البديع في علم العربية
ابن الأثير، أبو السعادات
[مقدمة التحقيق]
المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسّلام على أشرف المرسلين، سيدنا ونبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد، فقد شرفني أخي وصديقي الدكتور/ عبد الرحمن بن سليمان العثيمين حين كان مديرا لمركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى، حرسها الله وصانها، بأن طلب مني القيام بتحقيق الجزء الأول من كتاب" البديع فى علم العربية" لأبى السعادات المبارك بن محمد، مجد الدين المعروف بابن الأثير الجزري رحمه الله، وأجزل مثوبته. وقد أهداني الأخ الدكتور/ عبد الرحمن مصورة لنسخة الجزء الأول - وهي نسخة وحيدة - من" البديع". وفي أثناء قيامى بالعمل علمت بأن أخي الدكتور/ صالح العايد قد وقع اختياره على الجزء الثاني من" البديع" ليكون موضوع رسالته للدكتوراه فى كلية اللغة العربية - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وقد يسر الله لأخي الدكتور/ صالح أن يتم دراسة الكتاب وتحقيق الجزء الثاني منه قبل أن أتم أنا إنجاز عملي فى تحقيق الجزء الأول. وكان ذلك حافزا لي أن أضاعف الجهد لكي أنهي عملي، حتى أتم الله - وله الحمد والمنّة - نعمته على بإنجاز تحقيق الجزء الأول من" البديع". واتفقنا - الدكتور/ صالح وأنا - على أن نقدم الكتاب إلى مركز البحث العلمي؛ ليطبع كاملا فتتم به الفائدة إن شاء الله. ووافق مجلس إدارة البحث العلمي - مشكورا - على طبع الكتاب كاملا بعد تقويمه من أستاذين متخصصين. واستدركت ما أشار به الأستاذان المحكمان، وأفاد الكتاب ومحققاه من
ملاحظاتهما القيمة وتصحيحاتهما السديدة، وسبحان من تفرد بالكمال. وبعد قراءتى لعمل أخي الدكتور/ صالح العايد وجدته - حفظه الله، وأدام عليه نعمة التوفيق - قد قدم بين يدي تحقيقه للجزء الثاني من" البديع" دراسة شاملة وافية للكتاب بجزئيه الأول والثاني؛ إذ أن الدراسة الجامعية تحتم على الطالب دراسة الكتاب كله. ومن ثم رأيت أن دراسة أخي الدكتور/ صالح للكتاب لا تتحمل مزيدا، ولا تترك مجالا لإضافة. بيد أني رأيت أن أسهم بجهد متواضع، يضاف إلى الجهد الكبير الذي بذله الأخ الكريم، وهذا الإسهام - على تواضعه - خاص بالجزء الأول، وهو الجزء الذي جعله ابن الأثير خاصا بأبواب النحو؛ إذ أن الجزء الثاني الذي حققه أخي الدكتور/ صالح خاص بأبواب الصرف. وسأشير هاهنا إلى ما أضفته من مسائل إلى ما ذكر الأخ الدكتور/ صالح في الدراسة. أولا: فى الكلام على الإيجاز في الأدلة والعلل. من رقم (1) إلى رقم (10) من ص 84 إلى ص 89 (السطرين الأول والثاني). ثانيا: في الكلام على أنه قد يبسط القول، ويزيد الشرح .. الخ من رقم (1) ص 92 إلى رقم (2) ص 93 (السطور الخمسة الأولى فقط). ثالثا: في الكلام على مصادر الكتاب الأساسية، عند الكلام على منهجه فى ذلك. من ص 110 إلى آخر ص 113. رابعا: في الكلام على نقل النحاة عنه. من ص 138 إلى آخر ص 145.
خامسا: في الكلام على عرضه لمذهب البصريين والكوفيين. ص 146 - 147 رقم (1)، (2). سادسا: في الكلام على موافقته الكوفيين أحيانا. من رقم (1) ص 149 إلى رقم (2) ص 150. سابعا: في الكلام على شخصيته العلمية. من ص 153 إلى ص 162. هذا وصلّى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله أجمعين. دكتور/ فتحي أحمد مصطفى على الدين مكة المكرمة فى 24 جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وأربعمائة وألف من الهجرة المشرفة
الدراسة
ابن الأثير (حياته - ومؤلفاته)
الفصل الأول (مجد الدين ابن الأثير)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الفصل الأول (مجد الدين ابن الأثير) عصره: عاش ابن الأثير في شمال العراق في النصف الثاني من القرن السادس الهجري، وكان هذا العصر وسطا بين مجد الأمة الإسلامية، في عصر قوتها إبان حكم الخلفاء العباسيين الأوائل، وبين سقوطها على أيدي التتار في منتصف القرن السابع الهجري، بل كانت الحقبة التي عاش فيها ابن الأثير ممهدة لذلك السقوط بما حفلت به من تفريق للأمة الإسلامية وتنازع بين الحكام، وقد ضعفت سلطة الخلافة العباسية في بغداد، وسيطر السلاجقة على البلدان بما امتازوا به من قوة شكيمة، ولم يبق للخلفاء من الخلافة إلا اسمها، أما القوة الحقيقية فهي للسلاجقة، فاقتسموا الأقاليم بينهم، فقد وزع ملكشاه السلجوقي (¬1) البلاد إلى مجموعة مقاطعات كانت تسمى (الأتابكيّات)، يحكمها أتابكة أقوياء. وشهد النصف الثاني من ذلك القرن أوج الجهاد الإسلامي لصد الصليبين، فكان السلاطين من آل زنكي يتنافسون في ذلك الجهاد الذي بدأه عماد الدين زنكي بن آق سنقر (¬2)، حتى تم النصر على يد صلاح الدين ¬
الأيوبي بفتح بيت المقدس، سنة (583 هـ) (¬1). وكانت الموصل تحت حكم آل زنكي، وكان أبناء الأثير من خاصتهم، فحكمها قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي من سنة (544 هـ) إلى سنة (565 هـ)، وقد قاتل قطب الدين الصليبيين مع أخيه نور الدين - حاكم حلب - وذلك في سنة (559 هـ) في بلاد الشام، وأفنوهم قتلا وأسرا (¬2). وفي سنة 562 هـ هاجم نور الدين وقطب الدين طرابلس، وفتكوا بعدة قلاع ومدن للصليبين، وغنموا وأسروا، (¬3) وبعد وفاة قطب الدين تولى حكم الموصل ابنه سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود (565 - 576 هـ)، وكان سيف الدين ضعيف الرأي والتدبير، ميالا إلى اللهو والغناء، غلب على أمره الوزراء وبطانة السوء، ودخل في نزاع مع أخيه عماد الدين زنكي، صاحب سنجار (¬4) والخابور والرقة، وضعضعت دولته، بل إنه قد أساء إلى وزرائه وكبار رجال دولته، وتوفي سنة 576 هـ، فتولى بعده ابنه عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود، (576 - 589 هـ)، وكانت مملكته ضعيفة ممزقة. وسار صلاح الدين الأيوبي إلى الموصل، فملك ما حولها، وحدث قتال بين صلاح الدين وعز الدين، وحاصر صلاح الدين الموصل، ولم يستمر فيه خوفا من إضعاف جيشه في أمر غير ذى بال، فتركها وعاد إلى الشام، وكان ذلك في سنة 581 هـ، وظل عز الدين على الموصل فقط، ولما توفي خلفه ابنه نور الدين أرسلان شاه، (589 - 607 هـ) ودخل في نزاع كبير مع عمه عماد ¬
الدين زنكي بن قطب الدين صاحب سنجار ونصّيبين، ثم مع ابنه قطب الدين (¬1) بعد وفاة أبيه، وسار نور الدين إلى نصيبين واستولى عليها، وحاصر الملك العادل (¬2) بن أيوب في ماردين، وظل الأتابكة يتحاربون حتى شارفوا على الفناء، وكان ابن الأثير الساعد الأيمن لنور الدين، وكان يشير عليه كثيرا، فعاش هذه الأحداث الأليمة، بل كان أحد مسيّريها. وقد كانت هذه الحقبة من الزمن من الناحية العلمية والأدبية مزدهرة، فلم يتوقف البحث والتأليف بسبب الحروب والانقسامات؛ لأن الحكام كانوا يتنافسون في تقريب العلماء والشعراء والكتاب وتكريمهم، فبرز مؤرخون ونحاة وأدباء منهم: ابن الخشاب (¬3) (ت 567 هـ)، وابن الدهان سعيد بن المبارك (569 هـ)، وابن عساكر (571 هـ) (¬4)، وكمال الدين الأنباري (577 هـ) (¬5) والقاضي الفاضل (596 هـ) (¬6)، والعماد الأصبهاني (597 هـ) (¬7)، ومجد الدين بن الأثير (606 هـ)، والشاعر فتيان الشاغوري (615 هـ) (¬8)، وأبو البقاء العكبري (616 هـ) (¬9)، وابن قدامة (620 هـ) (¬10) ¬
- نسبه
وياقوت الحموي (626 هـ) (¬1)، وعبد اللطيف البغدادي (629 هـ) (¬2)، وعز الدين بن الأثري (630)، وضياء الدين بن الأثير (637 هـ)، وابن المستوفي (637 هـ) (¬3) وكانت الموصل من أكثر البلدان اهتماما بالعلم، تزخر بالعلماء والمدارس فكان فيها ما يزيد على ستين مدرسة في تلك الحقبة منها: المدرسة النظامية، والأتابكيّة العتيقة، والكامليّة، والزينيّة، والعزيّة والنوريّة والكماليّة القضويّة، واليوسفيّة والمجاهديّة، والمهاجريّة، والنفيسيّة والعلائيّة ومدرسة الجامع النوريّ (¬4). وهكذا كانت الموصل وغيرها من بلاد المسلمين زاخرة بالعلم والعلماء، ولكن الفرقة والتناحر بين الحكام كانا نذيرين بسقوط وخيم؛ فلم يفق الإخوة من صراعهم إلا على طبول التتار وجيوشهم تدك بغداد سنة (656 هـ). - نسبه: العلاء المبارك بن أبي الكرم محمد بن محمد (¬5) بن عبد الكريم بن ¬
مولده ونشأته
عبد الواحد الشيبانيّ الجزريّ، الموصليّ، الإربليّ، الشافعيّ، أبو السعادات مجد الدين بن الأثير (¬1)، والأثير لقب لوالده (¬2). مولده ونشأته: ولد مجد الدين بجزيرة ابن عمر المعروفة أيضا بالجزيرة العمرية (¬3) وإليها نسب فقيل: الجزري، وكانت ولادته في أحد ربيعي سنة أربع وأربعين وخمسمائة (¬4). ولم يخالف في تحديد سنة ولادته إلا إلى ابن تغري بردي وأبو شامة؛ إذ ذكرا أنه ولد سنة أربعين وخمسمائة (¬5). ونشأ في جزيرة ابن عمر وكان والده على ديوانها نائبا عن قطب الدين مودود بن زنكي بن آق سنقر (¬6) - كما سيأتي إن شاء الله تعالى (¬7). ثم انتقل الأثير وابناؤه إلى الموصل سنة (565 هـ) (¬8)، وبها تعلم على كبار علمائها، وإليها نسب فقيل:" الموصلي". أسرته: ابن الأثير من قبيلة شيبان، وهي قبيلة عربية أصيلة ذات تاريخ وأمجاد، ¬
والده
وحظيت أسرته - بالإضافة إلى النسب العريق - بالجاه، والسلطان والمال الوفير، ف والده كان أحد المقربين من أتابكة الموصل، بل كان أحد رجالات الدولة، وقبل أن ينتقل إلى الموصل كان واليا على بلده" جزيرة ابن عمر"، وكان الأثير يملك ضياعا وبساتين وقرى، فله في جزيرة ابن عمر قرية تسمى" العقيمة" (¬1)، وله في جنوب الموصل قرية تسمى" قصر حرب" (¬2)، وكانت لأثير الدين تجارة وافرة وقوافل تتابع من الشام إلى العراق، فجمعت هذه الأسرة بين المكانة العالية نسبا وجاها وغنى، فتفرغ أبناؤها لطلب العلم على علماء الجزيرة ثم الموصل وغيرها، فأضافوا إلى الغنى والجاه علما غزيرا، فجمعت هذه الأسرة أسباب الفخر كلها. فشارك أبناء الأثير - كما شارك أبوهم - في الحكم، فكان السلاطين والوزراء يستشيرونهم، ويقدرون فيهم النبوغ وبعد النظر، وكما سيأتى (¬3) فإن مجد الدين تولى مناصب عالية في أتابكية الموصل، وعرضت عليه الوزارة غير مرة فأبى، وذكر ابن كثير: أن عز الدين وزر لبعض ملوك الموصل (¬4)، وأما ضياء الدين فكان وزيرا للملك الأفضل بن صلاح الدين الأيوبي سنة (587 هـ) (¬5) والده: هو: أثير الدين أبو الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيبانيّ الشافعيّ (¬6). لم يذكره من المؤرخين إلا ابنه عزّ الدين في بعض ¬
الحوادث الواقعة في الموصل، وكان ذكره له مقتضبا، فلم يحدد سنة ولادته ولا وفاته. ولكن يتبين من حديثه عنه أنه كان أحد المقربين من حكام الموصل خاصة عماد الدين زنكي (¬1)، ففي عام (541 هـ)، سار أثير الدين إلى قلعة جعبر حينما كان يحاصرها عماد الدين (¬2)، وذكر ابنه عز الدين أن أباه كان في عام 565 هـ يتولى ديوان جزيرة ابن عمر نائبا عن قطب الدين (¬3)، بل يبدو أنه كان يشغل هذا المنصب قبل سنة 555 هـ، ففي تلك السنة يذكر عز الدين أن الوزير جمال الدين أبا جعفر بن علي بن أبي منصور الأصفهانيّ (¬4) استدعى والده أثير الدين وقال له: (قد استقرّ الأمر كيت وكيت، فتعود إلى الجزيرة، وتقطع علائقك، وتقضي أشغالك، فإنني أريد أن أجعلك نائبي بالعراق) (¬5). ولكنه استدعاه مرة أخرى، وقال له: (عد إلى بلدك؛ فإن سليمان شاه (¬6) لم ينتظم حاله) (¬7). وذكر ابن الفرات (¬8)، وياقوت الحمويّ (¬9)، وابن خلكان (¬10): أن أثير ¬
الدين وأبناءه انتقلوا من جزيرة ابن عمر إلى الموصل سنة (565 هـ)، ولم يخالف في ذلك إلا اليونيني، فذكر في حديثه عن ضياء الدين بن الأثير أنه انتقل مع والده في رجب سنة تسع وسبعين وخمسمائة (¬1). ويؤيد القول الأول: أن ياقوت الحمويّ ذكر أن مجد الدين سمع الحديث بالموصل من أبي الفضل الطوسي، وأبو الفضل توفي سنة (658 هـ)، وربما كان انتقالهم بعد وفاة قطب الدين وترك أثير الدين عمله في جزيرة ابن عمر. وبعد هذا لم يذكر ابن الأثير أن أباه تولى منصبا، وإنما ذكره في الحديث عن قوافل التجارة التى استولى عليها الصليبيون سنة (567 هـ)، فذكر أن لوالده قافلة كانت من القوافل التي استولو عليها (¬2). وآخر مرة ذكر فيها أباه سنة (587 هـ) حينما حاصر عز الدين جزيرة ابن عمر، فإن أثير الدين كان فيها، لذا سمح عز الدين مسعود لمجد الدين بن الأثير أن يدخلها وقاله له: (إن والدك أثير الدين له مدة ما رآك، ولا شك أنه قد اشتاقك، فتدخل إليه وتسلم عليه وتسأله الدعاء) (¬3). وسيأتى (¬4) أن نور الدين الذي تولى حكم الموصل سنة 589 هـ عرض على مجد الدين بن الأثير الوزارة غير مرة، ورفضها، فلامه والده وأخوه. وقد ذكر بعض الباحثين: أن أثير الدين كان حيا عند وفاة ابنه مجد الدين سنة (606 هـ) (¬5). مستدلا برسالة كتبها ضياء الدين إلى والده جوابا عن ¬
- إخوته
كتابه المخبر بوفاة أخيه (ولم يسمّه) أرسلها إليه من دمشق (¬1). وأظن أن هذه الرسالة ليست دليلا كافيا للبتّ فى ذلك، لأن لأثير الدين ابنا غير مشهور اسمه أبو المظفر بن محمد بن محمد بن عبد الكريم سيأتي الحديث عنه (¬2)، فربما كان أخوه المتوفّى هو: أبو المظفر وليس مجد الدين؛ لأن الرسالة الآنفة الذكر مرسلة من دمشق، وكانت إقامة ضياء الدين في دمشق من شهر ربيع الأول سنة 587 هـ حتى رجب سنة (592 هـ) (¬3)، ولما يدخلها بعد، بل إنه كان في سمسياط عند وفاة أخيه مجد الدين، فقد وصلها في شهر ربيع الأول سنة (598 هـ) ولم يغادرها إلا في ذي القعدة سنة (607 هـ) (¬4) ثم إن الرسالة لم يصرح فيها باسم أخيه، بل قال: (... فوقفت عليه وألفيته مخبرا بوفاة الأخ فلان) (¬5) ولا أظن أن ضياء الدين سيكني عن أخيه بقوله فلان، لو كان المعنيّ مجد الدين. - إخوته: وبنو الأثير ثلاثة قد حاز كلّ مفتخر فمؤرخ جمع العلوم وآخر ولى الوزر ومحدث كتب الحديث له النهاية في الأثر (¬6) 1 - علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزريّ أبو ¬
الحسن عز الدين بن الأثير، ولد في الرابع من جمادى الأولى سنة (555 هـ) في جزيرة ابن عمر، ثم سكن الموصل، وتجوّل في عدد من البلدان، ونال مرتبة عالية عند الأمراء والعلماء، توفي بالموصل في شعبان سنة 630 هـ له من الكتب: (الكامل في التاريخ)، و (أسد الغابة في معرفة الصحابة)، و (اللباب في تهذيب الأنساب) و (التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية) وغيرها (¬1). 2 - نصر الله بن أبي الكرم محمد بن محمد الشيبانيّ الجزريّ، أبو الفتح ضياء الدين بن الأثير، ولد في جزيرة ابن عمر، يوم الخميس العشرين من شعبان سنة 558 هـ، ثم سكن الموصل مدة، ثم انتقل إلى دمشق ثم مصر ثم حلب، ثم عاد إلى الموصل، ولي الوزارة للملك الأفضل بن صلاح الدين، وهو من العلماء الكتاب المترسلين، مات ببغداد يوم الاثنين التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة 637 هـ. وله كتب كثيرة، منها (المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر) و (الوشي المرقوم في حل المنظوم)، و (البرهان في علم البيان)، و (المعاني المخترعة في صناعة الإنشا)، و (المفتاح المنشأ في حديقة الإنشا، و (الجامع الكبير في صناعة المنظوم والمنثور) وغيرها (¬2). ¬
قال الذهبى: (وكان بينه وبين أخيه عز الدين مقاطعة كلّية) (¬1). ولضياء الدين ابن اسمه: شرف الدين محمد بن نصر الله الموصليّ مولود بها سنة (585 هـ)، وقد توفي شابا سنة 622 هـ، وله من الكتب (نزهة الأبصار في نعت الفواكه والثمار) (¬2). ويبدو أنه كان ملازما لعمه مجد الدين في رباطه، يتضح ذلك من كتابته أسماء الذين سمعوا كتب ابن الأثير على مؤلفها، وأنه ناسخ كتاب (منال الطالب في شرح طول الغرائب)، وسيأتي الحديث عن ذلك (¬3). 3 - أبو المظفر بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيبانيّ، لم أعثر على ترجمة له وهو ابن رابع لأثير الدين، لم يعرفه كثير من الباحثين، وقد تبين ذلك لي ممن أثبت سماعهم للجزء الأول من كتاب (جامع الأصول في أحاديث الرسول) (¬4) فمنهم (شمس الدين عبد الكريم بن أبي المظفر بن محمد ولد أخي المصنف (¬5) ولم أعثر على ترجمة لشمس الدين عبد الكريم. ولأبناء الأثير عم يدعى" أحمد بن محمد عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني"، ولده أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الشيبانيّ الموصليّ شمس الدين، الكاتب، المولود بعيد الستين والخمسمائة. وقد تلمذ لأساتذة أبناء الأثير: كأبي الحرم مكي بن ريان الماكسينيّ والخطيب أبي الفضل عبد الله بن أحمد الطوسيّ، وقد كتب شمس الدين الإنشاء ¬
من يعرف ب (ابن الأثير)
لنور الدين أرسلان شاه، وبعده لولده الملك القاهر عز الدين مسعود، وكان شاعرا وحافظا لكتاب الله تعالى. قال عنه ابن الشعار الموصلي: (لم يكن في وقته مثله في البلاغة والكتابة وبراعة الترسل وحسن الخط، وكان عاقلا رزينا وجيها مقبولا) (¬1) توفي يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة ثلاث وعشرين وستمائة بالموصل (¬2). من يعرف ب (ابن الأثير) (¬3): 1 - المبارك بن محمد: مجد الدين بن الأثير، وهو مؤلف هذا الكتاب الذي نحققه. 2 - علي بن محمد: عز الدين بن الأثير. 3 - نصر الله بن محمد: ضياء الدين بن الأثير. 4 - أبو المظفر بن محمد بن محمد بن عبد الكريم. 5 - عبد الكريم بن أبي المظفر بن محمد، شمس الدين بن الأثير. 6 - محمد بن نصر الله بن محمد بن عبد الكريم: شرف الدين بن الأثير (¬4). 7 - أحمد بن شرف الدين أبي الفضل سعيد بن محمد بن سعيد بن الأثير، أبو العباس تاج الدين التنوخيّ الحلبي، كاتب الإنشاء المتوفى بغزة سنة (691 هـ) (¬5) ¬
8 - إسماعيل بن أحمد بن سعيد بن محمد الأثير، أبو الفداء عماد الدين الحلبيّ المتوفى سنة (699 هـ) (¬1) وهو ابن تاج الدين الحلبيّ. 9 - أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن سعيد بن محمد بن الأثير، نجم الدين الحلبيّ - وهو عماد الدين الحلبيّ - المتوفى بالقاهرة سنة (737 هـ) (¬2) 10 - ابن الأثير اليمنيّ (¬3). 11 - مجد الدين محمد بن الأثير (¬4). 12 - سعيد بن محمد بن سعيد، شمس الدين بن الأثير، كاتب الإنشاء المتوفى في السابع عشر من ذي القعدة سنة (707 هـ)، بدمشق (¬5). 13 - محمد بن شمس الدين سعيد بن محمد بن سعيد، شرف الدين بن الأثير (¬6)، وهو ابن شمس الدين السابق الذكر. 14 - الحسين بن أسد بن مبارك بن الأثير عبد الملك بن عبد الله الأنصاريّ الحنبليّ شمس الدين الواعظ، المولود سنة 649 هـ، والمتوفى سنة 735 هـ (¬7). 15 - الحسن بن الأثير، له رسالة في العمل بالمقنطرات (¬8). ¬
- طلب ابن الأثير العلم
16 - علي بن أحمد بن سعيد بن محمد - بن الأثير، الحلبيّ الأصل، ثم المصريّ، كاتب السر بمصر، المتوفى سنة (730 هـ) (¬1). - طلب ابن الأثير العلم: نشأ ابن الأثير وإخوته في جزيرة ابن عمر التي كان أبوهم يتولى ديوانها، وكان أثير الدين - فضلا عن مركزه المرموق - غنيا يملك البساتين والضياع، وله تجارة كبيرة، وقد حرص أبو الكرم على أن يربي أولاده ويعلمهم، لذا لم يكن غريبا بروز ثلاثة من أبنائه، كان كل واحد منهم يشار إليه بالبنان؛ في علم من العلوم، إذ اجتمعت لهم البيئة المعدة لنيل العلوم والرغبة القوية في ذلك. قال مجد الدين بن الأثير موضحا ذلك: (ما زلت منذ ريعان الشباب وحداثة السن مشغوفا بطلب العلم ومجالسة أهله، والتشبه بهم حسب الإمكان وذلك من فضل الله علي ولطفه بي أن حبّبه إليّ، فبذلت الوسع في تحصيل ما وفضّت من أنواعه، حتى صارت فيّ قوة الاطلاع على خفاياه، وإدراك خباياه ولم آل جهدا - والله الموفق - في إكمال الطلب وابتغاء الأرب، إلى أن تشبثت من كلّ بطرف، تشبثت فيه بأضرابي، ولا أقول تميزت به على أترابي، فلله الحمد على ما أنعم به من فضله وأجزل به من طوله) (¬2) ولما انتقل ابن الأثير مع والده وإخوته إلى الموصل عام (565 هـ) كان فيها مجموعة من كبار علماء عصره، لازمهم وأخذ عنهم، قال ياقوت الحموي: (حدثني أخوه أبو الحسن قال: قرأ أخي الأدب على ناصح الدين أبي محمد سعيد بن الدهان البغداديّ، وأبي بكر يحيى بن سعدون المغربى القرطبي وأبي ¬
شيوخه
الحرم مكي بن ريان شبّة الماكسينيّ النحويّ، الضرير، وسمع الحديث بالموصل من جماعة منهم: الخطيب أبو الفضل بن الطوسيّ وغيره، وقدم بغداد حاجا، فسمع بها من أبي القاسم صاحب ابن الخلّ، وعبد الوهاب بن سكينة، وعاد إلى الموصل فروى بها وصنّف، ووقف داره على الصوفية وجعلها رباطا) (¬1). وكلام ياقوت الحموي الذي نقله عن عز الدين بن الأثير جمع فيه جلّ شيوخ مجد الدين وسأترجم كلا منهم ترجمة موجزة، وسأذكر سائر شيوخه الذين لم يذكرهم أخوه عز الدين. وقد سمع ابن الأثير الحديث الشريف ودرسه متأخرا، قال ابن خلكان: (وسمع الحديث متأخرا ولم تتقدم روايته) (¬2). وقال ابن الشعار الموصلي عنه: (.. وسمع الحديث بأخرة) (¬3). " شيوخه" 1 - ابن سعدون القرطبي (¬4): يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد الأزديّ، القرطبيّ، النحويّ، أبو بكر سابق الدين المولود بقرطبة، سنة (487 هـ)، وقيل: سنة ¬
2 - أبو الفضل الطوسي
486 هـ، وقرأ على ابن القاسم خلف بن إبراهيم الحصّار بقرطبة وغير، وقدم بغداد فقرأ على سبط أبي منصور الخياط، والحسين بن محمد ابن عبد الوهاب الدبّاس، المعروف بأبي عبد الله البارع، وسكن دمشق مدة، وأقرأ بها القرآن والنحو، وانتفع به خلق كثير لحسن خلقه وتواضعه، وسكن الموصل إلى أن مات بها يوم عيد الفطر سنة (567 هـ). 2 - أبو الفضل الطوسي (¬1): عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القادر بن هشام الطوسيّ البغدادي، الشافعي، أبو الفضل المعروف بخطيب الموصل، المولود في صفر سنة 487 هـ والمتوفى بها سنة (568 هـ). 3 - ابن الدهان (¬2): سعيد بن المبارك بن علي بن عبد الله بن الدهان، أبو محمد ناصح الدين النحوي، من أعيان النحاة المشهورين بالفضل ومعرفة العربية، ولد ببغداد في رجب سنة (494 هـ)، سمع الحديث من أبي القاسم هبة الله محمد بن الحصين، وأبي غالب أحمد بن البناء، ثم انتقل إلى الموصل فأقام يقرئ الناس، إلى أن توفي ليلة عيد الفطر سنة (569 هـ)، من مؤلفاته: شرح الإيضاح العضدي للفارسي، والغرة في شرح اللمع لابن جني، وشرح الدروس النحوية، وشرح أبنية سيبويه، وكتاب في الكنى والألقاب. ¬
4 - ابن أبي حبة البغدادي
4 - ابن أبي حبة البغداديّ (¬1): عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الوهاب بن أبي حبة البغداديّ، أبو ياسر الطحان، المولود في رجب سنة (516 هـ)، وسمع من هبة الله بن محمد بن الحصين، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاريّ، ومحمد بن الحسين المزرفي وغيرهم حدّث ببغداد والموصل، وتوفّي بحّران، في الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول سنة (558 هـ)، قرأ عليه ابن الأثير صحيح مسلم، بمدينة الموصل في سنة (587 هـ) (¬2). 5 - أبو حامد التبريزيّ (¬3): محمد بن رمضان بن عثمان بن مهمت التبريزيّ، ويعرف بالمهمتيّ ويكنى أيضا أبا بكر، ولد أبو حامد في تبريز، وورد إربل سنة (588 هـ) ثم الموصل. قال ابن المستوفي: (ووصل إلى الموصل، فنزل بالتربة المجاهديّة ظاهر البلد، فزاره الأكابر والعلماء، ولم يكن معه من مسموعاته شيء، فخرج الشيخ الإمام العالم أبو السعادات المبارك بن محمد بن عبد الكريم رحمه الله من كتاب" الرسالة القشيرية" عدة أحاديث وسمعها عليه للتبرك به) (¬4). ¬
6 - أبو قاسم الفراتي
6 - أبو قاسم الفراتي (¬1): يعيش بن صدقة بن علي الفراتيّ، الشافعيّ، الضرير، المعروف بصاحب ابن الخلّ، وابن الخلّ: هو شيخه في الفقه أبو الحسن محمد بن المبارك بن الخل، قرأ أبو قاسم القرآن الكريم بالقراءات على الشريف عمر بن حمزة العلويّ بالكوفة، ودرّس بمدرسة (ثقة الدولة) ببغداد عدة سنين، ثم درّس بالمدرسة الكمالية، وسمع منه ابن الأثير وهو عائد من الحج (¬2) سنة (586 هـ)، وقرأ عليه كتاب السنن للنسائي (¬3)، توفي أبو قاسم في ليلة الرابع والعشرين من ذي القعدة سنة (593 هـ). 7 - ابن كليب الحراني (¬4): عبد المنعم بن أبي الفتح عبد الوهاب بن سعد بن صدقة بن الخضر بن كليب الحرانيّ، البغداديّ، الحنبليّ، أبو الفرج، المولود ببغداد، وقد رحل إلى مصر مع والده شابا، وسكن دمياط، ثم عاد إلى بغداد، ومن شيوخه: أبو قاسم علي بن حمد بن بيّان، وأبو منصور الخازن، وأبو بكر الحلوانيّ، وأبو الخير الغسّال، سمع منه ابن الأثير ببغداد (¬5)، توفي أبو الفرج ¬
8 - ابن زريق الحداد
في ليلة السابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة (596 هـ). 8 - ابن زريق الحداد (¬1): المبارك بن أبي الفتح المبارك بن أبي بكر أحمد بن زريق الواسطيّ المقرئ الحداد المولود في شهر ربيع الأول سنة (509 هـ)، قرأ القرآن الكريم بالقراءات بواسط على والده، وسمع بها من أبي القاسم علي بن علي بن شيران، والقاضي أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقيّ، وقرأ ببغداد على سبط أبي منصور الخيّاط وغيرهم. حدّث ببغداد والموصل وحدّث بالإجازة عن رزين بن معاوية العبدريّ، وأخذ عنه ابن الأثير كتاب رزين إجازة في سنة تسع وثمانين وخمسمائة (¬2)، توفي أبو جعفر بواسط في ليلة السادس عشر من شهر رمضان سنة (596 هـ). 9 - أبو الحرم الماكسيني (¬3): مكي بن ريّان بن شبّة بن صالح الماكسينيّ، الموصلي، المقرئ النحويّ الضرير، أبو الحرم، ولد في ماكسين، ورحل إلى بغداد، فأخذ بها عن ابن ¬
10 - ابن سكينة
الخشاب وابن القصار، وأبي البركات الأنباري، وابن الدهان، وأخذ عن ابن سعدون القرطبيّ، وأقرأ الناس مدة طويلة، وانتفع به جماعة كبيرة، وتخرّجوا به، وخرج إلى الشام، وأخذ عنه أهلها، وأقام بحلب مدة، ثم عاد إلى الموصل، فبقي فيها إلى أن توفي ليلة السادس من شوال سنة (603 هـ). وقد قرأ عليه ابن الأثير موطّأ الإمام مالك في مدة آخرها شهور سنة (¬1) 10 - ابن سكينة (¬2): عبد الوهاب بن أبي منصور علي بن علي بن عبيد الله الأمين البغداديّ الصوفي، أبو أحمد ضياء الدين المعروف بابن سكينة، وهي جدته أم أبيه، ولد ليلة العاشر من شعبان سنة (519 هـ)، وقرأ القراءات على سبط أبي منصور الخياط وأبي العلاء الهمذانيّ، وسمع من أبيه وجدّه لأمه، أبي البركات إسماعيل بن أحمد النيسابوريّ، حدّث بمكة المكرمة والمدينة المنورة وبغداد والشام ومصر، وتوفي ببغداد، ليلة العشرين من شهر ربيع الآخر سنة (607 هـ)، وقد قرأ ابن الأثير عليه صحيح مسلم وكتاب الجمع بين الصحيحين للحميدي، وكتاب السنن لأبي داود، وأجازه في سنة (585 هـ)، بظاهر الموصل (¬3)، وقرأ عليه كتاب الترمذيّ في سنة (586 هـ) (¬4) ¬
11 - أبو الفتوح البكري
11 - أبو الفتوح البكري (¬1): محمد بن أبي سعد محمد بن أبي سعيد محمد بن عمروك القرشيّ التيميّ، البكريّ، النيسابوريّ، الصوفيّ أبو الفتوح، المولود بنيسابور في أول سنة (518 هـ)، وسمع بها من أبي الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيريّ، وسمع ببغداد من أبي عبد الله الحسين بن نصر الموصليّ، وحدّث بمكه وبغداد ومصر ودمشق، وبها توفّ ليلة الحادي عشر من جمادى الآخرة سنة (615 هـ). قال ابن المستوفي: (ورد إربل وسمع بها، وورد الموصل وسمع عليه الأئمة منهم: أبو السعادات المبارك بن محمد بن عبد الكريم في سنة تسع وتسعين وخمسمائة) (¬2). 12 - أبو عبد الله الموصلي (¬3): محمد بن محمد بن سرايا بن علي بن نصر بن أحمد بن علي الموصلي المعدّل البلديّ، أبو عبد الله المولود سنة (529 هـ). سمع ببغداد من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى، وأبي زرعة طاهر بن محمد بن طاهر، وحدّث بالموصل، توفي بالموصل في ليلة الحادي عشر من جمادى الآخرة سنة (611 هـ) قرأ عليه ابن الأثير صحيح البخاري بالموصل في مدة آخرها سنة 588 هـ (¬4) وبعد: فإن من العجب أن لا يذكر المؤرخون والمترجمون لابن الأثير ¬
تلاميذه
في حديثهم عن شيوخه: ابن أبي حبّة البغدادي، وابن زريق الحداد، وأبا عبد الله الموصليّ، وابن الأثير نصّ على قراءته عليهم وسماعه منهم في كتابه (جامع الأصول في أحاديث الرسول) كما سبق بيانه في تراجمهم، وربما اعتمد المترجمون على ما كتبه ياقوت الحمويّ نقلا عن عز الدين بن الأثير فقط. * تلاميذه: قال السبكي: (روى عنه ولده، والشهاب القوصي وجماعة، وآخر من روى عنه بالإجازة فخر الدين بن البخاريّ) (¬1). 1 - ولم يسم السبكي ولا غيره ولد مجد الدين الذي روى عنه، ولم أجد له إثبات سماع ولا قراءة فيما اطلعت عليه من مخطوطات كتب مجد الدين التي أثبتت عليها سماعات كثيرة كما سيأتى إن شاء الله تعالى. 2 - الشهاب القوصي: هو إسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن بن المرجا بن عبد الله أبو الفتح الموصليّ الأنصاريّ، ولد سنة (575 هـ)، توفي في السابع عشر من شهر ربيع الأول سنة (653 هـ) (¬2). 3 - القفطيّ: علي بن يوسف بن إبراهيم، أبو الحسن القفطيّ، المتوفى سنة (646 هـ) (¬3)، قال أبو الحسن القفطي: (كتب إليّ إجازة بجميع ¬
مصنفاته ومسموعاته ومروياته (¬1). 4 - فخر الدين بن البخاريّ: علي بن أحمد بن عبد الواحد، أبو الحسن بن البخاريّ، المتوفى سنة (- 690 هـ) (¬2). لم يذكر أحد من المترجمين لأبي السعادات مجد الدين بن الأثير غير هؤلاء الأربعة من التلاميذ، وقد بحثت كثيرا عن تلاميذ آخرين له، فوجدت الجزء الأول والجزء الرابع من كتاب (جامع الأصول فى أحاديث الرسول) بخط المؤلف رحمه الله (¬3) مثبتا عليهما سماعات كثيرة، ووجدت بعض من أثبت سماعه وقراءته يجيز تلاميذه بعد ذلك بناء على إجازة ابن الأثير له، ولا شك في أن هؤلاء الذين قرأوا على المؤلف كتبه تلاميذ له، ومنهم: 1 - أخوه: عز الدين بن الأثير. 2 - أخوه ضياء الدين بن الأثير. 3 - ابن أخيه محمد بن نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم، شرف الدين بن الأثير. 4 - ابن أخيه: عبد الكريم بن أبي المظفر بن محمد بن محمد شمس الدين بن الأثير. 5 - عمر بن سعد بن الحسين بن سعد بن الحسين بن قرطاس أبو القاسم، وهو ابن أخت مجد الدين بن الأثير (¬4). ¬
6 - يوسف بن سعد بن الحسين بن سعد بن الحسين بن قرطاس، موفق الدين أبو العز، أخو عمر السابق ذكره، وقد ولد في حج عام (585 هـ)، وكان مع أمه في الحج خاله مجد الدين بن الأثير رحمه الله تعالى (¬1). وقال ابن الشّعار الموصليّ: (سمع جميع مصنفات أخواله حتى لم يكد يفوته منها شئ) (1). 7 - محمد بن سعد بن الحسين بن سعد بن الحسين بن قرطاس، عماد الدين أبو عبد الله (¬2). 8 - عبد اللطيف بن أحمد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوريّ الموصليّ، الشافعيّ، أبو الحسين المتوفى سنة (614 هـ) (¬3). 9 - يعقوب بن محمد بن أبي الحسن بن عيسى بن درباس الموصلي الهذبانيّ شرف الدين أبو يوسف (¬4). وقد أجاز أبو يوسف غيره بروايته جامع الأصول عن مؤلفه (¬5). 10 - عمر بن أحمد بن أبي بكر النحوي السفني الضرير، أبو حفص مجد الدين، المتوفى بالموصل يوم عيد الفطر سنة (613 هـ) (¬6). ¬
11 - علي بن أبي المكارم بن مسعود بن حمزة الأنصاريّ البغداديّ، المقرئ، تاج الدين أبو الحسن، المولود ببغداد سنة (562 هـ) (¬1). 12 - عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعيّ القزوينيّ، أبو القاسم المتوفى سنة (623 هـ) (¬2). 13 - علي بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن أبي الفتح بن الحسن بن أبي السنان الموصليّ، المتوفى في شهر ربيع الأول سنة (637 هـ) (¬3). 14 - غازي بن أحمد بن يونس المقرئ الموصلي أبو الغارات (¬4). 15 - أحمد بن شجاع بن منعة التكريتي، صفي الدين أبو العباس المتوفى بالبصرة سنة (621 هـ) (¬5). 16 - سليمان بن جبريل بن محمد بن منعة بن مالك بن محمد بن سعد بن سعيد بن عاصم الشافعيّ المتوفى سنة (650 هـ) (¬6). 17 - عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم الموصليّ، أبو القاسم، قوام الدولة (¬7). 18 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد العزيز الرازيّ المتوفى سنة (615 هـ) (¬8). ¬
وممن سمع كتاب (جامع الأصول) على مؤلفه ابن الأثير
19 - محمد بن طلحة بن محمد النصيبيّ، المولود سنة (582 هـ) والمتوفى سنة (652 هـ) (¬1). 20 - إلياس بن غازي بن التونتاشيّ الأنريّ، أبو الخير المتوفى سنة (604 هـ) (¬2) 21 - علي بن أبي منصور الجصّاص، تقي الدين أبو الحسن. وممن سمع كتاب (جامع الأصول) على مؤلفه ابن الأثير: 22 - عبد الله بن محمود بن مودود البلدجيّ أبو الفضل شيخ ابن الفوطيّ، المتوفى سنة (683 هـ) (¬3). قال ابن الفوطيّ - في ترجمة عفيف الدين الشوشيّ: (وسمع معنا بلدجيّ بروايته عن مصنفه) (¬4). 23 - عبد العزيز بن عبد الجبار بن عمر الخلاطي، الحكيم الطبيب، المولود سنة (587 هـ)، والمتوفى سنة (680 هـ) (¬5)، قال ابن الفوطيّ: (وسمع جامع الأصول على مصنفه مجد الدين أبي السعادات بن الأثير) (¬6). 24 - أحمد بن عمر الجندراني التبريزي: قال ابن الفوطيّ في ترجمة ابنه عمر: (وروى عن والده كتاب جامع الأصول لأبي السعادات بن الأثير) (¬7). ¬
شعره
25 - أحمد بن محمد بن أبي الكرم هبة الله بن أبي الفتح بن صالح بن هارون الواسطيّ الأصل، الموصليّ الحنفيّ، المتوفى سنة (650 هـ) عن سبعين عاما (¬1). 26 - الإمام تاج الدين عبد المحسن بن محمد بن محمد بن الحامض شيخ الباجربقي (¬2). ولابن الأثير تلاميذ كثير غير هؤلاء (¬3). شعره: لابن الأثير - رحمه الله - شعر قليل، وقد شغله العلم عن قول الشعر، فلم يحفل به، قال أخوه عز الدين: (كان أخي قليل الشعر، ولم يكن له به تلك العناية) (¬4). وما وصل إلينا من شعره قليل، لا تظهر عليه سمات شعر العلماء التي تقرب به من النظم، وإنما هو من شعر كتاب الترسل الذين يحتفون بالصنعة والبديع، لأن ابن الأثير كان أحد الكتاب البارزين. قال ياقوت الحمويّ: (حدّثني عز الدين أبو الحسن، قال: حدثني أخي أبو السعادات - رحمه الله - قال: كنت أشتغل بعلم الأدب على الشيخ أبي محمد سعيد بن المبارك بن الدهان النحويّ، البغداديّ بالموصل، وكان كثيرا ما يأمرني بقول الشعر وأنا أمتنع من ذلك. ¬
قال: فبينا أنا ذات ليلة نائم، ثم رأيت الشيخ في النوم، وهو يأمرني بقول الشعر، فقلت له: ضع لي مثالا أعمل عليه، فقال: حبّ العلا مدمنا إن فاتك الظّفر … وخدّ خدّ الثّرى والّليل معتكر فقلت أنا: فالعزّ في صهوات الخيل مركبه … والمجد ينتجه الإسراء والسّهر فقال لي: أحسنت، هكذا فقل، فاستيقظت فأتممت عليها نحو العشرين بيتا) (¬1). ومن شعره أيضا قوله في صدر كتاب كتبه إلى صديق له: وإنّي لمهد عن حنين مبرّح … إليك على الأقصى من الدّار والأدنى وإن كانت الأشواق تزداد كلّما … تناقص بعد الدّار واقترب المغنى سلاما كنشر الرّوض باكره الحيا … وهبّت عليه نسمة السّحر الأعلى فجاء بمسكي الهوا متحلّا … ببعض سجايا ذلك المجلس الأسمى (¬2) ومنه قوله: عليك سلام فاح من نشر طيبه … نسيم تولّى بثّه الرند والبان وجاز على أطلال ميّ عشية … وجاد عليه مغدق الوبل هتّان فحمّلته شوقا حوته ضمائري … تميد له أعلام رضوى ولبنان (¬3) ¬
ومن شعره قوله في رسالة كتبها إلى معقل الأكابر جوابا لرسالة منه: أتاني على قرب المزار صحيفة … تضوّع في أثنائها المندل (¬1) الرّطب حوت من بديع النّطق درّا وحكمة … ببعضهما يستنزل الجامح الصّعب أرقّ من السّلسال لفظا، كأنّما … جرت في نواحيها برقراقها السّحب وأعلق بالأذهان معنى، كأنّما … تكوّن من مكنون جوهرها القلب فأرسلت في تلك الرّياض نواظرا … ببهجتها إنسانها مغرم صبّ وردّدت مع تلك المعاني خواطرا … إلى غير أبكار المعادن ما تصبو (¬2) أتت بالأيادي الغرّ بدءا فقلّدت … بها مننا من دون إحصائها الشّهب ووافت بها من غير وعد تفضّلا … كذاك الجنان الخصب والمورد العذب ألا أيّها الصّدر الذّي اتّفقت على … فضائله في عصره العجم والعرب سبقت إلى الإحسان فعل ذوي العلى … وواتاك من أنواعه الفرض والنّدب وقرّرت (¬3) عن إدراك شأوك عاجزا … متى يلحق الواني وقد أعنق الرّكب؟ فأبديت فضلا ليس يدرك كنهه … عروب لساني، عن تضاعيفه ينبو (¬4) وأوليت برّا قصرت عنه قدرتي … فطرف احتمالي عن تضاعيفه يكبو (¬5) وغاية وسعي - وهي أوسع غاية - … ثنا ضاق عن إمداده الأفق الرّحب ثناء كنشر الرّوض مرّت به الصّبا … سحيرا، وقد جادته عراصة (¬6) سكب (¬7) ¬
مؤلفات ابن الأثير
ومن شعره قوله في أتابك نور الدين وقد كبت البغلة به: إن زلّت البغلة من تحته … فإنّ في زلّتها عذرا حمّلها من حمله شاهقا … ومن ندى راحته بحرا (¬1) ومن شعره قوله: ما نظرت مقلتي إلى أحد … إلّا وكنت الذي يحاذيها ولا اكتست بالرّقاد آونة … إلّا وكنت الذي يناجيها (¬2) وقوله: وما نظرت مقلتي مذ طغت … إلّا وشاهدك النّاظر ولا هجعت قطّ إلّا رأتك … كأنّك في جفنها حاضر (¬3) وقوله: ولمّا أتانا والدّيار بعيدة … كتاب بأنفاس الوداد تضوعا أرقّ من السلسال لطفا كأنّما … تألّف من روح الصّبا وتجّمعا شفى غلّة الصّادي وسكّن لوعة … تكاد لها الأكباد أن تتصدّعا تنافس فيه ناظر وأنامل … وأخفين عمّا فيه لبّا ومسمعا فقبّلته ألفا وألفا كرامة … ولم أرض إجلالا له الرّأس موضعا ونلت من الأيّام ما كنت راجيا … وقلت لدهري: كيف ما شئت فاصنعا (¬4) مؤلفات ابن الأثير: نبغ ابن الأثير - رحمه الله تعالى - في كثير من العلوم، فألّف في التفسير والحديث واللغة والنحو. قال عنه ياقوت الحمويّ: (كان عالما فاضلا ¬
وسيدا كاملا، قد جمع بين علم العربية والقرآن والنحو واللغة، والحديث وشيوخه وصحته وسقمه، والفقه) (¬1) وكان من كتّاب الإنشاء المبرزين، وقد برز ابن الأثير في علم الحديث على بالتنظيم الحسن، والترتيب الدقيق، وإنّ من ينظر في مؤلفات ابن الأثير ويرى الدقة والتنظيم يميل إلى موافقة ابن خلكان في قوله: (وبلغني أنه صنّف هذه الكتب كلّها في مدة العطلة؛ فإنه تفرغ لها، وكان عنده جماعة يعينونه عليها في الاختيار والكتابة) (¬2). وقول ابن العماد: (وحكي أنّ تصنيفه كلّه في حال تعطّله؛ لأنه كان عنده طلبة يعينونه على ذلك) (¬3). وكلام ابن خلكان وابن العماد غير دقيق، فليس كل مؤلفات ابن الأثير قد صنفها في فترة مرضه؛ فجامع الأصول في أحاديث الرسول مثلا انتهى من الجزء الرابع منه في سنة ست وثمانين وخمسمائة، وكان في هذه السنة يتولى ديوان الإنشاء لعز الدين مسعود بن مودود، أمّا أن يكون له طلبة يعينونه فليس ذلك بمستبعد، لا سيما أن الطلبة قد كثر عددهم في رباطه الخاص، الذي أنشأه بالموصل يسمعون عليه مؤلفاته، ويؤكد ذلك ما أثبت على مخطوطة جامع الأصول في أحاديث الرسول من أسماء عدد كبير ممن سمعوا الكتاب على المؤلف. وكتب ابن الأثير كثيرة لم يذكر أحد ممن ترجموا له كلّ كتبه، ولذا فلا ¬
أ - مؤلفاته المطبوعة
أستطيع تحديد عددها، وإنما سأذكر ما اطّلعت عليه أو ما ذكره المترجمون. أ - مؤلفاته المطبوعة: 1 - جامع الأصول في أحاديث الرسول (¬1) صلّى الله عليه وسلّم: قال عنه ياقوت الحموىّ: (كتاب جامع الأصول في أحاديث الرسول: عشر مجلدات، جمع فيه بين البخاريّ ومسلم والموطأ وسنن أبي داود وسنن النسائيّ والترمذيّ، عمله على حروف المعجم، وشرح غريب الأحاديث ومعانيها وأحكامها، ووصف رجالها، ونبّه على جميع ما يحتاج إليه منها .. أقطع قطعا أنه لم يصنف مثله قط، ولا يصنف) (¬2). وقال ابن الشعار الموصليّ: (وهو كتاب حسن الترتيب) (¬3). وقد طبع الكتاب مرتين، الأولى بتحقيق: الشيخ محمد حامد الفقي رئيس جماعة أنصار السنة المحمّدية بمصر، طبع في مطبعة السنة المحمّدية بمصر، في اثني عشر مجلدا سنة (1368 هـ). والثانية: بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط، طبع سنة (1389 هـ) ومن نسخة المخطوطة جزءان بخط المؤلف رحمه الله تعالى، الجزء الأول في مكتبة فيض الله أفندى بإستانبول (229)، والجزء الرابع في المكتبة الظاهرية بدمشق، برقم (298 حديث). 2 - النهاية في غريب الحديث والأثر (¬4): ¬
3 - المرصع في الآباء والأمهات والبنين والبنات والأذواء والذوات
قال عنه ابن الشعار: (النهاية في شرح غريب الحديث أجاد تصنيفه) (¬1). وقد جمع ابن الأثير في كتابه (النهاية) كتابي غريب الحديث - لأبي عبيد أحمد بن محمد الهرويّ - المتوفى سنة 401 هـ، وأبي موسى محمد بن أبي بكر المدينيّ الأصفهانيّ المتوفى سنة (581 هـ)، وزاد عليهما. طبع الكتاب مرتين بتحقيق: طاهر أحمد الزاويّ، ومحمود محمد الطناحيّ، الطبعة الأولى سنة (1383 هـ، والثانية سنة 1399 هـ). 3 - المرصّع في الآباء والأمهات والبنين والبنات والأذواء والذوات: سماه ابن الشعّار الموصليّ: (المرصع في الأذواء والذوات والآباء والأمهات) (¬2) وقال السيوطيّ: (البنين والبنات والآباء والأمهات والأذواء والذوات، وقفت عليه، ولخصت منه الكنى في كراسة) (¬3). طبع الكتاب ثلاث مرات: الأولى في الأستانة سنة 1304 هـ، بعنوان (المرصّع في الأدبيات)، وهو منسوب إلى ضياء الدين بن الأثير. والثانية: طبع في ويمار، سنة (1896 م) نشره المستشرق سيبولد (الألمانيّ) والثالثة: بتحقيق الدكتور/ إبراهيم السامرائيّ، سنة (1391 هـ) طبع في مطبعة الإرشاد ببغداد، وهو الكتاب السادس من مطبوعات رئاسة ديوان الأوقاف: إحياء التراث الإسلاميّ بالجمهورية العراقيّة. 4 - منال الطالب في شرح طوال الغرائب: ذكره ابن الشعّار الموصليّ (¬4)، والسبكيّ (¬5)، والسخاويّ (¬6) وإسماعيل ¬
ب - مؤلفاته المخطوطة
باشا البغدادي (¬1)، وطبع الكتاب بتحقيق: د. محمود محمد الطناحي، بمطبعة المدني بمصر، وهو الكتاب الثامن من التراث الإسلامي من منشورات مركز البحث العلمي بمكة، عن نسخة بخط شرف الدين بن ضياء الدين بن الأثير. ب - مؤلفاته المخطوطة 1 - البديع في علم العربية: وهو هذا الكتاب الذى نقوم بتحقيقه، وسيأتى الحديث عنه مفصلا (¬2). 2 - شافي العيّ بشرح مسند الشافعيّ: قال عنه ابن الشعّار الموصليّ: (وكتاب الشافي، وهو شرح مسند الإمام الشافعيّ رضي الله عنه) (¬3). وقال عنه ياقوت الحمويّ: (أبدع في تصنيفه، فذكر أحكامه ولغته ونحوه ومعانيه نحو مائة كراسة) (¬4). ومن الكتاب نسخ كثيرة في مكتبات العالم (¬5). 3 - المختار من مناقب الأخيار (¬6): كذا سماه في مقدمته، وقسمه المؤلف قسمين: الأول: فيمن عرف اسمه. والثاني: فيمن لم يعرف اسمه. ¬
وجعل القسم الأول ثلاثة أبواب: الباب الأول: في ذكر العشرة من الصحابة رضي الله عنهم. الباب الثاني: في ذكر الرجال من الصحابة والتابعين ومن بعدهم مرتبين على حروف المعجم، وجعل هذا الباب فصلين: الأول: في الصحابة. والثاني: في التابعين وغيرهم. وجعل القسم الثاني بابين: الباب الأول: في الرجال. الباب الثاني: في النساء. وهذا القسم مرتب على أسماء بلادهم وجهاتهم وملتزم فيه التقفية. ونسخ الكتاب المخطوطة كثيرة، منها: أ - نسخة كاملة في المكتبة الأحمديّة بحلب رقمها (271)، وتاريخ الانتهاء من نسخها (14 رمضان سنة 970 هـ)، تقع في (899 ص)، ومنها مصورة في جامعة الملك سعود رقم (1036 ص). ب - نسخة أخرى في الأحمديّة بحلب رقمها (273)، وتاريخ الانتهاء من نسخها (11 جمادى الآخرة سنة 841 هـ)، وهي الجزء الثاني فقط، وتبدأ من حرف الطاء بالطفيل بن عمرو، وتقع في (548 ص)، وهى تعادل من النسخة الأولى (216 ص)، فقط، ومنها مصورة في جامعة الملك سعود برقم (1037 ص). ج - نسخة أخرى في مكتبة ليدن برقم (1516) وهي المجلدة الأولى فقط. د - نسخة أخرى في مكتبة فيض الله أفنديّ برقم (16).
4 - رسائل ابن الأثير
هـ - نسخة أخرى في مكتبة جستربيتي (¬1). 4 - رسائل ابن الأثير: قال ابن الشعار: (ورسائل مدونه في مجلدتين عني بجمعها أبو محمد إسماعيل بن علي الكاتب الخضيريّ، وترجمها بالدر المنثور، و [هي] التي كتبها إلى الأطراف) (¬2). والخضيرى توفي سنة (603 هـ) (¬3). وفي دار الكتب المصرية نسخة من رسائل مجد الدين بن الأثير فيها أوراق كثيرة مطموسة، كان الفراغ من نسخها يوم الاثنين الثاني والعشرين من ذي القعدة سنة (601 هـ) ورقمها هناك (2040 أدب)، وقد جمعها شقيقه: عز الدين أبو الحسن علي ابن محمد بن عبد الكريم، وقسمها قسمين - الأول: في التقليد والمناشير. الثاني: في المكاتبات. ج - مؤلفاه المفقودة: ذكر المترجمون عددا من الكتب له بحثت عنها في كثير من فهارس المخطوطات فلم أعثر عليها، وهي: 1 - الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف: ذكر ياقوت الحموي أنه في أربع مجلدات (¬4). وقال ابن الشعّار الموصليّ ¬
2 - الباهر في الفروق
(.. وكتاب الإنصاف في الكشف والكشاف، وهو تفسير القرآن الكريم، جمعه من كتاب الكشف والبيان لأبي إسحاق الثعلبيّ (¬1)، وكتاب الكشاف لأبي القاسم الزمخشريّ) (¬2). 2 - الباهر في الفروق: ذكر ياقوت والسيوطيّ:" أنه في النحو (¬3) "، وسماه ابن الشعّار (¬4) والسبكيّ (¬5) " الفروق والأبنية والصحيح أنّ اسمه (الباهر في الفروق)، فقد أحال ابن الأثير في كتابه البديع في علم العربية عليه، فقال: (وفي اللغة أسماء تنتقل عن وضعها العام الحقيقيّ إلى الخاص المجازي كالصوم والصلاة، قد ذكرنا ذلك مبسوطا في كتاب: الباهر في الفروق) (¬6). وأظن أنّ الكتاب في اللغة لا في النحو. 3 - المصطفى والمختار في الأدعية والأذكار: ذكره ابن الشعّار (¬7)، وابن خلّكان (¬8)، والسبكيّ (¬9)، وابن العماد الحنبليّ (¬10). ¬
4 - الجواهر واللآل من إنشاء المولى الجلال
4 - الجواهر واللآل من إنشاء المولى الجلال: قال ابن الشعّار: (وجمع رسائل الوزير جلال الدين أبي الحسن (¬1) كتابا، وسمّاه الجواهر واللآل من إنشاء المولى الجلال) (¬2)، وسمّاه ابن خلكان: (الجواهر واللآلي من الإملاء المولويّ الوزيريّ الجلالي)، وقال: (وكان مجد الدين المذكور في أول أمره كاتبا بين يديه، يملي رسائله وإنشاءه عليه، وهو كاتب يده، وقد أشار مجد الدين إلي ذلك في أول هذا الكتاب، وبالغ في وصف جلال الدين المذكور وتقريظه وفضله على كلّ من تقدم من الفصحاء، وذكر أنه كان بينه وبين (حيص بيص) مكاتبات، ولولا خوف الإطالة لذكرت بعض رسائله، وفي جملة ما ذكره أن (حيص بيص) كتب إليه على يد رجل عليه دين رسالة مختصرة، فأتيت بها؛ لقصرها، وهي (الكرم غامر، والذكر سائر، والعون على الخطوب أكرم ناصر، وإغاثة الملهوف من أعظم الذخائر، والسّلام) (¬3) وربما كان هذا الكتاب من أوائل كتب ابن الأثير؛ لأنه قد ناب في الديوان عن جلال الدين أبي الحسن بعد عام (571 هـ)، وتوفي جلال الدين سنة (574 هـ). 5 - بغية الراغب في تهذيب الفصول النحوية: ذكره ياقوت الحمويّ (¬4) والسيوطيّ (¬5) وسمّياه (تهذيب فصول ابن ¬
6 - رسائل في الحساب
الدّهان)، ولكن ابن الأثير سمّاه في مقدمة كتابه" البديع في علم العربية" (بغية الراغب) قال: (أما بعد: فإنك أيها الأخ أبقاك الله ورعاك، لما قرأت كتاب" بغية الراغب في تهذيب الفصول النحوية" ورأيته فى غاية ما يكون من الاختصار ويمكن من الإيجاز مع ما اشتمل عليه من الشرائط وحواه من الأحكام والضوابط، وكنت في مزاولة هذا الفن ناشيا، وإن كان عزمك فيه ماضيا، واطلعت منه على مستبهم مستغلق، وسمت نفسك إلى ما هو أعلى منه قدرا، وأوضح سبيلا، وأكثر منه بسطا وأقوم قيلا .. الخ) (¬1). 6 - رسائل في الحساب: ذكر ياقوت الحمويّ لابن الأثير -: (رسائل في الحساب مجدولات) (¬2) 7 - صناعة الكتاب (¬3): وصفه ابن خلكان بقوله: (كتاب لطيف في صنعة الكتابة) (¬4). 8 - شرح غريب جامع الأصول: ذكره السخاويّ (¬5). 9 - كتاب في علم الحديث: ذكره القفطيّ (¬6). ¬
د - (الكتب المنسوبة إليه خطأ)
د - (الكتب المنسوبة إليه خطأ) 1 - تجريد أسماء الصحابة: نسبه إليه بروكلمان (¬1) وتبعه الزركليّ (¬2)، والمعروف أن الكتاب للحافظ الذهبيّ المتوفى سنة (748 هـ)، وقد طبع منسوبا إلى الذهبيّ. 2 - تحفة العجائب وطرفة الغرائب: وهذا الكتاب لعماد الدين إسماعيل بن أحمد بن الأثير الحلبيّ المتوفى سنة (699 هـ)، ففي جامعة برنستن بالولايات المتحدة الأمريكية نسخة منه منسوبة إلى أبي الفداء عماد الدين بن الأثير (¬3). ثناء العلماء على ابن الأثير قال أخوه عزّ الدين: (- .. وكان عالما في عدة علوم، مبرّزا فيها، منها الفقه والأصولان والنحو والحديث واللغة، وله تصانيف مشهورة في التفسير والحديث والنحو والحساب وغريب الحديث، وله رسائل مدّونة، وكان كاتبا مفلقا يضرب به المثل، ذا دين متين، ولزوم طريق مستقيم، رحمه الله ورضي عنه، فلقد كان من محاسن الزمان، ولعل من يقف على ما ذكرته يتهمني في قولي، ومن عرفه من أهل عصرنا يعلم أنّ مقصّر) (¬4) ¬
وقال ياقوت الحموي
وقال ياقوت الحمويّ: (.. وكان عالما فاضلا، وسيدا كاملا، قد جمع بين علم العربية والقرآن والنحو واللّغة والحديث، وشيوخه وصحته وسقمه والفقه، وكان شافعّيا، وصنفّ في كل ذلك تصانيف هي مشهورة بالموصل وغيره) (¬1). وقال تلميذه القفطيّ: (.. كاتب فاضل، له معرفة تامة بالأدب، ونظر حسن في العلوم الشرعية .. وكان له بر ومعروف، وقني من صحبة الناس ملكا قريب الحال، فوقفه على مصالح أهله) (¬2) وقال ابن الشعّار الموصليّ: (.. وكان له اليد الباسطة في الترسل وكتابة الإنشاء، وكان حاسبا كاتبا ذكيا فاضلا عالما في عدة علوم، مشاركا فيها: كالفقه والأصولين والحديث والقرآن، والعربية، واللغة، وصحة الحديث وسقمه ومشايخه، وصنّف في كل ذلك تصانيف مفيدة نافعة، هي مشهورة بالموصل مرغوب فيها، وكان ذا عقل تام ورأى سديد، وخبرة بأمور الدول، ينتاب الناس منزله لسماع مصنفاته والاستضاءة برأيه، والاستعانة بجاهه) (¬3) وقال المنذريّ: - (وكان أحد الفضلاء المشهورين والنبلاء المذكورين) (¬4). ¬
وقال أبو شامة المقدسي
وقال أبو شامة المقدسيّ: (كان أمراء الموصل يحترمونه ويعظّمونه ويستشيرونه، وكان بمنزلة الوزير الناصح، إلا أنه كان منقطعا إلى العلم وجمعه، وصنّف كتبا حسانا .. روى الحديث وانتفع به الناس، وكان عاقلا مهيبا (¬1) ذا بر وإحسان) (¬2). ونقل الأسنويّ عن ابن خلكان قوله: (كان فقيها محدثا، أديبا نحويا عالما بصنعة الحساب، والإنشاء، ورعا عاقلا مهيبا، ذا بر وإحسان) (¬3). وقال ابن الفرات: (- .. وكان شافعيّ المذهب، عالما فاضلا، وسيّدا كاملا، جمع بين علم القرآن العزيز، والحديث وشيوخه، وصحيحه وسقيمه، واللغة العربية والنحو) (¬4). وقال السيوطي: (- .. من مشاهير العلماء، وأكابر النبلاء، وأوحد الفضلاء) (¬5). وقال أخوه ضياء الدين في كتاب كتبه إلى الملك العادل نور الدين أرسلان شاه بن مسعود جوابا عن كتاب ورد منه يعزيه بأخيه مجد الدين: (.. وما يقول المملوك إلا أنّ أخاه كان أخا للأعمال المزلفة، وعرف عقبى المآل، فأعد لها زادا على قدر المعرفة، فعاش في الناس حميدا، ¬
ولقي الله حميدا، ولم يكن ممن يود أنّ بينه وبين عمله أمدا بعيدا ... ولئن أصيب المملوك فيه بأخ حميم فقد أصيب مولانا فيه بولي كريم، فيا وحشة الدولة لفضيلته وأنسها، ويا عطلها لنزع لباس مجده الذي كان من أجمل لبسها، ويا خلو أرضها من الجبل الذي كان يوقرّ أقطارها، ويعلي منارها، ولو وجدت بعده عوضا لأسلاها، ولكن عزّ وجوده، والله أفرده بالفضيلة التي أقرّ بها عدوّه، وكمد لها حسوده، ولربما وقف على كتاب المملوك بعض الناس، فقال: مهلا، وظن أنه أسرف في تأبين أخيه ولم يقل إلا عدلا، والحق لا يتمارى فيه إذ كان أشهر من نار على علم، وإذا كانت الأيام شاهدة بهذه الأوصاف فلا يحتاج مع شهادتها إلى قسم) (¬1). ونقل اليافعيّ عن أبي البركات بن المستوفي قوله عن ابن الأثير: (أشهر العلماء ذكرا، وأكثر النبلاء قدرا، وأوحد الأفاضل المشار إليهم، وفرد الأماثل المعتمد في الأمور عليهم) (¬2). ومن العجيب أن يأتى الملك الأشرف الغساني بعد قرنين من وفاة مجد الدين بن الأثير فيقول عنه: (وكان من أشد الناس بخلا) (¬3)، وهو الذي شهد له معاصره بأنه ذو بر وإحسان. وقد نقل الذهبي هذا القول عن ابن الشعار الموصلي ثم قال: (من وقف عقاره لله فليس ببخيل، فما هو ببخيل ولا جواد، بل صاحب حزم واقتصاد رحمه الله) (¬4). ¬
الأعمال التي تولاها
الأعمال التي تولاها كان الأثير وأبناؤه من المقرّبين إلى حكام الموصل، وممن تولوا مناصب عالية، فتولى مجد الدين الخزانة لسيف الدين غازي بن مودود بن زنكي (¬1) الذي تولى حكم الموصل سنة (565 هـ) (¬2). ثم ولاه ديوان الجزيرة وأعمالها، وكان والد مجد الدين يتولى ديوانها قبله (¬3). ثم عاد إلى الموصل وناب في الديوان عن الوزير جلال الدين أبي الحسن علي بن الوزير جمال الدين أبي جعفر محمد بن علي بن أبي منصور الأصفهاني (¬4)، الذي صار وزيرا في شهر ربيع الآخر سنة (571 هـ) (¬5). ثم اتصل بمجاهد الدين قايماز بن عبد الله الخادم الزينيّ (¬6)، الذي استنابه سيف الدين على قلعة الموصل (¬7)، فنال عنده مجد الدين درجة رفيعة (¬8). فلما قبض على مجاهد الدين في جمادى الآخرة سنة (579 هـ) (¬9) اتصل بخدمة أبي بكر عز الدين مسعود بن مودود (¬10)، الذي ولي الموصل في ¬
الثالث من صفر سنة ست وسبعين وخمسمائة (¬1)، فولي ديوان الإنشاء له، وكان يشير عليه بالرأي والنصيحة (¬2)، وصار كما قال عنه أخوه عز الدين بن الأثير: (كان أخي هو الذي يصدرون عن رأيه على ما شاهده الناس) (¬3). ولازم ابن الأثير أبا بكر حتى توفي فى التاسع والعشرين من شعبان سنة تسع وثمانين وخمسمائة، بل هو الذى كتب وصيّته (¬4). ثمّ تعلّق بخدمة ولد أبي بكر نور الدين أبي الحارث أرسلان شاه (¬5)، فصار واحد دولته حقيقة حتى أن السلطان نور الدين كان يقصد منزله في مهامه (¬6)، أو يرسل إليه بدر الدين لؤلؤا (¬7)، وكان نور الدين لا يرد ولا يصدر إلا عن رأي مجد الدين، ويشاوره في الأمور (¬8). قال عز الدين بن الأثير: (كان - أى مجد الدين - عنده واحد دولته والمرجع إلى قوله ورأيه، ولم يزل كذلك إلى أن فرّق الموت بينهما رضي الله عنهما) (¬9) وتولى مجد الدين كتابة الإنشاء له، وكان يعرض عليه الوزارة فيأبى، قال ابن كثير: (لما آل الملك إلى نور الدين أرسلان شاه أرسل مملوكه لؤلؤا أن ¬
مرضه
يستوزره فأبى، فركب السلطان إليه فامتنع (¬1). وقال ياقوت الحمويّ: (حدّثني أخوه المذكور - أى عز الدين - قال: حدثني أخي أبو السعادات قال: لقد ألزمني نور الدين بالوزارة غير مرة، وأنا أستعفيه حتى غضب مني، وأمر بالتوكيل بي -[أى بإقامة وكيل لي]- قال: فجعلت أبكي، فبلغه ذلك، فجاءني وأنا على تلك الحال: فقال لي: أبلغ الأمر إلى هذا؟ ما علمت أن رجلا ممن خلق الله يكره ما كرهت، فقلت أنا يا مولانا رجل كبير، وقد خدمت العلم عمرى، واشتهر ذلك عني في البلاد بأسرها وأعلم أنني لو اجتهدت في إقامة العدل بغاية جهدي ما قدرت أؤدّي حقه، ولو ظلم أكّار -[أي: حرّاث]- في ضيعة من أقصى أعمال السلطان لنسب ظلمه إلي، ورجعت أنت وغيرك باللائمة عليّ، والملك لا يستقيم إلا بالتسمّح في العسف وأخذ هذا الخلق بالشدة، وأنا لا أقدر على ذلك. فأعفاه، وجاءنا إلى دارنا، فخبّرنا بالحال، فأما والده وأخوه فلاماه على ذلك الامتناع، فلم يؤثر اللوم عنده أسفا) (¬2). مرضه: أقعد ابن الأثير في آخر أيامه، وعجز عن الحركة؛ إذ عرض له مرض النقرس (¬3)، فكفّ يديه ورجليه، ومنعه من الكتابة مطلقا، واشتد به المرض فكان النهوض يصعب عليه (¬4). ¬
علاجه
وصار يحمل في محفة (¬1)، وأقام في داره يغشاه الأكابر والعلماء وأنشأ رباطا بقرية من قرى الموصل تسمى (قصر حرب)، ووقف أملاكه عليه وداره التي كان يسكنها بالموصل (¬2)، ولزم منزله راضيا بما قضي له، قانعا بما قدّر له من الرزق، يغشاه الناس لفضله والرواية عنه (¬3). علاجه: قال ابن خلكان: (حكى أخوه عز الدين أبو الحسن علي: أنه لما أقعد جاءهم رجل مغربيّ والتزم أنه يداويه ويبرئه مما هو فيه، وأنه لا يأخذ أجرا إلا بعد برئه، فملنا إلى قوله، وأخذ في معالجته بدهن صنعه، فظهرت ثمرة صنعته، ولانت رجلاه، وصار يتمكن من مدّهما، وأشرف على كمال البرء فقال لي: أعط هذا المغربيّ شيئا يرضيه واصرفه، فقلت له: لماذا؟ وقد ظهر نجح معالجته (¬4)، فقال: الأمر كما تقول، ولكني في راحة مما كنت فيه من صحبة هؤلاء القوم والالتزام بأخطارهم، وقد سكنت روحى إلى الانقطاع والدّعة، وقد كنت بالأمس وأنا معافى أذل نفسي بالسعي إليهم، وها أنا [ذا] اليوم قاعد في منزلي، فإذا طرأت لهم أمور ضرورية جاءونى بأنفسهم لأخذ رأيي، وبين هذا وذاك كثير، ولم يكن سبب هذا إلا هذا المرض، فما أرى زواله ولا معالجته، ولم يبق من العمر إلا القليل، فدعني أعيش باقيه حرا سليما من الذل، وقد أخذت منه بأوفر الحظ. قال عز الدين: فقبلت قوله، وصرفت الرجل بإحسان) (¬5). ¬
وفاته
وفاته: توفي ابن الأثير - رحمه الله - ضحى يوم الخميس سلخ ذي الحجة سنة (606 هـ) بالموصل (¬1)، ولم يصلّ عليه إلا العصر، فقد أمر نور الدين أرسلان شاه عز الدين بن الأثير ألّا يخرج إلى الجامع للصلاة عليه حتى يأمرهم بذلك، إذ كان يريد الصلاة عليه، وكان الزمن صيفا، وكان نور الدين موعوكا، فلما كان العصر، وفتر الحر، أمر بإخراجه إلى الجامع، فصلى عليه، (¬2) ودفن بداره التي وقفها على الصوفية، وجعلها رباطا (¬3) بدرب دراج داخل البلد (¬4). مصادر ترجمة مجد الدين بن الأثير أ - المخطوطة: 1 - أسماء الرجال - للطيبيّ (100 ب). 2 - إكمال الإكمال - لابن نقطة (7 - 8). 3 - الإعلام بوفيات الأعلام - للذهبيّ (128 ب). 4 - تاريخ الكافي في معرفة علماء مذهب الشافعي - للبهنسي (179 أ). 5 - تذكرة الحفاظ وتبصرة الأيقاظ - لابن عبد الهادي (ق: 72). 7 - تلخيص أخبار النحويين واللغويين - لابن مكتوم (241). ¬
ب - المطبوعة
8 - تلخيص معجم الألقاب - لابن الفوطي - (5)، ترجمة رقم (438) في مجلة دروية. 9 - ديوان الإسلام - لابن الغزيّ (12). 10 - سير أعلام النبلاء (13/ 112 - 113). 11 - صلة التكملة لوفيات النقلة - للحسينيّ (211 ب). 12 - طبقات الأسديّ (44). 13 - طبقات الشافعية لابن الصلاح (154 ب). 14 - طبقات النحاة واللغويين - لابن قاضي شهبة (250 - ب - 251 ب) 15 - عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان للعينيّ (17/ 321 - 322). 16 - العقد المذهب في طبقات حملة المذهب - لابن الملقن (101 ب). 17 - عقود الجمان في شعراء هذا الزمان - لابن الشعّار الموصليّ (6/ 15 أ - 18 أ). 18 - كتاب في الرجال - لابن عبد الهادي (74 ب). 19 - نزهة الألباب في الألقاب - لابن حجر (3) ب - المطبوعة: 1 - ابن الأثير في المراجع العربية والأجنبية. انظر: كتاب (بحوث ندوة أبناء الأثير 99 - 114). 2 - ابن الأثير المحدث: (بحوث ندوة أبناء الأثير 1 - 18 باللغة الإنجليزية). 3 - إتحاف النبلاء (343). 4 - أسماء الكتاب (131، 194، 330). 5 - الأعلام (6/ 152).
6 - اكتفاء القنوع بما هو مطبوع (73، 131). 7 - الإمام مجد الدين بن الأثير وجهوده في الحديث الشريف: (بحوث ندوة أبناء الأثير 3 - 40). 8 - إنباه الرواة للقفطيّ (3/ 257 - 260). 9 - إيضاح المكنون (2/ 468). 10 - البداية والنهاية لابن كثير (13/ 54). 11 - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة (2/ 274 - 275). 12 - بلاد الجزيرة في أواخر العصر العباسىّ (250 - 251). 13 - البلغة في أصول اللغة (177). 14 - بنو الأثير الفرسان الثلاثة (23 - 60). 15 - تاج العروس للزبيدىّ (3/ 6 - 7). 16 - التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول (100 - 101) 17 - تاريخ آداب اللغة العربيّة - لجرجي زيدان (3/ 109 - 110). 18 - تاريخ الأدب العربيّ - لكارل بروكلمان (6/ 193). 19 - تاريخ الأدب العربيّ في العراق (1/ 89). 20 - تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام (2/ 48). 21 - التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية (185 - 187، 190، 191، 201) 22 - تاريخ الخلفاء - للسيوطي (304). 23 - تاريخ كزيدة - لحمد الله المستوفي (ص: 703). 24 - تاريخ الموصل - لسليمان صائغ (2/ 97 - 98). 25 - تاريخ الموصل - لسعيد الديوه جي (382، 397). 26 - تتمة المختصر لابن الورديّ (2/ 182 - 183).
27 - تتمة المنتهي للشيخ عباس القميّ (47). 28 - التعليقات السنيّة (20 - 32). 29 - التكملة لوفيات النقلة (2/ 191 - 192). 30 - جامع الأصول فى أحاديث الرسول (المقدمة) ط - ك. 31 - جامع المعقول والمنقول - شرح جامع الأصول (1/ 15 - 17). 32 - الخميس للديار بكري (2/ 368). 33 - دائرة المعارف الإسلامية (1/ 82). 34 - دائرة معارف القرن الرابع عشر (1/ 54 - 55). 35 - دائرة المعارف - لبطرس البستانيّ (1/ 370). 36 - دائرة المعارف - لفؤاد البستانيّ (2/ 324). 37 - دستور الوزراء (273 - 274). 38 - دليل المراجع العربية (1/ 62). 39 - دليل المراجع العربية والمعربة (182 - 183). 40 - دليل الموصل العام (105 - 106). 41 - دولة الأتابكة في الموصل (320). 42 - ذخائر التراث العربي الإسلامي (1/ 39). 43 - تاريخ مدينة السّلام - لابن الفرات (مجلد 5/ 1 / 100). 44 - الذيل على الروضتين (68). 45 - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة (156). 46 - روضات الجنات (7/ 232 - 233). 47 - ريحانة الأدب (5/ 243). 48 - سفينة البحار للشيخ عباس القميّ (1/ 11).
49 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب (65/ 22 - 23). 50 - طبقات الشافعيّة - للأسنويّ (1/ 130 - 132). 51 - طبقات الشافعية للسبكيّ (8/ 366). 52 - العبر في خبر من غبر - للذهبيّ (5/ 19). 53 - (العرب) مجلة: س 5، ج 6، 7، ص: 521 - 537، 628 - 673. 54 - العسجد المسبوك للغسانيّ (332). 55 - عنوان التواريخ - لابن الساعيّ (9/ 299 - 301). 56 - فتح المغيث للسخاويّ (3/ 49). 57 - الفهرس التمهيديّ (76 - 77). 58 - فهرس الخزانة التميورية (2/ 179 - 198، 3/ 9). 59 - فهرس دار الكتب (1/ 124، 3/ 158). 60 - الفوائد البهيّة (19). 61 - القاموس الإسلاميّ (1/ 24). 62 - قاموس الإعلام (1/ 599). 63 - الكامل في التاريخ (112/ 288). 64 - كتاب الوفيات لابن قنفد (303). 65 - كشف الظنون (1/ 282، 219، 236، 256، 535، 618، 789، 2/ 1206، 1207، 1283، 1383، 1683، 1711، 1989. 66 - الكشول (1/ 23). 67 - الكنى والألقاب (1/ 207 - 208). 68 - كنز العلوم واللغة (26). 69 - مجد الدين بن الأثير وجهوده في علم غريب الحديث (بحوث ندوة أبناء الأثير: 401 - 467).
70 - مجمل فصيحي لفصيح أحمد خوافي (2/ 285). 71 - المختصر المحتاج إليه - للذهبيّ (3/ 175 - 176). 72 - مرآة الجنان (4/ 11 - 13). 73 - مرآة الزمان (ج 8، ق 1، ص: 435). 74 - المرصّع لابن الأثير (المقدمة): 8 - 13. 75 - معجم الأدباء (17/ 71 - 77). 76 - معجم البلدان (3/ 103). 77 - معجم المطبوعات العربيّة والمعربة (34 - 35). 78 - معجم المؤلفين (8/ 174). 79 - مفتاح السعادة (1/ 128 - 129). 80 - منال الطالب في شرح طوال الغرائب (المقدمة) 11 - 24. 81 - منهل الأولياء للعمريّ (1/ 200 - 201). 82 - الموصل في العهد الأتابكيّ (96 - 97). 83 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لابن تغري بردي (6/ 198 - 199). 84 - نزهة الجليس للسيد عباس المكيّ (2/ 413 - 414). 85 - النهاية في غريب الحديث والأثر (المقدمة) (1/ 9 - 18). 86 - هدّية العارفين (2/ 2 - 3). 87 - وفيات الأعيان (4/ 141 - 143).
الفصل الثانى (كتاب البديع في علم العربية)
الفصل الثانى (كتاب البديع في علم العربية) في النحو كتب كثيرة تسمى" البديع"، فلعلي بن عيسى الربعيّ، المتوفى سنة (420 هـ) (¬1) كتاب في النحو يسمى (البديع)، قال عنه الأنباريّ: (وصنّف كتابا في النحو حسنا جيّدا يقال له:" البديع" (¬2). ولمحمد بن مسعود الغزنيّ - المتوفى سنة (421 هـ) (¬3) كتاب" البديع" قال عنه السيوطيّ: (أكثر أبو حيان من النقل عنه، وذكره ابن هشام في المغني، وقال: إنّه خالف فيه أقوال النحويين، وله ذكر في جمع الجوامع) (¬4) ونقل عنه البغداديّ في شرح أبيات المغني (¬5). ولابن عصفور علي بن مؤمن المتوفى سنة (669 هـ) (¬6) كتاب" البديع في شرح الجزوليّة" (¬7). وكتاب ابن الأثير" البديع في علم العربية" الذي نقوم على تحقيقه. اسم الكتاب: ذكره كثير من المؤرخين والمترجمين لابن الأثير، وسماه" ياقوت ¬
تبويب الكتاب وترتيبه
الحمويّ" (¬1) (البديع في النحو)، وكذا سمّاه القفطي (¬2) والسيوطيّ (¬3)، وسماه ابن خلكان (¬4):" البديع في شرح الفصول في النحو لابن الدهان". وكذا سماه السبكيّ (¬5)، وابن تغري بردي (¬6)، وسماه ابن الشعار الموصلي:" البديع في علم الإعراب" (¬7)، وهو كما نرى أقرب الأسماء إلى الحقيقة، فابن الأثير قال في مقدمة كتابه: (.. وسميته كتاب البديع في علم العربية) (¬8)، وقد بيّن ابن الأثير أنه يريد بعلم العربية" النحو فقط"، فقال: (واعلم أن علم العربية المخصوص باسم النحو لا يعدو قسمين .. الخ) (¬9). تبويب الكتاب وترتيبه قال ياقوت الحمويّ: (كتاب البديع في النحو نحو الأربعين كراسة وقفني عليه - أي عز الدين بن الأثير - فوجدته بديعا كاسمه، سلك فيه مسلكا غريبا وبوّبه تبويبا عجيبا) (¬10). فما المسلك الغريب الذي سلكه المؤلف؟ وكيف بوّب الكتاب تبويبا أعجب ¬
ياقوتا؟ قال المؤلف - رحمه الله - في مقدمة الكتاب: (.. واعلم أنّ علم العربية المخصوص باسم النحو لا يعدو قسمين: أحدهما: معرفة ذات الكلمة وبنائها وما يتعلق بحروفها من التغيير. والثاني: معرفة ما يطرأ عليها من الحركات والسكون. وكل واحد من هذين القسمين يدخل على الآخر في التبيين لضرورة الإفهام، فهما متداخلان، لا يكاد ينفرد أحدهما بالذكر عن الآخر، إلّا أن كل واحد منهما يغلب ذكره على بعض الأبواب دون بعض) (¬1). وبناء على هذا: قسم المؤلف الكتاب إلى قطبين رئيسين: القطب الأول: فيما الغالب على أبوابه معرفة الحركات والسكون، وهي (عوارض الكلم). القطب الثانى: فيما الغالب على أبوابه معرفة ذات الكلم وحروفها. وقدّم ما يتعلق بأحكام الكلم على ما يتعلق بذات الكلم مع أن الحكمة تقتضي العكس، لأن معرفة الذات قبل معرفة الصفات، قال: (إلا أنّ العلماء عكسوا القضية، وكان الباعث على ذلك أمرين: أحدهما: مسيس الحاجة الغالبة إلى معرفة الثاني؛ لما دخل على الألسنة من الفساد، وذلك إن الإنسان يتلقف الكلم في صغره ومبدئه لضرورة الإفهام والاستفهام، على ما يعلم من صحة وفساد، ولمّا غلبت العجمة على ألسنة الناس تعلموا الكلام ملحونا فاحتاجوا إلى إصلاح ذلك، والغالب على طريقه معرفة الحركات والسكون. ¬
والأمر الثاني: أنّ معرفة ذوات الكلم تشتمل على أشياء مشكلة: كالتصريف والتصغير والنسب، مما يصعب فهمه على المبتدئين. وكانت معرفة الحركات والسكون أسهل مأخذا، وأقرب متناولا، فقدّموا ما غلبا عليه من الأبواب في الذكر لهذين الأمرين، وربما لغيرهما من الأمور، فاقتدينا بهم في التقديم والتأخير) (¬1). وقد وضّح المؤلف رحمه الله أنّ قصده بعلم العربية: هو النحو، ولكنه أدخل في النحو كل أبواب الصرف، كأن المؤلف من القائلين بعدم الفصل بين النحو والصرف، وحاول المؤلف حينما قسّم كتابه إلى قطبين: أحدهما يبحث في عوارض الكلم، والآخر في ذوات الكلم، حاول أن يوزع أبواب النحو عليهما توزيعا دقيقا، ولكنه أدخل بعض الأبواب في غير محلها؛ لأنّه - كما اعترف في مقدمته السابقة - يصعب التقسيم الدقيق للتداخل بين القسمين. فالقطب الأول: اشتمل على الأبواب التالية: الباب الأول: في معرفة الألفاظ العامة: عرّف فيه النحو والكلمة والكلم والكلام ويّن أقسام الكلمة وخواص كل قسم وتقسيمات كل قسم. الثانى: في المعرب. الثالث: في المبني. الرابع: في الإعراب. الخامس: في البناء. السادس: في المبتدأ. ¬
السابع: في الخبر. الثامن: في الفاعل. التاسع: في ما لم يسم فاعله. العاشر: في المفعولات. الحادى عشر: في المشبه بالمفعول، تحدّث في هذا الباب عن الحال والتمييز والاستثناء. الثاني عشر: في المجرورات، تحدّث فيه عن المجرور بحرف الجر، والقسم، والإضافة. الثالث عشر: في التوابع. الرابع عشر: في النداء. الخامس عشر: في العوامل. السادس عشر: في (كم). السابع عشر: في نوني التوكيد. الثامن عشر: في التقاء الساكنين. التاسع عشر: في الوقف. العشرون: في الحكاية. والمتأمل في هذه الأبواب يرى أن باب الوقف يتعلق بذات الكلمة لا بحكمها، فكان الواجب أن يكون في القطب الثاني. وأما القطب الثاني: فاشتمل على عشرين بابا أيضا، منها الباب العشرون في جائزات الشعر، وهذا الباب الأحسن أن يكون في القطب الأول، لأنّه يتعلق بأحكام الكلمة.
وهذا التبويب وترتيب الأبواب لم أجد أحدا من العلماء - حسب علمي - سبق ابن الأثير إليه؛ فهو تقسيم علمي دقيق، وليس التبويب والترتيب الدقيقان مستغربين من ابن الأثير؛ فالسمة البارزة على مؤلفاته - رحمه الله - التبويب والترتيب، فكتبه في الحديث كلها جمع وتبويب، فجامع الأصول في أحاديث الرسول، والنهاية في غريب الحديث، ومنال الطالب في شرح طوال الغرائب، مرتبة ترتيبا أعجب المتقدمين والمتأخرين. ولم يكتف المؤلف - رحمه الله - بإبراز قدرته على التبويب فقط، بل نجده في كل باب يقسمه تقسيمات عجيبة دقيقة، ومن ثم يجمع الباب الواحد أشتاتا متفرقة، توزّع على الفصول والأنواع والفروع والتعاليم، ويبرز هذا فى أكثر الأبواب، ومنها: الباب الخامس عشر (في العوامل): بدأه المؤلف - رحمه الله - بمقدمة، ثم قسّمه ثلاثة أقسام: القسم الأول: في الأفعال. القسم الثاني: في الأسماء العاملة. القسم الثالث: في الحروف العاملة. القسم الأول: في الأفعال، جعله ثمانية أنواع: النوع الأول: في اللازم. النوع الثانى: في المتردد بين اللازم والمتعدي، ثم قسمه على ثلاثة أضرب: الضرب الأول: أفعال معدودة استعملت متعدية ولازمة. الضرب الثاني: أفعال متعدية بنفسها أصلا، ثم أدخلوا عليها حرف الجر على تأول. الضرب الثالث: أفعال متعدية بنفسها، فإذا أدخلت عليها قرينة اللزوم صارت قاصرة.
النوع الثالث: في المتعدي إلى مفعول واحد. النوع الرابع: في المتعدي إلى مفعولين، ويجوز الاقتصار على أحدهما. النوع الخامس: في المتعدي إلى مفعولين، ولا يجوز الاقتصار على أحدهما، وجعله فرعين: الفرع الأول: في تعريفه. الفرع الثاني: في أحكامه (ذكر ثمانية أحكام). النوع السادس: في المتعدي إلى ثلاثة مفعولين، وجعله فرعين: الفرع الأول: تعريفه. الفرع الثاني: في أحكامه (ذكر ستة أحكام) وخاتمة النوع السابع: في كان وأخواتها، وجعله فرعين: الفرع الأول: تعريفها ومعانيها. الفرع الثاني: أحكامها (ذكر عشرة أحكام). النوع الثامن: في الأفعال التي لا تتصرف، وقسّم هذا النوع إلى أربعة فصول: الفصل الأول: في" عسى وأفعال المقاربة"، وجعله ثلاثة فروع: الفرع الأول: تعريفها. الفرع الثاني: أحكامها (ذكر خمسة أحكام). الفرع الثالث: فيما أشبه عسى من أفعال المقاربة. الفصل الثانى: في نعم وبئس، وجعله فرعين: الفرع الأول: تعريفهما. الفرع الثاني: أحكامها (ذكر سبعة أحكام) وخاتمة.
الفصل الثالث: في" حبّذا"، وجعله فرعين: الفرع الأول: تعريفها. الفرع الثاني: أحكامها. الفصل الرابع: في التعجب، وجعله فرعين: الفرع الأول: تعريفه. الفرع الثاني: أحكامه (ذكر عشرة أحكام). القسم الثاني: في الأسماء العاملة، جعله أربعة أنواع: النوع الأول: في اسم الفاعل واسم المفعول، وجعله فرعين: الفرع الأول: تعريفهما. الفرع الثاني: أحكامها (ذكر ثمانية أحكام). النوع الثاني: في الصفة المشبهة، وجعله فرعين: الفرع الأول: تعريفها. الفرع الثاني: أحكامها (ذكر عشرة أحكام). النوع الثالث: في المصدر، وجعله فرعين: الفرع الأول: تعريفه. الفرع الثاني: أحكامه (ذكر ثمانية أحكام) النوع الرابع: في أسماء الأفعال، وجعله فرعين: الفرع الأول: تعريفها. الفرع الثاني: أحكامها. القسم الثالث: في الحروف العاملة، جعله خمسة أنواع: النوع الأول: في إنّ وأخواتها، وجعله فرعين: الفرع الأول: تعريفها.
الفرع الثاني: أحكامها، وجعله فصلين: الفصل الأول: في الأحكام المشتركة (ذكر عشرة أحكام). الفصل الثاني: في الأحكام المختصة (ذكر تسعة أحكام)، الحكم الثالث منها: في الفرق بين إنّ، وأنّ، قسّمه أربعة أقسام، سمّى كل واحد منها تعليما. النوع الثاني: في (ما) المشبهة ب (ليس)، جعله فرعين: الفرع الأول: تعريفها. الفرع الثاني: أحكامها (ذكر خمسة أحكام). النوع الثالث: في (لا: النافية)، جعله فرعين: الفرع الأول: تعريفها. الفرع الثاني: أحكامها (ذكر خمسة عشر حكما). النوع الرابع: في الحروف العاملة في الأفعال الناصبة، جعله فرعين: الفرع الأول: تعريفها. الفرع الثاني: أحكامها، جعله ثلاثة أصناف: الصنف الأول: (أن). الصنف الثاني: (كي). الصنف الثالث: (إذا). النوع الخامس: في الحروف الجازمة، وجعله فرعين: الفرع الأول: تعريفها. الفرع الثاني: في الشرط والجزاء، وجعله فصلين: الفصل الأول: في تعريفه وذكر حروفه. الفصل الثاني: في أحكامه (ذكر سبعة عشر حكما).
منهج الكتاب
وهكذا كان ابن الأثير يبوّب كتابه كلّه، وهذا يدل - ولا شك - على قدرة هائلة في الترتيب والتنظيم، أفادها من عمله في الحديث، ولكن كما رأينا أن تلك التقسيمات والتفريعات وإن كانت دقيقة إلا أنها تشتت ذهن القارئ في الجمع بين الأقسام، والفصول، ولكنها تعين القارئ الراغب في معرفة أحكام منهج الكتاب قال ابن الأثير - في مقدمة الكتاب - بعد البسملة والحمدلة، والصلاة على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم: - (.. أما بعد فإنك أيها الأخ - أبقاك الله ورعاك - لما قرأت كتاب" بغية الراغب في تهذيب الفصول النحويّة"، ورأيته في غاية ما يكون من الاختصار، ويمكن من الإيجاز، مع ما اشتمل عليه من الشرائط، وحواه من الأحكام والضوابط، وكنت في مزاولة هذا الفن من العلم ناشيا، وإن كان عزمك فيه ماضيا، واطّلعت منه على مستبهم مستغلق، وسمت نفسك إلى ما هو أعلى منه قدرا، وأوضح سبيلا، وأكثر منه بسطا وأقوم قيلا، ورغبت إليّ في جمع كتاب - ينير طرق فهمه، وتتضح مذاهب معرفته، فأجبتك إلى ما سألت غير ذاهب بالإطالة إلى الإملال، ولا جانح بالإيجاز إلى الإخلال، حسب ما طلبت أن يكون باسطا لما أوجز فيه، مبيّنا لما أغلق من ألفاظه ومعانيه، تقصر عن رتبته الشروح، ولا يقصر في البيان والوضوح، جامعا لأبواب النحو وأحكامه، مشتملا على أنواعه وأقسامه، إلا ما عسى أن يشذّ منها، أو ما لا تمسّ الحاجة إليه. ولم أكد أودعه من الأدلة إلّا ما أوجب ذكره إحكامه، وافتقر إلى معرفته
بيانه، وليس لي فيه إلا اختيار، أقوال الأئمة ونقلها، وما أضفت إليها من زيادة شرط في حدّ، واحتراز في قول، وإشارة إلى نكتة غريبة تقف عليها ..) (¬1). ومن هذه المقدمة: يتضح لنا أنّ ابن الأثير كان قد اختصر الفصول النحوية لابن الدهان بكتاب سماه (بغية الراغب في تهذيب الفصول النحوية) وهو كتاب مفقود - حسب علمي -، وهو - كما يتضح من هذه المقدمة - كتاب مختصر، فشرحه ابن الأثير في كتابه" البديع في علم العربية"، والمطلع على كتاب البديع لا يرى فيه ذكرا ولا أثرا لفصول ابن الدهان، ولا لبغية الراغب، إلا ما ورد في المقدمة، فابن الأثير لم يمزج الفصول النحوية ولا شيئا منها بشرحه، ولم يتبع في ترتيبه ترتيب ابن الدهان. ومن المقدمة - أيضا - نستطيع أن نبرز أهم الأسس التي وضعها المؤلف ليعتمدها في شرحه، وهي: 1 - التوسط في الشرح بين الإطناب الممّل والإيجاز المخلّ. 2 - جمع أبواب النحو وأحكامه فيه. 3 - الإيجاز في الأدلة والعلل. 4 - أن مهمته ما هي إلا اختيار لأقوال الأئمة وتعليقات يسيرة منه، هي أقرب إلى الإشارات منها إلى التعليقات. هذه أهم الأسس التي وضعها ابن الأثير ليسير عليها في شرحه، ولا شك في أنّ المؤلف حاول التقيّد بها، ولكنه لم يستطع الالتزام بها دائما، وسيتضح ذلك في تفصيل الأسس وتطبيقها على الكتاب. ¬
الأول: التوازن بين الإيجاز والإطناب
الأول: التوازن بين الإيجاز والإطناب: حينما همّ ابن الأثير في تأليف كتابه، لا أشك في أنه عمد إلى كتاب من أهم كتب شيخه" ابن الدهان"، وهو المسمى ب" الغرة في شرح لمع ابن جني" فاستقى منه أكثر مادة كتابه - كما سيأتى تفصيله (¬1) -، وكتاب الغرة لابن الدهان من أحسن الكتب التي ألفت في القرن السادس الهجرىّ، ومن أجمعها قال عنه ابن خلكان: (وشرح كتاب اللمع - لابن جني - شرحا كبيرا يدخل في مجلدين، وسماه" الغرة"، ولم أر مثله مع كثرة شروح هذا الكتاب) (¬2). وابن الدهان كان علما من أعلام النحو في عصره، وكان كما قال عنه العماد الأصفهاني: (بحر لا يغضغض، وحبر لا يغمض، سيبويه عصره، ووحيد دهره) (¬3). لهذا وجد ابن الأثير - وهو العازم على الاختصار - أنه يقف أمام موسوعة نحوية مطنبة؛ فكتاب الغرة جمع من الآراء والشواهد والعلل شيئا هائلا، لو نقله المؤلف في كتابه لوقع في الإطناب الذي لم يرتضه لنفسه، ولو اختصره ربما وقع في الإيجاز المحذور، فجاء كتابه لهذا السبب جامعا لكثير من مسائل النحو والصرف مفصلا لها، وإنّ من يقرأ كتاب ابن الأثير وحده ولا يطلع على كتاب ابن الدهان سينال كامل إعجابه، ولن يرى فيه الإطناب المملّ، فهو يسوق القضايا النحوية بأسلوب واضح، ويستوفي في كل قضية جوانبها، ولكنه إن اطلع على كتاب" ابن الدهان" وغيره من الكتب المتوسعة ¬
أولا: الإيجاز في عرض المسائل
فستتضح له بعض جوانب الإيجاز الذي قد يصل إلى درجة الإخلال بالمعنى، والإيجاز عند المؤلف يتضح في أمرين: الأول: الإيجاز في عرض المسائل. والثاني: الإيجاز في نسبة الآراء. أولا: الإيجاز في عرض المسائل: - وقد احتوى الكتاب على مسائل مختصرة اختصارا مخلا منها: - 1 - قال - في هاء ضمير المذكر المنصوب والمجرور: (.. فإن كان قبله ساكن ففيه مذهبان: أحدهما: كالمتحرك نحو: عنهو أخذت، وعليهي مال. والثاني: ألا تلحقه حرفا وهو الأكثر) (¬1). وهذا الكلام اختصره المؤلف من كلام شيخه ابن الدهان (¬2)، وكان لا بدّ من تفصيله، فإنه إن كان ما قبله ساكنا فإما أن يكون أحد حروف اللين، مثل: علاه، وإليه، ودعوه، فحينئذ الحذف أولى؛ لئلا يجتمع ساكنان بينهما حاجز خفي غير حصين، وهو الهاء (¬3). وإما ألا يكون الساكن أحد حروف اللين، مثل: عنه، ودعه، ومنه، وزده، فالإثبات حينئذ أكثر، وهو مذهب سيبويه (¬4)، وجعل المبرد الحذف والإثبات سواء (¬5). ¬
وقوله: (.. فإن كان قبله ساكن) يدخل فيه ما بعده ساكن مثل: عنه الحق، وعليه المال، وحينئذ لا يقبل الضمير الإشباع، فكان على المؤلف أن يقيده بألا يكون بعده ساكن؛ ليخرج المثالان السابقان، ولعل المؤلف استغنى عن هذا الشرط بالمثال. 2 - قال في ضمير النسوة: (.. وهي عند أكثر العلماء لجمع القلة، والهاء لما فوق ذلك، كقولك: النساء ضربتهن، وضربتها) (¬1)، وقال أيضا: (وقد جعلها قوم للعدد القليل من المؤنث، وأطلقها آخرون على القليل والكثير، وكان الأشبه والأكثر في النظم والنثر) (¬2). كان على المؤلف أن يقيد الضمير بأن يعود على مؤنّث غير عاقل .. أمّا إذا عاد على مؤنث عاقل كمثال المؤلف فلم تفرق العرب بين قليله وكثيره والأفصح جمع الضمير (¬3). 3 - قال عن وزن أفعل: (أن يكون بمعنى فعل، ولا يكون للهمزة فيه تأثير، وهو قليل محصور) (¬4). وهذا القول غير صحيح، فليس قليلا، وقد ألفت فيهما كتب، منها: فعلت وأفعلت للسجستاني، وللزجاج، وما جاء على فعلت وأفعلت بمعنى واحد - للجواليقي. ¬
4 - جعل شروط ما يجمع جمع المذكر السالم: التذكير والعلم والعلميّة، وألحق به صفته في الغالب (¬1). وبعض هذه الشروط يحتاج إلى تقييد، فالعلمية لا بد من تقييدها بالخالية من تاء التأنيث، والصفة لا بد من تقييدها بالقابلة لتاء التأنيث أو الدالة على التفضيل، ولما لم يفعل المؤلف ذلك اضطر إلى استثناء الأعلام المختومة بالتاء، مثل: طلحة (¬2)، واستثناء بعض الصفات: كأفعل فعلاء، وفعلان فعلى .. إلخ (¬3). 5 - في حديثه عن جمع الاسم المهموز لم يستقص أنواعه كلها (¬4)، فترك ما همزته منقلبة عن واو أو ياء أصلين: مثل كساء ورداء، وما همزته للإلحاق مثل: علباء مسمّى بها، وكان المؤلف قد استقصاها في التثنية (¬5)، ولكنه لم يفعل ذلك في الجمع. 6 - النسب إلى المركب والجملة (¬6)، اختصره المؤلف اختصار شديدا، فلم يذكر كل الآراء فيه، وهي آراء مشهورة (¬7)، ولعلّه تركها لشهرتها. 7 - قال في الإخبار عن المبدل منه، في مررت بأخيك زيد: (فإن أخبرت عن أخيك قلت: الذي مررت به أخوك زيد، وإن شئت: زيد أخوك) (¬8). ¬
فقوله: (وإن شئت) يشعر بجواز الأمرين على السواء، وقوله مختصر من كلام شيخه ابن الدهان (¬1)، الذي ذكر أن للعلماء رأيين في الإخبار عن المبدل منه: فالمازنيّ وابن السراج لا يجيزان الإخبار عن المبدل منه إلا ومعه الدل، قالا: (أخوك زيد) وغيرهما يجيزه، فيخبر به دون البدل، فيقول: (الذي مررت به زيد أخوك) ولا يجيز الأول (¬2). فهذا الاختصار جعل المؤلف يبدو كأنه يأتي برأي ثالث، وهو جواز الأمرين. 8 - لم يستوف شروط العجمة المانعة من الصرف حينما ذكرها (¬3)، فلم يذكر أن تكون موضوعة للواحد لا للأجناس، كديباج وياسمين وفرند .. فهذه مصروفة؛ لأنها للأجناس (¬4) إلا إذا كان ممن لا يرى اشتراط العلمية في العجمة. 9 - تحدث في الحكم الرابع من أحكام الهمزة في الخط، عما كانت فيه فاء الفعل همزة، واتصلت بكلام قبلها، وكان الواجب عليه أن يتحدث قبل ذلك عما لم يتصل بكلام، كما فعل شيخه ابن الدّهان (¬5). 10 - قال المؤلف - رحمه الله -: (قال قوم: لك أن تذهب بجميع الأفعال مذهب نعم وبئس، فتحولها إلى فعل) (¬6)، وهذا القول - وإن كان من ¬
كلام ابن السراج - فإنه يحتاج إلى تقييد الأفعال بالثلاثية فقط؛ لأن غيرها لا يحوّل. 11 - عرّف تنوين الترنم بأنه اللاحق لأواخر الآي والقوافي (¬1)، وكان على المؤلف أن يقيد القوافي بالمطلقة، كما قيّد بعد ذلك التنوين الغالي باللاحق للقوافي المقيدة (¬2). 12 - جعل تنوين العوض نوعين: عوض عن المضاف إليه، وعوض عن نون زيدين كهندات (¬3). والمؤلف ترك ما تنوينه للعوض عن حرف، مثل: جوار، وغواش، وأيضا تنوين هندات ليس للعوض، بل للمقابلة، إلّا إن كان يقصد بالعوض المقابلة. 13 - قال في زيادة النون: (وإذا كانت النون ثالثة، فاحكم بزيادتها إلا أن يقوم دليل على أصليّتها) (¬4). وهذا الكلام مطلق لا بد من تقييده بأن تكون النون ساكنة، وأن تكون الكلمة على خمسة أحرف (¬5). 14 - قال عن زيادة التاء الأولى في" ترتب": (أما ترتب فزيادتها عند سيبويه لأنها ليست على مثال الأصول، والأخفش يعتقد زيادتها بالاشتقاق لأنها من الرتوب) (¬6). كلامه بسبب إجماله يوهم بأن سيبويه يعتقد زيادة التاء الأولى لأنه ليس ¬
عنده وزن" فعلل" فقط، وهذا غير صحيح، فسيبويه قال: (وكذلك ترتب وتدرأ؛ لأنهن من رتب ودرأ) (¬1). فهو يعتقد زيادتها؛ لأنه ليس عنده وزن جعفر، وشهد به الاشتقاق، كما قال ابن جني (¬2). أما الأخفش فلأن من أوزان الرباعي عنده (فعلل)، فزيادتها لأنها من الرتوب فقط. 15 - قال المؤلف - في زيادة الهاء -: (وأما غير المقيس فزيدت أولا عند الخليل والأخفش، نحو: هجرع، وهبلع، جعلاهما من الجرع والبلع ونحو هركولة، من الركل في المشي) (¬3). فالخليل والأخفش قالا بزيادة الهاء أولا، لكن الخليل جعلها زائدة في هركولة فقط، فيما حكاه عنه أبو الحسن الأخفش، من أن هركولة «هفعولة»، وأن الهاء زائدة (¬4). أما هجرع وهبلع فالهاء فيهما زائدة عند الأخفش فقط، قال ابن جني: (وذهب أبو الحسن إلى أنّ الهاء في هجرع وهبلع زائدتان؛ لأنهما من الجرع والبلع) (¬5). أما الخليل فلم يجعلها زائدة فيهما، وهجرع وهبلع في كتاب" العين" في باب: الرباعي من العين (¬6)، فالمؤلف - رحمه الله - لم يكن دقيقا في اختصاره ما في سر الصناعة، ولو: قال فزيدت أولا عند الخليل والأخفش، ¬
ثانيا: الإيجاز في نسبة الآراء
نحو هركولة جعلاها من الركل، ونحو هجرع وهبلع عند الأخفش جعلها من الجرع والبلع - لو قال ذلك لسلم من الخطأ. ثانيا: الإيجاز في نسبة الآراء: إن كان بعض الإيجاز في المسائل مقبولا أو غير مذموم، فإن ترك نسبة الآراء إلى قائليها - مع القدرة على ذلك - لا شك في أنه غير محمود والمؤلف - وهو ينقل من كتاب شيخه ابن الدّهان - عمد إلى الإبهام في نسبة بعض الآراء مع أن شيخه صرّح ينسبتها، فإن كان هذا الصنيع من قبيل الإيجاز فهو معيب غير ممدوح، ولذلك في الكتاب شواهد كثيرة منها: 1 - قال في تقديم الضمير الأبعد على الأقرب: (وقد جوز بعضهم أعطاكني، وأعطاهوك، وأعطاهوني) (¬1)، وقد نسبه ابن الدهان إلى المبرد (¬2) 2 - قال في زيادة أل: (وقولهم: إنى لأمر بالرجل مثلك فأكرمه عند بعضهم، لأنّ مثلك نكرة وقد وصف بها الرجل وهو معرفة فقدّر اللام زائدة) (¬3). والمراد به الأخفش كما قال ابن الدهان (¬4). 3 - قال في جمع التكسير (وعلى أفعلة نحو: باب وأبوبة، ورحى وأرحية، وهو قليل، وليس بابه وقيل: هو جمع الجمع (¬5) والقائل هو: الخليل بن أحمد كما صرّح به ابن الدّهان (¬6). ¬
4 - قال: (واختلفوا في «جمد» اسم جبل، فسيبويه رواه ساكن الميم، وغيره ضمها) (¬1)، والمقصود بغيره: ابن جنى، كما قال ابن الدّهان (¬2). 5 - قال في تصغير الترخيم: (وبعض النحاة يقصر تصغير الترخيم على الأعلام) (¬3). هو الفراء، وقد صرّح باسمه ابن الدّهان (¬4). 6 - قال: (وبعضهم لا يصغر المصادر) (¬5)، وهو الفراء كما قال ابن الدّهان (¬6). 7 - قال عن أحاد وثناء المعدولة: (ومنهم من لا يصرفه مع التسمية) (¬7)، وهما الجرميّ والسيرافيّ، وقد نصّ عليهما ابن الدّهان (¬8). وعلى الرغم من كل ما ذكرته من صور الإيجاز فإن الكتاب يعد من الكتب المتوسعة؛ لأنه مأخوذ من كتب ابن الدّهان التي حوت سوانح النحو وشوارده. ولكنه توسع لا يمكن أن يوصف بالإطناب، إلا أن رغبة المؤلف في التقسيمات والتفريعات توقعه في أحيان قليلة فيما يشبه الإطناب، ومن أمثلة ذلك: ¬
1 - قسّم الإضافة إلى محضة وغير محضة، ثم قسّمها إلى معنويّة ولفظيّة (¬1) ومن المعروف أن المحضة هي المعنوية، وغير المحضة هي اللفظيّة، ولكن حبّ المؤلف للتقسيمات جعله يسترسل في ذكرها. 2 - قسّم الجمع بالنظر إلى إعرابه ثلاثة أقسام: جمع مذكر سالم، وجمع مؤنث سالم، وجمع تكسير، وقسّمه مرة أخرى إلى: جمع في اللفظ والمعنى، وجمع في المعنى دون اللفظ، وجمع في اللفظ دون المعنى (¬2). 3 - قال في التصغير: (إذا كان ثالث الاسم واوا فلا يخلو أن تكون للإلحاق أو لغير الإلحاق، فإن كانت للإلحاق أجريتها مجرى الصنف الأول - أى جواز القلب، وإقرارها على حالها - تقول في: جهور وجدول: جهيّر وجديّل، وجهيور، وجديول، وإن كانت لغير الإلحاق قلبتها ياء، وأدغمت فيها ياء التصغير نحو: عمود وعميّد) (¬3). لو قال المؤلف - رحمه الله -: الواو الساكنة بعد ياء التصغير تقلب ياء، والمتحركة يجوز فيها القلب والإقرار على حالها، لكان أولى من هذا التقسيم والتفصيل. 4 - ليس للاستطراد وجود في الكتاب إلا مرة واحدة، قال المؤلف - وهو يتحدث عن فعلى - بكسر الفاء -، (وقال الأخفش: إنّ ألف علقى للتأنيث أيضا) (¬4). ¬
الثاني: جمع أبواب النحو وأحكامه
الثاني: جمع أبواب النحو وأحكامه: جمع المؤلف - رحمه الله - أبواب النحو وأبواب الصرف في كتابه، وقد بحثت عن أبواب منهما لم يبحثهما المؤلف فلم أجد؛ لأنه لم يكتف بالأبواب التي طرقها شيخه" ابن الدّهان" في" الغرة"، فزاد عليها باب أبنية الكلم وباب المصادر، وباب التصريف، وباب الإدغام، وأظن أن ابن الدهان قد طرق هذه الأبواب في كتابه" شرح الإيضاح والتكملة"؛ وهو كتاب مفقود فيما أعلم، لأنها من أبواب التكملة للفارسي، أما جمعه للأحكام النحوية والصرفية فأظن أنه لم يفته إلا القليل رغبة في الإيجاز والاختصار. الثالث: الإيجاز في الأدلة والعلل غالبا: لم يكن المؤلف - رحمه الله - ذا عناية واضحة بالعلة، ولم يجهد نفسه بالبحث فيها أو التعرض لها، وإنما كان يعرض في بعض الأحيان عللا لا يمكن أن يخالف فيها، فالمؤلف - رحمه الله - يبدو بعيدا عن المنطق والتأثر به، وربما لم يكن محبا له بحكم كونه محدثا، فلم يكن كالرمانيّ الذي ملأ شرحه لكتاب سيبويه بالعلل النحوية والمناقشات المنطقية، فنرى المؤلف يتركها في مواضع تستدعي إيضاحها بالعلل، كالفصل الذي عقده لبيان الأسماء التي لا تصغر (¬1) وذكر فيه كثيرا منها، فلم يعلّل سبب منع تصغيرها، وإنما كان يعلل في بعض الأحيان لبعض الأحكام التي - كما قلنا - يندر فيها الخلاف، وقد يكون المقام مستدعيا للعلة، ومن أمثلة ذلك: 1 - قال في تعليل كون الآخر محلّ الإعراب: (وأما محل الإعراب فهو من كل كلمة معربة آخرها، حكما غالبا، نحو: زيد، ويضرب؛ وإنما كان ¬
آخرها لأن من الإعراب: الجزم، وهو سكون، ولا يمكن الابتداء بالساكن، فلم يقع أولا، ولأن وزن الكلمة يعرف بحركة وسطها نحو: فلس وفرس، وزنهما: فعل وفعل، فلو جعل وسطها لاختل وزن الكلمة عند تغير الإعراب) (¬1). 2 - قال في تعليل كون الغالب على البناء السكون،. وكون البناء أصلا في الأفعال والحروف، فرعا في الأسماء: (وهو - أي البناء - إذا ضد الإعراب، والغالب على الإعراب الحركة؛ فاقتضي أن يكون البناء سكونا، وما كان الإعراب فيه أصلا أن يكن البناء فيه فرعا؛ فلذلك كان في الحروف والأفعال أصلا، وفي الأسماء فرعا ..) (¬2) 3 - قال في تعليل كون التمييز نكرة: (المميز لا يكون إلا نكرة؛ لأنهم أرادوا أن يكون المنصوب غير المنقول دليلا على الجنس؛ فحيث بلغوا مقصودهم بالنكرة، لم يتعدوها؛ ولأن النكرة واحد يدل على أكثر منه، والمعرفة معينة لا تدل على غير ما وضعت له) (¬3) 4 - قال في تعليل نصب التمييز المحول: (والأصل فيه - أي قولك طبت به نفسا - طابت نفسي؛ فالنفس هي الفاعلة والباء مجرورة الموضع بالإضافة، ثم إنهم أسندوا الفعل إلى الياء منقولا عن موضعه؛ فارتفع به، كما ارتفعت به النفس؛ فبقي المرفوع أولا غير مستحق للرفع؛ لأنه لا يكون فاعلان لفعل واحد بغير عاطف، وليس بصفة للأول؛ لأنه نكرة، والأول معرفة، ولا هو هو، فيكون بدل كل، ¬
ولا فيه ضمير فيكون بدل اشتمال أو بعض، ولا يجوز جره؛ لعدم الجارّ؛ فلم يبق إلا النصب؛ فنصبوه لذلك؛ ولأنه جاء بعد تمام الكلام، وهو استيفاء الفعل فاعله ..) (¬1). 5 - قال في تعليل كون المصدر لا يثني ولا يجمع: (المصدر لا يثنى ولا يجمع لأنه جنس؛ والجنس لا حصر له إلا إذا اختلفت أنواعه، جاز تثنيته وجمعه مبهما ومؤقتا. أما المؤقت - وهو المختص - فتقول فيه: ضربت ضربتين وضربات، إلا أن الجمع أنقص توقيتا من المفرد والمثنى؛ لأن" ضربات" يصلح لعقود القلة كلها، ولكنه لا يخرج عن حد التوقيت، من حيث دلالته على عدد، بخلاف قولك: ضربت ضربا؛ فإنه لا يدل على عدد. فإن قلت: ضربت ثلاث ضربات، كان مثل:" ضربة" و" ضربتين" في كمال التوقيت، إلا أن الفعل فيه واقع على ما هو مصدر من جهة المعنى؛ لأن العدد عبارة عن المعدود، وليس باسم له. وأما المبهم فلا يجوز جمعه؛ فلا تقول: قتلت قتولا، ولا ضربت ضروبا إلا على إرادة تفريق الجنس واختلاف أنواعه، كقوله تعالى (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا) (¬2) وكقولك" فلان ينظر في علوم كثيرة. وهذا النوع لم يطرد؛ فلم يقولوا: السلوب والنهوب، وإنما يكون ذلك - غالبا - فيما ينجذب إلى الاسمية، نحو: العلم والحلم والظن .. فإن قصدت بالمبهم الحدث، فالأكثر الأعرف أن يقال: ضروبا من القتل وضروبا من العلم) (¬3) ¬
6 - قال في تعليل تعدي العامل الذي لا يتعدى إلى جميع ظروف" وغير الزمان، المبهم منها والمؤقت، وعدم تعديه إلى المؤقت من ظروف المكان: (وغير المتعدي يتعدى إلى جميع ظروف الزمان، مبهمها ومؤقتها، وإلى المبهم من ظروف المكان؛ تقول في الزماني: صمت اليوم، و: يوما، وو إنما كان ذلك لأن ظروف الزمان لما شاكلت المصادر في دلالة صيغة الفعل على خصوص المصدر دلالتها على المصدر، جرت مجراها في تعدّي نوعي الفعل إليها، وحمل عليها المبهم من ظروف المكان؛ لنوع مشابهة بينهما؛ من جهة النقل والزوال والإبهام؛ فإن الجهة التي هي خلف تصير أماما، وتزول عن وأما المؤقت من ظروف المكان، فلما عدم هذه المشاكلة - وهي دلالة صيغة الفعل على خصوصه - تنزّل منزلة المفعول به في تعدي الفعل إليه، فلا تقول: قعدت المسجد، ولا: جلست الكوفة، حتى تجيء بما يعدّي الفعل إليها، فتقول: قعدت في المسجد، و: دخلت في الكوفة. فأما: دخلت البيت، و: ذهبت الشام، فهو - عند سيبويه - على حذف حرف الجر، تقديره: دخلت إلى البيت، و: ذهبت إلى الشام، والمبرد يقول: إنه متعد بنفسه ..) (¬1). ¬
7 - قال في تعليل عمل" ما" عمل" ليس": (اعلم أن المشابهة تقتضي تأثرا وهذا قياس (¬1) في العربية مستمر، ألا ترى أن ما بني من الأسماء إنما بني لشبه الحرف، وأنّ ما أعرب من الأفعال إنما أعرب لمشابهته الأسماء، وأن ما أعمل من الأسماء، أو منع الصرف فلمشابهته الأفعال؛ فكذلك" ما" النافية لمشاركتها" ليس" في نفي الحال، وفي الدخول على المبتدأ والخبر، ودخول الباء في خبرها، حملها أهل الحجاز في العمل عليها بشريطة، فقالوا: ما زيد قائما). (¬2) 8 - قال في تعليل إهمال" ما" إذا فقد شرط من شروط إعمالها:" لكل أصل من القوة ما يفضل به مشبهه؛ ألا ترى أن الفعل أقوى في العمل من اسم الفاعل، وأن اسم الفاعل أقوى في العمل من الصفة المشبهة به فكذلك (¬3) " ما" و" ليس"؛ فعملت" ليس" في المعرفة والنكرة، وتقدّم خبرها على اسمها إجماعا، وعليها عند سيبويه، ويفصل اسمها وخبرها ب" إلا"، وعملها باق عليها. ولما كانت" ما" فرعا عليها نقصت عنها؛ فإذا تقدم خبرها، أو فصل بين اسمها وخبرها ب" إلا"، أو جاء بعده ما ينقض النفي، بطل عملها وارتفع الخبر إجماعا؛ لنقص أسباب المشابهة بينها وبين ما أشبهته) (¬4). 9 - قال في تعليل جمود" نعم" و" بئس" (ومعناهما المبالغة في المدح والذم، وإنما لم يتصرفا لما تضمناه من مبالغة المدح والذم الزائدين على الإخبار والشئ متى خرج بالمبالغة عن نظائره، جعلوا له تأثيرا في ¬
اللفظ؛ ولأن المقصود من التصرف وقوع ذلك المعنى في زمن مختص، وهذان مقصوران على الماضي، صالحان للحال في المعنى؛ فلا يختصان بزمن). (¬1) 10 - قال: (" الندبة" الاسم من قولك: ندب الميت يندبه، إذا تفجع عليه، وذكر خلاله الجميلة في معرض المدح، وإظهارا للجزع وقلة الصبر على فقده، وتعلّلا بمخاطبة الميت مخاطبة الحيّ، وإعلانا من النادب بما آلت حاله إليه. وأكثر ما يتكلم بها النساء؛ لأنهن أرقّ قلوبا، وأكثر جزعا، وأقل في عاقبة الأمور نظرا. وهي مستندة إلى أصل، وذلك: أن من شأن العرب مخاطبة الديار والرسوم، ونداء الأطلال والأشجار وغيرها من الجمادات، مما لا يسمع ولا يجيب، وعلى نحو من ذلك جاءت الندبة، بل هي أقرب حالا، فإن الميت وإن لم يجب، فقد كان للإجابة أهلا) (¬2). 11 - قال في نون الوقاية: (فأما يضربانني فإنما دخلت النون، والنون التي قبلها مكسورة لئلا يعتقد أنّ الأولى - التي هي علامة الرفع - للوقاية، وأن الفعل مجزوم أو منصوب) (¬3). 12 - وقال: (إنما اختص المرفوع والمنصوب بضميري المتصل والمنفصل دون المجرور؛ لأنّ المجرور لا يتقدّم على عامله، ولا يفصل بينهما، ولا يحذف عامله) (¬4). 13 - وقال - في حذف نون المثنى -: (مع الإضافة: نحو: غلاما زيد؛ لأن ¬
النون دليل الانفصال، والإضافة دليل الاتصال، والجمع بينهما متعذر) (¬1). 14 - وقال فيه أيضا: (عند الأخفش في قولهم: ضارباك والضارباك، عنده أن الكاف في موضع نصب؛ لأن النون لا تدخل بينه وبين العامل كما تدخل مع المظهر) (¬2). 15 - قال في جمع الممدود الذى ليس (فعلاء أفعل): (تقلب فيه الألف واوا للفرق بينها وبين المقصورة، ولأنها قد قلبت إليها كثيرا في نحو" وقتت، وأثوب، فتقول في صحراء ونفساء: صحراوات ونفساوات) (¬3). 16 - قال في سبب جعل علامة النسب الياء: (وإنما جعلوها حرف علة، لأن حروف العلة أكثر ما تزاد في الكلام) (¬4). 17 - قال في سبب صرف قائمة وظريفة وأمثالهما: (فأما باب قائمة وظريفة فينصرف؛ لأن تأنيثه للفرق، وهو غير لازم) (¬5). والصحيح أن سبب منعها من الصرف وجود علة واحدة فقط هي ذكره المؤلف من العلل صحيح لا خلاف فيه، ولكنه فى أحيان قليلة جدا يجانب الصواب، ومن أمثلة ذلك: 1 - قسّم الجمع إلى: خاص ومتوسط وعام، وهذا تقسيم لم يسبقه إليه أحد من العلماء - فيما أعلم -، ويقصد بالخاص: جمع المذكر السالم، وعلّل ¬
تسميته بذلك، فقال: (وانفرد باسم الخصوص؛ لانحصاره في المذكر العلم العالم احتراما للفظه ومسماه، ونفيا لوقوع اللبس فيه) (¬1). ويقصد بالمتوسط: جمع المؤنث السالم، وعلّل تسميته بذلك، فقال: (إنّما سمي متوسطا لأنّه أعم من الأول؛ لكونه للمؤنث العاقل وغير العاقل، ولأنّه أخص من الثالث - أي جمع التكسير - باقتصاره على المؤنث خاصة، فحصل بينهما) (¬2). والعلة الأولى في الخاص صحيحة، أما العلة الثانية في المتوسط فغير دقيقة، فهناك أسماء مذكرة غير عاقلة، جمعت بالألف والتاء مثل: حمامات واصطبلات، وعنوانات، وسرادقات، ومحلات. 2 - وقال في جمع المقصور جمع سلامة: (وقد شذّ من هذا الباب قوله: ........... … متى كنّا لأمّك مقتوينا كان القياس: مقتين: حملا على موسين، لأنّ أصلها مفعل من القتو الذي هو الخدمة، ثم نسبت، إليه فقلت: مقتويّ، ثم خففت ياء النسب، كما قلت: الأشعرون، فلما سكنت الياء سقطت؛ لالتقائها مع ياء الجمع، فصارت مقتوين (¬3). فالقول بشذوذ هذا البيت هو قول البصريين؛ لأن القياس أن تحذف الواو التي هي لام الكلمة؛ لأنّها متحركة وما قبلها مفتوح، فحقها أن تقلب ألفا، ثم تحذف لالتقاءها ساكنة مع الياء، ثم تجمع (¬4)، أما العلة التي ذكرها المؤلف ¬
فهي للكوفيين الذين لا يقولون بشذوذه (¬1)، فالتعليل الذي ذكره المؤلف يناقض القول بشذوذه. ومع ميل ابن الأثير - في الغالب - إلى الإيجاز المؤدي إلى فهم الحكم من أقرب طريق، فإنه قد يبسط القول، ويزيد الشرح، ويكثر الأمثلة، عند ما يرى اقتضاء المقام عدم الإيجاز. من ذلك: 1 - قال في الفرق بين" أم و" أو" العاطفتين:" كثيرا ما تشتبه" أو" و" أم" فاحتاجا إلى الفرق بينهما. والفرق بينهما: أنك إذا قلت: أزيد عندك أو عمرو؟ لا تعلم كون أحدهما عنده فأنت تسأل عنه، وإذا قلت: أزيد عندك أم عمرو؟ فأنت تعلم أن أحدهما عنده، لكنك تجهل عينه؛ فأنت تطالبه بالتعيين. وإذا قلت: أزيد عندك أو عمرو؟ فمعناه: أأحدهما عندك؟ فيكون الجواب" لا" أو" نعم". وأما إذا قلت: أزيد عندك أم عمرو؟ فلا يكون الجواب" لا" ولا" نعم" إنما يكون: زيدا، أو: عمرا؛ لأن تقدير السؤال: أيهما عندك؟ وذلك أنه إنما سأل ب" أو" عن واحد منهما لا بعينه، وب" أم" عن عين أحدهما، فيفتقر إلى أن يكون عالما أن أحدهما عنده لا بعينه. فإن لم يكن عالما، وسأل ب" أم" كان مخطئا في سؤاله، ويكون الجواب: ليس عندي زيد ولا عمرو؛ ف" أو" إذا استثبات، و" أم" إثبات ¬
الرابع: حصر مهمته في اختيار أقوال الأئمة وفي تعليقات يسيرة
واستثبات و" أو" تثبت أحد الشيئين أو الأشياء مبهما، و" أم" تقتضي إيضاح ذلك المبهم ..) (¬1). 2 - وقال في تحليل بعض الأبيات المشكلة:" .. وقد أورد الفارسي على إعمال الثاني قول الشاعر: قضى كلّ ذي دين فوفّى غزيمه … وعزة ممطول معنى غريمها وفي الاستشهاد به إشكال؛ لأن قوله:" وعزة" مبتدأ، و" ممطول" ومعنى" خبران، وكل منهما يتعلق ب" غريمها"؛ لأن المعنى يمطل غريمها ويعنى غريمها؛ فلا يجوز أن يرفع" غريمها" ب" ممطول"؛ لأنه يكون مقدما في النية، وإذا تقدم وجب إضماره في" معنى" الذي هو بعده في التقدير، و" معنى" قد جرى على" عزة"، وهو لغيرها. واسم الفاعل إذا جرى على غير من هو له، برز ضميره؛ فيحتاج أن تقول: وعزة ممطول معنى هو غريمها؛ لأن التقدير - على هذا القول -: وعزة ممطول غريمها معنى هو. فلمّا لم يكن في البيت ضمير بارز، علمت أنّ" غريمها" مرفوع ب" معنى" كأنّه قال: وعزة ممطول غريمها. معنى غريمها وقيل: إن" غريمها" مرتفع ب" ممطول"، و" معنى" حال منه، وعامله" ممطول" (¬2). الرابع: حصر مهمته في اختيار أقوال الأئمة وفي تعليقات يسيرة: إنّ المؤلف - رحمه الله تعالى - قد تواضع، واعترف بالحقيقة التي قلّ أن ¬
يعترف بها الكتّاب، المؤلفون، وإنّ المطلع على كتب النحو يتضح له تأثّر كل متأخر بمتقدم، فابن السراج مثلا أخذ كتاب سيبويه، وجعله في كتابه الأصول في النحو، وزاد عليه تعليقات وترجيحات واختيارات هي ما ينسب إلى ابن السراج من آراء، وأبو علي الفارسيّ - في الإيضاح والتكملة - أخذ كتاب الأصول في النحو، وزاد عليه ما زاد، وهكذا فعل ابن جنيّ مع الفارسيّ، ولا عيب في ذلك أبدا، وإنما هو منهج كان متبعا وغير مذموم، حتى أنّنا وجدنا كتاب التكملة - للفارسيّ - في كتاب المخصص لابن سيده، ولكن المؤلف - رحمه الله - وهو المحدّث الذي اعتاد على الصراحة والصدق خوفا من الجرح والتعديل صرّح بذلك، فهو عمد إلى أقوال النحاة وجمعها في كتابه، وكان يختارها في كثير من الأحيان، ولا ينص على أصحابها، فيبدو القول أو الرأي كأنه للمؤلف نفسه، والحقيقة أنه لغيره، لكنّ المؤلف اختاره وسار عليه، وهذا في أكثر الحالات يكون في الآراء المشهورة، وكان في بعض الأحيان يختار الآراء غير المشهورة، ويترك الآراء المشهورة، ومن أمثلة ذلك: 1 - قال: (المؤنث بالعلامة: تصغّر الكلمة عارية من العلامة، ثم تأتي بها بعد ذلك) (¬1). وهذا القول للمبرد (¬2) وابن جنّي (¬3) والصيمريّ (¬4)، وهو مخالف لما عليه جمهور النحاة، فهم يرون أن الكلمة تصغر وفيها علامة التأنيث (¬5). ¬
2 - عدّ الهمزة من حروف العلة (¬1)، وهذا مخالف لرأي الجمهور، وإنما قال به ابن السراج فقط. 3 - قسّم الممدود في النسب إلى منصرف وغير منصرف (¬2)، وهذا تقسيم سيبويه (¬3)، والمبرد (¬4)، والفارسيّ (¬5)، لكن العلماء بعدهم لم يسيروا 4 - جعل (لفعل) الممنوع من الصرف ميزانا، فقال: (ويعتبر بالألف واللام، فما دخلاه لم يكن معدولا في الغالب) (¬6). اتّبع المؤلف في هذا ابن جنّي (¬7)، ولكن الصحيح أنه لا ميزان لها، وإنما هي أسماء محصورة مسموعة، والدليل على عدم شموله أن المؤلف قال: (في الغالب). 5 - تابع" الصوليّ" (¬8) و" الأنباريّ" (¬9) في جواز كتابة ألف المقصور - إذا زاد على ثلاثة أحرف - بالياء أو الألف، أما رأي الجمهور فهو أن تكتب بالياء (¬10). ¬
6 - وقال: (قد زادوا ألفا بعد واو الجمع والواو الساكنة التي هي لام الفعل في حالة الرفع إذا لم يتصل بضمير المفعول، مثل: ضربوا .. ونحو: يغزوا ويدعوا) (¬1)، وهذا قول ابن قتيبة والكسائيّ والأخفش وثعلب وابن خالويه، أما قول الجمهور فإنه خاص بكل فعل معه واو الجمع (¬2). 7 - قال المؤلف عن (لو): (إذا وقع بعدها فعل مستقبل جعلته ماضي المعنى) (¬3). كأنّ ابن الأثير ممن ينكر أن تكون (لو) حرف شرط في المستقبل، وهو قول ابن الحاج، والصحيح أنها تكون للتعليق في المستقبل كقول الشاعر: - ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا … ومن دون رمسينا من الأرض سبسب لظلّ صدى صوتي وإن كنت رمّة … لصوت صدى ليلى يهشّ ويطرب (¬4) 8 - اختار المؤلف أنّ ضمّ قاف (قلت) وكسر باء (بعت) لنقل حركة العين إلى الفاء (¬5)، وهذا رأي الكسائىّ وابن جنّي (¬6). أما القول المشهور فهو أنه للفرق بين الواويّ واليائيّ (¬7). أما تعليقات ابن الأثير وإشارته فغالبا ما تكون في ترجيح بعض الأقوال، أو لمحات عن الحديث، أو تنبيه على لحن، وهي قليلة، منها: ¬
1 - قال" في النسب إلى الاسم المنقوص": (وأما قول الناس: قضويّ، فليس من هذا الباب، وإنما هو منسوب إلى قضا، - بالقصر، لو ورد) (¬1) ومما تجدر الإشارة إليه أنّه كانت في الموصل مدرسة تسمى (المدرسة الكماليّة القضويّة) فربّما أنّ المؤلف قصدها (¬2). 2 - وقال في الإمالة: (وقول الناس: فلان قاعد، خطأ) (¬3)، أى بإمالة قاعد. 3 - قال في" النسب إلى ما فيه ياء مشددة قبل الحرف الأخير كأسيّد: (وأصحاب الحديث يقرون الياء المشددة بحالها، فيقولون: أسيّديّ) (¬4) وهذا تنبيه منه - رحمه الله - على خطأ المحدّثين. 4 - قال في حذف همزة الاستفهام: (وأكثر ما رأيته جاء في الحديث) (¬5) فحذف الهمزة جاء في أحاديث كثيرة، منها قوله - صلّى الله عليه وسلّم: (وإن زنى، وإن سرق؟) وغيره (¬6). 5 - قال: (إذا كانت الهمزة بعد فتحة، وبعد الهمزة ألف، لم يثبت للهمزة صورة .. ومنهم من يكتبها ألفا، وهو الأولى عندي؛ لئلا يلتبس بالواحد) (¬7). فتكتب: هذا فعل زيد وعمرو أخطأ أم أصابا. ¬
مآخذ على أسلوبه ومنهجه
مآخذ على أسلوبه ومنهجه 1 - قال في تثنية الممدود: (أن تكون - أي الهمزة - منقلبة عن حرف زائد لم يلحق بالأصل، كالمنقلبة عن ألف التأنيث، نحو: حمراء وصفراء) (¬1). فقول المؤلف: (كالمنقلبة عن ألف التأنيث)، يوهم أنّ هناك غيرها، وليس كذلك، لذا كان عليه أن يقول: ومنقلبة عن حرف زائد للتأنيث، أو يقول كما قال الفارسي: (المنقلبة عن الحرف الزائد الذي لم يلحق بالأصل) (¬2). 2 - عرّف الجمع بأنّه (ضمّ غير المفرد إلى المفرد) (¬3). وهذا تعريف غير دقيق؛ لأن قوله: (غير المفرد) يدخل فيه المثنى والجمع 3 - قال عن الأعلام المؤنثة التي على وزن فعال وآخرها راء: (وجميع هذا إذا سمي به مذكر لم ينصرف معرفة، وانصرف نكرة، وكل ما لا يعرف أصله من فعال فالقياس صرفه، قال سيبويه: ويجوز فيه الرفع والنصب) (¬4). يفهم من كلام المؤلف أن سيبويه يجيز الرفع والنصب في كل ما لا يعرف أصله وهذا غير صحيح، فسيبويه يجيز ذلك فيما آخره راء، فكان على المؤلف أن يأتى بكلام سيبويه قبل قوله: (وجميع هذا .. الخ). 4 - جعل ابن الأثير التي الخطاب الكاف والتاء على نوعين: اسم دال على الخطاب، وحرف خالص للخطاب (¬5). ¬
مصادر الكتاب
وهذا تساهل من المؤلف في التعبير؛ فهما إذا كانا اسمين دلا على المخاطب لا على الخطاب، وإذا كان حرفين دلا على الخطاب، كما أنه قال في" ذلك": - (والكاف للمخاطب وهو المسؤول) (¬1)، وهى للخطاب؛ 5 - اعتاد العلماء أن يأتوا بالمصادر القياسية للأفعال ومن ثم يستثنون ما جاء على خلافها، لكن المؤلف - رحمه الله - أفرد لها فصلا سماه (لواحق باب المصادر) (¬2)، وهى ليست لواحق، وإنما هي مستثنيات. مصادر الكتاب حدد ابن الأثير - رحمه الله - مهمته في هذا الكتاب بكونه مختارا لآراء الأئمة وأقوالهم، ولذا زخر كتابه بالنصوص والآراء المنقولة عن العلماء السابقين الذين صرح المؤلف بأسمائهم، فتبين أن كتبهم من أهم مصادر الكتاب، وهناك مصادر غير واضحة إلا لمن تعمّق في دراسة الكتاب. فالمؤلف - رحمه الله - لم يشر إلى أنه ينقل منها، وهي كتب محدودة كانت أمام المؤلف وهو يكتب كتابه، وسأتحدث عنها بالتفصيل فيما بعد. ومصادر الكتاب المصرح بها عن طريق نسبة الأقوال والآراء إلى أصحابها كثيرة جدا، ومنها: 1 - سيبويه: آراؤه وأقواله المأخوذة من كتابه بلغت أكثر من واحد وعشرين وثلاثمائة نص منقول أو رأي، لم يشر المؤلف - رحمه الله - في أيّ ¬
موضع منها إلى أن مصدر الرأى هو الكتاب؛ ربما لأنه ليس لسيبويه غير الكتاب. 2 - أبو الحسن الأخفش: وقد بلغت آراؤه في الكتاب أكثر من ثمانين رأيا لم يوثق أي رأي منها بإحالته على أحد كتب الأخفش. 3 - ابن السراج، بلغت آراؤه في الكتاب أكثر من أربعة وسبعين رأيا، لم يعز أي واحد منها إلى مصدره. 4 - الخليل بن أحمد، زادت أراؤه على تسعة وأربعين رأيا. 5 - أبو العباس المبرد: في الكتاب أكثر من اثنين وخمسين رأيا له لم يوثّق أي واحد منها بإحالته على مصدره. 6 - أبو علي الفارسي: بلغت آراؤه أربعة وثلاثين رأيا. 7 - أبو زكريا الفراء: نقل عنه أكثر من ثمانية عشر رأيا دون إحالة على مصادرها. 8 - الكسائي: بلغت الآراء المنقولة عنه تسعة عشر رأيا. 9 - أبو عمرو بن العلاء: جاءت آراؤه وقراءاته في عشرة مواضع. 10 - أبو عثمان المازني: بلغت آراؤه اثنين وعشرين رأيا. 11 - يونس بن حبيب: بلغت آراؤه أربعة عشر رأيا. 12 - أبو الخطاب الأخفش الأكبر: له أربعة آراء. 13 - الجرمي: له تسعة آراء. 14 - أبو زيد: له ثلاثة آراء. 15 - الزجاج: بلغت آراؤه ثلاثة عشر رأيا. 16 - السيرافي: بلغت آراؤه أحد عشر رأيا. 17 - ثعلب: له ثلاثة آراء.
موقفه من المصادر
18 - عيسى بن عمر: له رأيان. 19 - شيخه (ابن الدهان): له سبعة آراء. 20 - الرماني: له رأيان. ولابن جنّي اثنا عشر رأيا، وقد انفرد أبو الفتح بأنّ المؤلف قد ذكر أحد أقواله وأحاله على مصدره" كتاب سر صناعة الإعراب" وهو الكتاب الوحيد المذكور في الجزء الثاني من كتاب" البديع في علم العربية" (¬1). ولكل من الأصمعي والزمخشري ثلاثة آراء. ولكل من الصيمري وابن كيسان وابن الأنباري رأي واحد. وقد عمد المؤلف في كثير من المواضع إلى عدم ذكر اسم صاحب الرأي والتعبير عنه بقوله:" قال بعضهم"، أو" قيل"، أو" ومنهم من يقول: كذا" أو" وقال قوم". موقفه من المصادر إنّ المؤلف - رحمه الله تعالى - مع كثرة النصوص والآراء التي أودعها في كتابه لم يعمد إلى توثيقها بإحالتها على مصادرها الأصلية في الغالب فلم يرد في الجزء الثاني من كتابه قول معزو" إلى مصدره إلا مرة واحدة. قال في صنعانيّ وبهرانيّ: (وحذاق النحاة يقولون: إن النون بدل من الواو المبدلة من همزة التأنيث، كأنّ الأصل: صنعاويّ وبهراويّ، حكاه ابن ¬
موقفه من النصوص
جني في سر الصناعة) (¬1). بل إن من عجيب الأمر أن يكون الرأى في كتاب شيخه ابن الدّهان محالا على مصدره، فيترك ابن الأثير الإحالة، ومن أمثلة ذلك قول المؤلف: (قال الأخفش من قال: هذه حمامة للذكر، وهذه حمامة للأنثي، فينبغي له إذا أراد المذكر أن يقول: ثلاثة حمامات) (¬2). نصّ ابن الدهان (¬3) على أن الأخفش قاله في كتابه (المسائل الكبير). موقفه من النصوص لم يلتزم المؤلف طريقة واحدة في نقله النصوص، بل اتبع ثلاث طرق في ذلك، وهي: 1 - النقل المطابق: وذلك بالالتزام بنصّ العالم لفظا ومعنّى، وهذا كثير جدا في الكتاب (¬4). 2 - نقل المعنى والتصرف باللفظ: إذ عمد المؤلف إلى بعض الأقوال، فنقلها بأسلوبه، ولم يلتزم فيها بنص قائلها، ولذلك أمثلة كثيرة (¬5) منها: - قال المؤلف: (قال سيبويه: سألته - يعني الخليل - عن «عقلته بثنايين»: لم لم يهمز؟ فقال: لأنّه لا يفرد له واحد) (¬6). ونص سيبويه في هذا: (وسألت الخليل عن قولهم: عقلته بثنايين وهنايين لم لم يهمزوا؟ فقال: ¬
تركوا ذلك حيث لم يفرد الواحد، ثم يبنوا عليه، فهذا بمنزلة السماوة لما لم يكن لها جمع كالعظاء والعباء يجئ عليه جاء على الأصل) (¬1). وقال المؤلف: (قال الخليل: إنما قالوا: مرضى وهلكى لأن المعنى معنى مفعول) (¬2). وفي الكتاب: (وقال الخليل: إنما قالوا: مرضى وهلكى وموتى وجربى وأشباه ذلك لأنّ ذلك أمر يبتلون به، وأدخلوا فيه وهم له كارهون، وأصيبوا به فلما كان المعنى معنى المفعول كسّروه على هذا المعنى) (¬3). وقال المؤلف: (وقال ابن الأنباريّ: إذا قلت: عندي ثلاث بنات عرس وثلاث بنات آوى، فالأولى أن تدخل التاء في المذكر لأن الواحد ابن عرس وابن آوى) (¬4). ونص قول ابن الأنباري: (فإذا قلت: عندي ثلاث بنات عرس وأربع بنات آوى كان الاختيار أن تدخل الهاء في العدد، فتقول: عندي ثلاثة بنات عرس، وأربعة بنات آوى؛ لأن الواحد ابن عرس) (¬5). قال المؤلف: (قال شيخنا الواجب أن لا يعتبر في الوصف أفعل فعلاء؛ فإن منه ما لم يستعمل له مؤنث، نحو: رجل آدر، وأنزع، ويوم أيوم) (¬6)، ونص شيخه ابن الدّهان: (والواجب ألا يعتبر في هذا الباب جميعه فعلاء، فربما لم يستعمل له مؤنّث؛ إما لفساد المعنى: كيوم أيوم، ولم ¬
يقولوا: ليلة يوماء، ورجل آدر، وإما للغناء عنه: كأخيل وأجدل، في من لم يصرف، وقالوا: رجل أنزع، وامرأة زعراء، ولا يقال: نزعاء) (¬1). 3 - الاختصار والاقتصار على ما يؤدى الغرض: فحينما يكون في المصدر تفصيل أو تعليل يتركه المؤلف، ويكتفي بما يحقق الهدف، ومن أمثلة ذلك: قال المؤلف: (قال سيبويه: وليس كل جمع يجمع، لم يقولوا في جمع برّ: أبرار) (¬2). ونص قول سيبويه: (واعلم أنه ليس كل جمع يجمع، كما أنه ليس كل مصدر يجمع، كالأشغال والعقول والحلوم والألباب، ألا ترى أنك لا تجمع الفكر والعلم والنظر، كما أنهم لا يجمعون كل اسم يقع على الجميع، نحو: التمر وقالوا: التمران، ولم يقولوا: أبرار) (¬3). وقال المؤلف: (قال سيبويه: ليس في كل شئ يقال هذا، لم يقولوا لصاحب البرّ: برّار، ولا لصاحب الشعير: شعّار، ولا لصاحب الدقيق: دقّاق) (¬4) ونص قول سيبويه هو: (وليس في كل شئ من هذا قيل هذا، ألا ترى أنك لا تقول لصاحب البرّ: برّار، ولا لصاحب الفاكهة: فكّاه، ولا لصاحب الشعير: شعّار، ولا لصاحب الدقيق: دقّاق) (¬5). ¬
مآخذ على المؤلف في مصادره
وقال المؤلف: (وقال سيبويه تقول: ثلاثة نسابات، وهو قبيح؛ لأن النسابة صفة، كأنه قال: ثلاثة رجال نسابات) (¬1). ونص سيبويه: (وتقول ثلاثة نسّابات، وهو قبيح؛ وذلك أن النسّابة صفة، فكأنه لفظ بمذكر، ثم وصفه، ولم يجعل الصفة تقوى قوة الاسم، فإنما تجئ كأنك لفظت بالمذكر، ثم وصفته، كأنك قلت: ثلاثة رجال نسّابات) (¬2). مآخذ على المؤلف في مصادره 1 - الاضطراب في النقل: وذلك بالتقديم والتأخير في القول الواحد، أو في الأقوال المجتمعة، ومن ذلك قوله: (قال سيبويه: تقول له ثلاث من النساء، وثلاث شياه ذكور، وخمس من الغنم ذكور)، و (قال: وتقول: له ثلاثة ذكور من الغنم، وخمسة ذكور من الإبل) (¬3). وسيبويه قال: (له ثلاث شياه ذكور، وله ثلاث من الشاء) (¬4). فالمؤلف في الجملة الأولى قدّم وأخّر، ثم قال سيبويه بعد كلام لم يذكره المؤلف: (وتقول: له خمس من الإبل ذكور، وخمس من الغنم ذكور) (¬5)، وكلام المؤلف - رحمه الله - يدل على أن الجمل متتالية، ثم قال سيبويه: (وتقول: له ثلاثة ذكور من الإبل) (¬6)، والمؤلف قد جعلها خمسة، وأتى بقول لم يقله سيبويه (وهو: له ثلاثة ذكور من الغنم، وسبب هذا الاضطراب أن ¬
2 - التحريف الموهم
المؤلف - رحمه الله - لم ينقل من كتاب سيبويه مباشرة، وإنما تابع شيخه ابن الدهان (¬1) الذي وقع في نقله الاضطراب نفسه. 2 - التحريف الموهم: قد يغيّر المؤلف بعض النصوص بما لا يغيّر معناها، وربما لا يلبس، لكنه قد غيّر في أحد أقوال سيبويه تغييرا حصل فيه إبهام حاول المؤلف - رحمه الله - تلافيه، قال: (قال سيبويه: ومن العرب من يقول في ناب: نويب، فيجئ بالواو؛ لأن هذه الألف يكثر إبدالها من الواوات، قال: وهو غلط منه) (¬2) فيوهم النص - على الرغم من تقدّم كلمة: (قال) الثانية أنّ الغلط ينسب إلى سيبويه، ونص سيبويه: (وهو غلط منهم) (¬3) - أي: من العرب القائلين ذلك، والمؤلف - رحمه الله - لم ينقل النص من كتاب سيبويه مباشرة، وإنما عن طريق ابن السراج (¬4) الذي غيّر ضمير الجمع إلى ضمير المفرد، ومن هنا حدث، اللبس حتى أنّ الجوهريّ (¬5) ظنّ أن ابن السراج خطّأ سيبويه، وردّ عليه. 3 - عدم الدقة في نقل بعض الآراء: قال المؤلف - رحمه الله -: (قال سيبويه: لولا الإطباق صارت الطاء تاء والظاء ثاء، والصاد سينا، وعدم الضاد؛ لأنّها منفردة في مخرجها) (¬6) وهذا النقل عن سيبويه فيه تغيير وتقديم وتأخير، قال سيبويه: (ولولا ¬
الإطباق لصارت الطاء دالا، والصاد سينا، والظاء ذالا، ولخرجت الضاد من الكلام؛ لانه ليس شئ من موضعها غيرها) (¬1). وقال المؤلف - رحمه الله -: (وأما فعل وفعل فتثبت فاؤهما في المستقبل، نحو: وجل يوجل، ووضؤ يوضؤ وأما ولي يلي، ووثق يثق، وومق يمق، فقليل محمولة على باب وعد) (¬2). الأمثلة على مجئ مضارع فعل على يفعل قليلة، وقلتها لمخالفتها فتح المضارع، وليس من مبرّر لحملها على باب وعد، بل مضارعها مثل مضارع وعد، ففى مضارعها وقعت الواو بين الياء المفتوحة والكسرة، فلا بد من حذفها، أما كلام المؤلف فمنقول عن سيبويه دون دقة. قال سيبويه: (وولي ويلي: أصل هذا يفعل، فلمّا كانت الواو في يفعل لازمة، وتستثقل، صرفوه من باب فعل يفعل إلى باب يلزمه الحذف، فشركت هذه الحروف وعد كما شركت حسب يحسب) (¬3). فسيبويه ذكر أنها تشارك (وعد)، وليست محمولة عليها. قال المؤلف: (والعلماء في مثنى الأعلام ومجموعها مختلفون، فمنهم من يلحقه الألف واللام عوضا عما سلب من التعريف، فيقول: الزيدان والزيدون، وهم الأكثر، ومنهم من لا يدخلهما عليه، ويبقيه على حالة قبل التثنية والجمع، فيقول زيدان وزيدون) (¬4). ¬
4 - الخطأ في نسبة بعض الآراء
والرأى الأخير غير معروف، حتىّ أنّ أبا حيان النحويّ قال: (وهذا القول الثاني غريب جدا لم أقف عليه إلا في هذا الكتاب) (¬1) فربما كان هذا سهوا من المؤلف - رحمه الله -، حتى شيخه ابن الدهان لم ينقله. 4 - الخطأ في نسبة بعض الآراء: قد ينسب رأيا لعالم، وهو لغيره، أو يغير في قوله ورأيه، ومن أمثلة ذلك: قال المؤلف في الآراء في (أنت): (وقال الفراء: التاء هي الاسم، وأن عماد لها) (¬2)، وإنما قال المؤلف هذا متابعة لشيخه ابن الدهان (¬3)، ورأي الفراء أنّ أنت بكماله اسم (¬4)، أما ما ذكره المؤلف فهو رأي ابن كيسان وبعض الكوفيين (¬5). وقال المؤلف: (ومنهم من يكسر الكاف مع الجمع إذا انكسر ما قبلها حملا على هاء (به)، كقوله: وإن قال مولاهم على جلّ حادث … من الدّهر ردّوا فضل أحلامكم ردّوا قال سيبويه: وهي لغة قوم من ربيعة) (¬6). وهذه ليست لغة قوم من ربيعة، بل هي قول ناس من بكر بن وائل، كما ¬
قال سيبويه (¬1)، وأما أولئك فيقولون: منهم، ولكنّ المؤلف تابع شيخه ابن الدّهان (¬2). وقال المؤلف في النسب إلى شنوءة: (فسيبويه والأخفش يحذفان الواو مع التاء، ويقرّان الضمة على حالها) (¬3). تابع في هذا القول شيخه ابن الدهان (¬4). والصحيح أنّ هذا مذهب ابن الطراوة (¬5)، أما سيبويه فيحذف الواو مع التاء، ويقلب الضمة فتحة (¬6). أما الأخفش فينسب إلى الكلمة على لفظها (¬7)، وقد نبّه أبو حيّان على وهم ابن الدهان، فقال: (ووقع في الغرة نسب هذا المذهب إلى سيبويه والأخفش وهو وهم (¬8)، ونّبه عليه المرادىّ (¬9) وابن عقيل (¬10) ¬
مصادر الكتاب الأساسية
مصادر الكتاب الأساسية الدقة في ذكر المصدر الذي ينقل عنه: يسلك ابن الأثير - أحيانا - منهجا يشبه منهج المحدثين في بحوثهم، وذلك أنه قد يذكر اسم الكتاب الذي ينقل عنه، ومن ذلك: 1 - يقول في اختلاف النحاة في" ليس":" وأما" ليس" فأكثر النحاة يقولون إنها فعل غير متصرف، وعليه ظاهر كلام سيبويه والخليل. وذهب قوم إلى أنها حرف، وعليه جاء قولهم:" ليس الطّيّب إلا المسك" برفعهما، كما يرفعان ب" ما". وقال الفارسي بالمذهبين جميعا. فجعلها في" الإيضاح" فعلا، وفي" الحلبيات" حرفا. ثم يختم الكلام بذكر مذهب ابن السراج في" ليس" بقوله:" وهي تنفي المستقبل عند ابن السراج؛ ولهذا منعوا من قولهم: ليس زيد قد ذهب، ولا: قد يذهب؛ لتضاد الحكم بين" قد" و" ليس" (¬1). 2 - ويقول - في الكلام على دخول نون التوكيد مع النفي كما تدخل مع الاستفهام -:" وقال بعض العلماء: ليس كل استفهام تدخل فيه مع الفعل النون، بل إن كان الاستفهام عن الفعل دخلت (النون)، وإن كان عن الاسم لم تدخل (النون)، كقولك: متى تقوم؟؛ لأن الاستفهام عن زمن القيام، والأكثر الأول؛ فإنك تقول: كم تمكثنّ؟ و: انظر متى تفعلن؟ وقد ألحق عثمان بن جنّي النفي بهذا الضرب، قال شيخنا: لم أجد أحدا ذكر دخول" النون" في النفي، وإنما قال سيبويه: وبعد" لم"؛ ¬
لأنها لما كانت جازمة أشبهت" لا" النافية، وهذا لا يجوز فيالإضطرار (¬1). وقد أعاد عثمان هذا الحكم في" شرح الإيضاح"، فقال: وتدخل النون في النفي كقوله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً (¬2) فجعل" لا تصيبن" نفيا، وغيره جعلها نهيا بعد أمر، كقوله تعالى: ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ (¬3). وأعاد عثمان ذكر هذا الحكم في «الخصائص»، فقال: ومثال دخول النون في الفعل المنفي قولك: قلما يقومنّ زيد، وقالوا: أقسمت لما تفعلن،" لا" طلب كالأمر والنهي" (¬4). وها هنا يؤكد ابن الأثير شخصيته العلمية، واختياره ما صح عنده من الأقوال، وإن كان في اختياره هذا مخالفة لأشياخه؛ فهو يختار رأى ابن جني في المسألة، مع أن شيخه ابن الدهان لا يرى ما رآه ابن جنّي؛ فقد حكى ابن الأثير كلام شيخه، حيث قال:" قال شيخنا:" لم أجد أحدا ذكر دخول النون في النفي ... " إلخ. وها هو ذا يرجح رأي ابن جنّي بقوله:" وما أشبه قال عثمان بما قال؛ فإنّ ظاهر لفظ الآية يدلّ على ما ذهب إليه، ولا يحتاج إلى تعسف في توجيهها .. " (¬5) ويختم ابن الأثير الكلام هاهنا بذكر رأي الفارسي في المسألة، وكأنه يريد أن يبيّن مخالفة ابن جنّي لشيخه أبي علي، كما خالف هو شيخه ابن الدهان، ¬
1 - كتب شيخه ابن الدهان
يقول:" وقال الفارسي: نون التوكيد لا تدخل النفي، وأنشد معترضا: قليلا به ما يحمدنّك وارث … إذا نال مما كنت تجمع مغنما وقال: إنما دخلت النون ها هنا حملا على المعنى .. " (¬1). إن ما تحدّثنا عنه من مصادر الكتاب هي ما يظهر لكل مطلع، وهي ليست مصادر أساسية؛ لأنه من الممكن أن تكون الآراء والنقول التي مرت وغيرها من نصوص الكتاب منقولة من غير مصادرها الأصليّة، وقد نبهنا فيما مضى على بعض النماذج من ذلك، وكتاب" البديع في علم العربيّة"، له مصادر أساسيّة اعتمد عليها واستقى منها مادته العلمية من أهمها: 1 - كتب شيخه ابن الدهان: وابن الدهان تلميذ الرمانيّ، وسيبويه عصره، كمال قال العماد الأصفهانى (¬2)، وقال عنه ابن خلكان: (وكان في زمن أبي محمد المذكور ببغداد من النحاة ابن الجواليقى وابن الخشاب وابن الشجريّ، وكان الناس يرجحون أبا محمد المذكور على الجماعة المذكورين مع أنّ كل واحد منهم إمام) (¬3). ولكنه كما قال عنه ياقوت الحمويّ: (وكان مع سعة علمه سقيم الخط، كثير الغلط، وهذا عجيب منه) (¬4). وقد اعتمد ابن الأثير على كتب شيخه، وفي مقدمتها (الغرة في شرح اللمع) في الأبواب الآتية: النكرة والمعرفة - المقصور والممدود - التصغير - النسب - الاستفهام - الموصول والصلة - الممنوع من الصرف - العدد - ¬
2 - كتاب التكملة - لأبي علي الفارسي
الإمالة - الكتابة والهجاء .. وإنّ هذا الحكم لا يحتاج قبل إصداره إلى أدلة، فالموازنة بين الكتابين تجعل هذا الحكم مسلّما به، وقد مرت بنا شواهد على نقله عن شيخه حتى الأخطاء، وسيأتي في الشواهد ما يزيد ذلك وضوحا، ومن أعجب ما رأيت من متابعة ابن الأثير شيخه ابن الدهان قوله في دخول همزة الاستفهام على (إنّ): (وتدخل على إنّ المكسورة كقوله تعالى: أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ وأ إنّكم لتقولون (¬1). فساق ابن الأثير قوله: أإنّكم لتقولون على أنها آية متابعة لشيخه الذي قال وقوله تعالى:" أإنكم لتقولون" .. (¬2) وليس في القرآن الكريم آية على ما ذكرا من دخول همزة الاستفهام على إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ ولا قراءة بدخولها في آية الإسراء (¬3). 2 - كتاب التكملة - لأبي عليّ الفارسيّ: كتب أبي عليّ الفارسيّ ذات أثر واضح في كتاب" البديع في علم العربيّة"، وكتاب" التكملة" يتضح أثره في الأبواب التالية: الهمزات - التثنية - جمع التكسير - أبنية الأفعال والمصادر. 3 - سر صناعة الإعراب لابن جنّي: فالمؤلف - رحمه الله - استقى منه المادة العلمية في دراسة الحروف في باب التصريف. كما أكثر من النقل عنه في بعض أبواب الجزء الأول. 4 - الأصول في النحو لابن السراج: ¬
5 - المفصل - للزمخشري
ولا أشك في أنّ هذا الكتاب كان مرجعا أساسيا لابن الأثير في كتابه فإنّ من يجد كلاما لابن الأثير في الكتاب ولا يجده فيما سبق من الكتب فسيجده في الأصول في كثير من الأحيان، ولذلك أمثلة كثيرة (¬1). 5 - المفصّل - للزمخشريّ: ويبرز أثره في أنه كان مصدرا أساسيا لابن الأثير في باب الإدغام ومخارج الحروف، وصفاتها، ودراسة أبنية الأفعال ومعانيها، ودراسة الحروف (¬2). ومن الأدلة على نقله من المفصل أنه نقل كلام سيبويه في بعض المواضع منه، فجاء محرفا (¬3)، ونقل من المفصل في وقوع" ما" مصدرية قوله تعالى: ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ كذا في المفصّل (¬4)، وفي البديع (¬5) والصحيح أنه مع الواو لا بد من" عليكم" (¬6)، أو دون الواو (¬7). 6 - شرح السيرافيّ على الكتاب: يبرز أثره في الكتاب في باب الإدغام، وفي فصل الاعتلال من باب التصريف، وتتضح حقيقة قولنا في هوامش التحقيق، فقد اعتمدنا في منهجنا ¬
شواهد الكتاب
شواهد الكتاب الشواهد القرآنية: زادت الشواهد القرآنية التي استشهد بها المؤلف - رحمه الله - على سبعمائة وثمانين آية في الكتاب كله، منها ما هو مكرر، ولم يكن المؤلف يكمل الآيات، وإنما كان يعمد إلى موضع الشاهد في الآية فيكتفى به، وكان يستشهد بآيتين أو أكثر لمسألة واحدة، ومن ذلك: أنه استشهد لسقوط همزة الوصل إذا دخلت عليها همزة الاستفهام بقوله تعالى: (أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ .. " وقوله تعالى:" أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً .. " وكقوله" أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ) (¬1). واستشهد المؤلف - رحمه الله - بأكثر من سبع وخمسين قراءة، منها خمس وعشرون قراءه سبعيّة، واستشهد ببعض القراءات الشاذة مثل: قراءة الضحاك، وقطرب، ورؤبة، وإبراهيم بن أبي عبلة (مثلا ما بعوضة) برفع بعوضة (¬2)، وهي قراءة شاذة (¬3). وقراءة مجاهد: (أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ): برفع الميم (¬4)، وهي قراءة شاذة (¬5) ¬
وقراءة أبي أيوب السّختيانيّ الشاذة (¬1):" «ولا الضّألين" بالهمز (¬2). وقراءة عمرو بن عبيد الشاذة (¬3):" إنس ولا جأن" بالهمز (¬4). وقراءة ابن محيصن والجحدريّ الشاذة (¬5):" وعباقريّ حسان" (¬6). وقراءة قتادة وأبي السمال وعبد الله بن بريدة الشاذة (¬7):" لمثوبة من عند الله خير" (¬8). وقد نسب المؤلف - رحمه الله - خمس عشرة قراءة إلى قرائها، وأكثرها لأبي عمرو بن العلاء. وفي اجتماع الهمزتين أتى بآيات كثيرة بيّن أوجه القراءات فيها ونسبها إلى قرّائها، ولكنه وهم في نسبة بعض القراءات إلى أصحابها ومن ذلك: 1 - نسب إلى ابن عامر أنه إذا التقت همزتان متحركتان متفقتان في الحركة في كلمة واحدة أنّه يحقق الهمزتين (¬9)، والصحيح أنّ ابن عامر لّا يحقق إلا إذا كانت الأولى مفتوحة والثانية مكسورة (¬10). 2 - نسب إلى نافع أنه إذا التقت همزتان متّفقتان في الحركة في كلمتين أنه ¬
الشواهد من الحديث الشريف والأثر
يحذف الأولى، ويحقق الثانية (¬1). والصحيح أن نافعا يحوّل الأولى إلى واو إن كانت مضمومة، وإلى ياء إن كانت مكسورة، ويحذفها إن كانت مفتوحة ويمدّ الأولى (¬2). 3 - نسب إلى ابن كثير أنّه في مثل ما سبق مع نافع - يليّن الأولى، ويحقّق الثانية إلّا إذا كانتا مضمومتين (¬3)، والصحيح أن ابن كثير كان يهمز الأولى ويحذف الثانية (¬4). الشواهد من الحديث الشريف والأثر يعد ابن الأثير من العلماء بالحديث، فقد ألف فيه (جامع الأصول) و (الشافي في شرح مسند الشافعي) و (النهاية في غريب الحديث والأثر). وفي هذا الكتاب استشهد المؤلف - رحمه الله بواحد وعشرين حديثا وثلاثة آثار للصحابة، ومن ثم يعد فيمن اعتمد الحديث شاهدا على النحو واللغة، وها هي ذي الأحاديث التي استشهد بها في البديع بجزئيه الأول والثاني. ¬
1 - " حرمت عليكم الخمر" (¬1). 2." .. بيد أني من قريش" (¬2). 3 - قوله - صلّى الله عليه وسلّم - لزيد الخيل:" ما وصف لي شئ في الجاهلية فرأيته فى الإسلام إلا ورأيته دون الوصف ليسك" (¬3). 4 - " الطيرة من الشرك، وليس منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل" (¬4). 5 - " ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقا، ألا أخبركم بأبغضكم إلي وأبعدكم مني مجالس يوم القيامة؟ أساوئكم أخلاقا" (¬5). 6 - " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" (¬6). 7 - " التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله" (¬7). 8 - " .. حتى ترى أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع" (¬8). 9 - " واجتاز يوما - صلّى الله عليه وسلّم - على فاطمة فقال: أثمّ لكع؟! " (¬9) 10 - " أنه مر برجل يقرأ في الصلاة ليلا فقال:" أتقوله مرائيا؟! " (¬10). 11 - " عجب ربك من شاب ليست له صبوة" (¬11). ¬
12 - " ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة" (¬1) 13 - " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بله ما أطلعتكم عليه" (¬2). 14 - حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - (مثل المنافق كمثل الشّاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرّة وإلى هذه مرّة" (¬3). ورواه المؤلف: (مثل المنافق كالشاة ..). 15 - حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: (ليس في الخضراوات صدقة) (¬4). 16 - حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه: (أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم رخّص في العرايا أن تباع بخرصها كيلا) (¬5). 17 - الحديث المروى عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لها: (يا حميراء من أعطى نارا فكأنّما تصدّق بجميع ما أنضحت تلك النّار) (¬6). 18 - حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - تزوجها، وجعل يأتيها، ويقول: (أين زنّاب) (¬7). ¬
19 - حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (صلاة اللّيل مثنى مثنى) (¬1). 20 - حديث: علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم قال: (العين وكاء السّه) (¬2). 21 - حديث كعب بن عاصم الأشعريّ - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ليس من امبر امصيام في امسفر) (¬3). وقد نسب المؤلف إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال في ابن مسعود رضي الله عنه: (كنيف ملئ علما) (¬4) هذا وقد استشهد المؤلف بثلاثة آثار للصحابة هي: 1 - قول ابن عباس للأنصار - وقد نهضوا له -:" بالإيواء والنصر إلا جلستم" (¬5). 2 - قول عمر:" مغربة خبر" (¬6). 3 - قول أبي الدرداء:" وجدت الناس اخبر تقله" (¬7). ¬
الشواهد من مأثور كلام العرب
الشواهد من مأثور كلام العرب اعتمد أهل العربية في وضع قواعدها على كلام الفصحاء من العرب شعرا ونثرا، وقد غلب الشعر في ذلك على النثر، لكنهم لم يغفلوا عن الاستشهاد بما صحت روايته من المنثور، كالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة وأمثال العرب وأقوالهم، وقد حذا المؤلف رحمه الله حذو أسلافه فاستشهد بالأمثال والأقوال المأثورة ولغات العرب، لكنها بعامة أقل من شواهده من القرآن الكريم والشعر، ومن ذلك: وقولهم: (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) (¬1). وقولهم: (مكره أخاك لا بطل) (¬2). وقولهم: (اليوم خمر وغدا أمر) (¬3). وقولهم: (مواعيد عرقوب) (¬4). وقولهم: (أغدة كغدّة البعير؟!) (¬5). وقولهم: (الكلاب على البقر) (¬6). وقولهم: (أفلس من ابن المذلق) (¬7). وقولهم: (أشغل من ذات النحيين) (¬8). ¬
وقولهم: (آبل من حنيف ابن الحناتم) (¬1). وقولهم: (ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة) (¬2). وقولهم: (أطرق كرا) (¬3). وقولهم: (من يسمع يخل) (¬4). وقولهم: (عسى الغوير أبؤسا) (¬5). وقولهم: (التقت حلقتا البطان) (¬6). وقولهم: (عرف حميق جمله) (¬7). وقولهم: (إنّ البغاث بأرضنا يستنسر) (¬8). وقولهم: (لو ذات سوار لطمتني) (¬9). وقولهم: (إنّ الكذوب قد يصدق) (¬10). وقولهم: (أخزى الله الكاذب منّي ومنك) (¬11)، وقولهم: (أيي وأيك كان شرّا فأخزاه الله) (¬12). ¬
الشواهد الشعرية
وقولهم: (برئت إليك من خمس وعشرى النّخاسين) (¬1)، وما حكي عنهم من لغاتهم، مثل: (رأيت التّيميّ تيم عديّ) (¬2) و (مرحبك الله ومسهلك) (¬3) وغيرها. الشواهد الشعرية زخر الكتاب بشواهد شعرية بلغت سبعة وأوربعين وسبعمائة شاهد، ولم يكن المؤلف مهتما بتوثيق شواهده الشعريّة بنسبتها إلى قائليها، فمن هذا العدد الكثير لم ينسب إلا أبياتا قليلة منها: قول لبيد: ألا تسألان المرء ماذا يحاول … أنحب فيقضى أم ضلال وباطل (¬4) وقول عديّ بن زيد: أبلغ النّعمان عنّي مألكا … أنّه قد طال حبسي وانتظاري (¬5) وقول العجّاج: فخندف هامة هذا العألم (¬6). وقول الأعشى: ............ … ولا تعبد الشيطان والّله فاعبدا (¬7) ¬
وقول رؤبة: ............. … وكفّك المخضّب البنام (¬1) وقول طفيل الغنوي: ........... … بهاد رفيع يقهر الخيل صلهب (¬2) وقول رؤبة: غمر الأجاري كريم السّنح … أبلج لم يولد بنجم الشّح (¬3) ونسب البيت الآتي إلى جرير: شربت بها والدّيك يدعو صباحه … إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا (¬4) والبيت ليس كما زعم المؤلف لجرير، وإنما هو للنابغة الجعديّ رضي الله عنه، ولكن المؤلف تابع شيخه ابن الدّهان (¬5)، وقد نبه السيوطيّ (¬6) على وهم ابن الدّهان في نسبته البيت إلى جرير. والمؤلف - رحمه الله - لم يترك إتمام الأبيات إلا في اثنين وتسعين موضعا، اكتفى المؤلف فيها إما بصدر البيت أو عجزه، فمما ترك عجزه واكتفى بصدره لوجود الشاهد فيه: 1 - له زجل كأنّه صوت حاد (¬7). ¬
2 - لنا إبلان فيهما ما علمته (¬1). 3 - يديان بيضاوان عند محلّم (¬2). 4 - فهم أهلات حول قيس بن عاصم (¬3). 5 - كأنّه وجه تركيّين قد رميا (¬4). 6 - ألا ياديار الحيّ بالسبعان (¬5). وغيرها (¬6). ومما ترك صدره واكتفى بعجزه: 1 - ...... … وأظن أن نفاذ عمره عاجل (¬7). 2 - ...... … متى كنّا لأمّك مقتوينا (¬8). 3 - ..... … جرّدوا كلّ وراد وشقر (¬9) 4 - .... … فكيف ترى طول السلامة يفعل (¬10) 5 - .... … وقد رجعوا كحيّ واحدينا (¬11) 6 - .... … وحبّ بها مقتولة حين تقتل (¬12) وغيرها (¬13) ¬
ملحوظات على شواهده الشعرية
وربما اكتفى بصدر البيت في موضع وأكمله في موضع آخر مثل: 1 - فلو أنّ الأطبّا كان حولي … وكان مع الأطبّاء الأساة (¬1) 2 - فبيناه يشري رحله قال قائل … لمن جمل رخو الملاط نجيب (¬2) ملحوظات على شواهده الشعرية: 1 - فلا ترى بعلا ولا حائلا … كهو ولا كهنّ إلّا حائلا (¬3) هكذا رواه تبعا لشيخه ابن الدّهان (¬4)، وصحه روايته" كهوولا كهنّ إلّا حاظلا ولم أجد غيرهما رواه" حائلا". 2 - لنا إبلان فيهما ما علمته (¬5). لم يروه أحد غيره" علمته" وجميع من رواه رواه" علمتم". 3 - تزوّد فيما بين أذناه طعنة … دعته إلى هابي التّراب عقيم (¬6) وكل من رواه غيره رواه (تزوّد منّا). 4 - كأنّه وجه تركيّين قد رميا (¬7). الرواية المشهور (إذ غضبا). 5 - سائل فوارس يربوع بشدّتنا … أهل رأونا بوادي السّفح ذي الأكم (¬8) الرواية المشهورة (بسفح القفّ). 6 - وإنّي لراج نظرة قبل الّتي … لعلّي وإن شطّت نواها أزورها (¬9) ¬
تابع شيخه ابن الدّهان (¬1) في هذه الرواية: (وإنّي لراج) والرواية الصحيحة (لرام). 7 - وأنا الذي قتّلت بكرا في الوغى … وتركت تغلب غير ذات سنام (¬2). تابع شيخه (¬3) في هذه الرواية (في الوغى) والرواية المشهورة (بالقنا) 8 - وعزّة أحلى النّاس عندي مودّة … وعزّة عنّي المعرض المتجافي (¬4) هكذا رواه تبعا لشيخه (¬5)، وصحة البيت هكذا: فعفراء أرجى النّاس عندى مودّة … وعفراء عنيّ المعرض المتواني 9 - فقالت: أبن زيد ذا … وبعض الشّيب يعجبها (¬6) لم يروه أحد غير المؤلف، (أبن زيد)، والصحيح (أبن قيس). 10 - وإن يك غثّا أو سمينا فإنّني … سأجعل عينيه لنفسه مغنما (¬7) هكذا جعل قافية البيت، والصحيح (مقنعا). 11 - رحت وفي برديك ما فيهما … وقد بدا هنك من المئزر (¬8) الرواية المشهورة (رجليك). 12 - وقال أنشد سيبويه: وأتى صواحبها فقلن هذا الّذي … منح المودّة غيرنا وجفانا (¬9) ¬
مآخذ علمية على الكتاب
وهذا البيت لم ينشده سيبويه، وإنما أنشده الأخفش، وربما نقله المؤلف عن الصيمري (¬1). مآخذ علمية على الكتاب 1 - قال في الضمير المنفصل (هو): (سكنت الهاء مع اللام وواو العطف) (¬2) فأسقط المؤلف الفاء مع أنها مما تسكن معه الهاء (¬3)، ومنه قراءة (وإذا مرضت فهو يشفين). 2 - جعل المركب قسمين: جملة وغير جملة، ثم قال: (وغير الجملة اسمان جعلا اسما واحدا، وهي إمّا مركب .. وإمّا مضاف .. وإمّا كنية) (¬4) كان الأحسن ألا يفرد الكنية؛ لأنها مندرجة في المضاف. 3 - قال المؤلف - في تثنية علباء وحرباء: (القلب هو الأكثر، ولك فيها الإبقاء على الأصل، وهو الأقل) (¬5)، والصحيح أن إبقاءها هو الأكثر، وقلبها هو الأقل (¬6). 4 - جعل تثنية كساء ورداء: (كساوان وردايان) (¬7) وقد أخطأ بردها إلى ¬
أصلها؛ فالذي عليه الصرفيون: أنها لا تقلب، وهو الأكثر، ويجوز بقلة أن تقلب واوا (¬1). 5 - قال في حذف نون الجمع دون إضافة: ومثال الموصول قوله: وإنّ الذي حانت بفلج دماؤهم … هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد يريد الذين) (¬2)، وليس (الذين) من جمع المذكر السالم حتى يقول: إنّ نونه حذفت، بل هو صيغة مرتجلة للجمع، وليست جمعا على صيغة الذي، كما قاله المؤلف في موضع آخر (¬3). وقال أيضا: (وقد أطلق بعضهم الذي على الجماعة، وأنشد: وإنّ الذي حانت ........ يريد الذين) (¬4). فتناقض قول المؤلف رحمه الله. 6 - قال: (وقد صغرت العرب كلمتين بالألف، قالوا في تصغير دابة وهدهد: دوابة وهداهد (¬5)، تابع المؤلف - رحمه الله شيخه في هذا (¬6)، والصحيح قول الفارسيّ: (فجعل الياء ألفا، لأن الياء سكنت وانفتح ما قبلها فجعلها ألفا) (¬7) ¬
7 - قال في تصغير غلمة: (وقالوا: أغيلمة، وإن لم يقولوا في غلام: أغلمة فأجروه على الأصل) (¬1). هذا رأى المبرّد (¬2) والجوهريّ (¬3)، وكلام المؤلف يشعر بارتضائه هذا الرأي، ولكنّه نقضه في موضع آخر حين عدّ أغيلمة من شواذ التصغير (¬4). 8 - قال في النسب: (ويونس يلحق نحو مثنّى، ومعلّى، بالثلاثيّ، فيقول: مثنّويّ ومعلّويّ) (¬5). ويونس لا يلحقه بالثلاثي، لأنه لو كان كذلك لأوجب فيه قلبه واوا، ولكنّ يونس يجيز القلب والحذف؛ لأن سيبويه نصّ على أنه يلحقه بمعزى ومعطى) (¬6). 9 - قال: (إذا نسبت إلى الشاء قلت: شائيّ) (¬7). وهذا لم يقله أحد غير المؤلف، فخالف فيه كل العلماء (¬8) حتى شيخه ابن الدهان (¬9) أما الصحيح فهو أن تقلب الهمزة واوا. 10 - قال المؤلف: (قالوا في أبناء فارس: أبناويّ، وأجروه على الأصل فقالوا: بنويّ) (¬10). ¬
وهذا خلط من المؤلّف - رحمه الله - بين أبناء فارس وأبناء سعد بن زيد مناة بن تميم، فهم الذين ينسب إليهم على ما قال المؤلف (¬1)، أما أبناء فارس فينسب إليهم فيقال: بنويّ (¬2). 11 - قال في النسب إلى طهيّة: (وإلى طهيّة: طهويّ، وطهويّ أكثر) (¬3). الصحيح أنّ طهويّ هو القياس، أما الأكثر فهو الأول (¬4). 12 - قال المؤلف: (قد أدخلوا الهمزة على بعض حروف العطف كقوله تعالى: (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً) (¬5). الصحيح أن الهمزة لم تدخل على حروف العطف، إلا ظاهرا، أما في الحقيقة فإنّها دخلت على محذوف. 13 - قال المؤلف - عن (ما) و (من) الاستفهاميتين: (وأجاز بعضهم وصفهن) (¬6) " ما" و" من" إذا وصفتا خرجتا من الاستفهام، وصارتا موصوفتين. 14 - مثّل لظرف الزمان الواقع صلة للاسم الموصول المجعول صفة للحدث، فقال: (فتقول: الذي قام يوم الجمعة زيد، وعجبت من القيام الذي يوم الجمعة) (¬7). فالمثال الأول غير مطابق للقاعدة؛ لأنّ صلة الموصول جملة فعلية، وأما المثال ¬
الثاني فصحيح، وقد اقتصر عليه شيخه ابن الدّهان (¬1). 15 - قال المؤلف: (والتاء في" ثنت" بدل من الياء عند من لم يجعلها للإلحاق) (¬2). وهذا وهم من المؤلف - رحمه الله -، فمن جعلها بدلا من الياء جعلها للإلحاق (¬3). 16 - قال المؤلف: (الأصل فى أكرم: يؤكرم، فحذفت تخفيفا) (¬4). والصحيح أن يقول: الأصل في أكرم أأكرم، أو أن يقول مثل ابن الدّهان: (يكرم؛ لأنّ الأصل يؤكرم) (¬5). والأول أولى؛ لأن ما أوله ياء محمول على ما أوله همزة (¬6). 17 - نسب إلى الخليل أنه إذا اجتمعت همزتان متحركتان في كلمتين أنه يخفف الأولى، ويحقّق الثانية، وأن أبا عمرو بن العلاء يحقق الأولى ويخفف الثانية (¬7). والصحيح أنّ القول الأوّل لأبي عمرو والثّاني للخليل (¬8). 18 - قال المؤلف: (وقد يحذف التنوين من الاسم الأول، تقول: هذا زيد بن ¬
عمرو) (¬1)، الصحيح أن هذا هو الأكثر، وليس قليلا كما يفهم من استعمال المؤلف (قد). 19 - مثّل لما حذفت منه الياء في المصحف بقوله تعالى: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ) (¬2) وهذه الآية قد أثبتت فيها الياء بالمصحف، فلا شاهد له فيها، ولو استشهد بآية النساء (146): (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً) لكان صحيحا. 20 - قال المؤلف: (وقد كتبوا «آية» إذا كانت مجرورة بياءين بعد الهمزة كقوله تعالى: (فَأْتِ بِآيَةٍ) (¬3) وهذه الآية كتبت في المصحف بياء واحدة. 21 - خالف رأي العلماء في كتابة" إن" الشرطيّة، التي تقع بعدها" لا" موصولة، فجعل كتابتها مفصولة (¬4)، والصحيح أنها تكتب موصولة (¬5) 22 - قال في مضارع فعل: (وعلى يفعل شاذا، فمن الصحيح: فضل يفضل وحضر يحضر بالضم، في لغة من قال: فضل وحضر) (¬6). وجعل المؤلف هذا شاذا خطأ، بل هو من تداخل اللغات، وقد عاب ابن جنّي على من نسبه للشذوذ، ووصمه بضعف النظر، والتوقف عند ظواهر الأشياء (¬7). ¬
23 - قال عن أفعل: (أن يكون بمعنى فعل، ولا يكون للهمزة فيه تأثير، وهو قليل محصور) (¬1). وهذا غير صحيح، فليس مجئ أفعل وفعل بمعنى واحد قليلا (¬2). 24 - جعل المؤلف من المصادر: ما كان على فعالة مثل: الفضالة والقلامة والقراضة والنّقاوة والكساحة (¬3). والصحيح أن المصدر لم يأت على فعالة، وأما ما مثّل به المؤلف فأسماء؛ فالفضالة: اسم للبقية، والقلامة: ما سقط من الظفر، والقراضة: ما سقط بالقرض، والنّقاوة: خيار الشئ، والكساحة: الكناسة. 25 - جعل المؤلف ياء تضربين وياء التثنية وياء الجمع ممّا زيد لمعنى (¬4) والأخيرتان اسمان مستقّلان عن الفعل، فليستا مزيدتين، وياء تضربين فيها خلاف، أهي اسم أم حرف، وإذا كانت اسما فهي كيائيّ التثنية والجمع. 26 - جعل المؤلف من مواضع زيادة النون في الأفعال النون في: الهندات قمن ويقمن (¬5)، والصحيح أن النون هنا اسم مستقل بذاته، وليس حرفا مزيدا. 27 - جعل من الضرورة الشعرية: ¬
أ - تأنيث المذكر فى
أ - تأنيث المذكر فى: وتشرق بالقول الذي قد علمته … كما شرقت صدر القناة من الدّم لما أتى خبر الزّبير تواضعت … سور المدينة والجبال الخشّع (¬1) والصحيح: أن هذا ليس من الضرورة الشعرية، بل اكتسب المضاف من المضاف إليه التأنيث كما قال المبرد (¬2). ب - تذكير المؤنث في قول الشاعر: لقد ولد الأخيطل أمّ سوء (¬3). والصحيح أنه ذكّر الفعل ليس لأجل الضرورة الشعرية، بل لأنه فصل بين الفعل وفاعله المؤنث الحقيقىّ التأنيث فاصل، فيجوز تذكير الفعل وتأنيثه. ج - نقل الحركة في: - أنا ابن ماويّة إذ جدّ النّقر - شرب النّبيذ واصطفاقا بالرّجل - عجبت والدّهر كثير عجبه … من عنزيّ سبّني لم أضربه والصحيح: أن هذا النقل في (النّقر، وبالرّجل، ولم أضربه) (¬4)، للوقف وليس للضرورة الشعريّة؛ لأنه يوقف على الكلمة بنقل الحركة، سواء في النثر أو الشعر، وقد ذكر المؤلف ذلك، وأتى بهذه الشواهد في باب الوقف (¬5). ولم يقل: إنّها ضرورة شعريّة. د - الفصل بين المضاف والمضاف إليه، بالظرف أو حرف الجر في: ¬
- لما رأت ساتيدما استعبرت … لله درّ - اليوم - من لامها - كأنّ أصوات - من إيغالهنّ بنا - … أواخر الميس أصوات الفراريج (¬1) والصحيح أنّ الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف أو الجار والمجرور جائز في الشعر، وليس بضرورة شعريّة، وقد ذكر المؤلف ذلك في باب المجرورات (¬2). 28 - جعل المؤلف للمصدر الميميّ أوزانا منها: مفعل (¬3). وكلام المؤلف يشعر أن هذا الوزن قياسيّ، والصحيح أنه لم يأت المصدر الميميّ على مفعل إلا إذا كان مضارعه": يفعل"، فيأتي في لغة بني تميم على" مفعل"، وعند أهل الحجاز على" مفعل"، مثل المطلع (¬4)، أمّا إذا كان مضارعه" يفعل أو يفعل" فالمصدر منه مفتوح العين، إلّا إذا كان مثالا واويا صحيح اللام، مثل موعد وموجل (¬5). وفي ألفاظ محصورة مسموعة شاذّة منها ما مثّل به المؤلف: المسير والمصير والمقيل، وما مثّل به سيبويه: المرجع والمحيض، والمعجز (¬6)، وما مثّل به الرضيّ: المكبر، والمسير والمجئ، والمبيت والمشيب والمعيب والمزيد (¬7). ¬
قيمة الكتاب وأثره في النحاة اللاحقين
قيمة الكتاب وأثره في النحاة اللاحقين كتاب" البديع في علم العربّية" من أحسن كتب النحو تبويبا وترتيبا وتنظيما وسعة في الآراء النحويّة والشواهد؛ فترتيب أبوابه لم يكن على منوال كتاب الجمل - للزجاجيّ -، ولا على ترتيب كتاب الفصول النحويّة - لابن الدّهان -، وإنما تبع طريقة جديدة تعتمد على تقسيم الكتاب إلى قطبين رئيسين، تحت كل قطب عشرون بابا، وقدّم أبوابا اعتاد المؤلفون تأخيرها كباب الوقف والحكاية، وأخّر أبوابا اعتاد النحاة تقديمها كباب النكرة والمعرفة وكذلك كان المؤلف - رحمه الله - دقيقا في تنظيم كل باب، وجمع المسائل النحويّة في الموضوع الواحد، وعرضها على هيئة أحكام، وهذا مسلك غريب لم يسبق إليه - فيما نعلم -، وبالإضافة إلى ما يمكن أن نطلق عليه" القدرة الفنية الكبيرة"؛ فالكتاب حوى مسائل علمية واسعة، عرضها المؤلف بطريقة سهلة بعيدة عن التعقيدات المنطقيّة. ومما يدل على قيمة الكتاب العلميّة أن العلماء بعده قد أكثروا من النقل عنه، والإحالة عليه، وأكثر من نقل عنه" أبو حيان النحويّ" في كتابه" التذييل والتكميل"، والسيوطيّ في كتابه" همع الهوامع"، وسنكتفى بالإشارة إلى مواضع ما نقله عنه أبو حيان في التذييل والتكميل، وما نقله عنه ابن عقيل في المساعد على تسهيل الفوائد"، وما نقله عنه السيوطيّ في" الهمع"، وهناك سوى هذه الكتب كتب كثيرة منها: ارتشاف الضرب لأبي حيان، وتوضيح المقاصد والمسالك - للمراديّ، والبغداديّ في حاشيته على شرح بانت سعاد - لابن هشام.
1 - كتاب التذييل والتكميل
1 - كتاب التذييل والتكميل: الجزء الثاني: 166 آ، 181 ب. الجزء الثالث: 1 أ، 2 ب، 17 ب، 44 ب، 45 ب، 55 ب، 58 ب، 74 أ، 96 ب، 102 ب، 105 أ، 122 أ، 131 ب، 133 ب، 134 ب، 198 ب، 239 ب. الجزء الرابع: 20 أ، 76 أ، 89 ب، 127 ب، 128 أ، 147 أ، 148 أ، 164 أ، 171 أ، 176 أ، 183 ب، 188 أ. 199 ب، 224 أ، 227 أ، 228 ب، 233 أ، 238 ب، 258 أ. الجزء الخامس: 3 ب. الجزء السادس: 250 ب، 279 ب 2 - كتاب همع الهوامع: الجزء الأول: 18، 61، 64، 95، 108، 116، 175، 182، 23، 235. الجزء الثاني: 120، 124، 134، 239. نقل النحاة عنه إن في ذكر بعض ما نقل من جاء بعد ابن الأثير من النحاة توثيقا لكتابه" البديع"؛ فإن ما نقل بعض النحاة عنه مسبوق بعبارة:" قاله صاحب البديع" أو بعبارة" وفي البديع". ومما يؤكد توثيق الكتاب، ونسبته إلى ابن الأثير، أن ما نقل عنه الناقلون موجود بنصه في" البديع". وأهم من هذا التوثيق - على أهميته - أن ما نقل عنه العلماء يكاد يومئ إلى أن ابن الأثير ربما يكون قد انفرد بآراء لم يسبق إليها، أو على أقلّ تقدير يجعل" البديع" مصدرا من أهم المصادر النحوية بعد القرن الرابع الهجري مما يزيد في قيمة الكتاب العلمية.
وها هي ذي بعض نقول النحاة عنه رأينا أن نثبتها ها هنا بنصها، ونثبت نص كلام ابن الأثير؛ لنقف القارئ على مدى ثقة العلماء في الكتاب وصاحبه ونزيد من توثيق الكتاب. 1 - قال السيوطي:" وحكى في البديع" عن بعضهم أن" لا" في" لا سيما" زائدة (¬1). وفي البديع"،، وأما" لا سيما" فإنها ثلاث كلمات:" لا" النافية، ومنهم من يجعلها زائدة، و" سى" بمعني" مثل" و" ما" بمعنى" الذي" (¬2). 2 - قال السيوطي:" لا يقدم النعت على منعوته، خلافا لبعضهم، وهو صاحب" البديع"، في إجادته تقديم النعت غير مفرد، أي مثنى أو جمع، إذا تقدم أحد متبوعيه؛ فيقال: قام زيد العاقلان وعمرو .. " (¬3). وقال الأشموني:" وأجاز صاحب البديع تقديم الصفة على الموصوف إذا كان لاثنين أو جماعة، وقد تقدم أحد الموصوفين" (¬4). وفي البديع:" يجوز تقديم الصفة على الموصوف إذا كانت لاثنين أو جماعة وقد تقدم أحد الموصوفين، تقول: قام زيد العاقلان وعمرو، ومنه قول الشاعر: ولست مقرا للرجال ظلامة … أبى ذاك عمّي الأكرمان وخاليا كأنه نظر إلى أنّ العطف كالتثنية (¬5). ¬
3 - قال ابن عقيل:" وفهم من كلامه - يقصد ابن مالك - أنه لا يجوز: ما زيد إلا قام، وهو كذلك، وأما إجازته مع" قد" فحكاه الخدب عن المبرد، وقال في البديع: أجازه قوم" (¬1). وقال السيوطي:" وفي البديع: لو قلت: ما زيد إلا قام، لم يجز، فإن أدخلت" قد" أجازها قوم" (¬2). وفي البديع:" لا يقع بعد" إلا - إذا كان قبلها اسم - إلا اسم أو فعل مضارع؛ فتقول: ما زيد إلا قائم، و: ما زيد إلا يقوم. ولو قلت: ما زيد إلا قام، لم يجز، فإن أدخلت" قد" أجازها قوم" (¬3). 4 - قال ابن عقيل:" وفي البديع: قيل: إن" من" لأقل من النصف" منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون" (¬4) انتهى (¬5). وفي البديع:" .. وقد قيل: إن" من" لأقل من النصف (¬6)، كقوله تعالى: مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (4) 5 - قال ابن عقيل:" وإن قيدت إضافته - أي أفعل التفضيل - بتضمين معنى" من" جاز أن يطابق، وأن يستعمل استعمال العاري. فالأول كقوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها (¬7). ¬
والثاني كقوله تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ (¬1). ولا يتعين الثاني، خلافا لابن السراج، وردّ عليه بالسماع، قال تعالى: أَكابِرَ مُجْرِمِيها (¬2) وما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا (¬3). وإلى هذا ذهب أيضا صاحب البديع، وأجاب عن الآيتين بأن" أفعل" لم يضمن معنى" من"، بل المقصود به: المعروف بذلك" (¬4). وفي البديع:" .. وإن لم تضمنه معنى" من"، وقصدت بهذه الإضافة أنه المعروف بالفضل، كأنك قلت: زيد فاضل القوم؛ فليس داخلا فيهم، ولا يجب أن يكون مفضلا، ولا أنهم شاركوه في الفضل، بل قد يكون قد فضل على غيرهم، وعرف بذلك، فقيل: هو الأفضل، كما تقول هو الفاضل، ثم نزعت الألف واللام وأضفته .. والأول - أي عدم المطابقة - أكثر، ومن هذا النوع (¬5) قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ (¬6). 6 - قال ابن عقيل:" وفي البديع: الوصف بالفعلية أقوى من الاسمية، وأكثر الأفعال الماضي" (¬7). وقال الأشموني:" ذكر في البديع أن الوصف بالجملة الفعلية أقوى منه بالجملة الاسمية" (¬8) وقال السيوطي:" وقدّم بعضهم - وهو صاحب البديع - الجملة الفعلية على ¬
الاسمية، قال: لأن الوصف بتلك أقوى منه بهذه، قال: وأكثر ما يوصف من الأفعال بالماضي .. " (¬1). وما ذكره ابن عقيل والأشموني والسيوطي موجود بنصه في البديع، ففي الباب الثالث عشر، قال ابن الأثير:" .. والوصف بالجملة الفعلية أقوى منه بالجملة الاسمية، وأكثر ما وصف من الأفعال بالماضي؛ لأنه محقق، وأما المستقبل ففيه خلاف" (¬2). 7 - قال السيوطي:" وفي البديع: قال سيبويه: إذا كان بعد" سواء" همزة الاستفهام فلا بد من" أم" اسمين كانا أو فعلين، تقول: سواء على أزيد في الدار أم عمرو، و: سواء عليّ أقمت أم قعدت. وإذا كان بعدها فعلان بغير ألف الاستفهام، عطف الثاني ب" أو" كقولك سواء علي قمت أو قعدت. وإن كانا اسمين بلا ألف عطف الثاني بالواو؛ تقول: سواء عليّ زيد وعمرو. وإن كان بعدها مصدران، كان الثاني بالواو و" أو"؛ حملا عليهما" (¬3) وما نسبه السيوطي إلى صاحب البديع موجود فيه بحروفه، دون زيادة أو نقصان، أو تبديل عبارة بأخرى، إلا قوله:" إذا كان بعد" سواء" همزة الاستفهام؛ فإنها في البديع" ألف الاستفهام" (¬4). وقد أمعنّا النظر في هذا النص مليا، وألح علينا سؤال هو: لم ينقل ¬
السيوطي هذا النص الطويل عن البديع، إو عمن نقل عن البديع، ولم لا يكون عن كتاب سيبويه؟؟. وعند ما نظرنا في الكتاب لم نقف على نصّ صريح لسيبويه في المسألة وإن كان معنى ما نقل ابن الأثير موجودا في الكتاب (¬1). وآنئذ وجدنا الإجابة على السؤال السابق، وهي: أن ثقة النحاة في صاحب البديع جعلتهم ينقلون عنه ما يعزوه إلى أئمة النحاة، مطمئنين إلى أمانة الرجل، وإحاطته بما ذكر الأولون في كتبهم، والله أعلم. 8 - قال ابن عقيل:" في" يدان" علما، أنك تحذفهما - أى: الألف والنون - وإن بقيت الكلمة على حرفين؛ لأنها قد استعملت كذلك. ومنهم من يحذف النون وحدها" (¬2). وفي البديع:" ولو رخمت" يدان" علما حذفتهما معا - وإن بقيت الكلمة على حرفين -؛ لأنها قد استعملت كذلك. ومنهم من حذف النون وحدها، وقال: يا يدا" (¬3). 9 - قال ابن عقيل:" وفي البديع أنه - أى: المبرد - إنما منع ترخيم النكرة العامة، نحو: شجرة ونخلة، وأنه يرخم منها ما كان مقصودا (¬4). وقال السيوطي:" وفي البديع: لا يجيز المبرد ترخيم النكرة العامة، نحو ¬
شجرة ونخلة، وإنما يرخم منها ما كان مقصودا، وهو خلاف ما حكاه غيره (¬1). وفي البديع:" والمبرد لا يجيز ترخيم النكرة العامة، نحو: شجرة ونخلة وإنما يرخم منها ما كان مقصودا (¬2). 10 - قال ابن عقيل:" تقدير ثبوت المحذوف للترخيم أعرف من تقدير التمام بدونه، وقال في البديع: هو أكثر استعمالا، وأقوى في النحو .. " (¬3). وفي البديع:" الثاني - يعني من ضربي الترخيم - أن تحذف ما تحذف من الاسم، وتجعل ما بقي اسما مفردا، كأنك لم تحذف منه شيئا، ثم تضمه فتقول: يا حار، ويا جعف، ويا برث، ويا قمط، وكلا القسمين من لغة العرب والأول أكثرهما استعمالا، وأقواهما في النحو (¬4). 11 - قال ابن عقيل:" لا يكون صاحب الحال - في الغالب - نكرة ما لم يختص .. أو يسبقه نفي، نحو: (وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم) (¬5)، قال صاحب البديع: النكرة المنفية تستوعب جميع أنواعها فنزلت منزلة المعرفة" (¬6). وفي البديع:" .. فأما قوله: وما حل سعدي غريبا ببلدة … فينطق إلا الزبرقان له أب ¬
الاتجاه النحوي لابن الأثير
فإن النكرة المنفية تستدعي جميع أنواعها؛ فتنزلت منزلة المعرفة" (¬1). 12 - قال خالد الأزهري - في أثناء كلامه على بيت طرفة: أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم ... لؤما وأبيضهم سربال طباخ " ف" لؤما منصوب بمحذوف، قاله صاحب البديع" (¬2). وفي البديع:" قد ألحقوا في التعجيب لفظين لهما نظير إليه - وإن لم يكونا تعجبا - وهما:" أفعل القوم" و" أفعل من القوم؛ نقول: زيد أفضل القوم، وأفضل من القوم؛ فأعطوهما بعض أحكام التعجب؛ فما لم يجز في التعجيب لم يجز فيهما؛ وإنما فعلوا ذلك لأنّ معناهما المبالغة و، والشئ يحمل على نظيره؛ ولهذا امتنع بعضهم من ظهور المصدر معه، فلا يجيز: زيد أفضل القوم فضلا، وأكرمهم كرما، وقال: ما جاء منه مظهرا فهو منصوب بفعل آخر يدل عليه المذكور، كقوله: أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم ... لؤما، وأبيضهم سربال طباخ" (¬3) الاتجاه النحويّ لابن الأثير عاش ابن الأثير - رحمه الله - في النصف الثاني من القرن السادس الهجريّ، وهو قرن ازدهرت فيه الدراسات النحويّة والصرفيّة واللغويّة، ولكنها كانت بعيدة عن التعصب للمدرستين البصريّة والكوفيّة، ولا عجب في ذلك فهو عصر تحقيق وتمحيص، وعلى الرغم من ذلك فإن المطلع على المؤلفات النحويّة في هذا القرن يظن أنّ مؤلفيها ذوو اتجاهات بصريّة، وسبب ذلك أن الأسس التي بنى عليها البصريون مذهبهم أقوى من أسس مذهب الكوفيين، ولذا نالت ¬
عرضه لمذهبي البصريين والكوفيين
استحسان نحاة هذا القرن، وحظيت بقبولهم، ولكن لبعدهم عن التعصب لاقت بعض آراء الكوفيين قبولا عندهم، وكانت من قبل لا يرغب فيها إلا من كان متعصبا لمدرسة الكوفة. والمطلع على كتاب" البديع في علم العربية" - وهو الكتاب الوحيد الباقي لابن الأثير" في النحو والصرف، - سيحكم لأول وهلة أن" ابن الأثير" ذو نزعة بصريّة، ولكن من ينعم النظر فيه سيجد المؤلف - وإن بدا عليه الاتجاه نحو المدرسة البصرية - يرجّح كثيرا من آراء الكوفيين، ويرّد بعض آراء البصريين، بل قد يصمهم بالتعسف في تخريج الأدلة، وقد يرد على زعيم مدرستهم سيبويه، وهذا كله ينفي عنه صفة التعصب لمدرسة بعينها. والمؤلف - رحمه الله - يختار من الآراء ما يبدو له أنه الأقرب للصواب وهو كثير الاجتهاد في اختيار الأرجح، ولذا رأينا أنه قد يختار الرأي غير المشهور، ويترك رأي الجمهور، وقد سبق إيراد أمثلة لذلك (¬1). وموافقته البصريّين ظاهرة في مظعم الكتاب، ويصعب حصر المسائل التي اتبعهم فيها، وأما متابعته الكوفيين فجاءت في مواضع كثيرة من الكتاب وسنكتفى بأمثلة قليلة منها: عرضه لمذهبي البصريين والكوفيين: لم يشذ ابن الأثير عن متأخري النحاة في ذكر آراء المدرستين الكوفية والبصرية. ومع هذا يكاد ينفرد باتباع مسلك عجيب إزاء عرضه للمذهبين، فهو يفصل ويحدد، ويدقق تدقيقا غريبا قلّ أن يرى لغيره، ومن ذلك: ¬
1 - فى باب التنازع
1 - فى باب التنازع: يقول:" إذا اجتمع فعلان بعدهما اسم له بهما تعلق في المعنى، حمله البصريّ على الثاني؛ لأنه الأقرب، وحمله الكوفيّ على الأول؛ لأنه الأسبق تقول قام وقعد زيد، فالبصري يرفع" زيد" ب" قعد"، والكوفي ب" قام". وتقول: ضربت وضربني زيد. فالبصريّ يرفع" زيدا"؛ لأنه فاعل والكوفيّ ينصبه؛ لأنه مفعول، وفي الأول - عند البصريّ ضمير، وفي الثاني عند الكوفيّ - ضمير. فإذا ثنيت قلت - عند البصريّ -: قاما وقعد الزيدان، و: ضربت وضربني الزيدان، وعند الكوفيّ: قام وقعد الزيدان، و: ضربت وضربني الزيدان. ولم يحتج البصريّ - في مثل هذا - إلى تثنية ضمير المفعول؛ لأنه فضلة" (¬1). 2 - في باب الحال: تقدم الحال على العامل: يقول:" ولك أن تعمل" ها" التي للتنبيه، وإن شئت:" ذا" الذي للإشارة فإذا تساوى الأمر فيهما أعمل الكوفيّ الأول، وأعمل البصريّ الثاني. فقياس البصري أن يمنع: ها قائما ذا زيد؛ لأن عامله بعده. والكوفيّ لا يمنعه. وأجمعا على منع: قائما هذا زيد. ويجيز البصريّ إعمال الأول (¬2). موافقته البصريين: ¬
1 - جعل اللام الأولى من (لعل) زائدة (¬1)، وهذا قول البصريين (¬2) وأما الكوفيون فيجعلونها أصلية (¬3)، ولم يشر ابن الأثير حين قال بزيداتها إلى أنه رأي البصريّين، كما أنه لم يذكر قول الكوفيين. 2 - لم يجز جمع ما فيه التاء نحو: طلحة، وحمزة، وهبيرة، أعلاما لمذكرين بالواو والنون (¬4)، وهذا قول البصريّين (¬5)، ثم ذكر المؤلف أن الكسائيّ والفراء أجازا جمعه بالواو والنون. 3 - جعل تعريف العدد في ثلاثة أثواب بتعريف الاسم الثاني، فيقال: ثلاثة الأثواب (¬6)، وهو قول البصريين (¬7). ثم ذكر المؤلف أن الكوفيّ يجيز الخمسة الأثواب. وجعل تعريف العدد المركب بتعريف الاسم الأول نحو: الأحد عشر درهما (¬8)، وهو قول البصريّين (¬9)، ثم ذكر أن الكوفيّين يقولون: الأحد عشر الدرهم (¬10). 4 - أجاز في اشتقاق اسم الفاعل مما جاوز العشرة من الأعداد: ثالث عشر ¬
من موافقته الكوفيين
ثلاثة عشر (¬1)، والبصريّون وحدهم يجيزونه، أما الكوفيون فيمنعونه (¬2)، وقد أشار المؤلف إليهم بقوله: (وبعضهم ينكره). 5 - منع إضافة العدد إلى المعدود في العشرين وما فوقها، وحذف النون للإضافة (¬3)، وهذا مذهب البصريين أما الكوفيون فيجيزونه (¬4). * من موافقته الكوفيين: 1 - أن اسم الفاعل - إذا كان للماضي - لا يعمل عند البصريين، ويعمل عند الكوفيين. يقول ابن الأثير:" اسم الفاعل - إذا كان للماضي - لا يعمل عند البصريّ، وما جاء منه عاملا فمؤول، كقوله تعالى: (فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً) (¬5)، وكقولهم: هذا معطي زيد أمس درهما. ف (الشمس والقمر) منصوبان بفعل مضمر دل عليه" جاعل"، ومثل هذا الإضمار في القرآن كثير، وتقديره - والله أعلم - أنه لما قال: (وجاعل الليل) قيل: ماذا جعله؟ قيل: جعله سكنا، وجعل الشمس والقمر حسبانا. وكذلك" درهما" منصوب بفعل مضمر دل عليه:" معط"، ولقد استغنى الكوفي عن هذا التعسف" (¬6). ¬
2 - النصب على الصرف: يقول ابن الأثير - في الحكم الحادي عشر من أحكام الشرط - " فأما إذا قلت: أقوم إن تقم، وعطفت عليهما بفعل، فإن كان من جنس الأول رفعته لا غير، كقولك: تحمد إن تأمر بالمعروف وتؤجر، وإن كان من جنس الثاني فيجوز فيه الجزم، عطفا على" إن"، والرفع على الاستئناف، والنصب على الصرف كقولك: تحمد إن تنه عن المنكر وتأمر بالمعروف. فإن كان الفعل يصلح أن يكون من جنس الأول والثاني، جاز فيه الرفع عطفا على الأول، والاستئناف، والجزم، عطفا على" إن" والنصب على الصرف، كقولك: تحسن إلينا إن تزرنا وتكرمنا" (¬1). وإهمال ابن الأثير ها هنا نسبة النصب على الصرف (¬2) إلى الكوفيين يعد موافقة ضمنية منه للكوفيين في هذه المسألة. ومما يؤكد موافقة ابن الأثير للكوفيين في المسألة أنه نقل كلام ابن السراج فيها نقلا حرفيا أو كالحرفي، ولكن ابن السراج قال:" وهذا النصب يسمّيه الكوفيون الصرف" (¬3). وقد أهمل ابن الأثير نقل هذه العبارة عن ابن السراج، وهذا الإهمال منه يؤكد ما ذهبنا إليه من أنه يوافق الكوفيين (¬4) في المسألة. 3 - قسّم (من) إلى استفهام، وشرط، وموصولة، وموصوفة، وزائدة عند ¬
الكوفي (¬1)، ثم قال: (فأما كونها زائدة فقول الشاعر: آل الزّبير سنام المجد قد علمت … ذاك القبائل والأثرون من عددا والتقدير: الأثرون عددا، والبصريّ يتأول ذلك، ويجعلها نكرة منصوبة الموضع على التمييز، تقديره: والأثرون رجلا يعد عددا، وفي هذا التقدير تعسف) (¬2). 4 - في التنازع: البصريّون يعملون الثاني، والكوفيون يعملون الأول، قال المؤلف: (وما يحتمل القولين قول الشاعر: تمنّت وذاكم من سفاهة رأيها … لأهجوها لما هجتني محارب فإعراب «محارب» عند الفريقين واحد، والتقدير مختلف، والأولى في هذا البيت قول الكوفيّ ليعود الضمير في «لأهجوها» إليه) (¬3). 5 - جعل تصغير الكنية بتصغير الاسم الثاني منها مثل: أبو جعفر، تقول فيه: أبو جعيفر. (¬4) إلخ، وهذا مذهب الكوفيين، أما البصريون فيصغرون الأول؛ لأنه هو الذي يجمع ويثنى ويوصف (¬5). 6 - قال عن كتابة الثلاثي الذي آخره ألف أصلها ياء: (يجوز كتبه بالألف حملا على اللفظ، ولا يعتبر الانقلاب) (¬6)، وهذا مذهب الفارسي والكوفيين (¬7) أما البصريون فيراعون الانقلاب، فما أصله ياء لا بد أن يكتب بالياء. ¬
7 - قال في تصغير الأسماء التي تذّكّر وتؤنّث: (فإن كان الاسم يذكر ويؤنث صغره من أنثه بالتاء، ومن ذكره بلا تاء، كالذراع واللسان تقول: ذريّعة وذريّع، ولسيّنة ولسيّن، حكاه الفراء، والبصريّ لا يعرف هذا التقسيم، إنما يصغّر الجميع بغير تاء). فيبدو أنه قد ارتضى مذهب الفراء، ومن ثم أشار إلى مذهب البصريّين (¬1). 8 - ذكر أن الكوفيّين يجيزون مد المقصور، والبصريّون يمنعونه، ثم استشهد لذلك بشاهدين لجوازه (¬2)، وهذا يدل على أنه يجيزه تبعا للكوفيّين. 9 - ذكر أن الكوفيّين يجيزون ترك صرف ما ينصرف، واستشهد لذلك بشاهدين ثم ذكر أن البصريين يتأولون ما جاء منه (¬3). 10 - جعل الواو وأو وحتّى ناصبات للفعل المضارع (¬4)، وهذا قول الكوفيّين 11 - أخذ برأي الكوفيّين في" أنّ" أن" تشبّه بأختها (ما)، فيرفع الفعل المضارع بعدها (¬5). 12 - تابع الكوفيّين في جعل علامة للجمع في الفعل المسند إلى الجمع، فقال عن النون: إنها تزاد (علامة لجمع المؤنث نحو: يضربن الهندات) (¬6) وهذا قول الكوفيين. ولم يقف" ابن الأثير" عند تفضيل رأي الكوفيّين في بعض الأحيان فقط، بل رأيته يبّين تناقض كلام سيبويه - زعيم المدرسة البصريّة -، قال في ¬
شخصيته العلمية
الجمع: (وقال سيبويه: لو سميت بعدة لقلت فيه: عدات، حملا على جمعهم إيّاها، وعدون وإن لم يقولوه حملا على قولهم: لدة ولدون، فخالف قوله) (¬1). فجمع سيبويه عدة على (عدون)، مع أنه لم يرد عن العرب جمعها بالواو والنون، وإنما قاسها سيبويه على لدة، مع أنه رفض جمع شية على (شيون)، وظبة على (ظبون)؛ لأن العرب لم تجمعها بالواو والنون، ولم يقسها على (لدة)، وهذا تناقض. شخصيته العلمية كان ابن الأثير لا يكتفي بالنقل عمن سبقوه، بل كان ينقل عنهم نقل الناقد الحاذق، الذي يعرف ما يأخذ وما يدع. وقد تأثر بعدد من كبار النحاة، شأنه في ذلك شأن كثير ممن يتأثرون بمن تلمذوا لهم، أو أخذوا عنهم. ولم يكن يمنعه تأثره هذا أن ينتقد هذا أو ذاك. وقد سبق أن وقفنا على انتقاده مذهب البصريين في بعض آرائهم، مع أنه كان بصرى النزعة. كما رأينا مخالفته ابن الدهان، وميله إلى رأي ابن جنّي، مع أن الأول أبرز شيوخه في النحو، وأكثرهم تأثيرا فيه. ويدخل في ذلك: نقده لأبي بكر بن السراج، مع أن تأثره به واضح جدا في معظم أبواب كتابه البديع". 1 - قال في باب" الحال":" وإن كان الفعل ماضيا فحكمه حكم المضارع إلا أنه يلزمه" قد" مظهرة أو مقدرة؛ لتقرّبه إلى الحال، تقول: جاء زيد ¬
وقد قام عمرو، و: قدم بشر وخرج الأمير، أي: وقد خرج الأمير، وعليه قوله تعالى: (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) (¬1)، وقوله: (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) (¬2)، ف" قد" مقدرة في هاتين الآيتين مضمرة. والمبرد يجعل ذلك من الدعاء عليهم، وأن ذلك من الله إيجاب، قال:"" والقراءة الصحيحة التي جلّ أهل العلم عليها إنما هي: (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) (¬3)، حكى ذلك عنه ابن السراج في" الأصول". وهذا عجيب؛ فإن قراءة السبعة إنما هي: (حصرت صدورهم) " فكيف يزعم أن القراءة الصحيحة التي عليها جل العلماء بخلاف ذلك، لا ينبه صاحب الأصول عليه (¬4). 2 - وقال في" النداء":" قد اختلف في العلم المنادى هل تعريفه بعد النداء باق؟ أو زال تعريفه واكتسب بالنداء تعريفا آخر كما اكتسبت النكرة المقصودة به؟ فإلى الأول ذهب ابن السراج، وإلى الثاني ذهب المبرد والفارسي، وقولهما أشبه القولين، قال المبرد: النكرة إذا قصدت اكتسبت بالقصد والنداء تعريفا، وزال ما فيها من التنكير، وكذلك التعريف العلميّ يزول بتعريف النداء، يشهد لذلك أن ما فيه الألف واللام لا ينادى إلا اسم الله تعالى؛ هربا من اجتماع تخصيص حرف النداء والألف واللام" (¬5). ¬
حسه اللغوي
حسّه اللغويّ وقد نشأ هذا الحس اللغوي عن اشتغاله باللغة؛ فقد كان ابن الأثير ذا قدم راسخة في الدرس اللغويّ، وكتاباه في غريب الحديث يشهدان بعلو قدره في صناعة اللغة، ونعنى بذلك:" النهاية في غريب الحديث والأثر" ومنال الطالب في شرح طوال الغرائب"، ومعلوم أن الغاية التي تغياها علماء الحديث ولا عجب في أن ابن منظور أدار معجمه" لسان العرب" على خمسة كتب، أربعة منها معاجم لغوية، وخامسها هو" النهاية في غريب الحديث والأثر. وها هو ذا يقول في مقدمة" اللسان":" فرأيت أبا السعادات المبارك بن محمد بن الأثير الجزريّ قد جاء في ذلك بالنهاية، وجاوز في الجودة حد الغاية، غير أنه لم يضع الكلمات في محلها، ولا راعى زائد حروفها من أصلها؛ فوضعت كلا في مكانه، وأظهرته مع برهانه" (¬1). وها هي ذي نماذج من" البديع" تؤيد وجهة النظر هذه: 1 - قال في ألفاظ التوكيد:" وأما" أكتع" و" أبصع" فمعناهما: زيادة التأكيد، مثل قولهم:" عطشان نطشان" و" حسن بسن". ويرجع معنى" أكتع" بالتأويل إلى معنى" أجمع"؛ لأنه من: تكتعت الجلدة إذا اجتمعت وتقبّضت. ¬
و" أبصع" مشتق من البصيع، وهو: العرق السائل، ولا يسيل حتى يتجمع" (¬1). 2 - وقال في معاني أفعال القلوب:" وأما" حسبت" فمنقولة من الحساب العددي المتعدي إلى واحد؛ فإذا قلت: حسبت زيدا عالما، فمعناه: أدخلته في عدد العلماء بغير علم. وأما" خلت" فهي من الخيال الذي يخيّل لك من غير تحقيق، وأصله من الياء" (¬2). 3 - وقال في معاني بعض أخوات" كان":" وأما" ما انفك" فإن معنى فكّ الشئ: تفريق أجزائه؛ ففيه معنى النفي؛ فلما أدخلت عليه النفي صار إيجابا، واستعمل على غير وضعه، وأعطيت معنى" ما زال" و" ما برح" (¬3). 4 - وقال في أحكام" عسى" وما أشبهها من أفعال المقاربة:" الحكم الخامس: قد جاء من أمثالهم:" عسى الغوير أبؤسا" فحذفوا" أن" والفعل، وجعلوا موضعهما اسما منصوبا، وهذا يدلك على أن موضع خبرها نصب، وقد جمع المصدر، وهو شاذّ، وكان التقدير: عسى الغوير أن يبأس، و" الغوير": تصغير" غار"، و" أبؤس" جمع بؤس" أو" بأس"، فكأنّ قائل المثل لما تخيل آثار الشر قال: قارب الغوير الشدة والبأس، أي: عسى الغوير أن يأتي بالبأس". ¬
أخذه بالظاهر؛ تسهيلا على المبتدئين
أخذه بالظاهر؛ تسهيلا على المبتدئين يميل ابن الأثير - أحيانا - إلى الأخذ بظاهر القاعدة النحوية تسهيلا على المبتدئين في الدرس النحوي، وذلك حينما يجد أن في ذكر الحكم النحويّ المشهور صعوبة على هؤلاء المبتدئين. وأوضح مثال على ذلك: ما ذكره في أحكام نون التوكيد؛ فالمشهور أن الفعل المضارع يبنى على الفتح إذا باشرته إحدى نوني التوكيد. فإذا انتفت المباشرة، بأن فصل بين الفعل والنون بواو الجماعة، أو ياء المخاطبة أو ألف الاثنين أعرب، يقول ابن مالك: وأعربوا مضارعا إن عريا … من نون توكيد مباشر ... ولكن ابن الأثير يرى أن الفعل المضارع المؤكد بالنون المتصل به واو الجماعة، أو ياء المخاطبة لا يعرب، بل يبنى. وبناء المضارع المفصول من النون بالواو أو الياء مذهب طائفة من النحاة منهم الأخفش، فقد قال ابن عقيل في شرحه على الألفية:" وذهب الأخفش إلى أنه مبني مع نون التوكيد، سواء اتصلت به نون التوكيد أم لم تتصل" (¬1) وقال الأشموني:" وذهب الأخفش وطائفة إلى البناء مطلقا" (¬2). قال الصبان شارحا كلام الأشموني:" أي: على الفتح، حتى في المسند إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة، لكنه فيه مقدر، منع من ظهوره حركة المناسبة، هذا هو الأقرب وإن توقف فيه البعض" (¬3). ¬
ولم يوضح لنا الصبان معنى توقف البعض، ولا من المقصود بقوله: " البعض". ولعل ما ذهب إليه ابن الأثير يلقي الضوء على هذا التوقّف وعلى المتوقّف أيضا. وها هو ذا نص كلام ابن الأثير:" النوع الثالث: المذكر المجموع يبنى الفعل فيه - مع التنوين - على الضم؛ فتقول: لا تذهبنّ معه، و" هل تضربنّ زيدا، الأصل فيه: تذهبون، فحذفت النون للجزم، ثم حذفت الواو بعدها؛ لالتقاء الساكنين، وبقيت الضمة قبلها تدل عليها، ومنه قوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (¬1). النوع الرابع: المؤنث المفرد المخاطب، ويبنى الفعل فيه - مع النونين - على الكسر، كقولك: لا تضربنّ زيدا، و" لا تضربنّ عمرا، الأصل فيه: تضربين، فحذفت النون؛ للجزم، وحذفت الياء؛ لالتقاء الساكنين، وبقيت الكسرة قبلها تدل عليها" (¬2). وأخذه بالظاهر ها هنا يتفق مع منهجه، ويبدو - والله أعلم - أن هذا هو منهجه في تصانيفه الأخرى؛ فقد ذكر ذلك صراحة في مقدمة كتابه" النهاية في غريب الحديث والأثر"، قال:" سلكت طريق الكتابين - يقصد" الغريبين" لأبي عبيد أحمد بن محمد الهرويّ (¬3)، و" المجموع المغيث" لأبي موسى ¬
نسختا الكتاب
المديني (¬1) - في الترتيب الذي حوياه من التقفية على حروف المعجم .. إلا أني وجدت في الحديث كلمات كثيرة في أوائلها حروف زائدة قد بنيت الكلمة عليها حتى صارت كأنها من نفسها، وكان يلتبس موضعها الأصلي على طالبها، لا سيما وأكثر طلبة غريب الحديث لا يكادون يفرقون بين الأصلي والزائد فرأيت أن أثبتها في باب الحرف الذي هو في أولها، إن لم يكن أصليا، ونبهت عند ذكره على زيادتها؛ لئلا يراها أحد في غير بابها، فيظن أني وضعتها فيه للجهل بها فلا أنسب إلى ذلك، ولا أكون قد عرضّت الواقف عليها للغيبة وسوء الظن ومع هذا فإن المصيب في القول والفعل قليل بل عديم، ومن الذي يأمن الغلط والسهو والزلل؟ نسأل الله العصمة والتوفيق» (¬2) نسختا الكتاب لم نعثر على أكثر من نسختين من كتاب البديع في علم العربيّة، لابن الأثير، على الرغم مما بذلنا من جهد في مراجعة فهارس المكتبات والدوريات التي تعنى بفهرسة المخطوطات، والنسختان اللتان حصلنا على صور لهما هما: 1 - نسخة في مكتبة (عاطف أفندي) بتركيا، ورقمها هناك (2446) ومنها مصورة في مركز إحياء التراث بمكة المكرمة تحت رقم (448). وهي نسخة كاملة، شملت الجزءين: الأول والثاني، وتبلغ ورقاتها 365 في كل صفحة منها (19) سطرا، وتاريخ نهاية نسخها حادي عشر جمادى ¬
الآخرة سنة () وقد طمست سنة النسخ، وفي كتاب نوادر المخطوطات العربيّة في مكتبات تركيا (1/ 30): (كتبت في أواخر القرن السادس الهجري) وناسخها محمد بن زين العابدين المناويّ، وقد يحثنا طويلا عن ترجمة له فلم نظفر بشئ، والجزء الأول من الكتاب ينتهي في (ق 208 أ)، وفي نهايته: (تم القطب الأول بحمد الله وحسن توفيقه ويتلوه الطقب الثاني وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم)، وعنوان الكتاب - في أغلب الظنّ بخط المؤلف أو خط أخيه عز الدين، وكاتب عنوان الكتاب هو نفسه كاتب عنوان (المرصع) و (منال الطالب). وفي صفحة العنوان تملكات تبدأ من سنة (631 هـ)، وفيها ترجمة للمؤلف مأخوذة من وفيات الأعيان، وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف (ك). 2 - نسخة مكتبة جامعة" برنستون" في الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة يهودا، برقم (2345). ومنها مصورة في مركز إحياء التراث بمكة المكرمة برقم (583)، وهي نسخة غير كاملة حوت الجزء الثاني فقط، وتبلغ ورقاتها (192)، وفي كل صفحة (17 سطرا)، ولم يذكر فيها تاريخ نسخها ولكنها مقروءة على المؤلف، فى عدة مجالس آخرها في رمضان سنة ثلاث وستمائة، وقد أثبت قراءتها على المؤلف أخوه على بن محمد بن عبد الكريم في آخرها، كما أن النسخة مقابلة من أولها إلى آخرها بالأصل المقروء على مصنف الكتاب. وقد أثبت في كثير من صفحاتها ما يدل على مقابلتها بالأصل، وناسخ هذه النسخة هو: أبو أحمد بوازن بن أبي منصور سنقر بن عبد الله الروميّ الموصليّ. وبوزان: ولد يوم الاثنين 12 من شهر ربيع الأول سنه (577 هـ)،
منهجنا في تحقيق الكتاب
بقلعة الشوش، من أعمال الموصل، سمع الحديث ببغداد والموصل وإربل، وكان يكتب حسنا، وفيه صلاح، توفي يوم الاثنين 21 من شهر ربيع الأول سنة 622 هـ بالموصل، ودفن فيها (¬1) وصفحة العنوان كتب عليها ثلاث مرات: (النصف الثاني من كتاب البسيط لأبي السعادات. وعليها تملكات لخليل بن أيبك الصفديّ ثم محمد بن أحمد المظفريّ، وفي هذه النسخة سقط مقداره ورقتان ابتداء" من وبعد: فمما تجدر الإشارة إليه أن في دار الكتب المصرية برقم (615) بلاغة كتابا يسمى (البديع لمجد الدين بن الأثير) وبعد الاطلاع عليه تبين أنه نسخة من كتاب (كفاية الطالب في نقد كلام الشاعر والكتاب)، وهناك كتاب اسمه شرح البديع لابن الأثير في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة مصور برقم (3786 ف) عن مخطوطة بمكتبة جستربيتي، وقد قرأنا المصورة فوجدناها لا تمت بصلة إلى البديع في علم العربية ولا إلى ابن الأثير، وانما هو كتاب مختصر شرحه مؤلفه، وهو كتاب متأخر ذكر فيه ابن الحاجب وابن مالك ولم نستطع معرفة اسم الكتاب ولا مؤلفه. منهجنا في تحقيق الكتاب 1 - عملنا على سلامة النص من التحريف والتصحيف والزيادة والنقص ¬
وحاولنا الوصول به إلى ما كانت عليه نسخة المؤلف، ولم نجعل إحدى النسختين أصلا، وإنما اخترنا النص الصحيح أنى ورد، وربما عدلنا في النسختين إلى ما نراه صحيحا، وقد نبهنا على ذلك في الهوامش، فإذا زدنا علي النص شيئا أثبتناه بين قوسين معقوفين []، وكذا فعلنا في الكلمة الساقطة من إحدى النسختين، أو الجملة، وأشرنا في الهامش إلى أنها تكملة من (ب) أو (ك). 2 - ضبطنا بالشكل ما يحتاج إلى ضبط ولا سيما الغريب من الكلمات. 4 - خرّجنا القرآءات من كتبها وذكرنا قراءها. 5 - خّرجنا الأحاديث، والتزمنا باللفظ المذكور في النص، فإن لم نجده خرجّنا أقرب الألفاظ إليه، وإذا وجدنا نص الحديث في الصحيحين أو في أحدهما اكتفينا بتخريجه منها أو من أحدهما، وإن لم يكن فيها ذكرنا مصادره، ونقلنا كلام أهل الحديث عنه قبولا أو ردا. 6 - عزونا الشواهد الشعريّة والأراجيز إلى قائليها ما وجدنا إلى ذلك سبيلا وترجمنا للشعراء ترجمة مختصرة، وذكرنا بعض مصادر ترجمتهم، ثم ذكرنا بحر البيت وتكملته إن كان ناقصا، ومطلع القصيدة وموضعه في ديوان الشاعر إن وجد، والروايات فيه، وشرحنا غريبه، ثم بينّنا الشاهد فيه ووجه الاستشهاد، ثم ذكرنا المراجع التي يوجد فيها البيت. 7 - خرجنا الأمثال وأقوال العرب من مظانها وبيّنا مناسبة المثل، ولأيّ شيء يضرب. 8 - خرّجنا أقوال العلماء بإعادتها إلى كتبهم أو إلى أقدم كتب النحو واللغة إن لم نجد لهم كتبا، ولم نجل على كتب المتأخرين إلا مضطرين.
9 - رجعنا الى كتاب المذكر والمؤنث لابن الأنباريّ بطبعتيه الأولى بتحقيق أستاذنا الدكتور: محمد عبد الخالق عضيمة رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته، وميزنا هذه الطبعة بتقييدها بالجزء الأول، والثانية: بتحقيق د. طارق الجنابي، فيما لم ينشر من تحقيق د. عضيمة، ويعرف بعدم ذكر الجزء. 10 - رجعنا إلى كتاب الأصول في النحو لابن السراج بجزءيه المطبوعين. والجزء الأخير الذي لم يطبع، وهو الجزء الثاني من الرسالة التى تقدم بها د. عبد الحسين الفتلي لنيل درجة الدكتوراه، وميزنا هذا الجزء بوضع حرف (ر)، بعد رقم الصفحة. 11 - فسرنا الألفاظ الغريبة في الكتاب، ووضّحنا ما أبهم من المسائل العلمية وأشرت إلى مسائل الخلاف، ونبّهنا على ما قد يقع فيه المؤلف من وهم أو خطأ. 12 - حرصنا على إبراز المصادر الأساسيّة لكل باب بإعادة النصوص التى نقلها المؤلف إلى مصادرها الأصلية. 13 - ختمنا الرسالة بالفهارس الفنية الكاشفة. د/ صالح العايد. د/ فتحي عليّ الدّين.
مقدمة المؤلف
[مقدمة المؤلف] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله أهل الحمد والثّناء، ربّ الفضل والعطاء، الذى تنوّعت مواهبه أنواعا، وتقسّمت نعمه افتراقا واجتماعا، فمنح قوما الدنيا، وقوما الآخرة وجمع لآخرين ملابسهما الفاخرة، فمن أجلّ نعمه وأوفاها، وأفضل عطاياه وأبهاها، نعمة ازدان بها ربّها فى أولاه، وحصّل بها ما يحمد (¬1) عقباه، ولا سيّما نعمة كانت بالنّفوس مخصوصة، وعلى الانفراد بها منصوصة (¬2) وهى نعمة العلم التى تتقاصر عن إدراكها الهمم، وتسموا إلى اكتسابها الهمم، ويتنافس فى تحصيلها أولو الفهم (¬3)، وتعلو باقتنائها مراتب القيم. نحمده على ما أسبغ علينا من مدارعها (¬4) حمدا نستمرئ (¬5) به أخلاف (¬6) المزيد، ونثنى عليه بثناء يدنى لنا من خفيّاتها كلّ بعيد. ونشهد أن لا إله إلا الله، شهادة تجعل ما عرفناه له خالصا، وإليه واصلا، وما جهلناه عندنا واضحا، ولدينا حاصلا. ونشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، شهادة تؤنس لنا (¬7) وحشيّها، وتفيض ¬
علينا مؤشيّها (¬1)، ونصلّى عليه وعلى آله صلاة تزيل عن الوصول إليها كلّ مانع وتسهّل لنا من مظانّها كل حزن (¬2) شاسع. أمّا بعد فإنك أيّها الأخ - أبقاك الله ورعاك - لمّا قرأت كتاب" بغية الراغب فى تهذيب (¬3) الفصول النحويّة" ورأيته فى غاية ما يكون من الاختصار، ويمكن من الإيجاز مع ما اشتمل عليه من الشرائط، وحواه من الأحكام والضوابط، وكنت فى مزاولة هذا الفنّ من العلم ناشئا وإن كان عزمك فيه ماضيا، واطّلعت منه على مستبهم مستغلق، وسمت نفسك إلى ما هو أعلى منه قدرا وأوضح سبيلا، وأكثر منه بسطاو أقوم قيلا، ورغبت إلىّ فى جمع كتاب ينير طرق فهمه، وتتّضح مذاهب معرفته فأجبتك إلى ما سألت غير ذاهب بالإطالة إلى الإملال، ولا جانح بالإيجاز إلى الإخلال، حسب ما طلبت أن يكون باسطا لما أو جزفيه، مبيّنا لما أغلق من ألفاظه ومعانيه تقصر عن رتبته الشروح، ولا يقصر فى البيان والوضوح، جامعا لأبواب النحو وأحكامه. مشتملا على أنواعه وأقسامه إلا ما عسى أن يشذّ منها أو وما لا تمسّ الحاجة إليه، ولم أكد أودعه من الأدلّة إلا ما أوجب ذكره إحكامه، وافتقر إلى معرفته بيانه، وليس لى فيه إلّا اختيار أقوال الأئمّة ونقلها وما أضفت إليها من زيادة شرط فى حدّ واحتراز فى قول، وإشارة إلى نكتة غربية تقف عليها. (¬4) ¬
وها أنا (¬1) قد عرّضت نفسى لرشق سهام الملام، إجابة لسؤالك؛ فإنّ الوقت حرج، والشّواغل كثيرة، والموانع جمّة، والعهد بهذ الفنّ بعيد وللنفّس عنه صادف، والهمّة إلى غيره مصروفة، ومن الله أستمدّ حسن التوفيق والإعانة على ما كلّفتنيه وسمّيته كتاب «البديع فى علم العربيّة». واعلم أن علم العربيّة المخصوص باسم النحو لا يعدو قسمين: أحدهما: معرفة ذات الكلمة وبنائها وما يتعلّق بحرفها من التغيير. والثانى: معرفة ما يطرأ عليها من الحركات والسّكون. وكلّ واحد من هذين القسمين يدخل على الآخر فى التّبيين؛ لضرورة الإفهام، فهما متداخلان، لا يكاد ينفرد أحدهما بالذكر عن الآخر، إلّا أنّ كلّ واحد منهما يغلب ذكره على بعض الأبواب دون بعض والحكمة تقتضى أن يبدأ فى الذكر بالقسم الأول؛ لأنّ معرفة الذات قبل معرفة الصّفات، إلا أنّ العلماء عكسوا القضية، وكان الباعث على ذلك أمرين: أحدهما: مسيس الحاجة الغالبة إلى معرفة الثانى؛ لما دخل على الألسنة من الفساد، وذلك أنّ الإنسان يتلقّف الكلم في صغره ومبدئه، لضرورة الإفهام والاستفهام، على ما يعلم من صحّة وفساد، ولّما غلبت العجمة على ألسنة النّاس تعلّموا الكلام ملحونا، فاحتاجوا إلى إصلاح ذلك، والغالب على طريقه: معرفة الحركات والسّكون. والأمر الثانى: أن معرفة ذوات الكلم تشتمل على أشياء مشكلة كالتّصريف، والتصغير، والنّسب، ممّا يصعب فهمه على المبتدئين. ¬
وكانت معرفة الحركات والسّكون أسهل مأخذا، وأقرب متناولا؛ فقدّموا ما غلبا عليه من الأبواب فى الذّكر لهذين الأمرين، وربمّا كان لغيرهما من الأمور، فاقتد ينابهم فى التقديم والتأخير، وجعلنا مدار الكتاب على قطبين: القطب (¬1) الأوّل: فيما الغالب على أبوابه معرفة الحركات والسّكون وهى عوارض الكلم. القطب الثانى: فيما الغالب على أبوابه معرفة ذات الكلم وحروفها والقطب الأوّل يشتمل على عشرين بابا: الباب الأوّل: فى الألفاظ العامه. الباب الثانى: فى المعرب. الباب الثانى: فى المبنىّ. الباب الرابع: فى الإعراب. الباب الخامس فى البناء. الباب السّادس: فى المبتدأ. الباب السّابع: فى الخبر. الباب الثامن: فى الفاعل. الباب التاسع: فى ما لم يسمّ فاعله. الباب العاشر: فى المفعولات. الباب الحادى عشر: فى المشبّه بالمفعول. الباب الثانى عشر: فى المجرورات. ¬
الباب الثالث عشر: فى التوابع. الباب الرابع عشر: فى النداء. الباب الخامس عشر: فى العوامل. الباب السادس عشر: فى" كم". الباب السّابع عشر: فى نونى التوكيد. الباب الثامن عشر: فى التقاء السّاكنين. الباب التاسع عشر: فى الوقف. الباب العشرون: فى الحكاية. والقطب الثانى يشتمل على عشرين بابا: الباب الأوّل: فى المعرفة والنكرة. الباب الثانى: فى المذكر والمؤنث. الباب الثالث: فى المقصور والممدود. الباب الرابع: فى التثنية. الباب الخامس: فى الجمع. الباب السّادس: فى التصغير. الباب السّابع: فى النسب. الباب الثّامن: فى الاستفهام. الباب التّاسع: فى الموصولات. الباب العاشر: فى ما لا ينصرف. الباب الحادى عشر: فى العدد. الباب الثانى عشر: فى الهمزات. الباب الثالث عشر: فى الإمالة.
الباب الرابع عشر: فى الكتابة. الباب الخامس عشر: فى الخطاب. الباب السّادس عشر: فى الأبنية. الباب السّابع عشر: فى المصادر. الباب الثامن عشر: فى التصريف. الباب التاسع عشر: فى الإدغام. الباب العشرون: فى جائزات الشّعر.
القطب الأول: فيما الغالب على أبوابه معرفة الحركات والسكون وهى عوارض الكلم.
[القطب الأوّل: فيما الغالب على أبوابه معرفة الحركات والسّكون وهى عوارض الكلم.] الباب الأول: من القطب الأوّل فى معرفة الألفاظ العامّة الأوائل من حق هذا الباب أن يذكر فى أول القطب الثانى، وإنما بدئ به لأن مضمونه: أصل الكلام الذى مبنى هذا العلم عليه، والإشارة في الأحكام إليه، وفيه فصلان: الفصل الأول: فى ماهيّة النحو النّحو: القصد، نقل علما لهذا العلم المشار إليه، وهو: معرفة أوضاع كلام العرب ذاتا وحكما، واصطلاح ألفاظهم حدّا ورسما. وطريقة: الوضع والنقل، وأدلّته: النّصّ والقياس، وفائدته: تقويم اللسان، وحكمته: تغيير المعانى بأحكام مبانى الألفاظ. الفصل الثانى: فى أقسام الألفاظ. وهى تنقسم بحسب الألقاب قسمين، عاما، وخاصّا. القسم الأول: فى العامّ، وهو: الكلمة والكلم، والكلمات، والكلام والقول. أمّا الكلمة: فلها حقيقة ومجاز، أمّا الحقيقة فهو: كونها عبارة عن اللفظ الواحد نحو، زيد، وقام، ومن وأمّا المجاز فهو: كونها عبارة عن الجملة من الكلام تقول العرب: لفلان كلمه شاعرة، أى: قصيدة، و" كلمة بليغة" أى خطبة. وأمّا الكلم: فهو اسم جنس للكلمة، مفيدا وغير مفيد، يعمّها فما فوقها لأنّ ما بينه وبين واحده تاء التّأنيث جنس له، نحو: تمرة، وتمر وشجرة وشجر. وأمّا الكلمات: فهو جمع سلامة لها مطّردا، نحو: سلمة (¬1) وسلمات ¬
القسم الثانى فى الخاص
ومعدة ومعدات وأمّا الكلام: فهو لقب لما ينطق به مركّبا مفيدا، وهو مصدر، فى قول، واسم مصدر هو التكلّم/ أو التكليم، فى قول وأمّا القول: فهو لقب لما ينطق به، مفردا ومركّبا، مفيدا وغير مفيد؛ لأنّ أقسام الكلام المنصرف (¬1) إليه لفظه تدلّ على الشّدّة، وأقسام القول المنصرف (1) إليها لفظه تدلّ على الخفّة؛ فجعلوا الأشدّ لقبا للأخصّ، والأخفّ لقبا للأعمّ تعديلا، ولهذا قال سيبويه: وإنماّ يحكى بعد القول ما كان كلاما لا قولا (¬2). وذهب قوم (¬3) إلى أنه لا فرق بيين القول والكلام فى الإفادة وعدمها، فالكلام أخصّ من الكلم والقول؛ لاشتراط التّركيب والإفادة فى أحد القولين، وهو فى الإفادة مثلهما فى القول الثّانى. القسم الثانى فى الخاصّ ، وفيه خمسة فروع. الفرع الأوّل: فى أقسام الكلمة وحدودها. الكلمة: إمّا أن تدل على معنى بالوضع، أولا تدلّ، فالعارية من الدّلالة ملغاة، والدّالّة لا تخلو؛ أن تدلّ على معنى فى نفسها، أو معنى فى غيرها فالتى تدل على معنى فى نفسها تنقسم قسمين: أحدهما، أن تقترن الدّلالة فيه بزمن مختصّ لفظا، والآخر أن تجرّد من الدّلالة عليه لفظا، فالأوّل: الفعل، والثانى: الاسم. والتى تدل على معنى فى غيرها هى الحرف. ¬
الفرع الثانى: فى خواصها،
فإذا حدّ الاسم: كلّ كلمة دلّت على معنى فى نفسها مجرّدة من الزّمان المختص لفظا، نحو: زيد وضرب. وحدّ الفعل: كلّ كلمة دلّت على معنى فى نفسها مقترنة بزمان مختصّ لفظا، نحو: ضرب ويضرب. وحدّ الحرف: كل كلمة دلّت على معنى فى غيرها ولم تكن أحد جزئي الجملة المفيدة سوى النداء، نحو" من" و" إلي" فقولنا: كل كلمة، احتراز من الحروف غير المنتظمة، وقولنا: دلّت على معنى، احتراز من الملغاة، وقولنا: فى نفسها، آحتراز من الحروف، وقولنا: مجرّدة من الزّمان/ المختصّ احتراز من الفعل، وقولنا: لفظا، احتراز من صيغة الفعل؛ لأن للفعل ثلاث دلالات اثنتان بالوضع، والأولى منهما: دلالة" الضاد" و" الراء" والباء" على هذا النوع من الأفعال، والثّانية: دلالة صيغة الفعل على خصوص الزّمان نحو" فعل" للماضى، و" يفعل" للمستقبل، حتى لو عكس القضية واضعها لجازله. والثالثة: دلالة الملازمة، وهى: اضطرار الحدث إلى زمن ما، يقع فيه، فهذه ثلاث دلالات، يوجد فى الاسم منها الأولى والثالثة وجودهما فى الفعل، وتوجد الثانية فيه من طريق الملازمة؛ من حيث إنّ الحدث لا بدّ أن يقع فى زمن مخصوص، لكنّ صيغة الاسم لا تدل عليه. وقولنا فى الحرف: ولم يكن أحد جزّئى الجملة المفيدة، احتراز من" الذّى"، وقولنا: سوى النداء، احتراز من" يا زيد". الفرع الثّانى: فى خواصّها، وفيه نوعان: النوع الأوّل: فى تعريفها. أمّا خواصّ الأسماء فهى كثيرة، ويحصرها طريقان: أحدهما لفظىّ والآخر معنوىّ.
أمّا اللفظىّ، فيرد فى أوّلها وحشوها وآخرها. فالتى ترد فى الأوّل: كالألف واللّام غالبا، احتراز من دخولهما على الفعل فى قول الشاعر (¬1): يقول الخنا وأبغض العجم ناطقا … إلى ربّنا صوت الحمار اليجدّع (¬2) ويفيدانها التّخصيص نحو: الرّجل، والعلم. وكحروف الجرّ، ويفيدها إيصال قاصر الأفعال إليها نحو هربت من زيد، ولجأت إلى عمرو. والتى ترد فى الحشو: كألف التكسير نحو: رجال، وأحمال، وياء التصغير غالبا، احتراز من تصغير فعل التعجب فى قول الشاعر (¬3): يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا … من هؤلياء بين الضّال والسّمر (¬4) نحو؛ رجيل، وجعيفر. وأمّا التى فى الآخر: فكالتّنوين غالبا، احتراز من تنوين الترنّم. والتنوين الغالى، نحو: رجل، وزيد، وكالإضافة، وتفيدها ¬
التخصيص بغيرهما: كغلام/ زيد، وسرج الدّابّة، وثوب خزّ. وأمّا المعنوىّ: فيتعلّق بالذات، كالتعريف والتنكير، والتأنيث والتذكير والإضمار، والإخبار عنها غالبا، احتراز من قولهم" تسمع بالمعيدىّ خير من أن تراه" (¬1). وأمّا خواصّ الأفعال: فكذلك ترد فى لفظها ومعناها. أمّا اللفظ: فترد فيه أوّلا، وآخرا. فالتى ترد أوّلا: قد، ونخصّ الماضى والحال، وتفيدهما تقليل الحال وتقريب الماضى منه نحو: قد قام، وقد يقوم، ومنه قولهم:" قد قامت الصّلاة" وكالسين وسوف، ويخصّان المستقبل، ويفيد انه البعد من الحال والسّين أقصر زمنا من سوف نحو: سيقوم زيد، وسوف يقوم بكر، وكحروف المضارعة نحو: تقوم ويقوم، إلّا أن ينقل الفعل علما نحو: تغلب ويشكر. وأمّا التى ترد آخرا: فكتاء الضّمير نحو: قمت وقمت، وكالتاء التّى تثبت على صورتها وصلا ووقفا غالبا، احتراز ممّن يقف على" قائمة" بالتاء، دخلت أمارة على تأنيث الفاعل، نحو قامت هند وذهبت جمل، وهاتان التاءان تخصّان الماضى الصّيغة، وكنونى التوكيد ويخصّان المستقبل، نحو: اضربنّ واضربن. وأمّا التى ترد فى معناها: فمنها تصرّفها فى الأزمنة نحو: قام ويقوم، إلا أن يحدث مانع كتضمّنها ما ليس لها فى الأصل، نحو: نعم وبئس، ومنها ¬
الأمر المشتقّ نحو: اضرب، و: ليقم زيد، ما عدا أسماء الأفعال المعدولة نحو: نزال، وتراك. وأمّا الحرف: فلا خاصّة له، لأنّ عدم (¬1) العلامة له كالعلامة، ولأنّه فى نفسه علامة، والعلامة لا تفتقر إلى علامة. تنبيه: هذا الاحتراز الّذى أشرنا إليه فى هذا النوع وما يرد من أمثاله إنّما هو عن الشّاذّ الخارج عن القياس. والشّاذّ فى العربيّة على ثلاثة أضرب: ضرب شذّ عن بابه ولم يشذّ فى الاستعمال، نحو: استحوذ (¬2)، واستصوب وقياسه: استحاذ/ مثل استقام. وضرب شذّ عن الاستعمال ولم يشذّ عن القياس، نحو ماضى «يدع» فلم يستعملوا «ودع»، استغناء عنه ب «ترك» ومن قال «ودع» فهو شاذّ. وضرب شذّ عن القياس والاستعمال، فلا يعرّج عليه إلّا فى ضرورة الشّعر، كإدخال الألف واللام على الفعل فى قوله: صوت الحمار اليجدّع (¬3) النوع الثانى: فى أحكام هذه الخواصّ. بعض هذه الخواصّ يتعاقب على الكلمة، لأمرين: أحدهما: تضادّ مدلوليهما، كالألف واللام، أو الإضافة، مع التنوين لأنّ الألف واللام والإضافة تفيد تعريفا، والتنوين يفيد تنكيرا، فلا يجوز «الرّجل» ولا غلام رجل»، وكقد والسّين وسوف، لأن قد تقرّب إلى الحال والسّين وسوف يبعدان منه، فلا يجوز «قد سيقوم زيد». ¬
الفرع الثالث: فى انقسامها
والأمر الثّانى: تساوى مدلوليهما؛ كالألف والّلام مع الإضافة، وكالسّين مع سوف، فيقع الغناء بإحدى العلامتين عن الأخرى، فلا يجوز «الغلام رجل» ولا «سوف سيقوم زيد»، وما تجاوز هذين الأمرين فالجمع بينهما جائز، نحو حرف الجرّ مع التنوين، أو مع الألف والّلام، وكقد مع تاء التأنيث، وكسوف مع حروف المضارعة، تقول: من زيد، ومن الرّجل، وقد قامت هند، وسوف يقوم عمرو. الفرع الثّالث: فى انقسامها: ولها تقسيمات باعتبارات مختلفة، يرد كلّ تقسيم منها فى موضع يخصّه، ونحن نشير إليها فى هذا الفرع جملة فى ثلاثة أنواع: النّوع الأوّل: الأسماء، وينقسم إلى جنس ونوع، ومفرد ومركّب، ومنقول ومرتجل، ولقب واسم وكنية، ومشتقّ وجامد، وجثّة وحدث، ومعرفة ونكرة، ومذكّر ومؤنّث، ومظهر ومضمر ومبهم، وواحد ومثنى ومجموع، وإلى معرب ومبنىّ، وصحيح ومعتلّ، وتامّ وناقص، وكامل ومحذوف، وممدود ومقصور، ومنصرف وغير منصرف، ومتمكّن وغير متمكّن، ومصدر وغير مصدر، وعامل وغير عامل. النوع الثّانى: فى الأفعال، وينقسم إلى: ماض وحاضر ومستقبل، وأمر ونهى ودعاء، وتامّ وناقص، ومظهر ومضمر، ومتعدّ وقاصر، ومؤثّر وغير مؤثّر، ومتصرّف وغير متصرّف، ومعرب ومبنىّ، وصحيح ومعتل، ومسمّى الفاعل وغير مسمّاه. النوع الثّالث: الحروف، وينقسم إلى مفرد ومركّب، وعامل وغير عامل، وأصل وفرع، ومظهر ومضمر، ومؤثّر وغير مؤثّر، فى قول.
الفرع الرابع: فى اشتقاقها
الفرع الرّابع: فى اشتقاقها أمّا الاسم: فهو مشتقّ من السّموّ، عند البصريين (¬1)، ووزنه فى الأصل: سمو، ومن السّمة، عند الكوفييّن (¬2)، ووزنه فى الأصل وسم؛ وإنّما سمّى اسما لسموّه على قسيميه، فإنّه يخبر به، وعنه، وليسا كذلك. والفعل مشتقّ من المصدر الذي هو الحدث، عند البصريّين، لأنّ فى الفعل زيادة على المصدر، وهى دلالته على خصوص الزّمان، والفرع، فيه ما فى الأصل وزيادة، وإنما سمّى فعلا باسم أصله، وهو الفعل فى الحقيقة وعند الكوفيّين: المصدر مشتقّ من الفعل. والحرف مشتق من حرف الشّئ، وهو طرفه وجانبه، ولذلك سمّى حرفا؛ لأنّه يقع طرفا. الفرع الخامس: فى المؤتلف منها وتوجب له القسمة اثنى عشر تأليفا، تكرّر منها خمسة، وألغى ثلاثة وهى: الفعل مع الفعل، والفعل مع الحرف، والحرف مع الحرف، واستعمل فى الإفادة أربعة: الأوّل: الاسم مع الاسم، على شريطة أن يكون للأوّل بالثّانى علقة معنى يسع مكلّفا جهله، نحو: زيد قائم، وعمرو أخوك. الثانى: الاسم مع الفعل التامّ المتصرّف، اختراز من «كان» النّاقصة والأفعال غير المتصرّفة على هذه الشّريطة، نحو: قام زيد، وينطلق عمرو. الثالث: الاسم مع الفعل والحرف، على هذه الشريطة، نحو: ما قام زيد، وسيقوم عمرو. الرابع: حرف/ النداء خاصّة مع الاسم، نحو: يا زيد. ¬
الباب الثانى: من القطب الأول فى المعرب
الباب الثّانى: من القطب الأوّل فى المعرب وفيه مقدّمة وفصلان المقدّمة: المعرب من الكلم قسمان: أحدهما أصل، والثانى فرع، وذلك أنّ الإعراب معنى زائد على الكلمة، فيقتضى سببا، والموجب لوجود الإعراب: ضبط المعانى عند اشتباه الألفاظ، وهو موجود فى الأسم دون قسيميه؛ لأنّه بدلّ بصيغة واحدة على معان مختلفة، ألا ترى أنّ صورة واحدة من اللّفظ تدلّ على التعجّب، والنّفى، والاستفهام، باختلاف الإعراب، ولولا هو لما دلّت عليها، وذلك قولك: ما أحسن زيد، فلهذا كان الإعراب فى الأسماء أصلا. وأمّا الفرع: فالإعراب فيه بطريق الشّبه والاستحسان، وهو الفعل المضارع. وحدّ المعرب: كلّ كلمة يغيّر حرف إعرابها حسّا أو حكما، بحركة أو حرف، لاختلاف العوامل لفظا، أو معنى أو تقديرا، فقولنا: حسّا، نحو: «زيد» و «يضرب» وحكما، نحو؛ «عصا»، و «يسعى»، وقولنا: بحركة، كالرّفع، والنّصب والجرّ، وقولنا: أو حرف، كالألف والواو والياء، فى الأسماء السّتّة، وفى كلا وكلتا، وقولنا: لفظا، نحو من، و «لن»، وقولنا: معنى نحو الابتداء ورافع الفعل المضارع، وقولنا: تقديرا، نحو التخدير، و «أن» المضمرة. الفصل الأول: فى المعرب من الأسماء وفيه فرعان الفرع الأوّل: فى تعريفه، وهو: ما عرى من أوصاف ستّة فلم يشبه الحرف نحو: «الذى» أشبهته باحتياجها فى الإفادة إلى صلتها، ولم يتضمّن معناه
الفرع الثانى: فى أنواعه،
نحو «أمس». تضمّنت بعلميّتها الألف واللام، ولم تقع موقعه، نحو: «أين» فى وقوعها موقع همزة الاستفهام، ولم يقع موقع فعل الأمر، نحو «نزال» ولم يقع موقع مشاكله، نحو: «قطام»، ولم يضف إلى غير متمكّن نحو هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (¬1) فيمن (¬2) قرأ بالفتح، فيقتضى/ له وجود هذه الأشياء فيه ضدّ ما يستحقّه من الإعراب، وهو: البناء. وينقسم المعرب قسمين: أحدهما: كامل أوصاف الاستحقاق، فتجرى عليه جميع أنواع إعراب الأسماء، ويسمّى متمّكنا أمكن، نحو: رجل وزيد وعلم، فاستحقّ الإعراب مطلقا؛ لمنافاة الحرف، واستحقّ كمال الإعراب؛ بانتفاء مشابهة الفعل. والثانى: ناقص أوصاف الاستحقاق، فلم يجر كمال أنواع إعراب الأسماء عليه، ويسمّى متمكّنا غير أمكن، نحو: أحمد وفاطمة. الفرع الثّانى: فى أنواعه، وهى نوعان: صحيح حرف الإعراب، ومعتلّه. النوع الأوّل: الصّحيح حرف الإعراب، وهو: ما لم يكن حرف إعرابه ألفا ولا واوا، ولا ياء، وهو على قسمين: القسم الأول: ما كان عاريا من مشابهة الحرف من كل وجه ومن مشابهة الفعل من وجهين مخصوصين، وهو: المتكّن الأمكن الجارى عليه جميع أنواع إعراب الأسماء وهى: الرّفع، والنّصب والجرّ، نحو رجل، تقول: هذا رجل، ورأيت رجلا، ومررت برجل، ويسمّى منصرفا، وله علامة تؤذن بصرفه، وهى تنوين التمكين؛ لأن التنوين ينقسم فى العربيّة خمسة أقسام، وسيرد بيانها فى أبنية الحروف، ¬
وهذا تنوين التمكين، [و (¬1)] هو الدّالّ على تمكّن الاسم فى بابه وصرفه، ولهذا قال فيه سيبويه (¬2): ودخل التنوين فى الكلام علامة للأخفّ عليهم والأمكن عندهم، وقال غيره (¬3): دخل فرقا بين المضاف والمفرد، وهو من خواصّ الأسماء كما سبق ذكره (¬4)، فإن طرأ على هذا التنوين ما يحذفه، كالألف والّلام، أو الإضافة جرى الإعراب على الاسم بحاله عند وجود مقتضيه، وجرّ المضاف إليه على كل حال، لفظا وموضعا، نحو: الرّجل، وغلام زيد، وصاحب أحمد. القسم الثانى: ما شابه الفعل من وجهين، باجتماع علّتين فرعيّتين مخصوصتين من علل تسع، أو علّة منها تقوم مقامهما وهى: التعريف الوضعىّ، والعجمة المنقولة معرفة، والعدل، والنّعت، ووزن الفعل الّذى يغلب عليه/ أو يخصّه، والألف والنّون المضارعتان لألفى التأنيث، والتركيب والجمع المخصوص، والتأنيث، وسيرد شرح هذه العلل فى باب مفرد، وهذا هو المتمكّن غير الأمكن، ويسمّى غير منصرف، وله حالتان: الحالة الأولى: أن يكون عاريا من الألف واللام والإضافة، ويمتنع منه حينئذ التنوين مع الجرّ عند عامله، ويعوّض من الجرّ فتحة، ويدخله الرّفع والنّصب عند عاملهما، نحو: أحمد، وعمر، وإبراهيم، وأصفر، وتغلب وعثمان، وحضر موت، ومساجد، وزينب. الحالة الثّانية: أن يكون فيه الألف واللّام أو الإضافة، وحينئذ يعود إليه الجرّ عند عامله، نحو: الأصفر، وأحمدكم، ويكون امتناع دخول ¬
التنوين عليه لأنه غير منصرف، لا لإنّه يضادّ الألف واللام والإضافة، وإن كانت المضادّة سببا فى امتناعه؛ فلا يقال لما دخله الألف واللام والإضافة منها منصرف، وإن دخله الجرّ، لأنّ المنصرف: ما دخله التنوين فى حالة ما، وهو لا يدخله مع عدمها، وها هنا أحكام تحتاج إلى بيان: الحكم الأوّل: مشابهة الفعل من وجهين، وذلك: أنّ الفعل فرع على الاسم كما سبق؛ لأنّه مشتقّ منه؛ ولأنّه لا تتمّ به الفائدة إلا مع الاسم، فهو فرع عليه من هذين الوجهين، وغير المنصرف قد صار باجتماع العلّتين الفرعيّتين فيه فرعا من وجهين، كما سيأتى فى بيان العلل (¬1). الحكم الثانى: أنّ التّنوين هو المقصود أوّلا بالحذف؛ لأنّهم قسّموا المقصور إلى منصرف وغير منصرف، نحو: «عصا» و «حبلى»، ويعنون بهما: ما دخله التّنوين، وما لم يدخله، لأنّ الجرّ لا مساغ له فيه لفظا. الحكم الثالث: إتباع الجرّ التنوين؛ لمشاركته له فى اختصاصهما بالاسم وقيامه مقامه؛ إذ عاقبه فى الإضافة، ويدلّ على ذلك عوده عند أمن التنوين، بوجود الألف واللام، أو الإضافة. الحكم الرّابع: تعويض الجرّ فتحة، وسببه؛ كونهما (¬2) فضلتين، واستواؤهما فى الكتابة (¬3)، وللمعاوضة من حملهم النصب على الجرّ فى التثنية والجمع. الحكم الخامس: بيان خصوص العلّتين، وهو: أن يكون أحدهما تعريفا، أو وصفا، أو عدلا، أو وزن فعل مخصوصين، أو تأنيثا لازما، أو جمعا مخصوصا، والأخرى واحدة من باقى العلل، ألا ترى أنّ «أذربيجان» ¬
فيه خمس علل هى: التعريف، والتأنيث غير الّلازم، والعجمة، والتركيب والألف والنّون، فلا ينصرف، وإذا نكّرته صرفته؛ لعدم التعريف؟ الحكم السّادس: العلّة القائمة مقام علّتين هى: التّأنيث اللازم بألفيه المقصورة والممدودة، والجمع المخصوص، نحو: حبلى وحمراء، ومساجد. النوع الثانى: المعتّل حرف الإعراب، وهو ما كان حرف إعرابه ألفا أو ياء أو واوا، وينقسم إلى أربعة أضرب، ورديف: الضّرب الأوّل: الألف إذا كانت حرف إعراب، ولا يكون ما قبلها إلّا مفتوحا؛ لتعذّر النّطق، وسمّى مقصورا؛ لأنّه قصر عنه جميع أوجه الإعراب لفظا، أى: حبس، نحو: عصا ورحى، ولا تكون الألف إلا فى الأسماء المعربة أصلا، فإذا وجدت فيها حرف إعراب فلا يخلو أن تكون منقلبة عن واو أو ياء أصلين، نحو: عصا ورحى؛ لقولهم: عصوان، ورحيان، أو منقلبة عن حرف الإلحاق، نحو: أرطى (¬1)، ملحقا بجعفر فى أحد القولين، أو أن تكون للتأنيث، نحو: حبلى وسكرى، أو للتكثير نحو قبعثرى (¬2)، ولا يدخلها فى جميع مواضعها شيئ من الإعراب، لأنّها إذا تحرّكت عادت إلى ما قلبت عنه، أو انقلبت همزة، كما تراه فى التّصريف إن شاء الله، وإنّما يحكم على الموضع بالإعراب، تقول: هذه العصا، ورأيت العصا، ومررت بالعصا، وهو على ضربين: منصرف، وغير منصرف. فالمنصرف: يدخله التنوين، فيجتمع مع الألف وهى ساكنة فتحذف وتبقى الفتحة قبلها تدل عليها. وغير المنصرف: ما لا يدخله تنوين نحو: حبلى وسكرى، وتثبت ¬
ألفه؛ لعدم ما يزيلها، ويستويان لفظا فى حال التّعريف بالألف واللام، أو الإضافة، نحو العصا، وعصا الرّجل، والحبلى، وحبلى القوم، وهو على ضربين، مقيس ومسموع، وسنفرد لهما بابا فى القطب الثّانى. الضّرب الثّانى: الياء وإذا كانت حرف إعراب، فلا يخلو ما قبلها: أن يكون ساكنا، أو متحرّكا، فالسّاكن على ضربين. أحدهما أن يكون ياء مثلها، نحو: صبىّ، وكرسيّ، والثّانى: أن لا يكون ياء، نحو: ظبى، ونحى، وهما سواء فى تحمّل أوجه الإعراب كالصّحيح، تقول: هذا صبىّ ونحى، ورأيت صبيّا ونحيا، ومررت بصبيّ ونحى، وأمّا المتحرّك: فلا يخلو: أن تكون الحركة كسرة، أو فتحة، أو ضمّة. أمّا الكسرة: فنحو: القاضى والرّامى، ويسمّى منقوصا، لأنّه نقص الياء، بعض الإعراب، وله حكمان: الأوّل: فى الرّفع والجرّ، وقد استثقلا مع الياء، لكراهة النّطق به نحو: هذا قاضى، ومرر بقاضى، فمنعا من الّدخول عليها فبقيت ساكنة، تقول: هذا قاضى، والقاضى، وقاضيك، ومررت بقاضى، والقاضى، وقاضيك، فإذا لقيها ساكن بعدها، كلام التعريف، وباء ابن، حذفت الياء لفظا، وثبتت خطّأ، نحو: قاضى القوم، ورامى ابنك، فإن كان الساكن تنوينا حذفت الياء لفظا وخطّأ، وبقيت الكسرة قبلها تدل عليها، تقول: هذا قاض يا فتى، ومررت بقاض يا فتى. الحكم الثانى: فى النصب، وهو جار مجرى الصّحيح فى تحمّل الفتحة لخفّتها نحو رأيت قاضيا، والقاضى، وقاضيك، على أنّه قد جاءت أنواع المنقوص فى الشّعر على الأصل مع الرّفع والجرّ، تشبيها بالنّصب، وجاءت فى النّصب بالحذف، حملا عليهما، قالوا فى الرّفع:
تراه وقد فات الرّماة كأنّه … أمام الكلاب مصغى الخدّ أصلم (¬1) وقالوا فيه: وكأنّ بلق الخيل فى حافاته … ترمى بهنّ دوالى الزّرّاع (¬2) وقالوا في الجرّ: فيوما يوافين الهوى غير ماضى … ويوما ترى منهنّ غولا تغوّل (¬3) وقالوا فيه: لا بارك الله فى الغواني هل … يصبحن إلا لهنّ مطّلب (¬4) ومثله: ما إن رأيت ولا أرى فى مدّتى … كجوارى يلعبن فى الصّحراء (¬5) وقالوا فى النّصب: ولو أنّ واش باليمامة داره … ودارى بأعلى حضر موت اهتدى ليا (¬6) ¬
ومنه قولهم: أكاشر أقواما حياء وقد أرى … صدورهم باد علىّ مراضها (¬1) وأمّا إذا كان ما قبل الياء ضمّة أو فتحة، فإنّه أصل مرفوض، وإن كان القياس يقتضيه، فمثال الضمّة «ظبى» إذا جمعته جمع قلّة على «أفعل» فالقياس أظبى نحو «أكلب»، وحكمها: أن تقلب الضّمّة كسرة فتصيّره بمنزلة «قاضى» ويجرى عليه حكمه، فيرجع بعد القلب والتغيير إلى «أظب» لأنّهم إذا استثقلوا الكسرة قبل الياء فلأن تستثقل الضمّة قبلها أولى. ومثال الفتحة «فتى» أصله فتى، مثل «جمل»، لقولهم: فتيان، فلمّا تحرّكت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، وألحق بالمقصور، وقد ذكرناه (¬2). الضّرب الثالث: الواو إذا كانت حرف إعراب فلا يخلو: أن يكون ما قبلها ساكنا أو متحّركا، أمّا السّاكن: فحكمه حكم الياء إذا سكن ما قبلها فى تحمّل الإعراب كالصّحيح، نحو: «عدوّ» و: «فلوّ»، و «غزو» و «عدو». وأمّا المتحرّك، فلا يخلو: أن تكون حركته ضمّة أو فتحة أو كسرة، وجميعها أصول مرفوضة، للاستثقال. أمّا الضّمّة: فنحو «حقو» (¬3) ودلو، إذا جمعتهما جمع قلّة على أفعل قلت: «أحقو» و «أدلو»، فقلبت الضّمّة كسرة فانقلبت الواو ياء، وألحق بالمنقوص فقلت: أحق، و: أدل. وأمّا الكسرة: فنحو اسم الفاعل من غزا و «دعا»، هو فى الأصل «غازو» وداعو فقلبت الواو ياء، وألحق بالمنقوص، فقلت: «غاز» و «داع»، وأمّا الفتحة: فنحو: عصا و «قنا»، أصلهما «عصو» و «قنو» فقلبت الواو ألفا، وألحق بالمقصور، وقد تقدّم ذكره. ¬
فهذه الأحكام تؤدّى إلى أنّه ليس فى العربيّة اسم/ معرب آخره واو قبلها ضمّة، إلا الأسماء السّتّة المضافة، فى الرّفع. الضّرب الرابع: فى الأسماء المعربة بالحروف، وهى ستّة أسماء، أعربت في حال الإضافة إلى غير المتكلّم بحروف العلّة؛ توطئة للتّثنية والجمع وهى: أبوك، وأخوك، وحموك، وهنوك، وفوك، وذو مال، تقول فى الرّفع: هذا أبوك، وأخوك وحموك، وهنوك، وفوك، وذو مال، وفى النّصب: رأيت أباك، وأخاك، وحماك، وهناك، وفاك، وذا مال، وفى الجّر: مررت بأبيك، وأخيك، وحميك، وهنيك وفيك، وذى مال، فالواو والألف والياء حروف الإعراب وعلاماته عند سيبويه (¬1)، وغيره (¬2) يخالفه فى ذلك، وهذه الأسماء السّتّة على ثلاثة أقسام: القسم الأوّل: تكون عينه فى حال الإفراد حرف إعرابه ويعرب بالحركات، وفى حالة الإضافة إلى غير المتكلّم تعاد لامه، ويكون إعرابه بالحروف وهى: أب، وأخ وحم، وهن. وقد استعملوها فى حالة الإضافة بغير لام، وأعربوها بالحركات ¬
قال الشّاعر (¬1): رحت وفى رجليك ما فيهما … وقد بدا هنك من المئزر وقال (¬2): سوى أبك الأدنى فإنّ محمّدا … علا كلّ شئ يا ابن عمّ محمّد وقد أبدلوا من لام «حم» فى الإفراد همزة فقالوا: حمء. وقد استعملوها فى الأحوال الثلاث بالألف، قالوا: إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا فى المجد غايتاها (¬3) وجاء فى المثل: «مكره أخاك لا بطل». (¬4) ¬
ومنهم من يردّ الّلام فى حال الإضافة إلى النّفس فيقول: هذا أبىّ، وأنشدوا: فلا وأبىّ لا أنساك حتّى … ينسّى الواله الصّبّ الحنينا (¬1) القسم الثانى: يكون محذوف اللام فى حال الإفراد والإضافة، إلا أنّ إعرابه مع الإفراد بالحركات، ومع الإضافة بالحروف، وهو «فوك»، وعوّضوه فى الإفراد من عينه التى هى «واو» ميما؛ لأنّها لو تركت لحذفها التّنوين، كما حذف ياء «قاض»، وألف «عصا»، فكانت الكلمة تبقى على حرف واحد، وهو غير موجود فى المعربات، فقالوا: فم، وقد جمع الشاعر بينهما فقال (¬2): هما نفثا فىّ فمويهما … على النّايج العاوى أشدّ رجام (2) وقد استعملها فى الإفراد بغير عوض، قال (¬3): خالط من سلمى خياشيم وفا ¬
وسأل عيسى (¬1) بن عمر ذا الرّمّة: هل يقولون: هذا فو، فقال: بل يقولون: «قبّح الله ذا فا»، وهى عربّية، والأولى أن لا تستعمل «فم» فى الإضافة، ولا يستعمل فو فى الإفراد. القسم الثالث: «ذو»، ولا تستعمل إلا مضافة، لأنّهم إنما جاءوا بها توصّلا إلى وصف الأسماء بأسماء مثلها غير جارية على الأفعال، كقولك: مررت برجل ذى مال، وذى دار، وذى قيام، ولا تضاف إلى مضمر عند سيبويه (¬2)، فلا تقول: مررت برجل ذيك، وذيه، وأجازه المبّرد (¬3)، وحكاه فى الشّعر مجموعا، قال كعب بن زهير (¬4): صبحن الخزر جيّة مرهفات … أبار ذوى أرومتها ذووها ¬
وأنشد الفارسىّ: إنّما يعرف ذا الفضل من النّاس ذووه (¬1) ومنه قول النّاس: «صلّى الله على سيّدنا محمد النبىّ وذويه». وهذا جميعه لم يرد إلا مجموعا، وقد جاء فى الشّعر غير مضاف قال (¬2): فلا أعنى بذلك أسفليكم … ولكنىّ أريد به الذّوينا ول «ذى» كلام يخصّها غير هذا، يجئ فى باب الموصولات (¬3). فأمّا أوزان هذه الأسماء فإنّ «أبا» و «أخا» و «حما» و «هنا» أوزانها «فعل» مفتوح العين، نحو: «أبو» و «أخو» و «حمو» و «هنو»، فحذفت لاماتها؛ لقولهم فى التثنية: أبوان وأخوان وحموان وهنوان. وفى الجمع: آباء وآخاء وأحماء وهنوات. وأمّا فم: فأصله «فوه» ساكن العين؛ لقولهم: أفواه، وفويه وتفوّهت، وإنمّا جمع على أفعال، وهو ساكن العين، لأنّ المعتلّ العين يجمع كذلك نحو: بيت وأبيات، وسوط وأسواط، فحذفت لامه اعتباطا، ثم حذفتّ عينه، وعوّض منها «ميما» كما سبق. وأمّا ذو: فأصله «ذوى» مثل «نوى»، ووزنه فعل بالفتح، فكان لامه ياء، ومنهم من يعتقدها واوا. ¬
ومتى أضفت هذه الأسماء إلى نفسك، حذفت لاماتها فى الأحوال الثّلاث، ما عدا «ذا»، تقول: هذا أبى، وأخى، وحمى، وهنى ساكنة الياء، و «فىّ» مشدّدة، وحكى المبّرد (¬1): أبىّ وأخىّ مشدّدا. فأمّا ذو: فلا تضاف إلى الضّمير، كما سبق، ومن أجاز ذلك قال: ذىّ مثل فىّ. الرّديف لهذه الأضرب: الهمزة، والعادة جارية أن يذكر عقيب الأسماء المعتلّة ما كانت الهمزة له حرف إعراب: لنوع من المشابهة بينها وبين حروف العلّة، وإن كان القياس يقتضى أن لا يذكر معها؛ لأنّها جارية مجرى الحرف الصّحيح، وهى إذا كانت حرف إعراب، على ضربين: أحدهما: أن يكون قبلها ألف، وتسمّى الكلمة ممدودة، نحو: كساء، ورداء، وحرباء، وقرّاء، وحمراء، وهو على ضربين: مقيس، ومسموع، وسنفرد لهما بابا فى القطب الثانى (¬2). والثّانى: ألا يكون قبل الهمزة ألف، وتسمّى الكلمة مهموزة، نحو: قارئ وبارئ، ومنشئ، ومبتدئ. وهذان الضّربان جاريان مجرى الصّحيح فى تحمّل أوجه الإعراب تقول: هذا كساء، وحمراء، وقارئ، ورأيت كساء وحمراء وقارئا، ومررت بكساء وحمراء وقارئ. فإن كان قبل الهمزة واو، أو ياء، نحو: مشنوء، وبدئ (¬3)، فالقياس أن يسمّيا ممدو دين، ويجرى عليهما الإعراب. ¬
الفصل الثانى: فى المعرب من الأفعال
الفصل الثانى: فى المعرب من الأفعال وفيه فرعان. الفرع الأوّل: فى تعريفه ، وهو نوعان: النّوع الأوّل: الفعل المضارع، إذا لم يوجد فيه مانع من نونى التّوكيد ونون جماعة النّساء، فإنّه يكون معها مبنيّا، وإنّما استحقّ الإعراب لمشابهته الأسماء من وجوه. منها: أنّه يعمّ زمانى الحاضر والمستقبل بصيغته، فإذا دخلته السّين أو سوف، اختصّ بالمستقبل، فأشبه الاسم فى عمومه وخصوصه، مع عدم لام التّعريف ووجودها، نحو: يقوم وسيقوم، ورجل والرّجل. ومنها: كونه على حركة اسم الفاعل نحو: يضرب وضارب، وينطلق ومنطلق، ويستخرج ومستخرج. ومنها: دخول لام الابتداء المختصّة بالأسماء عليه، نحو قولك: إنّ زيدا ليقوم، وإنّ زيدا لقائم، وفيه نظر (¬1)، والأصل الأوّل، فأعطى لهذه المشابهة بعض الإعراب، وإن كان فى الأصل مستغنيا عنه، ألا ترى أنّ تغيّر آخره لا يوجب له زوال معنى وحدوث غيره كالاسم؛ لأنّه فى حال الرّفع والنّصب والجزم يدل دلالة واحدة على الحدث والزّمن المختصّ؛ فلهذا كان إعرابه فرعا. ¬
ويلزم أوّل الفعل المضارع إحدى الزوائد الأربع التى هى: الهمزة، والنون والتّاء، والياء، فالهمزة للمتكلّم، نحو: أقوم، وأقعد، وأنطلق، وأستخرج والنّون للمتكلّم إذا كان معه غيره، نحو: نقوم، وننطلق، ونستخرج وللمتكلّم العظيم فى نفسه، كقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (¬1) والتّاء للمخاطب: الذّكر والأنثى، نحو: تقوم وتقومين، وتنطلق وتنطلقين، وللمؤنّثة الغائبة، نحو: تقوم هى، والياء للمذكّر الغائب، نحو: يقوم هو، وللمؤنّثات الغائبات، نحو: هنّ يضربن. وإنما خصّت هذه الحروف بالزّيادة، لأنّ أولى ما زيد حروف المدّ واللّين ولم يمكن زيادة الألف، لأنّها ساكنة أبدا، والسّاكن لا يبتدأ به، فأبدلوا منها الهمزة؛ لمشابهتها لها مخرجا وزيادة، وأمّا الواو فلو زيدت لاجتمعت مع فعل فاؤه «واو»، وقد يعطف بواو فيقبح النّطق به؛ فعوّضوا منها التاء؛ لمشابهتها لها زيادة، وقرب مخرج، وكما قالوا: تالله (¬2)، وتراث، وأمّا الياء، فلم يوجد فيها مانع، فزيدت، وبقى معهم معنى آخر، وهو الجمع، فجعلوا النّون له علامة؛ لمشابهتها حروف العلّة زيادة، وحذفا، وبدلا. وهذه الحروف لها ثلاث حالات: حالتان مطّردتان، وأخرى شاذّة: فالأولى: أن تكون مضمومة أبدا فى كل فعل ماضيه على أربعة أحرف نحو: أكرم يكرم، ودحرج يدحرج. والثانية: أن تكون مفتوحة أبدا فى كل فعل، ماضيه على غير أربعة أحرف، نحو: ضرب يضرب، وانطلق ينطلق، واستخرج يستخرج. ¬
والثّالثة: هو أن تكسر الهمزة والنّون والتّاء، فى كلّ فعل ثلاثىّ، عين ماضيه مكسورة، وفيما زاد على الأربعة، ممّا فى أوّله همزة، نحو: علم واستخرج تقول فيه: اعلم ونعلم، ونستخرج، وهى لغة تميم (¬1) وأسد وقيس وربيعة. النّوع الثانى: فعل الأمر إذا دخلت عليه اللّام، ويكون للمتكلّم الغائب مطّردا، وللمخاطب شاذّا، تقول فى المتكلّم: لأقم ولأضرب زيدا، ومنه قوله تعالى: وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ (¬2)، وتقول فى الغائب ليقم زيد، وليضرب زيد عمرا وتقول فى المخاطب: لتضرب زيدا ولتقم، وعليه قرئ قوله تعالى: فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا (¬3)، وتنسب هذه القراءة إلى النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم، ولم تجئ فى السّبعة (¬4). ونحاة البصرة يخصّون هذا النّوع بالإعراب، وما عداه من أفعال فهو مبنىّ. وأمّا نحاة الكوفة (¬5) فيجعلون جميع أفعال الأمر معربة ويقدّرون لام الأمر مضمرة عاملة للجزم. فأمّا الأمر للمخاطب، فإنّك تحذف من الفعل المضارع حروف المضارعة فإن كان الّذى بعدها ساكنا جئت بهمزة الوصل؛ توصّلا إلى النّطق بالسّاكن تقول فى، يضرب وينطلق ويستخرج: اضرب وانطلق واستخرج، وإن ¬
الفرع الثانى: فى أنواعه،
كان متحرّكا، نطقت بما بقى ولم تزد شيئا، تقول فى يضع، ويدحرج ويضارب: ضع، ودحرج، وضارب، فإن كان رباعيّا فى أوّله همزة أعدتها فى الأمر، نحو: أكرم وأحسن. الفرع الثّانى: فى أنواعه، وهى نوعان: النّوع الأوّل: فى الأصلىّ. الفعل المضارع بعض أقسام الأفعال، فإذا ذكرنا أقسامها دخل تحتها، فنقول: الفعل ينقسم إلى؛ ماض، ومستقبل وبعضهم يثبت الحاضر قسما ثالثا. فالماضى: ما قرن به الزّمان الماضى قلّت حروفه أو كثرت، نحو؛ قام ودحرج وانطلق، واستخرج، تقول: قام أمس وانطلق عام أوّل. والحاضر: ما قرن به الحاضر من الأزمنه، نحو؛ هو يقوم الآن وينطلق السّاعة. والمستقبل: ما قرن به المستقبل من الأزمنة، نحو: هو يضرب غدا ويستخرج بعد غد، وهذا اللّفظ يشترك فيه الحال والأستقبال؛ فمنهم من يجعله أصلا فى الحال، فرعا فى الاستقبال، ومنهم من يعكس ذلك، وهى على أربعة أضرب: الأوّل: ماض فى اللّفظ والمعنى، إذا لم يكن معه قرينة تنقله؛ فإنّ صيغته موضوعة - فى الأصل - للزّمن الماضى، ومعناها: وقوع الحدث فيه نحو قام وقعد. الثّانى: ماض فى اللّفظ مستقبل فى المعنى، وهو كلّ فعل ماض دخل عليه حرف الشّرط، نحو: إن قام زيد قمت، وقام لفظه ماض، وقد جعله حرف الشّرط مستقبل المعنى؛ لأنّ معناه: إن قام زيد غدا قمت. الثّالث: مستقبل فى اللّفظ والمعنى، نحو: يضرب، إذا لم يكن معه
قرينه تنقله؛ فإنّ صيغته موضوعه فى الأصل للزّمن المستقبل، ومعناها: وقوع الحدث فيه. الرّابع: مستقبل في اللفظ ماض فى المعنى، وهو كلّ فعل مستقبل اقترن به حرف الجزم، نحو: لم يخرج زيد، فحرف الجزم جعل" يخرج ماضى المعنى، تقديره: لم يخرج زيد أمس؛ فللمّاضى إذا صيغة تخصّه وهى (¬1) " ضرب" إذا لم يكن معه قرينة، وللمستقبل/ صيغة تخصّه وهى: الأمر والنّهى، وليس للحاضر صيغة تخصّه. النّوع الثّانى: فى الفرعىّ، وهو على ضربين: صحيح، ومعتلّ كالاسم: فالصّحيح: يعرب بوجوه إعراب الأفعال؛ رفعا، ونصبا، وجزما، نحو: هو يضرب، ولن يضرب، ولم يضرب. فالرّفع عامله معنوىّ، وهو: وقوعه موقع الاسم، نظير المبتدأ أو خبره كقولك: زيد يضرب؛ لأنّ ما بعد المبتدأ من مظانّ صحّة وقوع الأسماء وكذلك إذا قلت: يضرب الزيدان؛ لأنّه من ابتدأ بكلام لم يلزمه أن يبتدئ باسم أو فعل، بل مبتدأ كلامه موضع خبره فى أيّهما أراد ومتى وقع الفعل المضارع فى موضع لا تقع فيه الأسماء، لم يجز رفعه، نحو: لم يضرب زيد؛ لأنّك لا تقول: لم زيد، فأمّا قولهم: كاد زيد يقوم، وطفق يأكل، وجعل يضرب ¬
فالأصل فيه: أن يكون الخبر اسما، فعدلوا عنه، وقد استعملوه فى قوله (¬1): فأبت إلى فهم وما كدت آيبا وأمّا النّصب والجزم فعاملهما لفظىّ، نحو" لن" و" لم". وأمّا المعتلّ فهو: كلّ فعل حرف إعرابه ألف أو واو أو ياء نحو: يسعى ويغزو، ويرمي؛ وهذه الأحرف الثّلاثة تكون فى الرّفع ساكنة، وفى الجزم محذوفة؛ وفى النّصب تفتح الواو والياء، وتبقى الألف على سكونها، تقول: هو يسعى ويغزو ويرمى، ولم يسع ولم يرم ولم يغز، ولن يسعى ولن يغزو ولن يرمى. فإن ثنّيت الضّمير فى الفعل، مذكّرا أو مؤنّثا، أو جمعته مذكّرا أو أفردته مؤنّثا؛ صحيحا ومعتلا - وهو خمسة أمثلة: يضربان، وتضربان وتضربون، ويضربون، ونضربين - كان رفع هذا القبيل بإثبات" النون" ونصبه وجزمه بحذفها؛ تقول: أنتما تضربان وترميان، ولن تضربا ولن ترميا، ولم تضربا ولم ترميا، وأنتم تضربون وترمون، ولن تضربوا ولن ترموا ¬
ولم تضربوا ولم ترموا، وأنت تضربين وترمين، ولن تضربى ولن ترمي ولم تضربي ولم ترمي. وهذه الأفعال الخمسة معربة، وليس لها حرف إعراب، والنون فيها بدل من ضمّة. الفعل، التى هى علامة الرّفع.
الباب الثالث من القطب الأول: فى المبنى
الباب الثّالث من القطب الأوّل: فى المبنىّ كلّ شيئين متضادّين، إذا عرّف أحدهما عرّف الآخر، ولما عرّف المعرب كان القياس أن لا يعرّف المبنىّ، لكن العادة جارية أن يذكر؛ زيادة فى البيان، ولأنّ له أحكاما تفتقر إلى شرح، فنقول: المبنيّات كثيرة، وحدّها: ما لزم آخره إحدى الحركات الثّلاث، والسّكون، وينقسم قسمين: أصلا وفرعا، فلنذكرهما فى فصلين. الفصل الأول: فى الأصلىّ، وهو نوعان النوع الأوّل: الحروف جميعها، مفردها ومركّبها، وعاملها وغير عاملها، لا حظّ لها فى الإعراب؛ لغناها عنه؛ فإنّ كلّ حرف منها موضوع لمعنى خصّ به، إلا أن تنقل، فنسمّى بها فتعرب إعراب الأسماء؛ فما كان منها آخره معتلا زيد عليه حرف من جنسه، وما كان صحيحا لم يزد عليه شيئ، تقول: هذا باء، وهل، وليت، ولعلّ، وماء، وفىّ، ولوّ. النّوع الثّانى: بعض الأفعال؛ للعلّة المذكورة فى الحروف؛ ولعدم مشابهة الأسماء، وهى ثلاثة أفعال: الأول: الفعل الماضى على اختلاف أبنيته، نحو، ضرب، وضارب، وتضارب، وضرب. الثانى: فعل الأمر العارى من اللّام فى جميع أبنية الفعل، نحو: اضرب وقم، وانطلق، ودحرج، واستخرج. الثّالث: الفعل المضارع المتّصل به نونا التوكيد، ونون جماعة المؤنثّ، نحو: هل تضربنّ، وتضربن، وهنّ يضربن.
الفصل الثانى: فى الفرعى
فأمّا نونا التوكيد: فلهما باب (¬1) يذكران فيه. وأمّا نون جماعة النّساء، فإنّها أبدا مفتوحة ساكن ما قبلها لا يحذفها (¬2) عامل؛ تقول: هنّ يضربن ويرمين، ولن يضربن ولن يرمين، ولم يضربن ولم يرمين؛ وهذه النّون قد جعلها قوم للعدد القليل من (¬3) الموّنث، وأطلقها آخرون (¬4) على القليل والكثير، وكأنّه الأشبه والأكثثر فى النّظم والنّثر. الفصل الثّانى: فى الفرعىّ وهو الأسماء: إذ قد بيّنا أنّ الإعراب فيها أصل، فيكون البناء فيها فرعا؛ لعوارض أوجبت له ذلك، وهى مشابهة الحرف، وتضمّن معناه، والوقوع موقعه، وقد ذكرنا ذلك فى الباب الثانى (¬5). والمبنى من الأسماء على ضربين. ضرب استحكم فى شبه الحرف؛ فلم يزل عنه، نحو: أين وكيف. وضرب اعترض له البناء؛ فلم يوغل فيه، كالمنادى المفرد المقصود، نحو: يا زيد. ولا تخلو الأسماء المبنيّة: أن تكون مفردة، أو مركّبة. أمّا المفردة: فسبعة أنواع وهى: المضمرات، وأسماء الإشارة. والموصولات، وأسماء الأفعال، والكنايات، وبعض الظّروف التى لم تتمكّن، ¬
والأصوات المحكيّة، نحو: أنت، وهذا، والذّى، ونزال، وكم، والآن، وغاق. وأمّا المركبة: فضربان: مضاف، وغير مضاف: أمّا المضاف: فنوعان: أحدهما: ما كان أصله الإضافة فمنعها، نحو: قبل وبعد. والثّانى: ما كان مضافا إلى الجملة، نحو؛ إذ وإذا. وأمّا غير المضاف: فخمسة أنواع؛ اسم بنى مع اسم، واسم بنى مع فعل، واسم بنى مع حرف، واسم بني مع صوت، وصوت بنى مع صوت. ويلحق بهذه الخمسة فعل بنى مع حرف، وحرف بني مع حرف، نحو: خمسة عشر، وحبّذا، ولا رجل، وعمرويه، وحىّ هلا، وتضربنّ، وهلّا، فهذه الأنواع جملة ما بنى من الأسماء، ولها أحكام كثيرة، ومعارف تحتاج إلى بيان، إلا أنّ منها مالها أبواب مفردة ترد فيها، وهى: المضمرات، وأسماء الإشارة، والموصولات، وأسماء الأفعال، وبعض الظروف، والعدد، وغير ذلك وتذكرها هنا ما بقى منها: الأوّل: الظّروف التى لم تتمكّن، نحو: الآن، وأين، وأنّى، وقد ألحق ابن السّرّاج (¬1) بها مذ ومنذ؛ لأنّهما للزّمان. أمّا الأن: فهى الزّمان الذّي يقع فيه الحركة والسّكون، قولا (¬2) وفعلا ¬
وقد وقعت فى أوّل أحوالها بالألف واللّام معرفة (¬1)، وليس لها نكرة، فلا يقال: آن؛ ولذلك بنيت (¬2). وأمّا أين وأنّى: فمتقاربا المعنى فى الدّلالة على المكان، ويرد بيانهما فى باب الاستفهام (¬3)، والشّرط (¬4). الثّانى: الأسماء المركّبة ممّا لا يجيء له باب، وهى على ضربين. ضرب يقتضى تركيبه أن يبنى الاسمان معا. وضرب لا يقتضى تركيبه إلا بناء الأوّل منهما، والفرق بينهما؛ أن أمّا تضمّن الاسم الثّانى منه حرف، بنى شطرة بوجود علّتي البناء فيهما معا. أمّا الشطر الأوّل، فلأنّه تنزّل منزله بعض الكلمة. وأمّا الثّانى، فلأنّه تضمّن معنى الحرف. وأمّا ما خلا الاسم الثّانى منه من تضمّن الحرف، فيبنى الاسم الأوّل، ويعرب الثانى. فمثال القسم الأوّل قولهم:" وقعوا فى حيص بيص" (¬5)، وتفرّقوا شغر ¬
بغر" (¬1)، و" شذر مذر" (¬2)، و" حاث باث" (¬3) و" خاز باز (¬4) " و" أخول أخول (¬5) "، و" بين بين (¬6) " و" لقيته كفّة كفّة (¬7) " و" هو جارى ¬
بيت (¬1) بيت""، و «آتيك صباح مساء» وأمثلة من هذا النّوع كثيرة. ومثال القسم الثّانى قولهم: «ذهبوا أيدى (¬2) سبا» و «افعل هذا بادى (¬3) بدا» ونحو: معديكرب، وبعلبكّ، و «قالى قلا». ومن هذا: سيبويه، ونفطويه، قال ابن السّرّاج: ومنهم من يضيف جميع ذا (¬4). وسيجئ له ذكر فى باب ما ينصرف وما لا ينصرف» (¬5). الثالث: الظّروف المقطوعة عن الإضافة، وهى على ضربين: أحدهما: الظّروف الّتى يقال لها الغايات، وهى: قبل وبعد، وفوق وتحت وأمام وقدّام ووراء وخلف، وأسفل وعل، ودون، وأوّل، وجميع هذه مبنيّات ¬
على الضّم، حيث قطعت عن الإضافة، فالّذى هو حدّ الكلام: أن ينطق بهنّ مضافات؛ لتحصل الفائدة، فلمّا قطعن عن الإضافة صرن حدودا ينتهى عندها، فسمّيت غايات، ولذلك بنيت، ولا تبنى إلا إذا كانت الإضافة مرادة، فإن لم تنوها أعربتها، وعليه قرئ (¬1): لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ (¬2) وقال الشّاعر (¬3): فساغ لى الشّراب وكنت قبلا … أكاد أغصّ بالماء الفرات ومنه قولهم: جئت من عل، وابدأ به أوّلا. وقال قوم: إذا كان المضاف إليه معرفة وقطعت عنه الظّروف بنيت، وإن كان نكرة لم تبن، ومثّلوا عليه بالآية والبيت. الضّرب الثّانى: ما ليس بغاية من الظروف، نحو: أمس، بنيت (¬4) لتضمّنها معنى (¬5) الألف واللام، ووقعت معرفة فى أوّل أحوالها، فمعرفتها قبل نكرتها؛ فمتى نكّرتها، أو أضفتها، أو أدخلت عليها الألف واللام، أو صغّرتها، أو تثّنيتها، أو جمعتها، أعربتها فى هذه المواضع، فى الأحوال جميعا. وبنو تميم (¬6) يجرونه - إذا لم يكن ظرفا - مجرى «ما لا ينصرف» فيقولون: ذهب أمس بما فيه. ¬
الرّابع: المضاف إلى الجمل، نحو: حيث وإذ، وإذا، تقول: أقوم حيث يقوم زيد، وحيث زيد يقوم، وهى ظرف مكان، وقد جاءت فى الشّعر مضافة إلى المفرد (¬1)، فمنهم من جعل فى الكلام محذوفا، ومنهم من أخرجها عن الظّرفّية، وزعم الأخفش (¬2) أنّها ظرف زمان فى قوله (¬3): للفتى عقل يعيش به … حيث تهدى ساقه قدمه وأمّا إذ وإذا: فظرفا زمان، وسيسذكران فى باب الظّروف (¬4). الخامس: الأصوات المحكيّة، نحو: غاق (5)، حكاية صوت الغراب وعاء (¬5)، حكاية صوت الشّاة، ومنه قولهم: «ضربه فما قال: حسّ (¬6) ولا بسّ» وقول المتندّم، والمتعجّب: وى، وبخ، عند الإعجاب، وأخّ، عند التّكره، وهلا، زجر للخيل، وعدس للبغل، وهيد وهاد، للإبل، وأمثلة من هذا النحو كثيرة، قد استقصى سيبويه (¬7) أكثرها فى كتابه. ¬
الباب الرابع من القطب الأول: فى الأعراب
الباب الرابع من القطب الأوّل: فى الأعراب وفيه فصلان الفصل الأول: فى تعريفه وانقسامه الإعراب هو: البيان، من أعرب عن الشّئ إذا بيّنه وأوضحه. وحقيقته في العربيّة: تغيّر آخر الكلمة حسّا أو حكما، بحركة أو حرف، لاختلاف العامل لفظا، أو معنى، أو تقديرا، وقد سبق معنى هذا الحدّ فى الباب الثّانى (¬1)، فلم نعده. وينقسم الإعراب قسمين: أصلا وفرعا. أمّا الأصل فنوعان: الأوّل الحركات وهى ثلاث: الرّفع والنّصب والجرّ، والثّانى: السّكون، وهو الجزم، وإنمّا انقسم إلى أربعة؛ لأنّ الأحرف الّتى تنشأ منها الحركات ثلاثة: الواو، ومنها الضمّة، والياء، ومنها الكسرة، والألف، ومنها الفتحة، وبقى حالة تضادّ الحركة، وهى: السّكون، وهو: الجزم. فالرّفع: اختصاص حرف الإعراب بالضّمّة الّتى يحدثها عامل، نحو: هذا زيد. والنّصب: اختصاص حرف الإعراب بالفتحة الّتى يحدثها عامل، نحو: رأيت زيدا. والجرّ: اختصاص حرف الإعراب بالكسرة الّتى يحدثها عامل، نحو: مررت بزيد. والجزم: اختصاص حرف الإعراب بالسّكون أو الحذف اللّذين يحدثهما عامل، نحو: لم يضرب، ولم يغز، ولم يرم، ولم يخش، ولم يضربا، وأخواتها. والنّصب فى «يضربان» محمول على الجزم. ¬
ومحلّ الحركة من الحرف عند سيبويه (¬1) بعده، وقال قوم: قبله وقوم: معه (¬2). وأمّا الفرع: فهو أربعة أحرف، ثلاثة أصول الحركات الثّلاث، وهى: الألف والياء والواو، وواحد ملحق بها؛ للمشابهة، وهو النّون. أمّا الألف، ففى منصوب الأسماء السّتّة، وتثنية المرفوع، نحو: رأيت أخاك، وجاءنى الزّيدان. وأمّا الياء: ففى مجرور الأسماء السّتّة، وتثنية المجرور والمنصوب وجمعهما، نحو: مررت بأخيك، والزّيدين، والزّيدين، ورأيت الزّيدين والزيدين. وأمّا الواو: ففى مرفوع الأسماء السّتّة، وجمع/ المذكّر السّالم المرفوع، نحو: جاءنى أخوك، والزيدون. وأمّا النون: ففى الأفعال الخمسة وهى: تضربان، ويضربان، وتضربون، ويضربون، وتضربين، فثبات النّون علامة الرّفع، وحذفها علامة النّصب والجزم. فاجتمع للرّفع أربع علامات: الضمة فى قولك: جاءنى زيد، والألف فى: جاءنى الزيدان، والواو فى: قام أخوك، والزيدون، والنّون فى: يضربان، وأخواته. وللنّصب خمس علامات: الفتحة فى: رأيت الرّجل، والألف فى: رأيت ¬
الفصل الثانى: فى اختصاصه ومحله
أخاك، والياء فى: رأيت الزّيدين، والزّيدين، والكسرة فى: رأيت الهندات، وحذف النّون، فى: يضربان، وأخواته. وللجر ثلاث علامات: الكسرة فى: مررت بزيد، والياء فى: مررت بأخيك، والزّيدين، والزّيدين، والفتحة فيما لا ينصرف. وللجزم علامة واحدة، وهى الحذف، وينقسم قسمين: حذف حركة، نحو: لم يضرب، وحذف حرف، والحرف أربعة، الواو فى: لم يغز، والياء فى: لم يرم، والألف فى: لم يسع، والنون ولها موضعان: أحدهما مطّرد، وهو: يضربان، وأخواته، والآخر شاذّ، وهو: لم يك. الفصل الثّانى: فى اختصاصه ومحلّه أمّا اختصاصه: فالجرّ يخصّ الأسماء؛ لاختصاص مقتضيه بها، وهو: الإضافة، وحرف الجرّ، نحو: غلام زيد، ومررت بعمرو، ولا يدخل الأفعال؛ لامتناع الإضافة وحرف الجرّ من دخولها عليها، وتنوب الفتحة عن الكسرة، فيما لا ينصرف. والجزم يخصّ الأفعال، لاختصاص مقتضيه بها؛ وهو حرف الجزم، نحو: لم يضرب، ولا يدخل الأسماء، لأن الجازم لا يدخلها، ولأنّه لو حذف الحركة لأبطل فائدة الإعراب فى محلّ الاضطرار. وأمّا الرّفع والنصب، فيشترك فيهما الاسم والفعل أصلا وفرعا، نحو: هذا زيد، ويضرب، ورأيت زيدا، ولن يضرب، إلا أنّ الرّفع فى الأسماء مقّدم على النّصب والجّر، لأنّه علم على ما لا بدّ منه فى الإفادة، وهو: الفاعل والمبتدأ، والنّصب والجرّ علمان على الفضلة، وهى: المفعول والمضاف، فيأتلف به كلام دونهما، ويفتقران فى الإفادة إليه.
وأمّا محل الإعراب: فهو من كلّ كلمة معربة آخرها، حكما غالبا، نحو: زيد، ويضرب، وإنمّا كان آخرها؛ لأنّ من الإعراب الجزم، وهو سكون، ولا يمكن الابتداء بالسّاكن، فلم يقع أوّلا، ولأنّ وزن الكلمة يعرف بحركة وسطها نحو: فلس وفرس، وزنهما: فعل، وفعل، فلو جعل وسطها، لاختلّ وزن الكلمة عند تغيرّ الإعراب، وقولنا: حكما، احتراز من التثنيية والجمع فى الزّيدين والزّيدين؛ فالنّون فيهما ليست حرف إعراب، وقولنا: غالبا، احتراز من الأفعال الخمسة؛ فإنّها معربة، وليس لها حرف إعراب.
الباب الخامس من القطب الأول: فى البناء
الباب الخامس من القطب الأوّل: فى البناء وفيه فصلان الفصل الأول: فى تعريفه وانقسامه البناء: ثبوت الشّئ على صورة واحدة، لا يغيّرها عامل لفظا، تقول: رأيت من جاءك، ف" من" مبنيّة على السّكون، والنصّب مقدّر فيها، ب" رأيت"، وهو إذا ضدّ الإعراب، والغالب على الإعراب الحركة؛ فاقتضى أن يكون البناء سكونا، وما كان الإعراب فيه أصلا، أن يكون البناء فيه فرعا؛ فلذلك كان فى الحروف والأفعال أصلا، وفى الأسماء فرعا. وأمّا ما بنى من المبنيّات على حركة، فلأسباب أوجبت له ذلك: أحدها: التقاء السّاكنين، نحو: أين، وكيف وقبل وبعد، فى أحد (¬1) القولين. الثاني: أن تكون الكلمة معربة فيعرض لها ما يوجب بناءها فى حال فتبنى على حركة، نظرا إلى أصل تمكّنها، كالمنادى المفرد نحو يا زيد، وقبل وبعد فى القول الثانى. الثالث: أن يكون على حرف واحد، ولا يمكن الابتداء به لو سكّن، نحو ¬
الفصل الثانى: فى اختصاصه ومحله
الكاف واللام فى: كزيد ولزيد. الرابع: للفرق بينه وبين ما هو/ من جنسه، وليس له حاله، نحو الفعل الماضى. الخامس: للفرق بين الملتبسين، نحو: مررت بك وبك. وأمّا أقسامه فأربعة، ضمّ، وفتح، وكسر، ووقف، كالإعراب، إلّا أنهم فرّقوا بينهما فى التسمية، وإن اتّفقت لفظا وخطّا؛ فجعلوا التى للإعراب: رفعا، ونصبا، وجرّا، وجزما، والتى للبناء: ضما، وفتحا، وكسرا، ووقفا. وأسباب البناء تتفق وتختلف، مرجع جميعها إلى ما ذكرناه فى باب المعرب والمبنّى من المشابهة، والتضمّن، والوقوع، والإضافة (¬1) إلى الجمل. الفصل الثانى: فى اختصاصه ومحلّه أمّا البناء على الوقف: فيكون فى أقسام الكلمة ثلاثتها. فمثاله .. فى الحرف، نحو: هل وقد ومن وفى وما ولو، لا تزال ساكنة الأواخر ما دامت حروفا. ومثاله فى الفعل جميع أمثله الأمر للمواجه؛ عارية من اللّام، ومن نونى التوكيد، نحو: اضرب، وانطلق، واستخرج، ونحو: خذ، وكل، ومر وهذه الثّلاثة الأواخر من شواذّ الأفعال؛ لأنّ الأصل فيها: اأخذ، وأأكل وأأمر، وستراها مبيّنة فى موضعها. وقد حرّكوا فعل الأمر فى الشعر، قال الشّاعر أنشده الفارسىّ (¬2): ¬
يا راكبا بلّغ إخواننا … إن كنت من كندة أو وائل (¬1) وأمّا باب اغز وارم واخش: فإنّ الحركةّ وإن كانت آخرا فى الصورة فهى فى الحكم حشوا والمحذوف معتبر. ومثاله فى الاسم، نحو: كم، ومن، وإذ. فأمّا كم: فبنيت فى الخبر؛ لأنّها نقيض ربّ؛ فحملت عليها، وبنيت فى الاستفهام؛ لوقوعها موقع حرفه. وأمّا من: فتكون استفهاما، وشرطا وموصولة، وموصوفة، وزائدة عند الكوفى (¬2)؛ فبنيت فى الاستفهام والشّرط؛ لوقوعها موقع حرفيهما وبنيت فى الصّلة؛ لمشابهتها الحرف؛ من حيث إنّها لا تتمّ إلا بصلتها، وبنيت فى الصّفة؛ لافتقارها إليها، كقوله (¬3): ربّ من أنضجت غيظا صدره … قد تمنىّ لى موتا لم يطع فأمّا كونها زائدة: فقول الشّاعر (¬4): آل الزّبير سنام المجد قد علمت … ذاك القبائل والأثرون من عددا التّقدير: والأثرون عددا، والبصرىّ (¬5) يتأوّل ذلك، ويجعلها نكرة ¬
منصوبة الموضع على التّمييز، تقديره: والأثرون رجلا يعدّ عدا، وفى هذا التقدير تعسّف (¬1). وأمّا البناء على الحركة: فينقسم بأقسام الحركات؛ فتحا وضما وكسرا. أمّا الفتح: فيكون فى أقسام الكلم ثلاثتها. فمثاله فى الحرف نحو: إنّ ولعلّ. وثمّ، وإنّما بنيت على حركة، لالتقاء السّاكنين، وخصّت بالفتح؛ لخفّته، ولهذه الحروف وأمثالها أبواب تخصها. ومثاله فى الفعل، جميع أمثلة الفعل الماضى - قلّت حروفه أو كثرت - إذا كانت عارية من مانع: كنون جماعة النساء، وتاء الضّمير، نحو: ضرب وانطلق، واستخرج، وإنما بنيت على حركة تمييزا لها على فعل الأمر؛ لوقوعها موقع الاسم فى الصّفة، كقولك: مررت برجل قائم، ولوقوعها موقع المضارع فى قولك: إن قمت قمت، وخصّت بالفتح؛ طلبا للخفّة، وقد جاء فى الشّعر ساكنا، كقوله (¬2): فلمّا تبيّن غبّ أمرى وأمره … وولّت بأعجاز الأمور صدورها ومثاله فى الاسم، نحو؛ أين، وكيف، وحيث، وحيث، فى لغة، فبنيت أين وكيف؛ لوقوعهما موقع حرف الاستفهام، وبنيتا على حركة؛ لالتقاء السّاكنين، وخصّتا بالفتح؛ استجفافا. وأمّا الضّمّ: فيكون فى الحرف والاسم دون الفعل، فمثاله فى الحرف: ¬
منذ، عند من جعلها حرف (¬1) جرّ، وليس فى الحروف مبنّى على الضمّ غيرها إلا ربّ فى لغة قليلة، ولها باب تذكر فيه، وبنيت على حركة؛ لالتقاء السّاكنين وخصّت بالضمّ، للإتباع، مع ترك الاعتداد بالحاجز السّاكن. ومثاله فى الاسم: حيث، وقبل وبعد؛ فبنيت حيث؛ للزومها الإضافة إلى (¬2) الجمل وبنيت قبل وبعد؛ لقطعهما عن الإضافة (3)، وبنيت على حركة؛ لالتقاء السّاكنين، وقيل: بنيت قبل وبعد؛ لأنّ لهما حالة (¬3) إعراب مع ظهور الإضافة، وخصّت بالضمّ؛ لأنّها حركة لا تكون" قبل" و" بعد" فى حالة الإعراب وحملت حيث عليهما. ولا يبنى الفعل على الضّمّ، فأمّا" ضربوا"، فالضّمّة عارضة فى الباء ولا اعتداد بها. وأمّا الكسر: فيكون فى الحرف، والاسم، دون الفعل، فمثاله فى الحرف:" جير" بمعنى: نعم، ومن جعلها بمعنى حقّ، كانت عنده اسما (¬4)، ونحو لام الإضافة وبائها فى: لزيد وبزيد؛ فبنيت جير على حركة، لالتقاء السّاكنين؛ وبنيت على الكسر على أصل التقاء السّاكنين، وإنّما كان الكسر أصل التقاء السّاكنين؛ لأنّه (¬5) أكثر ما يكون فى الفعل؛ فأعطى حركة لا تكون له إعرابا ولا بناء، وبنيت الباء واللّام على حركة؛ لتعذّر الابتداء بالسّاكن، وخصّا بالكسر؛ حملا على عملهما. ¬
ومثاله فى الاسم: أمس وهؤلاء. أمّا أمس: فقد تقدم علّه بنائها (¬1)، وبنيت على حركة لالتقاء السّاكنين ولأنّه قد يعرب ويبنى، وخصّ بالكسر؛ على أصل التقاء السّاكنين، وقد جاء مفتوحا فى الشّعر، قال (¬2): لقد رأيت عجبا مذ أمسا وبنو تميم (¬3) يجعلونه معربا غير منصرف. وأمّا هؤلاء: فتكون ممدودة ومقصورة؛ وإنّما بنيت لتضمنّها معنى حرف الإشارة، والفارسىّ (¬4) يجعله بمنزلة أمس فى علّه البناء؛ وخص بالكسرة على أصل التقاء السّاكنين، وقد حكى هؤلاء منوّنا (¬5)، وهو شاذ. ولم يبن فعل على الكسر؛ لأنّ الكسر جرّ، والجرّ من خواصّ الأسماء، كما سبق (¬6). ¬
الباب السادس من القطب الأول: فى المبتدأ
الباب السّادس من القطب الأوّل: فى المبتدأ وفيه مقدّمة وثلاثة فصول: المقدمة: قبل أن نخوض فى ذكر أحكام المبتدأ فلنذكر جملة المرفوعات التى المبتدأ أحدها وجملتها خمسة: المبتدأ، والخبر، والفاعل، والمفعول الّذى لم يسمّ فاعله، والمشبّه بالفاعل فى اللفظ وهو: اسم كان وأخواتها وما النافية، وخبر إنّ وأخواتها ولا النّافية. فالخليل (¬1) ومن تابعه يعتقد أن هذه الخمسة عدّة، وأنّ الفاعل الأصل، والباقى محمول عليه، وسيبويه (¬2) ومن تابعه يجعل المبتدأ الأصل والباقى محمول عليه، وابن السرّاج (¬3) يعتقدها قسمة، وأنّ كل واحد منها قائم برأسه، والعدّة من القسمة كالرّسم (¬4) من الحدّ، ولكلّ من هذه الأقوال حجة تؤيّده، لم نطل بذكرها، إذ الغرض معرفة أحكامها، أصولا كانت أو فروعا، فلنبد أبذكر المبتدأ، ثمّ بالخبر، ثم بالفاعل ثمّ بما لم يسمّ فاعله، ونؤخّر المشبّه بالفاعل إلى باب العوامل، فإنه أولى به. ¬
الفصل الأول: فى تعريفه
الفصل الأوّل: فى تعريفه الابتداء: معنى يتصف به الاسم، وهو الاهتمام بتقديم النطّق به، وله وصفان، أحدهما سلبىّ، والآخر إيجابىّ. أمّا السّلبىّ: فهو التعرّى من عوامل مخصوصة، هى: كان، وظننت، وإنّ وأخواتهنّ، وما ولا النّافيتان وما أضمر وأعمل من الأفعال، والباء فى" بحسبك قول السوء" ومن فى" ما من أحد قائم" فى لغة (¬1) تميم. وأمّا الإيجابىّ: فهو أمران: أحدهما: التّهيّؤ لدخول العوامل التى تعرّى منها والثانى الإسناد إليه. وكلّ من هذه الأوصاف معنى ليس مظهرا ولا مضمرا فى نيّة اللّفظ وكلّ منها متعلّق بالآخر، فلا تهيّؤ إلا بتعرّ، ولا يستقلّان إلّا بإسناد. ونظم حدّه، بعد معرفة موادّه: كلّ اسم عريته من عوامل/ مخصوصة وهيّأته لدخولها عليه، وجعلته أهلا للإسناد إليه، فإذا تناول هذا المعنى الاسم رفعه لفظا أو موضعا، وسمّى مبتدأ؛ لأنّه لا عامل لفظيّا قبله، نحو: زيد قائم. والذى قام زيد، وللنّحاة خلاف فى رافع (¬2) المبتدأ، والذّى ذكرناه أصحّها وأكملها. وفى الأسماء ما لا يعمل فيه الابتداء؛ لضعف فى الاسم، نحو: أين وكيف، والظروف غير المتمكّنة، نحو: عند، وسحر، ولدن، والمصادر غير المتصرّفة، نحو: سبحان، ولبّيك. ¬
الفصل الثانى: فى أنواعه، ومراتبه
الفصل الثّانى: فى أنواعه، ومراتبه وهى ثلاثة أنواع: نوع يلزمه التقّديم، ونوع يلزمه التّأخير، ونوع لك الخيار فى تقديمه وتأخيره. النّوع الأوّل: على ضربين: وأحدهما: أن يكون نائبا عن غيره، وله موضعان: الأوّل: أن يتضمّن معنى الاستفهام نحو قولك: أىّ الناس يقوم؟ الثّانى: أن يتضمّن معنى الشّرط، نحو قولك: أيّهم يقم أقم معه، فيقّدم المبتدأ فيهما؛ لأنّ الاستفهام والشّرط لهما صدر الكلام. الضّرب الثانى: أن يكون فى الكلام لبس لو تأخّر، وله موضعان: الأوّل: أن يكون المبتدأ وخبره معرفتين، نحو: زيد أخوك، فزيد هو المبتدأ والأخ الخبر؛ لأن كلّا منهما (¬1) يجوز أن يجعل مبتدأ؛ فإذا خصّ أحدهما بالابتداء بيّن بالتّقديم؛ ولهذا التزم هذا الحكم فى مفعولى ظننت؛ لاتّفاق إعرابهما ولم يلتزم مع كان؛ لاختلاف إعراب الاسم والخبر. الثّانى: أن يكون الخبر فعلا ضميره فاعله، نحو: زيد قام؛ لأنّه لو تأخّر لصار فاعلا بعد أن كان مبتدأ، وإن كان الإخبار فيهما سواء. النّوع الثّانى: يلزمه التّأخير وإن كانت مرتبته التّقديم، وهو على ضربين: الأوّل: أن يتضمّن خبره ما يوجب تقديمه، كالاستفهام، نحو قولك: أين زيد؟ وكيف عمرو؟ / فلزم التأخير؛ للعلّة الّتى أوجبت تقديمه؛ حيث تضمّنها. الثّانى: أن يكون فى الكلام لبس، وهو: أن يكون المبتدأ نكرة فى كلام موجب، لا معنى للدّعاء فيه، نحو: عليك ¬
مال، وعندك رجل، ولا يجوز الابتداء بالنّكرة؛ لالتباس الخبر بالصّفة؛ فإنّك إذا قلت: رجل عندك، جاز أن يكون الظّرف صفة والخبر، منتظر، فإذا تقّدم الظّرف تمحّض للخبريّة، وبطل أن يكون صفة. وقد أجازوا الابتداء بالنّكرة فى مواضع: الأوّل: أن تكون موصوفة، كقوله تعالى: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ (¬1) وكقوله: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ (¬2). الثانى: أن يعطف عليها موصوف، أو تعطف على موصوف، نحو قوله: طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ (¬3) فيمن (¬4) قدر الخبر محذوفا بعده، وكقوله تعالى: لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ (¬5). الثّالث: أن يكون فيها معنى الدّعاء، كقوله تعالى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ (¬6)، وقوله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (¬7) وكقولك: خير بين يديك، وشرّ وراءك. الرّابع: مع الاسسفهام، كقولك: أرجل فى الدّار أم امرأة؟ الخامس: مع النّفى كقولك: ما أحد خير منك، وقولهم: - حكاه سيبويه (¬8) - " شرّ أهرّ ذا ناب" منهم من ألحقه بالنّفى، أى: ما أهر ذاناب إلّا شرّ، ومنهم من جعله كالمثل، نحو قولهم:" مكره أخاك (¬9) " ومنهم من يجعله مصدرا؛ لتقارب المعرفة والنكرة فيه. ¬
الفصل الثالث: فى متعلقات المبتدأ
السّادس: فى ضرورة الّشعر كقوله (¬1): وقد أجاز ابن السّرّاج (¬2): رجل قائم، لكن فى جواب من قال: أرجل قائم أم امرأة؟ وذلك أنّه سأل عن نوعين، فأجبته بأحدهما النوع الثالث: يجوز تقديمه وتأخيره؛ اتّساعا، وهو: أن يكون المبتدأ معرفة والخبر نكرة، مفردا أو جملة، عاريا من تلك المعانى المذكورة فى النوعين الأوّل والثّانى، نحو قولك: زيد قائم، و: زيد أبوه منطلق، فزيد هو المبتدأ، تقدم أو تأخّر، وإنّما جاز ذلك؛ لأنّ النكرة/ لا يبتدأ بها، فإذا وجدت متقدّمة فى اللفظ، علم أنّها الخبر؛ فتقول: قائم زيد، و" تميمىّ أنا" و" مشنوء من يشنؤك"، ومنه قوله تعالى: سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ (¬3) فأمّا قوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ * (¬4) فالمعنى: سواء عليهم الإنذار وعدمه وسيجئ بيانه فى باب الخبر (¬5). الفصل الثّالث: فى متعلّقات المبتدأ ، وهى خمسة المتعلّق الأوّل: خواصّه ، وهى على ضربين: عامل، وغير عامل. أمّا العامل: فهو ما ذكرناه فى الفصل الأوّل، ممّا عرّى منها وهيّئ (¬6)، وسيأتى ذكرها فى باب العوامل (¬7). ¬
المتعلق الثانى: الفصل
وأمّا غير العامل، فهى حروف، منها: لام الابتداء [نحو] (¬1) قولك: لزيد قائم، وقوله تعالى: لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا (¬2) ولا تدخل على الخبر إلا إذا تأخر مع إنّ، نحو: إنّ زيدا لقائم، وقد دخلت عليه فى الشّعر قال الشّاعر (¬3): أمّ العجير لعحوز شهر به … ترضى من اللّحم بعظم الرّقبه وفائدة دخولها: تأكيد الكلام وتحقيقه، وأنّها أغنت عن إعادته وتكريره. ومنها: لولا، التّى معناها امتناع الشئ؛ لوجود غيره، نحو قولك: لولا زيد لأكرمتك؛ فزيد مرفوع بالابتداء والخبر محذوف، تقديره: لولا زيد موجود، أو قائم، ونحو ذلك، ولأكرمتك جواب لولا، وحذف هذا الخبر فى العربيّة كالشّريعة (¬4) المنسوخة؛ لطول الكلام. ومنها: أمّا، كقولك: أمّا زيد فقائم وأمّا عمرو فذاهب. ومنها حروف الاستفهام (¬5)، وإنّ وأخواتها إذا كففن بما (¬6)، كقولك: أزيد قائم أم عمرو، وإنّما زيد قائم، ولهذه الحروف مواضع تذكر فيها مشروحة. المتعلّق الثّانى: الفصّل ، وهو ضمير المرفوع المنفصل، للمتكلّم والحاضر، والغائب، نحو، أنا وأنت وهو، فيتوسّط بين المبتدأ والخبر، إذا ¬
كانا معرفتين، أو كان الخبر أفعل من كذا، لأنّه أشبه المعرفة؛ بامتناع دخول لام التّعريف عليه، ولا بدّ أن يكون كناية عن الإسم المذكور، ويدخل قبل دخول العوامل اللّفظيّة ومعها، لا يمنعها عن العمل؛ وجئ به إيذانا بأنّ الخبر خبر، لا وصف؛ وليفيد ضربا من التّوكيد.، ويسمّيه البصرىّ فصلا (¬1)، والكوفىّ عمادا؛ تقول: زيد هو القائم، وزيد هو أفضل من عمرو، ومنه قوله تعالى: إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ (¬2) وقوله تعالى: كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ (¬3) وقوله تعالى: إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً (¬4)، وتدخل عليه لام الابتداء، تقول: إن كان زيد لهو الظّريف، ولو قلت: كان زيد أنت خيرا منه، ولم يجز؛ لأنّ أنت غير زيد، فإن قلت: كنت أنت خيرا من زيد، جاز أن يكون فصلا، وأن يكون تأكيدا، ولو قلت: ما أظنّ أحدا هو خيرا منك، لم يجز لأنّ أحدا نكرة، ولكن ترفع" خيرا". وقد أجازوا دخوله مع كون الخبر فعلا مضارعا، نحو: زيد هو يقوم؛ لمشابهته الاسم، ولم يجيزوه مع الماضى؛ لعدمها، ومنه قوله تعالى: وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (¬5) فإذا لم تجعله فصلا وجعلته مبتدأ وما بعده خبره، بطل فعل العوامل؛ تقول: كان زيد هو القائم وقد قرئ قوله تعالى: وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (¬6). ¬
المتعلق الثالث: ضمير الشأن والقصة
ومتى كان الخبر نكرة لم يكن إلّا مبتدأ، تقول: كان زيد هو قائم، ليس غير. والفصل ملغى من الإعراب؛ فلا يؤكّد، ولا يعطف عليه، ولا يحال بينه وبين الألف والّلام، ولا يقدم على المبتدأ، ولا على كان؛ فلا تقول: زيد هو نفسه القائم، ولا: زيد هو وأنت القائم، ولا: كان هو زيد القائم، ولا: زيد هو كان القائم. المتعلّق الثّالث: ضمير الشّأن والقصّة من عادتهم أن يقدّموا قبل الجملة ضميرا، يسمّيه البصرىّ ضمير الشّأن (¬1) والقصّة، ويسمّيه/ الكوفىّ المجهول (1). ويخالف الضمّائر؛ لأنّه لا يحتاج إلى سابق يرجع إليه، ولا يكون فى الكلام دليل عليه، وبهذه المباينة، لا يعطف عليه، ولا يؤكّد، ولا يبدل منه، ولا يتقدّم خبره عليه، ولا يكون خبره مفردا، ولا يكون له عائد، ويكون منفصلا، ومتّصلا، ومذكّرا ومؤنّثا، تقول: هو زيد قائم، وهى هند ذاهبه، أى الشّأن والحديث، زيد قائم، ومنه قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (¬2) فإن أدخلت عليه" ظننت وإنّ وأخواتهما، برز، تقول: ظننته زيد قائم، وإنّه زيد ذاهب، ومنه قوله تعالى: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ (¬3) وقوله: وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ (¬4). وقد يحذف فى ضرورة الشّعر. وإذا دخلت عليه" كان" وأخواتها، استتر، كقولك: كان زيد ذاهب، أى: ¬
المتعلق الرابع: اسم الفاعل
كان الشبّأن والقصّة زيد ذاهب. وقد شبّهوا كاد بكان، كقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ (¬1). المتعلّق الرّابع: اسم الفاعل ، إذا اعتمد على همزة الاستفهام، أو حرف النّفى، كقولك: أقائم الزّيدان؟ وما ذاهب العمران، حصل له حكم مركّب من حكمين. أحدهما: فعلىّ وهو: العمل، فارتفع به الزّيدان ارتفاعهما بالفعل. والثانى: اسمىّ وهو: إعراب المبتدأ؛ فارتفع بالابتداء - وإن كان نكرة - لنيابنه مناب الفعل، وسدّ معموله - الذى هو الزّيدان - مسدّ الخبر؛ لأنّه بمنزله قولك: أيقوم الزّيدان؟ ولا يجوز أن يكون" الزيدان" مبتدأ و" قائم" الخبر لاختلافهما فى العدّة. والثانى هو الأوّل فى باب الابتداء؛ ولا تعكس القضيّة لهذه العلّة؛ ولأنّ" الزيدان" معرفة و" قائم" نكرة، وحيث ينزّل منزلة الفعل، لم يجز أن يخبر عنه؛ لأنّ الفعل لا يخبر عنه. ولا يجوز تثنيته ولا جمعه؛ فلا تقول: أقائمان الزّيدان؟ ولا: ما ذاهبون ¬
الزّيدون (¬1)، إلّا على قول من قال:" أكلونى البراغيث". ومن المبتدآت التّى لا أخبار لها قولهم:/" أقلّ رجل يقول ذاك" و" أقلّ رجلين يقولان ذاك" و" أقلّ رجال يقولون ذاك": فأقلّ مبتدأ، ورجل مضاف إليه ويقول" صفة" رجل" وقد سدّ ذلك مسدّ لخبر؛ لأنّ أقلّ بمعنى" قلّ"، والفعل لا يخبر عنه، قال ابن السّرّاج (¬2): أجروا أقلّ رجل مجرى: قلّ رجل، وقد وضعته العرب موضع النفّى؛ لأنّ أقرب شئ إلى النّفى: القليل، وجعلت" أقلّ" مبتدأ صدرا؛ فلا يبنونه على شئ ولا تدخل عليه العوامل؛ فلا تقول: ليت أقلّ رجل يقول ذاك، ولا: كان أقلّ رجل (¬3) يقول ذاك. وتقول:" أقلّ رجل يقول ذاك إلا زيد"، قال سيبويه: لأنّه صار فى معنى: ما أحد فيها إلّا زيد" ولا يحسن فى خبره إلّا الفعل، لو قلت: أقلّ رجل ذو جمّة، (¬4) لم يحسن، ويجوز فى الظّرف؛ لتضمّنه معنى الفعل، تقول: أقلّ رجل فى الدار قال (¬5) والقياس أن يكون موضع" يقول ذاك" رفعا، على أنّه خبر؛ لأنّ المبتدأ يقتضى الخبر، وقال الأخفش: يجوز أن يكون موضعه جرّا، على الصّفة (¬6)، ويضمر الخبر. ¬
المتعلق الخامس: حذف المبتدأ،
المتعلّق الخامس: حذف المبتدأ، ولا يخلو الكلام؛ أن يكون فيه - إذا حذف المبتدأ - دليل عليه، أو لا يكون. فإن لم يكن، فلا يجوز حذفه، لا تقول فى: زيد قائم: قائم، وتحذف زيدا؛ لأنه لا دليل عليه. فأمّا ما فيه دليل، فهو على ضربين: الأوّل: لك فيه الخيار حذفا وإثباتا؛ فالحذف للاختصار، وهو أكثر استعمالا؛ والإثبات للعناية به والتوكيد، يقول القائل: كيف أنت؟ فتقول: صالح، أى: أنا صالح، وإن شئت أثبتّه فقلت: أنا صالح، وعلى الحذف قوله تعالى: قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ (¬1) أى هى النّار، وقوله تعالى: قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ * (¬2) أى: أمرى وشأنى صبر جميل، ومنه قول المستهلّ إذا رأى الهلال:" الهلال والله" أى: هذا الهلال والله. وقد حذف المبتدأ وأقيم الظّرف - الّذى هو صفته - مقامه، كقوله تعالى: وَأَنَّا مِنَّا/ الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ (¬3) أى: ومنّا قوم دون ذلك. الضّرب الثّانى: لا يجوز ظهوره فى الكلام، وهو قولهم:" لا سواء"، ف" سواء": خبر مبتدأ محذوف تقديره: هذان لا سواء، لكنهم لم ينطقوا به، قال سيبويه (4): إنما دخلت" لا" ها هنا؛ لأنّها عاقبت ما عليه (¬4) سواء؛ وذلك ¬
أنّ" لا" إذا وقعت بمعنى" غير" فلا بدّ من تكريرها، تقول: زيد لا قائم ولا نائم، فحذفوا المبتدأ ها هنا؛ ليناسب فى اللفظ" لا" التى بمعنى" ليس". ومنهم من يجعل المبتدأ المحذوف بعد" لا" ويقدّره: لا هما (¬1) سواء، وهذا لا يصحّ؛ لأنّه يوجب ل" لا" أن تقع قبل المعرفة بغير تكرير. ¬
الباب السابع من القطب الأول: فى الخبر
الباب السّابع من القطب الأوّل: فى الخبر وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول: فى تعريفه حدّ الخبر: ما احتمل الصّدق أو الكذب، تقول: زيد قائم، وعمرو قام أبوه؛ فقيام زيد وأبى عمر، يجوز أن يكون صدقا، وأن يكون كذبا، وهو كلّ ما أسندته إلى المبتدأ وحدّثت به عنه. ومن حقّه ألّا يكون استفهاما، ولا أمرا، ولا نهيا، ولا شيئا ممّا لا يتعاقب عليه الصّدق والكذب، ولكنّ العرب اتّسعت فى كلامها؛ فقالت: زيد قم إليه، و: زيد لا تضربه، وزيد كم مرّة رأيته؟ فعلوا ذلك: لمّا كان زيد فى المعنى والحقيقة داخلا فى جملة ما استفهم عنه، وأفاد الأمر والنّهى إفادة الخبر؛ فهذا الاتّساع يسمّى إسنادا وإضافة، ولا يسمّى خبرا إلّا مجازا، فالإسناد أعمّ من الإخبار. وهو مرفوع، لفظا أو موضعا، ورافعه - كما سبق - مختلف فيه. فالأكثر الأقوى أنّه مرفوع بالإبتداء (¬1) والمبتدأ معا؛ لأنّ الابتداء رفع المبتدأ كما سبق، واجتمعا معا على رفع الخبر؛ لأنّهما ليسا بشيئين يتصوّر انفصال/ أحدهما عن الآخر، فإذا اقنضى المبتدأ الخبر اقنضاه الابتداء وإذا اشتركا فى اقتضائه، وجب أن يشتركا فى العمل فيه؛ فعمل الابتداء فى المبتدأ بنفسه، وفى الخبر بواسطة المبتدأ، وبعد العمل فيه؛ لأنّ الخبر لا يكون ¬
الفصل الثانى: فى أقسامه
إلّا بعد حصول المبتدأ، ثمّ التعرّى من العوامل والتّهّيو لها لا يتمّان إلّا بعد مجئ الخبر، ألا ترى أنّك إذا قلت: زيد، ولم تجعل له خبرا، لم يكن كلاما فيجعل له إعراب، فلمّا كان الابتداء لا يستقلّ إلّا بعد وجود الجزأين جميعا جاز أن يعمل فى كلّ واحد منهما. وقال قوم: رافع الخبر المبتدأ (1) وحده، وقال قوم: الابتداء رافع المبتدأ والخبر (¬1) معا. الفصل الثّانى: فى أقسامه وينقسم قسمين: إحداهما: معرفة ونكرة، والأخرى: مفرد وجملة. القسمة الأولى: الأصل فى الإخبار النكرة؛ لأنّه معتمد الفائدة، كما أنّ المبتدأ معتمد البيان، والفائدة إنّما تحصل بما لا يعلم، تقول: زيد قائم، وزيد معرفة، وهو المبتدأ، و" قائم" نكرة، وهو الخبر، فأخبر المتكلّم المخاطب عن زيد الّذى يعرفه ب" قائم" الّذى لا يعرفه من حاله. فأمّا المعرفة إذا قلت: زيد أخوك، وأنت تريد أنّه أخوه من النّسب، فإنّما يجوز إذا كان المخاطب يعرف" زيدا" على انفراده ولا يعرف أنّه أخوه، لسبب؛ فتخبره أنت أنّ زيدا الذّى يعرفه هو أخوه؛ ولذلك لو قلت: أخوك زيد، و" زيد" الخبر، كان المخاطب عارفا أنّ له أخا، جاهلا أنّه زيد؛ فأفدته بإخبارك: تعيين زيد لأخوّته، فمتى كان الخبر عن المعرفة معرفة، فالفائدة فى كلّ منهما إذا جعلته خبرا، فإن كان المخاطب يعرفهما مجتمعين، فلا فائدة فيه، فأمّا قولهم:" الله ربّنا"، و" محمد نبيّنا" فإنّما هو اعتراف من ¬
القائل، وإقرار، وردّ على من أنكره، أو هو جار على سبيل التّعظيم والتّمجيد، وإذا/ كانوا قد منعوا من الإخبار ببعض النكرات فى (¬1) قولهم: الثّلج بارد، والعسل حلو، والأثنان أكثر من واحد، فلأن يمنعوه مع المعرفة أولى. القسمة الثّانية نوعان: النوع الأوّل: المفرد، وهو المبتدأ فى المعنى، وهو على ضربين. أحدهما: يتحمّل الضمير إجماعا، والآخر: فى تحمّله الضّمير خلاف. أمّا المختلف فيه: فهو ما لم يكن مشتقا، نحو: زيد وعمرو، وأخيك وغلامك، تقول: زيد أخوك، و: أخوك زيد، وعمرو غلامك، و: غلامك عمرو، فالبصرىّ (¬2) لا يحمّله الضمير؛ لأنّ ما تحمّل الضّمير من الأسماء؛ إنما تحمّله لمشابهة الفعل، كالأسماء المشتقة من الأفعال، والصّفات المشبّهة بها؛ فلمّا لم يكن بينه وبين الفعل مشابهة؛ بقى على أصله، والغرض من هذا القسم، أنّه دليل على شخص معلوم، فإذا قلت: زيد أخوك، فالمراد: أنّ اللّفظ الذّى هو" أخوك" دليل على الشّخص الذى يدلّ عليه لفظ زيد، وليس معناه الدّلالة على فعل وحدث، كما يدلّ عليه" قائم" و" حسن"؛ فلهذا لم يحتج إلى تحمّل ضمير؛ ولذلك قلنا: إنّ الخبر فيه هو المبتدأ فى المعنى؛ فإن زيدا هو الأخ والأخ هو زيد. وأمّا الكوفّى (¬3) فيقدّر فيه معنى، ويحّمله الضّمير؛ لرجوعه إلى معنى الفعل المقتضى إسناده إلى غيره، فيقدّر فى قولك: زيد أخوك: مؤاخيك، وفى: هند أمّك: والدتك، وفى: هذا غلامك: خادمك. ¬
وأمّا المجمع على تحمّله الضمير: فهو الأسماء الجارية على الأفعال، والصّفات المشبّهة بها، وأفعل من، نحو قولك: زيد قائم، وعمرو حسن، وبشر أفضل من بكر، وله ثلاث حالات: الحالة الأولى: أن ترفع به مضمرا، فتقول: زيد قائم، ففى" قائم" ضمير فاعل، تقديره: هو، و" هو" و" زيد" و" قائم" ثلاثة أسماء لمسمى واحد، فلو أخليته من الضمير، لم تكن قد خصصته ب" زيد" وكان كالشّائع المتناول كلّ مسند إليه. ولا يظهر هذا المضمر، كما لا يظهر فى الفعل، فى قولك: زيد قام، وقد أجازه سيبويه (¬1) فى بعض كلامه، وغيره يأباه، ويدلّ على صحّته: قولهم: " مررت بقوم عرب أجمعون (¬2) "، وقاع عرفج كلّه، و" أجمعون" تأكيد للضمير فى" عرب"، تقديره: عرب هم أجمعون، حتى لو ظهر الضّمير فقيل: عرب غلمانهم، لكان" أجمعون" تأكيدا لهم، وكذلك: بقاع عرفج كلّه؛ كأنّه قال: بقوم فصحاءهم (¬3) أجمعون؛ وبقاع خشن هو كلّه، أو صلب هو كلّه، وإذا كان ذلك فى عرب وعرفج (¬4) فما ظنّك بقائم وحسن"؟ الحالة الثانية: أن ترفع به مظهرا، فتقول: زيد قائم أخوه، فلا يتحمل الضمير؛ لأنّه لا يرفع شيئين مضمرا، ومظهرا، والهاء هى العائدة من الخبر إلى المبتدأ، إلّا أن تجعل" أخوه" مبتدأ ثانيا، وقائما خبره مقدّما عليه، وفى ¬
" قائم" ضمير يعود إلى" الأخ"، فأمّا و" أخوه" مرفوع ب" قائم" فلا. الحالة الثالثة: أن يجرى الضّمير على غير من هو له، فيبرز؛ دفعا للّبس إذا وقع خبرا، أو وصفا، أو حالا، أو صلة؛ لأنه لمّا نقص هذا الضرب عن رتبة الفعل فى تحمّل الضمير، وقصر عنه فى الظّهور لفظا، احتاجوا أن يظهروه، ألا ترى أنّ" ضاربا" يتحمّل ضمائر مختلفة: للمتكلّم، والمخاطب والغائب، تقول: أنا ضارب، وأنت ضارب، وهو ضارب. والفعل يلحقه لكلّ منهم علامة تخصّه، تقول: ضربت، و: ضربت و: ضرب، فلذلك أبرزوا الضمير، تقول: هند زيد ضاربته هى، فهند مبتدأ أوّل، وزيد مبتدأ ثان، وضاربته" خبر زيد"، هو ل «هند» فقد جرى على غير من هو له؛ فأظهرت الضمير المستتر فى" ضاربته" وهو" هى"، وارتفع بأنّه فاعل وتنزّل منزلة الظّاهر؛ فكأنّك قلت: هند زيد ضاربته جاريتها، وكذلك تقول: زيد ضاربه أنا، أو أنت، فتبرز ضمير المتكلّم، إذا جعلت الفعل/ لك، وضمير المخاطب إذا جعلته له، حيث جرى فيهما خبرا لزيد. وبين المسألتين فرق: وذلك: أنّ الأولى إذا لم يبرز الضّمير، الذّى هو" هى" علم أنّ زيدا لا حظّ له فى الفعل، والثّانيه إذا لم يبرز الضّمير، الذى هو" أنا" و" أنت" لم يعلم أنّ الفعل لغير" زيد"، إلّا أنّ اللّبس لمّا خصل فى مواضع، أجروا الباب على سنن واحد، فأبرزوا الضّمير. وقد أبرزوا الضمير مع الفعل، فقالوا: زيد أخوه يضربه هو، إذا جعلت الفعل لزيد. وممّا يوضّح لك هذا الأمر؛ التّثنية والجمع، تقول: الهند ان الزّيد ان ضاربتهما هما، فتثنىّ الضمير دون اسم الفاعل؛ لأنّه جار مجرى الفعل
المتقّدم فى: قام الزيدان. ومن ثنّى وجمع ضمير الفعل - وهم الأقلّ - قال: الهندان الزيدان ضاربتاهما هما، وبناء المسألة: أن" الهندان" مبتدأ، والزيدان مبتدأ ثان وضاربتهما خبر" الزّيدان"، وهو للهندان، فقد جرى على غير من هو له فلهذا أبرز، ف" هما" الأولى عائد إلى الزيدان: وهما" الثّانية عائد" إلى الهندان" بإزاء" هى" فى المسألة الأولى: وتقول: زيد الخبز آكله هو، فتبرز الضّمير الذى فى" آكل، لأنّه جرى على الخبر، وهو ل زيد، ولو نصبت الخبز باسم الفاعل يفسّره هذا الظّاهر - قياسا على من قال: زيدا ضربته (¬1) - لم تحتج إلى إبراز ضمير، كأنّه قيل: زيد آكل الخبز آكله، فيكون" آكل" المضمر مع من هو له؛ فلم يجر على غير صاحبه؛ فلم يبرز الضّمير، وأمّا" آكله" المظهر، فليس بخبر عن الخبز؛ فإنّ الخبز منصوب ب" آكل" المضمر، والمخبر عنه المبتدأ لا يكون منصوبا، قال ابن السّرّاج: وهذه المبتدآت إذا أكثروها فإنما هو شئ قاسه النحويّون؛ ليتدرّب به المتعلمون، ولا أعرف له فى كلام العرب (¬2) نظيرا، فمن ذلك قولهم: زيد هند العمران منطلقان إليها من أجله، فزيد مبتدأ أوّل، وهند مبتدأ ثان والعمران مبتدأ ثالث، و" المنطلقان"/ خبر عن" العمران"، وفيهما ضميرهما وما بعدهما خبر ل" هند"، والراّجع إليها" الهاء" في إليها، ¬
وهند" وما بعدها، خبر عن" زيد" والرّاجع إليه الهاء فى" (¬1) أجله"، وقد فرّع النحاة فى كتبهم مسائل كثيرة من هذا النّوع، فاقتصرنا بذكر هذه المسألة؛ ليقاس عليها. النوع الثّانى من القسمة الثّانية: الجملة، وهى غير المبتدأ، وتنقسم فى الأصل - قسمين، أحدهما: جملة من فعل وفاعل، والآخر: جملة من مبتدأ وخبر، وتتفرّع عليهما ثلاث جمل: جملة من شرط وجزاء، وظرف وجارّ ومجرور، فصار منقسما إلى خمسة أقسام. وللنّحاة فى هذا التقسيم خلاف على أقوال شتى، ومدارها على أنّ المبتدأ يخبر عنه بغير المفرد المقدّم ذكره، بهذه الأشياء الخمسة. القسم الأوّل: الجملة من الفعل والفاعل، تقول: زيد قام أبوه، وعمرو ذهب أخوه؛ ف" زيد" مبتدأ و" قام" فعل، فاعله: أبوه، والجملة: خبر" زيد" ولا بدّ لهذه الجملة وغيرها من الجمل، إذا وقعت خبرا لمبتدأ، أو صفة لموصوف، أو صلة لموصول، أو حالا لذى حال، من ضمير يعود منها إلى ماهى تبع له؛ لتربط التّابع بالمتبوع؛ حيث هو أجنبىّ منه، ولولا هو لما صحّ نظم الكلام؛ فلو قلت: زيد قام عمرو، لم يجز حتّى تقول: إليه أو نحوه. ولا تخلو الجملة الفعليّة: أن يتصدّرها فعل، لفظا كهذه، أو تقديرا كقولك: إذا زيد زارنى زرته، ف" زيد" مرتفع بفعل مضمر؛ لأنّ" إذا" طالبة للفعل؛ إذ فيها معنى الشّرّط، وعليه قوله تعالى: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (¬2) وإِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (¬3) ومثله وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ (¬4) التقدير: ¬
إذا انشقّت السّماء انشقّت، وإن استجارك أحد من المشركين استجارك، فالظّاهر فى الآيتين مفسّر للمضمر؛ ولهذا نصب الشّاعر ما جاء بعدهما فى قوله (¬1): إذا ابن أبى موسى بلالا بلغته … فقام بفأس بين جنبيك جازر وفى قوله (¬2): لا تجزعى إن منفسا أهلكته … وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعى ومن رفعهما بفعل مضمر، تقديره: إذا بلغك، وإن هلك - وقد جوّزه سيبويه - (¬3) رفع ما بعد" إذا" بالإبتداء (¬4)، كما جوّزه فى" حيث". ¬
والمذهب الأقوى: أنّ" إذا" و" إن" الشّرطيّة و" لو" و" هلّا" و" لولا" التّحضيضيّة، لا يرتفع الاسم بعدهنّ بالابتداء؛ لطلبهنّ الفعل، وإنّما يرتفع بفعل مضمر كقولهم:" لو ذات سوار لطمتنى" (¬1) تقديره: لو لطمتنى ذات سوار، وعليه قوله تعالى: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي (¬2) ومنه قول الشاعر (¬3): ونبّئت ليلى أرسلت بشفاعة … إلىّ فهلّا نفس ليلى شفيعها القسم الثّانى: الجملة من المبتدأ والخبر، تقول: زيد أبوه منطلق، وعمرو أخوه ذاهب؛ ف" زيد" مبتدأ، وأبوه" مبتدأ ثان، و" منطلق" خبر" أبوه" والجملة خبر" زيد"، و" الهاء" فى" أبوه" راجعة إلى" زيد"، ولا بدّ منها كالجملة الأولى، فلو قلت: زيد عمرو منطلق، لم يجز حتّى تقول: إليه أو نحوه، وهذا الضّمير لا يخصّ واحدا من جز أى الجملة الخبريّة، بل يكون تارة فى أوّلهما كقولك: زيد أبوه قائم، وتارة فى ثانيهما كقولك: زيد عمرو أخوه وتارة فى الفضلة، كقولك: زيد عمرو وذاهب إليه. وفى قولك: زيد أبوه منطلق، خمسة أسماء؛ اثنان مسمّاهما واحد، وهما:" زيد" و" الهاء" فى أبوه"، وثلاثة مسمّاها واحد:" الأب"، و" منطلق"، والضّمير المستكنّ فيه، ولو قّدمت منطلقا لارتفع بأنّه خبر المبتدأ، وارتفع، أبوه" به؛ لأنّه فاعله، ولم يبق فى" منطلق" ضمير، لرفعه الظّاهر، فلو ثّنيت المبتدأ الثانى - لثنّيت ¬
" منطلقا" مع الأولى، فقلت: زيد أبواه منطلقان، ولم تثّنه مع الثانية، فى القول القوىّ فتقول: زيد منطلق أبواه. القسم الثالث: الجملة من الشّرط والجزاء/، وهى ملحقة بالقسم الأوّل وفرع عليه، تقول: زيد إن تكرمه يكرمك، و: عمرو إن تحسن إليه يحسن إليك، ولا بدّ فيها من عائد إلى المبتدأ، وهو الهاء فى" تكرمه"، إلّا أنّه لّما كان الشّرط والجزاء كلمتين لا تنفصل إحداهما عن الأخرى؛ ونزّلت لذلك منزلة الجملة الواحدة، لم يلزم أن يعود الذّكر إلى المبتدأ من كلّ واحدة منهما - وإن جاز ذلك وكان أحسن - تقول: زيد إن تكرمه يكرمك بكر، فالعائد من الشّرط، و: زيد إن نكرمه، فالعائد من الجزاء، و: زيد إن تكرمه يكرمك، بكر، فالعائد من الشّرط، و: زيد إن تكرمنى نكرمه، فالعائد من الجزاء و: زيد إن يكرمنى نكرمه يكرمك، فالعائد منهما، أمّا من الشّرط، فهو" الهاء" فى" تكرمه"، وأمّا من الجزاء، فهو الضمير المستكنّ فى" يكرمك"، فإن أخليتهما من الضمّير فقلت: زيد إن تعط عمرا يشكرك بكر، لم تجز. القسم الرّابع: الظّرف، وفيه خلاف: فبعضهم (¬1) يقدّره جمله، ويجعله فرعا على القسم الأوّل، وبعضهم (¬2) يقدره مفردا، وكلام سيبويه يحتمل الأمرين، والأغلب عليه: الإفراد (¬3)، وهو على ضربين: ظرف زمان، وظرف مكان. ¬
والأسماء إمّا أحداث، كالعلم والضّرب، ويلحق به اليوم والليلة، وإمّا أعيان، كزيد وعمرو، ويلحق به ظرف المكان، وإمّا مركّب منهما، نحو: قائم وحسن، ويلحق بالأعيان. فالأعيان: لا يقع من الظّرفين خبرا عنها إلا ظرف المكان، ويحمل عليها المركّب، تقول: زيد أمامك، وعمرو خلفك، والقائم عندك، والكريم فى الدّار، ففى الكلام محذوف يتعلّق بالظّرف؛ تقديره: زيد استقّر خلفك، أو مستقرّ، فحذف هذا المقدّر حذفا مطّردا، لا يظهر؛ تخفيفا، وللعلم به، وأقيم الظّرف مقامه، وجعل خبرا عن زيد. وفى حكم الضمير المستكنّ فى المحذوف خلاف (¬1): فمنهم من ينقله إلى الظّرف ويجعل الحكم له، ومنهم من يجعله باقيا بحاله، والحكم له. وظهور هذا المحذوف شريعة منسوخة؛ فلا تقول: زيد استقرّ، أو مستقرّ خلفك، فأمّا قوله تعالى: فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا/ عِنْدَهُ (¬2) فإنّ" مستقرّا ليس عاملا فى الظّرف، وإنّما هو حال من الهاء فى رآه و" عنده" ظرف للرّؤية وأمّا قولهم:" الليلة الهلال" و:" اليوم خمر (¬3) وغدا أمر" و:" الجباب (¬4) شهران" فعلى تقدير مضاف محذوف، كأنّه قيل: الليّلة طلوع الهلال، أو حدوث الهلال ¬
، ومنه قوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ (5) أى: أهل القرية، وقوله تعالى: هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (¬1) أى: دعاءكم، وهذا باب واسع فى العربيّة، وما أكثرة فى التنزيل والشّعر: قال ابن السّرّاج (¬2): ألا ترى أنّك لا تقول: الشّمس اليوم ولا: القمر الليلة؛ لأنّه غير متوقّع؟ فإن قلت: اليوم زيد، وأنت تريد هذا المعنى، جاز. وتقول: كلّ يوم لك عبد؛ لأنّ فيه معنى الملك، ويوم الجمعة عليك ثوب لاستقرار الثّوب عليك. ويجوز رفع الليلة، على تقدير: اللّيلة ليلة الهلال؛ فلا يكون ظرفا. وهذا الظرف المكانىّ لا يعمل فى مظهر عند سيبويه (¬3) (¬4)، فلا تقول: زيد خلفك أبوه، وأبوه رفع بخلفك؛ إنّما هو مرفوع بالابتداء، و" خلفك" خبره وفزه ضمير، والجملة خبر" زيد"، فإن جرى وصفا أو صلة، عمل فى مظهر كقولك: مررت برجل خلفك أبوه، ومررت بالّذى خلفك أبوه، ومنه قوله تعالى تعالى لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ (¬5) وغرف" مبتدأ، ولهم" خبره، و" غرف" الثانية مرتفعة بالظّرف؛ لأنّه جرى وصفا. وأمّا الأحداث فيصحّ الإخبار عنها بالظرّفين معا، تقول: الخروج اليوم والقتال خلفك، التقدير: الخروج استقرّ، أو مستقرّ اليوم، والقتال استقرّ، أو مستقرّ خلفك. وحكم الضّمير وباقى الأحكام الشّائعة بين الظرّفين كما سبق مع الأعيان. ¬
والظرفان - إذا لم يكن فيهما تخصيص - لم يصحّ الإخبار بهما؛ لمعرفة ذلك قبل الإخبار، كقولك: زيد مكانا، والرّحيل وقتا. ومن الأحداث ما لا يصحّ الإخبار عنه البتّة، نحو: سبحانك، ولبّيك ومنها ما لا يصحّ الإخبار عنه بالظرف، ويخبر عنه بالاسم، وهو: أن مع الفعل كقولك: أن (¬1) تأنينى يوم/ الجمعة، أو خلفك، لا يجوز: أن تأتينى خير لك وعليه 27. قوله تعالى: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ (¬2). القسم الخامس: حرف الجرّ: معظم العلماء لم يفرد هذا القسم بدكر، وإنّما جعلوه فى القسم الرابع؛ لأنّ الأصل فى الظّرف حرف الجرّ، فحذف وأقيم الظّرف مقامه، فإذا قلت: القتال اليوم، وزيد خلفك، فالتقدير؛ فى اليوم، وفى خلفك، وباقي الجمل المتركّبة من حروف الجر، كذلك حكمها؛ لطلبها الفعل الّذى اجتلبت فى الأصل لأجله؛ تقول: زيد من الكرام، والحمد لله، والقوّة بالله، التقدير؛ زيد استقرّ، أو مستقرّ من الكرام. وحكم هذا القسم، فى حمله على الجملة أو المفرد، وفى المضمر فيه وحذفه، انتقال الضمير المستكنّ فيه، وعمله فى المظهر، حكم الظروف. ¬
الفصل الثالث: فى متعلقات الخبر،
الفصل الثّالث: فى متعلّقات الخبر، وهى ثمانية المتعلّق الأوّل: إذا كان الخبر مفردا غير ظرف ولم يرفع ظاهرا، كان بعدّة المبتدأ، إلّا أفعل من كذا، فإنه يكون للاثنين، والجمع، والمؤنث، والمفرد على حدّ واحد، تقول فى الأوّل: زيد قائم، وهند قائمة، والزّيدان قائمان، والزّيدون قائمون، وقيام، وتقول فى الثّانى: زيد أفضل منك، وهند أحسن منك، والزّيدان أعلم منك، والزّيدون أشرف منك. فأمّا قولهم: «راكب النّاقة طليحان (¬1)، فتقديره: أحد طليحين، (2) فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، ويجوز أن يكون قد حذف المعطوف؛ للعلم به، تقديره: راكب النّاقة (¬2) والناقة طليحان، ومثله قول الشّاعر: أقول له كالنّصح بينى وبينه … هل انت بنافى الحجّ مرتحلان (¬3) وقد جوّز بعضهم: غلام زيد ضربتهما، فيعيد الضمير إليهما. المتعلق الثاني:/ الجمل الواقعة أخبارا عن المبتدأ، مواضعها رفع؛ لأنّك لو جعلت موضعها مفردا، لكان مرفوعا، وكلّ جملة يصحّ أن يقع المفرد موضعها، فلها موضع من الإعراب؛ إن رفعا فرفع، وإن نصبا فنصب، وإن جرّا فجرّ. وتنحصر فى مواضع؛ اثنتان موضعهما رفع وهما: الجملة الواقعة خبرا ¬
للمبتدأ، والجملة الواقعة خبرا ل" إنّ" وخمس موضعهنّ نصب وهى: خبر" كان" والمفعول الثانى ل" ظننت" والمفعول الثالث ل" أعلمت"، والحال، ومعمول القول، نحو: قلت زيد قائم، وواحدة تتبع صاحبها فى إعرابه، وهى الصّفة نحو: مررت برجل أبوه منطلق، وواحدة موضعها جزم عند قوم، وهى الشّرطيّة (¬1)، ويعضّده قوله تعالى: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ (¬2) فيمن جزم (¬3) عطفا على موضع الفاء الواقعة موقع فعل الجزاء، فلو لم يكن موضعها جزما لم يعطف عليه مجزوم، ومنه قوله تعالى: فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (¬4). المتعلّق الثالث: الضمير الراجع إلى المبتدأ، له ثلاث حالات: الحالة الأولى: أن يكون موجودا فى اللفظ؛ كقولك: زيدا قام أبوه، وزيّد أبوه منطلق، ف" قام" فعل، والأب فاعله، كما سبق. الحالة الثانية: أن لا يكون موجودا فى اللفظ، نحو: زيد قام، ففى" قام" ضمير مستتر هو فاعله راجع إلى" زيد"، لأنّ" زيدا" لا يكون فاعلا، حيث هو مقدّم على الفعل، فإذا ثنّيت أو جمعت ظهر الضّمير، مثنّى، ومجموعا؛ فقلت: الزّيدان قاما، والزيّدون قاموا. الحالة الثّالثة: أن يحذف للعلم به، وهو على ضربين: ¬
أحدهما قبيحّ وقلّ استعماله. والثانى حسن، وكثر استعماله. فمثال الأوّل نحو ما أنشده سيبويه (¬1): قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى … علىّ ذنبا كلّه لم أصنع يريد: لم أصنعه، أجازه فى الشّعر، والمبرّد لا يجيزه (¬2) وينصب" كلّله" وعلى قول سيبويه حملت قراءة ابن عامر/ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى (¬3) أى: وعده الله، وأجاز الزّجّاج أن يكون (¬4) " ماذا" من قوله تعالى: ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (¬5) مرفوعا، على تقدير: يستعجله، بحذف الهاء. ومثال الثّانى قولهم:" السّمن منوان بدرهم" و" البرّ الكرّبستّين" (¬6)، فلا بدّ أن يقّدر فى الكلام محذوف؛ ليصحّ نظمه؛ لأنّ المنوين ليسا بجميع السّمن ولا السّمن جميعه بدرهم، وإنما المنوان بعض السّمن، فيحتاج أن يضمر فيه ما يدلّ على البعض وهو" من" فى أحد أقسامها؛ فيكون" السّمن" مبتدأ، والمنوان" مبتدأ ثان، و" منه"" صفة له؛ ولهذا ابتدئ به وهو نكرة؛ حيث وصف وبدرهم" خبر المنوين، والعائد الهاء فى" منه" وكذلك المسألة الأخرى، لكنّها تفارق الأولى، بأن منه فيها حال؛ لأنّ الكرّ معرفة، وحرف الجرّ لا يكون صفة للمعرفة، فهو حال من المضمر فى الجار [والمجرور] (¬7)، والأولى أن يقدّر بعد قوله:" بستين" لأنّه العامل فيه، وعامل الحال، إذا كان ¬
ضعيفا، لم يتقدّم الحال عليه، وقد جاز تقدّمه ها هنا؛ حملا على الظّرف. فمن المحذوف، قوله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (¬1) فمن رفع بالابتداء و" صبر وغفر"، صلته، و" إنّ" وما بعده الخبر، والعائد محذوف، تقديره: منه، وذلك إشارة إلى الصّبر والغفران، ومثله قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (¬2) فى قول (¬3)، ومنه قوله: وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (¬4) وقوله: وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (¬5) وهذا فى القرآن كثير. وليس هذا الحذف عندهم غريبا؛ فإنّهم قد حذفوا الجملة بأسرها، نحو قوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ (¬6) أى: فعدّتهنّ ثلاثة أشهر. ¬
وهذه الضّمائر المتصّلة تترتّب فى الحذف. فأحسنها حذفا: فى الصّلة المحضة كقوله تعالى: أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (¬1) أى: بعثه، فإن كان الموصول ألفا ولا ما، لم يحسن الحذف، لو قلت: أهذا الباعث الله رسولا، لم يجز حتى تقول: الباعثه. الثّانى: حذفه فى الصّفة، كقولهم: النّاس رجلان رجل أكرمت ورجل أهنت، أى: أكرمته وأهتنه، ومنه قول جرير (¬2): أبحت حمى تهامة بعد نجد … وما شئ حميت بمستباح أى: حميته. الثّالث: حذفه فى الحال، كقولك: مررت بزيد يضرب عمرو، أى: يضربه، وهذا قريب من الثانى؛ لأنّ الحال كالصّفة. الراّبع: خبر المبتدأ كما سبق، وإنّما تأخّر، لأنّ الضمير إذا حذف من خبره، جاز للفعل أن يتسلّط عليه فينصبه، كقولك: زيدا ضربت. فإن كان العائد متّصلا بحرف الجر، لم يحذف إلا مع الظّروف، كقوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً * (¬3) أى: فيه. وقد جعل بعضهم حذف الضمير من الفعل غير المتصرّف قسما آخر، نحو: زيد ما أحسن، أى: ما أحسنه، وجعل حذفه من الحرف قسما آخر نحو: كم يسرّك أنّ لك من درهم. وقد أجاز سيبويه فى الشّعر إعادة المظهر إلى المظهر إذا كان بلفظ ¬
الأوّل، كقوله (¬1): قضى بيننا مروان أمس قضيّة … فما زادنا مروان إلّا تنائيا وقياسه فى الكلام: زيد قام زيد، وأجازه الأخفش، إذا كان بغير لف الأوّل، وكان ظاهرا وهو هو، كقولك: زيد قام أبو طاهر، ولم يرد - لسيبويه فيه نصّ، وقد حمل الأخفش (¬2) عليه قوله تعالى: أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (¬3) أي تنقذه، وقوله تعالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ (¬4) أى: يضلّه، ومثله في القرآن والشّعر كثير، وسيبويه يقدّر خبر أمثال هذه/ محذوفا. المتعلّق الرابع: قد يرد للمبتدأ خبران فصاعدا؛ قالوا: «هذا حلو حامض» وهذا أبيض أسود، وعليه قوله تعالى: وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (¬5)، وهذان الخبران وقعا جميعا خبرا للمبتدأ؛ لمشابهتهما الجمل، فلا يجوز الفصل بينهما، ولا تقدّمهما معا على المبتدأ عند الأكثرين (¬6)، ولا تقدم أحدهما وتأخّر الآخر، وأجازه بعضهم، والضمير يعود، إلى المبتدأ من معنى الكلام، كأنك قلت: هذا مز؛ لأنّه لا يجوز خلوّ الخبر من الضّمير؛ لنقض ما تقرّر من اضطرار اسم الفاعل إليه، ولا يجوز انفراد أحدهما به؛ إذ ليس بأولى من الآخر، ولا يجوز أن يكون فيهما ضمير واحد؛ لأنّ عاملين لا يعملان فى معمول واحد، ولا يجوز أن يكون فيهما ضميران؛ لأنّه يصير التقدير: كلّه ¬
حلو وكلّه حامض، وليس هذا الغرض منه، وقال الأخفش: الخبر الثانى وقع كالصّفة (¬1): للأوّل، وإنما أرادو بالإخبار: أنّ هذا حلو فيه حامضه. المتعلّق الخامس: لا تعطف الأخبار على مبتدآتها بحرف، الّا بالفاء فى موضعين؛ أحدهما لازم، والآخر غير لازم. أمّا اللازم ففى موضعين: أحدهما: أن يكون المبتدأ شرطا جازما بالنيابة (¬2)، وجزاؤه جملة اسميّة أو أمريّة أو نهييّة، كقولك: من يأتني فله درهم، ومن يأتك فأكرمه، ومن يكرمك فلا تهنه، ومثله قوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (¬3)، وحمل عليه سيبويه (¬4) وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ (¬5) تقديره: ومن عاد فهو ينتقم الله منه، فالفاء داخلة على مبتدأ محذوف، ومنه قول الشّاعر (¬6): ورد وأشقر لم ينهئه طابخه … ما غيرّ الغلى منه فهو مأكول فأمّا قوله تعالى: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (¬7) فتستجئ في باب الشّرط (¬8). ¬
الموضع الثانى من اللازم: قولهم: أمّا زيد فقائم، وقوله تعالى: وَأَمَّا/ ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ (¬1)؛ لأنّ" أمّا" يفصّل بها ما أجمله المدّعى، قال سيبويه: تقديره مهما يكن من شيئ فزيد قائم (¬2)؛ ففيها معنى الشّرط؛ فلزمت الفاء الخبر، وسيجئ معنى" أمّا" مبيّنا فى (¬3) أبنية الحروف، فأمّا قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ (¬4) فحذف الفاء، لأن المعنى: فيقال لهم: أكفرتم؟!. وأمّا غير اللازم ففي موضعين: الأوّل: الأسماء الموصولة، إذا كانت صلتها فعلا أو ظرفا، تقول: الّذى يأتينى فله درهم، والّذى فى الدّار فله درهم، وفى التنزيل قوله تعالى: وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ (¬5) وقوله: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ (¬6)؛ وأمّا قوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما (¬7) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما (¬8) فالمبرّد (¬9) يحمله على هذا الباب ويقدّره: والذّى سرق والتي سرقت، وسيبويه (¬10) ¬
يرفعهما بالابتداء والخبر محذوف، تقديره: وممّا يتلى عليكم السّارق والسّارقة، ولم يرتكبه سيبويه (¬1)، لعدم الفعل المحض والظّرف، فحذف الخبر، كما حذف المبتدأ فى قوله: وقائلة خولان فانكح فتاتهم … وأكرومة الحيين خلو كما هيا (¬2) وأمّا قوله (2): أرواح مودّع أم بكور … أنت فانظر لأىّ أمر تصير وأنت مرفوع بفعل مضمر يفسّره الظّاهر، ورواح خبر مبتدأ محذوف تقديره: أهذا رواح؟ أو أصاحب رواح أنت؟ فيكون مبتدأ، وما تقدّم خبره، أو هو مبتدأ محذوف الخبر، أو خبر محذوف المبتدأ، أو مبتدأ، ورواح (¬3) خبره. فإن وقعت الصّلة جملة اسميّة، أو شرطيّة، لم يجز دخول الفاء، أمّا الاسميّة؛ فلخلّوها من معنى الشرط، وأمّا الشّرطيّة؛ فلانّ الشّرط قد أخذ ما يقتضى من الجواب، فلم يبق فى الكلام معنى مجازاة يقتضى/ دخول الفاء. ¬
الموضع الثّانى من غير اللازم: النكرات الموصوفة، إذا كانت صفتها فعلا أو ظرفا، مثل الصّلة تقول: كل رجل يأتينى فله درهم، وكل رجل فى الدّار فله درهم، ويجرى حكمها مجرى الأسماء الموصولة، ومنه قول الشّاعر (¬1): نرجو فواضل ربّ سيبه حسن … وكل خير لديه فهو مبذول وجوّز السّيرافىّ (¬2): كلّ رجل فيه شهامة فله درهم، والفرق بين وجود" الفاء" وعدمها: أنّ الدّرهم مع" الفاء" يستحقّ بالإتيان، ولا يستحقّ مع عدمها ويتنزّل منزلة الإخبار، كقولك: زيد له درهم، فإذا ثبتت هذه القاعدة، فلا يجوز دخول الفاء مع الأسماء التى لا تتضمّن نوعا من الشّرط، كزيد وعمرو؛ فلا تقول: زيد فقائم، إلّا على تقدير مبتدأين محذوفين، تقديره: هذا زيد فهو قائم، فتكون الفاء عاطفة جملة على جملة، وعليه قوله: وقائلة خولان .... (¬3) البيت المتعلّق السّادس: يعتبر الخبر أنّك متى سئلت عنه أجبت بالمبتدأ، لأنّه يرجع إلى أنّه هو فى المعنى؛ تقول: زيد قائم، فيقال: من القائم؟ فتقول: زيد، وتقول: عمرو أخوك، فيقال: من أخوك؟ فتقول: عمرو، وتقول: زيد أبوه منطلق، فيقال: من الذى أبوه منطلق؟ فتقول: زيد، وكذلك إذا سئلت عن المبتدأ أجبت بالخبر، فيقال: من زيد؟ فتقول: الذى أبوه منطلق. المتعلّق السّابع: تقول: زيد ضربته، فالاختيار فيه: الرّفع على (¬4) الابتداء وضربته الخبر، ويجوز النّصب بفعل مضمر يفسّره الظاهر، تقول: زيدا ¬
ضربته، كأنّك قلت: ضربت زيدا ضربته، ومثله قوله تعالى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ (¬1)، بالرّفع (¬2) والنصب (¬3)، وقريب منه قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (¬4)، لأنّك إذا نصبت" القمر" لم تجد للنّصب فائدة لا توجد فى الرّفع وإذا نصبت/ كلا اشتمل الخلق على جميع (¬5) الأشياء، كأنه قال: خلقنا كلّ شئ بقدر، وفى حال الرّفع لا يتمحّض (5) للعموم. وهذا الضّمير الّذى فى أمثال هذا الخبر على ثلاثة أضرب: الأوّل: أن يكون الفعل متعدّيا إلى ضمير الاسم المنصوب، ويكون من جنس الأوّل فى العمل، كقولك: زيدا أكرمته، ألا تراه تعدّى إلى ضمير زيد، وهو مثل المضمر فى العمل. الثّانى: أن يكون الفعل المظهر متعدّيا إلى ما هو من سبب الاسم المنصوب بفعل مضمر، كقولك: زيدا ضربت أخاه، وهذا يتنزّل منزلة الأوّل فى إضمار فعل ينصب الاسم ويدلّ عليه المظهر؛ من حيث التبس بما هو من سببه حتّى لو قلت: زيدا ضربت عمرا، لم يجز حتى تقول: فى داره أو نحو ذلك. الثّالث: أن يكون الفعل الظاهر من جنس المضمر فى العمل، كقولك: زيدا مررت به، فالفعل المضمر ناصب، والمظهر متعدّ بحرف الجرّ، لكنّه لمّا كان فى موضع نصب قدّر المضمر فعلا بمعنى المظهر، وهو: جزت زيدا مررت به، أو ما أشبه ذلك. فإن عطفت هذا الاسم المختار فيه الرّفع على جملة فعليّة، اختير فيه ¬
النّصب بمضمر كما سبق، تقول: قام زيد وعمرا أكرمته؛ لأنّه لا يعطف اسم على فعل، وسيجئ هذا الفصل مبسوطا فى باب المفعول (¬1) به؛ حيث هو أولى به. المتعلّق الثاّمن: حذف الخبر، ولا يخلو الكلام أن يكون فيه دليل على الخبر إذا حذف، أو لا يكون، فإن لم يكن فلا يجوز الحذف، كما قلنا فى حذف المبتدأ، وإن كان فيه دليل على المحذوف جاز حذفه، وقد حذف مفردا وجملة. أمّا المفرد: فعلى ضربين: ضرب يجوز وجوده فيه، وضرب لا يجوز وجوده فيه. فالأوّل: كقولك فى جواب من قال لك: من عندك؟ فتقول: زيد، أى زيد عندى، فحذفت" عندى"/ - وهو الخبر - تخفيفا، وهو الأكثر، ولك إظهاره للتّأكيد، ومنه قول الشّاعر (¬2): وإنّى من قوم بهم يتّقى العدا … ورأب الثّأى والجانب المتخوف أى: وبهم رأب الثأى، فحذف" بهم" وهو الخبر، وأمّا قول الشاعر: أرواح مودّع أم بكور فقد سبق القول (¬3) فيه، ومن هذا النّوع قوله تعالى: طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ (¬4) ¬
الخبر محذوف فى أحد القولين (¬1)، تقديره: أمثل وأولى، وإنّما حسّن الابتداء بالنكرة العطف عليها بنكرة موصوفة. الثانى: خبر المبتدأ الواقع بعد" لولا" فى قولك: لولا زيد لأكرمتك، أى: لولا زيد موجود، فهذا الخبر المحذوف لا يظهر، وقد تقدّم ذكر ذلك فى باب (¬2) المبتدأ. ومنه؛ خبر" لعمرك" فى القسم، فى قولك: لعمرك لأفعلنّ، ف" عمرك" مبتدأ خبره محذوف تقديره: لعمرك قسمى، ولأفعلنّ جواب القسم، وطول الكلام يحسن معه أشياء لا تحسن مع القصر، من الحذف وغيره. وأمّا الجملة فعلى ضربين: الضّرب الأوّل: أن لا يكون فى اللّفظ ما ينوب عنه، وإن دلّ عليه، كقولك: زيد ضربته وعمرو، تقديره: وعمرو ضربته، فحذفت، ضربته؛ لدلالة الأولى عليه، ومنه قوله تعالى: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ (¬3) فحذف الخبر، وهو: فعدّتهنّ ثلاثة أشهر؛ لدلالة ما قبله عليه، ومثله فى كلامهم كثير، قالوا:" كلّ رجل وضيعته، وأنت أعلم وربّك؛" فكلّ، رفع بالابتداء،" وضيعته" عطف عليه والخبر محذوف، تقديره: مقرونان، والمراد بالضّيعة هنا: الصّنعة (¬4) والحرفة وكذلك،" أنت؛ مبتدأ، وأعلم خبره، وربّك، عطف عليه، وخبره محذوف تقديره: كافيك، ولا يجوز أن يكون مثل قولك: أنت أعلم وزيد، أى: أنتما أعلم من غير كما؛ لأنّ هذا مع الله تعالى/ لا يجوز؛ وإنّما جاز هذا الحذف لأنّ فى الكلام دليلا عليه؛ ولأنّ المعنى: كلّ رجل مع ضيعته، وأنت مع ¬
ربّكّ، ومثله: الحملان حمل (¬1) ودرهم، فإن ذكرت بعده رخيصا فرفعت (¬2) أو نصبت، قلت: بدرهم، وإن جمعت قلت: رخاص؛ ورفعت أو نصبت، فالواو بحالها؛ لأنّ فى الواو معنى مع، ولو وجدت لأغنت. فأمّا قولهم:" سواء على أقمت أم قعدت"، فكلام محمول على المعنى، تقديره: سواء علىّ القعود والقيام؛ فسواء خبر مقدّم؛ لأنّه نكرة، وقيل: إنّه مبتدأ، وخبره ما بعده، لأنّ ما فى حيّز الاستفهام لا يتقدّم عليه؛ ولأنّ المبتدأ لا يكون جملة، ومثله قوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ * (¬3) أى: سواء عليهم الإنذار وعدمه، وأمّا قوله: سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (¬4)، فتقديره: [سواء عليكم أدعوتموهم (¬5)] أم صمتّم. قالوا: ولا يجوز أن يقع بعد سواء فعل مضارع؛ فلا تقول: سواء علىّ أتقوم أم تقعد؛ لأنّ معناه الشّرط ولم يظهر له عمل. الضّرب الثانى: أن يكون فى اللّفظ ما ينوب عنه، وهو أن يسدّ المعمول مسدّ الخبر، كقولهم: ضربى زيدا قائما"، و" أكثر شربى السّويق ملتوتا" و" أخطب ما يكون الأمير قائما، فضربى،" وأكثر" وأخطب" يرتفعن بالابتداء و" قائما" نصب على الحال، والخبر محذوف، ولا بدّ من إضماره، وتقديره: إذ كان قائما، وإذا كان قائما، فإذا ظرف زمان، وقد جعل خبرا عن المبتدآت كما تجعل ظروف الزّمان أخبارا عن الأحداث، نحو قولك: ضربى زيدا يوم الجمعة،" وكان" تامّة بمعنى وجد، وحدث، وفيها ضمير - لزيد، وللسّويق ¬
وللأمير، و" إذا" مضاف إليها، كما تضاف سائر ظروف الزّمان إلى الجمل كقولك: زمن يكون زيد قائما، فالمعنى: ضربى زيدا واقع إذا وجد زيد قائما، وأكثر شربى السّويق واقع إذا وجد السّويق ملتوتا، وأخطب ما يكون الأمير واقع إذا وجد الأمير/ قائما، إلّا أنّ فى مسألة الأمير اتّساعا ليس فى الأوليين وهو: إضافة أفعل إلى الظّرف المنزّل منزلة المصدر الذى دلّ عليه قوله: ما يكون الأمير، وهو: كون الأمير، وتقدير الكلام: أخطب أوقات الأمير إذا وجد قائما. فأمّا قولهم:" حسبك درهمان"، ف" فحسبك" مبتدأ، و" درهمان" معموله تقديره: ليكفك درهمان؛ لأنّ فيه معنى الأمر، ولا خبر له؛ ولهذا المعنى جزموا ما بعدها من الجواب، كقولهم:" حسبك ينم النّاس" والمازنىّ (¬1) يعتقد أنّ" حسبك" مبتدأ، ودرهمان خبره. ¬
الباب الثامن: من القطب الأول: فى الفاعل
الباب الثامن: من القطب الأوّل: فى الفاعل وفيه أربعة فصول الفصل الأوّل: فى حدّه اعلم أن كلّ فرقة من العلماء قد اتفقوا فيما بينهم على أوضاع يعرفونها، واصطلاحات يتداولونها، فالنّحوىّ: يسمّى الجملة التى صدرها معتمد البيان وعجزها معتمد الفائدة مبتدأ وخبرا، والمنطقىّ: يسمّيها موضوعا ومحمولا. وفى اللّغة أسماء تنقل عن وضعها العامّ الحقيقىّ إلى الخاصّ المجازىّ، كالصّوم والصلاة، وقد ذكرنا ذلك مبسوطا فى كتاب «الباهر فى الفروق (¬1)». فالفاعل فى أصل الوضع هو: من أظهر الفعل من العدم إلى الوجود، وهو الفاعل الحقيقىّ، ثم نقل عن هذه الرّتبة إلى ما يقاربها، فقال قوم: مؤثّر، وقال قوم: موجد، وقال قوم: سبب، وقال قوم: علّة، وأطلقه النحاة على معنى آخر وضعا واصطلاحا، وله عندهم شرائط، باجتماعها يصحّ أن يكون فاعلا نحويّا: الأولى: أن يكون اسما مفردا متمكّنا من الإخبار عنه، ليسند الفعل إليه ويضمر ويرفع؛ لفظا أو موضعا؛ فإنّ الفعل والجملة لا يسند إليهما، والجملة لا تضمر، والظرف والمصدر غير المتمكّن لا يرفعان، فأمّا قوله تعالى: ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (¬2) فالفاعل مقدّر وهو ¬
البداء (¬1) كقوله (¬2): لعمرك والموعود حق لقاؤه … بدالك فى تلك القلوص بداء فالمظهر ها هنا، هو المضمر فيه، فأمّا قوله تعالى: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ (¬3) فإنما رفع على الاتّساع (¬4) بإسناد الفعل إلى الظرف، كما تقول: قوتل خلفكم وأمامكم، وقيل: البين: الوصل، وهو من الأضداد (¬5). الثّانية: أن لا يكون شرطا ولا استفهماما، لأنّهما لا يتقدّمهما عاملهما إلا أن يكون ابتداء، أو حرف جرّ، أو إضافة. الثّالثة: أن يكون فى الكلام فعل نحوىّ، كقام وقعد، وما يشبه الفعل كقائم وحسن، إذا اعتمد على حرف الاستفهام أو حرف النّفى، أو كانا صفة أو حالا أو خبرا. ¬
الفصل الثانى: فى إعرابه
الرّابعة: أن يتقدّم الفعل ومشبهه على الفاعل. الخامسة: أن لا تغيّر له صيغة الفعل، احتزازا من تغيّره لما لم يسمّ فاعله. السّادسة: أن يكون الفعل حديثا عنه ومسندا إليه، إيجابا أو سلبا. فمتى خلا من هذه الشّرائط أو بعضها، لم يكن فاعلا نحويّا. وتحرير الحدّ: اسم مفرد متمكن غالبا، ليس بشرط ولا استفهام يأتى بعد فعل نحوىّ على وضعه الأصلىّ، أو ما أشبه الفعل معتمدا، ويكون مسندا إليه، إيجابا أو سلبا، كقولك: قام زيد، ومات بكر، وما قام عمرو. الفصل الثّانى: فى إعرابه وهو مرفوع، لفظا أو موضعا، أمّا اللفظ فتقول: قام زيد، وأمّا الموضع: فتقول: قام الّذى فى الدّار، ف «الّذى» فى موضع رفع. ورافع الفاعل: المسند إليه، وكأنّ حقيقة الرّافع إنّما هى المعنى الّذى صار به فاعلا، وهو إسناد الفعل، لا الّلفظ، وإنّما الّلفظ دليل على المعنى، فالتّرتيب فى النّفس هو الّذى عمل، وهذا كالقريب من الابتداء؛ وسواء كان الفعل ماضيا أو مستقبلا، نفّيا أو إثباتا، استفهاما أو جزاء، حقيقة أو مجازا، فهو العامل، نحو: قام زيد، وسيقوم عمرو، وما قام بكر/ وأ يقوم زيد؟ وإن يذهب زيد يذهب عمرو، ووقع الحائط، وجرى النّهر. وقد يجئ الفاعل ورافعه مضمر محذوف، يقال: من فعل هذا؟ فتقول: زيد، أى: فعل زيد، ومنه قوله تعالى: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ (¬1) - بفتح الباء (¬2) - أى: يسبّحه رجال، ومنه قولهم: هل زيد خرج؟ ¬
الفصل الثالث: فى مرتبته
و «زيد» فاعل فعل مضمر يفسّره الظاهر، ومنه قوله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ (¬1)، ومن أمثالهم: «لو ذات سوار لطمتنى (¬2)»، وعليه قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا (¬3)، وقد تقدّم ذلك (¬4). وإنّما خصّ الفاعل بالرّفع لتقدّمه، وللفرق بينه وبين المفعول، ولمناسبة بين قلّة الفاعل وثقل الرّفع، ولبعضهم فيه كلام محرّر، قال: إنّما رفع لقلّته وقوّته، وسبقه (¬5). الفصل الثالث: فى مرتبته وهى تلى الفعل، لأنّه كالجزء منه، فلا يجوز أن يتقدّم على الفعل، لأنّه يصير مبتدأ بعد أن كان فاعلا، فلا تقول فى، قام زيد: زيد قام، و «زيد» فاعل «قام»، ويظهر ذلك فى التّثنية والجمع، ألا ترى أنّه لا يجوز أن تقول فى، ضرب الزّيدان: الزّيدان ضرب، حتّى تقول: ضربا، فيصير مبتدأ وخبرا، والألف فى «ضربا» فاعل وعلامة التّثنية. فأمّا تأخّره عن المفعول، فإنما جاز، لأنّ المفعول فضلة، وإن تقدّم، والنّيّة فى الفاعل التقدّم عليه، وإن تأخّر عنه، تقول فى: ضرب زيد عمرا: ضرب عمرا زيد، وهذا إنّما يفعلونه إذا كان أحد الأمرين أهمّ عندهم، قال سيبويه: وإنمّا يقدّمون فى كلامهم ما هم ببيانه أهمّ، وهم بشأنه أعنى، وإن كانا جميعا يهمّانهم ويعنيانهم (¬6)، ومثله قوله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ ¬
الْعُلَماءُ (¬1)، فإن عرض فى الكلام لبس لم يجز تأخّره، مثل أن يكونا مقصورين، أو مبنيّين، نحو: ضرب موسى عيسى، وضرب من قام من قعد، فيلزم كلّ منهما مرتبته، فإن كان فى الكلام قرينة لفظيه أو معنويّة تزيل اللّبس، نحو: ضربت يحيى ليلى، وضرب هذه هذا، وكسر العصا الرّحى، [جاز (¬2)]، فإذا تقرّر ذلك وقلت/: ضرب زيد غلامه، أو: ضرب غلامه زيد، أو ضرب زيدا غلامه، أو: ضرب غلامه زيدا، جازت الثّلاث الأول، ولم تجز الرابعة. أمّا الأولى: فلا كلام فيها، لأنّ كلّا من الفاعل والمفعول والمضمر فى مكانه، وهو جار على نظم الكلام. وأمّا الثانية: فإنّما جازت، لأن النيّة فى «زيد» التّقديم وإن تأخّر لفظا، ولا يضرّ الإضمار قبل الذّكر، فإنّ النّية فيه الّتأخير. وأمّا الثّالثة: فمثل الثانية فى الجواز وأحسن؛ لأنّه لم يتغيّر عن مكانه إلا الفاعل - والنّيّة فيه التّقديم - ولمّا تأخّر، وقرن به الضّمير، وتقدّم المفعول، صار الضّمير مذكورا بعد من هوله، فجازت المسألة، ومنه قوله تعالى: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ (¬3)، وأمّا الرّابعة: فلم تجز؛ لأنّ الفاعل والمفعول وقعا فى موضعهما، وليس فى أحدهما نيّة تقديم ولا تأخير وقد وقع الضّمير قبل الذّكر، لفظا وتقديرا. ¬
والأصل فى هذا الباب: أنّ الضّمير إذا تقدّم لفظا ولم يتقدّم تقديرا كالثّانية، أو تقدّم تقديرا ولم يتقدّم لفظا، كالثّالثة، أو لزم مرتبته، كالأولى؛ فإنّ ذلك جميعه جائز، فإن تقدّم لفظا وتقديرا كالرّابعة، لم يجز، ومتى اتّصل ضمير المفعول بالفاعل، كالثالثة، لم يجز إلّا تأخير الفاعل؛ لئلّا يتقدّم المضمر على الظاهر، وهو فى موضعه، ومثله فى قوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها (¬1). فأمّا قوله (¬2): جزى ربّه عنّى عدىّ بن حاتم وقوله (¬3): ألا ليت شعرى هل يلومنّ قومه … زهيرا ....... فالهاء فى «ربّه» و «قومه» راجعة إلى الجزاء واللّوم؛ لدلالة «جزى» ¬
الفصل الرابع: فى أقسام الفاعل، وأحكامها
و «يلومنّ» عليها، وليست عائدة إلى «عدىّ» و «زهير»، وقد جوّزه ابن جنّى فى «الخصائص (¬1)» وهو بعيد. ومرتبة المفعول الأوّل من المفعول الثانى مرتبة الفاعل من المفعول، تقول: أعطيت زيدا درهمه، ف «زيد» صاحب «الدّرهم»، وهو المفعول الأوّل. فإن اتّصل به الضمير وجب تأخيره، تقول: أعطيت الدّرهم صاحبه، ولم يحسن أعطيت/ صاحبه الدّرهم، ومنه قوله (¬2): ومن كان يعطى حقّهنّ القصائدا جاز ذلك، لأنّه المفعول الثّانى. وتقول: أخذ ما أراد زيد، و: ما أراد أخذ زيد، والكوفىّ لا يجيز الثانية (¬3). الفصل الرّابع: فى أقسام الفاعل، وأحكامها ولا يخلو الفاعل أن يكون مظهرا أو مضمرا، وكلّ منهما لا يخلو: أن يكون: مذكّرا أو مؤنّثا، وكلّ من المذكّر والمؤنّث لا يخلو: أن يكون واحدا، أو مثنى، أو مجموعا، فانحصرت القسمة فى اثنى عشر نوعا، تندرج أحكامها فى: مقدّمة، وأربعة فروع. المقدّمة: اعلم أنّ الفاعل ينقسم ثلاثة أقسام: فاعل فى اللّفظ والمعنى، نحو: قام زيد، ويقوم عمرو، وفاعل فى اللّفظ دون المعنى، نحو: مات زيد، وينقضّ ¬
الفرع الأول: فى المظهر والمضمر.
الجدار، وفاعل فى المعنى دون الّلفظ، نحو: أعجبنى ضرب زيد عمرا. ولا بدّ للفاعل من فعل: مظهر، كما سبق، أو مضمر، كما أنّ الفعل لا بدّ له من فاعل، فإن لم يكن مظهرا بعده، فهو مضمر فيه، لأنّ الفعل مسند، ولا بدّ له من مسند [إليه (¬1)]، يقال: من فعل؟ فتقول: زيد، أى: فعل زيد، وكذلك كلّ اسم وقع فى موضع لا يقع فيه إلا الفعل، كقوله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ (¬2)، وقوله: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ (¬3) وقول العرب: «لو ذات سوار (¬4) لطمتنى»، كلّ هذا وأمثاله مرفوع بفعل مضمر يفسّره الظاهر، وسنزيده وضوحا فيما يأتى: الفرع الأوّل: فى المظهر والمضمر. والمظهر على ضربين: أحدهما عار من حرف الجرّ، نحو: قام زيد، وخرج عمرو. والثانى يقرن به حرف الجرّ، وهو على ضربين: لازم، ومفارق. فاللازم، نحو قولك: أحسن بزيد، فى التّعجّب، الأصل: حسن زيد، تقديرا وأمّا المفارق فنوعان: نفى وإثبات. ¬
فالنّفى، نحو قولك: ما جاءنى من أحد، لأنّك تقول: ما جاءنى أحد. والإثبات، كقوله تعالى: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً * (¬1)، وكقول الشّاعر (¬2): ألم يأتيك والأنباء تنمى … بما لاقت لبون بنى زياد لأنّك تقول: كفى الله شهيدا، وألم يأتك ما لاقت. والمضمر على ثلاثة أضرب: أحدها: ما جرى ذكره، نحو: زيد قام، أى: قام هو. والثانى: أن يدلّ الحال عليه وإن لم يذكر، كقوله تعالى: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (¬3)، يعنى الشّمس، وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (¬4) يعنى الأرض. والثالث: أن يكون مضمرا لا يستعمل إظهاره، ولكن يفسّر كفاعل «نعم» و «بئس» إذا لم يكن فيه الألف واللام، ولا مضافا إليهما نحو: نعم رجلا زيد، تقديره: نعم الرّجل رجلا زيد، ونحو الفاعل فى: ضربنى وضربت زيدا، عند البصرىّ (¬5)، فإنّ فاعل «ضربنى» مضمر. ¬
الفرع الثانى: فى المؤنث
الفرع الثانى: فى المؤنّث: إذا كان الفاعل مؤنثا، فلا يخلو تأنيثه: أن يكون حقيقيّا، أو غير حقيقىّ، وهو: ما لا ذكر له بإزائه، أو ما ليس له فرج. وأمّا الحقيقى: فلا بدّ له فى الفعل من علامة تميّزه، إذ هو معنى لازم، ولا يقنع لفظه، لاشتراك التّسمية به؛ وسواء كان ظاهرا أو مضمرا، مفردا أو مثنى؛ تقول: قامت هند و: قامت الهندان، وهند قامت، و: الهندان قامتا، وكذلك اسم الفاعل، والمفعول، والصّفة المشبّهة، تقول: مررت برجل ضاربة جاريته، ومضروبة جاريته، وحسنة جاريته، فإن فصلت بين الفعل والفاعل فكذلك، وقد حذفوها فيه قليلا، نحو ما حكوا من قولهم: حضر القاضى اليوم امرأة، ولم يجئ له فى التّنزيل نظير، وجاء فى الشّعر، قال (¬1): إنّ امر أغرّه منكنّ واحدة … بعدى وبعدك فى الدنيا لمغرور ومثله قول الآخر (¬2): لقد ولد الأخيطل أمّ سوء ¬
وحكى سيبويه: قال فلانة (¬1)، وردّه المبّرد (¬2)، وجوّزه الأخفش (¬3) والرّمانىّ (¬4). وأمّا غير الحقيقىّ: فلا يخلو؛ أن يكون مفردا، أو مثنى، أو مجموعا. أمّا المفرد: فلا يخلو؛ أن يكون مظهرا، أو مضمرا، أمّا المظهر: فإثبات العلامة له أولى؛ لأنّه مؤنّث، ولك حذفها؛ حملا على المعنى، تقول: حسنت دارك، وحسن دارك، وهذا رجل كريمة منقبته، ومحمودة امرته، وحسنة صفته، وكريم، ومحمود، وحسن، ومن هذا النوع قوله تعالى: فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ (¬5)، وقوله: فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ (¬6) وقوله: وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (¬7). فإن فصلت بين الفعل والفاعل كان حذفها أحسن، كقوله تعالى: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ (¬8)، وقوله: وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ (¬9) وقوله: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ (¬10)، والإثبات فيه أيضا كثير، كقوله تعالى: قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ (¬11)، وكقول النّبىّ عليه السّلام: «حرّمت عليكم ¬
الخمر (¬1)»، وكقوله تعالى: وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ (¬2). وأمّا المضمر: فتلزم له العلامة، تقول: دارك حسنت، ولا يجوز، دارك حسن، وقد جاء فى الشّعر، قال الشّاعر (¬3): إنّ السّماحة والمروءة ضمّنا … قبرا بمرو على الطّريق الواضح ومثله قوله (¬4): فلا مزنة ودقت ودقها … ولا أرض أبقل إبقالها والقياس: ضمّنتا، وأبقلت. وحذف العلامة من هذا النوع محمول على المعنى، فأوّلو الدّار بالمنزل، والسّماحة والمروءة بالكرم والجود، والأرض بالمكان، ولا يجوز أن تقول: - على هذا - وقعت البيت؛ حملا على الدّار، ولا أنبتت المكان؛ حملا على الأرض؛ لأنّه حمل أصل على فرع، وقد شذّ قول بعض الأعراب: «إنّ فلانا لغوب جاءته كتابى (¬5) فاحتقرها» فقيل له فى ذلك، فقال: أليس الكتاب صحيفة، ¬
وقد جاءت فى الشّعر، قال (¬1): يا أيّها الرّاكب المزجى مطيّته … بلّغ بنى أسد: ما هذه الصّوت؟ وأمّا المثنّى فحكمه حكم المفرد فى الإثبات والحذف، تقول: حسنت داراك، وحسن داراك، وداراك حسنتا. وأمّا المجموع: فلا يخلو: أن يكون جمع صحّة، أو جمع تكسير. فإن كان جمع صحّة، فلا يخلو: أن يكون لمذكّر، أو مؤنّث، فالمذكّر: لا يجوز فيه إثبات العلامة؛ لبقاء صيغة المفرد فيه، فلا تقول: قامت الزّيدون، وقد جاء إثباتها فى الشّعر، قال (¬2): قالت بنو عامر: خالوا بنى أسد … يا بؤس للحرب ضرّارا لأقوام وأمّا المؤنّث: فإن كان حقيقيّا لم يحسن فيه إلا إثبات العلامة، تقول: ¬
قامت الهندات، وقد جاء حذفها فى الشّعر، وابن جنّى (¬1) يجيزه فى النّثر. وإن كان غير حقيقىّ فلك فيه الحذف، والإثبات، وصلا، وفصلا، تقول: امتلأت الجفنات وامتلأ، ومنه قوله تعالى: جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ * (¬2) وجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ * (¬3) وذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي (¬4)، وعليه قراءة حمزة (¬5) والكسائىّ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي (¬6) بالياء. وإن كان جمع تكسير جاز فيه الأمران، وسواء فيه المذكّر والمؤنّث الحقيقىّ وغير الحقيقىّ، تقول: قام الرّجال، و: قامت الرّجال، و: قامت النّساء، و: قام النّساء، ومنه قوله تعالى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا (¬7) وقوله: وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ (¬8)، وقوله: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها (¬9)، فمن ذكّر أراد «الجمع»، لأنّ لفظه مذكّر، ومن أنّث أراد «الجماعة» لأنّ لفظها مؤنّث، واسم الفاعل، والمفعول، والصّفة كذلك، وحكم الفصل فيه حكمه مع المفرد، والحذف فيه أحسن، كقوله تعالى: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ (¬10) ويلحق بهذا القسم جميع أسماء جمع المذكّر العاقل، نحو: قوم، ¬
الفرع الثالث: في الفاعل المثني أو المجموع
ورهط، ونفر وجميع أسماء جمع/ المؤنّث، نحو: إبل، وغنم. الفرع الثالث: [في الفاعل المثني أو المجموع] إذا كان الفاعل مثنى، أو مجموعا، ذكرت الفعل قبله موحّدا؛ لأنّ التثنية والجمع معنى يفارق الاسم، فلا يلزم له علامة، تقول: قام زيد، وقامت هند وقام الزيدان، وقام الزيدون، وبعض العرب يلحقه علامة، لأنّه معنى زائد وهو قليل، قالوا: «أكلونى البراغيث»، وقد حمل عليه قوله تعالى: ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ (¬1)، وقوله: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا (¬2) وقول الشّاعر (¬3): يلوموننى فى اشتراء النّخيل قومى وكلّهم يعذل ويروى: وكلّهم ألوم، وقول الآخر (¬4): ولكن ديافىّ أبوه وأمّه … بحوران يعصرن السّليط أقاربه ¬
وهذا كلّه محمول على البدل (¬1)، وغيره (¬2). فإن قدّمت الفاعل على الفعل صار مبتدأ، وصار الفعل خبره، وفيه ضميره، فتثنّى الضمير، وتجمعه، فتقول: الزيدان قاما، والزيدون قاموا والهندان قامتا، والهندات قمن، وقامت، فالألف فى «قاما» علامة التثنية والضّمير، والواو فى «قاموا» علامة الجمع والتّذكير والعلم والضمير، والنون فى «قمن» علامة الجمع والتأنيث والضمير، قال المازنىّ (¬3): العرب تقول: «الأجذاع انكسرن» لأدنى العدد، و «الجذوع انكسرت (¬4)» للكثير، وقالوا - على هذا -: لثلاث خلون، و: لثلاث بقين، إلى العشر، ولإحدى عشرة خلت، فما فوقها، وليس هذا بلازم، ولكنّهم كذا استعملوه، فالنون والتّاء يدخلان جمع المؤنّث؛ الحقيقىّ وغير الحقيقىّ، إلّا أنّ النون فى الحقيقىّ أحسن، والتّاء فى غير الحقيقىّ أحسن، تقول: النّسوة انطلقن، وانطلقت، والسّاعات انقضت، وانقضين. وتضاف هاء ضمير المؤنّث الواحد إلى الجمع، تقول: الأيّام قضيتها والنّساء ضربتها، وهى مع غير الحقيقىّ أحسن، وعليه قوله تعالى: إِنَ ¬
الفرع الرابع: اجتماع فعلين على اسم له بهما تعلق في المعنى
عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً (¬1) ثمّ قال: مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ (1) فجعل «الهاء» للاثنى عشر، و «النّون» للأربعة. الفرع الرابع (¬2): [اجتماع فعلين على اسم له بهما تعلق في المعنى] إذا اجتمع فعلان بعدهما اسم له بهما تعلّق فى المعنى، حمله البصرىّ (¬3) على الثّانى، لأنّه الأقرب، وحمله الكوفىّ (3) على الأوّل، لأنّه الأسبق، تقول: قام وقعد زيد، فالبصرىّ يرفع «زيدا» ب «قعد»، والكوفىّ ب «قام»، وتقول: ضربت وضربنى زيد، فالبصرىّ يرفع «زيدا»، لأنّه فاعل، والكوفىّ ينصبه، لأنّه مفعول، وفى الأوّل عند البصرىّ ضمير، وفى الثّانى عند الكوفىّ ضمير. فإذا اثنّيت قلت، عند البصرىّ: قاما وقعد الزيدان، وضربت وضربنى الزّيدان، وعند الكوفىّ: قام وقعدا الزّيدان، وضربت وضربانى الزّيدين، ولم يحتج البصرىّ فى مثل هذه إلى تثنية ضمير المفعول؛ لأنّه فضلة. وممّا جاء على قول البصرىّ قوله تعالى: آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (¬4)، فلو أعمل الأوّل لقال: آتونى أفرغه عليه قطرا (¬5)، أى آتونى قطرا أفرغه عليه كقول الشّاعر (¬6): ¬
ولم أمدح لأرضيه بشعرى … لئيما أن يقال: أصاب مالا وممّا جاء على قول الكوفىّ قول الشّاعر (¬1): وقد نغنى بها ونرى عصورا … بها يقتدننا الخرد الخدالا فلو أعمل الثّانى لقال: يقتادنا الخرد الخدال. وممّا يحتمل القولين قول الشّاعر (¬2): تمنّت - وذاكم من سفاهة رأيها - … لأهجوها لمّا هجتنى محارب فإعراب «محارب» عند الفريقين واحد، والتقدير مختلف، والأولى فى هذا البيت: قول الكوفىّ؛ ليعود الضّمير فى «لأهجوها» إليه. وقد أجاز سيبويه (¬3): ضربت وضربونى قومك، على البدل من الواو واستقبحه الفارسىّ (¬4). واسم الفاعل مع الفعل هذا حكمه، تقول: مررت برجل ضارب حين أقبل زيد، ومنه قول الشّاعر (¬5): ¬
وإنّك والكتاب إلى علىّ … كدابغة وقد حلم الأديم فأعمل فيه الثانى، وقد أورد الفارسىّ (¬1) على إعمال الثانى قول الشّاعر (¬2): قضى كلّ ذى دين فوفّى غريمه … وعزّة ممطول معنّى غريمها وفى الاستشهاد به إشكال، لأنّ قوله: «وعزّة» مبتدأ، و «ممطول ومعنّى» خبراه، وكلّ منهما يتعلّق ب «غريمها»؛ لأنّ المعنى: يمطل غريمها، ويعنّى غريمها؛ فلا يجوز أن يرفع «غريمها» ب «ممطول»؛ لأنّه يكون مقدّما فى النّيّة، وإذا تقدّم وجب إضماره فى «معنّى» الّذى هو بعده فى التقدير، و «معنّى» قد جرى على «عزّة»، وهو لغيرها، واسم الفاعل إذا جرى على غير من هو له برز ضميره؛ فيحتاج أن تقول: وعزّة ممطول معنّى هو غريمها، لأنّ التقدير - على هذا القول - وعزّة ممطول غريمها معنّى هو، فلمّا لم يكن فى البيت ضمير بارز، علمت أنّ «غريمها» مرفوع ب «معنّى»، كأنّه قال: وعزّة ممطول غريمها معنّى غريمها، وقيل: إنّ «غريمها» مرتفع ب «ممطول»، و «معنّى» حال منه، وعامله «ممطول». وأمّا قول امرئ القيس (¬3): فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة … كفانى ولم أطلب قليل من المال ¬
فليس من هذا الباب؛ لأنّه لا يجوز أن يعمل فى «قليل» إلا «كفانى»، وليس ل «أطلب» به تعلّق، لفساد المعنى، فإنّ غرضه: لو أنّ سعيى للدّون كفانى القليل ولم أطلب الملك، ولو علّقت به «أطلب» لكان المعنى: كفانى القليل ولم أطلب القليل، وهذا متناقض.
الباب التاسع: من القطب الأول: فى المفعول/ الذى لم يسم فاعله
الباب التاسع: من القطب الأوّل: فى المفعول/ الّذى لم يسمّ فاعله وفيه ثلاثة فصول الفصل الأوّل: فى تعريفه قد يحذف الفاعل من اللفظ لغرض، ويقام المفعول مقامه، ويعطى إعرابه، لأنّ الفعل قد اشتغل به، وهذا جار فى العربيّة، أن يعطى النّائب حكم المنوب عنه، كحذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، وإعرابه بإعرابه، فإذا فعلوا ذلك غيّروا له هيئة الفعل؛ إيذانا بذلك، ودفعا للّبس بين الفاعل والمفعول، وضمّوا صدر الفعل إذا كان حرفا يثبت فى الابتداء والوصل؛ إعلاما أنّ المحذوف كان يستحقّ هذه الحركة، نحو: ضرب زيد، وأكرم عمرو. فإن كان فى أوّل الفعل همزة وصل، ضمّ أوّل المتحرّكات من الفعل، نحو: انطلق بزيد، واستخرجت الدّراهم. فأمّا ضمّة الهمزة، إذا ابتدئ بها، فللإتباع. وإن كانت عين الفعل معتلّة كسر أوّله نحو: قيل، وبيع، وسيرد موضّحا فى التّصريف. وبين النّحاة في هذا الباب خلاف. فمنهم من (¬1) يزعم أنّه قائم بنفسه مستدلا بأنّ فى الأفعال ما لا يذكر معه فاعل البتّة، نحو: وضع (¬2) الرّجل فى تجارته ووكس (¬3) وجنّ وزكم. ¬
الفصل الثانى: فى دواعيه
ومنهم من يقول: إنّه فرع على غيره، وهم الأكثر (¬1). وسيبويه (¬2) يرفعه من حيث يرفع الفاعل، وهو إسناد الفعل إليهما، وغيره يزعم أنّه محمول فى الرفع (¬3) على الفاعل. والتقديم والتّأخير، والإظهار والإضمار فى الاسم القائم مقام الفاعل مثله فى الفاعل، يجوز فيه ما جاز فيه، ولا فرق. الفصل الثّانى: فى دواعيه الحاجة إلى بناء المفعول لما لم يسمّ فاعله أحد أشياء: الأوّل: أن يكون الفاعل معلوما، كقولك: زلزلت الأرض، وخلق الخلق فيعلم أنّ الله مزلزلها، وخالقهم. الثانى: أن يكون الفاعل مجهولا، والمفعول معلوما، كقولك: ضرب زيد، وشتم عمرو، وهو الغالب/ على هذا الباب. الثالث: أن يكون الفاعل معلوما، لكن يخاف عليه، أو منه، فتقول: قتل زيد، وأنت تعرف قاتله، ولكن لم تسمّه؛ خوفا منه، أو عليه؛ لئلّا يعرف. الرابع: أن يكون الفاعل عظيما، كقولك: صفع الوقّاد، وقد صفعه الأمير. الخامس: أن يكون الفاعل حقيرا، كقولك: شتم الأمير، فلا تذكر شاتمه؛ لحقارته. ¬
الفصل الثالث: فى بناء أفعاله
الفصل الثالث: فى بناء أفعاله لا يخلو الفعل المبنىّ لما لم يسمّ فاعله: أن يكون متعدّيا، أو غير متعدّ، والمتعدّى لا يخلو: أن يكون متعدّيا بنفسه، أو بغيره، والمتعدّى بنفسه لا يخلو: أن يتعدّى إلى مفعول واحد، أو إلى مفعولين، أو إلى ثلاثة مفاعيل، والمتعدّى إلى مفعولين لا يخلو: أن يقتصر على أحد مفعوليه، أو لا يقتصر، ويفرّق بينهما: أنّه متى وجد المفعول الثّانى هو الأوّل، فهو الذى لا يقتصر على أحد مفعوليه، ومتى لم يكن هو هو، فهو الّذى يقتصر على أحد مفعوليه، فحصل من هذا التقسيم ستّة أفعال. الأوّل: غير المتعدّى، نحو: قام وقعد، ولا يبنى لما لم يسمّ فاعله، إلّا أن ينقل، أو يكون مصدره، أو أحد طرفيه مذكورا، نحو: قمت قياما يوم الجمعة فى الدّار؛ لأنّ الغرض من هذا الباب هو: حذف الفاعل، وإقامة المفعول مقامه، قإذا لم يكن ثمّ مفعول، وحذفت الفاعل بقى الفعل حديثا غير محدّث عنه، فإن نقلته بالهمزة والتّضعيف بنيته له، فقلت: أقيم زيد، وقعّد عمرو، وقد أجاز الفرّاء (¬1): قيم، وقعد، وذهب. الثّانى: المتعدّى إلى مفعول واحد، لا يقام مقام الفاعل غيره، تقول فى ضربت زيدا، وأكرمت عمرا: ضرب زيد، وأكرم عمرو، ولا يجوز فى: ضربت زيدا الضّرب، أن تقيم «الضرب» مقام الفاعل، لأنّ «زيدا» مفعول به صحيح و «الضرب» مصدر، وتقول فى، دفعت المال إلى زيد، وبلغت بعطائك خمسمائة: دفع المال إلى زيد، وبلغ بعطائك خمسمائة، لا تقيم مقام الفاعل إلا المال، وخمس المائة، دون الجارّ والمجرور، فإن قصدت الاقتصار ¬
على ذكر المدفوع، والمبلوغ به، قلت: دفع إلى زيد، وبلغ بعطائك. الثّالث: ما لا يقتصر على أحد مفعوليه، لا يحسن أن يقام مقام الفاعل إلا أوّل مفعوليه، لأنّ الأوّل مخبر عنه فى المعنى، والثّانى خبر، فلو أقمت الثانى مقام الفاعل، جعلت المخبر عنه خبرا، والخبر مخبرا عنه، تقول فى، ظننت زيدا قائما: ظنّ زيد قائما، ولا يجوز، ظنّ قائم زيدا، ولا سيّما إذا كان الثّانى جملة أو ظرفا، لأنّ الفاعل لا يكونهما. الرّابع: الذى يقتصر على أحد مفعوليه، وهو على ضربين. أحدهما: أن يصحّ فى الثّانى ما صحّ فى الأوّل، ولا يقام مقام الفاعل إلا أوّل مفعوليه، تقول: أعطيت زيّدا غلاما، فلا تقول إلا: أعطى زيد غلاما؛ لأنّ «زيدا» آخذ فى المعنى، ولا تقدّم الثانى على الأوّل مع ذكر الفاعل. والآخر: أن لا يصحّ فى الثانى ما صحّ فى الأوّل، ولك فى مفعوليه الخيار، والأولى أن تقيم مقام الفاعل أوّل مفعوليه، فتقول فى، أعطيت زيدا درهما: أعطى زيد درهما، لأنّ الدّرهم لا يكون آخذا، ويجوز: أعطى درهم زيدا، كما قالوا: «أدخل القبر زيدا» و «أدخلت القلنسوة رأسى»، وإنمّا جاز ذلك لزوال الّلبس، فلو قلت - على هذا - ضرب زيدا سوط، لم يجز، لأنّ سوطا» فى موضع مصدر تقديره ضربت زيدا ضربة بسوط، أو ضربة سوط، وقد جوّز بعضهم أن تقول فى: سمّيت أبا محمّد زيدا، وكنيت زيدا أبا محمد: سمّى أبو محمد زيدا، وكنى زيد أبا محمّد، فتنصب ما يحسن فيه حرف الجرّ، لأنك تقول: سمّيته بزيد، وكنيته بأبى محمّد. الخامس: المتعدّى إلى ثلاثة مفعولين، ولا يقام مقام الفاعل غير المفعول الأوّل؛ لأنّه قد كان - قبل نقل هذه الأفعال بالهمزة، أو التضعيف - فاعلا فتقول فى: أعلم الله زيدا عمرا عاقلا: أعلم زيد عمرا عاقلا.
السّادس: المتعدّى بغيره، ولا يخلو: أن يكون غير متعدّ فى الأصل، وقد تعدّى بغيره، أو يكون متعدّيا، وعدّى بغيره إلى غير ما هو متعدّ إليه. فالأوّل، يقام مقام الفاعل ما عدّى إليه، تقول فى، سرت بزيد، و: أذهبت زيدا، و: فرّحت زيدا: سير بزيد، وأذهب زيد، وفرّح زيد. فإن كان مع المجرور الظّرفان المتمكّنان - احتراز من: عند، ولدن وسحر - أو المصادر الموصوفة، جاز أن تقيم أيها شئت مقام الفاعل، وترفعه وتنصب الباقى، تقول: سير بزيد فرسخان يومين سيرا شديدا، و: سير بزيد فرسخين يومان سيرا شديدا، و: سير بزيد فرسخين يومين سير شديد، وفى التنزيل فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (¬1). ولا تقام الظّروف مقامه حتىّ تنقل عن باب الظّرفيّة إلى المفعول به، لتقدير" فى" فيها، ولا تقام المصادر مقامه حتّى توصف؛ لأنّه لا فائدة فيه غير موصوف، إلّا ما استفيد من الفعل، فإذا لم تنقل الظّرف، ولم تصف المصدر فالوجه النّصب، تقول: سير بزيد سيرا، وسير بزيد مكانا، أو يوما. وقد جوّزوا: سير بزيد سير، إذا أردت به ضربا واحدا من السير فكأنّه موصوف. ويجوز - إذا لم تقم المجرور مقام الفاعل - أن تحذف ما تقيمه مقام الفاعل، وتضمره، وهو إمّا مصدر، أو ظرف دلّ الفعل عليهما؛ إذ كان لا يخلو عنهما. فالمصدر، كقولك: سير بزيد فرسخا، كأنّك قلت: سير السّير بزيد فرسخا، فأضمرت السّير؛ لدلالة: «سير" عليه، كما قالوا:" من كذب كان ¬
شرّا له"، أى: كان الكذب شرا له، ومثله قوله تعالى: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ (¬1)، أى: ولا تحسبنّ بخل الذين يبخلون. وأمّا الظّرف، فأن تضمر فى المسألة ظرفا يدلّ" سير" عليه، نحو: الطريق، وما أشبهه؛ لأنّ السّير يكون فيه، فتقول: سير عليه فرسخا، كأنّك قلت سير عليه الطريق فرسخا. فأمّا الحال، والتّمييز، والمفعول له، ومعه، فلا يقام شئ منها مقام الفاعل، فإذا قلت: سير بزيد قائما، ونصبّب زيد عرقا، وجئتك ابتغاء معروفك، فلا تقيم" قائما" و" عرقا" و" ابتغاء معروفك" مقام الفاعل. وقد أجاز قوم (¬2) فى:" كان زيد قائما": كين قائم، قال ابن (¬3) السّرّاج: وهذا عندى لا يجوز، من قبل أن" كان" فعل غير حقيقىّ، وهو ناقص فلا يبنى لما لم يسمّ فاعله، كما لا يبنى من الأفعال التّى لا تتصرّف، لأنّ بناءها تصرّف فيها. وأمّا الثانى - وهو المتعدّى بنفسه وبغيره - فلا يقام مقام الفاعل إلّا (¬4) ما تعدّى إليه الفعل بنفسه، وهى الأقسام المقدّم ذكرها، نحو: حملت زيدا إلى عمرو، وأضربت زيدا عمرا، وأظننت زيدا عمرا عاقلا، وأعلمت زيدا عمرا خير النّاس. والأسباب المعدّية ترد فى باب المفعول به (¬5)، وهى عكس هذا الباب، لأنّ هذا هدم، وذاك بناء. ¬
الباب العاشر من القطب الأول: فى المفعولات
الباب العاشر من القطب الأوّل: فى المفعولات قبل أن نخوض فى ذكر المفعولات، فلنذكر جملة من المنصوبات الّتى المفعولات منها، وقد ذكر لها حدود رسميّة (¬1)، غير جامعة لأفرادها، ولا ناظمة لآحادها، وكان الأولى عدّها حيث تعذّر حدّها (¬2) ويجمعها قسمان أصل وفرع. فالأصل خمسة أنواع: مفعول مطلق، ومفعول به، ومفعول فيه، ومفعول له، ومفعول معه. والفرع سبعة أنواع: حال، وتمييز، واستثناء - ولها باب مفرد يلى (¬3) هذا الباب - وخبر كان وأخواتها، واسم إنّ واخواتها، واسم" لا" النافية، وخبر" ما" النّافية، وسترد فى باب (¬4) العوامل؛ فلنورد حينئذ المفعولات فى: مقدّمة وخمسة أنواع. المقدّمة: اعلم أنّ الموجودات/ جواهرها، وأعراضها، يصحّ أن تكون فاعلة ومفعولة، تقول: قام زيد، و: شرف العلم، و: رأيت زيدا، و: كرهت الجهل وقد ذكرنا من أحكام الفاعل فى بابه، وما يصحّ له، وما لا يصحّ له. والفاعل يكون له مفعولات، ولا يكون لمفعول واحد أكثر من فاعل واحد فإذا قيل لك - وقد ضربت زيدا -: ما صنعت؟ قلت: الضّرب، فإذا قيل لك: بمن أوقعته؟ قلت: بزيد، فإذا قيل (¬5): متى؟ وأين؟ قلت: يوم الجمعة فى السّوق، فإذا قيل: لم ضربته؟ قلت: ليتأدّب؛ فلذلك سمّى الأول مفعولا مطلقا؛ لأنّه على الحقيقة فعل محض؛ وذلك أنك إذا قلت: قمت قياما، فقد ¬
أخرجت القيام من العدم إلى الوجود؛ لأنّه غير مقيّد بشيء، كما فى المفعولات وسمّى الثّانى مفعولا به؛ لأنّ الفعل به وقع. وسمّى الثّالث مفعولا فيه؛ لأنّ الزّمان والمكان محلّان للأفعال، لا بدّ لها منهما. وسمّى الرّابع مفعولا له؛ لأنّه عذر الفعل وسبه. ولمّا جاز أن يصاحب الإنسان فى فعله غيره، وليس من ضرورته. قيل: مفعول معه. وقد زاد السّيرافّى (¬1) مفعولا منه، واستدلّ بقوله: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا (¬2)، أى من قومه، والعلماء على خلافه. وهذه الأنواع الخمسة منصوبة أبدا، ما دامت على بابها، لفظا، أو موضعا؛ وإنّما نصبت للفرق بينها وبين الفاعل، ولمناسبة بين كثرتها وخفّة النّصب، وهى تتفاضل فى دلالة الفعل عليها؛ فأقواها دلالته على المصدر، لأنه من لفظه، وينوب عنه فى قولك: ضربا زيدا، وتعمل عمله، ثمّ ظرف الزّمان لأنّه لأجله، وضع، ولولا الزّمن المختصّ لم يحتج إلى صيغة الفعل، ثمّ ظرف المكان، لافتقاره إليه فى الوجود، ثمّ المفعول له؛ لصدوره عن الغرض الباعث على فعله، ثم المفعول معه؛ لعدم الاضطرار إليه. وأمّا المفعول به فإنّه وإن نقص عن مرتبة المصدر، فإنّه بمنزلة الفاعل فى حاجة الفعل إليه؛ ولهذا/ يقوم مقام الفاعل، وإنّما أخّر عن المصدر؛ لأنّ فى ¬
النوع الأول. فى المفعول المطلق
الأفعال ما لا يتعدّى إلى مفعول، وكلّها تتعدّى إلى المصدر؛ فلذلك قدّم عليه. النّوع الأوّل. فى المفعول المطلق ، وهو المصدر، وفيه أربعة فصول. الفصل الأوّل: فى تعريفه، وأقسامه وحدّه: كلّ اسم دلّ على حدث وضعا، وزمان مجهول ضمنا، وهو وفعله من لفظ واحد غالبا، ألا ترى أنّ لفظ الضّرب يدلّ على الحدث بالوضع، وعلى الزّمن المجهول بالتّضمّن؛ لأنه لا حدث إلّا فى زمان، وقولنا غالبا؛ احتراز ممّا لا فعل له، وممّا جاء من معنى الفعل، كما سيأتى بيانه (¬1). وسيبويه (¬2) يسمّى هذا الباب: الحدث، والحدثان، والمعانى، وربّما سمّاه الفعل، لا باعتبار الأفعال النّحويّة. وله انقسام باعتبارين. الأعتبار الأوّل: ينقسم إلى: مبهم، ومختصّ، ويسمّون المختصّ مؤقّتا. فالمبهم نحو: ضربت ضربا، وقعدت قعودا، لأنك لا تريد نوعا من الضّرب والقعود بعينه. والمختصّ كقولك: ضربت ضربة، تريد مرّة، وقمت القيام الّذى تعلم، فليس هذا كالأوّل فى الشّياع؛ لأنّه يدلّ على شئ محدود محصور بالعدد والتّعريف؛ فالمبهم لا يتضمّن فائدة تزيد على إفادة الفعل، وإنّما هو تأكيد له ليس غير، والمختصّ يتضمّن زيادة ليست فى الفعل، وهى: الإختصاص بالمرّة والتعريف. وحقيقة التّوقيت: التّحديد، وهو مجاز فى وصف المصدر به؛ لأنّه من أوصاف الزّمان. ومن العلماء من يجعل المختصّ مطلقا على المرّة الواحدة، ومنهم من ¬
يطلقه على التعريف، ومنهم من يطلقه عليهما، وهو الصّحيح. والمبهم لا يكون إلا نكرة، نحو: ضربت ضربا، والمختصّ، يكون نكرة ومعرفة، فالنكرة نحو: ضربت/ ضربة، وضربتين، وثلاثا، والمعرفة نحو: ضربت الضّرب، والضّربة، واللّام فيه للعهد والجنس. الاعتبار الثّانى: ينقسم إلى، ما هو من لفظ الفعل، وإلى ما ليس من لفظه. فالأوّل على ضربين (¬1): أحدهما: أن يكون جاريا على الفعل، وهو بمعناه نحو: ضربت ضربا، وأكرمت إكراما، والآخر: أن يكون بمعناه، وليس جاريا عليه، كقوله تعالى: وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (¬2)، وقوله: وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (¬3)، فهذا من لفظ الفعل وبمعناه، ولكنّه غير جار عليه؛ فإنّ مصدر" أنبت" و" تبّتل" الإنبات، والتّبتّل. والثّانى - الّذى ليس من لفظ الفعل - على ضربين. أحدهما: أن يكون جاريا عليه وهو بمعناه، نحو:" قعدت جلوسا" وحبست منعا، وبسمت (¬4) وميض البرق،" والآخر: أسماء وضعت موضع المصدر، وليست مصادر نحو قولك: ضربته أنواعا من الضّرب، وأىّ ضرب، ورجع القهقرى (¬5) " و" سار الجمزى"، و" قعد القرفصاء (¬6) "، و" اشتمل (¬7) الصّمّاء"، لأنها أنواع من الضّرب، والرّجوع، والسّير، والقعود، ¬
الفصل الثانى: فى دواعيه
والأشتمال (¬1) ومنه اسم الفاعل فى قولك: قمت قائما، ومنه:" ضربته سوطا"؛ لأن الأصل ضربته بسوط أو ضربة سوط، فنزّل منزلته؛ إيجازا ومبالغة. الفصل الثانى: فى دواعيه الأسباب الموجبة لوجود المصدر ثلاثة: تأكيد الفعل، وتبيين النّوع وعدد المرّات. أمّا تأكيد الفعل فهو فيه عوض من تكرار الفعل فى قولك: ضربت ضربت، فقالوا: ضربت ضربا، والألفاظ المؤكّدة قد وردت كثيرا فى العربيّة فمنها قوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا (¬2)، والإسراء لا يكون إلّا ليلا، وقوله وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً (¬3)، وقوله: ارْجِعُوا وَراءَكُمْ (¬4)، وقوله: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ (¬5)، وأمثال هذا، وانفرد الأخفش بمسألة لا يجيزها غيره، وهى: ضربت زيدا (¬6) أن ضربت،/ ويقول: هو فى تقدير المصدر، وقال الزّجّاج (¬7): قول النّاس:" لعنه الله أن يلعنه" ليس من كلام العرب، وردّ على الأخفش. وأمّا تبيين النّوع: فإنّ الفعل تحته أنواع ليس أحدها أولى به من الآخر؛ من القلّة والكثرة، والشّدّة والضّعف، بدليل قوله تعالى: لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (¬8)، وقوله: وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً ¬
جَمِيلًا (¬1)، فلمّا كان كذلك جئ بالمصدر، ليخصّص الفعل بما هو عليه من الوصف؛ فتقول: ضربت ضربا شديدا، وقمت قياما حسنا، وجلست جلوسا طويلا، ومن هذا النّوع:" قعد القرفصاء (¬2) "، وأمثاله. وأمّا عدد المرّات: فلاحتماله قليلها وكثيرها، وليس فى لفظه ما يدلّ على شئ منها، فبيّن بذكر العدد المقصود منه، تقول: ضربة، وضربتين، وثلاث ضربات. وأجاز سيبويه (¬3) فى: ضربته ضربتين، أن تنصب على الظّرف، أى: قدر ضربتين، كما تقول:" انتظرته نحر جزورين"، فإذا قلت: ضربت زيدا ضربا شديدا ضربتين، كان" ضربتين" بدلا من الأوّل، ولا يكونان مصدرين، لأنّ الفعل الواحد لا ينصب مصدرين، فأمّا قوله (¬4): ووطئتنا وطأ على حنق … وطء المقيّد نابت الهرم فلا يكون الثانى فيه بدلا من الأوّل؛ لأنّه غيره، ولكنّه بمعنى: مثل وطء المقيّد، أو على إضمار فعل. ¬
الفصل الثالث: فى عوامله
الفصل الثالث: فى عوامله وهى لا تخلو: أن تكون ظاهرة أو مضمرة. أمّا الظّاهرة، فمنها: ما يعمل بنفسه، ومنها ما يدل على عامل مثله وقد تقدّم تقسيم المصدر إلى أربعة أقسام: الأوّل: أن يكون من لفظ فعله، جاريا عليه، بمعناه، وهذا عامله فعله نحو: ضربت ضربا. الثانى: أن يكون من لفظه، وبمعناه، ولكنّه غير جار عليه، وهذا عامله فعله عند الأكثر (¬1)، ومنهم من (¬2) يقول: إن عامله فعل دلّ الظاهر عليه كقوله تعالى: وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (¬3). الثّالث: أن يكون من غير لفظه، لكنّه جار عليه، وبمعناه، نحو: قعدت جلوسا" وبسمت (¬4) وميض البرق" فالمازنىّ (¬5) يعمل فيه الظاهر، وسيبويه (¬6) يعمل فيه فعلا دلّ عليه الظاهر، تقديره: بسمت (4) فومضت وميض البرق. الرّابع: وهو الأسماء الموضوعة موضع المصدر، نحو،" رجع القهقرى" و" قعد القرفصاء"، وهذا النّوع وما أشبهه منصوب بفعله الظّاهر، وهو مذهب ¬
سيبويه (¬1)، وقال المبرّد (¬2): إنّه منصوب على أنّه صفة" محذوف"، تقديره: قعد القعدة القرفصاء، ورجع الرّجوع القهقرى. وأمّا المضمرة: فأربعة أقسام: القسم الأوّل: مضمر يجوز إظهارة، كقولك للقادم من سفره:" خير مقدم"، ولمن يمطل بوعده:" مواعيد عرقوب (¬3) "، وللغضبان:" غضب الخيل (¬4) على اللّجم". القسم الثّانى: مضمر لا يجوز إظهاره، وهو كثير فى كلامهم، ويرد على أنواع: الأوّل: أن يكون دعاء، كقولك:" سقيا ورعيا" و" بعدا وسحقا". ¬
الثّانى: أن يكون غير دعاء، كقولك:" حمدا وشكرا لا كفرا (وعجبا") (¬1) وأفعل ذلك حبّا وكرامة"، و" لا أفعل ذاك ولا كيدا وهمّا". الثالث: أن يكون إخبارا، كقولهم:" ما أنت إلّا سيرا سيرا"، و" ما أنت إلّا سير البريد" و" ما أنت إلّا شرب الإبل"، و" إلّا الضّرب الضّرب،" ومنه قوله تعالى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً (¬2). الرّابع: أن يكون استفهاما، كقولك:" أقياما والناس قعود"؟ و" أقعودا والناس يغزون؟ " ومنه قوله:" أغدّة كغدّة البعير (¬3)؟ " و: أطربا وأنت قنّسرىّ (¬4)؟! وقد يستعمل مثل هذا فى الخبر، كقولك:" سيرا سيرا"، عنيت نفسك أو غيرك. الخامس: أن يكون توكيدا لنفسه، ولما قبله، فالأوّل كقولك:" له علىّ ¬
ألف درهم عرفا ووزنا"، والثانى كقولك:" هذا عبد الله (¬1) حقّا"، و" هذا القول لا قولك (¬2)، ومنه قوله تعالى: صُنْعَ اللَّهِ (¬3) ووَعَدَ اللَّهُ * (¬4) وكِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ (¬5)، وقولهم" الله أكبر دعوة (¬6) الحقّ"، و" أجدّك لا تفعل كذا (¬7) "؟ السّادس: أن يكون ممّا لا يتصرّف، نحو:" سبحان الله، وريحانه (¬8) " ¬
و" معاذ الله"، و" عمرك (¬1) الله إلا فعلت"، ومنه قولهم:" غفرانك لا كفرانك". السّابع: أن يكون مثنّى، كقولهم:" لبّيك وسعديك"، و" حنانيك"، كأنّه قال: تحنّنا بعد تحنّن. الثامن: أن يكون على التّشبيه، كقولك:" مررت فإذا له صوت صوت حمار"، و" إذا له صراخ صراخ ثكلى"، و": إذا له دقّ دقّك بالمنحاز حبّ القلقل (¬2) ". وهذا باب ما أوسعه فى العربيّة! وكلّ هذه مصادر منصوبة بأفعال متروكة الإظهار، كأنّه قال: سقا لك الله، ورعاك، وألزمك، ونحو ذلك من الأفعال الدّالّة عليها ألفاظ المصادر المذكورة. ¬
ويجوز فى كثير من هذه الأمثلة الرّفع على الابتداء، وما بعده خبره، كقوله (¬1): أقام وأقوى ذات يوم وخيبة … لأوّل من يلقى وشرّ ميسّر والنّصب أكثر وأجود. القسم الثالث: مصادر لا أفعال لها، نصبت بأفعال مقّدرة لم ينطق بها وهى أنواع. الأوّل: الدّعاء كقولهم:" دفرا (¬2) "، و" بهرا (¬3) " و" أفة" (¬4)، و" تفّة" (¬5) كأنّه قال: بهرك الله، وإن لم يتكلّم به (¬6). الثّانى: أن يكون مضافا، كقولهم: ويحك، ويلك، وويسك، وويبك، ¬
ولا يتكلّم بهذه الأربعة (¬1) مفردة، ومنه قولهم فى القسم:" قعدك الله" بمنزلة:" عمرك الله"، إلّا أنّ" عمرك" له فعل، و" قعدك (¬2) " لا فعل له. القسم الرّابع: أسماء غير مصادر، نصبت نصب المصادر، وهى نوعان أحدهما: مأخوذ من الفعل، كقولهم:" هنيئا مريئا"، و" أقائما وقد قعد النّاس؟ "، و" قاعدا - علم الله - وقد سار الرّكب"، مستفهما ومخبرا. والآخر: أن يكون غير مأخوذ من الفعل، كقولك:" تربا وجندلا"، و:" فاها لفيك"، يريدون: فالداهية. وبعض العرب يرفع هذا، كقوله (¬3): لقد ألّب الواشون ألبا لبينهم … فترب لأفواه الوشاة وجندل وجميع هذا الباب إنّما يعرف بالسّماع، ولا يقاس عليه. وقد جاءت ألفاظ منصوبة يلتبس المصدر فيها بالحال وغيرها؛ قالوا:" مررت بهم جميعا"، وكلا، وعامّة، وقاطبة، وطرّا، و" مررت به وحده" فسيبويه (¬4) ينصب" قاطبة" و" طرّا" على المصدر، والباقى على الحال، وهو ¬
الفصل الرابع: فى أحكامه
مذهب الخليل (¬1)، وأمّا" وحده"؛ فمنهم من (¬2) نصبها على الظّرف، ومنهم على الحال (¬3)، ومنهم على المصدر (¬4). الفصل الرابع: فى أحكامه الأوّل: إذا اذكر المصدر مع فعله فضلة، ولم يكن واقعا فى محلّ البيان والاعتماد، فهو منصوب. فإن لم يكن فضلة، ووقع فى محلّ البيان والاعتماد رفع، كقولك: الضّرب مؤلم، ويعجبنى ضرب زيد، وسير بزيد سير شديد، ويستوى فيه المبهم والمختصّ، والمعرفة والنكرة، كما سبق، إلا أنّ المعرفة تنقسم قسمين: أحدهما: تعريف العهد، نحو: ضربت الضرب الذى تعهد، وهذا يبطل الإبهام؛ لقصره على نوع بعينه. والثّانى: تعريف الجنس، كقولك: كثر الضّرب والقتل، فهذا ينتصب على المصدر غالبا، إذا وصف، تقول: ضرب الضّرب الشّديد، و: قتل القتل الذّريع، فإن لم يوصف فالأحسن أن ينكّر؛ فيقال: ضرب ضربا، وقتل قتلا؛ لأنّ الفعل تدلّ صيغته على الحدث، والمصدر المبهم إذا انتصب به كان تأكيدا له، بمنزله تكريره، كما سبق، فإذا لم يفد تعريفه زيادة على إفادة الفعل ¬
فلا حاجة إلى تعريفه، فإن أردت بقولك: ضربت الضّرب، ما يستحقّ أن يسمّى ضربا على الحقيقة، جاز وحسن؛ من حيث إنّه أشبه الموصوف. فإن كان المصدر مؤقّتا، عمل فيه الفعل وهو معرّف تعريف الجنس، تقول: قد تضرب الضّربة فتغنى عنّا الضّربات الكثيرة؛ لأنّ الفعل لا يدلّ على المؤقّت؛ فلا يكون فى حكم التّكرير. الحكم الثّانى: إذا أضفت إلى المصدر ما هو وصف له فى المعنى، تنزّل منزلته، تقول ضربته ضرب زيد عمرا، تقديره: ضربته ضربا مثل ضرب زيد عمرا، فحذفت المضاف وأقمت المضاف إليه مقامه، ولولا هذا المحذوف لكان الكلام محالا؛ لأنّه ينبئ أنّك أحدثت ضرب زيد، ومثله: ضربته كما ضرب زيد عمرا، أى: ضربا كما ضرب، ومنه قول الرّاجز (¬1): حتّى إذا اصطفوّا لنا جدارا وقول الآخر (¬2): ولم يضع ما بيننا لحم الوضم أى: اصطفا فامثل اصطفاف جدار، و: إضاعة مثل إضاعة لحم الوضم. وتقول: سرت أشدّ السّير، وصمت أحسن الصّيام، فتنصب" أشدّ" ¬
و" أحسن" نصب المصادر، و" أفعل" إنما يضاف إلى ما هو بعضه فيجب أن يكون التّقدير: سرت أشدّ السّير سيرا، وصمت أحسن الصّيام صياما؛ ليصحّ الكلام، ويجوز أن تنصبه على أنّه صفة مصدر محذوف، تقديره: صمت صياما أحسن الصّيام، ولا اعتبار بإضافة" أحسن" إلى المعرفة؛ فإنّها إضافة غير حقيقيّة. الحكم الثالث: المصدر يتقدم على فعله إذا كان متصرّفا، تقول: ضربا ضربت، والضرب الشّديد ضربت، والصّمّاء اشتملت؛ وإنّما جاز ذلك لأنّه مفعول، والمفعول لا يلزم مرتبة، وبعضهم (¬1) يجيز تقدّمه على الجملة، نحو: حقّا هذا زيد، ومنهم من لا يجيزه (¬2)، وأجاز الزّجّاج (¬3): زيد حقّا أبوك؛ حملا على قول الأحوص (¬4): إنّى لأمنحك الصدود وإنّنى … قسما إليك مع الصّدود لأميل الحكم الرّابع: المصدر لا يثنىّ ولا يجمع؛ لأنه جنس، والجنس لا حصر له، إلا إذا اختلفت أنواعه جاز تثنيته وجمعه، مبهما ومؤقّتا. أمّا المؤقّت - وهو المختصّ - فتقول فيه: ضربت ضربتين، وضربات، إلّا أنّ الجمع أنقص توقيتا من المفرد والمثنّى؛ لأن/" ضربات" يصلح لعقود ¬
النوع الثانى: فى المفعول به،
القلّة كلّها، ولكنّه لا يخرج عن حدّ التّوقيت؛ من حيث دلالته على عدد، بخلاف قولك: ضربت ضربا؛ فإنّه لا يدلّ على عدد، فإن قلت: ضربت ثلاث ضربات، كان مثل ضربة وضربتين فى كمال التوقيت، إلا أنّ الفعل فيه واقع على ما هو مصدر من جهة المعنى؛ لأنّ العدد عبارة عن المعدود، وليس باسم له. وأمّا المبهم: فلا يجوز جمعه؛ فلا تقول: قتلت قتولا، ولا: ضربت ضروبا، إلّا على إرادة تفريق الجنس، واختلاف أنواعه، كقوله تعالى: وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (¬1)، وكقوله: أَضْغاثُ أَحْلامٍ (¬2)، وكقول الشّاعر (¬3): هل من حلوم لأقوام فتنذرهم … ما جرّب الدّهر من عضّى وتضريسى وكقولك: فلان ينظر فى علوم كثيرة، وهذا النّوع لم يّطرد، فلم يقولوا: السّلوب، والنّهوب، وإنّما يكون ذلك - غالبا - فيما ينجذب إلى الاسميّة، نحو: العلم والحلم والظّنّ، وأشباه ذلك. فإن قصدت بالمبهم الحدث، فالأكثر الأعرف أن يقال: ضروبا من القتل، وضروبا من العلم. وأمّا التثّنية فأصلح قليلا من الجمع، تقول: قمت قيامين وقعدت قعودين، والأحسن فيهما أن يقال: قمت نوعين من القيام، وقعدت نوعين من القعود. النّوع الثانى: فى المفعول به، وفيه فصلان: ¬
الفصل الأول: فى تعريفه
الفصل الأوّل: فى تعريفه وهو: من وقع به الفعل، وتتّصل به الباء مع الفعل فى جواب السّائل، تقول: ضربت زيدا، فيقال: بمن أوقعت الضّرب؟ فتقول: بزيد، ويقع به الفرق بين اللازم من الأفعال والمتعدى. وهو منصوب بفعله عند سيبويه (¬1)، إذا ذكر الفاعل، نحو: ضرب زيد عمرا، والمفعول/ الثاني عند البصريين منصوب (¬2)، ويجوز تقديمه على الفاعل، وعلى الفعل إذا كان متصرّفا تقول: ضرب زيد عمرا، وضرب عمرا زيدّ، وعمرا ضرب زيد، وعليه قوله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (¬3)، وقوله تعالى: وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى * (¬4). فإن قدّمت الفاعل، والمفعول معا على الفعل، وشغلت الفعل (¬5) بضمير المفعول، فالأولى أن تقدّم المفعول على الفاعل، ليكون الفعل حديثا عن الفاعل وهو والفعل حديثا عن المفعول، تقول: فى ضرب زيد عمرا: عمرو زيد ضربه، ضربه (¬6) " خبر عن" زيد"، و" زيد" والفعل خبر عن" عمرو"؛ ولهذا كان النّصب فى قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ" خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (¬7) أحسن من الرّفع (¬8)، حيث لم يتقدّم المفعول فى أوّل الكلام. ¬
الفصل الثانى: فى عوامله
وقد حذفوا المفعول من الكلام كثيرا؛ لأنّه فضلة؛ وللعلم به، وهو - فى حذفه - على ضربين: الأوّل: أن يحذف لفظا، ويراد معنى وتقديرا، كقوله تعالى: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ (¬1)، وقوله: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ * (¬2)، وقوله: وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ (¬3) فيمن (¬4) قرأبه. الثّانى: أن يحذف لفظا، ويجعل - بعد الحذف - منسيا حتّى كأنّ فعله من الأفعال غير المتعدّية، كما ينسى الفاعل عند بناء الفعل لما لم يسمّ فاعله وذلك كقولهم: فلان يعطى ويمنع، وبصل ويقطع، ويأمر وينهى، ومنه قوله تعالى: وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي (¬5)، وسواء كان مفعولا واحدا أو اثنين أو ثلاثة، فلك حذفها إذا شئت، وكان غرضك إعلام المخاطب بصدور هذه الأشياء منك لا غير، تقول: ضربت وأعطيت وظننت وأعلمت، فلا تذكر مع واحد منها مفعولا. الفصل الثانى: فى عوامله وهى على ضربين: أحدهما: مظهر، والآخر، مضمر. أمّا المظهر: فنوعان: نوع متعدّ بنفسه، ونوع متعدّ بغيره: فالمتعدّى بنفسه على ثلاثة أضرب: الأوّل: يتعدّى إلى مفعول واحد، نحو: ضربت/ زيدا. والثّانى: يتعدّى إلى مفعولين، وهو - صنفان: أحدهما يجوز الاقتصار على (6) أحد مفعوليه، نحو -: كسوت زيدا ثوبا، والآخر ¬
لا يجوز فيه الاقتصار على أحد مفعوليه (¬1)، نحو: ظننت زيدا قائما. والثّالث: يتعدّى إلى ثلاثة مفعولين، نحو: نبّأت زيدا عمرا عاقلا. والمتعدّى بغيره: ما عدّاه إلى المفعول به قرينة (¬2) نحو: مررت بزيد، وأقمت عمرا، وشرّفت بكرا، وأعطيت زيدا درهما، وأغريت زيدا بعمرو، وأظننت زيدا عمرا عاقلا، فى قول (¬3). ويلحق بالعوامل الظّاهرة: اسم الفاعل، والمفعول، والمصدر، والصّفة واسم الفعل. وهذه العوامل الظاهرة (¬4) لا يجوز إضمارها؛ لعدم الفائدة بما يبقى؛ فلا تقول: زيدا، وأنت تريد: ضربت زيدا، ولا: زيدا قائما، وأنت تريد: ظننت زيدا قائما، وسيجئ شرح هذه العوامل مستقضى فى باب العوامل (¬5). وأمّا العامل المضمر: فينقسم قسمين: أحدهما يستعمل إظهاره والثّانى يلزم إضماره، وذلك إذا كان فى الكلام ما يدلّ عليه من قرائن الأحوال أو فحوى الكلام. فالقسم الأوّل على ضربين: الأوّل: أن يكون فيه معنى الأمر، والنّهى، وله أمثلة، كقولك: الأسد والجدار، والصّبيّ، أى: احذر، وأخاك، أى: الزمه، والطريق، أى: خلّه، فإذا كرّر هذا فقيل: الأسد الأسد، لزم إضماره، وكان من القسم الثانى، وكقولك لمن رأيته يضرب، أو يشتم: زيدا، وعمرا، أى: اضرب، واشتم، أو رأيت رجلا يحدّث حديثا فقطعه فقلت: حديثك، ولمن صدرت عنه أفعال ¬
البخلاء: أكلّ هذا بخلا؟ ومن كلامهم:" اللهمّ ضبعا (¬1) وذئبا"، إذا كان يدعو بذلك على غنم، أى: اللهمّ اجمع فيها ضبعا وذئبا، ومن أمثالهم:" الكلاب على البقر (¬2) " أى خلّ الكلاب. الضّرب الثانى: ما عرى من الأمر والنّهى، وهو نوعان: الأوّل: أن يكون/ معه حرف، وله أمثلة: منها قولهم:" الناس مجزبّون بأعمالهم إن خيرا فخير. وإن شرّا فشرّ"، و" المرء مقتول بما قتل به إن خنجرا فخنجر وإن سيفا فسيف"، تقديره: إن كان خيرا، وإن كان خنجرا، ومن العرب من ينصب الجواب على: جزى خيرا، والرّفع أكثر وأحسن، وقد رفع الأوّل، فقالوا: إن خير فخير، تقديره: إن وقع خير فالّذى يجزون به خير. فأمّا قولهم:" مررت برجل إن طويلا وإن قصيرا"، فلا يكون فيه إلّا النّصب، ومنها قولهم:" مررت برجل صالح إلا صالحا (¬3) فطالح"، ومن العرب من ينصّب الجواب لما سبق، ومنها قولهم:" هلّا خيرا من ذلك" و" ألّا خيرا من ذلك"، أى هلّا تفعل، ويجوز رفعه، ومنها قولهم:" ألا طعام (¬4) ولو تمرا" و" ائتنى بدابّة (4) ولو حمارا" أى: ولو كان. واعلم أنّه ليس كلّ حرف يظهر بعده الفعل يحذف فيه الفعل؛ ولكنّك تضمر بعد ما أضمرت فيه العرب من الحروف والمواضع، وتظهر ما أظهروا. النّوع الثانى: أن لا يكون معه حرف، وذلك إذا رأيت متوجّها وجهة الحاجّ، قاصدا فى هيئتهم قلت:" مكّة وربّ الكعبة" أى: يقصد، وكقولك للمستهلّين - إذا كبّروا -:" الهلال والله" أى: أبصروا ولمن سدّد سهما قبل ¬
القرطاس:" القرطاس والله"، أى: يصيب، ولمن رأى رؤيا:" خيرا وما سرّ"، وخيرا لنا وشرّا لعدوّنا"، أى رأى، ولمن تذكّر رجلا:" أهل ذاك، وأهله"، أى: ذكرت ومنه قوله تعالى: بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (¬1)، أى: يتّبع، وقولهم: " كاليوم رجلا"، أى: لم أر، ومنه النّصب بإضمار" أعنى" إذا لم يتضمّن مدحا ولاذما، ولا ترحّما، كقولك: مررت بالرّجل الكريم زيدا، وعليه قوله (¬2): وما غرّنى حوز الرّزامىّ محصنا … عواشيها بالجوّ وهو خصيب و" محصن" اسم الرزامىّ. القسم الثّانى: ما يلزم إضماره، وهو على ضربين: الأوّل: ما فيه أمر ونهى، وله أمثلة، منها قولهم:" الأسد الأسد" و" الجدار الجدار"، أى: احذر، و" أخاك أخاك"، أى: الزم، و" الطريق الطريق" أى خلّه، و" الصّبىّ الصّبىّ"، أى: لا تطأه، ومنها قولهم: إيّاك، أى: إيّاك نحّ، أو باعد، ونفسك، أى: اّتقها واحذرها، ومنها:" إيّاك (3) والأسد"، و" إيّاى والشّرّ"، أى: نحّ الشّرّ عنّى، و" ورأسك والحائط"، أى: خلّ، أودع، و" شأنك والحجّ"، أى: عليك، و" امرأ ونفسه" أى: دعه، و" أهلك (¬3) والليل"، أى: بادر. ¬
و" كلّ هذا ولاشتيمة (1) حرّ" أى: ائت كلّ هذا ولا ترتكب شتيمة حرّ، و" كليهما (¬1) وتمرا"، أى: أعطنى. والواو فى الأمثلة لا تحذف إلّا إذا طال الكلام، كقولهم:" إيّاك أن تفعل" على تقدير: مخافة أن تفعل. فأمّا إيّاك (¬2) الفعل، فلا يحسن إلّا فى الشّعر كقوله: (¬3) فإيّاك إياك المراء فإنّه … إلى الشّرّ دعّاء وللشّرّ جالب ومنها قولهم:" وراءك أوسع لك"، أى: تأخّر وراءك يكن أوسع لك، ومثله قولهم:" حسبك (¬4) خيرا لك"، وقولهم:" انته أمرا قاصدا"، أي: انته، وائت أمرا قاصدا، قال سيبويه (¬5): إلّا أنّ هذا يجوز لك فيه إظهار الفعل، وإنّما ذكرته؛ لأمثّل لك الأوّل به؛ لأنّه قد كثر فى كلامهم حتّى صار بمنزلة المثل؛ لأنّه لّما قال: انته، علم أنّه محمول على أمر يخالف النّهى، ومثله قوله تعالى: انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ (¬6)، أى: وائتوا أمرا خيرا لكم، والكسائىّ (¬7) يقول: ¬
تقديره: يكن خيرا لكم، والفرّاء (¬1) يقدّره: انتهاء خيرا لكم، أى: لاوائتوا أمرا خيرا لكم. وأمّا الثانى: - وهو ما عرى من الأمر والنّهى - فله أمثلة، منها" مرحبا وأهلا وسهلا"، أى: وجدت وأصبت، و" إن تأتنى فأهل اللّيل وأهل النّهار"، أى: تأتى أهلا لك باللّيل والنّهار. ومنها قولهم:" من أنت زيدا؟ أى: تذكر زيدا، وذاكرا زيدا، ولا يكون إلّا جوابّا، كأنّه لمّا قال: أنا زيد، قال: فمن أنت ذاكرا زيدا، ويجوز رفعه، وهو قليل. ومنها قولهم:" ما أنت وزيدا؟ " و" مالك وزيدا؟ " و" ما شأنك (¬2) وزيدا"؟ وهذا من باب المفعول معه. ومنها قولهم:" زيد من الأسد ذراعا" و" من البدر وجها"، على التّشبيه. ومنها النّداء المنصوب نحو: يا عبد الله؛ لأنّك إنّما أردت: أدعو عبد الله، فحذفت الفعل؛ لكثرة الاستعمال، وصار" يا" بدلا عنه، وللّنداء باب (¬3) يرد فيه. ومنها النّصب على المدح، والذّمّ، والتّرحّم. أمّا المدح: فكقوله تعالى: وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ (4) بعد قوله: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا (¬4)، و" سبحانك الله العظيم"، و¬
" الحمد لله الحميد"، و" الملك لله أهل الملك"، وكقول الشاعر (¬1): إنّا بنى نهشل لا ندّعى لأب وقوله (¬2): النّازلين بكلّ معترك … والطّيّبون معاقد الأزر وكقوله (¬3): بنا تميما يكشف الضّباب وأمّا الذّمّ: فكقوله تعالى: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (¬4) فيمن نصبه (¬5) ¬
وكقولهم:" مررت به الفاسق الخبيث"، وكقوله (¬1): سقونى الخمر ثم تكنّفونى … عداة الله من كذب وزور وأمّا الترّحّم: فكقوله:" مررت به المسكين البائس"، وعليه قول الشاعر (¬2): لنا يوم وللكروان يوم … تطير البائسات ولا نطير ولا يقع هذا النّصب إلّا معرفة، وقد جاء فى الشّعر نكرة، قال (¬3): ويأوى إلى نسوة عطّل … وشعثا مراضيع مثل السّعالى وليس كلّ موضع يجوز فيه التعظيم، ولا كلّ صفة يحسن أن يعظّم بها، فلا يعظّم إلا العظيم النّبيه عند النّاس، المعروف لديهم بالصّفة الّتى تكون فى ¬
نفسها عظيمة، ولا كلّ ما كان تعظيما لله تعالى كان تعظيما لغيره، فلو قلت: الحمد لزيد، تريد: التعظيم لم يجز، وإن كان عظيما، وكذلك الذّمّ، والتّرحّم. والفعل المضمر فى هذا النوع هو" أعنى"، ومنهم من (¬1) يضمر لكلّ معنى فعله. ومن هذا النوع الثّانى: المنصوب بالمضمر على شريطة التفسير، نحو قولك: زيدا ضربته، وعمرا مررت به، كأنّك قلت: ضربت زيدا ضربته، إلا أنّك لا تبرزه، ويجوز رفعه، فتقول: زيد ضربته، قال سيبويه: النّصب عربّى كثير، والرّفع أجود (¬2)، وقد تقدّم هذا فى باب خبر المبتدأ (¬3)، ونزيده ها هنا بيانا فنقول: النّصب فى هذا الباب، منه جائز، ومنه لازم. والجائز، منه مختار، وغير مختار: أمّا غير المختار: فهو ما ذكرنا من الأمثلة والبيان فى باب خبر المبتدأ نحو: زيدا ضربته، فلم نعده ها هنا. وأمّا المختار: فله موضعان. الأوّل: أن تقع الجملة موقعا هو بالفعل أولى، وذلك: أن يقع بعد حرف الاستفهام، أو الأمر، أو النّهى، أو النفى، أو الدعاء، أو بعد" إذا" و" حيث" وأمّا"، ونحو ذلك. أمّا الاستفهام: فكقولك: أزيدا ضربته؟ والسّوط ضرب به زيد؟ وآلخوان أكل عليه اللّحم؟ وأزيدا أنت محبوس عليه؟ وأزيدا سمّيت به؟ وأزيدا ضربت عمرا وأخاه؟ وأزيدا ضربت رجلا يحبّه؟، لأنّ الآخر ملتبس (¬4) بالأوّل، بالعطف، وبالصّفة. ¬
وأمّا الأمر والنهيّى فكقولك: زيدا اضربه وعمرا أكرم أباه، وبكرا لا تشتمه، وزيدا لا يضربه عمرو، وخالدا ليقتل أباه عمرو. وأمّا الدّعاء: فكقولك: اللهمّ زيدا فاغفر له ذنبه، وعمرا أحسن/ الله إليه، وبكرا لا غفر الله له. وأمّا النّفى: فقولك: ما زيدا ضربته، ومنه قول جرير (¬1): فلا حسبا فخرت به لتيم … ولا جدّا إذا ازدحم الجدود وأمّا" إذا" و" حيث"، فكقولك: إذا عبد الله رأيته فأكرمه، وحيث زيدا تجده فأحسن إليه، ومثله قوله: إذا ابن أبى موسى بلالا بلغته (¬2) وقد أجاز سيبويه (¬3) رفع ما بعد" إذا" و" حيث" بالابتداء، والمذهب الأوّل (¬4)، وقد ذكرناه فى باب المبتدأ (¬5). وأمّا" أمّا" فتقول:" أمّا زيدا فجدعا له"، و" أمّا عمرا فسقيا له ورعيا". فأمّا الموضع الثانى من المختار: فأن تعطف الجملة على جملة فعليّة كقولك: رأيت زيدا وعمرا أكرمته، ولقيت القوم حتى عمرا لقيته؛ لأنّه لا يعطف ¬
اسم على فعل؛ فإنّك لو رفعت كنت قد عطفت جملة من مبتدأ وخبر هى: عمرو أكرمته، على جملة من فعل وفاعل، هى: رأيت زيدا، ومع النّصب تكون قد عطفت جملة من فعل وفاعل ومفعول هى: أكرمت زيدا أكرمته، على جملة من فعل وفاعل هى: رأيت زيدا؛ فهو أحسن للتّشاكل، ومنه قوله تعالى: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (¬1)، وقوله: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (¬2) بعد قوله: وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (¬3)، وقوله: فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ (¬4)؛ وإنّما جاز الرّفع - وإن تخالفت الجملتان - لأن كلّا منهما قد وقع خبرا عن المبتدأ، فحصل التّشاكل من هذا الوجه. فإن كان المعطوف عليه جملة اسميّة، والمعطوف كذلك فالاختيار الرّفع؛ طلبا للمشاكلة، تقول: زيد ضربته وعمر وكلّمته، فإن حملت الجملة المعطوفة على الجملة الصّغيرة من الجملة الأولى، فالاختيار النّصب عند سيبويه؛ (¬5) للقرب/ من الجملة الفعليّة الّتى هى ضربته" ومنه قوله تعالى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ (¬6)، فالرّفع (¬7)، على قوله: وَالشَّمْسُ تَجْرِي (¬8)، والنّصب (¬9)، ¬
على قوله: تَجْرِي (¬1). فإن اعترض بعد الواو ما يصرف الكلام إلى الابتداء، كقولك: لقيت زيدا وأمّا عمرو فقد مررت به، ولقيت بكرا وإذا بشر يضربه عمر"؛ فالرّفع أولى، ويجوز النّصب، وقد قرئ: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ (¬2)، بالنّصب (¬3). وتقول:" مررت برجل سواء والعدم"، فلا يخلو: أن تجرّ سواء"، أو ترفعه، فإن جررت عطفت" العدم" على المضمر فيه؛ لأنّه مصدر يتنزّل منزلة اسم الفاعل، تقديره: مستوهو والعدم، وإن رفعته أظهرت" هو" بعده، وكان" سواء" خبر مبتدأ مقدّما، و" العدم" عطف على" هو"، و" سواء فى حكم التّثنية، تقديره: مررت برجل والعدم مستويان، لكنه نزّل المصدر منزلته، كقولك: هما عدل. وأمّا اللّازم: فإن تقع الجملة بعد حرف لا يليه إلّا الفعل، نحو: حرف الشّرط، و" لو"، وهلّا" وأخواتها؛ كقولك: إن زيدا تراه اضربه، و: لو عمرا لقيته أحسنت إليه، وعليه قوله (¬4): لا تجزعى إن منفسا أهلكته … وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعى ¬
النوع الثالث: فى المفعول فيه،
ومن رفع (¬1) هذا فبفعل مضمر، تقديره: وإن هلك منفس أهلكته، وهو شاذّ، والمذهب (¬2) الأوّل؛ فلا يقدّر العامل المضمر إلا ما دلّ عليه الظّاهر. النّوع الثالث: فى المفعول فيه، وهو الظرف، وفيه مقدّمة، وفصلان، وخاتمة. المقدّمة: اعلم أنّ المفعول فيه: اسم لظرفى الزّمان والمكان اللّذين هما من ضرورة المخلوقات، يتضمّنانها تضمّن الوعاء لما فيه، ولا يتصوّر فهمهما دون أن يتضمّنا معنى" فى" من طريق المعنى والكناية، وأن يتعرّيا من لفظها تقول: قمت اليوم، وجلست خلفك، أى: فى/ خلفك؛ ولهذا إذا ظهرت صار الحكم لها؛ تقول: خرجت فى اليوم، وجلست فى الدّار، فصار الظّرفان اسمين مجرورين ب" فى"، وكذلك إذا عريا من معناها صارا اسمين صريحين، تقول: اليوم طويل، وخلفك واسع. وإعراب الظّرف: نصب، حملا على باقى المفعولات. ¬
الفصل الأول: فى ظرف الزمان
الفصل الأوّل: فى ظرف الزّمان وفيه فرعان الفرع الأوّل: فى تعريفه، وهو عبارة عن مدّة حركة الفلك؛ فمدّة طلوع الشمس على قوم يسمّى نهارا، ومدّة غيبها عنهم يسمّى ليلا، وينقسم قسمين، مبهما ومؤقّتا وكل منهما يكون معرفة ونكرة. أمّا المبهم، فنحو: الحين، والوقت، والزّمان، وينقسم إلى؛ موغل فى الإبهام، وغير موغل فيه. أمّا الموغل، فنحو: وقت، وزمان، ولا فائدة فى ذكره مع الفعل؛ إلّا أن يوصف، أو يضاف؛ إذ لفظ الفعل يدلّ عليه، ويغنى عنه، فلا فرق بين قولك: غبت وقتا، وبين قولك: غبت؛ لأنّ لفظ الفعل يدلّ على الزّمان مطلقا، وصيغته تدلّ على تخصيصه؛ فإن قلت: غبت وقتا طويلا، وزمان الحّر، حسن. وأمّا غير الموغل، فنحو: حين، وفى ذكره مع الفعل فائدة؛ لأنّه يدل على زمان معيّن عند قوم، فتقول: انتظرته حينا، ولا تصفه. وأمّا المؤقّت: فنحو: يوم، وليلة، وشهر، وسنة، وهذا تذكره مع الفعل موصوفا، وغير موصوف؛ لحصول الفائدة به، تقول: صمت يوما، وغبت شهرا، ومن المؤقّت، نحو: شهر رمضان، ويوم الجمعة؛ فهما معرفتان؛ فإن لم ترد رمضان، ولا جمعة بعينها فقلت: خروج الحاجّ شهر رمضان، و: زينة الناس يوم الجمعة؛ كانا نكرتين من وجه؛ لشياعهما فى السّنين والأسابيع وكانا معرفتين من وجه؛ لدلالتهما على شهر ويوم مخصوصين. وكلّ من المبهم والمؤقّت يستعمل اسما، (¬1) وظرفا لا غير. فالأوّل: ما جاز تعاقب/ العوامل عليه، نحو؛ اليوم، واللّيلة، والحين ¬
الفرع الثانى: فى أحكامها
والزّمان؛ فإذا تضمّنت معنى" فى" كانت ظروفا، وإذا عريت منها كانت اسما كما سبق. والثّانى: ما لزم النّصب ولم تدخله العوامل الرّافعة، والجارّة، وهو باب مقصور على السّماع، قالوا:" سرنا ذات مرّة"، وذات يوم، وذات ليلة، وليلا ونهارا، وصباحا، ومساء، وسحرا، وسحيرا، وضحى، وعشاء، وعشيّة وعتمة، وذا صباح، وذا مساء، وألفاظ من هذا النحو محفوظة، وذلك إذا أرادوا واحدا من هذه الأوقات ليومهم وليلتهم. فإن أرادوا سحرا من الأسحار، وعشيّة من العشيّات، استعمل اسما، قال سيبويه: وممّا يختار فيه أن يكون ظرفا، ويقبح أن يكون غير ظرف صفة (¬1) الأحيان، تقول:" سير عليه طويلا" (¬2) و" سير عليه حديثا". الفرع الثانى: فى أحكامها: الحكم الأوّل: ظروف الزمان على أربعة أضرب: الضّرب الأوّل: ينصرف، ويتصرّف، وهو كل ظرف كان على أصل وضعه، نحو: اليوم، والليلة، فالصّرف: عبارة عن دخول التنوين والتّصرّف: عبارة عن دخول الرّفع والجرّ. الضّرب الثّانى: يتصرّف، ولا ينصرف، وهو: غدوة - إجماعا -، وبكرة عند بعض العرب. فأمّا تصرّفهما؛ فلاستعمالهما على أصلهما؛ وأمّا عدم صرفهما فلأنّهما معرفتان بالوضع، ومؤنّثتان، فإذا أرادوا النكرة قالوا: الغداة والبكرة، قال سيبويه: غدوة وبكرة، جعل كلّ واحد منهما اسما للحين، كما ¬
جعل" أمّ حبين" اسما للدّابّة [معرفة] (¬1)، وقد جوّز الخليل (¬2) صرفهما، فقال: تقول: أتيتك اليوم غدوة، وبكرة، ويحمل عليه قراءة ابن (¬3) عامر: بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ * (¬4)، وقال أبو عمرو (¬5): إذا قلت: لقيته يوما من الأيّام غدوة وبكرة - وأنت تريد المعرفة - لم تنوّن. ولغدوة مع" لدن" حال لا يكون لغيرها، وهو: أنّ العرب تنصب" غدوة"/ مع" لدن" بتنوين، فتقول: لدن غدوة، وحكم" لدن" جرّ ما بعدها بها، كقوله تعالى: مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (¬6)، وقد روى رفعها (¬7)، وجرّها معها. الضّرب الثالث: ينصرف، ولا يتصرّف، نحو - عشيّة، وعتمة، وضحوة أمّا صرفها فلأنّها نكرة، وأمّا عدم تصرّفها؛ فلأنها قصرت على أوقات مخصوصة، بغير آلة تعريف، وفى هذا التعليل نظر، وزعم سيبويه، (¬8) أنّ بعض العرب يجعل عشيّة معرفة. الضّرب الرّابع: لا ينصرف، ولا يتصرّف، وهو" سحر" إذا أردت سحر ¬
يومك، لم ينصرف؛ لأنّه معرفة معدول عن السّحر، ولم يتصرّف (¬1)؛ لأنّه قصر على وقت بعينه. الحكم الثّانى: قد أقاموا أسماء ليست بأزمنة مقام الأزمنة؛ اتّساعا واختصارا، وهى على ضربين: الأول: أن يكون اسم الزّمان موصوفا، فحذف، وأقيم الوصف مقامه تقول: سرت عليه يوما طويلا، فتحذف" اليوم"، وتقيم" طويلا" مقامه، فتقول: سرت عليه طويلا، وكذلك: حديث، وقديم، وكثير، وقليل، فإذا أقمتها مقام الظروف (¬2)؛ لم تكن إلا ظروفا، ولم تستعمل أسماء. فأمّا قريب فإنّ سيبويه (3) أجاز فيه الرّفع؛ لأنّهم يقولون: لقيته مذ قريب، وكذلك: مليّ من (3) النّهار قال: والنّصب عندى (¬3) عربّى كثير؛ فإن قلت: سير عليه طويل من الدّهر، وشديد من السّير، فأطلت الكلام، ووصفته جاز، وكان أحسن وأقوى. الضّرب الثانى: أن يكون الظرف مضافا إلى مصدر مضاف، فتحذف الظرف؛ اتّساعا وتقيم المصدر المضاف مقامه، نحو:" جئتك مقدم الحاجّ و" خفوق النّجم"، و" خلافة فلان" و" صلاة (¬4) العصر"، ومنه قوله تعالى: وَإِدْبارَ النُّجُومِ (¬5)، وقولهم:" سير عليه ترويحتين"، و" انتظرته نحر جزورين"، والمراد فى جميع هذا (¬6): جئتك وقت مقدم الحاجّ، ووقت خفوق النّجم. ¬
الحكم الثالث: قد اتّسعوا فى/ ظروف الزّمان، فنصبوها: نصب المفعول به، وذلك أن يعرّوها من معنى" فى"، كقولك: سرت يوم الجمعة، كأنّك قد جعلت" يوم الجمعة" مسيرا نفسه، بمنزلة قولك: ضربت زيدا، ويتضح هذا بأن يخبر عنه بالّذى، فتقول: الذى سرته يوم الجمعة، كما تقول: الذى ضربته زيد، ولا تقول: الذى سرت فيه يوم الجمعة، إلّا أن تجعله ظرفا. وإن كان الفعل يتعدّى إلى مفعول، أو مفعولين، تعدى إلى الظروف المتّسع فيها، تقول: ضربت زيدا يوم الجمعه، وأعطيت زيدا ثوبا يوم السّبت، فإذا أخبرت عنه بالّذى، قلت: الذى ضربته زيدا يوم الجمعة، فلو كان ظرفا لقلت: الّذى ضربت فيه زيدا يوم الجمعة. وإذا أضفت إلى الظّرف، خرج عن الظرفيّة، نحو قولك: يا سائر اليوم، و: يا سارق الليلة أهل الدار (¬1) والأصل: يا سائرا اليوم، فتنصبه، كما تنصب" زيدا" فى قولك: يا ضاربا زيدا، ثم تضيفه إليه؛ فلا يجوز أن يكون مع الإضافة ظرفا؛ لأنّك لو قدّرت فيه" فى" وجعلته مجرورا بالإضافة، وفيه معنى" فى"، كنت قد فصلت بين المضاف والمضاف إليه بها، ولا يجوز. ومن باب الاتّساع والإضافة: قوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (¬2)، وقوله بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ (¬3)، وقد قيل: إنّه أضيف المكر إلى اللّيل والنهار على اتّساع آخر، وهو: المصدر الفاعل (¬4) من نحو قولهم:" نهارك صائم" ¬
" وليلك قائم". الحكم الرابع: ظرف الزّمان على ضربين: أحدهما: ما يستغرقه العمل كقولك: صمت يوما، وغبت شهرا، فالصّوم والغيبة لجميع اليوم والشّهر. والثانى: ما يكون العمل فى بعضه، كقولك: قدمت يوم الجميعة، خرجت شهر رمضان، فالقدوم، والخروج فى بعض اليوم والشّهر. ولهذ الحكم ضابط، وهو: أنّه متى كان الظرف جوابا ل" كم" كان العمل مستغرقا له، لأنّها سؤال عن عدد، فلا يقع جوابه إلّا بجميع ما تضمّنه سؤاله، فإن أجبت ببعضه لم يحصل غرضه، فإذا قال: كم صمت؟ قلت: يومين، مثلا، فلا يكون صومك دونهما، ولا أكثر منهما، ويكون الجواب نكرة كهذا، ومعرفة كاليومين/ المعهودين وأنكرا بن السّراج (¬1) أن يرد جواب" كم" معرفة، قال: ولا يجوز أن تقول: الشّهر الذى تعلم، لأنّ هذا من جواب" متى" ومتى كان الظرف جوابا ل" متى" كان العمل مخصوصا ببعضه، لأنّها سؤال عن تعيين الوقت؛ فلا يجئ فى جوابه إلّا المخصوص، فإذا قال: متى قدمت" قلت: يوم الجمعة، ولو قلت: يوما، لم يجز، ويجوز أن يقع معرفة بالّلام، فتقول: اليوم المعهود، فأما قولهم (¬2): سار اللّيل والنّهار والدّهر والأبد، فهو وإن كان لفظه لفظ المعارف، فإنّه فى جواب" كم" ولا يجوز أن يكون فى جواب" متى"؛ لأنّه يراد به التكثير، وليس بأوقات معلومة محدودة، فإذا قيل: سير عليه اللّيل والنهار، فكأنه قيل: سير عليه دهرا طويلا، قال ¬
سيبويه (¬1): المحرّم وسائر أسماء الشّهور أجريت مجرى الدّهر والليل والنّهار، فهى فى جواب" كم" ولو قلت: شهر رمضان، لكان بمنزلة يوم الجمعة، ولصار جواب" متى"؛ والصيف والشتاء يكونان فى جواب" كم" للعدّة، وفى جواب" متى"، للوقت، وجعل" شهرى ربيع" فى جواب" كم"؛ لأنّ تعريف التثنية كانت بإضافة كإضافة: غلاما زيد، وتعريف" شهرى ربيع كتعريف إضافة" عبد الله". وتقول فى الأيّام: اليوم الأحد بالرّفع فيهما، وكذا باقى الأيّام، وأجازوا مع الجمعة والسّبت النّصب؛ لما فيهما من معنى الاجتماع والرّاحة. الحكم الخامس: ما كان من ظروف الزّمان بمعنى" إذ" و" إذا" أضيف إلى الجمل. أمّا ما كان بمعنى" إذ" فإنه يضاف إلى الجمل، من المبتدأ والخبر والفعل والفاعل، إذا لم يكن الفعل أمرا ولا نهيا، تقول جئتك إذ زيد قائم، وإذ قام زيد وإذ يقوم زيد (¬2)، على حكاية الحال، وإذ زيد يقوم، ولم يجيزوا، إذ زيد قام. وأمّا إذا كان بمعنى" إذا" فإنّما يضاف إلى الجملة من الفعل والفاعل، تقول: أجيئك إذا قام زيد، وإذا (¬3) يقوم زيد ولا يحسن: أجيئك إذا زيد قائمّ، وقد أجازة قوم. والفرق بين" إذ" و" إذا":/ أن" إذ" لما مضى من الزّمان، و" إذا" لما يستقبل منه، ومتى وقع الاسم بعد" إذا" كان مرفوعا بفعل مضمر يفسّره الظاهر، كقوله تعالى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (¬4)؛ لاختصاصها بالإضافة إلى الجملة الفعليةّ. ¬
ويجازى ب" إذا" مطلقا، تقول: إذا قدم زيد أكرمتك، ولا يجازى ب" إذ" إلّا إذا دخلت عليها" ما"، كقولة (¬1): إذ ما دخلت على الرّسول فقل له … حقّا عليك إذا اطمأنّ المجلس وقد تقعان للمفاجأة، كقولك: بينا زيد قائم إذ جاء عمرو، وبينما رجل جالس إذا عمرو بالباب، وأكثرهم لا يرى دخولهما فى جواب" بينا" و" بينما"؛ وتقول: بينا زيد قائم إذ جاء عمرو، وبينما عمرو ذاهب لقيه بكر. والأوقات الّتى تضاف إلى الجمل هى ما كانت حينا وزمانا لا يختصّ به شئ دون شئ، كقولك: أجيئك يوم قام زيد، وحين قام زيد، وزمن قام، وأيّام قام، وليالى قام. ويقبح فى المؤقّت، نحو شهر وسنة وحول، حتّى قالوا: لا يضاف (¬2) شئ له عدد، نحو: يومين، وجمعة، وأسبوع، وقد أجاز ابن السّرّاج (2): أخرج يوم عبد الله أمير، وقال الزّجّاج (¬3): يعجبنى يوم أنت قائم، وعليه قوله تعالى: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (¬4)، وقوله: يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ (¬5) ومن لم يجز، تأوّل هذا، ونصبه على المفعول به. ¬
ومتى أضفت هذه الظروف إلى الجمل، لم يكن فى الجملة عائد منها إليها، كما يكون ذلك فى الصّفة، والصّلة، والخبر، والحال، تقول: أجيئك حين يقوم زيد، ولا تقول: فيه، وعليه قوله تعالى: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ (¬1)، وقوله هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (¬2)، وهى مع الإضافة إلى الجمل نكرة. ولك فيها - مع الإضافة - الإعراب، والبناء، والإعراب مع الجمل المعربة الصّدر أكثر وأحسن، كقوله تعالى: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ، ومن نصب (¬3)، فيجوز أن يكون الفتحة إعرابا على الظرفيّة (¬4) وبناء؛ لإضافته إلى فعل، وليس (¬5) بالكثير، وإن كان صدر الجملة مبنيا فالبناء أكثر/ وأحسن، كقوله تعالى: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (¬6)، وقوله: مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ (¬7) بالفتح (¬8)، وقول النابغة (¬9): ¬
الفصل الثانى: فى ظرف المكان،
على حين عاتبت المشيب على الصبا … فقلت: ألمّا تصح والشّيب وازع ومتى اقتطعت الظّروف المضافة عن الإضافة فى اللفظ، وأريدت فى المعنى بنيت، كقوله تعالى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ (¬1) أى من قبل الأشياء (¬2) وبعدها، وقد تقدم هذا مبسوطا فى باب (¬3) المبنىّ. الفصل الثانى: فى ظرف المكان، وفيه فرعان الفرع الأوّل: فى تعريفه، وهو محل الموجودات الحادثة، وينقسم قسمين - كظرف الزّمان - مبهما، ومؤقّتا. أمّا المؤقّت، فهو: ماله نهاية تحصره، وحدّ يحيط به نحو: مكّة، وبغداد، ودار، ومسجد، وهذا يتنزّل منزلة الأسماء غير الظّروف تقول: رأيت مكّة، وفارقت بغداد، وبنيت دارا، وعمرت مسجدا، كما تقول: رأيت زيدا. وأمّا المبهم، فهو: ما لا نهاية له تحصره، مجازا، وتمثيلا، وإن كانت الأمكنه - فى الحقيقة - محصورة محدودة، وهو على ضربين: الأوّل: ما أوغل فى الإبهام، نحو: مكان، وجهة، وأرض، وهذا لا فائدة فى ذكرة مع الفعل، إلا أن يوصف، أو يضاف؛ فلو قلت: جلست مكانا وقعدت جهة، لم يحسن، فإن قلت: جلست مكانا واسعا، وقعدت جهة زيد، جاز وحسن. والثّانى: غير موغل فى الإبهام، وهو الموضوع للجهات السّتّ، أو ما صلح لها، وينقسم ثلاثة أقسام، قسم يختصّ بواحد من الجهات، وقسم يعمّ الجهات، إلا أنّ له نوع تخصّص بالإضافة، وقسم: عام فيها بلا تخصيص. ¬
فالأول: خلف، ووراء، وقدّام، وتجاه، وأمام، وتلقاء، وإزاء، ويمين وشمال وفوق، وتحت. والثّانى: ما كان للجميع، نحو: عندك، ولديك، ودونك، ونحوك، ولدنك وقربك، وصقبك (¬1)، وقريبا منك، وصددك (¬2). فأوغل/ هذه الظروف" عندك"، لأنّه يقع عليها جميعها، قريبها، وبعيدها، و" قربك" أخصّها؛ لأنّه لا يصلح إلّا للقريب، والباقية فيما بين ذلك. والفرق بين" عندك" و" لديك": أنّك تقول: المال عندك، وإن لم يكن بحضرتك، ومع" لديك" لا يكون إلا بحضرتك. والثّالث: نحو: فرسخ، وميل، وشبر، وذراع، وشوط، فهو وإن كان معروف القدر، فإنّه مجهول المحلّ؛ لأنّه يصلح لجميع الأمكنة؛ فدخل فى حيّز المبهمات. فأمّا" مع" فإنه ظرف مكان؛ بدليل وقوعها خبرا عن الجثّة، فى قولك: زيد مع عمرو، والألف التى تلحقها فى قولك:" معا" هى بمنزلتها فى: صببت دما، وقيل: بمنزلتها فى" قفا"؛ فهى فى الأوّل بدل من التنوين، وفى الثانى اسم مقصور، والأوّل أكثر، وأقوى. وهذه الظّروف: منها ما يستعمل اسما: وظرفا، ومنها ما لا يستعمل إلا ظرفا. فالأوّل: نحو: خلف، وأمّام، ويمين، وشمال، قال الله تعالى: عَنِ ¬
الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (¬1)، وقال الشاعر (¬2): فغدت كلا الفرجين تحسب أنه … مولى المخافة خلفها وأمامها قال سيبويه: ومن ذلك؛ هو ناحية (3) من الدّار، ومكانا صالحا (3)، و: داره ذات اليمين، وشرقىّ (¬3) كذا، وذكر أمثلة كثيرة؛ منها قولهم: هم حلّة (¬4) الغور، أى قصده، و" هو وزن (¬5) الجبل"، أى: ناحية منه، و: هو زنة (5) الجبل"، أى حذاءه، و" قومك أقطار (¬6) البلاد". والثّانى: نحو، عند، ولدن، وسوى، وسواء، إذا أردت بها معنى" غير" فلا تكون إلّا منصوبة على الظّرف، ولا تكون اسما إلا فى الشّعر، كقوله (¬7): ولا ينطق الفحشاء من كان منهم … إذا جلسوا منّا ولا من سوائنا ولا يدخل على" عند" شئ من حروف الجرّ، إلّا" من" لا غير، تقول: خرجت من عنده، ولا تقول: جئت/ إلى عنده. ¬
الفرع الثانى: فى أحكامه
وأمّا" لدن": ففيها لغات، منها: لدن، ولدى، ولد، وحكمها: أن يجر بها، على الإضافة، إلّا مع" غدوة" خاصّة، وقد ذكرناه (¬1). وسوى، وسواء: حكمهما واحد، فالكسر مع القصر، والفتح مع المدّ تقول: مررت بمن سواك، وبرجل سواءك، التقدير: برجل قام مقامك، ونزل مكانك. وأمّا وسط القوم: فإن سكّنت السّين كان ظرفا، وإن فتحتها كان اسما تقول: جلست وسط الدّار، وضربت وسط رأسه، وقد جاءت ساكنة السّين اسما، وهو قليل، قال سيبويه: وليس كلّ مكان يحسن أن يكون ظرفا، فمن ذلك: أنّ العرب لا تقول: هو جوف البيت، ولا هذا داخل الدّار، ولا خارج الدّار، حتى تقول: هو فى جوفها، و: فى داخلها، و: فى حارجها، و: من خارجها (¬2). الفرع الثانى: فى أحكامه: الحكم الأوّل: قد اتّسعوا فى الأمكنة، كما اتّسعوا فى الأزمنة، فجعلوا ما ليس بمكان بمنزلة المكان، وهو فى أسماء مخصوصة، غير مقيسة، فمن ذلك قولهم:" هو منّى منزلة الولد"، أى: فى أقرب المواضع من قلبى، وإن لم ترد - الموضع، ومنه قولهم:" هو منّى منزلة الشّغاف"، و" مقعد القابلة" و" مناط الثّريّا" (¬3)، و" مزجر الكلب (3) "، و" معقد الإزار"، و" هما خطّان جنابتى أنفها (3) "، يعنى الخطّين المكتنفين أنف الظبية، قال سيبويه: وإنما يستعمل من هذا الباب ما استعملته العرب (¬4)، قال ابن السّرّاج: فأمّا ما يرتفع من هذا الباب فقولك: هو منّى فرسخان، وأنت منّى ميلان، وأنت ¬
منّى عدوة الفرس، وغلوة السّهم، هذا كلّه مرفوع، لا يجوز فيه إلا ذلك؛ لأنّ المعنى: بيينى وبينك فرسخان، ولم ترد: أنت فى هذا المكان؛ لأنّ ذلك لا معنى له (¬1)؛ ومنه:" أنت منّى فوت (¬2) اليد"، و" دعوة الرّجل" و" أنت منّى مرأى ومسمع (3) "، وبعض الناس ينصب مرأى ومسمعا، ولا يجوز: أنت منّى مربط الفرس، وموضع الحمار، لأنّ ذلك غير/ معروف فى تقريب ولا تبعيد (¬3) وتقول: أنت منّى فرسخين، أى: أنت منّى مادمنا نسير فرسخين. الحكم الثّانى: لك أن تجعل ظروف المكان مفعولات على السّعة، كما فعلت ذلك فى الأزمنة، تقول: سرت أمامك، فتجعل" أمامه" مسيرا نفسه، فإذا أخبرت عنه بالذى قلت: الذى سرته أمامك، ولو كان ظرفا لقلت: الّذى سرت فيه أمامك، وقد بسطنا القول (¬4) فى ظرف الزّمان بما يغنى عن إعادته ها هنا. ¬
الحكم الثالث: ظرف المكان فيما يستغرفه العمل، وما لا يستغرقه، بمنزلة ظرف الزمّان؛ فتقول فى المستغرق: سرت فرسخا، وفى غير المستغرق: جلست خلفك، فالسّير لجميع الفرسخ، والجلوس لبعض الخلف. وتننزّل" أين" فى ظرف المكان، منزلة" متى" فى ظرف الزّمان، يقول القائل: أين جلست؟ فلا تجيبه إلّا بمكان خاصّ، فتقول: خلفك، أو أمامك، ولا يجوز: مكانا، وجهة، ويقال: كم سرت؟ فلا تجيب إلّا بجميع ما سرته، لا أقلّ منه ولا أكثر، فتقول: فرسخان، أو ثلاثة، أو نحو ذلك، ويرد الجواب معرفة، ونكرة، كما قلنا فى ظرف الزّمان. الحكم الرّابع: لا يضاف من ظروف المكان إلى الجمل إلا" حيث"، وقيل:" لدن"،، وفيه نظر، تقول: أقوم حيث يقوم زيد، وحيث زيد قائم، وحيث زيد يقوم، وقد جاءت فى الشعر مضافة إلى المفرد. وفيها لغات - هذه أشهرها - منها: حوث، بضمّ الثاء وفتحها، وكسرها فيهما. وأمّا لدن" فالمعروف إضافتها إلى المفرد، ومن زعم أنّها تضاف إلى الجملة (¬1)، فإنما استدلّ بقول الشّاعر (¬2): ¬
الخاتمة
وأن لكيزا لم تكن ربّ عكّة … لدن صرّحت حجّاجهم فتفرّقوا وأمّا ظروف المكان المضافة إلى المفرد، فإذا قطعت عن الإضافة بنيت كما/ بنى ظروف الزّمان، تقول: جئت من فوق، ومن تحت، ومن عل، قال (¬1): إذا أنا لم أو من عليك ولم يكن … لقاؤك إلا من وراء وراء وقال (¬2): ولقد سددت عليك كلّ ثنيّة … وأتيت فوق بنى كليب من عل الخاتمة: فى عوامل الظروف، وهى على ضربين: مظهر، ومضمر. أمّا المظهر: فعلى ضربين: أحدهما: ما كان متعديا إلى المفعول، والآخر: ما لم يتعدّ إليه. فالمتعدّى: يتعدّى إلى ظرفي الزّمان، والمكان؛ مبهمهما، ومؤقّتهما معرفتهما، ونكرتهما؛ لأنّه إذا كان متعدّيا إلى المفعول به فبالأولى أن يتعدّى إلى المفعول فيه، تقول: ضربت زيدا اليوم، ويوما، وحينا، وزمانا بعيدا، وزمن إمرة زيد، ولقيت زيدا مكانا بعيدا، وجهة الشّام، ونحو ذلك. ¬
وغير المتعدّى: يتعدّى إلى جميع ظروف الزّمان: مبهمها، ومؤقتّها، وإلى المبهم من ظروف المكان، تقول فى الزّمانىّ. صمت اليوم، ويوما، وغبت حينا وزمانا طويلا، وزمن إمرة فلان، وتقول فى المكانىّ: جلست خلفك، وعندك ومكانا واسعا، ومكان زيد، وسرت فرسخا، وميلا، والفرسخ، والميل، وإنّما كان ذلك؛ لأنّ ظروف الزمان لمّا شاكلت المصادر: فى دلالة صيغة الفعل على خصوص الزّمان دلالتها على المصدر جرت مجراها فى تعدّى نوعى الفعل إليها وحمل عليها المبهم من ظروف المكان؛ لنوع مشابهة بينهما، من جهة التّنقّل والزّوال، والإبهام؛ فإنّ الجهة التى هى خلف" تصير" أماما"، وتزول عن حالها وهى غير محدودة، ولا محصورة؛ فشابهت ظروف الزّمان؛ فأعطيت حكمها. وأمّا المؤقّت/ من ظروف المكان، فلمّا عدم هذه المشاكلة - وهى دلالة صيغة الفعل على خصوصه - تنزّل منزلة المفعول به فى تعدّى الفعل إليه، فلا تقول: قعدت المسجد، ولا جلست الكوفة، حتّى تجئ بما يعدّى الفعل إليها فتقول: قعدت في المسجد وجلست فى الكوفة، فأمّا: دخلت البيت، وذهبت الشّام، فهو عند سيبويه (¬1)، على حذف حرف الجرّ، تقديره: دخلت إلى البيت، وذهبت إلى الشّام، والمبرّد (¬2) يقول: إنّه متعدّ بنفسه. ¬
وقد اتّسعوا فحذفوا" في"، وأوصلوا الفعل، قال الشّاعر (¬1): لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه … فيه كما عسل الطريق الثّعلب أي: كما عسل في الطريق. ويلحق بالفعل في العمل، اسم الفاعل، والصّفة، والمصدر، واسم الفعل، وسيجئ كيفيّة عملها، في باب العوامل (¬2). وقد أعملوا فيها رائحة الفعل، كقول الشّاعر (¬3): ولقد حميت الحىّ تحمل شكّتى … فرط وشاحى إذ غدوت لجامها ¬
فالعامل فى" إذ": وشاحى، ومنه قوله (¬1): أنا أبو المنهال بعض الأحيان فاستخرج من العلم معنى نصب به الظّرف، وهو: القوّة، والنّجدة، وأنّه شّبّه نفسه بأبى المنهال؛ فعملت المماثلة فى الظّرف، كما عملت فى التّمييز والحال، فى قولك: زيد الشّمس ضياء، والأسد شدّة. وأمّا العامل المضمر: فعلى ضربين: ضرب لا يجوز إظهاره، وضرب يجوز إظهاره. فالأوّل: إذا وقع الظرف خبرا لمبتدأ، أو صفة، أو صلة، أو حالا، كقولك: زيد خلفك، والقتال أمامك والمسير يوم الجمعة، والهلال الليلة، تقديره: استقرّ خلفك، وأمامك، ويوم الجمعة، أو مستقرّ خلفك. ومن هذا القسم ما أضمر عامله على شريطة التفسير، كما سبق فى المفعول به (¬2)، تقول: اليوم سرت فيه، وأيوم الجمعة ينطلق زيد؟ والمكان جلست فيه؟ تقديره: سرت اليوم، وأينطلق زيد يوم الجمعة؟ والثانى: نحو قولك فى جواب من قال: متى سرت؟: يوم الجمعة، وأين قعدت؟: خلفك، وكم سرت؟: عشرين فرسخا، فلك (¬3) أن تقول فى جوابه: سرت يوم الجمعة، وقعدت خلفك، وسرت عشرين فرسخا، ومثل ¬
النوع الرابع: فى المفعول له،
قولهم لمن ذكر أمرا قديما ذمّ زمانة: حينئذ الآن، أى: كان ذلك حينئذ واسمع الآن. النوع الرّابع: فى المفعول له، وفيه فصلان: الفصل الأوّل: فى تعريفه وهو الّذى يقع جوابا لمن قيل له: لم فعلت؟ فيقول: لكذا، فهو إذا السّبب والعلّة لوجود الفعل، ولا بدّ منه لفظا، أو تقديرا؛ لأنّه لازم فعل كلّ مكلف، وهو مقدّر باللّام. ومعنى" له" فى قولهم: المفعول له: أن تكون تبيينا فاصلا بين المفعول به، والمفعول فيه، والمفعول معه، أو تكون راجعة إلى الّلام، كأنّك قلت: باب الذي فعل الفعل له، أي: لأجله. ويكون معرفة، ونكرة؛ تقول: زرتك طمعا فى بّرك، وطمع برّك، والطّمع فى برّك، قال الله تعالى: يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ (¬1). ¬
الفصل الثانى فى أحكامه
وقال حاتم (¬1): وأغفر عوراء الكريم ادّخاره … وأعرض عن شتم اللّئيم تكرما وقال الحارث بن هشام (¬2): فصددت عنهم والأحبّة فيهم … طمعا لهم بعقاب يوم مرصد التقدير: زرتك للطمع، ويجعلونها فى آذانهم للحذر، وأغفر للادّخار، وأعرض للتكرّم،/ وصددت للطّمع، فحذف الّلام؛ لأنّ الكلام يدلّ عليها، ولمّا حذف، نصب ما بعدها، كما يكون ذلك فى جميع ما يحذف منه حرف الجرّ. الفصل الثانى فى أحكامه الحكم الأوّل: للمفعول له شرائط أربع، بها يصحّ أن يكون مفعولا له: الأولى: أن يكون مصدرا؛ ليشتمل المعلّل به على معناه، فيصير هو إيّاه؛ لأنّ معظم هذا الباب على الغرض الذى هو مضمون باجتلاب النّفع، واستدفاع الضّر، ولا يكونان إلّا بالأحداث. ¬
وليس كلّ مصدر يبين عن هذين النّوعين، ألا ترى أنّ المفعول المطلق مصدر وليس فيه بيان عنهما؛ فلا تدخله الأسماء الصّريحة، تقول: ضربته تأديبا له، فيصحّ فيه أن تقول: تأديبه ضربه، وضربه تأديبه، وتأديبه فى ضربه، وتقول: قعدت عن الحرب جبنا فجبنا، وإن لم يكن غرضا، فهو داخل فى الأوّل؛ لأنّك تقول: قعوده جبنة، وجبنه فى قعوده، ولا يصحّ أن تقول: ضربتك ضربا، ولا قصدتك مالا، ولا زرتك زيدا؛ لأنّها لا تكون سببا للفعل، ولا غرضا للفاعل. الثانية: أن يكون العامل فيه فعلا من غير لفظه؛ لأنّه لو كان منه لالتبس بالمصدر المؤكّد؛ فكنت إذا قلت: قمت قياما، [لا] (¬1) يعلم هل هو غرض؟ أم مؤكّد؟؛ لأنّ الشّئ لا يكون سببا لنفسه؛ إذ يكون عاريا من الغرض. الثّالثة: أن يكون العامل فعلا لفاعل الفعل المعلّل، تقول ضربته تقويما له؛ فأنت فاعل الضّرب والتّقويم. الرابعة: أن يكون مقارنا للفعل المعلّل فى الوجود؛ فيكون التقويم مقارنا للضّرب. فمتى عدمت هذه الشّرائط أو بعضها، بطل فيه النّصب، وظهرت الّلام فى الّلفظ، وذلك بأن يكون اسما غير مصدر، أو مصدرا من لفظ الفعل، كما سبق، أو يكون فعلا لغير الفاعل، كقولك: زرتك إكرامك الزّائرين، أو يكون غير مقارن له، كقولك: زرتك اليوم ضربك زيدا أمس؛ فلا يجوز أن ينتصب ¬
شئ من هذه على المفعول له؛ لأنّ الاسم غير المصدر لا يشتمل عليه الفعل حتّى يقال: هو هو، ولا فعل غيرك يكون فعلا لك، ولا الفعل الواقع أمس يدخل تحت الفعل الواقع اليوم؛ فاحتجت إلى ظهور الّلام؛ فتقول: زرتك لمالك، ولإكرامك الزّائرين، ولمخاصمتك زيدا أمس. ووجه اختصاص النّصب بما حوى هذه الشّرائط: أنّك إذا قلت: ضربته تأديبا له، فقد دخل التأديب فى الضّرب؛ فتنصبه؛ لدخوله تحته؛ تشبيها بقولك: ضربته ضربا؛ لأنّ أجناس المصدر داخلة فى جملة الفعل، فأمّا إذا لم يدخل تحته - لعدم الشّرائط أو بعضها - فلا ينصب؛ لأنّ الفعل لا يقتضيه، ويكون ذلك بمنزلة تعدّى" قمت" إلى مفعول به. الحكم الثانى: المفعول له على ضربين: أحدهما: أن يكون غرضا صحيحا لفاعل الفعل، نحو: زرتك إكراما لك؛ فغرضك من الزّيارة، إنما هو إكرامه. والثّانى: أن لا يكون غرضا، ولكنّه علّة وسبب وعذر، كقولك: قعدت عن الحرب جبنا، وتأخّرت عن زيارتك عجزا؛ فليس الجبن غرضا لك، ولكنّه سبب القعود وعلّته، ومنه قوله تعالى: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً (¬1) فهذا سبب، وليس بغرض، التقدير: زيّن لهم التقاطه لهذا، وأروا التقاطه. لهذا. وقوم يسمّون هذه اللام لام العاقبة (¬2). ¬
النوع الخامس: فى المفعول معه،
النوع الخامس: فى المفعول معه، وفيه فصلان. الفصل الأوّل: فى تعريفه وهو: من صاحبته فى فعلك؛ سواء تأتّى منه مثل فعلك، أو لم يتأتّ، ولا يلزم أن يكون فاعلا كالأوّل، وإنّما شرطه: أن يكون مصاحبا. وهو منصوب بالفعل المذكور، أو ما هو بمعناه، بواسطة" الواو" الكائنة بمعنى" مع"؛ لأنّ الفعل لمّا لم يمكن تعديته إلى المصاحب، جئ بالواو الّتى كانت عاطفه؛ فجعلت بين الفعل والمصاحب، مقوّية له، فتنزّلت منزلة الهمزة المعدّية للفعل القاصر، نحو: أذهبت زيدا، ولم يكن لها عمل، كما لم يكن للهمزة عمل؛ نظرا إلى أصلها فى باب العطف. وبين حاليهما فرق، وهو: أنّ العاطفة تقتضى الشّركة فى الفعل، من غير اشتراط مصاحبة، وهذه تفيد المصاحبة فى أمر وزمان؛ فقام المنصوب - فى هذا الباب - مقام الفاعل المرفوع، وأفاد شيئين: العطف بالواو من طريق الّلفظ والمعنى، والنّصب؛ مراعاة لمعنى المفعول؛ تقول: «جاء البرد والطّيالسة (¬1)»، وما زلت أسير والنيل، و" ما صنعت وأباك"؟ أى: مع الطّيالسة، ومع النيل، ومع أبيك. ¬
الفصل الثانى: فى أحكامه
ولم يجئ فى التّنزيل منه إلا ما حمل على غيره، كقوله تعالى: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ (¬1)، وسيجئ فى الفصل الثانى، وجاء فى الشّعر كثيرا، أنشد سيبويه (¬2): فكونوا أنتم وبنى أبيكم … مكان الكليتين من الطّحال (¬3). الفصل الثانى: فى أحكامه الحكم الأوّل: أجاز قوم طرد القياس فى باب المفعول معه - وهم الأكثر - وقصره آخرون على المسموع - وهم الأقلّ - ومنع بعضهم بعض الأمثلة دون بعض، تقول: قمت وزيدا، وجلست وعمرا، لم ترد: أنّ" زيدا" قام معك، ولكن أردت: أنّه صاحبك عند قيامك وقد أخذت فيه، وهذا مطّرد فى جميع الكلام؛ مسموعه وغير مسموعه. وتقول جلست والسّارية، والأخفش (¬4) لا يجيز هذه، قال: ولا أقول: ¬
ضحكت وطلوع الشّمس؛ حيث لا يصحّ فيه العطف؛ إذ الطّلوع لا يكون منه ضحك (¬1)، وأجاز:" جاء البرد والطيالسة"؛ لأنّ المجئ يصحّ منها، وأجاز ابن جنّى (¬2) ذلك جميعه. الحكم الثانى: لا يتقدّم المفعول معه على الفعل؛ لأنّ الواو منقوله عن باب لا يصحّ لها فيه التقديم - وهو العطف - فلا تقول: والخشبة (¬3) استوى الماء، كما لم يجز: وزيد قام عمرو، والقياس أن لا يجوز تقديم المفعول معه على الفاعل؛ فلا يقال: جاء والطيالسة البرد، كما لا تقول: قام وعمرو وزيد، وقد أجازه ابن جنّى فى الخصائص (¬4) - حملا على قول الشاعر (¬5): جمعت وبخلا غيبة ونميمة … ثلاث خلال لست عنها بمر عوى وهذا عند غيره من ضرورة الشّعر (¬6). الحكم الثالث: لا يجوز حذف هذه" الواو" من اللفظ، كما لا يجوز حذف اللّام من المفعول له؛ لأنّ الفعل لا يفتقر إلى المصاحب لفاعله، كما يفتقر إلى الغرض والسّبب الذى من أجله وجد؛ لأنّ" الواو" هى المقوّية للفعل على العمل، فإذا حذفتها زال أثرها، وليست كحروف الجرّ التى حذفت ¬
وأعملت؛ لأنّ تلك عاملة بنفسها، وهذه مقوّية لغيرها. الحكم الرّابع: المفعول معه يكون من الفعل المتعدّى وغير المتعدّى؛ عند الأكثرين (¬1)، تقول: لو خلّيت والأسد لأكلك، ولو تركت النّاقة وفصيلها لرضعها (1). وقال قوم: إنّ هذا لا يكون إلا مع غير المتعدّى؛ لئلّا يلتبس بالمفعول به (¬2)؛ فلا تقول: ضربتك وزيدا، و" زيدا" مفعول معه، فأما قوله تعالى: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ (¬3)، فقد حمله قوم (¬4) على هذا الباب؛ لامتناعه من العطف؛ حيث لا يقال: أجمعوا شركائكم، وإنما يقال: اجمعوا، وحمله قوم على (¬5) العطف ونصبوا" الشركاء" بفعل مضمر يصحّ حمله (¬6) عليه، كأنّه قال: أجمعوا أمركم واجمعوا شركاءكم، كما قال الشاعر (¬7): ¬
يا ليت زوجك قد غدا … متقلّدا سيفا ورمحا والرّمح لا يتقلّد به؛ وإنما يعتقل (¬1)، أو يحمل، أو يجرّ، ومنه قوله (¬2): إذا ما الغانيات برزن يوما … وزجّجن الحواجب والعيونا والعين لا تزجّج. ويجوز أن يكون: أجمعت، بمعنى: جمعت. الحكم الخامس: مدار هذه الواو على أربعة أضرب: الأول: لا يجوز فيه معها إلا الرّفع؛ لعدم الفعل وما شابهة، كقولهم: " كلّ رجل وضيعته"، وبابه، وقد سبق ذكره (¬3)، فلو أظهرت الخبر لجاز النّصب؛ لتمام الكلام، ووجود العامل، فتقول: كلّ رجل مقرون وضيعته، كما فعلت" إلّا" فى الاستثناء، وسيجئ ذكره، وقد نصب بعضهم، على إعمال الخبر المضمر، وفيه (¬4) بعد. الثّانى: لا يجوز فيه إلّا النّصب؛ لوجود العامل لفظا، أو معنى. فالّلفظ: كقولك:" استوى الماء والخشبة"، ولا يحسن الرّفع؛ لأنّك لم ترد: استوى الماء واستوت الخشبة. والمعنى: كقولك: مالك وزيدا، لا يكون إلا نصبا؛ لأنّ المضمر المجرور لا يعطف عليه إلا بتكرير العامل، فأضمر له فعلا، ونصبه به، تقديره: مالك ¬
وملابستك زيدا، قال (¬1): فمالك والتّلدّد حول نجد … وقد غصّت تهامة بالرّجال ومنه قولهم:" ما شأنك وزيدا"؛ لأنّك إن حملت" (¬2) زيدا على الكاف، لم يجز؛ حيث هو ضمير مجرور، وإن حملته على الشّأن، كان محالا؛ لأنّ" زيدا" ليس بتلبّس (¬3) به، وإنّما هو متلبّس بالكاف، فأضمرت له ما ينصبه، وقدّره سيبويه فقال: ما شأنك وتناولك (¬4) زيدا، أى: وملابستك زيدا، ومنه قولهم: حسبك وزيدا درهم، قال الشّاعر (¬5): فحسبك والضّحّاك سيف مهنّد ¬
وليس لك أن تجرّ هذا النّوع حملا على المضمر (¬1)، فإن جئت بالظاهر فالجرّ الاختيار (¬2)؛ تقول: ما لزيد وعمرو، و: ما شأن زيد وعمرو يشتمه، و: ما شأن قيس والبرّ يسرقه، ويجوز النّصب. الثّالث: يجوز فيه الرّفع والنّصب، والنّصب أحسن؛ لاحتياجك فى الرّفع إلى تأكيد المضمر، وغناك فى النّصب عنه، وذلك قولك: قمت وزيدا، ولو رفعت لقلت: قمت أنا وزيد، ويجوز - مع التّوكيد - النّصب، فتقول: قمت أنا وزيدا. الرّابع: يجوز فيه الرّفع والنصب، والرّفع أحسن؛ لأنّك - مع النّصب - تحتاج إلى إضمار ناصب، وليس كذلك الرّفع؛ تقول:" ما أنت وزيد"، و" كيف أنت وقصعة من ثريد"، والنّصب مذهب قوم من العرب، ينصبونه بإضمار" كنت" (¬3)، وسيبويه يقدّر مع" ما"، فعلا ماضيا، ومع" كيف" فعلا مضارعا، فيقول: تقديره: ما كنت (¬4) وزيدا، وكيف تكون وقصعة من ثريد، قال: لأنّ" كنت" و" تكون" تقعان (3) هنا كثيرا، والمبرّد (¬5) يسوى ¬
بينهما فإن قلت: ما أنت وما زيد، فالرّفع لا غير، قال (¬1): يكلّفنى سويق الكرم جرم … وما جرم وما ذاك السّويق الحكم السّادس: قال ابن السّرّاج: هذا الباب والذى قبله، كان من حقّهما أن لا يفارقهما حرف الجرّ، ولكنّه حذف فيهما، ولم يجر يا مجرى الظّروف فى تصرّف الإعراب، وفى إقامتهما مقام الفاعل؛ فدلّ رفضهم لذلك على أنّهما بابان وضعا غير موضعهما؛ اتّساعا؛ لأنّ المفعولات غيرهما تقدّم وتؤخّر، وتقام مقام الفاعل، ويبتدأ بها، ويخبر عنها (¬2). وتقول - فى هذا الباب - ما زلت وزيدا حتّى فعل، أى: ما زلت بزيد، فهو مفعول به، فقد عمل ما قبل" الواو" فيما بعدها، والمعنى معنى" الباء" ومعنى" مع" يصلح أيضا فى هذه المسألة؛ لأنّ" الباء" يقرب معناها من معنى" مع"؛ من حيث الملاصقة، والمصاحبة. ¬
الباب الحادى عشر فى المشبه بالمفعول
الباب الحادى عشر فى المشبّه بالمفعول وهو سبعة أنواع، ثلاثة منها ترد فى هذا الباب، وهى: الحال والتّمييز والاستثناء، واثنان يردان فى باب العوامل، وهما: اسم" إنّ" وخبر" كان" واثنان محمولان على هذين الاثنين، وهما: اسم" لا" النافية، وخبر" ما" النافية، ويردان أيضا فى باب العوامل. ووجه مشابهة الحال للمفعول: أنّها فضلة جاءت بعد مضىّ الجملة، كما جاء المفعول، ولها بالظّرف شبه خاصّ؛ لتضمنها معنى" فى". ووجه شبه التّمييز: أنّه فى مواقعه كالمفعول فى مواقعه، بعد النّون والتنوين، نحو: ضارب زيدا، وضاربان زيدا. ووجه شبه الاستثناء به: مجيئه فضلة بعد الجملة، وله شبه خاصّ بالمفعول معه؛ لأنّ العامل فيهما بتوسّط حرف، وهو:" الواو" و" إلّا". النوع الأوّل: فى الحال ، وفيه ثلاثة فصول.
الفصل الأول: فى تعريفها
الفصل الأوّل: فى تعريفها ، وفيه فرعان الفرع الأوّل: فى حدّها، وأقسامها: الحال: وصف هيئة الفاعل، أو المفعول به، وحقيقتها: أنها هيئة الفاعل عند وجود الفعل منه، وهيئة المفعول عند/ حلول الفعل به، وتجئ منهما معا على الجمع والتّفريق، ومن المضاف إليه. وهى منصوبة لفظا، وموضعا، تقول فى الفاعل: جاء زيد راكبا، وخرج الأمير ماشيا، وتقول فى المفعول: ضربت زيدا مذنبا، وأكرمت عمرا مستحقّا، وتقول فى مجيئهما منهما معا إذا اتّفقت حالاهما: لقى زيد عمرا راكبين، قال عنترة (¬1): متى ما تلقنى فردين ترجف … روانف أليتيك وتستطارا فإن اختلفت حالاهما، فلهما (¬2) طريقان. أحدهما: أن تقرن كلّ حال بصاحبها، تقول: لقى زيد مصعدا عمرا منحدرا. والثّانى: أن تؤخّر الحالين عنهما وتقرن حال الثانى منهما به؛ فتقول: ¬
لقى زيد عمرا منحدرا مصعدا، ومنحدرا؛ حال لعمرو، ومصعدا" لزيد"؛ لأنّك لو لزمت الرّتبة التى للفعل معهما (¬1)، لم توفّ أحدا منهما حقّه، قال ابن السّرّاج: إذا قلت: رأيت زيدا مصعدا منحدرا، تكون أنت المصعد، وزيد المنحدر؛ فيكون" مصعدا" حالا للتّاء، ومنحدرا حال لزيد، وكيف قدّرت - بعد أن يعلم السّامع من المصعد، ومن المنحدر - جاز (¬2). ولا يصحّ حالان يعمل فيهما فعل واحد لاسم واحد، كما لا يعمل فى ظرفين ولا مصدرين، ولهذا قالوا فى: جاء زيد راكبا مسرعا: إنّ" مسرعا" حال من المضمر فى" راكب". وأمّا المضاف إليه، فلا يخلو: أن يكون فاعلا أو مفعولا، أو غيرهما؛ فتقول فى الفاعل: أعجبنى ضربك زيدا قائما، فالحال من الكاف المجرورة لفظا، المرفوعة معنى؛ لأنّها الفاعل، وتقول فى المفعول: أعجبنى أكل البسر طريا، فالحال من البسر؛ لأنّه المفعول، فإن لم يكن المضاف إليه فاعلا ولا مفعولا، قلّت الحال منه، كقولك: جاءنى غلام هند ضاحكة، وعليه قوله تعالى: بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (¬3)؛ ف" حنيفا" حال من" إبراهيم"، ¬
الفرع الثانى: فى شرائطها.
وقيل: إنّها حال من «الملّة» (¬1)، على معنى الدّين، ومثله قوله تعالى أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (¬2)، ف" مصبحين" حال من" هؤلاء"، وأنشد الفارسىّ (¬3): عوذ وبهثة حاشدون عليهم … حلق الحديد مضاعفا يتلهّب ف" مضاعفا" حال من الحديد (¬4). وأمّا قولك: جاء زيد وعمرو منطلق - وكون هذه الجملة حالا، وليست هيئة لزيد - فإنّما هذا على تقدير: جاء زيد موافقا انطلاق عمرو، وسيجئ بيان هذا فى الفصل الثّانى. الفرع الثّانى: فى شرائطها. ¬
للحال (¬1) شرائط - فى الغالب - بها يصحّ أن تكون حالا: الأولى: أن تكون نكرة؛ لأنّها صفة للفعل الذى الموصوف ملابسه، والفعل نكرة، وصفة النكرة نكرة، وما جاء منها معرفة فمؤوّل، وسيجئ بيانه (¬2). الثّانية: أن تكون مشتقّة، أو فى تقدير المشتقّة؛ لأنّها صفة، والصّفة لا تكون إلّا مشتقّة - كما سيأتى بيانه فى باب (¬3) الصّفة - وما جاء منها غير مشتقّ فمؤوّل. الثّالثة: أن تأتى بعد معرفة، أو ما قاربها؛ لأنّها فضلة فى الخبر، والنكرة أحوج إلى الصّفة، وما جاء منها بعد نكرة فمؤوّل، ويأتى بيانه (¬4). الرّابعة: أن تأتى بعد تمام الكلام؛ لأنّها زيادة فى الفائدة، والزّيادة إنّما تأتى بعد التّمام. الخامسة: أن تكون لما هو الفاعل عليه، طال الوقت، أو قصر؛ فلا يجوز أن تكون لما مضى، ولا لما يأتى؛ لأنّا قلنا: إنها هيئة الفاعل، أو المفعول وصفتهما فى ذلك الفعل، وما جاء منها مستقبلا فمؤوّل، وهو الذى يسمّى حالا مقدّرة. ¬
الفصل الثانى: فى أحكامها
السّادسة: أن لا تكون الصفة خلقة فلا تقول: جاءنى زيد أحمر، ولا جاءنى عمرو طويلا، إلا أن تريد: متحّمرا، أو متطاولا (¬1)، وهى التى تسمّى غير منتقلة، وحالا مؤكّدة. السّابعة: أن تكون مقدّرة ب" فى"؛ لأنّها أشبهت الظرف؛ بكونها مفعولا فيها. الثامنة: أن تكون جواب" كيف"؛ لأنّ وضع" كيف" للسؤال عن الحال، وقد استعملت العرب ألفاظا يخالف ظاهرها هذه الشّرائط، أو بعضها، ولها تأويل يرجعها إليها، وسنذكرها مفصّلة إن شاء الله تعالى. الفصل الثانى: فى أحكامها الحكم الأوّل: قد قلنا: إنّ الحال ينبغى أن تكون نكرة، فأمّا ما جاء منها معرفة، من نحو قولهم:" دخلوا الأوّل فالأوّل" وجاء والجمّاء الغفير" و" أرسلها العراك" و" طلبته جهدك وطاقتك" و" جاءوا قضّهم بقضيضهم" و" رجع عوده على بدئه"، و" مررت به وحده" - عند سيبويه (2) - فإنّما هذه مصادر (2) أفعال محذوفة، وأسماء حملت عليها، ووضعت فى موضع ما لا تعريف (¬2) فيه، وقد اختلفوا فى تقديرها. فسيبويه يقدّر" الأوّل فالأوّل" واحدا واحدا (¬3)، وقدّروا فى" العراك" ¬
معتركة (¬1)، وفى" جهدك" و" طاقتك" جاهدا، وفى" قضّهم بقضهم" (¬2) قاطبة، وفى" عوده على بدئه" (¬3) عائدا، و" الجمّاء الغفير" أى: مجتمعين (¬4) فى كثرة، وكذلك ما كان من هذا النّوع. وأمّا؛ وحده": فقد اختلفوا فى وجه نصبه، فقال قوم: على الحال (¬5) وقال قوم: على الظّرف (¬6)، وقال آخرون: على المصدر (¬7) ومذهب سيبويه: أنّه مصدر أقيم مقام الحال (¬8)، ولا يثنّى ولا يجمع، ولا يؤنّث، وإنّما التّثنية والجمع، والتأنيث للمضاف إليه، ولا يرفع، ولكن يجرّ فى ثلاثة مواضع: واحد للمدح - وهو قولهم:" نسيبج وحده" - واثنان للذّمّ، يقالان للرّجل إذا كان يستبدّ (¬9) برأيه، وهما" عيير وحده" (9)، وحجيش (9) وحده. الحكم الثانى: قد قلنا: إنّ الحال ينبغى أن تكون مشتقّة، فأمّا ما جاء منها غير مشتق، فقد جاء جملة، ومفردا. ¬
أمّا الجملة: فقالوا:" كلّمته فاه إلى فىّ" وبايعته يدا بيد" و" بعت الشّاة شاة ودرهما" و" بيّنت له حسابه بابا بابا" و" قامرته درهما فى درهم"، قال سيبويه: واعلم أنّ هذه الأسماء - الّتى فى هذا الباب - لا يفرد منها شئ دون شئ؛ فلا تقول: كلّمته فاه، حتّى تقول إلى فىّ، وكذلك الباقى، قال: ومن العرب من يرفع هذا (¬1) النّحو، وهو قليل. وأمّا المفرد: فكقوله تعالى: هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً (¬2) وقوله تعالى: فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ (¬3)، وقول الشّاعر (¬4): ترى خلفها نصفا قناة قويمة … ونصفا نقا يرتجّ أو يتمرمر وقولهم:" هذه جبّتك خزا"، فجميع هذه الأمثلة مؤوّلة، مرجوع بها إلى المشتقّ، تقديره: مشافها، ونقدا، ومسعّرا، ومفصّلا، ومقرّرا، وعلامة ومفترقين، ومقسوما، وناعما. ¬
ومن المفرد: الحال الموطّئة، كقوله تعالى: وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا (¬1). وقولك: مررت به رجلا صالحا، فالصّفة سوّغت مجئ الجامد حالا. الحكم الثالث: قد قلنا: إن الحال لا تكون إلّا لمعرفة، فأمّا وقوعها بعد النكرة، فلا يخلو: أن تكون النكرة موصوفة، أو غير موصوفة. فإن كانت موصوفة: جاز وحسن وقوعها حالا لها؛ لقربها من المعرفة بالوصف، كقوله تعالى: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا (¬2)؛ لأنّه لمّا كان الأمر موصوفا، قرب من المعرفة، فانتصب" أمرا" على الحال. وكقول الشّاعر (¬3): يا عين جودى بدمع منك مجهودا لأنّ" منك" وصف ل" دمع"، أو فيه ضمير مرتفع به، والحال منه، فأمّا قوله (¬4): وما حلّ سعدىّ غريبا ببلدة … فينطق إلّا الزّبرقان له أب فإنّ النكرة المنفيّة تستوعب جميع أنواعها، فتنزّلت منزلة المعرفة. فإن كانت/ النكرة غير موصوفة لم يكن ما بعدها حالا، وإنّما يكون صفة ¬
تتبعها، فإن قدّمتها عليها انتصبت على الحال منه؛ لأنّ الصّفة لا تتقدّم على الموصوف، كقولك: هذا كريما رجل، ومنه قول الشاعر (¬1): وتحت العوالى بالقنا مستظلّة … ظباء أعارتها العيون الجآذر وقول الآخر (¬2): لعزّة موحشا طلل … يلوح كأنّه خلل وقد أجاز سيبويه (¬3): فيها رجل قائما، فنصبه على الحال من" رجل" وهو مشكل؛ لأنهّ يجب أن يكون حالا من المضمر، وأنشد الفارسىّ (¬4): جنونا بها فيما اعتشرنا علالة … علالة حبّ مستسرّا وباديا فجعله حالا من" حبّ"، وهو نكرة. ¬
الحكم الرّابع: المعرفة لا تخلو: أن لا يكون فيها ألف ولام، أو يكون فيها ألف ولام، وكلهّا ينتصب عنها النكرة، على الحال، إلّا إذا أريد بالمعرفة واحد من الجنس، ولا يراد بالإخبار عن واحده الإخبار عن جنسه، تقول هذا الأسد مهيب، وهذه العقرب مخوفة، ترفع؛ لأنّك (¬1) تريد واحدا من الأسود والعقارب، فإن أردت عموم الجنس نصبت. الحكم الخامس: قد تقدّم أنّ الحال لا يأتى إلا بعد تمام الكلام، فأمّا قولهم: ضربي زيدا قائما، وأخطب ما يكون الأمير قائما، وما كان من هذا الباب، فقد سبق ذكره فى باب" خبر المبتدأ" (¬2)، ويجرى مجراه، قولهم: هذا بسرا أطيب منه رطبا"، و: هذا زيد مقبلا أفضل منه مدبرا، تقديره: إذا كان بسرا، وإذا كان رطبا. و" كان" في هذا الباب تامّة، فلا يكون المنصوب خبرا، وإنّما يكون حالا،/ وهذا الحكم مطّرد في كلّ وصف ينتقل ويتحوّل؛ فإنّ" البسر" يصير رطبا، و" المقبل" يصير" مدبرا"، فأمّا ما لا ينتقل (¬3) ويتحوّل، فالرّفع، تقول: هذا بسر أطيب منه عنب، وهذا زبيب أطيب منه تمر؛ لأنّ البسر لا يتحوّل عنبا ف" هذا" مبتدأ، و" بسر" ¬
خبره، و" أطيب منه" مبتدأ، و" عنب" (¬1) خبره. الحكم السّادس: قد قلنا: إنّ الحال لا يكون إلا لما هو الفاعل، أو المفعول عليه؛ فلا يكون لما مضى، ولا" لما لم يأت، إلّا على تأوّل، وهو الّذي يسمّونه حالا مقدّرة، كقولهم: مررت برجل معه صقر صائدا به غدا، تقديره: مقدّرا به الصيد (1) غدا، ومنه قوله تعالى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (¬2) أي: مقدّرين الخلود، وإنمّا قلنا ذلك؛ لأنّ الحال عبارة عن هيئة الفاعل، أو المفعول عند إسناد الأمر إليه، هذا فى المستقبل، فأمّا في الماضي، فلا يقع إلّا ومعه" قد" مظهرة، أو مقدّرة، وسيجئ (¬3) بيانها. الحكم السّابع: قد قلنا: إنّ الحال لا تكون خلقة، وهي التي يسموّنها غير منتقلة. فالمنتقلة: ما جاز أن تفارق صاحبها، تقول: جاء زيد راكبا، ف" راكبا" حال منتقلة، تزول عن" زيد"، ويصير غير راكب. وغير المنتقلة: هى التى تلزم صاحبها، وتسمّى حالا مؤكّدة، وهي التي تجئ على أثر جملة منعقدة من اسمين لا عمل لهما، أو من جملة فعليّة، يدلّ لفظ الحال على معناها؛ لتوكيد خبرها، وتقرير مؤدّاه، ونفي الشّكّ عنه، كقوله تعالى: فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً (¬4)، وقوله: وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً (¬5) وقوله: وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (¬6)، وقوله: وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا (¬7) ¬
وكقولك:" هو زيد معروفا"، و" زيد أبوك عطوفا"، و" هو الحقّ بيّنا" وكقول الشّاعر (¬1): أنا ابن دارة معروفا بها نسبى وكقول الآخر (¬2): وقد فرّ عمرو هاربا من منية ألا ترى كيف حققّت التّبسّم/ بالضّحك، والحقّ بالصّدق، والأبوّة بالعطف، والبعث بالحياة، والبنوّة بالعرفان، وتقول: أنا فلان بطلا شجاعا وكريما جوادا، فتحقّق ما أنت متسّم به، وما هو ثابت لك فى نفسك. الحكم الثّامن: قد أوقعوا المصادر أحوالا، كما أوقعوا الحال مصدرا في قولهم: قم قائما، وفي قول الشّاعر (¬3): على حلفة لا أشتم الدّهر مسلما … ولا خارجا من فيّ زور كلام فقالوا:" قتلته صبرا"، و" لقيته فجاءة" و" عيانا": و" كفاحا" ¬
و" كلّمته مشافهة" و" أتيته ركضا" و" مشيا" و" عدوا" و" أخذت عنه سمعا" و" سماعا"، فكلّ هذه مصادر جعلت أحوالا، على تأوّل - وإن كانت مشتّقة - تقديره: مصبورا، ومفاجئا، ومعاينا، ومكافحا، ومشافها وراكضا، وماشيا، وعاديا، وسامعا، قال سيبويه: وليس كلّ مصدر - وإن كان فى القياس مثل ما مضى، من هذا الباب - يوضع هذا الموضع؛ لأنّ المصدر ها هنا موضع فاعل إذا كان حالا، ألا ترى أنه لا يحسن أن تقول: أتانا سرعة ورجلة (¬1)، وغير سيبويه (¬2) يجيز هذا الباب قياسا. الحكم التاسع: الحال تكون مفردا، وهو الأصل، وقد ذكر، وتكون جملة؛ حملا على المفرد، وسبكا منها معناه، ولا يخلو أن تكون اسميّة، أو فعليّة. أمّا الاسمّية: فلا يخلو: أن تكون من سبب ذى الحال، أو أجنبية. فإن كانت من سببه لزمها العائد، والواو، تقول: جاء زيد وأبوه منطلق، و: خرج عمرو ويده على رأسه، إلّا ما شذّ فجاء بغير واو، قالوا: " كلّمته فوه إلى فيّ"، و" لقيته عليه جبّة وشي"، وقالوا:" جاء زيد يده على رأسه". وإن كانت أجنبّية لزمها الواو، ونابت عن العائد، وقد يجمع بينهما، تقول: جاء زيد وعمرو منطلق، ودخل عمرو وبشر قائم إليه، وقد جاءت بلا ¬
واو، ولا ضمير، قال (¬1): ثمّ انتصبنا جبال الصّعد معرضة … عن اليسار وعن أيماننا جدد ف" جبال" الصّعد معرضة" حال من" نا" في" انتصبنا". وأمّا الفعليّة: فلا يخلو: أن يكون فعلها مضارعا، أو ماضيا. فإن كان مضارعا فلا يخلو: أن يكون مثبتا، أو منفيّا. فالمثبت لا يكون معه الواو، تقول: جاء زيد يضحك، فأمّا قولهم: " قمت وأصكّ عينه"، فعلى إضمار المبتدأ، أي: وأنا أصكّ عينه؛ بدليل ظهورها في قوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (¬2). والمنفيّ جاء بالواو، وعدمها، تقول: جاء زيد ولم يضرب عمرا، وجاء زيد لم يضرب عمرا. وإن كان الفعل ماضيا فحكمه حكم المضارع (3)، إلّا أنّه يلزمه" قد" (¬3) مظهرة، أو مقدرة؛ لتقرّبه إلى الحال، تقول: جاء زيد وقد قام عمرو، وقدم بشر وخرج الأمير، أي: وقد خرج الأمير، وعليه قوله تعالى: أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (¬4)، وقوله: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ (¬5)، ¬
فقد في هاتين الآيتين مضمرة (¬1)، والمبرّد (¬2) يجعل ذلك من الدّعاء عليهم، وأنّ ذلك من الله إيجاب، قال: والقراءة (2) الصّحيحة الّتي جلّ أهل العلم عليها، إنما هى: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ (¬3)، حكى ذلك عنه ابن السّرّاج في" الأصول" (¬4)، وهذا عجيب؛ فإنّ قراءة السّبعة إنّما هي حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ (¬5) فكيف يزعم أنّ القراءة الصّحيحة التي عليها جلّ العلماء بخلاف ذلك، ولا ينبّه صاحب" الأصول" عليه؟! وقد جاء حرف الجرّ حالا، كقوله تعالى: وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (¬6)، وقوله: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ (¬7)، وقوله: دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً (¬8)، فالعطف دلّ على أنّ حرف (¬9) الجرّ حال. ¬
الفصل الثالث: فى عواملها
الفصل الثّالث: فى عواملها وهي ضربان: ظاهرة، ومضمرة. أمّا الظّاهرة: فلا يخلو: أن تكون متصرّفة، أو غير متصرفة، والتّصرّف: عبارة عن التنقّل فى الأزمنة، والأمر، والنّهي، واسم الفاعل والمفعول/ والمصدر، نحو: ضرب يضرب ضربا، فهو ضارب، ومضروب واضرب، ولا تضرب. فالمتصرّفة: كالأفعال الجارية على بابها، ولا يخلو صاحب الحال معها أن يكون مظهرا، أو مضمرا. فالمظهر: يجوز تقديمه - في الرّفع والنّصب - على صاحب الحال إجماعا (¬1)، وعلى العامل، عند البصريّ (1)، تقول: جاء راكبا زيد، وراكبا جاء زيد، ورأيت راكبا زيدا، وراكبا رأيت زيدا، وقد منع الأخفش (2): راكبا زيد جاء؛ لبعدها عن العامل (¬2). والمضمر: مجمع على تقديمه (¬3)، تقول: راكبا جئت، وجعل المبرّد (¬4) قوله تعالى: خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ (¬5)، من هذا، ¬
وكذلك قوله (¬1): مزبدا يخطر ما لم يرني … فإذا يخلو لحمي رتع فإن كانت الحال لمجرور، لم تتقدم على صاحبها، ولا على العامل، عند سيبويه (¬2)، تقول: مررت بزيد جالسا، ولا يجوز مررت جالسا بزيد، ولا جالسا مررت بزيد؛ لأجل اللّبس، وغيره (¬3) يجيزه مستدلا بقوله (¬4): إذا المرء أعيته السّيادة ناشئا … فمطلبها كهلا عليه شديد ف" كهلا" حال من الهاء فى" عليه"، وبقوله (¬5): لئن كان برد الماء حرّان صاديا … إليّ حبيبا إنهّا لحبيب ¬
ف" حرّان" حال من الياء في" إلىّ"، وبقوله تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ (¬1)، على أنّ" كافّة" حال من" النّاس" (¬2). فإن لم يكن العامل متصرّفا، لم يجز تقديم الحال عليه، نحو قولك: هذا زيد قائما، وقوله تعالى: وَهذا بَعْلِي شَيْخاً (¬3)، وقوله: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (¬4) ونحو: زيد في الدّار قائما، وفيها زيد مقيما، وما شأنك قائما؛ فينصب هذا كلّه على الحال من" هذا"، ومن الظّرف، والجارّ والمجرور، ومن الاستفهام؛ لما فيهنّ من معنى الفعل (¬5)، فكأنّك قلت: أنّبه عليه قائما/ وأشير إليه قائما، وأستفهم عنه قائما، ولا يتقدّم الحال في هذه الأمثلة على العامل، فلا تقول: قائما هذا زيد، ولا مقيما فيها زيد، ولا قائما ما شأنك؛ وقد أجاز الأخفش (¬6): زيد قائما في الدّار، ومنع منه سيبويه (¬7)، ولكلّ حجّة. ولك أن تعمل" ها" التي للتنّبيه، وإن شئت أعملت" ذا" الذّي ¬
للإشارة، فإذا تساوى الأمر فيهما، أعمل الكوفيّ الأوّل (¬1)، وأعمل البصريّ الثاني (¬2)، فقياس البصريّ (¬3) أن يمنع: ها قائما (¬4) ذا زيد؛ لأن عامله بعده، والكوفيّ لا يمنعه (3)، وأجمعا على منع: قائما هذا (4) زيد، ويجيز البصريّ إعمال (3) الأوّل. فأمّا تقديم الحال على صاحبها فجائز، تقول: هذا واقفا زيد، وهذا واقفا رجل، وفي الدّار مقيما زيد، ولك أن ترفع فتجعل" واقفا" خبر" هذا" و" زيد" بدل منه، وأنشدوا هذا البيت (¬5)، نصبا، ورفعا: أترضى بأنّا لم تجفّ دماؤنا … وهذا عروسا باليمامة خالد فأمّا قوله تعالى وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ (¬6)، فمنهم من ¬
يجعل" قبضته" بتقدير: مقبوضة (¬1)، ويخرجها عن حكم المصدر، ويعملها فى الحال مقدّما عليه، ومنهم من يجعل التقدير: والأرض إذا كانت (1) جميعا، وعلي هذا يجيزون نحن جميعا في عافية، أي إذا كنّا جميعا ومتى وقع الظّرف - بعد المبتدأ - مكرّرا، من لفظه، أو من غير لفظه، أو كان أحد المكرّرين متّصلا بضمير الآخر؛ ووقع معهما اسم يصلح أن يكون خبرا، فلك فيه النصب، على الحال، والرّفع على الخبر، كما كان قبل التكرار، نحو قولك: زيد في الدار قائما في الدار، وزيد في الدّار قائما في البيت، وزيد في الدّار قائما فيها. وأمّا العامل في الحال إذا كان مضمرا، فقد جاء في كلامهم كثيرا، حذفوه؛ اختصارا، نحو قولهم للمرتحل:" راشدا مهديّا"، و" مصاحبا معانا"، بإضمار:" اذهب" وقولهم للقادم من حجّه:" مأجورا مبرورا"، أي: رجعت، وقولهم:" أخذته بدرهم فصاعدا"، و" بدرهم فزائدا (¬2) " أى: فذهب الثّمن صاعدا، وزائدا، وقولهم: أتميميا مرّة وقيسيّا/ أخرى؟ كأنك ¬
النوع الثاني: في التمييز،
قلت: أتتحوّل كذا وكذا، وإنما تريد أن تثبت له هذه الحال التى رأيته فيها، لا أن تستفهمه عن حاله، ويجوز فيه الرّفع، ومن هذا الباب، قوله تعالى: بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (¬1)، أي: نجمعها قادرين، ومنه، إذا رأيت من يتعرّض لأمر قلت: متعرّضا لأمر لم يعنه، أى: دنا منه، وإذا أنشدت شعرا، أو حدّثت حديثا، قلت: صادقا، أى: قال، وهذا باب واسع في كلامهم. النوّع الثاني: في التّمييز، ويسمّي: التّبيين، والتفسير، وفيه ثلاثة فصول. الفصل الأوّل: في تعريفه التّمييز: تخليص الأجناس المحتملها المحلّ، بواحد منكور غالبا، يحسن تقدير" من" في أكثره، وإن شئت قلت: هو رفع الإبهام الواقع في جملة، أو مفرد، بالنّصّ على أحد محتملاته، وهو ينقسم قسمين: أحدهما: يأتى بعد تمام الكلام (¬2)، والآخر: يأتى بعد تمام (¬3) الاسم. القسم الأوّل كقولك:" طبت به" نفسا،"، و" ضقت به ذرعا"، و" تصبّب زيد عرقا" و" تفقّأ عمرو شحما" و" امتلأ الاناء ماء"، ومنه قوله تعالى: وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً (¬4)، والأصل فيه: طابت نفسي، ¬
ذرعي، وتصبّب عرق زيد، فالنفس هي الفاعلة، والياء مجرورة الموضع بالإضافة، ثمّ إنّهم أسندوا الفعل إلى الياء، منقولا عن موضعه، فارتفع به كما ارتفعت به النّفس، فبقي المرفوع أوّلا غير مستحقّ للرّفع؛ لأنّه لا يكون فاعلان لفعل واحد بغير عاطف، وليس بصفة للأوّل؛ لأنّه نكرة والأوّل معرفة ولا هو هو، فيكون بدل كلّ، ولا فيه ضمير، فيكون بدل اشتمال، أو بعض، ولا يجوز جرّه؛ لعدم الجارّ؛ فلم يبق إلّا النّصب؛ فنصبوه لذلك؛ ولأنّه جاء بعد تمام الكلام، وهو/ استيفاء الفعل فاعله. وفي قولهم:" امتلأ الإناء ماء"، نظر؛ لأنّك لا تقول: امتلأ ماء الإناء، كما تقول: تصّبب عرق زيد، ولكنّه لمّا كان الماء يملأ الإناء؛ قرب من ذلك وكان فاعلا. ومن هذا الباب، كلّ ما يأتي بعد" أفعل" التّى للتفضيل، نحو قولك: زيد أكمل النّاس عقلا، وأحسنهم وجها، وهو أجرأ جنانا، وأحسن عبدا؛ فالكمال والحسن والجراءة - فى الحقيقة - هي للعقل والوجه والجنان والعبد، وهي - في اللفظ - لمن أضيفت إليه، وفيه ضميره، إلا أنّ الوجه بعضه، والعبد غيره؛ فإذا قلت: أنت أحسن العبيد، فقد قدّمته عليهم، وهو واحد منهم، وإذا قلت: أنت أحسن عبد في النّاس، فمعناه: أنت أحسن من كلّ عبد إذا أفردوا عبدا عبدا، كما تقول: أنتما أحسن عبدين في النّاس إذا أفرد العبيد اثنين اثنين، وإذا قلت: زيد أحسن عبدا، لم يكن زيدا عبدا، وإذا قلت: زيد أحسن عبد، كان عبدا، واستقبحوا: زيد أكثر مالا وأطيبه؛ لأنّ الهاء لا تكون فى موضع الجرّ؛ لأنّه ليس ببعض الأوّل، ولا في موضع النّصب؛
لأنّه يلزم أن يكون نكرة ليميّز، وهو معرفة، وسيرد هذا مستقصي في باب (¬1) الإضافة. القسم الثاني: ما يأتى بعد تمام الاسم، وهو على ثلاثة أضرب: أعداد، ومقادير، ومحمول عليها. الأوّل: الأعداد، وهي نوعان: أحدهما: ما أضيف إلى المميّز، وهو ما كان منوّنا، ومحلهّ: من الثّلاثة إلى العشرة، ومن المائة إلى ما فوقها، تقول: ثلاثة أثواب، ومائة درهم، وألف دينار، وقالوا: ثلاثة أثوابا، ومائتان رجلا، والثاني: ما انتصب بعده المميّز، وهو: من أحد عشر إلى تسعة وتسعين، تقول: عندي أحد عشر درهما، وعشرون دينارا، وتسعة وتسعون ثوبا وسيرد هذا مستقصى فى باب (¬2) العدد. الضرب الثاني: المقادير، وهي ثلاثة أنواع: ممسوح، ومكيل، وموزون والعدد، وإن كان مقدارا، إلّا أنّه ليس له آله يعرف بها كهذه. فالممسوح كقولهم:" ما في السّماء قدر راحة سحابا"، و" ما في الثّوب مصرّ (¬3) درهم نسيجا"، و" ما في الأرض قدر قدم خضرة"، ألا ترى أنّك إذا قلت: ما في السّماء قدر راحة، احتمل أن يكون من الصّحو، والغيم، وغيرهما، فلمّا قلت: سحابا، فسّرت به ذلك لمبهم. والمكيل، كقولك: عندي قفيزان برّا، ومكّوكان دقيقا، وراقود خلّا ¬
وملء الإناء عسلا، وكلّ هذه المقادير تحمل أشياء من المكيلات، فإذا بيّنتها بأحدها، أزلت ذلك الاحتمال. والموزون، كقولك: عندي منوان سمنا، ورطل عسلا، ورطلان زيتا، فقد فسّرت بالسّمن، والعسل، والزّيت، ما احتمله المنوان، والرّطل. ويحتاج - في هذا الباب - إلى محذوف مقدّر؛ ليصحّ الكلام؛ فإنّك إذا قلت مثلا. عندي راقود خلّا، فليس الخلّ من الرّاقود، والمفسّر يجب أن يكون من جنس المفسّر؛ فيقدّر المحذوف؛ ب" ملء"، أو ب" قدر"، فكأنّك قلت: عندى ملء راقود خلّا، وقدر رطل عسلا. الضّرب الثّالث: المحمول، وذلك كقولهم:" حسبك به فارسا"، و" لله درّه شجاعا"، و" كفى به ناصرا"، وكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا * (¬1)، و" ويحه رجلا"، و" لي مثله رجلا"، و" على التمرة مثلها زبدا"، فهذا النّوع، وإن لم يكن داخلا تحت المقادير، فإنّه يناسبها؛ من حيث إنّه يزيل الاحتمالات المبهمة؛ فإنّك في قولك هذا - قبل دخول المميزّ - متعجّب من الأجناس التي احتملها، فإذا قلت: فارسا، أو شجاعا، أو رجلا، بيّنت المقصود. والباء في" حسبك به" يجوز أن تكون زائدة، فتكون الكاف مفعولة والهاء فاعلة في المعنى، ويجوز أن تكون غير زائدة، فتكون الكاف فاعلة في المعني، التقدير: اكتف به، قال ابن السّرّاج: ويجوز أن تقول: عندي رطل زيت، وخمسة أثواب، ولي مثله رجل، على البدل (¬2). ¬
الفصل الثاني: في أحكامه
الفصل الثّاني: في أحكامه الحكم الأوّل: الممّيز لا يكون إلّا نكرة؛ لأنّهم أرادوا أن يكون المنصوب غير المنقول دليلا على الجنس؛ فحيث بلغوا مقصودهم بالنكرة، لم يتعدّوها، ولأنّ النكرة واحد يدلّ على أكثر منه، والمعرفة معينّة، لا تدلّ على غير ما وضعت له. وأمّا المنقول: فإنّ تعريفه كان بالإضافة، وقد زالت الإضافة، وجعل المضاف إليه فاعلا، أو نحوه من معمولات الفعل؛ فبقي على بابه؛ فلا تقول: طبت به النّفس، وتصبّب زيد العرق، ولا عشرون الدّرهم، وقفيزان البرّ، ومنوان السّمن، وقدر راحة السّحاب، وقد أجاز ذلك الكوفيّ (¬1)، وينشد (¬2): رأتيك لمّا أن عرفت جلادنا رضيت وطبت النّفس يا عمرو عن بكر والبصريّ يجعل (¬3) اللام زائدة. ويقولون في" الحسن الوجه"، وفي قوله (¬4): والطّيبّون معاقد الأزر ¬
إنّه منصوب على التّمييز (¬1)، والبصريّ ينصبه على التّشبيه بالمفعول (1) به، قال ابن السّرّاج: فأمّا قوله تعالى:" إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ" (¬2)، وقوله:" وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها" (¬3)، فقال بعض النّحاة: نصبه كنصب التفسير، والمعنى: سفهت نفسه، و" بطرت معيشتها، ثمّ حوّل" السّفه" إلى المضمر، و" البطر" إلى القرية، فخرج" النفس"، و" المعيشة" مفسّرا، وكان حكمه: سفه نفسا، وبطرت معيشة، فترك على إضافته، ونصب نصب (¬4) النكرة. الحكم الثّاني: باب المميّز أن يكون واحدا مع الواحد، والاثنين، والجماعة؛ لأنّه إذا حصل به الغرض، فلا حاجة إلى غيره، وقد جاء فيه الجمع؛ حملا على الأصل، كقوله تعالى في الواحد:" فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً" (¬5)، وقال في الجمع: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا (¬6) فلم [يقل] (¬7): أنفسا، ولا عملا، والصوّاب - في هذا - أن يقال: كّل محلّ يلتبس، فالصّواب ارتكاب الأصل فيه، ألا ترى أنّ" النفس" في الآية غير ملتبسة الأمر؛ فوحّدت، والأعمال لو أفردت لالتبس أمرها، ولظنّ أنّ الخسارة التى يتفاوتون فيها إنمّا هي عمل واحد، قال ابن السّرّاج: لك ¬
الخيار في الاسم المميّز، إن شئت جمعته، وإن شئت وحّدته، تقول: طبتم ذلك نفسا، وأنفسا، وذكر الآيتين، وقال: فتقول - على هذا - هو أفره الناس عبيدا، وأجود النّاس دورا (¬1)، وأنكر المبرّد: عندى عشرون دراهم؛ لأنّك إذا قلت:" عشرون" فقد أتيت على العدد، فلم تحتج إلى غير ذكر ما يدل على الجنس (¬2). الحكم الثّالث: أكثر المميّز لا بدّ فيه من معنى" من"، والضّابط: أنّ كلّ ما كان الثّاني فيه هو الأوّل، لم تدخل فيه" من"، وما كان غيره، دخلته فتقول: أحد عشر درهما، وقفيزان برّا، و" لله درّه فارسا"، و" امتلأ الإناء ماء"، و" تفقّأ زيد شحما"، أي: من الدّراهم، ومن البّر، ومن الماء، ومن الشّحم؛ لأنّ هذه الأشياء المميّزة غير المميّزة، ولا تدخل على:" طبت به نفسا"، و" ضقت به ذرعا"؛ لأنّ المميّز فيه هو المميّز، قال ابن السّرّاج: يقولون:" حسبك به رجلا"، و" من رجل، وأكرم به فارسا، ومن فارس، ولا يقولون في: عشرين درهما، وأحسن عبدا: من درهم، ومن عبد؛ لأنّ الأوّل كان يلتبس فيه التّمييز بالحال، فأدخلت عليه" من"، لتخلّصه للتمييز (¬3)، والّثاني لم يقع فيه لبس، فلم يدخلوها عليه، فإن أدخلت عليه" من" جئت بالجمع، فقلت: عشرون من الدّراهم، هذا الأصل، ثمّ حذفت الألف واللّام، ¬
و" من"، والجمع، وأقيم مقامها اسم مفرد نكرة، فإذا ردّ بعضها ردّت كلهّا. الحكم الرابع: تمام الاسم يكون بعد التنوين وتقديره، وبعد نون التثنية والجمع، وبعد الإضافة. أمّا التنّوين؛ فلأنّه حجز الاسم أن يكون مجرورا بالإضافة، نحو: راقود خلّا؛ لفصله بين الاسمين. وأمّا تقدير التنوين، فنحو: أحد عشر وبابه؛ لأنّ أصله: أحد وعشرة. وأمّا النّون، فنحو: منوان عسلا، وعشرون درهما. وأمّا الإضافة، فنحو: لي مثله رجلا، فنزّل الحاجز بينهما منزلة الفاعل الذي حال بين الفعل وبين مفعوله أن يكون فيه بمنزلته، فانتصب المفعول وكذلك حجزت هذه الأشياء، وهي فيه على ضربين: أحدهما: زائل، والآخر: لازم. فالزّائل: التنوين ونون التّثنية؛ لأنّك تقول: رطل زيتا، و: رطل زيت، و: منوان سمنا، ومنوا سمن. واللازم: نون الجمع، والإضافة؛ لأنّك تقول: عشرون درهما، و: لي مثله رجلا، ولا تقول؛ عشرو درهم، و: مثل رجل. الحكم الخامس: لا يجوز أن يصير المميّز مميّزا، فإذا قلت: ذراع كتاّنا، وراقود خلّا، ورطل عسلا، لا يجوز أن تقول: خلّ راقودا، وكتّان ذراعا، وعسل رطلا؛ لأنّك إنّما تبيّن المقادير بالأجناس، لا الأجناس بالمقادير؛ ولأنّك تقول: ذراع من كتّان، ولا تقول: كتّان من ذراع، وما جاء من هذا، فهو منصوب على الحال، والأولى أن يرفع، ويكون صفة، كما تقول: عندى
رطل زيت، و: لي مثله رجل، على البدل، قال ابن السّرّاج: إذا قلت: ماء فرات، و: تمر شهريز (¬1)، وقضيبابان، ونخلتا برنيّ، فذلك ليس بمقدار معروف مشهور، وكلام العرب يحفظ، والاختيار فيه: الإضافة، أو الإتباع ولا يجوز فيه التّمييز إذا لم يكن مقدارا (¬2). الحكم السّادس: هذه المميّزات عن آخرها أشياء مزالة عن أصلها، ألا تراها - إذا رجعت إلى المعنى - متّصفة بما هي منتصبة عنه، وأنّ التقدير فيها: عندى زيت رطل، وسمن منوان، ودراهم عشرون، وماء ملء الإناء، وزبد مثل التمرة، وسحاب موضع كفّ، ورجل مثله، وكذلك القسم الآخر/ وهو وصف النفّس بالطّيب، والعرق بالتّصبّب، والشّيب بالاشّتعال، لأنّ الفعل في - الحقيقة - وصف في الفاعل؛ والسّبب في هذه الإزالة: قصدهم إلى ضرب من المبالغة والتّأكيد. ¬
الفصل الثالث: في عامل التمييز
الفصل الثالث: في عامل التمييز وهو على ضربين: فعل محض، ومعنى فعل. فالفعل، نحو:" تصّبب زيد عرقا" و" طبت به نفسا" وبابه. والمعنى: الحاجز المقدّم ذكره فى الأعداد، والمقادير، وهو: التنوين والنوّن والإضافة، وقيل: إنّ عامل هذا النّوع، إنّما هو الظّرف في نحو: عندي قفيزان برّا، والجارّ والمجرور في نحو:" لي مثله رجلا"؛ فيكون حينئذ لفظيا. وسيبويه يمنع من جواز تقديم المميّز على العامل (¬1). أمّا في القسم الأوّل؛ فنظرا إلى الأصل في أنّ المنصوب - في باب المنقول - هو المرفوع أوّلا، وحملا على باب المفعول معه؛ حيث لم يقدّم على عامله؛ نظرا إلى أصل وضع الواو. وأمّا في القسم الثّاني؛ فلأنه إنمّا انتصب بعد تمامه، فلا تقول: نفسا طبت به، وعرقا تصبّب زيد، ولا برا عندى قفيزان، ورجلا لي مثله. ¬
النوع الثالث: في الاستثناء،
والمازنيّ (¬1) والمبرّد (¬2) يجيزان تقديم الأوّل، وأنشدا (¬3): أتهجر ليلى للفراق حبيبها … وما كان نفسا بالفراق تطيب وأكثر البصريّين ينشدونه: وما كان نفسي بالفراق تطيب فعلى الأوّل يكون" نفسا" مميّزا، وفي" كان" ضمير" حبيبها"، وعلى الثّاني يكون" نفسي" اسم" كان"، و" تطيب" خبرها، ويكون قد عدل عن الإخبار عن المضاف المتكلّم، وهذا باب ما أوسعه فى العربية؟! وهو في القرآن والنظم والنثر كثير. النوع الثالث: في الاستثناء، وفيه ثلاثة فصول. ¬
الفصل الأول: في حده، وآلاته
الفصل الأوّل: في حدّه، وآلاته وفيه فرعان: الفرع الأوّل: في حدّه ، وقد اختلفت فيه عبارات العلماء. فقال قوم: هو أن تخرج شيئا ممّا أدخلت فيه غيره، أو تدخله فيما أخرجت منه غيره. وقال قوم: هو أن تخرج بعضا ممّا أدخلت فيه كلّا له، أو تدخل بعضا فيما أخرجت منه كلّا له. وقال آخرون: هو إخراج بعض ما يوجبه الّلفظ من عموم لفظ ظاهر، أو عموم حكم، أو عموم معنى، فمن قال بالأوّل، والثّالث، فالمنقطع عنده استثناء حقيقيّ، ومن قال بالثّاني، فالمنقطع عنده استثناء مجازيّ. ومثال عموم الّلفظ: قام القوم إلّا زيدا، ومثال عموم الحكم: لا أكلمّك إلّا يوم الجمعة، ومثال عموم المعنى: ما قام إلا زيد. الفرع الثّاني: في آلاته ، وهى: أصليّة، وفرعيّة. أمّا الأصليّة: فهي" إلّا" وهي التى عدّت الفعل القاصر، أو معناه - في هذا الباب - إلى المستثنى، فنصبته، كما عدّته" الواو" في باب المفعول معه و" الهمزة" في باب المفعول به، وإنّما كانت أصلا؛ لانها حرف لا معنى له سوى الاستثناء، إلا أنّه يحمل على (¬1) " غير" كما سيأتي بيانه. وللمستثنى بها حكمان: النّصب، والبدل ممّا قبله. ¬
وفيما دخلت عليه أمران: أحدهما: يجذبه إلى حيّز المفعول به؛ لأنّ" إلّا" عدّت الفعل - كالهمزة - فينبغي أن ينتصب المستثنى انتصاب المفعول به، فى:" أقمت زيدا". والثاني: يجذبه إلى المشبّه بالمفعول به؛ لأنّه قد ينتصب عن معنى الفعل، نحو: القوم في الدّار إلّا زيدا، هذا قول المحقّقين من النّحاة، وهو: أنّ المستثنى منصوب بالفعل المتقدّم، أو بمعناه بواسطة" إلّا". وأمّا الفرعيّة: فقد شبّه به أسماء، وأفعال، وحروف. أمّا الأسماء:/ ف" غير"، و" سوى"، و" سوى"، و" سواء"، و" بيد"، و" بله" - عند بعضهم (¬1) -، ولا" سيّما"، عند قوم (¬2). فأمّا" غير"، فإنّ لها أصلا، وفرعا. أمّا الأصل: فأن تكون صفة جارية على شئ، تقول: هذا رجل غيرك، ورأيت رجلا غيرك، ومررت برجل غيرك، وهي نقيضة" مثل" في المعنى، دون اللفّظ؛ لأنّك إذا قلت: مررت برجل غيرك، احتمل كلّ من تجاوز المخاطب؛ سواء كان مثله، أو ليس مثله، فأمّا إذا قلت: مررت برجل مثلك، فلا يكون إلا من يشبهه؛ ف" غير" عامّ فى النّفي، و" مثل" خاصّ في الإثبات، قال سيبويه: إنّما وقعت" غير" في الكلام؛ لتفصل بين ما أضيفت إليه وبين ما ¬
وقعت صفة (¬1) له، وهي أبدا مضافة، إلّا في قولهم: لا غير، وليس غير، وسيأتي (¬2) بيانه. وأمّا الفرع: فدخولها على" إلّا" في بابها؛ فيستثنى بها، وتعطى حكمها، كالمعاوضة لها عن دخول" إلّا" عليها في باب الوصف. ولا تكون" إلّا" صفة إلّا باجتماع ثلاث شرائط: الأولى: أن يكون موصوف" إلّا" مذكورا، تقول: قام القوم إلّا زيد، ف" إلّا" صفة، كأنّك قلت: قام القوم غير زيد، ولو قلت: ما جاء إلّا زيد، لم تكن" إلّا" صفة، كما لا تقول: ما جاء غير زيد، و" غير" استثناء. الثّانية: أن يكون الموصوف جميعا، كالقوم، أو جنسا، كالإنسان، أو نكرة في معنى الجماعة كأحد؛ تنبيها على أصلها - الذى نقلت عنه - وهو الاستثناء، تقول في الجمع: ذهب النّاس إلّا زيد، وتقول - في الجنس: يقبح بالإنسان إلّا الصّبيّ أن يلهو، وتقول في النّكرة العامّة: ما مررت بأحد إلا زيد، ف" إلّا" - في هذه الأمثلة - صفة. الثّالثة: أن يكون ما بعدها مفردا، لا جملة، فلو قلت: ما جاءني أحد إلّا زيد خير منه، لم تكن" إلّا" صفة. فبهذه الشّرائط الثّلاث، تكون" إلّا" صفة، وبها ثلاثتها تكون" غير" استثناء ومنه قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا (¬3)، ف ¬
" إلّا" صفة،/ وبعضهم يجعلها بدلا، وهو ضعيف، ومنه قراءة الأعمش: فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ (¬1)، بالرّفع (¬2)، ومثله قول الشّاعر (¬3): وكلّ أخ مفارقة أخوه … لعمر أبيك إلّا الفرقدان وحينئذ يكون إعراب" غير" - إذا جعلتها استثناء - إعراب الاسم الواقع بعد إلّا"، إن نصبا فنصب، وإن رفعا فرفع، وإن جرّا فجرّ، ويجرّ ما بعدها بالإضافة، قال الله تعالى: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ (¬4)، قرئ برفع" غير" (¬5) ونصبها (¬6) وجرّها (¬7)، فالرّفع: صفة القاعدين والجرّ صفة المؤمنين (8) والنّصب استثناء (¬8) من القاعدين، أو المؤمنين. ¬
فأمّا إعراب الاسم الواقع بعد" إلّا"، إذا كانت صفة، فإعراب" غير" نفسها، إذا كانت صفة، في الرّفع والنّصب والجّر. والفرق بين" غير" في الصّفة والاستثناء: أنّك في الصّفة تهمل من أضفت" غيرا" إليه، ولا تتعرّض له بنفى ولا إثبات، وفي الاستثناء تخبر عنه بالخروج من حكم ما قبل" غير"، فإذا قلت: ما جاءني أحد غير زيد، و" غير" صفة، فمعناه نفي المجئ عن جميع الناس، ولم تتعرّض ل" زيد" بنفى ولا إثبات، وكذا إذا قلت: جاءنى غير زيد، أثبتّ المجئ لمن هو غير زيد، ولم تتعرّض لزيد بشيء، فإن جعلتها استثناء، أثبتتّ - في الأولى - المجيء لزيد، وفي الثانية، لا تكون فيه" غير" استثناء؛ لأنّ المستثنى منه غير مذكور. ويجوز الحمل على موضع" غير" في العطف، نحو: ما جاءنى غير زيد وعمرو؛ فترفعه والوجه: الجرّ. وأمّا" سوى" و" سوى"، و" سواء" فإنهنّ ظروف غير متمكّنة، كما سبق في باب الظروف (¬1): فالكسر والضمّ: مع القصر، والفتح: مع المدّ، ويستثنى بهنّ، ويجرّ ما بعدهنّ. وحكمهنّ: حكم غير، إلّا أنّ الإعراب لا يظهر في المقصورتين، ويظهر ¬
في الممدودة، نصبا، ولا يرفع، ولا يجرّ/ إلّا في ضرورة الشعر كقوله (¬1): وما قصدت من أهلها لسوائكا وقد جاءت غير استثناء، في قوله (¬2): كأنّ ربّك لم يخلق لخشيته … سواهم من جميع النّاس إنسانا وكقوله (¬3): فلم يبق منها سوى هامد ومنهم من جعلها استثناء بتأوّل، وحكى سيبويه (4) عن الخليل (4): أتاني القوم سواءك، كقولك: أتاني القوم مكانك (¬4). ¬
وأمّا" بيد": فأكثر ما يستعمل مع" أنّ"، تقول: ذهب الناس بيد أنّي لم أذهب، ومنه قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:" .. بيد أنيّ (¬1) من قريش" ومعناها معنى" غير" (¬2)، وقد يكون بمعنى" على"، وقد يبدل من بائها ميم (¬3)، لغة. وأمّا" بله" فهي من أسماء الأفعال، ومعناها معنى" دع" (¬4)، ويكون ما بعدها منصوبا، تقول: قام القوم بله زيدا، أي: دع زيدا، وستجئ مبيّنة في باب (¬5) العوامل. وأمّا" لا سيّما": فإنها ثلاث كلمات:" لا" النافية - ومنهم من يجعلها (¬6) زائدة - وسىّ بمعنى" مثل"، و" ما" بمعنى" الّذي". ¬
والمستثنى بعدها مرفوع؛ لأنّه (¬1) خبر مبتدأ محذوف، تقديره:" هو"، وهو الراجع، تقول: قام القوم لا سيّما زيد (1)، أى: لا مثل الّذي هو زيد، وقيل: إنّ" ما" (¬2) زائدة والمستثنى بعدها مجرور بإضافة" سيّ" إليه. وقد نصب بها قوم، وأنشدوا قول امرئ القيس (¬3): ألا ربّ يوم لك منهنّ صالح ولا سيّما يوما بدارة جلجل وفي توجيهه بعد، وإنّما نصب يوما على الظّرف (¬4)، والفارسيّ ينصبه على التمييز (¬5). وتخفّف (¬6) " لا سيّما"، وتثقّل، ولم يعدّها أكثر العلماء في باب الاستثناء. ¬
وأمّا الأفعال، فعلى ضربين: أحدهما مجمع على فعليّته، والآخر مختلف فيه. أمّا الأوّل: فهو" ليس"/ - إلا في قول ضعيف (¬1) -، و" لا يكون"، ولا يظهر لهما فاعل في الاستعمال. وينتصب المستثنى بعدهما، تقول: جاءني القوم ليس زيدا، و: جاءني الرّجال لا يكون عمرا، التقدير: جاءني القوم ليس بعضهم زيدا، وجاءني الرّجال لا يكون أحدهم عمرا، فالمنصوب معهما هو خبرهما، والمضمر اسمهما، ولا يجوز إظهاره. وقد وقعتا صفة، قالوا: أتاني القوم ليسوا زيدا، وأتتني امرأة لا تكون هندا، وفيه قبح، وليس بالكثير، وحكى سيبويه (¬2) عن الخليل؛ ما أتاني أحد ليس زيدا، وما أتاني رجل لا يكون زيدا، إذا جعلته بمنزلة قولك: ما أتاني أحد لا يقول ذاك، أي: غير قائل ذاك. ومتى اتّصل المضمر المنصوب بهما، فلا يكون إلّا منفصلا، في الأكثر تقول: أتاني القوم ليس إيّاك، و: لا يكون إيّاك، وقد جاء المتّصل قليلا، نحو: ليس، وليسك، وليسني، وقد روي أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال لزيد الخيل:" ما وصف لي شئ في الجاهليّة فرأيته في الإسلام إلا ورأيته ¬
دون الوصف (¬1) ليسك"، يريد: إلّا أنت. الضّرب الثاني: المختلف فيه، وهو:" عدا" و" خلا"" وحاشا"، فالأكثر على أنّ" عدا" فعل (¬2)، بمعنى: جاوز، وأنّ" حاشا" حرف جر (¬3) أوصل الفعل إلى الاسم، ومعناه التّبرئة، ومن جعله (¬4) فعلا، فهو بمعنى فاعل من الحشا، الجانب، وقوله تعالى حاشَ لِلَّهِ (¬5) معناه: براءة (¬6) من السّوء، وقد حذفت ألفها الآخرة، فقيل حاش لله، وتصرّف فيها، فقيل: يحاشي، قال النّابغة (¬7): ولا أرى فاعلا في النّاس يشبهه … ولا أحاشي من الأقوام من أحد وأمّا" خلا" فالتّجاذب فيها متعادل في الفعليّة (¬8) والحرفيّة. فإن جعلتهنّ أفعالا فأعطهنّ حكم" ليس" و" لا يكون"، إلّا في وقوعهما (¬9) صفة، ولا يحسن معهنّ المنفصل، وإن جعلتهنّ حروفا فجرّ الاسم ¬
الفصل الثاني: في أنواع الاستثناء
بهنّ، تقول: قام القوم عدا زيدا وعدا زيد/، وخلا زيدا، وخلا زيد، وحاشا زيدا وحاشا زيد، حكى أبو زيد (¬1) أنّه سمع أعرابيّا يقول" الّلهمّ اغفر لي ولمن يسمع، حاشا الشيطان وأبا الأصبغ" فنصب ب" حاشا". فإن أدخلت" ما" على" عدا"، و" خلا" تمحّضتا للفعليّة، وانتصب ما بعدهما؛ لأنّ" ما" مصدريّة، والمصدريّة لا توصل إلّا بفعل، تقول: قام القوم ما عدا زيدا، وذهب النّاس ما خلا عمرا، تقديره: مجاوزتهم زيدا، وخلوّهم عمرا، أو زمن مجاوزتهم زيدا، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، وقد حكي الجرّ مع" ما خلا" (¬2) على أنّ" ما" زائدة. الفصل الثاني: في أنواع الاستثناء المستثنى على ضربين: أحدهما: أن يكون من موجب. والآخر: أن يكون من غير موجب. أمّا الموجب فنوعان: أحدهما: أن يكون متصّلا في الجنسّية. والآخر: أن يكون منقطعا. وكلاهما منصوب مع" إلّا" لفظا، أو موضعا، إلا أن يكون صفة. أمّا المتصّل: فهو أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، تقول في ¬
الموجب لفظا ومعنى: قام القوم إلّا زيدا، ورأيت القوم إلّا زيدا، ومررت بالقوم إلّا زيدا، وتقول في الموجب معنى، لا لفظا: ما أكل أحد إلّا الخبز إلّا زيدا، وما جاءني أحد إلّا راكبا إلّا زيدا، فمعنى الكلام: كلّ النّاس أكلوا الخبز إلّا زيدا، وكلّ النّاس جاءوني راكبين إلّا زيدا. وأمّا المنقطع فهو: أن يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه، كقولك: هلك القوم إلّا الدّار، ورحل النّاس إلّا المنازل، والبصريّ يقدّر" إلّا" فيه بمعنى" لكن"، والكوفيّ (¬1) يقدّرها ب" سوى". ولا بدّ للمنقطع البدليّ (¬2) من معنى يتّصل به الثّاني بالأوّل، حتّى يصير إلى أنّه لو لم يستثن لظنّ أنّه فيه، فيكون الكلام الذي قبل" إلّا" قد دلّ على ما يستثنى منه. وأمّا غير الموجب/: فأن يقع في نفى أو نهى أو استفهام، وهو نوعان: النّوع الأوّل: أن يكون العامل مفرّغا، فيتسلط على معموله: لأنه إذا تفرّغ ممّا يستحقّه بالوضع، لم يحتج إلى معدّ؛ فيكون وقوع" إلّا" معه ملغي لفظا، مستعملا معنى، وتعرب المستثنى بما يستحقّه من الإعراب، تقول: ما قام إلا زيد، وما رأيت إلّا زيدا، وما مررت إلا بزيد، فهذا ليس بدلا حقيقيّا؛ لأنّ المبدل منه غير مذكور فيضمر، إلا أنّ فيه معنى البدل من شئ مقدّر كأنك قلت: ما قام أحد إلّا زيد؛ لأنّ المستثنى لا يكون إلا من مستثنى منه؛ ¬
ولهذا قيل في قولهم: ما زيد إلا قائم: ما زيد شيئا من الأشياء إلا هذا، تقديرا، ولأنّك تقول: ما قام إلّا هند، فلولا هذا المقدّر لأظهرت علامة التّأنيث فقلت: ما قامت إلا هند، وهذه التّاء لا تظهر إلّا في الشّعر، كقوله (¬1): فما بقيت إلا الضّلوع الجراشع فعلمت أنّ المستثنى - في هذا الباب - معمول الفعل المفرّغ. وقد أجاز قوم: ما قام إلا زيدا، وأنشدوا (¬2): ¬
يطالبني عمّي ثمانين ناقة … وما لي يا عفراء إلّا ثمانيا النّوع الثّانى: أن يكون العامل مشغولا بمعموله، ولا يخلو ما بعد" إلّا": أن يكون متّصلا أو منقطعا، وكلاهما يجوز فيه" البدل، والنّصب على الاستثناء، والبدل مع الّمتصل أحسن، والنّصب مع المنقطع أحسن. أمّا البدل؛ فلأنّه يمكنك حذف المستثنى منه، وإقامة المستثنى مقامه، ولا يمكنك ذلك في الموجب، فتقول في المتّصل: ما قام أحد إلا زيد، وما رأيت أحدا إلا زيدا، وما مررت بأحد إلا زيد. وأمّا المنقطع فالبدل فيه لغة تميم (¬1) وهو على ضربين: ضرب/ حسن فيه البدل، وهو أن يكون المبدل داخلا في حيّز المبدل منه بتأويل" مّا"، كقولك: ما بالدّار أحد إلّا وتد، فالوتد يدخل في حيزّ" أحد" من حيث إنّه من توابعه، ومثله قولك: ما بالدّار شئ إلّا وتد. وضرب لا يحسن فيه البدل، وإنّما يكون منصوبا، وهو أن يكون البدل غير داخل في حيّز المبدل منه، كقولك: ما جاءني المسلمون إلّا الكافرين، ومنه قوله تعالى: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ. فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (¬2) فإذا قلت: ما قام القوم إلّا أباك، حسن النّصب، لأنّه بتقدير نفي موجب؛ فإنّه نفي قولك: قام القوم إلّا أباك، بخلاف: ما قام أحد إلّا أباك؛ لأنّ أحدا لا يقع في الإيجاب. ¬
وأمّا النّصب على أصل الاستثناء فتقول: ما بالدّار أحد إلّا وتدا، وإلّا زيدا، وما رأيت أحدا إلّا وتدا، وإلّا زيدا، وما مررت بأحد إلّا وتدا، وإلّا زيدا؛ وذلك لأنّ الكلام قد تمّ، فتوصل الفعل ب" إلّا"، وتخرجه مخرج الفضلات، فيصير النّفي - في هذا - بمنزلة الإيجاب، وقد قرئ قوله تعالى: وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ (¬1) بالرّفع (¬2)، على البدل من" أحد" وبالنّصب (¬3)، على أصل الاستثناء، ومن هذا الباب قوله تعالى: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ (¬4)؛ فإن جعلت" من رحم" مفعولا، كان منقطعا، أي: لكن من رحم معصوم (5)، وإن جعلته فاعلا، كان متّصلا، كأنّه قال: لا عاصم إلا الرّاحم (¬5)، يعنى: الله تعالى، وكذلك قوله تعالى: فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ (¬6)، فالنّصب مع المنقطع، والرّفع (¬7)، على البدل، عند الزّجّاج (¬8)، وعلى الوصف، عند يونس (¬9)، ومثله قولهم: لا تكوننّ من فلان في شئ إلّا سلاما بسلام (¬10) فالنّصب مع المنقطع، أى: لا تخالطه إلا متاركة، والرّفع، على أنّه خبر ¬
فالنّصب مع المنقطع، أى: لا تخالطه إلا متاركة، والرّفع، على أنّه خبر مبتدأ محذوف، تقديره/ إلّا شئ هو سلام بسلام، ومنه قولهم: ما زاد إلا ما نقص" و" ما نفع إلا ما ضرّ"، ف" ما" - مع الفعل - بمنزلة اسم، ولولا" ما" لم يقع الفعل بعد" إلّا"، فكأنّه قال: ما زاد الشئ ولكن النّقص أمره، وما نفع ولكن الضّرّ أمره، ومنه قول الشّاعر (¬1): نجا سالم والنّفس منه بشدقه … ولم ينج إلّا جفن سيف ومئزرا تمّ الكلام عند قوله:" ولم ينج"، ثم قال:" إلا جفن سيف ومئزرا" أي": لكن جفن سيف ومئزرا". فإن كان في المبدل منه مانع من الحمل على لفظه، حمل على الموضع، تقول: ما جاءني من أحد إلّا زيد، ولا رجل فيها إلّا زيد، فتحمل زيدا على موضع الفاعل والمبتدأ، دون الّلفظ؛ لأنّ" من" و" لا" لا يدخلان على المعارف فى هذا المقام، ويجوز النّصب في هذا، على أصل الاستثناء، فتقول: لا رجل فى الدّار إلا زيدا، وما جاءنى من أحد إلّا زيدا، ومنه قوله (¬2): مهامها وخروقا لا أنيس بها … إلّا الضّوابح والأصداء والبوما ¬
الفصل الثالث: في أحكام الاستثناء
مع تأوّل الجنسيّة، ومن هذا النّوع قولهم: ليس زيد بشئ إلّا شيئا لا يعبأ به"، فإن جعلت موضع" ليس"" ما" رفعت" شيئا. فإن فصلت" إلّا" وما بعدها بين الصّفة والموصوف - في النّفى - فالبدل، عند سيبويه (¬1)، والنّصب عند المازنيّ (¬2)، تقول: ما مررت بأحد إلا أبيك خير من عمرو، وإلّا أباك، تقديره: ما مررت بأحد خير من عمرو إلا أبيك. الفصل الثّالث: في أحكام الاستثناء الحكم الأوّل: لا يجوز الاستثناء إلّا من جماعة، أو نكرة عامّة، أو اسم جنس تقول: قام القوم إلّا زيدا، وما قام أحد إلّا زيد، وذهب الدّينار والدّرهم إلّا دنانيرك ودراهمك، وما مرّ بي البعير إلّا إبلك، ومنه قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا (¬3) / ولو قلت: قام زيد إلّا عمرو، لم يجز. الحكم الثّانى: لا يجوز الاستثناء بنكرة محضة من نكرة غير مؤقّتة؛ (¬4) لقلّة الفائدة، فلو قلت: رأيت ناسا إلا رجلا، أو رأيت رجالا إلّا إنسانا، لم يكن للاستثناء فائدة؛ لأنّ المقصود بالاستثناء: أن يخرج من الحكم ما لولا هو لدخل فيه وجوبا، وقولك: رأيت ناسا، لا يوجب دخول" رجلا" فيهم بعينه حتّى لو لم تستثنه لكان داخلا في الحكم، وإذا كان الغرض من الاستثناء غير ¬
متصوّر فيه؛ كان استعماله لغوا، وكان بمنزلة قولك: أخذت جملة إلا درهما. الحكم الثالث: لا يقع بعد" إلّا" - إذا كان قبلها اسم - إلّا اسم، أو فعل مضارع؛ فتقول: ما زيد إلّا قائم، وما زيد إلّا يقوم، ولو قلت: ما زيد إلّا قام لم يجز، فإن أدخلت" قد" أجازها قوم (¬1)، فأمّا قولك: ما أتاني زيد إلّا تكلّم بخير، فإنّ قبل" إلّا" (¬2) فعلا، (¬3) وأمّا قولك: ما تحدّثني إلا صدقت، وما تأتيني إلّا قلت حقّا، فالأوّل مضارع في تأويل ماض، كأنّك قلت: ما أتيتني إلّا قلت حقّا، فإن قلت: ما مررت بأحد إلّا زيد (¬4) خير منه، كان ما بعد" إلّا" جملة ابتدائيّة واقعة صفة لأحد، و" إلّا" لغو في اللفظ معطية فائدتها، جاعلة" زيدا" خيرا من جميع من مررت به. الحكم الرّابع: لا يجوز تقديم" إلّا" على العامل والمستثنى معا فى حال، كقولك: إلّا زيدا قام (¬5) القوم؛ لأنّهم شبّهوها بالواو، في باب المفعول معه، وقد جاء في الشّعر مقدّما عليهما. ¬
وأجمع البصريّون على جواز تقديم" إلّا" على المستثنى منه، إذا كان العامل مقدّما عليها: قام إلا زيدا (¬1) القوم، وما قام إلا زيدا أحد، فإن قلت القوم إلا زيدا في الدّار، لم يجز. وحكم المستثني - في هذا المقام - أن يكون منصوبا أبدا، أمّا الموجب فلأنّه كان قبل التقديم منصوبا، وأمّا غير الموجب؛ فلأنّ البدل لا يتقدّم على المبدل/ منه، كالصّفة والموصوف، فبقي على أصل الاستثناء، وعليه أنشد سيبويه (¬2): فما لى إلّا آل أحمد شيعة … وما لى إلا مذهب الحقّ مذهب وقد وقعت" إلّا" غير موقعها، كقوله تعالى: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا (¬3) تقديره، إن نحن (¬4) إلا نظنّ ظنّا، وتقول: ما ضربنا إلّا ضربا، ولا تقول: ¬
لسنا نضرب بإلّا ضربا؛ لأنّك تقدر أن تقول: لسنا إلّا نضرب ضربا، ولا تقدر في" ما" (¬1) على ذلك. الحكم الخامس: لا يجوز حذف المستثنى وإرادته، ويجوز حذف المستثنى منه لفظا؛ حملا على المضاف والمضاف إليه، فلمّا جاز حذف (¬2) المضاف، جاز حذف المستثنى منه، فقيل: ما قام إلّا زيد، ولمّا لم يجز حذف المضاف إليه، لم يجز حذف المستثنى؛ فلم يقل: قام القوم، ويراد: إلّا زيدا؛ فأمّا قولهم: ليس إلّا، و: ليس غير، فشاذّ، قال ابن السّرّاج: قد يحذفون المستثنى؛ استخفاقا، نحو قولهم: ليس إلّا، و: ليس غير، كأنهم قالوا: ليس إلّا ذاك، و: ليس غير ذاك (¬3). ومنه قوله عليه السّلام:" الطّيرة من الشّرك، وليس منّا إلّا، ولكنّ الله يذهبه بالتوكّل" (¬4)، يريد: وليس منّا إلّا من يتطيّر. الحكم السّادس: لا يستثنى ب" إلّا" اسمان؛ فلا تقول: أعطيت الناس الدنانير إلّا زيدا الدّراهم، ولا: ما أعطيت أحدا شيئا إلا زيدا درهما، كما لا تعطف اسمين بحرف واحد، فأمّا قول الشاعر (¬5): ¬
وليس مجيرا إن أتى الحيّ خائف … ولا قائلا إلّا هو المتعبّيا فشاذ، وهو محمول على فعل آخر، فإن قلت: ما أعطيت أحدا درهما إلّا زيدا دانقا، على البدل جاز، وكذلك: ما أعطيت القوم الدّراهم إلا عمرا دانقا. الحكم السّابع: إذا تكرّرت" إلّا" فلها معنيان: الأوّل: أن/ يكون استثناء من استثناء، فيكون الثاني ضدّ الأوّل، في الإيجاب والنّفي، كقولك: له عندى عشرة إلّا خمسة إلّا درهما، فالخمسة مستثناة من العشرة، والدّرهم مستثنى من الخمسة، فحصل الإقرار بستّة، ومنه قوله تعالى: إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ. إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا امْرَأَتَهُ (¬1)، ف" آل لوط" استثنوا من" قوم مجرمين"، و" امرأته" مستثناة من" آل لوط". الثّانى: أن يكون استثناء بعد استثناء، لا منه، فتكون" إلّا" فيه بمعنى الواو، تقول: ما فيها أحد إلّا زيد إلا عمرو، أي: وعمرو، ولك النّصب على أصل الاستثناء، فإن أخّرت المستثنى منه، فلا بدّ من نصب المستثنيين، تقول: ما فيها إلا زيدا إلّا عمرا أحد، فإن لم يكن معك مستثنى منه، فلا بدّ من رفع أحدهما، ونصب الآخر، تقول: ما أتاني إلّا زيدا إلّا عمرو، و: إلّا زيد إلّا عمرا؛ لأنّه لا يجوز أن يرتفع اثنان بفعل واحد، من غير عاطف، ومن هذا النّوع قوله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ ¬
وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (¬1)، كأنّه قال - والله أعلم -: لا يعلمها إلّا هو وهي في كتاب مبين (¬2)، فإن قلت: ما أكل أحد إلّا الخبز إلّا زيدا، فهذا ليس فيه إلّا نصب زيد؛ لأنّ الكلام موجب في المعنى، كأنّك قلت: كلّ النّاس أكل الخبز إلّا زيدا، وكذلك: ما جاءني أحد إلا راكبا. إلّا زيدا، كأنّك قلت: كلّ أحد جاءني راكبا إلّا زيدا. الحكم الثامن: إذا اجتمع" إلّا"، و" غير"، فاجعل أحدهما استثناء والآخر صفة؛ تقول: ما جاءني أحد إلا زيد غير عمرو، وما مررت بأحد إلّا وتدا غير زيد، قال شيخنا (¬3): ولا أعلم لصرفهما عن الاستثناءين معنى، ولا عن الوصفين إذا كانا مفترقين، فإن عطفت جاز رفعهما جميعا، تقول: ما جاءنى أحد إلا زيد وغير عمرو، فأمّا قول الشاعر (¬4): ما بالمدينة دار غير واحدة … دار الخليفة إلّا دار مروانا ¬
فترفع" غير" (¬1) للوصف، وتنصب" دار مروان" للاستثناء، ولك أن تنصبهما جميعا، على الاستثناء، وأن ترفعهما جميعا؛ فيصير الكلام: ما بالمدينة دار كبيرة إلّا دار مروان، ولك أن تنصب" غيرا"، وترفع" دار مروان"، وبعضهم لم يجزه (1). الحكم التّاسع: لا يجوز الجمع بين اثنين من آلات الاستثناء، لو قلت: جاءني القوم إلّا خلا زيدا، لم يجز، وقد أجازوا: إلّا ما خلا زيدا؛ للفصل، وأجاز الأخفش (¬2): جاءني القوم إلّا حاشا زيد بالجرّ. الحكم العاشر: لا يعطف على حرف الاستثناء ب" لا"، لا تقول: قام القوم ليس زيدا ولا عمرا، ولا: قام القوم غير زيد ولا عمرو. فأما قوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (¬3) ف" غير" صفة (¬4) دالّة على النّفي؛ لأنّها صفة الّذين" بمعنى أنّهم جمعوا بين نعمة الإيمان وبين السّلامة من غضب الله والضّلال، ولو كانت استثناء لم يجز. الحكم الحادى عشر: أكثر النحاة لا يجيزون الاستثناء بأكثر من ¬
النّصف (¬1)، وبعضهم (¬2) يجيزه، وعليه أكثر الفقهاء (¬3)، تقول: له عندى عشرة إلا تسعة، فكأنّه قال: له عندى واحد، ويدلّ عليه قوله تعالى: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ (¬4)، وقال تعالى: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (¬5)؛ فاستثنى الغاوين من العباد والعباد من الْغاوِينَ (6). وأمّا الاستثناء بالنّصف: فقد اعتدل الخلاف بينهم (3) فيه جوزا ومنعا وأجمعوا على أنّه لا يجوز أن يكون المستثنى أكثر من المستثنى منه؛ فلا تقول لى عنده عشرة إلّا أحد عشر (¬6). ¬
الحكم الثّانى عشر: قد أوقعوا الفعل موقع الاسم المستثنى، في قولهم:" أقسمت عليك إلّا فعلت"، و" نشدتك بالله إلّا جئت"، و" عزمت عليك إلّا جئتني"، ومنه قول ابن عبّاس للأنصار - وقد نهضوا له -: " بالإيواء والنّصر (¬1) إلّا جلستم"، التقدير فى هذا الحكم: ما أطلب إلّا فعلك، ولا أريد إلّا جلوسكم. الحكم الثّالث عشر: قد حملوا المستثنى منه على المعنى، فقالوا: " أقلّ رجل" يقول ذاك إلا زيد"، ف" زيد" بدل - فى المعنى - من رجل، كأنّك قلت: ما رجل يقول ذاك إلّا زيد. فأما قولهم:" قلّ رجل يقول ذاك إلّا زيد" فليس ببدل من رجل؛ لأنّ" قلّ" لا يعمل في المعارف، وإنمّا معناه: أقلّ رجل، قال سيبويه: أقلّ رجل مبتدأ مبني عليه (¬2)، فهذا يدلّ على أنّ له عنده خبرا. وإذا قلت: قلّما يسكن الدّار إلا الظباء، فالرّفع والنّصب، فإن جعلت موضع" ما"" من" فالنّصب الوجه. ¬
الباب الثاني عشر فى المجرورات
الباب الثّاني عشر فى المجرورات وهي قسمان: مجرورات بحرف، ومجرورات بإضافة. القسم الأوّل: فى المجرور بالحرف ، فيه فصلان: الفصل الأوّل: في ذكر الحروف، ومعانيها وفيه فرعان: الفرع الأوّل: في تعريفها ، حروف الجرّ ثمانية عشر حرفا، وتسمّى حروف الإضافة؛ لأنّ وضعها: أن تفضي بمعاني الأفعال إلى الأسماء، وهي - في ذلك - سواء، وإن اختلفت دواعيها. منها خمسة على حرف واحد، وهي: الباء، واللام، والكاف، والتّاء والواو. ومنها خمسة على حرفين، وهي: من، وعن، وفي، ومذ، في موضع، وكي، في موضع. ومنها ستّة على ثلاثة أحرف، وهي: إلى، وعلى، وربّ، ومنذ، في موضع، وعدا، وخلا، في الاستثناء. ومنها اثنان على أربعة أحرف، وهما: حاشا، في الاستثناء، وحتّي، في أحد أقسامها، وهذه جميعها متّفقة في العمل لفظا أو موضعا، ومعانيها مختلفة.
أمّا الباء: فإنّها مكسورة، ولها أربعة مواضع الأوّل: الإلصاق، وهو أصل بابها، كقولك: أمسكت الحبل بيدى، فأمّا مررت بزيد، فعلى الاتّساع، أى: التصق مرورى بموضع يقرب منه. الثّاني: للاستعانة، وذلك إذا اتّصلت بآلة ونحوها، كقولك: كتبت بالقلم، وضربت بالسّيف، ومنها: بتوفيق الله حججت، وبفلان أصبت الغرض وأكثر ما يجئ مع الفعل المتعدّى. الثّالث: للمصاحبة نحو: اشتريت الفرس بسرجه ولجامه، ودخل عليه بثياب السّفر، ومنه قوله تعالى: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ (¬1). الرّابع: للزّيادة، وقد تزاد في المرفوع، والمنصوب، والمجرور: أمّا المرفوع: ففى الفاعل لازما، كقولك: أكرم بزيد، وغير لازم، كقوله تعالى: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً * (¬2)، وفي المبتدأ، كقولك: بحسبك قول السّوء، وفي الخبر كقوله تعالى: جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها (¬3). وأمّا المنصوب: فكقوله تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (¬4) ومنه: ليس زيد بقائم. ¬
وأمّا المجرور: فقد جاء في الشّعر شاذا، أنشده الفارسيّ: فأصبحن لا يسألنه عن بما به … أصعّد في علو الهوى أم تصوّبا (¬1) وقد جاءت مضمرة في القسم، كقولهم: الله لأفعلنّ، وفي قول رؤبة - وقيل له: كيف أصبحت؟، قال -: خير (¬2)، يريد: بخير. وأمّا اللام: فمفتوحة مع المضمر، مكسورة مع المظهر، ولها موضعان: الأوّل: للتخصيص، وهو نوعان: أحدهما: ما اقترن معه ملك، نحو: الدّار لزيد، والمال لجعفر، والآخر: ما عري منه، نحو: السّرج للدّابّة، والمسجد لعبد الله. الثاني: الزّيادة، كقوله تعالى: عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ (¬3)، ¬
وكقوله تعالى: وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ (¬1)، وأنشدوا (¬2): يذمّون للدّنيا وهم يرضعونها … أفاويق حتّى ما يدرّ لها ثعل وقد أضمرت في قولهم:" لاه أبوك"، يعنون: لله أبوك. وقد جعل لها قوم موضعين آخرين. أحدهما: العلّة (¬3)، نحو: جئت لتكرمني. والثاني: العاقبة (¬4)، كقوله تعالى: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً (¬5). وأمّا الكاف: فمعناها التشبيه، ولها موضعان: الأوّل: أن تكون غير زائدة، كقوله: جاءني الذي كزيد، فوصلت بها ¬
" الّذي" ولو كانت اسما لكان فيه قبح؛ لحذف المبتدأ، التقدير: جاءني الّذي هو كزيد؛ ولهذا استقبحوا من قرأ: تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ (¬1)، بالّرفع (¬2). الثاني: أن تكون زائدة، كقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (¬3)، أى: ليس مثله شئ (¬4)؛ لأنّ الله لا مثل له. ولا تدخل الكاف على مضمر؛ استغناءا عنها ب" مثل"؛ فلا تقول: أنت كه، تريد: أنت كزيد، وقد جاء في الشّعر (¬5) شاذا. وأمّا التّاء والواو: فمختصّان بالقسم، وسيذكران في الفصل الثاني من هذا الباب. وأمّا" من": فلها خمسة مواضع: الأوّل: أن تكون لابتداء الغاية، كقولك: سرت من بغداد، أي كان ابتداء السّير منها إلى الغاية التى يقصدها، وهذا الكتاب من فلان إلى فلان، أي ابتداؤه منه، فيتّصل بمن صدر عنه الكتاب، ولا اعتبار بالتأخير فيه والتّقديم، إذا قلت: هذا الكتاب إلى فلان من فلان، وإذا قلت: زيد أفضل من عمرو، إنّما ابتدأت في إعطائه الفضل؛ حيث عرفت فضل عمرو، ثم تناول ذلك من هو مثل عمرو أو دونه. ¬
وسيبويه يذهب إلى أنّها تكون لابتداء الغاية فى الأماكن (¬1)، قال سيبويه إذا قلت: عمرو أفضل من زيد، إنّما أراد أن يفضّله على بعض (¬2) ولا يعمّ، وجعل" زيدا" الموضع الّذي ارتفع منه، وكذلك إذا قال: أخزى الله الكاذب منّي ومنك. الثّاني: للّتبعيض، كقولك: أخذت من الدّراهم، أي: بعضها، وكقوله تعالى: (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) (¬3)، عند سيبويه (¬4)، وقد قيل: إنّ «من» لأقلّ من (¬5) النّصف، كقوله تعالى: مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (¬6) قال المبرّد: قولك: أخذت من ماله، إنّما جعل «ماله» ابتداء غاية ما أخذ؛ فدلّ على التبعيض من حيث صار ما بقي انتهاء له، والأصل واحد، وكذلك: أخذت منه درهما، و: سمعت منه حديثا، أى: هو أوّل مخرج الدّرهم (¬7) والحديث. ¬
الثّالث: التّبيين، كقولك: ثوب من خرّ، وكقوله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ (¬1)، فالرّجس جامع للأوثان، وغيرها، و «من» بيّنت أحد أنواعه، ولو كانت للتّبعيض، لأثبتّ في الأوثان ما ليس برجس. ويعتبر هذا القسم، بأنّه يحسن أن تقع صفة (¬2)، تقديره: الرّجس الذي هو الأوثان. الرّابع: أن تكون لاستغراق الجنس، مزيلة للّبس، مؤكّدة للعموم في النفي والاستفهام؛ تقول: ما جاءني من رجل، وهل من رجل في الدّار؟؛ لأنّك إذا قلت: ما جاءني رجل، جاز أن يكون قد جاءك رجلان أو أكثر، وإذا قلت: ما جاءني من رجل، لم يجز أن يجيئك رجل، ولا أكثر منه، ومنه قوله تعالى: ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ (¬3). ولا تدخل إلّا على النكرات؛ فلا تقول: ما جاءني من زيد الخامس: أن تكون زائدة، لغير معنى، وجودها كعدمها، ولا تكون إلّا مع النّفي والاستفهام، في قولهم: ما جاءني من أحد، وهل من أحد في الدّار؟ فوجودها، وعدمها سواء؛ لأنّك إذا قلت: ما جاءني أحد، فقد نفيت نفيا عاما، لا يجوز أن يكون جاءك واحد، ولا أكثر منه كما إذا قلت: ما جاءني من أحد؛ لأنّ" أحدا" لا يقع في الإيجاب. ¬
وأجاز الأخفش زيادتها في الإيجاب (¬1)، كقوله تعالى: يُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ (¬2)، وقوله تعالى: وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (¬3)، في أحد التّأويلين. وأكثر النحاة يجعلونها في القسم الرّابع زائدة (¬4)، وليست كذلك؛ لأنّ الزائد ما لا يفيد معنى، وهي فيه قد أفادت الاستغراق والتأكيد. وأمّا" عن": فمعناها المجاوزة، والبعد، ولها موضعان. الأوّل، حقيقيّ، كقولك: جلست عن يمينه، أي: في المكان الذي تجاوزه وتعدّاه، وحاذي يمينه، ومنه قوله تعالى: إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (¬5) وقولهم: رميت عن القوس، وكساه عن العري، وأطعمه عن الجوع. الثّاني: مجازيّ، يرجع إلى الأوّل، كقولك: أخذت عنه العلم، وأدّيت عنه الدّين. وأمّا" في": فعماها الظرفيّة، ولها موضعان: الأوّل: حقيقىّ، كقولك:" زيد في الدّار، والمال في الكيس. والثّاني: مجازيّ، وهو نوعان: أحدهما: قريب من الحقيقيّ، كقولك: نظرت في العلم، وفي فلان عيب. والآخر: بعيد منه، كقولهم: في عنفوان شبابه، وإنّما الإنسان محلّ ¬
للشّباب، لا الشّباب محلّ للإنسان، ويجوز أن يصرف إلى الحقيقة على حذف مضاف تقديره: زمن عنفوان/ الشّباب. وأمّا" كي": فالّتى فى قولهم: كيمه؟ كما تقول: لمه؟ ف" ما" اسم استفهام، وحذف الألف منها يدلّ على أنّ" كي" حرف جرّ، مثل:" فيم" و" عمّ"، وسنزيدها بيانا عند ذكر نواصب (¬1) الفعل المستقبل. وأمّا" مذ" فستذكر مع أختها في آخر الفرع. وأمّا" إلى" فهي لانتهاء الغاية، ولها موضعان: الأوّل: حقيقيّ، كقولك: جئت إلى بغداد، وكقولهم - في الكتاب - من فلان إلى فلان. ويجوز أن يدخل ما تجرّه في حكم ما قبله، كقوله تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ (¬2)، فالمرافق داخلة في الغسل، وبعضهم (¬3) لا يدخلها فيه، كقوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ. (¬4) الثّاني: مجازيّ، وهو إذا كانت بمعنى المصاحبة، كقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ (¬5)، وقولهم: «الذّود إلى الذود إبل»، وقيل: هما هنا بمعنى" مع" (¬6)، ومن ذلك: قولهم: إنما أنا إليك، أي: أنت غايتي، وقولهم قمت إليه، فتجعله منتهاك من مكانك (7)، وقيل: هما بمعنى اللّام. ¬
ولها أحكام
وأمّا" على": فمعناها الاستعلاء، ولها موضعان: الأوّل: حقيقىّ، وهو أن يكون ما قبلها فوق مسمّى المجرور، إن كان ممّا يعلى، كقولك: زيد على الفرس، وعلى عمرو ثوب. الثّاني: مجازيّ، كقولك: فلان أمير على البلد، وكقوله تعالى: " وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ" (¬1)، ومنه قولهم: عليه مال، ومررت على زيد، أي: إنّ المال قد اعتلاه، وإنّ مروره على مكانه. وأمّا" ربّ": فمعناها التقليل، ولها صدر الكلام، وقد جاءت بمعنى التكثير في الشّعر، حملا على" كم"، والفارسيّ (¬2) يقول، في قوله تعالى: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (¬3): لا معنى للتّقليل فيها؛ لأنّه لا حجّة عليهم فيه. ولها أحكام: الحكم الأوّل: لا بدّ لها من فعل تتعلّق (¬4) به حتى تعدّيه، ولا يكون إلّا ماضيا، متأخّرا عنها، ويجوز حذفه، وإظهاره، وأكثر ما تستعمله العرب محذوفا، تقول: ربّ رجل عاقل لقيت، فأنت مخيّر في" لقيت"، إن جعلته صفة، كان العامل محذوفا، وإنّما جاز حذفه؛ لأنّه جواب، والجواب يتسلّط ¬
عليه الحذف، كما سبق في المبتدأ والخبر (¬1)، ويقول القائل: ما لقيت رجلا صالحا، فتقول: ربّ رجل صالح، أى: لقيت، وإن لم تجعل" لقيت" صفة فهو العامل في" ربّ"، فإن قلت" لقيته، لم يكن إلّا صفة؛ لأنّه قد تعدّى إلى مفعول بنفسه؛ فلم يحتج إلى حرف الجرّ. وتقول - في العطف - ربّ رجل قد رأيت وربّ امرأة، فالاختيار: أن تعيد الصّفة، فتقول: وربّ امرأة قد رأيت. وإذا وقع الفعل المضارع بعدها، فثمّ إضمار، نحو: ربّ رجل يقوم، تقديره: ربّ رجل كان يقوم، أو كأنّه لصدق الوعد قد وقع، ولا تقول: ربّ رجل سيقوم غدا، وليقومنّ بعد غد، إلّا أن تريد: ربّ رجل يوصف بهذا تقول: ربّ رجل يسيء اليوم محسن غدا، أى: يوصف بهذا. الحكم الثّاني: لا تدخل" ربّ" إلّا على نكرة (¬2)، إمّا مظهرة، وإمّا مضمرة. أمّا المطهرة «فيلزمها أن تكون موصوفة (¬3) بمفرد أو جملة؛ لتكون أبلغ في التّقليل؛ فإنّ «رجلا» أعمّ من «رجل قائم»؛ تقول: ربّ جل جواد لقيت؛ وربّ رجل أبوه كريم، وربّ رجل فهم ذاك، ولا تقول: ربّ رجل، وتسكت. وأمّا المضمرة: فيلزمها أن تفسّر بمنصوب نكرة مفرد، كقولك: ربّه رجلا، وهذا المضمر مجهول، لا يرجع إلى شئ، وإنّما هو نكرة مبهم يرمى به من غير قصد إلى مضمر سابق، ثمّ يفسّر كما يفسّر العدد المبهم، كما ¬
سبق في ضمير الشّأن (¬1) والقصّة، ويجئ فى فاعل" نعم" (¬2) و" بئس" إذا كان مضمرا. وهذه الهاء بلفظ واحد مع المذكّر والمؤنّث، والاثنين والجماعة، عند البصريّين (¬3). وقد أدخلوا" ربّ" على" من"، إذا كانت نكرة غير موصولة، حكى عنهم: مررت بمن صالح (3)، و: ربّ من يقوم ظريف، قال الشاعر (¬4): يا ربّ من تغتشّه لك ناصح … ومؤتمن بالغيب غير أمين وأدخلوها على" مثلك" و" شبهك"، إذا لم تتعرّفا (¬5) بالإضافة، وكانا - فى المعنى - نكرتين. الحكم الثّالث: قد أدخلوا" ما" على" ربّ"، ولا تخلو: أن تكون كافّة لها عن العمل، أو زائدة، أو بتقدير شئ. أمّا الكافّة: فتدخل بها على المبتدأ والخبر، والفعل والفاعل، كقولك: ربّما زيد قائم، وربّما قام زيد، وربّما يقوم زيد، وبعضهم يمنع المستقبل - (¬6) ¬
كما سبق - ويقول: إنّ قوله تعالى: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا (¬1) حكاية حال. وأمّا الزّائدة: فكقوله (¬2): ربّما ضربة بسيف صقيل … بين بصرى وطعنة نجلاء وكقوله (¬3): لقد رزئت كعب بن عوف وربّما … فتى لم يكن يرضى بشيء يضيمها وأمّا التي بتقدير شئ موصوف فكقوله (¬4): ربّما تكره النفوس من الأم … ر له فرحة كحلّ العقال تقديره: ربّ شئ تكرهه النّفوس. ¬
وقد اقتصروا ب" ربّما" عن ذكر شئ بعدها، كقوله (¬1): فذلك إن يلق الكريهة يلقها … حميدا وإن يستغن يوما فربّما الحكم الرّابع: قد أضمروا" ربّ" بعد الواو، مع المظهر، نحو قوله (¬2): وبلدة ليس بها أنيس والعمل ل" ربّ"، ولا يدخل عليها (¬3) واو العطف، بخلاف واو القسم؛ فإنّ واو العطف (¬4) تدخل عليها. وحكم واو" ربّ" حكم" ربّ" إلّا مع المضمر، و" ما"؛ فإنّه لا تدخل عليها وأضمروها بعد" بل"، قال (¬5): ¬
بل بلد ملء الفجاج قتمه وأضمروها بعد الفاء، قال (¬1): فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع وقد جرّوا بها مضمرة من غير نائب، قال (¬2). رسم دار وقفت في طلله … كدتّ أقضي الحياة من جلله وأمّا" حتّى": فلها في الكلام ثلاثة مواضع، وواحد فيه خلاف. الموضع الأوّل: أن تكون حرف جرّ بمعنى" إلى"، ولها فيه حكمان: أحدهما: أن ينتهى الأمر به. والآخر: أن ينتهي الأمر عنده. أمّا الأوّل: فلها فيه شرائط حتّى تجرّ: إحداها: أن يكون ما بعدها من جنس ما قبلها، تقول: مررت بالقوم حتّى زيد، ولو قلت: حتّى الحمار، لم يجز. الثّانية: أن يكون ما قبلها - في العدّة - أكثر ممّا بعدها، فلو قلت: ضربت زيدا حتّى عمرو، أو حتى القوم، لم يجز. الثّالثة: أن يكون ما بعدها مذكورا لتعظيم أو تحقير، تقول: مات ¬
النّاس حتّى الأنبياء، وقدم الحجّاج حتّى المشاة، فلو قلت: قام القوم حتّى الرّجال، لم يحسن، وحسن: قام القوم حتّى النّساء. الحكم الثّاني: وهو ما انتهى الأمر عنده، كقولك: (¬1) إنّ فلانا ليصوم الأيّام حتّى يوم الفطر، فانتهت" حتّى" بصوم الأيّام إلى يوم الفطر، ولا يجوز أن تنصب" يوم الفطر" على العطف؛ لأنّه لم يصمه، وكذلك إذا خالف الاسم الذي بعدها ما قبلها، كقولك: قام القوم حتّى الّليل، معناه [قام] (¬2) القوم اليوم حتّى الّليل. ومجرور" حتّى" يجب أن يكون آخر جزء من الشّئ، أو ماثلا في آخر جزء منه؛ لأنّ الغرض: أن ينقضي ما يتعلّق بها شيئا فشيئا حتّى تأتي عليه، تقول: أكلت السّمكة حتّى رأسها، ولا تقول: حتّى نصفها، وحتّى ثلثها كما تقول مع" إلى"، وقيل: الخلاف فيها (¬3) كالخلاف في" إلى"، قال/ سيبويه لحتّي في الفعل نحو ليس لإلى، ويقول الرّجل: إنما أنا إليك، أى: أنت غايتي، ولا تجوز" حتّى" هاهنا (¬4). ولا تدخل - عنده (¬5) - على مضمر، فلا تقول؛ حتّاه، وحتّاك، كما ¬
تقول: إليه وإليك، وغير سيبويه (¬1) يجيزه. الموضع الثّاني: أن تكون عاطفة، ويلزم فيها الشّرائط الثّلاث، تقول: ضربت القوم حتّى زيدا، وركب النّاس حتّى الأراذل، وما بعدها يلزمه الدخول فيما قبلها جنسا وحكما، بخلاف الجارّة، فإنّه لا يلزم فيها إلّا دخول الجنسيّة، والغرض منها: أن يدلّ على أنّ المذكور بعدها انتهى إليه الفعل، وأنّه لم يخرج من جملة من تقدّم ذكره. ولا يتّصل بها الضّمير إجماعا، ومتى عطفت بها على مضمر مجرور، أعدت الجارّ، تقول: مررت بهم (¬2) حتّى بزيد. الموضع الثّالث: أن تكون حرف ابتداء، كقول امرئ القيس (¬3): سريت بهم حتّى تكلّ ركابهم … وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان ومثله: قام القوم حتّى زيد قائم، وأكلت السّمكة حتّى رأسها مأكول، ¬
وأنشدوا (¬1): ألقى الصّحيفة كي يخفّف رحله … والزّاد حتّى نعله ألقاها يجوز رفع" النّعل" ونصبها وجرّها؛ فالنّصب عطفا على ما عمل فيه" ألقى"، ويكون" ألقاها" تأكيدا، أو بفعل مضمر يفسّره" ألقاها"، والرّفع على الاستئناف، و" ألقاها" خبره، والجرّ على: ألقى ما فى رحله حتّى نعله، و" ألقاها" تأكيد. وإذا قلت: العجب حتّى زيد يسبّني، فالمعنى: يسبّ الناس إيّاي حتّى زيد يسبّني، قال الفرزدق (¬2): فواعجب حتّى كليب تسبّني … كأنّ أباها نهشل أو مجاشع الموضع الرّابع: أن تكون بمعنى" كي" كقولك: أطع الله حتّى يدخلك الجنّة، وبمعنى" إلى أن"، كقولك: انتظرته حتّى يقدم، وسنذكر هذا القسم عند ذكر نواصب (¬3) الفعل المستقبل. وأمّا" عدا"، و" خلا"، و" حاشا"/ فقد ذكرت في باب الاستثناء (¬4) ¬
وأمّا" مذ" و" منذ" فهما لفظان تتجاذبهما الاسميّة، والحرفية والأغلب على" مذ" الاسميّة، وعلى" منذ" الحرفيّة؛ لأنّهم قالوا: أصل" مذ":" منذ" فحذفت النّون؛ بدليل إعادتها في التصغير، فتقول: منيذ، فإن لقي الذّال ساكن بعدها ضمّت؛ ردّا إلى أصلها، وكسرت؛ على أصل التقاء السّاكنين. أمّا إذا كانتا اسمين: فإنّ موضعهما رفع بالابتداء (¬1)، وما بعدهما خبرهما، وقيل بالعكس (¬2)، ولهما موضعان: الأوّل: أن تكونا بمعنى الأمد، فيكون الاسم بعدهما نكرة معدودا، فإن عرّفته جاز، تقول: ما رأيت زيدا، فيقال لك: ما أمد انقطاع الرّؤية؟ فتقول: مذ يومان، ومذ اليومان، أي: أمد ذلك يومان، فهذا يقتضى العدّة فحسب، وينتظم أوّل الوقت وآخره، فإن قلت: يوم الاثنين، مثلا: ما رأيته مذ يومان - وقد كنت رأيته يوم الجمعة، أو السّبت - جاز، ولم يعدّ بالنواقص، وقيل: إذا رأيته أمس، فقلت اليوم: ما رأيته [مذ] (¬3) يومان جاز، وزعم الأخفش أنّهم يقولون ما رأيته مذ اليوم، و: مذ العام، ولا يقولون: مذ الشّهر، ولا مذ يوم، ولا مذ الساعة (¬4)، وهو على غير قياس؛ وقد حكي عن العرب استعمال أمثلة، وامتناع من أخرى، لم نطل بذكرها. الموضع الثّاني: أن تكونا بمعنى أوّل الوقت، ولا يكون الاسم بعدهما ¬
إلّا معرفة؛ لأنّ السّؤال عن وقت معيّن، ولا ينتظم أوّل الوقت وآخره، وإنّما يعرف الآخر يقرينة، تقول ما رأيت زيدا، فيقال لك: ما أوّل ذلك؟ فتقول: مذ يوم الجمعة، أى: أوّل المدّة الّتي انقضت (¬1) فيها الرّؤية يوم الجمعة. ولا يجوز أن ترفع إلّا زمانا، أو مقتضيا للزّمان، قال ابن السّرّاج:" مذ" إنّما صيغت؛ لتليها الأزمنة، فإذا وليها فعل فإنّما هو لدلالة الفعل على الزّمان، فإذا قلت:/ ما رأيته مذ قدم فلان، فالتأويل: مذ يوم قدم فلان (¬2). فإن لم يظهر ل" مذ" عمل، وعطفت على ما عملت فيه اسما، حملته على النّصب، دون حكم الإعراب المقدّر بعد" مذ"، تقول: ما رأيته مذ قام ويوم الجمعة، فإن ظهر العمل، حملته على لفظه، تقول: ما رأيته مذ يومان وليلتان، ولك نصب الثّاني، كأنّك قلت: ما رأيته ليلتين، ولا تقول: ما رأيته مذ يوم يوم، فتبنى، ك" خمسة عشر"، وقوم يجيزون: مذ يوم يوم، بلا تنوين، ولا يجيزون: مذ شهر شهر، ولا: دهر دهر، قال ابن السّرّاج: ولا أعرف الضّمّ بلا تنوين - في هذا - من كلام العرب (2). وأمّا إذا كانت" مذ"، و" منذ" حرفين فإنّهما يتنزّلان منزلة" في" (¬3) تقول: ما رأيته مذ اليوم، وأنت عندنا منذ الّليلة، أي: في اليوم وفي اللّيلة، التقدير: أنت عندنا مستقرّ أو كائن في اليوم، أو في الليلة. قال سيبويه: وتكون ابتداء غاية الأيّام والأحيان كما كانت" من" (¬4) وذلك قولك: ما رأيته مذ يوم الجمعة إلى اليوم، ومذ غدوة إلى ¬
الفرع الثاني: في دخول بعض هذه الحروف على الأسماء والأفعال
السّاعة، ومذ اليوم إلى ساعتك هذه، فجعلت اليوم أوّل غايتك، ثمّ تقول: ما رأيته مذ يومين، فجعلتهما غاية، كما قلت: أخذته من ذلك المكان، فجعلته غاية ولم ترد منتهى (¬1)؛ لأنّك إذا أردت الغايتين رفعت، وإذا أردت إحداهما جررت. وفرق ما بين الاسميّة والحرفيّة: أنّ الكلام مع الاسميّة جملتان؛ لأنّ قولك:" ما رأيته" جملة"، و" مذ يومان" جملة أخرى، وقولك:" لم أره مذ اليوم" يتعلّق" مذ" بما قبله؛ لأنّه حرف جرّ؛ فكان جملة واحدة. الفرع الثاني: [في دخول بعض هذه الحروف على الأسماء والأفعال] قد دخل بعض هذه الحروف على الأسماء، والأفعال، ووقع بعضها مكان بعض اتّساعا، إذا تقارب المعنى بينهما. وبعضهم (¬2) لا يرى ذلك ويؤوّل الحرف تأويلا لا يخرجه عن بابه. فأمّا ما دخل على الأسماء: فهو:" مذ" و" منذ" - وقد ذكرا - والكاف و" عن" و" على". ¬
أمّا الكاف: فكقول الشاعر (¬1): أتنتهون ولن ينهى ذوى شطط … كالّطعن يهلك فيه الزيت والفتل [وقول الآخر] (¬2) وزعت بكا لهراوة اعوجّي … إذا ونت الرّكاب جرى وثابا (¬3) وقد مثل سيبويه - على اسميّتها - لا كزيد أحدا (¬4)، بالنّصب، على أنّه بدل من الكاف، فأمّا قولهم أنت كزيد، فيجوز أن تكون اسما وحرفا. ¬
وأمّا" عن" فقولهم: جلست من عن يمينها، أى: من جانبها، قال الشّاعر (¬1): فقلت للرّكب لمّا أن علا بهم … من عن يمين الحبيّا نظرة قبل وأمّا" على": فكقول الشّاعر (¬2): غدت من عليه بعد ما تمّ ظمؤها … تصلّ وعن قيض ببيداء مجهل وكقوله (¬3): هوى ابنى من على شرف وكان القياس أن يقول: علاه (¬4)، كما يقول: فتاه؛ لأنّ الألف المقصورة ¬
مع الأسماء لا تتغيّر مع المظهر والمضمر، وإنّما روعي أصلها. وأمّا ما دخل على الأفعال. ف" عدا" و" خلا"، و" حاشا" - وقد ذكرت في باب الاستثناء (¬1) - و" على" في قولك: علا يعلو إذا ارتفع. وأمّا وقوع بعضها مكان بعض اتّساعا: فالباء واللّام و" من"، و" عن" و" في" و" على" و" إلى". أمّا الباء: فقد وقعت موقع" في" قال (¬2): ما بكاء الكبير بالأطلال وموقع" عن" عند الكوفيّن (¬3)، كقوله تعالى: فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (¬4) وكقول الشاعر (¬5): ¬
فإن تسألوني بالنّساء فإنّني … بصير بأدواء النّساء طبيب وموقع" من"، قال (¬1): شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت وموقع" على" قال (¬2): بودّك ما قومي على أن تركتهم … سليمى إذا هبّت شمال وريحها أى: على ودّك قومي، و" ما" زائدة وموقع" من أجل" كقوله تعالى: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا (¬3) ¬
وكقول الشّاعر (¬1): غلب تشذّر بالذّحول كأنّها وأمّا اللّام: فقد [وقعت] (¬2) موقع على، عند الكوفيّ (¬3)، قالوا: لفيه أى: على فيه ومنه قوله (¬4): فخرّ صريعا لليدين وللفم ¬
وموقع" إلى" في قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا (¬1)، وموقع من أجل"، كقوله (¬2) تسمع للجرع إذا استحيرا … للماء في أجوافها خريرا أى: من أجل الجرع. وأمّا" من": فقد وقعت موقع الباء، في قوله تعالى: يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ (¬3) أى: بأمر الله، وموقع" على"، كقوله تعالى: وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا (¬4)، وموقع" عن"، كقولك: أطعمه من الجوع، وكساه من العري، وموقع" في"، كقوله تعالى: أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ (¬5) أي: في الأرض. ¬
وأمّا" عن": فقد وقعت موقع الباء، كقوله تعالى: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (¬1) وكقول الشاعر (¬2): تصدّ وتبدي عن أسيل وتتّفى … بناظرة من وحش وجرة مطفل وموقع" من" كقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ (¬3)، وموقع" على"، كقول الشاعر (¬4): لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب … عنّي ولا أنت ديّاني فتخزوني وموقع" من أجل" قال (¬5): ¬
لورد تقلص الغيطان عنه أي: من أجله وأمّا" في" فقد وقعت موقع" إلى"، كقوله تعالى: فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ (¬1) وموقع" علي" كقوله تعالى: لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ/ النَّخْلِ (¬2) وموقع" مع" قالوا: لفلان عقل في حلم، أى: مع حلم، وموقع الباء، قال الشّاعر (¬3): ويركب يوم الرّوع فيها فوارس أى: عليها. وأمّا" على": فقد [وقعت] (¬4) موقع الباء، كقوله: اركب علي اسم الله، وكقول الشاعر (¬5): وكأنهنّ ربابة وكأنّه … يسر يفيض على القداح ويصدع ¬
وموقع اللام، قال (¬1): رعته أشهرا وخلا عليها … فطار النّىّ فيها واستغارا وموقع" من" فى قوله تعالى:" الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ" (¬2). وموقع" عن"، كقول الشّاعر (¬3): إذا رضيت علّي بنو (¬4) قشير … لعمر الله أعجبنى رضاها وأمّا" إلى": فتقع موقع" فى" في قوله تعالى:" هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى" (¬5) وكقول الشّاعر (¬6): فلا تتركنّى بالوعيد، كأنّني … إلى النّاس مطليّ به القار أجرب ¬
وموقع" مع"، كقوله تعالى: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ (¬1)، وقوله تعالى وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ (¬2). وأكثر هذه الانتقالات لا يجيزها البصريّ، ويجعل لها (¬3)، تأويلات تردّها إلى الأصل لم نطل بذكرها. ¬
الفصل الثاني فى القسم
الفصل الثاني فى القسم وفيه ثلاثة فروع: الفرع الأوّل: في حروفه، وهي: أصل، وفرع، وفرع فرع. فالأصل: الباء (¬1)؛ لأّنها هي أوصلت الفعل القاصر - الذى هو: أحلف وأقسم - إلى المقسم به؛ حيث لم يكن متعدّيا إلّا بالباء، ومعناها فيه: الإلصاق. وحيث كانت أصلا اختصّت بثلاثة أشياء: بالدّخول على المضمر، تقول: بك لأقومنّ، وبه لأفعلنّ، ومنه قوله (¬2): ألا نادت أمامة باحتمال … لتحزنني فلا بك ما أبالي وبظهور الفعل معها، نحو: أخلف بالله، وأقسم بزيد. وبالحلف على غيرك: استعطافا، كقولك: بالله لمّا زرتني، وبحياتك كلّمني وكقوله (¬3): بالله ربّك إن دخلت فقل لّه … هذا ابن هرمة واقفا بالباب وأمّا الفرع: فهو الواو، وهي بدل من الباء لقرب (¬4) المخرج، وقرب ما بين ¬
الجمع والإلصاق؛ ولفرعيّتها نقصت، فلم تشارك الباء فيما اختصّت به، وكثرت في كلامهم، حتّى صارت - في القسم - أكثرا استعمالا من الباء. وأمّا فرع الفرع: فهو أربعة: التّاء، وهاء التّنبيه، وهمزة الاستفهام، وألف اللّام، كلّها عوض من الواو. أمّا التّاء: فلا تدخل إلّا على اسم الله تعالى، وحده، تقول: تالله لأقومنّ، ومنه قوله تعالى: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ (¬1)، وروى الأخفش:" تربّ الكعبة" (¬2) ولفرعيّتها على الواو اقتصروا بها على اسم الله تعالى، وقد يجئ فيها معنى التعجّب، كقولك: تالله لم أر كاليوم! وأمّا" ها": فقولهم: أى ها الله، ولا ها الله ذا، فتثبت ألف (¬3) " ها" لأن الّذى بعدها مدغم، مثل" دآبّة". ومن العرب من يقول: لا هلله، فيحذف الألف. وأمّا" ذا" فهو المحلوف عليه - عند الخليل (¬4) - تقديره: لا والله الأمر ذا، فحذف" الأمر" تخفيفا، ولم يقولوا: لا هلله هذا؛ لأنّهم جعلوها في أوّل الكلام مغنية عنها. وأمّا ألف الاستفهام: فقولك: آلله لأفعلنّ، بالمدّ. وأمّا ألف اللّام: ففي قولهم: أفأ لله لأفعلنّ؟ همزة الوصل، من اسم الله تعالى، ولا تقطع إلّا هنا وفي النّداء، فصار قطعها عوضا من الواو، قال سيبويه: لا تظهر الواو فى هذه المواضع (¬5). ¬
ولا تدخل هذه الأعواض إلّا على اسم الله تعالى خاصّة، ولا يكون في المقسم به هاهنا إلّا الجرّ. وقد ألحقوا بحروف القسم اللّام، و" من" (¬1): أمّا اللّام: فكقولك: لله لا يؤخّر الأجل، قال أميّة (¬2): لله يبقى على الأيّام ذو وحيد … بمشمخرّ به الظّيّان والآسى ولا بدّ فيها من معنى التعجّب (3)، وبعض العرب (¬3) يقول: لله لأفعلنّ، ولا تدخل إلّا على اسم الله وحده. وأمّا" من" فقولهم: من ربّي، بضمّ الميم وكسرها، ولا تدخل إلّا على (¬4) " ربّي"، وروى الأخفش" من الله" (¬5) وقد حذفت نونها، وأدخلت الميم على اسم الله، خاصّة، فقالوا: ملله (¬6)، وملله، وبعضهم يزعم أنّها من" أيمن" (¬7) وستذكر (¬8) ¬
الفرع الثاني فى أحكامه
الفرع الثّاني فى أحكامه: القسم جملة تتنزّل منزلة المفرد فى الفائدة، كالشّرط، ويفتقر إلى جملة أخرى تتمّ بها الفائدة، وموضوعه: أن تؤكّد به جملة خبريّة، إيجابا وسلبا، رفعا للشّكّ من قلب المخاطب، وتنقسم قسمين: جملة من فعل وفاعل، كقولك: أقسمت بالله، وحلفت (¬1)، وآليت، ويحمل عليها: أشهد بالله، وعلم الله، وشهد الله. وجملة من مبتدأ (¬2) وخبر، كقولك: لعمرك، ولعمر الله، وعليّ عهد الله، ولأيمن الله، ويمين الله، وايم الله، وأمانة الله. أمّا الجملة الفعليّة: فلها - في القسم - سبع مراتب. الأولى: أن تذكر الفعل والفاعل، والمقسم به، وحروفه، والمقسم عليه، نحو: أقسمت بالله لأفعلنّ. الثانية: أن تحذف الفعل والفاعل، نحو: بالله لأفعلنّ. الثالثة: أن تحذف الفعل والفاعل، وحروف القسم، وتبقي المقسم به، وعليه ولك فيه مذهبان: أحدهما: نصب المقسم به بإيصال الفعل إليه، فتقول: الله لأفعلنّ، قال الشّاعر (¬3): فقالت يمين الله مالك حيلة … وما إن أرى عنك الغواية تنجلى ¬
والثاني: جرّ المقسم به بالحرف المحذوف، فتقول: الّله لأفعلنّ، وينشد هذا البيت (¬1)؛ نصبا، وجرّا: ألا ربّ من قلبي له الّله (¬2) ناصح … ومن قلبه لي في الظّباء السّوانح وتقول: إى والله لأفعلنّ، ثمّ تحذف الواو، وتقرّ الياء على سكونها، ومنهم من يفتحها (¬3)؛ لالتقاء السّاكنين. الرّابعة: أن تحذف المقسم به، وحروفه، وتبقي الفعل والفاعل، والمقسم عليه كقولك: أحلف لأفعلنّ. الخامسة: أن تحذف الجميع، وتبقي المقسم عليّ، كقولك: لأفعلنّ. السّادسة: أن تحذف المقسم عليه وحده، وتبقي الباقي - وهو قليل - كقولهم أما والله أن لولا زيد، ولا يذكرون شيئا؛ استغناء بطول الكلام، وقرينة الحال. السّابعة: أن يوضع القسم على غير مقسم عليه، وذلك: إذا توسّط الجملة، وتأخّر عنها، فيكون لغوا، نحو: زيد - والله - قائم، وزيد قائم والله، ومتى ابتدأته لم تلغه. وأمّا الجملة الابتدائيّة: فإنّ" لعمرك" هو العمر، ولم يستعمل فى القسم ¬
إلّا مفتوح العين، وهو مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف (¬1)، تقديره: لعمرك قسمي، أو ما أقسم به، وقد تقدّم هذا (¬2)، وقولهم:" لأفعلنّ" جواب، وليس خبرا، فإن حذفت منها اللّام نصبتها على المصدر الجاري على غير فعله الذّي هو" عمرت"، فإن أضفت إليها اسم الله (¬3) رفعته، على أنّه فاعل المصدر، فقلت: عمرك الله، التقدير: أسألك بتعميرك الله، ولك أن تنصبه على أنّه مفعول، فتقول: عمرك الله، التقدير: سألت الّله تعميرك، وسألتك باعتقادك (¬4) البقاء لله وقد يستعملون فعله فيقولون:" عمّرتك (4) الله". ومثله قولهم:" قعدك الله"، و" قعيدك الله" أي: أسألك بوصفك لله بالثّبات، مأخوذ من قواعد البناء، ولا يستعمل منه (¬5) فعل. وأمّا أيمن، وليمن: فإنّه اسم مفرد عند البصريّ (¬6)، وجمع يمين القسم عند الكوفيّ (¬7)، والكلام في إثبات اللّام معها، وحذفها، ورفعها، ونصبها، وحذف خبرها، مثله في" لعمرك"، تقول: أيمن الله لأفعلنّ، ولأيمن الله لأفعلنّ، ولا تدخل إلّا على اسم الله تعالى، والكعبة، وقد حذفوا نونها، فقالوا: أيم الله والألف مفتوحة، وبعضهم يكسرها. ¬
خاتمة لهذا الفرع
وكذلك الكلام في: أمانة الله، وعهد الله، حذفا، ورفعا، ونصبا. خاتمة لهذا الفرع: إذا عطفت في القسم، نحو قوله تعالى: وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (¬1)، فإنّ الواو الأولى للقسم، والتي بعدها للعطف، ولا تكون للقسم، قال سيبويه: ولو قال: وحقّك وحقّ زيد - على وجه الغلط والنّسيان - جاز (¬2) يريد: أنّه لا يجوز لغير غالط أن يقسم قسما على غير شئ، ثمّ يجئ بقسم آخر، قال: ولو قال: وحقّك وحقّك - على التوكيد - جاز، وكانت الواوان (¬3) للقسم. واعلم أنّك إذا أخبرت عن يمين حلف بها، فلك فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن تأتى بلفظ الغائب، كأنّك تخبر عن شئ كان، تقول: استخلفته ليقومنّ. والثّاني: أن تأتي بلفظ (¬4) الحاضر - تريد اللفظ الذي قيل له - فتقول: استخلفته لتقومنّ، كأنّك قلت: لتقومنّ. والثالث: أن تأتي بلفظ المتكلمّ، فتقول: استخلفته لأقومنّ، ومنه قوله ¬
الفرع الثالث فى أجوبته
تعالى: قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ (¬1)؛ بالنّون (¬2)، والتّاء (¬3)، والياء (¬4)، ولو كانت" تقاسموا" أمرا" لم يجز فيه الياء؛ لأنّه (¬5) ليس بغائب. الفرع الثالث فى أجوبته: لمّا كان القسم بمنزلة المفرد احتاج إلى جواب يتمّ به، وإلى رابطة بين القسم، والمقسم عليه، لفظا أو تقديرا، ولا تخلو الجملة: أن تكون موجبة أو منفيّة. أمّا الموجبة، فلا تخلو: أن تكون اسميّة أو فعليّة. فالاسميّة: يربطها بالمقسم عليه حرفان،" إنّ"، والّلام التي للابتداء، وتغني عن لام القسم، ويدخلان مجتمعين، ومنفردين، تقول: والله إنّ زيدا لقائم، وإنّ زيدا قائم، ولزيد قائم. والفعليّة: لا تخلو أن تكون ماضية، أو حاضرة، أو مستقبلة. فالماضية: تجاب بالّلام، و" قد" مجتمعين، ومنفردين، تقول: والله لقد ¬
قام، وقد قام، ولقام، قال الله تعالى:" وَالشَّمْسِ وَضُحاها" (¬1)، وأجاب بقوله:" قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها" (¬2)، وقال تعالى:" وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ: (¬3)، وقال امرؤ القيس (¬4): خلفت لها بالله حلفة فاجر … لناموا فما إن من حديث ولا صالى والحاضرة: تجاب ب" إنّ" واللّام مجتمعين، وب" إنّ" مفردة، تقول: والله إنّ زيد اليقوم، وإنّ زيد يقوم، وبعضهم يجيز دخول الّلام مفردة، فيقول والله ليقوم زيد الآن، وهو قليل. والمستقبلة: تجاب بالّلام، مضافا إليها نون التوكيد؛ فرقا بينها وبين الحاضرة، تقول: والله ليقومنّ زيد، وقد جاءت النّون وحدها في الشّعر، قال (¬5): وقتيل مرّة أثأرنّ فإنّه … فرغ وإنّ أخاكم لم يقصد ¬
وقد أدخلوا الام القسم والقسم محذوف، كقوله تعالى:" وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ. وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ" (¬1)، فاللّام الأولى (¬2)، والثالثة (¬3) موّطئة للقسم، والثانية (¬4) لام ابتداء مغنية عن القسم، والرّابعة (¬5) لام قسم، ولم يدخل معها نون توكيد، للجارّ والمجرور الحاجز بينها وبين الفعل. وأمّا الجملة المنفيّة: فلا تخلو أن تكون اسميّة أو فعليّة. فالاسميّة: تجاب ب" ما" النافية، تقول: والله ما زيد قائم. والفعليّة: لا تخلو أن" تكون ماضية، أو حاضرة، أو مستقبلة، فالماضية: تجاب" ما" تقول: والله ما قام زيد. وقد أدخلوا" لا" على صيغة ماضية اللّفظ، مستقبلة كقولهم: والله لا قمت، تريد: لا أقوم، والحاضرة: تجاب ب" لا"، تقول: والله لا يقوم زيد، وتجاب ب" ما"، عند من أجاز دخول اللّام (¬6) عليها بشريطة، وهي: أن تولى" ما" الاسم، وتجعل الفعل خبرا عن الاسم - كما فعل في الإيجاب - نحو: ما زيد يقوم، وقد قال ابن جنّي، في ¬
" الّلمع" (¬1) والله ما يقوم زيد، وفيه نظر. والمستقبلة: تجاب ب" لا"، فيقال: والله لا يقوم زيد. وامتنعوا من إجابة القسم ب" ما دام" و" ما زال" وأخواتهما، إذا كنّ نواقص، وقد جوّزه (¬2) قوم، والأوّل أكثر. وقد تحذف" لا" من الجواب، وهي مرادة، وذلك: إذا كان الكلام يقتضى وجودها، كقوله تعالى:" تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ" (¬3)، وقول امرئ القيس (¬4): فقلت يمين الله أبرح قاعدا أي: لا تفتأ، و: لا أبرح وبعضهم يحمل" ما" - في الحذف - على" لا" (¬5) وهو قليل. ¬
وقد أجابوا القسم ب" لم" و" لن" في الشّعر، قال (¬1): رويق إنّي وما حجّ الحجيج له … وما أهلّ بجنبي نخلة الحرم لم يسلني عنكم مذلم ألاقكم … عيش سلوت به عنكم ولا قدم وقال الآخر (¬2): أجدّك لن ترى بثعيلبات … ولا بيدان ناجية ذمولا قال السّيرافيّ: إذا حلفت على شئ فيه طلب، فإنّ الجواب ب" إلّا" و" لمّا"، كقولك: أقسمت عليك إلّا فعلت، ولمّا فعلت، وكان الأصل: أقسمت عليك لتفعلنّ، فلمّا كان القسم على شيء تطلبه منه، صار بمنزلة: نشدتك الله (¬3) ¬
القسم الثانى من الباب الثاني عشر، وهو المجرور بالإضافة
وقد وضعت العرب ألفاظا تتلقّاها تارة بما تتلقّى به القسم، كقوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ (¬1) وتارة لا تتلقّاها به، كقوله تعالى:" وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ" * (¬2)، وتارة يكون الذي بعدها محتملا للأمرين، كقوله تعالى:" وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ" (¬3). القسم الثانى من الباب الثاني عشر، وهو المجرور بالإضافة وفيه فصلان: ¬
الفصل الأول في تعريفها
الفصل الأول في تعريفها وهو نوع من الإسناد، يجرّ فيه الثّاني، بإسناد الأوّل إليه لفظا أو تقديرا، فالثّاني متمم للأوّل، ومعمول له. وهي على ضربين: إضافة بمعنى اللام، وإضافة بمعنى" من". الضّرب الأوّل: نوعان: أحدهما: إضافة محضة، والثاني: إضافة غير محضة. والنّوع الأوّل صنفان أحدهما: إضافة ملك، نحو" دار زيد، وغلام عمرو، والثاني: إضافة تخصيص، نحو: سرج الدابّة، وغلام رجل، وكلّ الدّراهم، إلّا أنّ" كلا" لا تقع إلا على متجزّئ، بالوجود أو بالتقدير، لو قلت: جاءني كلّ زيد، لم يجز. وتأويل هذه الإضافات: دار لزيد، وغلام لعمرو، وسرج للدّابّة، وكلّ للدراهم، والفرق بينه/ إذا كان مضافا بغير تنوين وبينه إذا كان مضافا بلام وتنوين: أنّ الأوّل معرفة، وهذا نكرة، وإذا قلت: يد زيد، وعين عمرو، فمعناه: يد لزيد، وعين لعمرو، فاليد، وإن كانت من زيد، لكنّها لا يطلق عليها اسم زيد، كما يطلق الخزّ على ثوب خزّ، وقد تظهر هذه الّلام في بعض الأماكن لحرصهم على إرادتها، كقوله (¬1): ¬
يا بؤس للحرب التّي … وضعت أراهط فا فاستراحوا يريد: يا بؤس الحرب. النوع الثاني: الإضافة غير المحضة، وهى أربعة أصناف: الصّنف الأوّل: اسم الفاعل، إذا كان بمعنى الحال، والاستقبال، نحو: ضارب زيد الآن وغدا، وراكب فرس، فهذا لم يفد تعريفا محضا؛ لوصفك النكرة به، قال الله تعالى:" فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ" (¬1)، وقال - عزّ من قائل - " هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا" (1)؛ ولدخول" ربّ" عليها، تقول: ربّ راكب فرس لقيت، وهذا الحكم موجود في الأصناف الثّلاثة الباقية. وللعرب في قولهم:" واحد أمّه" و" عبد بطنه" قولان: أكثرهما: التّعريف، وأقلهّما: التنكير (¬2)، فمن نكّرهما، فلدخول" ربّ" عليهما في قوله (¬3): أما ويّ إنيّ ربّ واحد أمّه … أجرت فلا قتل لديّ ولا أسر ومن عرّفهما (¬4) جعلهما بمنزلة: نسيج وحده؛ كأنّه عنى بواحد أمّه: الكامل النّبيه، وبعبد بطنه: الناقص الوضيع، والضمير فيهما، لا يرجع إلى" واحد"، ولا إلى" عبد"، وإنّما يرجع إلى غيرهما، إمّا مبتدأ، أو موصوف، تقدّم ذكرهما. الصّنف الثّاني: الصّفة الجاري إعرابها على ما قبلها، وهي في الحقيقة ¬
لما أضيفت إليه، كقولك: مررت برجل حسن الوجه، تقديره: حسن وجهه، فلمّا نقلت ضمير صاحب الوجه إلى" حسن" لم/ يمكن أن ترفع" الوجه" به؛ لأنّ الفعل الواحد لا يرفع اسمين؛ فلمّا احتجت أن تبيّن موضع الحسن أضفت الصّفة إليه، فإن وصفت به معرفة أدخلت الألف والّلام على الأوّل، وتجرّ الثاني، وتنصبه، فتقول: مررت بالرّجل الحسن الوجه، والوجه، وسيجئ بيان هذا فى باب (¬1) العوامل مستقصى. الّصنف الثالث: أفعل، إذا أضيفت إلى ما هو بعض له، كقولك: زيد أفضل القوم، ومررت برجل أفضل القوم، وله في الكلام ثلاثة أماكن: الأوّل: أن يتصل ب" من"، وحينئذ يكون للمذكرّ والمؤنّث والاثنين والجمع، على صورة واحدة، ولا تدخله ألف ولام ولا إضافة، تقول: زيد أفضل من عمرو، وهند أفضل من دعد، والزّيدان أفضل من عمرو، والزّيدون أفضل من عمرو، ولا تقول: زيد أفضل غلام من عمرو، ولا زيد الأفضل من عمرو، فأمّا قوله (¬2): ولست بالأكثر منهم حصى … وإنّما العزّة للكاثر فليست" من" فيه بالتّي نحن بصددها، وإنّما هي بمعنى" في"، كقولك: أنت منهم الفارس الشّجاع، أي: من بينهم وفيهم، فيكون التقدير: لست ¬
بالأكثر حصى من بينهم؛ فهي لضرب من البيان. ومتى كان" أفعل" صفة لم يحسن حذف" من" منه، وإن كان خبرا جاز حذفها، ومّما حذفت منه" من" وهى مقدّرة؛ قوله تعالى:" يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى " (¬1)، وقولهم: الله أكبر، وقول الفرزدق (¬2): إنّ الّذي سمك السّماء بنى لنا … بيتا دعائمه أعزّ وأطول وقيل: التقدير: كبير، وعزيز، وطويلة، كما في قوله تعالى:" وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ" (¬3) أى: هيّن (¬4). الثّاني: أن يكون فيه الألف والّلام، وحينئذ يثنّى ويجمع، ويؤنّث، تقول: زيد لأفضل، وهند الفضلى، والّزيدان الأفضلان والّزيدون الأفضلون، ولا يجوز حذفهما منه/ إلّا إذا عاقبتهما الإضافة. الثّالث: أن يكون مضافا، نحو: زيد أفضل القوم، ولا يخلو: أن تضمّنه معنى" من"، أو لا تضمّنه. فإن ضمّنته فلا تثنّيه ولا تجمعه ولا تؤنّثه؛ حملا على ظهور" من"؛ لأنّ هذه الإضافة قد جعلت" زيدا" واحدا من القوم، ومشاركا لهم في الفضل، ونفّلته ¬
عليهم بالزّيادة فيما اشتركوا فيه، وهذا هو الأكثر الأشهر؛ تقول: زيد أفضل رجل، وأفضل الرّجلين، وأفضل الرّجال، وهما أفضل القوم، وأفضل رجل، وأفضل رجلين، وهم أفضل رجال، معناه: إثبات الفضل له على الرّجال، إذا فضّلوا رجلا رجلا، واثنين اثنين، وجماعة جماعة، ممّا هو وهم فيه شركاء، ومنه قوله تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ (¬1)، وقوله تعالى: وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (¬2) بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (¬3) وكقول الشاعر (¬4): وميّة أحسن الثّقلين جيدا وكقوله (¬5): ألستم خير من ركب المطايا ¬
وكقوله (¬1): وهنّ أضعف خلق الله أركانا وإن لم تضمّنه معنى" من"، وقصدت بهذه الإضافة أنّه المعروف بالفضل كأنّك قلت: زيد فاضل القوم، فليس داخلا فيهم، ولا يجب أن يكون مفضّلا، ولا أنّهم شاركوه في الفضل، بل يكون قد فضّل على غيرهم، وعرف ذلك، فقيل: هو الأفضل، كما تقول: هو الفاضل، ثم نزعت الألف والّلام، وأضفته، ويكون معرفة، بخلاف الثّاني، فلا يجوز أن تصف به النكرة وحينئذ تثنّيه وتجمعه، وتؤنّثه، فتقول: الزّيدان أفضلا القوم، والزيدون أفضلو القوم، وهند فضلى القوم، و" فعلى أفعل" ليست مطّردة، ولا تقول منه إلا ما قالوا، وبعضهم يجعله مطردا (¬2)، والأوّل (¬3) أكثر، ومن هذا النوع قوله تعالى: أَكابِرَ مُجْرِمِيها (¬4)، وإِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا (¬5). وإذا قلت: هند أكبر بناتك، إن جعلته من النّوع الثانى جاز/ ولا تكون هند من بناته، فكأنّك قلت: هند أكبر من بناتك، وإن جعلته من الثّالث لم يجز أن ¬
تقول: أكبر، وإنّما تقول: كبري بناتك، أي: أنها الكبيرة منهنّ (¬1) وقد جاء الوجهان في قول النبىّ صلّى الله عليه وسلّم:" ألا أخبركم بأحبّكم إليّ، وأقربكم منّي مجالس يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقا، ألا أخبركم بأبغضكم إليّ، وأبعدكم منّي مجالس يوم القيامة؟ أساوئكم أخلاقا" (¬2). وقد جاء" أفعل"، وليس هناك اشتراك، كقوله تعالى: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا (¬3). ولا خير في مستقرّ أهل النّار، وهو في التنزيل كثير، ومن كلامهم: الصّيف أحرّ من الشّتاء"، وأمثلة نحوه كثيرة، فإذا ثبت ذلك فلا يجوز - على النّوع الثّاني - زيد أفضل إخوته؛ لأنّ صحّة كلّ واحد من طرفيها يقضى بفساد الآخر؛ فإنّ زيدا يجب أن يكون واحدا من الإخوة، وحيث أضفتهم إلى ضميره خرج عن أن يكون منهم، بدليل خروجه في قولك: جاءني إخوة زيد، وتنزّلت منزلة: زيد أفضل الحمير، فإن قلت: زيد أفضل الإخوة، صحّت المسألة ويجوز - على الثّالث - حيث التقدير: زيد فاضل إخوته، ولا إحالة فى ذلك. وقياس" أفعل" - في كلا نوعيها - أن يصاغ من ثلاثيّ لا زيادة فيه، وليس من الخلق الثّابتة، والعيوب، فلا تقول: زيد أجوب من عمرو، ولا أعور منه، ولا أسمر، ولا أطلق منه، ولكن يتوصّل إلى التّفضيل في نحو هذه الأفعال، بأن يصاغ" أفعل" ممّا يصاغ منه، ثمّ يميّز بمصادرها، تقول: هو أسرع منه جوابا، وأقبح عورا، وأشدّ سمرة، وأسرع انطلاقا. وقد شذّ من ذلك ألفاظ، قالوا:" هو أولاهم للمعروف"، و" أعطاهم للدّينار والدرهم" وهذا المكان أقفر من غيره، وأنت أكرم لي من زيد وهذا الكلام أخصر، ¬
وفي أمثالهم:" أفلس من ابن (¬1) المذلقّ". وقد جاء" أفعل منه"، ولا فعل له، قالوا:" أحنك الشّاتين (¬2) / والبعيرين" ومن أمثالهم:" آبل من حنيف (¬3) الحناتم". والقياس أن يفضّل على الفاعل، دون المفعول، وقد شذّ منه نحو قولهم: " أشغل من ذات النّحيين" (¬4)، وهو أغدر منه، وألأم، وأشهر، وأعرف، وأنكر، وأرجى، وأخوف، وأحمد، وأهيب، وأنا بهذا أسرّ منك، وهم بشأنه أعنى. الصّنف الرّابع: إضافة الموصوف إلى الصفة، والصفة إلى الموصوف، على تقدير مضاف محذوف. فالأوّل: نحو:" مسجد الجامع" و" صلاة الأولى" وجانب الغربيّ"، و" دار الآخرة"، التقدير: مسجد الوقت الجامع، وصلاة السّاعة الأولى، وجانب المكان الغربيّ، ودار الحياة الآخرة. والثّاني: نحو:" عليه سحق عماقة" (¬5)، و" خلق ثوب" (¬6)، و" جرد ¬
قطيفة" (¬1)، و" مغرّبة خبر" (¬2)، فذهبوا بهذه الأشياء بيانا وتلخيصا، لا تقديما للصّفة على الموصوف. وقد حملوا على هذا الصّنف أشياء، فأضافوا المسمّى إلى اسمه في نحو قولهم:" لقيته ذات مرّة" و" ذات ليلة" و" داره ذات اليمين"، و" ذات الشّمال" وكقول الشاعر (¬3) تداعين باسم الشّيب في متثلّم وكقول الآخر (¬4): داع يناديه باسم الماء مبغوم ¬
وكقول الكميت (¬1): إليكم ذوي آل النبيّ تطّلعت … نوازع من قلبي ظماء وألبب وقالوا في قول لبيد (¬2): إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما وما أشبهه: إنّ المضاف - وهو اسم مقحم - دخوله وخروجه سواء، وحكوا: هذا حيّ زيد، وأتيتك وحيّ فلان قائم، يريدون: هذا زيد (¬3)، وفلان قائم، ¬
وأنشدوا (¬1): ياقرّ إنّ أباك حيّ خويلد أي: إنّ أباك خويلدا. وقد امتنعوا من إضافة الشئ إلى نفسه، كالّليث والأسد، والحبس والمنع فلا يضاف أحد الاسمين إلى الآخر، فأمّا نحو: جميع القوم، وكلّ الدراهم؛ وعين الشيء، ونفسه، فليس من هذا القبيل. الضرب الثّاني من الفصل الأوّل: الإضافة/ بمعنى" من"، وهى لتبيين النوع نحو: ثوب خزّ، وخاتم فضّة، أي: من خزّ، ومن فضّة، وحقيقتها: إضافة بعض الشيء إلى جنسه، وإذا نوّنت الأوّل جاز لك في الثاني الرّفع على عطف البيان، وعلى الوصف - إذا قدّر فيه الاشتقاق - والنّصب، على التمييز، أو الحال مع التقديرين. والفرق بين هذا الضّرب والضّرب الأوّل أنّ هذه الإضافة يقع الثّاني فيها على الأوّل: نقول: ملكت خزّا وفضّة، وإنّما ملكت منهما ثوبا وخاتما، والإضافة الأولى لا يوجد ذلك فيها؛ فإنّ" زيدا" لا يقع على الغلام، فلا تقول: مررت بزيد، وأنت تريد غلامه، ومتى صحّ أن يكون الثّاني خبرا عن الأوّل فالإضافة بمعنى" من"، ومتى لم يصحّ، فالإضافة لاميّة. ¬
وقد تقع إضافة يتجاذبها الضّربان، كقولك: رأيت رئيس القوم، فيجوز أن يكون المراد: الرئيس منهم، وأن يكون الرئيس لهم، وتقول: ثلاثمائة درهم، فإضافة الثّلاثة إلى المائة: إضافة" من"، وإضافة المائة إلى الدّرهم: إضافة الّلام، وقيل: إنها بمعنى" من" أيضا؛ لأنّ المائة من الدّراهم.
الفصل الثاني من القسم الثاني في أحكام تتعلق بهذه الأنواع
الفصل الثّاني من القسم الثّاني في أحكام تتعلّق بهذه الأنواع: الحكم الأوّل: الإضافة على ضربين: معنويّة، ولفظيّة. فالمعنويّة: ما أفاد تعريفا، نحو: غلام زيد، أو تخصيصا، نحو: غلام رجل، وثوب خزّ؛ فإنّ" غلام رجل" وثوب خزّ" أخصّ من: غلام وثوب. وتعمّ الإضافة المحضة [التى بمعنى اللام] (¬1) والتى بمعنى" من"، وقضّيتها: أن يجرّد لها المضاف من التّعريف عند البصريّ، والكوفيّ (¬2) يعرّفه فيقول: الخمسة الأثواب. واللّفظيّة: ما أفاد تخصيصا في الّلفظ، والمعنى بحاله قبلها، وتخصّ غير المحضة، ويجوز تنكير المضاف فيها وتعريفه، تقول: ضارب الرّجل، والضّارب الرّجل؛ ولاستواء الحالين فيها، جاز وصف النكرة بها، وتضاف تارة إلى مفعولها، ك" ضارب زيد" وتارة إلى فاعلها ك" حسن الوجه". الحكم الثاني: الإضافة المعنويّة تنقسم قسمين: أحدهما: لازم للإضافة، وهو على ضربين: ظروف، نحو" فوق" و" تحت" و" عند" و" لدن" وغير ظروف، نحو" غير" و" مثل" و" شبه" و" بعض" و" كلّ" فهذان الضّربان لا تفارقهما الإضافة، وهما على بابهما، ¬
تقول: زيد فوقك، وتحتك وعندك، وهذا غيرك، ومثلك. وهذا القسم أسماء ليست بالكثيرة، وإنّما هي معدودة، أو تقارب المعدودة. والثّاني: غير لازم، نحو: ثوب، ودار، وغلام، وغير ذلك ممّا يضاف في حال دون حال. الحكم الثالث: المضاف يكتسى من المضاف إليه كثيرا من أحكامه، من غير أن يفارقه، كالتّعريف نحو" غلام زيد، والتّخصيص، نحو راكب حمار؛ فلا تجوز إضافة المعارف؛ لغناها (¬1) عنها، فأمّا الأعلام فإنّما تضاف بعد تنكيرها، فحينئذ تتعرّف بإضافتها إلى المعرفة، نحو: زيدكم، وتتنكّر بإضافتها إلى النكرة. وكالاستفهام، نحو: غلام من ضربت؟ والشّرط، نحو: غلام من تضرب أضرب، فلا يجوز دخول همزة الاستفهام، ولا حرف الشّرط على" غلام"، وكالبناء في قوله تعالى: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ (¬2) ومِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ (¬3)، بالفتح فيهما (¬4). وكالتّأنيث في قوله تعالى: تلتقطه بعض السّيّارة (¬5)، بالتاء (¬6)، لإضافة" بعض" إلى مؤنّث، وقوله تعالى: ¬
مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها (¬1) والمثل مذكّر. الحكم الرّابع: كلّ اسم معرفة يتعرّف به ما أضيف إليه إضافة معنويّة، إلّا أسماء توغّلت في إبهامها، فهي نكرات، وإن أضيفت إلى المعارف، نحو" غير"، و" مثل" و" شبه" و" سوى" تقول: هذا غيرك، فقد أضفت" غيرا" (¬2) إلى ضمير المخاطب، ولا يتعرّف به؛ لأنّ كلّ من جاوزه يتناوله لفظ" غير"؛ ولذلك وصفت به النكرة، نحو: مررت برجل غيرك، ولها فيه معنيان: أحدهما: أنّك تريد الإخبار بأنّ مرورك وقع على/ المخاطب، ورجل آخر. والثّاني: تريد أنّك لم تمرّ بالمخاطب، وإنمّا مررت بغيره. فإن أوقعتها على الضّدّ، كانت معرفة، نحو قولك: عليك بغير الحركة؛ ولذلك تصف بها المعرفة، فتقول: عليك بالحركة غير السّكون، وكذلك إذا اشتهر المضاف إليه، كقوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ (¬3)، وهكذا حكم" مثل" و" شبه" و" سوى"، لكن بين" سوى" و" غير" فرق، وهو: أنّ" سوى" ظرف مكان؛ فحسن قولك:" مررت برجل سواك، وقبح: مررت بسواك؛ لأنّه في معنى" مكانك"، فإذا أوليته الباء، أخرجته عن باب الظّرفيّة؛ ولهذا لم يجز وصف المعرفة بها، إلا ب" الّذى"، فتقول: مررت بزيد الذى ¬
سواك، بخلاف" غير" فإنّك تصف بها المعرفة - إذا نابت عن الضّدّ - بغير الذي، تقول: مررت بزيد غيرك، إذا كان زيد ضدّا للمخاطب، وقد أوقعت" غيرا" عليه. الحكم الخامس: إذا كان المضاف إليه ضميرا متّصلا، استوى معه - فى صحّة الإضافة - ما فيه النون، والتنوين وما ليسا فيه، تقول: ضاربك، وضارباك، وضاربوك، وضاربتك، والضاربك، والضارباك، والضاربوك، فأمّا قوله (¬1): هم الآمرون الخير والفاعلونه فشاذّ (¬2) لا يعرّج عليه. الحكم السّادس: قد أضيف الشّيء إلى غيره؛ بأدنى ملابسة ¬
بينهما، كقول أحد حاملي الخشبة لصاحبه: خذ طرفك، قال (¬1): إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة … سهيل أذاعت غزلها فى القرائب فأضاف الكوكب إليها؛ لجدّها في عملها إذا طلع سهيل. الحكم السّابع: الإضافة من خواصّ الأسماء، ومع ذلك، فقد أضافوا أسماء الزّمان، والمكان إلى الجمل، من الفعل والفاعل، والمبتدأ والخبر، كقوله تعالى: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ (¬2) / وكقولك: جئتك زمن الحجّاج أمير، وأجلس حيث جلس زيد، وحيث زيد جالس، وقد تقدّم ذكر ذلك (¬3). وقد يجوز، مع الإضافة إلي الفعل، إعراب الاسم وبناؤه، فإن كان الفعل معربا فالإعراب أحسن (¬4)، وإن كان مبنيّا فالبناء أحسن (4)، تقول: هذا يوم يقوم زيد، ويوم قام عمرو، فتعرب الأوّل، وتبنى الثّاني. ¬
والأوقات الّتي يجوز أن تضاف إلى الجمل: ما كان حينا وزمانا يكون في الدّهر كلّه، لا يختصّ به شئ دون شئ، كاليوم، والّليلة، والعام والحين، والزّمان، والّليالي، والأيّام، ويقبح في الموقّتات كشهر كذا، وسنة كذا، قالوا (1): ولا يضاف فى هذا الباب شئ له عدد، مثل: يومين، وجمعة ولا مثل: صباح، ومساء (¬1). وقد اتّسعوا حتّى أضافوا" آية"؛ لقرب معناها من الوقت، قال (¬2): بآية يقدمون الخيل شعثا … كأنّ على سنابكها مداما وقالوا: اذهب بذي تسلم" و" اذهبا بذي تسلمان" و" اذهبوا بذي تسلمون"، المعنى: بالأمر الذى يسلّمك، قال المبرّد: هذان من الشّواذ (¬3) ولا يقاس عليهما. ¬
الحكم الثّامن: قد فصلوا بين المضاف والمضاف إليه، بالظّرف، وحرف الجرّ، في الشّعر، قال (¬1): لّما رأت ساتيدما استعبرت … لله درّ اليوم من لامها وقال (¬2): هما أخوا في الحرب من لا أخاله … إذا خاف يوما نبوه فدعاهما وروى بعضهم عن سيبويه (¬3): زجّ القلوص أبي مزادة ¬
ففصل بينهما بالمفعول، وليس بالمشهور (¬1). الحكم التاسع: قد حذفوا المضاف مرّة، والمضاف إليه أخرى وحذفوهما معا، وذلك إذا أمنوا الّلبس. الأوّل/: حذفوا المضاف، وأقاموا المضاف إليه مقامه، وأعربوه بإعرابه، كقوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ (¬2)، وهذا باب واسع في العربّية، وقد أعطوه حكمه في غير الإعراب، كالتذكير، والتأنيث، كقوله تعالى: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (¬3)؛ فحذف (¬4) وأنّث (¬5) ¬
ذكّر (¬1)، ومنه قول حسّان (¬2): يسقون من ورد البريص عليهم … بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل فذكّر الضّمير؛ حيث أراد (¬3): ماء بردى. وقد حذفوه، وأبقوا المضاف إليه على إعرابه، كقولهم:" ما كلّ سوداء تمرة، ولا بيضاء شحمة" (¬4)، ويقولون:" ما مثل عبد الله يقول ذاك ولا أخيه" ¬
و" ما مثل أخيك ولا أبيك يقول ذاك"، ومنه قول الشّاعر (¬1): أكلّ امرئ تحسبين امرءا … ونار نوقّد باللّيل نارا ولا يجوز الحذف - مع الّلبس - إلّا فى الشّعر، كما قال ذو الرّمة (¬2): عشيّة فرّ الحارثيّون بعد ما … قضى نحبه فى ملتقى الحرب هو بر يريد: ابن هوبر. والثّاني: حذفوا المضاف إليه، وأبقوا المضاف، في قولهم: حينئذ، ويومئذ، أي: حين إذ كان، وكقولك: مررت بكلّ قائما، أى: بكلّهم، ومثله قوله تعالى: وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً (¬3)، ومنه قوله تعالى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ (¬4)، أيّ: قبل كلّ شئ، وبعده. ¬
الثّالث: حذفوا المضاف، والمضاف إليه معا، في الشّعر، قال (¬1): وقد جعلتنى من حزيمة إصبعا أراد: ذا مسافة إصبع. الحكم العاشر: ما أضيف إلى ياء المتكلّم، لا يخلو: أن يكون صحيحا، أو معتلا. فالصّحيح: يكسر أبدا، وكذلك ما حمل عليه من المعتلّ، نحو: غلامي، ودلوى، ونحيى، وكسائى. والمعتلّ لا يخلو: أن يكون بالألف، أو الياء، أو الواو فالألف/: تبقى بحالها، وتفتح ياء الإضافة، نحو: عصاى، ورحاي، إلّا ما جاء عن نافع، في قوله تعالى: مَحْيايَ وَمَماتِي (¬2)، وقد أبدلت ¬
هذيل (¬1) في المفرد منها ياء، وأدغمتها فى ياء الإضافة، فقالت: عصيّ، وقالوا جميعا: لديّ، وعلىّ، وإليّ. وأمّا الياء: فلا يخلو: أن ينفتح ما قبلها، أو ينكسر. فالمنفتح: كياء التّثنية، والمصطفين، والأسقين، فتدغم فى ياء الإضافة، ويفتح ما بعدها، نحو: غلاميّ، و: مصطفيّ. والمنكسر: كياء الجمع، فتدغم في ياء الإضافة، مفتوحة، نحو: زيدىّ. ونون التثنية والجمع، في ذلك محذوفة. وأمّا الواو: فلا يخلو أن ينفتح ما قبلها أو ينضمّ، ك" المصطفون"، و" المسلمون"، وحكمها في الحالين، حكم الياء في حاليها، ولا فرق. وأمّا الأسماء السّتّة المعتلّة: فمنها أربعة متى أضيفت إلى ياء المتكلّم كسرت أواخرها، وسكنت الياء، تقول: هذا أبي، وأخي، وحمي، وهنى. وأمّا الفم: فمنهم من يقول: فيّ، فيدغم، وهو الأكثر، ومنهم من يقول: فمي. وأما" ذو": فلا يضاف إلّا إلى أسماء الأجناس الظاهرة، فى الأكثر، ومنهم من يضيفه إلى المضمر، وقد ذكرنا حكمه في أوّل الكتاب (¬2). ¬
وأجاز المبرّد: أبيّ وأخيّ، مشدّدا (¬1) وأنشد (¬2): وأبيّ مالك ذو المجاز بدار ومن منع (¬3) منه أوّل هذا على الجمع، وحذف نونه؛ بالإضافة. ¬
الباب الثالث عشر فى التوابع
[تتمة القطب الأوّل: فيما الغالب على أبوابه معرفة الحركات والسّكون وهى عوارض الكلم.] الباب الثالث عشر فى التّوابع وهي خمسة: وصف، وتأكيد، وبدل، وعطف بيان، وعطف بحرف. ويشتمل الباب على مقدّمة، وخمسة أنواع. المقدّمة: اعلم أنّ/ التابع إمّا أن يكون مكمّلا للأوّل، أو غير مكمّل له، فغير المكمّل: هو المعطوف بالحرف، والمكمّل لا يخلو: أن يكون فى تقدير جملتين - وهو البدل - أو في تقدير جملة واحدة، فلا يخلو؛ أن يفيد فائدة المشتقّ، فيتضمّن الضمير - وهو الوصف - أو لا يفيد فائدة المشتقّ، ولا يخلو: أن يكون محصور الألفاظ - وهو التّأكيد - أو غير محصور - وهو عطف البيان، فهذه اقسام التّوابع، وسبب انقسمها، وسنذكر حكم كلّ واحد منها مفردا. وهذه الخمسة تتبع ما تسند إليه فى إعرابه، وأحكامه، لفظا، أو موضعا، وهي - في عواملها - على ضربين: ضرب عامله [عامل] (¬1) متبوعة، عند سيبويه، وهو (¬2) الوصف (¬3) ¬
النوع الأول: الوصف، وفيه ثلاثة فروع.
والتأكيد (¬1)، وعطف البيان (¬2) وضرب عامله غير عامل متبوعه، وهو: البدل والعطف بالحرف. ولا يجوز تقديم واحد منها علي متبوعه؛ للتّبعيّة، والتكميل، والإيضاح. النوع الأوّل: الوصف، وفيه ثلاثة فروع. الفرع الأوّل: في تعريفه، وهو: ما دلّ علي أحوال الذّات، أو بعضها، إيضاحا للمعارف، وتخصيصا للنكرات، ويرد فى الكلام على أربعة أضرب. الأوّل: للتّخصيص مما يحتمله أمثاله، نحو: مررت بزيد الظريف، وبرجل كاتب. الثّاني: لمجرّد المدح والثّناء، كالأوصاف الجارية علي الله سبحانه، (نحو) (¬3) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * الثّالث: لمجرّد الذم والتحقير، كقوله تعالي: فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ. (¬4) وهذان الضربان لا يوجد فيهما اشتراك وإبهام يحتاج إلي إيضاح وتخصيص، وإنما هما علي سبيل المدح والذّم. الرّابع: لمجرّد التأكيد/ كقوله تعالي: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (¬5) ¬
الفرع الثانى: فى تقسيمه
وقوله تعالي: وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ (¬1) فقوله: «نفخة» و «إلهين» يدلّان على الوحدة؟ والاثنينيّة، وإنّما ذكرهما تأكيد (¬2). الفرع الثّانى: فى تقسيمه، وهو على ضربين: أحدهما: أن يكون وصفا محضا خالصا فى الوصفيّة. والثّانى: أن يكون وصفا غير محض، ولا خالصا في الوصفيّة. أمّا الضّرب الأول: فلا يخلو الوصف فيه: أن يكون بذكر معني فى الموصوف، أو فى شئ من سببه غالبا؛ احترازا من «أفعل» (¬3). و «مائة» ونحوها. فالأوّل: يكون بالخلق، نحو: طويل، وقصير، وبالخلق، نحو: كريم، وبخيل، وبالعمل، نحو؛ ضارب، وراكب، وبالمصدر، نحو: عدل، وضيف، وبالنّسب، نحو؛ مكّيّ، ومدنيّ، وبالجوهر، نحو: مررت برجل ذى مال. والثاني: يكون بما يتعلّق بالموصوف، من نسيب (¬4)، أو صديق، أو جار، أو ملك، ونحو ذلك، تقول: مررت برجل كريم أبوه، وعاقل صديقه، وصالح جاره، وحسنة داره، فكلّ صفة رفعت ضمير الموصوف، رفعت الذى ¬
هو من سببه، إلا «أفعل»، فإن قلت: مررت برجل أفضل (¬1) منه أبوه، رفعت «أفضل» بخبر المبتدأ الذي هو «أبوه» ومنهم من أجاز: مررت برجل أفضل منه أبوه، فإذا قلت: مررت برجل عاقل أبوه، جاز أن ترفع «أبوه» ب «عاقل»، و «عاقل» صفة لرجل، وجاز أن ترفع «عاقلا»، وتجعله خبر المبتدأ، الذي هو «أبوه» والجملة صفة ل «رجل» والأوّل أولي، وأمّا: مررت بزيد الكريم أبوه، فيجوز أن ترفع «الأب» ب «لكريم»، والهاء تعود إلى الألف واللام، أو إلى مدلولهما، ويجوز أن ترفع «أبوه» بالابتداء، و «الكريم» خبره، والجملة في موضع الحال من «زيد» والعائد إلى الألف واللّام مستكن. وتقول: مررت برجل مخالط بدنه داء/ ولك حذف التّنوين والجرّ، وحكى سيبويه عن بعض النحويّين أنّه كان لا يجيز في «مخالط» إلا (¬2) النّصب، وردّ هذا القول (¬3) عليه. الضّرب الثّانى: الوصف غير الخالص، هو ثلاثة أقسام: مفرد، ومضاف، وموصول. أمّا المفرد: فكقولك: مررت بثوب سبع، وجبّة ذراع، وأخذت منك إبلا مائة، فإن قلت: مررت بثوب سبع طوله، وجبّة ذراع طولها، رفعت، على الابتداء ¬
والخبر، قال سيبويه: وبعض العرب يجرّه، وهم (¬1) قليل، تقول: مررت برجل أسد أبوه، إذا أردت أن تجعله شديدا، فإن قلت: مررت بدابّة أسد أبوها، رفعت؛ لأنّك إنّما تخبر أنّ أباها هذا السّبع، وإن أردت هذا المعنى فى الأناسيّ، رفعت، إلّا أنّك لا تجعل خلقة أبيه كخلقة الأسد؛ لأنّ هذا لا يكون، ولكنّه يجيء كالمثل. وأمّا المضاف: فكقولك: مررت برجل أيّ رجل، وأيّما رجل، وكلّ رجل، ورجل رجل صدق، وبرجل رجل سوء، وبرجل مثلك، وغيرك. فإن جعلت شيئا من هذه الصفات لشيء من سبه، لم تصف به الأوّل، ورفعته، فتقول: مررت برجل مثلك أخوه، ورجل من سبه، لم تصف به الأوّل، ورفعته، فتقول: مررت برجل مثلك أخوه، ورجل أبو عشرة أبوه، وقد أجاز بعضهم (¬2) وصف الأوّل به، وهو قليل. وأمّا الموصول: فهو مشبّه (¬3) بالمضاف، نحو قولك: مررت برجل أب لك، وصاحب لك، وأفضل منك. فإن علّقتها بشئ من سببه، رفعت، فقلت: مررت برجل أب لك (4) أبوه، وصاحب لك أخوه، وأفضل منك ابنه، والجرّ لغة، وليست بالجيّدة (¬4)، قال سيبويه: قول النحويّين: مررت برجل أسد شدّة وجرأة، إنّما يريدون: مثل الأسد، وهذا ضعيف قبيح؛ لأنّه لم يجعل صفة (¬5)؛ وإنّما ¬
الفرع الثالث: فى أحكامه
قالوه تشبيها بقولك: مررت بزيد أسدا/ وقد يكون خبرا ما لا يكون صفة. الفرع الثّالث: فى أحكامه: الحكم الأوّل: لا يكون الوصف إلّا من فعل، أو راجع إلى معنى الفعل؛ لافتقاره إلى تحمّل ضمير الموصوف. فالأوّل: كاسم الفاعل، نحو: قائم وقاعد، واسم المفعول، نحو: مضروب، ومقتول، والصّفة المشبّهة باسم الفاعل، نحو: حسن وقبيح، والثّاني: كالنّسب، والجمل، و «ذي» و «أيّ» لأنّها كلّها يقدّر لها تقدير يرجع إلى معني الفعل. الحكم الثّاني: الوصف يتبع الموصوف في الإعراب، والإفراد والتّثنية والجمع، والتّعريف والتنكير، والتّأنيث والتّذكير، وله بهذا الاعتبار حالات: الأولى: أن. يتبعه في هذه الأوصاف جميعها، نحو: رجل كريم، ورجلين كريمين، ورجال كرام، وزيد الكريم، وهند الكريمة. فإن وصفت المميّز جاز لك الإفراد والجمع، تقول: عندي عشرون رجلا صالحا، وصالحون، وصلحاء، ولا يجوز: صالحين علي أن تجعله صفة (1) «رجل» إلّا فى قول، وإذا وصفته بجمع التكسير جاز فيه النّصب والرّفع (1)، تقول: عشرون درهما جيادا (¬1)، وجياد، وينشد بيت عنترة (¬2) بهما: فيها اثنتان وأربعون حلوبة … سودا كخافية الغراب الاسحم ¬
الثانية: أن يتبعه في الإعراب، والتعريف والتنكير، لا غير، وهو إذا كان الوصف بشئ من سبب الموصوف، نحو: مررت بزيد الظريف أبوه، وبرجل ظريف أخوه. الثالثة: أن يوافقه في الجميع، ما عدا التأنيث والتذكير، وهو علي ثلاثة أضرب: الأول: أن يكون مختصّا بالمذكّر نحو: رجل يفعة (¬1)، وربعة (¬2). الثاني: أن يكون مختصّا بالمؤنث، نحو: امرأة حائض، وطالق. الثالث: أن يكون مشتركا بينهما، وهو نوعان: مقيس، وغير مقيس: فالمقيس: ما كان علي «فعول» [بمعني فاعل] (¬3) نحو: رجل صبور، وامرأة شكور، أو فعيل بمعني «مفعول» / نحو: كفّ خضيب، ولحية دهين، أو ما دخلته التاء للمبالغة، نحو: راوية (¬4)، وعلّامة. وغير المقيس، نحو: أيّم، وضامر وبادن (¬5). الرابعة: أن يخالفه في الصّيغة، وهو نوعان: أحدهما: أن يكون المذكّر علي «أفعل»، والمؤنّث علي «فعلاء» فيختلفان في الإفراد والتثنه، ويتّفقان في الجمع، نحو: رجل أسود، وامرأة سوداء، ورجلين أسودين، وامرأتين سوداوين، وفي الجمع لهما: سود وسودان وأساود. ¬
والثّاني: أن يكون المذكّر على «فعلان»، والمؤنّث علي «فعلى» نحو: غضبان، وغضبي، وحكمه حكم الأوّل. الخامسة: أن يخالفه في التنكير، فيكون الموصوف نكرة، والوصف معرفة. نحو: مررت برجل مثلك، وشبهك، وغيرك، وسواك، وبرجل واحد أمّه، وعبد بطنه. وإنما جاز وصف النكرة بهذه الألفاظ - وإن كنّ مضافات إلي المعارف - لتقديرك فيهنّ الانفصال، وأنهنّ لا يخصصن شيئا بعينه، وأجاز الأخفش (¬1) أن قوله تعالى: فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ (¬2) أن يكون «الأوليان» صفة «آخرين»؛ لأنّه لمّا وصفه اختصّ. وقد أجاز بعض الكوفّيين (¬3) وصف النكرة بالمعرفة، فيما فيه معني مدح أو ذمّ، وتأوّل عليه قوله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ. الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ (¬4)، وهذا، وأمثاله - عند البصريّين - على البدل (¬5)، وإضمار (¬6) فعل أو اسم (¬7). ¬
الحكم الثالث: الوصف لا يكون أخصّ من الموصوف، وقد يكون مثله؛ فيترتّب على ذلك أن لا يوصف مضمر، ولا يوصف بمضمر؛ لأنّ المضمر أعرف المعارف عند سيبويه (¬1) فلم يعرض له اشتراك يحتاج أن يزال بالوصف؛ ولأنّ المضمر غير مشتّق، ولا يقارب المشتقّ. وقد أجاز بعضهم (¬2) وصف المضمر الغائب، نحو: رأيته الظريف. وجوّز سيبويه: قمت أنت (¬3) / فجعل «أنت» وصفا للتاء (¬4)، وهذا ليس على حد الصّفة بالمشتقّ، وإنّما هو علي حدّ التوكيد (¬5) وأمّا باقى المعارف فإنّها توصف. أمّا الأعلام فلا يوصف بها، لأنّها غير مشتقّة، ولا مقاربة له، وما جاء منها فإنّه يكون عطف بيان، وتوصف بثلاث معارف؛ للاشتراك الحادث فيها: أحدهما: المعرّف باللّام، نحو: مررت بزيد الكريم. الثّاني: المضاف إلي معرفة، نحو: مررت بزيد صاحبك، وصاحب عمرو. وصاحب الأمير. ¬
والثالث: بأسماء الإشارة، عند سيبويه (¬1)؛ لأنّ العلم عنده، أعرف من الإشارة، نحو: مررت بزيد هذا. وأمّا المعرّف باللّام: فإنّه يوصف بمثله في التعريف (2)، وبالمضاف إلي مثله (¬2)، نحو: مررت بالرّجل الكريم، وبالرّجل صاحب الفرس، ومنهم من يجيزه (¬3) في المضاف إلى ما لا فيه الألف واللّام. وأمّا المبهم: فيوصف بالمعرّف باللّام، اسما، وصفة، نحو: مررت بهذا الرّجل - وهو الأكثر الأحسن - وبهذا الظريف، وهو الأقلّ الأقبح، وكأنه من إقامة الصفة مقام الموصوف، تقديره: بهذا الرجل الظّريف. فإن قلت: مررت بهذا العاقل، أو الكاتب، كان بينهما في الحسن؛ لأنّ من حقّ المبهم أن يبيّن بأسماء الأجناس، كالرجل، والغلام، وإنّما يبيّن بالصّفات عند اللّبس؛ لأنّ المبهم إشارة إلى حاضر معروف؛ فاستغني عن التّبيين، فإذا جئت بالوصف الخاص، حسن تبيينه به، بخلاف الوصف المشترك، كالطّويل. وأما المضاف إلى المعارف: فيوصف بما أضيف كإضافته، وبالمعرّف باللّام، وبالمبهم، نحو: مررت بصاحبك غلام عمرو، و: بصاحبك الطويل، وبصاحبك هذا، وبصاحب زيد غلام عمرو. الحكم الرّابع: إعراب الصّفات علي ثلاثة أقسام: ¬
الأول:/ يتبع لفظ موصوفه رفعا، ونصبا، وجرّا، نحو؛ قام زيد الظريف، ورأيت زيدا الظريف، ومررت بزيد الظريف. الثاني: يتبع موضعه، كالمبنيّات، إذا كان ممّا يوصف؛ احترازا (¬1) من المضمرات، ومن «اللهمّ»، عند سيبويه (¬2)، و «كيف»، و «كم» ونحو ذلك ممّا أوغل في شبه الحروف، تقول: قام هؤلاء العلماء، ورأيت هؤلاء العلماء، ومررت بهؤلاء العلماء. الثالث: يتبع لفظه تارة، وموضعه أخرى وبعضه أقوى من بعض. الأوّل: العامل مع معموله المبني، نحو: لا رجل ظريف، وظريف. الثّاني: المضاف والمضاف إليه، فإن كان معربا وصفته على اللفظ إجماعا، نحو: أعجبنى غلام زيد الظريف، وعلى الموضع المعنويّ، إن كان فى الأوّل معنى الفعل، عند قوم، تقول أعحبنى ضارب زيد الظريف، والظريف، بالجرّ والنّصب، ومنع منه قوم. الثّالث: «من» إذا كانت زائدة في النفي، والاستفهام، كقوله تعالي: ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ * (¬3) وكقولك: هل من رجل في الدّار غير زيد، يجوز في «غير» الرفع (¬4)، علي الموضع، والجرّ (¬5) على اللفظ. ¬
الرّابع: «إنّ» واسمها، وقد أجاز بعضهم وصفه، على الموضع (¬1)، وحمل عليه قوله تعالي: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (¬2) فيمن رفع (¬3) «علّام» في أحد الأقوال. الحكم الخامس: الوصف يكون مفردا، وجملة: فالمفرد: يوصف به المعرفة، والنكرة، نحو؛ مررت بزيد الكريم، وبرجل كريم والجملة، إنّما يوصف بها النكرات؛ لأنّها نكرة، نحو: مررت برجل قام أبوه، وبرجل أبوه منطلق، وبرجل إن تقم أقم معه، وبرجل خلفك، وبرجل (¬4) من الكرام، ولا بدّ في الثّلاث الأول من عائد إلي الموصوف، وقد جاء في الشّعر بغير عائد، قال طرفة (¬5): وتبسم عن ألمى كأنّ منوّرا … تخلّل حرّ الرّمل دعص له ندى التقدير فيه: كأنّ منوّرا بوجوده تخلّل. ¬
فإن اجتمع مفرد وجملة، فالأولي تقديم المفرد علي الجملة؛ لأنّه الأصل، نحو: مررت برجل قائم أبوه منطلق، وقد جاء الأمران في/ التّنزيل، قال الله تعالي: وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (¬1) وقال: وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ (¬2) وعلي الثّاني قول النابغة (¬3): وليل أقاسيه بطئ الكواكب والوصف بالجملة الفعليّة، أقوي منه بالجملة (¬4) الأسمّية وأكثر، وأكثر ما وصف من الأفعال، بالماضي (¬5)؛ لأنّه محقّق، وأمّا المستقبل؛ ففيه خلاف نحو: مررت برجل يصيد (¬6) غدا، التّقدير فيه: يقدّر الصيد غدا، وقوم ¬
يجعلون الوصف بالفعل حالا، وهو عندهم (¬1) أولي، فأما قول الشاعر (¬2): حتى إذا جنّ الظّلام واختلط … جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط وقول أبي الدّرداء - رحمه الله - وجدت الناس اخبر تقله (¬3)، فإنّما ذلك بمعني: مقول عنده هذا القول، كأنّه قال: جاءوا بمذق يتلوّن هذا اللّون، يعني به غبرة الذئب، وكأنّه قال: وجدت الناس مقولا فيهم هذا القول. ¬
فإن أردت أن تصف المعارف بالجمل جئت ب «الّذى»، وجعلت الجملة صلتها، ووصفت ب «الذى» وثنّيته، وجمعته، وأنّثته، على حسب الموصوف. فقلت: رأيت زيدا الذي قام أبوه، ومررت بالزيدين اللّذين قام أبوهما، وبالزّيدين الذين أبوهم منطلق. الحكم السّادس: لك في كلّ موصوف أن تجمعه وتفرّق صفاته علي عدّته وأن تقرّق الموصوف وتجمع صفاته، إذا لم يكن في الحالين مبهما؛ تقول في الأوّل: مررت بالزيدين القائم والقاعد والنائم، ومررت برجال كاتب وشاعر وحاسب، ويجوز الرّفع، علي التبعيض؛ تقول: مررت برجال كاتب وشاعر وحاسب، فإن لم تستوف العدّة فالرّفع لا غير؛ تقول: برجال كاتب وشاعر، وتقول: مررت بثلاثة رجال كاتبين وشاعر، وتقول فى الثانى: مررت بزيد وعمرو وبكر الظّرفاء/ وقد جاء فى الشّعر وصف بعضهم. فإن كان الموصوف مبهما لم يجز فيه هذا، لا تقول: مررت بهذين الراكع والسّاجد، علي الوصف؛ لأنّ المبهم وصفته بمنزلة اسم واحد، وكذلك إن كانت الصّفة مبهمة، لا تقول: مررت بالزّيدين هذا وهذا، فإن أردت البدل جاز فيهما. وإذا فرّقت الوصف علي الموصوفين فالأحسن أن تجعل أوّل الوصف لآخر الموصوفين، وآخره لأوّلهم؛ كيلا تكثر الفواصل، تقول: ضرب زيد عمرا الظّريف الظّريف، وزيد ضربت غلام أخيه العاقل العاقل العاقل. الحكم السّابع: إذا اجتمعت صفتان، فالثانية لمجموع معني الموصوف: والصّفة عند قوم، وللصّفة عند قوم، نحو: مررت بزيد الظريف العاقل، ف" العاقل" صفة «زيد» و «الظّريف» معا، وقال قوم: هو صفة للأوّل،
قال سيبويه: والنّصب فيه جائز ضعيف، تقول: هذا رجل عاقل لبيبا، قال: وإنّما ضعف؛ لانّه لم يرد أنّ الأوّل وقع وهو في هذه الحال، ولكنّه أراد: أنّهما فيه ثابتان، لم يكن (واحد) (¬1) منهما قبل صاحبه (¬2). وكلّ صفة تشتمل علي مدح أو ذمّ، فإذا تعدّدت جاز لك فيها قطعهما عن الأوّل، والنّصب، علي المدح والذّمّ، تقول جاءني زيد الظّريف العاقل اللبيب، و: مررت بزيد الخبّ اللّئيم الخبيث، وعليه تأوّل بعضهم (¬3) قوله تعالى: وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ (¬4)، ومنه قول الخرنق (¬5): لا يبعدن قومي الذين هم … سمّ العداة وافة الجزر النازليين بكلّ معترك والطّيّبون معاقد الأزر والرفع في المدح والذّمّ يستويان، وقد تقدّم ذكرهما في باب المفعول به مستقصى (¬6). الحكم الثامن: إذا اختلف الاسمان في الإعراب لفظا، ومعني/ وكان عاملهما واحدا، نحو: ضرب زيد عمرا، فلا تجوز تثنية الصّفة البتّة، لا ¬
تقول: ضرب زيد عمرا (¬1) الكريمان، ولا الكريمين. فإن اتّفقا في المعنى، واختلفا فى الإعراب - والعامل واحد - نحو: ضارب زيد عمرا؛ لم يجز وضعهما بصيغة واحدة، عند البصريين (¬2)، وأجازه بعض الكوفيّين؛ نظرا إلى المعنى، فمنهم من (¬3) يقول: العاقلان، لا غير، ومنهم (¬4) من يقول: العاقلان، والعاقلين، أيّهما شاء. فإن اتّفق الاسمان في الإعراب، واختلف العاملان، فلا يخلو: أن يكونا مختلفين في اللّفظ، والمعنى، أو في اللّفظ دون المعنى، أو في المعنى دون اللّفظ، نحو: أقبل زيد وأدبر عمرو، وقعد زيد وجلس عمرو، ووجد زيد، من الغني، ووجد عمرو، من الغضب، فإنّ سيبويه يجيز - فى ذلك كلّه - العاقلان (¬5)، وغيره (¬6) يأباه، مع اتّفاقهم على جواز: اختلف زيد وعمرو العاقلان. فإن اتّفق الاسمان في الإعراب، والعامل، لفظا ومعنى - نحو: قام زيد وقام عمرو [العاقلان] (¬7) - فالنّحويّون كلهم يجيزونها، إلّا ابن السّراج، فإنه أبي ذلك، إلا أن يعتقد في العامل الثانى التكرير (¬8). ¬
فإن كان إعراب الاسمين متفقا، إلّا أنّهما اختلفا فى التّقدير، أجازه بعضهم (¬1)، نحو: زيد منطلق وجاء عمرو العاقلان، وضربت زيدا وإنّ عمرا منطلق العاقلين. وأمّا: هذا رجل وذاك آخر قائما، فسيبويه (¬2) يجيزه، والمبرد (¬3) يأباه. الحكم التّاسع: إذا كان الموصوف كنيتة، لم يتببع الوصف إلّا الأول، كما لا تتبع التثنية والجمع إلّا الأوّل، تقول: جاءنى أبو بكر الكاتب، ورأيت أبوي بكر الكاتبين، ومررت بأباء بكر الكاتبين. فإن وصفت ب «ابن»، واقعا بين علمين، حذفت تنوين الأول لفظا، فقلت: هذا زيد بن عمرو، فإن كان خبرا أو بدلا أبقيت/ التنوين وقد قرئ بالاثنين قوله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ. (¬4) من جعله وصفا حذف التّنوين، وكان الخبر محذوفا، ومن جعله خبرا وحذف التنوين؛ فلأنّ «عزير» غير منصرف، أو تحفيفا (¬5). ¬
وإن لقّبت مفردا بمفرد، أضفته إليه، فقلت: هذا قيس قفّة يافتي، وإن لقّبته بمضاف، جرى على الاسم نعتا، تقول: هذا زيد وزن سبعة. فإن لقّبت مضافا بمفرد أو مضاف، جرى عليه نعتا، تقول: هذا عبد الله كرز، وعبد الله وزن سبعة. الحكم العاشر: لا يجوز الفصل بين الصّفة والموصوف بأجنبيّ من عامل الموصوف، فأمّا قول الشّاعر (¬1): قلت لقوم فى الكنيف تروّحوا … عشيّة بتنا عنّدما وان رزّح ففصل بمعمول قلت بين الصّفة والموصوف، فشاذّ. الحكم الحادي عشر: لك أن تحذف الموصوف، وتقيم الصّفة مقامه، إذا ظهر أمره ظهورا يستغني عن ذكره، كقوله تعالي: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً (¬2) وكقول الشّاعر (¬3): ¬
وعليهما مسرودتان قضاهما … داود أو صنع السّوابغ تبّع وقد يبلغ به الظّهور بحيث يطرحونه رأسا، كقولهم: الفارس (¬1) والصاحب، والأورق (¬2)، والأطلس (¬3)، ونحو ذلك كثير في كلامهم. وفي القياس على حذف الموصوف خلاف بين سيبويه (¬4) والأخفش (¬5). وكذلك لك أن تحذف الصّفة، وتقيم الموصوف مقامها، كقوله صلّى الله عليه وسلّم (¬6) «لا صلاة لجار المسجد إلّا فى المسجد» (¬7) فى أحد القولين؛ لأنّه لم يرد به المنع من صحّة الصّلاة، إنما أراد نفى الكمال، كأنّه قال: لا صلاة كاملة، أو لا كمال صلاة. ¬
الحكم الثانى عشر: يجوز تقديم الصّفة علي الموصوف إذا كانت لاثنين، أو جماعة، وقد تقدّم أحد/ الموصوفين، تقول: قام زيد العاقلان وعمرو، ومنه قول الشاعر (¬1): ولست مقرّا للرّجال ظلامة … أبى ذاك عمي الأكرمان وخاليا كأنّه نظر إلى أنّ العطف كالتثنية. وإذا ذكرت الموصوف جاز أن يتقدّم معمول الصّفة عليها، لا على موصوفها، كقولك: نعم رجلا طعامك آكلا زيد، ومثله قوله تعالى: ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ (¬2)، فإن لم تذكر الموصوف لم يتقدّم معمول الصّفة عليها، لا تقول: نعم طعامك آكلا زيد. الحكم الثّالث عشر: إذا تقدّمت الصّفة علي الموصوف، فلا يخلو: أن يكون الموصوف معرفة أو نكرة. فإن كان معرفة أعربتها بإعراب الموصوف، وجعلته بدلا منها، كقولك: هذا الظريف زيد، وعليه قوله (¬3): من الصّهب السّبال وكلّ وفد ¬
يريد: من السّبال الصّهب. وإن كان (¬1) نكرة، انتصبت على الحال، كقولك: هذا قائما رجل، وعليه قوله (¬2): وتحت العوالى والقنا مستظلّة … ظباء أعارتها العيون الجاذر وقد [جاء] (¬3) فى النكرة مثل (¬4) المعرفة، قال (¬5): ألفيتنى أعظما فى قرقرقاع الحكم الرّابع عشر: قد وصفوا المضاف إليه، وهم يريدون المضاف، قال (¬6): علىّ يوم تملك الأمورا … صوم شهور وجبت نذورا ونحو منه قوله تعالى: فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (¬7) في الخبر (¬8). ¬
النوع الثانى: في التأكيد، وفيه ثلاثة فروع
الحكم الخامس عشر: يجوز أن تعطف بعض الصّفات على بعض، بالواو، إذا لم يكن فيها ترتيب، تقول: قام زيد الظريف والشّريف والكاتب، فإن كان فيها معني الترتيب/ فبالفاء، تقول: جاء زيد الرّاكب فالسّالب فالآيب. النّوع الثّانى: في التأكيد، وفيه ثلاثة فروع: الفرع الأوّل: فى تعريفه: وهو: لفظ يتبع الاسم المؤكّد؛ تثبيتا، وتقريرا، ورفعا للّبس، وإزالة للاتّساع أما التّثبيت، والتقرير: فلا خفاء أنّ تكرار اللّفظ يثبّت المعنى في النّفس، ويقرّره، وأمّا رفع اللّبس، فإنّك تقول: جاء القوم، وقد يجوز أن يكون قد تخلّف بعضهم؛ تغليبا للأكثر، فإذا قلت: «كلّهم» ارتفع اللبس، وتحقّق أنّه لم يتخلّف منهم أحد. وأما إزالة الاتّساع: فإنّ الفعل قد يسند إلى غير فاعله الحقيقيّ، فيقال: كتب الأمير، وإنما كتب كاتبه، فإذا قلت: كتب الأمير نفسه، زال الاتّساع. وهو أشدّ ملابسة بالمؤكّد من الصّفة بالموصوف؛ لأنّ الصّفة تقام مقام الموصوف، كما سبق (¬1)، على قبحه عند سيبويه، ولا يقوم التوكيد مقام المؤكّد فلا تقول: رأيت أجمعين، تريد: الرّجال أجمعين، كما تقول: رأيت الظّرفاء، وأنت تريد: الرّجال الظرفاء. الفرع الثّانى: فى أقسامه: وينقسم قسمين: لفظيّ، ومعنوىّ. ¬
أمّا اللّفظىّ: فيكون بتكرار اللّفظ، اسما وفعلا وحرفا؛ واحدا ومثنى ومجموعا، معرفة ونكرة، ومظهرا ومضمرا، ومفردا وجملة. تقول فى المظهر: قام زيد قام قام زيد، ورأيت زيدا رأيت زيدا، ورأيت زيدا زيدا، ورأيت زيدا رأيت، وزيد فى الدّار في الدّار. وتكرار اللّفظ في القرآن كثير، كقوله تعالي: قَوارِيرَا. قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ (¬1)، وكقوله: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها (¬2)، ومنه قول المؤذّن: الله أكبر، الله أكبر، و: قد قامت الصّلاة، قد قامت الصّلاة/ وقول جرير (¬3): هلّا سألت جموع كن … دة أين ولوّا أين أينا وقول الآخر (¬4): كم نعمة أسديتها كم كم وكم وتقول فى المضمر: ما ضربني إلّا أنت أنت، وانطلقت أنت، ومررت بك ¬
أنت، وبه هو، وبنا نحن، ورأيتنى أنا، وزيد قام هو، وهذا (باب) (¬1) واسع في العربيّة. وأمّا المعنويّ: فهو بألفاظ وصيغ (¬2) مخصوصة محصورة، معارف لا يزاد فيها، ولا يقاس عليها، وهي: «نفسه» و «عينه» و «كلّه» «وأجمع» و «أجمعون» و «جمعاء» و «جمع» و «كلا» و «كلتا» و «أتبعوا» «أجمع» أكتع»، و «أجمعون» «أكتعون» و «جمعاء» «كتعاء»، و «جمع» «كتع»، ثمّ أتبعوا «أكتع» «أبتع»، و «أكتعون» «أبصعون»، و «كتعاء» «بصعاء»، و «كتع» " بصع"؛ تقول: قام زيد نفسه، ورأيت زيدا عينه، وقام القوم كلّهم ومررت بالجيش أجمع، ورأيت القوم أجمعين، ومررت بالقبيلة جمعاء، ورأيت النّساء جمع، وقام الرّجلان كلاهما، ورأت المرأتين كلتيهما، وقام القوم كلهم أجمعون، وأنفقت الدّرهم أجمع أكتع أبصع. ومعانى هذه الألفاظ مختلفة: فأمّا؛ «نفسه» و «عينه» فهما عبارة عن الجملة، وإن كانا - في أصل الوضع - لشيئين مخصوصين منها، ويؤكّد بهما حقيقة الشّئ، ممّا يتجزّأ وما لا يتجزّأ، نحو: أنفقت الدّرهم نفسه، وعينه، وجاء زيد نفسه، وعينه. وأمّا «كلّ»: فمعناه: الإحاطة، والعموم، ولا يؤكّد بها إلّا ما يتبعض، نحو: جاء القوم كلّهم، وأكلت الرّغيف كلّه، ولا تقول: قام زيد كلّه، فأمّا قولهم: مررت بالرّجل كلّ الرّجل، فمعناه: مررت بالرجل الذى يستحقّ لأن يكون ¬
رجلا كاملا فى حزمه. وجلده وشجاعته، ونحو ذلك. وأما، «أجمع»، وأخواتها: فمعناهنّ معنى «كلّ»، وإن كان فيهنّ إشارة إلي الاجتماع، وإن لم يكن شرطا. وليست «أجمع» و «جمعاء» علي حدّ «أحمر» و «حمراء»، وإنّما هما اسمان مرتجلان، وقعا اتّفاقا كذلك، وقع «سلمان» و «سلمى» على حدّ «غضبان» و «غضبى»، وليسا مثلهما. أمّا «أجمع» و «جمعاء» فإنما يؤكد بهما الواحد المتجزّئ، نحو: الدّرهم والدّار، ولا يقال للرّجل أجمع، ولا للمرأة: جمعاء. وأمّا «أجمعون»: فإنّما يوكدّ بها المذكّرون العالمون، وليست جمع (1) «أجمع» ك «زيدون» من «زيد» وإنّما هو اسم معرفة مرتجل للجمع. وأمّا «جمع»، فيوكّد بها من يعقل، وما لا يعقل، من المؤنّث المجموع، وليست جمعا ل «جمعاء»، وقد ذهب قوم إلى الجمعية في «أجمعون» و «جمع»، وليس بالقويّ (¬1). و «أجمع» لا ينصرف، لوزن الفعل والتّعريف، و «جمعاء» لا ينصرف؛ لأجل ألف التّأنيث التي انقلبت الهمزة عنه، وهي علّة تقوم مقام علّتين، و «جمع» لا ينصرف؛ للعدل والتّعريف: فالعدل، عن «جمع» مثل «حمراء» ¬
و «حمر»، والتعريف؛ لانّها وضعت معرفة. وأمّا «كلا» و «كلتا» فهما اسمان مفردان، يفيدان معني التّثنية، كما أنّ «كلّا» اسم مفرد يفيد معني الجمع ولكنّهما (¬1) يكونان مع المظهر بالألف على كلّ حال، وإنّما قلبت الألف مع المضمر ياء؛ تشبيها لهما ب «على» و «لدى»، كما يكونان مع المظهر، مثلهما بالألف، وقال الكوفيون (¬2): هما اسمان مثّنّيان. و «كلتا» عند سيبويه: فعلى (¬3)، التاء مبدلة من واو، هي ألف «كلا»، والألف التي فيها للتأنيث، وقد حذفت ألفها في الشّعر، شاذا. وأمّا «أكتع» و «أبصع»: فمعناهما، زيادة التأكيد، مثل قولهم: عطشان نطشان، (¬4) و: حسن بسن. ويرجع معنى «أكتع» - بالتأويل - إلى معنى «أجمع»؛ لأنّه من: تكتّعت الجلدة، إذا اجتمعت وتقّبضت. و «أبصع» مشتق من البصيع، وهو العرق السّائل، ولا يسيل حتّى يجتمع. وكلّ ما قلناه في أبنية «أجمع» وأخواته فهو مقول فى أبنية «أكتع» و «أبصع»، وأخواتهما. ¬
الفرع الثالث: فى أحكامه.
الفرع الثّالث: فى أحكامه. الحكم الأوّل: التأكيد اللفظىّ لا يخصّ شيئا بعينه، من اسم أو فعل وحرف كما سبق تمثيله. وأمّا المعنوىّ، فإنّه يختصّ بالمعارف - دون النكرات - ظاهرها ومضمرها، وذلك أنّ الأسّماء تنقسم إلي ثلاثة أقسام: قسم؛ لا خلاف في تأكيده، وهو: المعارف جميعها. وقسم لا خلاف فى المنع من تأكيده، وهو: النكرات الشائعة، غير المؤقّتة، نحو: رجال ودراهم، وقسم فيه خلاف بين البصرىّ والكوفىّ، وهو: النكرة المؤقّتة، نحو؛ رجل ودراهم، ويوم، وليلة؛ فلا يوكّده البصريّ (¬1)، ويلحقه بالنكرة الشّائعة، ويؤكّده الكوفيّ (1)؛ لأنّه عنده معلوم القدر؛ فشابه المعرفة، وأنشد (¬2): يا ليتنى كنّت صبييّا مرضعا … تحملني الذّلفاء حولا أكتعا والبصرىّ (¬3) يؤوّل ما جاء من هذا النوع. وإنّما لم تؤكّد النكرات: لأنّها مجهولة العين، وما جهل عينه كيف يؤكّد؟! ¬
ولأنّ ألفاظ التّأكيد معارف؛ فلا يؤكّد بها النكرات، قياسا علي الصّفات. الحكم الثّاني: ألفاظ التأكيد تنقسم ثلاثة أقسام. الأوّل: يصّح أن يلي العامل؛ فيكون غير تأكيد، وهو: «نفسه» و «عينه» و «كلا» و «كلتا»، تقول: خرجت نفس زيد، وعمرو ضربت عينه، وقام كلا أخويك، وكلتا أختيك. وكذلك لم يؤكّد ب «نفسه» و «عينه» الضّمير المرفوع المتّصل إلّا بعد إبراز الضّمير؛ لأنّهما يصلحان أن يكونا معمولين؛ فيلتبس الأمر، فإذا برز الضمير، ارتفع اللبس، ألا ترى أنّك إذا قلت: هند خرجت نفسها، لم يدر: أفاعلة هى نفسها؟ أم تأكيد للضّير المستكنّ في «خرجت» الّذى هو الفاعل؟ فإذا أبرزت الضّمير فقلت: هند خرجت هى نفسها/ زال اللّبس. فأمّا المنصوب، والمجرور: فلا يحتاج معه إلى إبراز الضّمير؛ لأنّ مضمرهما لا بدّ من ظهوره في اللفظ، فتقول: ضربتك نفسك، إلّا أن يكون محذوفا في الصلة، والصّفة، وحينئذ لا يؤكّده المحقّقون (¬1) إذا حذف، نحو مررت بالذي ضربت نفسه، ومررت برجل ضربت نفسه. ولمّا كان الغالب على باب المرفوع الالتباس - مع الإضمار - وأمن اللبس - فى بعض الصّور، نحو: ضربت نفسك - أجري الباب علي وتيرة واحدة، ولم يستثن منها؛ فيقولون: ضربت أنت نفسك، وإن كان اللّبس مأمونا. ¬
القسم الثانى: لا يصحّ أن يلي العامل، وهو: أجمع»، وأخواته؛ فلا تقول: قام أجمعون، حتّى تقول: قام القوم أجمعون؛ ولذلك صحّ أن يؤكّد به المظهر والمضمر، رفعا ونصبا وجرّا؛ حيث أمنوا الّلبس؛ لكونه لا يقع معمولا بنفسه، من غير متبوع، قال الشاعر (¬1): ترى الثّور فيها مدخل الظّلّ رأسه … وسائره باد إلى الشمس أجمع ف «أجمع» تأكيد المضمر فى «باد». القسم الثّالث: متوسّط، وهو «كلّ» فليس فى حكم الأوّل حسنا، إذا ولى العامل، ولا في حكم الثاني قبحا، إذا وليه؛ فله حال متوسّطة؛ فيؤكّد به المظهر والمضمر، تقول: جاءني القوم كلّهم، و: رأيتهم كلهم، وإن كانت قد تلى العامل في قولك: جاءنى كلّهم؛ إلّا أنّها لمّا كان أصل وضعهما للتأكيد، وتضمّنت معنى «أجمعون» - في الإحاطة والعموم - وهو لا يلي العامل بوجه، جاز أن يؤكّد بها المضمر؛ حملا علي «أجمعون». وتقول: إنّ القوم جاءوني كلّهم، و: كلّهم؛ فالرّفع تأكيد المضمرين في «جاءوني»، والنّصب تأكيد القوم. فأمّا قوله تعالي: قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ (¬2) ¬
فالنّصب (¬1) على تأكيد الأمر، والرّفع (¬2) على الاستئناف. وقد اختلفو في إدخال الألف واللّام/ أعلى «كلّ» و «بعض»؛ فمنع منه (¬3) قوم؛ لتقدير الإضافة، وأجازه آخرون (¬4)؛ اعتبارا بنصبه على الحال في قولهم: مررت بهم كلّا. الحكم الثّالث: ألفاظ التوكيد تنقسم ثلاثة أقسام. قسم لا يستعمل إلا مضافا، وهو: «نفسه» و «عينه» و «كلا» و «كلتا»؛ فيضاف إلى مظهر، وإلى مضمر. وقسم لا يجوز أن يضاف، لا إلى مظهر، ولا إلى مضمر، وهو: «أجمع»، وأخواته. فأمّا قولهم: ذهب المال أجمعه، فليس من هذا، وإنّما أوقعوه موقع «جميعه»؛ ولأنّ تلك معرفة؛ لتأكيدها المعارف، وهذه نكرة؛ بدليل إضافتها. وقسم يجوز أن يضاف إلي المظهر، والمضمر، ويجوز أن لا يضاف، وهو «كلّ» فيقطع عن الإضافة، كقوله تعالي: وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (¬5). ¬
الحكم الرّابع: لا يجوز تقديم بعض هذه الألفاظ علي بعض؛ لأن بعضها أقوى من بعض؛ فلزمت الترتيب، و «النفس» أقوى من «العين» في أصل الوضع، وإن كانت العين قد جعلت - في التأكيد - عبارة عن الجملة، ولكن نظروا إلى الأصل، وإذا اجتمعتا قدّمت «النّفس» على «العين»، وإذا اجتمع معهما «كلّ» أخّر عنهما؛ لأنّ «النفس» و «العين» يكونان لما يتبعّض، ولما لا يتبعّض، و «كلّا» لا يكون إلّا لما يتبعّض، وإذا جاء معهنّ «أجمع» وأخواته كنّ بعد «كلّ»؛ لأنّ" كلّا يصلح أن يلي العامل، بخلاف «أجمع»، فإذا تقدّم عليه قرب من مرتبته. و «أكتع» تابع ل «أجمع» و «أبصع» تابع ل «أكتع». وكلّ هذه الألفاظ يصلح أن يؤكّد بها منفردة، ولا يصحّ ذلك في «أكتع» إلّا بعد «أجمع» ولا ب «أبصع» إلّا بعد «أكتع»، وقد جاء في الشّعر «أكتع» (¬1) مفردا عن «أجمع»، فإن أجتمع تأكيد وصفة قدّمت الصّفة؛ لأنّ التأكيد تكرار، ولا تكرار إلا بعد التّمام، تقول: قام زيد الكاتب نفسه، ولا يجوز بالعكس، إلّا عند بعضهم (¬2). ولا يجوز عطف بعض هذه الألفاظ علي بعض، كما جاز ذلك في الصّفة، ولا يجوز أن تنّصب شيئا منها على الحال؛ لأنهنّ معارف. ¬
الحكم الخامس: «كلا» و «كلتا» لا يخلو: أن يضافا إلي مظهر، أو مضمر. فإن أضيفا إلى المظهر، كانا بالألف على كلّ حال، تقول: قام كلا الرّجلين وكلتا المرأتين، ورأيت كلا الرّجلين، وكلتا المرأتين، ومررت بكلا الرّجلين، وكلتا المرأتين؛ لأنّهما اسمان مفردان بمنزلة «عصا»، وإن أفادا معنى التثنية. وإن أضيفا إلى المضمر كانا فيه مع المرفوع بالألف، ومع المنصوب والمجرور بالياء؛ لأنّ المضمرات تردّ الأشياء إلي أصولها؛ تقول: قام الرجلان كلاهما، والمرأتان كلتاهما، ورأيتهما كليهما، وكلتيهما، ومررت بهما كليهما وكلتيهما. ومن العرب (¬1) من يقرّ الألف علي حالها مع المضمر، كالمظهر - وقد سبق (¬2) - لأنّ كلا مشبّهة ب «على» و «لدى» وهذا الحكم يجري فيهما؛ مع المظهر والمضمر. الحكم السّادس: من حقّ كلا» و «كلتا» أن لا تضافا إلّا إلى مثنّى، أو مضمر - كما سبق - وقد أضيفا إلي مفرد في معنى المثنّى، كقوله (¬3): إنّ للخير وللشّرّ مدى … وكلا ذلك وجه وقبل ¬
فأوقع «ذلك» علي التّثنية، وقوعها في قوله تعالى: عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ (¬1) يعنى: الفروضة (¬2)، والبكارة، ولو قلت في الشّعر: جاءنى كلا زيد وعمرو جاز؛ لأنّ العطف نظير التثنية، وأنشد الفارسىّ (¬3): كلا السّيف والسّاق الّذى ضربت به … على دهش ألقاه باثنين صاحبه الحكم السابع: إذا أخبرت عن «كلا» و «كلتا» فلك فيه الإفراد والتثنية؛ حملا على اللّفظ والمعنى، والإفراد أكثر، سواء (¬4) كانا مضافين إلى مظهر أو مضمر؛ تقول: كلا الرجلين قام، وقاما، وكلاهما قام، وقاما، وكلتا (¬5) المرأتين قامت، وقامتا، ومنه قوله تعالي: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها (¬6). ¬
النوع الثالث: في البدل، وفيه ثلاثة فروع
وقد جاء الخبر محمولا/ على اللّفظ والمعنى معا، قال (¬1): إنّ المنيّة والحتوف كلاهما … يرقى المخارم يرقبان سوادى وهذا الحكم جار في الإخبار عن «كلّ»، كقوله تعالي: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (¬2) وقوله: وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (¬3)، إلّا أنّ الجمع فيها أكثر من الإفراد. النوع الثالث: في البدل، وفيه ثلاثة فروع الفرع الأوّل: فى تعريفه: البدل جار مجرى التوكيد، والوصف، فى الإفادة؛ تبيينا وتحقيقا، وإيضاحا وتخصيصا، وهو في الحقيقة: إعلام السّامع بمجموع اسمي المسمّى، علي جهة البيان، وإنّما يذكر الأوّل لنوع من التوطئة؛ وليفاد بمجموعهما ما لا يحصل بأحدهما، تقول: ضربت زيدا أخاك، فالأخ ثبّت في النّفس أنّ المضروب زيد، الذي هو الأخ، وأوضحه، وخصّصه عن غيره من الزّيدين. الفرع الثّاني: في أقسامه: لا يخلو البدل: أن يكون بينه وبين المبدل منه علاقة، أو لا علاقة بينهما. ¬
فالّذى بينهما علاقة، لا يخلو أن يكون هو هو، أو هو بعضه، والبعض لا يخلو. أن يكون جزءا منه، أو وصفا فيه، ذاتيا، أو رسميّا، أو ملابسا؛ فاقتضت له هذه القسمة أربعة: فالّذى هو هو: يسمّى بدل الكلّ من الكلّ، نحو: قام زيد أخوك. والّذى هو جزء منه: يسمّى بدل البعض، نحو: ضربت زيدا رأسه. والّذى هو وصف له: يسمّى بدل اشتمال، نحو: أعجبني زيد علمه. والّذى لا تعلّق له بالأوّل يسمّى بدل الغلط، نحو: عجبت من زيد عمرو، أردت أن تقول: عجبت من عمرو، فسبق النّطق، ب «زيد» فاستدركته فقلت: ب «عمرو» وهذا داخل فى بدل الكلّ من الكلّ، لكنّه خصّ باسم الغلط، ولا يقع فى الشعر (¬1)، وانّما يقع فى أوّل الكلام وبديهته. والفرق بين/ البعضىّ والاشتمالىّ: أنّ الاشتمالىّ هو الذى يكون المعنى المذكور مشتملا عليه وعلى الأوّل، ويكون العامل فيه مقتضيا للثّانى، كما يكون مقتضيا للأوّل، والنفس إذا ذكر الأوّل طالبت بالمعنى الذي يستفاد من الثّانى؛ لأنّك إذا قلت في «أعجبنى زيد علمه»: أعجبنى زيد، ذهبت النفس تطلب المعنى المعجب منه، وهو علمه، أو عقله، أو غير ذلك، بخلاف بدل البعض؛ فإنّ النّفس تسكن إلى الأوّل سكونا تامّا، ولا تطالب بالثّانى لو لم يذكر. ولا يخلو البدل الكلّىّ أن يكون التابع والمتبوع فيه معرفتين، أو نكرتين ¬
الفرع الثالث: فى أحكامه.
أو أحدهما معرفة، والآخر نكرة، والمعرفة لا يخلو: أن يكون مظهرا، أو مضمرا، أو أحدهما مظهر، والآخر مضمر؛ فاقتضت القسمة ثمانية أضرب. معرفة من معرفة، ومعرفة من نكرة، ونكرة من معرفة، ونكرة من نكرة، ومظهر من مظهر، ومظهر من مضمر، ومضمر من مظهر، ومضمر من مضمر؛ نحو: قام زيد أخوك، وقام رجل أخوك، وقام زيد رجل صالح، ومررت برجل غلام، وقام زيد ابنك، وضربته زيدا، وضربت زيدا إيّاه، وضربته إيّاه، وفى جواز الإبدال من هذه الأقسام خلاف، سنذكره (¬1) فى الفرع الثّالث. الفرع الثالث: فى أحكامه. الحكم الأوّل: البدل والمبدل منه فى تقدير جملتين: أولاهما معتبرة الوجود، ومنهم من جعلها فى نيّة الطّرح، إذا لم يكن في الكلام عائد، بخلاف الصّفة والتأكيد، وعطف البيان، ومتبوعاتها، بدليل ظهور عامل الثاني في قوله تعالى: قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ (¬2)، وفى قوله: وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ (¬3)، وقول الشاعر (¬4): ¬
خير حىّ لمعدّ خلقوا … لفقير ولجار وابن عم (¬1) وإنمّا يحسن ظهوره ويكثر، إذا كان حرفا، ويقلّ إذا كان فعلا، فإذا قلت: ضربت زيدا رأسه، فالعامل فى «زيد»: «ضربت» بطريق الأصالة، وفى «رأسه» بالنّيابة عن مضمر مثله، تقديره: ضربت زيدا ضربت رأسه؛ وإنّما حذف عامل الثّانى لتكون حاجته إلى الجملة الأولى داعية؛ وإنّما أظهر حيث أظهر تنبيها عليه، وإعرابه جار علي إعراب المبدل منه؛ رفعا ونصبا وجرّا؛ إيذانا بأنّ محله محل الأوّل. الحكم الثّانى: إبدال المعرفة من المعرفة إذا كانا مظهرين، كقوله تعالي: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (¬2)، وإذا كانا مضمرين، كقولك: ضربته إيّاه، ولم يجئ فى القرآن. وأمّا النكرة من النكرة: فلا يخلو: أن تكون محضة، أو موصوفة. فالمحضة من المحضة: كقوله تعالي: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً. حَدائِقَ وَأَعْناباً (¬3) والموصوفة: لا يخلو الوصف: [أن يكون] (¬4) في البدل والمبدل منه، كقوله تعالى: قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي ¬
سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ (¬1)، فيمن قرأ بالجّ (¬2)، أو يكون المبدل موصوفا، كقوله تعالي: ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ (¬3).، أو يكون المبدل منه موصوفا، كقولك: جاءنى رجل صالح عبد. وأمّا المعرفة من النكرة: فكقوله تعالى: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ (¬4). وأمّا النّكرة من المعرفة: فكقوله تعالى: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ. ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (¬5). وأمّا المظهر من المضمر: فكقوله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما (¬6). ف «أحدهما» و «كلاهما» بدل من الألف في «يبلغان» عند من (¬7) قرأ بها، ومنه قول الشّاعر (¬8): ¬
على حالة لو أنّ فى القوم حاتما … على جوده لضنّ بالماء حاتم وأما المضمر من المظهر؛ فكقولك: رأيت زيدا إيّاه، ولم يرد في القرآن. وهذه الأقسام كلّها، يجيزها البصريّ، إلّا المظهر من المضمر، إذا كان المضمر: متكلّما أو مخاطبا نحو قولك، بى المسكين وقع الأمر، وعليك الكريم المعوّل، والأخفش يجيزه، ويحمل عليه قوله تعالى (¬1): لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (¬2)، وهو - عند غيره - (¬3) مؤوّل (¬4). وقد منع الكوفىّ (¬5) من بعض هذه الأقسام. الحكم الثّالث: بدل البعض والاشتمال يفتقر الثّاني منهما إلى ضمير يرجع إلى الأوّل؛ إذ ليس هو هو؛ فتنّزل منزلة خبر المبتدأ إذا كان جملة؛ فاحتاج إلى رابط. وهذه الأقسام الثمانية التي تقدّم ذكرها، يصحّ أن تقع في بدل البعض، إلّا بدل المضمر من المضمر، والمضمر من المظهر؛ لأنّ المضمر ليس له صيغة، ولا يفتقر إلي تبعيض، وقد أجاز بعضهم: رأيتهما إيّاه منهما، كما تقول: رأيت الرجلين زيدا منهما. ¬
وبدل البعض: هو البدل الحقيقيّ، دون الكلّيّ؛ لأنّ البعضىّ يخالف المبدل منه لفظا ومعنى، والكلّىّ يخالفه لفظا لا معني، وأنت إنّما تترك الشّئ إلى ما يكون مخالفا له؛ لتحصل الفائدة التى ما كانت تحصل من المتروك، فإذا تركته إلى ما هو مثله لم تكن الفائدة كثيرة، وإنّما يكون فيه ضرب من البيان، تقول: ضربت زيدا يده، فهذا بدل بعض، فإذا قلت: ضربت زيدا اليد والرّجل جاز أن يكون بدل كل؛ لأنّ «اليد» و «الرّجل» محيطان بالجملة؛ فاستغنى بذكرهما عن ذكرها، وإذا جعلته بدل بعض كان فيه حذف العائد، وصار من باب قولهم: «السّمن منوان بدرهم»، وسوّغ ذلك هاهنا: نيابة الألف واللّام مناب الضّمير، ولو قلت: ضربت زيدا اليد، لم يكن إلّا بدل بعض/ مع حذف العائد. ومثل الأوّل، قوله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ (¬1)، فاجتماع الجنسين اللّذين لا تخلو منهما الفواحش، سوّغ أن يجعل بدل كلّ. فإن جزّأت البدل البعضيّ احتجت أن تذكر ما يوافق العدد من الأجزاء، تقول: رأيت الجمال ثلثها، إذا كانت ممّاله ثلث، ولا يجوز أن يكون عددا لا ثلث له، مثل أربعة، وهكذا باقي الأجزاء، ونحو من ذلك، أنّ الثاني إذا استغرق العدّة جاز أن يكون بدلا، وأن يقطع عن الأوّل، تقول: رأيت القوم زيدا وعمرا وخالدا، وزيد وعمرو وخالد، هذا إذا كان عدد القوم ثلاثة، فإن نقصت عن عدد القوم فالقطع، تقول: رأيت القوم زيد وعمرو، كأنّك قلت: منهم زيد وعمرو، وقريب منه ما قاله الأخفش: أن ينظر إلى الأوّل، إن جاز السكوت ¬
عليه، جاز أن يبدل الثانى منه (¬1)، تقول: قطع القوم، فإن أردت «الأيدى»؛ جاز وإن أردت «الأنوف» لم يجز؛ لأنّك لا تقول: قطع القوم، وأنت تريد «الأنوف»، وإنّما تقول: جدع، فتقول: قطع القوم الأيدى منهم، وجدع القوم الأنوف منهم. ومن هذا النوع، قولك: بعت متاعك أسفله مثل أعلاه، واشتريت متاعك بعضه أعجل من بعض، وبعت متاعك بعضه مكيلا وبعضه موزونا، إذا أردت أنّ الكيل والوزن وقعا في حال البيع، فإن رفعت كان الكيل والوزن قد لحقا قبل البيع، وليسا بصفة للبيع. وتقول: «ضرب زيد ظهره وبطنه»، و «الظّهر والبطن»، و «مطرنا سهلنا وجبلنا، بالرّفع، على البدل؛ لأنّ الظّهر والبطن مجموع زيد، والسّهل والجبل مجموع البلاد، قال سيبويه: وإن شئت نصبت، على معنى «في» كما قالوا: دخلت البيت (¬2)، وليس انتصابه هاهنا انتصاب الظّروف، قال: ولم يجيز واحذف حرف الجرّ في غير السّهل والجبل، والظّهر والبطن، وزعم الخليل أنهم يقولون: «مطرنا الزرع (¬3) والضّرع». الحكم الرّابع/: قد تقدّم فى الفرع الثانى تحقيق بدل الاشتمال، والفرق بينه وبين البعضىّ، فمن بدل الاشتمال قوله تعالي: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ (¬4)، لمّا كانت الأحكام التي تتعلّق بالشّهر الحرام كثيرة، ومن ¬
جملتها القتال فيه، كان مشتملا عليه؛ لأنّه لم يرد السّؤال عن الشّهر الحرام وإنما المراد (السّؤال) (¬1) عن حكم القتال (¬2) فيه، ومثله قول الشّاعر (¬3): لقد كان في حول ثواء ثويته … تقضّى لبانات ويسأم سائم التقدير: لقد كان في ثواء حول ثويت. وأكثر ما يكون هذا البدل بالمصادر، فأمّا قوله تعالى: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ. النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (¬4)، فأبدل «النّار» من «الأخدودّ» - وليست مصدرا - فقليل المجيء، ومع هذا فإنّه حذف العائد؛ لمسدّ الألف واللّام مسدّه، وقيل: إنّ قوله: إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (¬5) أغنى عن العائد (¬6)، وذهب قوم إلى أنّ «النّار» بدل الشئ من مكانه، والقتال» بدل الشّئ من ¬
زمانه؛ (¬1) لاشتمال المكان والزّمان عليهما ويجوز فى هذا البدل، أن تبدل من ضمير المتكلّم، والمخاطب، بخلاف بدل الكلّ، قال الشّاعر (¬2): ذرينى إنّ أمرك لن يطاعا … وما ألفيتني حلمى مضاعا فأبدل «الحلم» من الياء، وإذا جاز ذلك في المتكلّم، فهو في المخاطب أجوز. الحكم الخامس: يجوز أن يبدل الفعل من الفعل، إذّا اتّفقا فى الزّمن والمعنى، نحو: إن تقم تنهض أنهض معك، ومثله قوله تعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ (¬3) وقول الشّاعر (¬4): متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا … تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا ¬
النوع الرابع: فى عطف البيان
ولا يصحّ أن تقول: إن تأتني تأكل آكل معك؛ لأنّ الأكل ليس من جنس الإتيان. وقد تبدل الجملة من الجملة، إذا اتّفقا في المعنى، كقول الشاعر (¬1): ذكرتك والخطّيّ يخطر بيننا … وقد نهلت منا المثقّفة السّمر فأبدل «وقد نهلت منّا» من قوله: «والخطّىّ يخطر بيننا»، وهو في موضع الحال، فالفعل والفاعل بدل من المبتدأ والخبر. ويجوز أن تبدل الحرف وما يتعلّق به، من الحرف وما يتعلّق به، تقول: سألت عن النّاس عن كسبهم، وقد تقدّم ذكر ذلك. ولا تبدل من الموصول حتّى تتمّ صلته، ولا تقدّم البدل فيه علي المبدل منه فلا تقول: ضربت زيدا الّذي في الدّار، ولا ضربت الّذى زيدا في الدّار، و «زيد» بدل من «الّذى». النّوع الرّابع: فى عطف البيان: قد تقدّم أنّ عطف البيان أحد الأقسام الخمسة التّوابع، وأنّه مكمّل ¬
للأوّل، وأنّه في تقدير جملة واحدة، وأنّه لا يفيد فائدة المشتقّ، فهو عديل التأكيد في صفته، إلا أنّه يفارقه: بأنّ التأكيد محصور الألفاظ، وهذا لا حصر له. ويفارق الوصف في الاشتقاق والجمود، وتحمّل الضّمير. ويفارق البدل في تقدير الجملة والجملتين، وعطف البيان يكون الأول فيه ما يعتمده الحديث، ويرد الثاني، لإيضاح أمره، والبدل: الثاني فيه، معتمد الحديث، والأوّل كالتّوطئه له. والقول الجامع في عطف البيان، أنّه: اسم يتبع الاسم الذي قبله، على جهة البيان له. ويكون بالألفاظ الجامدة، ويتنزّل من الكلمة المتبوعة منزلة الكلمة المترجمة عمّا قبلها؛ فيكون الثاني معرّفا للأوّل؛ لأنّه أشهر أسماء/ المذكور أو كناه؛ تقول: مررت بزيد أبي محمّد، ففي الكنية بيان اختصاص «زيد» بالذكر، ألا ترى أنّ المخاطب يعلم أنّ الذى يعنيه من المسّمين [بزيد] (¬1) هو الّذى يكنى ب «أبي محمّد» وكذلك إذا قلت: مررت بأبى محمّد زيد، علم أنّك تريد من جملة المكنّين ب «أبى محمّد» الرّجل الذى اسمه «زيد» ويكون ذلك فيما يزيد فيه أحد (¬2) الاسمين علي الآخر شهرة ومعرفة. وأوضح ما يتبيّن فى النّداء، تقول: يا أيّها الرّجل غلام زيد؛ ف «غلام زيد» لا يكون بدلا من «الرّجل»؛ لأنّه ليس فى تقدير جملتين، ولا وصفا؛ لأنّ ما فيه الألف واللام لا يوصف بالمضاف إلى العلم، وكذلك: يا أخانا زيدا؛ ف «زيد» ¬
الفرع الأول: في تعريفه،
ليس وصفا؛ لأنّه غير مشتقّ، ولا بدلا؛ لأنّه ليس بمبنىّ، ولو كان بدلا لقلت: يا أخانا زيد. وكل أسماء الإشارة عطف بيان في الحقيقة؛ لأنّها لا اشتقاق فيها وقوم يجعلونها صفة (¬1). وممّا يفرّق به بين البدل، وعطف البيان: أنّك إذا قلت للرّجل له أخ واحد: مررت بأخيك زيد، كان بدلا، ولم يكن عطف بيان، ولو كان له إخوة، فقلت: مررت بأخيك زيد، كان «زيد» عطف بيان؛ وحيث كان عطف البيان كالوصف كان لإزالة اللّبس، ولا لبس فى المسألة الأولى. وسيبويه لم يفرد لعطف البيان بابا، وإنّما ذكره في ضمن الأبواب (¬2). النّوع الخامس: في العطف بالحرف، ويسمّى النّسق، وفيه ثلاثة فروع: الفرع الأوّل: في تعريفه، وهو: أن تجمع بين التّابع والمتبوع في الإعراب لفظا وموضعا بحرف خارج منهما، مع اجتماعهما فى الحكم واختلافهما. ¬
الفرع الثاني: في معاني هذه الحروف، وأوضاعها.
وحروفه تسعة: «الواو» و «الفاء» و «ثمّ» و «لا» و «بل» و «لكن» و «أم» و «حتّى» وزاد قوم: إمّا (¬1). وزاد آخرون: «ليس» (¬2) و «كيف» (¬3) وقال آخرون: هي ثمانية، وأسقطوا «حتّى (¬4) وقال قوم: هي ثلاثة (¬5): «الواو» و «الفاء» و «ثمّ» وكلّ هذه أقوال، والأكثر، على أنّها تسعة (¬6)، أو عشرة، بزيادة «إمّا». الفرع الثّاني: في معاني هذه الحروف، وأوضاعها. أمّا «الواو»: فلها في العربيّة مواضع، هذا أحدها، وهي العاطفة الجامعة، والنّحاة مجموعون (¬7) على أنّها تفيد الجمع بين الشّيئين، أو ¬
الأشياء، من غير ترتيب، وهو مذهب أبي حنيفة (¬1)، رضي الله عنه. وذهب قوم - منهم ثعلب (¬2) - إلى أنّها تفيد الترتيب مع الجمع، وإليه ذهب الشافعيّ (¬3) رضي الله عنه، ولكلّ حجّة على ما ذهب إليه لم نطل بذكرها. والظاهر في العربيّة: أنّها للجمع خاصّة؛ ولهذا اختصّت بما يقتضى اثنين فصاعدا، نحو: اختصم زيد وعمرو، والمال بين بكر وخالد، وسيّان قيامك وقعودك، وسواء خروجك ودخولك، ولا يستعملون مع هذا النّوع «الفاء»؛ حيث هي للتّرتيب. وقد حذفوا الواو في العطف، وهي مرادة، قال: (¬4) فأصبحن ينثرن آذانهنّ … فى الطّرح طرفا شمالا يمينا ¬
وقال (¬1): فرامت بنا مشرقا مغربا … غيارا وحبسا صحارى حزونا وقد جاء في الشعر كثيرا، وروى أبو زيد: «أكلت سمكا لحما تمرا» (¬2) ومنه قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (3)، بعد قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ، (¬3) وعليه حمل الشافعيّ (¬4): «التحيّات المباركات الصّلوات الطّيّبات لله» (¬5) بغير واو. وإذا عطفت جملة على جملة فيها ضمير جاز حذف الواو، وإثباتها كقوله تعالى: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ/ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ (¬6) ثمّ قال: وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ (¬7)؛ وكقوله تعالى: إِنَّهُمْ ¬
كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ. وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (¬1) وقال في موضع آخر: إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ. كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (¬2). وأمّا «الفاء»: فإنها تفيد الجمع والترتيب بلا مهلة، تقول: قام زيد فعمرو، ف «عمرو». قام بعد قيام «زيد» وعقيبه، من غير أن يتأخّر عنه زمانا يعتدّ به، وإن كان لا بدّ من زمان يفرق بين قياميهما، ولو قلت: اضرب زيدا فعمرا، فضرب «عمرا» قبل «زيد» لم يطابق فعله أمرك، وكذلك لو أردت أن تضرب «عمرا» قبل «زيد» وقد قلت له: اضرب زيدا فعمرا، فقدّمه في الضّرب، لم يكن ممتثلا؛ لمخالفته اللّفظ، قال الزّجّاج: معنى الفاء: التّفرّق على مواصلة أي: ليست حالها كحال الواو التى ما عطف بها علي ما قبلها، بمنزلة ما جمع في لفظ واحد، وقوله: على مواصلة (¬3)، أي: لما فيها من قوّة الإتباع بلا مهلة. فأما نحو قوله تعالى: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا (¬4)، وقوله: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ (¬5)، وقوله: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ (¬6) فمؤوّل على: أنّه لما أهلكها حكم بأنّ البأس جاءها، وعلى: إذا أردتم القراءة فاستعيذوا، وكذلك: إذا أردتم الصّلاة فاغسلوا. ¬
وقد تجئ الفاء متبعة. وهى غير عاطفة، فى جواب الشّرط، نحو: إن أعطيتني فأنت مشكور، وفي جواب «أمّا»، كقولك: أمّا زيد فقائم، وفي قولهم: أخذته بدرهم فصاعدا، وقد ذكرت (¬1). وقال الفرّاء: إذا كان الفعلان يقعان معا جاز أن تقدّم أيّهما شئت: تقول: أعطيتنى فأحسنت (¬2)، وأحسنت فأعطيتني. وأمّا «ثمّ»: فمعناها الجمع بمهلة وتراخ، مع المفردات، تقول: قام زيد ثمّ عمرو، أي: بين قياميهما زمان/ متراخ يعتدّ به، فإذا عطفت بها الجمل لم يلزم التّراخى فيها، كقوله تعالي: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (¬3)، وقال عزّ من قائل: وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا (¬4). وقد ذهب قوم (¬5) إلى أنّ" ثمّ" في أمثال هذه بمعنى «الواو» كقوله (¬6). قل لمن ساد ثمّ ساد أبوه … ثمّ قد ساد قبل ذلك جدّه ¬
وقد جاءت هذه الأحرف الثلاثة: «الواو» و «الفاء»، و «ثم» في آية واحدة لازمة لمعانيها، قال الله تعالى: وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ. وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ. وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (¬1). وقد جوّز الأخفش، أن تكون «ثمّ» (¬2) زائدة فى قوله تعالى: حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا (¬3). وأمّا «أو»: فإنّها تقع في الكلام على أربعة أنحاء. الأوّل: أن تكون للشّك كقولك: جاءني زيد أو عمرو، فيجوز في هذا أن يكون قد مضى صدر الكلام على اليقين، ثم جئت ب «أو» فسرى الشّكّ من الثانى إلى الأوّل، وهذا إنّما يكون في الخبر والاستخبار، ويجوز أن يكون صدر الكلام مبنيّا على الشّكّ فيتنخّل (¬4) من ذلك معنى أحدهما. وتقول: ضربت زيدا وعمرا أو خالدا، فالمعنى: أنّك ضربت الرّجلين جميعا، أو خالدا وحده. الثّاني: [أن] (¬5) تكون للتّخيير، وهو متعلّق بالأمر والنّهى، وذلك فيما يكون الإنسان ممنوعا منه، فإذا خيّره أطاعه في أحدهما، وبقي الأخر علي المنع ¬
كقولك: خد من مالي درهما أو دينارا، فتحلّ له واحدا منهما بغير عينه، فإذا اختار أحدهما بقي الآخر على ما كان عليه من المنع، هذا في الأمر، فأمّا النّهي، فإذا قلت: لا تأخذ من مالي درهما أو دينارا، فالنّهي يتناول المنع من أخذ/ الدّرهم والدينّار؛ لأنّه يتناول منع ما أجازه الأمر، وهو: أحدهما، لا بعينه، وبقي الآخر على المنع الأوّل. الثّالث: أن يكون فيها معنى الإباحة، وهو متعلّق بالأمر والنّهي، ويقارب معنى «الواو» في أحد أقسامها، تقول: جالس الحسن أو ابن سيرين فإن جالس أحدهما أو كليهما فقد امتثل الأمر؛ لأنّه لم يخيّره أن يجالس أيّهما شاء، إنّما أباح له مجالسة هذا الضرب من النّاس، ولو كانت «الواو» موضعها، وفعل أحدهما، كان مخالفا أمره؛ لأنّ «الواو» للجمع. فأمّا إذا نهيته في هذا القسم، فقلت: لا تلبس قميصا أو جبّة، فلبس أحدهما، أو لبسهما كان مخالفا للنّهى، كما أنّه إذا جالس أحد الرجّلين، أو الرّجلين معا، كان طائعا، ومتى ولي النّهى «أو «التي للإباحة، استغرق الجميع، كقولك: لا تأكل خبزا أو لحما أو سمكا؛ فإنّه يكون منهيّا عن الجميع، ومنه قوله تعالي: وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (¬1)، فإنّه لا يجوز له طاعة أحدهما؛ لأنّ التقدير: لا تطع أحد هذين الصّنفين. والإباحة: تشبه التّخيير من وجه أنّه إذا جالس أحدهما كان مطيعا، وتفارقه من وجه أنّه إذا جالسهما معا كان مطيعا. الرّابع: أن تكون للإبهام، إذا صدرت من العارف بما يريد، كقوله ¬
تعالي: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (¬1)، وقوله تعالي: كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ (¬2)؛ فهذا على سبيل الإبهام على المخاطبين، وليس بشكّ؛ لأنّه صادر ممّن لا يشكّ. وقيل: إنّ «أو» هاهنا، بمعنى «الواو» (¬3) وكذلك فى الآية الّتي قبلها. ولمّا كانت «أو» لأحد الشّيئين، أو الأشياء في جميع أقسامها، قالوا: زيد أو عمرو قام، ولم يقولوا: «قاما»؛ لأجل أنّ المعنى: أحدهما قام، فأمّا قوله تعالي: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما (¬4)، فإنّما جاء على المعنى، كأنّه قال: إن يكن غنيّا أو فقيرا فالله أولى بهذين النّوعين (¬5)، وقيل: إنّ هذه الجملة عارضة، وجواب الشّرط: فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا (4). وقالوا: إنّ «أو» تكون متّصلة، ومنقطعة. فالمتّصلة: كقوله تعالى: وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (¬6)، قال سيبويه: ¬
لو قيل: أو لا تطع منهم كفورا، لا نقلب المعنى (¬1)، أي: أنّه كان يكون إضرابا عن الأوّل؛ فتجوز طاعته. والمنقطعة: كقولك: أنا أخرج أو أقيم، أضربت عن الخروج وأثبتّ الإقامة. وأمّا «لا» فترد في العربيّة على أنحاء، والتى تختصّ بالعطف معناها: تحقيق ما أسند إلى الأوّل، ونفيه عن الثّاني، تقول: قام زيد لا عمرو، فهي أثبتت القيام. وحقّقته لزيد، ونفته عن عمرو. ولا يظهر بعدها فعل، لئلّا يلتبس بالدّعاء، ولا تقع بعد كلام منفىّ؛ لفساد المعنى، إلا إذا كانت بمعنى «غير» كقوله تعالي: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (¬2)، وقولك: زيد غير قائم ولا قاعد، ولا يجيزون ذلك في الأعلام، لا تقول: أنت غير زيد ولا عمرو، ولا يعطف بها على «لن» و «لم» لا تقول: لن يقوم زيد ولا يقعد، ولم يقم زيد ولا يقعد. وأما «بل»: فإنّها عكس «لا» لأنّها تثبت للثّانى ما تنفيه عن الأوّل والبصرىّ (¬3) يستدرك بها في النّفي، والإيجاب، تقول: ما قام زيد بل عمرو، وقام زيد بل عمرو؛ فتحمله في الإيجاب علي المعنى، التقدير: بل قام عمرو، فكأنّك أردت الإخبار بقيام زيد، ثمّ تبيّن لك أنّك غلطت، فقلت: بل عمرو، وأما النّفى، فالتقدير فيه - عند قوم (¬4) - على وجهين: ¬
أحدهما: ما جاءني زيد بل ما جاءني عمرو، فكأنّك قصدت أن تثبت نفي المجيء لزيد، ثمّ استدركت فأثبته لعمرو؛ فيكون معنى (¬1)، ما جاءني زيد بل عمرو: أنّ عمرا أيضا ما جاء، وأنّ الّذي يراد الإخبار عنه بنفى المجيء، إنّما هو عمرو، لا زيد، فيكون الاستدراك في الفعل، وحرف النّفي معا. والوجه الثّانى: أن يكون المعنى، ما جاءنى زيد بل جاءني عمرو؛ فيكون نفي المجئ ثابتا لزيد، وإثباته ثابتا لعمرو؛ فيكون الاستدراك في الفعل وحده، وهذا هو المشهور في الكلام، والمراد. ولو قلت: ما قام زيد لا بل عمرو، كان أشبه بالوجه الأوّل وأقرب؛ لأنه يكون المعنى كأنّه قال: لا تشتغل بهذا الإخبار الأوّل، واعتمد على الثاني. وأمّا «لكن»: فإنّها للاستدراك، وهي تعطف في النّفي مفردا على مفرد، مثبتة للثاني ما نفي عن الأوّل، نحو: ما قام زيد لكن عمرو، فإن دخلت في موجب احتجت إلى جملة بعدها، تقول: قام زيد لكن عمرو لم يقم، ولو قلت: قام زيد لكن عمرو، لم يجز، ولذلك ذهب يونس (¬2) إلى أنّها غير عاطفة؛ لدخول الواو عليها في قولك: ما قام زيد ولكن عمرو. وقيل: إنّ معناها الاستدراك، والعطف، فإذا دخل عليها الواو، خلصت للاستدراك، وخلص العطف للواو (¬3). ¬
وقيل: إنّها مع الموجب حرف ابتداء (¬1)، كقوله تعالي: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ (¬2) وإن شئت جعلتها عاطفة (¬3) جملة على جملة؛ فعلى الوجه الأول: لا يجوز الوقف على ما قبلها، وعلى الثّاني: أنت مخيّر في الوقف، والوصل. وأمّا «أم»: فمعناها الاستفهام، ولها في العطف موضعان: أحدهما متّصل، والآخر منفصل. أمّا المتّصلة: فهى ما اجتمع فيها ثلاث شرائط. الأولى: أن تكون معادلة همزة الاستفهام، ومعني المعادلة: أن تسأل عن اسمين، أو فعلين، فتدخل «الهمزة» علي الأوّل منهما، و «أم» علي الثّاني وتجعل المعنى المتعلّق بهما، متوسّطا بينهما، تقول: أزيد عندك أم عمرو؟ وأقام أزيد أم قعد؟ ويجوز أن تقدّم المعنى المتعلّق، في الشّعر، فتقول أعندك زيد أم عمرو؟ وأزيد قام أم قعد؟ فيتحصّل من «الهمزة» و «أم» معنى «أي». الثانية: أن يكون السّائل عالما بواحد من المسئول عنهم، لا بعينه؛ فرقا بينها وبين «أو»، تقول: أزيد عندك أم عمرو؟ فأنت عارف أنّ أحدهما عنده غير شاك، وإن لم تعرفه/ بعينه. الثالثة: أن لا يكون بعدها جملة من مبتدأ وخبر، ولا فعل وفاعل، إلّا أن ¬
يكون قبلها فعل، وفاعل الثّاني هو فاعل الأوّل، في المعني، كقولك: أقام زيد أم قعد؟ وأضربت زيدا أم قتلته؟ فإن قلت. أزيد قائم أم عمرو منطلق، أو أقام زيد أم قام عمرو، وأقام بكر أم قعد خالد؟ لم تكن متّصلة. وتقول الحسن أو الحسين أفضل أم ابن الحنفيّة؟ فيكون الجواب: أحدهما بهذا اللفظ، ولا يجوز أن تقول: الحسن ولا الحسين، لأنّ المعنى: أأحدهما أفضل أم ابن الحنفيّة؟ وذلك أنّه لم يرد أن يعرف أيّ الثّلاثة أفضل؛ ولا أنّه اشتبه عليه الأفضل من الحسن وابن الحنفيّة، ولا من الحسين وابن الحنفية، إنّما أراد: أحد هذين أفضل أم ابن الحنفيّة؟ فجوابه: أحد هذين. وأمّا المنفصلة - وتسمّى المنقطعة -: فإنّها تأتي بعد الاستفهام، وبعد الخبر. فأمّا الاستفهام: فتدخل فيه مع «الهمزة» و «هل»، كقولك: أزيد عندك أم عمرو وعندك؟، وهل عندك زيد أم عندك عمرو؟ كأنّه استفهم أوّلا عن زيد ثمّ بداله [العدول] (¬1) عن ذلك الاستفهام، فاستفهم عن عمرو، فهى فى تقدير «بل» و «الهمزة»، أمّا «بل» فلأجل الإضراب عن الأوّل، وأما «الهمزة» فلأجل الاستفهام؛ فتتضمّن معناهما. ولا تأتى إلّا بعد كلام تام؛ لأنّك قد أضربت عن الأوّل، ولا يضرب عنه إلّا بعد تمامه. ولا بدّ لها أن تتقدّم على جملة؛ ليتصدّر عليها الاستفهام. ولا تقدّر ب «بل» وحدها؛ لأنّ ما بعد «بل» متحقق، وما بعد «أم» مشكوك فيه، فإذا قلت: أزيد عندك أم عمرو؟ تقديره: بل أعندك عمرو؟ وممّا يوضّح ذلك: أنّك - في هذه المسألة - لم تكن مستفهما أن يعيّن لك واحد ¬
من هذين، وإنّما تكون مستفهما عن واحد بعينه، بعد عدولك عن آخر تقدّم ذكره، كأنّك قلت: أعندك زيد؟ ظانّا أنّه عنده؛ ليقف بك علي الحقيقة؛ فيقول: لا أو: نعم/، ثمّ بدالك وصرت تظنّ أنّ الّذي عنده هو «عمرو» فأردت أن تترك الاستفهام عن «زيد» إلى الاستفهام عن «عمرو»، فقلت: أم عندك عمرو؟ فذكرت لكلّ واحد منهما خبره، وكرّرت «عندك»، ولم تقتصر على مرّة واحدة كما فعلت فى المتّصلة؛ للإضراب - فى هذه - عن الأوّل؛ فتصير مسألتين، فاحتجت إلى خبرين. وتقع هذه المنقطعة مع الهمزة، إذا اختلف الخبران، نحو: أزيد فى الدّار أم عمرو فى السّوق؟ وأقام زيد أم يقعد؟ تقديره: بل أعمرو فى السّوق؟ وبل أهو يقعد؟. وأمّا مجيئها بعد الخبر، فنحو قولهم: إنّها لإبل أم شاء، تقديره: بل أهي شاء، كأنّه رأى أشخاصا، فسبق إلى وهمه أنّها إبل، ثمّ شكّ فقال: أم شاء، فأضرب عن الأوّل المخبر عنه، واستأنف السّؤال عن الثاني، فصار كأنّه قال: بل أهى شاء؛ لأنّ قوله: إنّها لإبل، إخبار، ثمّ جاء بعده بالاستفهام حين اعترضه الشّكّ؛ فهي مقدّرة ب «بل» و «الهمزة»، كالأوّل، ومثله في التنزيل: الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ. أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ (¬1) وقوله تعالي: أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا (¬2) التقدير: بل أيقولون افتراه وليست «أم» كالهمزة علي الإطلاق؛ لأنّك إذا قلت: إنّها لإبل أهى شاء، لم تكن قد عطفت الجملة الثانية علي الأولى، وإذا قلت: بل أهي شاء، كنت عاطفا. ¬
وأمّا «إمّا» فإنّها تنزّل منزلة «أو» في أقسامها الأربعة؛ وتفارقها في: أنّ الشّكّ يسرى في «أو» من آخر الكلام إلى أوّله، و «إمّا» تبتدئ بها شاكا، تقول: جاءني إمّا زيد وإمّا عمرو، و: اضرب إمّا زيدا وإمّا عمرا، ومنه قوله تعالى: إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (¬1)، وقوله عزّ من قائل: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً (¬2). وسيبويه (¬3) يذهب إلى أنّها مركّبة من «إن» و «ما» وغيره (¬4) يزعم أنّها مرتجلة، وقد اختلف فيها. فذهب/ الزّجّاج (¬5) والفارسيّ (¬6) وغيرهما (¬7) إلى أنّها ليست حرف عطف؛ لدخول واو العطف عليها، وللابتداء بها فى أوّل الكلام، من غير معطوف عليه. وقال قوم (¬8): إنّ الثانية حرف عطف، دون الأولى، وقال آخرون (¬9): إنّ الأولى والثانية حرفا عطف. ¬
الفرع الثالث: فى أحكام تتعلق بالعطف.
وأمّا «حتّى»: فقد ذكرت مع حروف الجرّ واستقصيى ما يتعلّق بالعطف من أقسّامها (¬1). الفرع الثّالث: فى أحكام تتعلّق بالعطف. الحكم الأوّل: حروف العطف تجتمع في إدخال الثاني في إعراب الأوّل، لفظا أو موضعا، والمعمول بعدها مختلف فيه. فبعضهم يجعل العامل فيه الفعل الأوّل (¬2)؛ بتوسّط الحرف، ويستدلّ بإجماعهم على جواز: جاءني زيد وعمرو الظّريفان. وبعضهم يجعل العامل الحرف (¬3)، ولو كان كذلك لما اختلف عمله، وأنت ترى ما بعده يتبع ما قبله، رفعا ونصبا وجرّا. ومنهم من قال: العامل فعل مقدّر (¬4)، غير الأوّل. الحكم الثّانى: بعض هذه الحروف يدخل الثاني فى حكم الأوّل، لفظا ومعنى، وهو: «الواو»، و «الفاء» و «ثمّ» و «حتّى» مطلقا و «أو» و «إمّا» و «أم» في بعض أقسامها. ¬
وبعضها يدخل الأوّل فى حكم الثّانى، لفظا، لا معنى، وهي: «لا» و «بل» و «لكن». وليس فيها ما يدخل الثّانى فى حكم الأوّل، معنى، لا لفظا. الحكم الثّالث: ما بعد هذه الحروف، لا يتقدّم على ما قبلها، وما جاء من ذلك، فإنّما جاء مع «الواو» فى الشعر، فى الرّفع والنّصب، دون الجرّ، قال الشاعر (¬1) في الرفع: ألا يا نخلة من ذات عرق … عليك ورحمة الله السّلام وقال فى النّصب (¬2): جمعت وبخلا غيبة ونميمة … ثلاث خلال لست عنها بمرعوي الحكم الرّابع: لا يدخل بعض هذه الحروف على بعض، فإن وجدت ذلك في كلامهم، فقد أخرج أحدهما من باب العطف، كقولك: لم يقم زيد ولا عمرو، «الواو» عاطفة و «لا» توكيد للنّفى، وكقولك: والله لا فعلت ثمّ والله لا فعلت، «ثمّ» عاطفة و «الواو» قسم، وتقول: جاءنى زيد ولكن عمرو لم يجئ، ف «الواو» هي العاطفة، و «لكن» للاستدراك، و «عمرو» رفع بالابتداء، وتقول: اضرب إمّا ¬
زيدا وإمّا عمرا، ف «إمّا» هي العاطفة، و «الواو» دخلت؛ لتؤذن أنّ «إمّا» الثانية هي الأولى، ولا تكون عاطفة؛ لأنّ معناها الجمع بين الشّيئين، و «إمّا» لأحدهما. الحكم الخامس: لا يفرق بين حرف العطف وبين المعطوف به، بشئ ممّا يعترض بين العامل والمعمول فيه، كالأيمان، والشّكوك، والشّروط إلّا «ثمّ»، و «لا»، و «أو»؛ لأنّها تنفصل، وتقوم بأنفسها، ويجوز الوقف عليها، تقول: قام زيد ثمّ - والله - عمرو، وقام زيد أو - والله - عمرو، وخرج بكر ثمّ - أظنّ - خالد. ويقبح أن يلى «لا» الفعل الماضي، في العطف، كقولك: زيد قام لا قعد. الحكم السّادس: همزة الاستفهام تدخل على: «الواو» و «الفاء» و «ثمّ» فيجتمع الاستفهام والعطف، كقوله تعالى: أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً (¬1). وقوله تعالى: أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ (¬2) وقوله تعالي: أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ (¬3)؛ وذلك لأنّ الهمزة تدخل فى الإيجاب، فى قوله (¬4): أطربا وأنت قنّسريّ ¬
ولم يستقبح أن تكون هذه الحروف بعدها. وتدخل ثلاثتها علي «هل»، كقوله تعالي: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (¬1)، وكقولك: هل يقوم زيد وهل يقوم عمرو ثمّ هل يقوم بكر؟ الحكم السّابع: كثيرا ما تشتبه «أو» و «أم» فى الكلام؛ فاحتاجا إلى الفرق. والفرق بينهما: أنّك إذا قلت: أزيد عندك أو عمرو؟ لا تعلم كون أحدهما عنده؛ فأنت تسأمل عنه، وإذا قلت:/ أزيد عندك أم عمرو؟ فأنت تعلم أنّ أحدهما عنده، لكنّك تجهل عينه (¬2)؛ فأنت تطالبه بالتّعيين، وإذا قلت: أزيد عندك أو عمرو؟ فمعناه: أأحدهما عندك؟ فيكون الجواب: «لا» (¬3) أو «نعم»، وأمّا إذا قلت: أزيد عندك أم عمرو؟ فلا يكون الجواب ب «لا» أو «نعم» إنّما يكون: «زيدا» (3) أو «عمرا»؛ لأنّ تقدير السّؤال: أيّهما عندك؟؛ وذلك أنّه إنّما سأل ب «أو» عن واحد منهما لا بعينه، وب «أم» عن عين أحدهما؛ فيفتقر إلى أن يكون عالما أنّ أحدهما عنده لا بعينه، فإن لم يكن عالما، وسأل ب «أم» كان مخطئا فى سؤاله، ويكون الجواب: ليس عندى زيد ولا عمرو؛ ف «أو» إذا: استثبات، و «أم»: إثبات، واستثبات، و «أو» تثبت أحد الشّئين، أو الأشياء مبهما، و «أم» تقتضى إيضاح ذلك المبهم. ¬
فإن كان فى الكلام «أفعل» لم يكن بعدها إلّا «أم» دون «أو» كقولك: أزيد أفضل أم عمر؟ وكذلك إذا كان ما لا يحسن السّكوت على ما يعطف عليه، نحو قولك، ما أبالى أضربت زيدا أم عمرا، وسواء علىّ أقمت أم قعدت. فإن استغرق الاسم المستفهم به معنى «أىّ» وعطفت عليه اسما، اختصّ ب «أو» دون «أم»؛ كقولك: من يقوم أو يقعد؟ وأىّ النّاس يقوم أو يقعد؟ وأمّا مثل قوله تعالي: أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ (¬1) وأَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (¬2) فجار مجرى التّوقيف والتّوبيخ، لا على سبيل الاستفهام، ومخرجه من النّاس: أن يكون استفهاما، ويكون توبيخا، قال سيبويه: إذا كان بعد «سواء» ألف الاستفهام، فلا بدّ من «أم»، اسمين كانا أو فعلين، تقول: سواء على أزيد فى الدّار أم عمر، وسواء علىّ أقمت أم قعدت، فإذا كان بعدها فعلان بغير ألف الاستفهام، عطف الثّانى ب «أو» تقول: سواء علىّ قمت أو قعدت، وإن كان اسمين بلا ألف، عطف الثانى ب «الواو» / تقول: سواء علىّ زيد وعمرو، وإن كان بعدها مصدران، كان الثّانى ب «الواو» وب «أو»؛ حملا عليهما (¬3). ¬
وتقول: ما أدرى أقام أو قعد؟ إذا لم يطل القيام، وكان - لسرعته - كأنّه لم يكن، كما تقول: تكلّمت ولم تتكلّم؛ إمّا لقلّة كلامه، أو لترك الاعتداد به، أو لأنّه لم يبلغ به المراد، وليس ل «أم» هاهنا مجال؛ لأنّه مع «أو» يكون قد علم منه قياما، ومع «أم» استوى جهله فى القيام والقعود. وإذا تصدّر الكلام «هل» صلحت «أم» و «أو»، قال سيبويه: لو قلت: هل تضرب أو تقتل؟ أو هل تضرب أم تقتل؟ لكان واحدا (¬1). الحكم الثامن: العطف على ضربين: عطف مفرد على مفرد، وعطف جملة على جملة، فالمفرد: نحو: قام زيد وعمرو، وقام زيد وقعد. والجملة: نحو: زيد قائم وعمرو جالس، وقام زيد وقعد بكر، فتجمع - فى المفرد - بين الرجلين فى القيام، وفى إسناد الفعل إلى المذكور معهما، وتجمع فى الجملة - بين مضمونى الجملتين، فى الحصول. وتقول: زيد راغب فيك وعمرو، تعطف «عمرا» علي الجملة، فإن عطفته علي «زيد» لم يكن بدّ من أن تقول: زيد وعمرو راغبان فيك، فإن عطفته على المضمر فى «راغب» قلت: زيد [راغب] (¬2) هو وعمرو فيك، ويجوز أن تحذف «هو»، فإن عطفت على الجملة، لم يجز أن تقول: زيد راغب وعمرو فيك؛ لأنّ «فيك» متعلّقة ب «راغب» فلا يفصل بينهما. وتقول: زيد وعمرو قاما، وقام، بالتّثنية والإفراد، وكذلك مع «الفاء» و «ثمّ» ولا يجيزون مع «أو» و «لا» و «بل» إلّا الإفراد. ¬
وتقول: ضربت زيدا أو عمرو، بالرفع، تريد: وعمرو وكذلك، وهذا يجوز، إذا علم المحذوف. الحكم التاسع: لا يخلو المعطوف والمعطوف عليه: أن يكونا اسمين، أو فعلين، أو يكون أحدهما اسما، والآخر فعلا، وإذا كان اسمين فلا يخلو: أن يكونا ظاهرين، أو مضمرين، أو يكون أحدهما مظهرا، والآخر مضمرا، ولا يخلو المضمر: أن يكون متّصلا/ أو منفصلا، ولا يخلو المتّصل والمنفصل: أن يكونا مرفوعين، أو منصوبين، والمجرور لا يكون إلا متّصلا، وإذا كانا فعلين فلا يخلو: أن يكونا متّفقين فى الزّمان، أو مختلفين، فكلّ هذه الأقسام يجوز عطف بعضها على بعض، إلّا ما استثنيته لك - من منع، أو لزوم شرط، وهي أنواع. الأوّل: إذا كان أحدهما اسما، والآخر فعلا، لا يجوز العطف، لا تقول: زيد قائم وقعد، ولا قعد زيد وقائم. الثّاني: المظهر علي المظهر، لا يجوز عطفه، إلّا إذا اتّفقا فى الحال، تقول: مات زيد وعمرو؛ لأنّ الموت يصحّ منهما، ولا تقول: مات زيد والشّمس؛ لأنّ الشمس لا يصحّ موتها، وهذا الاتّفاق مشروط فى كلّ ما جاز عطفه من أقسام الأسماء. الثّالث: الضمير المرفوع المتّصل، لا يجوز العطف عليه حتّى يؤكد، تقول: قم أنت وزيد، ومثله قوله تعالى: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ * (¬1) ¬
وقوله: إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ (¬1)، وقد جاء فى الشّعر غير مؤكّد، قال (¬2): قلت إذ أقبلت وزهر تهادى … كنعاج الفلا تعسّفن رملا وقد أجروا طول الكلام مجرى التأكيد؛ فأجازو العطف بلا تأكيد، كقوله تعالي: فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ (¬3). فإن عوّضت من التأكيد شيئا بين المعطوف، والمعطوف عليه؛ نحو: ما قمت ولا زيد، وقعدت اليوم وزيد، حسن، ومنه قوله تعالى: لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا (¬4)، فإن عطفت هذا الضمير على غيره، لم يجز، إلّا بإعادة العامل؛ نحو: قام زيد وقمت و «زيد» فى: «قمت أنا وزيد» معطوف على «التّاء» لا على «أنا» المؤكّدة؛ لأنّك لو اطّرحته وأكّدته، كان كإدغام (¬5) الملحق. ¬
الرّابع: الضمير المنصوب المتّصل، يحسن العطف عليه من غير تأكيد، تقول: رأيتك وزيدا، ومنه قوله تعالى: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (¬1)، ولا يعطف هو على غيره/ إلا بإعادة العامل؛ نحو: رأيت زيدا ورأيتك، و: رأيتك ورأيته. الخامس: الضّمير المجرور لا يعطف، ولا يعطف عليه، إلا بإعادة العامل؛ نحو: مررت بك وبزيد، ومررت بزيد وبك، ومررت بك وبه، ولا يجوز: مررت بك وزيد، وقد جاء، قال الشاعر (¬2): وقد رام آفاق السّماء فلم يجد … له مصعدا فيها ولا الأرض مقعدا وقيل في توجيه قراءة حمزة وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ (¬3) بالجرّ (¬4): إنّه عطف على المضمر فى «به» أي: به وبالأرحام، وليس بالقوىّ (¬5). وقد أجاز الجرمىّ (¬6) فى العطف على المجرور المؤكّد، نحو: مررت به نفسه وزيد. ¬
السّادس: الفعل إذا لم يصحّ قيامه بكلّ واحد من المعطوف والمعطوف عليه، لم يصحّ عطفه، لا تقول: تخاصم زيد وتخاصم عمرو، كما تقول: قام زيد وقعد عمرو. فإن اتحد الفعل للاثنين، واختلف الفاعلان، صحّ حذف أحدهما؛ اجتزاء عنه بالآخر، تقول فى: قام زيد وقام عمرو: قام زيد وعمرو؛ فإن اختلفا فى المعنى، ولم يصحّ لكلّ واحد منهما علي الانفراد، لم يجز، مثل: مات زيد والشّمس، فإن تقاربا فى المعنى جاز، كقول الشّاعر (¬1): يا ليت زوجك قد غدا … متقلدا سيفا ورمحا السّابع: إذا اختلف الفعلان فى الزّمان، لم يجز عطف أحدهما على الآخر؛ لا تقول: قام زيد ويقعد، ولا يقعد زيد وقام؛ لتباين وجودهما، فأمّا قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (¬2) فالجملة فى موضع الحال (¬3)، وكذلك قوله: أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (¬4)، ومنهم من يجعلها جملة معترضة، لا موضع لها من الإعراب. ¬
الثامن: لا يجوز عطف الاسم على الفعل، ولا الفعل على الاسم، فأمّا قوله تعالى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً (¬1)، فإنّما عطف «أقرضوا» علي معنى صلتى اسمى (¬2) «إنّ»، أو أنها حال مقدّرة معها «قد» كقوله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً (¬3)، أي: وقد كنتم (¬4). الحكم العاشر: فى العطف على الموضع. العطف علي ضربين، عطف على اللّفظ، وعطف علي الموضع. فالعطف علي اللّفظ: يتبع المعطوف عليه فى إعرابه، كما سبق. وأما العطف على الموضع: فأن تعطفه على ما يستحقّه من الإعراب. والفرق بينهما: أنّ المعطوف علي اللّفظ يعمل فيه وفيما عطف عليه عامل واحد. والمعطوف على الموضع يعمل فيه عاملان، بتكرير العامل في الثّاني؛ إذ لم يظهر عمله في الأوّل، ويصير كأنّها جملة معطوفة على جملة، قاله ابن السّراج (¬5). والأشياء التى لها موضع من الإعراب قسمان: أحدهما مفرد، والآخر جملة. ¬
أمّا المفرد: فنحو الأسماء المبنية، مثل:" هذا"، تقول: هذا أخوك، فموضعه رفع بالابتداء، و: إنّ هذا أخوك، فموضعه نصب ب" إنّ"، ومثل العلم المنادى، كقولك: يا زيد، فإذا عطفت على هذا القسم أعربت المعطوف بما يستحقّه المعطوف عليه من الإعراب لو ظهر فيه؛ تقول: إن هذا وزيدا قائمان، ويا زيد وعمرا، عند من جوّزه. وأمّا الجملة: فهي على أربعة أضرب. الضّرب الأوّل: جملة عمل بعضها (1) فى بعض، وهي نوعان: نوع لا موضع له من الإعراب، وهو: كلّ جملة ابتدأتها (1)؛ كقولك: زيد فى الدّار، أو أعمرو عندك؟ ونوع له موضع من الإعراب، وهو: إذا وقعت الجملة موقع اسم (¬1) مفرد، كقولك: زيد أبوه قائم، فموضع" أبوه قائم" رفع، فإذا عطفت عليه رفعت فقلت:" زيد أبوه قائم ومنطلق"، و" منطلق" ل" زيد"، والأحسن (¬2)، أن تقدم" منطلقا" على الجملة، فتقول: زيد منطلق وأبوه قائم؛ لئلّا يلتبس، فإن لم يلتبس كان حسنا؛ تقول: هذه امرأة أبوها شريف وكريمة، والأولى: تقديم المفرد، وهذا (¬3) فى الصّفة/ أقبح منه فى الخبر. الضرب الثّاني (1): اسم عمل فيه حرف، وهو نوعان: أحدهما: أن يكون دخول الحرف كخروجه، إلّا في التأكيد، كقولك: ¬
ليس زيد بقائم ولا قاعد، فموضع" بقائم": نصب؛ فلك العطف على موضعه، تقول: ليس زيد بقائم ولا قاعدا، ومن هذا الباب قولهم: هل من رجل عندك؟ وما من أحد فى الدّار، وكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً * (¬2)،، و" إنّ زيدا قائم"، كلّ هذه الحروف إذا أسقطتها، كان الكلام بعدها تاما. ولا يجوز العطف على الموضع الذى فيه حرف عامل، إلّا بعد تمام الكلام، تقول: إنّ زيدا قائم وعمرو، فتعطف" عمرا" على موضع" إنّ" وما عملت فيه، وهو الرّفع. النّوع الثّاني: أن يختلّ المعنى بإسقاط الحرف، كحروف الجرّ المعدّية، نحو: مررت بزيد، وذهبت إلى عمرو، فموضع" زيد" و" عمرو" نصب تقول فى العطف عليه: مررت بزيد وعمرا، وذهبت إلى عمرو وخالدا؛ وتقول: مرّ بزيد وعمرو، وذهب إلى خالد وبكر، فترفع. الضّرب الثالث: اسم بني مع غيره، نحو" خمسة عشر" وبابه، فحكمه حكم المبنىّ المفرد (¬3)، تقول: إنّ خمسة عشر درهما تكفيك وخمسة دنانير فترفع، على موضع" إنّ"، ومنه قولك: لا رجل في الدّار ولا غلام لك بالرّفع. الضّرب الرّابع: الموصول، وهو: الذي، وأخواتها، ولا تعطف عليه إلّا (1) في الأصول 2/ 63:" القسم الثاني - اسم عمل فيه حرف، هذا القسم على ضربين: ضرب يكون العامل فيه حرفا زائدا". كما أنّ الأمثلة موجودة بنصها تقريبا، مع تغيير بعض الألفاظ، وانظر مدى اعتماد ابن الأثير على ابن السّراج. ¬
بعد تمامه بصلته وعائده، وتقول: ضربت الذي في الدّار وزيدا، فتنصبه؛ لأنّ موضع" الذى" نصب، ولا يجوز: ضربت الذي وزيدا في الدار. الحكم الحادي عشر: في العطف على عاملين. قد اختلف النحاة فيه، فمنهم من أجازه (¬1)، ومنهم من لم يجزه، وهو اختيار سيبويه (¬2). ومعنى العطف على عاملين، هو: أن يتقدّم مرفوع ومنصوب، أو مرفوع ومجرور، أو منصوب ومجرور، ثمّ تعطف عليهما من غير إعادة العامل: ومثاله: قام زيد وضربت عمرا وبكر وخالدا، فقد تقدّم مرفوع، ومنصوب، وهما:" زيد" و" عمرو" ثم عطفت" بكرا" على" زيد"، و" خالدا" على" عمرو" وهذا هو الذى وقع فيه الخلاف، كأنّك قلت: قام زيد وضربت عمرا، وقام بكر وضربت خالدا. وقد أجمعوا (¬3) على أنّه لا يجوز: مرّ زيد بعمرو وبكر خالد، فتعطف على الفعل و" الباء"، فإن قلت: مرّ زيد بعمرو وخالد بكر، فقدّمت المجرور على المرفوع، فقد أجازه الأخفش (¬4)، ومن ذهب مذهبه. ¬
وقد استدلّ من ذهب إلى جواز العطف على عاملين بقول الشّاعر (¬1): هوّن عليك فإنّ الأمور … بكفّ الإله مقاديرها فليس بآتيك منهيّها ولا قاصر عنك مأمورها (¬2) وبقول النابغة (¬3): فليس بمعروف لنا أن نردّها … صحاحا ولا مستنكر أن تعقّرا وبقول الآخر (¬4): أكلّ امرئ تحسبين امرا … ونار تأجّج باللّيل نارا وبقول الله تعالى، في قراءة بعضهم: وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ ¬
آياتٌ (¬1) بالجرّ (¬2)، وهي في موضع نصب (¬3)، وبقوله تعالى: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (¬4)، وبقولهم:" ما كلّ سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة" (¬5). وسيبويه ومن ذهب مذهبه يتأوّل ذلك جميعه (¬6)، وأنشد الشّعر الأوّل والثّاني بالرّفع (¬7)؛ فقال: ولا قاصر، ولا مستنكر، وأمّا البيت الرّابع، فإنّه قال (¬8) حذف" كلا" بعد أن لفظ بها أوّلا، واستغنى عن إعادتها، وكذلك تقدير: ولا كلّ بيضاء شحمة، ف" كلّ" مضمرة هاهنا محذوفة، قال: وجاز كما جاز ما مثل عبد الله يقول ذاك ولا أخيه (¬9)، وإن شئت قلت: ولا مثل أخيه قال سيبويه (¬10): وتقول: ما أبو زينب ذاهبا ولا مقيمة أمّها، فترفع؛ لأنّك لو ¬
قلت: ما/ أبو زينب مقيمة أمّها، لم يجز؛ لأنّها ليست من سببه، ومثل ذلك قول الأعور الشّنّيّ: هوّن عليك وأنشد البيتين، وقال: لأنّه جعل المأمور من سبب الأمور، ولم يجعله من سبب المنهيّ (¬1)، يعنى: أنّك لو قلت: فما بآتيك منهيّها ولا قاصر عنك مأموها، لم يجز أن تعطف على" منهيّها"؛ لأنّ قولك:" مأمورها" غير قولك: " منهيهّا"، ثمّ قال (¬2): وجرّه قوم، فجعلوا" المأمور"" المنهىّ" و" المنهيّ" من الأمور، فهو بعضها، فصار تأويل الجرّ: ليس بآتيك الأمور ولا قاصر بعضها. وكذلك احتجّ بقول النّابغة (¬3) على هذا التأويل، وأجاز النّصب فيهما، على الموضع (¬4)، قال ابن السّرّاج (¬5): أمّا من ظنّ أنّ من جرّ" آيات" قد عطف على «عاملين»، فقد غلط؛ لأنّ «آيات» الأخيرة هى الأولى، وإعادتها تأكيد (¬6)، وإنما كان يكون فيه حجّة لو كان الثّاني غير الأوّل، حتّى يصيرا (¬7) خبرين، قال: والعطف على عاملين خطأ في القياس، غير مسموع من العرب، ولو جاز العطف على عاملين، لجاز على ثلاثة، وأكثر من ذلك (¬8). ¬
الحكم الثانى عشر: قد جاء في العطف أشياء مخالفة (¬1) للقياس. منها قولك: مررت برجل قائم أبواه لا قاعدين، ف" قاعدين" معطوف على" قائم" وليس فى" قاعدين" راجع إلى" رجل" كما كان فى" قائم"؛ فجاز هذا في المعطوف على غير قياس؛ فإنّ القياس أن تقول: مررت برجل قائم أبواه لا قاعد أبواه، وأن لا يجئ الأبوان" مضمرين"، ولكنه حكى عن العرب، وكثر في كلامهم حتى صار قياسا مستقيما. ومنها قولهم:" كلّ شاة وسخلتها (¬2) بدرهم"، ولو جعلت" السّخلة" تلي" كلّ" لم يجز، ومثله: ربّ رجل وأخيه، فلو ولي" الأخ"" ربّ" لم يجز (¬3). ومنها قولهم: هذا الضّارب الرّجل وزيد، ولو/ ولى" زيد" الضّارب" لم يكن مجرورا (¬4)، وينشد هذا البيت (¬5) جرّا: الواهب المائة الهجان وعبدها … عوذا تزجّى خلفها أطفالها وكان المبرّد يفرق بين" عبدها" و" زيد"، ويقول: إنّ الضمير في ¬
" عبدها" هو" المائة"، كأنّه قال: وعبد المائة، ولا يجيز ذلك في (¬1) " زيد" وأجازه سيبويه (¬2) والمازنيّ (¬3). ¬
الباب الرابع عشر في النداء،
الباب الرابع عشر في النداء، وما يتبعه من التّرخيم، والنّدبة وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأوّل: في النداء وفيه أربعة فروع: الفرع الأوّل: في تعريفه. النداء: معنى من معاني الكلام التى انقسم إليها القسمة الأصليّة، كالخبر، والاستخبار، والأمر، والنّهي، والقسم، ونحو ذلك، وهو في اللّغة: الدّعاء والطّلب، تقول: ناديت زيدا، كما تقول: دعوت زيدا؛ ولهذا قالوا: إنّ أصل المنادى: المفعوليّة، على تقدير: أدعو زيدا، وأريد زيدا؛ إلأ أنّهم تركوا إظهار هذا الفعل؛ استغناء عنه بحروف النداء؛ رفعا للبس الخبر بالنّداء، واختصارا في اللفظ. والنّداء من خواصّ الأسماء، دون الأفعال والحروف، والغرض منه: تنبيه المدعوّ؛ ليقبل عليك ويجيبك. وتعرض فيه الاستغاثة، والتّعجّب، والمدح، وقول الدّاعي: يا ألله، ويا ربّ؛ استقضاء منه لنفسه، وهضم لها، واستبعاد عن مظانّ القبول والاستماع، وإظهار الرّغبة في الإجابة بالاستغاثة. الفرع الثاني: في أقسامه، وحركاته. أمّا أقسامه: فلا يخلو المنادى من أن يكون معرفة، أو نكرة. والمعرفة لا تخلو أنّ تكون معرفة بالوضع، أو بقرينة، والقرينة لا تخلو من أن تكون:
في أوّله، وهي الألف واللّام، أو في آخره، وهي الإضافة، وألحق بها ما كان شبيها بها. وأمّا النكرة، فلا تخلو: أن تكون مقصودة، أو غير مقصودة، وإن شئت قلت: المنادى لا يخلو: أن يكون مفردا أو غير مفرد. والمفرد، لا يخلو: أن يكون معرفة، أو نكرة. والمعرفة، لا تخلو: أن تكون وضعيّة أو بالألف واللّام، والنكرة، لا تخلو: أن تكون مقصودة، أو غير مقصودة. وغير المفرد، لا يخلو: أن يكون مضافا، أو شبيها بالمضاف؛ لطوله. فحصل من هذين التقسيمين أقسام ستّة، ولكلّ منها حركة تخصّه. وأمّا حركاته: فمختلفة بحسب أقسامه. القسم الأول: المعرفة الوضعيّة، نحو:" زيد" و" عمرو"، وجميع الأعلام، وهي مبنيّة على الضمّ، في النداء، نحو: يا زيد، ويا عمرو؛ وإنّما بني فيه لوقوعه موقع أسماء الخطاب، وحروفه؛ لأنّ النداء: خطاب تنزّل منزلة" أدعوك"، و" يا إيّاك"، وبني على الحركة؛ نظرا إلى تمكّنه في الاسميّة، وخصّ بالضمّ؛ لأنّ النّصب عمل حرف النداء، والجرّ من إعراب المضاف. فإن كان الاسم مبنيا قبل النّداء، ترك على حركة بنائه، نحو: يا هؤلاء، ويا من فى الدّار. القسم الثّاني: المعرفة بالألف واللّام، نحو: الرّجل، والغلام، ولا يدخل عليها حرف النّداء؛ لاشتراكهما في التّخصيص، فتوصّلوا إلى ندائه ب" أيّ" مبنيّة على الضّمّ، وزادوا عليها" ها" التي للتّنبيه، وجعلوها المنادى الدّاخل
عليه حرف النّداء، وجعلوا الاسم المنادى حقيقة وصفا لها، ورفعوه نحو: يا أيّها الرّجل، ويا أيّها الغلام؛ ويكون للواحد، والاثنين والجماعة، والمؤنّث على لفظ واحد، نحو: يا أيّها الرّجل، ويا أيّها الرّجلان، ويا أيّها الرّجال، ويا أيها المرأة، ويا أيّها النّساء، والاختيار في المؤنّثة: إثبات التّاء، نحو: يا أيّتها المرأة، وقد يلحقونها اسم الإشارة، فيقولون: يا أيّهذا الرّجل، وقد يسقطونها، فيقولون يا هذا الرّجل. وقد شذّ من هذا العموم، دخول حرف النّداء على اسم الله تعالى خاصّة، فقالوا: يا ألله اغفر لى، بقطع الهمزة، ووصلها؛ لكثرة استعمالهم إيّاه في الدّعاء، والابتهال إليه، حالتي السّرّاء والضّرّاء؛ لأنّ الألف واللّام لا يفارقانه، مع أنّهما خلف من همزة" إله". وقد جاءت" يا" مع الألف واللّام، فى غير اسم الله تعالى، شاذا فى الشّعر. القسم الثّالث: المعرفة بالإضافة، وسواء كان مضافا إلى معرفة أو نكرة فإنّه منصوب على أصل النّداء؛ لأنّه لم يخرج عن بابه، ولم يقع موقع ما بني من المنادى لأجله، نحو: يا عبد الله، ويا غلام رجل، ويا عبد سوء، ومنه قوله تعالى: يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ (¬1)، وقوله تعالى: يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ (¬2) وامتنعوا من نداء المضاف إلى المخاطب، نحو: يا غلامك؛ لأنّ ¬
المخاطب ينبغي أن يكون (¬1) المنادى، وأجاز بعضهم (¬2): يا ذاك. وما كان منه مضافا إلى المتكلم، فله حكم مفرد يرد في الفرع الرّابع (¬3). القسم الرّابع: في مشابه المضاف؛ لطوله، وهو: كلّ ما عمل فيما بعده؛ نصبا أو رفعا؛ لفظا أو موضعا، وحكمه: حكم ما أشبهه، وهو النّصب، نحو قولك: يا خيرا من زيد، ويا ضاربا عمرا، ويا قائما أبوه، ووجه المشابهة: عمل الأوّل فى الثّاني، وتخصيصه به، وأنّ الثاني من تمام الأوّل. وقد ألحقوا بهذا القسم قوله تعالي: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ (¬4) وقول ذي الرّمّة (¬5): أدارا بحزوى هجت للعين عبرة … فماء الهوى يرفضّ أو يترقرق ¬
وألحقوا به المسمّى بالمعطوف والمعطوف عليه، نحو رجل سمّيته ب" زيد وعمرو"، تقول: يا زيدا وعمرا أقبل؛ لأنّ الاسم الأوّل لا يتمّ به المسمّى؛ فقد تنزّل منزلة المضاف من المضاف إليه، من قولك: غلام زيد، ومنزلة" زيد" من قولك: ضارب زيدا، ولو ناديت رجلا اسمه: ثلاثة وثلاثون؛ لنصبتهما معا. القسم الخامس: في النكرة المقصودة، وحكمها حكم المعرفة الوضعيّة، في البناء على الضّمّ؛ لأنّها بالقصد إليها تنزّلت منزلتها، نحو قولك: يا رجل، ويا غلام؛ لأنّك أقبلت في ندائك على واحد مخصوص من جنسه. القسم السّادس: النكرة غير المقصودة، وهي أن لا تخصّ منادى بعينة، وإنّما تريد واحدا مجهولا من جنسه، وهو منصوب على أصل النّداء، سواء وصفته أو لم تصفه، نحو: يا رجلا، ويا رجلا عاقلا، فكلّ من أجابك، كان المنادى، كقوله (¬1): فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغا … نداماي من نجران أن لا تلاقيا ولم يبن كالنكرة المقصودة؛ لبعده بتنكيره عمّا وقعت المقصودة موقعه وهو الخطاب. الفرع الثّالث: في حروف النداء، وهي خمسة:" يا" و" أيا" و" هيا" و" أى" و" الهمزة"، تقول: يا زيد، وأيا زيد، وهيا زيد، وأى زيد، وأزيد، وأمّ هذه الحروف" يا"؛ لأنّها نستعمل للقريب والبعيد، وفي النّدبة والتّرخيم، والأربعة الباقية مرتّبة في القرب والبعد، ف" الهمزة" لأقرب المنادين إليك وبعدها" أي" ثمّ" هيا" ثمّ" أيا"، وقيل: إنّ الهاء، في ¬
هيا" مبدلة من همزة" أيا". وقد تستعمل بعضها موضع بعض، إلّا الهمزة؛ فإنّها خاصّة بموضعها. وهذه الأحرف هي العاملة بحكم النّيابة عن الأصل الذى هو الفعل، وكأنّها أشدّ ملابسة للمنادى من الفعل الحقيقيّ؛ لأنّك إذا قلت: يا زيد، فقيل لك: ما قلت؟ قلت: ناديت زيدا. وقال قوم: هي أسماء (¬1) للأفعال، نحو: صه ومه؛ ولهذا أفادت مع الأسماء، والعمل لها، وفيها ضمير مستكنّ للمنادى. والقول الأوّل أظهر وأكثر. الفرع الرّابع: في أحكام النّداء، والمنادى. الأسماء على ضربين: ضرب ينادى، وضرب لا ينادى. فالذى ينادى على ثلاث مراتب.: المرتبة الأولى: لا بدّ من وجود" يا" معها، وهي: النكرة، وأسماء الإشارة، والمستغاث، والمندوب، لا تقول: رجل أقبل، ولا: هذا أقبل، وأنت تريد النّداء، وقد شذّ قولهم:" أصبح ليل" (¬2) و" أطرق كرا" (¬3) يريدون: ¬
يا ليل، ويا كرا، وقد جاء في الشّعر، قال (¬1): فقلت له عطّار هلّا أتيتنا … بدهن الخزامى أو بخوصة عرفج وفي قول العجاج (¬2): جاري لا تستنكري عذيرى (¬3) يريد: يا جارية. المرتبة الثانية: لا بدّ من حذف" يا" معها، وهو قولهم: اللهمّ اغفر لي، و: " يا ربّ ارحمنا أيّتها العصابة"، إذا عنيت نفسك وجماعتك فلا تقول: يا اللهم ولا يا أيتها العصابة، وإنّما حذف من" اللهمّ"؛ لئلّا يجمع بينها وبين الميم التى هى عوض منها، وقد جاء في الشّعر، قال (¬4): إنى إذا ما حدث ألما … أقول: يا اللهمّا يا اللهمّا ¬
وكان الأصل: يا الله اغفر لي، وأمّا حذف" يا" من: أيّتها العصابة فلأنّك لم ترد به/ نداء محضا. المرتبة الثّالثّة: لك الخيار [معها] (¬1) في حذف حرف النداء، وإثباته، وهي: الأعلام، والكنى، والمضاف، تقول: زيد أقبل، وأبا محمّد اخرج، وغلام زيد أقبل، قال الله تعالى: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا (¬2)، وقال عزّ من قائل: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ (¬3) فإن سمّيت رجلا" خيرا من زيد" وكان نكرة قصدته أو لم تقصده، كان لك حذف" يا" من الأوّل، دون الثّاني والثّالث. أمّا القسم الذي لا ينادى، فهو أسماء الأفعال، وما ليس بأهل للجواب - إلّان ينزّل منزلة ما يجيب، كالمنزل، والرّبع - وما فيه الألف واللّام، حتّى يتوصّل إلى ندائه ب" أى" كما قلنا، والقول المحرّر فى هذا الحكم: أنّه يجوز أن تحذف حرف النداء مع كلّ اسم لا يجوز أن يكون وصفا ل" أيّ"، تقول: زيد أقبل؛ لأنّه لا يجوز أن تقول: يا أيّها زيد أقبل، ولا تقول: رجل أقبل؛ لأنّه يجوز أن تقول: يا أيّها الرّجل، ولا تقول: هذا أقبل؛ لأنّه يجوز أن تقول: يا أيّهذا أقبل الحكم الثاني: قد اختلف في العلم المنادي، هل تعريفه بعد النداء باق؟ أو زال تعريفه، واكتسب بالنّداء تعريفا آخر، كما اكتسبت النكرة المقصودة ¬
به؟ فإلى الأوّل ذهب ابن السّرّاج (¬1)، وإلى الثّاني ذهب المبرّد (¬2) والفارسيّ (¬3) وقولهما أشبه القولين، قال المبرّد: النكرة إذا قصدت، اكتسبت بالقصد والنداء تعريفا، وزال ما فيها من التنكير، وكذلك التّعريف العلميّ يزول بتعريف النداء، يشهد لذلك: أنّ ما فيه الألف واللّام، لا ينادى، إلّا اسم الله تعالى؛ هربا من اجتماع تخصيص حرف النداء، والألف واللّام. الحكم الثّالث: إذا اضطررت إلى تنوين العلم المنادى، ففيه مذهبان: الرّفع والنّصب. أمّا الرّفع: فمذهب الخليل (¬4) وسيبويه والمازنيّ (¬5)، وينشدون هذا البيت (¬6) مرفوعا: سلام الله يا مطر، عليها … وليس عليك يا مطر السّلام قالوا: لأنّه أشبه المعرب غير (¬7) المنصرف، حين حملت صفته على لفظه فجعل مع التنوين على ما كان عليه، كما إذا اضطررت إلى تنوين" أحمد". ¬
وأمّا النّصب: فمذهب أبى عمرو (¬1)، ويونس (¬2)، والجرميّ (¬3)، والمبرّد (¬4) وينشدون البيت منصوبا، قالوا: لأنّ التنوين يعيده إلى أصله، كما أعاد مجرور ما لا ينصرف. الحكم الرّابع: قد تقدّم القول: أنّ ما فيه الألف واللّام، لا يدخل عليه حرف النّداء؛ لأنّ الألف والّلام لا يجتمعان مع حرف النّداء؛ لما ذكرناه من التّعريف والتّخصيص، وعلى الحقيقة فليس المحدث للتّخصيص حرف النداء وإنّما هو القصد إلى المنادى؛ بدليل بقاء التّخصيص مع حذف الحرف، في قوله تعالى: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا (¬5) ورَبَّنا لا تُؤاخِذْنا (¬6)، وما دلّ على التخصيص لا يحذف - وهو مراد - إلّا وله تأثير قويّ، ولو كان حرف النداء يحدث التّخصيص لجاز أن تقول: العبّاس أقبل - وأنت تناديه - فتوجد الألف والّلام مع عدم حذف حرف النّداء؛ ولهذا إذا ناديت هذا النّوع من الأسماء أسماء رجال، فبعضهم يقول: يا حارث، ويا عبّاس، ويا فضل، وهذا يلتبس بمن سمّى حارثا فى الأصل، وبعضهم يقول: يا أيّها الحارث، وفيه قبح؛ لجعل العلم وصفا، كما قالوا: مررت بهذا الحارث، فإن اعتبرت ¬
الوصفيّة فيه، كان وجها، قال شيخنا: والصّواب عندي: يا من هو الحارث أقبل، والأوّل (¬1) أكثر. الحكم الخامس: إذا ناديت المضاف إلى نفسك، ففيه خمسة أوجه: الأوّل: - وهو أفصحها - حذف الياء، وأبقاء الكسرة دالّة عليها، نحو: يا غلام. الثّاني: إقرار الياء ساكنة؛ ليزول التباس المضاف بالمفرد، في الوقف، نحو: يا غلامي. الثّالث: فتح الياء/؛ حملا على كاف المخاطب، وتائه نحو: يا غلامي. الرّابع: تقلب كسرة الميم فتحة، فتنقلب الياء ألفا، نحو: يا غلاما، فإذا وقفت قلت: يا غلاماه، ويا أباه، ويا أمّاه، منه قولهم: يا ربّ يا ربّاه. الخامس: حذف هذه الألف المنقلبة عن الياء، والاجتزاء بالفتحة عنها، نحو: يا غلام، وعليه قراءة عاصم (¬2): يا بني (¬3) بالفتح. وقد ورد فى التنزيل حذف ياء الإضافة كثيرا، نحو: يا قَوْمِ * (¬4)، يا عِبادِ فَاتَّقُونِ (¬5)، وأثبتت في مواضع، كقوله تعالى: يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا (¬6) فأمّا قوله تعالى: يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ (¬7) وأمثالها، فإنّ التّاء تاء ¬
تأنيث عوّضت عن الياء، ألا تراهم يبدلونها هاء في الوقف؟ قال سيبويه (¬1): سألت الخليل عن قولهم: يا أبه، ويا أبت لا تفعل، ويا أبتاه (¬2) ويا أمّتاه، فزعم أنّ هذه الهاء بمنزلة الهاء في، عمّه، وخاله، وزعم أنّه سمع من العرب من يقول: يا أمّة لا تفعلي (1) - بالضّمّ - ويقول في الوقف يا أمّه، ويا أبه، وإنما يلزمون هذه التّاء في النداء، إذا أضفت إلى نفسك خاصّة، كأنّهم جعلوها عوضا من حذف الياء (¬3)، وبعض العرب يقول: يا أمّ لا تفعلى - بالكسر - و: يا ربّ اغفر لي" ويا قوم لا تفعلوا" (¬4) بالضّمّ. فإن أضفت إلى اسم مضاف إلى نفسك فالأولى فيه إثبات الياء، نحو قولك: يا ابن أمّي، وبعضهم يقول: يا ابن أمّا، فأما من قرأ: يا ابن أم (¬5) - بالفتح - (¬6) فإنّ سيبويه جعل" الأمّ" و" الابن" في منزلة اسم واحد، فبناهما على الفتح، نحو" خمسة عشر" (¬7)، وأمّا المازنيّ، فقال: فيه ¬
وجهان (¬1): أحدهما: مثل سيبويه، والآخر: أنّه قلب الياء ألفا (¬2)، ثمّ حذف الألف؛ استخفافا، كما تحذف الياء من" أمّي" وعليه قول أبى النّجم (¬3): يا بنت عمّا لا تلومي واهجعي وقول الآخر (¬4): وهل جزع أن قلت: وا بأباهما يريد: وا بأبى هما. فإن أضفت اسما مثنى إليك، نحو: عبدين وزيدين قلت: يا عبديّ (¬5) ويا زيديّ، بالفتح، وكذلك/ الجمع، نحو: يا زيديّ، فإن كان المضاف إليه كافا لم يجز نداؤه، كقولك: يا غلامك، فإن كانت هاء المعه د جاز، كقولك - إذا ذكرت زيدا - يا أخاه. ¬
الحكم السّادس: إذا ناديت منقوصا، نحو: القاضي، والدّاعي، فالخليل يثبت الياء، فيقول - إذا قصده - يا قاضي أقبل؛ لأنّه موضع لا ينوّن (¬1)؛ فصار كما فيه الألف والّلام، ويونس (¬2) يحذف الياء، فيقول: يا قاض؛ لأنّ النداء باب حذف، واختاره سيبويه، وكأنّه أشبه (2). فأمّا" مري" اسم فاعل من" أري" فليس فيه إلّا إثبات الياء؛ لأنّك لو حذفتها بقيت الكلمة على حرف واحد، وهى الرّاء؛ فإنّ الميم زائدة. الحكم السّابع: في وصف المنادى. قد انقسم المنادى - بما تقدّم من البيان - إلى: معرب ومبنيّ. والمعرب ثلاثة أنواع: النكرة غير المقصودة، والمضاف، والطويل، وصفة هذه الأنواع تتبعها، نحو قولك: يا رجلا قائما، ويا غلام زيد الظريف، ويا قائما أبوه الكريم. وإذا سمّيت رجلا" خيرا من زيد" - وكان نكرة؛ قصدته، أو لم تقصده وصفت الأوّل والثّاني بالمعرفة، والثالث بالنكرة؛ لأنّ الأوّل علم، والثّاني مقصود، والثالث غير مقصود. وأمّا المبنيّ فلا يخلو أن يكون الوصف مفردا، أو مضافا. ¬
فإن كان مفردا فلك فيه الرّفع على اللّفظ، والنّصب على الموضع، نحو: يا زيد الظريف و: الظّريف، ويا رجل الكريم، والكريم، ويا زيد وعمرو الطويلان، والطويلين، وقد خرج عن هذا العموم أمران: أحدهما: أن يكون المنادى مبنيّا - في الأصل - علي غير الضّمّ، فلا يجوز فيه الحمل على اللّفظ، تقول: يا هؤلاء الظريفون. والثّاني:" أيّ" جعلوا صفتها تابعة للفظها، نحو: يا أيّها الرّجل، فالرّجل، وإن كان هو المنادى حقيقة، فإنه صفة" أيّ"، وأجاز المازنيّ فيه (¬1) النّصب على الموضع، ولك أن تقيم الصّفة فيه مقام الموصوف، فتقول: يا أيّها الطّويل، فإن وصفت الصّفة بمضاف، فهو مرفوع، كقوله (¬2): يا أيّها الجاهل ذو التّنزّي فوصف" الجاهل" ب" ذو"، ويجوز النّصب على البدل من" أيّ". ولا توصف" أيّ" إلا بما فيه الألف واللّام، كالرّجل والغلام، أو بأسماء الإشارة، نحو: يا أيّهذا الرّجل، ولك فيه حذف الموصوف، فتقول: يا هذا الطّويل، كما قلت: يا أيّها الطويل، فإن جعلت اسم الإشارة سببا إلى نداء الرّجل، كان حكمه حكم" أيّ"، فتقول: يا هذا الرّجل أقبل، وإن لم ¬
تجعله سببا إلى نداء الرّجل، وقدّرت الوقوف عليه، رفعت صفته، ونصبتها فقلت: يا هذا الطويل، والطويل. ولا توصف أسماء الإشارة إلّا بما فيه الألف واللّام، أنشد سيبويه (¬1): يا صاح يا ذا الضّامر العنس … والرّحل والأقتاب والحلس وإن كان الوصف مضافا، فليس فيه إلّا النّصب؛ حيث لم يكن فى المنادى المضاف إلّا النّصب، نحو قولك: يا زيد غلام عمرو؛ فحملوا الصفة المضافة على المنادى المضاف، كأنّك ناديته ابتداء، ولم يحملوها على اللفظ؛ لمخالفة المضاف المفرد، وإنّما جاز: يا زيد الحسن الوجه، بالرّفع؛ لأنّ إضافته غير حقيقيّة، ألا ترى اجتماع الألف واللام مع الإضافة فيه. وسيبويه (¬2) لا يجيز صفة" اللهمّ"، فأمّا قوله تعالى: اللَّهُمَّ رَبَّنا (¬3) واللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (¬4)؛ فهو على ندائين (¬5) أو البدل ¬
والمبرّد (¬1) يجيزه. فإن وصفت العلم المضموم ب" ابن" أو" ابنة" وأضفته إلى علم أو كنية ففيه مذهبان: أحدهما: أن تجعل المنادى والوصف كالشّيء الواحد، وتبنيهما على الفتح، نحو: يا زيد بن عمرو (¬2)، ويا زيد بن أبي خالد، كذا قال الفارسيّ (¬3) وقال غيره: الفتحة في" زيد" فتحة بناء وكذلك تقول في الخبر: هذا زيد بن عمرو، فتحذف التنوين، وفتحة" ابن" فتحة إعراب، فغلبت حركة البناء حركة الإعراب، وفي جعل فتحة" ابن" فتحة بناء (¬4) إشكال؛ لأجل الإضافة. والمذهب الثّاني: أن تقرّ المنادى، على حاله مضموما؛ لأنّه منادى مفرد والابن بحاله منصوبا؛ لأنّه وصف مضاف. فإن أضفت" الابن"/ إلى غير العلم، لم يكن فيه إلّا المذهب الثّاني، (¬5) نحو قولك: يا زيد ابن أخينا، ويا عمرو بن صاحب المال. وما عدا العلم المضموم فحكم صفته ب" ابن" و" ابنة" حكم غيرهما من الصفات. ¬
الحكم الثامن: التّوكيد، إذا أكّدت المنادى، أجريته مجرى الوصف مفردا، ومضافا، تقول في المفرّد: يا تميم أجمعون، وأجمعين، فترفع وتنصب، وتقول في المضاف: يا تميم كلّكم، وكلّهم، ويا زيد نفسك، ونفسه بالنّصب لا غير. فإن أكدت مضافا بمفرد أو مضاف، فالنّصب؛ تقول: يا غلماننا أجمعين، ويا إخواننا كلّهم، وكلّكم. الحكم التّاسع: عطف البيان، وهو كالوصف، مفردا ومضافا؛ تقول: يا رجل زيد، وزيدا، ويا زيد أبو محمّد، وأبا محمّد، وتقول - في أسماء الإشارة -: يا هذا زيد وزيدا، ويا هذان زيد وعمرو، وزيدا وعمرا. الحكم العاشر: البدل؛ ولا يخلو: أن يكون مفردا أو مضافا، من مفرد أو مضاف، فإن كان مفردا من مفرد، تبعه فى الّلفظ، نحو: يا زيد زيد، وإن كان مفردا من مضاف، أو مضافا من مفرد أو مضاف، فالنّصب لا غير نحو: يا زيد أخانا، ويا أخانا زيدا، ويا أخانا غلام زيد؛ لأنّ البدل في حكم تكرير العامل؛ فكأنّك قلت: يا زيد يا زيد، ويا زيد يا أخانا، وتقول: يا هؤلاء الطّوال - على الوصف - والأجود: البدل من الموصوف المحذوف، فإن قلت يا هؤلاء الرّجال، فالوصف. الحكم الحادى عشر: العطف: ولا يخلو المعطوف: أن يكون مفردا، أو مضافا. فالمضاف: ليس فيه إلّا النّصب على الموضع، واللّفظ؛ تقول - يا زيد وعبد الله، ويا رجل وأبا بكر، ويا غلام زيد وصاحب عمرو، ويا رجلا وأبا محمد، وكذلك إن عطفته على المنادى الموصوف، نحو: يا زيد الطّويل وذا
الجمّة، قال المازنيّ (1): فإن عطفته على الطويل، رفعته وقلت: وذو الجمّة، والنحاة على خلافه. وأمّا المفرد: فلا يخلو: أن يكون فيه ألف ولام، أو بغير ألف ولام. فإن لم يكن فيه ألف ولام، فحكمه حكمه لو ابتدئ به؛ تقول: يا زيد وعمرو، ويا عبد الله وزيد، ويا زيد أو عمرو، ويا زيد لا عمرو، وقد جوّز المازنّي (¬1) والأخفش (¬2) فيه النّصب. وإن كان المعطوف بألف ولام كنت مخيّرا في الرّفع - على اللّفظ - والنّصب - على الموضع - نحو: يا زيد والفضل، والفضل، وقد قرئ بهما قوله تعالى: يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ (¬3)، واختار سيبويه (¬4) الرّفع، (¬5) وكان المبرّد (¬6) يختار الرّفع في مثل" الحارث"، والنصب فى" الرّجل" (¬7) ¬
ويدخل فى هذا الحكم: إذا ناديت جماعة من العدد، وعطفت عليها جماعة من العدد أخرى - وليس فيها ألف ولام - رفعتهما (1)، نحو: يا ثلاثة وثلاثون، وإن كان فيهما ألف ولام فلك فيه الرّفع (¬1) والنّصب، نحو: يا ثلاثة والثّلاثون، والثّلاثين، فتبنى الثلاثة على الضّمّ؛ لأنّها نكرة مقصودة؛ وترفع" الثلاثين" على الّلفظ، وتنصبها على الموضع، فإن لم تقصد الثّلاثة نصبتهما معا، وإن أظهرت حرف النداء فالرّفع لا غير، نحو: يا ثلاثة ويا ثلاثون. الحكم الثاني عشر: إذا كرّرت الاسم المنادى، وأضفت الثاني منهما فلك فيه مذهبان: أحدهما: ضمّ الأوّل ونصب الثّاني، وهو الجيّد، كقولك: يا قريش قريش هاشم. والثّاني: نصب الأوّل، نحو: يا زيد زيد عمرو، كأنّك قلت: يا زيد عمرو زيد عمرو، ومنه قول جرير (¬2): يا تيم تيم عديّ لا أبا لكم … لا يلقينّكم في سوءة عمر الحكم الثّالث عشر: قد استقبح جماعة من النّحاة الحال في المنادى ¬
منهم المازنّى (¬1)؛ فلا تقول: يا زيد قائما، وأجازه آخرون، منهم المبرّد، (¬2) وقال (¬3): أناديه قائما ولا أناديه قاعدا، وأنشد (¬4): يا بؤس للحرب ضرّارا لأقوام الحكم الرّابع عشر: قد أدخلوا على المنادى" لام" الاستغاثة، وتدخل في المستغاث به والمستغاث إليه، ويسمّيان" المدعوّ، والمدعوّ إليه"؛ فالمستغاث به تفتح معه، نحو: يا لزيد، وتكسر مع المستغاث إليه، نحو: يا للعجب؛ وتجمع بينهما مقرّين على حالهما فتحا وكسرا؛ فتقول: يا لزيد للعجب، ويا لزيد للخطب الجليل، ويا للقوم للماء. ¬
فإن عطفت على المستغاث به مستغاثا به كسرت" لامه"؛ لأنّ اللّبس قد زال بحرف العطف، نحو: يا لزيد ولعمر وللعجب، قال (¬1): يدعوك ناء بعيد الدّار مغترب … يا للكهول وللشّبّان للعجب ويحذف المستغاث به، فتقول: يا للعجب، ويا للماء؛ كأنّك قلت: يا لقوم للعجب، ويا لقوم للماء. ولا بدّ - مع هذه اللام - من أمر متعجّب منه، ومدعوّ إليه، لفظا أو تقديرا، ولا بدّ من وجود" يا" معها، دون سائر أخواتها، ولا يجوز دخولها على من هو قريب منك ومقبل عليك، قال سيبويه: إنّها بمنزلة الألف التى يبيّن بها إذا أردت أن تسمع بعيدا، ومن أمثالهم:" يا للعجب (¬2)، ويا للماء" لمّا رأوا عجبا، أو ماء كثيرا، كأنّهم قالوا: تعال يا عجب، وياء ماء؛ فإنّه زمانك، ومثله: يا للدّواهي، أي: تعالين؛ فإنّه لا يستنكر مجيئكنّ (¬3)، وكلّ ما لا يصحّ نداؤه حقيقة، يجري هذا المجرى، كقوله تعالى: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ (¬4) كأنّه قيل: يا حسرة تعالى؛ فهذا وقتك، فأمّا قولهم ¬
" يا ويل لك"، و" يا ويح"، فكأنّه نبّه إنسانا، ثمّ جعل الويل له، ومثله قوله (¬1): يا لعنة الله والأقوام كلّهم … والصّالحين على سمعان من جار كأنّه قال: يا قوم، لعنة الله على فلان، فحذف المنادى. الحكم الخامس عشر: قد اختصّ النداء بأشياء لا تكون فى غيره؛ قالوا يا لكع، ويا فسق، للرّجل، ويا لكاع ويا فساق، للمرأة، عدل عن" فاعل"، و" فعلاء" إلى" فعل" و" فعال"؛ للمبالغة (¬2)، ولم يستعملوه إلّا فى النّداء وهو فيه معرفة، فإن لم ترد العدل، قلت: يا ألكع، ويا لكعاء، وقد جاء فى غير النّداء شاذا في الشّعر، قال (¬3): أطوّف ما أطوّف ثمّ آوي … إلى بيت قعيدته لكاع وقد جاء العدل في غير النداء، قال صلّى الله عليه وسلّم - فى أشراط السّاعة -:" حتّى ترى أسعد النّاس/ بالدّنيا لكع ابن لكع" (¬4) يريد: اللّئيم ¬
أحد ابنيها فقال:" أثمّ لكع" (¬1). يريد: الصّغير. وقالوا - في النّداء - يا هناه، أي: يا رجل، فزادوا الهاء وحرّكوها، وقياسها السّكون، وقالوا: يا فل أقبل، يريدون: يا فلان، وليس ترخيما ل" فلان"، ولكنّه اسم مرتجل، ولم يجئ - في غير النّداء - إلّا في الشّعر، في قوله (¬2): في لجّة أمسك فلانا عن فل يريد: عن فلان، فإن عنوا امرأة، قالوا: يا فلة أقبلى. وقد زادوا في آخر الاسم المنادى" ألفا"، إذا أردت أن تسمع بعيدا، نحو: يا زيدا أقبل، ويا قوما تعالوا، فإن وقفت زدت" هاء" فقلت:" يا زيداه،" خاتمة لباب النّداء: قد أجرت العرب أشياء على طريقة النداء، وأرادت به الاختصاص، لا النّداء؛ حيث كان النّداء مختصا، وذلك قولهم: أمّا أنا فأفعل كذا وكذا أيّها الرجل، و" نحن نفعل كذا وكذا أيّها القوم"، و" اللهمّ اغفر لنا أيّتها العصابة" قال سيبويه (¬3): أراد أن يؤكّد؛ لأنّه قد اختصّ، إذ قال:" أنا"، قال ابن ¬
السّرّاج: (¬1) ولكنّه أكّد، كما تقول لمن هو مقبل عليك: كذا كان الأمر يا أبا فلان، ولا تريد نداءه؛ فجعلوا" أيا" مع صفته دليلا على الاختصاص، ولم يريدوا ب" الرّجل" و" القوم" و" العصابة" إلّا أنفسهم، كأنّه قال: أمّا أنا فأفعل متخصّصا بذلك من بين الرّجال، ونحن نفعل متخصّصين من بين الأقوام، واغفر لنا مخصوصين من بين العصائب. ولا يدخل حرف النّداء في هذا الباب؛ لأنّك ليس تنبّه غيرك. ومن هذا الباب: إنّا معشر العرب نفعل كذا، و: إنّا معشر الصّعاليك لا قوّة بنا على المروءة، ونحن العرب أقرى النّاس للضّيف و: بك الله نرجوا الفضل، ولا يجوز أن تقول: اللهمّ اغفر لهم أيّتها العصابة، قاله المبرّد. (¬2) ¬
الفصل الثاني من باب النداء: في الترخيم وفيه ثلاثة فروع
الفصل الثّاني من باب النّداء: في التّرخيم وفيه ثلاثة فروع: الفرع الأوّل: في تعريفه. الترخيم - في اللّغة - الرأفة والإشفاق، وقيل: التسهيل والتّليين، وو هو - فى العربيّة - حذف يلحق أواخر بعض الأسماء المناداة؛ تخفيفا. وهو من خواصّ الأسماء، وخصّوا به النداء؛ لكثرته في كلامهم؛ لأنّ الحذف يتطرّق كثيرا إلى ما يتكرّر في كلامهم، حتّى استغنوا بالحرف عن الكلمة، كقول الشّاعر: (¬1): قلنا لها قفى قالت قاف تريد: أقف، ومثل هذا في الكلام كثير. وأمّا شروطه: فهي - في الغالب - سبع. الأوّل: أن يكون منادى، فلا يرخّم غير المنادى، إلا شاذا، أو فى الشّعر. الثّانى: أن يكون مفردا؛ فلا يرخّم المضاف؛ لأنّ الترخيم يصير حشوا، ولا يلحق المضاف إليه؛ لأنّه غير منادى، ولا يرخّم المشابه للمضاف؛ لأنّ معموله من تمامه، ولا مستغاث به؛ لأنّه كالمضاف، وإنّه معرب. الثّالث: أن يكون علما، إلّا أن يكون مؤنّثا بالتّاء؛ فلا يفتقر إلى التّعريف، ¬
الفرع الثاني: في تقسيمه.
فضلا عن العلميّة، وقد شذّ قولهم: يا صاح، فرخّموه نكرة غير مؤنّث، يريدون: يا صاحب، ولقد كثرت هذه الكلمة في كلامهم حتّى لم تكد تسمع إلا مرخّمة، وحتّى حذفوا معها حرف النداء. الرّابع: أن يكون مبنيا فى النّداء؛ لأنّ الحذف تغيير، والبناء تغيير، فأشبهه. الخامس: أن يكون الاسم على أكثر من ثلاثة أحرف؛ ليبقى بعد الحذف على مثال الأصول، إلّا أن يكون مؤنّثا، والفرّاء (¬1) يرخّم منه. ما كان متحرّك الأوسط، نحو: عمر. السّادس: أن لا يكون مندوبا؛ لأجل زيادته؛ فيكون ذلك نقضا للغرض منها. السّابع: أن لا يكون اسم إشارة، نحو" هؤلاء" إذا كان ممدودا؛ لأنّه ليس للنّداء فيه عمل؛ وكان يلتبس ممدوده بمقصوره. الفرع الثّاني: في تقسيمه. الترخيم/ يدخل فى الكلام على ضربين: أحدهما: أن تحذف آخر الاسم وتدع الباقي على ما كان عليه قبل الحذف من الحركة والسّكون، نحو: يا حار، ويا جعف، يا برث، ويا قمط فى: حارث، وجعفر، وبرثن، وقمطر. الثّاني: أن تحذف ما تحذف من الاسم، وتجعل ما بقي اسما مفردا، كأنّك لم تحذف منه شيئا، ثمّ تضمّه، فتقول: يا حار، ويا جعف، ويا برث ويا قمط، وكلا القسمين من لغة العرب، والأوّل: أكثرهما استعمالا، وأقواهما فى النّحو. ¬
الفرع الثالث: في أحكامه.
والحرف المحذوف منه مراد؛ لأنّك إذا وصفته، رفعت الصّفة فقلت: يا حار الظريف، وقد منع بعضهم وصف: (¬1) المرخّم، ولم يبالوا بما بقي منه بعد الحذف؛ أله نظير؟ أم لا؟ وأمّا الضّرب الثّاني، فلا بدّ أن يبقى له بعد الحذف نظير، وهو أشكل القسمين في النحو؛ ولذلك يدخله الاعتلال، من القلب والرّدّ والحذف كما سنذكره. وقد يشترك القسمان في اللّفظ، ويختلفان في التقدير، نحو: يا برث؛ فإنّ ضمّة" الثّاء" في الأوّل هى ضمّة الكلمة، وفي الثّاني ضمّة النداء. وأكثر ما ورد الترخيم من الأسماء في:" حارث" و" مالك" و" عامر" قاله سيبويه (¬2)، وإن كان في غيرها من الأعلام جائزا، وزعم الكسائيّ (¬3) أنّه لم يسمع علما مرخّما سوى هذه الثلاثة، إلّا ما فيه زائد أو" هاء" التأنيث، وهذا يدلّ على أنّ الحذف إنّما يقع فيما كثر من كلامهم. الفرع الثالث: في أحكامه. الحكم الأوّل: إذا كان في آخر الاسم زائدتان زيدتا، حذفتهما في التّرخيم معا، نحو قولك: يا عثم، ويا مرو، في: مروان، وعثمان، وهذا النّوع من الزّيادة يقع في الكلام، في نحو: غضبان وعثمان، وسرحان ¬
وعليان (¬1)؛ وبالألف والنّون في التّثنثية، والواو والنّون في الجمع، والياء والنون فيهما، والألف والتاء في جمع المؤنّث، وألفي التّأنيث في نحو: صحراء، ويائي النّسب. فإن حذفتهما وبقي الاسم على أقلّ من ثلاثة أحرف، أو لم تكن الكلمة قد استعملت على حرفين اقتصرت على حذف الآخرة منهما، وذلك لو رخّمت" بنون" اسم رجل، قلت - في الّلغة الثّانية - يا بنى، فحذفت" النّون" وحدها وقلبت الواو" ياء" على ما يوجبه التّصريف، وأبقيتها بحالها في الأولى، ولو رخّمت" يدان" علما، حذفتهما معا وإن بقيت الكلمة على حرفين (¬2)؛ لأنّها قد استعملت كذلك، ومنهم من (¬3) حذف النون وحدها، وقال: يا يدا. وإن كانت الكلمة - بعد الحذف - لا تبقى على مثال الأصول، لم ترخّم، نحو" طيلسان" (¬4) علما، فيمن كسر اللّام؛ لأنّه يبقى على" فيعل" بكسر اللام، وليس في الصّحيح من كلامهم، وإنّما جاء فى المعتل؛ نحو" سيّد" و" ميّت". ¬
فإن رخّمت" قاضون" علما، حذفت" الواو" و" النّون"، وأعدت" الياء" الّتي كنت حذفتها من واحده، فقلت: يا قاضي، ونحو منه ترخيم:" رادّ" و" محمارّ"، تحذف الحرف الأخير؛ للتّرخيم، ثمّ تعيد الحركة المحذوفة لالتقاء السّاكنين؛ فتقول: يا راد أقبل، ويا محمار أقبل (¬1). فأمّا" حولايا" (¬2) و" بردرايا": فلا تحذف سوى" الألف" الآخرة؛ لأنّ الياء قبلها متحرّكة، ويدخل في هذا الحكم لبس، نحو:" زيدون" و" زيدىّ" فإنّه يلتبس ب" زيد" غير مرخّم. الحكم الثّاني: إذا كان قبل آخر الاسم الصّحيح حرف مدّ زائد ساكن؛ حذفت الأصليّ، والزّائد في التّرخيم، إن كان الباقي ثلاثة أحرف فصاعدا، نحو" منصور"، و" عمّار"، و" مسكين" تقول: يا منص، و: يا عمّ، و: يا مسك، وقد خرج من هذا الحكم أسماء معدودة، نحو" سنّور" (¬3)، وبرذون" (¬4)؛ لأنّ" الواو" للإلحاق، وأمّا نحو" عطوّد" (¬5) فقويت" الواو" بالحركة؛ فأشبهت الصّحيح. فأمّا نحو" مختار" فإنّه لم يحذف منه الألف؛ لأنّها منقلبه عن عين الكلمة. وقولنا: إذا كان الباقي بعد الحذف ثلاثة أحرف فصاعدا، احتراز من ¬
مثل:" عمود" و" نصيب" و" سراج" أعلاما؛ لأنّها - مع الحذف - يبقى منها حرفان؛ فلا تحذف منه إلّا الحرف الأخير كذلك/؛ فتقول في ترخيمه على القسم الأوّل: يا عمو، ويا نصي، ويا سرا، وعلى الثّاني: مثله إلّا في" عمو" فإنّك تقول فيه: يا عمي، تقلب الواو ياء، والضّمّة قبلها كسرة، كما فعلت ب" أدل" جمع" دلو"، والفراء يحيز حذف الحرفين (¬1). الحكم الثّالث: إذا كان في الاسم الثلاثي" هاء" تأنيث ثالثة، جاز ترخيمه، سواء كان معرفة أو نكرة؛ تقول في" ثبة": يا ثب ويا ثب أقبل، ومنه قوله (¬2) في المعرفة: قفي قبل التفرّق يا ضباعا ¬
وفي النكرة (¬1): يا ناق سيرى عنقا فسيحا وحذف" الهاء" في العلم أكثر في كلامهم، قال سيبويه (¬2): وأكثر العرب يلزمون الاسم المرخّم - إذا حذفت منه التاء - هاء في الوقف؛ لبيان الحركة، فتقول: يا سلمه، ويا طلحه، ولم يجعلوا المتكلّم بالخيار، في حذف الهاء عند الوقف، فإن اضطرّ شاعر حذفها، ويجعل مدّة القافية بدلا منها، كقوله (¬3) كادت فزارة تشقى بنا … فأولى فزارة أولى فزارا والمبرّد (¬4) لا يجيز ترخيم النكرة العامّة، نحو شجرة، ونخلة، وإنما ¬
يرخّم منها ما كان مقصودا، وسيبويه (¬1) لا يجيز ترخيم النكرة العامّة، على القسم الثّاني؛ لئلّا يلتبس بالمذكّر، وأجازه في موضع (¬2) آخر، وأنشد (¬3): يدعون عنتر والرّماح كأنّها بالرّفع. وقوم يقولون (¬4) - في الوصل - يا طلحة، بالفتح، كأنّهم رخّموا، ثمّ أقحموا التاء غير معتدّ بها، وفتحوها؛ إتباعا، وعليه أنشدوا (¬5): كلينى لهمّ يا أميمة ناصب الحكم الرّابع: قد تقدّم أنّ القسم الثاني يدخله الاعتلال بالقلب، والرّد والحذف. ¬
أمّا القلب: فتقول في ترخيم" نزوان" و:" غليان": علمين: يا نزا ويا غلا. وأمّا الرّدّ: فتقول في ترخيم" شية" علما: يا وشي؛ في قول سيبويه (¬1)، ويا وشي، في قول الأخفش (¬2)؛ لأنّ المحذوف لمّا عاد، أعاد الكلمة إلى أصلها. وأمّا الحذف: فتقول - في ترخيم" بلهنية (¬3) علما - يا بلهني، بحذف فتحة" الياء. الحكم الخامس: من قال بالضّرب الأوّل لم يجز له أن يرخّم في الشّعر في غير النداء"، لأنّه اعتبر المحذوف، إلّا سيبويه (¬4)، وأنشد (¬5): ألا أضحت حبا لكم رماما … وأمست منك شاسعة أماما فرخّم في غير النداء، على هذه الّلغة. ومن قال بالضّرب الثّانى، جاز ¬
خاتمة لباب الترخيم
له أن يرخّم في الشّعر، في غير النّداء؛ لأنّه ألغى المحذوف من الاسم. الحكم السّادس: إذا رخّمت المركّب، حذفت الاسم الآخر منه لا غير؛ تقول في،" معدى كرب": يا معدي، وفي" خمسة عشر" علما: يا خمسة، وإذا وقفت وقفت بالهاء، فلا تحذف مع المركب غيره، فأمّا نحو" تأبّط شرّا"، و:" برق نحره" فلا يرخّم. الحكم السّابع: إذا رخّمت اسما مدغم الآخر، وما قبل السّاكن ساكن؛ فإن كان للسّاكن حظّ في الحركة (¬1) أعدتها إليه، نحو" محمارّ" تقول - على الأوّل - يا محمار، ولو رخّمت:" مفرّا" و" مردّا" قلت: يا مفر (¬2)، ويا مرد، وإن لم يكن للسّاكن حظّ في الحركة، حرّكته بما يقاربه من الحركات، تقول في" إسحارّ" (¬3) علما: يا إسحار (2)، فتفتح. خاتمة لباب الترخيم: في ذكر أمثلة منه مشكلة، تقول في ترخيم" كروان" علما - على الأول -: يا كرو، وعلى الثاني: يا كرا، تقلب" الواو" ألفا؛ لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فأمّا قولهم: أطرق كرا (¬4)، فيمن يريد: يا كروان، فشاذّ من وجهين: حذف" يا" وهو نكرة، وترخيمه وهو نكرة، وقيل: إنّ" كرا" اسم ذكر الكروان. ¬
وتقول في ترخيم" ترقوة" [" وعرقوة"] (¬1)، على الأوّل: يا ترقو، ويا عرقو، وعلى الثّاني: يا ترقى، ويا عرقي، «تقلب الواو ياء» والضمّة قبلها كسرة؛ لأنّه ليس في الكلام اسم آخره" واو" قبلها ضمّة إلّا الأسماء السّتّة. فأمّا ترخيم" سعود" علما فلا يصحّ عند سيبويه (¬2) - على الضّرب الثّاني - لأنّه يصير إلى" سعي"، وليس عنده في أمثله/ الأسماء" فعل"، ويجيزه الأخفش (¬3). وتقول في ترخيم" شقاوة" و" عباية" - على الأوّل - يا شقاي، ويا عباى، وعلى الثّاني: يا شقاء، ويا عباء، تبدل" الواو" و" الياء"" همزة"؛ لوقوعهما طرفا بعد" ألف" زائدة. وتقول في ترخيم" حبليان" - تثنية حبلى - أو" حبلويّ" - منسوبا إلى" حبلى" - يا حبلي، ويا حبلو، فتحذف" الألف" و" النّون" و" يائي" النّسب، ولا يجوز ترخيمهما على الضّرب الثّاني؛ لما يؤدىّ إليه من القلب، فتصير" ألف"" فعلى" - الّتي لم تعهد إلّا للتّأنيث - منقلبة، وهذا لا يوجد مثله. وتقول في ترخيم" شاة" على الأول - يا شا، وعلى الثاني: يا شاه فتعيد" الهاء" التي هي" لام" الكلمة، ولو رخّمت" عدة"، لم تعد شيئا؛ ¬
لأنّ في الكلام ما هو على حرفين، مثل" غد"، وليس فيه اسم معرب على حرفين ثانيهما حرف مدّ. وتقول في ترخيم" طائفة" و" مرجانة" علمين يا طائف (¬1)، و: يا مرجان؛ فلا تحذف مع" تاء" التأنيث غيرها. وتقول في ترخيم" سفرجل" علما: يا سفرج، ولا ترخّمه على الضّرب الثّاني؛ لأنّه يصير بوزن" فعلّ" وليس هذا في أمثلة الأصول، وكذلك: " قذعمل" (¬2) و" هندلع" (¬3) عند سيبويه (¬4). ¬
الفصل الثالث: في الندبة
الفصل الثّالث: في النّدبة وفيه ثلاثة فروع: الفرع الأوّل: في معناها ، النّدبة: الاسم من قولك: ندب الميّت يندبه، إذا اتفجّع عليه وذكر خلاله الجميلة؛ في معرض المدح، وإظهار اللجزع وقلّة الصّبر على فقده، وتعلّلا بمخاطبة الميّت خطاب الحيّ، وإعلاما من النادب بما آلت حاله إليه. وأكثر ما يتكلّم بها (¬1) النساء؛ لأنّهنّ أرقّ قلوبا، وأكثر جزعا، وأقلّ في عاقبة الأمر نظرا. وهي مستندة إلى أصل؛ وذلك: أنّ من شأن العرب مخاطبة/ الدّيار والرّسوم، ونداء الأطلال والأشجار وغيرها من الجمادات، ممّا لا يسمع، ولا يجيب، وعلى نحو من ذلك جاءت النّدبة، بل هي أقرب حالا؛ فإنّ الميّت وإن لم يجب، فقد كان للإجابة أهلا الفرع الثّاني: في حروفها وهي أربعة، ولها موضعان: أحدهما: في أوّل الاسم المندوب، وهما:" يا" و" وا". والثّاني: في آخره، وهما" الألف"، و" الهاء". أمّا" الأوّلان" فلا بدّ من أحدهما، ولا يجوز حذف واحد منهما، كما جاز في بعض الأسماء المناداة و" وا" أخصّ بالنّدبة من" يا"؛ لاشتراكها مع النّداء في" يا". ¬
الفرع الثالث: في أحكامها.
وأمّا الآخران: فإنّ «الألف» زادوها لمّا أرادوا بعد الصّوت وامتداده في النّدبة، كما زادوها في نداء البعيد، ولا بعيد أبعد من المندوب، ويجوز حذفها؛ استغناء بحرف النّدبة في أوّل الاسم، وأحسن ما انحذف: مع" وا" كيلا يلتبس بالمنادى. وأمّا" الهاء" فزادوها بعد" الألف" في حالة الوقف؛ كيلا يستهلكها؛ لأنّها هوائيّة لطيفة، فإذا وصلت أزلتها؛ لنيابة الكلمة التي بعد الألف عن الهاء. الفرع الثّالث: في أحكامها. الحكم الأوّل: لمّا كانت النّدبة تدلّ على الجزع وقلّة الصّبر، تعيّن على النادب أن يذكر شيئا يكون له عذرا عند السّامع؛ فلا يندب إلا بالاسم الّذي يعرف بذكره خلال المندوب، من كرم أو فضل أو شجاعة أو حسن أو ذكاء ونحو ذلك، وهذا إنّما يكون بأشهر أسماء المندوب، كقولك: وا حاتماه، ويا عنتراه، ويا يوسفاه؛ فلا تندب نكرة، ولا مبهما؛ فلا تقول: وا رجلاه، وا هذاه؛ لأنّه لا يقوم به عذر النّادب، اللهمّ إلّا أن تريد بقولك:" وا رجلاه" الشّجاعة والرّجوليّة، كما يقولون: وا جبلاه؛ نظرا إلى الوصفية. فإن قرنت بالمجهول ما يقوم به/ العذر، جاز ندبته، نحو قولك «يا من حفر بئر (¬1) زمزماه» (1) «وامن بنى الكعبتاه (1)». الحكم الثّاني: إذا ندبت مضافا أوقعت «ألف» النّدبة على المضاف إليه، نحو قولك: وا أمير المؤمنيناه، وا غلام زيداه؛ لأنّ الثانى من تمام الأوّل. وإن ¬
ندبت موصوفا؛ أوقعت" الألف" على الموصوف، عند الخليل (¬1)؛ لأنّ الصّفة فضلة، نحو: وا زيداه الظّريف، وأوقعتها على الصّفة، عند يونس (¬2)؛ لأنّها مع الموصوف كالشئ الواحد، نحو: وا زيداه الظريفاه. الحكم الثّالث: إذا وقفت على المندوب فلك فيه ثلاثة أوجه: الأوّل: أن تقف على" الهاء" فتقول: وا زيداه. الثّاني: أن تحذف" الهاء" وتقف على" الألف" فتقول: وا زيدا، وعليه جاء قوله (¬3): حمّلت أمرا عظيما فاضطلعت به … وقمت فينا بحقّ الله يا عمرا الثّالث: أن تحذف" الألف" و" الهاء" وتقف على الأصليّ، فتقول: وا زيد. فإن وصلت فلك فيه وجهان: أحدهما: إسقاط" الهاء" من الأوّل، وإثباتها في الثّاني، نحو قولك: وا زيدا وا زيداه. والآخر: إسقاط" الألف" و" الهاء" من الأوّل، وإثباتهما في الثّاني، نحو: وا زيد وا زيداه. ومن العرب من ينّون الأوّل، ومنهم من يثبت" الهاء" في الوصل ويحرّكها ¬
بالضّمّ والكسر والفتح، وأجاز بعضهم (¬1): وا زيد، بالفتح حسب، ويجوز - في الشعر - إثبات" الألف" و" الهاء" مع (¬2) الوصل. الحكم الرّابع:" الألف" لا يكون ما قبلها إلّا مفتوحا، فإن أدّت النّدبة إلى لبس جعلت" الألف" تابعا للحركة؛ تقول - إذا ندبت غلام امرأة مخاطبة - وا غلامكيه؛ كيلا يلتبس بالمخاطب المذكّر، وإذا ندبت" غلامه" قلت: وا غلامهوه؛ كيلا يلتبس بالمؤنّث، وإذا ندبت" غلامهم" قلت: وا غلامهموه؛ (¬3) لئلّا يلتبس بالمثنّى، قال بعضهم: كلّ حركة كانت فارقة فإتباع الألف/ لها واجب (4)، وإن كانت غير فارقة كنت مخيّرا فى إتباع" الألف" لها، وإتباعها" الألف"؛ تقول - في الأوّل - وا غلامكيه؛ لأنّ كسرة" الكاف للمؤنّث وفتحها للمذكّر، وتقول - في الثّاني - وا قطاماه، ووا قطاميه (4) و: وا غلام الرّجلاه، والرّجليه (4)، وجعل حركة المضاف غير فارقة حكاه ابن السّرّاج (4). وإذا ندبت المثنى حذفت" ألف" التثنية، وأبقيت" ألف" النّدبة؛ لالتقاء السّاكنين؛ فتقول: وا غلامهماه (¬4)، فإن ندبت رجلا اسمه" مثنّى" حذفت" ألفها" وأثبتّ" ألف" النّدبة، ولم تقلبها، فقلت: وا مثنّاه (¬5). الحكم الخامس: في ندبة المضاف إلى المتكلّم، وهي تترتّب على أقسام ¬
ندائه، فمن حذف" الياء" وقنع بالكسرة قبلها، قال: يا غلاماه، ففتح" الميم" ل" الألف"، ومن حرّك" الياء" لم يجز له إلّا إثباتها؛ لتحصّنها بالحركة، فقال: وا غلامياه، ومن أسكن" الياء"، فله وجهان: حذفها؛ لالتقاء السّاكنين، فتقول: وغلاماه (¬1)، كالأوّل، وتحريكها بالحركة التي كانت لها في الأصل، فتقول: وا غلامياه، كالثّاني، وأجاز سيبويه: وا غلاميه (¬2)، فيبيّن الحركة ب" الهاء". فإن ندبت مضافا إلى مضاف إليك أثبتّ الياء" عند سيبويه (¬3) وحرّكتها فقلت: وا غلام غلامي، فإن ألحقت" الألف" و" الهاء" قلت: وا غلام غلامياه، ووانقطاع ظهرياه، فإن كان لغائب قلت: وا انقطاع ظهرهيه، ووا انقطاع ظهرهوه (¬4)، على كسر" هاء" الضّمير، وضمّها فإن وافقت" ياء" الإضافة" الياء" السّاكنة (¬5)، فتحوا" ياء" الإضافة، ولم يكسروا ما قبلها؛ كراهية للكسرة في" الياء"، فإذا ندبته، فأنت في إلحاق" الألف" بالخيار؛ تقول: وا غلاميّاه (¬6)، وا قضيّاه، ووا غلاميّ (6)، ووا قاضيّ، فإن وافقت «ياء» الإضافة «ألفا»، أثبتّ «الياء» مفتوحة، فتقول: وا مثنّاياه، و: وا مثنّايّ (6). ¬
الباب الخامس عشر في العوامل
الباب الخامس عشر في العوامل وفيه مقدّمة، وثلاثة أقسام. أمّا المقدّمة: ففي تعريفها وتقسيمها. العامل: ما أثّر في غيره شيئا لم يكن لولا هو، من حركة، أو سكون أو حذف؛ وضعا أو اصطلاحا؛ نحو: قام زيد، وضربت عمرا، ومررت بجعفر، ولن يخرج عمرو، ولم يضرب بكر، ولم يرم خالد. وللعوامل انقسامات، باعتبارات: الأوّل: أنّها تكون أسماء، وأفعالا، وحروفا؛ نحو:" ضرب" و" ضارب" و" إنّ". الثّانى: أنّها تنقسم إلى أصل فى العمل، وفرع. فالأصل: الفعل. والفرع: الاسم والحرف. الثّالث: أنّها تكون معنويّة، ولفظيّة. فالمعنويّة: الابتداء، ورافع الفعل المستقبل. واللّفظيّة: ما تقدّم من الأمثلة. الرّابع: أنّ محلّ عملها الأسماء والأفعال، ولاحظّ فيها للحروف. فقد عرفت بهذا التقسيم موارد العوامل جملة، وأنّ مدار اللّفظيّة منها على أقسام الكلم ثلاثتها، فلنورد كلّ واحد منها في فصل يخصّه، ولنبدأ بالأفعال؛ لأنّها الأصليّة، ثمّ بالأسماء، ثمّ بالحروف، إن شاء الله تعالى.
القسم الأول: في الأفعال
القسم الأوّل: في الأفعال وفيه: مقدّمة، وثمانية أنواع المقدّمة: الفعل النّحوىّ له انقسام باعتبارات. الاعتبار الأوّل: الأفعال على ضربين: ضرب يلاقى شيئا، ويؤثّر فيه أثرا لفظيا، وضرب لا يلاقى شيئا فيؤثّر فيه؛ فسمّوا المؤثّر متعدّيا، والّذي لا يؤثر غير متعد. أمّا الّذي يتعدّى: فكلّ حركة كانت ملاقية لغيرها من أفعال الحواسّ والنّفس، نحو: نظرت وشممت، وضربت وأحببت، وفاعلت: من هذا القبيل؛ لأنّك تكون قد فعلت به مثل ما فعل بك. وأمّا الذي لا يتعدّى: فهو الّذي لم يلاق مصدره مفعولا، نحو: قام وطال؛ ويكون خلقة، نحو: اسودّ واحمرّ، وطال وقصر، وهيئة، نحو: قام وقعد وتحرّك وسكن، وفعلا نفسيّا، نحو: كرم وظرف ورضى وغضب. الاعتبار الثّاني: الفعل ينقسم قسمين: حقيقى وغير حقيقىّ. أمّا الحقيقىّ: فينقسم قسمين: أحدهما: أن لا يتعدّى الفاعل إلى غيره، نحو: قام وقعد، ويسمّى قاصرا ولازما. والثّاني: يتعدّى الفاعل إلى مفعول، وهو على ضربين. ضرب يؤثّر فيه أثرا حقيقيّا، نحو: ضربت زيدا، وأكلت خبزا. وضرب لا يؤثّر فيه، نحو: مدحت عمرا، وذممت بكرا، ومن هذا الضّرب" ظننت" وأخواتها؛ لأنّها غير مؤثّرة في المفعول. وأمّا غير الحقيقىّ. فعلى ثلاثة أضرب:
الأوّل: أفعال مستعارة للاختصار (¬1)، وفيها بيان أنّ فاعلها، فى الحقيقة، مفعول نحو: مات زيد، ومرض عمرو. الثّاني: أفعال دالّة على الزّمان فقط دون الحدث، وهي: كان وأخواتها، وفيها خلاف (¬2). الثّالث: أفعال منقولة، يراد بها غير الفاعل الّذي جعلت له، نحو: لا أرينّك هاهنا، فالنّهي إنّما هو للمتكلّم، كأنّه ينهى نفسه فى الّلفظ، والمعني للمخاطب، فكأنّه قال: لا تكوننّ هاهنا؛ فإنّ من حضرني رأيته ومثله قوله تعالي: وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (¬3)، وقوله فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها (¬4). الاعتبار الثّالث: الأفعال تنقسم إلى متصرّفة، وغير متصرّفه فالمتصرّفة: ما تنقلّب في الأزمان، والفاعل والمفعول والمصدر، نحو: ضرب يضرب/ ضربا، فهو ضارب، ومضروب. وغير المتصرّفة: أفعال معدودة، وهي: ليس وعسى ونعم وبئس وحبذا وفعل التعجّب. الاعتبار الرّابع: الفعل النحويّ ينقسم - في عمله - إلى قسمين، مظهر ومضمر. ¬
الأفعال المظهرة العاملة في ثمانية أنواع.
أمّا المظهر: فينقسم ثلاثة أقسام، لازم ومتعدّ، ومتردّد بينهما. فاللّازم: ما لا يتعدّى إلى مفعول، إلّا بمعدّ، نحو: قام وقعد. والمتعدّى: ما تعدّى بنفسه إلى المفعول، وهو أربعة أضرب. ضرب يتعدّى إلى مفعول واحد. وضرب يتعدّى إلى مفعولين، يجوز الاقتصار على أحدهما، وضرب يتعدّى إلى مفعولين، ولا يجوز الاقتصار على أحدهما. وضرب يتعدّى إلى ثلاثة مفعولين. وأمّا المتردّد: فهو: ما تعدّى تارة بنفسه، وتارة بمعدّ. وأما المضمر: فهو أفعال دلّ علمها عليها؛ فحذفت؛ اختصارا، فمنها ما يجوز إظهاره، ومنها ما لا يجوز، وقد تقدّم ذكرها فى باب (¬1) " المفعول به" فانحصرت الأفعال المظهرة العاملة في ثمانية أنواع. النّوع الأوّل: في اللّازم: وهو كلّ فعل لا يقتضى مع فاعله مفعولا، نحو: قام وقعد، فهو يعمل الرّفع في فاعله، ويقتصر عليه، فاحتاج - في تعديته - إلى قرينة تعدّيه إلى المفعول، والقرائن ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: خمس. القرينة الأولى:" حرف الجرّ"، نحو: مررت بزيد، ونزلت على عمرو، ودخلت إلى الدّار، ورغبت في مودّتك، وصدفت عن بكر. القرينة الثانية:" الهمزة"، تقول: قام زيد/، وأقام زيد عمرا، وقعد بكر، وأقعدت بكرا. ¬
القرينة الثّالثة:" التّضعيف"، نحو: فرح زيد، وفرّحته، وشرف عمرو وشرّفته. القرينة الرّابعة:" الحركة"، نحو" حزن زيد، وحزنته، وفتن الرّجل وفتنته، فالفتحة عدّت الفعل إلى" زيد" (¬1) بعد أن كان - مع الكسرة - قاصرا. القرينة الخامسة:" السّين والتاء"، نحو: نطق زيد، واستنطقته، وكتب واستكتبته والقرائن الثلاث تتعاقب على الفعل الواحد، وقد يختصّ ببعضها دون بعض، نحو: ذهبت بزيد، وأذهبته، وكرّمت عمرا، وأكرمته، وقوله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (¬2) وأَنْزَلَ الْكِتابَ * (¬3) ونَزَّلَ الْفُرْقانَ (¬4). وتجتمع كلّ واحدة من" الهمزة" و" التّضعيف" مع" حرف الجرّ" نحو: أمررت زيدا على عمرو، وفرّحت زيدا بعمرو، ولا تجتمع" الهمزة" مع" التّضعيف"؛ لاختلاف البنائين. وحروف الجرّ: أعمّ هذه القرائن؛ لأنّها تدخل على الثّلاثىّ فما فوقه، والباقية تختصّ بالثّلاثيّ الذى لا زيادة فيه. وكلّ فعل عدّيته بحرف الجرّ، لا يجوز أن تحذفه منه، وتعدّيه، إلّا فى ضرورة الشّعر، أو ما اتّسعوا فيه من الأفعال، وكثر استعمالهم له؛ فصار ¬
كالجائز المطّرد، نحو: دخلت البيت، فسيبويه (¬1) يجعله غير متعدّ، وغيره (¬2) يجعله متعدّيا، قال: ومثل: ذهبت الشّام، دخلت البيت (1)، يعنى أنّه قد حذف منه حرف الجرّ، وكان الأصل: ذهبت إلى الشّام، ودخلت إلى البيت، ومثله قول الشاعر (¬3): أمرتك الخير فافعل ما أمرت به … فقد تركتك ذا مال وذا نشب وقد فعلوا ذلك فيما يتعدّى من الأفعال إلى مفعول واحد، إذا أرادوا تعديته إلى اثنين، وسيجئ ذكره (¬4) فى النّوع الثالث. قال سيبويه: وليس كلّ فعل يتعدّى بحرف جرّ لك أن تحذف منه حرف الجرّ وتعدّيه؛ وإنّما يجوز فيما استعملوه، وأخذ سماعا عنهم (¬5)، فأمّا ما جاء لضرورة الشّعر، فكقوله (¬6): تمرون الدّيار ولم تلمّوا … كلامكم علىّ إذا حرام ¬
النوع الثانى: المتردد بين اللازم والمتعدى،
يريد: على الدّيار، أو بالدّيار، ومن حذف حرف الجرّ، قوله تعالى: إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (¬1) وبَطِرَتْ مَعِيشَتَها (¬2) وأَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً (¬3) ووَ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ (¬4)، ومنهم من (¬5) لم يجعله على حذف حرف الجرّ، ويتأوّله (5). النّوع الثّانى: المتردّد بين اللّازم والمتعدّى، وهو على ثلاثة أضرب: الضّرب الأوّل: أفعال معدودة، استعملوها تارة متعدّية بنفسها، وتارة بحرف جرّ، نحو: شكرتك، وشكرت لك، ونصحتك، ونصحت لك، وكلته، وكلت له ووزنته، ووزنت له، فأمّا قولهم: قرأت السّورة، وقرأت بالسّورة، وسمّيته محمّدا، وسمّيته ب" محمّد"، وكنيته أبا الحسن وب" أبى الحسن" ¬
فليس من هذا الباب، وإنّما هو من باب حذف الجارّ (¬1) وإيصال الفعل إلى المفعول، وقيل إنّ" الباء" زائدة، والفعل متعدّ بنفسه. الضّرب الثّاني: أفعال متعدّية بنفسها أصلا، ثمّ أدخلوا عليها حرف الجرّ، على تأوّل، كقوله تعالى:" يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ (¬2) وكقول الشّاعر (¬3): أريد لأنسى ذكرها فكأنّما … تمثّل لى ليلى بكلّ سبيل قال الخليل (¬4): هو محمول على المعنى، تقديره: إرادتي لهذا، فعدّى صدره بالقرينة، كما تقول/: أعجبنى ضربك لزيد، ولا تقول: ضربت لزيد، ولو قيل: إنّ اللّام في هذا زائدة لجاز، كما جاءت زائدة في مواضع: منها قوله تعالى: عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ (¬5). ¬
وكقول الشاعر (¬1): وملكت ما بين العراق ويثرب … ملكا أجار لمسلم ومعاهد أى: ردفكم، وأجار مسلما ومعاهدا. الضّرب الثّالث: أفعال متعدّية بنفسها، فإذا أدخلت عليها القرينة صارت قاصرة، وذلك قولهم:" أقشع السّحاب"، و" قشعت الرّيح السّحاب" و" أكبّ الرّجل و" كبيته" و" أنزفت البئر" و" نزفتها"، و" أشنقت النّاقة" (¬2) و" شنقتها"، وهذه ألفاظ يسيرة، تحفظ ولا يقاس عليها. ولك أن تجعل الهمزة - في مثل هذه الأفعال - معدّية، تقول: أقشع الله الريح السّحاب، أي: جعلها تقشعه. وقريب من هذا الضّرب: أنّ تضعيف الفعل المتعدّي موضوع للتكثير، كقولك: ضرّبت، وقتّلت، وقد جاء عنهم بالعكس، قالوا: مجدت الإبل - مخفّفا - إذا علفتها ملء بطنها، ومجّدتها - مشدّدا - إذا علفتها نصف (¬3) بطنها، وقالوا: هذا بلد قد شبعت غنمه، إذا أكلت كلّ الشّبع، وشبّعت غنمه، إذا أكلت نصف الشّبع (¬4). ¬
النوع الثالث: المتعدي إلى مفعول واحد
النّوع الثّالث: المتعدّي إلى مفعول واحد: ويكون فعله مؤثّرا فيه، وغير مؤثّر، نحو: ضربت زيدا، وقتلت بكرا، وكأفعال الحواسّ الخمس:" رأيت" و" سمعت"، و" شممت"، و" ذقت" و" لمست" إلّا أنّ" سمعت" يتعدّى إلى مفعولين، إذا كان الأوّل ممّا لا يسمع، والثّاني ممّا يسمع، نحو: سمعت زيدا يقول ذاك، وسمعت كلام زيد، فأمّا: سمعت زيدا قائلا، فلم يختره بعضهم (¬1)، إلّا أن يعلّقه بشئ آخر، قال: لأن قائلا موضع للذّات، والذّات ليست موضوعة للسّمع، فأمّا قوله تعالى: هَلْ/ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (¬2) فعلى حذف المضاف تقديره: هل يسمعون دعائكم؟ كقوله تعالى: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ (¬3)، ولو جعل المضاف إلى الظرف - مغنيا عن المضاف، جاز، ومنه قول الشاعر (¬4): سمعت حمامة طربت بنجد … فما هجت العشيّة يا حماما مطوّقة ترنّم فوق غصن إذا ما قلت مال بها استقاما تقديره: سمعت صوت حمامة، أو يكون" التّرنّم" هو المسموع، وأمّا قول الآخر (¬5): ¬
رأى برد ماء ذيد عنه وروضة … برود الضّحى فينانة بالأصائل فعلى حذف مضاف، أراد: أثر بردماء، أو أنّه استعار" البرد"؛ لأنّه رأى صفاء الماء، ورقّة الهواء، فأحسّ ببرد الزّمان والماء. ومن حذف المضاف قولهم: أبصرت كلامه، أي: محلّ كلامه، ومن الاستعارة قوله (¬1): فلا الظّلّ من برد الضّحى تستطيعه … ولا الفئ من برد العشيّ تذوق وهذا النّوع المتعدّى إلي مفعول واحد، إذا عدّيته بحرف من حروف التّعدية، تعدّى إلى مفعولين، نحو: أضربت زيدا عمرا، وأشممت زيدا مسكا، وقد اتّسعوا في أفعال منه فحذفوا منها حرف الجرّ، وأوصلوا الفعل، قالوا في: اخترت من الرّجال زيدا: اخترت الرّجال زيدا، وعليه قوله تعالى: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا (¬2). ¬
وقول الشاعر (¬1): ومنّا الّذى اختير الرّجال سماحة … وجودا إذا هبّ الرّياح الزّعازع أي: من قومه (¬2)، ومن الرّجال، ومثله قول الآخر (¬3): أستغفر الله ذنبا لست محصيه … ربّ العباد إليه الوجه والعمل أى: من ذنب، والسّيرافيّ (¬4) يجعل هذا مفعولا منه، قال بعضهم (¬5): هذا التقدير فى" من ذنب" غير صحيح؛ لأنّ" غفر" متعدّ، وقد نقل بالسّين والتّاء، فصار متعدّيا إلى مفعولين، فكيف يقال: إنّ" ذنبا" منصوب لحذف" من"؟ وإنما هو أحد مفعولي" أستغفر" وهذا الحكم لا يقاس عليه؛ فلا تقول: اصطفيت الرّجال زيدا، ولا أحببت الرّجال عمرا، على تقدير: من الرّجال، وإنّما تجريه (¬6) فيما أجروه. ¬
النوع الرابع: المتعدى إلى مفعولين، ويجوز الاقتصار على أحدهما،
وهذا النّوع المتعدّي إلى مفعول واحد، منه ما يكون الفاعل فيه هو المفعول في المعنى؛ نحو: ضارب زيد عمرا، ولقي بشر بكرا، ومنه ما لا يصحّ أن يكون الفاعل فيه مفعولا، نحو: أكل زيد الخبز، ودقّ القصّار الثّوب، ومنه ما يصحّ الفاعل فيه أن يكون مفعولا، والمفعول فاعلا، لكن ينقلب المعنى، نحو: ضرب زيد عمرا،: وضرب عمر وزيدا. النّوع الرّابع: المتعدّى إلى مفعولين، ويجوز الاقتصار على أحدهما، وهو على ضربين ضرب متعدّ بنفسه إلى المفعولين، نحو: كسوت زيدا ثوبا، وضرب متعدّ إلى الأوّل بنفسه، وإلى الثّانى بقرينة، نحو: أعطيت زيدا درهما؛ لأنّه من" عطا يعطو" إذا تناول، وأعطيت، إذا ناولت، ولك أن تقتصر على أحد المفعولين، إذا لم ترد البيان عنهما، فتقول: أعطيت زيدا، وكسوت ثوبا. ويجوز حذف المفعولين معا، فتقول: أعطيت، وكسوت، ومنه قولهم: الله يعطى ويمنع. ولا بدّ أن يكون المفعول الثّاني في هذا النّوع غير الأوّل، وتعتبره بأنّك متى أسقطت الفعل والفاعل كان ما يبقى غير كلام، وبأنّه لا يقع موقع المفعول الثّاني فيه جملة، وبأنّ المفعول الأوّل في المعنى فاعل/ بالمفعول الثّاني، ألا ترى أنّك إذا قلت: كسوت زيدا ثوبا، فإنّ المعنى: أنّ" زيدا" اكتسى" الثوب" (¬1) ف" زيد" هو المفعول الأوّل، وهو الفاعل في المعنى، و" الثّوب" هو المفعول الثاني. ¬
النوع الخامس: المتعدي إلى مفعولين، ولا تقتصر على أحدهما،
والأفعال المتعدّية إلى مفعول واحد إذا عدّيتها بقرينة صارت من هذا النوع، وقد ذكرناها. النّوع الخامس: المتعدّي إلى مفعولين، ولا تقتصر على أحدهما، وفيه فرعان: الفرع الأوّل: في تعريفه، وهو سبعة أفعال:" ظننت" و" حسبت" و" خلت" و" علمت" و" رأيت" و" وجدت" و" زعمت"، وتسمّى أفعال الشّك واليقين، وقد أضيف إليها أفعال أخرى، وهي" دريت" و" شعرت" و" توهّمت" و" هب"، وأدخل بعضهم:" سمّى" و" كنى" و" اتخذ" و" جعل" - في أحد أقسامها - مدخلها في التّعدّي. وجعل آخرون الأفعال المتعدّية إلى ثلاثة مفعولين - إذا بنيت لما لم يسمّ فاعله - بمنزلتها، تقول: ظننت زيدا قائما، وكذلك ما تصرّف منها، نحو: أظنّ زيدا قائما، وظنّ زيدا قائما، ولا تظنّ زيدا قائما، وكذلك باقى أخواتها في جميع متصرّفها. ومعانيها مختلفة. أمّا" ظننت": فإنّها تكون بمعنى الشّكّ واليقين، والشّكّ أغلب عليها، وهي فيه لترجيح أحد الجائزين، والفرق بينها وبين الشّك الصّريح: أنّ الشّكّ يستوي فيه حالة الإيجاب والنّفي، والظّنّ تميل معه النفس إلى أحدهما وأمّا يقينها، فكقوله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ (¬1)، وهو في القرآن والعربيّة كثير، وقيل: إنّها لا تكون بمعنى اليقين فيما يدرك بالحواسّ، لا تقول: ظننت الحائط مبنيا، وأنت قد شاهدّته، وإنّما يكون فيما يعلم من طريق الاستدلال. ¬
وتكون بمعني التّهمة، فتتعدّى إلى مفعول واحد، تقول: ظننت زيدا،/ أى اتّهمته، ومنه قوله تعالى: (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) (¬1) أى: متهم. وأمّا" حسبت" فمنقولة من الحساب العدديّ المتعدّى إلى واحد؛ فإذا قلت: حسبت زيدا عالما، فمعناه: أدخلته في عدد العلماء، بغير علم، وقد يكون بمعنى" علمت"، وقرئ قوله تعالى: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ (¬2) بالرّفع والنّصب، فمن رفع (¬3) جعلها بمعنى العلم؛ لأنّ المخفّفة لا تقع إلا بعد أفعال اليقين (¬4) وما قرب منها. وفى مضارعها لغتان؛ الكسر، والفتح، والكسر أكثر، وإن كان شاذّا. وأمّا" خلت" فهي من الخيال الّذى يخيّل لك من غير تحقيق، وأصله من الياء. وأمّا" علمت:" فهي من علم القلب، تقول: علمت زيدا كريما، فإن كانت من علم العين تعدّت إلى مفعول واحد، تقول: علمت زيدا، أي: عرفته، ولو ¬
أعطيت" عرفت" معنى" علمت" القلبيّة، لعدّيتها إلى اثنين. وقد يأتى العلم بمعنى الظّنّ القوىّ، تقول: ما أعلم أن لا يقوم زيد، بالنّصب، ولو كانت القطعيّة، لرفعت، كما قلنا في" حسبت" ومنه قول جرير (¬1): نرضى عن الله أنّ النّاس قد علموا … أن لا يدانينا من خلقه بشر قال سيبويه (¬2): تقول: ما علمت إلا أن يقوم، إذا لم ترد أن تخبر أنّك قد علمت شيئا كائنا البتّة، ولكن تكملّت به على وجه الإشارة، كما تقول: أرى - من الرّأي - أن تقوم. وأمّا" رأيت": فإنّها تكون بمعنى" العلم، و" الظّنّ"، تقول: رأيت زيدا عاقلا، أي: علمته كذلك، ورأيت عمرا غائبا، أى: ظننته، ومنه قوله تعالى: إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً. وَنَراهُ قَرِيباً (¬3)؛ أي: يظنّونه بعيدا، ونعلمه قريبا. وتكون بمعنى الرأي والإبصار، وتتعدّى إلى مفعول واحد، تقول: فلان يرى رأي الشافعيّ، أى: يعتقده، ورأيت زيدا، أى: أبصرته، فإذا جاء في الإبصار منصوب ثان، وليس تابعا كان حالا، نحو: رأيت زيدا/ قائما. ¬
وأمّا" وجدت": فإنّها بمعنى" علمت" القلبيّة، نحو" وجدت زيدا عاقلا، أي: علمته. ول" وجدت" مواضع اخر تتعدّى فيها إلى مفعول واحد، نحو: وجدت الضّالّة: إذا أصبتها. وأمّا" زعمت": فإنّها قول مع نوع اعتقاد، ولا يكون بمنزلة القول المجرّد، وتستعمل في موضع الكذب والقول من غير صحّة كثيرا، كقوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا (¬1)، ويستعمل في موضع الحقّ قليلا، كقول أميّة (¬2): نودى قيل اركبن بأهلك … انّ الله موف للنّاس ما زعما وأمّا" توهّمت": فمن الوهم، وهو قريب من الظّن، تقول: توهّمت زيدا عاقلا. وأمّا" هب": فبمعنى" احسب"، ولا تدخل في هذا الباب إلا إذا كانت أمرا، كقولك: هب زيدا قائما. وأمّا" دريت" و" شعرت": فمتقاربا المعنى، إلا أنّ ل" دريت" اختصاصا، بمعرفة القلب، ول" شعرت" اختصاصا بمعرفة الحاسّة؛ لأنّ المشاعر الحواسّ. ¬
وأمّا" جعل": فإنّما تدخل في هذا الباب إذا كانت بمعنى" صيّر" (¬1) كقوله تعالى: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً (¬2). وتأتي بمعنى الظّنّ، كقولهم: اجعل الأسد ثعلبا واهجم عليه. وإذا كانت بمعنى الخلق تعدّت إلى مفعول واحد. وأمّا" اتّخذ": فكقوله تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ (¬3) فكأنّها بمعنى" جعل". وإن كانت بمعنى الاقتناء والاصطناع تعدّت إلى واحد، نحو: اتّخذت دارا. وأمّا" سمّيت" و" كنيت": فقد سبق ذكرهما في النّوع الثّاني (¬4). وقد أعملوا فعل القول مع الاستفهام الخطابيّ خاصّة عمل الظّنّ، فقالوا: أتقول (¬5) زيدا منطلقا؟ و: متى تقول عمرا ذاهبا؟ قال (¬6): أجهّالا تقول بني (¬7) لؤيّ … لعمر أبيك أم متجاهلينا ¬
ومنه الحديث:" أنه مرّ برجل يقرأ فى الصّلاة ليلا فقال: أتقوله مرائيا" (¬1) أى: أتظنّه؟. وبنو سليم/ يجعلون باب" قلت" في جميع تصاريفه مثل:" ظننت" (¬2). الفرع الثّاني: في أحكامها الحكم الأوّل: إذا ذكرت مفعول هذه الافعال ثمّ حذفتها وفاعلها، بقي ما بعد الحذف كلاما تاما، بخلاف باب" كسوت"، تقول: ظننت زيدا قائما، فتحذف" ظننت"، ويبقى" زيد قائم" وهما مبتدأ وخبر، ولو حذفت" كسوت" لبقي" زيد ثوب"، وليس بكلام. الحكم الثّاني: إذا كان فاعلها مضمرا تعدّى إلى مفعولها المضمر وكان إيّاه، بخلاف غيرها من الافعال، تقول: ظننتنى منطلقا، وحسبتنى قائما، ولا تقول: ضربتنى، ولا قتلتنى، ولكن تقول: ضربت نفسى. وقد أجرت العرب" عدمت" و" فقدت" مجراها، فقالوا: عدمتني، وفقدتني، وهو شاذّ، ومن الأوّل قوله تعالى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (¬3). الحكم الثّالث: إذا ذكرت هذه الأفعال دون مفعوليها، فالظّاهر من كلام سيبويه إجازة ذلك (¬4)، تقول: ظننت، وعلمت، ومنه قوله تعالى وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ ¬
لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ، وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (¬1)، وقوله تعالى: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا (¬2) فعدّاه إلى المصدر وحده، وفي المثل:" من يسمع يخل" (¬3) والجرميّ (¬4) لا يجيز ذلك، ويقول: هذه الأفعال لا يخلو الإنسان منها، بخلاف غيرها؛ فلا بدّ من مفعوليها، فأمّا قول الشّاعر (¬5): فما جنّة الفردوس ها جرت تبتغى … ولكن دعاك الخبز أحسب والتّمر فلم يعدّ: أحسب" إلى شئ. الحكم الرّابع: لا يجوز الاقتصار على أحد مفعوليها إذا ذكرا؛ لأنّهما كان مبتدأ وخبرا، ولا بدّ لأحدهما من الآخر؛ ولانّها إنّما تؤثّر المعنى فيهما جميعا، ألا ترى أنّ الظنّ لا يخصّ" زيدا" دون" قائما"، ولا" قائما" دون" زيد" وإنّما يخصّهما معا أي: ظننت قياما متعلّقا بزيد، فأمّا قول العرب: ظننت ذاك/ فإنّ" ذاك" إشارة إلى المصدر الذي هو الظّنّ، كأنّك قلت: ظننت ذاك الظنّ، كما كانت" الهاء" كناية عنه، ولو كان إشارة إلى غيره، لم يكن ¬
من المفعول الثّاني بدّ؛ فتقول: ظننت ذاك منطلقا، ومثله قول الشّاعر (¬1): ولقد نزلت - فلا تظنّي غيره - … منّي بمنزلة المحبّ المكرم ف" غيره" كناية عن المصدر، وكذلك قوله تعالى: وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ (¬2) فلم يعدّه إلّا إلى المصدر. الحكم الخامس: المفعول الثّاني من مفعوليها يكون جميع ما كان خبرا للمبتدأ، من المفرد والجملة والظّرف، إلا القليل، تقول: ظننت زيدا قائما، وظننت زيدا أبوه قائم، وقام أبوه، وفي الدّار، وشذّ من هذا الباب: ما كان أمرا ونهيا، فإنّه يكون خبرا للمبتدأ، ولا يكون مفعولا ثانيا لها، نحو قولك: زيد قم إليه، وعمرو لا تضربه، وكذلك تدخل" الفاء: في خبر المبتدأ، ولا تدخل في مفعولها الثّاني، نحو قولك: الّذي يأتينى فله درهم. ولا بدّ في المفعول الثّاني إذا كان جملة، من ضمير يعود إلى الأوّل، كما لا بدّ منه في أخبار المبتدأ، حتّى ينتظم الكلام فلا تقول: ظننت زيدا قام عمرو، حتّى تقول: إليه، أو عنده، أو نحو ذلك. الحكم السّادس: لهذه الأفعال ثلاثة أحوال: في العمل والإلغاء ¬
والتّعليق فمتى تقدّمت، ولم يكن ثمّت مانع من إعمالها عملت؛ تقول: ظننت زيدا قائما، وقد ألغيت في الشّعر، مع تقدّمها، قال (¬1): أرجو وآمل أن تدنو مودّتها … وما إخال لدينا منك تنويل فإن توسّطت بين المفعولين كنت بالخيار في إعمالها وإلغائها؛ حيث تساوى طرفاها؛ فلم يترجّح أحدهما على الآخر؛ تقول: زيدا ظننت قائما، وزيد ظننت قائم، وقال قوم:/ إذا بنيت كلامك فى" ظننت" علي الشّكّ، فالإعمال لا غير، وإن بنيته على اليقين فالإلغاء لا غير، وعليه أنشد بيت جرير (¬2): أبا لأراجيز يا ابن اللّؤم توعدني … وفي الأراجيز خلت اللّؤم والخور ¬
وإن تأخّرت عن المفعولين.، فالإلغاء أحسن (¬1)؛ تقول: زيد قائم ظننت، ويجوز إعمالها، واستضعفه سيبويه (1)، وإلغاؤها متأخّرة: أحسن من إلغائها متوسّطة. وقد قدّرت الملغاة بالظّرف؛ فقالوا: زيد قائم ظننت، بتقدير: زيد قائم في ظنّى، وهي - إذا كانت ملغاة - معتمدة على ما قبلها، وإذا كانت عاملة معتمد عليها. وقد أجاز سيبويه (¬2): متى تظنّ زيد منطلق؛ لتقدّم معمول المفعول الثّاني. وأمّا التّعليق فسيذكر حكما مفردا (¬3). الحكم السّابع: إذا عدّيت هذه الأفعال إلى المصدر وألغيتها رفعت فقلت: زيد ظننته منطلق، على ما فيه من القبح، كما تقول: زيد ظنت منطلق؛ لأنّك إذا عدّيت الفعل إلى المصدر كان ذلك توكيدا له، وإلغاء الفعل توهين له، وذلك ينافى التوكيد؛ فالأحسن - مع الإلغاء - أن لا يعدّى الفعل إلى المصدر؛ فتقول: زيد ظننت منطلق، ولا تقول: زيد ظننته منطلق، ولا زيد ظننت ظنّا منطلق، فإن فعلت جاز على قبحه، والأولى: أن لا تلغيها متقدّمة ومتوسّطة ومتأخّرة فتقول: وظننته زيدا قائما، وظننت الظنّ زيدا قائما. الحكم الثّامن: فى تعليقها. هذه الأفعال لا يخلو ما بعدها من وجوه: ¬
الأوّل: أن يقع بعدها «أنّ» ومعمولها، نحو قولك: علمت أنّ زيدا منطلق؛ فسيبويه (¬1) يقول: استغني بمعمولها عن المفعول الثانى، وطول الكلام يحسن معه ما لا يحسن مع قصره، والأخفش (¬2) يدّعيه محذوفا، ويقدّره: «كائنا» أو «موجودا». الوجه الثّاني: أن تقع بعدها «ما» النّافية، أو «لام» الابتداء، نحو قولك: علمت ما زيد قائم (¬3)، وعلمت لزيد قائم، فيبطل عملها في اللّفظ دون الموضع، فإن أدخلت «اللّام» مع «إنّ» كسرتها فقلت: علمت إنّ زيدا لقائم. الوجه الثّالث: أن يقع بعدها حرفا الاستفهام: «الهمزة» و «أم»، أو «أيّ» الاستفهاميّة، نحو: علمت أزيد قائم أم عمرو، وعلمت أيّهم يقوم، وحكمه: حكم الثّاني في إبطال العمل لفظا، لا موضعا. الوجه الرابع: أن تدخل على ضمير، وذلك الضّمير: إمّا أن يكون راجعا إلى ما تقدّم، وحكمه: حكم الظّاهر في الحاجة إلى ما بعده، كقولك: زيد ظننته قائما، وإمّا أن يكون ضمير الشّأن والقصّة، وحينئذ تقع الجملة من المبتدأ والخبر، والفعل والفاعل، موضع المفعول الثّانى، ولا يلزم أن يكون له فيها عائد، نحو قولك: ظننته زيد منطلق، وعلمته يقوم زيد، وإمّا أن يكون ضمير مصدر، وقد ذكرناه (¬4)، فإذا جاز إلغاء هذه الأفعال وإبطال عملها لفظا وموضعا فتعليقها أولى، ولا يكون التّعليق في غيرها. ¬
النوع السادس: المتعدى إلى ثلاثة مفعولين،
النّوع السّادس: المتعدّى إلى ثلاثة مفعولين، وفيه فرعان: الفرع الأوّل: فى تعريفه، وهو سبعة أفعال: «أنبأ» و «نبّأ» و «أخبر» و «خبّر» و «أرى» و «أعلم» و «حدّث»، وبعضهم (¬1) يدّعيها أربعة، وهى: «نبّأ» و «أنبأ» و «أرى» و «أعلم». واختلفوا في بعض أفعال الشّكّ واليقين، إذا عدّيت بالهمزة، فسيبويه (¬2) لا يلحقها بها، والأخفش (¬3) يلحقها، والقياس معه، وهي: «ظننت» و «حسبت» و «خلت» و «زعمت» و «وجدت». وقد ألحقوا بها الأفعال المتعدّية إلى مفعولين، ممّا يقتصر فيه، وما لا يقتصر، إذا عدوّها إلى الظّروف الّتى يتّسع فيها وتجعل أسماء، فتصير متعدّية إلى ثلاثة، وسيجيء بيانها فى الفرع الثّانى (¬4). وهذه الأفعال السّبعة على ضربين: ضرب منقول بالهمزة من باب «ظننت»، وهو: «أريت» و «أعلمت»، وضرب موضوع على التّعدّي، وهو باقيها، وقيل: إنّه منقول من فعل مرفوض، إلّا أنّها - فى الأصل - متعدّية إلى مفعول واحد، نحو قولك: نبّأت زيدا بكذا، وأنبأته بكذا، وقد يحذف منها ¬
الفرع الثانى: فى أحكامه
حرف الجرّ ويوصل الفعل؛ فيقال: أنبأته كذا، قال الله تعالى: فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا (¬1)، وقال تعالى: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (¬2) ثم قال: وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (¬3) فجمع بين اللّغتين، ومنه قول الشّاعر (¬4): أدان وأنبأه الأوّلون … بأنّ المدان مليّ وفيّ إلّا أنّ هذه الأفعال الخمسة لمّا كان معناها معنى الإعلام، أجريت مجراه فى التعدّي إلى ثلاثة مفعولين؛ تقول: أنبأ الله زيدا عمرا عاقلا، وأعلم الله عمرا بشرا كريما، وحدّثت زيدا عمرا شريفا، وكذلك باقيها، ومنه قوله تعالي: كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ (¬5). الفرع الثّانى: فى أحكامه: الحكم الأوّل: لا يجوز إلغاء هذه الأفعال في العمل؛ لأنّها إذا ألغيت بقي ما بعدها كلاما غير مستقلّ؛ فإنّه يبقي: زيد عمرو خير النّاس، وليس كلاما. الحكم الثّاني: لا يصلح دخولها على ضمير الشّأن والقصّة؛ لأمرين: أحدهما: أنّه يؤدّي إلى أن نعلم غير معلم، والثّانى: أنّه يبقى ما يجب أن يكون مفسّرا غير مفيد، كما جاز ذلك فى باب «ظننت». ¬
الحكم الثّالث: فى حذف مفعولاتها. أمّا الأوّل: فمنهم (¬1) من يجيزه؛ لأنّه فضلة، كما حذف أحد مفعولي «أعطيت» فيقول: أعلم/ الله عمرا خير النّاس، ويحذف «زيدا» ومنهم من لا يجيزه؛ لأنّه بمنزلة فاعل «ظننت»، وظاهر كلام سيبويه (¬2) عليه. وأمّا الثّاني والثّالث: فمتلازمان، ولا يجوز حذفهما وإبقاء الأوّل عند سيبويه (2)؛ لأنّه كالفاعل فى باب «ظننت»، وهما كالمفعولين فيه، وأجازه ابن السّرّاج (3)؛ فيقول: أعلم الله زيدا، ومتى ذكرت المفعول الثّانى، فلا بدّ من الثّالث؛ فلذلك لا يجوز حذفه إلّا مع الثانى عند ابن السّرّاج (¬3). وأمّا المفعولات الثّلاثة: فلا خلاف فى جواز حذفها. ¬
ومتى بنيت هذه الأفعال لما لم يسمّ فاعله صارت متعديّة إلى مفعولين، تقول: أعلم زيد عمرا عاقلا؛ ومنه قول الشاعر (¬1): وإنّ الّذي حدّثتم في أنوفنا … وأعناقنا من الإباء كما هيا الحكم الرّابع: المفعول الأوّل والثّاني لا يكونان إلّا اسما صريحا؛ لأنّهما المفعول والمبتدأ فى باب «ظننت»، والمفعول الثّالث يكون مفردا، وجملة كالمفعول الثاني فيه؛ تقول: أعلم الله زيدا عمرا أبوه قائم، وقام أبوه، وفي الدّار. وتقع «أنّ» وما عملت فيه، فتسدّ مسدّ المفعول الثّاني والثّالث، كما سدّت في «ظننت» مسدّ الأوّل والثّاني؛ فتقول: أعلمت زيدا أنّ عمرا منطلق، فإن أدخلتها علي الثّالث، وكان المفعول الثّاني جثّة كسرت «أنّ»، تقول: أعلمت زيدا عمرا إنّه عاقل، فإن كان الثّاني مصدرا، فتحتها، تقول: أعلمت زيدا قدوم عمر وأنّه قريب. ¬
الحكم الخامس: إذا اتّسعوا في الظّروف وجعلوها أسماء غير ظروف، وأدخلوا عليها الأفعال المتعدّية إلى مفعولين صارت من هذا النّوع؛ تقول: اليوم ظننته زيدا منطلقا، واللّيلة كسوتها زيدا ثوبا، وأعطيت زيدا ثوبا اليوم، وسرقت عبد الله الثّوب الليلة، وصار من باب قولك: (¬1) يا سارق اللّيلة أهل الدّار ومنه قوله تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ (¬2)، ويتّضح هذا إذا أخبرت عنه ب «الّذى»، تقول: الّذى أعطيته زيدا ثوبا اليوم؛ ف «الهاء» / ضمير «اليوم»، وهو اسم غير ظرف، ولو كان ظرفا لقلت: الذى أعطيت فيه زيدا ثوبا اليوم، وهذا الظرف المتّسع فيه لا تتعدّى إليه الأفعال المتعدّية إلى ثلاثة؛ لأنّه يخرج إلى ما لا نظر له، وهو التّعدّى إلى أربعة مفعولين. الحكم السّادس: إذا استوفت هذه الأفعال مفعولاتها تعدّت إلى المصدر والزّمان والمكان والعلّة والحال بغير قرينة؛ فتقول: أعلمت زيدا عمرا عاقلا إعلاما اليوم عند بكر محبّة له جالسا. خاتمة لهذا النوع: قول العرب:" أريتك زيدا ما فعل"؛ لا موضع للكاف من الإعراب عند سيبويه (¬3)، وهى للخطاب، وموضعها عند الكسائىّ ¬
نصب (¬1)، وعند الفرّاء (¬2) رفع وتكون للواحد والاثنين والجميع والمؤنّث، بلفظ واحد، ولا فرق بين وجود الكاف وعدمها؛ تقول: أرأيتك زيدا ما صنع، وأ رأيت زيدا ما صنع، وليست من رؤية القلب، ولا من رؤية العين، ولها في الكلام موضعان: أحدهما: بمعنى" أخبرني"، فلا تقع إلّا على اسم مفرد، أو جملة شرطيّة ماضية، كقوله تعالى: أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ (¬3)، وكقوله: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ (¬4). والثّانى: أن يكون بمعنى" انتبه"، كقولك: أرأيتك زيدا فإنّى أحبّه، أى: انتبه له فإنّى أحبّه، وقد يحذف جواب الشّرط تارة للعلم به، ويحذف الشرط ويؤتى بالجواب، كقوله تعالى: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي (¬5) فلم يأت بالجواب (¬6)، وقال تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ¬
النوع السابع: فى كان وأخواتها،
وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ (¬1) فجاء بالجواب (¬2) ولم يأت بالشّرط. النّوع السّابع: فى" كان" وأخواتها، وفيه فرعان. الفرع الأوّل: في تعريفها ومعانيها أمّا تعريفها فهى" كان" و" صار" و" أصبح" و" أمسى" و" أضحى" و" ظلّ" و" بات" و" ما زال" و" ما دام" و" ما انفكّ" و" ما فتئ" و" ما برح" و" ليس"، وما تصرف منها، إن كان متصرّفا، وما كان في معناها، ممّا يدلّ علي الزّمان العاري عن الحدث تقول: كان زيدا قائما، ويكون عمرو جالسا، وما زال خالد كريما. ولم يذكر سيبويه (¬3) إلّا" كان" و" صار" و" ما دام" و" ليس"، ثمّ قال وما كان نحوهنّ من الفعل ممّا لا يستغنى عن الخبر. وتسمّى الأفعال النّاقصة؛ لحاجتها إلى الخبر. وقد ألحقوا بها" آض" و" عاد" و" غدا" و" راح"، وأفعال المقاربة، وهي:" عسى" و" كاد" و" جعل" و" طفق" و" كرب"، وجعلوا" قعد" بمنزلتها في قولهم أرهف شفرته حتّى قعدت كأنّها حربة (¬4). وأمّا معانيها: فقد تقدّم القول - في تقسيم الأفعال - (¬5) أنّ هذه الأفعال ليست حقيقيّة، وأنّ المقصود منها: تعيين الزّمان ماضيا وحاضرا ¬
ومستقبلا، نحو:" كان" و" يكون" و" سيكون"، فإذا تعيّن الزّمان فلا حاجة إليها، ألا ترى أنّ معنى قولك: كان زيد قائما، وقع من زيد قيام فى زمن ماض؟ فلمّا كان هذا الغرض منها جرّدوها عن الحدث، وأخلصوها للأزمنة، قال الفارسىّ (¬1): هى دالّة على الزّمان بوضعها، وعلى الفعل الدال على الحدث والزّمان بلفظها، فأمّا تخصيص كلّ واحد منها (¬2) بمعناه الموضوع له، فنحن نذكره مفصّلا. أمّا" كان" فإنّها ترد فى الكلام على خمسة أنحاء" ناقصة وتامّة وزائدة ومضمرا فيها اسمها وبمعنى" صار". أمّا الناقصة: فهي أمّ الباب، وهي الّتى ترفع الاسم، وتنصب الخبر، وسترد أحكامها مع أخواتها في الفرع الثّاني (¬3). وأمّا التامّة: فهى التى تكون دالّة على الحدث؛ فتستغنى عن الخبر تقول: كان زيد، أى: حدث، ووجد، ومنه قوله تعالى: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ (¬4) وهى فيه فعل غير متعدّ. وأمّا المضمر فيها اسمها - وهو ضمير الشّأن والحديث - فتقع الجمل بعدها أخبارا عنها، كقولك: كان زيد قائم؛ ف" زيد" مبتدأ"، و" قائم" خبره، واسم" كان" مضمر فيها، وهو ضمير الشّأن، والجملة في موضع ¬
نصب؛ لأنّها الخبر، ومنه قوله تعالى: أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (¬1) فيمن قرأ بالتّاء (¬2) والرّفع (¬3)؛ ف" أن تعلمه" مبتدأ، و" آية" خبره، واسمها مضمر فيها، ويجوز أن تكون" آية" الاسم (¬4)، و" لهم" الخبر، و" أن تعلمه" مصدر، وهو بدل من ال" آية". ومن هذا الباب: كان من الأمر كيت وكيت؛ لأنّهما عبارتان عن جملة والجملة لا تكون اسم كان، فأمّا: كان من الأمر كذا وكذا، فهما اسم كان. وأمّا الزائدة: فإنّها تدخل مؤكّدة؛ فلا تحتاج إلى خبر ولا تزاد إلّا إذا كانت ماضية؛ متوسّطة أو متأخّرة، نحو: مررت برجل كان قائم، وأنشد سيبويه (¬5): فكيف إذا مررت بدار قوم … وجيران لنا كانوا كرام ¬
ف" كان" عنده زائدة (¬1)، وخالفه المبرّد (¬2)، وحكى سيبويه (¬3): أنّ كان" زائدة في قولهم:" إنّ من أفضلهم كان زيدا"، وخولف (¬4) فى ذلك. وأمّا مجيئها بمعنى" صار": فكقوله (¬5): بتيهاء قفر والمطيّ كأنّها … قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها أي: قد صارت، وعليه تأوّل بعضهم (¬6) قوله تعالى: كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (¬7)، أى: صار، وبعضهم (¬8) يجعلها زائدة، ولا يصحّ أن تكون على بابها. ¬
وأمّا" صار": فإنّها تكون ناقصة، وتامّة. أمّا النّاقصة: فمعناها الانتقال من حال إلى حال، تقول: كان زيد كريما، فصار بخيلا، ولا بدّ فيها/ من اتّساع؛ فإنّهم جعلوها تدلّ على زمن الوجود المتّصل، دون الزّمن الماضى، وسلبوها الدلالة على المصدر. وأمّا التامّة: فإنّها تتعدّى إلى مفعول بحرف الجرّ، تقول: صرت إلى مكّة، أى: انقلبت. وزعم قوم أنّها تزاد (¬1)، وليس بالمسموع. وأمّا" أصبح": فإنّها تستعمل ناقصة، وتامة وزائدة عند الأخفش (¬2) أمّا النّاقصة: فإنّها تدلّ على الزّمان المختصّ بالصّباح، فإذا قلت: أصبح زيد قائما، فمعناه: أتى عليه الصّباح، وهو قائم. والفرق بينها وبين" كان": أنّ «كان» لما انقضى من الزّمان وانقطع، وأصبح وأمسى غير منقطعى الزّمان، ألا ترى أنّك تقول: كان زيد غنيّا، فلا يدلّ على أنّه غنيّ وقت الإخبار، وإذا قلت: أصبح غنيّا، فهو غنيّ وقت الإخبار، فأمّا قوله تعالى: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً * (¬3) وأمثال ذلك، فالمعنى: ما زال كذلك في القدم، وصفات الله لا تنفصل عنه. ¬
وأمّا التّامّة: فهى التى لا تحتاج إلى الخبر، كقولك: أصبحنا، أى: دخلنا فى الصّباح. وأمّا الزّائدة: فقد حكى الأخفش (¬1): ما أصبح أبردها، ومنهم من جعلها بمعنى" صار" (¬2)، وحمل [عليه] (¬3) قوله: أصبح زيد، أي: صار. وأمّا" أمسى" فبمنزلة" أصبح" في النّقصان والتّمام والزّيادة، كقولك: أمسى زيد قائما، وأمسى عمرو، وقولهم: ما أمسى أدفأها (1). ومنهم من جعلها بمعنى" صار" (¬4) في قولهم: أصبح زيد غنيّا وأمسى زيد فقيرا. وأمّا" أضحى" فإنها من ضحا النّهار، وتستعمل ناقصة وتامّة. أمّا النّاقصة: فكقولك: أضحى زيد قائما وإن كان أصلها من الضّحى فإنّها تقع على الاوقات جميعها، ليلا ونهار، وخصّها قوم (¬5) بالنّهار. وأمّا التّامّة: فكقولك: أضحى زيد، أى: دخل في الضّحى، كما تقول: أظهر، وأفجر، وقد جعلت بمعنى" صار" فى قولك: أضحى زيد أميرا، أى: صار. ¬
وأمّا" ظلّ": فإنّها لما يعمله الإنسان نهارا، ولا تستعمل إلّا ناقصة، وفي تخصيصها/ بالنّهار نظر، ألا ترى قوله تعالى: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا (¬1) وقوله تعالى: فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (¬2) وهذا لا يخصّ زمانا دون زمان، ولهذا جعلها بعضهم (¬3) بمعنى" صار"، وحمل الآية عليها. وأمّا" بات": فإنّها مختصّة باللّيل دون النّهار، وتستعمل ناقصة وتامّة. فالنّاقصة: قولك: بات زيد قائما، مثل" ظلّ" في النهار. والتّامّة كقولك: بات زيد، فلا تريد: أنّه نام، وإنّما هو بمنزلة" أمسى" التّامّة، وجعلها بعضهم (¬4) بمعنى" صار"؛ حملا على" ظلّ". وأمّا" ما دام"، وجميع ما في أوله" ما": فإنّها يراد بها المطاولة، ولزوم الشّيء ومتابعة بعضه بعضا. وما" في" ما دام" مع الفعل بتقدير المصدر، وهو نائب عن الزّمن، تقول: أجلس ما دمت جالسا، كأنّك قلت: أجلس زمن دوام جلوسك، كقولهم: " آتيك خفوق النّجم" و" مقدم الحاجّ". ولا بدّ أن يتقدّمها عامل؛ لأنّها نائبة عن الظّرف، ولا نظير لها في هذا الباب، ولا يستعمل مكانها غيرها، ولا يستعمل منها فعل، ولا يعمل فيها إلّا ¬
فعل مستقبل، نحو: أقوم ما دمت قائما، ولا يجوز إدخال «إلّا» فى خبرها وخبر أخواتها، لا تقول: ما دام زيد إلّا قائما؛ لأنّ الكلام إيجاب، فإذا استثنيت منه، أدخلت إيجابا على إيجاب، كما لا تقول: مررت إلّا بك أحد؛ ولذلك خطّئ ذو الرّمّة (¬1) في قوله: جراجيج لا تنفكّ إلّا مناخة … على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا وأمّا «ما زال»: فإنّها من" زال يزال» ضدّ ثبت، وليست من «زال يزول»؛ لأنّ هذا متعدّ وذاك قاصر، ولا من «زال يزيل»؛ لأنّ ذلك «فعل يفعل»، وهذا من «فعل يفعل»، وما فيها للنّفي، والنّفى إذا دخل على النّفي ¬
صار موجبا. وقد أسقطوا منها «ما»، قال (¬1): تزال حبال مبرمات أعدّها … لها ما مشى يوما على خفّه الجمل وأمّا «ما انفكّ»: فإنّ معني فكّ الشّئ: تفريق أجزائه؛ ففيه معني النّفى، فلمّا أدخلت عليه النّفى صار إيجابا، واستعمل على غير معنى وضعه، وأعطيت معنى «ما زال» و «ما برح». وأمّا «ما فتئ»، و «ما برح» فبمنزلة:" ما زال" و" ما انفكّ"، ويلزمهما" ما" أو" لا" وقد أسقطوهما منهما فى القسم، كقوله تعالي: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ (¬2). وقول امرئ القيس (¬3): فقلت لها: تالله أبرح قاعدا ¬
أي: ما تفتأ (¬1)، وما أبرح. وقد تستعمل هذه الأفعال تامّة، وتكون" ما" فيها خالصة للنّفي، تقول: ما دام زيد، كما تقول: لم يدم. وأمّا «ليس»: فأكثر النّحاة يقولون: إنّها فعل غير متصرّف، وعليه ظاهر كلام سيبويه (¬2) والخليل، وذهب قوم (¬3) إلى أنّها حرف، وعليه جاء قولهم: ليس الطّيب إلا المسك «برفعهما، كما يرفعان ب" ما"، وقال الفارسيّ بالمذهبين، فجعلها في «الإيضاح» (¬4)، فعلا وفي «الحلبيّات» (¬5) حرفا، وهى تنفى المستقبل عند ابن السّرّاج (¬6)، ولهذا منعوا من قولهم: ليس زيد قد ذهب، ولا: قد يذهب؛ لتضادّ الحكم بين «قد» و «ليس»، وقيل: معناها: نفي مضمون الجملة في الحال (¬7)، تقول: ليس زيد قائما الآن، ولا تقول: ليس زيد قائما أمس، ولا غدا. ¬
الفرع الثاني: في أحكامها
الفرع الثّاني: في أحكامها: الحكم الأوّل: الفرق بين هذه الأفعال النّاقصة وبين غيرها من الأفعال الحقيّقية: أنّ الفاعل مع غيرها غير المفعول، وهذه: مرفوعها هو منصوبها، وأنّ تلك: تبنى لما لم يسمّ فاعله، وهذه: لا تبنى له؛ لأنّ اسمها بمنزلة المبتدأ، وأنّه لا يجوز الاقتصار على فاعلها دون مفعولها، فلا تقول: كان زيد، وهي ناقصة. الحكم الثّانى: ما تصرّف من هذه الأفعال فإنّه/ يعمل عملها في جميع متصرّفاتها؛ من ماض وحاضر ومستقبل واسم فاعل ومفعول، إذا كان للحال والاستقبال، ولا يصحّ اسم الفاعل فيما أوّله" ما"؛ تقول: كان زيد قائما، ويكون قائما، وكن قائما، وزيد كائن قائما، قالوا: ولا يكون لها مصادر (¬1) فلا يقولون: كان زيد قائما كونا؛ لتعرّيها من الدّلالة على الحدث، فأمّا قولهم: أعجبنى كون زيد قائما، ونحوه، فمحمول على المعني، تقديره أعجبنى أن كان زيد قائما، وفي هذا نظر. الحكم الثّالث: اسم هذه الأفعال وخبرها لا يخلو: أن يكونا معرفتين، أو نكرتين، أو أحدهما معرفة والآخر نكرة. أمّا إذا كانا معرفتين: فلك الخيار، أيّما شئت جعلت الاسم، والآخر الخبر: تقول: كان زيد أخاك، وكان أخوك زيدا، فإن كان لأحدهما ميز على الآخر في التّعريف فالأولى: أن تجعل الاسم أعرفهما، كقوله تعالي: ما ¬
كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا (¬1)، فالأولى: أن تنصب" الحجّة" وتجعل" إلّا أن قالوا" الاسم (¬2)؛ لأنّ" أن" مع الفعل بمنزلة المضمر؛ حيث لا يوصف، ولا يقع حالا، والمضمر أعرف من المضاف. فإن كان الاسم والخبر مضمرين جاز وقوع الخبر منفصلا ومتّصلا، وأولاهما: المنفصل؛ تقول: كنت إيّاه، وكان إيّاي، ويجوز: كنته، وكانني، قال الأسود (¬3): فإلا يكنها أو تكنه فإنّه … أخوها غدته أمّه بلبانها وأمّا إذا كانا نكرتين؛ فإن كان الكلام إيجابا لم يصحّ أن يكون الخبر إلّا ظرفا أو حرف جرّ، ويلزم تأخير الاسم وتقديم الخبر، كقولك: كان في الدّار رجل، وصار عليك دين، كما لزم تأخير المبتدأ إذا كان نكرة، وقد جاء تقديم الاسم في الإيجاب، كقولك: كان رجل من آل فلان فارسا، وتعتبر الفائدة في ¬
ذلك، فلو قلت: كان رجل فارسا لم يجز؛/ لعدم الفائدة، وإن كان الكلام نفيا صحّ ذلك، اسما كان الخبر أو ظرفا، نحو: ما كان أحد، خيرا منك (¬1)، وما كان أحد في الدّار، فإن قلت: ما كان خير منك أحدا، كنت قد عكست القضية، أو بالغت في المدح، وإذا قلت: ما كان مثلك أحد، فكلّها نكرات، لأنّ" مثل" و" شبه" نكرة - وأن أضيف إلى المعارف - لأنّها لا تخصّ شيئا بعينه. وأمّا إذا كان أحدهما معرفة والآخر نكرة: فاجعل الاسم المعرفة، والخبر النكرة، وهو أكثر الكلام، تقول: كان زيد عاقلا، فأمّا جعل الاسم نكرة والخبر معرفة فلا يجوز إلّا فى الشّعر، كقوله (¬2): كأنّ سبيئة من بيت راس … يكون مزاجها عسل وماء وقد ورد فى الأشعار كثيرا، وهو مذهب سيبويه (¬3)، وخالفه المبرد (¬4) وغيره، وأوّلوا ما جاء من ذلك. ¬
الحكم الرّابع: أخبار هذه الأفعال تكون كأخبار المبتدأ، من المفرد والجملة والظّرف، تقول: كان زيد قائما، وكان زيد أبوه منطلق، وكان زيد في الدّار، إلّا ما شذّ من الأمر والنّهي؛ فإنهما لا يدخلان في خبرها، إلّا في الشّعر، كقوله (¬1): وكوني بالمكارم ذكّريني وكذلك الفاء: تدخل في خبر المبتدأ، ولا تدخل في خبرها، وقد ذكرنا ذلك في باب" ظننت" (¬2). ولا بدّ في الخبر، إذا كان جملة، من ضمير يعود إلى الاسم لفظا، أو تقديرا. الحكم الخامس: موضع أخبار هذه الأفعال بعد اسمها، ويجوز تقديمها على اسمها؛ تقول: كان قائما زيد، وما زال جالسا عمرو، فأمّا تقديم الخبر عليها أنفسها فيجوز، إلّا فيما أوّله" ما" نحو: قائما كان زيد، ولا تقول: قائما ما زال زيد، وكذلك معمول/ الخبر، كقوله تعالى: إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (¬3). ¬
واختلفوا في" ليس"؛ فألحقها الأكثرون (¬1) ب" كان"، وألحقها السّيرافيّ (¬2) وغيره بما في أوّله" ما". فأمّا أسماؤها: فلم يجيزوا تقديمها؛ لأنّها مشبّهة بالفاعل. وإذا كان في الخبر معنى استفهام لزم تقديمه، تقول: أيّا كان أبوك؟ وقد فصل سيبويه (¬3) في تقديم الظّرف وتأخيره بين الّلغو منه، والمستقرّ، فاستحسن تقديمه إذا كان مستقرّا، نحو قولك: ما كان فيها أحد خير منك، وتأخيره إذا كان لغوا، كقولك: ما كان أحد خيرا منك فيها، ثمّ قال (3): وأهل الجفاء يقرءون: ولم يكن كفؤا له أحد (¬4). الحكم السّادس: قد استقبحوا وقوع أخبار هذه الأفعال أفعالا ماضية إلّا في" كان" وحدها؛ لأنّك إذا قلت: كان زيد قائما، علم أنّ قيامه في زمن ماض، فإذا قلت: زيد قام، علم منه ما علم من" كان"؛ فلم يحتج إليه فتقول: كان زيد قام، وقد جاء في أخواتها، على استقباحه، في الشّعر، فإن أدخلت عليه" قد" حسن، تقول: أصبح زيد قد استغنى. فأمّا إذا جعلت الخبر مستقبلا، فإنّه مستحسن، تقول: كان زيد يقوم؛ لأنّ" كان" جعلت الكلام مع المستقبل حكاية حال، بخلاف الماضي. ¬
وكذلك أدخلوا" اللام" في خبر" كان" دون أخواتها، كقولك: ما كان زيد ليقوم، وهذا إنّما يتّبع فيه السّماع. الحكم السّابع: لم يفصلوا بين هذه الأفعال وبين معمولها بأجنبيّ، إلّا أن يكون ظرفا أو حرف جرّ؛ تقول: كان خلفك زيد قائما، وكان في الدّار زيد جالسا. فأمّا قولهم: كانت زيدا الحمّى تأخذ، ففي" كانت" ضمير القصة، و" الحمّى" مبتدأ؛ لئلّا يقع الفصل، فإن لم يقدّر الضمير (¬1) لم يجز؛ للفصل، فإن قدّمت الخبر جميعه فقلت: كانت تأخذ زيدا الحمّى، جاز أن تكون" الحمّى" اسم" كانت" ويجوز:/ تأخذ زيدا كانت الحمّى، فأمّا كانت زيدا تأخذ الحمّى، فظاهر كلام سيبويه المنع (¬2) منها؛ لأنّه أنشد (¬3): فأصبحوا والنّوى عالى معرّسهم … وليس كلّ النّوى يلقى المساكين وقال: فلا يجوز أن تحمل" المساكين" على" ليس" فترفع، وقد قدّمت فجعلت الشّيء الّذى يعمل فيه الفعل الآخر يلى الأوّل، وهذا لا يجوز، وتقدير البيت: وليس الشّأن والقصّة يلقى المساكين كلّ النّوى، ولكنّ هذا المضمر لا يظهر. ¬
الحكم الثامن: قد زادوا" الباء" فى خبر" ليس" مؤكّدة للكلام، فقالوا ليس زيد بقائم، ومنه قوله تعالى: لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (¬1) وأَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ (¬2) وذهب قوم إلى أنها غير (¬3) زائدة، قالوا: لأنّ الزّائد ما لا يفيد معنى، وقد أفادت التوكيد فإذا قلت: زيد قائم، قلت في نفيه: ليس زيد قائما، فإن قلت: لزيد قائم، قلت في نفيه: ليس زيد بقائم، فهي في النّفي بمنزلة الّلام في الإيجاب. وإذا أدخلت على" ليس" ألف الاستفهام، كان تقريرا، وحصل فيها معنى الإيجاب؛ فلا تقول: أليس أحد في الدّار؟؛ لأنّ" أحدا" إنّما يكون مع النّفي، وتقول: أليس زيد في الدّار؟. الحكم التّاسع: إذا عطفت على خبر" ليس" وفيه" الباء" ففيه ثلاثة أقوال: الأوّل: العطف على الموضع لا غير، تقول: ليس زيد بقائم ولا قاعدا، وعليه أنشدو (¬4): فلسنا بالجبال ولا الحديدا ¬
وفيه نظر (¬1): الثّاني: العطف على الّلفظ إن أمكن، وهو أولى، نحو: ليس زيد بقائم ولا قاعد. الثّالث: جواز الأمرين. وهذا الحكم جار في خبر" ما". فإن كان المرفوع بالمعطوف من سبب الأوّل فحكمه حكمه، لفظا وموضعا، تقول: ليس زيد بقائم ولا قاعد أخوه، ولا قاعدا/، وإن كان أجنبيا لم يصحّ على الّلفظ؛ لأنّه يكون عطفا على عاملين" الباء" و" ليس" فلا تقول: ليس زيد بقائم ولا قاعدا عمرو، ولا يصحّ على الموضع؛ لخلوّه من العائد، فإن رفعت" عمرا" ب" ليس" صحّ، فتقول: ليس زيد بقائم ولا قاعدا عمرو، وقد شرحنا العطف على عاملين فى باب العطف (¬2). الحكم العاشر: إذا قلت: من كان أخوك؟ فلك فيه وجهان: أحدهما: أن تنصب" الأخ" بأنّه خبر" كان" وتجعل" من" مبتدأ. وفي" كان" ضمير مرفوع يعود إليه؛ لأنّه اسمها، الثّاني: أن ترفع" الأخ" فتجعله اسمها، وتجعل" من" خبرها، ووجب تقديمه؛ لأنّ الاستفهام له صدر الكلام، ويظهر ذلك في" أيّ" لأنّها معربة؛ تقول: أيّ النّاس كان أخاك؟ و: أىّ الناس كان أخوك، وعلى ¬
النوع الثامن: من باب العوامل، في الأفعال التى لا تتصرف.
النّصب جاء المثل، قالوا: ما جاءت (¬1) حاجتك، ومنهم من يرفع، وكذلك قولك: من كانت (1) أمّك؛ بالرّفع والنّصب النّوع الثامن: من باب العوامل، في الأفعال التى لا تتصرّف. وهى ستّة: " عسى" و" نعم" و" بئس" و" حبّذا" وفعل التعجّب، و" ليس" والتّصرّف: هو تنقّل الفعل في الزّمن الماضى والحاضر: والمستقبل، والأمر والنّهي والمصدر واسم الفاعل والمفعول، فلا ينتقل شيء من هذه الأفعال فى هذه الأحوال، ولا يكون إلا على صورته التى سمعت من العرب؛ فلا يقال: عسى يعسي فهو عاس واعس ولا تعس؛ وإنما منعت التّصرّف لتضمّنها ما ليس لها فى الأصل؛ وهو: الزّيادة فى الإخبار، ومشابهة ما لا يتصرّف، وسنذكر علّة كلّ واحد منها في بابه، وقد تقدّم ذكر" ليس" (¬2) مع أخواتها، والباقية نذكرها في أربعة فصول. ¬
الفصل الأول في عسى وما شبه بها من أفعال المقاربة وفيه ثلاثة فروع
الفصل الأوّل في" عسى" وما شبّه بها من أفعال المقاربة وفيه ثلاثة فروع: الفرع الأوّل: في تعريفها، وهي فعل ماض فى اللّفظ والمعنى؛ لأنّه طمع قد حصل في شيء يستقبل، وقال قوم: هو ماض في اللّفظ (¬1) مستقبل في المعنى؛ لأنّه أخبر بطمع يريد أن يقع، ومعناه المقاربة. وقد ذهب قوم إلى أنّها حرف (¬2)؛ لعدم تصرّفها، والأوّل المذهب؛ لاتّصال علامة التأنيث والضّمير بها، وألفها منقلبة عن الياء؛ لقولهم: عسيت وليست من: عسى يعسو، وقد كسروا سينها مع تاء المتكلّم المخاطب؛ لأجل الياء. وإنّما لم تتصرّف لزيادتها في الإخبار؛ لأنّ كلّ فعل يخبر به عن شيء فليس للمخبر فيه إلّا مجرّد الإخبار، وإذا قلت: عسى زيد أن يقوم، فلك فيه ¬
الفرع الثاني: في أحكامها
شركة الطّمع في قيامه، وليس له فيه مشاركة في الذّكر، وقيل: إنّما لم تتصرّف لمشابهتها (¬1) " لعلّ" في المعنى، وهى حرف. وقد ذهب قوم إلى أنّها تقع واجبة (¬2) في الشّعر، وقال آخرون: كلّ ما في التّنزيل من" عسى" وفاعلها الله تعالى، فهي (¬3) واجبة، وكلّ هذا يرجع بالتأويل إلى بابها (¬4)، فالمجاز في اللسان العربيّ واسع، وما أكثره في القرآن العزيز؟!. الفرع الثّاني: في أحكامها: الحكم الأوّل: لها فيما تدخل عليه من الكلام موضعان: الأوّل: ترفع فيه الاسم وتنصب الخبر، وهو أن يكون فاعلها اسما صريحا، فيلزم له الخبر، ولا يكون إلّا فعلا مستقبلا عاريا من" السّين" و¬
" سوف" وقبله" أن"؛ ليكونا بمنزلة المصدر، تقول: عسى زيد أن يقوم، ومنه قوله تعالى: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ (¬1)، وهي في هذا القسم بمعنى" قارب"، أى: قارب زيد القيام. وقد أدخلوا على الفعل (¬2) " السّين" في الشّعر شاذا، ولا تقول: عسى زيد أن يحجّ العام، حتى تقول: المستقبل؛ فإنّ الأوّل من مواضع" كاد". الثّاني: أن يكون اسمها" أن" والفعل، فتخليها من الضّمير، ولا تحتاج إلى خبر؛ لحصول الفائدة، وتكون" أن" والفعل في موضع رفع، بعد أن كانت فى موضع نصب، تقول: عسى أن يقوم زيد، ومنه قوله تعالى: وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ (¬3)، وهي في هذا القسم بمعنى" قرب"، أى: قرب قيام زيد. وإنّما ألزموها" أن"، ولم يقولوا: عسى زيد الخروج، ولا عسى خروج زيد، كما قالوا في" قارب" و" قرب"؛ لأنّ" أن" إذا دخلت على" يفعل" لم يصلح إلا للاستقبال؛ ولذلك امتنعوا من دخول السّين و" سوف" عليه، فلمّا كان غرضهم في" عسى" تقريب المستقبل، لم يفارقوا الّذي هو علم الاستقبال. الحكم الثّاني: لا يخلو الاسم الصّريح: أن يكون قبل" عسى" أو بعدها أو بعد" أن" والفعل. ¬
الحالة الأولى: إذا قدّمت اسم" عسى" عليها فقلت: زيد عسى أن يقوم، ترفع" زيدا" بالابتداء، وتجعل في" عسى" ضمير اسمها، و" أن يقوم" في موضع الخبر؛ وحينئذ تثنّى الضمير وتجمعه وتؤنّثه؛ إذا ثنّيت الأوّل وجمعته وأنثّته؛ فتقول: الزّيدان عسيا أن يقوما، والزّيدون عسوا أن يقوموا، وهند عست أن تقوم، [وإن شئت (¬1): عسى أن تقوم]، وإمّا أن ترفع" زيدا" بالابتداء، وتخلي" عسى" من الضّمير، وترفع" أن والفعل" بها، وتكون" عسى" وما بعدها خبرا عن" زيد"، والعائد إليه الضّمير في" يقوم" وحينئذ لا يحتاج إلى تثنية الضّمير وجمعه وتأنيثه؛ لأنّها قد رفعت ظاهرا مفردا، تقول: الزّيدان عسى أن يقوما، والزّيدون عسى أن يقوموا، وهند عسى أن تقوم، والهندات عسى أن يقمن. الحالة الثّانية: أن يتأخّر عنها، فتقول: عسى زيد أن يقوم، فترفع" زيدا"؛ لأنّه الفاعل، و" أن يقوم" في موضع نصب؛ لأنّه الخبر، وحينئذ تثنّي الضمير في الفعل، وتجمع وتؤنّث، إذا ثنّيت الفاعل وجمعته، وأنثّته فتقول: عسى الزيدان أن يقوما، وعسى الزيدون أن يقوموا، وعسى الهندات أن يقمن. الحالة الثّالثة: أن يتأخّر عن" أن" والفعل، فتقول: عسى أن يقوم زيد ولك فى رفع" زيد" وجهان: الأوّل: أن تجعله فاعل" يقوم"، و" أن" وما بعدها اسم عسى، ولا خبر لها. ¬
الثّاني: أن تجعل" زيدا" فاعل" عسى:، و" أن" والفعل الخبر، وفيه ضمير يعود إلى" زيد"، فإذا ثنّبت قلت، على الأوّل: عسى أن يقوم الزّيدان، وعلى الثّاني: عسى أن يقوما الزّيدان؛ لأنّ" الزيدين" بنيّة التقديم. الحكم الثّالث: إذا تقدّمت" عسى" ففيها للعرب ثلاثة مذاهب: الأوّل: أن تفرد على كلّ حال؛ تقول: عسى زيد أن يفعل، وعسى الزّيدان، وعسى الزّيدون، وعسى الهندات. الثّاني: أن تفرد وتثنّى وتجمع، وتؤنّث؛ فتقول: عسيت أن تفعل، وعسيتما وعسيتم، وعسيت، وعسيتنّ، وكذلك مع باقي الضّمائر. الثّالث: أن يقولوا: عساك أن تفعل، وعساكما، وعساك، وعساكنّ، وكذلك مع باقى الضمائر. والكاف: عند سيبويه، فى موضع نصب (¬1)، قال الأخفش هو ضمير منصوب استعير لموضع (¬2) المرفوع، مثل" لولاك". الحكم الرّابع: يجوز حذف" أن" من خبر" عسى"، ويبقى الفعل وحده الخبر؛ حملا على" كاد" فتقول: عسى زيد يقوم، وقد جاء فى الشّعر كثيرا، ومنه قوله: (¬3) عسى الهمّ الّذي أمسيت فيه … يكون وراءه فرج قريب ولم ترد في التنزيل محذوفة. ¬
الفرع الثالث: فيما أشبه عسى من أفعال المقاربة
فأمّا إذا جعلت" أن" والفعل فاعل" عسى" [قبح] (¬1) حذفها؛ لما يؤدّى إليه من جعل الجملة فاعلة؛ فلا يحسن: عسى يقوم زيد، وقد جاء شاذّا فى الشّعر (¬2)، فإن رفعت في هذه الحالة" زيدا" ب" عسى"، ولم ترفعه ب" يقوم" حسن الحذف وقلت: عسى يقوم زيد، وعسى يقومان الزّيدان، فثنّى كما سبق. الحكم الخامس: قد جاء من أمثالهم:" عسى الغوير أبؤسا" (¬3) فحذفوا" أن" والفعل، وجعلوا موضعهما اسما منصوبا، وهذا يدلّك على أنّ موضع خبرها نصب، وقد جمع المصدر، وهو شاذّ، وكان التقدير: عسى الغوير أن يبأس؛ و" الغوير" تصغير غار، و" أبؤس" جمع بؤس أو بأس؛ فكأنّ قائل المثل لمّا تخيّل آثار الشّرّ قال: قارب الغوير الشّدّة والبأس، أى: عسى الغوير أن يأتى بالبأس. الفرع الثّالث: فيما أشبه" عسى" من أفعال المقاربة ، وهى" كاد" و" جعل" و" أخذ" و" كرب" و" طفق" و" أوشك"، تقول: كاد زيد يقوم، وجعل زيد ينشد، وكرب زيد ينطلق، وطفق زيد يتكلّم، وأوشك زيد أن يجئ، وأخذ زيد يجادل، شبّهوا هذه الأفعال - وإن كانت متصرّفة - ب" عسى" في المعنى، ولم يلزموا خبرها" أن"؛ لأنها للمقاربة والإشراف على الشّئ و" أن" تخلّص الفعل للاستقبال، وقد أدخلوها في خبر" كاد" ¬
في الشّعر؛ تشبيها ب" عسى"، قال (¬1): قد كاد من طول البلى أن يمصحا وحملوا" أوشك" على" عسى" و" كاد"، فأدخلوا" أن" في خبرها وحذفوها. ولا بدّ ل" كاد" من اسم وخبر، ولا يكون خبرها إلّا فعلا مضارعا مؤوّلا باسم الفاعل، وقد جاء على الأصل في الشّعر، قال (¬2): فأبت إلى فهم وما كدتّ آيبا كما جاء" عسى الغوير أبؤسا" (¬3) وتلحق" كاد" الضّمائر، كما لحق" عسى". ¬
وبعض العرب يضمّ الكاف فيقول: كدت (¬1). ويضمر فيها ضمير الشأن والقصّة، والجملة بعده تفسيره. ولها معنى خاصّ، وهو: أنّها فعل متى أوجبته، لم يقع ما يخبر به عنه، ومتى نفيته، وقع، تقول: كاد زيد يقوم؛ ففي الإيجاب لم يقم، وفي النّفي قد قام، فأمّا قوله تعالى: إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها (¬2) فإنّما هو على (¬3) نفي مقاربة الرّؤية، وهو أبلغ من نفي نفس الرّؤية، ومثله قوله ذي (¬4) الرّمّة: إذا غيّر النّأى المحبّين لم يكد … رسيس الهوى من حب ميّة يبرح وأمّا قوله تعالى: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها (¬5)، فمعناه: أنّني أكاد لا أقول: هي آتيه؛ لفرط إرادة (¬6) إخفائها، وقيل: معناه: أكاد أخفيها ¬
الفصل الثاني فى نعم وبئس، وفيه فرعان
من (¬1) نفسى، وكذا هي في مصحف أبىّ وابن مسعود، ومن فتح الهمزة (¬2)، جعلها من: خفاه، إذا أظهره، ومعناها ظاهر. الفصل الثّاني فى" نعم" و" بئس"، وفيه فرعان الفرع الأوّل: في تعريفهما، وهما: فعلان ماضيان في الّلفظ، صالحان للحال في المعنى، وهما غير متصرّفين. ومعناهما: المبالغة في المدح والذّمّ؛ وإنما لم يتصرّفا لما تضّمناه من مبالغة المدح والذّمّ الزّائدين على الإخبار، والشّئ متى خرج بالمبالغة عن نظائره، جعلوا له تأثيرا في الّلفظ؛ ولأنّ المقصود من التصرّف وقوع ذلك المعنى في زمن مختصّ، وهذان مقصوران على الماضى، صالحان للحال في المعنى؛ فلا يختصّان بزمن. وفي" نعم" أربع لغات (¬3)، وأكثرها استعمالا: كسر النّون وسكون العين. والكوفيّ يذهب إلى أنّهما اسمان (¬4)، ويحكى قول العرب: ما أنت بنعم الجار، فأدخلوا عليها/ حرف الجرّ، وهو شاذ. ¬
الفرع الثاني: في أحكامها
الفرع الثّاني: في أحكامها: الحكم الأوّل: لا يخلو فاعلهما: أن يكون مظهرا، أو مضمرا: فإن كان مظهرا لم يكن إلّا معرفة بالألف والّلام الّتى للجنس، أو مضافا إلى ما فيه الألف واللام؛ لأنّهم لمّا أرادوا بهما المبالغة في المدح والذّمّ وضعوا الاسم الّذى ينتظم كلّ الجنس الممدوح والمذموم تقول: نعم وبئس الرجل زيد، ونعم غلام الرّجل عمرو، وتقول: نعم العمر عمر (¬1) بن الخطّاب، وبئس الحجّاج حجّاج بن يوسف، تجعل" العمر، و" الحجّاج" جنسا لكلّ من له هذا الاسم (1)، ولا يجوز: نعم الذي قام أنت؛ لأنّ" الّذي" بصلته مقصود إليه بعينه. وإن كان فاعلهما مضمرا كان مفسّرا بنكرة منصوبة من جنسه، أو بمضاف إلى نكرة، نحو قولك: نعم رجلا زيد، ونعم غلام رجل زيد، التقدير: نعم الرّجل زيد، فلمّا أضمرت الرّجل، فسّرته بقولك: رجلا، وقد جمعوا بين الفاعل الظّاهر (¬2) والمفسّر؛ تأكيدا، فقالوا: نعم الرّجل رجلا زيد. و" زيد" في القسم الأوّل مرفوع؛ لأنّه خبر مبتدأ محذوف، كأنّ قائلا قال لمّا قلت: نعم الرّجل: من هذا الممدوح؟ قلت: زيد، أي: هو زيد (3) ويجوز أن ترفعه بالابتداء (3)، و" نعم الرّجل" خبره، والرّاجع إليه: ما تضمّنه الألف والّلام من استغراق الجنس (¬3)، كما تقول: مررت به المسكين، ¬
أي: المسكين مررت به. وأمّا" رجلا"، في القسم الثّاني: فهو منصوب على التّمييز، وحكم" زيد" حكمه في القسم الأوّل. الحكم الثّاني: لا بدّ لهذين الفعلين من مخصوص بالمدح، أو الذّمّ، ولا يكون إلّا من جنس المظهر أو المضمر؛ تقول: نعم الرجل زيد، ونعم غلاما عمرو، ولو قلت: نعم الرجل الفرس، لم يجز، فأمّا إذا قلت: نعم الرّجل رجل، فلم يجز؛ لعدم الفائدة، ولو قلت: نعم الإنسان الرّجل، جاز. وقد يحذف المخصوص بالمدح والذّمّ، إذا كان معلوما للمخاطب، كقوله تعالى: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (¬1)، وقوله تعالى: فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (¬2) أي: نعم العبد أيّوب، ونعم الماهدون نحن، وحذف المفرد منه أسهل من حذف الجملة، وقد حذف الفاعل والمفسّر والمخصوص في قولهم:" فبها ونعمت" [أى (¬3): فبها ونعمت] الخصلة هي، وأمّا قوله تعالى ساءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا (¬4) فعلى حذف المضاف، أي: ساء مثلا (¬5) مثل القوم؛ ليكون من جنس المذموم، وأمّا قوله تعالى: بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ (¬6) فلها تأويلان: أحدهما: أن يكون مثل الآية الّتى قبلها (¬7). والثّاني: أن يكون موضع" الّذين" جرّا، صفة للقوم، والمقصود بالذمّ ¬
محذوفا؛ للعلم به، التقدير: بئس مثل القوم الذين كذّبوا بآيات الله هذا (¬1)؛ لأنّ قبله كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً (¬2) ف" هذا" إشارة إلى المثل المذكور. الحكم الثّالث: قد اختلف في وصف المعرّف بالألف والّلام: فمنهم (¬3) من لم يجز وصفه، سواء كان الوصف خاصّا، كالكاتب والظّريف، أو عامّا، كالقائم والقاعد؛ لعدم افتقاره إلى تخصيص باستغراقه الجنس. والفارسيّ (¬4) قد جوّز وصفه، وجاء في الشّعر موصوفا، قال (¬5): نعم الفتى المرّيّ أنت إذا هم … حضروا لدى الحجرات نار الموقد ¬
وقيل: إنّ" المرّيّ" بدل لا صفة (¬1)، وامتنعوا من قولهم: مررت برجل نعم الرّجل؛ لأنّ الصّفة بابها التخصيص، وهذا عامّ في بابه، وأمّا قوله تعالى: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (¬2) ف" المرفود"؛ إمّا بدل، وإمّا المقصود بالذّمّ. وأجمعوا أن لا يعطف على القسم الثّاني (¬3)، ولا يؤكّد. الحكم الرّابع: لا يفصل بين فاعل" نعم" و" بئس"، وبينهما، وقد فصل بالممدوح بين" نعم" وما عملت فيه في الشّعر، قال الشّاعر (¬4): تزوّد مثل زاد أبيك فينا … فنعم الزّاد زاد أبيك زادا ف" زاد أبيك" هو المخصوص بالمدح، وقد فصل به بين" زاد" المنصوب ب" نعم" وبينها، وإذا كان مبتدأ كان الفصل بالمفرد، وهو أسهل. فأمّا قوله تعالى: بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (¬5)، فإنّ الجارّ والمجرور يتبع فيه والمرفوع ب" بئس" لم يظهر، والتقدير: بئس البدل بدلا للظّالمين إبليس وذريّته. ¬
الحكم الخامس: قد جاء فاعل:" نعم" و" بئس" غير القسمين المذكورين، قال (¬1): فنعم صاحب قوم لا سلاح لهم … وصاحب الرّكب عثمان بن عفّانا فجاء فاعله نكرة مظهرة، ولا يجوز نصبه وقد عطف عليه مرفوع، فإن رفعت" صاحب الرّكب" على" نعم" أخرى، ونصبت" صاحب قوم" قربت من الجواز. وقد شذّ: نعم هم قوما أنتم، ونعما رجلين، ونعموا رجالا، قال ابن السّرّاج: وليس هذا (¬2) ممّا يعرّج عليه. الحكم السّادس: إذا كان الفاعل مؤنّثا، فلك الخيار فى إلحاق العلامة وتركها، تقول: نعم المرأة هند، ونعمت المرأة هند، وتقول: نعم الدّار البلد، ونعمت الدّار البلد؛ لأنّ البلد يسمّى دارا. الحكم السّابع: قد اختلف في" ما" إذا أدخلتها" على" نعم" و" بئس" كقوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ (¬3)، وقوله: بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا (¬4) فمنهم من جعلها مرفوعة (¬5) الموضع، ومنهم من جعلها منصوبة (¬6)، والأولى: أنّها إن كانت فاعلة فهي مرفوعة، وإن كانت ¬
مميّزة فهي منصوبة (¬1)؛ فتكون في الأولي/ منصوبة مميّزة لفاعل" (¬2) «نعم» المضمر فيها، وهي نكرة، لا موصولة ولا موصوفة التقدير: فنعم شيئا هي، وتكون في الثّانية (¬3) فاعلة" بئس" و" اشتروا به" صلتها، والمخصوص بالذّمّ" أن يكفروا" خاتمة: قد ألحقوا ب" نعم" في المعنى غيرها، فقالوا: إذا قلت: مررت برجل كفاك رجلا، وحّدت (¬4) كفاك في كلّ وجه تقول: مررت بقوم كفاك قوما، وكفاك من قوم، وبعضهم يقول: كفوك قوما، وكفوك من قوم، فإن قلت: به، وحّدت" كفاك" لا غير، تقول: مررت بقوم نعم بهم قوما، ولم يستعملوا ل" كفاك" (¬5) مستقبلا، ولا اسم فاعل في هذا الوجه. ¬
الفصل الثالث في حبذا، وفيه فرعان
الفصل الثّالث في" حبّذا"، وفيه فرعان: الفرع الأوّل: في تعريفها، وهى فعل مركّب مع اسم غير متصرّف، ولا يتغيّر بتثنية ولا جمع ولا تأنيث، ولا فكّ نظام (¬1). ومعناها: المدح وتقريب الممدوح من القلب، والأصل فيها" حبب" ك" ظرف"، فأسكنت" الباء" الأولى وأدغمت في الثانية؛ و" ذا" اسم إشارة (¬2) إلى الاسم المذكور بعدها، وجريا - بعد التركيب - مجرى الأمثال الّتي لا تتغيّر (2)، وقيل: ليست" ذا" إشارة (¬3) إلى الاسم؛ لأنّه لا يثنّى ولا يجمع ولا يؤنّث، وهو مرفوع بها، وقيل: معنى" حبّ": صار محبوبا (¬4) جدّا. وفيها لغتان: فتح" الحاء"، وضمّها (¬5)، والفتح أفصح. الفرع الثّاني: فى أحكامها: وهى ترفع المعرفة، وتنصب النكرة التى يحسن فيها" من" على التّمييز؛ تقول: حبّذا زيد، وحبّذا رجلا زيد أى: من رجل، والنّاس فى هذا التقدير مختلفون. فمنهم من يغلّب الاسم في" حبّذا" ويبطل حكم الفعل؛ فيجعلها مبتدأ (¬6) و" زيد" خبرها، كأنّه قال: المحبوب زيد. ¬
ومنهم من يغلّب الفعل؛ لتصدّره، ويبطل حكم الاسم (¬1)، ويرفع" زيدا" به؛ لأنّه فاعله. ومنهم من يجعل لكلّ واحد منهما حكما على حدّه الّذى كان عليه، ويرفع" زيدا" (¬2) بالابتداء، و" حبّذا" خبره، أو يرتفع على أنّه خبر مبتدأ (¬3) محذوف، وتقدير الكلام: حبّذا الذّكر ذكر زيد، أو: حبّذا الرّجل زيد، والعائد المعنى. ولا يجوز تأكيد" ذا" ولا وصفه، ولا البدل منه. وقال قوم (¬4): إنّ" زيدا" بدل من" ذا". وأمّا النكرة المنصوبة على التّمييز: فالعامل فيها ما في" حبّذا" من معنى الفعل، تقول: حبّذا رجلا زيد، وحبّذا زيد رجلا، فإن كانت النكرة مشتقّة كانت منصوبة على الحال، تقول: حبّذا راكبا زيد، وحبّذا زيد راكبا. و" حبّذا" مع الواحد والاثنين والجماعة والمؤنّث بلفظ واحد؛ تقول: حبّذا زيد، وحبّذ الزّيدان، وحبّذا الزّيدون، وحبّذا هند، والهندان، والهندات، كلّه بلفظ واحد؛ وإنّما امتنع من ذلك للتركيب الحادث فيه، وإيغاله فى شبه الحرف. ¬
الفصل الرابع في التعجب، وفيه فرعان
الفصل الرّابع في التعجّب، وفيه فرعان الفرع الأوّل: في تعريفه. التعجّب: قسم من أقسام الكلام الأوّل، ومعناه شئ خفي سببه، وخالف نظائره، ولهذا لا يطلق على الله تعالى؛ لأنّه لا يخفى عليه شئ، وما جاء منه منسوبا إلى الله تعالى، في قوله: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (¬1) بضم" التاء" (¬2) وقوله تعالى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ (¬3) وقوله صلّى الله عليه [وسلّم] (¬4) (عجب ربّك من شابّ ليست له صبوة) (¬5)، فمتأوّل، يجيزه اتّساع اللّسان العربيّ. وهو ضرب من الإخبار يصحّ فيه الصّدق والكذب، ألا ترى أنّك إذا رأيت شيئا لم تر مثله، أو استطرفته، أو استبعدت وقوعه، تعجّبت منه؟ وما أحدث لك التعجّب إلا خفاء سببه عليك، وما علمت سببه فليس بعجب عندك. ¬
الفرع الثاني: فى أحكامه.
والمشهور من ألفاظه المقيسة لفظان: أحدهما: ما أفعله، والآخر: أفعل (¬1) به. وقد حملوا عليهما لفظين آخرين - وإن لم يكونا للتّعجّب - وهما: «أفعل القوم"، و" أفعل من كذا". وقد تعجّبوا بألفاظ مسموعة غير مقيسة (¬2)، نحو قولهم" لا إله إلا الله"! وسبحان الله من رجل! وسبحان الله رجلا! واعجبوا لزيد رجلا، ولله درّك رجلا! ويل امّه رجلا!، ويا حسنه رجلا! ولم أر كاليوم رجلا! ويا لك فارسا! ويا طيبك من ليلة! وأمثالها من ألفاظ سمعت عنهم. وفعل التّعجّب الأول: فعل ماض مبنىّ على الفتح، غير متصرّف، كما قلنا في" نعم" و" بئس"، وقال الكوفيّون (¬3): هو اسم. و" أفعل به" وإن كان بصيغة الأمر، فإنّ معناه الخبر، مثل" ما أفعله"؛ ولهذا قالوا: إنّ معنى، أكرم بزيد: كرم زيد جدّا، كما قالوه في" ما أفعله". الفرع الثّاني: فى أحكامه. الحكم الأوّل: إذا قلت: ما أحسن زيدا! ف" ما" مرفوعة بالابتداء، وهي عند سيبويه غير موصولة (¬4) ولا موصوفة، و" أحسن" خبرها، وفيه ضميرها وهو مرفوع ب" أحسن"، و" زيد" منصوب على التعجّب؛ لوقوع ¬
الفعل عليه، وتقدير الكلام شئ حسّن زيدا، و" ما" عند الأخفش (¬1) موصولة صلتها ما بعدها، والخبر محذوف، وفيها - عند بعضهم - معنى الاستفهام (¬2)، كأنّه قيل: أىّ شئ أكرمه؟! وأمّا" أحسن بزيد! ": فمعناه معنى الأوّل، والجارّ والمجرور في موضع رفع بإسناد الفعل إليه، ولا ضمير فيه؛ لأنّك لست تأمر أحدا بإيقاع فعل، ومنه قوله تعالى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ (¬3)، أي: ما أسمعهم وما أبصرهم. (¬4) ومعنى الكلام، أحسن زيد، أى: صار ذا حسن، وأكرم، أى: صار ذا كرم، كما قالوا: أجرب الرّجل، أي: صار ذا إبل جربى، فنقل إلى صيغة الأمر، وزيد فيه" الباء"، وخصّ بالتعجّب. الحكم الثّاني: فعل التعجّب - لخروجه عن نظائره - صار في كلامهم كالمثل، فلا يتصرّف في الجملة التعجّبيّه بتثنية ولا جمع ولا تأنيث؛ تقول في الأوّل: ما أحسن زيدا!، وما أحسن الزّيدين!، وما أحسن الزّيدين!، وما أحسن هندا! والهندين! والهندات!، وتقول في الثّاني: يا رجل أكرم بزيد! ويا هندات أكرم بزيد!. الحكم الثّالث: وكذلك لم يتصرّف فيه بتقديم ولا تأخير ولا فصل (¬5)؛ فلا يقال: ما زيدا أحسن، ولا زيدا ما أحسن، ولا بزيد أكرم، ولا ما أحسن في ¬
الدّار زيدا، ولا أكرم اليوم بزيد، وقد أجاز الجرميّ (¬1) الفصل؛ أخذا بقولهم:" ما أحسن بالرّجل أن يصدق" هذا مع اتّفاقهم على جواز الفصل ب" كان" فقالوا: «ما كان أحسن زيدا» (¬2): فإن قلت: ما أحسن ما كان زيد! رفعت" زيدا" ب" كان"، و" ما" الثّانية في موضع نصب على التعجّب، التقدير: ما أحسن كون (2) زيد، و" كان" تامّة لا تحتاج إلى اسم ولا خبر. وأجاز بعضهم ما أحسن (¬3) ما كان (¬4) زيدا! " فجعل اسم" كان" مضمرا فيها، وفيه نظر لأنّه يعود إلى" ما"، و" ما" لما لا يعقل. وحكى الأخفش أنّهم زادوا" أصبح" (¬5) و" أمسى" في قولهم:" ما أصبح أبردها" و" ما أمسى أدفأها! ". الحكم الرّابع: الضمير الّذى فى" أحسن" هو فاعله، ولا يعطف عليه، ولا يبدل منه، واختلف في تأكيده، فإذا تقدّم على المنصوب لم يجز إجماعا، ¬
وأجازه بعضهم إذا تأخّر، وأجاز الأخفش البدل (¬1)، فقال: يجوز: ما أحسن زيدا رجلا! (¬2) وما أحسن عمرا وجها!، ولا يجوز: ما أحسن رجلا؛ لقلّة الفائدة. الحكم الخامس: بناء فعل التّعجّب من الفعل الثّلاثىّ الّذى لا زيادة فيه، نحو: ضرب وعلم وظرف، تقول: ما أضربه وأعلمه وأظرفه! وأضرب به وأعلم به وأظرف به! فأمّا بناء" أفعل" ففيه خلاف عن سيبويه، قال السّيرافىّ (¬3): " أفعل" الّذي فيه الهمزة، نحو أكرم، يجئ في التّعجّب قياسا عند سيبويه. فأمّا قولهم: ما أعطاه للمال! فهو عند قوم من: أعطى يعطى، وذلك شاذّ، ومثله: ما أولاه للمعروف! وقال قوم هو من عطا (¬4) يعطو، إذا أخذ، وليس بشئ، قال ابن السّرّاج إنّما جاز ما أعطاه، وأولاه على حذف (5) الزوائد، وأنّك رددته إلى الثّلاثة؛ فإن قلت في" افتقر": ما أفقره! فحذفت الزّوائد ورددته إلى" فقر" (¬5)، جاز. وقد امتنعوا في الثلاثىّ أن يتعجّبوا منه بأشياء؛ إمّا استغناء عنها بغيرها؛ أو خوف اللّبس، أو لمانع؛ لم يقولوا: ما أقيله، من القائلة، وما أسكره من السّكر، وما أجوبه، وما أعصبه، وما أقعده، وما أجلسه، وغير ذلك من أشياء مسموعة. ¬
وذهب (¬1) قوم إلى أنّ كلّ فعل لا يتزيّد لا يتعجّب منه، كقولك: ما أموته، لمن مات، إلّا أن تريد: ما أموت قلبه!. الحكم السّادس: إذا تجاوز الفعل ثلاثة أحرف، وأرادوا التعجّب منه لم يمكن نقله (¬2)، فجاءوا ب" أشدّ" و" أحسن" و" أقبح" ونحو ذلك وأضافوه إلى مصدر الفعل الذى يريدون التعجّب منه، ثمّ أضافوا المصدر إلى صاحبه، وذلك قولك فى:" دحرج"، و" استخرج": ما أشدّ دحرجته! وأحسن استخراجه! وكذلك كلّ ما كان زائدا على ثلاثة أحرف، إلّا ما في أوّله همزة عند قوم (¬3). الحكم السّابع: ما كان من الخلق الثّابتة، والعيوب الّلازمة، كالطّول والقصر والألوان، والحول والعرج، لم يتعجّبوا منه إلا بإدخال" أشدّ" و" أحسن" و" أقبح" كالذى قبله، فتقول: ما أتمّ طوله! وأشدّ بياضه! وأقبح عرجه! فإن كان شئ من هذا النّوع لغير الخلق الثّابتة، جاز التعجّب منه تقول: ما أسوده! من [السّؤدد] (¬4) / وما أبيضه! من بيض الطّائر، وما أحمره! ¬
من البلادة، وقد أجاز الكوفيون (¬1): ما أبيضه! وما أسوده! في الألوان؛ قالوا: لأنّهما أصلان (¬2) لها. الحكم الثّامن: قال سيبويه: هذا باب" ما أفعله" (¬3) على معنيين، تقول: ما أبغضني له! وما أمقتني له! إنّما تريد: أنّك ماقت، وأنّك مبغض، وتقول: ما أمقته إليّ! وما أبغضه إلىّ! فأنت تريد: أنّه مقيت وبغيض، وإن قلت: ما أبغضني إليه! وما أمقتني إليه! كنت أنت المقيت عنده؛ وإنّما خصّوا اللام بذلك لأنّ بابها الملك، و" إلى" لانتهاء الغاية للفعل؛ فهو للمفعول. الحكم التّاسع: نوعا التعجّب مشتركان في الأحكام؛ فكلّ فعل تعجّب منه ب" ما أفعله" تعجّب منه ب" أفعل به"، وكلّ ما امتنع في هذا امتنع في الآخر؛ تقول: ما أحسن زيدا!، وأحسن بزيد! وما أحسن استخراجه! وأحسن باستخراجه! وما أشدّ سواده! وأشدد بسواده! وما أقبح عرجه! وأقبح بعرجه!، وكما لا تقول: ما أبيضه، فكذلك لا تقول: أبيض به. الحكم العاشر: قد ألحقوا في التعجّب لفظين، لهما نظير إليه - وإن لم يكونا تعجّبا - وهما:" أفعل القوم" و" أفعل من القوم"؛ تقول: زيد أفضل القوم، وأفضل من القوم، فأعطوهما بعض أحكام التعجّب، فما لم يجز في التّعجّب، لم يجز فيهما؛ وإنما فعلوا ذلك لأنّ معناهما: المبالغة، والشّيء يحمل على نظيره؛ ولهذا امتنع بعضهم من ظهور المصدر معه؛ فلا يجيز: زيد ¬
أفضل القوم فضلا، وأكرمهم كرما، وقال: ما جاء منه مظهرا فهو منصوب بفعل آخر يدلّ عليه المذكور، كقوله (¬1): أمّا الملوك فأنت اليوم ألأمهم … لؤما وأبيضهم سربال طبّاخ وهذان الفعلان الملحقان بالتّعجّب محمولان على قسميه؛ فكلّ ما جاز فيهما جاز في هذين، وما امتنع فيهما امتنع في هذين؛ تقول: زيد أعلم القوم، وأعلم من القوم، وأحسن/ القوم استخراجا، وأحسن منهم استخراجا، وأشدّ القوم بياضا، وأشدّ منهم بياضا، وأقبح القوم عرجا، وأقبح منهم عرجا؛ ولا تقول: هو أبيضهم، ولا أعرجهم، فأمّا قوله تعالى: فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (¬2) فمحمول على عمى القلب (¬3) - وإليه ينسب أكثر ¬
القسم الثاني من الباب الخامس عشر، وهو باب العوامل
الضّلال - أو على أنه اسم لم يرد به" أفعل من كذا"، وأنشد بعضهم (¬1): يا ليتنى مثلك في البياض … أبيض من أخت بني أباض القسم الثاني من الباب الخامس عشر، وهو باب العوامل في الأسماء العاملة، وفيه مقدّمة، وأربعة أنواع. أمّا المقدّمة: فقد سبق في أوّل الباب أنّ الفعل أصل في (¬2) العمل، وأنّه قد حمل عليه أسماء وحروف. فالأسماء العاملة عمل الفعل على أربعة أنواع: نوع عمل لمشابهة في العدّة والحركات وغيرهما، وهو: اسم الفاعل والمفعول. ونوع حمل على اسم الفاعل، وهو الصّفة. ونوع عمل على شرط أن يكون بتقدير" أن" والفعل؛ لكونه أصلا للفعل، وهو المصدر. ونوع عمل نيابة عن الفعل، واختصارا، وهو اسم الفعل. ¬
النوع الأول: في اسم الفاعل والمفعول،
النّوع الأوّل: في اسم الفاعل والمفعول، وفيه فرعان: الفرع الأوّل: في تعريفهما (¬1)، اسم الفاعل: ما جرى على فعله، كضارب ومخرج ومنطلق، ومستخرج، من: ضرب يضرب، وأخرج يخرج، وانطلق ينطلق، واستخرج/ يستخرج، وكذلك ما جاء منها على غير هذا الوزن، نحو: ضرّاب، وضروب، ومطعام، وقدير، فيعمل عمل الفعل، مظهرا، أو مضمرا، ومقدّما، ومؤخّرا، ومؤنّثا، ومذكّرا؛ تقول: زيد ضارب عمرا ومكرم بكرا، وهو ضارب زيدا وعمرا، أى: وضارب عمرا. وأمّا اسم المفعول: فهو الجاري على" يفعل" من فعله: نحو: مضروب، ومخرج، ومستخرج، ومنطلق به، وحكمه حكم اسم الفاعل، إلّا أنّه ينقص عنه بمفعول واحد أبدا، تقول: زيد مضروب غلامه، ومخرج ولده، ومستخرج ماله. ولا يعمل اسم الفاعل والمفعول إلا إذا كانا من فعل متعّد؛ فإنّهما تابعان له في اللّزوم والتعدّي، إلّا أنّ الفعل المتعدّي لا يعدّي بحرف جر إلا إذا تأخّر، لا تقول: ضربت لزيد، وتقول: لزيد ضربت، واسم الفاعل تعدّيه بحرف الجرّ؛ تقول: هذا ضارب زيدا، و: ضارب لزيد. الفرع الثّاني: في أحكامه. الحكم الأوّل: لمّا كان اسم الفاعل فرعا فى العمل على الفعل، نقص عنه، فاحتاج في العمل إلى شرائط ثلاث: ¬
الشّريطة الأولى: أن يكون؛ للحال، أو (¬1) للاستقبال، ولا يعمل إذا كان بمعنى الماضي، والكوفيّ (¬2) يعمله فيه، تقول: زيد ضارب عمرا السّاعة، وضارب عمرا غدا، ولا تقول: ضارب زيدا أمس؛ لأنّ اسم الفاعل أشبه الفعل المضارع في حركاته وسكناته، وتذكيره وتأنيثه، وغير ذلك؛ فحمل عليه في العمل، ولم يشبه الماضي، إلّا إذا أريد حكاية الحال الماضية، أو أدخلت عليه الألف واللّام، كقوله تعالى: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ (¬3)، وكقولك: هذا الضّارب زيدا أمس، وتقول: مررت برجل ضارب عمرو، فتصفه به، لأنّه نكرة مثله، ولا تقول: مررت برجل ضارب زيد أمس، إلّا على البدل. الشّريطة الثّانية: أن يكون اسم الفاعل معتمدا على أحد خمسة أشياء: الأوّل: أن يكون صفة لموصوف، كقولك: هذا رجل ضارب زيدا. الثّاني: أن يكون خبرا لمبتدأ، كقولك: زيد قائم غلامه، وعمرو ضارب أخوه بكرا. الثّالث: أن يكون حالا لذى حال، كقولك: هذا زيد قائما غلامه. الرّابع: همزة الاستفهام، كقولك: أقائم أخواك، فارتفع" أخواك" ب" قائم". الخامس:" ما" النّافية، كقولك: ما ذاهب غلاماك، فارتفع" غلاماك" ب" ذاهب". الشّريطة الثالثة: في تحمّله الضّمير إذا جرى على من هو له، فإن جرى على غير من هو له لم يتحمّله، كقولك: زيد هند ضاربها هو، ف" زيد" مبتدأ، و" هند" مبتدأ ثان" و" ضاربها" خبرها، و" هو" ل" زيد" فقد جرى على غير من هو له؛ فاحتاج أن يبرز الضّمير، وهو" هو". ¬
والكوفيّ: يعمله غير معتمد (¬1)، ويحمّله الضمير، وإن جرى على غير من هو له. وإذا صغّر اسم الفاعل أو وصف لم يعمل؛ لأنّه يبعد بذلك عن الفعل الّذي عمل بمشابهته، وما جاء منه في الشّعر فمؤوّل، وقد جوّز بعضهم: هذا ضارب زيدا ظريف، فوصف بعد العمل. الحكم الثّاني: جميع أبنية اسم الفاعل تعمل عند البصريّ، وقد اختلفوا في أبنية منها، وهي: فعول، وفعّال، ومفعال، فأعملهنّ البصريّ، وأنشد (¬2): ضروب بنصل السّيف سوق سمانها … إذا عدموا زادا فإنّك عاقر وقال (¬3): أخا الحرب لبّاسا إليها جلالها … وليس بولّاج المكاره أعزلا ¬
وقال (¬1): شمّ مهاوين أبدان الجزور مخا … ميص العشيّات لا ميل ولا قزم (¬2) مهاوين: جمع مهوان، ومنه قولهم: إنّه لمنحار بوائكها، ومفعل: بمنزلة مفعال. وأمّا فعيل للمبالغة فلا يعمله إلّا سيبويه (¬3) وحده، وأنشد (¬4): حتّى شاها كليل موهنا عمل … باتت طرابا وبات الّليل لم ينم ¬
والمازنيّ (¬1) يقول: إنّ" موهنا" منصوب على الظّرف. وأمّا" فعل" فإنّ سيبويه (¬2) والجرميّ (¬3) يعملانه، وأنشد سيبويه (¬4): حذر أمورا لا تخاف وآمن … ما ليس منجيه من الأقدار الحكم الثّالث: المثنّى والمجموع جمع الصّحّة، والتكسير يعمل عمل المفرد، تقول: هما ضاربان زيدا، وهم شاتمون عمرا، وهم قطّان مكّة، وهنّ حواجّ بيت الله، قال طرفة (¬5): ثمّ زادوا أنّهم فى قومهم … غفر ذنبهم غير فخر ¬
وقال آخر (¬1): ممّن حملن به وهنّ عواقد … حبك النّطاق فشبّ غير مهبّل وقال (¬2): أو الفا مكّة من ورق الحمى الحكم الرّابع: إذا عمل اسم الفاعل فى مظهر، مثنّى أو مجموع وحّدته كما توحّد الفعل، تقول: مررت برجل منطلق غلاماه، وذاهب غلمانه، فإن كان ممّا يجمع جمع تكسير، كان جمعه أولى، تقول: مررت برجل قيام غلمانه، ولا يحسن: قائمين غلمانه، إلّا على لغة من قال: أكلوني البراغيث، وإن رفعت به مضمرا مثنّى أو مجموعا ثنّيته وجمعته، فقلت: الزيدان قائمان، والزيدون قائمون، تقديره: قائمان هما، وقائمون هم. ¬
الحكم الخامس: لا يخلو اسم الفاعل ومفعوله: أن يكون في كلّ منهما" ألف" و" لام"، أو في أحدهما، أو لا في واحد منهما. فالأوّل: يجوز فيه النّصب على الأصل، والجرّ بالإضافة، تقول: هذا الضّارب الرّجل، والرّجل، وكذلك إن كان المفعول مضافا إلى ما فيه الألف والّلام، كقولك: هذا الضارب غلام الرّجل. الثّاني: إمّا أن يكون الألف والّلام في اسم الفاعل، أو في مفعوله. فإن كانا في اسم الفاعل صار بتقدير" الّذي" فتنصب المفعول، فتقول: رأيت الرّجل الضّارب زيدا، ولا يجوز جرّه، وقد أجازه الفرّاء (¬1). وإن كان في المفعول، لم يكن فيه إلّا الجرّ، نحو: هذا ضارب الرّجل وقد قرأ أبو السّمّال: إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (¬2)، ولحّنوه (¬3)، قال ابن السّرّاج: وقد أجاز سيبويه نصب الاسم (¬4) مع إسقاط التّنوين في قوله (¬5): فألفيته غير مستعتب … ولا ذاكر الله إلّا قليلا الثّالث: أن لا يكون في اسم الفاعل ومفعوله ألف ولام، ولك فيه حذف التّنوين والجرّ بالإضافة، وإبقاء التّنوين والنّصب، نحو: ضارب زيد، وضارب زيدا. ¬
وحكم التّثنية والجمع - مع هذه الأقسام الثّلاثة - حكم المفرد في حذف النّون والجرّ، وإثباتها والنّصب، تقول في الأوّل: هذان الضّاربا الرّجل، والضّاربان الرّجل، وهؤلاء الضّاربو الرّجل، و: الضّاربون الرّجل، وتقول في الثّاني: هذان الضّاربا زيد، والضّاربان زيدا، والضّاربو زيد، والضّاربون زيدا. وقد أجازوا النّصب مع حذف النّون، وهو قليل، وأنشدوا (¬1): الحافظو عورة العشيرة لا … يأتيهم من ورائهم وكف وعليه قرئ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ (¬2) بالنّصب (¬3)، فجعلوا حذف النّون تخفيفا، لا للإضافة، والجرّ أكثر، وتقول في الثّالث: مررت برجلين ضاربى زيد، وضاربين زيدا، وبرجال ضاربى زيد، وضاربين زيدا. الحكم السّادس: إذا عطفت على الاسم المفعول المجرور الذي فيه الألف والّلام اسما لا ألف ولاما فيه، فالاختيار النّصب، كقولك: أعجبنى الضّارب الرّجل وزيدا، وقد جوّز سيبويه (¬4) فيه الجرّ؛ حملا على الّلفظ، وأنشد (¬5) عليه: الواهب المائة الهجان وعبدها … عوذا تزجّى خلفها أطفالها ¬
وكذلك جوّز (¬1) البدل، وأنشد (¬2): أنا ابن التارك البكرىّ بشر … عليه الطّير ترقبه وقوعا والمبرّد (¬3) يخالفه في هذين الحكمين. الحكم السّابع: إذا فصلت بالظّرف مع حرف العطف في اسم الفاعل، كان قبيحا. كقولك: زيد ضارب عمرا اليوم وغدا بشرا، فإن قلت: وبشرا غدا كان حسنا، كما قبح ذلك وحسن في الفعل إذا قلت: ضربت زيدا اليوم وأمس عمرا، وضربت زيدا اليوم وعمرا أمس، وقد جاء الفصل في الشّعر، قال الأعشى (¬4): يوما تراها كشبه أردية ال … عصب ويوما أديمها نغلا ¬
والفصل في المجرور أقبح منه في المنصوب والمرفوع، كقولك: مررت بزيد اليوم وأمس عمرو. الحكم الثّامن: قد تقدّم أنّ اسم الفاعل إذا كان (¬1) للماضي لا يعمل عند البصريّ، وما جاء منه عاملا فمؤوّل، كقوله تعالى: فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً (¬2)، وكقولهم: هذا معطى زيدا أمس درهما، فالشّمس والقمر منصوبان بفعل مضمر دلّ عليه" جاعل"، ومثل هذا الإضمار في القرآن كثير، وتقديره - والله أعلم - أنّه لمّا قال:" وجاعل الّليل" (¬3) قيل: ما جعله؟ قيل: جعله (¬4) سكنا وجعل الشّمس والقمر حسبانا وكذلك «درهما" منصوب بفعل مضمر دلّ عليه" معط"، ولقد استغنى الكوفىّ عن هذا التقدير (¬5) والتعسّف. النّوع الثّانى: في الصّفة المشبّهة باسم الفاعل، وفيه فرعان: الفرع الأوّل: في تعريفها، وهي: كلّ صفة لم تجر على فعلها، وإنّما هي مشبّهة باسم الفاعل بالتذكير والتأنيث والتّثنية والجمع، كما كان اسم الفاعل ¬
مشبّها بالفعل، نحو: حسن وكريم وشديد وسهل وصعب، تقول: مررت برجل حسن وجهه، وكريم أبوه، وظريفة أمّه، وسهل خلقه، فترفع هذه الأسماء الظّاهرة بالصّفة كما ترفعها باسم الفاعل. وتخالف اسم الفاعل؛ لأنّها غير جارية على الفعل كما جرى اسم الفاعل عليه، ألا ترى أنّك إذا قلت: زيد ضارب عمرا، فاسم الفاعل من فعل حقيقيّ، نصبت به كما نصبت بالفعل، و" حسن" و" كريم" و" شريف" أسماء غير متعدّية على الحقيقة، وإنّما تعدّت تشبيها باسم الفاعل، فإذا قلت: زيد ضارب عمرا، فالمعنى: أنّ الضّرب وصل إلى عمرو، وإذا قلت: زيد حسن الوجه، فلست تخبر أنّ زيدا فعل بالوجه شيئا، وإنّما الوجه فاعل فى الحقيقة؛ فإنّ معنى الكلام: زيد حسن وجهه. الفرع الثّاني: في أحكامها: الحكم الأوّل: هذه الصّفات لا تعمل إلّا إذا كانت للحال دون الاستقبال، واعتمدت على ما اعتمد عليه اسم الفاعل، ألا ترى أنّك إذا قلت: مررت برجل حسن وجهه، فالحسن موجود حال مرورك به، ولو قلت: مررت برجل حسن وجهه غدا، لم يجز؛ لأنّ الحسن غير موجود فيه وقت المرور به؛ فهي تدلّ على معنى ثابت، فإن قصد الحدوث قيل: هو حاسن الآن وغدا، وكذلك: كارم وطائل، ومنه قوله تعالى: وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ (¬1). الحكم الثّاني: هذه الصّفات تعمل في المظهر والمضمر. أمّا المضمر: فلا تحتاج إلى ظهوره معها، نحو: مررت برجل ظريف وامرأة ظريفة، أي: ظريف هو، ف" هو" مرفوع ب" ظريف". وأمّا المظهر: فتعمل فيه إذا كان من سبب الموصوف، تقول: مررت ¬
برجل ظريف أبوه وحسن أخوه؛ فترفع" الأب" و" الأخ" ب" ظريف" و" حسن"، فإن لم يكن الظّاهر من سبب الموصوف لم يجز؛ فلا تقول: مررت برجل حسن عمرو؛ لعدم الفائدة. ومثنّاها ومجموعها كمفردها، وحكمها فى العمل والّلفظ حكم اسم الفاعل فيهما، تقول: مررت برجل حسن غلاماه، وحسن غلمانه، وحسان غلمانه. الحكم الثّالث: لا يتقدّم معمول هذه الصّفات عليها، ولا يفصل بينها وبينه بأجنبيّ؛ فلا تقول: مررت برجل وجهه حسن، و" وجهه" مرفوع بالصّفة، ولا: مررت برجل حسن اليوم وجهه، فتفصل بينهما ب" اليوم" كما جاز فى اسم الفاعل؛ لأنّه أقرب إلى الفعل من الصّفة، والصّفة فرع عليه. الحكم الرّابع: لا بدّ في هذه الصّفات - إذا عملت - من ضمير يعود منها إلى الموصوف؛ حملا على نظائرها، تقول: مررت برجل حسن وجهه، وامرأة حسن وجهها، فالهاء عائدة إلى الرّجل والمرأة، فرفعت الوجه ب" حسن" مع أنّه للرّجل؛ لأجل الضّمير العائد. الحكم الخامس: قد حذفوا الضمير وأضافوا الصّفة إلى معمولها، فقالوا: مررت برجل حسن وجه، وحسن الوجه، ولم يحتاجوا أن يعيدوا الضّمير إلى الموصوف؛ لأنّهم جعلوا الحسن لجميع الذّات، كأنّهم قالوا: مررت برجل حسن، فارتفع به ضميره؛ فلم يمكن أن يرفع به الوجه؛ إذ لا يرفع بعامل واحدا اسمان ظاهران، ولا ظاهر ومضمر، فأضافوا الحسن إلى الوجه، وأدخلوا فيه الألف والّلام تارة، وهو الأكثر، وحذفوهما منه أخرى.
وهذه الإضافة لا تفيد المضاف تعريفا، وإن كانت إلى معرفة؛ لأنّ المعنى: حسن/ وجهه، وقد علم أنّه لا يعنى به من الوجوه إلا وجهه، وعلى الأوّل جاء قولهم:" هو حديث عهد (¬1) بالوجع". الحكم السّادس: تقول: مررت بامرأة حسن وجهها، فلا تؤنّث الصّفة؛ لأنّ الحسن للوجه، وهو مذكّر، فإن رفعت به مضمرا، أنّثت فقلت: مررت بامرأة حسنة، أي: حسنة هي؛ لأنّ الحسن لها، وتقول فيما حذف منه الضمير: مررت بامرأة حسنة الوجه وحسنة وجه؛ فتؤنّث الصّفة؛ لأنّها جارية على المرأة لا على الوجه. بخلاف الأوّل. الحكم السّابع: إذا كان في الصّفة ومعمولها ألف ولام فلك فيه مذهبان: أحدهما: الجرّ بالإضافة الّلفظيّة، تقول مررت بزيد الحسن الوجه، و: بهند الحسنة الوجه، فتؤنّث؛ لأنّ الضمير لها. والثّاني: النّصب؛ تشبيها ب" الضّارب (¬2) الرّجل"، تقول: مررت بزيد الحسن الوجه. الحكم الثّامن: إذا قرنت هذه الصّفات بمضاف، فحكمها معه حكمه مع المفرد، تقول: مررت برجل حسن وجه عبده، وحسن وجه عبد، وحسن وجه العبد، ومررت بزيد الحسن (¬3) وجه العبد. الحكم التّاسع: قد انقسمت هذه الصّفات ومعمولها إلى أقسام (¬4)، استعمل أكثرها. ¬
الأوّل: - وهو الأصل - مررت برجل حسن وجهه. الثّاني: مررت برجل حسن وجهه، بإضافة" حسن" إلى" وجه" وهو أقلّها. الثّالث: مررت برجل حسن وجه، بإضافة" حسن" إلى" وجه"، وهو قليل. الرّابع: مررت برجل حسن وجها، بالنّصب على التّمييز. الخامس: مررت برجل حسن الوجه، وهو أكثرها. السّادس: مررت برجل حسن الوجه، بتنوين" حسن" ونصب" الوجه"، على إضمار الفاعل في" حسن،"، ونصب" الوجه" على التّشبيه (¬1) بالمفعول. السّابع: مررت/ برجل حسن وجهه، برفعهما على المبتدأ والخبر، والخبر مقدّم. الثّامن: مررت بزيد الحسن الوجه، وهو الأكثر مع المعرفة. التّاسع: مررت بزيد الحسن الوجه، بنصب" الوجه" تشبيها ب" الضّارب الرّجل". العاشر: مررت بزيد الحسن وجهه، وهو مع المعرفة كالأوّل مع النكرة وألغى منها واحد، وهو الحسن وجه، بالإضافة؛ لعكس الغرض؛ فإنّ الألف واللّام عرّفت الصّفة، والإضافة إلى" وجه" نكّرته. واستقبحوا: مررت برجل حسن الوجه، بالرّفع، وأنت تريد: منه، فتحذفه؛ لأنّ الضمير لا بدّ منه؛ ليلتبس الثّانى بالأوّل. الحكم العاشر:" أفعل" من الصّفات لا يعمل إلّا في المضمر، في القول القويّ، تقول: مررت برجل أفضل منك أبوه، فلا ترفع" أبوه" ب" أفضل"؛ لأنّه ¬
مظهر، ولكن يرفع بالابتداء، و" أفضل" الخبر، وتكون الجملة صفة ل" رجل". وقد رفعوا المظهر - وليس بالكثير - حملا على المعنى، تقديره: مررت برجل فاضل أبوه، فإن قلت: مررت برجل أفضل منك، رفعت به المضمر، ولذلك لم يستحسنوا: مررت برجل خير منه أبوه؛ لأنّه وإن كان صفة، فقد فارق الصّفات المشبّهة باسم الفاعل؛ لامتناعه من التّأنيث والتّثنية والجمع؛ فلا تقول: خيرة وخيران؛ وحيث لم يستحسنوا ذلك فالأحسن الأفصح أن تقول: مررت برجل أبوه خير منه. فإن كانت" أفعل" ليست الّتى تصحبها" من"، رفعت المظهر، تقول: مررت برجل أحمر أبوه، وأسود شعره، وزرقاء عينه، فإن ثنّيت معموله وجمعته قلت: مررت برجل أحمر أبواه، وأحمر أباؤه. وأمّا قولهم (¬1):" ما من أيّام أحبّ إلى الله فيها الصّوم منه في عشر ذى الحجّة"، و: ما" رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين (¬2) زيد"، فإنّ/ الصّوم و" الكحل" يرتفعان ب" أفعل"؛ لأنّ الهاء في" منه" للمرتفع ب" أفعل"، بخلاف ما تقدّم، وإنّما جعلت للكحل في عينه عملا ليس له في عين غيره. ¬
والحكم في قولك: مررت برجل سواء أبوه وأمّه، وأسد أخوه، ومائة إبله، وأمثال ذلك، كالحكم في" أفعل"، وقد تقدّم ذكر ذلك في الصّفة (¬1) من باب التّوابع. النّوع الثّالث: في المصدر، وفيه فرعان: الفرع الأوّل: في تعريفه: المصدر الّذي يعمل عمل الفعل: ما كان مقدّرا ب" أن" والفعل، ولم يكن بتقدير الحال؛ لأنّ" أن" لا تدخل على الحال. ويرد في الكلام على ثلاثة أوجه: الأوّل: أن يكون منوّنا، نحو: عجبت من ضرب زيد عمرا، أي: من أن ضرب زيد عمرا. والثّاني: أن يكون مضافا، نحو: عجبت من ضرب زيد عمرا. والثّالث: أن يكون معرّفا باللّام، نحو: عجبت من الضّرب زيد عمرا. وهو في هذه الأحوال الثّلاث عامل عمل الفعل الّذي اشتقّ منه - إن كان لازما أو متعدّيا - من الرّفع والنّصب. ويعمل ماضيا ومستقبلا، تقول: أعجبني ضرب زيد عمرا أمس، وأريد إكرام بشر خالدا غدا، وإذا قلت: أعجبنى ضرب زيد، جاز أن يقدّر ب" أن يفعل" وأن يفعل،" وأن فعل"،" وأن فعل". الفرع الثّاني: في أحكامه الحكم الأوّل: المصدر المنوّن إذا لم يكن له فاعل في اللّفظ فليس مضمرا معه، وإنّما هو محذوف، تقول: عجبت من أكل زيد الخبز، وعليه قوله تعالى: ¬
أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (¬1)، تقديره: أو أن تطعموا (¬2). وقد حذفوا المفعول كما حذفوا الفاعل، فقالوا: عجبت من ضرب عمرو، أي: من أن ضرب عمرو، ومنه قوله تعالى: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ (¬3). الحكم الثّاني: إذا ذكرت مع المصدر اسم الفاعل والمفعول فلك إضافته إلى أيّهما شئت، فإذا أضفته إلى الفاعل جررته، ونصبت المفعول إن كان ملفوظا به، كقوله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ * (¬4)، وإن أضفته إلى المفعول جررته ورفعت الفاعل، كقولك: عجبت من ضرب عمرو زيد؛ ف" زيد" فاعل و" عمرو" مفعول مقدّم، إلّا أنّ إضافته إلى الفاعل أحسن، ومن إضافته إلى المفعول، تقول: أعجبني ركوب زيد الدّابّة، وركوب الدّابّة زيد، وعجبت من دقّ القصّار (¬5) الثّوب، ومن دقّ الثّوب القصّار. الحكم الثّالث: قد بنوا المصدر للمفعول الّذى لم يسمّ فاعله، قال سيبويه: تقول: عجبت من دفع النّاس بعضهم ببعض (¬6)، ف" النّاس" مفعول قام مقام الفاعل. الحكم الرّابع: الألف والّلام الّتى فى المصدر ليست كالتي في اسم ¬
الفاعل؛ فإنّ تلك بتقدير" الّذي"، وهذه كالتى فى" الرّجل"؛ لأنّها لا يعود إليها شئ، وممّا جاء في الشّعر منه عاملا قوله (¬1): ضعيف النّكاية أعداءه … يخال الفرار يراخى الأجل فنصب" أعداءه" بالمصدر الّذي هو" النكاية"، قال الفارسىّ: ولم أعلم في التّنزيل شيئا من المصادر بالألف (¬2) والّلام، وقد عورض بقوله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ (¬3)؛ فقوله:" بالسّوء" معمول" الجهر"، وكذلك" من ظلم" أى: لا يحبّ الله أن يجهر بالسّوء من القول إلا من (¬4) ظلم. الحكم الخامس: إذا أضفت المصدر إلى الفاعل أو المفعول، ثمّ عطفت على كلّ واحد منهما جاز لك في المعطوف الحمل على المعنى؛ تقول: أعجبني ضرب زيد وعمر وبكرا، فترفع" عمرا" على أنّ" زيدا" فاعل، وتقول: ¬
أعجبنى ضرب زيد وخالدا عمرو فتنصب/" خالدا" على أنّ" زيدا" مفعول، وأنشد سيبويه (¬1): قد كنت داينت بها حسّانا … مخافة الإفلاس والّليّانا والتقدير فيهما: أعجبني أن ضرب زيد وعمر وبكرا، وأن ضرب زيدا وخالدا عمرو. وكذلك أجازوا الوصف على الموضع نحو: عجبت من ضرب زيد الظّريف عمرا، والظريف عمرو، فترفع" الظّريف" وتنصبه؛ لأنّه صفة" زيد" فى الحالين، ومنه بيت لبيد (¬2): حتّى تهجّر في الرّواح وهاجها … طلب المعقّب حقّه المظلوم تقديره: كما يطلب المعقّب المظلوم حقّه. الحكم السّادس: لا يتقدّم معمول المصدر عليه، فلا تقول: أعجبنى زيدا ضرب عمرو؛ لأنّ" زيدا" معمول المصدر، وتقول: سرّني قيامك يوم الجمعة، ¬
فتجعل" يوم الجمعة" ظرفا ل" سرّني"، ولو قلت: سرّني يوم الجمعة قيامك، فجعلت" يوم الجمعة" ظرفا للقيام، لم يجز. الحكم السّابع: لا يفصل بين المصدر ومعموله بأجنبىّ، فلا تقول: أعجبنى ضرب زيد إعجابا عمرا؛ لأنّ" إعجابا" منصوب ب" أعجبني" ولاحظّ للمصدر فيه، وعمرو" منصوب بالمصدر الّذي هو" ضرب"، فلا يفصل بينهما ب" إعجاب"، وما جاء منه مفصولا فمنصوب بشيء مقدّر يدلّ عليه المصدر، كقوله تعالى: إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ (¬1)؛ فليس" اليوم" منصوبا ب" قادر"؛ لأنّ الله تعالى قادر ذلك اليوم وغيره، ولا ب" رجعه"؛ للفصل؛ فيقدّر له ناصب (¬2) غيرهما، ومثله قول الشّاعر (¬3): فياميّ هل يجزى بكائى بمثله … مرارا وأنفاسى إليك الزّوافر ف" مرارا" منصوب بما دلّ عليه" بكائي"، ولا ينصب ب" بكائي" للفصل. وقد فصلوا بالمفعول/ بين المصدر وفاعله في الشّعر، قال (¬4): ¬
فزججتها بمزجّة زجّ … القلوص أبي مزاده الحكم الثّامن: لا يوصف المصدر ولا يؤكّد ولا يبدل منه ولا يعطف عليه إلّا بعد تمامه؛ لأنّ هذه التّوابع إنّما شرعت تابعة لمتبوع، فإذا لم يتمّ المتبوع كيف يتبع؟ وسيجئ هذا مبيّنا في باب الصلة (¬1) والموصول. الحكم التّاسع: حكى قوم أنّ العرب قد وضعت الأسماء فى مواضع المصادر؛ فقالوا: «عجبت من طعامك طعامنا" و" عجبت من دهنك لحيتك، تريد: من إطعامك، ومن دهنك (¬2)، بفتح الدّال، وأنشدوا (¬3): أظليم إنّ مصابكم رجلا … أهدى السّلام تحيّة ظلم أراد: إصابتكم، ومثله قوله (¬4): وبعد عطائك المائة الرّتاعا يريد: إعطاءك. ¬
وقالوا: إذا جاءت الأسماء وفيها المدح والذّمّ، وأصلها ممّا لم يسمّ فاعله، رفعت مفعولها، تقول: عجبت من جنون بالعلم زيد؛ فيصير كالفاعل، وإنّما هو مفعول. النّوع الرّابع: في أسماء الأفعال، وفيه فرعان: الفرع الأوّل: في تعريفها، وهى قسمان: أسماء، وحروف. أمّا الأسماء فعلى ضربين: متعدّ، وغير متعدّ، والمتعدّي على ضربين: مفرد، ومضاف. أمّا المفرد فنحو: رويدك زيدا، ليس للكاف موضع من الإعراب، ويستعمل" رويد" مصدرا، نحو: رويد زيد، وصفة، نحو: ساروا سيرا رويدا، وحالا، نحو: ساروا/ رويدا، ومنه قوله تعالى: فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً" (¬1)، ومن المفرد: تراك، ومناع، أي: اتركها، وامنعها، قال (¬2): تراكها من إبل تراكها وأمّا المضاف فنحو: دونك زيدا، وعندك عمرا، أي: الزمه، وحذرك زيدا، وحذارك، أي: احذره. وأمّا غير المتعدّي: فعلى ضربين أيضا: مفرد، ومضاف: فالمفرد نحو: صه، ومه، ونزال: أي: اسكت، وانزل. والمضاف. نحو: مكانك، ووراءك، إذا حذّرته شيئا خلفه وقدّامه. وأمّا الحروف فعلى ضربين: متعدّ، وغير متعدّ. ¬
فالمتعدّي نحو: عليك زيدا، أى: خذه، فإذا قلت: عليّ زيدا، فمعناه: أعطني زيدا وغير المتعدّي، نحو: إليك، أي: تنحّ، قال سيبويه: عن أبي الخطّاب أنّه سمع من يقال له: إليك، فيقول: إليّ، أي كأنّه قيل له: تنحّ، فقال: أتنحّى، في هذا الحرف (¬1) وحده، هذا في أخوات" إلىّ"؛ لأنّ هذا الباب إنّما وضع في الأمر في المخاطب، وما أضيف فيه فإنّما يضاف إلى كاف المخاطب وياء المتكلّم؛ فلا يجوز أن تقول: رويده زيدا، ولا: دونه عمرا، وحكى أنّ بعضهم قال: «عليه رجلا (¬2) ليسنى»، كأنّه قال: ليس إيّاي. وأسماء الأفعال في العربيّة كثيرة، وكتب الّلغة أولى ببيانها، وقد ذكرنا منها أمثلة كثر استعمالها. فمن ذلك:" فعال" وترد في الكلام على أربعة أضرب: ضرب بمعنى الأمر، كنزال وتراك. وضرب بمعنى المصدر، كفجار وجماد ويسار، يريدون: الفجرة، والميسرة، والجمود. وضرب معدول عن الصّفة، نحو: يا لكاع ويا فساق، في النّداء. وضرب معدول عن فاعلة في الأعلام، كحذام وقطام وسكاب وجعار ¬
وحلاق، اسم امرأة (¬1) وفرس (¬2)، واسم الضّبع (¬3)، والمنيّة (¬4). فأهل الحجاز يبينون ذلك كلّه على الكسر (¬5) / وبنو تميم يعربونه ولا يصرفونه، إلّا ما كان آخره راء، كحضار وجعار؛ فإنّهم يبنونه (5). وأكثر ما يجئ هذا البناء من الثلاثى، وسيبويه يجعله مقيسا (¬6)، وقد جاء من (¬7) من الأربعة قليلا، نحو: قرقار وعرعار، قال (¬8): قالت له ريح الصّبا قرقار وقال الآخر (¬9): يدعو بها وليدهم عرعار ¬
ومن ذلك:" هيهات"، ومعناها: بعد، وفيها لغات كثيرة، فأهل الحجاز يفتحون التاء، وبنو تميم (¬1) يكسرونها، ومن العرب من يضمّها، وقالوا: إنّ المفتوحة مفردة وتاؤها للتّأنيث، ويقلبونها في الوقف (2) هاء، وأمّا المسكورة فجمع المفتوحة (¬2)، والوقف عليها بالتّاء. ومن ذلك:" حيّهل"، ومعناها: اقرب، وتقع في معنى: قرّب، كقولك: حيّهل التّريد، أى: اقرب منه، وقد توصل ب" على" نحو: حىّ على الصلاة، وقد توصل ب" الباء" وب" إلى". وفى" حيّ" ثلاث لغات (¬3)، أجودها: حيّهل بعمر، فإذا وقفت قلت: حيّهلا؛ فالألف لبيان الحركة، والثانية: حيّهلا، بالتنوين، والثّالثة: حيّهلا، بالألف مع الوصل، وهى أردؤها، ويستعمل" حيّ" وحده، و" هلا" وحده. ومن ذلك:" ها" بمعنى: خذ، وتلحق بها الكاف، نحو: هاك، وقد أنابوا الهمزة المفتوحة مناب الكاف، فقالوا: هاء، وقد جمعوا بينهما، وهى تتصرّف مع المخاطب في أحواله، وتقول للمؤنّث: هاء بلا" ياء"، وفي التّثنية هاؤما، وفي الجمع: هاؤم، وهاؤنّ. ومن ذلك:" شتّان"، ومعناها: التّباين، تقول: شتّان زيد وعمرو، ¬
وشتان ما زيد وعمرو، ولا يقال: شتّان ما بين زيد وعمرو، عند الأكثر، وأجازه بعضهم، وأنشد (¬1): لشتّان ما بين اليزيدين في النّدى … يزيد سليم والأغرّ ابن حاتم ومن ذلك:" هلمّ"، وهي مركّبة من" ها" التّنبيه، و" لمّ" وقد حذفت ألفها، فأهل الحجاز يأتون بها في التّثنية والجمع والمذكّر والمؤنّث بلفظ واحد (¬2)، وبنو تميم يلحقونها علامة ما تقترن به. ومن ذلك:" بله" وهي على ضربين: اسم فعل، ومصدر، ومعناها التّرك، تقول بله زيدا، أي: اتركه، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث عن الله عزّ وجلّ:" أعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بله ما أطلعتكم عليه" (¬3). ¬
الفرع الثاني: في أحكامها
الفرع الثّاني: في أحكامها: مبنى أسماء الأفعال على الاختصار والإيجاز والمبالغة؛ لأنّها تكون للواحد والاثنين والجمع والمذكّر والمؤنّث بصورة واحدة. والأكثر في موضعها من الكلام الأمر والنّهي غالبا، وقد جاءت في الخبر قليلا، كهيهات وشتّان وأفّ. وما كان منها اسما لما يتعدّى من الأفعال تعدّى، وما كان لما لا يتعدّى، لم يتعدّ، ولا يجوز تقديم شئ من معمول هذه الأسماء عليها، عند البصريّ (¬1)؛ لأنّها ليست كالأفعال في القوّة، فأمّا قوله تعالى: كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ (¬2) فليس منصوبا ب" عليكم"، ولكنّه مصدر دلّ على الفعل النّاصب له ما تقدّم في الآية؛ فإنّ قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ (¬3) فيه دليل على أنّ ذلك مكتوب عليهم، والتقدير فيه: كتب (¬4) الله عليكم كتابا. وهذه الأسماء على ثلاثة أضرب: ضرب يستعمل معرفة ونكرة، وعلامة تنكّره: تنوينه، كقولك: إيه وإيه، وأفّ وأفّ، وغاق وغاق. وضرب لا يستعمل إلّا معرفة، نحو: بله، وامين. وضرب لا يستعمل إلّا نكرة نحو: إيها، في الكفّ، وويها، في الإغراء، وواها، فى التعجّب. وإذا وقعت هذه الظروف/ والحروف في هذه المواضع فلا عامل فيها عند ¬
النوع الأول الثانى: في إن وأخواتها، وفيه فرعان
بصريّ إلّا المازنيّ (¬1)، كقوله تعالى: ارْجِعُوا وَراءَكُمْ (¬2) فليس" وراءكم" منصوبا ب" ارجعوا"؛ لأنّه اسم الفعل ذكر تأكيدا، واختلفوا في حركة" دون" هل حركة إعراب (¬3) أو بناء؟ (¬4). القسم الثّالث من باب العوامل. وهو الباب الخامس عشر في: الحروف العاملة الحروف العاملة كثيرة، فمنها ما يخصّ الأسماء، نحو:" إنّ" وأخواتها، وحروف الجرّ، و" ما"، و" لا"، ومنها ما يخصّ الأفعال، نحو: الحروف النّاصبة والحروف الجازمة، وقد تقدّم منها حروف الجرّ (¬5) في" باب المجروات"، ونحن نذكر الباقي في خمسة أنواع: النّوع الأوّل [الثانى]: في" إنّ" وأخواتها، وفيه فرعان: الفرع الأوّل: في تعريفها، وهي ستّة أحرف:" إنّ" و" أنّ" و" كأنّ" و" لكنّ" و" ليت" و" لعلّ"، ولكلّ واحد منها معنى. فأمّا" إنّ: فمعناها التحقيق لما تدخل عليه من الكلام، تقول: زيد قائم (¬6)، فإذا أردت تحقيق قيامه في نفس المخاطب أدخلت على الجملة" إنّ" فقلت: إنّ زيدا قائم، فلم يتجدّد في الكلام معنى لم يكن قبل دخولها، إلّا التحقيق والتأكيد. ¬
وأمّا" أنّ" فمعناها كمعنى" إنّ" فى التّحقيق، إلّا أنّها تعطى الجملة الّتى تدخل عليها معنى المفرد، تقول: بلغني أنّ زيدا قائم، التقدير: بلغني قيام زيد، وقد استعملها الخليل بمعنى (¬1) " لعلّ". وأمّا" كأنّ":/ فمعناها التّشبيه، تقول: كأنّ زيدا قائم، والأصل فيها: أنّ" الكاف" للتشبيه، دخلت على" أنّ" المفتوحة، فصارا جميعا للتّشبيه، ألا ترى أنّ الأصل في قولك: كأنّ زيدا الأسد: أنّ زيدا كالأسد، فنقلت الكاف إلى" أنّ"؟ وزعم بعضهم أنّها إذا كان خبرها اسما جامدا، كانت تشبيها، نحو: كأنّ زيدا الأسد، وإذا كان مشتقّا، كانت شكّا (¬2)، نحو: كأنّ زيدا قائم، وتكون واجبة في قولك: كأنك بزيد قد جاء. وأمّا" لكنّ": فمعناها الاستدراك؛ وتجئ متوسطة بين كلامين متناقضين نفيا وإيجابا؛ فيستدرك بها النّفي بالإيجاب، والإيجاب بالنّفي، تقول: جاءنى زيد لكنّ عمرا لم يجئ، وما جاءنى زيد لكنّ عمرا جاءنى؛ والتّناقض في المعنى بمنزلته في الّلفظ، تقول: فارقنى زيد لكنّ عمرا حاضر، وجاءنى زيد لكنّ عمرا غائب، ومثله قوله تعالى: وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ (¬3). وأمّا" ليت": فمعناها التمنّى، تقول: ليت زيدا قائم، فأنت تتمنّى قيامه أن يقع. وأمّا" لعلّ": فمعناها التوقّع والرّجاء، وقيل الطّمع والإشفاق، وهي ¬
الفرع الثاني: في أحكامها، وهي كثيرة، فمنها ما يخص جميعها، ومنها ما يخص آحادها؛ فنذكرها في فصلين
مركّبة من اللّام وعلّ (¬1)، وقيل: هما لغتان (¬2)، تقول: لعلّ المسافر يقدم، ولعلّ الله يشفي المريض، وتقول في الطّمع: اسلك هذه الطريق لعلّك تسلم، وفى الإشفاق: اسلكها لعلّك تصل، فأمّا نحو قول الله تعالى: لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (¬3) ولَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (¬4) فإنّما هو ترجّ للعباد. وقد جاء فيها: لعنّ، وعنّ، ولأنّ، وأنشدوا (¬5): عوجا على الطّلل القديم لأنّنا … نبكى الدّيار كما بكى ابن حذام والفرق بين التّمنّى والرّجاء: أنّ التمنّي يكون فى الممكن والمستحيل، والرّجاء لا يكون في المستحيل، تقول في التّمنّي: ليت الشّباب يعود، ولا تقول: لعلّ الشباب يعود. الفرع الثّاني: في أحكامها، وهي كثيرة، فمنها ما يخصّ جميعها، ومنها ما يخصّ آحادها؛ فنذكرها في فصلين: الفصل الأوّل في الأحكام المشتركة. الحكم الأوّل: هذه الحروف السّتّة تدخل على المبتدأ والخبر، فتنصب المبتدأ ويصير اسمها؛ تشبيها بالمفعول، وترفع الخبر ويصير خبرها؛ تشبيها بالفاعل. ¬
وإنّما عملت لأنّها أشبهت الأفعال فى بنائها ووزنها، وأشبهت" كان" فى دخولها على المبتدأ والخبر، والبصريّ يعملها في الاسم والخبر معا، والكوفيّ يعملها (¬1) في الاسم ويبقي الخبر مرفوعا كما كان قبل دخولها. الحكم الثّاني: أخبار هذه الحروف جارية. كأخبار المبتدأ - غالبا - من المفرد والجملة والظّرف، تقول: إنّ زيدا قائم، وإنّ زيدا أبوه منطلق، وإنّ زيدا قد قام أبوه، وإنّ زيدا في الدّار، ويلزم الضّمير فيها، كما لزم في أخبار" كان"، وقد حذف في الشّعر. وذهب بعضهم إلى أنّ الفعل الماضي لا يقع خبرا (¬2) ل" لعلّ" فلا تقول: لعلّ زيدا قام أبوه، والمذهب: جواز وقوع الماضى خبرا عنها، ومنه قولهم: أريد المضيّ إلى فلان لعلّه خلا بنفسه، وتقول في الخبر يرد عليك: لعلّى سمعت هذا، وقيل: هذه حكاية حال، وحكى الأخفش: لعلّ زيدا سوف يقوم، ولم يجز: ليت زيدا (¬3) سوف يقوم. الحكم الثّالث: إذا اجتمع في الكلام معرفة ونكرة فالاسم المعرفة، والخبر النكرة؛ لأنّ الفائدة معذوقة (¬4) بالمعرفة، تقول إنّ زيدا قائم، ولا تقول: إنّ قائما زيد، وقد جاء في التنزيل الاسم نكرة والخبر معرفة؛ للفائدة المطلوبة في الخبر، وهو قوله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً (¬5)، وأمّا قوله تعالى: إِنَّ أَوْلَى/ النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ (¬6) فيحتمل التعريف والتنكير، وأمّا مجيئه في الشّعر فكثير. ¬
وتقول: إنّ قريبا منك زيدا، إذا جعلت" قريبا" ظرفا (¬1)، فإذا جعلته اسما قلت: إنّ قريبا منك زيد، وتقول: إنّ بعيدا منك زيد، والوجه: أن تجعل المعرفة اسم" إنّ" فتقول: إنّ بعيدا منك [زيدا] (¬2)، قال سيبويه: وإن شئت قلت: إنّ بعيدا منك زيدا، وقلّما يكون" بعيد منك" ظرفا. والاسم الواقع موقع الاستفهام، وموقع الشّرط، نحو" أين" و" كيف" و" متى" لا يكون اسما ل" إنّ" وأخواتها؛ لأنّها لا يعمل فيها عامل لفظيّ مقدّما، إلّا الجارّ وحده. الحكم الرّابع: إذا اتّصلت هذه الحروف بضمير المتكلّم فمنهم من يزيد نون الوقاية ويجمع بين النّونات، فيقول: إنّني، وأنّني، وكأنّني، ولكنّني وليتنى، ولعلّنى، وبعضهم لا يزيد نون الوقاية؛ كراهية اجتماع الأمثال، فيقول: إنّي وأنّى وكأنّي ولكنّي، ولم يحذف من" ليت" وحدها إلا في الشّعر، قال (¬3) كمنية جابر إذ قال ليتى … أصادفه ويذهب كلّ مالي وأمّا" لعلّ" فكثر فيها لعلّى، وقلّ لعلّني. ¬
واختلفوا في النّون المحذوفة: فقيل: هي الأولى (¬1)، وقيل: الثانية، (¬2) وقيل: الثالثة (¬3)، وهو مذهب سيبويه (¬4)، فأمّا قولهم:" إنّا" في" إنّنا" فالمحذوف الوسطى (5)، وقيل: الأولى (¬5)؛ لأنّ الثالثة ليست بوقاية فتحذف، وإنّما هي ضمير الجماعة. الحكم الخامس: إذا دخلت هذه الحروف على ضمير الشّأن والقصّة فالأولى أن لا يحذف؛ لأنّه ضمير منصوب لم يتقدّمه ذكر، وليس بمنزلته في" كان"؛ لأنّه معها مرفوع، وهو يستتر فيها، تقول: إنّه زيد قائم، ومنه قوله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً (¬6) وقوله تعالى: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ (¬7) ويجوز حذفه، فتقول: إنّ زيد منطلق،/ تريد: إنّه زيد منطلق، وقد حذف في الشّعر كثيرا، كقوله (¬8): إنّ من لام في بنى بنت حسّا … ن ألمه وأعصّه في الخطوب وحكى الخليل أنّ بعض العرب يقول:" إنّ بك زيد (¬9) مأخوذ" على ¬
تقدير: إنّه بك زيد مأخوذ، وإذا حذفته قبح أن يليها فعل، كقولك: إنّ قام زيد، وإنّ يقوم عمرو، تريد: إنّه، فإن فصلت بينها وبين الفعل بظرف جاز أن تقول: إنّ اليوم خرج زيد، وإنّ وراءك يجيء عمرو، ومنه قوله (¬1): كأنّ على عرنينه وجبينه … أقام شعاع الشّمس أو طلع البدر الحكم السّادس: قد حذفت أخبارها من الذّكر لمّا علمت، معرفة كان اسمها أو نكرة: فالنكرة: قولهم" إنّ مالا وإنّ ولدا وإنّ عددا"، أى: إنّ لهم مالا وولدا وعددا، قال الأعشى (¬2): إنّ محلّا وإنّ مرتحلا … وإنّ في السّفر إذ مضى مهلا وتقول: إنّ غيرها إبلا وشاء، كأنّه قال: إنّ لنا غيرها، أو إنّ عندنا غيرها إبلا وشاء، فتنصب إبلا وشاء على التمييز والتّبيين، ومثله قوله (¬3): ¬
يا ليت أيّام الصّبا رواجعا كأنّه قال: يا ليت أيّام الصّبا لنا رواجعا، أو أقبلت رواجعا وأمّا حذفها مع المعرفة فكقوله (¬1): سوى أنّ حيّا من قريش تفضّلوا … على النّاس أو أنّ الأكارم نهشلا يريد: تفضّلوا أيضا. والكوفيّ لا يجيز حذفه (¬2) إلّا مع النكرة، فأمّا قوله (¬3): قالت أمامة لا تجرع فقلت لها … إنّ العزاء وإنّ الصّبر قد نفدا فإنّ الثانية مكرّرة للتّأكيد؛ لئلّا يعمل عاملان في معمول واحد، أو يكون خبر الأوّل/ محذوفا والألف للإطلاق. الحكم السّابع: لا يجوز تقديم أخبارها على أسمائها، إلّا فى حالين: أحدهما: الظّرف والآخر: حرف الجرّ؛ اتّساعا؛ بكثرة وقوعهما في الكلام تقول: إنّ عندك عمرا، وإنّ في الدّار زيدا، وقيل: إنّما قدّم الظّرف وحرف الجرّ خاصّة لأنّهم لو لم يجيزوه لامتنع أن يكون اسم" إنّ" نكرة؛ فإنّ من المبتدأ ما يلزم تأخيره، كقولك: عليك مال، فلولا جواز تقديم الظّرف على الاسم لامتنعت" إنّ" من الدّخول على مثل ذلك، كقوله تعالى: إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا وَجَحِيماً" (¬4) وقوله: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ (¬5)، ويلزم لذلك أن يقدّر ¬
عامل الظّرف بعد الاسم؛ لئلّا يقدّم الخبر وهو غير ظرف، والأخفش لا يجيز من الفصل إلّا ما سمع (¬1) الحكم الثّامن: يجوز أن يفصل بين أسماء هذه الحروف وأخبارها بما يدخل لتوكيد الشيء أو لرفعه، وذلك قولك: إنّ زيدا - والله - ظالم، وإنّ بكرا - فافهم ما أقول - رجل صالح، وإنّ عمرا - هو المسكين - مرحوم؛ لأنّ هذا في الرّفع يجرى مجرى المدح والذّمّ في النّصب، وعلى ذلك تأوّلوا قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا. أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ (¬2) ف" أولئك" هي الخبر. الحكم التّاسع: كما فصلوا بين أسمائها وأخبارها قد فصلوا بينها وبين أسمائها بالظّرف، فقالوا: إنّ في الدّار زيدا قائم، وأنشد سيبويه (¬3): فلا تلحني فيها فإنّ بحبّها … أخاك مصاب القلب جمّ بلابله فإن لم يكن ظرفا لم يجز، لا تقول: إنّ إخوتك زيدا ضارب. الحكم العاشر: إذا دخلت" ما" على هذه الأحرف كفتّها عن العمل، وهيّأتها لتقع بعدها الجملة من الفعل والفاعل، والمبتدأ والخبر، تقول: إنّما زيد قائم، وكأنّما أخوك الأسد، ولعلّما زيد منطلق/ وإنّما قام زيد، ولكنّما يقوم بكر، قال الله تعالى: أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ * (¬4) وإنما أنت ¬
منذر من يخشاه (¬1) وإِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (¬2). وبعضهم ينصب ب" ليت" و" لعلّ" و" كأنّ" مع دخول" ما عليها ويجعلها (¬3) زائدة لا كافّة؛ فيقول [ليتما] (¬4) زيدا منطلق، ولعلّما عمرا ذاهب، وكأنّما بكرا قائم، وينشد هذا البيت نصبا ورفعا، قال (¬5): قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا … إلى حمامتنا أو نصفه فقد وأجاز الأخفش (¬6) ذلك فى" إنّ" و" أنّ" و" لكنّ"؛ على أنّ" ما" زائدة. ونظير دخول" ما" على" إنّ" دخولها على" بعد" في قوله (¬7): أعلاقة أمّ الوليّد بعد ما … أفنان رأسك كالثّغام المخلس ¬
الفصل الثاني: في الأحكام المختصة
جعل" بعد ما" بمنزلة حرف واحد، وابتدأ ما بعده. وقد حدث من ائتلاف" ما" مع، أنّ معنى لم يكن من قبل، وهو: قصر الحكم على الذّات، أو قصر الذّات (¬1) على الحكم، تقول: إنّما زيد قائم، فيقتصر القيام على" زيد"، وإنّما القائم زيد، فتقتصر" زيدا" (1) على القيام، ومثله قوله تعالى: إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (¬2)، إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ (¬3). الفصل الثّاني: في الأحكام المختصّة الحكم الأوّل: قد اختصّت" إنّ" المكسورة، دون أخواتها، بدخول لام الابتداء على خبرها واسمها ومعمول خبرها. أمّا الخبر: فإذا لزم موضعه، ولم يكن فعلا ماضيا، كقولك: إنّ زيدا لقائم، وإنّ زيدا ليقوم، ومنه قوله تعالى: إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (¬4)، وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ (¬5). وأمّا الاسم: فإذا فصل بينه وبينها بالظّرف، نحو: إنّ في الدّار لزيدا، ومنه قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً (¬6). وأمّا معمول الخبر: فإذا تقدّم على الخبر، تقول: إنّ زيدا لفي الدّار قائم، ومنه قوله تعالى: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (¬7). ¬
فإن كان الخبر جملة اسميّة دخلتها الّلام متقدّمة/ تقول: إنّ زيدا لوجهه حسن، وأجازوا: وجهه لحسن، وليس بالعالي. فإن كان جملة فعليّة ماضية لم تدخل اللّام عليها؛ فلا تقول: إنّ زيدا لقام أبوه، فأمّا دخولها عليه في القسم، كقولك: والله لقام زيد، وقوله (¬1): لناموا فما إن من حديث ولا صالى فهذه اللّام هي الّتي إذا دخلت على المستقبل معها النّون غير مقدّر فيها الابتداء، كقولك: علمت أنّ زيدا ليقومنّ.، وعلمت أنّ زيد القام، فلا تكسر" أنّ" كما كنت تكسرها في قولك: أشهد إنّ محمّدا لرسول الله، وأعلم إنّ بكرا لقائم؛ فإنّك حينئذ تكسر" إنّ" وتعلّق الفعل فلا تعمله. وحكى سيبويه أنّ هذه اللّام دخلت على المستقبل قليلا، قال: قد يستقيم في الكلام: إنّ زيدا ليضرب، وليذهب، ولمّا يقع الفعل، والأكثر على ألسنتهم: (¬2) ما أعلمتك، قال ابن السّرّاج: وهذه اللّام لا يجوز أن تدخل على حرف الجزاء، نحو: إنّ زيدا لئن أتانى أكرمه، ولا على النّفى ولا الحال ولا الصّفة (¬3) ولا التوكيد، وأمّا قوله (¬4): إنّ أمر أخصّني عمدا مودّته على التّنائى لعندى غير مكفور فتقديره: لعندي مشكور؛ لأنّ ما بعد المضاف لا يعمل فيما قبله، إلّا مع" غير" في قولك: أنا زيدا غير ضارب. ¬
وإنّما اختصّت ب" إنّ" دون أخواتها لاجتماعهما في التأكيد وجواب القسم؛ ولأنّ أخواتها (¬1) أزالت معنى الابتداء من الكلام الّذي تدخل عليه. وقد أدخلوا اللّام في خبر" أنّ" المفتوحة فى الشّعر، وجعلها بعضهم (¬2) زائدة، كما جعلها بعض القرّاء زائدة في قوله تعالى: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (¬3) ففتح (¬4). وأدخلوها في خبر" لكنّ" في الشّعر، قال (¬5): ولكنّني من حبّها لعميد وقد تأوّلوا ذلك، فقالوا: إنّ الأصل: لكنّ إنّنى لعميد، كما أنّ أصل قوله تعالى: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي (¬6) لكن أنا، فحذفت الهمزة وألقيت حركتها على نون" لكن" وأدغمت فى النّون بعدها (¬7). الحكم الثّانى: قد اختصّت" إنّ" المكسورة و" لكنّ" دون أخواتهما في العطف على اسمهما بعد خبرهما، بالنّصب على الّلفظ، والرّفع على الموضع؛ لبقاء معنى الابتداء معهما وزواله مع أخواتهما؛ تقول: إنّ زيدا قائم وعمرا، ¬
وعمرو، ولكنّ زيدا منطلق وبشر [وبشرا] (¬1)، ومنه قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها (¬2) وقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ (¬3) قرئ: بنصب" السّاعة" و" البحر" ورفعهما؛ فالنّصب: على لفظ اسم (¬4) " إنّ"، [والرّفع] (¬5) إما على موضع" إنّ" وما عملت فيه، أو على المضمر فى الخبر إن كان مشتقا، أو على الابتداء المستأنف، والأولى أن يؤكّد المشتقّ، تقول: إنّ زيدا قائم هو وعمرو. فإن عطفت على باقى أخواتهما بعد الخبر فلا يجوز الرّفع؛ إلّا أن يكون على المضمر في الخبر المشتقّ أو على الابتداء المستأنف، فإن لم يكن الخبر مشتقّا قبح فيها الرّفع. ¬
فإن عطفت على اسمها جميعها قبل الخبر فالنّصب لا غير، تقول: إنّ زيدا وعمرا قائمان، وكذلك باقيها، فأمّا قول الشّاعر (¬1): فمن يك أمسى بالمدينة رحله … فإنّى وقّيار بها لغريب فخبر" قيّار" محذوف، و" غريب" خبر" إنّ"؛ ولهذا أدخل اللّام عليه، ويجوز أن يحذف خبر" إنّ"، ويجعل" غريب" خبر" قيّار"؛ لأجل الفصل. وأجاز الكسائيّ الرّفع قبل الخبر (¬2)؛ فيقول: إنّ زيدا وعمرو ذاهبان. فأمّا قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ (¬3)؛ فإنّ سيبويه يجعل خبر" الصائبون" محذوفا؛ استغناء بما قبله/، وأنّ الكلام على التقديم (¬4) والتأخير، تقديره: والصابئون كذلك، ومنهم من يقول: إنّ" إنّ" لمّا لم يظهر عملها جاز العطف على (¬5) موضعها قبل الخبر، على مذهب الكسائىّ، ومنهم من يقول: إنّه ¬
معطوف على المضمر (¬1) فى" هادوا". وأمّا قوله تعالى: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (¬2) فالرّفع (¬3) على أنّه خبر مبتدأ (¬4) محذوف، أو على البدل من المضمر في (¬5) " يقذف"، والنّصب (¬6) على أنّه صفة اسم (¬7) " إنّ"، فتقول على ذلك: إنّ زيدا منطلق العاقل اللبيب؛ فتنصب" العاقل" و" اللبيب"، وترفعهما. وقد أجاز سيبويه العطف على موضع" أنّ" المفتوحة (¬8)، وأنشد (¬9) فلا تحسبي أنّي تخشّعت بعدكم … لشئ ولا أني من الموت أفرق ¬
التعليم الأول: القول الجامع في الفرق بينهما
ولا أنا ممّن يزدهيه وعيدكم … ولا أنّنى بالمشى في القيد أخرق (¬1) وعليه حمل سيبويه (¬2)، وقوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ (¬3) وقوله سبحانه: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (4) ثم قال: وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ (¬4) بالرّفع (¬5)، وقال بشر (¬6): أبى لبنى خزيمة أنّ فيهم … قديم المجد والحسب النّضار فعطف" الحسب" على موضع" أنّ" وزعم سيبويه أنّ ناسا من العرب يغلطون فيقولون: إنّهم أجمعون ذاهبون" (¬7)، و" إنّك وزيد ذاهبان". الحكم الثّالث: فى الفرق بين" إنّ" و" أنّ"، وهو موضع كثير الاشتباه؛ فلذلك بسطنا القول فيه، وأوردناه فى أربعة تعاليم. التّعليم الأوّل: القول الجامع في الفرق بينهما: أنّ الموضع الذي يدخلان عليه لا يخلو؛ ¬
أن يكون مختصّا بإحدى الجملتين الاسميّة والفعليّة، أو شائعا فيهما، فإن كان شائعا صلح ل" إنّ" المكسورة، وذلك فى خمسة مواضع: الأوّل: الابتداء، تقول: إنّ زيدا قائم، وإنّ زيدا يقوم؛ لأنّك تقول: زيد قائم، ويقوم زيد؛ فيكون كلاما تاما، والجملتان فيه صالحتان. الثّاني: إذا كانت صلة للّذي، كقولك: أعطيته ما إنّ شرّه خير من جيّد ما معك، ومنه قوله تعالى: وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ (¬1). الثالث: أن يقع بعد القسم، كقولك: والله إنّ زيدا قائم، وكقوله تعالى: تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (¬2) الرّابع: إذا دخلت في خبرها اللّام، في قولك: إنّ زيدا لقائم. الخامس: أن تقع بعد القول حكاية، نحو: قلت: إنّ زيدا قائم؛ لأنّك تحكي الكلام مبتدئا، والحكاية لا تغيّر الكلام عمّا كان عليه، قال سيبويه: كان عيسى (¬3) يقرأ هذا الحرف فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ (¬4) على الحكاية لقوله (¬5)، وابن السّرّاج جعله على ارادة (¬6) القول. ¬
التعليم الثانى: قد يقع من المواضع ما يحتمل الاختصاص والشيوع؛
فهذه المواضع الخمسة تقع فيها الجملتان: الاسميّة والفعليّة، فتختصّ ب" إنّ" المكسورة؛ لأنّها تكون فيهنّ غير معمولة لشئ بخلاف المفتوحة؛ فإنّها لا تقع إلّا معمولة. فأمّا إذا كان مختصا بإحدي الجملتين اختصّ بالمفتوحة كوقوعها بعد" لو" و" لولا"، تقول لو أنّك جئتني أكرمتك، ولو أنّك قمت لقمت؛ لانّ" لو" تختصّ بالجملة الفعليّة، و" لولا" تختصّ بالجملة الاسميّة؛ فلا يكون بعد هذا ونحوه إلّا المفتوحة. التعليم الثانى: قد يقع من المواضع ما يحتمل الاختصاص والشّيوع؛ فيجوز فيه وقوع المفتوحة والمكسورة، وله أمثلة. منها: قولك: أوّل ما أقول أنّي أحمد الله؛ فإن جعلتها خبر المبتدأ فتحتها، كأنّك قلت: أوّل مقولي حمد الله، وإن قدّرت الخبر محذوفا كسرتها على الحكاية، تقديره: أوّل قولي إنّي أحمد الله حسن أو صالح. ومنها/: وقوعها بعد «إلّا»، تفتح وتكسر باختلاف تقديرين، فإن كان معني الكلام الابتداء كسرتها، تقول: ما قدم علينا أمير إلّا إنّه مكرم لى، قال سيبويه: ودخول اللّام هاهنا يدلّك على أنّه موضع (¬1) ابتداء، قال الله تعالي: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ (¬2) وقد فتحها سعيد ¬
بن جبير (¬1) وجعل اللّام زائدة. فإن نزل ما بعد إلّا» عن الابتداء، فتحت، تقول: ما غضبت عليك إلا أنّك فاسق، كأنّك قلت: إلا لأنّك فاسق. فأمّا قوله تعالى: وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ (¬2) فموضعه رفع، تقديره: ما منعهم (¬3) إلّا كفرهم؛ ولذلك فتحت. ومنها: وقوعها بعد «أما»، و «وألا» الخفيفتين، تقول: أما إنّه ذاهب، وألا إنّه منطلق؛ فالكسر على الابتداء، والفتح على تقدير: حقّا أنّه ذاهب، وتقول: أما والله إنّه ذاهب، فالكسر علي القسم، والفتح علي ما سبق. ومنها: نحو قوله تعالى: وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (¬4) فالكسر على الابتداء (¬5)، والفتح (¬6)، قال الخليل: هي بمنزلة قول العرب: «ائت ¬
السّوق أنّك تشتري لنا شيئا» (¬1)، أي: لعلّك تشتريه، فكأنّه قال: لعلّها إذا جاءت لا يؤمنون. ومنها: وقوعها بعد «حتّى»، فإن كانت للانتهاء كسرتها؛ تقول: قال القوم ذاك حتّى إنّ زيدا يقوله، وقدم الحجّاج حتّى إنّ المشاة قدموا، وأحال سيبويه (¬2) أن تقع المفتوحة هاهنا. وإن كانت العاطفة فتحتها فقلت: قد عرفت أمورك حتّى أنّك صالح، وكذلك وقوعها بعد «إذا» تقول: مررت به فإذا إنّه يقول، بالكسر، وسمعت رجلا من العرب ينشد هذا البيت كما أخبرتك (¬3) به: وكنت أرى زيدا كما قيل سيّدا … إذا إنّه عبد القفا واللهازم ومنهم من يفتح «إنّه» على ما سبق من القول في «أنّى أحمد الله»، وعلى التّقديرين، إمّا: حذف الخبر، أو البناء على الأوّل. والكسر فى هذا: الوجه. ومنها: وقوعها بعد أفعال الشّكّ واليقين، تقول: علمت أنّ زيدا قائم، فتفتح، فإذا جئت باللّام كسرت، وعلّقت الفعل، كقوله تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ (¬4) وقوله: إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (¬5)، وتقول: ظننت زيدا إنّه منطلق، فتكسر، ولا يجوز فيه الفتح؛ لأنّه يصيّر المعنى: ظننت زيدا ¬
التعليم الثالث: الجملة التى تدخل عليها المكسورة باقية بعد دخولها على استقلالها بإفادتها،
الانطلاق، ولو قلت: ظننت أمرك أنّه منطلق، فتحت؛ لأنّ الأمر انطلاق. وهذا التّعليق إنّما يكون فى أفعال الشك واليقين، ولا يجوز فى غيرها من الأفعال؛ فلا تقول: وعدتّك إنّك لخارج. وتقول: علمت أنّ زيدا لينطلقنّ، فتفتح؛ لأنّ هذه اللّام لام القسم؛ لدخول النّون معها، وليست لام الابتداء. التعليم الثّالث: الجملة الّتى تدخل عليها المكسورة باقية بعد دخولها على استقلالها بإفادتها، ولا تنتقل عن بابها، والجملة التى تدخل عليها المفتوحة تنقلها إلى حكم المفرد، كما ذكرنا، وتعاملها معاملة المفرد، ولا تصدّر بها الجملة كما تصدّر بأختها، بل إذا وقعت فى موضع المبتدأ لزم تقديم الخبر عليها، تقول: حقّ أنّ زيدا قائم، ولا تقول: أنّ زيدا قائم حقّ، فإن قلت: فى الدّار أنك منطلق، ارتفع «أنّ» بالظّرف ارتفاع الفاعل بفعله، قال سيبويه: يقبح أن تقول: أنّك منطلق بلغني، أو عرفت (¬1)، وإن جاز ذلك مع «أن» الخفيفة النّاصة للفعل: كقوله تعالي: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ (¬2) ولا يجوز: أنّ صومكم خير لكم، كما أنّه يجوز أن تثول: ليت أنّ زيدا منطلق، ولا يجوز: ليت أن يقوم زيد، حتّى تأتي بالخبر عن «ليت» (¬3). التعليم الرّابع: معنى ما تدخل/ عليه المفتوحة بدخولها: المصدر، بعد أن كان مبتدأ أو خبرا، وينسبك من مجموع الكلام معنى ذاك، تقول: بلغنى أنّ زيدا قائم، ¬
معناه: بلغنى قيام زيد، وبلغنى ذاك، قال ابن السّرّاج: وتجعل الكلام شأنا وقصّة وحديثا (¬1)، يقول القائل: ما لخبر؟ فتقول: الخبر أنّ الأمير قادم، ولا بدّ من أن يكون قد عمل فيها عامل، أو تكون مبنيّة على شيء قبلها، وجملة مواضعها: إمّا مرفوعة بالفعل وما أشبهه، نحو: بلغني أنّ زيدا قائم. وإمّا منصوبة، كقولك: علمت أنّ زيدا منطلق. وإما مجرورة بالجارّ مظهرا أو مقدّرا، فالمظهر نحو: جئتك (¬2) لأنّك كريم، وعجبت من أنّك قائم، والمضمر، كقوله تعالى: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ (¬3) أي: ولأنّ المساجد (¬4) ولا تتقدّم على عاملها منصوبة، وأمّا الرّافع والجارّ فلا يتقدّم معمولهما عليهما. الحكم الرّابع: لا يجوز إدخال «إنّ» المكسورة على «أنّ» المفتوحة، فيقال: إنّ أنّ زيدا في الدّار، فإن فصل بينهما جاز، فتقول: إنّ عندنا أنّ زيدا فى الدّار، وإنّ لك أنّك مكرم، فأجروه مجري قولهم: إنّ فى الدّار لزيدا، لمّا فصلوا أدخلوا اللّام، قال الله تعالى: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (¬5)، فإن عطفت جاز لك الكسر والفتح، كقوله تعالى: وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها ¬
وَلا تَضْحى (¬1) وقوله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ (¬2) قال الخليل: ولو قال: فإنّ له، كانت عربيّة جيّدة (¬3)، وقد قرئ: كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ (¬4)؛ بالفتح (¬5) والكسر (¬6)، على اللّفظ (¬7) والاستئناف. وتبدل «أنّ» المفتوحة ممّا قبلها إذا كان حديثا وقصّة، تقول: بلغني الحديث أنهم منطلقون، وقد تبدل ممّا ليس حديثا لا وقصّه؛ لاشتمال المعنى عليه، كقوله تعالي وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ (¬8) وقوله تعالى: أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (¬9) وكقولك: قد علمت أنّه إذا قال سيفعل. ¬
الحكم الخامس: «إنّ» و «أنّ» قد يخفّفان/ فتكون كلّ واحدة منهنّ على أربعة أضرب. أمّا المكسورة: فتكون شرطيّة، ونافية، وزائدة، ومخفّفة. أمّا الشّرطيّة فتذكر في (¬1) بابها، وأمّا النّافية والزّائدة، فتذكران في أبنية (¬2) الحروف. وأمّا المخفّفه: فيلزم خبرها اللّام، للفرق بينها وبين النّافيه، كقولك: إن زيد لقائم، وكقوله تعالى" وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً (¬3) التقدير: إنّ زيد القائم، وإنها كانت لكبيرة. ويقع بعدها الاسم والفعل الدّاخل علي المبتدأ أو الخبر، كقوله تعالي وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ (¬4) وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ (¬5) وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (¬6). وقد دخلت على غير هذه الأفعال في قولهم: إن يزينك لنفسك وإن يشينك لهيه (¬7)، ومنه قول الشّاعر: (¬8) ¬
شلّت يمينك إن قتلت لمسلما … وجبت عليك عقوبة المتعمد وهذا قليل. والكوفيّ يقدّر هذا ب" ما" و" إلّا" تقديره: ما وجدنا أكثرهم (¬1) إلّا فاسقين والقياس: أن لا تعمل (¬2) المخففة، وعليه قرئ إِنْ هذانِ لَساحِرانِ (¬3) في أحد الوجوه (¬4)؛ اتّباعا لخطّ المصحف (¬5). وقد أعملها بعضهم فقال: إن زيدا يقوم، ولم يحتج إلى اللّام، وحكى سيبويه عن الثّقة أنّه سمع من العرب من يقول: إن زيد المنطلق (¬6)، وقرأ نافع: (¬7) وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ (¬8) وأمّا المفتوحة: فتكون مصدريّة مع الفعل، ومفسّرة، وزائدة، ومخفّفة؛ ¬
فالمصدريّة تذكر مع نواصب (¬1) الفعل، والمفسّرة والزّائدة تذكران (¬2) في أبنية الحروف. وأمّا المخفّفة: فلا بدّ لها من العمل في مظهر أو مضمر، تقول: علمت أن زيد منطلق، التقدير: أنه زيد منطلق، ومنه قوله تعالى وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (¬3) فالاختيار: أن ترفع ما بعدها، على أن تضمر (¬4) فيها الهاء، ولو نصبت بها، وهي مخفّفة، جاز على أن تضمر الهاء (¬5). وتليها الأسماء والأفعال. أمّا الفعل: فإن كان/ مستقبلا فصل بينهما في الإيجاب ب «السّين» و «سوف» و «قد»، وفي النّفي بحروفه؛ تقول: علمت أن سيقوم، وسوف يقوم، وقد يقوم، وأن لا يقوم، وعليه قوله تعالي: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى (¬6) وزَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا (¬7) وأَ فَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا (¬8). وإن كان الفعل ماضيا فصل بينهما في الإيجاب ب «قد» نحو: علمت أن قد قام. وأما في النّفي فقياسه: أن ينفى ب «ما»؛ لئلّا يلتبس بالدّعاء، كقولك: علمت أن ما قام. ¬
فإن كان ماضي المعنى مستقبل اللّفظ فتدخله «لم» كقوله تعالي: أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (¬1). وهذه الفواصل لا بدّ منها، وقد قرأ مجاهد (¬2): لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ (¬3). والفارسيّ يذهب إلى أنّها في قوله تعالى: لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا (¬4) مخفّفة (¬5)، واستغني ب «لا» قبلها عن الفاصل، وكذلك هي مخفّفة في قوله تعالى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى (¬6) بغير فاصل؛ لما فيها من النّفي؛ ولأنّها فعل جامد؛ فبعد عن الأفعال. وأمّا الاسم إذا وليها: فلم يحتج إلى عوض، تقول: علمت أن عمرو ذاهب، وكقوله (¬7): في فتية كسيوف الهند قد علموا … أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (¬8) وأمّا قولهم:" أما أن يغفر الله لك" و" ما أن جزاك الله خيرا"؛ فإنّما جاز لأنّه دعاء. ¬
وأمّا مواضع هذه المخفّفة فبعد الفعل المحقّق، كعلمت، ورأيت ووجدت. ومواضع المصدريّة: بعد أفعال الطّمع والاشفاق؛ كطمعت، ورجوت وخفت. فإن قويت أفعال الطّمع فقربت من اليقين جاز دخول المخفّفة عليها، كقوله (¬1): ولا تدفنانى في الفلاة فإنّني … أخاف إذا مامتّ أن لا أذوقها [وبعد أفعال الظّنّ، مثل] (¬2) حسبت، وظننت، وخلت، فإن قربت من باب العلم واليقين كانت المخفّفة بعدها، كقوله تعالى: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ (¬3) بالرّفع (¬4)، تقديره: حسبوا أنّه لا تكون فتنة، أي (¬5): تيقّنوا، وإن كانت على بابها من الظنّ كانت المصدريّة بعدها، وعليه قرئت هذه الآية بالنّصب (¬6)، ومثله قوله تعالى الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا (¬7). ¬
الحكم السّادس: قد أبدلوا من همزة" إنّ" المكسورة هاء؛ فقالوا: " لهنّك لرجل (¬1) صدق"، قال الشّاعر (¬2): ألا يا سنابرق على قلل الحمى … لهنّك من برق عليّ كريم قال سيبويه: وهذه كلمة يتكلّم بها العرب في حال اليمين، وليس كلّ العرب (¬3) يتكلّم بها، ولحقت هذه الّلام كما لحقت" ما" حين قلت: إنّ زيدا لما لينطلقنّ، فالّلام الأولى في" لهنّك" لام اليمين، والثّانية: لام" إنّ" وهي في" لما لام" إنّ"، وفي" لينطلقنّ" لام اليمين؛ لدخول النّون معها. وتكون" إنّ" بمعنى" نعم" وستجيء فى أبنية الحروف (¬4). وكذلك أبدلوا من همزة" أنّ" المفتوحة" عينا" في لغة تميم إبدالا مطّردا (¬5)؛ فقالوا: يحسب عنّى قائم، أي: يحسب أنّي قائم. ¬
الحكم السّابع:" كأنّ" تعمل مثقّلة كما سبق، ومخفّفة عند بعضهم، كقول الشّاعر (¬1): ووجه مشرق النّحر … كأن ثدياه حقّان ويروى: ثدييه (¬2) وقد أجازوا: مررت [كأن زيد] (¬3) أي: كزيد؛ و" أن" زائدة توكيدا، ومثله قول اليشكريّ (¬4): فيوما توافينا بوجه مقسّم … كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم فجرّ" ظبية" على زيادة" أن"، ويجوز نصبها، على إعمالها، ورفعها، على إضمار اسمها فيها. ¬
وقد نصبوا الحال عنها مثقّلة، قال (¬1) كأنّه خارجا من جنب صفحته … سفّود شرب نسوه عند مفتأد الحكم الثّامن: قد أضمروا في" لكنّ" اسمها، ورفعوا ما بعدها، كقول الفرزدق (¬2): فلو كنت ضبّيّا عرفت قرابتى … ولكنّ زنجىّ عظيم المشافر، ¬
كأنّه قال: ولكنّك زنجيّ عظيم المشافر لا تعرف قرابتي، قال سيبويه: والنّصب أكثر في كلام (¬1) العرب، ويكون الخبر محذوفا؛ تقديره: رجل يعرف قرابتى، وقدّره قوم ب" أنت" (¬2). الحكم التاسع: من العرب من ينصب الاسم والخبر ب" ليت"؛ حملا لها على" أتمنىّ" أو" وددت"؛ فتقول: ليت زيدا قائما، وعليه أنشدوا: يا ليت أيّام الصّبا رواجعا (¬3) وقوله (¬4): فليت اليوم كان غرار حول … وليت اليوم أيّاما طوالا (¬5) وروى الكسائيّ:" ليت الدّجاج مذبّحا" والبصّريّ ينصب ما كان من هذا، على الحال (¬6)، ويحذف الخبر، كما حذفوه من قولهم: ليت شعري أزيد منطلق أم عمرو، ف" شعري" اسم" ليت" وخبرها محذوف، والجملة بعدها منصوبة ب" شعرى"، وأغنت عن الخبر. ¬
وقد امتنعوا من الجمع بين" ليت" و" سوف"، ولم يمتنعوا في" لعلّ"، تقول: لعلّ زيدا سيقوم، وسوف يقوم، ولا تقول: ليت زيدا سوف يقوم. الحكم العاشر: زعم أبو زيد أنّ من العرب من يجرّ (¬1) ب" لعلّ" وأنشد (¬2): فقلت ادع أخرى وارفع الصّوت دعوة … لعلّ أبي المغوار منك قريب وقد أدخل بعضهم" أن" مع المضارع فى خبرها فقال: لعلّ زيدا أن يقوم (¬3)، وأنشد (¬4): لعلّك يوما أن تلمّ ملمّة … عليك من الّلائي تركنك أجدعا ¬
النوع الثاني فى المشبه ب ليس،
تشبيها ل" لعلّ" ب" عسى"، كما شبّه" ليت" ب" وددت"، وبعضهم جعل الجثّة (¬1) الحدث؛ اتّساعا، كما قال (¬2): فإنّما هي إقبال وإدبار وبعضهم جعل الخبر محذوفا، تقديره: تهلك لأن تلمّ ملمّة، و" أن" مفعول له. النّوع الثّاني فى المشبّه ب" ليس"، وفيه فرعان: الفرع الأوّل: في تعريفها: اعلم أنّ المشابهة تقتضي تأثّرا، وهذا قياس فى العربيّة مستمرّ؛ ألا ترى أنّ ما بني من الأسماء إنّما بنى لشبه الحروف، وأنّ ما أعرب من الأفعال إنّما أعرب لمشابهته الأسماء، وأنّ ما أعمل من الأسماء، أو منع الصّرف فلمشابهتة الأفعال؟ فكذلك" ما" النّافية لمشاركتها" ليس" في نفي الحال، وفي الدّخول على المبتدأ والخبر، ودخول" الباء" فى خبرها، حملها أهل الحجاز (¬3) في العمل عليها بشريطة، فقالوا: ما زيد قائما. ¬
وبنو تميم لا يعملونها، وسيبويه يجعل القياس (¬1) لهم. وقد أجمع القرّاء على لغة أهل الحجاز في قوله تعالى: ما هذا بَشَراً (¬2) واختلفوا في قوله تعالى ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ (¬3) رفعا (¬4) ونصبا (¬5). فإن أدخلت في خبرها الباء جررته بها فقلت: ما زيد بقائم. وأكثر ما يجئ في الشّعر: اللّغة التميميّة. ولفظة" ما": تقع في الكلام على معان كثيرة، منها هذه النّافية، وهي موضوعة لنفى الحال فى قولك: ما يفعل زيد، وما زيد قائم، ولنفي ¬
الفرع الثانى: فى أحكامها
الماضي، إذا أريد تقريبه من الحال، كقولك: ما فعل زيد، قال سيبويه: أمّا" ما" فهي نفي لقول القائل: هو يفعل، إذا كان فعل حال، إذا قال: لقد فعل، فإنّ نفيه (¬1): ما فعل. وأمّا باقي معانيها: فسنذكرها في أبنية الحروف (¬2). الفرع الثّانى: فى أحكامها: الحكم الأوّل: لكلّ أصل من القوّة ما يفضل به مشبهه، ألا ترى أنّ الفعل أقوى في العمل من اسم الفاعل، وأنّ اسم الفاعل أقوى في العمل من الصّفة المشبّهة به؟ فكذلك" ما" و" ليس"، فعملت" ليس؛ في المعرفة والنكرة، وتقدّم خبرها على اسمها إجماعا، وعليها عند سيبويه (¬3)، ويفصل بين اسمها وخبرها ب" إلّا" وعملها باق عليها. ولمّا كانت" ما" فرعا عليها نقصت عنها، فاذا تقدّم خبرها، أو فصل بين اسمها وخبرها ب" إلّا"، أو جاء بعده ما ينقض النفى، بطل عملها. وارتفع الخبر إجماعا، لنقص أسباب المشابهه بينها وبين ما أشبهته، فتقول: ما قائم زيد، وما زيد إلّا قائم، وما زيد قائما، بل قاعد، وما عمرو جالسا لكن قائم، فارتفع ما بعد" بل" و" لكن" لإخراجهما ما بعدهما إلى الإيجاب. ¬
وقد جاءت فى الشّعر معملة مع الفصل وتقدّم الخبر، قال الفرزدق (¬1): فأصبحوا قد أعاد الله دولتهم … إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر وقال الآخر (¬2): وما الدّهر إلّا منجنونا بأهله … وما صاحب الحاجات إلّا معذّبا وقد تأوّلوا ذلك تأويلا بعيدا. (¬3) الحكم الثّانى: تدخل الباء فى خبرها، كما دخلت فى خبر" ليس" فتقول ما زيد بقائم، وما زيد بآكل طعامك، وما زيد طعامك بآكل، فإن قلت: ما طعامك زيد بآكل، لم يجز؛ للفصل بين العامل والمعمول، وقد منع الفارسىّ من دخول الباء (¬4) على خبرها، فى لغة تميم، وهى فى أشعارهم موجودة. ¬
الحكم الثّالث: إذا دخلت الباء فى خبرها جاز لك العطف على موضع الجارّ والمجرور، تقول: ما زيد بقائم ولا قاعدا، فإن رفعت به شيئا من سببه فكذلك، تقول: ما زيد بقائم ولا قاعدا أبوه، وإن رفعت به أجنبيّا لم يصحّ النّصب؛ لأنّه لا يتقدّم خبرها على اسمها؛ فلا تقول: ما زيد بقائم ولا قاعدا عمرو، فإن جعلت موضع" ما"" ليس" جاز؛ لتقدّم خبر" ليس" على اسمها فإن جررت" قاعدا" لم يصحّ رفع الأجنبىّ فى" ليس" و" ما" عند سيبويه، (¬1) وجاز عند الأخفش (¬2)؛ لأنّه عطف على عاملين (¬3). الحكم الرّابع: قد حذفوا اسمها مع نقض النّفى، وأعملوها، قال الأخفش: إن شئت قلت - وهو رديء - ما ذاهبا إلا أخواك، و: ما ذاهبا إلّا جاريتك، تريد: ما أحد ذاهبا (¬4) إلا أخواك، قال ابن السّرّاج: لا يحذف" أحد" وما أشبهه حتّى يكون معه كلام، نحو: ما منهما مات إلّا رأيته يفعل كذا وكذا (¬5)، أى: ما منهما أحد مات، ومنه قوله تعالى: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (¬6). الحكم الخامس: قد كفّوا" ما" ب" إن"، وأبطلوا عملها، فقالوا: ما ¬
النوع الثالث: فى لا النافية، وفيه فرعان
الحكم الخامس: قد كفّوا" ما" ب" إن"، وأبطلوا عملها، فقالوا: ما إن زيد قائم، وبعضهم يدخل" إن" مع وجود" الباء"، وتكون" إن" عنده زائدة؛ فتقول: ما إن زيد بقائم، كقول الشاعر (¬1): لعمرك ما إن أبو مالك … بوان ولا بضعيف قواه النّوع الثّالث: فى" لا" النافية، وفيه فرعان: الفرع الأوّل: فى تعريفها " لا" النّافية محمولة فى العمل على" إن" المخفّفة؛ حملا للشّئ على نقيضه، أو على المصدريّة؛ للمشابهة الّلفظيّة؛ ففتحوا بها النكرة المفردة، ما دامت تليها، وبنوها معها إذا قصدوا العموم؛ نفيا للجنس، إذا كانت جوابا، كقولك: هل من/ رجل فى الدّار، ونحوه؛ فتقول فى الجواب: لا رجل فى الدّار، ولا غلام عندك، ولا رجل أفضل منك، فالرّجل اسم" لا" وهو مبنىّ على الفتح. وهما فى تقدير المبتدأ، وما بعده خبرها، وهو مرفوع بها. وسيبويه لا يرفعه بها، وإنّما هو مرفوع على ما كان عليه (¬2)، قال سيبويه: وأمّا" لا" فتكون نفيا لقول القائل: هو يفعل، ولم يقع الفعل فتقول فى الجواب (2): لا يفعل، وترد فى الكلام على معان، هذا أحدها، ويرد باقيها فى أبنية (¬3) الحروف. ¬
الفرع الثانى: فى أحكامها
الفرع الثّانى: فى أحكامها: الحكم الأوّل: سيبويه يذهب إلى أنّ حركة الاسم الّذى بعد" لا" حركة بناء (¬1)، ونزّلهما منزلة" خمسة عشر" ووافقه جماعة من محقّقى النحاة (¬2)، وذهب الزّجاج (¬3) ومن تبعه - كالسّيرافىّ (4) والرّمّانىّ (¬4) - إلى أنّها حركة إعراب، وتأوّلوا قول سيبويه؛ لأنّه سمّاها نصبا ولم يسمّها فتحا، وزعم آخرون أنّها حركة إعراب تشبه حركة بناء (5)، وعكس هذا القول آخرون، (¬5) ولكل منهم حجّة تمسّك بها. الحكم الثّانى: إذا وقعت الأخبار أجوبة فلا بدّ أن يكون عن سؤال ظاهر أو مقدّر، والجواب يكون على وفق السّؤال فى العموم والخصوص، فإذا قلت: لا رجل فى الدّار، فهذا نفى عام لجميع الرّجال؛ فينبغى أن يكون السؤال عاما مثله، كقولك: هل من رجل فى الدّار؟ فاستغرقت الجنس ب" من"، فإذا قلت: لا رجل فى الدّار، فلا يجوز أن يكون فيها رجل واحد، ولا أكثر منه، فإذا حذفت" من" من السّؤال فقلت: هل رجل فى الدّار؟ جاز أن ¬
يكون سؤالك عن رجل واحد، وعن أكثر منه، فيكون الجواب: لا رجل فى الدّار، بالرّفع؛ حملا على" ليس" إلّا أنّ الموضع بها أخصّ، فتقول: ما فى الدّار رجل، فيجوز أن يكون فيها أكثر من رجل. الحكم الثّالث: الأسماء المنفيّة ب" لا" تنقسم إلى: مفرد، ومضاف ومشابه للمضاف؛ بطوله. أمّا المفرد: فكقوله: لا رجل عندك، ولا صاحب لك، وقوله تعالى: وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ (¬1) ولا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ (¬2). وأمّا المضاف: فكقولك: لا غلام رجل عندك، ولا ماء سماء لك، ولا مثل زيد لك، ومنه قول ذى الرّمّة (¬3): هى الدّار إذ مىّ لأهلك جيرة … ليالي لا أمثالهنّ لياليا فنصب" أمثالهنّ" ب" لا" وهى نكرة. وإنّما لم يبنوا المضاف لأنّه يعاقب التّنوين، وما فيه تنوين لا يبنى، وهو على ضربين: ضرب لا" لام" إضافة معه، وهو هذا، وضرب معه" لام" الإضافة، وسنفرد له (¬4) حكما. ¬
وأمّا الطّويل: فبمنزلة المضاف، تقول: لا خيرا من زيد عندك، ولا ضاربا عمرا فى الدّار، ولا تبنى، وتقول لا مرور بزيد، فتبنى، ولا مرورا بزيد فتنصب على اختلاف تقديرين، فما لا تعلّقه بالأوّل وأردت به العموم بنيته، وما علّقته بالأوّل أعربته، وبيان ذلك: أنّك إذا لم تجعل زيدا" متعلّقا بالمرور قصدت نفى المرور مطلقا، وجعلت" زيدا" متعلّقا بمحذوف، كأنّك قلت: لا مرور موجود، أو كائن بزيد، فحينئذ تبنى؛ لأنّ غرضك نفى المرور مطلقا، فإن علّقت" زيدا" بالمرور أعربته؛ لأنّك لم ترد نفيا عامّا، ألا ترى أنّك إذا قلت: لا آمر لك يوم الجمعة، نفيت جميع الآمرين، وإذا قلت: لا آمرا لك، نفيت آمرى يوم الجمعة خاصّة، ومثله قوله تعالى: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ (¬1) إنّما أراد نفى التّثريب/ مطلقا. الحكم الرّابع: تدخل لام الإضافة على بعض الأمثلة، فيعتدّ بها من وجه، ولا يعتدّ بها من وجه، كقولك: لا أبا لزيد، ولا أخا لعمرو، فالأب: منصوب ب" لا"، و" زيد" مجرور بالإضافة. فأمّا وجه الاعتداد بالّلام: فإنّ الأب لو كان مضافا على الحقيقة، لكان معرفة، و" لا" لا تنصب المعارف، فلولا أنّ اللّام معتدّ بها قاطعة للإضافة لما جاز أن ينصب الأب. وأمّا وجه ترك الاعتداد: فثبات الألف فى قولك:" أبا"؛ لأنّ هذه الألف لا تعود إلى الأب إلّا عند الإضافة؛ فلا تقول: رأيت الأبا، وتقول: رأيت أبا زيد، فلولا أنّ اللّام غير معتدّ بها لما عادت الألف، ولم يفعلوا هذا مع غير الّلام من حروف الجرّ، فإن فصلت فقلت: لا أب فيها لك، حذفت ¬
الألف عند سيبويه (¬1)، وأثبتها يونس (¬2). وقد حذفوا الألف مع اللّام؛ حملا على الأصل، فقالوا: لا أب لك، وأنشدوا (¬3): أبى الإسلام لا أب لى سواه … إذا افتخروا بقيس أو تميم وقد تحذف هذه الّلام فى الشّعر، قال (¬4): أبا الموت الّذى لا بدّ أنّى … ملاق لا أباك تخوّفينى يريد: لا أبا لك. الحكم الخامس: إذا ثنّيت المنفىّ أو جمعته فقلت: لا غلامين عندك، ولا ناصرين لك، أثبتّ" النون" معهما، وسيبويه يزعم أنّه مبنىّ (¬5) كالمفرد، والمبرّد يزعم أنّه معرب (¬6)، فإن أضفتهما حذفت" النّون" كما تحذفها مع عدم" الّلام"؛ فتقول: لا غلامى لك، ولا ناصرى لك، ويجرى ذلك مجرى: لا أبا لك. فإن فصلت فقلت: لا يدين بها لك، ولا ناصرين (¬7) فيها لك، امتنع ¬
الحذف عند سيبويه (¬1) وأجازه يونس (¬2). وكذلك إن وصفت فقلت: لا غلامين ظريفين لك؛ للفصل بين المضاف والمضاف إليه/ بالصّفة، ولأنّها إنّما تحذف على تقدير سقوط" الّلام" وترك الاعتداد بها، ولا يجوز حذفها من الصّفة؛ لأنّك تكون (¬3) قد أضفت الصّفة دون الموصوف. وتقول فى جمع المؤنّث: لا بنات لك؛ فتنبيه مع" لا"، وكسرة" التّاء" بمنزلة الفتحة، وقد أجاز (¬4) قوم ثبوت التّنوين (¬5)؛ حملا على" نون" جمع المذكّر. وتقول: لا غلامى لك ولا مسلمى لك، إن كانت" لا" الثّانية نافية غير عاطفة، وإن كانت عاطفة لم يجز إلّا إثبات النّون؛ فتقول: لا غلامى لك، ولا مسلمين لك. الحكم السّادس: أهل الحجاز يظهرون (6) خبر" لا" فيقولون: لا رجل أفضل منك، ويحذفونه كثيرا فيقولون: لا أهل، ولا مال، ولا بأس، أى: لك، وعليك، وبنو تميم (¬6) لا يثبتونه أصلا. ¬
ومن الحذف قول: لا إله إلّا الله، التقدير: لا إله موجود، أو لنا إلا الله، ووجه حذفه: بناء الكلام على كلام سابق قد جرى فيه ذكر الخبر، كأنّه قال: هل من إله فى الوجود؟ فقال: لا إله، أى: فى الوجود، وكذلك يقول: هل من رجل فى الدّار؟ فتقول: لا رجل، ولا تذكر" فى الدّار" لأنّه فى الأصل ردّ لما قال؛ ولدلالة السّؤال عليه. وقد حذفوا المنفىّ، فقالوا: لا عليك أن تفعل، أى: بأس عليك. الحكم السّابع: إذا وصفت اسم" لا" المفرد المبنىّ، كان لك فيه ثلاثة أوجه: الأوّل: - وهو الأحسن - النّصب على الّلفظ، مع التّنوين، تقول: لا رجل ظريفا عندك؛ حملا على وصف المنادى وإن كان مبنيا. الثّانى: أن تبنيه على الفتح بغير تنوين، فتقول: لا رجل ظريف عندك. الثّالث: الرّفع على الموضع، مع التّنوين، تقول: لا رجل ظريف عندك. فإن فصلت بين الصّفة والموصوف سقط البناء، وبقى النّصب والرّفع، تقول: لا رجل ظريفا عندك، ولا رجل فيها عاقل لك. فأمّا المضاف: فلا يجوز بناء صفته؛ لأنّه معرب، وفى وصفه على الموضع (¬1) نظر، فتقول: لا غلام رجل ظريفا، وظريف عندك،/ وقد أجاز سيبويه: لا مثله (¬2) أحد، وصفا على الموضع، وهو بدل أحسن. وأمّا الطّويل: فإنّه لا يوصف. وتقول: لا مال لك درهما ولا دينارا، ولا إبل لك ناقة ولا جملا، فتنصبه على الوصف، أو عطف البيان، ويجوز رفعه على الابتداء أو على خبره، أو خبرا للنّفى. ¬
والتكرير: يجرى مجرى الوصف، تقول: لا ماء [ماء] (¬1) باردا، ولا ماء ماء باردا، ولا ماء ماء بارد (¬2). فإن كرّرت الصّفة كان لك فى الثّانية الرّفع على الموضع، والنّصب على اللّفظ، فتقول: لا رجل عاقلا كريم، وكريما. الحكم الثّامن: إذا عطفت على اسم" لا"، جاز لك فيه وجهان: أحدهما: الحمل على اللّفظ، كقولك: لا رجل وامرأة فى الدّار. والثّانى: الحمل على الموضع، كقولك: لا رجل وغلام عندك. والتنوين فى المعطوفين لازم، وأنشدوا (¬3): فلا أب وابنا مثل مروان وابنه … إذا هو بالمجد ارتدى وتأزّرا يجوز فى" الابن" النّصب والرّفع. فإن كرّرت" لا" فى جواب" أم" والهمزة جاز لك فيه خمسة أوجه: الأوّل: أن تبنى الاسم الأوّل والثانى على الفتح، فتقول: لا حول ولا قوّة إلّا بالله، فالخبر مضمر تقديره: لا حول موجود، أولنا، والجارّ والمجرور متعلّق بالخبر المحذوف، والخبر فى موضع رفع بخبر الابتداء، عند سيبويه (¬4). ¬
الثّانى: أن تفتح الأوّل، وترفع الثّانى بالعطف على الموضع، أو بالابتداء، أو أن تجعل" لا" بتقدير" ليس، فتقول: لا حول ولا قوّة إلا بالله، وأنشدوا (¬1). هذا لعمركم الصّغار بعينه … لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب الثّالث: أن تفتح الأوّل، وتنصب الثّانى منوّنا؛ حملا على اللّفظ، وتجعل" لا" الثانية زائدة مؤكّدة للنّفى، فتقول: لا حول ولا قوّة إلا بالله، وأنشدوا (¬2): لا نسب اليوم ولا خلّة … اتّسع الخرق على الرّاقع وهذا الوجه، من النّحاة من لا يجيزه إلّا فى الضّرورة. الرّابع: أن ترفع الاسمين وتنوّنهما، فتقول: لا حول ولا قوّة إلّا بالله، وأنشدوا (¬3): ¬
وما هجرتك حتّى قلت معلنة … لا ناقة لي فى هذا ولا جمل وهذا على تقدير سؤال، كأنّه قيل له: ألك ناقة فى هذا الأمر أم جمل، فأجاب نفيا لكلامه، أو يكون جعل" لا" بتقدير" ليس". الخامس: أن ترفع الأوّل، وتفتح الثانى، فتقول: لا حول ولا قوّة (¬1) إلّا بالله، على أنّ" لا" الأولى بمعنى ليس، والثّانية نافية، وأنشدوا (¬2): فلا لغو، ولا تأثيم فيها … وما فاهوا به أبدا مقيم والخبر، إذا نصب المعطوف عليه بتنوين، أو وصف بمنصوب منوّن رفع ب" لا"؛ لظهور العمل. فإن عطفت على اسم" لا" معرفة منفيّة ب" لا" لم تعملها فى المعرفة، كقولك: لا غلام ولا العبّاس لك، ولا غلام لك ولا أخوه، قال سيبويه: من قال:" كلّ نعجة (¬3) وسخلتها بدرهم"، فينبغى أن يقول: لا رجل ¬
لك ولا أخاه، كأنّه قال: لا رجل لك ولا أخاله. الحكم التاسع: إذا فصلت بين" لا" واسمها بطل عملها؛ تقول: لا لك غلام، ولا عندك جارية؛ لأنّها مبنيّة معها كخمسة عشر، فإذا فككت البناء بالفصل، بطل العمل، ووجب تكرير" لا" مع الفصل، كقوله تعالى: لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (¬1)، ولا يجوز من غير تكرير إلّا على ضعف (¬2). وتقول: لا كزيد أحدا، فتنوّن" أحدا"؛ للفصل بين" لا" و" أحد"، وحكى سيبويه عن العرب: لا كزيد أحد (¬3)، ولا مثله أحد، فحمله على الموضع، وقال: أمّا قول جرير (¬4): لا كالعشيّة زائرا ومزورا (¬5) فلا يكون إلّا نصبا؛ من قبل أنّ" العشيّة" ليس ب" الزّائر"،/ وإنّما أراد: لا أرى كالعشيّة زائرا، أى: في العشيّة، فإذا قلت: لا كزيد رجل، ولا كالعشيّة عشيّة، رفعت؛ لأنّ الآخر هو الأوّل. ¬
الحكم العاشر: قد شبّهوا" لا" ب" ليس"، فرفعوا الأوّل، ونصبوا الثّانى، وهو قليل، أنشد سيبويه (¬1): من صدّ عن نيرانها … فأنا ابن قيس لا براح تقول: لا أحد أفضل منك، وأدخلوا" الباء فى خبرها؛ حملا عليها، وأنشدوا (¬2): وكذاك لا خير على … أحد ولا شرّ بدائم ومنع من ذلك قوم، وأجازه الفارسىّ تارة (¬3)، ومنع منه أخرى، فأمّا قولهم:" لا خير بخير بعده (¬4) النّار، ولا شرّ بشرّ بعده الجنّة"، فقيل: إنّ" الباء" زائدة زيادتها فى خبر" ليس" و" ما"، ويكون قولك:" بعده النّار صفة للمنفىّ الذى هو" لا خير" و" النّار" مبتدأ، و" بعده" خبر، كأنّك قلت: لا خير بعده النّار بخير، ف" خير" مع" لا" فى حكم المبتدأ، وإن جعلت" بعده النّار" فى موضع جرّ صفة ل" خير" المجرور بالباء لم تكن الباء زائدة ¬
وكانت بمعنى (¬1) " في" فكأنّه قال [لا] (¬2) خير فى خير هذه صفته والباء متعلقة بمحذوف تقديره: لا خير موجود في خير (¬3) بعده النار. الحكم الحادى عشر: إذا دخلت" لا" على معرفة رفعتها، وألزمتها التكرير، تقول: لا زيد عندك ولا عمرو، ويقبح أن تقول: مررت برجل لا شجاع، حتّى تقول: ولا كريم، مثلا. والأصل في هذا الباب: أنّ" لا" متى كانت جواب الهمزة، و" أم": لزم تكريرها مع المعرفة والنكرة، يقال: أزيد عندك أم عمرو؟ فتقول: لا زيد ولا عمرو، فأمّا قولك: لا زيد في الدّار، فلا يجوز إلّا في ضرورة الشّعر، قال (¬4): بكت جزعا واسترجعت ثمّ اذنت … ركائبها أن لا إلينا رجوعها ويقال: أرجل عندك أم امرأة؟ فتقول: لا رجل ولا امرأة، وقد جاء فى ¬
الشعر غير مكرّر، شاذا، قال (¬1): وأنت امرؤ منّا خلقت لغيرنا … حياتك لا نفع وموتك فاجع وأمّا قولهم: لا نولك أن تفعل، فإنّما لم يكرّروه (¬2)؛ لأنّهم جعلوه بمعنى: لا ينبغى لك أن تفعل، و" لا" لا يلزم تكرارها مع الفعل؛ فحمل عليه، والنّول: العطاء، ومعنى الكلام: ليس العطاء من شأنك، ولا العطاء يليق بك الحكم الثاني عشر: قد أدخلوا" لا" على أسماء معارف، وبنوها على الفتح؛ قالوا:" قضيّة ولا أبأ حسن لها"،" وأمّا البصرة فلا بصرة لكم"، وقال الشّاعر (¬3): أرى الحاجات عند أبى خبيب … نكدن ولا أميّة في البلاد وقال الآخر (¬4): لا هيثم اللّيلة للمطيّ ¬
وفي هذا الحكم وجهان: أحدهما: أنّه جعله من جماعة كلّ واحد منهم" أبو حسن" و" هيثم"، فنكّر. والآخر: على حذف المضاف، تقديره: لا مثل أبي حسن، ولا مثل أميّة ولا مثل (¬1) هيثم. الحكم الثّالث عشر: من الأسماء الّتي دخلت عليها" لا" أسماء عمل فيها فعل، أو معنى فعل، ولا يلزم فيه تكرير" لا"، كما لا تكرّر فى الأفعال، وذلك قولك: لا مرحبا ولا أهلا ولا سهلا، ولا كرامة ولا مسرّة، ولا سقيا ولا رعيا، وأمثالها، فالفعل العامل مقدّر بعد" لا" (¬2) كأنّك قلت: لا أكرمك كرامة، ولا أسرّك مسرّة. فما لم يجزأن يلي" لا" من الأفعال، لم يجز أن يليها ما عمل فيه ذلك الفعل؛ فلا تقول: لا ضربا، وأنت امر؛ لأنّه لا يجوز: لا اضرب، وإنّما يدخل على الدّعاء، إذا كان لفظه لفظ الخبر وأضمرته، نحو: لا سقيا ولا رعيا، كأنّك قلت: لا سقاه ولا رعاه، وكذلك إذا ولي" لا" مبتدأ في معنى الدّعاء، نحو: لا سلام عليكم، قال سيبويه: قولهم:" لا سواء"، إنّما دخلت هاهنا لأنّها عاقبت ما ارتفعت (¬3) عليه؛ ألا ترى أنّك لا تقول: هذان لا سواء، ف" هذان" مبتدأ، و" لا سواء" خبره، كما تقول: هذان سواء، ثمّ أدخلت" لا" وحذفت" هذان" قال المبرّد: قول سيبويه: إنّك لا تقول: هذان لا سواء، أي: لا تكاد تقوله، ولو قلته جاز (¬4). ¬
الحكم الرّابع عشر: إذا أدخلت" الهمزة" على" لا" فلها معنيان، أحدهما: أن يكون استّفهاما محضا، والثّاني: أن يضاف إلى الاستفهام معنى (¬1) التّمني. فالأوّل: حكم" لا" معه حكمها قبل دخول" الهمزة" في الخبر والصّفة؛ تقول: ألا رجل في الدّار؟ ألا غلام أفضل منك؟ ألا رجل عاقلا عندك؟ وعاقل، وعاقل. وأمّا الثّاني: فحكمه البناء مع الاسم كالبناء قبل دخول الهمزة، وبناء الاسم مع الصّفة، ووصفه على لفظه، فإن وصفته على موضعه فسيبويه والخليل يمنعانه؛ لزوال معنى الابتداء بالتّمنّى (¬2)؛ فيقولان: ألا رجل أفضل منك؟ بالنّصب، وألا رجل ظريف عندك؟ والمازنيّ يجيز ذلك (¬3)؛ فيقول: ألا رجل أفضل منك؟ بالرّفع، فأمّا قول الشّاعر (¬4): ألا رجلا جزاه الله خيرا فإنما نوّن مضطرا، أو نصبه بفعل مضمر؛ لأنّه متمنّ. وتقول: ألا رجلا زيدا أو عمرا، تريد: ألا أجد رجلا يكون زيدا ¬
أو عمرا، وألا ماء ولو باردا، وفيه قبح (¬1)، فلو قلت: ألا ماء ولو ماء باردا، كان جيّدا، على أن تضمر بعد" لو" فعلا (¬2) عاملا. الحكم الخامس عشر: قد زادوا" التّاء" على" لا" فقالوا: لات، ويكون اسمها مرفوعا، وخبرها منصوبا، ولا يظهر لها معمولان معا، وإنّما يظهر أحدهما، والأولى أن يظهر المنصوب، ولا تعمل إلّا فى" الحين" خاصّة، كقوله تعالى وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (¬3) يقرأ بالرّفع (¬4) والنّصب (¬5)، والأخفش (¬6) يقول: ليس لها عمل، وبعضهم (¬7) يجرّبها، وأنشد (¬8): طلبوا صلحنا ولات أوان … فأجبنا أن ليس حين لقاء ¬
النوع الرابع: في الحروف العاملة في الأفعال، وهي ناصبة، وجازمة.
والفارسيّ يجرّه ب" حين" (¬1) مضمرة. النّوع الرّابع: في الحروف العاملة في الأفعال، وهي ناصبة، وجازمة. وهذا النّوع يخصّ النّاصبة منها: قبل أن نخوض في بيان عوامل الأفعال فلنذكر طرفا فيما يتعلّق بإعراب الأفعال وبنائها، وإن كان قد سبق في أوّل الكتاب منه (¬2) طرف صالح، فتقول: الأفعال على ضربين: مبنيّ، وهو الأصل، ومعرب وهو الفرع. والمبنيّ: مبنيّ على الفتح والسّكون، وهما: الماضي والأمر العاري من الّلام، نحو: ضرب ودحرج، واستخرج، واضرب ودحرج واستخرج. والمعرب هو: المضارع، وفعل الأمر إذا ادخله (¬3) اللّام، وإن كان ساكنا فإنّ سكونه إعراب لا بناء، نحو: يضرب ويدحرج ويستخرج، وليضرب وليدحرج وليستخرج. وإعراب المضارع الرّفع والنّصب والجزم، وهو على ضربين: صحيح ومعتلّ. فالصّحيح: تدخله الثّلاثة، والرّفع: عامله معنويّ، والنّصب والجزم: عاملهما لفظيّ. ¬
أمّا المعنويّ: فهو: وقوعه موقع الاسم نظير المبتدأ أو خبره، كقولك: زيد يضرب، رفع" يضرب"؛ لأنّ ما بعد المبتدأ من مظانّ صحّة وقوع الأسماء، وكذلك إذا قلت: يضرب الزّيدان؛ لأنّ من ابتدأ بكلام، لم يلزمه أن يبتدئ باسم أو فعل، بل موضع خبره في أيّهما أراد، وقولهم: كاد زيد يقوم، وجعل يضرب، إنّما أصله: قائما، وضاربا، ولكن عدل عن الاسم لغرض، وقد جاء الاسم في قوله (¬1): فأبت إلى فهم وما كدت آيبا في إحدى الرّوايتين، وكذلك متى/ وقع الفعل المضارع فى موضع لا تقع فيه الأسماء، فلا يجوز رفعه، نحو: لم يقم زيد؛ لأنّك لا تقول: لم زيد، وأمّا اللّفظيّ: فحروف معدودة، نحو: لن يضرب (¬2)، ولم يضرب (¬3) وسيرد تفصيلها. [وأمّا المعتلّ] (¬4) فهو كلّ فعل وقعت في آخره ألف أو واو أو ياء: نحو: يسعى ويغزو ويرمي، وهذه الأحرف الثّلاثة تكون فى الرّفع ساكنة، وفي الجزم محذوفة، وفي النّصب تفتح الياء والواو، وتبقى الألف على سكونها؛ تقول: هو يسعى ويغزو ويرمي، ولم يسع ولم يغز ولم يرم، ولن يسعى ولن يغزو ولن يرمي. ¬
فإن تثّنيت الضّمير في الفعل، أو جمعته للمذكّر، أو خاطبت به المؤنّث، صحيحا كان، أو معتلا، وهو خمسة أفعال، اثنان للمخاطب - وهما: تضربان، وتضربون - واثنان للغائب - وهما: يضربان، ويضربون - وواحد للمؤنّث - وهو: تضربين - فإنّ رفع (¬1) هذه الخمسة بإثبات النّون، ونصبها وجزمها بحذفها؛ تقول: أنتما تضربان وتغزوان، وتسعيان وترميان، ولن تضربا وتغزوا وتسعيا وترميا، ولم تضربا وتغزوا وتسعيا وترميا، وأنت تضربين وتغزين وتسعين وترمين، ولن تضربي وتغزي وتسعى وترمي، ولم تضربي وتغزي وتسعي وترمي، وكذلك الجمع، وما زاد على الثلاثي. وهذه الأفعال الخمسة معربة، وليس لها حرف إعراب، والنّون بدل من ضمّة الفعل الّتي هي علامة الرّفع، فإذا صرت إلى جماعة المؤنّث كانت علامته نونا مفتوحة، ساكنا ما قبلها، ثابتة في الأحوال الثّلاث؛ لأنّ الفعل صار مع جماعة المؤنّث مبنيّا، تقول: هنّ يضربن ويغزون ويسعين ويرمين، ولن يضربن ويغزون ويسعين ويرمين، ولم يضربن ويغزون ويسعين ويرمين، ولم يضربن ويغزون ويسعين ويرمين وهذه النّون قد جعلها قوم للعدد القليل من النّساء، وأطلقها آخرون على القليل والكثير منهنّ،/ وكأنّه الأكثر والأشبه بالنّظم والنّثر. وإذ قد فرغنا من ذكر هذا الطّرف فلنذكر الحروف النّاصبة للأفعال في فرعين: الفرع الأوّل: في تعريفها، وهي أربعة:" أن" و" لن" و" كي" و" إذن"؛ وكلّ منها أصل في العمل عند (¬2) قوم، وقيل: إنّ الأصل" أن"، والثّلاثة (2) ¬
الباقية محمولة عليها، ولكلّ من المذهبين وجه. وجميعها ينصب الفعل المستقبل إذا وليها، تقول: أريد أن تقوم، ولن تذهب؛ وجئتك كي تكرمني، وإذا أكرمك. وبعض العرب لا ينصب بها، ويقرّ الفعل على حاله مرفوعا، كقول الشّاعر (¬1): ونحن منعنا البحر أن يشربونه … وقد كان منهم ماؤه بمكان وكقوله (¬2): أبيت ويأبى النّاس أن يشترونها … ومن يشتري ذا علّة بصحيح وهي في عملها على ضربين: ضرب يعمل مظهرا ومضمرا، وهو:" أن" وضرب لا يعمل إلّا مظهرا؛ وهو:" لن" و" كي" و" إذن". ¬
فأمّا" أن" فهي والفعل بمعنى المصدر، وتدخل على المستقبل والماضي؛ تقول: أريد أن تقوم، ويعجبني أن قمت، أي: أريد قيامك، ويعجبني قيامك، ولا تدخل على فعل الحال، وتقول: إنّه أهل أن يفعل، وقلت هذا مخافة أن يفعل، فتضيف إليها، وإن شئت نوّنت. وتدخل عليها اللّام، فتقول: إنّه خليق لأن يفعل، قال سيبويه: وسألته - يعني الخليل - عن معني: أريد لأن أفعل، (¬1) فقال: المعني، إرادتي (¬2) لهذا، كما قال تعالى: وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (¬3). وأمّا «لن» فهي لتأكيد نفي المستقبل، تقول: لا أقوم غدا، فإن أردت تأكيد النّفي قلت: لن أقوم غدا، ومثلهما قوله تعالى: لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ (¬4) وقوله تعالى فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي (¬5) ولا تدخل على الماضي، ولا الحال؛ لأنّها نقيض/ السّين وسوف، وهما مختصّان بالمستقبل. وقد اختلف فيها، فقال الخليل: أصلها (¬6)، لا أن، فحذفت الهمزة والألف، واختلطت الكلمة كما اختلطت" هلمّ"، وقال الفرّاء: نونها مبدلة من ألف (¬7) " لا" وقال سيبويه: هي حرف (¬8) برأسه. ¬
وأمّا" كي" فمعناها تعليل وقوع الفعل، تقول: زرتك كي تكرمني، فعلّة الزّيارة: توقّع الكرامة، وترد في الكلام على ضربين: أحدهما: أن تكون حرف جرّ بمنزلة اللّام، وقد ذكرت (¬1). الثّاني: أن تكون حرفا ناصبا، وسيرد تفصيل عملها في الفرع الثّاني (¬2). وأمّا" إذن" فهي جواب وجزاء، يقول القائل: أنا أزورك؛ فتقول في الجواب: إذن أكرمك، المعنى: إن كان الأمر كما ذكرت فإنّي أكرمك، فهذا جواب لكلامه، وجزاء لفعله. وجميع هذه الأحرف لا يفصل بينها وبين ما تعمل فيه، إلّا" إذا" وحدها، بالقسم. الفرع الثّاني: في أحكامها، قد سبق القول أنّها في عملها على ضربين (¬3)، ولكلّ منهما شرط تعمل معه، إلّا" لن" فإنّها تعمل مظهره بغير شرط ولا تفصيل؛ فلنذكر الثّلاثة الباقية في ثلاثة أحكام. الصّنف الأوّل: في" أن"، وهي تعمل مظهرة ومضمرة في ثلاثة مواضع؛ موضع تعمل فيه مظهرة ومضمرة، وموضع لا تعمل فيه إلّا مظهرة، وموضع لا تعمل فيه إلا مضمرة. أمّا الموضع الأوّل وهو ما تعمل فيه مظهرة ومضمرة، فذلك على ضربين: ¬
أحدهما: أن ترد بعد الّلام الواقعة في الإيجاب، كقولك: جئتك لتكرمني، ولأن تكرمني، ومنه قوله تعالى إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ/ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ (¬1) أي: لأن يغفر، فتقدّر" أن"؛ ليصير الفعل بها مصدرا، فيحسن دخول اللّام الجارّة عليه. الثّاني: أن يكون قبل الفعل اسم، كقولك: يعجبني ضرب زيد ويغضب عمرو، تريد: أن يغضب عمرو، فيجوز إظهار": أن" وحذفها، وإظهارها عند بعضهم أقوى، وسيجئ هذا مبسوطا في الموضع (¬2) الثّالث. وأمّا الموضع الثّاني - وهو ما لا تعمل فيه إلّا مظهرة - فكقولك: أن تقوم خير لك، وأريد أن يقوم، ويعجبني أن تذهب، فإن حذفت" أن" رفعت الفعل فقلت: تقوم خير لك، وأريد يقوم، ويعجبني تذهب، ومنه قوله تعالى: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (¬3) تقديره: أن أعبد؛ ولهذا قال سيبويه: مره يحفرها (¬4). والكوفيّ يجيز النّصب (¬5) مع الحذف، وأنشد (¬6): ألا أيّهذا الزّاجرى أحضر الوغى … وأن أشهد اللّذات هل أنت مخلدي ¬
الموضع الثّالث: وهو ما لا تعمل فيه إلّا مضمرة، وذلك بعد خمسة أحرف:" الفاء" و" الواو" و" أو" و" الّلام" و" حتّى". الحرف الأوّل:" الفاء"، وهي العاطفة، ولا يجوز إظهار" أن" معها إذا كانت جوابا لأحد سبعة أشياء، وهي: الأمر، والنّهي، والنّفي، والتّمنّي، والدّعاء، والاستفهام، والعرض، تقول فى الأمر: زرنى فأكرمك، وفي النّهي: لا تشتمه فيشتمك، وفي النّفي: ما أنت مستحقّ فأعطيك، وفى التّمنّي: ليت لى مالا فأنفقه، وفى الدّعاء: اللهمّ ارزقني مالا فأتصدّق به، وفي الاستفهام: أين بيتك فأزورك، وفي العرض: ألا تزورنا فنكرمك، فالنّاصب في هذه كلّها" أن" مضمرة، عند سيبويه (¬1) ومحقّقي (¬2) النّحاة، وقال الجرميّ: النّاصبة" الفاء" (¬3). وإنما قدّر" أن" لأنّ ما بعد الفاء خالف (¬4) ما قبلها/ فأضمرت؛ لتصير مع ما بعدها في معنى المصدر؛ فيصحّ العطف، فإنّك إذا قلت هل تأتيني فأحدّثك، تقديره: هل يكون منك إتيان متّصل بحديثي، ومعناه: إن أتيتني ¬
حدّثتك؛ وبهذا يسمّى جوابا، وعلى الأمر جاء قوله (¬1): يا ناق سيري عنقا فسيحا … إلى سليمان فنستريحا وعلى النّفي قوله تعالى: لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ (¬2) وعلى الاستفهام قوله (¬3): ألم تسأل فتخبرك الرّسوم وعلى التّمنّي قوله (¬4): ألا رسول لنا منّا فيخبرنا وإذا وقعت الجملة بعد" الفاء" في الجواب، كان موضعها نصبا بتقدير ¬
الفعل، كقوله تعالى: هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ (¬1). أي: فتستووا (¬2) فيه، وقوله: أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى (¬3). وقد عدلوا عن النّصب ب «الفاء» في بعض الأمثلة على تأوّل، فقالوا في الأمر: ائتني فأحدّثك، لم يجعل الأوّل سبب الثّاني، ولكن جعل الحديث له مستمرا، أي: فأنا ممّن يحدّثك على كلّ حال، ونحوه قوله تعالى: «إنما أمرنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون» (¬4)؛ القراءة بالرّفع (¬5)؛ لأنّ «كن» بلفظ الأمر، ومعناه الخبر، قال سيبويه: تقديره: إنّما أمرنا لشئ (¬6) هذا فيكون، وقد نصبه بعض القراء (¬7)، وفيه بعد؛ لأنّ معنى قولك: قم فأحدثك، يئول إلى: أن قمت حدّثتك، وإذا نصب «يكون» آل إلى: أن كنت كان، وهذا فاسد. ¬
وقالوا في النّهي: لا تقم فأضربك، أي: فأنا أضربك، ومنه قوله تعالى: فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ (¬1) أى: فهم يتعلّمون. وقالوا فى النّفى: إذا قلت: ما تأتينى فأكرمك، إن أردت أن تنفى الإتيان والإكرام معا، أو أردت أن توجب الإكرام، وتنفى الإتيان، فحكم الثّانى حكم الأوّل/ فى الإعراب، ويكون قد عطف جملة منفيّة على جملة منفيّة، وجملة موجبة على جملة منفيّة؛ فكأنّك قلت فى الأوّل ما تأتينى وما أكرمك، وفى الثّانى: ما تأتينى وأنا أكرمك، ومن الأوّل قوله تعالى: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ. وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (¬2) أى: وما يعتذرون، ومن الثّانى قول الشّاعر (¬3): غير أنّا لم تأتنا بيقين … فترجّى ونكثر التّأميلا أى: فنحن نرجّى. فأمّا إذا نصبت فقلت: ما تأتينى فتحدّثنى، فله معنيان: أحدهما: وجود الإتيان وعدم الحديث، كأنّك قلت: ما تأتينى إلّا لم تحدّثنى. والثّانى: أنّك تريد: ما تأتينى فكيف تحدّثنى؟ أى: إذا كان الإتيان سبب الحديث وأنت لم تأت، فكيف يقع الحديث؟ ومنه قوله تعالى: لا يُقْضى ¬
عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا (¬1)، وقوله تعالى: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (¬2) فالفاءان جواب النّفيين، والأولى: أن تكون" الفاء" الأولى جواب النّفى الثّانى، والثانية جواب النّفى (¬3) الأوّل، ويجوز أن تكون الثّانية عطفا على الأولى. وقالوا فى الاستفهام: هل تزورنا فنكرمك، ومنه قول الشّاعر (¬4): ألم تسأل الرّبع القواء فينطق … وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق أى: فهو ينطق، قال سيبويه: لم يجعل الأوّل سبب الثّانى، ولكن جعله ينطق على كلّ حال، كأنّه قال: فهو (¬5) ممّا ينطق. ¬
وقالوا فى التّمنّى: ليت لى مالا فأنفقه، أى: فأنا أنفقه، ومنه قوله تعالى: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (¬1) ويجوز النّصب (¬2)، وقالوا: هى فى بعض المصاحف محذوفة النّون (¬3)، وقد خيّر الخليل بين الرّفع/ (¬4) والنّصب فى قوله (¬5): وما هو إلّا أن أراها فجاءة … فأبهت حتّى ما أكاد أجيب (¬6) قال: وتقول: أريد أن تأتينى ثمّ تحدّثنى، بالنّصب، والرّفع جائز، وقال سيبويه: ويجوز الرّفع فى جميع هذه الحروف التى تشرك على هذا المثال (¬7)، قال: وتقول: ما أتيتنا فتحدّثنا (¬8). ¬
قال ابن السّرّاج: وإذا كان النّفى يتضمّن معنى الإيجاب فلا يجاب بالفاء، لا تقول: ما زال زيد قائما فأعطيك؛ لأنّ المعنى زال (¬1) زيد قائما، قال: وقوم يجيزون: أنت غير قائم فنأتيك، وهذا لا يجوز؛ لأنّا إنّما نعطف المنصوب على مصدر يدلّ عليه الفعل؛ فيكون حرف النّفى منفصلا، و" غير" اسم، مضاف، وليس بحرف نفى. وقد نصبوا بالفاء فى الإيجاب، قال (¬2): سأترك منزلى لبنى تميم … وألحق بالحجاز فأستريحا كأنّه جعل لحاقه بالحجاز سببا لراحته، تقديره: يكون لحاقي فاستراحتى، قال ابن السّرّاج: وقد جاء مثله فى الشّعر أبيات لقوم فصحاء، إلّا أنه قبيح أن ينصب ويعطف على الواجب الّذى على غير (¬3) ¬
شرط، ومنها قوله (¬1): وقد يملأ القطر الإناء فيفعما وقول الآخر (¬2): ويأوى إليها المستجير فيعصما والكوفىّ ينصب بالفاء مع" لعلّ" نحو: لعلّى (¬3) أحجّ فأكرمك، وبعد" كأنّ" إذا لم تكن للتّشبيه، نحو: كأنّك وال علينا فتشتمنا، أى: لست واليا علينا فتشتمنا. (¬4) ¬
وأعطوا" لو" (¬1) معنى" ليت" فنصبوا فى جوابها، وأنشدوا (¬2): ولو نبش المقابر عن كليب … فيعلم بالذّنائب (¬3) أىّ زير الحرف الثّانى" الواو" العاطفة، وينتصب ما بعدها فى غير الواجب من حيث ينتصب ما بعد" الفاء"، وذلك إذا لم ترد الإشراك بين الفعلين، وأردت عطف الثانى على مصدر الفعل الأوّل، وكانت متضمّنة معنى الجواب والجمع بمعنى" مع" فقط؛ فتكون" أن" مضمرة بعدها، كقولهم: لا تأكل السّمك وتشرب اللبن، أى: لا تجمع بين أكل السّمك وشرب الّلبن، فالنّهى متعلّق بالجمع بينهما فى الأكل، لا بأكلهما مفترقين. وهذه الواو تفيد فى العطف الجمع بين الحكم والإعراب، فإذا اختلفا كان مقصود (¬4) هذا الباب، ومثله قوله تعالى: وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (¬5)، وقوله تعالى: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا ¬
الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (¬1) في أحد القولين (¬2)، ومنه قول الأخطل (¬3): لا تنه عن خلق وتأتى مثله … عار عليك إذا فعلت عظيم أى: لا تجمعوا بين أن تلبسوا الحقّ وأن تكتموا، ولا تجمع (¬4) بين أن تنهى عن شئ وأن تفعل مثله، ولو جزم كان المعنى فاسدا، وتقول: لا يسعنى شئ ويعجز عنك، ولو جعلت الفاء موضع الواو جاز على الوجه الأوّل من وجهى النّفى الذى هو بتقدير: ما تأتينا إلّا لم تحدّثنا، وكان محالا على الوجه الثّانى. ومتى كان الكلام واجبا (¬5) لا تكون فيه الواو، قال سيبويه (¬6)؛ لأنّ الفعل المعطوف عليه لو كان واجبا لم يبن الخلاف. ¬
فأمّا إذا كان قبل الفعل اسم: كقوله (¬1): للبس عباءة وتقرّ عينى … أحبّ إلىّ من لبس الشّفوف وقولهم: يعجبنى ضرب زيد ويغضب عمرو، فإنّه لمّا امتنع من عطف الفعل على الاسم/ أضمر [أن] (¬2) ليصير الفعل بها مصدرا؛ فيعطف اسما على اسم؛ فكأنّه قال: يعجبنى ضرب زيد مع غضب عمرو، وقد سبق (¬3) هذا. وتنصب مع" الواو" فى كلّ موضع ينصب فيه مع" الفاء"، تقول: زرنى وأزورك، تريد: ليجتمع هذان، ومنه قوله (¬4) فى الاستفهام: ألم أك جاركم ويكون بينى … وبينكم المودّة والإخاء أراد: (¬5) ألم يجتمع هذان؟ ولو أراد الإفراد فيهما لم يكن إلّا ¬
مجزوما، وقوله (¬1) فى النّفى: قتلت بعبد الله خير لداته … ذؤابا فلم أفخر بذاك وأجزعا وقد حمل حمزة" الواو" على (¬2) " الفاء" فى قوله تعالى: يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا (¬3)؛ فنصب (¬4)، على تقدير: يا ليتنا يجتمع لنا الرّدّ مع عدم (¬5) التكذيب، وتقول فى العرض: ألا تنزل عندنا وتأكل شيئا. الحرف الثّالث:" أو" وهي تنصب الفعل المستقبل، إذا كانت بمعنى: إلّا أن، أو إلى أن، تقول: لأضربنّك أو تنكفّ عني، التّقدير: إلّا أن تنكفّ ¬
عني، ومنه قول امرئ القيس (¬1): فقلت له لاتبك عينك إنّما … نحاول ملكا أو نموت فنعذرا وقول الآخر (¬2): أن تجمعوا ودّى ومعتبتي … أو يجمع السّيفان فى غمد قال سيبويه: لو رفعت لكان عربيّا جاريا على وجهين: على أن تشرّك بين الأوّل والآخر، كأنّك قلت: إنما نحاول ملكا أو نموت، وعلى (¬3) أن يكون مبتدأ مقطوعا عن الأوّل، تعنى: أو نحن ممن نموت، ومن هذا الباب قرئ قوله تعالى: تقاتلونهم أو يسلموا (¬4) وهو شاذ (¬5)، والقراءة بإثبات النّون؛ لأنّه إخبار بأحد الأمرين، أو على الابتداء، كأنّه قال أو هم يسلمون (¬6)، وإنّما قدّرت" أن" مضمرة؛ لأنّ" أو" تعطف الثّاني على الأوّل، وتجعلهما فى حكم واحد، ¬
ولا تجعل أحدهما سببا للآخر، وهاهنا أحدهما سبب للآخر؛ فإنّ الضّرب/ لأجل الكفّ، التقدير: ليكوننّ منّي ضرب أو منك كف، أم: ليكوننّ الضّرب أو الكفّ. وكلّ موضع وقعت فيه «أو»، وصلح فيه «إلّا أن» أو «إلى أن» فالفعل منصوب، فإن لم يصلح رفعت، تقول: أتجلس أو تقوم؟ وهل تكلّمنا أو تسكت؟ المعنى: أيكون منك أحد هذين؟ وعليه قوله تعالى: هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ، أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (¬1). وأمّا قوله تعالى: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا (¬2) ف «يرسل» منصوب ب «أن» مقدّرة غير الظّاهرة؛ لأنّ التقدير: وما كان لبشر أن يكلّمه الله إلّا وحيا أن يوحى (¬3) أو يرسل، وأمّا من رفع (¬4) «يرسل» فيكون «وحيا» حالا بمعنى موحى (¬5) إليه، أو مصدرا في موضع الحال، و «يرسل» معطوف عليه. فإن كان قبل «أو» اسم أو شئ لا يمكن حمل ما بعده عليه تأوّلوا فيه المصدر، ونصبوا بإضمار «أن»، كقول (¬6) الشّاعر (¬7): ¬
فلولا رجال من رزام أعزّة … وآل سبيع أو أسوءك علقما فنصب لمّا لم يمكن الحمل على الاسم. الحرف الرّابع: «اللّام» الجارّة في قولك: زرتك لتكرمنى، تقديره: لأن تكرمنى، فأضمرت «أن»؛ لتصير هي والفعل مصدرا تدخل «اللّام» الجارّة عليه. والكلام الّذي تدخل عليه «اللّام» لا يخلو: أن يكون موجبا، أو منفيا. فإن كان موجبا جاز إضمار «أن» وإظهارها، وقد تقدّم (¬1). وإن كان منفيا ودخلت فيه «كان» لم يجز إظهارها، كقوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ (¬2)، وقوله تعالى: لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ * (¬3) فإن لم تكن فيه «كان» جاز ظهورها، كقولك: ما جئت لتغضب؛ لأنّ حرف النّفى دخل على كلام يحسن ظهور «أن» معه إذا حذف، تقول: جئت ليغضب، ولأن يغضب، ولا يحسن أن تقول: كنت لأذهب، في قولك: ما كنت/ لأذهب. وقد أجاز الكوفىّ: ما كنت (¬4) زيدا لأضرب، وأنشد (¬5): لقد عذلتنى أمّ عمرو ولم أكن … مقالتها ما دوت حيّا لأسمعا وهو عند البصرىّ: على إضمار (¬6) فعل. ¬
الحرف الخامس:" حتّى"، ولها موضعان: أحدهما: أن تكون بمعنى" كى"، تقول: أطلع الله حتّى يدخلك الجنّة، فالأوّل علة الثّانى. والموضع الثّانى: أن يكون بمعنى" إلى أن"، كقولك: انتظرته حتّى يقدم، وحتى قدم. ومعناها: أن يكون ما بعدها غاية لما قبلها، والتقدير: حتّى يدخلك الجنّة، وحتّى أن تقدم، فأضمرت" أن"؛ لأنّ" حتى" - فى الأصل - حرف جرّ. وتقع الأفعال الثّلاثة قبلها وبعدها. فإذا كان ما بعدها ماضيا لم يكن ما قبلها إلّا ماضيا، كقولك: سرت حتّى طلعت الشّمس. وإن كان ما بعدها مستقبلا جاز أن يكون ما قبلها ماضيا، ومستقبلا كقولك: سرت حتّى تطلع الشّمس، وأسير حتّى تطلع الشّمس. وأمّا فعل الحال: فيقع بعدها، ولا يقع إلّا مرفوعا؛ لأنّ" أن" لا تدخل على الحال، و" حتّى" إنما تنصب بتقديرها، فبطل النّصب. وارتفاعه: على أن يكون الفعل الّذى قبلها علّة للذى بعدها، وهو على ضربين: أحدهما: أن يكون الأوّل قد مضى، والثّانى أنت فيه، ويعتبر بأن يقع الماضى موقعه، كقولهم: «شربت الإبل حتى يجئ البعير يجرّ بطنه»، ومنه قوله تعالى: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا (¬1) فيمن رفع (¬2)؛ فيجوز ¬
فيه؛ حتّى جاء البعير، و: حتّى قال الرسول، فالشّرب والزّلزلة هما علّة المجئ والقول. الضّرب الثّانى: أن يكون الفعل الذى قبلها والذى بعدها قد مضيا، ويكون حكاية حال يحسن أن يقع الماضى بعدها، كقولك: سرت حتى أدخلها، فالدخول متّصل بالسّير، لا فصل بينهما، وإذا لم يكن الفعل الأوّل علّة لم يصحّ الرّفع، كقولك: ما سرت حتى أدخلها. وكلّ موضع جاز فيه الرّفع جاز فيه النّصب، ولا/ بالعكس، فمتى رفعت كانت حرفا من حروف الابتداء، كالتى فى قوله (¬1): وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان قال ابن السّرّاج، وفرق ما بين النّصب والرّفع: أنّك تقول: كان سيري (¬2) حتّى أدخلها، فإن نصبت كانت" حتّى" وما عملت فيه خبر" كان"، وإن رفعت" لم يصحّ؛ لأنّك تركت" كان" بغير خبر، فإن أضفت ما يكون خبرا صحّت المسألة، كقولك: كان سيرى سيرا متعبا حتّى أدخلها (¬3). ¬
واختار سيبويه النّصب فى قولك: إنّما سرت حتّى أدخلها، ومنع من الرّفع إذا كنت معلّلا (¬1) لسيرك (¬2)، وأجاز: إنما سرت قليلا حتّى أدخلها، (2) بالرّفع، لمّا قال: قليلا، قال: ولو قلت: سرت حتّى يدخلها زيد، لم يصحّ الرّفع؛ لأنّ سيرك لا يؤدّى زيدا إلى الدّخول (¬3)، ومثله: سرت حتّى تطلع الشّمس، بالرّفع، ولو قلت: سرت حتّى يدخلها ثقلى (¬4)، جاز الرّفع والنّصب، ولو قلت: أسرت حتّى يدخلها؟ لم يجز إلّا النصب؛ لأنّك لم نثبت سيرا؛ حيث استفهمت، فإن قلت: أيّهم سار حتّى يدخلها؟ جاز الرّفع؛ لإثبات السّير. الصّنف الثّانى:" كى"، وترد فى الكلام على ضربين: الضّرب الأوّل: أن تكون حرف جرّ بمعنى" اللّام"، وينتصب الفعل بعدها ب" أن" مضمرة؛ لأنّ الجارّ لا يعمل النّصب، فإذا قلت: جئت كى تعطينى؛ فمعناه: كى أن تعطينى، كما إذا قلت: جئت لتعطينى، أى: لأن تعطينى، ولا يجوز إظهار" أن" بعد" كى" إلّا قليلا، وسنذكره (¬5)، وإنما علم كونها حرف جرّ بقولهم: كيمه؟ كما قالوا: لمه وعمّه وفيمه؟ فالأصل:" كى" دخلت على" ما" التى للاستفهام، ثمّ حذف الألف، كما حذف من قولهم: لم وفيم وعمّ؟ ثمّ أدخلوا عليها" هاء" الوقف، أو أبدلوا" الهاء" من ألف" ما"، فلمّا أشبهت حروف الجرّ بذلك جعلوها منها. الضّرب الثّانى: أن تكون حرفا ناصبا، وينتصب الفعل بها من غير ¬
إضمار" أن"، وذلك إذا دخل عليها" لام" الجرّ، كقوله تعالى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ (¬1) ف" كى" هاهنا بمعنى" أن" وليست حرف جرّ؛ لدخول لام الجرّ عليها، والتقدير في الآية: لأن لا تأسوا، والأخفش يزعم أنّ" كى" (¬2) بدل من" اللّام"، والنّصب ل" أن" مضمرة. وقد جاءت" أن" مظهرة فى الشّعر، قال (¬3): وقالت: أكلّ النّاس أصبحت مانحا … لسانك كيما أن تغرّ وتخدعا وقد جمعوا بين ظهور" أن" بعدها، ودخول" اللّام" قبلها، قال (¬4): أردت لكيما أن تطير بقربتى … فتتركها شنا ببيداء بلقع ¬
وقد أدخوا" كى" على" اللّام"، قال (¬1): كى لتقتضينى رقيّة ما … وعدتنى غير مختلس وقد كفّوا" كى" ب" ما" قال (¬2): إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنّما … يراد الفتى كيما يضرّ وينفع وقيل: إنّ" كى" هاهنا حرف جرّ، و" ما" مصدريّة، بتقدير: الضّر (¬3) والنّفع. فأمّا قولهم: «انتظرنى كما آتيك"، فإنّ سيبويه قال: سألت الخليل عنه فقال: جعلت" الكاف" و" ما: شيئا واحدا (¬4)، وأدخلا على الفعل، كما فعل ب": ربّما"، وأنشد (¬5): ¬
لا تشتم النّاس كما لا تشتم ويجوز أن تكون" ما" مصدريّة، ويجوز أن يكون مجموعها للتّشبيه كقوله تعالى: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ (¬1)، ويجوز أن تكون وقتا، تقول: ادخل كما أن يسلّم الإمام، أى: فى ذلك الوقت. والكوفيّون (¬2) والمبرّد (¬3) ينصبون ب" كما" كما ينصبون ب" كيما" وأنشدوا (¬4): لا تظلموا النّاس كما لا تظلموا الصّنف الثّالث:" إذا" ولها ثلاث أحوال حال تعمل فيها، وحال لا تعمل فيها، وحال تعمل فيها وتلغى، والعمل لها نفسها (¬5)، وقوم يقدّرون بعدها" أن" مضمرة (¬6)، والعمل لها، وقوم يشبّونها ب" كى" ويعملونها فى كلّ موضع وليها فيه فعل مضارع، وقوم يجعلونها بمنزلة" هل" (¬7) ويرفعون بها، فيقولون: إذا أفعل. ¬
أمّا حال العمل فتفتقر إلى خمس (¬1) شرائط: - أن تكون أوّلا. - وأن يليها فعل مستقبل. - وأن تكون جوابا وجزاء. - وأن لا يفصل بينها وبين الفعل بشيء غير القسم. - وأن لا يكون ما بعدها معتمدا على ما قبلها اعتماد فائدة. فمتى اجتمعت هذه الشّرائط جاز لها العمل، يقول لك القائل: أنا أرعى حقّك، فتقول فى الجواب: إذا أكرمك، وإذا والله أكرمك، وليس فى أخواتها ما يفصل بينه وبين معموله، ولا ما يلغى غيرها. وأمّا حال ترك العمل، فإذا فقد من هذه الشّرائط شريطة لم تعمل، وكان ما بعدها مرفوعا، كما إذا اعتمد ما بعدها على ما قبلها كقوله: زيد إذا يضربك، أو كان ما بعدها فعل حال لم تعمل، تقول لمن يتحدّث بحديث: إذا أظنّك كاذبا؛ لأنّك تخبر أنّك فى حال الظّنّ، أو لم تكن أوّلا، كقولك: زيد إذا يقوم. وأمّا حال الإعمال والإلغاء؛ فإذا كان قبلها حرف عطف ولم يكن ما قبله منصوبا، تقول: إن تأتنى آتك وإذا أكرمك، وأكرمك، بالنّصب ¬
والرّفع، ويجوز الجزم على العطف، وقرئ قوله تعالى: وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا (¬1) ويلبثو (¬2). فإن تمّ الكلام دونها جاز أن يستأنف بها وينصب، وتكون جوابا، كقوله (¬3): اردد حمارك لا يرتع بروضتنا … إذا يردّ وقيد العير مكروب كأنّه أجاب من قال: لا أفعل ذاك، فقال: إذا يردّ. ¬
وتقول: والله إذا لا أفعل، فتلغى؛ لاعتماد الفعل على القسم، ولو أعملتها لم تأت لليمين بجواب، وأنشد سيبويه (¬1): لئن عاد لى عبد العزيز بمثلها … وأمكننى منها إذا لا أقيلها لأنّ قوله:" لا أقيلها" معتمد على ما فى قوله:" لئن عاد لى" من تقدير القسم، كأنّه قال والله لئن عادلى. وإذا قلت: إن تكرمنى إذا أكرمك، وجب الجزم، لأنّ الشّرط يقتضى الجواب؛ فاستحقاقه فى الفعل أقوى من" إذا". و" إذا" يكتبها البصرىّ بالألف (¬2)، ويقف عليها بالألف، والكوفىّ يكتبها (¬3) بالنّون، ومن النّحاة من يكتبها إذا عملت بالنّون (¬4) وإذا لم تعمل بالألف، ومنهم من يعكس (¬5) القضيّة. ¬
النوع الخامس: في الحروف الجازمة، وفيه فرعان
النّوع الخامس: في الحروف الجازمة، وفيه فرعان : الفرع الأوّل: في تعريفها، وهي خمسة:" لم" و" لمّا" و" لام" الأمر و" لا" في النّهي، وحرف الشرط مع ما حمل عليه. وكلّهنّ يجزمن الفعل المضارع إذا وقع بعدهنّ، ولم يكن فيه مانع من نوني التأكيد و" نون" جماعة النّساء؛ فإنّه يكون مبنيّا؛ تقول: لم يقم زيد، ولمّا يقم عمرو وليذهب بشر، ولا يخرج جعفر، وإن تفعل أفعل، وكلّهنّ يحذفن" نون" الأفعال الخمسة، نحو: لم يضربا ولم يضربوا، ولم تضربي، وقد تقدّم ذكرها (¬1). أمّا" لم": فهي نفي قولك:" فعل"، فتقول: لم يفعل، وهي نفي لما مضى بصيغة المضارع؛ لأنّك إذا قلت: لم يقم زيد، فإنّما نفيت قيامه فيما مضى، فتجعل الفعل المستقبل ماضيا في المعنى. وقد جاءت في الشعر غير عاملة، قال (¬2): لولا فوارس من نعم وأسرتها … يوم الصّليفاء لم يوفون بالجار ¬
وقد فصلوا بينها وبين الفعل، في الشّعر، قال (¬1): فأضحت مغانيها قفارا رسومها … كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهل وأمّا" لمّا" فإنّها [نفي] (2) لقولك: قد فعل [فيقول] (¬2) لمّا يفعل، فزادوا" ما" بإزاء" قد"، فتضمّنت بذلك معنى التوقّع والانتظار. وأجاز وادخولها على الماضي، وأجازوا حذف الفعل بعدها، كما حذفوه بعد" قد"، يقول القائل: أقام زيد؟ فتقول: جئت ولمّا، أي: ولمّا يقم، كما قال النّابغة (¬3) في" قد": أزف الترّحّل غير أنّ ركابنا … لمّا تزل برحالنا وكأن قد ¬
تقديره: كأن قد (¬1) كان. وقد حملوا عليها" لم" في حذف الفعل بعدها، قال ابن هرمة (¬2): احفظ وديعتك الّتي استودعتها … يوم الأعازب إن وصلت وإن لم يريد: وإن لم تصل. وزمان" لمّا" أطول من زمان" لم" تقول: ندمت ولم ينفعني النّدم، أي: عقيب ندمي، فإذا قلت: ولمّا، أردت به امتداد النّدم، أي: لم ينفعني إلى وقتي هذا. وتقع" لمّا" بمعنى الظّرف الماضي إذا كان فيها معنى الجواب، كقولك: لمّا جئت جئت، قال سيبويه: وتكون" لمّا" للأمر الّذي قد وقع لوقوع غيره، وإنّما تجئ (¬3) بمنزلة" لو" فهي عنده حرف، وجعلها قوم اسما (¬4)، وما بعدها مجرور بالإضافة، قال شيخنا: وعندي أنّ" لمّا" الظّرفيّة غير (¬5) الحرفيّة. وأمّا" لام" الأمر؛ فكقولك: ليخرج زيد، وليضرب عمرو بكرا، وتدخل على الغائب كثيرا، وعلى المخاطب قليلا؛ استغناء عنها بصيغة الأمر، وكيلا ¬
يلتبس الغائب بالمخاطب: لعدم حرف المضارعة (¬1) بعدها، وعليه قرئ قوله تعالى: فبذلك فلتفرحوا (¬2)، بالتّاء (¬3)، وتدخل للمتكلّم، نحو: لأقم ولأضرب زيدا، ومنه قوله تعالى: ولنحمل خطاياكم (¬4). وهذه اللّام مكسورة أبدا (¬5)، فإذا دخلت عليها" الواو" و" الفاء" و" ثمّ فمنهم من يسكّنها مع (¬6) الثّلاثة، ومنهم من يكسرها (¬7) معها (¬8)، ومنهم من يسكّنها مع الفاء والواو (¬9)، وقد قرئ بالجميع،/ كقوله تعالى: فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ ¬
إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ (¬1) وقوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ (¬2) وزعم بعضهم أنّ" لام" الأمر (¬3) حذفت في الشّعر مع بقاء حرف المضارعة (¬4)، قال: محمّد تفد نفسك كلّ نفس … إذا ما خفت من أمر تبالا ¬
يريد: لتفد نفسك (¬1)، وكقول الآخر (¬2): على مثل أصحاب البعوضة فأخمشي لك الويل حرّ الوجه أويبك من بكى يريد: ليبك (¬3)، وقيل: إنّ" الياء" حذفت لغير الجازم. وأمّا" لا" النّهي: فهي نقيضة" لام" الأمر إلّا أنّها تكون للمخاطب والغائب سواء؛ [تقول] (¬4) لا تخرج، ولا يخرج زيد، ولا يجوز حذفها وهي مرادة. وقد ورد النّفي والمراد به النّهي، كقوله تعالى: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ (¬5) ¬
الفرع الثاني: في الشرط والجزاء، وفيه فصلان
وورد الخبر والمراد به الأمر، كقوله تعالى: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ (¬1) وورد الاستفهام والمراد به الأمر كقوله تعالى: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (¬2) أي: انتهوا (¬3). الفرع الثّاني: في الشّرط والجزاء، وفيه فصلان: الفصل الأوّل: في تعريفه، وذكر حروفه. وهو معنى من معانى الكلام التي انقسم إليها، كالخبر والاستفهام والتّمنّى. وحرفه الّذى يحصل به الشّرط والجزاء فى الأصل" إن" وحدها، وقد شبّهوا بها أسماء وظروفا. فالأسماء:" من" و" ما" و" أىّ" و" مهما"، والظّروف:" أين" و" متى" و" أنّى" و" أيّ حين" و" أينما" و" حيثما" و" إذما" و" إذاما". فهذه جميعها تعمل عمل" إن"، نحو: إن تذهب أذهب، ومن يخرج أخرج معه، وما يفعل أفعل، وأيّهم يجلس أجلس معه، ومهما تحسن إلىّ أحسن إليك، وأين تكن أكن، ومتى تقم أقم، وأنّى تقعد أقعد، وأيّ حين ¬
تذهب أذهب، وإذ ما تخرج/ أخرج، وإذا (¬1) ما تذهب أذهب. فأمّا" إن": فلها ثلاثة أحوال: حال لا تعمل فيه إلّا مظهرة، نحو: إن تأتنى اتك، وحال تحذف فيها وتنوب عنها الأسماء والظّروف، وحال تحذف ولا ينوب عنها شيء، ويدلّ ما قبلها عليه، وسيذكر (¬2). وأمّا" من" فلها في الكلام مواضع، منها الشّرطيّة، ولها صدر الكلام وأمّا" ما": فلها مواضع كثيرة، منها الشّرطيّة، وهي لما لا يعقل، ولصفة من يعقل. وأمّا" أيّ": فالمقصود بها في الشّرط الإبهام، تقول: أيّ القوم يأتني آته. وأمّا" مهما": فقال الخليل أصلها:" ما ما" فقلبت الألف الأولى (¬3) هاء، وقال الأخفش: أصلها:" مه" (¬4) زيدت عليها" ما"، وقال قوم: إنّها غير مركّبة (¬5)، وإنّها اسم برأسه، وقيل: إنّهما كلمتان؛ ف" مه" لمعنى: اكفف، و" ما" وحدها للشّرط (¬6)، فكأنّك نهيت (¬7) ثمّ شرطت. ¬
وأمّا" أين" فهي ظرف مكان مبنيّ على الفتح. وأمّا" متى": فظرف زمان. وأمّا" أنّى" فظرف مكان، وتنزّل منزلة" أين". وأمّا" أيّ حين": فهي" أيّ" مضافة إلى" حين" الّذي هو الزمان. وأمّا" أينما" و" متى ما" فهما" أين" و" متى" مضاف إليهما" ما" ويجوز حذفها منهما. وأمّا" حيثما" و" إذ ما" و" إذا ما": فلا بدّ من ثبوت" ما" فيها؛ لأنّ حيث" و" إذ" و" إذا" مضافات إلى ما بعدها، والإضافة من خواصّ الأسماء؛ فجاءوا ب" ما"؛ لتكفّها عن الإضافة. و" إذ ما": لم يذكرها سيبويه فى الأسماء والظّروف، وذكرها في الحروف (¬1). والمجازاة ب" إذ ما" يقلّ استعمالها، وهو في" إذا ما" (¬2) أقلّ. وإنّما جئ بهذه الأسماء والظّروف لضرب من الاختصار؛ لأنّك إذا قلت: من تضرب أضرب، فإنه يقوم مقام قولك: إن تضرب زيدا أضرب، وإن تضرب عمرا/ أضرب، وإن تضرب بكرا أضرب، إلى أن تستوفي العدد؛ فنابت" من مناب ذلك كلّه. وقد زادوا" ما" بعد" إن"؛ للتّأكيد، كقوله تعالى: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً * (¬3)، وقوله تعالى: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً (¬4)، ¬
فتدغم" النّون" في الميم"، وقلّما يستعمل الفعل الداخلة عليه بغير" نون" التّوكيد. وقد زادوا عليها" لا" النّافية وأدغموا، نحو" إلّا تقم أقم." وقد جازئ قوم ب" إذا" (¬1) وأنشدوا (¬2): إذا قصرت أسيافنا كان وصلها … خطانا إلى أعدائنا فنضارب فجزم" نضارب"؛ حملا على موضع" كان" وأنشدوا (¬3): وإذا تصبك من الحوادث نكبة … فاصبر فكلّ غيابة فستنجلي وقد أوقعوا" إن" موقع" إذا" في قولهم" إن متّ فعليك هذه الدّار وقف،" كما أوقعوا" إذا" موقع" إن" في قوله (¬4): إذا أنت لم تنزع عن الجهل والخنا … أصبت حليما أو أصابك جاهل والكوفيّ يجازي ب" كيف" (¬5) و" كيفما". ¬
الفصل الثاني: في أحكام الشرط
الفصل الثّاني: في أحكام الشّرط الحكم الأوّل: أن يدخل على الفعل الماضي فيقلب معناه إلى الاستقبال، كما قلبت" لم" معنى المستقبل إلى الماضي، تقول: إن خرجت خرجت، فالمعنى: إن تخرج أخرج ولا يحسن فيه الزمن الماضي؛ فلا تقول: إن خرجت أمس خرجت اليوم، فإن أدخلت" كان" معها حسن، تقول: إن كنت خرجت أمس خرجت اليوم. وقد يأتى فى الجزاء ما هو ماض في الظّاهر؛ حملا على المعنى، كقوله (¬1): إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة … ولم تجدي من أن تقرّي به بدا ف" لم تلدني" فعل ماضي المعنى، إلّا أنّه لمّا كان المقصود: إذا ما انتسبنا وجدتني شريف الأمّ، جاز وقوعه في الجزاء (¬2). الحكم الثّاني: الشّرط يكون في المعاني التى ليست واجبة الوجود؛ لأنّ إن - التي هي أمّ الباب - موضوعها: أن يكون الفعل ممّا يجوز أن يوجد، وأن لا يوجد، تقول: إن قمت قمت، فالقيام جائز أن يقع، وأن لا يقع، فأمّا إذا قلت: إن طلعت الشّمس قمت، وتريد طلوعها من الأفق لم يجز؛ لأنّها تطلع سواء قمت أو لم تقم، وإن أردت طلوعها من تحت الغيم جاز، وتقول: إن مات فلان أعطيتك كذا، فإنّما حسّن (¬3) ذلك - وإن كان موته واجبا - ¬
الجهل بوقت وقوعه، وعليه قوله تعالى: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ (¬1) فالوصف حسّن ذلك. فأمّا" إذا" فمن جازى بها أجرى الواجب والجائز معها، تقول: إذا قمت قمت، وإذا طلعت الشّمس قمت. الحكم الثّالث: الشّرط وجوابه مجزومان، واختلفوا في جازمهما، فأمّا الشّرط: فأجمع النّحاة إلّا المازنيّ على أنّه مجزوم ب" إن"، وأمّا الجواب: فقال بعضهم: إنّه مجزوم ب" إن" والشّرط (¬2) معا، وقال قوم: إنّه مجزوم بالشّرط (¬3) وحده، وقال قوم: إنّه مجزوم ب" إن" (¬4) كما جزم بها الشّرط، وحكي عن المازنيّ أنّهما مبنيّان (¬5). الحكم الرّابع: جواب الشّرط يكون بثلاثة أشياء: الفعل والفاء و" إذا" التي للمفاجأة. أمّا الفعل فهو مجزوم لفظا أو موضعا، فالّلفظ، نحو" إن تضرب أضرب، والموضع، نحو: إن ذهبت ذهبت. ولا يخلو الشّرط والجزاء: أن يكونا مضارعين، كقوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ (¬6) أو يكونا ماضيى اللّفظ، كقوله تعالى: أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ (¬7)، أو ¬
يكون الأوّل ماضي اللّفظ والثّاني مضارع/ وهو أقلّها استعمالا، كقوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها (¬1) ومنه قول الفرزدق (¬2): دسّت رسولا بأنّ القوم إن قدروا … عليك يشفوا صدورا ذات توغير أو يكون الأوّل مضارعا والثّاني ماضي اللّفظ، وهو قليل في كلامهم؛ لأنّه يقبح أن يظهر العمل ثمّ يبطل، كقولهم: إن تقم ضربتك، واستضعف سيبويه (¬3) الثّالث، واستقبح الرّابع (¬4). فإذا كان الشّرط والجزاء مضارعين، أو كان الشّرط مضارعا فالجزم لا غير. وإذا كان الشّرط ماضيا والجزاء مضارع ففيه الجزم والرّفع، كقول زهير (¬5): ¬
وإن أتاه خليل يوم مسألة … يقول: لا غائب مالى ولا حرم وأمّا الفاء: فإنّها تدخل على الجواب إذا كان أمرا أو نهيا، أو ماضيا، أو مبتدأ وخبرا، ولا بدّ منها فى هذه الأشياء، تقول: إن أتاك زيد فأكرمه، وإن ضربك فلا تضربه، وإن أحسنت إلىّ فقد أحسنت إليك، وإن أتيتني فأنت مشكور، فالفاء نائبة عن وجود العمل، فإذا دخلت على الفعل المضارع ارتفع كقوله [تعالى] (¬1) فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (¬2) وقوله تعالى: وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ (¬3)، وهو عند سيبويه مرفوع؛ لأنّه خبر مبتدأ محذوف (¬4)، تقديره: فهو لا يخاف؛ لأنّ الفاء إنّما جئ بها حيث لا يمكن جزم الجواب؛ ليدلّ عليه، فلولا تقدير مبتدأ محذوف لكنت قد أدخلت الفاء على ما يصحّ جزمه، نحو أن تقول: فمن يؤمن بربّه لا يخف، وإنّما الفاء وما بعدها من الجمل الفعليّة والاسميّة في موضع جزم، على الجزاء، وعليه جاء قوله تعالى في بعض القراءات: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ (¬5) بالجزم (¬6)؛ عطفا على موضع «لا هادي له» (¬7). وأمّا فعل الأمر إذا وقع جوابا، فإنّه باق على سكونه قبل دخول حرف ¬
الشّرط، كقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (¬1). وأمّا الماضي: فإنّه يكون مفتوحا بحاله، ويلزم دخول" قد" معه، كقوله تعالى: قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ (¬2) وإِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما (¬3)، قال ابن السّرّاج: تقديره: فهو قد سرق، فأضمروا (¬4) " هو"؛ ليكون مبتدأ، ويكون" قد" والفعل خبره؛ لأنّ" قد" تقرّب إلى الحال، والحال لا يكون جوابا للشّرط، وهو محمول على المعنى تقديره: إن سرق فهو أهله، وكذلك: إن تتوبا من ذنب يوجب التّوبة فقد علمتما ما وجب. وقد حذفت" قد" مع الماضي وهي مرادة، كقوله تعالى: إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ (¬5) أى: فقد صدقت، وقيل تقديره: فقولوا: صدقت، أو: فاعلموا (¬6). ¬
وأمّا قوله تعالى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ (¬1)، فالمبرّد يجعلها بمعنى: تظلّ (¬2)، والفارسيّ يجعله خبر مبتدأ. (¬3) وقد حذفوا الفاء ورفعوا الفعل، وعليه قرئ قوله تعالى: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ (¬4) كما حذفوها من قوله تعالى: وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (¬5) ومنه قول الشّاعر (¬6): ¬
من يفعل الحسنات الله يشكرها أي: فالله يشكرها وأمّا" إذا" التى للمفاجأة: فإنّها تقع جوابا للشّرط، كقوله تعالى: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ (¬1)، وقوله تعالى: فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ (¬2) التقدير: قنطوا (¬3) وسخطوا، فهذه" إذا" مكانيّة لا زمانيّة، وليست مضافة إلى شئ، والعامل فيها" يقنطون"، و" هم" مبتدأ. قال الفارسيّ: وإذا ظهرت الفاء معها في قولك: خرجت فإذا زيد قائم، كانت (¬4) زائدة. وقد أجابوا" إذا" الزّمانيّة ب" إذا" المكانيّة، كقوله تعالى: حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (¬5) ولا يجاب بالزّمانيّة؛ لما فيها من معنى الشّرط؛ فلا يجاب شرط بشرط. ¬
الحكم الخامس: إذا وقع بعد حرف الشّرط اسم، رفعه البصريّ بفعل مضمر يفسّره الّذي بعده، إن كان ضميره فيه فاعلا، أو كان الّذى من سببه (¬1) فاعلا كقوله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ (¬2) [وهو] (¬3) الأحسن في هذا إذا لم يظهر في الفعل عمل كالآية، فأمّا إذا ظهر فلم يجيزوه إلّا في الشّعر، كقوله (¬4): يثني عليك وأنت أهل ثنائه … ولديك إن هو يستزدك مزيد وقد حملوا عليها في الشّعر أخواتها، كقوله (¬5): فمتى واغل: يجبهم يحيّو … هـ وتعطف عليه كأس السّاقي وكقوله (¬6): فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن … ومن لا نجره يمس منّا مفزّعا ¬
الحكم السّادس: لا يجوز تقديم ما عمل فيه الشّرط على حرفه، لا تقول: زيدا إن تضرب أضرب، على أنّه منصوب بالشّرط والجزاء؛ لأنّ الشّرط له صدر الكلام، فإن قلت: إن زيدا تضرب أضرب، كان" زيد" منصوبا بالفعل الّذي هو شرطه، وجاز تقديمه على الفعل دون الحرف. فإن شغلت الفعل بضميره فقلت: إن زيدا تضربه أضرب عمرا، كان النّصب بفعل مضمر يفسّره الظّاهر، وأنشد سيبويه (¬1): لا تجزعى إن منفسا أهلكته … وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي ف" منفسا" منصوب بفعل مضمر يفسّره الظّاهر. فإن قدّمت الجزاء على الاسم فقلت: إن قمت زيد قام، ففيه خلاف. الحكم السّابع: قد أدخلوا" الّلام"/ على الجزاء، كقوله تعالى: وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (¬2)، وأدخلوا عليه" ما" النّافية كقوله تعالى: وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ (¬3)، وأدخلوا عليه" لا" كقوله تعالى: لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ (¬4) وهذه الأجوبة في الحقيقة إنّما هي للقسم الّذي وطّأته" اللّام"، وسدّت ¬
مسدّ جواب الشّرط، ومثله قوله تعالى: وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (¬1). ومتى دخلت" اللّام" على" إن" فلا يكون الفعل الّذى بعد الشّرط إلّا ماضي اللّفظ؛ لأنّه لا جواب فيه، وقد جاء مضارعا فى الشّعر، قال (¬2): لئن كان ما حدّثته اليوم صادقا … أصم في نهار الصّيف للشّمس باديا قال ابن السّرّاج: متى كان في الكلام قسم أو معنى القسم دخلت" النّون" فى الجواب، وإن لم يكن لم تدخل، تقول: لئن جئتني لأكرمنّك، وإن جئتني أكرمتك؛ وإذا جعلت الجواب القسم، أتيت بالّلام، وإن لم تجعله (¬3)، لم تأت بها. الحكم الثّامن: قد استغنوا عن جواب الشّرط ب" إن" إذا كان فعلا مستقبلا؛ بدلالة ما قبله عليه، دون باقى أخواتها، كقولك: أكرمك إن جئتنى، فليس" أكرمك" جزاء مقدّما، ولكنه كلام وارد على سبيل الإخبار والجزاء محذوف. وتقول: اتّق الله إن جئتنى، ولا تقول: ليتّق الله من جاءنى، إلّا أن تجعل" من" موصولة، وعلى ذلك تأوّلوا قوله تعالى: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ (¬4) فقالوا: التقدير: ونحلّ امرأة، ولم يقدّروه ¬
ب" أحللنا"؛ حيث كان ماضيا، وإن كان قد جاء فى الشّعر مثله. فأمّا قوله (¬1): قد قيل ذلك إن حقّا وإن كذبا … فما اعتذارك من قول إذا قيلا فالجواب قوله: فما اعتذراك؛ لأنّ تقديره: إن كان حقا وإن كان كذبا، وكذلك قول الآخر (¬2): حدبت عليّ بطون ضبّة كلّها … إن ظالما أبدا وإن مظلوما أي: إن كنت وإن كنت، فاستحسنوا ذلك مع" كان" كما استحسنوه في قوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ (¬3). ومتى جزم الشّرط لم يستغن عن جوابه إلّا في الشّعر، كقوله (¬4): ¬
هذا سراقة للقرآن يدرسه … والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب وكقول الآخر (¬1): وأنّى متى أشرف على الجانب الّذي … به أنت من بين الجوانب ناظر وقد حذفوا الفعل ومعموله مع" إن" وحدها، قال (¬2): قالت بنات العم يا سلمى وإن … كان فقيرا معدما قالت وإن وحكى الكوفيّون: «لا تأت الأمير فإنّه جائر»، فيقول: آتيه وإن، أي: آتيه [وإن] (¬3) كان جائرا فهو خير لنا من غيره (¬4). الحكم التاسع: قال سيبويه: حروف الجزم إذا لم تجزم جاز أن تتقدّمها أخبارها، نحو: أنت ظالم إن فعلت، قال: وقد تقول: إن أتيتنى آتيك، أي: آتيك إن أتيتنى (5)، وأنشد بيت زهير (¬5): ¬
وإن أتاه خليل ... (¬1) ثم قال: ولا يحسن: إن تأتنى آتيك؛ من قبل أنّ" إن" هي العاملة (¬2)، وقد جاء في الشّعر قال (¬3): يا أقرع بن حابس يا أقرع … إنّك إن يصرع أخوك تصرع أي: إنّك تصرع إن يصرع أخوك، قال: ومثل ذلك قوله: هذا سراقة (¬4) ... وذكر البيت (¬5)، فجاز في الشّعر، وشبّهوه بالجزاء إذا كان جوابه منجزما، والمبرّد يخالفه (¬6) في ذلك كله. الحكم العاشر: الاستفهام يعتمد على الجملة الشّرطية وجوابها عند سيبويه (¬7)، وعلى الجزاء عند يونس (¬8)، بمنزلة القسم، فيقول سيبويه: إن تأتنى آتك (7)، ويقول: أئن تأتنى آتك؟ ويرد عليه قوله تعالى: أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ ¬
الْخالِدُونَ (¬1) ولو كان على ما قال، لكان التّقدير: أفهم (¬2) الخالدون؟ ومنع سيبويه: هل من يأتنا يكرمنا؟ (¬3) وأجازه مع الهمزة. الحكم الحادى عشر: إذا عطفت على الشّرط والجزاء جاز لك فيه الجزم على العطف، والرّفع على أنّه خبر مبتدأ محذوف، كقوله تعالى: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ (¬4) بالرّفع (¬5) والجزم (¬6)، وقوله تعالى: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ (¬7)، وقوله تعالى: وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (¬8). فإن عطفت بالفاء جاز لك مع الرّفع والجزم (¬9) النّصب، تقول: إن تأتني آتك فاحدثّك، وحمله سيبويه (¬10) على قوله: وألحق بالحجاز فأستريحا (¬11) فإن عطفت على الشّرط وحده فالجزم، كقولك: إن تأتنى فأحدّثك آتك، ¬
وقد جوّزوا النّصب على الجواب بالفاء. فإن لم يكن فى الكلام عاطف: فلا يخلو: أن يعاد حرف الشّرط، أو لا يعاد. فإن أعيد توقّف وقوع الجزاء على وجود الشّرط الثّانى قبل الأوّل، كقولك: إن أكلت إن شربت فأنت طالق، لا يقع الطّلاق حتّى يكون الشّرب قد وجد منها قبل الأكل؛ لأنّه علّق الطّلاق على أكل معلّق على شرب. وإن لم يعد حرف الشّرط فلا يخلو: أن يكون بمعنى الأوّل، أو بغير معناه. فإن كان بمعنى الأوّل جزمت كقوله (¬1): متى تأتنا تلمم بنا فى ديارنا … تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا لأنّ الإلمام بمعنى الإتيان. وإن كان بغير معناه كان مرفوعا، وكان حالا، كقوله (¬2): متى تأته تعشو إلى ضوء ناره … تجد خير نار عندها خير موقد ¬
فأمّا إذا قلت: أقوم إن تقم، وعطفت عليهما بفعل فإن كان من جنس الأوّل رفعته لا غير، كقولك: تحمد إن تأمر بالمعروف وتؤجر، وإن كان من جنس الثّانى فيجوز فيه الجزم، عطفا على" إن"، والرّفع على الاستئناف، والنّصب على الصّرف (1)، كقولك: تحمد إن تنه عن المنكر وتأمر بالمعروف، فإن كان الفعل يصلح أن يكون من جنس الأوّل والثّانى جاز فيه الرّفع عطفا على الأوّل، والاستئناف والجزم عطفا على" إن" والنّصب على الصّرف، كقولك: تحسن إلينا إن تزرنا (¬1) وتكرمنا. الحكم الثّانى عشر: قد حذفوا الشّرط وأقاموا مقامه أشياء؛ وهى: الأمر والنّهى والاستفهام والتّمنّى والدّعاء، والعرض، كقولك: زرنى أزرك، ولا تفعل الشّرّتنج وأين بيتك أزرك، وليت لى مالا أنفقه، واللهمّ ارزقنى خيرا أشارك فيه، وألا تزورنا نكرمك، ومنه قوله تعالى: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ (¬2) كلّ هذه الأمثلة يجزم الجواب فيها، التّقدير: زرنى فإنّك إن تزرنى أكرمك، ولو حملت الكلام على ظاهره أحلته؛ لأنّ الأمر بالإتيان لا يكون موجبا ¬
للإكرام، وإنّما يوجب الإتيان نفسه. وليس من ضرورة الأمر أن يكون له جواب، ولكن إذا جاء الجواب كان مجزوما، وما فيه معنى الأمر والنّهى جار مجراهما فى ذلك، كقولك: «اتّقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه»، معناه: ليتّق الله وليفعل خيرا، وكقولك: «حسبك ينم النّاس». الحكم الثّالث عشر: قد يجئ لهذه الأشياء السّتّة ما يحسن أن يكون جوابا على غير جهة الجواب، فيكون مرفوعا؛ إمّا صفة لنكرة متقدّمة، وإمّا حالا من معرفة، وإمّا استئنافا. فالأوّل: كقوله تعالى: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ (¬1) فمن جزم (¬2) " يرثنى" جعله جوابا، ومن رفع (¬3) فعلى صفة «ولىّ» (¬4). والثّانى: كقوله تعالى: ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (¬5)، أي: لاعبين (¬6). والثّالث كقولك: لا تضرب زيدا يضربك، بالرّفع، أى: فهو يضربك، ¬
وأنشد سيبويه (¬1): فقال رائدهم: أرسوا نزاولها … فكلّ حتف الفتى يجرى بمقدار كأنّه قال: إنّا نزاولها (¬2)، ولم يجعله محمولا على إضمار شرط. وممّا يحتمل الحال والاستئناف قوله تعالى: لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (¬3) وقولهم «ذره يقول ذاك» (4)، ومره يحفرها (4)، ومنهم من جعل" يقول ذاك،" و" مره يحفرها" (4) على إضمار" أن" النّاصبة (¬4) وحذفها، وقد تقدّم ذكره (¬5)، وأمّا قوله تعالى: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ (¬6) ف" تؤمنون" تفسير للتّجارة (7)، وأمّا جواب الأمر فهو يَغْفِرْ لَكُمْ * (¬7) فى الآية الثّانية، وأمّا قوله تعالى: قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ (¬8) فتقديره: إن يقل لهم يقيموا وينفقوا (¬9)؛ لأنّ قوله سبب الإقامة والانفاق. ¬
الحكم الرّابع عشر: المضمر (¬1) فى هذه الأشياء السّتّة يجب أن يكون مثل المظهر؛ تقول فى النهى: لا تشتم الناس يسلم عرضك، فالتّقدير فيه: لا تشتم النّاس إن لا تشتم النّاس يسلم عرضك، فالمضمر مثل المظهر؛ فعلى هذا إذا قلت: لا تدن من الأسد يأكلك، لم يجز الجزم؛ لأنّ المضمر: إن لا تدن من الأسد، وهذا محال؛ لأنّه إنّما يأكله إذادنا منه، لا إذا لم يدن منه، ولو قلت: إنّه بمعنى: فإنّك إن تدن منه يأكلك وجب إظهار الشّرط؛ لأنّه إنّما يضمر إذا كان ما قبله من جنسه والنّهى ضدّ الإثبات؛ ولذلك لم يدخل النّفى فى هذا الحكم، فلا تقول: ما تعطينا نشكرك، إذا كان التقدير: إن لا تعطينا نشكرك، وهو محال، فمتى خالف الثّانى الأوّل وجب إظهار المضمر، كقوله تعالى: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ (¬2) وقد أجاز الكسائىّ مسألة الأسد (¬3)؛ حملا على الّلفظ والمعنى، قال ابن السّرّاج: لم يجز إلّا على المجاز وأنّ السّامع يعلم ما تعنى (¬4)، قال سيبويه: وسمعت من العرب من يقول: «لا تذهب به تغلب عليه» (¬5)، فإن لم تجعل الأكل جواب النّهى رفعت، على ما تقدّم فى الحكم الثّالث عشر. ¬
الحكم الخامس عشر: قد حذفوا الفعل المعلّق بالاستفهام وأبقوا الاستفهام دالّا عليه، كقوله (¬1): متى تؤخذوا قسرا بظنّة مالك … ولا ينج إلّا فى الصّفاد يزيد تقديره: متى تجيئون تؤخذوا، ف" متى" استفهام، ويجوز أن يكون شرطا والشّرط (¬2) محذوف، فإن كان الاستفهام تقريرا لم يجز ذلك فيه، لا تقول: أتضرب تصب خيرا؟؛ لأنّ التّقرير موجب فى النّفى، باق فى الإيجاب فأمّا قوله (¬3): أنّى سلكت فإنّنى لك ناصح … وعلى انتقاصك فى الحياة وأزدد ف" أزدد" معطوف على موضع" فإنّنى" كما أنّ قوله تعالى: وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (¬4) معطوف على موضع فَأَصَّدَّقَ (¬5) والّذى هو جواب ¬
التّحضيض فى قوله: لَوْلا أَخَّرْتَنِي (¬1) إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ. الحكم السّادس عشر: إذا أعملت الناصب والرّافع فى أسماء الشّرط بطل عملها، وصارت بمعنى" الذى" كقولك: إنّ من يأتينا نكرمه، و: كان أيّهم تضربه عندك. فإن شغلت العامل بضمير الشّأن أعملتها، كقوله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ (¬2) فإن كان العامل حرف جرّ لم يبطل عملها، كقولك: بمن تمرر أمر. الحكم السّابع عشر: اعلم أنّ صيغة/ الأمر والدّعاء والعرض سواء، إلا أنّ الأمر لمن دونك، والدّعاء لمن فوقك، والعرض لهما، تقول في الأمر: اضرب زيدا، وفى الدّعاء ربّ اغفر لي، وفي العرض: انزل بنا. وقد يحكى الأمر والنهى والدّعاء والعرض على لفظ الخبر، إذا لم يلتبس، تقول: أطال الله بقاءك، فالّلفظ خبر (3) والمعنى دعاء، ومتى التبس شئ لم يجز، فتقول على هذا: لا يغفر الله له ويرحمه (¬3)، تريد: ولا يرحمه، فلو قلت: ويرحمه، بالرّفع لم يجز؛ لأنّ الأوّل دعاء عليه، والثّانى (3) دعاء له، وتقول: يغفر الله لك، على معنى: ليغفر (3)، قال ابن السّرّاج: ومنه قوله تعالى (3): لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ (¬4)، وقوله تعالى: «رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى ¬
يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (¬1) فدعا عليهم بالإضلال، ونفى الإيمان باللام (¬2) وب" لا" (¬3) وقوم يدعون (¬4) ب" لن" ويحملون عليه قوله تعالى: فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (¬5)، قال ابن السرّاج: والدّعاء ب" لن" غير معروف، وقد حكى قوم: الّلهمّ قطعت يده وفقئت عينه (¬6)، وهذا اتّساع (¬7)، وإنّما يجوز مثله مع عدم اللبس. ¬
الباب السادس عشر فى"كم"
الباب السّادس عشر فى «كم» وهي اسم مبنىّ على السّكون لعدد مبهم ينتظمه أوّلا وآخرا، والعدد حكمه حكم المعدود الّذى عددته به، يتبعه فى جنسه ونوعه، جوهرا وعرضا. ولها فى الكلام موضعان. أحدهما: الاستفهام. والآخر: الخبر. وتشتركان معا فى أحكام؛ فنذكرها وما يتعلّق بها، وما أضيف إليها، في أربعة فصول. الفصل الأوّل فى الاستفهاميّة: إذا كانت استفهاما/ نصبت النكرة الواقعة بعدها الّتى يحسن فيها «من» علي التّمييز، كما تنصب فى العدد، تقول: كم غلاما لك؟ وكم درهما مالك؟. ويجوز الفصل بينها وبين النكرة، والنّصب بحاله، كقولك: كم لك درهما؟ و: كم عندك غلاما؟ ولا يكون مميّزها إلّا مفردا، فأمّا قولهم: كم لك غلمانا؟ ف «غلمان» منصوب على الحال، والعامل فيها: ما فى «لك» من معنى الفعل، والمميّز محذوف، تقديره: كم نفسا لك غلمانا؟ فلو قلت: كم غلمانا لك؟ لم يجزه
البصرىّ، وأجازه (¬1) الكوفيّ. وأجاز الأخفش: كم غلمانا عندك (¬2)، إذا أردت أصنافا من الغلمان، أى: كم عندك من هذه الأصناف؟ وقد يحذف المميّز رأسا، تقول: كم مالك؟ وكم غلمانك؟ وكم درهمك؟ وكم سرت؟ وكم زيد ماكث؟ وكم جاء آل محمّد؟ التقدير: كم دينار أو درهما مالك؟ وكم نفسا غلمانك؟ وكم دانقا (¬3) درهمك؟ وكم فرسخا سرت؟ وكم يوما أو شهرا زيد ماكث؟ وكم مرّة جاء آل محمّد؟. وتقول: كم غيره لك؟ وكم مثله لك؟ وكم غيره مثله لك؟ فتنصب؛ لأنّ هذه الإضافة لا تفيد تعريفا. وتقول: كم ضربت رجلا؛ فجائز أن يكون «رجلا» مفعول «ضربت»، وأن يكون مميّز «كم» فإذا أدخلت» من» فقلت: كم ضربت من رجل؟ لزم التّمييز. وتقول: كم مالك إلّا درهمان؟ وكم عطاءك إلا عشرون؟ إذا كنت تستقلّه، كأنّك قلت: كم درهما مالك إلا درهمان؟ كما تقول: هل الدّنيا إلا ظلّ زائل؟ ومنه قولك: كم ثلاثة ستّة إلّا ثلاثتان؟ وكم خمسة عشرة إلا خمستان؟ فيكون ما بعد «إلّا» تفسيرا ل «كم»، وترفعه إذا كانت «كم» رفعا، وتنصبه إذا كانت نصبا، وتجرّه إذا كانت جرا. ¬
الفصل الثانى فى الخبرية
الفصل الثّانى فى الخبريّة: إذا كانت «كم» خبرا كانت مضافة إلى نكرة مفرد تارة، وإلى جمع أخرى، تقول: كم غلام قد ملكت، وكم دار قد دخلت، وكم رجال قد رأيت، كما تقول فى العدد: مائة ثوب، وثلاثة أثواب. ويجوز الفصل بينها وبين المضاف إليه؛ عوضا من عدم تصرّفها، ولك النّصب والجرّ، والاختيار النّصب، تقول: كم قد حصل لى غلاما، وكم قد زارنى رجلا، قال الشّاعر (¬1): كم نالنى منكم فضلا على عدم … إذ لا أكاد من الإقتار أحتمل وأمّا الجرّ: فكقولك: كم قد زارنى (¬2) رجل، وليس بالكثير فى كلامهم، وأنشدوا (¬3): كم فى بنى سعد بن بكر سيّد … ضخم الدّسيعة ماجد نفّاع ومن العرب من ينصب فى الخبر بغير فصل، فيقول: كم مالا قد ¬
ملكت، قال الفرزدق (¬1): كم عمّة لك يا جرير وخالة … فدعاء قد حلبت علىّ عشاري ينشد بنصب «العمّة»، ورفعها، وجرّها؛ فالنّصب: على هذه اللغة - وهى قليلة - أو على الاستفهام، من طريق الاستهزاء به؛ لأنّه هاج، والهاجي لا يكون مستفهما إلّا على سبيل التّلهّي. والجرّ: على الخبر - وهو الأكثر - والرّفع، على معنى: كم مرّة حلبت علىّ عماتك، وتقدير الإعراب فيه: أنّ «العمّة» مرفوعة بالابتداء، و «قد حلبت» الخبر. وهذه «كم» الخبريّة مضافة إلى مميّزها، عاملة فيه الجرّ، فإذا وقعت بعدها «من» كانت منوّنة فى التقدير، كقوله تعالى: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها (¬2) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ (¬3) التقدير: كثير من القرى، ومن الملائكة. وذهب بعضهم (¬4) إلى أنّها منوّنة أبدا، والمجرور بعدها بإضمار «من». وإذا أعدت الضّمير إليها عاد علي اللّفظ مرّة، وعلي المعنى أخرى، تقول: كم رجل رأيته، ورأيتهم، وكم امرأة لقيتها، ولقيتهنّ/ ومنه قوله تعالي: وَكَمْ ¬
الفصل الثالث فيما اشتركا فيه
مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها (¬1)، فردّ إلى اللّفظ، وقوله: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً (¬2) فأعاد إلى المعنى. الفصل الثّالث فيما اشتركا فيه: تكون فى كلا وجهيها مرفوعة ومجرورة. فالرّفع: علي الابتداء، تقول: كم درهما مالك؟ فهي مبتدأ، و «مالك» خبره، و «درهما» مميّزه، وكذلك فى الخبريّة؛ وإنّما جاز الابتداء بها وهي نكرة لاستغراقها الجنس؛ فنزّلت به منزلة المعارف، ويجوز أن تجعل «مالك» المبتدأ، و «كم» الخبر. وتقول: كم درهما عندك؟ وكم غلام لك، فالتقدير: أيّ عدد من الدّراهم حاصل عندك، وكثير من الغلمان كائن لك، فإذا قلت: كم غلاما مالك ذاهب، جعلت «لك» صفة ل «الغلام» و «ذاهبا» خبرا ل «كم»، وإذا قلت: كم غلمانك؟ فلا يجوز إلا الرّفع في «غلمانك»؛ لأنّه معرفة، والتّمييز لا يكون بالمعرفة؛ فكأنّك قلت: أعشرون غلمانك (¬3)؟. وأمّا النّصب: فعلى المفعول: كقولك: كم إنسانا ضربت.؟ وكم غلام ملكت، ف «كم» منصوبة ب «ضربت» و «ملكت» وتنتصب علي الظّرفيّة؛ كقولك: كم ليلة سرت؟ وكم يوم صمت، كأنّك قلت: أعشرين ليلة سرت؟ وأيّاما كثيرة صمت. ¬
وأمّا الجرّ: فيكون بحرف جارّ، وبالإضافة. فالحرف: كقولك: بكم إنسانا مررت؟ و: على كم جذعا بنى بيتك؟ و: إلى كم دار دخلت. والإضافة: كقولك: رزق كم رجلا أطلقت؟ وحقّ كم رجل قضيت. قال سيبويه: وسألته - يعنى الخليل - عن قولهم: على كم جذع بيتك مبنىّ؟ فقال: القياس: النّصب وهو قول عامّة النّاس، فأمّا الّذين جرّوا، فإنّهم أرادوا معنى «من» ولكنّهم حذفوها تخفيفا وصارت «على» عوضا منها (¬1)، واستدلّ من ذهب إلى هذا/ بقول الأعشى (¬2): كم ضاحك من ذا ومن ساخر فأظهر «من» معها. ¬
الفصل الرابع فيما شبه بها
الفصل الرّابع فيما شبّه بها: قد شبّهوا ب «كم» الخبريّة، لفظة «كأىّ»، وسيبويه يشبّهها (¬1) ب «ربّ»، وهى «كاف» الجر، دخلت على «أيّ» كما دخلت على «أنّ» فى «كأنّ» و [على «ذا» فى] (¬2) كذا، وليس لها متعلّق. وأكثر ما تستعمل ومعها «من» عوضا من الإضافة التى كانت ل «أىّ»، كقوله تعالى: وكأي من قرية عتت عن أمر ربها (¬3) وقوله: وكأى من نبي قاتل معه ربيون كثير (¬4). وفيها خمس لغات: الأولى: «كأيّ» مشدّدة، وتكتب ب «ياء» منوّنة، وب «نون» فى موضع التّنوين (¬5)، ولم يظهر له صورة إلّا فيها. الثّانية: «كاء» بوزن [كاع. الثّالثة: «كإ» بوزن: كع. الرّابعة: «كأي» بوزن: كعي. الخامسة: «كيء» بوزن] (¬6) كيع. ¬
وقد شبّهوا بها «كذا» التى للعدد، فنصبوا [ما] (¬1) بعدها، كما نصبوا ما بعد «كم» وهى «الكاف» دخلت علي «ذا» (¬2)، وحجزت بينها وبين العمل، وهى مبهمة، تقول: له عندى كذا درهما، وكذا وكذا درهما، وكذا كذا درهما؛ فيلزمك فى الأوّل عشرون (2)؛ لأنّه أوّل ما يفسّر من الأعداد المفردة بالواحد المنصوب، ولزمك فى الثّانى أحد وعشرون (2)؛ لأنّه أوّل ما يفسّر من المعطوف بالمنصوب، ولزمك فى الثّالث أحد عشر (2)؛ لأنّه أوّل مركّب يفسّر بالمنصوب. فإن جررت فقلت: له عندى كذا درهم، لزمك مائة درهم؛ لأنّه أوّل ما يفسّر به الواحد المجرور، وذهب قوم إلى أنّه يلزمك بعض درهم، فإن رفعت «الدّرهم» كان له عندك درهم واحد، و «كذا كذا» صفة للدّرهم، فإن قلت: له عندى كذا دراهم، لزمك ثلاثة؛ لأنّه أوّل ما يفسّر بالجمع، وعلى هذه الأمثلة فقس. ¬
الباب السابع عشر فى نونى التأكيد: وفيه ثلاثة فصول
الباب السابع عشر فى نونى التّأكيد: وفيه ثلاثة فصول الفصل الأوّل فى تعريفهما (¬1): وهما نونان: خفيفة وثقيلة، فالخفيفة ساكنة، والثّقيلة نونان، أولاهما ساكنة مدغمة فى الثّانية. وجيء بهما لتوكيد الفعل وتثنيته (¬2)، كما أكّدوا الأسماء ب «إنّ» و «اللّام». والنّون الثّقيلة أشدّ توكيدا من الخفيفة؛ للتّضعيف الذى فيها. وجعلوهما فى آخر الفعل؛ لئلّا تجمع عليه الزّيادتين فى أوّله، وحرّكوه؛ توصّلا إلى النّطق بالسّاكن، إذ الخفيفة وأولى الثّقيلة ساكنتان. وسيبويه وكثير ممّن قال بقوله يذهبون إلى أنّ الحركة الّتى قبل «النّون» حركة بناء (¬3)؛ وحكى الزّجّاج قولا آخر لسيبويه: أنّها حركة التقاء السّاكنين، وإليه مال السّيرافيّ (¬4) وغيره. وإنّما بنى الفعل مع نون التوكيد؛ للتّركيب العارض فيه بها. الفصل الثّانى فى مواضعهما: الأفعال على ثلاثة أضرب: ماض، وحاضر، ومستقبل؛ فالماضى والحاضر لا يدخلان عليهما؛ لأنّ الماضى ثابت، والحاضر ¬
مشاهد؛ فلا يحتاجان إلى التوكيد، ويلحق الماضى أسماء الأفعال؛ فلا يدخلان عليها؛ استغناء بما بنيت عليه من المبالغة. وقد جوّز قوم دخولها على الحاضر. وأمّا المستقبل: فعلى ثلاثة أضرب: ضرب لا بدّ من وجود النّون فيه، وضرب أنت فيه مخيّر، وضرب تقف فيه على المسموع. الضّرب الأوّل: هو الفعل المستقبل المقسم عليه فى الإيجاب، كقولك: والله ليقومنّ، وو الله لينطلقّنّ، ومنه قوله تعالى: وَتَاللَّهِ/ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ (¬1) وقوله: لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ (¬2). وهذه النّون لازمة. وقد أجاز الفارسيّ (¬3) حذفها منه؛ وإنّما دخلت في القسم فصلا بين لامه الّتي تكون للمستقبل وبين لام التّوكيد التى تصلح للحال، فلما كانت النّون فارقة كانت لازمة؛ خوف اللّبس. قال سيبويه: وسألت الخليل عن قوله: لتفعلنّ، مبتدأة، لا يمين قبلها، فقال: جاءت على نيّة (¬4) اليمين. وإذا حكيت عن غيرك قلت: أقسم لتفعلنّ واستحلفته ليفعلنّ. وقد ألحق الزّجّاج (¬5) وجماعة من النّحاة بالقسم «إن» الشّرطيّة، إذا دخلت عليها «ما» مع المستقبل؛ كقوله تعالى: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً (¬6) وقوله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما (¬7)، والفارسىّ لا يلزم ¬
هذا النوع «النّون» (¬1)، ويستدلّ بكثرة مجيئه فى الشّعر علي جوازه فى الكلام، قال سيبويه (¬2): إنّ «إن» إذا لحقها «ما» الزّائدة فإلحاق «النّون» الفعل، وترك إلحاقه جيّد (¬3)، فكأنّ «ما» سوّغت دخول «النّون»، لا أوجبته، كقول الشاعر (¬4): فإمّا ترينى ولى لمّة … فإنّ الحوادث أودى بها وقول الآخر (¬5): زعمت تماضر أننى إمّا أمت … يسدد أبينوها الأصاغر خلّتى الضّرب الثّانى: الّذى أنت فيه مخيّر، وهو الأمر والنّهى والاستفهام، كقولك: اضربنّ زيدا، ولا تضربنّ عمرا، وهل تضربنّ بكرا؟ فإن شئت أدخلت ¬
«النّون» علي هذه الأفعال، وإن شئت (¬1) لم تدخلها، قالوا: لأنّ الأمر والنّهى قد يقعان غير مرادين، كقوله تعالي: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ (¬2) وقوله تعالي: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ * (¬3)؛ ولأنّهما يخصّان بصيغتهما الاستقبال، فلم يحتاجا إلى فاصل. وأمّا الاستفهام فإنّما دخلت عليه لشبهه بالأمر والنّهي؛ لأنّه استدعاء/ العلم بالمستفهم عنه، ومن التّأكيد فى الأمر والنّهى قول الأعشى (¬4): وإيّاك والميتات لا تقربنّها … ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا وقول الآخر (¬5): فلا تقبلن ضيما مخافة ميتة … وموتا بها حرّا وجلدك أملس ¬
وقول الآخر (¬1) فى الاستفهام: هل ترجعنّ ليال قد مضين لنا … والعيش مقتبل إذ ذاك أحيانا وقال بعض العلماء (¬2): ليس كلّ استفهام تدخل فيه مع الفعل «النّون» (¬3)، بل إن كان الاستفهام عن الفعل دخلت، وإن كان عن الاسم لم تدخل، كقولك: متى تقوم؟، لأنّ الاستفهام عن زمن القيام، والأكثر الأوّل؛ فإنّك تقول: كم تمكثنّ؟ وانظر متى تفعلنّ؟. وقد ألحق عثمان بن جنّي النّفي بهذا (¬4) الضّرب، قال شيخنا: لم أر أحدا ذكر دخول «النون» فى النّفى، وإنما (¬5) قال سيبويه: وبعد «لم»؛ لأنّها لمّا كانت جازمة، أشبهت «لا» النّافية (¬6)، وهذا لا يجوز إلّا فى الاضطرار. وقد أعاد عثمان هذا الحكم فى «شرح الإيضاح» (¬7) فقال: وتدخل «النّون» في النّفى ¬
كقوله تعالي: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً (¬1)؛ فجعل «لا تصيبنّ» نفيا، وغيره جعلها نهيا (¬2) بعد أمر، كقوله تعالي: ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ (¬3). وأعاد (¬4) عثمان، ذكر هذا الحكم (¬5) في الخصائص (¬6) فقال: ومثال دخول «النون» في الفعل المنفىّ قولك: قلّما يقومنّ زيد، وقالوا: أقسمت لمّا تفعلنّ، «لا» طلب، كالأمر والنّهى، وما أشبه ما قال عثمان بما قال؛ فإنّ ظاهر لفظ الآية يدلّ علي ما ذهب إليه ولا يحتاج إلي تعسّف فى توجيهها. وقال الفارسىّ: نون التوكيد لا تدخل النّفى (¬7)، وأنشد (¬8) معترضا: قليلا به ما يحمدنّك وارث … إذا نال ممّا كنت تجمع مغنما وقال: إنّما دخلت «النّون» هاهنا حملا على المعنى. ¬
الضّرب الثّالث: المسموع. قد أدخلوا «النّون» علي أفعال مستقبلة فى الخبر، وقبلها «ما» زائدة، قالوا: «بجهد مّا تبلغنّ» (¬1)، و «بعين مّا أرينّك» (¬2)، شبّهوا «ما» بلام القسم؛ لكونها مؤكّدة؛ ولذلك أدخلوها فى الشّرط والجزاء، كقوله تعالى: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ (¬3)، قال سيبويه: وقد تدخل «النّون» للضّرورة وليس معها (¬4) «ما»، وأنشد (¬5): ربّما أوفيت فى علم … ترفعن ثوبى شمالات وإنّما حسّن هذا زيادة «ما» في «ربّ». وزعم يونس أنّم يقولون: هلّا يقولنّ، وألا يقولنّ، وربّما يقولنّ، وكثر ما يقولنّ؛ تشبيها بلام اليمين، ولا يجوز طرح «ما» (¬6) هاهنا. وقال سيبويه: يجوز للمضطر أن يقول: أنت تفعلنّ ذلك، وقال: وتدخل ¬
الفصل الثالث فى أحكامها
«النّون» فى الشّرط والجزاء، وذلك قليل فى الشّعر (¬1) وأنشد (¬2): فمهما تشأ منه فزارة تعطه … ومهما تشأ منه فزارة تمنعا أراد: تمنعن. الفصل الثّالث فى أحكامها الحكم الأوّل: لا تخلو «النّون»: أن تدخل على فعل لواحد أو اثنين أو جماعة، ولا يخلو كلّ منها: أن يكون لمذكّر أو مؤنّث؛ فهذه ستّة أنواع. النّوع الأوّل: المذكّر المفرد: يبنى ما قبل «النّونين» على الفتح؛ كقولك: اضربنّ زيدا، ولا تضربن عمرا. النّوع الثّاني: المذكّر المثنّى ويختصّ ب «النّون» الثّقيلة، عند الخليل (¬3) وسيبويه؛ كقولك: اضربانّ زيدا، ولا تضربانّ عمرا، ويونس يدخل الخفيفة أيضا عليه، ساكنة فى الوصل (¬4)، فتقول: هل تضربان زيدا، فتجعل غير المدغم بمنزلة المدغم في جواز الجمع بين ساكنين/ نحو: دابّة، ومنه قوله تعالى: وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (¬5)؛ القراءة بتشديد «النّون»، وخفّفها ابن ¬
عامر (¬1)، والأصل: «تتّبعان» ب «نون» خفيفة للتّثنية، فحذفت «النون» للجزم، ودخلت «نون» التوكيد المشدّدة، وكسرت حملا علي «نون» التّثنية، وقيل: إنّ «النّون» في قراءة ابن عامر «نون» التّثنية، لا «نون» التأكيد، وإنّ «لا» نافية لا ناهية، والجملة فى موضع (¬2) الحال، أي: لتستقيما غير متّبعين سبيل الّذين لا يعلمون. النّوع الثّالث: المذكّر المجموع يبنى الفعل فيه مع النّونين علي الضّمّ؛ فتقول: لا تذهبنّ معه، وهل تضربنّ زيدا، الأصل فيه: تذهبون؛ فحذفت «النّون» للجزم، ثمّ حذفت «الواو» بعدها لالتقاء السّاكنين، وبقيت الضّمّة قبلها تدلّ عليها، ومنه قوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (¬3). ¬
النّوع الرّابع: المؤنّث المفرد المخاطب، ويبنى الفعل فيه مع النّونين (¬1) علي الكسر، كقولك: لا تضربنّ زيدا، ولا تضربنّ عمرا، الأصل فيه: تضربين، فحذفت «النّون» للجزم، وحذفت «الياء» لالتقاء السّاكنين، وبقيت الكسرة قبلها تدلّ عليها. فإن كان غائبا، أو متكلّما فالفتح، كالمفرد المذكّر. النّوع الخامس: فى المؤنّث المثّنّى، وحكمه حكم المذكّر المثنّى؛ لأنّ فعلهما فى التّثنية واحد، تقول للرّجلين وللمرأتين: اضربا، فإذا أدخلت «نون» التوكيد، قلت: اضربانّ. النّوع السّادس: المؤنّث المجموع، ولا تدخله إلّا «النّون» الثّقيلة، ويفصل بينها وبين «نون» الجماعة ب «ألف»؛ هربا من اجتماع الأمثال؛ فتقول: اضربنانّ زيدا، ولا تكرمنانّ عمرا، ولم يدخلوا عليه الخفيفة؛ لئلّا تنقلب في ¬
الوقف ألفا، فيلتبس فعل المؤنّث المخاطب بفعل المتكلّم إذا كان معه غيره، نحو: قمنا؛ فيصير الأمر خبرا، والمخاطب متكلّما، قال ابن السّرّاج: وإذا أردت الخفيفة/ فى فعل جميع النّساء قلت: اضربن زيدا؛ فيكون بمنزلته إذا لم ترد الخفيفة (¬1). الحكم الثّانى: فى المعتلّ من الأفعال، ولا يخلو اعتلاله: أن يكون في فائه أو عينه أو لامه، نحو: وعد، ووجل، وقال، وباع، وخاف، وغزا، وسعى، ورمى. فالأوّل والثّانى: يجريان مجرى الصّحيح فى دخول النونين؛ تقول للواحد: عدنّ، وللاثنين: عدانّ، وللجماعة: عدنّ، وللمؤنّث: عدنّ؛ وكذلك: قولنّ، وبيعنّ، وخافنّ، ومع التّثنية والجمع والمؤنّث: [قولانّ وقولنّ وقولنّ] (¬2). وأمّا المعتل اللّام: فعلى ضربين: الضّرب الأوّل: أن يكون ما قبل «الياء» و «الواو» فى المستقبل مضموما، أو مكسورا، نحو: يغزو، ويرمى، فتجريه مجرى الصّحيح في واحد المذكّر ومثنّاه؛ فتقول: اغزونّ، وارمينّ، واغزوانّ، وارميانّ وأمّا جمع المذكّر: فتحذف «الواو» منه؛ لالتقاء الساكنين، وتبقى ضمّة ما قبلها دليلا عليها؛ فتقول: اغزنّ؛ وارمنّ؛ لأنّ الأصل: اغزوا وارموا وأمّا واحد المؤنّث: فتحذف منه «الياء»؛ لالتقاء السّاكنين، ويكسر ما قبلها (¬3)؛ لتدلّ عليها؛ فتقول: اغزنّ، وارمنّ؛ لأنّ الأصل: اغزي، وارمي، إلّا أنّهم يشمّون «الزّاى» شيئا من الضّمّة. وأمّا ¬
جمع المؤنّث: فهو جار مجرى صحيحه، تقول: أغزونانّ، وارمينانّ، فتدخل «الألف» بين النّونات. الضّرب الثّانى: أن يكون ما قبل «الياء» و «الواو» مفتوحا؛ وذلك فى جمع المذكّر ومفرد المؤنّث، فتحرّك «الواو» بالضّم، و «الياء» بالكسر؛ لالتقاء السّاكنين، تقول: اخشونّ زيدا، ولا ترضينّ عن عمرو، ومنه قوله تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ (¬1) وقوله تعالي: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً (¬2). وقد قيل: إنّ كلّ موضع تحرّكت فيه «الواو» و «الياء» مع «لام» التّعريف تحرّكت فيه مع «نون» التوكيد، وكلّ موضع حذفتا فيه مع «لام» التعريف حذفتا فيه مع «نون» التوكيد، فكما تقول: اغز القوم، وارم القوم، فكذلك تقول: اخشونّ (¬3)، واخشينّ. الحكم الثالث: إذا وقفت على «النّون» الخفيفة فلا يخلو ما قبلها: أن يكون مفتوحا، أو مضموما، أو مكسورا. فإن كان مفتوحا أبدلتها «ألفا»، تقول فى: اضربن: اضربا، وفي، قومن: قوما، ومنه قوله تعالى: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (¬4) إذا وقفت قلت: لَنَسْفَعاً ومنه قول الأعشى: ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا (¬5) ¬
ومنه قول الآخر: ومهما تشأ منه فزارة تمنعا (¬1) أى: فاعبدن (¬2) وتمنعن. وإن كان ما قبل «النّون» مكسورا أو مضموما حذفتها فى الوقف، وعاد الفعل إلى ما كان قبل دخولها، تقول فى، اضربن زيدا، واضربن عمرا: اضربوا، واضربى، فتعيد «الياء» و «الواو» اللّتين حذفتهما لأجل سكون «النّون». الحكم الرّابع: إذا لقي «النّون» الخفيفة ساكن بعدها حذفت؛ لالتقائهما، تقول فى، اضربن، إذا اتّصلت بساكن بعدها: اضرب الرّجل، ومنه قول الشّاعر (¬3): ولا تهين الفقير (¬4) علّك أن … تركع يوما والدّهر قد رفعه الأصل فيه: لا تهينن. ولو قلت: اضربن أخاك، وخفّفت الهمزة التّخفيف القياسيّ لم يجز؛ لأنّ «النّون» لا تحتمل الحركة، كما لم تحتملها؛ لالتقاء السّاكنين، وقيل: يجوز حذف [الفتحة] (¬5) فتحذف «النون»، وتجعل «الهمزة» بين بين. ¬
الباب الثامن عشر فى التقاء الساكنين
الباب الثّامن عشر فى التقاء السّاكنين لا يخلو الساكنان - إذا التقيا - أن يكونا فى كلمة واحدة، أو فى كلمتين، ولا يخلو كلّ واحد من القسمين: أن يكونا مثلين، أو غير مثلين، وكلّ واحد منهما لا يخلو: أن يكون الأوّل صحيحا، أو معتلا؛ فلنذكر هذه الأقسام فى فصلين. الفصل الأوّل إذا التقيا فى كلمة واحدة، وفيه فرعان: الفرع الأوّل: أن يكونا مثلين، والعرب فيه مختلفون؛ فأكثرهم يجمعون بينهما، ويدغمون أحدهما فى الآخر فى حال الجزم والوقف، ويقولون: ردّ ولم يردّ، وأهل الحجاز لا يدغمون ويقولون: اردد، (¬1) ولم يردد. ومن أدغم فله ثلاثة مذاهب. الأوّل: أن يحرّك الثاني بالحركة الّتى قبل السّاكن الأوّل، فيقول: لم يردّ، ولم يعضّ، ولم يفرّ؛ فيضمّ «الدّال» (1) ويفتح «الضّاد»، ويكسر «الرّاء». الثّانى: أن يحرّك الجميع بالفتح؛ تخفيفا؛ فيقول: لم يردّ، ولم يعضّ، ولم يفرّ. الثّالث: أن يكسر الجميع؛ علي أصل التقاء السّاكنين؛ فيقول: لم يردّ، ولم يعضّ، ولم يفرّ. والوقف فى هذا كالجزم؛ تقول: ردّ، وعضّ، وفرّ. ¬
فإن اتّصل بهذا المدغم «هاء» ضمير منصوب فلا يخلو: إمّا أن تكون لمذكّر أو مؤنّث، فإن كانت لمذكّر ضمّوا المدغم (¬1) جميعهم، فقالوا: لم تردّه، مع جواز الفتح والكسر، ومنه قولهم: زرّه، وزرّه، وزرّه؛ وإن كانت لمؤنّث فتحوا جميعهم (¬2)، فقالوا: لم يردّها؛ تحريكا للمدغم بحركة الضّميرين المضموم والمفتوح. فإن كان الضمير لتثنية أو جمع اتّفقوا على الإدغام؛ فقالوا: ردّا، وردّوا، ولم يفرّا، ولم يعضّوا. فإن لقي المدغم ساكن كسر كما يكسر غير المدغم؛ فتقول: ردّ الثّوب، وردّ ابنك، وفرّ اليوم، وعضّ اليد. ومن العرب (¬3) من يفتح مع الألف واللّام، وعليه أنشدوا (¬4): ذمّ المنازل بعد منزلة اللّوى … والعيش بعد أولئك الأقوام ¬
وقول الآخر (¬1): فغضّ الطّرف إنّك من نمير … فلا كعبا بلغت ولا كلابا فأمّا جمع المؤنّث: فأجمعوا علي إظهار الإدغام، فقالوا: ارددن، ولا تعضضن؛ لأنّ «الدّال» إنّما سكنت من أجل «النون»، كما تسكن مع «التّاء». وزعم الخليل أنّ ناسا من بكر بن وائل يقولون: ردّن، ومرّن (¬2)، وردّت، كأنّهم قدّروا الإدغام قبل دخول (¬3) «النّون» و «التاء». الفرع الثّانى: فى غير المثلين، ولا يخلو: أن يكون الأوّل منهما حرف علّة، أو حرفا صحيحا. فإن كان حرف علّة حذف فى الوقف والجزم؛ لالتقاء السّاكنين، تقول في، هو يخاف ويقول ويبيع: خف وقل وبع، ولم يخف ولم يقل، ولم يبع. فإن تحرّك حرف العلّة؛ لتثنية أو جمع ثبت فقلت: لم يخافا ولم يقولا ولم يبيعا، ولم يخافوا ولم يقولوا ولم يبيعوا؛ لأنّه تحصّن بالحرف المتحرّك. وإن كان الحرف الأوّل من الساكنين صحيحا، حرّكت الثّاني منهما، وقد جاء فيه الحركات الثّلاث، نحو: أين وحيث وأمس. فإن كان الثّانى منهما ضميرا، نحو: اضربه، ولا تضربه، إذا وقفت علي «الهاء» نقلت حركتها إلى ما قبلها، فتقول: اضربه، ولا تضربه، ولو كان قبل «الهاء» حرف علّة، نحو: عصاه، ¬
ويغزوه، وعليه، فلا يتمّ فيه هذا؛ لأنّ الحركة على حروف العلّة ثقيلة، والألف لا يمكن تحريكها ومن غريب ما حكي عن العرب: أنّهم قالوا في الأمر بالانطلاق مثلا: انطلق (¬1)؛ بسكون «اللّام»؛ وفتح «القاف»، والأصل فيه: كسر «اللّام» وسكون «القاف»، فأسكنوا «اللّام» المكسورة، كما قالوا فى فخذ: فخذ، ثمّ فتحوا «القاف» السّاكنة؛ لئلّا يلتقي ساكنان، وعليه/ أنشد الخليل (¬2): عجبت لمولود وليس له أب … وذى ولد لم يلده أبوان وقد قرئ قوله تعالي: وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ (¬3) بسكون «القاف» وفتح (¬4) «الهاء». فأمّا قولهم: لم أبله، فالأصل: أباليه (¬5)؛ فحذف «الياء» للجزم، والألف لكثرة الاستعمال، والتقاء السّاكنين، وألحقت «الهاء»؛ للوقف؛ فالتقى «اللّام» و «الهاء» ساكنين (¬6)، فحرّكت «اللّام» بالكسر، ولم تردّ «الألف» المحذوفة لالتقاء السّاكنين؛ لأن الهاء غير لازمة. ¬
الفصل الثانى إذا التقى الساكنان فى كلمتين
الفصل الثّانى إذا التقى السّاكنان فى كلمتين فلا يخلو الأوّل: أن يكون صحيحا أو معتلّا: فإن كان صحيحا كسرته فى مواضع مخصوصة سنذكرها؛ تقول: اضرب القوم، وأكرم الرّجل، واضرب اضرب، واذهب اخرج، وهذا زيد العاقل، ومررت بزيد ابنك، وخرجت الجارية. هذا هو الأصل. فإن كان ما بعد الساكن الثّانى مضموما جاز لك فى السّاكن الأوّل مع الكسر الضّمّ، كقوله تعالي: وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ (¬1) وقوله تعالي: فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوها (¬2) وقوله تعالي: بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ارْكُضْ (¬3)، فلك كسر «التاء» و «النّون» (¬4) وضمّهما، وأمّا من قرأ قوله تعالي: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ ¬
مُرِيبٍ. الَّذِي جَعَلَ (¬1) بفح «النون» (¬2) فإنما كره توالى الكسرتين، كما كره ذلك في قوله تعالى: الم. الله (¬3) بفتح «الميم» (¬4). فإن كان ما قبل السّاكن الأوّل وبعد الثّانى مضموما، فالاختيار ضمّ الأوّل عند قوم (¬5)، كقولك: ادخل ادخل، و: اقتل اقتل، قال ابن السّرّاج: وقد حكوا: ادخل الدّار، علي الإتباع، وهذا ردئ (¬6). وقالوا: يجوز الإتباع فى المفتوح، نحو: اصنع الخير، ولم يسمعه. وقد اختصّت «من» و «عن» و «إن» (¬7) بحكم. أمّا «من»: فإذا التقى مع نونها ساكن فلا يخلو: أن يكون «لام» تعريف، أو غيره ف «اللام» تفتح معها «النّون» نحو:/ من القوم، وقد جاء الكسر شاذا (¬8) وأمّا غير «اللّام» فتكسر معه «النّون»، نحو: من ابنك، ومن انطلاقك، وقد حكى سيبويه فيها الفتح مع غير «اللّام» (9). ¬
وأمّا عن»: فالكسر فى «نونها» لا غير؛ تقول: عن القوم، وعن ابنك. وأمّا إذا كان السّاكن الأوّل معتلا فلا تخلو حركة ما قبله: أن تكون من جنسه، أو غير جنسه. فإن كانت من جنسه حذفته من اللّفظ، وأثبتّه فى الخطّ: نحو: يخشى الله، ويغزو الكفّار، ويرمى النّاس، ولم يضربا الرّجل، ولم يصومو اليوم، ولا تكرمى ابنك، إلا ما شذّ من قولهم: «التقت حلقتا البطان» (¬1). وإن كانت الحركة من غير جنسه فلا يكون إلا «واوا» أو «ياء»، فتحرّك «الواو» بالضّمّ، و «الياء» بالكسر، نحو: اخشو القوم، ومصطفو النّاس، (¬2) واخشى القوم ومصطفى الناس. وقد حرّك قوم «الواو» بالكسر (¬3) فى قوله تعالى: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ (¬4). فأما واو «أو» و «لو» ونحوهما: فيجوز ¬
فى «الواو» الضّمّ (¬1)، والكسر، كقوله تعالى: لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ (¬2) وقوله تعالى: أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (¬3) والضمّ فى هذه «الواو» قليل، والكسر فى الأولى قليل. ¬
الباب التاسع عشر فى الوقف وفيه أربعة فصول
الباب التاسع عشر فى الوقف وفيه أربعة فصول الفصل الأوّل: فى الأسماء وهى ثلاثة أقسام؛ ظاهرة، ومضمرة، ومبهمة. القسم الأوّل: الظّاهرة. وفيه فرعان: صحيح، ومعتل. الفرع الأوّل: فى الصّحيح. ولا يخلو: أن يكون معربا أو مبنيّا، والمعرب. لا يخلو: أن يكون منصرفا، أو غير منصرف، والمنصرف لا يخلو: أن يكون ما قبل آخره متحرّكا/ أو ساكنا، ولا يخلو كلّ من هذه الأقسام [أن يكون] (¬1) مهموزا أو غير مهموز، مذكّرا أو مؤنّثا، مفردا أو مثنى أو مجموعا، فحصل من هذا التقسيم سبعة أنواع: النّوع الأوّل: المنصرف إذا كان ما قبل آخره ساكنا، ولا يخلو أن يكون مرفوعا أو مجرورا أو منصوبا. أمّا المرفوع: فلك فى الوقف عليه خمسة أوجه. الأوّل: السّكون، نحو هذا بكر. الثّانى: الإشمام، (¬2) وهو أن تشير بعد الحرف إلى الضّمّة، ويختصّ بالبصير دون الأعمى. ¬
الثّالث: الرّوم (¬1)، وهو صوت ضعيف يتبع الحرف. الرّابع: النّقل، إذا خرج الاسم إلى ماله نظير فى الأصول، تقول: هذا بكر، بوزن عضد، ولا تقول: هذا حمل؛ إذ ليس في الكلام «فعل»، ومنه قول الشّاعر (¬2): أنا ابن ماويّة إذ جدّ النّقر يريد «النّقر»، فنقل الضمّة من «الرّاء» إلى «القاف» الخامس: أن تبدل من التّنوين «واوا» فتقول: هذا بكرو، وهى لغة أزد السّراة (¬3). وأمّا المجرور: فحكمه في الوقف حكم المرفوع، إلّا فى الإشمام؛ فتقول: مررت ببكر، وبكر، وبكري، ولا تقول فى النقل: مررت بقفل؛ لأنّه ليس فى الأسماء «فعل» عند سيبويه (¬4)؛ وجوّز فيه ضمّ «الفاء»، وجوّز فى «عدل» ¬
كسر «الدّال» (¬1)، ومنه قول الشّاعر (¬2): شرب النّبيذ واصطفاقا بالرّجل فنقل الكسرة من «اللّام» إلى الجيم». وأمّا المنصوب: فلك في الوقف عليه وجهان. أحدهما - وهو المشهور - أن تبدل من التّنوين «ألفا»، فتقول: رأيت بكرا. والثاني: أن تقف عليه بالسّكون، كالمرفوع، تقول: رأيت زيد، وهو قليل إلّا فى الشّعر. وقد أجاز سيبويه فى المنصوب الرّوم (¬3) والإشمام. النّوع الثّاني: المنصرف إذا كان ما قبل آخره متحرّكا، وحكمه حكم الذي قبله، إلّا فى النّقل، وعوّضوا عنه بالتّشديد؛ تقول: هذا رجل ورجل ورجلو، ومررت برجل، ورجل، ورجلي، ورأيت رجلا، ورجل، وأجاز سيبويه التّشديد (¬4) فى النّصب، وغيره لا يجيزه إلّا فى الشّعر، كقوله (¬5): لقد خشيت أن أرى جدبّا … فى عامنا ذا بعد ما أخصبّا ¬
وأمّا قول الشّاعر (¬1): هل عرفت الدّار أم أنكرتها … بين تبراك فشسّي عبقر فنقل مع الحركة، وهو شاذّ. النّوع الثالث: غير المنصرف، وحكمه في الوقف حكم المنصرف، إلّا أنّ منصوبه يجرى مجرى مرفوعه ومجروره؛ تقول: هذا أحمد، ورأيت أحمد، ومررت بأحمد، ويدخله الإشمام والرّوم والنّقل والتّضعيف والإبدال. ويلحق بهذا النوع كلّ اسم فيه «الألف» و «اللّام» من المنصرف، وغير المنصرف؛ فى حالتى الرفع والجرّ، إلا فى الإشمام، وأمّا فى النّصب، فالسّكون لا غير. وقد أجازوا فيه الرّوم، تقول: هذا الرجل، ومررت بالرّجل، ورأيت الرّجل، وكذلك باقي الوجوه. النّوع الرّابع: المبنىّ، وتقف فيه علي حرف البناء ساكنا، فتقول: كيف؟ وحيث، وأمس، ولا يدخله الإشمام والرّوم والنّقل، ولك أن تأتي فى بعضه بهاء تقف عليها، فتقول: كيفه؟ وأينه؟ وكذا فى كل حركة بناء فى الغالب. فأمّا «حيّهل» فتقف عليها ب «ألف» ساكنة، فتقول: حيّهلا، ويجوز أن تقف على «اللّام» (¬2). النّوع الخامس: المهموز: وهو كلّ اسم فى آخره «همزة» وهو على ضربين: أحدهما: أن يكون الحرف الّذي قبلها ساكنا، والآخر: أن يكون متحرّكا. ¬
أمّا السّاكن: فلا يخلو؛ أن يكون صحيحا أو معتلا. فإن كان صحيحا وقفت عليه فى الرّفع والجرّ بالإسكان، والإشمام والرّوم، وفى النّصب ب «الألف» الّتى هي/ بدل من التّنوين، تقول: هذا خبء، ومررت بخبء، ورأيت خبأ. ومنهم من يلقى حركة «الهمزة» علي السّاكن قبلها (¬1). ومنهم من يبدل «الهمزة» حرف لين، مع إلقاء حركتها على ما قبلها، فيقول: خبو، وخبا، وخبي وردو، وردا، وردي. ومنهم من يقول فى الرّفع: هذا ردي، ويسوّي بين الرّفع والجرّ، ويتبع العين حركة (¬2) ما قبلها؛ لأنّه ليس فى الكلام فعل. وإن كان السّاكن معتلا، نحو: كساء، ورداء فيقف فى الرّفع والجرّ على «الهمزة» بالسّكون، والإشمام، والرّوم، وفي النّصب علي «الألف» الّتى هي بدل من التّنوين، كالصّحيح، تقول: هذا كساء، ومررت بكساء (¬3)، ورأيت كساءا. وأمّا إذا كان ما قبل «الهمزة» متحرّكا، نحو: الخطأ والرّشأ (¬4) والكلأ، ففيه ثلاثة أوجه. الأوّل: أن تجريها مجرى الحرف الصّحيح، فيدخلها السّكون والإشمام والرّوم. ¬
الثّانى: أن تبدل من «الهمزة» فى الرّفع «واوا» وفي الجرّ «ياء» وفي النّصب «ألفا» فتقول (¬1): الكلو [والكلى (¬2)] والكلا (1)، وهذا وقف الّذين يحقّقون الهمز. الثّالث: أن تقلب «الهمزة» في كلّ حال «ألفا» وهذا» وقف من يخفّف الهمز. النّوع السّادس: المؤنّث ب «التّاء» نحو: طلحة، ومسلمة، وغرفة، وقائمة، هذا جميعه ونحوه تقف عليه ب «الهاء» (¬3) فتقول: هذا طلحه، وغرفه، ومسلمه وقائمه. ومن العرب من يقف عليه ب «التاء» فيجرى الوقف مجرى الوصل، (¬4) وأنشدوا (¬5): صارت نفوس القوم عند الغلصمت … وكادت الحرّة أن تدعى أمت وهو قليل. النّوع السّابع: المثّنّى والمجموع، نحو: زيدان وزيدون، تقف فى جميعه على «النّون» (¬6)، ومن العرب من يلحق «النّون» «هاء»؛ لبيان الحركة، ويقف عليها، فيقول: زيدانه (¬7)، وزيدونه، والأوّل أولى. ¬
فأمّا جمع التّأنيث فتقف/ عليه ب «التّاء» (¬1)، حو: مسلمات، وكذلك ما أشبهه، نحو: غرفات وأذرعات. فأمّا «هيهات»: فمن جعله مفردا، وقف (¬2) عليّه ب «الهاء»، ومن جعله جمعا وكسر «التاء» وقف عليه ب «التّاء» (¬3). الفرع الثّاني من القسم الأوّل: فى المعتلّ، وهو على ضربين: منقوص ومقصور. أمّا المنقوص: فهو على ضربين: منصرف، وغير منصرف. والمنصرف على ضربين: أحدهما: فيه الألف واللّام، والثّانى: ليس فيه ألف ولام. فالأوّل: تقف عليه فى الرّفع والجرّ بإثبات «الياء» وحذفها، والإثبات أكثر، تقول: هذا القاضي، والقاض، ومررت بالقاضي، والقاض، وعلي الإثبات قرأ ابن ¬
كثير (¬1) قوله تعالى: دَعْوَةَ الدَّاعِ (¬2) وعلي الحذف قرأ أبو عمرو (¬3). وأمّا في النّصب فالإثبات لا غير (¬4). وأمّا الثّانى - وهو ما ليس فيه ألف ولام - فلك فى المرفوع والمجرور منه مذهبان: أحدهما: الحذف، فتقول: هذا قاض، ومررت بقاض، وإليه ذهب سيبويه (¬5) وعليه قرأ أكثر القرّاء (¬6): وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ (¬7). والمذهب الثّاني: الإثبات، نحو: هذا قاضى (¬8)، ومررت بقاضي. والحذف (¬9) أكثر: وأمّا المنصوب فتجريه مجرى الصّحيح، فتقول: رأيت قاضيا كما تقول: رأيت ضاربا، ومن قال فى الوصل، رأيت قاض يا فتى، قال ¬
فى الوقف: رأيت قاض، وقاضى، قال سيبويه: وسألت الخليل عن «القاضى» في النّداء فقال: أختار: يا قاضي؛ لأنّه ليس بمنوّن، كما أختار هذا (¬1) القاضي. وأمّا يونس فقال: يا قاض، بغير (1) «ياء» وقالا فى «مري» اسم فاعل من «أرى» هذا مري، ب «ياء» فى الوقف، فكرهوا أن يجمعوا عليّه حذف «الهمزة» (1) و «الياء»؛ لأنّ أصله: مرئي، مثل: مرعي (¬2). وأمّا المقصور: فإنّك تقف عليه فى الأحوال الثّلاث ب «الألف» منصرفا وغير منصرف، تقول: هذه عصا وحبلى ورأيت عصا وحبلى ومررت بعصا وحبلى، ويستوى ما فيه «الألف» / و «اللام» وما ليسا فيه، لفظا لا تقديرا. وقد اختلفوا فى «الألف» الموقوف عليها فى المنصوب المنصرف، فقال قوم: هي المبدلة من التّنوين (¬3)، وقال قوم: هي فى الرّفع والنّصب والجرّ بدل من التّنوين (3). ومن العرب (¬4) من يبدل «ألف» «حبلى» «ياء» فيقول: حبلي. ومنهم من يبدلها (5) «واوا»، فيقول: حبلو. ومنهم من يسوّي فى القلب بين الوقف (6) والوصل ¬
وزعم الخليل أنّ بعضهم يقلب «الألف» (¬1) همزة، وإذا وصل ترك. القسم الثّاني: في المضمرات. وهي: ضمير المتكلّم والمخاطب والغائب. الأوّل: المتكلّم. أمّا «أن» فتقف عليها ب «الألف» فتقول: أنا وقد جاءوا ب «الألف» مثبتة فى الشّعر فى حالة الوصل، فأمّا في غير الشّعر فلا تثبتها، فتقول: أن قلت، وأن (¬2) أقول، والكتّاب يثبتونها فى الخطّ؛ لأنّ الخطّ على الوقف، ويجوز أن تقف عليها ب «الهاء»، فتقول: أنه. وهذه «الألف» الموقوف عليها قد اختلفوا فيها. فقال قوم: ليست من الكلمة، وإنّما جئ بها للوقف (¬3) عليها. ومنهم من قال: إنّها من نفس (¬4) الكلمة، والأوّل أكثر. فأمّا قوله تعالي: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي (¬5) في بعض القراءات (¬6)، فتقديره: لكن أنا هو الله ربّي (¬7)؛ فحذفت «الألف» الأولى، وأدغمت «النون» في «النّون» فإذا وقفت تقول: لكنّا، والأجود فى القراءة (¬8): لكن هو الله ربى وتقف على «النّون». ¬
وأمّا «الياء» فى «إنّى» و «غلامى» و «ضربنى» ونحوها فتسكّنها فى الوقف، ولك أن تفتحها فتلحقها «هاء»، فتقول: إنّيه، وغلاميه، وضربنيه، ولا تلحق «الهاء» مع السّكون، ولك أن تحذفها؛ فتقول: غلام، وضربن، وعليه قرأ أبو عمر (¬1): أَكْرَمَنِ (¬2) وأَهانَنِ (¬3). ومن قال: هذا غلامي فاعلم، وإنّي ذاهب، وحرّك «الياء» لم يحذف فى الوقف؛ لأنّها ك «ياء» «القاضي» فى النّصب (¬4). فإذا سكن ما قبل «الياء»، نحو: مَحْيايَ (¬5) و «غلاماي» فالوقف بالسّكون،/ فأمّا من قرأ: مَحْيايَ فى الوصل بالسّكون (¬6). فليس بالشّائع، والأوّل الوجه (¬7). وأمّا ضمير المخاطب: فتقف عليه ساكنا، نحو: أكرمتك، وعليك، ويجوز أن تلحقه «هاء» فتقول: أكرمتكه. فإن لحق «الكاف» «ميم» الجمع، نحو: ضربكم، فالأصل أن تلحق «الميم» «واوا» فى الوصل، فتقول: ضربكمو زيد، ولكنّهم ¬
خفّفوها فلم يلحقوا، وهو الأكثر فى الاستعمال، وعلى الإلحاق قرأ ابن كثير (¬1): كذلك كنتمو (¬2) وعليكمو (¬3) وإليكمو (¬4) ولكمو (¬5) ونحو ذلك، تقول: أنتمو ذاهبون (¬6)، و: لكمو مال، فإذا وقفت وقفت على «الميم» ساكنة، لا غير، فإن لقى «الميم» ساكن بعدها، ضمّت، نحو: كنتمو اليوم، و: عليكم السّلام. وأمّا ضمير الغائب: فلا يخلو: أن يكون متّصلا أو منفصلا. أمّا المتّصل، فلا يخلو: أن يكون قبله متحرّك، أو ساكن. أمّا المتحرّك: فإنّك فى حالة الوصل تلحق الضّمير حرفا من جنس حركته، إن كان مضموما ف «واوا» وإن كان مكسورا، ف «ياء»؛ فتقول: ضربهو زيد، (¬7) وبهي داء. وأهل الحجاز يحملون المكسور على (7) المضموم، فيقولون: بهو داء، وعليه قرئ: فخسفنا بهو وبدار هو (¬8). وأمّا السّاكن: فلك فيه مذهبان فى الوصل، أحدهما: أن يتبع بحركة الضّمير، ولا تلحقه شيئا، وهو الأكثر، وإن شئت ألحقته «الواو» ¬
و «الياء»؛ فتقول فى الأوّل: عنه أخذت،: وخذوه عنّي، وعليه مال، وعلاه شيب، وتقول فى الثّانى: عنهو أخذت، قال ابن السّرّاج: وهو أجود (¬1)، وخذو هو عنّى، وعليهي مال، وعلا هو شيب. فأمّا الوقف على هذا الضّمير فى جميع ضروبه فإنّك تقف على «الهاء» ساكنة، فإن كان بعد «الهاء» «ألف» أثبتّها فى الوصل والوقف لا غير، تقول: عليها ثوب، وانتهيت إليها. فإن لحق «الهاء» «ميم» الجمع؛ نحو: ضربهم وعليهم، فحكمها حكم «الكاف». وتنفرد «الهاء» بجواز كسرها وضمّها، فتقول: عليهم وعليهم. فأمّا نحو قوله تعالى: جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ/ بِالْبَيِّناتِ * (¬2) فألزموا مثل هذه «الميم» السّكون؛ هربا من اجتماع خمس (¬3) متحرّكات فى كلمة، وليس من لغتهم. وتقول فى مثل: اضربه، ولا تضربه، وضربته، على قول من حذف «الواو» و «الياء» ووقف على «الهاء»: اضربه، ولا تضربه، فتسكن «الهاء» وتنقل حركتها إلى السّاكن قبلها؛ لئلّا يجتمع سكنان، على أنّهم قد نقلوا حركة «الهاء» إلى الحرف الّذى قبلها وهو متحرّك، فقالوا فى: «ضربه»: ضربه، تشبيها ب «اضربه» وليس بالعالي، وإن كان قد غلب على ألسنة العوام استعماله، وقالوا أيضا: منه (¬4) و: عنه، قال سيبويه: سمعنا ذلك من العرب (¬5). ¬
وأمّا الضّمير المنفصل الغائب، نحو: هو وهي وهما، وهم وهنّ، فإنّه جميعه لا يحذف منه في الوقف (¬1) شئ إلّا فى ضرورة الشعر، كقوله (¬2): دار لسعدى إذه من هواكا وكقوله (¬3): فبيناه يشري رحله قال قائل يريد: إذ هي (¬4)، وبينا هو. ومن العرب من يقول: هوه، وهيه، وهنّه، وذهبنه (¬5)، وضربتنّه. ¬
القسم الثّالث: فى المبهم، تقول: هذ هي أمة الله، فإذا وقفت، قلت (¬1): هذه، ومنهم من يقف على «الياء»، وتقول: هولاء قومك، فإذا وقفت قلت: هؤلا، فتقف على «الألف» ساكنة، ومنهم من يلحقها «هاء» فيقول: هولاه (¬2)، والأجود بغير «هاء»، وكذلك: هاهناه، وما يلحق بهذا القسم: أنّك إذا قلت: علام تقول كذا؟ وفيم صنعت؟ ولم فعلت؟ وحتّام تغيب؟ الأصل: علاما، وفيما، ولما [وحتّام] (¬3) فحذفت «الألف» مع هذه الأحرف فى الاستفهام، فإذا وقفت وقفت على «الميم» ساكنة ولك أن تلحقها «هاء» وتحرّكها، وهو الأجود، فتقول: علامه؟ وفيمه؟ (4) ولمه؟ فأمّا قولهم: مجيء م جئت؟ (4) ومثل م أنت؟ فتلزمها «الهاء» فى الوقف (¬4)، فتقول: مجيء مه، ومثل مه. ¬
الفصل الثانى فى الوقف على الأفعال
الفصل الثّانى فى الوقف على الأفعال الفعل على ضربين: صحيح ومعتلّ. أمّا الصّحيح: فتقف عليه كما تقف علي الاسم الصّحيح في جميع المذاهب، إلّا في منصوب المتصرّف الّذي يعوّض فيه «الألف» من التّنوين، والفعل لا تنوين فيه فيعوّض منه؛ تقول: هو يضرب، ولن يضرب، ولم يضرب، واضرب، ولا تضرب، إلّا أنّ المجزوم وفعل الأمر لا يدخلهما الإشمام والرّوم؛ لأنّهما ساكنان، وإذا وقفت على «النّون» الخفيفة في الفعل أبدلت منها «ألفا» وقد ذكرناه في باب (¬1) التنوين. ومنهم من يلحق «النّون» الثّقيلة فى الوقف «هاء» فيقول: اضربنّه، ولا تضربنّه (¬2). وأمّا المعتلّ: فتقف فيه على حروف العلّة، نحو: يرضى ويرمي ويغزو، فإن جزمت أو أمرت به ففيه لغتان (3). منهم من يحذف حرف العلّة ويعوّض منه «هاء»، فيقول: لم يخشه، واخشه، ولم يرمه، وارمه، ولم يغزه، واغزه. ومنهم من لا يلحق «الهاء»؛ فيقول: لا تخش، واخش، ولا ترم، وارم، ولا تغز (¬3)، واغز. والأوّل أكثر (¬4). ¬
الفصل الثالث فى الوقف على الحروف
فأمّا نحو: تقي، وتعي، فيلزمه الهاء (¬1) في الأمر والجزم، فتقول: قه، وعه، ولا تقه، ولا تعه. وقد حذفوا «الياء» في الوقف على: لا أدر (¬2)؛ لكثرته فى كلامهم، ولم يحذفوها (2) من غيرها. الفصل الثّالث فى الوقف على الحروف صحيح الحروف ومعتلّها سواء فى الوقف على آخرها ساكنا؛ نحو: ليت ومنذ وجير. وقد ألحق بعضهم «الهاء»؛ لبيان الحركة، فقال: إنّه، وليته (¬3) ولعلّه، ونحو ذلك، وليس بالكثير، ولا في كلّ الحروف. ¬
الفصل الرابع فى الوقف على القوافى
الفصل الرّابع فى الوقف على القوافى (¬1) ولا يخلو المنشد، إمّا أن يقصد التّرنّم أولا يقصده. فإذا ترنّم ألحق القافية «الألف» و «الياء» و «الواو»؛ لأنّهم أرادوا مدّ الصّوت (¬2)، فقال (¬3) فى النّصب: بنفسي تلك الأرض ما أطيب الرّبى … وما أحسن المصطاف والمتربّعا وقال (¬4): تلفّتّ نحو الحيّ حتّى وجدتني … وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا ¬
وقال في الرّفع (¬1): ودّع هريرة إنّ الركب مرتحلو … وهل تطيق وداعا أيّها الرّجل وقال فى الجرّ (¬2): قفانبك من ذكرى حبيب ومنزلي … بسقط اللّوى بين الدّخول فحوملي وقال (¬3): ذمّ المنازل بعد منزلة اللّوى … والعيش بعد أولئك الأقوامي فترى «الألف» و «الواو» و «الياء» مزيدة على الكلمة، سواء كان فيها «ألف ولام» أو لم يكن. والفعل فى هذا كالاسم، تلحقه، الأحرف الثّلاثة فى التّرنّم. وأمّا إذا لم يرد الشّاعر التّرنّم ففيه للعرب مذهبان (¬4): أحدهما: يجعلون مكان المدّة «نونا» فيما ينوّنون (¬5) ولا ينوّنون، كقوله (¬6): يا أبتاعلّك أو عساكن ¬
و: يا صاح ما هاج الدّموع الذّرّفن (¬1) و: من طلل كالأتحميّ أنهجن (¬2) وكذلك الرّفع والجرّ (¬3) والمبنيّ لا يختلف فيه. والثّاني: إجراء القوافي مجراها لو كانت (¬4) كلاما ولم تكن قافية، فيقولون (¬5): أقلّي اللّوم عادل والعتاب … وقولي إن أصبت: لقد أصاب ويقولون (¬6): ¬
واسأل بمصقلة البكرىّ ما فعل (¬1) ويقولون (¬2): قدر ابني حفص فحرّك حفصا فيثبتون «الألف» في النّصب؛ لأنّها بدل من التّنوين. و «الياءات» و «الواوات» اللّواتي هنّ «لا مات» إذا كان ما قبلها حرف الرويّ، فعل بها ما فعل ب «الياء» و «الواو» اللّتين ألحقتا للمدّ في القوافي. والزائد للإطلاق والتّرنّم في هذا سواء، من أثبت الزّائد أثبت الأصل، ومن لم يثبت لم يثبت، فمن ذلك إنشادهم (¬3) لزهير (¬4): ولأنت تفري ما خلقت وبع … ض القوم يخلق ثمّ لا يفر ¬
يريد: تفري. ومثله في الفواصل (¬1): وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (¬2)، ومنه واو، «يغزو» إذا وقعت قافية/ لك حذفها (¬3)، والخليل يأبى ذلك (¬4)، وهو القياس؛ لأنّها حرف الرّويّ (¬5)، وليست بوصل (¬6). فأمّا ما لامه «ألف» نحو يخشى ويرضى، فإنّها لا تحذف (¬7)، قال (¬8): داينت أروى والدّيون تقضى … فمطلت بعضا وأدّت بعضا فكما لا تحذف «ألف» «بعضا» لا تحذف «ألف» «تقضى»، قال سيبويه: وقد دعاهم حذف «ياء» «يقضى» إلى أن حذف ناس كثير من قيس وأسد ¬
«الواو» و «الياء» اللّتين هما علامتا (1) المضمر، قال: وسمعت من العرب من يروى (¬1) هذا الشّعر (¬2): لا يبعد الله أصحابا تركتهم … لم أدر بعد غداة البين ما صنع يريد: صنعوا، وقال عنترة (¬3): يا دار عبلة بالجواء تكلّم يريد: تكلّمي. ولم يحذفوا «ألف» الضّمير (¬4)، كما حذف «الواو» و «الياء»، كقوله (¬5): خليليّ طيرا بالتّفرّق أوقعا ¬
وإذا وقع السّاكن والمجزوم قافية (1) - ولا يقعان إلا في القوافى المجرورة (1) - حرّكوهما بالكسر؛ لالتقاء (¬1) السّاكنين، كقوله (¬2): أغرّك منّي أنّ حبّك قاتلي … وأنّك مهما تأمري القلب يفعل وكقول الآخر (¬3): متى تأتنى أصبحك كأسا رويّة … وإن كنت عنها غانيا فاغن وازدد ولو قدّر وقوعها في قافية مرفوعة أو منصوبة (¬4) كان إقواء (¬5). ¬
الباب العشرون فى الحكاية وما أشبهها
الباب العشرون فى الحكاية وما أشبهها معنى الحكاية: أن تأتي بالشّئ المحكيّ كما تأتي بالأمثال مذكّرها ومؤنّثها؛ فلا تغيّر صيغة/ المذكّر وإن خاطبت مؤنّثا، ولا المؤنّث وإن خاطبت مذكّرا، وهكذا الحكاية فى الغالب فنذكرها في أربعة فصول. الفصل الأوّل في الحكاية ب «من» وهي علي ضربين: أحدهما: أن تستفهم بها عن معرفة، والآخر عن نكرة. أمّا المعرفة، فلا تخلو: أن تكون علما أو غير علم. أمّا العلم، فلك فيه وجهان: أحدهما: رفع المحكيّ على كلّ حال، وهي لغة تميم (¬1)، فتقول إذا قال: جاءني زيد، ورأيت زيدا، ومررت بزيد: من زيد؟ بالرّفع، في الأحوال الثّلاث؛ ف «زيد» مبتدأ، و «من» خبر مقدّم. الوجه الثّاني: أن تحكى ما قاله المتكلّم رفعا ونصبا وجرّا، وهي لغة الحجاز (¬2)، تقول إذا قال: جاءني زيد: من زيد؟ وإذا قال: رأيت زيدا: من زيدا؟ ¬
وإذا قال: مررت بزيد: من زيد؟ وموضع المنصوب والمجرور: رفع؛ لأنّه خبر المبتدأ. والكنى كالأعلام في ذلك؛ تقول: من أبو طاهر؟ ومن أبا طاهر؟ ومن أبي طاهر؟. فإن أدخلت على «من» حرف العطف استوى القولان فى الرّفع (¬1)، وبطلت الحكاية؛ تقول: ومن زيد؟ أو فمن زيد؟ وإن وصفته ب «ابن فلان» وحذفت التّنوين من العلم، جاءت الحكاية؛ لأنّ «زيدا» قد بني مع «ابن عمرو» فصارا كشيء واحد؛ فأشبها المضاف. فإن نوّنت العلم، رددته إلى القياس؛ لأنّهما لم يجعلا كشئ واحد. فإن عطفت على الاسم العلم علما آخر وحكيته بغير إعادة «من» كقولك: رأيت زيدا وعمرا، فالرّفع لا غير؛ تقول: من زيد وعمرو؟ وإن أعدت «من» جاز لك اللّغتان. وقوم من النحاة حصروا الحكاية مع العطف إذا كان المعطوف والمعطوف عليه علمين، فإن اختلفا لم يجروها. وإذا وصفت العلم بغير اسم أبيه فله حكم المعطوف في وجهيه، فإذا قال رأيت زيدا أخا عمرو، قلت: من زيد أخو عمرو؟ ومن زيدا ومن أخو عمرو؟. وأمّا غير العلم/ كالمضاف، وما عرّف ب «الألف واللّام» فلا يحكى، فإذا قال: رأيت أخاك، وكلّمت الرّجل، تقول: من أخوك؟ ومن الرّجل؟ بالرّفع لا غير. ¬
وأمّا أسماء الإشارة والمضمرات: فالإعراب لا يظهر فيها؛ فلا وجه لذكرها في الحكاية، وحكى المبرّد عن يونس: أنّ المعارف غير الأعلام (¬1) تحكى كلّها، وليس ذلك فى كتاب سيبويه (¬2): الضّرب الثّاني: إذا سألت ب «من» عن النكرة فلا يخلو؛ إمّا أن تصلها بكلام بعدها، أو تقف عليها. فإن وصلت الكلام قلت إذا استفهمت بها عن ذكر أو أنثى، أو مثنّاهما أو مجموعهما: من يا فتى؟ فى جميع ذلك. وإن وقفت عليها زدت بعد «النّون» حرفا من جنس حركة المسئول عنه، تقول في الرّفع - إذا قال: جاءنى رجل -: منو؟ وفي النّصب: منا؟ وفي الجرّ: مني؟ وفي المؤنّث: منه؟ ب «هاء» ساكنة؛ وفي التّثنية: منان؟ ومنتان؟ ومنين؟ ومنتين؟ وفي الجمع: منون؟ ومنين؟ ومنات؟ كلّ هذه ساكنة (¬3) الأواخر، قال سيبويه: من العرب من يقول: ذهبت معهم، فيقول: مع منين؟ ورأيته، فيقول (¬4): ¬
مع منا؟ وإنّما كان كذلك لأنّ المتكلّم بنى أمر المخاطب علي أنّه عارف بالاسم المكنىّ، ولم يكن عارفا؛ فسأله على ما كان ينبغى له أن يخاطبه به، يقول: ذهبت مع رجال، ورأيت رجلا معهم، ورأيته، فلمّا غلط، ردّه في الجواب إلى الصّواب، وهذا نظير جواب موسى عليه السّلام لفرعون لمّا قال له: وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (¬1) قال له: رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (¬2) فأجابه بما يجب أن يسأل عن مثله، حيث كان سؤال فرعون لا يتّجه. وأمّا قول الشّاعر (¬3): أتوا ناري فقلت: منون أنتم … فقالوا: الجنّ، قلت: عموا ظلاما فهو شاذّ من وجهين (¬4) سواء حملت «منون» على الوصل أو الوقف، قال سيبويه: وحدّثنا [يونس] (¬5) أنّ ناسا يقولون: منا ومنو ومني، عنيت واحدا أو اثنين أو جماعة، وإنّما فعلوا ذلك/ لأنّهم يقولون: من قال ذلك؟ فيعنون من شاءوا من العدد (¬6). وإذا سألت عن نسب أدخلت «الألف واللّام» على «من»، وزدت فى آخرها «ياء» النّسبة؛ فإذا قال: جاءنى زيد، قلت: المنى؟ فإذا قال: رأيت ¬
زيدا وعمرا، قلت: المنين؟ وفى الجمع: المنين؟ كأنّك قلت: القرشىّ أم الثّقفىّ؟ ونحو ذلك، فإن أجاب فقال: القرشىّ، فله النّصب على اللّفظ، والرّفع على: هو القرشىّ. فإن أردت سؤاله عن بلدة لم تدخل لفظة «المني» فيه، إنّما تسأله باسم البلد نفسه؛ فتقول: البصريّ؟ أم الكوفيّ؟ مثلا.
الفصل الثانى فى الحكاية ب"أي"
الفصل الثّانى فى الحكاية ب «أي» ولا يخلو: أن يستفهم بها عن معرفة أو نكرة. فإن كان معرفة، علما أو غيره فالرّفع لا غير، وتبطل الحكاية؛ لظهور الإعراب في «أيّ» ووجود الخبر مرفوعا؛ فإذا قال: رأيت زيدا، قلت: أيّ زيد، وإذا قال: رأيت الرجل؟ قلت: أىّ الرّجل؟ وإذا كان المسئول عنه نكرة، أعربت «أيّا» إعراب الاسم المتقدّم وذكّرتها، وأنثتها وثنّيتها وجمعتها على حسب المذكور، وهى سواء فى الوصل والوقف؛ إلّا أنّك تحذف التّنوين فى الوقف، وتسكّن «النّونات» و «التّاء»: فإذا قال: جاءنى رجل، قلت: أيّ يا فتى؟ وإذا قال: رأيت رجلا، قلت: أيّا يا فتى؟ وإذا قال: مررت برجل، قلت: أيّ يا فتى؟ وفى المؤنّث (¬1) أيّة، وفى التّثنية أيّان؟ وأيّين؟ وأيّتان؟ وأيّتين؟ وفى الجمع أيّون،؟ وأيّين؟ وأيّات؟ وسواء فى السّؤال بها من يعقل، وما لا يعقل، فإذا قال: رأيت فرسا، قلت: أيّا؟ فإن قال: رأيت رجلا وفرسا، قلت (¬2): منا وأيّا؟ فإن قال: رأيت فرسا ورجلا، قلت: أيّا ومنا؟ فإن قال: فرسا وسرجا، قلت: أيا وأيا؟ ولا تحسن فيه التّثنية، وعلى هذا القياس فى الأمثلة. ¬
الفصل الثالث فى الجمل المحكية
الفصل الثّالث فى الجمل المحكيّة إذا اقتطعت طائفة من كلام فلا تخلو: أن تكون تامّة أو غير تامّة، وكلّ منهما لا تخلو: أن يسمّى بها، أولا يسمّى بها، وهذه الأقسام: منها ما يجوز أن يحكى، ومنها ما لا يجوز أن يحكى، فلنذكرهما فى فرعين. الفرع الأوّل: فيما يحكى، وهو على ثلاثة أضرب: جملة، وبعض جملة، ومثنّى، ومجموع. الضّرب الأوّل: الجملة، وهى ثلاثة أنواع. الأوّل: إذا سمّيت بجملة، حكيتها، تقول: قام تأبّط شرا، وبرق نحره، وذرّى حبا (¬1)، ولا يثنّى، ولا يجمع، ولا يصغّر، ولا يرخّم، ولا يوصف، ولا يؤكّد، ولا يعطف على بعضه؛ لأنّه جملة قد عمل بعضها فى بعض، وكذلك ما أشبهه من مبتدأ وخبر، وفعل وفاعل، وما دخل عليه من العوامل، نحو: «كأنّ» و «إنّ» و «ظننت» وكلّ كلام تامّ يسمّى به فلفظه محكيّ؛ تقول: ضربت زيدا أبوه قائم، وقام ظننت عمرا منطلقا، ورأيت كان زيد قائما، وقام إنّ في الدّار زيدا، ونحو ذلك. فإن رمت تثنية ذلك وجمعه، فلك فيه مذهبان. أحدهما: أن تأتى ب «ذى» وتثنّيه، وتجمعه؛ فتقول: جاءنى ذوا تأبّط شرّا، وذوو تأبّط شرّا. ¬
والآخر: أن تفصّل فتقول: جاءنى رجال كل واحد منهم تأبّط شرا، وكذلك مع «كلا» و «كلّ» فتقول: كلاهما تأبّط شرّا، وكلّهم تأبّط شرّا. النّوع الثّانى: إذا أردت أن تحكي جملة من كلام ولم تسمّ بها حكيتها، تقول: قرأت في أوّل كتاب الله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (¬1)، وكقول الشّاعر (¬2): سمعت النّاس ينتجعون غيثا … فقلت لصيدح: انتجعى بلالا وكقوله (¬3): رأينا فى كتاب بنى تميم … أحقّ الخيل بالرّكض المعار فترفع «الحمد» و «النّاس» و «أحقّ» على الحكاية. ومن هذا النّوع: إذا رأيت شيئا مكتوبا على جسم حكيته؛ تقول: رأيت على خاتمه أبو طاهر، ورأيت على خاتمه زيد، إذا كانا مرفوعين، ورأيت على خاتمه أسد، إذا كان مكتوبا كذلك، فإن كان صورة أسد نصبته، فإن كان عليه مكتوب: الله ثقة زيد، قلت: رأيت على خاتمه زيد، فحكيته مجرورا. ¬
النوع الثّالث: الجمل إذا جاءت بعد القول، حكيت: تقول: قال زيد: عمرو منطلق، وقلت: الله إله واحد، فإن جئت بمعنى الجملة نصبت، كمن قال: لا إله إلّا الله، فتقول: قلت حقّا. فأمّا قوله تعالى: «واذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا» (¬1) فعلى تقدير: أنزل خيرا (¬2)، وقوله: ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (¬3) على تقدير: هذه أساطير الأوّلين (¬4)، ولو نصب لكانوا قد أقرّوا بالإنزال (¬5). وأمّا قوله تعالي: وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (¬6) فهو منصوب بفعل مضمر، تقديره: سلمنا منكم سلاما (¬7)، ولو ظهر لكان محكيا. وأمّا قوله تعالي: وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ (¬8) فنصب الأوّل مثل قولك: قلت حقا، أو كأنّه بعض جملة محكيّة، ¬
أي: نسلّم سلاما (1)، ورفع الثّاني علي خبر مبتدأ محذوف، تقديره: أمري سلام (¬1). الضّرب الثّاني: إذا سمّيت ببعض جملة تركته على حاله قبل التّسمية من الصّرف وترك الصّرف، والبناء وغيره؛ لأنّك لم تسمّ بشّئ من هذه دون ما اقترن به، وهو خمسة أنواع: موصول، وموصوف، وحرف مع اسم، وحرف مع فعل، وحرف مع حرف. فالموصول: (¬2) نحو رجل سمّيته: خيرا منك، أو مأخوذا بك، أو ضاربا رجلا، فتقول: هذا خير منك،/ ورأيت خيرا منك، ومررت بخير منك. وإن سمّيت به امرأة صرفته (¬3)؛ لأنّ التّنوين فى وسط الاسم (¬4). وأمّا الموصوف: فنحو رجل سمّيته: زيد العاقل، فتقول: هذا زيد العاقل، ورأيت زيدا العاقل، مررت بزيد العاقل، وإن سمّيت رجلا ب «عاقلة» صرفته (¬5)؛ لأنّك تحكيه. وأمّا الحرف مع الاسم: فإذا سمّيت رجلا: كزيد، ومن زيد؛ فتقول: جاءنى كزيد، ورأيت كزيد، ومررت بكزيد (¬6). وأمّا الحرف مع الفعل فنحو: هلمّ (¬7). ¬
وأمّا الحرف مع الحرف فنحو: إنّما وكأنّما، فكلّ هذه تحكى (¬1) الضّرب الثّالث: إذا سمّيت بالتّثنية والجمع حكيتهما، فتقول: هذا زيدان ورأيت زيدين، ومررت بزيدين، وهذا زيدون، ورأيت زيدين، ومررت بزيدين، فتحكى لفظهما وإن أردت الواحد، وقد أجاز قوم: زيدان (¬2)، وزيدون بالضّمّ. وتقول فى جمع المؤنّث: هذا مسلمات، ورأيت مسلمات، ومررت بمسلمات، فتحكي، ومنهم من يحذف التّنوين فى عرفات (¬3) وأذرعات؛ لأنّها معارف. الفرع الثّانى: فيما لا يجوز أن يحكي ممّا يسمّى به، وإنّما يعرب إعراب الأسماء، ويكون اسما وفعلا وحرفا. أمّا الاسم فكلّ اسم مبنيّ، نحو: «من»، و «كم» أو مضاف لازم الإضافة أفرد، نحو: «ذو» و «فو»، تقول: هذا من من جاء، وكم قد ذهب. وإن سمّيت به مؤنّثا لم تصرفه. وإذا سمّيت ب «ذو» قلت: هذا ذوا (¬4) قد جاء، كقولك فى التّثنية: ذواتا مال، فرددته إلى أصله، ولو لم يكن له أصل معروف لقلت: ذوّ، ¬
وكان الخليل يقول: ذوّ، بالفتح (¬1)، وإن سمّيت ب «فو» قلت: فم (¬2)، ولو لم يقولوا: فم، لقلت: فوه؛ لأنّ جمعه: أفواه. وأمّا الفعل:/ فهو الفارغ من الفاعل والمفعول، نحو رجل سمّيته: يضرب، وضرب، وضرب، فإنّك تعربه، وتصرف منه ما ينصرف، وتترك صرف (¬3) ما لا ينصرف، ويدخل فيه «نعم» و «بئس»، فلو سمّيت ب «يغزو» قلت: جاءنى يغز (¬4)، ورأيت يغزي، وكذلك إذا اسمّيته يرمي، قلت: جاءنى يرم، ورأيت يرمى، وكذلك ما أشبهه. وأمّا الحرف: فإذا سمّيت بحروف المعاني: أعربتها، تقول: هذا إنّ، وليت، ولوّ، وبعض العرب يهمز «لو» (¬5) وإن سمّيت ب «لا» زدت «ألفا» فقلت: لاء؛ لأنّ «الألف» ساكنة. وإن سمّيت بحروف التّهجّى مددت، فتقول: هذه باء، وتاء، فإن تهجّيت قصرت ووقفت (¬6) ولم تعرب. فإن سمّيت بحرف متحرّك أشبعت الحركة؛ لتصير حرفا من جنسها، وتضييف إليه حرفا آخر مثله، نحو أن تسمّى بالكاف من قولك: كزيد، وبالباء من: بزيد، فتقول: هذا كاء، وهذا بيّ. وإن سمّيت بحرف ساكن رددته إلى ما أخذ منه (¬7)؛ لأنّ السّاكن لا يكون من غير كلمة. ¬
الفصل الرابع فى الأنكار
الفصل الرّابع فى الأنكار وهو قريب الشّبه من باب الحكاية فألحقوه به، ويدخل فى الكلام لمعنيين: أحدهما: إنكار كون الأمر على ما ذكره المتكلّم. والآخر: إنكار كونه على خلاف ما ذكره. وهو زيادة فى الاستفهام. وعلامته: حرف من جنس الحركة الّتى فى آخر الكلمة، إن كانت ضمّة ف «واو» أو فتحة ف «ألف» أو كسرة ف «ياء» (¬1)، وذلك إذا قال المتكلّم: جاءنى الرّجل، قلت: الرّجلوه، وإذا قال: رأيت الرّجل، قلت: الرّجلاه، وإذا قال: مررت بالرّجل، قلت: الرجليه. فإن لم تكن الكلمة متحرّكة الآخر كسرت آخرها؛ لالتقائه مع الحرف الّذى تزيده. ولا يكون حينئذ إلّا «ياء»؛ الكسرة الحرف، وذلك إذا قال: قام زيد، ورأيت زيدا، ومررت بزيد، تكسر التّنوين؛ لأنّه ساكن، ثمّ تلحقه «الياء»؛ فتقول: أزيدنيه؟ وأزيدنيه؟ وأزيدنيه؟ وكذلك تقول فى: ضربت وضربت: أضربتيه؟ بكسر «التّاء» فيهما، وفى: ضربت: أضربتا؟ بالفتح، قال الأخفش: تقول لمن قال: غلبنى الأمير: الأميروه (¬2) كأنّك تهزأ به، وتنكر تعجّبه من أن يغلبه الأمير. ¬
وقد فصلوا بين هذه الزّيادة وبين الحرف الّذى قبلها ب «إن» زائدة، كما زادوها فى قولهم: ما إن فعلت، فقالوا فى جواب من قال: قام زيد: زيد إنيه، قال سيبويه: وسمعنا رجلا من أهل البادية قيل له: أتخرج إن أخصبت البادية؟ فقال: أأنا إنيه (¬1)؟ منكرا لرأيه أن يكون على خلاف أن يخرج. فإن طال الكلام بعطف أو صفة أو إضافة ونحو ذلك، جعلت الزّيادة فى آخر الكلام، فإذا جاء من قال: رأيت زيدا وعمرا، قلت: أزيدا وعمرنيه؟ فإن قال: ضربت زيدا الطّويل، قلت: أزيدا الطّويلاه (¬2)؟ وأزيدا الطّويل إنيه؟ وقد زادوا «الهاء» فى قولهم: اضربه، يريدون: اضرب، وفى قول الرّجل: قد ذهبت: أذهبتوه (¬3)؟ وليس بالكثير. تمّ القطب الأوّل بحمد الله وحسن توفيقه ويتلوه القطب الثّانى وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله وصحبه أجمعين وسلّم. ¬
القطب الثاني: فيما الغالب على أبوابه معرفة ذات الكلم وحروفها
القطب الثاني: [فيما الغالب على أبوابه معرفة ذات الكلم وحروفها] قد ذكرنا في أول الكتاب (¬1) أنا قسمناه إلى قطبين: أولهما: فيما يغلب عليه أحكام الإعراب والبناء من الحركات والسكون وقد ذكرنا منه ما استصوبنا ذكره. وثانيهما: فيما يغلب عليه أحكام ذات الكلمة وبنائها، وإن كان لا يكاد يخلو منه شيء من ذكر الحركات والسكون، وإنما الغالب عليه الأول. فلنذكره الآن: ويشتمل على عشرين بابا. الباب الأول في النكرة والمعرفة وفيه فصلان: الفصل الأول: في النكرة النكرة والمعرفة نوعان متقابلان، يعمّهما جنس (¬2)، هو الاسم، ولا يجوز أن يقع أحدهما موقع الآخر، حيث هو علي بابه، إلا أنّ النكرة يجوز أن تصير معرفة، ولا تصير المعرفة نكرة إلا على تأوّل (¬3)، فلهذا كانت النكرة أصلا للمعرفة، فتعين تقديمها في الذكر، فنقول: النكرة: كل اسم صلح أن يكون لكل واحد من جنسه علي طريق البدل. (¬4) وقيل (¬5): كل اسم عمّ اثنين فما زاد فهو نكرة [نحو رجل وامرأة وفرس وجبل] (¬6) ¬
وتنقسم قسمين: أحدهما: أصلي، وهو كون الاسم نكرة في أول وضعه، نحو: رجل. الثاني: أن يحدث في الاسم المعرفة اشتراك في التسمية، فيشتبه أحد المسميين بالآخر، كزيد - إذا سمّي به رجلان -، فأخبر عن أحدهما لم يعلم أيّهما هو، فحدث فيه التنكير لذلك. وأكثر الأسماء نكرات، وبعضها أعمّ من بعض بحسب الوضع، (فشيء) أعمّ من (محدث)، و (محدث) أعم من (جسم)، و (جسم) أعم من (نام)، و (نام) أعم من (حيوان)، و (حيوان) أعم من (إنسان)، و (إنسان) أعم من (رجل)، و (رجل) أعم من (زيد)، فكلما قلّ ما يقع عليه الاسم فهو أقرب إلى التعريف، وكلما كثر كان أقرب إلى التنكير. وللنكرة خواصّ تعرف بها، فما دخلت عليه كان نكرة، وهي: ربّ، والألف واللام، والتنوين في أصل الوضع. نحو: ربّ رجل، وربّ غلام، والرجل والغلام. ومنها: جواب الكلمة، فما كان نكرة فهو نكرة، تقول: كيف زيد؟ فيقال: (¬1) صالح، [فتنكير صالح] (¬2) يدل على تنكير (كيف) (¬3). ¬
وقد شذّ من النكرات ما لا تدخله ربّ، والألف واللام، كأسماء الأفعال النكرات نحو: صه. ومنها ما تدخله (ربّ) دون الألف واللام، نحو: مثلك وغيرك، كقوله (¬1): يا ربّ مثلك في النّساء غريرة … بيضاء قد متّعتها بطلاق. فأما قولهم: ربّه رجلا، فقد ذكرناه في باب المجرورات (¬2). ¬
الفصل الثاني (في المعرفة)
الفصل الثاني (في المعرفة) وهي كل اسم خصّ الواحد من جنسه (¬1). وأنواعها ثلاثة: مظهر، ومضمر، ومبهم. والمظهر ثلاثة أضرب: ضرب بغير قرينة، وهى الأعلام، وضرب بقرينة في أوله، وهي الألف واللّام، وضرب بقرينة في آخره، وهي الإضافة. والمبهم ضربان: أسماء الإشارة، والموصولات. وبين النحاة خلاف في ترتيب تعريفها (¬2)، فالذي عليه الأكثر، وإليه ذهب سيبويه. (¬3) أنّ أعرفها المضمرات، ثم الأعلام، ثم أسماء الإشارة، ثم ما تعرّف بالألف واللام، ثم المضاف. وذهب قوم [إلى] (¬4) أن أعرفها الأعلام (¬5)، وظنوه مذهبا لسيبوية (¬6)، ثم المضمرات، ثم المعرف بالألف واللام، ثم أسماء الإشارة، ثم المضاف. فلنورد جميع المعارف في خمسة فروع: ¬
الفرع الأول في المضمرات
الفرع الأول في المضمرات وفيه تعليمان: التعليم الأول: في تعريفها وهي ثلاثة: ضمير المتكلم، وضمير المخاطب، وضمير الغائب. وتنقسم جميعها قسمين: متصل، ومنفصل، وكلاهما مبني؛ لتضمنه ما ليس له في الأصل، وهو إفادة ما أفاده الاسم المعرب مع حركته. فالمتصل لا يقوم بنفسه، ولهذا لا يقع مبتدأّ؛ لأنّ عامل المبتدأ معنويّ، وهو ستة وثلاثون ضميرا، وواحد فيه خلاف، هل اسم أو حرف (¬1). والمنفصل يقوم بنفسه، كالمظهر، وهو أربعة وعشرون ضميرا، فذلك أحد وستون ضميرا، للمرفوع منها أربعة وعشرون ضميرا، وللمنصوب أربعة وعشرون ضميرا، وللمجرور اثنا عشر ضميرا، ثم للمتكلم عشرة، وللمخاطب خمسة وعشرون، وللغائب خمسة وعشرون، والمختلف فيه هو الياء في (تضربين). أما المرفوع فله اثنا عشر متصلا، واثنا عشر منفصلا، أما المتصل فهو للمتكلم: التاء في" قمت"، ونحوه، وتثنيته وجمعه: قمنا، وللمخاطب: قمت، وللمخاطبة: قمت، وتثنيتهما: قمتما، وجمعهما" قمتم، وقمتن. وللغائب: الضمير المستكن في: قام، وللغائبة في: قامت، وتثنيتهما: قاما وقامتا، وجمعهما: قاموا (¬2) وقمن، ويلحق هذا الضمير المستكنّ الضمير المستكن في اسم الفاعل والمفعول والظرف والصفة واسم الفعل. أما المنفصل: فللمتكلّم: أنا، وتثنيته وجمعه: نحن، وللمخاطب: ¬
التعليم الثاني (في أحكامهما)
أنت، [وللمخاطبة أنت] (1) وتثنيتهما: وجمعهما: أنتم، وأنتن، وللغائب: هو، وللغائبة: هى، وتثنيتهما هما، وجمعهما: هم، وهنّ. وأما المنصوب: فله اثنا عشر متصلا، واثنا عشر منفصلا، أما المتصل فللمتكلم: الياء في: ضربني، وتثنيته وجمعه: ضربنا، وللمخاطب: الكاف في: ضربك [وللمخاطبة ضربك] (1). وتثنيتهما وجمعهما: ضربكم، وضربكن، وللغائب: الهاء في: ضربه، وللغائبة: ضربها، وتثنيتهما: [ضربهما] (1)، وجمعهما: ضربهم، وضربهن. وأما المنفصل فللمتكلم: إيّاي، وتثنيته [وجمعه] (1) إيّانا، وللمخاطب: إيّاك، وللمخاطبة: إيّاك، وتثنيتهما: إيّاكما، وجمعهما: إيّاكم وإيّاكن، وللغائب: إيّاه، وللغائبة: إيّاها، وتثنيتهما: إيّاهما، وجمعهما: إيّاهم، وإيّاهن. وأما المجرور فله اثنا عشر متصلا، ولا منفصل له. فللمتكلم: الياء في مررت [بي] (¬1)، وتثنيته وجمعه: مررت بنا، وللمخاطب: الكاف في: مررت بك، وللمخاطبة: مررت بك، وتثنيتهما: مررت بكما، وجمعهما مررت بكم وبكن. وللغائب الهاء في مررت به، وللغائبة مررت بها، وتثنيتهما مررت بهما، وجمعهما: مررت بهم، وبهن. التعليم الثاني (في أحكامهما) وهي نوعان: النوع الأوّل: فيما يخص آحاد المضمرات: الحكم الأوّل: الضمير المستكن على ضربين: أحدهما معتد به اعتداد الظاهر في اللفظ (¬2)، وهو المستتر في فعل الغائب واسم الفاعل والمفعول والصفة واسم الفعل والظرف. ¬
الحكم الثانى: الكلام في (أنا)
والآخر غير معتد به (¬1)، وهو ما كان في فعل المتكلم والمخاطب وفعل الأمر والنهى للواحد؛ وذلك أن إسناد هذه الأفعال إليه خاصة لا تسند البتة إلى مظهر ولا مضمر بارز، نحو: فعل ويفعل؛ فإنه يسند إليه وإليهما، تقول: عمرو قام، وقام غلامه، وما قام إلا هو، وزيد يقوم، ويقوم غلامه، وما يقوم إلا هو، وكذلك اسم الفاعل في قولك: زيد ضارب، تسنده إلى المظهر في: زيد ضارب غلامه، وإلي المضمر البارز في: هند زيد ضاربته هي. الحكم الثانى:" الكلام في (أنا) والخلاف فيها، وفي ألفها، قد تقدم في باب الوقف، من القطب الأوّل (¬2) واشهر الأقوال فيها: أن الهمزة والنون هي الاسم، والألف الآخرة لبيان الحركة والوقف، ولهذا تحذف في الوصل لفظا وتثبت خطأ (¬3)، كقوله تعالى: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) (¬4) وقد جاءت ثابتة في الشعر" كقوله (¬5): أنا سيف العشيرة فاعرفوني (¬6). ¬
الحكم الثالث: التاء في (أنت)
الحكم الثالث: التاء في (أنت) (¬1)، حرف الخطاب، كالكاف في ذلك، و (أن) هو الاسم (¬2)، وقال الفراء: التاء هي الاسم، و (أن) عماد لها (¬3)، وقد تكون التاء للخطاب والإسمية كالتى فى" قمت) "، وللاسمية بلاخطاب كالتي في أرأيتك. فأما (¬4) أنتما فاسم موضوع للتثنية وليس تثنية أنت، والألف علامة التثنية، والميم فاصلة بين الواحد والاثنين. وأما أنتم فاسم موضوع للجمع، والواو المحذوفه هي الدالة على الجمع كما دلّت الألف علي التثنية. الحكم الرابع:" هو" الذي للغائب، فيه لغات، أفصحها فتح الواو، وبعضهم يسكنها، (¬5)، ومنهم من يشدّدها (¬6)، وقد سكنت الهاء مع واو العطف ¬
الحكم الخامس: الياء في ضربنى
واللام (¬1)، نحو: وهو ولهو، وبعضهم يسكنّها مع ثم (¬2)، وأما" هما وهم" فاسمان موضوعان للتثنية والجمع، والألف والواو المحذوفة يدلان عليهما، وأما «هى»، فحكمها حكم" هو"، ولغاتها كلغاتها (¬3) الحكم الخامس:" الياء" في ضربنى هى الضمير، والنون وقاية للكلمة من الكسرة التي تجب للياء، فيما لا تدخله (¬4) كسرة من الأفعال والحروف والظروف وأسماء الأفعال نحو: ضربني ويضربني واضربني، وإنّني، ومنّى وعنّى ولدنّى، وقطنى، وقدنى. وقد حذفوها فقالوا في بعضها: إنّي، وليتي (¬5)، ولعلي، وقدي وقالوا: مني وعني مخففا، ولا تدخل هذه النون في غير ما سمع، فلا تقول: فينى، كما قلت: منّى، فأما يضرباننى؛ فإنما دخلت النون والنون التي قبلها: مسكورة لئلا يعتقد أن الأولي هى علامة الرفع للوقاية، وأنّ الفعل مجزوم، أو منصوب، وأما قوله: ¬
يسوء الفاليات إذا فلينى (¬1). فشاذ وهذه الياء لك فتحها مطلقا، وإسكانها ما لم يكن قبلها ساكن، وحذفها إذا لقيها ساكن بعدها، وقد تحذف فى الفواصل والقوافى؛ استغناء بالكسرة عنها، كقوله تعالى: فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (¬2) وقول الشاعر: ولمّا انتسبت له أنكرن (¬3) ¬
الحكم السادس: الكاف في ضربك
الحكم السادس: الكاف في" ضربك" هى للذكر والأنثى، وتكون تارة اسما وتارة حرفا كالتاء، وزيدت الميم في مثناه ومجموعه، كما زيدت في مثنى المرفوع ومجموعه، والألف والواو فيهما للتثنية والجمع (¬1)، وقيل: كما، وكمو بمجموعهما لهما (¬2)، وبعض بنى تميم (¬3) يبدل من كاف المؤنث شينا فيقول: ضربش، وعنش، فى: ضربك، وعنك. (¬4) الحكم السابع: الهاء في ضربه، هي وحدها الاسم (¬5)، وقيل: هى والواو معا الاسم (¬6)، وهي والألف معا في المؤنث الاسم، وحكمهما في التثنية والجمع حكم الكاف فيهما، لا فرق بينهما إلا من جهة الخطاب والغيبة. الحكم الثامن: قد اختلف النحاه في إيّا، فروى عن الخليل (¬7) أنها اسم مضمر ¬
مضاف إلي ما يلحقه من ياء، وكاف، وهاء، وميم، وألف، ونون، وموضعهن جر، وذهب الأخفش (¬1)، وغيره (¬2) - واختاره الفارسي - (¬3) إلى أنها اسم مضمر، والحروف التى قرنت بها لتبيين المقصود كالتاء فى أنت، والكاف فى ذاك، ولا موضع لهن من الإعراب، وقيل فيها غير هذين القولين (¬4)، وكل ما (¬5) ذكرناه فى الكاف، والهاء التي في المنصوب المتصل جار فيها مع إيا، فإنهما معا ضميرا المنصوب، لا فرق بينهما إلا فى الاتصال والانفصال. ¬
الحكم التاسع: الياء التى للمتكلم
الحكم التاسع: الياء التى للمتكلم المجرور تشبه ياء المنصوب، ويفرّق بينهما بنون الوقاية فتدخل المنصوب دون المجرور إلا فى نحو: منّي وعنّي وقطني، وقدني، وإذا اتصلت باسم جاز فتحها، وحذفها استغناء بالكسرة قبلها وقلبها ألفا نحو: غلامي، وقد سكنت قليلا، وعليه قرئ * مَحْيايَ (¬1) * بالسكون (¬2). الحكم العاشر: الكاف فى ضمير المجرور للواحد والاثنين والجميع: حكمها حكم الكاف فى المنصوب، وجارية مجراها، ومنهم من يكسر الكاف مع الجمع إذا انكسر ما قبلها، حملا على هاء به كقوله: وإن قال مولاهم على جلّ حادث … من الدّهر ردّوا فضل أحلامكم ردّوا (¬3) ¬
الحكم الحادى عشر: الهاء فى به
قال سيبويه: وهى لغه قوم من ربيعة (¬1). الحكم الحادى عشر: الهاء فى به فيها لغات (¬2)؛ أفصحها أن توصل بياء، والثانية: أن توصل بواو، فتقول: بهو، والثالثة: كسرها كقوله (¬3): وأظنّ أنّ نفاد عمره عاجل. والرابعة: إسكانها كقراءة أبي عمرو * يؤده إليك (¬4) *، والخامسة: إشمام الهاء شيئا من الضم، ومثناها: بكسر الهاء وضمها وإسكان الميم والإشمام. ¬
الحكم الثانى عشر: قد ألحقت تاء المؤنث
وجمعها بإثبات الياء [والواو] (¬1) وبحذفهما وكسر الهاء وضمها، وقد ذكرنا ذلك فى باب الوقف (¬2). الحكم الثانى عشر: قد ألحقت تاء المؤنث فى بعض اللغات ياء، فقالوا: أنتي فعلتي، وأنتي ضربتيه، قال: رميتيه (¬3) فأقصدت … وما أخطأت الرّميه (¬4) وهى لغة قليلة (¬5). ¬
النوع الثانى (من الأحكام فيما تشترك فيه الضمائر)
النوع الثانى (من الأحكام فيما تشترك فيه الضمائر) الحكم الأول: السبب الموجب لوجود المضمر الاختصار وعدم اللبس. أما الاختصار فنحو: زيد ضربته، سد مسد قوله: زيد ضربت زيدا، وأما عدم اللبس: فإنك تقول عن نفسك إذا كان اسمك زيدا مثلا: زيد فعل ذاك، فيظنّ غيرك؛ فجعل عوضه: أنا فعلت ذاك. الحكم الثانى: إنما اختص المرفوع والمنصوب بضميرى المتصل والمنفصل دون المجرور؛ لأن المجرور لا يتقدم على عامله، ولا يفصل بينهما، ولا يحذف عامله، ولهذه، الثلاثة اجتلب المنفصل، وهي موجودة في المرفوع والمنصوب نحو: إيّاك ضربت، وما ضربت إلّا إيّاك، وما قام إلا أنا، وإيّاك، فى التحذير. الحكم الثالث: النون والألف فى نحو: قمنا وضربنا، هما معا الضمير، لا واحد منهما، وبعضهم يزعم أن النون وحدها هى الاسم والألف زائدة، وبعضهم يعكس القضية (¬1)، والأول الصحيح، ويفرق بين نون المرفوع والمنصوب أنّها مع المرفوع الصحيح والمعتل ساكن ما قبلهما نحو: ضربنا وغزونا ورمينا، ومع المنصوب الصحيح مفتوح نحو: ضربنا، وتقلب اللام فى المعتل ألفا نحو: غزانا ورمانا. الحكم الرابع: ضمير جماعة المذكر بعد ميمه فى الأصل واو، نحو: قمتمو، وأنتمو، وهومو، وضربكمو، وضربهمو، وإيّاكمو، وإيّاهمو، ومررت ¬
الحكم الخامس: النون فى جماعة النساء
بكمو، وبهمو فى إحدى اللغتين (¬1)، وهذه الواو يجوز إثباتها، وقد قرئ به (¬2)، وحذفها أكثر استعمالا طلبا للخفة. الحكم الخامس: النون فى جماعة النساء دالة على الاسمية والجمع (¬3)، وقال قوم: هى للجمع وحده (¬4)، والأول أكثر (¬5)، وهى عند أكثر العلماء لجمع القلة والهاء لما فوق ذلك، كقولك: النساء ضربتهن، وضربتها، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى. (¬6) الحكم السادس: ضمير المثنى في : المرفوع والمنصوب والمجرور يصلح لكل مثنى عاقل وغير عاقل، مذكر ومؤنث، فأما ضمائر الجمع التى بالميم والواو فلا تصلح إلّا للمذكر العاقل، وهي خمسة للمخاطب: أنتم وإيّاكم، وقمتم وضربكم ¬
وبكم (¬1)، وخمسة للغائب وهي: هم، وإيّاهم، وقاموا، وضربهم، وبهم، وقد جاء منها لغير العاقل فى الشعر، قال جرير (¬2): شربت بها والدّيك يدعو صباحه … إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا وقال الآخر (¬3) أوردت خيلك ثمّ لم تصدرهم … وردا لها فيه السّمام المنقع وأما قوله تعالى: فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ (¬4) فلأن الأصنام تنزلت عندهم (¬5) منزلة من يعقل، وقد حذفوا واو الجمع فى الشعر، كقوله: ¬
الحكم السابع: هاء ضمير المذكر المنصوب والمجرور
فلو أنّ الأطبّا كان حولى (¬1). يريد: كانوا. الحكم السابع: هاء ضمير المذكر المنصوب والمجرور إذا كان قبله متحرك تبعه فى الوصل حرف من جنسه (¬2)، نحو: ضربتهو، وبه، وبهو، فى إحدى اللغتين، فإن كان قبله ساكن ففيه مذهبان: أحدهما كالمتحرك، نحو: عنهو أخذت، وعليهى مال. والثانى: أن لا تلحقه حرفا وهو الأكثر (¬3)، وقد حذف عاصم الواو فى ¬
قوله تعالى: * يَرْضَهُ لَكُمْ (¬1) * وأسكنها أبو عمرو (¬2)، وحذف في الشعر كقولّه: له زجل كأنّه صوت حاد (¬3). وأما ضمير المؤنث، نحو: ضربتها، وعنها، فلا تحذف [الألف (¬4)]، إلا فى الشعر كقوله: ¬
إمّا تقود به شاة فتأكلها أو أن تبيعه (¬1) في بعض الأراكيب. (¬2) يريد: تبيعها، وقد تقدم ذكر هذا في باب الوقف (¬3) وأما المرفوع المنفصل فقد حذفت واوه فى الشعر كقوله: فبيناه يشري رحله قال قائل (¬4) ... ¬
الحكم الثامن: بعض هذه الضمائر أخص من بعض،
الحكم الثامن: بعض هذه الضمائر أخصّ من بعض، فأولها المتكلم، ثم المخاطب، ثم الغائب، ولهذا أبدل منه إجماعا، نحو: ضربته زيدا. وأبدل الكوفى من المخاطب نحو: عليك الكريم المعوّل (¬1)، وأجمعوا على أنه لا يبدل من المتكلم بدل الكل من الكل (¬2)، نحو: بى المسكين وقع الأمر (3)، وقد حكى شاذا: إلىّ أبى عبد الله (4)، فيترتب على ذلك، أنه متى أمكن الإتيان بالمتصل منها لم تأت بالمنفصل، مع شرائط هى: وجود عامل لفظىّ مقدّم لا حاجز بينه وبين معموله، أو ما يشبه الحاجز نحو: ضربتك، وقمت، فلا يجوز: ضربت إيّاك، وقام أنا، فإن عدم بعض هذه الشرائط جاء المنفصل، فتقول: هو ضربته، والكريم أنت، وإن الذاهبين نحن، وجاء عبد الله وأنت، وإيّاك أكرمت، ومنه قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ ¬
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (¬1) ووَ إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً (¬2) وضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ (¬3). وقول الشاعر: إليك حتّى بلغت إيّاكا (¬4) وقول الآخر: قد علمت سلمى وجاراتها … ما قطّر الفارس إلّا أنا (¬5) وقال الآخر: ¬
الحكم التاسع: إذا اتبعت الضمائر المصدر وأضفته إليها
أنا البطل الحامى الذّمار وإنّما … يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي (¬1). وقد جاء المتصل مع الفصل فى قوله: وما أبالى إذا ما كنت جارتنا … ألّا يجاورنا إلّاك ديّار (¬2) وقياسه: إلّا إيّاك (¬3). الحكم التاسع: إذا اتبعت الضمائر المصدر وأضفته إليها لم يكن الأول إلّا متصلا، نحو: عجبت من ضربى إيّاك، والثانى يجوز أن يكون متصلا، نحو: عجبت من ضربيك، وهو قليل (¬4)، ومتى كان الأول فاعلا فلا يلى المصدر سواه، نحو: ¬
الحكم العاشر: متى ذكرت مفعولين كلاهما غائب
عجبت من ضربك إيّاي، فإن كان الإسم المضاف إليه (¬1) المصدر مفعولا، وجئت بالفاعل بعده مضمرا لم يكن إلّا منفصلا، نحو: عجبت من ضربك هو، وضربه أنت، فإن كان الفاعل هو المخاطب، وأضفت المصدر إليه، والمفعول به هو المتكلّم لم يحسن إلا المنفصل نحو: عجبت من ضربك إيّاي. وكذلك إن كان مضافا إلى فاعل غائب، والمفعول مخاطب أو متكلم نحو عجبت من ضربه إيّاك، وضربه إيّاى، وما عدا هذه فإنك تلزم فيه الترتيب، فتقدم المتكلم ثم المخاطب ثم الغائب، فتقول: عجبت من ضربيك ومن ضربكه، وضربى إيّاك، وضربك إيّاه. الحكم العاشر: متى ذكرت مفعولين كلاهما غائب فالأحسن تقديم ما يقوم مقام الفاعل وجعل الثانى منفصلا، تقول أعطيته إياه، ويجوز: أعطيتهوه، فإن كان أحدهما حاضرا والآخر غائبا قدمت الحاضر فقلت: أعطيتكه، وأعطيتك إياه فإن قدمت الأقرب على الأبعد جئت بهما متصلين، تقول: أعطانيك زيد، وأعطاكهو زيد، فإن قدمت الأبعد على الأقرب جئت بالأبعد متصلا، وبالأقرب منفصلا نحو: أعطاك إيّاي، وأعطاه إيّاك، وقد جوّز بعضهم (¬2): أعطاكنى، وأعطاهوك، وأعطاهونى (¬3)، وهو قبيح (¬4). ومتى أخبرت عن جماعة غيّب، أحدهم حاضر جعلت الخطاب على لفظ الحاضر فتقول: أنتم ذهبتم، وأنتما فعلتما. الحكم الحادي عشر: الأحسن في أخبار كان وأخواتها المنفصل، نحو كان إيّاه، ومنه قول الشاعر: ¬
لئن كان إيّاه لقد حال بعدنا … عن العهد والإنسان قد يتغير (¬1) وقال الآخر (¬2) ليس إيّاى وايّاك ولا نخشى رقيبا (¬3). ويجوز فيها المتصل نحو: كانه وكانني [وليسنى] (¬4) وهو قليل (¬5). فأما أسماء الأفعال نحو: عليك، ورويد، فإن مفعولها المتصل نحو: عليكهو وعليكنى، ورويده، وقد أجازوا فيه المنفصل نحو: عليك إياى ورويد إياك (¬6)، ومنهم من لا يستعمل (نى) و (نا) استغناء بعليك بي وبنا (¬7). ¬
الحكم الثانى عشر: متى وصلت الضمير المجموع المتصل
الحكم الثانى عشر: متى وصلت الضمير المجموع المتصل بضمير آخر متصل أعدت الواو بعد الميم نحو: أعطيتكموه، وأعطيتهموه، وبعضهم لا يعيدها، فيقول: أعطيتكه وأعطيتهمه، والأول أولى وأكثر (¬1)، منه قوله تعالى: * أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ * (¬2)، بعضهم يلحق الكاف الفردة إذا اتّصلت بها في المذكر ألفا، فيقول: أعطيتكاه، وفى المؤنث ياء، فيقول: أعطيتكيه (¬3). الحكم الثالث عشر: فعل الفاعل لا يتعدى إلي نفسه إذا كان مضمرا، وكان الفعل مؤثرا نحو: ضربتنى، وإنما تقول: ضربت نفسى، فإن لم يكن مؤثرا تعدى إليه نحو: ظنتني، وحسبتني ولا يتعدّى الضمير الذى يكون فيها إلي المظهر فتقول: زيد ظنه منطلقا، ولا تقول: زيد ظن منطلقا، لأنك تعدّى الضمير في ظنّ إلي زيد، وتجعل المفعول الذي هو فضلة لا بد منه وإلّا بطل الكلام، وقد تقدم هذا في باب ظننت وأخواتها (¬4). الحكم الرابع عشر: قد أوقعوا ضمير المجرور موقع ضمير المرفوع المنفصل، وموضعه جر عند سيبويه (¬5)، ورفع عند الأخفش (¬6)، نحو: لولاى ولولاك ولولاه. والأفصح أن تأتى بعده بالمنفصل (¬7) كقوله تعالى: * لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ *. (¬8) ¬
الحكم الخامس عشر: الكاف، ومذ، ومنذ، وحتى، لا يدخلن علي مضمر إلا في الشعر
فأما الضمائر المتصلة بعسى نحو: عساى وعساك وعساه، فمنصوبة عند سيبويه (¬1)، ومرفوعة عند الأخفش (¬2)، وقد ذكر في باب" عسى" (¬3). الحكم الخامس عشر: الكاف، ومذ، ومنذ، وحتى، لا يدخلن علي مضمر إلا في الشعر قال: وأمّ أو عال كها أو أقربا (¬4). وقال الآخر: فلا ترى بعلا ولا حلائلا … كهو ولا كهنّ إلا حائلا (¬5). ¬
الحكم السادس عشر: ضمائر المرفوع المنفصل يقعن وصفا
قال سيبويه (¬1): ولو أضفت إلى الياء الكاف (¬2) التى تجر بها لقلت: ما أنت كى، لأنّها متحركة، قال ابن السراج (¬3): هذا قاله سيبويه قياسا، وهو غير معروف فى الكلام استغنوا عن كى بمثلى (¬4). الحكم السادس عشر: ضمائر المرفوع المنفصل يقعن وصفا (¬5) لمضمر المرفوع والمنصوب والمجرور على غير حد الوصف، ولكن بمنزلة نفسه وعينه، نحو: قمنا نحن، ورأيتها هي، ومررت به هو، فإن أبدلت المضمر من المضمر أو المظهر احتجت أن تبدل منه مثله فى الإعراب، وتعيد عامل الجر، لأنه ليس له ضمير منفصل نحو: رأيته إيّاه، وقام هو، ومررت به به، وقد أجازوا هذا في المتكلم والمخاطب خلافا للمظهر، فإن أكّدت الضمائر المتصلة مرفوعها ومنصوبها ومجرورها أكّدتها بضمير المرفوع المنفصل نحو: قمت أنت، وضربتك أنت، ومررت بك أنت. ¬
الفرع الثانى (فى الأعلام)
الفرع الثانى (فى الأعلام) العلم: ما خصّ الواحد من جنسه (¬1)، أو ما علّق على شيء بعينه غير متناول ما أشبهه (¬2). وحقيقته: سمة (¬3) وضعت للشيء يعرف بها، لا لمعنى فيه، وله أحكام: الحكم الأول: الأعلام ، تنقسم قسمين: الأولى (¬4): إلى مفرد ومركب. الثانية: إلى منقول ومرتجل. أما المفرد فنحو: زيد وعمر، وأما المركب فضربان: جملة وغير جملة، فالجملة نحو: تأبط شرا (¬5)، وبرق نحره، وغير الجملة: اسمان جعلا اسما واحدا وهي إما مركب نحو: سيبويه وعمرويه، وبعلبك ومعديكرب، وإما مضاف نحو: عبد مناف وامرئ القيس، وإما كنية نحو: أبي محمد وأبي عبد الله (¬6). وأما المنقول فستة أنواع: منقول عن عين كأسد وثور وعن معنى كفضل وسعد، وعن صفة كعامر وحاتم، وعن فعل؛ إمّا ماض كشمّر (¬7) ¬
وبذّر (¬1)، وإما مضارع كتغلب ويعصر، وإمّا أمر كأطرقا في قوله: على أطرقا باليات الخيا … م إلّا الثّمام وإلّا العصيّ (¬2) ومن صوت، نحو: ببّه، وهو لقب عبد الله بن الحارث بن نوفل، (¬3) قالت أمه (¬4): لأنكحنّ ببّه … جارية خِدَبّه (¬5) ¬
الحكم الثانى: مراتب الأعلام
وعن مركب: كتأبط شرا. وأما المرتجل: فهو ما لا يقع إلا علما، ولم يستعمل قبل العلمية، وهو على ضربين: قياسىّ، وشاذ، فالقياسى: نحو عمران، وفقعس ودعد، والشاذ. نحو موهب (¬1)، ومحبب (¬2)، وحيوة (¬3)، فإن القياس: موهب، ومحبّ، وحيّة وإن شئت قلت: الاسم العلم على ثلاثة أضراب: إما أن يكون منقولا من نكرة، أو مشتقا منها، أو أعجميا أعرب. فالمنقول على ضربين: منقول، من اسم، نحو: أسد وحجر، ومنقول من صفة كعباس وقاسم، فهذان الضربان كانا نكرة فتعرّفا بالاسمية، وأما المشتقّة ف فنحو: عمر وعثمان، اشتقّا من عامر وعاثم وليسا بمنقولين، فإذا جاء اسم عربيّ لا يعلم ممّ نقل، ولا ممّ اشتق فاعلم أنّ أصله أحدهما، وإن لم يعلم بعينه. قال ابن السراج: (ولا أدفع أن يخترع بعض العرب فى حال تسميته اسما غير منقول من نكرة، ولا مشتق منها، ولكن العام والجمهور ما ذكرته لك) (¬4)، وأما الأسماء الأعجميّة: فنحو إبراهيم، إسماعيل، ونحو ذلك مما أعرب من كلام العجم (¬5). الحكم الثانى: مراتب الأعلام ثلاث: أخصّها ما لم يسمّ به غير مسماه، نحو: رؤبة، والفرزدق، والثانية: ما كثرت التسمية به نحو: زيد وعمرو، والثالثة: أسماء الأجناس، كأسامة: للأسد، وثعالة: للثعلب. وهى إما اسم: كزيد، أو كنية: كأبى عمرو، أو لقب: كبطة. ¬
الحكم الثالث: الأعلام تكون لمن يعقل،
والفرق بين الثانى والثالث (¬1): أن الثاني لا توقعه علي كل واحد (¬2) من جنس مسماه، والثالث: توقعه على كل واحد من جنسه، فإذا قلت: ثعالة أضعف من أسامة، فإنما تقصد أنّ هذا النوع من الحيوان أضعف من هذا النوع منه، لا تقصد واحدا بعينه، بخلاف ما إذا قلت: زيد أضعف من عمرو، إنما تريد هذا الواحد أضعف من هذا الآخر. الحكم الثالث: الأعلام تكون لمن يعقل، ولما لا يعقل. أما من يعقل فنحو: زيد وعمرو وجبرائيل، وأما ما لا يعقل فأنواع منها: ما يقتنى ويتّخذ من خيل وأبل وغنم وكلاب ونحو ذلك، قد سمّوا آحاده بأعلام تنزلت عندهم منزلة من يعقل نحو: أعوج (¬3)، ولاحق، (¬4) وشدقم (¬5)، وسكاب (¬6)، وعليان (¬7)، وضمران (¬8)، ومنها: ما لا يقتنى ولا يتّخذ ولا يؤلف، سموه بأعلام يفرقون بها بين الأجناس - كما سبق (¬9) - نحو أسامه وثعاله، لا أنها كالأعلام الواقعة على آحاد الأناسىّ، فمن هذه المسميات ماله اسم جنس وعلم وكنية: كالأسد وأسامة وأبي الحارث، (¬10)، والثعلب وثعالة وأبي الحصين (¬11)، ومنها: ماله ¬
الحكم الرابع: الأعلام تنقسم قسمين
اسم ولا كنية له: كقثم؛ لذكر الضبع، ومنها ماله كنية ولا اسم له: كأبو براقش (¬1)، وأم رباح (¬2) و، منها ما لا يعرف له اسم غير العلم كحمار قبان (¬3)، وقد سمّوا به المذكر والمؤنث، وكنوا بالآباء والأمهات والأولاد فقالوا: أو جعدة: للذئب (¬4)، وأم عامر: للضبع (¬5)، وابن عرس، (¬6) وبنت الأرض: للحصاة (¬7). ومنها المعانى: أجروها مجرى الأعيان، فسمّوا المنية بشعوب، وأم قشعم (¬8)، والداهية بأم قار (¬9) وأم اللهيم (¬10)، والغدر بكيسان، وقالوا في الأوقات: لقيته غدوة وبكرة وسحر، غير مصروفات، قالوا في الأعداد: ستة ضعف ثلاثة، وأربعة نصف ثمانية ومنها الأمثلة التي توزن بها الألفاظ نحو: فعلان فعلي، وأفعل فعلاء، ونحو ذلك من الأفاعيل، فتقول: أحمر وزنه: أفعل، حمراء وزنها فعلاء، وغضبان وزنه فعلان وأشباه ذلك، صارت هذه الأمثلة أعلاما لهذه الأوزان. الحكم الرابع: الأعلام تنقسم قسمين: قسم لا يدخله الألف واللام، وقسم يدخلانه فالذي لا يدخلانه نحو: زيد وعمرو، وهو أكثر المعارف، وأما ما يدخلانه فهو أسماء قليلة منها: لازم وغير لازم، فاللازم نحو: النّجم للثريا. ¬
والثريّا (¬1)، والدّبران (¬2)، والعيوق (¬3)، والسّماك (¬4)، والصّعق (¬5) لخويلد بن نفيل (¬6)، فهذه الأسماء معّرفة باللام (¬7) لكل ما تضمن معناها، ثم غلبت علي هذه، المسميات المخصوصة من بين ما يوصف بمعانيها من الثروة والعوق والسموك، والصّعق وغير ذلك من المعانى، وما لم يعرف باشتقاق من هذا النوع فيلحق بما عرف. نصّ عليه سيبويه. (¬8) وغير اللازم نحو: الحارث والعبّاس والفضل، وما كان صفة في أصله أو مصدرا (¬9)، فيجوز حذف اللام من هذا النوع فيقول: حارث وعباس ونجريه مجرى زيد وعمرو. فأما قولهم: فلان وفلانة وأبو فلان وأم فلان، فكنايات عن أسماء الناس، فإذا كنوا عن أعلام البهائم أدخلوا اللام فقالوا: الفلان والفلانة (¬10) ¬
الحكم الخامس: قد يشترك جماعة في اسم علم
الحكم الخامس: قد يشترك جماعة في اسم علم فيجرى مجرى النكرة في دخول اللام والإضافة علية نحو: ربيعة الفرس، ومضر الحمراء، وأنمار الشاه، (¬1)، وكقول الشاعر: باعد أمّ العمر من أسيرها … حرّاس أبواب على قصورها (¬2) وقال الآخر: رأيت الوليد بن اليزيد مباركا … شديدا بأحناء الخلافة كاهله (¬3) وقال الآخر: ¬
الحكم السادس: إذا ثنيت الأعلام، أو جمعت دخلها التنكير للكثرة،
علا زيدنا يوم النّقا رأس زيدكم … بأبيض ماضى الشّفرتين يمانى (¬1) قال المبرد: إذا ذكر الرجل اسم جماعة كل واحد منهم زيد، قيل له: هذا الزيد أشرف من ذلك الزيد، وهو قليل (¬2). الحكم السادس: إذا ثنّيت الأعلام، أو جمعت دخلها التنكير للكثرة، فتعرف بالألف واللام نحو: قام الزيدان والزيدون، ومنهم من لا يدخلها عليها (¬3) وقالوا لكعب بن كلاب (¬4) وكعب بن ربيعة (¬5): الكعبان، ولعامر بن مالك (¬6) وعامر بن الطفيل: (¬7) ¬
الحكم السابع: قد يشترك جماعة في اسم أو وصف مفرد،
العامران، ولقيس بن عتاب (¬1) وقيس بن هرمة (¬2): القيسان، وقالوا: طلحة الطّلحات (¬3) والأسامتان والأسامات. فأما نحو: أبانين (¬4) وعرفات وأذرعات (¬5)، فلا تدخله اللام؛ لأنّها أسماء مفردات لمسمياتها، إن كانت تثنية وجمعا. الحكم السابع: قد يشترك جماعة في اسم أو وصف مفرد، أو مضاف، ثم يغلب علي أحدهم فيصير علما له دونهم كعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، غلب هذا الاسم علي هؤلاء المذكورين خاصة، حتى إذا قيل: العبادلة لم يرد غيرهم (¬6)، وإن كان يشمله اسم العبادلة وكذلك إذا قيل: أبن الزبير وابن عمر، وابن عباس وابن مسعود، غلب على هؤلاء المسمين دون غيرهم من أبناء آبائهم، بحيث لا يذهب الوهم إلى أحد من إخوتهم. الحكم الثامن: إذا اجتمع للمسمى اسم غير مضاف ولقب، أضيف اسمه إلى لقبه فقيل: هذا قيس قفّه (¬7)، وهذا سعيد كرز (¬8)، وإن كان مضافا أو كنية أو كان اللقب مضافا جرى اللقب على الأسم صفة، فقلت: هذا عبد الله بطة، وأبو بكر قفة، وزيد وزن سبعة. ¬
الفرع الثالث في المبهم
الفرع الثالث في المبهم وهو قسمان: الموصلات، وأسماء الإشارة، أما الموصلات فلها باب مفرد تذكر فيه (¬1)، وأما أسماء الإشارة فهى أسماء محصورة في صورة مخصوصة، ولا تخلو أن تكون لمذكر أو مؤنث، مفردين أو مثنيين أو مجموعين أما المذكر: فللحاضر منه: ذا، وللغائب: ذاك وذلك، وللاثنين منه في الرفع: ذان وذانك - بتخفيف النون وتشديدها -، كقوله تعالى: * فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ * (¬2)، وقيل: إن الخفيفة تثنية ذا وذاك، والشديدة تثنية ذلك، أبدلوا من اللام نونا وأدغموها في النون الأخرى (¬3)، وفى تثنية المجرور والمنصوب ذين وذينك، وقد جاء ذان في الأحوال الثلاث، واستدلوا بقوله تعالى: * إِنْ هذانِ لَساحِرانِ (¬4) *، وقد فرقوا بين ذا وذاك وذلك، فالأول: للقريب والثانى: للمتوسط، والثالث: للبعيد. وأما المؤنث: فللحاضر منه: تا، وته، وذي، وذه، وللغائب، تاك وتيك، وتلك، وتالك - وهى قليلة (¬5) -، وللاثنين منه في الرفع: تان وتانك وفي الجر والنصب: تين وتينك ولم يثنّوا من أسماء المؤنث غير (تا) (وتاك). وأما جمع القسمين معا: فألا، وألاء مقصورا وممدودا، ويستوى فيهما العاقل وغيره. ¬
وقد أدخلوا حرف التنبيه علي أوائل هذه الأسماء فقالوا: هذا، وهذه، وهناك، وهاتا، وهاتيك، وعلي مثناها ومجموعها، ولم يقولوا: هذا لك (¬1) وهذه التثنية والجمع وضعيتان لا صناعيتان، والهاء في ذه: بدل من الياء في ذى (¬2)، ولا يقال: تى، كما قيل: ذي، ولا ذيك كما قيل: تيك، استغناء عنهما بهما وإذا وقفوا علي هذي أبدلوا منها هاء، فقالوا: هذه، فإذا وصلوا أسقطوا الهاء وردّوا الياء، ومنهم من يجمع بينهما فيقول: هذهى أمة الله (¬3)، والكاف في هذه الأسماء للخطاب ولا موضع لها من الإعراب، لأنّ هذه الأسماء معارف، فلا تضاف وإنّما تضاف النكرات، فلا يظنّ أنّها اسم للغائب أو البعيد، وإنمّا الكاف سوّغت ذلك فيها، وقد فصلوا بين" ها" التنبيه، «وذا» في قولهم: ها هو ذا، وكقوله تعالى: * ها أَنْتُمْ أُولاءِ * (¬4)، ومنهم من يقول: إنّ" ها" دخلت علي المضمر و «ذا» على بابه (¬5)، وهذه الأسماء تشبه المظهرة لوصفها والوصف بها، تقول: مررت بهذا الظريف، بزيد هذا، وتشبه المضمر لملازمتها التعريف، وإختلاف صيغتها في التأنيث والتذكير، وممّا يقارب هذه الأسماء؛ الإشارة إلي القريب من الأمكنة: هنا:، وإلى البعيد: هناك وإلى الأبعد هنالك وأدخلوا عليه حرف التنبيه فقالوا: هاهنا. ¬
الفرع الرابع فيما تعرف بالألف واللام
الفرع الرابع فيما تعرّف بالألف واللام الألف واللام يدخلان قسما من الأسماء النكرة فيجعلانه معرفة، وفيهما خلاف فذهب الخليل إلي أنّهما معا للتعريف (¬1)، وذهب سيبويه إلي أنّ الّلام وحدها (¬2) للتعريف، والهمزة جئ بها توصلا إلي النطق بالساكن (¬3). وهى تدخل في الكلام لسبعة معان (¬4): ثلاثة منها أصول، وأربعة لواحق أما الأصول، فالأول: أن تكون للحضور، كقولك: هذا الرجل [وهي] (¬5) تصحب أسماء الإشارة. الثانى: أن تكون للعهد، نحو أن يقال: مررت برجل كريم، فتقول عرفت الرجل، وتريد الذى وصفه بالكرم، للعهد الذي كان بينك وبين المخاطب من ذكره [ولهذا يقال في جواب سلام عليكم: عليكم السّلام] (¬6). الثالث: أن تكون للجنس كقولهم: أهلك الناس الدينار والدرهم، والرجل أفضل من المرأة، فلا يريدون دينارا ودرهما بعينهما، ولا رجلا وامرأة بعينها، وإنما يريدون أن هذين الجنسين أهلكا الناس، وأن هذا الجنس أفضل من هذا الجنس، ومنه قوله تعالى: * إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ. * (¬7) فدل الاستثناء علي أن الإنسان في معنى الناس. ¬
وأما اللواحق
وأما اللواحق: فالأول منها: الداخلة علي أسم الفاعل والمفعول بمعنى الذي، نحو مررت بالرجل الضارب زيدا، أي الذي ضرب زيدا، وبالرجل المعطى درهما، أي الذي أعطى درهما. الثانى: أن تدخل عوضا من دخولها في غير موضعها نحو: مررت بالرجل الحسن الوجه، فالقياس أن لا تجتمع الإضافة والألف واللام، إلا أن الألف واللام لما لم تفد في الثانى تعريفا وأردنا تعريفه ليكون وصفا للمعرفة أدخلنا الألف واللام في الأول. الثالث: أن تكون محسنة: كالألف واللام في الذي والتى وتثنيتهما وجمعهما، ولهما باب مفرد يرد ذكرهما فيه (¬1). الرابع: أن تكون زائدة كقول الشاعر: باعد أمّ العمر من أسيرها (¬2) وقولهم: إنى لأمرّ بالرجل مثلك فأكرمه، عند بعضهم لأن مثلك نكرة وقد وصف بها الرجل وهو معرفة، فقدّر اللام زائدة. (¬3). والآلف واللام في مراتب التخصيص علي ثلاثة أضرب: فأخصها التي للحضور، ثم التى للعهد، ثم التي للجنس، فإذا أردت بالأسم الجنس كان إخبارك عن واحده كإخبارك عن جمعه، وانتصب ما بعده كقولك: هذا الأسد مهيبا، لأنك لم ترد أسدا مشارا إليه، فإن (¬4) أردت الإشارة كان مرفوعا كقولك: هذا الأسد شديد، وإذا قلت: هذا الرجل، ولم تذكر شيئا فالرجل خبر عن هذا، فإن جئت بعده بخبر جعلت الرجل نعتا وما بعده خبرا، نحو: هذا الرجل عالما، فإن أردت باللام: المعه د جاز نصب ما بعده، فتقول: هذا الرجل عالما، فإن كانت اللام في اسم لا يراد به واحد من الجنس، هو كالصفة الغالبة انتصب ما بعده على الحال كقولك: هذا العباس مقبلا، وكذلك إن كانت في اسم ليس له ثان، كقولك: هذا القمر منيرا، وهذه الشمس طالعة. ¬
الفرع الخامس (في المضاف)
الفرع الخامس (في المضاف) المضاف يكتسى من المضاف إليه غالب أوصافه الجارية عليه، من التعريف، والتنكير، والتخصيص، والاستفهام، والشرط، والبناء، والتذكير والتأنيث. وهى علي ضربين: إضافة محضة، وإضافة غير محضة. وعلي ضربين آخرين: معنوية، لفظيّة (¬1). وقد ذكرنا أنواعها وأحكامها وما يتعلق بها في باب الإضافة من المجرورات (¬2)، فأعرف المضافات: ما كان مضافا إلى أعرف المعارف، على حسب الترتيب الذي تقدم ذكره (¬3)، ثم بمقتضى الإضافة إلي آحاد كل نوع من المعارف، فأعرفها المضاف إلي المضمرات، والمضاف إلي المتكلم أعرف من المضاف إلي المخاطب، والمضاف إلي المخاطب أعرف من المضاف إلي الغائب، نحو: غلامي، وغلامك، وغلامه، ويتلوه المضاف إلي الأعلام، ثم هو متفاوت: فما كان مضافا إلي الأخصّ كان أعرف من المضاف إلي الأعم، نحو شعر رؤبة والفرزدق وغلام زيد وعمر، وجلد أسامة وثعالة. ويتلوه المضاف إلي أسماء الإشارة، ثم هو متفاوت في التعريف [فالمضاف إلي الحاضر أعرف من المضاف إلي الغائب نحو: غلام هذا، وغلام ذاك، ويتلوه المضاف إلي المعرّف بالألف واللام، ثم هو متفاوت في التعريف (¬4)] بحسب ترتيبها، فغلام هذا الرجل أعرف من غلام الرجل المعه د، وغلام الرجل المعه د أعرف من غلام الرجل الجنسيّ، وكذلك باقى أقسامها. ¬
ويتلوه المضاف إلي المضاف، ثم هو متفاوت بحسب تفاوت إضافته نحو: غلام صاحبك، ثم غلام صاحب زيد، ثم غلام صاحب هذا ثم غلام صاحب الرجل، ثم غلام صاحب الدار، فإن كان المضاف إليه نكرة لم يتعرف المضاف به، ولكن أحدثت الإضافة فيه تخصيصا نحو: غلام رجل، ويلحق بهذا النوع: مثلك وشبهك وغيرك، فإنها نكرات وإن كانت مضافة إلي معرفة، وقد تقدم ذكر ذلك في باب الصفة (¬1) وغيره (¬2) مستقصى. ¬
الباب الثانى من القطب الثانى (في المذكر والمؤنث)
الباب الثانى من القطب الثانى (في المذكر والمؤنث) وفيه فصلان: الفصل الأول: في تعريفهما الأصل في الأسماء التذكير، والتأنيث فرع عليه، ولهذا كان عله مانعة من الصرف كما سبق (¬1)، وسيجيء (¬2)، وكل واحد منهما ينقسم إلى حقيقى ومجازى. فالحقيقى: ما كان له بإزائه نظير من الآخر (¬3) نحو: رجل وامرأة، وجمل وناقة، وحمار وأتان، وهذا لا يكون إلا في الحيوان، ولهذا قيل في تعريفه: إنه ما كان له فرج (¬4). والمجازيّ: [شيء] (¬5) يختص باللفظ دون المعنى، فإن لفظ القمر مذكر و، لفظ الشمس مؤنث، وليس أحد اللفظين أولى بالتذكير أو التأنيث من الآخر وإنما ذلك لضرب من التصرف والاختيار من واضع اللغة، ومرجع هذا النقل، إلّا أنهم جعلوا لهذا القسم المجازيّ فارقا بين قسميه يعرفان به، فقرنوا بمؤنثة علامة تدل عليه لفظا أو تقديرا؛ لقلّته، وأخلوا مذكره منها لفظا وتقديرا؛ لكثرته، لأن المذكر - لما كان الأصل - وجب أن يكون الأغلب، علي أنهم قد أنثوا بعض المذكرات المجازيّة علي تأول نحو: السلطان واللسان وهو مسموع وسنشير إلي ذكر شئ منه (¬6). ¬
الفصل الثانى في أقسام المؤنث
الفصل الثانى في أقسام المؤنث لما كانت المؤنث فرعا علي المذكر، وكان أقلّ منه، فمتى ذكرنا أقسامه وعرفت لم يحتج إلي ذكر أقسام المذكر، فإنّ ما عداها مذكّر، والمؤنث ينقسم إلي قسمين: قسم يعرف بالصيغة، وقسم يعرف بالقرينة فالقسم الأول: مسموع، ولا يجوز تذكيره إلا إذا سمى به مذكر، وهو علي ثلاثة أضرب: الضرب الأول (¬1): ما إختص مؤنثه باسم انفصل به عن مذكره، كما اختص مذكره باسم انفرد به عن مؤنثه نحو: عناق وجدى، وعنز وتيس، وضبع وضبعان وأتان وحمار. الضرب الثانى (¬2): أن يكون مثال المؤنّث مخصوصا كالأول، وقد دخلته مع ذلك التاء غير علامة للتأنيث وإنّما دخلت تأكيدا له، نحو: نعجة وكبش، وناقة وجمل، فليس تأنيث نعجة وناقة بالتاء وإنما هو بالصيغة. الضرب الثالث: ما زاد على ثلاثة أحرف، وهو مسموع، نحو: شعوب للمنيّة، والمنجنيق (¬3) والمنجنون (¬4)، والعقرب: للحيوان، والكوكب، والأفعى، وهذه أسماء تؤخذ مسموعة، وهي كثيرة، فأما تأنيث السلطان فعلى تأويل الإمارة والحجّة (¬5). وأما اللسان فعلى ¬
القسم الثانى: الذى يعرف بالقرينة
تأويل اللغة (¬1)، ولم يجئ القرآن العزيز فيهما إلا بالتذكير (¬2)، وقد أنّثوا من الثلاثى والرباعي كثيرا نحو: العنق، والسوق، والسّلم، والسبيل والطريق، والسلاح، والمنون، والطاغوت، وأسماء كثيرة أطلقوا عليها التذكير والتأنيث (¬3)، ومعرفة هذا النوع من اللغة. القسم الثانى: الذى يعرف بالقرينة وهو على ثلاثة أضرب: ضرب يعرف بالقرينة فى فعله، وضرب يعرف بالقرينة فى تصغيره، وضرب يعرف بالقرينة فى لفظه. الضرب الأول: لا يخلو أن يكون لفظه مؤنّث الصيغة، أو مذكرها وتلزم لهما التاء في الفعل المسند إليهما، فالمؤنّث، نحو: هند، وعنز، وعقرب، والمذكّر، نحو: امرأة سمّيتها زيدا، تقول: قامت هند، وماتت العنز، وهلكت العقرب، وخرجت زيد، وقد استقصينا هذا فى باب الفاعل (¬4). الضرب الثانى: ما يعلم بالتصغير، وكل اسم ثلاثى لا زيادة فيه ظهرت فى تصغيره تاء التأنيث، نحو: شمس وشميسة، وأذن وأذينة، وعين وعيينه، فإنه مؤنث إلا ما شذ منه وهى أسماء معدودة: حرب، ودرع، وقوس، وعرس، وعرب، وغيرها (¬5)، فلم يلحقوا فى تصغيرها التاء، وهذا مستقصى في باب التصغير (¬6). ¬
ومن هذا الباب: الإبل والغنم والخيل والنبل والنّعم فى أحد الوجهين (¬1)، فإن الأغلب على النّعم التذكير (¬2)، وما كان اسما لجمع من يعقل فهو مذكر نحو: رهط، ونفر، وقوم، تقول فى تصغيره: نفير، ورهيط، وقويم. الضرب الثالث: الذى يعلم بالقرينة في اللفظة، والقرائن ثلاث: التاء، والألف المقصورة، والألف الممدودة. أما القرينة الأولى - وهى التاء - ومنهم من يقول الهاء (¬3)، والأول أكثر استعمالا (¬4)، وهذه التاء هى التى تقلب فى الوقف هاء فى الأكثر، فإن منهم من وقف عليها بالتاء (¬5)، وقد ذكرناه فى باب الوقف (¬6). وهى تدخل فى الأسماء على مواضع كثيرة، وتكون فيها ظاهرة ومقدرة، أما الظاهرة ومواضعها (¬7): ¬
فالأول: دخلت للفرق فى الصفة الجارية على الأفعال بين المذكر والمؤنث، نحو: قائم وقائمة، وضارب وضاربة، وجميل وجميلة، ومضروب ومضروبة، وحسن وحسنة، وهو الكثير الشائع، فأما الصفات التى تجرى على المؤنث بغير هاء، نحو: طالق، وحائض، ومرضع، وعاصف، فإن الخليل جعله على معنى النسب (¬1)، كأنه قيل: امرأة ذات حيض، وطلاق، ورضاع، وريح ذات عصف. ولهذا (إذا) (¬2) أجريتها على الفعل قلت: طالقة وحائضة ومرضعة، وعاصفة، وأما سيبويه فإنّه حمله على المعنى نحو: إنسان حائض، أو شئ طالق (¬3)، وكذلك جميع ما جاء م هذا الباب مسموعا (¬4)، وإن كان الحمل على المعنى كثيرا فى كلامهم، وقد جاء خلاف ذلك قالوا للمذكر: رجل ربعة (¬5)، وغلام يفعة (¬6)، على تأويل نفس وسلعة (¬7). وكذلك استوى المذكر والمؤنث فى أبنية (¬8) وهى: فعول، وفعيل بمعنى مفعول، ومفعيل، نحو: صبور وقتيل، (¬9) ومسكين، وقد شبهوا بفعيل ما هو بمعنى فاعل كقوله تعالى: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (¬10). ¬
فأما قول من قال: إنما حذفت التاء من طالق وحائض لعدم مشاركة المذكر فيه (¬1) فليس بشئ، لأنه قد جاء فى ما للمذكر مثله قالوا: ناقة ضامر، وجمل ضامر، وناقة بازل، وجمل بازل (¬2). الثانى: دخلت للفرق بين جنس المذكّر والمؤنّث، نحو: امرئ وامرأة، وإنسان وإنسانة، ورجل ورجلة، وشيخ وشيخة، وغلام وغلامة، وحمار وحمارة، وبرذون وبرذونة، وهذا النوع قليل مسموع (¬3). الثالث: دخلت للفرق بين الواحد والجنس، نحو: تمر وتمرة، وشعير وشعيرة، وبقر وبقرة، وضرب وضربة، فالتاء فى هذا الباب علم الأفراد، وحذفها علم الجنس، وليس تمر جمعا لتمرة إلا من حيث المعنى، وما كان من هذا النوع فى الحيوان، نحو: بطة وحمامة ودجاجة وحيّة وبقرة (¬4) وشاة، فإنهم أوقعوه على المذكر والمؤنث سواء، وفرقوا بينهما بإسناد الفعل إليه، أو بالصفة أو الإشارة، فقالوا: مات البقرة وماتت البقرة، وحمامة ذكر وحمامة أنثى، وهذا بطة وهذه بطة (¬5). الرابع: دخلت فارقة بعكس الثالث، نحو: جمّالة وبغّالة، وحمّالة وحمّارة فى جماعة: جمّال وبغّال وحمّال وحمّار، ونحو: شاربة وواردة وسابلة فى جماعة: شارب ووارد وسابل (¬6)، ومنه قولهم: البصريّة والكوفيّة والمروانيّة والزّبيريّة والعلويّة للجماعة المنتسبين إلى هذه الأماكن والأسماء، ومنه ¬
القتوبة (¬1) والركوبة (¬2) لجماعة القتوب والرّكوب (¬3)، فأما الحلوبة فتقع على الواحد والجمع، وأما الحلوب فلا يكون إلا للجمع (¬4). الخامس: دخلت لتأنيث اللفظة لا غير، نحو: غرفة ومدينة وقرية وعمامة وشقّة وجبّة، ونحو ذلك مما (¬5) لم تدخله التاء للفرق. السادس: دخلت لتأكيد التأنيث كناقة ونعجة، فإن تأنيث هذا النوع ليس بالتاء، ولكن دخلته تأكيدا وقد ذكرناه (¬6). السابع: دخلت لتأكيد صفة المؤنث، نحو: عجوز وعجوزة (¬7)، فهما فى الدلالة على المرأة الكبيرة سواء، ولكنه مع التاء آكد. الثامن: دخلت لتأكيد الجمع، نحو: صياقلة وقشاعمة، الأصل: صياقل وقشاعم، جمع صيقل (¬8) وقشعم (¬9). التاسع: دخلت على الاسم المذكر مبالغة فى الوصف كقولهم: علّامة، ونسّابة، وراوية، وفروقة، وملولة (¬10)، فلا يطلقون هذا البناء إلا للمتناهى فى معنى ما بنى له، ولم يجئ وصفا لله تعالى لأجل دخول تاء التأنيث. فإذا أجريت هذا البناء على المؤنث فقلت: امرأة فروقة وحمولة (¬11)، فليست للتأنيث، ولكنها التى كانت فى المذكّر للمبالغة. ¬
العاشر: دخلت دالة على النسب نحو: المهالبة (¬1)، والأشاعثة (¬2)، والأشاعرة (¬3)، لأن الأصل: مهلّبيّ وأشعثىّ وأشعرىّ، فحذفوا ياء النسب لما أرادوا أن يجمعوه جمع الصحة، فقالوا: أشعرون، وأشعثون، حتى كأنهم جمعوا أشعر وأشعث، فلما كسّروه حملوه على ذلك فقالوا: أشاعر وأشاعث ثم أدخلوا التاء علما للنسب، قال أبو على (¬4): (ومن هذا عندى قولهم: فارسى وفرس) (¬5) كأنهم حذفوا الياء وجمعوا. الحادى عشر: دخلت دالة على العجمة، نحو: السيابجة (¬6)، والموازجة (¬7)، والجواربة (¬8)، فهذه أسماء أعجمية عرّبت، فأدخلت التاء دالة عليها، ولك أن تحذف التاء من هذا القسم واللّذين قبله، فتقول: الصياقل والأشاعر والسيابج (¬9). الثانى عشر: دخلت دالة على الجمع، نحو: حجر وحجارة، وصقر وصقورة، وجريب (¬10) وأجربة، وغلام وغلمة، فهى فيه على ضربين: مطرد وغير مطرد، فالمطرد: أفعلة وفعلة وغير المطرد: فعالة وفعولة. الثالث عشر: دخلت فى الجمع عوضا من الياء التى تلحق فى مثال ¬
مفاعل، نحو: فرزان (¬1)، وفرزانة، وزنديق (¬2)، وزنادقة، فالهاء عوض من ياء فرازين وزناديق (¬3)، فهى تعاقبها ولا يجوز حذفها إلّا مع إعادة الياء. وحكم هذه التاء فى هذه المواضع أن تكون منفصلة عن الكلمة، وقلّ أن تبنى الكلمة عليها، وقالوا: عباية وعظاية (¬4)، وشقاوة وعلاوة، فبنوا الكلمة عليها ولذلك صحّحوا الواو والياء، ولو كانت غير مبنية معها لكان حملها على الأصل فيها، وهو شقاء وشقاءة وعظاء وعظاءة (¬5). هذه أماكن التاء الظاهرة. أما التاء المقدرة فهى: التى تعود فى تصغير الاسم الثلاثىّ المؤنّث، نحو: دار ودويرة، وقدر وقديرة، فكأنها كانت مقدرة فى الواحد (¬6)، فإن كان الاسم المؤنث رباعيا نزلوا الحرف (الرابع) (¬7) منزلة التاء (¬8)، فلم يعيدوها فى التصغير، نحو: عقرب وعقاب، فقالوا: عقيرب، وعقيّب (¬9)، إلا ما شذ فى تصغير وراء وقدّام، وسيجئ بيانه فى التصغير (¬10)، وحيث لم تظهر التاء أظهروها فى الفعل المسند إليها، نحو: طارت العقاب، وقد ذكرناه فى الضرب الثانى (¬11). وأما القرينة الثانية: وهى الألف المقصورة: فلا يخلو أن تلحق بناء مختصا بالتأنيث، أو مشتركا بينه وبين التذكير. أما المختص فله ثلاثة أوزان: ¬
الوزن الأول: فعلى بضم الفاء وسكون العين، وتكون اسما وصفة والاسم على ضربين: مصدر وغير مصدر. فالمصدر (¬1)، نحو: البشرى والرجعى والزلفى والشورى، وغير المصدر (¬2): نحو: البهمى (¬3) والحمّى، والرؤيا، وحزوى (¬4). وأما الصفة فعلى ضربين: أحدهما: ما لا أفعل له، نحو: حبلى وخنثى، وأنثى، وربّى، والثانى: ما له أفعل، نحو: الصغرى والكبرى، ولا يستعمل هذا الضرب - كيف تصرف - واحدا ومثنى ومجموعا، ومذكرا ومؤنثا إلا بالألف واللام، أو الإضافة، نحو: الأطول والطولى، والأعلى والعليا، والأوسط والوسطى، وجمع الفعلى الفعل، كقوله تعالى: * إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ * (¬5)، و * الدَّرَجاتُ الْعُلى * (¬6)، ومنه قوله تعالى: * بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا * (¬7)، و * وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ * (¬8)، و * أَكابِرَ مُجْرِمِيها * (¬9) و * إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها * (¬10)، وقد شذ من هذا النوع آخر وأخرى وأخر، وأوّل وأولى وأول، والقياس: الآخر والأخرى (¬11)، والأوّل والأولى، وإنما حسّن هذا فى آخر وأخرى أنّها لا تجئ إلا بعد كلام، فكأنّها قد خصصت لأنّك لا تقول: مررت برجل آخر، ولا جاءتنى امرأة أخرى، وإنما تقول: مررت برجل ورجل آخر، وجاءتنى امرأة وامرأة أخرى (¬12) فكأنك قلت: مررت برجل آخر من الذى ¬
ذكرت، أى أكثر فى التأخر من الأول، فتنزّل (¬1) التزامهم ذكر كلام قبله منزلة «من» للعلم به (¬2)، وأما أوّل ففيه معنى التفضيل (¬3)، فيكون مضافا كقولك: زيد أول القوم، وزيد أول رجل قال ذاك، وزيد أوّل من عمرو، ومنه قوله تعالى: (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) (¬4)، فإذا قلت: هذا رجل أول، فلا تصرفه، لأنك تريد أول (¬5) من غيره، فتحذف الجار والمجرور وهو مراد (¬6)، كما حفذف فى قوله تعالى: * يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى * (¬7)، أى: أخفى من السر، ومن جعل أولا غير وصف صرفه، فقال: ما تركت له أولا ولا آخرا، كقولك قديما وحديثا (¬8)، وربما استعملوا بعض هذه الصفات استعمال الأسماء فحذفوا الألف واللام نحو قولهم: دنيا، لأنها وإن كانت صفة فقد غلبت وصارت بمنزلة الأسماء غير الصفات، ومثله جلّى فى قوله: وإن دعوت إلى جلّى ومكرمة … يوما سراة كرام النّاس فادعينا (¬9) ¬
وأما من قرأ: * وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً * (¬1)، غير منوّنة (¬2)، ومن أنشد (¬3): ولا يجزون من حسن بسوأى (¬4). فليس بتأنيثي أحسن وأسوأ، بل هما مصدران: كالرّجعى والبشرى. فإن علّقت هذا القسم ب «من» كان فى جميع أحواله مفردا ومثنى ومجموعا بلفظ الواحد، تقول: مررت برجل أفضل منك، ورجلين أفضل منك، ورجال أفضل منك، وامرأة أفضل منك، وهى تعاقب الألف واللام فلا تجتمعان، وقد ذكرنا ذلك فى باب الإضافة (¬5). الوزن الثانى: من المختص: فعلى - بفتح الفاء والعين -، وهو على ضربين: اسم وصفة. فالاسم: نحو: أجلى (¬6)، وبردى (¬7)، ودقرى (¬8)، أسماء مواضع، وأما الصفة، فنحو: جمزى (¬9)، وبشكى (¬10)، ومرطى (¬11). ¬
الوزن الثالث: فعلى - بضم الفاء وفتح العين -، ولا تكون (¬1) إلا اسما، نحو: شعبى (¬2)، وأدمى (¬3)، اسم موضعين، وأربى: للداهية (¬4). فهذه الأوزان الثلاثة لا تكون (¬5) ألفها إلا للتأنيث، ولا تكون (¬6) للإلحاق لأن الأصول لم تجئ على هذه الأمثلة فيقع الإلحاق بها. ألا ترى أنه ليس فى الكلام مثل: جعفر وجعفر وجعفر. وأما البناء المشترك بين المذكر والمؤنث فوزنان: الأول: - فعلى: بفتح الفاء وسكون العين (¬7)، وتكون ألفها للتأنيث والإلحاق، فما كان للتأنيث فعلى ضربين: اسم، ووصف، والاسم على ضربين: مصدر، وغير مصدر. فالمصدر: نحو: الدّعوى والنّجوى والرّعوى والفتوى والرّعوى من ارعويت (¬8)، ولذلك يقع على الواحد والجميع كقوله عزّ وجلّ (¬9): * وَإِذْ هُمْ نَجْوى * (¬10) وغير المصدر، نحو: سلمى (¬11)، ورضوى (¬12): للجبلين، وعوّا: ¬
لاسم النجم (¬1)، وشروى: للمثل، وأما الوصف فعلى ضربين: مفرد وجمع. فالمفرد: ما كان مؤنث فعلان، نحو: سكرى وغضبى، وريّا، وصديا وهذا مستمر فى مؤنث فعلان. والجمع: ما كان جمعا لداء أو آفة وما ناسبهما، نحو: جرحى وأسرى، وكلمى وزمنى (¬2) وحمقى، وربما تعاقب فعلى وفعالى فى الجمع، نحو: أسرى، وأسارى، وكسلى وكسالى، وهو قليل، وأمّا ما كانت الألف فيه للإلحاق، فنحو: الأرطى (¬3) والعلقى (¬4)، ملحق بجعفر فيمن قال: أديم مأروط (¬5)، وإنما كانت للإلحاق لدخول تاء (¬6) التأنيث عليها، قالوا: أرطاة وعلقاة (¬7)، وتاء التأنيث وألفها لا يجتمعان (¬8)، ومن ذلك: (تَتْرا) (¬9) وهى من (¬10) المواترة (¬11)، فمن صرفها جعلها للإلحاق (¬12)، ومن لم يصرفها جعلها للتأنيث (¬13). ¬
قال الفارسى: (والأقيس عندى ترك الصرف، لأن الإلحاق لا يكاد يوجد فى المصادر) (¬1). الوزن الثانى: فعلى: بكسر الفاء وسكون العين، وتكون ألفها للتأنيث والإلحاق فالتأنيث على ضربين: مصدر وغير مصدر، وهما قليل (¬2). فالمصدر نحو: الذّكرى والسّيما: للعلامة، وغير المصدر على ضربين: مفرد وجمع. فالمفرد نحو: الشّيزى (¬3)، والدّفلى (¬4)، والذّفرى (¬5)، فيمن لم يصرفها ومن صرفها جعلها للإلحاق (¬6)، والجمع نحو: الحجلى والظّربى؛ جمع حجل (¬7) وظربان (¬8)، قال الفارسى: لا أعرف غيرهما (¬9) ولا ترد فعلى صفة، فأمّا * ضِيزى * (¬10) فهى فى الأصل فعلى (¬11)، بالضم، فكسرت الضاد للياء (¬12)، وهذا مذهب سيبويه (¬13)، وحكى ثعلب: رجل كيصى (¬14)، ¬
وهو الذى يأكل وحده، وعزهى - بغير هاء (¬1)، فان أدخلت على هذا الوزن الهاء جاء صفة نحو: رجل عزهاة (¬2)، وامرأة سعلاة (¬3). وأما الإلحاق فعلى ضربين: ضرب لم يؤنث نحو: معزى - ملحق بدرهم فهو مصروف إجماعا (¬4). وضرب فيه خلاف نحو: ذفرى، منهم من صرفه تشبيها بدرهم، وهم الأقّل، ومنهم من لم يصرفه، وجعل الألف للتأنيث، وهم الأكثر (¬5)،. وقال الأخفش: إنّ ألف علقى للتأنيث أيضا (¬6). وأما القرينة الثالثة: وهى الألف الممدودة التى وقعت طرفا بعد ألف زائدة، فحرّكت فانقلبت همزة، وهى على ضربين: أحدهما للتأنيث، والآخر للإلحاق، فأما الذى (¬7) للتأنيث فعلي ضربين: مطّرد وغير مطرد، أما المطّرد: فما كان على وزن فعلاء ويكون اسما وصفة، أما الاسم فعلى ثلاثة أضرب: مفرد، وجمع، ومصدر. فالمفرد، نحو: الصحراء، والبيداء والعلياء (¬8)، وقد يقصرون بعض هذه الأسماء الممدودة كالهيجاء (¬9)، قال الفارسى: (وممّا يجوز أن يكون ¬
مكبره فعلاء المريطاء (¬1)، والقطيعاء (¬2)، والغميصاء (¬3)، والمليساء (¬4)، (¬5). وأما الجمع فقولهم: الطّرفاء (¬6)، والحلفاء (¬7)، والقصباء (¬8)، والأشياء، على قول سيبويه والخليل (¬9)، وهذا البناء ليس (¬10) بجمع حقيقى، وإن أفاد الجمع، وإنما هو اسم للجمع، فإنّ الطرفاء اسم مفرد اللفظ كالصحراء، ومعناه الجمع، وأما أشياء فأصلها عند سيبويه والخليل: شيئاء (¬11)، بهمزتين بينهما ألف، فنقلوا الهمزة الأخيرة إلى أولها، فقالوا: أشياء فصار وزنها عندهما لفعاء، والأخفش يجعل أشياء أفعلاء، فحذفت الهمزة الأولة (¬12)، وقد حكى أن واحد الطرفاء والقصباء طرفة وقصبة، وواحد [الحلفاء] (¬13) حلفة بكسر اللام (¬14) ومنهم من لا يثبت لها واحدا (¬15). ¬
وأما المصدر، فنحو: السّرّاء، والضّرّاء والنّعماء والبأساء واللأواء - للشدة -، وأما الصفة فعلى ضربين: أحدهما ما كان مؤنثا لأفعل، نحو: سوداء وبيضاء وحمراء، ويجمع على فعل، والثانى: ما لا أفعل له، إما لامتناعه فى الخلقة، نحو: رتقاء (¬1)، وقرناء (¬2)، وقد جاء فى المذكّر عكسه، قالوا: رجل آدر (¬3)، ولم يقولوا: درآء، وإما لرفضهم استعماله قالوا: امرأة حسناء وعجزاء، وديمة هطلاء وحلة شوكاء (¬4)، والعرب العرباء، ولم يقولوا فيه: رجل أحسن، ولا مطر أهطل إلا مع «من». وربما استعملوا بعض هذه الصفات استعمال الأسماء، فقالوا: بطحاء وجرعاء (¬5) فجمعوها (¬6) جمع الأسماء، فقالوا: أبطح وأباطح، وأجرع وأجارع، وأما غير المطرد: وهو دخول الألف الممدودة ففى أوزان مسموعة غير فعلاء وهى: نفساء وسيراء (¬7)، وكبرياء (¬8)، وقاصعاء (¬9)، وعاشوراء، وبروكاء (¬10) وخنفساء، وعقرباء، وزكريّاء، وزمكّاء (¬11)، وقد قصروا زكريّا وزمكا (¬12). ¬
ومن أوزان الجمع: أصدقاء وفقهاء. وأمّا الألف التى للإلحاق فلها بناءان: * أحدهما: فعلاء بضم الفاء. * والآخر: بكسرها، فمن المضموم المزّاء: للخمر، والطّلاء: للدم، والحوّاء: لضرب من النبات. ومن المكسور العلباء: للعصب، والحرباء، والسّيساء للظهر. فالألف فى هذين البناءين للإلحاق (¬1) بقرطاس وسرداح (¬2). ¬
الباب الثالث فى (المقصور والممدود)
الباب الثالث فى (المقصور والممدود): قد تقدم فى القطب الأول بيان هذين النوعين وأقسامهما وإعرابهما وما يتعلق بهما من الأحكام العرضيّة (¬1) ونحن نذكر هاهنا ما يتعلق ببيان ذاتيهما، والفرق بينهما، فإنهما كثيرا الاشتباه، ولولا دخول القياس فيهما لكان كتب اللغة أولى بذكرهما، وحيث دخلهما القياس تعرّض النحاة إلى ذكرهما في كتب النحو. فلنذكر طرفا من شأنهما فى فصلين: ¬
الفصل الأول (فى المقصور)
الفصل الأول (فى المقصور) وهو: كل اسم وقعت في آخره ألف ساكنة نحو: عصا وحبلى (¬1). وينقسم قسمين: قسم لا مجال للقياس فيه وإنما يعرف بالنقل، وهو في العربية كثير، لا تكاد تحصره إلا كتب اللغة نحو: العصا، الرحا والقرى (¬2)، والقلى (¬3) والضّحى، والسرى (¬4)، وحبلى وسكرى. وقسم يعرف بالقياس: وهو ما كان له نظير من الصحيح يعرف به، وهو أن يكون قبل حرف إعرابه فتحة، كما أن قبل الألف المقصورة لا يكون إلا فتحة، ومواضعة في الكلام متعددة: الموضع الأول: المصادر وهى أنواع: الأول: ما كان مصدرا للفعل المعتلّ بكسر العين، وكان الاسم منه مثله، أو أفعل أو فعلان: نحو عمى يعمى فهو عم، ومصدره عمى، وعشي يعشى فهو أعشى، ومصدره عشى، وصدى/ يصدى فهو صديان، ومصدره صدى ومثاله من الصحيح: حذر يحذر حذرا فهو حذر، وعور يعور عورا فهو أعور وعطش يعطش عطشا فهو عطّشان، فترى الفعل الماضي والمستقبل والإسم والمصدر فيهما سواء فيقضى على المعتلّ بالقصر. الثانى: كل مصدر لثلاثيّ الأفعال مما في أوله ميم مفتوحة نحو: مقضى ومرمي، ومغزى، ومدعى، ومسعى، ومنهى، فنظيره من الصحيح مضرب ومدخل ومجهر، ويلحق بهذا النوع أسماء المكان والزمان لهذه ¬
الموضع الثانى: اسم المفعول المبنى من كل فعل معتل زائد على ثلاثة أحرف فهو مقصور،
الأفعال الثلاثية مما في أوله ميم مفتوحة، فإنه لا فرق بين مصادرها وأسماء زمانها ومكانها إلا في حركة وسط بعض صحيحها (¬1). الثالث: كل مصدر لفعل زائد على الثلاثة، في أوله ميم مضمومة، نحو: المعطى والمسترضى، ولا فرق فيه بين مصدره واسم مفعوله، كما ستراه آنفا (¬2)، ونظير هذا من الصحيح مكرم ومستخرج. الرابع: ما كان من المصادر علي فعيلي نحو: الخطّيبى (¬3) والخلّيفى (¬4) وحكى الكسائي مد: ما يفعل ذلك إلا خصّيصاء قوم، وأمرهم فيضوضاء (¬5)، والقصر فيها أعرف (¬6). الموضع الثانى: اسم المفعول المبنى من كل فعل معتل زائد على ثلاثة (¬7) أحرف فهو مقصور، وله أبنية: الأول: أعطى فهو معطى، وأرضى فهو مرضى، ونظيره أكرم فهو مكرم الثانى: عرّي فهو معرّي، ونظيره قدّر فهو مقدّر. الثالث: تقوضي فهو متقاضى، نظيره تبودر فهو متبادر. الرابع: عوفي فهو معافى ونظيره: ضورب فهو مضارب. الخامس: استرضى فهو مسترضى، ونظيره: استعطف فهو مستعطف السادس: تغطّى بالثوب فهو متغطى به، ونظيره: تعلّم فهو متعلم. السابع: اعتدى عليه فهو معتدى عليه، ونظيره اختبر فهو مختبر. الثامن: أنشوى في المكان فهو مكان منشوى (¬8) فيه، ونظيره: انكسر فهو منكسر فيه. ¬
الموضع الثالث: أسماء مفردة
التاسع: أعروري (¬1) فهو معرورى، ونظيره: اخشوشن فهو مخشوشن. العاشر: أرعوى في هذا المكان (¬2)، ومكان مرعوى فيه، ونظيره محمرّ فيه الحادي عشر: مكان محررنبى (¬3) فيه ونظيره: محرنجم فيه. الثانى عشر: سلقيته (¬4) فهو مسلقى، ونظيره: مدحرج. الثالث عشر: تسلقي فهو متسلقى فيه، ونظيره: متدحرج فيه. الرابع عشر: احووّى في هذا المكان، فهو محواوى فيه ونظيره: محمارّ فيه. الخامس عشر: مكان (¬5) مضوضى فيه، ونظيره: مزلزل فيه الموضع الثالث: أسماء مفردة: الأول: ما كان مؤنثا لأفعل اللازمة الألف واللام نحو؛ الأعلى والعليا والأطول والطّولى. الثانى: ما كان مؤنثا لفعلان نحو سكران وسكرى، وغضبان وغضبى. الثالث: ما كان اسما للمشى نحو: القهقرى والخوزلى. (¬6) الرابع: ما كان علي فعلى محرك العين في الغالب نحو: الجمزى والبشكى وبردى، وقد جاء الممدود فيه شاذا قالوا قرماء: اسم موضع (¬7)، كما جاء المقصور في فعلى بالضم شاذا، وسنذكره في الممدود (¬8) الخامس: ما كان علي فعّالى مضموم الفاء مخّففا ومشدّدا نحو جمادى، وسمانى (¬9)، وحوّارى (¬10)، وخبّازى (¬11). ¬
الموضع الرابع: الجمع
الموضع الرابع: الجمع ، وله أبنية: الأول: ما كان جمعا لفعلة أو فعلة بكسر الفاء وضمها نحو فرية وفرى، وعروة وعرى، فإن نظيرها كسر وظلم، فأما فعلة - بالفتح - فباب جمعها الممدود - وقد جاء فيها المقصور قليلا نحو: قرية وقرى، وكوّة وكوى، وحكى الأخفش كوّة وكوى - بالكسر (¬1) الثانى: ما كان جمعا للفعلى - بالضم - نحو: العليا والعلى. الثالث: ما كان جمعا لفعلان نحو: سكران وسكارى، وغضبان وغضابي بالفتح والضم، أو كان جمعا لفعلاء نحو: صحراء وصحارى. الرابع: ما كان جمعا لفعيل أو فاعل أو فعل أو أفعل إذا كانت بمعنى مفعول نحو: مريض ومرضى وهالك وهلكى، وزمن (¬2) وزمنى، وأحمق وحمقى. ¬
الفصل الثانى في (الممدود)
الفصل الثانى في (الممدود) وهو: كل اسم وقعت في آخره همزة قبلها ألف (¬1)، نحو كساء ورداء، وحمراء وصفراء، وهو ينقسم قسمين، كالمقصور: [قسم] (¬2) لا مجال للقياس فيه، ومرجعه النقل، نحو السماء والعطاء، واللواء والحياء، والرخاء والغثاء وهو كثير في العربية. وقسم يعرف بالقياس كالمقصور: وهو ما كان له نظير من الصحيح يعرف به كما عرف المقصور بنظيره، فالاستسقاء بمنزلة الاستخراج، والإعطاء كالإكرام، والاحتواء كالاحتقار، لأن ألفيهما تقع قبل لاميهما، فتنقلب الياء همزة، ويصير ممدودا، وله في الكلام مواضع: الموضع الأول: المصادر وهى أنواع الأول: مصادر الأفعال الزائدة علي الثلاثة التي ذكرناها في المقصور (¬3)، مما لامه معتل، أو همزة، أصليا كان أو زائد نحو: الإعطاء، والإغراء والاقتضاء، والاسترضاء، والانشواء، والارعواء، والاستلقاء، وغير ذلك من باقى الأمثلة. الثانى: كل مصدر كان على التّفعال بالفتح نحو التّقضاء، والتّرماء (¬4)، وقد جاء، فيه الكسر قليل قالوا: التّلقاء والتّمثال من الصحيح (¬5)، وقيل هما اسما المصدر (¬6). الثالث: المصدر المضموم الأول، ويغلب عليه فيه ما كان صوتا نحو: الدّعاء ¬
الموضع الثانى: أسماء غير مصادر،
والرّغاء والبكاء، والغواء، وقد جاء فيه الكسر قليلا، نحو: النداء، الغناء علي أنهم قد ضموا النداء (¬1) الرابع: مصدر فاعلت، نحو: راميت رماء، وشاريت شراء. الموضع الثانى: أسماء غير مصادر، وهي: الأول: فعلاء مؤنث أفعل، نحو: أحمر وحمراء، وأصفر، وصفراء، وأجرع (¬2) وجرعاء. الثانى: ما كان علي فعلاء بضم الفاء وفتح العين، فأكثر ما يأتي ممدودا نحو: القوباء (¬3)، والعشراء (¬4)، والرّحضاء (¬5) وقد جاء القصر فيه قليلا، قالوا: الأربا وشعبا، وأدما. الثالث: ما كان علي فعال: مكسورة الفاء، نحو السّقاء (¬6)، والّلواء، والشّواء الموضع الثالث: الجمع ، وله أبنية: الأول: ما كان علي أفعلة، فإن واحده (¬7) ممدود نحو: قباء (¬8) وأقبية، ورداء وأردية، ودعاء وأدعية، كما تقول في الصحيح: فدان وأفدنة، وحمار وأحمرة، وغراب وأغربة. الثانى: ما كان على فعال، نحو: ظبى وظباء، وركوة وركاء (¬9)، وفروة وفراء، كما تقول: كلب وكلاب، وجفنة وجفان، وقد جاء فى فعلة القصر قليلا، وقد ذكرناه فى المقصور (¬10). ¬
الثالث: ما كان على أفعال نحو: عبء وأعباء، وقفا وأقفاء، وعضو وأعضاء، كما تقول: حمل وأحمال، وجمل وأجمال، وقفل وأقفال. الرابع: ما كان على أفعلاء، نحو: غنىّ وأغنياء، وصفىّ وأصفياء (كما تقول) (¬1): صديق وأصدقاء،. الخامس: ما كان على فعلاء: شريك وشركاء، وشريف وشرفاء. وملاك هذا الباب: أن تحمل (¬2) الكلمة على ما قاربها في المعنى من الصحيح، كما يفعل فى الأصوات والأدواء، وتحملها على ما سواها فى الوزن كما فعلت فى المصادر، وإن كان جمعا نظرت ما واحده، وإن كان واحدا نظرت ما جمعه وعلى هذا فقس. ¬
الباب الرابع فى (التثنية)
الباب الرابع فى (التثنية) وفيه مقدمة وثلاثة فصول: أما المقدمة: فيندرج فى معناها مع التثنية الجمع، فنقول: اعلم أن التثنية والجمع يخصّان الأسماء دون الأفعال والحروف. والأسماء تنقسم قسمين: قسم يثنّى ويجمع - وهو الأكثر -. وقسم لا يثنى ولا يجمع، وهو الأقل، وينحصر فى أنواع: الأول: المصادر والأجناس، ما لم تختلف أنواعها: كالضرب والأكل، والماء والتراب. وقد ذكرناه فى المفعول المطلق (¬1). الثانى: اسم الفاعل والصفة المشبهة به. إذا عملا فى المظهر - فى القول القوىّ - نحو: مررت برجل قائم غلامه، وظريف أبوه، فلا يجوز: قائمين غلاماه، وظريفين أبواه، وقد ذكرناه فى باب العوامل (¬2). الثالث: أسماء الأفعال نحو: نزال وتراك، وقد ذكر فى باب العوامل أيضا (¬3). الرابع: الجمل إذا سمّى بها، نحو: تأبّط شرّا، وقد ذكر فى باب الحكاية (¬4). الخامس: أفعل إذا كان معه من مظهرة أو مقدّرة نحو: زيد أحسن من عمرو، وقد ذكر فى باب الإضافة (¬5). السادس: أجمع التى للتوكيد، وأكتع وأبصع، للتثنية خاصة (¬6). ¬
السابع: الموغل فى شبه الحروف نحو: من، وكم، إلا الذى، و «ذا»؛ لانفرادهما بجواز الوصف بهما ولهما. الثامن: فلان وفلانه؛ لأنه كناية عن علم معرفة، والعلمية تزيلها التثنية. التاسع: الاسم المضاف إليه أبو في الكنية نحو: أبي بكر، لأنه بعض الاسم. العاشر: الاسم المثنى والمجموع، إلا على تأويل الفرقتين، والطائفتين (¬1) كقوله: بين رماحي مالك ونهشل (¬2). ¬
وقوله: لنا إبلان فيهما ما علمته (¬1). وفي الحديث: (مثل المنافق كالشّاة العائرة (¬2) بين الغنمين) (¬3). فهذه الأقسام لا يجوز تثنيتها ولا جمعها وما عداها من الأشياء يثنى ويجمع. والغرض من التثنية والجمع: الاختصار، فإنّ" قام الزيدان" ورأيت (الزيدين) (¬4) أخصر من «قام زيد وزيد» و «رأيت زيدا وزيدا وزيدا». ¬
الفصل الأول في تعريف التنية
والعلماء في مثنّى الأعلام ومجموعها مختلفون، فمنهم من يلحقه الألف واللام عوضا عما سلب من التعريف، فيقول: الزيدان والزيدون، وهم الأكثر (¬1) ومنهم من لا يدخلهما عليه ويبقيه على حاله قبل التثنية والجمع، فيقول: زيدان وزيدون (¬2). والأسماء علي ثلاثة أضرب: ضرب يثنى ويجمع، نحو: رجل، وزيد وضرب يثنّى ولا يجمع على لفظه، نحو: امرؤ وامرأان (¬3)، وضرب: يجمع ولا يثنى وهو سواء (¬4)، قالوا: سواء (¬5) وسواسية (¬6)، استغناء عنه بقولهم: سيّان، وقد حكي تثنيته شاذّا، قالوا: سواءان (¬7). الفصل الأول في تعريف التنية: وهي ضم مفرد غالبا، وتنقسم (¬8) قسمين: لغويّة - وهى الأصل - وصناعيّة - وهي الفرع -. ولا يخلو الاسمان أن يكونا مختلفين لفظا أو متفقين وفالمختلفان بابهما ¬
اللغوية، وطريقه أن يجمع بينهما بحرف العطف فتقول: قام زيد وعمرو. والمتفقان: بابهما الصناعية، علي أن يتّفقا عدّة وحركة وسكونا ونضدا (¬1) نحو: قام الزيدان والعمران. وقد جاءت اللغوية في المتفقين نادرا نحو: قام زيد وزيد، وكقول الشاعر (¬2): لوعدّ قبر وقبر كان أكرمهم … بيتا وأبعدهم عن منزل الذام وقيل: إنما أراد به هاهنا الجنس لا التثنية (¬3). وجاءت الصناعة في المختلفين نادرا، قالوا: العمران لأبي بكر وعمر، والقمران: للشمس والقمر تغليبا لطول ولاية عمر واشتهار عدله، ولتذكير القمر والتثنية علي ثلاثة أضرب: تثنية في اللفظ والمعنى وهى الصناعية، وتثنية في المعنى دون اللفظ، ¬
وهى كلا وكلتا، وقوله تعالى: * إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما * (¬1). فهو في موضع قلبين (¬2)، وتثنية في اللفظ دون المعنى نحو: لبيك اللهم لبيك، فإن المقصود بها المبالغة في الإجابة، وذلك لا يقع باثنين، ومنه قولهم: «مالي بهذا الأمر يدان» (¬3)، إنما يريدون انتفاء القوة. وقد يثنى الشئ يراد به غيره كقوله (¬4): كما دحست الثّوب فى الوعاءين. [يريد الثوبين في الوعاء] (¬5)، والمقصود بالذكر في هذا الباب من هذه الأقسام القسم الأول. ¬
الفصل الثانى: في كيفية التثنية الصناعية
الفصل الثانى: في كيفية التثنية الصناعية: ولا يخلو الاسم المثنى أن يكون صحيحا أو معتلا. والصحيح لا يخلو أن يكون مذكرا أو مؤنثا، أما المذكر فلا يخلو أن يكون مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا، فالمرفوع: تزيد عليه ألفا ونونا مكسورة، نحو: قام الرجلان والزيدان، والمجرور تزيد عليه ياء مفتوحا ما قبلها ونونا مكسورة نحو: مررت بالرجلين والزيدين وأما المنصوب: فتجمله في التثنية علي المجرور كالعوض من حمل المجرور عليه فيما لا ينصرف فتقول: رأيت الرجلين والزيدين. فإن كان مضافا ثنّيته دون المضاف إليه نحو: قام عبد الله، وكذلك الكنى نحو: قام أبوا زيد، وقوم من العرب يجعلون المثنى في الاحوال الثلاث بالألف وقد حمل عليه قوله تعالى: * إِنْ هذانِ لَساحِرانِ * (¬1) في أحد الأقوال (¬2) ومنه قول الشاعر: تزوّد فيما بين أذناه طعنة … دعته إلى هابى التّراب عقيم (¬3). ¬
وقال (¬1) الآخر: أعشق منها الجيد والعينانا (¬2). وقول الآخر: إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا فى المجد غايتاها (¬3). وأما المؤنث من الصحيح فحكمه حكم مذكره، نحو: قام الهندان والفاطمتان، ورأيت الهندين والفاطمتين، ومررت بالهندين والفاطمتين. وما فيه تاء التأنيث بمنزلة ما ليست فيه، ولم تسقط التاء فى التثنية إلا ¬
من كلمتين، هما خصية، وألية، فى قوله (¬1): كأنّ خصييه من التّدلدل. وقول الآخر: ترتجّ ألياه ارتجاج الوطب (¬2). وأما المعتل فلا يخلو أن يكون منقوصا أو مقصورا أو مهموزا أو محذوف اللام. أما المنقوص فجميعه تعاد ياؤه فى التثنية تقول فى: عم وشج وقاض ورام وغاز وداع: عميان وشجيان وقاضيان، وراميان، وغازيان، وداعيان. أما المقصور فعلى ضربين: ثلاثىّ، وما فوقه. فالثلاثى: تعاد ألفه في التثنية إلى ما قلبت عنه، تقول فى عصا ورحى: عصوان ورحيان، وما جهل (¬3) أصل ألفه منه اعتبر بالإمالة، فإن أميل قلب ¬
فالأول تتنزل الهمزة فيه أربع منازل
ياء، وإن لم يمل قلب واوا، فالأول: نحو مسميين (¬1) ب «متى» و «بلى»، تقول فيه: متنان وبليان،، والثاني، نحو: مسمّيين د «لدى» و «إلى» تقول فيه: «لدوان» و «إلوان». وأما ما تجاوز الثلاثىّ، فإن ألفه تقلب ياء من غير نظر إلى أصلها، تقول فى أعمى، وأعشى، ومثنّى، ومصطفى، وحبلى، ومعزى، وحبارى: أعميان وأعشيان ومثنيّان، ومصطفيان، وحبليان، ومعزيان، وحباريان. فأما قولهم: مذروان (¬2)، فلأن التثنية فيه لازمة، والكلمة مبنية على الألف والنون، فلم يقولوا: مذرى حتى يقولوا: مذريان (¬3)، فصارت ألفها حشوا (¬4). وأما المهموز فعلى ضربين: أحدهما: أن يكون قبل همزته ألف (¬5)، والثانى: ألا يكون (¬6) قبلها ألف (¬7). فالأول تتنزل الهمزة فيه أربع منازل : الأولى (¬8): أن تكون أصلية كقرّاء (¬9)، ووضّاء، لأنّهما (فعّال) (¬10) من القراءة والوضوء. ¬
الثانية: أن تكون منقلبة عن واو أو ياء أصليين، نحو: كساء ورداء، وهمزة هاتين المنزلتين تثبت فى التثنية، تقول فيهما: هذان قرّاءان ووضّاءان، وكساءان ورداءان، وقد جاء فى الثانية القلب، قالوا: كساوان وردايان (¬1)، لأنها تنقص عن الأولى درجة بكونها بدلا من أصل، وهو قليل. الثالثة: أن تكون منقلبة عن حرف زائد نزّل منزلة (الأصل) (¬2)، نحو: علباء (¬3) وحرباء (¬4)، لأن الهمزة منقلبة عن ياء للإلحاق بسرداح (¬5)، وهى التى ظهرت فى درحاية (¬6) - كما ستراه فى التصريف (¬7). وهذه الهمزة لك فيها القلب وهو الأكثر، لأنها نقصت عن الأولى درجتين لكونها منقلبة عن حرف مشبه بالأصل، فتقول: علباوان وحرباوان، ولك فيها الإبقاء على الأصل - وهو الأقل -، فتقول: علباءان وحرباءان (¬8). قال سيبويه: وسألته - يعنى الخليل - عن عقلته بثنايين (¬9) لم لم يهمز؟ فقال: لأنه لا يفرد له واحد (¬10). ¬
الضرب الثانى: وهو ما ليس قبل همزته ألف،
الرابعة: أن تكون منقلبة عن حرف زائد لم يلحق بالأصل كالمنقلبة عن ألف التأنيث (¬1)، نحو: حمراء وصفراء، وتقلب فى التثنية واوا ليس غير، تقول حمراوان وصفراوان (¬2). الضرب الثانى: وهو ما ليس قبل همزته ألف، فليس فيه إلا تصحيح الهمزة، نحو: الفرأ (¬3) والرّشأ (¬4)، والحدأ (¬5)، تقول فيه: الفرأان، والرّشأان، والحدأان. وأما المحذوف اللام ففيه مذهبان: أحدهما ترد لامه فتقول: أخوان وأبوان، والآخر: لا ترد نحو: يدان (¬6) ودمان، وقد جاء: يديان ودميان، قليلا، كقوله: يديان بيضاوان عند محلّم (¬7). ¬
وكقوله (¬1): فلو أنّا على حجر ذبحنا … جرى الدّميان بالخبر اليقين. الفصل الثالث: فى أحكامها: الحكم الأول: الألف والياء الداخلتان على المثنى فيهما خلاف، فأقر بهما من مذهب سيبويه (¬2) أنهما علامتا التثنية، وحرفا الإعراب وعلامتاه، ويفرق ¬
بين الجر والنصب بالعوامل، وفيهما أقوال أخرى كثيرة (¬1). الحكم الثاني: النون الداخلة على المثنى هي بدل من الحركة والتنوين اللذين كانا فى المفرد عند سيبويه فى ظاهر كلامه (¬2)، وقيل (¬3): إنها بدل من الحركة فيما تكون فيه حركة، نحو: الرجل، ومن التنوين فيما يكون فيه تنوين بغير حركة، نحو: عصا، وبدل منهما فيما يكونان فيه، نحو: رجل، وقد اعترض عليه بحبلى، فإنّه لا تنوين. فيها ولا حركة. وكسرت النون على أصل التقاء الساكنين (¬4)، لأن القياس فيها حيث زيدت أن تكون ساكنة حتى يحدث مقتضى الحركة، وقد فتحها قوم من العرب (¬5)، وهي ثابتة فى الوصل والوقف وتحذف في مواضع: ¬
الأول: مع الإضافة، نحو: غلاما زيد؛ لأن النون دليل الانفصال والإضافة دليل الاتصال، والجمع بينهما متعذر، فإذا لقي الألف ساكن حذفت لفظا، نحو: غلاما الأمير. الثانى: مع تقدير الإضافة، كقوله (¬1): يا من رأى عارضا أسرّ به … بين ذراعي وجبهة الأسد. الثالث: في الاسم الموصول لطول الكلام كقوله: أبنى كليب إنّ عمّىّ اللّذا … قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا (¬2). ¬
الرابع: مع حرف النفي في قولك: لا غلامى لك، وقد سبق بيانه فى بابه (¬1)،. الخامس: عند الأخفش فى قولهم: ضارباك، والضارباك، عنده أن الكاف فى موضع نصب (¬2)، لأنّ النون لا تدخل بينه وبين العامل كما تدخل مع المظهر، وسيبويه يحمل المضمر على المظهر ويجعل موضعه مع الألف واللام نصبا وجرا (¬3). السادس: لضرورة الشعر كقوله: لها متنتان خظاتا كما … أكبّ على ساعديه النّمر (¬4). يريد: خظاتان. وقد ألحقوا هذه النون هاء الوقف قليلا فقالوا: زيدانه، ومنه قوله: شهري ربيع وجماديينه (¬5). ¬
الباب الخامس فى (الجمع) وفيه: مقدمة ونوعان
الباب الخامس فى (الجمع) وفيه: مقدمة ونوعان: أما المقدمة: فاعلم أن الجمع: ضم غير المفرد إلى المفرد (¬1). وهو يخص الأسماء دون الأفعال والحروف، وكل الأسماء تجمع إلا ما استثنيناه في مقدمة باب التثنية (¬2). وما يجمع منها فهو على ضربين: (ضرب) (¬3): يجرى في إعرابه مجرى التثنية بالحروف، وله لقبان: أحدهما الجمع السالم، والثاني: الجمع الذي على حد التثنية. (وينقسم قسمين) (3): أحدهما: خاص، وهو ما كان مقصورا على المذكّر. والثانى: متوسط، وهو ما كان مقصورا على المؤنّث. وضرب يجرى في إعرابه مجرى الواحد بالحركات، وهو الجمع المكسّر (وهو عام في الغالب) (3). وينقسم الجمع باعتبار آخر ثلاثة أقسام: جمع في اللّفظ والمعنى (¬4): وهو المقصود بالذّكر هاهنا. وجمع في المعنى دون اللّفظ، وهو كل ما لم يكن له واحد من لفظه، نحو: قوم، ورهط (¬5)، ومنه قوله تعالى: * وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها * (¬6)، فالنعمة مفردة في اللّفظ مجموعة في المعنى. ¬
وجمع فى اللفظ دون المعنى: وهو عكس ما سبق فى التثنية (¬1)، نحو: قوله تعالى: * إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما * (¬2). وأقل الجمع عند الأكثر ثلاثة، وذهب قوم إلى أن أقله اثنان، (¬3) واستدلوا بقوله تعالى: (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) (¬4)، وأراد داود وسليمان، وبقوله تعالى: * فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ ... * (¬5)، وهذا مؤوّل (¬6)، وحكى سيبويه عن الخليل أن الاثنين جمع (¬7). وما ذكرناه في مقدمة باب التثنية من الأحكام (¬8) فالجمع يشاركها فيه. ¬
النوع الأول: فى (الجمع السالم) وفيه فصلان
[النوع الأول: فى (الجمع السالم) وفيه فصلان] الفرع الأول: فى (الجمع السالم) وفيه فصلان: الفصل الأول: في (الخاص) وفيه ثلاثة فروع: الفرع الأول: في تعريفه: إنما سمي هذا النوع جمع سلامة؛ لسلامة نظم بنائه في الجمعية، وانفرد باسم الخصوص لانحصاره في المذكر العلم العالم احتراما للفظه ومسماه ونفيا لوقوع اللبس فيه، ألا ترى أن عمورا يحتمل أن يكون جمع عمرو، وعمر، وعمر، وعمر، وعمر، فأما عمرون، فلا يحتمل أن يكون إلا جمع عمرو، لبقاء بناء واحده فيه. ويفتقر إلى ثلاث شرائط في الغالب، وهي: التذكير والعلم (¬1)، والعلميّة، نحو: زيد وعمرو، فلا يجوز جمع ما عري منها أو من بعضها به، نحو: رجل وهند وفرس. ويلحق بهذا النوع صفته في الغالب فيجمع به إلا أبنية منها، وهى: أفعل فعلاء، وفعلان فعلى. ومفعل ومفعال، ومفعيل، وفعال، وفعول، وفعيل بمعنى مفعول، نحو: أحمر، وغضبان، ومدعّس (¬2)، ومهذار، ومحضير (¬3)، وجواد، وغفور، وجريح، فلا تجمع شيئا من هذه الأوزان جمع سلامة إلا أن يسمّى به، أو ما دخلت مؤنّثه التاء فتقول: جاءنى الأحمرون والمسكينون. ¬
وكما منعوا من جمع هذه الأبنية به قد ألزموا أبنية أخرى جمع (¬1) السلامة فى الغالب، وهي فعّال وفعّال وفعّل وفعّيل، ومفعل، ومفعل، ومفعول، نحو: قتّال، وكرّام، وجبّأ، وسكّير، ومكرم، ومكرم، ومضروب. وكذلك أدخلوا عليه أسماء ليست من شرطه، فجمعوها به، إلا أنهم غيّروا بناءها فى الغالب، فقالوا فى ثبة: ثبون (¬2)، وفى كرة: كرون، وفي سنة سنون، وفي أرض: أرضون، وفى ابن: بنون (¬3)، وفي حرّة: حرّون وإحرّون (¬4). ومن العرب من لا يجعله (¬5) جمع سلامة، ويعربه بوجوه الإعراب (¬6)، وجاء منه فى الصفة قوله تعالى: * إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ * (¬7) وقوله تعالى: * فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها ¬
الفرع الثانى: (فى كيفيته)
خاضِعِينَ * (¬1)، فهذا جميعه مؤوّل (¬2). فمنه ما غيّر أوله. ومنه ما غيّر حشوه، ومنه ما حمل على المعنى. الفرع الثانى: (فى كيفيته): لا يخلو الاسم المجموع أن يكون: صحيحا أو معتلا. أما الصحيح فإنك تلحق آخر مرفوعه واوا مضموما ما قبلها، ونونا مفتوحة، نحو: قام الزيدون والمسلمون، وتلحق آخر مجروره ياء مكسورا ما قبلها ونونا مفتوحة، نحو: مررت بالزيدين والمسلمين، وتحمل منصوبه على مجروره، كما حملته عليه في التثنية، فتقول: رأيت الزيدين والمسلمين، فإن كان مضافا جمعته دون المضاف إليه، فتقول: جاءنى عبدو الله (¬3)، وكذلك الكنى نحو: قام أبو زيد، كان الأصل: عبدون وأبون (¬4)؛ فحذفت النون للإضافة. وما كان فيه التاء، نحو: طلحة وحمزة وهبيرة أعلاما لمذكرين، فلا يجمع بالواو والنون (¬5)، وإنما يجمع بالألف والتاء، نحو: الطلحات والحمزات ¬
والهبيرات وأجاز الكسائى والفراء جمعه بالواو والنون مع حذف التاء، نحو: طلحون (¬1)، وابن كيسان بفتح اللام (¬2). فإن سميت رجلا أو امرأة بسنة أو ثبة أو شية أو ظبة ونحو ذلك، لم تتعد فى جمعه ما جمعوه به قبل التسمية، فتقول فى سنة وثبة: سنون وسنوات وثبون وثبات، وتقول فى شية وظبة: شيات وظبات لا غير، وغير سيبويه (¬3) يروى فى فى ظبة: ظبين (¬4)، وقال سيبويه: لو سميت بعدة لقلت فيه: عدات، حملا على جمعهم إيّاها، وعدون، وإن لم يقولوه حملا على قولهم: لدة ولدون (¬5)، فخالف قوله (¬6). وأمّا المعتلّ: فلا يخلو أن يكون: منقوصا أو مقصورا أو مهموزا. فالمنقوص: تحذف ياؤه استثقالا؛ لاجتماعها مضمومة ومكسورة مع واو الجمع ويائه، ويضم ما قبلها ويكسر لأجل الواو والياء، فتقول: هؤلاء القاضون ومررت بالقاضين، ورأيت القاضين، وفى التنزيل * فَأُولئِكَ * ¬
هُمُ العادُونَ * * (¬1)، إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ * (¬2) كان الأصل: القاضيون والقاضيين (¬3). وأما المقصور: فتحذف ألفه لالتقائها ساكنة مع علامة الجمع، ويبقى ما قبلها مفتوحا بحاله دلالة عليها، فتقول: جاءني الموسون والمصطفون، ومررت بالموسين والمصطفين، ورأيت الموسين والمصطفين، وفي التنزيل: * وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ... * * (¬4) * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ ... * (¬5) فقبل الواو والياء ضمة وكسرة مقدرتان، وبقاء الفتحة دليل على أن الألف حذفت؛ اضطرارا لا اعتباطا؛ إذ لو حذفت اعتباطا لقيل: مصطف ثم مصطفون/، ولا يجوز ذلك في جمع الصّحّة، لأنّه لا يكون فيه حذف ولا تغيير إلا ضرورة، ولأنّه كان يلتبس بجمع منقوصه. وقد شذ من هذا الباب قوله: متى كنّا لأمّك مقتوينا (¬6) ¬
الفرع الثالث: في أحكامه.
وكان القياس مقتين «حملا» على موسين، لأن أصلها مفعل (¬1) من القتو الذي هو الخدمة، ثم نسبت إليه فقلت: مقتويّ، ثم خفّفت ياء النسب (¬2) كما قلت: الأشعرون (¬3)، فلما سكنت الياء سقطت لالتقائها مع ياء الجمع فصارت مقتوين. وأما المهموز فتجري أنواعه في الجمع مجراها في التثنية فتقول: هؤلاء قراؤون، ومررت بقرّائين، ورأيت قرّائين (فتهمز) (¬4) وتقول في ورقاء اسم رجل: ورقاوون وورقاوين، فتقلب (¬5). الفرع الثالث: في أحكامه. الحكم الأول: الواو والياء (¬6) الداخلتان على الجمع حكمها في الخلاف حكم الألف والياء الداخلتين في التثنية، فهما في الجمع علامة الإعراب وحرف الإعراب، وعلامة الجمع والصحة، والعلم والعلميّة والتذكير. الحكم الثاني: النون حكمها في الحركة حكم نون التثنية، وخصصت بالفتح للفرق بينهما (¬7)، وقد كسرها قوم (¬8) وهي ثابتة وصلا ووقفا، ¬
فى المواضع التى حذفت فيها نون التثنية (¬1). فالإضافة كقولك: قام مسلمو زيد، ومررت بمسلمى زيد، ورأيت مسلمى زيد (¬2). ومنه قوله تعالى: * إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ * (¬3) و * ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ *. (¬4) * وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ... *. (¬5) وقد جاءت فى الشعر ثابتة مع الإضافة كقوله: ربّ حىّ عرندس ذى طلال … لا يزالون ضاربين القباب (¬6). وقد أوّل (¬7)، ومثال الموصول قوله: ¬
وإنّ الذى حانت بفلج دماؤهم … هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد (¬1). يريد: الذين (¬2). وقد ألحقها قوم هاء فى الوقف. فقالوا: زيدونه (¬3). الحكم الثالث: إذا سميت بهذا الجمع ففيه وجهان: أحدهما: الحكاية، فتثبت الواو، والياء والنون بحالها، فتقول: جاءنى زيدون، ورأيت زيدين، ومررت بزيدين. الثانى: أن تجعل النون حرف الإعراب، وتقلب الواو ياء، فتقول: جاء زيدين، ورأيت زيدينا، ومررت بزيدين. ¬
ومنهم من لا يقلب الواو ياء، فيقول: جاء زيدون (¬1)، ومنهم من جوز فتح النون مع الواو في الأحوال الثلاث فيقول: هذا زيدون، ورأيت زيدون، ومررت بزيدون (¬2)، وأنشد: ولها بالماطرون إذا … أكل النّمل الذى جمعا (¬3) وأكثر ما يجئ هذا الحكم (¬4) في الشعر كقوله: وماذا يدّري الشعّراء منّي … وقد جاوزت حدّ الأربعين (¬5) ¬
وكقوله: سنينى كلّها لا قيت حربا … أعدّ من الصّلادمة الذّكور (¬1) وكقوله: وأرى الموت قد تدلّى من الحضر … على ربّ أهله السّاطرون (¬2). ¬
الفصل الثانى (في المتوسط) وفيه ثلاثة فروع
الفصل الثانى (في المتوسط) وفيه ثلاثة فروع: الفرع الأول: في تعريفه. إنما سمي متوسطا لأنه أعم من الأول لكونه للمؤنث العاقل وغير العاقل، ولأنه أخص من الثالث باقتصار علي المؤنث خاصة، فحصل بينهما (¬1). وكل الأسماء المؤنثة تجمع به إلا فعلى فعلان نحو: غضبى وسكرى، وفعلاء أفعل نحو: صفراء وحمراء (¬2)، وقالوا: لأن مذكرهما لم يجمع بالواو والنون (¬3). وقد أدخلوا على هذا الجمع أسماء مذكّرة، فجمعوها (¬4) بالألف والتاء، كما أدخلوا على جمع المذكر أسماء مؤنّثة، فجمعوها (¬5) بالواو والنون، نحو ثبون وكررون وسنون، فقالوا: حمّامات وسرادقات (¬6) وشعبانات ورمضانات وأكثر أسماء الشهور (¬7)، وقالوا: بنات عرس، وبنات أعوج (¬8)، وبنات مخاص، ¬
الفرع الثانى: في كيفيته
وبنات لبون، (¬1) يريدون ابن كل واحد منها، وأسماء من هذا النوع معدودة لا تتجاوز (¬2). وأكثر ما يكون في ما لم يجمع جمع التكسير (¬3)، وإنما جمعوه بالتاء، لأن جمع المذكّر يصير مؤنّثا في التكسير، فجعل هذا بمنزلة الجمع المكسّر للمؤنّث. الفرع الثانى: في كيفيته: لا يخلو الاسم المؤنث أن يكون: فيه علامة أولا علامة فيه. فأما العارى من العلامة، فيزاد في آخره ألف وتاء مضمومة في الرفع، ومكسورة في الجر والنصب، تقول هؤلاء الهندات، ومررت بالهندات، ورأيت الهندات، فتحمل النصب فيه علي الجرّ كما حملته عليه في المذكر. فإن كان الاسم عاريا من الألف والّلام، والإضافة ألحقته نونا ساكنة بإزاء النّون في «زيدين» والتنوين في «زيد»، وتحذفها في الوقف فتقول: هؤلاء هندات حسان، ومررت بهندات حسان، ورأيت هندات حسانا، وقالوا في ¬
جمع أهل وأرض: أهلات وأرضات، فحرّكوا العين (¬1). قال: فهم أهلات حول قيس بن عاصم (¬2). وأما الذي فيه العلامة فلا تخلو العلامة أن تكون تاء، أو ألفا في مقصور أو ممدود، أمّا التّاء: فتحذف في الجمع؛ كيلا يجتمع في الاسم علامتا تأنيث ولأنّ الطّارئ يزيل حكم الثّابت، ولأنّه يحصل من الثانية ما يحصل من الأولى، ولا بالعكس، فتقول في مسلمة وقائمة: [مسلمات وقائمات وكان الأصل] (¬3) مسلمتات وقائمتات (¬4). ولا يخلو ما تدخله التاء أن يكون: على ثلاثة أحرف، أو على أكثر منها فالثلاثي: لا يخلو أن يكون إسما أو صفة، والاسم لا يخلو أن يكون: ساكن العين أو متحرّكها، والساكن العين لا يخلو أن تكون عينه أولامه: صحيحة أو معتلة، فالصحيح العين واللام لا يخلو أن تكون فاؤه: مضمومة، أو مكسورة أو مفتوحة، فالمضمومة: يجوز معها ضمّ العين، وفتحها، وسكونها. نحو: ظلمة، وظلمات، وظلمات وظلمات. ¬
ويلحق به ما كانت لامه واوا نحو: عروة، وعروات. والمكسورة يجوز معها: كسر العين، وفتحها، وسكونها، نحو: كسرة وكسرات وكسرات وكسرات، ويلحق بها ما كانت لامه ياء، نحو لحية ولحيات. والمفتوحة لا يجوز معها إلا فتح العين، نحو: جفنة، وجفنات، وقد سكنت في الشّعر قال: أبت ذكر عوّدن أحشاء قلبه … خفوقا، ورفضات (¬1) الهوى في المفاصل (¬2) ويلحق به ما كانت لامه واوا أو ياء نحو: غلوة (¬3) وغلوات، وظبية وظبيات، فإن كان هذا النوع مدغما، فالسكون لا غير، نحو: سرّة (¬4) وسرّات، ومرّة (¬5) ومرّات وسلّة وسلّات (¬6). وأما المعتل العين فتسكّن عينه علي كل حال نحو: لوقة (¬7) ولوقات وبيعة وبيعات وجوزة وجوزات، وبيضة وبيضات وكذلك مدغمه (¬8) نحو: هوّة وهوّات ¬
ونيّة ونيّات وكوّة وكوّات، وبعض العرب بفتح (¬1) فيقول: بيضات وجوزات. ويلحق بهذا النوع ما كانت لامه ياء من المضموم الفاء، أو واوا من المكسور الفاء، نحو مدية ومديات، ورشوة ورشوات. (¬2). وأمّا المتحرك العين، والصفة، والزائد علي الثلاثة، فلا تغيّر عن بنائها، علي اختلاف حركاتها، وصحتها، واعتلالها، نحو: حلمة وحلمات، ومعدة ومعدات وصدقة (¬3) وصدقات وصعبة وصعبات، ومسلمة ومسلمات. وأما الألف المقصورة: فلا يخلو أن تكون في فعلى فعلان أو غيرها. فالأول: لا يجمع جمع سلامة وقد ذكرناه (¬4)، فلا تقول في سكرى: سكريات. والثانى: تقلب ألفه في الجمع ياء، لاجتماع الساكنين بإثباتها وإثبات ألف الجمع، وامتناع الحركة فيهما، لزيادتهما ساكنين، وخوف اللبس بحذف إحداهما، إمّا بالمذكّر، أو بالواحد، فتقول في حبلى: حبليات، وفي حبارى حباريات. وأمّا الألف الممدودة: فلا يخلو أن تكون: في فعلاء أفعل. أو غيرها. فالأول لا يجمع جمع سلامة، فلا تقول في حمراء: حمروات، فأمّا ¬
الفرع الثالث الثانى: في أحكامه.
" ليس في الخضراوات صدقة (¬1)، فإنها جعلت اسما لهذه البقول. والثانى: تقلب (¬2) فيه الألف واوا، للفرق بينها وبين المقصورة، ولأنها قد قلبت إليها كثيرا، في نحو * وقتّت * (¬3)، وأثؤب (¬4)، فتقول في صحراء ونفساء: صحراوات ونفساوات. الفرع [الثالث] الثانى: في أحكامه. الحكم الأول: الألف والتاء زيدا معا، كما زيدا (¬5) في التثنية والجمع المذكر، وهما معا علامة الجمع والتأنيث والسلامة وضمّها علامة الرفع، وكسرها علامة الجرّ والنّصب. الحكم الثانى: قد جمعوا بنتا وأختا علي بنات وأخوات جمع صحة، وليس مفردهما (صحيحا) (¬6) فيه، فإنّ قياس أصل بنت: بنوة، وأصل أخت: أخوة، فجمعوا أختا علي الأصل، ولم يجمعوا بنتا علي الأصل. الحكم الثالث: الفرق بين تاء الجمع والتاء الأصلية، في نحو مسلمات وأصوات: أنّك تزيل الألف والتاء، وتنظر فيما بقي، فإن كان اسما تاما فهي تاء الجمع وإن لم تكن اسما تامّا فهي أصليّة. ¬
النوع الثانى في (جمع التكسير) وفيه فصلان
النوع الثانى في (جمع التكسير) وفيه فصلان: الفصل الأول: في تعريفه وأحكامه (¬1) الكلّيّة). وفيه فرعان: الفرع الأول: في تعريفه: وهو: كل جمع تغيّر فيه نظم الواحد وبناؤه، تشبيها بتكسير الآنية وانفكاك أجزائها (¬2). ويكون في الغالب لمن يعقل، ولما لا يعقل، نحو: رجال وهنود وجمال. فقولنا:" في الغالب" احتراز ممّا ذكر في أوّل جمع الصّحّة من الصفات التّي لا تجمع إلا جمع السلامة (¬3)، وهى: فعّال، ومفعول، ومفعل وفعّل وفعّيل ومفعل، وفعّال، غالبا، نحو: كرّام، ومضروب، ومكرم، [وجبّأ] (4) وسكّير و [مكرم] (¬4) وقتّال. وسيجئ بيان هذه الأمثلة وغيرها من باقى الأوزان فى الفصل الثانى (¬5) وإعرابه جار مجرى إعراب الواحد، فى تعاقب الحركات الثلاث عليه، تقول: هؤلاء رجال وهنود، ورأيت رجالا وهنودا، ومررت برجال وهنود. ¬
الفرع الثانى: (فى أحكامه الكلية)
الفرع الثانى: (فى أحكامه الكلية) الحكم الأوّل: حرف إعرابه لا يخلو أن يكون: ما كان حرف إعراب واحده، نحو: رجل ورجال، ودار ودور. أو ما كان حشوا فى واحده، نحو: غضبان وغضاب. أو حرفا زائدا لم يكن فى واحده، نحو: غزال وغزلان، وعبد وعبدان. الحكم الثّاني: الحروف التي تزاد في جمع التكسير سبعة: ستة منها مطّردة وهى: الهمزة، والألف، والتاء، والنون، والواو، والياء. وواحد غير مطرد وهو: الميم، في ملامح جمع لمحة، وإن كان في القياس جمع ملمحة (¬1). ومواضع زيادتهن: أولا، وحشوا، وآخرا. فالأول، نحو: أكلب، ومحاسن. والحشو، نحو: جمال، وكعوب، وعبيد. والآخر، نحو: صبيان، وعمومة. الحكم الثّالث: لا يخلو - على اختلاف أوزانه - أن يكون لفظه مساويا للفظ واحده؛ عدة، وحركة، وسكونا، أو مخالفا له. فالمساوي، نحو: الفلك للواحد والجمع، وفي التنزيل * الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * * (¬2) و: * حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ ... * (¬3) فالأول واحد، والثاني جمع، وكذلك ناقة هجان، ونوق هجان (¬4)، ويفرق بينهما بالقرينة. وأما المخالف في الحركة: فلا يخلو أن يكون مخالفا له في اللفظ أو في الحركة، فالمخالف في الحركة نحو: أسد وأسد، وسقف وسقف، والمخالف في اللفظ لا يخلو أن يكون: أكثر منه، أو أقلّ، فالأكثر، نحو ¬
فرس وأفراس، ومسجد ومساجد، والأقل، نحو: كتاب وكتب، ورسول ورسل الحكم الرابع: قد أقيم الاسم المفرد مقام الجمع: ويكون من لفظ واحد، ومن غير لفظه، نحو: نفر، ورهط، وقوم و، ركب. وأوقعوا الاسم الّذي فيه علامة التأنيث علي الواحد والجميع بلفظ واحد، نحو: البهمى والطّرفاء (¬1)، وكذلك وصفوا الجمع بصفة الواحدة المؤنثة حملا علي اللّفظ، كقوله تعالى: * أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ * (¬2). الحكم الخامس: جمع تكسير علي ضربين: جمع قلة، وجمع كثرة فجمع القلة ستة أبنية: أفعلة، وأفعل، وأفعال، وفعلة، وفعلة عند بعضهم، (¬3) وجمع الصحة ((¬4) نحو: أحمرة، وأكلب، وأجمال، وصبية، وكفرة، والزيدون والهندات وما عدا هذه الأوزان فهو جمع كثرة. والقليل: عبارة عمّا لا يتجاوز العشرة، والكثير ما تعدّاها (¬5)، وقد استعمل بعضها موضع بعض كقوله تعالى: * وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ * (¬6) وقوله: * إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ .. (¬7) ¬
الحكم السادس: بعض الأسماء تجمع جمع قلة، وجمع كثرة، نحو: كعب وأكعب وكعاب، وجمل وأجمال وجمال، وبعضها يجمع جمع قلّة، ولا يجمع جمع كثرة؛ استغناء بالقلة عنها، نحو: رسن وأرسان، وفخذ وأفخاذ، ورجل وأرجل. وبعضها يجمع جمع كثرة ولا يجمع جمع قلّة، نحو: جرح وجروح، وشسع وشسوع، وسبع وسباع. الحكم السابع: جمع التكسير علي أربعة أضرب: الأول: أن يكون فرعا علي الواحد لفظا ومعنى، نحو: رجل ورجال، فرجال تابع لرجل في لفظه ومعناه. الثانى: أن يكون فرعا علي الواحد لفظا لأحكما، نحو رجلة في جمع رجل، فرجلة اسم مفرد وضع للجمع (¬1)، وليس تابعا لرجل، وإن كان من حروفه. الثالث: أن يكون فرعا عليه حكما لا لفظا، نحو: مشابه ومحاسن في جمع مشبه ومحسن تقديرا. الرابع: أن يكون غير تابع له لفظا ولا حكما نحو: نسوة في جمع امرأه فإنّ لفظ" نسوة" ليس من لفظ" امرأة" وهو جار علي حكم الأفراد. الحكم الثامن: المحذوف من الكلمة في حال الأفراد يردّ عند جمع التكسير، وذلك قولهم في جمع شفة ويد وشاة واست: شفاه وأيد وشياه وأستاه، ألا ترى أنّ الهاء المحذوفة من شفة وشاة واست والياء المحذوفة من يد عادتا في الجمع، فإن تقدير أيد أيدي، فعملت بها ما عملته (¬2) بالمنقوص. الحكم التاسع: قد جمعوا بعض الجموع، وهو مسموع لا يقاس عليه ومن حقه أن يخصّ بجمع القلة، ليبلغ به جمع الكثرة، وما جاء في جمع الكثرة فعلي مثال وقوع جمع الكثرة على القلة، فجمعوا أفعلا، وأفعلة وأفعالا وفعالا وفعلا وفعولا وفعلانا، فقالوا: أيد وأياد، وأسورة وأساور وأسورات، وأنعام وأناعيم، وجمال وجمائل وجمالات وطرق وطرقات، وبيوت وبيوتات، ومصران ومصارين. ¬
قال سيبويه (¬1): (وليس كل جمع يجمع، لم يقولوا في جمع برّ: أبرار)، والمبرد يركب القياس فيجيزه (¬2)، قال ابن السراج (كل بناء من أبنية الجموع ليس علي مثال مفاعل ومفاعيل إذا اختلفت ضروبه فجمعه عندى جائز، وقياسه أن ينظر إلي ما كان علي بنائه من الواحد، وعلي عدّته، فيكسّر علي مثال تكسيره (¬3)، فإنّ جمع الجمع يجئ علي نوعين: نوع يراد به التكثير فقط، ولا يراد به ضروب مختلفة، فلا يجوز جمعه، ونوع يراد به الضروب المختلفة، ولا يمتنع جمعه نحو: تمور وتمران، ونخيل وثمار، وسخال (¬4)، وصخور، وآكام (¬5). الحكم العاشر: الأسماء المفردة الواقعة على الجنس يكون في المخلوقات دون المصنوعات، كتمرة وشعيرة، وبرّة، فجمعه - في غالب الأمر - جنسه، وهو أن يسقط منه التاء فتقول: تمرة وتمر، وشعيرة وشعير، وبرّة وبرّ، وبقرة وبقر، وحمامة وحمام، ولا مذكّر مفرد له، فإذا أرادوا تذكيره وصفوه على تأنيثه بالتذكير فقالوا حمامة ذكر، وبطة ذكر (¬6). قال الأصمعى: جميع الحيوانات من هذا الجنس وجدت له مذكرا بغير تاء إلا الحيّة (¬7)، فإذا حذفت التاء من الأسم ذكّر وأنّث، كقوله تعالى: ¬
* جَرادٌ مُنْتَشِرٌ * (¬1) فذكّر، و * السَّحابَ الثِّقالَ * (¬2)، فأنّث. وقد شبهوا المصنوعات بالمخلوقات، فقالوا: لبنة ولبن، وسفينة وسفين. كما شبهوا المخلوقات بالمصنوعات، فقالوا: طلحة وطلاح، وصخرة وصخور وتشبيها بجفنة وجفان، وبدرة وبدور، وقد أجروا باب: زنجيّ وزنج، وتركيّ وترك، مجري باب تمرة وتمر، ففرقوا بين الواحد والجنس بياء النسب. الحكم الحادي عشر: قد خصّوا أمثلة من الجمع باسم الجمع، ولم يجعلوها جمعا، نحو: صحب، وأدم، وعمد، وغزيّ، وكليب، وظؤار، فى جمع صاحب (¬3)، وأديم وعمود، وغاز، وكلب، وظئر (¬4). وفائدة ذلك: أنها إذا صغّرت حوفظ على لفظها، وإن أفادت جمع الكثرة، فيقال: صحيب، وأديم، وعميد، ونحو ذلك (¬5). ومن هذا الباب عند الخليل: الباقر والجامل فى جمع: بقر وجمل (¬6). الحكم الثانى عشر: من الأسماء ما يجمع علي معناه دون لفظه وهو ثلاثة أضرب: الأوّل: فعلى، نحو: مريض ومرضى، وهالك وهلكى، وميّت وموتى وأحمق وحمقى، فشبهوه بجريح وجرحي؛ لاشتراكهما فى الآفة، وإنما قياس ¬
مريض مراض (¬1). وميّت أموات، قال الخليل (¬2): إنما قالوا: مرضي وهلكى؛ لأن المعني معنى مفعول، ولم يجئ مطردا فقالوا: مراض وسقام وقالوا: مرضى، ولم يقولوا: سقمى، فأجروه فى أمثلة، ومنعوه من غيرها، قال المبرد: ولو قالوه جاز (¬3). الثانى: فعالى، نحو: حيران وحيارى، وأيّم وأيامى، وحذر وحذارى، وقد جاء منه فى كلامهم كثير (¬4). الثالث: فعالى بالضّمّ، نحو: أسير وأسارى، شبهوه بكسالى وسكارى وهو قليل (¬5). الحكم الثالث عشر: إذا كان الشيئان كل واحد منهما بعض شئ ليس فيه مثله ولا يفرد منه جاز أن يجئ بلفظ الجمع (¬6)، كقوله تعالى: * إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما (¬7) وقوله تعالى: * وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما * (¬8) ¬
وزعم يونس أنهم يقولون: غلمانهما، وإنما هما اثنان (¬1). وقد يجئ مثنّى على الأصل، فى قوله (¬2): ظهراهما مثل ظهور التّرسين. فجمع اللّغتين (¬3) وقد يجئ مفردا كقوله: كأنّه وجه تركيّين قد رميا (¬4). ¬
وقالوا (¬1): لقاحان سوداوان، ولقاح جمع لقحة، كأنهم جعلوه بمنزلة قطيع. وعلى هذا جاء قوله: بين رماحي مالك ونهشل (¬2). لأنه قصد رماح هؤلاء ورماح هؤلاء، ولو قال: بين رماح مالك ونهشل لم يدل ظاهر اللفظ على اختلاف (القبيلين) (¬3) وكونهما طائفتين. الحكم الرابع عشر: ما كان من الأسماء الأعجمية على مثال مفاعل ألحقوا في جمعه الهاء غالبا، نحو: طيلسان وطيالسة (¬4)، وجورب وجواربة، ونظيره في العربي صيقل وصياقلة، وصيرف وصيارفة، ومثله ما أرادوا به النسب نحو المهالبة والأشاعرة في النسب إلى المهلّب والأشعريّ، وقد جاء هذا الجمع فيما اجتمع فيه النسب والعجمة [نحو: السيابجة والبرابرة، فقد انضم إلى العجمة (¬5)] التي في السيابجة النسب الذي في المهالبة. الحكم الخامس عشر: قد شذت ألفاظ من الجمع عن القياس، وذلك أن الجمع على ضربين: ضرب يكون جاريا على المفرد جريا مطردا وهو أكثر أمثلة الجموع. وضرب يكون لمفرد في التقدير غير مستعمل في اللفظ، فيستغنى [بجمعه (5)] عن جمع الملفوظ به وليس بالكثير نحو قولهم: باطل وأباطيل، وحديث وأحاديث، ورهط وأراهط، وليلة وليال، وشبه ومشابه، وحاجة وحوائج، وضرّة وضرائر، وذكر ومذاكير، ولمحة وملامح، وشمال وشمائل، وكروان ¬
وكروان (¬1)، وأمثلة من هذا النوع تكاد تحصر (¬2)، وهي جمع لم ينطق بواحده، فكأنّ أباطيل جمع إبطال أو إبطيل، وأحاديث جمع إحداث، وأراهط جمع أرهط، وليال جمع ليلات (¬3)، ومشابه جمع مشبه وكذلك باقي الأمثلة. ¬
الفصل الثانى (أمثلة جموع الأوزان)
الفصل الثانى (أمثلة جموع الأوزان) وفيه ثلاثة أقسام: القسم الأول في الثلاثىّ وفيه فرعان الفرع الأول في جمع الأسماء منه وهى صنفان: مذكّر ومونّث. الصنف الأول: في المذكر وهو عشرة أضرب: الضرب الأول: فعل؛ بفتح الفاء وسكون العين، ويجمع في القلة علي أفعل، نحو فلس، وصكّ، وأفلس وأصكّ، وظبي وأظب، ودلو وأدل (¬1). فأما المعتلّ الفاء والعين فليس بابه، وقد جاء منه: أوجه، وأعين، وأثوب، وغيرها ويجمع علي أفعال نحو: زند وأزناد، وجدّ وأجداد، ويكثر في المعتل الفاء والعين، نحو: وقت وأوقات، وبيت وأبيات، وثوب وأثواب. وعلى أفعلة، قالوا: نجد وأنجدة: قال شيخنا (¬2): «وعندي أنه جمع الجمع كأنه جمع نجاد (¬3)» ونجاد جمع نجد. وعلى فعلة ساكنة العين، قالوا: ثور وثيرة (¬4). ويجمع في الكثرة على فعال، نحو: كلب وكلاب، وضبّ وضباب ويكثر فيما عينه واو نحو، ثوب وثياب. وعلى فعول، نحو: فلس وفلوس، وحدّ وحدود، ويكثر فيما عينه ياء، نحو: بيت وبيوت، وقد كسروا أوّل معتلّه، نحو: بيوت وخيوط، وقد جاء فيما ¬
عينه واو قليلا، قالوا: فوج وفووج (¬1). وفعال فى هذا الضرب أكثر من فعول، وقد يجتمعان فيه، نحو: كعاب وكعوب. وعلى فعيل، قالوا: كلب وكليب (¬2)، وعبد وعبيد. وعلى فعلان، نحو: جحش وجحشان، وثور وثيران. وعلى فعلان، نحو: ظهر وظهران. وعلى فعولة، نحو: فحل وفحولة، وعمّ وعمومة، وخيط وخيوطة. وعلى فعالة، نحو: بغل وبغالة. وعلى فعلة - بكسر الفاء وفتح العين - نحو: فقع وفقعة، وثور وثيرة (¬3). وعلى فعل كالذى قبله، قالوا: سمّ وسمم، وقيل: إنما هى سممة ثم حذفت منه التاء (¬4). وعلى فعل - بضم الفاء وسكون العين - قالوا: لحد ولحد. وعلى فعال [قالوا (¬5)]: عرق (¬6) وعراق (¬7)، وقيل: هما اسم للجمع؛ فلا يقاس عليه. وعلى فعل، نحو: سقف وسقف، ورهن ورهن. والمعتل الفاء كالمعتل العين فى القلة، وكالصحيح في الكثرة، نحو: وسم وأوسام ووسوم. ¬
الضرب الثانى: فعل بفتح افاء والعين،
والمعتل اللام كالصحيح، نحو: ظبى وظباء، ودلو ودلاء، وتقول: دلو ودلىّ، فتقلب الواو ياء، وقالوا: نحو ونحوّ، فلم يقلبوا، والقلب أكثر، وقد يكسر صدره [فيقال (¬1)]: دلىّ، ونحىّ، فأما قسىّ فكأنه جمع قسو فى التقدير لا قوس. الضرب الثانى: فعل بفتح افاء والعين، ويجمع في القلة على أفعال مطردا، نحو: جمل وأجمال، ومال وأموال، وعصا وأعصاء، وعلى أفعل، نحو: جبل وأجبل وعصا وأعص، ويكثر فى المؤنث، نحو: دار وأدور، وساق وأسوق. وعلى أفعلة، نحو: باب وأبوبة، ورحى وأرحية، وهو قليل، وليس بابه وقيل: هو جمع الجمع (¬2). وعلى فعلة - بكسر الفاء وسكون العين، نحو: قاع وقيعة. ويجمع فى الكثرة على فعال، نحو: جبل وجبال. وعلى فعول، نحو: أسد وأسود، وعصا وعصىّ، بضم العين وكسرها وفعال فيه أكثر من فعول (¬3). وعلى فعالة، نحو: حجر وحجارة. وعلى فعولة، نحو: ذكر وذكورة. وعلى فعلان، نحو: برق وبرقان، وتاج وتيجان،. وعلى فعلان، نحو: حمل وحملان. وعلى فعل - ساكن العين - نحو: أسد وأسد. وعلى فعيل، نحو: معز ومعيز، وبقر وبقير. وعلى فاعل - قالوا: جمل وجامل، وبقر وباقر. وعلى فعلى - وهو شاذ - قالوا: حجل وحجلى (¬4). ¬
الضرب الثالث: فعل - بفتح الفاء وكسر العين
وعلى فعل - بضم الفاء والعين - قالوا: أسد وأسد، وربما اقتصروا فى هذا الوزن على جمع القلة، قالوا: رسن وأرسان، وقد جاء: أرسن (¬1). الضرب الثالث: فعل - بفتح الفاء وكسر العين: ويجمع فى القلة على أفعال مطردا، نحو: كبد وأكباد، وفخذ وأفخاذ وعلى أفعل شاذا، قالوا: كبد وأكبد. ويجمع فى الكثرة على فعول، نحو: نمر ونمور، ووعل ووعول. وعلى فعل - بضم العين، نحو: نمر ونمر، وقد خففوا الضمة فقالوا: نمر (¬2). وعلى فعال - بالكسر والضم، قالوا: رخل ورخال، وقيل: إنه اسم الجمع (¬3)، وقلما يتجاوزون بهذا الضرب جمع القلة (¬4). الضرب الرابع: فعل بفتح الفاء وضم العين. ويجمع فى القلة على أفعال مطردا، نحو: عضد وأعضاد، وعجز وأعجاز وعلى أفعل شاذا قالوا: ضبع وأضبع. ويجمع في الكثرة علي فعال مطردا، نحو: رجل ورجال وسبع وسباع. وعلى فعلة - بوزن قصعة - شاذا، قالوا (¬5): رجل ورجلة (¬6)، وقيل: هو اسم الجمع (¬7). وقد يستغنى فى هذا الضرب بجمع القلة عن الكثرة وبجمع الكثرة عن القلة، قالوا: الأعجاز والأعضاد ولم يتجاوزوه، وقالوا: ¬
الضرب الخامس: فعل - بكسر الفاء وسكون العين
الرّجال والسّباع، ولم يتجاوزوه، وهذا الضرب أقلّ من الّذي قبله (¬1). الضرب الخامس: فعل - بكسر الفاء وسكون العين: ويجمع فى القلة على أفعال مطردا، نحو: حمل وأحمال، وجيد وأجياد، وعلى أفعل قليلا، نحو: ذئب وأذؤب، وقالوا: ضرس وأضرس، وقدح وأقدح. ويجمع فى الكثرة على فعول، نحو: حمل وحمول، وديك وديوك. وعلى فعال، نحو: زقّ وزقاق، وبئر وبئار. وعلى فعال - بالضم - قالوا: ظئر وظؤار، وقيل: هو اسم الجمع (¬2). وعلى فعله، بكسر الفاء وفتح العين" نحو: قرد: وقردة، وديك وديكة. وعلى فعلان، بالضم، نحو: ذئب وذؤبان، وعلي فعلان، بالكسر، نحو: صنو وصنوان. وعلي فعيل قالوا: ضرس وضريس وربما اقتصر في هذا الباب علي جمع القلة نحو: شبر وأشبار، وطمر وأطمار (¬3)، ورجل وأرجل. وربما اقتصروا فيه علي الكثير قالوا: شسع (¬4) وشسوع. الضرب السادس: فعل، بكسر الفاء وفتح العين. ويجمع في القله على أفعال مطردا نحو ضلع وأضلاع وقمع وأقماع وعلى أفعل شاذا، قالوا ضلع وأضلع. ويجمع في الكثير علي فعول نحو: ضلوع، وهو قليل، لأنهم قلّما يتجاوزون فيه جمع القلّة. الضرب السابع: فعل، بكسر الفاء والعين،: نحو إبل، وجمعه: آبال، استعنوا به عن جمع الكثرة، لقلّته، [وقال غير ¬
الضرب الثامن: فعل، بضم الفاء وسكون العين
سيبويه: إطل وبلز.] (¬1) الضرب الثامن: فعل، بضم الفاء وسكون العين ويجمع في القلّة علي أفعال مطردا، نحو: برد وأبراد، ومدّ وأمداد وعود وأعواد، وظبي وأظباء، (¬2) وعضو وأعضاء، واختلفوا في جمد - اسم جبل (¬3) -؛ فسيبويه (¬4) رواه ساكن الميم (¬5)، وغيره ضمّها (¬6)، وجاء في الشعر مضموما (¬7)، وجمعه: أجماد في اللغتين، وعلي أفعلة قالوا: سرّة وأسرّة، وهو ما يقطع من سرة الإنسان، وقيل: هى العكن (¬8)، وعلي أفعل شاذا قالوا ركن وأركن. ويجمع في الكثرة علي فعول نحو: برد وبرود. وعلي فعال نحو: قرط وقراط، وعشّ وعشاش. وعلي فعلة، بكسر الفاء وفتح العين، نحو: جحر وجحرة. ¬
الضرب التاسع: فعل، بضم الفاء وفتح العين،
وعلي فعل - ساكن العين، نحو فلك - للواحد والجمع (¬1) - إلا أن ضمة فاء الواحد غير ضمة الجمع في التقدير وقيل: هو اسم جمع. (¬2) وعلي فعلان نحو: كوز وكيزان، ويختص بالمعتل العين، وقد جاء في الصحيح قالوا: حشّ وحشّان، وعلي فعلان بالضم، قالوا حشّ وحشّان. وقد اقتصروا في هذا الضرب علي القلة فلم يتجاوزوه (¬3)، قالوا: جزء وأجزاء، وشفر وأشفار، واقتصروا فيه علي جمع الكثرة قالوا: جرح وجروح، ولم يقولوا: أجراح (¬4)، قاله سيبويه (¬5)، وقد جاء شاذا في الشعر (¬6). الضرب التاسع: فعل، بضم الفاء وفتح العين، ويجمع في القلة علي أفعال مطردا نحو: رطب وأرطاب، وربع وأرباع، وليس بالكثير، ويجمع في الكثرة علي فعلان مطردا، نحو صرد وصردان، وجرذ وجرذان (¬7). وعلي فعال نحو: ربع ورباع. الضرب العاشر: فعل بضم الفاء والعين: ويجمع في القلّة والكثرة علي أفعال مطردا، نحو طنب وأطناب، وأذن وآذان، وعلي فعلة مثل: عنبة شاذا، قالوا: طنب وطنبة. ¬
الصنف الثانى (في المؤنث بالتاء)
الصنف الثانى (في المؤنّث بالتاء) وهو تسعة أضرب وخاتمة: الضرب الأول: فعلة، بفتح الفاء وسكون العين: ولا يجمع في القلة إلا جمع الصحة مفتوح العين، نحو جفنة وجفنات، وقد سكنت في الشعر (¬1). ويجمع في الكثرة علي فعال نحو: جفنة وجفان، وروضة ورياض، ظبية وظباء، وركوة وركاء. وعلي فعول نحو: بدرة، وبدور، وعلي فعل، بكسر الفاء وفتح العين نحو هضبة وهضب، وخيمة وخيم، وكوّة وكوى (¬2). وعلي فعل، بضم الفاء وفتح العين، نحو: غرضة (¬3) وغرض وقرية وقري ودولة ودول، وقد يقتصر علي بعض هذا الضرب بالألف، والتاء، وقالوا: جدية وجديات. الضرب الثانى: فعلة، بفتح الفاء والعين. ويجمع في القلّة بالألف والتاء، نحو: رقبة ورقبات، وعلي أفعل، نحو: أكمة وأكم ويجمع في الكثيرة علي فعال نحو: رقبة ورقاب، وناقة ونياق. وعلي فعل ساكن العين، نحو: بدنة وبدن، وناقة ونوق، وعلي فعلان بكسر الفاء، نحو: أمة، وإموان، وعلي فعل، بكسر الفاء وفتح العين، نحو: قامة وقيم، وتارة وتير (¬4) الضرب الثالث: فعلة، بفتح الفاء وكسر العين، ¬
الضرب الرابع: فعلة، بفتح الفاء وضم العين
ولا يجمع في القلة إلا بالألف والتاء، نحو: معدة ومعدات، ويجمع في الكثرة علي فعل، بكسر الفاء وفتح العين، نحو: نقمة ونقم. الضرب الرابع: فعلة، بفتح الفاء وضم العين: ولا يجمع إلا جمع الصحة نحو: صدقة وصدقات. الضرب الخامس: فعلة، بكسر الفاء وسكون العين ويجمع في القلة جمع الصحة، نحو: سدرة وسدرات، وعلي أفعل، نحو: نعمة وأنعم، وشدّة وأشدّ، وفي الكثرة علي فعل، نحو: كسرة وكسر، وقدّة وقدد، وفرية وفرى، ورشوة ورشى (¬1) الضرب السادس: فعلة، بكسر الفاء وفتح العين: ولا يجمع إلّا جمع الصّحّة، نحو: عنبة وعنبات، فأما عنب فهو جنس لها. وقد تقدّم ذكره (¬2)، وسنعيده (¬3). الضرب السابع: فعلة؛ بضم الفاء وسكون العين. ويجمع في القلّة جمع الصّحّة نحو: ظلمة وظلمات وقد ذكرناه. (¬4) وفي الكثرة علي فعل، نحو ظلمة وظلم وكبّة وكبب، ودولة، ودول، ومدية ومدي. وعلي فعال نحو: ظلّة وظلال، وقبّة وقباب. الضرب الثامن: فعلة، بضم الفاء وفتح العين، ويجمع جمع الصّحّة، نحو: تخمة وتخمات، وعلي فعل نحو: تهمة وتهم فأما رطب فليس جمعا لرطبة، وإنما هو جنسها. (¬5) الضرب التاسع: فعلة، بضم الفاء والعين: ويجمع إلا جمع الصّحّة، نحو رخصة ورخصات. ¬
خاتمة كل ما فيه هاء التأنيث من هذه الأوزان فإنك إذا حذفتها منه صار جنسا لها،
خاتمة كلّ ما فيه هاء التأنيث من هذه الأوزان فإنك إذا حذفتها منه صار جنسا لها، وقد ذكرناه (¬1) وهو جار في جميعها، نحو: تمرة وتمر، وبقرة وبقر، ونبقة ونبق، وسمرة وسمر، وسدرة وسدر، وعنبة وعنب، ودخنة ودخن، ورطبة ورطب. وقد أجروا المصنوعات فيه مجرى المخلوقات، وما كانت فيه الأسماء المحذوفه فإنه يجمع جمع الصّحّة، نحو هنة وهنات، وفئة وفئات، وربمّا ردّوا المحذوف، فقالوا: هنوات. ¬
الفرع الثانى في جمع الصفات من هذه الأوزان الثلاثية
الفرع الثانى في جمع الصفات من هذه الأوزان الثلاثية تكسير الصفة ليس بالقويّ في القياس؛ لأنّ لها نظرا إلي الفعل، ولذلك تحملت الضمير مثله، فإذا جمعت الصفات فبحكم ما فيها من الاسمية، ولم يتوسعوا في جمعها، كما توسعوا في جمع الأسماء، قال ابن السّرّاج: (متى احتجت إلي تكسير صفة لم تعلم أنّ العرب كسّرتها فكسّرها تكسير الأسماء التي هى علي بنائها (¬1)؛ لأنها أسماء وإن كانت صفات، والضرورة تقع في الشّعر، فأمّا إذا احتجت إلي ذلك في الكلام فاجمع بالواو والنون، وبالألف والتّاء، إلّا أن تعلم أنّ العرب قد كسّرت (¬2) من ذلك شيئا فتكسّره عليه (¬3). وقد أوردنا ما جمع منها في عشرة أضرب: الضرب الأول: فعل يجمع في القلّة جمع الصّحّة، نحو: صعب وصعبون (¬4) وصعبات، وعلي أفعل، إذا كان له إلي الأسميّة نظر، نحو: عبد وأعبد، وعلي أفعال شاذا، قالوا: شيخ واشياخ (¬5). وعلي فعلة ساكن العين، قالوا: شيخ وشيخة. ويجمع في الكثرة علي فعال، نحو: صعب وصعاب. وعلي فعول، نحو كهل وكهول (¬6). وعلي فعل، بضم الفاء وسكون العين، نحو: رجل كثّ، ورجال كثّ، وفرس ورد وخيل ورد. وعلي فعلان، بالكسرة، إذا كان له إلي الاسمية نظر، نحو عبد وعبدان. وشيخ وشيخان، وعلي فعلان، بالضم شاذا، قالوا: وغد ووغدان وقالوا وغدان بالكسر. وعلي فعيل، قالوا: عبد وعبيد حيث أشبه الأسماء. ¬
الضرب الثانى: فعل
وعلي فعلّان، بكسر الفاء وتشديد اللام، نحو عبد وعبدّان. وعلي فعلّا، بالكسر والتشديد، نحو عبد وعبدّا، ويمدّ ويقصر. وعلي مفعّلة، نحو: شيخ ومشيخة، وعبد ومعبدة. وعلي مفعولاء، قالوا: مشيوخاء ومعبوداء. ومؤنّث هذا الضّرب يجمع على فعال، نحو: عبلة، وخدلة وخدال، وجمعوه جمع الصّحّة لكنّهم حرّكوا عينه، فقالوا: ربعة وربعات، لأن ربعة تقع على الرجل والمرأة (¬1). وقالوا: شاة لجبة (¬2)، وشياه لجبات، ومن العرب من يقول فى واحده: لجبة بالفتح (¬3). الضرب الثانى: فعل: يجمع فى القلة جمع الصّحّة، نحو: حسن وحسنون، ونساء حسنات. وعلى أفعال قليلا قالوا: بطل وأبطال (¬4). وفى الكثرة على فعال للمذكر والمؤنث، نحو: حسن وحسان، وحسنة وحسان، وعلى فعلان بالضم، قالوا: خلق وخلقان، وربما اقتصروا فيه على جمع الصّحّة، قالوا: رجل صنع وقوم صنعون (¬5). الضرب الثالث: فعل: ويجمع فى القلة جمع الصّحّة مطّردا، كقولك: حذر وحذرون وحذرات، (وعلى أفعال قليلا، نحو: نكد وأنكاد) (¬6) وفى الكثرة على فعال ¬
الضرب الرابع: فعل
نحو: عجل وعجال، ورجل (¬1) ورجال، وعلى فعالى وفعلى قليلا، قالوا حبط (¬2) وحباطى، وزمن (¬3) وزمنى. الضرب الرابع: فعل: ويجمع جمع الصحة، نحو: يقظ ويقظون ويقظات، وعلى أفعال، نحو: يقظ وأيقاظ، ونجد وأنجاد، وهو قليل (¬4). الضرب الخامس: فعل: ويجمع جمع الصحة، نحو: نضو (¬5)، ونضوون ونضوات، وعلى أفعال، نحو: جلف وأجلاف، وعلى أفعل، نحو: أجلف عند بعض العرب (¬6). ومؤنّثه يقتصر فيه على جمع الصحة، وقالوا: علجة وعلج. الضرب السادس: فعل: ويجمع فى القياس على أفعال؛ حملا على مثاله من الأسماء، نحو: سوى وأسواء. الضرب السابع: فعل، بكسر الفاء والعين، قالوا: امرأة بلز - للضّخمة (¬7)، والجمع جمع الصحة: بلزات. الضرب الثامن: فعل: ويجمع جمع الصّحّة، نحو: حلو وحلوون وحلوات، وجدّ وجدّون وجدّات، للعظيم الجدّ، قال ابن السّرّاج: (هو العظيم البطن) (¬8)، لا ¬
الضرب التاسع: فعل
يجمعونه (¬1) إلا جمع الصحة (¬2)، وعلي أفعال قليلا، قالوا: مرّ وأمرار (¬3). الضرب التاسع: فعل: ولا يجمع إلا جمع الصحة، نحو: حطم وحطمون وحطمات، الضرب العاشر: فعل: وقلّما يستعمل صفة (¬4)، ويجمع جمع الصّحّة كثيرا، نحو: جنب وجنبون، وقد يقع واحده على الجمع، وقالوا: شلل وشللون وهو الخفيف فى الحاجة، ولم يتعدوا بشلل جمع الصحة (¬5)، وبعض العرب يقول: جنب وأجناب (¬6). ¬
القسم الثانى فى الرباعى وما هو بعدته
القسم الثانى فى الرباعى وما هو بعدّته وفيه فرعان: الفرع الأول: فى جمع الأسماء وفيه ثلاثة أصناف: الصنف الأول: فى الرباعى: وهو خمسة أوزان عند سيبويه (¬1)، وزاد الأخفش سادسا (¬2)، وكلّها تجمع على فعالل نحو: جعفر وجعافر، وزبرج وزبارج، وبرثن وبراثن، ودرهم ودراهم، وقمطر وقماطر، وجندب وجنادب، وقد زاد بعضهم قبل الحرف الأخير ياء، نحو: براثين ودماميل (¬3)، وكذلك باقى الأوزان إلّا فى قمطر وبابه فلم يزيدوا فيه الياء، حكى ذلك الكوفيون (¬4)، ويجرون الزيادة فيما كان بعدّته ولم يجمعوا شيئا من هذا القسم جمع قلة؛ لكيلا يذهب بعض حروفه، فيلتبس الرباعىّ بالثلاثىّ (¬5)، إلا ما كان منها للآدمىّ، فإنه يجمع جمع الصّحّة، نحو: جعفرون. ¬
الصنف الثانى فى الملحق به
الصنف الثانى فى الملحق به وقد ألحقت العرب الثلاثىّ بالرباعىّ بتضعيف العين، واللام، وبالواو والياء، والألف، والهمزة، والنون، والتاء، والميم، كما ستراه مشروحا فى باب الأبنية (¬1) والتصريف (¬2). وجميع أمثلة هذا الصنف يجمع كالرباعىّ على فعالل، نحو: سلّم وسلالم ومهدد ومهادد، وجوهر وجواهر، وصيرف وصيارف، وأرطى وأراط فيمن قال: مأروط (¬3)، وشمال (¬4) وشمائل، وعلجن (¬5) وعلاجن. وترتب (¬6) وتراتب، وزرقم (¬7) وزراقم، وما وافق هذه الأوزان في الحركة والسكون فكذلك نحو: مسجد ومساجد، ومطلب ومطالب، ومدهن ومداهن، ومدخل ومداخل، ومسنّ ومسانّ. وكذلك ما دخلته التاء، نحو: مكرمة ومكارم، ومشربة ومشارب ومروحة ومراوح. وقولنا في هذا الصنف: يجمع علي فعالل فيه تسامح؛ لأنه يجيء منها فواعل، وفياعل، وفعاول، وفعائل، وغير ذلك (¬8)، وإنما أردنا بالتمثيل الوزن لا الصّورة، ولذلك مثّله بعضهم (¬9) بمفاعل، وفعالل أولى. ¬
الصنف الثالث: ما كان على أربعة أحرف غير ملحق
الصنف الثالث: ما كان على أربعة أحرف غير ملحق وهو سبعة أبنية: وفيه ثمانية أضرب: الضرب الأول: فاعل: ويجمع فى القلة على أفعلة، نحو: واد وأودية، وعلى أفعال إذا كان له نظر إلى الوصفية، نحو: صاحب وأصحاب. وفي الكثرة: على فعال، نحو: صاحب وصحاب، وراع ورعاء، وهذا - وإن كان صفة فى الأصل - فإنّه قد استعمل استعمال الأسماء حتّى غلبت عليه. وعلى فواعل، نحو: كاهل وكواهل، وغارب وغوارب، وخالد وخوالد. وقد أجروا ما كان منه مفتوح العين مجراه، قالوا: خاتم وخواتم، وطابع وطوابع. وعلى فعلان - بالضم، نحو: راكب وركبان، وحائر وحوران، وعلى فعلان - بالكسر نحو: حائط وحيطان، وجانّ وجنّان. وربما اجتمع الضم والكسر، والضم أكثر، قالوا: حوران (¬1) وحيران، وعلى فعالة - بالفتح نظرا إلى الوصفية - نحو: صاحب وصحابة، وقيل: هو اسم الجمع (¬2)، وحكى الكوفىّ كسر الصاد (¬3). الضرب الثانى: فعال، بالفتح، ويجمع مذكره فى القلة على أفعلة، نحو: فدان وأفدنة وزمان (¬4) وأزمنة، ومؤنثه على أفعل، نحو: عناق وأعنق. ويجمع مذكّره فى الكثرة على فعل، نحو: فدان، وفدن، وقد يخفّف (¬5) وعلى فعلان - بالكسر - نحو: غزال وغزلان، وعلى فعائل، نحو: شمال وشمائل. ¬
الضرب الثالث: فعال، بالكسر.
ويجمع مؤنثه على فعول، نحو: عناق وعنوق، وما كان معتل اللام بالياء والواو اقتصروا فيه على جمع القلة، قالوا: عطاء وأعطية، وسماء وأسمية (¬1) - للمطر (¬2) - وربّما اقتصروا فى بعض الصحيح على جمع القلّة، ولم يستعملوا فيه الكثرة، قالوا: زمان وأزمنة، فإن كان معتلّ العين فقد حمل على فعال، وستراه (¬3). الضرب الثالث: فعال، بالكسر. ويجمع مذكره فى القلة على أفعلة، نحو: حمار وأحمرة، وعنان وأعنّة وسقاء وأسقية، ومؤنثه على أفعل، نحو: ذراع وأذرع، وقد جاء في المذكّر شاذا، قالوا: طحال وأطحل. ويجمع مذكّره فى الكثرة علي فعل، نحو: حمار وحمر، وقد يخفف (¬4) وعلى فعائل، نحو: شمال وشمائل، كأنها كسّرت على الزيادة فى شمالة. وعلى فعل - بفتح الفاء والعين -، نحو: إهاب (¬5) وأهب، والمعتل العين بالواو ويخفف، نحو: خوان (¬6) وخون، وبالياء يثقل، نحو: عيان وعين، وهو حديد يكون فى الفدان، ويخفف فتقلب ضمة (الفاء كسرة) (¬7) نحو: عيان وعين، والتثقيل لغة الحجاز، والتخفيف لغة تميم (¬8)، وفعال بالفتح يجرى مجراه نحو: عوار وعور، وسيال وسيل. والمعتلّ اللام لا يتعدّى به جمع القلّة، نحو: رشاء وأرشية، لما يؤدى إليه من واو أو ياء قبلهما ضمة حرفى إعراب، وقد يستغنى فيه بجمع الكثرة عن جمع القلة، نحو: كتاب وكتب، وجدار وجدر (¬9). ¬
الضرب الرابع: فعال - بالضم -.
الضرب الرابع: فعال - بالضم -. ويجمع مذكره في القلّة على أفعلة. نحو: غراب وأغربة (¬1)، وزقاق وأزقّة، وحوار وأحورة، وعلى فعلة، بكسر الفاء وسكون العين، نحو: غلام وغلمة، وهذا - وإن كان جمع قلّة - فإنهم إذا صغّروه أعادوه إلى أصله الّذى هو أغلمة، فقالوا: أغيلمة (¬2)، فاستغنوا بفعلة عن أفعلة (¬3). ويجمع مؤنّثه على أفعل، نحو: عقاب وأعقب. ويجمع فى الكثرة على فعلان [نحو: غلام وغلمان، وعلى فعلان (¬4)] محو: حوار وحوران، وربما اجتمع الضم والكسر، قالوا: حوران وحيران، وعلى فعل شاذا، قالوا: قراد وقرد، وذباب وذب، فأما سوار وسور فوافق الّذين قالوا فيه: سوار - بالكسر، كما اتّفقوا في الحوار والحوار (¬5). وعلى فواعل شاذّا قالوا (¬6): دخان ودواخن، وعثان (¬7) وعواثن. وقد يقتصرون فيه على جمع القلّة، نحو: فؤاد وأفئدة (¬8)، وعلى جمع الكثرة فى الغالب، نحو: قراد وقردان، وهذا يقوله من لم يقل فى جمعه: قرد (¬9). الضرب الخامس: فعيل: ويجمع مذكّره فى القلّة على أفعلة، نحو: رغيف وأرغفة، وسرير ¬
الضرب السادس: فعول، بفتح الفاء.
وأسرّة، وسرىّ وأسرية - للنهر -، وعلى فعلة، نحو: صبى وصبية فاستغنوا (به) (¬1) عن أصبية (¬2) وحكمه حكم غلمة فى التصغير (¬3). ويجمع مؤنّثه على أفعل، نحو: يمين وأيمن. ويجمع في الكثرة على فعلان، بالضم والكسر (¬4)،. نحو: كثيب وكثبان، وظليم وظلمان، وقد يجتمع الضم والكسر، قالوا: قضيب وقضبان وقضبان. وعلى فعل، نحو: رغيف ورغف، وسرير وسرر (¬5)، وبعضهم يفتح الراء وقد يخفّف إلا المضاعف؛ خوف الإدغام، وعلى فعل، بضم الفاء وسكون العين، قالوا: منىّ ومنى، وعلى فعل بفتح الفاء والعين، قالوا: أديم وأدم وقيل: إنّه اسم الجمع (¬6). وعلى فعال، نحو: فصيل وفصال نظرا إلى الصفة (¬7)، وعلي أفعلاء نحو: نصيب وأنصباء، وعلى فعائل قالوا: أفيل وأفائل، وهى حاشية الإبل، حيث قالوا في الواحد: أفيلة، فأشبه الصفة (¬8). الضرب السادس: فعول، بفتح الفاء. ويجمع فى القلّة على أفعلة، نحو: عمود وأعمدة، وخروف وأخرفة وعلى أفعال شاذا، قالوا: فلوّ وأفلاء (¬9)، ويجمع مذكّره فى الكثرة على فعلان ¬
الضرب السابع: أفعل
بالكسر، نحو: خروف وخرفان، وعتود وعدّان، وعلى فعل، نحو: عمود وعمد، وقيل: هو اسم الجمع (¬1) ويجمع مؤنّثه على فعل، نحو: قدوم وقدم، وقلوص وقلص، وقد يخفّف وهو قليل. وعلي فعال، نحو: قلوص وقلاص، وقيل: هو جمع قلوص بحذف الزائد (¬2). وعلى فعائل، قالوا: قلوص وقلائص، وقيل: هو جمع الجمع. الضرب السابع: أفعل: يجمع ما كان منه للآدمىّ بالواو والنون، نحو: أحمد وأحمدون وأسعد وأسعدون، وعلى أفاعل، نحو: أحمد وأحامد، وأفكل (¬3) وأفاكل، وأيدع (¬4) وأيادع. الضرب الثامن: ما لحقته تاء التأنيث من هذه الأوزان: فيجمع جمع الصّحّة، نحو: صاحبة وصاحبات، وغزالة وغزالات ورسالة ورسالات، وذؤابة وذؤابات وعلى فعل، نحو: صحيفة وصحف، وقد يخفّف. وعلي فعائل، نحو: حمامة وحمائم، ورسالة ورسائل، وذؤابة (¬5) وذوائب وصحيفة وصحائف. واعلم أنّ فعالا وفعالا وفعالا وفعيلا إذا كان شئ منها يقع على الجميع فواحده على بنائه، وتلحقه هاء التأنيث، نحو: دجاجة ودجاج، وربابة ورباب ومرارة ومرار، وسفينة وسفين (¬6). ¬
الفرع الثانى من القسم الثانى فى جمع صفاته
الفرع الثانى من القسم الثانى فى جمع صفاته: وفيه صنفان: الصنف الأول: في الرباعى والملحق به وأوزانهما (¬1) الستّة المقدّم ذكرها فى الفرع الأول (¬2) تجمع على فعائل نحو: سلهب (¬3) وسلاهب، وخضرم (¬4) وخضارم، وهجرع (¬5) وهجارع وقلقل (¬6) وقلاقل، وسبطر (¬7) وسباطر، ودخلل (¬8) ودخالل، وكذلك الملحق به وقد تقدمت أمثلته (¬9). والتسامح الذى قلناه فى فعالل هناك موجود فى فعائل هاهنا. وما كان من هذه الأوزان وصفا للآدمىّ جاز فيه جمع الصّحّة للمذكر بالواو والنون، وللمؤنث بالألف والتاء، نحو: شرجب (¬10) وشرجبون وشرجبات. ¬
الصنف الثانى ما كان منها علي أربعة أحرف غير ملحق
الصنف الثانى ما كان منها علي أربعة أحرف غير ملحق وهو اثنا عشر ضربا: الضرب الأول: فاعل. ويجمع في القلة جمع الصّحّة، نحو: ضارب وضاربون وضاربات وعلي أفعال شاذّا، قالوا: صاحب وأصحاب. ويجمع في الكثرة علي فعّل، نحو: شاهد وشهّد، ونازل ونزّل، وصائم وصوّم، وغاز وغزّى. وعلي فعّال، نحو: شاهد وشهّاد، وراكب وركّاب، وزائر وزوّار. وعلي فعول، نحو جالس وجلوس، وساكت وسكوت. وعلي فعال، نحو: جائع وجياع، ونائم ونيام، وعلي فعال، بالفتح قالوا: شاب وشباب، ولم يجئ غيره، وعلي فعلاء، نحو: عالم وعلماء وشاعر وشعراء، وعلي فعلان، نحو: شاب وشبّان، وراع ورعيان، وعلي فعل، نحو: خادم وخدم، وغائب وغيب، وقيل: هو اسم الجمع (¬1). وعلي فعلة، نحو كافر وكفرة، وحائك وحوكة، فصححوا العين، وبائع وباعة، فأعلوّا العين، وبعضهم يجعله جمع قلة (¬2). وعلي فعل، ساكن العيون، نحو: يازل وبزل، وعائد وعود، وعلي فعل، بالفتح وسكون العين، نحو صاحب وصحب وراكب وركب (¬3)، وقيل: هو اسم الجمع (¬4). وعلي فعلة، بالضم وسكون العين، نحو: صاحب وصحبة، وفاره وفرهة، وعلي فعلة، بالضم وفتح العين، قالوا: قاض وقضاة، غاز وغزاة وقد تحذف التاء في الشعر. (¬5) ¬
الضرب الثانى: فعيل
وعلى فعيل قالوا غاز وغزىّ،. وعلى فواعل لغير الآدمى نحو بازل (¬1) وبوازل، وقد شدّ منه فوارس (¬2) وهوالك (¬3) و: نواكس الأبصار (¬4) وغيرها (¬5). وما كان منه مؤنثا بعلامة وغير علامة جمع علي فواعل تقول فى ضاربة وحائض: ضوارب وحوائض، وعلى فعّل، بغير علامة، نحو: حائض وحيّض، وحاسر وحسّر. الضرب الثانى: فعيل: ويجمع فى القلّة جمع الصّحّة، نحو: ظريف وظريفون وظريفات. وعلى أفعلة، نحو: عزيز وأعزّة. وعلى أفعال، نحو: يتيم وأيتام وكمىّ وأكماء (¬6). وعلى فعلة، نحو: خصىّ وخصية. ¬
ويجمع فى الكثرة على فعلاء، نحو: فقيه وفقهاء. وعلى فعال، نحو: طويل وطوال (¬1) وقد يجتمعان فى الكلمة الواحدة، نحو: كريم وكرماء وكرام. وعلى أفعلاء ويختص بالمضاعف، نحو: شديد وأشدّاء، وغنىّ وأغنياء وقد قالوا: صديق وأصدقاء، حيث استعمل استعمال الأسماء (¬2) وعلى أفاعل، نحو: صديق وأصادق، وعلى فعل، نحو: نذير ونذر، وثنىّ وثن، وكان الأصل «ثنو»، فقلبت الواو [ياء] (¬3) وكسر ما قبلها (¬4) وعلى فعلان وفعلان، نحو: صبىّ وصبيان، وثنىّ وثنيان، وقد يجتمعان، قالوا: خصىّ وخصيان وخصيان. وعلى فعلة، بضم الفاء وفتح العين، نحو: كمىّ وكماة، وسرىّ وسراة (¬5). وهذا على حذف الزيادة. وعلى فعلة، بفتحهما، نحو: سرىّ وسراة، ولا يعرف غيره (¬6)، وقيل: هو اسم الجمع (¬7). وعلى فعول، نحو: ظريف وظروف، كأنه جمع ظرف بعد حذف الزائد (¬8) وما لحقه تاء التأنيث جمع على فعال وفعائل، نحو: ظريفة ¬
الضرب الثالث: فعال، بضم الفاء،.
[وظراف (¬1)]، وظرائف، وخليفة وخلائف، فأما خلفاء فجمع خليف (¬2). ولم يجمع فعيلة على فعلاء إلا فقيرة وسفيهة (¬3)، قالوا: ففقراء وسفهاء (فاستوى) (¬4) فيهما المذكّر والمؤنّث، فأما فعيل - بمعنى مفعول - فيستوى فيه المذكّر والمؤنّث، ولا يجمع جمع صحّة. ويكسّر على فعلى، نحو: جريح وجرحى، وقتيل وقتلى، وعلى فعال، نحو مريض ومراض. وعلى فعلاء، بالمد نحو أسير وأسراء، قال سيبويه (¬5): وسمعنا من يقول: قتلاء. والهاء تدخل في هذا على ما كان مقدرا قبل أن يقع به الفعل، فإذا وقع لم تدخله، تقول: هذه ذبيحة فلان، قبل أن تذبح، فإذا ذبحت، قيل: ذبيح وقالوا: رجل حميد، وامرأة حميدة، شبهوه برشيد ورشيدة (¬6). الضرب الثالث: فعال، بضم الفاء،. وهو فى جمعه بمنزلة فعيل غالبا، لتعاقبهما على الواحد (¬7)، نحو: طويل وطوال، وخفيف وخفاف، وشجيع وشجاع، فتقول في جمعه: شجعاء، وطوال وأخفّاء. الضرب الرابع: فعول، بفتح الفاء، ويجمع فى القلّة على أفعال، نحو: عدوّ وأعداء، وفى الكثرة على فعل للمذكّر والمؤنّث، نحو: صبور وصبر، وعجوز وعجز، وعلى فعلاء، نحو: ودود وودداء. حكاه ابن السّرّاج (7). ¬
الضرب الخامس: فعال، بفتح الفاء،
وعلى فعائل - للمؤنّث، نحو: عجوز وعجائز، ولا يجمع فعول جمع السلامة مذكّرا ولا مؤنّثا (¬1). ويستوى فى واحده المذكّر والمؤنّث، تقول: رجل صبور وامرأة صبور، فأما عدوّة فمحمول على صديقة (¬2). وقد جاء فعول للواحد والإثنين والجميع كقوله تعالى: * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ * (¬3) وقد حمل عليه فعيل، كقوله تعالى: * وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرُونَهُمْ * (¬4). الضرب الخامس: فعال، بفتح الفاء، ويجمع فى القلة على أفعال، نحو: جواد وأجواد، وفى الكثرة على فعلاء، نحو: جبان وجبناء. وعلى فعال، نحو (¬5): جواد وجياد، وعلى فعل ساكن العين، ويختص بالمعتل، نحو: جواد وجود، ونوار ونور. وعلى فعل بالضم، نحو: صناع وصنع، وكأنّ الذى قبله مخفف منه، وهو قليل فى وصف المذكر (¬6)، ولا يدخل فى مؤنثه الهاء (¬7)، ولا يجمع جمع صحة لمذكر ولا مؤنث (¬8) الضرب السادس: فعال، بكسر الفاء. ويجمع على فعل، بضم الفاء والعين، نحو: ناقة كناز (¬9) وكنز، وعلى فعال، بوزن واحده، قالوا: ناقة هجان (¬10)، ونوق هجان، ودرع ¬
الضرب السابع: أفعل
دلاص (¬1)، ودروع دلاص (¬2). وزعم الخليل: أنّ هجان للجماعة بمنزلة ظراف (¬3). وعلى فعائل، قال ابن السّرّاج: شمال وشمائل (¬4)، فجعله وصفا، ولا تدخله هاء التأنيث (¬5). الضرب السابع: أفعل: ويجمع على فعل، نحو: أحمر وحمر، وأصفر وصفر، ولا يثقّل إلا فى الشعر (¬6)، كقوله: جرّدوا كلّ وراد وشقر (¬7) جمع أشقر، فأما أبيض وبيض فكسروا أوله لأجل الياء. وعلى فعلان، بالضم، نحو: أحمر وحمران، وأسود وسودان، وأبيض وبيضان. وعلى فعال، نحو: أبرق وبراق (¬8)، وقيل: هو جمع برقاء (¬9). ¬
الضرب الثامن: فيعل.
وعلى أفاعل، وهو ما استعمل منه استعمال الأسماء، نحو: الأبطح والأباطح، والأجرع والأجارع. ولا يجمع هذا النوع جمع السلامة إلا إذا سمّيت به، نحو: الأحمر والأحمرون، والأشعر والأشعرون. وقد جاء شاذا فى الشعر وهو صفة، قال: فما وجدت بنات ابنى نزار … حلائل أحمرين وأسودينا (¬1). وأما أفعل الذى مؤنثه فعلى، ويلزمه الألف واللام أو الإضافة (¬2) فيجمع جمع السلامة، (وعلى) (¬3) أفاعل (¬4)، نحو: الأفضل والأفضلين والأفاضل، والأكبر والأكبرين والأكابر، قال سيبويه: (سمعنا العرب تقول: الأصاغرة كما تقول القشاعمة) (¬5). الضرب الثامن: فيعل. وهو مختص بالمعتلّ، ويجمع فى القلة جمع الصحة، نحو: بيّع وبيّعون وبيّعات. وعلى أفعال، نحو: ميّت وأموات. وفى الكثرة على فعال، نحو: جيّد وجياد، وعلى أفعلاء، نحو: هيّن وأهوناء (¬6). وعلى فياعل، نحو: سيّد وسيائد، فأمّا أيامى فمقلوب من ¬
الضرب التاسع: مفعل ومفعل، بضم الميم وكسر العين وفتحها،
أيائم (¬1). الضرب التاسع: مفعل ومفعل، بضم الميم وكسر العين وفتحها، ويجمع في القلّة جمع الصّحّة، نحو: مكرمون ومكرمون ومكرمات (ومكرمات) (¬2). وعلي مفاعيل، نحو: مفطر ومفاطير، ومنكر ومناكير (¬3). وعلى مفاعل للمؤنّث بغير تاء، نحو: مطفل ومطافل، وقد أشبعوا كسرة الفاء فى الشعر فصارت ياء، قال: مطافيل أبكار حديث نتاجها … تشاب بماء مثل ماء المفاصل (¬4). الضرب العاشر: مفعل - بكسر الميم وفتح العين. يجمع على مفاعل، نحو: مدعس (¬5) ومداعس، ولا يجمع جمع صحّة مذّكرا ولا مؤنّثا. الضرب الحادى عشر: فعّل: بضم الفاء وتشديد العين وفتحها. لا يجمع إلا جمع الصّحة، نحو: جبّأ (¬6) وجبّأون، وزمّل (¬7) وزمّلون. ¬
الضرب الثانى عشر: فى المؤنث بالألف المقصورة،
الضرب الثانى عشر: فى المؤنث بالألف المقصورة، وهو على ثلاثة أبنية: البناء الأول: فعلى، بضم الفاء، وهو نوعان: الأول: فعلى الّتى لا أفعل لها، وتجمع فى القلة جمع الصّحّة نحو: حبلى وحبليات. وفى الكثرة على فعالى - بالفتح، نحو: حبلى وحبالى والأصل فيه حبال، فقلبت الياء ألفا لخفتها، وليست بألف تأنيث (¬1). وعلى فعال، بالكسر، نحو: أنثى وإناث، وعلى فعال، بالضم، قالوا: ربّى (¬2)، ورباب، وعلى فعل، بضم الفاء وفتح العين، قالوا: رؤيا ورؤى. النوع الثانى: فعلى التى مذكرها أفعل، ويلزمها الألف واللام أو الإضافة، ويجمع فى القلّة جمع الصّحّة، نحو: الفضلى والفضليات وفضليات البلد، وعلى الفعل، نحو: الكبرى والكبر، والعليا والعلى. ¬
البناء الثانى: فعلى، بكسر الفاء، وحكمه حكم حبلى، نحو: ذفرى وذفارى، وذفار وذفريات. البناء الثالث: فعلى، بفتح الفاء، نحو عطشى وعجلى، ويجمع على فعال، نحو: عطاش وعجال، وعلى فعالى، نحو: سكرى وسكارى، وغضبى وغضابى، وعلى فعالى - بالضم - نحو: سكرى وسكارى، وقيل: هو اسم الجمع (¬1). ¬
القسم الثالث: فى الخماسى وما هو بعدته
القسم الثالث: فى الخماسىّ وما هو بعدّته وفيه فرعان: الفرع الأول: فى الخماسى وهو أربعة أوزان عند سيبويه (¬1)، وكلّها يقع اسما وصفة إلّا واحدا وزاد ابن السّرّاج خامسا اسما (¬2)، وستراها مفصّلة فى باب الأبنية (¬3). وجميعها لا تجمع إلا على استكراه (¬4)، فإذا أرادوا جمعها حذفوا الحرف الآخر منها، واعتقدوا ما بقى كلمة رباعيّة، فإن كان له فى الرباعى نظير جمعوه جمعه، فقالوا فى جردحل (¬5): جرادح، مثل: درهم ودراهم. فإن لم يكن له بعد الحذف فى الرباعى (نظير) (¬6) نقل إلى أقرب أوزانه إليه، ثم جمع، فقالوا فى جمع سفرجل: سفارج، لأنّهم لمّا حذفوا لامه بقى سفرج، وهذا الوزن ليس فى العربية، فنقل إلى أقرب أوزان الرباعىّ إليه وهو سبطر (¬7)، ثمّ جمعوه. وربما حذفوا الحرف الّذى قبل الآخر، إذا كان من حروف الزيادة أو يشبهها (¬8)، وحذفه إذا كان من حروف الزيادة أولى، تقول فى خدرنق (¬9): خدارق وخدارن، وخدارق أولى. ¬
وإن كان يشبهها كان حذف الآخر أولى، (تقول) (¬1) فى فرزدق: فرازد، وفرازق، فتحذف الدال؛ لأنّها تشبه التاء، والتاء من حروف الزيادة. ولك أن تعوّض من الحرف المحذوف ياء قبل اخر الكلمة، فتقول: سفاريج وفرازيد، وقد جمع بغير حذف شاذّا، قالوا: سفارجل (¬2)، وقد جمعوه جمع صحّة شاذّا، فقالوا: صهصلقون (¬3) وسفرجلات، وجحمرشات (¬4). ¬
الفرع الثانى فيما هو بعدته اسما كان أو صفة
الفرع الثانى فيما هو بعدته اسما كان أو صفة وهو ثمانية أضرب: الضرب الأول: إذا كان فى الإسم حرف زائد، فلا يخلو أن يكون: حرف علة رابعا، أو غير ذلك. فالأوّل تقلب الألف والواو وفيه ياء؛ لسكونها وانكسار ما قبلها، وتقر الياء بحالها، فتقول فى سرداح (¬1): سراديح، وفى مفتاح: مفاتيح، وفى جرموق (¬2) ويعقوب: جراميق ويعاقيب، وفى دهليز (¬3) وشنظير (¬4): دهاليز وشناظير. والثانى: تحذفه فى الجمع أين كان، تقول في سميدع (¬5): سمادع. وفى فدوكس (¬6): فداكس، وفى عذافر (¬7): عذافر، وفى جحنفل (¬8): جحافل وفى مدحرج: دحارج، وليس بابه، فتحذف الياء والواو رالألف والميم والنون. ولك أن تعوض من المحذوف، فتقول: جحافيل وعذافير. الضرب الثانى: إذا كان فى الاسم زيادتان، فلا يخلو أن تكونا: متساويتين أو غير متساويتين، فإن كانتا متساويتين حذفت أيّهما شئت، تقول فى سرندى (¬9): سراند وسراد، وفى حبنطى (¬10): حبانط وحباط، فالنون والألف فى هذا الضرب قد ألحقا الثلاثىّ بالخماسىّ، وهو قياس مطّرد عند ¬
المازنى (¬1)، فإن شئت حذفت النون، وإن شئت الألف، وأكثر الناس على حذف الألف؛ لأنها طرف، ولك فيه التعويض، فتقول: سرانيد وسرادىّ. وإن كانت إحدى الزيادتين لمعنى، والأخرى لغير معنى، أقررت ذات المعنى، وحذفت الأخرى، تقول فى مغتسل ومنقطع: مغاسل ومقاطع، فتقرّ الميم فيهما؛ لأنّها لمعنى الفاعل، وتحذف التاء والنون، ولك التعويض فتقول: مغاسيل ومقاطيع. فإن كان يلزمك من حذف إحدى الزيادتين حذف الأخرى، ولا يلزمك ذلك فى الأخرى لو عكست، حذفت التى لا ينحذف معها غيرها، تقول فى عيطموس (¬2) وعيضموز (¬3): عطاميس وعضاميز، فقد اجتمع في هذا زيادتان: الواو خامسة والياء ثانية، فإذا حذفت الواو بقيت الكلمة على خمسة أحرف، فتحذف الحرف الزائد منها؛ للجمع وهو الياء، فلزمك من حذف الواو حذف الياء، وإن حذفت الياء أولا بقى الواو رابعا، والرابع لا يحذف فى الجمع مثل: جرموق، فلذلك حذفت الياء، ولم تحذف الواو. فأمّا مثل مقعنسس (¬4)، فإنك تحذف النون وإحدى السينين عند سيبويه (¬5)، ثم تجمع، فتقول: مقاعس، والمبّرد يحذف النون والميم، فيقول: قعاسس (¬6)، ولك التعويض فتقول: مقاعيس وقعاسيس. فإن جمعت اشهيبابا حذفت (¬7) الألف التى فى أوله والياء، ولا تحذف الألف التى بعد الباء؛ لأنها تصير رابعة فتقول: شهابيب كأنّك جمعت شهبابا، وكذلك تعمل بكل ما فى أوله همزة وصل. ¬
الضرب الثالث: مفعال ومفعيل، بكسر ميمهما، يجمعان على مفاعيل، نحو: مكثار ومكاثير، ومحضير (¬1) ومحاضير، ولا يجمعان جمع صحّة، مذكّرا ولا مؤنّثا (¬2)، إلا إذا لحقت مؤنّث مفعيل تاء، نحو: مسكينة، فتقول فيه: مسكينون ومسكينات، ومن قال للمرأة: مسكين، لم يقل في المذكّر والمؤنّث إلا مساكين (¬3). الضرب الرابع: فعّال وفعّال وفعّيل وفعّيل، ومفعول، كلها تجمع جمع الصحّة، مذكّرا ومؤنّثا، نحو: شرّاب، وحسّان، وسكّير، وزمّيل (¬4) ومضروب، وقد جمعوا بعضها على مفاعيل، قالوا: عوّار (¬5)، وعواوير (¬6) وميمون وميامين، وميسور ومياسير. الضرب الخامس: فعلان، بفتح الفاء وضمها وكسرها. وهو قسمان: علم وغير علم، فالعلم لا يجمع إلا جمع الصحّة، نحو: حمدان وحمدانون (وعثمان) (¬7) وعثمانون، وعمران وعمرانون. وأما غير العلم، فالمفتوح نوعان: الأوّل: الذى مؤنّثه فعلى، ويجمع على فعال بحذف الزيادة، نحو: عطشان وعطاش، وعلى فعالى، بالفتح، نحو: سكران وسكارى، وكذلك مؤنّثهما. وعلى فعالى، بالضم، قليلا، نحو: سكارى جمع سكران بحذف الزيادة، وقيل: هو اسم الجمع (¬8). وعلى فعلى بحذف الزيادة، نحو: سكران ¬
وسكرى. كأنه جمع سكر، مثل: عجل وعجلى. ولا يجمع هذا النوع جمع صحّة إلا فى ضرورة الشعر (¬1). النوع الثانى: فعلان الذى لا فعلى له، ويجمع على فعالين، نحو: شيطان وشياطين عند من جعل النون زائدة (¬2) وميدان وميادين. وعلى فعالى وفعال، نحو: ندمان وندامى وندام، وكذلك مؤنّثه، وجمع جمع الصحة، نحو: ندمانون (¬3) وندمانات. وأما المضموم فيجمع على فعالين، نحو: سلطان وسلاطين، وعلى فعال نحو: خمصان وخماص وجمع الصحة، نحو عريان وعريانون، وعريانات. ولم يقولوا فيه فعالى، فأمّا العرايا الواردة فى الحديث (¬4) فجمع العريّة وهى النّخلة، وأما عراة فجمع عار، واستغنوا به عن عراء. وأمّا المكسور فيجمع على فعالين، نحو: سرحان وسراحين، وعلى فعال بحذف الزيادة، نحو: سرحان وسراح. وضبعان وضباع، وعلى فعالى، نحو: إنسان وأناسىّ، وجمع الصحّة، نحو: دهقان (¬5) ودهقانون، عند من جعل النّون زائدة (¬6). ¬
الضرب السادس: ما كان متحرك العين
الضرب السادس: ما كان متحرك العين: ويجمع على فعالين، نحو: ورشان (¬1) ووراشين (¬2)، وعلى فعلان نحو: كروان وكروان (¬3)، وعلى فعلى، نحو: ظربان وظربى، وربما جمع على ظرابىّ كأنه جمع ظرباء (¬4). الضرب السابع: فعلاء، بفتح الفاء وسكون العين والمدّ، نوعان: الأول: فعلاء، التى مذكرها أفعل، تجمع على فعل كمذكّرها، نحو: حمراء وحمر، وصفراء وصفر، فإن استعمل استعمال الأسماء جمع جمع الصحّة (¬5). وعلى فعال، نحو: بطحاء وبطحاوات وبطاح، وأما الخضروات فإنّه جعل اسما للبقول (¬6). الثانى: فعلاء، التى لا أفعل لها، تجمع جمع الصحة، نحو: صحراء وصحراوات، وعلى فعالى، نحو صحارى. وعلى فعال، نحو: صحار، وقالوا: صحارىّ بتشديد الياء (¬7). ¬
الضرب الثامن: يجمع أبنية مختلفة فى آخرها همزة قبلها ألف،
الضرب الثامن: يجمع أبنية مختلفة فى آخرها همزة قبلها ألف، وجموعها مختلفة، نذكر منها أمثلة تقيس عليها نظراءها، نحو: نفساء ونفساوات ونفاس، ومن العرب من يقول: نفاس (¬1). وخنفساء وخنفساوات وخنافيس، وعلباء (¬2) وعلابى، وحرباء وحرابى، وقاصعاء وقواصع، ودامّاء (¬3) ودوامّ. وسابياء وسواب، فكل ما كان من هذا الضرب مؤنثا لم يمنع من جمع الصّحّة. ¬
الباب السادس فى التصغير
الباب السادس فى التصغير وفيه فصلان: الفصل الأول: في تعريفه وأبنيته التصغير من خواصّ الأسماء، فلا يصغّر فعل ولا حرف، والّذى جاء فى تصغير فعل التعجب في قولهم: ما أميلحه فعلى تأوّل (¬1). وقد ذكرناه في أول الكتاب (¬2). وإنّما جئ به ليقوم مقام الوصف بالصّغر؛ اختصارا؛ فإنّ قولك: جبيل قام مقام قولك: جبل صغير، ولهذا قيل لأعرابىّ: كيف تصغّر حبارى؟ (¬3) فقال: حبرور (¬4)، فأتى بالمعنى؛ لأنّ الحبرور ولد الحبارى. والنّحاة يسمّونه «باب التصغير (¬5)»، وباب «التحقير (¬6)»؛ تسمية للشئ ببعضه، فإنّه يقع فى الكلام على أضرب: الضرب الأول: التصغير، ويختصّ بالجثث؛ لأنه ضد الكبير، نحو: جمل وجميل، وجبل وجبيل. الضرب الثانى: التحقير، ويختصّ بما يظنّ عظيما؛ لأنه ضدّ التعظيم، نحو: ملك ومليك، ورجل ورجيل إذا أريد الشجاعة. ¬
الضرب الثالث: التقريب، ويختصّ بما يظنّ بعيدا، نحو: فويق السطح، ودوين السقف، وقبيل الشهر. الضرب الرابع: التقليل، ويختص بالمقادير، نحو: مويل، ودريهمات، وحنيطة، وأجيمال. الضرب الخامس: التعظيم وفيه خلاف (¬1)، كقول النّبىّ (صلّى الله عليه وسلم) لابن مسعود: «كنيف ملئ علما) (¬2)، وكقوله (عليه السّلام) لعائشة: (يا حميراء) (¬3). ¬
وكقولهم: «هو دويهية» إذا وصفوه بالدّهاء العظيم، قال الشاعر: وكلّ أناس سوف تدخل بينهم … دويهية تصفرّ منها الأنامل (¬1). ومنه قولهم: يا أخىّ، ويا بنىّ، ويا صديقىّ إذا أرادوا به المبالغة. وقد يصغّر الشئ لدنوه من الشئ وليس مثله، كقولك: هو أصيغر منك ودوين هذا، وفويق ذاك، يريد تقليل الذى بينهما، وتقول: هو أسيّد (¬2) أي قد قارب السّواد، فأمّا قولهم: هو مثيل (ذاك) (¬3) وأميثال ذاك فإنّما يريدون أن يخبروا أن المشبّه به حقير. والأسماء على ضربين: ضرب يصغّر، وهو الأكثر. وضرب لا يصغر، وهو الأقل، كأكثر المبنيّات وبعض المعربات، وسيرد لما (لا) (¬4) يصغر من الأسماء موضع يذكر فيه (¬5). وأبنية التصغير سبعة: ثلاثة إجماعا، وأربعة عند قوم (¬6). ¬
أما الثلاثة: فالأول: فعيل، ويختص بالثلاثىّ، نحو: فلس وفليس. والثانى: فعيعل، ويختص بالرباعى والخماسى، نحو: جعفر وجعيفر، وسفرجل وسفيرج. والثالث: فعيعيل، ويختص بما رابعه حرف علة، نحو: قنديل وقنيديل وبالخماسيّ فما فوقه إذا عوّض من حرفه المحذوف، نحو: سفيريج ودحيريج. وأما الأربعة: فأفيعال، نحو: أجمال وأجيمال، وفعيلان، نحو: سكران وسكيران، وفعيلاء، نحو: حمراء وحميراء، وفعيلى، نحو: حبلى رحبيلى. وهذه الأربعة: داخلة فى الثلاثة، كما يجئ بيانه (¬1). وقد صغرت العرب كلمتين بالألف قالوا فى تصغير دابّة وهدهد: دوابّة، (¬2) وهداهد (¬3). ¬
الفصل الثانى فى أوضاعه وأحكامه
الفصل الثانى فى أوضاعه وأحكامه وفيه اثنا عشر فرعا: الفرع الأول: فى تصغير الصحيح ولا يخلو أن يكون: ثلاثيا، أو رباعيا، أو خماسيا. أمّا الثلاثىّ: فإذا لم يكن فيه زيادة وصغّرته استوت أوزانه العشرة في فعيل، نحو: فليس، وفريس، وكنيف، وعضيد، وجميل، وعنيب، وأطيل وقفيل، وصريد، وطنيب. فإن كان مضاعفا أظهرت تضعيفه؛ لتوسّط ياء التصغير بين الحرفين، نحو: مدّ (¬1) ومديد، ودن (¬2) ودنين، وبر وبرير، وأمّا الرّباعىّ فإذا لم يكن فيه زيادة وصغرته استوت أوزانه الستة فى فعيعل، نحو: جعيفر، وزبيرج، ودريهم، وبريثن، وقميطر، وجنيدب، ويلحق به ما كان على وزنه بزائد صحيح، نحو: أحمد، وأصغر، وأفكل، ونرجس، ومحسن ومكرم، ومطرف (¬3). فإن كان الرباعى مضاعفا لم يظهر التضعيف، نحو: مدقّ (¬4) ومسنّ تقول: مديقّ ومسينّ. فتجمع فيه بين ساكنين كما فعلت بمداقّ ومسانّ، ومثله أصمّ وأصيمّ (¬5). وأما الخماسى فإذا صغرته - على استكراهه - استوت أوزانه الخمسة فى فعيعل، نحو: سفيرج، وقريطع، وقذيعم، وجحيمر، وهنيدل (¬6). ¬
ومن لم يثبت الخامس (¬1) قال: هديلع، وطريق تصغيره: أن تحذف الحرف الآخر، كما فعلت فى التكسير، فإن كان لما يبقى منه بعد الحذف نظير فى الرباعىّ صغّرته تصغيره، نحو: قرطعب (¬2)، تحذف الباء فيبقى قرطع بوزن درهم، فتقول: قريطع، وإن لم يكن له نظير نقلته إلى أقرب الأوزان إليه، نحو: سفرجل، إذا حذفت اللام (بقى) (¬3) سفرج، وليس له نظير فنقلته إلى قمطر (¬4). ومتى كان قبل الحرف الآخر حرف يشبه حروف الزيادة أو منها، جاز حذفه، تقول فى فرزدق: فريزق وفريزد، كما فعلت فى التكسير، وحذف الحرف الآخر أولى. أمّا مثل خدرنق: فحذف النون أولى من القاف؛ لأنها من حروف الريادة. فإن بعد الحرف عن الطرف لم يحذف، نحو: «ميم» جحمرش، ومنهم من حذفها فقال: جحيرش (¬5). وحكى الأخفش: سفيرجل، - متحركا (¬6) -. ولك أن تعوّض من الحرف المحذوف ياء، فتقول: سفيريج، وفريزيق، وفريزيد، وهذا التعويض مستمرّ في كل محذوف من الخماسيّ فما فوقه. ¬
الفرع الثانى فى تصغير المعتل
الفرع الثانى فى تصغير المعتل وهو نوعان: النوع الأول: ما لم يكن حرف علّته مقلوبا ، وهو جار مجرى الصحيح فى التصغير من غير قلب ولا تغيير إلا ما استثنيته لك، فتقول فى وعد: وعيد، وفى يسر: يسير، وفى أخذ: أخيذ، وفى جوهر: جويهر وفى صيرف: صييرف، وفي حذرية (¬1): حذيرية، فأما المستثنى منه فهو أربعة أصناف: الصّنف الأول: أن يكون معتلّ العين ، ولا يخلو أن تكون: ساكنة أو متحركة، فإن كانت ساكنة ظهرت فى التصغير، تقول في ثوب: ثويب، وفى بيت: بييت، ويجوز كسر باء بييت (¬2)، كما فعلت فى الجمع (¬3). وإن كانت متحركة فلك في الواو مذهبان: أحدهما: أنّ تقلبها ياء ثم تدغمها، فتقول فى أسود وأحول: أسيّد وأحيّل. والثانى: أن تقرّها على حالها، فتقول: أسيود وأحيول، والأولى أولى (¬4)، وأما الياء فتدغم ياء التصغير فيها، فتقول في أشيب (¬5): أشيّب، وفى أميز: أميّز، وتقول فى [معاوية (¬6)] على الأول: معيّة، وعلى الثانى: معيوية (¬7). الصّنف الثانى: إذا كان ثالث الاسم واوا فلا يخلو أن تكون: للإلحاق، أو لغير الإلحاق، فإن كانت للإلحاق أجريتها مجرى الصّنف ¬
الصنف الثالث: إذا كان فى الاسم ألف رابعة للإلحاق، أو بدلا من الأصل
الأول، تقول فى جهور، وجدول: جهيّر وجديّل، وجهيور وجديول (¬1). وإن كان لغير الإلحاق قلبتها ياء وأدغمت فيها ياء التصغير، نحو: عمود وعميّد، وعجوز وعجيّز، وعروة (¬2) وعريّة. فإن كان ثالث الاسم ياء أدغمت، نحو: عثير (¬3) وعثيّر، وأمير وأميّر. وإن كان ثالثه ألفا قلبته ياء وأدغمت، تقول في كتاب: كتيّب، وفى حساب: حسيّب. الصّنف الثالث: إذا كان فى الاسم ألف رابعة للإلحاق، أو بدلا من الأصل ، قلبتها ياء وأجريتها مجرى المنقوص، تقول في أرطى: أريط (¬4)، وفى ملهي: مليه ومن نوّن علقى وذفرى (¬5) ولم يجعل ألفهما للتأنيث، قال: عليق وذفير. وإن كانت الألف خامسة فزائدا حذفتها، تقول فى حبركى (¬6): حبيرك. الصّنف الرابع: (ما كان على فاعل) (¬7) فإنك تقلب ألفها واوا أبدا، تقول فى ضارب وقائم وقاض: ضويرب وقويئم وقويض. النوع الثانى: ما كان حرف علته مقلوبا، وهو ثلاثة أصناف: الصّنف الأول: أن يكون المقلوب فاء، نحو: ميزان وميقات، فإذا صغّرته أعدت المقلوب فقلت: مويزين، ومويقيت (¬8)، لأنّ الأصل موزان وموقات، وتقول فى متّعد ومتّسر: مويعد ومييسر، لأنّ الأصل موتعد وميتسر، فقلبت الواو والياء تاء، وأدغمت فى تاء الإفتعال. ¬
الصنف الثانى: أن يكون المقلوب عينا،
فأمّا نحو: تهمة، وتخمة، وتراث وأدد (¬1) فليس للتصغير فيه أثر؛ لأن هذا البدل لازم بخلاف الأول فتقول: تهيمة، وأديد. الصنف الثانى: أن يكون المقلوب عينا، ولا يخلو أن يكون: لازما، أو غير لازم. فغير اللازم يعاد إلى أصله، نحو: باب وناب، ألفها منقلبة عن واو وياء، فتقول: بويب ونييب، ويجوز كسر أوّل ما كان من الياء. وقد شذّ من هذا الباب عييد تصغير عيد كما جمعوه على أعياد، وقياسه عويد وأعواد. فإن كانت الألف مجهولة حملها سيبويه على الواو (¬2)، والأخفش على الياء (¬3)، فتقول في صاب: صويب، وصييب، قال سيبويه: (ومن العرب من يقول في ناب: نويب، فيجيء بالواو، لأن هذه الألف يكثر إبدالها من الواوات). قال: وهو غلط منه (¬4). وتقول في قيل وطىّ: قويل وطوىّ، فتعيد الواو، وتقول فى دينار وقيراط وديباج: دنينير، وقريريط، ودبيبيج، لأن الياءات فيها بدل من النّون والرّاء والباء. وأمّا اللازم فلا يخلو أن يكون: قد حذف في بعض الكلم أو لم يحذف، فالمحذوف يعاد في التصغير إلى أصله، نحو: شائك (¬5) ¬
الصنف الثالث: أن يكون المقلوب لاما،
وهائر (¬1)، ولائث (¬2)، قالوا فيه: شاك، وهار، ولاث، فحذفوا الهمزة فإذا صغّرته قبل الحذف أعدت الياء التى انقلبت الهمزة عنها فقلت: شويّك وهويّر، ولويّث، وغير المحذوف لا يعاد إلى الأصل تقول في قائل وبائع: قويئل وبويئع فتهمز، والجرمى يقلب فيقول ك قويّل وبويّع، مدغما (¬3). الصنف الثالث: أن يكون المقلوب لاما، نحو: قفا وفتى، فتعيد المقلوب تقول في قفا: قفيّ، وفي فتى: فتيّ؛ لأنّ الأصل فى (قفىّ) (¬4) قفيو، فتقلب الواو ياء وتدغم، ولا يبقى فرق بين ذوات الواو والياء فى اللّفظ، وإنّما الفرق بينهما في التقدير، وتقول في عصا ورحى: عصيّة ورحيّة، وكان الأصل: عصيوة وإن كانت اللام غير مقلوبة فهذا حكمها، وتقول فى عروة: عريّة، وفى رضوى: رضيّا ¬
الفرع الثالث فى تصغير الأسماء الخماسية بالزائد فما فوقها وفيه ثمانية أصناف
الفرع الثالث فى تصغير الأسماء الخماسية بالزائد فما فوقها وفيه ثمانية أصناف: الصنف الأول: إذا كان في الاسم حرف مد رابعا، لم يحذف فى التّصغير، ساكنا كان أو متحركا، وتقلب الواو والألف ياء؛ لانكسار ما قبلهما، فالساكن، نحو: صندوق، وسرداح، وقنديل، تقول فيه: صنيديق وسريديح، وقنيديل. والمتحرّك، نحو: كنهور (¬1)، ومسرول (¬2)، تقول فيه: كنيهير ومسيريل. الصنف الثانى: أن يكون الزائد غير رابع، فإنك تحذفه أين كان، تقول فى مدحرج: دحيرج، وفي جحنفل: جحيفل، وفي فدوكس: فديكس، فتحذف الميم والنون والواو؛ لأنّهنّ زوائد؛ حملا على تكسيرها في قولك: دحارج وجحافل وفداكس، ولك التعويض فى هذا المحذوف، كما عوضت في الخماسيّ الأصليّ، فتقول: دحيريج. (وجحيفيل) (¬3) وفديكيس. الصنف الثالث: أن يكون فى الاسم زيادتان متساويتان، فتحذف أيّتهما شئت، تقول فى حبنطى ودلنظى (¬4)، إذا حذفت الألف: حبينط ودلينظ، وإذا حذفت النون: حبيط، ودليظ، كما قلنا فى التكسير (¬5)، ¬
فالنون والألف ألحقا الكلمة بسفرجل (¬1)، وحذف الألف أولى (¬2)؛ لأنها آخرة وأقلّ عملا، فإنّك إذا حذفت النون انكسر الحرف الّذي قبل الألف؛ للتصغير فتنقلب الألف ياء، وتلحق بالمنقوص، ولك فيه التعويض فتقول: حبينيط وحبيطىّ. ولست مخيّرا فى عفنجج (¬3)؛ لأن (¬4) الجيم ليست من حروف الزيادة، وإن كانت مع النون ملحقة له بسفرجل، فحكم الجيم مع النون حكم الأصول (¬5)، فتقول فى تصغيره: عفيجج. فإن صغّرت ثمانية وعلانية؛ فقد اختار سيبويه حذف الألف، فقال: ثمينية وعلينية (¬6)، وغيره يحذف الياد فيقول: ثميّنة (¬7). وإن صغّرت قبائل، اسم رجل، فقد اختار الخليل وسيبويه حذف الألف، فقالا: قبيئل (¬8)، وقال غيرهما (¬9): قبيّل. فأمّا نحو: إبراهيم وإسماعيل، فسيبويه يحذف الهمزة والألف، فيقول: ¬
بريهيم وسميعيل (¬1)، والمبرّد يحذف الميم والياء (¬2)، فيقول: أبيره وأسيمع (¬3)، وقالوا: بريه وسميع شاذا (¬4)، وقد غلط سيبويه في هذا؛ لأنّه جعل الهمزة زائدة فحذفها، ومن أصله أنّ الزوائد لا تلحق ذوات الأربعة من أوائلها، إلا الأسماء الجارية على أفعالها، فيلزمه (¬5) أن يصغر إبراهيم أبيريه (¬6). وقد أثبتوا الزيادتين فى مثل: تجفاف (¬7)، وإصليت (¬8)، ويربوع، وعفريت، وملكوت، فقالوا: تجيفيف، وأصيليت، ويريبيع، وعفيريت، ومليكيت (¬9)، لأنهما ثبتا فى الجمع، نحو: تجافيف، ويرابيع، وعفاريت. الصنف الرابع: أن يكون فيه زيادتان؛ إحداهما لمعنى، والأخرى لغير معنى، فتقرّ ذات المعنى، وتحذف الأخرى، تقول في مغتسل: مغيسل، وفى منطلق: مطيلق، فتقر الميم لأنها دليل الفاعل، وتحذف (¬10) التاء والنون، ¬
الصنف الخامس: أن يكون في الاسم زيادتان، يوجب حذف إحداهما حذف الأخرى، وحذف الأخرى لا يوجب حذف غيرها،
وتقول في مقدّم ومؤخّر: مقيدم ومؤيخر، فتقر الميم وتحذف إحدى الدالين والخاءين، ولك التعويض، فتقول: مغيسيل، ومطيليق، ومقديم، ومؤيخير (¬1). قال ابن السراج: «الذى أختاره: إذا كانت إحدى الزيادتين علامة لشئ لم تحذف العلامة، إلا أن تكون الزيادة الأخرى ملحقة، فإن الملحق بمنزلة الأصلىّ، فأرى أن يصغّر حبارى: حبيرى، فتحذف الألف الأولى وتقر الثانية (¬2)؛ لأنّها للتأنيث، ولك أن تحذف ألف التأنيث، وتقلب الأولى ياء وتدغم، فتقول: حبيّر، وكان أبو عمرو يقول: حبيّرة (¬3)، ويجعل الهاء بدلا من ألف التّأنيث. الصنف الخامس: أن يكون في الاسم زيادتان، يوجب حذف إحداهما حذف الأخرى، وحذف الأخرى لا يوجب حذف غيرها، فتحذف ما لا يوجب حذفه حذفا، تقول فى عيضموز وعيطموس: عضيميز وعطيميس فتحذف الياء دون الواو، لأنّك لو حذفت الواو لزمك حذف الياء، وقد بينا ذلك فى الجمع، فلم نعده (¬4). الصنف السادس: إذا كانت الكلمة على سّتّة أحرف فصاعدا، فإنّك تحذف منها ما يصيّر الكلمة إلى (¬5) أربعة أحرف، إلا أن يكون فيها حرف مد رابعا، فتقول في محرنجم: حريجم فتحذف الميم والنون، وتقول فى عنتريس: عتيريس (¬6)، فتحذف النون وتقر الياء؛ لأنّها رابعة، وتقول فى تصغير مقعنسس: مقيعس فتحذف النون وإحدى السينين عند سيبويه (¬7)، وقعيسس عند ¬
الصنف السابع: إذا كان في آخر الاسم ألف ونون زائدتان؛
المبرّد (¬1)، ومع التعويض: حريجيم، ومقيعيس وقعيسيس، ويدخل في هذا الصنف كلّ ما في أوله همزة وصل، فإنّك تحذفها؛ لأنّ التصغير يلزمه تحريك الحرف الثاني، والهمزة إنما جئ بها؛ لأجل سكونه، فإذا حذفتها جعلت ما بعدها أوّل الكلمة تقول في اشهيباب: شهيبيب، تحذف ألف الوصل والياء، ولا تحذف الألف الآخرة؛ لأنها تصير رابعة وتقلبها فى التصغير ياء، فكأنك صغّرت شهبابا (¬2). وكذلك تقول في تصغير احرنجام واقعنساس: حريجيم وقعيسيس، فتحذف الهمزة والنون وتقر الألف، كما تقول فى انطلاق واقتدار: نطيليق وقتيدير، فلا تحذف غير الهمزة. فإن كان الحرف الثانى زائدا وأدّى القياس إلى حذفه حذفته، تقول فى استخراج واستضراب: تخيريج، وتضيريب، فتحذف السين وتقر التاء لأنّ في الكلام «تفعال»، وليس فيه «سفعال». الصنف السابع: إذا كان في آخر الاسم ألف ونون زائدتان؛ فلا يخلو: إما أن تنقلب الألف في التكسير، أو لا تنقلب، فإذا انقلبت قلبتها في التصغير، تقول فى سرحان: سريحين، وفى سلطان: سليطين، وفي ورشان: وريشين، لأنّك تقول في تكسيرها: سراحين وسلاطين ووراشين. فإن لم تنقلب الألف في الجمع أقررتها في التصغير، وصغّرت صدر الكلمة، تقول في سكران: سكيران، وفي عمران: عميران، وفى عثمان: عثيمان؛ لأنّك لا تقول في تكسيره: سكارين وعمارين وعثامين. وما كان من فعلان ولم يسمع تكسيره صغّر تصغير سكران (¬3)؛ لأن فعيلين تابع لفعالين. وما في آخره ألف ونون لا يخلو أن تكون: نونه أصلية نحو: طحّان من الطحن، أو زائدة للإلحاق. مثل: سرحان وسلطان، أو لغير ¬
الصنف الثامن: إذا كان فى آخر الاسم همزة قبلها ألف أقررتها مع قلب الألف ياء؛
الإلحاق، نحو: سكران وزعفران، وأنت فى ذلك كلّه ملتزم في تصغيره حكم تكسيره، كما ذكرنا (¬1). الصنف الثامن: إذا كان فى آخر الاسم همزة قبلها ألف أقررتها مع قلب الألف ياء؛ تقول في قرّراء (¬2): قريّئ، وإن كانت منقلبة عن ياء أو واو أصليين أو ملحقين قلبتها ياء، وحذفت الألف التى قبلها، إن باشرت ياء التصغير، تقول فى كساء: كسىّ، وفى غطاء: غطىّ، وفى علباء وحرباء: عليبىّ وحريبىّ، ومن صرف قوباء (¬3) قال: قويبىّ، ومن لم يصرف قال: قويباء (¬4)، وكذلك غوغاء (¬5): غويغىّ وغويغاء (¬6). وإذا اجتمع مع ياء التصغير ياءان حذفت الأخيرة، وصار المصغّر علي مثل فعيّل، تقول فى إداوة (¬7): أديّة (¬8)، وفى غاوية: غويّة، وفى أحوى: أحىّ غير مصروف (¬9)، ومنهم من يصرفه (¬10). ¬
الفرع الرابع في تصغير المؤنث
الفرع الرابع في تصغير المؤنث ولا يخلو أن يكون: مؤنثا بالعلامة، أو بالصيغة. أمّا الأول، فإنّك تصغر الكلمة عارية من العلامة، ثم تأتي بها بعد ذلك (¬1). ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا، والعلامة: تاء أو ألف مقصورة أو ممدودة. أمّا التّاء فتقول في طلحة وحمزة: طليحة وحميزة، وتقول فى قناة وفتاة: قنيّة وفتيّة، لأنّ ياء التصغير لمّا وقعت ثالثة ساكنة لم تجتمع مع الألف، فقلبت الألف ياء، وأدغمت. وأمّا الألف المقصورة، فتقول فى حبلى وسكرى: حبيلى وسكيرى، فإنّ كانت خامسة حذفتها، تقول فى قرقرى (¬2): قريقر، إلا أن يكون معها زيادة أخرى، فتحذفها في أحد القولين، نحو: حبارى (¬3). وأمّا الممدودة، فتقول في صحراء وأربعاء: صحيراء وأريبعاء؛ واختلفوا في بروكاء (¬4)، فقال سيبويه: بريكاء (¬5)، وقال المبرد: بريّكاء - بالتشديد (¬6) -. وأما المؤنث بالصيغة فلا يخلو أن يكون: على ثلاثة أحرف أو أكثر،. فالأول: تلحقه فى التصغير تاء، فتقول في هند: هنيدة، وفى شمس: شميسة، وفي دار: دويرة؛ لأنّ التصغير نائب عن الصفة، ولو وصفته ¬
لأدخلت فى صفته التاء (¬1)، فقلت: دار صغيرة وشمس منيرة. وقد شذّ من هذا العموم أسماء معدودة، وهى: قوس، وحرب، ودرع، ونعل، وناب، وعرس، وفرس (¬2)، فلم يلحقوا مصغرها تاء (¬3)، والجيّد إلحاقها (¬4)، فتقول: قويس، ونعيل، وفريس، وقويسة، ونعيلة، وفريسة. فلو سمّيت امرأة حجرا أو قلما، قلت: حجيرة، وقليمة، كما لو سميت رجلا هندا أو عتبا قلت: هنيد وعتيب، ويونس يلحقه التاء؛ حملا على الأصل (¬5) فأما أذينة وعيينة فإنّما سمّى بهما مصغّرين (¬6). وأمّا ما زاد على ثلاثة أحرف فلا تلحقه التاء؛ لطول الاسم بالحرف الرابع، تقول فى زينب: زيينب، وفى عقرب: عقيرب، وفى عناق: عنيّق. وقد شذّ منه أسماء ألحقت فيها التاء، قالوا في أمام: أميّمة، وفي وراء: وريّئة، وفي قدّام: قديديمة (¬7)، فإن كان الاسم يذكّر ويؤنّث صغّره من أنّثه بالتاء، ومن ذكّره بلا تاء، كالذّراع واللّسان، تقول: ذريّعة وذريّع، ولسيّنة ولسيّن، حكاه الفرّاء (¬8)، والبصريّ لا يعرف هذا التقسيم، إنّما يصغّر الجميع بغير تاء (¬9). ¬
الفرع الخامس فى تصغير المحذوف
الفرع الخامس فى تصغير المحذوف وهو أربعة أنواع: النوع الأول: أن يكون محذوف الفاء، نحو: عدة، وزنة، وشية، فتعيد إليه المحذوف تقول: وعيدة، ووزينة ووشيّة، ولك أن تبدل من الواو همزة، فتقول: أعيدة (¬1). النوع الثاني: أن يكون محذوف العين، نحو: مذ، وسل، إذا سمّيت به، وسه، وهو كالأوّل في الإعادة، تقول: منيذ، وسؤيل وستيهة، ومن قال: سال يسال فلم يهمز قال: سويل بالواو (¬2). النوع الثّالث: أن يكون محذوف اللام، وهو ضربان (¬3): الأول: ما لحق أوّله همزة وصل، نحو: ابن واسم واست، فتعيد محذوفه فى التصغير، وتحذف همزته، تقول: بنيّ وسميّ وستيهة (¬4). والآخر: ما ليس فى أوله همزة وصل، وهو قسمان: أحدهما: لم يعوض من محذوفه، نحو: يد، ودم، وشفة، وحر، وحكمه حكم ما قبله في الإعادة، تقول: يديّة، ودمىّ، وشفيهة (¬5)، وحريح، «(¬6) ومن قال في سنة: سانيت قال: سنيّة، ومن قال سانهت: قال: سنيهة (6)» وكذلك في عضة: عضيّة، وعضيهة (¬7). والقسم الآخر: ما عوّض من محذوفه، نحو: بنت وأخت، فتحذف التاء التى صارت عوضا عن اللام المحذوفة، وتعيد اللام، فتقول: بنيّة وأخيّة ¬
وتقول فى ذيت وهنت: ذييّة وهنيّة (¬1) (تجعل الهاء بدلا من التاء) قاله ابن السّرّاج (¬2). وما لا يعرف محذوفه مثل: «إن»، «وعن»، إذا سميت به تجعل المحذوف ياء؛ لأنّه الأكثر، فتقول: أنيّ، وعنيّ (¬3). النوع الرابع: إذا كانت الكلمة المحذوفة على أكثر من ثلاثة أحرف لم تعد المحذوف عند سيبويه (¬4)؛ لأنّ ما بقى لم يخرج عن أمثلة التصغير، تقول في ميت: مييت وفي شاك: شييك، وفي هار: هوير (¬5)؛ لأنّ الأصل: ميّت، وشائك وهائر، ومنهم من يعيد المحذوف (¬6)، فيقول: هويّر وشويّك (¬7). ¬
الفرع السادس في تصغير المضاف والمركب
الفرع السادس في تصغير المضاف والمركب أما المضاف فلا يخلو: أن يكون كنية، أو غير كنية. أمّا الكنية: فإنّك تصغّر الاسم الثانى منها: للعاقل، وغير العاقل، تقول فى أبو جعفر: أبو جعيفر، وفى أبو الحسن: أبو الحسين، وفى أبو براقش: أبو بريقش (¬1)، ومنه قولهم: أبو الحصين للثعلب، وأم حبين لضرب من العظاء، فإن لم ترد بالكنية كنية، وجعلتها اسما، وقصدت تصغير الاسم الأوّل قلت: أبيّ بكر، وأمّيمة عمرو. وأمّا المضاف غير الكنية، نحو: غلام زيد، وثوب خّزّ، فتصغّر من الاسمين ما يقصد تصغيره منهما، فتقول: غليّم زيد، وغلام زييد، وثويب خزّ، وثوب خزيز. وأمّا المركّبّ: فإنّك تصغّر المصدر منه، تقول في حضرموت: حضيرموت (¬2)، وفي بعلبكّ: بعيلبكّ، وفي خمسة عشر: خميسة عشر. ¬
الفرع السابع في تصغير الأسماء المبهمة
الفرع السابع في تصغير الأسماء المبهمة وهي الّذى والّتى، وتثنيتهما، وجمعهما، وأسماء الإشارة. صغّروها على غير تصغير الأسماء المتمكّنة، فقالوا: في ذا: ذيّا، وفي ذاك: ذيّاك، وفي ذلك: ذيّالك، وفي هذا: هاذيّا، وفى هاذاك: هاذيّاك، وفي تا: تيّا، وفي تيك: تيّاك، وفي تلك: تيّالك وفي هاتا: هاتيّا، وفي هاتيك: هاتيّاك. وقالوا في تصغير الّذي: الّذيّا، وفي التي: اللّتياّ، وفي الّذين اللّذيّان واللّذيّين، وفي اللّتين: اللّتيّان واللّتيّين، وقالوا في تصغير أولى: أليّا، ومن مدّها مدّ مصغرها (¬1)، فإن أدخلت عليها ها التنبيه قلت: هاؤليّا، وإن أدخلت الكاف قلت هؤليّاك، وهؤليّاؤك، وتقول فى جمع الّذي مصغرا: اللّذيّون واللّذّيين (¬2)، بضمّ الياء وكسرها عند سيبويه (¬3)، ولو كان على القياس لكان بالفتح على حد مصطفون ومصطفين، وهو مذهب الأخفش (¬4)، والذّال فى المذهبين مفتوحة، ولا يصّغر سيبويه اللّواتي، ويقول: استغنوا عنه بجمع الواحد المصغّر (¬5)، يعني (¬6) اللّتيّات، وقد حكى اللّتيّا واللّويّا، بالضم (¬7). ¬
الفرع الثامن فى تصغير الجموع
الفرع الثامن فى تصغير الجموع الجمع جمعان: جمع قلّة، وجمع كثرة. فأمّا جمع القلّة: فيصغّر على ما هو عليه، تقول في أجمال: أجيمال. وفي أكلب: أكيلب، وفى أحمرة: أحيمرة، وفى غلمة: غليمة، وقالوا: أغيلمة (¬1)، وإن لم يقولوا في غلام: أغلمة، فأجروه على الأصل. وأمّا جمع الكثرة، فإن كان له جمع قلّة أعدته إليه ثمّ صغّرته، فقلت فى تصغير كلاب: أكيلب، وفى تصغير فلوس: أفيلس؛ لأن فعلا يجمع على فعال وفعول وأفعل. فإن لم يكن له جمع قلّة رددته إلى واحده، فإن كان ذكرا عاقلا زدت عليه في الرفع واوا ونونا، وفى الجر والنصب ياء ونونا، فتقول فى تصغير رجال: رجيلون، ورجيلين، فإن لم يكن ذكرا عاقلا زدت عليه ألفا وتاء (¬2)، فتقول فى مساجد: مسيجدات، وفى حبالى: حبيليات. ولك فيما كان له جمع قلّة أن تعيده إلى واحده، وتجريه مجرى ما ليس له جمع قلّة، فتقول في كلاب: كليبات، وفى شهّد: شويهدون. فإن كان الاسم قد كسّر على غير الواحد المستعمل صغّرته على واحده المستعمل، تقول فى ظروف جمع ظريف: ظريّفون، وفى سمحاء: سميحون وفى شعراء: شويعرون (¬3)، تردّه إلى ظريف وسمح وشاعر (¬4)؛ لأنّ هذه الجموع ليست جمع هذه الآحاد في القياس. ¬
ويلحق به ما جمع على معناه دون لفظه، تقول في هلكى ومرضى وسكارى: هويلكون، ومريّضون، وسكيرانون. فإن جاء جمع لم يستعمل واحده صغرته على القياس، نحو: عبابيد تقول: عبيديدون؛ لأنّه جمع فعلول أو فعليل، أو فعلال (¬1)، وفى أباطيل أبيطيلات، فأمّا قوله: قد شربت إلا دهيد هينا … قليّصات وأبيكرينا (¬2) فكأنّه صغّر دهاده، فردّه إلى الواحد وأدخل الياء والنون؛ للضرورة (¬3). والدهاده: جمع دهداه وهي حاشية الإبل. وتقول في تصغير سنين: سنيّات؛ لأنك قد رددت ما ذهب (¬4). وفى أرضين: أريضات، لأنّك قد غيّرت البناء (¬5). فإن سمّيت بهما امرأة قلت: سنينون، وأريضون، فلا ترده إلى الواحد؛ لأنّك لا تريد جمعا تصغره (¬6). وأمّا اسم اجمع فإنّك تصغّره على ما هو به، تقول في ركب: ركيب، وفي أدم: أديم، وفي كليب: كليّب، وكذلك الأسماء المفردة القائمة مقام الجمع، نحو: قوم وقويم، ونفر ونفير، وإبل وأبيلة، وغنم وغنيمة. ¬
الفرع التاسع في تصغير الترخيم
الفرع التاسع في تصغير الترخيم وهو أن تحذف زوائد الكلمة من بنات الثلاثة والأربعة، ثم تصغرها، فتقول في أحمد: حميد وفى أزهر: زهير، وفي حارث: حريث، وفي قرطاس: قريطس وفي خفيدد: خفيد، وفي مقعنسس: قعيس، وفي إكرام: كريم، وفي استخراج: (خريج) (¬1)، وفي المثل: «عرف حميق جمله"» (¬2) تصغير أحمق. وبعض النحاة (¬3) يقصر تصغير التّرخيم علي الأعلام، وقيل: إنّ قولهم: بريه وسميع تصغير ترخيم لإبراهيم وإسماعيل. (¬4) وفي الحديث أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لأمّ سلمة «أين زناب» (¬5) يريد بنتها زينب (¬6)، وكانت صغيرة يومئذ، وليس على حد التصغير وإنما هو اسم برأسه يريد به الصّغر. ¬
الفرع العاشر قد شذ في التصغير أسماء لا يقاس عليها،
الفرع العاشر قد شذّ في التصغير أسماء لا يقاس عليها، قالوا: آتيك مغيريان الشمس، تصغير مغرب، وقياسه أن يكون تصغير مغربان (¬1)، وقالوا: في عشيّة: عشيشية. قال سيبويه كأنه تصغير عشاءة (¬2)، وقالوا في العشىّ: (عشيّان) (¬3)، كأنه تصغير عشيان، وقالوا: آتيك عشيّانات ومغيربانات، كأنهم جعلوا الوقت أجزاء فسمّى كلّ جزء عشيّة (¬4)، وقالوا في أصيل: أصيلال وأصيلان. فأبدلوا النّون لاما (¬5)، لأنّ الأصل فيه أصلان - بالنون - فإنّه جمع أصيل، مثل كثيب وكثبان (¬6). وقالوا في تصغير غلمه وصبية. أغيلمة وأصيبية (¬7)، وقد ذكرناه (¬8) وقالوا في رجل: رويجل (¬9)، وفي إنسان: أنيسيان، وفي ليلة لييلية (¬10)، كأنه تصغير ليلاه. ¬
الفرع الحادي عشر في ما لا يصغر من الأسماء
الفرع الحادي عشر في ما لا يصغر من الأسماء وهي أسماء الأفعال (¬1)، نحو: نزال وشتّان، وهيهات، وأخواتها، وأسماء الإستفهام، وهي من، ما، وأين، وأخواتها. وبعض الظروف (نحو) (¬2): عند، وإذا، وحيث، وأمس، وغد. وأسماء الأيام والشهور عند سيبويه (¬3)، فأمّا اليوم والليلة والشهر والسنة فتصغّر على معنى تصغير الانتفاع بها أو نقصها، عمّا هي أصغر منه (¬4) واسم الفاعل إذا كان للحال والاستقبال (¬5)، فإذا كان للماضي صغّر. (¬6) والمضمرات جميعها، وغير، ومع، وكل، وبعض، ومثل - عند بعضهم - وسوى وحسبك، وبعضهم لا يصغّر المصادر، وبعضهم يصغّرها، وبعضهم صغّر. منها ما يحتمل التكثير والتقليل، كالضرب والأكل ونحوهما (¬7). (وكل اسم لا ثاني له فلا يجوز تحقيره؛ لأنه إنما يصغر بالإضافة إلى ماله مثل اسمه وهو أكبر منه) قاله ابن السراج (¬8)، وفيه نظر (¬9). ¬
الفرع الثانى عشر قد جاء في العربية أفاظ لم يستعمل لها مكبر،
الفرع الثانى عشر قد جاء في العربيّة أفاظ لم يستعمل لها مكبّر، مثل: الكعيت للبلبل (¬1)، والكميت للخمرو الفرس، والثّريّا للنجم، وقد قالوا: كعتان (¬2)، وكمت؛ فجاءوا بالجمع على المكبّر، كأنه جمع كعت وأكمت. فأما السّكّيت (¬3) فليست الكلمة مصغرة، فإن صغّرتها قلت: سكيكيت، وأما سكيت فهو تصغير ترخيم لها (¬4). وفي الألفاظ ما يشبه مكبّره مصغّره نحو: مسيطر، ومبيطر، تقول: بيطر فهو مبيطر، وسيطر فهو مسيطر، فإذا اصغّرته أنزلت الياء التى في الكلمة، وتركت موضعها ياء التصغير (¬5)، فاستوى اللفظان واختلف التقديران. ¬
الباب السابع في النسب وفيه فصلان
الباب السابع في النسب وفيه فصلان الفصل الأول في تعريفه النسب معنى طارئ علي الكلمة، فافتقر إلى علامة تدلّ عليه كالتأنيث والجمع (¬1)، والتّصغير، وغير ذلك من المعانى. والنحاة يسمّونه تارة باب النسب (¬2)، وتارة باب الإضافة (¬3)، لأنّ من تنسبه إلى شيء فقد أضفته إليه؛ ولذلك جعلوا العلامة في آخره. وإنّما جعلوها حرف علّة؛ لأنّ حروف العلّه أكثر ما تزاد في الكلام. والنّسب يحدث في الاسم شيئين: أحدهما لفظىّ، والآخر معنوىّ، فاللفظىّ: جعل حرف الإعراب حشوا، وجعل ياءي النسّب حرف إعراب، وكسر ما قبلها علي كلّ حال. والمعنويّ: جعل المعرفة نكرة، والجامد وصفا كالمشتقّ، ويرفع به الظاهر والمضمر، تقول: مررت برجل علويّ، وبرجل قرشيّ أبوه. وياء النسب تجرى عليها أوجه الإعراب رفعا، ونصبا، وجرا، والكوفيّ يجعل موضعها جرّا، باضافة الاسم المنسوب إليها (¬4)، وحكى عن العرب: رأيت التّيميّ تيم عدىّ)، بالكسر (¬5) وأنشد: ¬
إذا نزل الأزديّ أزد شنوءة … بأرض صعيد طاب منها صعيدها (¬1) والنسب يكون إلى أب، أو أم، أو قبيلة، أو حىّ، أو بلد، أو صنعة، أو صاحب، أو علم، أو دين، أو مذهب، نحو: علويّ وفاطميّ، وقرشيّ، ومضريّ، ومكيّ وكتّانيّ، وسلطانيّ، وفقهيّ، ونصرانىّ، وحنفيّ. والنسب ينقسم إلى: حقيقىّ وغير حقيقىّ. فالحقيقىّ: ما كان مؤثرا في المعنى، وهذا بابه. وغير حقيقيّ: ما تعلّق باللفّظ لغير معني، نحو كرسيّ، وبرديّ (¬2)، وكقوله: والدّهر بالإنسان دوّاريّ (¬3) ¬
وكقولهم: أحمريّ وأصفريّ، فزادوا الياء للمبالغة (¬1) وعلي هذا تأولوا قوله: عذرتك يا عيني الصّحيحة بالبكا … فما أنت يا عوراء والهملاني (¬2) يريد الدمع الهملانيّ فخفف الياء (¬3). وياء النّسب ياءان؛ الأولى منهما ساكنة مدغمة فى الثانية؛ فرقا بينها وبين ياء الإضافة، ومبالغة في المعنى الّذي وضعت له. والنّسب على ضربين: مطّرد، وغير مطّرد. فالمطّرد؛ لك أن تقيس عليه نظائره، وغير المطرد سبيله أن يحفظ ولا يقاس عليه (¬4)، وستراهما مفصلين إن شاء الله تعالى (¬5). ¬
الفصل الثانى فى أقسامه وأحكامه
الفصل الثانى فى أقسامه وأحكامه وفيه تسعة فروع: الفرع الأول: فى الصحيح إذا نسبت إلى الإسم الصّحيح المفرد الثّلاثيّ العاري عن الزيادة أقررته على بنائه، إلا أن يكون مكسور العين، فتقلب كسرتها فتحة، تقول في بكر: بكريّ، وفي عمر: عمريّ، وفي نمر: نمريّ. والرّباعيّ والخماسيّ، والملحق بهما كذلك، إلا في فتح الكسرة، تقول: في جعفر: جعفريّ، وفي سفرجل: سفرجليّ، وفي جوهر: جوهريّ، وفي صهصلق: صهصلقيّ. ومن العرب من يفتح عين الرباعي المكسورة فيقول في تغلب: تغلبيّ (¬1)، وفى المغرب: مغربيّ، وقالوا في الصّعق (¬2): صعق، فأتبعوا الصاد العين، فإذا نسبت إليه، قلت: صعقيّ، ولم تعد الصاد إلى الفتح؛ لأن فتحة العين عارضة، قال سيبويه: الوجه الجيد صعقيّ، بالفتحّ (¬3). قال ابن السراج: (وبعضهم يقول: صعقيّ) (¬4)، بكسر الصاد والعين، [قال] (¬5): ويقول في علبط (¬6)، وجندل: علبطيّ، وجندليّ، فلا تغيّر (¬7)؛ لأن الألف مرادة. ¬
الفرع الثانى في المعتل فلنذكر فى نوعين
الفرع الثانى في المعتل [فلنذكر فى نوعين] ولا يخلو حرف العلة أن يكون في أوّله أو آخره أو حشوه، فالذي في أوّله جار مجرى الصحيح، تقول في ورد: وردىّ، وفي يسر: يسرىّ، وفي أحمد: أحمدىّ، فإن كان الاسم محذوفا، نحو: اسم وابن، فله حكم يرد في موضعه (¬1)، فلنذكر المعتلّ الآخر، والحشو في نوعين: النوع الأول: في المعتل الآخر: ولا يخلو أن يكون آخره ألفا، أو ياء، أو واوا أو همزة (¬2). الحرف الأول: الألف، وهو الاسم المقصور، ولا يخلو أن يكون ثلاثيا أو رباعيا (أو ما فوق ذلك) (¬3) أما الثلاثى: فتبدل من ألفه واوا، ولا تنظر إلي أصلها؛ لوقوع ياء النسب بعدها، تقول في عصا: عصوى، وفي رحى: رحوى، فالألف أصلها في عصا: واو، فى رحى: ياء. وأما الرباعى: فلا تخلو ألفه أن تكون: منقلبه عن حرف أصلى، أو حرف ملحق، أو تكون للتأنيث، فالأول والثّانى لك فيهما مذهبان أحدهما، وهو الأولى، أن تثبتها وتقلبها واوا كالثلاثىّ (1)، فتقول في مغزى، مغزويّ، وفي مرمى، مرمويّ، وتقول في أرطى: أرطويّ، قال سيبويه سمعناهم يقولون في ¬
الأولى، أن تثبتها وتقلبها واوا كالثلاثىّ (¬1)، فتقول في مغزى، مغزويّ، وفي مرمى، مرمويّ، وتقول في أرطى: أرطويّ، قال سيبويه سمعناهم يقولون في أعيا: أعيويّ، حيّ من جرم، ويقولون في أحوى: أحوويّ (¬2)، وكذلك حكم من نوّن معزى وذفرى. والمذهب الثانى: أن تحذفها، فتقول: مغزيّ، ومرميّ وأرطيّ (¬3). وأرطيّ - بالحذف - أولى من مغزيّ، لأنّ ألفه بدل من زائد (¬4). وأمّا التّي للتأنيث، نحو: حبلى، فسنذكره في فرع النسب إلى المؤنث (¬5). وأما ما زاد على الأربعة: فلا تخلو ألفه من تقسيم ألف الرباعي. فالأصل والملحق يشتركان في الحذف معا، تقول فى مرامى ومعاطى: مراميّ ومعاطيّ، وتقول في حبنطى وسرندى: حبنطيّ، وسرندي. ومعاطى: مراميّ ومعاطيّ، وتقول في حبنطى وسرندى: حبنطيّ، وسرنديّ. ويونس يلحق، نحو: مثنّى ومعلّى بالثلاثيّ (¬6)، فيقول: مثنّوي ومعلّويّ. والمؤنّث يذكر في موضعه (¬7). ¬
الحرف الثاني الياء: وفيه صنفان
الحرف الثاني الياء: وفيه صنفان: الصّنف الأوّل: أن يكون قبلها كسرة، وهو المنقوص، ولا يخلو أن يكون: ثلاثيّا، أو رباعيّا، أو فوق ذلك. أمّا الثلاثيّ: فإنّك تبدل من كسرة عينه فتحة، فتنقلب ياؤه للفتحة قبلها ألفا، ثم تقلب الألف في النسب واوا؛ قياسا على رحى، تقول في عم وشج من العمى والشجا: عمويّ وشجويّ (¬1). وأمّا الرّباعيّ، نحو: قاض وغاز ومعط، فلك فيه مذهبان: أحدهما - وهو الأحسن الأكثر - أن تحذف الياء ثم تنسبه، فتقول: قاضيّ، وغازيّ، ومعطيّ. والثاني: أن تقلب الياء واوا، وتفتح الحرف الّذي قبلها، فتقول: قاضويّ (¬2)، وغازويّ (¬3)، ومعطويّ، وقد جاء الوجهان في الشعر، قالوا: حانيّ وحانويّ. كقوله: كأنّ ريقتها بعد الكرى اغتبقت … صرفا تخيّرها الحانيّ خرطوما (¬4). ¬
الصنف الثانى: أن يكون قبل الياء ساكن،
وقال الآخر: فكيف لنا بالشّرب إن لم يكن لنا … دراهيم عند الحانويّ ولا نقد (¬1) وأمّا قول الناس: قضويّ (¬2)، فليس من هذا الباب، وإنما هو منسوب إلى قضا، بالقصر، لو ورد. وأما ما زاد على الرباعيّ: فإنّ ياءه تحذف ليس غير، تقول في المشتري والمستقصي: مشتريّ ومستقصيّ، وما كثرت حروفه كان أولى بالحذف، ممّا قلّت حروفه، ولو نسبت إلى محيّي، بثلاث ياءات، حذفت الآخرة لأنّها خامسة (¬3)، ودخلت في باب: صبيّ، وسيجيء حكمه (¬4). ولو نسبت إلى محيّ، بياءين، حذفت الآخرة؛ لئلا يجتمع أربع ياءات فصارت الكلمة محي، فتقلب الياء ألفا؛ للفتحة قبلها، وتدخل في باب: عم وشج، فتقول: محويّ (¬5). الصنف الثانى: أن يكون قبل الياء ساكن، ولا يخلو الساكن أن يكون: ياء أو غير ياء، فإن ¬
كان غير ياء لم تغيّره في النّسب عن حاله، تقول في ظبي ونحي: ظبىّ ونحيّ (¬1). فإن كان بعد الياء تاء تأنيث، نحو: ظبية ودمية، فسيرد حكمها في المؤنّث (¬2). وإن كان الحرف الساكن ياء صارت مع الياء الثانية حرفا مشدّدا، ولا تخلو الياءان أن تكونا: أصلين أو زائدتين، أو تكون إحداهما أصلا، والأخرى زائدة، فإن كانتا أصلين فلك في النسب إليه وجهان: أحدهما: أن تقرّ الياء على حالها فتقول في طيّ: طيّيّ، وفي ليّ: ليّيّ (¬3). والثاني: أن تفكّ الإدغام وتعيد عين الكلمة إلى أصلها؛ لزوال الإدغام فتصير (طوي، وتقلب الياء التي هي لام الكلمة ألفا فتصير) (¬4) طوى، فإذا نسبت إليها استعملت فيها القياس فتقلب الألف واوا وتكسرها لياء النّسب فتقول: طوويّ (¬5)، ولوويّ. وإن كانت إحدى الياءين زائدة فلك في النسب إليها الوجهان المذكوران، تقول في صبيّ وعليّ: صبيّيّ، وعليّيّ، وصبويّ وعلويّ، فتحذف في الوجه الثاني الياء الأولى من عليّ؛ لأنها زائدة، وتقلب كسرة اللام فتحة فتنقلب الياء للفتحة ألفا، ثم تبدل من الألف واوا مكسورة لوقوع ياء النسب بعدها، وتقول على هذا في وليّ: (وليّيّ، وولويّ) (¬6)، وفي قصيّ: قصيّيّ وقصويّ (¬7)، والقلب أكثر في هذا الباب (¬8). فإن كانت الياءان زائدتين حذفتهما معا، تقول في النسب إلى الشافعيّ: شافعيّ مثله، إلا أنّ الياء التي في النسب غير الياء التي للشافعيّ في التقدير، ¬
الحرف الثالث الواو
فلو نسبت إلى مرميّ حملته على الشافعيّ في وجه فقلت: مرميّ، وفي وجه تحذف الياء الساكنة، وتقلب كسرة الميم فتحة، فتنقلب الياء ألفا، ثم تنقلب الألف واوا، فتقول: مرمويّ مثل ملهويّ (¬1). فإن كانت الياء المشدّدة قبل الحرف الآخر (¬2) حذفت الياء الثانية منهما وهي المتحركة تقول في ميّت وسيّد: ميتيّ وسيديّ، وتقول في أسيّد وحميّر: أسيديّ وحميريّ (¬3)، وأصحاب (الحديث) (¬4) يقروّن الياء المشددة بحالها فيقولون: أسيّديّ (¬5)، قال سيبويه: (وما أظنهم قالوا في طيّ: طائيّ، إلا فرارا من اجتماع الياءات، فجعلوا الألف مكان الياء) (¬6)، ولو نسبت إلي مهيّيم - تصغير مهوّم (¬7) -، لم تحذف منه شيئا فقلت: مهيّيميّ؛ لأنك لو حذفت الياء الآخرة صرت إلى مثل: أسيّد، فتحذف ياء أخرى (¬8). الحرف الثالث الواو: إذا كان آخر الاسم المعرب واوا فلا يكون ما قبلها إلّا ساكنا، ولا يخلو الساكن أن يكون واوا أو غير واو، فإن كان غير واو نسبت إليه بحاله، تقول في غزو: غزويّ، وفي عدو: عدويّ. وإن كان السّاكن واوا أدغمت في الثانية وصارت واوا مشدّدة، نحو: عدوّ ¬
الحرف الرابع الهمزة
وفلوّ (¬1)، وتنسب إليه أيضا بحاله ولا تغير منه شيئا (¬2)، لعدم اجتماع الأمثال؛ فتقول: عدوّيّ وفلوّيّ، فإن كان في آخره تاء تأنيث فسيذكر في موضعه (¬3). الحرف الرابع الهمزة: ولا (يخلو أن) (¬4) يكون قبلها ألف أو غير ألف، فإن كان غير ألف أجريته مجرى الصحيح، تقول في قارئ ومنشئ: قارئىّ، ومنشئيّ. وإن كان ألفا فلا تخلو الكلمة أن تكون منصرفة أو غير منصرفة (¬5)، والهمزة لا تخلو أن تكون أصلا، نحو: قرّاء، أو بدلا من أصل، نحو: كساء ورداء، أو بدلا من حرف ملحق، نحو: حرباء وعلباء، أو بدلا من ألف التأنيث، نحو حمراء وخنفساء. فأمّا المنصرف فإنك تقر همزته بحالها (¬6)، تقول في قرّاء: قرّائيّ، وفي كساء: كسائيّ، وفي رداء: ردائيّ، وفي حرباء: حربائيّ. وقد قلب قوم الهمزة واوا (¬7) فقالوا: قرّاويّ، وكساويّ، ورداويّ وحرباويّ والأولى أولى (¬8). وأمّا غير المنصرف، نحو (¬9): حمراء، فيذكر في المؤنّث (¬10). ¬
النوع الثانى: فى المعتل الحشو
النوع الثانى: فى المعتل الحشو: لا يخلو أن يكون معتلا بالألف؛ أو الواو، أو الياء، وهو على ضربين: أحدهما: أن تكون فيه تاء التأنيث، ويذكر في المؤنث (¬1). والثاني: أن لا تكون فيه تاء التأنيث، نحو: شمال ورسول وظريف ويجري في النسب مجرى الصحيح. والنحاة فيما كان منه بالياء مختلفون؛ فالذي عليه الأكثر (¬2) وهو مذهب سيبويه (¬3): أن ينسب إليه بحاله، ولا يحذف منه شيء، تقول في سعيد: سعيديّ، وفي نمير: نميريّ، وفي عقيل (¬4): عقيليّ، وما جاء منه محذوفا فهو عندهم قليل (¬5)، قال السيرافيّ (¬6): الحذف خارج عن الشذوذ، وهو كثير جدا في لغة أهل الحجاز، قالوا في قريش: قرشيّ، وفي ثقيف: ثقفيّ، وفي هذيل هذليّ، وفي خثيم (¬7): خثميّ. ¬
قال: هذيليّة (¬1) تدعو إذا هي فاخرت … أبا هذليّا من غطارفة نجب (¬2). فجمع بين اللغتين، والحذف والإثبات عند المبرد سواء (¬3)، والقياس الأول؛ لأن الحذف لا يرتكب إلّا لعلة، قال سيبويه: قالت العرب في بني فقيم: (فقميّ، وفي مليح خزاعة: ملحيّ (¬4)، وهذا عنده من الشّذوذ، وتقول العرب في فقيم دارم) (¬5): فقيميّ، وفي مليح خزيمة (¬6): مليحيّ. ¬
الفرع الثالث في المحذوف
الفرع الثالث في المحذوف ولا يخلو أن يكون المحذوف فاء الكلمة أؤ عينها، أو لامها، فلنذكرها في ثلاثة أصناف: الصنف الأول: في المحذوف الفاء: ولا يخلو أن تكون لامه صحيحا، أو معتلا، فإن كان صحيحا لم تعد فاؤه في النّسب، تقول في عدة: عدىّ، وفي ثقة: ثقيّ، وكان الأصل لو عادت الفاء: وعديّ ووثقيّ. وإن كانت لامه حرفا معتلا أعدت الفاء المحذوفة تقول في شية: وشوىّ، بكسر الواو الأولى وفتح الشين عند سيبويه (¬1)، ووشييّ - عند الأخفش (¬2) وذلك أنّ أصلها وشية بوزن دمنة، فلما حذفوا الواو التّي هى فاء كسروا الشّين، فإذا نسبت إليها حذفت تاء التّأنيث، للقياس، فتصير الكلمة على حرفين فتردّ الفاء المحذوفة وهي الواو، فتصير وشي: بوزن إبل، فتقلب كسرة الشين فتحة، فتنقلب الياء ألفا ثم تنقلب الألف في النسب واوا فتقول: وشوىّ والأخفش بعد ردّ المحذوف يعيد الشين إلي سكونها الأصلىّ ثم ينسب، فيقول: وشيىّ. الصنف الثاني: المحذوف العين: إذا نسبت إليه لا ترد عينه المحذوفة، تقول إذا سميّت ب «مذ» وسه (¬3)، إذا نسبت إليه: مذيّ، وسهيّ؛ لأنّ المحذوف من «مذ» نون «منذ»، والمحذوف من «سه» التاء في «سته» بوزن جمل؛ لأنّ جمعها أستاه. الصنف الثالث: المحذوف اللام: ولا يخلو أن تكون اللام قد عوّض منها شيء أو لم يعوّض، فالأوّل نحو: ¬
ابن واسم (واست) (¬1)، ولك فيه مذهبان (¬2): أحدهما: أن تنسب إليه بحاله، فتقول: ابنيّ، واسميّ، واستيّ، وتكتفي بالعوض عن المعوّض. والآخر: أن ترد المحذوف وتحذف العوض، وتستعمل القياس في النّسب، فتقول: بنويّ وسمويّ - بضمّ السين وكسرها (¬3) - وستهيّ (بفتح التاء) (¬4)؛ لأنها كانت قبل الحذف مفتوحة. قال سيبويه في الإضافة إلى ابنم: إن شئت: بنويّ، وإن شئت: ابنميّ (¬5). وأمّا ما لم يعوّض منه شيء فلا يخلو: أن يكون فيه تاء التأنيث وسيرد في المؤنّث (¬6)، أو لا تاء تأنيث فيه؛ فإما أن تردّ لامه في التثنية والجمع بالتاء، أو لا ترد، فإن ردّت فلا بد من ردّها في النّسب، تقول في أب (¬7): أبويّ وفي أخ: أخويّ، لقولهم: أبوان وأخوات. وإن كانت لم تردّ فلك الخيار في ردّ الّلام وتركها إذا نسبت (¬8)، تقول: في يد: يديّ ويدويّ، وفي دم: دميّ، ودمويّ، وفي حر: حريّ وحرحيّ، وفي لغة: لغيّ ولغويّ، على أنّه قد عادت لام يد ودم في الشّعر، فقالوا: يديان ودميان، وقد ذكرناه في باب التثنية (¬9). ¬
الفرع الرابع في النسب إلى المؤنث
الفرع الرابع في النسب إلى المؤنث وهو أربعة أصناف: الصنف الأوّل: المؤنث بالصيغة: وهو: جار مجرى المذكر الصحيح، تقول في هند: هنديّ، وفي دعد: دعديّ، وفي زينب: زينبيّ. الصنف الثاني: المؤنّث بالألف المقصورة وهي: إمّا رابعة، أو ما فوقها. فالرابعة: لك فيها مذهبان: أحدهما: الحذف، وهو الأكثر (¬1)، تقول في حبلى: حبليّ، وفي سكرى: سكريّ. والثاني - وهو الأقل -: أن تقلب الألف واوا فتقول: حبلوي وسكرويّ، فإن تحرك صدر الكلمة فليس إلا الحذف، لأنّ الحركة تنزلت منزلة الحرف، (¬2) تقول في بشكى: بشكيّ، وقد زادوا ألفا مع القلب، فقالوا في دنيا: دنياويّ، وفي حبلى: حبلاويّ، وليس بالكثير (¬3). وأمّا ما زاد على الأربعة فالحذف لا غير (¬4)، تقول في قرقرى: قرقريّ وفي حبارى: حباريّ. ¬
الصنف الثالث: المؤنث بالألف الممدودة
الصنف الثالث: المؤنث بالألف الممدودة: نحو: حمراء وصحراء، تقلب الهمزة في النسب واوا لا غير (¬1)، قلّت حروفه أو كثرت، تقول: حمراويّ، وصحراويّ، وخنفساويّ، وزكريّاويّ، وبروكاويّ. الصنف الرابع المؤنث بالتاء: إذا نسبت إليه حذفت تاءه أين وقعت، تقول في طلحة: طلحيّ، وفي الكوفة: كوفيّ، وفي عجوزة: عجوزيّ، وفي سفرجلة: سفرجليّ. ولا تغيّر الكلمة عن بنائها إلا في مواضع: الموضع الأول: أن يكون الاسم على فعيلة أو فعيلة، وليس عينه معتلة ولا مضاعفة من جنس اللام، نحو: ربعة وجهينة، فتحذف التاء والياء وتقلب كسرة فعيلة فتحة للنسب، فتقول: ربعيّ وجهنيّ، وما جاء على غير هذا فشاذ (¬2). فإن كانت الكلمة معتلّة العين، أو مضاعفة، نحو: طويلة وشديدة، لم تحذف الياء، تقول: طويليّ وشديديّ، وقالوا في السّليقة (¬3): سليقيّ، وفي سليمة (¬4): سليميّ، وفي عميرة (¬5): عميريّ، وفي ردينة: ردينيّ، ¬
الموضع الثاني: أن يكون الاسم على فعولة،
وفي الخريبة (¬1): خريبيّ، وهذا قليل في كلامهم كالأصول المرفوضة (¬2). الموضع الثاني: أن يكون الاسم على فعولة، كالأول، نحو: شنوءة (¬3)، فسيبويه والأخفش يحذفان الواو مع التّاء ويقرّان الضّمّة على حالها، فيقولان: شنئيّ بوزن شنعيّ (¬4). والمبرد يثبت الواو، فيقول: شنوئيّ (¬5)، وإذا نسبت إلى عدوّة قلت: عدويّ بوزن علويّ، وذلك أنّك حذفت تاء التأنيث (و) (¬6) واو فعولة، فبقيت الكلمة على فعل، بوزن: رجل، ولامها واو، فتقلب الضمة كسرة، فتنقلب الواو ياء، فتصير الكلمة عدي بوزن كتف، فتقلب كسرته فتحة؛ للنّسب، فتنقلب الياء ألفا، ثم تقلبها في النّسب واوا، فتقول ¬
الموضع الثالث: أن يكون الاسم على فعلة وفعلة وفعلة مما لامه ياء أو واو
: عدويّ، ففرق سيبويه بين مذكّره ومؤنّثه (¬1)، والمبرد لم يفرق بينهما فقال فيهما: عدوّيّ (¬2). الموضع الثالث: أن يكون الاسم على فعلة وفعلة وفعلة مما لامه ياء أو واو نحو: ظبية، وزنية (¬3)، ودمية، ونحو: غزوة، وعدوة (¬4)، وعروة. فالخليل وسيبويه يحذفان التّاء، ولا يغيّران صيغة الكلمة؛ حملا على مذكّرها (¬5)، فيقولان: ظبييّ، وزنييّ (¬6)، ودمييّ، وغزويّ، وعدويّ، وعرويّ، وأمّا يونس فإنّه يحذف التاء (¬7) ويفتح الحرف الّذي قبل الياء والواو، فتنقلب الواو والياء ألفا، فتصير ظبى وغزى في التقدير، ثم تنقلب الألف واوا في النسب، فتقول: ظبويّ (¬8)، وغزويّ، وعلى مذهبه جاء في قرية: قرويّ، وفي زنية: زنويّ. الموضع الرابع: فى المحذوف الفاء واللام: (أمّا المحذوف الفاء) (¬9) نحو: عدة وشية فقد ذكرناه (¬10). وأمّا المحذوف اللام: فيكون صحيحا، ومعتلا، نحو: ثبة وقلة (¬11) وشاة وذات، فالصّحيح لك الخيار في ردّ لامه (¬12)، تقول: ثبيّ، وقليّ، ¬
الموضع الخامس: إذا كان قبل تاء التأنيث ياء أو واو قبلهما ألف تغيرت في النسب.
وثبويّ وقلويّ، كما قلت: دميّ ودمويّ. أمّا المعتلّ فتقول في النّسب إلى شاة: شاهيّ؛ لأن المحذوف هاء (¬1)، وأصلها شوهة. فلمّا حذفت الهاء بقيت تاء التّأنيث، ولا يكون قبلها إلا مفتوح، فصارت شوة، فانقلبت الواو ألفا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها (فصارت شاة) (¬2). فإذا نسبت إليها حذفت تاء التأنيث للقياس، ثمّ تعيد اللام المحذوفة وهي الهاء فتقول: شاهيّ، فإذا نسبت إلى الشّاء قلت: شائيّ (¬3)، فإن سمّيت به ونسبت إليه كان لك الرّدّ والتّرك، تقول: شائيّ وشاويّ (¬4)، وتقول في سنة وعضة: سنويّ وسنهيّ، وعضويّ، وعضهيّ (¬5)، كما قلنا في التصغير (¬6). وأمّا ذات فتقول في النّسب إليها: ذوويّ (¬7)، كما تقول في مذكّرها؛ لأنّ الأصل في ذات: ذو، فلمّا انضمّ إليها تاء التأنيث، انفتح ما قبلها فانقلبت ألفا، فإذا نسبت إليها حذفت التاء (¬8)، ثمّ رددت لام الكلمة المحذوفة وهي ألف بدليل قولهم في التثنية: (ذواتا) (¬9)، ثمّ تقلب ألفها واوا؛ للقياس فتقول: ذوويّ، أما قولهم: ذاتيّ (¬10) فكالمولد، إلا أنه كثير الاستعمال دائر في ألسنة العلماء. الموضع الخامس: إذا كان قبل تاء التّأنيث ياء أو واو قبلهما ألف تغيّرت في النّسب. أمّا الياء: فإذا حذفت تاء التأنيث بقيت طرفا، فتقلبها همزة؛ لئلا يجتمع ثلاث ياءات، فتقول في صلاية (¬11) وسقاية: صلائيّ وسقائيّ (¬12). ¬
الموضع السادس: أن يكون قبل تاء التأنيث ياء مشددة،
وأمّا الواو فلا تقلبها لعدم اجتماع الأمثال، فتقول في شقاوة وعلاوة: شقاويّ وعلاويّ (¬1). فإذا نسبت إلى نحو: آية وراية وثاية (¬2) ففيه ثلاثة أوجه (¬3): الأوّل: أن (لا) (¬4) تقلب الياء فتقول (¬5): راييّ. والثاني: أن تبدل الياء همزة؛ هربا من اجتماع الياءات، فتقول: رائيّ والثّالث: أن تبدل من الهمزة واوا؛ استثقالا للهمزة مع الياء، فتقول: راويّ، كما قالوا: كساويّ، والأوّل أولاها (¬6). الموضع السادس: أن يكون قبل تاء التأنيث ياء مشدّدة، نحو: تحيّة، وحيّة، وليّة، (وأميّة) (¬7)، وهو جار مجرى المذكّر، تقول فيه: تحيّيّ وتحويّ، وحيّيّ وحيويّ، ليّيّ ولوويّ، وأميّيّ وأمويّ (¬8)، وذلك أنّك تحذف الياء السّاكنة، وتقلب الكسرة فتحة، وتعمل كما قلنا في صبيّ وعليّ (¬9). ¬
الفرع الخامس: في النسب إلى المضاف
الفرع الخامس: في النسب إلى المضاف إذا نسبت إلى اسم مضاف، فلا يخلو: أن يكون المقصود المضاف، أو المضاف إليه، فأيّهما كان نسبت إليه وحذفت الآخر (¬1)، تقول في عبد القيس: عبديّ، وفي امرئ القيس: امرئيّ، وتقول في النسب إلى أبي بكر وابن الزبير وابن كراع (¬2): بكريّ وزبيريّ وكراعيّ. فأيهما (¬3) كان أشهر فالنسب إليه. تقول في عبد مناف: منافيّ، لئلا يلتبس بعبد القيس (¬4)، وقد ركّبوا من لفظ المضاف والمضاف إليه اسما، ونسبوا إليه، قالوا في عبد شمس: عبشميّ، وفي عبد الدّار: عبدريّ، وفي عبد القيس: عبقسيّ (¬5). ¬
الفرع السادس: في النسب إلى المركب والجملة
الفرع السادس: في النسب إلى المركب والجملة إذا نسبت إلي المركّب، والجملة، نسبت إلى صدرهما (¬1). أما المركّب فتقول في حضرموت: حضريّ، وفي بعلبكّ: بعليّ، وفي خمسة عشر - اسم رجل -: خمسيّ، وفي اثني عشر - اسم رجل -: إثنيّ أو ثنويّ، ولا يجوز النّسب إلى العدد وهو عدد (¬2). وقد ركبوا من الاسمين اسما واحدا، ونسبوا إليه، نحو: حضرميّ (¬3)، وأجاز الجرميّ النسب إلى كلّ واحد من الجزئين فتقول: حضريّ أو موتيّ (¬4). وأمّا الجملة المحكيّة فتقول في (تأبّط شرّا): تأبّطيّ، وفي برق نحره: برقيّ، وقالوا في كنت: كونيّ (¬5) وكنتيّ (¬6)، فالأوّل أسقط التاء وأعاد الواو الساقطة؛ لالتقائها مع النّون الساكنة في «كن» (فصار كون) (¬7)، وأما الثاني فإنه أجراها مجرى كلمة واحدة. ¬
الفرع السابع في النسب إلى المجموع والمثنى
الفرع السابع في النسب إلى المجموع والمثنى الجمع على ضربين: جمع تصحيح، وجمع تكسير. فأمّا جمع التكسير فلا يخلو: أن يدل علي جماعة، أو على واحد بالوضع، والذي يدلّ على جماعة لا يخلو: أن يكون له واحد من لفظه، أو لا واحد له من لفظه، فالذّي له واحد تردّه إلى واحده، وتنسب إليه (¬1)، فتقول في رجال: رجليّ، وفي الفرائض: فرضيّ؛ لأنّ واحد الفرائض فريضة، وفعيلة إذا نسبت إليها حذفت تاءها وياءها، وقلبت كسرة عينها فتحة. وقد شذ في الشعر (قال) (¬2): مشوّه الخلق كلابيّ الخلق (¬3) وزعم الخليل (أن) (¬4) نحو ذلك (¬5): مسمعيّ في المسامعة (¬6)، ومهلّبيّ ¬
في المهالبة (¬1). فإن كان الجمع لا واحد له نسبت إليه بحاله، تقول في النّسب إلى نفر: نفريّ، وإلى رهط: رهطيّ (¬2)، وإلى قوم: قوميّ، فإن جمعت هذا الجمع رددته إلى ما كان عليه، فتقول في أنفار: نفريّ، وفي أقوام: قوميّ. وفي نسوة ونساء: نسويّ؛ لأنّ نساء جمع نسوة، ونسوة لا واحد لها من لفظها (¬3). وتقول في محاسن: محاسنيّ (¬4)، وفي الأعراب: أعرابيّ (¬5). فإذا كان الجمع موضوعا للواحد نحو: معافر (¬6)، ومدائن (¬7)، وأنمار (¬8)، وهوازن (¬9)، نسبت إليه بحاله، فتقول: معافريّ، ومدائنيّ، وأنماريّ، وهوازنيّ؛ لأنّ هذه الأسماء صارت أعلاما، وزال عنها معنى الجمع، وقالوا في الأنصار: أنصاريّ (¬10)، فلم يردّوه إلى الواحد؛ لأن هذه الصفة صارت غالبة عليهم، فتنزلت منزلة الأعلام. وعلى نحو من ذلك قالوا في أبناء فارس (¬11): أبناويّ، وأجروه على ¬
الأصل فقالوا: بنويّ (¬1)، ولو سمّيت رجلا بمساجد لقلت: مساجديّ. وأمّا جمع الصّحّة: كالزيدين والهندات ولا فرق بين أن يكون متعلقا على الجمع أو على الواحد، فلا بدّ من حذف الزيادتين اللّتين في آخره (¬2) تقول في رجل اسمه زيدون: زيديّ، وفي جماعة كلّهم زيد: زيديّ (¬3)، وكذلك هندات في المؤنّث: هنديّ - للواحدة والجماعة. فإذا سمّيت رجلا بتمرات قلت: تمريّ - بفتح الميم، وإن كان جمع تمرة قلت: تمريّ - ساكن الميم. وقالوا في أذرعات: أذرعيّ (¬4)، وفي عانات (¬5): عانيّ. وإذا نسبت إلى نحو: نصّيبين (¬6)، ويبرين (¬7)، وقنّسرين (¬8)، فلك فيها مذهبان: إن جعلت النون للجماعة أجريته مجرى جمع الصحة، فقلت: نصيبيّ، ويبريّ، وقنّسريّ؛ لأنّهم يقولون فيها: نصيبون، ويبرون، ¬
وقنّسرون، وإن جعلت النون حرف إعراب قلت: نصّيبينيّ، ويبرينيّ وقنّسرينيّ. وكذلك حكم سنين؛ جمع سنة، إن جعلتها جمعا كمسلمين قلت: سنهيّ وسنويّ وسنيّ (¬1)؛ لأن سنة من محذوف اللام الذي يجوز في النّسب ردّه وتركه، فمن قال: سانهت، قال: سنهيّ، ومن قال: سانيت قال: سنويّ، ومن لم يردّ قال: سنيّ، وأمّا من جعل الإعراب في النون فيقول: سنينيّ (¬2). وتجري التثنية في النسب مجرى جمع الصّحّة فتقول في النّسب إلى زيدان وزيدين: زيديّ، فإن جعلت النون حرف الإعراب قلت: زيدانيّ. وقالوا في النسب إلى خليلان اسم رجل: خليلانيّ، وهذا على قول من جعل الإعراب في النون (¬3). وأنشد: ألا يا ديار الحيّ بالسّبعان (¬4). والسّبعان: اسم موضع (¬5). ¬
الفرع الثامن في التعويض من ياءي النسب
الفرع الثامن في التعويض من ياءي النسب وقد عوضوا منها بصيغتين لمعنيين مختلفين، وبألف. فالأول: فعّال - مشدّد - الدالّ على المبالغة جعلوه لما يكون صفة، أو علاجا كالبزّاز (¬1)، والعطّار، والنّجّار، والحدّاد، ممّا لا يحصى كثرة من الصنائع والحرف والمعالجات. والثاني: فاعل، جعلوه لذي الشّيء وصاحبه، وإن لم يكن صانعه، قالوا لذي الدرع: دارع، ولذي النّبل: نابل، ولصاحب اللّبن والتّمر: لابن وتامر، ولصاحب الفرس: فارس. فأمّا من كان شيء من هذه الأشياء معاشه فالغالب عليه الأوّل، نحو تمّار، ولبّان، قال سيبويه (¬2): ليس في كلّ شيء يقال هذا، لم يقولوا لصاحب البرّ برّار، ولا لصاحب الشّعير (¬3): شعّار، ولا لصاحب الدّقيق: دقّاق، وإنّما يقال له: دقيقيّ. وقد استعمل أحد هذين القسمين موضع الآخر، قالوا: رجل ترّاس، معه ترس، وقالوا: نبّال لذى النّبل. والثالث: عوضوا من إحدى الياءين ألفا قبل حرف الإعراب الذي قبل ياء النسب (¬4)، قالوا في اليمن: يمان، وفي الشأم: شآم، ومن قال: يمانيّ وشآميّ فكأنّه نسب إلى المنسوب (¬5). وقالوا في تهامة: تهام - بالفتح -، كأنّه نسب إلى تهم أو تهم فقال (¬6): تهميّ، ثمّ جاء بالألف التي هي عوض فقال: تهام، ومن كسر التّاء اعتبر الأصل، فقال: تهاميّ (¬7). ¬
الفرع التاسع في ما شذ من النسب
الفرع التاسع في ما شذ من النسب قد تقدّم القول: أنّ النسب على ضربين (¬1): مطرد وهو ما تقدم ذكره (¬2) وشاذّ لا يقاس عليه، ويجيء في الكلام على ثلاثة أضرب: الضرب الأوّل: أن ينسب الشيء إلى لفظ يؤدّي معنى المنسوب إليه من غير نظر إلى قياس ولا تخفيف، قالوا في النّسب إلى البادية: بدويّ (¬3) وإلى العالية: علويّ (¬4)، وإلى البصرة: بصريّ، وبصريّ بالكسر (¬5)، وإلى السّهل سهليّ (¬6)، وإلي صنعاء: صنعانيّ، وإلى البحرين: بحرانيّ (¬7). والى ¬
الضرب الثاني: فعلوه لنوع من التخفيف،
دستواء (¬1): دستوانيّ (¬2)، وإلى الرّوحاء (¬3): روحانيّ وروحاويّ أكثر (¬4)، وقالوا في النسب إلى الملائكة والجن: روحانيّ (¬5)، كأنه نسب إلى الروح. الضرب الثاني: فعلوه لنوع من التخفيف، قالوا في النّسب إلى الحيرة: حاريّ (¬6)، وإلى القفا: قفيّ، وإلى أميّة: أمويّ - بالفتح (¬7) -، وإلى طيّ: طائيّ (¬8)، وإلى الأفق: أفقيّ (¬9)، وإلى الشتاء: شتويّ (¬10)، وإلى طهيّة (¬11): طهويّ (¬12)، وطهوي أكثر (¬13)، وإلى حروراء (¬14) وجلولاء (¬15): حروريّ وجلوليّ، والقياس: ¬
حروراويّ (¬1)، وإلى بهراء (¬2): بهرانيّ (¬3)، وإلى خراسان (¬4): خرسيّ وخراسيّ (¬5) وخراسانيّ أكثر (¬6). الضرب الثالث: غيّروه للفرق، قالوا في بني الحبلي (¬7) - بطن من الأنصار -: حبليّ - بفتح الباء (¬8) -، وفي الطويل اللحية: لحيانيّ، وفي الطويل الرقبة: رقبانيّ، وفي الطّويل الجمّة (¬9): جمّانيّ (¬10)، وفي القديم الدّهر، والشيخ الهرم: دهريّ - بالضّمّ -، وللقائل بالدّهر: دهريّ - بالفتح (¬11). (وقالوا: رجل مدنيّ، وحمار مدينيّ (¬12)، وقد نسبوا إلى مدينة المنصور: مديني) (¬13) (¬14) وقالوا: رجل حيريّ، وثوب حاريّ، ورجل مرويّ، وثوب مروزيّ (¬15). ¬
الباب الثامن (في الاستفهام)
الباب الثامن (في الاستفهام) وفيه أربعة فصول: الفصل الأول: في تعريفه: الاستفهام: معنى من معاني الكلام الأوّل، كالأمر والنهي والدعاد والخبر الذي هو نقيضه، فإذا صدر ممّن يجهل ما سأل عنه قيل له «استفهام واستخبار، واستعلام، واسترشاد» ونحو ذلك من المعاني التي يطلب بها الإنسان معرفة ما لا يعرفه كقولك: أزيد في الدار؟ وأقام عمرو؟ وأنت جاهل بكون زيد في الدار وبقيام عمرو، فإن صدر الاستفهام عن عالم بالشيء المستفهم عنه سمي تقريرا، وتثبيتا، وتنبيها، وإنكارا، وتوبيخا. تقول في التقرير (¬1) - لمن أحسنت إليه -: ألم أحسن إليك، ألم أكرمك؟ ومنه قوله تعالى: * أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى * (¬2). وقول جرير: ألستم خير من ركب المطايا (¬3). وتقول في التثبيت: أزيد يفعل هذا؟، ومنه قوله تعالى: * أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ * (¬4) وقد علم الله تعالي أن عيسى - عليه السّلام (¬5) - لم يقل ذلك، وإنّما قاله؛ تثبيتا للحجّة على أمته. وأمّا التنبيه فكقوله تعالى: * وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى * (¬6) لمّا أراد أن يقلبها حيّة، نبّهه عليها قبل أن يقلبها ليراها عصا قبل القلب. ¬
وأمّا التوبيخ فكقوله تعالى: * أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ * (¬1). وأمّا الإنكار فكقولك: أمقيما وقد سار الركب (¬2)؟. وكقوله: أطربا وأنت قنّسريّ (¬3)؟ أي: أتطرب وأنت شيخ كبير (3)؟ وكقوله تعالى: * كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ * (¬4) وكقوله: * فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * * (¬5) (¬6). وأما التسوية: فكقوله (تعالى) (¬7): * سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * (¬8). وكقولك (¬9): ما أدرى أقام أم قعد؟. وهذه المعاني تختصّ بالهمزة دون أخواتها، إلا ما جاء في كيف وأم في الإنكار والتسوية. ¬
الفصل الثاني في أدواته
الفصل الثاني في أدواته: وهي: حروف، وأسماء، فالحروف: هي الأصل، والأسماء محمولة عليها؛ لضرب من الفائدة يرد ذكره (¬1). أمّا الحروف فهي: الهمزة وهل وأم. وأمّا الأسماء فعلى ضربين: ظروف، وغير ظروف. فغير الظروف: من، وما، وأيّ، وكيف، وكم. والظّروف: أين، وأنّى، وأيّان، ومتى، وأيّ، وحين (¬2). تقول: أزيد عندك؟ وهل قام زيد؟ وأزيد في الدار أم عمرو؟ ومن عندك؟ وما فعلت؟ وأيّ شيء قلت؟ وكيف أنت؟ وكم مالك؟ وأين زيد؟ وأنّى شئت؟ وأيّان تقوم؟ ومتى تذهب؟ وأيّ حين تخرج؟ ولكل واحدة من هذه معنى. أمّا الهمزة. فقد تقدم الكلام عليها في باب العطف مبسوطا (¬3) فلم نعده. وهي في الاستفهام أمّ الباب، والباقي من الأدوات تبع لها، وهي أعمّ تصرفا من غيرها، تقول: أزيد عندك؟ وأزيدا ضربت؟ وأتضرب زيدا؟ وأهو أخوك؟ وتقول لمن قال لك: مررت بزيد: أبزيد مررت؟، ولمن قال: ضربت زيدا: أزيدا ضربت؟ وقد تحذف من الكلام إذا دلّ عليها لفظه أو معناه. كقول الشاعر (¬4): لعمرك ما أدري وإن كنت داريا … بسبع رمين الجمر أم بثمان (4). ¬
وهذا كثير في كلامهم، وأكثر ما رأيته جاء في الحديث (¬1). وأمّا «أم»: فكذلك قد تقدّم الكلام عليها في باب العطف (¬2)، فإذا قلت: سواء عليّ أقمت أم قعدت؟ كان محمولا على المعنى، إذ ليس في الجملة عائد، وإنّما تقدّر الجملتان تقدير مفردين مبتدأين، وسواء خبرهما. وقال الفارسيّ: سواء مبتدأ والجملة بعده خبره (¬3). وكذلك إذا قلت: ما يضرني أجئت أم ذهبت، وما أدري أقمت أم قعدت. فيضرني بغير فاعل، وأدري بغير مفعول. وأمّا هل: فإنها تفارق الهمزة بأنّك مع الهمزة تكون مثبتا أحد الأمرين في قولك: أزيد عندك؟ فقد هجس في نفسك أنّه عنده، فأردت أن تستثبته، ومع «هل» فلست مثبتا ولا نافيا، ولا أحد الأمرين أرجح عندك من الآخر، وقد ترد «هل» بمعنى «قد (¬4)» إذا جاءت من عالم بما سأل عنه، وكان بعدها فعل كقوله تعالى: * هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ... * (¬5)، وكقول الشاعر: ¬
سائل فوارس يربوع بشدّتنا … أهل رأونا بوادي السّفح ذي الأكم (¬1). وقال قوم (¬2): إن هل لم تخرج عن الاستفهام، وجعلوها تقربرا وتثبيتا، وحملوا عليه قوله تعالى: * هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ * يريد بالإنسان: آدم (عليه السّلام) (¬3) تقريرا لمن ادّعى غير ذلك. ومثله قوله تعالى: * هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ * (¬4). وقال الفرّاء (¬5): «هل» تكون جحدا، كقولك: هل يقدر على هذا غيري؟ أي لا يقدر. وتكون خبرا كقولك: هل أعطيتك؟ وهل أحسنت إليك؟. وأما «من» فلها في الكلام مواضع (¬6)، فهي (¬7) في جميعها موضوعة لمن يعقل، استفهاما، وشرطا، وموصولة، وموصوفة، وقد وقعت في الصلة على ما لا يعقل كقوله تعالى: * وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ * (¬8) وقيل في بعض التفسير: ¬
أراد به البهائم (¬1). وتقع على الواحد، والاثنين، والجميع، والمذكر والمؤنث، ولفظها مذكّر، والحمل عليه هو الكثير، كقوله تعالى: * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً * (¬2) بتذكير «يقنت» وتأنيث تعمل، وقد يحمل على المعى من قرأ: (تقنت) بالتاء (¬3)، وهو قليل. وأمّا «ما» فلها في الكلام مواضع (¬4)، وهي في الاستفهام: سؤال عن صفة من يعقل وذات ما لا يعقل (¬5)، تقول: ما زيد؟ وما عندك؟ وتقع سؤالا عن أشخاص الأناسيّ إذا تراءى لك شبح ولا تعلم ما هو، وإن كان إنسانا تقول: ما هذا؟. وقد وقعت على من يعقل (في قوله تعالى) (¬6): * أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ * * (¬7) قيل: أراد (أو) (¬8) من ملكت أيمانهم (¬9)، وكقوله تعالى: * وَالسَّماءِ وَما بَناها * (¬10) أي: ومن بناها (¬11)،. وقيل: التقدير: أو ملك (¬12) أيمانهم (¬13) والسماء وبنائها، فجعل ما والفعل بمعنى المصدر (¬14). ¬
قال ابن السّرّاج (¬1): إن جعلت الصفة موضع الموصوف على العموم، جاز أن يقع على من يعقل، ومن كلامهم: (سبحان ما سبح الرعد بحمده) (وسبحان ما سخركنّ لنا) (¬2). وإذا دخل عليها حرف الجرّ، حذفت ألفها، كقوله تعالى: * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها * (¬3) و * عَمَّ يَتَساءَلُونَ * (¬4). و * لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ * (¬5) و * فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * (¬6)، وأجاز الأخفش: عند م أنت؟ ولم يجز: فوق م أنت؟ (¬7). وقد قلبت فى بعض المواضع هاء، نحو: أن تسمع ضجة أو جلبة (¬8)، أو ترى أمرا فظيعا ولا تعلم سببه، فتقول: مه؟ أي: ما الخبر، وما الموجب لهذا؟ فإذا وقفت وقفت بالهاء، والألف، (فتقول) (¬9): فيمه ولمه، وفيما ولما؟ والهاء أجود (¬10). وأمّا «أيّ»: فسؤال عن بعض ما تضاف إليه كائنا ما كان، من شخص أو مصدر أو زمان أو مكان، ولذلك أدخل أيّ حين في الزّمان والمكان. وتضاف إلى المعرفة والنكرة تقول: أيّ الرجال عندك؟ وأيّ رجل عندك؟ وإذا قلت: أيّ الثلاث أخوك أو أخواك؟ جاز؛ لأن الأخ والأخوين بعض الثلاثة، ولو قلت: إخوتك، لم يجز (¬11). وأما قولهم: أيّ الدينار دينارك، وأيّ البعير بعيرك، فلأن الألف واللام للجنس. وأمّا كيف: فسؤال عن الحال الّتي عليها الشخص المسئول عنه، فإذا ¬
قلت: كيف زيد؟ فمعناه على أيّ حال هو؟ وقد عدّها ابن جنى في الظروف (¬1)، وهو مذهب الكوفيّ (¬2)، وإنّما حمله على ذلك أنّك إذا قلت: كيف زيد؟ تضمّن معنى: في أيّ حال هو، ولو قلت في جوابه: في عافية، لكان حسنا. وأجاز الأخفش: زيد كيف؟ على أن يجعل في كيف ضميرا (¬3)، وأنشد: فكيف ترى طول السّلامة يفعل (¬4) فجعلها ظرفا. وقد ترد ولا يراد بها الاستفهام؛ حملا على معنى الكلام، كقوله تعالى: فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ * (¬5) أي: فيبسطه على مقتضى مشيئته وإرادته وأمّا «كم» فسؤال عن العدد المخصوص لجميع المعدودات، تقول: كم مالك؟ وكم إبلك؟ وكم سرت فرسخا؟ وكم صمت يوما؟ فهي من جنس مفسّرها، أو ما تضاف إليه، فيجوز أن تكون ظرفا إذا قرنت بالظّرف أو ¬
فسرت به، ولها باب مفرد حيث وقعت خبرا واستخبارا وقد تقدم ذكره (¬1). وأمّا «أين»، و «أنّى» فسؤال عن مكان مخصوص، تقول: أين زيد؟ وأنّى زيد؟ فإنّما تسأل عن المكان الذي اختصّ به وحلّ فيه، ولم ترد مكانا مطلقا. وفي أنّى زيادة معنى على أين، كقوله تعالى: * أَنَّى لَكِ هذا * (¬2) أي: من أين لك هذا؟ ولذلك قالت في الجواب: * هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ *، وقد تجيء أنّى بمعنى متى وكيف كقوله تعالى: * فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ * (¬3). وأمّا «متى» و «أيّان»، «وأيّ حين»: فسؤال عن زمان مخصوص، تقول: متى قدم زيد؟ فإنّما تسأل عن الزمان المختصّ بقدومه، لا عن زمان مجهول، وكقوله تعالى: * أَيَّانَ مُرْساها * (¬4) أي: في أيّ زمان ترسو؟. ¬
الفصل الثالث في جواب الاستفهام
الفصل الثالث في جواب الاستفهام وهو على ضربين: أحدهما: أن يكون باسم من جنس المسئول عنه. والثّاني: بحروف مخصوصة. الضرب الأوّل تارة يكون اسما صريحا، وتارة وصفا، وتارة ظرفا. فأمّا «من»: فإذا قيل لك: من عندك؟ فإن لم يكن عندك أحد، قلت: ليس عندى (أحد) (¬1)، وإن كان عندك إنسان فالجواب اسمه، قال الأخفش (¬2): (إذا قيل: من جاءك؟ إن شئت أجبته بنكرة على اللّفظ، فتقول: رجل، وإن شئت أجبته بمعرفة على المعنى، فتقول: زيد). وقال الفرّاء: («من» يقع جوابها في الاسم والنّسب، تقول في جواب من قال: من أنت؟: محمد بن فلان، وإن شئت: أحد بني تميم) (¬3). وأمّا «ما» فإذا قال ما عندك فجوابه أن تقول: فرس، أو ثوب، ويجوز أن تقول: رجل، فتجيب باسم الجنس (¬4)، فإن أقمت الصفة مقام الموصوف جاز أن تقول في جوابه: زيد (¬5)، لأنّ «ما» سؤال عن صفة من يعقل فإذا قيل لك: ما زيد؟ قلت: طويل أو قصير (¬6)، ونحو ذلك، فمن هاهنا جاز أن تقول في جوابه: زيد، على الاتّساع، كما تقول فى الخبر: مررت بالكاتب، والقرشيّ، فتضع «ما» - وهي استخبار عن الأوصاف - استخبارا عن الموصوفات. قال الفرّاء: (" ما" على وجهين: إن شئت جعلت الجواب فيها بأجناس النّاس خاصّة، وإن شئت جعلتها لكلّ الخلق، فإذا قيل: ما أنت؟ فجوابه إن كان يعلم أنّه يعرف جنسه العامّ: فارسيّ، أو عربيّ (¬7)، ونحو ذلك، وإن كنت ¬
لا تعرفه فقال: ما هذا؟ قيل: إنسان أو شيطان أو ما شئت من الأجناس (¬1). وأما «أيّ»: فإذا أضفتها إلى معرفة كان الجواب تعيين اسم من جنس المضاف إليه، يقال: أي الرجال أخوك؟ فتقول: زيد أو عمرو، وإن أضفته إلى نكرة، كان الجواب صفة من صفات الاسم، يقال: أيّ رجل زيد؟ فتقول: كاتب أو شاعر، وهي تفصّل ما أجملته «ما»، يقال ما عندك؟ فتقول: بزّ، فيقال (¬2): أيّ البزّ؟ فتقول: كتّان. وأمّا «كيف»: فالجواب عنها الحال التي عليها المسئول عنه، ولا يكون إلا نكرة، يقال: كيف زيد؟ فتقول: صحيح أو مريض. وأمّا «كم» فجوابها تعيين العدد المسئول عنه، يقال: كم مالك؟ فتقول: عشرون دينارا، ويكون نكرة كهذا، أو معرفة كقولك في جواب من قال: كم صمت وسرت؟: اليومين والفرسخين اللاتي تعرفها، وأنكر ذلك ابن السراج (¬3)، وقد ذكرناه مبينا في باب الظروف (¬4). وأمّا «متى» و «أيّان» فجوابهما خصوص الزمان، يقال: متى قدم زيد؟ وأيّان خرج؟ فتقول: يوم الجمعة، ولو قلت: يوما أو وقتا لم يجز، ولو قلت: نهارا أو ليلا، حسن؛ للتخصيص. وأمّا «أين»، «وأنّى» فجوابهما خصوص المكان، يقال: أين زيد؟ فتقول: في الدار، ولو قلت: مكانا أو موضعا لم يجز؛ للإبهام، فإن قلت: خلفك، أو أمامك جاز للتخصيص. وتزيد (من) (¬5) في جواب «أنّى» فتقول من عند فلان، ولو أسقطتها لم يحسن. ¬
وأمّا" الهمزة" و" أم" فقد أخذا معنى أيّ؛ فلذلك أجيبا بالاسم، يفال: أزيد عندك أم عمرو؟ فتجيب باسم من عندك منهما. وأمّا «هل» فإنّما يجيبها ب «لا ونعم»، وسنذكره (¬1). ¬
الضرب الثاني في الجواب بالحروف
الضرب الثّاني في الجواب بالحروف وهي خمسة: نعم، بلى، ولا، واي، وإنّ، ويجاب بهنّ الإستفهام بالحروف، يقال: أزيد قائم، وهل زيد في الدار؟ فتقول: نعم، أو لا، ولهنّ اختصايات بالمواضع المستفهم عنها. أمّا نعم: فمصدّقة لما سبقها من كلام منفيّ أو مثبت، خبرا كان أو استخبارا، أمّا الخبر فإذا قيل: قام زيد أو ما قام زيد، فقلت: نعم، كنت مصدّقا لما أخبر به من إثبات ونفي. وأمّا الاستخبار فإذا قيل: أقام زيد؟ أو أما قام زيد؟ فقلت: نعم (¬1)، فقد حقّقت استفهامه. وأمّا بلى: فإنها تختص بالنفي، وتفيد الإيجاب بعده، خبرا واستخبارا، يقال: لم يقم زيد، أو ألم يقم (¬2) زيد؟ فتقول: بلى، فتكون قد أثبت قيامه في الحالين. ومنه قوله تعالى: * أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ * (¬3) أي: نقدر على جمعها، وكقوله تعالى: * أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى * (¬4) ولو دخلت موضعها «نعم» لم يجز (¬5)؛ لأنّه يكون تصديقا لنفي الرّبوبيّة. وأمّا «لا» فتفيد نفي الخبر والاستخبار الموجبين، يقال (¬6): قام زيد، أو: أقام زيد؟ فتقول: لا، فتنفي القيام في الحالين، فإن جاءت بعد النفي الخبريّ كانت إيجابا، يقال: ما قام زيد، فتقول: لا، أي: قام، وإن جاءت بعد النّفي الاستخباريّ كانت نفيا كقولك: أما قام (¬7) زيد؟ فتقول: لا، أي: ما قام؛ ولهذا لا يجوز دخولها في جواب قوله تعالى: * أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ *؛ لأنه يكون نفيا للربوبيّة، وكقوله تعالى: * فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا ¬
نَعَمْ * (¬1)، ولو قالوا (¬2): «لا» كان نفيا لوجدان الوعد. وأمّا «إي» فإنّها بمعنى «نعم»، ويجاب بها الاستفهام مع القسم خاصّة، يقال لك: هل قام زيد؟ فتقول: إي والله، وإي لعمري، وكقوله تعالى: * وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ * (¬3). وأمّا «إنّ» فإنها تكون بمعنى «نعم» (¬4)، يقال: قام زيد، فتقول: إنّ أي: نعم، ومنه قول الشاعر (¬5): ويقلن: شيب قد علا … ك وقد كبرت فقلت: إنّه. والهاء فيها لبيان حركة النون (¬6). وقد أجابوا الخبر بحرفين هما: أجل وجير، يقال: قد أتاك زيد فتقول: ¬
أجل، وخرج الأمير، فتقول: جير، ولا يجاب بهما الاستفهام (¬1)، وتقع جير بمعنى: حقا، في قولك: جير لأفعلن (¬2)، وتكسر راؤها وتفتح (¬3). ¬
الفصل الرابع في أحكامه
الفصل الرابع في أحكامه الحكم الأول: إنّما جيء في الاستفهام بالأسماء والظروف؛ لضرب من الاختصار والإيجاز، وقد ذكرنا ذلك في باب الشرط (¬1)، ألا ترى أنّك إذا قلّت: من عندك؟ استغنيت به عن تعداد أسماء الذين تظنّ أنّهم عنده؛ ليقع على اسم من عنده. وإذا قلت: متى جئت؟ استغنيت به عن تعداد الأوقات، وإذا قلت أين ذهبت؟ استغنيت به عن تعداد الأمكنة، فوقعت هذه الأسماء والظّروف موقع حرف الاستفهام، ولذلك بنيت. الحكم الثاني: قد أدخلوا «أم» على أدوات الاستفهام ما عدا الهمزة، كقوله تعالى: * أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ. * (¬2) وقوله: * أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * (¬3). وقول الشاعر: فأصبح لا يدري أيقعد فيكم … على حسك الشّحناء أم أين يذهب (¬4)؟ وقال الآخر (¬5): أم هل كبير بكى لم يقض عبرته … إثر الأحبّة يوم البين مشكوم ¬
الحكم الثالث: قد أدخلوا الهمزة على بعض حروف العطف
وقد أدخلوا الهمزة على هل (¬1) في قوله: أهل رأونا بوادي السّفح ذي الأكم؟ (¬2) وسيبويه يقول: إنّ «هل» هاهنا بمعنى «قد»، فتركوا الألف قبلها؛ لأنّها لا تقع إلّا في الاستفهام (¬3)، وقيل: إنّها على بابها (¬4)، والهمزة للتقرير والتوبيخ تقديره أتقولون: هل رأونا؟. وقال الفرّاء: (لا يجوز الجمع بين استفهامين في موضع واحد إلّا في ضرورة الشّعر، فلا تقول: أأين قمت؟ وأ أيّهم في الدّار؟ وأهل زيد في الدّار؟) (¬5). الحكم الثالث: قد أدخلوا الهمزة على بعض حروف العطف (كقوله تعالى) (¬6): * أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً * (¬7) وكقوله تعالى: * أَفَأَمِنَ (¬8) أَهْلُ الْقُرى * (¬9) وكقوله تعالى: * أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ * (¬10)، ولا تدخل على «أم» و «أو»؛ لأنهما شكّان، وهي شكّ، ولا على «لكن» و «بل»؛ لأنّهما رجوع عمّا قبلهما وتدخل على إنّ المكسورة (كقوله تعالى) (¬11): * أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ * (¬12) و * أإنكم لتقولون * (¬13)، ولا تدخل على «لعلّ» و «ليت»؛ لأنّ معناهما غير ثابت (¬14). ¬
الحكم الرابع: أسماء الاستفهام مبنية،
الحكم الرابع: أسماء الاستفهام مبنيّة، إلا (¬1) أيّا، فإنّها معربة (¬2). واختلفوا في «من» و «ما»: هل هما معرفتان أو نكرتان؟ فحكى المبّرد عن المازنيّ جواز الأمرين (¬3)، وقال ابن السرّاج (¬4) وابن جنّي (¬5): هما نكرتان. وأمّا «أيّ»: فبحسب ما تضيفها إليه، وإن أفردتّها كانت نكرة، وقيل: إنّ إضافتها كإضافة مثل وغير، فلا يفيدها تعريفا (¬6)، وهذه الأسماء لا يوصفن (¬7)؛ لأنّهنّ لم يثبت لهنّ عين، وأجاز بعضهم وصفهنّ (¬8). الحكم الخامس: ما قبل الاستفهام لا يعمل فيه إلّا أن يكون ابتداء، أو حرف جرّ أو إضافة؛ لأنّ رتبتهنّ أن يقعن صدرا، فأمّا قوله تعالى: * وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ * (¬9) فإنه منصوب ب «ينقلبون». وقوله تعالى: * لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى * (¬10) لم يعمل فيها «نعلم» لتقدّمه عليها، وأمّا قوله تعالى: * قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ * (¬11) فإن كانت (ما) (¬12) موصولة عمل فيها «أتل»، وإن كانت استفهاما عمل فيها «حرّم». ولا يجوز تقديم شيء ممّا بعد الاستفهام عليه، فلا تقول في: أزيدا ضربت؟: ضربت أزيدا؟، ونحو ذلك. ¬
الحكم السادس: إعراب الجواب كإعراب السؤال،
الحكم السادس: إعراب الجواب كإعراب السؤال، إن رفعا فرفع، وإن نصبا فنصب، وإن جرا فجر، يقال: من عندك؟ فتقول: زيد، ومن ضربت؟ فتقول: زيدا، وبمن مررت؟ فتقول: بزيد، فتعيد حرف الجرّ، ولا يجوز حذفه، وإذا قيل: كيف أصبحت؟ قلت: صالحا، فتنصب؛ لأنّ كيف منصوب بأصبحت، وقد أجازوا رفع الجواب في الأحوال الثّلاث (¬1)، يقال: ما أخذت؟ فتقول: درهم، وكيف أصبحت؟ فتقول: صالح. وبمن مررت؟ فتقول: زيد. على تقدير: المأخوذ درهم، والممرور به زيد، وأنا صالح، والأوّل أولى (¬2). ¬
الباب التاسع في الموصول والصلة
الباب التاسع في الموصول والصلة وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول: في تعريفه: الكلمات الموصولة وهي الّتي لا تتم إلا بصلاتها على ثلاثة أضرب: الضّرب الأوّل: أسماء: وهي: الّذي والّتي، وما يتعلّق بهما من تثنية وجمع وتصغير، ومن، وما، وأيّ، وذا في أحد وجهي ماذا، وذو في لغة طيّء. الضّرب الثاني: حروف: وهي: أنّ، وأن، وما. الضّرب الثالث: فيه خلاف. هل هو اسم أو حرف، وهي: الألف واللام بمعنى الّذي والتي، و «ما» عند سيبويه (¬1)، ونحن نبيّنها واحدا واحدا، إن شاء الله تعالى. أمّا الّذي: فهو اسم مذكّر ناقص مبنيّ (¬2)، وفيه لغات (¬3)، أفصحها بالياء السّاكنة (¬4). ¬
وقد حذفت ياؤها؛ استغناء بالكسرة عنها (¬1)، وقد سكنت الذّال مع الحذف (¬2) وقد شدّدت الياء (¬3)،. وأمّا تثنيتهما: فاللّذان في الرفع، واللّذين في الجر والنصب، وقد شدّدت النون (¬4)؛ للمبالغة (¬5)، وقيل: لغيرها (¬6)، وقد حذفت النون؛ لطول الكلام قال: وعكرمة الفيّاض منّا وحوشب … هما فتيا النّاس اللّذا لم يعمّرا (¬7) ¬
وأما جمعهما: فالّذين في الأحوال الثّلاث صيغة مرتجلة للجميع، وليست جمعا على صيغة الّذي (¬1)، وقال قوم (¬2): اللّذون (¬3) في الرفع، واللّذين في الجرّ والنصب. وقد أطلق بعضهم الذي على الجماعة (¬4)، وأنشد: وإنّ الذي حانت (¬5) بفلج دماؤهم … هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد (¬6). يريد الذين (¬7)، وقد يحمل عليه قوله تعالى: * وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * (¬8)، وقوله تعالى: * مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ * (¬9). ¬
والّذي وتثنيته يصلح لمن يعقل ولما لا يعقل، وجمعه لا يصلح إلا لمن يعقل لأجل الياء والنون. وأما «التي»: فهي للمؤنث كالذي للمذكر، وقد جاءت لغاتها فيها إلّا التشديد (¬1). وتثنيتها: اللّتان، بالتشديد، واللّتين واللّتا بحذف النون (¬2)، وجمعها اللّاتي من لفظها (¬3)، والّلائي من غير لفظها (¬4)، وقالوا: الّلات (¬5)، والّلاء، فحذفوا الياء منهما، وأنشدوا: من الّلاء لم يحججن يبغين حسبة … ولكن ليقتلن البريء المغفّلا (¬6) وقالوا: الّلا، بغير همز (¬7)، وذكر الأخفش أنّ الّلائي يكون للرجال ¬
والنّساء (¬1). وجمع اللاتي: اللواتي (¬2)، وقد حذفوا الياء والتاء منها، فقالوا (¬3): اللوا (¬4)، وقالوا: ألى (¬5)، والألي (¬6)، والألف واللام في الّذي والّتي زائدة (¬7). وأمّا (من) فقد ذكرناها في باب الاستفهام (¬8)، وهي مختصّة ب «من» يعقل، وقد جاءت لما لا يعقل في الشعر (¬9)، وتقع على اسم الله ¬
تعالى كقوله: * قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ * (¬1) (وعلى الملائكة) (¬2) كقوله * وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ * (¬3)، وعلى الآدميّ كقوله: * فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ * (¬4) وعلى الشياطين كقوله: * وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ * (¬5). وأمّا «أيّ» فهي بعض ما تضاف إليه، وقد ذكرناها في باب الاستفهام (¬6)، وهي من بين الأسماء الموصولة معربة إلّا في موضع واحد عند سيبويه (¬7)، كقوله تعالى: * ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا * (¬8) لعدم العائد فيها، تقديره: أيّهم هو أشدّ، والخليل يقول: هي معربة، وإنّما رفعت على الحكاية، تقديره: الّذي يقال له: أيّهم أشدّ (¬9). فإن أظهرت المحذوف نصبت، فقلت: اضرب أيّهم هو أفضل: وقرأ أهل الكوفة (¬10): * أَيُّهُمْ أَشَدُّ * بالنّصب مع الحذف، وهذا المحذوف مع أخوات، أي: قليل. ¬
وقد قرئ: * تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ * (¬1) و * مَثَلًا ما بَعُوضَةً * (¬2) بالرفع على تقدير: الّذي هو أحسن، والّذي هو بعوضة. فإن قطعتها عن الإضافة فالنّصب لا غير، تقول: اضرب أيّا أفضل، وأمّا قولهم: (أيّي وأيّك كان شرّا فأخزاه الله) (¬3) فتقديرها: أيّنا، كقولهم: (أخزى الله الكاذب منّي ومنك) (¬4) أي: منّا. وبعض العرب يثني أيّا، ويجمعها مذكّرا ومؤنّثا، فيقول: أيّاهم وأيّوهم وأيّتاهنّ وأيّتهنّ (¬5). وأمّا «ذا» في قولهم: ماذا صنعت؟ فلها معنيان: أحدهما أن يكون ذا وحدها بمعنى الّذي، وما استفهام (¬6)، أي: ما الّذي صنعت؟ ويكون جوابها مرفوعا، فيقول: خير، ويجوز النّصب، وقد قرئ بهما قوله ¬
تعالى: * وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ * (¬1). وعلى الرفع قال لبيد: ألا تسألان المرء ماذا يحاول … أنحب فيقضى أم ضلال وباطل؟ (¬2) الثاني: أن يكون مع «ما» بمنزلة اسم واحد، ويكون موضعه بحسب العامل، ويكون جوابها منصوبا، تقول: ماذا رأيت؟ فتقول: خيرا، كأنّك قلت: ما رأيت (¬3)؟ ومنه قوله تعالى: * ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً * (¬4) ويجوز في جوابه الرفع، وليس بالوجه (¬5). وأمّا (ذو): فيكون بمعنى الّذي في لغة طيّئ، ويكون للمذكّر والمؤنّث والمجموع بصيغة واحدة، وبعضهم يجعل للمؤنّث (ذات) مضمومة التاء في جميع الأحوال (¬6)، وقيل: يجوز تثنيتها، وجمعها (¬7)، ورفعها، ونصبها وجرّها. وتجرى وصفا على المعرفة دون النّكرة، تقول: هذا زيد ذو قال ذاك، ¬
ورأيت زيدا ذو قال ذاك، ومررت بزيد ذو قال ذاك، والزّيدان ذو قالا، والزّيدون ذو قالوا وأنشدوا (¬1): فإنّ الماء ماء أبي وجدّى … وبئري ذو حفرت وذو طويت. وأمّا «ما» فإذا كان العائد من صلتها مذكورا أو مقدّرا بنيّة الذكر، فإنها اسم بتقدير الّذي، تقول: رأيت ما رأيته، فما اسم، ورأيته صلتها، وهي منصوبة الموضع؛ لأنّها مفعولة، فأمّا إذا كانت هي والفعل مصدرا، ولم يكن في الكلام عائد ملفوظ به، أو مضمر، فهي عند سيبويه (¬2) بمنزلة أن، والأخفش (¬3) يراها بمنزلة الّذي، تقول: أعجبني ما قمت، أي: قيامك، وأعجبني ما صنعت، أي: صنيعك، والأخفش يقدّره (¬4): أعجبني الّذي صنعته، ولا يجيز أعجبني ما قمت؛ لعدم العائد، ويشهد لقول سيبويه قوله تعالى: * وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ * (¬5)، وتصف لا يتعدّى إلى أكثر من واحد، وهو هنا الكذب، وقد استوفته (¬6)، وقد ¬
ذكرنا ما يتعلق بها في باب الاستفهام (¬1) فلم نعده. وأمّا الألف (واللام) (¬2) بمعنى الّذي فالمازني يقول: هي حرف (¬3) والعائد يرجع إلى ما دلّت عليه، وابن السّرّاج يقول: هي اسم، والعائد يرجع إليها (¬4)، تقول: عجبت من الضّارب زيدا، أي: من الّذي ضرب زيدا، ولا يكون عند سيبويه إلّا لما مضي (¬5)، والمبرد يجيز فيها الحاضر والمستقبل (¬6). وتكون الألف والّلام للمذكر والمؤنّث، والعائد يفصل بينهما، تقول: نظرت إلي القائم أخوه، والقائم أخوها، والجالسة أخته، ومنه قوله تعالى: * أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها * (¬7) وهذه الألف واللام خارجة عن منهاج التي في الرجل، تقول: مررت بالضارب الرجل، ولا تقول: بالغلام الرجل. وأما أنّ، (وأن) (¬8) فقد تقدّم ذكرهما (¬9) (في) (¬10) بابيهما (¬11). ¬
الفصل الثاني في أحكامه
الفصل الثاني في أحكامه الحكم الأوّل: هذه الموصولات نواقص، ولا يتمّ الكلام معها إلّا بصلة وعائد. أمّا الصّلة: فلا تكون إلّا جملة خبريّة؛ فعلية، واسمية، وظرفية، وشرطية، تقول: الذي قام زيد، والذي زيد غلامه عمرو، والّذي خلفك زيد، والّذي إن تأته يأتك عمرو، ولا بدّ أن تكون معلومة للمخاطب، ولا يجوز أن تكون الجملة تعجبا، ولا استفهاما، ولا أمرا، ولا نهيا، ولا نداء، وألحق الفارسيّ بها نعم وبئس (¬1)، واختلفوا في القسم، وعلى الجواز جاء قوله تعالى: * وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ * (¬2) ومن منع (¬3) قال: الصّلة محذوفة (¬4). ولا يجوز أن يكون للجملة تعلّق بما قبل الّذي، نحو: لكنّ وإذا، فلا تقول: مررت بالّذي لكنّه منطلق، ولا مررت بالّذي إذا ينطلق. والضّابط في الصلة: أنّ كلّ ما تمكّن في باب الأخبار، وصلح أن يقال فيه: صدق أو كذب، وجاز أن يوصف به النّكرات، فجائز أن يكون صلة، وكل فعل تصل به (الّذي) (¬5) أو تصف به النّكرة، ولا يتضمّن ضمير ¬
الموصول أو الموصوف فغير جائز أن تصل به، فلو قلت: مررت برجل نعم الرجل، ما جاز إلا أن تريد هو نعم الرجل، فتضمر المبتدأ، ومتى أضمرت القول في جميع ما منع أن يوصل به جازت الصلة به؛ لأن الكلام يصير خبرا (¬1)، فتقول: مررت بالّذي يقال له: ما أحسنه، وبالّذي يقال (¬2) له: اضرب زيدا، وبالّذي يقال (له) (¬3): نعم الرّجل هو، ومنه قوله (¬4): وإنّي لراج نطرة قبل الّتي … لعلّي وإن شطّت نواها أزورها. وأمّا الألف والّلام فإنّها لا تدخل إلا في الجملة الفعليّة، تقول في «قام زيد»: القائم زيد، وتوصل بالمفرد ولا توصل بالجمل. وأمّا العائد فلا بدّ من وجوده في الجملة غالبا؛ لأنّها كلام مستقلّ، غير محتاج إلى غيره، فإذا علّق بغيره احتاج إلى ما يربطه به فتقول: الذي قام أبوه زيد. فأمّا قول الشّاعر (¬5): وأنا الّذي قتّلت بكرا في الوغى … وتركت تغلب غير ذات سنام ¬
فالعائد يرجع إلي «أنا»؛ (لأن) «أنا» (¬1) هو الّذي، ومن هاهنا جاز أن تحمل صلة الّذي على المعنى (¬2)، فتقول: أنا الّذي قمت، وأنت الّذي قمت، وأنا الّذي ضربتك، ولو حملته على اللّفط لقلت: أنا الّذي قام، وأنت الّذي قام وأنا الّذي ضربك، فأمّا قوله تعالى: * تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ * بالرفع فالعائد محذوف، وقد ذكرناه (¬3) وقد حذفوا العائد؛ لطول الكلام في قولهم:" ما أنا بالّذي قائل لك شيئا" وقد حذفوا الصلة بأسرها في قوله: (¬4) ولقد رأبت ثأى العشيرة كلّها … وكفيت جانيها اللّتيّا والتي تقديره: التي من فظاعتها كيت وكيت؛ وإنّما حذفوا ليوهموا أنّ الأمر بلغ من الشدة ما تقصر العبارة عن وصفه، وتقول: أين الرجل الذّي قلت، وأين الرجل الذّي زعمت، فتكتفى ب" قلت" وزعمت من جملة الكلام الذي بعده؛ لأنّه حكاية، تريد: الذي قلت: إنّه من أمره كذا وكذا. ¬
الحكم الثانى: لا تتقدم الصلة علي الموصول،
الحكم الثانى: لا تتقدّم الصّلة علي الموصول، فلا تقول: مررت في الدّار بالذّي، ونحو ذلك؛ لأنّ الصّلة بمنزلة الجزء من الموصول، والكوفىّ يجيز تقديم الجار والمجرور المتصل بالصّلة علي الموصول (¬1)، كقوله: وعزّة أحلي النّاس عندي مودّة … وعزّة عنّى المعرض المتجافى (¬2) ويحمل عليه قوله تعالى: * وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ * (¬3) والبصرىّ يحمل هذا علي غير الظّاهر (¬4)، ويكون الظّاهر تبيينا، وإذا لم يجز تقديم الصّفة على الموصوف فالصلة أولى، ولذلك لا تعمل الصلة في الموصول؛ لأنها من تمامه ولا تعمل في شيء قبله؛ لأنها كانت تتعلق به، والصلة لا تتعلق بما قبل الموصول، ولا يعمل الموصول في صلته بحكم الاسمية وعدم مشابهة العامل، فأما: يعجبني أنّ زيدا قائم وأن يقوم زيد؛ فإنّ أنّ وأن حرفان وليست صلاتهما موضحة لها. ¬
الحكم الثالث: الموصولات إذا استوفت صلاتها تنزلت منزلة اسم مفرد كزيد وعمرو،
الحكم الثالث: الموصولات إذا استوفت صلاتها تنزلت منزلة اسم مفرد (¬1) كزيد وعمرو، ولهذا افتقرت إلى الصلة والعائد، كالمفرد في حصول الفائدة بما يضاف إليه، تقول: الذي قام أخوه زيد، فالذي موصول، وقام أخوه صلته وعائده، وزيد خبر، وتقول: الذي أخوه زيد أخوك، فالذي مبتدأ، وأخوه مبتدأ ثان، وزيد خبره، والجملة صلة الذي، والعائد الهاء، وأخوك خبر الذي. وتقول: جاءني من غلامه زيد، فجاءني: فعل ومفعول، ومن: فاعله وهو اسم موصول، وغلامه: مبتدأ، وزيد: خبره، والجملة صلة من، والعائد الهاء، وتم «الذي» بصلته، كأنك قلت: جاءني زيد. الحكم الرابع: لا يجوز أن يفصل بين الصلة والموصول بأجنبيّ إلا أن يكون مؤكّدا للضّمير في: مررت بالضّاربين أجمعون (¬2) زيدا، فإذا قلت: ضربني الّذي قام أخوه سوطا، كان صحيحا، فإن قلت: ضربني الّذي سوطا قام أبوه، لم يجز؛ لأنّك فصلت بالسّوط - وهو أجنبي - بين الصّلة والموصول؛ فإنّ «الّذي» موصول، و «قام أبوه» صلته وعائده، و «سوطا» معمول «ضربني» وهو أجنبي من الصّلة، فإن قلت: ضربني الّذي قام سوطا أبوه، كان أقبح؛ لأنّه فصل بين الموصول والصّلة والفعل والفاعل بالأجنبيّ؛ فإن قدّمت السّوط علي الّذي أو على ضربني صحّت المسألة. الحكم الخامس: ظرف المكان يجوز أن يكون صلة دون ظرف الزمان، تقول: الّذي في الدار زيد، ولا تقول: الّذي يوم الجمعة زيد؛ لأنّ ظروف الزمان لا تكون صلة للجثّة كما لا تكون خبرا عنها، فإن جعلت الّذي صفة للحدث جاز أن تصله بظرف الزمان فتقول: الذي قام يوم الجمعة زيد (¬3)، وعجبت من القيام الّذي يوم الجمعة؛ لأن ظروف الزمان تكون صلة للأحداث، فإن وصلت الّذي بظرف ¬
الحكم السادس: إذا اتصل الضمير المنصوب بالفعل في الصلة جاز حذفه؛
مكان، وكان وصفا لجثّة أو حدث صحّت المسألة، تقول: عجبت من زيد الّذي خلفك، ومن القتال الذي عندك، كما كان ذلك (في (¬1)) الخبر والوصف والحال. الحكم السادس: إذا اتّصل الضمير المنصوب بالفعل في الصّلة جاز حذفه؛ لطول الكلام جوازا حسنا، تقول: كلمت الّذي (كلمت، أي: الّذي (¬2)) كلمته، ومنه قوله تعالى: * أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا * (¬3) * وأكثر ما جاء في القرآن محذوفا (¬4)، وقد جاء غير محذوف قليلا (¬5)، كقوله تعالى: * الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ * (¬6). ولا يحسن الحذف مع الألف واللام، فلا تقول في: «الذي ضربت زيد»: «الضاربه زيد»، إنّما تقول (¬7): الضاربه أنا زيد. فإن كان الضّمير منفصلا، أو اتّصل بغير الفعل لم يحسن حذفه، تقول: الّذي أعطاني زيد إيّاه درهم، لا يجوز حذف «إيّاه»، ولا تقول: الذي مررت زيد، في «الذي مررت به زيد»، وقد جاء في الشّعر كقوله (¬8): فقلت لها: لا والّذي حجّ حاتم … أخونك عهدا إنّني غير خوّان يريد: حجّ حاتم إليه، فأمّا قوله تعالى: * وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي ¬
الحكم السابع: توابع الأسماء من الوصف والتوكيد والبدل والعطف لا تدخل على الموصول قبل تمام صلته ومعموله،
الْأَرْضِ إِلهٌ * (¬1) فالعائد محذوف، تقديره: وهو الذي هو في السماء إله، والجارّ متعلّق بما في «إله» من معنى الفعل. الحكم السابع: توابع الأسماء من الوصف والتوكيد والبدل والعطف لا تدخل على الموصول قبل تمام صلته ومعموله، فلا تقول: مررت بالضّاربين الظريفين زيدا، وإنما تقول: مررت بالضاربين زيدا الظريفين، ولا تقول: مررت بالضاربين أجمعين زيدا، وإنما تقول: مررت بالضاربين زيدا أجمعين، فإن قلت: أجمعون، جاز (على) (¬2) أن تجعله تأكيدا للضمير، وكذلك الوصف والبدل، ولا تقول: مررت بالضاربين إخوتك زيدا، إنما تقول: مررت بالضاربين زيدا إخوتك، فأما قول الشّاعر (¬3): لسنا كمن حلّت إياد دارها … تكريت ترقب حبّها أن يحصدا فإنّ «إياد» بدل من «من» ودارها منصوب بفعل مقدر؛ لئلا ينصبها ب «حلّت» فيكون قد أبدل من الموصول قبل تمامه، وتقول: ضربت الّذي قام غلامه زيد وزيدا وزيد؛ فالرّفع بدل من الغلام، والنصب بدل من الّذي، والجرّ بدل من الهاء. ولو قلت: ضربت الذي قام غلامه زيد عمرو، جاز على أن «زيدا» بدل من الهاء، وعمرا بدل من الغلام، ولا تقول: مررت بالضاربين وهند زيدا، وإنما تقول: مررت بالضاربين زيدا وهند، فإن رفعت هندا جاز على قبحه؛ لأنّك عطفت على الضّمير المرفوع من غير توكيد. ¬
الحكم الثامن: الأسماء الموصولة لا يحسن أن توصف بعد تمامها بصلاتها؛
الحكم الثامن: الأسماء الموصولة لا يحسن أن توصف بعد تمامها بصلاتها؛ لأنّهم حيث أرادوا ذلك أدخلوا النّعت في الصّلة إلا الّذي والّتي، تقول: رأيت الذي في الدار الكريم، ولا تقول: رأيت من في الدار الكريم، ولا رأيت ما في الدار، الكثير، وكذلك لا يوصف بهن إلا الّذي والّتي تقول: رأيت الرجل الذي في الدار، ولا تقول: رأيت الرجل من في الدار، ولا رأيت الشيء ما في الدار على الوصف، ف «الذي» لمّا كان يوصف بها حسن أن توصف، ولمّا لم يوصف ب «من وما» لم يجز أن توصفا، قال الفّراء: (من نعت من وما على القياس لم نردد عليه ونخبره أنه ليس من كلام العرب،) (¬1). وحكى الصيمريّ: أنّ الأسماء الموصولة كلّها لا توصف (¬2). الحكم التاسع: إذا أدخلت الألف والّلام على اسم الفاعل المثنّى والمجموع جئت بعلم التّثنية والجمع، فتقول: القائمان الزيدان، والقائمون الزيدون، كما تقول: اللذان قاما الزيدان، والذين قاموا الزّيدون، وتقول: القائم أخواهما الزّيدان، والقائم أخوهم الزّيدون، فتوحّد اسم الفاعل كما توحّد الفعل. الحكم العاشر: تقول: أحبّ أن تذهب فتضرب زيدا، فالثّاني مرتّب على الأوّل بالفاء، تقديره: أحبّ ذهابك فضربك زيدا، ولو جعلت مكان الفاء واوا لم يكن للحبّ بأحد الأمرين اختصاص بتقديم أو تأخير، فإن قطعت الثّاني عن الأوّل رفعته فقلت: أريد أن أزورك فيمنعني البوّاب؛ لأنك أردت أحد الأمرين ولم ترد الآخر، ولو قلت: أريد أن أزورك فتكرمني، حسن النصب؛ لأنك تريد الأمرين. ويجوز الرفع على، القطع كقوله (¬3): ¬
الحكم الحادي عشر: إنما دخل الذي في الكلام ليتوصل به إلى وصف المعارف بالجمل،
وما هو إلا أن أرها فجاءة … فأبهت حتّى ما أكاد أفجيب وعلى القطع جاء قوله تعالى: * لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ * (¬1) في إحدى القراءتين (¬2). الحكم الحادي عشر: إنّما دخل الذي في الكلام ليتوصّل به إلى وصف المعارف بالجمل، فتقول: مررت بزيد الذي قام أبوه، وبهند التي خرج أخوها. والألف واللام جارية مجراها، تقول: مررت بزيد الضارب غلامه، فأمّا «من» و «ما» و «أي» فلا يجوز أن يوصف بهنّ كما وصف بالذي، ولا يوصفن، ومن حقّ الجملة أن تكون معلومة للمخاطب؛ لتقع الفائدة بها؛ فإنّك إذا قلت: ضربت زيدا الذي قام أبوه أمس، يحلاج المخاطب أن يعرف قيام أبي زيد حتّى يعرفه به. ¬
الفصل الثالث الإخبار بالذي وبالألف واللام
الفصل الثالث الإخبار بالذي وبالألف واللام هذا باب وضعه النحاة رياضة للخاطر، وهو فرع على الموصول والصّلة، ليعلم به تمكّن (¬1) الأسماء وقصورها، تقديما وتأخيرا، وإضمارا وإظهارا، وما يصحّ الإخبار عنه وما لا يصحّ، ولم يرد في كتاب سيبويه منه شيء. ومعنى قولهم: أخبر عن زيد من جملة هو فيها فاعل أو مفعول أو غير ذلك، لا يريدون به أخبر عن هذه اللّفظة، وإنّما يريدون: أخبر عن شيء هو هو، واجعل زيدا خبرا عنه (¬2)، ومثاله: إذا أخبرت عن زيد من قولك: قام زيد، جئت بالذي وجعلته أوّل كلامك، وجعلت قام صلته، وجعلت مكان زيد ضميره، وصار فاعلا لقام، وهو العائد من الصّلة إلى الّذي، وجعلت زيدا خبر المبتدأ الّذي هو «الّذي»، فقلت: الذي قام زيد، فإن أخبرت بالألف والّلام بنيت من «قام» اسم فاعل؛ لأنّ الألف واللام لا تدخل على (¬3) الفعل، وجعلت في اسم الفاعل ضميرا يعود إلى الألف واللام أو إلى (¬4) مدلولهما، وجعلت زيدا خبرهما، فتقول: القائم زيد. وإن أخبرت عن زيد من قولك: زيد أخوك، قلت: الذي هو أخوك زيد، انتزعت زيدا من الصلة، وجعلت موضعه «هو» فرجع إلى الّذي وجعلت زيدا الخبر. والكلام ينقسم إلى قسمين: أحدهما: يجوز الإخبار عنه،. والثّاني: لا يجوز الإخبار عنه، وأنواعهما كثيرة. [ومنها ما يجوز الإخبار فيه بالّذي والألف واللّام، ومنها ما لا يجوز الإخبار فيه إلّا بالّذي] (¬5)، ومنها ما لا يجوز الإخبار فيه إلّا بالألف واللام؛ فأنّ «الذي» تدخل على الجملتين، والألف واللام تختصّ بالفعليّة، فممّا يجوز ¬
الإخبار عنه: المبتدأ والخبر، والفاعل، وقد ذكرناهما (¬1). ومنها: المفعول، نحو: ضربت زيدا، إن أخبرت عن التاء قلت: الذي ضرب زيدا أنا، والضارب زيدا أنا، وإن أخبرت عن زيد قلت: الذي ضربته زيد (¬2)، والضاربه أنا زيد، فأظهرت الضّمير الّذي هو «أنا»؛ لأن اسم الفاعل جرى على غير من هو له فلم يتحمّل الضّمير. وتقول: أعطيت زيدا درهما، فإن أخبرت عن زيد قلت: الّذي أعطيته درهما زيد، وإن أخبرت عن درهم قلت (¬3): الّذي أعطيت زيدا إياه درهم، تجعل موضع الضمير المتصل ضميرا منفصلا (¬4)، ولا يجوز حذفه، (¬5) وكذلك (¬6) يجرى باب ظننت وأعلمت، تقول: الذي ظن زيدا أخاك أنا، والذي أعلم زيدا عمرا خير الناس الله، إذا أخبرت عن الفاعل فيهما. ومنها: كان زيد قائما، إن أخبرت عن اسم كان قلت: الذي كان منطلقا زيد. وإن أخبرت عن خبرها ففيه خلاف، والأكثر جوازه (¬7)، فتقول: الذي كان زيد إيّاه قائم، والكائن زيد إيّاه قائم، واستقبحه ابن السّرّاج (¬8) وأحاله ¬
غيره (¬1)؛ لأنّه ليس مفعولا على الحقيقة. ومنها المصدر المؤكّد نحو (¬2): قمت قياما، تقول: الذي قمته قيام، وفيه قبح؛ لقلّة الفائدة (¬3)، فإن وصفته حسن؛ للفائدة الحاصلة بالوصف، تقول: الذي ضربت ضرب شديد، وإن شئت: ضربته، والّذي يجوز أن يخبر عنه من المصادر ما جاز أن يقوم مقام الفاعل (¬4) في قولك: سير بزيد سير شديد. ومنها: الظرف، ولا يصحّ الإخبار عنه إلّا إذا كان ممّا يستعمل استعمال الأسماء (¬5)، كاليوم واللّيلة والخلف والقدّام، تقول: الّذي ذهبت فيه اليوم، والذي جلست فيه خلفك، ولا يجوز حذف «فيه» كما جاز حذف الهاء (¬6)؛ لأنّ الضّمير قد انفصل بحرف الجرّ. ومنها المضاف: ولا يخبر عنه إلّا ومعه المضاف إليه، تقول: الّذي قام غلام زيد، والذي قام غلامه زيد (¬7)، ومن المضاف إليه ما لا يخبر عنه، كأسماء الأعلام نحو: عبد الله، وعبد الملك، ونحو ابن عرس، وابن آوى، ¬
وحكى المازنيّ (¬1) أنّه قد جاء في مثل: حمار قبّان، وفي أبي الحرث للأسد، وما أشبهه، ولكنّه (¬2) في الشّعر شاذ. ومنها البدل تقول: مررت بأخيك زيد، فإن أخبرت عن أخيك قلت: الّذي مررت به أخوك زيد (¬3)، وإن شئت: زيد أخوك (¬4)، والمارّ به أنا أخوك زيد، والمارّ أنا به زيد أخوك، وإن أخبرت عن زيد فبعضهم يجيزه (¬5)، فتقول: الّذي مررت بأخيك به زيد، وبعضهم لا يجيزه، ووجه الخلاف: أنّ منهم من لا يجيز الإخبار عن المبدل إلّا والبدل معه، ومنهم من يجيز الإخبار عن المبدل دون البدل. ومنها العطف: تقول: قام زيد وعمرو، إن أخبرت عن زيد قلت: الّذي قام هو وعمر وزيد (¬6)، وإن أخبرت عن عمرو قلت: الّذي قام زيد وهو عمرو. وتقول: يطير الذباب فيغضب زيد، إن أخبرت عن الذّباب قلت: الذي يطير فيغضب زيد الذباب، والطّائر فيغضب زيد الذباب، فتعطف يغضب على يطير وإن خلا من الضمير؛ لأنّ معنى الكلام بالفاء: إن طار الذباب غضب زيد، فلهذا لم تحتج الجملة إلى عائد، ولو جعلت موضع الفاء واوا لم يجز الإخبار؛ لخلو الواو من معنى الشرط الّذي في الفاء. ¬
فإن أخبرت عن زيد قلت: الذي يطير الذباب فيغضب زيد، والطائر الذباب فيغضب زيد. ومنها العامل والمعمول كقولك: زيد حسن وجهه، وقائم أبوه، إن أخبرت عنهما قلت: الذي زيد هو حسن وجهه، وهو قائم أبوه. ومنها الاستفهام كقولك: أيّهم أخوك، إن أخبرت عن أيّهم قلت: أيّهم الّذي هو أخوك؟ فقدّمته على الّذي، وجعلت ضميره بعد الّذي و «هو» العائد إليه، و «أخوك» خبر ضميره، والجملة صلة «الذي». وأنواع ما يجوز الإخبار عنه من الكلام كثيرة (¬1) لا يحتمل استيعابها ولا ذكر ما يتفرع عليها من المسائل، وفيما ذكرنا تنبيه على ما تركنا. وأمّا المواضع التي لا يجوز الإخبار عنها فكثيرة منها: الفعل، والحرف والجملة، والحال، والتمييز، والظّرف غير المتمكّن، وضمير الشأن، والمضاف إلى المائة، وبعض المضاف إليه، والمجرور برب وكم، وفاعل نعم وبئس، والتعجّب، والصفة، والموصوف دون صفته، والموصول دون صلته، وغير ذلك (¬2). وممّا يتعلّق بهذا الباب: أنّك متى وصلت «الّذي (¬3)» بالّذي فانظر إلى الآخر منهما فوفّه صلته، فإذا تمّ بصلته وخبره فضع موضعه اسما مضافا إلى ضمير ما قبله، ويكون الثّاني وصلته وخبره صلة للأوّل، ولا بدّ من أن يرجع إلى كل واحد منهما (¬4) ضمير في صلته، إلا أنّ الثّاني يحتاج أن يكون فيه ضميران: أحدهما: يرجع إليه، والآخر يرجع إلى الأوّل، وإن كان الذي بعد الذي مرتين أو ثلاثا أو أربعا فصاعدا، فحاله كحال الذي ذكرت لك من حاجة كل واحد منهما إلى ما يتمّه ويكون خبرا له، تقول: الذي (التي) (¬5) قامت في داره هند عمرو، فالّذي: مبتدأ، والتي: مبتدأة أيضا، وقامت في ¬
داره: صلة التي، وفيه ضميران: أحدهما مرفوع راجع إلى التي، والثاني مجرور راجع إلى الذي، وهند خبر التي، والتي وصلتها وخبرها صلة الذي وعمرو خبر الذي. ويعتبر هذا الباب بأن تقيم مقام كل موصول مع صلته اسما حتّى تردّ الجميع إلى واحد، فإذا قلت: الّذي الّتي اللّذان الّتي أبوها أبوهما أختها أخواك أخته زيد (¬1)، عمدت إلى التي الثانية وصلتها: أبوها أبوهما، فأقمت مقامها «أمهما» مثلا فصار الكلام: الّذي الّتي اللّذان أمّهما أختها أخواك أخته زيد، ثمّ تقيم مقام اللذان وصلتها اسما فتقول: الّذي الّتي (صاحباها) (¬2) أخواك أخته زيد، ثمّ تقيم مقام «الّتي» الأولى وصلتها اسما وهو «هند» مثلا، فيصير الكلام: الذي هند (¬3) أخته زيد. وتقول: اللّذان الّذي الّتي أخته أختها أختهما زيد أخواك، فأخته: مبتدأ وأختها: خبره، والجملة صلة التي، وأختها (¬4): خبر التي، والتي وصلتها وخبرها صلة الذي، وزيد: خبر الذي، والذي وصلته وخبره صلة «اللذان» وأخواك: خبره، والعائد إلى التي من صلتها «ها» من أختها، والعائد إلى الّذي من صلته الهاء من أخته، والعائد إلى «اللذان» من صلته «هما» من أختهما. وهذا باب كثير المسائل والتفريعات، وقد أطنب فيها العلماء، فلم نطل بذكرها؛ لقلة الحاجة إليها؛ والفائدة منها. ¬
الباب العاشر في معرفة الأسباب المانعة من الصرف
الباب العاشر في معرفة الأسباب المانعة من الصرف قد تقدم في أول الكتاب أنّ أصل الأسماء التمكّن من الإعراب والتنوين، لكن عرض لبعضها عارض من مشابهة الحرف فبني، وعرض لبعضها عارض من مشابهة الفعل فمنع ما لا يدخله من الجر والتنوين، وقد تقدم ذكر ذلك مبينا (¬1). ويحتاج أن نذكر في هذا الباب بيان العلل المانعة من الصرف، وما يتعلق بها من الأحكام، وهي تسع: التعريف، والعجمة، والعدل، والوصف، ووزن الفعل، والألف والنون والتركيب، والجمع، والتّأنيث. أمّا التعريف: فقد ذكرنا أقسام المعارف في باب المعرفة والنكرة (¬2) إلا أنّ المانع من الصّرف منها هو التعريف الوضعي العلمي، وهو فرع على التنكير؛ لأنّ الأصل في الأسماء أن تكون نكرة، ثم تتعرف، ويجتمع معه من العلل ستّ وهي: العجمة، والعدل، والوزن، والألف والنون، والتركيب والتأنيث. واثنان لا يجتمعان معه وهما على بابهما: الوصف، والجمع؛ لزوال معناهما بالتسمية، والجمع لا يتعرف إلا بالألف واللام. وفي التعريف مسألة غريبة، وهو أنّ في الأسماء ما لا ينصرف نكرة فإذا عرّف تعريف الوضع انصرف، وذلك: أحاد، وثناء، وثلاث، ورباع، لا ينصرف؛ للوصف والعدل، كما ستراه (¬3)، فإذا سمّي به خرج عن الوصف والعدل المعنويّ بالتسمية، فبقي فيه علّة واحدة وهي التّعريف فانصرف، ومنهم من لا يصرفه مع التّسمية (¬4)، فأمّا ثلاثة وأربعة ... إلى العشرة، فإذا كانت معرفة لم تنصرف (¬5)، تقول: ما في يدك إلا ثلاثة (¬6) إذا أردت المعرفة والعدد ¬
الضرب الأول: عجمة نقلت عن بابها فبقيت نكرة على حالها،
فقط؛ لأنه اسم لا ثاني له، وتقول: ثلاثة أقلّ من أربعة، وستة أكثر من خمسة، تريد هذا العدد أكثر من هذا أو أقل. ولا تقول: ربّ أربعة أقلّ من خمسة، فإن نكرته صرفته، كقولك: عندي ثلاثة من الدّراهم. ولو سمّيت بمساجد لم تصرفه؛ للتّعريف، وأنّه على وزن لا يكون في الواحد مثله (¬1). فإن صغّرته أو نكّرته صرفته؛ لزوال الوزن والتّعريف (¬2). وأمّا العجمة: فإنها فرع على العربية؛ لأن الدّخيل فرع على الأصيل. وهي على ضربين: الضرب الأوّل: عجمة نقلت عن بابها فبقيت نكرة على حالها (¬3)، وتنزّلت منزلة أسماء الأجناس العربيّة، كفرس ورجل، وتعتبر بدخول (الألف) (¬4)، واللام عليها، نحو: ديباج، وإبريسم (¬5)، ولجام، ونوروز (¬6)، وآجرّ (¬7)؛ فإن الألف واللام يدخلان عليه (¬8)، وهذا الضّرب جار مجرى العربيّ في الصرف وعدمه بوجود سببه فيه وعدمه، ويستوى فيه ما له نظير في العربية نحو: ديباج ولجام، وما لا نظير له فيها نحو: آجرّ وإبريسم. ¬
الضّرب الثّاني: عجمة نقلت معرفة، وتعتبر بامتناع الألف واللّام من الدخول عليها (¬1) نحو: إبراهيم وإسحاق، وأيّوب، وخطلخ (¬2)، وبزغش (¬3)، وإيتكين (¬4) وهو المعتبر في منع الصرف إذا اجتمع مع غيره من الأسباب المانعة، على أنّ في العربيّة ألفاظا هي عين الألفاظ الأعجميّة وقد صرفوها، نحو: يعقوب، ذكر الحجل، ولم يصرفوا يعقوب اسم النبيّ، ومثله إسحاق، لا يصرف إذا كان اسما، ويصرف مصدر أسحق إسحاقا (¬5)، وهذا شيء يرجع إلى اختيارهم. فإن كان الاسم الأعجمي ثلاثيا صرفوه لخفّته، نحو: نوح، ولوط، (¬6) لأنّ العجمة أضعف العلل التّسع، فإن نكّرت هذا الضرب انصرف، تقول: مررت بإبراهيم، وإبراهيم آخر، والأسماء الأعجميةّ منهم من يزنها وزن الأسماء العربيّة (¬7)، ومنهم من لا يزنها؛ للجهل باشتقاقها (¬8). وأمّا العدل: فهو فرع على ما عدل عنه، وذلك أن تذكر لفظا وتريد غيره، وكيفيته: أن تشتقّ من الاسم اسما وتغيّر بناءه؛ إمّا للتّسمية به، وإمّا لنقل معنى إلى معنى (¬9). ¬
وهو على ضربين: عدل عن معرفة، وعدل عن نكرة. أما المعدول عن المعرفة - وهو المراد للتسمية - فنحو: عمر، وزفر، المعدولين عن عامر وزافر العلمين الجاريين قبل التسمية على الأفعال. وأمّا المعدول عن النكرة - وهو المراد لنقل المعنى - فنحو * مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ * (¬1) المعدولة عن اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، للمبالغة. (وأنواع) (¬2) المعدول خمسة: الأوّل: نحو: عمر وزفر، فلا ينصرف للعدل والمعرفة، وينصرف في النّكرة (¬3)، كقولك: مررت بعمر وعمر آخر، ويعتبر بالألف واللام (¬4)، فما دخلاه لم يكن معدولا (¬5) في الغالب، نحو: الصّرد (¬6)، والنّغر (¬7)، والظّلم، وقولنا: في الغالب؛ احتراز (¬8) من حطم المعدول عن حاطم، لوسمّي (به) (¬9). الثاني: ما عدل من الأعداد من: واحد ... إلى عشرة، وفيه لغتان نحو: أحاد وموحد، وثناء ومثنى، وثلاث ومثلث، ... إلى عشار ومعشر (¬10). ¬
ومنهم من يقف فيه على المسموع، وهو من أحاد ... إلى رباع (¬1)، ولا يعتد بما جاء منه في الشعر شاذا (¬2). وهذا النوع لا ينصرف معرفة عند قوم (¬3)؛ للتعريف والعدل، ولا نكرة؛ للعدل والصفة؛ ولأنه معدول اللّفظ والمعنى، أمّا اللفظ فعن (¬4) اثنين إلى مثنى، وأمّا المعنى: فعن معني اثنين إلى معنى اثنين اثنين (¬5)؛ (فإنّك إذا قلت: جاء القوم مثنى، فإنما تريد: جاءوا اثنين (¬6) اثنين) وسواء (¬7) قلّ ¬
عددهم أو كثر، وكذلك إلى العشرة، وأنكر الفارسي العدل في المعنى (¬1)، فأمّا قول النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» فالتكرير للتوكيد. الثالث: المعدول عن نظائره ممّا يتعاقب عليه الألف واللام والإضافة (¬3) نحو: آخر وأخر، وكان الأصل فيه الآخر والأخر، نحو: الأفضل والفضل (¬4) وقد ذكرناه في باب الإضافة وغيره (¬5). ومن هذا الباب «سحر» إذا أردتّ سحر ليلتك، الأصل أن يقال فيه: السحر (¬6). فالأوّل لا ينصرف للوصف والعدل، والثاني للتعريف والعدل، فإن نكّرته انصرف. الرّابع: المعدول عن قياس الجمع، نحو: جمع، وكتع، فإنهما جمع جمعاء وكتعاء (¬7)، وقياس فعلاء أن تجمع على فعل، أو فعالي، نحو: حمراء وحمر، وصحراء وصحاري، فلا ينصرف؛ للعدل والوصف، فإن سميت بهما ثم نكرتهما صرفتهما؛ لزوال الوصف بالتسمية، وسيبويه لا يصرفه (¬8). الخامس: ما عدل إلى مثال فعال للمؤنث، نحو: حذام وقطام، ويا فساق ويالكاع، وقد تقدم ذكره في باب العوامل (¬9). ¬
وأهل الحجاز يبنونه (¬1)؛ لأنّه عدل ممّا لا ينصرف، فلم يكن بعد ترك الصرف إلا البناء (¬2). وبنو تميم يجرونه مجرى ما لا ينصرف إلا ما آخره راء، نحو: حضار: اسم كوكب (¬3)، وسفار (¬4): اسم ماء، فإنّهم يبنونه (¬5)، وجميع هذا إذا سمّي به مذكّر لم ينصرف معرفة، وانصرف نكرة (¬6)، وكلّ ما لا يعرف أصله من فعال فالقياس صرفه (¬7)، قال سيبويه: ويجوز فيه الرفع والنصب (¬8) كقوله (¬9): ومرّ دهر على وبار … فهلكت جهرة وبار وأمّا الوصف: فهو فرع على الموصوف؛ لتقدمه عليه في الوجود، والمانع منه ما كان في العدد المعدول، نحو: ثلاث ورباع، وأفعل الّذي مؤنّثه فعلاء، نحو: ¬
أحمر وحمراء، فلا ينصرف؛ للوصف ووزن الفعل، فإن سمّيت به لم ينصرف للتعريف والوزن؛ فإنّ الصفة زالت بالتّسمية، وما دخلت مؤنّثه تاء انصرف، نحو: أرمل، لقولك (¬1): أرملة. فأمّا باب قائمة وظريفة فينصرف؛ لأن تأنيثه للفرق، وهو غير لازم (¬2)، فإن سميت به مذكّرا لم تصرفه؛ للزوم التّاء بالتسمية، قال شيخنا: (¬3) الواجب أن لا يعتبر في الوصف أفعل فعلاء، فإنّ منه ما لم يستعمل له مؤنّث، نحو: رجل آدر (¬4)، وأنزع (¬5)، ويوم أيوم (¬6)، فإن سمّيت بأفكل وأيدع (وأجمع) (¬7) المؤكّدة لم تصرف؛ للوزن والتعريف (¬8). وأمّا وزن الفعل: فهو فرع على أوزان الأسماء؛ لأن للأفعال أوزانا تخالف أوزان الأسماء، فإذا وجدت فيها كانت فرعا على أصلها، والّذي جعل منها مانعا ما خصّ الفعل أو غلب عليه (¬9)، فالّذي يخصّه فعل (¬10) وفعّل وفوعل، وفعّل، وانفعل، وافتعل، واستفعل، وما أشبهها (¬11). والّذي يغلب عليه ما كان في أوّله إحدى الزوائد الأربع، نحو: أفعل ويفعل ونفعل وتفعل ¬
وتفعل (¬1)، وما سوى (ذلك) (¬2) فهو إمّا مختصّ بالاسم (¬3)، أو مشترك بينهما من غير غلبة (¬4). فإذا نقلت المختصّ (¬5) والغالب إلى باب الأسماء كان مانعا، نحو: ضرب، وقدّم، وضورب، لو سمّيت بها، نحو: أحمد، ويزيد، وتغلب (ونرجس) (¬6) وترتب، إذا سميت بها. وقد روعي في موازنة الاسم للفعل طرفان: أحدهما لفظيّ، وهو أن يكون على وزن لفظه، كأحمد بوزن أذهب، والآخر: معنويّ وهو أن يكون (في المعنى) (¬7) أفعل، ولا تكون الهمزة أصلا. فإن زال أحد الطرفين زال حكم الموازنة، ألا ترى أنك لو سمّيت بفوعل من أمر نحو: أومر، صرفته وإن كان في اللفظ مثل أوجل مضارع وجلت؛ لأنه مخالف له في المعنى من حيث إنّ وزنه فوعل، وأوجل أفعل، وإنّما اتفق اللفظتان لفظا واختلفتا (¬8) حكما، فهذا زوال طرف المعنى. وأمّا زوال طرف اللّفظ فنحو ما مثّل به سيبويه، قال: لو سمّيت رجلا بفعل من القول فقلت: قيل (¬9)، لصرفته؛ لأنّه، وإن كان وزنا يخص الفعل حكما، فإنّه في اللّفظ موازن لما لا يخصّ الفعل ولا يغلب عليه، نحو: فيل، وديك، فمتى بطل أحد هذين السّببين لم تكن الموازنة مانعة، فإن سمّيت بفعل الأمر مما في أوّله همزة وصل، نحو: اضرب واقتل، قطعت همزة ¬
الوصل (¬1)، فقلت: قام إضرب، وخرج إذهب، وقدم أقتل، فإن كان مضاعفا أدغمت في التّسمية، تقول في اشدد وامدد: قام أشدّ وأمدّ، ولا تصرف شيئا منه (¬2). وأفعل على ثلاثة أقسام (¬3): قسم إذا سمّي به ونكّر انصرف، نحو: أحمد. وقسم لا ينصرف إذا سمّي به ونكّر، نحو: أفضل منك. وقسم فيه خلاف، نحو: أحمر إذا سمّيت به، فسيبويه لا يصرفه إذا نكّره؛ لعود الوصف إليه بالتنكير (¬4)، والأخفش يصرفه (¬5)؛ لأنّ الوصف إنّما زال عنه بالتسمية لا بالتعريف، فأمّا نحو: أجدل للصّقر، وأخيل للشّقرّاق، وأفعى للحيّة، ونحو ذلك، فبعضهم يجعله وصفا نظرا، إلى المعنى ولا يصرفه (¬6)، وبعضهم يجعله اسما ويصرفه (¬7). وأمّا أدهم للقيد، وأسود وأرقم للحيّة، فلا تصرف؛ لأنّها صفات لم يختلف فيها (¬8). فإن سميت بأفعل منفردة عن «منك» لم تصرفه في المعرفة (¬9)، فأمّا نحو: خير منك وشرّ منك فيصرف؛ لزوال الوزن (¬10). ¬
وأما أفعل التي توزن بها (¬1) الأسماء فلا تنصرف للوزن والعلمية (¬2)؛ كقولك: أفعل إذا كانت وصفا نحو أحمر، أو اسما نحو أحمد، وأفعل إذا كان وصفا فحكمه كذا وكذا. وما كان على «فعّل» مشددا لم تصرفه إذا سمّيت (¬3) به، نحو: بقّم (¬4)، وكذلك (¬5) لم يصرفوا بطّح (¬6)، وبذّر (¬7)، وخضّم (¬8)، وعثّر (¬9)، وشلّم (¬10)، وشمّر، ونحو ذلك من الأعلام. وأمّا الألف والنون: فليسا بأصل في منع الصّرف، ولكنّهما لمّا أشبها ألفي التأنيث (¬11) في نحو: حمراء وصفراء، بكونهما زائدتين معا كزيادتهما معا، وامتناع دخول الهاء على ما دخلا عليه، كامتناعهما في حمراء، في الغالب؛ لأنّك لا تقول في، غضبان وسكران: غضبانة وسكرانة، وإنّما تقول: غضبى وسكرى (¬12)، وقد ألحقوا الهاء قليلا فقالوا: عريانة وندمانة، وغير ذلك من أسباب المشابهة، ولكنّهما في المنع فرع فرع. وينقسم الاسم الّذي يدخلانه قسمين: أحدهما: أن يكون له فعلى، نحو: سكران وغضبان، ولا ينصرف معرفة؛ للتعريف والألف والنون، ولا نكرة؛ للوصف والألف والنون (¬13). ¬
والثّاني: أن لا يكون له فعلى، نحو: عثمان، وحمدان، وعمران، وغطفان، وغير ذلك من الأوزان، فلا ينصرف معرفة، ويصرف نكرة (¬1). وما يلحق مؤنّثه التّاء: نحو: عريان، وسعدان، وندمان، وخمصان، إذا سمّيت به لم تصرفه معرفة (¬2)، فإن سمّيت بشيطان ودهقان وجعلتهما من شيط ودهق لم تصرفهما (¬3)، وكذلك حسّان وسمّان، إذا كان من الحسّ (¬4)، والسّمّ، وأمّا رمّان - اسم رجل - فلا يصرفه سيبويه والخليل (¬5) ويصرفه الأخفش (¬6). وأمّا فعلان الّتي تمثّل بها وزن (¬7) الأسماء فلا تصرف؛ للعلميّة والألف والنون، كما قلنا في أفعل (¬8). والخلاف في باب غضبان إذا سمّي به ونكّر كالخلاف في باب أحمر إذا سمّي به ونكّر (¬9)، ومتى لم تكن الألف والنون زائدتين لم تمنع الصرف؛ لعدم المشابهة، نحو: طحّان وتبّان وحسّان ومرّان، من الطحن، والتبن، والحسن، والمرانة (¬10). ¬
وأمّا التركيب فهو فرع على الإفراد (¬1)، وحقيقته: أن تجمع بين اسمين على غير جهة الإضافة (¬2)، فتجعلهما اسما واحدا، وتبني الأوّل منهما على الفتح نحو: حضرموت وبعلبكّ، ومعديكرب، ويكون الإعراب جاريا على آخر الاسم الثّاني، فإذا سمّيت به لم تصرفه معرفة، وصرفته نكرة (¬3)، فإن سمّيت به مؤنّثا ونكّرته صرفته، وإن كان قد بقي فيه التركيب والتّأنيث، كما تصرف حمدة إذا نكّرتها، فتقول: هذه حضرموت وحضرموت أخرى، ومن العرب من يضيف أحد الاسمين إلى الآخر، فيعرب الأول بما يستحق (من الإعراب) (¬4) ويجرّ الثاني ويصرفه نحو: حضرموت (¬5). وفي معديكرب ثلاثة أوجه (¬6): الأوّل: أن تجريه مجرى ما لا ينصرف (¬7). والثّاني: أن تضيف معدي إلى كرب، ولا تصرف كرب؛ لأنه اسم القبيلة. والثّالث: أن تضيف وتصرف كرب، ومن أضاف لم يفتح ياء معدي (¬8) ولا ياء بادي بدا (¬9)، وقالي قلا (¬10)، وهذه الإضافة لفظيّة؛ فإنّ كلّ واحد من الاسمين جزء من الاسم المركّب. ¬
فإن كان الاسم الثاني صوتا بني على الكسر، نحو: سيبويه، وعمرويه، وتصرفه إذا نكّرته (¬1). وأمّا الجمع: فهو فرع على الواحد، وهو على ضربين: أحدهما: هو السّبب المعتبر في منع الصرف، وهو: كلّ جمع ثالثه ألف بعدها حرفان أو ثلاثة، أو حرف مشدّد، نحو: مساجد وقناديل ودوابّ؛ لأنّه جمع لا نظير له في الآحاد، فكأنّه جمع مرتين (¬2)، فصار فيه علّتان، ألا ترى أنّ أكالب بوزن مساجد وهي جمع أكلب، وأكلب جمع كلب (¬3)، وأعاريب بوزن قناديل، وهي جمع أعراب، وأعراب جمع عرب في المعنى، وأمّا دوابّ: فالأصل فيه دوابب، فلمّا لم يجمع هذا الجمع نزّل منزلة ما جمع مرتّين، فلا ينصرف معرفة ولا نكرة (¬4)، فإن سمّيت به مذكّرا ثم نكّرته صرفته، تقول: مررت بمساجد ومساجد آخر؛ لزوال الجمعية، والأخفش لا يصرفه نكرة (¬5)، قال الزجاج: وقياس سيبويه أن لا يصرفه نكرة؛ لأنّه قد عاد إلى حاله أوّلا (¬6)، فإن أدخلت الهاء على هذا الجمع انصرف، نحو: صياقلة، صياقلة، لخروجه إلى مثال الواحد، نحو: علانية، وحزابية - وهو الغليظ (¬7) -، فإن سمّيت به لم ينصرف للتأنيث والتعريف، وإذا (¬8) كان آخر الاسم ياء قبلها كسرة، نحو: جوار، وغواش، انصرف في الرفع والجر (¬9)؛ لنقص ¬
الوزن بحذف الياء، ولم ينصرف في النّصب؛ لتمامه ببقائها (¬1) تقول: هذه جوار، ومررت بجوار، ورأيت جواري، ومنهم من يسكّن الياء في الرّفع والجرّ، ولا ينوّن (¬2). ومنهم من يحذفها فيهما (¬3)، وقد قرئ: * وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ * (¬4) بالرفع (¬5)، وأمّا ثماني فهي ياء نسب مثل يمنيّ ويمان (¬6)، وقد جعل بعض الشعراء ثماني جمعا لا ينصرف. ¬
قال (¬1): يحد وثماني مولعا بلقاحها. والأصول الصرف، وأما بخاتيّ فلا ينصرف؛ لأن الياء لغير النسب (¬2) وهي الّتي كانت في بختيّة (¬3)، وأمّا سراويل فمن الناس من يصرفه إذا كان نكرة، ويقول: هو واحد أعجميّ، وافق وزنه الجمع وليس بجمع (¬4)، ومنهم من لا ¬
يصرفه تشبيها بالجمع (¬1). وإذا سمّيت به لم ينصرف إجماعا؛ للتعريف والتأنيث، فإن نكّرته صرفته، وإن صغرته لم تصرفه (¬2)، وأمّا شراحيل فاسم عربيّ مفرد، وقال الفارسيّ: (كأنّه جمع شرحال أو شرحول) (¬3)، وفي سراويل خلاف غير هذا (¬4)، وزعم الفارسيّ: (أنّ من العرب من يصرف هذا الجمع ولا يعتدّ به ¬
الضرب الثاني: من الجمع ما خالف الوزن الأول من أوزان الجموع مما له نظير في الآحاد،
علّة قائمة مقام علّتين (¬1))، وعليه قرئ {سلاسلا} (¬2) {قواريرا} (¬3). وحكى الأخفش أن من العرب من يصرف جميع ما لا ينصرف (¬4). الضرب الثاني: من الجمع ما خالف الوزن الأوّل من أوزان الجموع ممّا له نظير في الآحاد، وهو جار مجرى الواحد في الصّرف ومنعه، فرجال كحساب، وفلوس كسدوس، عند بعضهم (¬5)، وكتب كطنب، وخدم كحمل، وعريان كسرحان، وكتبان كقربان وقتلى كعطشى، فكلّ ما جرى على الواحد من الصّرف وعدمه جرى عليه (¬6). ¬
وأمّا التأنيث: فهو فرع على التذكير، والمؤنّث من الأسماء على ضربين (¬1): مؤنث بعلامة، ومؤنث بغير علامة. فالمؤنّث (¬2) بالعلامة على ضربين: أحدهما بالتّاء، والآخر بالألف. فالتّاء نحو: حمزة وحمدة، والألف على ضربين: مفردة، نحو: حبلى وسكرى، وألف وقعت بعد ألف زائدة فحركت فانقلبت همزة، نحو: حمراء وأصدقاء. وأما المؤنّث بغير العلامة فعلى ضربين: ثلاثيّ ساكن الأوسط، نحو: هند، ودعد، والثّاني: على ضربين: ثلاثيّ متحرك الأوسط، نحو: قدم وعنق، والآخر ما زاد على الثّلاثة، نحو: زينب وسعاد. فحصل من هذا التقسيم ستّة أنواع: النوع الأول: المؤنّث بالتاء، ولا ينصرف معرفة وينصرف نكرة (¬3)، تقول: رأيت طلحة وطلحة آخر، ومررت بعزّة وعزّة أخرى، وما كان منه للمرأة أقوي في منع الصرف ممّا كان منه للرّجل، نحو: حمدة وحمزة (¬4). فإن كانت التّاء فارقة، نحو: قائمة وظريفة، وسمّيت به لم تصرفه، وإن لم تسمّ به صرفته؛ لزوال العلمية (¬5)، وإذا سمّيت رجلا أو امرأة ب «ضربت» خاليا من الضمير قلبت التاء في الوقف هاء، وألحقته بحكم شجرة (¬6) ¬
النوع الثاني: حبلى وسكرى، ولا ينصرف معرفة ولا نكرة (¬1)؛ لأنّ تأنيثهما لازم لا يفارقه، فكأنّ فيه تأنيثين (¬2): أحدهما لفظيّ، وهو نفس الكلمة، والآخر معنويّ وهو لزوم التأنيث لها، فصارت علة تقوم مقام علّتين. ويلحق بهذا ما كانت ألفه زائدة للإلحاق إذا سميت به، نحو: ذفرى، وعلقى، وحبنطى، فلا تصرفه؛ لأنّ الألف زائدة، وقد امتنع منها علامة التأنيث في المعرفة، فأشبهت ألف التأنيث (¬3) الّتي لا تدخل عليها التّاء. فإن سميت بمعزى لم يصرفه من أنّثه (¬4)، وصرفه من ذكّره (¬5)، وكذلك تترى (¬6). النوع الثالث: حمراء وأصدقاء، وهو جار مجرى النوع الثاني فلا ينصرف معرفة ولا نكرة (¬7). وما كان ملحقا به فإنّه ينصرف، سواء سمّيت به أو لم تسمّ، نحو: علباء وحرباء (¬8)، فأمّا أسماء فاسم رجل، فلا ينصرف، وهو اسم؛ لأنّه من أسماء النساء (¬9)، وقال قوم: وزنه فعلاء، والهمزة منقلبة عن واو، ¬
تقديره: وسماء (¬1). النوع الرابع: هند ودعد. ولك الخيار في صرفه لخفّته بسكون أوسطه، وترك صرفه، وهو القياس (¬2) فإن نكّرته أو سميت به رجلا صرفته على كلّ حال، تقول: مررت بهند وهند أخرى، فإن سمّيت امرأة باسم مذكر (كزيد) (¬3) لم تصرفه عند الأكثر (¬4) وصرفته في قول جماعة (¬5) منهم: الجرميّ (¬6) والمبرد (¬7). النوع الخامس: قدم وعنق: إذا سميت به مؤنّثا لم تصرفه معرفة (¬8)، وانصرف نكرة، (¬9) لأنّ الحركة زادته ثقلا، وكذلك إن سمّيت المؤنّث بمذكّر متحرّك الأوسط، نحو حجر وعنب، لم تصرفه؛ للتعريف والتأنيث، وإن ¬
سميت بالمؤنث مذكرا، صرفته نحو: رجل سمّيته بقدم (¬1). النوع السادس: زينب وسعاد وعناق، ولا تصرفه معرفة، وتصرفه نكرة (¬2)؛ لأنّ (¬3) الحرف الزائد الآخر أشبه تاء التّأنيث (¬4). وممّا يدخل في باب التّأنيث: أسماء القبائل والبلاد والسّور والألقاب. فأمّا القبائل فما كان منها مضافا إلى أب أو أمّ اعتبرت المضاف إليه، فإن كان فيه ما يمنع الصّرف لم تصرفه، تقول: هؤلاء بنو تغلب، وإن لم يكن فيه مانع صرفته، فتقول: هؤلاء بنو تميم (¬5). فإن حذفت المضاف وأبقيت المضاف إليه ففيه ثلاثة أوجه (¬6): أحدها: أن تجريه على نية بقاء الإضافة، فتصرف المنصرف وتمنع غير المنصرف، فتقول: هؤلاء تميم - فتصرف، وهؤلاء تغلب - فلا تصرف. والثّاني: أن تجعل (¬7) ما لا ينصرف اسما للقبيلة، فلا تصرفه؛ للتأنيث والتعريف. فتقول: هذه تميم، وهذه أسد. والثالث: أن تجعل ما لا ينصرف اسما للحيّ فتصرفه. ولا تصرف ما لا ينصرف وإن جعلته اسما للحي، نحو: تغلب للوزن والتعريف، وباهلة للتأنيث والتعريف، وأمّا يهود ومجوس فإن جعلتهما اسمين للقبيلتين لم تصرفهما، وإن جعلتهما جمع يهوديّ ومجوسيّ صرفتهما، وتدخلهما حينئذ الألف واللام للتعريف (¬8). وأمّا أسماء السّور فتجريها مجرى أسماء القبائل، فإذا قدرتها مضافة ¬
أجريتها على حكم أنفسها في الصرف ومنعه، تقول: هذه سورة هود (ونوح (¬1)) ويونس ويوسف، وهذه هود ونوح، وهذه يونس ويوسف، فتصرف هودا ونوحا ولا تصرف يونس ويوسف، وإن (جعلت (¬2)) الأسماء أسماء للسور ممّا كان منها على ثلاثة أحرف ساكن الأوسط، نحو، هود: ففيه من الخلاف ما في امرأة سمّيتها ب «زيد» (¬3)، وإن كان غير ذلك، نحو حم، ويس، وطس، فلا ينصرف؛ للتعريف والعجمة، نحو: هابيل وقابيل (¬4)، وأمّا «ص»، و «ق» فلا تصرفه؛ للتعريف والتأنيث. قال سيبويه: (فأمّا كهيعص والمر فلا يكنّ إلا حكاية) (¬5). وأما أسماء البلاد والأراضي فما لا ينصرف منها فإنّما يراد به البلدة والمدينة والبقعة وما أشبه ذلك، وهو جار مجرى أسماء النّساء في الصّرف ومنعه، وما انصرف منها فإنّما يراد به البلد، والمكان، والموضع، فيجري مجرى أسماء الرّجال في الصّرف ومنعه (¬6). وقد يغلب على بعضها التأنيث كعمان، وحمص (¬7)، ودمشق، وجور (¬8)، وفارس، ويغلب على بعضها التذكير، نحو: واسط (¬9)، ودابق (¬10)، واستعمل بعضها مذكّرا ومؤنثا (¬11)، ¬
خاتمة: الأسماء التي لا تنصرف
نحو: مصر (¬1)، وقباء (¬2)، وحراء (¬3)، وحنين (¬4)، وبدر (¬5). خاتمة: الأسماء التي لا تنصرف على ثلاثة أقسام: القسم الأوّل: لا ينصرف معرفة ولا نكرة (¬6)، وهو ستّة أنواع: الأوّل: ما فيه ألف التّأنيث المقصورة، نحو: بشرى وحبلى. الثاني: ما فيه ألف التأنيث الممدودة، نحو: حمراء وأصدقاء. الثّالث: الجمع المخصوص، نحو: مساجد وقناديل. الرابع: أفعل فعلاء، نحو: أحمر وأصفر عند سيبويه (¬7)، فلا تصرفه معرفة؛ للتعريف والوزن، ولا نكرة؛ للوصف والوزن. الخامس: فعلان الذي مؤنثه فعلى، نحو: غضبان وغضبى. السّادس: المعدول عن العدد إذا سمّيت به عند بعضهم (¬8)، أو كان نكرة نحو: ثلاث ورباع. ¬
القسم الثاني: لا ينصرف معرفة وينصرف نكرة،
القسم الثاني: لا ينصرف معرفة وينصرف نكرة، وهو سبعة أنواع: الأوّل: العدل عن المعرفة، نحو: عمر. الثّاني: وزن الفعل إذا نكّرته، نحو: أحمد وتغلب، وتدخل فيه الصفة إذا سميت بها نحو: أحمر، عند الأخفش (¬1). الثّالث: (ما) (¬2) فيه الألف والنون ولا فعلى له، نحو: عثمان وعمران. الرّابع: الأسماء الأعجمية - إذا - نكّرت، نحو: إبراهيم وإسماعيل. الخامس: المؤنّث بغير الألفين، نحو: حمزة وقدم وزينب، وما كانت ألفه للإلحاق، نحو: حبنطى (¬3). السّادس: المركب، نحو: بعلبكّ إذا نكّرته. السّابع: الجمع إذا سمّيت به ثم نكّرته، نحو: مساجد. القسم الثالث: لا ينصرف نكرة وينصرف معرفة، وهو المعدول عن العدد عند الأكثر، (¬4) نحو: ثلاث ورباع؛ فإنّه نكرة، فإذا سمّيت به زال عنه الصّفة والعدل الّذي هو للمبالغة، وقد ذكرناه في أوّل الباب (¬5). وهذه الأقسام منها ما لا ينصرف مكبّرا ولا مصغّرا، نحو: طلحة وعثمان؛ لبقاء المانع فيها مع التصغير، وهو التّعريف والتّأنيث في طليحة، والتّعريف والألف والنون في عثيمان، ومنها ما ينصرف مصغرا ولا ينصرف مكبرا، نحو: عمر ومساجد؛ لزوال المانع في التصغير، وهو العدل في عمير، والجمع في مسيجدات. ¬
ومنها ما ينصرف مكبّرا ولا ينصرف مصغّرا، نحو: تضارب، لو سمّيت به رجلا؛ لحدوث المانع في التصغيز، وهو وزن الفعل في: تضيرب. وليس كلّ هذه العلل التّسع إذا اجتمع في الاسم منها علّتان منع الصرف؛ فإنّ أذربيجان (¬1) فيه خمس علل، وهي التعريف، والتأنيث غير اللازم، والتركيب، والعجمة، والألف والنون، فلا ينصرف، وإذا نكّرته صرفته، فلا بد أن تكون إحدى العلتين تعريفا أو وصفا أو عدلا أو تأنيثا لازما أو جمعا أو وزن فعل، وقد ذكرنا هذا في أول الكتاب (¬2). ¬
الباب الحادي عشر في العدد
الباب الحادي عشر في العدد وفيه فصلان: الفصل الأوّل في تعريفه العدد على أربع مراتب: آحاد، وعشرات، ومئات، وألوف، وضعت؛ لتدل على الأجناس ومقاديرها. ومداره على اثنتي عشرة كلمة (¬1)، وهي: الواحد، والاثنان، والثلاثة والأربعة، والخمسة، والستة، والسبعة، والثمانية، والتسعة، والعشرة، والمائة، والألف، وكلّها تدل على الأجناس والمقادير إلا الواحد والاثنين، تقول: ثلاثة رجال، وخمسة أثواب ولا تقول: واحد رجال، ولا: اثني دراهم، وإنما تذكر اسم الجنس مفردا أو مثنى فتقول: رجل ودرهمان، فتحصل لك الدلالتان معا بلفظة واحدة. وقد شذ قول الراجز: كأنّ خصييه من التدلدل … ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل (¬2) المرتبة الأولى: من الواحد إلى العشرة. أمّا الواحد فإذا أطلقته على عدد مذكر أو مؤنث قلت: واحد وواحدة. ¬
وأمّا الاثنان فإذا أطلقته على عدد مذكّر قلت: اثنان، وإن كان مؤنّثا قلت: اثنتان وثنتان (¬1). وأمّا الثمانية الباقية فإذا أطلقتها على عدد مذكّر أثبتّ فيها التاء، وإذا أطلقتها علي عدد مؤنّث لم تدخلها التاء، ثم تضيفها إلى جمع القلّة ما أمكنك، فإن لم يكن لذلك النوع جمع قلّة أضفتها إلى جمع الكثرة، وتعرب الاسم الأول بوجوه الإعراب، إلا الثمانية في المؤنث فإن الياء تثبت في الرفع والجر ساكنة، وتفتح في النصب، تقول: عندي ثلاثة أفلس، وأربعة أجمال، وخمسة أحمرة، وست نسوة، وسبعة شسوع، وثماني أعنق، ورأيت ثماني أدراع، وتسعة كتب، وعشرة مساجد، وفي التنزيل" على أن تأجرني ثماني حجج" (¬2)، وقد يقع جمع الكثرة موضع جمع القلة وإن جمع بهما اسم واحد كقوله تعالى:" وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ" (¬3)، وجمع القرء للقلّة أقراء، كفرخ وأفراخ، وليس بابه. وتجوز إضافة هذه الأعداد إلى اسم الجمع، نحو: رهط ونفر وقوم وبشر، تقول: عندي ثلاثة نفر (¬4)، ومنه قوله تعالى:" وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ ¬
تِسْعَةُ رَهْطٍ" (¬1)،" ومنع (¬2) قوم من إضافته إلى بشر وقوم وقد أضافوها إلى" أشياء" فقالوا: خمسة أشياء، وهي عند الخليل وسيبويه (¬3) اسم مفرد كطرفاء وقصباء حيث كان فيها معنى الجمع، وإنما أثبتوا التاء معها وهي مؤنثة؛ لأنها صارت بدلا من" أفعال" التي للجمع، وقال قوم (¬4): إن" أشياء" أفعال، ولم تصرف؛ لمشابهتها فعلاء، والأخفش يقول: إنّها أفعلاء (¬5)، وقد قطعوا الإضافة في هذه الأعداد ونوّنوا المضاف (ونصبوا المضاف (¬6) إليه) فقالوا: ثلاثة أثوابا (¬7). المرتبة الثانية: العشرات وفيها نوعان: النوع الأول: إذا جاوزت العشرة زدت الآحاد عليها، وحذفت الواو العاطفة، ولها ثلاثة أحكام: ¬
الأوّل: تجعل أحدا موضع واحد، وتضيفه إلى عشرة، وتحذف التاء وتبنى (¬1) الكلمتين معا على الفتح؛ حيث تضمّنا الواو المحذوفة (¬2)، وتضيف إليه مع المؤنّث ألفا، وإلى العشر تاء، وتسكّن شينها في لغة الحجاز، وتكسرها في لغة تميم (¬3). فتقول: عندى أحد عشر رجلا، وإحدى عشرة امرأة، ومنه قوله تعالى:" إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً" (¬4). الثاني: مع الاثنين، تعربهما إعراب التثنية في الرفع والنصب والجر، وتبني العشرة (¬5) على الفتح؛ لوقوعه موقع نون التثنية المحذوفة للتركيب (¬6) وتذخل مع المؤنّث في الاسمين تاء، فتقول: عندي اثنا عشر رجلا، واثنتا عشرة امرأة واثنتا عشرة بردة، ورأيت اثني عشر ثوبا، واثنتي عشرة جارية، ومررت باثني عشر غلاما، واثنتي عشرة جارية، وفي التنزيل:" وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً" (¬7) وقوله:" فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً" (¬8). ¬
الثالث: باقي الأعداد، تبني الاسمين معا على الفتح، وتثبت التاء مع المذكر في الأوّل وتحذفها من الثّاني، وتعكس الأمر مع المؤنث، فتقول: عندي ثلاثة عشر رجلا وثلاث عشرة امرأة، وكذلك إلى تسعة عشر وتسع عشرة، وكسر الشين مع المؤنث مطّرد في لغة تميم (¬1)، وقد قرئ بفتحها حملا على المذكر (¬2)، وقرئ بسكون غين" أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً" (¬3) ومن حقّ هذه المرتبة أن تفسر بواحد منكور منصوب، فأمّا قوله: " اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً" (¬4) فقيل: إن أسباطأ بدل من اثنتي عشرة، (¬5) وأغنى عن المفسر (¬6)، وقيل: إن أمما بدل من اثنتي عشرة، ¬
وأسباطا وصف له، فلمّا تقدّم صار منصوبا على الحال (¬1). النوع الثاني: إذا تجاوزت" تِسْعَةَ عَشَرَ" بنيت من لفظ العشرة كلمة على فعل بكسر الفاء وسكون العين، وأجريته مجرى جمع الصّحّة في الرّفع والنّصب والجرّ، واستوى فيه المذكّر والمؤنّث وفسّرته بواحد منكور منصوب، تقول: عندي عشرون غلاما، وعشرون جارية، ورأيت عشرين غلاما، وعشرين جارية، ومررت بعشرين غلاما، وعشرين جارية، وكذلك باقي العقود تجمع آحادها بغير تاء جمع الصحة، تقول: ثلاثون في الثالث، وأربعون في الرابع .. إلى تسعون في التاسع. فإن زدت على العشرين آحادا فلها أربعة أحكام: الأول: مع الواحد، ولك فيه أن تجعل موضعه أحدا، وتعطف عليه العشرين، وتضيف مع المؤنّث إلى واحد تاء، وإلى أحد ألفا، فتقول: عندي واحد وعشرون رجلا، وأحد وعشرون درهما، وواحدة وعشرون [امرأة وإحدى وعشرون (¬2)] جارية. الثاني: مع الاثنين تحذف التاء منهما مع المذكّر وتثبتها مع المؤنّث، وترفع الاسمين معا في الرفع، وتنصبهما في النصب، وتجرّهما في الجرّ، فتقول: عندي اثنان وعشرون رجلا واثنتان وعشرون امرأة، ورأيت اثنين وعشرين واثنتين وعشرين. ¬
الثالث: باقي الأعداد إلّا (¬1) الثمانية في المؤنّث، تثبت التاء فيهنّ مع المذكّر وتحذفها مع المؤنّث، وتعطف عليها العشرين، فتقول: عندي ثلاثة وعشرون رجلا، وثلاث وعشرون امرأة، إلى تسعة وعشرين وتسع وعشرين. الرابع: الثمانية مع المؤنّث تحذف تاءها كأخواتها، ثم تحذف الياء في الرّفع والجرّ كما تعمل بالمنقوص، وتبقي النّون مكسورة منوّنة (¬2)، فتقول: عندي ثمان وعشرون امرأة، ومررت بثمان وعشرين جارية. وتفتح الياء في النّصب، تقول: رأيت ثماني وعشرين امرأة. وقد ضمّت النون في الشعر، قال: لها ثنايا أربع حسان … وأربع فثغرها ثمان (¬3) ¬
وهكذا إذا أضفت الآحاد على باقي العقود إلى تسعة وتسعين، وتسع وتسعين. المرتبة الثالثة: إذا تجاوزت التسعة والتسعين ارتجلت للعقد العاشر لفظا غير مشتق من العقود المتقدمة وهى" مائة" وأصلها" فعلة" فحذفت لامها، وزيدت التّاء فيها عوضا عنها (¬1)، ثمّ تضيفها إلى واحد منكور، ويستوي فيها المذكّر والمؤنّث، وتجري عليه أوجه الإعراب فتقول: عندي مائة غلام ومائة جارية، وكذلك في النّصب والجرّ، ولها بعد ذلك حكمان: الأوّل: إذا أضفت إليها مثلها ثنّيتها فقلت: مائتان في الرّفع، ومائتين في الجرّ والنصب، ثمّ تحذف نونها مع الإضافة، فتقول: مائتا درهم، ومائتي درهم، وقد أثبتوا النّون وقطعوا الإضافة، ونصبوا المضاف إليه، قال (¬2): ¬
إذا عاش الفتى مائتين عاما … فقد ذهب اللّذاذة والفتاء (¬1) الثاني: إذا زدت على المائتين أعدت الآحاد الأول إلى المائة، ولم تثبت فيها التاء؛ لأن المائة مؤنّثة فتقول: ثلاثمائة رجل وأربعمائة امرأة، وكذلك إلى تسعمائة، وتسكن ياء ثماني فى الرفع والجر، وتفتحها في النصب فتقول: عندي ثمانى مائة درهم، وملكت ثماني مائة درهم، وكان القياس في هذا النوع أن تضيفه إلى الجمع، فتقول: ثلاث مئات أو مئين، فاستغنوا عنه بالمفرد (¬2)، فأمّا (¬3) قوله تعالى:" وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ¬
ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ (¬1) " فعلى عطف البيان (¬2) أو البدل (¬3) ولا يجوز أن تكون السّنين مفسرة؛ لأنّه يلزم أن يكون أقّلّ ما لبثوا تسعمائة سنة سوي التّسع (¬4). ولا تجوز إضافة المائة إلى السّنين، (¬5) وقد قرئ به (¬6) وهو ضعيف. وقد جاءت في الشّعر مضافة إلى الجمع، قال: ¬
ثلاث مئين للملوك وفى بها (¬1) وقال الآخر: (¬2) بحمس مئين من دراهم عوّضت … من العنز ما جادت به كفّ حاتم وإنما جمعت بالواو والنون لأنّها تجري وصفا للمذكر العاقل، ومناسبة للمرتبة ¬
الثانية، وعوضا من ذهاب لامها كما قالوا فى ثبة: ثبون (¬1). المرتبة الرابعة: إذا تجاوزت تسعمائة وتسعة وتسعين ارتجلت للعقد العاشر ألفا، وأضفته إلى واحد منكور، ويستوي فيه المذكر والمؤنث، نحو: ألف رجل، وألف امرأة، فإذا صار معه آخر مثله ثنيته رفعا ونصبا وجرا؛ فتقول: ألفان وألفين وتسقط النون للإضافة فتقول: ألفا رجل وألفى (¬2) امرأة، فإن تجاوزت الاثنين جمعت الألف على أفعال وأضفت العدد إليه وأثبت فيه التاء؛ لأن الألف مذكر، ثم تضيفه إلى واحد من جنس المعدود تقول: تقول: عندي ثلاثة آلاف (¬3) درهم، وخمسة آلاف بردة، وكذلك إلى العشرة. وهذه الإضافة التى إلى المائة والألف بتقدير (من) وإضافة المائة والألف إلى الدرهم بتقدير اللام، قاله الفارسي، (¬4) وفيه نظر؛ فإنك تقول: عندي مائة من الغلمان وغلمان مائة (¬5). ¬
الفصل الثانى فى أحكامه
الفصل الثانى فى أحكامه الحكم الأوّل: الأعداد وضعت مبنّية على السكون كحروف الهجاء، فتقول: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة (¬1)، ولهذا تقول: ثلاثه ربعة (¬2)، فتطرح حركة الهمزة من أربعة على الهاء من ثلاثة ولا تقلبها تاء، فإن أخبرت بها أو عنها، أو عطفت بعضها على بعض أعربتها، فتقول: هذا واحد ورأيت ثلاثة، ومررت بخمسة وستة، وكما تقول ألف باء، تاء، ثاء ساكنه فإذا أخبرت بها أو عنها، أو عطفت بعضها على بعض قلت: هذه باء، وكتبت عينا، ونظرت إلى جيم وحاء. الحكم الثانى: الواحد يكون اسما وصفة (¬3)، فالإسم هو استعماله فى العدد كسائر أخواته، وأمّا الوصف فكقوله تعالى:" إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ" (¬4) و: " ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ" (¬5) ويجمع على وحدان (¬6)، وقد جمع بالواو والنّون في قوله: ¬
وقد رجعوا كحىّ واحدينا (¬1) وقد ثنّي في قوله: فلمّا التقينا واحدين علوته (¬2) وأمّا أحد فإنه يستعمل مفردا ومضافا، فالمفرد على ضربين: أحدهما: أن يكون بتقدير واحد، ويحتاج إلى معطوف أو مركب معه غالبا كقولك: أحد عشر، واحد وعشرون، وقد شذّ في الشّعر بغير عطف ولا تركيب (¬3)، وقد استعمل بمعني واحد في غير العدد فى قوله تعالى: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» (¬4) أي: واحد (¬5). والآخر: أن يكون مستغرقا للجنس، ولا يستعمل إلّا في النفّي، كقولك: ما في ¬
الدّار أحد، وأما المضاف فقولك فى المذكّر: أحدهما، وفي المؤنّث: إحداهما، جعلوا ذلك فيهما عوضا من تثنيتهما وجمعهما فى قولك: مررت بالرجل المقتولة إحدى جاريتيه، ولا تقول: مررت بالرجل المقتولة إحديا جاريتيه، ويجمع على آحاد، كجمل وأجمال (¬1). وأما اثنان واثنتان وثنتان فلام الكلمة محذوفة، وقد جمع على أثناء (¬2)، والتاء فى اثنتان للتأنيث، وفي ثنتان للإلحاق بعدل، كما كانت في بنت، وكما كانت في أخت للإلحاق بقفل (¬3)، ولا يجوز (¬4) أن تقول: جاءني الرّجلان اثناهما؛ لأنّه إضافة الشّئ إلى نفسه، وكذلك: مررت برجل واحده، وإن كان يجوز أن تقول: رأيت الرجلين كليهما، ومررت بالقوم ثلاثتهم. الحكم الثالث: قال الأخفش، كل جمع (¬5) لا يبنى على الواحد (¬6) لا تجوز إضافة العدد إليه، وإنّما تأتي فيه بمن (¬7)، فتقول: ثلاثة من الخيل وأربع من الإبل (¬8)، وإن كان على لفظ الواحد، ولم يكن جمعه على القياس، نظرت ¬
مفرده، فإن كان مذكّرا أثبتّ التاء، وإن كان مؤنّثا حذفتها، تقول: له خمسة من الطير وخمس من البطّ، ولا تضاف إلى الأجناس؛ لأنّها صالحة للمفرد، فلا تقول: ثلاثة رطب. الحكم الرابع: العرب تعتبر تارة اللفظ، فتحمل عليه، وهو الأكثر، وتارة المعنى فتحمل عليه، يقولون: هذه ثلاثة أشخص، فيثبتون التاء؛ حملا على اللفظ وإن عنوا: مؤنّثا (¬1)، ويقولون: ثلاث أنفس، فيحذفون التاء وإن عنوا: رجالا؛ لأجل اللفظ (¬2) على أنّ النّفس تذكّر، ويقولون: ثلاث شخوص، إذا عنوا: مؤنّثا، حملا على المعنى (¬3)، وثلاثة أنفس إذا عنوا مذكرا (¬4)، وهذا فى كلامهم، وأشعارهم كثير فاش (¬5). قال سيبويه: تقول (¬6): (له ثلاث من الشاء، وثلاث شياه ذكور) (¬7) ¬
وخمس من الغنم ذكور (¬1) والشياه والغنم أنثى، قال (¬2): وتقول: له ثلاثة ذكور من الغنم وخمسة ذكور من الإبل لابتدائك بالمذكّر، ويقولون: فى الربيئة (¬3) ثلاث أعين وثلاثة أعين، وثلاث دوابّ؛ حملا على اللّفظ والمعنى، قال (¬4): (وتقول: سار خمس عشرة من بين يوم وليلة، توكيدا بعد ما وقع على الليالي؛ فإنه قد علم أن الأيّام داخله مع اللّيالي، وتقول: أعطاه خمسة عشر من بين عبد وجارية؛ لاختلاطهما)، (¬5) قال: (وقد يجوز في القياس: خمسة عشر من بين يوم وليلة، وليس بحدّ كلام العرب)؛ (¬6) لأنّ التاريخ يغلب فيه الليالى على الأيّام. قال الأخفش: (¬7) (من قال: هذا حمامة، للذكر، وهذه حمامة، للأنثى فينبغى له إذا أراد المذكّر أن يقول: ثلاثة حمامات)، وقال ابن الأنباريّ: إذا قلت: عندي ثلاث بنات عرس، وثلاث بنات آوي، فالأولى أن تدخل في المذكّر؛ لأنّ الواحد ابن عرس وابن آوى (¬8). ¬
وقال سيبويه: (تقول: ثلاثة نسّابات، وهو قبيح؛ لأنّ النّسابة صفة، كأنه قال ثلاثة رجال نسابات (1) فاستقبح حذف الموصوف (¬2). وأما قوله تعالى: «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها» (¬3) فإنّما حذفت التاء من عشر؛ لأنّ مثل الحسنة حسنة، وهى مؤنثة (4)، ولأنّ الأمثال مضافة إلى مؤنّث (5)، كما قرئ،" تلتقطه بعض السّيّارة (6) " بالتاء (7)، وقد حذفت ¬
التاء مع المذكّر في كثير من الشعر؛ بضرب من التّأويل (¬1). الحكم الخامس: كل معدود منصوب فالتعريف يقع فيه للعدد، وكل معدود مجرور فالتعريف له إن كان آخرا، وقيل (¬2): كلّ ما كان مضافا عرّفت المضاف إليه، وما لم يكن مضافا عرّفت الأوّل. أمّا المرتبة الأولى فتعرّف الاسم الثاني منها، نحو: ثلاثة الأثواب، وخمسة الرجال، وسبع النسوة، والكوفيّ يجيز: الخمسة الأثواب (¬3). وأما المرتبة الثانية، فتعرّف الأسم الأول، منها نحو: الأحد عشر ¬
درهما، والثّلاث عشرة جارية، والعشرين رجلا، والخمسة والأربعين دينارا، والكوفيّ (¬1) يقول: الخمسة عشر الدرهم، والعشرون الدينار. أما المرتبة الثالثة والرابعة، فتعرّف الأسم الأخير فيها نحو: مائة الدرهم، وألف الدينار، وخمسمائة الدّرهم، وخمسة آلاف الدينار. فإن لم تذكر المعدود عرّفت المائة والألف، فتقول: خمس المائة، وثلاثة الآلاف، والكوفيّ يعرّف الجميع، فيقول: الخمسة الآلاف (¬2). الحكم السادس: ما كان من المرتبة الثانية من أحد عشر إلى تسعة عشر، فإنّه يجوز إضافته إلى صاحبه، وتقرّ الأسمين مبنيّين على حالهما، تقول: هذه أحد عشرك وخمسة عشرك وتسعة عشرك، ولا تجوز إضافة اثني عشر إلى صاحبها والكوفيّ (¬3) إذا أضاف هذا النوع أعربه، فيقول: هذه خمسة عشرك، وتسعة عشرك، وأمّا العشرون فما فوقها فلا يجوز حذف النون وإضافة العدد إلى المعدود (¬4)، فلا تقول: عشرو درهم، ولا خمس وخمسو كذا، فأمّا قوله: ¬
وما أنت أم مارسوم الدّيار (م) وستّوك قد كربت تكمل (¬1) فإنما هو مضاف إلى صاحب العدد، لا إلى العدد، وهو غير ملازم وقد اجازه الكوفيّ وقالوا: (قد سمع: برئت [إليك] (¬2) من خمس وعشري النخاسين) (¬3)، وهو كالأول. الحكم السابع: إذا ورد بعد العدد وصف فالأولى أن تجعله وصفا له، تقول: عندي ثلاثة قرشيّون وخمسة هاشميّون (¬4)، وقد جوّزوا الإضافة فقالوا: ثلاثة قرشيّين (¬5)، وإذا وصفت النّكرة المنصوبة فلك إفراد الصّفة، وجمعها جمع (¬6) التكسير، تقول: عندي عشرون غلاما ظريفا، وعشرون غلاما ظرفاء، وفى وصفه بجمع الصحة خلاف، فإن رفعت ¬
فقلت: عندي عشرون غلاما صالحون، جاز قولا واحدا (¬1)، وتقدّم هذا مبسوطا في باب الصّفة (¬2). الحكم الثامن: إذا عطفت مذكرا على مؤنّث على مذكر، جاز في المعطوف الرفع والجر بمعنيين، تقول: عندي ستة رجال ونسوة، وست نساء ورجال، فعلى الرفع يكون عندك ستة رجال ونساء لا يعلم عددهن، وستّ نساء ورجال لا يعلم عددهم و، على الجر يكون عندك ثلاثة رجال وثلاث نسوة (¬3)، فإن لم يكن للعد نصف صحيح جاز الرّفع دون الجرّ، تقول: عندي خمسة رجال ونسوة وسبع نسوة ورجال (¬4). وبعضهم لا يجيز الجرّ فيما له نصف أيضا؛ لأنّك إذا قلت: ستة، علم ¬
أنهم رجال، فكيف تجعل بعضهم نساء (¬1)؟! وأجاز الكسائى ذلك إلى العشرة (¬2). وأي المعدودين قدّمت أتبعته العدد في تذكيره وتأنيثه (¬3)، تقول: عندي ستة رجال ونساء وست نساء ورجال، فإن جمعت بينهما وجعلت العدد وصفا لهما غلّبت المذكّر فقلت: عندي رجال ونساء ستة، ونساء ورجال ستة. الحكم التاسع: العرب تغلّب المذّكر على المؤنّث، إلا في أيّام الشّهور، فإنّها تغلب الليالي على الأيام؛ لأنّ اللّيلة أوّل الشّهر (¬4)، فلو عدّوا الأيّام لسقط من الشهر ليلة، فتقول: خرجت لثلاث خلون، ولخمس بقين، تريد الليالي، فإذا زادت على العشرة وحّدت الفعل فتقول: لإحدي عشرة ليلة خلت، ولخمس عشرة ليلة بقيت، لأنهم جعلوا الخبر على لفظ اللّيلة (¬5)، وقالوا: صمنا عشرا، فأنّثوا - وإن أرادوا أيّاما - تغلبيا للّيالي على الأيّام، وقالوا: صمنا عشرا، فأنّثوا - وإن أرادوا أيّاما - تغليبيا للّيالي على الأيامّ، ورأيت بعض الكتّاب المتأخّرين قد كتب: لخمس إن بقين؛ لأن الشّهر قد يكون تسعا وعشرين. ¬
الحكم العاشر: قد اشتقوا من العقود الأول اسم فاعل، فقالوا: حاد، وثان وثالث ... إلى العاشر، وهو على ضربين: الأول: أن يراد باللفظ واحد من المذكورين معه، كقولك: ثاني اثنين، وثالث ثلاثة، ورابع أربعة، وثالثة ثلاث، ورابعة أربع، ومنه قوله عز وجل: " ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ" (¬1)،" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ" (¬2) أي واحد من اثنين، وواحد من ثلاثة، وهذا يكون مضافا على كل حال (¬3). الضرب الثانى: أن يكون الأسم كضارب من ضرب، ومعناه: أنه صيّر ما دخل عليه مثله فى العدّة، فإذا كان بمعنى الحال والاستقبال عمل فيما بعده النّصب، كما يعمل اسم الفاعل، تقول: هذا خامس أربعة، ورابع ثلاثة، ولك أن تضيفه إلى ما بعده كما تضيف اسم الفاعل (¬4)، تقول: هذا سادس خمسة وسابع ستّة، فالمعنى: أنّه صيّر أربعة خمسة، وستّة سبعة، ومنه قوله تعالى:" سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ (¬5) وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ" وقوله تعالى (¬6): ¬
«ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ" (¬1) وتقول في المؤنّث: هذه خامسة أربع، وسادسة خمس، والفرق بين الضربين: أن الذين قالوا" إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ" كفروا، والذين قالوا: " ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ" آمنوا وأثنوا (¬2). فإن تجاوزت العشرة فلك في العمل بالضرب الأول ثلاثة مذاهب: الأول: - وهو الأصل، وأقلّها استعمالا، وبعضهم ينكره - (¬3): أن تقول: ثالث عشر ثلاثة عشر، تبني الجميع على الفتح. الثانى: - وهو أكثر استعمالا من الأوّل - أن تحذف «عشر» الأولى وتضيف [الاسم] (¬4) الّذي قبلها معربا بوجوه الإعراب، وتبنى الأسمين الباقيين على الفتح فتقول: ثالث ثلاثة عشر (¬5). الثالث: - وهو المستعمل (¬6) -: أن تلقي الاسم الثانى والثالث، وتبني الأول والرابع على الفتح، فتقول: ثالث عشر، وكذلك إلى تاسع عشر (¬7)، إلّا أنّ الباء في حادي وثاني ساكنة فى الأكثر على المذهب الأوّل والثالث، ¬
وإن كانت فى موضع فتح (¬1)، ومعربة بوجوه الإعراب على المذهب الثانى، وتقول فى المؤنّث: ثالثة عشرة ثلاث عشرة، وثالثة ثلاث عشرة، وثالثة عشرة، هذا مذهب سيبويه يجمع بين تأنيثين (¬2). قال السيرافيّ في شرحه: (ولا أعلم خلافا فى جواز حادية عشر) (¬3)، يعني بحذف التاء من الثانى، وقال الزمخشري: (تقول: الأول والثاني والثالث، والأولى والثانية والثالثة ... إلى العاشر والعاشرة والحادي عشر والثاني عشر بفتح الياء وسكونها، والحادية عشرة والثانية عشرة (¬4) .. إلى التاسع عشر والتاسعة عشرة (¬5)، تبنى الآسمين على الفتح كما بينتهما ¬
فى أحد عشر) (¬1) ومعنى ثالث عشر: واحد من ثلاثة عشر، إلّا أنّ بين المعنيين فرقا. وهو أنك مع لفظ الواحد لا يعلم هل هو الذي انته إليه العدد أم غيره، أمّا مع ثالث ثلاثة عشر، وثالث وثلاثة وأخواتهما، فيعلم أنّه الذي انته إليه العدد (¬2)، وأمّا من أجاز العمل بالضرب الثانى الذي يعمل فيما بعده (¬3) مما تجاوز العشرة، فإنه يقول: هذا رابع ثلاثة عشر، وسادس خمسة عشر، كما قال: رابع ثلاثة (¬4)، وسادس خمسة، وحكاه سيبويه (¬5) قياسا، ولا تكاد العرب تكلّم به. والقياس يقتضيه، قال سيبويه: (تقول: هذا حادي أحد عشر إذا كنّ عشر نسوة معهنّ رجل، لأن المذكر يغلب المؤنث، كما تقول: خامس خمسة إذا كن أربع نسوة معهن رجل) (¬6)، وأمّا بضعة عشر فهو بمنزلة تسعة عشر، وأخواتها فى كلّ شئ، وبضع عشرة كتسع عشرة (¬7). ¬
الباب الثاني عشر فى الهمزات
الباب الثاني عشر فى الهمزات وفيه نوعان: النوع الأول فى همزة القطع والوصل وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول فى تعريفهما وهما همزتان: همزة قطع، وهمزة وصل. فهمزة القطع هي: الّتي تثبت فى النطق وصلا ووقفا، وينقطع بالتلفّظ بها ما قبلها عمّا بعدها، وهى ثابته بثبوت الحكم الّذي تدلّ عليه من بنية أو معنى، وسواء كانت أصليّة أو زائدة، أو بدلا، نحو: أخذ، وأحمر، وإشاح فى: وشاح. وأمّا همزة الوصل، فهى التّي تثبت في الإبتداء وتحذف فى الوصل؛؛ لأنّها إنّما جئ بها توصّلا إلى النّطق بالسّاكن (¬1) - كما ستراه (¬2) - ولهذا لا يكون ما بعدها إلّا ساكنا، فإن تحرّك فلسبب (¬3)، ولا تكون إلّا زائدة، فإن اتّصل ما بعدها بكلام قبلها حذفت؛ للغناء عنها؛ حيث أمكن النّطق بالسّاكن. ¬
الفصل الثاني فى مواضعهما
الفصل الثاني فى مواضعهما وفيه فرعان: (الفرع الأول) فى همزة الوصل وإنّما قدّمناها فى الذّكر؛ لأنّها محصورة، وهمزة القطع غير محصورة، وهي تدخل على الأسم والفعل والحرف. أما الأسم فعلي ضربين: اسم صريح، واسم" مصدر" أما الصريح فهو عشرة أسماء (¬1) - وقيل أكثر (¬2) - وهى: ابن وابنة وامرؤ وامرأة، واسم واست وتثنيتهن، واثنان واثنتان، وابنم وتثنيته، وايم وايمن (¬3). فالهمزة التّي في أوّل هذه الأسماء همزة وصل، وبعض هذه الأسماء قد تقدّم بيانها فيما مضي (¬4)، ونشير إلى شيء منه هاهنا. ¬
أما" ابن" فأصله بنو كجمل، والّلام محذوفة وهي واو (¬1)، وقيل: ياء (¬2) والهمزة بدل منها؛ ولهذا عاقبتها فى النّسب، تقول: ابنيّ وبنويّ (¬3) وتثنيته محمولة عليه، وكذلك ابنة. وأمّا امرؤ وامرأة فإنّما ألحقت فى أوّلهما همزة مع ثبات لامهما؛ لأنّهما قالوا فيهما: مروء ومرأة (¬4)، وقد جاء بهما التنزيل كقوله تعالى: «إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ»، (¬5) «وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ» (¬6) و «أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ» (¬7). وخصّوا الألف واللّام بهذه اللّغة (¬8)، وقد أدخلوهما على الأخرى قالوا: الامرؤ والامرأة (¬9)، وتثنيتهما محمولة على مفردهما. ¬
وأمّا اثنان واثنتان فقيل: أصلها ثنيان من ثنيت (¬1)، وليس له مفرد من لفظه (¬2)، فحذفت ياؤه وأسكنت فاؤه، وألحق همزة الوصل، والتاء فى ثنت (¬3) بدل من الياء (¬4) عند من لم يجعلها للإلحاق (¬5). وأمّا اسم فقد سبق الكلام فيه (¬6)، وأمّا است فلامها هاء (¬7) وأصلها ستهة فحذفت اللّام وأثبتت العين، وقالوا فى جمعها وتصغيرها: أستاه وستيهة ورجل أسته (¬8)، فأدخلوا الهمزة عوض اللام، وقد حذفوا العين، وأثبتوا اللام، ولم يعوضوا؛ فقالوا: سه، ومنه: (العين وكاء السّه) (¬9) وتثنيته محمولة عليه. وأمّا ابنم فإنّهم زادوا الميم على ابن؛ توكيدا له وتفخيما (¬10)، ¬
قال (¬1): ومالي أمّ غيرها إن تركتها … أبى الله إلّا أن أكون لها ابنما وأمّا أيم وايمن فقد تقدّم ذكرهما في باب القسم (¬2). وأمّا المصادر فهي تسعة أوزان (¬3)، ويجمعها: كلّ مصدر فعله الماضي على أكثر من أربعة أحرف فى أوّله همزة، فمنها ما أصله ثلاثيّ نحو: انطلاق واكتساب واحمرار واستخراج واحميرار واعلّواط (¬4) واغديدان (¬5)، ومنها ما أصله رباعي نحو: اقشعرار واحرنجام، والاسحنكاك (¬6) والاسلنقاء ملحقان بالاحرنجام بالنون والكاف والنون والياء (¬7). وأمّا الفعل فتدخل عليه فى موضعين: الأوّل الماضي اذا تجاوزت عدّته أربعة أحرف وهي أفعال المصادر المذكورة، نحو: انطلق، واكتسب، واحمرّ، واستخرج، واحمارّ، واعلوّط واغدودن، واسحنكك (¬8)، واسلنقى، واقسعرّ، واحرنجم. الموضع الثانى: فعل الأمر للمخاطب، من كل فعل حرف مضارعته مفتوح ¬
وبعده ساكن (¬1)، نحو، يضرب وينطلق ويستخرج، تقول في الأمر منه: اضرب وانطلق واستخرج، والقول الضّابط فيه: أنّ ما كان من الأفعال ماضيا على أربعة أحرف فإنّ حرف مضارعته مضموم نحو: دحرح وأكرم وضرّب، وضارب، وحوقل، وصيرف، وما كان ماضيه على غير أربعة أحرف فإنّ حرف مضارعته مفتوح، نحو: ضرب، واكتسب واستخرج، وقد كسر بعض العرب (¬2) بعض حروف المضارعة (¬3)، وهو مذكور في أول الكتاب (¬4). فإذا أمرت من الرباعيّ، أسقطت حرف المضارعة فقلت: دحرج وأكرم وضرّب وضارب وحوقل وصيرف، الأصل في أكرم (¬5): يؤكرم، فحذفت (¬6) تخفيفا، وقد أعاده الشاعر، وقال: ¬
فإنّه أهل (¬1) لإن يوكرما (¬2) وإن أمرت من غير الرباعيّ حذفت حرف المضارعة، فإن كان بعده ساكن أدخلت الهمزة؛ ليمكن النطق بها، فقلت: اضرب وانطلق واستخرج، وإن كان بعده متحرّك ابتدأت به (¬3)، فقلت في، يقوم ويبيع ويخاف: قم وبع وخف. قال سيبويه: الأصل في قم: لتقم (¬4)، وقد جاءت ظاهرة في قوله تعالى:" فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا" (¬5) ¬
فى إحدى القرائتين (¬1). وقد شذ من المفتوح [الأول (¬2)] يأكل ويأخذ ويأمر، فقالوا فيها: كل، وخذ ومر (¬3) وقياسه: أؤخذ وأؤكل وأؤمر، ولا يحمل عليه؛ لقلّته (¬4)، وقد جاء الأصل مع حرف العطف، كقوله تعالى:" وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ" (¬5) وكقول الشاعر: تحمّل حاجتي وأخذ قواها … فقد نزلت بمنزلة الضّياع (¬6) وأما دخولها فى الحرف ففى موضع واحد وهو لام التعريف عند سيبويه، نحو: الرجل والغلام؛ لأن اللّام وحدها عنده للتّعريف (7)، وهي عند الخليل همزة قطع في الأصل (¬7) وإنما ذهبت من اللفظ؛ لكثرتها فى كلامهم، كما ذهبت النّون في" لم يك"، والياء في" لا أدر" (¬8) وهي واللام معا عنده للتعريف، بمنزلة قد في الفعل. ¬
الفرع الثانى فى همزة القطع
[الفرع] الفصل الثانى فى همزة القطع وتدخل فى الاسم والفعل والحرف، أمّا الأسم: فكلّ اسم فى أوّله همزة وليست من الأسماء العشرة، ولا من المصادر التسعة، فهى همزة قطع، نحو: أخذ، وأسد، وإبل، وأمر وأجد (¬1)، وأكل، وإصبع، وإصطبل وإعصار وإكرام، وأوزان كثيره قد ذكرها سيبويه فى كتابه (¬2) لم نطل بذكرها؛ لتميّزها بانحصار همزة الوصل. وأمّا الفعل: ففي أربعة مواضع: الأوّل: كل ماض على ثلاثة أحرف، نحو: أخذ، وأكل، وأمر، وكذلك ما لم يسمّ فاعله نحو: أخذ، وأكل، وأمر. الثّانى: كلّ فعل ماض على أربعة أحرف نحو: أكرم، وأحسن، وأعطي وكذلك ما لم يسمّ فاعله. الثالث: فعل الأمر من الرباعىّ، نحو: أكرم، وأحسن، وأعط. ¬
الفصل الثالث فى أحكامها
الرابع: فعل المتكلّم المضارع نحو: أكرم، وأحسن، وأعطي، وأمّا الحرف فكل حرف أوّله همزة قطع نحو: إنّ وأنّ وأمّا، إلا حرفا واحدا (¬1) هو لام التعريف عند سيبويه (¬2). الفصل الثالث فى أحكامها الحكم الأول: في حركتهما، أمّا همزة القطع، فتكون: مفتوحة، ومضمومة، ومكسورة، نحو: أحد، وأجد، وأثمد، وأخذ، وأكرم. وأمّا همزة الوصل فهي في جميع مواضعها مكسورة إلّا فى موضعين: الأوّل: تكون (¬3) فيه مضمومة، وهو أن يكون الحرف الثالث مضموما ضمّا لازما (¬4) منطوقا به أو مقدّرا، وذلك في فعلين: أحدهما الفعل الماضي إذا بني لما لم يسمّ فاعله نحو: انطلق بزيد، واستخرج ماله، واشتري له ثوّب. الثانى: فعل الأمر من الثلاثيّ الذي عين مضارعه مضمومة (¬5)، نحو: يقتل ويغزو، تقول فى الأمر: اقتل، واغز وتقول للمؤنّثة: اقتلي واغزي، فتحذف الواو بعد إسكانها، ثم تكسر الزّاي؛ لأجل الياء، إلا أنك تشمّها شيئا من الضّمّ؛ تنبيها على الواو المحذوفة، فإن كانت ضمّة الثالث غير لازمة، بأن ¬
تكون ضمّة نقل أو إعراب، فالهمزة مكسورة، كقولك: ارموا وامشوا؛ لأنّ الأصل: ارميوا وامشيوا، فحذفت الياء، ونقلت الضّمّة (¬1)، وكقولك: امرؤ أخذ لنفسه، وابنك منطلق؛ لأنّ ضمّة الهمزة والنّون ضمّة إعراب. الموضع الثانى: الهمزة الداخلة على الحرف مفتوحة لا غير، نحو: الرجل والغلام (¬2)، وهمزة ايمن التي للقسم، وإنّما لم تضم، والثالث مضموم؛ لأنّهم لم يكرهوا الخروج من الفتح إلى الضّمّ، وإنّما كرهوه من الكسر إلي الضم (¬3). الحكم الثانى: همزة الوصل إذا اتصلت بكلام حذفتها من اللفظ، وما قبلها إمّا أن يكون: متحركا، أو ساكنا، فالمتحرّك لا تغيّره، نحو: رأيت أبنك، وعرفت اسمك، وقلت له: اضرب، وأعجبني انطلاقة، ومررت بالرجل. والساكن تحرّكه؛ لا لتقائه مع السّاكن الثّاني، كقولك: أكرم الرّجل، و: " قُمِ اللَّيْلَ" (¬4) وقد تقدّم هذا فى باب التقاء الساكنين مبسوطا (¬5). الحكم الثالث: إذا دخلت همزة الأستفهام على همزات الوصل جميعها. إلا الهمزة المفتوحة، حذفتها؛ لأنّ همزة الوصل إنّما جيء بها؛ توصّلا إلي النطق بالسّاكن الّذي بعدها، فإذا تحرّك (ما) (¬6) قبلها استغني عنها فحذفت، كقوله ¬
تعالى:" أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ" (¬1) وقوله تعالى:" أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً" (¬2) وكقوله" أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ" (¬3) وكقول الشاعر (¬4): فقالت: أبن زيد ذا وبعض الشّيب يعجبها فأما الهمزة المفتوحة، فلا تحذف؛ لئلّا يلتبس الخبر بالإستفهام، ولكن تعوض عنها مدّة (¬5) كقوله تعالى:" آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ" (¬6) و" آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ" * (¬7) فأم قولهم في القسم:" آلله لأفعلنّ" (¬8) وإثباتهم المدّة وليس قبل الكلام استفهام؛ فلأنّهم جعلوها عوضا من واو القسم (¬9)، ولهذا لم يجمع ¬
بينهما، وحكى سيبوية: أفألله (¬1) لأفعلنّ (¬2)، بقطع همزة الوصل، وجعل قطعها عوضا من واو القسم، وقالوا فى النّداء: يا الله فأثبتوها - مع الغنى - معها (¬3)، ولم تجئ فى غير اسم الله تعالى، إلّا في الشّعر (¬4). وكذلك تعوض من ألف أيمن مدّة، فتقول: آيمن الله لأفعلنّ. فإن دخلت همزة الأستفهام على همزة القطع فالأصل بقاؤها، كقولك: أأكرمت زيدا؟ ويجوز حذفها والتعويض منها، كما ستراه في النوع الثاني مبينا (¬5). ¬
النوع الثاني في تخفيف الهمز
النوع الثاني في تخفيف الهمز (¬1) ومعنى تخفيف الهمز: قلبه، أو حذفه، أو جعله بين بين (¬2)، ومعنى جعله بين بين: أن تجعل الهمزة (بين الهمزة) (¬3) وبين ما منه حركتها (¬4) فالمفتوحة بين الهمزة والألف، والمضمومة بين الهمزة والواو، والمكسورة بين الهمزة والياء (¬5)، قال سيبويه: (ولا يجوز ان تجعل الهمزة بين بين في التخفيف، إلا في موضع يجوز أن يقع موقعها حرف ساكن) (¬6) والتخفيف إنّما يكون في الهمزة إذا لم تكن أول كلمه مبتدأة، فإنّها تكون، محقّقة: مفتوحة كانت، أو مضمومة، أو مكسورة، همزة وصل كانت، أو همزة قطع، في فعل كانت، أو اسم أو حرف، فأمّا اذا لم تكن في أوّل كلمة مبتدأة فيجوز تحقيقها وتخفيفها وتخفيفها على ضربين: مقيس، وغير مقيس (¬7). فلنذكرهما في فصلين ¬
الفصل الأول في المقيس
الفصل الأول في المقيس وفيه فرعان: الفرع الأول فى الهمزة الواحدة ولا تخلو أن تكون: ساكنة أو متحركة، أمّا الساكنة فلا تخلو أن يكون قبلها: فتحة أو ضمة، أو كسرة، وتقلبها في الأحوال الثلاث إلي جنس حركتها (¬1)، فتقول في رأس: راس، وفي جؤنة (¬2): جونة، وفي ذئب: ذيب. وأما المتحركة فلا يخلو أن يكون ما قبلها ساكنا أو متحرّكا، فإن كان ساكنا فإمّا أن يكون صحيحا أو معتّلا، فإن كان صحيحا نقلت الحركة التّي فيها إلى الحرف الساكن، وحذفتها (¬3)، تقول في الخبء (¬4) والبرء والدّفء (¬5): الخب والبر والدف، وتقول في المرأة والكمأة: المرة والكمة (¬6)، وتقول: من بوك، ومن مّك، وكم بلك (¬7)، ويلحق بهذا القسم الملحق بالهمزة، تقول في جيأل (¬8): جيل (¬9). ومن هذا القسم لام المعرفة إذا دخلت علي ما أوّله همزة ¬
مفتوحة، نحو: الأحمر، أو مضمومة كالأولى أو مكسورة كالإصبع، فتحذف الهمزة وتلقي حركتها على اللام، ولك فيه حينئذ مذهبان: أحدهما: أن تحذف همزة الوصل، فتقول: لحمر، ولولي (¬1)، ولصبع. والثانى: أن لا تحذفها، فتقول: الحمر، والولي، والصبع، وعليهما قرئ (¬2) قوله تعالى: (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) (¬3) والان (¬4)، وعليه قرأ أبو عمرو (¬5): (وعاد لو لي) (¬6) فإن كان الساكن الذي قبل الهمزة معتلا، فلا يخلو أن تكون حركة ما قبله (¬7) من جنسه أو من غير جنسه، فإن كانت من غير جنسه نقلت حركتها إلى حرف العلة، كما فعلت في الصحيح، تقول في شئ وضوء: شي، وضو. فإن كانت من جنسه وكانت قريبا من الطّرف ولم تكن ألفا، لا أصلا، قلبتها إلى جنسها وأدغمتها فيها فتقول في خطيئة ومقروءة: خطيّة ومقروّة (¬8)، فإن كانت ألفا، جعلت الهمزة بين بين، نحو: هباءة (¬9) وتساؤل ¬
ومسائل، وإن كانت أصلا فمثل أن تبني مفعلا (¬1) من وأيت فتقول بعد القلب والتخفيف: موا، وتنقل الحركة إلى الحرف الساكن كما فعلت مع الصحيح؛ وان كانت بعيدة من الطرف" مثل أن تبني من سأل مثل طومار (¬2) فتقول: سوءال، فإذا خففت قلت: سوال، وأما اذا كان ما قبل الهمزة متحركا فلا تخلو الهمزة أن تكون: مفتوحة، أو مضمومة، أو مكسورة، فإن كانت مفتوحة وقبلها ضمة قلبت واوا، تقول في جؤن جمع جؤنة: جون (¬3)، وإن كان قبلها كسرة قبلت ياء، تقول في مئر (جمع) (¬4) مئرة (¬5): مير، وإن كان قبلها فتحة جعلتها بين بين، نحو: سأل وقرأ. وإن كانت الهمزة مكسورة وقبلها ضمة أو كسرة أو فتحة، فإنّك تجعل الهمزة فيه بين بين (¬6)، فمثال الضّمّ: سئم وسئل، ومثال الفتح: سئم، ومثال الكسر: من عبد إبلك، وإن كانت الهمزة مضمومة، فهي كالمكسورة تجعلها بين بين، فمثال الضم: عبد اخته، ومثال الكسر: هذا قارئ، ومثال الفتح: لؤم الرّجل (¬7). ¬
الفرع الثانى فى الهمزتين
الفرع الثانى فى الهمزتين ولا يخلو أن تكونا: في كلمة واحدة، أو كلمتين، فإن كانتا فى كلمة واحدة قلبت الثانية إلي جنس الحركة التي قبلها، ساكنة كانت أو متحركة (¬1)، فالساكنة نحو: آدم وآخر وأومن وإيمان، والمتحركة نحو: جاء وخطايا؛ لأن الأصل في جاء: جائئ (¬2) بوزن ضارب، فتقلب الثانية ياء؛ لإنكسار ما قبلها، فتصير: جائي بوزن قاضي، فتجريها مجراها فتقول: جاء بوزن قاض، وأمّا خطايا، في جمع خطيئة فأصله خطاء (وخطائئ) (¬3) بوزن دراهم، ألا أنّ بعد الألف همزتين، وفي مصيرها إلى خطايا صنعة ترد في التصريف (¬4). وإن كانت الهمزتان من كلمتنين كقوله تعالى: (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) (¬5) و (السُّفَهاءُ أَلا) (¬6) و (أَأَنْذَرْتَهُمْ) * (¬7) ففيها أوجه: الأوّل: تحقيق الهمزتين (¬8)، والثّاني: تخفيف الأولى وتحقيق الثانية، وهو ¬
مذهب الخليل (¬1). والثالث: تحقيق الأولى وتخفيف الثانية، وهو مذهب أبي عمرو (¬2) والرابع: تخفيفهما معا، وهو لغة الحجاز (¬3). والخامس: أن تدخل بينهما ألفا، وبه قرأ ابن عامر: (أأنذرتهم) (¬4) ثم منهم من يخفف بعد إدخال الألف (¬5)، ومنهم من يحقق (¬6)، وللقراء في الهمزتين كلام محقّق؛ لأنهم به أعنى من غيرهم، فأحببنا ذكره، قالوا: لا تخلو الهمزتان أن تكونا فى كلمة واحدة أو كلمتين، فإن كانتا في كلمة فهما إما: متّفقتان أو مختلفتان، فالأوّل كقوله تعالى: (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ) (¬7) و¬
(أأنذرتهم)؛ فأهل الحجاز (¬1) وأبو عمرو يحققون الأولى ويليّنون الثّانية (¬2) وأهل الكوفة (¬3) وابن عامر يحققونهما (¬4)، ومنهم من يفصل بينهما مع ذلك بالألف. (¬5) والثانى كقوله [تعالى] (¬6) (أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ) (¬7)، (أَإِذا مِتْنا) * (¬8) و (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) (¬9) وحكمه حكم الذي قبله. وأما اذا كانتا في كلمتين فعلي ضربين: متفقين ومختلفين، فالمتفقان كقوله [تعالى (¬10)]: (السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) (¬11) و (هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ) (¬12) و (أَوْلِياءُ أُولئِكَ) (¬13) " فحقّق أهل الكوفة وابن عامر الهمزتين معا (¬14)، وحذف أبو عمرو ¬
ونافع الأولى وحققا الثانية (¬1)، وقرأ ابن كثير وغيره (¬2) بتليين الأولي وتحقيق الثانية (¬3) إلا المضمومتين؛ فإن ابن كثير حقّق الأولي وليّن الثانية. وأمّا المختلفان فعلى خمسة أضرب: كقوله تعالى: (السُّفَهاءُ أَلا) (¬4) وقوله: (مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ) (¬5) وقوله: (كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها) (¬6) وقوله: (شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ) (¬7) وقوله: (مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) * (¬8) فحقق الهمزتين فيها أهل الكوفة وابن عامر (¬9)، وقرأ أهل الحجاز وأبو عمرو بتليين الثّانية (¬10) إلّا أن تكون مفتوحة؛ فإنّهم يقلبونها في الوصل بعد المضمومة واوا وبعد المكسورة ياء كقوله تعالى: (السفهاء ولا) و (من خطبة النسائ يواكننتم) وفى قولك: اقرأ آية، ثلاثة أوجه: أحدهما: أن تقلب الأولي ألفا (¬11) والثاني: أن تحذف ¬
الفصل الثانى فى التخفيف غير القياسي
الثانية، وتلقي حركتها على الأولى، والثالث: أن تجعلها بين بين (¬1). الفصل الثانى" فى التخفيف غير القياسي" (¬2) أعلم أنّ الهمزة التي يحقّق أمثالها أهل التّحقيق، وتجعل في لغة أهل التخفيف بين بين قد تبدل مكانها (¬3) الألف إذا كان ما قبلها مفتوحا، والياء اذا كان ما قبلها مكسورا (¬4)، وليس ذلك بقياس مطّرد، وإنّما يحفظ عن العرب حفظا، فمن ذلك قولهم في المرأة: المراة، وفي الكمأة: الكماة (¬5)، وحكى سيبويه (¬6): أنّ من العرب من يقول في أو أنت: أوّنت، فيشدّد الواو ويحذف الهمزة، وفي ارم أباك: ارميّ باك وفي أبو أيّوب (¬7): أبو يّوب، وهو قليل. فإن كانت الهمزة مكسورة أو مضمومة لم يفعلوا ذلك (¬8)، ومنهم من يقول: ذونسه (¬9) وارم ختك، بحذف الهمزة البتّة؛ لاستثقال الضّمّة علي الواو والياء. ¬
الباب الثالث عشر فى الإمالة
الباب الثالث عشر فى الإمالة وفيه خمسة فصول الفصل الأول (فى تعريفها) الإمالة لغة تميم وأسد وقيس وعامّة أهل نجد، فأمّا أهل الحجاز فلغتهم التفخيم (¬1) إلّا فى مواضع قليلة (¬2)، والذين أمالوا فعلوا ذلك؛ لضرب من تجانس الحروف، وليجري اللّسان في النّطق علي طريقة واحدة. وحقيقتها: أن تميل الفتحة نحو الكسرة ميلا خفيّا، فتميل الألف لذلك نحو الياء (¬3)، فالألف الممالة واسطة بين الياء والألف، وكسّرتها واسطة بين الفتحة والكسرة؛ ولذلك جعل ألفها سيبويه من الحروف المستحسنة (¬4). وأسباب الإمالة المقتضية لها ستة، (¬5) وهى: الكسرة، والياء، والألف المنقلبة عن الياء، أو بمنزلة المنقلبة، والكسرة المتوقع وجودها في الحرف الذي قبل الألف على حال، والإمالة لإمالة، وهكذا عدّوها ستة (¬6)، واذا رجعنا إلى ¬
الحقيقة فإنما هى أربعة: كسرة وياء، وألف، وإمالة لإمالة. وقد اختلف العلماء في الكسرة والياء، أيّهما أقوي فى باب الإمالة، فذهب الأكثرون (¬1) إلى أن الكسرة أقوى؛ لأنّها تجلب الإمالة ظاهرة أو مقدّرة، وذهب ابن السّراج إلى أنّ الياء أقوى؛ لأنّ الكسرة بعضها (¬2). وكما للإمالة داع فلها مانع كما ستراه مفصّلا مبينا (¬3)، وتدخل الأسماء والأفعال وبعض الحروف. ¬
الفصل الثانى (فى أحكام هذه الأسباب)
الفصل الثانى (فى أحكام هذه الأسباب) السبب الأول: الكسرة. ومتى وقعت في كلمة بعد ألف نحو: عالم وجابر ومفاتيح، أو قبل الألف بحرف أو حرفين أولهما ساكن كعماد وشملال، أميلت الكلمة. فإن تقدّمت بحرفين متحركين، أو بثلاثة أحرف لم تمل نحو: أكلت عنبا، وفتلت قنّبا. وكلما كانت الكسرة أقرب إلى الألف كانت الإمالة أولى، فكتاب أولى من جلباب وكلما كثرت الكسرات كانت الإمالة أولى فحلبلاب أولى من جلباب، فإن كان بعد الألف ضمة أو فتحة، أو كان الحرف الذي قبل الألف مضموما أو مفتوحا لم تمل (¬1)، نحو: كابل (¬2) وتابل (¬3) وتراب وحباب، فإن كان بين الكسرة والألف هاء أمالوا ولم يعتدوا بالهاء؛ لأنها حرف خفيّ، نحو: يريد أن ينزعها، ويضربها (¬4)، وهؤلاء عندها، وله درهمان، وهو شاذ ولا يقاس عليه (¬5) وقد أجروا الكسرة العارضة مجرى الأصلية نحو: مررت ببابه، وأخذت من ماله (¬6). ¬
السبب الثانى: الياء.
السبب الثانى: الياء. إذا كانت الياء قبل الألف أو بعدها أميلت الكلمة، نحو: أعيان، وشيبان، وشوك السيال، وبايت، ومبايع. فإن كانت الياء قبل الألف بحرفين لم تمل، نحو جيبنا وعيبنا (¬1)، فإن كان أحد الحرفين هاء جازت الإمالة؛ لخفاء الهاء، نحو جيبها وعيبها (1)،لا يميلونها في حالة الرفع (¬2)، وقد أمالوا: فينا وعلينا (¬3)، وأمالوا ماش في الوقف (¬4)؛ نظرا إلى الكسرة في الوصل، وبعض ممال الياء أقوى من بعض، فسيّان أقوى من ديّان (¬5). وحيّان أقوى من شيبان (¬6). السبب الثالث: الألف ولها أربعة أحوال: الحال الأولى: أن تكون منقلبة عن الياء، فتمال؛ تنبيها على الأصل، وسواء كانت فى الاسم، أو الفعل: ثلاثيا كان، فما فوقه، عينا كانت، أو لاما، نحو: ناب (¬7) وفتى ومرمى ومستقصي (¬8) ونحو: عاب ورمى واستقصى، وهي إذا كانت لاما أقوى في الإمالة منها إذا كانت عينا (¬9)؛ ففتى أقوى من ناب، ورمى أقوى من باع. ¬
الحال الثانية: أن تكون منقلبة عن الواو، فإن كانت في ثلاثي لاما أملت الفعل دون الأسم، فتميل، دعا وغزا، ولا تميل: القفا والعصا، (¬1) إلا ما شذّ، قالوا: الكبا (¬2) والعشا (¬3)، وهما من الواو (¬4)؛ وأمالوا (العلي) (¬5) لقولهم: العليا (¬6)، وأمالوا الرّبا؛ لأجل الراء، أمّا قوله تعالى: (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) (¬7) فلمشاكله جلاها ويغشاها (¬8). إن كانت الألف فيه عينا لم تمل الاسم ولا الفعل، نحو: باب ومال، وقام وقال. وقد امال بعضهم الباب والمال (¬9). وإن كانت الألف المنقلبة عن الواو في كلمة زائدة علي ثلاثة أحرف، أملتها فى الأسم والفعل معا، نحو: مغرى ومستدعى، وأغرى واستدعى؛ لقولك: مغريان ومستدعيان، وأغريت واستدعيت. الحال الثالثة: أن تكون الألف بمنزلة المنقلبة عن الياء. وهى إمّا للتّأنيث، كحبلى، أو للإلحاق، كمعزى، أو للتّكثير، كقبعثرى وهذه الألف تمال سواء كانت من الياء أو الواو (¬10)، وإنّما كانت هذه الألف ¬
بمنزلة المنقلبة؛ لأنّها أشبتهتها في التثنية والأستقاق، نحو: حبليان وحبليت (¬1). فأما إمالة حبالى وكسالى (¬2) فليست لأجل ألف التأنيث، وإنّما أميلت نظرا إلى الواحد (¬3)؛ لأنّها فى حبالى منقلبة عن ياء منقلبة عن ألف التأنيث، وأصلها حيالي (¬4) ثم حبالى (¬5) ثم حبالى (¬6). الحال الرابعة: أن يكسر ما قبل الألف فى بعض الأحوال، نحو: خاف وهاب وصار، كقولك: خفت وهبت وصرت (¬7)، فأمالوها نظرا إلى توفّع وجود هذه الكسرة (¬8)، وقد أجروا الألف المنفصلة مجرى المتّصلة، فقالوا: درست علما، ورأيت زيدا فى الوقف، وهو قليل (¬9)، فإذا وصلت لم تمل؛ لأنّها تصير تنوينا، ولا يمال من بنات الألف المنقلبة عن الواو عينا إلّا ما كان على فعل، بالكسر، نحو: خوف، وأمالوا: مات، وهم الذّين يقولون: متّ، ¬
بالكسر، وسيبويه يحمل اللّام المجهولة اذا كانت ألفا على الياء، والعين على الواو (¬1) والأخفش يعكس القضية (¬2). السبب الرابع: الإمالة للإمالة. وذلك قولك: رأيت عمادا، وكتبت كتابا، أملت فتحة الميم؛ للكسرة قبلها، ثمّ أملت فتحة الدّال؛ للإمالة الحاصلة فى الميم (¬3). وهذه الإمالة إنّما تعرض في الوقف على الألف المبدلة من التنوين، فإذا وصلت عاد التنوين، وبطلت الإمالة، وهى قليلة الاستعمال فى كلامهم؛ لأنّها عارضة بسبب الوقف. ¬
الفصل الثالث فى الحروف المستعلية
الفصل الثالث فى الحروف المستعلية وهى سبعة: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء، والغين، والخاء، والقاف (¬1). ولها فى الإمالة حكم خاص، فتمنعها الأسماء فى بعض المواضع دون الأفعال، فأنها تمال معها، ولها فى الأسماء أربعة أحكام: الأول: أن تكون قبل الألف تليها، نحو صالح وضارب وطاعن وظالم وغالب وخائف وقادم، فهذه تمنع الأمالة (¬2)، وقول الناس: فلان قاعد، خطأ (¬3). الحكم الثانى: أن تكون قبل الألف بحرف، ولا تخلو أن تكون متحركة أو ساكنة، والمتحركة لا تخلو أن تكون مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة، فالمفتوحة والضمومة (¬4) يمنعان الإمالة وإن كان معها مقتضيها، نحو: صفاء وضباب [وطعام (¬5)] وظلام وغداق وخلاء وقتام، والمكسورة تجيز الإماله (¬6) نحو: صمام وضعاف وطلاب وظلال وغلاب وخفاف وقفاف (¬7). وإن كانت المستعلية ساكنة فلا يخلو ما قبلها أن يكون: مفتوحا أو مضموما أو مكسورا، فالمفتوح والمضموم يمنعان الإمالة، نحو: ¬
أصلاب، وأضعاف ومغتال ومقتاد، والمكسورة يجيزها بعضهم، ويمنع منها آخرون (¬1)، نحو: مصباح ومطعام ومضمار ومظعان ومقلات (¬2) ومغلاق، فمن أمال اعتقد الكسرة فى الحرف المستعلى (¬3)، ومن منع اعتقد الفتحة التى قبل الألف. [فى الحرف المستعلى (¬4) الحكم الثالث: أن يكون الحرف المستعلى قبل الألف (¬5)] بحرفين، فلا يخلو أن يكون: مضموما، أو مفتوحا أو مكسورا، فالمضموم والمفتوح يمنعان الإمالة، نحو: ظلمات وغلّاب، والمكسور يجيزها نحو ظلمان (¬6) وغلمان. الحكم الرابع: أن يكون الحرف المستعلى بعد الألف، فتمنع الإماله على كل حال (¬7) نحو: حاصل وفاضل وعاطل، ونحو: راهص وسابغ وواعظ وناعق، ونحو: مساليخ ومناشيط ومعاليق، وبعضهم يميل نحو مناشيط؛ لبعد المستعلى وهو قليل (¬8). وهذه الحروف إذا كانت بعد الألف أشدّ منعا للإمالة منها إذا كانت قبل الألف. وهذه الأحكام تطّرد معها منعا واجازة إذا لم يكن في الكلمة راء، وسيأتى ذكرها (¬9)، وقد أجروا المنفصل مجرى المتّصل فقالوا: ¬
مررت بمال قاسم، فلم يميلوا هذا، وأماله بعضهم (¬1)، واتّفقوا على إمالة مررت بمال زيد؛ لعدم الحرف المستعلى (1)، قال سيبويه: (وسمعناهم يقولون: أراد أن يضربها زيد، فأمالوا (¬2)، وأراد ان يضربها قبل، فنصبوا للقاف) (¬3). ¬
الفصل الرابع فى الراء
الفصل الرابع فى الراء وهى حرف فيه تكرير، ولها فى باب الإمالة أحكام: الأول: أن تكون فيه مانعة للإمالة إذا كانت قبل الألف أو بعدها، مفتوحة أو مضمومة، كيف وقعت فى حالة الرفع والنصب (¬1) نحو: راشد ورباب وسراج ورفات وجابر ومبارك، فأمّا فى الجرّ فتميل (¬2)، نحو: مررت بكافر وحمار، وقوم من العرب يقولون: الكافر والمنابر، فيميلون (¬3) وإمالة الكافرين أحسن من إمالة الكافر، لأنّ كسرة الراء مع الجمع ألزم منها مع الواحد (¬4). الحكم الثانى: أن تكون جالبة للإمالة، وذلك اذا كانت مكسورة قبل الألف أو بعدها نحو: ركاب وشارب. الحكم الثالث: تكون فيه غالبة للمستعلى، وذلك إذا تقدم المستعلى مفتوحا، وتأخّرت هى مكسورة، نحو: غارب وضارب وقارب (¬5) وغارم وخارب وظافر وطارد، فإن فصل بين الألف والرّاء، نحو: قادر، فقال سيبويه (¬6): قال قوم يرتضى بعربيتهم: مررت بقادر، وأنشد: ¬
عسى الله يغنى عن بلاد ابن قادر … بمنهمر جون الرّباب سكوب (¬1) والأجود ترك الإمالة، فإن ضممت الراء وفتحتها لم تجز الإماله. الحكم الرابع: تكون مغلوبة، وهى عكس الثالث، بأن تتقّم الراء ويتأخّر المستعلى، فلا تمال الكلمة وإن انكسرت الراء، نحو: فارق، وسارق، وعارض، وخارص، وراتق، ورافع، وراغب، ومفاريق. الحكم الخامس: أن يجتمع معها راء أخرى، وإحداهما مكسورة والأخرى مفتوحة، فتغلب المكسورة، فتميل نحو: الأبرار والأشرار والقرار * قوارير (¬2) قوارير * فى من أمالها (¬3). الحكم السادس: قد أمالوا الفتحة نحو الكسرة ولا ألف بعدها، إذا كان بعدها راء مكسورة فقالوا: من النفر، ومن الكبر، والصّغر، والبقر، ¬
وقياس هذا الباب: أن يجعل مايلى الفتحة بمنزلة مايلى الألف، (¬1) وقالوا: مررت ببعير، فأمالوا فتحة الباء؛ لأنّ العين مكسورة (¬2)، ومن عمرو؛ لأنّ الميم ساكنة (¬3)، ولا تميل: من الشّرق؛ لأنّ بعد الراء حرفا مستعليا (¬4)، وأمالوا الذال (¬5) من المحاذر؛ لكسرة الراء، ولم يمكنهم إمالة الألف؛ لبعدها، ولأنّ قبلها فتحة (6)، وبعدها فتحة، وقالوا: رايت خبط الريف، فأمالوا، وبينهما حرف، كما قالوا: من المطر، فأمالوا، ولا حرف بينهما (6)، وأمالوا الضمّة إلى الكسرة، فقالوا: عجبت من السّمر (¬6). ¬
الفصل الخامس فى لواحق باب الإمالة
الفصل الخامس فى لواحق باب الإمالة الأول: قد أمالوا بعض الأسماء على غير قياس، قالوا: هذا الحجّاج (¬1) والعجّاج، وهما علمان، وقالوا: هلك النّاس، فأمالوا فى حالة الرفع والنّصب، والأكثر ترك الإمالة؛ لعدم أسبابها (¬2)، فإذا صرت إلى الجرّ جازت الإمالة. الثانى: قد أمال قوم فاعلا وفواعل ومفاعل، إذا كان لامها مضاعفا نحو: جادّ، ومادّ، وجوادّ، وممادّ؛ نظرا إلى الأصل قبل الإدعام، والأكثر على ترك الإمالة؛ لزوال سببها (¬3). الثالث: الأسماء غير المتمكّنة، والموغلة فى شبه الحرف، أمالوا منها ما استقلّ بنفسه، نحو: ذا، وأنّى (¬4)، ومتى، ولم يميلوا ما ليس بمستقلّ منها، نحو: ما الاستفهاميّه والشرطيّة، [وإذا (¬5)]، وقد أمالوا: هو منّا، و * إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ * (¬6). الرابع: قد شبّهوا الهاء بالألف فأمالوا، قالوا: ضربت ضربه، وأخذت أخذه، وإنّما أشبهتها؛ لأنّهما معا للتّأنيث (¬7). ¬
الخامس: حروف المعانى لا تمال، كحتّى، وعلى، وإلى، وإلّا، وإمّا (¬1). وأمالوا منها" يا" الّتى للنداء (¬2)، ويلى التى للجواب (¬3) لمّا قويتا واستقلّتا بأنفسهما، فإن نقلت الحروف وسمّيت بها، جاز إمالتها؛ للاسميّه (¬4)، ولذلك أمالوا حروف المعجم؛ لأنّها أسماء لذواتها (¬5). ¬
الباب الرابع عشر فى الكتابة والهجاء
الباب الرابع عشر فى الكتابة والهجاء الخط موضوع على الانفصال والوقف (¬1). وللعلماء والكتاب فيه أوضاع واصطلاحات، ويجرى فيه من الإثبات والحذف والزيادة والنقصان، واختلاف اللّفظ والخطّ أشياء كثيره تحتاج إلى تعريف وبيان. وكتابة المصحف العزيز سنّة متّبعة لا تغيّر، وإن كان القياس والاصطلاح على خلاف بعضها، وأكثر ما تجرى أوضاع الكتابه التى تحتاج إلى البيان، فى الهمزة والألف والواو والياء، وفى كلمات معدودة، وقد أوردنا أحكام هذا الباب فى عشرة فصول: ¬
الفصل الأول (فى الهمزة)
الفصل الأول (فى الهمزة) وفيه فرعان الفرع الأول فى إثباتها ولها أحكام في مواضع: الأوّل: إذا كانت الهمزة أولا كتبت ألفا على كلّ حال، مفتوحة كانت أو مضمومة أو مكسورة، في اسم كانت أو فعل أو حرف (¬1)، فالاسم نحو: أحمد، وأبلم، وإثمد، والفعل نحو: أخذ، وأكرم، واستخرج، والحرف نحو: أن وإن. الثانى: أن تكون حشوا، وهي إمّا ساكنة أو متحركة، فالسّاكنة تكتب على جنس الحركة التى قبلها (¬2): إن كانت فتحة فألفا، أو كسرة فياء، أو ضمّة فواوا نحو: رأس وبئر وسؤر (¬3). والمتحركة لا يخلو ما قبلها أن يكون: ساكنا أو متحركا، فإن كان ساكنا كتبت على جنس حركة نفسها (¬4) (نحو) (¬5) ييأس، وأسئر (¬6)، وأرؤس، وإن كان متحركا فإمّا ¬
أن يكون مفتوحا أو مكسورا أو مضموما، فالمفتوح تكتب همزته على جنس حركة نفسها، (نحو): سأل وسئم ولؤم (¬1)، والمكسور لا تكون همزته إلّا مفتوحة، وتكتب ياء، نحو: مئر، والمضموم تكتب همزته المفتوحة والمضمومة واوا نحو: جؤن ودؤوب، وتكتب المكسورة ياء نحو: سئل. الثالث: أن تكون الهمزة طرفا، ولا يخلو ما قبلها: أن يكون ساكنا، أو متحركا، فإن كان ساكنا لم تثبت لها صورة نحو: الخبء والدّفء والجزء (¬2)، وللكسائىّ فيها مذهبان (¬3): أحدهما: أن يكتبها على حركة إعرابها. والثّانى: على حركة ما قبل الساكن الّذى قبلها، إلّا أن يكون مفتوحا؛ فإنه يعود إلى الأوّل. وإن كان ما قبلها متحرّكا كتبتها على صورة الحركة الّتى قبلها (¬4)، نحو: قرأ وقارئ، وبرئ وبارئ، وبطؤ وبطيء، ونحو النبأ والخطأ (¬5)، فإن اتّصل هذا النوع بضمير منصوب أو مجرور أعطيتها حكمها إذا كانت حشوا، نحو: يقرؤه ويكلؤه (¬6)، وبعضهم يكتبه بالألف فيقول: ¬
يقرأه (¬1)، والأوّل أكثر (¬2). وكذلك فى الأسماء، نحو: هذا خطؤه ومن خطئه (¬3)، ومنهم من يكتبه بالألف (¬4). الرابع: إذا كانت فاء الفعل همزة، اتّصلت بكلام قبلها (¬5) أثبتّ همزة الوصل، وكتبتها بعدها على الصورة التى تبتدئ فيه بالهمزة، نحو: قلت له: ائت زيدا (¬6)، وكقوله تعالى: * فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ * (¬7). فإن اتصل هذا بواو أو فاء أو لام (¬8) فلك الخيار؛ إن شئت كتبته على حد الابتداء (¬9) وإن شئت على اللفظ (¬10)، تقول: اخرج فائذن له، وإن شئت: فأذن له، ولو كان ثقة لاؤتمن عليه ولأتمن عليه، فإن اتّصلت بما يمكن الوقوف عليه كأو، وثمّ، كتبتها على الإبتداء، تقول (¬11)، اخرج ثم ائذن له. وما كان من الأفعال فى أوله واو أو ياء، نحو: وجل ويئس، قلت فيه: ايجل وايأس، فتثبت الهمزة، وكذلك إن وصلته بكلام قبله (¬12). ¬
الخامس: الممدود تكتب (¬1) منصرفه المنصوب بألفين نحو: ابتعت كساءا، (¬2) ولبست رداءا (¬3)، وتكتب المرفوع والمجرور، وغير المنصرف بألف واحدة، نحو: هذا كساء وحمراء، ومررت بكساء وحمراء. فإن ثنيت الممدود كتبته على حدّ ما تلفظ به تقول: هذان كساءان وحمراوان، ورأيت كساءين وحمراوين، ومررت بكسائين وحمراوين (¬4)، ويجوز كساوان وكساوين (¬5). فإن أضفت الممدود إلى مضمر غير متكلم كتبته في الرفع بواو، وفي الجر بياء، وفي النصب بألف واحدة (¬6)، تقول: هذا عطاؤك، وعطاؤه (ومررت بعطائك وعطائه، ورأيت عطاءك وعطاءه) (¬7) فإن أضفتها إلى نفسك كتبتها (¬8) ياء على كل حال؛ نحو: عطائي (¬9). ¬
الفرع الثانى فى حذفها
الفرع الثانى فى حذفها وقد حذفت فى مواضع: الأوّل: حذفوها من لفظة اسم إذا اتّصلت بالباء، وأضيفت إلى الله تعالى خاصّة (¬1)، نحو: (بِسْمِ اللَّهِ) * (¬2)، فإن أضفتها إلى غير الله أثبتّ الهمزة وإن كان من أسماء الله نحو: باسم الرّحمن (¬3) وباسم المهيمن، وبِاسْمِ رَبِّكَ * (¬4)، وباسم زيد، وقد أجاز الكسائي الحذف فى هذا (¬5)، فإن اتّصلت بغير الباء لم تحذف (¬6)، نحو: كاسم الله، ولاسم الله. الثانى: حذفوا همزة ابن وابنة إذا وقعا مضافين إلى علم، وكانا وصفا لعلم (¬7)، وكذلك الكنى والألقاب، تقول: هذا زيد بن عمرو، وهند بنة عمرو، وزيد بن أبى طاهر، وأم الفضل بنة زيد، وعمرو بن الأمير وهند ¬
عمرو، وزيد بن أبى طاهر، وأم الفضل بنة زيد، وعمرو بن الأمير وهند بنة القاضى (¬1). وقد يحذف التنوين من الاسم الأول، تقول هذا زيد بن عمرو (¬2)، قال الشاعر (¬3) ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها … حتّى أتيت أبا عمرو بن عمّار فإن ثنّيت الابن (¬4)، أو كان خبرا (¬5)، أثبت الهمزة، نحو: هذان زيد وعمرو ابنا بكر، ونحو: زيد ابن عمرو، وقال قوم (¬6): إذا كتبت ابنة بالهاء، فالاختيار إثبات همزتها فى كل حال (¬7). ¬
الثالث: حذفوا همزة ابراهيم واسماعيل وما أشببهما فى النداء، نحو: يابراهيم وياسماعيل (¬1)، ويجوز إثباتها، وحذفوها فى المصحف من يا أَيُّهَا * (¬2) أين جاءت ومن يا أَهْلَ الْكِتابِ * (¬3) ويا أَهْلَ يَثْرِبَ (¬4) ويا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ (¬5). الرابع: إذا كانت الهمزة بعد فتحة، وبعد الهمزة ألف لم يثبت للهمزه صوره تقول: هذا فعل زيد وعمرو أخطئا أم أصابا، وقرءا كتابك (¬6). ومنهم من يكتبها (¬7) ألفا، وهو الأولى عندى؛ لئلّا يلتبس بالواحد (¬8). وكتبوا لجؤا وقرؤا (¬9)، ويلجؤن ويقرؤن، بواو واحدة (¬10)، ومن كتب قرأا، بألفين كتب لجؤا واو يلجؤون بواوين (¬11). فإن كان قبل ¬
الهمزة كسرة أو ضمة ثبتت في التثنية، وسقطت في الجمع، تقول: حتى يخطئا فيه، ويطؤا، عنه وحتى يخطئوا ويبطئوا (¬1) فأمّا يَسْتَهْزِؤُنَ * (¬2) ونحوها فلك الخيار في كتبها بواو قبلها ياء (¬3) وهي كتابة المصحف (¬4)، وبواو من غير ياء (¬5)، وتكتب الْخاطِئِينَ (¬6) والقارئين، وفي النصب والجر، بياء واحدة (¬7) [وللمرأة أنت تخطئين ولم تخطئ بياء واحدة (¬8)] وقد حذفوا في المصحف همزة الرُّؤْيَا * (¬9)، رُءْيايَ * (¬10)، وهمزة يا أُولِي الْأَلْبابِ * (¬11)، وهمزة أنتم من ها أَنْتُمْ * (¬12). الخامس: إذا كان قبل الهمزة ياء أو واو ساكنان لم يثبت للهمزة صورة، ¬
نحو: خطيئة وسوءة ومقروءة، فإن كان الساكن بعدها جاز حذفها وإثباتها (¬1) نحو: مشؤم، ومزؤد، وسؤول ومسؤول. السادس: إذا دخلت همزة الاستفهام على همزة قطع، فإن شئت أثبتها، وهو الأصل، وإن شئت حذفت الواحدة، وجعلت على الأخرى مدة (¬2) نحو: أأنت (¬3) وآنت وأإذا (¬4) وآذا، أأكرمت؟ وآكرمت؟، وقد قلبوا الثانية فى الكسر والضّمّ ياء وواوا (¬5)، قالوا: آيذا وأوكرمت؟ وليس فى المصحف آيذا بالياء إلا فى الواقعة (¬6)، والباقى بألف واحدة (¬7). السابع: إذا أضفت المهموز إلى نفسك صارت الهمزة حشوا، ولها حكم الحشويه ولا يكون ما قبلها إلا مكسورا، فتكتب ياء، نحو: خطئى (¬8) وجزئى، ويجوز حذفها. الثامن: أجاز الكسائى (¬9) حذف همزة أن فى نحو لَوْ أَنَّ * (¬10) إذا خففتها نحو: لونّ. ¬
الفصل الثانى فى الألف
الفصل الثانى فى الألف وفيه فرعان: الفرع الأول فى إثباتها ولها مواضع: الأول: إذا كانت الألف فى آخر اسم أو فعل ثلاثيين، فإن كانت منقلبة عن الياء كتبت بالياء، حملا على، الأصل (¬1) نحو: رحى وفتى وردى، ورمى، وسعى، وإن (¬2) كانت منقلبة عن الواو كتبت بالألف (¬3)، نحو: عصا وقنا (¬4) ودعا وغزا (¬5). [ويعتبر الانقلاب بأشياء (¬6)، منها: الاشتقاق، نحو: رمى يرمى رميا، وغزا يغزو غزوا (¬7)] ومنها: التثنية والجمع، نحو: فتيان وعصوان، ورحيات وقنوات. ومنها: اتصال الضمير، نحو: رميت، وغزوت، ورميك، وغزوك. ومنها: الإمالة، نحو: الردى، فتكتبه بالياء. ¬
وأما نحو على وإلى ولدى وحتّى ومتى، فتكتب بالياء" لإضافتها إلى الضمير، نحو: إليك وعليك (¬1) وأمّا" أولا" الّذى هو اسم موصول فيكتب بألف قبلها واو (¬2)، ويجوز بالياء وحذف الواو (¬3). وكلّ ما ذكرناه ممّا يكتب بالياء يجوز كتبه بالألف حملا على اللفظ، ولا يعتبر الانقلاب (¬4)، وهو مذهب الفارسىّ (¬5) وغيره (¬6). الثانى: إذا زاد الأسم والفعل على ثلاثة أحرف فلك الخيار فى كتبه بالياء والألف، من غير أن تعتبر الانقلاب (¬7)، نحو: معطى ومرامى ¬
ومستعطى، ونحو مغزى ومستدعى، وأعطى وأغزى واستدعى (¬1). الثالث: المقصور اذا اتّصل الضمير بثلاثيّه ورباعيّه وخماسيّه، فاكتبه بالألف (¬2) نحو: عصاك ورحاك وبشراك، ومغزاه ومستقصاه، ونحو: رماه وغزاه واستعطاه، وكتبوها فى المصحف بالياء فى حال الإمالة، كقوله تعالى: فَلَمَّا أَتاها * (¬3) وكقوله: فَقَضاهُنَّ (¬4) ومِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ (¬5) وصارت سنّة" فلا تغيّر. الرابع: قد زادوا ألفا بعد واو الجمع، والواو الساكنة التى هى لام الفعل، فى حالة الرفع، إذا لم يتصل بضمير المفعول (¬6)، نحو: ضربوا، وقتلوا، ولم يضربوا ولم يقتلوا، ونحو: يغزوا، ويدعوا، وجاءت فى المصحف، فى قوله تعالى: أُولُوا قُوَّةٍ (¬7). وكتبوا" الربا" بواو، وزادوا بعدها ألفا هكذا الرِّبا * (¬8)، فإن قلت:" ضربوك ويغزوك" ¬
لم تثبت الألف، فإن قلت: ظلموا هم؛ وكانت هم توكيدا للضمير أثبتّ الألف (¬1)، فإن قلت: ظلموا هم؛ وكانت هم توكيدا للضمير أثبتّ الألف (¬2) فأمّا ظالمو زيد (¬3)، وبنو عمرو (¬4) وهمو، وأنتمو، فلك الحذف والإثبات، والحذف أحسن. وهذه الألف المزيدة، لم يثبتها المحققّون من أهل اللغة العربيّة، وهى فى المصحف العزيز ثابتة. الخامس: إذا اجتمع فى كلمة ألفان بينهما همزة أثبتّها ثلاثتها، وإن شئت حذفت أحدها، نحو براأات (¬5)، وبراآت، فإن اجتمع ألف وهمزة كتبتهما بألفين، أو ألف ومدة، نحو: أادم، وآدم، وبراأة وبرآة (¬6). السادس: كتبوا هذا وهذان وهؤلاء (¬7)، بألف وغير ألف (¬8)، ومن أثبت ألف هؤلاء كتب بعدها واوا؛ عوض الهمزة (¬9). ¬
السابع: أثبتوا الألف فى كلمات متفرقة، قالوا: مائة (¬1) ومائتان، ومنهم من حذفها (¬2)، وأثبتوا عوض تنوين المنصوب ألفا، وإن لفظوا بالنون قالوا: رأيت زيدا، (¬3) وكتبوا فى المصحف وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ (¬4) أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ (¬5) بالألف، والأصل عدمها (¬6). ¬
الفرع الثانى فى حذفها
الفصل الثانى فى حذفها وقد حذفت فى مواضع: الأوّل: ما كان على فاعل فهو على ضربين: علم، وغير علم، وغير العلم لا تحذف ألفه، نحو: ضارب، وكاهل، وباقر، والعلم نوعان: كثير فى كلامهم، وقليل، والكثير قسمان: قسم لم يستعمل بالألف واللام وهو اسم؛ نحو: خالد وصالح ومالك، ولك فى حذف ألفه الخيار إذا سمّيت به. (¬1) وقسم استعمل بالألف واللام، نحو: حارث والحارث، وهذا تحذف ألفه مع الألف واللام، وتثبت فى عدمهما، فتقول: الحرث، وحارث (¬2). وأمّا القليل فنحو: جابر وحاتم، وهذا لا تحذف ألفه (¬3). الثانى: حذفوا ألف إبراهيم واسمعيل وإسحق؛ لكثرة الأستعمال (¬4)، ولم ¬
يحذفوا ألف طالوت وجالوت (¬1)، وداود وإن كثر استعماله (¬2). الثالث: حذفوا ألف الرحمن وسليمن وعثمان ومروان؛ لكثرة الاستعمال، والأولى إثباتها إلا فى الرحمن، فإن حذفت الألف واللام من الرحمن، فإثباتها أولى نحو" رحمان الدنيا والآخرة (¬3). الرابع: حذفوا فى المصحف ألف فاعل، فى جمع السلامة إذا كان وصفا، نحو،: الصَّادِقُونَ * (¬4)، (الشكرون) (¬5) الْكافِرُونَ * (¬6)، الظَّالِمُونَ * (¬7) والأولى فى الكتابة إثباتها. فإن كان معتل الفاء أو العين أو اللام، أو كان مضاعفا، أو جمع بالألف والتاء لم يحذفوها، نحو: الواعدون والقائمون والغازون والعادون والصالحات (¬8) وقيل: إنّ حذف الف الصالحات أحسن من إثباتها (¬9). ¬
الخامس: حذفوا (¬1) فى المصحف ألف السَّماواتِ * (¬2) التى بعد الميم، وألف الْمَلائِكَةِ * (¬3) الّتى بعد الّلام، والقياس فى غير المصحف إثباتها. السادس: حذفوا الألف ثلاثة، وثلاثين، وثمانية، وثمانين (¬4)، وإثباتها جيّد (¬5). وكلّ موضع حذفت منه الياء فى ثمان تثبت فيه الألف (¬6)، وكل موضع تثبت فيه ياؤها، كالإضافة والتركيب، فإثباتها وحذفها جائزان (¬7). السابع: ألف ما الأستفهاميّة إذا اتّصلت بحرف الجرّ حذفت، نحو: فيم؟ وعمّ؟ وبم؟ ولم (¬8)؟ فإن كانت موصولة أثبتت إلّا مع الباء نحو: رغبت فيما رغبت فيه، وسيجئ بيانها فى فصلها (¬9). ¬
الفصل الثالث فى الواو
الفصل الثالث فى الواو وفيه فرعان الفرع الأوّل فى إثباتها وله مواضع الأوّل: زادوا وا الواو فى عمرو، إذا كان مرفوعا أو مجرورا، عاريا [من الإضافة (¬1)] والألف واللام والتثنية والجمع؛ للفرق بينه وبين عمر، فإذا نصب فرق بينهما فى الخطّ بغير الواو، وهو الصّرف، فتثبت فيه ألف عوض التنوين (¬2). الثّانى: كلّ فعل عينه واو اتصلت به واو الجمع كتب بواوين، نحو: استووا، ويستوون ولووا، ويلوون، ويجوز حذف أحد الواوين فى المستقبل (¬3)، وهو فى المصحف كذلك (¬4)، وقد حذفه بعضهم من الماضى، وهو قبيح؛ لالتباسه بالواحد (¬5)، فإن كانت الكلمة اسما، نحو: المؤونة والغوور كان كتبه بواوين أولى (¬6). ¬
الثّالث: قد أثبتوا الواو على خلاف النطق بها، قالوا: على بن أبو طالب، ويتكلمون بالياء (¬1) وكتبوا في المصحف: الصلوة (2) والزكوة (¬2) والحيوة (¬3) والمشكوة (¬4) و (الربوا) (¬5) بالواو، واللفظ بالألف (¬6). الرابع: قد زادوا الواو فى المصحف قبل الهمزة فى مثل شركوا (¬7) (شفعوآ (¬8) وفي أموالنا ما نشؤا (¬9) وأ لم يأتكم نبوآ (¬10) ويا أيها الملوآ (¬11) ولم يطرد في كل مواضعه. وزادوا الواو بعد الهمزة المرفوعة فى قوله: جزاو (¬12) سيئة بمثله (¬13) أين جاءت غالبا ¬
الفرع الثاني فى حذفها
الفرع الثاني فى حذفها حذفوا إحدى الواوين من داود، ومن طاوس، إذا سمّي به، (¬1) وحذفوا فى المصحف [الواو] (¬2) الواحدة من الْغاوُونَ * (¬3) ومن قوله تعالى وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ (¬4) "، وسَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (¬5) ويَمْحُ (¬6) اللَّهُ الْباطِلَ (¬7) وكتبوا الْمَوْؤُدَةُ (¬8) بواو واحدة وهى فى تقدير ثلاث واوات، والقياس أن تكتب واوين، فأما نحو يسؤك وينؤك ولا يوءده حفظهما (¬9) فكتب بواو واحدة. ¬
الفصل الرابع فى الياء
الفصل الرابع فى الياء ولها أحكام: الأوّل: المنقوص: يكتب الذّي فيه الألف والّلام بإثبات الياء، تقول: هذا القاضى والداعي والجواري، فإن كان منوّنا أو غير منصرف حذفت ياءه فى الرفع والجر، نحو: هذا قاض، وجوار، وتثبتها فى النّصب (¬1)، وقد سبق ذكر الوقف (¬2) عليه فى باب الوقف، وتكتبه جميعه بالياء على مذهب يونس (¬3) لأنّ الخطّ مبناه على الوقف (¬4). الثانى: كلّ ياء وقعت آخر بيت، فإن كانت الكلمة منقوصة فقد عرفت حكمها، كقوله: فاسأل النّاس إن جهلت (م) وإن شئت قضى بيننا بذلك قاض (¬5) وإن لم تكن منقوصة فهى زائدة أو للإضافة، فالزائدة كقوله (¬6): تقول وقد مال الغبيط بنا معا: … عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل ¬
وحذفها أولى، والتى للإضافة كقوله (¬1): ألا أيّها ذا (¬2) اللائمى أحضر الوغى … وأن أشهد اللّذاّت هل أنت مخلدي وإثباتها أولى، وينشد بيت عدي بإثبات الياء وحذفها، وهو. قوله: (2) أبلغ النّعمان عنّي مالكا … أنّه قد طال حبسي وانتظاري الثالث: قد حذفوا الياء في المصحف مما القياس إثباته فيه، كقوله تعالى: فسوف يأت الله (¬3) وقوله: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ (¬4) رَأى كَوْكَباً (¬5) وقوله تراى الجمعان (¬6) وقوله: فَهُوَ يَشْفِينِ (¬7) وأمثالها. وقوله بِهادِ الْعُمْيِ (¬8) وقوله: (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) (¬9). وقد كتبوا آية إذا كانت مجرورة بياء بن بعد الهمزة كقوله تعالى: فأت بآيية (¬10) (وكتبوا) مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (¬11) بياء بعد الألف. ¬
الفصل الخامس في ما
الفصل الخامس في" ما" إذا اتصلت" ما" بكلام قبلها فمنه: ما يحسن أن توصل به ويجوز فصله، ومنه ما يلزم وصله، ومنه ما لا يحسن وصله، ولا تخلو أن تكون: حرفا أو أسما، فإن كانت حرفا كتبت موصولة (¬1) نحو: إنّما زيد قائم، وأينما تكن أكن، ومهما تفعل أفعل. وإن كانت اسما بمعنى الذّي فصلتها (¬2) نحو إنّ ما فعلت حسن وأين ما وعدتنى، وقد كتبوها فى المصحف، وهى اسم مفصولة وموصولة. ¬
فالمفصولة قوله تعالى:" إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ" (¬1) والموصولة" إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ (¬2) " وأَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ * (¬3). وتكتب" بئسما وعلما" موصولة ومفصولة (¬4) وان كانت اسما، وتكتب نعما موصولة بميم واحدة، ومفصولة بميمين (¬5)، وتكتب ربّما إذا كانت حرفا (¬6) موصولة، وإذا كانت اسما مفصولة (¬7)، فأما مع حروف الجر فلا تكون إلا موصولة (¬8)، إسما كانت أو حرفا، نحو: بما، ولما وفيما وعمّا، وممّا، ويجوز فصل ما يقوم من الحروف بنفسه نحو: من، وعن (¬9) ¬
الفصل السادس (فى لا)
الفصل السادس (" فى" لا") وقد كتبوها مع كي موصولة ومفصولة (¬1)، فإن اتصلت بأن الناصبه للفعل حذفت النون للخط وأدغمت فى اللام (¬2)، كقولها: أريد ألا تفعل، وإن كانت المخففة من الثقيلة أثبتت (¬3) النون وفصلت (¬4) كقوله تعالى:" أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا" (¬5) وكتبوا:" وحسبوا أن لا تكون فتنة" (¬6) مفصولة عند من رفع تكون (¬7)، وموصولة عند من نصبها. فأما إن الشرطية فتكتب مفصولة (¬8) كقوله تعالى: إن لا تفعلوه (¬9) (¬10) ¬
الفصل السابع فى من
وقد كتبوا" لئلا" كلمة واحدة (¬1)، وهى فى تقدير ثلاثة أحرف: لام كي، وأن الناصبة ولا النافية (¬2)؛ لأنّ الّلام لا تقوم نفسها فوصلت بأن، ووصلت أن بلا؛ لأنّها ناصبة (¬3)، وكتبت همزتها ياء؛ للكسرة (¬4) [قبلها] (¬5) وأدغموا النّون فى اللّام. الفصل السابع فى" من" إذا اتصلت" من" بكلام قبلها كتبت موصولة ومفصولة، نحو: عمّن أخذت وفيمن رغبت؟ إلا أنّ وصلها مع الإدغام أولى (¬6)، نحو: ممّن، وعمّن (¬7) وكقوله تعالى أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً (¬8). ¬
الفصل الثامن فى اللام
وقد فصلت فى قوله تعالى: (أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا) (¬1) فإن اصّلت بحرف مفرد كالباء واللام والكاف، نحو: بمن (¬2)، ولمن، وكمن، فلا تكتب إلا موصولة، لأن الحرف المفرد لا يقوم بنفسه. الفصل الثامن فى اللام كل كلمة أولها لام، ودخل عليها [لام] (¬3) التّعريف أدغمتها معها فى اللّفظ وأثبتها في الخط لامين (¬4)، نحو: اللّيل، واللّحم، واللّجام، وقد كتبت بلام واحدة وليس بالكثير (¬5)، وإن دخلت لام الجرّ أو القسم أو التوكيد على ذلك، صارت ثلاث لامات في اللّفظ، ولامين في الخط، نحو: للّيل؛ لأنّ المدغم بلامين (¬6). وأما" الذي" فيكتب واحده وجمعه بلام واحدة، نحو: الّذي والّذين (¬7) لأنّ لام التّعريف لا تنفصل منه، ويكتب مثنّاه بلامين، نحو: اللّذان واللّذين (¬8) وكتبوا في المصحف اللَّاتِي * (¬9) بلام واحدة، وكتبوا فمال هاولاء (¬10) وفمال (¬11) الذين كفروا (¬12). مفصولة. ¬
الفصل التاسع فى المدغم
الفصل التاسع فى المدغم (¬1) إذا كان المدغم فى كلمتين كتب مفصولا؛ نحو: هلّ رأيت، وقد تّاب وإن كان في كلمة واحدة وكانا من جنس واحد، أو كان أحدهما يوجب قلب الآخر، كتب حرفا واحدا مشددا، نحو: شدّ وعبّ (¬2)، ونحو: طيّ وسيّد (¬3) وإن لم يكونا مثلين كتبا على صورتهما، نحو الرّاكب والطّالب. الفصل العاشر فى نوادر من الكتابة كتبوا إحديهما بالياء وحقها أن تكتب بالألف (¬4). وكتبوا" يا وخيّ بالواو؛ كيلا تلتبس ب" يا أخي (¬5) " وكتبوا تاء التّأنيث فى آخر الأسم هاء وإذا اتّصلت كتبوها تاء، نحو: صلاة، وصلاتك، ومنهم من كتبها مع المضاف المظهر تاء، ونحو: صلات زيد (¬6)، وكتبوا فى المصحف. ¬
قُرَّتُ عَيْنٍ (¬1) وبِنِعْمَتِ اللَّهِ * (¬2) وفِطْرَتَ (¬3) اللَّهِ (¬4) ورَحْمَةِ اللَّهِ (¬5) ولعنه لله) (¬6) وسُنَّةَ اللَّهِ * (¬7). فى كثير من مواضعها بالتاء (¬8) وبالهاء (¬9). [وكتبوا (¬10)] يومئذ وليلتئذ وحينئذ، وساعتئذ، كلمة واحدة ما وكذلك شبهها من أسماء الزمان المضافة إلى إذ (¬11)، وإن شئت كتبتها مفصولة والأوّل أكثر (¬12). وكتبوا فى المصحف ويك أنه (¬13) كلمة واحدة وكتبوا كَأَيِّنْ * (¬14) بالنون وإنّما هو تنوين دخل على أيّ، ولم يكتبوا التنوين نونا إلّا في هذه الكلمة وفي العروض. ¬
الباب الخامس عشر فى الخطاب
الباب الخامس عشر فى الخطاب وله آلتان: الكاف والتاء وكل منهما يكون تارة أسما دالّا على الخطاب (¬1)، وتارة حرفا خالصا للخطاب. فالأوّل نحو: ضربتك، وضربت، والثاني نحو: ذاك وأنت. وتكون التاء وحدها أسما عاريا من الخطاب، نحو: أرأيتك - وهذا الفصل يتضمّن سؤالا للمخاطب عن غيره، فيفتقر فيه إلى آلة الأستفهام، وإلى أن يشير بها إلي الشّيء المقصود، وإلى آلة تستدعى الخطاب، وهي الكاف، وفي وجودها معنيان: أحدهما جعل ما وضع للحضور غائبا، والثانى: تخصيص المخاطب بالسؤال (¬2)، فإذا خاطبت بها، فاجعلّ أوّل كلامك للمسئوول [عنه وآخره للسؤول (¬3)]. ومجموع هذا الباب ستّ وثلاثون مسألة (¬4)؛ لأنّ السؤول لا يخلو، أن يكون مذكرا، ومؤنثا وكل منهما لا يخلو أن يكونمفردا أو مثنى مجموعا، وكذلك المسؤول عنه لا يخلو من هذه الأقسام الستة، وإذا ضربت ستّة فى ستّة ¬
كانت ستة وثلاثين. فإذا سألت رجلا عن رجل قلت: كيف ذلك الرجل يا رجل (¬1)؟ فذا للمسؤول عنه، وهو مبتدأ (¬2)، وكيف: الخبر (¬3)، تقدم؛ لأنّه استفهام، والكاف للمخاطب (¬4) وهو المسؤول. فإن سألت رجلا عن رجلين قلت: كيف ذانك الرجلان يا رجل؟ فإن سألته عن رجال قلت: كيف أولئك الرجال يا رجل؟ فإن سألته عن امرأة قلت: كيف تلك المرأة يا رجل؟ [فإن سألته عن امرأتين قلت: كيف تانك المرأتان يا رجل؟] (¬5) فإن سألته عن نساء قلت: كيف ألئك النساء يا رجل؟ فإن سألت رجلين عن رجل قلت: كيف ذلكما الرجل يا رجلان، فإن سألتهما عن رجلين قلت: كيف ذانكما الرجلان يا رجلان؟ فإن سألتهما عن رجال قلت: كيف أولئكما الرجال يا رجلان؟ فإن سألتهما عن امرأة قلت: كيف تلكما المرأة يا رجلان؟ فإن سألتهما عن امرأتين قلت: كيف تانكما المرأتان يا رجلان؟. فإن سألتهما عن نساء قلت: كيف أولئكما النّساء يا رجلان؟ فإن سألت رجالا عن رجل قلت: كيف ذلكم الرجل يا رجال؟ فإن سألتهم عن رجلين قلت: كيف ذانكم الرجلان يا رجال؟ فإن سألتهم عن رجال قلت: كيف أولئكم الرجال يا رجال؟ فإن سألتهم عن امرأة قلت: كيف ¬
تلكم المرأة يا رجال؟. فإن سألتهم عن امرأتين قلت: كيف تانكم المرأتان يا رجال؟ فإن سألتهم عن نساء قلت: كيف أولئكم النساء يا رجال؟ فإن سألت امرأة عن رجل قلت: كيف ذلك الرجل يا امرأة؟ فإن سألتها عن رجلين قلت: كيف ذانك الرجلان يا امرأة؟ فإن سألتها عن رجال قلت: كيف أولئك الرجال يا امرأة؟ فإن سألتها عن امرأة قلت: كيف تلك المرأة يا امرأة؟ فإن سألتها عن امرأتين قلت: كيف تانك المرأتان يا امرأة؟ فإن سألتها عن نساء قلت: كيف أولئك النّساء يا امرأة؟ فإن سألت امرأتين عن رجل قلت: كيف ذلكما الرجل يا امرأتان؟ [فإن سألتهما عن رجلين قلت: كيف ذانكما الرجلان يا امرأتان؟، فإن سألتهما عن رجال قلت: كيف أولئكما الرجال يا امرأتان؟ فإن سألتهما عن امرأة قلت: كيف تلكما المرأة يا امرأتان (¬1)؟] فإن سألتهما عن امرأتين قلت: كيف تانكما المرأتان يا امرأتان؟ فإن سألتهما عن نساء قلت: كيف أولئكما النساء يا امرأتان؟ فإن سألت نساء عن رجل قلت: كيف ذلكنّ الرجل يا نساء؟، فإن سألتهنّ عن رجلين قلت: كيف ذانكنّ الرجلان يا نساء، فإن سألتهنّ عن رجال قلت: كيف اولئكنّ الرجال يا نساء؟ فإن سألتهنّ عن امرأة قلت: كيف تلكنّ المرأة يا نساء، فإن سألتهن عن امرأتين قلت: كيف تانكنّ المرأتان يا نساء؟ فإن سألتهن عن نساء قلت: كيف أولئكنّ النساء يا نساء؟ فهذه المسائل التى يشتمل عليها الخطاب ليس بين المذكّر والمؤنّث ¬
المفردين إلا فتح الكاف وكسرها، وذا للمذكر وتا للمونث. وقد يجوز فى جميعه كيف ذلك بفتح الكاف، ولا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث (¬1)، كقوله تعالى: ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ (¬2) والخطاب للجميع، وجاء فى موضع آخر ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ (¬3) وقال الله تعالى: ذلك أدنى أن لا تعولوا (¬4) ولم يقل: ذلكم، ولم يرد هذا في الاستفهام في التنزيل. واعلم أنّ الإخبار في هذا كالإستخبار فإذا (¬5) خاطبت إنسانا بإخبار عن شئ غائب قدّمت الغائب وأخّرت آلة الخطاب، فتقول: قبضت ذينك الدرهمين (¬6) واستوفيت تينك المائتين وحصلت عندكما تانكما الجاريتان، وقضيتي ذينكنّ الألفين، قال الله تعالى: فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ (¬7) وقال تعالى: أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ (¬8) وعلى هذا فقس. ¬
الباب السادس عشر فى أبنية الكلم
الباب السادس عشر فى أبنية الكلم وفيه ثلاثة أنواع النوع الأول في أبنية الأسماء المتمكّنه الأسماء المتمكنة على ضربين: ضرب لا زيادة فيه، وضرب فيه زيادة. والذي لا زيادة فيه ثلاثة أصناف: ثلاثي، ورباعي، وخماسي، ولم يتعدّوا بالأصول الخمسة، ولا نزلوا فيها عن الثلاثة، إلا أن يكون مبنيا أو محذوفا فيكون على حرف وحرفين، نحو: الضمير المتصل، ومن، وكم، ويد، ودم وقد تقدم ذكر المبنيّات (¬1) والمحذوفات في مواضع من الكتاب وإنمّا نذكرني هذا الباب الأسماء المتكّنة، وفيه فصلان. ¬
الفصل الأول فى الأصلي الذي لا زيادة فيه
الفصل الأول فى الأصليّ الذي لا زيادة فيه وهو ثلاثة أصناف الصنف الأول: الأسم المفرد الثلاثي العاري من الزيادة، تقتضي له القسمة اثني عشر وزنا، ألغي منها واحد [وهو (¬1)] فعل بكسر الفاء وضمّ العين، وأثبتت منها سيبويه عشرة (¬2) وهي: فعل وفعل، [وفعل (¬3)]، وفعل، وفعل، وفعل، وفعل، وفعل، وفعل، وزاد الاخفش فعلا بضمّ الفاء وكسر العين (¬4)، والعشرة تكون أسماء وصفات، فأمّا فعل فنحو: فلس وسهل وأما فعل فنحو: جمل وبطل، وأما فعل" نحو فخذ وحذر أما فعل فنحو عضد ويقظ، وأما فعل حمل، ونضو (¬5)، وأما فعل فنحو: ضلع وسوى وأما فعل فنحو: إبل وبلز، وأما فعل فنحو: قفل، وحلو، وأما فعل فنحو: نغر (¬6) وحطم، وأما فعل فنحو: طنب وحنب، وأما فعل فدئل عند الأخفش، وقيل: هو مسمى بالفعل (¬7). ¬
الصنف الثانى: الأسم الرباعي الذي لا زيادة فيه. استعمل منه خمسة أوزان عند سيبويه (¬1) وكلها تقع أسماء (¬2) وصفات. الأول: فعلل نحو: جعفر وسلهب (¬3) الثانى: فعلل نحو: زبرج (¬4) وخرمل (¬5). الثالث: فعلل نحو: برثن (¬6) وقلقل (¬7). الرابع: فعلل نحو: درهم وهجرع (¬8). الخامس: فعل نحو: قمطر (¬9) وسبتطر (¬10)، وزاد الأخفش سادسا بضم الفاء وفتح اللام (¬11) نحو جخدب وهو عند سيبويه (¬12) من باب برثن. ¬
وقيل: إنه مخفّف من جخادب (¬1) مثل علبط (¬2) وهدبد (¬3) من علابط وهدابد. الصنف الثالث: الخماسي الذي لا زيادة فيه استعمال (¬4) من أوزانه أربعة عند سيبويه (¬5)، وثلاثة منها تقع أسما (¬6) وصفات. الأول: فعلّل نحو: سفرجل وهمرجل (¬7) الثّانى: فعللّ نحو: قرطعب وجردحل (¬8) الثّالث: فعلّل نحو: قذ عمل وجبعثن. (¬9) الرّابع: - صفة لا غير - فعلل، نحو جحموش وزاد ابن السراج خامسا: فعللّا، روى هندلعا، اسم بقلة (¬10). ¬
الفصل الثانى فى الأسماء ذات الزيادة
الفصل الثانى فى الأسماء ذات الزيادة والزيادة تكون بتكرير حرف من الأصل، وهو الأقلّ، وبحرف من حروف الزيادة، وهو الأكثر (¬1)، وتدخل على الثلاثّي والرباعيّ والخماسيّ، ومنها ما ورد اسما وصفة، ومنها ما ورد اسما لا غير، ومنها ما ورد صفة لا غير، وهي أوزان كثيرة، مختلفة الأبنية لفظا وحركة، لا يكاد يضبطها الإعراب (¬2) ويحتاج إلى تقييدها بالكلام، وذلك مما يطول، ويخرج عن حد هذا الكتاب، فأشرنا إلى أصول اقسامها التي تفرعت إليها وضربنا من كل نوع منها أمثلة تنبّه على غيرها، وعلى أنّ كثيرا من أحكامها يرد في باب التّصريف؛ للحاجة إليه، فلنذكرها فى ثلاثة أصناف: ¬
الصنف الأول (الثلاثي)
الصنف الأول (الثلاثي) وفيه فرعان الفرع الأول: فى المكرر من الأصل: وقد كررت عينه ولامه بانفرادهما/ وفاؤه وعينه معا ولامه معا. أما المكرّر العين فنحو: سلّم وقنّب (¬1) وأما المكرر اللام فنحو: مهدد (¬2)، ورمدد (¬3) وسردد (¬4)، وأما المكرر الفاء والعين فنحو: مرمريس (¬5)، ومرمريت (¬6)، وهو قليل. وأما المكرّر العين واللام فبناءان نحو: حبربر (¬7)، وذرحرح (¬8). ¬
الفرع الثانى فيما زيد فيه من حروف الزيادة
الفرع الثانى فيما زيد فيه من حروف الزيادة وهى سبعة أحرف: الهمزة، والألف، والياء، والواو، والنون، والتاء، والميم (¬1)، فمنا ما زيد وحده، ومنها ما زيد مع غيره. أمّا الهمزة: فزيدت أوّلا، نحو (¬2): أجدل (¬3)، وإثمد (¬4)، وأبلم (¬5) ونحو (¬6): أجمال وإسلام وأسلوب (¬7)، وثانية، نحو: شامل، وثالثة، نحو: شمال (¬8)، ورابعة، نحو: جرائض (¬9). وأما الألف: فتزاد ثانية (¬10)، نحو: كامل وطابق (¬11)، وثالثة ¬
نحو (¬1): غزال وحمار وغراب، ونحو (¬2): سلامان (¬3) وعوارض (¬4) وحبارى (¬5) وتكثر زيادتها فى جمع التكسير (¬6)، نحو: جنادب ومفاتيح. وتزاد رابعة، نحو (¬7): سعدان (¬8) وجبّان وسبعان (¬9)، ونحو جلباب (¬10) وتمثال وكذّاب (¬11)، ونحو قرطان (¬12) وخطّاف (¬13) ورخصاء (¬14)، ويكثر فى الجمع، نحو شرفاء (¬15). ¬
وتزاد خامسة، نحو: عفرنى (¬1) وزمكّي (¬2) وجلندى (¬3)، ونحو: دبوقاء (¬4) وكبرياء وخنفساء (¬5)، ونحو حلبلاب (¬6)، وفرنداد (¬7)، ونحو: ضميران (¬8) وصلّيان (¬9) وجلبّان (¬10). وتزاد سادسة، نحو: مرعزّى (¬11) ¬
ورغبوتى، ومر عزّي وهجّرى، ولغّيزى (¬1)، ونحو: معيوراء (¬2)، وعاشوراء (¬3) واشهيباب (¬4). وأما الياء فتزاد (¬5) أولا، نحو يرمع (¬6) ويسروع (¬7)، وثانية، نحو ضيغم وحيفس (¬8). وثالثة، نحو بعير وعثير (¬9) وعليب (¬10)، ورابعة، نحو: حلتيت (¬11) وعلّيق (¬12)، وخامسة، نحو: خنشليل (¬13) وبلهنية (¬14). وأما الواو ¬
فتزاد (¬1) ثانية، نحو: كوكب، وثالثة، نحو: جدول، وخروع، وسدوس (¬2). ورابعة، نحو: سقّود (¬3) وسنّور وسبّوح، وخامسة، نحو: قلنسوة. وأمّا النون فزيدت (¬4) ثانية، نحو: عنبس (¬5) وجندب في جندب (¬6) وثالثة نحو: عقنقل (¬7) وعرند (¬8)، ورابعة، نحو: رعش، وفرسن (¬9). وأمّا التاء فزيدت (¬10) أولا، نحو: تنضب (¬11) وتحلئ (¬12) وترتب (¬13) وغير أول، نحو: سنبته (¬14) ورهبوت (¬15). وأمّا الميم فزيدت (¬16) أولا، نحو: محلب ومنبر ومصحف. ورابعة نحو: زرقم (¬17)، ودلقم (¬18). ¬
الصنف الثانى الرباعى
الصنف الثانى الرباعىّ وفيه فرعان (الفرع الأول فى المكرر) وقد كرّر فيه الحرف الثّاني، نحو: همّرش (¬1)، وعلّكد (¬2)، وزملّق (¬3). والحرف الثّالث، (¬4)، نحو: همرّج (¬5)، وزمرّد (¬6)، والحرف الرابع (¬7) نحو: سبهلل (¬8)، وعربدّ (¬9)، وطرطبّ (¬10) الفرع الثانى: ما زيد فيه من حروف الزيادة وهي: الألف والياء، والواو، والنون، وأمّا الألف فزيدت ثالثة، نحو: قراشب (¬11) وعذافر (¬12) وتكثر فى جمعه، نحو: جعافر، ورابعة، نحو: ¬
جرجار (¬1)، وحملاق (¬2) وقرطاس فى القرطاس (¬3). وخامسة، نحو: زعفران، وطرمّاح، (¬4) وعقربان (¬5)، ونحو: عقرباء (¬6)، وهندباء (¬7) وقرفصاء (¬8). وأمّا الياء فزيدت ثالثة، نحو: عميثل (¬9)، ورابعة، نحو: قنديل (¬10)، وغرنيق. وخامسة، نحو: قمطرير (¬11). وأمّا الواو (¬12) فزيدت ثالثة، نحو: عشوزن (¬13)، وحبوكرى (¬14) ورابعة، نحو: كنهور (¬15)، ¬
الصنف الثالث الخماسى
وفردوس وعصفور، وخامسة، نحو: عنكبوت. وأمّا النّون (¬1) فزيدت ثانية، نحو: كنهبل (¬2) وقنفخر (¬3)، وكنتأل (¬4) الصنف الثالث الخماسى ولم يكرر فيه حرف أصلي، وزيد فيه من حروف الزيادة: الألف، الواو والياء (¬5)؛ فالألف سادسة، نحو: قبعثري (¬6)، والواو خامسة، نحو عضرفوط (¬7) وقرطبوس (¬8)، وقيل بكسر القاف (¬9)، والياء خامسة، نحو: عندليب، وخزعبيل (¬10). هذا ما اقتصرنا عليه من الإشارة إلى أصول أبنية الأسماء، حيث استطلنا استيعابها، وقد أتى سيبويه عليها في كتابه، ولم يفته من الأوزان إلّا القليل ¬
نحو: العشرين. (¬1) وما دخل على الأسماء العربيّة من الأسماء الأعجميّة؛ فمنه ما تلحقه العرب بأوزانها، فتغيّره عن بنائه، ومنه ما لا تلحقه، ولا تغيره، ومنه ما (تغيّر بعض حروفه، ومنه ما لا تغيّره، وما كان منها موافقا لبنائها وحروفها لم) (¬2) تغيّره، نحو (¬3): درهم، ودينار وإسحاق، ويعقوب، وشبارق (¬4) ورستاق، (¬5) وآجور فى آجرّ، ونحو (¬6): إبريسم، وسراويل، وفيروز (¬7) ونحو (¬8) خراسان، وخرّم (¬9)، وكركم (¬10)، ونحو (¬11) فرند (¬12)، وبقّم ونحو (¬13) جربز (¬14) وكوسح (¬15)، وموزج (¬16)، وفندق (¬17)، والعرب تخلط فيها ليس من كلامها، فإذا سمعت في الأعجميّ خلاف ما أكثر العرب عليه، فاعلم أنّه من صنيعهم (¬18). ¬
النوع الثانى فى أبنية الأفعال ومعانيها
النوع الثانى فى أبنية الأفعال ومعانيها وفيه فصلان: الفصل الأوّل" في أبنيتها" الأفعال ترد فى العربيّة على ضربين: ضرب لا زيادة فيه، وضرب فيه زيادة. ويكونان معا: ثلاثيا، ورباعيا، ولم يتعدوا بالأفعال أربعة أحرف أصول وبلغوا بها بالزيادة ستة أحرف، فلنذكرها فى فرعين: الفرع الأول: في الأصليّ. وهو صنفان: الصنف الأوّل: الثلاثيّ ويجيئ على ثلاثة أبنية (¬1): فعل، وفعل، وفعل نحو: ضرب، وعلم وشرف، ويكون لازما ومتعدّيا. أما فعل فيجيئ مضارعه على يفعل كثيرا، نحو: ضرب يضرب، وعلى يفعل دونه، نحو: قتل يقتل (¬2)، وربمّا اجتمعت اللّغتان، نحو: عكف يعكف (¬3) ويعكف، وعلى يفعل قليلا، ولا يكون فيما عينه أو لامه (¬4) حرف حلقيّ (¬5) وحروف الحلق: الهمزة والهاء، والعين، والغين، والحاء، والخاء، نحو: قرأ يقرأ، ¬
وقهر يقهر، وقد شذ منه قولهم: أبي يأبي (¬1)، وركن يركن (¬2) وقلي (¬3) يقلي (¬4). فإن كان فعل معتل العين أو اللام (¬5) بالواو، لزمه (¬6) يفعل بالضّمّ نحو: قال يقول وغزا يغزو، وإن كان بالياء، لزمه يفعل بالكسر نحو: باع يبيع ورمى يرمي. فإن كان معتلّ الفاء بالواو أو الياء (¬7)، لزمه يفعل بالكسر، إلّا أنّك تحذف الواو وتثبت الياء، (¬8) نحو: وعد يعد ويعر ييعر (¬9). وأما فعل فيجيئ مضارعه على يفعل كثيرا، نحو: علم يعلم، وسمع يسمع، ورضي يرضى، ووجل يوجل، وعلى يفعل، وهو خمسة أفعال من الصحيح، جاءت كسرا وفتحا، وهي (¬10): حسب يحسب، ونعم ينعم. ¬
ويئس ييئس، وبئس. يبئس. ويبس. ييبس، وهو في المعتل أكثر، نحو (¬1): ورم يرم، ووثق يثق، وومق يمق. وعلى يفعل شاذا، فمن الصحيح: فضل يفضل، وحضر يحضر بالضم فى لغة من قال: فضل وحضر (¬2). ومن المعتل متّ تموت، ودمت تدوم (¬3)، لأن الأصل على هذه اللغة: موتّ ودومت، والأجود: متّ ودمت، بالضم (¬4). وأما فعل فلا يكون إلا لازما (¬5)، ومضارعه مثله مضموم، نحو: ظرف يظرف، وكرم يكرم. الصنف الثاني: الرباعيّ المجرّد من الزيادة: ليس له إلا بناء واحد وهو فعلل (¬6)، نحو: دحرج وسرهف (¬7)، ومضارعه بضم أوله وكسر الحرف الذي قبل آخره، نحو: يدحرج، ويسرهف، ويكون لازما ومتعديا (¬8). ¬
الفرع الثانى: في الأفعال ذات الزيادة: وتكون ثلاثيّة ورباعية، والزيادة تكون بتكرار حرف أصليّ، وبحرف زائد. أمّا الثلاثّي فثلاثة أصناف: الأول: ما فيه همزة وصل: وهو سبعة أبنية (¬1)، نحو: انطلق، واقتدر، واستخرج، واحمرّ واحمارّ، واغدودن واعلوّط، ومضارعها بفتح الأوّل وكسر الحرف الذّي قبل الآخر، إلّا ما كان مدغما فإنّه يدغم، نحو: ينطلق، ويقتدر، ويستخرج، ويحمرّ، ويحمارّ، ويغدودن، ويعلوّط. الثانى: ما ليس فيه ألف وصل: وهو خمسة أبنية، نحو: أكرم، وقدّم، وتقدّم، وضارب، وتغافل، ومضارعها جار على لفظها، نحو: يكرم ويقدّم، ويتقدّم، ويضارب، ويتغافل، والأصل في يكرم: يؤكرم، فحذفت الهمزة تخفيفا (¬2)، وقد جاءت على الأصل فى الشعر، قال: فإنّه أهل لإنّ يؤكرما (¬3). الثالث: ما كان ملحقا بالرباعيّ: وهو ستة أبنية (¬4)، نحو: جلبب، وحوقل، وبيطر، وهرول وقلنس (¬5) وجعبي (¬6). ومضارعها كمضارع الرباعيّ، نحو: يجلبب ويحوقل، ¬
ويبيطر ويهرول، ويقلنس، ويجعبي. وأمّا الرباعيّ بالزيادة فله ثلاثة أبنيية، (¬1) [وهي (¬2)]: تدحرج يتدحرج واحرنجم يحرنجم، واقشعرّ يقشعرّ. وألحق بالأول الأبنية الستة الملحقة (¬3)، نحو: تجلبب، وتحوقل، وتبيطر وتهرول، وتقلنس، وتجعبي، وقد قالوا (¬4): تمسكن، وتمدرع، وتمندل، (¬5) فألحقوه به بالتاء والميم، ولا يقاس عليه، وأكثرهم يقول: تسكّن، وتدرّع وتندّل، وهو الأجود (¬6)، وألحق بالثاني اسحنكك، واسلنقى. خاتمة: قال قوم (¬7): (لك أن تذهب بجميع الأفعال مذهب نعم وبئس، فتحولها إلى فعل بالضم، فتقول: علم الرّجل زيد، وضربت اليديده، وجاد الثّوب ثوبه، وطاب الطّعام طعامه، ودعا الرّجل عمرو، وقضي ¬
الرّجل زيد) (¬1) والكسائيّ (¬2) يقول: دعو، وقصو (¬3). وقالوا (¬4): كلّ ما كان (¬5) بمعني نعم وبئس يجوز نقل وسطه إلى أوّله، وتسكين وسطه، وترك أوّله بحاله، فتقول في ظرف الرجل: ظرف (¬6) وظرف، بالضم والفتح، مع سكون الوسط، ومنه قوله: وحبّ بها مقتولة حين تقتل (¬7) ¬
الفصل الثاني في معاني هذه الأبنية
الفصل الثاني في معاني هذه الأبنية أمّا فعل - بالفتح - فيرد على معان لا تضبط سعة (¬1)، وباب المغالبة منه على يفعل، بالضّمّ، نحو: كارمته فكرمته أكرمه، وكاثرني فكثرته أكثره، وعازّني فعززته أعزّه (¬2)، فإن (¬3) كان معتلّ الفاء [أو (¬4)] العين أو اللّام كان مضارعه بالكسر، نحو: واعدته فوعدته أعده، وخايرته فخرته أخيره، وراميته فرميته أرميه، واستثنى الكسائيّ (¬5) ما فيه أحد حروف الحلق، ففتحه، نحو: قاهرته فقهرته أقهره وقد حكي (¬6) فيه الضّمّ، قالوا: شاعرته أشعره، وفاخرته أفخره، قال سيبويه: وليس في كل شيئ يكون هذا، لا تقول: نازعني فنزعته، واستغنوا عنه بغلبته (¬7). وأمّا فعل بكسر العين (¬8) فيرد لمعان كثيرة كفعل، إلّا أنّه تكثر فيه الأعراض من العلل والأحزان (¬9) وأضدادها، كسقم ¬
ومرض وحزن، وكفرح، وجذل، وبطر، ويجيء في الألوان (¬1): كأدم وشهب، وسود، وبيض. وأمّا فعل - بالضّمّ - فيكون للخصال (¬2) والخلق الكائنه في الأشياء: كحسن، وقبح، وشرف ووضع، وكبر، وصغر. وأمّا انفعل (¬3) فلا يكون إلّا مطاوع فعل، غالبا، نحو: كسرته فانكسر، وقد شذّ (¬4) أقحمته فانقحم، وأغلقته فانغلق، وأزعجته فانزعج؛ فإنّ مطاوع أفعل يجئ على فعل، نحو: أخرجته فخرج. ومعنى المطاوعة: أنّ المفعول به لم يمتنع ممّا رامه الفاعل منه، ولا يقع إلّا حيث يكون علاج وتأثير؛" ولهذا كان" انعدم" خطأ، وقالوا: قلته فانقال؛ لأنّ القائل يعمل في تحريك لسانه (¬5). وأما افتعل (¬6) فله معان: الأوّل: أن يشارك انفعل في المطاوعة (¬7)، وهو على ضربين: أحدهما: أن يقوم مقامه، نحو: سترته فاستتر وانستر، وغممته فاغتمّ وانغمّ (¬8) والآخر أن ينوب عنه نيابة لازمة، نحو: طردته فاطّرد (¬9)، ولا يقال: انطرد (¬10). ¬
الثاني: أن يكون بمعنى الاتّخاذ، نحو: اشتوى، واذّبح، واطّبخ، إذا أخذ لنفسه شواء وذبيحة وطبيخا، ومنه: اكتال واتّزن (¬1). الثالث: أن يكون بمعنى فعل، نحو: قرأ واقترأ، وخطف واختطف، وقد يتضمّن زيادة على معنى فعل، نحو: كسب واكتسب، وعمل واعتمل، قال سيبويه (¬2): الكسب: الإصابة والأكتساب: التّصرّف والطّلب، والإعتمال بمنزلة الاضطراب (¬3). الرابع: أن يكون بمعنى تفاعل، نحو: اختصموا، واجتوروا (¬4). الخامس: أن يكون بمعنى تفعّل، قالوا: ادّخلوا، واتّلجوا، في معنى تدخّلوا، وتولّجوا. السادس: قد يجى ولا يراد به شيئ من ذلك (¬5)، نحو: اشتدّ، واستلم الحجر، وإنّما هو افتعل من السّلمة (¬6): الحجر. وأمّا استفعل فله معان: الأوّل: الذّي وضع له هو استدعاء الفعل وطلبه (¬7)، نحو: استنطقته فنطق، واستعملته فعمل، وقولهم: مرّ مستعجلا، أي: طالبا من نفسه العجلة (¬8). ¬
الثاني: أن يكون بمعنى وجدته كذا (¬1)، نحو: استعظمته، واستصغرته، واستحسنته واستقبحته، وهو مطّرد. الثالث: أن يكون للمطاوعة مطّردا، نحو: أبهمتته فاستبهم، وألقيته فاستلقى. الرابع: أن يكون للانتقال من حال إلى حال، نحو: استحجر الطّين و (استنوق الجمل) (¬2) و (إنّ البغاث بأرضنا يستنسر) (¬3). الخامس: أن يكون بمعنى فعل، نحو: علا قرنه واستعلاه، وقرّ واستقرّ (¬4) وان كان فى" استقّر" من القّوة ما ليس فى" قرّ"، كما كان في" اقتدر" ما ليس فى" قدر". السادس: أن يكون بمعنى تفعلّ (¬5)، نحو: استعظم، واستيقن وتيقّن. ¬
وأمّا افعلّ وافعالّ فبابهما الألوان (¬1) والعيوب، نحو: احمرّ واحمارّ واعورّ واعوارّ. وأمّا افعوعل فبابه المبالغة والتوكيد (¬2)، وهو قريب من فعّل، نحو: اغدودن، واخشوشن واحلولى. وأمّا فعّل فله معان: الأول: تكثير فعل - وهو بابه (¬3) - نحو: قطع وقطّع، وقتل وقتّل ومنه قوله تعالى:" وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ" (¬4) ولا يقال للواحد. (¬5) الثاني: أن يكون للتعدية (¬6)، نحو: فرح وفرّحته، وشرف وشرّفته، وهو كثير. الثالث: أن يكون بمعني المواجهه والتصيير نحو: حيّيته، وفسّقته وكفّرته (¬7) أى؛ قلت له: حيّاك الله، وتلقّيته بالفسق وصيّرته كافرا. الرابع: أن يكون للسّلب والمعالجة (¬8) نحو: قذّيت العين: إذا أخرجت ¬
منها القذى (¬1)، وقرّدت البعير: إذا نزعت منه القراد، ومرّضت المريض، أي: عالجته، وأزلت (¬2) مرضه. الخامس: أن يكون بمعنى فعلت (¬3)، نحو: عاضه الله، وعوّضه، وماز الشيئ وميّزه. السادس: أن يكون بمعنى أفعل (¬4)، نحو: أخبرته وخبّرته، وأسميته وسمّيته. السابع: أن يكون بمعنى وصف بالشّيء (¬5)، نحو: شجّعع، وكرّم وشبّع أي قيل ذلك فيه، ونسب إليه، ورمي به وأما افعوّل فهو من التّقحّم على الشّيء والدخول فيه، نحو: اعلوّط المهر، إذا ركبه عريا وأصله من علط، والواوان زائدتان (¬6). وأمّا أفعل نحو: أكرم، فله معان: الأوّل: وهو الأكثر: أن يكون للتعدية (¬7)، نحو ذهب وأذهبته، وجلس وأجلسته. ¬
الثانى: أن يكون بمعني صار كذا (¬1)، نحو: أغدّ (¬2) البعير، أي: صار ذا غدّة، وأجرب الرجل وأنحز، أي: صار ذا جرب ونحاز (¬3)، ومنه قولهم: أصبحنا، وأمسينا (¬4)، وأحصد الزّرع، وأصرم النّخل (¬5). الثالث: أنّ تجد الشئ على صفة (¬6)، نحو: أحمدته وأذممته: إذا وجدته محمودا أو مذموما. الرابع: أنّ يكون بمعنى التعريض للشئ (¬7) وجعله منه بسبب، نحو: أبعته وأقتلته (¬8): إذا عرّضته للبيع والقتل، ونحو: أقبرته، وأسقيته: إذا جعلت له قبرا وسقيا (¬9). الخامس: أن يكون بمعنى السلب، كقولك: أعجمت الكتاب، وأشكيت زيدا أي: أزلت عجمته وشكايته (¬10)، وقد تجتمع فعلت وأفعلت على السّلب، نحو: شكلت الكتاب وأشكلته، وقد جاء أشكلت بمعنى: أثبتّ إشكاله. السادس: أن يكون بمعنى فعل، ولا يكون للهمزة فيه تأثير (¬11)، وهو قليل ¬
محصور، نحو: شغلته وأشغلته، وقلته (¬1) البيع وأقلته، وقد يكون بمنزلته فى بعض المعنى دون كلّه، نحو: صحا السّكران، وأصحت السماء، فمعنى الانكشاف مشترك فيه، وإن اختصّ كلّ منهما بشيء. وأمّا" فاعل" فله معان. الأوّل: أن يقتضى فاعلين فصاعدا (¬2)، أحدهما منصوب لفظا، والآخر مرفوع، وكلّ منهما فاعل ومفعول، نحو: ضاربت زيدا، وقاتلت عمرا، فإذا كنت الغالب قلت فاعلني ففعلته، وفاعلته ففعلته. الثانى: أن يكون بمعني فعلت، نحو: سافرت (¬3). الثالث: أن يكون بمعنى أفعلت (¬4)، كقولك: عافاك الله، أي أعفاك الله، وطارقت النعل، أي: أطرقت (¬5). الرابع: بمعنى فعّلت نحو ضعّفت وضاعفت (¬6). وأمّا" تفاعل" فله معان: الأوّل: أن يقتضي اثنين فصاعدا، نحو: تضاربا وتضاربوا، (¬7) ولا يخلو: أن يكون من" فاعل" المتعدّي إلى مفعول، كضارب، فلا يتعدّدى حملا على غير المتعدّي، أو يكون من المتعدّي الى مفعولين، فيتعدّي الى واحد، ¬
نحو: تنازعنا الحديث، وتناسينا البغضاء (¬1). الثانى: أن يكون دالّا على حال متكلّفة غير موجودة (¬2)، نحو: تغافلت وتعاميت، وتمارضت وتبالهت وتجاهلت. الثالث: أن يكون مطاوع فاعل (¬3)، نحو: باعدته فتباعد، وناولته فتناول. الرابع: أن يكون بمنزلة فعلت، نحو: توانيت في الأمر، وتجاوزت الغاية. وأمّا" تفعّل" فله معان: الأوّل: مطاوع" فعّل" وهو بابه (¬4) نحو كسّرته فتكسّر، وقطّعته فتقطّع. الثانى: أن يكون بمعنى التكلف (¬5)، نحو: تشجّع، وتصبّر، وتحلّم. قال سيبويه: (وليس هذا مثل تجاهل؛ لأنّ هذا يطلب أن يصير حليما) (¬6) والفرق بينهما أنّك إذا قلت: تجاهل، فالتكلّف من حيث يبدي الجهل من نفسه، وهو عارف، فإذا قلت: تجهّل، فالتّكلّف من حيث إنّه يجهد في إظهار الجهل حتى يثبت له ذلك، وإن كان لا يثبته لنفسه، وهو في تفاعل اكثر منه فى تفعّل. ¬
الثالث: أن يكون بمعنى اتّخاذ الشّيء، نحو: تديّرت المكان، وتوسّدت التّراب (¬1). الرابع: أن يكون للعمل بعد العمل فى مهلة، نحو: تجرّعه وتحسّاه، ومنه تفهّم، وتبصّر، وتسّمع (¬2). الخامس: أن يكون بمعنى التجنّب كقولك: تأثّم، وتحرّج، وتهجّد، أي: تجنّب الإثم والحرج والهجود (¬3)، وقد يكون بمعنى الوقوع في هذه الأشياء. السادس: أن يكون بمعنى استفعل (¬4)، نحو: تكبّر وتعظّم، وتيقّن. السابع: أن يكون بمعنى فعل، نحو: تظلّمني (¬5)، وتخوّفني، أي ظلمني وخافني. وأمّا" تفعلل" فيجئ مطاوع" فعلل (¬6) "، نحو: دحرجته فتدحرج، وكذلك الملحق به، نحو: تجلبب، وتحوقل، وتبيطر، وتهرول. ¬
النوع الثالث فى أبنية حروف المعاني
النوع الثالث فى أبنية حروف المعاني اعلم أنّ حروف المعاني أحد أقسام الكلام الثّلاثة، وهي قليلة؛ لأنّها أدوات تدخل على الأسماء والأفعال، وكلّها مبنيّة على الوقف أو الضّمّ، أو الفتح أو الكسر، وهي جميعها على خمسة أضرب: منها ما هو على حرف واحد من حروف المعجم، ومنها ما هو على حرفين، ومنها ما هو على ثلاثة أحرف، ومنها ما هو على أربعة أحرف، ومنها ما هو على خمسة أحرف. ثم منها: ما يخص الأسماء كحرف الجر، ومنها: ما يخص الأفعال كسوف، ومنها ما يشتركان فيه كألف الاستفهام، ومنها: ما ينفرد بمعنى ك" يا"، ومنها ما يشارك غيره في معناه، وهو الغالب عليها. ولنذكر لها تقسيمين، كلّ تقسيم منها يعرب عنها جميعها (¬1) ¬
التقسيم الأول فيما يختص به كل حرف منها من المعاني
التقسيم الأول فيما يختص به كل حرف منها من المعاني وهو خمسة أصناف. الصنف الأول: ما كان منها على حرف واحد: وهي أربعة عشر حرفا: الهمزة للنداء (¬1) والاستفهام (¬2)، والألف للندبة (¬3) والإنكار (¬4) والتذكّر، والباء للجرّ (¬5) والزيادة (¬6)، والتّاء للقسم (¬7) والتّأنيث (¬8) والخطاب (¬9)، والسّين للاستقبال (¬10)، وللوقف فى لغة (¬11)، والشين للوقف في لغة (¬12)، والفاء للعطف (¬13)، والشرط (¬14) ¬
والكاف للجر (¬1) والخطاب (¬2)، واللام للجر (¬3)، والتعريف (¬4) والابتداء (¬5) والأمر (¬6)، وتوطئة القسم (¬7)، وجوابه (¬8) وجواب لو (¬9) ولولا (¬10)، وللفرق، (¬11) والنون للتوكيد (¬12)، والواو للجر (¬13)، والنصب (¬14) والحال (¬15)، والعطف (¬16) والإنكار (¬17)، والتذكر (¬18)، والهاء للندبة (¬19) والسكت (¬20)، والإنكار، والياء ¬
للتذكر (¬1)، والإنكار (¬2)، والتنوين للصرف، والتنكير، وغيرهما (¬3). الصنف الثانى: ما كان منها على حرفين وهى اثنان وعشرون حرفا: الأول:" أن"، وتكون ناصبة للفعل (¬4)، ومفسّرة (¬5)، ومصدريّة (¬6) وصلة. (¬7) الثانى:" إن"، تكون شرطا «* 5» ونافية «* 6»، وصلة «* 7» الثالث:" أم" للعطف (¬8)، والاستفهام (¬9). الرابع:" أو" للعطف (¬10)، ونصب الفعل (¬11). ¬
الخامس:" أي (¬1) " للنداء، ولتفسير (¬2). السادس:" إي" للجواب (¬3). السابع:" بل" للعطف (¬4). الثامن:" عن" للجر (¬5) التاسع:" في" للجر. (¬6) العاشر:" قد" لتقريب الفعل (¬7). الحادي عشر:" كي" للجر (¬8)، والتعليل (¬9)، ونصب الفعل (¬10). الثانى عشر:" لا" للعطف (¬11)، والنّفي (¬12)، والنهي (¬13)، والصّلة (¬14) الثالث عشر:" لم" للنفي، والجزم (¬15) ¬
الرابع عشر:" لن" للنفي، ونصب الفعل (¬1). الخامس عشر:" لو" للامتناع (¬2). السادس عشر:" ما" للنفي (¬3) والكف (¬4) والصلة (¬5) والمصدر (¬6). السابع عشر:" من" للجر (¬7) والصلة. (¬8) الثامن عشر:" مذ" للجر (¬9). التاسع عشر:" و" للندبة (¬10) العشرون:" ها" للتنبيه (¬11). الحادي والعشرون:" هل" للاستفهام (¬12). الثاني والعشرون:" يا" للنداء (¬13) والندبة (¬14). ¬
الصنف الثالث: ما كان منها على ثلاثة أحرف. وهى عشرون حرفا الأول:" أجل" للجواب (¬1). الثانى:" إذا" لنصب الفعل (¬2). الثالث:" أما" للتنبيه والاستفتاح (¬3). الرابع:" إنّ" لنصب المبتدأ (¬4) وللجواب (¬5). الخامس:" إنّ" لنصب المبتدأ والمصدر (¬6). السادس:" ألا" للتنبيه (¬7). السابع:" إلى" للجر (¬8). الثامن:" أيا" للنداء (¬9). التاسع:" بلى" للجواب (¬10). العاشر:" ثم" المعطف. ¬
الحادي عشر:" جير" للجواب (¬1). الثانى عشر:" خلا" للجر والأستثناء (¬2). الثالث عشر:" ربّ" للجر (¬3) الرابع عشر:" سوف" للاستقبال (¬4). الخامس عشر:" عدا" للجر والاستثناء (¬5). السادس عشر:" على" للجر (¬6). السابع عشر: (" ليت (¬7) ") لنصب المبتدأ (¬8). الثامن عشر:" منذ" للجر. (¬9) التاسع عشر:" نعم" للجواب (¬10). العشرون:" هيا" للنداء (¬11). ¬
الصنف الرابع: ما كان منها على أربعة أحرف ... وهى أربعة عشر حرفا الأول:" ألّا" للتحضيض (¬1). الثانى:" إلا" للاستثناء (¬2). الثالث:" إمّا" للعطف (¬3) الرابع:" أمّا" للتفصيل (¬4). الخامس:" حاشا" للجرّ، والاستثناء (¬5). السادس:" حتّى" للجر (¬6) والعطف (¬7) والإبتداء (¬8) ونصب الفعل. (¬9) السابع:" كأنّ" لنصب المبتدأ (¬10). الثامن:" كلا" للردع، والنفي (¬11) التاسع:" لعلّ" لنصب المبتدأ (¬12) ¬
العاشر:" لكن" للعطف (¬1) الحادي عشر:" لمّا" للنفي والجزم (¬2) الثانى عشر:" لولا" للابتداء والتحضيض (¬3) الثالث عشر:" لو ما" للتحضيض (3) الرابع عشر:" هلّا" للتحضيض (3). الصنف الخامس: ما كان منها على خمسة أحرف وهو حرف واحد" لكنّ" لنصب المبتدأ ورفع الخبر (¬4). ¬
التقسيم الثانى فى ما يخصها من معانيها التي اجتلبت لها
التقسيم الثانى فى ما يخصها من معانيها التي اجتلبت لها وهي أصناف: الصنف الأول: حروف الجرّ. وهى ثمانية عشر حرفا: الباء، والتاء، واللام، والكاف، والواو، وعن وفى، وكي، ومذ، ومن، وإلى، وعلى، وعدا، وخلا، وربّ، ومنذ، وحاشا، وحتى، وقد ذكرت معانيها وأحكامها في باب المجرورات. (¬1) الصنف الثانى: الحروف المشبهة بالفعل: وهى ستة: إنّ، وأنّ، وليت، ولعلّ، وكأنّ، ولكنّ، وقد ذكرت أحكامها ومعانيها فى باب العوامل (¬2). الصنف الثالث: حروف العطف: وهى عشرة: الفاء، والواو، وأو، ولا، وبل، وأم، وثمّ، وحتّى، وإما ولكن، وقد ذكرت في فصل العطف من باب التوابع (¬3). الصنف الرابع: حروف النفي: وهى ستة أحرف: ما، ولا، ولم، ولمّا، ولن، وإن، وقد تقدّم ذكر خمسة منها فى باب العوامل (¬4)، وبقى منها" إن" وهى بمنزلة" ما (¬5) فى نفي الحال، وتدخل على الجملتين: الفعليّة والاسميّة؛ ¬
الصنف الخامس: حروف الصلة
كقولك: إن يقوم زيد، وإن زيد قائم، ومنه قوله تعالى:" إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ" * (¬1) و" إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ" * (¬2). والمبرّد يعملها (¬3) فيقول: إن زيد قائما والصنف الخامس: حروف الصلة: وهى ستة أحرف: إن، وأن، والباء، ولا، وما، ومن، والمراد بالصلة هنا الزيادة. أما إن فكقولك: ما إن رأيت زيدا، والأصل: ما رأيت، ودخول" إن" أكّد معنى النفي، كقوله: ما إن رأيت ولا سمعت به … كاليوم هانئ أينق جرب (¬4) وتقول: انتظرني ما إن جلس القاضي، أي: ما جلس، تعني مدّة جلوسه، ¬
والفرّاء (¬1) يجعلهما حرفين ترادفا للنّفي، كترادف حرفي التوكيد. وأما" أن" فكولك: لما أن جاء زيد أكرمته، وأما والله أن (لو) (¬2) قمت قمت وكقوله تعالى:" فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ" (¬3) التقدير: فلمّا جاء. وأما" الباء" فزيدت؛ لتأكيد النفي فى خبر ليس (وما) (¬4)، نحو: ليس زيد بقائم، وما زيد بقائم، وفى الإيجاب، كقولك: كفى بالله شهيدا، وبحسبك فعلك، أي كفي الله شهيدا، وحسبك فعلك، وقد ذكرناها في باب حروف الجرّ (¬5). وأما" ما" فكقولك: غضبت من غير ما جرم (¬6)، وجئت لأمر ما، وبعين ما أرينك، ومنه قوله تعالى:" فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ" * (¬7)، و" فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ" (¬8) و" وعما قليل" (¬9)، و" إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ" * (¬10) وهو فى القرآن كثير؛ ¬
فمنهم من لا يجعل لزيادتها معنى (¬1)، ومنهم من يجعلها مؤكدة للمعنى، وهو الصحيح (¬2)، وقد ترد بمعنى التقليل، كقولك: شئ ما. وأما" لا" فكقولك: ما جاءني زيد ولا عمرو،" لا" زائدة تفيد توكيدا، ومنه قوله تعالى:" وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ" (¬3). وقد زيدت في غير العطف (¬4) كقوله تعالى:" لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ" (¬5) أي: ليعلم، وكقوله:" فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ" (¬6) و" لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (¬7). وهو فى القرآن والعربيّة كثير (¬8)، ولا تزاد إلّا في الموضع الّذي لا يلتبس فيه الإيجاب بالنفي. وأما" من" فسيبويه (¬9) يجعلها زائدة في النفي خاصة؛ لتأكيده وعمومه، وتختصّ بالنّكرة نحو: ما من رجل في الدار، وكقوله تعالى: " ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ" (¬10). ¬
الصنف السادس: حروف النداء
والأخفش يجيزها في الإيجاب (¬1) كقوله تعالى:" وَيُكَفِّرُ (¬2) عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ" (¬3) وقد ذكرناها في باب حروف الجر (¬4). الصنف السادس: حروف النداء: وهى خمسة: يا، وأيا، وهيا، وأي، والهمزة، وقد تقدّم ذكرها في باب النّداء (¬5). الصنف السابع: حروف الجواب وهى سبعة: نعم، وبلى، وأجل، وجير، وإي، وإن، ولا، وقد تقدّم ذكرها في باب الاستفهام (¬6). الصنف الثامن: حروف التحضيض. وهى أربعة: ألّا، ولولا، ولو ما، وهلّا، تقول: ألّا أكرمت زيدا، ولولا أحسنت إلي عمرو، ولو ما قدّمت خالدا، وهلّا أعطيت بكرا، فمعانيها كلها الحثّ على الفعل، وتخص الأفعال ماضيها ومستقبلها (¬7)؛ لكنها مع الماضى توبيخ (¬8)، ومع المستقبل تحضيض، ومنه قوله تعالى: ¬
الصنف التاسع: حروف الأستثناء
" لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ" (¬1) و" لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ" (¬2) وكقوله: " فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها" (¬3). فإن وقع بعدها اسم مرفوع أو منصوب كان بإضمار رافع أو ناصب (¬4)، تقول لمن أعطى قوما: هلّا زيدا، أي: هلّا أعطيت زيدا، وإذا رأيت جماعة قدموا من سفر قلت: هلّا زيد، أي: هلّا قدم زيد، قال سيبويه (¬5): وتقول: لولا خيرا من ذلك، وهلا خيرا من ذلك أي: هلّا تفعل خيرا، قال ويجوز رفعه على معنى: هلّا كان منك خير من ذلك (¬6). الصنف التاسع: حروف الأستثناء: وهى أربعة: إلا، وعدا، وحاشا، وخلا، وقد تقدّم ذكرها فى باب الأستثناء (¬7). الصنف العاشر الحروف الناصبة للفعل وهي أربعة: ان، ولن، وكي، وإذا، وتضمر" أن" منها بعد خمسة أحرف: الفاء والواو، وأو، واللام، وحتى وقد تقدم ذكرها فى باب العوامل (¬8). ¬
الصنف الحادي عشر: حروف الندبة
الصنف الحادي عشر: حروف الندبة: وهى أربعة: يا، ووا والألف، والهاء، وقد تقدم ذكرها في بابها (¬1). الصنف الثاني عشر: حروف التوكيد: وهى أربعة: إنّ، اللام، والنون الثّقيلة، والنون الخفيفة، وقد ذكرت في أبوابها (¬2) الصنف الثالث عشر: حروف الامتناع. وهى ثلاثة: لو، ولولا، ولو ما. أمّا" لو" فهي حرف يمتنع منه الشيء؛ لامتناع غيره، ويخصّ الأفعال (¬3)، وتدخل على جملتين فتجعل الأولى شرطا، والثانية جزاء، كقولك: لو قام زيد لقمت، ولو جئتنى لأكرمتك، ولا تلزم اللام فى جوابها، وإذا وقع بعدها فعل مستقبل جعلته ماضي المعنى (¬4)، كقوله تعالى:" لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ" (¬5)، ولا يتقدّم عليها ما بعدها، فأمّا قولك: سألتك لو أعطيتنى، ونصحتك لو قبلت، فليس المتقدّم جزاء، ولكنه كلام ورد على سبيل الإخبار، والجزاء محذوف، ¬
كما جاء ذلك في الشرط نحو: قمت إن قمت، ويحذف جواب «لو» في الكلام كثيرا (¬1)، كقوله تعالى: «وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً" (¬2) فتقدير المحذوف: لكان هذا القرآن (¬3). ولا يقع بعدها إلا الفعل، فإن وقع بعدها اسم فعلي تأوّل، كقولهم: لو ذات سوار لطمتني (¬4)، وكقوله تعالى:" قُلْ (لَوْ) (¬5) أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي" (¬6) فهو على إضمار فعل يفسّره الظاهر؛ ولهذا كثر أن يكون خبر أنّ الواقعة بعد" لو" فعلا (¬7)، كقوله تعالى:" وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ" (¬8) وقد جاء الاسم فيه قليلا، كقوله تعالى: " وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ" (¬9). وقد أوجب فيه الزمخشريّ ¬
الفعل حتّى قال: (ولو قلت: (لو) (¬1) أنّ زيدا حاضر لأكرمته، لم يجز) (¬2) وقد تجئ" لو" في معنى التمّني، كقولك: لو تأتيني فتحدثني، كأنّك قلت: ليتك تأتيني فتحدّثني ويجوز نصب تحدثنى (¬3)، ومنه (¬4) قوله تعالى:" لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ" (¬5) في بعض المصاحف" فيدهنوا" (¬6) بحذف النون. وأما" لولا" فمعناه امتناع الشيء؛ لوجود غيره، وهي من خواص المبتدأ، فلا يقع بعدها إلا اسم، نحو: لولا زيد لاكرمتك، وكقوله تعالى:" لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ" (¬7) فزيد مرفوع بالإبتداء، والخبر محذوف، تقديره: لولا زيد موجود أو حاضر، ونحو ذلك، وحذف هذا الخبر فى العربيّة كالشّريعة المنسوخة؛ لطول الكلام. ولا تلزم اللام فى جوابها (¬8)، ويجوز حذف الجواب أصلا، كقوله تعالى: " وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ" (¬9)، وإذا وقع ¬
الصنف الرابع عشر: حروف التنبيه والاستفتاح
بعدها ضمير فالأحسن أن يكون المنفصل كالآية (¬1)، ويجوز المتصل نحو لولاي، ولولاك، ولولاه، وقد ذكرنا ذلك في باب الضمائر (¬2)، وقد حملوا عليها" لو ما" في هذا المعني (¬3)، كما شاركتها فى التّحضيض. الصنف الرابع عشر: حروف التنبيه والاستفتاح: وهى ثلاثة: ها، وألا، وأما، تقول: ها إنّ زيدا منطلق، وها أكرم عمرا، وألا إنّ عمرا بالباب، وألا لا يفعل، وأما إنّك خارج، وأما والله لأفعلنّ (¬4) ومنه قوله تعالى:" أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" (¬5) و" أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ" (¬6) وقول الشاعر: ¬
ها إنّ تا عذرة إن لم تكن قبلت … فإنّ صاحبها قد تاه في البلد. (¬1) وكقوله: أما والذّى أبكي وأضحك والذّي … أمات وأحيا والذّي أمره الأمر (¬2). وكقوله: ألا نادت أمامة بارتحال … لتحزننى فلا بك ما أبالي (¬3). ¬
الصنف الخامس عشر: حرفا التفسير
وأكثر ما تدخل" ها" على أسماء الإشارة والضمائر، كقولك: هذا وهذه وها أنذا: وها أنت ذا، وها هو ذا، وها هي ذه (¬1). وقد حذفوا الألف في أما، فقالوا: أم والله (¬2)، ومن العرب من يبدل همزتها هاء، فيقول: هما والله، وهم والله، ومنهم (من يقلبها عينا) (¬3) فيقول: عما والله، وعم والله (¬4). الصنف الخامس عشر: حرفا التفسير: وهما" أي" و" أن" (¬5) يفسران الكلام المبهم ويشرحانه، تقول في نحو قوله تعالى:" وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ" (¬6) أي: من قومه، كأنك قلت: معناه: من قومه (¬7)، وتفسيره: من قومه، ومنه قول الشاعر: وترميننى بالطّرف، أي أنت مذنب … وتقلينني (¬8) لكنّ إيّاك لا أقلي (¬9). ¬
الصنف السادس عشر: حرفا المصدر.
وأما" أن" فلا تأتي إلا بعد فعل فى معنى القول، نحو: ناديته أن قم، وأمرته أن اقعد، وكتبت إليه أن ارجع (¬1)، وبذلك فسروا (¬2) قوله تعالى:" وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا" (¬3) و" وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ" (¬4). فإن ظهر القول في اللّفظ لم تجامعه، تقول: قلت له: قم، وقد أجازه الفارسيّ (¬5) الصنف السادس عشر: حرفا المصدر. وهما" ما" و" أن"، نحو: أعجبني ما صنعت، وما تصنع، وأريد أن تفعل، ومنه قوله تعالى:" ضاقَتْ عَلَيْهِمُ (¬6) الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ" (¬7) وقوله تعالى:" فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا" * (¬8) ومنه قول الشّاعر: ¬
يسرّ المرء ما ذهب اللّيالي … وكان ذهابهنّ له ذهابا (¬1) وبعض العرب يرفع الفعل بعد" أن"، تشبيها بأختها (¬2)، قال الشاعر: أن تقرآن على أسماء ويحكما … منّي السّلام وأن لا تشعرا أحدا (¬3) وروي عن مجاهد أنّه قرأ (¬4):" أن يتمّ الرّضاعة" (¬5). ¬
الصنف السابع عشر: حرفا الاستقبال
الصنف السابع عشر: حرفا الاستقبال: وهما السين وسوف، تقول: سيفعل، وسوف يفعل (¬1)، فالسين جواب: لن يفعل وسوف جواب: لا يفعل (¬2)، وفي سوف زيادة على دلالة تنفيس (¬3)، ومنه قولك: سوّفته أي: قلت له: سوف أفعل، كما قالوا من آمين: أمّن (¬4). الصنف الثّامن عشر: حرفا الاستفهام: وهما" أم"" وهل" وقد ذكرا في باب الإستفهام (¬5). الصنف التاسع عشر: حرفا الخطاب: وهما الكاف والتاء، ويلحقان علامة للخطاب، ويدخلان الأسماء والأفعال نحو: ذاك، وذلك، وأولئك، وهاك، وهناك، ورويدك، وأ رأيتك، وأنت، وأنت، وقد تقدّم ذكرهما (¬6). الصنف العشرون: حرفا الوقف: وهما الشين والسين، أمّا المعجمة فتلحق كاف المؤنّث في لغة بني تميم، وتسمّى الكشكشة، نحو: أكرمتكش ومررت بكش، أمّا المهملة فتلحق ¬
الصنف الحادي والعشرون: حرف التقريب.
كاف المؤنّث في لغة بكر، نحو: أكرمتكس، ومررت بكس (¬1). الصنف الحادي والعشرون: حرف التقريب. وهو" قد" وتخصّ الأفعال، وتتضمّن معني التقريب والتقليل، أمّا التقريب فتقرب الماضي من الحال، تقول: قد جاء زيد، أي: الآن، ومنه قول المؤذّن: قد قامت الصلاة، ولا بدّ فيه من معني التوقّع (¬2). وأمّا التقليل فيكون مع الحال عند الاستبعاد بمنزلة" ربّ" يقول: ما يفعل زيد هذا، فيقول: قد يفعل، أي: ذلك قليل، ومنه قولهم: (إنّ الكذوب قد يصدق) (¬3). قال سيبويه (¬4): وأمّا" قد" فجواب هل فعل؟ ولما يفعل، ويجوز الفصل بينهما وبين الفعل بالقسم، نحو: قد والله أحسنت، وقد لعمري بت ساهرا، ويجوز إسقاط الفعل بعدها إذا فهم المعنى، كقوله: ¬
الصنف الثاني والعشرون: حرف التفصيل
أزف الترّحّل غير أنّ ركابنا … لمّا تزل برحالنا وكأن قد (¬1). الصنف الثاني والعشرون: حرف التفصيل: وهو" أمّا" ويفصّل بها ما أجمل المدّعي، يقول القائل: قام زيد وعمرو، فتقول: أمّا زيد فعالم، وأمّا عمرو فلا، ويلزم في جوابها الفاء؛ لأنّ فيها معنى الشّرط (¬2)، ولا يليها فعل، ويكون جوابها اسما وفعلا، تقول: أمّا زيد فعالم، وأمّا عمرو فضربت. قال سيبويه (¬3): إذا قلت: أمّا زيد فمنطلق، فكأنّك قلت: مهما يكن من شيء فزيد منطلق، ألا ترى أنّ الفاء لازمة لها. وقد تكون مركّبة من" أن" و" ما" (¬4) كقوله: ¬
الصنف الثالث والعشرون: حرف الردع.
أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر … فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع (¬1) قال سيبويه (¬2): وإنمّا هي أن ضمّت إليها" ما" عوضا من ذهاب الفعل، وهي" ما" التوكيد، تقديره: لأن كنت ذا نفر، ومنه قول العرب: (أمّا انت منطلقا انطلقت معك) (وأمّا زيد ذاهبا ذهبت معه) (¬3) الصنف الثالث والعشرون: حرف الردع. وهو" كلّا"، قال سيبويه: (هو ردع وزجر) (¬4) وقال الزجّاج: ¬
الصنف الرابع والعشرون: حرف التذكر.
(ردع وتنبيه) (¬1) ويقع جوابا لمن قال لك: ما تنكره عليه، يقول: شتمك فلان، فتقول: كلّا، أي: ارتدع عن هذا، وينبّه على الخطأ فيه، كقوله تعالى:" رَبِّي أَهانَنِ. كَلَّا" (¬2) أي: ليس الأمر كذلك؛ لأنّه قد يوسّع في الدّنيا على من لا يكرمه من الكفار؛ للإملاء والاستدراج، وقد يضيّق على الأنبياء والصالحين؛ للإصلاح (¬3)، وقد ترد" كّلا" بمعنى النّفي المحض (¬4)، كقوله تعالى:" كَلَّا وَالْقَمَرِ" (¬5). الصنف الرابع والعشرون: حرف التذكر. وهو أن يقول الرّجل: كلاما، فيشذّ عنه بعض ما يريد أن يقوله، فينتهي لفظه إلى كلمة من كلامه، ويريد أن يتذكّر ما قد نسيه، فيمدّ صوته بالحرف الآخر الّذي وصل إليه، فإن كان مفتوحا صارت الفتحة ألفا، وإن كان مضموما صارت الضّمّة واوا، وإن كان مكسورا صارت الكسرة ياء، وإن كان ساكنا حرّك بالكسرة (¬6)، يقول في الفتح في من قال: قام زيد، إذا أراد أن يتذكّر بعد قام، قال: قاما، ثم يقول: زيد، ويقول في الضّمّ: يقومو، ثم يقول زيد، وفي الكسر: بغلامي، ثم يقول: زيد، وفي السكون: (مني) (¬7)، ثم يقول زيد. ¬
الصنف الخامس والعشرون: حرف السكت
قال سيبويه (¬1): سمعناهم يقولون: إنّه قدي رابها، وألي، إذا تذكّر الحارث ونحوه. قال (¬2): وقد سمعنا من يوثق به يقول: هذا سيفنى، يريد: سيف من صفته كيت وكيت. الصنف الخامس والعشرون: حرف السكت: وهو الهاء فى نحو قوله تعالى:" ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ" (¬3) وهى مختصه بحال الوقف، فإذا أدرجت الكلام سقطت، وكل متحرك ليست حركته حركة إعراب يجوز عليه الوقف بالهاء، نحو: ثمه، وليته، وكيفه، وإنّه، ولمه، وحيّ هله، وحقها أن تكون ساكنة، وتحريكها (¬4) ¬
الصنف السادس والعشرون: حرف الكف
لحن، وقد حركّها الشاعر وأثبتها فى الوصل، كقوله: يا مرحباه بحمار عفرا (¬1) وهو شاذ لا يعرّج عليه (¬2). الصنف السادس والعشرون: حرف الكف: وهو" ما" وقد ذكرناها فى باب" إنّ" وأخواتها (¬3). الصنف السابع والعشرون: حرف النهي: وهو" لا" وقد ذكرناه مع حروف الجزم في باب العوامل (¬4). الصنف الثامن والعشرون: حرف التعليل: وهي" كي" وقد ذكرناه في باب الجرّ (¬5)، ومع نواصب الفعل (¬6). الصنف التاسع والعشرون: حرف الشرط: وقد ذكرناه في الشرط من باب العوامل (¬7). ¬
الصنف الثلاثون: حرف الإنكار
الصنف الثلاثون: حرف الإنكار: وهو ألف، أو واو، أو ياء، وقد ذكرناه في باب الحكاية (¬1). الصنف الحادي والثلاثون: حرف التأنيث: وهو التاء وقد ذكرتت في غير موضع (¬2). الصنف الثاني والثلاثون: اللام: وترد فى الكلام لمعان: للتّعريف، وللقسم وجوابه، والتّوكيد، والفرق بين" إن" المخفّفة والنافية، وقد ذكرناها فى أبوابها (¬3). وترد لمعان: للابتداء، وجواب لو، ولولا. أمّا لام الابتداء فكقولك: لزيد منطلق، ولعمرو ذاهب، وتدخل على الاسم والفعل المضارع (¬4).، كقوله تعالى:" لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً" (¬5)،" وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ" (¬6) وفائدتها: توكيد مضمون الجملة، (¬7) وتدخل على" سوف" فى خبر إنّ عند البصريين (¬8)، كقولك: إنّ زيدا لسوف يقوم. وأمّا جواب لو، ولولا فنحو قوله تعالى:" لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا" (¬9) " وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ" (¬10) ¬
الصنف الثالث والثلاثون: التنوين
وفائدتها: تأكيد ارتباط إحدى الجملتين بالأخرى (¬1)، ويجوز حذفها، كقوله تعالى:" لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً" (¬2). الصنف الثالث والثلاثون: التنوين: وهو على خمسة أضرب (¬3): الأول: تنوين التمكين، وهو الدّالّ على تمكّن الأسم وصرفه، الداخل على رجل وزيد. الثاني: تنوين الفرق في أسماء الأفعال بين المعرفة والنّكرة، نحو: صه وصه (وإيه) (¬4) وإيه. الثالث: تنوين العوض، وهو نوعان: أحدهما: عوض من المضاف إليه، نحو: يومئذ، ومررت بكلّ قائما، ولات أوان. والآخر: عوض من (نون (4)). زيدين، وهو الداخل على جمع التّأنيث السّالم نحو: هندات (¬5). الرابع: تنوين التّرنّم (¬6): وهو الاحق أواخر الآي والقوافي (¬7)، كقوله تعالى: (" سلاسل") (¬8) و" قَوارِيرَا" * (¬9) وكقول الشاعر: ¬
أقلّي اللّوم عاذل والعتابن … وقولي إن أصبت لقد أصابن (¬1) الخامس: التنوين الغالي (¬2)، ويلحق القوافي المقّيدة، كقوله: وقاتم الأعماق خاوي المخترقن (¬3) والتنوين أبدا ساكن إلا أن يلاقي ساكنا آخر فيكسر أو يضمّ (¬4)، وقد يحذف، وعليه قرئ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ" (¬5) فالأوّل والثّاني والثّالث يخصّ الأسماء، والرابع والخامس يشترك فيهما الاسم، والفعل، والحرف. ¬
الباب السابع عشر (في المصادر وما اشتق منها) وفيه ثلاثة فصول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [القطب الثانى: فيما الغالب على أبوابه معرفة ذات الكلم وحروفها] الباب السابع عشر (في المصادر وما اشتق منها) وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول في المصادر وفيه ثلاثة أنواع: النوع الأول في مصادر الأفعال الثلاثية وهى كثيرة، لا تجري علي قياس مطرد، ولكن يغلب علي كل بناء منها مصدر يكثر فيه ويعرف به، وما عداه فهو القليل. ولا تكاد تنحصر أوزانه. وفيه ثلاثة أصناف:
الصنف الأول ما كان فعله علي فعل مفتوح العين
الصّنف الأوّل ما كان فعله علي فعل مفتوح العين ويكون لازما.، ومتعديا وفيه فرعان الفرع الأول: في اللّازم ويجيئ مضارعه على: يفعل ويفعل، ويفعل (¬1). أما يفعل بالكسر فمصدره على فعل، نحو: عجز يعجز عجزا، وعلى فعل، نحو: حلف حلفا، وعلى فعال، نحو ضلّ ضلالا، وعلى فعالة، نحو: لذّ لذاذة، وعلي فعيل، نحو: وجب القلب وجيبا (¬2)، وعلى فعلان، نحو عسل (¬3) عسلانا، وعلى فيعلولة، نحو: حاد حيدودة، مخفّف منه (¬4)، وعلى فعل نحو: سري سري، وعلى فعول، نحو: جلس جلوسا، وهو الغالب عليه (¬5). أمّا يفعل - بالضّمّ - فمصدره على فعل، نحو: سكت سكتا، وعلى فعال، نحو: ثبت ثباتا، وعلى فعلان، نحو: نزي نزوانا، وعلى فعيلة، ¬
نحو: سكن سكينة، وعلى فعيل، نحو: حبّ خبيبا، وعلى فيعلولة، نحو: كان كينونة، مخفّف منه (¬1). وعلى فعل شاذا عند بعضهم، قالوا: رقص البعير يرقص رقصا بفتح القاف وأنشد: بزجاجة رقصت بما في قعرها … رقص القلوص براكب مستعجل (¬2) وعلى فعل، نحو: فسق فسقا، وعلى فعال، نحو: قام قياما، وعلى فعل نحو: مكث مكثا، وعلي فعال، نحو: نعس نعاسا، وعلى فعول. نحو: قعد قعودا. وهو الغالب عليه (¬3)، وربّما شاركه فعال وفعل نحو: ثبت ثبوتا، وسكت سكوتا وسكتا. وأمّا يفعل - بالفتح - فمصدره على فعل. نحو: جهر جهرا، وعلى فعال. نحو: ذهب ذهابا. وعلى فعلان. نحو: لمع لمعانا، وعلي فعال، نحو: طمح طماحا (¬4)، وعلى فعالة. نحو: سبح سباحة، وعلى فعال. نحو: مزج مزاجا، وعلى فعول، نحو: طمح طموحا. ¬
الفرع الثاني: في المتعدي.
الفرع الثاني: في المتعدي. ويجيء مضارعه على: يفعل، ويفعل، ويفعل. أمّا يفعل - بالكسر - فمصدره على فعل، نحو: ضرب ضربا، وهو الغالب عليه (¬1)، وعلى فعل نحو: غلب غلبا، وعلى فعل نحو سرق سرقا، وعلى فعلة نحو غلب غلبة، وعلي فعلة، نحو: سرق سرقة، وعلى مفعلة، نحو: عصا معصية، وعلى فعالة، نحو: حمل حمالة، وعلى فعلان، نحو: لويته ليّانا، وقيل (¬2): ليس مصدرا وإنما فتحوه؛ تخفيفا؛ لاستثقال الكسرة مع التّضعيف، وعلى فعل (نحو (¬3):) قاله قيلا، من البيع، ذكره ابن السراج (¬4). وعلى فعلة، نحو: حما حمية، وعلى فعلان، نحو: حرمه حرمانا، وربما شاركه فعل قالوا: أتيته إتيانا وأتيا، وعلى فعال، نحو: ضرب الفحل (¬5) ضرابا، وعلى فعالة، نحو: حمى حماية، وعلى فعل، نحو: هدي هدى، وعلى فعلة، نحو: رقى رقية، وعلى فعلّة، نحو: غلب غلبّة، وعلى فعلان، نحو: غفر غفرانا، وعلى فعول، نحو: ورد ورودا. وأما يفعل - بالضّم - فمصدره على، فعل نحو: قتل قتلا، وهو الغالب عليه (¬6)، وعلى فعل، نحو: حلب حلبا، وعلى فعل نحو خنق خنقا، ¬
وعلى فعل، نحو: ذكره ذكرا، فأمّا الحجّ - بالكسر - فقيل: هو الاسم، والمصدر بالفتح (¬1)، وعلى فعلة، نحو: نشد نشدة، وعلى فعال، نحو: كتب كتابا، وعلى فعالة، نحو: عمر عمارة، وعلى فعل، نحو شكر شكرا، وعلى فعلان، نحو: كفر كفرانا، وعلى فعول، نحو: شكر شكورا. وأمّا يفعل - بالفتح - فمصدره على فعل، نحو: قهر قهرا، وعلى فعالة، نحو: نصح نصاحة، وعلى فعالة، نحو: قرأ قراءة، وعلى فعل، نحو: نصح نصحا، وعلى فعال، نحو: سأل سؤالا وعلى فعول نحو: جحد جحودا. ¬
الصنف الثاني ما كان فعله على فعل بالكسر
الصنّف الثّاني ما كان فعله على" فعل" بالكسر وفيه فرعان: الفرع الأول: في اللازم. ويجيء مضارعه على يفعل بالفتح، ومصدره على فعل، نحو: حميت الشمس حميا، وعلى فعل، نحو: غضب غضبا، وهو الغالب عليه، وعلى فعل، نحو ضحك ضحكا، وعلى فعالة، نحو: زهد زهادة، وعلى فعل، نحو: ضحك ضحكا، مخفّف (¬1)، وعلى فعل، نحو: شبع شبعا، وعلى فعل، نحو: زهد زهدا، وعلى فعلة، نحو: شهب شهبة وما جاء من مضارعه على يفعل ويفعل (¬2) شاذا (¬3) نحو: ييئس ويفضل، فمحمول على يفعل. الفرع الثاني: في المتعدّي. ويحيء مضارعه على يفعل كثيرا، ويفعل قليلا. أمّا يفعل فمصدره على فعل، نحو: حمد حمدا، وهو الغالب عليه (¬4)، وعلى فعل، نحو: عمل عملا، وعلى فعلة، نحو: رحم رحمة، وحكى ابن السرّاج: رحمة، بالفتح (¬5). [وعلى فعال، نحو: سمع سماعا (¬6)]، وعلى ¬
فعالة، نحو: سئم سامة، وعلى فعول، نحو: قبل قبولا، وعلى فعلان، نحو: شنئ شنانا وقد يسكّن (¬1)، وعلى فعل، نحو: علم علما، وعلى فعال، نحو: سفد سفادا (¬2) وعلى فعلة، نحو: خلتة خيلة، وعلى فعلان، نحو: عشي عشيانا، وعلى فعل، نحو: شرب شربا، وعلى فعلان، نحو: رضيته رضوانا، وعلى فعول، نحو: لزمه لزوما. وأمّا يفعل - بالكسر - فشاذّ، ومصدره فعلان، نحو: حسب حسبانا (¬3). ¬
الصنف الثالث ما كان فعله على فعل بالضم.
الصّنف الثالث ما كان فعله على فعل بالضمّ. ولا يكون إلا لازما، ومصدره على فعل، نحو: ظرف ظرفا، وعلى فعل، نحو: كرم كرما، وعلى فعلة، نحو وقح قحة، محذوف الفاء (¬1)، وعلى فعال، نحو: جمل جمالا، قال سيبويه (¬2): أصله جمالة فحذفت الهاء؛ تخفيفا، وعلى فعالة، نحو: نبه نباهة، وهو وفعال الغالب عليه (¬3)، وعلى فعل، نحو: عظم عظما، وعلى فعلة، نحو: وضع ضعة محذوف الفاء وعلى فعال، نحو: بطوء بطاء، وعلى فعل، نحو: حسن حسنا، وعلى فعول، نحو: قبح قبوحا، وعلى فعولة، نحو: سهل سهولة، وعلى فعلة، نحو: حرؤ جرأة. ¬
النوع الثانى فيما زاد على الثلاثى
النوع الثانى فيما زاد على الثلاثى وفيه ثلاثة أصناف: والقياس يكاد يطّرد في مصادره، ولا يخرج عنه إلّا القليل. الصنف الأول فيما كان على أربعة حروف وهو ثلاثة أصناف: رباعيّ، وملحق به، وغير ملحق. أمّا الرّباعيّ، فنحو: دحرج، وسرهف، ومصدره على وجهين: فعللة، وهو الأصل والقياس (1)، نحو: دحرج دحرجة؛ وفعلال، وهو القليل (¬1)، نحو: سرهف سرهافا. وأمّا الملحق به فنحو: جلبب، وحوقل وبيطر، وجهور، وسلقى، وباقي أوزانه، ومصدرها جميعها على فعللة غالبا كالرباعيّ، وما كان منه مضاعفا قالوا فيه: فعلال، بالكسر والفتح نحو: الزلزال والقلقال (¬2)، ولم يفتحوا ما جاء منه فى الرباعىّ، وأمّا ¬
غير الملحق، فهو ثلاثة أبنية: فعّل وأفعل، وفاعل. أمّا فعّل فمصدره اللازم التّفعيل (¬1)، نحو: كلّمته تكليما، ويجيء على تفعلة (¬2)، نحو: كرّمته تكرمة، فإن كان معتلّ اللام أو مضاعفا لزم تفعلة (¬3)، نحو: عزّيته تعزية، وسلّيته تسلية، وقد جاء التّفعيل في المعتل قال: بات ينزّي دلوه تنزيّا (¬4) ويجئ مصدره على الفعّال، نحو: كذّبته كذّابا. وأمّا أفعل فمصدره الإفعال (¬5)، نحو: أكرمته إكراما، وأعطيته إعطاء، وما كان منه معتلا لزم آخره هاء التّأنيث؛ عوضا من ذهاب ألف ¬
الصنف الثانى ما فى أوله همزة وصل
إفعال، نحو: أقام إقامة (¬1)، كان الأصل إقواما (¬2)، وأما فاعل فمصدره الغالب مفاعلة (¬3)، نحو: قاتلته مقاتلة، ويجيء على فعال وفيعال (¬4)، نحو: قاتلته قيتالا وقتالا، وقيل: إنّ قتالا مخفف من قيتال (¬5). الصنف الثانى ما فى أوله همزة وصل وهو تسعة أبنية، قد تقدّم ذكرها (¬6)، ومصادرها على لفظ أفعالها، إلّا أنّك تكسر ثالث المصدر وإن كان في الفعل مفتوحا، وتزيد قبل آخره ألفا، نحو: انطلق انطلاقا، واقتدر اقتدارا، واحمرّ احمرارا، واحمارّ احميرارا، واستخرج استخراجا، واعلوّط اعلوّاطا، واغدودن اغديدانا، واحرنجم احرنجاما، واقشعرّ اقشعرارا، وهمزاتها همزات وصل. ¬
الصنف الثالث ما كان في أوله التاء
الصنف الثالث ما كان في أوّله التّاء وهو ثلاثة أبنية: الأوّل: تفعّل، ومصدره تفعّل، نحو: تعظّم تعظّما، وقد جاء على تفعّال، قالوا: تحمّل تحمّالا (¬1). الثّاني: تفعلل، ومصدره تفعلل، نحو: تدحرج تدحرجا، وما ألحق به محمول عليه، نحو: تجهور تجهورا. الثّالث: تفاعل، ومصدره تفاعل، نحو: تعاظم تعاظما، ومصادر هذا الصّنف مطّردة. النوع الثالث فى المصادر التي لم تجر على أفعالها وأشبهت الأسماء التي ليست بمصادر وهي على ضربين: أحدهما: فيه علامة التأنيث، والثاني: لا علامة فيه للتّأنيث، والضّرب الأول ينقسم قسمين: القسم الأول: ما علامته ألف، كقولهم: بشرته بشرى، ورجعته (¬2) رجعى، وأشكيته شكوى، وأعداه عدوى، وذكّرته ذكرى، وهو كثير (¬3)، وقالوا لتكثير الفعل: ¬
القسم الثانى
رمّيّا، وحجّيزى، وحثّيثى، ودلّيلى (¬1)، وقتّيتى (¬2)، وهجّيرى (¬3)، لمن كثر منه هذه الأشياء (¬4). القسم الثانى: ما علامته هاء، وهو على ضربين: ثلاثيّ، أو ما فوقه. أمّا الثلاثيّ: فعلى فعلة أو فعلة، أمّا فعلة، بالفتح، فيراد به المرّة الواحدة من المصدر، نحو: قمت قومة، وشربت شربة، وقالوا: لقيته لقاءة، وأتيته إتيانة (¬5). وأمّا فعلة، بالكسر، فتكون لشيئين: أحدهما: الحال التي عليها صاحبها، نحو: هو حسن الرّكبة، والجلسة والقعدة، وقتلته قتلة سوء، ومات شرّ ميتة (¬6)، أي: أنّه حسن الركوب إذا ركب، والجلوس إذا جلس (¬7). والآخر: أن لا يراد (¬8) بها الحال، ولكنها كغيرها من المصادر، نحو: الدّربة والشّدّة، والرّدة، ونحو العدة والهبة والقحة (¬9). وأمّا غير الثلاثيّ فإنّما يراد به المرّة الواحدة؛ قلّت حروفه أو كثرت، نحو: أكرمته إكرامة، وانطلقت انطلاقة، واستخرجت ¬
استخراجة، ودحرجت دحرجة، وزلزلت زلزلة، وكذلك باقى الأوزان المذكورة في النّوع الثاني (¬1)، إلّا أنّك لا تبني المرّة الواحدة إلّا ممّا هو الغالب على بناء الفعل، فلا تقول في زلزلت: زلزالة، ولا في قاتلت: قتالة، وما في آخره تاء فلا تتجاوز به المستعمل بعينه، نحو: استعنته استعانة واحدة، وتقول فيما اعتلّت عينه: إجازة، وإطاقة. وقد حذفت التّاء في (إقام الصّلاة) (¬2)، وتقول فى ما اعتلّت لامه: تعزية وتسوية. الضرب الثاني: الذي لا علامة فيه للتأنيث، وهو أقسام: الأوّل: ما لفظه لفظ الصّفة فوقع للمصدر، نحو: الوضوء، والطّهور، والولوع، والقبول، في: " توضّأت"،" وتطهّرت"، و" أولعت"، و" قبلت"، ونحو: وقدت النّار وقودا (¬3)، وقيل: هي بالفتح: الاسم، وبالضّمّ: المصدر (¬4)، وقيل هما لغتان (¬5). الثّاني: ما لفظه لفظ الفاعل فوقع للمصدر، كقولهم: قمت ¬
قائما، وخرجت خارجا، ومنه قول الشاعر: على حلفة لا أشتم الدّهر مسلما … ولا خارجا من فىّ زور كلام (¬1) ومنه قولهم: الفاضلة، والعافية، والكاذبة، والدّالّة (¬2)، كما قالوا في عكسه: رجل نوم، أي: نائم، وماء صرى أي: صرّ (¬3)، ومعشر، كرم، أي: كرام (¬4). الثالث: ما لفظه المفعول (¬5) نحو: الميسور، والمعسور، والمعقول: والمجلود، والمفتون والمحلوف، ونحو: المكروهة، والمصدوقة، والمصبح، والممسى، والمقاتل، والمتحامل، ولم يثبت سيبويه ما جاء منه على مفعول في المصادر (¬6)، كما قالوا في عكسه: ¬
لبن حلب (أي) (¬1) محلوب (2)، وهذا الدرهم ضرب الأمير، أي: مضروبه (¬2). الرابع: مصادر أفعال متفرّقة، أجريت على غيرها من الأفعال، وهي كثيرة (¬3)، كقوله تعالى:" وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً" (¬4)، وقوله: " وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا" (¬5). وقول الشاعر: وخير الأمر ما استقبلت منه … وليس بأن تتبّعه اتّباعا (¬6) ¬
وكقولهم: انكسر كسرا، وكسر انكسارا، وتجاوروا اجتوارا (¬1)، وكقولهم: التّهدار والتّلعاب، والتّرداد، والتّجوال (¬2). ¬
الفصل الثانى فيما اشتق من الأفعال والمصادر
الفصل الثانى فيما اشتقّ من الأفعال والمصادر وفيه نوعان: النوع الأوّل في أسماء الفاعلين والمفعولين وهو صنفان: الصنف الأوّل الثلاثى ولا يخلو أن يكون مبنيّا من" فعل" أو" فعل"، أو" فعل"، فأمّا فعل فاسم الفاعل منه فاعل، نحو ضارب، وقاتل، وقاهر، وأمّا فعل فاسم الفاعل منه: فاعل أو فعل أو فعلان، نحو: حامد، وحذر، وغضبان، وأمّا فعل فاسم الفاعل منه فعيل، نحو: ظريف وشريف. وأمّا اسم المفعول فمن الأوّل والثّاني والثّالث مفعول، نحو: مضروب، ومقتول، ومقهور، ومحمود، ومحذور، ومغضوب عليه، ومشروف به.
الصنف الثانى [في] ما زاد على الثلاثي
الصنف الثّانى [في] (¬1) ما زاد على الثلاثي وليس بين اسم فاعله ومفعوله إلّا كسر الحرف في الفاعل، وفتحه في المفعول، مع اللّفظ بالحرف الزّائد؛ وهو إمّا: رباعىّ أو ملحق به، أو غير ملحق. فالرباعيّ والملحق اسم الفاعل منهما مفعلل، [والمفعول مفعلل] (1) بزيادة ميم في أولهما، نحو: دحرج فهو مدحرج ومدحرج، وحوقل فهو محوقل ومحوقل. وأمّا غير الملحق فإن أسماء فاعليه ومفعوليه مبنيّة على بنائه، بزيادة ميم في أولها، نحو: كلّم فهو مكلّم ومكلّم، وأخرج فهو مخرج ومخرج، وكذلك باقى الأوزان المقدّم ذكرها (¬2). ¬
النوع الثاني في أسماء الزمان والمكان والمصدر
النوع الثاني في أسماء الزمان والمكان والمصدر قد اشتقّوا لها ألفاظا فى أوّلها ميم، تكون فى الثلاثيّ مطّردة، ولا تكاد تكون فيما فوقه إلّا قليلا أو قياسا (¬1). أمّا الثلاثيّ فعلى ضربين: صحيح، ومعتلّ. والصحيح صنفان: أحدهما: أن يكون من فعل يفعل، نحو: ضرب يضرب، واسم المصدر منه مفعل، بالفتح (¬2)، نحو: المضرب والمغفر، وقد جاء فيه الكسر قليلا، نحو: المرجع (¬3). واسم الزمان والمكان منه مفعل، بالكسر، نحو: المضرب، والمنتج للنّاقة (¬4)، ونحو المجلس والمحبس (¬5)، وقد جاء الفتح في الزمان، قالوا فى مضرب الناقة ومنتجها: مضربها ومنتجها. الصنف الثاني: باقي الأوزان ... ويستوي فيه اسم المصدر والزمان والمكان، مفعل بالفتح، نحو: المقتل والمسمع والمشرب، والمذهب، والمحسب، والمكرم، وقد خرج عن هذا القياس أسماء محصورة فكسروها، وهى المطلع، والمشرق، والمغرب، والمسجد، والمنسك ¬
والمجزر، والمنبت، والمسقط، والمرفق، والمكبر، وأهل الحجاز يقولون: المطلع بالفتح (¬1)، وقيل: المسجد، بالكسر: اسم البيت، وموضع السجود منه بالفتح، والمسقط بالكسر: الموضع، وبالفتح المصدر (¬2)، وقالوا: المطبخ، والمربد (¬3)، والمرفق، بكسر الميم على غير قياس (¬4). وقد أدخلوا هاء (¬5) التأنيث على بعض هذه الأوزان (¬6) كالمزلّة، والمظنّة، والمحمدة، والمعجزة، والمعذرة، وقد فتحوا منها ما كان للمصدر على القياس (¬7). الضرب الثاني: المعتلّ. فإن كان معتلّ الفاء فإنّه يجيء للزمان والمكان والمصدر على مفعل، بالكسر (¬8)، نحو: الموعد، والمورد، والموضع، وقد فتحوا العين، ولا يقاس عليه، قالوا: الموضع (¬9)، والموهب (¬10)، وقد زادوا في ¬
المصدر الهاء، نحو: الموعدة والموجدة، وإن كان معتلّ العين فإنّ الفتح فيه أكثر، نحو: المعاش والمسأل (¬1)، ولا يجيء فيما عينه واو غير الفتح، نحو: المقال، والمجال، فأمّا المقيل من القائلة، فهو مصدر على القياس (¬2)، وإن كان معتلّ الّلام، فالفتح لا غير، وتنقلب الواو والياء ألفا، نحو: المغزى، والمرمى، والمدعاة، والمشتاة، إلّا ما شذّ، قالوا (¬3): مأوى الإبل، ومأقى العين، ولم يجئ مكسورا بغير الهاء، نحو: محمية، ومعصية (¬4). وأمّا ما تجاوز الثلاثيّ بزيادة أو غير زيادة فيستوي فيه المصدر والزمان والمكان كاسم المفعول بضم الميم وفتح العين نحو المدخل، والمكرم، والمنطلق، والمستخرج، والمغار، والمقاتل، والمضطرب والمنقلب، والمتحامل، ونحو ذلك من باقي الأوزان (4). ¬
الفصل الثالث فى لواحق باب المصادر وهى ثمانية أنواع
الفصل الثالث فى لواحق باب المصادر وهى ثمانية أنواع: النوع الأوّل ما كان من المصادر على فعال بالضّمّ فإنّه يكثر فيما كان للأدواء (¬1)، نحو: الصّداع، والسّعال، والعطاس والسّهام (¬2)، والسّكات، والدّوار، ويكثر فى الأصوات (¬3)، نحو: الدّعاء، والرّغاء، والشّحاج (¬4)، والنّهاق، والنّباح، ويجيء فيما يفتّ أو يكسّر (¬5)، نحو: الدّقاق، والحطام، والجذاذ، والفتات، والرّفات، وهو مصدر واقع على مفعول. ¬
النوع الثانى ما كان من المصادر على فعال بالكسر
النّوع الثّانى ما كان من المصادر على فعال بالكسر فتجيء في الأصوات كثيرا، نحو: النّداء، والغناء، والصّياح والهتاف (¬1)، وقالوا فيه النّداء (¬2)، والصّياح، والهتاف، بالضّمّ (¬3)، ويجيء فيما كان هياجا من ذكر أو أنثى (¬4) نحو: الهباب (¬5)، والقراع، والضّراب والنّكاح، والصّراف (¬6)، والحرام، والحناء (¬7). ويجيء فيما كان خارجا عن الاعتدال (¬8)، نحو: الشّراد، والفرار والشّماس (¬9)، والطّماح، ويجيء في انتهاء الزمان، وقد تفتح (¬10)، نحو: الصّرام، والجزار (¬11)، والجداد، والقطاع، ويجيء فيما كان، وسما (¬12): ¬
النوع الثالث ما كان منها على فعالة، بالضم
نحو: الخباط (¬1)، والعلاط (¬2)، والعراض (¬3)، والكشاح (¬4)، والجناب (¬5) وهي سمات على أعضاء الحيوان. النوع الثالث ما كان منها على فعالة، بالضم (¬6) فإنه يكون لما فضل عن الشيء، أو رمي، نحو: الفضالة، والقلامة، والقراضة، والنقاوة، والكساحة (¬7). النوع الرابع ما جاء منها على فعالة، بالكسر فإنّه يكثر فيما كان ولاية أو صناعة (¬8)، نحو: ¬
النوع الخامس ما كان منها على فعلان، بالفتح
الخلافة، والإمارة، والعرافة، والإيالة (¬1)، ونحو (¬2): التّجارة، والخياطة، والحياكة، وقد فتحوا أوّل بعضها مع الكسر، نحو: الولاية، والدّلالة، والوكالة (¬3). النوع الخامس ما كان منها على فعلان، بالفتح فلما اشتمل على الاضطراب والتّحرّك (¬4)، نحو: النّزوان (¬5)، والنّقزان (¬6)، والعسلان (¬7)، والغليان، والغثيان (¬8)، قال سيبويه: (وأكثر ما يجيء الفعلان فى هذا الضّرب، ولا يجيء فعله يتعدّى الفاعل إلّا أن يشذّ شيء منه، نحو: شنئته شنانا) (¬9)، ولا نعلم غيره (¬10). ¬
النوع السادس ما كان منها على تفعال
وقد شبّهوا بالأوّل الطّوفان، والدّوران، والجولان؛ لأنّه تحركّ (¬1)، فأمّا الحيدان، والميلان، فحملهما سيبويه على غير القياس (¬2). النوع السادس ما كان منها على تفعال فإنّه مفتوح الأوّل، نحو: التّهذار، والتّرداد، والتّجوال، وهو عند سيبويه للتكثير (¬3)، والمبالغة (¬4)، ولم يجئ على الكسر إلّا التّبيان، والتلقاء، عند غير سيبويه (¬5)، وسيبويه بجعلهما اسمين (¬6)؛ فإنّ ما جاء من الأسماء على هذا المثال فإنّه مكسور ¬
النوع السابع
الأوّل، ذكر منها ستّة عشر حرفا لا يكاد يوجد غيرها (¬1)، ومنها: التّبيان والتّلقاء. النوع السابع إذا كثر وجود الشيء بالمكان، وعرف به، قيل فيه: مفعلة، بالفتح، نحو قولهم: أرض مسبعة ومأسدة، ومذأبة (¬2)، ومحياة، ومفعاة، ومقتأة ومبطخة (¬3). قال سيبويه: (ولم يجيئوا بنظير هذا فيما جاوز ثلاثة أحرف، من نحو الضّفدع والثعلب؛ كراهة أن يثقل عليهم) (¬4) فلو قست على الثلاثىّ لقلت فى الثعلب: أرض مثعلبة، وفى العقرب: معقربة (¬5) ¬
النوع الثامن ما كان من أسماء الآلات وفى أوله ميم
النوع الثامن ما كان من أسماء الآلات وفى أوّله ميم فهى مكسورة، نحو: المقصّ، والمخيط، والمحلب، والمنجل (¬1) والمفتاح، وأشباهها (¬2) إلا ما شذّ، نحو: المسعط (¬3)، والمنخل، والمدهن والمكحل، والمدقّ، فلم يذهبوا بها مذهب الفعل، ولكنّها جعلت أسماء لهذه الأوعية (¬4). ¬
الباب الثامن عشر فى التصريف
الباب الثامن عشر فى التصريف وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول (فى مقدّماته) وهى ثلاث (¬1) مقدّمات: المقدمة الأولى: فى تعريفه. التّصريف (¬2): تغيير يلحق الكلمة فى حروفها وبنائها، حركة وسكونا؛ وإنّما سمّى تصريفا لأنّه يتصرّف بالكلمة الواحدة على أبنية مختلفة، بزيادة، ونقصان، وحذف، وقلب، ونقل. وفائدته: معرفة أوضاع الكلمة فى تصرّفها. وطريقه: معرفة الموزون، والميزان، والوزن، فالموزون هو: الكلمة القابلة للوزن، والميزان هو: الفاء والعين واللام، وضعا واصطلاحا بين أهل هذه ¬
المقدمة الثانية فى كيفية الوزن
الصناعة، والوزن: مقابلة الأصل بالأصل، والزّائد بالزّائد. المقدّمة الثانية فى كيفيّة الوزن: إنّما جعلوا الوزن، ليفصلوا بين الحروف الأصليّة والزّائدة، والكلمة لا تخلو؛ أن تكون حروفها كلّها أصلية، أو بعضها أصل وبعضها زائد، ولا تخلو؛ أن تكون: صحيحة أو معتلّة. وطريق الوزن: أن تجعل الفاء والعين واللام بإزاء ما فى الكلمة من الحروف الأصلية، فإن كانت الكلمة صحيحة، وحروفها أصليّة نحو: فرس وضرب، فيكون وزنهما فعل وفعل، فإن كان فيها حرف زائد فاحك الزّائد فى الوزن بعينه (¬1)، فتقول فى أخرج: أفعل، وفى مخرج: مفعل، وفى خروج: فعول، وفى إخراج: إفعال؛ لأنّ أصل الكلمة من الخاء والراء والجيم، وما تعاقب عليها من الهمزة والميم والواو والألف كلّها زوائد، فتجعل الفاء بإزاء الخاء، والعين بإزاء الرّاء، واللّام بإزاء الجيم، وتأتى بالحروف الزّائدة على حالها. فإن تكرّر فى الكلمة حرف من حروفها الأصليّة، نحو: ضرّب، وقتّل، فلك فى وزنه طريقان: أحدهما - وهو الأشهر الأكثر - أن تكرّر فى الميزان الحرف المكرّر من الموزون، فتقول فى وزنه: فعّل (¬2). والآخر: أن تحكى الحرف المكرّر فى الكلمة (¬3)، فتقول فى ضرّب: ¬
المقدمة الثالثة: فى أصول التصريف وهى خمسة أنواع
فرعل، وفى قتّل: فتعل؛ لأنّ المكرّر راء وتاء. وأمّا إذا كانت الكلمة معتلّة فلك فى وزنها طريقان: أحدهما - وهو الأشهر الأكثر - أن تعيد الكلمة إلى صحّتها، ثم تزنها كما تزن الصحيح، فتعطي الأصل أصلا والزائد زائدا، تقول فى وزن قام ويقوم: فعل ويفعل؛ لأنّ الأصل: قوم، بفتح الواو، ويقوم، بسكون القاف وضم الواو. والآخر: أن تزن الكلمة المعتلّة بحالها، فتقول فى قام: فعل، ساكن العين، وفى يقوم: يفعل، بضمّ الفاء وسكون العين، وتقول فى وزن مقول ومبيع (¬1) على الأول: مفعول (¬2)، وعلى الثّانى: مفعل أو مفول، ومفعل أو مفيل، على اختلاف التقديرين. وأما وزن الكلمة التى فيها إبدال فهو بمنزلة ما فيه حرف زائد من إبقاء الحرف المبدل بحاله، وفيه طريقان: أحدهما: أن تراعى المعنى الأصلىّ، فتقول فى وزن ازدان: افتعل؛ لأنّ أصله ازتين. الثّانى: أن تراعى الّلفظ، فتقول: افدعل، كما قلت فى قتّل: فتعل. وتقول فى قال على الأول: فعل، وعلى الثانى: فال، فإن أردت اللفظ بالبدل الثانى قلت فى ازدان: افدال. المقدمة الثالثة: فى أصول التصريف وهى خمسة أنواع: [النوع الأول: فى الزيادة.] النوع الأول: فى الزيادة. وفيه أربعة أصناف: الصنف الأوّل: فى حروفها. ¬
وهى عشرة: الهمزة، والألف، والياء، والواو، والميم، والتّاء، والهاء واللّام، والسّين، [والنّون] (¬1)، ويجمعها" اليوم تنساه" (¬2) وإن شئت" سألتمونيها" (¬3)، والمراد بحروف الزيادة: أنّ الزيادة فى الكلمة، إذا لم تكن بتكرير حرف أصليّ، لم تكن إلّا من هذه العشرة، لا أنّها متى وقعت كانت زائدة، كيف وكلّ منها يكون أصلا؟! وقد زيدت الرّاء شاذّة فى الشّعر، قال: وعافت من جبال الصّغد نفسى … وعافت من جبال خوار رزم (¬4) وحسّن ذلك عنده أنه اسم أعجميّ. وأعرق الحروف في الزيادة حروف المدّ واللين، وهي: الألف والواو والياء والهمزة، ثم الميم، ثم النون، ثم التاء، ثم الهاء، ثم اللام، ثم السين. الصنف الثانى: حروف الزيادة، تدخل الكلام لأحد (¬5) أشياء: ¬
الأول: للمعنى، كألف ضارب، وميم مكرم، وياء يعلم. الثانى: لإلحاق كلمة بكلمة كالياء فى صيرف، والواو فى كوثر، وهما ملحقان بجعفر. الثالث: للمدّ، كياء قضيب، وواو عجوز. الرابع: للتّكثير، كألف قبعثرى؛ لأنّه ليس فى الأصول سداسىّ فيلحق به. الخامس: للعوض، كسين أسطاع المعوّضة من حركة واو أطوع. السادس: للوقف، كالهاء في قوله تعالى:" ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ" (¬1). السابع: للتمكن من النطق بالكلمة، نحو: عه، وشه. ولا تخلو الزيادة أن تكون: لمعنى، أو لغير معنى، فالّتي للمعنى على ضربين:" لازم، وغير لازم، فاللّازم نحو: ألف فاعل، وميم مفعول، وغير اللّازم نحو: التاء في قائمة، والألف والواو في نحو: ضربا، وضربوا، وأمّا الّتي لغير معنى، فنحو: كتاب، وعجوز. الصنف الثالث: الزيادة تدخل في الكلام على ضربين: الأول: أن تكون بتكرير حرف من حروف الأصل، وهذا يقال له: الزّيادة فى موضعه؛ فالفاء تكرّر مع العين فى مرمريس، ومرمريت، والعين تكرّر وحدها بفاصل، نحو: اغدودن، وبغير فاصل، نحو: سلّم، وتكرّر مع الفاء كما سبق، وتكرّر مع اللام، نحو: صمحمح، لكن يلزم في العين المجانسة، ولا يلزم ذلك في الّلام، والّلام تكرّر وحدها نحو: مهدد، وتكرّر مع العين كما سبق. الضرب الثانى: أن يكون الزائد حرفا من حروف الزيادة، وتكون ¬
واحدة، واثنتين، وثلاثا وأربعا، ومواضعها أربعة: قبل الفاء، نحو: أجدل، وبين الفاء والعين، نحو: خاتم، وبين العين واللام، نحو: غزال، وبعد اللّام، نحو: ذكرى، وتقع مجتمعة ومتفرقة. الصنف الرّابع: يعتبر الأصل من الزّائد بأحد ثلاثة أشياء (¬1): الأوّل: الاشتقاق، وهو أن يشتقّ من الكلمة ما تبقى معه حروفها، أو يذهب بعضها، فالباقى أصلىّ، والذّاهب زائد، نحو: صيرف وجهور، (فالياء والواو) (¬2) زائدتان؛ لأنّ الكلمتين من الصّرف والجهر. الثانى: كثرة الأنس، نحو: أفكل ومستخرج، وجحنفل، فالهمزة والميم والنون زوائد؛ لأنّها فى محلّ زيادتها وهو أوّل الكلمة للهمزة والميم وثالثها للنّون. الثالث: عدم النظير (¬3)، نحو نرجس، وكنهبل (¬4)، النون فيهما زائدة؛ لأنّه ليس فى الأصول فعلل، بفتح الفاء وكسر اللام الأولى، ولا فعلّل بفتح الفاء والعين وتشديد اللام الأولى وضمها، وإنّما وزنها نفعل، وفنعلل (¬5). ¬
النوع الثاني: فى البدل
النوع الثاني: فى البدل وحروفه (¬1) أربعة عشر حرفا، تسعة من حروف الزيادة، وخمسة من غيرها، ولم يذكر سيبويه منها إلّا أحد عشر حرفا (¬2)، وهى: الهمزة، والألف، والواو، والياء، والميم، والنون، والتاء، والهاء، والطاء والدال، والجيم، وزاد غيره (¬3): الصاد، والزاي، واللام، وزاد قوم: السين (¬4)، والحاء، والفاء، والباء (¬5) فصارت ثمانية عشر حرفا. ويدخل البدل على الاسم والفعل والحرف، فالاسم، نحو: أجوه فى وجوه، والفعل نحو: هراق في أراق، والحرف، نحو: هلّا في ألّا، وهو على ضربين (¬6): أحدهما: إبدال حرف من حرف بغير إدغام، وهو أكثر ما يراد به فى هذا الباب. ¬
النوع الثالث: في الحذف.
والثاني: إبدال حرف من حرف؛ للإدغام، ويرد فى بابه (¬1)، وقد يجيء فى هذا الباب قليلا. النوع الثالث: في الحذف. وهو على ضربين: حذف حرف، وحذف حركة، وكلاهما مقيس، وغير مقيس (¬2). أمّا المقيس فهو: ما حذف للجازم، نحو: لم يسع، ولم يغز، ولم يرم، ولم يضرب، ولم يضربا، أو حذف للإضافة فى التثنية والجمع، نحو: غلامي زيد، وضاربي عمرو، أو حذف للنسب، نحو: كوفيّ، وبصريّ. وأمّا غير المقيس ففي أحد عشر حرفا (¬3): الهمزة، والألف، والياء، والواو، والنّون، والهاء، والحاء، والخاء، والطاء والباء، والفاء، ونحو إسكان المتحرك؛ لضرورة الشّعر، وهو كثير كقوله: رحت وفى برديك ما فيهما … وقد بدا هنك من المئزر (¬4) ¬
النوع الرابع: في النقل.
النوع الرابع: في النقل. من حق الكلمة أن تترك على بنائها الّذى وضعت عليه، فلا تزال عنه إلا لعارض اقتضاه. وهو على ضربين: لازم، وغير لازم. أمّا اللازم، فمنه: ما كان على فعل ممّا عينه ياء، أو واو، إذا بنيته للمتكلّم والمخاطب وجماعة المؤنث، فإنّك تنقله إلى فعل وفعل، فتقول: قلت، وبعت، الأصل فيه قولت، وبيعت، فلما نقلت صار: قولت، وبيعت، فحذفت حركة الفاء، ونقلت إليها حركة العين، فبقيت ساكنة، وبعدها ساكن، فحذفتها؛ لذلك (¬1) فألزموا فعلت بنات الواو، وفعلت بنات الياء، وشبّهوا ما اعتلّت عينه بما اعتلّت لامه، كما ألزموا" يغزو" وبابه يفعل، وألزموا" يرمي" وبابه يفعل. وأمّا غير اللازم، فنحو: الهمزة إذا تحركت، وكان قبلها حرف صحيح ساكن، أو ملحق به، نحو: كف، وجيل (¬2)، وقد ذكرنا ذلك في باب تخفيف الهمزة (¬3)، فإنّ حركتها تنقل إلى السّاكن، ونحو: جاء عند الخليل، وشاك عند غيره، فإنّ الخليل يقول: إن" جائي" كشاكي والهمزة لام الفعل (¬4)، وهو مقلوب مثل شائك ¬
النوع الخامس: فى الإلحاق.
وشاكي، وغيره (¬1) يقول: إن الثانية قلبت ياء (¬2)، والباقية هي نحو: همزة قائم، وسيرد للحذف والنّقل بسط فى الفصل الثّالث (¬3). النوع الخامس: فى الإلحاق. وهو أن تلحق كلمة بكلمة أخرى أكثر منها حروفا، فتلحق ثلاثيّا برباعىّ وخماسىّ، وتلحق رباعيّا بخماسىّ، والإلحاق يكون بحرف أصليّ، وحرف زائد، ولا يكون واوا مضموما ما قبلها، [ولا ياء مكسورا ما قبلها (¬4)]، ولا ألفا فى حشو الكلمة، ويقع ثانيا، وثالثا، ورابعا، وخامسا. أمّا الثّلاثىّ إذا ألحقته بالرّباعيّ، فتقول في ضرب، إذا ألحقته بجعفر: ضربب، كما قالوا: مهدد، وقد ألحقوه بالواو والياء، نحو: كوثر، وصيرف، فإن ألحقته بالخماسىّ كرّرت العين واللّام معا، تقول في ضرب، إذا ألحقته بسفرجل: ضربرب، والأخفش يكرّر اللّام فيقول ضربّب (5). وقد ألحقوه بالنون ثالثة وألف في آخره، فقالوا: ضرنبى، وبالنون ثالثة وتكرير العين نحو: عقنقل، وبالواو ثالثة وتكرير اللّام، نحو: حبونن، وبالياء ثالثة وتكرير العين أو اللّام، نحو: خفيفد، وخفيدد، وبزيادة واوين أو ياءين، نحو: عطوّد، وهبيّخ. وأمّا الرّباعىّ فإذا ألحقته ¬
بالخماسيّ كرّرت اللّام فتقول في جعفر، إذا ألحقته بسفرجل: [جعفرر (¬1)] وقد ألحقوه بالواو والياء، نحو: فدوكس (¬2)، وعميثل. ¬
الفصل الثانى في أحكام الحروف المذكورة
الفصل الثانى في أحكام الحروف المذكورة وهي تسعة عشر حرفا: الحرف الأول: الهمزة، ولها خمسة أحكام. الحكم الأول: في أصليتها. وتقع فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما، وفعلا، وحرفا. فالفاء في الاسم، نحو: أنف وأذن وإبرة، وفي الفعل نحو: أخذ، وأمر، وفي الحرف، نحو: إنّ وأنّ، والعين في الاسم، نحو: رأس، وذئب، وفي الفعل نحو سأل، وسئل، واللّام في الاسم، نحو: بناء وسوء، ودفء، وفي الفعل، نحو: قرأ، وقرئ، وليس في الكلام كلمة فاؤها وعينها همزتان، ولا عينها ولامها همزتان، فأمّا الفاء واللّام فقد جاءتا فى كلمات محصورة، نحو: أجإ (¬1)، وآءة (¬2)، فأمّا أئمة (¬3) في قراءة أهل المدينة (¬4) فشاذّ (¬5)، على أنّ الهمزة الأولى زائدة. ¬
الحكم الثانى: فى زيادتها.
الحكم الثانى: فى زيادتها. وتزاد كثيرا فى الاسم والفعل إذا وقعت أوّلا، وبعدها ثلاثة أحرف أصول (¬1)، نحو: أحمر، وأصفر، وأكرم، وأذهب، ولا تكون فى هذا البناء أصلا إلا بثبت، سواء عرف اشتقاقها أو جهل (¬2)، فتقول فى أولق (¬3): همزتها أصلية؛ لثباتها مع التصرف، تقول: ألق فهو مألوق (¬4)، فإن شئت قلت إنّها زائدة؛ لأنّها من ولق يلق: إذا أسرع (¬5). وتقول فى: أفكل: همزتها زائدة؛ لأنّ بعدها ثلاثة أصول، فحمل ما لا يعرف اشتقاقه على ما عرف (¬6). ونحو: أرطى في أحد القولين (¬7)؛ لأنّك تقول: أديم مأروط، فهى أصل، ومن قال: أديم مرطىّ، جعلها زائدة. فإن كان ما بعدها حرفين، أو أربعة أصولا، فهي أصل، نحو: أخذ، وأخذ، ونحو: إبراهيم، وإصطبل (¬8). فإن كانت في حشو الكلمة أو آخرها فلا يقدم على زيادتها إلّا بثبت (¬9)، نحو: شمأل وشأمل، وجرائض؛ لقولهم: شملت ¬
الحكم الثالث: في إبدالها.
الريح، وجرواض، وهي أحرف معدودة (¬1)، فإن جاءت الهمزة مع غيرها من الزّوائد في كلمة، فاحكم بزيادتها (¬2)، نحو: إسلام وإصليت (¬3)، وأرونان (¬4). وقد زادوا الهمزة في الأسماء العشرة، وفي بعض المصادر، وبعض الأفعال، ومع لام التعريف، وقد ذكرنا ذلك في باب الهمزات مفصّلا (¬5). وزادوها للخطاب، كقولهم للرجل: هاء، وللمرأة: هاء، وللاستفهام، نحو: أزيد عندك؟ وللتّسوية كقولك: ما أبالى أقام أم قعد، وللنّداء، نحو: أزيد أقبل (¬6)، فحصلت مواضع زيادتها أوّلا، وثانيا، وثالثا، ورابعا. الحكم الثالث: في إبدالها. وقد أبدلت من خمسة أحرف (¬7): الألف، والواو، والياء، والهاء والعين، أمّا الألف فأبدلت منها فى موضعين: أحدهما: - مجمع عليه - وهى ألف التأنيث إذا وقعت بعد ألف المد، نحو: حمراء وصفراء (¬8). والألف إذا وقعت بعد ألف الجمع المانع من ¬
الصّرف، ولم تكن منقلبة من عين الكلمة - احترازا من مقامة - نحو: رسالة ورسائل (¬1). الثانى: يختصّ ببعض اللغات، وذلك إذا كان بعد الألف حرف مشدّد نحو دأبّة (¬2)، همزوا الألف لإزالة التقاء الساكنين، وعليه قرئ (¬3) قوله تعالى:" وَلَا الضَّالِّينَ" (¬4) و" إِنْسٌ وَلا جَانٌّ" (¬5) بالهمز (¬6)، ومنه قول العجّاج: فخندف هامة هذا العألم مع قوله: يا دار سلمى يا اسلمي ثمّ اسلمي (¬7) ¬
وقد حكي (¬1): حلأت السّويق، ولبّأت بالحجّ، ورثأت الميّت، وهذا كلّه شاذ (¬2). وأمّا الواو فقد أبدلت الهمزة منها إبدالا لازما، وجائزا، وشاذّا، أمّا اللازم ففى مواضع: الأول: إذا وقعت الواو حرف إعراب بعد ألف زائدة (¬3)، نحو: كساء، وشقاء؛ لأنّ أصلهما كساو، وشقاو، وقيل (¬4): إنّ الهمزة فيه مبدلة من ألف مبدلة من واو، وهو عند المحققين أولى القولين (¬5). الثاني: إذا كانت الواو عين فاعل، ولام فعله صحيحة، نحو: قائم، وقائل (¬6). الثالث: إذا وقعت الواو بعد ألف الجمع المانع من الصرف، ولم تكن عينا كمعونة قلبت همزة (¬7)، نحو: عجوز وعجائز، الأصل: عجاوز، وكذلك إذا كان قبل الألف واو قلبت الثانية همزة، نحو: أوائل، أصله: أواول (¬8). ¬
الرابع: إذا اجتمع فى أوّل الكلمة واوان، وقبل الثانية مفتوح، قلبت الأولى همزة، تقول فى جمع واصل: أواصل، أصله: وواصل، وفى تصغيره: أو يصل (¬1)، ولو بنيت فوعلا من وعد، لقلت فيه: أوعد، فإن لم يكن قبل الثانية مفتوح، لم يلزم القلب، نحو:" ما وُورِيَ عَنْهُما" (¬2). وقد شذّ" الأولى"، قالوا: أصلها" وولى" (¬3). وأما الجائز ففى مواضع: الأول: إذا كانت الواو مضمومة ضما لازما، فاء أو عينا، فالفاء نحو:" أُقِّتَتْ" (¬4) فى" وقّتت" (¬5)، و" أجوه" فى" وجوه" (¬6)، والعين نحو: أسؤق، وأدؤر، جمع ساق ودار (¬7). الثانى: ما كانت واوه بعد ألف زائدة، ودخل عليه التاء فصارت حرف إعراب؛ نحو: شقاءة فى شقاوة (¬8). ¬
الثالث: إذا كانت الواو فاء مكسورة كسرا لازما، أجراها بعضهم مجرى المضمومة نحو: إسادة (¬1)، وإشاح، فى: وسادة ووشاح (¬2)، وأمّا الشّاذّ: فإذا وقعت الواو فاء مفتوحة، نحو: أحد فى: وحد، وأناة فى: وناة (¬3)؛ لأنّه من الوحدة والونىّ. وأمّا الياء فكالواو: لازم، وجائز، وشاذ ... أمّا اللازم ففي مواضع: الأوّل: إذا وقعت الياء حرف إعراب بعد ألف زائدة، نحو: رداء، وقضاء؛ لأنّ أصلهما: رداي، وقضاي (¬4)، وقيل (¬5): هي مبدلة من ألف مبدلة من ياء. الثاني: إذا كانت الياء عين فاعل، ولام فعله صحيحة، نحو: بائع وسائر (¬6). الثالث: إذا كانت الياء بعد ألف الجمع المانع من الصّرف، ولم تكن عينا، كمعيشة، قلبت همزة، نحو سفينة وسفائن، وكذلك إذا كان قبل الألف ياء أخرى، نحو: سيّد وسيائد. وأمّا الجائز فإذا وقعت الياء بعد ألف زائدة ودخلته التّاء فصارت حرف إعراب، نحو: صلاءة في صلاية (¬7). ¬
وأمّا الشّاذّ فقالوا: فى أسنانه ألل أى: يلل (¬1)، وقطع الله أديه (¬2) أى: يديه، وقالوا فى ألملم ويلملم (¬3)، وأسروع ويسروع (¬4): إنّهما لغتان (¬5). وأمّا الهاء فقد أبدلوا الهمزة منها إبدالا غير مقيس، قالوا: الأصل فى ماء موه، فقلبت الواو ألفا، وقلبت الهاء همزة، بدليل قولهم في جمعه وتصغيره: أمواه ومويه (¬6)، وقد جمع علي أمواء (¬7)، وقالوا: (ماهت الرّكيّة) (¬8)، وقالوا فى أهل: آل، فأبدلوا الهاء همزة، ثمّ أبدلوها ألفا (¬9). ¬
الحكم الرابع: فى حذفها.
وقالوا في هل فعلت؟: أل فعلت (¬1)؟. وأمّا العين فقالوا (¬2) فى عباب: أباب (¬3)، كما قالوا: عم والله، في أم والله (¬4)، وهو قليل، وقيل: إنّ كلّ واحدة منهما بناء مفرد (¬5). الحكم الرابع: فى حذفها. وهو على ضربين: مقيس، وغير مقيس. أمّا المقيس فأن يكون الفعل [الماضي (¬6)] على أفعل، نحو: أكرم وأحسن، ثمّ تبنيه للمستقبل فتحذف الهمزة؛ [استثقالا (¬7)]، فتقول: يكرم ويحسن، وكان الأصل: يؤكرم ويؤحسن. وقد جاء فى الشّعر على (¬8) الأصل، قال: فإنّه أهل لأن يؤكرما (¬9) ¬
وقال: وصاليات ككما يؤثفين (¬1) وأمّا غير المقيس فقد حذفت فاء وعينا ولاما، أمّا الفاء فحذفوها من اسم الله تعالى فى أحد قولي سيبويه (¬2)، ومن ناس (¬3)؛ لأنّ الأصل إله وأناس، وحذفوها من (¬4) الفعل فى خذ وكل ومر (¬5)، وأمّا العين فحذفت في ¬
الحكم الخامس: فى نقلها.
الفعل من" يرى" (¬1)، وأصله: يرأى، وأمّا الّلام فحذفت فى الاسم من" أشياء" عند الأخفش (¬2)، و" سواية" عند سيبويه (¬3)، وقالوا: جايجي، وسايسو،، بلا همز (¬4). الحكم الخامس: فى نقلها. قد نقلت الهمزة عن مواضعها نقلا غير مقيس، عينا ولاما؛ قالوا فى أدؤر: ادر، وفي أبأر: آبار، وقال الخليل فى" أشياء": إنّ همزتها لام منقولة، وقد ذكرناه (¬5). الحرف الثاني: الألف ولها أربعة أحكام: الحكم الأول: فى أصليتها. ولا تكون الألف أصلا إلا فى الحروف نحو: ما [ولا (¬6)] وإلى، وعلى، وحتّى (¬7)، وفيما أوغل من الأسماء في شبه الحروف، نحو: " ما" الموصولة،" وإذا"، و" أنّى، و" متى" (¬8) ولا تدخل الأفعال إلّا بدلا ¬
الحكم الثانى: فى زيادتها
من ياء، نحو: رمى، وسعى، ومتى كانت الألف رابعة، وأول الكلمة همزة أو ميم، فهي أصل، نحو: أفعى وموسى؛ لأنّ وزنهما أفعل ومفعل، فهى بدل من ياء (¬1)، وقيل: إنّ الألف فيهما للتّأنيث (¬2). الحكم الثانى: فى زيادتها: وهى أقعد فى باب الزّيادة من الهمزة، ولا تزاد أولا؛ لأنّها لا تكون إلّا ساكنة، والساكن لا يبتدأ به (¬3)، وإذا لم تكن أوّلا، وكان معها ثلاثة أحرف أصول فصاعدا، فلا تكون إلّا زائدة، ومواضعها خمسة: ثانية فى فاعل كضارب، وغير فاعل كخاتم وقاصعاء، وثالثة، نحو: سلام، وسلاهب، ورابعة، نحو: سكرى وسرداح (¬4)، فأمّا ألف سلقى وجعبى فإنّها منقلبة عن ياء؛ لقولك: سلقيت وجعبيت (5)، وخامسة، نحو: حبارى، وحبنطى، فأمّا ألف: احبنطى واسرندى، فإنّها مبدلة من ياء؛ لقولك احبنطيت، واسرنديت (¬5). وسادسة، نحو: قبعثرى، واحرنجام، فمتى وجدت الألف ثانية، أو ثالثة، أو رابعة، أو خامسة، أو سادسة فى اسم أو فعل، ومعها ثلاثة غيرها فصاعدا، حكمت عليها بالزّيادة، حتّى يقوم لك دليل على انقلابها من حرف أصلىّ. (¬6) ¬
وإذا وجدتها فى كلمة على ثلاثة أحرف فهى منقلبة من حرف أصلىّ، ياء، أو واو، نحو: قال، وباع، وباب، وناب، وغزا، ورمى. ومعانى الألف فى الزيادة كثيرة (¬1): زيدت لمعنى الفاعليّة كضارب، وللتثنية والجمع، نحو: زيدان، ورجال، وللتأنيث كبشرى، وللمدّ كحساب، وللإلحاق، كمعزى وللتّكثير، كقبعثرى (¬2)، وللفصل بين النّونات، نحو: اضربنانّ زيدا، وبين الهمزتين المحقّقتين، كقوله تعالى:" أَأَنْذَرْتَهُمْ" (¬3)، وللوقف فى ضمير المتكلّم، نحو: أنا، وللنّدبة، نحو: وازيداه، وبعد" هاء" ضمير المؤنث، نحو: رأيتها ومررت بها، وللإطلاق فى الفواصل والقوافي، كقوله تعالى:" وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا" (¬4)، وقول الشاعر: أقلّى اللّوم عاذل والعتابا (¬5) ولتصغير أسماء الإشارة، والأسماء الموصولة، نحو: ذيّا، واللّذيّا، وللإشباع، كقولهم: بينا زيد قائم أقبل عمرو، وإنّما هو بين، ومنه قولهم عند التذكر: قالا، (وجيء به من حيث، وليسا) (¬6). ¬
الحكم الثالث: فى إبدالها
الحكم الثالث: فى إبدالها وقد أبدلت من أربعة أحرف (¬1): الهمزة، والياء، والواو، والنون (¬2) أمّا الهمزة فأبدلت منها أصلا، وزائدة، مقيسا وغير مقيس، فالمقيس: لازم، وغير لازم، فاللازم إذا سكنت، وقبلها همزة مفتوحة، نحو: آدم، وآخر، وآمن، وإذا جمعت هذا النوع قلبت الألف المبدلة من الهمزة واوا: فقلل أوادم، وأواخر، ولم تعدها همزة. وغير اللازم إذا لم يكن قبلها همزة، نحو: راس، وفاس، واقرأ وقرأت (3)، وأمّا غير المقيس (¬3) فإذا انفتحت وانفتح ما قبلها ولم يكن همزة، نحو: امرأة، وملا، في امرأة، وملأ، قال: إذا ملا بطنه ألبانها حلبا (¬4) ومنه قولهم: لا هناك المرتع (¬5) ¬
وأمّا الياء فأبدلت منها أصلا، وزائدة، ساكنة، ومتحركة، أمّا الساكنة فأبدلت منها فاء وعينا، فالفاء، قالوا فى ييأس وييبس: يا أس، ويابس، في بعض اللغات (¬1). والعين، قالوا في النسب إلى الحيرة: حاريّ، وإلى طىّء: طائى، وهذان النوعان شاذان (¬2). وأمّا المتحركة فأبدلت منها عينا، ولاما، وزائدة، فالعين فى الفعل والاسم الّذى على وزنه، بشرط أن تكون متحرّكة بحركة لازمة، وما قبلها مفتوح، وما بعدها متحرك، وتكون لام الكلمة صحيحة، نحو: باع وناب، أصلها بيع، ونيب (¬3)، فمتى سكنت العين صحّت الكلمة، كالبيع والسّير، أو كان ما قبلها غير مفتوح، أو لم يكن الاسم بوزن الفعل كحول وغير، وقد شذّ بعض الكلمات فلم تقلب، نحو الصّيد، والحيد (¬4). والّلام أبدلت منها فى الفعل والاسم الّذى بزنته، إذا تحركت وانفتح ما قبلها نحو: رمى، ورحى، الأصل فيه: رمى، ورحى (¬5). وأما الزّائدة فأبدلت منها فى سلقى، وجعبى؛ لقولك: سلقيت، وجعبيت (¬6)، وأمّا الواو فأبدلت منها ساكنة ومتحرّكة، أمّا الساكنة فأبدلت منها فاء وعينا. فالفاء فى الفعل المضارع، قالوا في يوجل، ويوحل: ¬
يا جل، ويا حل، فى بعض الّلغات (¬1)، والعين فى الاسم قالوا فى صومة: صامة. وأمّا المتحرّكة فأبدلت منها عينا، ولاما، على الشرط المذكور فى الياء، فالعين نحو: قام، ودار، واللّام نحو غزا، وعصا، وربّما جاء على الأصل في الاسم: نحو: القودة، والحوكة، والخونة، وقالوا: رجل روع (¬2)، وحول، وقالوا: رجل خاف، ورجل مال، ويوم راح (¬3). وأما النون فأبدلت منها فى الوقف فى ثلاثة مواضع: الأول: نون التأكيد الخفيفة إذا انفتح ما قبلها (¬4)، كقوله تعالى: " لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ" (¬5) إذا وقفت قلت: لنسفعا، وكقول الأعشى: ¬
ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا (¬1) يريد (¬2): فاعبدن. الثانى: التنوين فى النصب، نحو: رأيت زيدا. الثالث: نون" إذن" إذا لم تعمل عند بعضهم (¬3)، تقول: أكرمك إذا، وتكتب الألف. ¬
الحكم الرابع: فى حذفها
الحكم الرابع: فى حذفها وتحذف للجازم، نحو لم يسع، وفى القوافى، كقوله: وقبيل من لكيز حاضر … رهط مرجوم ورهط ابن المعل (¬1) يريد المعلّى. وتحذف مع القسم فى قولهم: أم والله، يريدون: أما والله (¬2)، وتحذف من ما الاستفهامية، إذا اتّصلت بحروف الجرّ، نحو: لم، وفيم، وعمّ (¬3). ¬
الحرف الثالث: الياء ... ولها أربعة أحكام
الحرف الثالث: الياء ... ولها أربعة أحكام: الحكم الأول: في أصليتها. وتقع فيه فاء، وعينا، ولاما، فالفاء نحو: يسر، ويعر (¬1)، والعين، في: بيت (¬2)، وبيّت، واللام نحو: ظبى ورمي (¬3)، ومتى كانت فى كلمة على ثلاثة أحرف فهى أصل، نحو يوم وليل، ونحى. ومتى وقعت أولا، ومعها أربعة أحرف، فهى أصل، نحو: يستعور (¬4)؛ لأنّ بنات الأربعة [لا (¬5)] تلحقها بالزّيادة من أوائلها إلّا الأسماء الجارية على أفعالها، نحو منطلق ومستخرج، وقد جاءت فاء وعينا فى كلمة واحدة، قالوا: يين، وهو اسم مكان (¬6)، وقالوا فى الفعل: ييّيت (¬7) ياء حسنة، أى كتبت ياء، وهو شاذ (8)، وجاءت فاء ولاما فى يد، أصلها يدى، وجاءت عينا ولاما - وهو أكثر - نحو: حيى، وعيى (¬8). ¬
الحكم الثانى: فى زيادتها.
الحكم الثّانى: فى زيادتها. متى كانت الياء في كلمة فيها ثلاثة أحرف أصول، فهى زائدة، لكثرة ذلك. ومواضع زيادتها ستة: أولى نحو: يرمع ويضرب، وثانية، نحو: صيرف وغيداق (¬1) وبيطر، وثالثة، نحو: قضيب وجريال (¬2)، ورابعة، نحو: منديل وسلقيت، وخامسة؛ نحو: عنتريس (¬3) واسرنديت، وسادسة، حكى الأصمعىّ (¬4) فى تكسير عنكبوت وتحقيرها: عناكبيت وعنيكبيت. وقرأ بعضهم (¬5):" وعباقرى حسان" (¬6) وهذا شاذّ لا يقاس عليه (¬7). ودواعى زيادتها كثيرة (¬8): زيدت للمعنى، كحرف المضارعة، وياء تضربين (¬9)، وياء التثنية والجمع (¬10)، وللإلحاق، نحو: صيرف وعثير، وللمدّ، نحو: ¬
قضيب، وللإشباع، نحو: صياريف، فأمّا دراهيم (¬1) فإن كان جمع درهم فهى للإشباع، وإن كان جمع درهام فلا (¬2)، وللإطلاق فى القافية المجرورة، كقوله: بسقط اللّوى بين الدّخول فحوملى (¬3) وكقوله: لما تزل برحالنا وكأن قدى (¬4) ¬
الحكم الثالث: فى إبدالها.
وزادوها بعد كاف المؤنث؛ اتّساعا، نحو: عليكى، ومنكى، وضربتكى (¬1)، وبعد لام المعرفة عند التذكّر إذا نسيت الاسم، فتقف مستذكرا، فتأتى بالياء؛ تشبيها بالقافية المجرورة، فتقول: قام ألى، تريد: الغلام، أو الرجل، وغيرهما (¬2). فأمّا الياء فى صيصية (¬3) وقوقيت ونحوه، من المضاعف؛ فإنّها أصل للتضعيف (¬4). الحكم الثالث: فى إبدالها. وتبدل من ثمانية عشر حرفا إبدالا مطّردا، وغير مطّرد، وهى: الهمزة والألف، والياء، والتاء، والثاء، والجيم، والدال، والراء، والسين والصاد، والضاد، والعين، والكاف، واللام، والميم، والنون، والهاء والواو (¬5). والمطّرد منها ثلاثة أحرف: الهمزة، والألف، والواو. أما الهمزة فأبدلت منها ساكنة، ومتحركة، إذا انكسر ما قبلها، وهى على ضربين: أحدهما: أن يكون من جنسها، ويلزم به القلب، نحو: إيمان، وإيلاف، وجاء. ¬
وأما الألف فأبدلت منها فى مواضع
والثانى: أن لا يكون من جنسها، ولا يلزم له القلب، نحو: بير، ومير، وخطيّة، ونبىّ، وقد شذّ قريت فى قرأت (¬1)، ويعصر فى أعصر (¬2) اسم رجل، وقد بسطنا القول فى هذا فى باب تخفيف الهمز (¬3). وأمّا الألف فأبدلت منها فى مواضع: منها إذا انكسر ما قبلها فى التكسير، والتصغير، والمصدر، نحو: مفاتيح، ومفيتيح، ونحو قيتال وضيراب، فهي بدل من ألف قاتلت وضاربت. ومنها حاحيت وعاعيت وهاهيت (¬4)، أصلها الألف؛ لأنّ مصدرها حاحاة وحيحاء (¬5)، ومنها تثنية المقصور، نحو: رحيان، وملهيان (¬6)، وجمع ¬
التأنيث، نحو: حبليات (¬1) وسكريات. ومنها ألف" على" و" لدى" و" إلى" و" كلا" إذا اتّصلت بالضمير، نحو: إليه، وعليه. ولديه، وكليهما (¬2)، ومنها إبدالها فى الوقف على لغة طىّء (¬3) فى: أفعى وحبلى (¬4)؛ لخفاء الألف. وأمّا الواو فأبدلت منها فاء، وعينا، ولاما، فى مواضع كثيرة: منها إذا سكنت الواو ولم تكن مدغمة، وانكسر ما قبلها، نحو: ميزان، وميقات؛ لأنّ الأصل موزان، وموقات (¬5)، فإن تحركت الواو أو زالت (¬6) الكسرة، أو كانت الواو مدغمة، لم تقلب، نحو: موازين، ومويزين، وعوض، وحول، واجلوّذ (¬7)، اجلوّاذا. وقد قالوا: ثياب، ورياض، فقلبوا، وقالوا: رواء وطوال، فلم يقلبوا؛ لما نذكره بعد، ومنها أن تكون الواو فاء ل" يفعل" فى بعض اللّغات، قالوا فى يوجل، ويوحل: ييجل، وييحل، وييجل، وييحل (¬8). ومنها مصادر الأفعال المعتلّة العين، نحو: عياذ وقيام، مصدرى ¬
يعوذ، ويقوم، فإن صحّت عين الفعل لم تقلب، نحو: جوار فى جاور (¬1)، ومنها أن تكون الكلمة جمعا على فعال، وتكون عين مفرده ساكنة، ولامه صحيحا (¬2) نحو: حياض، ورياض (¬3)، فأمّا طوال فإنّ واوه تحرّكت فى واحده الّذى هو طويل (¬4)، وقالوا في جواد: جياد، شاذا، وأما رواء، جمع ريّان، فإنّ لامه معتلة (¬5)، وأمّا زوجة وعودة، فلم يقع بعد عينه ألف (¬6)، وأمّا ثيرة، جمع ثور، فشاذ (¬7)، وقيل: هو مقصور من ¬
ثيارة (¬1)، وقد جاء ثورة (¬2) [على الأصل (¬3)]، وأمّا ديوان، فشاذّ لا يقاس عليه، وأمّا [ديم] (¬4) وقيم؛ فلأنّ الواو اعتلّت فى الواحد؛ فجرى الجمع عليه (¬5)، وقد قالوا: صبية وصبيان، وأصله صبوة وصبوان، وقد جاء على الأصل (¬6). ومنها أن تكون الواو ساكنة، بعدها ياء، نحو طيّ ولىّ (¬7)، حملا على سيّد وميّت. ومها أن تكون الواو رابعة فصاعدا حرف إعراب، نحو: أغزيت، وألهيت، واستغزيت (¬8). ومنها أن تكون لاما لفعلى، وهو غالب فى الأسماء، نحو: العليا، والدّنيا، والقصيا، وقالوا: القصوى، على الأصل، وهو شاذ (¬9). ومنها أن تكون لاما لفاعل، نحو: غاد، وغاز، فتقلب ياء، وتلحق بالمنقوص (¬10). ومواضع ¬
أخرى ترد فى الفصل الثّالث مبسوطة (¬1). وأمّا غير المطّرد فقد أبدلت من الباء، قالوا فى جمع ديباج: دبابيج، فدلّ أنّ أصله دبّاج، وإنّما أبدلوها؛ استثقالا لتضعيف الباء (¬2)، وأنشد سيبويه (¬3): لها أشارير من لحم تتمّره … من الثّعالى ووخز من أرانيها (¬4) قال: أراد الثعالب والأرانب (¬5). وأبدلت من التّاء، قالوا فى اتّصل: ايتصل، وأنشد: ¬
قام بها ينشد كلّ منشد … وايتصلت بمثل ضوء الفرقد (¬1) فأبدل من التاء الأولى ياء. وأبدلت من الثاء، قال: يفديك يا زرع أبى وخالى … قد مرّ يومان وهذا الثّالى (¬2) يريد الثالث. وأبدلت من الجيم، قالوا: الدياجي، فى جمع ديجوج، وأصله: دياجيح، فأبدلت الجيم الآخرة ياء، وحذفت الياء قبلها؛ تخفيفا فقالوا: دياجى (¬3)، فأمّا شيرة، فى: شجرة، فبعضهم يجعل الياء بدلا من الجيم (¬4)، وبعضهم يجعلها أصلا (¬5). ¬
وأبدلت من الدال قالوا (¬1): التّصدية، وهى الصّوت والتّصفيق، وأصله: التّصددة؛ لأنّه من صدّ يصدّ، بالكسر، ومنه قوله تعالى:" إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ" (¬2)، أى: يصيحون ويضجّون (¬3). وأبدلت من الرّاء، نحو: شيراز وقيراط، والأصل شرّاز وقرّاط؛ لقولهم (¬4) في الجمع: شراريز وقراريط (¬5)، فأمّا من قال: شواريز، فإنّه جعل الياء فيه مبدلة من واو، تقديره: شوارز، فلمّا سكنت الواو وانكسر ما قبلها قلبت ياء، فلمّا زالت الكسرة في الجمع عادت الواو (¬6). وأمّا قولهم: تسرّيت، من السّرّيّة (¬7)، فمن جعل اشتقاقها من السّرّ، كان من هذا الباب (¬8). ¬
وأبدلت من السّين، قالوا في سادس: سادى، [وأنشد: إذا ما عدّ أربعة فسال … فزوجك خامس، وأبوك سادي] (¬1) وقيل في قوله تعالى:" وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها" (¬2): إنّ أصله دسّسها (¬3)، فأبدل من السين الأخيرة ياء (¬4). وأبدلت من الصّاد، قالوا: قصّيت أظفارى، فى معنى قصصتها (¬5). ¬
وأبدلت من الضّاد، قالوا: تقضّى البازى، يريد تقضّض، من الانقضاض قال: تقضّى البازى إذا البازى كسر (¬1) وأبدلت من العين قالوا: [تلعّيت فى (¬2)] تلعّعت من اللّعاعة (¬3) وهى بقلة (¬4)، وأنشد سيبويه (¬5): ¬
ومنهل ليس به حوازق … ولضفادى جمّه نقانق (¬1) يريد: لضفادع جمّه، فكره أن يسكّن العين فى موضع الحركة، فابدل منها حرفا يكون ساكنا فى الجرّ (¬2). وأبدلت من الكاف، قالوا (¬3) فى جمع مكوك (¬4): مكاكى، والأصل: مكاكيك فأبدل من الكاف ياء، وأدغمها في الياء الأخرى (¬5). وأبدلت من اللّام، قالوا: أمليت الكتاب فى أمللته (¬6)، وقد نطق بهما القرآن، قال تعالى:" فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا" (¬7)، وقال تعالى:" وَلْيُمْلِلِ (¬8) الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ" (¬9)، وأبدلت من الميم، قال ¬
سيبويه (¬1): من قال فى جمع ديماس: دماميس، فالياء فيه مبدلة من ميم دمّاس (¬2)، وأنشدوا (¬3): نزور امرأ أمّا الإله فيتّقى … وأمّا بفعل الصّالحين فيأتبى (¬4) أراد يأتمّ (¬5). وأبدلت من النّون، قالوا: دينار، أصله دنّار لقولهم: دنانير ودنينير (¬6)، وقالوا (¬7) تظنّيت فى تظنّنت، فأبدلوا النّون الثّالثة ياء؛ استثقالا (¬8)، وقالوا فى إنسان: إيسان وأياسيّ (¬9)، وأبدلت من الهاء: ¬
الحكم الرابع: فى حذف الياء.
قالوا: دهديت الحجر أى: دحرجته، أصله: دهدهت (¬1)، وقالوا: صهصيت بالرّجل، فى صهصهت به، إذا قلت له: صه، صه (¬2). الحكم الرابع: فى حذف الياء. وهو على ضربين: مقيس وغير مقيس، والمقيس: لازم، وغير لازم. فالّلازم: إذا كانت الياء لاما ساكنة، وانكسر ما قبلها، ولقيها ساكن، أو دخل عليها جازم، نحو: يرمى الناس، ولم يرم زيد. وغير اللازم: كالفواصل والقوافى، نحو قوله تعالى:" وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ" (¬3) و" الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ" (¬4)، يريد: يسرى، والمتعالي، وكقول الشاعر: أبلغ النّعمان عنّى مألكا … أنّه قد طال حبسي وانتظار (¬5) ينشد بحذف الياء وإثباتها. وأمّا غير المقيس فقد حذفت لاما، نحو: يد، ودم؛ لأنّ أصلهما يدى، ودمى (¬6). ¬
ونحو مائة ورئة (¬1)، وقد حذفوها فى الشّعر كثيرا؛ استغناء عنها بالكسر، كقوله: وكحّل العينين بالعواور (¬2) يريد العواوير. وكقوله: ¬
الحرف الرابع: الواو ... ولها أربعة أحكام
كنواح ريش حمامة نجديّة (¬1) يريد كنواحى. الحرف الرابع: الواو ... ولها أربعة أحكام: الحكم الأوّل: فى أصليّتها. وتقع فيه فاء وعينا ولاما، فى الاسم والفعل، فالفاء، نحو: وعد، ووعد، والعين، نحو: ثوب ولوى، والّلام، نحو: غزو وغزوت، وقد جاءت فى الحرف، نحو: لو، وأو، وليس فى كلامهم اسم، لامه [واو] (¬2) ¬
الحكم الثانى: في زيادتها.
مضموم ما قبلها، فإن أدّى إلى ذلك قياس، قلبت ياء، نحو: أدل فى جمع دلو (¬1)، الأصل: أدلو. الحكم الثانى: في زيادتها. ولا تزاد أوّلا (¬2)، فأمّا قولهم: ورنتل (¬3)، فالواو (¬4) فيه أصل (¬5)، والنون زائدة، كنون جحنفل، ومتى كانت في كلمة فيها ثلاثة أحرف أصول غيرها، فهى زائدة؛ لكثرة ذلك، ومواضع زيادتها أربعة: تزاد ثانية، نحو: كوثر وحوقل، وثالثة، نحو: جدول وجهور، ورابعة، نحو: كنهور واخروّط، وخامسة، نحو: قمحدوة (¬6)، ودواعى زيادتها كثيرة: زيدت للمعنى كواو الجمع السّالم، نحو: الزيدون (¬7)، وضمير الجماعة، نحو: يقومون، وللجمع مجرّدة من الضمير، نحو: أكلوني البراغيث (¬8)، وللمد، كعجوز، وللإلحاق ¬
كجوهر، وللإشباع، كقوله: وأنّنى حيثما يشرى الهوى بصرى … من حيثما سلكوا أدنو فأنظور (¬1) يريد: فأنظر، وللإطلاق فى القوافى، كقوله: فليس إلى حسن الثّناء سبيلو (¬2) وزادوها بعد هاء الإضمار وميمه نحو: ضربتهو، وضربتهمو (¬3). ¬
الحكم الثالث: في إبدالها.
الحكم الثالث: في إبدالها. وقد أبدلت من ثلاثة أحرف، وهى: الهمزة/، والألف، والياء (¬1). أمّا الهمزة فأبدلت منها ساكنة، ومتحرّكة: أصلا، وبدلا، وزائدة (1)، أمّا الساكنة فعلى (¬2) ضربين: لازم، وغير لازم، فالّلازم إذا كانت قبلها همزة مضمومة، نحو: أومن، وغير اللازم إذا انّضمّ ما قبلها ولم تكن، همزة: نحو جونة ولوم (¬3). وأمّا المتحركة فإذا انفتحت وانضم ما قبلها، نحو: جون، ورجل سولة، ونحو قولهم فى، هو يضرب أباك: يضرب وباك، فالواو هاهنا خالصة ليس فيها شيء، من بقيّة الهمزة (¬4)، وعليه قرأ أبو عمرو (السّفهاء ولا أنّهم (¬5). وقد أبدلوها من الهمزة المبدلة من ألف التأنيث فى التثنية والنسب وجمع المؤنث، نحو: حمراوين، وحمراوات، وحمراوىّ (¬6). وأبدلوها من الهمزة المبدلة من حرف أصلىّ أو زائد، فالأصليّ، نحو: كساوين وكساوىّ، والزائد، نحو: علباوين، وعلباوىّ، وقد أوضحنا هذا فى النّسب (¬7)، وقالوا فى: هو يملك أحد عشر ¬
درهما: هو يملك وحد عشر (¬1)، وقالوا فى هذا غلام أحمد: غلام وحمد (¬2). وأمّا الألف فأبدلت منها: أصلا، وبدلا، وزائدة، فالأصليّة كقولك فى تثنية" إلى"، و" إذا"،" ولدى"، إذا سمّيت بها: إلوان، وإذوان، ولدوان (¬3)، والبدليّة كقولك فى تصغير آدم وآخر وجمعهما أويدم، وأويخر، وأوادم، وأواخر (¬4)، وكالإضافة إلى عصا وفتى: عصوى، وفتوىّ (¬5). والزائدة كألف فاعل، وفاعول، وفاعال، إذا صغّرته أو جمعته، فتقول فى ضارب وعاقول وساباط (¬6): ضويرب، وعويقيل، وسويبيط، وضوارب وعواقل، وسوابط (¬7)، ومنه إذا بنيت ما لم يسمّ فاعله من فاعل وتفاعل، نحو: ضورب، وتضورب (¬8)، وقد أبدلوا منها فى الوقف عند بعضهم فى: أفعى وحبلى، قالوا: أفعو، وحبلو (¬9). وأمّا الياء فأبدلت منها: أصلا، ومبدلة، وزائدة، فاء، وعينا، ولاما ¬
أمّا الفاء فإذا سكنت وانضم ما قبلها، نحو: موقن، وموسر، ويوقن، ويوسر، من أيقن وأيسر، وهذا مطّرد فى كلّ ياء مفردة ساكنة قبلها ضمّة (¬1). وأمّا العين ففى فعلى بالضمّ، نحو: الكوسى، والطوبى، من الكيس والطّيب (1)، فقلبت واوا؛ لضمّة الفاء، فإن كانت فعلى صفة وليس لها أفعل، كسروا فاءها؛ لتصحّ الياء كقوله تعالى:" قِسْمَةٌ ضِيزى " (¬2)، وكقولك: امرأة حيكى، من حاكت فى مشيها (¬3)، قال سيبويه (¬4): إنّ ضيزى: فعلى، وكسرت؛ للفرق بين الاسم والصفة. وأما اللام ففى فعلى بالفتح إذا كان اسما، نحو: شروى (¬5) وتقوى وفتوى، أصلها من شريت ووقيت، وأفتيت (¬6)، فإن كانت صفة لم تغيّر الياء، نحو: ريّا، وصديا؛ للفرق (¬7) وفى مثل النسب إلى عم وشج: ¬
الحكم الرابع فى حذفها
عموىّ، وشجوى (¬1)، وقد أبدلوها فى فتوّ وفتوّة، شاذا؛ فإنّ قياسه فتىّ كجثىّ وفتيّة (¬2)، ولكنّهم قلبوها واوا؛ لأنّ أكثر ما جاء من المصادر على هذا الوزن (¬3)، من ذوات الواو، كالأبوّة والأخوّة، فحملوا الفتوّة عليه (¬4). وقد أبدلوها من الياء وهى مبدلة، كما إذا أخرجت مصدر فاعلت على أصله قلت: فيعال، فإذا سمّيت به وصغّرته قلت: ضويريب (¬5). وقد أبدلوها منها وهى زائدة كقولك فى: بيطر وسيطر، إذا بنيته لما لم يسمّ فاعله: بوطر، وسوطر (¬6). الحكم الرابع فى حذفها: وتحذف الواو على ضربين: مقيس، وغير مقيس. فالمقيس: أن تكون فاء للفعل، ويكون مضارعه مكسور العين، نحو: يعد ويزن. الأصل: يوعد ويوزن (¬7)، أو تكون لاما للفعل ساكنة، ويدخلها ¬
الحرف الخامس: الميم ... ولها ثلاثة أحكام
الجازم، نحو: لم يغز أو تلتقى ساكنة قبلها ضمّة [مع ساكن آخر (¬1)] نحو: يغزو القوم. وأمّا غير المقيس، فنحو: أب وأخ، وغد، والأصل فيها: أبو، وأخو، وغدو (¬2). الحرف الخامس: الميم (¬3) ... ولها ثلاثة أحكام: الحكم الأول: فى أصليّتها. ويقع فيها فاء، وعينا، ولاما، [اسما، وفعلا] (¬4). فالفاء، نحو: منح، ومنح، والعين، نحو: لمس، ولمس، واللّام، نحو: كلم، وكلم، وتدخل فى الحرف، نحو: من، ولم، ولما، فإذا كانت فى أول كلمة وبعدها أربعة أحرف أصول، وليست الكلمة جارية على الفعل، فهى أصل، نحو: مرزجوش (¬5)، لو ورد عربيّا، كانت ميمه فاء، ووزنه فعللول، مثل: عضر فوط (¬6)، وكذلك ميم منجنيق ومنجنون (¬7). فأمّا ميم مهدد فأصل؛ لأنّها لو كانت زائدة أدغمت، فقيل: مهدّ، كما قيل: مردّ (¬8)، وأمّا محبب، فلم يدغم؛ لأنّه علم، والأعلام قد تخالف ¬
الحكم الثانى: فى زيادتها.
الأصول كثيرا (¬1). الحكم الثانى: فى زيادتها. محلّ زيادتها الغالب أوّل الكلمة، فإذا كان بعدها ثلاثة أصول فهى زائدة (¬2) نحو: مشهد، إلّا أن يثبت أنّها أصل نحو: مهدد (¬3)، وكذلك هى زائدة فى اسم الفاعل والمفعول، والمصادر، وأسماء الزمان والمكان والآلة (¬4)، [نحو: مكرم (¬5)] ومكرم، ومقتل، ومضرب النّاقة، ومجلس، ومأسدة، ومفتاح، ولا تزاد حشوا إلّا بثبت (¬6)، نحو: دلامص (¬7) من الدّليص (¬8)، وهو: البريق، ومثله قمارص، من القرص (¬9)، وهرماس من الهرس (¬10)، وزادوها آخرا قليلا، نحو: ¬
الحكم الثالث: فى إبدالها.
شدقم (¬1)، وشجعم (¬2)، وزرقم، وستهم (¬3)، ودلقم (¬4)، وزادوها فى اللهمّ، والغالب على زيادة الميم الأسماء، ولا تزاد فى الأفعال إلا شاذا قالوا (¬5): تمسكن وتمدرع، وتمندل، وتمنطق، ومخرق (¬6)، وحكى ابن الأعرابىّ: مرحبك الله ومسهلك (¬7)، وهذا كله لا يقاس عليه. الحكم الثالث: فى إبدالها. وأبدلت من أربعة أحرف، وهى: النّون، واللّام، والواو، والياء (¬8). ¬
أمّا النّون فهو إبدال مطّرد فى كلّ نون ساكنة وقعت بعدها باء، تقلب فى اللفظ ميما، نحو: عنبر ومنبر، وشنباء (¬1)، وعن بكر (¬2)، فإن تحركت النون ظهرت، نحو: شنب، وعنب (¬3)، وقد جاء لرؤبة: وكفّك المخضّب البنام (¬4) يريد البنان، وقد جمعوا بينهما فى القافية؛ لقرب المخرج. وأمّا اللّام فما روى عن النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: (ليس من امبرّ أمصيام (¬5) فى امسفر (¬6) يريد: ليس من البر الصيام فى السفر، فأبدل لام المعرفة ميما [وهو شاذ (¬7)] لا يقاس عليه (¬8)، وقيل: ¬
إنّها لغة طيّئ (¬1). وأما الواو فلم ترد إلّا فى فم (¬2)، أصله فوه (¬3)، فحذفت الهاء تخفيفا (¬4) وأبدل من الواو ميم، لقرب أحدهما من الآخر (¬5)، فإذا تصرفوا فيها أعادوها إلى الأصل، فقالوا: تفوّهت، وأفوه، ومفوّه، وأفواه وفويه (¬6)، ولم يقولوا: تفمّمت، وأفمّ [ومفمّم (¬7)] وأفمام، وفميم (¬8) وقالوا فى التثنية: فمان، وفموان (¬9). وأمّا الباء فحكى الأصمعىّ: يقال: بنات مخر، وبنات بخر، وهنّ سحائب بيض يأتين قبل الصيف (¬10)، وقالوا (¬11): ما زلت راتما على هذا، ¬
الحرف السادس: النون: ولها أربعة أحكام
وراتبا، أى: مقيما، وقال الفارسىّ (¬1): يقال (¬2): رأيته من كثب وكثم، فهذا كله شاذّ، وجائز ألّا تكون مبدلة منها (¬3)، وتكون لغة (¬4). الحرف السادس: النون: ولها أربعة أحكام: الحكم الأول: فى أصليتها وتقع فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما، وفعلا [وحرفا (¬5)]، فالفاء نحو: ندب وندب والعين (¬6) نحو: غنم، وغنم، واللام نحو حزن، وحزن، وتقع فى الحرف نحو: إنّ ومنذ. ومتى وقعت فى اسم على مثال الأصول ولم يذهبها اشتقاق، فهى أصل، نحو: نهشل. الحكم الثّانى: في زيادتها: وتزاد فى الأسماء والأفعال، أمّا الأسماء فتزاد فيها أوّلا، وثانية، وثالثة، ورابعة، وخامسة، وسادسة، وسابعة (¬7). ¬
فالأوّل: إذا لم تكن الكلمة على مثال الأصول، أو أذهبها الاشتقاق (¬1)، نحو: نرجس (¬2)، وكقولهم (¬3): نفاطير (¬4)، ونخاريب (¬5) ونباذير (¬6)؛ لقولهم: فطره، وخرّبه، وبذّره. الثّانى: نحو: عنبس، وخنفس، وقنفخر. الثّالث: وهو محل زيادتها إذا كان بعدها حرفان، نحو: جحنفل، وقلنسوة. الرّابع: نحو: رعشن وضيفن من الرّعش والضيف (¬7)، ونحو: عفرنى، وبلهنية. الخامس: نحو: سكران وغضبان. السّادس: نحو زعفران وجلجلان (¬8). ¬
السّابع: نحو عبوثران، وقرعبلانة. وأمّا الأفعال فزادوها فى أوائل المضارعة، نحو: نضرب، وعلامة للرّفع فى الأفعال الخمسة، نحو: يضربان، ويضربون، وتضربين، وضميرا للمؤنث، نحو: الهندات قمن (¬1) ويقمن، وعلامة لجمع المؤنّث، نحو: يضربن الهندات وعليه قوله: بحوران يعصرن السّليط أقاربه (¬2) ولمطاوعة فعل، غالبا، نحو: كسرته فانكسر، وقطعته فانقطع، وللتّأكيد: ثقيلة، وخفيفة، كقوله تعالى:" لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ" (¬3)، ولبناء الكلمة نحو: احرنجم، وما ألحق به، كاقعنسس، وقد زادوها فى الاسم؛ عوضا من الحركة والتنوين، فى التثنية والجمع، نحو: ¬
الحكم الثالث: فى إبدالها.
الزيدان والزيدون (¬1)، وعلامة للصّرف، وهو التنوين فى: رجل (¬2)، وأكثر زيادتها فى الجمع، نحو: غربان، وجربان، وفى المصدر، نحو: النّزوان، وفى الصّفة، نحو: غضبان (¬3)، وإذا كانت النون ثالثة [فاحكم بزيادتها (¬4)] إلّا أن يقوم دليل على أصليّتها (¬5). الحكم الثالث: فى إبدالها. وقد أبدلت من حرف واحد عند الخليل وسيبويه، وهو الهمزة فى فعلان فعلى (¬6)، نحو: سكران وغضبان، الأصل عندهما: سكراء، وغضباء، كحمراء، فأبدلوا من الهمزة نونا، فقالوا: سكران، قال المبرّد: (رأينا العرب تقول فى النسب إلى صنعاء وبهراء: صنعانىّ، وبهرانىّ، فيجعلون مكان حرف التأنيث نونا) (¬7)، وحذّاق النّحاة (¬8) يقولون إنّ النون بدل من الواو المبدلة من همزة التّأنيث، كأنّ ¬
الحكم الرابع: فى حذفها.
الأصل: صنعاوىّ وبهراوىّ حكاه ابن جنى فى سرّ الصناعة (¬1). وقد أبدلوها شاذّا من الّلام، قالوا: لعنّ، بمعنى لعلّ (¬2)، وقالوا: تلنّة، للحاجة (¬3)، وأصلها: تللّة. الحكم الرابع: فى حذفها. وقد حذفت على ضربين: مقيس وغير مقيس. أمّا المقيس فحذفت فى الأفعال (¬4) الخمسة؛ للجزم والنّصب، نحو: لم يضربا، ولن يضربا، وللإضافة فى التّثنية والجمع، نحو: غلاما زيد، وضاربو عمرو، وللطّول نحو: الضّاربا زيدا [يريدون (¬5)]: الضاربان، ومنه قوله: أبنى كليب إنّ عمّيّ اللّذا (¬6) ¬
وقوله: فبتّ أساقى الموت إخوتى الّذى (¬1) يريد اللّذان والّذين. وللساكن (¬2) بعد نون التوكيد الخفيفة، نحو: اضرب الرجل، يريد: اضربن. وأمّا غير المقيس فقد حذفت عينا فى" مذ"، أصلها عندهم: " منذ" (¬3)، وحذفت لاما، قالوا: دد، فى ددن (¬4)، وحذفت فى الفعل فى قوله: لم يك (¬5). وحذفت من الحرف إذا لقيها ساكن، نحو: ملكذب (¬6)، يريدون: من الكذب. ¬
الحرف السابع: التاء: ولها أربعة أحكام.
وحذفت من إنّ؛ تخفيفا وألزم خبرها اللّام، كقوله تعالى:" وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً (¬1) " وحذفت من أنّ، وألزم خبرها السّين أو سوف، أو حرف النّفى، كقوله تعالى:" عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى " (¬2)،" وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ" (¬3). الحرف السابع: التاء: ولها أربعة أحكام. الحكم الأوّل: في أصليّتها: وتقع فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما، وفعلا، فالفاء، نحو: تمّ (¬4)، وتمّ، والعين، نحو: ستر، وستر، واللام نحو نبت ونبت، ومتى كانت فى كلمة على وزن الأصول، أو لم يذهبها الاشتقاق فهى أصل (¬5)، نحو: عنتر؛ لأنّها بإزاء فاء جعفر، ومثل فرتاج (¬6)؛ لأنّها بإزاء دال سرداح (¬7). الحكم الثانى: فى زيادتها: وتزاد فى الأسماء والأفعال والمصادر أوّلا وآخرا. أمّا الأوّل فإذا كانت ¬
فى أوّل اسم بعدها ثلاثة أحرف أصول، وهو بها على غير زنة الأصل، أو أذهبها الاشتقاق فهى زائدة، نحو: ترتب (¬1)، وتتفل (¬2)، وتنضب (¬3) وتجفاف (¬4). أما ترتب فزيادتها عند سيبويه؛ لأنّها ليست على مثال الأصول (¬5)، والأخفش يعتقد زيادتها بالاشتقاق؛ لأنّها من الرّتوب (¬6)، وتجفاف، لولا الاشتقاق لكانت أصليّة (¬7)، وإذا كانت فى أوّل الفعل المضارع للمذكّر والمؤنّث، نحو: أنت تقوم، وهى تقوم وأنت تقومين، وفى أوائل أفعال ماضية، وهى: تفاعل (¬8)، وتفعّل، وتفعلل وتفوعل [وتفعول (¬9)]، وتفيعل، وتفنعل، وتفعلى، وفي أوائل مصادرها وما تصرّف منها (¬10)، نحو: تضارب، وتقدّم، وتدحرج، وتجوهر، وتسرول ¬
وتبيطر، وتقنطر، وتسلقى، وفي مطاوع فعّل، ومصدره، نحو: كسّرته فتكسّر، وفى استفعل، ومصدره، نحو: استخرج استخراجا، وفى مصدر فعّل، نحو التقديم، وفى التّفعال، بالكسر، اسما، ومصدرا، نحو التّجفاف والتّبيان، وفى التفعال، بالفتح لا غير، نحو: التّسيار. وأمّا زيادتها آخرا فزادوها فى الاسم فى مواضع كثيرة، قد أتينا عليها مفصّلة في باب المذكّر والمؤنّث (¬1)، نحو: قائمة، وامرأة، وتمرة وغرفة، وبقرة، وعجوزة، وناقة، وصياقلة، ونسّابة، ومهالبة، وسبابجة وكماة، وفرازنة (¬2)، وهذه جميعها يوقف عليها بالهاء في اللّغة الفصحى (¬3)، ونحو: هندات، وقائمات، وملكوت، وعنكبوت، ويوقف عليها بالتّاء وسنبتة، وهو القطعة من الزّمان (¬4). وزادوها في آخر الفعل؛ علامة لتأنيث الفاعل، نحو: قامت هند، وزادوها في بعض الحروف، قالوا: ربّت، وثمّت، [ولات (¬5)]، ولم يزيدوها في حشو الكلمة، إلّا في افتعل وما تصرّف منها، نحو: افتقر افتقارا، وهو مفتقر، وبابه (¬6). ¬
الحكم الثالث: في إبدالها
الحكم الثالث: في إبدالها: وقد أبدلت من ستّة أحرف، وهى: الواو، والياء، والسين، والدّال والصّاد، والطّاء، أمّا الواو فعلى ضربين: مقيس، وغير مقيس، فالمقيس إذا بنيت افتعل ممّا فاؤه واو قلبت تاء، وأدغمتها في تاء افتعل الّتي بعدها، نحو: اتّعد، واتّزن، واتّصف، من الوعد، والوزن، الوصف وكذلك ما تصرّف من هذا البناء، نحو يتّعد، واتّعد، واتّعاد (¬1). ومن العرب من أهل الحجاز من لا يبدلها تاء (¬2)، فيقول: ايتعد، وايتزن، ويوتعد، ويوتزن، وموتعد، وموتزن، والأوّل أكثر (¬3). وأمّا غير المقيس فقولهم: تجاه، وتراث (¬4)، من الوجه والوراثة، ومثل تكأة، وتخمة وتكلة، وتهمة (¬5)، ومثل تترى، وتقوى، وتولج، وتلاد، وتوراة، كل هذه التاءات مبدلة من الواو، ولا يقاس عليها، ويسمع منها ما ورد، وقد أبدلوها منها وهى لام في أخت وبنت، وهنت، وكلتا، أصلها كلّها واو (¬6)، ¬
وأبدلوها من واو القسم في اسم الله تعالي، نحو: تالله (¬1). وأما الياء فأبدلت منها على ضربين: مقيس، وغير مقيس، فالمقيس إذا بنيت افتعل ممّا فاؤه ياء قلبتها تاء، كالواو، نحو: يئس، ويبس، ويسر، تقول فيه: اتّأس، واتّبس واتّسر، وكذلك ما تصرّف منها، نحو: يتّسر، واتّسر، ومتّسر، ومنهم من لا يقلبها - كما قلنا في الواو - (¬2) فيقول: ايتسر، ياتسر (¬3)، وموتسر. وأمّا غير المقيس فقولهم: ثنتان؛ لأنّه من: ثنيت، فإنّ الاثنين قد ثنى أحدهما على صاحبه، فأمّا تاء" اثنتان" فللتّأنيث بمنزلتها في ابنتان (¬4)، ونحو قولهم: كيت، وذيت قالوا (¬5): أصلهما: كيّه وذيّه (¬6) فحذفوا الهاء، وأبدلوا من الياء الآخرة تاء، فأمّا قولهم: أسنتنا، إذا أصابتهم السنة والقحط، فيجوز أن تكون التّاء بدلا من الواو؛ لأنّ أصل سنة: سنوة (¬7)، ويجوز أن تكون بدلا من الياء (¬8)؛ لأنّ كلّ ثلاثىّ إذا بني منه فعل على أربعة أحرف فصاعدا، صارت الواو فيه ياء (¬9)، نحو: أغزينا (¬10) فيكون ¬
الأصل فى أسنتنا: أسنينا، ثم أبدلوا من الواو تاء؛ للفرق بين قولهم: أسنينا، إذا دخلوا في السنة، كما يقال: أشهرنا، وبين قولهم: أسنتنا، إذا أصابتهم السّنة (¬1). وأمّا السّين فقالوا: ستّ، وستّة، وأصله سدس؛ لأنّه من التّسديس، وتحقيرها سديسة، وجمعها أسداس، فلمّا قلبوها تاء اجتمعت مع الدال الساكنة فأدغموها فيها (¬2)، وقالوا في طسّ: طست (¬3)؛ لقولهم في الجمع والتّحقير: طسوس، وطسيسة. وقد أبدلوها منها، فيما أنشده ثعلب: يا قاتل الله بني السّعلات … عمرو بن يربوع شرار النّات غير أعفّاء ولا أكيات (¬4) ¬
يريد: الناس وأكياس. وأمّا الدّال فقالوا: ناقة دربوت، وتربوت، وهي فعلوت من الدّربة (¬1) أي: مذلّلة (¬2). وأمّا الصّاد فقالوا في لصّ: لصت، وأثبتوها في الجمع مبدلة (¬3)، قال: فتركن نهدا عيّلا أبناؤها … وبني كنانة كاللّصوت المرّد (¬4) يريد اللّصوص. وأمّا الطاء فقالوا في فسطاط: فستاط، وقالوا في الجمع: فساطيط، على الأصل (¬5)، وقالوا: أستاع، يستيع، في أسطاع يسطيع (¬6)، فأمّا الذّعالت والذّعالب بالتاء والباء وهي الأخلاق (¬7) ¬
الحكم الرابع: في حذفها
فلغتان (¬1)، وقال ابن جنّي: (غير بعيد أن تكون التاء بدلا من الباء) (¬2). الحكم الرابع: في حذفها: وقد حذفت في قولهم: سة؛ لأنّ الأصل: ستة (¬3)، فحذفت العين، وأثبتت اللّام ولم يلحقوها همزة، وقد حذفت لامها وأثبتت عينها، وزادوا في أوّلها همزة، فقالوا: است (¬4) ولم تحذف في غيرها. الحرف الثامن: الهاء ولها أربعة أحكام: الحكم الأول: في أصليتها: وتقع فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما، وفعلا، فالفاء، نحو: هرب، وهرب، والعين، نحو: قهر وقهر، واللام، نحو: شره وشره. وتدخل في الحرف نحو: هل. الحكم الثاني: في زيادتها: وتزاد على ضربين: مقيس، وغير مقيس، فالمقيس في الوقف؛ لبيان حركة أو حرف، وهو على ضربين: لازم، وغير لازم، فاللّازم فعل الأمر ممّا حذفت فاؤه ولامه (¬5)، نحو: قه، وعه، من: وقى ووعى. وأمّا غير اللّازم ¬
فنحو: الأمر مما حذفت لامه، تقول: اغزه، وارمه، واخشه (¬1) و" اقْتَدِهْ" (¬2) ونحو" مالِيَهْ" (¬3) و" كِتابِيَهْ" (¬4) و" حِسابِيَهْ" (¬5)، ونحو: لمه، وفيمه، وعمّه، ونحو: يا زيداه، وو انقطاع ظهريه (¬6)، وكقوله: أكس بنيّاتي وأمّهنّه (¬7) وأكثر ما تبين بها الحركة المفتوحة. وأما غير المقيس فزيدت أولا عند الخليل (¬8) والأخفش (¬9)، نحو: هجرع (¬10) وهبلع (¬11)، جعلاها من الجرع والبلع، ونحو: هركولة (¬12)، من ¬
الحكم الثالث: في إبدالها.
الرّكل في المشي (¬1). وزادوها ثانية في: أهرقت؛ عوضا من سكون عين الفعل؛ لأنّها من: أراق يريق (¬2)، وزادوها رابعة في: أمّهات (¬3)، وقوم يجعلونها أصليّة (¬4). الحكم الثالث: في إبدالها. وقد أبدلت من خمسة أحرف: الهمزة، والألف، والياء، والواو والتاء (¬5). أمّا الهمزة فأبدلت منها أصلا وزائدة، فالأصل، قولهم: هيّاك في إيّاك (¬6)، وقالوا: هنّك قائم، يريدون: إنّك (¬7)، وقرأ ¬
بعضهم (¬1):" طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى " (¬2) بسكون الهاء، قالوا (¬3): المعنى طأ بقدميك الأرض، فأبدل من الهمزة هاء، وقالوا [للصّبا (¬4)]: هير وإير (¬5)، وقيل: هما أصلان (¬6)، وقالوا (¬7): هيا أبه، في أيا أبه (¬8)، وهما والله في:" أما والله" (¬9). وأمّا الزائدة فقولهم في أرقت: هرقت (¬10)، وفي أنرت الثوب (¬11): ¬
هنرته، وفي أرحت الدّابّة: هرحتها (¬1)، وهزيد منطلق، في: أزيد منطلق (¬2)، وكقولك: هأنت زيد؟ تريد أنت زيد؟ (¬3)، وأنشد سيبويه (¬4): وأتى صواحبها فقلن: هذا الّذي … منح المودّة غيرنا وجفانا؟ تقديره: أذا الّذي؟. وقالوا (¬5): هردت الشيئ فأنا هريده، في أردته، أريده. وأمّا الألف فأبدلوها في قولهم: ¬
من هاهنا، ومن هنه (¬1) أي ومن هنا. وقالوا: في الوقف على أنا: أنه، وقيل: إن الهاء ألحقت؛ لبيان حركة النون، كما ألحقت لها الألف (¬2). وأمّا الياء فقالوا في هذي: هذه (¬3)، وفي تصغير هنة: هنيهة (¬4)؛ لأنّ أصلها هنيوة (¬5). وأمّا الواو فقولهم: هناه (¬6)؛ لأنّ لام الكلمة الّتي هي في هنوات قلبت ألفا ثمّ قلبت الألف هاء، وقيل: إنّما الهاء مبدلة من الواو نفسها؛ لأنّ أصلها (¬7) هناو (¬8). وأمّا ¬
الحكم الرابع: في حذفها
التّاء ففى الوقف على نحو: قائمة، وجوزة، وحمزة، إذا وصلت كانت تاء، وإذا وقفت كانت هاء (¬1)، فأمّا التّابوه، في التّابوت، فلغة، وطيّء يقولون: كيف البنون والبناه والإخوة والأخواه؟ (¬2). الحكم الرابع: في حذفها: وقد حذفوها لاما في: فم وشفة وشاة، الأصل فيها: فوه وشوهة وشفهة، وكذلك فى عضة، عند من جعلها من العضه: البهت، فهي عضهة (¬3). الحرف التاسع: السين، ولها ثلاثة أحكام: الحكم الأوّل: في أصليّتها: وتقع فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما، وفعلا، فالفاء نحو: سلم وسلم، والعين نحو: حسن وحسن، واللّام نحو: لمس ولمس، وتدخل في الحرف نحو: سوف. الحكم الثاني: في زيادتها: وهي في استفعل وما تصرّف منه (¬4)، نحو استخرج يستخرج استخراجا، فهو مستخرج ومستخرج، فأمّا (¬5) قولهم:" استخذ فلان أرضا" ففيه وجهان: (¬6) ¬
أحدهما: [أن يكون (¬1)] من اتّخذ، ثمّ أبدلوها من التّاء الأولى الّتي هي فاء افتعل من" تخذ" الّتي في قوله تعالى:" لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً" (¬2) كما أبدلوا التّاء من السّين في: ستّ، معاوضة. الثانى: أن يكون أراد: استتخذ، أي: استفعل، فحذفت التّاء الثانية الّتي هي فاء الفعل، وليست من: أخذ في شيء، وأمّا قولهم: أسطاع يسطيع، فذهب سيبويه (¬3) إلى أنّ أصله: أطاع يطيع، وأنّ السين زيدت عوضا من سكون عين الفعل، وذلك أنّ أطاع (¬4) أصله: أطوع، فنقلت فتحة الواو إلى الطاء، فصار التقدير: أطوع، فانقلبت الواو ألفا؛ لتحركها، وانفتاح ما قبلها (¬5)، وقد أخذ المبرد ذلك عليه (¬6). ومن ¬
الحكم الثالث: البدل
العرب من يزيد على كاف المؤنث سينا لتبين كسرة الكاف ويقولون: مررت بكس ورأيتكس أى بك، ورأيتك (¬1)، فإذا وصلوا حذفوها. الحكم الثّالث: البدل: قالوا: رجل مسدوه الفؤاد، في مشدوه (¬2) وهو شاذّ، وليس للسّين في الحذف حظّ. الحرف العاشر: اللام: ولها ثلاثة أحكام: الحكم الأوّل: في أصليّتها: وتكون فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما، وفعلا، فالفاء نحو: لبس ولبس، والعين نحو: حلم وحلم، واللام نحو: شغل وشغل، وتدخل في الحرف، نحو: لم وبل. الحكم الثاني: في زيادتها، وهي على ضربين (¬3): الأول: أن تبني مع الكلمة، نحو: ذلك، وألالك، وهنالك، ونحو: ¬
عبدل (¬1)، وزيدل (¬2)، وفيشلة (¬3)، وقالوا للأفحج (¬4): فحجل (¬5)، وللهيق (¬6) هيقل (¬7)، وللطّيس (¬8): طيسل (¬9)، فاللّام لم تزد ما دخلت عليه من هذه الألفاظ معنى، وقيل: إنّها في ذلك وهنالك وأولالك، زادت المشار إليه بعدا (¬10). ¬
الحكم الثالث: في إبدالها.
الضرب الثاني: أن لا تبنى مع الكلمة، وتقع فى الاسم، والفعل، والحرف. أمّا الاسم فكلام الجرّ، والإضافة، والتّعريف، والتّوكيد، والقسم وأمّا الفعل فكلام الأمر، والقسم، والتّوكيد، وأمّا الحرف فقالوا: إنّ اللام الأولى من: لعلّ، زائدة؛ للتوكيد وإنّما هو: علّ (¬1). الحكم الثالث: في إبدالها. وقد أبدلوها من النون في أصيلان قالوا: أصيلال (¬2)، تصغير أصيل (¬3)، ومن الضاد قالوا في، اضطجع: الطجع (¬4)، وقالوا فيه: اضطجع واضّجع (¬5). وسيجيء مبيّنا في الإدغام إن شاء الله (¬6). ¬
الحرف الحادى عشر: الجيم: ولها حكمان
الحرف الحادى عشر: الجيم: ولها حكمان: الحكم الأول: في أصليّتها: وتكون فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما، وفعلا، فالفاء، نحو: جري وجري، والعين، نحو: هجر وهجر، واللّام، نحو: درج ودرج، ويدخل الحرف في جير. الحكم الثاني: في إبدالها. وقد أبدلوها من الياء إبدالا غير مقيس، خفيفة، وثقيلة، أمّا الخفيفة فعلي ضربين: ساكنة ومتحركة، فالساكنة قالوا: حجّتج، في حجّتي، قال: يا ربّ إن كنت قبلت حجّتج … فلا يزال شاحج يأتيك بج أقمر نهّات ينزّي وفرتج (¬1) يريد حجّتي، وبي، ووفرتي. ¬
وأمّا المتحرّكة، فقالوا: حتّى إذا ما أمسجت وأمسجا (¬1) يريدون (¬2) أمست وأمسى، الأصل: أمسيت وأمسي (¬3). وأمّا الياء الثقيلة ففي الوقف، قال أبو عمرو (¬4): قلت لرجل من بني حنظلة: ممّن أنت؟ فقال: فقيمجّ، فقلت: من أيّهم؟ فقال: مرّج، يريد: فقيميّ، ومرّيّ (¬5) وقد أجرى الوصل مجرى الوقف، قال: خالي عويف وأبو علجّ … المطعمان اللّحم بالعشجّ ¬
الحرف الثانى عشر: الطاء: ولها ثلاثة أحكام
وبالغداة كسر البرنجّ (¬1) يريد: أبو عليّ والعشىّ والبرنيّ، وليس للجيم في الزيادة والحذف حظ. الحرف الثانى عشر: الطاء: ولها ثلاثة أحكام: الحكم الأول: في أصليّتها: وتكون فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما، وفعلا، فالفاء، نحو: طلب وطلب، والعين، نحو: بطل وبطل، واللّام، نحو: غلط وغلط. الحكم الثانى: فى إبدالها: وقد أبدلت من التّاء لا غير، وذلك في كلّ فعل فاؤه حرف ¬
الحكم الثالث: في حذفها
مطبق، كالصّاد، والضّاد، والطاء والظاء، وإذا بنيت منه افتعل تقول: اصطلم، واضطرب واطّرد واظطلم، الأصل: اصتلم، واضترب، واطتلم واظتلم (¬1)، وكذلك أبدلت منها في فعلت إذا كان بعده حرف مطبق، نحو: فحصط برجلي، وخبطّ بيدي، وهي لغة بعض بني تميم (¬2)، وسيجيء هذا مستقصى في الإدغام (¬3). الحكم الثالث: في حذفها: وقد حذفوا إحدى الطّائين من قطّ، المشددة، فقالوا: قط (¬4)، ولم يرد سواها، وليس لها في الزّيادة حظّ. الحرف الثالث عشر الصاد: ولها حكمان: الحكم الأول: في أصليّتها. وتكون فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما، وفعلا، فالفاء، نحو: صرف وصرف، والعين نحو: نصر ونصر، واللام، نحو: حرص وحرص. الحكم الثاني: في إبدالها: وقد أبدلت من السّين إذا كان بعدها أحد أربعة أحرف، وهي: الطاء، والخاء، والغين، والقاف (¬5). ولك في الإبدال الخيار، وكلّما قربن ¬
الحرف الرابع عشر: الزاي: ولها حكمان
منها كان البدل أحسن، نحو: السّراط والصّراط، وسالخ وصالخ، وسالغ وصالغ، وسقر وصقر، فإن كانت هذه الأحرف قبلها لم تبدل، نحو: طامس وخامس، وغارس وقابس، وأمّا قول طفيل الغنويّ: بهاد رفيع يقهر الخيل صلهب (¬1) فيجوز أن تكون الصاد فيه بدلا من سين سلهب، ويجوز أن تكون لغة (¬2). وليس للصاد في الزيادة والحذف حطّ. الحرف الرابع عشر: الزاي: ولها حكمان: الحكم الأول: في أصليّتها وتكون فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما وفعلا، فالفاء، نحو: زهر وزهر، والعين، نحو: حزر وحزر، واللام، نحو: جمز وجمز. الحكم الثّاني: في إبدالها: وقد أبدلت من السّين إذا كان بعدها حرف مطبق، نحو: ¬
الحرف الخامس عشر: الدال: ولها حكمان
الزّراط (¬1)، وأبدلت من الصّاد السّاكنة إذا كان بعدها دال، نحو: مزدر في مصدر (¬2)، وبعض العرب (¬3) يقلب السّين والصّاد مع القاف خاصّة زايا، فيقول في صقر: زقر (¬4)، وفي صدق: زدق (¬5)، ومن العرب من لا يخلصها في القلب، ولكن يجعلها بين الصّاد والزّاى، قال سيبويه (¬6): وهو أكثر وأعرف من الإبدال، فأمّا قولهم: شارب، بمعنى شاسب (¬7)، فليست بدلا وإنّما هى لغة (¬8). وليس للزّاي في الزّيادة والحذف حظّ. الحرف الخامس عشر: الدال: ولها حكمان: الحكم الأول: في أصليّتها. وتكون فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما، وفعلا، فالفاء، نحو: دفع وفع، والعين، نحو: قدر وقدر، واللام، نحو: وعد ووعد. ¬
الحكم الثاني: في إبدالها
الحكم الثّاني: في إبدالها: وقد أبدلت من التّاء، مقيسا، وغير مقيس، فالمقيس: من تاء" افتعل" إذا كانت فاؤه دالا، وذالا، وزايا (¬1)، نحو: ادّرى، وادكره (¬2)، وازدحم الأصل فيها: ادترى، واذتكر، وازتحم، وقد قلبوا تاء" افتعل" دالا مع الجيم في بعض اللّغات، نحو: اجدمعوا، في: اجتمعوا (¬3)، وبعض بني تميم إذا كانت الزّاى لاما قلبوا تاء" فعلت" دالا، قالوا: فزد، في: فزت (¬4). وأما غير المقيس: فقد أبدلوها من التاء في: تولج (¬5) فقالوا: دولج (¬6)، وقالوا في اذتكر: اذدكر (¬7) على الأصل ولم يدغموا (¬8)، وليس للدّال في الزيادة والحذف حظّ. ¬
الحرف السادس عشر: الخاء، ولها حكمان
الحرف السادس عشر: الخاء، ولها حكمان: الأول: في أصليّتها: وتكون فيه فاء، وعينا، ولاما، واسما، وفعلا، فالفاء، نحو: خبر وخبر، والعين نحو: فخر وفخر، واللّام، نحو: سلخ وسلخ. الثّانى: حذفها: وقد حذفت من: بخّ، مشدّدة، فقالوا: بخ (¬1)، وليس لها في الزيادة والبدل حظّ، فأمّا قولهم: خمص الجرح، في: حمص، إذا ذهب ورمه (¬2)، فليست فيه بدلا، وإنّما هما لغتان (¬3). الحرف السابع عشر: الحاء: ولها ثلاثة أحكام: وتكون فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما، وفعلا، فالفاء، نحو: حذر وحذر، والعين، نحو: سحر وسحر، واللام، نحو: سرح وسرح. الحكم الثّانى: في إبدالها: وقد أبدلت من الخاء فيما أنشده ابن الأعرابيّ (¬4). ينفخن منه لهبا منفوحا … لمعا يرى لا ذاكيا مقدوحا (¬5) ¬
أراد منفوخا، ومثله قول رؤبة: غمر الأجاريّ كريم السّنح … أبلج لم يولد بنجم الشّحّ (¬1) أراد السّنخ، وقد ذهب قوم من نحاة بغداد (¬2) إلى أن الحاء الثانية في: حثحثوا، بدل من الثاء الوسطى، الأصل فيه حثّثوا، وهو عند البصريين مردود (¬3). ¬
الحكم الثالث: في حذفها
الحكم الثالث: في حذفها: وقد حذفت في حر، قالوا: أصله: حرح، بدليل قولهم في جمعه: أحراح (¬1) وليس لها في الزيادة حظ. الحرف الثامن عشر: الفاء: ولها أربعة أحكام: الحكم الأول: في أصليتها: وتكون فيه فاء، وعينا، ولاما، اسما، وفعلا وحرفا، فالفاء، نحو: فخر وفخر، والعين، نحو: نفر ونفر، واللام، نحو: شرف وشرف، وفي الحرف في" سوف" [و" فى" (¬2)] الحكم الثاني: في زيادتها: ولا تزاد مصوغة في كلمة كحروف الزيادة العشرة، ولكنها تزاد خارجة عن الكلمة لمعنى، وغير معنى، فالمعنى كالعطف وجواب الشرط، وغير المعنى كقوله تعالى: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ (¬3) وكقول الشّاعر: ¬
الحكم الثالث: في إبدالها
وحتّى تركن العائدات يعدنه … يقلن: فلا تبعد، وقلت له ابعد (¬1) وقد جاءت في مواضع كثيرة زائدة لغير معنى (¬2). الحكم الثالث: في إبدالها: وقد أبدلوها من الثاء شاذا، قالوا في العطف: قام زيد فمّ عمرو، يريدون ثمّ (¬3)، وقالوا: جدث وجدف (¬4)، وقالوا في جمعه: ¬
الحكم الرابع: في حذفها.
أجداث، ولم يقولوا: أجداف (¬1)، وقالوا: العافور، في العاثور (¬2). الحكم الرابع: في حذفها. وقد حذفت من قولهم: أفّ مشدّدة (¬3)، ومن جواب الشرط مع إرادتها، كقوله: من يفعل الحسنات الله يشكرها (¬4) أى: فالله يشكرها. الحرف التاسع عشر: الباء، ولها ثلاثة أحكام: الأوّل: في أصليّتها. وتكون فيه فاء، وعينا، ولاما، واسما، وفعلا، فالفاء، نحو: ¬
الثاني: في إبدالها
بعث، وبعث، والعين، نحو: صبر، وصبر، واللّام، نحو: ضرب وضرب، وفي الحرف في" بل" و" ربّ" (¬1). الثاني: في إبدالها: وقد أبدلت من الميم شاذا، قالوا: بعكوكة، في معكوكة (¬2) من المعك: الشدّ (¬3) وبعضهم (¬4) يقول: باسمك؟ يريد: ما اسمك؟. الثالث: في حذفها: وقد حذفت من: ربّ المشدّدة (¬5)، قال: أزهير إن يشب القذال فإنّنى … رب هيضل مرس لففت بهيضل (¬6) ¬
وليس لها في الزيادة حظّ، إلّا إذا كانت حرف جرّ، نحو: مررت بزيد، وليس زيد بقائم، و" كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً" (¬1). ¬
الفصل الثالث في الاعتلال
الفصل الثالث في الاعتلال قد تقدم القول (¬1): أنّ حروف العلّة ثلاثة، وهي الألف والواو والياء، وجعلها ابن السراج أربعة، بإضافة الهمزة إليها (¬2)، ويدخلن الاسم، والفعل، والحرف، أمّا الاسم، فنحو: كتاب وسوط، وبيت، وأمّا الفعل، فنحو: قال وحوى ورمى، وأمّا الحرف، فنحو: لا، ولو، وكى، إلّا أنّ الألف تكون في الأسماء والأفعال زائدة، ومنقلبة (¬3) عن الواو والياء، ولا تكون فيهما أصلا، وهي في الحرف أصل لا غير؛ لكونها جوامد غير متصرّف فيها (¬4). وأمّا الواو والياء فيكونان في الاسم والفعل أصلين وزائدين ومنقلبين، وهما في الحروف أصل، وقد تقدّم ذلك في الفصل الثّاني (¬5) ¬
الفرع الأول في الأفعال المعتلة
فليقسم هذا الفصل إلى ثلاثة فروع: الفرع الأول في الأفعال المعتلّة وفيه ثمانية أصناف: الصنف الأوّل: في المعتل بالواو ولا تخلو أن تكون الواو: فاء، أو عينا، أو لاما. أمّا المعتلّ الفاء فإنّ فاءه تثبت، وتسقط، وتقلب؛ فثبوتها نحو: وعد، وسقوطها نحو: يعد، وقلبا نحو: أقّتت (¬1)؛ ولا تخلو أن تكون في: فعل، أو فعل، أو فعل. أمّا فعل فيلزم حذف فائه في المستقبل لوقوعها بين [ياء (¬2)] وكسرة، نحو: وعد يعد (¬3)، ووفد يفد، ويحمل باقى أحرف المضارعة على الياء، نحو: أعد، ونعد، وتعد، فأمّا وضع يضع، فتقدير مستقبله الكسر؛ ولذلك حذفت فاؤه، وإنّما فتح لحرف الحلق (¬4)، وأمّا فعل وفعل فثبت فاؤهما في المستقبل، نحو: وجل يوجل، ووضؤ يوضؤ (¬5)، فأمّا ولي ¬
يلى، ووثق يثق، وومق يمق فقليل (¬1) ومحمول على باب وعد. وأمّا وطئ يطأ، ووسع يسع، فحذفوا واوه؛ لأنّه في الأصل من فعل يفعل بالكسر، وإنّما فتح لحرف الحلق، فأجري على حكم أصله (¬2)، وفي هذا التّعليل نظر؛ لأنّ أصل فعل بالكسر أن يجيء مستقبله على يفعل، مفتوح العين (¬3). وأمّا وجع يوجع، فإنّ فتحته أصليّة بمنزلتها في يوجل، وهي في يسع عارضة (¬4)، وفي مضارع وجل أربع لغات: يوجل، وياجل، وييجل، وييجل (¬5) وليست على لغة من يقول: نعلم (¬6). وأمّا المعتلّ العين بالواو فإنّ عينه: تسلم وتعلّ، وتحذف، ولا تخلو أن تكون: في فعل أو فعل أو فعل (¬7). ¬
أما فعل، فيلزم مستقبله يفعل، بالضمّ (¬1)؛ لتصحّ الواو، وتنقل حركة العين إلى الفاء، نحو: يقوم ويقول، الأصل فيه: قول يقول (¬2)، فإن بنيت (¬3) ماضيه للمتكلّم، والمخاطب، وجماعة المؤنّث، نقلته إلى فعلت، بالضّمّ، وحذفت العين، نحو: قمت، وقمت، وقمن (¬4)، الأصل فيه: قومت، فنقلت ضمّة الواو إلى القاف، وحذفت الواو؛ لالتقائها ساكنة مع الميم (¬5). وأمّا فعل، فيلزم مستقبله يفعل، بالفتح (¬6)، نحو: خاف يخاف؛ لأنّ أصل خاف خوف، فقلبتّ الواو ألفا، وحمل مستقبله عليه، كما تقول: علم يعلم، ولا ينقلب هذا النوع مع المتكلّم والمخاطب والنّساء إلى وزن آخر، وإنّما تقول فيه: خفت (¬7). وأمّا فعل، فيلزم مستقبله يفعل، بالضّمّ كصحيحه (¬8)، نحو: طال يطول، كشرف يشرف، وأصل طال: طول، فقلبت واوه ألفا، ولم يقلب مستقبله؛ لأجل ضمّة الواو، ولكن نقلت إلى ما قبلها، ولا تنتقل إلى وزن آخر مع المتكلّم، والمخاطب والنساء، وإنّما تقول فيه: طلت، فإن أردت طال، المتعدّي نحو: طاولني فطلته أطوله، أى: ¬
غلبته في الطول، احتجت إلى النّقل؛ لتعدّيه، فإنّ فعلت، بضمّ العين لا يكون متعدّيا (¬1). وأمّا المعتل اللّام بالواو فإنّ لامه: تسلم، وتعلّ وتحذف (¬2)؛ ولا يخلو أن يكون: فعل أو فعل أو فعل. أمّا فعل، فيلزمه يفعل، بالضّمّ (¬3)، نحو: غزا يغزو؛ لأنّ أصله: غزو، مثل قتل يقتل. ويلزم واوه السكون في الرفع، ويفتح في النّصب، وتحذف في الجزم، وتنقلب ياء مع المتكلم، نحو: أغزيت (¬4). وأمّا فعل، بالكسر فيلزمه يفعل، بالفتح، نحو: شقي يشقي، ورضي يرضي (¬5)، أصله: شقو، ورضو، فقلبت الواو ياء؛ للكسرة قبلها. وأمّا فعل فيلزمه يفعل، كالصّحيح، قالوا: سرو، يسرو (¬6)، فهو سريّ، من السّرو: الشرف. وحكم واوه حكم واو يغزو، وأصل سريّ: سريو، فقلبت الواو ياء، وأدغمت. ¬
الصنف الثانى: في المعتل بالياء.
الصنف الثّانى: في المعتلّ بالياء. ولا تخلو أن تكون: فاء، أو عينا، أو لاما، أمّا المعتلّ الفاء، فلا يخلو أن يكون: في فعل أو فعل، وتبقى الياء فيهما على حالها، نحو: يسر ييسر، ويئس ييأس، ومنهم من قال: يايس (¬1) كما [قال] (¬2) في وجل: ياجل، ومنهم من قال: يئس بالكسر (¬3)، كما قال في ومق: يمق، والأكثر إثباتها. وأمّا (¬4) المعتلّ العين فلا يخلو أن يكون: في فعل أو فعل، ففعل، يلزم مستقبله يفعل، بالكسر، وتنقل حركة العين إلى الفاء، نحو: باع يبيع، الأصل فيه: بيع يبيع (¬5)، فإن بنيت ماضيه للمتكلم والمخاطب والنساء، نقلته إلى فعلت، بالكسر، نحو: بعت، وبعت، وبعن (¬6). وأمّا فعل، فهو كالمعتلّ بالواو، نحو هاب يهاب، كما قلنا: خاف ¬
يخاف، وأصله هيب يهيب، وحكمه في البناء للمتكلّم حكم بعت، وقد شذّ في لغة بعضهم، قالوا في كاد: كيد، وفي زال: زيل (¬1)، وهو من: كاد يكاد، وزال يزال. وأمّا المعتلّ اللام، فلا يخلو أن يكون: في فعل أو فعل، ففعل يلزمه يفعل، نحو: رمى يرمي، أصله: رمى يرمى، فأسكنت الياء؛ استثقالا للضّمّة، وتثبت ساكنة في الرّفع، وتفتح في النّصب، وتحذف في الجزم. وأمّا فعل، فيلزمه يفعل، نحو: عمي يعمي، أصله: يعمي، فقلبت الياء ألفا؛ لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ولا يدخل المعتلّ بالياء: فعل، يفعل، بالضّم، ولا المعتلّ بالواو: يفعل، بالكسر (¬2)، وزعم الخليل في طاح، يطيح، وتاه يتيه أنّهما كحسب يحسب، وهما من الواو؛ لقولهم: طوّحت، وتوّهت، وهو أطوح منه، وأتوه منه (¬3)، ومن قال: طيّحت وتيّهت، فهما على باب يبيع (¬4)، وأمّا متّ تموت، فشاذ، كما قالوا: كدت تكاد، بضمّ الكاف في عكسه (¬5). ¬
الصنف الثالث: إذا بنيت افتعل من المعتل بالواو والياء
الصنف الثالث: إذا بنيت افتعل من المعتلّ بالواو والياء ، نحو: وعد ويسر، قلت: اتّعد واتّسر، ويتّعد، ويتّسر، وقد تقدّم هذا (¬1)، ومن العرب من يقلب الواو والياء في المستقبل ألفا فيقول: ياتعد، وياتسر (¬2)، وياءس، ويابس (¬3) ومنهم من لا يقلبها (¬4). فإن بنيت افتعل، ممّا فاؤه همزة، نحو: أكل وأمر، قلت: ايتكل، وايتمر، ولم تدغم الياء في التّاء كما أدغمت في: اتّعد (¬5)، وقول من قال (¬6): اتّزر، خطأ (¬7). فإن كان ما بعد الفاء مضاعفا، نحو: أنّ يئنّ، وأزّ يؤزّ (¬8)، قلبت المكسورة ياء والمضمومة واوا (¬9). ¬
الصنف الرابع: إذا لحقت الزوائد الأفعال المعتلة اعتلت اعتلالها قبل الزيادة
الصنف الرابع: إذا لحقت الزوائد الأفعال المعتلّة اعتلّت اعتلالها قبل الزيادة (¬1) ، وذلك في: أفعل، وانفعل، وافتعل، واستفعل، نحو: أجاد، وأباد، وانقاد وانساب، واقتاد واختار، واستجار، واستعار، الأصل فيها: أجود، وأبيد وانقود، وانسيب، واقتود، واختير، واستجور، واستعير (¬2)، وقد جاء في استفعل وأفعل حروف غير معلولة، نحو: استروح، واستحوذ، واستصوب وأطول، وأجود، ونحو: أطيب وأغيلت المرأة (¬3)، وأخيلت السّماء وأغيمت (¬4). قال سيبويه: (وقد (5) سمع من العرب إعلال هذه الأحرف إلّا استحوذ، واستروح، وأغيلت) (¬5)، وحكى غيره (¬6): استحاذ واستراح. وأمّا" افتعل" فلا يكاد يصحّ إلّا نادرا، نحو: ازدوج (¬7)، وإذا اتّصلت تاء المتكلم بهذا الصّنف (¬8) سكنت لامه، وسقطت الألف؛ لالتقاء السّاكنين، نحو: أجدت وانقدت واخترت واستقمت. ¬
الصنف الخامس: ما كان من الأفعال المعتلة
الصنف الخامس: ما كان من الأفعال المعتلّة على: فاعل وتفاعل، وفعّل، وتفعّل، وافعلّ وافعالّ، فإنّه لا يعتلّ، نحو: قاوم وبايع، وتماوت وتمايل، وقوّم وميّل، وتقوّم وتميّل، واسودّ وابيضّ، واسوادّ وابياضّ، وإنّما لم يعتلّ شيء من هذه الأمثلة؛ لأنّها لو اعتلّت لأدّى ذلك إلى الإجحاف بها (¬1)، والتباس أبنيتها بغيرها (¬2). الصنف السادس: إذا وقع الفعل الذي مثله يعلّ، في معنى ما لا يعلّ من هذه الأمثلة لم يعلّ؛ ليعلم أنّه من حيز ما لا يعلّ وفي معناه، نحو: عور يعور، وصيد يصيد، وحول يحول؛ لأنّها في معنى: اعورّ واحولّ، واعوارّ، واحوالّ (¬3) ونحو: اجتوروا، واعتونوا؛ لأنّه في معنى: تجاورا وتعاونوا (¬4)، ولم يقولوا: عار، وصاد، كما قالوا: خاف، وهاب، ومنهم من لم يلمح الأصل، فقال: عار يعار (¬5)، وما لحقته الهمزة منه مثله، تقول: أعور الله عينه، وأصيد ¬
الصنف السابع: إذا بنيت الفعل المعتل لما لم يسم فاعله ...
بعيره (¬1)، وكذلك انفعلت، وافتعلت، واستفعلت. الصّنف السابع: [إذا بنيت الفعل المعتلّ لما لم يسمّ فاعله ...] إذا بنيت الفعل المعتلّ لما لم يسمّ فاعله سوّيت فيه بين الواو والياء، فقلت: قيل وبيع، أصله: قول، وبيع، فنقلت الكسرة من العين إلى الفاء، فانقلبت ياء، وهذا هو الكثير (¬2)، ومن العرب من يشمّ الفاء شينا من الضّمّة؛ نظرا إلى الأصل (¬3)، ومنهم من يخلص ضمّ الفاء، فيقول: قول، وبوع (¬4)، وهو أقلّها استعمالا. فإن اتّصلت به تاء المتكلّم والمخاطب ونون النّساء استوى لفظ الفاعل والمفعول به، فتقول: بعت يا عبد، أى: أنّك مبيع، وخفت يا أسد، أي: أنك مخوف. وبعت عبدك يا زيد، وهبت يا أمير (¬5)، وإنّما يظهر الفرق في فعل يفعل، من الواو، نحو: عدت زيدا - بالضّمّ -، وعدت يا زيد - بالكسر -، ويدخله الإشمام والضّمّ، نحو: هبت يا أسد، وبعت يا عبد (¬6). ¬
الصنف الثامن: ما كان من مضاعف الواو فإنه يبدل ياء،
فإن بنيت له أفعل، وانفعل، وافتعل، واستفعل قلبت الألفات ياءات، نحو: أقيل، واختير، وانقيد، واستجيد، الأصل فيه: أقول مثل أكرم، واختير مثل احتقر، وانقيد مثل انطلق، واستجود مثل استحسن، ويجوز فيها الإشمام (¬1)، ويجوز في: اختير إشباع الضّمّة؛ فتقول: اختور (¬2)، ولا يجوز ذلك في أخواتها. وأما الأمثلة الستة الّتي لم تعلّ، فإذا بنيتها لما لم يسمّ فاعله لم تعلّها، نحو: قووم، وبويع، وأخواتها (¬3). الصنف الثامن: ما كان من مضاعف الواو فإنّه يبدل ياء، نحو ضوضيت (¬4) وقوقيت (¬5). أصله ضوضوت، وقوقوت (¬6)، ومثله في الياء: حاحيت، وعاعيت، وهاهيت (¬7) عند الخليل قال: أصله حيحيت (¬8)، والمازنيّ يقول: إنّه من باب: ضوضوت (¬9)، وجاء مصدرها على حاحاة وحيحاء (¬10). ¬
الفرع الثانى في المعتل من الأسماء بالواو والياء
الفرع الثانى في المعتلّ من الأسماء بالواو والياء ويكونان في الفاء، والعين، واللّام، فالفاء نحو: الوعد واليسر، والعين نحو: القول والبيع، واللام نحو: الغزو والرمي. وفيه ثمانية أصناف: الصنف الأول: [اسم الفاعل من الفعل المعتلّ العين الجاري ...] اسم الفاعل من الفعل المعتلّ العين الجاري علي فعله يلزمه من الصّحّة والاعتلال ما يلزم فعله، فما كان منه على فاعل، قلبت عينه همزة؛ لوقوعها قريبا من الطّرف بعد ألف زائدة (¬1)، فقالوا: قائم، وبائع، وخائف وقيل (¬2): إنّ هذه الهمزة مبدلة من ألف مبدلة من الواو والياء؛ لأنّ الأصل: قاول، وبايع، وخاوف، فأسكنت الواو والياء وقلبتا (¬3) ألفا، فاجتمع ساكنان؛ فلم يمكن حذف أحدهما؛ للبس، فقلبت الثانية همزة. وتنفرد الياء من الواو بالقلب والحذف، فالقلب، نحو: شاكي السلاح، في شائك (¬4)، ولاعي، في: لائع (¬5)، والحذف كقولهم: رجل شاك (¬6)، فإن كان ¬
الصنف الثاني: في اسم المفعول المعتل العين.
اسم الفاعل على غير وزن فاعل، فإنّك تعلّ منه ما اعتلّ فعله، وتصحّ ما صحّ منه، فالمعتلّ تنقل حركة عينه إلى الحرف الّذى قبلها إن كان ساكنا، ثمّ تقلب الواو والياء على حركة ما قبلهما (¬1)، نحو: مقيم، ومستعين، ومنقاد، ومختار، الأصل فيه: مقوم، ومستعون، ومنقود ومختير (1). والصحيح كقولك: مقاوم، ومبايع، وكذلك اسم الفاعل من: عور وصيد تقول: عاور، وصايد (¬2)، ولا تقول: عاير. الصنف الثاني: في اسم المفعول المعتل العين. فما كانت عينه واوا ظهرت فيه، فتقول في قال وزار: مقول ومزور، والأصل فيه: مقوول مزوور، فنقلت الضمة من الواو الأولى إلى ما قبلها، فاجتمع واوان ساكنان فحذف أحدهما وهو عند الخليل وسيبويه واو مفعول، وهي الثّانية (¬3)، وعند الأخفش الأولى، وهي العين (¬4)، ولكلّ منهما وجه (¬5). وما كانت عينه ياء فالغالب الأكثر أنّها مثل الواو، تظهر فيه الياء بعد ¬
النّقل والحذف، نحو: مبيع ومخيط، الأصل: مبيوع ومخيوط، فنقلت حركة الياء إلى ما قبلها، وحذفت الواو؛ لالتقاء الساكنين عند سيبويه (¬1)، وكسر ما قبل الياء؛ لتسلم، والأخفش يسقط الياء، فتنقلب الواو ياء؛ للكسرة قبلها (¬2). وقد صحّحوا عين مفعول من الياء، فقالوا: مبيوع، ومخيوط (¬3)، ويوم مغيوم (¬4)، وتفاحة مطيوبة (¬5)، قال سيبويه: (ولا نعلمهم أتّموا في الواو، لأنّ الواوات أثقل عليهم من الياءات) (¬6) وقد روى بعضهم: ثوب مصوون (¬7). ¬
الصنف الثالث: ما كان من المصادر في أوله ميم [يلزمه] من الاعتلال ما يلزم فعله،
فإن كان اسم المفعول على غير وزن مفعول، أجريته مجرى اسم الفاعل منه، فتعلّ ما اعتلّ فعله، وتصحّ ما صح، فالمعتلّ نحو: مقام فيه، ومنقاد إليه، ومستعان به، ومختار. ويتفق اسم الفاعل والمفعول من افتعل وانفعل، في اللّفظ، تقول: هو مختار الثوب، والثوب مختار، ومنقاد الطّبع، والطّبع منقاد (¬1). والصّحيح نحو: مقاوم، ومبايع، ليس بين اسم فاعله ومفعوله إلّا كسر العين وفتحها. الصنف الثالث: [ما كان من المصادر في أوّله ميم [يلزمه] من الاعتلال ما يلزم فعله،] ما كان من المصادر في أوّله ميم [يلزمه (¬2)] من الاعتلال ما يلزم فعله، وله أوزان: الأوّل: مفعل، نحو: مقال، ومقام، ومعاش، الأصل: مقول، ومقوم، ومعيش (¬3). الثانى: ما كان على مفعل، نحو: المسير، والمصير، والمقيل، أصله: مسير، [ومصير (¬4)]، ومقيل. فنقلت حركة العين إلى الفاء وأسكنتها (¬5). ¬
الثالث: ما كان على مفعلة، نحو: المشورة، والمعونة، والمثوبة، فلا يعتدّ بالهاء؛ لأنّها بمنزلة اسم ضمّ إلى اسم (¬1)، وليست المشورة مفعولة؛ لأنّ المصادر ليس فيها مفعول، عند سيبويه (¬2)، فأمّا قولهم: ليس له معقول، وخذ ميسوره، ودع معسوره (¬3)، فإنّه يتأوّله على ما يعقل، وما تيسّر، وما تعسّر (¬4). فأما مفعلة من بناء الياء فنحو: مبيعة، ومعيشة، والأصل: مبيعة، ومعيشة، فتحذف ضمة الياء ويكسر ما قبلها لتصحّ (¬5)، والأخفش يقول في مثل هذا: معوشة، ومبوعة (¬6)، ويقوّى مذهبه قولهم: مضوفة، للأمر الذي يحذر منه (¬7). ¬
الرابع: مفعل، نحو: مقام، ومباع، الأصل: مقوم، ومبيع، فعمل به ما عمل بفعله، نحو: أقام، وأباع. وقد جاءت بعض هذه الأوزان على الأصل، قالوا: (الفكاهة مقودة إلى الأذى) (¬1)، وقالوا: مشورة، ومصيدة، ومكوزة، ومطيبة (¬2) وقرئ: (¬3) " لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ" (¬4) كما جاء: استحوذ، ونحوه في الأفعال (¬5)، وقد جاء مثل هذا في الإعلام، نحو: مزيد، ومحبب، ومدين ومريم (¬6)، وهذا الإعلال يفتقر إلى شيئين: أحدهما: موازنة الفعل، والثانى: أن يكون في الاسم زيادة مخصوصة كالميم في مقال. فإن كانت الزّيادة مشتركة بين الفعل والاسم صحّح الاسم، نحو: أبيض وأسود، وأدؤر، وأعين (¬7)، وأعلّ الفعل نحو: أعاد، وأقال؛ لأنّ الهمزة لا تختصّ بالاسم، فأمّا مفعل، بكسر الميم، نحو: مخيط، ومقول، فصحّ؛ لأنّه مقصور من مفعال (¬8)، فكأنّ الألف المحذوفة مرادة، وكان القياس أن يعلّ؛ للموازنة والاختصاص. ¬
الصنف الرابع: إذا بنيت المصدر من أفعل واستفعل، أعللته حملا على فعله،
الصنف الرابع: إذا بنيت المصدر من أفعل واستفعل، أعللته حملا على فعله، نحو: الإقامة، والاستقامة والإثابة والاستثابة، ألا ترى أنّ أصل مصدر: أقوم واستقوم: إقوام واستقوام، فلما أعلّوا المصدر بالحذف زادوه التّاء؛ عوضا من الألف المحذوفة، ومتى جاء مصدر منها غير معلول حذفوها، نحو: أحوذ، إحواذا (¬1)، وقد حذفت التّاء مع الإعلال، كقوله تعالى:" وَإِقامَ الصَّلاةِ" (¬2)، وأمّا من قرأ" دِيناً قِيَماً" (¬3) بالتّخفيف (¬4)، فإنّه أجرى مصدره على فعله فأعّله (¬5)، وأصله: قوم، كعوض، فلمّا وصف أقرّ عليه حكم المصدريّة، فأعلّ، ولم يعلّ عوض؛ لأنّه غير مصدر. وأمّا: ديم، فإنّها (¬6) أعلّت، وأصلها دوم؛ لأنّ واحدها كان معلولا فتبعته (¬7). ومن إعلال المصدر حملا على فعله: قيام وعياذ، [وانقياد (¬8)]، واختيار، الأصل فيها: الواو (¬9)، وقد تقدّم ¬
الصنف الخامس: إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة، والأول منهما ساكن، قلبت الواو ياء، وأدغمت،
ذكره (¬1). الصنف الخامس: [إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة، والأوّل منهما ساكن، قلبت الواو ياء، وأدغمت،] إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة، والأوّل منهما ساكن، قلبت الواو ياء، وأدغمت، نحو: سيّد، وجيّد، وطىّ، وليّ.، الأصل: سيود، وجيود، طوي، ولوي (¬2)، ونحو: قيّام وقيّوم، الأول: قيوام وقيووم (¬3)، ومنه قولهم: كينونة، وصيرورة، الأصل: كيونونة فقلبت الواو الأولي ياء، وأدغمت ثمّ خفّفت؛ حملا على باب ميّت وميت (¬4). فأمّا نحو: سوير، وبويع، وقووم، وتسوير، وتبويع، وتقووم، فلا يدغم، وإن كانت ساكنة؛ لأنّ الواو غير لازمة؛ ولالتباس فوعل وتفوعل بفعّل وتفعّل (¬5). فأمّا ديوان، فالأصل فيه: دوّان؛ لقولهم: دواوين، فقلبوا الواو الأولى ياء استثقالا (¬6). الصنف السادس: [إذا كان آخر الاسم المفرد واوا مشدّدة سلمت،] إذا كان آخر الاسم المفرد واوا مشدّدة سلمت، نحو عدوّ، وفلوّ، وإن كان (¬7) جمعا قلبت الآخرة ياء، فانقلبت الأولى ياء أيضا، وانقلبت الضّمّة قبلها كسرة، وإن شئت لم تقلب الضمّة، نحو: عصىّ، بكسر العين ¬
وضمّها، أصله: عصوّ، كذكور (¬1)، وقد شذّ من هذا القبيل قولهم: (إنّك لتنظر في نحوّ كثيرة) (¬2)، وقد قلبوها في الواحد نحو: مغزوّ ومغزيّ وعتوّ وعتيّ (¬3)، ومرضوّ ومرضيّ (¬4)، وأنشد (¬5): وقد علمت عرسي مليكة أنّني … أنا اللّيث معديا عليه وعاديا من عدا يعدو: إذا ظلم، قال سيبويه: (والوجه في هذا النحو الواو، والأخرى عربيّة، كثيرة والوجه في الجمع الياء) (¬6). فإن كانت العين واوا مشدّدة ولا حاجز بينهما وبين الّلام، فلك فيها ¬
الإثبات والقلب، نحو: صوّم وقوّم، وصيّم وقيّم (¬1)؛ تشبيها بعصيّ، في القلب، فإن كان بينهما حاجز لم تقلب، نحو: صوّام وقوّام (¬2)، وبعضهم يقلبها، فيقول: صيّام وقيّام، ومنه قولهم: (فلان من صيّابة قومه) (¬3)، وقوله (¬4): فما أرّق النّيّام إلّا سلامها ¬
الصنف السابع: إذا كانت اللام واوا قبلها كسرة، قلبت ياء
وهو قليل (¬1) الصنف السابع: [إذا كانت اللّام واوا قبلها كسرة، قلبت ياء] إذا كانت اللّام واوا قبلها كسرة، قلبت ياء، نحو: غازية ومحنية، أصلها: غازوة ومحنوة (¬2)، وكذلك إن كان قبلها ضمّة في القياس، نحو: أدل، جمع دلو، إلّا أنّ الياء في الأوّل تثبت؛ لتحصّنها بالتّاء، وتسقط هاهنا؛ لاستطرافها، فإن كانت اللّام ياء في فعلي، قلبت في الأسماء واوا، نحو: التّقوى، والدّعوى، والطّغوى (¬3)، ولم تقلب في الصفات، نحو: صديا وخزيا (¬4)، فإن كانت واوا صحّت في الاسم والصّفة، نحو: عدوى ودعوى (¬5) وشهوى (¬6) ورضوى (¬7). وأما فعلى، بالضمّ، فإنّ واوها تقلب (¬8) ياء في الصفة الجارية مجرى ¬
الصنف الثامن: ما جمع على فواعل وفعائل، من المعتل فإن الحرف الواقع بعد ألف الجمع يبدل همزة،
الأسماء، نحو: الدّنيا والعليا والقصيا (¬1)، وقد شذ القصوى وحزوى (¬2)، وما كانت عينه ياء من هذه الصّفات قلبت واوا نحو: الطّوبى والكوسى (¬3)، وقد ذكر قبل هذا (¬4). وأمّا الصّفة فإذا بنيت فعلى، من غزوت قلت: غزوى (¬5). الصنف الثّامن: ما جمع على فواعل وفعائل، من المعتل فإنّ الحرف الواقع بعد ألف الجمع يبدل همزة، نحو: قوائم، وبوائع، وعجائز، وصحائف ورسائل (¬6)، ومنهم من قال: إنّ الهمزة فيه مبدلة من الألف المبدلة من حرف العلّة، ولا يجوز أن ينطق من هذا النّوع بياء صريحة، ومن أراد تخفيفها جعلها بين بين (¬7). فأمّا (¬8) معايش ومقاوم ومعاين؛ في جمع: معيشة ومقامة ومعونة، فهنّ (¬9) مفاعل، لا فعائل، وحروف العلّة فيها أصول متحركة ¬
فردّت إلى الأصل فظهرت ولم تقلب همزة (¬1)، ولذلك خطّأوا (¬2) ما روى (¬3) عن نافع القارئ (¬4) في همز" مَعايِشَ" (¬5)، وقد قالوا: مصائب، بالهمز شاذا (¬6)، وعدّه سيبويه خطأ منهم (¬7). وإذا اكتنف ألف هذا الجمع واون، أو ياءان، أو واو وياء قريبة من الطّرف فإنّ الّتي بعد الألف تقلب همزة، نحو: أوائل، وخيائر وسيائد (¬8)؛ جمع أوّل، وخيّر، وسيّد، كان الأصل أواول، وخياير وسياود، وقد شذّ ضياون (¬9)، فصحّحوه (¬10)، وإذا كان واحد هذا الجمع ¬
معتلّ اللّام، قلبوا الّلام ألفا، والهمزة ياء، وذلك قولهم في، مطيّة وركيّة: مطايا وركايا، ومنه: شوايا، وحوايا؛ في جمع شاوية وحاوية، فاعلتين من: شويت وحويت، الأصل: شواوي، وحواوي، ثمّ شوائي، وحوائي، ثم شوايا وحوايا (¬1)، وقد قال بعضهم في هديّة: هداوي (¬2)، وهو شاذّ (¬3). فأما هراوة وإداوة (¬4) وعلاوة فإنّهم أبدلوا في جمعها من الهمزة واوا، فقالوا: هراوى، وأداوى، وعلاوى، الأصل هرائو، بوزن هراعو، فقلبت الواو [ياء (¬5)]، فصارت بوزن هراعى، ثم قلبت الياء ألفا فصارت بوزن هراعا، ولكنّهم أبدلوا الهمزة واوا؛ ليعلم أنّ الواو كانت في الواحد ثابتة (¬6). وأمّا خطايا وبرايا، في جمع: خطيئة وبريئة، والّلام همزة، فإنّ الأصل خطائئ (¬7)، بوزن خطاءع، فاجتمع همزتان، فقلبت الثانية ياء فصار بوزن خطاعي، ثم قلبت الياء ألفا بعد أن فتحت الهمزة فصار بوزن خطاعى، فقلبت ¬
الهمزة ياء؛ لوقوعها بين ألفين فصار خطايا (¬1). فإن كان بعد ألف الجمع ثلاثة أحرف بعدت من الطّرف، ولم يقلب حرف العلّة همزة (¬2) نحو طاووس وطواويس، [وقيّام (¬3)] وقياويم، وعوّار وعواوير، فأمّا قوله. وكحّل العينين بالعواور (¬4) فلأنّه محذوف من العواوير؛ للضرورة (¬5)، وأما قول الآخر: ¬
فيها عيائيل أسود ونمر (¬1) فالياء مزيدة للإشباع كياء صياريف (¬2)، فلذلك همز، لأنّ الياء عنده عارضة في حكم السّاقط. ¬
الفرع الثالث في اجتماع حروف العلة
الفرع الثالث في اجتماع حروف العلّة إذا اجتمعت العين واللّام، وفي كل واحد منهما ما يوجب الإعلال، فالإعلال للّام دون العين، وتستوى فيه الواو والياء، في الفعل والاسم. أمّا الواو فإذا كانت عينا ولاما بني الفعل على: فعل، بالكسر، لتنقلب اللام ياء، نحو: قوي وشقي وغبي، وتقرّ في المستقبل والتثنية مقلوبة، نحو: يشقيان ويقويان ولا يجوز الإدغام كما يجوز في الياء، وستراه. فأمّا في الاسم فيدغم، نحو: جوّ، ودوّ (¬1)، وقوّة وحوّة (¬2). وأمّا الياء فإنّهم أصحّوها في الفعل الماضي، وأعلّوها في المستقبل، وفي الاسم، نحو: [حيي، يحيا حيا، وعيي يعيا عيا، فأجروا الياء الأولى في الماضي مجرى الحرف الصّحيح، كميم: عمي، وقاف: شقي، وقلبوا الياء الثانية في المستقبل والاسم] (¬3) ألفا وقد أبدل بعضهم (¬4) من كسرة الياء الأولى في الماضي فتحة، فانقلبت الثانية ألفا فقال في: بقي ورضي: بقى ورضى. فإن وقع هذا التّضعيف في موضع تلزمه الحركة جاز فيه الإدغام ¬
وتركه، تقول: عيّ بأمر زيد، وعيي (¬1)، ومنه قوله تعالى:" وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ" (¬2) و «حيي» (¬3)، وهذا الإدغام مختصّ ببناء فعل، وأفعل، واستفعل وفوعل (¬4)، فإذا أدغمت: أحيي، واستحيي، نقلت حركة الياء الأولى إلى الحاء ثم تدغمها في الياء الثانية فتقول: أحيّ واستحيّ، وإن أدغمت: فوعل سكّنت الياء الأولى ولا تنقل حركتها؛ لأنّ واو: فوعل لا تحتملها، وتحجز بينها وبين الحاء أن تنقل إليها (¬5)، فتقول في، حويي: حويّ، فالإدغام يفتقر إلى شريطتين: إحداهما: أن تكون الياء الآخرة متحركة حركة لازمة، فإن كانت عارضه لم تدغم كقوله تعالى:" أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى " (¬6). والثانية: أن لا تكون الياء الأولى مفتوحة؛ لأنّها إذا انفتحت انقلبت الثانية ألفا، نحو: أحيا، واستحيا وحايا، وكذلك قالوا في الاسم بالإظهار ¬
(خاتمة لباب التصريف)
والإدغام، نحو: حياء وأحييه، وعييّ وأعيياء (¬1)، فأما معيية تأنيث معيي، فلم يدغموا؛ لأنّ حركتها لتاء التّأنيث، وهي غير لازمة (¬2)، بخلاف التّاء الّتي في: أعيية؛ لأنّها للجمع، والكلمة مبنيّة عليها (¬3). (خاتمة لباب التصريف) من عاداتهم أن يضعوا في التصريف أمثلة في بناء كلمة على بناء كلمة أخرى، وهو نوع من الإلحاق؛ رياضة للخاطر، وتمرينا على معرفة مواقع التصريف، ولم تنطق العرب به، ولا يخلو أن يكون البناء: من حروف الصحة، أو حروف العلّة، فما كان من حروف الصحة قد ذكرناه في أوّل الباب مع الإلحاق (¬4)، وما كان من المعتلّ نذكره هاهنا في أنواع: الأول: الياء، تقول في مثال حمصيصة من رميت: رمويّة، أصلها رمييّة، (¬5) فاجتمع فيها ثلاث ياءات، فقلبت الأولى ألفا، ثم أبدلتها واوا؛ لأنّ بعدها ياء ثقيلة (¬6)، كما قلت في النسب إلى رحا: رحويّ، كان ¬
الأصل: رحييّ (¬1). الثانى: الواو، إذا بنيت مثل: اغدودن، من قلت، قلت: اقووّل، تكرّر العين، وهو واو، وتجعل واو افعوعل الزائدة بينهما، وتدغمها؛ لسكونها (¬2)، والأخفش يقول: اقويّل؛ كراهية اجتماع ثلاث واوات (¬3). الثالث: الهمزة، إذا بنيت مثل: أبلم، من الأدمة قلت: أودم، ومثل إصبع: إيدم، ومثل أفكل: آدم، فتجعلها مع الضّمّة واوا، ومع الكسرة ياء، ومع الفتحة ألفا، فإذا احتجت إلى تحريكها في تصغير أو تكسير، أقررت الواو والياء وقلبت الألف واوا (¬4). الرابع: الواو والياء معا، تقول في مثل: عثولّ (¬5) من: شويت: شيّيّ، الأصل شيّويّ، فقلبت الواو ياء، وأدغمت فصارت أربع ياءات (¬6). الخامس: الياء والهمزة معا، تقول في مثل: اغدودن من رأى: ارأوأى، تكرّر الهمزة؛ لأنّها عين الفعل، كما كرّرت الدال في: ¬
اغدودن (¬1). السادس: الواو والهمزة معا، تقول في مثل" قوصرّة" (¬2) من آب يؤوب: أوّيّة، فأدغمت واو فوعلّة الزائدة في العين، فإن جمعته قلت (¬3): أوائب، فأبدلت من الواو همزة كما فعلت في أوائل (¬4). السابع: الواو والياء والهمزة جميعا، تقول في مثل" اطمأنّ" من وأيت: ايأيّا، وكان الأصل اوأيّا، لأن اطمأنّ أصله اطمأنن، بوزن افعلّل، فاللام الأولى ساكنة والثانية مفتوحة، والآخرة حرف الإعراب، فلما أدغم النون ألقى الحركة على الهمزة، فلذلك قلت: ايأيّا، فأبدلت الواو التي هي فاء" ياء"؛ لانكسار ما قبلها، وصارت الياء الأولى بإزاء الطاء، والهمزة بإزاء الميم، والياء الأولى من المشدّدة بإزاء الهمزة (¬5). وتقول من" وأى" مثل جعفر: وأيا، ومثل برثن: وأي، ومثل زبرج: وأي، ومثل سفرجل: وأيّا، ومثل جردحل: وأييّ، ومثل جحمرش: وأيأ، ومثل قذعملة: وأيّئة، ولا تبن من خماسيّ مثل رباعيّ، ولا من رباعىّ مثل ثلاثيّ؛ فإنه [هدم (¬6)] لا بناء. وهذا النّوع قد أكثر العلماء منه في كتبهم، وما أراه إلا قليل الفائدة فاقتصرنا على هذه الأمثلة منه؛ ليقاس عليها غيرها، وبالله التوفيق. ¬
الباب التاسع عشر في الإدغام
الباب التاسع عشر في الإدغام وفيه فصلان: الفصل الأول في ذكر حروف الهجاء وفيه ثلاثة فروع: الفرع الأول في عددها وأسمائها وينتهى عددها إلى سبعة وأربعين حرفا: وهي قسمان: القسم الأول: الحروف المشهورة، المجمع عليها في اللسان العربيّ، تسعة وعشرون حرفا (¬1). ذكرها سيبويه على ترتيب مخارجها عنده وهي (¬2): الهمزة، والألف، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء، والقاف ¬
النوع الأول
والكاف، والجيم، والشين، والياء، والضّاد، واللام، والراء، والنون، والطاء، والدال، والتاء، والصاد، والسين، والزاى، والظّاء، والذّال [والثاء (¬1)]، والفاء، والباء، والميم، والواو. خالف بعض العلماء هذا الترتيب في بعض الحروف فقدّم بعضا وآخّر بعضا (¬2). القسم الثاني: قد أشبه بعض هذه الحروف بعضا فاكتسى طرفا من مخرجه، فتولّد من ذلك حروف هي فروع على الحروف الأول المذكورة، وهي ثمانية عشر حرفا في ثلاثة أنواع: النوع الأول: ستّة أحرف مستحسنة، قرئ بها القرآن العزيز، وجاءت في فصيح الكلام، وهي (¬3): ألف الإمالة، نحو: عالم؛ لميلها إلى الياء؛ ولذلك كتبوها في المصحف بالياء، نحو: فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ (¬4)، وألف التفخيم نحو: الصلاة والزكاة (¬5)؛ لميلها إلى الواو ولذلك كتبوها في المصحف واوا. والنّون ¬
النوع الثانى
الساكنة، وهي التي من الخيشوم، نحو: منك وعنك (¬1)، فتراها في النطق غنّة. والصاد الّتي كالزّاي نحو زدر، في صدر، ومنه قرئ:" حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ" (¬2)، ومنهم من يقلبها إذا كانت ساكنة زايا، فيقول: يزدر (¬3)، والشين التي كالجيم كقولهم في أشدق: أخذق (¬4). والهمزة المخفّفة التي [تسمى بين بين وهي] (¬5) بين الهمزة والياء (¬6). النوع الثانى: ثمانية أحرف مستقبحة، ولم تستعمل في القرآن العزيز، وفصيح الكلام، وهي (¬7): ¬
النوع الثالث
الكاف التي كالجيم (¬1)، والجيم التى كالكاف، والجيم التى كالشين (¬2)، والفاء التى كالباء (¬3)، والصاد التى كالسّين (¬4)، والطّاء التى كالتّاء (¬5)، والظّاء التى كالثّاء (¬6)، والضّاد (¬7) الضعيفة (¬8). النوع الثالث: أربعة أحرف بعيدة، ذكرها بعضهم (¬9)، وهي السين التي كالزاي، والجيم التى كالزاى، والقاف التي كالكاف، واللام المفخمة، إلا مع اسم الله تعالى إذا كان قبله فتحة أو ضمّة؛ فإنّه مطّرد، وهذه الحروف الثمانية عشر إنما يوضحها للسامع المشافهة بها (¬10). ¬
الفرع الثاني في مخارجها
الفرع الثاني في مخارجها وهي ستة عشر مخرجا (¬1): الأول: أقصى الحلق، وهي للهمزة، ثم الهاء، ثم الألف (¬2). الثاني: أوسط الحلق، وهو للعين والحاء. الثالث: أدنى الحلق من الفم وأعلاه، وهو للغين والخاء. الرابع: أقصى اللسان وما فوقه من الحنك (¬3): للقاف. الخامس: أسفل من موضع القاف قليلا ومما يلى الحنك الأعلى: للكاف. السادس: وسط اللسان وما يقابله من وسط الحنك الأعلى: للجيم والشين والياء. السابع: أول حافّة اللسان وما يليها من الأضراس: للضاد، فمنهم من يخرجها من الجانب الأيمن، ومنهم من يخرجها من الجانب الأيسر (¬4). ¬
الثامن: أول حافّة اللسان من أدناها إلى منتهى طرف اللسان، فيما بينها وبين ما يليها من الحنك الأعلى، ممّا فويق الضاحك (¬1) والناب (¬2) والرّباعيّة (¬3) والثنيّة (¬4): للّام. التاسع: طرف اللسان بينه وبين ما فوق الثنايا السفلى والخيشوم: للنّون. العاشر: أدخل في طرف اللسان (¬5) قليلا من مخرج النون: لانحرافه إلى اللّام: للراء. الحادي عشر: ما بين طرف [اللسان (¬6)] وأصول الثّنايا العلى: للطّاء والدال والتاء. الثاني عشر: ما بين طرف اللسان وأطراف الثنايا العلى (¬7): للظاء والذال والثاء. الثالث عشر: ما بين طرف اللسان وأطراف الثنايا العلى: للظاء والذال والثاء. الرابع عشر: ما بين باطن الشّفة السّفلى وأطراف الثنايا العلى: للفاء. الخامس عشر: ما بين الشفتين: للباء والميم والواو. ¬
السادس عشر: الخياشيم، وهو للنّون الساكنة، نحو: منك وعنك، وتسمى الخفيفة والخفيّة (¬1). ويجمعها [جميعها (¬2)] أربعة مخارج أصول: الحلق، وله ثلاثة مخارج، واللسان وله عشرة مخارج، والشفة ولها مخرجان، والخيشوم وهو مخرج واحد. ¬
الفرع الثالث في أصنافها وألقابها
الفرع الثالث في أصنافها وألقابها وهي المجهورة والمهموسة، والشديدة والرخوة، وما بينهما، والمطبقة والمنفتحة، والمستعلية والمستفلة، والليّنة والشديدة مع الصوت، واللهوية والشجرية والنّطعيّة والأسليّة، واللثوية، والذّلقيّة، [والشفهية (¬1)] وحروف القلقلة، والذلاقة، والمصمتة، والصفير، والمكرر، والهاوى، والمهتوت والمنحرف، والمتفشى، والمستطيل، والأغنّ، والخيشومىّ. ويجمع هذه الأصناف والألقاب بحسب اتفاقها واختلافها نوعان: النوع الأول: في المشتركة. أمّا المجهورة فهي تسعة عشر حرفا، يجمعها" لقد عظم زنجي ذو أطمار غضبا" تكرر فيها الميم والألف، وإنّما سمّيت مجهورة؛ لإشباع الاعتماد في مخارجها، ومنع النفس أن يجري معها، حتى ينقضي الاعتماد ويجري الصّوت (¬2)، ألا ترى أنّك إذا لفظت بالعين اعتمدت على مخرجها بقوّة، ومنعت النّفس أن يخرج معها فخرج ظاهرا. والجهر: الإظهار، إلّا أنّ الميم والنون يعتمد لها في الفم والخياشيم فيصير فيهما غنّة (¬3). وأمّا المهموسة فعشرة ¬
أحرف، يجمعها: (ستشحثك خصفة) (¬1) وهي خلاف المجهورة، وسميت مهموسة؛ لضعف الاعتماد في مخرجها حتّى جرى معها النّفس فأخفاها. والهمس: الصّوت الخفيّ. وأما الشديدة فثمانية أحرف، يجمعها: (أجدك قطبت) (¬2) ومعنى الشديدة، أنها حروف قوية تمنع الصوت أن يجرى معها (¬3)، فينحصر في مخارجها، ألا ترى أنّك إذا وقفت على الجيم فقلت: الحجّ، وجدت صوت الجيم راكدا محصورا لا تقدر على مدّه (¬4). وأمّا الرخوة فهي ثلاثة عشر حرفا: الهاء والحاء، والغين، والخاء والشين، والضاد، والصاد، والسين، والزّاي، والظّاء، والذّال، والثّاء والفاء (¬5). وسميت رخوة؛ لضعف الاعتماد في مخارجها، فيجري الصوت معها، ألا ترى أنّك إذا وقفت على الشّين من: الطشّ، والضاد من: العضّ، أجريت فيهما الصوت وأمكنك مده (¬6). ¬
وأمّا التي بين الشديدة والرخوة فثمانية أحرف، يجمعها" لم يرو عنا" (¬1) ومعنى البينيّة فيها: أنّها غير مفرطة في الشدة ولا الرخاوة، بل هي على اعتدال بينهما، فلا يتمّ للصّوت معها الانحصار ولا الجرى (¬2)، ألا ترى أنّك إذا وقفت على العين من" مع" لم تجد فيها شدّة القاف، ولا رخاوة الشّين، وتحس في صوتها شبه الانسلال من مخرجها إلى مخرج الحاء. وأمّا المطبقة فأربعة أحرف: الصّاد، والضّاد، والطّاء، والظّاء (¬3)، ومعنى الإطباق: أن ترفع لسانك إلى الحنك الأعلى عند النّطق بها (¬4)، قال سيبويه: لولا الإطباق صار الطاء تاء والظاء ثاء، والصاد سينا، وعدم الضّاد؛ لأنّها منفردة في مخرجها، فإذا ترك الإطباق فقدت (¬5)، وأمّا المنفتحة فما عدا المطبقة، وهي خمسة وعشرون حرفا، والانفتاح خلاف الإطباق. وأمّا المستعلية فسبعة أحرف؛ وهى الأربعة المطبقة، والغين، والخاء، والقاف، والاستعلاء: ارتفاع اللسان إلى الحنك، أطبقت أو لم تطبق (¬6). وأما المستفلة - وتسمى المنخفضة - فما عدا ¬
المستعلية، وهي اثنان وعشرون حرفا والاستفال ضد الاستعلاء إذا نطقت بها وبالمنفتحة لم ترفع لسانك إلى الحنك. وأمّا الليّنة فهي ثلاثة أحرف: الألف، ثم الواو، ثم الياء، وتسمى حروف المد وحروف العلة؛ لأنها لانت في مخارجها واتسعت، ولامتداد الصوت بعد خروجها من موضعها (¬1)، ولانقلاب بعضها عن بعض وتغيرها عن حالها. وأمّا الشديدة التى يخرج معها الصوت فحرفان: النون والميم، لأن الصوت فيهما غنة من الأنف، واللسان لازم لموضع الحرف (¬2). وأما اللهوية فحرفان: القاف والكاف، لأن مبدأهما من اللهاة (¬3). وأما الشجرية فثلاثة أحرف: الجيم والشين والضاد، لأن مبدأها من شجر الفم وهو مفرجه (¬4). وأمّا النّطعيّة فثلاثة أحرف: الطاء والدال والتاء، لأن مبدأها من نطع الغار الأعلى (¬5)، وهو موضع التحزيز منه. وأما الأسليّة فثلاثة أحرف: الصاد، والسين، والزاي؛ لأنّ مبدأها من أسلة اللّسان (¬6). ¬
وأمّا الذّلقيّة فثلاثة أحرف: الراء، واللام، والنون؛ لأنّ مبدأها من ذلق اللّسان، وهو طرفه (¬1). وأمّا اللثوية فثلاثة أحرف: الظاء والذال والثاء؛ لأن مبدأها من اللثة (1). وأما الشفهية فأربعة أحرف، وهي الفاء، والباء، والميم والواو (¬2)؛ لأنّها من بين الشفتين. وأمّا حروف القلقلة فخمسة: القاف، والجيم، والطاء، والدال والباء (¬3)، لأنك إذا وقفت عليها وقفت بصوت شديد يصعد من الصّدر مع الحفز والضّغط (¬4). ألا ترى أنّك إذا وقفت على: الحقّ، وجدت فى الصدر حفزا يصعد الصوت عنه، ولا تجده في غير هذه الحروف. وأمّا حروف الذّلاقة فستة أحرف: الراء، واللام، والنون، والفاء والباء، والميم (¬5)، ومعنى الذّلاقة: الاعتماد بالحرف على ذلق اللسان وهو طرفه (¬6)، وتفيده قوة فى اللفظ وزيادة في تحريك اللّسان، ومنه قولهم: هو ذلق اللسان، ولا تكاد تجد في أبنية الرباعيّ والخماسيّ كلمة إلّا وفيها بعض حروف الذلاقة (¬7)، نحو: جعفر فيه الفاء والراء، وسفرجل فيه الفاء والراء واللام، وقد شذّ: عسجد (¬8). ¬
النوع [الثاني]: في المنفردة.
وأما المصمتة فماعدا حروف الذّلاقة، وهي ثلاثة وعشرون حرفا، ولا يكاد يبنى منها كلمة رباعيّة أو خماسيّة خالية من حروف الذلاقة، فكأنّها قد صمت عنها (1)، أى: سكت، ولما كانت حروف الذلاقة على غاية من القوة والحركة، وكانت هذه بخلافها سميت مصمتة. وأمّا حروف الصفير فثلاثة: الصاد والسين والزاي، لأنك تصفر عند النطق بها (¬1). النوع [الثاني (¬2)]: في المنفردة. أما المكرّر فهو الراء؛ لأنّ اللسان يتعثّر فيه حتّى كأنّه ينطق بحرفين (¬3)، وهو حرف شديد جرى فيه الصوت (¬4). وأمّا الهاوي فهو الألف؛ لهويّه في الحلق؛ ولأن مخرجه اتسع له الصوت أشدّ من اتّساع مخرج أخويه، وهما الياء والواو (4). وأمّا المهتوت فهو التاء، سمّيت بذلك؛ لضعفها، وخفائها (¬5). وأمّا المنحرف فهو اللام، وهو حرف شديد جرى فيه الصوت، سمّي بذلك؛ لانحرافه عن إخوته شيئا إلى الرّخوة (¬6). و [أمّا (3)] المستطيل فهو الضاد المعجمة؛ لأنّها استطالت برخاوتها حتى اتصلت بمخرج الظاء، ويسمّي المنفرد؛ لانفراده بمخرجه. ¬
وأمّا المتفشّي فهو الشين سمّي بذلك؛ [لاتّساع مخرجها] وأمّا الأغنّ فهو النّون الخفيفة؛ للغنّة الّتى فيها (¬1). وأمّا الخيشوميّ فهو النّون الساكنة، وتسمّى الخفيفة؛ والخفيّة؛ لخفتها وخفائها في النّطق. ¬
الفصل الثانى في الإدغام
الفصل الثانى في الإدغام وفيه خمسة فروع: الفرع الأول في تعريفه الإدغام: هو التداخل، جيء به لضرب من التخفيف، فيرتفع اللّسان بالحرفين دفعة واحدة حرفا مشدّدا، حيث ثقل التقاء المتجانسين على ألسنتهم، ولا يخلو الإدغام أن يكون في: المثلين أو المتقاربين، وكلّ منهما لا يخلو: أن يكون متصلا في كلمة واحدة، أو منفصلا في كلمتين، وينقسم إلي: واجب، وجائز، وممتنع. أمّا الواجب فنوعان: أحدهما: أن يسكن الحرف الأوّل ويتحرك الثانى (¬1)، نحو: لم يبرح حاتم، ولم أجعل لك. والآخر: أن يلتقي الحرفان في كلمة، وليس أحدهما ¬
للإلحاق (¬1)، نحو: ردّ، ويردّ، ومردّ (¬2)؛ لأنّك إذا أدغمت الملحق فقد نقضت الإلحاق. وأمّا الجائز: فهو أن يلتقى الحرفان متحركين في كلمتين، وقبلهما متحرّك أو مدّة، نحو: الجمل لك، والمال لزيد، ولك في هذا الإدغام والتّرك (¬3). وأما الممتنع فأربعة أنواع: الأول: أن يتحرك الأول ويسكن الثاني نحو ظللت، ورسول الحسن (¬4). الثاني: أن يكون أحدهما للإلحاق نحو مهدد، وقد ذكرناه (¬5). الثالث: أن يكون ما قبل الأول حرفا ساكنا غير مدة، نحو: وليّ يحيى، وعدوّ وليد (¬6). الرابع: أن يؤدّي الإدغام إلى ما ليس بمثال للفعل، نحو: ظلل، وسرر (¬7). ¬
وإذا أردت الإدغام فلا بدّ من سكون الحرف الأوّل؛ ليمكن النّطق به، فإن كان ساكنا أدغم في الذي بعده، وأن كان متحركا سكّن وأدغم (¬3). ¬
الفرع الثاني في إدغام المثلين
الفرع الثاني في إدغام المثلين وهو صنفان: الصنف الأول إذا كانا في كلمة واحدة وله أحكام: الحكم الأول: أن يجتمعا فيها عينا ولاما، ولا يخلو أن يكونا في فعل أو اسم. أما الفعل الثلاثي فتدغم أبنيته جميعها، نحو: فرّ، يفرّ، ومدّ يمدّ، وسرّ يسرّ، فإن سكن آخر الفعل؛ لوقف أو جازم أظهرت في لغة الحجاز (¬1)، وأدغمت في لغة غيرهم (¬2)، نحو: اردد، ولم يردد، وقد ذكرنا ذلك في باب الوقف (¬3). وأمّا الاسم فيشارك الفعل في" فعل" بالكسر، و" فعل" بالضّمّ، نحو:" رجل ضفّ الحال (¬4)، وعفّ المئزر؛ لأنّ أصله ضفف ¬
الحكم الثانى
وعفف، وقد شذّ في بعض الكلام، قالوا: قوم ضففو الحال (¬1)، فإن كان الاسم على" فعل"، بالفتح، لم يدغم، نحو: طلل، وشرر، وإن خرج الاسم عن وزن الفعل لم يدغم، نحو: سرر، وظلل (¬2)، ومرر. الحكم الثانى: إذا كان المثلان لاما، فإمّا أن تكون ملحقة أو غير ملحقة، فالملحقة لا تدغم نحو: مهدد، وقعدد، ملحقين بجعفر وبرثن؛ لما سبق (¬3)، وغير الملحقة تدغم، نحو: احمرّ، واحمارّ، ومحمرّ، ومحمارّ. الحكم الثالث: إذا لحقت الألف والنون آخر هذه الأبنية، فحكمها حكمها قبل أن يلحقاها، فإن كانت الكلمة مفتوحة العين لم تدغم، نحو: رددان (¬4)؛ لأنّ أصله ردد، وإن كانت مكسورة أو مضمومة أدغمت (¬5)، نحو: ضفّان، وعفّان، والأخفش يظهر الجميع، ويقول: هو ملحق بالألف والنّون (¬6) فله حكم الملحق. الحكم الرابع: إذا كان قبل الحرف الأوّل حرف ساكن، فلا يخلو أن يكون حرفا صحيحا أو حرف لين، فإن كان صحيحا نقلت حركة الحرف ¬
الأوّل إلى الساكن الصحيح، نحو: استعدّ ومستعدّ (¬1)، وإن كان حرف لين أدغمت من غير نقل (¬2)، نحو محمارّ، وتمودّ الثوب، وأصيمّ أصله: محمرر (¬3) وتمودد، وأصيمم (¬4). الحكم الخامس: إذا اجتمع كلّ واحد من الواو والياء مع مثله، أدغمت، نحو: مغزوّ، ومدعوّ، ومرميّ، ومقضيّ بوزن مضروب (¬5). ¬
الصنف الثانى إذا كان المثلان في كلمتين
الصنف الثانى إذا كان المثلان في كلمتين وله أحكام: الحكم الأول: أن يكون قبل الحرف الأوّل متحرّك، ويجوز لك فيه الإدغام والترك، نحو: جعل لك، وفعل لبيد، وترك الإدغام لغة الحجاز (¬1). الحكم الثانى: أن يكون قبل الحرف الأوّل ساكن، ولا يخلو أن: يكون صحيحا، أو حرف مد، فإن كان حرف مدّ فلك الإدغام والترك، نحو: حمار راشد، والمال لك، وهم يظلمونني، والترك هاهنا أحسن (1)، وإن كان صحيحا فلا يجوز [لك] (¬2) الإدغام، نحو: ابن نوح، واسم موسى (¬3) ولكن لك فيه الإخفاء (¬4)، وقد شذ عبشّمس، في: عبد شمس، فأدغموا الدال في الشين، وضموا الباء الساكنة، وهذا من تغيير الأعلام (¬5). ¬
الحكم الثالث
الحكم الثالث: إذا اجتمع كلّ واحد من الواو والياء مع مثله، فلا يخلو ما قبل الأول أن تكون حركته من جنسه أو من غير جنسه، فإن كانت من جنسه لم تدغم (¬1)، ولك الإخفاء، نحو: ظلموا واقدا، واضربى ياسرا، وإن لم تكن الحركة من جنسه فلك الإدغام، نحو: اخشوا واقدا، واخشي يّاسرا. ¬
الفرع الثالث في إدغام المتقاربة
الفرع الثالث في إدغام المتقاربة وفيه صنفان: الصنف الأول فى أحكام كلّيّة تخصّها [الحكم الأول: الحروف المتقاربة:] الحكم الأول: الحروف المتقاربة: ما قرب مخارج بعضها من بعض، وهي في الإدغام على ضربين: أحدهما يجري الإدغام فيه، والآخر: لا يجري. والذي يجري فيه الإدغام نوعان: أحدهما: يجوز إدغام كلّ واحد من الحرفين في الآخر، نحو الدال والتاء. والثانى: يجوز إدغام أحد الحرفين في الآخر، ولا يجوز إدغام الآخر فيه، نحو الراء واللام (¬1)، فالذى [لا] (¬2) يجري فيه الإدغام الألف (¬3)، وسترى هذا مفصلا في الصنف الثاني (¬4). ¬
الحكم الثاني: إدغام المتقاربين على ثلاثة أنواع
الحكم الثاني: إدغام المتقاربين على ثلاثة أنواع: الأوّل: وهو الأصل: أن تقلب الحرف الأول إلى لفظ الثّاني، ثم تدغم (¬1)، كقولك اضرب مّعنا، تقلب الباء ميما، ثم تدغمها في ميم معن، وكقوله تعالى:" وَقالَتْ طائِفَةٌ" (¬2) قلبت التاء طاء ثم أدغمتها. الثاني: تقلب الحرف الثاني إلى لفظ الحرف الأول ثمّ تدغم (¬3)، نحو: اصّبر، في: اصطبر، قلبت التاء صادا وأدغمتها في الصاد، ونحو: اظّلم في: اظطلم، قلبت الطّاء ظاء، ثمّ أدغمت. الثالث: تقلب الحرفين معا إلى غيرهما وتدغم (¬4)، نحو اقطحّلالا، في: اقطع هلالا، قلبت العين والهاء حاءين، ثم أدغمت. الحكم الثالث: أحسن الإدغام في المتقاربين ما كان من حروف الفم، وما قرب منها (¬5)، وأحسن ما يكون منها فيما كان أشدّ تقاربا، وأكثرها حسنا إذا توالت في الكلمتين خمسة أحرف (¬6) متحركة، سواء كان الحرفان متقاربين أو متماثلين، نحو قدم رباح، وجعل لك، وما كان أقل تقاربا، وأقل متحركات كان ترك الإدغام فيه أحسن. وأقبح الإدغام حروف الحلق وما قرب منها (¬7). ¬
الحكم الرابع: قد يعرض للمقارب من الموانع ما يحرمه الإدغام، ويتفق للمباعد من الخواصّ ما يحسن معه الإدغام، ألا تري أنّهم لم يدغموا الراء والشين والضاد والفاء والميم، ويجمعها: (مرض شفّ) في ما يقاربها من الحروف، وأدغموا ما يقاربها فيها (¬1)، فلم يدغموا الميم في الباء، ولا الراء في اللام، ولا الضاد في اللام، ولا الشين في الجيم، ولا الفاء في الباء، وأدغموا الباء في الميم، واللام في الراء، والجيم في الشين، واللام في الضاد، والباء في الفاء، كما ستراه (¬2). وأما المتباعدة فقد أدغموا الواو في الباء، نحو: طيا، في: طويا (¬3). الحكم الخامس: في إدغام الحروف المطبقة مذهبان: أحدهما: أن تبقي الإطباق كما تبقي الغنّة في النّون. والآخر: أن تذهب الإطباق، والأوّل أولى (¬4)، كقوله تعالى:" أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ" (¬5)، وقوله:" لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ" (¬6) فإظهار الطّاء أولى من التاء. الحكم السادس: لا يخلو المتقاربان أن يكونا: في كلمة واحدة أو في كلمتين، فإن كانا في كلمة واحدة، وكان الإدغام يلبس، لم يجز، نحو: قنو، وعتد، ووتد، وزنماء (¬7) وزنم، لم يدغم؛ لأنّه كان يصير: ¬
قوّ، وعدّ، وودّ، وزمّاء، وزمّ، ولذلك قالوا: وتد يتد، ووطد يطد، وقالوا في مصدرهما: تدة، وطدة، كأنّهم كرهوا وتدا ووطدا؛ لأنّهم مع بيانه وإدغامه بين نقل مكروه، ولبس مانع (¬1)، فأمّا ودّ فليس مدغما، ولكنه لغة في: وتد (¬2)، ومنهم من جعله مدغما (¬3)، فإن أمن اللبس جاز الإدغام، نحو: امّحى وهمّرش (¬4)، أصلهما: انمحى وهنمرش، ووزنهما انفعل وفنعلل، فأدغم؛ لأنّ افّعل وفعّلل، ليس من أبنيتهم؛ فأمنوا اللبس. وإن كان المتقاربان في كلمتين، وقبل الأول متحرك أو مدة، فالإدغام جائز؛ لأنّه لا لبس فيه ولا تغيير، نحو: اقطع حبلك، ومن لك، وعن رأسك، والمال لك. ¬
الصنف الثانى في تفصيل الحروف وما يجري فيها من الإدغام نفيا وإثباتا
الصنف الثانى في تفصيل الحروف وما يجري فيها من الإدغام نفيا وإثباتا ونحن نذكرها في (¬1) سياق مخارجها. أمّا الهمزة فلا تدغم في مثلها إلّا أن تكون عينا مضاعفة، نحو: سأّل، وسأّل، وسؤّل جمع سائل، لأنّهم إذا التقت همزتان في كلامهم ألزموا الثانية التخفيف، فتنقلب واوا أو ياء أو ألفا، فتبعد عنها (¬2)، قال سيبويه: فأمّا الهمزتان فليس فيهما إدغام كقولك: قرأ أبوك وأقرئ أباك (¬3)، قال (¬4): وزعموا أنّ ابن أبى اسحاق كان يحقّق الهمزتين وناس معه، وهي لغة رديئة، فيجوز علي ذلك إدغام الهمزة في مثلها، ولا تدغم الهمزة في غيرها، ولا يدغم غيرها فيها. وأما الألف فلا تدغم البتة، لا في مثلها ولا في مقاربها، ولا يدغم فيها غيرها؛ لأنّها لا تكون إلا ساكنة. وأما الهاء فتدغم في الحاء أين وقعت، قبلها أو بعدها، نحو: اجبه ¬
حاتما (¬1)، واذبح هذه (¬2)، والبيان أحسن (¬3)، ولا يدغم فيها إلا مثلها نحو: اجبه هلالا (¬4). وأما العين فتدغم في مثلها (¬5)، نحو: اسمع عنّي، وقد قرئ (¬6): " مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ [إِلَّا بِإِذْنِهِ] (¬7) " (¬8)، وتدغم في الحاء أين وقعت قبلها أو بعدها، نحو: ارفع حاتما، واربح عشرا، وتدغم في الهاء بأن تقلبها معا حاءين، نحو: اقطع هلالا (¬9)، والبيان أحسن (¬10)، وبنو تميم يقولون في معهم: محّم وفي مع هؤلاء: محّاولاء (¬11). وأما الحاء فتدغم في مثلها، نحو: اذبح حّملا (¬12)، ولا تدغم في ¬
العين، وروي (¬1) عن أبي عمرو إدغامها فيها، كقوله تعالى:" فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ" (¬2)، قال سيبويه: (ولكنك لو قلبت العين حاء فقلت في امدح عرفة: امد حرّفة، جاز) (¬3). وأما الغين فتدغم في مثلها نحو: ادمغ غانما (¬4)، وعليه قراءة أبي عمرو (¬5) " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ" (¬6)، وتدغم في الخاء. كقوله: ادمغ خلفا، والبيان أحسن (¬7). وأما الخاء فتدغم في مثلها (¬8) نحو: اسلخ خروفا، وفي الغين المعجمة نحو: اسلخ غنمك، والبيان أحسن (¬9). وأما القاف فتدغم في مثلها نحو: الحق قاسما (¬10)، وفي الكاف، نحو: اصدق كّثيرا، والبيان أحسن (¬11)، وكقوله تعالى:" فَلَمَّا ¬
أَفاقَ قالَ" (¬1)، وكقوله:" وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ" (¬2). وأما الكاف فتدغم في مثلها (¬3)، نحو: املك كّنزا، وفي القاف، نحو: املك قّنطارا، والإدغام أحسن (¬4)، وكقوله تعالى:" وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً" (¬5). وأما الجيم فتدغم في مثلها، نحو: أخرج جّابرا (¬6)، وفي الشين، نحو: أخرج شيّئا (¬7)، وروى (¬8) عن أبى عمرو إدغامها في التاء، كقوله تعالى:" ذِي الْمَعارِجِ تَعْرُجُ" (¬9). وأمّا الشّين فلا تدغم إلّا في ¬
مثلها، كنحو (¬1): اعطش شّيخا (¬2). وأمّا الياء فتدغم في مثلها متّصلة، نحو: حيّ وعيّ، في حيي وعيي، وشبيهة بالمتصلة، كقاضيّ وراميّ (¬3)، ومنفصلة إذا انفتح ما قبلها، نحو: اخشي يّاسرا (¬4)، فإن انكسر ما قبلها في المنفصل، أو كان قبلها ياء مشددة لم تدغم، نحو: اطلبي ياسرا (4)، ووليّ يزيد. وأمّا الضاد فلا تدغم إلا في مثلها (¬5)، نحو: ادحض ضّعيفا، وروى (¬6) عن أبي عمرو أنّه أدغمها في الشين، في قوله تعالى: " لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ" (¬7). وأمّا الّلام فلا يخلو أن تكون: لام المعرفة، أو غيرها، فأمّا لام المعرفة فتدغم في نفسها، وفي ثلاثة عشر حرفا إدغاما لازما، وهي: الشين، والضاد، والطاء، والدال، والتاء، والظاء، والذال، والثاء والصاد، والسين، والزاي، والراء، والنون (¬8)، نحو: ¬
ابن الأثير (حياته - ومؤلفاته)
يريد: هل شئ؟ وقرأ أبو عمرو (¬1): (هثوب الكفار ما كانوا يفعلون) (¬2) و (تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) (¬3) في هل ثوّب، وبل تؤثرون، قال سيبويه: وإدغام الّلام في النون أقبح من جميع هذه الحروف (¬4)، كقولك: هنّخرج، وبنّحن، في: هل نخرج، وبل نحن. وأمّا الرّاء فلا تدغم إلّا في مثلها (¬5) نحو: (اذْكُرْ رَبَّكَ) (¬6). وأمّا ما يروى (¬7) عن أبي عمرو من إدغام الراء في اللام (¬8)، فنحاة البصرة لا يجيزونه، ويجلّون أبا عمرو عنه (¬9)، ولم يروه عنه أحد إلا القرّاء، وهو غير معروف عندهم، وقالوا (¬10): إن أبا عمرو كان يرقّق الرّاء ويخفيها؛ ¬
فيعتقدها السامع إدغاما، وقد أجاز ذلك الكسائى (¬1)، والفراء (¬2) ويعقوب الحضرمى (¬3). وأمّا النّون فلها أربعة أحوال: الأوّل: تدغم في نفسها وخمسة أحرف يجمعها (يرملون) (¬4)، بغنّة، وغير غنّة (¬5)، نحو: من يّحيي، ومن رّاشد، ومن مّعن، ومن لّبيد، ومن وّاقد، ومن نّصر. الثانى: تبيّن مع حروف الحلق (¬6)، وهي: الهمزة، والهاء، والعين والحاء، والغين، والخاء، نحو: من أجلك، ومن هذا، ومن عندك، ومن حقك، ومن غيرك، ومن خالد، وقد أخفاها قوم مع الغين والخاء المعجمتين؛ لقربهما من حروف الفم (¬7). الثالث: تقلب ميما إذا كانت ساكنة وبعدها باء، نحو: عمبر، وشمباء، في عنبر وشنباء (¬8). ¬
الرابع: تخفى مع باقي الحروف وهي خمسة عشر حرفا (¬1)، نحو من تائب، ومن ثالث، ومن جابر، ومن داخل، ومن ذاكر، ومن زاهد، ومن سالم، ومن شاكر، ومن صاعد، ومن ضامن، ومن طالب، ومن ظالم، ومن فاسق، ومن قاعد، ومن كاتب. قال المازنيّ: (وبيانها مع حروف الفم لحن) (¬2)، ومعنى البيان: هو أن تعرّيها من الغنّة فتخرجها من الفم ولا تجد لها في الأنف أثرا، ومعنى الإخفاء: أن تكسوها غنّة مشبعة تخفى فيها، وتخرجها من الأنف، كأنّك لا تجد لها في الفم أثرا، وهذا إذا كانت ساكنة، فأمّا إذا كانت متحرّكة لم تكن إلّا من الفم، ولم يجز إلّا إثباتها. وأما الطّاء فتدغم في نفسها، وفي أحد عشر حرفا أخرى (¬3)، وهي: الدّال والتّاء والظّاء والذّال والثّاء والضّاد والشّين والجيم والصاد والسين والزاي، نحو: اضبط طّالبا، واضبط دّاود، وفرّط تّالدا، واضبط ظّالما، واضبط ثّابتا، واضبط ذّاكرا، واضبط ضّامنا، واضبط شّاكرا، واضبط جّابرا، واضبط صّابرا، واضبط سّالما، واضبط زّائرا، وإدغامها في الدّال أحسن منه في التّاء (¬4). ¬
وأمّا الدّال فتدغم في نفسها وفيما أدغمت فيه الطّاء (¬1)، نحو: احمد دّاود، واحمد طّالبا، واحمد تّائبا، واحمد ظّاهرا، واحمد ثّابتا، واحمد ذّاكرا، واحمد ضّامنا، واحمد شّاكرا، واحمد جّابرا، واحمد صّابرا، واحمد سّالما، واحمد زّاهدا. وأما التاء فتدغم في نفسها وفي هذه الأحرف الأحد عشر (¬2)، نحو: انعت، تّائبا، وانعت طّالبا، وكذلك باقي الأمثلة المذكورة في الطّاء والدّال، وكلّ هذه الأمثلة قرأ بها أبو عمرو أو أكثرها (¬3). وللتّاء حكم يتعلّق بها في الافتعال، ونسذكره في الفرع الرابع (¬4). وأمّا الظاء فكذلك تدغم في نفسها وفي هذه الحروف الأحد عشر (¬5)، نحو: احفظ ظّاهرا، واحفظ طّالبا، وباقى الأمثلة. وأمّا الثّاء والذّال فمثل الظّاء (¬6)، نحو: ابعث ثّائرا، وابعث ظّالما، وابعث طّالبا، ونحو: خذ ذّاكرا، وخذ ظّالما، وخذ طّالبا، وكذلك باقي الأمثلة. ¬
وأما الصّاد فتدغم في نفسها وفي السّين والزّاي (¬1)، نحو: انقص صّاعدا، ورقّص سّالما، وحرّص زّاهدا. وأما السّين والزّاي فحكمهما حكم الصّاد، يدغمان في مثلهما وفي الصاد، نحو: احرس سّالما، واحرس صّابرا، واحرس زّاهدا، ونحو: احرز زّائرا، واحرز سّالما، واحرز صّابرا. وأما الفاء فلا تدغم إلّا فيّ مثلها (¬2)، نحو لا تسرف فيّ الأمر، وقرأ الكسائى. (نَخْسِفْ بِهِمُ) (¬3) فأدغمها في الباء (¬4)، وهو ضعيف (¬5). وأمّا الباء فتدغم في مثلها وفي الفاء والميم (¬6)، نحو: اذهب بزيّد، واذهب فإنّى معك. واذهب مّن عندي. وأمّا الميم فلا تدغم إلا في مثلها (¬7)، نحو: كم مّعك، وأكرم مّحمدا وقد روي عن أبى عمرو (¬8) إدغامها في الباء إذا تحرّك ما قبل الميم، كقوله تعالى: ¬
" اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ" (¬1) وليس بإدغام، ولكنّه إخفاء كان يتعمّده أبو عمرو في مواضع من قراءته (¬2). وأما الواو فلا تدغم إلّا في مثلها، وفي الياء، نحو: عدوّ، وطيّ، ولها ضابط وهو إذا كانت (¬3) في كلمتين فلا تدغم إلّا إذا كان [ما] (¬4) قبلها مفتوحا نحو: اخشوّا وّاقد، وإن كان مضموما لم تدغم، نحو: ضربوا وليدا، فإن كانت الواو في كلمة واحدة وكانت الأولى ساكنة غير منقلبة من الألف جاز إدغامها، نحو: عدوّ، ومغزوّ، فإن كانت منقلبة لم يجز، نحو: قووم، وقوول (¬5)، من قاوم وقاول، وتدغم في الياء إذا سكنت وقبلها فتحة، نحو: طويته طيّا، ولويته ليّا، الأصل: طويا ولويا (¬6). ¬
الفرع الرابع في تاء الافتعال
الفرع الرابع في تاء الافتعال ولها أحكام: الحكم الأول: إذا بنيت افتعل وما تصرّف منه ممّا يقع الإدغام فيه (¬1)، [نحو: اقتتلوا واشتتموا، فلك فيه البيان والإدغام (¬2)]، فإن بيّنت فهو الأصل، وإن أدغمت فلك فيه مذهبان. أحدهما: أن تسكّن التاء الأولى وتدغمها في الثانية، وتنقل حركتها إلى الفاء، فتستغني بالحركة عن همزة الوصل، وتحذفها، فتقول: قتّلوا بالفتح (¬3) بوزن قدّموا. والثانى: أن تحذف حركة تاء الافتعال، ولا تنقل حركتها إلى الفاء، ثمّ تدغم فيلتقى ساكنان هما الفاء وتاء الافتعال، فتحرّك الفاء بالكسر، وتسقط همزة الوصل، فتقول: قتّلوا، بكسر القاف (¬4)، وهذا أوضح المذهبين، لأنّ الأوّل يلتبس بفعّل. فإن بنيت منه فعلا مضارعا قلت على الأول: ¬
الحكم الثاني
يقتّلون، بفتح القاف وكسر التاء (¬1)؛ لأنّ الأصل: يقتتلون فألقيت حركة التاء على القاف، وأدغمت التاء في التاء الأخرى، وهي مكسورة؛ وتقول على المذهب الثاني: يقتّلون، بكسر القاف؛ لالتقاء الساكنين (¬2)، ومنهم من يكسر حرف المضارعة إتباعا (¬3). فإن بنيت منه اسم فاعل فهذا حكمه، نحو مقتّل، ومقتّل بفتح القاف وكسرها (¬4)، وقوم من العرب (¬5) يقولون: مردّفين (¬6)، بضم الراء إتباعا لحركة الميم، أرادوا: مرتدفين، فأمّا مصدره فلا يجوز فيه فتح القاف، لأن الأصل: اقتتال، فأدغمت التاء في التاء (¬7)، وألقيت حركة التاء على القاف، وهي كسرة، فسقطت همزة الوصل، فقلت: قتّال. الحكم الثاني: إذا كان قبل تاء الافتعال حرف مطبق قلبت طاء، إلّا أنّها لا تكون مع الطاء إلّا مدغمة، نحو: اطّلب، واطّعن (¬8)، وأمّا مع ¬
الحكم الثالث
الظّاء، فإنّها تبيّن، نحو: اظطلم، وتدغم بقلب الطّاء ظاء، أو الظّاء (¬1)، طاء، نحو: اظّلم، واطّلم (¬2). وأمّا مع الصّاد فإنّها تبيّن، نحو: اصطبر واصطفى، وتدغم بقلب الطاء صادا، نحو: اصّبر واصّفى، ولا يجوز اطّبر واطّفى (¬3). الحكم الثالث: إذا كان قبل تاء الافتعال دال أو ذال، أو زاي، قلبت دالا، أمّا الدّال والذّال فتدغم معها، نحو: ادّان وَادَّكَرَ (¬4) الأصل: ادتان، واذتكر، فقلبت التاء دالا، وقلبت الذّال دالا، ولك أن تقلب دال" اذدكر" ذالا معجمة وتقول: اذّكر بذال مشددة معجمة (¬5)، وقد حكي (¬6): اذدكر، ومذدكر. وأمّا مع الزّاي فتبيّن الدّال المنقلبة عنها، نحو: ازدان، وتدغم بقلب الدال زايا، نحو: ازّان (¬7). الحكم الرابع: إذا تقدم تاء الافتعال ثاء مثلثة، فلا تكون إلا مدغمة، تقلب كل واحدة منهما إلى صاحبتها، نحو: اثّأر واتّأر، ونحو: مثّرد، ومتّرد، في اثتأر، من الثّأر، واثترد، من الثّريد (¬8). ¬
الحكم الخامس
الحكم الخامس: إذا تقدمت تاء الافتعال سين" قلبت سينا وأدغمت، نحو: اسّمع، ومسّمع، ولا تقول: متّمع، والأصل البيان، نحو: استمع، ومستمع (¬1). الحكم السّادس: قد شبّهوا تاء الضّمير بتاء الافتعال فقلبوها؛ لتشاكل ما قبلها، قالوا في، خبطت: خبطّ (¬2)، قال سيبويه (¬3): وسمعناهم ينشدون هذا البيت: وفي كلّ حيّ قد خبطّ بنعمة … فحقّ لشأس من نداك ذنوب (¬4) ¬
الحكم السابع
وقالوا في فزت: فزد (¬1)، وفي عدته: عدّه (¬2)، فإن تحركت تاء الضّمير، وسكنت هذه الحروف بعدها، لم تدغم، نحو: استطعم، واستضعف، واستدرك، لأنّ الأوّل متحرك والثانى ساكن، وأجروا استطال واستدان واستقال مجراه؛ لأنّها فى نيّة السّكون (¬3). الحكم السابع: قد أدغموا تاء تفعّل وتفاعل فيما بعدها نحو: اطّيّرو، وازّيّنو، وادّارؤا، واثّاقلوا، الأصل: تطيّروا، وتزيّنوا، وتدارؤا وتثاقلوا، فلمّا أسكنوا التّاء للإدغام اجتلبوا همزة الوصل؛ توصلا إلى النّطق بالسّاكن (¬4). الفرع الخامس قد شذّ من الإدغام قولهم: ستّ، أصله: سدس، أبدلوا السّين تاء ثمّ أدغموا (¬5)، ومنه ود فى لغة تميم، و [هو (¬6)] في لغة الحجاز: وتد، فمنهم من جعله مدغما فيه، بعد أن أسكنوا التاء (¬7)، قال ابن السّرّاج (¬8): ومثله ¬
عدّان، في عتدان، شبّهوه بودّ، وقلّما تقع التاء فى كلامهم ساكنة فى كلمة قبل الدّال، وقد عدلوا فى بعض الأماكن الّتي يلتقي فيها المثلان والمتقاربان، فقالوا في ظللت، ومسست، وأحسست: ظلت، ومست، وأحست (1)، كما قالوا في يستطيع: يسطيع (¬1)، وقالوا في بني العنبر وبني الحارث: بلعنبر وبلحارث، وكذا يفعلون بكل قبيلة تظهر فيها لام المعرفة (¬2). وقال بعضهم: علماء بنو فلان، يريدون على الماء بنو فلان (¬3). ¬
الباب العشرون في جائزات الشعر
الباب العشرون في جائزات الشعر ويجوز فيه ما لا يجوز في النثر عند الاصطرار، وليس للشاعر أن يلحن، ولكن (¬1) يسلك طريقا له فيه مذهب، وليس له أن يفعل في شعره ما أراد؛ لدفع ضرورته، وإنّما يجوز له ما يستند إلى أصل فعلته العرب، فيسلك ما سلكوا ويقتدى بهم فيما فعلوا، قال سيبويه (¬2): وليس شيء يقصدون إليه إلّا وهم يحاولون به وجها، فإن جهلنا ذلك فإنما جهلنا ما علمه غيرنا، أو يكون وصل [إلى (¬3)] الأوّل شيء لم يصل إلى الآخر، وقال ابن السراج: (ليس للشّاعر أن يحذف ما اتّفق له، ولا أن يزيد ما شاء، بل لذلك أصول يعمل عليها، فمنها ما يحسن أن يستعمل ويقاس عليه، ومنها ما جاء كالشّاذّ، ولكنّ الشّاعر إذا فعل ذلك فلا بدّ من أن يكون قد ضارع شيئا بشيء، وإنما التشبيه يختلف، فمنه قريب، ومنه بعيد) (¬4)، وقد ذكر العلماء من جائزات الشعر أنواعا كثيرة، رأيناها أو أكثرها منحصرة في أربعة أنواع: زيادة، وحذف، ونقل، وبدل، وكل ما ذكروه من ضروب الجائزات لا يكاد يخرج عنها إلّا قليلا. ¬
النوع الأول (في الزيادة)
النوع الأول (في الزيادة) وهي قسمان: حروف، وحركات: القسم الأول (في الحروف) الهمزة: أثبتوها في مضارع الفعل الرباعي في قوله: فإنّه أهل لأن يؤكرما (¬1) وفي قوله: وصاليات ككما يؤثفين (¬2) وإنّما يقال: يكرم ويثفى. فردّه إلى الأصل. ¬
الألف: أثبتوها مع الجازم في الفعل المعتلّ، كقوله (¬1): وتضحك منّي شيخة عبشميّة … كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا وأشبعوا الفتحة فصارت ألفا، كقوله: بينا نسوس النّاس والأمر أمرنا … إذا نحن فيهم سوقة نتنصّف (¬2) وإنما هو بين. ¬
وأثبتوها مع أنا في الوصل، وإنما تثبت في الوقف كقوله: أنا سيف العشيرة فاعرفوني … حميدا قد تذرّيت السّناما (¬1) الألف واللام: أثبتوهما في المنادى الملاصق، غير اسم الله تعالى، كقوله: فيا الغلامان الّلذان فرّا … إيّاكما أن تكسبانا شرّا (¬2) وأدخلوهما على الفعل المضارع، كقوله: يقول الخنا وأبغض العجم ناطقا … إلى ربّنا صوت الحمار اليجدّع (¬3) ¬
وعلى المضاف تشبيها بالحسن الوجه، كقوله: من القوم الرّسول الله منهم … لهم دانت رقاب بنى معدّ (¬1) الراء: زادوها لإقامة النون في قوله: وعافت من جبال الصّغد نفسى … وصدّت عن جبال خواررزم (¬2) وليست الراء منفردة بالزيادة، وإنّما هي تمثيل في جواز زيادة حرف للوزن. الكاف: أدخلوها على كاف التّشبيه، في قوله: وصاليات ككما يؤثفين (¬3) النون: أثبتوا نون الجمع مع الإضافة إلى المضمر، كقوله: ¬
هم القائلون الخير والآمرونه … إذا ما خشوا يوما من الدّهر معظما (¬1) وأثبتوا نون التوكيد الخفيفة في الواجب والشرط والجزاء، كقوله: ربّما أوفيت في علم … ترفعن ثوبي شمالات (¬2) ¬
وكقوله: فمهما تشامنه فزارة يعطه … ومهما تشا منه فزارة يمنعا (¬1) يريد: يمنعن (¬2). وأثبتوا نون الأفعال الخمسة في النصب والجزم، كقوله: ونحن منعنا البحر أن يشربونه … وقد كان منهم ماؤه بمكان (¬3) ¬
وكقوله: لولا فوارس من نعم وأسرتها … يوم الصّليفاء لم يوفون بالجار (¬1) وأثبتوا نون الوقاية مع الإضافة، كقوله: وليس حاملني إلّا ابن حمّال (¬2) ¬
وأثبتوا نون" من" في الحكاية مع الوصل كقوله: أتوا ناري فقلت: منون أنتم … فقالوا: الجنّ، قلت: عموا ظلاما (¬1) وأثبتوا نون مئتين مع المفسر المفرد، كقوله: إذا عاش الفتى مئتين عاما … فقد ذهب اللّذاذة والفتاء (¬2) التنوين: أثبتوه مع المنادى المعرفة كقوله: سلام الله يا مطر عليها … وليس عليك يا مطر السّلام (¬3) ¬
وأثبتوها فى مئة، ونصبوا ما بعدها، كقوله: مئة غلاما (¬1) الهاء: أثبتوها في الأم مع من يعقل، وفي جمع ما لا يعقل، كقوله: أمّهتي خندف واليأس أبي (¬2) ¬
وكقوله: قوّال معروف وفعّاله … عقّار مثنى أمّهات الرّباع (¬1) الواو: أثبتوها مع الجازم في الفعل المعتل، كقوله: هجوت زبّان ثمّت جئت معتذرا … من هجو زبّان لم تهجو ولم تدع (¬2) ¬
وأشبعوا الضمة فصارت واوا كقوله: وأنّني حيثما يشري الهوى بصري … من نحو أرضكم أدنو فأنظور (¬1) وأعادوا الواو المحذوفة من غد، كقوله: وما النّاس إلّا كالدّيار وأهلها … بها يوم حلّوها وغدوا بلاقع (¬2) الياء: أثبتوها مع الجازم في الفعل المعتل، كقوله: ألم يأتيك والأنباء تنمى … بما لاقت لبون بني زياد (¬3) ¬
وشددوا ياء الذي كقوله: وليس المال فاعلمه بمال … وإن أغناك إلّا للّذيّ يريد به العلاء ويصطفيه … لأقرب أقربيه والقصيّ (¬1) وأشبعوا الكسرة فصارت ياء، كقوله: تنفي يداها الحصى في كلّ هاجرة … نفي الدّراهيم تنقاد الصّياريف (¬2) ¬
التشديد: شدّدوا حرف الإعراب في غير الوقف، كقوله (¬1) في الجرّ: كأنّ مهواها على الكلكلّ … موضع كفّي راهب يصلّي (¬2) وكقوله في النصب: ضخم يحبّ الخلق الأضخمّا (¬3) ¬
حرف النداء والميم: جمعوا بينهما في اللهم، كقوله: إنّي إذا ما حدث ألمّا … أقول: يا اللهمّ يا اللهمّا (¬1) أن وكاد: كقوله: قد كاد من طول البلى أن يمصحا (¬2) ¬
تأنيث المذكر كقوله: يا أيّها الرّاكب المزجي مطيّته … بلّغ بني أسد ما هذه الصّوت (¬1) وكقوله: وتشرق بالقول الذي قد أذعته … كما شرقت صدر القناة من الدّم (¬2) ¬
وكقوله: لمّا أتى خبر الزّبير تواضعت … سور المدينة والجبال الخّشع (¬1) فهذه الأمثلة وأضرابها إنّما أنّثها على تأوّل (¬2). مد المقصور: قد أجازه، الكوفيون ومنع منه البصريون (¬3)، كقوله: ¬
قد علمت أخت بني السّعلاء … أن نعم مأكولا على الخواء (¬1) وكقوله: سيغنينى الّذي أغناك عنّي … فلا فقر يدوم ولا غناء (¬2) وأجازوا [ذلك (¬3)] في كل ما لم يكن له قياس من المقصور (¬4)، والأخفش يجيزه في المقيس والمسموع (¬5). ¬
صرف ما لا ينصرف: وهو أقيس هذه الجائزات وأكثرها استعمالا، وكان الأولى أن نذكره فى أول الأنواع، وإنما أخرناه، لأنّه يشترك فيه الحرف والحركة، وهما التنوين والجر، فللشاعر أن يصرف جمع ما لا ينصرف، إلّا أن تكون ألفا للتأنيث فلا ينوّن، كقوله: فلتأتينك قصائد وليركبن … جيش إليك قوادم الأكوار (¬1) ¬
وكقوله: قواطنا مكّة من ورق الحمى (¬1) وقال قوم (¬2): إنّ" أفعل" الذى معه" من كذا" نحو: هذا أفضل منك (¬3)، لا يصرف في الشعر؛ لأنّ" منك" يقوم مقام المضاف إليه، قال ابن السراج: وهذا منهم خطأ (¬4). ¬
القسم الثانى من الزيادة في الحركات
القسم الثانى من الزيادة في الحركات فكّ الإدغام: وهو تحريك الحرف الأول من الحرف المشدد، فإنّه وإن كان ساكنا فإن حركته مقدرة في الأصل، كقوله: مهلا أعاذل قد جرّيت من خلقي … [أنّي (¬1)] أجود لأقوام وإن ضننوا (¬2) يريد: وإن ضنّوا. ¬
وكقول الآخر: الحمد لله العليّ الأجلل (¬1) يريد الأجلّ، وكقول الآخر: قد علمت ذاك بنات ألبيه (¬2) يريد: بنات ألبّ هذا الحي، أي: أعقله (¬3) ¬
تصحيح المعتل: ترفع ياءاته وتجر، كما يرفع الصحيح ويجر، كقوله: وكأنّ بلق الخيل في حافاته … ترمي بهنّ دوالي الزّرّاع (¬1) وكقوله: فيوما يجارينا الهوى غير ماضي … ويوما ترى منهنّ غول تغوّل (¬2) ¬
وكقوله: لا بارك الله في الغواني هل … يصبحن إلّا لهنّ مطّلب (¬1) وإذا وقعت هذه الياءات فى اسم لا ينصرف لم يصرف إلا في ضرورة الشعر، كقوله: أبيت على معاري فاخرات … بهنّ ملوّب كدم العباط (¬2) ولو صرف معاري ونونها لم ينكسر الشعر ولكنه فرّ من الزحاف (¬3)، فلما اضطر الآخر إلى الصرف صرف في قوله: ¬
ما إن رأيت ولا أرى في مدّتي … كجواري يلعبن في الصّحراء (¬1) وفي قوله: فلو كان عبد الله مولي هجوته … ولكنّ عبد الله مولى مواليا (¬2) حركة الوسط: قد حركوا الحرف الأوسط من الاسم الثلاثى بحركة الحرف الأول فتحا وكسرا وضما، فالفتح كقوله: ¬
مشتبه الأعلام لمّاع الخفق (¬1) يريد الخفق، وكقوله: ثمّ استمرّوا (¬2) وقالوا: إنّ مشربكم … ماء بشرقيّ سلمى فيد أوركك (¬3) وإنما اسم الموضع ركّ (¬4)، وهذا فك إدغام أيضا. ¬
والكسر كقوله (¬1): بسبت يلعج الجلدا (¬2) يريد الجلد، وقد حرّك المكسور بالفتح فقال: ولم يضعها بين فرك وعشق (¬3) ¬
وكان القياس أن يقول: عشق، فجعل الكسرتين فتحتين؛ لأن هذا البناء عزيز في الأسماء، وأهل اللغة يقولون: إنها لغة في العشق (¬1). والضم كقوله (¬2): ¬
النوع الثانى في الحذف
النوع الثانى في الحذف وهو قسمان: حذف حرف، وحذف حركة. القسم الأول: في حذف الحرف. الفاء: حذفوها من جواب الشرط، كقوله: من يفعل الحسنات الله يشكرها … والشّر بالشّر عند الله مثلان (¬1) فأما قول الآخر: وأنّى متى أشرف على الجانب الّذي … به أنت من بين الجوانب ناظر (¬2) ففيه قولان: أحدهما: على حذف الفاء (¬3)، والآخر: على تقديم الخبر، تقديره: وأنّي ناظر متى أشرف (¬4). ¬
اللام: حذفوا لام الأمر، وأعملوها في أحد الوجهين، كقوله: محمّد تفد نفسك كلّ نفس … إذا ما خفت من أمر تبالا (¬1) يريد: لتفد نفسك كلّ نفس، وحذفوا لام الإضافة في النفي، كقوله: وقد مات شمّاخ ومات مزرّد … وأىّ كريم لا أباك يخلّد (¬2) ¬
يريد: لا أبالك، وحذفوا لام المعرفة مع على، كقوله: ولكن طفت علماء بكر بن وائل (¬1) يريد: على الماء. ¬
النّون: حذفوا نون الجمع. ونصبوا الاسم بعدها، كقوله: الحافظو عورة العشيرة لا … يأتيهم من ورائهم وكف (¬1) وحذفوا نون التثنية، كقوله: لها متنتان خظاتا كما … أكبّ على ساعديه النّمر (¬2) وحذفوا نون لكن؛ لالتقاء الساكنين، كقوله: ¬
فلست (¬1) بآتيه ولا أستطيعه … ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل (¬2) وحذفوا نون لم يكن في حال الوصل، كقوله: لم يك الحقّ على أن هاجه (¬3) ¬
وحذفوا نون" من" في وقله: فما أنس ملأ شياء لا أنس قولها … وأدمعها يذرين حشو المكاحل (¬1) وقد حذفوا التنوين؛ لالتقاء الساكنين، كقوله] (¬2): فألفيته غير مستعتب … ولا ذاكر الله إلّا قليلا (¬3) ¬
قال شيخنا (¬1): ولا أحبّ أن أجعل ذلك ضرورة؛ لأنّه قد قرئ:" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ" (¬2) الواو: حذفوا واو الجماعة؛ اجتزاء (¬3) عنها بالضمة، كقوله: فلو أنّ الأطبّا كان حولي … وكان مع الأطبّاء الشّفاة (¬4) يريد: كانوا حولي، وحذفوا واو" هو" كقوله: فبيناه يشري رحله قال قائل: … لمن جمل رخو الملاط نجيب (¬5) أراد: فبينا هو يشري، وحذفوا الواو التابعة للضّمير المتّصل، كقوله: ¬
وما له من مجد تليد ولا له … من الرّيح فضل لا الجنوب ولا الصبا (¬1) الياء: حذفوا ياء المنقوص في الإضافة، ومع الألف واللام، كقوله: كنواح ريش حمامة نجديّة … ومسحت بالّلثتين عصف الإثمد (¬2) يريد: كنواحي ريش حمامة، وكقوله: وأخو الغوان متى يشأ يصرمنه … ويصرن أعداء بعيد وداد (¬3) ¬
يريد: الغواني، وحذفوا الياء التابعة للضّمير المتّصل، كقوله: فإن يك غثّا أو سمينا فإنّني … سأجعل عينيه لنفسه مغنما (¬1) يريد: لنفسهي. وكقوله: دار لسعدى إذه من هواكا (¬2) وحذفوا ياء الإضافة اجتزاء (¬3) عنها بالكسرة في غير النداء، والفواصل، والقوافي، كقوله: ¬
يا حار إنّي بابن أمّ عميد … كمد كأنّى في الفؤاد لهيد (¬1) يريد: يابن أمي، وحذفوا ياء التعويض، كقوله: والبكرات الفسّح العطامسا (¬2) يريد: العطاميس وحذفوا الياء المبدلة من الهمزة، كقوله: ¬
يشجّج رأسه بالفهر واج (¬1) وحذفوها من الفعل المضارع لغير جازم كقوله: كفّاك: كفّ لا تليق (¬2) درهما … جودا، وأخرى تعط بالسّيف الدّما (¬3) يريد: تعطى. ما: حذفوها من" إمّا"، كقوله: ¬
لقد كذبتك نفسك فاكذبنها … فإن جزعا وإن إجمال صبر (¬1) يريد: إمّا جزعا، وإمّا إجمال صبر يا: حذفوها مع المفرد في نداء النكرة. كقوله: فقلت له: عطّار هلّا أتيتنا … بدهن الخزامى أو بخوصة عرفج (¬2) يريد: يا عطار. المشدد: حذفوا الحرف الأخير في القافية؛ حملا للوصل على الوقف في غير الشعر، كقوله: ¬
حتّى إذا ما لم أجد غير السّري … كنت امرأ من مالك بن جعفر (¬1) يريد: السريّ مشددا، فحذف للقافية. الترخيم: رخموا بعض الأسماء في غير النداء كقوله: إنّ ابن حارث إن أشتق لرؤيته … أو امتدحه فإنّ النّاس قد علموا (¬2) يريد: ابن حارثة. ¬
تذكير المؤنث: حذفوا علامة التأنيث من فعل المؤنث، كقوله: لقد ولد الأخيطل أمّ سوء (¬1) يريد: ولدت القصر: أجازوا قصر الممدود في كل شيئ، كقوله: والقارح العدّا وكلّ طمرّة … ما أن تنال يد الطّويل قذالها (¬2) ¬
وكقوله: ولا ذا إبا (¬1) في الحيّ مثل أبائكا (¬2) والفراء لا يجيز ذلك فيما قياسه المد (¬3)، وإنما يجيزه في المسموع كالسماء والعطاء. ترك الصرف: أجاز الكوفيون (¬4) ترك صرف ما ينصرف (¬5)، كقوله: فما كان حصن ولا حابس … يفوقان مرداس في مجمع (¬6) ¬
وكقوله: وممّن ولدوا عامر ذو … الطّول وذو العرض (¬1) والبصريون يتأولون ما جاء منه (¬2). وحذفوا بعض الكلمة إذا كان باقيها يدل عليها كقوله: درس المنا بمتالع فأبان (¬3) يريد: المنازل. ¬
القسم الثانى من الحذف في الحركة
القسم الثانى من الحذف في الحركة أسكنوا الضمير المتّصل، كقوله: فظلت لدى البيت العتيق أخيله … ومطواي مشتاقان له أرقان (¬1) واختلسوا حركته، كقوله: ما حجّ ربّه في الدّنيا ولا اعتمرا (¬2) وهذا هو حذف واوه. ¬
وأسكنوا لام الفعل المعتل مع الناصب كقوله: فأليت لا أرثي لها من كلالة … ولا من وحي حتّى تلاقي محمّدا (¬1) وكقوله: أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أب (¬2) ¬
وأسكنوا لام الفعل الصحيح لغير جازم، كقوله: فاليوم أشرب غير مستحقب … إثما من الله ولا واغل (¬1) وأسكنوا المنادى، كقوله: إذا اعوججن قلت: صاحب قوّم … بالدّوّ أمثال السّفين العوّم (¬2) يريد [يا (¬3)] صاحب. ¬
وأسكنوا حرف الإعراب، كقوله: وقد بدا هنك من المئزر (¬1) وكقوله: تنقّاه من معدنه في البحر جالبه (¬2) وكقوله في الفعل: سيروا بني العمّ فالأهواز منزلكم … أو نهر تبرى فما تعرفكم العرب (¬3) ¬
وأسكنوا فتحة المنقوص، كقوله: كأنّ أيديهنّ بالقاع القرق … أيدي جوار يتعاطين الورق (¬1) يريد أيديهن (¬2). وأسكنوا اللام في قوله: عجبت لمولود وليس له أب … وذي ولد لم يلده أبوان (¬3) يريد: لم يلده. ¬
النوع الثالث [في] النقل
النوع الثالث [في (¬1)] النقل وهو نقل حركة أو نقل كلام نقل الحركة: نقلوا حركة الإعراب ضمة وكسرة، فالضمة كقوله: أنا ابن ماويّة إذا جدّ النّقر (¬2) يريد النّقر، والكسر كقوله: شرب النّبيذ واصطفاقا بالرّجل (¬3) ¬
يريد بالرّجل، ونقلوا حركة هاء الضمير إلى ما قبلها، كقوله: عجبت والدّهر كثير عجبه … من عنزيّ سبّني لم أضربه (¬1) نقل الكلام: قد نقلوا الكلام عن موضعه: مفردا، وجملة، تقديما وتأخيرا (¬2)، وهو كثير في أشعارهم، فمنه الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف، أو حرف الجر، كقوله: لمّا رأت ساتيد ما استعبرت … لله درّ - اليوم - من لامها (¬3) ¬
وكقوله (¬1): كأنّ أصوات - من إيغالهنّ بنا - … أواخر الميس أصوات الفراريج (1) يريد: لله درّ من لامها اليوم، وكأن أصوات أواخر الميس. ومنه الفصل بين العدد والمعدود المنصوب، كقوله: على أنّني بعد ما قد مضى … ثلاثون - للهجر - حولا كميلا (¬2) ¬
ومنه الفصل بين الكلام ومقتضيه بأجنبي، كقوله: وما مثله في النّاس إلّا مملّكا … أبو أمّه حيّ أبوه يقاربه (¬1) يريد: وما مثله في الناس حيّ يقاربه إلّا مملك أبو أمّ ذلك الملك أبوه، وإنما نصب مملكا حيث قدّم الاستثناء (¬2). ومنه تقديم المعطوف على المعطوف عليه، كقوله: جمعت وبخلا غيبة ونميمة … ثلاث خصال لست عنها بمرعوي (¬3) ومنه جعل المفعول فاعلا، كقوله: مثل القنافذ هدّا جون قد بلغت … نجران أو بلغت سواتهم هجر (¬4) ¬
فجعل هجر في اللفظ هي التي تبلغ السؤات، وإنما السؤات تبلغها، ومثله: ترى الثّور فيها مدخل الظّلّ رأسه … وسائره باد إلى الشّمس أجمع (¬1) أي: مدخل رأسه الظل. ومنه جعل اسم كان نكرة وخبرها معرفة، كقوله: كأنّ سلافة من بيت رأس … يكون مزاجها عسل وماء (¬2) ¬
ومنه (¬1) قوله (¬2): مروان مروان أخو اليوم اليمي (¬3) أراد اليوم اليوم، فنقل الواو وأبدلها ياء. ¬
(النوع الرابع) البدل
([النوع] الرابع) البدل وهو [إبدال حرف وحركة، فمنه (¬1)] إبدال الألف من الميم، كقوله: خالط من سلمى خياشيم وفا (¬2) يريد: وفما. ومنه إبدال الهمزة ألفا كقوله: راحت بمسلمة البغال عشيّة … فارعي فزارة لا هناك المرتع (¬3) ومنه إبدال الياء من الهمزة، كقوله: إذا ما الشّيخ صمّ فلم يكلّم … وأعيا سمعه إلّا النّدايا ¬
فأبعده الإله ولا يؤبّي … ولا يعطي من المرض الشّفايا (¬1) قال المبرد: لا يجوز عندى ألبتة (¬2). ومنه إبدال الهمزة ياء حرف إعراب، كقوله: يشجّج رأسه بالفهر واجي (3) وقد ذكر (¬3) ومنه إبدال المعتل الصحيح حرف إعراب، كقوله: لها أشارير من لحم تتمّره … من الثّعالي ووخز من أرانيها (¬4) يريد: من الثعالب وأرانيها. ومنه بدل مع حذف كقوله: قواطنا مكّة من ورق الحمي (¬5) يريد الحمام، فحذف الميم الثانية وقلب الألف ياء فانكسرت الميم الأولى. ¬
قال ابن السراج: وأحسن ما قيل فيه: إنه حذف الألف لأنها مدة فصار الحمم، فلزمه التضعيف، فأبدل من إحدى الميمين ياء كما قالوا: تظنّيت في تظنّنت (¬1). ومنه إبدال حركة بحركة في غير موضعها كقوله: سأترك منزلي لبني تميم … وألحق بالحجاز فأستريحا (¬2) وكقوله: لنا هضبة لا يدخل الذّلّ وسطها … ويإتى إليها المستجير فيعصما (¬3) فنصب بالفاء، ولا ينصب بها إلا في أحد سبعه (¬4) أشياء، ليس هذا منها. ومنه إبدال حركة بحركة على المعنى كقوله: قد سالم الحيّات منه القدما … والأفعوان والشّجاع الشّجعما (¬5) فنصب الأفعوان والشجاع، وحقّه أن يرفع؛ لأنه تفسير للحيات، ولكنّه لمّا قال: قد سالم الحيات، علم أنّ القدم مسالمة (¬6) كما أنّها مسالمة، ¬
فنصب الأفعوان والشجاع؛ لأن القدم قد سالمتهما (¬1). قال المبرّد: ولو تكلّم بهذا في غير الشعر لجاز (¬2). ومنه إبدال ألف الوصل بألف القطع في أنصاف البيوت، كقوله: لا نسب اليوم ولا خلّة … اتسع الخرق على الرّاقع (¬3) وقد جاء في غير الأنصاف، كقوله: ألا لا أرى إثنين أحسن شيمة … على حدثان الدّهر منّي ومن جمل (¬4) ¬
ومنه إبدال اسم مكان اسم غيره، كقوله: فتنتج لكم غلمان أشأم كلّهم … كأحمر عاد، ثمّ ترضع فتفطم (¬1) قال: كأحمر عاد، وإنما هو كأحمر ثمود، وهو عاقر الناقة. (¬2) هذا الّذي جمعناه من جائزات الشعر، هو أكثر ما جمع في الكتب منها، وهي مع ذلك كثيرة، وقد مرّ منها في أثناء الأبواب أشياء لم يشتمل عليها هذا الباب، تركنا إضافتها إليه؛ طلبا للاختصار وأكثرها شاذّ غير مقيس، قليل الاستعمال. ¬
فصل ختمنا به الكتاب
فصل ختمنا به الكتاب يشتمل على شرح كلمات لغوية غريبة، وردت في الأمثلة والاستشهاد، تحتاج إلى بيان، أودعناها إيّاه مرتّبة على حروف المعجم، والتزمنا فيها ترتيب ما يلى الحرف الأوّل من الحروف، ولم نلتزم في التّقفيه الحرف الأصليّ، بل التزمنا فيه الحرف الذي جاء في أوّل الكلمة، سواء كان أصليا أو زائدا، ولم نحذف من الكلمة إلا الألف واللام التي للتعريف، إن كانت فيها؛ ليكون أسهل مأخذا وأقرب متناولا، وقد ذكرنا فيها كلمات، جاء شرحها فى مواضعها من الكتاب، وإنّما أعدناه في هذا الفصل خوفا أن يرد في موضع آخر، ولا يكون مشروحا فيتعذر فهمه. وبالله التوفيق
حرف الهمزة
حرف الهمزة أبرق: هو أرض ذات رمل وحجارة وطين مختلطة. أبصع: من توابع التوكيد بمعنى أجمع، وأصله من العرق السائل وهو البصيع، ولا يسيل حتى يجتمع. أبطح: هو مسيل واسع فيه دقاق الحصا. أبلم: هو خوص المقل (¬1)، وتضم همزته ولامه، ويفتحان، ويكسران. أبو براقش: هو طائر كالعصفور يتلوّن ألونا. أبو جعده: هو كنية من كنى الذئب. اتّلج: افتعل من الولوج: الدخول. اثأرنّ: من أخذ الثأر، والنون للتوكيد. إثمد: هو الكحل الأسود. اجتوروا: افتعلوا من المجاورة. أجد: هي الناقة القويّة الموثقة الخلق (¬2). أجدّك: أي أبجدّ منك هذا الأمر. أجدل: هو الصقر. ¬
أجرع: هو رمل مستو لا ينبت، والجرعاء مؤنثه. أجلي: هي أرض طيبة جيدة النبت، معروفة. اجلوّذ: هو ضرب من سير الإبل دائم سريع. احرنبى: هو إذا نفش الدّيك ريشه وتهيّأ للقتال. احرنجم: هو إذا اجتمع القوم وازدحموا، وكذلك الإبل (¬1). احلولى: هو افعوعل من الحلاوة، وهو من أبنية المبالغة. أخّ: هي كلمة يقولها المتوجع والمتكرّه. أخدع: هو عرق في صفحة العنق. أخرق: هو من الخرق، ضد الرفق. اخروّط: ضرب من السير ممتد طويل، اخشوشن: أي بالغ في الخشونة. أخول أخول: أى متفرقين، وأصله الشرر الذي يتطاير من الحديد الحار إذا ضرب. أخيل: هو الطائر المعروف بالشّقرّاق. أخيله: هو من خال البرق إذا نظر إليه. ادر: الأدرة نفخة في الخصية. إداوة: هي المطهرة والسّطيحة. أدمى: هو موضع معروف (¬2). ¬
أدهم: هو القيد، وجمعه أداهم. أراكيب: هو جمع أركوب، وهم الجماعة من الركاب. أربى: هي اسم من أسماء الداهية. أرقم: هو الحية فيها سواد وبياض. أرمل: هو الرجل الذي لا زوجة له، والأنثى أرملة. أرومة: هي الأصل، مستعار من أصل الشجر والقرن. أرونان: هو الصوت، ويوم أرونان: صعب شديد. أسأر: هو من السؤر: البقية. استحير: يقال: استحار الشراب إذا ساغ. اسحنكك (¬1): الليل إذا أظلم، وشعر مسحنكك: شديد السواد. اسلنقى: الاسلنقاء: النوم على القفا. أسلوب: هو واحد الأساليب والفنون والطرائق. أسليّة: منسوبة إلى أسلة اللسان وهي طرفه وما دق منه. أسود: هو الحية المعروف بأسود سالخ. أشارير: هي قطع من قديد اللحم. أشاعثة: هم جماعة منسوبة إلى الأشعث بن قيس الكندى. أشاعرة: هم جماعة منسوبة إلى الأشعر بن سبأ (¬2)، أبو قبيلة من اليمن. ¬
إشمام: هو ضرب من الوقف دون الروم، وهو أن يشم الحرف شيئا من الضمة أو الكسرة، ولا يبين إلا للبصير. أصداء: جمع صدى، وهو ذكر البوم، والصوت الذي يجيبك من الجبل. اصطلم: هو الاستئصال (¬1)، وهو استفعل من صلم أذنه إذا استأصلها قطعا. إصليت: هو السيف المجرد من غمده. أطرقا: هو اسم بلد جاء على لفظ [أمر (¬2)] الاثنين (¬3). اظطلم: هو افتعل من الظلم، قلبت التاء طاء. أعشى: هو الذي لا يبصر بالليل ويبصر بالنهار. إعصار: هو الزوبعة: وهى الريح العاصف التى تلفّ التراب وتصعد إلى السماء كأنها عمود. اعلوّط: اعلوطت الفرس: ركبت عريا (¬4) أعوج (5): اسم فرس فحل كان للعرب قديما (¬5). ¬
اغدودن: هو طول الشعر والنبات ونعمته. أغيلت: من الغيل، وهو لبن المرأة الحامل، ومنه الغيلة. أفاويق: جمع أفواق، وأفواق جمع فيق، وهو ما بين الحليتين من البن. أفّ: كلمة يقولها المتضجر، وكذلك الأفّة والتّفّة. أفكل: هو الرعدة من البرد أو الخوف، أفنان: جمع فنن وهو الغصن. أفيل: هو الفصيل. أقتار: هو الفقر. اقعنسس: هو أن يخرج الرجل بطنه وصدره ويدخل ظهره (¬1)، وقيل (¬2): هو أن يضم يديه ويشدّ الجذب. أقوى: من القواء: القفر. أكتع: من توابع التوكيد بمعنى أجمع، من تكتّعت الجلدة إذا تجمّعت وانقبضت. أكم: جمع أكمة، وهى الرابية. ألبب: جمع لبّ وهو العقل (¬3). ألمى: من اللمى، وهو سواد في باطن الشفة أو اللثة. أم حبين: دويبة كالحرباء، يقع على الواحد والجمع. أم رباح: بالباء، طائر أحمر الجناحين والظهر، يأكل العنب. ¬
أمّ عامر: كنية الضبع. أمّ قار: من أسماء الداهية. أمّ قشعم: من أسماء المنية. أمّ اللهيم: من أسماء الداهية. أنرت: هو إذا جعلت للثوب نيرا (¬1). أنزع: هو الذي انحسر الشعر عن جانبي جبهته. أولق: هو ضرب من الجنون إذا كانت الهمزة أصلية (¬2)، ومن السرعة إذا كانت زائدة (¬3). أيادي سبأ: أي تفرقوا متبددين كما تفرقت قبائل سبأ، والأيادي كناية عن الأسرة في القوة والبطش. إيالة: هي السياسة. أيدع: هو الزعفران (¬4)، وقيل: نبت أحمر يصبغ به (¬5). إير: هو ريح الشّمال، وقد تفتح الهمزة. إيلاف: مصدر من الألفة. أينق: جمع ناقة. ¬
حرف الباء
أيوم: يوم أيوم أي: شديد. إيه: بمعنى: زد، وقد تنون، وإيها بمعنى: اكفف. حرف الباء بادي بدا: أي قبل كل شيئ، ويقال فيه: بادي بدي، وأصله الهمز مخفف. بازل: هو الجمل إطا فطر نابه في السنة التاسعة. باهلة: قبيلة من قيس عيلان (¬1)، وهي اسم امرأة سموا بها. ببّه: هو الأحمق الثقيل، وهو لقب عبد الله بن الحارث بن نوفل (¬2). بداء: من بدا له في الأمر [رأي (¬3)] إذا عنّ. بذّر: بئر بأرض مكة. برئن: هو للسباع والطير كالإصبع (¬4) للإنسان. بردى: اسم نهر دمشق (¬5). بريص: هو اسم نهر بردى المذكور (¬6). بروكاء: هو الثبات في الحرب، وكذلك براكاء (¬7)، وبريكاء تصغيره. ¬
بسّ: هي كلمة تقال مع حسّ، وستذكر في الحاء. بشكى: ضرب من السير السريع. بطّح: (¬1) بعكوكة: أصلها معكوكة، من المعك: الشدّ والدلك. بلز: هي المرأة الضخمة الناعمة. بلقع: هو الموضع القفر. بله: بمعنى: دع، وهى من أسماء الأفعال. بلهنية: هي سعة العيش. بنات بخر: هي سحائب تأتى في الصيف، ويقال: بنات مخر (¬2) بنت الأرض: هي الحصاة. بوائكها: جمع بائكة وهي السمينة الحسنة (¬3) من النوق. بهرا: يقال: بهرا لزيد، بمعنى تعسا له، وبمعنى عجبا له. بهمى: هو نبت له شوك (¬4). بيت بيت: أي هو جاري ملاصقا. بيطر: أي شقّ، ومنه البيطار. ¬
حرف التاء
بين بين: أى [بين (1)] الأمرين. (حرف التاء) تابل: بفتح الباء: أبراز القدر (¬1). تبال: هو الهلاك. تترى: فعلى من التوار وهو أن يجيئ الشيئ يتبع الشيئ. تتفل: هو ولد الثعلب، وتفتح تاؤه وتضم. تجفاف: هو ما جلّل به الفرس في الحرب والزينة من حديد ونحوه (¬2). تحلئ: بالكسر، ما أخذه السكين من الجلد إذا قشر. تخزوني: أي تقهرني وتسوسني. تربوت: بفتح الراء، الناقة الخيار الفارهة، وقيل: الذلول (¬3). ترتب: بفتح التاء الثانية وضمها، وهو الثابت من الرتوب. تركع: بمعنى تخضع وتذل. ترماء: تفعال من الرمى. تزجّي: أي تسوق. ¬
تصدية: هو التصفيق والصياح والضجة. تصلّ: صلّ اللحم وغيره إذا أنتن. تعسّفن: أي خرجن عن الطريق. تعشو: من عشا إلى النار إذا أتاها. تعقّر: عقرت البعير إذا قطعت قوائمه بالسيف. تفري: الفري: القطع. تفّه: هو الشيئ الحقير. تقضاء: هو تفعال من قضى يقضى. تقضّي: من تقضّض البازي إذا انقض للسقوط. تلعّيت: تفعّلت من أخذ اللعاع، وهو نبت ناعم. تلنّة: بفتح التاء وضمها، هو الحاجة (¬1)، وقيل (¬2): اللبث. تنضب: هو شجر له شوك، وتتخذ منه السهام (¬3). توغير: من الوغرة: شدة الحر. تولج: هو كناس الوحش، ويقال فيه: دولج (¬4). تيهاء: هو المفازة بتاه فيها أي يضل. ¬
حرف الثاء
حرف الثاء الثّأي: هو الشئ الفاسد. ثاب: أى رجع. ثبة: هو (¬1) مستقرّ الماء في الحوض، والهاء بدل من الواو المحذوفة. ثعل: هو خلف زائد (¬2) صغير للناقة والشاة، لا يدر. [ثغاء: هو صوت الغنم] (¬3). ثغام: هو نبت أبيض. حروف الجيم جاذر: جمع جؤذر، وهو ولد البقرة الوحشية. جحمرش: هي العجوز المسنة، وجحمير تصغيرها. جحنفل: هو العظيم من كل شيئ، وقيل: الغليط الشفة (¬4). جخدب: هو ما عظم من الجراد الأخضر، وقيل ضرب من العظاء يشبه الحرباء (¬5). ¬
جداد: هو قطع ثمر النخل وصرامها. جدباء: هو الجدب ضد الخصب. جدث: هو القبر. جدّ: هو العظيم الجد (¬1)، وقيل (¬2): العظيم البطن. جدد: جمع جدّة، وهى الطريق. جدول: هو النهر الصغير. جدية: هو للرجل كالبداد للسرج. جذاذ: هو ما تكسر من الشيئ كالفتات. جراشع: جمع جرشع، وهو الضخم الصدر. جرائض: هو والجرواض: الضخم العظيم البطن. جربز: هو الرجل الخب الداهية، معرّب كربز (¬3). جرجار: هو نبت طيب الريح. جردحل: هو الضخم الشديد من الإبل. جرموق: هو الخف الصغير الذي يلبس فوق الخف، معرّب. جريال: هو صبغ أحمر (¬4)، وقيل: الخمر (5)، وقيل: لونها (¬5). جزاز: هو صرام النخل وأخذ ثمرها، وقد تفتح الجيم. ¬
جعار: بكسر الراء، من أسماء الضبع. جعبى: [يقال (¬1)]: جعبيته: إذا صرعته. جلباب: هو الثوب كالملحفة (¬2)، وقيل: القميص (¬3). جلجلان: هو السمسم قبل أن يحصد، وقيل: هو ثمر الكزبرة (¬4). جلله: بمعنى من أجله. جلندى: بالقصر وضم الجيم وفتحها، اسم ملك من ملوك عمان (¬5)، وقد يمد (¬6). جلّى: فعلى من الشيئ الجليل. الجماء الغفير: هي الجماعة الكثيرة من الناس. جماد: بكسر الدال، بمعنى الجمود، يقال: جماد لفلان، أي: لا زال جامد الحال. كناية عن البخل. جمزى: هو ضرب من السير سريع دون العدو. جناب: هو كيّ في جنب الفرس والبعير. ¬
حرف الحاء
جندب: هو الصغير من الجراد، وقد تكسر جيمه وتفتح داله. جندل: بفتح النون وكسر الدال، هو الموضع الذي فيه حجارة، وهو منقوص من جنادل. جور: اسم مدينة بفارس (¬1). جون: هو الأسود والأبيض. (حرف الحاء) حاث باث: بكسر الثاء، أي: متفرقين، وأصله من الحثّ والبثّ. حاحيت: زجر للغنم عند السقي، وللكبش عند السّفاد، وحاحيت بالمعزي إذا دعوتها. حاير: هو مجتمع الماء. حبربر: يقال: ما في الذي تحدثنا به حبربر، أي شئ. حبرور: هو فرخ الحبارى. حبركى: هو القراد، وربما شبه الرجل الطويل الظهر القصير الرجل. حبط: الحبط بالفتح: انتفاخ جوف الماشية فتهلك، والحبط: الهالك. حبك: هي معاطف الثوب وتكاسيره. حبنطى: هو القصير البطين، يهمز ولا يهمز (¬2)، وكذلك المحبنطئ. حبوكرى: هي الداهية العظيمة. حبونن: هو اسم واد قريب من المدينة، وقد تكسر حاؤه (¬3). ¬
حبيّا: اسم موضع (¬1) حثّيثى: بالتشديد والقصر من المصادر المبنية للمبالغة في الحث. حجرات: جمع حجرة وهي الناحية. حجلى: جمع حجل، وهو القبح (¬2). حجّيزى: بزنة حثّيثى، وهو للمبالغة في الحجز بين الشيئين والأشياء. حدبت: أى عطفت وحنت عليه. حذام: اسم امرأة، من الحذم: القطع. حراء: بالمد، جبل بمكة (¬3). حرام: هو طلب الشاة لفحل، وتقول: شاه حرماء، وشياه حرام. حرّان: فعلان من الحر. حرباء: [ضرب (¬4)] من الغطاء، كبير يدور مع الشمس، ويتلون ألوانا. حرّم: أى محروم ممنوع. حرّة: هي الأرض ذات الحجارة السود. حزابية: هو القصير الغليظ. حزوى: اسم موضع بالدهناء (¬5). ¬
حسّ: كلمة يقولها الإنسان إذا أصابه ما آلمه، ومنه قولهم: ضربه فما قال: حسّ ولا بسّ. حشّ: بالفتح والضم: البستان. حضار: بكسر الراء، نجم يطلع قبل سهيل (¬1). حضر موت: اسم بلد (¬2) وقبيلة (¬3). حطام: هو ما تكسّر من اليبس، والحطم: الكسر. حطم: اسم رجل، وهو في الأصل وصف، يقال: رجل حطم: إذا كان فيه عسف وحيف. حلاق: بكسر الكاف، اسم للمنيّة، معدول عن حالقه. حلبلاب: نبت معروف، والعامّة تسمّيه: اللّبلاب (¬4). حلتيت: بكسر الحاء، وبتائين، صمغ معروف (¬5) حلس: هو الكساء الذي يكون على ظهر البعير. حلم: الأديم إذا تمزق وتهرى. ¬
حمار قبّان: دويبّة معروفة (¬1). حمزة: اسم رجل، وهو في الأصل بقلة حرّيفة. حمصيصه: نبت شديد الحموضة. حملاق: هو باطن أجفان العين، وقي: ما غطته الأجفان من بياض المقلة (¬2). حنّاء: من حنّت النعجة إذا طلبت الفحل. حنانيك: الحنان: الرحمة، يقال: حنانك وحنانيك بمعنى. حوّاء: بالضم والتشديد، نبت يشبه لون الذئب. حوار: ولد الناقة إلى أن يفصل عن أمه. حوايا: هي الأمعاء، واحدها حويّة. حوقل: هو الضعيف الكبير، وقيل: الذي يدبر عن النساء كبرا (¬3). حوكة: جمع حائك بتصحيح العين. حوّة: هي سمرة في الشفة. حيدان: مصدر حاد عن الشّيئ يحيد، إذا مال عنه. حيد: بكسر الحاء وفتح الياء، العقد في القرون. حيص بيص: يقال: وقعوا في حيص بيص، وحيص بيص، أي في اختلاط من أمرهم، وقيل: في ضيق وشدة (¬4). ¬
حرف الخاء
حيفس: بكسر الحاء وفتح الياء: القصير العظيم البطن (¬1). حيّ هل: بمعنى: هلمّ وقرّب. حيكى: بكسر الحاء، من حاك يحيك إذا حرّك منكبيه في المشي، وفحج بين رجليه. (حرف الخاء) خارب: هو سارق الإبل خاصة. خارص: هو الذى يحرز ما على النخل من الثمرة تمرا. خازباز: فيها لغات (¬2)، وهو ضرب من العشب، وذباب يكون فيه، وصوت الذباب. خبء: الخبء الشيئ المخبوء والمصدر. خباط: وسم في الفخذ طويل عرضا. خبعثن: هو الضخم الشديد من الرجال وغيرهم. خبط الريف: الخبط ورق الشجر إذا ضرب لينتثر، وأكثر ما يطلق على ورق الطّلح ونحوه. والريف: الخصب. خدرنق: هي العنكبوت العظيمة، وقيل: ذكرها (¬3). ¬
خدلة: هي المرأة الممتلئة الساق والذراع. خرّد: جمع خريدة وهي المرأة الناعمة. خرطوم: اسم من أسماء الخمر. خرّم: اسم أعجمى، ومعناه الفرح. خرمل: بكسر الخاء، المرأة الحمقاء. خروع: نبت ناعم أحمر. خروق: جمع خرق وهو البريّة. خزعبيل: هو الباطل من القول، والملح منه (¬1)، ويجمع على خزعبيلات. خصيّصى: بالتشديد والقصر، من التخصيص بالشيئ، وهو بناء مبالغة. خضرم: هو الكثير العطاء، مشبه بالخضرم: البحر. خضّم: بتشديد الضاد المعجبة: اسم ماء (¬2)، وقيل: اسم قرية (¬3). خظّاتان: تثنية خظّاة، وهي المرأة المكتنزة اللحم. خفيدد: هو الخفيف من النعام. خمص: يقال: خمص الجرح إذا سكن ورمه. خنا: هو الفحش من القول. خنشليل: هو الماضي الجرئ في الأمور. الخواء: ممدود، الخلاء. ¬
حرف الدال
حرف الدال دابق: بفتح الباء، اسم موضع (¬1). دبوقاء: بالتخفيف والمد؛ العذرة. ددن: هو اللهو واللعب، والدّد: محذوف منه. دربوت: هي الناقة المذللة المدربة. درّه: يقال في التعجب، لله درّه: أي عمله. دسّاها: بمعنى دنّسها. دستواء: اسم كورة من كور الأهواز. الدّسيعة: هى العطيّة. دعص: هو ما اجتمع من الرمل. دفرى: الدفر: النتن. دلاص: هو اللّين البرّاق، ويوصف به الواحد والجمع، والدّلامص مثله. دلقم: هي الناقة التي أسنت وانكسرت أسنانها وسال لعابها، وكذلك الشاة (¬2). دلنظى: هو الصلب الشديد، وأصله من دلظه إذا دفعه. دلّيلى: بالتشديد والقصر، بناء مبالغة في الدليل. دمية: هي الصورة المصنوعة كاللعبة. ¬
دؤوب: هو الجد في العمل والتعب. دوّ: الدّوّ: البريّة والمفازة. دهدهت: يقال: دهدهت الحجر إذا دحرجته، وكذلك دهديته. دهقان: هو رئيس التّنّاء (¬1) ومقدّمهم. ديّار، ما بالدار ديّار، أى: أحد. ديافيّ: منسوب إلى دياف وهو موضع بالجزيرة (¬2)، وهم نبط بالشام. ديّان: هو الحاكم. ديجوج: هو الشديد الظلمة. دئل: دويبّة شبيهة بابن عرس. ديماس: هو ظلمة، واسم حبس كان للحجاج (¬3)، وقد جاء في الحديث أنه الحمّام (¬4). ¬
حرف الذال
حرف الذال ذام: هو الذم والعيب. ذرحرح (¬1): هو الذّرّوح واحد الذراريح، وهي دويبّة حمراء منطقة بسواد تطير كالذباب. ذعالب: هي أطراف الثياب الأخلاق، وقد تبدل الباء تاء. ذفرى: هو الموضع الذي يعرق خلف أذن البعير. ذلفى: اسم امرأة وهو من الذّلف: صغر الأنف. الذّمار: هو ما وراء الإنسان مما يجب عليه حمايته. ذمول: من الذّميل وهو ضرب من السير سريع. ذنوب: هي الدلو العظيمة. ذلقيّة: هي الحروف التي تخرج من ذلق اللسان، وهو طرفه. (حرف الراء) رأب: الرأب بالهمز: الإصلاح. راتم: هو الثابت الدائم. راح: يوم راح أى شديد الريح. راقود: هودن مقيّر الباطن طويل الأسفل. ¬
راهص: اسم فاعل من الرّهص: العصر الشديد. رائدهم: الرائد طالب الماء للقوم. رباب: جمع ربابة بالفتح، وهي السحابة البيضاء، فأما بالكسر فهي الخريطة التي تترك فيها قداح الميسر. ربّى: هي الشاة القريبة العهد بالنتاج. ربع: هو ما يولد من الإبل في الربيع. رتقاء: هي المرأة التي لا يستطاع جماعها لانسداد فرجها. رحضاء: بالضاد، هو عرق المحموم عقيب الحمى. رحيق: هو من أسماء الخمر. رزّح: جمع رازح وهو المعيي. رخل: هو الأنثى من ولد الضان. ردؤ: هو العون والملجأ. رستاق: اسم معرّب يقع على القرى والسواد (¬1) رسيس: هو أول الهوى. رضوى: اسم جبل بالمدينة (¬2). رعشن: هو من الرعشة. رعوى: فعلى من رعيت وارعويت. رغبوتى: من الرغبة في الشيئ. رفات: هو الشّيء المتكسر المتفتت. ¬
حرف الزاى
رمدد: يقال: رماد رمدد، أى هالك، والرّمدداء (¬1) بالمد: الرماد. رميّا: بالتشديد رهبونى: من الرهبة: الخوف. روانف: هى طرف الألية مما يلى الأرض. روع: بكسر الواو، من الروع: الفزع. روم: هو من أسماء الوقف على الكلم، من روم الحركة أى طلبها، وهو أكثر من الإشمام. ريحان: هو الرّزق. حرف الزاى زبرج: هو الذهب، والسحاب الرقيق (¬2). زجّجن: الزّجج: دقة فى الحواجب وطول. زرقم: هو الأزرق. زفر: اسم رجل معدول عن زافر، وهو الحامل، وجمع زفر: زوافر. زمرّد: بالذال المعجمة، الجوهر المعروف (¬3). زمكّى، بالقصر والمد: منبت ذنب الطائر. زمّلق: بضم الزاى وتشديد الميم: الذى ينزل قبل أن يجامع. ¬
حرف السين
زمّيل: هو الجبان الضعيف، وكذلك الزّمّل (¬1). زنماء: من الزنمة، وهو شيئ يقطع من أذن البعير والشاة ويترك معلقا فيها. زنية: يقال: هو ولد زنية إذا كان ولد زنى. زوجة: بكسر الزاي وفتح الواو، جمع زوج. زير: هو الملازم للنساء. (حرف السين) سابلة: هم أبناء السبيل المترددون في الأسفار. سابياء: هي المشيمة التي تخرج مع الولد. سالغ: هي البقرة إذا سقط سنها في السنة السادسة. سبطر: هو الممتد عند الوثبة. سبعان: بفتح السين وضم الباء، اسم موضع (¬2). سبهلل: هو الرجل الفارغ الذي يذهب ويجئ في الباطل. سبيئة: هي بالهمز، الخمر، ستهم: هو العظيم العجز. سدوس: بالضم، الطليسان الأخضر وبعضهم يفتح السين (¬3). ¬
سرحان: هو الذئب. سرداح: هي الناقة العظيمة الكثيرة اللحم. سردد: موضع، وقيل: واد (¬1). سرندى: هو التشديد. سرهف: السّرهفة: نعمة الغذاء، والرجل مسرهف. سعدان: نبت ذو شوك من جيّد المرعى (¬2). سعلاة: هي الغول، وكذلك السّعلاء بالمد والقصر. سكاب: بكسر الباء، اسم فرس معروف (¬3). سكات: فعال من السكوت. سلامان: هو شجر يشبه الآس، واحدها سلامانة، وهو اسم قبائل من العرب (¬4). سلقى: سلقيته إذا ألقيته على قفاه (¬5). سلم: بكسر العين وفتحها، ضد الحرب. سلهب: هو الطويل الممتد من الخيل على وجه الأرض. ¬
سليط: هو الدهن كالزيت ونحوه. سليقة: هي طبيعة الإنسان وما جبل عليه. سمار: بالفتح، اللبن الرقيق. سمام: بالكسر، جمع سمّ. سمّان: هو بيّاع السمن. سمر: ضرب من الشجر له شوك. سملق: هي البريّة. سنبتة: يقال مر عليه سنبتة من الدهر، أى حين. سنح: بالحاء والخاء، الأصل. سواسية: جمع سواء على غير قياس. سواية: هو مصدر سؤته سوائية، فحذفت الهمزة فبقي سواية. سهام: هو الهزال والتغير. سه: هي الإست، والتاء محذوفة. سبابجة: قوم من السند كانوا جلاوزة بالبصرة (¬1). سيال: هو من شجر الشوك. سيراء: هي الحلة ذات الخطوط الملونة (¬2)، وقيل (¬3): هو نبت شبهت به الثياب. سيساء: هو منتظم فقار الظهر. سيطر: أى تسلط على الشئ، ومنه المسيطر. ¬
حرف الشين
(حرف الشين) شازب: هو الضامر البطن من الخيل. شائك: هو الحادّ السلاح، مقلوب شاكي. شبارق: هو الثوب الرقيق، وقيل: المقطّع، ويقال فيه: شمارق (¬1). شتّان: بمعنى بعد. شجريّة: هى الحروف الخارجة من شجر الفم، وهو ما بين اللّحيين. شجعم: هو الخبيث المارد من الحيات. شجيّ: هو اسم فاعل من الشجى وهو ما ينشب في الحلق من عظم أو غيره. شحاج: هو صوت البغل. شحناء: هي العداوة. شدقم: هو الواسع الفم، وهو اسم فحل من الإبل كلن للنعمان بن المنذر. شدنّ: أى ظهرن. شذر مذر: بفتح الشين والميم وكسرهما، أى تفرقوا في كل وجه من التشذير والتبذير، والميم بدل من الباء. شرجب: هو الطويل من الرجال وغيرهم. شروى: شروى الشيئ مثله ونظيره. شعوب: من أسماء المنية، ولا ينصرف. شغاف: هو غلاف القلب. ¬
شغربغر: أى ذهبوا منتشرين في البلاد، من شغر عليه أمره إذا انتشر، وبغز النجم إذا هاج بالمطر. شفوف: هي الثياب الرقاق. شلل: هو الخفيف في الحاجة. شلّم: بتشديد اللام، موضع بالشام (¬1)، وقيل: هو اسم مدينة القدس (¬2). شماس: من شمس الدابة: إذا منعت ظهرها، وفرس شموس: صعب الخلق. شمّر: اسم ناقة، وقيل: اسم فرس (¬3). شمّ: جمع أشمّ، وهو المرتفع قصبة الأنف. شنآن: بفتح النون: البغض. شنباء: فعلاء من الشّنب وهو برد الفم والأسنان. شنظير: هو السيئ الخلق (¬4). شنّ: هي القرية البالية. شوايا: جمع شوبّة. شورى: فعلى من المشورة. شوكاء: حلة شوكاء، أى خشنة المسّ لجدتها. شهربة: هي العجوز الكبيرة. ¬
حرف الصاد
شهريز: ضرب من التمر. شية: هي كل لون يخالف معظم لون الحيوان، وأصلها وشية، فحذفت الواو. حرف الصاد صاب: هو عصارة شجر مرّ. صاد: هو العطشان. صددك: هو مقابل الشيئ. صراف: هو طلب الكلبة الذكر. صرام: هو قطع ثمر النخل. صرد: هو طائر صغير. صرى: هو الماء إذا طال مكثه وتغيّر. صعق: اسم رجل، وأصله من الصاعقة والغشى. صغار: هو الذلّ والهوان. صفاد: جمع صفد، وهو القيد. صقبك (¬1): هو القرب. صلاية: هو الحجر الذي يسحق عليه الدواء وغيره. صلهب: هو السلهب من الخيل وقد ذكر (¬2). صلّيان: ضرب من النبت كالبقل. صمام: هو ما يسد به القارورة ونحوها. ¬
حرف الضاد
صمحمح: هو التشديد الغليظ والأصلع. صه: بمعنى اسكت. صهب: جمع أصهب، وهو لون بين الصفرة والبيا. صهصلق: هى العجوز الصخّابة، والصوت الشديد. صهصيت: بمعنى صهصهت إذا قلت له: صه صه. صيّابة: هو الخيار من كل شيئ، وصيّابة القوم: صميمهم. صيد: داء في العنق يمنع من الالتفات. صيصية: هو كل ما تحصّن به وامتنع، ومنه صيصية الديك، وهو الظفر الذي في رجله. حرف الضاد ضال: نوع من شجر الشوك كالطلح والسمر. ضامر: من الضمر: الهزال. ضراب: هو للدواب كالجماع للناس. ضمران (¬1): اسم كلب. ضننوا: من الضّنّ: البخل. ضوابح: من الضبّاح: صوت الثعلب ونحوه. ¬
حرف الطاء
ضوضيت: من الضوضاء: الجلبة، وأصوات الناس. ضياون: جمع ضيون وهو السّنّور الذكر. ضيزي: قسمة ضيزي: أى جائره. ضيغم: هو الأسد، من الضّغم: العضّ. ضيفن: هو الذي يتبع الضيف. ضيمران: هو الريحان المشموم. حرف الطاء طابق: هو الآجرّ الكبير، فارسيّ معرّب (¬1). طاغوت: هو الشيطان والكاهن. طرمّاح: هو الطويل. طرطب: هو الثدي الطويل. طلّاء: بالضم والتشديد، الدم. طلحة: واحدة الطلح، وهو من شجر الشوك، وبه سمى الرجل. طليح: هو المعييي من الناس والدوابّ. طماح: طمح بصره إلى الشيء إذا ارتفع وامتد. طمرّ: هو الفرس المشرف المتهيئ للعدو. ¬
حرف الظاء
طوبى: فعلى بالضم، من الطيب. طيسل: هو الغبار، والماء الكثير. حرف الظاء ظربي: جمع الظّربان، وهو دويبّة نتنة الرّيح. ظلمان: جمع ظليم، وهو ذكر النعام. ظنّة: هى التّهمة. ظؤار: جمع الظّئر، وهي المرضعة بالأجرة. ظيّان: ياسمين البر. حرف العين عاثم: عثم العظم المكسور إذا انجبر على غير استواء، وعثمت المرأة [المزادة] (¬1) إذا خرزتها خرزا غير محكم، وعثمان مشتق منه. عاعيت: هو زجر للضان، وأصله" عا" مقصور، وقد يمد وتكسر الهمزة. عافت: أى كرهت. عافور: يقال للرجل إذا تورط فى الشّيء: وقع فى عافور شر، وعاثور شر. عباب: هو معظم السيل وارتفاعه. ¬
عباط: جمع عبيط وهي التى تذبح من غير آفه. عباقريّ: جمع عبقريّ وهو: الشّيء الغريب المعجب به، تزعم العرب أنه منسوب إلى أرض من أرض الجن تسمى عبقر، فكل ما استغربوه وتعجبوا منه نسبوه إليها. عبّ: العبّ شرب الماء من غير مصّ. عبدل: هو العبد، واللام زائدة. عبوثران: نبت طيّب الريح، ويقال: عبيثران (¬1). عتد: هو الفرس المعدّ للجري ونحوه. عتود: هو ما قوي ورعى من أولاد المعز إلى أن يأتي عليه حول. عثان: هو الدخان، وجمعه عواثن. عثّر: بالتشديد، اسم موضع (¬2). عثول: هو الشيخ الثقيل المسترخي (¬3). عثير: هو الغبار. عدى: هم الأعداء والغرباء، ولا واحد له من لفظه. عدس: هو زجر للبغل. عدوى: هو ما يعدى من الأمراض، وينتقل بالمخالطة كالجرب ونحوه. عذافر: هو الأسد والبعير الضخم. ¬
عراض: هو سمة على الفخذ عرضا. عراك: هو مصدر وضع موضع الحال، يقال: أرسل إبله العراك، أي مزدحمة فى المرعى وغيره، يعنى معتركه. عربد: بتشديد الدال، حية تنفخ ولا تؤذي. عرعار: لعبة يلعب بها الصبيان. عرفج: [نبت (¬1)] طيب الريح. عرند: هو الشديد (¬2)، وقيل: الغليظ (¬3)، ومنه: وتر عرند (¬4). عرنين: هو الأنف. عزهى: رجل عزهى وعزهاة وعزهاء: لا يطرب للهو. عسلان: بالفتح، مشية الذئب واهتزاز الريح. عشار: هي الناقة الحامل لها عشرة أشهر. عشوزن: هو الصلب الشديد. عصب: ضرب من البرود اليمانية. عصف: هو ورق الزرع. عضر فوط: هو ذكر العظا. عضهة: واحدة العضاه، وهو شجر الشوك. ¬
عطل: جمع عاطل، وهي التي لا حلى لها (¬1). عطوّد: هو السير (¬2) السريع. عفرنى: هو الأسد. عفريت: هو الداهي الخبيث، وقيل: المبالغ في الشر والدهاء (¬3). عفنجج: الضخم الأحمق. عقرباء: هي أنثى العقارب، والعقربان ذكرها. عقنقل: هو الكثيب العظيم من الرمل. علاط: سمة فى العنق. علالة: ما يتعلل به من بقية الشّيء. علاوة: ما يحمل فوق الحمل. علباء: هو عصب العنق، وهما علباوان. علبط: منقوص من علابط، وهو الضخم والكبير، واللبن الثخين. علجن: هى الناقة المكتنزة اللحم. علقى: هو نبت (¬4). ¬
علّكد: بتشديد اللام: الداهية والغليظ، ومنهم من يشدد الدال عوض اللام (¬1). عليّان: اسم فحل من الإبل. عليب: بضم العين وسكون اللام، اسم واد (¬2). علّيق: نبت يتعلق بالشجر. عميثل: هو الأسد والفرس النشيط المختال (¬3). عميد (¬4): هو الذي هدّه العشق. عنبس: هو الأسد. عنتر: هو الذباب الأزرق. عنتريس: الناقة الشديدة الصلبة. عندليب: هو الهزاز (¬5)، وقيل: البلبل (¬6). عنس: هي الناقة الصلبة. عنق: ضرب من السير السريع. ¬
حرف الغين
عوّا: اسم منزل من منازل القمر (¬1)، وقد يمد (¬2). عوارض: اسم جبل (¬3). عواوير: جمع عوّار بالتشديد، وهو الرمد في العين، واسم طائر. عودة: جمع عود، وهو الجمل المسنّ. عوذ: جمع عائذ وهي الناقة القريبة العهد بالولادة. عياييل: جمع عيّل، وهو واحد العيال، والياء للإشباع. عيضموز: هى الناقة الضخمة (¬4)، وقيل: الهرمة (¬5)، والعجوز الكبيره (¬6) عيطموس: الحسناء من النساء، والخيار الفارهة من الإبل (¬7). عيير: تصغير عير، وهو الحمار، ولا يطلق التصغير إلا على الذم. حرف الغين غارب: هو ملتقى كتفى البعير قدّام السنام. غاق: حكاية صوت الغراب. غبّ: هو فعل الشيئ يوما ويوما. ¬
حرف الفاء
غبيّ: من الغباوة، وهو الجهل والبله. غبيط: من مراكب النساء كالهودج ونحوه. غداف: ضرب من الغربان، أسود. غرضة: هو حزام رحل البعير، وتضمّ عينها وتفتح. غرنيق: بضم الغين وفتح النون، نوع من طير الماء، طويل العنق. غطارفة: جمع غطريف وهو السيّد. غلوة: هى مسافة رمية السهم. غميصاء: هي الشّعرى الشاميّة، وهي أحد كوكبي الذراع المقبوضة (¬1). غواش: جمع غاشية وهى ما يغشى الشّيء: يغطّيه. غؤور: مصدر غار الماء إاذ نضب، والعين إذا فقئت. غيداق: هو الرجل الكريم والناعم، وولد الضب (¬2). غيطان: جمع غائط، وهو المنخفض من الأرض. حرف الفاء فاها لفيك: الهاء عائدة إلى الداهية، كناية عن غير مذكور، تقديره: فم الداهية لفيك. فجار: يوزن قطام، مصدر بمعنى الفجرة. فجر: جمع فاجر، وهو الفاسق. ¬
فحجل: هو الأفحج، والفحج تباعد ما بين عقبي الماشي. فدعاء: الفدع: اعوجاج في اليدين والرجلين إلى داخل. فدوكس: هو الأسد، والشديد (¬1)، واسم رجل. فرتاج: سمة من سمات الإبل. فرسن: هو خف البعير. فرغ: يقال: ذهب دمه فرغا أى هدرا باطلا. فرنداذ: هو اسم موضع (¬2)، وقيل: رملة (¬3). فساق: معدول عن فاسقه، كحذام وقطام. فسّج: جمع فاسج وهي الناقة السريعة الشابة. فظيع: أي شديد شنيع. فقع: هو نوع من الكمأة أبيض، وقد تكسر فاؤه. فلوّ: هو المهر لأنه يفتلى، أى يفطم، وقد تكسر الفاء فتسكن اللام وتخفف الواو. فندق: هو الخان، فارسي معرّب (¬4). فيضوضا (¬5): بالقصر، من الانفضاض: التفرّق، وقد يمد (¬6). ¬
حرف القاف
حرف القاف قارب: هو سفينة صغيرة تتبع المركب الكبير. قاصعاء: هو أحد جحرة اليربوع. قاطبة: كناية عن الجميع (¬1)، مثل كافة. قالي قلا (¬2): اسم مدينة أرزن الروم (¬3). قبعثرى: هو الجمل العظيم الخلق (¬4)، وقيل: الفصيل المهزول (¬5). قبل: هو ما استقبلك من الشيئ. قتام: هو الغبار. قتوبة: هو ما يركب من النوق بالقتب، كالحلوبة من الحلب، وهي أيضا اسم جماعة راكبى الأقتاب. قتّيتى: بالتشديد والقصر، النميمة. قثم: اسم رجل معدول عن قاثم، وهو المعطي، والقثم الكثير العطاء. قدني: بمعنى حسبي وكفايتى. قذعمل: هو الضخم من الإبل، وتصغيره: قذيعم، والقذعملة: المرأة القصيرة الخسيسة. قرّاء: فعّال من القراءة للمبالغة. ¬
قرء: [بالفتح (¬1)] أحد أقراء النساء، ويقع على الحيض والطهر. قربان: هو ما يتقرب به إلى الله تعالى. قرشبّ: هو المسن (¬2)، وقيل: القرار (¬3). قرطعب: هو دابة، وقيل (¬4): ما عنده قرطعبة أي شئ. قرطبوس: بفتح القاف وكسرها: الناقة العظيمة الشديدة. قرعبلانة: هو دويبة عريضة عظيمة البطن. قرفصاء: هو أن يقعد على أليتيه ويلصق فخذيه ببطنه (¬5). قرقار: بكسر الراء: حكاية صوت الريح. قرقر: قاع قرقر، أي أملس، وقرقرى مقصور: اسم موضع (¬6). قرق: قاع قرق، أى أملس. قرماء: بفتح القاف والراء، والمد: اسم [موضع (¬7)]. قرناء: هي المراءة التي لها عظم فى فم فرجها يمنع من نكاحها. قزم: بفتح القاف والزاي، السفلة اللئام من الناس، ويقع على الواحد والاثنين والجميع. قسر: هو القهر والغلبة. ¬
قشاعمة: جمع قشعم، وهو الكبير من الرجال والنسور. قصباء: هو القصب، وهو واحد وجمع. قصوى: [فعلى (¬1)] من (¬2) القصو: البعد. قضّهم: أي جماعتهم، كأنهم انقض آخرهم على أولهم. قطام: بكسر الميم، معدول عن قاطمة، والقطم: العضّ. قطّر: يقال: قطّر به الفرس: إذا رماه. قطني: بمعنى حسبى. قطيعاء: ضرب من التمر. قعدك: من ألفاظ القسم، معناها الثبات. قفاف: جمع قفّة، وهى القرعة اليابسة وما يتخذ مثلها من الخوص. قلقل: بالضم، الخفيف السريع. قلنس: أدخل رأسه في القلنسوة. قلة: هي الخشبة الصغيرة التي تنصب ويضربها الصبيان بعصى أخرى. قمارص: من القرص والميم زائدة، وكأنه للمبالغة. قمحدوه: هو مؤخر الرأس، والميم زائدة. قمطر: هو الشديد وما تصان فيه الكتب. قمطرير: هو الشديد. قنفخر: هو الضخم الفارع (¬3)، وقيل: الفائق في نوعه (¬4). القواء: هو الفقر. قوباء: هو البثر الذي يظهر على على جلد الإنسان، وقد تسكن واوه. ¬
حرف الكاف
قودة: جمع قائد، على الأصل (¬1). قوقيت: أى صحت، ومنه قوقت الدجاجة أي صاحت. قيض: هو قشر البيض. قيل: هو الملك من ملوك حمير دون الملك الأعظم. حرف الكاف كابل: اسم كورة (¬2) معروفة (¬3). كاهل: هو ما بين الكتفين. كباء: هو العود الذى يتبخّر به. كثبان: جمع كثيب وهو الرمل المجتمع. كثم: بمعنى الكثب: القرب. كركم: هو الزعفران، فارسي معرّب (¬4). كساحة: هو ما يرمى من الشجر ونحوها. كشاح: سمة على الكشح وهو ما فوق الخاصرة. كعيت: هو البلبل. ¬
حرف اللام
كفاح: هو المقابلة والمواجهة. كفّة كفّة: بالفتح، أي لقيته مواجهة؛ لأن كل واحد منهما قد كفّ صاحبه عن غيره. كليل: طرف كليل أى كالّ. كنتأل: بضم الكاف والهمز، هو القصير. كنهبل: هو الشجر والعظام. كنهور: هو السحاب العظيم. كوسى: هو فعلى من الكيس. كيسان: اسم علم، للغدر. كيصى: هو الذى يأكل وحده. حرف اللام الّلأواء: هي الشدة. لاحق: اسم فرس (¬1). لاعي: مقلوب لائع، وهما الجبان. لاه: بمعنى الله. لائث: من لاث العمامة إذا لفّها على رأسه. لداته: لدات الإنسان أقرانه. ¬
حرف الميم
لغّيزى: بضم اللام وتشديد الغين، جحر من حجرة اليربوع، وهو أيضا: كلّ كلام ليس بمستقيم (¬1). لقاح: جمع لقحة وهي الناقة ذات اللبن. لكاع: معدول عن لاكعة، وهي اللئيمة والذليلة. لهازم: هي ما بين اللّحيين. لهويّة: هي الحروف التي تخرج من اللهاة. ليّان: هو المطل. ليت: هو صفحة العنق. حرف الميم مألكا (¬2): من الألوكة: الرسالة. مبغوم: من البغام: صوت الظبي. محضير: من الحضر: العدو. محنية: ما انحنى من الوادى. مخارم: هي الطرق الصعبة وأفواه الفجاج. مخلس: أخلس النبت إذا اختلط رطبه ويابسه. مدعس: بكسر الميم، الرجل الطعان، والرمح (¬3). ¬
مذروان: هما طرفا الأليتين، والموضعان اللذان يقع عليهما الوتر من القوس، ولا واحد لهما. مرّان: هو شجر الرماح. مرطى: مشي فيه سرعة ودون العدو. مرمريت: من المرت: المفازة. مرمريس: هو الداهية والأملس. مريطاء: هو ما بين السرة إلى العانة. مزجّة: مفعلة من الزجّ وهو: الحذف. مزؤد: هو المذعور. مسرودتان: تثنية مسرودة وهي الدرع. مشافر: جمع مشفر وهي الشفة، مستعار من مشافر البعير. مشدوه: رجل مشدوده: أى: مدهوش. مشكاة: هي النافذة في الجدار. مشكوم: من الشّكم وهي العطية إذا كانت جزاء. مشمخرّ: هو الجبل العالي. مصطفى: هو المختار، من الصفوة. مضمار: هو الموضع الذي تضمّر فيه الخيل. مضوفه: هو الأمر التي يحذر منه. مطفل: هي التي لها أطفال. مطواي: تثنية المطو بالكسر، وهو صاحب الإنسان. معاري: هي يد المرأة ورجلاها.
معرّس: هو موضع التعريس وهو نزول آخر الليل. معيورى: جمع عير وهو الحمار. مغتال: اسم فاعل ومفعول من اغتاله: إذا أخذه على غفلة. مفاريق: جمع مفرق، والياء للإشباع. مفأد (¬1): هو الموضع الذي يشتوي فيه الشّويّ. مقلات: هي المرأة التي لا يعيش لها ولد. مقتوين: جمع مقتى من القتو: الخدمة. مكروب: كربت القيد إذا ضيّقته. مكفور: من الكفران: الجحود والتغظية. ملأ: الملأ: الفضاء. ملاط: هو الجنب، وابنا ملاط: عضد البعير. ملوّب: ملطّخ بالملاب وهو ضرب من الطيب كالخلوق. مليساء: هو نصف النهار، واسم شهر صفر. مناشيط: جمع منشط من النشاط. مناع: بكسر العين، بمعنى امنع. منجنون: هو (¬2) الدولاب والبكرة التي يستقى عليها. منحار: مفعال من النحر كالمذباح من الذبح وهو الذي يكثر منه ذلك. منحاز: هو الهاوون. ¬
حرف النون
منفس: أى شيئ نفيس. منور: هو النبت إذا طلع نوره. منون: من أسماء المنية. موازجة: جمع موزج وهو: الخفّ، فارسيّ معرّب (¬1). مه: بمعنى اكفف. مهالبة: جماعة منسوبة إلى المهلب بن أبي صفرة (¬2). مهامه: جمع مهمه، وهو: القفر. مهاوين: جمع مهوان، وهو: الذي يكثر إهانة الأشياء. مهتوت: الهتّ: عصر الصوت. مهدد: اسم امرأة. مئر: جمع مئرة بالهمز، وهو: الذّحل والعداوة. ميس: رحل يتّخذ منه محمل (¬3) البعير وقتبه. حرف النون نباذير: جمع نبذير وهو المبالغ فى التبذير. نجد: بضم الجيم أي شجاع. ¬
نجلاء: أي واسعة العين. نحبه: النحب: النذر والموت. نحي: هو زقّ السمن. نخاريب: جمع نخروب من الخراب. ندمان: هو النديم والنادم. نزوان: هو بفتح الزاي: الوثوب. نشب: يقال: نشب في الأمر: إذا علق فيه. نشدة: هو المصدر من نشدته إذا طلبته. نضار: هو الذهب، وضرب من الخشب. نضو: هو الهزيل (¬1). نطعيّة: هي الحروف التي تخرج من نطع الفم وهو أعلاه. نغر: هو طائر صغير (¬2). نغل: نغل الجلد إذا فسد. نفاطير: جمع نفطير من الفطر: الشق والاختراع. النّقاوة: هو خيار الشيئ وردئيه. النقزان: بفتح القاف: الوثوب. نكدن: من النكد: الشر. نولك: يقال: ما نولك أن تفعل كذا، أي ما ينبغي لك. نهّات: أي نهّاق. ¬
حرف الواو
نهد: هو الفرس الجسيم العالى. نهشل: اسم رجل، وهو الصقر، والكبير. نيّ: هو الشحم. حرف الواو واغل: هو الداخل على الشّرّاب بغير أذنهم. واله: الوله: ذهاب العقل، والتغيّر. واها: كلمة يقولها المتعجب والمتندم. وبار: جيل متقدم هلكوا. وحى: هو التعب والإعياء. وخز: هو النحس، والشيئ القليل وهو المراد. ودقها: الودق: المطر. ورنتل: هي الداهية. وزعت: الوزع: كف الشّيء ومنعه. وشاح: شيئ ينسج من أدم يرصّع، وتتركه المرأة على عاتقها وكشحيها وضّاء: فعّال من الوضاءة: الحسن. وطب: هو الزّقّ الذي يكون فيه اللبن. وعل: هو التيس الوحشي. وغى: هي الحرب. وكف: الوكف: العيب والنقيصة.
حرف الهاء
ومق: من المقة: المحبة. وناة: امرأة وناة: فيها فتور. وي: كلمة يقولها المتندم. ويبك: بمعنى ويلك، ويقال لمن يذم. ويحك: كلمة رحمة وتقال لمن يكرم عليك. ويسك: بمعنى ويحك. ويلك: من الويل، وهي كلمة عذاب. (حرف الهاء) ها: زجر للإبل والغنم، وكذلك هاهيت. هامد: هو الخامد والبالي. هانئ: هو الذي يطلي الإبل بالقطران. هاثر: هو المتهدّم، وهار مقلوب منه. هباب: هو هياج الفحل. هبلع: هو الأكول الذي يبلع كل شيء، وهو اسم كلب (¬1). هبيّخ: الوادي العظيم، والناقة. هتاف: من هتف به إذا ناداه. ¬
هجان: هو الكريم من الإبل، ويكون واحدا وجمعا. هجرع: هو الطويل (¬1) والأحمق (¬2)، واسم جبل (¬3). هجّيرى: هي العادة، وكذلك الهجّير والإهجيرى. هدّاجون: الهدج مشية الشيخ. هدبد: مقصور من هدابد وهو اللبن الخاثر جدا. هديلع: تصغير هندلع وهي بقلة. هراوة: هي العصا الضخمة. هرماس: هو الأسد الجرئ العادي (¬4). هركولة: هي الجارية الضخمة المرتجة الأرداف. هلا: زجر للخيل والإبل. همرجل: هو الهملاج (¬5) في مشيه (¬6)، والسريع (¬7). همّرش: بتشديد الميم، المرأة الكبيرة. هنت: كناية عن الشيئ. هندلع: بقلة، وهنيدل تصغيرها بحذف العين. ¬
حرف الياء
هنرت: مثل أنرت الثوب، أي جعلت له نيرا. هوجل: هو الأهوج، والناقة السريعة. هيت: هو زجر للإبل، وكذلك هيد، وهاد. هير: هو ريح الشمال، لغة في إير. هيقل: هو الذكر من النعام. (حرف الياء) [يتمرمر: أى يهتز] (¬1). يرمع: هو حجر رقيق يلمع. يزدهيه: أي يستخفّه. يسار: بكسر الراء، بمعنى الميسرة والميسرة. يستعور: هو شجر (¬2). يسر: بفتح الياء: المقامر. يسروع: بفتح الياء وضمها، دويبّة في الرمل مثل العظاية (¬3)، وقيل: دودة حمراء تكون في البقل (¬4). ¬
يشري: أي يتبع ويديم؛ من شري البرق إذا لمع. يصدع: أى يظهر ويكشف. يعر: من يعار الجدي وهو صوته. يعصر: اسم رجل، ويقال فيه: أعصر (¬1). يفعة: هو الشاب الحدث. يفيض: أفاض القداح إذا ألقاها اللاعب. يقظ: هو الفطن، من اليقظة ضد النوم. يلل: هو قصر الأسنان العليا وانعطافها إلى داخل. يلملم: هو ميقات أهل اليمن (¬2). ينزّي: من النزو: الوثوب. ينوؤك: أى يثقلك. ينهئه: أي ينضجه. يؤبّى: أي يفدّى، ويقال له: يأبى أنت. يؤثفين: أي يجعل له الأثافي وهي الحجارة التي تنصب عليها القدر. يؤوده: أي: يثقله. يين: بسكون الياء الثّانية، اسم مكان (¬3). ¬
تمّ الكتاب والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيدنا محمّد، خاتم النبيين، وإخوانه وصحبه أجمعين (¬1). ¬
فهرس المصادر والمراجع
فهرس المصادر والمراجع أولا: المخطوطات: 1 - ارتشاف الغرب من لسان العرب - أبو حيان الأندلس - خ دار الكتب رقم 828 نحو. 2 - الأزهري في كتابه تهذيب اللغة - رشيد العبيد ي. ر. د. خ رقم 1183 - ج - ق - ك - الآداب. 3 - اشارة التعيين إلى تراجم النحاة واللغويين. أبو المحاسن عبد الباقي الشافعي - خ - دار الكتب رقم 1612 تاريخ. 4 - اعراب القرآن - أبو جعفر النحاس خ - دار الكتب رقم 48 تفسير. 5 - الافصاح في العويص - الفارقي - خ - الاسكوريال رقم 48 تفسير. 6 - ابن الأنباري وكتابه الانصاف - محيي الدين توفيق - ر. د. خ رقم 1053 ج - ق - ك - دار العلوم. 7 - جهود علماء النحو في القرن الثالث الهجري - يوسف أحمد مطوع ر. د. خ رقم 1599 ج - ق - - دار العلوم سنة 1976 م. 8 - أبو الحسن بن كيسان وآراؤه في النحو واللغة - على الياسري - ر. م. خ. ج. ب. ك. الآداب. 9 - الحلل ف إصلاح الخلل من كتاب الجهمل - أبو محمد عبد الله بن محمد البليوسي - ت - سعيد عبد الكريم خ. رقم ط 415 ج - ب - ك - الآداب. 10 - أبو حيان الأندلس وتحقيق ارتشاف الغرب من لسان العرب - ت النحاس - رقم 154، 158 ج - ز - ك - اللغة. 11 - خصاص لغة تميم - محمد بن أحمد العمري - ر. م - ك - الشريعة بمكة سنة 1396 هـ.
12 - ابن خالويه وأثره في الدراسات الصرفية - محمد أبو الفتوح - ر. م. خ رقم 1904 - ج - ق - ك - دار العلوم سنة 1970 م. 13 - تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد - ابن هشام - خ - المتحف العراقي رقم 2839. 14 - تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد - الدماميني - خ مكتبة الحرم المكي رقم 186، 126. 15 - تلخيص أخبار النحويين واللغويين - ابن مكتوم. خ - دار الكتب رقم 2069 تاريخ تيمور. 16 - تمهيد القواعد - ناظر الجيش - خ - دار الكتب. رقم 349 نحو تاريخ تيمور. 17 - الزجاج - حياته وآثاره ومذهبه في النحو - محمد صالح التكريتي ر. م. خ رقم ز 525 - ج - ب - ك - الآداب سنة 1386 18 - ابن الشجري اللغوي الأديب - علي عبود الساهي - ر. م. خ رقم 1054 ج - ق - ك - الآداب سنة 1290. 19 - شرح التسهيل - ابن مالك - بدر الدين - خ - دار الكتب رقم 10 نحو. 20 - شرح التسهيل - ابن أم قاسم حسن بن عبد الله المرادي - ت حسين تورال - ر. م خ 25 - ج - ك الآداب 1971. 21 - شرح الجمل - ابن عصفور - ت - صاحب جعفر. ر. د. خ رقم 99299 ج - ق - ك الآداب سنة 1971 م. 22 - شرح ديوان زهير - رواية ثعلب - نسخة منقولة من نسخة ابن كيسان. نور عثمانية 3968 - مصوتي. 23 - شرح السبع الطوال - ابن كيسان - نسخة مصورة عن نسخة برلين - المكتبة الوطنية رقم 7440. 24 - شرح عمدة الحافظ عمدة اللافظ - ابن مالك - ت عبد المنعم هريدي - ر. د. خ رقم 243 ج - ز - ك اللغة العربية.
25 - شرح الفصيح - أبو القاسم عبد الله بن أبي الفتح محمد بن الحسن - ت عبد الوهاب المعدواني. ر. خ رقم 1128 ج - ق - ك - الآداب سنة 1393. 26 - شرح الكتاب - أبو سعيد السيرافي - ت السيد سعيد شرف الدين - ر. د. - خ - رقم 301 - ج - ز - ك - اللغة. 27 - شرح الكتاب - أبو سعيد السيرافي - خ دار الكتب رقم 127 نحو. 28 - شرح الكتاب - الرماني - مصورة مجمع اللغة العربية بالقاهرة رقم 138 نحو. 29 - شرح اللمع - أبو نصر القاسم بن محمد الضرير - ت/ حسن الشرع. ر. م. رقم 1163 ج - ق - ك الآداب سنة 1393. 30 - شرح اللمع - ابن برهان العكبرى - ت/ فائز الحمد - ر. م. رقم 1263 ج - ق - ك - الآداب سنة 1394. 31 - شرح اللمحة البدرية - ابن هشام - ت/ هادي نهر. ر. د رقم 1297 ج - ق - ك - الآداب سنة 1974 م. 32 - الضرورة الشعرية في النحو العربي - محمد حماسة - ر. م رقم 1214 ج - ق - ك - دار العلوم 1392. 33 - المذهب النحوي البغدادي - ابراهيم نجار رقم 9854 - ج - ز - ك - اللغة سنة 1363. 34 - ابن معطي وآراؤه النحوية مع تحقيق الفصول الخمسون - الطناحي - ر. م رقم 1098 ج - ق - ك دار العلوم سنة 1971. 35 - النحو والصرف بين التميمين والحجازيين - عبد الله الحسيني - ر. م - كلية الشريعة بمكة سنة 1396. 36 - الهجاء - مجهول. خ - عاشر أفندي - رقم 7 - مصورتي.
ثانيا: المطبوعات
37 - الوافية في شرح الكافية - ابن مالك. خ. المكتبة الظاهرية رقم 1754. 38 - الوافية في شرح الكافية - ركن الدين الأسترباذي - ت/ محمد علي الحسيني - ر. م. رقم 432 - ح - ب - سنة 1971 م. ثانيا: المطبوعات: 39 - إحياء النحو - إبراهيم مصطفى - ط/ لجنة التأليف سنة 1937. 40 - أخبار النحويين البصريين - السيرافي - ت/ كرنكو/ ط. سنة 1936 م. 41 - أدب الكاتب - ابن قتيبة. ت - ماى - ط/ ليدن سنة 1387 هـ. 42 - الأزهية في علم الحروف - علي بن محمد الهروى - ت/ عبد المعين الملوحي - دمشق سنة 1391 - مجمع اللغة بدمشق. 43 - الاستدراك على سيبويه - الزبيدي - باعتناء كويدي - ط/ روما سنة 1890 م. 44 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب - ابن عبد البر - ت/ محمد علي البجاوي - مكتبة نهضة مصر - بدون تاريخ. 45 - الأساليب الإنشائية في النحو العربي - عبد السّلام هارون - م - السنة المحمدية سنة 1378 - الخانجي - مكتبة المتنى - بغداد. 46 - الأشباه والنظائر - السيوطي - ت/ طه عبد الرؤوف - سنة 1395 - مكتبة الكليات الأزهرية. 47 - اشتقاق أسماء الله - الزجاجي - ت/ عبد الحسين المبارك م النعمان سنة 1394 - المجمع العلمي العراقي. 48 - الاشتقاق - ابن دريد - ت/ عبد السّلام هارون م السنة المحمدية - الخانجي - بمصر. 49 - الأصول في النحو - ابن السراج - ت/ عبد الحسين الفتلى. م - الأعظمى سنة 1283 ج - ب.
50 - الأصوات اللغوية - ابراهيم أنيس - ط/ 4 سنة 1971 م مكتبة الأنجلو المصرية. 51 - الأضداد في اللغة - محمد حسين آل ياسين - م. المعارف. بغداد سنة 1394 - ج - ب. 52 - الأعلام - خير الدين الزركلي - ط/ 3 سنة 1389 هـ بيروت. لبنان. 53 - الإعراب عن قواعد الإعراب - ابن هشام - ت/ رشيد عبد الرحمن ط/ سنة 1390 - دار الفكر. 54 - الإغراب في جدل الإعراب - لمع الأدلة - ابن الأنباري - ت/ سعيد الأفغاني - ط/ 2 سنة 1391 - دار الفكر. 55 - الإقتراح في علم أصول النحو - السيوطي - ت/ أحمد محمد قاسم. ط/ 1 سنة 1396. م. السعادة. 56 - اكتفاء القنوع بما هو مطبوع. ادورد فنديك - تصحيح علي محمد ط/ 1 - التأليف سنة 1896 م. 57 - الأفية - ابن مالك. 58 - املاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبرى. ت/ إبراهيم عوض ط/ 2 - الحلبي. 59 - أمالي الزجاجي - الزجاجي - ت/ عبد السّلام هارون. ط/ 1 سنة 1382 - المؤسسة العربية الحديث. 60 - الأمالي - الذيل والنوادر - أبو علي القالي - المكتب التجاري - بيروت. 61 - الأمالي الشجرية. هبهة الله بن علي بن حمزه - دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت. 62 - البيان والتبيين - الحافظ - ت/ عبد السّلام محمد - ط/ 4 سنة 1395 - مكتبة الخانجي.
80 - البيان في غريب اعراب القرآن - ابن الأنباري - ت/ طه عبد الحميد - سنة 1389 - الهيئة المصرية العامة. 81 - بيت الحكمة - سعيد الديوه جي - ط/ 2 سنة 1392. مؤسسة دار الكتب ج - الموصل. 82 - تاج العروس من جواهر القاموس - محمد مرتضى الزبيدي - دار مكتبة الحياة - بيروت. 83 - تاريخ الأدب العربي - كارل بروكلمان - ترجمة عبد الحليم النجار. 84 - تاريخ الأدب العربي - كارل بروكلمان - ترجمة عبد الحليم النجار. ط/ 2 سنة 1968 - دار المعارف. 85 - تاريخ بغداد - الخطيب - دار الكتاب العربي. 86 - تاريخ التراث - فؤاد سزكين - نقله/ فهمي أبو الفضل - الهيئة المصرية العامة سنة 1971 م. 87 - تحصيل عين الذهب - الأعلم - على الكتاب - ط/ 1 سنة 1316 هـ. 88 - تحقيق النصوص ونشرها - عبد السّلام محمد ط/ 2 سنة 1385 م المدني - الحلبي. 89 - تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد - ابن مالك ت/ محمد كامل بركات - ط/ 1 سنة 1387 - دار الكاتب العربي. 90 - التطور النحوي للغة العربية - برجشنراسر. م السماح. سنة 1929 م. 91 - التفاحة - أبو جعفر النحاس ت/ كوكيس عواد - بغداد سنة 1385. 92 - تفسيرات شيخ الإسلام ابن تيمية - اقبال الأعظمى ط/ في مطبعة علي بريس. 93 - تلقيب القوافي وتلقيب حركاتها - ابن كيمان - ت/ ابراهيم السامرائي - مجلة الجامعة المستنصرية.
94 - التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه - الكبرى - بيروت سنة 1921 م. 95 - تهذيب اللغة - الأزهري - ت/ لجنة من العلماء. 96 - تهذيب الألفاظ - ابن السكيت - م - الكاثوليكية سنة 1895. 97 - تأويل مشكل القرآن - ابن قتيبة - ت/ السيد أحمد صقر - ط/ 2 سنة 1393. دار التراث. 98 - التوطئة - أبو علي الشلوبيني - ت/ يوسف أحمد مطوع. دار التراث سنة 1973 م. 99 - التيسير في القراءات السبع - أبو عمرو الداني - ت/ أو توبرتزل ط/ استانبول سنة 1930 م. 100 - الجامع لأحكام القرآن - أبو عبد الله القرطبي - تصحيح - أحمد عبد العليم - دار الكاتب العربي سنة 1387. 101 - الجموع في اللغة العربية - باكزه رفيق حلمي - ط/ م. الأديب البغدادية سنة 1972 م م - ج - ب. 102 - الجني الداني في حروف المعاني - الحسن بن قاسم المرادي - ت/ فخر الدين قباوة وزميله - ط/ 1 سنة 1393 هـ - المكتبة العربية بحلب. 103 - ابن جني النحوي - فاضل السمرائي - ط/ م. النذير سنة 1389. ج. ب. 104 - الحجة في القراءات السبع - ابن خالويه - ت/ عبد العال سالم - دار الشروق سنة 1971 م. 105 - الحجة في علل القراءات السبع - الفارسي - ت/ علي النجدي، عبد الحليم النجار، عبد الفتاح شلبي - دار الكاتب العربي. 106 - ابن الحاجب النحوي - طارق الجنابي - م. أسعد - بغداد سنة 1974 م دار التربية. ج - ب.
107 - حجة القراءات - أبو زرعة. ت/ سعيد الأفغاني ط/ 1 سنة 1394. ج - بنغازي. 108 - الحركة اللغوية في الأندلس - البير حبيب مطلق - المكتبة العصرية - صيدا - بيروت سنة 1967 م. 109 - حاشية الخضري على شرح ابن عقيل - الخضري - ط/ سنة 1914. 110 - حاشية الأمير على المغني - محمد الأمير - دار إحياء الكتب العربية - الحلبي. 111 - حاشية الصبان على شرح الأشموني - محمد بن علي الصبان - دار إحياء الكتب العربية - الحلبي. 112 - حاشية الشيخ ياسين علي شرح التصريح - ياسر بن زين الدين العليمي - دار إحياء الكتب العربية. 113 - حاشية ياسين علي شرح الفاكهي لقطر الندى - ط/ 2 سنة 1390. الحلبي. 114 - حضارة العرب - فوستاف لويون. ترجمة عادل زعيتر طئم. الحلبي. 115 - الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الجري - آدم متز - نفله - أبو ريد - ط/ 4 سنة 1387 - دار الكتاب العربي - بيروت. 116 - أبو حيان النحوي - خديجة الحديثي - ط/ 1 سنة 1385 م، دار التضامن - مكتبة النهضة - بغداد. 117 - * خزانة الأدب ولب لباب السان العرب - البغدادي - ت/ عبد السّلام محمد - دار الكاتب العربي سنة 1387 هـ. * خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب - البغدادي. ط/ 1 سنة 1299 م بولاق.
119 - الخصائص - ابن جني - ت/ محمد علي النجار ط/ 1 سنة 1376 - دار الكتب. 120 - الخلاف النحوي وكتاب الانصاف/ محمد خير الحلواني - دار الأصمعي - بحلب. 121 - الدراسات النحوية واللغوية عند الزمخشري - د. فاضل السمرائي. م - الارشاد بغداد سنة 1390 ج - ب. 122 - الدرس النحوي في بغداد - د. مهدي المخزومي - وزارة الأعلام - العراق سنة 1974 م. 123 - الدارر اللوامع على همع الهوامع - الشنقيطي ط/ 2 سنة 1392 - دار المعرفة - بيروت. 124 - دراسات لأسلوب القرآن الكريم - محمد عبد الخالق - ط/ 1 سنة 1392 م - السعادة - بمصر. 125 - ابن درستويه - عبد الله الجبوري ط/ سنة 1394 م - المعاني - بغداد - ج - ب. 126 - دروس في كتب النحو - د. عبده الراجحي - م: المتنبي سنة 1974 م - دار النهضة العربية - بيروت. 127 - دراسات في العربية وتاريخها - الخضر حسين - ط/ 2. نشر المكتب الإ «لامي - دمشق. 128 - الدفاع عن القرآن - د. أحمد مكي الأنصاري - دار المعارف بمصر سنة 1393 هـ. 129 - دول الإسلام - الذهبي ت/ فهيم شلتوت وزميله - الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1974 م.
130 - ديوان أبي الأسود الدؤلي - ت/ محمد حسن آل ياسين. ط/ سنة 1373 م - المعارف - بغداد. 131 - ديوان امرئ القيس ت/ محمد ابراهيم ط/ 2 سنة 1964 - دار المعارف. مصر. 132 - ديوان جرير بشرح محمد بن حيب ت/ د. نعمان محمد - م دار المعارف. مصر سنة 1969 م. 133 - ديوان ذي الرمه - باعتناء كارليل هنري - م الكلية سنة 1337 كلية كمبرديج. 134 - ديوان الشماخ - شرح الشنقيطي - ط سنة 1327 م. السعادة بمصر. 135 - ديوان قيس بن الخطيم ت د. ناصر الدين الأسد ط/ 1 سنة 1381 م المدني - مكتبة دار العروبة. 136 - دائرة معارف البستاني - بطرس م مؤسسة مطبوعاتي اسماعيليان - طهران - ناصر خسرو. 137 - الرد على النحاة - ابن مضاء القرطبي - ت. د. شوقي ضيف ط/ 1 سنة 1947 م. لجنة التأليف - دار الفكر العربي. 138 - رسالة الغفران - أبو العلاء المصري - ت/ د. عائشة ط/ 5 سنة 1388 دار المعارف بمصر. 139 - رسالة الملائكة - المعري - ت/ محمد سليم الجندي. المكتب التجاري - بيروت. 140 - رصف المباني في شرح حروف المعاني - أحمد بن عبد النور المالقي - ت/ أحمد الخراط. م - زيد بن ثابت سنة 1395 هـ - دمشق - مجمع اللغة.
141 - الرماني النحوي - د. مازن المبارك. ط/ 1 سنة 1383. م - ج - دمشق. 142 - الرواية والاستشهاد باللغة د محمد عيد م - دار نشر الثقافة سنة 1972 م - عالم الكتب. 143 - رواية اللغة. د. عبد الحميد الشلقاني دار المعارف بمصر سنة 1971 دار المعارف. 144 - الروض الأنف - السههيلي ت/ عبد الرحمن الوكيل ط/ سنة 1387 - دار الكتب الحديثة - مضر. 145 - روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات - الخوانساري ط/ 2 سنة 1367 - سعيد الطباطبائي. 146 - سر صناعة الإعراب - ابن جني - ت/ لجنة من العلماء - ط/ 1 سنة 1374 - الحلبي. 147 - ابن السكيت اللغوي - محيي الدين توفيق - ط/ 1 سنة 1969 م. 148 - ابن الشجري ومنهجه في النحو - عبد المنعم أحمد التكريتي ط سنة 1974 م، م الجامعة - ج. ب. 149 - شرح أبيات الكتاب - النحاس - ت/ زهير غازي ط/ 1 سنة 1974 م الغرى الحديثة - مدارس النجف. 150 - شرح أبيات الكتاب - ابن السيرافي ت/ محمد علي الريح ط سنة 1394 - مكتبة الكليات الأزهرية. 151 - شرح الأشموني على ألفية ابن مالك - الأشموني - دار إحياء الكتب العربية - الحلبي. 152 - شرح التسهيل - ابن مالك ت/ د. عبد الرحمن السيد - ط/ 1 سنة 1394 هـ مكتبة الأنجلو المصرية.
153 - شرح التصريح على التوضيح - خالد الأزهري - دار احياء الكتب العربية. 154 - شرح ديوان لبيد - الطوسي ت/ د. احسان عباس. ط سنة 1962 م سم حكومة الكويت. 155 - شرح ديوان زهير، ثعلب، ط سنة 1384، الدار القومية للطباعة والنشر. 156 - شرح ديوان الحماسة، المرزوقي، ت/ أحمد أمين، وعبد السّلام هارون، ط/ 2 سنة 1387 هـ. لجنة التأليف - القاهرة. 157 - شرح شذور الذهب، ابن هشام، ت/ محمد عبد الحميد م السعادة بمصر. 158 - شذرات الذهب، ابن العماد، ط سنة 1350، مكتبة المقدسي. 159 - شرح الرضى على كافية ابن الحاجب، الرضى الأستراباذي، دار الباز مكة، دار الكتب العلمية، بيروت. 160 - شرح الشافية، الرضى، ت/ محمد نور الحسن وآخرون. ط/ سنة 1395، هـ دار الكتب العلمية، بيروت، دار الباز. 161 - شرح شواهد المغني، السيوطي، تصحيح، ابن التلاميذ، دار مكتبة الحياة، بيروت. 162 - شرح ابن عقيل، ت/ محمد عبد الحميد، ط/ 14 سنة 1384، دار الكتاب العربي، بيروت. 163 - الشعر والعشراء، ابن قتيبة، ت/ أحمد محمد شاكر، ط سنة 1386، دار المعارف. 164 - شرح قطر الندى وبل الصدى، ابن هشام، ت/ محمد عبد الحميد، ط/ 13 سنة 1389، دار الكفر.
165 - شرح القصائد التسع المشهورات، النحاس، ت/ أحمد خطاب، مطبعة الحكومة، بغاد سنة 1393، وزارة الأعلام. 166 - شرح القصائد العشر، التبريزي، ت/ فخر الدين قباوة، حلب سنة 1388 هـ. 167 - شرح القصائد السبع، ابن الأنباري ت/ عبد السّلام، دار المعارف، مصر سنة 1963 م. 168 - شرح المفصل، ابن يعيش، ادارة الطباعة المنيرية. 169 - شرح معلقة عمرو بن كلثوم، ابن كيسان، شلوسنجر. 170 - شرح المعلقات السبع، الزوزني، دار متبة الحياة، بيروت. 171 - الصاحبي في فقه اللغة. ابن فارس، ت/ مصطفى الشيومي، مؤسسة بدران، بيروت سنة 1383. 172 - ضحى الإسلام، أحمد أمين، ط/ 8 سنة 1974 م، مكتبة النهضة المصرية. 173 - الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناشر، ممود شكري الألوسي، مكتبة دار البيان، بغداد، دار صاحب. 174 - طبقات المفسرين، محمد بن علي الداودي، ط/ 1 سنة 1392 م، الاستقلال الكبرى، مكتبة وهبة. 175 - طبقات النحويين واللغويين، الزبيدي، ت/ محمد إبراهيم، دار المعارف بمصر سنة 1973 م. 176 - طبقات النحاة واللغويين، ابن قاضي شهبه، ت/ د. محسن غياض، م النعمان سنة 1974 م م - ج - ب. 177 - الطرائف الأدبية، عبد العزيز الميمني، القاهرة سنة 1937 م.
178 - ظهر الإسلام، أحمد أمين ط/ 3 سنة 1364 هـ، مكتبة النهضة المصري. 179 - ظاهرة الشذوذ في النحو العربي، فتحي الدجنى، ط/ 1 سنة 1974 م، وكالة المطبوعات، الكويت. 180 - العبر - الذهبي - ت/ صلاح الدين. ط الكويت سنة 1960 م. 181 - عصر الخليفة المقتدر بالله، حمدان الكبيسي، م النعمان سنة 1394 - ج - ب. 182 - ابن عصفور والتصريف، د، فخر الدين قياوة ط/ 1 سنة 1391، دار الأصمعي، بحلب. 183 - العالم الإسلامي في العصر العباسي، حسن أحمد وأحمد شريف ط/ 1 م. المدني، دار الفكر العربي. 184 - أبو علي الفارسي، د. عبد الفتاح شلبي، م نهضة مصر. 185 - علم اللغة د. علي عبد الواحد وافي، ط/ الاعتماد سنة 1363. 186 - العمدة في صناعة الشعر ونقده، ابن رشيق، ط/ 3 سنة 1383، م السعادة بمصر. 187 - علماء ينسبون إلى مدن أعجمية وهم من أرومة عربية، ناجي معروف، ط سنة 1385 م الحكومة بغداد. 188 - غاية النهاية في طبقات القراء، ابن الجزري، ت/ برجشنراسر، ط/ السعادة سنة 1935 م. 189 - غيث النفع في القراءات السبع، الصفاقسي، ط/ سنة 1346 الحلبي. 190 - فجر الإسلام، أحمد أمين م لجنة التأليف سنة 1370، مكتبة النهضة المصرية.
191 - الفاخر، المفضل بن سلمة، ت/ عبد العليم الطحاوي ومحمد علي النجار ط/ 1 سنة 1380. 192 - الفاضل، المبرد، ت/ عبد العزيز الميمني، ط/ 1 سنة 1375. 193 - الفعل زمانه وأبنيته، د. إبراهيم السامرائي، م العاني بغداد سنة 1386 - ج - ب. 194 - في أصول النحو - سعيد الأفغاني، ط/ 3 سنة 1383 - م - ج - دمشق. 195 - في أصول اللغة، محمد خلف الله أحمد، ومحمد شوقي أمين، ط سنة 1388، الأميرية، مجمع اللغة بالقاهرة. 196 - في النحو العربي، نقد وتوجيه، د. مهدي المخزومي، ط/ 1 سنة 1964 م المكتبة المصرية، صيدا. 197 - في النحو العربي، قواعد وتطبيق، د. مهدي المخزومي، ط/ 1 سنة 1386، الحلبي، مصر. 198 - فهرست الأغاني، محمد مسعود، ط/ 1 سنة 1323 م، الجمهورية. 199 - الفهرست، ابن النديم، م دانشكاه، طهران. 200 - فهرسة ما رواه عن شيوه ابن خير، ت/ زيدين ورباره، ط/ 2 سنة 1382 المكتب التجاري، بيروت. 201 - فهرس مخطوطات دار الكتب، فؤاد السيد، ط/ سنة 1954 - دار الرياض. 202 - فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية، أسماء الحمص م خالد بن الوليد سنة 1393، دمشق، مجمع اللغة. 203 - فهرس مكتبة جستربيتي ARTHURJ دبلن سنة 1958 م.
204 - الفيصل في ألوان الجموع، عباس أبو السعود، م دار المعارف. 205 - القرآن الكريم. 206 - القرآن الكريم وأثره في الدراسات النحوية، عبد العال مكرم م دار المعارف بمصر سنة 1384، دار المعارف. 207 - القاموس المحيط، الفيروزآبادي م الحسينية سنة 1330. 208 - القوافي، سعيد بن مسعدة الأخفش، ت/ عزة حسن، دمشق سنة 1390. 209 - القوافي، أبو يعلي، ت/ عوض عبد الررؤف، م الحضارة العربية سنة 1975 م - مصر. 210 - الكتاب، سيبويه، مصورة عن ط/ بولاق سنة 1316. 211 - كتاب السبعة، ابن مجاهد، ت/ د. شوقي ضيف، دار المعارف بمصر. 212 - الكشف عن وجوه القراءات السبع، مكي بن أبي طالب، ت/ محيي الدين رمضان. مطبعة خالد بن الوليد سنة 1394. 213 - الكشاف، الزمخشري، دار الكتاب العربي. 214 - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، حاجي خليفة ط/ 3 سنة 1378، طهران. 215 - الكافي في العروض والقوافي، التبريزي، ت/ الحساني عبد الله، دار الكاتب العربي، القاهرة، سنة 1969 م. 216 - الكامل في التاريخ، ابن الأثير الجزوي، م ادارة الطباعة المنيرية سنة 1353 هـ. 217 - الكنى والألقاب، عباس التمي ط/ 2 سنة 1389 م الحيدرية النجف.
218 - كنز الحفاظ في تهذيب الألفاظ، التبريزي، لويس شيخو، الكاثوليكية سنة 1895، بيروت. 219 - اللباب في تهذيب الأنساب، ابن الأثير الجزري، دار صادر، بيروت. 220 - لسان العرب، ابن منظور، مصورة عن ط/ بولاق سنة 1303. 221 - لسان الميزان، ابن حجر، ط/ 1 سنة 1330 م مجلس زائرة المعارف النظامية، حيدرأباد الدكن. 222 - ليس في كلام العرب، ابن خالويه، ضبط الشنقيطي، ط/ 1 سنة 1329. 223 - مجالس العلماء، الزجاجي، ت/ عبد السّلام هارون، الكويت 1962 م. 224 - مجالس ثعلب، ت/ عبد السّلام هارون ط/ 2 سنة 1960 م، دار المعارف، بمصر. 225 - مجمع الأمثال، الميداني، ت/ محمد عبد الحميد م. السنة المحمدية سنة 1374. 226 - مجلة المورد، المجلد الرابع، العدد الثاني سنة 1975 م وزارة الأعلام العراقية. 227 - المحاجاة بالمسائل النحوية، الزمخشري، بهيجة الحسيني، م. أسعد سنة 1393 دار التربية. 228 - مختصر شواذ القراءات، ابن خالويه، برجشترسو، م. الرحمانية بمصر سنة 1934 م. 229 - المختصر في أخبار البشر، أبو الفداء، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت. 230 - المخصص، ابن سيده، طبع الأميرية.
231 - مدرسة البصرة، د. عبد الرحمن السيد، ط/ 1 سنة 1388. دار المعارف بمصر، ج البصرة. 232 - مدرسة الكوفة د. مهدي المخزومي. ط/ 2 سنة 1377، الحلبي. 233 - المدارس النحوية، د. شوقي ضيف، ط/ 2 سنة 1972 م دار المعارف بمصر. 234 - المذكر والمؤنث، الفراء، ت/ مصطفى السقا، ط سنة 1345، حلب. 235 - مراتب النحويين، أبو الطيب اللغوي، ت/ محمد إبراهيم، ط/ 2 سنة 1394، نهضة مضر. 236 - مرآة الجنان وعبرة اليقظان، اليافعي، ط/ 2 سنة 1390، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت. 237 - مراح الأرواح، أحمد بن علي بن مسعود، مكتبة المثنى. 238 - المرتجل، ابن الخشاب، ت/ علي حيدر، دمشق سنة 1392 هـ. 239 - مروج الذهب ومعادن الجوهر في التاريخ - المسعودي - ط/ سنة 1346 م البهية. 240 - المزهر في علوم اللغة وأنواعها - السيوطي، ت/ محمد أحمد جاد المولى وآخرون، دار إحياء الكتب العربية. 241 - المسند، أحمد بن حنبل، ط سنة 1313 هـ، الحلبي. 242 - مسائل خلافية في النحو، أبو البقاء العكبري، ت/ محمد خير الحلواني.، 243 - المستشرقون، نجيب عقيفي، دار المعارف بمصر سنة 1965 م. 244 - مشكل إعراب القرآن - مكي بن أبي طالب، ت السوسا، م دار الكتاب بدمشق، سنة 1394، معجم اللغة.
245 - مصطلح التاريخ، د. أسعد رستم، ط/ 3، المكتبة المصرية، صيداء. 246 - مصادر الشعر الجاهلي، د. ناصر الدين الأسد، ط/ 3 سنة 1966، دار المعارف بمصر. 247 - معاني القرآن وإعرابه، الزجاج، ت/ عبد الجليل شلبي، المكتبة العصرية، صيدا. 248 - معاني القرآن، الفراء، ت/ محمد علي النجار، م سجل العرب، الدار المصرية للتأليف. 249 - معاني الحروف، الرماني، ت/ د. عبد الفتاح شلبي، دار نهضة مصر. 250 - معجم الأدباء، ياقوت، ط/ دار المأمون سنة 1355، مرجليوت. 251 - معجم البلدان، ياقوت، ط سنة 1960 م، مكتبة الأسدي، طهران. 252 - معجم شواهد العربية، عبد السّلام هارون، ط 1 سنة 1392، مكتبة الخانجي. 253 - معجم المطبوعات، يوسف سركيس م سركيس بمصر سنة 1346، مكتبة يوسف أليان. 254 - المعجم المفرس لألفاظ الحديث، ونسنك، م بربل سنة 1962 م، ليدن. 255 - معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، م الترقي بدمشق سنة 1379، المكتبة العربية بدمشق. 256 - المعجم المفهرس لألفاظ القرآن، محمد فؤاد عبد الباقي، دار احياء التراث. بيروت. 257 - مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب، ابن هشام، ت/ محمد عبد الحميد، دار الكتاب العربي، بيروت. 258 - مفتاح السعادة ومصباح السيادة، أحمد بن مصطفى، ط/ 1 دائرة المعارف النظامية، الدكن.
259 - المفصل، الزمخشري، ط/ 2، دار الجيل، بيروت. 260 - المقتضب، المبرد، ت/ محمد عضيمة، القاهرة سنة 1385، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. 261 - المقرب، ابن عصفور، ت/ أحمد الجوارى، وعبد الله الجبوري، ط/ 1 سنة 1391، م العاني، رئاسة ديوان الأوقاف. 262 - المقنع في معرفة رسوم مصاحف أهل الأمصار، أبو عمرو الداني، ت/ محمد دهمان، م الترقى، دمشق سنة 1359. 263 - الممتع في التصريف، ابن عصوفر، ت/ فخر الدين قباوة ط/ 1 سنة 1390، م العربية، حلب، المكتبة العربية. 264 - المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ابن الجوزى، ط/ 1 سنة 1357 م دائرة المعارف، حيدر أباد، الدكن. 265 - المنصف، ابن جني، ت/ إبراهيم مصطفى، عبد الله أمين، ط/ 1، سنة 1373، الحلبي. 266 - من أسوار اللغة، د. إبراهيم أنيس، ط/ 5 سنة 1975، مكتبة الأنجلو المصرية. 267 - منهج المالك في الكلام على ألفية ابن مالك، أبو حيان ت/ مدني، سنة 1947. 268 - منهج البحث الأدبي، د. علي جواد الطاهر، ط/ 3 سنة 1976 م، أسعد، بغداد - ج - ب. 269 - منهج البحوث العلمية، ثريا ملحس، ط/ 2 سنة 1973، دار الكتاب اللبناني، بيروت. 270 - منهج الأخفش الأوسط في الدراسات النحوية، عبد الأمير الورد، ط/ 1 سنة 1395، دار التربية، بغداد.
271 - مناهج البحث في اللغة، د. تمام حسان. ط/ 2 سنة 1394، دار الثقافة، الدار البيضاء. 272 - الموجز في النحو، ابن السراج، ت/ مصطفى الشويم، وابن سالم، مؤسسة بدران، بيروت سنة 1385 هـ. 273 - الموفي في النحو الكوفي، صدر الدين الكنفراوي، ت/ محمد بهجة البيطار، ط/ المجمع العلمي العربي، بدمشق سنة 1370. 274 - الموفقى في النحو، ابن كيسان، ت/ عبد الحسين الفتلى، وشلاش، سنة 1395، مجلة المورد. 275 - الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء. المرزباني، ت/ محب الدين الخطيب، ط/ 2 م السلفية. 276 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال، الذهبي، م السعادة سنة 1325، القاهرة. 277 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ابن تغرى بردى، ط/ سنة 1942، دار الكتب. 278 - النحو العربي، نقد وبناء، د. إبراهيم السامرائي، دار الصادق، بيروت. 279 - نزهة الألباء في طبقات الأدباء، ابن الأنباري، ت/ د. إبراهيم السامرائي ط/ 2 سنة 1970، مكتبة الأندلس. 280 - نشأة النحو، محمد طنطاوي، تعليق عبد العظيم الشناوي، والكردي ط/ 2 سنة 1389. 281 - نصوص ودراسات عربية وافريقية في اللغة والتاريخ والأدب، د. ابراهيم السامرائي، وزارة الأعلام.
282 - نفائس المخطوطات، محمد حسن آل ياسين، ط/ 1 سنة 1373، م المعارف، بغداد. 283 - نوادر المخطوطات، عبد السّلام هارون، ط/ 1 سنة 1370، م لجنة التأليف. 284 - النوادر في اللغة، أبو زيد، تعليق/ سعيد الخورى، دار الكتاب العربي، بيروت. 285 - نور القبس المختصر من المقتبس، اليغمورى، ت/ رودلف زلهايم، سنة 1384، فرانتش. 286 - هدية العارفين، اسماعيل باشا البغدادي. استانبول سنة 1955 م. 287 - الهفوات النادرة، غرس النعمة، ت/ درر صالح الأشتر، ط/ سنة 1387، مجمع اللغة بدمشق. 288 - همع الهوامع، السيوطي، دار المعرفة. همع الهوامع، السيوطي، ت/ عبد السّلام هارون ومكرم ط/ سنة 1394، دار البحوث العلمية الكويت. 289 - الوافي بالوفيات، الصفدي، باعتناء، س - د. يدربنغ، ط/ 2 سنة 1394 هـ فرانس شتاينر. 290 - وفيات الأعيان، ابن خلكان، ت/ محمد عبد الحميد، م، السعادة سنة 1367. 291 - يونس بن حبيب، د. أحمد مكي الأنصاري، دار المعارف بمصر سنة 1393.