاعٌ يَسْرَحُونَ كما تَسْرَحُ الأَنْعَامُ إِلى الضَّرِيعِ (¬4) وَالزَّقوم (¬5) وَرَضْفِ جَهَنَّمَ (¬6) قالَ: مَا هَؤلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هَؤلاءِ الَّذِينَ لاَ يُؤَدُّونَ صَدَقَاتِ (¬7) أَمْوَالِهِمْ، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ، وَمَا اللهُ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (¬8). ثُمَّ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ جَمَعَ حُزْمَةً عَظِيمَةً لاَ يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا، قالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هذَا؟ قالَ: هذَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ عَلَيْهِ أَمَانَةُ النَّاسِ لاَ يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يزيدَ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ وَأَلْسِنَتُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ حَدِيدٍ (¬9)، كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ كما كَانَتْ، لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، قالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَؤلاءِ؟ قالَ: خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ ¬
جهنم تقول يا رب ائتني بأهلي ثُمَّ أَتَى عَلَى جُحْرٍ صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ثَوْرٌ عَظِيمٌ فَيُرِيدُ الثَّوْرُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ فَلا يَسْتَطِيعُ، قالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قالَ هذَا الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بالْكَلِمَةِ الْعَظِيمةِ فَيَنْدَمُ عَلَيْهَا فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّهَا فَلا يَسْتَطِيعُ، ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَوَجَدَ رِيحاً طَيِّبَةً وَوَجَدَ رِيحَ مِسْكٍ مَعَ صَوْتٍ، فَقَالَ: مَا هذَا؟ قالَ: صَوْتُ الْجَنَّةِ تَقُولُ: يَا رَبِّ ائْتِنِي بِأَهْلِي وَرِمَا وَعَدْتَنِي فَقَدْ كَثُرَ غَرْسِي وَحَرِيرِي وَسُنْدُسِي وَإسْتَبْرَقِي وَعَبْقَرِييِّ وَمَرْجَانِي وَفِضَّتِي وَذَهَبِي وَأَكْوَابِي وَصِحَافِي وَأَبَارِيقِي وَفَوَاكِهِي وَعَسَلِي وَمَائِي وَلَبَنِي وَخَمْرِي، ائْتِنِي بِمَا وَعَدْتَنِي قالَ: لَكِ كُلُّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ وَمُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وَمَنْ آمَنَ بِي وَبِرُسُلِي، وَعَمِلَ صَالِحَاً وَلَمْ يُشْرِكْ بِي شَيْئاً، وَلَمْ يَتَّخِذْ مِنْ دُونِي أَنْدَاداً (¬1) فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَمَنْ أَقْرَضَنِي (¬2) جَزَيْتُهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيَّ كَفَيْتُهُ (¬3). إِنِّي أَنَا اللهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنَا، لاَ خُلْفَ لِمِيعَادِي، قَدْ أَفْلَحَ (¬4) الْمُؤْمِنُونَ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (¬5) فَقَالَتْ: قَدْ رَضِيتُ، ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتاً مُنْكَراً، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هذَا الصَّوْتُ؟ قالَ: هذَا صَوْتُ جَهَنَّمَ تَقُولُ: يَا رَبِّ ائْتِنِي بِأَهْلِي وَبِمَا وَعَدْتَنِي فَقَدْ كَثُرَتْ سَلاسِلِي (¬6) وَأَغْلالِي وَسَعِيرِي (¬7). ¬
للنار كل جبار لا يؤمن بيوم الحساب وَحَمِيمِي (¬1) وَغَسَّاقِي وَغِسْلِينِي (¬2)، وَقَدْ بَعُدَ قَعْرِي (¬3)، وَاشْتَدَّ حَرِّي، ائْتِنِي بِمَا وَعَدْتَنِي، قالَ: لَكِ كُلُّ مُشْرِكٍ (¬4) وَمُشْرِكَةٍ، وَخَبِيثٍ وَخَبِيثَةٍ (¬5)، وَكُلُّ جَبَّارٍ لاَ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (¬6)، قالَتْ: قَدْ رَضِيتُ، فذكر الحديث في قصة الإسراء وفرض الصلاة وغير ذلك. رواه البزار عن الربيع بن أنس عن أبي العالية أو غيره عن أبي هريرة. لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرا 12 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: ¬
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُم كَثِيراً. قالُوا: وَمَا رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قالَ: رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ. رواه مسلم وأبو يعلى. 13 - وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم مَرَّ بِقَوْمٍ وَهُمْ يَضْحَكُونَ فَقَالَ: تَضْحَكُونَ وَذِكْرُ الْجَنَّةِ والنَّارِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ (¬1). قالَ: فَمَا رُئِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ ضَاحِكَاً حَتَّى مَاتَ، قالَ: وَنَزَلَتْ فِيهِمْ: [نَبِّئْ عِبَادِي (¬2) أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ]. رواه البزار، وليس في إسناده من ترك ولا اتّهم. 14 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: لاَ تَنْسَوا الْعَظِيمَتِينِ: الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى جَرَى أَوْ بَلَّ دُمُوعُهُ جَانِبَيْ لِحْيَتِهِ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ لَمَشَيْتُمْ إِلى الصَّعِيدِ (¬3) وَلَحَثَيْتُمْ (¬4) عَلَى رُؤُوسِكُمْ التُّرَابَ. رواه أبو يعلى. 15 - وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلى النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم في حِينٍ غَيْرِ حِينِهِ الَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ فِيهِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَالِي أَرَاكَ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ؟ فَقَالَ: مَا جِئْتُكَ حَتَّى أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَنَافِخِ النَّارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَا جِبْرِيلُ صِفْ لِي النَّارَ، وانْعَتْ لي جَهَنَّمَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتعَالَى أَمَرَ بِجَهَنَّمَ فَأُوْقِدَ عَلَيْهَا أَلْفُ عَامٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ ثُمَّ أَمَرَ فأُوقِدَ علَيْهَا أَلْفُ عَامٍ حَتَّى احْمَرَّتْ، ثُمَّ أَمَرَ فَأُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفُ عَامٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ ¬
فَهِيَ سَوْدَاءٌ مُظْلِمَةٌ لا يُضِيءُ شَرَرُهَا، وَلاَ يُطْفَأُ لَهَبُهَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ أَنَّ قَدْرَ ثُقْبِ (¬1) إِبْرَةٍ فُتِحَ مِنْ جَهَنَّمَ لَمَاتَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً مِنْ حَرِّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ أَنَّ خَازِناً مِنْ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ بَرَزَ (¬2) إِلى أَهْلِ الدُّنْيَا لَمَاتَ مَنْ في الأَرْضِ كُلُّهُمْ من قُبْحِ وَجْهِهِ (¬3)، وَمِنْ نَتْنِ (¬4) رِيحِهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ أَنَّ حَلْقَةً مِنْ حِلَقِ سَلْسِلَةِ أَهْلِ النَّارِ الَّتِي نَعَتَ اللهُ في كِتَابِهِ (¬5) وُضِعَتْ عَلَى جِبَالِ الدُّنْيَا لأَرْفَضَتْ (¬6) وَمَا تَقَارَّتْ (¬7) حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلى الأَرْضِ السُّفْلَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: حَسْبِي (¬8) يَا جِبْرِيلُ لاَ يَنْصَدِعُ قَلْبِي فَأَمُوتَ! قال: فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إِلى جِبْرِيْلَ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ: تَبْكِي يَا جِبْرِيلُ وَأَنْتَ مِنَ اللهِ بِالمكانِ الَّذِي أَنْتَ بِهِ (¬9)؟ فَقَالَ: وَمَالِي لا أَبْكِي؟ أَنَا أَحَقُّ بِالْبُكَاءِ لَعَلِّي أَكُونُ فِي عِلْمِ اللهِ عَلَى غَيْرِ الْحَالِ الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا، وَمَا أَدْرِي لَعَلِّي أُبْتَلَى بِمَا ابْتُلِيَ بِهِ (¬10) إِبْلِيسُ (¬11) فَقَدْ كَانَ مِنَ الْمَلائِكَةِ، وَمَا أَدْرِي لَعَلِّي أُبْتَلَى بِمَا ابْتُلِيَ بِهِ هَارُوتُ وَمَارُوتُ (¬12). قالَ: فَبَكَى ¬
يا جبريل ويا محمد إن الله عز وجل قد أمنكما أن تعصياه رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسَلَّم، وَبَكَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَما زَالاَ يَبْكِيَانِ حَتَّى نُودِيَا أَنْ يَا جِبْرِيلُ وَيَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَّنَكُمَا (¬1) أَنْ تَعْصِيَاهُ. فارْتَفَعَ جِبْرِيلُ ¬
عَلَيْهِ السَّلامُ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَمَرَّ بِقَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ يَضْحَكُونَ وَيَلْعَبُونَ فَقَالَ: أَتَضْحَكُونَ وَوَرَاءَكُمْ جَهَنَّمُ فَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً، وَلَما أَسَغْتُمُ الطَّعَامَ (¬1) وَالشَّرَابَ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلى الصَّعَدَاتِ (¬2) تَجْأَرُونَ (¬3) إِلى اللهِ. رواه الطبراني في الأوسط، وتقدم شرح بعض غريبه في حديث آخر في ذكر الموت. 16 - وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ جَاءَ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم حَزِيناً لا يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَالِي أَرَاكَ يَا جِبْرِيلُ حَزِيناً؟ قالَ: إِنِّي رَأَيْتُ نَفْحَةً (¬4) مِنْ جَهَنَّمَ فَلَمْ تَرْجِعْ إِلِيَّ رُوحِي (¬5) بَعْدُ. رواه الطبراني في الأوسط. 17 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ¬
فصل في شدة حرها وغير ذلك
أَنَّهُ قالَ لِجِبْرِيلَ: مَالِي لاَ أَرَى مِيكَائِيلَ ضَاحِكاً قَطُّ؟ قالَ: مَا ضَحِكَ مِيكائِيلُ مُنْذُ خُلِقَتِ النَّارُ. رواه أحمد من رواية إسماعيل بن عياش، وبقية رواته ثقات. 18 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: تَلا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم هذِهِ الآيَةَ [وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجَارَةُ (¬1)]، فَقَالَ: أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفُ عَامٍ حَتَّى احْمَرَّتْ وَأَلْفُ عَامٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ، وَأَلْفُ عَامِ حَتَّى اسْوَدَّتْ، فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ لاَ يُطْفَأُ (¬2) لَهَبُهَا، الحديث. رواه البيهقي والأصبهاني وتقدم بتمامه في البكاء. 19 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ نَارَكُمْ هذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَوْلا أَنَّهَا أُطْفِئَتْ (¬3) بِالمَاءِ مَرَّتَيْنِ مَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا، وَإِنَّهَا لَتَدْعُونَا اللهَ أَنْ لاَ يُعِيدَهَا فِيهَا. رواه ابن ماجة بإسناد واهٍ والحاكم عن جسر بن فرقد وهو واهٍ عن الحسن عنه، وقال: صحيح الإسناد. 20 - وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يُؤْتَى بِالنَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ (¬4) مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا. رواه مسلم والترمذي. فصل في شدة حرها وغير ذلك 21 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: نَارُكُمْ ¬
هذِهِ مَا يُوقِدُ بَنُو آدَمَ جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، قالُوا وَاللهِ إِنْ كانَتْ لَكَافِيَةً قالَ: إِنَّهَا فُضِّلَتْ (¬1) عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءاً كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا. رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي، وليس عند مالك: كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا. ورواه أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي فزادوا فيه: وَضُرِبَتْ بِالْبَحْرِ مَرَّتَيْن، وَلَوْلا ذَلِكَ مَا جَعَلَ اللهُ فِيهَا مَنْفَعَةً لأَحَدٍ. 22 - وفي رواية للبيهقي: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: تَحْسَبُونَ أَنَّ نَارَ جَهَنَّمَ مِثْلُ نَارِكُمْ هَذِهِ، هِيَ أَشَدُّ سَوَاداً مِنَ الْقَارِ، هِيَ جُزْءٌ مِنْ بِضْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءاً مِنْهَا أَوْ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ. شك أبو سهيل. [قال الحافظ]: وجميع ما يأتي في صفة الجنة والنار معزوّاً إلى البيهقي فهو مما ذكره في كتاب البعث والنشور، وما كان من غيره من كتبه أعزوه إليه إن شاء الله. إن هذه النار جزء من مائة جزء من جهنم 23 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قال: إِنَّ هَذِهِ النَّارُ جُزْءٌ مِنْ مَائَةِ جُزْءٍ مِنْ جَهَنَّمَ. رواه أحمد ورواته رواة الصحيح. 24 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَوْ كانَ في هذَا الْمَسْجِدِ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ وَفِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَتَنَفَّسَ فَأَصَابَهُمْ نَفَسُهُ لاحْتَرَقَ (¬2) الْمَسْجِدُ وَمَنْ فِيهِ. رواه أبو يعلى وإسناده حسن، وفي متنه نكارة. ورواه البزار ولفظه قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَوْ كَانَ في هذَا الْمَسْجِدِ مَائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ثُمَّ تَنَفَّسَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لأَحْرَقَهُمْ. 25 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَوْ أَنَّ غَرْباً مِنْ جَهَنَّمَ جُعِلَ في وَسَطِ الأَرْضِ لأَذَى نَتْنُ رِيحِهِ وَشِدَّةُ حَرِّهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ، وَلَوْ أَنَّ شَرَرَةً مِنْ شَرَرِ جَهَنَّمَ بِالْمَشْرِقِ لَوَجَدَ حَرَّهَا مَنْ بِالمَغْرِبِ. رواه الطبراني وفي إسناده احتمال للتحسين. ¬
[الغرب] بفتح الغين المعجمة وإسكان الراء بعدها باء موحدة: هي الدلو العظيمة. 26 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَمَّا خَلَقَ اللهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ إِلى الْجَنَّةِ، فَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا. قالَ: فَجَاءَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلى مَا أَعَدَّ اللهُ لأَهْلِهَا فِيهَا. قالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهِ قالَ: وَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا، فَأُمِرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالمَكَارِهِ (¬1)، فَقَالَ. ارْجِعْ إِلَيْهَا فانْظُرْ إِلى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا، قالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا أَحَدٌ، وَقَالَ اذْهَبْ إِلى النَّارِ فانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا، قالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضاً، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلَهَا، فَأُمِرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَواتِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهَا، فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَنْجُو مِنْهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَها رواه أبو داود والنسائي والترمذي واللفظ له وقال: حديث حسن صحيح. صفة جهنم أعاذنا الله منها 27 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في قَوْلِهِ تَعَالَى: [إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ] مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ، وذلِكَ إِذَا أُتِيَ بِجَهَنَّمَ تُقَادُ بِسَبْعِينَ أَلْفَ زِمَامٍ يُشَدُّ بِكُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، لَوْ تُرِكَتْ لأَتَتْ عَلَى كُلِّ بَرٍّ وَفاجِرٍ (¬2): [سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (¬3)]. تَزْفِرُ (¬4) زَفْرَةً وَلاَ تَبْقَى قَطْرَةٌ مِنْ دَمْعٍ إِلاَّ نَدَرَتْ، ثُمَّ تَزْفِرُ ¬
فصل في ظلمتها وسوادها وشررها
الثَّانِيَةَ فَتَقْطَعُ الْقُلُوبَ مِنْ أَمَاكِنهَا، تَقْطَعُ اللَّهَوَاتِ (¬1) وَالْحَنَاجِرَ (¬2) وَهِيَ قَوْلُهُ: [وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ]. رواه آدم بن أبي إياس في تفسيره موقوفاً. فصل في ظلمتها وسوادها وشررها 28 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: أُوقِدَ عَلَى النَّارِ أَلْفُ سَنَةٍ (¬3) حَتَّى احْمَرَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفُ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفُ سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ، فَهِيَ سَوْدَاءُ كَاللَّيْلِ الْمُظْلِمِ. رواه الترمذي وابن ماجة والبيهقي، وقال الترمذي: حديث أبي هريرة في هذا موقوف أصح، ولا أعلم أحداً رفعه غير يحيى بن أبي بكير عن شريك. ورواه مالك والبيهقي في الشعب مختصراً مرفوعاً قال: أَتَرَوْنَهَا حَمْرَاءَ كَنَارِكُمْ هذِهِ لَهِيَ أَشَدُّ سَوَاداً مِنَ الْقَارِ. [والقار]: الزفت. زاد رزين: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ النَّارِ أَصَابُوا نَارَكُمْ هذِهِ لَنَامُوا فِيهَا أَوْ قالَ: لَقَالُوا فِيهَا. ¬
فصل في أوديتها وجبالها
29 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ نَارَكُمْ هذِهِ فَقَالَ: إِنَّهَا لَجُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَمَا وَصَلَتْ إِلَيْكُمْ حَتَّى أَحْسِبَهُ قالَ: نُضِحَتْ (¬1) مَرَّتَيْنِ بِالمَاءِ لِتُضِيءَ لَكُمْ، وَنَارُ جَهَنَّمَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ. رواه البزار، وتقدم أن الحاكم صححه. 30 - وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: تَلاَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم هذِهِ الآيَةَ: [وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ]، فَقَالَ: أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ حَتَّى احْمَرَّتْ، وَأَلْفَ عَامٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ، وَأَلْفَ عَامٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ، فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ لاَ يُضيءُ لَهَبُهَا. وفي رِوَايَةٍ: لاَ يُطْفَأُ لَهَبُهَا. رواه البيهقي والأصبهاني وتقدم. 31 - وَعَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (¬2)] قالَ: أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَقُولُ كالشَّجَرَةِ (¬3)، وَلَكِنْ كَالْحُصونِ وَالْمَدَائِنِ. رواه البيهقي بإسناد لا بأس به، فيه خديج بن معاوية وقد وثقه أبو حاتم. فصل في أوديتها وجبالها 32 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قال: وَيْلٌ وَادٍ في جَهَنَّمَ يَهْوِي (¬4) فِيهِ الْكافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفاً قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ. رواه أحمد والترمذي إلا أنه قال: ¬
وَادٍ بَيْنَ جَبَلَينِ يَهْوِي فِيهِ الْكَافِرُ سَبْعِينَ خَرِيفاً قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ. ورواه ابن حبان في صحيحه بنحو رواية الترمذي، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، ورواه البيهقي من طريق الحاكم إلا أنه قال: يَهْوِي فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفاً قَبْلَ أَنْ يُفْرَغَ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ. [قال الحافظ]: رووه كلهم من طريق عمرو بن الحرث عن درّاج عن أبي الهيثم إلا الترمذي فإنه رواه من طريق ابن لهيعة عن دراج، وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة عن دراج. 33 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ في قَوْلِهِ، [سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (¬1)] قالَ: جَبَلٌ مِنْ نَارٍ يُكَلَّفُ أَنْ يَصْعَدَهُ فَإِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ذَابَتْ، فَإِذَا ¬
الصعود جبل من نار. الحديث رَفَعَهَا عَادَتْ، وَإِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَيْهِ ذَابَتْ، فَإِذَا رَفَعَهَا عَادَتْ، يَصْعَدُ سَبْعِينَ خَرِيفاً ثُمَّ يَهْوِي كَذَلِكَ. رواه أحمد والحاكم من طريق درّاج أيضاً وقال: صحيح الإسناد، ورواه الترمذي من طريق ابن لهيعة عن دراج مختصراً قالَ: الصَّعُودُ جَبَلٌ مِنْ نَارٍ يَتَصَعَّدُ فِيهِ الْكَافِرُ سَبْعِينَ خَرِيفاً، وَيَهْوِي بِهِ كَذَلِكَ أَبَداً وقال: غريب لا نعرفه معروفاً إلا من حديث ابن لهيعة. [قال الحافظ]: رواه الحاكم مرفوعاً كما تقدم من حديث عمرو بن الحرث عن دراج عن أبي الهيثم عنه، ورواه البيهقي عن شريك عن عمار الدُّهْنِي عن عطية العوفي عنه مرفوعاً أيضاً، ومن حديث إسرائيل وسفيان كلاهما عن عمار عن عطية عنه موقوفاً بنحوه بزيادة. 34 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (¬1)] قالَ: وَادٍ ¬
في جَهَنَّمَ يُقْذَفُ فِيهِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ: رواه الطبراني والبيهقي من رواية أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود ولم يسمع منه، ورواة بعض طرقه ثقات. 35 - وفي رواية للبيهقي قال: نَهْرٌ في جَهَنَّمَ بَعِيدُ الْقَعْرِ خَبِيثُ الطَّعْمِ. وإسناد هذه جيد لولا الانقطاع. 36 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: [وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (¬1)] قالَ: وَادٍ مِنْ قَيْحٍ وَدَمٍ. رواه البيهقي وغيره من طريق يزيد بن درهم، وهو مختلف فيه. 37 - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: تَعَوَّذُوا باللهِ مِنْ جُبِّ الْحَزْنِ أَوْ وَادِي الْحَزْنِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا جُبُّ الْحَزْنِ أَوْ وَادِي الْحَزْنِ؟ قالَ: وَادٍ في جَهَنَّمَ تَتَعَوَّذُ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً أَعَدَّهُ اللهُ لِلْقُرَّاءِ المرَائِينَ. رواه البيهقي بإسناد حسن. 38 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قال: تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ جُبِّ الْحَزْنِ (¬2) قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ وَمَا جُبُّ الْحَزْنِ؟ قالَ: وَادٍ في جَهَنَّمَ تَتَعَوَّذُ مِنْهُ (¬3) جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَمَائَةِ مَرَّةٍ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ يَدْخُلُهُ؟ قالَ: أُعِدَّ لِلْقُرَّاءِ (¬4). ¬
الْمُرائِينَ (¬1) بِأَعْمَالِهِمْ، وَإِنَّ مِنْ أَبْغَضِ الْقُرَّاءِ إِلى اللهِ الَّذِينَ يَزُورونَ الأُمَرَاءَ الْجَوَرَةَ (¬2) رواه ابن ماجة واللفظ له والترمذي وقال: حديث غريب رواه الطبراني من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ في جَهَنَّمَ لَوَادِياً تَسْتَعِيذُ جَهَنَّمُ مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَمِائَةِ مَرَّةٍ أُعِدَّ لِلْمُرَائِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى اللهُ عليه وسلم. 39 - وَعَنْ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ قالَ: إِنَّ في جَهَنَّمَ قَصْراً يُقَالُ لَه: هَوىً يُرْمَى الْكَافِرُ مِنْ أَعْلاهُ أَرْبَعِينَ خَرِيفاً قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ أَصْلَهُ، قالَ اللهُ تَعَالى: [وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (¬3)]. وَإِنَّ في جَهَنَّمَ وَادِياً يُدْعَى أَثَاماً (¬4) فِيهِ حَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ فِقَارُ إِحْدَاهُنَّ: مِقْدَارَ سَبْعِينَ (¬5) قُلةِ سُمٍّ، وَالْعَقْرَبُ مِنْهُنَّ مِثْلُ الْبَغْلَةِ الْموكَفَةِ (¬6) تَلْدَغُ (¬7) الرَّجُلَ، وَلاَ يُلْهِيهِ مَا يَجِدُ مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ عَنْ حَمْوَةِ (¬8) لَدْغَتِهَا فَهُوَ لِمَنْ خُلِقَ لَهُ، وَإِنَّ في جَهَنَّمَ وَادِياً يُدْعَى غَيّاً يَسِيلُ قَيحاً وَدَماً، وَإِنَّ في جَهَنَّمَ سَبْعِينَ دَاءً (¬9) كُلُّ دَاءٍ مِثْلُ ¬
فصل في بعد قعرها
جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ جَهَنَّمَ. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً عليه، وفي صحته خلاف تقدم. 40 - وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ في النَّارِ سَبْعِينَ أَلْفَ وَادٍ (¬1) في كُلِّ وَادٍ سَبْعُونَ أَلْفَ شِعْبٍ (¬2) في كُلِّ شِعْبٍ سَبْعُونَ أَلْفَ جُحْرٍ، وَفي كُلِّ جُحْرٍ (¬3) حَيَّةٌ تَأْكُلُ وُجُوهَ أَهْلِ النَّارِ. رواه ابن أبي الدنيا من رواية إسماعيل بن عياش، ورواه البخاري في تاريخه من طريق إسماعيل بن عياش عن سعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن الحجاج بن عبد الله الثمالى وله صحبة أن نفير بن مجيب، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: من قدمائهم قال: إِنَّ في جَهَنَّمَ سَبْعِينَ أَلْفَ وَادٍ في كُلِّ وَادٍ سَبْعُونَ أَلْفِ شِعْبٍ في كُلِّ شِعْبٍ سَبْعُونَ أَلْفَ دَارٍ في كُلِّ دَارٍ سَبْعُونَ أَلْفَ بَيْتٍ في كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ أَلْفَ بِئْرٍ في كُلِّ بِئْرٍ سَبْعُونَ أَلْفَ ثُعْبَانٍ في شِدْقِ كُلِّ ثُعْبَانٍ سَبْعُونَ أَلْفَ عَقْرَبٍ لاَ يَنْتَهِي الْكَافِرُ أَوِ الْمُنَافِقُ حَتَّى يُوَاقِعَ ذَلِكَ كُلَّهُ. [قال الحافظ] سعيد بن يوسف: وهو اليمامي الحمصي الرحبي، ضعفه يحيى بن معين، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن أبي حاتم: ليس بالمشهور، ولا أرى حديثه منكراً كذا قال: فأورد عليه هذا الحديث لظهور نكارته، والله أعلم فصل في بعد قعرها 41 - عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ قالَ: خَطَبَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: إِنَّهُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى (¬4) مِنْ شَفِيرِ (¬5) جَهَنَّمَ فَيَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ عَاماً مَا يُدْرِكُ لَهَا قَعْراً (¬6) واللهِ لَتُمْلأَنّهُ أَفَعَجِبْتُمْ؟. رواه مسلم هكذا. ¬
إن حرها شديد وإن قعرها بعيد 42 - ورواه الترمذي عن الحسن قال: قالَ عُتْبَةُ بْنُ غَزَوَانَ عَلَى مِنْبَرِنَا هذَا يَعْنِي مِنْبَرَ الْبَصْرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الصَّخْرَةَ الْعَظِيمَةَ لَتُلْقَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَتَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ عَاماً، وَمَا تُفْضِي (¬1) إِلى قَرَارِهَا، قالَ: وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: أَكْثِرُوا ذِكْرَ النَّارِ فَإِنَّ حَرَّهَا شَدِيدٌ، وَإِنَّ قَعْرَهَا بَعِيدٌ، وَإِنَّ مَقَامِعَهَا حَدِيدٌ (¬2). قال الترمذي: لا نعرف للحسن سماعاً من عتبة بن غزوان، وإنما قدِم عتبة بن غزوان البصرة في زمن عمر، وولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر. 43 - وَعَنْ أَبِي مُوسى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ لَوْ أَنَّ حَجَراً قَذِفَ (¬3) بِهِ في جَهَنَّمَ لَهَوَى سَبْعِينَ خَرِيفاً فِيهِ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهَا. رواه البزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والبيهقي كلهم من طريق عطاء بن السائب. 44 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالض: كُنَّا عِنْدَ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَسَمِعْنَا وَجْبَةً (¬4) فَقَالَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: أَتَدْرُونَ مَا هذَا؟ قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قالَ: هذَا حَجَرٌ أَرْسَلَهُ اللهُ في جَهَنَّمَ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفاً، فالآنَ حِينَ انْتهى إلى قَعْرِهَا (¬5). رواه مسلم. 45 - وَرواه الطبراني من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم صَوْتاً هَالَهُ (¬6)، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ¬
صلى اللهُ عليه وسلم: مَا هذَا الصَّوْتُ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هذِهِ صَخْرَةٌ هَوَتْ (¬1) مِنْ شَفِيرِ (¬2) جَهَنَّمَ مِنْ سَبْعِينَ عَاماً، فهذَا حِينَ بَلَغَتْ قَعْرَهَا، فَأَحَبَّ اللهُ أَنْ يُسْمِعَكَ صَوْتَهَا، فَمَا رُئِيَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ضَاحِكاً (¬3) مِلْءَ فِيهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ. صفة جهنم أعاذنا الله منها بمنه 46 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَوْ أَنَّ صَخْرَةً وَزَنَتْ عَشَرَ خَلِفَاتٍ قُذِفَ بِهَا مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ مَا بَلَغَتْ قَعْرَهَا سَبْعِينَ خَرِيفاً حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلى غَيٍ وَأَثَامٍ. قِيلَ: وَمَا غَيٌّ وَأثَامٌ؟ قالَ: بِئْرَانِ في جَهَنَّمَ يَسِيلُ فِيهِما صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ، وَهُمَا اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا اللهُ في كِتَابِهِ: [أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّا] وقوله: [وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً]. رواه الطبراني والبيهقي مرفوعاً ورواه غيرهما موقوفاً على أبي أمامة، وهو أصح. [الخلفات] جمع خلفة: وهي الناقة الحامل. 47 - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ علهي وسلم قالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ شَفِيرِ (¬4) النَّارِ إِلى أَنْ يُبْلَغَ قَعْرُهَا لَصَخْرَةٌ زِنَةُ سَبْعِ خَلِفَاتٍ بِشُحُومِهِنَّ وَلُحُومِهِنَّ وَأَوْلادِهِنَّ يَهْوِي فِيما بَيْنَ شَفِيرِ النَّارِ إلى أَنْ يُبْلَغَ قَعْرُهَا سَبْعِينَ خَرِيفاً. رواه الطبراني ورواته رواة الصحيح إلا أن الرواي عن معاذ لم يُسَمَّ. 48 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: ¬
فصل في سلاسلها وغير ذلك
لَسُرَادِقُ (¬1) النَّارِ أَرْبَعَة جُدُرٍ، كِثَفُ (¬2) كُلِّ جدَار مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. رواه الترمذي والحاكم وقال: صحيح الإسناد. فصل في سلاسلها وغير ذلك 49 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَوْ أَنَّ رَصَاصَةً مِثْلَ هذِهِ، وَأَشَارَ مِثْلَ الْجُمْجُمَة أُرْسِلَتْ مِنَ السَّمَاءِ إِلى الأَرْضِ وَهِيَ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ لَبَلَغَتِ الأَرْضَ قَبْلَ اللَّيْل، وَلَوْ أَنَّهَا أُرْسِلَتْ مِنْ رَأْسِ السِّلْسِلَةِ لَسَارَتْ أَرْبَعِينَ خَرِيفاً اللَّيْلَ والنَّهَارَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ أَصْلَهَا (¬3). رواه أحمد والترمذي والبيهقي كلهم من طريق درّاج عن عيسى بن هلال الصدقي عنه، وقال الترمذي: إسناده حسن. 50 - وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يُنْشِئُ اللهُ سَحَابَةً سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً فَيُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ أَيُّ شَيْءٍ تَطْلُبُونَ؟ فَيَذْكُرُونَ بِهَا سَحَابَةَ الدُّنْيَا، فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا الشَّرَابَ فَتُمْطِرُهُمْ (¬4) أَغْلالاً تَزِيدُ في أَغْلالِهِمْ، وَسَلاسِلُ تَزِيدُ في سَلاسِلِهِمْ، وَجَمْراً تَلْتَهِبُ عَلَيْهِمْ. رواه الطبراني، وقد روي موقوفاً عليه وهو أصح. [ويعلى بن منية]: صحابي مشهور، ومنية أمه، ويقال: جدته. وهي بنت غزوان أخت عتبة بن غزوان، وكثيراً ما ينسب إلى أبيه أمية. 51 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: ¬
لَوْ أَنَّ مَقْمَعَاً مِنْ حَدِيدِ جَهَنَّمَ وُضِعَ في الأَرْضِ فاجْتَمَعَ لَهُ الثَّقَلانِ (¬1) مَا أَقَلُّوهُ (¬2) مِنَ الأَرْضِ. رواه أحمد وأبو يعلى والحاكم وقال: صحيح الإسناد. لو ضرب الجبل بمقمع من حديد جهنم لتفتت 52 - وفي رواية لأحمد وأبي يعلى قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَوْ ضُرِبَ الْجَبَلُ بِمَقْمَعٍ مِنْ حَديدِ جَهَنَّمَ لَتَفَتَّتَ ثُمَّ عَادَ. وروى هذه الحاكم أيضاً إلا أنه قال: لَتَفَتَّتَ فَصَارَ رَمَاداً. وقال: صحيح الإسناد. [المقمع]: المطرق، وقيل: السوط. 53 - وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَمَّا نَزَلتْ هذِهِ الآيَةُ: [نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ] قَرَأَهَا النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم فَسَمِعَهَا شَابٌّ إِلى جَنْبِهِ فَصَعِقَ (¬3) فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم رَأْسَهُ في حِجْرِهِ رَحْمَةً لَهُ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَمْكُثَ ثُمَّ فَتَحَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مِثْلُ أَيِّ شَيْءٍ الْحَجَرُ؟ قالَ: أَمَا يَكْفِيكَ مَا أَصَابَكَ عَلَى أَنَّ الْحَجَرَ الْوَاحِدَ مِنْهَا لَوْ وُضِعَ عَلَى جِبَالِ الدُّنْيَا كُلِّهَا لذَابَتْ مِنْهُ، وَإِنَّ مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ حَجَراً وَشَيْطاناً. رواه ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن الوضاح حدثنا عباءة بن كليب عن محمد بن هاشم، وعباءة قال أبو حاتم: صدوق في حديثه إنكار أخرجه البخاري في الضعفاء يحوَّل من هناك. 54 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في قَوْلِهِ تَعَالَى: [وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجَارَة] قالَ: هِيَ حِجَارَةٌ مِنْ كِبْرِيتٍ (¬4) خَلَقَهَا اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَواتِ والأَرْضَ في السَّمَاءِ الدُّنْيَا يُعِدُّهَا لِلْكَافِرِينَ. رواه الحاكم موقوفاً وقال: صحيح على شرط الشيخين. صفة جهنم عياذاً بالله منها 55 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ الأرَضِينَ بَيْنَ كُلِّ أَرْضٍ إِلى الَّتِي تَلِيهَا مَسِيرَةُ خَمْسِمَائَةِ سَنَةٍ، فَالْعُلْيَا مِنْهَا عَلَى ظَهْرِ حُوتٍ قَدِ الْتَقَى طَرَفَاهُ في سَمَاءٍ وَالْحُوتُ عَلَى صَخْرَةٍ والصَّخْرَةُ بِيَدِ مَلَكٍ، وَالثَّانِيَةُ ¬
مَسْجِنُ الرِّيحِ فَلَمَّا أَرَادَ اللهُ أَنْ يُهْلِكَ عَاداً أَمَرَ خَازِنَ الرِّيحِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْهِمْ رِيحاً تُهْلِكُ عَاداً، قالَ: يَا رَبِّ أُرْسِلْ عَلَيْهِمْ مِنَ الرِّيحِ قَدْرَ مَنْخِرِ الثَّوْرِ؟ قالَ لَهُ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتعَالَى: إِذاً تَكْفَأَ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَلكِنْ أَرْسِلْ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ خَاتَمٍ فَهِيَ الّتِي قالَ اللهُ في كِتابِهِ: [مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ (¬1) عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرَّمِيمِ (¬2)]، وَالثَّالِثَةُ فِيهَا حِجَار جَهَنَّمَ، والرَّابِعَةُ فِيهَا كِبْرِيتُ جَهَنَّمَ، قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَلِلنَّارِ كِبْرِيتٌ؟ قالَ: نَعَمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِيهَا لأَوْدِيَةً مِنْ كِبْرِيتٍ لَوْ أُرْسِلَ فِيهَا الْجِبَالُ الرَّوَاسِي لَمَاعَتْ (¬3) والْخَامِسَة فِيهَا حَيَّاتُ جَهَنَّمَ إِنَّ أَفْوَاهَهَا كالأَوْدِيَةِ تَلْسَعُ الْكَافِرَ اللَّسْعَةَ فَلاَ يَبْقَى مَنْهُ لَحْمٌ عَلَى وَضَمٍ، وَالسَّادِسَةُ فِيهَا عَقَارِبُ جَهَنَّمَ إِنَّ أَدْنَى عَقْرَبٍ مِنْهَا كَالْبِغَالِ الْمُوكَفَة (¬4) تَضْرِبُ الْكَافِرَ ضَرْبَةً تُنْسِيهِ ضَرْبَتُهَا حَرَّ جَهَنَّمَ، وَالسَّابِعَةُ سَقَرُ فِيهَا إِبْلِيسُ مُصَفَّدٌ (¬5) بِالْحَدِيدِ يَدٌ أَمَامَهُ وَيَدٌ خَلْفَهُ، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يُطْلِقَهُ لِمَا يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَطْلَقَهُ. رواه الحاكم وقال: تفرد به أبو السمح، وقد ذكرت عدالته بنص الإمام يحيى بن معين، والحديث صحيح ولم يخرّجاه. [قال الحافظ]: أبو السمح هو دراج، وَقَبِلَهُ عبد الله بن عياش القتباني ويأتي الكلام عليهما، وفي متنه نكارة والله أعلم. [قوله: تكفأ الأرض] مهموز: أي تقلبها. [والوضم] بفتح الواو والضاد المعجمة جميعاً: هو كل شيء يوضع عليه اللحم، والمراد هنا أنه لا يبقى منه لحم إلا سقط عن موضعه. ¬
فصل في ذكر حياتها وعقاربها
فصل في ذكر حياتها وعقاربها 56 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ في النَّارِ حَيَّاتٍ كَأَمْثَالِ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ (¬1) تَلْسَعُ إِحْدَاهُنَّ اللَّسْعَةَ فَيَجِدُ حَرَّهَا سَبْعِينَ خَرِيفاً، وَإِنَّ في النَّارِ عَقَارِبَ كَأَمْثَالِ الْبِغَالِ المُوكَفَةِ تَلْسَعُ إِحْدَاهُنَّ اللَّسْعَةَ فَيَجِدُ حَمْوَتَهَا (¬2) أَرْبَعِينَ سَنَةً. رواه أحمد والطبراني من طريق ابن لهيعة عن دراج عنه، ورواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم من طريق عمرو بن الحارث عن دراج عنه وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 57 - وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ شَجَرَةَ قالَ: إِنَّ لِجَهَنَّمَ لَجَبَاباً (¬3) في كُلِّ جُبٍّ سَاحِلاً كَسَاحِلِ الْبَحْرِ فِيهِ هَوَامٌ (¬4) وَحَيَّاتٌ كَالْبَخَاتِيِّ وَعَقَارِبُ كَالْبِغَالِ الذُّلِّ (¬5)، فَإِذَا سَأَلَ أَهْلُ النَّارِ التَّخْفِيفَ، قِيلَ: اخْرُجُوا إِلى السَّاحِلِ فَتَأْخُذُهُمْ تِلْكَ الْهَوَامُّ بِشِفَاهِهِمْ (¬6) وَجُنُوبِهِمْ وَمَا شَاءَ اللهُ مِنْ ذَلِكَ فَتَكْشِطُهَا فَيَرْجَعُونَ فَيُبَادِرُونَ إِلى مُعْظَمِ النِّيْرانِ، وَيُسَلَّطُ عَلَيْهِمُ الْجَرَبُ (¬7) حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَحُكُّ جِلْدَهُ حَتَّى يَبْدُوَ الْعَظْمُ فَيُقَالُ: يَا فُلانُ هَلْ يُؤْذِيكَ هذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لَهُ: ذلِكَ بِمَا كُنْتَ تُؤذِي الْمُؤْمِنينَ. رواه ابن أبي الدنيا. [قال الحافظ]: ويزيد بن شجرة الرهاوي مختلف في صحبته، والله أعلم. 58 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في قَوْلِهِ تَعَالى: [زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ] قالَ: زِيدُوا عَقَارِبَ أَنْيَابُهَا كَالنَّخْلِ الطِّوَالِ. رواه أبو يعلى والحاكم موقوفاً، وقال: صحيح على شرط الشيخين. ¬
فصل في شراب أهل النار
فصل في شراب أهل النار 59 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم في قَوْلِهِ: (كَالْمُهْلِ) قالَ: كَعَكَرِ (¬1) الزَّيْتِ، فَإِذَا قُرِّبَ إِلى وَجْهِ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وَجْهِهِ فِيهِ. رواه أحمد والترمذي من طريق رشد بن سعد عن عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث رشدين. [قال الحافظ]: قد رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم من حديث ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 60 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْحَمِيمَ لَيُصَبُّ عَلى رُؤوسِهِمْ فَيَنْفُذُ الْحَمِيمُ، حَتَّى يَخْلُصَ إِلى جَوْفِهِ فَيَسْلُتَ مَا في جَوْفِهِ حَتَّى يَمْرُقَ مِنْ قَدَمَيْهِ، وَهُوَ الصَّهْرُ ثُمَّ يُعَادُ كَما كَانَ. رواه الترمذي والبيهقي إلا أنه قال: فَيَخْلُصُ فَيَنْفُذُ الْجُمْجُمَةَ حَتَّى يَخْلُصَ إِلى جَوْفِهِ. روياه من طريق أبي السمح، وهو دراج عن ابن حجيرة، وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح. [الحميم]: هو المذكور في القرآن في قوله تعالى: وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ. وروي عن ابن عباس وغيره أن الحميم الحارّ الذي يحرق. وقال الضحاك: الحميم يغلي منذ خلق الله السموات والأرض إلى يوم يسقونه، ويصب على رؤوسهم. وقيل: هو ما يجتمع من دموع أعينهم في حياض النار فيسقونه، وقيل غير ذلك. 61 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم في قَوْلِهِ تَعَالَى: ¬
[وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (¬1) يَتَجَرَّعُهُ] قالَ: يُقَرَّبُ إِلى فِيهِ فَيَكْرَهُهُ فَإِذَا أُدْنِيَ (¬2) مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رَأْسِهِ، فَإِذَا شَرِبَهُ قَطَّعَ أَمْعَاءَهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ، قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: [وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (¬3)] وَيَقُولُ: [وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا (¬4) يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ (¬5) يَشْوِي (¬6) الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ]. رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث غريب، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. 62 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَوْ أَنَّ دَلْوَاً مِنْ غَسَّاقٍ يُهْرَاقُ (¬7) في الدُّنْيَا لأَنْتَنَ (¬8) أَهْلَ الدُّنْيَا. رواه الترمذي من حديث رشيد عن عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم، وقال الترمذي: إنما نعرفه من حديث رشدين. [قال الحافظ]: رواه الحاكم وغيره من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث به، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ¬
[الغساق] هو المذكور في القرآن في قوله تعالى: [فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (¬1)] وقوله: [لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرداً وَلاَ شَرَاباً، إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً]. وقد اختلف في معناه فقيل: هو ما يسيل من بين جلد الكافر ولحمه، قاله ابن عباس، وقيل: هو صديد أهل النار، قاله إبراهيم وقتادة وعطية وعكرمة، وقال كعب: هو عين في جهنم تسيل إليها حمة كل ذات حمة من حية أو عقرب أو غير ذلك فيستنقع فيؤتى بالآدمي فيغمس فيها غمسة واحدة، فيخرج وقد سقط جلده ولحمه عن العظام ويتعلق جلده ولحمه في عقبيه وكعبيه فيجرّ لحمه لكما يجر الرجل ثوبه، وقال عبد الله بن عمرو: الغساق: القيح الغليظ لو أن قطرة منه تهراق في المغرب لأنتنت أهل المشرق، ولو تهراق في المشرق لأنتنت أهل المغرب، وقيل غير ذلك. 63 - وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: ثلاثَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ (¬2) مُدْمِنُ (¬3) الْخَمْرِ، وَقاطِعُ (¬4) الرَّحِمِ، وَمُصَدِّقٌ (¬5) بِالسِّحْرِ، وَمَنْ مَاتَ مُدْمِنَ الْخَمْرِ سَقَاهُ اللهُ جَلَّ وَعَلا مِنْ نَهْرِ الْغُوطَةِ قِيلَ: وَمَا نَهْرُ الْغُوطَةِ؟ قالَ: نَهْرٌ يَجْرِي مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ، يُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ رِيحُ فُرُوجِهِمْ. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. [المومسات] بضم الميم الأولى وكسر الثانية: هن الزانيات. 64 - وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ ¬
فصل في طعام أهل النار
عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَرْضَ اللهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإِنْ مَاتَ مَاتَ كَافِراً، فَإِنْ عَادَ كَانَ حَقّاً علَى اللهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قالَ: صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ (¬1). رواه أحمد بإسناد حسن، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر وأطولَ منه إلا أنه قال: مَنْ عَادَ في الرَّابِعَةِ كانَ حَقّاً على اللهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قالَ: عُصَارَةُ (¬2) أَهْلِ النَّارِ. وتقدم في شرب الخمر، وتقدم أيضاً فيه حديث أنس: مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا وَهُوَ سَكْرَانُ دَخَلَ الْقَبْرَ سَكْرَانَ، وَبُعِثَ مِنْ قَبْرِهِ سَكْرَانَ، وَأُمِرَ بِهِ إِلى النَّارِ سَكْرَانَ، فِيهِ عَيْنٌ تَجْرِي مِنْهَا الْقَيْحُ والدَّمُ، هُوَ طَعَامُهُمْ وَشَرابُهُمْ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ والأَرْضُ. فصل في طعام أهل النار 65 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَرأ هذِهِ الآيَةَ: [اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قَطَرَتْ في دَارِ الدُّنْيَا لأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَايِشَهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَهُ؟ رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: فَكَيْفَ بِمَنْ لَيْسَ لَهُ طَعَامٌ غَيْرُهُ. والحاكم إلا أنه قال فيه: ¬
فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُومِ قَطَرَتْ في بِحَارِ الأَرْضِ لأَفْسَدَتْ (¬1). أَو قال: لأَمَرَّتْ (¬2) عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ مَعَايِشَهُمْ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَهُ. وقال: صحيح على شرطهما، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وروي موقوفاً على ابن عباس. شراب أهل النار 66 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يُلْقَى عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْجُوعُ فَيَعْدِلُ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ، فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ ذِي غُصَّةٍ فَيَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ يُجِيزُونَ الْغُصَصَ في الدُّنْيَا بِالشَّرَابِ فَيَسْتَغِيثُونَ بِالشَّرابِ فَيُدْفَعُ إِلَيْهِمْ بِكَلالِيبِ الْحَدِيدِ فَإِذَا دَنَتْ مِنْ وُجُوهِهِمْ شَوَتْ وُجُوهَهُمْ، فَإِذا دَخَلَتْ بُطُونَهُمْ قَطَعَتْ مَا في بُطُونِهِمْ فَيَقُولُونَ: ادْعُوا خَزَنَةَ جَهَنَّمَ. فَيَقُولُونَ: [أَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ (¬3) قَالُوا: بَلَى قَالُوا: فادْعُوا (¬4) وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ في ضَلالٍ] قالَ: فَيَقُولُونَ: ادْعُوا مَالِكاً فَيَقُولُونَ: [يَا مَالِكُ لِيَقْضِ (¬5) عَلَيْنَا رَبُّكَ] قالَ: فَيُجِيبُهُمْ: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (¬6). قالَ الأعْمَشُ: نُبِّئْتُ أَنَّ بَيْنَ دُعَائِهِمْ وَبَيْنَ إِجَابَةِ مَالِكٍ إِيَّاهُمْ أَلْفَ عَامٍ. قالَ: فَيَقُولُونَ: ادْعُوا رَبَّكُمْ فَلاَ أَحَدَ خَيْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ، فَيَقُولُونَ: [رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا ¬
شِقْوَتُنَا (¬1) وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ، رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا (¬2) فَإِنْ عُدْنَا (¬3) فَإِنَّا ظَالِمُونَ] قالَ: فَيُجِيبُهُمْ: [اخْسَئُوا (¬4) فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ (¬5)] قالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَئِسُوا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَأْخُذُونَ في الزَّفِيرِ (¬6) وَالْحَسْرَةِ (¬7) وَالْوَيْلِ (¬8). رواه الترمذي والبيهقي كلاهما عن قطبة بن عبد العزيز عن الأعمش عن شمر بن عطية عن شهر بن حوشب عن أمّ الدرداء عنه. وقال الترمذي: قال عبد الله بن عبد الرحمن: والناس لا يرفعون هذا الحديث قال: وإنما روي هذا الحديث عن الأعمش عن شمر بن عطية عن شهر بن حوشب عن أمّ الدرداء عن أبي الدرداء. قوله: وليس بمرفوع، وقطبة بن عبد العزيز ثقة عند أهل الحديث انتهى. 67 - وَعنِ ابْنِ عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في قَوْلِهِ تَعَالَى: طَعَاماً ذَا غُصَّةٍ (¬9) قالَ: شَوْكٌ يَأْخُذُ بالْحَلِقِ وَلاَ يَدْخُلُ وَلا يَخْرُجُ. رواه الحاكم موقوفاً عن شبيب بن شيبة عن عكرمة عنه وقال: صحيح الإسناد. ¬
فصل في عظم أهل النار وقبحهم فيها
فصل في عظم أهل النار وقبحهم فيها 68 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ النَّارِ أُخْرِجَ إِلى الدُّنْيَا لماتَ أَهْلُ الدُّنْيَا مِنْ وَحْشَةِ (¬1) مَنْظَرِهِ، وَنَتْنِ رِيحِهِ (¬2) قالَ: ثُمَّ بَكَى عَبْدُ اللهِ بُكَاءً شَدِيداً. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً، وفي إسناده ابن لهيعة. 69 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا بَيْنَ مِنْكَبِي الْكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ (¬3). رواه البخاري واللفظ له ومسلم وغيرهما. [المنكب]: مجتمع رأس الكتف والعضد. 70 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: ضِرْسُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ (¬4). وَفَخِذُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ كما بَيْنَ قُدَيدٍ وَمَكَّةَ، وَكَثَافَةُ جَسَدِهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ. رواه أحمد واللفظ له ومسلم. ولفظه قال: ضَرْسُ الْكَافِرِ أَوْ نَابُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَغِلْظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلاثٍ. والترمذي ولفظه: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ضَرْسُ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مَسِيرَةُ ثَلاثٍ مِثْلُ الرَّبذَةِ. وقال: حديث حسن غريب. [قوله]: مثل الربذة، يعني كما بين المدينة والربذة، والبيضاء: جبل انتهى. 71 - وفي رواية للترمذي قال: إِنَّ غِلَظَ جِلْدِ الْكَافِرِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعاً، وَإِنَّ ¬
ضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ، وَإِنَّ مَجْلِسَهُ مِنْ جَهَنَّمَ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. وقال في هذه: حديث حسن غريب صحيح، ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه قال: جِلْدُ الْكَافِرِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ، وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ. رواه والحاكم وصححه ولفظه، وهو رواية لأحمد بإسناد جيد قال: ضِرْسُ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَعَرْضُ جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً، وَعَضُدُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ، وَفَخْذُهُ مِثْلُ وَرْقانَ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ الرّبَذَةِ. قال أبو هريرة: وكان يقال: بَطْنُهُ مِثْلُ بَطْنِ إضَمٍ. [الجبار]: ملِك باليمن له ذراع معروف المقدار، كذا قال ابن حبان وغيره، وقيل: ملك بالعجم. 72 - وَعَنِ ابْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ الْكَافِرَ لَيُسْحَبُ (¬1) لِسَانُهُ الْفَرْسَخَ وَالْفَرْسَخَيْنِ يَتَوَطَّؤُهُ النَّاسُ. رواه الترمذي عن الفضل بن يزيد عن أبي المخارق عنه، وقال: هذا حديث إنما نعرفه من هذا الوجه، والفضل ابن يزيد كوفيّ قد روى عنه غير واحد من الأئمة، وأبو المخارق ليس بمعروف انتهى. [قال الحافظ]: رواه الفضل بن يزيد. 73 - عَنْ أَبِي الْعَجْلانِ قالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ الْكَافِرَ لَيَجُرُّ لِسَانَهُ فَرْسَخَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَتَوَطَّؤُهُ النَّاسُ. أخرجه البيهقي وغيره، وهو الصواب، وقول الترمذي: أبو المخارق ليس بمعروف وَهَمٌ، إنما هو أبو العجلان المحاربي ذكره البخاري في الكنى، وقال أبو بكر مربع الحافظ: ليس له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الإسناد إلا هذا الحديث انتهى. 74 - وَعَنْهُ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يَعْظُمُ أَهْلُ (¬2) النَّارِ في النَّارِ حَتَّى إِنَّ بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِ أَحَدِهِمْ إِلى عَاتِقِهِ مَسِيرَةَ (¬3) سَبْعِمَائَةِ عَامٍ، ¬
وَإِنَّ غِلَظَ جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً، وَإِنَّ ضِرْسَهُ مِثْلُ أُحُدٍ. رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط وإسناده قريب من الحسن. 75 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم في قَوْلِهِ تَعَالَى [يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ (¬1)] قالَ: يُدْعَى أَحَدُهُمْ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ وَيُمَدُّ لَهُ في جِسْمِهِ سِتُّونَ ذِرَاعاً، وَيَبْيَضُّ وَجْهُهُ وَيُجْعَلُ عَلى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ نُورٍ يَتلأْلأُ فَيُنْطَلِقُ إِلى أَصْحَابِهِ فَيَرَوْنَهُ مِنْ بَعِيدٍ، فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ آتِنَا بِهذَا، وَبَارِكْ لَنا في هذا، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ فَيَقُولُ لَهُمْ: أَبْشِرُوا لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلُ هذَا. قال: وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَسْوَدُّ وَجْهُهُ، وَيُمَدُّ لَهُ في جِسْمِهِ سِتُّونَ ذِرَاعاً في صُورَةِ آدَمَ، وَيَلْبَسُ تَاجاً مِنْ نَارٍ فَيَرَاهُ أَصْحَابُهُ فَيَقُولُونَ نَعُوذُ باللهِ مِنْ شَرِّ هذَا. اللَّهُمَّ لا تَأْتِنَا بِهذَا فَيَأْتِيهِمْ فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ اخْزِهِ، فَيَقُولُ: أَبْعَدُكُمُ اللهُ، فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هذَا، رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب واللفظ له وابن حبان في صحيحه والبيهقي. 76 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَقْعَدُ الْكَافِرِ في النَّارِ مَسِيرَةُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، وَكُلُّ ضِرْسٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ وَرْقَانَ، وَجِلْدُهُ سِوَى لَحْمِهِ وَعِظَامِهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً. رواه أحمد وأبو يعلى والحاكم كلهم من رواية ابن لهيعة. 77 - وروى ابن ماجة من طريق عيسى بن المختار عن محمد بن أبي ليلى عن عطية العوفي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: إِنَّ الْكَافِرَ لَيَعْظُمُ حَتَّى إِنَّ ضِرْسَهُ لأَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ، وَفَضِيلَةُ جَسَدِهِ عَلى ضِرْسِهِ كَفَضِيلَةِ جَسَدِ أَحَدِكُمْ عَلَى ضِرْسِهِ. ¬
78 - وَعَنْ مُجَاهِدٍ قالَ: قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَتَدْرِي مَا سَعَةُ جَهَنَّمَ؟ قُلْتُ: لاَ. قالَ: أَجَلْ وَاللهِ وَاللهِ مَا تَدْرِي إِنَّ بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِ أَحَدِهِمْ وَبَيْنَ عَاتِقِهِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ خَرِيفاً، تَجْرِي فيه أَوْدِيَةُ الْقَيْحِ وَالدَّمِ. قُلْتُ: أَنْهَارٌ؟ قالَ: لا بَلْ أَوْدِيَةٌ. رواه أحمد بإسناد صحيح، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 79 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: [وَهُمْ فِيْهَا كَالِحُونَ] قالَ: تَشْوِيهِ النَّارُ فَتَقْلِصُ شَفَتُهُ الْعُلْيَا حَتَّى تَبْلُغَ وَسَطَ رَأْسِهِ، وَتَسْتَرْخِي شَفَتُهُ السُّفْلَى حَتَّى تَضْرِبَ سُرَّتَهُ. رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. [قال الحافظ] عبد العظيم: وقد ورد أن من هذه الأمة من يعظم في النار كما يعظم فيها الكفار؛ فروى ابنُ ماجة والحاكم وغيرهما من حديث عبد الله بن قيس قال: كنت عند أبي بُردة ذات ليلة فدخل علينا الحارث بن أقيش رضي الله عنه فحدثنا الحارث ليلتئذ أن رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ أَكْثَرُ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَعْظُمُ للنَّارِ حَتَّى يَكُونَ أَحَدَ زَوايَاهَا. اللفظ لابن ماجة وإسناده جيد، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وتقدم لفظه فيمن مات له ثلاثة من الأولاد، ورواه أحمد بإسناد جيد أيضاً إلا أنه قال: عن عبد الله بن قيس قال: سمعت الحارث بن أقيش يحدث أن أبا برزة قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ فذكره كذا في أصلي، وأراه تصحيفاً، وصوابه: سمعت الحارث بن أقيش يحدث أبا بردة كما في ابن ماجة والله أعلم. 80 - وَعَنْ أَبِي غَسَّانَ الضَّبِّيَّ قالَ: قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِظَهْرِ الْحَيْرَةِ: تَعْرِفُ عَبْدَ اللهِ بْنَ جِرَاشٍ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: فَخِذُهُ في جَهَنَّمَ مِثْلُ أُحُدٍ، وَضِرْسُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ. قُلْتُ: لِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: كَانَ عَاقّاً بِوَالِدَيْهِ. رواه الطبراني بإسناد لا يحضُرني.
فصل في تفاوتهم في العذاب وذكر أهونهم عذابا
فصل في تفاوتهم في العذاب وذكر أهونهم عذاباً 81 - عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً رَجُلٌ في أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كما يَغْلِي الْمِرْجَلُ بِالْقُمْقُمِ (¬1). رواه البخاري ومسلم ولفظه: إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً مَنْ لَهُ نَعْلانِ (¬2) وَشِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ، مَا يُرَى أَنَّ أَحَداً أَشَدُّ مِنْهُ عَذَاباً، وَإِنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَاباً. 82 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً رَجُلٌ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ مَعَ أَجْزَاءِ الْعَذَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فِي النَّارِ إِلى كَعْبَيْهِ مَعْ أَجْزَاءِ الْعَذَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ في النَّارِ إِلى رُكْبَتَيْهِ مَعَ أَجْزَاءِ الْعَذَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدِ اغْتَمَرَ (¬3). رواه أحمد والبزار ورواته رواة الصحيح، وهو في مسلم مختصراً: إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي دِمَاغُهُ مِنْ حَرِّ نَعْلَيْهِ. 83 - وَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَدْنَى (¬4) أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً الَّذِي لَهُ نَعْلانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ. رواه الطبراني بإسناد صحيح، وابن حبان في صحيحه. 84 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ. رواه مسلم. ¬
صفة أدنى أهل النار عذاباً 85 - وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً لَرَجُلٌ عَلَيْهِ نَعْلانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كأَنَّهُ مِرْجَلٌ مَسَامِعُهُ جَمْرٌ، وَأَضْرَاسُهُ جَمْرٌ، وَأَشْفَارُهُ لَهَبُ النَّارِ، وَتَخْرُجُ أَحْشَاءُ جَنْبَيْهِ مِنْ قَدَمَيْهِ، وَسَائِرُهُمْ كالْحَبِّ الْقَلِيلِ في الماءِ الْكَثِيرِ فَهُوَ يَفُورُ. رواه البزار مرسلاً بإسناد صحيح. 86 - وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلى حُجْزَتِهِ (¬1)، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلى عُنُقِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلى تُرْقُوَتِهِ (¬2). رواه مسلم. وفي رواية له: مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلى حُجْزَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلى عُنُقِهِ. 87 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَّا سِيقَ (¬3) إِلَيْهَا أَهْلُهَا تَلَقَّتْهُمْ فَلَفَحَتْهُمْ (¬4) لَفْحَةً فَلَمْ تَدَعْ لَحْماً عَلى عَظْمٍ إِلاَّ أَلْقَتْهُ عَلَى الْعُرْقُوبِ (¬5). رواه الطبراني في الأوسط والبيهي مرفوعاً، ورواه غيرهما موقوفاً عليه وهو أصح. 88 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في قَوْلِهِ تَعَالَى: [فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي (¬6) وَالأَقْدَامِ]. ¬
قالَ: يُجْمَعُ بَيْنَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ يُقْصَفُ (¬1) كما يُقْصَفُ الْحَطَبُ. رواه البيهقي موقوفاً. معنى قوله تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها 89 - وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَرأَ هَذِهِ الآيَةَ: [كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودَاً غَيْرَهَا (¬2) لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ (¬3)] قالَ: يا كَعْبُ أَخْبِرْنِي عَنْ تَفْسِيرِهَا فَإِنْ صَدَقْتَ صَدَّقْتُكَ، وَإِنْ كَذَبْتَ رَدَدْتُ عَلَيْكَ، فَقَالَ: إِنَّ جِلْدَ ابْنَ آدَمَ يُحْرَقُ وَيُجَدَّدُ في سَاعَةٍ أَوْ فِي يَوْمٍ مِقَدَارَ سِتَّةِ آلافِ مَرَّةٍ قالَ: صَدَقْتَ. رواه البيهقي. 90 - وَرُوِيَ أَيْضاً عَنِ الْحَسَنِ وَهُوَ الْبَصْرِيُّ قالَ: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ، قالَ: تَأْكُلُهُمُ النَّارُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ أَلْفَ مَرَّةٍ كُلَّمَا أَكَلَتْهُمْ قِيلَ لَهُمْ: عُودُوا فَيَعُودُونَ كَمَا كَانُوا. 91 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَيُصْبَغُ في النَّارِ صِبْغَةً. ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْراً قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَاللهِ يَا رَبِّ، وَيُؤتَى بِأَشَدِّ النَّاسٍ بُؤْساً في الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صِبْغَةً في الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْساً قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ مِنْ شِدَّةٍ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَاللهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ. رواه مسلم. ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون 92 - وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يُنْسَى أَهْلُ النَّارِ جَعَلَ لِلرَّجُلِ مِنْهُمْ صُنْدُوقاً عَلَى قَدْرِهِ مِنْ نَارٍ لاَ يَنْبِضُ مِنْهُ عِرْقٌ إِلاَّ فِيهِ مِسْمَارٌ مِنْ نَارٍ، ثُمَّ تُضْرَمُ فِيهِ النَّارُ، ثُمَّ يُقْفَلُ بِقُفْلٍ مِنْ نَارٍ، ثُمَّ يُجْعَلُ ذَلِكَ الصُّنْدُوقُ في صُنْدُوقٍ مِنْ نَارٍ ثُمَّ يُضْرَمُ بَيْنَهُمَا نَارٌ، ثُمَّ يُقْفَلُ بِقُفْلٍ مِنْ نَارٍ، ثُمَّ يُجْعَلُ ذَلِكَ الصُّنْدُوقُ في صُنْدُوقٍ مِنْ نَارٍ ثُمَّ يُضْرَمُ بِيْنَهُمَا نَارٌ ثُمَّ يُقْفَلُ، ثُمَّ يُلْقَى أَوْ يُطْرَحُ في النَّارِ فَذلِكَ قَوْلُهُ. مِنْ فَرْقِهِمْ ¬
ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ (¬1) ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بهِ عِبَادَهُ (¬2) يَا عِبَادِ فاتَّقُونِ (¬3)، وذلك قوله: [لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ (¬4) وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ (¬5)] قالَ: فَمَا يَرَى أَنَّ في النَّارِ أَحَداً غَيْرَهُ. رواه البيهقي بإِسناد حسن موقوفاً، ورواه أيضاً بنحوه من حديث ابن مسعود بإِسناد منقطع. ¬
فصل في بكائهم وشهيقهم
[قال الحافظ]: سويد بن غفلة ولد في العام الذي ولد فيه النبي صلى اللهُ عليه وسلم وهو عام الفيل، وقَدِم المدينة حين دفنوا النبي صلى اللهُ عليه وسلم ولم يره، وتوفي في زمن الحجاج وهو ابن خمس وعشرين، وقيل: سبع وعشرين ومائة. فصل في بكائهم وشهيقهم 93 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: إِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَدْعُونَ مَالِكاً فَلا يُجِيبُهُمْ أَرْبَعِينَ عَاماً، ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ، ثُمَّ يَدعونَ رَبَّهُمْ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظالِمُونَ فَلا يُجِيبُهُمْ مِثْلَ الْدُّنْيَا، ثُمَّ يَقُولُ: [اخْسَئوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ]، ثُمَّ يَيْأَسُ الْقَوْمُ فَمَا هُوَ إِلاَّ الزَّفِيرُ والشَّهِيقُ تُشْبِهُ أَصْوَاتُهُمْ أَصْوَاتَ الْحَمِيرِ ¬
أَوَّلُهَا شَهِيقٌ وآخِرُهَا زَفِيرٌ. رواه الطبراني موقوفاً ورواته محتج بهم في الصحيح، والحاكم وقال صحيح على شرطهما. [الشهيق] في الصدر. وَ [الزفير] في الحلق، وقال ابن فارس: الشهيق ضد الزفير لأن الشهيق ردَّ النفس، والزفير إخراج النفس. 94 - وروى البيهقي عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: لَهُم فِيْهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ، قالَ: صَوْتٌ شَدِيدٌ وَصَوْتٌ ضَعِيفٌ. [قال الحافظ]: وتقدم حديث أبي الدرداء وفيه: فَيَقُولُونَ: ادْعُوا مَالِكاً، فَيَقُولُونَ: يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ. قالَ الأَعْمَشُ: نُبِّئْتُ أَنَّ بَيْنَ دُعَائِهِمْ وَبَيْنَ إِجَابَةِ مَالِكٍ لَهُمْ أَلْفَ عَامٍ. قالَ فَيَقُولُونَ: ادْعُوا رَبَّكُمْ فَلا أَحَدَ خَيْرٌ (¬1) مِنْ رَبِّكُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا (¬2) وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّيْنَ (¬3) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا (¬4) فَإِنَّا ظَالِمُونَ. قالَ: فَيُجِيبُهُمْ: اخْسَئُوا (¬5) فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ. قالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَئِسُوا (¬6) مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَأْخُذُونَ في الزَّفِيرِ (¬7) وَالشَّهِيقِ وَالْوَيْلِ (¬8). رواه الترمذي. 95 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُرْسَلُ الْبُكَاءُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ فَيَبْكُونَ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ، ثُمَّ يَبْكُونَ الدَّمَ حَتَّى يَصِيرَ في وُجُوهِهِمْ كَهَيْئَةِ الأُخْدُودِ، لَوْ أُرْسِلَتْ فِيهَا السُّفُنُ لَجَرَتْ (¬9). رواه ابن ماجة وأبو يعلى، ولفظه قال: ¬
الترغيب في الجنة ونعيمها ويشتمل على فصول
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكُوا (¬1) فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَبْكُونَ في النَّارِ حَتَّى تَسِيلَ دُمُوعُهُمْ في خُدُودِهِمْ كَأَنَّها جَدَاوِلُ (¬2) حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ فَيَسِيلُ يَعْنِي الدَّمَ فَيُقْرِحُ الْعُيُونَ (¬3). وفي إسنادهما يزيد الرقاشي وبقية رواة ابن ماجة ثقات احتج بهم البخاري ومسلم. ورواه الحاكم مختصراً عن عبد الله بن قيس مرفوعاً قال: إِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَبْكُونَ حَتَّى لَوْ أُجْرِيَتِ السُّفُنُ في دُمُوعِهِمْ لَجَرَتْ، وَإِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ الدَّمَ مسكَانَ الدَّمْعِ. وقال: صحيح الإسناد. [الأخدود] بالضم: هو الشق العظيم في الأرض. الجنة ونعيمها الترغيب في الجنة ونعيمها ويشتمل على فصول 1 - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ قَتَلَ نَفْساً مُعَاهَدَةً (¬4) بِغَيْرِ حَقِّهَا لَمْ يَرَحْ (¬5) رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، فَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ. وفي رواية: وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمَائَةِ عَامٍ. رواه ابن حبان في صحيحه. 2 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
فصل في صفة دخول أهل الجنة الجنة وغير ذلك
رِيحُ الْجَنَّةِ يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ، وَاللهِ لاَ يَجِدُهَا عَاقٌّ (¬1) وَلاَ قَاطِعُ رَحِمٍ (¬2). رواه الطبراني من رواية جابر الجعفي، وتقدم غيرُ ما حديث فيه ذكر رائحة الجنة في أماكن متفرقة من هذا الكتاب لم نعدّها. فصل في صفة دخول أهل الجنة الجنة وغير ذلك 3 - عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنْ هذِهِ الآَيَةِ: [يَوْمَ نَحْشُرُ (¬3) الْمُتَّقِينَ إِلى الرَّحْمنِ وَفْداً] إِلى آخرها قال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا الْوَفْدُ إِلاَّ رَكْبٌ؟ قالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ إِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ اسْتُقْبِلُوا بِنُوقٍ بِيضٍ (¬4) لَهَا أَجْنِحَةٌ عَلَيْهَا رِحَالُ (¬5) الذَّهَبِ، شُرُكُ نِعَالِهِمْ نُورٌ يَتَلأْلأُ كُلَّ خَطْوَةٍ مِنْهَا مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ، وَيَنْتَهُونَ إِلى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا حَلْقَةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ عَلَى صفائِحِ الذَّهَبِ، وَإِذَا شَجَرَةٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ يَنْبَعُ مِنْ أَصْلِهَا عَيْنَانِ فَإِذَا شَرِبُوا مِنْ أَحَدِهِمَا جَرَتْ في وُجُوهِهِمْ بِنَضْرَةِ النَّعِيمِ، وَإِذَا تَوَضَّؤُوا مِنَ الأُخْرَى لَمْ تَشْعَثْ (¬6) أَشْعَارُهُمْ أَبَداً فَيَضْرِبُونَ الْحَلْقَةَ بِالصَّفِيحَةِ فَلَوْ سَمِعْتَ طَنِينَ (¬7) الْحَلْقَةِ يَا عَلِيُّ فَيَبْلُغُ كُلَّ حُوْرَاءَ (¬8) أَنّ زَوْجَهَا قَدْ أَقْبَلَ فَتَسْتَخِفُّهَا الْعَجَلَةُ فَتَبْعَثُ قَيِّمَهَا (¬9) فَيَفْتَحُ لَهُ الْبَابَ، فَلَوْلا أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَرَّفَهُ نَفْسَهُ لَخَرَّ لَهُ سَاجِداً مِمَّا يَرَى مِنَ النُّورِ وَالْبَهَاءِ فَيَقُولُ أَنَا قَيِّمُكَ الَّذِي وُكِّلْتُ بِأَمْرِكَ فَيَتْبَعُهُ فَيَقْفُوا أَثَرَهُ فَيَأْتِي زَوْجَتَهُ فَتَسْتَخِفُّهَا الْعَجَلَةُ ¬
صفة نعيم أهل الجنة فَتَخْرُجُ مِنَ الْخَيْمَةِ فَتُعَانِقُهُ وَتَقُولُ: أَنْتَ حِبِّي (¬1) وَأَنَا حِبُّكَ (¬2)، وَأَنَا الرَّاضِيَةُ فَلاَ أَسْخَطُ أَبَداً، وَأَنَا النَّاعِمَةُ فَلاَ أَبْأَسُ أَبَداً، وَأَنَا الْخَالِدَةُ فَلا أَظْعَنُ أَبَداً (¬3) فَيَدْخُلُ بَيْتَاً مِنْ أَسَاسِهِ إِلى سَقْفِهِ مِائَةُ أَلْفِ ذِرَاعٍ مُبْنِيٌّ عَلى جَنْدَلِ الُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ، طَرائِقُ حُمْرٌ (¬4) وَطَرَائِقُ خُضْرٌ وَطَرائِقُ صُفْرٌ، مَا مِنْهَا طَرِيقَةٌ تُشَاكِلُ صَاحِبَتَهَا فَيَأْتِي الأَرِيكَةَ (¬5) فَإِذَا عَلَيْهَا سَرِيرٌ عَلَى السَّرِيرِ سَبْعُونَ فِرَاشاً، عَلَى كُلِّ فِرَاشٍ سَبْعُونَ زَوْجَةً، عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ سَبْعُونَ حُلةً، يُرَى مُخُّ سَاقِهَا (¬6) مِنْ بَاطِنِ الْحُلَلِ، يَقْضِي جِمَاعَهُنَّ في مِقْدَارِ لَيْلَةٍ تَجْرِي مِنْ تِحْتِهِمْ أَنْهَارٌ (¬7) مُطَّرِدَةٌ، أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ (¬8) صَافٍ لَيْسَ فِيهِ كَدَرٌ، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى (¬9) لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بُطُونِ النَّحْلِ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ (¬10) لِلشَّارِبِينَ لَمْ تَعْصُرْهُ الرِّجَالُ بِأَقْدَامِهَا، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بُطُونِ الْمَاشِيَةِ، فَإِذَا اشْتَهَوا الطَّعَامَ جَاءَتْهُمْ طَيْرٌ بِيضٌ فَتَرْفَعُ أَجْنِحَتَهَا فَيَأْكُلُونَ مِنْ جُنُوبِهَا مِنْ أَيِّ الأَلْوَانِ شَاؤُوا، ثُمَّ تَطِيرُ فَتَذْهَبُ، وَفِيهَا ثِمَارٌ مُتَدَلِّيَةٌ (¬11) إِذَا اشْتَهَوْهَا انْبَعَثَ (¬12) الْغُصْنُ إِلَيْهِمْ فَيَأْكُلُونَ مِنْ أَيِّ الثِّمَارِ شَاؤُوا إِنْ شَاءَ قائِماً وَإِنْ شَاءَ مُتَّكِئاً، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: [وَجَنا الْجَنَّتَيْنِ دَان (¬13)] وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ خَدَمٌ كَاللُّؤْلُؤِ. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب صفة ¬
الجنة عن الحارث، وهو الأعور عن علي مرفوعاً هكذا، ورواه ابن أبي الدنيا أيضاً والبيهقي وغيرهما عن عاصم بن ضمرة عن علي موقوفاً عليه بنحوه وهو أصح وأشهر. ولفظ ابن أبي الدنيا قال: يُسَاقُ الَّذِينَ اتَّقَوا رَبَّهُمْ إِلى الْجَنَّةِ زُمَراً (¬1) حَتَّى إِذَا انْتَهَوْا إِلى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا وَجَدُوا عِنْدَهُ شَجَرَةً يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ سَاقِهَا عَيْنَانِ تَجْرِيانِ (¬2) فَعَمَدُوا إِلى إِحْدَاهُمَا كَأَنَّمَا أُمِرُوا بِهَا فَشَرِبُوا مِنْهَا فَأَذْهَبَتْ مَا في بُطُونِهِمْ مِنْ أَذَىً أوْ قَذىً أَوْ بَأْسٍ ثُمَّ عَمَدُوا إِلى الأُخْرَى فَتَطَهَّرُوا مِنْهَا فَجَرَتْ عَلَيْهِمْ بِنَضْرَةِ النَّعِيمِ فَلنْ تَتَغَيَّرَ أَبْشَارُهُمْ (¬3) تَغَيُّراً بَعْدَهَا أَبَداً، وَلَنْ تَشْعَثَ (¬4) أَشْعَارُهُمْ كَأَنَّمَا دُهِنُوا بِالدِّهَانِ، ثُمَّ انْتَهَوْا إِلى خَزَنَةِ الْجَنَّةِ فَقَالُوا: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ (¬5) فادْخُلُوهَا خَالِدِينَ. قالَ: ثُمَّ ¬
تَلْقَاهُمْ أَوْ يَلْقَاهُمْ الْوِلْدَانُ يُطِيفُونَ بِهِمْ كَما يُطِيفُ وِلْدَانُ أَهْلِ الدُّنْيَا بِالْحَمِيمِ، يَقْدُمُ مِنْ غَيْبَتِهِ فَيَقُولُونَ: أَبْشِرْ بِمَا أَعَدَّ اللهُ لَكَ مِنَ الْكَرَامَةِ قالَ: ثُمَّ يَنْطَلِقُ غُلامٌ مِنْ أُولَئِكَ الْوِلْدَانِ إِلى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فَيَقُولُ: قَدْ جَاءَ فُلانٌ بِاسْمِهِ الَّذِي يُدْعَى بِهِ في الدُّنْيَا، فَتَقُولُ: أَنْتَ رَأَيْتُهُ وَهُوَ ذَا بِإِثْرِي، فَيَسْتخِفُّ إِحْدَاهُنَّ الْفَرَحُ حَتَّى تَقُومَ عَلَى أَسْكُفَّةِ بَابِهَا، فَإِذَا انْتَهَى إِلى مَنْزِلِهِ نَظَرَ إِلى أَيِّ شَيْءٍ أَسَاسُ بُنْيَانِهِ، فَإِذَا جَنْدَلُ اللُّؤْلُؤِ فَوْقَهُ صَرْحٌ أَخْضَرُ وأصْفَرُ وَأَحْمَرُ وَمِنْ كُلِّ لَوْنٍ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلى سَقْفِهِ، فَإِذَا مِثْلُ الْبَرْقِ لَوْلا أَنَّ اللهَ قَدَّرَ لَهُ لأَلَمَّ أَنْ يَذْهَبَ بِبَصَرِهِ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلى أَزْوَاجِهِ، وَأَكْوَابٌ (¬1) مَوْضُوعَةٌ (¬2)، وَنَمَارِقُ (¬3) مَصْفُوفَةٌ (¬4)، وَزَرَابِيُّ (¬5) مَبْثُوثَةٌ (¬6) فَنَظَرُوا إِلى تِلْكَ الْنِّعْمَةِ، ثُمَّ اتَّكَئُوا وَقَالُوا: [الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهذَا (¬7) وَمَا كنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا (¬8) اللهُ] الآيَةَ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ تَحْيَوْنَ (¬9) فَلاَ تَمُوتُونَ أَبَداً، وَتُقِيمُونَ فَلا تَظْعَنُونَ أَبَداً وَتَصِحُّونَ، أَرَاهُ قالَ: فَلاَ تَمْرَضُونَ أَبداً. ¬
[الجندل]: الحجر. [الآسن] بمد الهمزة وكسر السين المهملة: هو المتغير. [الحميم]: القريب. [الأكواب]: جمع كوب، وهو كوز لا عروة له، وقيل: لا خرطوم له، فإذا كان له خرطوم فهو إبريق. [النمارق]: الوسائد، واحدها نمرقة. [الزرابيّ]: البسط الفاخرة، واحدها زريبة. ما بين مصراعين في الجنة كمسيرة أربعين سنة 4 - وَعَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ قالَ: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَحَمِدَ اللهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ (¬1) بِصُرْمٍ وَوَلَّتْ حَذَّاءً وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ صُبَابَةٌ (¬2) كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ يَصْطَبُّهَا (¬3) صَاحِبُهَا، وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلى دَارٍ لا زَوَالَ لَهَا، فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا يَحْضُرَنَّكُمْ (¬4)، وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مِصْرَاعَيْنِ (¬5) مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ (¬6) مِنَ الزِّحَامِ. رواه مسلم هكذا موقوفاً، وتقدم بتمامه في الزهد. ورواه أحمد وأبو يعلى من حديث أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم مختصراً، قال: مَا بَيْنَ مِصْرَاعِيْنِ في الْجَنَّةِ كَمَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ سَنَة (¬7) وفي إسناده اضطراب. 5 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ لَكمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرَ (¬8) ¬
وَهَجَرَ وَمَكَّةَ. رواه البخاري ومسلم في حديث، وابن ماجة مختصراً إلا أنه قال: لَكَما بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرَ أَوْ كما بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى. ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفاً 6 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفاً أَوْ سَبْعِمائَةِ أَلْفٍ مُتَماسِكُونَ (¬1) آخِذٌ بَعْضُهُمْ بِبَعْض لاَ يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلُ آخِرُهُمْ (¬2) وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ. رواه البخاري ومسلم. 7 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ (¬3) لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ في السماءِ إِضَاءَةً لاَ يَبُولُونَ (¬4)، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، وَلاَ يَتْفِلُونَ أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الألُوَّةُ أَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ، أَخْلاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ (¬5) عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعَاً في السَّمَاءِ. 8 - وفي رواية قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ (¬6) صُوَرُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ (¬7)، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ (¬8) يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الْحُسْنِ ¬
لاَ اخْتِلافَ (¬1) بَيْنَهُمْ، وَلاَ تَبَاعُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبُ وَاحِدٍ يُسَبِّحُونَ اللهُ بُكْرَةً وَعَشِيّاً. رواه البخاري ومسلم واللفظ لهما، والترمذي وابن ماجة. 9 - وفي رواية لمسلم: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: أَوَّلُ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ (¬2) عَلَى أَشَدِّ نَجْمٍ في السَّمَاءِ إِضَاءَةً، ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ، فذكر الحديث وقال: قال ابن أبي شيبة. عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ يعني بضم الخاء، وقال أبو كريب: على خَلْقِ، يعني بفتحها. [الألوة] بفتح الهمزة وضمها وبضم اللام وتشديد الواو وفتحها: من أسماء العود الذي يتبخر به. قال الأصمعي: أراها كلمة فارسية عُرِّبت. 10 - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْداً مُرْداً مُكَحَّلِينَ بَنِي ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، ورواه أيضاً من حديث أبي هريرة وقال: غريب، ولفظه: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَهْلُ الْجَنَّةِ جُرْدٌ (¬3) مُرْدٌ (¬4) كُحْلٌ (¬5) لاَ يَفْنَى شَبَابُهُمْ (¬6) وَلا تَبْلَى ثِيَابُهُمْ (¬7). 11 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْداً مُرْداً بِيضاً جِعَاداً (¬8) مُكَحَّلِينَ أَبْنَاءَ ¬
فصل فيما لأدنى أهل الجنة فيها
ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ (¬1)، وَهُمْ عَلَى خَلْقِ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعاً في عَرْضِ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ. رواه أحمد وابن أبي الدنيا والطبراني والبيهقي، كلهم من رواية علي بن زيد بن جدعان عن ابن المسيب عنه. 12 - وَعَنِ الْمِقْدَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ علهي وسلم قالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ سِقْطاً (¬2) وَلا هَرِماً (¬3)، وإِنَّمَا النَّاسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ إِلاَّ بُعِثَ (¬4) ابْنَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ سَنَة، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَانَ عَلَى مِسْحَةِ (¬5) آدَمَ، وَصُورَةِ يُوسُفَ (¬6)، وَقَلْبِ (¬7) أَيُّوبَ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عَظُمُوا (¬8) وفَخُمُوا كَالْجِبَالِ. رواه البيهقي بإسناد حسن. فصل فيما لأدنى أهل الجنة فيها 13 - وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ سَأَلَ رَبَّهُ: مَا أَدْنَى (¬9) أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ فَقَالَ: رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ (¬10) فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ رَضِيتُ رَبِّ، فَيَقُولُ لَهُ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ فَقَالَ في الْخَامِسَةِ: رَضِيتُ رَبِّ فَيَقُولُ: هذَا لَكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ (¬11) نَفْسُكَ وَلَذَّتْ (¬12) عَيْنُكَ، فَيَقُولُ ¬
ما لأدنى أهل الجنة وأعلاهم فيها رَضِيتُ رَبِّ. قالَ رَبِّ: فَأَعْلاهُمْ مَنْزِلَةً قالَ: أُولئِكَ الَّذِين أَرَدْتُ (¬1) غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشرٍ. رواه مسلم. 14 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ صَرَفَ (¬2) اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ قِبَلَ الْجَنَّةِ وَمَثَّلَ لَهُ شَجَرَةً ذَاتَ ظِلٍّ (¬3) فَقَالَ: أيْ رَبِّ قَرِّبْنِي مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ أَكُونُ في ظِلِّهَا (¬4). فذكر الحديث في دخوله الجنة وتمنّيه إلى أن قال في آخره: إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ (¬5) قالَ اللهُ: هُوَ لَكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ. قالَ: ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهُ فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ فَيَقُولانِ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ. قالَ: فَيَقُولُ: مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ (¬6). رواه مسلم. 15 - ورواه أحمد عن أبي سعيد وأبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: آخِرُ رَجُلَيْنِ يَخْرُجَانِ مِنَ النَّارِ يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لأَحَدِهِمَا: يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَعْدَدْتَ لِهَذَا الْيَوْمِ، هَلْ عَمِلْتَ خَيْراً قَطُّ؟. فذكر الحديث بطوله إلى أن قال في آخره: فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ سَلْ (¬7) وَتَمَنَّهْ فَيَسْأَلُ وَيَتَمَنَّى مِقْدَارَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَيُلَقِّنُهُ اللهُ مَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ فَيَسْأَلُ وَيَتَمَنَّى، فَإِذَا فَرَغَ قالَ: لَكَ مَا سَأَلْتَ (¬8). قال أبو سعيد: وَمِثْلُهُ مَعَهُ. قال أبو هريرة: وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ، فقال أحدهما لصاحبه: حَدِّثْ بِمَا سَمِعْتَ وَأُحَدِّثُ بِمَا سَمِعْتُ. ورواته محتج بهم في الصحيح إلا علي بن زيد، وهو في البخاري بنحوه إلا أن أبا هريرة قال: وَمِثْلُهُ، وقال أبو سعيد: وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ على العكس وتقدم ¬
16 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ رَجُلٌ مَرَّ بِهِ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ لَهُ: قُمْ فادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَابِساً (¬1) فَقَالَ: وَهَلْ أَبْقَيْتَ لِي شَيئاً؟ قالَ: نَعَمْ، لَكَ مِثْلُ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ (¬2). رواه الطبراني بإسناد جيد، وليس في أصلي رفعُه، وأرى الكاتب أسقط منه ذكر النبي صلى اللهُ عليه وسلم. يعطى أهل الجنة نوراً على قدر أعمالهم 17 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قال؛ يَجْمَعُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (¬3) قِيَاماً أَرْبَعِينَ سَنَةً شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ (¬4) يَنْتَظِرُونَ فَصْلَ الْقَضَاءِ. فذكر الحديث إلى أن قال: ثُمَّ يَقُولُ: يَعْنِي الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ارْفَعُوا رُؤوسَكُمْ فَيَرْفَعُونَ رُؤوسَهُمْ فَيُعْطِيهِمْ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ (¬5) الْجَبَلِ الْعَظِيمِ يَسْعَى بَيْنَ يَدِيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى مِثْلَ النَّخْلَةِ بِيَدِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ رَجُلاً يُعْطَى نُورَهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمَيْهِ يُضِيءُ مَرَّةً ويُطْفَأُ مَرَّةً، فَإِذَا أَضَاءَ قَدَّمَ قَدَمَهُ، وَإِذَا أُطْفِئَ قامَ فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ نُورِهِمْ، مِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَطَرْفَةِ (¬6) الْعَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالْبَرْقِ (¬7)، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كالسَّحَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَانْقِضَاضِ الْكَوْكَبِ (¬8)، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُر كَشَدِّ (¬9) الْفَرَاسِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرَّجُلِ حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي يُعْطَى نُورَهُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ يَحْبُو (¬10) عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ تَخِرُّ (¬11) يَدٌ وَتُعَلَّقُ يَدٌ وَتَخِرُّ رِجْلٌ وَتُعَلَّقُ رِجْلٌ وَتُصِيبُ جَوَانِبَهُ النَّارُ، فلاَ يَزَالُ كَذلِكَ حَتَّى يَخْلُصَ، فَإِذَا خَلَصَ وَقَفَ ¬
كرم الله وإحسانه لعبده عَلَيْهَا، فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَعْطَانِي مَا لَمْ يُعْطِ أَحَداً إِذْ نَجَّانِي مِنْهَا بعْدَ إِذْ رَأَيْتُهَا قالَ: فَيَنْطَلِقُ بِهِ إِلى غَدِيرٍ (¬1) عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ فَيَغْتَسِلُ، فَيَعُودُ إِلَيْهِ رِيحُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَلْوَانُهُمْ فَيَرى مَا فِي الْجَنَّةِ مِنْ خَلَلِ (¬2) الْبَابِ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ فَيَقُولُ لَهُ: أَتَسْأَلُ الْجَنَّةَ وَقَدْ نَجَّيْتُكَ مِنَ الْنَّارِ؟ فَيَقُولُ: رَبِّ اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَهَا حِجَاباً (¬3) لاَ أَسْمَعُ حَسِيسَهَا (¬4) قالَ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَرَى أَوْ يَرْفَعُ لَهُ مَنْزِلٌ أَمَامَ ذَلِكَ كَأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ إِلَيْهِ حُلْمٌ (¬5) فَيَقُولُ: رَبِّ أَعْطِنِي ذَلِكَ المَنْزِلَ، فَيَقُولُ لَهُ: لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَهُ (¬6) تَسْأَلُ غَيْرَهُ فَيَقُولُ: لاَ وَعِزَّتِكَ لا أَسْأَلُكَ غَيرَه وَأَيُّ مَنْزِلٍ أَحْسَنُ مِنْهُ؟ فَيُغْطَاهُ، فَيَنْزِلُهُ وَيَرَى أَمَامَ ذَلِكَ مَنْزِلاً كَأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ إِلَيْهِ حُلْمٌ، قالَ: رَبِّ أَعْطِنِي ذلِكَ الْمَنْزِلَ، فَيَقُولُ اللهُ تَبَاركَ وتَعَالَى لَهُ: فَلَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَهُ تَسْأَلُ غَيْرَهُ، فَيَقُولُ: لاَ وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ، وَأَيُّ مَنْزِلٍ أَحْسَنُ مِنْهُ؟ فَيُعْطَاهُ فَيَنْزِلُهُ ثُمَّ يَسْكُتُ فَيَقُولُ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: مَالَكَ (¬7) لاَ تَسْأَلُ؟ فَيَقُولُ رَبِّ: قَدْ سَأَلْتُكَ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُكَ (¬8) وَأَقْسَمْتُ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُكَ، فَيَقُولُ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: أَلَمْ تَرْضَ أَنْ أُعْطِيكَ مِثْلَ الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقْتُهَا إِلى يَوْمِ أَفْنَيْتُهَا وَعَشَرَةَ أَضْعَافِهِ؟ فَيَقُولُ: أَتَهْزَأُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ؟ فَيَضْحَكُ (¬9) الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ قَوْلِهِ، قالَ: فَرَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ إِذَا بَلَغَ هذَا الْمَكَانَ مِنْ هذَا الْحَدِيثِ ضَحِكَ حَتَّى تَبْدُو أَضْرَاسُهُ، قالَ: فَيقُولُ الرَّبُّ جَلَّ ذِكْرُهُ: لاَ وَلكِنِّي عَلى ذَلِكَ قَادِرٌ، سَلْ (¬10) فَيَقُولُ: أَلْحِقْنِي بِالنَّاسِ، فَيَقُولُ: الْحَقْ بالنَّاسِ فَيَنْطَلِقُ يَرْمُلُ (¬11) في الْجَنَّةِ حَتَّى إذَا دنَا (¬12) مِنَ النَّاسِ رُفِعَ لَهُ قَصْرٌ مِنْ دُرَّةٍ فَيَخِرُّ سَاجِداً فَيُقَالُ لَهُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ مَالَك؟ ¬
فَيَقُولُ رَأَيْتُ رَبِّي (¬1) أَوْ تَرَاءَى (¬2) لِي رَبِّي فَيُقَالُ: إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ مِنْ مَنَازِلِكَ. قالَ: ثُمَّ يَلْقَى رَجُلاً فَيَتَهَيَّأُ لِلسُّجُودِ لَهُ فَيُقَالُ لَهُ مَهْ (¬3) فَيَقُولُ: رَأَيْتُ أَنَّكَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ فَيَقُولُ: إِنَّمَا أَنَا خَازِنٌ مِنْ خُزَّانِكَ وَعَبْدٌ (¬4) مِنْ عَبِيدِكَ تَحْتَ يَدَيَّ أَلْفُ قَهْرَمَانٍ (¬5) عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ قالَ فَيَنْطَلِقُ أَمَامَهُ حَتَّى يَفْتَحَ لَهُ الْقَصْرَ، قالَ: وَهُوَ مِنْ دُرَّةٍ مُجَوَّفَةٍ سَقَائِفُهَا وَأَبْوَابُهَا وأَغْلاقُهَا وَمَفَاتِيحُها مِنْهَا تَسْتَقْبِلُهُ جَوْهَرَةٌ خَضْرَاءُ مُبَطَّنَةٌ بِحَمْرَاءَ فِيهَا سَبْعُونَ بَاباً كُلُّ بَابٍ يُفْضِي (¬6) إِلى جَوْهَرةٍ خَضْرَاءَ مُبَطَّنَةٍ، كُلُّ جَوْهَرَةٍ تُفْضِي إِلى جَوْهَرَةٍ عَلَى غَيْرِ لَوْنِ الأُخْرَى، في كُلِّ جوْهَرَةٍ سُرُرٌ وَأَزْوَاجٌ وَوَصَائِفُ (¬7) أَدْنَاهُنَّ حَوْراءُ عَيْنَاءُ علَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً يُرى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ حُلَلِهَا، كَبِدُهَا مِرْآتُهُ وَكَبِدُهُ مِرْآتُهَا، إِذَا أَعْرَضَ عَنْهَا إِعْرَاضَةً ازْدَادَتْ في عَيْنَيْهِ سَبْعِينَ ضِعْفاً، فَيُقَالُ لَهُ: اشْرُفْ (¬8) فَيَشْرُفُ فَيُقَالُ لَهُ: مُلْكُكَ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ يَنْفُذُهُ بَصَرُكَ قالَ: فَقَالَ عُمَرُ: أَلاَ تَسْمَعُ مَا يُحَدِّثُنَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ يَا كَعْبُ عَنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً فَكَيْفَ أَعْلاهُمْ؟ قالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ: مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، إِنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ خَلَقَ دَاراً جَعَلَ فِيهَا مَا شَاءَ مِنَ الأَزْوَاجِ والثَّمَرَاتِ والأَشْرِبَةِ، ثُمَّ أَطْبَقَهَا فَلَمْ يَرَهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ لا جِبْرِيلُ وَلاَ غَيرُهُ مِنَ الْملائِكَةِ، ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ [فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ (¬9) مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ (¬10) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (¬11)] قالَ وَخَلَقَ دُونَ ذَلِكَ جَنَّتَيْنِ وَزَيَّنَهُمَا بِمَا شَاءَ وَأَرَاهُمَا مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ. ثُمَّ قالَ: مَنْ كَانَ كِتَابهُ في عِلِّيِّينَ (¬12) نَزَلَ في تِلْكَ الدَّارِ الَّتِي لَمْ يَرَهَا أَحَدٌ ¬
حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ عِلِّيينَ لَيَخْرُجُ فَيَسِيرُ في مُلْكِهِ فَلا تَبْقَى خَيْمَةٌ مِنْ خِيَمِ الْجَنَّةِ إِلاَّ دَخَلَهَا مِنْ ضَوْءِ وَجْهِهِ فَيَسْتَبْشِرُونَ بِرِيحِهِ، فَيَقُولُونَ وَاهاً (¬1) لِهَذَا الرِّيحِ هذَا رِيحُ رجُلٍ مِنْ أَهْلِ عِلِّيِّينَ قَدْ خَرَجَ يَسِيرُ في مُلْكِهِ، قالَ: وَيْحَكَ (¬2) يَا كَعْبُ إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ قَدِ اسْتُرْسِلَتْ فاقْبِضْهَا، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّ لِجَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَزَفْرَةً (¬3) مَا مِنْ مَلَكٍ (¬4) مُقَرَّبٍ وَلاَ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ إِلاَّ خَرَّ لِرُكْبَتَيْهِ، حَتَّى إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ اللهِ لَيَقُولُ: رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي (¬5) حَتَّى لَوْ كَانَ لَكَ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبيّاً إِلى عَمَلِكَ لَظَنَنْتَ أَنْ لاَ تَنْجُوَ. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني والحاكم هكذا عن ابن مسعود مرفوعاً وآخره من قوله: إن الله جل ذكره خلق دارا إلى آخره موقوفاً على كعب، وأحَد طرق الطبراني صحيح واللفظ له، وقال الحاكم صحيح الإسناد وهو في مسلم بنحوه باختصار عنه. 18 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَسْفَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ دَرَجَةً؟ قالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قالَ: رَجُلٌ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْجَنَّةِ فَيَتَلَقَّاهُ غِلْمَانُهُ (¬6) فَيَقُولُونَ مَرْحَباً (¬7) بِسَيِّدِنَا قَدْ آنَ (¬8) لَكَ أَنْ تَزُورَنَا قالَ: فَتُمَدُّ لَهُ الزَّرَابِيُّ (¬9) أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَيَرَى الْجِنَانَ، فَيَقُولُ لِمَنْ مَا ههنَا؟ فَيُقَالُ لَكَ: حَتَّى إِذَا انْتَهَى رُفِعَتْ لَهُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ أَوْ زَبَرْجَدَةٌ خَضْرَاءُ لَهَا سَبْعُونَ شِعْباً (¬10) في كُلِّ شِعْبٍ سَبْعُونَ غُرْفَةً في كُلِّ غُرْفَةٍ سَبْعُونَ بَاباً، فَيُقَالُ: اقْرَأْ وارْقَهُ (¬11) فَيَرْقَى حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلى سَرِيرِ مُلْكِهِ اتَّكَأَ ¬
عَلَيْهِ، سَعَتُهُ مِيلٌ في مِيلٍ لَهُ فِيهِ قُصُورٌ، فَيَسْعَى إِلَيْهِ بِسَبْعِينَ صَحْفَةً مِن ذَهَبٍ لَيْسَ فِيهَا صَحْفَةٌ فِيهَا مِنْ لَوْنِ أُخْتِهَا يَجِدُ لَذَّةَ آخِرِهَا كما يَجِدُ لَذَّةَ أَوَّلِهَا، ثمَّ يُسْعَى إِلَيْهِ بِأَلْوَانِ الأَشْرِبَةِ، فَيَشْرَبُ مِنْهَا مَا اشْتَهَى، ثُمَّ يَقُولُ الْغِلْمَانُ: اتْرُكُوهُ وَأَزْوَاجَهُ فَيَنْطَلِقُ الْغِلْمَانُ ثُمَّ يَنْظُرُ، فَإِذَا حَوْرَاءٌ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ جَالِسَةٌ عَلَى سَرِيرِ مُلْكِهَا عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً لَيْسَ مِنْهَا حُلَّةٌ مِنْ لَوْنِ صَاحِبَتِهَا، فَيُرَى مُخُّ سَاقِهَا (¬1) مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ وَالدَّمِ وَالْعَظْمِ وَالْكِسْوَةُ فَوْقَ ذَلِكَ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مِنَ اللاَّتِي خُبِّئْنَ (¬2) لَكَ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً لاَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ عَنْهَا، ثُمَّ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلى الْغُرْفَةِ فَإِذَا أُخْرَى أَجْمَلُ مِنْهَا فَتَقُولُ: مَا آنَ (¬3) لَكَ أَنْ يَكُونَ لَنَا مِنْكَ نَصِيبٌ (¬4) فَيَرْتَقِي (¬5) إِلَيْهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً لاَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ عَنْهَا، ثُمَّ إِذَا بَلَغَ النَّعِيمُ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ وظَنُّوا أَنْ لاَ نَعِيمَ أفْضَلُ مِنْهُ تَجلَّى (¬6) لَهُمُ الرَّبُّ تَبَارَكَ اسْمُهُ، فَيَنْظُرُونَ إِلى وَجْهِ الرَّحْمَنِ فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ هَلِّلُونِي (¬7)، فَيَتَجَاوَبُونَ بِتَهْلِيلِ الرَّحمنِ، ثُمَّ يقُولُ: يَا دَاوُدُ قُمْ فَمَجِّدْنِي (¬8) كما كُنْتَ تُمَجِّدُنِي في الدُّنْيَا قالَ: فَيُمَجِّدُ دَاوُدُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. رواه ابن أبي الدنيا وفي إسناده من لا أعرفه الآن. ما لأدنى أهل الجنة منزلاً 19 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لمن يَنْظُرُ إِلى جِنَانِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَنَعِيمِهِ وَخَدَمِهِ وَسُرِرِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَأَكْرَمَهُمْ عَلَى اللهِ مَنْ يَنْظُرُ إِلى وَجْهِهِ غُدْوَةً وَعَشِيّاً (¬9) ¬
ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم [وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (¬1) إِلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (¬2)]. رواه الترمذي وأبو يعلى والطبراني والبيهقي ورواه أحمد مختصراً قال: إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَيَنْظُرُ في مُلْكِهِ أَلْفَيْ سَنَةٍ لاَ يَرَى أَقْصَاهُ كَمَا يَرَى أَدْنَاهُ يَنْظُرُ إِلى أَزْوَاجِهِ وَخَدَمِهِ. زاد البيهقي على هذا في لفظ له، وَإِنَّ أفْضَلَهُمْ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في وَجْهِهِ في كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ. ما لأدنى أهل الجنة منزلة 20 - وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ ثُوَيْرٍ قالَ: أُرَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَرَجُلٌ لَهُ أَلْفُ قَصْرٍ بَيْنَ كُلِّ قَصْرَيْنِ مَسِيرَةُ سَنَةٍ يَرَى أَقْصَاَهَا كَمَا يَرَى أَدْنَاهَا في كُلِّ قَصْرٍ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَالرَّيَاحِينِ وَالْوِلْدَانِ مَا يَدْعُو بِشَيْءٍ إِلاَّ أُتِيَ بِهِ (¬3). رواه هكذا موقوفاً. 21 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ لْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذِي لَهُ ثَمَانُونَ أَلْفَ خَادِمٍ واثْنَانِ وَسَبْعُونَ زَوْجَةً وَيُنْصَبُ لَهُ قُبَّةٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ كَمَا بَيْنَ الْجَابِيَةِ (¬4) إِلى صَنْعَاءَ. رواه الترمذي وقال حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد، يعني عن عمرو بن الحارث عن درّاج. [قال الحافظ] قد رواه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن وهب، وهو أحد الأعلام الثقات الأثبات عن عمرو بن الحارث عن درّاج. 22 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ أَسْفَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَجْمَعِينَ دَرَجَةً لَمَنْ يَقُومُ عَلَى رَأْسِهِ عَشْرَةُ آلافِ خَادِمٍ بيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ صَحْفَتَانِ وَاحِدَةٌ مِنْ ذَهَبٍ والأُخْرَى مِنْ فِضَّةٍ في كُلِّ وَاحِدَةٍ لَوْنٌ لَيْسَ في الأُخْرَى مِثْلُهُ ¬
يَأْكُلُ مِنْ آخِرِهَا مِثْلَ مَا يَأْكُلُ مِنْ أَوَّلِهَا، يَجِدُ لآخِرِهَا مِنَ الطِّيبِ واللَّذَّةِ مِثْلَ الَّذِي يَجِدُ لأَوَّلِهَا، ثُمَّ يَكُونُ ذلِكَ رِيحَ الْمِسْكِ الأَذْفَرِ (¬1) لاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ إِخْوَاناً (¬2) عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني واللفظ له، ورواته ثقات. ما لأدنى أهل الجنة منزلاً 23 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً، وَلَيْسَ فِيهِمْ دَنِيٌّ مَنْ يَغْدُو عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ وَيَرُوحُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ خَادِمٍ لَيْسَ مِنْهُمْ خَادِمٌ إِلاَّ وَمَعَهُ طُرْفَةٌ (¬3) لَيْسَتْ مَعَ صَاحِبِهِ. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً. [قال الحافظ]: ولا منافاة بين هذه الأحاديث لأنه قال في حديث أبي سعيد: أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذِي لَهُ ثَمَانُونَ أَلْفَ خَادِمٍ. وقال في حديث أَنس: مَنْ يَقُومُ عَلَى رَأْسِهِ عَشْرَةُ آلاَفِ خَادِمٍ، وفي حديث أبي هريرة: مَنْ يَغْدُو عَلَيْهِ وَيَرُوحُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ خَادِمٍ فَيجوز أن يكون له ثمانون ألف خادم يقوم على رأسه منهم عشرة آلاف ويغدو عليه منهم كل يوم خمسة عشر ألفاً، والله سبحانه أعلم. 24 - وروى البيهقي من حديث يحيى بن أبي طالب حدثنا عبد الوهاب أنبأنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو، قال: إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً مَنْ يَسْعَى عَلَيْهِ أَلْفُ خَادِمٍ كُلُّ خَادِمٍ عَلَى عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، قال: وتلا هذه الآية: [إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً (¬4)]. ¬
فصل في درجات الجنة وغرفها
فصل في درجات الجنة وغرفها 25 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَونَ (¬1) أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَراءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ في الأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ (¬2) مَا بَيْنَهُمْ، قالُوا يَا رَسُولَ اللهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لاَ يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قالَ: بَلَى والَّذِي نَفْسِي بَيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا باللهِ وَصَدَّقوا الْمُرْسَلِينَ. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لهما: كَمَا تَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الْغَارِبَ، بتقديم الراءِ على الباء. ورواه الترمذي من حديث أبي هريرة بنحوه وصححه إلا أنه قال: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الشَّرْقِيَّ أَو الْكَوْكَبَ الْغَرْبِيَّ الْغَارِبَ في الأُفُقِ أَوِ الطَّالِعَ في تَفَاضلِ الدَّرَجَاتِ. الحديث وفي بعض النسخ والكوكب الغربي أو الغارب على الشك. [الغابر] بالغين المعجمة والباء الموحدة المراد به هنا هو الذاهب الذي تدلى (¬3) للغروب 26 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ في الْجَنَّةِ كَمَا تَرَاءَوْنَ أَوْ تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَارِبَ فِي الأُفُقِ الطَّالِعِ في تَفَاضُلِ الدَّرَجَاتِ، قالُوا يَا رَسُولَ اللهِ: أُولئِكَ النَّبِيُّونَ؟ قالَ بَلَى: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَأَقْوَامٌ (¬4) آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ: رواه أحمد. ورواته محتج بهم في الصحيح وتقديره كما يرون الكوكب الطالع الدري الغارب ورواه الترمذي وتقدم لفظه ¬
27 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. قالَ قالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَلا أُحَدِّثُكُمْ بِغُرَفِ (¬1) الْجَنَّةِ؟. قالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِينَا (¬2) أَنْتَ وَأُمِّنَا، قال إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً مِنْ أَصْنَافِ الْجَوْهَرِ كُلِّهِ يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا فيهَا مِنَ الْنَّعِيمِ وَاللَّذَّاتِ وَالشَّرَفِ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ قالَ: قُلْتُ لِمَنْ هَذِهِ الْغُرَفُ؟ قالَ لِمَنْ أَفْشَى السَّلامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَصَلَّى بِاللَّيْلِ والنَّاسُ نِيَامٌ (¬3) الحديث. رواه البيهقي، ثم قال وهذا الإسناد غير قويّ إلا أنه مع الإسنادين الأولين يقوى بعضه ببعض، والله أعلم. [قال الحافظ]: تقدم من هذا النوع غير ما حديث صحيح في قيام الليل وإطعام الطعام وغيره ذلك من حديث أبي مالك عن النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفَاً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَفْشَى السَّلامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ والنَّاسُ نِيَامٌ. وحديث عبد الله بن عمرو بنحوه. 28 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ في الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِ اللهِ مَا بَيْنَ الْدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ. رواه البخاري. 29 - وَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ أَيَضاً قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فِي الْجَنَّةِ مِائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مِائَةُ عَامٍ (¬4) رواه الترمذي، وقال حديث حسن غريب والطبراني في الأوسط إلا أنه قال مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مَسِيرَةُ خَمْسِمَائَةِ عَامٍ. ¬
فصل في بناء الجنة وترابها وحصبائها وغير ذلك
فصل في بناء الجنة وترابها وحصبائها وغير ذلك 30 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ حَدِّثْنَا عَنِ الْجَنَّةِ مَا بِنَاؤُهَا؟ قالَ لَبِنَةُ ذَهَبٍ وَلَبِنَةُ فِضَّةٍ وَمِلاطُهَا الْمِسْكُ وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤلُؤُ وَالْيَاقُوتُ وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ مَنْ يَدْخُلُهَا يُنَعَّمُ، وَلا يَبأَسُ (¬1) وَيَخْلُدُ لاَ يَمُوتُ لاَ تَبْلَى (¬2) ثِيَابُهُ، وَلاَ يَفْنَى شَبَابُهُ الحديث. رواه أحمد واللفظ له والترمذي والبزار والطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه، وهو قطعة من حديث عندهم. وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفاً قالَ: حَائِطُ الْجَنَّةِ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَدرَجُهَا الْيَاقُوتُ واللُّؤْلُؤ قالَ وَكُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّ رَضْرَاضَ أَنْهَارِهَا اللُّؤْلُؤُ، وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرانُ. [الرضراض] بفتح الراء وبضادين معجمتين. [والحصباء] ممدود بمعنى واحد، وهو الحصى، قيل الرضراض صغارها. 31 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنِ الْجَنَّةِ، فَقَالَ مَنْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ يَحْيَى فِيهَا لاَ يَمُوتُ وَيُنَعَّمُ فِيهَا لاَ يَبأَسُ لاَ تَبْلَى ثِيابُهُ وَلاَ يَفْنَى شَبَابُهُ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ مَا بِنَاؤُهَا؟ قالَ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَمِلاطُهَا الْمِسْكُ وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرانُ وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤ وَالْيَاقُوتُ. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني وإسناده حسن بما قبله. [الملاط] بكسر الميم: هو الطين الذي يجعل بين سافي البناء، يعني أن الطين الذي يجعل بين لَبِن الذهب والفضة، وفي الحائط مسك. ¬
32 - وَعَنْ أَبِي سَعِيد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَلَقَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْجَنَّةَ لَبِنَةً مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةً مِنْ فِضَّةٍ وَمِلاطهَا الْمِسْكُ، وَقالَ لَهَا تَكَلَّمِي، فَقَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، فَقَالَتِ الْمَلائِكَةُ: طُوبَى لَكِ مَنْزِلُ الْمُلُوكِ. رواه الطبراني، والبزار واللفظ له مرفوعاً وموقوفاً، وقال لا نعلم أحداً رفعه إلا عديّ بن الفضل يعني عن الجريري عن أبي نضرة عنه وعدي بن الفضل ليس بالحافظ وهو شيخ بصرى انتهى. [قال الحافظ]: قد تابع عديّ بن الفضل على رفعه وهب بن خالد عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد ولفظه: قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَاطَ حَائِطَ الْجَنَّةِ لَبِنَةً مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةً مِنْ فِضَّةٍ، ثُمَّ شَقَّقَ فِيهَا الأَنْهَارَ وَغَرَسَ فِيهَا الأَشْجَارَ فَلَمَّا نَظَرَتِ الْمَلائِكَةُ إِلى حُسْنِهَا قالَتْ: طُوبَى لَكِ مَنَازِلُ الْمُلُوكِ. أَخرجه البيهقي وغيره ولكن وقفه هو الأصح المشهور، والله أعلم. 33 - وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: خَلَقَ اللهُ جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِهِ، وَدَلَّى (¬1) فِيهَا ثِمَارَهَا، وَشَقَّ فِيهَا أَنْهَارَهَا، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ: لَهَا تَكَلَّمِي، فَقَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، فَقَالَ: وَعِزَّتِي لاَ يُجَاوِرُنِي فِيكِ بَخِيلٌ (¬2). رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسنادين أحدهما جيد، ورواه ابن أبي الدنيا من حديث أنس أطول منه، ولفظه: قال رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: خَلَقَ اللهُ جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِهِ لَبِنَةً مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ وَلَبِنَةً مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَلَبِنَةً مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ، وَمِلاطُهَا مِسْكٌ، حَشِيشُهَا الزَّعْفَرَانُ حَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ، تُرَابُهَا الْعنْبَرُ، ثُمَّ قالَ لَهَا انْطِقي قالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، فَقَالَ اللهُ ¬
عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لاَ يُجَاوِرُنِي فِيكِ بَخِيلٌ، ثُمَّ تَلاَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم [وَمَنْ يُوقَ (¬1) شُحَّ نَفْسِهِ فَأولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (¬2)]. 34 - وَرُوِيَ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: أَرْضُ الْجَنَّةِ بَيْضَاءُ عَرْصَتُهَا (¬3) صُخُورُ الْكَافُورِ وَقَدْ أَحَاطَ بِهِ الْمِسْكُ مِثْلَ كُثْبَانِ (¬4) الرَّمْلِ أَنْهَارٌ مُطَّرِدَةٌ فَيَجْتَمِعُ فِيهَا أَهْلُ الْجَنَّةِ أَدْنَاهُمْ وآخِرُهُمُ فَيَتَعارَفُونَ فَيَبْعَثُ اللهُ رِيحَ الرَّحْمَةِ فَتَهِيجُ (¬5) عَلَيْهِمْ رِيحُ الْمِسْكِ فَيَرْجِعُ الرَّجُلُ إِلى زَوْجَتِهِ وَقَدِ ازْدَادَ حُسْنَاً وَطِيباً، فَتَقُولُ لَهُ: لَقَدْ خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِي، وَأَنَا بِكَ مَعْجِبَةٌ وَأَنَا بِكَ الآنَ أَشَدُّ إِعْجَاباً. رواه ابن أبي الدنيا. 35 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ. قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ في الْجَنَّةِ (¬6) مَرَاغاً مِنْ مِسْكٍ مِثْلَ مَرَاغِ دَوَابِّكُمْ فِي الدُّنْيَا. رواه الطبراني بإسناد جيد. 36 - وَعَنْ كُرَيْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَلاَ هَلْ مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ فَإِنَّ الْجَنَّةَ لاَ حَظْرَ (¬7) لَهَا هِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ (¬8) نُورٌ يَتَلأْلأُ وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ وَقَصْرٌ مَشِيدٌ، وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ، وَثَمَرَةٌ نَضِيجَةٌ (¬9) وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ، وَمُقَامٌ (¬10) فِي أَبَدٍ فِي دَارٍ سَلِيمَةٍ وَفَاكِهَةٌ وَخُضْرَةٌ وَحَبْرَةٌ (¬11) وَنِعْمَةٌ فِي مَحَلَّةٍ عَالِيَةٍ بَهِيَّةٍ (¬12)، قالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا، قالَ قُولُوا إِنْ شاءَ اللهُ، فَقَالَ الْقَوْمُ إِنْ شَاءَ اللهُ رواه ابن ماجة، وابن أبي الدنيا والبزار، وابن حبان في صحيحه والبيهقي: كلهم من رواية محمد بن مهاجر عن الضحاك المغافري عن سليمان بن موسى عنه، ورواه ¬
فصل في خيام الجنة وغرفها وغير ذلك
ابن أبي الدنيا أيضاً مختصراً، قال عن محمد بن مهاجر الأنصاري: حدثني: سليمان بن موسى كذا في أصول معتمدة لم يذكر فيه الضحاك، وقال البزار لا نعلم رواة عن النبي صلى الله عليه وسلم: إلا أسامة ولا نعلم له طريقاً عن أسامة إلا هذه الطريق، ولا نعلم رواة عن الضحاك إلا هذا الرجل: محمد بن مهاجر. [قال الحافظ] عبد العظيم: محمد بن مهاجر وهو الأنصاري ثقة احتج به مسلم وغيره والضحاك ولم يخرّج له من أصحاب الكتب الستة أحد غير ابن ماجة، ولم أقف فيه على جرح ولا تعديل لغير ابن حبان: بل هو في عداد المجهولين، وسليمان بن موسى هو الأشدق يأتي ذكره. فصل في خيام الجنة وغُرَفها وغير ذلك 37 - عَن أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ في الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ (¬1) طُولُهَا فِي السَّمَاءِ سِتُّونَ مِيلاً لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ الْمُؤْمِنُ فَلا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً. رواه البخاري ومسلم والترمذي إلا أنه قال: عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً، وهو رواية لهما. 38 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لِكُلِّ مُسْلِمٍ خَيَرَةٌ، وَلِكُلِّ خَيَرَةٍ خَيْمَةٌ ولِكُلِّ خَيْمَةٍ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ بَابٍ تُحْفَةٌ وَهَدِيَّةٌ وَكَرَامَةٌ لَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ لاَ مِرَحَاتٌ (¬2)، وَلاَ دَفِرَاتٌ (¬3)، وَلاَ سَخِرَاتٌ (¬4)، وَلاَ ¬
طَمَّاحَاتُ (¬1) حُورٌ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ. رواه ابن أبي الدنيا من رواية جابر الجعفي موقوفاً. 39 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا حُورٌ مَقْصُورَاتٌ في الْخِيَامِ قالَ: الْخَيْمَةُ مِنْ دُرَّةٍ مُجَوَّفَةٍ طُولُهَا فَرْسَخٌ وَلَهَا أَلْفُ بَابٍ مِنْ ذَهَبٍ حَوْلُهَا سُرَادِقُ دُورُهُ خَمْسُونَ فَرْسَخَاً يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَابٍ مِنْهَا مَلَكٌ بِهَدِيَّةٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً. وفي رواية له وللبيهقي: الْخَيْمَةُ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ فَرْسَخٌ في فَرْسَخٍ لَهَا أَرْبَعَةُ آلافِ مِصْرَاعٍ مِنْ ذَهَبٍ: وإسناد هذه أصح. 40 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ في الْجَنَّةِ غُرَفاً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا. فَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: لِمَنْ أَطَابَ الْكَلامَ (¬2) وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَبَاتَ قَائِماً (¬3) وَالنَّاسُ نِيَامٌ. رواه الطبراني والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، ورواه أحمد وابن حبان في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعريّ، إلاَّ أَنَّهُ قالَ: أَعَدَّهَا اللهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. 41 - وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصِينٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ قالا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: [وَمسَاكِنَ (¬4) طَيِّبَةً في جَنَّاتِ (¬5) عَدْنٍ]. قالَ قَصْرٌ في الْجَنَّةِ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ فِيهَا سَبْعُونَ دَاراً مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ في كُلِّ دَارٍ ¬
فصل في أنهار الجنة
سَبْعُونَ بَيْتاً مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ في كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ سَرِيراً عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ سَبْعُونَ فِراشاً مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، عَلَى كُلِّ فِرَاشٍ امْرأَةٌ، في كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ مَائِدَةً عَلَى كُلِّ مَائِدَةٍ سَبْعُونَ لَوْناً مِن طَعَامٍ، في كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ وَصِيفاً وَوَصِيفَةً، يُعْطَى لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْقُوَّةِ (¬1) مَا يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ في غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ. رواه الطبراني والبيهقي بنحوه. فصل في أنهار الجنة 42 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الْكَوْثَرُ نَهَرٌ في الْجَنَّةِ. حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَمَجْرَاهُ عَلَى الدُّرِّ والْيَاقُوتِ تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَمَاؤُهُ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَأَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ. رواه ابن ماجة والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. 43 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: [إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ] قالَ هُوَ نَهَرٌ في الْجَنَّةِ: عُمْقُهُ سَبْعُونَ أَلْفَ فَرْسَخٍ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَياضاً مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، شَاطِئَاهُ اللُّؤْلُؤُ والزَّبَرْجَدُ والْيَاقُوتُ، خَصَّ اللهُ بِهِ نَبِيَّهُ صلى اللهُ عليه وسلم قَبْلَ الأَنْبِيَاءِ. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً. 44 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ في الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفِ، فَقُلْتُ مَا هذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قال هذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، قالَ: فَضَرَبَ الملَكُ بِيَدِهِ فَإِذَا طِينُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ (¬2) رواه البخاري. 45 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
أَنْهَارُ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ تِلالِ (¬1) أَوْ مِنْ تَحْتِ جِبَالِ الْمِسْكِ. رواه ابن حبان في صحيحه. 46 - وَعَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ لَقِيَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ بِالمدِينَةِ بَعْدَ مَا كَفَّ بَصَرُهُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا أَرْضُ الْجَنَّةِ؟ قالَ: مَرْمَرَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ فِضَّةٍ كَأَنَّهَا مِرْآةٌ، قُلْتُ: مَا نُورُهَا؟ قالَ: مَا رَأَيْتَ السَّاعَةَ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ؟ فَذَلِكَ نُورُهَا إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا شَمْسٌ وَلا زَمْهَرِيرٌ، قالَ: قُلْتُ فَمَا أَنْهَارُهَا، أَفِي أُخْدُودٍ؟ قالَ: لاَ، ولَكِنَّهَا تَجْرِي عَلَى أَرْضِ الْجَنَّةِ مُسْتَكَفَّةً (¬2) لاَ تَفِيضُ هَهُنَا وَلا هَهُنَا، قالَ اللهُ لَهَا: كُونِي، فَكَانَتْ، قُلْتُ: فَمَا حُلَلُ الْجَنَّةِ؟ قالَ فِيها شَجَرَةٌ فِيهَا ثَمَرٌ كَأَنَّهُ الرُّمَّانُ، فَإِذَا أَراد وَلِيُّ (¬3) اللهِ مِنْهَا كِسْوَةً انْحَدَرَتْ إِلَيْهِ مِنْ غُصْنِهَا فانْفَلَقَتْ (¬4) لَهُ عَنْ سَبْعِينَ حُلَّةً أَلْوَاناً بَعْدَ أَلْوَانٍ، ثُمَّ تَنْطَبِقُ، فَتَرْجعُ كَمَا كَانَتْ. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً بإسناد حسن. 47 - وَرُوِيَ عَنْ حَكِيمٍ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: فِي الْجَنَّةِ بَحْرٌ لِلْمَاءِ، وَبَحْرٌ لِلَّبَنِ وَبَحْرٌ لِلْعَسَلِ وَبَحْرٌ لِلْخَمْرِ، ثُمَّ تَشَقَّقُ (¬5) الأَنْهَارُ مِنْهَا بَعْدُ, رواه البيهقي. 48 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَعَلَّكُمْ تَظُنونَ أَنَّ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ أخْدُودٌ (¬6) فِي الأَرْضِ، لاَ وَاللهِ إِنَّهَا لَسَائِحَةٌ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ إِحْدَى حَافتيْهَا اللُّؤْلُؤُ والأُخْرَى الْيَاقُوتُ، وَطِينُهُ الْمِسْكُ الأَذْفَرُ قالَ: قُلْتُ مَا الأَذْفَرُ (¬7) قالَ: الَّذِي لاَ خَلْطَ لَهُ. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً، ورواه غيره مرفوعاً، والموقوف أشبه بالصواب. 49 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَيْضاً قالَ: نَضَّاخَتَانِ (¬8) بِالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ ¬
فصل في شجر الجنة وثمارها
يَنْضَخَانِ (¬1) عَلَى دُورِ الْجَنَّةِ كَمَا يَنْضَخُ الْمَطَرُ عَلَى دُورِ أَهْلِ الدُّنْيَا. رواه ابن أبي شيبة موقوفاً. 50 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا الْكَوْثَرُ؟ قالَ: ذَاكَ نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ اللهُ يَعْنِي في الْجَنَّةِ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ فِيهِ طَيْرٌ أَعْنَاقُهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ، قالَ عِمْرَانُ: إِنَّ هَذِهِ لَنَاعِمَة، قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَكَلَتُهَا (¬2) أَنْعَمُ مِنْهَا. رواه الترمذي وقال حديث حسن. [الجزر] بضم الجيم والزاي: جمع جزور، وهو البعير. فصل في شجر الجنة وثمارها 51 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ في الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا إِنْ شِئْتُمْ فاقْرَؤوا: [وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (¬3) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (¬4)]. رواه البخاري والترمذي. ¬
52 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ في الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادَ (¬1) الْمُضَمَّرَ (¬2) السَّرِيعَ مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا رواه البخاري ومسلم والترمذي وزاد: وذلِكَ الظِلُّ الْمَمْدُودُ. 53 - وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهمَا قالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: وَذَكَرَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، فَقَالَ: يَسِيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّ الْفَنَنِ مِنْهَا مِائَةَ سَنَةٍ، أَوْ يَسْتَظِلُّ بِهَا مِائَةُ رَاكِبٍ، شَكَّ يَحْيَى، فِيهَا فِرَاشُ الذَّهَبِ كَأَنَّ ثِمَارَهَا الْقِلالُ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب. [الفنن] بفتح الفاء والنون: هو الغصن. 54 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: الظِّلُّ الْمَمْدُودُ شَجَرَةٌ في الْجَنَّةِ عَلَى سَاقٍ قَدْرَ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْمُجِدُّ في ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ في كُلِّ نَوَاحِيهَا، فَيَخْرُجُ أَهْلُ الْجَنَّةِ أَهْلُ الْغُرَفِ وَغَيْرُهُمْ فَيَتَحَدَّثُونَ في ظِلِّهَا قالَ: فَيَشْتَهِي بَعْضُهُمْ، وَيَذْكُرُ لَهوَ الدُّنْيَا فَيُرْسِلُ اللهُ رِيحاً مِنَ الْجَنَّةِ، فَتُحَرِّكُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ بِكُلِّ لَهْوٍ كانَ في الدُّنْيَا (¬3). رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً من طريق زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام، وقد صححها ابن خزيمة والحاكم وحسنها الترمذي. 55 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
يَقُولُ اللهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشرٍ، اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: [وَظِلٍّ مَمْدُودٍ]: وَمَوْضِعُ سَوْطٍ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الْدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، واقْرَؤوا إِنْ شِئْتُم: [فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ (¬1)]. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وروى البخاري ومسلم بعضه. عظم شجرة طوبى 56 - وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَال: مَا حَوْضُكَ الّذِي تُحَدِّثُ عَنْهُ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلى أَنْ قالَ: فَقَالَ الأَعْرَابِي: يَا رَسُولَ اللهِ فِيهَا فَاكِهَةٌ؟ قالَ: نَعَمْ، وفِيهَا شَجَرَةٌ تُدْعَى طُوبَى هِيَ تُطَابِقُ الْفِرْدَوْسَ (¬2)، فَقَالَ: أَيُّ شَجَرِ أَرْضِنَا تُشْبِهُ؟ قالَ: لَيْسَ تُشْبِهُ شَيْئاً مِنْ شَجَرِ أَرْضِكَ وَلكِنْ أَتَيْتَ الشَّامَ؟ قالَ: لاَ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: فَإِنَّهَا تُشْبِهُ شَجَرَةً بِالشَّامِ تُدْعَى الْجَوْزَةَ تَنْبُتُ عَلَى سَاقٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَنْتَشِرُ أَعْلاهَا، قالَ: فَمَا عِظَمُ أَصْلِهَا؟ قالَ لَوِ ارْتَحَلَتْ جَذَعَةٌ مِنْ إِبلِ أَهْلِكَ لَمَا قَطَعْتَهَا حَتَّى تَنْكَسِرَ تَرْقُوتُها هَرَماً (¬3) قالَ: فِيهَا عِنَبٌ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَمَا عِظَمُ الْعُنْقُودِ مِنْهَا قالَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ (¬4) لِلْغُرَابِ الأَبْقَعِ لاَ يَقَعُ وَلاَ يَنْثَنِي (¬5) وَلاَ يَفْتُرُ (¬6) قالَ: فَمَا عِظَمُ الْحَبَّة مِنْهُ؟ قالَ: هَلْ ذَبَحَ أَبُوكَ تَيْساً مِنْ غَنَمِهِ عَظشيماً، فَسَلَخَ إِهَابَهُ (¬7)، فَأَعْطَاهُ أُمَّكَ، فَقَالَ: ادْبُغِي هذَا، ثُمَّ افْرِي لَنَا مِنْهُ ذَنُوباً يُرْوِي مَاشِيَتَنَا. قال نَعَمْ، قالَ: فَإِنَّ تِلْكَ الْحَبَّةَ تُشْبِعُنِي وَأَهْلَ بَيْتِي، فَقَالَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: وَعَامَّةَ عَشِيرَتِكَ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط واللفظ له والبيهقي بنحوه، وابن حبان في صحيحه بذكر الشجرة في موضع، والعنب في آخر، ورواه أحمد باختصار. [قوله] افْرِي لَنَا مِنْهُ ذَنُوباً، أي شقي واصنعي. ¬
[والذنوب] بفتح الذال المعجمة: هو الدلو، وقيل: لا تسمى ذنوباً إلا إذا كانت ملأى أو دون الملأى. 57 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْهُدَيْلِ قالَ: كُنَّا مَعَ عَبْدِ اللهِ، يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ بِالشَّامِ أَوْ بِعَمَّانَ فَتَذَاكَرُوا الْجَنَّةَ، فَقَالَ: إِنَّ الْعُنْقُودَ مِنْ عَنَاقِيدِهَا مِنْ هَهُنَا إِلى صَنْعَاءَ. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً. 58 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ، فَذَهَبْتُ أَتَنَاوَلُ مِنْهَا قِطْفاً (¬1) أُرِيكُمُوهُ (¬2) فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ (¬3) فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ: مَا مَاءُ الْحَبَّةِ مِنَ الْعِنَبِ؟ قالَ: كأَعْظَمِ دَلْوٍ فَرَتْ (¬4) أُمُّكَ قَطُّ. رواه أبو يعلى بإسناد حسن. ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب 59 - وَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلاَّ وَسَاقُهَا مِنْ ذَهَبٍ (¬5). رواه الترمذي وابن أبي الدنيا وابن حبان في صحيحه، كلهم من طريق زياد بن الحسن بن فرات، وقال الترمذي: حديث حسن غريب. 60 - وَعَنْ جَرِير بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: نَزَلْنَا الصِّفَاحَ (¬6)، فَإِذَا رَجُلٌ نَائِمٌ تَحْتَ شَجَرَةٍ قَدْ كَادَتْ (¬7) الشَّمْسُ تَبْلُغُهُ، قالَ: فَقُلْتُ لِلْغُلامِ: انْطَلِقْ بِهذَا النَّطْعِ (¬8) فَأَظِلَّهُ، قالَ: فانْطَلَقَ فأَظَلَّهُ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ، فَإِذَا هُوَ سَلْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ¬
فَأَتَيْتُهُ أُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا جَرِيرُ تَوَاضَعْ للهِ فَإِنَّهُ مَنْ تَوَاضَعَ للهِ في الدُّنْيَا رَفَعَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَا جَرِيرُ هَلْ تَدْرِي مَا الظُّلُمَاتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قُلْتُ: لاَ أَدْرِي قالَ: ظُلْمُ النَّاسِ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ أَخَذَ عُوَيْداً لاَ أَكادُ أَرَاهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ، فَقَالَ: يَا جَرِيرُ لَوْ طَلَبْتَ في الْجَنَّةِ مِثْلَ هذَا لَمْ تَجِدْهُ، قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْد الله فأَيْنَ النَّخْلُ والشَّجَرُ؟ قالَ: أُصُولُهَا اللُّؤْلُؤ والذَّهَبُ، وَأَعْلاهُ التَّمْرُ. رواه البيهقي بإسناد حسن. إن أهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة قياماً وقعوداً ومضطجعين 61 - وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في قَوْلِهِ [وَذُلِّلتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا] قالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ قِيَامَاً وَقُعُوداً وَمُضْطَجِعِينَ (¬1). رواه البيهقي وغيره موقوفاً بإسناد حسن. 62 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ في الْجَنَّةِ شَجَرَةً جُذُوعُهَا مِنْ ذَهَبٍ وَفُرُوعُهَا مِنْ زَبَرْجَدٍ وَلُؤْلُؤٍ (¬2)، فَتَهُبُّ لَهَا رِيحٌ فَتَصْطَفِقُ (¬3) فَمَا سَمِعَ السَّامِعُونَ بِصَوْتِ شَيْءٍ قَطُّ أَلَذَّ مِنْهُ (¬4). رواه أبو نعيم في صفة الجنة. 63 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: نَخْلُ الْجَنَّةِ جُذُوعُهَا مِنْ زُمُرُّدٍ خُضْرٍ وَكَرَبُهَا ذَهَبٌ أَحْمَرُ، وَسَعَفُهَا (¬5) كِسْوَةٌ لأَهْلِ الْجَنَّةِ، مِنْهَا مُقَطَّعَاتُهُمْ وَحُلَلُهُمْ، وَثَمَرُهَا أَمْثَالُ الْقِلالِ (¬6) وَالدِّلاءِ، أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَأَلْيَنُ مِنَ الزَّبَدِ، لَيْسَ فِيهَا عَجَمٌ (¬7). رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً بإسناد جيد، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم [الكرب] بفتح الكاف والراء بعدها باء موحدة: هو أصول السعف الغلاظ العراض. ¬
فصل في أكل أهل الجنة وشربهم وغير ذلك
64 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا طُوبَى؟ قالَ: شَجَرَةٌ مَسِيرَةُ مِائَةِ سَنَةٍ، ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا (¬1). رواه ابن حبان في صحيحه من طريق درّاج عن أبي الهيثم. فصل في أكل أهل الجنة وشربهم وغير ذلك 65 - عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَيَشْرَبُونَ، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَبُولُونَ، طَعَامُهُمْ ذلِكَ جُشَاءٌ (¬2) كَرِيحِ الْمِسْكِ، يُلْهَمُونَ (¬3) التَّسْبِيحَ والتَّكْبِيرَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ رواه مسلم وأبو داود. 66 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيَشْتَهِي (¬4) الشَّرابَ مِنْ شَرَابِ الْجَنَّةِ فَيَجِيءُ الإِبْرِيقُ، فَيَقَعُ في يَدِهِ فَيَشْرَبُ، ثُمَّ يَعُودُ إِلى مَكَانِهِ رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً بإسناد جيد. 67 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، فَقَالَ يَا أَبَا الْقاسِم: تَزْعُمُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ؟ قالَ نَعَمْ: والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُعْطَى قُوَّةَ مَائَةِ رَجُلٍ في الأَكْلِ والشُّرْبِ والْجِمَاعِ، قالَ: فَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ تَكُونُ لَهُ الْحَاجَةُ، وَلَيْسَ في الْجَنَّةِ أذَى (¬5) قالَ: تَكُونُ حَاجَةُ أَحَدِهِمْ رَشْحاً (¬6) يَفِيضُ مِنْ جُلُودِهِمْ كَرَشْح ¬
الْمِسْكِ، فَيَضْمُرُ بَطْنُهُ (¬1). رواه أحمد والنسائي ورواته محتج بهم في الصحيح. 68 - والطبراني بإسناد صحيح ولفظه في إحدى رواياته قال بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: وَعَلَيْكُمْ، فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ تَزْعُمُ أَنَّ في الْجَنَّةِ طَعَاماً وَشَراباً وَأَزْوَاجاً؟ فَقَالَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: نَعَمْ تُؤْمِنُ بِشَجَرَةِ الْمِسْكِ؟ قالَ نَعَمْ. قالَ: وَتَجِدُهَا في كِتَابِكُمْ؟ قالَ نَعَمْ: قالَ: فَإِنَّ الْبَوْلَ وَالْجَنَابَةَ عَرَقٌ، يَسِيلُ مِنْ تَحْتِ ذَوَائِبِهِمْ (¬2) إِلى أَقْدَامِهِمْ مِسْكٌ. 69 - ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم ولفظهما: أَتَى النَّبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ: أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ؟ وَيَقُولُ لأَصْحَابِهِ: إِنْ أَقَرَّ لي بِهذا خَصَمْتُهُ (¬3)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: بَلَى، والَّذِي نَفْسُ مُحْمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُعْطى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ في الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ والشَّهْوَةِ وِالْجِمَاع، فَقَال لَهُ الْيَهُودِيُّ: فَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ تَكُونُ لَهُ الْحَاجَةُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: حَاجَتُهُمْ عَرَقٌ يَفِيضُ مِنْ جُلُودِهِمْ مِثْلَ الْمِسْكِ، فَإِذَا الْبَطْنُ قَدْ ضَمُرَ (¬4). ولفظ النسائي نحو هذا. إن أسفل أهل الجنة من يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم 70 - وَعَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ قالَ: إِنَّ أَسْفَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَجْمَعِينَ مَنْ يَقُومُ عَلَى رَأْسِهِ عَشْرَةُ آلافِ خَادِمٍ، مَعَ كُلِّ خَادِمٍ صَحْفَتَانِ وَاحِدَةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَوَاحِدَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، في كُلِّ صَحْفَةٍ لَوْنٌ لَيْسَ في الأُخْرَى مِثْلُهَا، يَأْكُلُ مِنْ آخِرِهِ كما ¬
يأْكُلُ مِنْ أَوَّلِهِ، يَجِدُ لآخِرِهِ مِنَ اللَّذَّةِ وَالطَّعْمِ مَا لاَ يَجِدُ لأَوَّلِهِ، ثُمَّ يَكُونُ فَوْقَ ذَلِكَ رَشْحَ (¬1) مِسْكٍ وَجُشَاءَ (¬2) مِسْكٍ، لاَ يبُولُونَ وَلا يَتَغَوَّطُونَ وَلا يَمْتَخِطُونَ. رواه ابن أبي الدنيا واللفظ له والطبراني ورواته ثقات. ما لأدنى أهل الجنة 71 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ. قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً إِنَّ لَهُ لَسَبْعَ (¬3) دَرَجَاتٍ وَهُوَ عَلَى السَّادِسَةِ وَفَوْقَهُ السَّابِعَة إنَّ لَهُ لَثَلاثِمائَةِ خَادِمٍ ويُغَدَى عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ وَيُرَاحُ (¬4) بِثَلاثمائَةِ صَحْفَةٍ (¬5) وَلا أَعْلَمَهُ إِلاَّ قالَ مِنْ ذَهَبٍ، فِي كُلِّ صَحْفَةٍ لَوْنٌ لَيْسَ في الأُخْرَى، وَإِنَّهُ لَيَلَذُّ أَوَّلُهُ كَمَا يَلذُّ آخِرَهُ، وَمِنَ الأَشْرِبَةِ ثَلاثُمِائَةِ إِنَاءٍ، في كُلِّ إِنَاءٍ لَوْنٌ لَيْسَ في الآخَرِ، وَإِنَّهُ لَيَلَذُّ أَوَّلُهُ كَمَا يَلَذُّ آخِرُهُ، وَإِنَّهُ لَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَوْ أَذِنْتَ لي لأَطْعَمْتُ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَسَقَيْتُهُمْ لَمْ يَنْقُصْ مِمَّا عِنْدِي شَيءٌ: الحديث رواه أحمد عن شهرٍ عنه. 72 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ طَيْرَ الْجَنَّةِ كَأَمْثَالِ الْبُخْتِ، تَرْعَى في شَجَرِ الْجَنَّةِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَذِهِ لَطَيْرٌ نَاعِمَةٌ، فَقَالَ: أَكَلَتُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا (¬6): قالها ثلاثاً، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَأْكُلُ مِنْهَا. رواه أحمد بإسناد جيد، والترمذي وقال: حديث حسن ولفظه: قالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا الْكَوْثَرُ؟ قال: ذَاكَ نَهْرٌ أَعْطانِيهِ اللهُ، يَعْنِي في الْجَنَّةِ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فِيهِ طَيْرٌ أَعْنَاقُهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ (¬7)، قالَ عِمْرَانُ: هذِهِ لَنَاعِمَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَكَلَتُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا. ¬
[البخت] بضم الموحدة وإسكان الخاء المعجمة: هي الإبل الخراسانية. نعيم أهل الجنة 73 - وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّكَ لَتَنْظُرُ إِلى الطَّيْرِ في الْجَنَّةِ فَتَشْتَهِيهِ، فَيَجِيءُ مَشْوِيّاً بَيْنَ يَدَيْكَ. رواه ابن أبي الدنيا والبزار والبيهقي. 74 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيَشْتَهِي الطَّيْرَ مِنْ طُيُورِ الْجَنَّةِ، فَيَقَعُ في يَدِهِ مُنْفَلِقاً نَضِجاً. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً. 75 - وَرُوِيَ عَنْ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَشْتَهِي الطَّيْرَ في الْجَنَّةِ فَيَجِيءُ مِثْلَ الْبُخْتِيِّ حَتَّى يَقَعَ عَلى خُوانِهِ (¬1) لَمْ يُصِبْهُ دُخَانٌ وَلَمْ تَمَسّهُ نَارٌ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ حَتَّى يَشْبَعَ ثُمَّ يَطِير. رواه ابن أبي الدنيا. 76 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ في الْجَنَّةِ طَائِراً لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ رِيشَةٍ يَجِيء، فَيَقَعُ عَلَى صَحْفَةِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَنْتَفِضُ فَيَقَعُ مِنْ كُلِّ رِيشَةٍ لَوْنٌ أَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ، وَأَلَذُّ مِنَ الشَّهْدِ. لَيْسَ مِنْهَا لَوْنٌ يُشْبِهُ صَاحِبَهُ ثُمَّ يَطِيرُ (¬2). رواه ابن أبي الدنيا وقد حسن الترمذي إسناده لغير هذا المتن. 77 - وَعَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُونَ: إِنَّ اللهَ لَيَنْفَعُنَا بالأَعرابِ (¬3) وَمَسَائِلِهِمْ قالَ: أَقْبلَ أَعْرَابِيٌّ يَوْمَاً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في الْجَنَّةِ شَجَرَةً مُؤْذِيَةً، وَمَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ في الْجَنَّةِ شَجَرَةً تُؤْذِي صَاحِبَهَا؟ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَمَا هِيَ؟ قالَ: السِّدْرُ ¬
فصل في ثيابهم وحللهم
فَإن لَهُ شَوْكاً مُؤْذِياً، قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَلَيْسَ اللهُ يَقُولُ: [في سِدْرٍ مَخْضُودٍ (¬1)] خَضَدَ اللهُ شَوْكَهُ فَجَعَلَ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ تَمَرةً، فَإِنَّهَا لَتَنْبُتُ تَمراً تَفَتَّقُ (¬2) التَّمَرَةُ مِنْهَا عَنِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لَوْناً مِنْ طَعَامٍ، مَا فِيهَا لَوْنٌ يُشْبِهُ الآخَرَ. رواه ابن أبي الدنيا وإسناده حسن، ورواه أيضاً عن سليم بن عامر عن أبي أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. 78 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: الرُّمَّانَةُ مِنْ رُمَّانِ الْجَنَّةِ يَجْتَمِعُ حَوْلَهَا بَشَرٌ (¬3) كثيرٌ يأكُلُونَ مِنْهَا فإنْ جَرَى عَلَى ذِكْرِ أَحَدِهِمْ شَيءٌ (¬4)، يُرِيدُهُ وَجَدَهُ في مَوْضِعِ يَدِهِ حَيْثُ يَأْكُلُ. رواه ابن أبي الدنيا، وروى بإسناده أيضاً عنه قالَ: إِنَّ التَّمْرَةَ مِنْ تَمر الْجَنَّةِ طُولُهَا اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعاً لَيْسَ لَهَا عَجَمٌ (¬5). فصل في ثيابهم وحللهم 79 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُنَعَّم (¬6) وَلا يَبْأَسُ (¬7) لاَ تَبْلَى ثِيَابُهُ (¬8) وَلا يَفْنَى شَبَابُهُ (¬9)، في الجنَّةِ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ (¬10). رواه مسلم. ¬
80 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: أَوَّلُ زُمْرَةٍ (¬1) يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ ضَوْءُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالزُّمْرَةُ الثَّانِيَةُ عَلَى لَوْنِ أَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ (¬2) فِي السَّمَاءِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعَينِ، عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً، يُرَى مُخُّ (¬3) سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ لُحُومِهِمَا وَحُلَلِهِمَا كَمَا يُرَى الشَّرَابُ الأَحْمَرُ فِي الزُّجَاجَةِ الْبَيْضَاءِ. رواه الطبراني بإسناد صحيح، والبيهقي بإسناد حسن، وتقدم حديث أبي هريرة المتفق عليه بنحوه. ما منكم من أحد يدخل الجنة إلا انطلق به إلى طوبى 81 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ انْطلِقَ بِهِ إِلى طُوبَى، فَتُفْتَحُ لَهُ أَكْمَامُهَا (¬4) فَيَأْخُذُ مِنْ أيِّ ذَلِكَ شَاءَ، إِنْ شَاءَ أَبْيَضَ، وَإنْ شَاءَ أَحْمَرَ، وَإِنْ شَاءَ أَخْضَرَ، وَإِنْ شَاءَ أَصْفَرَ، وَإِنْ شَاءَ أَسْوَدَ، مِثْلَ شَقَائِقِ (¬5) النُّعْمَانِ وَأَرَقَّ (¬6) وَأَحْسَنَ. رواه ابن أبي الدنيا. 82 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَّكِئُ في الْجَنَّةِ (¬7) سَبْعِينَ سَنَةً قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ، ثُمَّ تَأْتِيهِ امْرَأَةٌ فَتَضْرِبُ مَنْكِبَهُ (¬8) فَيَنْظُرُ وَجْهُهُ في خَدِّهَا أَصْفَى مِنَ الْمِرْآةِ، وَإِنَّ أَدْنَى لُؤلُؤَةٍ (¬9) عَلَيْهَا تُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ فَتُسَلمُ عَلَيْهِ فَيَرُدُّ السَّلامَ، وَيَسْأَلُهَا مَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا مِنَ المزِيدِ (¬10) وَإِنَّهُ لَيَكُونُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ ثَوْباً أَدْنَاهَا مِثْلُ النَّعْمَانِ (¬11) مِنْ طُوبَى (¬12) فَيَنْفُذُهَا ¬
فصل في فرش الجنة
بَصَرُهُ حَتَّى يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، وَإِنَّ عَلَيْهَا مِنَ التِّيجَانِ (¬1) إِنَ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ مِنْهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ. رواه أحمد من طريق ابن لهيعة عن درّاج عن أبي الهيثم، وابن حبان في صحيحه من طريق عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم. وروى الترمذي منه ذكر التيجان فقط من رواية رشدين عن عمرو بن الحارث وقال: لا نعرفه إلا من حديث رشدين. 83 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: دَارُ الْمُؤمِنِ في الْجَنَّةِ لُؤلُؤَةٌ فِيهَا أَرْبَعُونَ أَلْفَ دَار، فِيهَا شَجَرَةٌ تُنْبِت الْحُلَلَ، فَيَأْخُذُ الرَّجُلُ بِأُصْبُعَيْهِ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ والإبْهَامِ سَبْعِينَ حُلَّةً مُتَمَنْطِقَةً (¬2) بِاللُؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ. رواه ابن أبي الدنيا موقوفا. 84 - وَعَنْ شُرَيْحِ بْنِ عَبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ قالَ كَعْبٌ: لَوْ أَنَّ ثَوْباً مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لُبِسَ الْيَوْمَ في الدُّنْيَا لَصَعِقَ (¬3) مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَمَا حَمَلَتْهُ أَبْصَارُهُمْ. رواه ابن أبي الدنيا، ويأتي حديث أنس المرفوع، وَلَوِ اطَّلَعَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلى الأَرْضِ لَملأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحاً، ولأَضَاءَتْ بَيْنَهُمَا، وَلَنَصِيفُهَا، يَعْنِي خِمَارَهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. رواه البخاري ومسلم. فصل في فرش الجنة 85 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: [وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ] قالَ: ارْتِفَاعُهَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ، وَمَسِيرَةُ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسُمِائَةِ عَامٍ. رواه ابن أبي الدنيا والترمذي، وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث رشدين، يعني عن عمرو بن الحارث عن دراج. ¬
فصل في وصف نساء أهل الجنة
[قال الحافظ] قد رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي وغيرهما من حديث ابن وهب أيضاً عن عمرو بن الحارث عن دراج. 86 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنِ الْفُرُشِ الْمَرْفُوعَةِ، فَقَالَ: لَوْ طُرِحَ فِرَاشٌ مِنْ أَعْلاهَا لَهَوى إِلى قَرَارِهَا مِائَةَ خَرِيفٍ. رواه الطبراني، ورواه غيره موقوفاً على أبي أمامة، وهو أشبه بالصواب. 87 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ [بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ (¬1)]. قالَ: أُخْبِرْتُمْ بِالْبَطَائِنِ، فَكَيْفَ بِالظَّهَائِر؟ رواه البيهقي موقوفاً بإسناد حسن. فصل في وصف نساء أهل الجنة [قال الحافظ]: تقدم حديث ابن عمر في أسفل أهل الجنة، وفيه: فَيَنْظُرُ فَإِذَا حَوْرَاءُ (¬2) مِنَ الْحُورِ الْعِينِ جَالِسَةٌ عَلَى سَرِيرِ مُلْكِهَا عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً لَيْسَ مِنْهَا حُلَّةٌ مِنْ لَوْنِ صَاحِبَتِهَا فَيُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ وَالدَّمِ والْعَظْمِ، وَالْكِسْوَةُ فَوْقَ ذَلِكَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مِنَ الَّلاتِي خُبِّئْنَ (¬3) لَكَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً لا يَصْرِفُ (¬4) بَصَرَهُ عَنْهَا، ثُمَّ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلى الْغُرْفَةِ فَإِذَا أُخْرَى أَجْمَلُ مِنْهَا فَتَقُولُ: مَا آنَ لَكَ (¬5) أَنْ يَكُونَ لَنَا مِنْكَ نَصِيبٌ؟ (¬6) فَيَرْتَقِي إِلَيْهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً لاَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ عَنْهَا، الحديث. 88 - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً إِنَّ لَهُ لَسَبْعَ دَرَجَاتٍ وَهُوَ عَلَى السَّادِسَةِ وَفَوْقَهُ السَّابِعَةُ، وَإِنَّ لَهُ لَثَلاثِمِائَةِ خَادِمٍ وَيُغْذَى (¬1) عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ وَيُرَاحُ بِثَلاثِمَائَةِ صَحْفَةٍ وَلا أَعْلَمُهُ إِلاَّ قالَ: مِنْ ذَهَبٍ، في كُلِّ صَحْفَةٍ لَوْنٌ لَيْسَ في الأُخْرَى، وَإِنَّهُ لَيَلَذُّ أَوَّلُهُ كَمَا يَلَذُّ آخِرَهُ وَمِنَ الأَشْرِبَةِ ثَلاثِمَائَةِ إِنَاءٍ، فِي كُلِّ إِنَاءٍ لَوْنٌ لَيْسَ فِي الآخَرِ وَإِنَّهُ لَيَلَذُّ أَوَّلَهُ كمَا يَلَذُّ آخِرَهُ، وَإِنَّهُ لَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَوْ أَذِنْتَ لِي لأَطْعَمْتُ أَهْلَ (¬2) الْجَنَّةِ وَسَقَيْتُهُمْ لَمْ يَنْقُصْ مِمَّا عِنْدِي شَيْءٌ، وَإِنَّ لَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ لاثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً سِوَى أَزْوَاجِهِ مِنَ الدُّنْيَا وَإِنَّ الْوَاحِدَةَ مِنْهُنَّ لَتَأْخُذُ مَقْعَدَتُهَا قَدْرَ مِيلٍ (¬3) مِنَ الأَرْضِ. رواه أحمد عن شهرٍ عنه. 89 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُزَوَّجُ خَمْسَمِائَةٍ حَوْرَاءَ وَأَرْبَعَةَ آلافِ بِكْرٍ وَثَمَانِيَةَ آلافِ ثَيِّبٍ. يُعَانِقُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِقْدَارَ عُمْرِهِ في الدُّنْيَا. رواه البيهقي وفي إسناده راوٍ لم يسم. 90 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ أَوْ مَوْضِعُ قَيْدِهِ، يَعْنِي سَوْطَهُ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوِ اطَّلَعَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلى الأَرْضِ لَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحاً، ولأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. رواه البخاري ومسلم والطبراني مختصراً بإسناد جيد إلا أنه قال: وَلَتَاجُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. [النصيف]: الخمار. [والقاب]: هو القدر، وقال أبو معمر: قاب القوس من مقبضه إلى رأْسه. 91 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قال: إِن أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى أَضْوَأِ كَوْكَبٍ ¬
دُرِّيٍّ في السَّمَاءِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللحْمِ وَمَا في الْجَنَّةِ أَعْزَبُ، رواه البخاري ومسلم. 92 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْمَرأَةَ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُرَى بَيَاضُ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حُلَّةً حَتَّى يُرَى مُخُّهَا، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: كأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَان، فأَمَّا الْيَاقُوتُ فَإِنَّهُ حَجَرٌ لَوْ أَدْخَلْتَ فِيه (¬1) سِلْكاً، ثُمَّ اسْتَصْفَيْتَهُ لأَرَيْتَهُ مِنْ وَرَائِهِ. رواه ابن أبي الدنيا وابن حبان في صحيحه والترمذي واللفظ له، وقال: وقد روي عن ابن مسعود ولم يرفعه وهو أصح. 93 - وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ خُزَيْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَشْرَفَتْ (¬2) لَملأَتِ الأَرْضَ رِيحَ مِسْكٍ ولأَذْهَبَتْ ضَوْءَ الشَّمْسِ والْقَمَرِ الحديث رواه الطبراني والبزار وإسناده حسن في المتابعات. 94 - وَرُوِيَ عَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: حَدَّثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قالَ حَدَّثَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام: قالَ يَدْخُلُ الرَّجُلُ عَلَى الْحَورَاءِ فَتَسْتَقْبِلُهُ بِالْمُعَانَقَةِ وَالْمُصَافَحَةِ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسَلَّم: فَبِأَيِّ بَنَان تُعَاطِيهِ لَوْ أَنَّ بَعْضَ بِنَانِهَا بَدَا (¬3) لَغَلَبَ ضَوْءُهُ ضَوْءَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَلَوْ أَنَّ طاقَةً مِنْ شَعرِهَا بَدَتْ لملأَتْ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ مِنْ طِيبِ رِيحِهَا فَبَيْنَا هُوَ مُتَّكِئٌ مَعَهَا عَلَى أَرِيكَتِهِ إِذْ أَشْرَفَ عَلَيْهِ نُورٌ مِنْ فَوْقِهِ فَيَظُنُّ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى خَلْقِهِ، فَإِذَا حَوْرَاءُ تُنَادِيهِ يَا وَلِيَّ اللهِ أَمَالَنَا فِيكَ مِنْ دَوْلَةٍ؟ فَيَقُولُ مَنْ أَنْتِ يَا هذِهِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا مِنَ اللَّوَاتِي قالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى: [وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (¬4)]، فَيَتَحَوَّلُ عِنْدَهَا، فَإِذَا عِنْدَهَا مِنَ الْجَمَالِ وَالْكَمَالِ مَا لَيْسَ مَعَ الأُولَى، فَبَيْنَا هُوَ مُتَّكِئٌ مَعَهَا عَلى أَرِيكَتِهِ، وَإِذَا حَوْرَاءُ أُخْرَى تُنَادِيهِ يَا وَلِيَّ اللهِ أَمَا لَنَا فِيكَ مِنْ دَوْلَةٍ؟ فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتِ يَا هذِه؟ فَتَقُولُ: أَنَا مِنَ اللَّوَاتِي ¬
قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: [فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] فلاَ يَزَالُ يَتَحَوَّلُ مِنْ زَوْجَةٍ إِلى زَوْجَةٍ. رواه الطبراني في الأوسط. 95 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: في قَوْلِهِ: [كأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ (¬1) وَالْمَرْجَان (¬2)] قالَ: يَنْظُرُ إِلى وَجْهِهِ في خَدِّهَا أَصْفَى مِنَ الْمِرْآةِ، وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ عَلَيْهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَإِنَّهُ لَيَكُونُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً ينْفُذُهَا بَصَرُهُ حَتَّى يَرَى مُخَّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه في حديث تقدم بنحوه والبيهقي بإسناد ابن حبان واللفظ له. 96 - وعن محمد بن كعب القرظي عن رجل من الأنصار عن أبي هريرة. قالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَهُوَ في طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. فذكر حديث الصور بطوله إلى أنْ قال: فأَقُولُ يَا رَبِّ وَعَدْتَنِي الشَّفَاعَةَ فَشَفِّعْني في أَهْلِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللهُ: قَدْ شَفَّعْتُكَ وأذِنْتُ لَهُمْ في دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَكانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: والَّذِي بَعَثني بالْحَقِّ مَا أَنْتُم في الدُّنْيَا بأَعْرَفَ بِأَزْوَاجِكُمْ وَمَسَاكِنِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بأَزْوَاجِهِمْ وَمَسَاكِنِهمْ، فَيَدْخُلُ رَجُلٌ مِنْهُمْ على ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِمَّا يُنْشِئُ اللهُ وَثِنْتَيْنِ مِنْ وَلدِ آدَمَ لَهُمَا فَضْلٌ عَلَى مَنْ أَنْشَأَ اللهُ لِعِبَادَتِهِمَا اللهَ في الدُّنْيَا يَدْخُلُ عَلى الأُولى مِنْهُمَا في غُرْفَةٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلٍ بِاللُّؤْلُؤِ عَلَيْهِ سَبْعُونَ زَوْجاً مِنْ سُنْدِسٍ (¬3) وَإِسْتَبْرَقٍ، ثُمَّ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلى يَدِهِ مِنْ صَدْرِهَا مِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهَا وَجِلْدِهَا وَلَحْمِهَا، وَإِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلى مُخِّ (¬4) سَاقِهَا كما يَنْظُرُ أَحَدُكُمْ إِلى السِّلْكِ (¬5) في قَصَبَةِ الْيَاقُوتِ، كِبدُهُ لَهَا مِرْآةٌ، وَكَبِدُهَا لَهُ مِرْآةٌ فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَهَا لاَ يَمَلُّهَا وَلاَ تَمَلُّهُ وَلا يَأْتِيهَا مَرَّةً إِلى وَجَدَهَا عَذْرَاءَ (¬6) مَا يَفْتُرُ (¬7) ذَكَرُهُ وَلاَ يَشْتَكِي قُبُلُهَا، فَبَيْنَا ¬
هُوَ كَذَلِكَ إِذْ نُودِيَ إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا أَنَّكَ لاَ تَمَلُّ (¬1) وَلاَ تُمَلُّ إِلاَّ أَنَّهُ لاَمَنِيَّ وَلاَ مَنِيَّةَ إِلاَّ أَنَّ لَكَ أَزْوَاجاً غَيْرَهَا فَيَخْرُجُ فَيَأْتِيهِنَّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً بَعْدُ كُلَّمَا جَاؤُوا وَاحِدَةً قالَتْ: واللهِ مَا في الْجَنَّةِ شَيْءٌ أَحْسَنَ مِنْكَ، وَمَا في الْجَنَّةِ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكَ الْحَديث. رواه أبو يعلى والبيهقي في آخر كتابه من رواية إسماعيل بن رافع بن أبي رافع، انفرد به عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن محمد بن كعب. 97 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: لَوْ أَنَّ حَوْرَاءَ أَخْرَجَتْ كَفَّهَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لافْتَتَنَ الْخَلائِقُ بِحُسْنِهَا، وَلَوْ أَخْرَجَتْ نِصْفَيْهَا لَكَانَتِ الشَّمْسُ عِنْدَ حُسْنِهِ مِثْلَ الْفَتِيلَةِ (¬2) في الشَّمْسِ، لاَ ضَوْءَ لَهَا، وَلَوْ أَخْرَجَتْ وَجْهَهَا لأضَاءَ حُسْنُهَا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً. لو أن حوراء بزقت في بحر لعذب ذلك البحر من عذوبة ريقها 98 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَوْ أَنَّ حَوْرَاءَ بَزَقَتْ في بَحْرٍ لَعَذُبَ ذَلِكَ الْبَحْرُ مِنْ عُذُوبَةِ (¬3) رِيقِهَا. رواه ابن أبي الدنيا عن شيخ من أهل البصرة لم يسمِّه عنه. 99 - وروي أَيضاً عن ابن عباس موقوفاً: قالَ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَصَقَتْ في سَبْعَةِ أَبْحُرٍ لَكَانَتْ تِلْكَ الأَبْحُرُ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ. 100 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: كُنَّا جُلُوساً مَعَ كَعْبٍ يَوْماً، فَقَالَ لَوْ أَنَّ يَداً مِنَ الْحُورِ مِنَ السَّمَاءِ بِبَيَاضِهَا وَخَواتِيمِهَا دُلِّيَتْ لأَضَاءَتْ لَهَا الأَرْضُ كما تُضِيءُ الشَّمْسُ لأَهْلِ الدُّنْيَا، ثُمَّ قالَ: إِنَّمَا قُلْتُ يَدَهَا، فَكَيْفَ بِالْوَجْهِ بَياضُهُ وَحُسْنُهُ وَجَمَالُهُ وَتَاجُهُ وَيَاقُوتُهُ وَلُؤْلُؤُهُ وَزَبَرْجَدُهُ: رواه ابن أبي الدنيا وفي إسناده عبيد الله بن زحر. 101 - وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْحُورَ الْعِينَ لأَكْثَرُ عَدَداً مِنْكُنَّ يَدْعُونَ لأَزْوَاجِهِنَّ يَقُلْنَ: اللَّهُمَّ أَعِنْهُ عَلَى دِينكَ (¬4) بِعِزَّتِكَ، وَأَقْبِلْ بِقَلْبِهِ عَلَى طَاعَتِكَ، وَبَلِّغْهُ إِلَيْنَا بِقُرْبِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، ¬
رواه ابن أبي الدنيا مرسلا. صفة نساء أهل الجنة 102 - وَرُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: [حُورٌ عِينٌ]؟ قالَ حُورٌ بِيضٌ عِينٌ ضِخَامٌ شُفْرُ الْحَوْرَاءُ بِمَنْزِلَةِ جَنَاحِ النَّسْرِ. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: فَأَخْبِرْنِ] عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: [كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ]؟ قالَ: صَفَاؤُهُنَّ كَصَفَاءِ الدُّرِّ الَّذِي في الأصْدَافِ (¬1) الَّذي لاَ تَمَسُّهُ الأَيْدِي، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: فأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: [فِيهنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (¬2)]؟ قالَ: خَيْرَاتُ الأَخْلاقِ، حِسَانُ الْوُجُوهِ. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوءلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: [كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ]؟ قال: رِقَّتُهُنَّ كَرِقَّةِ الْجِلْدِ الَّذِي في دَاخِلِ الْبَيْضَةِ مِمَّا يَلِي الْقِشْرَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: [عُرُباً أَتْرَاباً]؟ قالَ: هُنَّ اللَّوَاتِي قُبِضْنَ (¬3) في دَارِ الدُّنْيَا عَجَائِزَ (¬4) رُمْصاً (¬5) شُمْطاً (¬6) خَلَقَهُنَّ اللهُ بَعْدَ الْكِبَرِ فَجَعَلَهُنَّ عَذَارَى (¬7) عُرُباً (¬8) مُتَعَشِّقَاتٍ (¬9) مُتَحَبِّبَاتٍ، أَتْرَاباً (¬10) عَلَى مِيلادٍ وَاحِدٍ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنِسَاءُ الدُّنْيَا أَفْضَلُ أَمْ الْحُورُ الْعِينُ؟ قالَ نِسَاءُ الدُّنْيَا أَفْضَلُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ كَفَضْلِ الظِّهَارَةِ (¬11) عَلَى الْبِطَانَةِ. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ وَبِمَ ذَاكَ؟ قالَ بِصَلاتِهِنَّ وَصِيَامِهِنَّ وَعِبَادَتِهِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَلْبَسَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وُجُوهَهُنَّ النُّورَ، وَأَجْسَادَهُنَّ الْحَرِيرَ، بِيضُ الأَلْوَانِ، خُضْرُ الثِّيَابِ، صُفْرُ الْحِليَّ ¬
فصل في غناء الحور العين
مَجَامِرُهُنَّ (¬1) الدُّرُّ، وَأَمْشَاطُهُنَّ الذَّهَبُ، يَقُلْنَ: أَلاَ نَحْنُ الْخَالِدَاتُ (¬2) فَلاَ نَمُوتُ أَبَداً أَلاَ نَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلا نَبْأَسُ أَبداً، أَلا وَنَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فَلا نَظْعَنُ (¬3) أَبَداً، أَلاَ وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ، فَلاَ نَسْخَطُ أَبَداً، طُوبَى (¬4) لِمَنْ كُنَّا لَهُ، وَكَانَ لَنَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ الْمَرْأَةُ مِنَّا تَتَزَوَّجُ الزَّوْجَيْنِ وَالثَّلاثَةَ والأَرْبَعَةَ في الدُّنْيَا، ثُمَّ تَمُوتُ فَتَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَدْخُلُونَ مَعَهَا، مَنْ يَكُونُ زَوْجُهَا مِنْهُمْ؟ قالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّها تُخَيَّرُ فَتَخْتَارُ أَحْسَنَهُمْ خُلُقاً، فَتَقُولُ: أي رَبِّ إِنَّ هذَا كَانَ أَحْسَنَهُمْ مَعِيَ خُلُقاً في دَارِ الدُّنْيَا فَزَوَّجْنِيهِ، يَا أُمَّ سَلَمَةَ ذَهَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ بِخَيْرِ الْدُّنْيَا والآخِرَةِ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط وهذا لفظه. فصل في غناء الحور العين 103 - وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ في الْجَنَّةِ لَمُجْتَمَعاً لِلْحُورِ الْعِينِ يَرْفَعْنَ بِأَصْوَاتٍ (¬5) لَمْ يَسْمَعِ الْخلائِقُ بِمِثْلِهَا، يَقُلْنَ: نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلا نَبِيدُ (¬6)، وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ (¬7) فَلا نَبْأَسُ (¬8) وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلا نَسْخَطُ طُوبَى لِمَنْ كانَ لَنَا وَكُنَّا لَهُ. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب والبيهقي. 104 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ عِنْدَ رَأْسِهِ وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ ثِنْتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ تُغَنِّيَانِ ¬
بِأَحْسَنِ صَوْتٍ سَمِعَهُ الإِنْسُ والْجِنُّ، وَلَيْسَ بِمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ، ولكِنْ بِتَحْمِيدِ اللهِ (¬1) وَتَقْدِيسِهِ. رواه الطبراني والبيهقي. 105 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ أَزْوَاجَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُغَنِّينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ سَمِعَهَا أَحَدٌ قَطُّ، إِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ بِهِ، نَحْنُ الْخَيْرَاتُ الْحِسَانُ، أَزْوَاجُ قَوْمٍ كِرَامٍ، يَنْظُرُونَ بِقُرَّةِ أَعْيَانٍ، وَإِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ بِهِ: نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فلا نَمْتْنَهُ، نَحْنُ الآمِنَاتُ فلا نَخَفْنَهُ، نَحْنُ الْمُقِيَماتُ فلا نَظْعَنَّهُ. رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورواتهما رواة الصحيح. 106 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْحُورَ في الْجَنَّةِ يُغَنِّينَ، يَقُلْنَ: نَحْنُ الْحُورُ الْحِسَانُ، هُدِينا لأَزْوَاجٍ كِرَامٍ. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني واللفظ له وإسناده مقارب، ورواه البيهقي عن ابنٍ لأنس بن مالك لم يسمه عن أنس. 107 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يُزَوَّجُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْبَعَةَ آلافٍ بِكْرٍ وَثَمَانِيَةَ آلاف أَيِّمٍ (¬2) وَمَائَةَ حَوْرَاءَ فَيَجْتَمِعَنْ في كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ فَيَقُلْنَ بِأَصْوَاتٍ حِسَانٍ لَمْ يَسْمَعِ الْخَلائِقُ بِمِثْلِهِنَّ: نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلا نَبِيدُ، وَنَحْنُ النَّاعِمَات فَلا نَبْأَسُ، وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فلا نَسْخَطُ، وَنَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فلا نَظْعَنُ، طُوبَى لِمَنْ كَانَ لَنَا وَكُنَّا لَهُ. رواه أبو نعيم في صفة الجنة. 108 - وَعَنْ أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ في الْجَنَّةِ نَهَراً طُولُ (¬3) الْجَنَّةِ حَافتَاهُ (¬4) الْعذَارَى (¬5) قِيَامٌ (¬6) مُتَقَابِلاتٌ (¬7) يُغَنِّينَ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ يَسْمَعُهَا الْخَلائِقُ ¬
فصل في سوق الجنة
حَتَّى مَا يَرَوْنَ أَن فِي الْجَنَّةِ لَذَّةً مِثْلَهَا (¬1)، قُلْنَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَمَا ذَاكَ الْغِنَاءُ؟ قالَ إِنْ شَاءَ اللهُ التَّسْبِيحُ والتَّحْمِيدُ (¬2) والتَّقْدِيسُ (¬3) وَثَنَاءٌ (¬4) على الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ. رواه البيهقي موقوفاً. فصل في سوق الجنة 109 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ في الْجَنَّةِ لَسُوقاً يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمْعَةٍ فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو (¬5) في وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْنَاً وَجَمالاً، فَيَرْجِعُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْناً وَجَمالاً، فَتَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنَاً وَجَمَالاً، فَيَقُولُونَ: وَأَنْتُمْ وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنَاً وَجَمالاً. رواه مسلم. 110 - وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ لَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ في سُوقِ الْجَنَّةِ، قالَ سَعِيدٌ: أَوَ فِيهَا سُوقٌ؟ قالَ نَعَمْ، أخْبَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا نَزَلُوا فِيهَا بِفَضْلِ أَعْمَالِهِمْ فَيُؤْذَنُ (¬6) لَهُمْ في مِقْدَارِ يَوْمِ الْجُمْعَةِ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا فَيَزُورُونَ اللهَ وَيُبْرِزُ (¬7) لَهُمْ عَرْشَهُ وَيَتَبَدَّى (¬8) لَهُمْ في رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ فَتُوضَعُ (¬9) لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَمَنَابِرُ مِنْ يَاقُوتٍ، وَمنَابِرُ مِنْ زَبَرْجَدٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ فِضَّةٍ ¬
وَيَجْلِسُ أَدْنَاهُمْ (¬1) وَمَا فِيهِمْ دَنِيء عَلى كُثْبَانِ (¬2) الْمِسْكِ وَالْكَافُورِ مَا يَرَوْنَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَرَاسِيِّ أَفْضَلُ مِنْهُمْ مَجْلِساً، قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا؟ قالَ: نَعَمْ هَلْ تَتَمَارَوْنَ (¬3) في رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ قُلْنَا لاَ، قالَ: كَذَلِكَ لاَ تَتَمَارَوْنَ في رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ وَلاَ يَبْقَى في ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَحَدٌ إِلاَّ حَاضَرَهُ (¬4) اللهُ مُحَاضَرَةً حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ لِلرَّجُلِ مِنْكُمْ: أَلا تَذْكُرُ يَا فُلانُ يَوْمَ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ يُذَكِّرُهُ بَعْضَ غَدَرَاتِهِ (¬5) في الدُّنْيَا فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَفَلَمْ تَغْفِرْ لِي (¬6)؟ فَيَقُولُ: بَلَى فَبِسَعَةِ مَغْفِرَتِي بَلَغْتَ مَنْزِلَتَكَ هذِهِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ غَشِيَتْهُمْ سَحَابَةٌ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ طِيباً لَمْ يَجِدُوا مِثْلَ رِيحِهِ شَيئاً قَطُّ، ثُمَّ يَقُولُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى: قُومُوا إِلى مَا أَعْدَدْتُ (¬7) لَكُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ (¬8) فَخُذُوا مَا اشْتَهَيْتُمْ قالَ: فَنَأْتِي سُوقاً قَدْ حَفَّتْ (¬9) بِهِ الْملائِكَةُ، فِيهِ مَا لَمْ تَنْظُرِ الْعُيُونُ إِلى مِثْلِهِ، وَلَمْ تَسْمَعِ الآذَانُ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى الْقُلُوبِ، قالَ: فَيُحْمَلُ لَنَا مَا اشْتَهَيْنَا لَيْسَ يُبَاعُ فِيهِ شَيْءٌ وَلا يُشْتَرَى، وفي ذَلِكَ السُّوقِ يَلْقَى أَهْلُ الْجَنَّةِ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قالَ فَيُقْبِلُ الرَّجُلُ ذُو الْمَنْزِلَةِ الْمُرْتَفِعَةِ فَيَلْقَى مَنْ دُونَهُ (¬10) وَمَا فِيهِمْ دَنِئٌ فَيَرُوعُهُ (¬11) مَا يَرَى عَلَيْهِ مِنَ اللِّبَاسِ فَمَا يَنْقَضِي آخِرُ حَدِيثِهِ حَتَّى يَتَمَثَّلَ عَلَيْهِ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَحْزَنَ فِيهَا، قالَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ إِلى مَنَازِلِنَا ¬
فَتَتَلَقَّانَا (¬1) أَزْوَاجُنَا فَيَقُلْنَ مَرْحَباً (¬2) وَأَهْلاً (¬3) لَقَدْ جِئْتَ، وَإِنَّ بِكَ مِنَ الْجَمَالِ والطِّيبِ أَفْضَلَ مِمَّا فَارَقْتَنَا عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: إِنَّا جَالَسْنَا الْيَوْمَ رَبَّنَا الْجَبَّارَ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِحَقِّنَا أَنْ نَنْقَلِبَ (¬4) بِمِثْلِ مَا انْقَلَبْنَا. رواه الترمذي وابن ماجة كلاهما من رواية عبد الحميد بن حبيب ابن أبي العشرين عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن سعيد، وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. [قال الحافظ]: وعبد الحميد هو كاتب الأوزاعي مختلف فيه كما سيأتي وبقية رواة الإِسناد ثقات، وقد رواه ابن أبي الدنيا عن هقل بن زياد كاتب الأوزاعي أيضاً، واسمه محمد، وقيل عبد الله، وهو ثقة ثَبْت احتج به مسلم وغيره، عن الأوزاعي قال: نبئت أن سعيد بن المسيب لقي أبا هريرة فذكر الحديث. 111 - وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ في الْجَنَّةِ لَسُوقاً مَا فِيهَا شِرَاءٌ وَلاَ بَيْعٌ إِلاَّ الصُّوَرُ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا (¬5). رواه ابن أبي الدنيا والترمذي، وقال: حديث غريب. وتقدم في عقوق الوالدين حديثُ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَفِيهِ: وَإِنَّ في الْجَنَّةِ لَسُوقاً مَا يُبَاعُ فِيهَا وَلا يُشْتَرَى لَيْسَ فِيهَا إلاَّ الصُّورُ فَمَنْ أَحَبَّ صُورَةً مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ دَخَلَ فِيهَا. رواه الطبراني في الأوسط. 112 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ يَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: انْطَلِقُوا إِلى السُّوقِ فَيَنْطَلِقُونَ إِلى كُثْبَانِ الْمِسْكِ، فَإِذَا رَجَعُوا إِلى أَزْواجِهِمْ قالُوا إِنَّا لَنَجِدُ لَكُنَّ رِيحاً (¬6) مَا كانَتْ لَكُنَّ، قالَ فَيَقُلْنَ وَلَقَدْ رَجَعْتُمْ بِرِيحٍ مَا كَانَتْ لَكُمْ إِذْ خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِنَا. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً بإسناد جيد. ¬
فصل في تزاورهم ومراكبهم
113 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ في الْجَنَّةِ لَسُوقاً كُثْبَان مِسْكٍ يَخْرُجُونَ إِلَيْهَا وَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهَا فَيَبْعَثُ (¬1) اللهُ رِيحاً فَيُدْخِلُهَا بُيُوتَهُمْ، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ: قَدِ ازْدَدْتُمْ حُسْناً بَعْدَنَا، فَيَقُولُونَ لأَهْلِيهِمْ قَدِ ازْدَدْتُمْ أَيْضاً حُسْناً بَعْدَنَا (¬2). رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً أيضاً والبيهقي. فصل في تزاورهم ومراكبهم 114 - عَنْ شُفِّي بْنِ مَاتِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ مَنْ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ عَلَى الْمَطَايَا (¬3) والنُّجُبِ (¬4) وَإِنَّهُمْ يُؤْتونَ في الْجَنَّةِ بِخَيْلٍ مُسْرَجَةٍ (¬5) مُلْجَمَةٍ لا تَرُوثُ (¬6) وَلاَ تَبُولُ فَيَرْكَبُونَهَا حَتَّى يَنْتَهُوا حَيْثُ شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَأْتِيهِمْ مِثْلَ السَّحَابَةِ (¬7) فِيهَا مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلا أُذُنٌ سَمِعتْ (¬8)، فَيَقُولُونَ امْطُرِي عَلَيْنَا، فَمَا يَزَالُ الْمَطَرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ فَوْقَ أَمَانِهِمْ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ رِيحاً (¬9) غَيْرَ مُؤْذِيَةٍ فَتَنْسِفُ (¬10) كُثْبَاناً مِنْ مِسْكٍ عَنْ أَيْمَانِهِمْ، وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ فَيَأْخُذُونَ ذَلِكَ الْمِسْكَ في نَوَاصِي (¬11) خُيُولِهِمْ وَفي مَعَارِفِهَا (¬12)، وفي رُؤوسِهِمْ، وَلِكُلِّ رَجُلٍ ¬
مِنْهُمْ جُمَّةٌ (¬1) عَلَى مَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ فَيَتَعَلَّقُ ذلِكَ الْمِسْكُ في تِلْكَ الْجُمَامِ وَفي الْخَيْلِ وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الثِّيَابِ، ثُمَّ يُقْبِلُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلى مَا شَاءَ اللهُ فَإِذَا الْمَرْأَةُ تُنَادِي بَعْضَ أُولئِكَ، يَا عَبْدَ اللهِ أَمَا لَكَ فِينَا حَاجَةٌ؟ فَيَقُولُ: مَا أَنْتِ، وَمَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا زَوْجَتُكَ وَحِبُّكَ (¬2). فَيَقُولُ: مَا كُنْتُ عَلِمْتُ بِمَكَانِكِ، فَتَقُولُ الْمَرأَةُ: أَوَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ اللهَ تَعَالى قالَ: فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَيَقُولُ: بَلَى وَرَبِّي فَلَعَلَّهُ يُشْغَلُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ أَرْبَعِينَ خَرِيفاً لاَ يَلْتَفِتُ وَلا يَعُودُ وَمَا يُشْغِلُهُ عَنْهَا إِلاَّ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ وَالْكَرَامَةِ (¬3). رواه ابن أبي الدنيا من رواية إسماعيل بن عياش. [قال الحافظ]: وشفيّ ذكره البخاري وابن حبان في التابعين ولا تثبت له صحبة، وقال أبو نعيم. مختلف فيه فقيل له صحبة كذا والله أعلم. 115 - وَرُوِيَ عنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ فَيَشْتَاقُ الإِخْوَانُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ فَيَسِيرُ سَرِيرُ هذَا إِلى سَرِيرِ هذَا وسَرِيرُ هذَا إِلى سَرِير هذَا حَتَّى يَجْتِمَعَا جَمِيعاً فَيَتكِئُ هَذا وَيَتكِئُ هذَا، فَيَقُولُ أحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَتَعْلَمُ مَتَى غَفَرَ (¬4) اللهُ لَنَا؟ فَيَقُولُ صَاحِبُهُ: نَعَمْ يَوْمَ كُنَّا في مَوْضِعِ كَذَا وَكذَا فَدَعَوْنَا اللهَ فَغَفَرَ لَنَا (¬5). رواه ابن أبي الدنيا والبزار. 116 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَزَاوَرُونَ عَلَى الْعِيسِ الْجُونِ (¬6) عَلَيْهَا رِحَالُ الْمَيْسِ، وَيُثِيرُ (¬7) مَنَاسِمُهَا غُبَارَ الْمسْكِ، خِطَامُ (¬8) ¬
أَوْ زِمَامُ (¬1) أَحَدِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً. [العيس] إبل بيض في بياضها ظلمة خفية. [والمناسم] بالنون والسين المهملة: جمع منسم، وهو باطن خف البعير. مراكب أهل الجنة 117 - وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ في الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَخْرُجُ مِنْ أَعْلاهَا حُلَلٌ وَمِنْ أَسْفَلِهَا خَيْلٌ مِنْ ذَهَبٍ مُسْرَجَةٌ مُلْجَمَةٌ مِنْ دُرٍّ وَيَاقُوتٍ، لا تَرُوثُ وَلاَ تَبُولُ، لَهَا أَجْنِحَةٌ خَطْوُهَا مَدُّ (¬2) الْبَصَرِ فَيْرْكَبُهَا أَهْلُ الْجَنَّةِ، فَتَطِيرُ بِهِمْ حَيْثُ شَاؤُوا، فَيَقُولُ الَّذِينَ أَسْفَلَ مِنْهُمْ دَرَجَةً: يَا رَبِّ بِمَا بَلَغَ عِبَادُكَ هذِهِ الْكَرَامَةَ كُلَّهَا؟ قالَ: فَيُقَالُ لَهُمْ: كَانُوا يُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، وَكُنْتُمْ تَنَامُونَ، وَكَانُوا يَصُومُونَ، وَكَنْتُمْ تَأْكُلُونَ، وَكَانُوا يُنْفِقُونَ، وَكُنْتُمْ تَبْخَلُونَ، وَكَانُوا يُقَاتِلُونَ، وَكُنْتُمْ تَجْبُنُونَ (¬3). رواه ابن أبي الدنيا. ¬
فصل في زيارة أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى
118 - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَاعِدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ أُحِبُّ الْخَيْلَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ في الْجَنَّةِ خَيْلٌ؟ فَقَالَ: إِنْ أَدْخَلَكَ اللهُ الْجَنَّةَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ لَكَ فِيهَا فَرَسٌ مِنْ يَاقُوتٍ لَهُ جَنَاحَانِ تَطِيرُ بِكَ حَيثُ شِئْتَ. رواه الطبراني ورواته ثقات. 119 - وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ في الْجَنَّةِ مِنْ خَيلٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إنِ اللهُ أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ فَلا تَشَاءُ أَنْ تُحْمَلَ فِيهَا عَلَى فَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ تَطِيرُ بِكَ في الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْتَ إِلاّ كَانَ، قالَ: وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ في الْجَنَّةِ مِنْ إِبِلٍ؟ قالَ: فَلَمْ يَقُلْ لَهُ مَا قَالَ لِصَاحِبِهِ، قالَ: إِنْ يُدْخِلْكَ اللهُ الْجَنَّةَ يَكُنْ لَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ (¬1) نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ. رواه الترمذي من طريق المسعودي عن علقمة عن عبد الرحمن بن سابط عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال نحوه بمعناه، وهذا أصح من حديث المسعودي يعني المرسل. 120 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ أَتَى النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم أعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُحِبُّ الْخَيْلَ، أَفِي الْجَنَّةِ خَيْلٌ؟ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنْ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ أُوتِيتَ (¬2) بِفَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ، لَهُ جَنَاحَانِ فَحُمِلْتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ طَارَ بِكَ حَيْثُ شِئْتَ. رواه الترمذي ويأتي حديث محمد بن الحسين في الفصل بعده إن شاء الله. فصل في زيارة أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى 121 - رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِذَا سَكَنَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ أَتَاهُمْ مَلَكٌ فَيَقُولُ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَزُورُوهُ، فَيَجْتَمِعُونَ، فَيَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى دَاوُدَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّسْبِيحِ (¬3) وَالتَّهْلِيلِ، ثُمَّ تُوضَعُ مَائِدَةُ (¬4) الْخُلْدِ. قالُوا ¬
يَا رَسُولَ اللهِ: وَمَا مَائِدَةُ الْخُلْدِ؟ قالَ: زَاوِيَةٌ مِنْ زَاوَايَاهَا أَوْسَعُ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ فَيُطْعَمُونَ، ثُمَّ يُسْقَوْنَ، ثُمَّ يُكْسَوْنَ، فَيَقُولُونَ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ النَّظَرُ في وَجْهِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ، فَيَتَجَلَّى لَهُمْ فَيَخِرُّونَ سُجَّداً، فَيُقَالُ لَسْتُمْ في دَارِ عَمَلٍ، إِنَّمَا أَنْتُم في دَارِ جَزَاء. رواه أبو نعيم في صفة الجنة. 122 - وعن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن صفي اليمامي قالَ: سَأَلَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَروانَ عَنْ وَفْدِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قالَ: إِنَّهُمْ يَفِدُونَ إِلى اللهِ سُبْحَانَهُ كُلَّ يَوْمِ خَمِيسٍ فَتُوضَعُ لَهُمْ أُسِرَّةٌ، كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ أَعْرَفُ بِسَرِيرِهِ مِنْكَ بِسَرِيرِكَ هذا الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، فَإِذَا قَعَدُوا عَلَيْهِ وَأَخَذَ الْقَوْمُ مَجَالِسَهُمْ. قالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَطْعِمُوا عِبَادِي وَخَلْقِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي، فَيُطِعَمُونَ، ثُمَّ يَقُولُ: اسْقُوهُمْ. قالَ: فَيُؤْتَوْنَ بِآنِيَةٍ مِنْ أَلْوَانٍ شَتَّى مُخْتَمَةٍ (¬1) فَيَشْرَبُونَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقُولُ: عِبَادِي وَخَلْقِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي قَدْ طُعِمُوا وَشَرِبُوا فَكِّهُوهُمْ (¬2)، فَتَجِيءُ ثَمَرَاتُ شَجَرٍ مُدَلَّى فَيَأْكُلُونَ مِنْهَا مَا شَاؤُوا، ثُمَّ يَقُولُ عِبَادِي وَخَلْقِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي قَدْ طُعِمُوا وَشَرِبُوا وَفَكِهُوا اكْسُوهُمْ فَتَجِيء ثَمَراتُ شَجَرٍ أَخْضَرَ وَأَصْفَرَ وَأَحْمَرَ وَكُلِّ لَوْنٍ لَمْ تُنْبِتْ إِلاَّ الْحُلَلَ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِمْ حُللاً وَقُمْصاً، ثُمَّ يَقُولُ عِبَادِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي قَدْ طُعِمُوا وَشَرِبُوا وفُكِّهُوا وَكُسُوا، طَيِّبُوهُمْ (¬3) فَيَتَنَاثَرُ (¬4) عَلَيْهِمْ الْمِسْكُ مِثْلَ رَذَاذِ (¬5) الْمَطَرِ، ثُمَّ يَقُولُ: عِبَادِي وَخَلْقِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي قَدْ طُعِمُوا وَشَرِبُوا وَفُكِهُوا وَكُسُوا وَطُيِّبُوا لأَتَجَلَّيَنَّ (¬6) عَلَيْهِمْ حَتَّى يَنْظُرُوا إِلَيَّ، فَإِذَا تَجَلَّى لَهُمْ، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ نَضرَتْ وُجُوهُهُمْ، ثُمَّ يُقَالُ: ارْجِعُوا إِلى مَنَازِلِكُمْ، فَتَقُولُ لَهُمْ أَزْوَاجُهُمْ: خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِنَا عَلَى صُورَةٍ وَرَجَعْتُمْ عَلَى غَيْرِهَا، فَيَقُولُونَ ذَلِكَ أَنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَجَلَّى لَنَا، فَنَظَرْنَا إِلَيْهِ فَنَضَرَتْ وُجُوهُنَا. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً. 123 - وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ ¬
رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ في الْجَنَّةِ شَجَرَةً يُقَالُ لَهَا: طُوبَى لَوْ يُسَخَّرُ (¬1) الرَّاكِبُ الْجَوَادَ يَسِيرُ في ظِلِّهَا لَسَارَ فِيهِ مَائَةَ عَامٍ، وَرَقُهَا بُرُودٌ خُضْرٌ، وَزَهْرُهَا رِيَاطٌ (¬2) صُفْرٌ، وَأَفْنَانُهَا (¬3) سُنْدُسٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَثَمَرُهَا حُلَلٌ، وَصَمْغُهَا زَنْجَبِيلٌ وَعَسَلٌ، وَبَطْحَاؤُهَا يَاقُوتٌ أَحْمَرُ وَزُمُرُّدٌ أَخْضَرُ، وَتُرَابُهَا مِسْكٌ وَعَنْبَرٌ وَكَافُورٌ أَصْفَرُ، وَحَشِيشُهَا زَعْفَرَانٌ مُونَعُ (¬4) وَالأَلَنْجُوجُ يَتَأَجَّجَانِ مِنْ غَيْرِ وَقُودٍ، يَتَفَجَّرُ مِنْ أَصْلِهَا السَّلْسَبِيلُ (¬5) وَالْمَعينُ (¬6) والرَّحِيقُ (¬7) وَأَصْلُهَا مَجْلِسٌ مِنْ مَجَالِسِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَأْلَفُونَهُ وَمُتَحَدّثٌ (¬8) يَجْمَعُهُمْ فَبَيْنَاهُمْ يَوْماً في ظِلِّهَا يَتَحَدَّثُونَ إِذْ جَاءَتْهُمُ الْملائِكَةُ يَقُودُونَ نُجُباً (¬9) جُبِلَتْ (¬10) مِنَ الْيَاقُوتِ، ثُمَّ نُفِخَ فِيهَا الرُّوحُ مُزْمُومَةً (¬11) بِسَلاسِلَ مِنْ ذَهَبٍ كَأَنَّ وُجُوهَهَا الْمَصَابِيحُ نَضَارَةً وَحُسْنَاً وَبَرُهَا خَزٌّ أَحْمَرُ وَمَرْعَزِيٌّ أَبْيَضُ مُخْتَلِطَانِ لَمْ يَنْظُرِ النَّاظِرُونَ إِلى مِثْلِهَا حُسْناً وَبَهَاءً ذُلُلٌ (¬12) مِنْ غَيْرِ مَهَابَةٍ، نُجُبٌ مِنْ غَيْرِ رِيَاضَةٍ، عَلَيْهَا رَحَائِلُ أَلْوَاحُهَا مِنَ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ مُفَضَّضَةٌ بِاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ، صَفَائِحُهَا مِنَ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ مُلَبَّسَةً بالْعَبْقَرِيِّ والأرْجُوانِ فأَنَاخُوا لَهُمْ تِلْكَ النَّجَائِبَ، ثُمَّ قُالُوا لَهُمْ: إِنَّ رَبَّكُمْ يُقْرِئُكُمُ السَّلامُ وَيَسْتَزِيرُكُمْ ¬
لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ وَيَنْظُرَ إِلَيْكُمْ، وَتُكَلِّمُونَهُ وَيكَلِّمُكُمْ وَتُحَيُّونَهُ وَيُحَيِّيكُمْ وَيَزِيدُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَمِنْ سَعَتِهِ إِنَّهُ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَفَضْلٍ عَظِيمٍ، فَيَتَحَوَّلُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ يَنْطَلِقُونَ صَفّاً مُعْتَدِلاً، لاَ يَفُوتُ شَيْءٌ مِنْهُ شَيْئاً، وَلاَ تَفُوتُ أُذُنُ نَاقَةٍ أُذُنَ صَاحِبَتِهَا، وَلاَ يَمُرُّونَ بِشَجَرَةٍ مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ إِلاَّ أَتْحَفَتْهُمْ بِثَمَرِهَا، وَزَحَلَتْ لَهُمْ عَنْ طَرِيقِهِمْ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَنْثِلِمَ (¬1) صَفُّهُمْ، أَو تُفَرِّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَرَفِيقِهِ، فَلَمَّا دَفَعُوا إِلى الْجَبَّارِ تبَارَكَ وَتَعالَى أَسْفَرَ (¬2) لَهُمْ عَنْ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَتَجَلَّى لَهُمْ في عَظَمَتِهِ الْعَظِيمَةِ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا السَّلامُ، قالُوا: رَبَّنَا أَنْتَ السَّلامُ، وَمِنْكَ السَّلامُ، وَلَكَ حَقُّ الْجلالِ والإِكْرَامِ، فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ: إِنِّي أَنَّا السَّلامُ وَمِنِّي السَّلامُ وَلِي حَقُّ الْجلالِ والإِكرَامِ، فَمَرْحَباً بِعِبَادِي الَّذِينَ حَفِظُوا وَصِيَّتِي وَرَعَوا عَهْدِي (¬3) وَخَافُونِي بالْغَيْبِ (¬4)، وَكَانُوا مِنِّي عَلَى كُلِّ حَالٍ مُشْفِقِينَ، قالُوا: أَمَا وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ وَعُلُوِّ مَكَانِكَ مَا قَدَرْنَاكَ حَقَّ قَدْرِكَ، وَلا أَدَّيْنَا إِلَيْكَ كُلَّ حَقِّكَ، فائْذَنْ لَنَا بِالسُّجُودِ لَكَ؟ فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِنِّي قَدْ وَضَعْتُ عَنْكُمْ (¬5) مُؤونَةَ الْعِبَادَةِ، وَأَرَحْتُ لَكُمْ أَبْدَانَكُمْ، فَطَالَمَا أَنْصَبْتُمْ (¬6) الأَبْدَانَ، وَأَعَنَيْتُمْ الْوُجُوهَ، فالآنَ أَفْضَيْتُمْ إِلى رَوْحِي وَرَحْمَتِي وَكَرَامَتِي، فَسَلُونِي مَا شِئْتُمْ وَتَمَنَّوا عَلَيَّ أُعْطِكُمْ أَمَانِيِّكُمْ، فإِنِّي لَنْ أَجْزِيَكُمُ الْيَوْمَ بِقَدْرِ أَعْمَالِكِمُ ولَكِنْ بِقَدْرِ رَحْمَتِي وَكَرَامَتِي وَطَوْلِي وَجَلالِي وَعُلُوِّ مَكَانِي وَعَظَمَةِ شَأْنِي، فَمَا يَزَالُونَ في الأَمَانِيِّ وَالْمَوَاهِبِ (¬7) وَالْعَطَايَا حَتَّى إِنَّ الْمُقَصِّرَ مِنْهُمْ لَيَتَمَنَّى مِثْلَ جَمِيعِ الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْمِ خَلَقَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلى يَوْمِ أَفْنَاهَا، قالَ رَبُّهُمْ: لَقَدْ قَصَّرْتُمْ في أَمَانِيِّكُمْ وَرَضِيتُمْ بِدُونِ مَا يَحِقُّ لَكُمْ، فَقَدْ أَوْجَبْتُ لَكُمْ مَا سأَلْتُمْ وَتَمَنَّيْتُمْ وَزِدْتُكُمْ عَلَى مَا قَصُرَتْ عَنْهُ أَمَانِيِّكُم، فانْظُرُوا إِلى مَوَاهِبِ رَبِّكُمُ الَّذِي وَهَبَ لَكُمْ، فَإِذَا بِقِبَابٍ في الرَّفِيعِ الأَعْلَى، ¬
وَغُرَفٍ مَبْنِيَّةٍ مِنَ الدُّرِّ وَالْمَرْجَانِ أَبْوَابُهَا مِنْ ذَهَبٍ وَسُرُرُهَا مِنْ يَاقُوتٍ وَفُرُشُهَا مِنْ سُنْدِسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ، وَمَنَابِرُهَا مِنْ نُورٍ يَثُورُ (¬1) مِنْ أَبْوَابِهَا وَأَعْرَاضِهَا نُورٌ كَشُعَاعِ الشَّمْسِ مِثْلَ الْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ في النَّهَارِ الْمُضِيءِ، وَإِذَا قُصُورٌ شَامِخَةٌ في أَعْلَى عِلِّيِّينَ مِنَ الْيَاقُوتِ يَزْهَرُ نُورُهَا، فَلَوْلاَ أَنَّهُ سُخِّرَ لالْتَمَعَ الأَبْصَارَ فَمَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الْقُصُورِ مِنَ الْيَاقُوتِ الأَبْيَضِ، فَهُوَ مَفْرُوشٌ بِالْحَرِيرِ الأَبْيَضِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الْيَاقُوتِ الأَحْمَرِ، فَهُوَ مَفْرُوشٌ بِالْعَبْقَرِيِّ الأَحْمَرِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الْيَاقُوتِ الأَخْضَرِ فَهُوَ مَفْرُوشٌ بالسُّنْدُسِ الأَخْضَرِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الْيَاقُوتِ الأَصْفَرِ فَهُوَ مَفْرُوشٌ بالأُرْجُوَانِ الأَصْفَرِ مُمَوَّهٌ (¬2) بِالزُّمُرُّدِ الأَخْضَرِ وَالذَّهَبِ الأَحْمَرِ وَالْفِضَّةِ الْبَيْضَاءِ، قَوَاعِدُهَا وَأَرْكَانُهَا مِنَ الْيَاقُوتِ وَشُرُفُهَا (¬3) قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ وَبُرُوجُهَا (¬4) غُرَفُ الْمَرْجَانِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا إِلى مَا أَعْطَاهُمْ رَبُّهُمْ قُرِّبَتْ لَهُمْ بَرَاذِينُ (¬5) مِنَ الْيَاقُوتِ الأَبْيَضِ مَنْفُوخٌ فِيهَا الرُّوحُ يَجْنُبُهَا (¬6) الْوِلْدَانُ الْمُخَلَّدُونَ، وَبِيَدِ كُلِّ وَلِيدٍ مِنْهُمْ حَكَمَةُ بِرْذَوْنٍ، وَلُجُمُهَا وأَعِنَّتُهَا مِنْ فِضَّةٍ بَيْضَاءَ مُتَطُوَّقَةً (¬7) بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَسُرُجُهَا سُرُرٌ مَوْضُونَةٌ مَفْرُوشَةٌ بِالسُّنْدِسِ وَالإِسْتَبْرَقِ فانْطَلَقَتْ بِهِمْ تِلْكَ الْبَرَاذِينُ تَزُفُّ (¬8) بِهِمْ وَتَنْظُرُ رِيَاضَ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلى مَنَازِلِهِمْ وَجَدُوا فِيهَا جَمِيعَ مَا تَطَوَّلَ (¬9) بِهِ رَبُّهُمْ عَلَيْهِمْ مِمَّا سَأَلُوهُ وَتَمَنَّوْا، وَإِذَا عَلَى بَابِ كُلِّ قَصْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُصُورِ أَرْبَعُ (¬10) جِنَانٍ جَنَّتَانِ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ وَجَنَّتَانِ مُدْهَامَّتَانِ (¬11) وَفِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (¬12) وَفِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (¬13)، وَحُورٌ مَقْصُوراتٌ (¬14) في الْخِيَامِ، فَلَمَّا تَبَوَّؤُوا مَنَازِلَهُمْ واسْتَقَرَّ بِهِمْ قَرَارُهُمْ قالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ: ¬
هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقّاً؟ قالُوا: نَعَمْ رَضِينَا فارْضَ عَنَّا؟ قالَ: بِرِضَايَ عَنْكُمْ حَلَلْتُمْ دَارِي (¬1) وَنَظْرْتُمْ إِلى وَجْهِي وَصَافَحَتْكُمْ مَلائِكَتِي فَهَنِيئاً هَنِيئاً عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ لَيْسَ فِيهِ تَنْغِيصٌ وَلا تَصْرِيدٌ، فَعِنَدَ ذَلِكَ [قالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ (¬2) وَأَحَلَّنَا دَارَ (¬3) الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ (¬4) لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ (¬5) وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (¬6) إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ (¬7) شَكُورٌ (¬8)]. رواه ابن أبي الدنيا وأبو نعيم هكذا معضلا، ورفعه منكر، والله أعلم. [الرياط] بالياء المثناة تحت: جمع ريطة، وهي كل ملاءة تكون نسجاً واحداً ليس لها لفقين، وقيل: ثوب لين رقيق حكاه ابن السكيت، والظاهر أنه المراد في هذا الحديث. [والألنجوج] بفتح الهمزة واللام وإسكان النون وجيمين الأولى مضمومة: هو عود البخور [تتأججان] تتلهبان وزنه ومعناه. [زحلت] بزاي وحاء مهملة مفتوحتين معناه تنحت لهم عن الطريق. [أنصبتم]: أي أتعبتم، والنصب: التعب. [وأعنيتم]: هو من قوله تعالى: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ: أي خضعت وذلت. [والْحَكَمة] بفتح الحاء والكاف: هي ما تقاد به الدابة كاللجام ونحوه. [المجذوذ] بجيم وذالين معجمتين: هو المقطوع. [والتصريد]: التقليل كأنه قال: عطاء ليس بمقطوع ولا منغص ولا متملل. 124 - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لاَ يَتَغَوَّطُونَ ¬
فصل في نظر أهل الجنة إلى ربهم تبارك وتعالى
وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يُمْنُونَ (¬1) إِنَّمَا نَعِيمُهُمْ الَّذِي هُمْ فِيهِ مِسْكٌ يَتَحَدَّرُ مِنْ (¬2) جُلُودِهِمْ كَالْجُمَانِ (¬3) وَعَلَى أَبُوَابِهِمْ كُثْبَانٌ (¬4) مِنْ مِسْكٍ يَزُورُونَ (¬5) اللهَ جَلَّ وَعَلا في الْجُمُعَةِ مَرَّتَيْنِ فَيَجْلِسُونَ عَلَى كَرَاسِيَّ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةٍ بِاللُّؤلُؤِ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ يَنْظُرُونَ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا قامُوا انْقَلَبَ (¬6) أَحَدُهُمْ إِلى الْغُرْفَةِ مِنْ غُرْفَةٍ لَهَا سَبْعُونَ بَاباً مُكَلَّلَةً (¬7) بِالْيَاقُوتِ والزَّبَرْجَدِ. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً. [الجمان] الدّر. فصل في نظر أهل الجنة إلى ربهم تبارك وتعالى 125 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ نَاساً قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: هَلْ تُضَارُونَ (¬8) في رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ قالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللهِ قالَ: هَلْ تُضَارُونَ في الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا (¬9) سَحَابٌ؟ قالُوا لا، قال: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَا. فذكر الحديث بطوله رواه البخاري ومسلم. 126 - وَعَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: تُرِيدُونَ شَيْئاً أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّض وُجُوهَنَا، أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قالَ: فَيُكْشَفُ الْحِجَابُ فَمَا أُعْطُوا شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلى رَبِّهِمْ ثُمَّ تَلا هذِهِ الآيَةَ [لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى (¬10) وَزِيَادَةٌ]. رواه مسلم والترمذي والنسائي. ¬
127 - وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ في الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ (¬1) عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً، في كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمْ الْمُؤْمِنُ، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ (¬2) عَلَى وَجْهِهِ في جَنَّاتِ عَدْنٍ. رواه البخاري واللفظ له ومسلم والترمذي. رؤية أهل الجنة ربهم عز وجل 128 - وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ في مَجْلِسٍ لَهُمْ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَرَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ فَإِذَا الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ (¬3) فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ سَلُونِي (¬4) فَقَالُوا: نَسْأَلُكَ الرِّضَا عَنَّا. قالَ: رِضَائِي أُحِلُّكُمْ دَارِي (¬5)، وَأَنَا لَكُمْ كَرَامَتِي (¬6) وَهذَا أَوَانُهَا فَسَلُونِي، قالُوا: نَسْأَلُكَ الزِّيَادَةَ، قالَ: فَيُؤْتَوْنَ بِنَجَائِبَ (¬7) مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ أَزِمَّتُهَا مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ وَيَاقُوتٍ أَحْمَرَ فَيُحْمَلُونَ عَلَيْهَا تَضَعُ حَوَافِرَهَا عِنْدَ مُنْتَهَى طَرفَيْهَا فَيَأْمُرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَشْجَارٍ عَلَيْهَا الثِّمَارُ، فَتَجِيءُ جَوَارٍ (¬8) مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَهُنَّ يَقُلْنَ نَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلا نَبْأَسُ (¬9)، وَنَحْنُ الْخَالِدَاتُ (¬10) فَلا نَمُوتُ، أَزْوَاجُ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ كِرَامٍ، وَيَأْمُرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكُثْبَانٍ مِنْ مِسْكٍ أَبْيَضَ أَذْفَرَ (¬11) فَيَنْثُرُ (¬12) عَلَيْهِمْ رِيحاً ¬
يُقَالُ لَهَا: الْمُثِيرَةُ (¬1) حَتَّى تَنْتَهِيَ بِهِمْ إِلى جَنَّةِ عَدْنٍ وَهِيَ قَصَبَةُ الْجَنَّةِ (¬2) فَتَقُولُ الْملائِكَةُ: يَا رَبَّنَا قَدْ جَاءَ الْقَوْمُ، فَيَقُولُ: مَرْحَباً (¬3) بِالصَّادِقِينَ، مَرْحَبَاً بِالطَّائِعِينَ. قالَ: فَيَكْشِفُ لَهُمْ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إِلى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَيَتَمَتَّعُونَ بِنُورِ الرَّحْمَنِ حَتَّى لا يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، ثُمَّ يَقُولُ: أَرْجِعُوهُمْ إِلى الْقُصُورِ بِالتُّحَفِ فَيَرْجِعُونَ وَقَدْ أَبْصَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ (¬4) رِحِيمٍ. رواه أبو نعيم والبيهقي واللفظ له وقال: قد مضى في هذا الكتاب يعني في كتاب البعث، وفي كتاب الرؤية ما يؤكد ما روي في هذا الخبر انتهى. وهو عند ابن ماجة وابن أبي الدنيا مختصر قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ في نَعِيمِهِمْ إِذَا سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ فَرَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ، فَإِذَا الرَّبُّ جَلَّ جَلالُهُ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَلامٌ قَوْلاً (¬5) مِنْ رَبِّ رَحِيمٍ فَلا يَلْتَفِتُونَ إِلى شَيْءٍ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ مَا دَامُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى يَحْتَجِبَ (¬6) عَنْهُمْ وَتَبْقَى فِيهِمْ بَرَكَتُهُ وَنُورُهُ. هذا لفظ ابن ماجة والآخر بنحوه. نظر أهل الجنة إلى ربهم عز وجل 129 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَفي يَدِهِ مِرْآةٌ بَيْضَاءُ فِيهَا نُكْتَةٌ (¬7) سَوْدَاءُ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ ¬
يَا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذِهِ الْجُمُعَةُ يَعْرِضُهَا عَلَيْكَ رَبُّكَ لِتَكُونَ لَكَ عِيداً وَلِقَوْمِكَ مِنْ بَعْدِكَ تَكُونُ أَنْتَ الأَوَّلَ، وَتَكُونُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مِنْ بَعْدِكَ قالَ: مَا لَنَا فِيهَا؟ قالَ: فِيهَا خَيْرٌ لَكُمْ فِيهَا سَاعَةٌ مَنْ دَعَا رَبَّهُ فِيهَا بِخَيْرٍ هُوَ لَهُ قُسِمَ إِلاَّ أَعْطَاهُ (¬1) إِيَّاهُ أَوْ لَيْسَ لَهُ يُقْسَمُ إِلاَّ ادّخَرَ لَهُ (¬2) مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ، أَوْ تَعَوَّذَ فِيهَا (¬3) مِنْ شَرٍّ هُوَ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ (¬4) إِلاَّ أَعَاذَهُ، أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ إِلاَّ أَعَاذَهُ (¬5) مِنْ أَعْظَمَ مِنْهُ، قُلْتُ: مَا هَذِهِ النُّكْتَةُ السَّوْدَاءُ فِيهَا؟ قالَ: هذِهِ السَّاعَةُ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ وَهُوَ سَيِّدُ الأَيَّامِ (¬6) عِنْدَنَا، وَنَحْنُ نَدْعُوهُ في الآخِرَةِ يَوْمَ الْمَزِيدِ. قالَ: قُلْتُ لِمَ تَدْعُونَهُ يَوْمَ الْمَزِيدِ؟ قالَ: إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ اتخذَ في الْجَنَّةِ وَادِياً أَفْيَحَ مِنْ مِسْكٍ أَبْيضَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ نَزَلَ (¬7) تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ عِلِّيِّينَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، ثُمَّ حَفَّ الْكُرْسِيَّ بِمَنَابِرَ مِنْ نُورٍ وَجَاءَ النَّبِيُّونَ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ حَفَّ (¬8) الْمَنَابِرَ بِكَرَاسِيَّ مِنْ ذَهَبٍ، ثُمَّ جَاءَ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ يَجِيءُ أَهْلُ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَى الْكَثِيبِ (¬9) فَيَتَجَلَّى لَهُمْ رَبُّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالى حَتَّى يَنْظُرُوا إِلى وَجْهِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا الَّذِي صَدَقْتُكُمْ وَعْدِي وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي هذَا مَحَلُّ كَرَامَتِي فَسَلُونِي فَيَسْأَلُونَهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ رَغْبَتُهُمْ فَيَفْتَحُ لَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ إِلى مِقْدَارِ مُنْصَرَفِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ يَصْعَدُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعالى عَلى كُرْسِيِّهِ فَيَصْعَدُ مَعهُ الشُّهَدَاءُ والصِّدِّيقُونَ، أَحْسِبُه قال: وَيَرْجِعُ أَهْلُ الْغُرَفِ إلى غُرَفِهِمْ دُرَّةٌ بَيْضَاءُ لا فَصْمَ فِيهَا وَلاَ وَصْمَ أَوْ يَاقُوتَةٌ ¬
حَمْرَاءُ أَوْ زَبَرْجَدَةٌ خَضْرَاءُ مِنْهَا غُرَفُهَا وَأَبْوَابُهَا مُطَّرِدَةٌ فِيهَا أَنهَارُهَا، مُتَدَلِّيَةٌ فِيهَا ثِمَارُهَا فِيهَا أَزْوَاجُهَا وَخَدَمُهَا فَلَيْسُوا إلى شَيْءٍ أَحَوَجَ مِنْهُمْ إِلى يَوْمِ الْجُمُعَةِ. لِيَزْدَادُوا فِيهِ كَرَامَةً، وَلِيَزْدَادُوا فِيهِ نَظَراً إِلى وَجْهِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلِذَلِكَ دُعِيَ يَوْمَ الْمَزِيدِ. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الأوسط بإسنادين أحدهما جيد قوي، وأبو يعلى مختصراً ورواته رواة الصحيح، والبزار واللفظ له. [الفصم] بالفاء: هو كسر الشيء من غير أن تفصله. [والوصم] بالواو: الصدع والعيب. 130 - وَرُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَتَانِي جَبْرِيلُ فَإِذَا في كَفِّهِ مِرْآةٌ كَأَصْفَى الْمَرَايَا وَأَحْسَنِهَا، وَإِذَا في وَسَطِهَا نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ قالَ: قَلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هذِهِ؟ قالَ: هَذِهِ الدُّنْيَا صَفَاؤُهَا وَحُسْنُهَا. قالَ: قُلْتُ: وَمَا هذِهِ اللُّمْعَةُ السَّوْدَاءُ في وَسَطِهَا؟ قالَ: هذِهِ الْجُمُعَةُ، قالَ: قُلْتُ: وَمَا الْجُمُعَةُ؟ قال: يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ رَبِّكَ عَظِيمٌ، وَسَأُخْبِرُكَ بِشَرَفِهِ وَفَضْلِهِ واسْمِهِ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ: أَمَّا شَرَفَهُ وَفَضْلُهُ واسْمُهُ في الدُّنْيَا فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَمَعَ فِيهِ أَمْرَ الْخَلْق، وَأَمَّا مَا يُرْجَى فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ سَاعَةً لاَ يُوافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَوْ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ يَسْأَلانِ اللهَ فيهَا خَيْراً إِلاَّ أَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَمَّا شَرَفُهُ وَفَضْلُهُ واسْمُهُ في الآخِرَةِ فَإِنَّ اللهَ تعَالى إِذَا صَيَّرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ، إِلى الْجَنَّةِ، وَأَدْخَلَ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ، وَجَرَتْ عَلَيْهِمْ أَيَّامُهَا وَسَاعَاتُهَا لَيْسَ بِهَا لَيْلٌ وَلا نَهَارٌ إِلاَّ قَدْ عَلِمَ اللهُ مِقْدَارَ ذَلِكَ وَسَاعَاتِه، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ في الْحِينِ الَّذِي يُبْرُزُ أَوْ يَخْرُجُ فِيهِ أَهْلُ الْجُمُعَةِ إِلى جُمُعَتِهِمْ نَادَى مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ اخْرُجُوا إِلى دَارِ الْمَزِيدِ، لاَ يَعْلَمُ سَعَتَهَا وَعَرْضَهَا وَطُولَهَا إِلاَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَخْرُجُونَ في كُثْبَانٍ مِنَ الْمِسْكِ. قالَ حُذَيْفَةُ: وَإِنَّهُ لَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنْ دَقِيقِكُمْ هذَا. قالَ فَيَخْرُجُ غِلْمَانُ الأَنْبِياءِ بِمَنابِرَ مِنْ نُورٍ، وَيَخْرُجُ غِلْمَانُ الْمُؤْمِنِينَ بِكَرَاسِيَّ مِنْ يَاقُوتٍ. قالَ: فَإِذَا وُضِعَتْ لَهُمْ وَأَخَذَ الْقَوْمُ مَجَالِسَهُمْ بَعَثَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ رِيحاً تُدْعَى الْمُثِيرَةَ تُثِيرُ عَلَيْهِمْ أَثَابِيرَ الْمِسْكِ الأَبْيَضِ فَتُدْخِلُهُ مِنْ تَحْتِ ثِيَابِهِمْ، وَتُخْرِجُهُ
في وُجُوهِهِمْ وَأَشْعَارِهِمْ فَتِلْكَ الرِّيحُ أَعْلَمُ كَيْفَ تَصْنَعُ بِذَلِكَ الْمِسْكِ مِن امْرَأَةِ أَحَدِكُمْ لَوْ دَفَعَ إِلَيْهَا كُلَّ طَيِّبٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ لَكَانَتْ تِلْكَ الرِّيحُ أَعْلَمَ كَيْفَ تَصْنَعُ بِذَلِكَ الْمِسْكِ مِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ لَوْ دُفِعَ إِلَيْهَا ذَلِكَ الطِّيبُ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. قالَ: ثُمَّ يُوحِي اللهُ سُبْحَانَهُ إِلى حَمَلَةِ الْعَرْشِ فَيُوضَعُ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْجَنَّةِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُمُ الْحُجُبُ فَيَكُونُ أَوَّلُ مَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ: أَيْنَ عِبَادِي الَّذينَ أَطَاعُونِي بالْغَيْبِ وَلَمْ يَرَوْنِي، وَصَدَّقُوا رُسُلِي واتَّبَعُوا أَمْرِي فَسَلُونِي فهذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ. قالَ: فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ: رَبِّ رَضِينَا عَنْكَ فارْضَ عَنَّا. قالَ: فَيَرْجِعُ اللهُ تَعَالَى في قَوْلِهِمْ أَنْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنِّي لَوْ لَمْ أَرض عَنْكُمْ لَمَا أَسْكَنْتُكُمْ جَنَّتِي فَسَلُونِي فهذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ. قالَ: فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ رَبِّ وَجْهَكَ أَرِنَا نَنَظُرُ إِلَيْهِ. قالَ: فَيَكْشِفُ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى تِلْكَ الْحُجُبَ، وَيَتَجَلَّى لَهُمْ فَيَغْشَاهُمْ (¬1) مِنْ نُورِهِ شَيءٌ لَوْلا أَنَّهُ قَضَى عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَحْتَرِقُوا لاحْتَرَقُوا مِمَّا غَشِيَهُمْ مِنْ نُورِهِ. قالَ: ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: ارْجِعُوا إِلى مَنَازِلِكُمْ. قالَ فَيَرْجِعُونَ إِلى مَنَازِلِهِمْ وَقَدْ خَفُوا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ وَخَفِينَ عَلَيْهِمْ مِمَّا غَشِيَهُمْ مِنْ نُورِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَإِذَا صَارُوا إِلى مَنَازِلِهِمْ ترَادّ النُّورُ وَأَمْكَنَ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلى صُوَرِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا. قالَ: فَتَقُولُ لَهُمْ أَزْوَاجُهُمْ: لَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِنَا عَلَى صُورَةٍ، وَرَجَعْتُمْ عَلَى غَيْرِهَا؟ قالَ: فَيَقُولُونَ: ذلِكَ بأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعالَى تَجَلَّى لَنَا فَنَظَرْنَا مِنْهُ إِلى مَا خَفِينَا بِهِ عَلَيْكُمْ. قالَ: فَلَهُمْ في كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ الضِّعْفُ عَلَى مَا كَانُوا. قالَ: وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: [فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ]. رواه البزار. ما لأدنى أهل الجنة وما لأكرمهم عند الله تعالى 131 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَدْنَى (¬2) أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمنْ يَنْظُرُ إِلى جِنَانِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَنَعِيمِهِ وَخَدَمِهِ وَسُرُرِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، وأَكْرَمَهُمْ عَلَى اللهِ مَنْ يَنْظُرُ إِلى وَجْهِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً (¬3)، ثُمَّ قَرَأ ¬
فصل في أن أعلى ما يخطر على البال أو يجوزه العقل من حسن الصفات المتقدمة فالجنة وأهلها فوق ذلك
رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (¬1) إِلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (¬2)]. رواه أحمد والترمذي وتقدم، ورواه ابن أبي الدنيا مختصراً إلا أنه قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ أَفْضَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً مَنْ يَنْظُرُ إِلى وَجْهِ اللهِ تَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ. 132 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ في يَدَيْكَ، فَيقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لا نَرْضَى يَا رَبَّنا وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ فَيَقُولُ أَلاَ أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: وَأَيُّ شَيءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبداً. رواه البخاري ومسلم والترمذي. فصل في أن أعلى ما يخطر على البال أو يجوزه العقل من حسن الصفات المتقدمة فالجنة وأهلها فوق ذلك 133 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، واقْرَؤوا إِنْ شِئْتُمْ: [فلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ]. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. ¬
134 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدِ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَجْلِساً وَصَفَ فِيهِ الْجَنَّةَ حَتَّى انْتَهَى، ثُمَّ قالَ في آخِرِ حَدِيثِهِ: فِيهَا مَا لا عَيْنٌ رأَتْ ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ثُمَّ قَرَأَ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ: [تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ. فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ]. رواه مسلم. 135 - وَعَنْ دَاوُدَ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَوْ أَنَّ مَا يُقِلُّ (¬1) ظُفْرٌ مِمَّا في الْجَنَّةِ بَدَا لَتَزَخْرَفَ لَهُ مَا بَيْنَ خَوَافِقِ (¬2) السَّمَواتِ والأرْضِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَ (¬3) فَبَدَا (¬4) سِوَارُهُ لَطَمَسَ (¬5) ضَوْءَ الشَّمْسِ كَمَا تَطْمِسُ الشَّمْسُ ضَوْءَ النُّجُومِ. رواه ابن أبي الدنيا والترمذي وقال: حديث حسن غريب. 136 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَمَّا خَلَقَ اللهُ جَنَّةَ عَدْنٍ (¬6) خَلَقَ فِيهَا مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ثُمَّ قالَ: لَهَا: تَكَلَّمِي فَقَالَتْ: قَدْ أفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. 137 - وفي رواية: خَلَقَ اللهُ جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِهِ، وَدَلَّى (¬7) فِيهَا ثِمَارَهَا، وَشَقَّ فِيهَا أَنْهَارَهَا، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي فَقَالَتْ: [قَدْ أَفْلَحَ (¬8) الْمُؤْمِنُونَ] فَقَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لا يُجَاوِرُنِي فِيكِ بَخِيلٌ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسنادين أحدهما جيد، ورواه ابن أبي الدنيا من حديث أنس بنحوه وتقدم لفظه. ¬
138 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: في الْجَنَّةِ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. رواه الطبراني والبزار بإسناد صحيح. موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها 139 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قِيدُ (¬1) سَوْطِ أَحَدِكُمْ في الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا، وَلَنَصِيفُ امْرَأَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا، قُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا النَّصِيفُ؟ قالَ: الْخِمَارُ (¬2). رواه أحمد بإسناد جيد، والبخاري ولفظه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: لَقَابُ قَوْسٍ في الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وقالَ: لَغُدْوَةٌ (¬3) أَوْ رَوْحَةٌ (¬4) في سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبُ. ورواه الترمذي وصححه، ولفظه: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: وَمَوْضِعُ سَوْطٍ في الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وَمَا فِيهَا واقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: [فَمَنْ زُحْزِحَ (¬5) عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ (¬6) وَمَا الْحَيَاةُ الْدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ]. رواه الطبراني في الأوسط مختصراً بإسناد رواته رواة الصحيح، ولفظه: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَمَوْضِعُ سَوْطٍ في الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ. وابن حبان في صحيحه، ولفظه قال: غُدْوَةٌ في سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ أَوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً اطَّلَعَتْ (¬7) إِلى الأَرْضِ ¬
فصل في خلود أهل الجنة فيها وأهل النار فيها وما جاء في ذبح الموت
مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحاً، ولَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. 140 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: غُدْوَةٌ في سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ أَوْ مَوْضِعُ قِدِّهِ في الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحاً (¬1) وَلنصِيفُهَا يَعْنِي خِمَارَهَا خيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. رواه البخاري ومسلم والترمذي وصححه واللفظ له. [القاب] هنا قيل هو القدر، وقيل: من مقبض القوس إلى سيته، ولكل قوس قوبان. [والقِدّ] بكسر القاف وتشديد الدال: هو السوط، ومعنى الحديث ولقدر قوس أحدكم أو قدر الموضع الذي يوضع فيه سوطه خير من الدنيا وما فيها. وقد رواه البزار مختصراً بإسناد حسن قال: مَوْضِعُ سَوْطٍ في الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. 141 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: لَيْسَ في الْجَنَّةِ شَيْءٌ مِمَّا في الْدُّنْيَا (¬2) إِلاَّ الأَسْمَاءُ. رواه البيهقي موقوفاً بإسناد جيد. فصل في خلود أهل الجنة فيها وأهل النار فيها وما جاء في ذبح الموت 142 - عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بَعَثَهُ إِلى الْيَمَنِ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمْ قالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إِلَيْكُمْ يُخْبِرُكُمْ أَنَّ الْمَرَدَّ (¬3) إِلى اللهِ إِلى جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ خُلُودٌ (¬4) بِلا مَوْتٍ، وَإِقامَةٌ ¬
بِلا ظَعْنٍ (¬1). رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد إلا أن فيه انقطاعاً. وتقدم حديث أبي هريرة في بناء الجنة، وفيه: مَنْ يَدْخُلُهَا يَنْعَمُ (¬2) وَلا يَيْأَسُ، وَيَخْلُدُ لاَ يَمُوتُ، لا تَبْلَى ثِيَابُهُ، وَلاَ يَفْنَى شَبَابُهُ وَحديث ابن عمر أيضاً بمثله. 143 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يُنَادِي مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلا تَسْقَمُوا أَبداً، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلا تَمُوتُوا أَبَداً، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا (¬3) فلا تَهْرَمُوا (¬4) أَبَداً وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا (¬5) فَلا تَبْأَسُوا (¬6) أَبداً، وذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: [وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةَ أُورِثْتُمُوهَا (¬7) بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ]. رواه مسلم والترمذي. ¬
144 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ ¬
عليه وسلم: يُؤْتَى بِالْمَوْتِ (¬1) كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ (¬2) فَيُنَادِي بِهِ مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هذَا الْمَوْتُ وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رآهُ فَيُذْبَحُ بَيْنَ الْجَنَّةِ والنَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ (¬3) فلا مَوْت، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلا مَوْت، ثُمَّ قَرأَ: [وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إذْ قُضِيَ الأَمْرُ (¬4) وَهُمْ في غَفْلَةٍ (¬5) وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ] وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى الدُّنْيا. رواه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي، ولفظه قال: إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُتِيَ بِالْمَوْتِ كَالْكَبْشِ الأَمْلَحِ فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ والنَّارِ ¬
فَيُذْبَحُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ، فَلَوْ أَنَّ أَحَداً مَاتَ فَرَحاً (¬1) لَمَاتَ أَهْلُ الْجَنَّةِ. ولَوْ أَنَّ أَحَداً مَاتَ حُزْناً لَمَاتَ أَهْلُ النَّارِ. [يشرئبون] بشين معجمة ساكنة ثم راء ثم همزة مكسورة ثم باء موحدة مشددة: أي يمدون أعناقهم لنظروا. 145 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ عَلَى الصِّرَاطِ فَيُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَطَّلِعُونَ خَائِفِينَ وَجِلِينَ (¬2) أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمْ الَّذِي هُمْ فِيهِ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَطَّلِعُونَ (¬3) مُسْتَبْشِرِينَ فَرِحِينَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمْ الّذِي هُمْ فِيهِ، فَيُقالُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا؟ قالُوا نَعَمْ هذَا الْمَوْتُ. قالَ: فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ عَلَى الصَّرَاطِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْفَرِيقَيْنِ كِلاهُمَا: خُلُودٌ فِيمَا يَجِدُونَ لاَ مَوْتَ فِيهَا أَبَداً. رواه ابن ماجة بإسناد جيد. 146 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ والنَّارِ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ! فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ (¬4) رَبَّنَا، قالَ فيُقَالُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ رَبَّنَا، هذَا الْمَوْتُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا، قالَ فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ رَبَّنَا، هذَا الْمَوْتُ فَيُذْبَحُ كما تُذْبَحُ الشَّاةُ (¬5) فَيَأْمَنُ هؤلاءِ وَيَنْقَطِعُ رَجَاءُ هَؤلاءِ. رواه أبو يعلى واللفظ له والطبراني والبزار وأسانيدهم صحاح. 147 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ¬
إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلى الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ إِلى النَّارِ جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لاَ مَوْتَ، يَا أَهْلَ النَّارِ لا مَوْتَ، فَيزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحاً إلى فَرَحِهِمْ، وَأَهْلُ النَّارِ حُزْناً إِلى حُزْنِهِمْ. 148 - وفي رواية أنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قال: يُدْخِلُ اللهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلَ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ (¬1) بَيْنَهُمْ، فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لا مَوْتَ ويَا أَهْلَ النَّارِ لا مَوْت، كُلٌّ خَالِدٌ (¬2) فِيمَا هُوَ فِيهِ. رواه البخاري ومسلم. خاتمة الكتاب أسأل الله الانتفاع بسنته صلى الله عليه وسلم [ولنختم] الكتاب بما ختم به البخاري رحمه الله كتابه، وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: كَلِمَتَانِ (¬3) حَبِيبَتَانِ (¬4) إِلى الرَّحْمَنِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ في الْمِيزَانِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ. [قال الحافظ] زكي الدين عبد العظيم مملي هذا الكتاب رضي الله عنه: وقد تم ما أرادنا الله به من هذا الإملاء المبارك، ونستغفر الله سبحانه مما زل به اللسان أو داخله ذهول أو غلب عليه نسيان، فإن كل مصنف مع التؤدة والتأني وإمعان النظر وطول الفكر قلّ ¬
أن ينفك عن شيء من ذلك فكيف بالمملى مع ضيق وقته وترادف همومه، واشتغال باله، وغربة وطنه، وغيبة كتبه، وقد اتفق إملاء عدة من الأبواب في أماكن كان الأليقَ بها أن تُذكر في غيرها، وسبب ذلك عدم استحضارها في تلك الأماكن ونذكرها في غيرها فأمليناه حسب ما اتفق، وقدمنا فهرست الأبواب أول الكتاب لأجل ذلك، وكذلك تقدم في هذا الإملاء أحاديث كثيرة جداً صحاح، وعلى شرط الشيخين أو أحدهما، وحسان لم ننبه على كثير من ذلك، بل قلت غالباً: إسناد جيد أو رواته ثقات أو رواة الصحيح أو نحو ذلك، وإنما منع من النص على ذلك تجويز وجود علة لم تحضرني مع الإملاء، وكذلك تقدم أحاديث كثيرة غريبة وشاذة متناً وإسناداً لم أتعرض لذكر غرابتها وشذوذها. والله أسأل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به إنه ذو الطول الواسع العظيم. [ولنشرع الآن فيما وعدنا به] من ذكر الرواة المختلف فيهم وما ذكره الأئمة فيهم من جرح وتعديل على سبيل الإيجاز والاختصار مرتباً على حروف المعجم: ص 521 - 2. ع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله. قد تمت المراجعة على النسخة المخطوطة العمارية في يوم الاثنين المبارك 8 من صفر الخير سنة 1356 هـ مصطفى محمد عمارة العبد الفقير إلى الله تعالى خادم الحديث النبوي وتمت مراجعة الطبعة الثانية في يوم الاثنين المبارك 10 جماد الآخرة سنة 1375 هـ وفقنا الله للعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبله سبحانه ووقانا عاريات الزمن، إنه بر رؤوف رحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
باب ذكر الرواة المختلف فيهم المشار إليهم في هذا الكتاب
باب ذكر الرواة المختلف فيهم المشار إليهم في هذا الكتاب: الألف أبان بن إسحق المدني: لين الحديث قال أبو الفتح الأزدي متروك وثقه أحمد والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات. إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري المدني: قال يحيى بن معين ليس بشيء وقال البخاري كثير الوهم ليس بالقوي واستشهد به في صحيحه وذكره ابن حبان في الثقات. إبراهيم بن رستم: قال ابن عدي منكر الحديث وقال أبو حاتم ليس بذاك محله الصدق وقال ابن معين ثقة. إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي: قال أحمد ضعيف وقال النسائي ليس بذاك القوي ولينه شعبة وأخرج له البخاري، وقال ابن عدي لم أر له حديثاً منكراً. إبراهيم بن مسلم الهجري: ضعفه ابن معين وقال أبو حاتم ليس بقوي ووثقه ابن حبان وابن خزيمة وأخرجا له في صحيحيهما غير ما حديث عن أبي الأحوص، وقال ابن عدي إنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبي الأحوص عن عبد الله وعامتها مستقيمة. إبراهيم بن هشام الغساني: وثقه الطبراني وذكره ابن حبان في الثقات وأخرج له في صحيحه غير ما حديث وكذبه أبو زرعة وغيره. إبراهيم بن يزيد الخوزي: بالخاء المعجمة والزاي منسوب إلى شعب الخوز بمكة واه وقد وثق، وقال البخاري سكتوا عنه وقال ابن عدي يكتب حديثه وحسن له الترمذي. أزهر بن سنان: قال ابن معين ليس بشيء وقال ابن عدي ليست أحاديثه بالمنكرة جداً أرجوا أنه لا بأس به. إسحق بن أسيد الخراساني: نزيل مصر قال أبو حاتم لا يشتغل به ومشاه غيره. إسحق بن محمد بن إسماعيل بن أبي فروة الفوري: صدوق، روى عنه البخاري في صحيحه وقال أبو حاتم وغيره صدوق وذكره ابن حبان في الثقات ووهاه أبو داود وقال النسائي ليس ثقة. إسماعيل بن رافع المدني: نزيل البصرة واه ومشاه بعضهم وقال الترمذي ضعفه بعض أهل العلم وسمعت محمداً - يعني البخاري يقول هو ثقة مقارب الحديث. إسماعيل بن عمرو البجلي الكوفي: ضعفه أبو حاتم والدارقطني وقال ابن عدي حدث بأحاديث لا يتابع عليها، وذكره ابن حبان في الثقات. إسماعيل بن عياش الحمصي: عالم أهل الشام قال النسائي ضعيف وقال ابن حبان كثير الخطأ في حديثه فخرج عن حد الاحتجاج به وقال علي بن المديني إسماعيل عندي ضعيف وقال ابن خزيمة لا يحتج به وقال أبو داود سمعت ابن معين يقول إسماعيل بن عياش ثقة، وكذا روى عباس عن ابن معين أيضاً وقال دحيم هو في الشاميين غاية وخلط عن المدنيين وقال الفسوي تكلم قوم في إسماعيل وهو ثقة عدل أعلم الناس بحديث الشاميين أكثر ما تكلموا فيه قالوا يغرب عن نقات الحجازيين وقال البخاري إذا حدث عن أهل بلده فصحيح، وإذا حدث عن غيرهم ففيه نظر وقال أبو حاتم لين. أصبغ بن يزيد الجهني مولاهم الواسطي: صدوق ضعفه ابن سعد وقال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به وقال النسائي لا بأس به ووثقه ابن معين والدارقطني.
أيوب بن عتبة أبو يحيى قاضي اليمامة
أيوب بن عتبة أبو يحيى قاضي اليمامة: قال ابن معين ليس بالقوي. وقال البخاري: هو عندهم لين، وقال العجلي وابن عدي يكتب حديثه. وقال النسائي: مضطرب الحديث وقال أبو حاتم أما كتبه عن يحيى بن ابي كثير فصحيحة، ولكنه يحدث من حفظه فيغلط. الباء بشار بن الحكم: ضعفه ابن حبان وغيره وقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس به. بشر بن رافع أبو الأسباط البحراني: ضعفه أحمد وغيره وقواه ابن معين وغيره. وقال ابن عدي: لا بأس بأخباره لم أر له حديثاً منكراً. بقية بن الوليد: أحد الأعلام ثقة عند الجمهور لكنه مدلس. قال النسائي: وغيره إذا قال حدثنا أو أبرنا فهو ثقة وقال أحمد هو أحب إلي من إسماعيل بن عياش، وروى له مسلم في صحيحه شاهداً حديث "من دعي إلى عرس أو نحوه فليجب" لم يرو له غيره وفيه كلام كثير يرجع إلى ما ذكرناه. بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة: قال ابن معين ليس بشيء، وقال ابن عدي هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم أرجو أنه لا بأس به. بكير بن خنيس الكوفي العابد: واه ووثقه ابن معين في رواية. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. بكر بن معروف الخراساني: وهاه ابن المبارك وقد وثق. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به ليس حديثه بالمنكر جداً. التاء تمام بن نجيح عن الحسن: قال ابن عدي وغيره هو غير ثقة. وقال البخاري: فيه نظر وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث، ووثقه يحيى بن معين. الثاء ثابت بن محمد الكوفي: العابد صدوق احتج به البخاري وغيره وفيه مقال. الجيم جابر بن يزيد الجعفي الكوفي: عالم الشيعة ترك يحيى القطان حديثه، وقال النسائي وغيره متروك ووثقه شعبة وسفيان الثوري، وقال وكيع: ما شككتم في شيء فلا تشكوا أن جابراً الجعفي ثقة. جميع بن عمير التيمي تيم الله بن ثعلبة الكوفي: كذبه ابن نمير. وقال ابن حبان: رافضي يضع الحديث ووثقه أبو حاتم وحسن له الترمذي. جنادة بن سلم: ضعفه أبو زرعة ووثقه ابن خزيمة وابن حبان وأخرجا حديثه في صحيحيهما. الحاء الحارث بن عبد الله الهمداني الأعور: من كبار علماء التابعين كذبه الشعبي وابن المديني.
الحارث بن عمير البصري
وقال أيوب كان ابن سيرين يرى أن عامة ما يروي عن علي رضي الله عنه باطل، وقال منصور عن إبراهيم: إن الحارث اتهم واختلف فيه عن ابن معين فقال: مرة ضعيف وقال مرة: ليس به بأس، وقال مرة ثقة، وقال النسائي: ليس به بأس واحتج به وقوى أمره، وروي عنه ليس بالقوي، واختلف فيه رأي ابن حبان فقال: كان الحارث غالياً في التشيع وهياً في الحديث، وأخرج له في صحيحه حديثه عن ابن مسعود في الربا، وقال أبو بكر بن أبي داود: كان الحارث الأعور من أفقه الناس وأفرض الناس وأحسب الناس. الحارث بن عمير البصري: نزيل مكة وثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي، وكان عماد بن زيد يثني عليه، وقال ابن حبان: روى عن الأثبات الأشياء الموضوعات، وقال الحاكم يروي عن حميد وجعفر الصادق أحاديث موضوعة. حجاج بن أرطاة: أحد الأعلام، قال الدارقطني وغيره لا يحتج به، وقال النسائي ليس بالقوي، وقال ابن معين ليس بالقوي وهو صدوق يدلس وقال يحيى القطان وهو وابن إسحق عندي سواء وقال أبو حاتم إذا قال حدثنا فهو صالح لا يرتاب في صدقه وحفظه. وقال الثوري: ما بقي أحد أعلم بما يخرج من رأسه منه، وقال حماد بن زيد كان أحمد عندنا لحديثه من سفيان. وقال أحمد كان من الحفاظ، وروى له مسلم في صحيحه مقروناً بآخر، وقال شعبة اكتبوا عن الحجاج بن أرطاة وابن إسحق فإنهما حافظان. الحسن بن قتيبة الخزاعي: ضعيف، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. الحكم بن مصعب: صويلح الحديث لم يرو عنه غير الوليد بن مسلم فيما أعلم، وذكره ابن حبان في الثقات، وفي الضعفاء أيضاً وقال يخطئ. حكيم بن جبير: قال الدراقطني وغيره متروك، وقال النسائي ليس بالقوي ومشاه بعضهم وحسن أمره. حكيم بن نافع الرقي: قال أبو زرعة ليس بشيء ووثقه ابن معين وابن حبان وغيرهما. حمزة بن أبي محمد: قال أبو حاتم منكر الحديث مجهول ولينه أبو زرعة وغيره وحسن له الترمذي الخاء خالد بن طهمان: صدوق شيعي ضعفه ابن معين ووثقه أبو حاتم وحسن له الترمذي. خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن مالك الدمشقي: قال النسائي: غير ثقة، وقال الدارقطين: ضعيف وقال دحيم صاحب فتيا وقال أحمد بن صالح وأبو زرعة الدمشقي ثقة. الخليل بن مرة الضبعي: ضعفه ابن معين، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم ليس بالقوي، وقال ابن عدي: ليس بمتروك، وقال أبو زرعة شيخ صالح. الدال المهملة دراج أبو السمح: ضعفه أبو حاتم والدارقطني وغيرهما، وقال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال النسائي: منكر الحديث، وقال مرة: ليس بالقوي ووثقه يحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهما وصحح حديثه عن الهيثم الترمذي، واحتج به ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وغيرهم.
الراء
الراء راشد بن داود الصنعاني الدمشقي: قال الدارقطني ضعيف لا يعتبر به، وقال البخاري: فيه نظر ووثقه دحيم وابن معين وغيرهما. رييح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري: قال البخاري: منكر الحديث. وقال أحمد: ليس بمعروف. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وقال أبو زرعة: شيخ، وقال محمد بن عبد الله بن عمار رييح ثقة. ربيعة بن كلثوم بن جبر البصري: ثقة فيه كلام قريب لا يضر. رجاء بن صبح السقطي: ضعفه ابن معين وألانه غيره ووثقه ابن حبان، وأخرج حديثه في صحيحه. رشدين بن سعد: قال ابن معين: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك وقال أبو زرعة ضعيف. وقال أحمد لا يبالي عمن روى، وليس به بأس في الرقائق وقال أيضاً أرجو أنه صالح الحديث وحسن له الترمذي. رواد بن الجراح العسقلاني: قال الدارقطني: متروك. وقال ابن معين: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الناس. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أحمد: لا بأس به صاحب سنة إلا أنه حدث عن سفيان بمناكير. وقال ابن معين: ثقة مأمون، وعنه لا بأس به وإنما غلط في حديثه عن سفيان يعني حديث "إذا صلت المرأة خمسها" وقال أبو حاتم: محله الصدق تغير حفظه. روح بن جناح: قال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال النسائي وغيره ليس بالقوي ووثقه دحيم. الزاي زبان بن فائد: ضعفه ابن معين وقال أحمد: أحاديثه مناكير ووثقه أبو حاتم وقال ابن يونس: كان على مظالم مصر وكان من أعدل ولاتهم. زمعة بن صالح: ضعفه أحمد وأبو داود ووثقه ابن معين وأخرج له مسلم مقروناً بآخر وأخرج له ابن خزيمة في صحيحه والحاكم حديثه عن سلمة بن وهرام. وقال ابن خزيمة في موضع من صحيحه: في القلب من زمعة شيء وسكت عنه في مواضع. زهير بن محمد التميمي المروزي: ثقة يغرب وثقه أحمد وابن معين واحتج له ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وقال النسائي: ليس بالقوي وضعفه ابن معين في رواية. وقال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حفظه سوء وحديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق. زياد بن عبد الله النميري: ضعفه ابن معين وغيره ووثقه ابن عدي وتناقض فيه قول ابن حبان فقال في الضعفاء: لا يجوز الاحتجاج به، وذكره في الثقات أيضاً وقال يخطئ. زيد بن الحواري العمي: أبو الحواري البصري قاضيها ضعفها النسائي وابن عدي. وقال الدارقطني: صالح وكذا قال ابن معين: مرة وقال مرة لا شيء. وقال أبو حاتم ضعيف يكتب حديثه. السين سعد بن سنان ويقال: سنان بن سعد عن أنس. قال النسائي: منكر الحديث، وقال
سعيد بن بشير
الجوزجاني: أحاديثه واهية، وقال الدارقطني: ضعيف، وروي عن أحمد توثيقه وحسن الترمذي حديثه واحتج به ابن خزيمة في صحيحه في غير ما موضع. سعيد بن بشير: صاحب قتادة قال أبو مسهر منكر الحديث، وقال ابن معين والنسائي ضعيف، وقال البخاري: يتكلمون في حفظه، وقال أبو حاتم: محله الصدق ووثقه دحيم وابن عيينة، وقال ابن عدي: لا أرى بما يرويه بأساً والغالب عليه الصدق. سعيد بن عبد الله بن جرنح البصري: ذكره ابن حبان في الثقات وصحح له الترمذي، وقال أبو حاتم مجهور. سعيد بن المرزبان أبو سعد البقال: قال الفلاس متروك الحديث، وقال البخاري منكر الحديث: وقال أبو زرعة: صدوق مدلس. سعيد بن يحيى اللخمي: ضعيف. سعدان الكوفي: صويلح. قال الدارقطني: ليس بذاك، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وقال ابن حبان ثقة مأمون: سعد بن يحيى أبو سفيان الحميري: ثقة مشهور ضعفه ابن سعد، وقال الدارقطني: ليس بالقوي. سلمة بن وردان: ضعف، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، عامة ما عنده عن أنس منكر، وقال معاوية بن صالح عن يحيى ليس حديثه بذاك وحسن الترمذي حديثه. سلمة بن وهرام: قال أبو داود: ضعيف، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، واحتج به ابن خزيمة والحاكم. سليمان بن موسى الأشدق: وثق وقال النسائي ليس بالقوي. وقال البخاري: عنده مناكير. سليمان بن يزيد أبو المثنى الكعبي: ضعف وحسن له الترمذي وصحح له الحاكم. سهل بن معاذ بن أنس: ضعف وحسن له الترمذي وصحح له أيضاً واحتج به ابن خزيمة والحاكم وغيرهما، وذكره ابن حبان في الثقات. سويد بن إبراهيم البصري العطار: ضعفه النسائي وغيره ووثقه ابن معين وغيره. سويد بن عبد العزيز الدمشقي: قاضي بعلبك قال ابن معين ليس حديثه بشيء. وقال أحمد: ضعيف وفي رواية متروك، وقال ابن حبان: وممن أستخير الله فيه لأنه يقرب من الثقات، وقال أبو حاتم لين، وقال الدارقطني: يعتبر به ووثقه دحيم. الشين شرحبيل بن سعد المدني: قال ابن معين: ضعيف، وروى بشر بن عمر عن مالك ليس بثقة وقال الدارقطني ضعيف يعتبر به واتهمه ابن أبي ذئب، وقال أبو زرعة: فيه لين، وقال ابن عدي في عامة ما يرويه إنكار، وقال ابن سعد لا يحتج به. وقال ابن عيينة: كان شرحبيل يفتي ولم يكن أحد أعلم بالمغازي منه وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له في صحيحه غير ما حديث. شريك بن عبد الله الكوفي القاضي: ضعفه يحيى القطان، وقال ابن معين هو شريك بن عبد الله بن سنان بن أنس النخعي كان جده قاتل الحسين وقال النسائي: لا بأس به. وقال ابن المبارك هو أعلم بحديث الكوفيين من الثوري ووثقه ابن معين وغيره. وقال معاوية بن صالح: سألت أحمد عن شريك فقال كان عاقلاً صدوقاً محدثاً. وأخرج له مسلم في المتابعات وحسن الترمذي حديثه. شهر بن حوشب: قال ابن عون تركوه، وقال شبابة عن شعبة لقيت شهراً فلم أعتد به وقال ابن عدي شهر ممن لا يعتد بحديثه ولا يتدين
الصاد
بحديثه. وقال أبو حاتم: ليس بدون أبي الزبير ولا يحتج به، وقال النسائي وغيره ليس بالقوي، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال يعقوب بن شيبة: شهر ثقة طعن فيه بعضهم، ووثقه ابن معين وأحمد بن حنبل والعجلي والفسوي، وروى له مسلم مقروناً واحتج به غيره واحد. الصاد صالح بن أبي الأخضر: ضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما، وقال العجلي: يكتب حديثه وليس بالقوي، وقال ابن عدي هو من الضعفاء الذين يكتب حديثهم، وقال أحمد: يستدل به ويعتبر به ولينه البخاري. صباح بن محمد البجلي: ذكره أبو حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات. وقال أحمد العجلي صباح بن محمد كوفي ثقة. صدقة بن عبد الله السمين: ضعفه أحمد والبخاري، وابن نمير، والنسائي والدارقطني. وقال أبو زرعة: كان قدرياً ليناً، وقال ابن عدي: أكثر حديثه مما لا يتابع عليه وهو إلى الضعف أقرب ووثقه دحيم وأبو حاتم وأحمد بن صالح المصري. صدقه بن موسى الدقيقي: ضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما، وقال أبو حاتم يكتب حديثه وليس بالقوي ووثقه مسلم بن إبراهيم الضاد الضحاك بن حمزة الأملوكي: قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة وقال البخاري: منكر الحديث مجهور وذكره ابن حبان في الثقات وحسن له الترمذي. الطاء طلحة بن خراش: قال الأزدي: له ما ينكر ووثقه ابن حبان، وأخرج له في صحيحه. طليق بن محمد: قال الدارقطني لا يحتج به ووثقه ابن حبان. طيب بن سلمان: ضعفه الدارقطني ووثقه ابن حبان. العين عاصم بن بهدلة: وهو عاصم بن أبي النجود الكوفي أحد القراء السبعة، قال يحيى القطان ما وجدت رجلاً اسمه عاصم إلا وجد له ردئ الجهل، وقال النسائي: عاصم ليس بحافظ. وقال الدارقطني: في حفظ عاصم شيء وقال أبو حاتم: ليس محله أن يقال ثقة. وقال أبو زرعة وأحمد ثقة قال ابن سعد ثقة إلا أنه كثير الخطأ في حديثه وروى له البخاري ومسلم مقروناً وحديثه حسن والله أعلم. عباد بن كثير الدئلي: قال ابن معين ضعيف. وقال النسائي: ليس بثقة وكان ابن عيينة ينهى عن ذكره إلا بخير، وقال البخاري: فيه نظر، وقال أبو مطيع: كان عندنا ثقة أخرج من قبره بعد ثلاث سنين فلم يفقد منه إلا شعيرات. عباد بن منصور الناجي: ضعفه النسائي والساجي، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن حبان:
عبد الله بن أبي جعفر الرازي
كان داعية إلى القدر وروى عباس عن يحيى ليس حديثه بالقوي ولكن يكتب. وقال أبو حاتم: ضعيف ويكتب حديثه وحسن له الترمذي غير ما حديث. عبد الله بن أبي جعفر الرازي: قال محمد بن حميد الرازي: كان فاسقاً. وقال ابن عدي من حديثه ما لا يتابع عليه، ووثقه أبو حاتم وأبو زرعة وابن حبان. عبد الله بن صالح: أبو صالح كاتب الليث بن سعد على أمواله صالح الحديث وله مناكير. قال صالح جزرة: كان ابن معين يوثقه وهو عندي يكذب في الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة، يحيى بن بكير أحب إلينا منه. وقال أبو حاتم: سمعت ابن معين يقول أقل أحواله أن يكون قرأ هذه الكتب على الليث وأجازها له. قال وسمعت أحمد بن حنبل يقول كان أول أمره متماسكاً ثم فسد بآخره وقال عبد الملك بن شعيب بن الليث ثقة مأمون. وقال أبو حاتم: صدوق أمين ما علمت وقال ابن عدي: هو عندي مستقيم الحديث إلا أنه يقع في أسانيده ومتونه غلط ولا يتعمد. وقال ابن حبان كان في نفسه صدوقاً إنما وقعت المناكير في حديثه من قبل جار له فسمعت ابن خزيمة يقول كان له جار كان بينه وبينه عداوة كان يضع الحديث على شيخ أبي صالح ويكتبه بخط يشبه خط عبد الله ويرميه بين كتبه فيتوهم عبد الله أنه خطه فيتحدث به وقد روى عنه البخاري في صحيحه. عبد الله بن عبد العزيز الليثي: قال يحيى ليس بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث وضعفه النسائي وأبو حاتم. وقال أبو زرعة ليس بالقوي ووثقه مالك وسعيد بن منصور. عبد الله بن عياش بن عباس القبقاني: قال أبو داود والنسائي: ضعيف. وقال أبو حاتم صدوق ليس بالمتين، وأخرج له مسلم. عبد الله بن كيسان المروزي: قال البخاري: منكر الحديث وقال أبو حاتم ضعيف. وقال النسائي: ليس بالقوي ووثقه ابن حبان، وأخرج له مسلم في صحيحه. عبد الله بن لهيعة: عالم مصر. قال ابن معين وأبو زرعة: لا يحتج به. وقال النسائي: ضعيف. وقال ابن مهدي: ما أعتد بشيء سمعته من حديث ابن لهيعة إلا سماع ابن المبارك. وقال ابن معين: هو ضعيف قبل أن تحترق كتبه وبعد احتراقها. وقال ابن وهب حدثني الصادق البار والله عبد الله بن لهيعة. وقال زيد بن الحباب: سمعت سفيان يقول كان عند ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع. وقال قتيبة: حضرت موت ابن لهيعة فسمعت الليث يقول ما خلف مثله. وقال أحمد: من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه. وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول ما كان محدث مصر إلا ابن لهيعة. عبد الله بن عقيل بن أبي طالب: ضعفه ابن معين وقال ابن خزيمة لا أحتج به، وقال أبو حاتم وغيره لين الحديث. وقال الترمذي: صدوق تكلم فيه من قبل حفظه واحتج به أحمد وإسحق والحميدي وغيرهم. عبد الله بن المؤمل المخزومي المكي: ضعيف. وقال أبو حاتم وأبو زرعة ليس بقوي ووثقه ابن معين في روايتين وضعفه في رواية، وقال ابن سعد: ثقة وصحح له ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما. عبد الله بن ميسيرة أبو ليلى: وثقه ابن حبان وحده فيما أعلم وضعفه ابن معين وغيره.
عبد الحميد بن بهرام
عبد الحميد بن بهرام: صاحب شهر بن حوشب، قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال مرة أحاديثه عن شهر صحاح مقاربة ووثقه ابن معين وأبو داود وغيرهما. عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين: ضعفه دحيم. وقال النسائي: ليس بالقوي ووثقه أحمد وأبو حاتم. عبد الحميد ابن الحسن الهلالي: ضعفه ابن المديني وأبو زرعة، والدارقطني، ووثقه ابن معين. وقال أبو حاتم شيخ. عبد الرحمن بن إسحق: ضعيف. قال البخاري: فيه نظر وروى عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن أحمد عن أبيه له مناكير وليس هو في الحديث بذاك وحسن له الترمذي. عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الدمشقي: : صدوق رمي بالقدر وثقه ابن المديني وأبو حاتم ودحيم وابن معين وقال صالح جزرة قدري صدوق، وقال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي وصحح له الترمذي وغيره. عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي: قال أبو حاتم: لا يحتج به وضعفه يحيى القطان ولينه البخاري، ووثقه ابن معين، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن عدي: لم أر له حديثاً منكراً. عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي: قال أحمد: ليس بشيء نحن لا نروي عنه شيئاً. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات ويدلس عن محمد بن سعيد المصلوب، وفيما قاله نظر ولم يذكره البخاري في كتاب الضعفاء، وكان يقوي أمره ويقول هو مقارب الحديث. وقال الدارقطني: ليس بالقوي ووثقه يحيى بن سعيد، وروى عباس عن يحيى بن معين ليس به بأس وقد ضعف، هو أحب إلي من أبي بكر بن أبي مريم، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال أبو داود قلت لأحمد بن صالح أتحتج به يعني بعبد الرحمن بن زياد قال نعم. عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون: صويلح ضعفه أبو داود، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به ووثقه دحيم وابن حبان وابن عدي. عبد الرحمن بن عطاء: مدني ضعفه النسائي، وقال البخاري عنده مناكير. وقال أبو حاتم الرازي شيخ، قيل له أدخله البخاري في كتاب الضعفاء فقال تحول من هناك. عبد الرحمن بن مغراء: ثقة، وفيه مقال. عبد الرحيم بن ميمون أبو مرحوم: ضعفه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به وقواه بعضهم وحسن الترمذي روايته عن سهل بن معاذ وصححها أيضاً هو وابن خزيمة والحاكم وغيرهم. عبد الصمد بن الفضل: لا بأس به لم أر فيه جرحاً. عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد: قال ابن حبان، يستحق الترك منكر الحديث جداً، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه. وقال البخاري في حديثه بعض الاختلاف لا نعرف له خمسة أحاديث صحاح، وقال الدارقطني: لا يحتج به ويعتد به ووثقه يحيى بن معين وأحمد وأبو داود وغيرهم. عبيد الله بن زحر: قال ابن معين ليس بشيء. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات وإذا روى عن علي بن زيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد عبيد الله وعلي بن زيد والقاسم ابن عبد الرحمن لم يكن ذلك الحديث غلا مما عملت أيديهم. وقال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال أبو زرعة الرازي صدوق، وقال النسائي لا باس به وحسن الترمذي غير ما حديث له عن علي بن زيد عن القاسم. عبيد الله بن أبي زناد القداح: قال ابن معين ضعيف، وقال أبو داود: أحاديثه
عبيد الله بن عبد الله أبو المنيب العتكي
مناكير. وقال أحمد: ليس بثقة. وقال مرة: صالح الحديث، وقال أبو أحمد الحاكم ليس بالقوي عندهم، وقال ابن عدي: لم أر له شيئاً منكراً، وقال يحيى بن سعيد: كان وسطاً ليس بذاك وصحح الترمذي حديثه في اسم الله الأعظم. عبيد الله بن عبد الله أبو المنيب العتكي: ضعفه النسائي، وقال البخاري: عنده مناكير، وقال ابن حبان: يتفرد عن الثقات بالمقلوبات، وقال ابن عدي: هو عندي لا بأس به. وقال أبو حاتم: صالح الحديث ووثقه ابن معين وغيره. عبيد الله بن علي بن أبي رافع: قال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به ووثقه ابن معين وغيره. عبيد الله بن إسحق العطار: قال الأزدي: متروك الحديث وضعفه ابن معين والدارقطني. وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر. وقال البخاري عنده مناكير ورضيه أبو حاتم الرازي ووثقه ابن حبان وغيره. عتبة بن حميد: قال أحمد: ضعيف ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: صالح الحديث ووثقه ابن حبان وغيره. عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني: ضعفه مسلم ويحيى بن معين والدارقطني وغيرهم. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ووثقه دحيم. عطاف بن خالد المخزومي: قال البخاري: لم يحمده مالك. وقال أبو حاتم: ليس بذاك ووثقه أحمد وابن معين. عطاء بن السائب بن يزيد الثقفي: قال يحيى: لا يحتج به. وقال أحمد: ثقة ثقة رجل صالح من سمع منه قديماً كان صحيحاً، ومن سمع منه حديثاً لم يكن بشيء، وقال النسائي: ثقة في حديثه القديم لكنه تغير، ورواية شعبة والثوري وحماد بن زيد عنه جيدة وصحح حديثه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم. عطاء بن مسلم الخفاف: ضعفه أبو داود، وقال أبو حاتم: كان شيخاً صالحاً يشبه يوسف بن أسباط، وكان دفن كتبه فلا يثبت حديثه ووثقه وكيع وغيره. عطية بن سعد العوفي: قال أحمد وغيره: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه ووثقه ابن معين وغيره وحسن له الترمذي غير ما حديث وأخرج حديثه ابن خزيمة في صحيحه، وقال في القلب من عطية شيء. علي بن زيد بن جدعان: قال البخاري وأبو حاتم لا يحتج به وضعفه ابن عيينة وأحمد وغيرهما، وروى عن يحيى ليس بشيء، وروى عنه ليس بذاك القوي. وقال أحمد العجلي: كان يتشيع وليس بالقوي. وقال الدارقطني: لا يزال عندي فيه لين. وقال الترمذي: صدوق وصحح له حديثاً في السلام وحسن له غير ما حديث. علي بن مسعدة الباهلي: لين الحديث، قال البخاري: فيه نظر وقال ابن عدي أحاديثه غير محفوظة. وقال ابن حبان: لا يحتج بما انفرد به. وقال النسائي: ليس بالقوي وقال أبو حاتم لا بأس به، وقال ابن معين: صالح. علي بن معين: صالح. علي بن زيد الإلهاني: قال الدارقطني: متروك، وقال البخاري منكر الحديث، وقال أبو زرعة ليس بقوي ووثقه أحمد وابن حبان. عمار بن سيف الضبي: ضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وروى عثمان عن يحيى ثقة وقال أحمد العجلي هو ثقة ثبت متعبد صاحب سنة. عمر بن راشد اليماني: ضعفه الجمهور. وقال أبو زرعة لين. وقال العجلي: لا بأس به. عمر بن أبي شيبة: وثقه ابن أبي حاتم وابن حبان وغيرهما وقال بعضهم هو مجهول. عمر بن عبد الله مولى غفرة: ضعفه ابن معين والنسائي وقال
عمر بن هارون البلخي
أحمد ليس به بأس لكن أكثر حديثه مراسيل. وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث. عمر بن هارون البلخي: ضعفه الجمهور ووثقه قتيبة وغيره. عمران بن داود القطان: قال عباس عن يحيى ليس بشيء وضعفه أبو داود والنسائي. وقال ابن عدي هو ممن يكتب حديثه وحدث عنه عفان ووثقه ومشاه أحمد واحتج به ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهما. عمران بن ظبيان: قال البخاري: فيه نظر. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ووثقه ابن حبان. عمران بن عيينة الهلالي: قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال أبو زرعة: ضعيف. وقال ابن معين وغيره صالح الحديث. عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص: فيه كلام طويل فالجمهور على توثيقه وعلى الاحتجاج بروايته عن أبيه عن جده. عيسى بن سنان: أبو سنان القسملي ضعفه أحمد وابن معين وقواه آخرون، وأخرج ابن حبان حديثه في صحيحه. الغين غسان بن عبيد الموصلي: قال أحمد: كتبنا عنه ثم حرقت أحاديثه. وقال ابن عدي: الضعف في حديثه بين، وضعفه يحيى في رواية ووثقه في أخرى ووثقه ابن حبان. وقال الدارقطني: صالح. الفاء فرقد السَبَخي: الزاهد ضعفه النسائي والدارقطني، وقال البخاري: في حديثه مناكير. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال ابن معين: ثقة. الفضل بن دلهم القصاب: قال ابن معين: ضعيف. وقال مرة صالح: وقال أحمد: لا يحفظ. وقال مرة: ليس به بأس. وقال أبو داود: ليس بالقوي ولا الحافظ. وقال ابن حبان: هو غير محتج به إذا انفرد. الفضل بن موفق: ضعفه أبو حاتم، ووثقه ابن حبان. القاف قابوس بن أبي ظبيان: قال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال ابن حبان: رديء الحفظ ينفرد عن أبيه بما لا أصل له فربما رفع المرسل وأسند الموقوف. وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال أحمد: ليس بذلك ووثقه ابن معين في رواية، وقال ابن عدي: أحاديثه متقاربة أرجو أنه لا بأس به وصحح له ابن خزيمة والترمذي والحاكم. القاسم بن عبد الرحمن: أبو عبد الرحمن صاحب أبي أمامة. قال أحمد: روى عنه عبي بن يزيد أعاجيب وما أراها إلا من قبل القاسم. وقال ابن حبان: كان يروي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المعضلات، ووثقه ابن معين والجوزجاني والترمذي وصحح له. وقال يعقوب بن شيبة: منهم من يضعفه. القاسم بن الحكم: صدوق، وثقه الناس، وقال أبو حاتم وحده فيما أعلم لا يحتج به. قرة بن عبد الرحمن بن حيويل: قال أحمد: منكر الحديث جداً وضعفه ابن معين، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به وصحح حديثه ابن حبان، وأخرج له مسلم مقروناً بعمر بن الحارث وغيره. قيس بن الربيع الأسدي الكوفي: ضعفه وكيع وابن معين،
الكاف
وعلي بن المديني والدارقطني. وقال النسائي: متروك، وكان شعبة يثني عليه. وقال أبو حاتم: محله الصدق، وليس بقوي. وقال عفان: كان ثقة. وقال ابن عدي: عامة رواياته مستقيمة والقول ما قال شعبة وأنه لا بأس به. الكاف كثير بن زيد الأسلمي المدني: ضعفه النسائي. وقال أبو زرعة: صدوق وفيه لين. وقال ابن المديني صالح وليس بقوي. وقال ابن معين: ثقة. وقال ابن عدي: لم أر بحديث كثير بأساً، وأخرج حديثه ابن خزيمة في صحيحه. اللام ليث بن أبي سليم: فيه خلاف، وقد حدث عنه الناس وضعفه يحيى بن معين والنسائي. وقال ابن حبان: اختلط في آخر عمره، وقال مؤمل بن الفضل: سألت عيسى بن يونس عن ليث فقال: قد رأيته، وكان قد اختلط وكنت ربما مررت به ارتفاع النهار، وهو على المنارة يؤذن. وقال الدارقطني: كان صاحب سنة إنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد حسب، ووثقه ابن معين في رواية. الميم محمد بن إسحق بن يسار: أحد الأئمة الأعلام حديثه حسن، وقد كذبه هشام بن عروة وسليمان التيمي. وقال الدراقطني: لا يحتج به. وقال وهيب: سألت مالكاً عنه فاتهمه. وقال عبد الرحمن بن مهدي: كان يحيى بن سعيد الأنصاري ومالك يجرحان ابن إسحاق. وقال ابن معين: قد سمع من أبي سلمة بن عبد الرحمن ووثقه غير واحد ووهاه آخرون، وهو صالح الحديث ما له عندي ذنب إلا ما قد حشاه في السيرة من الأشياء المنكرة المنقطعة والأشعار المكذوبة. قال الفلاس: وسمعت يحيى القطان يقول لعبد الله القواريري إلى أين تذهب؟ قال إلى وهب بن جرير أكتب السيرة، قال تكتب كذباً كثيراً. وقال يعقوب بن شيبة: سألت ابن معين كيف ابن إسحق قال ليس بذاك قلت ففي نفسي من صدقه شيء قال: لا، كان صدوقاً. وقال أحمد بن حنبل: هو حسن الحديث. وقال أحمد العجلي: ثقة. وقال علي بن المديني حديثه عندي صحيح. وقال شعبة: ابن إسحق أمير المؤمنين في الحديث وقد استشهد مسلم في صحيحه بجملة من حديث ابن إسحق وصحح له الترمذي حديث سهل بن حنيف في المذى واحتج به ابن خزيمة في صحيحه وبالجملة فهو ممن اختلف فيه، وهو حسن الحديث كما تقدم والله أعلم. محمد بن جحادة: ثقة فيه كلام لا يضر. محمد بن عبد الله بن مهاجر الشعبثي: قال أبو حاتم: لا يحتج به ووثقه دحيم. وقال النسائي: ليس به بأس وحسن له الترمذي. محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي: صدوق إمام ثقة رديء الحفظ كثيراً كذا قال الجمهور فيه. وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ
محمد بن عقبة بن هرم السدوسي
فاحش الخطأ فكثر المناكثير في حديثه فاستحق الترك تركه أحمد ويحيى كذا قال. محمد بن عقبة بن هرم السدوسي: ضعفه أبو حاتم ووثقه ابن حبان. محمد بن عمرو الأنصاري الواقفي: ذكره ابن حبان في الثقات وضعفه غيره. محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي الكوفي: حديثه حسن. وقال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه، وقال أحمد العجلي: لا بأس به وقال البرقاني أبو هشام ثقة أمرني الدارقطني أن أخرج حديثه في الصحيح. الماضي بن محمد الغافقي المصري: قال ابن عدي: منكر الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات وقال في صحيحه قال ابن وهب حدثنا الماضي بن محمد مصري ثقة. مبارك بن حسان: قال الأزدي: يرمى بالكذب. وقال أبو داود: منكر الحديث، وذكره البخاري ولم يخرجه. وقال النسائي ليس بالقوي. وقال ابن معين ثقة. مبارك بن فضالة: ضعفه النسائي وغيره. وقال أبو داود: شديد التدليس فإذا قال حدثنا فهو ثبت وكذا قال أبو زرعة، وقال أبو زرعة ما روي عن الحسن فيحتج به وروى عنه عفان وكان يرفعه ويوثقه قاله أبو حاتم، وكان يحيى القطان يحسن الثناء عليه. وقال ابن معين: صالح وقال ابن عدي: عامة أحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة، ووثقه ابن خزيمة وابن حبان وأخرجا له في صحيحيهما غير ما حديث. مجاعة بن الزبير: ضعفه الدارقطني. وقال ابن عدي: هو ممن يحتمل ويكتب حديثه، وقال أحمد لم يكن به بأس في نفسه مجالد بن سعيد الهمداني: ضعفه يحيى بن سعيد والدارقطني وغيرهما، ووثقه النسائي وغيره وروى له مسلم مقروناً. مسروق بن المرزبان: قال أبو حاتم: ليس بالقوي ووثقه غيره. مسلم بن خالد الزنجي: ضعفه ابن معين في رواية وأبو داود. وقال أبو حاتم لا يحتج به وقال البخاري منكر الحديث ووثقه ابن معين أيضاً في روايتين عنه وابن حبان، وأخرج له غير ما حديث في صحيحه. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به وهو حسن الحديث. المسيب بن واضح الحمصي: ضعفه الدارقطني. وقال أبو حاتم: صدوق يخطئ كثيراً، فإذا قيل له لم يقبل، ووثقه النسائي وابن حبان، وروى له غير ما حديث في صحيحه. مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير: ضعفه ابن معين وأحمد وقال النسائي: ليس بالقوي، ووثقه ابن حبان وكان صالحاً عابداً قيل كان يصوم الدهر ويصلي في اليوم والليلة ألف ركعة. معارك بن عباد: ذكره ابن حبان في الثقات وضعفه غيره. معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي: قال أبو حاتم: لا يحتج به وكان يحيى القطان لا يرضاه ووثقه أحمد وأبو زرعة وغيرهما واحتج به مسلم. معدي بن سليمان: قال أبو زرعة واهي الحديث. وقال النسائي ضعيف ووثقه أبو حاتم وغيره وصحح له الترمذي. مغيرة بن زياد الموصلي: ضعفه أحمد وقال أبو زرعة وأبو حاتم لا يحتج به وقال النسائي والدارقطني ليس بالقوي وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم أدخله البخاري في كتاب الضعفاء فسمعت أبي يقول تحول اسمه من كتاب الضعفاء، واختلف فيه قول ابن معين وقال النسائي في رواية أخرى عنه ليس به بأس ووثقه وكيع وقال أبو داود صالح، وقال ابن عدي هو عندي لا بأس به. المنهال بن خليفة البكري العجلي: ضعفه ابن معين وغيره. وقال البخاري: فيه نظر وقال
مهدي بن جعفر الرملي الزاهد
النسائي في رواية أبي بشر الدولابي: ليس بالقوي. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، ووثقه أبو حاتم وأبو داود والبزار. مهدي بن جعفر الرملي الزاهد: قال البخاري: حديثه منكر. وقال ابن عدي يروي عن الثقات أشياء لا يتابعه عليها أحد، ووثقه ابن معين وغيره. موسى بن وردان: ضعفه أبو داود في رواية والمشهور عنه توثيقه وابن معين في رواية وفي أخرى قال ليس بالقوي وفي أخرى صالح. وقال أحمد لا نعلم عنه إلا خيراً. وقال العجلي: مصري تابعي ثقة. وقال أبو حاتم والدارقطني: لا بأس به وحسن الترمذي حديثه. موسى بن يعقوب الزمعي: قال ابن المديني: ضعيف منكر الحديث وقال النسائي ليس بالقوي ووثقه ابن معين وأبو داود وابن حبان. ميمون بن موسى المرائي: قال أحمد بن حنبل: ما أرى به بأساً، كان يدلس، وقال أبو حاتم: صدوق وقال أبو داود: ليس به بأس. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال عمرو بن علي: صدوق ولكنه ضعيف، ووثقه ابن حبان. : النون نعيم بن حماد الخزاعي المروزي: الإمام المشهور. قال الأزدي: كان نعيم يضع الحديث في تقوية السنة وحكايات مزورة في ثلب النعمان. وقال أبو زرعة الدمشقي: كان يصل أحاديث يوقفها الناس. وقال ابن يونس كان يفهم الحديث. وروى أحاديث مناكير عن الثقات. وقال النسائي: هو ضعيف. وقال ابن معين: صدوق أنا أعرف الناس به كان رفيقي بالبصرة كتب عن روح بن عبادة خمسين ألف حديث، ووثقه أحمد وقال العجلي ثقة صدوق، وأخرج له البخاري مقروناً. نعيم بن مورع: ضعفه الجمهور وفيه توثيق لين. الواو واصل بن عبد الرحمن: أبو حمزة الرقاشي ضعفه ابن معين والنسائي في رواية عنهما وعن يحيى بن معين صالح وقال النسائي في موضع آخر: ليس به بأس. وقال أبو زرعة: شيخ لين. وقال البخاري: يتكلمون في روايته عن الحسن. قال شعبة هو أصدق الناس وذكره ابن حبان في الثقات وأخرج له مسلم. الوليد بن جميل: قال أبو حاتم له عن القاسم أبي عبد الرحمن أحاديث منكرة وقال أبو داود: ليس به بأس. وقال أبو زرعة شيخ لين وذكره ابن حبان في الثقات. الوليد بن عبد الملك الحراني: ذكره ابن حبان في الثقات وقال مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات. الياء يحيى بن أيوب الغافقي: عالم مصر صالح الحديث. قال أبو حاتم: لا يحتج به وقال أحمد سيئ الحفظ. وقال النسائي ليس بالقوي. وقال الدارقطني: في بعض حديثه اضطراب. وقال ابن معين صالح الحديث. وقال ابن عدي: هو عندي صدوق واحتج به البخاري ومسلم وابن حبان وغيرهم. يحيى بن دينار أبو هاشم الرماني: ثقة مشهور تكلم فيه. يحيى بن راشد البصري: قال ابن معين ليس بشيء وضعفه النسائي وأبو حاتم وقال أرجو
يحيى بن سليم أو ابن أبي سليم
ألا يكون ممن يكذب. وقال أبو زرعة: شيخ لين الحديث، ووثقه ابن حبان وقال يخطئ ويخالف. يحيى بن سليم أو ابن أبي سليم: أبو بلح ضعفه أحمد وقال روى حديثاً منكراً. وقال الجوزجاني غير ثقة. وقال البخاري فيه نظر. وقال ابن حبان: كان يخطئ. وقال أبو حاتم الرازي صالح الحديث لا بأس به ووثقه ابن معين والنسائي والدارقطني وغيرهم. يحيى بن أبي سليمان المدني: قال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم مضطرب الحديث يكتب حديثه ليس ممن يكذب وذكره ابن حبان في الثقات. يحيى بن عبد الله أبو حجبة الكندي الأجلح: قال الجوزجاني الأجلح مفتر. وقال النسائي: ضعيف له رأي سوء. وقال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي مضطرب الحديث يكتب حديثه، ولا يحتج به وقال ابن عدي يعد في شيعة الكوفة وهو مستقيم الحديث صدوق، ووثقه ابن معين وأحمد العجلي وغيرهما. يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي: ضعفه غير واحد وقد وثق واستشهد به البخاري. يحيى بن عبد الحميد الحماني الكوفي: قال أحمد كان يكذب جهاراً وضعفه النسائي وغيره. وقال الجوزجاني: ساقط ترك حديثه. وقال ابن معين صدوق مشهور ما بالكوفة مثله ما يقال فيه إلا من حسد وقال محمد بن هارون الهمداني سألت ابن معين عن الحماني فقال ثقة فقلت يقولون فيه فقال يحسدونه هو والله الذي لا إله إلا هو ثقة. وقال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول كان حافظاً، وقال الرمادي هو عندي أوثق من أبي بكر أبي شيبة وما يتكلمون فيه إلا من الحسد. وقال ابن عدي ليحيى الحماني مسند صالح ويقال إنه أول من صنف المسند بالكوفة وأول من صنف المسند بالبصرة مسدد، وأول من صنف المسند بمصر أسد بن موسى. قال ابن عدي: ولم أر في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير وأرجو أنه لا بأس به. يحيى بن عمرو بن مالك النكري: رماه حماد بن زيد بالكذب وضعفه ابن معين وأبو داود والنسائي وغيرهم. وقال الدارقطني: صويلح يعتبر به. يحيى بن مسلم البكاء: ويقال فيه يحيى بن أبي خليد. قال النسائي: متروك الحديث. وقال الدارقطني ضعيف. وقال ابن حبان: يجوز الاحتجاج به وقال يحيى بن معين يحيى البكاء ليس بذاك. وقال أبو زرعة: ليس بقوي. وقال ابن سعد: ثقة إن شاء الله. يزيد بن أبان الرقاشي: زاهد كثير العبادة ضعيف وثقه ابن معين في رواية ابن عدي. يزيد بن أبي زياد الكوفي: أحد الأعلام. قال يحيى لا يحتج به. وقال مرة ليس بالقوي ووهاه ابن المبارك. وقال علي بن عاصم: قال لي شعبة ما أبالي إذا كتبت عن يزيد بن أبي زياد أن لا أكتبه عن أحد، وقال أحمد حديثه ليس بذاك. وأخرج له مسلم مقروناً حسن له الترمذي. يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي: ضعفه ابن معين وأحمد وابن المديني وغيرهم، ووثقه البخاري وغيره. يزيد بن عطاء اليشكري: قال أبو حاتم: لا يحتج به وقال النسائي ليس بالقوي ووثقه أحمد وقال ابن عدي: حسن الحديث. يزيد بن أبي مالك الدمشقي: ثقة وقال بعضهم لين. يمان بن المغيرة العنزي: روى عباس عن يحيى ليس حديثه بشيء وقال البخاري منكر الحديث وضعفه أبو زرعة والدارقطني وقال ابن عدي لا أرى
يوسف بن ميمون
به بأساً وصحح الحاكم حديثه. يوسف بن ميمون: قال البخاري منكر الحديث جداً. وقال النسائي ليس بثقة وقال مرة ليس بقوي. وقال ابن عدي لا أرى بحديثه بأساً، ووثقه ابن حبان. الكنى وغيرها أبو الأحوص: عن أبي ذر قال ابن معين ليس بشيء وقال أبو أحمد الحاكم ليس بالمتين عندهم ونقل توثيقه عن الزهري وحسن له الترمذي، وأخرج له ابن خزيمة وابن حبان غير ما حديث في صحيحيهما. أبو إسرائيل الملاء الكوفي: اسمه إسماعيل بن أبي إسحق قال أبو حاتم لا يحتج به وهو حسن الحديث وله أغاليظ. وقال البخاري تركه ابن مهدي واختلف فيه قول ابن معين فقال مرة ضعيف وقال مرة هو ثقة وقال أبو زرعة صدوق في رأيه غلو وقال أحمد يكتب حديثه وقال الفلاس ليس هو من أهل الكذب. قال الحافظ ذكر غير واحد أنه كان شيعياً غالياً في التشيع يكفر عثمان رضي الله عنه. أبو سلمة الجهني: وثقه ابن حبان وأخرج له في الصحيح، وقال بعض مشايخنا لا ندري من هو. أبو سنان القسملي: اسمه عيسى بن سنان تقدم. أبو هاشم الرماني: اسمه يحيى بن دينار تقدم. أبو هشام الرفاعي: اسمه محمد بن يزيد الكوفي تقدم. أبو يحيى القتات: مختلف في اسمه فقيل زاذان وقيل دينار. وقيل يزيد. وقيل عبد الرحمن بن دينار قال أحمد كان شريك يضعف أبا يحيى القتات. وقال النسائي: ليس بالقوي واختلف فيه قول ابن معين فروي عنه تضعيفه، وروي عنه توثيقه. ابن لهيعة: اسمه عبد الله تقدم. خاتمة للمؤلف الحافظ المنذري رضي الله عنه قال الحافظ عبد العظيم: وقد تم هذا الإملاء المبارك والله الحمد على ما أولي حمداً يليق بجلاله لا نهاية لعدده ولا آخر لأمده، ونسأله أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم مخلصاً من شوائب الرياء ودواعي التعظيم وأن ينفعني به وكل من وقف عليه إنه ذو الفضل العظيم والمن العميم. وصلى الله وسلم على أشرف خلقه وأعلاهم مكانة عنده محمد وآله وأصحابه وأزواجه وذرياته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون، والحمد لله رب العالمين. تم الكتاب المستطاب والحمد لله عز شأنه وقد ختم الحافظ رحمه الله تعالى كتابه بحديث: "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" وأنا أرجو فأختم شرحي بذكر (باب في أدعية صالحة من أحاديث نبوية)، وآيات قرآنية في مواضع مختلفة ليجني ثمارها المطلع على كتابتي والله تعالى ولي التوفيق وهو المستعان وعليه التكلان. مصطفى محمد عمارة
[خاتمة التحقيق]
باب الأدعية الصالحة قال الله تعالى (يدعوننا رغباً ورهبا) (1) اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشَ الآخِرَةِ. (2) اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ في الدُّنْيَا قوتاً. (3) اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُتَسَرْوِلاتِ مِنْ أُمَّتِي. (4) اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْحَاجِّ وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ. (5) اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَمُحَمَّدٍ نَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ. (6) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ، وَعَمَلٍ لاَ يُرْفَعُ، وَدُعَاءٍ لا يُسْمَعُ. (7) اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِيناً وَتَوَفَّنِي مِسْكِيناً واحْشُرْنِي في زُمْرَةِ الْمِسَاكِينِ. (8) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ. (9) اللَّهُمُّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا في الأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ. (10) اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي في بُكُورِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ. (11) اللَّهُمَّ إِنَّكَ سَأَلْتَنَا مِنْ أَنْفُسِنَا مَا لاَ نَمْلِكُهُ إِلاَّ بِكَ، اللَّهُمَّ فأَعْطِنَا مِنْهَا مَا يُرْضِيكَ عَنَّا. (12) اللَّهُمَّ اهْدِ قُرَيْشاً، فَإِنَّ عَالِمَهَا يَمْلأُ طِبَاقَ الأَرْضِ عِلْمَاً، اللَّهُمَّ كما أَذَقْتَهُمْ عَذَاباً فأَذِقْهُمْ نَوَالاً. (13) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ في دَارِ الْمُقَامَةِ، فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ. (14) اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الَّذِينَ إِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا، وَإِذَا أَسَاؤُوا اسْتَغْفَرُوا. (15) اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحَمْنِي وأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى. (16) اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيئاً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيئاً فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ. (17) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ، اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلى غَمَرَاتِ
الْمَوْتِ وَسَكَرَاتِ الْمَوْتِ، اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلاَ تَنْقُصْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلا تُهِنَّا وَأَعْطِنَا ولا تَحرِمْنَا، وَآثِرْنَا ولا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، وأَرْضِنَا وارْضَ عَنَّا. (18) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لا يُسْمَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ هؤلاءِ الأَرْبَع. (19) اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ، اللَّهُمَّ وَمَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ، اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فاجْعَلْهُ فَرَاغاً لي فِيمَا تُحِبُّ. (20) اللَّهُمَّ اغْفِر لِي ذَنْبِي، ووَسِّعْ لِي في دَارِي، وَبَارِكْ لِي في رِزْقِي. (21) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ. (22) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأَخْلاقِ وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ وَالأَدْوَاءِ. (23) اللَّهُمَّ مَتِّعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، واجْعَلْهُمَا الْوَارِثَ مِنِّي، وانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي وَخُذْ مِنْهُ بِثَأْرِي. (24) اللَّهُمَّ حَبِّبِ الْمَوْتَ إِلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُكَ. (25) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ غِنَايَ وَغِنَى مَوْلاَيَ. (26) اللَّهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ أُمَّتِي قَتْلاً فِي سَبِيلِكَ بِالطَّعْنِ والطَّاعُونِ. (27) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي، وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي، وَتُصْلِحُ بِهَا غَائِبي، وَتَرفَعُ بِهَا شَاهِدِي، وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي، وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي، وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي، وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ. (28) اللَّهُمَّ أَعْطِنِي إِيماناً وَيَقِيناً لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ، وَرَحْمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ الدُّنْيَا والآخِرَةِ. (29) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْفَوْزَ في الْقَضَاءِ، وَنُزُلَ الشُّهَدَاءِ، وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ، والنَّصْرَ عَلَى الأَعْدَاءِ.
(30) اللَّهُمَّ إِنِّي أُنْزِلُ بِكَ حَاجَتِي وَإِنْ قَصُرَ رَأْيِي (أي عجز عن الإدراك)، وَضَعُفَ عَمَلِي افْتَقَرْتُ إِلى رَحْمَتِكَ؛ فَأَسْأَلُكَ يَا قَاضِيَ الأُمُورِ، وَيَا شَافِيَ الصُّدُورِ كما تُجِيرُ بَيْنَ الْبُحُورِ أَنْ تُجِيرَنِي مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ، وَمِنْ دَعْوَةِ الثُّبُورِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقُبُورِ. اللَّهُمَّ مَا قَصُرَ عَنْهُ رَأْيِي، وَلَمْ تَبْلُغْهُ نِيَّتِي، وَلَمْ تَبْلُغُهُ مَسْأَلَتِي مِنْ خَيْرٍ وَعَدْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ خَيْرٍ أَنْتَ مُعْطِيهِ أَحَداً مِنْ عِبَادِكَ، فَإِنّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِيهِ وأَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. (31) اللَّهُمَّ يَا ذَا الْحَبْلِ الشَّدِيدِ، وَالأَمْرِ الرَّشِيدِ أَسْأَلُكَ الأَمْنَ يَوْمَ الْوَعِيدِ، وَالْجَنَّةَ يَوْمَ الْخُلُودِ، مَعَ الْمُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ، الرُّكَّعِ السُّجُودِ، الْمُوفِينَ بِالْعُهُودِ، إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ، وَإِنَّكَ تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هَادِينَ مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ سِلْماً لأَوْلِيائِكَ، وَعَدُوّاً لأَعْدَائِكَ نُحِبُّ بِحُبِّكَ مَنْ أَحَبَّكَ، وَنُعَادِي بِعَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ. اللَّهُمَّ هذَا الدُّعَاءُ وَعَلَيْكَ الإِجَابَةُ، وهذَا الجَهْدُ وَعَلَيْكَ التُّكْلانُ. (32) اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُوراً في قَلْبِي، وَنُوراً في قَبرِي، وَنُوراً بَيْنَ يَدَيَّ، وَنُوراً مِنْ خَلْفِي، وَنُوراً عَنْ يَمِينِي، وَنُوراً عَنْ شِمَالِي، وَنُوراً مِنْ فَوْقِي، وَنُوراً مِنْ تَحْتِي، وَنُوراً في سَمْعِي، وَنُوراً في بَصَرِي، وَنُوراً في شَعْرِي، وَنُوراً في بَشَرِي، وَنُوراً في لَحْمِي، وَنُوراً في دَمِي، وَنُوراً في عِظَامِي، اللَّهُمَّ أَعْظِمْ لِي نُوراً، وَأَعْطِنِي نُوراً، واجْعَلْ لِي نُوراً. (33) سُبْحَانَ الذِي تَعَطَّفَ بِالْعِزِّ وَقَالَ بِهِ، سُبْحَانَ الَّذِي لَبِسَ الْمَجْدَ وَتَكَرَّمَ بِهِ، سُبْحَانَ الَّذِي لاَ يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلاَّ لَهُ، سُبْحَانَ ذِي الْفَضْلِ وَالنِّعَمِ، سُبْحَانَ ذِي الْمَجْدِ وَالْكرَمِ، سُبْحَانَ ذِي الْجَلالِ والإِكْرَامِ. (34) اللَّهُمَّ لا تَكِلْنِي إِلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَلاَ تَنْزِعْ مِنِّي صَالِحَ مَا أَعْطَيْتَنِي. (35) اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي شَكُوراً، واجْعَلْنِي صَبُوراً، واجْعَلْنِي في عَيْنِي صَغِيرا، وفي أَعْيُنِ النَّاسِ كَبِيرا.
(36) اللَّهُمَّ إِنَّكَ لَسْتَ بِإلهٍ اسْتَحْدَثْنَاهُ، وَلا بِرَبٍّ ابْتَدَعْنَاهُ، ولا كَانَ لَنَا قَبْلَكَ مِنْ إِلهٍ نَلْجَأُ إِلَيْهِ وَنَذَرُكَ، وَلا أَعَانَكَ عَلى خَلْقِنَا أَحَدٌ فَنُشْرِكُهُ فِيكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعالَيْتَ. (37) اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَسْمَعُ كَلاَمِي، وَترَى مَكَانِي، وَتَعْلَمُ سِرِّي وَعَلانِيَتِي لا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِي، وَأَنَا الْبَائِسُ الْفَقِيرُ الْمُسْتَغِيثُ الْمُسْتَجيرُ الْوَجِلُ الْمُشْفِقُ الْمُقِرُّ الْمُعْتَرِفُ بِذَنْبِهِ، أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمِسْكِينِ، وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابْتِهَالَ الْمُذْنِبِ الذَّلِيلِ، وَأَدْعُوكَ دُعَاءَ الْخَائِفِ الضَّرِيرِ، مَنْ خَضَعَتْ لَكَ رَقَبَتُهُ، وفَاضَتْ لَكَ عَبْرَتُهُ، وَذَلَّ لَكَ جِسْمُهُ، وَرَغِمَ لَكَ أَنْفُهُ. اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي بِدُعَائِكَ شَقِيّاً، وَكُنْ بِي رُؤُوفاً رَحِيماً يَا خَيْرَ الْمَسْؤُولِينَ، ويَا خَيْرَ الْمُعْطِينَ. (38) اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، واهْدِنَا سُبُلَ السَّلامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ. (39) اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا، وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، واجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ مُثْنِينَ بِهَا قَائِلِينَ بِهَا، وَأَتِمَّهَا عَلَيْنَا. (40) اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، إِلى مَنْ تَكِلُنِي؟ إِلى عَدُوٍّ يَتَجَهَّمُنِي، أَمْ إِلى قَرِيبٍ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي، إِنْ لَمْ تَكُنْ سَاخِطاً عَلَيَّ فلا أُبَالِي غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ الَّذِي أَضَاءَتْ لَهُ السَّمَوَاتُ والأَرْضُ وَأَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا والآخِرَةِ أَنْ تَحِلَّ عَليَّ غَضَبَكَ، أَوْ تُنَزِّلَ عَلَيَّ سَخَطَكَ، وَلَكَ الْعُقْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ. (41) اللَّهُمَّ وَاقِيَةً كَوَاقِيَةِ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ كَما حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي. (42) اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بالإِسْلامِ قائِماً، واحْفظْنِي بالإِسْلامِ قَاعِداً، واحْفَظْنِي بالإِسْلامِ رَاقِداً، ولا تُشْمِتْ بِي عَدُوّاً وَلا حَاسِداً.
(43) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، والْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، والْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ، والنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ. (44) اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، حَتَّى تَجْعَلَهُمَا الْوَارِثَ مِنِّي، وَعَافِنِي في دِيني وفي جَسَدِي، وانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلمَنِي حَتَّى تُرِيَنِي فِيهِ ثَأْرِي. (45) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، وَحَلَّيْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، وبِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ. (46) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ والْكَسَلِ، والْجُبْنِ والْبُخْلِ، والْهَرَمِ والْقَسْوَةِ، والْغَفْلَةِ والذِّلَّةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَالْكُفْرِ، والْفُسُوقِ والشِّقَاقِ والنِّفَاقِ والسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الصَّمَمِ والْبَكَم والْجُنُونِ والْجُذَامِ والْبَرَصِ وَسَيِّئِ الأَسْقَامِ. (47) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَقَلْبٍ لا يَخْشَعُ، ودُعَاءٍ لا يُسْمَعُ، وَنَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَمِنَ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَمِنَ الْخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ، وَمِنَ الْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ ومِنَ الْهَرَمِ، وَأَنْ أُرَدَّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فَتْنَةِ الْمَحْيَا والْمَمَاتِ. (48) اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ قُلُوباً أَوَّاهَةً مُخْبِتَةً مُنِيبَةً في سَبِيلِكَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَمُنْجِيَاتِ أَمْرِكَ، والسَّلاَمَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، والْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، والْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ، والنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ. (49) اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَوْسَعَ رِزْقِكَ عَلَيَّ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّي وانْقِطَاعِ عُمْرِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعِفَّةَ والْعَافِيةَ في دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتِي وَأَمِّنْ رَوْعَتِي، واحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي.
(50) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيماناً يُبَاشِرُ قَلْبِي حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُ لا يُصِيبُنِي إِلاَّ مَا كَتَبْتَ لِي، وَرَضِّنِي مِنَ الْمَعِيشَةِ بِمَا قَسَمْتَ لِي. (51) اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ عَبْدَكَ وَخَلِيلَكَ دَعَاكَ لأَهْلِ مَكَّةَ بِالْبَرَكَةِ، وَأَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ أَدْعُوكَ لأَهْلِ الْمَدينَةِ أَنْ تُبَارِكَ لَهُمْ في مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ مِثْلَيْ مَا بَارَكْتَ لأَهْلِ مَكَّةَ مَعَ الْبَرَكَةِ بَرَكَتَيْنِ. (52) اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، فَجَعَلَهَا حَرَاماً مَا بَيْنَ مَأْزَمَيْهَا أَنْ لاَ يُرَاقَ فِيهَا دَمٌ، وَلاَ يُحْمَلَ فِيهَا سِلاحٌ لِقِتَالٍ، وَلاَ يُخْبَطَ فِيهَا شَجَرَةٌ إِلاَّ لِعَلَفٍ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في مَدِينَتِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في صَاعِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في مُدِّنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَعَ الْبَرَكَةِ بَرَكَتِينِ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنَ الْمَدِينَةِ شِعْبٌ وَلاَ نَقْبٌ إِلاَّ وَعَلَيْهِ مَلَكَانِ يَحْرُسَانِهَا حَتَّى تَقَدَّمُوا إِلَيْهَا. (53) اللَّهُمَّ إِنَّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ والْهَرَمِ وَالْمَأْتَمِ وَالْمَغْرمِ، وَمِنْ فَتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمسِيحِ الدَّجَّالِ. (54) اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطَايَايَ بِالْمَاءِ والثَّلْجِ والْبَرَدِ، ونَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثُّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ. (55) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْه وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ ومَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَربَ إَلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْراً. (56) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الطَّاهِرِ الْمُبَارَكِ الأَحَبِّ إِلَيْكَ الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ
أَجَبْتَ، وَإِذَا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ، وَإِذَا اسْتُرْحِمْتَ بِهِ رَحِمْتَ، وَإِذَا اسْتُفْرِجْتَ بِهِ فَرَّجْتَ. (57) اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي، وَعَلِمَ أَنَّ مَا جِئْتُ بِهِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فأَقْلِلْ مَالَهُ وَوَلَدهُ وَحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَعَجِّلْ لَهُ الْقَضَاءَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي وَلَمْ يُصَدِّقْنِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا جِئْتُ بِهِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَطِلْ عُمْرَهُ. (58) اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِكَ وَشَهِدَ أَنِّي رَسُولُكَ فَحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَكَ، وَأَقْلِلْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِكَ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَنِّي رَسُولُكَ فَلا تُحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَلاَ تُسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَكَ، وَكَثِّرْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا. (59) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ في الأَمْرِ، وَأَسْأَلُكَ عَزِيمَةَ الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ لِسَاناً صَادِقاً، وَقَلْبَاً سَلِيماً، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا تَعْلَمُ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ. (60) اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ أَنْ تُضِلني، أَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الَّذِي لاَ يَمُوتُ، وَالْجِن والإِنْسُ يَمُوتُونَ. (61) اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَالَّذِي نَقُولُ، وَخَيْرٍ مِمَّا تَقُولُ. اللَّهُمَّ لَكَ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي، وَإِلَيْكَ مَآبِي، وَلَكَ رَبِّ ثَرَائِي. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ، وَشَتَاتِ الأَمْرش. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيَاحُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحِ. سَأَلَ اللهَ خَيْرَ الْمَجْمُوعَةِ لأَنَّهَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ. (62) اللَّهُمَّ عَافِنِي في جَسَدِي، وَعَافِنِي في بَصَرِي، واجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنِّي، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ الْكَرِيمُ الْحَكِيمُ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. (63) اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ ما تُبْلِغُنَا بِهِ
جَنَّتَكَ (أي اجعل لنا قسما)، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا يُهَوِّنُ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أحْيَيْتَنَا، واجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، واجْعَلْ ثَارَنَا عَلى مَنْ ظَلَمَنَا، وانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، ولا تَجْعَلْ مُصِيبتَنَا في دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لا يَرْحَمُنَا. (64) اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَزِدْنِي عِلْماً. الْحَمْدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ حَالِ أَهْلِ النَّارِ. (65) اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أُعَظِّمُ شُكْرَكَ، وَأُكْثِرُ ذِكْرَكَ، وأَتْبَعُ نَصِيحَتَكَ وأَحْفَظُ وَصِيَّتَكَ. (66) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّي مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلى رَبِّي في حَاجَتِي هذِهِ لِتُقْضَى لي، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ. (67) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيَّتِي. (68) اللَّهُمَّ عَافِنِي في بَدَنِي. اللَّهُمَّ عَافِنِي في سَمْعِي. اللَّهُمَّ عَافِنِي في بَصَرِي. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ. (69) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِيشَةً نَقِيَّةً، وَمَيْتَةً سَوِيَّةً، وَمَرَدَّاً غَيْرَ مُخْزٍ وَلا فَاضِحٍ. (70) اللَّهُمَّ إِنَّ قُلُوبَنَا وَجَوارِحَنَا بِيَدِيكَ لَمْ تُمَلِّكْنَا مِنْهَا شَيئاً فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ بِهَا فَكُنْ أَنْتَ وَليَّهُمَا (عن جابر). (71) اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي في قَلْبِي نُوراً، وَفي لِسَانِي نُوراً، وفي بَصَرِي نُوراً، وَفي سَمْعِي نُوراً وَعَنْ يَمِينِي نُوراً، وَعَنْ يَسَارِي نُوراً، وَمِنْ فَوْقِي نُوراً، وَمِنْ تَحْتِي نُوراً، وَمِنْ أَمَامِي نُوراً، وَمِنْ خَلْفِي نُوراً، وَاجْعَلْ لِي في نَفْسِي نُوراً، واعْظِمْ لِي نُوراً. (72) اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِيني الذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي.
وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي. واَجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي في كُلِّ خَيرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ. (73) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى والتُّقَى والْعَفَافَ والْغِنَى. (74) اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتِي، وَآمِنْ رَوْعَتِي، واقْضِ عَنِّي دَيْنِي. (75) اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ الأَشْيَاءِ إِلَيَّ، واجْعَلْ خَشْيَتَكَ أَخْوَفَ الأَشْيَاءِ عِنْدِي، واقْطَعْ عَنِّي حَاجَاتِ الدُّنْيَا بِالشَّوْقِ إِلى لِقَائِكَ، وَإِذَا أَقْرَرْتَ أَعْيُنَ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ دُنْيَاهُمْ فَأَقْرِرْ عَيْنِي مِنْ عِبَادَتِكَ. (76) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الأَعْمَيَيْنِ: السَّيْلِ، والْبَعِيرِ الصَّؤُولِ. (77) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ الصِّحَّةَ وَالْعِفَّةَ والأَمَانَةَ وَحُسْنَ الْخُلُقِ، وَالرِّضَا بِالْقَدَرِ. (78) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ يَوْمِ السُّوءِ، وَمِنْ لَيْلَةِ السُّوءِ، وَمِنْ سَاعَةِ السُّوءِ، وَمِنْ صَاحِبِ السُّوءِ، وَمِنْ جَارِ السُّوءِ في دَارِ الْمُقَامَةِ. (79) اللَّهُمَّ إِنّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ. (80) اللَّهُمَ لَكَ الْحَمْدُ شُكْرَاً، وَلَكَ الْمَنُّ فَضْلاً. (81) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ التَّوْفِيقَ لِمَحَابِّكَ مِنَ الأَعْمَالِ، وَصِدْقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَحُسْنَ الظَّنِّ بِكَ. (82) اللَّهُمَّ افْتَحْ مَسَامِعَ قَلْبِي لِذِكْرِكَ، وارْزُقْنِي طَاعَتَكَ وَطَاعَةَ رَسُولِكَ، وَعَملاً بِكِتَابِكَ. (83) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صِحَّةً في إِيمانٍ، وَإِيمَانَاً في حُسْنِ خُلُقٍ، وُنَجَاحاً يَتْبَعُهُ فَلاحٌ، وَرَحْمَةً مِنْكَ وَعَافِيَةً وَمَغْفِرَةً مِنْكَ وَرِضْوَاناً. (84) اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ حَتَّى كَأَنِّي أَرَاكَ، وَأَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ، وَلا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَخِرْ لي في قَضَائِكَ، وَبَارِكْ لِي في قَدَرِكَ حَتَّى لا أُحِبُّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ، وَلا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ، واجْعَلْ غِنَايَ في نَفْسِي وَأَمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي واجْعَلْهُمَا الْوَارِثَ مِنِّي وانْصُرْنِي عَلى مَنْ ظَلَمَنِي وَأَرِنِي فِيهِ ثَارِي وَأَقَرَّ بذلِكَ عَيْنِي. (85) اللَّهُمَّ الْطُفْ بِي في تَيْسِيرِ كُلِّ عَسِيرٍ، فَإِنَّ تَيْسِيرَ كُلِّ عَسِيرٍ عَلَيْكَ يَسِيرٌ، وأَسْأَلُكَ الْيُسْرَ وَالْمُعَافَاةَ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ. (86) اللَّهُمَّ اعْفُ عَنِي فَإِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ. (87) اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنَ النِّفَاقِ، وَعَمَلِي مِنَ الرِّيَاءِ، وَلِسَانِي مِنَ الْكَذِبِ، وَعَيْنِي مِنَ الْخِيَانَةِ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ. (88) اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي عَيْنَيْنِ هَطَّالَتَيْنِ تَشْفِيَانِ الْقَلْبَ بِذُرُوفِ الدُّمُوعِ مِنْ خَشْيَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَكُوكَ الدُّمُوعُ وَالأَضْرَاسُ جَمْراً. (89) اللَّهُمَّ عَافِنِي في قُدْرَتِكَ، واقْضِ أَجَلِي في طَاعَتِكَ، واخْتِمْ لِي بَخَيْرِ عَمَلِي، واجْعَلْ ثَوَابَهُ الْجَنَّةَ. (90) اللَّهُمَّ أَغْنِنِي بِالْعِلْمِ، وَزَيِّنِّي بِالْحِلْمِ، وَأَكْرِمْنِي بِالتَّقْوَى، وَجَمِّلْنِي بِالْعَافِيَةِ. (91) اللَّهُمَّ حجَّةً لاَ رِيَاءَ فِيهَا وَلا سُمْعَة. (92) اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهُمَا إِلاَّ أَنْتَ. (93) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ خَلِيلٍ مَاكِرٍ عَيْنَاهُ تَرَيَانِي، وَقَلْبُهُ يَرْعَانِي، إِنْ رَأَى حَسَنَةً دَفَنَهَا، وَإِنْ رَأَى سَيِّئَةً أَذَاعَهَا. (94) اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَخَطَايَايَ كُلَّهَا، اللَّهُمَّ أَنْعِشْنِي وَأَجِرْنِي واهْدِنِي لِصَالِحِ الأَعْمَالِ وَالأَخْلاقِ، فَإِنَّهُ لا يَهْدِي لِصَالِحِهَا وَلا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ. (95) اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْراً لِي، وَتَوفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْراً لِي. اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ في الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الإِخْلاصِ في الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصدَ في الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَسْأَلُكَ نِعيماً لا يَنْفَدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ
لَذَّةَ النَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ، والشَّوْقَ إِلى لِقَائِكَ في غَيْرِ ضَرَّاءَ مَضَرَّةٍ وَلا فِتْنَةٍ مُضِلّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمانِ، واجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْتَدِينَ. (96) اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَرَبَّ إِسْرِافِيلَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ حَرِّ النَّارِ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. (97) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الْعَدُوِّ، وَمِنَ بَوَارِ الأَيْمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَالِ. (98) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي وَالْهَدْمِ والْغَرَقِ والْحَرق، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عَنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ في سَبِيلِكَ مُدْبِراً، وأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغاً. (99) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، واسْمِكَ الْعَظِيمِ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ. (100) اللَّهُمَّ لا يُدْرِكُنِي زَمَانٌ وَلا نُدْرِكُ زَمَاناً لا يُتّبَعُ فِيهِ الْعَلِيمُ، وَلا يُسْتَحْيَا فِيهِ مِنَ الْحَلِيمِ، قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الأَعَاجِمِ، وَأَلْسِنَتُهُمْ أَلْسِنَةُ الْعَرَبِ. (101) اللَّهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي يَرْوُونَ أَحَادِيثي وَسُنتي وَيُعَلِّمُونَهَا النَّاسَ. (102) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النِّسَاءِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. (103) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ والْقِلَّةِ والذِّلَّةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ. (104) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَسُوءِ الأَخْلاقِ. (105) اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لا شَافِيَ إِلاَّ أَنْتَ، اشْفِ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَماً. (106) اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. (107) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ والْحَزَنِ والْعَجْزِ والْكَسَلِ وَالْجُبْنِ والْبُخْلِ وضِلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.
(108) اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخذُ عِنْدَكَ عَهْداً لَنْ تُخْلِفَنِيهِ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّمَا مُؤمِنٍ آذَيْتُهُ أَوْ شَتَمْتُهُ أَوْ جَلَدْتَهُ أَوْ لَعَنْتُهُ فاجْعَلْهَا لَهُ صَلاةً وَزَكاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. (109) اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا. (110) اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وجَهْلِي وَإِسْرَافِي في أَمْرِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَئِي وَعَمْدِي وَهَزَلِي وَجَدِّي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ؛ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (111) اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتَ نَفْسِي وَأَنْتَ تَوَفَّاهَا، لَكَ مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا إنْ أَحْيَيْتَهَا فاحْفَظْهَا وَإِنْ أَمَتَّهَا فاغْفِرْ لَهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ. أ - فوائد نبوية في الطب الْمُصْطَفِي. أَلْبَانُ الْبَقَرِ شِفَاءٌ، وَسَمْنُهَا دَوَاءٌ، وَلُحُومُهَا دَاءٌ. ب - أوامر سعادة الحياة. الْبَسِ الْخَشِنَ الضِّيِّقَ حَتَّى لا يجِدَ الْعِزُّ والْفَخْرُ فِيكَ مَسَاغاً. الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ فَإِنَّهَا أَظْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتاكُمْ. الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ. تمت الأدعية المأثورة وثمرات ونصائح محمدية ويليها آيات قرآنية في مواضع مختلفة في العلم ونشره والجهاد في سبيل الله تعالى والاتحاد وحسن الخلق والأمر بالمعروف والإيمان بالله وحده وتنميته وبيان قدرة الله عز شأنه وعلمه بخلقه جل وعلا
آيات القرآن
آيات القرآن هدى ورحمة وبشرى للمحسنين "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيرا" ونتبرك بذكر كلام الله تعالى اقتباساً وعبادة آيات فضل العلم قال تعالى: "وقل رب زدني علما" 1 - قال تعالى: [إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (38)] فاطر. 2 - وقال تعالى: [قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُلُوا الأَلْبَابِ (9)] الزمر. 3 - وقال تعالى: [قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى والْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ والنُّورُ (16)] الرعد. 4 - وقال تعالى: [مَثَلُ الْفَرِيقِيْنِ كالأَعْمَى والأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً (24)] هود 5 - وقال تعالى: [أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)] الملك. 6 - وقال تعالى: [وَمَا يُسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرِ (19) ولا الظُّلُمَاتُ ولا النُّورُ (20) ولاَ الظلُّ وَلا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ ولا الأَمْوَاتُ (22)] فاطر. 7 - وقال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا في الْمَجَالِسِ فافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ والَّذِينَ أُتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ (11)] المجادلة. 8 - وَقال تعالى: [أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبَابِ (19)] الرعد. 9 - وقال تعالى: [وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا للنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ (43)] العنكبوت.
آيات الترغيب في نشر العلم والترهيب من كتمه
آيات الترغيب في نشر العلم والترهيب من كتمه 1 - قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ واللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) المائدة]. 2 - وقال تعالى: [قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلى اللهِ عَلَى بَصِيَرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)] يوسف. 3 - وقال تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ في الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)] البقرة. 4 - وقال تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنَاً قَلِيلاً أُولئِكَ مَا يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيْهِمْ ولَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا في الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176)] البقرة. 5 - وقال تعالى: [اشْتَرَوا بِآيَاتِ اللهِ ثَمَناً قَليلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9)] التوبة. 6 - وقال تعالى: [وَالَّذِي جَاءَ بِالْصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاؤُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34)] الزمر. 7 - وقال تعالى: [إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً ولا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجحِيمِ (119)] البقرة. 8 - وقال تعالى: [هُوَ الَّذِي بَعَثَ في الأُمِّيينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ
آيات الجهاد في سبيل الله
وَيُزَكِّيْهِمْ ويُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ والْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (2) وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعِزيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ واللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)] الجمعة. 9 - وقال تعالى: [واذْكُرْنَ مَا يُتْلَى في بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ والْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطيفاً خَبِيراً (34)] الأحزاب. 10 - وقال تعالى: [وأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)] النحل. 11 - وقال تعالى: [وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ واشْتَرَوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)] آل عمران. آيات الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى أ - قال تعالى: [فَلْيُقَاتِلْ في سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ في سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسُوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (74) وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ في سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا واجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنكَ وَلِيّاً واجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِ اللهِ والَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ في سَبيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كانَ ضَعيفا (76)] النساء. ب - وقال تعالى: وَمَنْ يُهَاجِرْ في سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ في الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (100)] النساء. جـ - وقال تعالى: [إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ
يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً في التَّوْرَاةِ والإِنْجِيلِ والْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)] التوبة. د - وقال تعالى: [إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفَّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)] الصف. هـ - وقال تعالى: [وَقاتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ولا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) واقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنْ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193) الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ والْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ واتَّقُوا اللهَ واعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)] البقرة. و- وقال تعالى: [أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وصَلَواتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)] الحج. ز - وقال تعالى: [وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ في سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (60) وإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)] الأنفال. ح - وقال تعالى: [وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ فَإِنِ
انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِمَا يعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِنْ تَوَلَّوْا فاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)] الأنفال. ط - وقال تعالى: [يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثْبُتُوا واذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)] الأنفال. ي - وقال تعالى: [يَا أَيُّها الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (71)] النساء. ك - وقال تعالى: [يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ باللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)] الصف. ل - وقال تعالى: [وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170)] آل عمران. م - وقال تعالى: [انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقالاً وَجَاهِدُوا بأِمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ في سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)] التوبة. ن - وقال تعالى: [يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا في سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38)] التوبة. س - وقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يُوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)] الأنفال.
آيات الترغيب في الاتحاد وحسن الخلق
ع - وقال تعالى: [يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثْبُتُوا واذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ واصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)] الأنفال. آيات الترغيب في الاتحاد وحسن الخلق وطاعة الله ورسوله وحب العدل الديمقراطية الإسلامية أ - قال تعالى: [واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا واذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلَى شفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)] آل عمران. ب - وقال تعالى: [يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثْبُتُوا واذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ واصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)] الأنفال. جـ - وقال تعالى: [وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ واتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)] الحجرات. د - وقال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبيرٌ (13)] الحجرات. آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والشقاق والخلاف أ - قال تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا
واخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيَمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)] آل عمران. ب - وقال تعالى: [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيْرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)] التوبة. جـ - وقال تعالى: [وأْمُرْ أَهْلَكَ بالصَّلاةِ واصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (123)] طه. د - وقال تعالى: [وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِنَّنْ دَعَا إِلى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنِّني مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)] فصلت. هـ - وقال تعالى: [قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)] يوسف. و- وقال تعالى: [ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)] النحل. ز - وقال تعالى: [فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا في الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)] التوبة. ح - وقال تعالى: [وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ (214) واخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (125)] الشعراء.
آيات الإيمان وشعبه وأصحابه المتصفين بخلاله
ط - وقال تعالى: [لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرِائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)] المائدة. ي - وقال تعالى: [واتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً واعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)] الأنفال. آيات الإيمان وشعبه وأصحابه المتصفين بخلاله أ - قال تعالى: [وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ (43)] البقرة. ب - وقال تعالى: [إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)] الأنفال. جـ - وقال تعالى: [إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُوكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ باللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ واسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62)] النور. د - وقال تعالى: [إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا باللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ في سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)] الحجرات. هـ - وقال تعالى: [إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً في التَّوْرَاةِ والإِنْجِيلِ وَالْقُرآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وذَلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ والنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112)] التوبة. و- وقال تعالى: [قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ في صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) والَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) والَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) والَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) والَّذِينَ هُمْ عَلىَ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)] المؤمنون. ز - وقال تعالى: [لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ وَالْملائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى والْيَتَامَى والْمَسَاكِينَ وابْنَ السَّبِيلِ والسَّائِلِينَ وفي الرِّقابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ في الْبَأْسَاءِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)] البقرة. ح - وقال تعالى: [الَّذِينَ يُنْفِقُونَ في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ والْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ واللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) والَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)] آل عمران. ط - وقال تعالى: [فلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65)] النساء. ي - وقال تعالى: [إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا
آيات تنمية الإيمان بالنظر في آيات الله تعالى
بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (18)] السجدة. ك - وقال تعالى: [وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قالُوا هذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً (22)] الأحزاب. ل - وقال تعالى: [وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)] آل عمران. آيات تنمية الإيمان بالنظر في آيات الله تعالى أ - وقال تعالى: [إِنَّ في خَلْقِ السَّمَواتِ والأَرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامَاً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السَّمَواتِ والأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هذَا باطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)] آل عمران. ب - وقال تعالى: [ومَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ والأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27)] سورة ص. جـ - وقال تعالى: [وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ والشَّمْسُ والْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ واسْجُدُوا للهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)] فصلت. د - وقال تعالى: [قُلِ انْظُرُوا مَاذَا في السَّمَواتِ والأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ والنذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (101)] يونس. هـ - وقال تعالى: [وَفي الأرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (21)] الذاريات. و- وقال تعالى: [وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ
تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ في ذلِكَ لآياَتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَواتِ والأَرْضِ واخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِلْعَالَمِينَ (22) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ والنَّهَارِ وابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِقُوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ والأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25)] الروم. ز - وقال تعالى: [وَفي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْض في الأُكُلِ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)] الرعد. ح - وقال تعالى: [أَفَلَمْ يَسِيرُوا في الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ ولكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتي في الصُّدُورِ (46)] الحج. ط - وقال تعالى: [أفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) والأَرْضِ مَدَدْنَاهَا وأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْج بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8)] سورة ق. ي - وقال تعالى: [وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ في السَّمَواتِ والأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)] يوسف. ك - وقال تعالى: [إِنَّ في ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)] سورة ق.
آيات وحدانية الله تعالى ودلائلها
آيات وحدانية الله تعالى ودلائلها واتصافه بالكمال المطلق وتنزيهه عن النقائص أ - قال تعالى: [قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)] سورة الإخلاص. ب - وقال تعالى: [هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (65)] غافر. جـ - وقال تعالى: [اللهُ لا إِلَهُ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَواتِ ومَا في الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَواتِ والأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)] البقرة. د - وقال تعالى: [وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابِهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)] المؤمنون. هـ - وقال تعالى: [لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)] الأنبياء. و- وقال تعالى: [وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بالعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلى اللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (22)] لقمان. ز - وقال تعالى: [إِنْ كُلُّ مَنْ في السَّمَواتِ والأَرْضِ إِلاَّ آتي الرَّحْمَنِ عَبْدا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّا (64) وكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدا (95)] مريم. ح - وقال تعالى: [هُو اللهُ الذي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ والشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللهُ الَّذي لا إِله إلا هُوَ الْمَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَآ يُسَبِّحُ لَهُ مَا في السَّمَواتِ والأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)] الحشر.
آيات قدرة الله تعالى ودلائلها
ط - وقال تعالى: [وَلاَ تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ (106) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107)] يونس. آيات قدرة الله تعالى ودلائلها الناطقة بوجوده وحسن تدبيره تبارك وتعالى أ - قال تعالى: [سَنُرِيهِمْ آياتِنَا في الآفَاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيد (53)] فصلت. ب - وقال تعالى: [نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58)، أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ في مَا لا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ (62) أَفَرأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الماءَ الّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ (70) أَفَرَأَيْتُمْ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعَاً لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ باسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)] الواقعة. جـ - وقال تعالى: [أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)] الغاشية. د - وقال تعالى: [فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ والتَّرائِبِ (7)] الطارق.
آيات علم الله تعالى ودلائله
هـ - وقال تعالى: [فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبَّا (25) ثُمَّ شَقَقنا الأَرْضَ شَقّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبَّا (27) وَعِنَباً وَقَضْبا (28) وَزَيْتُوناً وَنَخْلا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبَّا (31) مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ (32)] عبس. و- وقال تعالى: [قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاء وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ في اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيْتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)] آل عمران. ز - وقال تعالى: [وَآيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وأَعَنْابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (35) سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ ومِمَّا لا يَعْلَمُونَ (36) وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) والشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللِّيْلُ سَابِقُ النَّهارِ وُكُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَتَهُمْ في الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُون (43) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعاً إِلى حِينٍ (44)] يس. آيات علم الله تعالى ودلائله أ - قال تعالى: [يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)] غافر. ب - وقال تعالى: [اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْملُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلَّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَاءٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ والشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)] الرعد. جـ - وقال تعالى: [وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا في البَرِّ والْبَحْرِ
آيات سنة الله تعالى في أن من رجع إليه هداه ومن أعرض عنه أضله
وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ في ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ في كِتَابٍ مُبِينٍ (59)] الأنعام. د - وقال تعالى: [قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ في السَّمَواتِ والأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)] النمل. هـ - وقال تعالى: [إِنَّ اللهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ في الأَرْضِ وَلا في السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ في الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ (6)] آل عمران. و- وقال تعالى: [إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا في الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بَأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)] لقمان. ز - وقال تعالى: [وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)] سورة ق. ح - وقال تعالى: [وَأَسِرُّوا قَوْلَهُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)] الملك. ط - وقال تعالى: [أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا في السَّمَواتِ وَمَا في الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ (7)] المجادلة. ي - وقال تعالى: [هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكَمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ في بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكَّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)] النجم. آيات سنة الله تعالى في أن من رجع إليه هداه ومن أعرض عنه أضله أ - قال الله تعالى: [وَمَنْ يَعْتَصِمْ باللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)] آل عمران.
ب - وقال تعالى: [فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى واتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ واسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)] الليل. جـ - وقال تعالى: [وَمَنْ يُؤْمِنْ باللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ واللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)] التغابن. د - وقال تعالى: [وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27)] الرعد. هـ - وقال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانَاً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ واللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)] الأنفال. و- وقال تعالى: [وَالَّذِينَ اهْتَدَوا زَادَهُمْ هُدىً وآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)] محمد عليه الصلاة والسلام. ز - وقال تعالى: [والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)] العنكبوت. ح - وقال تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيْمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ في جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)] يونس. ط - وقال تعالى: [كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86)] آل عمران. ي - وقال تعالى: [فَرِيقاً هَدَى وَفَريقاً حَقَّ عَلَيْهِمْ الضّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30)] الأعراف. ك - وقال تعالى: [سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ في الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَإِنْ يَرَوا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا وَإِنْ يَرَوا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146)] الأعراف. ل - وقال تعالى: [إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28)] غافر. م - وقال تعالى: [كذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)] غافر.
ن - وقال تعالى: [بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونُ إِلاَّ قَليلا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيما (156)] النساء. س - وقال تعالى: [وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً في قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77)] التوبة. ع - وقال تعالى: [فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5)] الصف. ف - وقال تعالى: [ثمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (127)] التوبة. ص - وقال تعالى: [في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)] البقرة. ق - وقال تعالى: [وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانَاً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37)] الزخرف. ر - وقال تعالى: [فمن اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةَ ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (125) قالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)] طه. ش - وقال تعالى: [كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (33)] يونس عليه السلام. [سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ والْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)] من سورة الصافات.
صورة ما وجد بآخر النسخة الخطية المقابل عليها برمز «ع» عمارية
ملاحظة: وجد بآخر النسخة الخطية «ع» التي قابلت عليها هذا الكتاب أثناء شرحه وطبعه ما نصه: نجزت كتابة هذا الجزء المبارك بحمد الله وعونه وحسن توفيقه في نهار الاثنين المبارك الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة 856 هـ على يد الفقير إلى الله تعالى المعترف بالتقصير محمد بن أبي بكر بن أبي يحيى بن أحمد الخيري غفر الله له ولوالديه ولأساتذته ولمن دعا لهم بالمغفرة ولمالكه ولمن نظر فيه ولمن قرأه أو سمعه ولجميع المسلمين. اللهم صلّ على أفضل خلقك أجمعين النبي الأمي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وعلى آله وصحبه عدد معلوماتك ومداد كلماتك كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون. الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. برسم الأخ في الله الصدر الأجلّ المحترم شمس الدين أبي عبد الله محمد بن المعلم شهاب بن أحمد الشهير بابن حامد الخشاب، عامله الله بلطفه الخفي وغفر له ولوالديه ولجميع المسلمين.
ثبت المؤلف لقراء ونشر الأحاديث الشريفة
ثبت المؤلف لقراء ونشر الأحاديث الشريفة لسيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ملخص من كتاب (منح المنة: في سلسلة بعض كتب السنة) لحافظ العصر ومحدثه، مسند الزمان، أبو الإسعاد وأبو الإقبال: "السيد محمد عبد الحي الكتاني المغربي الفاسي، حفظه الله تعالى بمنه وجوده. ومتع الأنام بوجوده آمين. القائل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رافع من بصحيح العمل إلى على بابه استند، وواصل من انقطع بحسن العمل إلى عزيز جنابه وعليه اعتمد، وواضع من تعلق في النوازل والمعضلات لضعف يقينه بسوي الفرد الصمد، فليس وراء الله أحد، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المرسل والحق في غربة واضطراب، اشتهر ولله الحمد دينه القويم وتواتر ولوكره المعاند المرتاب. وعلى آله المسلسل ما لهم من الشرف والمجد ولد عن والد ووالد عن جد، وأصحابه مصابيح الهدى ونجوم الاقتداء، والتابعين لهم بإحسان ما تكرر الجديدان. أما بعد: وفي كل ربع بنو سعد فيقول الفقير الحقير أبو الإسعاد وأبو الإقبال خادم السنة محمد عبد الحي ابن شيخه أبي المكارم عبد الكبير ابن شيخه أبي المفاخر محمد بن عبد الواحد الحسيني الحسني الإدريسي الكتاني، خار الله تعالى له ووفقه وفي كل مشهد أوقفه ربه حققه. فقد استجازني وبالخير أولاني حضرة الفاضل المشتغل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته الشيخ مصطفى عمارة المصري نفعه الله ونفع به آمين. فلبيت دعوته. وأجبت رغبته وقلت، وعلى الله توكلت: أجيز حضرة المفضال المذكور ذي السعي المشكور والعمل المبرور بجميع مالي من مرويات ومقروءات ومسموعات ومجازات عن قريب من خمسمائة نفس (¬1). . . إلى أن ¬
الاعتراف بالجميل
قال موصياً للسيد المجاز بتقوى الله تعالى التي هي ملاك الأمر كله في السر والعلن فيما ظهر وبطن، ورفع الهمة، واحترام حرمة الدين والأمة، وملازمة الجماعة والغيرة على الدين والسنة، وتقديمها على أمر كل ذي منة، وأرجوه ألا ينساني من صالح دعواته في خلواته. وأسأل الله تعالى أن يطيل عمره في صحة وعافية وينفع به، ويوفقني وإياه وذويه ومحبيه وتابعين والمسلمين لما يحبه ويرضاه آمين. قاله محمد عبد الحي الكتاني الحسني في 7 صفر الخير سنة 1353 من الهجرة النبوية. الاعتراف بالجميل والثناء على الله وحده. والفضل له عز شأنه الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله من أرسله الله رحمة للعالمين. أما بعد: فأقول وأنا العبد الحقير راجي عفو ربه القدير سبحانه وتعالى: أقبل هذا الإذن بأدب واحترام، وأسأل ربي تبارك وتعالى أن يوفقني إلى الخير ويلهمني الشراد والسداد فيما أنقل وفيما أكتب، وبالله أستعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وصلى الله عليى سيدنا حمد وعلى آله وأصحابه الأخيار الذين عملوا بسنة رسول الله ففازوا وسعدوا في الدنيا والآخرة وحسبنا الله ونعم الوكيل. خادم السنة النبوية الشريفة مصطفى محمد عمارة