البلاغة العمرية

محمد سالم الخضر

إهداء

إهداء * إلى فاروق الأمة وعبقريها ... إلى عِزِّها وضميرها النابض في عروقنا ... إلى مُلهِم الأحرار عبر الأزمان والأقطار ... إلى السيف البتّار على أهل الشنار ... إلى عمر بن الخطاب ... * إلى أبي الذي افتقدته صغيراً ولم تمتلئ عيناي منه ... فهذه الثمرة التي كنت ترجوها في أبنائك ... وهذه الصلوات المتتاليات التي أذكرك بها حيناً بعد حين.

* إلى التي أظلتني برعايتها ... واكتنَفَتْني بعطفها وحنانها ... وأسهرت على راحتي عينيها ... إلى أمي الحبيبة ... بكل المشاعر الإنسانية المتدفقة التي لا يحجزها عن التعبير عن عظيم حقك عليَّ حاجز ... وبكل صلواتي المتتاليات التي أذكرك فيها كل حين. * إلى أهلي وقرابتي ... * إلى ابني ((عمر)) سَمِيِّ الفاروق الأكبر ... * إلى أشقائه: ((الحسين)) و ((بدرية)) و ((آلاء)) ... هذا عِزكم ففاخروا به، وانهضوا بحقه، واعملوا بأحسنه ... المؤلف

على ساحل عمر

عَلَى سَاحِلِ عُمَر ... ((إِيهٍ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ)). النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ((مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -)). عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِأَوَّلِنَا إِسْلامًا، وَلا أَقْدَمِنَا هِجْرَةً، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَزْهَدَنَا فِي الدُّنْيَا، وَأَرْغَبَنَا فِي الآخِرَةِ)). طلحة بن عبيد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((وَمَنْ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ غَنَاءً لِلْإِسْلَامِ، كَانَ وَاللهِ أَحْوَزِيًّا، نَسِيجَ وَحْدِهِ، قَدْ أَعَدَّ لِلْأُمُورِ أَقْرَانَهَا)). أم المؤمنين عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -

أَبَعْدَ قَتِيلٍ بِالْمَدِينَةِ أَشْرَقَتْ ... لَهُ الْأَرْضُ وَاهْتَزَّ الْعِضَاةُ بِأَسْوُقِ جَزَى اللهُ خَيْرًا مِنْ إِمَامٍ وَبَارَكَتْ ... يَدُ اللهِ فِي ذَاكَ الْأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ قَضَيْتَ أُمُورًا ثُمَّ غَادَرْتَ بَعْدَهَا ... بَوَائِجَ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ وَكُنْتَ نَشَرْتَ الْعَدْلَ بِالْبِرِّ وَالتُّقَى ... وَحُكْمُ صَلِيبِ الدِّينِ غَيْرُ مُزَوَّقِ فَمَنْ يَسْعَ أَوْ يَرْكَبْ جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ ... لَيُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بِالْأَمْسِ يُسْبَقِ أَمِينُ النَّبِيِّ حِبُّهُ وَصَفِيُّهُ ... كَسَاهُ الْمَلِيكُ جُبَّةً لَمْ تَمَزَّقِ مِنَ الدِّينِ وَالْإِسْلَامِ وَالْعَدْلِ وَالتُّقَى ... وَبَابُكَ عَنْ كُلِّ الْفَوَاحِشِ مُغْلَقُ تَرَى الْفُقَرَاءَ حَوْلَهُ فِي مَفَازَةٍ ... شِبَاعًا رُوَاءً لَيْلُهُمْ لَمْ يُؤَرَّقِ جزء بن ضرار

مقدمة

مقدمة الحمد لله الأوّل بلا ابتداء، الآخر بلا انتهاء؛ المنفرد بقدرته، المتعالي في سلطانه؛ البادئ بالإحسان، العائد بالامتنان؛ الدالّ على بقائه بفناء خلقه، وعلى قدرته بعجز كلّ شيء سواه؛ المغتفر إساءة المذنب بعفوه، وجهل المسيء بحلمه؛ الذي جعل معرفته اضطراراً، وعبادته اختياراً؛ وخلق الخلق من بين ناطق معترف بوحدانيّته، وصامت متخشّع لربوبيّته؛ لا يخرج شيء عن قدرته، ولا يعزب عن رؤيته؛ الذي قرن بالفضل رحمته، وبالعدل عذابه؛ فالناس مدينون بين فضله وعدله، آذنون بالزّوال، آخذون في الانتقال؛ من دار بلاء إلى دار جزاء. أحمده على حلمه بعد علمه، وعلى عفوه بعد قدرته؛ فإنّه رضي الحمد ثمناً لجزيل نعمائه، وجليل آلائه؛ وجعله مفتاح رحمته، وكفاء نعمته، وآخر دعوى أهل جنّته، بقوله جلّ وعزّ: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. وصلّى الله على سيّدنا محمّد النبيّ المكرّم، الشافع المقرّب، الذي

بعث آخراً واصطفي أولاً، وجعلنا من أهل طاعته، وعتقاء شفاعته. أما بعد؛ فهذا كتاب فريد في بابه، مُسْتَوْعِب لأَطْرَافِ الْفَنِّ، جَامِع لِشَتِيت الْفَوَائِد، وَمَنْثُور الْمَسَائِل، وَمُتَشَعِّب الأَغْرَاضِ، تخيّرت فيه من جواهر كلام الفاروق عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ما حفلت به كتب الآثار. وصنعت فيه صَنْعَة الشريف الرضي في سِفره (نهج البلاغة)، إذ جمع من كلام أبي السبطين علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ما صح سنده وما لم يصح، غير أني جانبت طريقته في نِسبة كثير من الحكم والخطب إليه مما ثبت أنها لغيره أو نُحِلت على لسانه، فخلّفت ورائي من الفرائد الكثير، حين لاح لي زيف نِسبتها. وقد أعرضت عن التعرض للحُكْمِ على أغلبِ رواياتِ هذا السِفر عن عمد، رغم وقوفي على رُتَبِها، لمَّا كانت الغاية من كتابة هذا السِفر، جمع ما تناثر في الكتب من خُطب الفاروق عمر وكتبه وحِكمه، ليسوغ لمِثلي أن يتمَثَّل بعد هذا قول الفرزدق لجرير مفتخراً: أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعَتْنا يا جرير المجامعُ والبلاغة كما فسَّرها أهل الفن: هي موافقة الكلام مقتضى الحال، مع الفصاحة والإيجاز. وما أبلغ تعبير القدماء من أعلام الأمة إذ قالوا أنها: بلوغ دقيق المعاني بجليل الكلام.

فقد سأل رَجُلٌ الشَّافِعِيِّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا الْبَلَاغَةُ؟، فقال: ((الْبَلَاغَةُ أَنْ تَبْلُغَ إِلَى دَقِيقِ الْمَعَانِي بِجَلِيلِ الْقَوْلِ))، فسأله: فَمَا الْإِطْنَابُ؟، فقال: ((الْبَسْطُ لِيَسِيرِ الْمَعَانِي، فِي فُنُونِ الْخِطَابِ))، فسأله: فَأَيُّمَا أَحْسَنُ عِنْدَكَ الْإِيجَازُ أَمْ الْإِسْهَابُ؟، فقال: ((لِكُلٍّ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ مَنْزِلَةٌ، فَمَنْزِلَةُ الْإِيجَازِ عِنْدَ التَّفَهُّمِ فِي مَنْزِلَةِ الْإِسْهَابِ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا احْتَجَّ فِي كَلَامِهِ كَيْفَ يُوجِزُ، وَإِذَا وَعَظَ يُطْنِبُ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ مُحْتَجًّا: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، وَإِذَا جَاءَتِ الْمَوْعِظَةُ، جَاءَ بِأَخْبَارِ الْأَوَّلِينَ، وَضَرَبَ الْأَمْثَالَ بِالسَّلَفِ الْمَاضِينَ)) (¬1). ومن تأمل كلام الماضين، تفتقت له ينابيع الحِكمة، وفَصل الخِطاب، وتجلَّت له بلاغة المنطق، وتفتحت له أبوابها. وأما كلام الفاروق عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فهو البحر الذي لا يُساجَل (¬2)، والجمّ الذي لا يحافَل (¬3)، وهو دائرٌ على أقطاب (¬4) ثلاثة؛ كنحو تلك الأقطاب التي دارت عليها بلاغة أبي السبطين علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. ¬

(¬1) الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي: 2/ 66 (¬2) لا يُساجَل: لا يغالب في الامتلاء وكثرة الماء. (¬3) لا يحُافَل: لا يغالب في الكثرة، من قولهم: ضرع حافل: ممتلئ كثير اللبن، والمراد أنّ كلامه لا يقابل بكلام غيره لكثرة فضائله. (¬4) أقطاب: أصول.

* فأول هذه الأقطاب: الخطب والأوامر. * وثانيها: الكتب والرسائل. * وثالثها: الحكم والمواعظ. فأجمعتُ (¬1) بتوفيق الله جلّ جلاله على الابتداء باختيار محاسن الخطب، ثم محاسن الكتب، ثم محاسن الحِكَم والأدب، مفرداً لكلّ صنف من ذلك باباً، ومفصَّلاً فيه أوراقاً، لتكون مقدمة لاستدراك ما عساه يشذّ عنّي عاجلاً، ويقع إليّ آجلاً. ولا أدَّعي - مع ذلك - أنّي أحيط بأقطار جميع كلامه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (¬2) حتّى لا يشذَّ عني منه شاذّ، ولا يَنِدَّ نادّ (¬3)، بل لا أبعد أن يكون القاصر عني فوق الواقع إليّ، والحاصل في رِبْقتي (¬4) دون الخارج من يديّ، وما عليّ إلا بذل الجهد، وبلاغ الوسع، وعلى الله سبحانه نهج السبيل (¬5)، وإرشاد الدليل، إن شاء الله تعالى. ورأيتُ من بعد تسمية هذا الكتاب بـ ((البلاغة العُمرية)) إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها، ويقرّب عليه طِلابها، وفيه حاجة العالم ¬

(¬1) أجمع عليه: عزم. (¬2) أقطار الكلام: جوانبه. (¬3) الناد: المنفرد الشاذ. (¬4) الربقة: عروة حبل يجعل فيها رأس البهيمة. (¬5) نهج السبيل: إبانته وإيضاحه.

والمتعلّم، وبغية البليغ والزاهد، ويمضي في أثنائه من عجيب الكلام، ما هو بِلال كلّ غلّة (¬1)، وشفاء كلّ علّة، وجِلاء كلّ شبهة. ثمَّ إني بعد هذا كله، عزوت كل أثر عنه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بحسب الوُسع والطاقة - إلى مصدره، فما كان منه في الكتب التسعة قدَّمته على غيره، وأخَّرت ما سواه ولو كان ذا علو في الإسناد، بادئًا بالبخاري ثمَّ مسلم ثمَّ أصحاب السنن ثمَّ الموطأ ثمَّ مسند أحمد ثمَّ الدارمي ثمَّ سائر الكتب. وما كان منه خِلواً مما ذكرت، قَدَّمت فيه الأقدم تصنيفاً فالأحدث. فإن كان الأثر مُسنداً في كتب أهل الفن، عبَّرت عن ذلك بقولي (رواه)، وإن كان مذكوراً بلا إسناد يُعرف، عبَّرت عن ذلك بقولي (ذكره). وإني قبل هذا وبعده؛ أستمد من الله تعالى التوفيق والعصمة، وأتنجّزُ التسديد والمعونة، وأستعيذه من خطأ الجنان، قبل خطأ اللسان، ومن زلّة الكَلِم، قبل زلّة القَدَمْ، وهو حسبي ونعم الوكيل. ¬

(¬1) الغلة: العطش.

الباب الأول: في المختار من خطب أمير المؤمنين - رضي الله عنه - وأوامره

الباب الأول: في المُختار من خُطب أمير المؤمنين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأوامره

[1] ومن كلام له - رضي الله عنه - يذكر وقوع الإسلام في قلبه قبل إسلامه

[1] وَمِنْ كَلامٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يذكر وقوع الإسلام في قلبه قبل إسلامه ((خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقُمْتُ خَلْفَهُ، فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ، فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ تَالِيفِ الْقُرْآنِ، فَقُلْتُ: هَذَا وَاللهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ، فَقَرَأَ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ}، قُلْتُ: كَاهِنٌ، قَالَ: {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الحاقة: 42 - 52]، فَوَقَعَ الْإِسْلامُ فِي قَلْبِي كُلَّ مَوْقِعٍ)) (¬1). [2] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يذكر إسلامه وفضل الله تعالى عليه ((أَتُحِبُّونَ أَنْ أُعْلِمَكُمْ بُدُوَّ إِسْلَامِي؟ قالوا: نَعَمْ، قَالَ: كُنْتُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَبَيْنَا أَنَا فِي يَوْمٍ حَارٍّ فِي ¬

(¬1) رواه أحمد في المسند (108) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 28.

بَعْضِ طُرُقِ مَكَّةَ إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: أَيْنَ تَذْهَبُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ هَذَا الَّذِي الَّذِي الَّذِي، قَالَ: عَجَبًا لَكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ هَكَذَا، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْكَ هَذَا الْأَمْرُ بَيْتَكَ، قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أُخْتُكَ قَدْ صَبَتْ، فَرَجَعْتُ مُغْضَبًا، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْمَعُ الرَّجُلَ وَالرِّجْلَيْنِ إِذَا أَسْلَمَا عِنْدَ الرَّجُلِ بِهِ قُوَّةٌ يُصِيبَانِ مِنْ طَعَامِهِ، وَقَدْ كَانَ ضَمَّ إِلَى زَوْجِ أُخْتِي رَجُلَيْنِ، فَجِئْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: ابْنُ الْخَطَّابِ، وَكَانُوا يَقْرَءُونَ صَحِيفَةً مَعَهُمْ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتِي اخْتَفَوْا وَنَسُوا الصَّحِيفَةَ، فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ فَفَتَحَتْ لِي، فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّةَ نَفْسِهَا، قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكِ صَبَوْتِ، وَأَرْفَعُ شَيْئًا فِي يَدِي فَأَضْرِبَهَا، فَسَالَ الدَّمُ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ بَكَتْ وَقَالَتْ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، مَا كُنْتَ فَاعِلًا فَافْعَلْ، فَقَدْ أَسْلَمْتُ. فَجَلَسْتُ عَلَى السَّرِيرِ فَنَظَرْتُ، فَإِذَا بِكِتَابٍ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ أَعْطِينِيهِ، قَالَتْ: لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ، إِنَّكَ لَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَلَا تَطْهُرُ، وَهَذَا لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، فَلَمْ أَزَلْ بِهَا حَتَّى أَعْطِنِيهِ، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ذُعِرْتُ وَرَمَيْتُ بِالصَّحِيفَةِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَإِذَا فِيهِ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، كُلَّمَا مَرَرْتُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ ذُعِرْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي، حَتَّى بَلَغْتُ {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الحديد: 7 - 8]، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَخَرَجَ الْقَوْمُ يَتَنَادَوْنَ بِالتَّكْبِيرِ اسْتِبْشَارًا بِمَا سَمِعُوا مِنِّي، وَحَمِدُوا اللهَ، وَقَالُوا: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، أَبْشِرْ، فَلَمَّا أَنْ عَرَفُوا مِنِّي الصِّدْقَ قُلْتُ لَهُمْ: أَخْبِرُونِي بِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ، قَالُوا: هُوَ فِي بَيْتٍ فِي أَسْفَلِ الصَّفَا، فَخَرَجْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: ابْنُ الْخَطَّابِ، وَقَدْ عَرَفُوا شِدَّتِي عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا إِسْلَامِي. فَمَا اجْتَرَأَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِفَتْحِ الْبَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((افْتَحُوا لَهُ، فَإِنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ))، فَفَتَحُوا لِي، وَأَخَذَ رَجُلٌ بِعَضُدِي، حَتَّى دَنَوْتُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ((أَرْسِلُوهُ))، فَأَرْسَلُونِي فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ بِمَجْمَعِ قَمِيصِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ: ((أَسْلِمْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، اللَّهُمَّ اهْدِهِ))، قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً سُمِعَتْ بِطُرُقِ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ اسْتَخْفَى، وَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى رَجُلًا إِذَا أَسْلَمَ يُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: مَا أُحِبُّ إِلَّا أَنْ يُصِيبَنِي مِمَّا يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ. فَذَهَبْتُ إِلَى خَالِي، وَكَانَ شَرِيفًا فِيهِمْ، فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ،

فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: ابْنُ الْخَطَّابِ، فَخَرَجَ، فَقُلْتُ: أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ؟ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، قُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: لَا تَفْعَلْ، وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي، قُلْتُ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَجُلًا مِنْ عُظَمَاءِ قُرَيْشٍ، فَقَرَعْتُ الْبَابَ، فَخَرَجَ، فَقُلْتُ: أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ؟ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، قُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، فَدَخَلَ فَأَجَابَ الْبَابَ، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: أَتُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ بِإِسْلَامِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِذَا جَلَسَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ فَائْتِ فُلَانًا، رَجُلًا لَمْ يَكُنْ يَكْتُمُ السِّرَّ، فَأَصْغِ إِلَيْهِ وَقُلْ لَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ: إِنِّي قَدْ صَبَوْتُ، فَإِنَّهُ سَوْفَ يَظْهَرُ عَلَيْكَ وَيَصِيحُ وَيُعْلِنُهُ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ جِئْتُ إِلَى الرَّجُلِ فَدَنَوْتُ فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ: إِنِّي قَدْ صَبَوْتُ، فَقَالَ: قَدْ صَبَوْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَرَفَعَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَقَالَ: أَلَا إِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَا، فَثَابَ إِلَيَّ النَّاسُ فَضَرَبُونِي وَضَرَبْتُهُمْ، فَقَالَ خَالِي: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: ابْنُ الْخَطَّابِ، فَقَامَ عَلَى الْحِجْرِ فَأَشَارَ بِكُمِّهِ: أَلَا إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أُخْتِي، فَانْكَشَفَ النَّاسُ عَنِّي، وَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَأَنَا لَا أُضْرَبُ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ حَتَّى يُصِيبَنِي مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمْهَلْتُ حَتَّى إِذَا جَلَسَ فِي الْحِجْرِ، دَخَلْتُ إِلَى خَالِي قُلْتُ: اسْمَعْ، قَالَ: مَا أَسْمَعُ؟ قُلْتُ: جِوَارُكَ عَلَيْكَ رَدٌّ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ يَا ابْنَ أُخْتِي، قُلْتُ: بَلَى هُوَ ذَاكَ،

[3] ومن كلام له - رضي الله عنه - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد إسلامه

قَالَ: مَا شِئْتَ، قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُ وَأُضْرَبُ حَتَّى أَعَزَّ اللهُ الْإِسْلَامَ)) (¬1). [3] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد إسلامه ((يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَدَعُ مَجْلِسًا جَلَسْتُهُ فِي الْكُفْرِ إِلَّا أَعْلَنْتُ فِيهِ الْإِسْلَامَ)) (¬2). [4] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في هجرته إلى المدينة ((اتعَدْتُّ، لَمَّا أَرَدْنَا الْهِجْرَةَ إلَى الْمَدِينَةِ، أَنَا وعَيَّاش بن أبي ربيعة (¬3)، وهشام بن العاص بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ (¬4) التَّناضِبَ مِنْ أَضَاةِ ¬

(¬1) رواه أحمد في فضائل الصحابة (376) والبيهقي في دلائل النبوة: 2/ 216. (¬2) رواه الطبراني في المعجم الأوسط (1293). (¬3) عياش بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي، من المهاجرين الأولين، ذو الهجرتين، ولد له بالحبشة ابنه عبد الله، ثم هاجر هو وعمر بن الخطاب إلى المدينة، كان أخاً لأبي جهل بن هشام لأمه، خرج أبو جهل، والحارث ابنا هشام إلى المدينة فتلطفا له، حتى رجعا به إلى مكة، فكان ممن يعذب في الله مع المستضعفين الذين قنت فيهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ((اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة)). (معرفة الصحابة لأبي نعيم: 4/ 2226). (¬4) هشام بن العاص بن وائل السهمي. كان قديم الإسلام بمكة، وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، ثم قدم مكة حين بلغه مهاجر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة يريد اللحاق به، فحبسه أبوه وقومه بمكة حتى قدم بعد الخندق على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة، فشهد ما بعد =

بَنِي غِفَارٍ، فَوْقَ سَرِف وَقُلْنَا: أَيُّنَا لَمْ يُصْبِحْ عِنْدَهَا فَقَدْ حُبس فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ. قَالَ: فَأَصْبَحْتُ أَنَا وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ عِنْدَ التَّناضِب، وحُبسَ عنَّا هشامٌ، وفُتن فافتتن. فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ نَزَلْنَا فِي بَنِي عَمرو بْنِ عَوْفٍ بقُباء، وَخَرَجَ أَبُو جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ إلَى عَيَّاش بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَكَانَ ابْنَ عَمِّهِمَا وَأَخَاهُمَا لِأُمِّهِمَا، حَتَّى قَدِمَا عَلَيْنَا الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ، فَكَلَّمَاهُ وَقَالَا: إنَّ أمَّك قَدْ نَذَرَتْ أَنْ لَا يَمس رأسَها مُشط حَتَّى تَرَاكَ، وَلَا تَسْتَظِلَّ مِنْ شَمْسٍ حَتَّى تَرَاكَ، فرقَّ لَهَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَيَّاشُ، إنَّهُ وَاَللهِ إنْ يُرِيدَكَ الْقَوْمُ إلَّا لِيَفْتِنُوكَ عَنْ دِينِكَ فاحذرْهم، فَوَاَللهِ لَوْ قَدْ آذَى أمَّك القملُ لَامْتَشَطَتْ، وَلَوْ قَدْ اشْتَدَّ عَلَيْهَا حرُّ مَكَّةَ لَاسْتَظَلَّتْ. قَالَ: فَقَالَ: أَبَرُّ قَسَمَ أُمِّي، وَلِي هُنَالِكَ مَالٌ فَآخُذُهُ. قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللهِ إنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالًا، فَلَكَ نِصْفُ مَالِي وَلَا تَذْهَبْ مَعَهُمَا. قَالَ: فَأَبَى عَلَيَّ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمَا؛ فَلَمَّا أَبَى إلَّا ذَلِكَ؛ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَمَّا إذْ قَدْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ، فَخُذْ نَاقَتِي هَذِهِ، فَإِنَّهَا نَاقَةٌ نَجِيبَةٌ ذَلُولٌ، فَالْزَمْ ظهرَها، فَإِنْ رَابَكَ مِنْ الْقَوْمِ ريْب، فانجُ عَلَيْهَا. ¬

_ = ذلك من المشاهد، وكان أصغر سناً من أخيه عمرو بن العاص وليس له عقب. (الطبقات الكبرى: 4/ 191).

[5] ومن كلام له - رضي الله عنه - في أمر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -

فَخَرَجَ عَلَيْهَا مَعَهُمَا، حَتَّى إذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: يا ابن أَخِي، وَاَللهِ لَقَدْ استغلظتُ بَعِيرِي هَذَا، أَفَلَا تُعْقِبني عَلَى نَاقَتِكَ هَذِهِ؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: فَأَنَاخَ، وَأَنَاخَا لِيَتَحَوَّلَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا استَوَوْا بِالْأَرْضِ عدَوَا عَلَيْهِ، فَأَوْثَقَاهُ وَرَبَطَاهُ ثُمَّ دَخَلَا بِهِ مَكَّةَ، وَفَتَنَاهُ فافتُتن)) (¬1). [5] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في أمر أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ((إِنِّي كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهِيَ مِنْ عَوَالِي المَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الأَمْرِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَاخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي، فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ، فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ اليَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ، ¬

(¬1) رواه ابن إسحاق كما في السيرة النبوية لابن هشام: 1/ 474 وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 271 والبزار في البحر الزخار (155) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 663 والنجاد في مسند عمر بن الخطاب: ص96 والبيهقي في السنن الكبرى (17756) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 47/ 242 و74/ 17.

فَأَفْزَعَنِي، فَقُلْتُ: خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ، ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: أَيْ حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اليَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: خَابَتْ وَخَسِرَتْ أَفَتَامَنُ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَتَهْلِكِينَ لاَ تَسْتَكْثِرِي عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلاَ تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ، وَلاَ تَهْجُرِيهِ، وَاسْأَلِينِي مَا بَدَا لَكِ، وَلاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ عَائِشَةَ - وَكُنَّا تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ النِّعَالَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَرَجَعَ عِشَاءً، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: أَنَائِمٌ هُوَ، فَفَزِعْتُ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هُوَ؟ أَجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَالَ: لاَ، بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَطْوَلُ طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَهُ، قَالَ: قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلاَةَ الفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ، فَاعْتَزَلَ فِيهَا، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، قُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ؟ أَوَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ، أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَتْ: لاَ أَدْرِي هُوَ ذَا فِي المَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ، فَجِئْتُ المِنْبَرَ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ المَشْرُبَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا، فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ لَهُ أَسْوَدَ:

اسْتَاذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ، فَكَلَّمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: ذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ، حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الغُلاَمَ فَقُلْتُ: اسْتَاذِنْ لِعُمَرَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا، فَإِذَا الغُلاَمُ يَدْعُونِي قَالَ: أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ، فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: ((لاَ))، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: أَسْتَانِسُ يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَذَكَرَهُ فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَنِي، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ عَائِشَةَ -، فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ البَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ، فَقُلْتُ: ادْعُ اللهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ، وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللهَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: ((أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ؟! أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا))، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ

[6] ومن كلام له - رضي الله عنه - في موافقاته لربه عز وجل

اللهِ، اسْتَغْفِرْ لِي، فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ: ((مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا)) مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ الله، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ))، وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ)) (¬1). [6] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في موافقاته لربه عزَّ وجل ((وَافَقْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي ثَلَاثٍ، أَوْ وَافَقَنِي رَبِّي فِي ثَلَاثٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ الْمَقَامَ مُصَلًّى، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، وَقُلْتُ: لَوْ حَجَبْتَ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ، وَبَلَغَنِي عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ شَيْءٌ فَاسْتَقْرَيْتُهُنَّ أَقُولُ لَهُنَّ: لَتَكُفُّنَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَيُبْدِلَنَّهُ اللهُ بِكُنَّ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ، حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَتْ: يَا عُمَرُ، أَمَا ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (2468) ومسلم في صحيحه (1479) والترمذي في السنن (3318) وأحمد في المسند (222) وابن حبان في صحيحه (4187) و (4268)

[7] ومن كلام له - رضي الله عنه - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -

فِي رَسُولِ اللهِ مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ، حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ؟ فَكَفَفْتُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم: 5])) (¬1). [7] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد ذكر له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه رأى في الجنة قصراً له وصرفه عن دخوله ما عَلِمَه من غيرته. ((بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ أَوَ عَلَيْكَ أَغَارُ)) (¬2). [8] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للعباس بن عبد المطلب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَهْلًا يَا عبّاس، فوالله لَإِسْلَامُكَ يَوْمَ أَسْلَمْتَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ إسْلَامِ الْخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ، وَمَا بِي إلَّا أَنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ إسْلَامَكَ كَانَ أَحَبَّ إلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إسْلَامِ الْخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (402) و (4483) ومسلم في صحيحه (2399) مختصراً وأحمد في المسند (160) واللفظ له، والدارمي في السنن (1891) وابن حبان في صحيحه (6896). (¬2) رواه البخاري في صحيحه (3679) ومسلم في صحيحه (2394) والترمذي في السنن (3688) وأحمد في المسند (15002) و (15189) وابن الجعد في المسند (2904) وابن حبان في صحيحه (54). (¬3) رواه ابن إسحاق في السيرة النبوية لابن هشام: 2/ 403 والطحاوي في شرح معاني الآثار =

[9] ومن كلام له - رضي الله عنه - عن عطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله بفحش وغلظة

[9] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن عطاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمن سأله بفُحش وغِلظة ((قَسَمَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسْمًا، فَقُلْتُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، لَغَيْرُ هَؤُلَاءِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ (¬1)، قَالَ: ((إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي، فَلَسْتُ بِبَاخِلٍ (¬2))) (¬3). [10] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يذكر فيه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ((كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَيْءٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَقُلْتُ لِنَفْسِي: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، نَزَرْتَ (¬4) رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْكَ، فَرَكِبْتُ ¬

= (5450) والطبراني في المعجم الكبير (7264) والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (144) والبيهقي في دلائل النبوة: 5/ 34 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 23/ 449. (¬1) في مسند أحمد: (لَغَيْرُ هَؤُلاءِ أَحَقُّ مِنْهُمْ: أَهْلُ الصُّفَّةِ). (¬2) قال القاضي عياض في (إكمال المعلم: 3/ 594): (معناه: أنه اشتطوا عليه في المسألة، التي تقتضي إن أجابهم إليها حابهم، وإن منعهم آذوه وبخَّلوه، فاختار - عليه السلام - إعطاءهم، إذ ليس البُخل من طباعه، ومداراةً لهم وتآلفاً كما قال - عليه السلام -: (إنَّ شر الناس من اتقاه الناس لشره)، كما أُمر بإعطائه المؤلفة قلوبهم). (¬3) رواه مسلم في صحيحه (1056) وأحمد في المسند (127) والخطيب البغدادي في البخلاء (11). (¬4) نزرت فلاناً: إذا ألححت عليه في السؤال. (جامع الأصول لابن الأثير - (806)).

[11] ومن كلام له - رضي الله عنه - يذكر العسرة في تبوك

رَاحِلَتِي فَتَقَدَّمْتُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ، فَإِذَا أَنَا بِمُنَادٍ يُنَادِي: يَا عُمَرُ، أَيْنَ عُمَرُ؟، فَرَجَعْتُ وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ، فقال النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَزَلَتْ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ سُورَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 1 - 2])) (¬1). [11] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يذكر العُسرة في تبوك ((خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى تَبُوكَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا أَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ شَدِيدٌ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا سَتَنْقَطِعُ، حَتَّى أَنْ كَانَ أَحَدُنَا يَذْهَبُ يَلْتَمِسُ الْخَلَا فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ رَقَبَتَهُ تَنْقَطِعُ، وَحَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ وَيَضَعُهُ عَلَى بَطْنِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْرًا فَادْعُ لَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أَتُحِبُّ ذَاكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟)) قَالَ: نَعَمْ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَيْهِ فَلَمْ يُرْجِعْهَا حَتَّى ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (4177) والترمذي في السنن (3262) ومالك في الموطأ (693) مرسلاً، وموصولاً في الموطأ - برواية أبي مصعب الزهري - (272) وأحمد في المسند (209) واللفظ له، وابن حبان في صحيحه (6409) والبيهقي في شعب الإيمان (2254) ودلائل النبوة: 4/ 154

[12] ومن كلام له - رضي الله عنه - في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على عبد الله بن أبي بن سلول

مَالَتِ السَّمَاءُ فَأَطَلَّتْ ثُمَّ سَكَبَتْ فَمَلَئُوا مَا مَعَهُمْ، ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَاوَزَتِ الْعَسْكَرَ)) (¬1). [12] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في صلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على عَبْدِ اللهِ بنِ أُبَيِّ بن سلول ((لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ، دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَبْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا؟ أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: ((أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ)) فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: ((إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا)) قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا، حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةٌ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84]، فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ)) (¬2). ¬

(¬1) رواه البزَّار في البحر الزخار (214) والفريابي في دلائل النبوة (42) وابن خزيمة في صحيحه (101) والطبراني في المعجم الأوسط (3292) والحاكم في المستدرك (566) والبيهقي في السنن الكبرى (19641) ودلائل النبوة: 5/ 231 (¬2) رواه البخاري في صحيحه (1366) والنسائي في السنن (1966) وابن حبان في صحيحه =

[13] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مسجى في بيته بعد وفاته

[13] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد رأى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسجّى في بيته بعد وفاته ((وَاغَشْيَاهْ مَا أَشَدُّ غَشْيَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -))، فقال له المغيرة بن شعبة: يَا عُمَرُ! مَاتَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال عمر: ((كَذَبْتَ بَلْ أَنْتَ رَجُلٌ تَحُوسُكَ فِتْنَةٌ (¬1). إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمُوتُ حَتَّى يُفْنِيَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُنَافِقِينَ)) (¬2). [14] وَمِنْ خطْبَةٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بعد وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ((إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّ رَبَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ كَمَا أَرْسَلَ إِلَى مُوسَى، فَمَكَثَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَاللهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِي رِجَالٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَأَلْسِنَتَهُمْ يَزْعُمُونَ، ¬

= (3176) بزيادة (فَعَجَبًا لِجُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ، انْصَرَفْتُ عَنْهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ مَشَى مَعَهُ، فَقَامَ عَلَى حُفْرَتِهِ حَتَّى دُفِنَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَوَاللهِ مَا لَبِثَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] فَمَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُنَافِقٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا قَامَ عَلَى قَبْرِهِ). (¬1) أَي: تُخالِطُك وتَحُثك عَلَى ركُوبها. وَكُلُّ مَوضع خالَطْتَه ووطِئْته فَقَدْ حُسْتَهُ وجُسْتَه. (النهاية لابن الأثير - (حَوَسَ)). (¬2) رواه أحمد في المسند (25841) وإسحاق بن راهويه في المسند (1333).

أَوْ قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ مَاتَ)) (¬1). وكان عمر يقول بعدها ذاكراً تلك الخطبة: وَاللهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ (¬2). فجاء أبو بكر - وقد كان حين وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسُّنْحِ - فكشف عن وجه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَبَّلَهُ، وقال: (بأبي أنتَ وأُمِّي، طِبت حيَّاً ومَيِّتاً، والذي نفسي بيده، لا يُذيقك اللهُ الموتَتَين أبداً). ثُمَّ خرج وقال لعمر وقد سَمِعه يَحلِفُ بالله أنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يمت، فقال: أَيُّهَا الحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ. ثمَّ وقف في الناس خطيباً فقال في خطبته المسدَّدة: (أَمَّا بَعْدُ؛ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، قَالَ اللهُ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]). ¬

(¬1) رواه ابن ماجه في السنن (1627) وأحمد في المسند (13028) واللفظ له، وابن أبي شيبة في المصنف (38191) وعبد بن حميد كما في المنتخب من مسنده (1161) وابن حبان في صحيحه (6620). (¬2) رواه البخاري في صحيحه (3667) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2438) والبيهقي في السنن الكبرى (16536) والاعتقاد: ص346.

[15] ومن كلام له - رضي الله عنه - في بيعة السقيفة

فقال عمر: ((وَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاَهَا فَعَقِرْتُ (¬1)، حَتَّى مَا تُقِلُّنِي (¬2) رِجْلَايَ، وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلاَهَا، عَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ مَاتَ (¬3))) (¬4). [15] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في بيعة السقيفة ((كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَدْبُرَنَا - يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ - فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا تَهْتَدُونَ بِهِ، بِمَا هَدَى اللهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثَانِيَ اثْنَيْنِ، فَإِنَّهُ أَوْلَى المُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ)) (¬5). ¬

(¬1) العَقَر بفَتْحتين: أَنْ تُسْلِمَ الرجُلَ قوائمُه مِنَ الخَوف. وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يفْجَأه الرَّوعُ فَيدْهشَ وَلَا يستطيعَ أَنْ يتقدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ. (النهاية لابن الأثير - (عَقَرَ)). (¬2) أي تحملني. (¬3) قالت أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كما في حديث البخاري (3667) - في التعليق على خطبتي أبي بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رغم اختلافهما: (فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إِلَّا نَفَعَ اللهُ بِهَا، لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ، وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا فَرَدَّهُمُ اللهُ بِذَلِكَ). (¬4) رواه البخاري في صحيحه (4454) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 2/ 270 وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 29. (¬5) رواه البخاري في صحيحه (7219) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 2/ 270 وعبد الرزاق في المصنف (9756) وابن حبان في صحيحه (6875) والبغوي في شرح السنة (2489) والبيهقي في دلائل النبوة: 7/ 216 - 217.

[16] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأبي بكر - رضي الله عنه -

[16] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَنْتَ سَيِّدُنَا، وَخَيْرُنَا، وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) (¬1). [17] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لمَّا اخْتَلَفَ الناسُ فِي لَّحْدِ أو شَّقِّ قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى عَلَت أصواتهم: ((لَا تَصْخَبُوا (¬2) عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيًّا وَلَا مَيِّتًا)) (¬3). [18] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي بكر الصدّيق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد عزم على قتال مانعي الزكاة ((كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا الله، فَمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ، إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى الله، فَقَالَ أبو بكر: وَاللهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللهِ لَوْ ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (3667) والترمذي في سننه (3656) وابن أبي عاصم في السنة (1166) والحاكم في المستدرك (4421) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2437) وأبو نعيم في فضائل الخلفاء الراشدين (185). (¬2) وفي نُسخة للسنن كما في حاشية السندي: 1/ 472: ((لَا تَضِجُّوا) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ أَيْ لَا تَصِيحُوا). (¬3) رواه ابن ماجه في السنن (1558).

[19] ومن كلام له - رضي الله عنه - وهي أول خطبة له حين تولى الخلافة

مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: ((فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ)) (¬1). [19] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهي أول خطبة له حين تولى الخلافة ((أَمَّا بَعْدُ، فَقَدِ ابْتُلِيتُ بِكُمْ وَابْتُلِيتُمْ بِي، وَخَلَفْتُ فِيكُمْ بَعْدَ صَاحِبِي، فَمَنْ كَانَ بِحَضْرَتِنَا بَاشَرْنَاهُ بِأَنْفُسِنَا، وَمَهْمَا غَابَ عَنَّا وَلَّيْنَا أَهْلَ الْقُوَّةِ وَالْأَمَانَةِ، فَمَنْ يُحْسِنْ نَزِدْهُ حُسْنًا، وَمَنْ يُسِئْ نُعَاقِبْهُ، وَيَغْفِرُ اللهُ لَنَا وَلَكُم)) (¬2). [20] وَفي أَوَّلِ خطْبَةٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الليلة التي دفن فيها أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إنَّ اللهَ نَهَجَ سَبيلَهُ، وَكَفانا برسُولِهِ، فلَمْ يَبْقَ إلا الدُّعَاءُ والاقْتِدَاءُ، فالحَمْدُ للهِ الذي ابْتَلانِي بِكُمْ وابتَلاكُمْ بِي، والحمْدُ للهِ الذَي أَبقاني فِيكُمْ بَعْدَ صَاحِبيَّ كَنَفَرٍ ثَلاثةٍ اغْتَرَبُوا الطِيَّةَ (¬3)؛ فَأَخَذَ أحدُهُمْ مُهْلَةً إلى دارِهِ وَقَرارَهِ، فسلَكَ أَرضاً مُضِلَّةً، فَتَشَابَهَتِ الأَسبابُ ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (7284) ومسلم في صحيحه (20) وأبو داود في السنن (1556) والترمذي في السنن (2607) والنسائي في السنن (2443) وأحمد في المسند (117) و (239) و (335). (¬2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 274 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 306 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 263. (¬3) الطيَّة: النيّة، قال الخليل: ((الطيَّةُ تكون منزلاً وتكون منتأى. تقول منه: مضى لطيَّته أي لنيته التي انتواها (الصحاح 6/ 2415).

[21] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقف بين الخربين - وهما داران لفلان -

والأَعلامُ، فلَمْ يَزِلَّ عن السَّبيلِ، ولمْ يَخْرِم (¬1) عنه حتَّى أَسْلَمَهُ إلى أهْلِهِ، فأَفْضَى إليهم سَالماً، ثمَّ تَلاهُ الآخَرُ فَسَلَكَ سبيلَهُ واتَّبَعَ أَثَرَهُ فأَفْضَى إليه سَالماً ولَقِيَ صَاحِبَهُ، ثمَّ تَلَاهُ الثالِثُ فإِنْ سَلَكَ سَبيلهُما، واتَّبَعَ أَثَرَهُما، أَفْضَى إليهما سَالِماً ولاقاهُما، وإنْ هُوَ زَلَّ يَميناً أو شِمالاً لَمْ يُجامِعْهُما أَبَداً، ألا إنَّ العَرَبَ جُمُلٌ أُنُفٌ (¬2) فلا أَعَطَيْتُ بِخِطَامِهِ، ألا وِإنِّي حَامِلُهُ على المَحَجَّةِ، مُسْتعِينٌ باللهِ، ألا وإِنِّي دَاعٍ فَأَمِنُّوا، اللهُمَّ إنِّي شَحِيحٌ فَسَخِّنِي، اللُهمَّ إنِّي غَلِيظٌ فَلَيِّنِّي، اللهُمَّ إني ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي، اللهُمَّ أَوْجِبْ لي بِمُوَالاتِكَ ومُوالاةِ أَولِيائِكَ، وَلايَتَكَ وَمَعُونَتَكَ، وأَبْرِرنِي بمُعَادَاةِ عَدُوِّكَ مِنَ الآفاتِ)) (¬3). [21] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَفَ بَيْنَ الْخَرِبَيْنِ - وَهُمَا دَارَانِ لِفُلاَنٍ - ((شَوَى أَخُوكَ حَتَّى إِذَا أَنْضَجَ رَمَّدَ (¬4))) (¬5). ¬

(¬1) لم يخرم: أي ما عدل (الصحاح 5/ 1911). (¬2) الجميل الأنف: أي المأنوف وهو الذي عقر الخشاش أنفه فهو لا يمتنع على قائدة للوجع الذي به (النهاية 1/ 75). (¬3) ذكره ابن الجوزي في مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: ص190 (¬4) قال أبو عبيد في (غريب الحديث: 3/ 367): (يَقُول: إِنَّه لما أنضج شواه وجوّده أَلْقَاهُ فِي الرماد فأفسده. وَهُوَ مَثل يُضرب للرجل يصطنع الْمَعْرُوف إِلَى الرجل ثمَّ يُفْسِدهُ عَلَيْهِ بالامتنان أَو أَن يقطعهَا عَنهُ لَا يُتمهَا لَهُ). وقال في (الأمثال: ص66): (وقد يُقال هذا أيضًا للذي يبتدئ بالإحسان ثم يعود عليه بالإفساد. وقال بعضهم في مثله: المنَّة تهدم الصنيعة). (¬5) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (786) وابن أبي الدنيا في قصر الأمل (267).

[22] ومن كلام له - رضي الله عنه - حين تولى الخلافة

[22] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين تولى الخلافة ((يا أيها النَّاسُ، إِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ، وَلَوْلا رَجَاءُ أَنْ أَكُونَ خَيْرَكُمْ لَكُمْ، وَأَقْوَاكُمْ عَلَيْكُمْ، وَأَشَدَّكُمُ اسْتِضْلاعًا بِمَا يَنُوبُ مِنْ مُهِمِّ أُمُورِكُمْ، مَا تَوَلَّيْتُ ذَلِكَ مِنْكُمْ، وَلَكَفَى عُمَرَ مُهَّماً مُحْزَنًا انْتِظَارُ مُوَافَقَةِ الْحِسَابِ بِأَخْذِ حُقُوقِكُمْ كَيْفَ آخُذُهَا، وَوَضْعِهَا أَيْنَ أَضَعُهَا، وَبِالسَّيْرِ فِيكُمْ كَيْفَ أَسِيرُ! فَرَبِّي الْمُسْتَعَانُ، فَإِنَّ عُمَرَ أَصْبَحَ لا يَثِقُ بِقُوَّةٍ وَلا حِيلَةٍ إِنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرَحْمَتِهِ وَعَوْنِهِ وَتَايِيدِهِ. إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَلانِي أَمْرَكُمْ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنْفَعَ مَا بِحَضْرَتِكُمْ لَكُمْ، وَإِنِّي أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُعِينَنِي عَلَيْهِ، وَأَنْ يَحْرُسَنِي عِنْدَهُ، كَمَا حَرَسَنِي عِنْدَ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُلْهِمَنِي الْعَدْلَ فِي قَسْمِكُمْ كَالَّذِي أَمَرَ بِهِ، وَإِنِّي امْرُؤٌ مُسْلِمٌ وَعَبْدٌ ضَعِيفٌ، إِلا مَا أَعَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَنْ يُغَيِّرَ الَّذِي وُلِّيتُ مِنْ خِلافَتِكُمْ مِنْ خُلُقِي شَيْئًا إِنْ شَاءَ اللهُ، إِنَّمَا الْعَظَمَةُ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَيْسَ لِلْعِبَادِ مِنْهَا شَيْءٌ، فَلا يَقُولَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ: إِنَّ عُمَرَ تَغَيَّرَ مُنْذُ وُلِّيَ، أَعْقِلُ الْحَقَّ مِنْ نَفْسِي وَأَتَقَدَّمُ، وَأُبَيِّنُ لَكُمْ أَمْرِي، فَأَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ أَوْ ظُلِمَ مَظْلَمَةً، أَوْ عَتَبَ عَلَيْنَا فِي خُلُقٍ، فَلْيُؤْذِنِّي، فَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ فِي سِرِّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ، وَحُرُمَاتِكُمْ وَأَعْرَاضِكُمْ، وَأَعْطُوا الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِكُمْ،

[23] ومن كلام له - رضي الله عنه - عند استخلافه بعد وفاة الصديق - رضي الله عنه -

وَلا يَحْمِلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا عَلَى أَنْ تَحَاكَمُوا إِلَيَّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ هَوَادَةٌ، وَأَنَا حَبِيبٌ إِلَيَّ صَلاحُكُمْ، عَزِيزٌ عَلَيَّ عَتْبُكُمْ، وَأَنْتُمْ أُنَاسٌ عَامَّتُكُمْ حَضَرٌ فِي بِلادِ اللهِ، وَأَهْلُ بَلَدٍ لا زَرْعَ فِيهِ وَلا ضَرْعَ إِلا مَا جَاءَ اللهُ بِهِ إِلَيْهِ. وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَعَدَكُمْ كَرَامَةً كَثِيرَةً، وَأَنَا مَسْئُولٌ عَنْ أَمَانَتِي وَمَا أَنَا فِيهِ، وَمُطَّلِعٌ عَلَى مَا بِحَضْرَتِي بِنَفْسِي إِنْ شَاءَ اللهُ، لا أَكِلُهُ إِلَى أَحَدٍ، وَلا أَسْتَطِيعُ مَا بَعُدَ مِنْهُ إِلا بِالأُمَنَاءِ وَأَهْلِ النُّصْحِ مِنْكُمْ لِلْعَامَّةِ، وَلَسْتُ أَجْعَلُ أَمَانَتِي إِلَى أَحَدٍ سِوَاهُمْ إِنْ شاء الله)) (¬1). [23] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عند استخلافه بعد وفاة الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَاخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا، أَمِنَّاهُ، وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ اللهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَامَنْهُ، وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَإِنْ قَالَ: إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ)) (¬2). ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 214 - 215 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 363 مختصراً. (¬2) رواه البخاري في صحيحه (2641).

[24] ومن كلام له - رضي الله عنه - لما تولى الخلافة

[24] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لمّا تولى الخلافة ((ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ إِذَا قُلْتُهَا فَهَيْمِنُوا عَلَيْهَا: اللَّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي، اللَّهُمَّ إِنِّي غَلِيظٌ فَلَيِّنِّي، اللَّهُمَّ إِنِّي بَخِيلٌ فَسَخِّنِي)) (¬1). [25] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين تولى الخلافة ((أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ تُؤْنِسُونَ مِنِّي شِدَّةً وَغِلْظَةً، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُنْتُ عَبْدَهُ وَخَادِمَهُ، وَكَانَ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}، فَكُنْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالسَّيْفِ الْمَسْلُولِ إِلَّا أَنْ يَغْمِدَنِي أَوْ يَنْهَانِي عَنْ أَمْرٍ فَأَكُفَّ، وَإِلَّا أَقْدَمْتُ عَلَى النَّاسِ لِمَكَانِ لِينِهِ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ وَهُوَ عَنِّي رَاضٍ، وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرًا، وَأَنَا بِهِ أَسْعَدُ، ثُمَّ قُمْتُ ذَلِكَ الْمَقَامَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ، وَكَانَ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ فِي كَرَمِهِ وَدَعَتِهِ وَلِينِهِ، فَكُنْتُ خَادِمَهُ، وَكُنْتُ كَالسَّيْفِ الْمَسْلُولِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَخْلِطُ شِدَّتِي بِلِينِهِ، إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَيَّ فَأَكُفَّ وَإِلَّا أَقْدَمْتُ، فَلَمْ أَزَلْ ¬

(¬1) روه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 274 والدولابي في الكنى والأسماء (1177) والخلال في السنة (400) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 53

عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ وَهُوَ عَنِّي رَاضٍ، وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرًا، وَأَنَا بِهِ أَسْعَدُ، ثُمَّ صَارَ أَمْرُكُمُ الْيَوْمَ إِلَيَّ، وَأَنَا أَعْلَمُ، فَسَيَقُولُ قَائِلٌ: كَانَ لَيَشْتَدُّ عَلَيْنَا وَالْأَمْرُ إِلَى غَيْرِهِ، فَكَيْفَ إِذَا صَارَ إِلَيْهِ؟ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَا تَسْأَلُونَ عَنِّي أَحَدًا، قَدْ عَرَفْتُمُونِي وَجَرَّبْتُمُونِي، وَعَرَفْتُ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَرَفْتُ، وَمَا أَصْبَحْتُ نَادِمًا عَلَى شَيْءٍ أَكُونُ أُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ إِلَّا وَسَأَلْتُهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ شِدَّتِي الَّتِي كُنْتُمْ تَرَوْنَ قَدِ ازْدَادَتْ أَضْعَافًا إِذْ صَارَ الْأَمْرُ إِلَيَّ عَلَى الظَّالِمِ وَالْمُتَعَدِّي، وَالْأَخْذِ لِلْمُسْلِمِينَ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ قَوِيِّهِمْ، وَإِنِّي بَعْدَ شِدَّتِي تِلْكَ وَاضِعٌ خَدِّي بِالْأَرْضِ لِأَهْلِ الْعَفَافِ وَالْكَفِّ مِنْكُمْ وَالتَّسْلِيمِ، وَإِنِّي لَا آبَى إِنْ كَانَ مِنِّي وَمِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِكُمْ أَنْ أَمْشِيَ مَعَهُ إِلَى مَنْ أَحْبَبْتُمْ مِنْكُمْ، فَلْيَنْظُرْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَأَعِينُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ بِكَفِّهَا عَنِّي، وَأَعِينُونِي عَلَى نَفْسِي بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَإِحْضَارِي النَّصِيحَةَ فِيمَا وَلَّانِي اللهُ مِنْ أَمْرِكُمْ)) (¬1). ¬

(¬1) رواه الحاكم في المستدرك (434) مختصراً، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2526) واللفظ له، والبيهقي في الاعتقاد: ص360 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 264 - 265.

[26] ومن كلام له - رضي الله عنه - حين تولى الخلافة

[26] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين تولى الخلافة ((مَا كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِيَرَانِي أَنْ أَرَى نَفْسِي أَهْلًا لِمَجْلِسِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -)) فَنَزَلَ مَرْقَاةً، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثم قال: ((اقرؤوا الْقُرْآنَ تُعْرَفُوا بِهِ، وَاعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ يَوْمَ تُعْرَضُونَ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ {لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة: 18]، إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ حَقُّ ذِي حَقٍّ أَنْ يُطَاعَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، أَلا وَإِنِّي أَنْزَلْتُ نَفْسِي مِنْ مَالِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَنْزِلَةِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ، إِنِ اسْتَغْنَيْتُ عَفِفْتُ، وَإِنِ افْتَقَرْتُ أَكَلْتُ بِالْمَعْرُوفِ)) (¬1). [27] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للعباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - في شأن صدُقات النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ((أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ، هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالاَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ ¬

(¬1) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1291).

مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: 6]، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ وَاللهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلاَ اسْتَاثَرَهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَقَسَمَهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ هَذَا المَالُ مِنْهَا، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا المَالِ، ثُمَّ يَاخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللهِ، فَعَمِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيَاتَهُ، ثُمَّ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَبَضَهُ أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ))، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ وَقَالَ: ((تَذْكُرَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهِ كَمَا تَقُولاَنِ، وَاللهُ يَعْلَمُ: إِنَّهُ فِيهِ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ؟ ثُمَّ تَوَفَّى اللهُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبُو بَكْرٍ، واللهُ يَعْلَمُ: أَنِّي فِيهِ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ؟ ثُمَّ جِئْتُمَانِي كِلاَكُمَا، وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، فَجِئْتَنِي - يَعْنِي عَبَّاسًا - فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ)) فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا، قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا، عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ: لَتَعْمَلاَنِ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ

[28] ومن كلام له - رضي الله عنه -

وَمَا عَمِلْتُ فِيهِ مُنْذُ وَلِيتُ، وَإِلا فَلاَ تُكَلِّمَانِي، فَقُلْتُمَا ادْفَعْهُ إِلَيْنَا بِذَلِكَ، فَدَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا، أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لاَ أَقْضِي فِيهِ بِقَضَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهُ فَادْفَعَا إِلَيَّ فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهُ)) (¬1). [28] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، لَا تَدْخُلُوا عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا، فَإِنَّهَا مَسْخَطَةٌ لِلرِّزْقِ)) (¬2). [29] وَمِنْ وَصِيَّةٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين وجهه إلى البصرة ((أَبْعَثُكَ إلى أَخْبَثِ حَيَّيْنِ نَصَبَ لهُمَا إِبْلِيسُ لِواءَهُ، ورَفَعَ لهما عَسْكَرَهُ: إلى بني تَمِيمٍ، أَفَظِّهِ، وأَغْلَظِهِ، وأَبْخَلِهِ، وأَكْذَبِهِ؛ وإِلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، أَرْوَعِهِ (¬3)، وأَخَفِّهِ، وأَطْيَشِهِ، فَلَا تَسْتَعِينُ بِأَحَدٍ منهُمَا في شيءٍ من أَمْرِ المُسْلمِينَ)) (¬4). ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (4033) وأحمد في المسند (425) والبيهقي في السنن الكبرى (12730). (¬2) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (760) وابن أبي الدنيا في الجوع (80). (¬3) أي: أخوفهم. (¬4) رواه وكيع البغدادي في أخبار القضاة: 1/ 285.

[30] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[30] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلاَ أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا (¬1) لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ، مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْبَرَ (¬2) وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا)) (¬3). [31] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ ذُو حَقٍّ فِي حَقِّهِ أَنْ يُطَاعَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَإِنِّي لَا أَجِدُ هَذَا الْمَالَ يُصْلِحُهُ إِلا خِلالٌ ثَلاثٌ: أَنْ يُؤْخَذَ بِالْحَقِّ، ¬

(¬1) أي: أتركُهم شَيْئًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ إِذَا قَسم الْبِلَادَ الْمَفْتُوحَةَ عَلَى الْغَانِمِينَ بَقِيَ مَنْ لَمْ يحضر الغنيمة ومن يجئ بعدُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ شَيْءٍ مِنْهَا، فَلِذَلِكَ تركها لتكون بينهم جميعتهم. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَا أحسبْه عَرَبِيًّا. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بَبَّان. وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا بَيَّاناً وَاحِدًا، وَالْعَرَبُ إِذَا ذَكَرَتْ مَنْ لَا يُعرف قَالُوا هَيَّان بْنُ بَيَّان، الْمَعْنَى لأُسَوِّيَنَّ بَيْنَهُمْ فِي الْعَطَاءِ حَتَّى يَكُونُوا شَيْئًا وَاحِدًا لَا فَضْل لِأَحَدٍ عَلَى غَيْرِهِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: لَيْسَ كَمَا ظَن. وَهَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ رَواه أَهْلُ الإِتْقان. وَكَأَنَّهَا لُغَةٌ يمانِيَّة وَلَمْ تَفْشُ فِي كَلَامِ مَعَدّ. وَهُوَ والبَاج بِمَعْنًى وَاحِدٍ. (النهاية لابن الأثير - (بَبَّانٌ)). (¬2) خيبر: بلد كثير الماء والزرع والأهل، وكان يسمى ريف الحجاز، وأكثر محصولاته التمر لكثرة نخله الذي يقدر بالملايين، وقديماً قال حسان: فإنا ومن يهدي القصائد نحونا ... كمستبضع تمرا إلى أهل خيبرا ولخيبر أودية فحول تجعل مياهه ثرارة تسيل على وجه الأرض. (معجم المعالم الجغرافية لعاتق الحربي: 1/ 118). (¬3) رواه البخاري في صحيحه (4235) ويحيى بن آدم في الخراج (106) وابن زنجويه في الأموال (222) بلفظ: ((وَلَمْ أَتْرُكْهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا))، وأبو يعلى في المسند (224) والبيهقي في السنن الكبرى (12822) و (12830).

وَيُعْطَى فِي الْحق، وَيمْنَع الْبَاطِل؛ وَإِنَّمَا أَنَا وَمَالُكُمْ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ إِنِ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ، وَإِنِ افْتَقَرْتُ أَكَلْتُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَسْتُ أَدَعُ أَحَدًا يَظْلِمَ أَحَدًا وَلا يَعْتَدِي عَلَيْهِ حَتَّى أَضَعَ خَدَّهُ عَلَى الأَرْضِ، وَأَضَعُ قَدَمِي عَلَى الْخَدِّ الآخَرِ حَتَّى يُذْعِنَ لِلْحَقِّ، وَلَكُمْ عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ خِصَالٌ أَذْكُرُهَا لَكُمْ فَخُذُونِي بِهَا: لَكُمْ عَلَيَّ أَنْ لَا أَجْتَبِي شَيْئًا مِنْ خَرَاجِكُمْ وَلا مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكُمْ إِلا مِنْ وَجْهِهِ، وَلَكُمْ عَلَيَّ إِذَا وَقَعَ فِي يَدِي أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنِّي إِلا فِي حَقه، وَلَكُمْ عَلَيَّ أَنْ أَزِيدَ أُعْطِيَاتِكُمْ وَأَرْزَاقَكُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ وَأَسُدَّ ثُغُورَكُمْ، وَلَكُمْ عَلَيَّ أَنْ لَا أُلْقِيكُمْ فِي الْمَهَالِكِ وَلا أَجَمِّرَكُمْ فِي ثُغُورِكُمْ (¬1)، وَقَدِ اقْتَرَبَ مِنْكُمْ زَمَانٌ قَلِيلُ الأُمَنَاءِ كَثِيرُ الْقُرَّاءِ، قَلِيل الْفُقَهَاء، كثير الْأكل، يَعْمَلُ فِيهِ أَقْوَامٌ لِلآخِرَةِ يَطْلُبُونَ بِهِ دُنْيَا عَرِيضَةً تَاكُلُ دِينَ صَاحِبِهَا كَمَا تَاكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ؛ أَلا كُلُّ مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلْيَصْبِرْ. يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ اللهَ عَظَّمَ حَقَّهُ فَوْقَ حَقِّ خَلْقِهِ فَقَالَ فِيمَا عَظَّمَ مِنْ حَقِّهِ {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (¬2)، أَلا وَإِنِّي لَمْ أَبْعَثْكُمْ أُمَرَاءً وَلا جَبَّارِينَ؛ وَلَكِنْ ¬

(¬1) تَجْمِير الْجَيْشِ: جَمْعهم فِي الثُّغُور وحَبْسهم عَنِ الْعَوْد إِلَى أهْلهم. (النهاية لابن الأثير - (جَمَرَ)). (¬2) سورة آل عمران آية 80.

[32] ومن كلام له - رضي الله عنه - لرجل تعوذ بالله من الفتن

بَعَثْتُكُمْ أَئِمَّةَ الْهُدَى يُهْتَدَى بِكُمْ؛ فَأَدِرُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ حُقُوقَهُمْ، وَلا تَضْرِبُوهُمْ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلا تَحْمَدُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلا تُغْلِقُوا الأَبْوَابَ دُونَهُمْ فَيَاكُلَ قَوِيُّهُمْ ضَعِيفَهُمْ، وَلا تَسْتَاثِرُوا عَلَيْهِمْ فَتَظْلِمُوهُمْ، وَلا تَجْهَلُوا عَلَيْهِمْ، وَقَاتِلُوا بِهِمُ الْكفَّار طاقتهم؛ فَإِذا رَأَيْتُم بِهِمْ كَلالَةً فَكُفُّوا عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي جِهَادِ عَدُوِّكُمْ. أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أُشْهِدُكُمْ عَلَى أُمَرَاءِ الأَمْصَارِ أَنِّي لَمْ أَبْعَثْهُمْ إِلا لِيُفَقِّهُوا النَّاسَ فِي دينهم ويَقْسِمُوا عَلَيْهِم فَيْأَهُم وَيَحْكُمُوا بَيْنَهُمْ؛ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ رَفَعُوهُ إِلَيَّ)) (¬1). [32] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لرجل تعوَّذ بالله من الفتن ((اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الضَّفَاطَةِ (¬2)، أَتُحِبُّ أَنْ لاَ يَرْزُقَك اللهُ مَالاً وَوَلَدًا، أَيُّكُمَ اسْتَعَاذَ مِنَ الْفِتَنِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلاتِهَا)) (¬3). [33] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقد ذَكَرَ مَا فَتَحَ اللهُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ ((لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْتَوِي، مَا يَجِدُ مَا يَمْلأُ بَطْنَهُ مِنَ ¬

(¬1) رواه أبو يوسف في الخراج: ص130 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 364 مختصراً. (¬2) أي: ضَعْفُ الرَّأي والجهلُ. وَقَدْ ضَفُطَ يَضْفُطُ ضَفَاطَةً فَهُوَ ضَفِيط. (النهاية لابن الأثير - (ضَفَطَ)). (¬3) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (38373).

[34] ومن كلام له - رضي الله عنه - يذكر فيه مسابقته أبا بكر - رضي الله عنه - بالصدقة

الدَّقَلِ (¬1)، وَمَا تَرْضَوْنَ إِلا أَلْوَانَ الطَّعَامِ، وَأَلْوَانَ الثِّيَابِ)) (¬2). [34] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يذكر فيه مسابقته أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بالصدقة ((أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟))، قُلْتُ: مِثْلَهُ، وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟)) قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا)) (¬3). [35] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد شيَّع جيش المدينة لقتال يزدجرد ((إِنَّ اللهَ تَعَالَى إِنَّمَا ضَرَبَ لَكُمُ الأَمْثَالَ، وَصَرَفَ لَكُمُ الْقَوْلَ، ¬

(¬1) هو رديء التمر ويابسه، وما ليس له اسم خاص فتراه ليبسه ورداءته لا يجتمع ويكون منثوراً. (النهاية لابن الأثير - (دقل)). (¬2) رواه مسلم في صحيحه (2978) وأحمد في المسند (159) و (353) والزهد (162) وابن أبي الدنيا في الجوع (9) وأبو يعلى في المسند (183) وابن بشران في أماليه (1010) واللفظ له، وابن عساكر في تاريخ دمشق: 4/ 124 والجماعيلي في أحاديثه (6). (¬3) رواه أبو داود في السنن (1678) والترمذي في السنن (3675) والدارمي في السنن (1701) وعبد بن حميد كما في المنتخب من مسنده (14) وابن أبي عاصم في السنن (1240) والبزَّار في البحر الزخار (159) و (270) وابن شاهين في شرح مذاهب أهل السنة: 1/ 157 والحاكم في المستدرك (1510) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2429) وأبو نعيم في فضائل الخلفاء الراشدين (47) وحلية الأولياء: 1/ 32.

لِيُحْيِيَ بِهِ الْقُلُوبَ، فَإِنَّ الْقُلُوبَ مَيِّتَةٌ فِي صُدُورِهَا حَتَّى يُحْيِيَهَا اللهُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَنْتَفِعْ بِهِ، وَإِنَّ لِلْعَدْلِ أَمَارَاتٍ وَتَبَاشِيرَ، فَأَمَّا الأَمَارَاتُ فَالْحَيَاءُ وَالسَّخَاءُ وَالْهَيْنُ وَاللِّينُ، وَأَمَّا التَّبَاشِيرُ فَالرَّحْمَةُ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ أَمْرٍ بَابًا، وَيَسَّرَ لِكُلِّ بَابٍ مِفْتَاحًا، فَبَابُ الْعَدْلِ الاعْتِبَارُ وَمِفْتَاحُهُ الزُّهْدُ. وَالاعْتِبَارُ ذِكْرُ الْمَوْتِ بِتَذَكُّرِ الأَمْوَاتِ، وَالاسْتِعْدَادِ لَهُ بِتَقْدِيمِ الأَعْمَالِ، وَالزُّهْدُ أَخْذُ الْحَقِّ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ قِبَلَهُ حَقٌّ، وَتَادِيَةُ الْحَقِّ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ لَهُ حَقٌّ وَلا تُصَانِعُ فِي ذَلِكَ أَحَدًا، وَاكْتَفِ بِمَا يَكْفِيكَ مِنَ الْكَفَافِ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَكْفِهِ الْكَفَافُ لَمْ يُغْنِهِ شَيْءٌ، إِنِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللهِ، وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَحَدٌ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ أَلْزَمَنِي دَفْعَ الدُّعَاءِ عَنْهُ، فَانْهُوا شُكَاتَكُمْ إِلَيْنَا، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِلَى مَنْ يُبَلِّغُنَاهَا نَاخُذُ لَهُ الْحَقَّ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ (¬1)))، وَأَمَرَ سَعْدًا بِالسَّيْرِ، وَقَالَ: ((إِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى زَرُودَ (¬2) فَانْزِلْ بِهَا، وَتَفَرَّقُوا فِيمَا حَوْلَهَا، وَانْدُبْ مَنْ حَوْلَكَ مِنْهُمْ، وَانْتَخِبْ أَهْلَ النَّجْدَةِ وَالرَّايِ وَالْقُوَّةِ وَالْعُدَّةِ)) (¬3). ¬

(¬1) مُتَعْتَعٍ: بِفَتْحِ التَّاءِ، أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصِيبه أَذًى يُقَلْقِله ويُزْعجه. يُقَالُ تَعْتَعَهُ فَتَتَعْتَعَ. و ((غَيْرَ)) مَنْصُوبٌ لِأَنَّهُ حَالٌ لِلضَّعِيفِ. (النهاية لابن الأثير - (تَعْتَعَ)). (¬2) زَرُودُ: يجوز أن يكون من قولهم: ((جمل زرود)) أي بلوع، والزّرد: البلع، ولعلّها سميت بذلك لابتلاعها المياه التي تمطرها السحائب لأنّها رمال بين الثعلبية والخزيمية بطريق الحاج من الكوفة. (معجم البلدان: 3/ 139). (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 485 وعنه ابن كثير في البداية والنهاية: 9/ 614.

[36] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[36] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَمَعَ عَلَى الإِسْلامِ أَهْلَهُ، فَأَلَّفَ بَيْنَ الْقُلُوبِ، وَجَعَلَهُمْ فِيهِ إِخْوَانًا، وَالْمُسْلِمُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ كَالْجَسَدِ لا يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ شَيْءٍ أَصَابَ غيره، وكذلك يحِقُّ على المسلِمِينَ أن يكُونُوا أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَوِي الرَّايِ مِنْهُمْ، فَالنَّاسُ تُبَّعٌ لِمَنْ قَامَ بِهَذَا الأَمْرِ، مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَرَضُوا بِهِ لَزِمَ النَّاسَ وَكَانُوا فِيهِ تُبَّعًا لَهُمْ، وَمَنْ أَقَامَ بِهَذَا الأَمْرِ تَبِعٌ لأُولِي رَايِهِمْ مَا رَأَوْا لَهُمْ وَرَضُوا بِهِ لَهُمْ مِنْ مَكِيدَةٍ فِي حَرْبٍ كَانُوا فيه تبعاً لهم. يا أيها النَّاسُ، إِنِّي إِنَّمَا كُنْتُ كَرَجُلٍ مُنْكُمْ حَتَّى صَرَفَنِي ذَوُو الرَّايِ مِنْكُمْ عَنِ الْخُرُوجِ، فَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُقِيمَ وَأَبْعَثَ رَجُلاً، وَقَدْ أَحْضَرْتُ هَذَا الأَمْرَ، مَنْ قَدَّمْتُ وَمَنْ خَلَّفْتُ)) (¬1). [37] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الرَّايَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُصِيبًا لِأَنَّ اللهَ كَانَ يُرِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَّا الظَّنُّ وَالتَّكَلُّفُ)) (¬2). ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 481. (¬2) رواه أبو داود في السنن (3586) والبيهقي في السنن الكبرى (20358) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2000).

[38] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[38] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اجْتَنِبُوا أَعْدَاءَ اللهِ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى فِي عِيدِهِمْ يَوْمَ جَمْعِهِم، فَإِنَّ السَّخَطُ يَنْزِلُ عَلَيْهِم، فَأَخْشَى أَنْ يُصِيبَكُمْ، وَلَا تَعْلَمُوا بِطَانَتَهُمْ (¬1) فَتَخَلَّقُوا بِخُلُقِهِم)) (¬2). [39] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابنه عاصم وقد بعث إليّه أن يأتيه في المسجد عند الهَجِير (¬3) أو عند صلاة الصبح: فحمد الله عز وجل وأثنى عليه، ثم قال: ((أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ أَرَى شَيْئًا مِنْ هَذَا الْمَالِ يَحِلُّ لِي قَبْلَ أَنْ أَلِيَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، ثُمَّ مَا كَانَ أَحْرَمَ عَلِيَّ مِنْهُ يَوْمَ وَلِيتُهُ، فَعَادَ بِأَمَانَتِي وَإِنِّي كُنْتُ أَنْفَقَتُ عَلَيْكَ مِنْ مَالِ اللهِ شَهْرًا، فَلَسْتُ بِزَايِدِكَ عَلَيْهِ، وَإِنِّي كُنْتُ أَعْطَيْتُكَ ثَمَرَتِي بِالْعَالِيَةِ الْعَامَ، فَبِعْهُ فَخُذْ ثَمَنَهُ، ثُمَّ ائْتِ رَجُلًا مِنْ تُجَّارِ قَوْمِكَ، فَكُنْ إِلَى جَنْبِهِ فَإِذَا ابْتَاعَ شَيْئًا فَاسْتَشْرِكْهُ وَأَنْفِقْهُ عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِكَ)) (¬4). ¬

(¬1) (بطانتهم): بطانة الرجل: صاحب سره، وداخلة أمره الذي يشاوره في أحواله. (جامع الأصول لابن الأثير - (2059)). (¬2) رواه البيهقي في شعب الإيمان (8940). (¬3) الهَجِيرُ نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر (القاموس ص638). (¬4) رواه القاسم بن سلّام في الأموال (566) وابن زنجويه في الأموال (827) وابن شبة في =

[40] ومن كلام له - رضي الله عنه - لزياد بن أبيه

[40] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لزياد بن أبيه (¬1) وقد كان كاتباً لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فعزله فسأله زياد: أعن عجز عزلتني يا أمير المؤمنين أم عن خيانة؟ فقال عمر: ((لا عَنْ ذَاكَ ولا عَنْ هَذَا، ولَكِنّي كَرِهْتُ أَنْ أَحْمِلَ على العامّة فَضْلَ عَقْلِكَ)) (¬2). [41] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للمغيرة بن شعبة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد طلب منه المغيرة أن يشفي غيظه ممن قذفوه بالزنا: ((اسْكُتْ؛ أَسْكَتَ اللهُ نَامَتَكَ (¬3)، أَمَا وَالله لَوْ تَمَّتِ الشَّهَادَةُ ¬

= تاريخ المدينة: 2/ 699 وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (218) والورع (188) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 330. (¬1) أدرك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يره، وأسلم في عهد أبي بكر. وكان كاتباً للمغيرة بن شعبة، ثم لأبي موسى الأشعري أيام إمرته على البصرة. ثم ولاه علي بن أبي طالب إمرة فارس. ولي البصرة لمعاوية حين ادعاه، وضم إليه الكوفة، فكان يشتو بالبصرة، ويصيف بالكوفة، ويولي على الكوفة إذا خرج منها عمرو بن حريث، ويولي على البصرة إذا خرج منها سمرة بن جندب، ولم يكن زياد من القراء ولا الفقهاء، ولكنه كان معروفاً، وكان كاتباً لأبي موسى الأشعري. (الطبقات الكبرى: 7/ 99 والأعلام للزركلي: 3/ 53). (¬2) ذكره الجاحظ في البيان والتبيين: 1/ 218 وابن قتيبة في عيون الأخبار: 1/ 450 وابن عبد ربه في العقد الفريد: 4/ 250 وابن مسكويه في تجارب الأمم: 1/ 412 والماوردي في أدب الدنيا والدين: ص24 وابن عبد البر في الاستيعاب: 2/ 524. (¬3) النَامَةُ، بالتسكين: الصوت. يُقال أسكتَ الله نَأمَتَهُ، أي نَغْمته وصَوته. ويُقال أيضاً: نامَّتَهُ، =

[42] ومن كلام له - رضي الله عنه - عن صلاة العشاء

لَرَجَمْتُكَ بِأَحْجَارِكَ!)) (¬1). [42] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن صلاة العشاء ((لَأَنْ أُصَلِّيَ الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُحْيِيَ اللَّيْلَ كُلَّهُ)) (¬2). [43] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَيُّهَا النَّاسُ، أَصْلِحُوا أَمْوَالَكُمُ الَّتِي رَزَقَكُم اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ إِقْلَالًا فِي رِفْقٍ، خَيْرٌ مِنْ إِكْثَارٍ فِي خَرَقٍ)) (¬3). ¬

= بتشديد الميم، فيجعل من المضاعف. والنَئيمُ: صوتٌ فيه ضعفٌ كالأنين، ومنه قول الشاعر: إذا قلتُ أنسى ذكرهُنَّ يردُّه ... هوىً كانَ منه حادِثٌ ومقيمُ وورقاءُ تدعو ساقَ حرٍّ بشَجْوِها ... لها عندَ شدّاتِ النهارِ نَئيمُ فمعناه: لها عند شدات النهار حركة وصوت. وقال الأصمعي: يقال: أسكت الله نامَّته، بتشديد الميم مع فتحها من غير همز، أي: أسكت الله ما ينُمُّ عليه من حركاته. وقيل: عِرقٌ في الرأس يُسمَّى (النّأمَةَ)، ومنه قولهم: أسكت الله نأمته أي أماته. انظر: (الصحاح للجوهري - (نأم)) و (الزاهر في معاني كلمات الناس للأنباري: 1/ 198 - 199) و (النهاية لابن الأثير - (أبهر)). (¬1) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 72 وعنه ابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 364 وابن كثير في البداية والنهاية: 10/ 51. (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (2013). (¬3) رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (125).

[44] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد مر بقوم يتمنون، فلما رأوه سكتوا

[44] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد مَرَّ بِقَوْمٍ يَتَمَنَّوْنَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ سَكَتُوا ((فِيمَا كُنْتُمْ؟ قَالُوا: كُنَّا نَتَمَنَّى. قَالَ: فَتَمَنَّوْا وَأَنَا أَتَمَنَّى مَعَكُمْ. قَالُوا: فَتَمَنَّ أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: أَتَمَنَّى رِجَالاً مِلْءَ هَذَا الْبَيْتِ مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ (¬1) وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ (¬2)، إِنَّ سَالِمًا كَانَ شَدِيدًا فِي ذَاتِ اللهِ، لَوْ لَمْ يَخَفِ اللهَ مَا أَطَاعَهُ، وَأَمَّا أَبُو عُبَيْدَةَ؛ فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ)) (¬3). [45] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لرجل سألته أمه أَنْ يُزَوِّجَهَا فَكَرِهَ ذَلِكَ ((زَوِّجْهَا، فَوَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ حَنْتَمَةَ بِنْتَ هِشَامٍ (¬4) ¬

(¬1) في رواية أحمد والحاكم: ((أَتَمَنَّى لَوْ أَنَّهَا مَمْلُوءَةٌ رِجَالًا مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ)). (¬2) سَالِمُ مولى أبي حذيفة بن عُتْبةَ، أصله من إصطخر، والى أبا حذيفة. وإنما أعتقته ثبيتة الأنصارية زوجة أبي حذيفة، وتبناه أبو حذيفة. شهد بدراً والمشاهد. وكان يؤم المهاجرين بقباء قبل قدوم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولما انكشف المسلمون يوم اليمامة قال: ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فحفر لنفسه حفرة، فقام فيها ومعه راية المهاجرين يومئذ، ثم قاتل حتى قتل شهيداً سنة اثنتي عشرة. (تاريخ الإسلام: 2/ 35 - 36). (¬3) رواه أحمد في فضائل الصحابة (1280) وابن أبي الدنيا في المتمنين (154) والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2496) واللفظ له، والحاكم في المستدرك (5005) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 102 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 25/ 474. (¬4) وهي أم عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

[46] ومن كلام له - رضي الله عنه - في فضل الحج

سَأَلَتْنِي أَنْ أُزَوِّجَهَا لَزَوَّجْتُهَا))، فَزَوَّجَ الرَّجُلُ أُمَّهُ (¬1). [46] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في فضل الحج ((لَوْ يَعْلَمُ الرَّكْبُ بِمَنْ أَنَاخُوا لَقَرَّتْ أَعْيُنُهُمْ بِالْفَضْلِ بَعْدَ الْمَغْفِرَةِ، وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ، مَا رَفَعَتْ نَاقَةٌ خُفَّهَا، وَلَا وَضَعَتْهُ، إِلَّا رَفَعَ اللهُ لَهُ دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً)) (¬2). [47] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ، لَوْلَا أَنْ يُتْرَكَ آخِرُ النَّاسِ لَا شَيْءَ لَهُمْ مَا افْتُتِحَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْكُفَّارِ إِلَّا قَسَمْتُهَا سُهْمَانًا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، خَيْبَرَ سُهْمَانًا، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ جِرْيَةً تَجْرِي عَلَيْهِمْ وَكَرِهْتُ أَنْ يُتْرَكَ آخِرُ النَّاسِ لَا شَيْءَ لَهُمْ)) (¬3). [48] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين أراد أن يستعمل على البحرين (¬4) فَسَمُّوا لَهُ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ الثقفي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (17945). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (8802). (¬3) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (33648). (¬4) البَحْرين: وهو اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان، قيل: هي قصبة هجر، وقيل: هجر قصبة البحرين وقد عدّها قوم من اليمن وجعلها آخرون قصبة برأسها. (معجم البلدان: 1/ 347).

[49] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد رأى رجلا يسرق قدحا

((ذَاكَ أَمِيرٌ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الطَّائِفِ فَلَا أَعْزِلُهُ))، فقالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَامُرُهُ يَسْتَخْلِفُ عَلَى عَمَلِهِ مَنْ أَحَبَّ وَتَسْتَعِينُ بِهِ فَكَأَنَّكَ لَمْ تَعْزَلْهُ فَقَالَ: ((أَمَّا هَذَا فَنَعَمْ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ خَلِّفْ عَلَى عَمَلِكَ مَنْ أَحْبَبْتَ وَاقْدِمْ عَلَيَّ))، فَخَلَّفَ أَخَاهُ الْحَكَمَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ عَلَى الطَّائِفِ (¬1) وَقَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَوَلَّاهُ الْبَحْرَيْنَ (¬2). [49] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد رأى رجلاً يسرِق قَدَحاً ((أَلَا يَسْتَحْيِي هَذَا أَنْ يَاتِيَ بِإِنَاءٍ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) (¬3). [50] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((ثَلَاثٌ هُنَّ فَوَاقِرُ (¬4): جَارُ سُوءٍ فِي دَارِ مُقَامَةٍ، وَزَوْجُ سُوءٍ إِنْ دَخَلْتَ عَلَيْهَا آذتك، وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا لَمْ تَامَنْهَا، وَسُلْطَانٌ إِنْ أَحْسَنْتَ ¬

(¬1) الصحيح أنَّ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ولَّى عثمان بن أبي العاص الثقفي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على البحرين وعُمان، وبعث معه أخاه الحكم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خليفة له على البحرين حين يخرج عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للغزو، واستخلف على الطائف سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (المحبر لابن حبيب: ص127 وتاريخ الطبري: 4/ 241). (¬2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 5/ 509. (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (15457). (¬4) جمع فاقرة، وهي الداهية الكاسرة للظهر. (لسان العرب لابن منظور: 10/ 300).

[51] ومن كلام له - رضي الله عنه - في حق الناس بالفيء

لَمْ يَقْبَلْ مِنْكَ، وَإِنْ أَسَاتَ لَمْ يُقِلْكَ)) (¬1). [51] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في حق الناس بالفيء ((مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ لا تُمْلَكُ رَقَبَتُهُ إِلا وَلَهُ فِي هَذَا الْفَيْءِ حَقٌّ أُعْطِيَهُ أَوْ مُنِعَهُ، وَلَئِنْ عِشْتُ لَيَاتِيَنَّ الرَّاعِي بِالْيَمَنِ حَقُّهُ قَبْلَ أَنْ يَحْمَرَّ وَجْهُهُ فِي طَلَبِهِ)) (¬2). [52] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في كراهية أن يسافر الرجل وحده ((أَرَأَيْتَ إِنْ مَاتَ مَنْ أَسْأَلُ عَنْهُ؟)) (¬3). [53] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَيُّهَا النَّاسُ، أَصْلِحُوا مَعَايِشَكُمْ؛ فَإِنَّ فِيهَا صَلَاحًا لَكُمْ، وَصِلَةً لِغَيْرِكُمْ)) (¬4). [54] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الاحتكار ((لاَ حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا، لاَ يَعْمِدُ رِجَالٌ بِأَيْدِيهِمْ فُضُولٌ مِنْ أَذْهَابٍ، ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (20595). (¬2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 299 وأحمد في فضائل الصحابة (469) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 350. (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (19606). (¬4) رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (145).

[55] ومن وصية له - رضي الله عنه - لسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - حين أرسله إلى العراق

إِلَى رِزْقٍ مِنْ رِزْقِ اللهِ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا، فَيَحْتَكرونَهُ عَلَيْنَا، وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٍ جَلَبَ عَلَى عَمُودِ كَبِدِهِ (¬1) فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَذَلِكَ ضَيْفُ عُمَرَ، فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ الله، وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ)) (¬2). [55] وَمِنْ وَصِيَّةٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لسعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين أرسله إلى العراق (¬3) ((يَا سَعْدُ، سَعْدَ بَنِي وُهَيْبٍ، لا يَغُرَّنَّكَ مِنَ اللهِ أَنْ قِيلَ خَالُ رَسُولِ الله وصاحبُ رسولِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنَّهُ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، فَإِنَّ اللهَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ نَسَبٌ إِلا طَاعَتَهُ، فَالنَّاسُ شَرِيفُهُمْ وَوَضِيعُهُمْ فِي ذَاتِ اللهِ سَوَاءٌ، اللهُ رَبُّهُمْ وَهُمْ عِبَادُهُ، يَتَفَاضَلُونَ بِالْعَافِيَةِ، وَيُدْرِكُونَ مَا عِنْدَهُ بِالطَّاعَةِ، فَانْظُرِ الأَمْرَ الَّذِي رَأَيْتَ النبي عَلَيْهِ مُنْذُ بُعِثَ إِلَى أَنْ فَارَقَنَا فَالْزَمْهُ فَإِنَّهُ الأَمْرُ، هَذِهِ عِظَتِي إِيَّاكَ إِنْ تَرَكْتَهَا وَرَغِبْتَ عَنْهَا حَبِطَ عَمَلُكَ، وَكُنْتَ مِنَ الْخَاسِرِينَ. ¬

(¬1) أراد بعمود كبده: ظهره، وذلك أنه يأتي به على تعبٍ ومشقةٍ، وإن لم يكن جاء به على ظهره، وإنما هو مَثَل، وإنما سمي الظهر عمودًا؛ لأنه يعمدها، أي: يقيمها ويحفظها. (جامع الأصول لابن الأثير: (432)). (¬2) رواه مالك في الموطأ (2398) وعبد الرزاق في المصنف (14901) و (14903). (¬3) العراق: هو البلاد التي يمر فيها نهرا دجلة والفرات ثم شط العرب إلى البحر، وكان يقسم إلى عراق العرب، وهو ما غرب دجلة والشط، وعراق العجم، وهو ما شرق دجلة والشط. (معجم المعالم الجغرافية: ص202).

[56] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأهله، حين ينهى الناس عن شيء

إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ حَرْبَ الْعِرَاقِ فَاحْفَظْ وَصِيَّتِي فَإِنَّكَ تُقْدِمُ عَلَى أَمْرٍ شَدِيدٍ كَرِيهٍ لا يَخْلُصُ مِنْهُ إِلا الْحَقُّ، فَعَوِّدْ نَفْسَكَ وَمَنْ مَعَكَ الخير، واستفتح به واعلم أنَّ لكل عادة عتاداً، فعتاد الخير الصبر، فالصبر عَلَى مَا أَصَابَكَ أَوْ نَابَكَ، يَجْتَمِعُ لَكَ خَشْيَةُ الله. وَاعْلَمْ أَنَّ خَشْيَةَ اللهِ تَجْتَمِعُ فِي أَمْرَيْنِ: فِي طَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، وَإِنَّمَا أَطَاعَهُ مَنْ أَطَاعَهُ بِبُغْضِ الدُّنْيَا وَحُبِّ الآخِرَةِ، وَعَصَاهُ مَنْ عَصَاهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا. وَبُغْضِ الآخِرَةِ، وَلِلْقُلُوبِ حَقَائِقُ يُنْشِئُهَا اللهِ إِنْشَاءً، مِنْهَا السِّرُّ، وَمِنْهَا الْعَلانِيَةُ، فَأَمَّا الْعَلانِيَةُ فَأَنْ يَكُونَ حَامِدُهُ وَذَامُّهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءٌ، وَأَمَّا السِّرُّ فَيُعْرَفُ بِظُهُورِ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ، وَبِمَحَبَّةِ النَّاسِ، فَلا تَزْهَدْ فِي التَّحَبُّبِ فَإِنَّ النَّبِيِّينَ قَدْ سَأَلُوا مَحَبَّتَهُمْ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا حَبَّبَهُ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا بَغَّضَهُ فَاعْتَبِرْ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ النَّاسِ، مِمَّنْ يَشْرَعُ مَعَكَ فِي أَمْرِكَ ثُمَّ سَرَّحَهُ فِيمَنِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ نَفِيرِ الْمُسْلِمِينَ)) (¬1). [56] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأهله، حين ينهى الناس عن شيء ((إِنِّي نَهَيْتُ عَنْ كَذَا وَكَذَا، وَالنَّاسُ إِنَّمَا يَنْظُرُونَ إِلَيْكُمْ نَظَرَ الطَّيْرِ ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 483 - 484.

[57] ومن كلام له - رضي الله عنه - إلى جنده وهم بـ ((خانقين))

إِلَى اللَّحْمِ، فَإِنْ وَقَعْتُمْ وَقَعُوا، وَإِنْ هِبْتُمْ هَابُوا، وَإِنِّي وَاللهِ لَا أُوتَى بِرَجُلٍ مِنْكُمْ وَقَعَ فِي شَيْءٍ مِمَّا نَهَيْتَ عَنْهُ النَّاسَ إِلَّا أَضْعَفْتُ لَهُ الْعُقُوبَةَ لِمَكَانِهِ مِنِّي، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَتَقَدَّمْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَتَأَخَّرْ)) (¬1). [57] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى جنده وهم بـ ((خَانِقِينَ)) (¬2) ((إِنَّ الْأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ نَهَارًا، فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ (¬3) أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ، وَإِذَا حَاصَرْتُمْ أَهْلَ حِصْنٍ، فَأَرَادُوكُمْ عَلَى أَنْ تُنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ فَلَا تُنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا حُكْمُ اللهِ فِيهِمْ، وَلَكِنْ أَنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِكُمْ، ثُمَّ احْكُمُوا فِيهِمْ مَا شِئْتُمْ، وَإِذَا قُلْتُمْ لَا بَاسَ أَوْ لَا تَدْهَلْ أَوْ مَتْرَسْ (¬4) فَقَدْ آمَنْتُمُوهُمْ فَإِنَّ اللهِ يَعْلَمُ الْأَلْسِنَةَ)) (¬5). ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (20713) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 289 وابن أبي شيبة في المصنف (31285) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 341 والخطيب في تاريخ بغداد: 5/ 358 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 268 - 269. (¬2) خانِقِين: بلدة من نواحي السواد في طريق همذان من بغداد، بينها وبين قصر شيرين ستّة فراسخ لمن يريد الجبال، ومن قصر شيرين إلى حلوان ستة فراسخ، وقال البشّاري: وخانقين أيضا بلدة بالكوفة، والله أعلم. (معجم البلدان: 2/ 341). (¬3) عند ابن الجعد: (رَجُلَانِ مُسْلِمَانِ). (¬4) مَتْرَس: كلمة فارسية، معناه: لا تخف. (جامع الأصول لابن الأثير - (1142)). (¬5) رواه أبويوسف في الخراج: 1/ 224 وعبد الرزاق في المصنف (9431) وسعيد بن منصور =

[58] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[58] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سأله رجل: إِنَّ لِي أُمًّا بَلَغَهَا مِنَ الْكِبَرِ أَنَّهَا لَا تَقْضِي حَاجَةً إِلَّا وَظَهْرِي مَطِيَّةٌ لَهَا فَأُوطِيهَا وَأَصْرِفُ عَنْهَا وَجْهِي، فَهَلْ أَدَّيْتُ حَقَّهَا؟ ((لا، إنَّهَا كَانَتْ تَصْنَعُ ذَلِكَ بِكَ وَهِيَ تَتَمَنَّى بَقَاءَكَ، وَأَنْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ بِهَا وَأَنْتَ تَتَمَنَّى فِرَاقَهَا)) (¬1). [59] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في معاتبة نفسه ((عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ! بَخٍ بَخٍ. وَاللهِ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! لَتَتَّقِيَنَّ اللهَ، أَوْ لَيُعَذِّبَنَّكَ)) (¬2). [60] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سأله بعض أهل الكوفة الفتيا ((أَمَّا صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ تَطَوُّعًا: فَهُوَ نُورٌ، فَنَوِّرُوا بُيُوتَكُمْ، وَمَا ¬

= في السنن (2599) وابن الجعد في المسند (2694) وابن أبي شيبة في المصنف (9553) و (34085) و (34089) والبيهقي في السنن الكبرى (7982) و (8191) و (8192) وصححه في معرفة السنن والآثار (8799). (¬1) رواه ابن وهب في الجامع (90) وابن الجوزي في البر والصلة (1). (¬2) رواه مالك في الموطأ (3638) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 292 وأبو داود في الزهد (55) وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس (3).

[61] ومن كلام له - رضي الله عنه - في حرمة المسلم

خَيْرُ بَيْتٍ لَيْسَ فِيهِ نُورٌ، وَأَمَّا مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلٍ مِنِ امْرَأَتِهِ حَائِضًا: فَلَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ، وَلَا تَطَّلِعُونَ عَلَى مَا تَحْتَهُ حَتَّى تَطْهُرَ، وَأَمَّا الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ: فَتَوَضَّا وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اغْسِلْ رَاسَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَفِضِ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِك)) (¬1). [61] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في حُرمة المسلم ((ظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ حِمَى اللهِ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ، إِلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا حَدٌّ)) (¬2). [62] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لخَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ الْعُذْرِيِّ (¬3) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أخبره خبر الناس (¬4): ((فَاللهُ الْمُسْتَعَانُ، إِنَّمَا هُوَ حَقُّهُمْ ¬

(¬1) رواه أحمد في المسند (86) وعبد الرزاق في المصنف (987) وابن الجعد في المسند (2568) والبيهقي في السنن الكبرى (1500) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 25/ 285 والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (260) (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (13675). (¬3) خالد بن عرفطة بن أبرهة، حليف بني زهرة، صحب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عنه، وكان سعد بن أبي وقاص ولّاه القتال يوم القادسية، وهو الذي قتل الخوارج يوم النُّخَيْلَة، ونزل الكوفة وابتنى بها داراً. (الطبقات الكبرى: 4/ 355) (¬4) سأله عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا وَرَاءَك، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَرَكْتُ مَنْ وَرَائِي يَسْأَلُونَ اللَّهَ أَنْ يَزِيدَ فِي عُمُرِكَ مِنْ أَعْمَارِهِمْ، مَا وَطِئَ أَحَدٌ الْقَادِسِيَّةَ إِلَّا عَطَاؤُهُ أَلْفَانِ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَمَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا أُلْحِقَ عَلَى مِائَةٍ وَجَرَيبَيْنِ كُلَّ شَهْرٍ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَمَا يَبْلُغُ لَنَا ذَكَرٌ إِلَّا أُلْحِقَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ أَوْ سِتِّمِائَةٍ، فَإِذَا خَرَجَ هَذَا لِأَهْلِ بَيْتٍ مِنْهُمْ مَنْ يَأكُلُ الطَّعَامَ وَمِنْهُمْ مَنْ =

[63] ومن كلام له - رضي الله عنه - للنخعيين وقد استنفرهم لقتال العدو

أُعْطُوهُ، وَأَنَا أَسْعَدُ بِأَدَائِهِ إِلَيْهِمْ مِنْهُمْ بِأَخْذِهِ، فَلَا تَحْمَدَنِّي عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ مَالِ الْخَطَّابِ مَا أُعْطِيتُمُوهُ، وَلَكِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ فِيهِ فَضْلًا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ أَحْبِسَهُ عَنْهُمْ، فَلَوْ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ عَطَاءُ أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْعُرَيْبِ (¬1) ابْتَاعَ مِنْهُ غَنَمًا، فَجَعَلَهَا بِسَوَادِهِمْ ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الْعَطَاءُ الثَّانِيَةَ ابْتَاعَ الرَّاسَ فَجَعَلَهُ فِيهَا. فَإِنِّي - وَيْحَكَ يَا خَالِدُ بْنَ عُرْفُطَةَ - أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَلِيَكُمْ بَعْدِي وُلَاةٌ لَا يُعَدُّ الْعَطَاءُ فِي زَمَانِهِمْ مَالًا، فَإِنْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ قَدِ اعْتَقَدُوهُ فَيَتَّكِئُونَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ نَصِيحَتِي لَكَ وَأَنْتَ عِنْدِي جَالِسٌ كَنَصِيحَتِي لِمَنْ هُوَ بِأَقْصَى ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ لِمَا طَوَّقَنِي اللهُ مِنْ أَمْرِهِمْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ مَاتَ غَاشًّا لِرَعِيَّتِهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ)) (¬2))) (¬3). [63] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للنخعيين وقد استنفرهم لقتال العدو ((يَا مَعْشَرَ النَّخْعِ، إِنِّي أَرَى السَّرْو (¬4) فِيكُمْ مُتَرَبِّعًا، فَعَلَيْكُمْ ¬

= لَا يَأكُلُ الطَّعَامَ، فَمَا ظَنُّكَ بِهِ، فَإِنَّهُ لَيُنْفِقُهُ فِيمَا يَنْبَغِي وَفِيمَا لَا يَنْبَغِي. (¬1) الْعُرَيْبِ: تَصْغِير الْعَرَب. (¬2) رواه البخاري في صحيحه (7150) ومسلم في صحيحه (142) وأحمد في المسند (20291) والدارمي في السنن (2838) وابن حبان في صحيحه (4495). (¬3) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 298 - 299 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 354. (¬4) في مصنف ابن أبي شيبة ط الرشد (الشَّرَفَ)، وقوله: ((أرى السرو فيكم متربعاً)) أي: أرى =

[64] ومن كلام له - رضي الله عنه - في عزل شرحبيل بن حسنة - رضي الله عنه -

بِالْعِرَاقِ وَجُمُوعِ فَارِسَ)) (¬1). [64] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في عزل شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ (¬2) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَيُّهَا النَّاسِ، إِنِّي وَاللهِ مَا عَزَلْتُ شُرَحْبِيلَ عَنْ سَخْطَةٍ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ رَجُلاً أَقْوَى مِنْ رَجُلٍ)) (¬3). [65] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في تزويج الأعراب من ذوات الأحساب ((وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ، لَأَمْنَعَنَّ فُرُوجَ ذَوَاتِ الْأَحْسَابِ إِلَّا مِنْ ذَوِي الْأَحْسَابِ (¬4)، فَإِنَّ الْأَعْرَابَ إِذَا كَانَ الْجَدْبُ فَلَا نِكَاحَ لَهُمْ)) (¬5). [66] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا بَالُ رِجَالٍ لَا يَزَالُ أَحَدُهُمْ كَاسِرًا وِسَادَتَهُ عِنْدَ الْمَرْأَةِ مُغَيَّبَةٍ فِي ¬

= الشرف فيكم متمكناً. (النهاية لابن الأثير - (سرى)). (¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (34448) وابن أبي خيثمة في التاريخ (3828) و (3192) والطبري في تاريخه: 3/ 484 (¬2) شُرَحْبِيلُ بْنُ عَبْدِ الله الكندي حليف بني زُهرة، عُرِف بـ (شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ)، وَحَسَنَةُ أُمُّهُ، يقال له: ذو الهجرتين: هجرة بالحبشة، وهجرة بالمدينة، أحد أمراء الأجناد بالشام، توفي بها في الطاعون في خلافة عمر. طعن هو وأبو عبيدة بن الجراح في يوم واحد. (سير السلف الصالحين: ص452). (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 65 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 22/ 474 (¬4) في مصنف ابن أبي شيبة: (إلاَّ مِنَ الأَكْفَاءِ). (¬5) رواه عبد الرزاق في المصنف (10331) وابن أبي شيبة في المصنف (17998) مختصراً.

[67] ومن كلام له - رضي الله عنه -

سَبِيلِ اللهِ، يَتَحَدَّثُ إِلَيْهَا، وَتَتَحَدَّثُ إِلَيْهِ، عَلَيْكُمْ بَالْجَنَبَةِ (¬1)، فَإِنَّهَا عَفَافٌ، إِنَّمَا النِّسَاءُ لَحْمٌ عَلَى وَضَمٍ (¬2) إِلَّا مَا ذُبَّ عَنْهُ)) (¬3). [67] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ جَعَلَ مَا أَخْطَأَتْ أَيْدِيكُمْ رَحْمَةً لِفُقُرَائِكُمْ فَلا تَعُودُوا فِيهِ)) (¬4). [68] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَوْ كُنْتُ مُدَّعِيًا حَيًّا مِنْ الْعَرَبِ، أَوْ مُلْحِقَهُمْ بِنَا لَادَّعَيْتُ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ (¬5)، إنَّا لَنَعْرِفُ فِيهِمْ الْأَشْبَاهَ مَعَ مَا نَعْرِفُ مِنْ مَوْقِعِ ذَلِكَ ¬

(¬1) قال الْهَرَوِيُّ: يقول اجْتَنِبُوا النِّساء والجُلوسَ إِلَيْهِنَّ، وَلَا تَقْرَبُوا ناحيَتَهنّ. يُقَالُ: رجُل ذُو جَنْبَة: أي ذو اعتزال عن الناس مُتَجَنِّب لَهُم. (النهاية لابن الأثير - (جُنُبٌ)). (¬2) الْوَضَمُ: الْخَشَبَةُ أَوِ الْبَارِيَةُ الَّتِي يُوضَعُ عَلَيْهَا اللَّحْمُ، تَقيه مِنَ الْأَرْضِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ((الوَضَم: كلُّ مَا وَقَيْتَ بِهِ اللَّحْمَ مِنَ الْأَرْضِ)). أَرَادَ أنَّهُنّ فِي الضُّعف مثلُ ذَلِكَ اللَّحْمِ الَّذِي لَا يَمتَنع عَلَى أحدٍ إِلَّا أَنْ يُذَبَّ عَنْهُ ويُدْفَعَ. وقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إِنَّمَا خَصَّ اللحمَ عَلَى الوَضَم وشَبَّه بِهِ النِّسَاءَ؛ لأنَّ مِنْ عَادَةِ العَرب إِذَا نُحِر بَعيرٌ لِجَمَاعَةٍ يَقتَسمون لَحمه أَنْ يَقْلَعُوا شَجَراً ويُوضَمُ بعضُه عَلَى بَعْضٍ، ويُعَضَّى اللحمُ ويُوضَع عَلَيْهِ، ثُمَّ يُلْقَى لَحمُه عَنْ عُرَاقه، ويُقَطع عَلَى الْوَضَمِ، هَبْرًا لِلْقَسْمِ، وتُؤَجّج النَّارُ، فَإِذَا سَقَطَ جَمْرُهَا اشْتَوَى مَنْ حَضَرَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، عَلَى ذَلِكَ الْجَمْرِ، لَا يُمْنَعُ مِنْهُ أَحَدٌ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْمُقَاسِمُ حَوَّلَ كلُّ واحدٍ قِسْمه عَنِ الوَضَم إِلَى بَيْتِه، وَلَمْ يَعْرِض لَهُ أَحَدٌ. فشَبَّه عُمر النِساءَ وقلَّةَ امتناعِهنّ عَلَى طُلابِهنّ من الرجال باللحم مادام عَلَى الوَضَم. (النهاية لابن الأثير - (وضم)). (¬3) رواه هشام بن عمار في حديثه (124). (¬4) رواه الخطيب في تاريخ بغداد: 4/ 481 وقال محمد: سألت ابن عيينة عنه غير مرة فلم يعرفه فقلت لبقية: يا أبا محمد ما تفسيره؟ قَالَ: هذا الحصاد ما أخطا المنجل فلا تعد فيه ودعه للفقراء. (¬5) قال ابن إسحاق: وكان القوم أشرافاً في غطفان، وهم سادتهم وقادتهم. منهم: هَرِمُ بْنِ سِنَانِ =

[69] ومن كلام له - رضي الله عنه - إذا ولى رجلا عملا

الرَّجُلِ حَيْثُ وَقَعَ - يَعْنِي عَوْفَ بْنَ لُؤَيٍّ - (¬1))) (¬2). [69] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذا ولَّى رجلاً عملاً ((إِنَّ الْعَمَلَ كِيرٌ (¬3)، فَانْظُرْ كَيْفَ تَخْرُجُ مِنْهُ)) (¬4). [70] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ (¬5) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَحْسَنَ صُورَةً مِنْ جَرِيرٍ، إِلَّا مَا بَلَغَنَا مِنْ صُورَةِ ¬

= بْنِ أَبِي حَارِثَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ نُشْبَةَ، وَخَارِجَةُ بْنُ سِنَانِ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ وَالْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ، وَالْحُصَيْنُ بْنُ الْحُمَامِ، وَهَاشِمُ بْنُ حَرْمَلَةَ الذي يقول له القائل: أَحْيَا أَبَاهُ هَاشِمَ بْنُ حَرْمَلَهُ ... يَوْمَ الْهَبَاآتِ وَيَوْمَ الْيَعْمَلَهْ تَرَى الْمُلُوكَ عِنْدَهُ مُغَرْبَلَهُ ... يَقْتُلُ ذَا الذَّنْبِ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهْ (السيرة النبوية لابن هشام: 1/ 101). (¬1) قال الحافظ ابن كثير في (مسند الفاروق: 1/ 428): (قد ذكر ابن إسحاق كيف انتزح عوف بن لؤي من مكة، وكيف أقام في بني غطفان وتزوج منهم، وانتسب إليهم، ثمَّ إنَّ بنيه ندموا على ذلك، وجعلوا يلهجون بانتسابهم إلى لؤي بن غالب، وبنو مُرَّة بَطنٌ منهم أيضاً). (¬2) رواه ابن هشام في السيرة النبوية: 1/ 99 وابن كثير في البداية والنهاية: 3/ 229 (¬3) الكِيرُ بالكَسْر: كِير الحَدّاد، وَهُوَ المَبْنِيُّ مِنَ الطِّين. وَقِيلَ: الزِّقّ الَّذِي يُنْفَخ بِهِ النَّار، والمَبْنِيُّ: الكُورُ. (النهاية لابن الأُثير - (كَيَرَ)). (¬4) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 326 (¬5) جَرير بن عَبْد اللهَ البَجَلي، الأحْمَسي، اليمني. وفد عَلَى رَسُول اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَة عشر، فأسلم في رمضان، فأكرم رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقْدَمَهُ. وكان بديع الجمال، مليح الصورة إلى الغاية، طويلًا، يصل إِلَى سنام البعير، وَكَانَ نعله ذراعًا. اعتزل عليًا وَمُعَاوِيَة، وأقام بنواحي الجزيرة. تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين على الصحيح. (تاريخ الإسلام: 2/ 480).

[71] ومن كلام له - رضي الله عنه - لعتبة بن غزوان - رضي الله عنه -

يُوسُفَ - عليه السلام -)) (¬1). [71] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعتبة بن غزوان (¬2) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((قَدْ فَتَحَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ عَلَى إِخْوَانِكُمُ الْحِيرَةَ (¬3) وَمَا حَوْلَهَا، وَقُتِلَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَائِهَا، وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَمُدَّهُمْ إِخْوَانُهُمْ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوَجِّهَكَ إِلَى أَرْضِ الْهِنْدِ، لِتَمْنَعَ أَهْلَ تِلْكَ الْجِيزَةِ مِنْ إِمْدَادِ إِخْوَانِهِمْ عَلَى إِخْوَانِكُمْ، وَتُقَاتِلَهُمْ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَفْتَحَ عَلَيْكُمْ، فَسِرْ عَلَى بَرَكَةِ اللهِ، وَاتَّقِ اللهَ مَا اسْتَطَعْتَ، وَاحْكُمْ بِالْعَدْلِ، وَصَلِّ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، وَأَكْثِرْ ذِكْرَ الله)) (¬4). ¬

(¬1) رواه الترمذي في الشمائل المحمدية (223) وجوَّد إسناده الحافظ ابن كثير في (مسند الفاروق: 2/ 682) وقال: (وقد كان جرير من أحسن الناس وجهاً كما ثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: (إنَّ على وجهه مَسحَة مَلَك)، فرضي الله عن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أجمعين). (¬2) عتبة بن غزوان بن جابر المازني. كان رجلاً طوالاً جميلاً، وهو قديم الإسلام، كان إسلامه بعد ستة رجال، فهو سابع سبعة فِي إسلامه. هاجر فِي أرض الحبشة وَهُوَ ابن أربعين سنة، ثُمَّ قدم على النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بمكة، وأقام معه حَتَّى هاجر إِلَى المدينة مع المقداد بْن عَمْرو، ثُمَّ شهد بدراً والمشاهد كلها، وَكَانَ يوم قدم المدينة ابْن أربعين سنة، وكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان أول من نزل البصرة من المسلمين، وهو الذي اختطها. (الطبقات الكبرى: 3/ 98 والاستيعاب: 3/ 1026 - 1027). (¬3) الحيرة بكسر الحاء المهملة. مدينة كانت على شاطئ الفرات الغربي، كانت عاصمة ملوك لخم المشهورين بالمناذرة. وقد احتلت اليوم مدينة النجف موقع الحيرة على أميال من آثار الكوفة. (معجم البلدن: ص107 - 108. (¬4) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 591.

[72] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[72] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذ لَقِيَهُ الْمُقَلِّسُونَ (¬1) مِنْ أَهْلِ أَذْرِعَاتٍ (¬2) بِالسُّيُوفِ وَالرَّيْحَانِ، فأنكر ذلك عمر، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّهَا بَيْعَةُ الْأَعَاجِمِ (¬3)، وَإِنَّكَ إِنْ تَمْنَعْهُمْ مِنْ هَذَا يَرَوْنَ أَنَّ فِي نَفْسِكَ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ: ((دَعُوهُمْ، عُمَرُ وَآلُ عُمَرَ فِي طَاعَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ)) (¬4). [73] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لشقيق بن سلمة (¬5) ((يَا شَقِيقُ، لَتَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا)) (¬6). ¬

(¬1) هم الذين يلعبون بين يدي الأمير إذا وصل البلد، الواحد: مقلس. (النهاية لابن الأثير - (قلس)). (¬2) أَذْرِعاتُ: بالفتح، ثم السكون، وكسر الراء، وعين مهملة، وألف وتاء. كأنه جمع أذرعة، جمع ذراع جمع قلة: وهو بلد في أطراف الشام، يجاور أرض البلقاء وعمّان، وهي قرية - اليوم - من عمل حوران، داخل حدود الجمهورية السورية، قرب مدينة ((درعا)) شمالاً يدعها الطريق يساراً وأنت تؤم دمشق، وهي من أعمال مدينة درعا .. (معجم البلدان للحموي: 1/ 130 ومعجم المعالم الجغرافية للسيرة النبوية: ص22). (¬3) في (الأموال): (سنة العجم أو كلمة نحوها)، وفي (تاريخ دمشق): (سنة العجم) و (بيعة الأعاجم). (¬4) رواه ابن زنجويه في الأموال (633) والبلاذري في فتوح البلدان: ص141 وابن مهنا في تاريخ داريا: ص96 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 32/ 116 و117 (¬5) شقيق بن سلمة الأسدي، شيخ الكوفة، مخضرم، أدرك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وما رآه. وكان من أئمة الدين. (سير أعلام النبلاء: 4/ 161). (¬6) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 6/ 97 وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه: ص656 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 23/ 164

[74] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد أتي بسارق يزعم أنه ما سرق قبلها

[74] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أُتي بسارق يزعم أنه ما سَرَق قبلها ((كَذَبْتَ وَاللهِ، مَا كَانَ اللهُ لِيُسْلِمَ عَبْدًا عِنْدَ أَوَّلِ ذَنْبٍ (¬1))) (¬2). [75] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ (¬3) ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى هَدْيِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَدْيِ عَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ)) (¬4). ¬

(¬1) وقريب منه قول السيوطي في شرحه لتقريب الإمام النووي: (إنَّ اللهَ تَعَالَى أَجْرَى الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يَفْضَحُ أَحَدًا مِنْ أَوَّلِ مَرَّة). (تدريب الراوي: 1/ 392). (¬2) رواه أبو داود في الزهد (56). (¬3) عَمْرُو بْنُ الأَسْوَدِ، وَيُقَالُ: عُمَيْرُ بْنُ الأَسْوَدِ، أَبُو عِيَاضٍ الْعَنْسِيُّ الْحِمْصِيُّ. أدرك الجاهلية والإسلام، وكان من سادة التابعين ديناً وورعاً. توفي: في خلافة عبد الملك بن مروان. (سير أعلام النبلاء: 4/ 79 - 81). (¬4) رواه أحمد في المسند (115) وابن مهنا في تاريخ داريا: ص 57 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 45/ 414. وقال الحافظ ابن كثير في (مسند الفاروق: 2/ 683): (فيه انقطاع بين حكيم بن عمير، وضمرة بن حبيب العنسيين الشاميين الحمصيين وبين عمر بن الخطاب، فإنهما لم يدركاه. لكن هذا مما يؤخذ عنهم فإنهما من قبيلة عمرو بن الأسود وبلده، وهما من الثقات فهذا عندهما من المشهورات. وكأنَّ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رواه بالشام لما قَدِمها في فتح بيت المقدس، والله أعلم). قلت: وهو كذلك، ففي رواية ابن مهنا عن ضَمرَةُ بن حبيب بن صهيب أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْأَسْوَدِ، مَرَّ بعمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو سائرٌ إلى الشام. ويظهر لي - والله تعالى أعلم - أنّ حكيم بن عامر وضمرة بن حبيب إنما أخذا الحديث عن عمرو بن الأسود كما يظهر من رواية ابن مهنا، فلا وجه حينئذ للقول بالإنقطاع.

[76] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[76] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سأله رجل من ولد عامر بن الظَّرِب (¬1) عن حاله في الجاهلية فقال: ((أمَّا في جَاهِلَيتَّي فَمَا نَادَمْتُ (¬2) فيها غَيْرَ لُمَّةٍ (¬3)، ولا هَمَمْتُ فيها بأَمَةٍ، ولَا خِمتُ (¬4) فيها عَنْ بُهْمَةٍ (¬5)، ولَا رَآني رَاءٍ إلا في نَادٍ أو عَشِيرَةٍ، أو حَمْلِ جَرِيرَةٍ (¬6)، أو خَيْلٍ مُغيرَةٍ)) (¬7). [77] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قَدِم عليه بعض أهل الكوفة ((مَنْ مُؤَذِّنُكُمْ؟))، فقالوا: عَبِيدُنَا وَمَوَالِينَا، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا يُقَلِّبُهَا: ((عَبِيدُنَا وَمَوَالِينَا! إِنَّ ذَلِكُمْ بِكُمْ لَنَقْصٌ شَدِيدٌ، لَوْ أَطَقْتُ الْأَذَانَ مَعَ ¬

(¬1) عامر بن الظَّرِب بن عمرو بن عياذ العدوانيّ: حكيم، خطيب، رئيس، من الجاهليين. كان إمام مضر وحكمها وفارسها. وممن حرم الخمر في الجاهلية. وكانت العرب لا تعدل بفهمه فهما ولا بحكمه حكما. وهو أحد المعمرين في الجاهلية، وأول من قرعت له العصا، وكان يقال له (ذو الحلم) وفيه قول الشاعر: (إنَّ العصا قرعت لذي الحلم). (الأعلام: 3/ 252). (¬2) المنادمة: المرافقة والمشاربة. (النهاية لابن الأثير - (نَدِمَ)). (¬3) اللمة بضم اللام وتشديد الميم وتخفيفها: المِثْل فِي السِّن، والتِّرب. قال الْجَوْهَرِيُّ: ((الْهَاءُ عِوض)) مِنَ الْهَمْزَةِ الذاهِبة من وسَطِه، وهو مما أُخِذَت عينُه؛ كَسَهٍ ومُذْ، وأصْلها فُعْلَة مِنَ المُلاءمة، وَهِيَ المُوافَقة. (النهاية لابن الأثير - (لَمَهَ)). (¬4) خِمت: من خام يخيم، أي: نكص وجَبُن. (¬5) البُهَم جَمْعُ بُهْمَة بِالضَّمِّ، وَهِيَ مُشْكِلات الْأُمُورِ. (النهاية لابن الأثير - (بَهَمَ)). (¬6) الجريرة: الجناية والذنب الذي يفعله الإنسان فيطالب به. (جامع الأصول - (7539))، والمراد به دفع ديات القتلى وحمل الأموال التي تدفع في الصلح بين الفئات المتنازعة. (¬7) ذكره الجاحظ في البيان والتبيين: 3/ 200

[78] ومن كلام له - رضي الله عنه - في أول ليالي رمضان

الْخِلِّيفَى (¬1) لَأَذَّنْتُ)) (¬2). [78] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في أول ليالي رمضان ((أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ هَذَا الشَّهْرَ كُتِبَ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ قِيَامُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَقُومَ فَلْيَقُمْ، فَإِنَّهَا نَوَافِلُ الْخَيْرِ الَّتِي قَالَ اللهُ. فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَنَمْ عَلَى فِرَاشِهِ، وَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقُولَ: أَصُومُ إِنْ صَامَ فُلَانٌ، وَأَقُومُ إِنْ قَامَ فُلَانٌ، مَنْ صَامَ مِنْكُمْ أَوْ قَامَ، فَلْيَجْعَلْ ذَلِكَ للهِ، وَلْيَعْلَمْ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ صَلَاةً، أَقِلُّوا اللَّغْوَ فِي بُيُوتِ اللهِ))، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَقُولُ: ((أَلَا لَا يَتَقَدَّمَنَّ الشَّهْرَ مِنْكُمْ أَحَدٌ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَلَا، وَلَا تَصُومُوَا حَتَّى تَرَوْهُ، - أَوْ يَصُومُوا حَتَّى يَرَوْهُ - إِلَّا أَنْ يُغَمَّ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ يُغَمُّ، عَلَيْكُمْ أَنْ تَعُدُّوا عَلَى ثَلَاثِينَ، ثُمَّ لَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوُا اللَّيْلَ يَغْسَقُ عَلَى الضِّرَابِ)) (¬3). ¬

(¬1) الخِلِّيفَى: بالكسر والتشديد والقصر: الخلافة، وهو وأمثاله من الأبنية، كالرميا والدليلا، مصدر يدل على معنى الكثرة. يريد به كثرة اجتهاده في ضبط أمور الخلافة وتصريف أعنتها. (النهاية لابن الأثير - (خلف)). ولفظة (الخلّيفى) أطبقت عليها المصادر الأولية المتقدمة على سنن البيهقي، ولذا أثبتها في الأصل. (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (1869) و (1871) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 290 وابن أبي شيبة في المصنف (2360) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 342 والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2199) والبيهقي في السنن الكبرى (2002) واللفظ له. (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (7748) وابن أبي الدنيا في فضائل رمضان (31) والخلال في المجالس العشرة (68).

[79] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأحدهم

[79] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأحدهم ((مَا تَقُولُ فِي فُلَانٍ؟)) قَالَ: لَا بَاسَ بِهِ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ عمر: ((هَلْ صَحِبْتَهُ فِي سَفَرٍ قَطُّ؟)) قَالَ: لَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ عمر: ((هَلْ جَرَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ خُصُومَةٌ قَطُّ؟)) قَالَ: لَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ عمر: ((فَهَلِ ائْتَمَنْتَهُ عَلَى دِرْهَمٍ، أَوْ دِينَارٍ قَطُّ؟)) قَالَ: لَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ عمر: ((لَا عَلِمَ لَكَ بِالرَّجُلِ، إِنَّمَا رَأَيْتَ رَجُلًا يَضَعُ رَاسَهُ فِي الْمَسْجِدِ، يَرْفَعُهُ)) (¬1). [80] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لرجلٍ من بني مخزوم جاء يستعديه على أبي سفيان ((إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَرُبَّمَا لَعِبْتُ أَنَا وَأَنْتَ وَنَحْنُ غِلْمَانٌ، فَإِذَا قَدِمْتَ مَكَّةَ فَاتِنِي بِأَبِي سُفْيَانَ))، فَلَمَّا قَدِمَ أَتَاهُ الْمَخْزُومِيُّ بِأَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ((يَا أَبَا سُفْيَانَ خُذْ هَذَا الْحَجَرَ مِنْ هَا هُنَا فَضَعْهُ هَاهُنَا))، فَقَالَ: وَاللهِ لَا أَفْعَلُ، فَقَالَ: ((وَاللهِ لَتَفْعَلَنَّ))، فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ، فَعَلَاهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: ((خُذْهُ لَا أُمَّ لَكَ مِنْ هَا هُنَا فَضَعْهُ هَا هُنَا))، فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ، فَكَأَنَّ عُمَرَ دَخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ قَالَ: ((اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ إِذْ لَمْ تُمِتْنِي حَتَّى غَلَبْتُ أَبَا سُفْيَانَ عَلَى ¬

(¬1) رواه الخلدي في الفوائد والزهد (8) والخطيب البغدادي في الكفاية: ص83

[81] ومن كلام له - رضي الله عنه -

رَأيِهِ، وَذَلَلْتَهُ لِي بِالْإِسْلَامِ))، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ: ((اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ الَّذِي لَمْ تُمِتْنِي حَتَّى أَدْخَلْتَ قَلْبِي مِنَ الْإِسْلَامِ مَا ذَلَلْتَنِي بِهِ لِعُمَرَ)) (¬1). [81] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أَنَّ رَجُلاً مِنْ جُهَيْنَةَ كَانَ يَشْتَرِي الرَّوَاحِلَ، فَيُغْالِي بِهَا، ثُمَّ يُسْرِعُ السَّيْرَ، فَيَسْبِقُ الْحَاجَّ، فَأَفْلَسَ: ((أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ الأسَيْفِعَ، أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ (¬2) رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ، أَنْ يُقَالَ: سَبَقَ الْحَاجَّ، أَلاَ وَإِنَّهُ دَانَ مُعْرِضًا، فَأَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَلْيَاتِنَا بِالْغَدَاةِ، نَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَ غرمائه، وَإِيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ، فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ)) (¬3). [82] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى النعمان بْنِ عَدِيِّ بْن نضلة (¬4) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (والي ميسان) وقد بلغه ¬

(¬1) رواه الفاكهي في أخبار مكة (2031) والبلاذري في أنساب الأشراف: 5/ 9 واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2794). (¬2) أي: استدان معرضاً عن الوفاء، وكان أسيفع يشتري الرواحل، ويسبق الحجاج، فيتغالى بثمن ما اشتراه، فأفلس. (الإصابة: 1/ 343). (¬3) رواه مالك في الموطأ (2846) وابن أبي شيبة في المصنف (23369) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 764 و766و767 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 330 والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4289). (¬4) النعمان بن عديّ بن نضلة العدوي: كَانَ من مهاجرة الحبشة، هاجر إليها هُوَ وأبوه عدي، =

قوله (¬1): أَلَا هَلْ أَتَى الْحَسْنَاءَ (¬2) أَنَّ حَلِيلَهَا (¬3) ... بِمَيْسَانَ يُسْقَى فِي زُجَاجٍ وَحَنْتَمِ (¬4) إذَا شِئْتُ غَنَّتِني دَهَاقِينُ (¬5) قَرْيَةٍ ... وَرَقَّاصَةٌ تَجْذُو (¬6) عَلَى كُلِّ مَنْسِمِ (¬7) فَإِنْ كُنْتَ نَدْمَانِي فَبِالْأَكْبَرِ اسْقِنِي ... وَلَا تَسْقِنِي بِالْأَصْغَرِ الْمُتَثَلِّم لَعَلَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَسُوءُهُ ... تَنَادُمُنَا فِي الجَوْسَقِ الْمُتَهَدِّمِ (¬8) ¬

= فمات عدي هناك بأرض الحبشة، فورثه ابنه النعمان هناك، فكان النعمان أول وارثٍ في الإسلام، وكان عدي أَبُوهُ أول مُوَرِّث في الإسلام، ثُمَّ ولَّى عُمَر النعمان ميسان، وهي كورة واسعة بين البصرة وواسط، ولم يول عمر بن الخطاب رَجُلاً من قومه عدويًا غيره. (الاستيعاب: 4/ 1502 وأخبار النساء لابن الجوزي: ص114 ومعجم البلدان لياقوت الحموي: 5/ 243). (¬1) لمَّا أراد النعمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من امرأته الخروج معه إلى ميسان أبَتْ عليه، فلمّا وصل إلى ميسان أراد أن يغيرها فترحل إليه، فكتب إليها هذه الأبيات. (الاستيعاب: 4/ 1502 وأخبار النساء لابن الجوزي: ص114 ومعجم البلدان لياقوت الحموي: 5/ 243). (¬2) في طبقات ابن سعد ط إحسان عباس (الخنساء) وهو تصحيف، وقد صوَّبه د. علي محمد عمر في تحقيقه للطبقات وعزا التصحيح أيضاً لنسخة خطية للطبقات في مكتبة أحمد الثالث. (¬3) الحليل: الزَّوْج. (¬4) الحنتم: جرار مدهنة بخضرة تضرب إِلَى الْحمرَة. (¬5) الدهاقين: جمع دهقان، وَهُوَ الْعَارِف بِأُمُور الْقرْيَة ومنافعها ومضارها. (¬6) في طبقات ابن سعد ومعجم البلدان: (تَجْثُو عَلَى كُلِّ مَنْسَمِ). (¬7) تجذو: تبرك على ركبتيها. وَيُرِيد بالمنسم: طرف قدمهَا. وأصل المنسم للبعير. وَهُوَ طرف خفه، فاستعاره هُنَا للْإنْسَان. وَرِوَايَة هَذَا الشّطْر الْأَخير فِي مُعْجم الْبلدَانِ عِنْد الْكَلَام على ((ميسَان)): (وصنّاجة تجثو على حرف منسم)، والصناجة: هي الَّتِي تضرب بالصنج، وَهُوَ من آلَات الْغناء. (¬8) الْجَوْسَقِ: الْبُنيان العالي، وَيُقَال هُوَ الْحصن.

[83] ومن كلام له - رضي الله عنه - في السوق

فقال عمر: ((إِنَّ ذَلِك ليسوؤني، فَمَنْ لَقِيَهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنِّي قَدْ عَزَلْتُهُ))، وَعَزَلَهُ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ اعْتَذَرَ إلَيْهِ وَقَالَ: وَاَللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا صَنَعْتُ شَيْئًا مِمَّا بَلَغَكَ أَنِّي قُلْتُهُ قَطُّ، وَلَكِنِّي كُنْتُ امْرَأً شَاعِرًا، وَجَدْتُ فَضْلًا مِنْ قَوْلٍ، فَقُلْتُ فِيمَا تَقُولُ الشُّعَرَاءُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ((وَاَيْمُ اللهِ، لَا تَعْمَلُ لِي عَلَى عَمَلٍ مَا بَقِيتُ، وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ)) (¬1). [83] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في السوق ((مَا بَالُ أَقْوَامٍ احْتَكَرُوا بِفَضْلِ أَدْهَانِهِمْ عَلَى الْأَرَامِلِ وَالْمَسَاكِينِ، فَإِذَا خَرَجَ الْجَلَّابُ بَاعُوا عَلَى نَحْوٍ مِمَّا يُرِيدُونَ مِنَ التَّحَكُّمِ، وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٍ جَلَبَ بِجَمَلِهِ عَلَى عَمُودِ كَتَدِهِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ حَتَّى يَنْزِلَ بِسُوقِنَا فَذَلِكَ ضَيْفُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ اللهُ، وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ الله)) (¬2). [84] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ مَنْ أَهْدَى إِلَيَّ عِيُوبِي)) (¬3). ¬

(¬1) رواه ابن هشام في السيرة النبوية: 2/ 366 وابن سعد في الطبقات الكبرى: 4/ 140 - 141 وابن أبي الدنيا في ذم المسكر (44) وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 138 - 139. (¬2) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 748. (¬3) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 293 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 346 والأصبهاني في اللطائف (268).

[85] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[85] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اتَّقُوا اللهَ فِي الْفَلَّاحِينَ، لَا تَقْتُلُوهُمْ، إِلَّا أَنْ يَنْصِبُوا لَكُمُ الْحَرْبَ)) (¬1). [86] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ (¬2) في عبيد له سرقوا ((أَمَا وَاللهِ لَوْلَا أَنِّي أَظُنُّ أَنَّكُمْ تَسْتَعْمِلُونَهُمْ، وَتُجِيعُونَهُمْ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَجِدُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ لَأَكَلَهُ، لَقَطَعْتُ أَيْدِيَهُمْ، وَلَكِنْ وَاللهِ إِذْ تَرَكْتُهُمْ لَأُغَرِّمَنَّكَ غَرَامَةً تُوجِعُكَ))، ثُمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ: كَمْ ثَمَنُهَا؟ قَالَ: ((كُنْتُ أَمْنَعُهَا مِنْ أَرْبَعِ مِائَةٍ))، فقال عمر: ((أَعْطِهِ ثَمَانِيَ مِائَةٍ)) (¬3). [87] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((قَدْ رَمَيْنَا أَرْطَبُونَ (¬4) الرُّومِ بِأَرْطَبُونِ الْعَرَبِ، فَانْظُرُوا عَمَّ تَنْفَرِجُ)) (¬5). ¬

(¬1) رواه يحيى بن آدم في الخراج (132) والبيهقي في السنن الكبرى (18159). (¬2) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، ولد في عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وروى عن عمر بن الخطاب، ومات بالمدينة سنة ثمان وستين، وكان ثقة قليل الحديث. (الطبقات الكبرى: 5/ 64). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (18977). (¬4) أرطبون: رتبة عسكرية، ولقب للقائد الأعلى للجيش البيزنطي الذي يلي هرقل في المكانة. (¬5) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 605 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 328 وابن كثير في البداية والنهاية: 9/ 653.

[88] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد أتاه مال كثير من الجزية

[88] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أتاه مالٌ كثيرٌ من الجزية ((إِنِّي لَأَظُنُّكُمْ قَدْ أَهْلَكْتُمُ النَّاسَ))، قَالُوا: لَا وَالله مَا أَخَذْنَا إِلَّا عَفْوًا صَفْوًا، قَالَ: ((بِلَا سَوْطَ وَلَا نَوْطَ (¬1)؟)) قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ((الْحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ عَلَى يَدَيَّ وَلَا فِي سُلْطَانِي)) (¬2). [89] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في فضل أهل القادسية (¬3) ((أُولَئِكَ أَعْيَانُ الْعَرَبِ وَغُرَرُهَا، اجْتَمَعَ لَهُمْ مَعَ الأَخْطَارِ الدِّينُ، هُمْ أَهْلُ الأَيَّامِ وَأَهْلُ الْقَوَادِسِ)) (¬4). ¬

(¬1) ((بِلَا سَوْطٍ وَلَا نَوْطٍ)) أَي: بِلَا ضَرْبٍ وَلَا تَعْليق. (النهاية لابن الأُثير - (نَوَطَ)). (¬2) رواه القاسم بن سلّام في الأموال (114). (¬3) القادسية كمؤنث القادس: تقع القادسية بين النجف والحيرة إلى الشمال الغربي من الكوفة، وإلى الجنوب من كربلاء. وفيها موقعة القادسية، وهي أعظم الوقائع التي حدثت بين المسلمين والفرس، قال أهل الأخبار: ما زال الفرس هم الغالبون المتسلطون على العرب، حتى حدث يوم ذي قار - قرب البصرة - فانتصف العرب من الفرس، ولما توجه المسلمون إلى فتح فارس سخرت منهم الفرس واحتقرتهم، فكان يوم القادسية، أعظم يوم انهزم فيه الفرس وزالت دولتهم. كانت القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص سنة 16 للهجرة، فكانت من أعظم وقائع المسلمين، وكانت أربعة أيام: يوم أرماث، ويوم أغواث، ويوم عماس، وليلة الهرير، ثم يوم القادسية وفيه هزيمة الفرس وقتل رستم قائدهم. (معجم المعالم الجغرافية: ص247 - 248). (¬4) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 22.

[90] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد أتي بتاج كسرى وزينته وسلاحه

[90] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أُتي بتاج كسرى وزينته وسلاحه ((أَحْمِقْ بِامرئٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غَرَّتْهُ الدُّنْيَا! هَلْ يَبْلُغَنَّ مَغْرُورٌ مِنْهَا إِلا دُونَ هَذَا أَوْ مِثْلَهُ! وَمَا خَيْرُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ سَبَقَهُ كِسْرَى فِيمَا يَضُرُّهُ وَلا يَنْفَعُهُ! إِنَّ كِسْرَى لَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ تَشَاغَلَ بِمَا أُوتِيَ عَنْ آخِرَتِهِ، فَجَمَعَ لِزَوْجِ امْرَأَتِهِ أَوْ زَوْجِ ابْنَتِهِ، أَوِ امْرَأَةِ ابنه، ولم يقدم لنفسه، فقدم امرؤ لِنَفْسِهِ وَوَضَعَ الْفُضُولَ مَوَاضِعَهَا تُحَصَّلُ لَهُ، وَإِلا حُصِّلَتْ لِلثَّلاثَةِ بَعْدَهُ، وَأَحْمِقْ بِمَنْ جَمَعَ لَهُمْ أَوْ لِعَدُوٍّ جَارِفٍ)) (¬1). [91] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أتته كنوز كسرى، فبكى فقال له عبد الرحمن بن عوف: (وَمَا يُبْكِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَيَوْمُ شُكْرٍ، وَيَوْمُ سُرُورٍ، وَيَوْمُ فَرَحٍ): ((كلا، إِنَّ هَذَا لَمْ يُعْطَهُ قَوْمٌ قَطُّ إِلَّا أُلْقِيَتْ بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ)) (¬2). ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 23. (¬2) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (768) والمعافى بن عمران في الزهد (7) وعبد الرزاق في المصنف (20036) وابن أبي شيبة في المصنف (35587) وأحمد بن حنبل في الزهد (597) وأبو داود في الزهد (68) وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (18) والخرائطي في مكارم الأخلاق (920) والبيهقي في السنن الكبرى (13034).

[92] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[92] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد ألقى بسواري كسرى لسراقة بن مالك (¬1) فجعلهما سراقة في يده، فبلغا منكبيه: ((الْحَمْدُ للهِ، سِوَارَيْ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ فِي يَدِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، أَعْرَابِيٍّ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ، اللهُمَّ إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصِيبَ مَالًا فَيُنْفِقَهُ فِي سَبِيلِكَ وَعَلَى عِبَادِكَ، وَزَوَيْتَ ذَلِكَ عَنْهُ نَظَرًا مِنْكَ لَهُ وَخِيَارًا، اللهُمَ إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصِيبَ مَالًا فَيُنْفِقَهُ فِي سَبِيلِكَ وَعَلَى عِبَادِكَ، فَزَويْتَ ذَلِكَ عَنْهُ نَظَرًا مِنْكَ لَهُ وَخِيَارًا، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَكْرًا مِنْكَ بِعُمَرَ. ثُمَّ قَالَ: تَلَا {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون: 56])) (¬2). [93] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعبد الرحمن بن عوف - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أرسله جماعة من الصحابة إلى عمر: ¬

(¬1) سُرَاقَة بن مالِك بن جعشم المدلجي الكناني، كان في الجاهلية قائفاً، خرج في أثر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر في الهجرة، وأسلم بعد غزوة الطائف سنة 8 هـ، وحسن إسلامه، وله حديث في العمرة. وقيل: توفي بعد مقتل عثمان، والله أعلم. (تاريخ الإسلام: 2/ 172). (¬2) رواه البيهقي في السنن الكبرى (13036) ومعرفة السنن والآثار (13196).

[94] ومن كلام له - رضي الله عنه - للحارث الثقفي - رضي الله عنه -

فقال له: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لِنْ لِلنَّاسِ، فَإِنَّهُ يَقْدَمُ الْقَادِمُ فَتَمْنَعُهُ هَيْبَتُكَ أَنْ يُكَلِّمَكَ فِي حَاجَتِهِ حَتَّى يَرْجِعَ وَلَمْ يُكَلِّمْكَ، قَالَ: ((يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، أَنْشُدُكَ اللهَ أَعَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ أَمَرُوكَ بِهَذَا؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَاللهِ لَقَدْ لِنْتُ لِلنَّاسِ حَتَّى خَشِيتُ اللهَ فِي اللِّينِ، ثُمَّ اشْتَدَدْتُ عَلَيْهِمْ حَتَّى خَشِيتُ اللهَ فِي الشِّدَّةِ، فَأَيْنَ الْمَخْرَجُ؟))، فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَبْكِي يَجُرُّ رِدَاءَهُ، يَقُولُ بِيَدِهِ أُفٍّ لَهُمْ بَعْدَكَ، أُفٍّ لَهُمْ بَعْدَكَ (¬1). [94] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للحارث الثقفي (¬2) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سأله الفتيا في مسألة سأل عنها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أرِبْتَ عَنْ يَدَيْكَ، سَأَلْتنِي عَنْ شَيْءٍ سَأَلْتَ عَنْهُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْمَا أُخَالِفَهُ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 288 وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 681 دون ذكر علي وسعد، والبغوي في حديث مصعب الزبيري (146) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 340 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 269. (¬2) الحارث بن عَبْد الله بن أوس الثقفي، وربما قيل فيه الحارث بن أوس، حجازي، سكن الطائف، روى في الحائض: (يكون آخر عهدها الطواف بالبيت). (الاستيعاب: 1/ 293). (¬3) رواه أبو داود في السنن (2004) والترمذي في السنن (946) وأحمد في المسند (15440) و (15442) وابن أبي شيبة في المصنف (13345) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4047) والطبراني في المعجم الكبير (3353) و (3354) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2388)، واللفظ لابن أبي شيبة.

[95] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأبي الزوائد اليماني - رضي الله عنه -

[95] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأَبي الزَّوَائِدِ الْيَمَانِيُّ (¬1) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا يَمْنَعُكَ عَنِ النِّكَاحِ إِلَّا عَجْزٌ أَوْ فُجُورٌ)) (¬2). [96] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْحَلُونَ أَوْلاَدَهُمْ نِحَلاً، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ، قَالَ: مَالِي وَفِي يَدَيَّ، وَإِذَا مَاتَ هُوَ، قَالَ: قَدْ كُنْتُ نَحَلْتُهُ وَلَدِي، لاَ نِحْلَةَ إلاَّ نِحْلَةٌ يَحُوزُهَا الْوَلَدُ أو الْوَالِدِ)) (¬3). [97] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إنِّي واللهِ مَا أَدَعُ حَقَّاً للهِ لِشِكَايةٍ تَظْهَرُ، ولا لضَبٍّ يُحتَمَلُ (¬4)، ولا لِمُحَابَاة بَشَرٍ، وإنَّكَ واللهِ ما عَاقَبْتَ مَنْ عَصَى اللهَ فِيكَ بِمِثْلِ أَنْ ¬

(¬1) أبو الزوائد اليماني، ويُقال: ذو الزوائد الجهني، له صحبة، عداده في المدنيين. قال: كنت مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حجة الوداع، فسمعته يقول: ((خذوا العطاء ما كَانَ عطاء، فإذا تجاحفت قريش الملك فيما بينها وصار العطاء رشوة عَلَى دينكم، فلا تأخذوه)). (أسد الغابة: 2/ 217 و6/ 119 والإصابة: 2/ 344 و7/ 132). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (10384) وسعيد بن منصور في السنن (491) وابن أبي شيبة في المصنف (16158) والفاكهي في أخبار مكة (674) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 4/ 6 والبيهقي في معرفة السنن والآثار (13465). (¬3) رواه مالك في الموطأ (2784) وسفيان بن عيينة في حديثه (7) وابن أبي شيبة في المصنف (20495) واللفظ، والبيهقي في السنن الكبرى (11953). (¬4) الضب بالفتح والسكر: الغيظ والحقد.

[98] ومن كلام له - رضي الله عنه - لسنين

تُطِيعَ اللهَ فِيهِ)) (¬1). [98] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لسُنَيْنٍ (¬2) ((عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُسًا (¬3)))، فَقَالَ سُنين: مَا الْتَقَطُوهُ إِلَّا وَأَنَا غَائِبٌ، فسَأَلَ عَنْهُ عُمَرُ فَأُثْنِيَ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: ((فَوَلَاؤُهُ لَكَ، وَنَفَقَتُهُ عَلَيْنَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ)) (¬4). ¬

(¬1) ذكره الجاحظ في البيان والتبيين: 1/ 218. (¬2) سُنَيْنٌ أَبُو جَمِيلَةَ، اختُلِف في صحبته، وذكر أبو سليمان بن زبر أنه شهد حنيناً، وأما أبو أحمد العسكري فذكره في جملة من ولد في أيامه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومات النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو صغير، وفي موضع آخر ذكره في ((باب من وُلِدَ في الهجرة)). وفي ((تاريخ أبي سعيد هاشم بن مرثد الطبراني)) عن ابن معين: ليست له رؤية. وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي المدينة. وقال العجلي: تابعي ثقة. (إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي: 6/ 126). (¬3) أبؤس: جمع بأس، وانتصب على أنه خبر عسى. والغُوَير ماء لكَلْب (نَاحيَة السماوة). وَهَذَا الْمثل إِنَّمَا تَكَلَّمت بِهِ الزَّبَّاءُ، وَذَلِكَ أَنَّهَا لما وجّهتْ قَصيراً اللَّخْمي بالعِير ليحمل لَهَا من برّ الْعرَاق وألطافه، وَكَانَ يطْلبهَا بذحل جَذيمة الأبرش فَجعل الْأَحْمَال صناديق، وَقد قيل: غَرَائِر، وَجعل فِي كل وَاحِد مِنْهَا رجلاً مَعَه السِّلَاح، ثمَّ تنكّب بهم الطَّرِيق المَنْهَجَ وَأخذ على الغوَير، فَسَأَلتْ عَن خَبره، فَأخْبرت بذلك فَقَالَت: عَسى الغوير أبؤساً. تَقول: عَسى أَن يَاتِي ذَلِك الطَّرِيق بشرّ، واستنكرت شَانه حِين أَخذ على غير الطَّرِيق. وَإِنَّمَا أَرَادَ عمر بِهَذَا الْمثل أَن يَقُول للرجل: لَعَلَّك صَاحب هَذَا المنبوذ حَتَّى أثنى عَلَيْهِ عريفه خيراً. (غريب الحديث لأبي عبيد - (غور) والنهاية لابن الأثير - (بأس)). (¬4) رواه البخاري في صحيحه (بَابٌ: إِذَا زَكَّى رَجُلٌ رَجُلًا كَفَاهُ) معلَّقاً، وعبد الرزاق في المصنف (16183) وسعدان في جزءه (112) والطبراني في المعجم الكبير (6498) والبيهقي في السنن الكبرى (12134) و (21468) والخطيب البغدادي في الكفاية: 1/ 96.

[99] ومن كلام له - رضي الله عنه - في رجل راود امرأة على نفسها فقتلته

[99] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في رجل راود امرأة على نفسها فقتلته ((ذَلِكَ قَتِيلُ الله، لَا يُودَى أَبَدًا)) (¬1). [100] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لمولاه أسلم (¬2)، وقد سأله عن فرسٍ لعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا أَسْلَمُ، كَمْ تَعْلِفُ الْفَرَسَ كُلَّ يَوْمٍ؟)) قَالَ: ((فَرَقًا مِنْ شَعِيرٍ))، فَقَالَ: ((لَوْ صَرَفْنَاهُ إِلَى بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَبَعَثْنَا بِهِ إِلَى النَّقِيعِ))، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى النَّقِيعِ وَصَرَفَ عَلَفَهُ إِلَى بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (¬3). [101] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ، وَأَقْضَانَا عَلِيٌّ، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ قَوْلِ أُبَيٍّ، وَذَاكَ أَنَّ أُبَيًّا يَقُولُ: لاَ أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَدْ قَالَ الله تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106])) (¬4). ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (17919) وابن أبي شيبة في المصنف (28369) وسعدان في جزءه (95) والخرائطي في اعتلال القلوب (191) والبيهقي في السنن الكبرى (17649) ومعرفة السنن والآثار (17551). (¬2) أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيُّ، اشتراه عمر بمكة لما حج بالناس سنة إحدى عشر في خلافة الصديق. قال أبو عبيد: توفي أسلم سنة ثمانين. (تاريخ الإسلام: 2/ 791). (¬3) رواه أحمد في الزهد (602). (¬4) رواه البخاري في صحيحه (4481) وأحمد في المسند (21084) وابن سعد في =

[102] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[102] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَئِنْ عِشْتُ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ لَأَجْعَلَنَّ عَطَاءَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ ثَلَاثَةَ آلَافٍ: أَلْفٌ لِكُرَاعِهِ وَسِلَاحِهِ، وَأَلْفٌ نَفَقَةٌ له، وَأَلْفٌ نَفَقَةٌ لأَهْلِهِ)) (¬1). [103] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى القراء ((يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ، ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ فَقَدْ وَضَحَ الطَّرِيقُ، اسْتَبْقُوا الْخَيْرَاتِ، وَلَا تَكُونُوا عِيَالًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ)) (¬2). [104] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سمع خطبة لزياد بن أبيه ((هَذَا الْخَطِيبُ الْمِصْقَعُ (¬3))) (¬4). ¬

= الطبقات الكبرى: 2/ 339 وابن أبي شيبة في المصنف (30755) والبلاذري في أنساب الأشراف: 2/ 97. (¬1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 302 وابن زنجويه في الأموال (951) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 352 (¬2) رواه ابن الجعد في المسند (1921) وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (219) والبيهقي في شعب الإيمان (1163). (¬3) في لسان العرب 8/ 203: (خطيب مِصْقعٌ): أي بليغ. (¬4) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 30 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 19/ 167 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 347 وابن كثير في البداية والنهاية: 10/ 23.

[105] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[105] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تَعَلَّمُوا رَطَانَةَ الْأعَاجِمِ، وَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ فِي كَنَائِسِهِمْ يَوْمَ عِيدِهِمْ، فَإِنَّ السَّخْطَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ)) (¬1). [106] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَيُّهَا النَّاسُ، لَا نَجِدَنَّ أَحَدًا بَعْدَ السُّنَّةِ فِي ضَلَالَةٍ رَكِبَهَا حَسِبَهَا هُدًى، وَلَا فِي هُدًى رَكِبَهُ حَسِبَهُ ضَلَالَةً، قَدْ بَلَغَتِ الْأُمُورُ، وَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ، وَانْقَطَعَ الْعُذْرُ)) (¬2). [107] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَشَارَ إِلَى السَّمَاءِ بِأُصْبُعِهِ إِلَى مُشْرِكٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ قَتَلَهُ، لَقَتَلْتُهُ بِهِ)) (¬3). [108] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((ارْكَبُوا الْحَقَّ، وَخُوضُوا الْغَمَرَاتِ، وَكُونُوا وَاعِظِي أَنْفُسِكُمْ، ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (1609) وأبو القاسم الحرفي في فوائده (24) والبيهقي في السنن الكبرى (18861). (¬2) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 800 وابن بطة في الإبانة الكبرى (162) والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: 1/ 383. (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (9435) وسعيد بن منصور في السنن (2597) و (2598) وابن أبي شيبة في المصنف (34086) وأبو طاهر في المخلصيات (395) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (658) واللفظ له.

[109] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الشهادة

وَالْزَمُوا أَدَبَ الله لَكُمْ)) (¬1). [109] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الشهادة ((مَا تَرَوْنَ فِي نَفَرٍ ثَلَاثَةٍ أَسْلَمُوا جَمِيعًا وَهَاجَرُوا جَمِيعًا، لَمْ يُحْدِثُوا فِي الْإِسْلَامِ حَدَثًا، قَتَلَ أَحَدَهُمُ الطَّاعُونُ، وَقَتَلَ الْآخَرَ الْبَطْنُ، وَقُتِلَ الْآخَرُ شَهِيدًا)) قَالُوا: الشَّهِيدُ أَفْضَلُهُمْ، فَقَالَ عُمَرُ: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لَرُفَقَاءُ فِي الْآخِرَةِ كَمَا كَانُوا رُفَقَاءَ فِي الدُّنْيَا)) (¬2). [110] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَوْ كُنْتُ تَاجِرًا مَا اخْتَرْتُ عَلَى الْعِطْرِ شَيْئًا، إِنْ فَاتَنِي رِبْحُهُ مَا فَاتَنِي رِيحُهُ)) (¬3). [111] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قيل له: لو فضَّلت من بعُدت داره على من قاتل العدو بفنائه: ((وكَيْفَ أُفَضِّلُهم عَلَيْهِمْ على بُعدِ دارِهم، وَهُمْ شَجَنُ الْعَدُوِّ! وما سَوَّيتُ بينهم حتى استطبتهم، فَهَلَّا فَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ بِالْأَنْصَارِ إذ قاتلوا ¬

(¬1) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 370 (¬2) رواه سعيد بن منصور في السنن (2844). (¬3) رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (251).

[112] ومن كلام له - رضي الله عنه -

بفنائهم مثل هَذَا!)) (¬1). [112] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا شَيْءٌ أَحْسَنُ وَلا أَنْفَعُ مِنْ كَلامٍ (¬2)، حَلَلْتُ إِزَارِي وَأَخَذْتُ مَضْجَعِي فَسَمِعْتُ قَائِلاً يَقُولُ: السَّلامُ عَلَى أَهْلِ الْمَنْزِلِ خُذُوا مِنْ دُنْيَا فَانِيَةٍ لآخِرَةٍ بَاقِيَةٍ، وَاخْشَوُا الْمَعَادَ إِلَى اللهِ فَإِنَّهُ لا قَلِيلٌ مِنَ الأَجْرِ، وَلا غِنًى عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلا عَمَلَ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَصْلَحَ اللهُ أَعْمَالَكُمْ)) (¬3). [113] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أتاه رجل فقال: إِنَّ ابْنَةً لِي وُئِدَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنِّي اسْتَخْرَجْتُهَا فَأَسْلَمَتْ، فَأَصَابَتْ حَدًّا، فَعَمَدَتْ إِلَى الشَّفْرَةِ فَذَبَحَتْ نَفْسَهَا، فَأَدْرَكْتُهَا وَقَدْ قَطَعَتْ بَعْضَ أَوْدَاجِهَا فَدَاوَيْتُهَا فَبَرَأَتْ، ثُمَّ إِنَّهَا نَسَكَتْ فَأَقْبَلَتْ عَلَى الْقُرْآنِ فَهِيَ تُخْطَبُ إِلَيَّ فَأُخْبِرُ مِنْ شَانِهَا بِالَّذِي كَانَ، فقال عمر: ((تَعْمَدُ إِلَى سَتْرٍ سَتَرَهُ اللهُ فَتَكْشِفَهُ؟ لَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ ذَكَرْتَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهَا لَأَجْعَلَنَّكَ نَكَالًا لِأَهْلِ الْأَمْصَارِ بَلْ أَنْكِحْهَا نِكَاحَ الْعَفِيفَةِ الْمُسْلِمَةِ)) (¬4). ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 568 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 315 (¬2) يريد: لا شَيْءَ أحسن ولا أنفع للمرء من كلام فيه العِظة، ينفعه في الدنيا ويذكِّره بالآخرة، كما بين ذلك هو بنفسه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في كلام آخر له. (¬3) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 370. (¬4) رواه عبد الرزاق في المصنف (10690) وهناد في الزهد: 2/ 647 والحارث في المسند =

[114] ومن كلام له - رضي الله عنه - لصفوان بن أمية والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو وغيرهم

[114] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ (¬1) وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ (¬2) وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو (¬3) وغيرهم وقد استنكروا إعطائه غيرهم أكثر منهم: ((إِنِّي إِنَّمَا أَعْطَيْتُكُمْ عَلَى السَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ لَا عَلَى الْأَحْسَابِ)) (¬4). ¬

= كما في بغية الباحث (507) واللفظ له. (¬1) صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ الجُمَحِيُّ القرشي، كان من كبراء قريش، قتل أبوه مع أبي جهل، وأسلم بعد الفتح، وروى أحاديث، وحسن إسلامه، وشهد اليرموك أميراً على كُردُوس. توفي سنة إحدى وأربعين. (سير أعلام النبلاء: 2/ 562 - 563). (¬2) الحَارِثُ بنُ هِشَامٍ المَخْزُوْمِيُّ القرشي، أخو أبي جهل، فأسلم يوم الفتح، وحسن إسلامه، وكان خيّراً، شريفاً، كبير القدر. وهو الذي أجارته أم هانئ، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (قد أجرنا من أجرت). أعطاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غنائم حنين مائة من الإبل. استشهد بالشام مع من استشهد في طاعون عمواس، سنة ثماني عشرة. (سير أعلام النبلاء: 4/ 419). (¬3) سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو العامري القرشي، كان خطيب قريش، وفصيحهم، ومن أشرافهم. لما أقبل في شأن الصلح، قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (سهل أمركم). تأخر إسلامه إلى يوم الفتح، ثم حسن إسلامه. وكان قد أسر يوم بدر، وتخلص. وكان سمحاً، جواداً، مفوهاً. وقد قام بمكة خطيباً عند وفاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنحو من خطبة الصديق بالمدينة، فَسَكَّنهم، وعظَّم الإسلام. استشهد يوم اليرموك أو في طاعون عَمَوَاسَ. (سير أعلام النبلاء: 1/ 194 - 195). (¬4) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 613 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 11/ 501 و24/ 119 وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 194 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 331.

[115] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[115] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَيْسَ العَاقِلُ الَّذِي يَحْتَالُ لِلأَمْرِ إِذَا وَقَعَ فِيهِ، ولكِنَّهُ الذِي يَحْتَالُ لِئَلَّا يَقَعَ)) (¬1). [116] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَبي أَيُّوبَ وَأَبي الدَّرْدَاءِ (¬2) ((إِنَّ إِخْوَانَكُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَدِ اسْتَعَانُونِي بِمَنْ يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ، فَأَعِينُونِي رَحِمَكُمُ اللهُ بِثَلَاثَةٍ مِنْكُمْ، إِنْ أَجَبْتُمْ فَاسْتَهِمُوا، وَإِنِ انْتُدِبَ ثَلَاثَةٌ مِنْكُمْ فَلْيَخْرُجُوا، فَقَالُوا: مَا كُنَّا لِنَتَسَاهَمَ، هَذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ - لِأَبِي أَيُّوبَ -. وَأَمَّا هَذَا فَسَقِيمٌ - لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -، فَخَرَجَ مُعَاذٌ وَعُبَادَةُ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ عُمَرُ: ابْدَؤُوا بِحِمْصَ، فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ النَّاسَ عَلَى وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ، مِنْهُمْ مَنْ يُلَقَّنُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَوَجِّهُوا إِلَيْهِ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا رَضِيتُمْ مِنْهُمْ فَلْيَقُمْ بِهَا وَاحِدٌ، وَلْيَخْرُجْ وَاحِدٌ إِلَى دِمَشْقَ، وَالْآخَرُ إِلَى فِلَسْطِينَ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 370. (¬2) وهم خمسة من الأنصار جمعوا القرآن على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (¬3) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 2/ 356 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 26/ 194.

[117] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الفيء

[117] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الفيء ((الْفَيْءُ لأَهْلِ هَؤُلاءِ الأَمْصَارِ وَلِمَنْ لَحِقَ بِهِمْ وَأَعَانَهُمْ، وَأَقَامَ مَعَهُمْ، وَلَمْ يُفْرَضْ لِغَيْرِهِمْ، أَلا فَبِهِمْ سُكِنَتِ الْمَدَائِنُ وَالْقُرَى، وَعَلَيْهِمْ جَرَى الصُّلْحُ، وَإِلَيْهِمْ أُدِّيَ الْجِزَاءُ، وَبِهِمْ سُدَّتِ الْفُرُوجُ وَدُوِّخَ الْعَدُوُّ))، فقال قائلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ تَرَكْتَ فِي بُيُوتِ الأَمْوَالِ عُدَّةً لِكَوْنٍ إِنْ كَانَ! فقال عمر: كَلِمَةٌ أَلْقَاهَا الشَّيْطَانُ عَلَى فِيكَ وَقَانِي اللهُ شَرَّهَا، وَهِيَ فِتْنَةٌ لِمَنْ بَعْدِي، بَلْ أعد لَهُمْ مَا أَمَرَنَا اللهُ وَرَسُولَهُ طَاعَةً لِله وَرَسُولِهِ، فَهُمَا عُدَّتُنَا الَّتِي بِهَا أَفْضَيْنَا إِلَى مَا تَرَوْنَ، فَإِذَا كَانَ هَذَا الْمَالُ ثَمَنَ دِينِ أَحَدِكُمْ هَلَكْتُمْ)) (¬1). [118] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الربا ((لَا يَشْتَرِ أَحَدُكُمْ دِينَارًا بِدِينَارَيْنِ، وَلَا دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ، وَلَا قَفِيزًا بِقَفِيزَيْنِ، إِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ (¬2)، وَإِنِّي لَا أُوتَى بِأَحَدٍ فَعَلَهُ ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 615 وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 195 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 333 (¬2) يعني الربا. والرماء بالفتح والمد: الزيادة على ما يحل. ويروى: الإرماء. يقال أرمى على الشيء إرماء إذا زاد عليه، كما يقال أربى. (النهاية لابن الأثير - (رمي)).

[119] ومن دعاء له - رضي الله عنه -

إِلَّا أَوْجَعْتُهُ عُقُوبَةً، فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ)) (¬1). [119] وَمِنْ دُعَاءٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَاخُذَنِي عَلَى غِرَّةٍ، أَوْ تَذَرَنِي فِي غَفْلَةٍ، أَوْ تَجْعَلَنِي مِنَ الْغَافِلِينَ)) (¬2). [120] وَمِنْ دُعَاءٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اللَّهُمَّ حَبِّبْنِي إِلَيْهِمْ وَحَبِّبْهُمْ إِلَيَّ، وَلَيِّنِّي لَهُمْ وَلَيِّنْهُمْ لِي)) (¬3). [121] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سأل الناس: ((كيف يصنع بكم الحبشة إذا دخلتم أرضهم؟)). فقالوا: يأخذون عُشر ما معنا، قال عمر: ((فَخُذُوا مِنْهُمْ مِثْلَ مَا يَاخُذُونَ مِنْكُمْ)) (¬4). [122] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في كراهة مداومة أكل اللحم ((إِيَّاكُمْ وَاللَّحْمَ، فَإِنَّ لَهُ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ (¬5))) (¬6). ¬

(¬1) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (5781). (¬2) رواه الضبي في الدعاء (73) وابن أبي شيبة في المصنف (30131) و (35593) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 54. (¬3) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 858. (¬4) رواه عبد الرزاق في المصنف (10121). (¬5) أي أن له عادة ينزع إليها كعادة الخمر. وقال الأزهري: أراد أنَّ له عادة طلابة لأكله، كعادة الخمر مع شاربها، ومن اعتاد الخمر وشربها أسرف في النفقة ولم يتركها، وكذلك من اعتاد اللحم لم يكد يصبر عنه، فدخل في دأب المسرف في نفقته. (النهاية لابن الأثير - (ضرو)). (¬6) رواه مالك في الموطأ (3450) والمعافى بن عمران في الزهد (262) وأبو داود في الزهد (47) واللفظ له، وابن أبي الدنيا في الجوع (282).

[123] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأبي حثمة الأنصاري - رضي الله عنه -

[123] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأَبِي حَثْمَةَ الأَنْصَارِيِّ (¬1) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بعثه لخرص تمر خيبر: ((دَعْ لَهُمْ قَدْرَ مَا يَقَعُ، وَقَدْرَ مَا يَاكُلُونَ)) (¬2). [124] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أنَّ سعداً - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: ((من قرأ القرآن ألحقته في العين)) ((أفٍّ أفٍّ، أيُعْطَى على كِتابِ اللهِ؟!)) (¬3). [125] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وهما مُحرِمان ((تَعَالَ أُبَاقِيكَ فِي الْمَاءِ، أَيُّنَا أَطْوَلُ نَفَسًا)) (¬4). ¬

(¬1) أبو حثمة بن ساعدة بن عدي الأنصاري الأوسي الْحَارِثِيّ، شهد أحداً مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان دليله إلى أحد، وشهد معه خيبر، وأعطاه بخيبر سهمه وسهم فرسه، وشهد المشاهد بعد خيبر، وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وعمر وعثمان يبعثونه خارصاً، وتوفي أول ملك معاوية. (أسد الغابة: 6/ 66 والإصابة: 7/ 72 - 73). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (7221) والقاسم بن سلّام في الأموال (1449) وابن أبي شيبة في المصنف (10663) والطحاوي في شرح معاني الآثار (3098) والحاكم في المستدرك (1465) والبيهقي في السنن الكبرى (7446). (¬3) رواه القاسم بن سلّام في فضائل القرآن: 1/ 209. (¬4) رواه الشافعي في المسند (861) والبيهقي في السنن الكبرى (9134) وصححه الحافظ ابن كثير في (مسند الفاروق: 1/ 306).

[126] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[126] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لا يَرْكَبَنَّ الدَّابَّةَ فَوْقَ اثْنَيْنِ، وَلا تَرْكَبُوا عَلَى مُسُوكِ (¬1) السِّبَاعِ، وَعَلَيْكُمْ بِالأُزْرِ وَالْبِغَالِ وَبِالسِّوَاكِ وَتَقْلِيمِ الأَظَافِرِ، وَقَصِّ الشَّوَارِبِ)) (¬2). [127] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تُسَمُّوا الْحَكَمَ، وَلَا أَبَا الْحَكَمِ، فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْحَكَمُ، وَلَا تُسَمُّوا الطَّرِيقَ السِّكَّةَ)) (¬3). [128] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لجمع من المهاجرين والأنصار، وقد طلبهم للمشورة ((إِنِّي لَمْ أُزْعِجْكُمْ إِلا لأَنْ تَشْتَرِكُوا فِي أَمَانَتِي فِيمَا حُمِّلْتُ مِنْ أُمُورِكُمْ؛ فَإِنِّي وَاحِدٌ كَأَحَدِكُمْ وَأَنْتُمُ الْيَوْمَ تُقِرُّونَ بِالْحَقِّ، خَالَفَنِي مَنْ خَالَفَنِي وَوَافَقَنِي مَنْ وَافقنِي، وَلَيْسَ أُرِيدُ أَنْ تَتَّبِعُوا هَذَا الَّذِي هَوَايَ، مَعَكُمْ مِنَ اللهِ كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ؛ فَوَاللهِ لَئِنْ كُنْتُ نَطَقْتُ بِأَمْرٍ أُرِيدُهُ مَا أُرِيدُ بِهِ إِلا الْحَقَّ. ¬

(¬1) المسوك: الجلود. (¬2) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 370. (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (19859) وشطره الأول رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 370.

[129] ومن كلام له - رضي الله عنه - لعماله إذا بعثهم إلى الأمصار يشترط عليهم

قَالُوا: قُلْ نَسْمَعْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فقَالَ عمر: قَدْ سَمِعْتُمْ كَلامَ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنِّي أَظْلِمُهُمْ حُقُوقَهُمْ. وَإِنِّي أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَرْكَبَ ظُلْمًا، لَئِنْ كُنْتُ ظَلَمْتُهُمْ شَيْئًا هُوَ لَهُمْ وَأَعْطَيْتُهُ غَيْرَهُمْ لَقَدْ شَقِيتُ؛ وَلَكِنْ رَأَيْتُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُفْتَحُ بَعْدَ أَرْضِ كِسْرَى، وَقَدْ غَنَّمَنَا اللهُ أَمْوَالَهُمْ وَأَرْضَهُمْ وَعُلُوجَهُمْ فَقَسَّمْتُ مَا غَنِمُوا مِنْ أَمْوَالٍ بَيْنَ أَهْلِهِ وَأَخْرَجْتُ الْخُمُسَ فَوَجَّهْتُهُ عَلَى وَجْهِهِ وَأَنَا فِي تَوْجِيهِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَحْبِسَ الأَرَضِينَ بِعُلُوجِهَا وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ فيها الْخَرَاجَ وَفِي رِقَابِهِمُ الْجِزْيَةَ يُؤَدُّونَهَا فَتَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ: الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِّيَّةِ وَلِمَنْ يَاتِي مِن بَعْدِهِمْ. أَرَأَيْتُمْ هَذِه الثغور لَا بُد لَهَا مِنْ رِجَالٍ يَلْزَمُونَهَا، أَرَأَيْتُمْ هَذِهِ الْمُدُنَ الْعِظَامَ - كَالشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ والكوفة وَالْبَصْرَة ومصر - لَا بُد لَهَا مِنْ أَنْ تُشْحَنَ بِالْجُيُوشِ، وَإِدْرَارِ الْعَطَاءِ عَلَيْهِمْ؛ فَمِنْ أَيْنَ يُعْطَى هَؤُلاءِ إِذَا قُسِّمَتِ الأَرَضُونَ والعلوج)) (¬1). [129] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعُمَّالَهُ إذا بعثهم إلى الأمصار يشترط عليهم ((أَنْ لا تَتَّخِذُوا عَلَى الْمَجَالِسِ الَّتِي تَجْلِسُونَ فِيهَا لِلنَّاسِ بَابًا، وَلا تَرْكَبُوا الْبَرَاذِينَ، وَلا تَلْبَسُوا الثِّيَابَ الرِّقَاقَ، وَلا تَاكُلُوا النَّقِيَّ، وَلا ¬

(¬1) رواه أبو يوسف في الخراج: ص35 - 36

[130] ومن كلام له - رضي الله عنه -

تَغِيبُوا عَنْ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ، وَلا تُطْمِعُوا فِيكُمُ السُّعَاةَ)) (¬1). [130] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ، أَصْلِحُوا هَذَا الْمَالَ فَإِنَّهُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ يُوشِكُ أَنْ يَصِيرَ إِلَى الْأَمِيرِ الْفَاجِرِ أَوِ التَّاجِرِ النَّجِيبِ)) (¬2). [131] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الأنصاري (¬3) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سأله عمر ((كَيْفَ تَرَانِي يَا مُحَمَّدُ؟)) فَقَالَ: أَرَاكَ وَاللهِ كَمَا أُحِبُّ، وَكَمَا يُحِبُّ مَنْ يُحِبُّ لَكَ الْخَيْرَ، أَرَاكَ قَوِيًّا عَلَى جَمْعِ الْمَالِ، عَفِيفًا عَنْهُ، عَادِلًا فِي قَسْمِهِ، وَلَوْ مِلْتَ عَدَلْنَاكَ، كَمَا يُعْدَلُ السَّهْمُ فِي الثِّقَافِ، فَقَالَ عُمَرُ: ((هَاهْ))، فَقَالَ: لَوْ مِلْتَ عَدَلْنَاكَ، كَمَا يُعْدَلُ السَّهْمُ فِي الثِّقَافِ، فَقَالَ عُمَرُ: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنِي فِي قَوْمٍ إِذَا مِلْتُ عَدَلُونِي)) (¬4). ¬

(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في الجوع (176) والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1220) وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 137 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 47/ 282 واللفظ لابن الجوزي. (¬2) رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (61). (¬3) مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ بنِ سَلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ، من نجباء الصحابة، شهد: بدراً والمشاهد. استعمله عمر على زكاة جهينة. وكان عمر إذا شكي إليه عامل، نفذ محمداً إليهم، ليكشف أمره. وكان محمد ممن اعتزل الفتنة، فلم يحضر الجمل ولا صفين؛ بل اتخذ سيفاً من خشب، وتحول إلى الربذة، فأقام بها مديدة. (سير أعلام النبلاء: 2/ 369). (¬4) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (512).

[132] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الترغيب في النكاح

[132] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الترغيب في النكاح ((مَا رَأَيْتُ مِثْلَ رَجُلٍ لَمْ يَلْتَمِسِ الْفَضْلَ فِي الْبَاهِ (¬1)، وَاللهُ يَقُولُ: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32])) (¬2). [133] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لخازن بيت المال في شأن شيخ كبير يهودي ضرير البصر ألجأته الجزية إلى سؤال الناس: ((انْظُرْ هَذَا وَضُرَبَاءَهُ؛ فَوَاللهِ مَا أَنْصَفْنَاهُ أَن أكلنَا شيْبَتَه ثُمَّ نَخُذُلُهُ عِنْدَ الْهَرَمِ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} (¬3)، وَالْفُقَرَاءُ هُمُ الْمُسْلِمُونَ وَهَذَا مِنَ الْمَسَاكِينِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ)) (¬4). ¬

(¬1) أي النكاح، قال ابن الأعرابي: الباء والباءة والباه كلها مقولات. ابن الأنباري: الباء النكاح، يقال: فلان حريص على الباء والباءة والباه، بالهاء والقصر، أي على النكاح؛ والباءة الواحدة والباء الجمع، وتجمع الباءة على الباءات. (لسان العرب - (بوأ)). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (10385) و (10393). (¬3) سورة التوبة آية 60. (¬4) رواه أبو يوسف في الخراج: ص139.

[134] ومن كلام له - رضي الله عنه - لرجلين من أهل الطائف في المسجد النبوي

[134] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لرجلين من أهل الطائف في المسجد النبوي ((لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ البَلَدِ لَأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) (¬1). [135] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَوْ هَلَكَ حَمْلٌ مِنْ وَلَدِ الضَّانِ ضَيَاعًا بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ خَشِيتُ أَنْ يَسْأَلَنِي الله عَنْهُ)) (¬2). [136] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَحَبُّكُمْ إِلَيْنَا مَا لَمْ نَرَكُمْ: أَحْسَنُكُمُ اسْمًا، فَإِذَا رَأَيْنَاكُمْ فَأَحَبُّكُمْ إِلَيْنَا أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا، فَإِذَا اخْتَبَرْنَاكُمْ فَأَحَبُّكُمْ إِلَيْنَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَأَعْظَمُكُمْ أَمَانَةً)) (¬3). [137] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قال له رجلٌ: اتق الله ((لَا خَيْرَ فِيهِمْ إِنْ لَمْ يَقُولُوهَا لَنَا، وَلا خَيْرَ فِينَا إِنْ لَمْ نَقْبَلْ))، ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (470) وعبد الرزاق في المصنف (1712) والبيهقي في السنن الكبرى (4346). (¬2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (35627) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 354 والخلال في السنة (396). (¬3) رواه ابن أبي الدنيا في الصمت (484).

[138] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأبي محذورة - رضي الله عنه -

وَأَوْشَكَ أَنْ يَرُدَّ عَلَى قَائِلِهَا (¬1). [138] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي محذورة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَا خَشِيتَ أَنْ يَنْخَرِقَ مُرِيطَاؤُكَ (¬2)؟))، قَالَ أبو محذورة: ((يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدِمْتَ فَأَحْبَبْتُ أَنَّ أُسْمِعَكُمْ أَذَانِي))، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ((إِنَّ أَرْضَكُمْ مَعْشَرَ أَهْلَ تِهَامَةٍ حَارَّةٌ فَأَبْرِدْ ثُمَّ أَبْرِدْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَذِّنْ ثُمَّ ثَوِّبْ آتِكَ)) (¬3). [139] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اعْقِلْ عَنِّي ثَلَاثًا: الْإِمَارَةُ شُورَى، وَفِي فِدَاءِ الْعَرَبِ مَكَانُ كُلِّ عَبْدٍ عَبْدٌ، وَفِي ابْنِ الْأَمَةِ عَبْدَانِ)) (¬4). [140] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَهْلُ الشُّكْرِ مَعَ مَزِيدٍ مِنَ اللهِ؛ فَالْتَمِسُوا الزِّيَادَةَ، وَقَدْ قَالَ اللهُ ¬

(¬1) رواه أبو يوسف في الخراج: ص22. (¬2) هي الجلدة التي بين السرة والعانة. وهي في الأصل مصغرة مرطاء، وهي الملساء التي لا شعر عليها، وقد تقصر. (النهاية لابن الأثير - (مرط)). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (6816) وابن أبي شيبة في المصنف (3303). (¬4) رواه عبد الرزاق في المصنف (9760) و (18527) و (19186) والقاسم بن سلّام في الأموال (361).

[141] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد سأله وفد أهل الكوفة عن نهيه أن يبنوا بنيانا فوق القدر

عَزَّ وَجَلَّ: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 2])) (¬1). [141] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سأله وفد أهل الكوفة عن نهيه أن يبنوا بنياناً فوق القَدْر ((مَا لا يُقَرِّبُكُمْ مِنَ السَّرَفِ، وَلا يُخْرِجُكُمْ مِنَ الْقَصْدِ)) (¬2). [142] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لقيس بن مروان (¬3) وقد اشتكى إملاء ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أهل الكوفة المصاحف عن ظهر قلبه: ((وَيْحَكَ، وَاللهِ مَا أَعْلَمُهُ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ هُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ ذَلِكَ، كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَزَالُ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَاكَ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّهُ سَمَرَ عِنْدَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَأَنَا مَعَهُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَمِعُ ¬

(¬1) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2687). (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 44. (¬3) قيس بن مروان الجعفي، خرج إلى الجزيرة أيام علي، وكان شريفاً كريماً على معاوية، وهو أول من نزل سوراً من جعفى، وله يقول الشاعر: ما زلت أسأل عن جعفى وسيدها حتى دللت على قيس بن مروان. (الطبقات الكبرى: 6/ 146).

[143] ومن كلام له - رضي الله عنه - إذا استعمل رجلا وأشهد عليه رهطا من الأنصار وغيرهم

قِرَاءَتَهُ، فَلَمَّا كِدْنَا أَنْ نَعْرِفَهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَطْبًا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَاهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ)). ثُمَّ جَلَسَ الرَّجُلُ يَدْعُو، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَهُ: ((سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ))، وَاللهِ لَأَغْدُوَنَّ إِلَيْهِ فَلَأُبَشِّرَنَّهُ، قَالَ: فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ لِأُبَشِّرَهُ فَوَجَدْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ فَبَشَّرَهُ، وَلا وَاللهِ مَا سَابَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلَّا سَبَقَنِي إِلَيْهِ)) (¬1). [143] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذا استعمل رجلاً وأشهد عليه رهطاً من الأنصار وغيرهم ((إِنِّي لَمْ أَسْتَعْمِلْكَ عَلَى دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَلَى أَعْرَاضِهِمْ، وَلَكِنِّي اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَيْهِمْ لِتَقْسِمَ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ وَتُقِيمَ فِيهِمِ الصَّلَاةَ))، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَاكُلَ نَقِيًّا وَلَا يَلْبَسَ رَقِيقًا، وَلَا يَرْكَبَ بِرْذَوْنًا وَلَا يَغْلِقَ بَابَهُ دُونَ حَوَائِجِ النَّاسِ (¬2). [144] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّهُ مَنْ يَعْمَلْ بِالْهَوَى وَالْمَعْصِيَةِ يَسْقُطْ حَظُّهُ وَلا يَضُرَّ إِلا نَفْسَهُ، ¬

(¬1) رواه أحمد في المسند (175) وأبو يعلى في المسند: (194) وابن خزيمة في صحيحه (1156) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5592) والحاكم في المستدرك (2893) والبيهقي في السنن الكبرى (2129) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 33/ 97 - 98. (¬2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (33591).

[145] ومن كلام له - رضي الله عنه - للمغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - حين بعثه إلى الكوفة

وَمَنْ يَتَّبِعِ السُّنَّةَ وَيَنْتَهِ إِلَى الشَّرَائِعِ، وَيَلْزَمِ السَّبِيلَ النَّهجَ ابْتِغَاءَ مَا عِنْدَ اللهِ لأَهْلِ الطَّاعَةِ، أَصَابَ أَمْرَهُ، وَظَفَرَ بِحَظِّهِ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}، وَقَدْ ظَفَرَ أَهْلُ الأَيَّامِ وَالْقَوَادِسِ بِمَا يَلِيهِمْ، وَجَلا أَهْلُهُ، وَأَتَاهُمْ مَنْ أَقَامَ عَلَى عَهْدِهِمْ، فَمَا رَايُكُمْ فِيمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ اسْتُكْرِهَ وَحُشِرَ، وَفِيمَنْ لَمْ يَدع ذَلِكَ وَلَمْ يَقُمْ وَجِلا، وفيمن أَقَامَ ولَمْ يَدَعْ شَيْئاً، ولَمْ يجلُ، وفيمَنِ استَسْلَمَ فَأَجْمَعُوا عَلَى أنَّ الوَفاءَ لمنْ أَقَامَ وكَفَّ لَمْ يَزِدْهُ غُلْبُهُ إلا خَيْراً، وأنَّ مَنِ ادَّعَى فَصَدَقَ أَوْ وَفَى فَبِمَنْزِلَتِهِمْ، وإنْ كَذَبَ نُبِذَ إليهم وأَعادوا صُلْحَهُمْ، وأن يُجْعَلَ أَمْرُ مَنْ جَلَا إليهِمْ، فإنْ شَاءُوا وادَعُوهُمْ وكَانُوا لهُمْ ذِمَّةً، وإنْ شَاءُوا تَمُّوا على منعهم من أرضهم ولم يعطوهم إلا القِتَالَ، وأَنْ يُخَيِّرِوا مَنْ أَقَامَ واسْتَسْلَمَ: الجِزَاءَ، أو الجَلَاءَ، وكَذلِكَ الفِلَاحَ)) (¬1). [145] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للمغيرة بن شعبة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين بعثه إلى الكوفة ((يَا مُغِيرَةُ، لِيَامَنْكَ الأَبْرَارُ، وَلْيَخَفْكَ الْفُجَّارُ)) (¬2). ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 585. (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 165 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 414.

[146] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد قدم عليه عمرو بن العاص - رضي الله عنه - بمال من مصر

[146] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قَدِم عليه عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بمالٍ من مصر ((مَا جَبَيْتَ إِلا هَذَا؟)) قال عمرو: أَتَسْتَقِلُّ هَذَا؟ قَالَ: ((إِنَّ الأَرْضَ حَفَلَتْ حَفْلا لَمْ تَحْفَلْ مِثْلَهُ فَحَلَبْتَ وَبَقِيتَ))، فقال عمرو: صَدَقْتَ وَأَنَا أُعْطِيكَ عَهْدًا أَلا أَخُونَكَ، وَأَعْطِنِي مِثْلَهُ أَلا تُصَدِّقَ عَلَيَّ، فَقَالَ عمر: ((أَمْسِكْ عَلَيْكَ، إِنِّي لا آمَنُ إِنْ فَعَلْتُ أَنْ تَهِمَّ وَإِنْ هَمَمْتَ حَنَثْتَ، وَايْمُ اللهِ لأُكَمِّمَنَّ أَفْوَاهَكُمْ عَنْ هَذَا الْمَالِ كَمَا ظَلَفْتُ نَفْسِي عَنْهُ، فَلَوْ قَدْ مُتُّ لَتُكَافِحُنَّ عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ)) (¬1). [147] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما أتاه فتح القادسية، بعد أن قرأ سورة الفتح ((إِنِّي حَرِيصٌ عَلى أَلا أَدَعَ حَاجَةً إِلا سَدَدْتُهَا مَا اتَّسَعَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ، فَإِذَا عَجَزَ ذَلِكَ عَنَّا تَآسَيْنَا فِي عَيْشِنَا حَتَّى نَسْتَوِيَ فِي الْكَفَافِ، وَلَوَدِدْتُ أنَّكُمْ عُلِّمْتُمْ من نَفْسِ مِثْلِ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا لَكُمْ، وَلَسْتُ مُعَلِّمَكُمْ إِلا بِالْعَمَلِ، إِنِّي وَاللهِ مَا أَنَا بِمَلِكٍ فَأَسْتَعْبِدَكُمْ، وَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللهِ عُرِضَ عَلَيَّ الأَمَانَةُ، فَإِنْ أَبَيْتُهَا وَرَدَدْتُهَا عَلَيْكُمْ وَاتَّبَعْتُكُمْ حَتَّى تَشْبَعُوا فِي بُيُوتِكُمْ، وَتُرْوَوْا سَعِدْتُ، وَإِنْ أَنَا حملتها واستتبعتها إِلَى بَيْتِي شَقِيتُ، فَفَرِحْتُ قَلِيلا، وَحَزِنْتُ طَوِيلا، وَبَقِيتُ لا أُقَالُ وَلا ¬

(¬1) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 379.

[148] ومن كلام له - رضي الله عنه -

أُرَدُّ فَأُسْتَعْتَبُ)) (¬1). [148] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَوْلَا أَنْ أَسِيرَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ أَضَعَ جَنْبِي للهِ فِي التُّرَابِ أَوْ أُجَالِسَ قَوْمًا يَلْتَقِطُونَ طَيِّبَ الْكَلَامِ كَمَا يُلْتَقَطُ طَيِّبُ التَّمْرِ لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ قَدْ لَحِقْتُ بِالله)) (¬2). [149] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قرأ قوله تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16]، ((حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ كَانَ الْمَالُ، وَحَيْثُ كَانَ الْمَالُ كَانَتِ الْفِتْنَةُ)) (¬3). [150] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اللَّهُمَّ لَا تُدْرِكْنِي أَبناءُ الهَمَذانيات والإصْطَخْريات (¬4)، فَعَدَّ قُرَى مِنْ قُرَى فَارِسَ، الَّذِينَ لَهُمْ قُلُوبُ الأَعَاجِمِ، وَأَلْسِنَةُ الْعَرَبِ)) (¬5). ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 583 وابن كثير في البداية والنهاية: 9/ 696. (¬2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (19765) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 342 (¬3) رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (40). (¬4) الهَمَذانيات والإصطخريات: نسبة إلى همذان وإصطخر، وهما من بلاد فارس. انظر: معجم البلدان: 1/ 211 و5/ 410. ولهذا قال عبد الرحمن بن الأزهر - راوي الأثر -: فعدَّ قرى من قرى فارس. (¬5) أخرجه المستغفري في فضائل القرآن (98)، وذكره ابن كثير في مسند الفاروق: 2/ 625 وعزاه للإسماعيلي.

[151] ومن كلام له - رضي الله عنه - لعثمان بن عفان وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -

[151] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعثمان بن عفان وعبد الله بن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ((إِنِّي نَظَرْتُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَجَدْتُكُمَا مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِهَا عَشِيرَةً، فَخُذَا هَذَا الْمَالَ فَاقْتَسِمَاهُ، فَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَرُدَّا))، فَأَمَّا عُثْمَانُ فَحَثَا، وَأَمَّا ابن عباس فَجَثَا لِرُكْبَتَه، وقال: وَإِنْ كَانَ نُقْصَانٌ رَدَدْتَ عَلَيْنَا، فَقَالَ عُمَرُ ((نَشْنَشَةٌ مِنْ أَخْشَنَ (¬1)، أَمَا كَانَ هَذَا عِنْدَ اللهِ إِذْ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ ¬

(¬1) قال أبو عبيد في (غريب الحديث: 3/ 240): (هَكَذَا كَانَ سُفْيَان يرويهِ بِتَقْدِيم النُّون. وَأما أهل الْعلم بِالْعَرَبِيَّةِ فَيَقُولُونَ غير هَذَا. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إِنَّمَا هو: شنشِنَةُ أعْرِفُهَا من أخْزَم. وهَذَا بَيتُ رَجَز تُمثِّلَ بِهِ. قَالَ: والشِّنْشِنَة قد تكون كالمُضغة، أَو الْقِطعَةِ تُقطَعُ من اللَّحْم. وَقَالَ غير وَاحِد: بل الشنشنة مثل الطبيعة والسَّجِيّة. فَأَرَادَ عمر إِنِّي أعرف فِيك مَشابِه من أَبِيك فِي رَايه وعقله، وَيُقَال: إِنَّه لم يكن لقرشي مثل رَاي الْعَبَّاس رَحمَه الله. وَأَخْبرنِي ابْن الْكَلْبِيّ أَن هَذَا الشّعْر لأبي أخزم الطَّائِي وَهُوَ جد أبي حَاتِم الطائي أَو جد جده، وَكَانَ لَهُ ابْن يُقَال لَهُ: (أخزم)، فَمَاتَ أخزم وَترك بَنِينَ، فَوَثَبُوا يَوْمًا على جدهم أبي أخزم فأدموه، فَقَالَ: إنّ بَنِيّ رمّلوني بالدمِ ... شِنْشِنَةٌ أعرفهَا من أخزم يَعْنِي أَن هَؤُلَاءِ أشبهوا أباهم فِي طَبِيعَته وخلقه وَأَحْسبهُ كَانَ بِهِ عاقاً. وَقد يكون الْمَعْنى الآخر كَأَنَّهُ جعلهم قِطْعَة مِنْهُ أَي أَنهم بضعَة. وَقد تمثل أَيْضاً بِهَذَا الشّعْر عقيل بن عُلَّفَة المري فِي بعض وَلَده، وَإِنَّمَا تمثل بِهِ عمر تمثلاً). ويظهر لي والله تعالى أعلم، أنَّ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لم يُرد بقوله هذا المشابهة في الرأي والعقل، وإن كان العباس وابنه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - من أهل الرأي والعقل والدين، لكنه أراد المشابهة في الحرص على المال، فإنَّ العباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كسائر بني آدم - كان معروفاً بالحرص على المال، ففي حديث أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الذي رواه البخاري (421) أنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتي بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ، فَقَالَ: ((انْثُرُوهُ فِي المَسْجِدِ))، وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الصَّلاَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ جَاءَ فَجَلَسَ =

[152] ومن كلام له - رضي الله عنه - لما بلغه فتح خراسان من قبل الأحنف بن قيس

يَاكُلُونَ الْقَدَّ)). فقال ابن عباس: بَلَى وَاللهِ لَقَدْ كَانَ هَذَا عِنْدَ اللهِ وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ، وَلَوْ عَلَيْهِ فُتِحَ لَصَنَعَ فِيهِ غَيْرَ الَّذِي تَصْنَعُ، فَغَضِبَ عُمَرُ وَقَالَ: ((أَوْ صَنَعَ مَاذَا؟)) فقال ابن عباس: إِذًا لَأَكَلَ وَأَطْعَمَنَا. فَنَشَجَ عُمَرُ حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَضْلَاعُهُ، ثُمَّ قال: ((وَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْهَا كَفَافًا لَا لِيَ وَلَا عَلَيَّ)) (¬1). [152] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما بلغه فتح خراسان من قِبل الأحنف بن قيس (¬2) ((إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَكَرَ رسوله وَمَا بَعَثَهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى، وَوَعَدَ ¬

= إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إِلَّا أَعْطَاهُ، إِذْ جَاءَهُ العَبَّاسُ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَعْطِنِي، فَإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((خُذْ)) فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَيَّ، قَالَ: ((لاَ)) قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ: ((لاَ)) فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَيَّ، قَالَ: ((لاَ)) قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ: ((لاَ)) فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ احْتَمَلَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى كَاهِلِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا - عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ - فَمَا قَامَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ. ولهذا لمَّا راجع ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في أمر المال، نَسبه عمر إلى أبيه في الحرص على المال، وسياق الكلام يقتضي هذا. (¬1) رواه الحميدي في المسند (30) ويعقوب بن شيبة في مسند عمر (34) والفسوي في المعرفة والتاريخ: 1/ 522 والبزَّار في البحر الزخار (209). (¬2) الأحنف بن قيس السعدي التميمي، يكنى أبا بحر، واسمه الضحاك بن قيس. أدرك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يره، لأنه أسلم على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. كان الأحنف أحد الجلة الحلماء الدهاة الحكماء العقلاء، يعد في كبار التابعين بالبصرة، توفي بالكوفة في إمارة مصعب بن الزبير سنة سبع وستين، ومشى مصعب في جنازته. (الاستيعاب: 1/ 144 - 145).

[153] ومن كلام له - رضي الله عنه - لحذيفة وابن مسعود وأبي الدرداء وأبي ذر وعقبة بن عامر - رضي الله عنهم -

عَلَى أَتْبَاعِهِ مِنْ عَاجِلِ الثَّوَابِ وَآجِلِهِ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَقَالَ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}، فالحمد الَّذِي أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ جُنْدَهُ، أَلا إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مُلْكَ الْمَجُوسِيَّةِ، وَفَرَّقَ شَمْلَهُمْ، فَلَيْسُوا يَمْلِكُونَ مِنْ بِلادِهِمْ شِبْرًا يَضُرُّ بِمُسْلِمٍ أَلا وَإِنَّ اللهَ قَدْ أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ، لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ! أَلا وَإِنَّ الْمِصْرَيْنِ مِنْ مَسَالِحِهَا الْيَوْمَ كَأَنْتُمْ وَالْمِصْرَيْنِ فِيمَا مَضَى مِنَ الْبُعْدِ، وَقَدْ وَغَلُوا فِي الْبِلادِ، وَاللهُ بَالِغٌ أَمْرَهُ، وَمُنْجِزٌ وَعْدَهُ، وَمُتْبِعٌ آخِرَ ذَلِكَ أَوَّلَهُ، فَقُومُوا فِي أَمْرِهِ عَلَى رَجُلٍ يُوفِ لَكُمْ بِعَهْدِهِ، وَيُؤْتِكُمْ وَعْدَهُ، وَلا تُبَدِّلُوا وَلا تُغَيِّرُوا، فَيَسْتَبْدِلَ اللهُ بِكُمْ غَيْرَكُمْ، فَإِنِّي لا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ أَنْ تُؤْتَى إِلا مِنْ قِبَلَكُمْ)) (¬1). [153] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لحذيفة وابن مسعود وأبي الدرداء وأبي ذر وعقبة بن عامر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ((مَا هَذِهِ الأَحادِيثُ التي أَفْشَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الآفاق؟)) قالوا: أَتَتَّهِمُنَا؟! قَالَ: ((لَا، ولكن أَقِيمُوا عِنْديِ ولا تُفَارِقُوني مَا عِشْتُ، فَنَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا نَاخُذُ مِنْكُمْ وَمَا نَرَدُّ عَلَيْكُمْ (¬2)))، ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 173 وعنه ابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 417 وابن كثير في البداية والنهاية: 10/ 170. (¬2) قال الطحاوي في (شرح مشكل الآثار: 15/ 313): (قَالَ قَائِلٌ: فَمَا وَجْهُ هَذَا الَّذِي رُوِّيتُمُوهُ =

[154] ومن كلام له - رضي الله عنه -

فما فارقوه حتى مات، وما خرج ابن مسعود إلى الكوفة ببيعة عثمان إلا من حَبسِ عمر في هذا السبب (¬1). [154] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لمعاذ بن جبل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أفتاه في امرأة حُبلى غاب عنها زوجها سنتين: ((عَجَزَ النِّسَاءُ أَنْ يَلِدْنَ مِثْلَ مُعَاذٍ، لَوْلَا مُعَاذٌ هَلَكَ عُمَرُ)) (¬2). ¬

= عَنْ عُمَرَ، وَهُوَ إِمَامٌ رَاشِدٌ مَهْدِيُّ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا يَقِفُ النَّاسُ عَلَى مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا بِمَا يُحَدِّثُهُمْ بِهِ أَصْحَابُهُ عَنْهُ، وَفِيمَا كَانَ مِنْ عُمَرَ مَا يَقْطَعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ مِمَّا كَانَ مِنْهُ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ عُمَرَ كَانَ مَذْهَبُهُ حِيَاطَةَ مَا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ رَوَوْهُ عُدُولًا، إِذْ كَانَ عَلَى الْأَئِمَّةِ تَأَمُّلُ مَا يُشْهَدُ بِهِ عِنْدَهُمْ، مِمَّنْ قَدْ ثَبَتَ عَدْلُهُ عِنْدَهُمْ، فَكَانَ عُمَرُ فِيمَا يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا لَا يَحْفَظُهُ عَنْهُ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِأَبِي مُوسَى مَعَ عَدْلِهِ عِنْدَهُ، فِيمَا حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِي الِاسْتِئْذَانِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، وَقَدْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمَنْ سِوَاهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ وَقَفُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُخَالِفُوهُ فِيهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مُوَافَقَتِهِمْ إِيَّاهُ عَلَيْهِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَعَلَ فِي أُمُورِ الَّذِينَ كَانَ مِنْهُ فِي حَبْسِهِمْ مِمَّا كَانَ فَعَلَهُ فِي ذَلِكَ لِهَذَا الْمَعْنَى، لَا لِأَنْ يَقْطَعَهُمْ عَنِ التَّبْلِيغِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ مَا قَدْ سَمِعُوهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبْلَهُ فِي مِثْلِ هَذَا). (¬1) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 40/ 500 وابن كثير في مسند الفاروق: 2/ 624 وجوَّد إسناده. (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (13454) وسعيد بن منصور في السنن (2076) وابن أبي شيبة في المصنف (29408) والدارقطني في السنن (3876) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (15558) وسنده ضعيف.

[155] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[155] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي عبيدة بن الجراح - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقد استنكر عليه أبو عبيدة أن يخوض مع بعيره الماء ويراه كبار أهل الشام وهو على هذه الحالة: ((أَوَّهْ - يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ - لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُ هَذَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَذَلَّ النَّاسِ، وَأَقَلَّ النَّاسِ، وَأَحْقَرَ النَّاسِ، فَأَعَزَّكُمُ اللهُ بِالْإِسْلَامِ، فَمَهْمَا تَطْلُبُوا الْعِزَّ بِغَيْرِهِ يُذِلَّكُمُ الله)) (¬1). [156] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّهَا سَتَكُونُ أُمَرَاءُ وَعُمَّالٌ صُحْبَتُهُمْ فِتْنَةٌ وَمُفَارَقَتُهُمْ كُفْرٌ)) (¬2). [157] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن انتظار المهاجرين والأنصار لقدوم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليهم المدينة ((كُنَّا قَدِ اسْتَبْطَانَا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقُدُومِ عَلَيْنَا، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَغْدُونَ إِلَى ظَهْرِ الْحَرَّةِ فَيَجْلِسُونَ حَتَّى يَرْتَفِعَ النَّهَارُ، فَإِذَا ارْتَفَعَ ¬

(¬1) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (584) وابن أبي شيبة في المصنف (34539) وهناد بن السري في الزهد: 2/ 417 وسعدان في جزءه (6) وابن أبي الدنيا في الزهد (117) والمحاملي في أماليه (239) والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (418) وابن أبي شريح في الأحاديث المائة (58) والحاكم في المستدرك (207) و (208) والبيهقي في شعب الإيمان (7847) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 5. (¬2) رواه عفان بن مسلم في أحاديثه (290) وابن أبي شيبة في المصنف (38357) واللفظ له.

[158] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الكوفة

النَّهَارُ وَحَمِيَتِ الشَّمْسُ رَجَعَتْ إِلَى مَنَازِلِهَا، فَقَالَ عُمَرُ: وَكُنَّا نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ أَوْمَأَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ هَذَا صَاحِبُكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ، وَسَمِعْتُ الْوَجْبَةَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ (¬1) فَأَخْرُجُ مِنَ الْبَابِ وَإِذَا الْمُسْلِمُونَ قَدْ لَبِسُوا السِّلَاحَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ الْقَوْمِ عِنْدَ الظُّهْرِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ)) (¬2). [158] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الكوفة ((الْكُوفَةُ رُمْحُ اللهِ، وَكَنْزُ الْإِيمَانِ، وَجُمْجُمَةُ (¬3) الْعَرَبِ يُحْرِزُونَ ثُغُورَهُمْ، وَيَمُدُّونَ الْأَمْصَارَ)) (¬4). [159] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الشهادة ((أَلَا لَا يُؤْسَرُ أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ، فَإِنَّا لَا نَقْبَلُ ¬

(¬1) عمرو بن عوف بن مالك بن أوس، من الأزد: جدّ جاهلي. كان له من الولد حبيب، وعوف، وثعلبة، ووائل، ولوذان، ومنهم بطون. (الأعلام للزركلي: 5/ 82). و (بنو عَمْرو بن عَوْف) قبيلة معروفة من الأنصار - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ينسبون إلى عمرو بن عوف المذكور، وكان يسكنون قباء. (تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 291). (¬2) رواه البزار في البحر الزخار (284). (¬3) أَيْ سادَاتها، لأنَّ الجمجمة الرأس، وهو أشرف الأعضاء. وقيل جماجم العرب: التي تجمع البطون فينسب إليها دونهم. (النهاية لابن الأثير - (جَمْجَمَ)). (¬4) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (33117).

[160] ومن كلام له - رضي الله عنه - لبعض الأنصار وقد شيعهم إلى الكوفة

إِلَّا الْعُدُولَ)) (¬1). [160] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لبعض الأنصار وقد شيَّعهم إلى الكوفة ((مَشَيْتُ مَعَكُمْ لِحَدِيثٍ أَرَدْتُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ بِهِ، فأردْتُ أَنْ تَحْفَظُوهُ لِمَمْشَايَ مَعَكُمْ، إِنَّكُمْ تَقْدَمُونَ عَلَى قَوْمٍ لِلْقُرْآنِ فِي صُدُورِهِمْ هَزِيزٌ كَهَزِيزِ الْمِرْجَلِ، فَإِذَا رَأَوْكُمْ مَدُّوا إِلَيْكُمْ أَعْنَاقَهُمْ، وَقَالُوا: أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ، فَأَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ أَنَا شَرِيكُكُمْ)) (¬2). [161] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في أهل الكوفة ((مَنْ عَذِيرِي مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، إِنِ اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْهِمُ الضَّعِيفَ حَقَّرُوهُ، وَإِنِ اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْهِمُ الْقَوِيَّ فَجَّرُوهُ))، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَيْنَ أَنْتَ عَنْ مُعَاوِيَةَ؟ فَقَالَ: ((ذَاكَ بِالشَّامِ))، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: أَمَّا الْمُؤْمِنُ الضَّعِيفُ فَلَهُ إِيمَانُهُ وَعَلَيْكَ ضَعْفُهُ، وَأَمَّا الْفَاجِرُ الْقَوِيُّ (¬3) فَلَكَ قُوَّتُهُ وَعَلَيْهِ فُجُورُهُ، قَالَ عُمَرُ: ((فَلَعَلَّكَ يَا أَعْوَرُ إِنْ ¬

(¬1) رواه مالك في الموطأ (2666) وابن أبي شيبة في المصنف (23496) (¬2) رواه ابن ماجه في السنن (28) والدارمي في السنن (288) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6049) وابن المقرئ في المعجم (679) والحاكم في المستدرك (347) والبيهقي في معرفة السنن والآثار (183) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1906). (¬3) في تاريخ الطبري: 4/ 165 أَنَّ عُمَرَ قَالَ: (قَبْلَ أَنِ اسْتَعْمَلَ الْمُغِيرَةَ: مَا تَقُولُونَ فِي تَوْلِيَةِ =

[162] ومن كلام له - رضي الله عنه - إلى سعيد بن عامر الجمحي وقد أراد عمر أن يستعمله فرفض

وَلَّيْتُكَ تَعُودُ لِشَيْءٍ مِمَّا رُمِيتَ بِهِ، قَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ وَأَجَّلْتُكَ ثَلاثًا حَتَّى تَشْخَصَ)) (¬1). [162] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعيد بن عامر الجُمَحِيِّ (¬2) وقد أراد عمر أن يستعمله فرفض ((وَاللهِ لَا أَدَعُكُمْ، جَعَلْتُمُوهَا فِي عُنُقِي، ثُمَّ تَخَلَّيْتُمْ عَنِّي، إِنِّي إِنَّمَا أَبْعَثُكَ عَلَى قَوْمٍ لَسْتَ بِأَفْضَلِهِمْ، وَلَسْتُ أَبْعَثُكَ عَلَيْهِمْ لِتَضْرِبَ أَبْشَارَهُمْ، وَلَا تَنْتَهِكَ أَعْرَاضَهُمْ، وَلَكِنَّكَ تُجَاهِدُ بِهِمْ عَدُوَّهُمْ، وَتُقْسِمُ فِيهِمْ فَيْئَهُمْ)). قَالَ: اتَّقِ اللهَ يَا عُمَرُ، وَلَا تَفْتِنِّي، وَأَقِمْ وَجْهَكَ وَقَضَاءَكَ لِمَنِ اسْتَرْعَاكَ اللهُ مِنْ قَرِيبِ الْمُسْلِمِينَ وَبَعِيدِهِمْ، وَلَا تُقْصِرْ فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ قَضَاءَيْنِ، فَيَخْتَلِفَ عَلَيْكَ أَمْرُكَ وَتَزِيغَ عَنِ الْحَقِّ، وَالْزَمِ الْأَمْرَ ¬

= رَجُلٍ ضَعِيفٍ مُسْلِمٍ أَوْ رَجُلٍ قَوِيٍّ مُشَدِّدٍ؟ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: أَمَّا الضَّعِيفُ الْمُسْلِمُ فَإِنَّ إِسْلامَهُ لنِفَسْهِ وَضَعْفَهُ عَلَيْكَ، وَأَمَّا الْقَوِيُّ الْمُشَدِّدُ فَإِنَّ شِدَادَهُ لِنَفْسِهِ وَقُوَّتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ، قَالَ: فَإِنَّا بَاعِثُوكَ يَا مُغِيرَةُ). (¬1) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 325 - 326. (¬2) سعيد بْن عامر بْن حِذيَم القرشي الجُمَحِيُّ، من أشراف بني جُمَح. أسلم قبل خيبر. وهاجر إِلَى المدينة. وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيبر وما بعد ذلك من المشاهد. وكان على حمص، وكانت تصيبه غشية وهو بين ظهري أصحابه، فذُكِرَ ذلك لعمر فسأله، فقال: ((كنت فيمن حضر خبيباً رحمه الله حين قتل، وسمعت دعوته، فوالله ما خطرت على قلبي وأنا في مجلس إلا غشي علي)). فزاده عند عمر خيراً. وكان خيّراً زاهداً فاضلاً، قيل: أنه استعفى عمر فأعفاه عن حمص، وقيل: إنه لما مات أبو عبيدة ومعاذ ويزيد بن أبي سفيان، ولى عمر سعيد بن عامر حمص، فلم يزل عليها حتى مات، فحينئذ جمع عمر الشام لمعاوية. (الطبقات الكبرى: 4/ 269 والاستيعاب: 2/ 624).

وَالْحُجَّةَ يُعِينُكَ اللهُ عَلَى مَا وَلَّاكَ، خُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ حَيْثُ عَلِمْتَهُ، وَلَا تَخْشَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. قَالَ عُمَرُ: ((وَيْحَكَ، مَنْ يُطِيقُ هَذَا يَا سَعِيدُ بْنَ عَامِرٍ؟)) قَالَ: مَنْ قَطَعَ اللهُ فِي عُنُقِهِ مِثْلَ الَّذِي قَطَعَ فِي عُنُقِكَ، إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تَامُرَ فَيُطَاعَ أَمْرُكَ أَوْ يُتْرَكَ، فَتَكُونَ لَكَ الْحُجَّةُ، قَالَ عُمَرُ: ((إِنَّا سَنَجْعَلُ لَكَ رِزْقًا))، قَالَ: قَدْ جُعِلَ لِي مَا يَكْفِينِي دُونَهُ، وَمَا أَنَا مُزْدَادٌ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، يَعْنِي عَطَاءَهُ. فَكَانَ إِذَا خَرَجَ عَطَاءَهُ نَظَرَ إِلَى قُوتِ أَهْلِهِ مِنْ طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ فَعَزَلَهُ، وَنَظَرَ إِلَى بَقِيَّتِهِ فَتَصَدَّقَ بِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَيْنَ مَالُكَ؟ فَيَقُولُ: أَقْرَضْتُهُ، فَأَتَى نَاسٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ لِقَوْمِكَ عَلَيْكَ حَقًّا. قَالَ: مَا أَسْتَاثِرُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّ يَدَيَّ مَعَ أَيْدِيهِمْ، وَمَا أَنَا بِطَالِبٍ رِضَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بِطِلْبَتِي الْحُورَ العِينِ، لَوِ اطَّلَعَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ لَأَشْرَقَتْ لَهَا الْأَرْضُ كَمَا تُشْرِقُ الشَّمْسُ لِأَهْلِ الدُّنْيَا، وَمَا أَنَا مُتَخَلِّفٌ عَنِ الْعُنُقِ الْأَوَّلِ، بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: يَجِيءُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ يُزَفُّونَ كَمَا تُزَفُّ الْحَمَامُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: قِفُوا لِلْحِسَابِ، فَيَقُولُونَ: وَاللهِ مَا تَرَكْنَا شَيْئًا نُحَاسَبُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقَ عِبَادِي، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ سَبْعِينَ، أَوْ قَالَ: أَرْبَعِينَ عَامًا (¬1). ¬

(¬1) رواه المعافى بن عمران الموصلي في الزهد (42) والطبراني في المعجم الكبير (5508) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 21/ 145 وابن الجوزي في المنتظم: 4/ 301.

[163] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[163] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لنَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ (¬1) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (عامل مكة) وقد لقيه عمر بِعُسْفَانَ: ((مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟)) قال نافع: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ ابْنَ أَبْزَى، فقال عمر: ((وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟)) قال: رَجُلٌ مِنْ مَوَالِينَا، قَالَ عُمَرُ: ((فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى!))، قال نافع: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى، عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، قَاضٍ، فقال عُمَرُ: ((أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ)) (¬2). ¬

(¬1) نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيُّ، روى عن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، روى عنه أبو الطّفيل وغيره. وقال البخاريّ: يقال: إنّ له صحبة، وذكره ابن سعد في الصّحابة في طبقة من أسلم في الفتح. وقال ابن عبد البرّ: كان من كبار الصّحابة، وفضلائهم، ويقال: إنه أسلم يوم الفتح، فأقام بمكة ولم يهاجر، فأنكر الواقديّ أن تكون له صحبة. وذكره في الصّحابة ابن حبّان، والعسكريّ، وآخرون، وحديثه في السّنن ومسند أحمد: ((من سعادة المرء الجار الصّالح)). ووقع في رواية إبراهيم الحربيّ نافع بن الحارث بإسقاط (عبد). والصّواب إثباته. وأمّره عمر على مكّة. قال البخاريّ في صحيحه: اشترى نافع بن عبد الحارث لعمر من صفوان بن أمية دار السّجن بمكّة. (الإصابة: 6/ 322). (¬2) رواه ابن ماجه في السنن (218) وأحمد في المسند (232) والدارمي في السنن (3408) وعبد الرزاق في المصنف (20944) وأبوعوانة في المسند (3762) و (3763) و (3764) وابن حبان في صحيحه (772).

[164] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[164] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في التزام سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الرَمل والكشف عن المناكب عند الطواف: ((فِيمَ الرَّمَلانُ (¬1) الْآنَ، وَالْكَشْفُ عَنِ الْمَنَاكِبِ، وَقَدْ أَطَّأَ (¬2) اللهُ الْإِسْلامَ، وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) (¬3). [165] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في تصويب موقف أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من مانعي الزكاة ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَطَاعَنَا أَبُو بَكْرٍ لَكَفَرْنَا فِي صَبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ إِذْ سَأَلُوا التَّخْفِيفَ عَنِ الزَّكَاةِ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، قَال: لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لَجَاهَدْتُهُمْ)) (¬4). ¬

(¬1) الرَّملان: الرَّمَل، والسعي، الرَّمَل: أن يَهُزَّ منكبيه ويُسرع في المشي (لسان العرب 11/ 295). (¬2) أطأ: ثبَّته وأرساه (النهاية 1/ 53). (¬3) رواه أبو داود في السنن (1887) وأحمد في المسند (317) وابن خزيمة في صحيحه (2708) والحاكم في المستدرك (1669) والفاكهي في أخبار مكة: 2/ 181 والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (78) و (79) والبيهقي في السنن الكبرى: 5/ 493 وأبو يعلى الموصلي في المسند (188) والبزّار في البحر الزخار (392). (¬4) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (33404).

[166] ومن كلام له - رضي الله عنه - في آية الفيء بعد أن تلاها

[166] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في آية الفيء (¬1) بعد أن تلاها ((فَاسْتَوْعَبَتْ هَذِهِ الْآيَةُ النَّاسَ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا لَهُ حَقٌّ فِيهَا - أَوْ قَالَ: حَظٌّ - إِلَّا بَعْضُ مَنْ تَمْلِكُونَ مِنْ أَرِقَّائِكُمْ، فَإِنْ عِشْتُ إِنْ شَاءَ اللهُ لَيُؤْتَيَنَّ كُلُّ مُسْلِمٍ حَقَّهُ - أَوْ قَالَ: حَظَّهُ - حَتَّى يَاتِيَ الرَّاعِيَ بِسَرْوِ حِمْيَرَ لَمْ يَعْرَقْ فِيهِ جَبِينُهُ)) (¬2). [167] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أنّ نساء بني المغيرة يبكين على خالد بن الوليد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((وَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يَبْكِينَ أَبَا سُلَيْمَانَ وَهُنَّ جُلُوسٌ فِي غَيْرِ نَقْعٍ (¬3)، ¬

(¬1) {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 7 - 9]. (¬2) رواه القاسم بن سلاّم في الأموال (526) وابن زنجويه في الأموال (762) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 352 والبيهقي في السنن الكبرى (13003) والصغرى (2982). (¬3) النَّقْعُ: رفْع الصَّوت. ونَقَعَ الصّوتُ واسْتَنْقَعَ، إِذَا ارتَفَع. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالنَّقْعِ شَقَّ الجُيوب. =

[168] ومن كلام له - رضي الله عنه - عن بيرح بن أسد الطاحي

وَلَا لَقْلَقَةٍ (¬1))) (¬2). [168] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن بَيْرَحِ بْنِ أَسَدٍ الطَّاحِيَّ (¬3) ((هَذَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ الَّتِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا: عُمَانُ، يَنْضَحُ بِنَاحِيَتِهَا الْبَحْرُ، بِهَا حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ لَوْ أَتَاهُمْ رَسُولِي مَا رَمَوْهُ بِسَهْمٍ وَلا حَجَرٍ (¬4))) (¬5). [169] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((وَاللهِ لَقَدْ لَانَ قَلْبِي فِي الله حَتَّى لَهُوَ أَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ، وَلَقَدِ اشْتَدَّ قَلْبِي فِي الله حَتَّى لَهُوَ أَشَدُّ مِنَ الْحَجَرِ)) (¬6). ¬

= وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ وَضْع التُّراب عَلَى الرءُوس، مِنَ النَّقْع: الغُبار، وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قَرن بِهِ اللَّقْلَقة، وَهِيَ الصَّوت، فَحمْل اللَّفْظَين عَلَى مَعْنَيَين أَوْلَى مِنْ حَمْلهما عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ. (النهاية لابن الأثير - (نَقَعَ)). (¬1) أَرَادَ الصِياحَ والجَلَبة عِنْدَ الْمَوْتِ. (النهاية لابن الأثير - (لَقْلَقَ)). (¬2) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 796. (¬3) بَيْرَحُ بْنُ أَسَدٍ الطَّاحِيُّ، من أهل عمان. هاجر إلى النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوجده قد مات. وقال الرّشاطيّ: قدم المدينة بعد وفاة النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأيّام وكان قد رآه، كذا قال. (الإصابة لابن حجر: 1/ 473 - 474). (¬4) له شاهد من حديث أبي برْزَة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في صحيح مسلم (2544) قال: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رَجُلًا إِلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَسَبُّوهُ وَضَرَبُوهُ، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَوْ أَنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ، مَا سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ)). (¬5) رواه أحمد في المسند (308) والحارث في مسنده كما في بغية الباحث (1038) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2294) وأبو يعلى في المسند (106). (¬6) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 50.

[170] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد أمر رجلا أن يضرب نائحة

[170] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أمر رجلاً أن يضرب نائحة ((اضْرِبْ فَإِنَّهَا نَائِحَةٌ وَلَا حُرْمَةَ لَهَا، إِنَّهَا لَا تَبْكِي بِشَجْوِكُمْ، إِنَّهَا تُهَرِيقُ دُمُوعَهَا عَلَى أَخْذِ دَرَاهِمِكُمْ، إِنَّهَا تُؤْذِي أَمْوَاتَكُمْ فِي قُبُورِهِمْ وَتُؤْذِي أَحْيَاءَكُمْ فِي دُورِهِمْ، إِنَّهَا تَنْهَى عَنِ الصَّبْرِ، وَقَدْ أَمَرَ اللهُ بِهِ، وَتَامُرُ بِالْجَزَعِ، وَقَدْ نَهَى اللهُ عَنْهُ)) (¬1). [171] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد دخل عليه هشام البختري في ناس من مخزوم ((يَا هِشَامُ؛ أَنْشِدْنِي شِعْرَكَ فِي خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ))، فَأَنْشَدَهُ هشام، فَقَالَ عمر: ((قصَّرت فِي الْبُكَاءِ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللهُ، إِنْ كَانَ لَيُحِبُّ أَنْ يذلَّ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّامِتُ بِهِ لَمُتَعَرِّضًا لِمَقْتِ الله. قَاتَلَ اللهُ أَخَا بَنِي تَمِيمٍ مَا أَشْعَرَهُ: فَقُلْ لِلَّذِي يَبْقَى خِلافَ الَّذِي مَضَى ... تَهَيَّا لأُخْرَى مِثْلِهَا فَكَأَن قَد فَمَا عَيْشُ مَنْ قَدْ عَاشَ بَعْدِي بنافعٍ ... وَلا مَوْتُ مَنْ قَدْ مَاتَ يَوْمًا بِمُخْلِدِي (¬2) ¬

(¬1) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 799 عن الأوزاعي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - به. (¬2) ويُروى: (وَلا مَوْتُ مَنْ قَدْ مَاتَ قَبْلِي).

[172] ومن كلام له - رضي الله عنه - عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - وقد بلغه أنه باع خمرا

رَحِمَ اللهُ أَبَا سُلَيْمَانَ، مَا عِنْدَ اللهِ خيرٌ لَهُ مِمَّا كَانَ فِيهِ، وَلَقَدْ مَاتَ فَقِيدًا وَعَاشَ حَمِيدًا، وَلَكِنْ رَأَيْتُ الدَّهْرَ لَيْسَ يُقَاتَلُ (¬1))) (¬2). [172] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن سمرة بن جندب (¬3) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أنه باع خمراً ((قَاتَلَ اللهُ سَمُرَةَ، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا (¬4)، فَبَاعُوهَا)) (¬5). ¬

(¬1) قال القاضي المعافى بن زكريا: (لقد أحسن عمر بن الْخطاب رضوَان الله عَلَيْهِ الثَّنَاء على خَالِد بن الْوَلِيد رَحِمَهُ الله على تشعُّثٍ قد كَانَ بَينهمَا، فَلم يثنه عَن معرفَة حقّه وصحبته وصلَة رَحمَه، وَكَانَ ابنَ خَالَته. وَقد كَانَ الصَّحَابَة، رضوَان الله عَلَيْهِم، ربَّما عرض فِيمَا بَينهم بعضُ العَتْبِ وبعضُ مَا يوحش الإخوان فَلَا يخرجهم ذك عَن الْولَايَة إِلَى العدواة). (¬2) رواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح الكافي: ص673 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 16/ 279 وابن العديم في بغية الطلب: 7/ 3168 والمزي في تهذيب الكمال: 8/ 189. (¬3) سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبِ بْنِ هِلَالِ الفزاريّ، صحب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وغزا معه، وله حلف في الأنصار، شهد أحداً، ونزل البصرة بعد ذلك، فاختط بها، ثم أتى الكوفة، وكان زياد يستعمله على البصرة إذا خرج إلى الكوفة، وكان شديداً على الخوارج، فكانوا يطعنون عليه، وكان الحسن وابن سيرين يثنيان عليه. (الطبقات الكبرى: 7/ 49 والإصابة: 3/ 150). (¬4) فَجَمَلوها: جَمَلْتُ الشحم وأجملتُهُ: إذا أذبته، وجملته أكثر. (جامع الأصول لابن الأثير - (266). (¬5) رواه البخاري في صحيحه (2223) ومسلم في صحيحه (1582) والنسائي في السنن (4257) وابن ماجه في السنن (3383) وأحمد في المسند (170) والدارمي في السنن (2150) وعبد الرزاق في المصنف (10046) والحميدي في المسند (13) وابن حبان في صحيحه (6253).

[173] ومن كلام له - رضي الله عنه - لسويد بن غفلة

[173] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ (¬1) ((يَا أَبَا أُمَيَّةَ، إِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي أَنْ لَا أَلْقَاكَ بَعْدَ عَامِي هَذَا، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكَ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجْدَّعٌ (¬2)، إِنْ ضَرَبَكَ فَاصْبِر، وَإِنْ حَرَمَكَ فَاصْبِر، وَإِنْ أَرَادَ أَمْرًا يَنْتَقِصُ دِينَكَ فَقُلْ: سَمْعٌ وَطَاعَةٌ، وَدَمِي دُونَ دِينِي، فَلَا تُفَارِقِ الْجَمَاعَةَ)) (¬3). [174] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِذَا ذكر أمر فيه وهن عَلَى الإسلام ومخالفة الحق أو سبله ((أَمَّا مَا عِشْتُ أَنَا وَهِشَامُ بنُ حَكِيمٍ (¬4)، فَلاَ يَكُونُ هَذَا)) (¬5). ¬

(¬1) سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ بْنَ عَوْسَجَةَ الْجعْفِيّ الْكُوفِي، يكنى أبا أميَّة، كان شريكاً لعمر في الجاهلية، وكان أسن من عمر، لأنه وُلِد عام الفيل، أدرك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ووفد عليه فوجده وقد قُبِض، فصحب أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً وشهد القادسية وصفين مع علي. (الطبقات الكبرى: 6/ 68 والاستيعاب: 2/ 679). (¬2) المُجْدَّعٌ: المقطوع الأطراف، وأكثر ما يستعمل في الأنف والأذن. (جامع الأصول - (2042)). (¬3) رواه نعيم بن حماد في الفتن (389) وابن أبي شيبة في المصنف (34400) وابن زنجويه في الأموال (30) والخلال في السنة (54) والآجري في الشريعة (70) والداني في السنن الواردة في الفتن (143) والبيهقي في السنن الكبرى (16628). (¬4) هشام بن حكيم بن حزام القُرَشيّ الأسدَيّ، هُوَ وأبوه من مسلمة الفتح، وهو الذي صارعه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فصرعه، كان صَلِيبًا مَهيبًا، وكان آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، توفي فِي أوّل خلافة مُعَاوِيَة. (تاريخ الإسلام: 2/ 378). (¬5) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 9/ 456 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 74/ 7.

[175] ومن كلام له - رضي الله عنه - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -

[175] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعلي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اقْضِ بَيْنَ النَّاسِ، وَتَجَرَّدْ لِلْحَرْبِ)) (¬1). [176] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - النهي عن الغيبة ((مَا شَانُكُمْ إِذَا سَمِعْتُمُ الرَّجُلَ يُمَزِّقُ عِرْضَ أَخِيهِ لَمْ تَرُدُّوهُ؟))، قَالُوا: نَخَافُ لِسَانَهُ، قَالَ: ((ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَكُونُوا شُهَدَاءَ)) (¬2). [177] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لامرأته في ثَمَانِ مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ أتته من خراج الشام ((كَيْفَ يَنَامُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَقَدْ جَاءَ النَّاسَ مَا لَمْ يَكُنْ يَاتِيهِمْ مِثْلُهُ مُنْذُ كَانَ الْإِسْلَامُ، فَمَا يُؤَمِّنُ عُمَرَ لَوْ هَلَكَ وَذَلِكَ الْمَالُ عِنْدَهُ فَلَمْ يَضَعْهُ فِي حَقِّهِ)). فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُمْ: ((إِنَّهُ قَدْ جَاءَ النَّاسَ اللَّيْلَةَ مَا لَمْ يَاتِهِمْ مِثْلُهُ مُنْذُ ¬

(¬1) رواه ابن الجوزي في المنتظم: 4/ 136. (¬2) رواه ابن وهب في الجامع (366) وعبد الرزاق في المصنف (20261) وابن أبي شيبة في المصنف (26049) وابن أبي الدنيا في الصمت (245) وذم الغيبة والنميمة (109) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 19/ 430.

[178] ومن كلام له - رضي الله عنه - في التمسك بالسنة

كَانَ الْإِسْلَامُ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَايًا فَأَشِيرُوا عَلَيَّ، رَأَيْتُ أَنْ أَكِيلَ لِلنَّاسِ بِالْمِكْيَالِ)). فَقَالُوا: لَا تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي الْإِسْلَامِ وَيَكْثُرُ الْمَالُ وَلَكِنْ أَعْطِهِمْ عَلَى كِتَابٍ، فَكُلَّمَا كَثُرَ النَّاسُ وَكَثُرَ الْمَالُ أَعْطَيْتَهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ: ((فَأَشِيرُوا عَلَيَّ بِمَنْ أَبْدَأُ مِنْهُمْ؟)) قَالُوا: بِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ وَلِيُّ ذَلِكَ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ. قَالَ: ((لَا. وَلَكِنِّي أَبْدَأُ بِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إِلَيْهِ (¬1)))، فَوَضَعَ الدِّيوَانَ عَلَى ذَلِكَ (¬2). [178] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في التمسك بالسنة ((إِنَّهُ سَيَاتِي نَاسٌ يُجَادِلُونَكُمْ بِشُبُهَاتِ الْقُرْآنِ، فَخُذُوهُمْ بِالسُّنَنِ، فَإِنَّ أَصْحَابَ السُّنَنِ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)) (¬3). ¬

(¬1) قال عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوهَبٍ - كما في رواية الفسوي -: بَدَأَ بِهَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ فَأَعْطَاهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ أَعْطَى بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ ثُمَّ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَإِنَّمَا بَدَأَ بِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ لِأَنَّهُ كَانَ أَخَا هَاشِمٍ لِأُمِّهِ. وفي طبقات ابن سعد: وَفَرَضَ لِلْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ خَمْسَةِ آلَافٍ، وَلِلْأَنْصَارِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ أَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَلِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - عليه السلام - فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. (¬2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 300 والفسوي في المعرفة والتاريخ: 1/ 465 واللفظ له. (¬3) رواه الدارمي في المسند (121) والآجري في الشريعة (93) و (102) وابن بطة في =

[179] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الخصمان يأتيناه للفصل بينهما

[179] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الخصمان يأتيناه للفصل بينهما ((اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمَا، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرُدُّنِي عَنْ دِينِي)) (¬1). [180] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في عزل خالد بن الوليد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - والمثنى بن حارثة (¬2) ((لَأَعْزِلَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَالْمُثَنَّى مُثَنَّى بَنِي شَيْبَانَ؛ حَتَّى يَعْلَمَا أَنَّ اللهَ إِنَّمَا كَانَ يَنْصُرُ عِبَادَهُ، وَلَيْسَ إِيَّاهُمَا كَانَ يَنْصُرُ)) (¬3). [181] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في كتابة السنن ((إِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْتُبَ السُّنَنَ، وَإِنِّي ذَكَرْتُ قَوْمًا كَانُوا قَبْلَكُمْ كَتَبُوا كُتُبًا، فأَكَبُّوا عَلَيْهَا وَتَرَكُوا كِتَابَ اللهِ، وَإِنِّي وَاللهِ لَا أُلْبِسُ كِتَابَ ¬

= الإبانة الكبرى (83 و229) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1927) وأبو الفضل المقرئ في أحاديث في ذم الكلام وأهله (103). (¬1) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 341. (¬2) الْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيِّ، كان إسلامه وقدومه فِي وفد قومه على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة تسع. وقد قيل: سنة عشر، وبعثه أبو بكر سنة إحدى عشرة فِي صدر خلافته إِلَى العراق قبل مسير خالد بْن الوليد إليها، وَكَانَ المثنى شجاعًا شهمًا بطلًا، ميمون النقيبة، حسن الرأي والإمارة، أبلى فِي حروب العراق بلاء لم يبلغه أحد. (الاستيعاب: 4/ 1456). (¬3) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 284 وابن أبي شيبة في المصنف (34534) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (701).

[182] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأبي هريرة - رضي الله عنه -

اللهِ بِشَيْءٍ أَبَدًا)) (¬1). [182] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَتَتْرُكَنَّ الْحَدِيثِ (¬2) عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو لألحقنك ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (20484) والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (731) والخطيب في تقييد العلم (49) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (343). (¬2) قال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية: 11/ 371): ((وَهَذَا مَحْمُولٌ مِنْ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ خَشِيَ مِنَ الأَحَادِيثِ الَّتِي يَضَعُهَا النَّاسُ عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا، وَأَنَّهُمْ يَتَّكِلُونَ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ أَحَادِيثِ الرُّخَصِ، أَوْ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَكْثَرَ مِنَ الحَدِيثِ رُبَّمَا وَقَعَ فِي أَحَادِيثِهِ بَعْضُ الغَلَطِ أَوِ الخَطَأِ فَيَحْمِلُهَا النَّاسُ عَنْهُ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَقَدْ جَاءَ أَنَّ عُمَرَ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ، فَقَالَ مُسَدَّدٌ: ثَنَا خَالِدٌ الطَّحَّانُ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ((بَلَغَ عُمَرَ حَدِيثِي، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَقَالَ: كُنْتَ مَعَنَا يَوْمَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ فُلَانٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، وَقَدْ عَلِمْتُ لِمَ سَأَلَتْنِي عَنْ ذَلِكَ. قَالَ: وَلِمَ سَأَلْتُكَ؟ قُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَئِذٍ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)). قَالَ: إِمَّا لَى فَاذْهَبْ فَحَدِّثْ)). قال ابن الأثير في (النهاية - (إما لا)): وَأَصْلُهَا إنْ وَمَا وَلاَ، فأدْغِمَت النُّونُ فِي الْمِيمِ، وَما زَائِدَةٌ فِي اللَّفْظِ لَا حُكْم لَهَا. وَقَدْ أمَالَت الْعَرَبُ لاَ إمَالَةً خَفِيفَةً، وَالْعَوَامُّ يُشْبِعُون إمَالتَها فتصِير ألِفُها يَاءً وَهُوَ خَطَأٌ. وَمَعْنَاهَا: إن لم تفعل هذا فَلْيَكُن هذا. وقال الحافظ الذهبي في (السير: 2/ 601 - 602): ((هَكَذَا هُوَ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُوْلُ: أَقِلُّوا الحَدِيْثَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَزَجَرَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنْ بَثِّ الحَدِيثِ، وَهَذَا مَذْهَبٌ لِعُمَرَ وَلِغَيْرِهِ، فَبِاللهِ عَلَيْكَ إِذَا كَانَ الإِكْثَارُ مِنَ الحَدِيثِ فِي دَوْلَةِ عُمَرَ كَانُوا يُمْنَعُونَ مِنْهُ مَعَ صِدْقِهِمْ، وَعَدَالَتِهِمْ، وَعَدَمِ الأَسَانِيدِ، بَلْ هُوَ غَضٌّ لَمْ يُشَبْ، فَمَا ظَنُّكَ بِالإِكْثَارِ مِنْ رِوَايَةِ الغَرَائِبِ وَالمَنَاكِيرِ فِي زَمَانِنَا، مَعَ طُولِ الأَسَانِيدِ، وَكَثْرَةِ الوَهْمِ وَالغَلَطِ، فَبِالحَرِيِّ أَنْ نَزْجُرَ القَوْمَ عَنْهُ، فَيَا لَيْتَهُمْ يَقْتَصِرُونَ عَلَى رِوَايَةِ الغَرِيبِ وَالضَعِيفِ، بَلْ يَرْوُونَ - وَاللهِ - المَوضُوعَاتِ، وَالأَبَاطِيلَ، وَالمُسْتَحِيلَ فِي الأُصُولِ وَالفُرُوعِ وَالمَلاَحِمِ وَالزُّهْدِ - نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ -)). =

[183] ومن كلام له - رضي الله عنه - للعباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه -

بِأَرْضِ دَوْسٍ)) (¬1). [183] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للعباس بن عبد المطلب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في قَلُوصٍ (¬2) انكسرت مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فجَفنَهَا (¬3) عُمَرُ، وَدَعَا النَّاسَ عَلَيْهَا: ((إِنَّا وَاللهِ مَا وَجَدْنَا لِهَذَا الْمَالِ سَبِيلًا، إِلَّا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَقٍّ وَيُوضَعَ فِي حَقٍّ، وَلَا يُمْنَعَ مِنْ حَقٍّ)) (¬4). ¬

= وهذه الحيطة والتثبت من الأحاديث من جهة الفاروق عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لم تنل وإن كانت قد أعجبت نقَّاد الحديث وعلماءه، إلا أنَّ اللافت للنظر أنها شدَّت انتباه خصومه كذلك، وأرغمتهم على الاعتراف بفضله، وعلو كعبه في حِفظ سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأحاديث المظنونة فكيف بالمدسوسة من قِبَل الغلاة وأعداء الدين. وفي هذا يقول الشيخ حسين الحاج حسن - من علماء الإمامية - في (نقد الحديث في علم الرواية وعلم الدراية: 1/ 316): (وقد رُوي أنَّ قوماً من الفرس واليهود وغيرهم لما رأووا الإسلام قد ظهر وعمَّ، ورأوا أنه لا سبيل إلى مناصبته، ورجعوا إلى الحيلة والمكيدة، فأظهروا الإسلام وتعبَّدوا وتقشَّفوا حتى أصبحوا مصدر ثقة، فلما حمد الناسَ طريقتهم، ولَّدوا الأحاديث والمقالات، وفرَّقوا الناس، وما زال التاريخ يعيد نفسه. وإذا كان عمر بن الخطاب يتشدد في الحديث ويتوعد عليه، والبدع لم تظهر بعد. فما ظنك في الأزمنة التي تلت، وذمها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد كثرت البدع وقلَّت الأمانة! والزمان هو الزمان، والناس هم الناس). (¬1) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه: ص544 وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 50/ 172 وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 800 بلفظ (أَوْ لَأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ الطُّفَيْحِ يَعْنِي أَرْضَ قَوْمِهِ). (¬2) قَلُوصٌ: أي ناقة، وجمعها (قِلاص). (جامع الأصول لابن الأثير - (7831)). (¬3) أي: اتَّخَذَ مِنْهَا طَعَاماً فِي جَفْنَةٍ وَجَمَعَ الناسَ عَلَيْهِ. (النهاية لابن الأثير - (جَفَنَ)). (¬4) رواه عبد الرزاق في المصنف (20038) والبيهقي في شعب الإيمان (10127).

[184] ومن كلام له - رضي الله عنه - لكعب الأحبار

[184] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لكعب الأحبار (¬1) ((لَتَتْرُكَنَّ الْأَحَادِيثَ، أَوْ لَأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ الْقِرَدَةِ (¬2))) (¬3). [185] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سأله عمر عن سبب انصرافه بعد استئذانه ثلاثاً دون أن يؤذن له: ¬

(¬1) كَعْبُ الأَحْبَارِ كَعْبُ بنُ مَاتِعٍ الحِمْيَرِيُّ، الحبر، الذي كان يهودياً، فأسلم بعد وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقدم المدينة من اليمن في أيام عمر، فجالس أصحاب محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان يحدِّثهم عن الكتب الإسرائيلية، ويحفظ عجائب، ويأخذ السنن عن الصحابة. وكان حسن الإسلام، متين الديانة، من نبلاء العلماء. سكن بالشام بأخرة، وكان يغزو مع الصحابة. توفي كعب بحمص، ذاهباً للغزو، في أواخر خلافة عثمان. (سير أعلام النبلاء: 3/ 489). (¬2) يعني بها القرية الوارد ذِكرها في كتاب الله تعالى بقوله عزَّ من قائل: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65]. قال العلامة ابن عاشور في (التحرير والتنوير: 9/ 147): (وَهَذِهِ الْقَرْيَةُ قِيلَ: (أَيْلَةُ) وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ الْيَوْمَ (الْعَقَبَةَ) وَهِيَ مَدِينَةٌ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ قُرْبَ شِبْهِ جَزِيرَةِ طُورِ سِينَا، وَهِيَ مَبْدَأُ أَرْضِ الشَّامِ مِنْ جِهَةِ مِصْرَ، وَكَانَتْ مِنْ مَمْلَكَةِ إِسْرَائِيلَ فِي زَمَانِ دَاوُدَ - عليه السلام -، وَوُصِفَتْ بِأَنَّهَا حَاضِرَةُ الْبَحْرِ بِمَعْنَى الِاتِّصَالِ بِالْبَحْرِ وَالْقُرْبِ مِنْهُ، لِأَنَّ الْحُضُورَ يَسْتَلْزِمُ الْقُرْبَ، وَكَانَتْ (أَيْلَةُ) مُتَّصِلَةً بِخَلِيجٍ مِنَ الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ وَهُوَ الْقُلْزُمُ). (¬3) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه: ص544 وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 50/ 172 وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 800 بلفظ (لَتَتْرُكَنَّ الْحَدِيثَ أَوْ لَأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ الْقَرْيَةِ).

[186] ومن كلام له - رضي الله عنه - لكعب الأحبار

((قَدْ سَمِعْنَاكَ وَنَحْنُ حِينَئِذٍ عَلَى شُغْلٍ، فَلَوْ مَا اسْتَاذَنْتَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَكَ))، فقال أبو موسى: اسْتَاذَنْتُ كَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (¬1) -، فقال عمر: ((فَوَاللهِ، لَأُوجِعَنَّ ظَهْرَكَ وَبَطْنَكَ، أَوْ لَتَاتِيَنَّ بِمَنْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا (¬2))) (¬3). [186] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لكعب الأحبار ((إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرٍ فَلا تَكْتُمْنِي)). قال كعب: وَاللهِ لَا أَكْتُمُكَ ¬

(¬1) وهو الحديث الآتي ذكره. (¬2) فَأَتَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مَجْلِس أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، مُغْضَبًا حَتَّى وَقَفَ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ هَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ، فَإِنْ أُذِنَ لَكَ، وَإِلَّا فَارْجِعْ))؟ قَالَ أُبَيٌّ: وَمَا ذَاكَ؟ فذكر له القصة، فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: (فَوَاللهِ، لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَحْدَثُنَا سِنًّا، قُمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ)، فَقام أبو سعيد الخدري حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ، فقال: قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ هَذَا. فائدة: قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري: 1/ 76): (وَفِي الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَخْفَى عَلَى بَعْضِ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهَا آحَادُهُمْ وَلِهَذَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَى الْآرَاءِ وَلَوْ قَوِيَتْ مَعَ وُجُودِ سُنَّةٍ تُخَالِفُهَا وَلَا يُقَالُ كَيْفَ خَفِيَ ذَا عَلَى فُلَانٍ؟). وقال في (12/ 251): (وَفِيهِ أَنَّ الْوَقَائِعَ الْخَاصَّةَ قَدْ تَخْفَى عَلَى الْأَكَابِرِ وَيَعْلَمُهَا مَنْ دُونَهُمْ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى الْمُقَلِّدِ إِذَا اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ يُخَالِفُهُ فَيُجِيبُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَعَلِمَهُ فُلَانٌ مَثَلًا فَإِنَّ ذَلِكَ إِذَا جَازَ خَفَاؤُهُ عَنْ مِثْلِ عُمَرَ فَخَفَاؤُهُ عَمَّنْ بَعْدَهُ أَجْوَزُ). (¬3) رواه مسلم في صحيحه (2153) وابن حبان في صحيحه (5810) وابن حزم في حجة الوداع (426) والبيهقي في الآداب (210).

[187] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الأخوة والصداقة

شَيْئًا أَعْلَمُهُ. فقال عمر: ((مَا أَخْوَفُ شَيْءٍ تَخَوَّفُهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟)) قال كعب: أَئِمَّةً مُضِلِّينَ. فقال عُمَرُ: ((صَدَقْتَ، قَدْ أَسَرَّ ذَلِكَ إِلَيَّ وَأَعْلَمَنِيهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) (¬1). [187] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الأخوة والصداقة ((آخِ من آخيتَ عَلَى التقوى، وَلا تجعل حديثكَ بَذْلَةً لمن لا يريده، وشاور الَّذِينَ يخافون اللهَ)) (¬2). [188] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في نَفَرٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ارتدوا يَوْمَ تُسْتَرَ (¬3) فقُتلِوا لأجل ذلك ((لَوْ كُنْتُ أَخَذْتُهُمْ سَلْمًا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنْ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ (¬4)))، فقال أنس بن مالك: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا كَانَ سَبِيلُهُمْ لَوْ أَخَذْتَهُمْ إِلَّا الْقَتْلَ، قَوْمٌ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ وَلَحِقُوا بِالشِّرْكِ، قَالَ عمر: ((كُنْتُ أَعْرِضُ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْبَابِ الَّذِي خَرَجُوا ¬

(¬1) رواه أحمد في المسند (293). (¬2) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 327. (¬3) تُستَر: أعظم مدينة بخوزستان آنذاك. (معجم البلدان للحموي: 2/ 29). (¬4) (الصفراء): الذهب. و (البيضاء): الفضة. (جامع الأصول لابن الأثير - (8493)).

[189] ومن كلام له - رضي الله عنه - عن تطاول الناس في البنيان

مِنْهُ، فَإِنْ فَعَلُوا قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَإِنْ أَبَوَا اسْتَوْدَعْتُهُمِ السِّجْنَ)) (¬1). [189] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن تطاول الناس في البنيان ((يَا مَعْشَرَ الْعُرَيْبِ (¬2)، الْأَرْضَ الْأَرْضَ، إِنَّهُ لَا إِسْلَامَ إِلَّا بِجَمَاعَةٍ، وَلَا جَمَاعَةَ إِلَّا بِإِمَارَةٍ، وَلَا إِمَارَةَ إِلَّا بِطَاعَةٍ، فَمَنْ سَوَّدَهُ قَوْمُهُ عَلَى الْفِقْهِ، كَانَ حَيَاةً لَهُ وَلَهُمْ، وَمَنْ سَوَّدَهُ قَوْمُهُ عَلَى غَيْرِ فِقْهٍ، كَانَ هَلَاكًا لَهُ وَلَهُمْ)) (¬3). [190] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد ذكر قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} [فصلت: 30]، قال: ((اسْتَقَامُوا وَاللهِ لله بِطَاعَته، ولَمْ يَرُوغُوا رَوَغَانَ الثَّعْالَبِ)) (¬4). ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (18696) وسعيد بن منصور في السنن (2587) وابن أبي شيبة في المصنف (33406). (¬2) الْعُرَيْبِ: تَصْغِير الْعَرَب. وقد تقدَّم ذكره. (¬3) رواه الدارمي في السنن (257) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (326). (¬4) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (325) وأحمد في الزهد (601) والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1023).

[191] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد بلغه أن عاملا له أجاز العرب وترك الموالي

[191] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أنّ عاملاً له أَجَازَ الْعَرَبَ وَتَرَكَ الْمَوَالِيَ ((بِحَسْبِ الْمُؤْمِنِ مِنَ الشَّرِّ أَنَّ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ)) (¬1). [192] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الاعتذار للناس على إبطائه عليهم يوم الجمعة ((إِنَّمَا حَبَسَنِي غَسْلُ ثَوْبِي هَذَا، كَانَ يُغْسَلُ، وَلَمْ يَكُنْ لِي ثَوْبٌ غَيْرُهُ)) (¬2). [193] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الفتن ((إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي أَنْ يُؤْخَذَ الرَّجُلُ مِنْكُمُ الْبَرِيءُ، فَيُؤْشَرُ كَمَا يُؤْشَرُ الْجَزُورُ، وَيُشَاطُ لَحْمُهُ كَمَا يُشَاطُ لَحْمُهَا، وَيُقَالُ: عَاصٍ، وَلَيْسَ بِعَاصٍ)) (¬3). [194] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في حفظ الحقوق ((لا يَزَالُ الإِسْلامُ صَالِحًا مَا حُوفِظَ عَلَى أَرْبَعٍ: أَنْ يجمع هذا ¬

(¬1) رواه أحمد في الزهد (635). (¬2) رواه أحمد في الزهد (655). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (20743) والحاكم في المستدرك (8392).

[195] ومن كلام له - رضي الله عنه - في القيام على شؤون الأرامل

المال من حِلِّهِ، وَيُوضَعَ فِي حَقِّهِ، وَأَنْ تُوَفَّرَ أَقْسَامُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ، وَأَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الأَنْصَارِ، وَيُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ)) (¬1). [195] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في القيام على شؤون الأرامل ((لَئِنْ سَلَّمَنِي اللهُ، لَأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ العِرَاقِ لاَ يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي أَبَدًا)) (¬2). [196] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في مجلس اغتص بالقرّاء شباباً وكهولاً ((لَا يَمْنَعُ أَحَدًا مِنْكُمْ حَدَاثَةُ سِنِّهِ أَنْ يُشِيرَ بِرَايِهِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ عَلَى حَدَاثَةِ السِّنِّ وَلَا قِدَمِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 377. (¬2) رواه البخاري في صحيحه (3700) ويحيى بن آدم في الخراج (240) وأبو يوسف في الخراج: ص47 وعبد الرزاق في المصنف (10135) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 337 وابن أبي شيبة في المصنف (38214) وابن حبان في صحيحه (6917) والآجري في الشريعة (1396) والبيهقي في السنن الكبرى (16014). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (20946) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1070).

[197] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد أشخص ببصره إلى الهرمزان

[197] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أشخص ببصره إلى الهرمزان (¬1) ((أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّارِ، وَأَسْتَعِينُ بِاللهِ. الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذَلَّ بِالْإِسْلَامِ هَذَا وَأَشْيَاعَهُ، يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ تَمَسَّكُوا بِهَذَا الدِّينِ، وَاهْتَدَوْا بِهَدْيِ نَبِيِّكُمْ، وَلَا تُبْطِرَنَّكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ)) (¬2). [198] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد صرف رجلاً إلى زيد بن ثابت فسأله الرجل: مَا يَمْنَعُكَ من القضاء وَأَنْتَ أَوْلَى بِالْأَمْرِ؟ ((لَوْ كُنْتُ أَرُدُّكَ إِلَى كِتَابِ اللهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ فَعَلْتُ، وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَرُدُّكَ إِلَى رَايٍ، وَالرَّايُ مُشِيرٌ)) (¬3). ¬

(¬1) الهرمزان الفارسيّ. كان من ملوك فارس، وأسر في فتوح العراق، وأسلم على يد عمر، ثم كان مقيما عنده بالمدينة، واستشاره في قتال الفرس. وأخرج الكرابيسيّ في ((أدب القضاء)) بسند صحيح إلى سعيد بن المسيب - أنَّ عبد الرّحمن بن أبي بكر قال لما قتل عمر: إني مررت بالهرمزان وجُفينة وأبي لؤلؤة وهم نجيّ، فلما رأوني ثاروا، فسقط من بينهم خنجر له رأسان نصابه في وسطه، فانظروا إلى الخنجر الّذي قتل به عمر، فإذا هو الّذي وصفه، فانطلق عبيد اللَّه بن عمر، فأخذ سيفه حين سمع ذلك من عبد الرحمن، فأتى الهرمزان فقتله. (الإصابة: 6/ 448). (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 87 وابن كثير في البداية والنهاية: 10/ 62. (¬3) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 693.

[199] ومن كلام له - رضي الله عنه - في أهل بدر

[199] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في أهل بدر ((لأُفضِّلَنَّهم على مَن سِوَاهُمْ)) (¬1). [200] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وقد اختلفا في الصلاة فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ: ((إِنَّهُ لَيَسُوؤُنِي أَنْ يَخْتَلِفَ اثْنَانِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ، اخْتَلَفْتُمَا فِي أَمْرٍ، ثُمَّ تَفَرَّقْتُمَا، فَلَمْ يَدْرِ النَّاسُ بِأَيِّ ذَلِكَ يَاخُذُونَ، لَوْ أَتَيْتُمَا لَوَجَدْتُمَا عِنْدِي عِلْمًا، الْقَوْلُ مَا قَالَ أُبَيٌّ، وَلَمْ يَالُ ابْنُ مَسْعُودٍ)) (¬2). [201] وَمِنْ نصيحة لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأحد رعيته ((عَلَيْكَ بِالْعَلَانِيَةِ وَإِيَّاكَ السِّرَّ، وَإِيَّاكَ وَكُلَّ شَيْءٍ يُسْتَحْيَا مِنْهُ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (4022) وابن أبي شيبة في المصنف (28547) واللفظ له، والبيهقي في السنن الكبرى (12992). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (1384) وابن أبي شيبة في المصنف (28547) والنص المذكور جمعي. (¬3) رواه أبو داود في الزهد (96).

[202] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[202] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اللهُمَّ إِنَّ النَّاسَ يُحِلُّونِي ثَلَاثَ خِصَالٍ، وَأَنَا أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْهُنَّ، زَعَمُوا أَنِّي فَرَرْتُ مِنَ الطَّاعُونِ، وَأَنَا أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنِّي أَحْلَلْتُ لَهُمُ الطِّلَاءَ - وَهُوَ الْخَمْرُ - وَأَنَا أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنِّي أَحْلَلْتُ لَهُمُ الْمَكْسَ - وَهُوَ النَّجِسُ - وَأَنَا أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ)) (¬1). [203] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الفيء ((مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُسْلِمٌ إِلَّا لَهُ فِي هَذَا الْفَيْءِ حَقٌّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم)) (¬2). [204] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لكعب الأحبار ((أَلَا تَتَحَوَّلُ إِلَى الْمَدِينَةِ؟ فِيهَا مُهَاجَرُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبْرُهُ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (7078). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (20039). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (20459).

[205] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الولاة على الأمصار

[205] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الولاة على الأمصار ((إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكُمْ جَبَابِرَةً، وَلَكِنْ بَعَثْتُكُمْ أَئِمَّةً، فَلا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلا تَحْمَدُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلا تَمْنَعُوهُمْ فَتَظْلِمُوهُمْ. وَأَدِرُّوا لَقْحَةَ الْمُسْلِمِينَ)) (¬1). [206] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا أَبَا مُوسَى، هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلاَمُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ، وَجِهَادُنَا مَعَهُ، وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ، بَرَدَ لَنَا (¬2)، وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ، كَفَافًا رَاسًا بِرَاسٍ؟))، فَقَالَ أَبو موسى: لاَ وَالله، قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَصَلَّيْنَا، وَصُمْنَا، وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو ذَلِكَ، فَقَالَ عمر: ((لَكِنِّي أَنَا، وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا (¬3) رَاسًا بِرَاسٍ)) (¬4). ¬

(¬1) رواه أبو يوسف في الخراج: ص128. (¬2) يُقال: (برد هذا الأمر): إذا ثبت ودام، والمراد: ليته ثبت لنا ثوابه ودام وخَلص. (جامع الأصول لابن الأثير - (9478)). (¬3) الكَفاف: ما لا فضل فيه ولا تقصير، وأصله: المساواة لما جعل بازائه، ولذلك قال: ((رأساً برأس)) أي: لا له ولا عليه. (جامع الأصول لابن الأثير - (9478)). (¬4) رواه البخاري في صحيحه (3915) والبيهقي في السنن الكبرى (13039) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 32/ 61.

[207] ومن كلام له - رضي الله عنه - لعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -

[207] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعبد الرحمن بن عوف - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بكى حين أُتته كنوز جلولاء (¬1)، فقال له: ما يبكيك يا أمير المؤمنين، فوالله إِنَّ هَذَا لَمَوْطِنُ شُكْرٍ! ((وَاللهِ مَا ذَاكَ يُبْكِينِي، وَتَاللهِ مَا أَعْطَى اللهُ هَذَا قَوْمًا إِلا تَحَاسَدُوا وَتَبَاغَضُوا، وَلا تَحَاسَدُوا إِلا أُلْقِيَ بِأَسْهُمٍ بَيْنَهُمْ)) (¬2). [208] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: لاَ تَشْتَرِهِ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ العَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ)) (¬3). ¬

(¬1) جَلُولاء: بالمدّ: من السواد في طريق خراسان، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ، وهو نهر عظيم يمتد إلى بعقوبا ويجري بين منازل أهل بعقوبا ويحمل السفن إلى باجسرا، وبها كانت الوقعة المشهورة على الفرس للمسلمين سنة 16هـ، فاستباحهم المسلمون. سمّيت جلولاء لما جلّلها من قتلى الروم، وجلولاء الوقيعة لما أوقع بهم المسلمون. (معجم البلدان: 2/ 156). (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 30 وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 214 وابن الأثير في التاريخ: 2/ 347 وابن كثير في البداية والنهاية: 10/ 23. (¬3) رواه البخاري في صحيحه (2623) ومسلم في صحيحه (1620) وموطأ مالك (49) والنسائي في السنن (2615) وأحمد في المسند (281).

[209] ومن كلام له - رضي الله عنه - في التكلف

[209] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في التكلف ((نُهِينَا عَنِ التَّعَمُّقِ وَالتَّكَلُّفِ)) (¬1). [210] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لرجل من عظماء النصارى في الشام قد دعاه إلى وليمة في الكنيسة ((إِنَّا لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ الصُّوَرِ الَّتِي فِيهَا)) (¬2) [211] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّمَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ تَأَوَّلَ الْقُرْآنَ عَلَى غَيْرِ تَاوِيلِهِ وَرَجُلٌ يُنَافِسُ الْمُلْكَ عَلَى أَخِيهِ)) (¬3). [212] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((خَالِطُوا النَّاسَ بِمَا يُحِبُّونَ، وَزَايِلُوهُمْ بِأَعْمَالِكُمْ، وَجِدُّوا مَعَ الْعَامَّةِ)) (¬4). ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (7293) وعبد الرزاق في المصنف (1494) وعبد الغني المقدسي عن الإسماعيلي بهذا اللفظ في نهاية المراد (75). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (1610) و (1611) و (19486) والبيهقي في السنن الكبرى (14564) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 42/ 6. (¬3) رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2364). (¬4) رواه عبد الرزاق في المصنف (20152).

[213] ومن كلام له - رضي الله عنه - لعبد الله بن السعدي - رضي الله عنه -

[213] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعَبْدِ اللهِ بْنِ السَّعْدِيِّ (¬1) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِي مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالًا، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعُمَالَةَ لَمْ تَقْبَلْهَا؟)) قال: نَعَمْ. فقال عمر: ((فَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَاكَ؟)) قال: أَنَا غَنِيٌّ، لِي أَعْبُدٌ وَلِي أَفْرَاسٌ، أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَمَلِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فقال عمر: ((لَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي كُنْتُ أَفْعَلُ مِثْلَ الَّذِي تَفْعَلُ، كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْطِينِي الْعَطَاءَ، فَأَقُولُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي. فقال: خُذْهُ، فَإِمَّا أَنْ تَمَوَّلَهُ، وَإِمَّا أَنْ تَصَدَّقَ بِهِ، وَمَا آتَاكَ اللهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ لَهُ وَلا سَائِلِهِ فَخُذْهُ، وَمَا لَا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ)) (¬2). [214] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اللَّهُمَّ لَا أَرَى شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا يَسْتَقِيمُ، وَلَا حَالًا مِنْ حَالِهَا يَدُومُ، اللَّهُمَّ لَا تُكْثِرْ عَلَيَّ فِيهَا فَأَطْغَى، وَلَا تُقِلَّ لِي فِيهَا فَأَنْسَى، وَاجْعَلْ رِزْقِي مِنْهَا كَفَافًا)) (¬3). ¬

(¬1) عبد الله بن عمرو بْن وقدان بْن عبد شمس القرشي العامري، وَإِنما قيل لأبيه: السعدي، لأنه استرضع في بني سعد بْن بكر، يجتمع هو وسهيل بْن عمرو في عبد شمس. توفي سنة سبع وخمسين. (أسد الغابة لابن الأثير: 3/ 262). (¬2) رواه أحمد في المسند (279) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 15/ 353 (¬3) رواه المعافى بن عمران في الزهد (162) وابن أبي شيبة في المصنف (35634).

[215] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[215] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَنْ سَمِعَ حَدِيثًا، فَأَدَّاهُ كَمَا سَمِعَ، فَقَدْ سَلِمَ)) (¬1). [216] وَمِنْ وَصِيَّةٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا أَبَا مُوسَى إِيَّاكَ وَالسَّوْطَ، وَالعَصَا، اجْتَنِبْهُمَا حَتَّى يُقَالَ: لَيِّنٌ فِي غَيْرِ ضَعْفٍ، [وَلَا تَكُنْ وَاهِنًا] (¬2) وَاسْتَعْمِلْهُمَا حَتَّى يُقَالَ: شَدِيدٌ فِي غَيْرِ عُنْفٍ)) (¬3). [217] وَمِنْ وَصِيَّةٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين وجهه إلى الكوفة ((إِنِّي وَجَّهْتُكَ مُعَلِّماً، لَيْسَ لَكَ سَوْطٌ وَلَا عَصًا، فَاقْتَصِرْ عَلَى كِتَابِ اللهِ؛ فَإِنَّهُ كَفَاكَ وَإِيَّاهُمْ، وَلَا تَقْبَلِ الهَدِيَّةَ وَلَيْسَت بِحَرَامٍ، وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ القَالَةَ)) (¬4). ¬

(¬1) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه: ص546 وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (189) و (1919) والخطيب البغدادي في الكفاية: ص172 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 49/ 436. (¬2) ذكر سعيد اللَّحام في ط عالم الكتب ص 182 أنها غير واضحة في أصل المخطوط وأن الصواب ما أُثبت. (¬3) رواه وكيع البغدادي في أخبار القضاة: 1/ 285. (¬4) رواه وكيع البغدادي في أخبار القضاة: 2/ 188.

[218] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد أتي بشربة عسل

[218] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أُتي بشربة عسل ((اعْزِلُوا عَنِّي حِسَابَهَا، اعْزِلُوا عَنِّي مُؤْنَتَهَا)) (¬1) [219] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي عبيدة بن الجراح - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في أمر الطاعون ((لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟، نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ إِلَى قَدَرِ اللهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ، وَإِنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ الله؟)) (¬2). [220] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لبعض أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ((لا أَدْرَكْتُ أَنَا وَلا أَنْتَ زَمَانًا يَتَغَايَرُ النَّاسُ فِيهِ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا يَتَغَايَرُونَ عَلَى الأَزْوَاجِ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه أحمد في الزهد (628). (¬2) رواه البخاري في صحيحه (5729) ومسلم في صحيحه (2219) ومالك في الموطأ (3329) وعبد الرزاق في المصنف (20159) والطحاوي في شرح معاني الآثار (7035) وابن حبان في صحيحه (2953) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (1190) والبيهقي في القضاء والقدر (267). (¬3) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1564).

[221] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[221] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَلَا لَا أَعْلَمَنَّ مَا قَالَ أَحَدُكُمْ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَنَعَنَا أَنْ نَقْرَأَ كِتَابَ اللهِ، إِنِّي لَيْسَ لِذَلِكَ أَمْنَعُكُمْ، وَلَكِنْ أَحَدُكُمْ يَقُومُ لِكِتَابِ اللهِ وَالنَّاسُ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَاتِي بِالْحَدِيثِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، إِنَّ حَدِيثَكُمْ هُوَ شَرُّ الْحَدِيثِ، وَإِنَّ كَلَامَكُمْ هُوَ شَرُّ الْكَلَامِ، مَنْ قَامَ مِنْكُمْ فَلْيَقُمْ بِكِتَابِ اللهِ وَإِلَّا فَلْيَجْلِسْ، فَإِنَّكُمْ قَدْ حَدَّثْتُمُ النَّاسَ حَتَّى قِيلَ: قَالَ فُلَانٌ وَقَالَ فُلَانٌ، وَتُرِكَ كِتَابُ الله)) (¬1). [222] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الورع ((لَقَدْ تَرَكْتُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْحَلالِ مَخَافَةَ الحرام)) (¬2). [223] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في بناء مسجد أمر ببنائه ((أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ المَطَرِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ فَتَفْتِنَ النَّاسَ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 800 وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه: ص543 (¬2) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 328 ورواه عبد الرزاق في المصنف (14683) بلفظ: ((تَرَكْنَا تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْحَلَالِ مَخَافَةَ الرِّبَا)) (¬3) رواه البخاري في صحيحه (باب بنيان المسجد) تعليقاً، ولم أجده موصولاً.

[224] ومن كلام له - رضي الله عنه - عن ذكر الله تعالى

[224] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن ذكر الله تعالى ((عَلَيْكُمْ بِذِكْرِ اللهِ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ، وَإِيَّاكُمْ وَذِكْرَ النَّاسِ فَإِنَّهُ دَاءٌ)) (¬1). [225] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذا صلى على جنازة ((اللَّهُمَّ أَصْبَحَ عَبْدُكَ فلان)) إِنْ كَانَ صَبَاحًا، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً قَالَ: ((اللَّهُمَّ أَمْسَى عَبْدُكَ قَدْ تَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا وَتَرْكَهَا لِأَهْلِهَا، وَافْتَقَرَ إِلَيْكَ وَاسْتَغْنَيْتَ عَنْهُ، وَكَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، فَاغْفِرْ لَهُ وَتَجَاوَزْ عَنْهُ)) (¬2). [226] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأُبيِّ بن كعب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد اجتمع حوله الناس وهو خارج من المسجد: ((إِنَّهَا فِتْنَةٌ لِلْمَتْبُوعِ، وَمَذَلَّةٌ لِلتَّابِعِ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه أحمد في الزهد (644) وهناد في الزهد: 2/ 537 وابن أبي الدنيا في الصمت (203) و (654) وذم الغيبة والنميمة (66). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (6421) والطبراني في الدعاء (1193) و (1194) و (1195). (¬3) رواه الدارمي في السنن (540) ونعيم بن حمّاد في زيادته على زهد ابن المبارك: 2/ 13 وابن أبي شيبة في المصنف (26838) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 691 وابن أبي الدنيا =

[227] ومن كلام له - رضي الله عنه - في مال المسلمين

[227] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في مال المسلمين ((إِنِّي أَنْزَلْتُ نَفْسِي مِنْ مَالِ اللهِ مَنْزِلَةَ مَالِ الْيَتِيمِ، إِنِ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ، وَإِنِ افْتَقَرْتُ أَكَلْتُ بِالْمَعْرُوفِ)) (¬1). [228] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في هلاك العرب ((وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ مَتَى تَهْلِكُ الْعَرَبُ، إِذَا سَاسَهُمْ مَنْ لَمْ يَصْحَبِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُقَيِّدَهُ الْوَرَعُ، أَوْ يُدْرِكُ الْجَاهِلِيَّةَ فَيَاخُذَ بِأَحْلَامِهِمْ)) (¬2). [229] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في هلاك العرب ((تَهْلَكُ الْعَرَبُ حِينَ تَبْلُغُ أَنْبَاءُ بَنَاتِ فَارِسَ)) (¬3). ¬

= في التواضع والخمول (51) وأبو نعيم في تثبيت الإمامة (121) والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (499). (¬1) رواه ابن سعد في الطبقات: 3/ 276 وابن أبي شيبة في المصنف (33585) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 694. (¬2) رواه ابن سعد في الطبقات: 6/ 129وابن أبي شيبة في المصنف (33139) وابن الجعد في المسند (2368) والحاكم في المستدرك (8318) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 7/ 243. (¬3) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (38746).

[230] ومن كلام له - رضي الله عنه - بمكة

[230] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بمكة ((يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ هَذَا الْبَيْتَ قَدْ وَلِيَهُ نَاسٌ قَبْلَكُمْ، ثُمَّ وَلِيَهُ نَاسٌ مِنْ جُرْهُمٍ فَعَصَوْا رَبَّهُ، وَاسْتَخَفُّوا بِحَقِّهِ، وَاسْتَحَلُّوا حُرْمَتَهُ، فَأَهْلَكَهُمْ، ثُمَّ وُلِّيتُمُوهُ مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، فَلَا تَعْصُوا رَبَّهُ، وَلَا تَسْتَخِفُّوا بِحَقِّهِ، وَلَا تَسْتَحِلُّوا حُرْمَتَهُ، إِنَّ صَلَاةً فِيهَا - أَوْ فِيهِ (¬1) - خَيْرٌ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مِائَةٍ بِرُكْبَةَ (¬2)، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَعَاصِيَ فِيهِ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ)) (¬3). [231] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تَغُرَّنَّكُمْ طَنْطَنَةُ الرَّجُلِ بِاللَّيلِ (¬4) - يَعْنِي صَلَاتَهُ - فَإِنَّ الرَّجُلَ كُلَّ الرَّجُلِ مَنْ أَدَّى الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَهُ، وَمَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ (¬5))) (¬6). ¬

(¬1) الشك من قتادة. (¬2) بلفظ الركبة التي في الرجل من البعير وغيره، واختلف في تحديد مكانها ويقال: إنها أرفع الأراضي كلها. (معجم البلدان: 3/ 63). (¬3) ذكره ابن أبي عروبة في المناسك (28). (¬4) الطَّنْطَنة: كَثْرَةُ الكلام والتصويت به. (لسان العرب - (طنن)). (¬5) في لفظ آخر: (وَكَفَّ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ، فَهُوَ الرَّجُلُ). (¬6) رواه ابن المبارك في الزهد (695) وأحمد بن حنبل في الزهد (664) وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (269) و (270) واللفظ له، وأبو الشيخ الأصبهاني في التوبيخ والتنبيه (150) والبيهقي في السنن الكبرى (12695).

[232] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[232] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِطَلَبِ الْعِلْمِ؛ إِنَّ للهِ رِدَاءَ مَحَبَّةٍ، فَمَنْ طَلَبَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ رَدَّاهُ اللهُ بِرِدَائِهِ ذَلِكَ، فَإِنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا اسْتَعْتَبَهُ، وَإِنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا اسْتَعْتَبَهُ، وَإِنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا اسْتَعْتَبَهُ، لِئَلَّا يَسْلِبَهُ رِدَاءَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ تَطَاوَلَ بِهِ ذَلِكَ الذَّنْبُ حَتَّى يَمُوتَ)) (¬1). [233] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((ثَلَاثٌ لَأَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا: الْكَلَالَةُ، وَالرِّبَا، وَالْخِلَافَةُ)) (¬2). [234] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تَذُرَّنَّ إِحْدَاكُنَّ الدَّقِيقَ حَتَّى يَسْخُنَ الْمَاءُ، ثُمَّ تَذُرُّهُ قَلِيلًا قَلِيلًا وَتَسُوطُهُ بِمِسْوَطِهَا، فَإِنَّهُ أَرْيَعُ لَهُ، وَأَحْرَى أَنْ لَا يَتَقَرَّدُ)) (¬3). [235] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الجابية ((مَنْ جَاءَ يَسْأَلُ عَنِ الْقُرْآنِ فَلْيَاتِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَمَنْ جَاءَ يَسْأَلُ ¬

(¬1) ذكره ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (300). (¬2) رواه ابن ماجه في السنن (2727) وعبد الرزاق في المصنف (19184) وابن أبي شيبة في المصنف (22434) والخلال في السنة (331) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5223) والحاكم في المستدرك (3188). (¬3) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 314 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 394 والطبري في تاريخه: 4/ 212.

[236] ومن كلام له - رضي الله عنه - لحفص بن أبي العاص الثقفي وقد امتنع عن طعام عمر - رضي الله عنه - لخشونته

عَنِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَلْيَأتِ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، وَمَنْ جَاءَ يَسْأَلُ عَنِ الْفَرَائِضِ فَلْيَاتِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَمَنْ جَاءَ يَسْأَلُ عَنِ الْمَالِ فَلْيَاتِنِي، فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي خَازِنًا، فَإِنِّي بَادِئٌ بِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمُعْطِيهُنَّ، ثُمَّ بِالْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، ثُمَّ أَنَا وَأَصْحَابِي، ثُمَّ بِالْأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ، ثُمَّ مَنْ أَسْرَعَ إِلَى الْهِجْرَةِ أَسْرَعَ إِلَيْهِ الْعَطَاءُ، وَمَنْ أَبْطَأَ عَنِ الْهِجْرَةِ أَبْطَأَ عَنْهُ الْعَطَاءُ، فَلَا يَلُومَنَّ رَجُلٌ إِلَّا مُنَاخَ رَاحِلَتِهِ)) (¬1). [236] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لحفص بن أبي العاص الثقفي (¬2) وقد امتنع عن طعام عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لخشونته ((يَا ابْنَ أَبِي الْعَاصِ، أَمَا تُرَانِي عَالِمًا أَنْ أَرْجِعَ إِلَى دَقِيقٍ يُنْخَلُ ¬

(¬1) رواه سعيد بن منصور في السنن (2319) والقاسم بن سلام في الأموال (548) وابن زنجويه في الأموال (796) وابن أبي شيبة في المصنف (33567) والفسوي في المعرفة والتاريخ: 1/ 463 والطبراني في المعجم الأوسط (3783) والحاكم في المستدرك (5187) و (5191) والبيهقي في السنن الكبرى (12189) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 7/ 310. (¬2) حفص بن أبي العاص بن بشر الثقفي، أخو عثمان بن أبي العاص الصّحابي المشهور. ذكره ابن سعد في الطبقات الصغرى فيمن نزل البصرة من الصحابة. وقال في الكبرى: كتبناه مع إخوته عثمان والحكم ولم يبلغنا أنّ له صحبة. وذكره خليفة بن خياط في التابعين. وقال ابن حجر: (قد تقدم غير مرة أنه لم يبق قبل حجة الوداع أحدٌ من قريش ومن ثقيف إلّا أسلم، وكلهم شهد حجة الوداع، وهذا القدر كاف في ثبوت صحبة هذا). (الإصابة: 2/ 85).

[237] ومن كلام له - رضي الله عنه -

فِي خِرْقَةٍ فَيَخْرُجُ كَأَنَّهُ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا تَرَانِي عَالِماً أَنْ أَعْمِدَ إِلَى عَنَاقٍ سَمِينَةٍ فَنُلْقِيَ عَنْهَا شَعَرَهَا فَتَخْرُجَ كَأَنَّهَا كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا تَرَانِي عَالِمًا أَنْ أَعْمِدَ إِلَى صَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ مِنْ زَبِيبٍ فَأَجْعَلَهُ فِي سِقَاءٍ وَأَصُبَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءَ فَيُصْبِحَ كَأَنَّهُ دَمُ الْغَزَّالِ؟))، فقال حفص: أَحْسَنُ مَا يَبْعَثُ الْعَيْشَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ عمر: ((أَجَلْ، وَاللَّهِ لَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ حَسَنَاتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَشَارَكْتُكُمْ فِي لِينِ عَيْشِكُمْ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْمًا فَقَالَ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} (¬1))) (¬2). [237] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَلا إِنِّي قَدْ سَنَنْتُ الإِسْلامَ سَنَّ الْبَعِيرِ، يَبْدَأُ فَيَكُونُ جَذَعًا (¬3)، ثُمَّ ثَنِيًّا (¬4)، ثُمَّ رَبَاعِيًّا (¬5)، ثُمَّ سَدِيسًا (¬6)، ثُمَّ بَازِلا (¬7)، أَلا فهل ينتظر ¬

(¬1) سورة الأحقاف آية 20 (¬2) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 695 - 696 وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (356) والجوع (188) مختصراً. (¬3) وَهُوَ مَا كَانَ مِنْهَا شَابًّا فَتِيًّا، فَهُوَ مِنَ الْإِبِلِ مَا دَخَلَ فِي السَّنَة الْخَامِسَةِ. (النهاية لابن الأثير - (جَذَعَ)). (¬4) الثني مِنَ الْإِبِلِ ما دخل فِي السَّادِسَةِ، والذَّكر ثَنِيٌّ. (النهاية لابن الأثير - (ثَنَا)). (¬5) الرباعي من الإبل: الذي دخل في السنة السابعة، جمل رَبَاع والأنثى رباعية، مخففة. (جامع الأصول لابن الأثير - (2547)). (¬6) السَّدِيسُ مِنَ الْإِبِلِ مَا دخَل فِي السَّنة الثَّامِنَةِ، وَذَلِكَ إِذَا أَلْقَى السِنَّ الَّتِي بَعْدَ الرَّباعية. (النهاية لابن الأثير - (سَدَسَ)). (¬7) البَازِل مِنَ الْإِبِلِ الَّذِي تَمَّ ثمانِيَ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي التَّاسِعَةِ، وَحِينَئِذٍ يطلعُ نابُه وَتَكْمُلُ قُوَّتُهُ. =

[238] ومن كلام له - رضي الله عنه -

بالبازل إِلا النُّقْصَانَ! أَلا فَإِنَّ الإِسْلامَ قَدْ بَزَلَ، أَلا وَإِنَّ قُرَيْشًا يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا مَالَ اللَّهِ مَعُونَاتٍ دُونَ عِبَادَةٍ، أَلا فَأَمَّا وَابْنُ الْخَطَّابِ حَيٌّ فَلا، إِنِّي قَائِمٌ دُونَ شِعْبِ الْحَرَّةِ، آخِذٌ بِحَلاقِيمِ قُرَيْشٍ وَحُجُزِهَا أَنْ يَتَهَافَتُوا فِي النَّارِ)) (¬1). [238] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لوفد أهل الكوفة وقد استنكروا عليه تفضيل أهل الشام عليهم بالجائزة: ((يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، أَجَزِعْتُمْ أَنْ فَضَّلْتُ أَهْلَ الشَّامِ عَلَيْكُمْ لِبُعْدِ شُقَّتِهِمْ؟، لَقَدْ آثَرْتُكُمْ بِابْنِ أُمِّ عَبْدٍ)) (¬2). [239] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قبَّل الحجر الأسود ((وَاللهِ، إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ، وَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَأَنَّكَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ)) (¬3). ¬

= وجعَلَه بازِلاً لِأَنَّ بُزُول البَعير نهايُته فِي القُوّة. (النهاية لابن الأثير - (بَزَلَ) و (شَهَبَ)). (¬1) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 397 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 39/ 302. (¬2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 6/ 9 وابن أبي شيبة في المصنف (32901). (¬3) رواه البخاري في صحيحه (1597) ومسلم في صحيحه (1270) والترمذي في السنن (860) والنسائي في سننه (2937) وابن ماجه في سننه (2943)، واللفظ لمسلم.

[240] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[240] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للأقرع بن حابس (¬1) وعيينة بن حصن (¬2) وقد طلبا منه أن يقطعهما أرضاً: ((إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَأَلَّفُكُمَا وَالْإِسْلَامُ يَوْمَئِذٍ ذَلِيلٌ (¬3)، وَإِنَّ اللهَ قَدْ أَعَزَّ الْإِسْلَامَ فَاذْهَبَا، فَأَجْهِدَا جَهْدَكُمَا لَا أَرْعَى الله عَلَيْكُمَا إِنْ رَعَيْتُمَا)) (¬4). [241] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى ¬

(¬1) الأقرع بن حابس الدارميّ التميمي: وكان شريفاً في الجاهلية والإسلام، قدم على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في وفد من بني دارم (من تميم) فأسلموا. وشهد فتح مكة وحنيناً والطائف، وسكن المدينة. وكان من المؤلفة قلوبهم وقد حسن إسلامه، ورحل إلى دومة الجندل في خلافة أبي بكر، وكان مع خالد بن الوليد في أكثر وقائعه حتى اليمامة. واستشهد بالجوزجان. (الإصابة: 1/ 253 - 254 والأعلام للزركلي: 2/ 5). (¬2) عُيَيْنَة بْن حِصْن الفَزَارِيُّ، أسلم قبل الفتح، وشهدها، وشهد حنيناً والطائف، وبعثه النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبني تميم فسبى بعض بني العنبر، ثم كان ممن ارتدّ في عهد أبي بكر، ومال إلى طليحة، فبايعه، ثم عاد إلى الإسلام. (تاريخ الإسلام: 2/ 190 والإصابة: 4/ 638). (¬3) قال ابن الملقِّن في (البدر المنير: 7/ 400): (ورواهُ العسكري في ((الصَّحَابَة))، وقال: ((أرغبتما))، وقال: ((قَلِيل)) بدل ((ذليل))). (¬4) رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ: 3/ 294 والبيهقي في السنن الكبرى (13189) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 9/ 195.

[242] ومن كلام له - رضي الله عنه -

حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَبْتُهُ فَقُلْتُ: ((مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟)) قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقُلْتُ لَهُ: ((كَذَبْتَ فَوَاللهِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ، الَّتِي سَمِعْتُكَ))، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقُودُهُ، فَقُلْتُ: ((يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَإِنَّكَ أَقْرَاتَنِي سُورَةَ الفُرْقَانِ))، فَقَالَ: ((يَا هِشَامُ اقْرَاهَا)) فَقَرَأَهَا القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((هَكَذَا أُنْزِلَتْ)) ثُمَّ قَالَ: ((اقْرَا يَا عُمَرُ)) فَقَرَاتُهَا الَّتِي أَقْرَأَنِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((هَكَذَا أُنْزِلَتْ)) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ)) (¬1). [242] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قَدِم عليه وفد أهل البصرة مع أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فكرهوا طعامه الخشن: ((إِنِّي وَاللهِ لَقَدْ أَرَى تَعْذِيرَكُمْ، وَكَرَاهِيَّتَكُمْ طَعَامِي، وَإِنِّي وَاللهِ لَوْ ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (5041) ومسلم في صحيحه (818) وأبو داود في السنن (1475) والترمذي في السنن (2943) والنسائي في السنن (936) و (937) و (938) ومالك في الموطأ (689) وأحمد في المسند (158) و (277) و (296).

[243] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه -

شِئْتُ لَكُنْتُ أَطْيَبَكُمْ طَعَامًا، وَأَرَقَّكُمْ عَيْشًا، أَمَا وَاللهِ مَا أَجْهَلُ عَنْ كَرَاكِرَ وَأَسْنِمَةٍ، وَعَنْ صِلَاءٍ، وَعَنْ صَلَائِقَ، وَصِنَابٍ (¬1)، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ اللهَ تَعَالَى عَيَّرَ قَوْمًا بِأَمْرٍ فَعَلُوهُ، فَقَالَ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا})) (¬2). [243] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي مسعود الأنصاري (¬3) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تُفْتِي النَّاسَ وَلَسْتَ بِأَمِيرٍ؛ فَوَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا)) (¬4). ¬

(¬1) قال جرير بن حازم: الصِّلَاءُ: الشِّوَاءُ، وَالصِّنَابُ: الْخَرْدَلُ، وَالصَّلَائِقُ: الْخُبْزُ الرِّقَاقُ. (الزهد لابن المبارك (579)). (¬2) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (579) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 279 وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 695 و696 وأبو داود في الزهد (72) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 317 و319 وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 49. (¬3) عقبة بْن عَمْرو بْن ثعلبة، أَبُو مَسْعُود الأَنْصَارِيّ الخزرجي، شهد العقبة، ولم يشهد بدرًا عند جمهور أهل العلم بالسير، قَالَ خليفة: قيل له بدري لأنه سكن ماء بدر وسكن الكوفة، وابتنى بها دارًا. اختلف في وقت وفاته. فقيل: توفي سنة إحدى أو اثنتين وأربعين، ومنهم من يقول: مات بعد الستين. (الاستيعاب: 4/ 1756). (¬4) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2524) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2064) و (2216) وعبد الرزاق في المصنف (15293) وذكر أبا موسى الأشعري بدلاً عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري، والصحيح أنّ الكلام كان موجهاً لأبي مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأنه لم يكن أميراً بخلاف أبي موسى.

[244] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[244] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابنته أم المؤمنين حفصة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وقد أوتي بمال كثير، فكلمها أقرباؤه في أن يُليّن لهم العيش: ((أَيْ بُنَيَّةُ، إِنَّمَا حَقُّ أَقْرِبَائِي فِي مَالِي، فَأَمَّا هَذَا فَفَيْءُ الْمُسْلِمِينَ، غَشَشْتِ أَبَاكِ وَنَصَحْتِ لِأَقْرِبَتِكِ، قُومِي)) (¬1). [245] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للربيع بن زياد الحارثي (¬2) وقد قال له: (يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِطَعَامٍ لَيِّنٍ، وَمَرْكَبٍ لَيِّنٍ، وَمَلْبَسٍ لَيِّنٍ لَأَنْتَ) فَرَفَعَ عُمَرُ جَرِيدَةً مَعَهُ فَضَرَبَ بِهَا رَاسَهُ. ((أَمَا وَاللهِ مَا أُرَاكَ أَرَدْتَ بِهَا اللهَ، وَمَا أَرَدْتَ بِهَا إِلَّا مُقَارَبَتِي، إِنْ كُنْتُ لَأَحْسِبُ أَنَّ فِيكَ، وَيْحَكَ، هَلْ تَدْرِي مَا مَثَلِي وَمَثَلُ هَؤُلَاءِ؟))، قَالَ الربيع: وَمَا مَثَلُكَ وَمَثَلُهُمْ؟ قَالَ عمر: ((مَثَلُ قَوْمٍ سَافَرُوا فَدَفَعُوا ¬

(¬1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 278 وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 701 وابن زنجويه في الأموال (825). (¬2) الرَّبِيع بن زياد الحارِثي، من بني الديان: أمير فاتح، أدرك عصر النبوة، وولي البحرين، وقدم المدينة في أيام عمر، وولاه عبد الله بن عامر سجستان سنة 29هـ ففتحت على يديه. له مع عمر بن الخطاب أخبار. وكان شجاعاً تقياً، وَلِيَ خُراسان لمعاوية، وَكَانَ الحسن البصري كاتباً له. (تاريخ الإسلام: 2/ 478 والأعلام للزركلي: 3/ 14).

[246] ومن كلام له - رضي الله عنه - عن يوم بدر

نَفَقَاتِهِمْ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَقَالُوا لَهُ: أَنْفِقْ عَلَيْنَا، فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْتَأثِرَ مِنْهَا بِشَيْءٍ؟))، قَالَ: لَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: ((فَكَذَلِكَ مَثَلِي وَمَثَلُهُمْ))، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: ((إِنِّي لَمْ أَسْتَعْمِلْ عَلَيْكُمْ عُمَّالِي لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ، وَلِيَشْتِمُوا أَعْرَاضَكُمْ، وَيَأخُذُوا أَمْوَالَكُمْ، وَلَكِنِّي اسْتَعْمَلْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ كِتَابَ رَبِّكُمْ، وَسُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، فَمَنْ ظَلَمَهُ عَامِلُهُ بِمَظْلَمَةٍ فَلَا إِذْنَ لَهُ عَلَيَّ، لِيَرْفَعْهَا إِلَيَّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ))، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَرَأَيْتَ إِنْ أَدَّبَ أَمِيرٌ رَجُلًا مِنْ رَعِيَّتِهِ، أَتُقِصُّهُ مِنْهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: ((وَمَا لِي لَا أَقُصُّهُ مِنْهُ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُصُّ مِنْ نَفْسِهِ؟)) (¬1). [246] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن يوم بدر ((إِنَّهُ لَأَوَّلُ يَوْمٍ كَنَّانِي فِيهِ (¬2) بِأَبِي حَفْصٍ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 280 وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 697 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 299. (¬2) أي: رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (¬3) رواه ابن هشام في السيرة النبوية: 1/ 629 وابن سعد في الطبقات الكبرى: 4/ 10 والفسوي في المعرفة والتاريخ: 1/ 505 و513 والبلاذري في أنساب الأشراف: 4/ 2 والطبري في تاريخه: 2/ 450 والحاكم في المستدرك (4988) والبيهقي في دلائل النبوة: 3/ 140.

[247] ومن كلام له - رضي الله عنه - عن غزوة بدر

[247] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن غزوة بدر ((لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: ((اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ))، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ)) (¬1). [248] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في إصلاح أمر الرعية ((لَئِنْ عِشْتُ، إِنْ شَاءَ اللهُ، لَأَسِيرَنَّ فِي الرَّعِيَّةِ حَوْلًا، فَإِنِّي أَعْلَمُ ¬

(¬1) رواه مسلم في صحيحه (1763) وأحمد في المسند (208) و (221) وابن أبي شيبة في المصنف (37839) وابن حبان في صحيحه (4793).

[249] ومن كلام له - رضي الله عنه -

أَنَّ لِلنَّاسِ حَوَائِجَ تُقْطَعُ دُونِي، إِمَّا هُمْ فَلَا يَصِلُونَ إِلَيَّ، وَإِمَّا عُمَّالُهُمْ فَلَا يَرْفَعُونَهَا إِلَيَّ، فَأَسِيرُ إِلَى الشَّامِ فَأُقِيمُ بِهَا شَهْرَيْنِ ثُمَّ أَسِيرُ إِلَى الْجَزِيرَةِ فَأُقِيمُ بِهَا شَهْرَيْنِ، ثُمَّ أَسِيرُ إِلَى مِصْرَ فَأُقِيمُ بِهَا شَهْرَيْنِ، ثُمَّ أَسِيرُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ فَأُقِيمُ بِهَا شَهْرَيْنِ، ثُمَّ أَسِيرُ إِلَى الْكُوفَةِ فَأُقِيمُ بِهَا شَهْرَيْنِ، ثُمَّ أَسِيرُ إِلَى الْبَصْرَةِ فَأُقِيمُ بِهَا شَهْرَيْنِ، وَاللهِ لَنِعْمَ الْحَوْلُ هَذَا)) (¬1). [249] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابنته أم المؤمنين حفصة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وقد سألته أن يلبس ثوباً هُوَ أَلْيَنُ مِنْ ثَوْبِه وَطَعَامًا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ طَعَامِه: ((سَأُخَاصِمُكِ إِلَى نَفْسِكِ، أَمَا تَعْلَمِينَ مَا كَانَ يَلْقَى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ شِدَّةِ الْعَيْشِ)) وَجَعَلَ يُذَكِّرُهَا شَيْئًا مِمَّا كَانَ يَلْقَى رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَبْكَاهَا، ثم قَالَ: ((قَدْ قُلْتُ لَكِ إِنَّهُ كَانَ لِي صَاحِبَانِ سَلَكَا طَرِيقًا، فَإِنِّي إِنْ سَلَكْتُ غَيْرَ طَرِيقِهِمَا سُلِكَ بِي غَيْرُ طَرِيقِهِمَا، فَإِنِّي وَالله لَأُشَارِكَنَّهُمَا فِي مِثْلِ عَيْشِهِمَا الشَّدِيدِ، لَعَلِّي أُدْرِكُ مَعَهُمَا عَيْشَهُمَا الرَّخِيَّ)) (¬2). ¬

(¬1) رواه الطيالسي في المسند (64) وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 821 واللفظ له، والطبري في تاريخه: 4/ 201. (¬2) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (574) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 277 =

[250] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد قدم عليه معدان اليعمري بقطائف وطعام، فأمر به فقسم ثم قال

[250] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قَدِم عليه معدان اليعمري (¬1) بقطائف وطعام، فأمر به فقُسِّم ثم قال: ((اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَرْزُقْهُمْ، وَلَنْ أَسْتَاثِرَ عَلَيْهِمْ إِلَّا أَنْ أَضَعَ يَدِي مَعَ أَيْدِيهِمْ فِي طَعَامِهِمْ، وَقَدْ خِفْتُ أَنْ تَجْعَلَهُ نَارًا فِي بَطْنِ عُمَرَ))، قَالَ مَعْدَانُ: ثُمَّ لَمْ أَبْرَحْ حَتَّى رَأَيْتُهُ اتَّخَذَ صَحْفَةً مِنْ خَالِصِ مَالِهِ فَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ جِفَانِ الْعَامَّة (¬2). [251] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أُحَرِّجُ بِاللَّهِ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ سَأَلَ فِيمَا لَمْ يَكُنْ؛ فَإِنَّ اللهَ بَيَّنَ فِيمَا هُوَ كَائِنٌ)) (¬3). [252] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((خُذُوا بِحَظِّكُمْ مِنَ الْعُزْلَةِ)) (¬4). ¬

= وابن أبي شيبة في المصنف (35475) وأحمد بن حنبل في الزهد (660) وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 801 والفسوي في المعرفة والتاريخ: 2/ 188 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 314 وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (372) والجوع (185) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 48 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 290. (¬1) مَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيُّ الشَّامِيُّ، وثقه أحمد العجلي وغيره. ذكره أبو زرعة في الطبقة التي تلي الصحابة. (تاريخ الإسلام: 2/ 884). (¬2) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 704. (¬3) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 771. (¬4) رواه نعيم بن حمّاد في زيادته على زهد ابن المبارك: 2/ 3 وابن سعد في الطبقات الكبرى: =

[253] ومن كلام له - رضي الله عنه - في النهي عن المغالاة في صداق النساء

[253] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في النهي عن المغالاة في صداق النساء ((أَلا لَا تُغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ، أَلا لَا تُغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللهِ، كَانَ أَوْلاكُمْ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، وَلا أُصْدِقَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُبْتَلَى بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ - وَقَالَ مَرَّةً: وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْلِي بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ - حَتَّى تَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ، وَحَتَّى يَقُولَ: كُلِّفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ (¬1))) (¬2). [254] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في النوازل ((إِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْفُضْلَ؛ فَإِنَّهَا إِذَا نَزَلَتْ بَعَثَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهَا مَنْ ¬

= 4/ 161 وابن أبي الدنيا في العزلة والانفراد (13) وابن أبي عاصم في الزهد (84) والخطابي في العزلة: ص11. (¬1) علق القربة: أي تحملت من أجلك كل شيء حتى علق القربة. (¬2) رواه النسائي في السنن (3349) وأبو داود في السنن (2106) والترمذي في السنن (1127) وابن ماجه في السنن (1887) وأحمد في المسند (285) وعبد الرزاق في المصنف (10401) وابن أبي شيبة في المصنف (16628) وسعيد بن منصور في السنن (595) و (2547) والحاكم في المستدرك (2725) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5047) والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (292) و (293).

[255] ومن كلام له - رضي الله عنه - في مروط قسمها بين نساء من نساء المدينة

يُقِيمُهَا وَيُفَسِّرُهَا)) (¬1). [255] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في مُروط (¬2) قسَّمها بين نساء من نساء المدينة فقيل له: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَعْطِ هَذَا ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي عِنْدَكَ، يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ: ((أُمُّ سَلِيطٍ (¬3) أَحَقُّ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تَزْفِرُ (¬4) لَنَا القِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ)) (¬5)، وقال بعضهم في ثوب من الأثواب: إِنَّ هَذا المِرط لِثَمَن كَذا وكَذا، ¬

(¬1) ذكره ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2065). (¬2) المروط: جمع مِرط، وهو كساء من خز أو صوف يؤتزر به. (جامع الأصول - (1239)). (¬3) قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري: 6/ 80): (لَمْ أَرَ لَهَا فِي كُتُبِ مَنْ صَنَّفَ فِي الصَّحَابَةِ ذِكْرًا إِلَّا فِي الِاسْتِيعَابِ فَذَكَرَهَا مُخْتَصَرَةً بِالَّذِي هُنَا، وَقَدْ ذكرهَا بن سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِ النِّسَاءِ، وَقَالَ: هِيَ أُمُّ قَيْسٍ بِنْتُ عُبَيْدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ ثَعْلَبَةَ مِنْ بَنِي مَازِنٍ تَزَوَّجَهَا أَبُو سَلِيطِ بْنُ أَبِي حَارِثَةَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ مَنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ فَوَلَدَتْ لَهُ سَلِيطًا وَفَاطِمَةَ يَعْنِي فَلِذَلِكَ يُقَالُ لَهَا أُمُّ سَلِيطٍ، وَذُكِرَ أَنَّهَا شَهِدَتْ خَيْبَرَ وَحُنَيْنًا وَغَفَلَ عَنْ ذِكْرِ شُهُودِهَا أُحُدًا وَهُوَ ثَابِتٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ). (¬4) فسَّرها الإمام البخاري بقوله: تَخِيطُ. قال الحافظ ابن حجر: (كَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ وَإِنَّمَا الزَّفْرُ الْحَمْلُ، وَهُوَ بِوَزْنِهِ وَمَعْنَاهُ) ثمَّ ذكر مستند البخاري في هذا التفسير، فقال: (وَقَعَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ اللهِ: تَزْفِرُ تَحْمِلُ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: تَزْفِرُ تَخْرِزُ. قُلْتُ: فَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَنَدُ الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِه). (فتح الباري: 6/ 80). (¬5) رواه البخاري في صحيحه (2881) والقاسم بن سلَّام في الأموال (605) وابن زنجويه في الأموال (882) و (917) وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 189.

[256] ومن كلام له - رضي الله عنه -

فَلَو أَرسَلتَ بِه إِلَى زَوجَة عَبد الله بن عُمَر صَفيَّةَ بِنت أَبي عُبَيدٍ، فقال عمر: ((أَبْعَثُ بِهِ إِلَى مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهَا أُمِّ عُمَارَةَ نُسَيْبَةَ بِنْتِ كَعْبٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ: ((مَا الْتَفَتُّ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إِلَّا وَأَنَا أَرَاهَا تُقَاتِلُ دُونِي)) (¬1). [256] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ: ((نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللهُ))، وَإِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى مَالِهِ هُنَاكَ، فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلاَهُ (¬2)، وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ، هُمْ عَدُوُّنَا وَتُهْمَتُنَا وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلاَءَهُمْ))، فَلَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ بَنِي أَبِي الحُقَيْقِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَامَلَنَا عَلَى الأَمْوَالِ وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَظَنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ (¬3) لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ))، ¬

(¬1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 8/ 415 وعنه عبد الغني المقدسي في (مناقب النساء الصحابيات - (2)). (¬2) في مسند أحمد بلفظ (وَقَدْ عَدَوْا عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَفَدَعُوا يَدَيْهِ كَمَا بَلَغَكُمْ، مَعَ عَدْوَتِهِمْ عَلَى الْأَنْصَارِيِّ قَبْلَهُ)، فزاد الاعتداء على أنصاري. (¬3) القلوص: الناقة الشابة، وقيل: القوية على السير، ولا يُسمى الذكر قلوصًا (جامع الأصول لابن الأثير - (1129)).

[257] ومن كلام له - رضي الله عنه -

فَقَالَ: كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً مِنْ أَبِي القَاسِمِ، قَالَ: ((كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللهِ))، فَأَجْلاَهُمْ عُمَرُ، وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الثَّمَرِ، مَالًا وَإِبِلًا، وَعُرُوضًا مِنْ أَقْتَابٍ (¬1) وَحِبَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ)) (¬2). [257] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في جارية فجرت ثم أقيم عليها الحد ثمَّ تابت وحسنت توبتها فسأله عمها: أيفشي سرها؟ ((زَوِّجْهَا كَمَا تُزَوِّجُونَ صَالِحَ نِسَائِكُمْ)) (¬3). [258] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في إرضاء الناس ((هَانَ شَيْءٌ أُصْلِحُ بِهِ قَوْمًا أَنْ أُبْدِلَهُمْ أَمِيرًا مَكَانَ أَمِيرٍ)) (¬4). [259] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِرَايِهِ، وَمَنْ قَالَ: أَنَا ¬

(¬1) أقتاب: جمع قتب، وهو ما يوضع حول سنام البعير تحت الراكب (النهاية لابن الأثير - (قتب). (¬2) رواه البخاري في صحيحه (2730) وأحمد في المسند (90) والبيهقي في السنن الكبرى (18745). (¬3) رواه ابن الجعد في المسند (2471). (¬4) رواه ابن سعد في الطبقات: 3/ 284 وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 805.

[260] ومن كلام له - رضي الله عنه -

عَالِمٌ فَهُوَ جَاهِلٌ، وَمَنْ قَالَ: إِنِّي فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ في النار)) (¬1). [260] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابنه عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد استنكر عليه تفضيله لأسامة بن زيد عليه: ((لأَنَّ زَيْدًا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَبِيكَ، وَكَانَ أُسَامَةُ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ مِنْكَ، فَآثَرْتُ حُبَّ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حُبِّي)) (¬2). [261] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد مرّ برجلين يرميان فقال أحدهما للآخر: أسَبْتَ (¬3): فقال عمر: ((سُوءُ اللَّحْنِ أَشَدُّ مِنْ سُوءِ الرَّمْيِ)) (¬4). [262] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للمهاجرين في التعبير عن فرحه بالزواج من أم كلثوم بنت علي بن ¬

(¬1) ذكره ابن كثير في مسند الفاروق: 2/ 574 وعزاه لابن مردويه في تفسيره، وذكره البوصيري في إتحاف الخيرة (124) وابن حجر في المطالب العالية (3006) وعزياه لمُسَدَّدٍ في مسنده. (¬2) رواه الترمذي في السنن (3813) وابن أبي شيبة في المصنف (33539) وابن زنجويه في الأموال (809) و (810) والطبراني في المعجم الأوسط (6608) والبيهقي في السنن الكبرى (12997) والنجاد في مسند عمر بن الخطاب (29). (¬3) يريد: ((أصبت)). (¬4) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 284 والبخاري في الأدب المفرد (881) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 334.

[263] ومن كلام له - رضي الله عنه -

أبي طالب (¬1) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ((أَلَا تُهَنِّئُونِي؟))، فَقَالُوا: بِمَنْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: ((بِأُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ، وَابْنَةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((كُلُّ نَسَبٍ وَسَبَبٍ يَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سَبَبِي وَنَسَبِي))، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَبٌ وَنَسَبٌ)) (¬2). [263] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لمولاه مُعَيقيب (¬3) وقد بلغه عنه أنه كان يكنس بيت المال فوجد فيه درهماً فدفعه إلى ابنٍ لعمر بن الخطاب: ¬

(¬1) أُمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ الهَاشِمِيَّةُ، ولدت في حدود سنة ست من الهجرة، ورأت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم ترو عنه شيئاً. توفي عنها عمر، فتزوجها عون بن جعفر بن أبي طالب. (سير أعلام النبلاء: 3/ 500 - 501). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (10354) وأحمد في فضائل الصحابة (1069) و (1070) واللفظ له، والآجري في الشريعة (1713) و (1820) والطبراني في المعجم الكبير (2635) والأوسط (5606) والحاكم في المستدرك (4684) وأبو نعيم في حلية الأولياء 7/ 314 والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (101) و (102) وابن المغازلي في مناقب علي (152). (¬3) معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي، من المهاجرين، ومن حلفاء بني عبد شمس. وكان أميناً على خاتم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد استعمله أبو بكر على الفيء، وولي بيت المال لعمر. وله هجرة إلى الحبشة. وكان مبتلى بالجذام، عاش معيقيب إلى خلافة عثمان. (سير أعلام النبلاء: 2/ 491).

[264] ومن كلام له - رضي الله عنه - حين استخلف

((وَيْحَكَ يَا مُعَيْقِيبُ أَوَجَدْتَ عَلِيَّ فِي نَفْسِكَ شَيْئًا؟)) فقَالَ مُعَيْقِيبٌ: مَا ذَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟، قَالَ: ((أَرَدْتَ أَنْ تُخَاصِمَنِي أُمَّةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الدِّرْهَم)) (¬1). [264] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين استُخلف ((أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي نَظَرْتُ فِي أَمْرِ الْإِسْلَامِ، فَإِذَا هُوَ هُوَ، إِنَّمَا يَقُومُ بِخَمْسِ خِصَالٍ، فَمَنْ حَفِظَهُنَّ وَعَمِلَ بِهِنَّ وَقَوِيَ عَلَيْهِنَّ فَقَدْ حَفِظَ أَمْرَ الْإِسْلَامِ، وَمَنْ ضَيَّعَ مِنْهُنَّ خَصْلَةً وَاحِدَةً فَقَدْ ضَيَّعَ أَمْرَ الْإِسْلَامِ، أَلَا فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَإِنْ حَفِظْتُهُنَّ وَعَمِلْتُ بِهِنَّ وَقَوِيتُ عَلَيْهِنَّ إِلَّا وَآزَرَنِي، أَلَا وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَإِنْ ضَيَّعْتُ مِنْهُنَّ خَصْلَةً وَاحِدَةً إِلَّا خَلَعَنِي خَلْعَ الشَّعَرَةِ مِنَ الْعَجِينِ، فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْهِ))، فَقَامَ إِلَيْهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَقَالَ: وَمَا هَذِهِ الْخَمْسُ الْخِصَالِ يَا عُمَرُ؟ فَقَالَ: ((أَمَّا الْأُولَى فَهَذَا الْمَالُ، مِنْ أَيْنَ آخُذُهُ أَوْ أَيْنَ أَجْمَعُهُ، حَتَّى إِذَا أَتَى أَخَذْتُهُ مِنْ مَآخِذِهِ الَّتِي أَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أَضَعَهُ فِيهَا، حَتَّى لَا يَبْقَى عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، وَلَا عِنْدَ آلِ عُمَرَ خَاصَّةً، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَالْمُهَاجِرُونَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ أُدِرُّ عَلَيْهِمْ ¬

(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في الورع (229).

[265] ومن كلام له - رضي الله عنه -

أَرْزَاقَهُمْ، وَأُوَفِّرُ عَلَيْهِمْ فَيْئَهُمْ، وَلَا أُجْمِرُهُمْ فِي الْمَغَازِي، وَأَكُونُ أَنَا أَبَا الْعِيَالِ حَتَّى يَقُومُوا، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَالْأَنْصَارُ الَّذِينَ آَوَوْا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَصَرُوهُ وَوَاسَوْهُ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، أُدِرُّ عَلَيْهِمْ أَرْزَاقَهُمْ، وَأُوَفِّرُ فَيْئَهُمْ، وَأَفْعَلُ فِيهِمْ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَقْبَلُ مُحْسِنَهُمْ، وَأَعْفُو عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فِلِلْعَرَبِ، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْإِسْلَامِ وَمَنْبِتُ الْعِزِّ، أُثَبِّتُهُمْ عَلَى مَنَازِلِهِمْ، وَآخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً أُطَهِّرُهُمْ، وَأُزَكِّيهِمْ، لَا آخُذُ فِي ذَلِكَ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِلَّا الشَّاةَ وَالْبَعِيرَ، ثُمَّ أَرُدُّهُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَأَهْلُ الذِّمَّةِ أُوفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأُقَاتِلُ عَدُوَّهُمْ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلَا أُكَلِّفُهُمْ إِلَّا دُونَ طَاقَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُنْتُ عِنْدَ اللهِ مُصَدَّقًا، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ)) (¬1). [265] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سَمِع أُبيَّ بن كعب يقرأ قول الله تبارك وتعالى {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} (¬2): ((اللَّهُمَّ غَفْراً، إِنِّي رَجُلٌ قَدْ دَخَلَ النَّاسَ مِنِّي هَيْبَةٌ، فَأَنَا أَخَافُ أَنْ ¬

(¬1) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 675. (¬2) وهي قراءة أبيّ بن كعب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

[266] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -

أَكُونَ قَدْ آذَيْتُ مُسْلِماً)) (¬1). [266] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا أَبَا مُوسَى! أيسرُّكَ أنَّكَ خَرجْتَ مِن عملِكَ كَفافاً خيرُهُ بشرِّهِ وشرُّهُ بخيرِهِ لا لَكَ ولا عَليكَ؟))، فقال أبو موسى: يا أَميرَ المؤمنينَ، لَقَدْ قَدِمْتُ البَصْرَةَ وإنَّ الجَفَاءَ فِيهِم لَفاشٍ، قالَ: فعلَّمتُهم القرآنَ والسُّنةَ، وغَزوتُ بِهم في سبيلِ اللهِ، وإنِّي لأَرجو بذلكَ فضيلةً، قالَ عُمَرُ: لكنِّي وَدِدْتُّ أنِّي خَرَجْتُ مِنْ عَمَلِي خَيْرُه بشرِّه وشرُّه بخيرِه كَفافاً لا لِي وَلَا عَلَيَّ، وخلصَ لِي عَملي مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) (¬2). [267] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَكْثِرُوا ذِكْرَ النَّارِ فَإِنَّ حَرَّهَا شَدِيدٌ، وَإِنَّ قَعْرَهَا بَعِيدٌ، وَإِنَّ مَقَامِعَهَا حَدِيدٌ)) (¬3). [268] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((وَاللهِ لَا أَدَعُ حَقًّا لِشَانٍ يَظْهَرُ، وَلَا لَضِدٍّ يُحْتَمَلُ، وَلَا مُحَابَاةً ¬

(¬1) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 683. (¬2) رواه أبو طاهر في المخلصيات (604). (¬3) رواه الترمذي في السنن (2575) وابن أبي شيبة في المصنف (35295).

[269] ومن كلام له - رضي الله عنه -

لِبَشَرٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ قَدَّمَ إِلَيَّ؛ فَآيَسَنِي مِنْ أَنْ يُقْبَلَ مِنِّي إِلَّا الحَقُّ، وَأَمَّنَنِي إِلَّا مِنْ نَفْسِهِ، فَلَيْسَ بِي حَاجَةٌ إِلَى أَحَدٍ، وَلَا عَلَى أَحَدٍ مِنِّي وَكْفٌ (¬1))) (¬2). [269] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((شَرُّ النَّاسِ ثَلَاثَةٌ: مُتَكَبِّرٌ عَلَى وَالِدَيْهِ يَحْقِرُهُمَا، وَرَجُلٌ سَعَى فِي فَسَادٍ بَيْنَ رَجُلٍ وامرأة يَنْصُرُهُ عَلَيْهَا غَيْرَ الْحَقِّ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ خَلَفَ بَعْدَهُ، وَرَجُلٌ سَعَى فِي فَسَادٍ بَيْنَ النَّاسِ بِالْكَذِبِ حَتَّى تَعَادَوْا وَتَبَاغَضُوا)) (¬3). [270] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَئِنْ بَقِيتُ لآخُذَنَّ فَضْلَ مَالِ الأَغْنِيَاءِ ولَأَقْسِمَنَّهُ فِي فُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ)) (¬4). [271] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الواجب على القاضي ((لَا يُقِيمُ أَمَرَ اللهِ إِلَّا مَنْ لَا يُصَانِعُ، وَلَا يُضَارِعُ (¬5)، وَلَا يَتْبَعُ ¬

(¬1) الوَكْفُ: يُشبه العيب، هذا الأمر وَكْفٌ عليك، أي: عيب. (كتاب العين: 5/ 413). (¬2) رواه وكيع البغدادي في أخبار القضاة: 1/ 34. (¬3) ذكره البوصيري في إتحاف الخيرة (5356) وابن حجر في المطالب العالية (2663) وعزياه إلى إسحاق بن راهويه في مسنده. (¬4) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (33646). (¬5) المضارعة للشيء: أن يضارعَه كأنه مثله أو شِبْهه. (تهذيب اللغة: 1/ 298).

[272] ومن كلام له - رضي الله عنه - بالجابية

الْمَطَامِعَ، وَلَا يُقِيمُ أَمَرَ اللهِ إِلَّا رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِهِ كَلِمَةً، لَا يَنْقُصُ غَرْبَهُ (¬1)، وَلَا يَطْمَعُ فِي الْحَقِّ عَلَى حِدَّتِهِ يَقُولُ: لَا يَطْمَعُ فَيَضَعَفُ)) (¬2). [272] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بالجابية ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ هَذَا الْفَيْءَ شَيْءٌ أَفَاءَهُ اللهُ عَلَيْكُمْ، الرَّفِيعُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَضِيعِ، لَيْسَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ، لَخْمٍ وَجُذَامٍ، فَإِنِّي غَيْرُ قَاسِمٍ لَهُمَا شَيْئًا))، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ لَخْمٍ أَحَدُ بَلْجَذْمِ فَقَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، أَنْشُدُكَ بِاللهِ فِي الْعَدْلِ وَالتَّسْوِيَةِ، فَقَالَ: ((مَا يُرِيدُ ابْنُ الْخَطَّابِ بِهَذَا إِلَّا الْعَدْلَ وَالتَّسْوِيَةَ، واللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ الْهِجْرَةَ لَوْ كَانَتْ بِصَنْعَاءَ مَا خَرَجَ إِلَيْهَا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامٍ إِلَّا قَلِيلٌ، أَفَأَجْعَلُ مَنْ تَكَلَّفَ السَّفَرَ وَابْتَاعَ الظَّهْرَ بِمَنْزِلَةِ قَوْمٍ إِنَّمَا قَاتَلُوا فِي دِيَارِهِمْ؟))، فَقَامَ أَبُو حُدَيْرٍ (¬3) فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ كَانَ الله ¬

(¬1) يقال لحد السيف غَرْبٌ، وغَرْبُ كل شيء حدُّه، يُقال: في لسانه غَرْبٌ: أي حِدَّةٌ (الصحاح: 1/ 193). (¬2) رواه أبو يوسف في الخراج: ص24 وعبد الرزاق في المصنف (15289) ووكيع البغدادي في أخبار القضاة: 1/ 70 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 439. (¬3) اختلف في كنيته، فقيل: أبو حدير، وأبو حديرة، وأبو حديرج، كما اختلف في نِسبته، فقيل: أبو حدير الجذامي أو الأجذمي أو اللخمي، أدرك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهد خطبة عمر بالجابية، هكذا ترجم له ابن عساكر في (تاريخ دمشق: 66/ 132)، ولعله والله أعلم هو هرماس بن زياد الباهلي، فإنَّ كنيته أبو حدير أيضاً، وقد أدرك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورآه =

[273] ومن كلام له - رضي الله عنه - بالجابية أيضا

تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاقَ الْهِجْرَةَ إِلَيْنَا فِي دِيَارِنَا فَنَصَرْنَاهَا وَصَدَّقْنَاهَا، أَذَاكَ الَّذِي يُذْهِبُ حَقَّنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ: ((وَاللهِ لَأَقْسِمَنَّ لَكُمْ))، ثُمَّ قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ، فَأَصَابَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ نِصْفَ دِينَارٍ، إِذَا كَانَ وَحْدَهُ، فَإِذَا كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ أَعْطَاهُ دِينَارًا، ثُمَّ دَعَا ابْنَ قَاطُورَا صَاحِبَ الْأَرْضِ فَقَالَ: ((أَخْبِرْنِي مَا يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ الْقُوتِ فِي الشَّهْرِ وَالْيَوْمِ))، فَأَتَى بِالْمُدْيِ وَالْقِسْطِ فَقَالَ: يَكْفِيهِ هَذَا؛ الْمُدْيَانِ فِي الشَّهْرِ، وَقِسْطُ زَيْتٍ، وَقِسْطُ خَلٍّ، فَأَمَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمُدْيَيْنِ مِنْ قَمْحٍ فَطُحِنَا، ثُمَّ عُجِنَا ثُمَّ خُبِزَا، ثُمَّ أَدَمَهُمَا بِقِسْطَيْنِ زَيْتًا، ثُمَّ أَجْلَسَ عَلَيْهِمَا ثَلَاثِينَ رَجُلًا، فَكَانَ كَفَافَ شِبْعِهِمْ، ثُمَّ أَخَذَ عُمَرُ الْمُدْيَ بِيَمِينِهِ وَالْقِسْطَ بِيَسَارِهِ، ثُمَّ قَالَ: ((اللهُمَّ لَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُنْقِصَهُمَا بَعْدِي، اللهُمَّ فَمَنْ نَقَصَهُمَا فَانْقُصْ مِنْ عُمْرِهِ)) (¬1). [273] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بالجابية أيضاً ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَنِي خَازِنًا لِهَذَا الْمَالِ، وَقَاسِمَهُ لَهُ))، ثُمَّ ¬

= يخطب في منى، وعُمِّر طويلاً إلى سنة تسعين من الهجرة، ويبقى الفرق المحوج للتردد، نِسبة الأول إلى لخم أو جذام، ونِسبة الثاني إلى باهلة أو بني سهم. (سير أعلام النبلاء: 3/ 451 والإصابة: 6/ 417). (¬1) رواه القاسم بن سلام في الأموال (650) و (651) وابن زنجويه في الأموال (948) و (949) والبيهقي في السنن الكبرى (12971) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 66/ 134 - 135.

قَالَ: ((بَلِ اللهُ يَقْسِمُهُ، وَأَنَا بَادِئٌ بِأَهْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ أَشْرَفِهِمْ))، فَفَرَضَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَشْرَةَ آلَافٍ إِلَّا جُوَيْرِيَةَ، وَصَفِيَّةَ، ومَيْمُونَةَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْدِلُ بَيْنَنَا، فَعَدَلَ بَيْنَهُنَّ عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: ((إِنِّي بَادِئٌ بِأَصْحَابِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، فَإِنَّا أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا ظُلْمًا، وَعُدْوَانًا، ثُمَّ أَشْرَفِهِمْ))، فَفَرَضَ لِأَصْحَابِ بَدْرٍ مِنْهُمْ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَلِمَنْ كَانَ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَلِمَنْ شَهِدَ أُحُدًا ثَلَاثَةَ آلَافٍ، ((وَمَنْ أَسْرَعَ فِي الْهِجْرَةِ أَسْرَعَ بِهِ الْعَطَاءُ، وَمَنْ أَبْطَأَ فِي الْهِجْرَةِ أَبْطَأَ بِهِ الْعَطَاءُ، فَلَا يَلُومَنَّ رَجُلٌ إِلَّا مُنَاخَ رَاحِلَتِهِ، وَإِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكُمْ مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، إِنِّي أَمَرْتُهُ أَنْ يَحْبِسَ هَذَا الْمَالَ عَلَى ضَعَفَةِ الْمُهَاجِرِينَ، فَأَعْطَاهُ ذَا الْبَاسِ، وَذَا الشَّرَفِ، وَذَا اللَّسَانَةِ، فَنَزَعْتُهُ، وَأَمَّرْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ)). فقال أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ (¬1): وَاللهِ مَا أَعْذَرْتَ يَا عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ، لَقَدْ نَزَعْتَ عَامِلًا اسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَغَمَدْتَ سَيْفًا سَلَّهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَوَضَعْتَ لِوَاءً نَصَبَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَقَدْ قَطَعْتَ الرَّحِمَ، وَحَسَدْتَ ابْنَ الْعَمِّ. ¬

(¬1) أبو عَمْرو بْن حفص بْن الْمُغِيرَةِ القرشي المخزومي. ابن عم خالد بن الوليد والحارث بن هشام، بعثه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع علي بن أبي طالب حين بعث عليًا أميرًا إِلَى اليمن، فطلق امرأته هناك فاطمة بنت قيس الفهرية، وبعث إليها بطلاقها، ثم مات هناك. (الاستيعاب: 4/ 1719).

[274] ومن كلام له - رضي الله عنه - في سرية هلكت في الجهاد فاختلف في حالها الناس

فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ((إِنَّكَ قَرِيبُ الْقَرَابَةِ، حَدِيثُ السِّنِّ، مُغْضَبٌ مِنْ ابْنِ عَمِّكَ)) (¬1). [274] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في سرية هلكت في الجهاد فاختلف في حالها الناس ((وَاللهِ إِنَّ مِنَ النَّاسِ نَاسًا يُقَاتِلُونَ ابْتِغَاءَ الدُّنْيَا، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ نَاسًا يُقَاتِلُونَ رِيَاءً وَسُمْعَةً، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ نَاسًا يُقَاتِلُونَ إِنْ دَهَمَهُمُ الْقِتَالُ، وَلَا يَسْتَطِيعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ نَاسًا يُقَاتِلُونَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ، أُولَئِكَ الشُّهَدَاءُ، وَكُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يُبْعَثُ عَلَى الَّذِي يَمُوتُ عَلَيْهِ، وَإِنَّهَا وَاللهِ مَا تَدْرِي نَفْسٌ مَا هُوَ مَفْعُولٌ بِهَا، لَيْسَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي قَدْ تَبَيَّنَ لَنَا أَنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ)) (¬2). [275] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في رجل ذي بأس من أهل الشام استحوذ عليه الشيطان ((إِذَا رَأَيْتُمْ أَخَاكُمْ زَلَّ زَلَّةً، فَقَوِّمُوهُ وَسَدِّدُوهُ، وَادْعُوا اللهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ، وَيُرَاجِعَ بِهِ إِلَى التَّوْبَةِ، وَلَا تَكُونُوا أَعْوَانًا لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه أحمد في المسند (15905) والفسوي في المعرفة والتاريخ: 1/ 463 والبيهقي في السنن الكبرى (12995) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 61/ 382. (¬2) رواه ابن المبارك في الجهاد (10) والحاكم في المستدرك (2520). (¬3) رواه البيهقي في شعب الإيمان (6263) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 4/ 97.

[276] ومن كلام له - رضي الله عنه - يحذر قريشا

[276] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُحذر قريشاً ((يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّي لَا أَخَافُ النَّاسَ عَلَيْكُمْ، إِنَّمَا أَخَافُكُمْ عَلَى النَّاسِ، إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ ثِنْتَيْنِ لَنْ تَبْرَحُوا بِخَيْرٍ مَا لَزِمْتُمُوهُمَا: الْعَدْلُ فِي الْحُكْمِ، وَالْعَدْلُ فِي الْقَسْمِ، وَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثْلِ مَخْرَفَةِ النَّعَمِ (¬1)، إِلَّا أَنْ يَتَعَوَّجَ (¬2) قَوْمٌ، فَيَعْوَجَّ بِهِم)) (¬3). [277] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد رأى النَّاسُ في رمضان، أَوْزَاعاً مُتَفَرِّقُينَ (¬4) يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ النَّفَرُ: ((لَوْ جَمَعْنَا النَّاسَ عَلَى رَجُلٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَلْحَقُ الضَّعِيفُ بِالْقَوِيِّ، وَمَنْ لَا يَقْرَأُ بِمَنْ يَقْرَأُ)) (¬5)، فجمعهم على قارئ واحد هو ¬

(¬1) قال الأصمعي: قول عمر: ((تركتكم على مثل مخرفة النعم))، إنما أراد بالمخرفة الطريق الواسع البيِّن. (غريب الحديث لأبي عبيد (خرف)). (¬2) ضد يستقيم. (¬3) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (38221) والداني في السنن الواردة في الفتن (207) وبحشل في تاريخ واسط: 1/ 50. (¬4) أي جماعات متفرقة. (¬5) رواه الشجري في أماليه (1590)، وتتمتها: فَشَاوَرَ عمر أَهْلَ بَدْرٍ، فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَفْعَلَ، فَأَمَرَ أُبَيًّا - أي: أُبي بن كعب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَقُومَ بِالنَّاسِ، فَكَانُوا يَنَامُونَ بَعْضَ اللَّيْلِ وَيَقُومُونَ بَعْضًا مِنْهُ، وَيَنْصَرِفُونَ لِسُحُورِهِمْ، وَحَوَائِجِهِمْ، وَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ شَفْعًا فَيُسَلِّمُ =

[278] ومن كلام له - رضي الله عنه -

أُبيُّ بن كعب، وخرج ليلة والناس يُصلُّون بصلاة قارئهم فقال: ((نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ (¬1)، وَالَّتِي تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي تَقُومُونَ)) (¬2)، يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ، إذ كَانُوا يَقُومُونَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ. [278] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي سفيان بن حرب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد مرّ بلبن في الطريق لأبي سفيان يبني فيه بناءً، فقال: ((يَا أَبَا سُفْيَانَ، انْزَعْ بِنَاءَكَ هَذَا؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَضَرَّ بِالطَّرِيقِ))، فَقال: نَعَمْ وَكَرَامَةٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: ((أَمَا وَاللهِ؛ لَقَدْ كُنْتَ أبيًّا، الحَمْدُ للهِ الذِي أَدْرَكْتُ زَمَاناً أَمَرَ عُمَرُ فِيهِ أَبَا سُفْيَانَ فَأَطَاعَهُ)) (¬3). ¬

= فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُمْهِلُهُمْ قَدْرَ مَا يَقْضِي الرَّجُلُ حَاجَتَهُ، وَيَتَوَضَّأُ، وَكَانَ يَقْرَأُ خَمْسَ آيَاتٍ، وَسِتَّ آيَاتٍ. (¬1) يريد بها التسمية اللغوية لا الشرعية، وذلك أنَّ البدعة في اللغة تعم كل ما فُعِلَ ابتداء من غير مثال سابق. (انظر: اقتضاء الصراط لابن تيمية: 2/ 95 ط عالم الكتب). وقيل: إنَّ هذا صدر منه على سبيل التنزُّل والمشاكلة، كما في قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]، وقول أبي الشمقمق: قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخَه ... قلت: اطبخوا لي جبّة وقميصاً (انظر: تحقيق الرغبة في شرح النخبة للخضير: ص116). (¬2) رواه البخاري في صحيحه (2010) ومالك في الموطأ (378) وابن وهب في الموطأ (302) والجامع (304) وعبد الرزاق في المصنف (7723) والفريابي في الصيام (164) و (166) و (171) و (172) وابن خزيمة في صحيحه (1100) والبيهقي في السنن الكبرى (4274). (¬3) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 686.

[279] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد بلغه أن امرأة خرجت من بيتها متزينة بإذن زوجها

[279] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أنَّ امرأة خرجت من بيتها مُتزَيِّنة بإذن زوجها ((هَذِهِ الْخَارِجَةُ، وَهَذَا لَمُرْسِلُهَا لَوْ قَدَرْتُ عَلَيْهِمَا لَشَتَّرْتُ (¬1) بِهِمَا، تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ إِلَى أَبِيهَا يَكِيدُ بِنَفْسِهِ وَإِلَى أَخِيهَا يَكِيدُ بِنَفْسِهِ، فَإِذَا خَرَجَتْ فَلْتَلْبَسْ مَعَاوِزَهَا (¬2)، فَإِذَا رَجَعَتْ فَلْتَاخُذْ زِينَتَهَا فِي بَيْتِهَا، وَلَتْتَزَيَّنْ لِزَوْجِهَا)) (¬3). [280] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لقَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ الأَسَدِيِّ (¬4) وقد استفتاه في ظبي رآه فرماه ((أَرَدْتَ أَنْ تَقْتُلَ الْحَرَامَ وَتَتَعَدَّى الْفُتْيَا (¬5)، إِنَّ فِي الْإِنْسَانِ عَشَرَةَ أَخْلَاقٍ، تِسْعَةٌ حَسَنَةٌ، وَوَاحِدَةٌ سِيِّئَةٌ، فَيُفْسِدُهَا ذَلِكَ السَّيِّء، إِيَّاكَ ¬

(¬1) قال عبد الرزاق: يعني شَتَّرْتُ: سَمَّعْتُ بِهِمَا. وقال ابن الأثير في (النهاية - (شتر)): (أي أسمعتهما القبيح. يقال شترت به تشتيرا. ويروى بالنون من الشنار، وهو العار والعيب). (¬2) قال عبد الرزاق: والمَعَاوِزُ: خَلِقُ الثَّيَابِ. وقال ابن الأثير في (النهاية - (عوز)): (هي الخلقان من الثياب، واحدها معوز، بكسر الميم. والعوز بالفتح: العدم وسوء الحال). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (8111). (¬4) قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرِ بْنِ وَهْبِ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ، من كبار التابعين، ومن الفصحاء. شهد خطبة عمر بالجابية، وكان أخا معاوية من الرضاعة وقد وفد عليه، وكان كاتب سعيد بن العاص بالكوفة. (تاريخ الإسلام: 2/ 695). (¬5) وذلك أنَّ صاحباً لقُبيصة قال له حينها: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يُفْتِيَكَ حَتَّى سَأَلَ الرَّجُلُ (يعني عبد الرحمن بن عوف)، فسَمع عمر كلامه فَعَلَاهُ بالدِّرَّة، ثمَّ أقبل على قُبيصة وقال له هذا الكلام.

[281] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد قدم عليه مسك وعنبر من البحرين

وَعَثْرَةَ الشَّبَابِ)) (¬1). [281] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قدِم عليه مسك وعنبر من البحرين ((وَاللهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً حَسَنَةَ الْوَزْنِ تَزِنُ لِي هَذَا الطِّيبَ حَتَّى أَقْسِمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ))، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ (¬2): أَنَا جَيِّدَةُ الْوَزْنِ فَهَلُمَّ أَزِنُ لَكَ، قَالَ: ((لَا))، قَالَتْ: لِمَ؟، قَالَ: ((إِنِّي أَخْشَى أَنْ تَاخُذِيهِ فَتَجْعَلِينَهُ هَكَذَا)) أَدْخَلَ أَصَابِعَهُ فِي صُدْغَيْهِ ((وَتَمْسَحِينَ بِهِ عُنُقَكِ فَأُصِيبُ فَضْلًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ)) (¬3). [282] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في زهده واقتدائه بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ((لَا يُنْخَلُ لِي دَقِيقٌ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَاكُلُ غَيْرَ مَنْخُول)) (¬4). ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (8239) والحاكم في المستدرك (5355) والبيهقي في السنن الكبرى (9862). (¬2) عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية العدوية، كانت من المهاجرات، وكانت حسناء جميلة ذات خلق بارع، تزوجها عَبْد الله بْن أبي بكر الصديق، ثمَّ قتل عنها شهيداً، فتزوجها زيد بْن الخطاب، فقتل عنها يوم اليمامة شهيداً، ثم تزوجها عُمَر بْن الْخَطَّابِ وقُتِل عنها، ثم تزوجها الزُّبَيْر بْن العوام، فقتل عنها يوم الجمل. ثمَّ تزوجها الحسن بْن علي فتوفي عنها، وَهُوَ آخر من ذكر من أزواجها. (الاستيعاب: 4/ 1876). (¬3) رواه أحمد بن حنبل في الزهد (623) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 703. (¬4) رواه أحمد في الزهد (649).

[283] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[283] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((الجِبْتُ: السِّحر، وَالطَّاغُوتُ: الشَّيْطَانُ، وَإِنَّ الشَّجَاعَةَ والجُبْنَ غَرَائِزُ تَكُونُ فِي الرِّجَالِ، يُقَاتِلُ الشُّجَاعُ عَمَّن لَا يَعْرِفُ، ويَفرُّ الْجَبَّانُ عَنْ أَبِيهِ (¬1)، وَإِنَّ كَرَمَ الرَّجُلِ دينُه، وحَسَبَه: خُلُقُه، وَإِنْ كَانَ فَارِسِيًّا، أَوْ نَبِطِيًّا)) (¬2). [284] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سَمِعَ ضوضاء في دار ((مَا هَذِهِ الضَّوْضَاءُ؟))، فَقَالُوا: عُرْسٌ، قَالَ: ((فَهَلَّا حَرَّكُوا غَرَابِيلَهُمْ (¬3)))، يَعْنِي الدُّفُوفَ (¬4). [285] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في النهي عن نكاح المتعة ((إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ لَنَا فِي المُتْعَةِ ثَلاثاً، ثُمَّ حَرَّمَهَا. واللهِ لا أَعْلَمُ أَحَداً يَتَمَتَّعُ وَهُوَ مُحْصَنٌ إِلَّا رَجَمْتُهُ بِالحِجَارَةِ. إلَّا أَنْ ¬

(¬1) عند ابن كثير: (وَيَفِرُّ الْجَبَانُ مِنْ أُمِّهِ). (¬2) رواه سعيد بن منصور في التفسير من سننه (649) وابن كثير في تفسيره: 1/ 683 عن أبي القاسم البغوي. (¬3) الدُّفّ لِأَنَّهُ يُشْبه الغِرْبَال فِي اسْتِدَارَته. (النهاية لابن الأثير - (غَرْبَلَ)). (¬4) ذكره ابن الجوزي في مناقب أمير المؤمنين عمر: ص203.

[286] ومن كلام له - رضي الله عنه - للصبي بن معبد الجهني

يَأتِيَنِي بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحلَّهَا بَعْدَ إِذْ حَرَّمَها (¬1))) (¬2). [286] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للصَّبِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ (¬3) ((هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) (¬4). ¬

(¬1) وعند البيهقي في السنن الكبرى (14171): (مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْكِحُونَ هَذِهِ الْمُتْعَةَ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا، أَلَا وَإِنِّي لَا أُوتَى بِأَحَدٍ نَكَحَهَا إِلَّا رَجَمْتُهُ). (¬2) رواه ابن ماجه في السنن (1963) والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (225)، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير: 3/ 320: رواه ابن ماجه عن عمر بإسناد صحيح. (¬3) قال الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ مُعرِّفاً بنفسه وبحكايته مع عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كُنْتُ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْتُ، فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِي يُقَالُ لَهُ هُذَيْمُ بْنُ ثُرْمُلَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا هَنَاهْ إِنِّي حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ فَكَيْفَ لِي بِأَنْ أَجْمَعَهُمَا؟، قَالَ: اجْمَعْهُمَا وَاذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا مَعًا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا هَذَا بِأَفْقَهَ مِنْ بَعِيرِهِ، قَالَ: فَكَأَنَّمَا أُلْقِيَ عَلَيَّ جَبَلٌ حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي كُنْتُ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا وَإِنِّي أَسْلَمْتُ، وَأَنَا حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي فَقَالَ لِي: ((اجْمَعْهُمَا وَاذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ، وَإِنِّي أَهْلَلْتَ بِهِمَا مَعًا)) ثمَّ ذكر كلام عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - المشار إليه. (¬4) رواه أبو داود في السنن (1799) والنسائي في السنن (2719) وابن ماجه في السنن (2970) وأحمد في المسند (83) و (169) و (227) و (254) والطيالسي في المسند (58) و (59) والحميدي في المسند (18) وابن أبي شيبة في المصنف (14497) والطحاوي في شرح معاني الآثار (3682) وابن حبان في صحيحه (3910) والطبراني =

[287] ومن كلام له - رضي الله عنه - في متعتي الحج والنساء

[287] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في متعتي الحج والنساء ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ رَخَّصَ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا شَاءَ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ مَضَى لِسَبِيلِهِ، فَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَحَصِّنُوا فُرُوجَ هَذِهِ النِّسَاءِ)) (¬1). [288] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قُرِّب له لبن حامض ليذمه ((مَا أَطْيَبَ هَذَا مِنْ رِزْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)) (¬2). [289] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأصحابه ((مَا تَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ لَا يَحْضُرُهُ أَحْيَانًا ذِهْنُهُ، وَلَا عَقْلُهُ، وَلَا حِفْظُهُ وَأَحْيَانًا يَحْضُرُ ذِهْنُهُ وَعَقْلُهُ؟)) قَالُوا: مَا نَدْرِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عُمَرُ: ((إِنَّ لِلْقَلْبِ طَخَاءً (¬3) كَطَخَاءِ الْقَمَرِ، فَإِذَا غَشِيَ ذَلِكَ الْقَلْبَ ¬

= في الأوسط (8301) و (9413) ومسند الشاميين (399) والبيهقي في السنن الكبرى (8774) و (8783) و (8853) و (8887). (¬1) رواه أحمد في المسند (104) والطحاوي في شرح معاني الآثار (3902) وذكره البوصيري في إتحاف الخيرة (3239) وعزاه لمُسَدَّد في مسنده. (¬2) رواه أحمد بن حنبل في الزهد (652). (¬3) الطخاء: ثقل وغشي، وأصل الطَّخاء والطَّخْية: الظلمة والغيم. والمعنى: إنَّ للقلب ما يُغَشِّيهِ =

[290] ومن كلام له - رضي الله عنه - لعدي بن حاتم - رضي الله عنه -

ذَهَبَ ذِهْنُهُ وَعَقْلُهُ وَحِفْظُهُ، فَإِذَا تَجَلَّى عَنْ قَلْبِهِ، أَتَاهُ ذِهْنُهُ وَعَقْلُهُ وَحِفْظُهُ)) (¬1). [290] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعدي بن حاتم (¬2) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سأله: يا أمير المؤمنين أتعرفني، فَضَحِكَ حَتَّى اسْتَلْقَى لِقَفَاهُ وقال: ((نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُكَ، آمَنْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا، وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَإِنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ بَيَّضَتْ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوُجُوهَ أَصْحَابِهِ صَدَقَةُ طَيِّئٍ، جِئْتَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) ثُمَّ أَخَذَ يَعْتَذِرُ، ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّمَا فَرَضْتُ لِقَوْمٍ أَجْحَفَتْ بِهِمُ الْفَاقَةُ (¬3) وَهُمْ سَادَةُ عَشَائِرِهِمْ لِمَا يَنُوبُهُمْ مِنَ الْحُقُوقِ)) (¬4). ¬

= من غيم يُغطِّي نوره. (النهاية لابن الأثير (طخا)). (¬1) رواه ابن أبي الدنيا في الإشراف (5). (¬2) عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ، وفد على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة سبع، فأكرمه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان سيد قومه. ولم يزل مع علي بن أبي طالب وشهد معه الجمل وصفين وذهبت عينه يوم صفين، ومات بالكوفة زمن المختار سنة ثمان وستين. (الطبقات الكبرى: 6/ 22 وتاريخ الإسلام: 2/ 678). (¬3) أي: أفْقَرَتهم الْحَاجَةُ، وأذهَبَت أموالَهم. (النهاية لابن الأثير - (جَحَفَ)). (¬4) رواه أحمد في المسند (316) وابن أبي شيبة في المصنف (37045) والبيهقي في السنن =

[291] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[291] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنِ اشْتَهَى مَرِيضُكُمُ الشَّيْءَ فَلَا تَحْمُوهُ، فَلَعَلَّ اللهَ إِنَّمَا شَهَّاهُ ذَلِكَ لِيَجْعَلَ شِفَاءَهُ فِيهِ)) (¬1). [292] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ اللهَ بَدَأَ هَذَا الْأَمْرَ حِينَ بَدَأَ بِنُبُوَّةٍ وَرَحْمَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى خِلَافَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى سُلْطَانٍ وَرَحْمَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ مُلْكًا وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَعُودُ جَبْرِيَّةً تَكَادَمُونَ تَكَادُمَ الْحَمِيرِ (¬2)، أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالْغَزْوِ وَالْجِهَادِ مَا كَانَ حُلْوًا خَضِرًا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مُرًّا عَسِرًا، وَيَكُونُ تَمَامًا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ رِمَامًا - أَوْ يَكُونَ حُطَامًا -، فَإِذَا أَشَاطَتِ الْمَغَازِي وَأُكِلَتِ الْغَنَائِمُ وَاسْتُحِلَّ الْحَرَامُ، فَعَلَيْكُمْ بِالرِّبَاطِ فَإِنَّهُ خَيْرُ جِهَادِكُمْ)) (¬3). ¬

= الكبرى (13143) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 40/ 84، وأصله في صحيح مسلم (2523) مختصراً. (¬1) رواه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (201) والبيهقي في شعب الإيمان (8794). (¬2) يُقال: كَدَمَ الأرض: إذا عضَّها بملء فيه. (جامع الأصول - (1805)). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (9621) ونعيم بن حماد في الفتن (236) والحاكم في المستدرك (8459) واللفظ له.

[293] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[293] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَفْلَحَ مِنْكُمْ مَنْ حُفِظَ مِنَ الْهَوَى وَالطَّمِعِ وَالْغَضَبِ، لَيْسَ فِي مَا دُونَ الصِّدْقِ مِنَ الْحَدِيثِ خَيْرٌ، مَنْ يَكْذِبْ يَفْجُرْ، وَمَنْ يَفْجُرْ يَهْلِكْ، إِيَّاكُمْ وَالْفُجُورَ، وَمَا فُجُورُ عَبْدٍ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ، وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ، وَهُوَ الْيَوْمَ حَيُّ، وَغَدَا مَيِّتٌ؟ اعْمَلُوا يَوْمًا بِيَوْمٍ، وَاجْتَنِبُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، وَعُدُّوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الْمَوْتَى)) (¬1). [294] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الحض على تعلم النسب لصلة الرحم ((تَعَلَّمُوا أَنْسَابَكُمْ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَكُونَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَأَخِيهِ الشَّيْءُ وَلَوْ عَلِمَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنْ دُخْلَةِ الرَّحِمِ لَوَزَعَهُ (¬2) ذَلِكَ عَنِ التَّهْلُكَةِ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه أبو داود في الزهد (48) والبيهقي في السنن الكبرى: 3/ 305 وشعب الإيمان (10126). (¬2) وزَعْتُه: كففته، فاتَّزع هو: كفَّ (القاموس ص995). (¬3) رواه ابن وهب في الجامع (15) والحسين بن حرب في البر والصلة (119) وهناد بن السري في الزهد (487) والبخاري في الأدب المفرد (72) وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 798 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 356 والطبراني في مسند الشاميين (3202).

[295] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الخشية من الله تعالى

[295] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الخشية من الله تعالى ((اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُبَالِي إِذَا قَعَدَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيَّ عَلَى مَنْ حَالَ الْحَقُّ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ فَلَا تُمْهِلْنِي طَرْفَةَ عَيْنٍ)) (¬1). [296] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ليزيد بن أبي سفيان (¬2) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أنه يُدخل الطعام على الطعام: ((وَاللَّهِ يَا يَزِيدُ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ أَطْعَامٌ بَعْدَ طَعَامٍ؟، وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ لَئِنْ خَالَفْتَهُمْ عَنْ سُنَّتِهِمْ لَيُخَالَفَنَّ بِكَ عَنْ طَرِيقَتِهِمْ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء: 6/ 138والبيهقي في شعب الإيمان: 9/ 508 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 35/ 218. (¬2) يَزِيد بْن أبي سُفْيَان القرشي الأموي. كان أفضل بني أبي سُفْيَان. كَانَ يقال له يَزِيد الخير، أسلم يوم فتح مكة، وشهد حنيناً، وأعطاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غنائم حنين مائة بعير وأربعين أوقية وزنها له بلال، واستعمله أبو بكر وأوصاه وخرج يشيعه راجلاً. وولاه عمر عَلَى فلسطين وناحيتها، وذلك أنه لما توفي أَبُو عبيدة استخلف معاذ بْن جبل، وتوفي معاذ فاستخلف يَزِيد بْن أبي سُفْيَان، وتوفي يَزِيد، فاستخلف أخاه معاوية، وَكَانَ موت هؤلاء كلهم فِي طاعون عمواس سنة ثمان عشرة. (الاستيعاب: 4/ 1576). (¬3) رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (370).

[297] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[297] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((كَفَى بِالْمَرْءِ سَرَفًا أَنْ يَاكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَى)) (¬1). [298] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قيل له: لقد كاد بعض الناس أن يحيد هذا الأمر عنك: قال: ((وما ذلك؟))، قيل: يزعمون أنك فظٌّ، قال: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي مَلَأَ قَلْبِي لَهُمْ رُحْمًا، وَمَلَأَ قُلُوبَهُمْ لِي رُعْبًا)) (¬2). [299] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للأشعث بن قيس (¬3) وقد سأله أن يطلب لهما سمناً يُنصب على لحم يأكلانه: ¬

(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (336) و (368). (¬2) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 269. (¬3) الأشعث بن قيس، أمير كندة في الجاهلية والإسلام، وفد على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في جمع من قومه سنة عشر من الهجرة، فأسلم، ثمَّ ارتدّ أيام الرَّدة، وأُتي به أسيراً إلى أبي بكر ليرى فيه رأيه، فأسلم وأطلقه أبو بكر وزوّجه أخته أم فروة، فأقام في المدينة وشهد الوقائع وأبلى البلاء الحسن. وشهد اليرموك فأصيبت عينه. ثم كان مع سعد بن أبي وقاص في حروب العراق. ولما آل الأمر إلى علي كان الأشعث معه يوم صفين، على راية كندة. وحضر معه وقعة النهروان، وورد المدائن، ثم عاد إِلَى الكوفة، فأقام بها حتى مات في الوقت الذي صالح فيه الْحَسَن بْن عَلِيّ معاوية بْن أَبِي سفيان، وصلى عليه الْحَسَن. (الاستيعاب: 1/ 133 وتاريخ الإسلام: 2/ 344).

[300] ومن كلام له - رضي الله عنه - للمهاجرين

((أُدْمَانِ فِي أُدْمٍ؟ كَلَّا، إِنِّي رَأَيْتُ صَاحِبَيَّ، وَصَحِبْتُهُمَا، فَأَخَافُ أَنْ أُخَالِفُهُمَا فَيُخَالَفُ بِي عَنْهُمَا، فَلَا أَنْزِلُ مَعَهُمَا حَيْثُ نَزَلَا)) (¬1). [300] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للمهاجرين ((لَا تَتَّخِذُوا مِنْ وَرَاءِ الرَّوْحَا (¬2) مَالًا، وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَعْقَابِكُمْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَلَا تُزَوِّجُوا طُلَقَاءَ مَكَّةَ نِسَاءَكُمْ، وَتَزَوَّجُوا نِسَاءَهُمْ، وَائْتُوا بِهِنَّ)) (¬3). [301] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ (¬4) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنِّي أَرَاكَ كَأَنَّ فِي نَفْسِكَ شَيْئًا، أَرَاكَ تَظُنُّ أَنِّي قَتَلْتُ أَبَاكَ، إِنِّي لَوْ قَتَلْتُهُ لَمْ أَعْتَذِرْ إِلَيْكَ مِنْ قَتْلِهِ، وَلَكِنِّي قَتَلْتُ خَالِيَ الْعَاصَ بْنَ هِشَامِ ¬

(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (371). (¬2) قال ابن حجر في فتح الباري: 1/ 569: هي قرية جامعة على ليلتين من المدينة، وهي آخر السيالة للمتوجه إلى مكة، والمسجد الأوسط: هو في الوادي المعروف الآن بوادي بني سالم، وفي الأذان من (صحيح مسلم) أن بينهما ستة وثلاثين ميلاً. (¬3) رواه النجاد في مسند عمر بن الخطاب (19). (¬4) سَعِيْدُ بنُ العَاصِ بنِ أَبِي أُحَيْحَةَ الأُمَوِيُّ، قُتِل أبوه يوم بدر مشركاً، وخلف سعيداً طفلاً. وكان أميراً، شريفاً، جواداً، ممدحاً، حليماً، وقوراً، ذا حزم وعقل، يصلح للخلافة. ولي أمر الكوفة لعثمان بن عفان، وغزا طبرستان فافتتحها، وكان يوم الدار مع المقاتلة يذب عن عثمان. وقد اعتزل الفتنة، فأحسن، ولم يقاتل مع معاوية. (سير أعلام النبلاء: 3/ 444 - 445).

[302] ومن كلام له - رضي الله عنه -

بْنِ الْمُغِيرَةِ (¬1)، فَأَمَّا أَبُوكَ فَإِنِّي مَرَرْتُ بِهِ وَهُوَ يَبْحَثُ بَحْثَ الثَّوْرِ بِرَوْقِهِ (¬2)، فَحِدْتُ عَنْهُ (¬3)، وَقَصَدَ لَهُ ابْنُ عَمِّهِ عَلِيٌّ فَقَتَلَهُ)) (¬4). [302] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((عَلَيْكُمْ بِالْجِمَالِ وَاسْتِصْلَاحِ الْمَالِ، وَإِيَّاكُمْ وَقَوْلَ أَحَدِكُمْ مَا أُبَالِي)) (¬5). [303] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ بَعْضَ الطَّمَعِ فَقْرٌ، وَإِنَّ بَعْضَ الْيَاسِ غِنًى، وَإِنَّكُمْ تَجْمَعُونَ مَا لا تَاكُلُونَ، وَتَامَلُونَ مَا لا تُدْرِكُونَ، وَأَنْتُمْ مُؤَجَّلُونَ فِي دَارِ غَرُورٍ، كُنْتُمْ عَلَى عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، تُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ، فَمَنْ أَسَرَّ شَيْئًا أُخِذَ بِسَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَعْلَنَ شَيْئًا أُخِذَ بِعَلانِيَتِهِ، فَأَظْهِرُوا لَنَا أَحْسَنَ أَخْلاقِكُمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِالسَّرَائِرِ، فَإِنَّهُ مَنْ أَظْهَرَ شَيْئًا وَزَعَمَ أَنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةً لَمْ نُصَدِّقْهُ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا عَلانِيَةً حَسَنَةً ظَنَنَّا ¬

(¬1) وذلك أنَّ أبا لهب وجَّه العاص بن هشام المخزومي مكانه، وكان قد لاعبه على إمرة مطاعة فقمره فبعثه إلى بدر بديلاً منه فقتله عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (أنساب الأشراف: 4/ 303). (¬2) الروق: القرن. (النهاية لابن الأثير - (رَوَقَ)). (¬3) فائدة: قال الحافظ ابن كثير في (مسند الفاروق: 2/ 464): (فأما ما يذكره بعض من لا يعلم من أنَّ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قتل أباه - أي الخطاب - يوم بدر، فغلط، ولم يكن أبوه حيَّاً يومئذ، بل لم يحضر بدراً مع المشركين أحدٌ من بني عدي بإجماع أمهات المغازي). (¬4) رواه ابن هشام في السيرة النبوية: 2/ 202. (¬5) رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (64) و (155).

بِهِ حُسْنًا، وَاعْلَمُوا أَنَّ بَعْضَ الشُّحِّ شُعْبَةٌ مِنَ النفاق، فأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ، وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. أَيُّهَا النَّاسُ، أَطِيبُوا مَثْوَاكُمْ، وَأَصْلِحُوا أُمُورَكُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ، وَلا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمُ الْقُبَاطِيَّ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَشِفَّ فَإِنَّهُ يَصِفُ. أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَوَدِدْتُ أَنْ أَنْجُوَ كَفَافًا لا لِيَ وَلا عَلَيَّ، وَإِنِّي لأَرْجُو إِنْ عُمِّرْتُ فِيكُمْ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا أَنْ أَعْمَلَ بِالْحَقِّ فِيكُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَأَلا يَبْقَى أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ إِلا أَتَاهُ حَقُّهُ وَنَصِيبُهُ مِنْ مَالِ اللهُ، وَلا يَعْمَلُ إِلَيْهِ نَفْسَهُ، وَلَمْ يَنْصِبْ إِلَيْهِ يَوْمًا، وَأَصْلِحُوا أَمْوَالَكُمُ الَّتِي رَزَقَكُمُ اللهُ، وَلَقَلِيلٌ فِي رِفْقٍ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ فِي عُنْفٍ، وَالْقَتْلُ حَتْفٌ مِنَ الْحُتُوفِ، يُصِيبُ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ، وَالشَّهِيدُ مَنِ احْتَسَبَ نَفْسَهُ، وَإِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ بَعِيرًا فَلْيَعْمِدْ إِلَى الطَّوِيلِ الْعَظِيمِ فَلْيَضْرِبْهُ بِعَصَاهُ، فَإِنْ وَجَدَهُ حَدِيدَ الْفُؤَادِ فَلْيَشْتَرِه)) (¬1). ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 215 - 216، وشطره الأول: ((تَعْلَمُونَ أَنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ، وَأَنَّ الْإِيَاسَ غِنًى، وَإِنَّهُ مَنْ أَيِسَ مِمَّا عِنْدَ النَّاسِ اسْتَغْنَى عَنْهُمْ))، رواه ابن المبارك في الزهد (631) و (998) ووكيع في الزهد (182) وابن وهب في الجامع (418) وأحمد في الزهد (613) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 767 والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (551) وابن المقرئ في المعجم (241) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 50 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 357.

[304] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[304] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ الَّذِي يَبْقَى وَيَهْلِكُ مَنْ سِوَاهُ، الَّذِي بِطَاعَتِهِ يَنْتَفِعُ أَوْلِيَاؤُهُ، وَبِمَعْصِيَتِهِ يُضَرُّ أَعْدَاؤُهُ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِهَالِكٍ هَلَكَ مَعْذِرَةٌ فِي تَعَمُّدِ ضَلالَةٍ حَسِبَهَا هُدًى، وَلا فِي تَرْكِ حَقٍّ حَسِبَهُ ضَلالَةً، وَإِنَّ أَحَقَّ مَا تَعَهَّدَ الرَّاعِي مِنْ رَعِيَّتِهِ تَعَهُّدُهُمْ بِالَّذِي للهِ عَلَيْهِمْ فِي وَظَائِفِ دِينِهِمْ الَّذِي هَدَاهُمْ اللهُ لَهُ؛ وَإِنَّمَا عَلَيْنَا أَنْ نَامُرَكُمْ بِمَا أَمَرَكُمُ اللهُ بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ وَأَنْ نَنْهَاكُمْ عَمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، وَأَنْ نُقِيمَ أَمْرَ الله فِي قَرِيبِ النَّاسِ وَبَعِيدِهِمْ وَلا نُبَالِي عَلَى مَنْ كَانَ الْحَقُّ. أَلا وَإِنَّ الله فَرَضَ الصَّلاةَ وَجَعَلَ لَهَا شُرُوطًا، فَمِنْ شُرُوطِهَا: الْوُضُوءُ وَالْخُشُوعُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ. وَاعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ (¬1)، وَأَنَّ الْيَاسَ غِنًى، وَفِي الْعُزْلَةِ رَاحَةٌ مِنْ خُلَطَاءِ السُّوءِ. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَرْضَ عَنِ الله فِيمَا أُكْرِهَ مِنْ قَضَائِهِ لَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهِ فِيمَا يُحِبُّ كُنْهَ شُكْرِهِ. وَاعْلَمُوا أَنَّ للهِ عِبَاداً يُمِيتُونَ الْبَاطِل بِهَجْرِهِ، وَيُحْيُونَ الْحَقَّ بِذِكْرِهِ، رَغِبُوا فَرُغِبُوا، وَرَهِبُوا فَرُهِبُوا، أَنْ خَافُوا فَلا يَامَنُوا، أَبْصَرُوا مِنَ الْيَقِينِ ¬

(¬1) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (998) وابن وهب في الجامع (418) بلفظ (وَإِنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ حَاضِرٌ).

[305] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد ذكر عنده معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -

مَا لَمْ يُعَايِنُوا فَخَلَصُوا بِمَا لَمْ يُزَايِلُوا. أَخْلَصَهُمُ الْخَوْفُ فَهَجَرُوا مَا يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ لِمَا يَبْقَى عَلَيْهِمْ، الْحَيَاةُ عَلَيْهِمْ نِعْمَةٌ وَالْمَوْتُ لَهُمْ كَرَامَة)) (¬1). [305] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد ذكر عنده معاوية بن أبي سفيان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((احْذَرُوا آدَمَ قُرَيْشٍ (¬2) وَابْنَ كَرِيمِهَا، فَإِنَّهُ لا يَنَامُ إِلا عَلَى الرِّضَا، وَيَضْحَكُ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَيَتَنَاوَلُ مَا فَوْقَهُ مِنْ تَحْتِهِ)) (¬3). [306] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((كُنَّا نَعُدُّ الْمُقْرِضَ بَخِيلاً، إِنَّمَا كَانَتِ الْمُوَاسَاةُ)) (¬4). [307] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الاستخلاف من بعده ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَحْفَظُ دِينَهُ، وَإِنِّي لَئِنْ لَا أَسْتَخْلِفْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَخْلِفْ، وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدِ اسْتَخْلَفَ)) (¬5). ¬

(¬1) رواه أبو يوسف في الخراج: ص23. (¬2) في تاريخ الطبري وغيره (فتى قريش). (¬3) أنساب الأشراف: 5/ 49. (¬4) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 213 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 357. (¬5) رواه مسلم في صحيحه (1823) وأحمد في المسند (332) وعبد الرزاق في المصنف =

[308] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[308] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ تَغَيَّرُ الزَّمَانِ، وَزِيغَةُ عَالِمٍ، وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ، وَأَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ يُضِلُّونَ النَّاسَ بِغَيْرِ عَلْمٍ)) (¬1). [309] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لكعب الأحبار، وقد نشر أمام عمر التوراة وسأله أيقرأها؟ ((إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا التَّوْرَاةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى، يَوْمَ طُورِ سَيْنَاءَ، فَاقْرَاهَا آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَإِلاَّ فَلاَ))، فَرَاجَعَهُ كَعْبٌ، فَلَمْ يَزِدْهُ عمر عَلَى ذَلِكَ (¬2). [310] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لكعب الأحبار، حين نزل بيت المقدس ((أَيْنَ تُرَى أَنْ أُصَلِّيَ؟)) فَقَالَ: إِنْ أَخَذْتَ عَنِّي صَلَّيْتَ خَلْفَ الصَّخْرَةِ، فَكَانَتِ الْقُدْسُ كُلُّهَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَقَالَ عُمَرُ: ((ضَاهَيْتَ الْيَهُودِيَّةَ! لَا، وَلَكِنْ أُصَلّي حَيْثُ صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -))، ¬

= (9763) وأبو عوانة في المسند (7002) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 44 والبيهقي في السنن الكبرى (16572) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 431 - 432. (¬1) رواه أبو الجهم في جزءه: ص54 وابن البر في جامع بيان العلم (1867) والآجري في تحريم النرد والشطرنج والملاهي (49). (¬2) رواه مالك في الموطأ برواية أبي مصعب الزهري (275).

[311] ومن كلام له - رضي الله عنه -

فَتَقَدَّمَ إِلَى الْقِبْلَةِ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَبَسَطَ رِدَاءَهُ فَكَنَسَ الْكُنَاسَةَ فِي رِدَائِهِ، وَكَنَسَ النَّاسُ (¬1). [311] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنِّي لأَرَى الرَّجُلَ، فَيُعْجِبُنِي، فَأَقُولُ: لَهُ حِرْفَةٌ؟ فَإِنْ قَالُوا: لا؛ سقط في عَيْنِي)) (¬2). [312] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في أهل الكوفة ((أَعْيَانِي وَأَعْضَلَ بِي (¬3) أَهْلُ الْكُوفَةِ مَا يُرْضُونَ أَحَدًا وَلَا يُرْضَى بِهِمْ، وَلَا يُصْلِحُونَ وَلَا يَصْلُحُ عَلَيْهِم)) (¬4). [313] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَيُّهَا النَّاسُ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا لِي مِنْ أَكَالٍ (¬5) يَاكُلُهُ النَّاسُ إِلَّا أَنَّ لِيَ خَالَاتٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، فَكُنْتُ أَسْتَعْذِبُ لَهُنَّ الْمَاءَ فَيُقَبِّضْنَ لِيَ الْقَبَضَاتِ مِنَ الزَّبِيبِ)). ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا أَرَدْتَ إِلَى هَذَا ¬

(¬1) رواه أحمد في المسند (261) والقاسم بن سلَّام في الأموال (430) وابن زنجويه في الأموال (640) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 2/ 171 و66/ 286. (¬2) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2517). (¬3) أي ضاقت عليَّ الحِيل في أمرهم وصَعُبت عليَّ مُدَاراتُهم. (النهاية لابن الأثير - (عَضَل)). (¬4) رواه إبراهيم بن سعد في جزئه (1455) والفسوي في المعرفة والتاريخ: 2/ 754. (¬5) الأكال: يقال: ما ذقت أكالاً بالفتح أي: طعاماً (الصحاح 4/ 1625).

[314] ومن كلام له - رضي الله عنه - في عزل القضاة

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: ((إِنِّي وَجَدْتُ فِي نَفْسِي شَيْئًا فَأَرَدْتُ أَنْ أُطَاطِئَ مِنْهَا)) (¬1). [314] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في عزل القضاة ((لَأَنْزِعَنَّ فُلَانًا عَنِ الْقَضَاءِ، وَلَأَسْتَعْمِلَنَّ عَلَى الْقَضَاءِ رَجُلًا إِذَا رَآهُ الْفَاجِرُ فَرَقَهُ)) (¬2). [315] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قَدِم عليه ناسٌ من أهل العراق فرأى كَأَنَّهُمْ يَاكُلُونَ تَعْذِيرًا (¬3): ((مَا هَذَا يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ؟ لَوْ شِئْتُ أَنْ يُدَهْمَقَ (¬4) لِي كَمَا يُدَهْمَقُ لَكُمْ لَفَعَلْتُ (¬5)، وَلَكِنَّا نَسْتَبْقِي مِنْ دُنْيَانَا كَمَا نَجِدُهُ فِي آخِرَتِنَا، أَمَا سَمِعْتُمُ اللَّهَ قَالَ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20])) (¬6). ¬

(¬1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 293 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 315. (¬2) رواه وكيع البغدادي في أخبار القضاة: 1/ 270 والبيهقي في السنن الكبرى (20299). (¬3) الإعذار: المبالغة في الأمر، والمراد هنا أنهم كانوا يبالغون في الأكل، في مثل الحديث الآخر: ((إنَّه كان إذا أكل مع قومٍ كان آخرهم أكلاً)). وقيل: إنَّما هو (وليُعَذِّر) من التعذير: التقصير. أي ليُقَصِّرَ في الأكل ليتوفَّر على الباقين وليُرِ أنه يُبالغ (النهاية لابن الأثير - (عذر)). (¬4) قال الأصمعي: قوله ((يدهمق لي))، الدهمقة: لين الطعام وطيبه ورقته، وكذلك كل شيء لين. (غريب الحديث للقاسم بن سلَّام) - (275)). (¬5) أَيْ يُليَّن لِي الطَّعامُ ويُجوَّد. (النهاية لابن الأثير - (دَهْمَقَ)). (¬6) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (35612) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 49.

[316] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -

[316] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد دخل على عمر ومعه كاتب نصراني: ((لَا تُكْرِمُوهُمْ إِذْ أَهَانَهُمُ اللهُ، وَلَا تُدْنُوهُمْ إِذْ أَقْصَاهُمُ اللهُ، وَلَا تَاتَمِنُوهُمْ إِذْ خَوَّنَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ)) (¬1). [317] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في شكر نعمة الله تعالى عليه وقد مرّ بضجنان (¬2) بعد حجه لا إِلَهَ إِلا اللهُ الْعَظِيمُ الْعَلِيُّ، الْمُعْطِي مَا شَاءَ مَنْ شَاءَ! كُنْتُ أَرْعَى إِبِلَ الْخَطَّابِ بِهَذَا الْوَادِي فِي مَدْرَعَةِ صُوفٍ، وَكَانَ فَظًّا يُتْعِبُنِي إِذَا عَمِلْتُ، وَيَضْرِبُنِي إِذَا قَصَّرْتُ، وَقَدْ أَمْسَيْتُ وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ اللهِ أَحَدٌ، ثُمَّ تَمَثَّلَ: لا شَيْءَ فِيمَا تَرَى تَبْقَى بَشَاشَتُهُ ... يَبْقَى الإِلَهُ وَيُودَى الْمَالُ وَالْوَلَدُ (¬3) ¬

(¬1) رواه ابن زبر الربعي في شروط النصارى (24) والبيهقي في السنن الكبرى (20409) وفي شعب الإيمان (8939). (¬2) ضجنان فعلان من الضجن، وهي حرة شمال مكة يمر الطريق بنعفها الغربي، على مسافة 54 كيلاً على طريق المدينة، تعرف اليوم بحرة المحسنية. (معجم المعالم الجغرافية للسيرة النبوية: ص183). (¬3) اتفقت المصادر على نِسبة البيت الأول فقط للفاروق عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وروى الطبري في تاريخه بإسناده الأبيات المذكورة.

[318] ومن كلام له - رضي الله عنه -

لَمْ تُغْنِ عَنْ هُرْمُزٍ يَوْمًا خَزَائِنُهُ ... وَالْخُلْدُ قَدْ حَاوَلَتْ عَادٌ فَمَا خَلَدُوا (¬1) وَلا سُلَيْمَانَ إِذْ تَجْرِي الرِّيَاحُ لَهُ ... وَالإِنْسُ وَالْجِنُّ فِيمَا بَيْنَهَا تَرِدُ (¬2) أَيْنَ الْمُلُوكُ الَّتِي كَانَتْ نَوَافِلُهَا ... مِنْ كُلِّ أَوْبٍ إِلَيْهَا رَاكِبٌ يَفِدُ حَوْضًا هُنَالِكَ مَوْرُودًا بِلا كَذِبٍ ... لا بُدَّ مِنْ وِرْدِهِ يَوْمًا كَمَا وَرَدُوا (¬3) [318] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في التواضع والأكل مع الرقيق، وقد جاءه صفوان بن أمية بجفنة يحملها نفر في عباءة، فوضعت بين يدي عمر، فدعا لها المساكين والأرقاء فأكلوا معه، فقال عند ذلك: ¬

(¬1) الأبيات من (لَمْ تُغْنِ عَنْ هُرْمُزٍ) إلى (كَمَا وَرَدُوا)، روى ابن بشران في الأمالي (1302) وابن الجوزي في المنتظم: 2/ 373 عن ابن أبي الزِّنَاد أنها لورقة بن نوفل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقال السهيلي في الروض الأنف: 2/ 161: (نَسَبَهُ أبو الفرج إلى وَرَقَة، وفيه أبياتٌ تُنسب إلى أُمَيّةَ بْنِ أَبِي الصّلْتِ). (¬2) عند أبي بكر العنبري: وُلا سُلَيْمَانُ إِذْ دَانَ الشُّعُوبُ لَهُ ... وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَجْرِي بَيْنَهَا الْبَرَدُ لَقَدْ نَصَحْتُ لأَقْوَامٍ وَقُلْتُ لَهُمْ ... أَنَا النَّذِيرُ فَلا يَغْرُرْكُمُ أَحَدُ لا تَعْبُدُنَّ إِلَهًا غَيْرَ خَالِقِكُمْ ... وَإِنْ دُعِيتُمْ فَقُولُوا بَيْنَنَا جُدَدُ سُبْحَانَهُ ثُمَّ سُبْحَانًا يَعُودُ لَهُ ... رَبُّ السَّمَاءِ إِلَهٌ وَاحِدٌ أَحَدُ (¬3) رواه ابن سعد في الطبقات: 3/ 266 وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 656 وأبو داود في الزهد (84) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 299 والطبري في تاريخه: 4/ 219 واللفظ له، وأبو بكر العنبري في مجلسه (18) والخرائطي في فضيلة الشكر لله على نعمته (43) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 316.

[319] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد سمع رجلا يثني على رجل

((فَعَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ - أَوْ لَحَا اللَّهُ قَوْماً (¬1) - يَرْغَبُونَ عَنْ أَرِقَّائِهِم أَنْ يَاكُلُوا مَعَهُم)). قَالَ صَفوَانُ: إِنَّا وَاللَّهِ لَا نَرْغَبُ، وَلَكِنَّا نَسْتَاثِرُ عَلَيْهِمْ لَا نَجْدُ مِنَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ مَا نَاكُلُ وَنُطْعِمُهُم (¬2). [319] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سمع رجلاً يثني على رجل ((أَسَافَرْتَ مَعَهُ؟)) قَالَ: لَا. قَالَ: ((أَخَالَطْتَهُ؟)) قَالَ: لَا. قَالَ: ((وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا تَعْرِفُهُ)) (¬3). [320] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للأحنف بن قيس وقد احتبسه عنده حولاً ((يَا أَحْنَفُ، قَدْ بَلَوْتُكَ وَخَبَرْتُكَ، فَلَمْ أَرَ إِلَّا خَيْرًا، وَرَأَيْتُ عَلَانِيَتَكَ حَسَنَةً، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونَ سَرِيرَتُكَ مِثْلَ عَلَانِيَتِكَ، فَإِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ إِنَّمَا يُهْلِكُ هَذِهِ الْأُمَّةَ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمٍ)) (¬4). ¬

(¬1) لحا الله قوماً: يعني قبحهم الله. (¬2) رواه الحسين بن حرب في البر والصلة (351) والبخاري في الأدب المفرد (201). (¬3) رواه ابن أبي الدنيا في الصمت (603) (¬4) رواه ابن سعد في الطبقات: 7/ 94 وأحمد في الزهد (1300) والفريابي في صفة المنافق وذم المنافقين (27) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 24/ 310

[321] ومن كلام له - رضي الله عنه - لمولاه أسلم، عن الحب والبغض

[321] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لمولاه أسلم، عن الحب والبغض ((يَا أَسْلَمُ لَا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفًا، وَلَا يَكُنْ بُغْضُكَ تَلَفًا))، قال أسلم: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ عمر: ((إِذَا أَحْبَبْتَ فَلَا تَكْلَفْ كَمَا يَكْلَفُ الصَّبِيُّ (¬1) بِالشَّيْءِ يُحِبُّهُ، وَإِذَا أَبْغَضْتَ فَلَا تُبْغِضْ بُغْضاً تُحِبُّ أَنْ يَتْلَفَ صَاحِبُكَ وَيَهْلِكَ)) (¬2). [322] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((كَذَبَ النَّسَّابُونَ، مَا يَرْجُونَ اللَّهَ تَعَالَى: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} [الفرقان: 38] تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ وَتَعْرِفُونَ بِهِ مَوَارِيثَكُمْ، وَتَعَلَّمُوا مِنَ النُّجُومِ مَا تَعْرِفُونَ بِهِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَتَهْتَدُونَ بِهِ السَّبِيلَ وَمَنَازِلَ الْقَمَرِ)) (¬3). [323] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فيما يلزم الإمامة من أمر الرعية ((واللهِ مَا أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَذَا الْمَالِ مِنْ أَحَدٍ، وَمَا أَنَا بِأَحَقَّ بِهِ مِنْ ¬

(¬1) كلف الصبي: هو الولوع بالشيء مع شغل القلب. (¬2) رواه ابن وهب في الجامع (213) و (230) وعبد الرزاق في المصنف (20269) والبخاري في الأدب المفرد (1322) والبيهقي في شعب الإيمان (6173) والبغوي في شرح السنة (3481). (¬3) رواه المعافى بن عمران في الزهد (146) وهناد في الزهد: 2/ 487 وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 798 واللفظ له، والنجاد في مسند عمر بن الخطاب (41).

[324] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد سمعه النبي - صلى الله عليه وسلم - يحلف بأبيه فنهاه

أَحَدٍ، وَاللهِ مَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ إِلَّا وَلَهُ فِي هَذَا الْمَالِ نَصِيبٌ إِلَّا عَبْدًا مَمْلُوكًا، وَلَكِنَّا عَلَى مَنَازِلِنَا مِنْ كِتَابِ اللهِ، وَقَسْمِنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَالرَّجُلُ وَبَلاؤُهُ فِي الْإِسْلامِ، وَالرَّجُلُ وَقَدَمُهُ فِي الْإِسْلامِ، وَالرَّجُلُ وَغَنَاؤُهُ فِي الْإِسْلامِ، وَالرَّجُلُ وَحَاجَتُهُ، وَوَاللهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَهُمْ، لَيَاتِيَنَّ الرَّاعِيَ بِجَبَلِ صَنْعَاءَ حَظُّهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَهُوَ يَرْعَى مَكَانَهُ)) (¬1). [324] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سَمِعه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحلِفُ بأبيه فنهاه ((فَوَاللهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهَا ذَاكِرًا، وَلَا آثِرًا)) (¬2). [325] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لغيلان بن سلمة الثقفي (¬3) وقد طلّق نساءه الأربع وقسّم ماله ¬

(¬1) رواه أبو داود في السنن (2950) مختصراً ورواه أحمد في المسند (292) واللفظ له، وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 299 وابن زنجويه في الأموال (937) ومحمد بن عاصم في جزءه (18) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 350 والطبري في تاريخه: 4/ 211 والبيهقي في السنن (12972) وابن عساكر في تاريخه: 44/ 338 والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (277). (¬2) رواه البخاري في صحيحه (6647) ومسلم في صحيحه (1646) والنسائي في السنن (3766) وابن ماجه في السنن (2094) وأحمد في المسند (112) والطيالسي في المسند (1923) والحميدي في المسند (637) وابن أبي شيبة في المصنف (12407). (¬3) غَيْلان بْن سَلَمَةَ بْن شرحبيل الثقفي، أسلم بعد فتح الطائف ولم يهاجر، وَكَانَ أحد وجوه ثقيف ومقدميهم، وَكَانَ عنده عشر نسوة، فأمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يتخير منهن أربعاً، =

[326] ومن كلام له - رضي الله عنه -

بين بنيه: ((إِنِّي لَأَظُنُّ الشَّيْطَانَ فِيمَا يَسْتَرِقُ مِنَ السَّمْعِ سَمِعَ بِمَوْتِكَ، فَقَذَفَهُ فِي نَفْسِكَ، وَلَعَلَّكَ أَنْ لَا تَمْكُثَ إِلَّا قَلِيلًا، وَايْمُ اللَّهِ، لَتُرَاجِعَنَّ نِسَاءَكَ، وَلَتَرْجِعَنَّ فِي مَالِكَ، أَوْ لَأُوَرِّثُهُنَّ مِنْكَ، وَلَآمُرَنَّ بِقَبْرِكَ فَيُرْجَمُ كَمَا رُجِمَ قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ (¬1))) (¬2). [326] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَيَأتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ صَالِحُو الْحَيِّ فِيهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، إِنْ غَضِبُوا غَضِبُوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَإِنْ رَضُوا رَضُوا لِأَنْفُسِهِمْ، لَا يَغْضَبُونَ ¬

= وَهُوَ ممن وفد على كسرى، وخبره معه عجيب، قَالَ كسرى ذات يَوْم: أي ولدك أحب إليك؟ قَالَ: الصغير حَتَّى يكبر، والمريض حَتَّى يبرأ، والغائب حَتَّى يئوب. فَقَالَ كسرى: زه! مَالَك ولهذا الكلام! هَذَا كلام الحكماء، وأنت من قوم جفاة لا حكمة فيهم، فما غذاؤك؟ قَالَ: خبز البر. قَالَ: هَذَا العقل من البر، لا من اللبن والتمر. وَكَانَ شاعراً محسناً. توفي غيلان بْن سَلَمَة فِي آخر خلافة عُمَر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (الاستيعاب: 3/ 1256). (¬1) قَسِيَّ بن منبه بن النبيت بن يقدم، من بني إياد، أبو رغال: جاهلي، صاحب القبر الّذي يُرجم بين مكة والطائف. كان في الطائف، وهي ديار ثقيف، وكانت ثقيف تعيّر به. (الأعلام: 5/ 198). وأبو رغال هذا، ذكر ابن إسحاق أنه هو الذي دلَّ أبرهة على الطريق إلى مكة ليهدم الكعبة، فلمَّا توفي رجمت قبره العرب. (السيرة النبوية لابن هشام: 1/ 47). قلت: وفيه يقول جرير: إِذَا مَاتَ الْفَرَزْدَقُ فَارْجُمُوهُ ... كَرَجْمِكُمُ لِقَبْرِ أَبِي رِغَالِ (¬2) رواه أحمد في المسند (4631) وعبد الرزاق في المصنف (12216) وأبو يعلى في المسند (5437) والروياني في المسند (1399) وابن حبان في صحيحه (4156) والطبراني في مسند الشاميين (3160) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5627) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 48/ 136 - 137و59/ 393.

[327] ومن كلام له - رضي الله عنه - للعباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه -

للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يَرْضَوْنَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الزَّمَانُ فَاحْتَرِسُوا مِنَ النَّاسِ بِسُوءِ الظَّنِّ)) (¬1). [327] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للعباس بن عبد المطلب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد قال له: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ جَاءَكَ عَمُّ مُوسَى مُسْلِمًا مَا كُنْتَ صَانِعًا بِهِ؟ قَالَ: ((كُنْتُ وَاللهِ مُحْسِنًا إِلَيْهِ))، قَالَ: فَأَنَا عَمُّ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((وَمَا رَايُكَ يَا أَبَا الْفَضْلِ؛ فَوَاللهِ لَأَبُوكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي))، قَالَ: ((اللهَ اللهَ، لِأَنِّي كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَبِي، فَأَنَا أُوثِرُ حُبَّ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حِبِّي)) (¬2). [328] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّهُ كَانَ وُلَاةَ هَذَا الْبَيْتِ قَبْلَكُمْ طَسْمٌ (¬3)، فَاسْتَخَفُّوا بِحَقِّهِ، وَاسْتَحَلُّوا حُرْمَتَهُ؛ فَأَهْلَكَهُمُ اللهُ، ثُمَّ وَلِيَتْهُ بَعْدَهُمْ جُرْهُمٌ، فَاسْتَخَفُّوا بِحَقِّهِ، وَاسْتَحَلُّوا حُرْمَتَهُ؛ فَأَهْلَكَهُمُ اللهُ، فَلَا تَهَاوَنُوا بِهِ، ¬

(¬1) رواه الداني في السنن الواردة في الفتن (238). (¬2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 4/ 30 والبلاذري في أنساب الأشراف: 4/ 12. (¬3) من العرب البائدة التي استوطنت اليمن (قلائد الجمان للقلقشندي: ص 36). وقال الخليل الفراهيدي في (العين (طسم)): طسمٌ حيٌّ ناصبوا عادًا، انقرضوا وصاروا أحاديث.

[329] ومن كلام له - رضي الله عنه - في العطاء من الفيء

وَعَظِّمُوا حُرْمَتَهُ)) (¬1). [329] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في العطاء من الفيء ((لأَزِيدَنَّهُمْ مَا زَادَ الْمَالُ، لأَعُدَّنَّهُ لَهُمْ عَدًّا، فَإِنْ أَعْيَانِي كِلْتُهُ لَهُمْ كَيْلا، فَإِنْ أَعْيَانِي حَثوْتُهُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)) (¬2). [330] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا هَبَّتِ الصَّبَا إِلَّا بَكَيْتُ عَلَى أَخِي زَيْدٍ (¬3)))، وَكَانَ إِذَا لَقِيَ مُتَمِّمَ بْنَ نُوَيْرَةَ (¬4) اسْتَنْشَدَهُ قَصِيدَتَهُ فِي أَخِيهِ: ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (9107) والأزرقي في أخبار مكة 1/ 80 والفاكهي في أخبار مكة (1468). (¬2) رواه ابن زنجويه في الأموال (812) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 353 (¬3) زَيْدُ بنُ الخَطَّابِ بنِ نُفَيْلِ العَدَوِيُّ، أخو أمير المؤمنين عمر. وكان أسن من عمر، وأسلم قبله. شهد بدراً والمشاهد، وكان قد آخى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين معن بن عدي العجلاني. وقال له عمر يوم بدر: البس درعي. قال: إني أريد من الشهادة ما تريد، فتركاها جميعاً. وكانت راية المسلمين معه يوم اليمامة، فلم يزل يقدم بها في نحر العدو، ثم قاتل حتى قتل، فوقعت الراية، فأخذها سالم مولى أبي حذيفة. وحزن عليه عمر، وكان يقول: أسلم قبلي، واستشهد قبلي. (سير أعلام النبلاء: 1/ 297 - 298). (¬4) مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ الْيَرْبُوعِيُّ التَّمِيمِيِّ، أسلم هو وأخوه مالك، وبعث النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مالكاً على صدقات بني تميم، وكان قد أسلم هو وأخوه متمم. ومتمم صاحب المراثي الحسان في أخيه، وهو صاحب البيت السائر: فلمّا تفرّقنا كأنّي ومالكا ... لطول افتراق لم نبت ليلة معاً (الإصابة: 5/ 566).

[331] ومن كلام له - رضي الله عنه -

وَكُنَّا كَنِدْمَانِي جُذَيْمَةَ حِقْبَةً ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ نَتَصَدَّعَا فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعًا (¬1) [331] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابنه عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أنه ابتاع من مغنم جَلَوْلاءَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا: ((لَوْ عُرِضْتُ عَلَى النَّارِ، فَقِيلَ لَكَ: افْدِهِ، أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا؟))، قال ابن عمر: وَاللَّهِ، مَا مِنْ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، إِلَّا كُنْتُ مُفْتَدِيكَ مِنْهُ، فَقَالَ عمر: ((كَأَنِّي شَاهِدٌ النَّاسَ حِينَ تَبَايَعُوا، فَقَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ، أَنْتَ كَذَلِكَ، فَكَانَ أَنْ يُرَخِّصُوا عَلَيْكَ بِمِائَةٍ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يُغْلُوا عَلَيْكَ بِدِرْهَمٍ، وَإِنِّي قَاسِمٌ مَسْؤُولٌ، وَأَنَا مُعْطِيكَ أَكْثَرَ مَا رَبِحَ تَاجِرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، لَكَ رِبْحُ الدِّرْهَمِ دِرْهَمًا))، ثُمَّ دَعَا التُّجَّارَ فَابتَاعُوهُ مِنْهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ فَدَفَعَ إِلَيَّ ثَمَانِينَ أَلْفًا، وَبَعَثَ بِالْبَقِيَّةِ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ: ((اقْسِمْهُ فِي الَّذِينَ شَهِدُوا الْوَقْعَةَ، وَمَنْ كَانَ مَاتَ مِنْهُمْ فَادْفَعْهُ إِلَى وَرَثَتِهِ)) (¬2). ¬

(¬1) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (687) و (2016) والمدائني في التعازي (48) وابن عساكر في تعزية المسلم (17) و (19). (¬2) رواه القاسم بن سلام في الأموال (638) وابن زنجويه في الأموال (973) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 310 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 323.

[332] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[332] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَفَاءَ عَلَيْكُمْ مِنْ بِلَادِ الْأَعَاجِمِ مِنْ نِسَائِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ مَا لَمْ يُفِيءْ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالًا سَيَلُمُّونَ بِالنِّسَاءِ، فَأَيُّمَا رَجُلٍ وَلَدَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ الْعَجَمِ فَلَا تَبِيعُوا أُمَّهَاتِ أَوْلَادِكُمْ، فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ أَوْشَكَ الرَّجُلُ أَنْ يَطَأَ حَرِيمَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ)) (¬1). [333] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اللَّهُمَّ، إِنَّكَ ذَكَرْتَ وَقُلْتَ: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ} [آل عمران: 14]، وَقُلْتَ: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23]، وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ لَا نَفْرَحَ بِمَا زَيَّنْتَهُ لَنَا، اللَّهُمَّ فَاجْعَلْنِي أُنْفِقُهُ فِي الْحَقِّ وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّهِ)) (¬2). ¬

(¬1) رواه البيهقي في السنن الكبرى (21774). (¬2) رواه البخاري في صحيحه تعليقاً، ووصله الدارقطني في غرائب مالك كما في تغليق التعليق (5/ 164) بإسنادين الأول عن زيد بن أسلم، وهو منقطع بين زيد وعمر. والثاني: من طريق عبد العزيز بن يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه ((قال الحافظ: وهذا موصول لكن سنده إلى عبد العزيز ضعيف)) (فتح الباري 11/ 259). ورواه ابن أبي الدنيا في الإشراف (223) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 325.

[334] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد نظر إلى شاب نكس رأسه

[334] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد نظر إلى شَابٍّ نَكَّسَ رَأسَهُ ((يَا هَذَا! ارْفَعْ رَاسَكَ؛ فَإِنَّ الْخُشُوعَ لا يَزِيدُ عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ، فَمَنْ أَظْهَرَ لِلنَّاسِ خُشُوعًا فَوْقَ مَا فِي قَلْبِهِ؛ فَإِنَّمَا أَظْهَرَ نِفَاقًا عَلَى نِفَاقٍ)) (¬1). [335] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد رأى رجلاً يخطر (¬2) ويقول: أنا ابن بطحاء مكة كُدَيِّها وكدّتها (¬3): ((إِنْ يَكُنْ لَكَ دِينٌ؛ فَلَكَ كَرَمٌ، وَإِنْ يَكُنْ لَكَ عَقْلٌ؛ فَلَكَ مُرُوءَةٌ، وَإِنْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ؛ فَلَكَ شَرَفٌ، وَإِلا فَأَنْتَ وَالْحِمَارُ سَوَاءٌ)) (¬4). [336] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ، وَتَفَقَّهُوا فِي السُّنَّةِ، وَأَحْسِنُوا عِبَارَةَ ¬

(¬1) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1691). (¬2) الخاطر: المتبختر؛ يقال: خطر يخطر إذا تبختر. (لسان العرب4/ 250). (¬3) كَدَاء: بالفتح والمد، جبل بأعلى مكة عند المحصب، بين جبل الحُجُون وقُعيقان، تصل بين وادي ذي طوى والأبطح، وتعرف الآن باسم الحجون أو الحجول. وكُدي: بالضم والتنوين، ثنية بمكة يخرج منها الطريق من الحرم إلى جرول، تفصل بين نهاية قعيقان في الجنوب الغربي وجبل الكعبة، وتعرف الآن بريع الرسام. (انظر: معجم البلدان (4/ 439)، معجم معالم الحجاز (7/ 196 - 202). (¬4) رواه ابن أبي الدنيا في الإشراف (234) والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2088).

[337] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد بلغه عن بعض عماله شيء

الرُّؤْيَا، فَإِذَا قَصَّ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ فَلْيَقُلِ: اللهُمَّ إِنْ كَانَ خَيْرًا فَلَنَا، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَعَلَى عَدُوِّنَا)) (¬1). [337] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه عن بعض عماله شيء ((أَيَّتُهَا الرَّعِيَّةُ، إِنَّ لِلرُّعَاةِ عَلَيْكُمْ حَقًّا: الْمُنَاصَحَةُ بِالْغَيْبِ، وَالْمُعَاوَنَةُ عَلَى الْخَيْرِ، أَلَا وَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ حِلْمِ إِمَامٍ عَادِلٍ وَرِفْقِهِ، وَلَا جَهْلَ أَبْغَضُ إِلَى اللهِ مِنْ جَهْلِ إِمَامٍ جَائِرٍ وَخَرْقِهِ، وَمَنْ يَاخُذْ بِالْعَافِيَةِ فِيمَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ يُعْطَ الْعَافِيَةَ مِنْ فَوْقِهِ)) (¬2). [338] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الرأي المذموم ((اتَّهِمُوا الرَّايَ عَلَى الدِّينِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ (¬3) وَأَنَا مَعَ ¬

(¬1) رواه البيهقي في شعب الإيمان (2098). (¬2) رواه أبو يوسف في الخراج: ص22 ووكيع في الزهد (419) وهناد في الزهد: 2/ 602 وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 774 والطبري في تاريخه: 4/ 224. (¬3) أبو جندل بن سهيل بن عمرو القرشي العامري، أسلم قديماً بمكة، فحبسه أبوه وأوثقه في الحديد، ومنعه الهجرة، ثم أفلت بعد الحديبية، فخرج إلى أبي بصير بالعيص، فلم يزل معه حتى مات أبو بصير، فقدم أبو جندل ومن كان معه من المسلمين المدينة على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلم يزل يغزو معه حتى قبض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فخرج إلى الشام في أول من خرج إليها من المسلمين، فلم يزل يغزو، ويجاهد في سبيل الله حتى مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة، في خلافة عمر بن الخطاب، ولم يدع أبو جندل عقباً. (الطبقات الكبرى: 7/ 405).

[339] ومن دعاء له - رضي الله عنه - إذا قام من الليل

رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَايِي اجْتِهَادًا إِلَيْهِ مَا آلُو عَنِ الْحَقِّ، وَالْكِتَابُ يُكْتَبُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ((اكْتُبُوا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ))، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: إِذَنْ قَدْ صَدَّقْنَاكَ بِمَا تَقُولُ، وَلَكِنَّا نَكْتُبُ كَمَا نَكْتُبُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَرَضِيَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبَيْتُ عَلَيْهِمْ، حَتَّى قَالَ لِي رَسُولُ الله: ((تَرَى أَنِّي قَدْ رَضِيتُ وَتَابَى؟)) قال عمر: فَرَضِيتُ)) (¬1). [339] وَمِنْ دُعَاءٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذا قام من الليل ((قَدْ تَرَى مَقَامِي، وَتَعْرِفُ حَاجَتِي، فَارْجِعْنِي مِنْ عِنْدِكَ يَا اللهُ بِحَاجَتِي، مُفَلَّجاً مُنَجَّحاً مُسْتَجِيباً مُسْتَجَاباً لِي، قَدْ غَفَرْتَ لِي وَرَحِمَتْنِي))، فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ، قَالَ: ((اللَّهُمَّ لَا أَرَى شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا يَدُومُ، وَلَا أَرَى حَالًا فِيهَا يَسْتَقِيمُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَنْطِقُ فِيهَا بِعِلْمٍ، وَأَصْمُتُ بِحُكْمٍ، اللَّهُمَّ لَا تُكْثِرْ لِي مِنَ الدُّنْيَا فَأَطْغَى، وَلَا تُقِلَّ لِي مِنْهَا فَأَنْسَى، فَإِنَّهُ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى)) (¬2). ¬

(¬1) رواه أحمد في فضائل الصحابة (558) والبزار في البحر الزخار (148) وابن الأعرابي في المعجم (1075) و (1946) والطبراني في المعجم الكبير (82) والقطيعي في جزء الألف دينار (303) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (208) والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (219). (¬2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (35634).

[340] ومن دعاء له - رضي الله عنه - إذا قنت في رمضان

[340] وَمِنْ دُعَاءٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذا قنت في رمضان ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، اللَّهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ، اللَّهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ، وَزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وَأَنْزِلْ بِهِمْ بَاسَكَ الَّذِي لَا تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ، وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ وَلَا نَكْفُرُكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَنَخَافُ عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ)) (¬1). [341] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لمولاه هُنَيّ (¬2) ((يَا هُنَيُّ؛ اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنِ المُسْلِمِينَ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّ دَعْوَةَ المَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ، وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ (¬3)، وَرَبَّ الغُنَيْمَةِ، ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (4968) و (4969) وابن خزيمة في صحيحه (1100) والبيهقي في السنن الكبرى (3143). (¬2) هني بالتصغير مولى عمر، أدرك النبي ص واستعمله عمر على الحمى (الإصابة: 6/ 303). (¬3) الصِرْمَةُ بالكسر: القطعة من الإبل ما بين العشرين إلى الثلاثين. وقيل غير ذلك (القاموس ص (1458).

[342] ومن كلام له - رضي الله عنه -

وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ، وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ، فَإِنَّهُمَا إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَا إِلَى نَخْلٍ وَزَرْعٍ، وَإِنَّ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ، وَرَبَّ الغُنَيْمَةِ: إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا، يَاتِنِي بِبَنِيهِ، فَيَقُولُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا لاَ أَبَا لَكَ؟ فَالْمَاءُ وَالكَلَأُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِنَ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَايْمُ اللهِ إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ، إِنَّهَا لَبِلاَدُهُمْ فَقَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الإِسْلاَمِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلاَ المَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ الله، مَا حَمَيْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بِلاَدِهِمْ شِبْرًا)) (¬1). [342] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُنَافِقَ الْعَلِيمَ))، قَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ مُنَافِقًا عَلِيمًا؟ قَالَ: ((عَالِمُ اللِّسَانِ، جَاهِلُ الْقَلْبِ وَالْعَقْل)) (¬2). [343] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((التَّوْبَةُ النَّصُوحُ أَنْ يَجْتَنِبَ الرَّجُلُ الْعَمَلَ السُّوءَ كَانَ يَعْمَلُهُ يَتُوبُ إلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ ثُمَّ لَا يَعُودُ فِيهِ أَبَدًا)) (¬3). ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (3059) وموطأ مالك (1) وابن أبي شيبة في المصنف (33595) وابن زنجويه في الأموال (1108) والبيهقي في السنن الكبرى (11809). (¬2) رواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (685) والفريابي في صفة النفاق وذم المنافقين (26) والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (236) وابن كثير في مسند الفاروق: 2/ 660. (¬3) رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1463).

[344] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[344] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَحَدَ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَدْ تَبَيَّنَ إِيمَانُهُ، وَرَجُلٌ كَافِرٌ قَدْ تَبَيَّنَ كُفْرُهُ، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مُنَافِقًا يَتَعَوَّذُ بِالْإِيمَانِ وَيَعْمَلُ غَيْرَهُ)) (¬1). [345] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أنّ رجلاً بالبصرة ارتد فضُربت عنقه ((أَفَلاَ حَبَسْتُمُوهُ ثَلاَثاً. وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفاً. وَاسْتَتَبْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيُرَاجِعُ أَمْرَ اللهِ. اللَّهُمَّ، إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ، وَلَمْ آمُر، وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي)) (¬2). [346] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً لِمَوَدَّةٍ أَوْ لِقَرَابَةٍ لا يَسْتَعْمِلُهُ إِلَّا لِذَلِكَ؛ فَقَدْ خَانَ اللهَ ورَسُولَهُ والمُؤْمِنِينَ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه الفريابي في صفة النفاق وذم المنافقين (28) وعن ابن كثير في مسند الفاروق: 2/ 661. (¬2) رواه مالك في الموطأ (2728) والشافعي في المسند (1608) وعبد الرزاق في المصنف (18695) وابن أبي شيبة في المصنف (34521) والبيهقي في السنن الكبرى (16887) ومعرفة السنن والآثار (16620). (¬3) رواه ابن كثير في مسند الفاروق: 2/ 536 - 537.

[347] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[347] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذا بعث الجيوش وعقد لهم الألوية أن يوصيهم بتقوى الله العظيم ويقول: ((بِسْمِ اللهِ، وَعَلَى عَوْنِ اللهِ، وَامْضُوا بِتَايِيدِ اللهِ بِالنَّصْرِ، وَبِلُزُومِ الحَقِّ والصَّبْرِ، فَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ مَنْ كَفَرَ بِاللهِ وَلَا تَعْتَدُوا إِنّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ. لا تَجْبُنُوا عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَلَا تُمَثِّلوُا عِنْدَ القُدْرَةِ، ولا تُسْرِفُوا عِنْدَ الظُّهُورِ، ولا تَقْتُلُوا هَرِماً ولَا امْرَأَةً ولَا وَلِيداً، وتَوَقَّوا قَتْلَهُمْ إِذَا الْتَقَى الزَّحْفَان، وعِنْدَ حُمَّةِ النَّهْضَاتِ (¬1)، وفِي شَنِّ الغَارَاتِ. ولَا تَغُلُّوا (¬2) عِنْدَ الغَنَائِمِ، ونَزِّهُوا الجِهَادَ عَنْ عَرَضِ الدُّنْيَا، وأَبْشِرُوا بِالرَّبَاحِ في البَيْعِ الذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ)) (¬3). [348] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حين طُعن ((كُلُّ أَسِيرٍ كَانَ فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَفِكَاكُهُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ)) (¬4). ¬

(¬1) حمة النهضات: أي: شدتها ومعظمها، وحمةكل شيء: معظمه. (لسان العرب12/ 153). (¬2) الغلول: الخيانة في المغنم والسرق من الغنيمة. (لسان العرب 11/ 500). (¬3) رواه ابن قتيبة في عيون الأخبار: 1/ 185 - 186. (¬4) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (33937).

[349] ومن كلام له - رضي الله عنه - لشريح القاضي

[349] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لشُريح القاضي (¬1) ((أَنِ اقْضِ بِمَا اسْتَبَانَ لَكَ مِنْ كِتَابِ اللهِ؛ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ كُلَّ كِتَابِ الله؛ فَاقْضِ بِمَا اسْتَبَانَ لَكَ مِنْ قَضَاءِ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ كُلَّ قَضِيَّةِ رَسُولِ اللهِ؛ فَاقْضِ بِمَا اسْتَبَانَ لَكَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ؛ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ كُلَّ مَا قَضَتْ بِهِ أَئِمَّةُ الْمُهْتَدِينَ؛ فَاجْتَهِدْ رَايَكَ، وَاسْتَشِرْ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ)) (¬2). [350] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((قَامَ فِينَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَامًا، فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الخَلْقِ، حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ، حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ)) (¬3). ¬

(¬1) شُرَيْحٌ القَاضِي أَبُو أُمَيَّةَ بنُ الحَارِثِ الكِنْدِيُّ، قاضي الكوفة. يُقال: له صحبة، ولم يصح، بل هو ممن أسلم في حياة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وانتقل من اليمن زمن الصديق. صَحَّ أَنَّ عُمَرَ ولاَّهُ قضاء الكوفة، فقيل: أقام على قضائها ستين سنة. وقد قضى بالبصرة سنة. وفد زمن مُعاوية إلى دمشق. وكان يُقال له: قاضي المِصرين. (سير أعلام النبلاء: 4/ 100). (¬2) رواه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: 1/ 490 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 23/ 19. (¬3) رواه البخاري في صحيحه (3192).

[351] ومن كلام له - رضي الله عنه - لجبلة بن الأيهم الغساني

[351] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لجبلة بن الأيهم الغساني (¬1) ((يَا جُبَيْلَةُ))، فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ قَالَ: ((يَا جُبَيْلَةُ))، فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ قَالَ: ((يَا جبلَةُ))، فَأَجَابَهُ، فَقَالَ: ((اخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُسْلِمَ، فَيَكُونُ لَكَ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ، وَإِمَّا أَنْ تُؤَدِّيَ الْخَرَاجَ، وَإِمَّا أَنْ تَلْحَقَ بِالرُّوم)) (¬2). [352] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تَشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِذِكْرِ النَّاسِ فَإِنَّهُ بَلَاءٌ، وَعَلَيْكُمْ بِذِكْرِ اللهِ فَإِنَّهُ رَحْمَةٌ)) (¬3). [353] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا أَعْلَمَنِي بِطَرِيقِ الدُّنْيَا لَوْلَا المَوْتُ وخَوْفُ الحِسَابِ)) (¬4). ¬

(¬1) جَبَلَةُ بنُ الأَيْهَمِ الغَسَّانِيُّ، ملك آل جفنة بالشام، أسلم، وأهدى للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هدية، فلما كان زمن عمر، ارتد ولحق بالروم. وكان داس رجلاً، فلكمه الرجل، فهمَّ بقتله، فقال عمر: الطمه بدلها. فغضب، وارتحل، ثم ندم على ردته - نعوذ بالله من العتو والكبر -. هكذا ترجم له الذهبي في (سير أعلام النبلاء: 3/ 532). قلت: ومن المحال أن يكون جَبَلة قد أسلم، ثمَّ تحصل له تلك الحادثة فيُخيره عمر بين الإسلام أو الخراج أو اللحاق بالروم! فإما أن تكون قصة إسلامه ثمَّ ارتداده غير صحيحة أو أنّ كلام عمر المذكور آنفاً منسوب له ولم يقله. فإنه لا يُمكن الجمع بين المتناقضين. على أنّ من أهل العلم من يذهب إلى أنّ (جَبَلَةُ) لم يُسلم قط. (انظر: تاريخ دمشق: 72/ 28). (¬2) رواه القاسم بن سلام في الأموال (74) وابن زنجويه في الأموال: ص135. (¬3) رواه ابن أبي الدنيا في الصمت (195) وذم الغيبة والنميمة (58). (¬4) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 313.

[354] ومن كلام له - رضي الله عنه - لمملوك رومي له يدعى (وسق)

[354] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لمملوك رومي له يُدعى (وُسَّقَ) (¬1) ((أَسْلِمْ فَإِنَّكَ إِنْ أَسْلَمْتَ اسْتَعَنْتُ بِكَ عَلَى أَمَانَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَسْتَعِينَ عَلَى أَمَانَتِهِمْ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ))، قَالَ وُسَّقَ: فَأَبَيْتُ، فَقَالَ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]، قَالَ وُسَّقَ: فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَعْتَقَنِي، وَقَالَ: ((اذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ)) (¬2). [355] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين أتاه فتح القادسية ((أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ يُبْقِيَنِي اللهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ حَتَّى يُدْرِكَنِي أَوْلادُكُمْ مِنْ هَؤُلاءِ))، قَالُوا: وَلِمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: ((مَا ظَنُّكُمْ بِمَكْرِ الْعَرَبِيِّ وَدَهَاءِ الْعَجَمِيِّ إِذَا اجْتَمَعَا فِي رَجُلٍ؟!)) (¬3). [356] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي دَاعٍ فَأَمِّنُوا: اللَّهُمَّ إِنِّي غَلِيظٌ فَلَيِّنِّي لِأَهْلِ ¬

(¬1) ذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى: 6/ 158 أنه اسمه (أُسَّقُ). (¬2) رواه سعيد بن منصور في التفسير من سننه (431) والقاسم بن سلام في الأموال (87) وابن أبي شيبة في المصنف (12690) مختصراً، وابن زنجويه في الأموال (133) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 9/ 34. (¬3) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم: (1531).

[357] ومن كلام له - رضي الله عنه -

طَاعَتِكَ بِمُوَافَقَةِ الحَقِّ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ وَالدَّارِ الآخِرَةِ، وَارْزُقْنِي الغِلْظَةَ وَالشِّدَّةَ عَلَى أَعْدَائِكَ وَأَهْلِ الدَّعَارَةِ والنِّفَاقِ، مِنْ غَيْرِ ظُلْمٍ مِنِّي لَهُمْ، ولَا اعْتِدَاءٍ عَلَيْهِمْ؛ اللَّهُمَّ إِنِّي شَحِيحٌ فَسَخِّنِي فِي نَوَائِبِ المَعْرُوفِ، قَصْدًا مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ ولَا تَبْذِيرٍ، وَلَا رِيَاءٍ وَلَا سُمْعَةٍ، وَاجْعَلْنِي أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَكَ والدَّارَ الآخِرَةَ؛ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي خَفْضَ الجَنَاحِ وَلِينَ الجَانِبِ لِلْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ إِنِّي كَثِيرُ الغَفْلَةِ والنِّسْيَانِ، فَأَلْهِمْنِي ذِكْرَكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَذِكْرَ المَوْتِ فِي كُلِّ حِينٍ؛ اللَّهُمَّ إنِّي ضَعِيفٌ عَنِ العَمَلِ بِطَاعَتِكَ، فَارْزُقْنِي النَّشَاطَ فِيهَا وَالقُوَّةَ عَلَيْهَا بِالنِّيَّةِ الحَسَنَةِ التِي لَا تَكُونُ إِلَّا بِعَوْنِكَ وتَوْفِيقِكَ؛ اللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي بِاليَقِينِ وَالبِرِّ والتَّقْوَى، وَذِكْرِ المَقَامِ بَيْنَ يَدَيْكَ وَالحَيَاءِ مِنْكَ، وَارْزُقْنِي الخُشُوعَ فِيمَا يُرْضِيكَ عَنِّي، وَالمُحَاسَبَةَ لِنَفْسِي، وَإِصْلَاحَ السَّاعَاتِ، وَالحَذَرَ مِنَ الشُّبُهَاتِ؛ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي التَّفَكُّرَ والتَّدَبُّرَ لِمَا يَتْلُوهُ لِسَانِي مِنْ كِتَابِكَ، وَالفَهْمَ لَهُ، والمَعْرِفَةَ بِمَعَانِيهِ، وَالنَّظَرَ فِي عَجَائِبِهِ، وَالعَمَلَ بِذَلِكَ مَا بَقِيتُ؛ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (¬1). [357] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ الْحِجَازَ لَيْسَ لَكُمْ بِدَارٍ إِلا عَلَى النُّجْعَةِ، وَلا يَقْوَى عَلَيْهِ أَهْلُهُ إِلا بِذَلِكَ، أَيْنَ الطُّرَّاءُ الْمُهَاجِرُونَ عَنْ مَوْعُودِ اللَّهِ! سِيرُوا فِي الأَرْضِ الَّتِي وَعَدَكُمُ اللَّهَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يُورِثَكُمُوهَا، فَإِنَّهُ قَالَ: ¬

(¬1) العقد الفريد: 4/ 156.

{لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}، وَاللَّهُ مُظْهِرٌ دِينَهُ، وَمُعِزٌّ نَاصِرَهُ، وَمُوَلٍّ أَهْلَهُ مَوَارِيثَ الأُمَمِ، أَيْنَ عِبَادُ اللَّهِ الصَّالِحُونَ؟)). فَكَانَ أَوَّلَ مُنْتَدَبٍ أَبُو عُبَيْدِ بْنُ مَسْعُودٍ (¬1)، ثُمَّ ثَنَّى سَعْدُ بنُ عُبَيْدٍ (¬2) - أو سُلَيْطُ بْنُ قَيْسٍ (¬3) - فَلَمَّا اجْتَمَعَ ذَلِكَ الْبَعْثُ، قِيلَ لِعُمَرَ: أَمِّرْ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنَ السَّابِقِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ قَالَ: ((لا وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ، إِنَّ اللهَ إِنَّمَا رَفَعَكُمْ بِسَبْقِكُمْ وَسُرْعَتِكُمْ إِلَى الْعَدُوِّ، فإذا جبنتم وكرهتم اللقاء، فأولى بالرئاسة مِنْكُمْ مَنْ سَبَقَ إِلَى الدَّفْعِ، وَأَجَابَ إِلَى الدُّعَاءِ! وَاللهِ لا أُؤَمِّرُ عَلَيْهِمْ إِلا أَوَّلَهُمُ انْتِدَابًا)) (¬4). ¬

(¬1) أَبُو عُبَيْد بْن مسعود بْن عمرو الثقفي، والد المختار وصفية زَوْجَة ابن عُمَر. أسلم في عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واستعمله عُمَر وسيره على جيشٍ كثيفٍ إلى العراق، وإليه يُنْسَب جسر أبي عُبَيْد، وكانت الوقعة عند هذا الجسر كما ذكرنا، وقُتل يومئذ أَبُو عبيد، والجسر بين القادسية والحيرة، ولم يذكره أحد في الصحابة إلا ابن عبد البر، ولا يَبْعُدُ أن يكون له رؤية وإسلام. (تاريخ الإسلام: 2/ 80). (¬2) سعد بْن عُبَيْد بْن النُّعْمَان، أَبُو زيد الأنصاري الأوسي، أحد القراء الذين حفظوا القرآن عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، اسْتُشْهِدَ بوقعة القادسية، وقيل: إنه والد عمير بْن سعد الزاهد أمير حمص لعمر. شهِدَ سَعْد بدرًا وغيرها، وكان يقال له: سعد القارئ. وذكر محمد بْن سعد أنّ القادسية سنة ست عشرة، وأنه قُتِل بها وله أربعٌ وستون سنة. ونقلوا عنه أنه خطب الناس بالقادسية فقال: إنا لاقو العدو غدًا، وإنا مستشهدون غدًا، فلا تغسلوا عنا دمًا ولا نُكَفَّن إلا في ثوبٍ كان علينا. (تاريخ الإسلام: 2/ 88). (¬3) سليط بن قيس النجاري الأنصاري، شهد بدراً وما بعدها من المشاهد، وكان من الشجعان والمبادرين إلى البراز، استشهد يوم الجسر مع أبي عبيد بن مسعود الثقفي في خلافة عمر. (مشاهير علماء الأمصار: ص24 والاستيعاب: 2/ 646). (¬4) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 445 وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 145.

[358] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[358] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((الحمْدُ للهِ الذِي أَعَزَّنَا بِالإِسْلَامِ، وَأَكَرْمَنَا بِالإِيمَانِ، وَخَصَّنَا بِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَدَانَا مِنَ الضَّلَالَةِ، وجَمَعَنَا بَعْدَ الشَّتَاتِ عَلَى كَلِمَةِ التَّقْوِى، وَألَّف بَيْنَ قُلُوبِنَا، ونَصَرَنَا عَلَى عَدُوِّنَا، وَمَكَّنَ لَنَا فِي بِلَادِهِ، وجَعَلَنَا إِخْوَانًا مُتَحَابِّينَ؛ فَاحْمَدُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ السَّابِغَةِ وَالمِنَنِ الظَّاهِرَةِ، فَإِنَّ اللهَ يَزِيدُ المُسْتَزِيدِينَ الرَّاغِبِينَ فِيمَا لَدَيْهِ، ويُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَى الشَّاكِرِينَ)) (¬1). [359] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لكعب بن سور (¬2) قاضي البصرة ((نِعْمَ القَاضِي أَنْتَ!)) (¬3). [360] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي عُبيد بن مَسْعُودٍ الثقفي وقد بعثه إلى العراق ((اِسْمَعْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَشْرِكْهُمْ فِي الأَمْرِ، وَلا ¬

(¬1) ذكره الواقدي في فتوح الشام: 1/ 228 وابن عبد ربه في العقد الفريد: 4/ 153 - 154. (¬2) كعب بن سور الأزدي، قاضي البصرة، وليها لعمر وعثمان. وكان من نبلاء الرجال وعلمائهم. قتل يوم الجمل، قام يعظ الناس ويذِّكرهم، فجاءه سهم غرب، فقتله - رحمه الله تعالى -. (سير أعلام النبلاء: 3/ 524). (¬3) رواه وكيع البغدادي في أخبار القضاة: 1/ 283.

[361] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأبي عبيد بن مسعود الثقفي لفتح فارس

تَجْتَهِدْ مُسْرِعًا حَتَّى تَتَبَيَّنَ، فَإِنَّهَا الْحَرْبُ، وَالْحَرْبُ لا يُصْلِحُهَا إِلا الرَّجُلُ الْمَكِيثُ (¬1) الَّذِي يَعْرِفُ الْفُرْصَةَ وَالْكَفَّ. إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُؤَمِّرَ سُلَيْطًا (¬2) إِلا سُرْعَتُهُ إِلَى الْحَرْبِ، وَفِي التَّسَرُّعِ إِلَى الْحَرْبِ ضَيَاعٌ إِلا عَنْ بَيَانٍ، وَاللهِ لَوْلا سُرْعَتُهُ لأَمَّرْتُهُ، وَلَكِنَّ الْحَرْبَ لا يُصْلِحُهَا إِلا الْمَكِيثُ)) (¬3). [361] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي عُبيد بن مَسْعُودٍ الثقفي لفتح فارس ((إِنَّكَ تَقْدُمُ عَلَى أَرْضِ الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ وَالْخِيَانَةِ وَالْجَبْرِيَّةِ، تَقْدُمُ عَلَى قَوْمٍ قَدْ جَرَءُوا عَلَى الشَّرِّ فَعَلِمُوهُ، وَتَنَاسَوُا الْخَيْرَ فَجَهِلُوهُ، فَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ! وَاخْزُنْ لِسَانَكَ، وَلا تُفْشِيَنَّ سِرَّكَ، فَإِنَّ صَاحِبَ السِّرِّ، مَا ضَبَطَهُ؛ مُتَحَصِّنٌ لا يُؤْتَى مِنْ وَجْهٍ يَكْرَهُهُ، وَإِذَا ضَيَّعَهُ كَانَ بِمَضْيَعَةٍ)) (¬4). [362] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه ما جرى لأبي عُبيد بن مَسْعُودٍ الثقفي وأصحابه من ¬

(¬1) يُقال: (رَجُلٌ مَكِيثٌ)، أي: رَزِينٌ غَيْرُ عَجُول. (مقاييس اللغة لابن فارس - (مَكَثَ)). (¬2) هو سليط بن عمرو الأنصاري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 445 وابن الأثير في الكامل: 2/ 273. (¬4) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 454 وابن الأثير في الكامل: 2/ 276.

[363] ومن كلام له - رضي الله عنه - لغزاة من بني كنانة والأزد سألوه أن يرسلهم إلى الشام

الاستبسال ثم الاستشهاد: ((اللَّهُمَّ كُلُّ مُسْلِمٍ فِي حِلٍّ مِنِّي، أَنَا فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ، مَنْ لَقِيَ الْعَدُوَّ فَفَظِعَ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ فَأَنَا لَهُ فِئَةٌ، يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عُبَيْدٍ لَوْ كَانَ انْحَازَ إِلَيَّ لَكُنْتُ لَهُ فِئَةٌ)) (¬1). [363] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لغُزَاةٍ من بَنِي كِنَانَةَ وَالأَزْدِ سألوه أن يرسلهم إلى الشام ((ذَلِكَ قَدْ كُفِيتُمُوهُ، الْعِرَاقَ الْعِرَاقَ! ذَرُوا بَلْدَةً قَدْ قَلَّلَ اللهُ شَوْكَتَهَا وَعَدَدَهَا، وَاسْتَقْبِلُوا جِهَادَ قَوْمٍ قَدْ حَوَوْا فُنُونَ الْعَيْشِ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُورِثَكُمْ بِقِسْطِكُمْ مِنْ ذَلِكَ فَتَعِيشُوا مَعَ مَنْ عَاشَ مِنَ النَّاسِ)) (¬2). [364] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((كُونُوا أَوْعِيَةَ الْكِتَابِ، وَيَنَابِيعَ الْعِلْمِ، وَسَلُوا اللَّهَ رِزْقَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ، وَلَا يَضُرُّكُمْ أَنْ لَا يُكْثِرَ لَكُمْ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (34429) والطبري في تاريخه: 3/ 454 و458 والمنتظم في التاريخ: 4/ 148 وابن الأثير في الكامل: 2/ 278. (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 463. (¬3) رواه أحمد بن حنبل في الزهد (632) وابن أبي الدنيا في التواضع والخمول (12) بزيادة (وَعُدُّوا أَنْفُسَكُمْ مَعَ الْمَوْتَى)، وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 51.

[365] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الشام وقد عزم القفول إلى المدينة

[365] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الشام وقد عزم القفول إلى المدينة ((أَلَا إِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُم وَقَضَيْتُ الذِي عَلَيَّ فِي الذِي وَلَّانِي اللهُ مِنْ أَمْرِكُمْ، إِنْ شَاءَ اللهُ قَسَطْنَا بَيْنَكُمْ فَيْئَكُمْ وَمَنَازِلَكُمْ ومَغَازِيكُمْ، وأَبْلَغْنَا مَا لَدِيكُمْ، فَجَنَّدْنَا لَكُمُ الجُنُودَ، وهَيَّانَا لَكُمُ الفُرُوجَ، وبَوَّانَاكُمْ وَوَسَّعْنَا عَلَيْكُمْ مَا بَلَغَ فَيْئُكُمْ وَمَا قَاتَلْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ شَامِكُمْ، وسَمَّيْنَا لَكُمْ أَطْمَاعَكُمْ (¬1)، وَأَمَرْنَا لَكُمْ بِأُعْطِيَاتِكُمْ، وأَرْزَاقِكُمْ وَمَغَانِمُكُمْ، فَمَنْ عَلِم عِلْمَ شَيْءٍ يَنْبَغِي العَمَلُ بِهِ؛ فبَلَّغَنَا (¬2) نَعْمَلْ بِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ)) (¬3). [366] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَنَا أُحَدِّثُكُمْ مَا أَسْتَحِلُّ مِنْ مَالِ الله؟، حُلَّتَانٍ: حُلَّةُ الْقَيْظِ، وَحُلَّةُ الشِّتَاءِ، وَمَا أَحُجُّ عَلَيْهِ مِنَ الظُّهُورِ وَأَعْتَمِرُ، وَقُوتِي وَقُوتَ أَهْلِي كَقُوتِ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، لَيْسَ بِأَغْنَاهُمْ وَلَا بِأَفْقَرِهِمْ، ثُمَّ أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدُ، يُصِيبُنِي مَا أَصَابَهُمْ))، وَأُرَاهُ قَالَ: بَعْدُ: ((إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) (¬4). ¬

(¬1) في البداية والنهاية (أطْعِماتِكم). (¬2) في البداية والنهاية (فليُعلِمنا). (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 66 وابن كثير في البداية والنهاية: 10/ 45. (¬4) رواه أبو عبيد في الأموال (663) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 275 وابن أبي شيبة =

[367] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[367] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تَخُورُ قُوَّةٌ ما كَانَ صَاحِبُهَا يَنْزُو ويَنْزِعُ)) (¬1). [368] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَفْضَلُ اللِّينِ مَا كَانَ مَعَ سُلْطَانٍ، وَأَفْضَلُ الْعَفْوِ مَا كَانَ عَنْ قُدْرَةٍ)) (¬2). [369] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((جَالِسُوا التَّوَّابِينَ فَإِنَّهُمْ أَرَقُّ شَيْءٍ أَفْئِدَةً)) (¬3). [370] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((السَّيِّدُ: الْجَوَادُ حِينَ يُسْأَلُ، الْحَلِيمُ حِينَ يُسْتَجْهَلُ، الْكَرِيمُ الْمُجَالَسَةِ لِمَنْ جَالَسَهُ، الْحَسَنُ الْخُلُقِ عِنْدَ مَنْ جَاوَرَهُ))، أَوْ ¬

= في المصنف (33583) وابن زنجويه في الأموال (989) واللفظ له، والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 307 والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2394). (¬1) ذكره في البيان والتبيين: 2/ 208، قال الجاحظ: يقول: لا تنتكث قوته ما دام ينزع في القوس، وينزو في السرج من غير أن يستعين بركاب. (¬2) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 326. (¬3) رواه وكيع في الزهد (279) وأحمد بن حنبل في الزهد (631) وابن أبي شيبة في المصنف (35606) وهناد في الزهد: 2/ 451 وابن أبي الدنيا في التوبة (144) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 51.

[371] ومن كلام له - رضي الله عنه -

قَالَ: ((حَاوَرَهُ)) (¬1). [371] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((تَعَلَّمُوا الْمِهْنَةَ؛ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَحْتَاجَ أَحَدُكُمْ إِلَى مِهْنَتِهِ)) (¬2). [372] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ كَالصَّبِيِّ، فإذا احْتِيجَ إِلَيْهِ كَانَ رَجُلاً)) (¬3). [373] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَتَّخِذُونَ مَجَالِسَ، لا يَجْلِسُ اثْنَانِ مَعًا حَتَّى يُقَالُ: مِنْ صَحَابَةِ فُلانٍ؟ مِنْ جُلَسَاءِ فُلانٍ؟ حَتَّى تُحُومِيَتِ الْمَجَالِسُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ هَذَا لَسَرِيعٌ فِي دِينِكُمْ، سَرِيعٌ فِي شَرَفِكُمْ، سَرِيعٌ فِي ذَاتِ بَيْنِكُمْ، وَلَكَأَنِّي بِمَنْ يَاتِي بَعْدَكُمْ يَقُولُ: هَذَا رَايُ فُلانٍ، قَدْ قَسَمُّوا الإِسْلامَ أَقْسَامًا، أَفِيضُوا مَجَالِسَكُمْ بَيْنَكُمْ، وَتَجَالَسُوا مَعًا، فَإِنَّهُ أَدْوَمُ لأُلْفَتِكُمْ، وَأَهْيَبُ لَكُمْ فِي النَّاسِ، اللَّهُمَّ مَلُّونِي وَمَلَلْتُهُمْ، وَأَحْسَسْتُ مِنْ نَفْسِي وَأَحَسُّوا مِنِّي، وَلا أَدْرِي بِأَيِّنَا يَكُونُ الْكَوْنُ، وَقَدْ أَعْلَمُ أَنَّ ¬

(¬1) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 326. (¬2) رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (317). (¬3) ذكره ابن دريد في أماليه: ص160 وابن الجوزي في مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: ص180.

[374] ومن كلام له - رضي الله عنه -

لَهُمْ قَبِيلا مِنْهُمْ، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ)) (¬1). [374] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تَسُودُوا)) (¬2). [375] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في لزوم السنة ((رُدُّوا الْجَهَالَاتِ إِلَى السُّنَّةِ)) (¬3). [376] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((نِعْمَ العِدْلاَنِ (¬4)، وَنِعْمَ العِلاَوَةُ (¬5): {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 213 - 214 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 373 مختصراً. (¬2) رواه البخاري في صحيحه معلقاً (باب 15) والدارمي في السنن (256) ووكيع في الزهد (102) وزهير بن حرب في العلم (9) وابن أبي شيبة في المصنف (26640) والمروذي في أخبار الشيوخ وأخلاقهم (283) وابن البختري في الأمالي (129) والبيهقي في شعب الإيمان (1549) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (508) و (509) والشجري في ترتيب الأمالي (251). (¬3) رواه سعيد بن منصور في السنن (1326) والبيهقي في السنن الكبرى (15545) والصغرى (2823). (¬4) العِدْل والعَدْل بالكسر والفتح: المثل، والعدلان: المثلان (النهاية 3/ 191)، فتح الباري (3/ 172). (¬5) العِلاوة: ما يحمل على البعير وغيره، وهو ما وضع بين العِدلين. (لسان العرب 15/ 89).

[377] ومن كلام له - رضي الله عنه -

وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 156 - 157]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45])) (¬1). [377] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَوْلَا ثَلَاثٌ لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ قَدْ لَقِيتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ: لَوْلَا أَنْ أَضَعَ جَبْهَتِي للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَجْلِسُ فِي مَجَالِسَ يُنْتَقَى فِيهَا طَيِّبُ الْكَلَامِ كَمَا يُنْتَقَى فِيهَا طَيِّبُ الثَّمَرِ، وَأَنْ أَسِيرَ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)) (¬2). [378] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَنْ يَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ، وَلَمْ يَتَنَطَّعُوا تَنَطُّعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ)) (¬3). [379] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((زوِّجُوا أَوْلَادَكُمْ إِذَا بَلَغُوا وَلَا تَحْمِلُوا آثَامَهُمْ)) (¬4). [380] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَيُّهَا النَّاسُ، كُتِبَ عَلَيْكُمْ ثَلَاثَةُ أَسْفَارٍ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه معلقاً (بَابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى) والحاكم في المستدرك (3068) والبيهقي في السنن الكبرى (7126) وشعب الإيمان (1484) و (9239). (¬2) رواه أحمد بن حنبل في الزهد (607). (¬3) رواه الفريابي في الصيام (46) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 58/ 184. (¬4) مسند الفاروق لابن كثير: 1/ 397.

[381] ومن كلام له - رضي الله عنه - لراع شكا إليه الجوع بأرضه

وَالْعُمْرَةُ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْجِهَادُ، كُتِبَ عَلَيْكُمْ أَنْ يَبْتَغِيَ الرَّجُلُ بِمَالِهِ فِي وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَالمُسْتَغْنِي وَالمُتَصَدِّقُ - يعني أفضل -، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ أَمُوتُ وَأَنَا أَبْتَغِي بِنَفْسِي وَمَالِي فِي وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ فِي سَبِيلِ اللهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ عَلَى فِرَاشِي، وَلَوْ قُلْتُ إِنَّهَا شَهَادَةٌ رَأَيْتُ أَنَّهَا شَهَادَةٌ)) (¬1). [381] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لراعٍ شكا إليه الجوع بأرضه ((لَأَنْ أُخْطِئَ سَبْعِينَ خَطِيئَةً بِرُكْبَةَ (¬2) أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُخْطِئَ خَطِيئَةً وَاحِدَةً بِمَكَّةَ)) (¬3). [382] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد رأى رجلاً يسحب شاة برجلها ليذبحها ((وَيْلَكَ قُدْهَا إِلَى الْمَوْتِ قَوْدًا جَمِيلًا)) (¬4). ¬

(¬1) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 746 وابن أبي شيبة في المصنف (22626) والخلال في الحث على التجارة (62)، واللفظ له، والمتن عند ابن أبي شيبة أخصر. (¬2) ركبة: موضع بالحجاز بين غمرة وذات عرق. (النهاية لابن الأثير - (ركب)). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (8871) والأزرقي في أخبار مكة: 2/ 134والفاكهي في أخبار مكة (1431). (¬4) رواه عبد الرزاق في المصنف (8605) والبيهقي في السنن الكبرى (19143).

[383] ومن كلام له - رضي الله عنه - لراع شكا إليه الجوع بأرضه

[383] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لراعٍ شكا إليه الجوع بأرضه ((أَلَسْتَ بِأَرْضٍ مَضَبَّةٍ (¬1)؟))، قَالَ: بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ عُمَرُ: ((مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِالضِّبَابِ حُمْرَ النَّعَمِ)) (¬2). [384] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ الرَّجْفَ مِنْ كَثْرَةِ الزِّنَا، وَإِنَّ قُحُوطَ الْمَطَرِ مِنْ قُضَاةِ السُّوءِ وَأَئِمَّةِ الْجَوْرِ)) (¬3). [385] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَبَيْتٌ بِرُكْبَةَ (¬4) أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَشَرَةِ أَبْيَاتٍ بِالشَّامِ)) (¬5). [386] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبى سفيان بن حرب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لا أحبك أبداً؛ رُبَّ ليلةٍ غممت فيها رسول الله)) (¬6). ¬

(¬1) أرضٌ مَضَبَّة: أَيْ ذَاتُ ضِبَابٍ، مثْل مَاسَدَة، ومَذْأَبَة. (النهاية لابن الأثير - (ضَبُبَ)). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (8677). (¬3) رواه ابن الدنيا في المطر والرعد والبرق (56). (¬4) انظر: الأثر رقم (381). (¬5) رواه مالك في الموطأ (3333). (¬6) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 23/ 471.

[387] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[387] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَرَأَيْتُمْ إِنِ اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْكُمْ خَيْرَ مَنْ أَعْلَمُ، وَأمَرْتُهُ بِالْعَدْلِ، أَقَضَيْتُ مَا عَلَيَّ؟))، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ((لَا، حَتَّى أَنْظُرَ فِي عَمَلِهِ، أَعَمِلَ مَا أَمَرْتُهُ أَمْ لَا)) (¬1). [388] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي ظبيان (¬2) ((يَا أَبَا ظَبْيَانَ، اتَّخِذْ مِنَ الْحَرْثِ وَالسَّابْيَاءِ (¬3) مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلِيَكُمْ غِلْمَةُ قُرَيْشٍ، لَا يُعَدُّ الْعَطَاءُ مَعَهُمْ مَالًا)) (¬4). [389] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لسلمة بن قيس الأشجعي (¬5) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ومن ندبهم معه للخروج للقتال ((انْطَلِقُوا بِسْمِ اللهِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ؛ تُقَاتِلُونَ مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (20665) والبيهقي في السنن الكبرى (16655) وشعب الإيمان (7010) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 10/ 262 و44/ 280 (¬2) حُصَيْنُ بْنُ جُنْدُبِ بْنِ عَمْرِو، من علماء الكوفة. وكان ممن غزا القسطنطينية مع يزيد بن معاوية سنة خمسين. توفي: سنة تسع وثمانين. وقيل: سنة تسعين. (سير أعلام النبلاء: 4/ 362). (¬3) يريد الزراعة والنتائج. والسابياء هي النتاج. (¬4) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (38870) والبخاري في الأدب المفرد (576) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1317) واللفظ للبخاري. (¬5) سَلَمَةُ بْنُ قَيْسٍ الْأَشْجَعِيُّ الغطفاني، له صحبة وله رواية عن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يقال: نزل الكوفة. (الإصابة: 3/ 128).

[390] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد بلغه أن قوما يفضلونه على أبي بكر - رضي الله عنه -

لَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَلَا شَيْخًا هَمًّا، وَإِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الْقَوْمِ فَادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ، فَإِنْ قَبِلُوا فَهُمْ مِنْكُمْ، فَلَهُمْ مَا لَكُمْ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ بِلَا جِهَادٍ، فَإِنْ قَبِلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُ لَا نَصِيبَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ، فَإِنْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إِلَى الْجِزْيَةِ، فَإِنْ قَبِلُوا فَضَعْ عَنْهُمْ بِقَدْرِ طَاقَتِهِمْ، وَضَعْ فِيهِمْ جَيْشًا يُقَاتِلُ مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَخَلِّهِمْ وَمَا وَضَعْتَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَقَاتِلْهُمْ، فَإِنْ دَعُوكُمْ إِلَى أَنْ تَعْطُوهُمْ ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا تُعْطُوهُمْ ذِمَّةَ اللهِ وَلَا ذِمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَلَكِنْ أَعْطُوهُمْ ذِمَمَ أَنْفُسِكُمْ، ثُمَّ قُولُوا لَهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا عَلَيْكُمْ فَقَاتِلْهُمْ، فَإِنَّ اللهَ نَاصِرُكُمْ عَلَيْهِم)) (¬1). [390] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أنّ قومًا يفضلونه على أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنِّي سَأُخْبِرُكُمْ عَنِّي وَعَن أَبِي بَكْرٍ: لَمَّا توفّي رَسُول اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارْتَدَّت الْعَرَب، ومنعت شَاتَهَا وبَعِيرَهَا، فَأَجْمَعَ رَأيُنَا كُلُّنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ أَن قُلْنَا: يَا خَليفَةَ رَسُولِ اللهِ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُقَاتِلُ الْعَرَبَ بِالْوَحْي وَالْمَلَائِكَةِ يَمُدُّهُ اللهُ بِهِمْ، وَقَدِ انْقَطَعَ ذَلِكَ ¬

(¬1) رواه أبو يوسف في الخراج: ص211 - 212 مختصراً، وسعيد بن منصور في سننه (2476) واللفظ له، والمنتظم في التاريخ: 4/ 277.

الْيَوْمَ، فَالْزَمْ بَيْتَكَ ومَسْجِدَكَ، فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَكَ بِقِتَالِ العَرَبِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوَ كُلُّكُمْ رَايُهُ على هَذَا؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ. فَقَالَ: وَالله لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخَطَّفَنِي الطَّيْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هَذَا رَأيِي! ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمدَ اللهَ وَكبَّره وَصَلَّى عَلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ؛ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، أَيُّهَا النَّاسُ؛ أَأَنْ كَثُرَ أَعْدَاؤُكُمْ، وَقلَّ عَدَدُكُم رَكِبَ الشَّيْطَانُ مِنْكُم هَذَا الْمَرْكَبَ؟! وَالله لَيُظْهرَنَّ اللهُ هَذَا الدِّينَ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا وَلَو كَرِهَ الْمُشْركُونَ. قَوْلُهُ الْحقُّ، وَوَعْدُهُ الصِّدْق، {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} (¬1) و {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (¬2)، وَاللهِ أَيُّها النَّاسُ لَو أُفرِدت من جَمِيعِكُمْ لَجَاهَدْتُهُمْ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أُبْلِيَ بِنَفْسِي عُذْراً أَوْ أُقتَلَ قَتلاً. واللهِ أيُّهَا النَّاسُ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالاً لَجَاهَدْتُهُم عَلَيْهِ، واسْتَعَنْتُ عَلَيْهِمُ اللهَ وَهُوَ خَيْرُ مُعِينٍ)). ثُمَّ نَزَلَ فَجَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَذْعَنَتِ الْعَرَبُ بِالْحَقِّ)) (¬3). ¬

(¬1) سورة الأنبياء آية 18. (¬2) سورة البقرة آية 249. (¬3) ذكره المبرّد في الكامل: 2/ 506 - 507 ط الرسالة والآبي في نثر الدر: 2/ 10 - 11 وابن حمدون في التذكرة: 1/ 120 - 121.

[391] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأبي مريم الحنفي

[391] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي مريم الحنفي (¬1) ((واللهِ لَا أُحِبُّكَ حَتَّى تُحِبَّ الأَرْضُ الدَّمَ المَسْفُوحَ)) (¬2)، قال: فَتَمْنَعُنِي لِذَلِكَ حَقًّا؟ قال عُمَرُ: ((لَا))، قَالَ: فَلا ضَيْرَ، إِنَّمَا يَاسَفُ عَلَى الحُبِّ النِّسَاءُ (¬3). [392] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في فضل مسجد قباء ((وَاللهِ لَأَنْ أُصَلِّيَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ صَلَاةً وَاحِدَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَرْبَعًا، بَعْدَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ صَلَاةً وَاحِدَةً، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمَسْجِدُ بِأُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ لَضَرَبْنَا إِلَيْهِ آبَاطَ الْإِبِلِ)) (¬4). ¬

(¬1) أَبُو مَرْيَمَ إِيَاسُ بْنُ ضُبَيْحِ الْحَنَفِيُّ، وكان من أهل اليمامة، وكان من أصحاب مسيلمة، وهو قتل زيد بن الخطاب بن نفيل يوم اليمامة، ثم تاب وأسلم، وحسن إسلامه، وولي قضاء البصرة بعد عمران بن الحصين في زمن عمر بن الخطاب. (الطبقات الكبرى: 7/ 91). (¬2) دَمٌ مَسْفُوحٌ: أَيْ مُرَاق. (النهاية لابن الأثير - (سَفَحَ)). (¬3) ذكره الجاحظ في البيان والتبيين: 2/ 60 والمبرّد في الكامل: 2/ 145 والآبي في نثر الدر: 2/ 27. (¬4) رواه عبد الرزاق في المصنف (9141) و (9163) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 1/ 245 وابن شبة في تاريخ المدينة: 1/ 46.

[393] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد رأى رجلا متماوتا يظهر النسك

[393] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد رأى رجلاً متماوتاً يُظهر النسك ((لَا تُمِتُ عَلَيْنَا دِينَنَا، أَمَاتَكَ اللهُ)) (¬1). [394] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ قَدِ اسْتَوْجَبَ عَلَيْكُمُ الشُّكْرَ، وَاتَّخَذَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فِيمَا آتَاكُمْ مِنْ كَرَامَةِ الآخِرَةِ وَالدُّنْيَا، عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ مِنْكُمْ لَهُ، وَلا رَغْبَةٍ مِنْكُمْ فِيهِ إِلَيْهِ، فَخَلَقَكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا لِنَفْسِهِ وَعِبَادَتِهِ، وَكَانَ قَادِرًا أَنْ يَجْعَلَكُمْ لأَهْوَنَ خَلْقِهِ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ لَكُمْ عَامَّةَ خَلْقِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْكُمْ لِشَيْءٍ غَيْرِهِ، {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} (¬2). ثُمَّ جَعَلَ لَكُمْ سَمْعًا وَبَصَرًا، وَمِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيْكُمْ نِعَمٌ عَمَّ بِهَا بَنِي آدَمَ، وَمِنْهَا نِعَمٌ اخْتَصَّ بِهَا أَهْلَ دِينِكُمْ، ثُمَّ صَارَتْ تِلْكَ النِّعَمُ خَوَاصُّهَا وَعَوَامُّهَا فِي دَوْلَتِكُمْ وَزَمَانِكُمْ وَطَبَقَتِكُمْ، وَلَيْسَ مِنْ تِلْكَ النِّعَمِ نِعْمَةٌ وَصَلَتْ إِلَى امْرِئٍ خَاصَّةً إِلا لَوْ قُسِمَ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْهَا بَيْنَ ¬

(¬1) ذكره المبرّد في الكامل: 2/ 122 ط دار الفكر العربي وأبو حيان التوحيدي في البصائر والذخائر: 6/ 38 والآبي في نثر الدر: 2/ 27 والزمخشري في ربيع الأبرار: 2/ 170. (¬2) سورة لقمان آية 20.

النَّاسِ كُلِّهِمْ أَتْعَبَهُمْ شُكْرُهَا، وَفَدَحَهُمْ حَقُّهَا، إِلا بِعَوْنِ اللهِ مَعَ الإِيمَانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، فَأَنْتُمْ مُسْتَخْلَفُونَ فِي الأَرْضِ، قَاهِرُونَ لأَهْلِهَا، قَدْ نَصَرَ اللهُ دِينَكُمْ، فَلَمْ تُصْبِحْ أُمَّةٌ مُخَالِفَةً لِدِينِكُمْ إِلا أُمَّتَانِ، أُمَّةٌ مُسْتَعْبَدَةٌ لِلإِسْلامِ وَأَهْلِهِ، يَجْزُونَ لَكُمْ، يَسْتَصْفُونَ مَعَايِشَهُمْ وَكَدَائِحَهُمْ وَرَشْحُ جِبَاهِهِمْ، عَلَيْهِمُ الْمَئُونَةُ وَلَكُمُ الْمَنْفَعَةُ، وَأُمَّةٌ تَنْتَظِرُ وَقَائِعَ اللهِ وَسَطْوَاتَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَدْ مَلأَ اللهُ قُلُوبَهُمْ رُعْبًا، فَلَيْسَ لَهُمْ مَعْقِلٌ يَلْجَئُونَ إِلَيْهِ، وَلا مَهْرَبٌ يَتَّقُونَ بِهِ، قَدْ دَهِمَتْهُمْ جُنُودُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَزَلَتْ بِسَاحَتِهِمْ، مَعَ رَفَاغَةِ الْعَيْشِ، وَاسْتِفَاضَةِ الْمَالِ، وَتَتَابُعِ الْبُعُوثِ، وَسَدِّ الثُّغُورِ بِإِذْنِ اللهِ، مَعَ الْعَافِيَةِ الْجَلِيلَةِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَى أَحْسَنَ مِنْهَا مُذْ كَانَ الإِسْلامُ، وَاللهُ الْمَحْمُودُ، مَعَ الْفُتُوحِ الْعِظَامِ فِي كُلِّ بَلَدٍ، فَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَ مَعَ هَذَا شُكْرُ الشَّاكِرِينَ وَذِكْرُ الذَّاكِرِينَ وَاجْتِهَادُ الْمُجْتَهِدِينَ، مَعَ هَذِهِ النِّعَمِ الَّتِي لا يُحْصَى عَدَدُهَا، وَلا يُقَدَّرُ قَدْرُهَا، وَلا يُسْتَطَاعُ أَدَاءُ حَقِّهَا إِلا بِعَوْنِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَلُطْفِهِ! فَنَسْأَلُ اللهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الَّذِي أَبْلانَا هَذَا، أَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِطَاعَتِهِ، وَالْمُسَارَعَةَ إِلَى مَرْضَاتِهِ. وَاذْكُرُوا عِبَادَ اللهِ بَلاءَ اللهِ عِنْدَكُمْ، وَاسْتَتِمُّوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ، وَفِي مَجَالِسِكُمْ مَثْنَى وَفُرَادَى، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِمُوسَى: {أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} (¬1) ¬

(¬1) سورة ابراهيم آية 5.

وقال لمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ} (¬1) فَلَوْ كُنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ مُسْتَضْعَفِينَ مَحْرُومِينَ خَيْرَ الدُّنْيَا عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ الْحَقِّ، تُؤْمِنُونَ بِهَا، وَتَسْتَرِيحُونَ إِلَيْهَا، مَعَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَدِينِهِ، وَتَرْجُونَ بِهَا الْخَيْرَ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، لَكَانَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَشَدَّ النَّاسِ مَعِيشَةً، وَأَثْبَتَهُمْ بِاللهِ جَهَالَةً فَلَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي اسْتَشْلاكُمْ (¬2) بِهِ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حَظٌّ فِي دُنْيَاكُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ثِقَةٌ لَكُمْ فِي آخِرَتِكُمُ الَّتِي إِلَيْهَا الْمَعَادُ وَالْمُنْقَلَبُ، وَأَنْتُمْ مِنْ جَهْدِ الْمَعِيشَةِ عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ أَحْرِيَاءُ أَنْ تَشُحُّوا عَلَى نَصِيبِكُمْ مِنْهُ، وَأَنْ تَظْهَرُوهُ عَلَى غَيْرِهِ، فَبَلْهَ (¬3) مَا إِنَّهُ قَدْ جُمِعَ لَكُمْ فَضِيلَةُ الدُّنْيَا وَكَرَامَةُ الآخِرَةِ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُجْمَعَ لَهُ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَأُذَكِّرُكُمُ اللهَ الْحَائِلَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ إلَّا مَا عَرَفْتُمْ حَقَّ اللهِ فَعَلِمْتُمْ لَهُ، وَقَسَرْتُمْ أَنْفُسَكُمْ عَلَى طَاعَتِهِ، وَجَمَعْتُمْ مَعَ السُّرُورِ بِالنِّعَمِ خَوْفًا لَهَا وَلانْتِقَالِهَا، وَوَجَلا مِنْهَا وَمِنْ تَحْوِيلِهَا، فَإِنَّهُ لا شَيْءَ أَسْلَبُ لِلنِّعَمَةِ مِنْ كُفْرَانِهَا، وَإِنَّ الشُّكْرَ أَمْنٌ لِلْغَيْرِ، وَنَمَاءٌ لِلنِّعْمَةِ، وَاسْتِيجَابٌ لِلزِّيَادَةِ، هَذَا للهِ عَلَيَّ مِنْ أَمْرِكُمْ وَنَهْيِكُمْ وَاجِبٌ)) (¬4). ¬

(¬1) سورة الأنفال آية 26. (¬2) استَشْلى غيره: دعاه ليُنجيه ويخرجه من ضيق أو هلاك. (تاج العروس: 38/ 394). (¬3) (بَلْ) مضافًا إليها هاء، وما بمعنى إلا .. (¬4) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 216 - 218.

[395] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد رأى قوما سمروا بعد العشاء

[395] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد رأى قَوْمًا سَمَرُوا بَعْدَ الْعِشَاءِ ((أَسَمَرًا مِنْ أَوَّلِهِ، وَنَوْمًا مِنْ آخِرِهِ)) (¬1). [396] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تَزْهَدُنَّ فِي إِخْفَاءِ الْحَقْوِ (¬2)، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ مَا تَحْتَ الْحَقْوِ خَافِيًا فَهُوَ أَسْتَرُ، فَإِنْ يَكُ فِيهِ شَيْءٌ فَهُوَ أَخْفَى لَهُ)) (¬3). [397] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَنِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيُصَلِّ عَلَى ثَوْبِهِ، وَمَنْ زَحَمَهُ النَّاسُ فَلْيَسَجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ)) (¬4). [398] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد رأى رجلاً عليه هيئة السفر ينتظر صلاة الجمعة ((إِنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَحْبِسُ مُسَافِرًا، فَاخْرُجْ مَا لَمْ يَحِنِ الرَّوَاحُ)) (¬5). ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (2134). (¬2) أي لا تزهدن في غِلَظ الإزَار، وَهُوَ حَثٌّ عَلَى تَرك التَّنَعُّم. (النهاية لابن الأثير - (جَفَا)). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (5037). (¬4) رواه عبد الرزاق في المصنف (5469) وابن أبي شيبة في المصنف (2735) وأحمد في المسند (217) والطيالسي في المسند (70) والبيهقي في السنن الكبرى (5629) و (5630) ومعرفة السنن والآثار (6357). (¬5) رواه الشافعي في المسند (458) وعبد الرزاق في المصنف (5537) بهذا اللفظ.

[399] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد استنكر الناس منه الاكتفاء بالاستغفار في الاستسقاء

[399] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد استنكر الناس منه الاكتفاء بالاستغفار في الاستسقاء ((لَقَدْ طَلَبْتُ الْمَطَرَ بِمَجَادِيحِ (¬1) السَّمَاءِ الَّتِي تُسْتَنْزَلُ بِهَا الْمَطَرُ: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} [نوح: 11 - 12] {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52])) (¬2). [400] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عام الرمادة ((أَيُّهَا النَّاسُ، اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ وَبَقِيَّةِ آبَائِهِ وَكِبَارِ رِجَالٍ، فَإِنَّكَ تَقُولُ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ¬

(¬1) المَجَادِيح: واحدها مجدح، والياء زائدة للإشباع، والقياس أن يكون واحدها مجداح، فأما مجدح فجمعه مجادح. والمجدح: نجم من النجوم. وقيل هو الدبران. وقيل هو ثلاثة كواكب كالأثافي؛ تشبيها بالمجدح الذي له ثلاث شعب، وهو عند العرب من الأنواء الدالة على المطر، فجعل الاستغفار مشبها بالأنواء، مخاطبة لهم بما يعرفونه، لا قولا بالأنواء. وجاء بلفظ الجمع لأنه أراد الأنواء جميعها التي يزعمون أنَّ من شأنها المطر. (النهاية لابن الأثير - (جَدَحَ)). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (4902) وسعيد بن منصور في التفسير من سننه (1095) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 320 وابن أبي شيبة في المصنف (8429) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 737 وابن أبي الدنيا في المطر والرعد والبرق (84) والطبراني في الدعاء (964).

[401] ومن كلام له - رضي الله عنه - في عام الرمادة

وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} (¬1)؛ فَحَفِظْتَهُمَا لِصَلَاحِ أَبِيهِمَا؛ فَاحْفَظِ اللَّهُمَّ نَبِيَّكَ فِي عَمِّهِ؛ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، اللَّهُمَّ أَنْتَ الرَّاعِي لَا تُهْمِلُ الضَّالَّةَ، وَلَا تَدَعُ الْكَسِيرَةَ بِمَضْيَعَةٍ، اللَّهُمَّ قَدْ ضَرَعَ الصَّغِيرُ، وَرَقَّ الْكَبِيرُ، وَارْتَفَعَتِ الشَّكْوَى، وَأَنْتَ تَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى؛ اللَّهُمَّ أَغِثْهُمْ بِغِيَاثِكَ قَبْلَ أَنْ يَقْنَطُوا فَيَهْلَكُوا، فَإِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)). فَمَا بَرِحُوا حَتَّى عَلَّقُوا الْحِذَاءَ، وَقَلَّصُوا الْمَآزِرَ، وَطَفِقَ النَّاسُ بِالْعَبَّاسِ يَقُولُونَ: هَنِيئًا لَكَ يَا سَاقِيَ الْحَرَمَيْنِ (¬2). [401] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في عام الرمادة ((أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللهَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَفِيمَا غَابَ عَنِ النَّاسِ مِنْ أَمْرِكُمْ، فَقَدِ ابْتُلِيتُ بِكُمْ، وَابْتُلِيتُمْ بِي، فَمَا أَدْرِي، السُّخْطَةُ عَلَيَّ دُونَكُمْ، أَوْ عَلَيْكُمْ دُونِي، أَوْ قَدْ عَمَّتْنِي وَعَمَّتْكُمْ، فَهَلُمُّوا فَلْنَدْعُ اللهَ يُصْلِحْ قُلُوبَنَا، وَأَنْ يَرْحَمَنَا، وَأَنْ يَرْفَعَ عَنَّا الْمَحْلَ))، فَرُئِيَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو اللهَ، وَدَعَا النَّاسُ، وَبَكَى وَبَكَى النَّاسُ مَلِيًّا، ثُمَّ نَزَلَ (¬3). ¬

(¬1) سورة الكهف آية 82. (¬2) ذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد: 4/ 155. (¬3) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 322 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 402.

[402] ومن كلام له - رضي الله عنه - في عام الرمادة

[402] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في عام الرمادة ((لَوْ لَمْ أَجِدْ لِلنَّاسِ مِنَ الْمَالِ مَا يَسَعُهُمْ لأَدْخَلْتُ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ عُدَّتَهُمْ فَقَاسَمُوهُمْ أَنْصَافَ بُطُونِهِمْ، حَتَّى يَاتِيَ اللهُ بِالْحَيَا، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْلَكُوا عَلَى أَنْصَافِ بُطُونِهِم)) (¬1). [403] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعبد الرحمن بن عوف - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا كُنَّا نَقْرَأُ {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78] فِي آخِرِ الزَّمَانِ كَمَا جَاهَدْتُمْ فِي أَوَّلِهِ))، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَمَتَى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: ((إِذَا كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ الْأُمَرَاءَ، وَبَنُو الْمُغِيرَةِ الْوزَرَاءَ)) (¬2). ¬

(¬1) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 395 - 396. (¬2) رواه عبد الرزاق في الأمالي (69) والبيهقي في دلائل النبوة: 6/ 422 وعزاه السيوطي في الدر المنثور لابن مردويه: 6/ 78. قال الحافظ ابن كثير في (مسند الفاروق: 2/ 596): (وهو غريب مع نظافة إسناده، والله أعلم). وقال في (البداية والنهاية: 9/ 196): (ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ هَا هُنَا، وَكَأَنَّهُ يَسْتَشْهِدُ بِهِ عَلَى مَا عَقَدَ لَهُ الْبَابَ بَعْدَهُ مِنْ ذِكْرِ الْحَكَمَيْنِ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمَا، فَقَالَ: بَابُ مَا جَاءَ فِي إِخْبَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ بُعِثَا فِي زَمَنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -).

[404] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الاستسقاء بالعباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - حين قحط الناس

[404] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الاستسقاء بالعباس بن عبد المطلب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين قحط الناس (¬1) ((اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا (¬2) فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا)) (¬3). [405] وَمِنْ دُعَاءٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو يطوف بالبيت ((اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي فِي السَّعَادَةِ فَأَثْبِتْنِي فِيهَا، وَإِنْ كُنْتَ ¬

(¬1) قال ابن بطَّال في شرحه لصحيح البخاري: 3/ 9: (وأما استسقاء عمر بالعباس، فإنما هو للرحم التى كانت بينه وبين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأراد عمر أن يصلها بمراعاة حقه، ويتوسل إلى من أمر بصلة الأرحام بما وصلوه من رحم العباس، وأن يجعلوا ذلك السبب إلى رحمة الله تعالى). (¬2) ومعنى قوله (كنا نتوسل إليك بنبينا) أي بدعائه وشفاعته، ولهذا توسلوا بعد موته بدعاء العباس وشفاعته لما تعذر عليهم التوسل به بعد موته كما كانوا يتوسلون به في حياته، ولم يرد عمر بقوله (كنا نتوسل إليك بنبينا) أن نسألك بحرمته أو نقسم عليك به من غير أن يكون هو داعيًا شافعًا لنا كما يفعله بعض الناس بعد موته، فإن هذا لم يكونوا يفعلونه في حياته، إنما كانوا يتوسلون بدعائه. ولو كانوا يفعلونه في حياته لكان ذلك ممكنًا بعد موته كما كان في حياته، ولم يكونوا يحتاجون أن يتوسلوا بالعباس. وكثير من الناس يغلط في معنى قول عمر، وإذا تدبره عرف الفرق. ولو كان التوسل به بعد موته ممكنًا كالتوسل به في حياته لما عدلوا عن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى العباس. (الأخنائية لابن تيمية: ص464). (¬3) رواه البخاري في صحيحه (1010) و (3710) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (351) وأبو عوانة في المسند (2520) والآجري في الشريعة (1744) والطبراني في المعجم الكبير (84) والبيهقي في السنن الكبرى (6427) والبغوي في شرح السنة (1165) والفسوي في المعرفة والتاريخ: 1/ 504 وابن سعد في الطبقات الكبرى: 4/ 28 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 26/ 355 - 356.

[406] ومن دعاء له - رضي الله عنه -

كَتَبْتَنِي عَلَى الشِّقْوَةِ فَامْحُنِي مِنْهَا وَاثْبِتْنِي فِي السَّعَادَةِ، فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَاب)) (¬1). [406] وَمِنْ دُعَاءٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي، وَضَعُفَتْ قُوَّتِي، وَخَشِيتُ الِانْتِشَارَ مِنْ رَعِيَّتِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ عَاجِزٍ وَلَا مَلُومٍ)) (¬2). [407] وَمِنْ دُعَاءٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يطلب فيه الشهادة في سبيل الله ((اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) (¬3). [408] وَمِنْ دُعَاءٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَتْلِي بِيَدِ رَجُلٍ صَلَّى لَكَ سَجْدَةً وَاحِدَةً، ¬

(¬1) رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (1207). (¬2) رواه مالك في الموطأ (3044) وعبد الرزاق في المصنف (20638) و (20639) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 334 و335 وأحمد في فضائل الصحابة (608) وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 872 و876 و877 والفاكهي في أخبار مكة (1797) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 411 وابن أبي الدنيا في مجابو الدعوة (24) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (90) والخطابي في العزلة ص77 وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 54 و2/ 14 والخطيب في تاريخ بغداد (2609) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 309. (¬3) رواه البخاري في صحيحه (1890) ومالك في الموطأ (1680) وعبد الرزاق في المصنف (9550) و (19637) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 331.

[409] ومن دعاء له - رضي الله عنه -

يُحَاجُّنِي بِهَا عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) (¬1). [409] وَمِنْ دُعَاءٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اللَّهُمَّ تَوَفَّنِي مَعَ الْأَبْرَارِ، وَلَا تُخَلِّفُنِي فِي الْأَشْرَارِ، وَقِنِي عَذَابَ النَّارِ، وَأَلْحِقْنِي بِالْأَخْيَارِ)) (¬2). [410] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في السنة التي قُتل بها ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّا إِنَّمَا كُنَّا نَعْرِفُكُمْ إِذْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِذْ يَنْزِلُ الْوَحْيُ، وَإِذْ يُنْبِئُنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ، أَلَا وَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِ انْطَلَقَ، وَقَدِ انْقَطَعَ الْوَحْيُ، وَإِنَّمَا نَعْرِفُكُمْ بِمَا نَقُولُ لَكُمْ، مَنْ أَظْهَرَ مِنْكُمْ خَيْرًا، ظَنَنَّا بِهِ خَيْرًا، وَأَحْبَبْنَاهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ مِنْكُمْ لَنَا شَرًّا ظَنَنَّا بِهِ شَرًّا، وَأَبْغَضْنَاهُ عَلَيْهِ، سَرَائِرُكُمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ، أَلا إِنَّهُ قَدْ أَتَى عَلَيَّ حِينٌ وَأَنَا أَحْسِبُ أَنَّ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يُرِيدُ اللهَ وَمَا عِنْدَهُ، فَقَدْ خُيِّلَ إِلَيَّ بِآخِرَةٍ، أَلا إِنَّ رِجَالًا قَدْ قَرَؤُوهُ يُرِيدُونَ بِهِ مَا عِنْدَ النَّاسِ، فَأَرِيدُوا اللهَ بِقِرَاءَتِكُمْ، وَأَرِيدُوهُ بِأَعْمَالِكُمْ. ¬

(¬1) رواه مالك في الموطأ (1675) وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 903 والآجري في الشريعة (1399) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 53. (¬2) رواه ابن سعد في الطبقات: 3/ 330 والبخاري في الأدب المفرد (629) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 409.

أَلا إِنِّي وَاللهِ مَا أُرْسِلُ عُمَّالِي إِلَيْكُمْ لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ (¬1)، وَلا لِيَاخُذُوا أَمْوَالَكُمْ، وَلَكِنْ أُرْسِلُهُمْ إِلَيْكُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ دِينَكُمْ وَسُنَّتَكُمْ، فَمَنْ فُعِلَ بِهِ شَيْءٌ سِوَى ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَيَّ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِذَاً لَأُقِصَّنَّهُ مِنْهُ (¬2)))، فَوَثَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَعِيَّةٍ، فَأَدَّبَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ، أَئِنَّكَ لَمُقْتَصُّهُ مِنْهُ؟ قَالَ: ((إِي وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ، إِذَاً لَأُقِصَّنَّهُ مِنْهُ، أَنَّى لا أُقِصَّنَّهُ مِنْهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقِصُّ مِنْ نَفْسِهِ؟ ألا لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلا تُجَمِّرُوهُمْ (¬3) فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ (¬4)، وَلا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ (¬5) فَتُضَيِّعُوهُمْ)) (¬6). ¬

(¬1) أَبْشَارَكُمْ: جمع بشرة، وهي ظاهر جلد الإنسان. (جامع الأصول لابن الأثير - (2069)). (¬2) (أُقِصُّنَّه): آخذ منه القصاص بما فعل به. (جامع الأصول لابن الأثير - (2069)). (¬3) قوله: ((ولا تُجمِّروهم))، قال السندي: من التجمير - بالجيم والراء المهملة -، وتجمير الجيش: جمعهم في الثغور، وحَبْسهم عن العَوْد إلى أهليهم. (¬4) فتكفروهم: أي تحملوهم على الكفران وعدمِ الرضا بكم، أو على الكفر بالله لظنهم أنه ما شرع الإنصاف في الدين. (¬5) الغِياض: جمع غَيْضة - بفتح الغين - وهي الشجر الملتفُّ، قيل: لأنهم إذا نزلوها تفرقوا فيها، فتمكن منهم العدوُّ. (¬6) رواه أحمد في المسند (286) وابن أبي شيبة في المصنف (33592) وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 807 ومسند أبي يعلى (196) وشرح مشكل الآثار (3528) والحاكم في المستدرك (8356).

[411] ومن كلام له - رضي الله عنه - يذكر فيها أمر الاستخلاف من بعده

[411] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يذكر فيها أمر الاستخلاف من بعده ((إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي ثَلَاثَ نَقَرَاتٍ، وَإِنِّي لَا أُرَاهُ إِلَّا حُضُورَ أَجَلِي، وَإِنَّ أَقْوَامًا يَامُرُونَنِي أَنَّ أَسْتَخْلِفَ، وَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ، وَلَا خِلَافَتَهُ، وَلَا الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنْ عَجِلَ بِي أَمْرٌ، فَالْخِلَافَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ (¬1)، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، وَإِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَقْوَامًا يَطْعَنُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ، أَنَا ضَرَبْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللهِ، الْكَفَرَةُ الضُّلَّالُ، ثُمَّ إِنِّي لَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أَهَمَّ عِنْدِي مِنَ الْكَلَالَةِ، مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلَالَةِ، وَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهِ، حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي، فَقَالَ: ((يَا عُمَرُ أَلَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ؟)) وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا بِقَضِيَّةٍ، يَقْضِي بِهَا مِنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى أُمَرَاءِ الْأَمْصَارِ، وَإِنِّي إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ عَلَيْهِمْ لِيَعْدِلُوا عَلَيْهِمْ، وَلِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَقْسِمُوا فِيهِمْ فَيْئَهُمْ، وَيَرْفَعُوا إِلَيَّ مَا أَشْكَلَ ¬

(¬1) الستة: عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، ولم يدخل سعيد بن زيد معهم وإن كان من العشرة المبشرين بالجنة؛ لأنه من أقاربه ..

[412] ومن كلام له - رضي الله عنه - في آخر حجة حجها

عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِهِمْ، ثُمَّ إِنَّكُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ، تَاكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لَا أَرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ، هَذَا الْبَصَلَ وَالثُّومَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ، أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ، فَمَنْ أَكَلَهُمَا فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخاً)) (¬1). [412] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في آخر حجة حجها ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا، لاَ أَدْرِي لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجَلِي، فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لاَ يَعْقِلَهَا فَلاَ أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَانَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: وَاللهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ ¬

(¬1) رواه مسلم في صحيحه (567) وأحمد في المسند (89) و (186) و (341) و (362) و (363) والطيالسي في المسند (53) والحميدي في المسند (29) مختصراً، وابن الجعد في المسند (1282) وابن أبي شيبة في المصنف (38217) وابن حبان في صحيحه (2091).

الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الحَبَلُ، أَوِ الِاعْتِرَافُ، ثُمَّ إِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ: (أَنْ لاَ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ)، أَوْ (إِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ). أَلاَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لاَ تُطْرُونِي كَمَا أُطْرِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ))، ثُمَّ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ قَائِلًا مِنْكُمْ يَقُولُ: وَاللهِ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلاَنًا، فَلاَ يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ: إِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً وَتَمَّتْ، أَلاَ وَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللهَ وَقَى شَرَّهَا، وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ، مَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ فَلاَ يُبَايَعُ هُوَ وَلاَ الَّذِي بَايَعَهُ، تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلاَ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تَوَفَّى اللهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الأَنْصَارَ خَالَفُونَا، وَاجْتَمَعُوا بِأَسْرِهِمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا، وَاجْتَمَعَ المُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلاَءِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُمْ، لَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلاَنِ صَالِحَانِ، فَذَكَرَا مَا تَمَالَأَ عَلَيْهِ القَوْمُ، فَقَالاَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ؟ فَقُلْنَا: نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلاَءِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالاَ: لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَقْرَبُوهُمْ، اقْضُوا أَمْرَكُمْ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَنَأتِيَنَّهُمْ،

فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقُلْتُ: مَا لَهُ؟ قَالُوا: يُوعَكُ، فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلًا تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ وَكَتِيبَةُ الإِسْلاَمِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ رَهْطٌ، وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ، فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا مِنْ أَصْلِنَا، وَأَنْ يَحْضُنُونَا مِنَ الأَمْرِ. فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، وَكُنْتُ قَدْ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ، وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الحَدِّ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ هُوَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ، وَاللهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي، إِلَّا قَالَ فِي بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا حَتَّى سَكَتَ، فَقَالَ: مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ، وَلَنْ يُعْرَفَ هَذَا الأَمْرُ إِلَّا لِهَذَا الحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، هُمْ أَوْسَطُ العَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ، فَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرَّاحِ، وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا، فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ غَيْرَهَا، كَانَ وَاللهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي، لاَ يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ، أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُسَوِّلَ إِلَيَّ نَفْسِي عِنْدَ المَوْتِ

شَيْئًا لاَ أَجِدُهُ الآنَ. فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا جُذَيْلُهَا المُحَكَّكُ (¬1)، وَعُذَيْقُهَا المُرَجَّبُ (¬2)، مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ. فَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ، حَتَّى فَرِقْتُ مِنَ الِاخْتِلاَفِ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعَهُ المُهَاجِرُونَ ثُمَّ بَايَعَتْهُ الأَنْصَارُ. وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقُلْتُ: قَتَلَ اللهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، قَالَ عُمَرُ: وَإِنَّا وَاللهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ، خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا القَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ: أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لاَ نَرْضَى، وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ فَيَكُونُ فَسَادٌ، فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَلاَ يُتَابَعُ هُوَ وَلاَ الَّذِي بَايَعَهُ، تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلاَ)) (¬3). ¬

(¬1) هُوَ تَصْغِير جِذْلٍ، وَهُوَ العُود الَّذِي يُنْصَب لِلْإِبِلِ الجَرْبَى لتَحْتَكَّ بِهِ، وَهُوَ تَصْغِير تَعْظِيم: أَيْ أَنَا ممَّن يُسْتَشْفى بِرَايِهِ كَمَا تَسْتَشْفى الإبلُ الجَرْبَى بالاحْتِكاك بِهَذَا العُود. (النهاية لابن الأثير - (جَذَلَ)). (¬2) عذيقها: تَصغِير العَذْق - بفتح العين - وهو النَّخلة، والمرجَّب المسند بالرُّجْبة، وهي خشبة ذات شعبتين، وذلك إذا طالت الشجرة وكثر حملها اتخذوا ذلك لها، لضعفها عن كثرة حملها، والمعنى أني ذو رأي يستشفى به في الحوادث، لاسيما في مثل هذه الحادثة، وأني في ذلك كالعود الذي يشفي الجربى، وكالنخلة الكثيرة الحمل، من توفر مواد الآراء عندي، ثم إنه أشار بالرأي الصائب عنده، فقال: ((منا أمير ومنكم أمير)). (جامع الأصول لابن الأثير - (2076)). (¬3) رواه البخاري في صحيحه (6830) وأحمد في المسند (391) وعبد الرزاق في المصنف (9758) وابن أبي شيبة في المصنف (38198) وابن حبان في صحيحه (413) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2436) وأبو نعيم في تثبيت الإمامة (52).

[413] ومن وصية له - رضي الله عنه - بعد أن طعنه أبو لؤلؤة المجوسي

[413] وَمِنْ وَصِيَّةٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بعد أن طعنه أبو لؤلؤة المجوسي ((أُوصِيكُمْ بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا مَا اتَّبَعْتُمُوهُ)). قَالُوا: أَوْصِنَا. قَالَ: ((أُوصِيكُمْ بِالْمُهَاجِرِينَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ سَيَكْثُرُونَ، وَيَقِلُّونَ، وَأُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ؛ فَإِنَّهُمْ شِعْبُ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَجَأَ إِلَيْهِ، وَأُوصِيكُمْ بِالْأَعْرَابِ؛ فَإِنَّهُمْ أَصْلُكُمْ وَمَادَّتُكُمْ)). ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: ((إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَعَدُوُّ عَدُوِّكُمْ، وَأُوصِيكُمْ بِذِمَّتِكُمْ؛ فَإِنَّهَا ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ، قُومُوا عَنِّي)). فَمَا زَادَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ (¬1). [414] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو يحتضر (¬2) ((أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللهِ تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ ¬

(¬1) رواه أحمد في المسند (362) وابن الجعد في المسند (1282) واللفظ له، وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 336 وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 937 والبيهقي في السنن الكبرى (18740). (¬2) وقد قال له ابن عباس: (يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ، لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ)، وقال: ((مَصَّرَ اللَّهُ بِكَ الْأَمْصَارَ، وَفَتَحَ بِكَ الْفُتُوحَ، وَفَعَلَ بِكَ وَفَعَلَ)).

[415] ومن كلام له - رضي الله عنه - لابن عباس - رضي الله عنه - بعد أن طعنه أبو لؤلؤة المجوسي

وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي فَهُوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلاَعَ الأَرْضِ ذَهَبًا لاَفْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ)) (¬1). وقال: ((وَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُو لَا أَجْرَ وَلَا وِزْرَ)) (¬2). [415] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بعد أن طعنه أبو لؤلؤة المجوسي ((وَإِنَّ لِلْأَحِبَّاءِ نَصِيبًا مِنَ الْقَلْبِ، وَمَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَلَكِنِّي كَرِهْتُهُ حِينَ نَزَلَ، وَلَقَدْ تَرَكْتُ زَهْرَتَكُمْ كَمَا هِيَ مَا لَبِسْتُهَا فَأَخْلَقْتُهَا (¬3)، وَلَمْ تَكُنْ يَانِعَةً (¬4) فِي أَكْمَامِهَا (¬5) أَكَلْتُهَا، وَمَا جَنَيْتُ مَا حَمَيْتُ مِنْهَا إِلَّا لَكُمْ، وَلَا أَخْرَجْتُهَا فِي سِوَاكُمْ، وَلَا فِي غَيْرِ مَصْلَحَتِكُمْ. وَمَا تَرَكْتُ وَرَائِي دِرْهَمًا مَا عَدَا اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهَا فِي .... (¬6) فِي حَرْثِكُمْ هَذَا)) (¬7). ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (3692). (¬2) رواه أحمد بن حنبل في الزهد (659). (¬3) بِالْقَافِ وَالْفَاءِ، فَبِالْقَافِ مِنْ إِخْلَاقِ الثَّوب تَقْطِيعه، وَقَدْ خَلُقَ الثوبُ وأَخْلَقَ. وَأَمَّا الْفَاءُ فَبمعْنى العِوَض والبَدَل، وَهُوَ الأشْبَه. ورسم الكلمة يحتمل الاثنين. (النهاية لابن الأثير - (خَلَقَ)). (¬4) يانعة: أي ناضجة، يقال: أيْنَعَ: إذَا أدْرَك ونَضِج. (النهاية لابن الأثير - (يَنَعَ)). (¬5) أكمام: جَمْعُ (كِمّ)، بِالْكَسْرِ. وَهُوَ غِلاف الثَّمر والحَبّ قَبْلَ أَنْ يَظْهَر .. (النهاية لابن الأثير - (كَمَمَ)). (¬6) قال محقق كتاب الزهد: كلمتين غير واضحتين في الأصل. (¬7) رواه أبو داود في الزهد (53).

[416] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[416] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي وأوقظوه للصلاة بعد أن سُجّي مضرّجاً بدمائه: ((نَعَمْ، وَلَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ)) فقام، فصلى وجرحه يثغب دماً (¬1). [417] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي ((مَنْ طَعَنَنِي؟))، قَالُوا: أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فقال عمر: ((اللهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِله الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَاتِلِي يُخَاصِمُنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي سَجْدَةٍ سَجَدَهَا للهِ، قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَرَبَ لَنْ تَقْتُلَنِي)) (¬2). وقال لِلْعَبَّاسِ: ((هَذَا عَمَلُكَ وَعَمَلُ أَصْحَابِكَ، وَالله لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكُمْ أَنْ تَجْلِبُوا إِلَيْنَا مِنْهُمْ أَحَداً، الْحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ أُخَاصِمْ فِي دِينِي أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) (¬3). ثُمَّ أَتَاهُ طَبِيبٌ فَسَقَاهُ نَبِيذًا فَخَرَجَ مِنْهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَذِهِ حُمْرَةُ ¬

(¬1) رواه أحمد بن حنبل في الزهد (656). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (9775). (¬3) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 903 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 371.

[418] ومن كلام له - رضي الله عنه -

الدَّمِ، ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ، فَسَقَاهُ لَبَنًا فَخَرَجَ اللَّبَنُ يَصْلِدُ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي سَقَاهُ اللَّبَنَ: اعْهَدْ عَهْدَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عُمَرُ: ((صَدَقَنِي أَخُو بَنِي مُعَاوِيَةَ)) ثُمَّ دَعَا النَّفَرَ السِّتَّةَ الذين جعل فيهم الخلافة (¬1)، فَقَالَ: ((إِنِّي نَظَرْتُ فِي النَّاسِ فَلَمْ أَرَ فِيهِمْ شِقَاقًا، فَإِنْ يَكُنْ شِقَاقٌ فَهُوَ فِيكُمْ، قُومُوا فَتَشَاوَرُوا، ثُمَّ أَمِّرُوا أَحَدَكُمْ)) (¬2). [418] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين طُعن، وقد دعا علياً وعثمان والزبير وسعداً وعبد الرحمن بن عوف: ((إِنِّي نَظَرْتُ فِي أَمَرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَ عِنْدَهُمْ شِقَاقَاً (¬3)، فَإِنْ يَكُ شِقَاقٌ فَهُوَ فِيكُمْ، ثُمَّ إِنَّ قَوْمَكُمْ إِنَّمَا يُؤَمِّرُونَ أَحَدَكُمْ أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ، فَإِنْ كُنْتَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ يَا عَلِيُّ فَاتَّقِ اللهَ، وَلَا تَحْمِلْ بَنِي هَاشِمٍ ¬

(¬1) وهم: عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أجمعين. قال الحافظ ابن كثير في (مسند الفاروق: 2/ 676): (فهؤلاء رءوس قريش في الجاهلية، وسادة المسلمين في الإسلام، وممن سماهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونصَّ عليهم بأنهم من أهل الجنة. وفيهم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي أنه من أهل الجنة، وإنما تركه عمر ولم يذكره مع أهل الشورى لأنه من قبيلته وختنه على أخته فاطمة بنت الخطاب فخشي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إن ذكره معهم أن يرجحوه لذلك فتركه. وأما أبوعبيدة بن الجراح فكان قد مات قبل ذلك بنحو من ست سنين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه، وإلا فقد كان عند عمر أهلاً لذلك وفوق ذلك). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (9775). (¬3) الشِقاق: الخلاف. (جامع الأصول - (567).

[419] ومن كلام له - رضي الله عنه - لابن عباس وابن عمر وسعيد بن زيد، والمنية تخترمه

عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَإِنْ كُنْتَ يَا عُثْمَانُ عَلَى شَيْءٍ فَاتَّقِ اللهَ، وَلَا تَحْمِلْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَاتَّقِ اللهَ، وَلَا تَحْمِلْ أَقَارِبَكَ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، فَتَشَاوَرُوا، ثُمَّ أَمِّرُوا أَحَدَكُمْ)) (¬1). [419] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابن عباس وابن عمر وسعيد بن زيد، والمنية تخترمه ((اعْلَمُوا أَنِّي لَمْ أَقُلْ فِي الْكَلالَةِ شَيْئًا، وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِي أَحَدًا، وَأَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ وَفَاتِي مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ، فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ))، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَشَرْتَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَائتَمَنَكَ النَّاسُ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَائْتَمَنَهُ النَّاسُ. فَقَالَ عُمَرُ: ((قَدْ رَأَيْتُ مِنْ أَصْحَابِي حِرْصًا سَيِّئًا، وَإِنِّي جَاعِلٌ هَذَا الْأَمْرَ إِلَى هَؤُلاءِ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِينَ مَاتَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ))، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: ((لَوْ أَدْرَكَنِي أَحَدُ رَجُلَيْنِ، ثُمَّ جَعَلْتُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَيْهِ لَوَثِقْتُ بِهِ: سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ)) (¬2). ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (9776) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 343 و344 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 422 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 437. (¬2) رواه أحمد في المسند (129) وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 342 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 421 وابن عساكر في تاريخ دمشق 44/ 427.

[420] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الاستخلاف من بعده

[420] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الاستخلاف من بعده ((لَوْ أَدْرَكْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ لَوَلَّيْتُهُ، فَإِنْ قَدِمْتُ عَلَى رَبِّي فَقَالَ لِي: مَنْ وَلَّيْتَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ عَبْدَكَ وَخَلِيلَكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ)) (¬1)، وَلَوْ أَدْرَكْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، ثُمَّ وَلَّيْتُهُ ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَبِّي فَقَالَ لِي: مَنْ وَلَّيْتَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟ قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ عَبْدَكَ وَخَلِيلَكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((يَاتِي بَيْنَ الْعُلَمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِرَتْوَةٍ (¬2))) (¬3)، وَلَوْ ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (4382) وابن ماجه في السنن (154) وأحمد في المسند (12904) وابن حبان في صحيحه (7001). (¬2) أي برمية سهم. وقيل: بمِيل. وقيل: مدى البصر. (النهاية لابن الأثير - (رتا)). قلت: ويشهد له قول عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كما في رواية أحمد في (فضائل الصحابة - (1287)): ((رَبِّ سَمِعْتُ نَبِيَّكَ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّ العُلَمَاءَ إِذَا حَضَرُوا رَبَّهُمْ كَانَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أَتْوَةً بِحَجَرٍ)). (¬3) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (32959) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1834) والطبراني في المعجم الكبير (41) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 228 والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (120). وقال الألباني في (الصحيحة: 3/ 83): وبالجملة؛ فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا شك، ولا يرتاب في ذلك من له معرفة بهذا العلم الشريف، ويؤيده اشتهاره عند السلف، فقد روى الحاكم (3/ 268 - 269) بإسناد صحيح عن مالك بن أنس قال: (إنَّ معاذ بن جبل هلك وهو ابن ثمان وعشرين، وهو إمام العلماء برتوة). وكذلك رواه الطبراني في (المجمع). وقال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب (الإيمان ص 73) بعد أن ذكر معاذًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وقد فضَّله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد على كثير من أصحابه في العلم بالحلال والحرام، ثمَّ قال: (يتقدم العلماء برتوة). فجزم بنسبة الحديث إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو المراد).

[421] ومن كلام له - رضي الله عنه - لأصحاب الشورى

أَدْرَكْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ثُمَّ وَلَّيْتُهُ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَبِّي فَسَأَلَنِي مَنْ وَلَّيْتَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟ لَقُلْتُ: سَمِعْتُ عَبْدَكَ وَخَلِيلَكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ سَلَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ)) (¬1))) (¬2). فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ (¬3): يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؟ فقال عمر: ((قَاتَلَكَ اللهُ، وَاللهِ مَا أَرَدْتَ اللهَ بِهَذَا، أَسْتَخْلِفُ رَجُلًا لَيْسَ يُحْسِنُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ)) (¬4). [421] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأصحاب الشورى ((تَشَاوَرُوا فِي أَمْرِكُمْ، فَإِنْ كَانَ اثْنَانِ وَاثْنَانِ، فَارْجِعُوا فِي الشُّورَى، وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةٌ وَاثْنَانِ فَخُذُوا صِنْفَ الْأَكْثَرِ)) (¬5). ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (3757) والترمذي في السنن (3846) وأحمد في المسند (1750) وفضائل الصحابة (13) و (1484) وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 886 وابن حبان في صحيحه (7091) والحاكم في المستدرك (5295). (¬2) رواه أحمد في فضائل الصحابة (1287) وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 886 والبلاذري في أنساب الأشراف: 11/ 72 مختصراً، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (697) مختصراً، والشاشي في المسند (617) والمحاملي في أماليه (208) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 58/ 404. (¬3) قال عثمان بن مسلم كما في رواية البلاذري: يَعْنِي بِالرَّجُلِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ. (¬4) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 343 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 421 والخلال في السنة (344). (¬5) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 61.

[422] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد نظر إلى معاوية والحارث بن نوفل بن الحارث

وقال: ((إِنِ اخْتَلَفْتُمْ دَخَلَ عَلَيْكُمْ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مِنَ الشَّامِ، وَبَعْدَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ (¬1) مِنَ الْيَمَنِ، فَلَا يَرَيَانِ لَكُمْ فَضْلًا إِلَّا بِسَابِقَتِكُمْ)) (¬2). [422] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد نظر إلى معاوية والحارث بن نوفل بن الحارث (¬3) ((يا ابن عَبَّاسٍ، إِنَّ قَوْمَكُمْ يَكْرَهُونَ إِلْفَتَكُمْ، وَيَخَافُونَ أَنْ يَصِيرَ الأَمْرَ لَكُمْ، وَيَرَوْنَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَظٌّ مَعَكُم)) (¬4). [423] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يوصي به الخليفة من بعده ((أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي خَيْرًا، وَأُوصِيهِ بِالْمُهَاجِرِينَ خَيْرًا، أَنْ ¬

(¬1) عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ المخْزُومي، والد الشاعر المشهور عمر، وأخو عياش، كان اسمه بحيرا، فسماه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الله. وكان أحد الأشراف، ومن أحسن الناس صورة، وهو الذي بعثته قريش مع عمرو بن العاص إلى النجاشي لأذية مهاجرة الحبشة، ثم أسلم وحسن إسلامه. ولاه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجند ومخاليفها، فبقي فيها إلى أيام فتنة عثمان، فجاء لينصره، فوقع عن راحلته فمات بقرب مكة. (تاريخ الإسلام: 2/ 256). (¬2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (متمم الصحابة): (149) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 49/ 124. (¬3) الحارث بن نوفل بن الحارث الهاشمي، أسلم مع أبيه، وولي مكة لعمر وعثمان. وقد استعمله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على بعض العمل، وقيل: إنه نزل البصرة، وبنى بها داراً. مات في خلافة عثمان عن نحو من سبعين سنة. (سير أعلام النبلاء: 1/ 199). (¬4) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 374.

[424] ومن كلام له - رضي الله عنه - لما طعن وجاءه الناس يثنون عليه ويودعونه

يَعْرِفَ حُقُوقَهُمْ، وَأَنْ يُنزِلَهُمْ عَلَى مَنَازِلِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِالْأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلُ خَيْرًا، أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الْأَمْصَارِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ رِدْءُ (¬1) الْإِسْلَامِ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ، وَبَيْتُ الْمَالِ، وَلَا يَرْفَعُ فَضْلَ صَدَقَاتِهِمْ إِلَّا بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ، وَأُوصِيهِ بَأَعْرَابِ الْبَادِيَةِ، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ، وَمَادَّةُ الْإِسْلَامِ، أَنْ تُؤْخَذَ صَدَقَاتُهُمْ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ (¬2)، وَتُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ خَيْرًا، أَلَّا يُكَلِّفَهُمْ إِلَّا طَاقَتَهُمْ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَنْ يَفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِم)) (¬3). [424] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما طُعن وجاءه الناس يثنون عليه ويودعونه ((أَبِالْإِمَارَةِ تُزَكُّونَنِي؟ لَقَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَبَضَ اللهُ رَسُولَهُ وَهُوَ عَنِّي رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتَ، فَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا سَامِعٌ مُطِيعٌ، وَمَا أَصْبَحْتُ أَخَافُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا ¬

(¬1) الردء: العون. (جامع الأصول لابن الأثير - (2085)). (¬2) أي: صِغار الْإِبِلِ، كَابْنِ المخَاض، وَابْنِ اللَّبون، واحِدُها حاشِية. وحاشِية كُلِّ شَيْءٍ جَانِبُهُ وطَرَفُه. وهو كحديث ((اتَّقِ كَرَائِمَ أمْوَالهم)). (النهاية لابن الأثير - (حَشَا)). (¬3) رواه البخاري في صحيحه (3700) وابن حبان في صحيحه (6917) وأبو يوسف في الخراج: ص23 وعبد الرزاق في المصنف (20058) وابن أبي شيبة في المصنف (38214) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 364 والخلال في السنة (62) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2541).

[425] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الخلافة

إِمَارَتَكُمْ هَذِهِ)) (¬1). [425] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الخلافة ((لِيَعْلَمَ مَنْ وَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِي أَنْ سَيُرِيدُهُ عَنْهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، إِنِّي لَأُقَاتِلُ النَّاسَ عَنْ نَفْسِي قِتَالًا، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ أَقْوَى عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مِنِّي لَكُنْتُ أَنْ أُقَدَّمَ فَيُضْرَبَ عُنُقِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آتِيَ إِلَيْهِ)) (¬2). [426] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وهو يحتضر ((احْفَظْ عَنِّي ثَلاثًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا يُدْرِكَنِي النَّاسُ: أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَقْضِ فِي الْكَلالَةِ قَضَاءً، وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ عَلَى النَّاسِ خَلِيفَةً، وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي عَتِيقٌ)). فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: اسْتَخْلِفْ. فَقَالَ: ((أَيَّ ذَلِكَ أَفْعَلُ فَقَدْ فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنْ أَدَعْ إِلَى النَّاسِ أَمْرَهُمْ، فَقَدْ تَرَكَهُ نَبِيُّ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ، فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: أَبُو بَكْرٍ)). فَقُلْتُ لَهُ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ، صَاحَبْتَ رَسُولَ اللهِ ¬

(¬1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 355 وابن أبي شيبة في المصنف (38228). (¬2) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 693

[427] ومن كلام له - رضي الله عنه - لابنه عبد الله - رضي الله عنه - وهو يحتضر

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَطَلْتَ صُحْبَتَهُ، وَوُلِّيتَ أَمْرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَوِيتَ وَأَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ. فَقَالَ: ((أَمَّا تَبْشِيرُكَ إِيَّايَ بِالْجَنَّةِ، فَوَاللهِ لَوْ أَنَّ لِي - قَالَ عَفَّانُ: فَلا وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَوْ أَنَّ لِي - الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ مَا أَمَامِي قَبْلَ أَنْ أَعْلَمَ الْخَبَرَ، وَأَمَّا قَوْلُكَ فِي أَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافًا، لَا لِي وَلا عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ نَبِيِّ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَلِكَ)) (¬1). [427] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابنه عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو يحتضر ((إِذَا وَضَعْتَنِي فِي لَحْدِي فَأَفْضِ بِخَدِّي إِلَى الْأَرْضِ؛ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَ خَدِّي وَبَيْنَ الْأَرْضِ شَيْء)) (¬2). وقال: ((يَا بُنَيَّ، إِذَا حَضَرَتْنِي الْوَفَاةُ فَاحْرِفْنِي، وَاجْعَلْ رُكْبَتَيْكَ فِي صُلْبِي، وَضَعْ يَدَكَ الْيُمْنَى عَلَى جَبِينِي، وَيَدَكَ الْيُسْرَى عَلَى ذَقْنِي، فَإِذَا قُبِضْتُ فَأَغْمِضْنِي، وَاقْصِدُوا فِي كَفَنِي، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُنْ لِي عِنْدَ اللهِ ¬

(¬1) رواه أحمد في المسند (322) والطيالسي في المسند (26) وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 923. (¬2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 360 وأحمد في الزهد (634) واللفظ له، والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 437 وابن أبي الدنيا في المحتضرين (42) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 445.

[428] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد سمع ابنته أم المؤمنين حفصة - رضي الله عنها - تندبه

خَيْرٌ أَبْدَلَنِي خَيْرًا مِنْهُ، وَإِنْ كُنْتُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ سَلَبَنِي فَأَسْرَعَ سَلْبِي، وَاقْصِدُوا فِي حُفْرَتِي، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُنْ لِي عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَسَّعَ لِي فِيهَا مَدَّ بَصَرِي، وَإِنْ كُنْتُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ ضَيَّقَهَا عَلَيَّ حَتَّى تَخْتَلِفُ أَضْلَاعِي، وَلَا تُخْرِجُنَّ مَعِي امْرَأَةً، وَلَا تُزَكُّونِي بِمَا لَيْسَ فِيَّ، فَإِنَّ اللهَ هُوَ أَعْلَمُ بِي، وَإِذَا خَرَجْتُمْ بِي فَأَسْرِعُوا فِي الْمَشْيِ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُنْ لِي عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ قَدَّمْتُمُونِي إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لِي، وَإِنْ كُنْتُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كُنْتُمْ قَدْ أَلْقَيْتُمْ عَنْ رِقَابِكُمْ شَرًّا تَحْمِلُونَهُ)) (¬1). [428] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سمع ابنته أم المؤمنين حفصة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تندبه ((يَا عَبْدَ الله، أَجْلِسْنِي، فَلَا صَبْرَ لِي عَلَى مَا أَسْمَعُ))، فَأَسْنَدَهُ عبد الله بن عمر إِلَى صَدْرِهِ، فَقَالَ لَهَا: ((إِنِّي أُحَرِّجُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَنْدُبِينِيَ بَعْدَ مَجْلِسِكِ هَذَا، فَأَمَّا عَيْنُكِ فَلَنْ أَمْلِكَهَا، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَيِّتٍ يُنْدَبُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْمَلَائِكَةُ تَمْقُتُهُ)) (¬2). [429] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، ¬

(¬1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 358 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 436 - 437 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 446 و64/ 159. (¬2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 361 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 438 والحارث في مسنده كما في بغية الباحث (264) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 448.

فَقُلْ: يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عَلَيْكِ السَّلاَمَ، ثُمَّ سَلْهَا، أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ)). فقَالَتْ عَائِشَةَ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي فَلَأُوثِرَنَّهُ اليَوْمَ عَلَى نَفْسِي. فَلَمَّا أَقْبَلَ عَبْدَ اللهُ بْنَ عُمَرَ، قَالَ له عمر: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فقَالَ عمر: ((مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ المَضْجَعِ، فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمُوا، ثُمَّ قُلْ: يَسْتَاذِنُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي، فَادْفِنُونِي، وَإِلَّا فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ، إِنِّي لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاَءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِي فَهُوَ الخَلِيفَةُ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا))، فَسَمَّى عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللهِ، كَانَ لَكَ مِنَ القَدَمِ فِي الإِسْلاَمِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ، فَقَالَ: ((لَيْتَنِي يَا ابْنَ أَخِي وَذَلِكَ كَفَافًا لاَ عَلَيَّ وَلاَ لِي، أُوصِي الخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ خَيْرًا، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيُعْفَى عَنْ

[430] ومن كلام له - رضي الله عنه - وهو يحتضر

مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللهِ، وَذِمَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَأَنْ لاَ يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ)) (¬1). [430] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو يحتضر ((ظَلُومٌ لِنَفْسِي غَيْرَ أَنِّيَ مُسْلِمٌ ... أُصَلِّي الصَّلَاةَ كُلَّهَا وَأَصُومُ)) (¬2) ¬

(¬1) رواه البخاري في صحيحه (1392) وابن أبي شيبة في المصنف (38214) والخلال في السنة (62) وابن حبان في صحيحه (6917) والآجري في الشريعة (1396) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2541) والبيهقي في السنن الكبرى (16579). (¬2) ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب: 3/ 1157وابن الأثير في أسد الغابة: 4/ 156 والكامل في التاريخ: 2/ 429.

الباب الثاني: في المختار من كتب أمير المؤمنين - رضي الله عنه - ورسائله

الباب الثاني: في المُختار من كتب أمير المؤمنين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ورسائله

[431] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه - فقرأه على الناس بالجابية

[431] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي عبيدة بن الجراح - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقرأه على الناس بالجابية ((أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ لَمْ يُقِمْ أَمْرَ اللهِ فِي النَّاسِ إِلَّا حَصِيفُ الْعُقْدَةِ (¬1)، بَعِيدُ الْغِرَّةِ (¬2)، لَا يَطَّلِعُ النَّاسُ مِنْهُ عَلَى عَوْرَةٍ وَلَا يَحْنَقُ فِي الْحَقِّ عَلَى جَرَّةٍ (¬3)، وَلَا يَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ)) (¬4). [432] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أهل البصرة ((إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُ عَلَيْكُمْ أَبَا مُوسَى لِيَاخُذَ مِنْ قَوِيِّكُمْ لِضَعِيفِكُمْ، وَلِيُقَاتِلَ بِكُمْ عَدُوَّكُمْ، وَلِيَدْفَعَ عَنْ دِينِكُمْ، وَلِيَجْبِيَ لَكُمْ فَيْئَكُمْ، ثُمَّ يَقْسِمَهُ فِيكُمْ)) (¬5). ¬

(¬1) حصِيفَ العقدة: الحصيف: المحكم العقل، والعقدة: الرأي والتدبير (لسان العرب 9/ 48). (¬2) في أنساب الأشراف: 10/ 326 (إِلا عَفِيفُ الْفِعْلِ، بَعِيدُ الْقَعْرِ)، وقوله: (بَعِيدُ الغِرَّة): الغِرَّة هي الغفلة، والمراد: أي من بعد حفظه لغفلة المسلمين. (النهاية 3/ 355). (¬3) الحنق: الغيظ. والجِرَّة: ما يخرجه البعير عن جوفه ويمضغه. والمراد: لَا يَحْقد عَلَى رعيَّتِه. فضَرب الجِرَّة لِذَلِكَ مَثَلاً. (النهاية لابن الأثير - (جَرَرَ)). (¬4) رواه أبو عبيد في الخطب والمواعظ (135) وابن أبي شيبة في المصنف (34544) وابن أبي الدنيا في الإشراف (109) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 279. (¬5) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 71 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 60/ 38 وابن كثير في البداية والنهاية: 10/ 49.

[433] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أمراء الأجناد

[433] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أمراء الأجناد ((أَنْ لا يَدْخُلَ الرَّجُلُ الْحَمَّامَ إِلاَّ بِمِئْزَرٍ، ولَا تَدْخُلُهُ امْرَأَةٌ إِلَّا مِنْ سَقَمٍ، وَعَلِّمُوَا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ، وَاجْعَلُوا اللَّهْوَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: الْخَيْلِ وَالنِّسَاءِ وَالنِّضَالِ)) (¬1). [434] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم ((أَنِ ادْعُ فَلَانًا وَفُلَانًا - نَاسًا قَدِ انْقَطَعُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَخَلَوْا مِنْهَا - فَإِمَّا أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى نِسَائِهِمْ، وَإِمَّا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَيْهِنَّ بِنَفَقَةٍ، وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقُوا وَيَبْعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا مَضَى)) (¬2). [435] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في امرأة من أَهْلِ الْحِيرَةِ أسلمت ولم يُسلم زوجُها ((أَنْ خَيِّرُوهَا فَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ، وَإِنْ شَاءَتْ قَرَّتْ عِنْدَهُ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (1133) وابن الجعد في مسنده (2374) وابن أبي شيبة في المصنف (1186) والبيهقي في شعب الإيمان (7387)، والنص المذكور جمعي. (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (12346) وابن أبي شيبة في المصنف (19358) والبيهقي في السنن الكبرى (15706). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (10083) و (12660).

[436] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -

[436] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي عبيدة بن الجراح - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (¬1) وقد كتب إليه عن رجل أقر بالزنا وادَّعى جهله بالتحريم ((إِنْ كَانَ عَلِمَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَهُ فَحُدُّوهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ فَعَلِّمُوهُ، وَإِنْ عَادَ فَحُدُّوهُ)) (¬2). [437] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى حذيفة بن اليمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَنْ أَعْطِ النَّاسَ أُعْطِيَتَهُمْ وَأَرْزَاقَهُمْ))، فَكَتَبَ إِلَيْهِ حذيفة: إِنَّا قَدْ فَعَلْنَا وَبَقِيَ شَيْءٌ كَثِيرٌ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: ((إِنَّهُ فَيْؤُهُمُ الَّذِي أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِمْ، لَيْسَ هُوَ لِعُمَرَ وَلَا لِآلِ عُمَرَ، اقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ)) (¬3). [438] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى خالد بن الوليد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أنه دخل الحمام فتدلك بعد النورة بثخين عصفر معجون بخمر: ¬

(¬1) قال ابن حجر في (تلخيص الحبير: 4/ 113): هكذا أخرجه عبد الرزاق عن ابن عيينة، وأخرجه أيضا عن معمر عن عمرو بن دينار وزاد: ((إنَّ الذي كتب إلى عمر بذلك، هو أبو عبيدة بن الجراح))، وفي رواية له: أنَّ عثمان هو الذي أشار بذلك على عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (13643) وابن أبي شيبة في المصنف (19358) والبيهقي في السنن الكبرى (15706). (¬3) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 299 وعنه البلاذري في فتوح البلدان: ص 435.

[439] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أهل الكوفة

((بَلَغَنِي أَنَّكَ تَدَلَّكْتَ (¬1) بِخَمْرٍ، وإنَّ اللهَ قَدْ حرَّمَ ظَاهِرَ الخَمْرِ وبَاطِنَهُ، كَمَا حَرَّمَ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ، وقَدْ حَرَّمَ مَسَّ الخَمْرِ إِلَّا أَنْ تُغْسَلَ كَمَا حَرَّمَ شُرْبَهَا، فَلَا تُمِسُّوهَا أَجْسَادَكُمْ فَإِنَّهَا نَجَسٌ، وإِنْ فَعَلْتُمْ فَلَا تَعُودُوا)). فَكَتَبَ إِلَيْهِ خَالِدٌ: إِنَّا قَتَلْنَاهَا، فَعَادَتْ غُسُولاً غَيْرَ خَمْرٍ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: ((إِنِّي أَظُنُّ آلَ المُغِيرَةِ قَدِ ابْتُلُوا بِالجَفَاءِ، فَلَا أَمَاتَكُمُ اللهُ عَلَيْهِ (¬2)!)) (¬3). [439] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أهل الكوفة ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ أَمِيرًا، وَابْنَ مَسْعُودٍ ¬

(¬1) الدَّلُوكُ بِالْفَتْحِ: اسْمٌ لِمَا يَتَدَلَّكَ بِهِ مِنَ الْغَسُولَاتِ، كالعَدَس، والأشْنَان، وَالْأَشْيَاءِ المُطَيِّبة. (النهاية لابن الأثير - (دَلَكَ)). (¬2) وعند أبي عبيد في (غريب الحديث - (ذرأ)) أنَّ عمر كتب إلى خالد بن الوليد: ((أنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ دَخَلْتَ حَمَّامًا بِالشَّامِ، وَأَنَّ مَنْ بِهَا مِنَ الأَعَاجِمِ أَعَدُّوا لَكَ دَلُوكًا عُجِنَ بِخَمْرٍ، وَإِنِّي لَأَظُنُّكُمْ آلَ المُغِيرَة ذَرْءَ النَّارِ)). وقوله: ((ذَرْءَ النَّارِ)): أي خَلْقُها الذين خُلِقوا لها. وفي الأثر انقطاع بين سليمان بن موسى والفاروق عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فإن سليمان بن موسى عدَّه الحافظ ابن حجر من الطبقة الخامسة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين الذي رأوا الواحد والاثنين من الصحابة، ولم يثبت لهم السماع. والأثر على فرض ثبوته وهو غير ثابت كما ذكرنا محمول على التقريع الشديد والزجر لخالد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 66 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 16/ 265 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 359 وابن العديم في بغية الطلب: 7/ 3159 وابن كثير في البداية والنهاية: 10/ 45.

مُعَلِّمًا وَوَزِيرًا، وَقَدْ جَعَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى بَيْتِ مَالِكُمْ، وَإِنَّهُمَا لَمِنَ النُّجَبَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَاسْمَعُوا لَهُمَا وَأَطِيعُوا، وَاقْتَدُوا بِهِمَا، وَقَدْ آثَرْتُكُمْ بِابْنِ أُمِّ عَبْدٍ (¬1) عَلَى نَفْسِي، وَبَعَثْتُ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ (¬2) عَلَى السَّوَادِ (¬3)، وَرَزَقْتُهُمْ كُلَّ يَوْمٍ شَاةً، فَاجْعَلْ شَطْرَهَا وَبْطَنْهَا لِعَمَّارٍ وَالشَّطْرَ الْبَاقِي بَيْنَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ)) (¬4). ¬

(¬1) وهو عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (¬2) عثمان بن حنيف بن واهب الأوسي الأنصاري، قال الترمذي: إنه شهد بدراً. وقال الجمهور: أول مشاهده أُحد. عمل لعمر ثم لعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وولاه عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مساحة الأرضين وجبابتها، وضرب الخراج والجزية على أهلها، وولاه علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - البصرة فأخرجه طلحة والزبير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حين قدما البصرة، ثم قدم علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فكانت وقعة الجمل، فلما خرج علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من البصرة ولاها عبد الله بن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، سكن عثمان بن حنيف الكوفة وبقي إلى زمان معاوية. (الاستيعاب: 3/ 1033 والإصابة: 4/ 371 - 372). (¬3) قال أبو عبيد في (الأموال (182)): (يُقَالَ: إِنَّ حَدَّ السَّوَادِ الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمِسَاحَةُ مِنْ لَدُنْ تُخُومِ الْمَوْصِلِ، مَادًّا مَعَ الْمَاءِ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، بِبِلَادِ عَبَّادَانَ مِنْ شَرْقِيِّ دِجْلَةَ، هَذَا طُولُهُ، وَأَمَّا عَرْضُهُ فَحَدُّهُ مُنْقَطَعُ الْجَبَلِ مِنْ أَرْضِ حُلْوَانَ، إِلَى مُنْتَهَى طُرُقِ الْقَادِسِيَّةِ الْمُتَّصِلُ بِالْعُذَيْبِ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ فَهَذِهِ حُدُودُ السَّوَادِ، وَعَلَيْهِ وَقَعَ الْخَرَاجُ). ونقل ابن كثير في (مسند الفاروق: 2/ 501) عن الكلبي قوله: إنما سُمِّي السواد لأنَّ العرب حين جاءوا نظروا إلى مثل الليل من النخل والشجر والماء قسموه سواداً. (¬4) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 2/ 255 وابن أبي شيبة في المصنف (32903) وأحمد في فضائل الصحابة (1547) والفسوي في المعرفة والتاريخ: 2/ 533 وابن أبي خيثمة في تاريخه (3544) والبلاذري في أنساب الأشراف: 1/ 163 وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (246) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2770) والطبراني في المعجم الكبير (8478) والحاكم في المستدرك (5663) والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (101).

[440] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى عمير بن سعد الأنصاري - رضي الله عنه - وعماله

[440] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ الأَنْصَارِيِّ (¬1) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعُمَّالِهِ ((أَنْ لَا يَحُدَّ أَمِيرُ الْجَيْشِ، وَلَا أَمِيرُ سَرِيَّةٍ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَطْلُعَ الدَّرْبُ قَافِلًا، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ تَحْمِلَهُ الْحَمِيَّةُ عَلَى أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُشْرِكِينَ)) (¬2). [441] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأمراء الكوفة ((أَمَّا بَعْدُ؛ فَقَدْ جَاءَنِي مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ (¬3) وَحُلْوَانَ (¬4)، وَفِي ذَلِكُمْ ¬

(¬1) عمير بن سعد الأنصاري الأوسي، كان يقال له (نَسِيج وَحْدِهِ)، سمَّاه بهذا عمر لإعجابه به، صحب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو الّذي رفع إلى النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلام الجلاس بن سويد، وكان يتيماً في حِجره، وشهد فتوح الشام، واستعمله عمر على حمص إلى أن مات. وكان من الزهاد، وتُوفي في مُلك معاوية. (الإصابة: 4/ 596). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (9370) والبيهقي في السنن الكبرى (18226). (¬3) العُذَيبُ: تصغير العذب، وهو الماء الطيب: وهو ماء بين القادسية والمغيثة، بينه وبين القادسية أربعة أميال وإلى المغيثة اثنان وثلاثون ميلا، وقيل: هو واد لبني تميم، وهو من منازل حاج الكوفة، وقيل: هو حد السواد. (معجم البلدان: 4/ 92). (¬4) حُلْوانُ: بالضم ثم السكون، وهو اسم لعدة مواضع، أبرزها: حلوان العراق، وهي في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد، وأما فتحها فإنَّ المسلمين لما فرغوا من جلولاء ضمّ هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وكان عمه سعد قد سيّره على مقدمته إلى جرير بن عبد الله في خيل ورتبه بجلولاء، فنهض إلى حلوان فهرب يزدجرد إلى أصبهان وفتح جرير حلوان صلحاً على أن كفّ عنهم وآمنهم على ديارهم وأموالهم ثم مضى نحو الدينور. (معجم البلدان: 2/ 290 - 291).

[442] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -

مَا يَكْفِيكُمْ إِنِ اتَّقَيْتُمْ وَأَصْلَحْتُمْ، واجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ مَفَازَةً)) (¬1). [442] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ جَلُولاءَ فَسَرِّحِ الْقَعْقَاعَ بْنَ عَمْرٍو (¬2) فِي آثَارِ الْقَوْمِ حَتَّى يَنْزِلَ بِحُلْوَانَ فَيَكُونَ رِدْءًا لِلْمُسْلِمِينَ وَيَحْرِزَ اللهُ لَكُمْ سَوَادَكُمْ)) (¬3). [443] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في أمر زُهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةِ التَّمِيمِيُّ (¬4) ((تَعْمَدُ إِلَى مِثْلِ زُهْرَةَ - وَقَدْ صَلِيَ بِمِثْلِ مَا صَلِيَ بِهِ، وَقَدْ بَقِيَ ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (34453). (¬2) القَعْقَاع بْن عَمْرو التَّميْميّ. قيل: إنّه شهِدَ وَفَاةُ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَهُ أثر عظيم فِي قتال الفُرْس فِي القادسيّة وغيرها. وكان أحد الأبطال المذكورين. يُقَالُ: إنّ أَبَا بَكْر قَالَ: صوت القعقاع فِي الجيش خيرٌ من ألف رجلٍ. وشهِدَ الجمل مع عليّ وكان الرَّسُول فِي الصُّلح يومئذٍ بين الفريقين. وسكن الكوفة. (تاريخ الإسلام: 2/ 378). (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 34 وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 215 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 345. (¬4) زُهْرة بن حَوِيَّة أو جَوِيَّة التَّمِيْمِيُّ، أوفده ملك هجر على النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأسلم، ثم شهد القادسيّة مع سعد، وكان على مقدمة الجيش في القادسية في قتال الفرس. وذكره مع سعد في القادسية ذكر جميل، كان سعد يرسله للغارة واتباع الفرس، وهو الذي قتل جالينوس، وأخذ سلبه. وقيل: بل قتله كثير بن شهاب، وبالقادسية قتل زهرة هذا. (الاستيعاب: 2/ 565).

[444] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -

عَلَيْكَ مِنْ حَرْبِكَ مَا بَقِيَ - تَكْسِرُ قَرْنَهُ (¬1)، وَتُفْسِدُ قَلْبَهُ! أَمْضِ لَهُ سَلَبَهُ، وَفَضِّلْهُ عَلَى أَصْحَابِهِ عِنْدَ العَطَاءِ بِخَمْسِمِائَةٍ (¬2)، أَنَا أَعْلَمُ بِزُهْرَةَ مِنْكَ، وَإِنَّ زُهْرَةَ لَمْ يَكُنْ لِيُغَيِّبَ مِنْ سَلَبٍ سَلَبَهُ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ الَّذِي سَعَى بِهِ إِلَيْكَ كَاذِبًا فَلَقَاهُ اللهُ مِثْل زُهْرَةَ، في عضديه يارَقان، وَإِنِّي قَدْ نَفَّلْتُ كُلَّ مَنْ قَتَلَ رَجُلاً سَلَبَهُ)) (¬3). [444] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ، فَسِرْ مِنْ شَرَافَ نَحْوِ فَارِسَ بِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ، وَاسْتَعِنْ بِهِ عَلَى أَمْرِكَ كُلِّهِ، وَاعْلَمْ فِيمَا لَدَيْكَ أَنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى أُمَّةٍ عَدَدُهُمْ كَثِيرٌ، وَعُدَّتُهُمْ فَاضِلَةٌ، وَبَاسُهُمْ شَدِيدٌ، وَعَلَى بَلَدٍ مَنِيعٍ - وَإِنْ كَانَ سَهْلاً - كَؤُودٍ (¬4) لِبُحُورِهِ وَفُيُوضِهِ وَدَآدِئِهِ، إِلا أَنْ تُوَافِقُوا غَيْضًا مِنْ فَيْضٍ. وَإِذَا لَقِيتُمُ الْقَوْمَ أَوْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَابْدَءُوهُمُ الشَّدَّ وَالضَّرْبَ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمُنَاظَرَةَ لِجُمُوعِهِمْ، وَلا يَخْدَعُنَّكُمْ، فَإِنَّهُمْ خَدَعَةٌ مَكَرَةٌ، أَمْرُهُمْ غَيْرُ أمركم؛ إلا أَنْ تُجَادُّوهُمْ، وَإِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ - وَالْقَادِسِيَّةُ بَابُ ¬

(¬1) قَرنُ الإنسان: جانب رأسه. (جامع الأصول لابن الأثير - (7561)). (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 568 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 314. (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 568. (¬4) الكَؤُودُ: المرْتقَى الصَّعْبُ، وَهِي الصَّعُودُ. (تهذيب اللغة للأزهري: 10/ 178).

فَارِسَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهِيَ أَجْمَعُ تِلْكَ الأَبْوَابِ لِمَادَّتِهِمْ، وَلِمَا يُرِيدُونَهُ مِنَ تِلْكَ الآصل، وَهُوَ مَنْزِلٌ رَغِيبٌ خَصِيبٌ حَصِينٌ دُونَهُ قَنَاطِرٌ (¬1)، وَأَنْهَارٌ مُمْتَنِعَةٌ - فَتَكُونُ مَسَالِحُكَ (¬2) عَلَى أَنْقَابِهَا، وَيَكُونُ النَّاسُ بَيْنَ الْحَجَرِ وَالْمَدَرِ عَلَى حَافَّاتِ الْحَجَرِ وَحَافَّاتِ الْمَدَرِ، وَالْجِرَاعُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ الْزَمْ مَكَانَكَ فَلَا تَبْرَحْهُ، فَإِنَّهُمْ إِذَا أَحَسُّوكَ أَنْغَضْتَهُمْ وَرَمَوْكَ بِجَمْعِهِمُ الَّذِي يَاتِي عَلَى خَيْلِهِمْ وَرَجْلِهِمْ وَحَدِّهِمْ وَجِدِّهِمْ، فَإِنْ أَنْتُمْ صَبَرْتُمْ لِعَدُوِّكُمْ وَاحْتَسَبْتُمْ لِقِتَالِهِ وَنَوَيْتُمُ الأَمَانَةَ، رَجَوْتُ أَنْ تُنْصَرُوا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ لا يَجْتَمِعُ لَكُمْ مِثْلُهُمْ أَبَدًا إِلا أَنْ يَجْتَمِعُوا وَلَيْسَتْ مَعَهُمْ قُلُوبُهُمْ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى كَانَ الْحَجَرُ فِي أَدْبَارِكُمْ، فَانْصَرَفْتُمْ مِنْ أَدْنَى مَدَرَةٍ مِنْ أَرْضِهِمْ إِلَى أَدْنَى حَجَرٍ مِنْ أَرْضِكُمْ، ثُمَّ كُنْتُمْ عَلَيْهَا أَجْرَأَ وَبِهَا أَعْلَمَ، وَكَانُوا عَنْهَا أَجْبَنَ وَبِهَا أَجْهَلَ، حَتَّى يَاتِي اللهُ بِالْفَتْحِ عَلَيْهِمْ، وَيَرُدُّ لَكُمُ الْكَرَّةَ)) (¬3). ¬

(¬1) القنطرة: ما يبنى على الماء، للعبور عليه، والجسر أعمُّ منه، لانه يكون بناء وغير بناء. (معجم الفروق اللغوية: ص163). (¬2) المسالح: جمع مَسْلحة، وهم قوم ذوو سلاح، والمسلحة أيضاً كالثغر والمرقَب، يكون فيه أقوام يرقبون العدو لئلا يطرقهم، فإذا رأوه: أعلموا أصحابهم ليتأهَّبُوا له. (جامع الأصول لابن الأثير - (7484)). (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 490 - 491 وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 162.

[445] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -

[445] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ، فَتَعَاهَدْ قَلْبَكَ، وَحَادِثْ جُنْدَكَ بِالْمَوْعِظَةِ وَالنِّيَّةِ وَالْحِسْبَةِ، وَمَنْ غَفَلَ فَلْيُحَدِّثْهُمَا، وَالصَّبْرَ الصَّبْرَ، فَإِنَّ الْمَعُونَةَ تَاتِي مِنَ اللَّهِ عَلَى قَدْرِ النِّيَّةِ، وَالأَجْرُ عَلَى قَدْرِ الْحِسْبَةِ، وَالْحَذَرَ الْحَذَرَ عَلَى مَنْ أَنْتَ عَلَيْهِ وَمَا أَنْتَ بِسَبِيلِهِ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، وَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، وَاكْتُبْ إِلَيَّ أَيْنَ بَلَغَكَ جَمْعُهُمْ، وَمَنْ رَاسُهُمُ الَّذِي يَلِي مُصَادَمَتَكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ مَنَعَنِي مِنْ بَعْضِ مَا أَرَدْتَ الْكِتَابَ بِهِ قِلَّةُ عِلْمِي بِمَا هَجَمْتُمْ عَلَيْهِ، وَالَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَمْرُ عَدُوِّكُمْ، فَصِفْ لَنَا مَنَازِلَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْبَلَدِ الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمَدَائِنِ صِفَةً كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَمْرِكُمْ عَلَى الْجَلِيَّةِ، وَخَفِ اللَّهَ وَارْجُهُ، وَلا تُدْلِ بِشَيْءٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَكُمْ وَتَوَكَّلَ لِهَذَا الأَمْرِ بِمَا لا خُلْفَ لَهُ، فَاحْذَرْ أَنْ تَصْرِفَهُ عَنْكَ، وَيُسْتَبْدَلَ بِكُمْ غَيْرُكُمْ)). فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَعْدٌ بِصِفَةِ الْبُلْدَانِ: إِنَّ الْقَادِسِيَّةَ بَيْنَ الْخَنْدَقِ وَالْعَتِيقِ، وَإِنَّ مَا عَنْ يَسَارِ الْقَادِسِيَّةِ بَحْرٌ أَخْضَرُ فِي جَوْفٍ لاحَ إِلَى الْحِيرَةِ بَيْنَ طَرِيقَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَعَلَى الظَّهْرِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَعَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ يُدْعَى الْحَضُوضَ، يَطْلَعُ بِمَنْ سَلَكَهُ عَلَى مَا بَيْنَ الْخَوَرْنَقِ وَالْحِيرَةِ،

[446] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -

وَمَا عَنْ يَمِينِ الْقَادِسِيَّةِ إِلَى الْولجَةِ فَيْضٌ مِنْ فُيُوضِ مِيَاهِهِمْ وَإِنَّ جَمِيعَ مَنْ صَالَحَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ قَبْلِي أَلْبٌ لأَهْلِ فَارِسَ قَدْ خَفُّوا لَهُمْ، وَاسْتَعَدُّوا لَنَا، وَإِنَّ الَّذِي أَعَدُّوا لِمُصَادَمَتِنَا رُسْتُمَ فِي أَمْثَالٍ لَهُ مِنْهُمْ، فَهُمْ يُحَاوِلُونَ إِنْغَاضَنَا وَإِقْحَامَنَا، وَنَحْنُ نُحَاوِلُ إِنْغَاضَهُمْ وَإِبْرَازَهُمْ، وَأَمْرُ اللَّهِ بَعْدُ مَاضٍ، وَقَضَاؤُهُ مُسَلِّمٌ إِلَى مَا قَدَّرَ لَنَا وَعَلَيْنَا، فَنَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرَ الْقَضَاءِ، وَخَيْرَ الْقَدَرِ فِي عَافِيَةٍ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: ((قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكَ وَفَهِمْتُهُ، فَأَقِمْ بِمَكَانِكَ حَتَّى يُنْغِضَ اللهُ لَكَ عَدُوَّكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ لَهَا مَا بَعْدَهَا، فَإِنْ مَنَحَكَ اللهُ أَدْبَارَهُمْ فَلا تَنْزَعْ عَنْهُمْ حَتَّى تَقْتَحِمَ عَلَيْهِمُ الْمَدَائِنَ، فَإِنَّهُ خَرَابُهَا إِنْ شَاءَ الله)) (¬1). [446] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنِّي قَدْ أُلْقِيَ فِي رُوعِي أَنَّكُمْ إِذَا لَقِيتُمُ الْعَدُوَّ هَزَمْتُمُوهُمْ، فَاطْرَحُوا الشَّكَّ، وَآثِرُوا التَّقِيَّةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَاعَبَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَحَدًا مِنَ الْعَجَمِ بِأَمَانٍ أَوْ قرفه بِإِشَارَةٍ أَوْ بِلِسَانٍ، فكان لا يَدْرِي الأَعْجَمِيُّ مَا كَلَّمَهُ بِهِ، وَكَانَ عِنْدَهُمْ أَمَانًا فَأَجْرُوا ذَلِكَ لَهُ مَجْرَى الأَمَانِ، وَإِيَّاكُمْ وَالضَّحِكَ، وَالْوَفَاءَ الْوَفَاءَ! فَإِنَّ الْخَطَأَ بِالْوَفَاءِ بَقِيَّةٌ، وَإِنَّ الْخَطَأَ بِالْغَدْرِ هَلَكَةٌ، وَفِيهَا وَهْنُكُمْ ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 491 - 492.

[447] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -

وَقُوَّةُ عَدُوِّكُمْ، وَذَهَابُ رِيحِكُمْ، وَإِقْبَالُ رِيحِهِمْ وَاعْلَمُوا أَنِّي أُحَذِّرُكُمْ أَنْ تَكُونُوا شَيْنًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَسَبَبًا لِتَوْهِينِهِمْ)) (¬1). [447] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد كتب إليه سعد أنَّ ملك فارس قد ولى رستم بْن الفرخزاذ الأرمني حربه: ((لَا يَكْرُبَنَّكَ مَا يَاتِيكَ عَنْهُمْ، ولَا مَا يَاتُونَكَ بِهِ؛ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ، وَابْعَثْ إِلَيْهِ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ المَنْظَرَةِ (¬2) وَالرَّايِ وَالجَلَدِ يَدْعُونَهُ، فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ دُعَاءَهُمْ تَوْهِيناً لَهُمْ، وَفَلْجاً عَلَيْهِمْ، وَاكْتُبْ إِليَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ)) (¬3). [448] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى المثنى بن حارثة الشيباني رداً على تعريضه بجَرِير الْبَجَلِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنِّي لَمْ أَكُنْ لأَسْتَعْمِلُكَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) (¬4). ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 493 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 290. (¬2) في الكامل في التاريخ: (أَهْلِ الْمُنَاظَرَة) وفي البداية والنهاية: (أَهْلِ النَّظَر). (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 495 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 292 وابن كثير في البداية والنهاية: 9/ 619. (¬4) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 472.

[449] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى المثنى بن حارثة الشيباني لما بلغه اجتماع الفرس على يزدجرد

[449] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى المثنى بن حارثة الشيباني لمَّا بلغه اجتماع الفرس على يَزْدَجَرْدَ ((أَمَّا بَعْدُ، فَاخْرُجُوا مِنْ بَيْنَ ظَهْرَيِ الأَعَاجِمِ، وَتَفَرَّقُوا فِي الْمِيَاهِ الَّتِي تَلِي الأَعَاجِمَ عَلَى حُدُودِ أَرْضِكُمْ وَأَرْضِهِمْ، وَلا تَدَعُوا فِي رَبِيعَةَ أَحَدًا وَلا مُضَرَ وَلا حُلَفَائِهِمْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ النَّجَدَاتِ وَلا فَارِسًا إِلا اجْتَلَبْتُمُوهُ، فَإِنْ جَاءَ طَائِعًا وَإِلا حَشَرْتُمُوهُ، احْمِلُوا الْعَرَبَ عَلَى الْجدِّ إذ جدَّ الْعَجَم، فلتلقوا جِدَّهُمْ بِجِدِّكُمْ)) (¬1). [450] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى الأحنف بن قيس لما بلغه تغلبه على الْمَرْوَيْنِ وَبَلْخَ ((أَمَّا بَعْدُ، فَلا تَجُوزَنَّ النَّهْرَ وَاقْتَصِرْ عَلَى مَا دُونَهُ، وَقَدْ عَرَفْتُمْ بِأَيِّ شَيْءٍ دَخَلْتُمْ عَلَى خُرَاسَانَ، فَدَاوِمُوا عَلَى الَّذِي دَخَلْتُمْ بِهِ خُرَاسَانَ يَدُمْ لَكُمُ النَّصْرُ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَعْبُرُوا فَتُفَضُّوا)) (¬2). [451] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى مَلِكُ الرُّومِ وقد سأله عن كلمة يجتمع فيها العلم كله ((أَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لَهَا، تَجْتَمِعْ ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 478. (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 168.

[452] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي عبيدة ومعاذ بن جبل - رضي الله عنهما - حين بعثهما إلى الشام

لَكَ الْحِكْمَةُ كُلُّهَا وَاعْتَبِرِ النَّاسَ بِمَا يَلِيكَ، تَجْتَمِعْ لَكَ الْمَعْرِفَةُ كُلُّهَا)) (¬1). [452] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي عبيدة ومعاذ بن جبل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حين بعثهما إلى الشام ((أَنِ انْظُرُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْ صَالِحِي مَنْ قَبْلَكُمْ، فَاسْتَعْمِلُوهُ عَلَى الْقَضَاءِ، وَارْفَعُوهُمْ، وَأَوْسِعُوا عَلَيْهِمْ، وَأَغْنُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)) (¬2). [453] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى بعض عماله يعهد إليه ((خُذِ الصَّدَقَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طُهْرَةً لِأَعْمَالِهِمْ، وَزَكَاةً لِأَمْوَالِهِمْ، وَحُكْمًا مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ، الْعَدَاءُ فِيهَا حَيْفٌ، وَظُلْمٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَالتَّقْصِيرُ عَنْهَا مُدَاهَنَةٌ فِي الْحَقِّ، وَخِيَانَةٌ لِلْأَمَانَةِ، فَادْعُ النَّاسَ بِأَمْوَالِهِمْ إِلَى أَرْفَقِ الْمَجَامِعِ، وَأَقْرَبِهَا إِلَى مَصَالِحِهِمْ، وَلَا تَحْبِسِ النَّاسَ أَوَّلَهُمْ لِآخِرِهِمْ، فَإِنَّ الرَّجَزَ لِلْمَاشَيَةِ عَلَيْهَا شَدِيدَةٌ، عَلَيْهَا مَهِلَاتٌ (¬3)، وَلَا تَسُقْهَا مَسَاقًا يَبْعُدُ بِهَا الْكَلَأُ وَوِرْدُهَا، فَإِذَا أَوْقَفَ الرَّجُلُ عَلَيْكَ غَنَمَهُ، ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 259 وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 139. (¬2) رواه ابن المقرئ في المعجم (1244) وعفان بن مسلم في أحاديثه (28) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 58/ 435. (¬3) في لفظ: ((فَإِنَّ الدَّجَنَ لِلْمَاشِيَةِ عَلَيْهَا شَدِيدٌ لَهَا، مُهْلِكُ)).

[454] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -

فَلَا تَعْتَمْ مِنْ غَنَمِهِ، وَلَا تَاخُذْ مِنْ أَدْنَاهَا، وَخُذِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَوْسَطِهَا، وَلَا تَاخُذْ مِنْ رَجُلٍ إنْ لَمْ تَجِدْ فِي إِبِلِهِ السِّنَّ الَّتِي عَلَيْهِ إِلَا تِلْكَ السَّنَّ مِنْ شَرْوَى إِبِلِهِ، أَوْ قِيمَةَ عَدْلٍ، وَانْظُرْ ذَواتِ الدَّرِّ، وَالْمَاخِضَ مِمَّا تَجِبُ مِنْهُ الصَّدَقَةُ فَتَنَكَّبْ عَنْهَا عَنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهَا مَالُ حَاضِرِهِمْ، وَزَادُ مُغْرِبِهَمْ، أَوْ مُعِدِّيهِمْ، وَذَخِيرَةُ زَمَانِهِمْ، ثُمَّ اقْسِمْ لِلْفُقَرَاءِ، وَابْدَا بِضَعَفَةِ المَسْكَنَةِ، وَالْأَيْتَامِ، وَالْأَرَامِلِ، وَالشُّيُوخِ، فَمَنِ اجْتَمَعَ لَكَ مِنَ الْمَسَاكِينِ فَكَانُوا أَهْلَ بَيْتٍ يَتَعَاقَبُونَ، وَيَتَحَامَلُونَ فَاقْسِمْ لَهُمْ مَا كَانَ مِنَ الْإِبِلِ يَتَعَاقَبُوهُ حَمْلَهُمْ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْغَنَمِ امْنَحْهُمْ، وَمَنْ كَانَ فَذًّا فَلَا تُنْقِصْ كُلَّ خَمْسَةٍ مِنْهُمْ مِنْ فَرَيْضَةٍ أَوْ عَشْرٍ شَيْئًا إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْغَنَمِ)) (¬1). [454] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أَنَّ آذِينَ بْنَ الْهُرْمُزَانِ قَدْ جَمَعَ جَمْعًا: ((ابْعَثْ إِلَيْهِمْ ضِرَارَ بْنَ الْخَطَّابِ (¬2) فِي جُنْدٍ وَاجْعَلْ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (6822) و (6911) مختصرًا، والنص المذكور جمعي. (¬2) ضرار بن الخطاب بن مرداس القرشي الفهري: فارس شاعر، صحابي. من القادة. من سكان الشراة، فوق الطائف. قاتل المسلمين يوم أحد والخندق أشد قتال، وأسلم يوم الفتح، =

[455] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -

ابْنَ الْهُذَيْلِ الأَسَدِيَّ، وَعَلَى مُجَنِّبَتَيْهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ الرَّاسِبِيَّ (¬1) حَلِيفَ بَجِيلَةَ، وَالْمُضَارِبَ بْنَ فُلانٍ الْعِجْلِيَّ (¬2))) (¬3). [455] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إنَّ اللهَ قَدْ فَتَحَ عَلَى المُسْلِمِينَ الشَّامَ وَالعِرَاقَ، فَابْعَثْ مِنْ عِنْدِكَ جُنْداً إِلَى الجَزِيرَةِ، وَأَمِّرْ عَلَيْهِمْ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ: خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ، أَوْ ¬

= وهو الذي خاطب النّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الفتح قائلاً: يا نبيّ الهدى إليك لجا ... حيّ قريش ولات حين لجاء حين ضاقت عليهم سعة الأرض ... وعاداهم إله السّماء والتقت حلقتا البطان على القوم ... ونودوا بالصّيلم الصّلعاء إنّ سعداً يريد قاصمة الظّهر ... بأهل الحجون والبطحاء (الطبقات الكبرى: 5/ 454 والإصابة: 3/ 392 - 393). (¬1) عبد اللَّه بن وهب الراسبي: من بني راسب بن مالك بن ميدعان بن مالك بن نصر بن الأزد، له إدراك، وليس له صحبة، شهد فتوح العراق مع سعد بن أبي وقاص. وكان عجباً في كثرة العبادة حتى لقب ذا الثفنات، كان لكثرة سجوده صار في يديه وركبتيه كثفنات البعير، كان مع عليّ بن أبي طالب في حروبه. ولما وقع التحكيم أنكره جماعة، فيهم الراسبي، فاجتمعوا بالنهروان (بين بغداد وواسط) وأمروه عليهم، فقاتلهم علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقتل الراسبي في هذه الوقعة. (الإصابة: 5/ 78). (¬2) مضارب بن زيد العجلي، كان من قوّاد المثنى بن حارثة وأمرائه على مقدمته لما سار إلى محاربة أهل العراق، وذلك سنة ثلاث عشرة، ثم شهد بعد ذلك القادسية. (الإصابة: 6/ 99). (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 37.

[456] ومن كتاب له - رضي الله عنه -

هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ (¬1)، أَوْ عِيَاضَ بْنَ غُنْمٍ (¬2))) (¬3). [456] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي عبيدة بن الجراح - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أنه حُصِرَ بِالشَّامِ، وَتَأَلَّبَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ: ((سَلَامٌ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَا تَنْزِلُ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ من مُنْزَلِ شِدَّةٍ، يَجْعَلِ اللهُ بَعْدَهُا فَرَجًا، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَينِ، وَإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200])) (¬4). ¬

(¬1) هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزُّهْرِيّ، ابن أخي سعد، ويُعرف بالمِرْقال. وُلد في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم تثبُتْ له صُحْبة، وشَهِد اليرموك وأصيبت عينُه يومئذٍ، وشهد فتح دمشق، وكان أحد الأشراف، وكانت معه رايةُ عليّ يوم صِفِّين. (تاريخ الإسلام: 2/ 331). (¬2) عياض بْن غنم الفهري، أسلم قبل الحديبية وشهدها مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبَايَعَ بيعة الرِّضوَان؛ وكان خيّراً، صالحاً، زاهداً، سخياً، وهو الذي افتتح الجزيرة صلحاً. وحضر فتح المدائن مع سعد بن أَبِي وقاص، وكان عُمَر بْن الخطاب ولاه الإمارة بالشام بعد أَبي عبيدة بن الجراح، وبها كانت وفاته. (سير أعلام النبلاء: 2/ 354 والإصابة: 4/ 629). (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 53 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 357 (¬4) رواه مالك في الموطأ (1621) وابن المبارك في الجهاد (217) وابن أبي شيبة في المصنف (34532) و (33840) وأبو داود في الزهد (80) وابن أبي الدنيا في الفرج بعد الشدة (31) والحاكم في المستدرك (3176) والبيهقي في شعب الإيمان (9538).

[457] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - فيما بلغه من أمر الزنا

[457] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى المغيرة بن شعبة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فيما بلغه من أمر الزنا ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ قَدْ رَقِيَ إِلَيَّ مِنْ حَدِيثِكَ حَدِيثٌ، فَإِنْ يَكُنْ مَصْدُوقًا عَلَيْكَ فَلَأَنْ تَكُونَ مِتَّ قَبْلَ الْيَوْمِ خَيْرٌ لَكَ)) (¬1). [458] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى المغيرة بن شعبة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَنِ اسْتَنْشِدْ مَنْ قِبَلَكَ مِنَ الشُّعَرَاءِ مَا قَالُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ))، فَأَرْسَلَ المُغِيرَةُ إِلَى الْأَغْلَبِ الْعِجْلِيِّ (¬2)، فَقَالَ: أَنْشِدْنِي، فَقَالَ: أَرَجَزًا تُرِيدُ أَمْ قَصِيدًا؟ فَقَدْ سَأَلتَ هَيِّنًا مَوْجُودًا، ثُمَّ أَرْسَلَ المغيرة إِلَى لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ (¬3)، فَقَالَ: أَنْشِدْنِي، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ أَنْشَدْتُكَ مِمَّا قَدْ عُفِيَ عَنْهُ مِنْ شِعْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: لَا، أَنْشِدْنِي ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (29421). (¬2) الأغلب بْن جشم بْن سَعْد الْعِجْلِيِّ، عُمَر فِي الجاهلية طويلاً، وأدرك الإسلام، فحسن إسلامه، وهاجر إلى المدينة بعد موته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولهذا لم يذكره أحد في الصحابة. ثُمَّ كَانَ مِمَّن توجه إِلَى الكوفة مَعَ سَعْد بْن أَبِي وقاص، فاستشهد فِي وقعة نهاوند، فقبره هناك مَعَ قبور الشهداء، وَهُوَ أول من رجز الأراجيز. (المنتظم لابن الجوزي: 4/ 281 والإصابة: 1/ 249 - 250). (¬3) لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكٍ الْهَوَازِنِيُّ الْعَامِرِيُّ، وفد على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسلم وحسن إسلامه. وكان أحد أشراف قومه، نزل الكوفة، وكان لا تهب الصبا إلا نحر وأطعم. وكان قد اعتزل الفتن. (تاريخ الإسلام: 2/ 436).

[459] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى عماله في الأمصار

مَا قُلْتَ فِي الْإِسْلَامِ. فَانْطَلَقَ إِلَى أَدِيمٍ فَكَتَبَ فِيهِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَقَالَ: أَبْدَلَنِي اللهُ مَكَانَ الشِّعْرِ هَذَا. فَكَتَبَ المغيرة بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: ((إِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ حَقَّ الْإِسْلَامِ إِلَّا لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَأَنْقِصْ مِنْ عَطَاءِ الْأَغْلَبِ خَمْسَمِائَةٍ وَاجْعَلْهَا فِي عَطَاءِ لَبِيدٍ))، فَرَكِبَ إِلَيْهِ الْأَغْلَبُ، فَقَالَ: تُنْقِصُ عَطَائِي مِنْ أَنْ أَطَعْتُكَ، فَرَدَّ الْخَمْسَمِائَةِ وَأَقَرَّ فِي عَطَاءِ لَبِيدٍ الْخَمْسَمِائَةِ (¬1). [459] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عمّاله في الأمصار ((أَنْ لَا يَجْلِدَنَّ أَمِيرُ جَيْشٍ وَلَا سَرِيَّةٍ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَدًّا وَهُوَ غَازٍ حَتَّى يَقْطَعَ الدَّرْبَ قَافِلًا؛ لِئَلَّا تَحْمِلَهُ حَمِيَّةُ الشَّيْطَانِ فَيَلْحَقَ بِالْكُفَّارِ)) (¬2). [460] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عمّاله في الأمصار ((أَنْ لَا تُطِيلُوا بِنَاءَكُمْ، فَإِنَّهُ مِنْ شَرِّ أَيَّامِكُم)) (¬3). ¬

(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في الإشراف (14). (¬2) رواه سعيد بن منصور في السنن (2500) وابن أبي شيبة في المصنف (29464). (¬3) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 8/ 486 والبخاري في الأدب المفرد (452) =

[461] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى يعلى بن أمية - رضي الله عنه - إلى اليمن لإجلاء أهل نجران

[461] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى يعلى بن أمية (¬1) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى اليمن لإجلاء أهل نجران (¬2) ((ائْتِهِمْ وَلا تَفْتِنْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، ثُمَّ أَجْلِهِمْ، مَنْ أَقَامَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ، وَأَقْرِرِ الْمُسْلِمَ، وَامْسَحْ أَرْضَ كُلِّ مَنْ تُجْلِي مِنْهُمْ، ثُمَّ خَيِّرْهُمُ الْبُلْدَانَ، وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّا نُجْلِيهِمْ بِأَمْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ، أَلَّا يُتْرَكَ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ، فَلْيُخْرَجُوا مَنْ أَقَامَ عَلَى دِينِهِ مِنْهُمْ، ثُمَّ نُعْطِيهِمْ أَرْضًا كَأَرْضِهِمْ، إِقْرَارًا لَهُمْ بِالْحَقِّ عَلَى أَنْفُسِنَا، وَوَفَاءً بِذِمَّتِهِمْ فِيمَا أَمَرَ اللهُ ¬

= والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 420 وابن أبي الدنيا في قصر الأمل (283). (¬1) يَعْلَى بن أميّة التميمي، ويُقال له أيضاً: (يَعْلَى بنُ مُنْيَةَ)، ومُنية هي أمه مُنْيَةَ بِنْتِ غَزْوَانَ؛ أُخْتِ عُتْبَةَ بنِ غَزْوَانَ، أسلم يوم الفتح، وشهد الطائف وتبوكاً، وهو القائل: ((غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَيْشَ الْعُسْرَةِ وَكَانَ مِنْ أَوْثَقِ أَعْمَالِي فِي نَفْسِي))، وله أخبار في السخاء، وهو أول من أرّخ الكتب، واستعمله أبو بكر على ((حلوان)) في الردة، ثم استعمله عمر على ((نجران)) واستعمله عثمان على اليمن فأقام بصنعاء. وهو أول من ظاهر للكعبة بكسوتين، أيام ولايته على اليمن، صنع ذلك بأمر عثمان. (الطبقات الكبرى: 5/ 456 وتاريخ الإسلام: 2/ 551 والأعلام: 8/ 204). (¬2) نجران على وزن فعلان: لها ذكر كثير في السيرة، ولها حوادث تملأ مجلداً منذ الجاهلية إلى يومنا هذا. وهي مدينة عريقة عرفت منذ أن عرف للعرب تاريخ، تتكون من مجموعة مدن صغيرة في واد واحد، ولذا فكلما اندثرت مدينة من تلك المدن حملت الأخرى اسم نجران، وهي واد كبير كثير المياه والزرع، يسيل من السراة شرقاً حتى يصب في الربع الخالي، وتقع على الطريق بين صعدة وأبها، على قرابة (910) أكيال جنوب شرقي مكة، في الجهة الشرقية من السراة، وتربطها بكل من مكة والرياض وشرورى في الربع الخالي - طريق معبدة، ولها مطار، وفيها آثار أهمها مدينة الأخدود - قد ذكرت - وما كان يعرف بكعبة نجران. (معجم المعالم الجغرافية لعاتق الحربي: ص314).

[462] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى يعلى بن أمية - رضي الله عنه - إلى اليمن

مِنْ ذَلِكَ، بَدَلا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ جِيرَانِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا صَارَ لِجِيرَانِهِمْ بِالرِّيفِ)) (¬1). [462] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى يعلى بن أمية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى اليمن وقد بلغه منه أنّ رجالاً قَتَلُوا امْرَأَةً مِنْ حِمْيَرَ (¬2) فَأُتِيَ بِهِمْ فَوُجِدَتْ أَكَفُّهُمْ مُخَضَّبَةً بِدَمِهَا: ((لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا)) (¬3). [463] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أهل الكوفة ((يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، أَنْتُمْ رَاسُ الْعَرَبِ وَجُمْجُمَتُهَا وَسَهْمِي الَّذِي أَرْمِي بِهِ إِنْ أَتَانِي شَيْءٌ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَإِنِّي بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ بِعَبْدِ اللهِ ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 446. (¬2) اختلفت الروايات في المقتول، فذكرت بعضها أنه رجل، وذكرت أخرى أنه صبي، وذكر ابن وهب في الجامع قصته، وذكرت أخرى أنها امرأة، وذكرت أخرى أنها من حِمير، والله أعلم بالصواب. (¬3) رواه البخاري في صحيحه (6896) ومالك في الموطأ (3246) وابن وهب في الجامع (488) والشافعي في المسند (1610) وعبد الرزاق في المصنف (18069) و (18075) و (18076) و (18077) و (18079) وابن الجعد في المسند (2270) وابن أبي شيبة في المصنف (28050) و (28266) و (28267) و (28268) والبيهقي في السنن الكبرى (16395) و (16396) و (16397) و (16398).

[464] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -

بْنِ مَسْعُودٍ وَاخْتَرْتُهُ لَكُمْ وَآثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَى نَفْسِي إِثْرَة)) (¬1). [464] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا أَنْزَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ رُخْصَةً فِي بَعْضِ الحَالَاتِ إِلَّا فِي أَمْرَيْنِ: العَدْلِ فِي السِّيرَةِ وَالذِّكْرِ، فَأَمَّا الذِّكْرُ فَلَا رُخْصَةَ فِيهِ فِي حَالَةٍ، وَلَمْ يَرْضَ مِنْهُ إِلَّا بِالكَثِيرِ، وَأَمَّا العَدْلُ فَلَا رُخْصَةَ فِيهِ فِي قَرِيبٍ وَلَا بَعِيدٍ، وَلَا فِي شِدَّةٍ ولَا رَخَاءٍ، وَالعَدْلُ - وَإِنْ رُئِي لِيناً - فَهُوَ أَقْوَى وَأَطْفَأُ لِلْجَوْرِ، وَأَقْمَعُ لِلْبَاطِلِ مِنَ الجَوْرِ، وإِنْ رُئِيَ شَدِيداً، فَهُوَ أَنْكَشُ لِلْكُفْرِ، فَمَنْ تَمَّ عَلَى عَهْدِهِ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ، وَلَمْ يُعِنْ عَلَيْكُمْ بِشَيْءٍ، فَلَهُمُ الذِّمَّةُ، وَعَلَيْهِمُ الجِزْيَةُ، وَأَمَّا مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ اسْتُكْرِهَ مِمَّنْ لَمْ يُخَالِفْهُمْ إِلَيْكُمْ أَوْ يَذْهَبْ فِي الأَرْضِ، فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ بِمَا ادَّعَوا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَشَاءُوا، وَإِنْ لَمْ تَشَاءُوا فَانْبِذُوا إِلَيْهِمْ، وَأَبْلِغُوهُمْ مَامَنَهُمْ)) (¬2). [465] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو بالقادسية ((أَنْ جَنِّبِ النَّاسَ أَحَادِيثَ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الأَحْقَادَ وَتُنْشِئُ ¬

(¬1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 6/ 7 وابن أبي شيبة في المصنف (33112) ووكيع البغدادي في أخبار القضاة: 2/ 188 والحاكم في المستدرك (5379). (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 585

[466] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - وهو بالمدائن

الضَّغَائِنَ، وَعِظْهُمْ بِآيَاتِ اللهِ مَا نَشِطُوا لِلاسْتِمَاعِ)) (¬1). [466] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو بالمدائن ((أَنْ أَقِرَّ الْفَلاحِينَ عَلَى حَالِهِمْ، إِلا مَنْ حَارَبَ أَوْ هَرَبَ مِنْكَ إِلَى عَدُوِّكَ فَأَدْرَكْتَهُ، وَأَجْرِ لَهُمْ مَا أَجْرَيْتَ لِلْفَلاحِينَ قَبْلَهُمْ، وَإِذَا كَتَبْتُ إِلَيْكَ فِي قَوْمٍ فَأَجْرُوا أَمْثَالَهُمْ مَجْرَاهُمْ)) (¬2). [467] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أهل الكوفة ((أَنِ احْتَازُوا فَيْئَكُمْ فَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَتَقَادَمَ الأَمْرُ يَلْحَجُ (¬3)، وَقَدْ قَضَيْتُ الَّذِي عَلَيَّ، اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَيْهِمْ فَاشْهَدْ)) (¬4). [468] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أهل السواد ((أَنِ اعْمَدُوا إِلَى الصَّوَافِي الَّتِي أَصْفَاكُمُوهَا اللهُ، فَوَزِّعُوهَا عَلَى ¬

(¬1) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 327 (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 30. (¬3) لحج في الأمر يلحج، إذا دخل فيه ونشب. (النهاية لابن الأثير - (لحج)). (¬4) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 32.

[469] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - وهو بالقادسية

مَنْ أَفَاءَهَا اللهُ عَلَيْهِ، أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ لِلْجُنْدِ، وَخُمْسٌ فِي مَوَاضِعِهِ إِلَيَّ، وَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يَنْزِلُوهَا فَهُوَ الَّذِي لهم)) (¬1). [469] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو بالقادسية ((إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ أَهْلَ الْحِجَازِ وَأَهْلَ الشَّامِ، فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمُ الْقِتَالَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَقَّأُوا فَأَسْهِمْ لَهُمْ)) (¬2). [470] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أهل الكوفة ((إِنَّ نَاسًا يَاخُذُونَ مِنْ هَذَا المَالِ لِيُجَاهِدُوا، ثُمَّ لاَ يُجَاهِدُونَ، فَمَنْ فَعَلَهُ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِمَالِهِ حَتَّى نَاخُذَ مِنْهُ مَا أَخَذَ)) (¬3). [471] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أُوصِيكَ بِمَا أَوْصَاكَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَأَنْهَاكَ عَمَّا نَهَاكَ عَنْهُ مُحَمَّدٌ ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 31. (¬2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (33897). (¬3) رواه البخاري في صحيحه (بَابُ الجَعَائِلِ وَالحُمْلاَنِ فِي السَّبِيلِ) معلقاً، ووصله في التاريخ الكبير في ترجمة عَمْرو بن أَبي قرة عن إسحاق، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (33497).

[472] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَآمُرُكَ بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَالْفِقْهِ وَالتَّفَهُّمِ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَعِبَارَةِ الرُّؤْيَا، وَإِذَا قَصَّ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ رُؤْيَا فَلْيَقُلْ: خَيْرٌ لَنَا، وَشَرٌّ لِعَدُوِّنَا)) (¬1). [472] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تَسْتَقْضِيَنَّ إِلَّا ذَا مَالٍ، وذَا حَسَبٍ؛ فَإِنَّ ذَا المَالِ لَا يَرْغَبُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ، وإِنَّ ذَا الحَسَبِ لَا يَخْشَى العَوَاقِبَ بَيْنَ النَّاسِ)) (¬2). [473] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا أَبَا مُوسَى، إِنِّي مُسْتَعْمِلُكَ، إِنِّي أَبْعَثُكَ إِلَى أَرْضٍ قَدْ بَاضَ بِهَا الشَّيْطَانُ وَفَرَّخَ، فَالْزَمْ مَا تَعْرِفْ، وَلَا تَسْتَبْدِلْ فَيَسْتَبْدِلُ اللهُ بِكَ)) (¬3). [474] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَنْ يُغَسِّلُوا دَانْيَالَ بِالسِّدْرِ وَمَاءِ الرَّيْحَانِ، وَأَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ ¬

(¬1) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 391. (¬2) رواه وكيع البغدادي في أخبار القضاة: 1/ 77. (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 70 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 60/ 38.

[475] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -

نَبِيٌّ دَعَا رَبَّهُ أَنْ لَا يَلِيهِ (¬1) إِلَّا الْمُسْلِمُونَ)) (¬2). [475] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ سَتَرَتْ بَيْتَهَا كَمَا تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ، وَإِنِّي عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا أَرْسَلْتَ إِلَيْهَا حِينَ تَقْرَأَ كِتَابِي مَنْ يَنْزِعَ سُتُورَهُ)) (¬3). [476] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى حرقوص بن زهير (¬4) ((بَلَغَنِي أَنَّكَ نَزَلْتَ مَنْزِلاً كَئُوداً لَا تُؤْتَى فِيهِ إِلَّا عَلَى مَشَقَّةٍ، فَأَسْهِلْ ¬

(¬1) عند البيهقي: (نَبِيٌّ دَعَا رَبَّهُ أَنْ لَا يُوَلِّيَهُ إِلَّا الْمُسْلِمُونَ) وعند ابن عساكر: (فَإِنَّهُ نَبِيٌّ دَعَا رَبَّهُ أَلَا يُوَاريهُ إِلَّا الْمُسْلِمُونَ). (¬2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (34510) والبيهقي في دلائل النبوة: 1/ 391 واللفظ له، وابن عساكر في تاريخ دمشق: 67/ 160. (¬3) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 391. (¬4) حرقوص بْن زُهَيْر السَّعْدِيّ، فارس شجاع، زعم بعض من ترجم له أنه هو ذو الخويصرة التميمي، ولا دليل ينهض بهذا، وقد كنت أميل إلى التفريق بينهما، لاستحالة أن يكون عمر بن الخطاب الذي شهد ما فعله ذو الخويصرة في تقسيم غنائم حُنين، حتى طلب من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يضرب عنقه، هو الذي يعتمد عليه في القتال ويرتضيه بعد ذلك، حتى وقفت على قول الهيثم بن عدي: إنَّ الخوارج تزعم أن حرقوص بن زهير كان من أصحاب النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنه قتل معهم يوم النّهروان قال: فسألت عن ذلك، فلم أجد أحداً يعرفه، أمره عمر بن الخطاب بقتال (الهرمزان) فاستولى على سوق الأهواز ونزل بها. ويُذكر من جملة الخارجين على عثمان، ثمَّ شهد صفين مع عليّ. وبعد الحكمين صار من أشد الخوارج على علي، وكان أمير الراجلة في جيشهم، فقتل فيمن قتل بالنهروان. (الإصابة: 2/ 44).

[477] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي جندل - رضي الله عنه -، وقد بلغه أنه قد وسوس

وَلَا تَشُقَّ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا مُعَاهَدٍ، وَقُمْ فِي أَمْرِكَ عَلَى رِجْلٍ تُدْرِكُ الآخِرَةَ، وَتَصْفُ لَكَ الدُّنْيَا، وَلَا تُدْرِكَنَّكَ فَتْرَةٌ وَلَا عَجَلَةٌ، فَتُكَدِّرَ دُنْيَاكَ، وتُذْهِبَ آخِرَتَكَ)) (¬1). [477] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أَبي جندل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقد بلغه أنه قَدْ وَسْوَسَ ((مِنْ عُمَرَ إِلَى أَبِي جَنْدَلٍ؛ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، فَتُبْ وَارْفَعْ رَاسَكَ، وَابْرُزْ وَلا تَقْنَطْ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ})) (¬2). [478] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعتبة بن فرقد (¬3) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بأذربيجان ((إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ نَهَاراً قَبْلَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ تَمَامَ ثَلَاثِينَ، ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 78 - 79. (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (17078) والطبري في تاريخه: 4/ 97 واللفظ له، والبيهقي في السنن الكبرى (18227) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 25/ 303 وابن كثير في البداية والنهاية: 10/ 71. (¬3) عتبة بن فرقد السُّلَمِيّ، لَهُ صحبة ورواية، غزا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غزوتين، وروى أبو المعافى في (تاريخ الموصل) عن حصين - وهو من أقرباء عتبة - أنه شهد خيبر، وقسم له منها، فكان يعطيه لبني أخواله عاماً ولبني أعمامه عاماً، وإن عمر ولاه في الفتوح، ففتح الموصل سنة ثمان عشرة مع عياض بن غنم، وبلغ بالفتح أذربيجان ثم نزل بعد ذلك الكوفة ومات بها. (أسد الغابة: 3/ 561 والإصابة: 4/ 364).

[479] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي عبيدة بن الجراح أو معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -

فَأَفْطِرُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ بَعْدَ أنْ تَزُولَ الشَّمْسُ فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تُمْسُوا)) (¬1). [479] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي عبيدة بن الجراح أو معاوية بن أبي سفيان (¬2) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي كَتَبْتُ إِلَيْكَ بِكِتَابٍ لَمْ آلُكَ وَنَفْسِي فِيهِ خَيْراً، الْزَمْ خَمْسَ خِلَالٍ يَسْلَمْ لَكَ دِينُكَ وَتَحْظَ بِأَفْضَلِ حَظِّكَ، إِذَا حَضَرَكَ الْخَصْمَانِ فَعَلَيْكَ بِالْبَيِّنَاتِ الْعُدُولِ وَالْأَيْمَانِ الْقَاطِعَةِ، ثُمَّ أَدْنِ الضَّعِيفَ حَتَّى يَنْبَسِطَ لِسَانُهُ وَيَجْتَرِئَ قَلْبُهُ وَتَعَاهَدِ الْغَرِيبَ، فَإِنَّهُ إِذَا طَالَ حَبْسُهُ تَرَكَ حَاجَتَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى أَهْلِهِ، وَإِذَا الَّذِي أَبْطَلَ حَقَّهُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِهِ رَاساً، وَاحْرُصْ عَلَى الصُّلْحِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكَ الْقَضَاءُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْك)) (¬3). ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (7332) والبيهقي في السنن الكبرى (7985). (¬2) عند أبي يوسف وابن أبي الدنيا أنّ الكتاب وُجِّهَ إلى أبي عبيدة، وعند وكيع البغدادي والقاضي المارستان أنه لمعاوية، وتردد البلاذري فقال: (إلى أبي موسى! أو معاوية). (¬3) رواه أبو يوسف في الخراج: ص130 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 391 وابن أبي الدنيا في الإشراف (109) ووكيع البغدادي في أخبار القضاة: 1/ 75 والقاضي المارستان في أحاديث الشيوخ الثقات (343).

[480] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي سبرة بن أبي رهم العامري - رضي الله عنه -

[480] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أَبي سَبْرَةَ بْنِ أَبِي رُهْمِ العامري (¬1) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد كاتبه في عبدٍ من المسلمين أعطى أهل جُنْدَيْسَابُورَ (¬2)، فقالوا: إنا لا نعرف حركم من عبدكم، قد جاء أمان فنحن عليه قد قبلناه: ((إنَّ اللهَ عَظَّمَ الوَفَاءَ، فَلَا تَكُونُونَ أَوْفِيَاءَ حَتَّى تَفُوا، مَا دُمْتُمْ فِي شَكٍّ أَجِيزُوهُمْ، وَفُوا لَهُمْ)) (¬3). [481] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعتبة بن فرقد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بأذربيجان (أَمَّا بَعْدُ: فَائْتَزِرُوا (¬4)، وَارْتَدُّوا (¬5)، وَانْتَعِلُوا (¬6)، وَأَلْقُوا الْخِفَافَ (¬7)، وَأَلْقُوا السَّرَاوِيلَاتِ، وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ؛ فَإِنَّهَا حِمَامُ ¬

(¬1) أبو سبرة بن أبي رهم القرشي العامري، قديم الإسلام، هاجر الهجرتين جميعاً، شهد: بدراً وأحداً والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وآخى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين سلامة بن وقش، ولم يختلفوا فِي شهوده بدراً والمشاهد كلها، وإنما اختلفوا فِي هجرته إلى الحبشة، توفي أبو سبرة فِي خلافة عثمان. (أسد الغابة: 6/ 130). (¬2) جُنْدَيْسابُورُ: مدينة بخوزستان بناها سابور بن أردشير فنسبت إليه وأسكنها سبي الروم وطائفة من جنده. (معجم البلدان: 2/ 170). (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 93. (¬4) أي شدوا الأزر، انظر: (لسان العرب: 4/ 16). (¬5) أي ضعوا عليكم الأرْدِيَة، انظر: (لسان العرب: 14/ 316 - 317). (¬6) أي البسوا النعال، انظر: (لسان العرب: 11/ 667). (¬7) يعني من الثياب، في (لسان العرب: 9/ 82): ((الخُفاخف: صوت الثوب الجديد إذا لُبس وحركته)).

[482] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى جزء بن معاوية التميمي - رضي الله عنه - (عامل الأهواز)

الْعَرَبِ، وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إِسْمَاعِيلَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ الْعَجَمِ، وَتَمَعْدَدُوا (¬1)، وَاخْشَوْشِنُوا، وَاخْلَوْلِقُوا، وَاقْطَعُوا الرُّكُبَ (¬2)، وَانْزُوا نَزْوًا، وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا وَهَكَذَا. وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. فَمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي الْأَعْلَامَ)) (¬3). [482] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى جزء بن معاوية التميمي (¬4) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (عامل الأهواز) (¬5) ((أَنِ اعْرِضُوا عَلَى مَنْ قِبَلَكُمْ مِنَ الْمَجُوسِ: أَنْ يَدَعُوا نِكَاحَ ¬

(¬1) يُقَالُ: تَمَعْدَدَ الغلامُ، إِذَا شَبَّ وغَلُظَ. وَقِيلَ: أَرَادَ تَشَبَّهوا بعَيْشِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ. وَكَانُوا أهلَ غِلَظٍ وَقَشف: أَيْ كُونُوا مثْلَهم ودَعُوا التَّنَعُّم وزِيَّ العَجَم. (النهاية لابن الأُثير - (مَعَدَ)). (¬2) الرَّكابُ للسَّرْج: كالفرز للرَّحل، والجمع رُكبٌ (غريب الحديث لأبي عبيد (3/ 325)، لسان العرب (1/ 430)، القاموس ص (117)، وإنما أمرهم بذلك حتى يعتادوا ركوب الخيل بغير رُّكُب. (¬3) رواه ابن الجعد في مسنده (995) وابن حبان في صحيحه (5454) وأحمد في مسنده (301) مختصراً. (¬4) جزء بن معاوية التميمي السعديّ، عم الأحنف بن قيس. قال ابن عبد البر: كان عامل عمر على الأهواز. وقيل: له صحبة، ولا يصح. وعاش جزء إلى أن ولى لزياد بعض عمله. (الإصابة: 1/ 586). (¬5) الأَهْوَاز: آخره زاي، وهي جمع هوز، وأصله حوز، فلما كثر استعمال الفرس لهذه اللفظة غيّرتها حتى أذهبت أصلها جملة لأنه ليس في كلام الفرس حاء مهملة، وإذا تكلّموا بكلمة فيها حاء قلبوها هاء فقالوا في حسن هسن، وفي محمّد مهمّد، ثم تلقّفها منهم العرب فقلبت بحكم الكثرة في الاستعمال، وعلى هذا يكون الأهواز اسماً عربيّاً سمّي به في الإسلام، وكان اسمها في أيام الفرس خوزستان. (معجم البلدان: 1/ 284).

[483] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى العلاء بن الحضرمي - رضي الله عنه - وهو بالبحرين

أُمَّهَاتِهِمْ وَبَنَاتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمْ وَأَنْ يَاكُلُوا جَمِيعاً كَيْمَا نُلْحِقَهُمْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَاقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَكَاهِنٍ)) (¬1)، ((وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ (¬2))) (¬3). [483] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى الْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ (¬4) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو بالبحرين ((أَنْ سِرْ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ فَقَدُ وَلَّيْتُكَ عَمَلَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ تَقَدَمُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الْحُسْنَى لَمْ أَعْرِفْهُ إِلَّا يَكُونُ عَفِيفًا صَلِيبًا شَدِيدَ الْبَاسِ، وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَغْنَى عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ مِنْهُ، فَاعْرِفْ لَهُ حَقَّهُ، وَقَدْ وَلَّيْتُ قَبْلَكَ رَجُلًا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ، فَإِنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ تَلِيَ وُلِّيتَ، وَإِنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَلِيَ عُتْبَةُ، فَالْخَلْقُ وَالْأَمْرُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَمْرَ اللهِ مَحْفُوظٌ بِحِفْظِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ فَانْظُرِ الَّذِي خُلِقْتَ لَهُ فَاكْدَحْ لَهُ، وَدَعْ مَا سِوَاهُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا أَمَدٌ وَالْآخِرَةَ أَبَدٌ، فَلَا يَشْغَلَنَّكَ شَيْءٌ مُدْبِرٌ خَيْرُهُ عَنْ ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (33322) وابن زنجويه في الأموال (135). (¬2) الزمزمة: كلام يقوله المجوس عند أكلهم بصوت خفي (النهاية 2/ 313). (¬3) رواه أبو داود في السنن (3043) وقال الألباني: صحيح. (¬4) العَلاَءُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عِمَادِ الحَضْرَمِيِّ، كان من حلفاء بني أمية، ومن سادة المهاجرين. واستعمل النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العلاء على البحرين، وأقرّه أبو بكر، ثمَّ عمر. كان يقال: إنه مجاب الدعوة، وخاض البحر بكلمات قالها، وذلك مشهور في كتب الفتوح. (سير أعلام النبلاء: 1/ 262 والإصابة: 4/ 445).

[484] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى عتبة بن غزوان - رضي الله عنه -

شَيْءٍ باقٍ شَرُّهُ، وَاهْرُبْ إِلَى اللهِ مِنْ سَخَطِهِ، فَإِنَّ اللهَ يَجْمَعُ لِمَنْ شَاءَ الْفَضِيلَةَ فِي حُكْمِهِ وَعِلْمِهِ. نَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكَ الْعَوْنَ عَلَى طَاعَتِهِ وَالنَّجَاةَ مِنْ عَذَابِهِ)) (¬1). [484] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عتبة بن غزوان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا عُتْبَةُ، إِنِّي قَدِ اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَى أَرْضِ الْهِنْدِ، وَهِيَ حَوْمَةٌ مِنْ حَوْمَةِ الْعَدُوِّ، وَأَرْجُو أَنْ يَكْفِيَكَ اللهُ مَا حَوْلَهَا، وَأَنْ يُعِينَكَ عَلَيْهَا، وَقَدْ كَتَبْتُ إِلَى الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ أَنْ يَمُدَّكَ بِعَرْفَجَةَ بْنِ هَرْثَمَةَ (¬2)، وَهُوَ ذُو مُجَاهَدَةِ الْعَدُوِّ وَمُكَايَدَتِهِ، فَإِذَا قَدِمَ عَلَيْكَ فَاسْتَشِرْهُ وَقَرِّبْهُ، وَادْعُ إِلَى اللهِ، فَمَنْ أَجَابَكَ فَاقْبَلْ مِنْهُ، وَمَنْ أَبَى فَالْجِزْيَةَ عَنْ صَغَارٍ وَذِلَّةٍ، وَإِلا فَالسَّيْفَ فِي غَيْرِ هَوَادَةٍ، وَاتَّقِ اللهَ فِيمَا وُلِّيتَ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُنَازِعَكَ نَفْسُكَ إِلَى كِبْرٍ يُفْسِدُ عَلَيْكَ إِخْوَتَكَ، وَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعُزِّزْتَ بِهِ بَعْدَ الذِّلَّةِ، وَقُوِّيتَ بِهِ بَعْدَ الضَّعْفِ، حَتَّى صِرْتَ أَمِيرًا مُسَلَّطًا وَمَلِكًا مُطَاعًا، تَقُولُ فَيُسْمَعُ مِنْكَ، وَتَامُرُ فَيُطَاعُ أَمْرُكَ، فَيَا لَهَا نِعْمَةٌ، إِنْ لَمْ تَرْفَعْكَ فَوْقَ قَدْرِكَ وَتُبْطِرْكَ عَلَى مَنْ ¬

(¬1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 4/ 362 وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 242. (¬2) عرفجة بن هرثمة بن عبد العزى بن زهير البارقي، أحد الأمراء في الفتوح. وذكروا أنَّ أبا بكر الصديق أمدّ به جيفر بن الجلندي لما ارتدّ أهلها. (الإصابة: 4/ 401).

[485] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى عتبة بن غزوان - رضي الله عنه -

دُونَكَ! احْتَفِظْ مِنَ النِّعْمَةِ احْتِفَاظَكَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَلَهِيَ أَخْوَفُهُمَا عِنْدِي عَلَيْكَ أَنْ تَسْتَدْرِجَكَ وَتَخْدَعَكَ، فَتَسْقُطَ سَقْطَةً تَصِيرُ بِهَا إِلَى جَهَنَّمَ، أُعِيذُكَ بِاللهِ وَنَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، إِنَّ النَّاسَ أَسْرَعُوا إِلَى اللهِ حِينَ رُفِعَتْ لَهُمُ الدُّنْيَا فَأَرَادُوهَا، فَأَرِدِ اللهَ وَلا تُرِدِ الدُّنْيَا، وَاتَّقِ مَصَارِعَ الظَّالِمِينَ)) (¬1). [485] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عتبة بن غزوان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ خَرَجَ بِجَيْشٍ فَأَقْطَعَهُمْ أَهْلُ فَارِسَ، وَعَصَانِي، وَأَظُنُّهُ لَمْ يُرِدِ اللهَ بِذَلِكَ، فَخَشِيتُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُنْصَرُوا، أَنْ يُغْلَبُوا وَيُنْشَبُوا، فَانْدُبْ إِلَيْهِمُ النَّاسَ، وَاضْمُمْهُمْ إِلَيْكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجْتَاحُوا)) (¬2). [486] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى قُطْبَةَ بْنِ قَتَادَةَ السَّدُوسِيِّ (¬3) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّهُ أَتَانِي كِتَابُكَ أَنَّكَ تُغِيرُ عَلَى مَنْ قِبَلَكَ مِنَ الأَعَاجِمِ، وَقَدْ ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 593 وابن كثير في البداية والنهاية: 9/ 640 .. (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 81 وعنه ابن كثير في البداية والنهاية: 10/ 55. (¬3) قطبة بن قتادة بن جرير السدوسي، أبو الحويصلة، قال البخاري: له صحبة. وقال ابن حبان: أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبايعه. استخلفه خالد بن الوليد على البصرة لما سار إلى السواد. (الإصابة: 5/ 339).

[487] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى سمرة بن جندب - رضي الله عنه - وقد بلغه أنه يجلس للرعية فوق جبل

أَصَبْتَ وَوُفِّقْتَ، أَقِمْ مَكَانَكَ، وَاحْذَرْ عَلَى مَنْ مَعَكَ مِنْ أَصْحَابِكَ حَتَّى يَاتِيَكَ أَمْرِي)) (¬1). [487] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سمُرة بن جندب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه أنه يجلس للرعية فوق جبل ((أَمَّا بَعْدُ؛ فَأَسْهِلْ تُثْمِرْ وَالسَّلامُ)) (¬2). [488] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعتبة بن فرقد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بأذربيجان وقد أرسل له عتبة بعيراً يحمل خبيصاً حلواً: ((أَمَّا بَعْدُ؛ فَلَيْسَ مِنْ كَدِّ أَبِيكَ وَلَا مِنْ كَدِّ أُمِّكَ، فَأَشْبِعِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِكَ، وَإِيَّاكُمْ وَزِيَّ الْأَعَاجِمِ وَنَعِيمَهَا وَعَلَيْكُمْ بِالمَعْدِيَّةِ (¬3))) (¬4). [489] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْقُوَّةَ فِي الْعَمَلِ أَنْ لَا تُؤَخِّرَ عَمَلَ الْيَوْمِ لِغَدٍ، ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 593. (¬2) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 350. (¬3) أي: باللِّبْسَة الخشِنة. (النهاية لابن الأُثير - (مَعَدَ)). (¬4) رواه أحمد بن حنبل في الزهد (639).

[490] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أمراء الأجناد

فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ تَدَارَكَتْ عَلَيْكُمُ الْأَعْمَالُ، فَلَمْ تَدْرُوا بِأَيِّهَا تَاخُذُونَ، فَأَضَعْتُمْ، وَإِنَّ الْأَعْمَالَ مُؤَدَّاةٌ إِلَى الْأَمِيرِ مَا أَدَّى الْأَمِيرُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا رَتَعَ الْأَمِيرُ رَتَعُوا، وَإِنَّ لِلنَّاسِ نُفْرَةً عَنْ سُلْطَانِهِم، فَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكَنِي، أَوْ قَالَ: تُدْرِكَنَا، فَإِنَّهَا ضَغَائِنُ مَحْمُولَةٌ، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةٌ، وَأَهْوَاءٌ مُتَّبَعَةٌ، فَأَقِيمُوا الْحَقَّ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ)) (¬1). [490] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أُمراء الأجناد ((إِذَا تَدَاعَتِ الْقَبَائِلُ فَاضْرِبُوهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَصِيرُوا إِلَى دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ)) (¬2). [491] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في القضاء (¬3) ((سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ، وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، فَافْهَمْ إِذَا أُدْلِيَ ¬

(¬1) رواه أبو عبيد في الأموال (10) والخطب والمواعظ (136). (¬2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (38340). (¬3) هو كما يقول ابن القيّم في (إعلام الموقعين: 1/ 68): كتابٌ جليلٌ تلقَّاهُ العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة، والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه وإلى تأمله والتفقه فيه. وقد شرحه ابن القيم في (إعلام الموقعين) شرحًا مستفيضًا تتبع فيه قواعده وحِكمه وفوائده.

إِلَيْكَ (¬1)، وَأَنْفِذْ إِذَا تَبَيَّنَ لَكَ، فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ تَكَلُّمٌ بِحَقٍّ لَا نَفَاذَ لَهُ، آسِ (¬2) بَيْنَ النَّاسِ فِي مَجْلِسِكَ، وَفِي وَجْهِكَ وَعَدْلِكَ، حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِكَ، وَلَا يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِكَ، فَالْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ النَّاسِ إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا، وَلَا يَمْنَعْكَ مِنْ قَضَاءٍ قَضَيْتَ بِهِ الْيَوْمَ فَرَاجَعْتَ فِيهِ نَفْسَكَ، وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ، أَنْ تُرَاجِعَ فِيهِ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ، وَلَا يُبْطِلُ الْحَقَّ شَيْءٌ، وَإِنَّ مُرَاجَعَةَ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ، الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا يَتَلَجْلَجُ (¬3) فِي نَفْسِكَ مِمَّا لَيْسَ فِي قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ، ثُمَّ اعْرِفِ الْأَشْبَاهَ وَالْأَمْثَالَ، وَقِسِ الْأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ اعْمَدْ إِلَى أَحَبِّهَا إِلَى اللهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ فِيمَا تَرَى، فَاجْعَلْ لِمَنِ ادَّعَى حَقًّا غَائِبًا أَوْ بَيِّنَةً أَمَدًا يَنْتَهِي إِلَيْهِ، فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً أَخَذَ ¬

(¬1) قوله: ((فَافْهَمْ إذَا أُدْلَي إلَيْك))، صحة الفهم وحسن القصد من أعظم نعم الله التي أنعم بها على عبده، بل ما أعطي عبد عطاء بعد الإسلام أفضل ولا أجل منهما، بل هما ساقا الإسلام، وقيامه عليهما، وبهما يأمن العبد طريق المغضوب عليهم الذين فسد قصدهم وطريق الضالين الذين فسدت فهومهم، ويصير من المنعم عليهم الذين حسنت أفهامهم وقصودهم، وهم أهل الصراط المستقيم الذين أمرنا أن نسأل الله أن يهدينا صراطهم في كل صلاة، وصحة الفهم نور يقذفه الله في قلب العبد، يميز به بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والهدى والضلال، والغي والرشاد، ويمده حسن القصد، وتحري الحق، وتقوى الرب في السر والعلانية، ويقطع مادته اتباع الهوى، وإيثار الدنيا، وطلب محمدة الخلق، وترك التقوى. (إعلام الموقعين: 1/ 96). (¬2) آسِ بين الناس: أي سوِّ بينهم (الكامل في اللغة 1/ 17) .. (¬3) تَلَجْلَجَ: أي تردد في صدرك وقلق ولم يستقر (لسان العرب 2/ 356).

بِحَقِّهِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا اسْتَحْلَلْتَ عَلَيْهِ الْقَضِيَّةَ، فَإِنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْعُذْرِ، وَأَجْلَى لِلْعَمَى، الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ، أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ، أَوْ ظِنِّينًا (¬1) فِي وَلَاءٍ أَوْ قَرَابَةٍ، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَوَلَّى مِنْكُمُ السَّرَائِرَ وَدَرَأَ عَنْكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَالْأَيْمَانِ، وَإِيَّاكَ وَالْغَلَقَ وَالْغِلَظَ وَالضَّجَرَ وَالتَّأَذِّيَ بِالنَّاسِ عِنْدَ الْخُصُومِ، وَالتَّنَكُّرَ لِلْخُصُومِ فِي مَوَاطِنِ الْحَقِّ الَّتِي يُوجِبُ اللهُ فِيهِ الْأَجْرَ، وَيُحْسِنُ فِيهِ الذُّخْرَ، فَمَنْ خَلَصَتْ نِيَّتُهُ وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ، كَفَاهُ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ تَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِمَا يَعْلَمُ اللهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي قَلْبِهِ، شَانَهُ اللهُ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ عَبْدِهِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا، فَمَا ظَنُّكَ بِثَوَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَاجِلِ رِزْقِهِ، وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ (¬2)، وَالسَّلَامُ ¬

(¬1) أو ظنينا في ولاء أو نسب: أي منهم (الكامل في اللغة 1/ 18) .. (¬2) قوله: «فما ظنك بثواب عند الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته»، يريد به تعظيم جزاء المخلص وأنه رزق عاجل إما للقلب أو للبدن أو لهما .. ورحمته مُدَّخَرة في خزائنه؛ فإنَّ الله سبحانه يجزي العبد على ما عمل من خيرٍ في الدنيا ولا بُدَّ، ثم في الآخرة يوفيه أجره، كما قال تعالى: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 185] فما يحصل في الدنيا من الجزاء على الأعمال الصالحة ليس جزاء توفية، وإن كان نوعاً آخر كما قال تعالى عن إبراهيم: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: 27] وهذا نظير قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [النحل: 122] فأخبر سبحانه أنه آتى خليله أجره في الدنيا من النعم التي أنعم بها عليه في نفسه وقلبه وولده وماله وحياته الطيبة، ولكن ليس ذلك أجر توفية، وقد دل القرآن في غير موضع على أنَّ لكل من عمل خيراً أجرين: عمله في الدنيا، ويُكمل له أجره في الآخرة كقوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا =

[492] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -

عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله)) (¬1). [492] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ لِلنَّاسِ وُجُوهٌ يَرْفَعُونَ حَوَائِجَ النَّاسِ، فَأَكْرِمْ وُجُوهَ النَّاسِ، فَحَسْبُ الْمُسْلِمِ الضَّعِيفِ مِنَ الْعَدْلِ أَنْ يُنْصَفَ فِي الْحُكْمِ وَالْقِسْمَةِ)) (¬2). ¬

= فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل: 30] وفي الآية الأخرى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [النحل: 41]، وقال في هذه السورة: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97] وقال فيها عن خليله: {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [النحل: 122]، فقد تكرر هذا المعنى في هذه السورة دون غيرها في أربعة مواضع لسر بديع، فإنها سورة النعم التي عدد الله سبحانه فيها أصول النعم وفروعها، فعرف عباده أنَّ لهم عنده في الآخرة من النعم أضعاف هذه بما لا يدرك تفاوته، وأنَّ هذه من بعض نعمه العاجلة عليهم، وأنهم إن أطاعوه زادهم إلى هذه النعم نعما أخرى، ثم في الآخرة يوفيهم أجور أعمالهم تمام التوفية، وقال تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هود: 3] فلهذا قال أمير المؤمنين: «فما ظنك بثواب عند الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته، والسلام». (إعلام الموقعين: 1/ 125). (¬1) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 776 ووكيع البغدادي في أخبار القضاة: 1/ 70 والدارقطني في السنن (4471) والشجري في ترتيب الأمالي الخميسية (2628) والبيهقي في السنن الكبرى (20537) ومعرفة السنن والآثار (19792). (¬2) رواه ابن الجعد في المسند (1163) وأحمد في فضائل الصحابة (649) والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (431) والبيهقي في السنن الكبرى (16688).

[493] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -

[493] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّ لِلنَّاسِ نَفْرَةً عَنْ سُلْطَانِهِمْ؛ فَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ يُدْرِكَنِي وَإِيَّاكَ عَمْيَاءُ مَجْهُولَةٌ، وَضَغَائِنُ مَحْمُولَةٌ؛ فَأَقِمِ الْحُدُودَ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِذَا عَرَضَ لَكَ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا لِلَّهِ وَالْآخَرُ لِلدُّنْيَا؛ فَآثِرْ نَصِيبَكَ مِنَ اللهِ، فإنَّ الدُّنْيَا تَنْفَذُ وَالْآخِرَةُ تَبْقَى، وَأَخِفِ الْفُسَّاقَ، وَاجْعَلْهُمْ يَداً يَداً وَرِجْلاً رِجْلاً، عُدْ مَرِيضَ الْمُسْلِمِينَ، وَاحْضَرْ جَنَائِزَهُمْ وَافْتَحْ بَابَكَ، وَبَاشِرْ أُمُورَهُمْ بِنَفْسِكَ؛ فَإِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ؛ غَيْرَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَكَ أَثْقَلَهُمْ حِمْلًا، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ فَشَا لَكَ وَلِأَهْلِ بَيْتِكَ هَيْئَةٌ فِي لِبَاسِكَ وَمَطْعَمِكَ وَمَرْكَبِكَ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ مِثْلُهَا؛ فَإِيَّاكَ يَا عَبْدَ اللهِ أَنْ تَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْبَهِيمَةِ مَرَّتْ بِوَادٍ خَصْبٍ؛ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا هَمٌّ إِلَّا السِّمَنُ وَالْمَاءُ، وَإِنَّمَا حَتْفُهَا فِي السِّمَنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَامِلَ إِذَا زَاغَ زَاغَتْ رَعِيَّتُهُ، وَأَشْقَى النَّاسُ مَنْ شَقِيَتْ بِهِ رَعِيَّتُهُ)) (¬1). [494] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أَسْعَدَ الرُّعَاةِ مَنْ سَعِدَتْ بِهِ رَعِيَّتُهُ، وَإِنَّ أَشْقَى الرُّعَاةِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ شَقِيَتْ بِهِ رَعِيَّتُهُ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَرْتَعَ فَيَرْتَعَ ¬

(¬1) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1198).

[495] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -

عُمَّالُكَ، فَيَكُونُ مَثَلُكَ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَثَلَ الْبَهِيمَةِ؛ نَظَرَتْ إِلَى خَضِرَةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَرَعَتْ فِيهَا تَبْتَغِي بِذَلِكَ السِّمَنَ، وَإِنَّمَا حَتْفُهَا فِي سِمَنِهَا، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ)) (¬1). [495] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَنْ خَلُصَتْ نِيَّتُهُ كَفَاهُ اللهُ تَعَالَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ تَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِغَيْرِ مَا يَعْلَمُ اللهُ مِنْ قَلْبِهِ شَانَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَا ظَنُّكَ فِي ثَوَابِ اللهِ فِي عَاجِلِ رِزْقِهِ وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ؟ وَالسَّلَامُ)) (¬2). [496] وَمِنْ وَصِيَّةٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كتبها قبل استشهاده ((أَنْ لَا يُقَرَّ لِي عَامِلٌ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَأَقِرُّوا الْأَشْعَرِيَّ - يَعْنِي أَبَا مُوسَى - أَرْبَعَ سِنِينَ)) (¬3). [497] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى معاوية بن أبي سفيان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ لَمْ تُؤَدِّبْ رَعِيَّتَكَ بِمِثْلِ أَنْ تَبْدَأَهُمْ بِالْغِلْظَةِ ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (35589) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 50 والحنائي في فوائده (173) وابن البخاري في مشيخته (47). (¬2) رواه هناد في الزهد: 2/ 436 وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 50. (¬3) رواه أحمد في المسند (19490).

[498] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -

وَالشِّدَّةِ عَلَى أَهْلِ الرِّيبَةِ بَعُدُوا أَوْ قَرُبُوا، فَإِنَّ اللِّينَ بَعْدَ الشِّدَّةِ أَمْنَعُ لِلرَّعِيَّةِ، وَأَحْشَدُ لَهَا، وَإِنَّ الصَّفْحَ بَعْدَ الْعُقُوبَةِ أَرْغَبُ لِأَهْلِ الحزمِ)) (¬1). [498] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى معاوية بن أبي سفيان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ قَيْسَارِيَةَ (¬2)، فَسِرْ إِلَيْهَا وَاسْتَنْصِرِ اللهَ عَلَيْهِمْ، وَأَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ، اللهُ رَبُّنَا وَثِقَتُنَا وَرَجَاؤُنَا وَمَوْلانَا، نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)) (¬3). [499] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي عبيدة بن الجراح - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((فَغَمِّضْ عَنِ الدُّنْيَا عَيْنَكَ، وَوَلِّ عَنْهَا قَلْبَكَ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُهْلِكَكَ كَمَا أَهْلَكَتْ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، فَقَدْ رَأَيْتُ مَصَارِعَهَا وَأُخْبِرْتُ بِسُوءِ أَثَرِهَا عَلَى أَهْلِهَا، كَيْفَ عَرَى مَنْ كَسَتْ، وَجَاعَ مَنْ أَطْعَمَتْ، وَمَاتَ مَنْ أَحْيَتْ، إِنَّهَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْآخِرَةِ سِتْرٌ مِثْلَ الْخِمَارِ تُبْصِرُ مَا ... (¬4) إِلَيْهَا ¬

(¬1) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 774. (¬2) قَيْسارِيّةُ: بلد على ساحل بحر الشام تعدّ في أعمال فلسطين بينها وبين طبرية ثلاثة أيام، وكانت قديماً من أعيان أمهات المدن واسعة الرّقعة طيبة البقعة كثيرة الخير والأهل. (معجم البلدان: 4/ 421). (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 604. (¬4) بياض في أصل الكتاب.

[500] ومن كتاب له - رضي الله عنه -

سَلَفُكَ وَأَنْتَ غَائِبٌ مُنْتَظِرٌ مَتَى سَفَرُهُ، فِي غَيْرِ دَارِ مُقَامٍ، قَدْ نَضَبَ مَاؤُهَا وَهَاجَتْ ثَمَرَتُهَا، فَأَحْزَمُ النَّاسِ الرَّاحِلُ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا بِزَادِ بَلَاغٍ)) (¬1). [500] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي عبيدة بن الجراح - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقد ولَّاه على جند خالد بن الوليد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ((أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ الَّذِي يَبْقَى وَيَفْنَى مَا سِوَاهُ، الَّذِي هَدَانَا مِنَ الضَّلالَةِ، وَأَخْرَجَنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَقَدِ اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَى جُنْدِ خالد بن الْوَلِيدِ، فَقُمْ بِأَمْرِهِمُ الَّذِي يَحِقُّ عَلَيْكَ، لا تُقَدِّمِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى هَلَكَةٍ رَجَاءَ غَنِيمَةٍ، وَلا تُنْزِلْهُمْ مَنْزِلاً قَبْلَ أَنْ تَسْتَرِيدَهُ لَهُمْ، وَتَعْلَمَ كَيْفَ مَاتَاهُ، وَلا تَبْعَثْ سَرِيَّةً إِلا فِي كَثْفٍ مِنَ النَّاسِ، وَإِيَّاكَ وَإِلْقَاءَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْهَلَكَةِ، وَقَدْ أَبْلاكَ اللهُ بِي وَأَبْلانِي بِكَ، فَغَمِّضْ بَصَرَكَ عَنِ الدُّنْيَا، وَأَلْهِ قَلْبَكَ عَنْهَا، وَإِيَّاكَ أَنْ تَهْلِكَ كَمَا أَهْلَكَتْ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، فَقَدْ رَأَيْتَ مَصَارِعَهُمْ)) (¬2). [501] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عبيدة بن الجراح - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ((أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمُ الْعَوْمَ، وَمُقَاتِلَتَكُمُ الرَّمْيَ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه أبو داود في الزهد (102). (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 434 وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 136 وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 268 وابن كثير في البداية والنهاية: 9/ 576. (¬3) رواه أحمد في المسند (323) وسعيد بن منصور في السنن (2455) والمنتقى لابن الجارود (964).

[502] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -، وقد سأله عن الذي يبدأ به

[502] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي عبيدة بن الجراح - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقد سأله عن الذي يبدأ به ((أَمَّا بَعْدُ، فَابْدَءُوا بِدِمَشْقَ، فَانْهَدُوا لَهَا، فَإِنَّهَا حِصْنُ الشَّامِ وَبَيْتُ مَمْلَكَتِهِمْ، وَاشْغِلُوا عَنْكُمْ أَهْلَ فِحْلَ (¬1) بِخَيْلٍ تَكُونُ بِإِزَائِهِمْ فِي نُحُورِهِمْ وَأَهْلَ فِلَسْطِينَ وَأَهْلَ حِمْصَ، فَإِنْ فَتَحَهَا اللهُ قَبْلَ دِمَشْقَ فَذَاكَ الَّذِي نُحِبُّ، وَإِنْ تَأَخَّرَ فَتْحُهَا حَتَّى يَفْتَحُ اللهُ دِمَشْقَ فَلْيَنْزِلْ بِدِمَشْقَ مَنْ يُمْسِكُ بِهَا، وَدَعُوهَا، وَانْطَلِقْ أَنْتَ وَسَائِرُ الأُمَرَاءِ حَتَّى تُغِيرُوا عَلَى فِحْلَ، فَإِنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَانْصَرِفْ أَنْتَ وَخَالِدٌ إِلَى حِمْصَ، وَدَعْ شُرَحْبِيلَ وَعَمْرًا وَأَخْلِهِمَا بِالأُرْدُنِّ (¬2) وَفِلَسْطِينَ، وَأَمِيرُ كُلِّ بَلَدٍ وَجُنْدٍ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ إِمَارَتِهِ)) (¬3). ¬

(¬1) فِحْلٌ: بكسر أوله، وسكون ثانيه، وآخره لام: اسم موضع بالشام كانت فيه وقعة للمسلمين مع الروم، ويوم فحل مذكور في الفتوح وأظنه عجميّا لم أره في كلام العرب، قتل فيه ثمانون ألفاً من الروم وكان بعد فتح دمشق في عام واحد. (معجم البلدان: 4/ 237). (¬2) الأردن بضم الهمزة وسكون الراء وضم الدال المهملة، وآخره نون مشددة، ولا ينطق إلا معرفاً بالألف واللام، والأردن في ذاك الزمان كان إقليماً كبيراً من بلاد الشام يمتد من البحر الميت جنوباً إلى صور من لبنان شمالاً، ويصل إلى البحر الأبيض غرباً، ويشمل من الشرق إقليم البلقاء حيث كانت جرش قصبة تلك الكورة. (معجم المعالم الجغرافية: ص22 - 23). (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 437 - 438 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 2/ 128 وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 143وابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 269 وابن كثير في البداية والنهاية: 9/ 577.

[503] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -

[503] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا سَعْدُ، سَعْدَ بَنِي أَهْيَبَ، إنَّ اللهَ تَعَالَى إذَا أَحَبَّ عَبْدًا حَبَّبَهُ إلَى خَلْقِهِ، فَاعْرِفْ مَنْزِلَتَك مِنْ اللهِ تَعَالَى بِمَنْزِلَتِك مِنْ النَّاسِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا لَك عِنْدَ اللهِ مِثْلُ مَا لِله عِنْدَك)) (¬1). [504] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد بلغه دخول سعد مدائن كسرى ((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ عَبْدِ اللهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ الَّذِي بِتَقْوَاهُ سَعِدَ مَنْ سَعِدَ، وَبِتَرْكِهَا شَقِيَ مَنْ شَقِيَ، ثُمَّ قَدْ عَرَفْتَ بَلَاءَ اللهِ عِنْدَنَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِذْ اسْتَنْقَذَنَا مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ، وَأَخْرَجَنَا مِنْ عِبَادَةِ أَصْنَامِهِمْ، وَهَدَانَا مِنْ ضَلَالَتِهِمْ، وَعَرَفْتَ مَخْرَجَنَا مِنْ عِنْدِهِمْ، وَخَرَجْنَا زَادَ الرَّهْطِ عَلَى بَعِيرٍ، مَنْ بَلَغَ مِنَّا مَامَنَهُ بَلَغَ مَجْهُودًا، وَمَنْ أَقَامَ بِأَرْضِهِ أَقَامَ مَفْتُونًا فِي دِينِهِ مُعَذَّبًا فِي بَدَنِهِ، وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَظْهُرِنَا عَلَى تِلْكَ مِنْ حَالِنَا يُقْسِمُ: ((لَتَاخُذُنَّ كُنُوزَ قَيْصَرَ وَكِسْرَى))، فَنَافَقَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ مُنَافِقُونَ، ¬

(¬1) ذكره الجاحظ في البيان والتبيين: 1/ 218 وابن عبد ربه في العقد الفريد: 1/ 163 والماوردي في أدب الدنيا والدين: 1/ 137.

[505] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى القضاة مع أول قيامه

فَأَبْقَاكَ اللهُ حَتَّى رَأَيْتَ ذَلِكَ بِعَيْنِكَ وَوَلِيتَهُ بِنَفْسِكَ، وَأَرَانَاهُ مَعَكَ، فَأَعْرِضْ عَنْ زَهْرَةِ مَا أَنْتَ فِيهِ حَتَّى تَلْقَى الْمَاضِينَ (¬1) الَّذِينَ دَفَقُوا (¬2) فِي شِمَالِهِمْ، لَاصِقَةٌ بُطُونُهُمْ بِظُهُورِهِمْ، لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ، لَمْ تَفْتِنْهُمُ الدُّنْيَا وَلَمْ يَفْتَتِنُوا بِهَا، أَسْرَعُوا فَلَمْ يَنْشُبُوا أَنْ لَحِقُوا)) (¬3). [505] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى الْقُضَاةِ مَعَ أَوَّلِ قِيَامِهِ ((لا تَبُتُّوا الْقَضَاءَ إِلا عَنْ مَلأٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ رَايَ الْوَاحِدِ يَقْصُرُ، وَمَنْ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فَلْيَصْبِرْ وَلْيَحْتَسِبْ، وَلا تَحْمِلُوا عَلَى حُكَّامِكُمْ مَا جَرَّ عَلَيْكُمْ شُهُودُكُمْ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ عَلَى مَا يَسْمَعُ أَوْ يَشْهَدُ بِهِ عِنْدَهُ وَاللهُ حَسِيبٌ لِلشَّاهِدِ وَالآخِذِ لِغَيْرِ الْحَقِّ)) (¬4). [506] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أمراء الأمصار ((بِأَنَّ لَكُمْ مَعْشَرَ الْولَاةِ حَقًّا فِي الرَّعِيَّةِ وَلَهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ ¬

(¬1) في الأصل: (الْمَاضِيِينَ)، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبته. (¬2) دَفَقَ: الدَّالُ وَالْفَاءُ وَالْقَافُ أَصْلٌ وَاحِدٌ مُطَّرِدٌ قِيَاسُهُ، وَهُوَ دَفْعُ الشَّيْءِ قُدُمًا. (مقاييس اللغة: 2/ 286). (¬3) رواه أبو داود في الزهد (54). (¬4) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 376 وابن الجوزي في المنتظم في التاريخ: 4/ 136 واللفظ للبلاذري.

[507] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أهل الكوفة

مِنْ حِلْمٍ أَحَبَّ إِلَى اللهِ وَلَا أَعَمَّ نَفْعاً مِنْ حِلْمِ إِمَامٍ وَرِفْقِهِ وَإِنَّهُ لَيْسَ جَهْلٌ أَبْغَضَ إِلَى اللهِ وَلَا أَعَمَّ ضَرًّا مِنْ جَهْلِ إِمَامٍ وَخُرْقِهِ (¬1)، وَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبِ الْعَافِيَةَ فِيمَنْ هُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ يُنْزِلِ اللهُ عَلَيْهِ الْعَافِيَةَ مِنْ فَوْقِهِ)) (¬2). [507] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أهل الكوفة ((ذُكِرَ لِي أَنَّ (مَطْرَسْ) بِلِسَانِ الْفَارِسِيَّةِ: الْأَمَنَةُ، فَإِنْ قُلْتُمُوهَا لِمَنْ لَا يَفْقَهُ لِسَانَكُمْ فَهُوَ آمِنٌ)) (¬3). [508] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّكَ لَمْ تَنَلْ عَمَلَ الْآخِرَةِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا)) (¬4). [509] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ الْحِكْمَةَ لَيْسَتْ عَنْ كِبَرِ السِّنِّ، وَلَكِنَّهُ عَطَاءُ اللهِ يُعْطِيهِ مِنْ ¬

(¬1) الخُرْق بِالضَّمِّ: الْجَهْلُ والحُمقُ. وَقَدْ خَرِقَ يَخْرَقُ خَرَقاً فهو أَخْرَقُ. والاسم الْخُرْقُ بالضم. (النهاية لابن الأثير - (خَرَقَ)). (¬2) رواه هناد في الزهد: 2/ 602 والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2089). (¬3) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (33400). (¬4) رواه أحمد بن حنبل في الزهد (647).

[510] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى عمرو بن العاص - رضي الله عنه -

يَشَاءُ، فَإِيَّاكَ وَدَنَاءَةَ الأُمُورِ وَمَذاقَ الأَخْلاقِ)) (¬1). [510] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((قَدْ فَشَتْ لَكَ فَاشِيَةٌ مِنْ مَتَاعٍ وَرَقِيقٍ وَآنِيَةٍ وَحَيَوَانٍ لَمْ تَكُنْ لَكَ حِينَ وُلِّيتَ مِصْرَ)) فَكَتَبَ عَمْرٌو: إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضُ مَتْجَرٍ وَمُزْدَرَعٍ، فَنَحْنُ نُصِيبُ فَضْلا عَمَّا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِنَفَقَتِنَا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: ((إِنِّي قَدْ خُبِّرْتُ مِنْ عُمَّالِ السُّوءِ مَا كَفَى، وَكِتَابُكَ إِلَيَّ كِتَابُ ضَجِرٍ قَدْ أَقْلَقَهُ الأَخْذُ بِالْحَقِّ، فَقَدْ سُؤْتُ بِكَ ظَنًّا، وَقَدْ وَجَّهْتُ إِلَيْك مُحَمَّد بنُ مَسْلَمَةَ لِيُقَاسِمَكَ مَالَكَ، فَاخْرُجْ مِمَّا يُطَالِبُكَ بِهِ، وَاعْفِهِ مِنَ الْغِلْظَةِ عَلَيْكَ، فَإِنَّهُ بَرِحَ الْخَفَاءَ)) (¬2). [511] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بمصر يذكر له ما أصاب المدينة النبوية من القحط: ((مِنْ عَبْدِ اللهِ عُمَرَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ إِلَى العَاصِ بنِ العَاصِ: سَلَامٌ؛ أَمَّا بَعْدُ؛ فَلَعَمْرِي يَا عَمْرُو مَا تُبَالِي إِذَا شَبِعْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ أَنْ ¬

(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في الإشراف (236) ووكيع البغدادي في أخبار القضاة: 1/ 285 والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2089). (¬2) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 369 وأبو الفرج البغدادي في الخراج: ص339.

أَهْلِكَ أَنَا وَمَنْ مَعِي؛ فَيَا غَوْثَاءَ، ثُمَّ يَا غَوْثَاءَ)). فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ العَاصِ: ((لِعَبْدِ اللهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ؛ أَمَّا بَعْدُ فَيَا لَبَّيْكَ ثُمَّ يَا لَبَّيْكَ! قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ بَعَيْرًا أَوَّلُهَا عِنْدَكَ وَآخِرُهَا عِنْدِي. وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهُ)). فَبَعَثَ إِلَيْهِ بَعِيرًا عَظِيمَةً، فَكَانَ أَوَّلُهَا بِالمَدِينَةِ وَآخِرُهَا بِمِصْرَ، يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَلَمَّا قَدِمَتْ عَلَى عُمَرَ وَسَّعَ بِهَا عَلَى النَّاسِ، وَدَفَعَ إِلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ بِالمَدِينَةِ وَمَا حَوْلَهَا بَعِيراً بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ، وبَعَثَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرَ بنَ العَوَّامِ، وَسَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقْسِمُونَهَا عَلَى النَّاسِ، فَدَفَعُوا إِلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ بَعِيراً بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ أَنْ يَاكُلُوا الطَّعَامَ وَيَنْحَرُوا البَعِيرَ فَيَاكُلُوا لَحْمَهُ وَيَأَتَدَّمُوا شَحْمَهُ ويَحْتَذُوا جِلْدَهُ، وَيَنْتَفِعُوا بِالْوِعَاءِ الذِي كَانَ فِيهِ الطَّعَامُ لِمَا أَرَادُوا مِنْ لِحَافٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَوَسَّعَ اللهُ بِذَلِكَ عَلَى النَّاسِ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ حَمِدَ اللهَ وَكَتَبَ إِلَى عَمْرِو بنِ العَاصِ يَقْدُمُ عَلَيْهِ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ مَعَهُ، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: ((يَا عَمْرُو؛ إِنَّ اللهَ قَدْ فَتَحَ عَلَى المُسْلِمِينَ مِصْرَ، وَهِيَ كَثِيرَةُ الخَيْرِ وَالطَّعَامِ، وَقَدْ أُلْقِيَ فِي رُوعِي - لِمَا أَحْبَبْتُ مِنَ الرِّفْقِ بِأَهْلِ الْحَرَمَيْنِ، وَالتَّوْسِعَةِ عَلَيْهِمْ حِينَ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِصْرَ وَجَعَلَهَا قُوَّةً لَهُمْ وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ - أَنْ أَحْفِرَ خَلِيجًا مِنْ نِيلِهَا حَتَّى يَسِيلَ فِي البَحْرِ، فَهُوَ

[512] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى عمرو بن العاص - رضي الله عنه -

أَسْهَلُ لِمَا نُرِيدُ مِنْ حَمْلِ الطَّعَامِ إِلَى المَدِينَةِ وَمَكَّةَ؛ فَإِنَّ حَمْلَهُ عَلَى الظَّهْرِ يَبْعُدُ وَلَا نَبْلُغُ مِنْهُ مَا نُرِيدُ؛ فَانْطَلِقْ أَنْتَ وَأَصْحَابَكَ فَتَشَاوَرُوا فِي ذَلِكَ حَتَّى يَعْتَدِلَ فِيهِ رَايُكُمْ)) (¬1). [512] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((سَلَامٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ؛ فَقَدْ عَجِبْتُ مِنْ كَثْرَةِ كُتُبِي إِلَيْكَ فِي إِبْطَائِكَ بِالخَرَاجِ. وَكِتَابِكَ إِلَيَّ بِبُنَيَّاتِ (¬2) الطَّرِيقِ. وَقَدْ عَلِمْتَ أَنِّي لَسْتُ أَرْضَى مِنْكَ إِلَّا بِالْحَقِّ البَيِّنِ، وَلَمْ أُقْدِمْكَ إِلَى مِصْرَ أَجْعَلُهَا لَكَ طُعْمَةً وَلَا لِقَوْمِكَ، لَكِنِّي وَجَّهْتُكَ لِمَا رَجَوْتُ مِنْ تَوْفِيرِ الخَرَاجِ وَحُسْنِ سِيَاسَتِكَ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَاحْمِلِ الخَرَاجَ، فَإِنَّمَا هُوَ فَيْءُ الْمُسْلِمِينَ، وَعِنْدِي مَنْ تَعْلَمُ قَوْمٌ مَحْصُورُونَ، وَالسَّلَامُ))، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ العَاصِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ؛ فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَسْتَبْطِئُنِي فِي الْخَرَاجِ، وَيَزْعُمُ أَنِّي أَعْنُدُ عَنِ الْحَقِّ، أَنْكُبُ عَنْ الطَّرِيقِ، وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَرْغَبُ عَنْ صَالِحِ مَا تَعْلَمُ، ¬

(¬1) رواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر: ص190. (¬2) بنيات الطريق هي الطرق الصغار تتشعب من الجادة، وهي الترهات. (الصحاح للجوهري: 6/ 2287).

[513] ومن كتاب له - رضي الله عنه - لابنه عبد الله - رضي الله عنه -

وَلَكِنَّ أَهْلَ الأَرْضِ اسْتَنْظَرُونِي إِلَى أَنْ تُدْرَكَ غَلَّتُهُمْ فَنَظَرْتُ لِلْمُسْلِمِينَ فَكَانَ الرِّفْقُ بِهِمْ خَيْرًا مِنْ أَنْ يُخْرَقَ بِهِمْ فَنَصِيرُ إِلَى مَا لَا غِنَى لَهُمْ عَنْهُ، وَالسَّلَامُ) (¬1). [513] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابنه عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ فَإِنَّهُ مَنِ اتَّقَاهُ وَقَاهُ، وَمَنْ أَقْرَضَهُ جَزَاهُ، وَمَنْ شَكَرَهُ زَادَهُ، اِجْعَلِ التَّقْوَى نُصْبَ عَيْنَيْكَ وَجَلَاءَ قَلْبِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا عَمَلَ لِمَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَلَا أَجْرَ لِمَنْ لَا خَشْيَةَ لَهُ، وَلَا مَالَ لِمَنْ لَا رِفْقَ لَهُ، وَلَا جَدِيدَ لِمَنْ لَا خَلَقَ لَهُ)) (¬2). [514] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((بَلَغَنِي أَنَّ أَهْلَ الْأَمْصَارِ اتَّخَذُوا الْحَمَّامَاتِ، فَلَا يَدْخُلَنَّ أَحَدٌ، أَوْ قَالَ: مُسْلِمٌ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَلَا يَذْكُرْ فِيهِ اسْمَ اللهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ، أَوْ قَالَ: لَا يَذْكُرُوا للهِ فِيهِ اسْمًا حتَّى يَخْرُجُوا مِنْهُ، وَلَا يَسْتَنْقِعِ اثْنَانِ فِي حَوْضٍ)) (¬3). ¬

(¬1) ذكره ابن عبد الحكم في فتوح مصر: ص110. (¬2) رواه أبو عبيد في الخطب والمواعظ (137) وقاضي المارستان في أحاديث الشيوخ الثقات (600). (¬3) رواه البيهقي في شعب الإيمان (2394).

[515] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل - رضي الله عنهما -

[515] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وقد أتاه كتابٌ منهما فيه: سَلَامٌ عَلَيْكَ. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا عَهِدْنَاكَ وَأَمْرُ نَفْسِكَ لَكَ مُهِمٌّ، وَأَصْبَحْتَ قَدْ وُلِّيتُ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَحْمَرِهَا وَأَسْوَدِهَا، يَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيْكَ الشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ، وَلِكُلٍّ حِصَّتُهُ مِنَ الْعَدْلِ فَانْظُرْ كَيْفَ أَنْتَ عِنْدَ ذَلِكَ يَا عُمَرُ، فَإِنَّا نُحَذِّرُكَ يَوْمًا تَعْنُو (¬1) فِيهِ الْوُجُوهُ، وَتَحِفُّ (¬2) فِيهِ الْقُلُوبُ، وَتُقْطَعُ فِيهِ الْحُجَجُ، يَمْلِكُ قَهْرَهُمْ بِجَبَرُوتِهِ وَالْخَلْقُ دَاخِرُونَ لَهُ، يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عِقَابَهُ، وَإِنَّا كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَيَرْجِعُ إِلَى آخِرِ زَمَانِهَا: أَنْ يَكُونَ إِخْوَانُ الْعَلَانِيَةِ أَعْدَاءَ السَّرِيرَةِ، وَأَنْ نَعُوذَ بِاللَّهِ أَنْ يَنْزِلَ كِتَابُنَا إِلَيْكَ سِوَى الْمَنْزِلِ الَّذِي نَزَلَ مِنْ قُلُوبِنَا، فَإِنَّا كَتَبْنَا بِهِ نَصِيحَةً لَكَ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا: مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: ((سَلَامٌ عَلَيْكُمَا أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّكُمَا كَتَبْتُمَا إِلَيَّ تَذْكُرَانِ أَنَّكُمَا ¬

(¬1) العاني: الخاضع المُتَذَلِّل. قال الله عزّ وجلّ: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ}، وهي تَعْنو عُنُوّاً. وجئت إليك عانياً: أي: خاضعاً كالأسير المرتهن بذنوبه. (كتاب العين: 2/ 252). (¬2) الظاهر أن المراد به: طارت القلوب، أو سُمِعَ صوتها شديدًا، والأول من قولهم: حف الجعل يحف: إذا طار، والثاني من قولهم: حفت الشجرة حفيفًا: إذا صوتت بمرور الريح على أغصانها. انظر: تاج العروس: 23/ 147.

[516] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أمرائه

عَهِدْتُمَانِي وَأَمْرُ نَفْسِي لِي مُهِمٌّ، وَأَنِّي قَدْ أَصْبَحْتُ قَدْ وُلِّيتُ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَحْمَرِهَا وَأَسْوَدِهَا، يَجْلِسُ بَيْنَ يَدِي الشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ، وَلِكُلٍّ حِصَّةٌ مِنْ ذَلِكَ، وَكَتَبْتُمَا فَانْظُرْ كَيْفَ أَنْتَ عِنْدَ ذَلِكَ يَا عُمَرُ، وَأَنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ عِنْدَ ذَلِكَ لِعُمَرَ إِلَّا بِاللهِ، وَكَتَبْتُمَا تُحَذِّرَانِي مَا حُذِّرَتْ بِهِ الْأُمَمُ قَبْلَنَا، وَقَدِيمًا كَانَ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِآجَالِ النَّاسِ يُقَرِّبَانِ كُلَّ بَعِيدٍ وَيُبْلِيَانِ كُلَّ جَدِيدٍ وَيَاتِيَانِ بِكُلِّ مَوْعُودٍ حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى مَنَازِلِهِمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، كَتَبْتُمَا تَذْكُرَانِ أَنَّكُمَا كُنْتُمَا تُحَدَّثَانِ أَنَّ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَيَرْجِعُ فِي آخِرِ زَمَانِهَا: أَنْ يَكُونَ إِخْوَانُ الْعَلَانِيَةِ أَعْدَاءَ السَّرِيرَةِ، وَلَسْتُمْ بِأُولَئِكَ، لَيْسَ هَذَا بِزَمَانِ ذَلِكَ، وَأَنَّ ذَلِكَ زَمَانٌ تَظْهَرُ فِيهِ الرَّغْبَةُ وَالرَّهْبَةُ، تَكُونُ رَغْبَةُ بَعْضِ النَّاسِ إِلَى بَعْضٍ لِصَلَاحِ دُنْيَاهُمْ، وَرَهْبَةُ بَعْضِ النَّاسِ مِنْ بَعْضٍ، كَتَبْتُمَا بِهِ نَصِيحَةً تَعِظَانِي بِاللَّهِ أَنْ أُنْزِلَ كِتَابَكُمَا سِوَى الْمَنْزِلِ الَّذِي نَزَلَ مِنْ قُلُوبِكُمَا، وَأَنَّكُمَا كَتَبْتُمَا بِهِ وَقَدْ صَدَقْتُمَا فَلَا تَدَعَا الْكِتَابَ إِلَيَّ فَإِنَّهُ لَا غِنَى بِي عَنْكُمَا وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمَا)) (¬1). [516] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أمرائه ((أَمَا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهَا، فَمَنْ أَخَذَهَا ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (35592) وأبو عبيد في الخطب والمواعظ (145) وهناد في الزهد (533) والطبراني في المعجم الكبير (45) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 237.

[517] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -

بِحَقِّهَا كَانَ قَمِنًا أَنْ يُبَارَكَ لَهُ فِيهَا، وَمَنْ أَخَذَهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ كَالْآكِلِ الَّذِي لَا يَشْبَعُ، وَاحْتَسِبُوا إِلَى اللهِ أَعْمَالَكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ بِأَرْضِ عَدُوِّكُمْ لَا يَفْقَهُوَنَ كَلَامَكُمْ فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمُ الْعَهْدَ وَالذِّمَّةَ، فَإِنْ أَشَارَ أَحَدُكُمْ إِلَى عَدُوِّهِ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: وَاللهِ لَئِنْ نَزَلْتَ لَأَقْتُلَنَّكَ، فَنَزَلَ، إِنَّمَا نَزَلَ حِينَ أَشَارَ إِلَى السَّمَاءِ وَذَلِكَ عَقْدُهُ)) (¬1). [517] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَمَّا بَعْدُ فَتَفَقَّهُوا فِي السُّنَّةِ، وَتَفَقَّهُوا فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَأَعْرِبُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ، وَتَمَعْدَدُوا فَإِنَّكُمْ مَعَدِّيُّونَ)) (¬2). [518] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((صَلِّ الظُّهْرَ، إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ. وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا صُفْرَةٌ. وَالْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَأَخِّرِ الْعِشَاءَ مَا لَمْ تَنَمْ. وَصَلِّ الصُّبْحَ، وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ. وَاقْرَأ فِيهَا ¬

(¬1) رواه سعيد بن منصور في السنن (2927) وابن أبي شيبة في المصنف (35586) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 357 وابن بشران في أماليه (866)، والنص المذكور جمعي. (¬2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (26164) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2228).

[519] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -

بِسُورَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ مِنَ الْمُفَصَّلِ (¬1))) (¬2). [519] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي عبيدة بن الجراح - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءً مِنْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ وَمَعَهُنَّ نِسَاءٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَازْجُرْ عَنْ ذَلِكَ وَحُلْ دُونَهُ)) (¬3). [520] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تَبِيعَنَّ، وَلَا تَبْتَاعَنَّ، وَلَا تُشَارَنَّ (¬4)، وَلَا تُضَارَّنَّ، وَلَا تَرْتَشِ ¬

(¬1) وفي رواية: ((صَلَّ الظُّهْرَ حِينَ تَزُولَ الشَّمْسُ، وَصَلِّ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، وَصَلِّ الْمَغْرِبَ حِينَ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَوْ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ، وَصَلِّ الْعِشَاءَ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَأَقِمِ الْفَجْرَ بِسَوَادٍ أَوْ بِغَلَسٍ أَوْ بِالسَّوَادِ وَأَطِلِ الْقِرَاءَةَ)). رواه الحارث في مسنده كما في بغية الباحث (113). وفي لفظ آخر: ((كَتَبْتُ فِي الصَّلَاةِ وَأَحَقُّ مَا تَعَاهَدَ الْمُسْلِمُونَ أَمْرُ دِينِهِمْ وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي حَفِظْتُ مِنْ ذَلِكَ مَا حَفِظْتُ وَنَسِيتُ مِنْهُ مَا نَسِيتُ، فَصَلِّ الظُّهْرَ بِالْهَجِيرِ وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ وَالْمَغْرِبَ لِفِطْرِ الصَّائِمِ وَالْعِشَاءَ مَا لَمْ تَخَفْ رُقَادَ النَّاسِ، وَالصُّبْحَ بِغَلَسٍ، وَأَطِلِ الْقِرَاءَةَ فِيهَا)). ذكره البوصيري في إتحاف الخيرة (783) وابن حجر في المطالب العالية (251) وعزياه عن إسحاق بن راهويه في مسنده. (¬2) رواه مالك في الموطأ (10) وعبد الرزاق في المصنف (2036) والبيهقي في السنن الكبرى (1729). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (1134) والبيهقي في السنن الكبرى (13542) و (13543). (¬4) تُشَارَنَّ: أَيْ لَا تَفْعل بِهِ شَرًّا يُحْوجه إِلَى أَنْ يَفْعل بِكَ مِثُله. (النهاية لابن الأثير - (شَرَرَ)).

[521] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -

فِي الْحُكْمِ، وَلَا تَحْكُمْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ)) (¬1). [521] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَنْ مُرْ مَنْ قِبَلَكَ مِنْ نِسَاءِ المُسْلِمِينَ، أَنْ يُصَدِّقْنَ حُلِيَّهُنَّ، وَلَا يَجْعَلْنَ الْهَدِيَّةَ وَالزِّيَارَةَ تَقارُضًا بَيْنَهُنَّ)) (¬2). [522] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا، فَأَعْلِمْنِي يَوْمًا مِنَ السَّنَةِ لَا يَبْقَى فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ دِرْهَمٌ، حَتَّى يُكْتَسَحَ اكْتِسَاحًا، حَتَّى يَعْلَمَ اللهُ أَنِّي قَدْ أَدَّيْتُ إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ)) (¬3). [523] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين افتتح العراق ((أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ بَلَغَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ أَنَّ النَّاسَ سَأَلُوكَ أَنْ تَقْسِمَ ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (15290). (¬2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (10257) وابن زنجويه في الأموال (1764) والبيهقي في السنن الكبرى (7543). (¬3) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 303 وابن زنجويه في الأموال (933) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 343، قال الحسن البصري في التعليق على هذا الخبر: فَأَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ صَفْوَهَا، وَتَرَكَ كَدْرَهَا، حَتَّى أَلْحَقْهُ اللَّهُ بِصَاحِبَيْه.

[524] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى عمرو بن العاص - رضي الله عنه -

بَيْنَهُمْ مَغَانِمَهُمْ، وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَانْظُرْ مَا أَجْلَبَ النَّاسُ عَلَيْكَ إِلَى الْعَسْكَرِ مِنْ كُرَاعٍ أَوْ مَالٍ، فَاقْسِمْهُ بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَاتْرُكِ الْأَرَضِينَ وَالْأَنْهَارَ لِعُمَّالِهَا، لِيَكُونَ ذَلِكَ فِي أُعْطِيَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّكَ إِنْ قَسَمْتَهَا بَيْنَ مَنْ حَضَرَ، لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بَقِيَ بَعْدَهُمْ شَيْءٌ، وَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكَ أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَمَنِ اسْتَجَابَ لَكَ، وَأَسْلَمَ قَبْلَ الْقِتَالِ، فَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَهُ مَا لَهُمْ، وَلَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَنِ اسْتَجَابَ لَكَ بَعْدَ الْقِتَالِ، وَبَعْدَ الْهَزِيمَةِ، فَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَالُهُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَحْرَزُوهُ قَبْلَ إِسْلَامِهِ، فَهَذَا أَمْرِي، وَعَهْدِي إِلَيْكَ، وَلَا عُشُورَ عَلَى مُسْلِمٍ، وَلَا عَلَى صَاحِبِ ذِمَّةٍ، إِذَا أَدَّى الْمُسْلِمُ زَكَاةَ مَالِهِ، وَأَدَّى صَاحِبُ الذِّمَّةِ جِزْيَتَهُ الَّتِي صَالَحَ عَلَيْهَا، إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ، إِذَا اسْتَاذَنُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي أَرْضِنَا، فَأُولَئِكَ عَلَيْهِمُ الْعُشُورُ)) (¬1). [524] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّكَ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ قَوْمٍ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ فِي خفه (¬2) ¬

(¬1) رواه يحيى بن آدم في الخراج (49) و (121) والقاسم بن سلام في الأموال (150) وابن زنجويه في الأموال (229) والبيهقي في السنن الكبرى (18369). (¬2) قال المعلق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي: كذا في الأصل، ونقله في الكنز من هنا فلم يذكر (في خفه الإسلام) (جـ 6رقم: 334). والظاهر أن الصواب: (في خِفَّةِ الإسلام) بدليل =

[525] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أهل الشام

الْإِسْلَامِ فَمَاتُوا قَالَ: تُرْفَعُ أَمْوَالُ أُولَئِكَ إِلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الرَّجُلِ يُسْلِمُ فَيُعَادُّ الْقَوْمَ وَيُعَاقِلُهُمْ، وَلَيْسَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ وَلَا لَهُمْ عَلَيْهِ نِعْمَةٌ، فَاجْعَلْ مِيرَاثَهُ لِمَنْ عَاقَلَ وَعَادَّ)) (¬1). [525] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أهل الشام ((أَنْ عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ وَالْفُرُوسِيَّةَ)) (¬2). [526] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد كتب له في الراهب يموت ليس له وارث: ((أَنْ أَعْطِ مِيرَاثَهُ الَّذِينَ كَانُوا يُؤَدُّونَ جِزْيَتَهُ)) (¬3). [527] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عماله ((إِنَّ أَهَمَّ أَمْرِكُمْ عِنْدِي الصَّلَاةُ. فَمَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا، حَفِظَ ¬

= أنه جعل ميراثه لبيت المال، وتفسير ذلك أن الأثر رواه عبد الرزاق بنفس السند، ولفظه: (قضى عمر بن الخطاب أن من هلك من المسلمين لا وارث له يعلم ولم يكن مع قوم يعاقلهم ويعاهدهم فميراثه بين المسلمين من مال الله الذي يقسم بينهم). فيكون اللفظ: (في خِفَّةِ الإسلام)، يعني: غير مثقل بأقارب أو موالٍ. (¬1) رواه سعيد بن منصور في السنن (209). (¬2) رواه إسحاق القرَّاب في فضائل الرمي (15). (¬3) رواه سعيد بن منصور السنن (31596).

[528] ومن كتاب له - رضي الله عنه -

دِينَهُ. وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ))، ثُمَّ كَتَبَ: ((أَنْ صَلُّوا الظُّهْرَ، إِذَا كَانَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا، إِلَى أَنْ يَكُونَ ظِلُّ أَحَدِكُمْ مِثْلَهُ. وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، قَدْرَ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ فَرْسَخَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَالْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ. وَالْعِشَاءَ إِذَا غَابَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ. فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ، فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ، فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ وَالصُّبْحَ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ)) (¬1). [528] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد فتحوا تُستر فَوَجَدَوا رَجُلًا أَنْفُهُ ذِرَاعٌ فِي التَّابُوتِ، كَانُ أهل تستر يَسْتَظْهِرُونَ وَيَسْتَمْطِرُونَ بِهِ: ((إِنَّ هَذَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالنَّارُ لَا تَاكُلُ الْأَنْبِيَاءَ، وَالْأَرْضُ لَا تَاكُلُ الْأَنْبِيَاءَ، فَكَتَبَ أَنِ انْظُرْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ فَادْفِنُوهُ فِي مَكَانٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُكُمَا)) (¬2). [529] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَنَّ النِّسَاءَ يُعْطِينَ أَزْوَاجَهُنَّ رَغْبَةً وَرَهْبَةً، فَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَعْطَتْ ¬

(¬1) رواه مالك في الموطأ (9) وعبد الرزاق في المصنف (2038) والبيهقي في السنن الكبرى (2096) والحنائي في الفوائد (296). (¬2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (34511).

[530] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى عماله

زَوْجَهَا شَيْئًا فَأَرَادَتْ أَنْ تَعْتَصِرَهُ (¬1) فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ)) (¬2). [530] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عمَّاله ((أَلَّا تُفَرِّقُوا بَيْنَ السَّبَايَا وَأَوْلَادِهِنَّ)) (¬3) و ((لَا تُفَرِّقُوا بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ)) (¬4). [531] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أمراء الأجناد ((أَنْ لَا تُقْتَلَ نَفْسٌ دُونِي)) (¬5). [532] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ الأنصاري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - والي حمص ودمشق ((أَمَّا بَعْدُ، فَانْهَ مَنْ قَبِلَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُكَاتِبُوا أرقَّاءَهُمْ عَلَى مَسْأَلَةِ النَّاسِ)) (¬6). ¬

(¬1) تعْتَصِره: أَيْ تحْبسُه عَنِ الإعْطَاء وتمْنَعه مِنْهُ. وَكُلُّ شَيْءٍ حَبَسْته ومنَعْته فَقَدِ اعْتَصَرْتَه. وَقِيلَ: يَعْتَصِر: يَرْتجع. واعْتَصَرَ العطيَّة إِذَا ارتَجَعَهَا. والمعنَى أَنَّ الوالدَ إِذَا أعْطَى ولدَه شَيْئًا فلَه أَنْ يَاخُذَهُ مِنْهُ. (النهاية لابن الأُثير - (عَصَرَ)). (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (16562) وابن أبي شيبة في المصنف (21122) واللفظ له. (¬3) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (23272). (¬4) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (23259). (¬5) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (28489). (¬6) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (22642) والبيهقي في السنن الكبرى (21619).

[533] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أمير الطائف في عسل منع أهله من صدقته

[533] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أمير الطائف في عسلٍ منع أهله من صدقته ((إنْ أَعْطَوْكَ مَا كَانُوا يُعْطُونَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاحْمِ لَهُمْ، وَإِلَّا فَلَا تَحْمِهَا لَهُمْ)) (¬1). [534] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يوم اليرموك إلى عبيدة بن الجراح وقد كتب إليه أنه قد جاش (¬2) إلينا الموت، وطلب المدد: ((إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكُمْ تَسْتَمِدُّونِي، وَإِنِّي أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ هُوَ أَعَزُّ نَصْراً وَأَحْضَرُ جُنْدًا: اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَاسْتَنْصِرُوهُ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نُصِرَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي أَقَلَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ، فَإِذَا أَتَاكُمْ كِتَابِي هَذَا فَقَاتِلُوهُمْ، وَلا تُرَاجِعُونِي)) (¬3). [535] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (10146). (¬2) جاش: أي فاض وتدفق وأقبل (النهاية 1/ 324)، لسان العرب (6/ 276) القاموس ص (756). (¬3) رواه أحمد في المسند (344) وابن عساكر في تاريخ دمشق (5485) والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (262).

[536] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى النعمان بن مقرن المزني - رضي الله عنه - وهو بنهاوند

النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّن، سَلَامٌ عَلَيْك، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ جُمُوعاً مِنَ الْأَعَاجِمِ كَثِيرَةٌ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ بِمَدِينَةِ نَهَاوَنْدَ (¬1)، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَسِرْ بِأَمْرِ اللهِ، وَبِعَوْنِ اللهِ، وَبِنَصْرِ اللهِ، بِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُوَطِّئْهُمْ وَعِرًا فَتُؤْذِيهِمْ، وَلَا تَمْنَعْهُمْ حَقَّهُمْ فَتَكْفُرَهُمْ، وَلَا تُدْخِلَنَّهُمْ غَيْضَةً، فَإِنَّ رَجُلاً مِنَ المُسْلِمِينَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ)) (¬2). [536] وَمِنْ كِتابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو بنهاوند ((أَمَّا بَعْدُ فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَإِذَا لَقِيتُمُ الْعَدُوَّ فَلَا تَفِرُّوا، وَإِذَا ظَفَرْتُمْ فَلَا تَغُلُّوا)) (¬3). ¬

(¬1) نَهَاوَنْد: بفتح النون الأولى وتكسر، والواو مفتوحة، ونون ساكنة، ودال مهملة: هي مدينة عظيمة في قبلة همذان بينهما ثلاثة أيام، وهي من فتوح أهل الكوفة. (معجم البلدان: 5/ 313). (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 114 - 115. (¬3) رواه سعيد بن منصور في السنن (2386) وابن أبي شيبة في المصنف (34491) و (34492) واللفظ له.

[537] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى النعمان بن مقرن المزني - رضي الله عنه -

[537] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيِّ (¬1) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اسْتَبْشِرْ وَاسْتَعِنْ فِي حَرْبِكَ بِطُلَيْحَةَ (¬2)، وَعَمْرِو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ (¬3)، وَلَا تُوَلِّهِمَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْئًا، فَإِنَّ كُلَّ صَانِعٍ هُوَ أَعْلَمُ بِصِنَاعَتِهِ)) (¬4). ¬

(¬1) النعمان بن مقرن المزني، أول مشاهده الأحزاب، وشهد بيعة الرضوان، وفتح مكة، وكان معه لواء ((مزينة)) فيها، سكن البصرة. ثم تحول عنها إلى الكوفة. ووجهه سعد بن أبي وقاص (بأمر عمر) إلى محاربة الهرمزان، فزحف بجيش الكوفة إلى الأهواز، وهزم الهرمزان. وتقدَّم إلى تستر، فشهد وقائعها. وعاد إلى المدينة، بشيراً بفتح القادسية. ولما وصلت الأخبار لعمر باجتماع أهل أصبهان وهمدان والريّ وأذربيجان ونهاوند، أقلقه ذلك، فولاه قتالهم. وخرج النعمان إلى الكوفة فتجهز، وغزا أصفهان ففتحها، وهاجم نهاوند فاستشهد فيها. ولما بلغ عمر مقتله، دخل المسجد ونعاه إلى الناس على المنبر ثم وضع يده على رأسه يبكي. (سير أعلام النبلاء: 1/ 403 والأعلام للزركلي: 8/ 42). (¬2) طُلَيْحَةُ بنُ خُوَيْلِدِ بنِ نَوْفَلٍ الأَسَدِيُّ، أسلم سنة تسع، ثم ارتدَّ، وظلم نفسه، وتنبأ بنجد، وتمت له حروب مع المسلمين، ثم انهزم، وخذل، ولحق بآل جفنة الغسانيين بالشام، ثم ارْعَوَى، وأسلم، وحسن إسلامه لما توفي الصديق، وأحرم بالحج. قال ابن سعد: كان طليحة يعد بألف فارس لشجاعته وشدته. أبلى يوم نهاوند، ثم استشهد. (سير أعلام النبلاء: 1/ 316 - 317). (¬3) عمرو بن معدِ يكرب (معدي كَرِب) بن ربيعة الزبيدي: فارس اليمن، وصاحب الغارات المذكورة. وفد على المدينة سنة 9هـ في عشرة من بني زبيد، فأسلم وأسلموا، وعادوا. ولما توفي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارتد عمرو في اليمن. ثم رجع إلى الإسلام، فبعثه أبو بكر إلى الشام، فشهد اليرموك، وذهبت فيها إحدى عينيه. وبعثه عمر إلى العراق، فشهد القادسية وأبلى فيها بلاء حسناً. وكان عصيّ النفس، أبيّها، فيه قسوة الجاهلية. وأخبار شجاعته كثيرة. له شعر جيد أشهره قصيدته التي يقول فيها: ((إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع))، توفي على مقربة من الريّ. وقيل: قتل عطشا يوم القادسية .. (الطبقات الكبرى: 5/ 526 والأعلام للزركلي: 5/ 86). (¬4) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (34493).

[538] ومن كتاب له - رضي الله عنه - لأبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - وقد شاوره في جارية أراد أن يشتريها

[538] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد شاوره في جارية أراد أن يشتريها ((لَا تَتَّخِذْ مِنْهُنَّ، فَإِنَّهُنَّ قَوْمٌ لَا يَتَعَايَرُونَ (¬1) الزِّنَا، وَإِنَّ اللهَ نَزَعَ الْحَيَاءَ مِنْ وُجُوهِهِمْ كَمَا نَزَعَ مِنْ وُجُوهِ الْكِلَابِ، وَعَلَيْكَ بِجَارِيَةٍ مِنْ سَبَايَا الْعَرَبِ تَحْفَظُكَ فِي نَفْسِهَا وَتَخْلُفُكَ فِي وَلَدِهَا)) (¬2). [539] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد كتب إليه في رجل مسلم قتل رجلاً من أهل الكتاب: ((إِنْ كَانَ لِصًّا أَوْ حَارِبًا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانْ لِطِيَرَةٍ مِنْهُ فِي غَضَبٍ فَأَغْرِمْهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ دِرْهَمٍ)) (¬3). [540] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَخْبَرَنِي بِكَذَا وَكَذَا، ¬

(¬1) أي: لا يرونه عاراً. (¬2) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 38/ 427. (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (18480).

[541] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى الأمصار

وَإِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتَ بِهِ مَا فَعَلْتَ فِي مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ لَمَا جَلَسْتَ فِي مَلَأٍ مِنْهُمْ فَأَقْتَصُّ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ فَعَلْتَ بِهِ مَا فَعَلْتَ فِي خَلَاءٍ فَاقْعُدْ لَهُ فِي خَلَاءٍ فَيُقْتَصُّ مِنْكَ)) (¬1). [541] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى الأمصار ((إِنِّي لَمْ أَعْزِلْ خَالِدًا عَنْ سَخْطَةٍ وَلا خِيَانَةٍ، وَلَكِنَّ النَّاسَ فُتِنُوا بِهِ، فَخِفْتُ أَنْ يوكلوا إِلَيْهِ وَيُبْتَلَوا بِهِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ الصَّانِعُ، وَأَلا يَكُونُوا بِعَرَضِ فِتْنَةٍ)) (¬2). [542] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أهل رُعاش (¬3) ((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَهْلِ رُعَاشٍ كُلِّهِمْ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللهَ الذي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكُمْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ مُسْلِمُونَ، ثُمَّ ارْتَدَدْتُمْ بَعْدُ، وَإِنَّهُ مَنْ ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (34518) وابن شبة في تاريخ المدينة: 3/ 809 والبيهقي في السنن الكبرى (16027). (¬2) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 68 وابن عساكر: 16/ 268 وابن الجوزي في المنتظم: 4/ 231 وابن الأثير في الكامل: 2/ 360 وابن كثير في البداية والنهاية: 10/ 47. (¬3) الرّعاش بضمّ أوله، وبالشين المعجمة: موضع من أرض نجران. (معجم ما استعجم للبكري: 2/ 660).

[543] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -

يَتُبْ مِنْكُمْ وَيُصْلِحْ لَا يَضُرُّهُ ارْتِدَادُهُ، وَنُصَاحِبُهُ صُحْبَةً حَسَنَةً، فَادَّكِرُوا وَلَا تَهْلِكُوا، وَلْيُبْشِرْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْكُمْ، فَمَنْ أَبَى إِلَّا النَّصْرَانِيَّةَ فَإِنَّ ذِمَّتِي بَرِيئَةٌ مِمَّنْ وَجَدْنَاهُ بَعْدَ عَشْرٍ تَبْقَى مِنْ شَهْرِ الصَّوْمِ مِنَ النَّصَارَى بِنَجْرَانَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ يَعْلَى كَتَبَ يَعْتَذِرُ أَنْ يَكُونَ أَكْرَهَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ عَذَّبَهُ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَسْرًا جَبْرًا وَوَعِيدًا لَمْ يَنْفُذْ إِلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَمَرْتُ يَعْلَى أَنْ يَاخُذَ مِنْكُمْ نِصْفَ مَا عَلِمْتُمْ مِنَ الْأَرْضِ، وَإِنِّي لَنْ أُرِيدَ نَزْعَهَا مِنْكُمْ مَا أَصْلَحْتُمْ)) (¬1). [543] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى معاوية بن أبي سفيان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((الْزَمِ الْحَقَّ يَلْزَمْكَ الْحَقُّ)) (¬2). [544] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنِّي لَا أُرَانَا إِلَّا قَدْ أَجْحَفْنَا بِالْجَدِّ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَقَاسِمْ بِهِ مَعَ الْإِخْوَةِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ مُقَاسَمَتِهِمْ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه القاسم بن سلاّم في الأموال (277) وابن زنجويه في الأموال (424). (¬2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (31294). (¬3) رواه سعيد بن منصور في السنن (59) وابن أبي شيبة في المصنف (31868) والبيهقي في السنن الكبرى (12437).

[545] ومن كتاب له - رضي الله عنه - إلى أمراء الأجناد

[545] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أمراء الأجناد ((أَنْ مُرُوا النَّاسَ يَحُجُّونَ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَأَحِجُّوهُ مِنْ مَالِ اللهِ)) (¬1). [546] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِيَّاكَ وَالضَّجْرَةَ، وَالْغَضَبَ، وَالْغَلَقَ (¬2)، وَالتَّأَذِّيَ بِالنَّاسِ عِنْدَ الْخُصُومَةِ))، وفيه: ((أَلَّا يَقْضِيَ إِلَّا أَمِيرٌ، فَإِنَّهُ أَهْيَبُ لِلظَّالِمِ، وَلِشَاهِدِ الزُّورِ، وَإِذَا جَلَسَ عِنْدَكَ الْخَصْمَانِ، فَرَأَيْتَ أَحَدَهُمَا يَتَعَمَّدُ الظُّلْمَ، فَأَوْجِعْ رَاسَهُ)) (¬3). [547] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أمراء الأمصار ((أن لَا تَكُونُوا مِنَ الْمُسَوِّفِينَ (¬4) بِفِطْرِكُمْ، وَلَا تَنْتَظِرُوا بِصَلَاتِكُمُ اشْتِبَاكَ النُّجُومِ (¬5))) (¬6). ¬

(¬1) رواه ابن زنجويه في الأموال (907). (¬2) الغَلَق بالتَّحريك: ضِيقُ الصَّدر وقلَّة الصَّبر. ورَجُلٌ غَلِق: سَيِّئُ الخُلُق. (النهاية لابن الأثير - (غَلِقَ)). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (20676). (¬4) في (2093) من مصنف عبد الرزاق (المسْبُوقِينَ). (¬5) اشتباك النجوم: ظهور صغارها بين كبارها، حتى لا يخفى منها شيء. (جامع الأصول - (3298)). (¬6) رواه عبد الرزاق في المصنف (2093) و (7590) وابن أبي شيبة في المصنف (9039).

[548] ومن كتاب له - رضي الله عنه -

[548] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد سُئل عن رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب: ((إِنَّ الذِينَ يَشْتَهُونَ الْمَعْصِيَةَ وَلَا يَعْمَلُونَ بِهَا {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (¬1) (¬2). [549] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو بالبصرة ((إنه بَلَغَنِي أَنَّكَ تَاذَنُ لِلنَّاسِ جَمًّا غفيراً، فإذا جاءك كِتَابِي هَذَا؛ فَأذن لأهلِ الشرف وأهل القرآن والتقوى والدين، فَإِذَا أَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ؛ فَاذَنْ لِلعامة)) (¬3). [550] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد اَشْتَكَى إِلَيْهِ مَا يَلْقَى مِنْ أَهْلِ مِصْرَ ((كُنْ لِرَعِيَّتِكَ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَكَ أَمِيرُكَ، وَرُفِعَ إِلَيَّ عَنْكَ ¬

(¬1) سورة الحجرات الآية ((3)). (¬2) ذكره ابن كثير في تفسير القرآن العظيم: 7/ 368 وعزاه إلى كتاب الزهد للإمام أحمد، ولم أقف عليه في المطبوع. (¬3) رواه وكيع البغدادي في أخبار القضاة: 1/ 286 والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (442).

[551] ومن كتاب له - رضي الله عنه - لأهل لد

أَنَّكَ تَتَّكِئُ فِي مَجْلِسِكَ، فَإِذَا جَلَسْتَ؛ فَكُنْ كَسَائِرِ النَّاسِ وَلا تَتَّكِئْ)). فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرٌو: أَفْعَلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَبَلَغَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّكَ لا تَنَامُ بِاللَّيْلِ وَلا بِالنَّهَارِ؛ إِلا مُغَلَّبًا! فَقَالَ عُمَرُ: ((يَا عَمْرُو! إِذَا نِمْتُ بِالنَّهَارِ ضَيَّعْتُ رَعِيَّتِي، وَإِذَا نِمْتُ بِاللَّيْلِ ضَيَّعْتُ أَمْرَ رَبِّي)) (¬1). [551] وَمِنْ كِتابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأهل لُدٍّ (¬2) ((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى عَبْدُ اللهِ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَهْلَ لُدٍّ وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ فِلِسْطِينَ أَجْمَعِينَ، أَعْطَاهُمْ أَمَاناً لِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَلِكَنَائِسِهِمْ وَصُلُبِهِمْ وَسَقِيمِهِمْ وَبَرِيئِهِمْ وَسَائِرِ مِلَّتِهِمْ، أَنَّهُ لَا تُسْكَنُ كَنَائِسُهُمْ وَلَا تُهْدَمُ وَلَا يُنْتَقَصُ مِنْهَا وَلَا مِنْ حَيِّزِهَا وَلَا مِلَلِهَا، وَلَا مِنْ صُلُبِهِمْ وَلَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلَا يُكْرَهُونَ عَلَى دِينِهِمْ، وَلَا يُضَارَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَعَلَى أَهْلِ لُدٍّ، وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ فِلِسْطِينَ أَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ كَمَا يُعْطِي أَهْلُ مَدَائِنِ الشَّامِ، وَعَلَيْهِمْ إِنْ خَرَجُوا مِثْلٌ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (3586) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 273. (¬2) لُدٌّ: بالضم، والتشديد، وهو جمع ألدّ، والألدّ الشديد الخصومة: قرية قرب بيت المقدس من نواحي فلسطين ببابها يدرك عيسى بن مريم الدجال فيقتله. (معجم البلدان: 5/ 15). (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 609 - 610.

[552] ومن كتاب له - رضي الله عنه - لأهل إيلياء

[552] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأهل إيلياء (¬1) ((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى عَبْدُ اللهِ عُمَرُ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ أَهْلَ إِيلْيَاءَ مِنَ الأَمَانِ، أَعْطَاهُمْ أَمَانًا لِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَلِكَنَائِسِهِمْ وَصُلْبَانِهِمْ، وَسَقِيمِهَا وَبَرِيئِهَا وَسَائِرِ مِلَّتِهَا، أَنَّهُ لَا تُسْكَنُ كَنَائِسُهُمْ وَلَا تُهْدَمُ، وَلَا يُنْتَقَصُ مِنْهَا وَلَا مِنْ حَيِّزِهَا، وَلَا مِنْ صَلِيبِهِمْ، وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلَا يُكْرَهُونَ عَلَى دِينِهِمْ، وَلَا يُضَارَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلَا يَسْكُنُ بِإِيلْيَاءَ مَعَهُمْ أَحَدٌ مِنَ الْيَهُودِ، وَعَلَى أَهْلِ إِيلْيَاءَ أَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ كَمَا يُعْطِي أَهْلُ الْمَدَائِنِ، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُخْرِجُوا مِنْهَا الرُّومَ وَاللُّصُوتَ (¬2)، فَمَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ آمِنٌ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَبْلُغُوا مَامَنَهُمْ، وَمَنْ أَقَامَ مِنْهُمْ فَهُوَ آمِنٌ، وَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَى أَهْلِ إِيلْيَاءَ مِنَ الْجِزْيَةِ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِ إِيلْيَاءَ أَنْ يَسِيرَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ مَعَ الرُّومِ وَيُخْلِيَ بِيَعَهُمْ وَصُلُبَهُمْ فَإِنَّهُمْ آمِنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى بِيَعِهِمْ وَصُلُبِهِمْ، حَتَّى يَبْلُغُوا مَامَنَهُمْ، وَمَنْ كَانَ بِهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ قَبْلَ مَقْتَلِ فُلَانٍ، فَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ قَعَدُوا عَلَيْهِ مِثْلَ مَا عَلَى أَهْلِ إِيلْيَاءَ مِنَ الْجِزْيَةِ، وَمَنْ شَاءَ سَارَ مَعَ الرُّومِ، وَمَنْ شَاءَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَإِنَّهُ لَا ¬

(¬1) إِيلِيَاءُ: بكسر أوله واللام، وياء، وألف ممدودة: اسم مدينة بيت المقدس، قيل: معناه بيت الله. (معجم البلدان: 1/ 293). (¬2) اللصوت مثل اللص: السارق، وجمعه لصوت ..

يُؤْخَذُ مِنْهُمْ شَيْءٌ حَتَّى يَحْصُدَ حَصَادَهُمْ، وعَلَى مَا فِي هَذَا الكِتَابِ عَهْدُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ وَذِمَّةُ الخُلَفَاءِ وَذِمَّةُ المُؤْمِنِينَ إِذَا أَعْطُوا الذِي عَلَيْهِمْ مِنَ الجِزْيَةِ)) (¬1)، شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ، وَعَمْرُو بْنُ العَاصِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَكَتَبَ وَحَضَرَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ. ¬

(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 609

الباب الثالث: في المختار من حكم أمير المؤمنين - رضي الله عنه - ومواعظه وكلامه الدال على زهده وكمال ورعه

الباب الثالث: في المُختار من حكم أمير المؤمنين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ومواعظه وكلامه الدال على زهده وكمال ورعه

[553] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[553] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَوَاضَعَ للهِ رَفَعَ اللهُ حِكْمَتَهُ وَقَالَ: انْتَعِشْ (¬1) نَعَشَكَ اللهُ، فَهُوَ فِي نَفْسِهِ صَغِيرٌ أَوْ فَقِيرٌ وَفِي أَنْفُسِ النَّاسِ كَبِيرٌ، وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَكَبَّرَ وعَدَا طَوْرَهُ وَضَعَهُ اللهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَقَالَ: اخْسَا أَخْسَأَكَ اللهُ، فَهُوَ فِي نَفْسِهِ كَبِيرٌ وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ صَغِيرٌ، حَتَّى أَنَّهُ أَحْقَرُ وَأَصْغَرُ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ مِنَ الْخِنْزِير)) (¬2). [554] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد خطب عنده رجل فأكثر الكلام ((إِنَّ تَشْقِيقَ الْكَلَامِ مِنْ شَقَاشِقِ (¬3) الشَّيْطَانِ)) (¬4). ¬

(¬1) أي ارتفع. (النهاية لابن الأثير - (نَعَشَ)). (¬2) رواه أبو داود في الزهد (73) وابن أبي شيبة في المصنف (35602) وابن أبي الدنيا في التواضع والخمول (78) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 750 والبيهقي في شعب الإيمان (7788) والآداب (202). (¬3) الشقاشق: واحدتها شِقْشِقَة وَهِي الَّتِي إِذا هدر الْفَحْل من الْإِبِل العِراب خاصّة خرجت من شدقه شَبيهَة بالرِئة، فَشبه عمر إكثار الْخَاطِب من الْخطْبَة بهدر الْبَعِير فِي شِقشِقته ثمَّ نَسَبهَا إِلَى الشَّيْطَان وَذَلِكَ لما يدْخل فِيهَا من الْكَذِب وتزوير الْخَاطِب الْبَاطِل عِنْد الْإِكْثَار من الْخطب وَإِن كَانَ الشَّيْطَان لَا شقشقة لَهُ إِنَّمَا هَذَا مثل. (غريب الحديث للقاسم بن سلَّام - (شقق)). (¬4) رواه ابن وهب في الجامع (322) والبخاري في الأدب المفرد (876) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1880).

[555] ومن كلام له - رضي الله عنه - في التنفير من الكذب

[555] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في التنفير من الكذب ((إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ مَا يَكُفُّ - أَوْ يَعِفُّ - الرَّجُلَ عَنِ الْكَذِبِ)) (¬1). [556] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الخلافة ((لَا يَصْلُحُ هَذَا الأَمْرُ إِلا بِشِدَّةٍ فِي غَيْرِ تَجَبُّرٍ، وَلِينٍ فِي غَيْرِ وَهَنٍ)) (¬2). [557] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ خَيْرٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ)) (¬3). [558] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِيَّاكَ وَمُؤَاخَاةَ الأَحْمَقِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَرَادَ أَنْ يَنْفَعَكَ فَضَرَّكَ)) (¬4). ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (26619) وهناد في الزهد: 2/ 636 والبخاري في الأدب المفرد (884) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2924) والبيهقي في السنن الكبرى (20841) وشعب الإيمان (4457). (¬2) رواه أبو يوسف في الخراج: ص131 وابن سعد في الطبقات: 3/ 344 وابن أبي شيبة في المصنف (31211) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 419 والخلال في السنة (343). (¬3) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (35619) وأحمد بن حنبل في الزهد (625). (¬4) ذكره الجاحظ في البيان والتبيين: 3/ 309 وابن قتيبة في عيون الأخبار: 2/ 47.

[559] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[559] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((النَّاسُ طَالِبَانِ، فَطَالِبٌ يَطْلُبُ الدُّنْيَا، فَارْفُضُوهَا فِي نَحْرِهِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَدْرَكَ الَّذِي طَلَبَ مِنْهَا فَهَلَكَ بِمَا أَصَابَ مِنْهَا. وَرُبَّمَا فَاتَهُ الَّذِي طَلَبَ مِنْهَا فَهَلَكَ بِمَا فَاتَهُ مِنْهَا، وَطَالِبٌ يَطْلُبُ الْآخِرَةَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ طَالِبَ الْآخِرَةِ فَنَافِسُوهُ)) (¬1). [560] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد تذاكر أصحابه عنده الحسب فقال: ((حَسَبُ الْمَرْءِ دِينُهُ، وَمُرُوءَتُهُ خُلُقُهُ، وَأَصْلُهُ عَقْلُهُ)) (¬2). [561] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا وَجَدْتُ لَئِيمًا قَطُّ إِلا وَجَدْتُهُ رَقِيقَ الْمُرُوءَةِ)) (¬3). [562] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَعْقَلُ النَّاسِ أَعْذَرُهُمْ لَهُمْ)) (¬4). ¬

(¬1) ذكره الجاحظ في البيان والتبيين: 3/ 94 والآبي في نثر الدر: 2/ 36 والماوردي في أدب الدنيا والدين: ص122. (¬2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (26466) والأدب (287) و (288) وابن أبي الدنيا في العقل وفضله (5) والخرائطي في مكارم الأخلاق (13) والبيهقي في السنن الكبرى (20811). (¬3) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1659). (¬4) رواه ابن أبي الدنيا في مداراة الناس (41) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 771.

[563] ومن كلام له - رضي الله عنه - في المودة

[563] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في المودة ((إِذَا رَزَقَكَ اللَّهُ مَوَدَّةَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، فَتَشَبَّثْ بِهَا مَا اسْتَطَعْتَ)) (¬1). [564] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تَظُنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ فِيِّ مُسْلِمٍ شَرًّا وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مَحْمَلًا)) (¬2). [565] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تَنْظُرُوا إِلَى صَلَاةِ امْرِئٍ وَلَا صِيَامِهِ، وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى صِدْقِ حَدِيثِهِ إِذَا حَدَّثَ، وَإِلَى وَرَعِهِ إِذَا أَشْفَى، وَإِلَى أَمَانَتِهِ إِذَا ائْتُمِنَ)) (¬3). [566] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مُرُوءَةُ الرَّجُلِ عَقْلُهُ، وَشَرَفُهُ حَالُهُ)) (¬4). [567] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ مِنَ النَّاسِ نَاسًا يَلْبَسُونَ الصُّوفَ إِرَادَةَ التَّوَاضُعِ، وَقُلُوبُهُمْ ¬

(¬1) رواه ابن سمعون في أماليه (105). (¬2) رواه ابن أبي الدنيا في مداراة الناس (45). (¬3) رواه ابن أبي الدنيا في الورع (214). (¬4) رواه القالي في أماليه: 2/ 167.

[568] ومن كلام له - رضي الله عنه -

مَمْلُوءَةٌ عُجْبًا وَكِبْرًا)) (¬1). [568] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا النَّارُ فِي يَبَسِ الْعَرْفَجِ (¬2) بِأَسْرَعَ مِنَ الْكَذِبِ فِي فَسَادِ مُرُوءَةِ أَحَدِكُمْ؛ فَاتَّقُوا الْكَذِبَ، وَاتْرُكُوهُ فِي جَدٍّ وَهَزَلٍ)) (¬3). [569] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((نَسْتَعِينُ بِقُوَّةِ الْمُنَافِقِ، وَإِثْمُهُ عَلَيْهِ)) (¬4) [570] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الدنيا ((مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا كَنُفُجَةِ أَرْنَبٍ (¬5))) (¬6). [571] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً إِلَّا وَجَدَ لَهُ فِي النَّاسِ حَاسِداً، وَلَوْ ¬

(¬1) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2676). (¬2) العَرْفَج: شجَرٌ معروفٌ صغيرٌ سريعُ الاشْتِعال بِالنَّارِ، وَهُوَ مِنْ نَبَات الصَّيف. (النهاية لابن الأثير - (عَرْفَجَ)). (¬3) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1744). (¬4) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (31295). (¬5) أَي: كوثبتِهِ من مجثمِهِ، يُرِيد فِي تقليل الْمدَّة. (شرح السنة للبغوي: 11/ 242). (¬6) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (1182) وهناد في الزهد (572) وابن أبي شيبة في المصنف (35616) وأبو داود في الزهد (60) وابن أبي الدنيا في الزهد (13) وقصر الأمل (128) وذم الدنيا (13) وابن الأعرابي في الزهد وصفة الزاهدين (119).

[572] ومن كلام له - رضي الله عنه - في فساد الدين وهلاك الناس

أَنَّ امْرَأً أَقْوَمَ مِنَ القَدَحِ لَوَجَدَ لَهُ النَّاسُ مَنْ يَغْمِزُ عَلَيْهِ (¬1)، فَمَنْ حَفِظَ لِسَانَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ)) (¬2). [572] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في فساد الدين وهلاك الناس ((قَدْ عَلِمْتُ مَتَى صَلَاحُ النَّاسِ وَمَتَى فَسَادُهُمْ إِذَا جَاءَ الْفِقْهُ مِنْ قِبَلِ الصَّغِيرِ اسْتَعْصَى عَلَيْهِ الْكَبِيرُ، وَإِذَا جَاءَ الْفِقْهُ مِنْ قِبَلِ الْكَبِيرِ تَابَعَهُ الصَّغِيرُ فَاهْتَدَيَا)) (¬3). [573] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا يَحْزُنْكَ أَنْ يُجْعَلَ لَكَ كَثِيرُ حَظٍّ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ، إِذَا كُنْتَ ذَا رَغْبَةٍ فِي أَمْرِ آخِرَتِكَ)) (¬4). [574] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ الْوَالِي لا يَصْلُحُ؛ إِلا بِأَرْبَعٍ - إِنْ نَقَصَ وَاحِدَةً لَمْ يَصْلُحْ لَهُ أَمْرُهُ -: قُوَّةٍ عَلَى جَمْعِ هَذَا الْمَالِ مِنْ أَبْوَابِ حِلِّهِ، وَوَضْعِهِ فِي حَقِّهِ، وَشِدَّةٍ لا جَبَرُوتَ فِيهَا، وَلِينٍ لا وَهَنَ فِيه)) (¬5). ¬

(¬1) أي: معيباً طاعناً. (لسان العرب: 5/ 390). (¬2) مناقب أمير المؤمنين عمر لابن الجوزي: ص203. (¬3) رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1055)، وعزاه الحافظ ابن حجر في فتح الباري: 13/ 301 - 302 إلى (مُصَنَّفِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ) وصححه. (¬4) مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لابن الجوزي: ص181. (¬5) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (3034).

[575] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[575] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَنْ خَافَ اللهَ لَمْ يَشْفِ غَيْظَهُ، وَمَنِ اتْقَى اللهَ لَمْ يَصْنَعْ مَا يُرِيدُ، وَلَوْلَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَكَانَ غَيْرُ مَا تَرَوْنَ)) (¬1). [576] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ مَرَّ بِمَزْبَلَةٍ، فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا، فَكَأَنَّ أَصْحَابَهُ تَأَذَّوْا بِهَا: ((هَذِهِ دُنْيَاكُمُ الَّتِي تَبْكُونَ عَلَيْهَا وَتَحْرِصُونَ عَلَيْهَا)) (¬2). [577] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في رجل أمره بتقوى الله، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: اسْكُتْ فَقَدْ أَكْثَرْتَ على أمير المؤمنين: ((دَعْهُ، لَا خَيْرَ فِيهِمْ إِنْ لَمْ يَقُولُوهَا لَنَا، وَلا خَيْرَ فِينَا إِنْ لَمْ نَقْبَلْ)). وَأَوْشَكَ أَنْ يَرُدَّ عَلَى قَائِلِهَا (¬3). [578] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِذَا رَأَيْتَ مِنَ الرَّجُلِ خَصْلَةً تَسُوءُكَ فَاعْلَمْ أَنَّ لَهَا أَخَوَاتٍ، وَإِذَا ¬

(¬1) رواه أبو داود في الزهد (105) والدولابي في الكنى والأسماء (1479) والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2364) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 8/ 57. (¬2) رواه ابن أبي الدنيا في قصر الأمل (297) وأحمد في الزهد (616) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 48 وابن بشران في الأمالي (1218). (¬3) رواه أبو يوسف في الخراج: ص22 والزبير بن بكار في الأخبار الموفقيات: ص 228 وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 773 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 313.

[579] ومن كلام له - رضي الله عنه -

رَأَيْتَ مِنَ الرَّجُلِ خَصْلَةً تَسُرُّكَ فَاعْلَمْ أَنَّ لَهَا أَخَوَاتٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ بِالرَّجُلِ الذِي إِذَا وَقَعَ فِي الأَمْرِ تَخَلَّصَ مِنْهُ، وَلَكِنَّ الرَّجُلَ الذِي يَتَوَقَّى الأَمْرَ حَتَّى لَا يَقَعَ فِيهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَاسَ غِنَى، وَأَنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ حَاضِرٌ، وَأَنَّ المَرْءَ إِذَا يَئِسَ مِنْ شَيْءٍ اسْتَغْنَى عَنْهُ)) (¬1). [579] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا تَنْظُرُوا إِلَى صِيَامِ أَحَدٍ وَلَا صَلَاتِهِ، وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى صِدْقِ حَدِيثِهِ إِذَا حَدَّثَ، وَأَمَانَتِهِ إِذَا ائْتُمِنَ، وَوَرَعِهِ إِذَا أَشْفَى)) (¬2). [580] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((الْخَرَقُ فِي الْمَعِيشَةِ أَخْوَفُ عِنْدِي عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَوَزِ (¬3)، لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى مَعَ الفَسَادِ شَيْءٌ، وَلَا يَقِلُّ مَعَ الْإِصْلَاحِ شَيْءٌ)) (¬4). [581] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للأحنف بن قيس ((مَنْ كَثُرَ ضَحِكُهُ قَلَّتْ هَيْبَتُهُ، وَمَنْ مَزَحَ اسْتُخِفَّ بِهِ، وَمَنْ أَكْثَرَ ¬

(¬1) ذكره الأصبهاني في سير السلف الصالحين: ص145. (¬2) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء: 3/ 27 والبيهقي في الزهد الكبير (867). (¬3) العوز: بالفتح، العدم وسوء الحال (النهاية 3/ 320). (¬4) رواه وكيع في الزهد (469) وهناد في الزهد (654) والخلال في الحث على التجارة (14) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 1/ 395.

[582] ومن كلام له - رضي الله عنه -

مِنْ شَيْءٍ عُرِفَ بِهِ، وَمَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقْطُهُ، وَمَنْ كَثُرَ سَقْطُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ، وَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ قَلَّ خَيْرُهُ، وَمَنْ كَثُرَ أَكْلُهُ لَمْ يَجِدْ لِذِكْرِ اللهِ لَذَّةً، وَمَنْ كَثُرَ نَوْمُهُ لَمْ يَجِدْ فِي عُمُرِهِ بَرَكَةً، وَمَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ فِي النَّاسِ سَقَطَ حَقُّهُ عِنْدَ اللهِ، وَخَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى غَيْرِ الِاسْتِقَامَةِ)) (¬1). [582] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ الوَالِيَ إِذَا طَلَبَ العَافِيَةَ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ أَعْطَاهُ اللهُ العَافِيَةَ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ)) (¬2). [583] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لقَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ الْأَسَدِيِّ ((إِنِّي أَرَاكَ إِنسَاناً فَصِيحَ اللِّسَانِ فَسِيحَ الصَّدْرِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الرَّجُلِ عَشَرَةُ أَخْلَاقٍ، تِسْعَةٌ صَالِحَةٌ، وَوَاحِدَةٌ سِيِّئَةٌ فَيُفْسِدُ التِّسْعَةَ الصَّالِحَةَ الْخُلُقُ السَّيِّئُ، اتَّقِ عَثْرَاتِ الشَّبَابِ - أَوْ قَالَ: - غَرَّاتِ الشَّبَابِ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في الحلم (126) والطبراني في المعجم الأوسط (2259) والشهاب القضاعي في مسنده (374) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 43/ 175. (¬2) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 321. (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (8240) والبيهقي في السنن الكبرى (9861) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 49/ 243 و49/ 246.

[584] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[584] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا يُتَعَلَّمُ الْعِلْمُ لِثَلَاثٍ ولَا يُتْرَكُ لِثَلَاثٍ: لَا يُتَعَلَّمُ لِيُمَارَى (¬1) بِهِ، وَلَا يُبَاهَى بِهِ، وَلَا يُرَاءَى بِهِ، وَلَا يُتْرَكُ حَيَاءً مِنْ طَلَبِهِ، وَلَا زَهَادَةً فِيهِ، وَلَا رِضًا بِالْجَهْلِ مِنْهُ)) (¬2). [585] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((كَرَمُ الْمُؤْمِنِ تَقْوَاهُ، وَدِينُهُ حَسَبُهُ، وَمُرُوءَتُهُ خُلُقُهُ، وَالْجُرْأَةُ وَالْجُبْنُ غَرَائِزُ يَضَعُهَا اللهُ حَيْثُ يَشَاءُ، فَالْجَبَانُ يَفِرُّ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَالْجَرِيءُ يُقَاتِلُ عَمَّنْ لاَ يَؤُوبُ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، وَالْقَتْلُ حَتْفٌ مِنَ الْحُتُوفِ (¬3)، وَالشَّهِيدُ مَنِ احْتَسَبَ نَفْسَهُ عَلَى الله)) (¬4). [586] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الزهد والرقائق ((حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، فَإِنَّ أَهْوَنَ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ تَزِنُوا لِلْعَرْضِ ¬

(¬1) المماراة: المجادلة والملاحاة. (جامع الأصول - (3216)). (¬2) رواه ابن أبي الدنيا في الصمت (131) والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (414). (¬3) الحَتف: الموت، وجمعه حتوف، ويقال: مات فلان حتف أنفه: إذا مات من غير قتلٍ ولا ضرب، ولا يُبْنى منه فعل. (جامع الأصول (9338)). (¬4) رواه مالك في الموطأ (1681) والمرزبان في المروءة (15).

[587] ومن كلام له - رضي الله عنه -

الْأَكْبَرِ يَوْمَ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} (¬1))) (¬2). [587] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا يُمِيتُونَ الْبَاطِلَ بِهَجْرِهِ، وَيُحْيُونَ الْحَقَّ بِذِكْرِهِ، رَغِبُوا فَرَعِبُوا، وَرَهِبُوا فَرُهِبُوا، خَافُوا فَلَا يَامَنُونَ، أَبْصَرُوا مِنَ الْيَقِينِ مَا لَمْ يَعَاينُوا فَخَلَطُوهُ بِمَا لَمْ يُزَايِلُوهُ، أَخْلَصَهُمُ الْخَوْفُ فَكَانُوا يَهْجُرُونَ مَا يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ لِمَا يَبْقَى لَهُمُ، الْحَيَاةُ عَلَيْهِمْ نِعْمَةٌ وَالْمَوْتُ لَهُمْ كَرَامَةٌ، فَزُوِّجُوا الْحُورَ الْعَيْنَ، وَأُخْدِمُوا الْوِلْدَانَ الْمُخَلَّدِينَ)) (¬3). [588] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اقْدَعُوا هَذِهِ النُّفُوسَ عَنْ شَهَوَاتِهَا فَإِنَّهَا طَلَّاعَةٌ تَنْزِعُ إلَى شَرِّ غَايَةٍ. إنَّ هَذَا الْحَقَّ ثَقِيلٌ مَرِيٌّ، وَإِنَّ الْبَاطِلَ خَفِيفٌ وَبِيٌّ، وَتَرْكُ الْخَطِيئَةِ خَيْرٌ مِنْ مُعَالَجَةِ التَّوْبَةِ، وَرُبَّ نَظْرَةٍ زَرَعَتْ شَهْوَةً، وَشَهْوَةِ سَاعَةٍ أَوْرَثَتْ حُزْنًا طَوِيلًا)) (¬4). ¬

(¬1) سورة الحاقة الآية ((18)). (¬2) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (306) وأحمد بن حنبل في الزهد (633) وأبو عبيد في الخطب والمواعظ (144) وابن أبي شيبة في المصنف (35600) وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس (2) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 314 و44/ 357. (¬3) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 55. (¬4) ذكره الماوردي في أدب الدنيا والدين: 1/ 92.

[589] ومن كلام له - رضي الله عنه - في أحوال النساء

[589] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في أحوال النساء ((النِّسَاءُ ثَلَاثَةٌ: امْرَأَةٌ هَيِّنَةٌ، لَيِّنَةٌ، عَفِيفَةٌ، مُسْلِمَةٌ، وَدُودٌ، وَلُودٌ، تُعِينُ أَهْلَهَا عَلَى الدَّهْرِ، وَلَا تُعِينُ الدَّهْرَ عَلَى أَهْلِهَا، وَقَلَّ مَا يَجِدُهَا، ثَانِيَةٌ: امْرَأَةٌ عَفِيفَةٌ مُسْلِمَةَ، إِنَّمَا هِيَ وِعَاءٌ لِلْوَلَدِ لَيْسَ عِنْدَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، ثَالِثَةٌ: غُلٌّ قَمِلٌ (¬1) يَجْعَلُهَا اللهُ فِي عُنُقِ مَنْ يَشَاءُ وَلَا يَنْزِعُهَا غَيْرُهُ، والرِّجَالُ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ عَفِيفٌ، مُسْلِمٌ، عَاقِلٌ، يَاتَمِرُ فِي الْأُمُورِ إِذَا أَقْبَلَتْ وَيُسْهِبُ، فَإِذَا وَقَعَتْ يَخْرُجُ مِنْهَا بِرَايِهِ، وَرَجُلٌ عَفِيفٌ مُسْلِمٌ لَيْسَ لَهُ رَايٌ، فَإِذَا وَقَعَ الْأَمْرُ أَتَى ذَا الرَّايِ وَالْمَشُورَةِ فَشَاوَرَهُ وَاسْتَامَرَهُ، ثُمَّ نَزَلَ عِنْدَ أَمْرِهِ، وَرَجُلٌ جَائِرٌ، حَائِرٌ، لَا يَاتَمِرُ رُشْدًا (¬2)، وَلَا يُطِيعُ مُرْشِدًا)) (¬3). ¬

(¬1) غُلٌ قملٌ: كانوا يأخذون الأسير فيشدونه بالقد وعليه الشعر، فإذا يبس قمِلَ في عنقه، فتجتمع عليه محنتان: الغُلُ والقمل. والمثل ضربه الفاروق عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للمرأة السيئة الخلق الكثيرة المهر، لا يجد بعلُها منها مخلصاً. (النهاية لابن الأثير - (غَلَلَ)). (¬2) أي: لا يأتي برشد من ذات نفسه. ويقال لكل من فعل فعلاً من غير مشاورة: ائتمر، كأنَّ نفسه أمرته بشيء فائتمر لها، أي أطاعها. (النهاية لابن الأثير - (أمر)). (¬3) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (17432) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 771 والفسوي في المشيخة (11) وابن أبي الدنيا في الإشراف (267) والبيهقي في شعب الإيمان (7131) و (8351) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 362.

[590] ومن كلام له - رضي الله عنه - في المفاضلة بين الدنيا والآخرة

[590] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في المفاضلة بين الدنيا والآخرة ((نَظَرْتُ فِي هَذَا الْأَمْرِ فَجَعَلْتُ إِذَا أَرَدْتُ الدُّنْيَا أَضْرَرْتُ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا أَرَدْتُ الْآخِرَةَ أَضْرَرْتُ بِالدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا فَأَضِرُّوا بِالْفَانِيَةِ)) (¬1). [591] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((وَيْلٌ لِدَيَّانِ الْأَرْضِ مِنْ دَيَّانِ السَّمَاءِ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ، إِلَّا مَنْ أَمَّ الْعَدْلَ وَقَضَى بِالْحَقِّ وَلَمْ يَقْضِ بِهَوَاءٍ وَلَا لِقَرَابَةٍ وَلَا لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَجَعَلَ كِتَابَ اللهِ مِرْآتَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ)) (¬2). [592] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ فِي أَهْلِهِ مِثْلَ الصَّبِيِّ، فَإِذَا الْتُمِسَ مَا عِنْدَهُ وُجِدَ رَجُلًا)) (¬3). [593] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الغوغاء ((اسْتَوْصُوا بِالْغَوْغَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ يُطْفِئُونَ الْحَرِيقَ ويَسُدُّونَ الْبُثُوقَ)) (¬4). ¬

(¬1) رواه أحمد بن حنبل في الزهد (665). (¬2) رواه أحمد بن حنبل في الزهد (663). (¬3) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1038) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 19/ 331. (¬4) ذكره الجاحظ في رسائله (رسالة فصل ما بين العداوة والحسد: ص 366).

[594] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[594] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَيْسَ لِفَاجِرٍ حُرْمَةٌ)) (¬1). [595] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن علباء بن الهيثم السدوسي (¬2) وقد كان أعوراً دميماً، بارعاً حسن البيان: ((لكلِّ أُناسٍ في جُمَيْلهم (¬3) خُبْرٌ)) (¬4). [596] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لزيد بن حدير (¬5)، عن ما يهدم الإسلام ((يَهْدِمُهُ زَلَّةُ الْعَالِمِ، وَجِدَالُ الْمُنَافِقِ بِالْكِتَابِ، وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ ¬

(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في الصمت (232) وذم الغيبة والنميمة (95). (¬2) عِلْباء بن الهَيْثَم بن جرير السدوسي أبوه من الرؤساء الذين حاربوا كسرى في وقعة ذي قار، وأدرك علباء الجاهلية والإسلام، وشهد الفتوح في عهد عمر، ثم شهد الجمل، فاستشهد بها. (الإصابة: 5/ 104). (¬3) الجُميل: مصغر الجَمَل. والخبر بضم الخاء: المعرفة والعلم. وَهُوَ مَثَل يُضرب فِي مَعْرفة كلِّ قَوْمٍ بصاحِبهم: يَعْني أَنَّ المُسَوَّد يُسَوَّدُ لِمعْنًى، وَأَنَّ قومَه لَمْ يُسَوِّدُوه إِلَّا لِمَعْرِفَتِهم بِشَانِهِ. وَيُرْوَى ((لِكُل أناسٍ فِي جَمَلهم خُبْر)) و ((فِي بَعِيرهم خُبْر)) فاسْتعار الجَمَل والبَعِير للصَّاحِب. (النهاية لابن الأثير - (جَمُلَ)). (¬4) ذكره الجاحظ في البيان والتبيين: 1/ 201. (¬5) زيد بن حدير الأسدي الكوفي، أخو زياد بن حدير (التابعي العابد الثقة)، قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري: 8/ 100): زيد بن حدير أخو زياد بن حدير، وزياد من كبار التابعين، أدرك عمر، وله رواية في ((سنن أبي داود))، ونزل الكوفة، وولي إمرتها مرة، وهو أسدي من بني أسد بن خزيمة بن مدْركة بن إلياس بن مضر، وأما أخوه زيد فلا أعرف له رواية.

[597] ومن موعظة له - رضي الله عنه - لرجل من رعيته

الْمُضِلِّينَ)) (¬1). [597] وَمِنْ مَوْعِظَةٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لرجل من رعيته ((لَا تَعْرِضْ بِمَا لَا يَعْنِيكَ، وَاعْتَزِلْ عَدُوَّكَ، وَاحْتَفِظْ مِنْ خَلِيلِكَ إِلَّا الْأَمِينَ، فَإِنَّ الْأَمِينَ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْقَوْمِ يَعْدِلُهُ، وَلَا أَمِينَ إِلَّا مَنْ يَخْشَى اللهَ، وَلَا تَصْحَبِ الْفَاجِرَ فَيَحْمِلْكَ عَلَى الْفُجُورِ، وَلَا تُفْشِ إِلَيْهِ سِرَّكَ، وَشَاوِرْ فِي أَمْرِكَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللهَ تَعَالَى)) (¬2). [598] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَتَعَلَّمُوا لِلْعِلْمِ السَّكِينَةَ وَالْحِلْمَ، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَ، وَلْيَتَوَاضَعْ لَكُمْ مَنْ تُعَلِّمُونَ، وَلَا تَكُونُوا مِنْ جَبَابِرَةِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا يَقُمْ عِلْمُكُمْ مَعَ جَهْلِكُمْ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه الدارمي في السنن (220) وابن المبارك في الزهد (1475) بلفظ (يهدم الزمان ثلاث) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1867) والمروذي في أخبار الشيوخ وأخلاقهم (344). (¬2) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (1399) وابن وهب في الجامع (289) والخراج لأبي يوسف: ص24 وابن أبي شيبة في المصنف (35591) والبرجلاني في الكرم والجود (40) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 770 وأبو داود في الزهد (104) وابن أبي الدنيا في الصمت (120) والبيهقي في السنن الكبرى (20325). (¬3) رواه أحمد بن حنبل في الزهد (630).

[599] ومن كلام له - رضي الله عنه - في النساء

[599] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في النساء ((اسْتَعِينُوا عَلَى النِّسَاءِ بِالْعُرْيِ، إِنَّ إِحْدَاهُنَّ إِذَا كَثُرَتْ ثِيَابُهَا، وَحَسُنَتْ زِينَتُهَا أَعْجَبَهَا الْخُرُوجُ)) (¬1). [600] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((اِسْتَغْزِرُوا الدُّمُوعَ بِالتَّذْكِيرِ)) (¬2). [601] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَكْسَبَةٌ فِيهَا بَعْضُ الدَّنِيَّةِ خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ)) (¬3). [602] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((أَيُّهَا النَّاسُ، إِيَّاكُمْ وَالْبِطْنَةَ (¬4) مِنَ الطَّعَامِ، فَإِنَّهَا مُكْسِلَةٌ عَنِ الصَّلَاةِ، مُفْسِدَةٌ لِلِجَسَدِ، مُوَرِّثَةٌ لِلسَّقَمِ، وَأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُبْغِضُ الْحَبْرَ السَّمِينَ، وَلَكِنَ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي قُوتِكُمْ، فَإِنَّهُ أَدْنَى مِنَ ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (18007). (¬2) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (736). (¬3) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 343 وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (323) وابن حبان في الثقات: 8/ 204. (¬4) البطنة: الامتلاء الشديد من الطعام (النهاية 1/ 136).

[603] ومن كلام له - رضي الله عنه -

الْإِصْلَاحِ، وَأَبْعَدُ مِنَ السَّرَفِ، وَأَقْوَى عَلَى عِبَادَةِ اللهِ، وَإِنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْثِرَ شَهْوَتَهُ عَلَى دِينِهِ)) (¬1). [603] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((بِحَسْبِ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْغَيِّ أَنْ يُؤْذِيَ جَلِيسَهُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، وَأَنْ يَجِدَ عَلَى النَّاسِ بِمَا يَاتِي، وَأَنْ يَظْهَرَ لَهُ مِنَ النَّاسِ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ)) (¬2). [604] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لُؤْمٌ بِالرَّجُلِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ مِنَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَصْحَابِهِ)) (¬3). [605] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في تزويج النساء ((لَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الرَّجُلِ الْقَبِيحِ، فَإِنَّهُنَّ يُحْبِبْنَ مَا تُحِبُّونَ)) (¬4). ¬

(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في الجوع (81) وإصلاح المال (352) وأبو نعيم في الطب النبوي (127). (¬2) رواه البيهقي في شعب الإيمان (4642). (¬3) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء: 7/ 391 (¬4) رواه عبد الرزاق في المصنف (10339) وسعيد بن منصور في السنن (811) واللفظ له، وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 769 وابن أبي الدنيا في كتاب العيال (124) والآبنوسي في المشيخة (232).

[606] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[606] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يُصَفِّي لَكَ وُدَّ أَخِيكَ ثَلَاثٌ: أَنْ تَبْدَأَهُ بِالسَّلَامِ، وَأَنْ تَدَعُوَهُ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ، وَأَنْ تُوَسِّعَ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَكَفَى بِالْمَرْءِ عِيًّا أَنْ يَجِدَ عَلَى النَّاسِ فِيمَا يَاتِي، وَأَنْ يَبْدُوَ لَهُ فِيهِمْ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَنْ يُؤْذِيَهُ فِي الْمَجْلِسِ بِمَا لَا يَعْنِيهِ)) (¬1). [607] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الحرص على الصلح بين المتخاصمين ((رُدُّوا الْخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحُوا؛ فَإِنَّهُ أَبْرَأُ لِلصُّدُورِ وَأَقَلُّ لِلْحُبَابِ)) (¬2). [608] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن صلاح الأئمة ((إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا مُسْتَقِيمِينَ مَا اسْتَقَامَتْ لَهُمْ أَئِمَّتُهُمْ وَهُدَاتُهُمْ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه ابن وهب في الجامع (222) وعبد الرزاق في المصنف (19865) مختصراً، والبيهقي في شعب الإيمان (8398) وأبو الشيخ الأصبهاني في الفوائد (13) والسلمي في آداب الصحبة (42) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 359. (¬2) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 769 وابن أبي شيبة في المصنف (23349) والبيهقي في السنن الكبرى (11360). (¬3) رواه ابن سعد في الطبقات: 3/ 292 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 343.

[609] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[609] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَنْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلتُّهَمَةِ فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ، وَمَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِيَرَةُ فِي يَدِهِ، وَضَعْ أَمْرَ أَخِيكَ عَلَى أَحْسَنِهِ حَتَّى يَاتِيَكَ مِنْهُ مَا يَغْلِبُكَ، وَمَا كَافَاتَ مَنْ عَصَى اللهَ فِيكَ مِثْلَ أَنْ تُطِيعَ اللهَ فِيهِ، وَعَلَيْكَ بِصَالِحِ الْإِخْوَانِ، أَكْثِرِ اكْتِسَابَهُمْ فَإِنَّهُمْ زَيْنٌ فِي الرَّخَاءِ، وَعُدَّةٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ، وَلَا تَسَلْ عَمَّا لَمْ يَكُنْ حَتَّى يَكُونَ، فَإِنَّ فِي مَا كَانَ شُغْلًا عَنْ مَا لَمْ يَكُنْ، وَلَا يَكُنْ كَلَامُكَ بَدْلَةً إِلَّا عِنْدَ مَنْ يَشْتَهِيهِ وَيَتَّخِذُهُ غَنِيمَةً، وَلَا تَسْتَعِنْ عَلَى حَاجَتِكَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ نَجَاحَهَا، وَلَا تَسْتَشِرْ إِلَّا الَّذِينَ يَخَافُونَ اللهَ، وَلَا تَصْحَبِ الْفَاجِرَ فَتَعَلَّمَ مِنْ فُجُورِهِ، وَتَخَشَّعْ عِنْدَ الْقُبُورِ)) (¬1). [610] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا يَسْتَعْمِلُ الفَاجِرَ إِلَّا فَاجِرٌ، مَنِ اسْتَعْمَلَ فَاجِراً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ فَاجِرٌ، فَهُوَ فَاجِرٌ مِثْلُهُ)) (¬2). ¬

(¬1) رواه الزبير بن بكار في الأخبار الموفقيات: ص32 وأبو داود في الزهد (89) وابن أبي الدنيا في الصمت (747) مختصراً، وأبو طاهر في المخلصيات (3037) والبيهقي في شعب الإيمان (7992) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 359 - 360 والسخاوي في البلدانيات: ص251. (¬2) رواه وكيع البغدادي في أخبار القضاة: 1/ 69 و3/ 209.

[611] ومن كلام له - رضي الله عنه - وقد رأى رجلا عظيم البطن

[611] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد رأى رجلاً عظيم البطن قَالَ: ((مَا هَذَا؟)) قَالَ: بَرَكَةُ الله فَقَالَ: ((عَذَابٌ مِنَ الله)) (¬1). [612] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّمَا مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ)) (¬2). [613] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّا وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالصَّبِر)) (¬3). [614] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَوْ أُتِيتُ بِرَاحِلَتَيْنِ، رَاحِلَةِ شُكْرٍ، وَرَاحِلَةِ صَبْرٍ، لَمْ أُبَالِ أَيَّهُمَا رَكِبْتُ)) (¬4). [615] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد رَأَى عَلَى رَجُلٍ ثَوْبًا مُعَصْفَرًا ((دَعُوا هَذِهِ الْبَرَّاقَّاتِ لِلنِّسَاءِ)) (¬5). ¬

(¬1) رواه ابن الأعرابي في المعجم (690). (¬2) رواه البخاري في صحيحه تعليقاً وسعيد بن منصور في السنن (662) وابن أبي شيبة في المصنف (16706) والبيهقي في السنن الكبرى (14438). (¬3) رواه البخاري في صحيحه تعليقاً وابن المبارك في الزهد (630) و (997) ووكيع في الزهد (198) وأحمد بن حنبل في الزهد (612). (¬4) رواه المدائني في التعازي (137) وابن أبي الدنيا في الصبر والثواب عليه (7) بلفظ آخر. (¬5) رواه عبد الرزاق في المصنف (19970).

[616] ومن كلام له - رضي الله عنه - في أدب المشي

[616] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في أدب المشي ((إِنَّ خَفْقَ (¬1) النِّعَالِ خَلْفَ الْأَحْمَقِ قَلَّ مَا يُبْقِي مِنْ دِينِهِ)) (¬2). [617] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((الشِّتَاءُ (¬3) غَنِيمَةُ الْعَابِدِ)) (¬4). [618] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لا يَغُرَّنَّكَ خُلُقُ امْرِئٍ حَتَّى يَغْضَبَ، وَلا دِينُهُ حَتَّى يَطْمَعَ)) (¬5). [619] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَنِ اتَّجَرَ فِي شَيْءٍ ثَلاثَ مِرَارٍ فَلَمْ يُصِبْ فِيهِ؛ فَلْيَتَحَوَّلْ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ)) (¬6). ¬

(¬1) الخفق: صوت النعل وما أشبهها من الأصوات (لسان العرب 10/ 83). (¬2) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء: 9/ 12. (¬3) في نسخة الزهد للإمام أحمد المطبوعة (الثناء). (¬4) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (9835) والقاسم بن موسى في جزءه (16) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 51 و8/ 133 و9/ 20. (¬5) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 331. (¬6) رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (234) والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2513) و (3009).

[620] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[620] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد لَقِيَ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ؛ فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ: فقال: ((أَنْتُمُ الْمُتَوَاكِلُونَ، إِنَّمَا الْمُتَوَكِّلُ الَّذِي يُلْقِي حَبَّهُ فِي الأَرْضِ وَيَتَوَكَّلُ عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ)) (¬1). [621] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لرجل ((إِذَا اشْتَرَيْتَ بَعِيرًا؛ فَاشْتَرِهِ عَظِيمَ الْخَلْقِ، إِنْ أَخْطَأَكَ خُبْرُهُ لَمْ يُخْطِئْكَ سُوقُهُ)) (¬2). [622] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أُتي بامرأة شابة زوجوها شيخاً كبيراً فقتلته ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللهَ وَلْيَنْكِحِ الرَّجُلُ لُمَتَهُ مِنَ النِّسَاءِ، وَلْتَنْكِحِ الْمَرْأَةُ لُمَتَهَا مِنَ الرِّجَالِ)). يَعْنِي شِبْهَهَا (¬3). ¬

(¬1) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (3027). (¬2) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2513) و (3009). (¬3) رواه سعيد بن منصور في السنن (810) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 768.

[623] ومن كلام له - رضي الله عنه - في العطاء

[623] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في العطاء ((إِذَا أَعْطَيْتُمُوهُمْ فَأَغْنُوا)) (¬1) يعني من الصَّدَقَةِ. [624] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الحض على العمل ((مَا خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَيْتَةً أَمُوتُهَا بَعْدَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ بَيْنَ شُعْبَتَيْ رَحْلٍ، أَضْرِبُ فِي الْأَرْضِ، أَبْتَغِي مِنْ فَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)) (¬2). [625] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الزهد ((الزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا رَاحَةٌ لِلْقَلْبِ وَالْجَسَدِ)) (¬3). ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف (7286) والقاسم بن سلام في الأموال (1778) وابن أبي شيبة في المصنف (10526) وابن زنجويه في الأموال (2272) وابن أبي الدنيا في الإشراف (202) والخرائطي في مكارم الأخلاق (130) والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2090). (¬2) رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (207). (¬3) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (593) وابن أبي الدنيا في الزهد (217) وذم الدنيا (155) وابن الأعرابي في الزهد وصفة الزاهدين (52) والبيهقي في شعب الإيمان (10125).

[626] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[626] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُقَصِّرًا فِي الْعَمَلِ ابْتُلِيَ بِالْهَمِّ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ)) (¬1). [627] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَا يَنْبَغِي لِمَنْ أُخِذَ بِالتَّقْوَى، وَوُزِنَ بِالوَرَعِ أَنْ يُذَلَّ لِصَاحِبِ الدُّنْيَا)) (¬2). [628] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِذَا كُنْتُ فِي مَنْزِلَةٍ تَسَعُنِي وَتَعْجَزُ عَنِ النَّاسِ فوالله مَا تِلْكَ لِي بِمَنْزِلَةٍ حَتَّى أَكُونَ أُسْوَةً لِلنَّاسِ)) (¬3). [629] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّمَا مَثَلُ الْعَرَبِ مِثْلُ جَمَلٍ أَنِفٍ اتَّبَعَ قَائِدَهُ فَلْيَنْظُرْ قَائِدُهُ حَيْثُ يَقُودُ، فَأَمَّا أَنَا فَوَرَبِّ الْكَعْبَةِ لَأَحْمِلَنَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ)) (¬4). ¬

(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في الهم والحزن (166). (¬2) ذكره ابن الجوزي في المناقب: ص181 والمبرّد الحنبلي في محض الصواب: 2/ 677. (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 201 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 374. (¬4) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (33140) والطبري في تاريخه: 3/ 433 وعنه ابن الأثير في الكامل: 2/ 268.

[630] ومن كلام له - رضي الله عنه - لعمرو بن العاص - رضي الله عنه - وابن له ضرب مصريا في سباق

[630] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وابنِ له ضرب مصرياً في سباق ((مُذْ كَمْ (¬1) تَعَبَّدْتُمُ النَّاسَ وَقَدْ وَلَدَتْهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ أَحْرَارًا)) (¬2). [631] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في التراحم والتوبة ((لا يُرْحَمْ مَنْ لا يَرْحَمْ وَلا يُغْفَرُ لِمَنْ لا يَغْفِرُ، وَلا يُوقَى مَنْ لا يَتَوَقَّى، وَلا يُتَابُ عَلَى مَنْ لَمْ يَتُبْ)) (¬3). [632] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ مِنْ فِقْهِكَ رِفْقَكَ فِي مَعِيشَتِكَ)) (¬4). [633] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((رَحِمَ اللهُ مَنْ قَدَّمَ فَضْلَ الْمَالِ، وَأَمْسَكَ فَضْلَ الْكَلامِ)) (¬5). ¬

(¬1) المشهور عند العامة: (متى استعبدتم الناس)، والمروي هو ما أثبته بالأصل. (¬2) رواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر والمغرب: ص195. (¬3) رواه الضبي في الدعاء (147) والبخاري في الأدب المفرد (372) وأبو داود في الزهد (88) والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 325 واللفظ له. (¬4) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 326. (¬5) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 363.

[634] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[634] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((الرَّايُ كَثِيرٌ، وَالْحَزْمُ قَلِيلٌ)) (¬1). [635] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((عَجِبْتُ لتَاجِرِ هَجَرَ، وَرَاكِبِ الْبَحْرِ)) (¬2). [636] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((قَدْ أَفْلَحَ مَنْ عُصِمَ مِنَ الْهَوَى وَالطَّمَعِ وَالْغَضَبِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الصِّدْقِ مِنَ الْحَدِيثِ خَيْرٌ)) (¬3). [637] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((يَا بَنِي السَّائِبِ! إِنَّكُمْ قَدْ أَضْوَيْتُمْ؛ فَانْكِحُوا فِي النَّزَائِعِ)) (¬4). [638] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد مَرَّ بصِبْيَانٍ يَلْعَبُونَ بالتُّرَابِ ((التُّرَابُ رَبِيعُ الصِّبْيَانِ)) (¬5). ¬

(¬1) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 331. (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (20163). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (20204). (¬4) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (3354). (¬5) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 381، وقد رُوى الطبراني في (المعجم الكبير) مثله عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعُدَّ من الموضوعات.

[639] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[639] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ مُؤْمِنٍ يَنْهَاهُ إِيمَانُهُ وَلَا مِنْ فَاسِقٍ بَيِّنٍ فِسْقُهُ، وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْهَا رَجُلًا قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى أَزْلَفَهُ بِلِسَانِهِ ثُمَّ تَأَوَّلَهُ عَلَى غَيْرِ تَاوِيلِهِ)) (¬1). [640] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((السُّنَّةُ مَا سَنَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، لَا تَجْعَلُوا خَطَأَ الرَّايِ سُنَّةً لِلْأُمَّةِ)) (¬2). [641] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَمَوْتُ أَلْفِ عَابِدٍ قَائِمٍ اللَّيْلَ صَائِمٍ النَّهَارَ أَهْوَنُ مِنْ مَوْتِ عَاقِلٍ عَقَلَ عَنِ اللهِ أَمْرَهُ، فَعَلِمَ مَا أَحَلَّ اللهُ لَهُ وَمَا حَرَّمَ عَلَيْهِ، فَانْتَفَعَ بِعِلْمِهِ وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْفَرَائِضِ الَّتِي فَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ كَثِيرَ زِيَادَةٍ)) (¬3). [642] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، وَتَعَلَّمُوا لَهُ الْوَقَارَ وَالسَّكِينَةَ، ¬

(¬1) رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2368). (¬2) رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2014). (¬3) رواه الحارث في مسنده كما في بغية الباحث (842) وإتحاف الخيرة (5241) والمطالب العالية (3309).

[643] ومن كلام له - رضي الله عنه - في الحياء

وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَعَلَّمْتُمْ مِنْهُ وَلِمَنْ عَلَّمْتُمُوهُ، وَلَا تَكُونُوا جَبَابِرَةَ الْعُلَمَاءِ، فَلَا يُقَوَّمُ جَهْلُكُمْ بِعِلْمِكُمْ)) (¬1). [643] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الحياء ((إِنَّ الْحَيَاءَ لَيَدُلُّ عَلَى هَنَاتٍ ذَاتِ أَلْوَانٍ، مَنِ اسْتَحْيَا اسْتَخْفَى، وَمَنِ اسْتَخْفَى اتَّقَى، وَمَنِ اتَّقَى وُقِّيَ)) (¬2). [644] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لَيْسَ الْوَصْلُ أَنْ تَصِلَ مَنْ وَصَلَكَ، ذَلِكَ الْقَصَاصُ، وَلَكِنَّ الْوَصْلَ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ)) (¬3). [645] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في التقوى ((لَا يَغُرَّنَّكُمْ صَلَاةُ امْرِئٍ، وَلَا صِيَامُهُ، وَلَكِنِ انْظُرُوا مَنْ إِذَا حَدَّثَ صَدَقَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ أَدَّى، وَإِذَا أَشْفَى وَرَعَ)) (¬4). ¬

(¬1) رواه البيهقي في شعب الإيمان (1651) والمدخل إلى السنن الكبرى (629) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (893) واللفظ له. (¬2) رواه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (94). (¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (19629) و (20232). (¬4) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (1010) وابن وهب في الجامع (526) وأبو داود في الزهد (66) والبيهقي في شعب الإيمان (4546) و (4898) والسنن الكبرى (12693).

[646] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[646] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا أُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ أَصْبَحْتُ، عَلَى مَا أُحِبُّ أَوْ عَلَى مَا أَكْرَهُ، لِأَنِّي لَا أَدْرِي الْخَيْرَ فِيمَا أُحِبُّ أَوْ فِيمَا أَكْرَهُ)) (¬1). [647] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مِنْ مُرُوءَةِ الرَّجُلِ نَقَاءُ ثَوْبَيْهِ، وَالْمُرُوءَةُ الظَّاهِرَةُ فِي الثِّيَابِ الطَّاهِرَةِ، وَإِنَّهُ لَيُعْجِبُنِي، أَوْ إِنِّي لَأُحِبُّ، أَنَّ أَرَى الشَّابَّ النَّاسِكَ النَّظِيفَ)) (¬2). [648] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِنَّ أَكْمَلَ الرِّجَالِ رَاياً مَنْ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عَهْدٌ مِنْ صَاحِبِهِ عَمِلَ بِالحَزْمِ، أَوْ قَالَ بِهِ، وَلَمْ يَنْكُلْ)) (¬3). [649] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في التقوى ((كَرَمُكُمْ تَقْوَاكُم)) (¬4). ¬

(¬1) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (425) وأبو داود في الزهد (103) والدولابي في الكنى والأسماء (1729) وابن أبي الدنيا في الرضا عن الله بقضائه (30) والفرج بعد الشدة (13) وعنه التنوخي في الفرج بعد الشدة (145). (¬2) رواه ابن الجعد في المسند (2963) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 772 واللفظ له. (¬3) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 47. (¬4) رواه المعافى بن عمران في الزهد (137).

[650] ومن كلام له - رضي الله عنه -

[650] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا شَيْءٌ أَقْعَدُ بِامْرِئٍ عَنْ مَكْرُمَةٍ مِنْ صِغَرِ هِمَّةٍ)) (¬1). [651] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((إِيَّاكُمْ ورَضاعَ السُّوءِ؛ فَإِنَّهُ لابدّ مِنْ أَنْ يَنْتَدِمَ (¬2) يَوْمًا)) (¬3). [652] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((لا شَيْءَ أَنْفَعُ فِي دُنْيَا وَأَبْلَغُ فِي أَمْرِ دين من كلام)) (¬4). [653] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَنِ اتَّقَى وُقِيَ، وَمَنْ وُقِيَ اسْتَحْيَا، وَمَنِ اسْتَحْيَا سَتَرَهُ الله)) (¬5). [654] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((كَفَى بِكَ عَيْباً أَنْ يَبْدُوَ لَكَ مِنْ أَخِيكَ مَا يَغْبَى (¬6) عَلَيْكَ مِنْ ¬

(¬1) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1964). (¬2) أَيْ يظهَر أثرُه. والنَّدَمُ: الأثَر، وَهُوَ مِثل النَّدَب. وَالْبَاءُ وَالْمِيمُ يَتَبَادَلَانِ. وذكره الزَّمَخْشَرِيُّ بِسُكُونِ الدَّالِ، مِنَ النَّدْمِ: وَهُوَ الغَمّ اللَّازِمُ، إِذْ يَنْدَمُ صاحبُه، لِمَا يَعْثُرُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءِ آثَارِهِ. (النهاية لابن الأثير - (نَدِمَ)). (¬3) ذكره الأزهري في تهذيب اللغة: 14/ 101 والخطابي في غريب الحديث: 2/ 120 والزمخشري في الفائق: 3/ 418 وابن الأثير في النهاية: 5/ 36 وابن منظور في لسان العرب: 1/ 753. (¬4) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 363. (¬5) رواه البلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 326. (¬6) غَبِيَ الشيء: لم يفطن له (لسان العرب 15/ 114).

[655] ومن كلام له - رضي الله عنه -

نَفْسِكَ، وَأَنْ تُؤْذِيَ جَلِيسَكَ بِمَا تَاتِي مِثْلَهُ)) (¬1). [655] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ((مَا أَفَادَ امْرُؤٌ فَائِدَةً بَعْدَ إِيمَانٍ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنَ امْرَأَةٍ حَسَنَةِ الْخُلُقِ، وَدُودٍ وَلُودٍ، ومَا أَفَادَ امْرُؤٌ فَائِدَةً بَعْدَ كُفْرٍ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ شَرًّا مِنَ امْرَأَةٍ سَيِّئَةِ الْخُلُقِ، حَدِيدَةِ اللِّسَانِ، وَاللهِ إِنَّ مِنْهُنَّ لَغُلًّا مَا يُفْدَى مِنْهُ (¬2)، وَإِنَّ مِنْهُنَّ لَغُنْمًا (¬3) مَا يُحْذَى مِنْهُ (¬4))) (¬5). ¬

(¬1) ذكره ابن دريد في أماليه: ص155 وأبو هلال العسكري في جمهرة الأمثال (1180). (¬2) لا يفدى منه: أي لا يتخلص منه لشدته. (الترغيب والترهيب لقوام السنة: 2/ 251). (¬3) غُنْمُه: زيادَتُه وَنَمَاؤُهُ وفاضِل قيمَتِه، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ ((الرَّهْنُ لَمنْ رَهَنَه، لَهُ غُنْمُه وَعَلَيْهِ غُرْمُه)). (النهاية لابن الأُثير - (غَنِمَ)). (¬4) ما يُحذى منه: أي ما يعطى منه لعزته. (الترغيب والترهيب لقوام السنة: 2/ 251). (¬5) رواه ابن الجعد في المسند (1077) وابن أبي شيبة في المصنف (17142) وابن أبي الدنيا في الإشراف (268) وأبو نعيم في حلية الأولياء: 7/ 243 والبيهقي في السنن الكبرى (13479) و (13480) وشعب الإيمان (7680) و (8350) وابن عساكر في مدح التواضع (20)، وهناد في الزهد (598) بلفظ: ((مَا أُعْطِيَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ شَيْئًا بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ أَفْضَلَ مِنَ امْرَأَةٍ وَلُودٍ وَدُودٍ حَسَنَةِ الْخُلُقِ، وَلَا أَصَابَ عَبْدٌ شَيْئًا بَعْدَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنَ امْرَأَةٍ سَلِقَةٍ لَهَا لِسَانٌ حَدِيدٌ سَيِّئَةِ الْخُلُقِ)).

فهرس المصادر

فهرس المصادر 1 - الإبانة الكبرى - ابن بَطَّة العكبري (المتوفى: 387هـ) - تحقيق: رضا معطي وعثمان الأثيوبي ويوسف الوابل والوليد بن سيف النصر وحمد التويجري - دار الراية للنشر والتوزيع - الرياض - طُبع مفرقاً من 1415هـ - 1994م إلى 1426 هـ - 2005 م. 2 - إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة - أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (المتوفى: 840هـ) - تحقيق: دار المشكاة للبحث العلمي - دار الوطن - الرياض - الطبعة الأولى، 1420هـ - 1999م. 3 - الآحاد والمثاني - أبو بكر بن أبي عاصم (المتوفى: 287هـ) - تحقيق: د. باسم فيصل أحمد الجوابرة - دار الراية - الرياض - الطبعة الأولى، 1411هـ - 1991م. 4 - أحاديث الجماعيلي - عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الجماعيلي (المتوفى: 600هـ) - مخطوط - نُشر في برنامج جوامع الكلم، الطبعة الأولى، 2004م. 5 - أحاديث الشيوخ الثقات (المشيخة الكبرى) - قاضي المارِسْتان محمد بن عبد الباقي الكعبي (المتوفى: 535هـ) - تحقيق: الشريف حاتم العوني - دار عالم الفوائد - الطبعة الأولى، 1422هـ. 6 - الأحاديث المائة الشريحية - ابن أبي شريح الأنصاري الهروي

(المتوفى: 392هـ) - مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم، الطبعة الأولى، 2004م. 7 - الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما - ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (المتوفى: 643هـ) - تحقيق: د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش - دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - الطبعة الثالثة، 1420هـ - 2000م. 8 - أحاديث عفان بن مسلم - عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي (المتوفى: بعد 219هـ) - تحقيق: حمزة أحمد الزين - دار الحديث - القاهرة - الطبعة الأولى، 2004م. 9 - أحاديث في ذم الكلام وأهله - أبو الفضل المقرئ (المتوفى: 454هـ) - تحقيق: د. ناصر بن عبد الرحمن بن محمد الجديع - دار أطلس للنشر والتوزيع - الطبعة الأولى 1417هـ - 1996م. 10 - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان - ابن حبان البُستي (المتوفى: 354هـ) - ترتيب: الأمير ابن بلبان الفارسي (المتوفى: 739 هـ) - تحقيق: شعيب الأرنؤوط - مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الأولى، 1408هـ - 1988م. 11 - أخبار الشيوخ وأخلاقهم - أبو بكر المَرُّوْذِيُّ (المتوفى: 275هـ) - تحقيق: عامر حسن صبري - دار البشائر الإسلامية - بيروت - الطبعة الأولى، 1426 هـ - 2005 م. 12 - أخبار القضاة - وكيع: محمد بن خلف الضَّبِّي البغدادي

(المتوفى: 306هـ) - تحقيق: عبد العزيز مصطفى المراغي - المكتبة التجارية الكبرى - مصر - الطبعة الأولى، 1366هـ - 1947م. 13 - الأخبار الموفقيات - الزبير بن بكار (المتوفى: 256هـ) - تحقيق: سامي مكي العاني - الكتب - بيروت - الطبعة الثانية، 1416هـ - 1996م. 14 - أخبار النساء - ابن الجوزي (المتوفى: 597هـ) - شرح وتحقيق: د. نزار رضا - دار مكتبة الحياة - بيروت - الطبعة الأولى، 1982م. 15 - أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه - محمد بن إسحاق الفاكهي (المتوفى: 272هـ) - تحقيق: د. عبد الملك عبد الله دهيش - دار خضر - بيروت - الطبعة الثانية، 1414هـ. 16 - أخبار مكة وما جاء فيها من الأثار - محمد بن عبد الله الأزرقي (المتوفى: 250هـ) - تحقيق: رشدي الصالح ملحس - دار الأندلس للنشر - بيروت - بدون طبعة ولا تاريخ. 17 - الإخنائية (أو الرد على الإخنائي) - ابن تيمية (المتوفى: 728هـ) - تحقيق: أحمد بن مونس العنزي - دار الخراز - جدة - الطبعة الأولى، 1420هـ - 2000م. 18 - الآداب - أحمد بن الحسين البيهقي (المتوفى: 458هـ) - تحقيق: السعيد المندوه - مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - الطبعة الأولى، 1408 هـ - 1988م. 19 - آداب الصحبة - محمد بن الحسين السلمي (المتوفى: 412هـ) - تحقيق: مجدي فتحي السيد - دار الصحابة للتراث - طنطا - الطبعة الأولى، 1410هـ - 1990م.

20 - الأدب - أبو بكر بن أبي شيبة (المتوفى: 235هـ) - تحقيق: د. محمد رضا القهوجي - دار البشائر الإسلامية - بيروت - الطبعة الأولى، 1420هـ - 1999م. 21 - أدب الدنيا والدين - أبو الحسن الماوردي (المتوفى: 450هـ) - دار مكتبة الحياة - بدون طبعة، 1986م. 22 - الأدب المفرد - محمد بن إسماعيل البخاري (المتوفى: 256هـ) - تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي - دار البشائر الإسلامية - بيروت - الطبعة الثالثة، 1409هـ - 1989م. 23 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب - ابن عبد البر (المتوفى: 463هـ) - تحقيق: علي محمد البجاوي - دار الجيل - بيروت - الطبعة الأولى، 1412هـ - 1992م. 24 - الإشراف في منازل الأشراف - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: د. نجم عبد الرحمن خلف - مكتبة الرشد - الرياض - الطبعة الأولى، 1411هـ - 1990م. 25 - إصلاح المال - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: محمد عبد القادر عطا - مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - الطبعة الأولى، 1414هـ - 1993م. 26 - اعتلال القلوب - محمد بن جعفر الخرائطي (المتوفى: 327هـ) - تحقيق: حمدي الدمرداش - نزار مصطفى الباز - مكة المكرمة - الطبعة الثانية، 1421هـ2000م.

27 - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ) - تحقيق: محمد عبد السلام إبراهيم - دار الكتب العلمية - ييروت - الطبعة الأولى، 1411هـ - 1991م. 28 - الأعلام - خير الدين بن محمود الزركلي الدمشقي (المتوفى: 1396هـ) - دار العلم للملايين - الطبعة الخامسة عشر، 2002 م. 29 - إكمال المعلم بفوائد مُسلم - القاضي عياض اليحصبي (المتوفى: 544هـ) - تحقيق: د. يحيى إسماعيل - دار الوفاء - الطبعة الثالثة، 1426هـ - 2005م. 30 - إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال - مغلطاي بن قليج الحكري (المتوفى: 762هـ) - تحقيق: عادل بن محمد وأسامة بن إبراهيم - الفاروق الحديثة للطباعة والنشر - الطبعة الأولى، 1422 هـ‍‍ - 2001 م. 31 - أمالي ابن بشران - عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشْران (المتوفى: 430هـ) - تحقيق: عادل بن يوسف العزازي - دار الوطن - الرياض - الطبعة الأولى، 1418هـ - 1997م. 32 - أمالي ابن سمعون - ابن سمعون الواعظ البغدادي (المتوفى: 387هـ) - تحقيق: د. عامر حسن صبري - دار البشائر الإسلامية - بيروت - الطبعة الأولى، 1423هـ - 2002م. 33 - الأمالي - أبو علي القالي (المتوفى: 356هـ) - ترتيب: محمد عبد الجواد الأصمعي - دار الكتب المصرية - الطبعة الثانية، 1344 هـ - 1926م. 34 - أمالي المحاملي (رواية ابن يحيى البيع) - الحسين بن إسماعيل

المحاملي (المتوفى: 330هـ) - تحقيق: د. إبراهيم القيسي - المكتبة الإسلامية - دار ابن القيم - الأردن - الطبعة الأولى، 1412هـ. 35 - الأمالي في آثار الصحابة - عبد الرزاق بن همام الصنعاني (المتوفى: 211هـ) - تحقيق: مجدي السيد إبراهيم - مكتبة القرآن - القاهرة - الطبعة الأولى. 36 - الأموال - ابن زنجويه (المتوفى: 251هـ) - تحقيق: د. شاكر ذيب فياض - مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية - السعودية - الطبعة الأولى، 1406هـ - 1986م. 37 - أنساب الأشراف - أحمد بن يحيى البَلَاذُري (المتوفى: 279هـ) - تحقيق: سهيل زكار ورياض الزركلي - دار الفكر - بيروت - الطبعة الأولى، 1417هـ - 1996م. 38 - البحر الزخار - أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزَّار (المتوفى: 292هـ) - تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله وعادل بن سعد وصبري عبد الخالق الشافعي - مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة - الطبعة الأولى، طُبع مفرقاً من 1988م إلى 2009م. 39 - البخلاء - الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ) - تحقيق: بسام عبد الوهاب الجابي - الجفان والجابي - دار ابن حزم - الطبعة الأولى، 1421هـ - 2000 م. 40 - البداية والنهاية - أبو الفداء ابن كثير (المتوفى: 774هـ) - تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي - دار هجر - الطبعة الأولى، 1418هـ - 1997م.

41 - البر والصلة - الحسين بن الحسن بن حرب السلمي (المتوفى: 246هـ) - تحقيق: د. محمد سعيد بخاري - دار الوطن - الرياض - الطبعة الأولى، 1419هـ. 42 - البر والصلة - ابن الجوزي (المتوفى: 597هـ) - تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض - مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - الطبعة الأولى، 1413هـ - 1993م. 43 - البصائر والذخائر - أبو حيان التوحيدي (المتوفى: نحو 400هـ) - تحقيق: د. وداد القاضي - دار صادر - بيروت - الطبعة الأولى، 1408هـ - 1988م. 44 - بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث - الحارث بن محمد بن داهر التميمي (المتوفى: 282هـ) - انتقاء: علي بن أبي بكر بن سليمان بن أبي بكر الهيثمي (المتوفى: 807 هـ) - تحقيق: د. حسين أحمد صالح الباكري - مركز خدمة السنة والسيرة النبوية - المدينة المنورة - الطبعة الأولى، 1413هـ - 1992م. 45 - بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ) - تحقيق: د. سهيل زكار - دار الفكر - بدون طبعة ولا تاريخ. 46 - البلدانيات - محمد بن عبد الرحمن السخاوي (المتوفى: 902هـ) - تحقيق: حسام بن محمد القطان - دار العطاء - السعودية - الطبعة الأولى، 1422هـ - 2001م. 47 - البيان والتبيين - عمرو بن بحر الجاحظ (المتوفى: 255هـ) - دار ومكتبة الهلال - بيروت، 1423هـ.

48 - تاريخ أبي زرعة الدمشقي (رواية أبي الميمون بن راشد) - أبو زرعة الدمشقي (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: شكر الله نعمة الله القوجاني - مجمع اللغة العربية - دمشق - بدون طبعة ولا تاريخ. 49 - تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام - محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) - تحقيق: د. بشار عوّاد معروف - دار الغرب الإسلامي - الطبعة الأولى، 2003م. 50 - تاريخ الرسل والملوك - محمد بن جرير الطبري (المتوفى: 310هـ) المطبوع مع (صلة تاريخ الطبري) لعريب بن سعد القرطبي (المتوفى: 369هـ) - دار التراث - بيروت - الطبعة الثانية، 1387هـ. 51 - التاريخ الكبير - أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة (المتوفى: 279هـ) - تحقيق: صلاح بن فتحي هلال - الفاروق الحديثة للطباعة والنشر - القاهرة - الطبعة الأولى، 1427هـ - 2006م. 52 - تاريخ المدينة - عمر بن شبة (المتوفى: 262هـ) - تحقيق: فهيم محمد شلتوت - السيد حبيب محمود أحمد - جدة - 1399هـ. 53 - تاريخ بغداد - الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ) - تحقيق: د. بشار عواد معروف - دار الغرب الإسلامي - بيروت - الطبعة الأولى، 1422هـ - 2002م. 54 - تاريخ دَارِيَّا - عبد الجبار بن عبد الله الخولاني (المتوفى: 370هـ) - تحقيق: سعيد الأفغاني - مطبعة البرقي - دمشق - 1369هـ - 1950م.

55 - تاريخ دمشق - ابن عساكر (المتوفى: 571هـ) - تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي - دار الفكر، 1415هـ - 1995م. 56 - تاريخ واسط - بَحْشَل: أسلم بن سهل الرزّاز (المتوفى: 292هـ) - تحقيق: كوركيس عواد - عالم الكتب - بيروت - الطبعة الأولى، 1406هـ. 57 - تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة - أبو نعيم الأصبهاني (المتوفى: 430هـ) - تحقيق: د. علي بن محمد بن ناصر الفقيهي - مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة - الطبعة الأولى، 1407 هـ - 1987م. 58 - تجارب الأمم وتعاقب الهمم - ابن مسكويه (المتوفى: 421هـ) - تحقيق: أبو القاسم إمامي - سروش - طهران - الطبعة الثانية، 2000 م. 59 - تحريم النرد والشطرنج والملاهي - محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (المتوفى: 360هـ) - تحقيق: محمد سعيد عمر إدريس - الطبعة الأولى، 1402هـ - 1982م. 60 - تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي - جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) - تحقيق: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي - دار طيبة. 61 - التذكرة الحمدونية - بهاء الدين ابن حمدون البغدادي (المتوفى: 562هـ) - دار صادر - بيروت - الطبعة الأولى، 1417هـ. 62 - ترتيب الأمالي الخميسية - يحيى بن الحسين الحسني الشجري (المتوفى 499 هـ) - رتبها: القاضي محيي الدين محمد بن أحمد القرشي العبشمي (المتوفى: 610هـ) - تحقيق: محمد حسن محمد حسن إسماعيل - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1422هـ - 2001م.

63 - الترغيب والترهيب - قوام السنة إسماعيل بن محمد الأصبهاني (المتوفى: 535هـ) - تحقيق: أيمن بن صالح بن شعبان - دار الحديث - القاهرة - الطبعة الأولى، 1414هـ - 1993م. 64 - التعازي - علي بْن مُحَمَّد المدائني (المتوفى: 224هـ) - تحقيق: إبراهيم صالح - دار البشائر - الطبعة الأولى 1424هـ - 2003م. 65 - تعزية المسلم عن أخيه - ابن عساكر (المتوفى: 571هـ) - تحقيق: مجدي فتحي السيد - مكتبة الصحابة - جدة - الطبعة الأولى، 1411هـ - 1991م. 66 - تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر بن الحجاج المَرْوَزِي (المتوفى: 294هـ) - تحقيق: د. عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي - مكتبة الدار - المدينة المنورة - الطبعة الأولى، 1406هـ. 67 - تعليق من أمالي ابن دريد - محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (المتوفى: 321هـ) - تحقيق: السيد مصطفى السنوسي - المجلس الوطني للثقافه والفنون والآداب بالكويت - الطبعة الأولى، 1401هـ - 1984م. 68 - تفسير القرآن العظيم - إسماعيل بن عمر بن كثير (المتوفى: 774هـ) - تحقيق: سامي بن محمد سلامة - دار طيبة - الطبعة الثانية 1420هـ - 1999م. 69 - التفسير من سنن سعيد بن منصور - سعيد بن منصور الخراساني الجوزجاني (المتوفى: 227هـ) - تحقيق: د. سعد بن عبد الله آل حميد - دار الصميعي - الطبعة الأولى، 1417هـ - 1997م.

70 - تقييد العلم - الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ) - إحياء السنة النبوية - بيروت. 71 - التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير - ابن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ) - تحقيق: أبو عاصم حسن بن عباس بن قطب - مؤسسة قرطبة - مصر - الطبعة الأولى، 1416هـ - 1995م. 72 - تهذيب الأسماء واللغات - محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ) - دار الكتب العلمية - بيروت، بدون طبعة ولا تاريخ. 73 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال - يوسف بن عبد الرحمن المزي (المتوفى: 742هـ) - تحقيق: د. بشار عواد معروف - مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الأولى، 1400هـ - 1980م. 74 - التواضع والخمول - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: محمد عبد القادر أحمد عطا - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1409هـ - 1989م. 75 - التوبيخ والتنبيه - أبو الشيخ الأصبهاني (المتوفى: 369هـ) - تحقيق: مجدي السيد إبراهيم - مكتبة الفرقان - القاهرة. 76 - الثقات - ابن حبان البُستي (المتوفى: 354هـ) - دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد - الهند - الطبعة الأولى، 1393 هـ - 1973م. 77 - جامع الأصول في أحاديث الرسول - أبو السعادات ابن الأثير (المتوفى: 606هـ) - تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط وبشير عيون - مكتبة الحلواني - مطبعة الملاح - مكتبة دار البيان - الطبعة الأولى - طبعة مفرقة من 1389هـ - 1969م إلى 1392هـ - 1972م.

78 - جامع بيان العلم وفضله - ابن عبد البر النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ) - تحقيق: أبي الأشبال الزهيري - دار ابن الجوزي - المملكة العربية السعودية - الطبعة الأولى، 1414هـ - 1994م. 79 - الجامع في الحديث - عبد الله بن وهب بن مسلم (المتوفى: 197هـ) - تحقيق: د. مصطفى حسن حسين محمد أبو الخير - دار ابن الجوزي - الرياض - الطبعة الأولى 1416هـ - 1995م. 80 - الجامع - معمر بن أبي عمرو راشد البصري (المتوفى: 153هـ) - تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي - إصدار المجلس العلمي بباكستان - توزيع المكتب الإسلامي - بيروت - الطبعة الثانية، 1403هـ. 81 - جزء أبي الجهم - العلاء بن موسى الباهلي (المتوفى: 228هـ) - تحقيق: عبد الرحيم بن محمد بن أحمد القشقري - مكتبة الرشد - الرياض - الطبعة الأولى، 1420هـ - 1999م. 82 - جزء الألف دينار (وهو الخامس من الفوائد المنتقاة والأفراد الغرائب الحسان) - أحمد بن جعفر القطيعي (المتوفى: 368هـ) - تحقيق: بدر بن عبد الله البدر - دار النفائس - الكويت - الطبعة الأولى، 1414هـ - 1993م. 83 - جزء القاسم بن موسى - القاسم بن موسى الأشيب (المتوفى: 302هـ) - مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم، الطبعة الأولى، 2004م. 84 - الجزء المتمم لطبقات ابن سعد [الطبقة الرابعة من الصحابة ممن أسلم عند فتح مكة وما بعد ذلك]- محمد بن سعد بن منيع (المتوفى:

230هـ) - تحقيق: د. عبد العزيز عبد الله السلومي - مكتبة الصديق - الطائف - الطبعة الأولى، 1416هـ. 85 - جزء سعدان - سعدان بن نصر بن منصور المخرمي (المتوفى: 265هـ) - تحقيق: عبد المنعم إبراهيم - مكتبة نزار مصطفى الباز - مكة المكرمة - الطبعة الأولى، 1420هـ - 1999م. 86 - جزءٌ فيه شروط النصارى وبذيله أحاديث لأبي محمد عبد الوهاب بن أحمد الكلابي [ضمن سلسلة لقاء العشر الأواخر (94)]- عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبر الربعي (المتوفى: 329هـ) - تحقيق: أنس بن عبد الرحمن بن عبد الله العقيل - دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى 1427هـ - 2006م. 87 - جزء من نسخة إبراهيم بن سعد (مطبوع ضمن مجموع باسم الفوائد لابن منده) - إبراهيم بن سعد الزهري (المتوفى: 184هـ) - تحقيق: خلاف محمود عبد السميع - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1423هـ - 2002م. 88 - الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي - المعافى بن زكريا الجريري (المتوفى: 390هـ) - تحقيق: عبد الكريم سامي الجندي - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1426هـ - 2005م. 89 - جمهرة الأمثال - أبو هلال الحسن بن عبد الله العسكري (المتوفى: نحو 395هـ) - دار الفكر - بيروت - بدون طبعة ولا تاريخ. 90 - الجوع - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: محمد خير رمضان يوسف - دار ابن حزم - بيروت - الطبعة الأولى، 1417هـ - 1997م.

91 - الحث على التجارة والصناعة والعمل والإنكار على من يدعي التوكل في ترك العمل والحجة عليهم في ذلك - أحمد بن محمد الخَلَّال (المتوفى: 311هـ) - تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة - البشائر - بيروت - الطبعة الأولى، 1415هـ - 1995م. 92 - حجة الوداع - ابن حزم الأندلسي (المتوفى: 456هـ) - تحقيق: أبو صهيب الكرمي - بيت الأفكار الدولية - الرياض - الطبعة الأولى، 1998م. 93 - حديث ابن رزقويه - ابْنُ رَزْقُوَيْه: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ (المتوفى: 412هـ) - مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم، الطبعة الأولى، 2004م. 94 - حديث مصعب بن عبد الله الزبيري - عبد الله بن محمد البغوي (المتوفى: 317هـ) - تحقيق: صالح عثمان اللحام - الدار العثمانية - الأردن - الطبعة الأولى، 1424هـ - 2003م. 95 - حديث هشام بن عمار - هشام بن عمار بن نصير السُّلمي (المتوفى: 245هـ) - تحقيق: د. عبد الله بن وكيل الشيخ - دار إشبيليا - السعودية - الطبعة الأولى، 1419هـ - 1999م. 96 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - أبو نعيم الأصبهاني (المتوفى: 430هـ) - دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، 1409هـ. 97 - الخراج - أبو يوسف الأنصاري (المتوفى: 182هـ) - تحقيق: طه عبد الرءوف سعد وسعد حسن محمد - المكتبة الأزهرية للتراث - بدون طبعة وتاريخ.

98 - الخراج وصناعة الكتابة - أبو الفرج قدامة بن جعفر البغدادي (المتوفى: 337هـ) - دار الرشيد - بغداد - الطبعة الأولى، 1981م. 99 - الخراج - يحيى بن آدم (المتوفى: 203هـ) - المطبعة السلفية - الطبعة الثانية، 1384هـ. 100 - الخطب والمواعظ - أبو عُبيد القاسم بن سلاّم (المتوفى: 224هـ) - تحقيق: الدكتور رمضان عبد التواب - مكتبة الثقافة الدينية - الطبعة الأولى - بدون تاريخ. 101 - الدعاء - أبو القاسم الطبراني (المتوفى: 360هـ) - تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1413هـ. 102 - الدعاء - محمد بن فضيل الضبي (المتوفى: 195هـ) - تحقيق: د عبد العزيز بن سليمان بن إبراهيم البعيمي - مكتبة الرشد - الرياض - الطبعة الأولى، 1419هـ - 1999م. 103 - دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة - أحمد بن الحسين البيهقي (المتوفى: 458هـ) - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1405هـ. 104 - ذم الدنيا - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: محمد عبد القادر أحمد عطا - مؤسسة الكتب الثقافية - الطبعة الأولى، 1414هـ - 1993م. 105 - ذم الغيبة والنميمة - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق:

بشير محمد عيون - مكتبة دار البيان، دمشق - الطبعة الأولى، 1413هـ - 1992م. 106 - ربيع الأبرار ونصوص الأخيار - جار الله الزمخشري (المتوفى: 583هـ) - مؤسسة الأعلمي - بيروت - الطبعة الأولى، 1412هـ. 107 - الرضا عن الله بقضائه - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: ضياء الحسن السلفي - الدار السلفية - بومباي - الطبعة الأولى، 1410هـ. 108 - الزهد - أبو داود السِّجِسْتاني (المتوفى: 275هـ) - تحقيق: ياسر بن ابراهيم وغنيم بن عباس - دار المشكاة للنشر والتوزيع - حلوان - الطبعة الأولى، 1414هـ - 1993م. 109 - الزهد - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - دار ابن كثير - دمشق - الطبعة الأولى، 1420هـ - 1999م. 110 - الزهد - أبو بكر بن أبي عاصم (المتوفى: 287هـ) - تحقيق: عبد العلي عبد الحميد حامد - دار الريان للتراث - القاهرة - الطبعة الثانية، 1408هـ. 111 - الزهد - أحمد بن محمد بن حنبل (المتوفى: 241هـ) - تحقيق: محمد عبد السلام شاهين - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى،1420هـ - 1999م. 112 - الزهد - هَنَّاد بن السَّرِي الدارمي (المتوفى: 243هـ) - تحقيق: عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي - دار الخلفاء للكتاب الإسلامي - الكويت - الطبعة الأولى، 1406هـ.

113 - الزهد والرقائق - عبد الله بن المبارك (المتوفى: 181هـ) - تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي - دار الكتب العلمية - بيروت - بدون طبعة ولا تاريخ. 114 - الزهد وصفة الزاهدين - ابن الأعرابي (المتوفى: 340هـ) - تحقيق: مجدي فتحي السيد - دار الصحابة للتراث - طنطا - الطبعة الأولى، 1408هـ. 115 - الزهد - وكيع بن الجراح (المتوفى: 197هـ) - تحقيق: عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي - مكتبة الدار - المدينة المنورة - الطبعة الأولى، 1404 هـ - 1984م. 116 - الزهد - المعافى بن عمران الموصلي (المتوفى: 185هـ) - تحقيق: د. عامر حسن صبري - دار البشائر الإسلامية - بيروت - الطبعة الأولى، 1420هـ - 1999م. 117 - السنة - أحمد بن محمد بن هارون الخَلَّال (المتوفى: 311هـ) - تحقيق: د. عطية الزهراني - دار الراية - الرياض - الطبعة الأولى، 1410هـ - 1989م. 118 - سنن ابن ماجه - ابن ماجه (المتوفى: 273هـ) - تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي - دار إحياء الكتب العربية - فيصل عيسى البابي الحلبي - مصر - بدون طبعة ولا تاريخ. 119 - سنن أبي داود - سليمان بن الأشعث السِّجِسْتاني (المتوفى: 275هـ) - تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد - المكتبة العصرية، صيدا - بيروت - بدون طبعة ولا تاريخ.

120 - سنن الترمذي - محمد بن عيسى الترمذي (المتوفى: 279هـ) - تحقيق: بشار عواد معروف - دار الغرب الإسلامي - بيروت - 1998م. 121 - سنن الدارقطني - علي بن عمر الدارقطني (المتوفى: 385هـ) - تحقيق: شعيب الأرنؤوط وحسن عبد المنعم شلبي وعبد اللطيف حرز الله وأحمد برهوم - مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الأولى، 1424هـ - 2004م. 122 - سنن الدارمي - عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (المتوفى: 255هـ) - تحقيق: حسين سليم أسد الداراني - دار المغني للنشر والتوزيع - المملكة العربية السعودية - الطبعة الأولى، 1412هـ - 2000 م. 123 - السنن الصغرى (الصغير) - أحمد بن الحسين البيهقي (المتوفى: 458هـ) - تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي - جامعة الدراسات الإسلامية - كراتشي - الطبعة الأولى، 1410هـ - 1989م. 124 - السنن الصغرى - أحمد بن شعيب بن علي النسائي (المتوفى: 303هـ) - تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة - مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب - الطبعة الثانية، 1406هـ - 1986م. 125 - السنن الكبرى - أحمد بن الحسين البيهقي (المتوفى: 458هـ) - تحقيق: محمد عبد القادر عطا - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الثالثة، 1424هـ - 2003م. 126 - السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها - عثمان بن سعيد الداني (المتوفى: 444هـ) - تحقيق: د. رضاء الله بن محمد إدريس المباركفوري - دار العاصمة - الرياض - الطبعة الأولى، 1416هـ.

127 - سنن سعيد بن منصور - سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني (المتوفى: 227هـ) - تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي - الدار السلفية - الهند - الطبعة الأولى، 1403هـ - 1982م. 128 - سير أعلام النبلاء - محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) - تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط - مؤسسة الرسالة - الطبعة الثالثة، 1405هـ - 1985م. 129 - سير السلف الصالحين - قوام السنة إسماعيل بن محمد الأصبهاني (المتوفى: 535هـ) - تحقيق: د. كرم بن حلمي بن فرحات بن أحمد - دار الراية - الرياض - الطبعة الأولى، 1999م. 130 - السيرة النبوية - عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري (المتوفى: 213هـ) - تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي - مصطفى البابي الحلبي وأولاده - مصر - الطبعة الثانية، 1375هـ - 1955م. 131 - شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - هبة الله بن الحسن اللالكائي (المتوفى: 418هـ) - تحقيق: أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي - دار طيبة - السعودية - الطبعة الثامنة، 1423هـ - 2003م. 132 - شرح السنة - الحسين بن مسعود البغوي (المتوفى: 516هـ) - تحقيق: شعيب الأرنؤوط ومحمد زهير الشاويش - المكتب الإسلامي - بيروت - الطبعة الثانية، 1403هـ - 1983م. 133 - شرح مشكل الآثار - أحمد بن محمد الطحاوي (المتوفى:

321هـ) - تحقيق: شعيب الأرنؤوط - مؤسسة الرسالة - الطبعة الأولى، 1415هـ، 1994م. 134 - شرح معاني الآثار - أحمد بن محمد الطحاوي (المتوفى: 321هـ) - تحقيق: محمد زهري النجار ومحمد سيد جاد الحق - عالم الكتب - الطبعة الأولى، 1414هـ، 1994م. 135 - الشريعة - محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (المتوفى: 360هـ) - تحقيق: د. عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي - دار الوطن - الرياض - الطبعة الثانية، 1420هـ - 1999م. 136 - شعب الإيمان - أحمد بن الحسين البيهقي (المتوفى: 458هـ) - تحقيق: د. عبد العلي عبد الحميد حامد - مكتبة الرشد - الرياض - الطبعة الأولى، 1423هـ - 2003م. 137 - الصبر والثواب عليه - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: محمد خير رمضان يوسف - دار ابن حزم - بيروت - الطبعة الأولى، 1418هـ - 1997م. 138 - الصحاح - إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ) - تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار - دار العلم للملايين - بيروت - الطبعة الرابعة، 1407هـ‍ - 1987م. 139 - صحيح ابن خزيمة - محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي (المتوفى: 311هـ) - تحقيق: د. محمد مصطفى الأعظمي - المكتب الإسلامي - بيروت - بدون طبعة ولا تاريخ.

140 - صحيح البخاري - محمد بن إسماعيل البخاري (المتوفى: 256هـ) - تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر - دار طوق النجاة - الطبعة الأولى، 1422هـ. 141 - صحيح مسلم - مسلم بن الحجاج النيسابوري (المتوفى: 261هـ) - تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي - دار إحياء التراث العربي - بيروت - بدون طبعة وتاريخ. 142 - الصمت وآداب اللسان - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: أبو إسحاق الحويني - دار الكتاب العربي - بيروت - الطبعة الأولى، 1410هـ. 143 - الصيام - جعفر بن محمد الفِرْيابِي (المتوفى: 301هـ) - تحقيق: عبد الوكيل الندوي - الدار السلفية - بومباي - الطبعة الأولى، 1412هـ. 144 - الطبقات الكبرى - ابن سعد (المتوفى: 230هـ) - تحقيق: إحسان عباس - دار صادر - بيروت - الطبعة الأولى، 1968م. 145 - العزلة - حمد بن محمد الخطابي (المتوفى: 388هـ) - المطبعة السلفية - القاهرة - الطبعة الثانية، 1399هـ. 146 - العزلة والانفراد - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: مسعد عبد الحميد محمد السعدني - مكتبة الفرقان - القاهرة - بدون طبعة ولا تاريخ. 147 - العقد الفريد - أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ) - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1404هـ.

148 - العقل وفضله - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: لطفي محمد الصغير - دار الراية - بدون طبعة ولا تاريخ. 149 - العلم - أبو خيثمة زهير بن حرب النسائي (المتوفى: 234هـ) - تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني - المكتب الإسلامي - بيروت - الطبعة الثانية، 1403هـ - 1983م. 150 - عيون الأخبار - ابن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ) - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1418هـ. 151 - غريب الحديث - أبو عُبيد القاسم بن سلاّم (المتوفى: 224هـ) - تحقيق: د. محمد عبد المعيد خان - مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد - الطبعة الأولى، 1384هـ - 1964م. 152 - فتح الباري شرح صحيح البخاري - ابن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ) - دار المعرفة - بيروت - الطبعة الأولى، 1379هـ. 153 - فتوح البلدان - أحمد بن يحيى البَلَاذُري (المتوفى: 279هـ) - دار ومكتبة الهلال - بيروت - 1988م. 154 - فتوح الشام - محمد بن عمر الواقدي (المتوفى: 207هـ) - دار الكتب العلمية - الطبعة الأولى 1417هـ - 1997م. 155 - فتوح مصر والمغرب - عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم (المتوفى: 257هـ) - مكتبة الثقافة الدينية - الطبعة الأولى، 1415هـ. 156 - الفرج بعد الشدة - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: عبيد الله بن عالية - دار الريان للتراث - مصر - الطبعة الثانية، 1408هـ - 1988م.

157 - الفرج بعد الشدة - المحسن بن علي التنوخي (المتوفى: 384هـ) - تحقيق: عبود الشالجي - دار صادر - بيروت - 1398هـ - 1978م. 158 - فضائل الخلفاء الأربعة وغيرهم - أبو نعيم الأصبهاني (المتوفى: 430هـ) - تحقيق: صالح بن محمد العقيل - دار البخاري - المدينة المنورة - الطبعة الأولى، 1417هـ - 1997م. 159 - فضائل الصحابة - أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (المتوفى: 241هـ) - تحقيق: د. وصي الله محمد عباس - مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الأولى، 1403هـ - 1983 م. 160 - فضائل القرآن - أبو عُبيد القاسم بن سلاّم (المتوفى: 224هـ) - تحقيق: مروان العطية، ومحسن خرابة، ووفاء تقي الدين - دار ابن كثير (دمشق - بيروت) - الطبعة الأولى، 1415 هـ - 1995م. 161 - فضائل رمضان - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: عبد الله بن حمد المنصور - دار السلف، الرياض - الطبعة الأولى، 1415هـ - 1995م. 162 - فضيلة الشكر لله على نعمته - محمد بن جعفر الخرائطي (المتوفى: 327هـ) - تحقيق: محمد مطيع الحافظ ود. عبد الكريم اليافي - دار الفكر - دمشق - الطبعة الأولى، 1402هـ. 163 - الفقيه والمتفقه - الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ) - تحقيق: أبو عبد الرحمن عادل بن يوسف الغرازي - دار ابن الجوزي - السعودية - الطبعة الثانية، 1421هـ.

164 - الفوائد - أبو الشيخ الأصبهاني (المتوفى: 369هـ) - تحقيق: علي بن حسن الحلبي - دار الصميعي - الرياض - الطبعة الأولى، 1412هـ - 1992م. 165 - فوائد أبي القاسم الحرفي (رواية القاسم بن الفضل الثقفي) ضمن مجموع أبي القاسم الحرفي - عبد الرحمن بن عبيد الله الحربي الحُرْفي (المتوفى: 423هـ) - تحقيق: أبو عبد الله حمزة الجزائري - الدار الأثرية - الأردن - الطبعة الأولى، 2007 م. 166 - الفوائد والزهد والرقائق والمراثي - جعفر بن محمد الخلدي (المتوفى: 348هـ) - تحقيق: مجدي فتحي السيد - دار الصحابة للتراث - طنطا - مصر - الطبعة الأولى، 1409هـ - 1989م. 167 - قصر الأمل - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: محمد خير رمضان يوسف - دار ابن حزم - بيروت - الطبعة الثانية، 1417هـ - 1997م. 168 - القضاء والقدر - أحمد بن الحسين البيهقي (المتوفى: 458هـ) - تحقيق: محمد بن عبد الله آل عامر - مكتبة العبيكان - الرياض - الطبعة الأولى، 1421هـ - 2000م. 169 - الكامل في التاريخ - عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) - تحقيق: عمر عبد السلام تدمري - دار الكتاب العربي - بيروت - الطبعة الأولى، 1417هـ - 1997م. 170 - الكامل في اللغة والأدب - محمد بن يزيد المبرد (المتوفى: 285هـ) - تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم - دار الفكر العربي - القاهرة - الطبعة الثالثة 1417هـ - 1997م.

171 - كتاب الأموال - أبو عُبيد القاسم بن سلاّم (المتوفى: 224هـ) - تحقيق: خليل محمد هراس - دار الفكر - بيروت - بدون طبعة وتاريخ. 172 - كتاب التوبة - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: مجدي السيد إبراهيم - مكتبة القرآن - القاهرة - بدون طبعة ولا تاريخ. 173 - كتاب العيال - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: د. نجم عبد الرحمن خلف - دار ابن القيم - الدمام - الطبعة الأولى، 1410هـ - 1990م. 174 - كتاب العين - الخليل بن أحمد الفراهيدي (المتوفى: 170هـ) - تحقيق: د. مهدي المخزومي، د. إبراهيم السامرائي - دار ومكتبة الهلال. 175 - كتاب الفتن - نعيم بن حماد الخزاعي المروزي (المتوفى: 228هـ) - تحقيق: سمير أمين الزهيري - مكتبة التوحيد - القاهرة - الطبعة الأولى، 1412هـ. 176 - كتاب المطر والرعد والبرق - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: طارق محمد سكلوع العمودي - دار ابن الجوزي - الدمام - الطبعة الأولى، 1418هـ - 1997م. 177 - كتاب ذم المسكر - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: د. نجم عبد الرحمن خلف - دار الراية - الرياض - بدون طبعة وتاريخ. 178 - الكرم والجود وسخاء النفوس - محمد بن الحسين البُرْجُلاني (المتوفى: 238هـ) - تحقيق: د. عامر حسن صبري - دار ابن حزم - بيروت - الطبعة الثانية، 1412هـ.

179 - الكفاية في علم الرواية - الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ) - تحقيق: أبو عبدالله السورقي وإبراهيم حمدي المدني - المكتبة العلمية - المدينة المنورة - بدون طبعة ولا تاريخ. 180 - الكنى والأسماء - محمد بن أحمد الأنصاري الدولابي (المتوفى: 310هـ) - تحقيق: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي - دار ابن حزم - بيروت - الطبعة الأولى، 1421هـ - 2000م. 181 - لسان العرب - ابن منظور (المتوفى: 711هـ) - دار صادر - بيروت - الطبعة الثالثة، 1414 هـ. 182 - اللطائف من دقائق المعارف في علوم الحفاظ الأعارف - محمد بن عمر الأصبهاني (المتوفى: 581هـ) - تحقيق: أبو عبد الله محمد علي سمك - دار الكتب العلمية - الطبعة الأولى، 1420هـ - 1999م. 183 - المتمنين - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: محمد خير رمضان يوسف - دار ابن حزم - بيروت - الطبعة الأولى، 1418هـ - 1997م. 184 - مجابو الدعوة (مطبوع ضمن مجموعة رسائل ابن أبي الدنيا) - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: زياد حمدان - مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - الطبعة الأولى، 1413هـ - 1993م. 185 - المجالس العشرة الأمالي - الحسن بن محمد الخَلَّال (المتوفى: 439هـ) - تحقيق: مجدي فتحي السيد - دار الصحابة للتراث - طنطا - الطبعة الأولى، 1411هـ - 1990م.

186 - المجالسة وجواهر العلم - أحمد بن مروان الدينوري (المتوفى: 333هـ) - تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان - دار ابن حزم - بيروت - الطبعة الأولى، 1419هـ. 187 - مجموع فيه مصنفات أبي جعفر ابن البختري - أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري (المتوفى: 339هـ) - تحقيق: نبيل سعد الدين جرار - دار البشائر الاسلامية - بيروت - الطبعة الأولى، 1422هـ - 2001م. 188 - محاسبة النفس والإزارء عليها - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: مصطفى بن علي بن عوض - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1406هـ - 1986م. 189 - المحبر - محمد بن حبيب بن أمية البغدادي (المتوفى: 245هـ) - تحقيق: إيلزة ليختن شتيتر - دار الآفاق الجديدة - بيروت - بدون طبعة ولا تاريخ. 190 - المحتضرين - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: محمد خير رمضان يوسف - دار ابن حزم - بيروت - الطبعة الأولى، 1417هـ - 1997م. 191 - محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - ابن المبرد الحنبلي (المتوفى: 909هـ) - تحقيق: عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن - عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية - الطبعة الأولى، 1420هـ/2000 م. 192 - المحكم والمحيط الأعظم - ابن سيده المرسي (المتوفى:

458هـ) - تحقيق: عبد الحميد هنداوي - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1421 هـ - 2000 م. 193 - المخلصيات وأجزاء أخرى - محمد بن عبد الرحمن المخَلِّص (المتوفى: 393هـ) - تحقيق: نبيل سعد الدين جرار - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لدولة قطر - الطبعة الأولى، 1429هـ - 2008 م. 194 - مداراة الناس - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: محمد خير رمضان يوسف - دار ابن حزم - بيروت - الطبعة الأولى، 1418هـ - 1998م. 195 - مدح التواضع وذم الكبر - ابن عساكر (المتوفى: 571هـ) - تحقيق: محمد عبد الرحمن النابلسي - دار السنابل - دمشق - الطبعة الأولى، 1413هـ - 1993م. 196 - المدخل إلى السنن الكبرى - أحمد بن الحسين البيهقي (المتوفى: 458هـ) - تحقيق: د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي - أضواء السلف - الرياض - الطبعة الثانية، 1420هـ. 197 - المدخل إلى السنن الكبرى - أحمد بن الحسين البيهقي (المتوفى: 458هـ) - تحقيق: د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي - دار الخلفاء للكتاب الإسلامي - الكويت - بدون طبعة ولا تاريخ. 198 - المرض والكفارات - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: عبد الوكيل الندوي - الدار السلفية - بومباي - الطبعة الأولى، 1411هـ - 1991م.

199 - المستدرك على الصحيحين - محمد بن عبد الله الحاكم (المتوفى: 405هـ) - تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1411هـ - 1990م. 200 - مسند ابن الجعد - علي بن الجَعْد (المتوفى: 230هـ) - تحقيق: عامر أحمد حيدر - مؤسسة نادر - بيروت - الطبعة الأولى، 1410هـ - 1990م. 201 - مسند أبي داود الطيالسي - سليمان بن داود الطيالسي (المتوفى: 204هـ) - تحقيق: د. محمد بن عبد المحسن التركي - دار هجر - مصر - الطبعة الأولى، 1419هـ - 1999م. 202 - مسند أبي داود الطيالسي - سليمان بن داود الطيالسي (المتوفى: 204هـ) - تحقيق: د. محمد بن عبد المحسن التركي - دار هجر - مصر - الطبعة الأولى، 1419هـ - 1999م. 203 - مسند أبي عوانة - أبو عوانة: يعقوب بن إسحاق الإسفراييني (المتوفى: 316هـ) - تحقيق: أيمن بن عارف الدمشقي - دار المعرفة - بيروت - الطبعة الأولى، 1419هـ - 1998م. 204 - مسند أبي يعلى - أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي (المتوفى: 307هـ) - تحقيق: حسين سليم أسد - دار المأمون للتراث - دمشق - الطبعة الأولى، 1404هـ - 1984م. 205 - مسند أحمد - أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (المتوفى: 241هـ) - تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد وآخرون - مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الأولى، 1421هـ - 2001 م.

206 - مسند إسحاق بن راهويه - إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المروزي (المتوفى: 238هـ) - تحقيق: د. عبد الغفور بن عبد الحق البلوشي - مكتبة الإيمان - المدينة المنورة - الطبعة الأولى، 1412هـ - 1991م. 207 - مسند الحميدي - عبد الله بن الزبير الحميدي (المتوفى: 219هـ) - تحقيق: حسن سليم أسد الدَّارَانيّ - دار السقا - دمشق - الطبعة الأولى، 1996م. 208 - مسند الروياني - محمد بن هارون الرُّوياني (المتوفى: 307هـ) - تحقيق: أيمن علي أبو يماني - مؤسسة قرطبة - القاهرة - الطبعة الأولى، 1416هـ. 209 - مسند الشافعي (ترتيب سنجر) - محمد بن إدريس الشافعي (المتوفى: 204هـ) - رتبه: سنجر بن عبد الله الجاولي (المتوفى: 745هـ) - تحقيق: ماهر ياسين فحل - غراس للنشر والتوزيع - الكويت - الطبعة الأولى، 1425 هـ - 2004 م. 210 - مسند الشاميين - سليمان بن أحمد الطبراني (المتوفى: 360هـ) - تحقيق: حمدي بن عبدالمجيد السلفي - مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الأولى، 1405 هـ - 1984م. 211 - مسند أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأقواله على أبواب العلم - أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (المتوفى: 774هـ) - تحقيق: عبد المعطي قلعجي - دار الوفاء - المنصورة - الطبعة الأولى، 1411هـ - 1991م.

212 - مسند عمر بن الخطاب - أبو بكر النجاد (المتوفى: 348هـ) - تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله - مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة - الطبعة الأولى، 1415هـ - 1994م. 213 - مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار - ابن حبان التميمي (المتوفى: 354هـ) - تحقيق: مرزوق على ابراهيم - دار الوفاء - المنصورة - الطبعة الأولى، 1411هـ - 1991م. 214 - مشيخة ابن البخاري - أحمد بن محمد بن عبد الله الحنفي (المتوفى: 696هـ) - تحقيق: د. عوض عتقي سعد الحازمي - دار عالم الفؤاد - مكة - الطبعة الأولى، 1419هـ. 215 - المشيخة - محمد بن أحمد الآبَنُوسيِّ (المتوفى: 457هـ) - تحقيق: د. خليل حسن حمادة - جامعة الملك سعود - كلية التربية - الطبعة الأولى 1421هـ. 216 - المصنف - عبد الرزاق بن همام الصنعاني (المتوفى: 211هـ) - تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي - المكتب الإسلامي - بيروت - الطبعة الثانية، 1403هـ. 217 - المُصَنَّف في الأحاديث والآثار - أبو بكر بن أبي شيبة (المتوفى: 235هـ) - تحقيق: كمال يوسف الحوت - مكتبة الرشد - الرياض - الطبعة الأولى، 1409هـ. 218 - المُصَنَّف في الأحاديث والآثار - أبو بكر بن أبي شيبة (المتوفى: 235هـ) - تحقيق: محمد عوامة - دار القبلة - جدة - الطبعة الأولى، 1427هـ - 2006م.

219 - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية - ابن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ) - تحقيق: د. سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشثري - دار العاصمة - السعودية - الطبعة الأولى، 1419هـ. 220 - المعجم - ابن المقرئ (المتوفى: 381هـ) - تحقيق: عادل بن سعد - مكتبة الرشد - الرياض - الطبعة الأولى، 1419هـ - 1998م. 221 - المعجم الأوسط - سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (المتوفى: 360هـ) - تحقيق: طارق بن عوض الله - دار الحرمين - القاهرة - بدون طبعة ولا تاريخ. 222 - معجم البلدان - ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (المتوفى: 626هـ) - دار صادر - بيروت - الطبعة الثانية، 1995م. 223 - معجم الفروق اللغوية - أبو هلال العسكري (المتوفى: نحو 395هـ) - تحقيق: الشيخ بيت الله بيات - مؤسسة النشر الإسلامي - قم - الطبعة الأولى، 1412هـ. 224 - معجم المعالم الجُغرافية في السيرة النبوية - عاتق بن غيث البلادي الحربي (المتوفى: 1431هـ) - دار مكة للنشر والتوزيع - مكة المكرمة - الطبعة الأولى، 1402هـ - 1982م. 225 - معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع - أبو عبيد البكري (المتوفى: 487هـ) - عالم الكتب - بيروت - الطبعة الثالثة، 1403هـ. 226 - معرفة السنن والآثار - أحمد بن الحسين البيهقي (المتوفى: 458هـ) - تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي - دار قتيبة (دمشق - بيروت)،

دار الوعي (حلب - دمشق)، دار الوفاء (المنصورة - القاهرة) - الطبعة الأولى، 1412هـ - 1991م. 227 - معرفة الصحابة - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (المتوفى: 430هـ) - تحقيق: عادل بن يوسف العزازي - دار الوطن للنشر - الرياض - الطبعة الأولى 1419هـ - 1998م. 228 - معرفة الصحابة - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (المتوفى: 430هـ) - تحقيق: عادل بن يوسف العزازي - دار الوطن للنشر - الرياض - الطبعة الأولى، 1419هـ - 1998م. 229 - المعرفة والتاريخ - يعقوب بن سفيان الفسوي (المتوفى: 277هـ) - تحقيق: أكرم ضياء العمري - مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الثانية، 1401هـ - 1981م. 230 - مكارم الأخلاق ومعاليها ومحمود طرائقها - محمد بن جعفر الخرائطي (المتوفى: 327هـ) - تحقيق: أيمن عبد الجابر البحيري - دار الآفاق العربية - القاهرة - الطبعة الأولى، 1419هـ - 1999م. 231 - مكارم الأخلاق - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: مجدي السيد إبراهيم - مكتبة القرآن - القاهرة - بدون طبعة ولا تاريخ. 232 - المناسك - سعيد بن أبي عروبة (المتوفى: 156هـ) - دراسة وتحقيق وتعليق: د. عامر حسن صبري - دار البشائر الإسلامية - بيروت - الطبعة الأولى، 1421هـ - 2000م. 233 - مناقب النساء الصحابيات - عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي

(المتوفى: 600هـ) - تحقيق: إبراهيم صالح - دار البشائر [طبع مع حديث الإفك]- الطبعة الأولى، 1994م. 234 - مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - ابن المغازلي (المتوفى: 483هـ) - تحقيق: تركي بن عبد الله الوادعي - دار الآثار - صنعاء - الطبعة الأولى 1424هـ - 2003م. 235 - مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب - ابن الجوزي (597هـ) - تحقيق: زينب القاروط - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الثالثة 1407هـ - 1987م. 236 - المنتخب من مسند عبد بن حميد - عبد الحميد بن حميد الكَسّي (الكَشّي) (المتوفى: 249هـ) - تحقيق: الشيخ مصطفى العدوي - دار بلنسية - الطبعة الثانية 1423هـ - 2002م. 237 - المنتظم في تاريخ الأمم والملوك - ابن الجوزي (المتوفى: 597هـ) - تحقيق: محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1412هـ - 1992م. 238 - المنتقى من السنن المسندة - عبد الله بن علي بن الجارود (المتوفى: 307هـ) - تحقيق: عبد الله عمر البارودي - مؤسسة الكتاب الثقافية - بيروت - الطبعة الأولى، 1408هـ - 1988م. 239 - الموطأ برواية أبي مصعب الزهري - مالك بن أنس (المتوفى: 179هـ) - تحقيق: بشار عواد معروف ومحمود خليل - مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الأولى، 1412هـ.

240 - موطأ عبد الله بن وهب - عبد الله بن وهب القرشي (المتوفى: 197هـ) - تحقيق: هشام إسماعيل الصيني - دار ابن الجوزي - الدمام - الطبعة الثانية، 1420هـ - 1999م. 241 - الموطأ - مالك بن أنس (المتوفى: 179هـ) - تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي - مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية - أبوظبي - الطبعة الأولى، 1425هـ - 2004م. 242 - نثر الدر في المحاضرات - أبو سعد الآبي (المتوفى: 421هـ) - تحقيق: خالد عبد الغني محفوظ - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى، 1424هـ - 2004م. 243 - نهاية المراد من كلام خير العباد - عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي (المتوفى: 600هـ) - مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم - الطبعة الأولى، 2004م. 244 - النهاية في غريب الحديث والأثر - ابن الأثير (المتوفى: 606هـ) - تحقيق: طاهر أحمد الزاوي - محمود محمد الطناحي - المكتبة العلمية - بيروت، 1399هـ - 1979م. 245 - الورع - ابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) - تحقيق: محمد بن حمد الحمود - الدار السلفية - الكويت - الطبعة الأولى، 1408هـ - 1988م. 246 - معجم مقاييس اللغة - أحمد بن فارس الرازي (المتوفى: 395هـ) - تحقيق: عبد السلام محمد هارون - دار الفكر - الطبعة الأولى، 1399هـ - 1979م.

§1/1