البدء والتاريخ

المقدسي، المطهر بن طاهر

المجلد الأول بسم الله الرحمن الرحيم وبه الحول والقوة [1] تسلّق الزائغون عن المحجّة في التلبيس على الضعفاء وتعلّق المنحرفون عن نهج الحقّ في إفساد عقيدة الأغبياء من طريق مبادي الخلق ومبانيه وما اليه معاده ومآله تعلقا به ينبّهون غرّة الغافل ويحيرون فطنة العاقل وذلك من أنكى مكايدهم للدين واثخن لبلوغهم في انتقاض الموحّدين وَيَأْبَى الله إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ [1] 9: 32 ويعلى كلمته ويفلج حجّته وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ 9: 32 [1] وانّ من عظيم الآفة على عوامّ الأمّة تصدّيهم لمناظرة من ناظرهم بما تخيّل في اوهامهم وانتصب في نفوسهم من غير ارتياض بطرق العلم ولا معرفة بأوضاع

_ Qor. ,sour.IX ,V.32. [1]

القول ولا تحكّك بأدب الجدل ولا بصيرة بحقائق الكلام ثم إلقاؤهم بأيديهم عند أوّل صاكّة تصكّ أفهامهم وقارعة تقرع أسماعهم ضرعين خاشعين مستجدين مستقلّين الى ما لاح لهم بلا اجالة رويّة ولا تتعير (؟) عن خبيئة وعلى أهل الطرف والشرف منهم التخصيص بالنادر الغريب والرغبة عن الظاهر المستفيض والإيجاب بغوامض الألفاظ الرائقة والكلم الرائعة وان كانت ناحلة المعاني نحيفة المغاني ضعيفة الضمائر واهية القواعد فقصارى نظرهم الاستخفاف بالشرائع والأديان التي هي وثاق الله تعالى في سياسة خلقه وملاك امره ونظام الألفة بين عباده وقوام معاشهم والمنبّه على معادهم الرادع لهم عن التباغي والتظالم والمهيب بهم الى التعاطف والتواصل والباعث لهم على اعتقاد الذخائر من مشكور صنائع العاجل ومحمود ثواب الآجل فتعرّض الى ما هو منهيّ عنه في حكمة العقل التعرض له من الاستهداف بقدح القادح واستدعاء مقت الماقت والسعي في إفساد ذات البين والاستشراف للفتنة وتلبيس الحق على الضعفة وأكثر ما يعترى هذه البليّة طبقة أهل اللسان والبيان يظنون ظنونا كاذبة ويسمّون بهم قاصرة

الى حيث يحجم همه البارز النقّاب عن التطلّع الى أدناه ويحقّ ما ذكره العتبى في كتابه وان كان دخيلا في صناعته متكلّفا ما ليس من بزّته حيث قال في صفة هذه الطبقة قد رضى من الله ومن عباده عوضا ان يقال فلان دقيق وفلان لطيف يذهب إلى انّ لطف النظر قد أخرجه عن جملة الناس وبلغ به علم ما جهلوه فهو يدعوهم الرعاع والغثاء والغثر وهو لعمر الله بهذه الصفات أولى وهي به أليق في أخوات لهذه كثيرة ويا لها من فضيحة إذا أخذت الحجة يكظم أحدهم واسبل الحقّ جناحه عليه بقي مبهوتا منقطعا قد خانته معرفته وكذّبته أمنيته وبدت عورته وظهرت حيرته وصار ضحكة للناظرين ومثلا سائرا في السامعين بعد أن كان يظنّ ضحكة لفضل علم أو بيان وكفى ذلّا وحزنا ودناءة ونقصا لراض بهذه المنزلة ومعترّ بتفريط السفلة مقبلا على لحمه وعظمه مضيّعا أيّام أدبه وعلمه ومن كانت هذه حاله فحقّ له النكال والنكير في العاجل مع ما يبوء به من ناهض الإثم وعظيم الإصر في الآجل ومن أعظم ذلك على أرباب القلانس وأصحاب المجالس الذين طلبهم العلم لا للَّه ولا لأنفسهم ولكن

للتصدّر والتقدّم فهم يأخذونه من غير مظانّه ويترشحون له [Fo 2 Ro] بلاد واعية مقدّماته مستحلبين أفئدة العامّة بإطراء مذاهبهم مفسدين عليهم أذهانهم بما يقصّون من غرائب العجائب الّتي رووها مستأكلة القصّاص عن أحدوثة في العقل مردودة واعجوبة عن الفهم محجوبة حتى شحنوا صدورهم بترّهات الأباطيل وضيّعوا نفوسهم بالأسمار والأساطير فهم الى كلّ ناعق سراع وعن كلّ ذي حقّ بطاء وللمتّبع متعرضون وعن الواجب معرضون المحق فيهم مبطل والمدقّ ملحد والمخالف لهم ومقهور والناظر مهجور والحديث لهم عن جمل طار أشهى اليهم من الحديث عن جمل سار ورؤيا مريّة آثر عندهم من رواية مرويّة فهذه الخطّة كانت سبب حرمان العلم وتهجين اهله وفوت الحظ واستحقاق الخذلان والتوسيع للطاعن في اللين وتسهيل القادحين بالصخب والشغب والشنعة وردّ العيان وجحد البرهان ويأبى العلم ان يضع كنفه أو يخفض جناحه أو يسفر عن وجه إلّا لمتجرّد له بكلّيته ومتوفّر عليه بأينيته [1] معان بالقريحة الثاقبة [2] والرويّة الصافية مقترنا

_ [1] . بأمنيتهMS. [2] . الباقبه MS.

به التأييد والتسديد قد شمّر ذيله واسهر ليله حليف النصب ضجيع التعب يأخذ مأخذه متدرّجا ويتلقّاه متطرّفا لا يظلم العلم بالتعسّف والاقتحام ولا يخبط فيه خبط العشواء في الظلام ومع هجران عادة الشرّ والنزوع عن نزاع الطبع ومجانبة الإلف ونبذ المحاكلة واللجاجة واجالة الراعي عن غموض الحقّ والتأتّي [1] بلطيف المأتى وتوفيقه النظر حقّه من التمييز بين المشتبه والمتّضح والتفريق بين التمويه والتحقيق والوقوف عند مبلغ العقول فعند ذلك إصابة [2] المراد ومصادفة المرتاد وباللَّه التوفيق والرشاد، ولمّا نظر فلان أطال الله في طاعته بقاه وبلغ من العلوم مناه الى أحوال هذه الطبقة وما قد يقسمهم من الهمم وتوزّعهم من أنواع النحل وتصفّح مذاهبهم اشتاقت [3] نفسه الى تحصيل الأصحّ من مقالاتهم وتمييز الأصوب من اشاداتهم فأمرنى لا زال أمره عاليا وجدّه صاعدا أن أجمع له كتابا في هذا الباب منحطّا عن درجة العلو خارجا عن حدّ التقصير مهذبا من شوائب التزيّد مصفّى عن سقاط الغسالات [4]

_ [1] . التاليMS. [2] . أصابهMS. [3] . واشتاقتMS. [4] . العسالات MS.

وخرافات العجائز وتزاوير القصّاص وموضوعات المتّهمين من المحدّثين رغبة منه في الحبر الّذي طبعه الله عليه وامتعاضا للحق ومناضلة [1] عن الدين واحتياطا له وذبّا عن بيضة الإسلام وردا لكيد مناويه وإرغاما لأنف فاشخيه [2] وتحرّزا عن أن يصيب الحنق الموتور يلدغ ناره أو يجلد الطاعن مطعنا فتسارعت الى امتثال ما مثّل وارتسام ما رسم وتتبّعت صحاح الأسانيد ومتضمّنات التصانيف وجمعت ما وجدت في ذكر مبتدإ الخلق ومنتهاه ثم ما يتبعه من قصص الأنبياء عليهم السلام وأخبار الأمم والأجيال وتواريخ الملوك ذوى الاخطار من العرب والعجم وما روى من امر الخلفاء من لدن قيام الساعة الى زماننا هذا وهو سنة ثلاثمائة وخمس وخمسين من هجرة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم وما حكى أنه واقع بعد من الكوائن والفتن والعجائب بين يدي الساعة على نحو ما بيّن وفصّل في الكتب المتقدّمة [Fo 2 vo] والاخبار المورّخة من الخلق والخلائق وأديان أصناف الأمم ومعاملتهم ورسومهم وذكر العمران من الأرض

_ [1] . مناصلةMS. [2] . فاشحيه -MS.

وكيفية صفات الأقاليم والممالك ثم ما جرى في الإسلام من المغازي والفتوح وغير ذلك ممّا يمرّ بك في تفصيل الفصول وانّما نبهنا على ما أردنا قول الحكماء أوّل العمل آخر التفكر وذاك انّا لما جمعنا جمع ابتداء الخلق ثم لم نجد بدّا من تصحيح الحجاج في إيجاب ابتدائه ولم يصحّ لنا تثبيت [1] ذلك الّا بإثبات مبديه سابقا بخلقه ولا أمكن إثباته الّا بعد بيان طرق التوصّل اليه فابتدأنا بذكر ذرو من حدود النظر والجدل ثم إيجاب إثبات القديم المبدئ المعيد ثمّ ابتداء الخلق ثمّ ما يتلو ذلك فصلا فصلا وبابا بابا حتّى أتينا على آخر ما كان الغرض والمقصود به، ولم يزل أهل الفضل والتحصيل من العلماء والعظماء والملوك في قديم الزمان وحديثه يرغبون في تخليد ذكرهم ويتنافسون في إبقاء رسمهم ويحرصون ان يورثوا من بعدهم ما يؤثر عنهم من منقبة حميدة وحكمة بليغة ترغّبا في اقتناء الفضل واعتقاد الذخائر توخّيا منهم لعموم نفع الخير وتحرّيا لشمول الصلاح والرشد وذلك ثمرة الانسانيّة وغاية ما يؤمّله العقل وتطمح اليه النفس حتّى أن فيهم من

_ [1] مثبت Ms.

اقتحم الممالك آنفا لذكر شجاعته ومنهم من خرق بمضنون النفائس ومنهم من تكلّف لطائف النوادر بالأثارة [1] والاستنباط ومنهم من رفع منارا أو بنى بناء أو انبط ماء كلّ يجرى على قدر الهمم والإرادات لم يوجد واحد منهم خاليا عن خصلة من الخصال وان عميت الأبناء دونها ل الّذي دعا فلانا ادام الله تمكينه الى الاقتداء بهم والارتياح الى الأخذ بأخذهم والتأسي باسوتهم لما خصّه الله به من كريم الطبع وشرف الهمّة وبعد الغور وبغية الصلاح وحبّ الخير ثم ما يرجوه من حسن الثواب وكريم المآب بما عسى الله ان يبصّر به مستبصرا أو يرشد مسترشدا ويهدى ضالّا ويردّ غاويا وقد وسمت هذا الكتاب بكتاب البدء والتاريخ وهو مشتمل على اثنين وعشرين فصلا يجمع كلّ فصل أبوابا واذكارا من جنس ما يدلّ عليه، الفصل الأوّل في تثبيت النظر وتهذيب الجدل، وهو يجمع القول في معنى العلم والجهل والقول على كمية العلوم ومراتبها وأقسامها والقول في العقل والمعقول والقول في الحسّ والمحسوس

_ [1] . بالاثاره Ms.

والقول في درجات المعلومات والقول في الحد والدليل والعلّة والمعارضة والقياس والنظر والاجتهاد والقول في الفرق بين الدليل والعلّة والقول في الحدود والقول في الاضداد والقول في حدث الاعراض والقول على أهل العنود [1] ومبطلى النظر والقول في مراتب النظر وحدوده والقول في علامات الانقطاع [FO 3 RO] الفصل الثاني في إثبات الباري وتوحيد الصانع، وهو يجمع الدلائل البرهانيّة والحجج الاضطراريّة والقول في جواب من يقول ما هو ومن هو وكيف هو والقول بأن الباري واحد وفرد لا غير والقول بإبطال التشبيه، الفصل الثالث في صفات الباري وأسمائه، وهو يجمع القول في الصفات والقول في الأسامي وما يجوز أن يوصف به وما لا يجوز واختلاف الناس فيه، الفصل الرابع في تثبيت الرسالة وإيجاب النبوّة، وهو يجمع اختلاف الناس فيه وإيجابه بحجّة العقل والقول في كيفيّة الوحي والرسالة على ما جاء في الأخبار،

_ [1] . المعهود Ms.

الفصل الخامس في ذكر ابتداء الخلق، وهو يجمع إيجاب حدث الخلق وإيجاب ابتدائه بالدلائل والحجج وقول القدماء في إيجاب الخلق وابتدائه وذكر حكايات أهل الإسلام عنهم وذكر مقالات الثنوية والحرّانية والمجوس وذكر مقالات أهل الكتاب فيه وذكر قول أهل الإسلام في المبادي وذكر ترجيح أصوب المذاهب وذكر ما خلق في العالم العلوي من الروحانيّات وأول ما خلق في العالم السفلي من الجسمانيّات وسؤال السائل ممّ خلق الخلق وفيم خلق وكيف خلق ومتى خلق ولم خلق، الفصل السادس في ذكر اللوح والقلم والعرش والكرسيّ وحملة العرش والملائكة وصفاتها واختلاف الناس فيها والقول في الملائكة أمكلّفون هم أم مجبورون وانهم أفضل من صالح وذكر ما جاء في الحجب وما جاء في سدرة المنتهى وذكر الجنّة والنار وذكر صفة النار وذكر اختلاف الناس في الجنة والنار وذكر صفة أهل النار وذكر اختلاف الناس في بقاء الجنّة [والنار] وفنائهما وذكر اختلاف الناس في هذا الفصل وذكر الصراط والميزان والحوض والصور

[fo 3 vo] والأعراف وغيرها، الفصل السابع في خلق السماء والأرض، وهو يجمع صفة السموات وصفة الفلك وصفة ما فوق الفلك وصفة ما في الأفلاك والسموات كما جاء في الخبر وصفة الكواكب والنجوم وصفة صورة الشمس والقمر والنجوم وما بينهما واختلاف الناس في أجرامها وأشكالها وذكر طلوع الشمس والقمر وغروبهما وكسوفهما وانقضاض الكواكب وغير ذلك ممّا يعرض في السماء وذكر الرياح والسحاب والأنداء والرعد والبرق وغير ذلك ممّا يحدث في الجوّ وذكر مقالة الشمس والقمر والكواكب والشهبان وقوس قزح والزوبعة والزلازل وذكر الليل والنهار وذكر الأرض وما فيها واختلافهم في البحار والمياه والأنهار والمدّ والجزر والجبال واختلافهم فيما تحت الأرض وذكر قوله تعالى الله الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما في سِتَّةِ أَيَّامٍ 32: 4 [1] وذكر ما حكى في المدّة قبل خلق الخلق وذكر مدّة الدنيا [قبل آدم عليه] السلام وذكر خلق الجنّ والشياطين وذكر ما وصفوا من عدد العوالم،

_ Qor. ,passim [1]

الفصل الثامن في ظهور آدم وانتشار ولده، وهو يجمع اختلاف الفلاسفة في تأليف الحيوانات واختلاف المنجّمين وسائر الناس في ذلك وذكر خلق آدم وذكر اختلاف أين خلق آدم وذكر قولهم كيف نفخ الروح في آدم وذكر سجود الملائكة لآدم وذكر قوله عزّ وجلّ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ 2: 31 [1] وذكر دخول آدم الجنّة وخروجه منها وذكر أخذ الذرّية من ظهر آدم وذكر اختلاف الناس في آدم وقصّته وذكر صورة آدم وخبر وفاته وذكر الروح والنفس والحياة واختلاف الناس فيها وفي الحواسّ من القدماء وأهل الكتاب وما جاء في القرآن من ذكرها وفي الاخبار ومناظرات الناس فيها، الفصل التاسع في ذكر الفتن والكوائن الى قيام الساعة وما ذكر من امر الآخرة، وهو يجمع القول بوجوب فناء العالم وانتهائه وذكر قول من قال من القدماء بفناء العالم وذكر قول أهل الكتاب في هذا الباب وذكر ما جاء في مدة الدنيا وكم مضى منها وكم بقي منها وذكر التأريخ من لدن آدم إلى يومنا هذا على ما وجدناه في كتب أهل الأخبار وذكر ما بقي

_ QOR. ,Sour.II ,v.29. [1]

من العالم وكم مدّة [أمّة] محمّد صلى الله عليه وسلم [في] ما رواه أهل الأخبار وذكر ما جاء في أشراط الساعة وعلاماتها وذكر الفتن [fo 4 ro] والكوائن الى آخر الزمان وخروج الترك والهدّة في رمضان والهاشمي الّذي يخرج من خراسان مع الرايات السود وخروج السفيانىّ وخروج القحطانى وخروج المهدي وفتح قسطنطينيّة وخروج الدجّال ونزول عيسى بن مريم عليه السلم وطلوع الشمس من مغربها وخروج دابّة الأرض وذكر الدخان وخروج يأجوج ومأجوج وخروج الحبشة وذكر فقدان الكعبة وذكر الريح التي تقبض أرواح أهل الإيمان وذكر ارتفاع القرآن وذكر النار التي تخرج من قعر عدن تسوق الناس الى المحشر وذكر نفخات الصور الثلاث وذكر صفة الصور واختلاف أهل الكتاب في صفة ملك الموت وذكر ما بين النفختين وذكر اختلافهم في قوله تعالى إِلَّا ما شاءَ الله 6: 128 [1] وذكر المطرة التي تنبت أجساد الموتى وذكر الحشر وذكر اختلاف الناس في كيفيّة الحشر وذكر الموقف وذكر تبديل الأرض وذكر طىّ السماء وذكر يوم

_ QOR. ,Sour.VI ,v.128. [1]

القيامة وذكر ما قيل ممّا هو كائن بعد ذلك وذكر ما حكى عن القدماء في خراب العالم وذكر ما يجب على المرء اعتقاده في هذا الباب الفصل العاشر في ذكر الأنبياء والرسل عليهم السلم ومدة أعمارهم وقصص أممهم وأخبارهم على نهاية الإيجاز والاختصار، الفصل الحادي عشر في ذكر ملوك العجم وما كان من مشهور أيّامهم الى مبعث نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم، الفصل الثاني عشر في ذكر أديان أهل الأرض ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم من أهل الكتاب وغيرهم وهو يجمع ذكر [1] المعطّلة وذكر أصناف الهند وشرائعهم ومللهم وأهوائهم وذكر أهل الصين وذكر ما حكى من شرائع الترك وذكر شرائع الحرانيّين وذكر أديان الثنويّة وذكر عبدة الأوثان وذكر مذاهب المجوس وذكر مذاهب الخرميّة وذكر شرائع أهل الجاهليّة وذكر شرائع اليهود والنصارى، الفصل الثالث عشر في ذكر أقسام الأرض ومبلغ أقاليمها، وهو يجمع ذكر الأقاليم السبعة وذكر المعروف من البحار

_ [1] (؟) البير Lems.intercaleici

والأودية والأنهار وذكر الممالك المعروفة من الهند وتبت ويأجوج ومأجوج والترك والروم وبربر والحبشة [fo 4 vo] وذكر بلاد الإسلام من الحجاز والشام واليمن والمغرب والعراق والجزيرة والسواد وآذربيجان وارمينية والأهواز وفارس وكرمان وسجستان ومكران والجبل وخراسان وما وراء النهر وذكر المساجد والبقاع الفاضلة مثل مكّة والعراق وذكر الثغور والرباطات وذكر ما حكى من عجائب الأرض وعجائب أصناف الناس وذكر ما بلغنا من المدن والقرى ومن بناها وأنشاها وذكر ما جاء في خراب البلدان، الفصل الرابع عشر في أنساب العرب وأيّامها المشهورة، الفصل الخامس عشر في مولد النبيّ ومنشاه ومبعثه الى هجرته صلى الله عليه وسلم، الفصل السادس عشر في ذكر مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وعدد سراياه وغزواته الى يوم وفاته، الفصل السابع عشر في صفة خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلقه وسيرته وخصائصه وشرائعه ومدة عمره وذكر أزواجه وأولاده وقراباته وخبر وفاته وذكر معجزاته،

الفصل الثامن عشر في ذكر أفاضل الصحابة وأولى الأمر منهم، من المهاجرين والأنصار وذكر حلاهم ومدة أعمارهم وابتداء إسلامهم وذكر أولادهم ومن أعقب منهم ومن لم بعقب، الفصل التاسع عشر في اختلاف مقالات أهل الإسلام، وهو يجمع ذكر فرق الشيعة وفرق الخوارج وفرق المشبّهة وفرق المعتزلة وفرق المرجيّة وفرق الصوفيّة وفرق أصحاب الحديث رضي الله عنهم، الفصل العشرون في مدة خلافة الصحابة وما جرى فيها من الفتوح والحوادث الى زمن بنى أميّة وهو يجمع خلافة ابى بكر رضي الله عنه وما كان في أيّامه من الردّة والتنبّي والفتوح وخلافة عمر رضي الله عنه وما كان في أيّامه من الفتوح وخلافة عثمان وما كان في أيّامه من الفتوح والفتن وخلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وما كان في أيّامه من الفتن وذكر الجمل وصفّين والنهروان [5] وخروج الخوارج عليه وذكر الحكمين وخلافة الحسن بن على رضي الله عنهما إلى أن غلب معاوية على الأمر، الفصل الحادي والعشرون في ذكر ولاية بنى أميّة على الإيجاز والاختصار وما كان منها من الفتن من فتن ابن الزبير

والمختار بن ابى عبيد وهو يجمع قصّة زياد وموت المغيرة وعمرو ابن العاص ووفاة الحسن بن على رضي الله عنهما وأخذ معاوية البيعة ليزيد وولاية يزيد بن معاوية عليهما اللعنة ومقتل الحسين ابن على رضي الله عنهما وقصّة عبد الله بن الزبير وذكر وقعة الحرّة وموت يزيد بن معاوية وولاية معاوية بن يزيد وذكر فتنة ابن الزبير الى ان قتله الحجّاج في ولاية عبد الملك ابن مروان الى آخر أيّامهم، الفصل الثاني والعشرون في عدد خلفاء بنى العبّاس من سنة اثنتين وثلاثين ومائة الى سنة خمسين وثلاثمائة، فالناظر في هذا الكتاب كالمشرف المطّلع على العالم مشاهدا حركاته وعجيب أفعاله والسابق له قبل تركيبه وحدوثه الباقي بعد انجلائه ودثوره وفيه لطرق العلم توطئة ولأهل الدين قوّة وللمبتدي رياضة وللمستأنس به سلوة وللمتفكّر فيه تبصرة وعبرة وهو الى مكارم الأخلاق داع وعن الدناءة ناه والله نسأل أن ينفعنا ومن نظر فيه بما ضمّن وأودع وان ينبّهنا عن سنة الغفلة ويوفّقنا توفيقا بحسن الإصابة إنّه سميع قريب [1]

_ Qor. ,s.XI ,v.64. [1]

المجلد الأول

الفصل الأوّل في تثبيت النظر وتهذيب الجدل أقول وباللَّه التوفيق وَمَن عندَهُ العصمة والتسديد إن معرفة هذا الفصل من أعوان الأسباب على درك الحقّ والتمييز بينه وبين ما يضادّه لا غناء بأحدٍ عن مطالعته والإشراف عليه ليعرف الصدق من نفسه ومن غيره إذْ قد يعترض من الفكر والتخايل والأوهام الفاسدة والخطرات الردئة ما يلتبس معها الحقّ ويتغلّب عندها الظنّ والشكّ وليس ما يميّز بينها ويدلّ على صّحة الصحيح وبُطلان الباطل منها إلاَّ النظر وبه يعترف السؤال الساقط من السؤال اللازم والجواب الجائز من الجواب العادل فلنذكر الآن منه لمعاً لهام ما نحن قاصدوه يكون عُدّة للناظر وقوّة للمناظر ثّم من بعد يستقصيه إن [شاء] الله في

كتاب استسناه على هذا النوع وسمّيناه كتاب العلم والتعليم ومن عند الله العصمة والتوفيق،،، أقول أنّ العلمَ اعتقادُ الشيء على ما هو به إن كان محسوساً فبالحسّ وإن كان معقولاً فبالعقل والحسّ والعقل أصل ما تردّ إليه العلوم كلّها فما قضَيَا بإثباته ثبت وما قضيا بنَفْيه انتفى هذا إذا كانا سليمّيْن من الآفات برئَيْنِ من العاهات وعوارض النقص غسيلين من عشق عادة الألف والنشو [5] لا يكاد يقع حينئذ في محسوسه ومعقوله اختلاف إلا من مخالف أو من معاند لأنهما على ضرورة لا يعترض للحاسّ شكٌّ في هيئّة المحسوس وصورته ولا يقدر المضطّر ببديهة عقله أن لا يعلم ما يعلمه ويتيقنه ولا يُصدّق مّنْ يدّعي خلافه ولو كان مضطّر إلى دعواه كما اضطّر في حواسّه لما ظهر من أحد خلاٌف ولا احتيج إلى كسر قوله والكشف عن عُوار كلامه ألا ترى أنّه يستحيل ان تجد الحاسّة النار باردّة والثلج حارًّا في الظاهر كما يستحيل إن يكون المعلوم متحرّكاً ويعلم ساكناً أو يكون في نفسه أبيض ويقع العلم بأنّه أسود ولو جاز هذا لبطلت العلوم كلّها رأساً وفسدت الاعتقادات فساغ لكل قائل ما أراد من

القول في كمية العلوم ومراتبها،

ادّعاء السمع البصر والبصر السمع والحيّ ميتاً والميّت حياً وهذا محال لأن العلم إذا كان إدراك الشيء على ما هو به من حدٍ وحقّه ثم لم يُدرك ذاته كما هو لم يكن معلوماً وكذلك الحسّ إذا لم يدرك طبعه طبع ما يقع تحته لم يكن محسوساً وهذا لا خلاف فيه بين المتميّزين العاقلين قاطبةً إلاّ رجلّيْن اثنَيْن أحدهما العامي الذي لا نظر له لإغفاله آخذاً له استعماله ومتى لاح له الحقّ اتبعه وانقطع خلافه لأن قوله ذاك عن حَدْس وظنّ وسماع وتقليد فإذا قرع سمعه ما يشهد بتصديقه قلبه مال إليه وقبله والثاني الجاحد المعاند الذي يسمّيه القدماءُ السوفسطاني وسنذكر فساد مذهبهم في موضعه إن شاء الله تعالى، وضدّ العلم الجهل ومعناه اعتقاد الشيء على خلاف ما هو به وليس كلّ من لا يعلم جاهلاً بالإطلاق ولكنّ الجاهل في الحقيقة التارك طلب حدّ الشيء وحقّه المعتقد له على غير ما هو به ولولا ذاك لما استحق اللائمة والمذمّة على جهله،،، القول في كمية العلوم ومراتبها، أقول أنّ اسم العلم قد يطلق في الجملة على الفهم والوهم والذهن والفطنة واليقين والخطرة

والمعرفة وكلّ ما يحصل منه إدراك شيء ظاهراً أو باطناً ببديهة عقل أو مباشرة حاسّة أو استعمال آلة كالاستدلال والفكرة والبحث والتمييز والقياس والاجتهاد لأنّ هذه الخصال كلّها آلات ادراك العلم وطُرُق التوصّل إليه وممّا يصاب من هذه الجهة فروع بالإضافة إلى علم البدائه والحواسّ [أ] لا ترى أن الإنسان العاقل المميّز مضطرّ إلى شواهد عقله وحسّه غير مضطّر إلى استدلاله وبحثه أو لا ترى أن لا سبيل إلى البحث والاستدلال لمن عرى من عقله أو أصيب بحسه فأوّل العلم الخطرة الصادقة وهو كالبديهة مثلا بل بقوة البديهة وآخره اليقين وهو استقرار الحقّ وانتفاء الشك والشبهة عنه وإنما اشترطنا في الخطرة الصدق لأنه قد يخطر النفس والهوى والطبع والعادة بما لا حقيقة له فلا يجوز أن يعدّ من آخر العلم اليقين الذي يُحيط بالأشياء على وجهها ويدركها بكنهها والمعرفة ادراك أينية [1] الشيء وذاته فمن قائل انّها ضرورة وآخر أنّها [6] مكتسبة والفرق بينها وبين العلم إن العلم الإحاطة بذات الشيء عينه وحده والمعرفة ادراك ذاته

_ [1] . أبنية MS.

وثباته وإن لم يدرك حدّه وحقيقته فالعلم اعمّ وابلغ لأن كلّ معلوم معروف وليس كلّ معروف معلوماً ألا ترى أنّ الموحّدين يعرفون ربّهم ولا يعلمونه إلا بالإثبات لأنَّ الكيفيّة والكميّة عنه منفيتانِ، والوّهْم اعتقاد صورة شيء محسوس أو مظنون وان كان منفياً وجودُه في الظاهر لأنَّ قوة الوهم في انبساطها تضعُف فلذلك [ترى] ما لا تراه العيون وكذلك العين إذا امتدت قوّة بصرها وبعدت مسافة المرئيّ عنها رأته على خلاف ما هو به من الصغَر والعظم والصورة واللون وغير ذلك من الهيئات وما خلا عن الهيئات والصفات والحدود كلّها فلا يمسّها الوهم ولا يتصوّر في النفس والفهم هو المعرفة وقوّة الذهن قريبة من قوّة العقل غير أنّ الذهن والفهم تطبّع والفطنة قريبة المعنى من الذهن وانّما احتجنا إلى هذا لأن كثيراً من الناس يولعون بالبحث عن هذه الأسامي ويستفرقون بينها وأما الأسباب التي يتوصّل بها إلى ما خفى من العلم فالفكرة وهي البحث عن علّة الشيء وحدّه الرأي والرويّة والاستنباط انتزاع ما في طي المعقول والمحسوس والاستدلال والاجتهاد وقد عدّ قومٌ ميل العادة والطبع إلا ما يميلان إليه

القول في العقل والمعقول،

أو ينفران منه علماً فهذه جملة أصول العلم وطُرقها ومحصولها راجع إلى ثلاثة أصناف إلى المعقول بديهةً والمحسوس ضرورة لأن ما يدرك بهما يدرك بلا واسطة ومقدّمات والثالث المستدلّ عليه المستنبط بالبحث والإمارة فهذه يقع فيها الاختلاف والإضطراب لخروجه عن حيّز الحاسة والبديهة وتفاوت قُوى المستدلّين والناظرين وتفاوت أرائهم وعقولهم. وهذا يكثر حدّاً وفيه صُنفت الكتب ودُونت الدواوين من علمي الحكمة والملّة مُذ قامت الدنيا على ساقها ولا يزال كذلك إلى انقضاء الدهور وتخرُّم الأيام وكثير من الناس أبوا أن يسمّوا علم البديهة والحسّ علماً على الحقيقة لاشتراك الناس كلّهم فيه واستواء درجاتهم في ذلك ثم هو غير مستفاد ولا مكتسب بل أوجبه الطبع العزيزة وقوّة التمييز والخلقة، القول في العقل والمعقول، أقول أنّ العقل قوّة إلهية ممّيزة بين الحقّ والباطل والحسن والقبيح وأمّ العلوم وباعث الخطرات الفاضلة وقابل اليقين وقد قيل إنما سمّى عقلاً لأنه عقال للمرء عن التخطّى إلى ما خُطر عليه وقد أكثرت الفلاسفة الاختلاف في ذكره ووصفه قال ارسطاطاليس في كتاب

البرهان أن العقل هو القوة التي بها يقدّر الإنسان على الفكرة والتمييز وبها يلتقط المقدّمات من الأشياء الجزئيّة يؤلف منها القياسات وقال في كتاب الأخلاق أن العقل هو ما يحصل في الإنسان بطريق الاعتياد من أنواع الفضائل حتّى يصير له ذلك خُلقاً وملكة متمكنة في الناس وقال في كتاب النفس بخلاف هذا وقسّمه إلى ثلاثة أقسام إلى العقل الهيولاني والعقل الفعّال والعقل المستفاد وفسّره لاسكندر [1] فقال إن العقل الهيولاني هو ما يوجد في شخص الإنسان من إمكان التهيؤ لتأثير العقل الفعّال وان العقل المستفاد [6] هو المصوَّر والعقل الهيولاني بمنزلة العنصر وان العقل الفعّال هو المخرج للعقل المستفاد على الوجوه بالفعل وزعم بعضهم أن العقل هو النفس وبعضهم يقول هو البارئ جلّ جلاله مع تخليط كثير منهم في هذا الباب وممّا توارثناه عن الأسلاف قولهم العقل مولود والأدب مستفاد وإنما سمّاه بعضهم باسم أفعاله فلا يضايقه بعد أن أتى المعنى المطلوب منه ألا ترى انه يقال لكتب المتّصفين أخبار الأوائل والأشعار أنها عقولهم والمعنى نتائج

_ [1] . الإسكندر Ms.

عقولهم وأذهانهم وقيل ظن الرجل قطعة من عقله فكل هذا على التمثيل والاستعارة ولا يختلف قول القدماء في أن العقل الهيولاني أصفى جوهر النفس وحسّه فوق حسّ النفس ورتبته على رتب الجواهر ودون رتبة البارئ جل جلاله وهو أقرب الأشياء منه المسلمون لا يعلمون من العقل إلا ما هو مركب في الإنسان خاصّةً دون سائر الحيوان في العالم السُفلي فأما ما يحكى عن غيرهم فموقوف على الجواز ما لم يردّه العقل أو كتاب الشريعة وقد ذهب قوم أن حجّة الطبع فيما يوجبه ويسلبه أولى من حجّة العقل وادعوا ذلك من جهة اشتياق إلى ما وافقه ويلائمه وإنقباضه عمّا يعافه وينافره وان الله عزّ وجلّ خلقه إذ خلقه كذلك ولا يجوز ان يخلق شيئاً عبثاً أو لغير حكمة وفائدة والعقل مستحسن وهو يستحسن الشيء ثم يستقبحه ويستصوبه ثمّ يستحطئه والطبع لا يستحلى مُراً ولا يستمر حلواً ولا يجد الشيء عن خلاف ما هو به فأجابهم مخالفوهم أن الطباع لا تعرف إلا ما يحسّ وتباشر وقد تغيرها العادات والعوارض عن أصل جبلّتها فتميل في بعض الأوقات إلى ما كانت تنفر عنه وينفر عمّا كانت تميل إليه وليس من قوّتها التمييز بين

الحسن والقبيح بالاستدلال كما في قوّة العقل وقد صحّت طبائع البهائم وسلمت أخلاطها ثم لم يحسن خطابها وامتناع الطبع عن استحسان الحسن واستقباح القبيح غير محلى له من الحكمة ولا موجب العبث في خلقه كما أنّ الموات لا تحسّ بشيء من الأعراض ثمّ لم يخلُ من الحكمة بل دلالته وما تحويه من المنافع والمضار الذي خصّ به جنسه فائدته وحكمته فدلّنا ان موجب العقل هو المعوّل عليه في الاعتبار والاستدلال لإسقاط التكليف ووضع الامتحان على البهائم التي سلمت طباعها وأخلاطها فإن قيل بمّ عرفتم العقل قيل بنفس العقل لأنه الأصل والبديهة وأمّ علوم الاستدلال كما عرفنا الحسّ نفس الحسّ لأنه الطبع ولو كنَّا عرفنا العقل بعقل لأفضى الأمر إلى ما لا نهاية له ولمّا كان العقل أصل العلوم ورأسه فإن قيل فَبِمَ يفرقون بين دلالة العقل ودلالة الهوى والعادة قيل بالرد إلى الأصل لأن الفرع يشاكل الأصل ولو لم يشاكله لم يكن فرعاَ له ومن الدليل على وجوب حجّة الطبع تعظيم الناس كلّهم العقل وتبجيلهم إيّاه وتفضيلهم مراتب العقلاء ورفعهم أقدارهم واستنامتهم إلى

القول في الحس والمحسوس،

آرائهم واعتمادهم على إشارتهم وتمنّيهم درجاتهم والاستخفاف بمن ذلّ عقله وبدا سخفه ولم يفعلوا [7] ذلك بمن استقامت طباعه وكملت أخلاطه فعلمنا أنه معنى غير معنى الطبع وهو العقل القول في الحسّ والمحسوس، أقول أنّ الحواس طُرُق وآلات مهيّأة لقبول التأثيرات كما وضعها الله عزّ وجلّ عليه فإذا باشرت الحاسّة المحسوس أثرت فيه بقدر قبوله وقبلت منه بقدر تأثيره فبدرت به النفس وأدّته إلى القلب واستقر فيه ثم تنازعته أنواع العلم من الفهم والوهم والظن والمعرفة وبحث عنه العقل وميزه فما حققه صار يقيناً وما نفاه صار باطلا والحواسّ الخمس أولا يوجد شيء لا يمكن وجوده بشيء من الحواس فيحتاج إلى حاسّة سادسة ويزعم قومٌ أنها أربع ويجعلون الذوق ضرباً من اللمس وبعض يقول ستّ ويعدون فعل القلب حاسّةً سادسةً وهذا سهل واسع بعد أن اقروا بصحة وجود فعل الحواس لأن من الناس من ينكر حقيقة فعلها تتغير أحوالها ويحتج برؤية من يرى وجهه في السيف طويلاً وقامته في الماء الذي لا يكون مساحة عمقه كمساحة قامته منكسة ويرى الصغير كبيراً والكبير

القول في درجات العلوم [2]

صغيراً والواقف سائراً وهذا من رأى المعاندين والمموّهين إذ لا توجد هذه التغيرات في غير حاسّة البصر وذلك للعلل العارضة من بُعد المسافة وتكاثف الهواء فيقع الغلط من جهة الكيفية والكمية لأن الحاسّة لا تضبط الهئاة إذا بُعدت فأمّا الاينية فلا يقع فيها غلط ما لم يفرط بُعدها فلا تحصر شخصها الحاسّة وأما سائر الحواسّ التي فعلها بالمضامّة والمباشرة فلا يقع فيها اختلاف ما صحّت وسلمت وأهون ما يقابل به صاحب الرأي إنكار الحواسّ نفسها عروضّا لإنكار فعل الحواسّ وما أعلم أنا عقلاً [1] يشتغل بردّ هذا الرأي وإنكاره ولظهور فساده وفُحش خطابه القول في درجات العلوم [2] أقول أنّ الأشياء كلّها في العقول على ثلاثة أضرُب واجبٌ وسالبٌ ومُمكن فالواجب في العقل بنفس العقل واستدلاله كعلمنا بأن البناء يقتضي بانياً والكتابة يقتضي كاتبا ولا بدّ لكلّ صنعةٍ من صانع وأن الواحد والواحد اثنان وأن الشيخ كان شباباً والصغير كان رضيعا وما أشبه ذلك والسالب الممتنع المستحيل في العقل بنفس العقل واستدلاله

_ [1] . أنا عقلMs. [2] . المعلومات Ms.

في الحد والدليل [7] والمعارضة والقياس والاجتهاد والنظر وغير ذلك،

وهو أن يوجد كتاب بغير كاتب وصنعة من غير صانع فإن هذا لا يوجبه العقل ولا يتصوره الوّهمْ ولا يستقرّ عليه الطبع والممكن الجائز الموهوم في العقل بنفس العقل كما حكى عن القرون السالفة والبُلدان النائية وما يذكر أنه سيكون بعدُ فإن ذلك ممّا يجوز في العقل أنّه كذلك ويجوز أنه ليس كذلك لأنه لا يدل خاطر على تحقيق شيء من ذلك ألا ويجوز أن يدلّ خاطر على إبطاله لدخوله في حدّ الجواز والإمكان فلمّا تكافأت الأدلّة به قصر على حدّ الوقوف فلا شيء ألا وهو معقول معلوم أو معروف أو موهوم أو محسوس في الحدّ والدليل [7] والمعارضة والقياس والاجتهاد والنظر وغير ذلك، أقول أنّ الحدّ ما دلّ على عين الشيء وغرضه باحاطة وإيجاز كحدود الدار والأرضين التي تميز حصّة كل مالك من حصّة صاحبة فيعرف به داره فأرضه والزيادة في الحدّ نقصان والنقصان منه زيادة يبطل الحدّ المطلوب كقولك الإنسان حىّ ميّت ناطق هذا حدّه فإن زيد فيه شيءٌ أو نقص انتقض لأن الاعتبار صحّة الحدود في الاطّراد بالعكس

والقلب فمتى لم ينعكس لم يستقِم هذا الذي اختاره في الحدود وإن كان للناس فيه أقوال ومذاهب لأن من رأى بعضهم أن حدّ الشيء وصفه له في ذاته كالعلّة وعند بعضهم حدّ الشيء من ذاته واسمه واعتبر بعضهم طرده من جانبين كما قُلنا وبعضهم اقتصر في جانب واحد إذا [صحّ] الطرد وهذا لا يستقيم إلا في باب الشرع والإلزام التي حجب عن الناس عللها الموجبة كقول من زعم مثلاً أنّ حدّ الصلاة أنّها طاعة ثم يقول وليس كلّ طاعة صلاةً فالأولى في هذا أنْ نسميه صفةً لا حداً لأنه لو كان حداً لسلم في الطرفين كما قال أن حدّ الإنسان أن يكون حياً ميتاً ناطقاً فكل حي ميت ناطق إنسان وكل إنسان حي ميت ناطقٌ وقد قيل الحدّ جامع لما يفرّقه التفصيل وأقول أن الدليل ما دّل على المطلوب ونبّه على المقصود كائناً ما كان من جميع المعاني. التي تتوصّل بها إلى المدلول عليه وقد يدلّ الدليل على فساد الشيء كما يدل على صحته فإذا دل على صحة شيء فهو دليل على فساد شيء والدليل على فساد الشيء فهو دليل على صحّة ضدّه ويدّل الدلائل الكثيرة المختلفة على العين الواحدة كالطُرُق المؤدية إلى مكان

واحد وكلّ ما هدى إلى شيء فهو دليل عليه فالبارئ سبحانه وتعالى دليل خلقه والرسول عليه السلم دليل أمّته والكتاب دليل والخبر دليل والأثر دليل والحركة والصواب دليل وما أشبه ذلك هذا الذي اختاره في الدليل الذي يستدلّ أهل النظر به وقد زعم بعض الناس أن الدليل هو المستدلّ نفسه فناقضه مخالفة بأنّه لو كان كذلك لجاز للمدّعى إذا طُولب بالدليل أن يقول أنا الدليل وهذا سهل قريب التفاوت لمن تأمّل أن اللغة لا تمنع أن يكون الدليل فاعل الدلالة كالشريب والسمير وأن يكون عين الدلالة والمدلول عليه كالصريع والقتيل يقول المدّعى أنا الدليل إذا أراد فاعل الدلالة غير خطاءٍ وإنما يستحيل إذا أراد به عين الدلالة على ما يطالب به وقد يكون عينه دليلاً على الصانع إذا سُئل لأنه ما من مدلول عليه إلا وهو دليل على شيء آخر وإن لم يكن دليلاً على نفسه وأقول أن العلّة السبب الموجب وهي ضربان عقليّة وشرعيّة فالعقلية الموجبة بذاتها غير سابقة لمعلولاتها كحركة المتحرك وسكون الساكن فالشرعية التي تطرى على الشيء فتغير حكمه ويكون مقدّماً لها معلولاً بعلة قبلها

وشرط صحة العلة جريانها في معلولها فمتى ما تقاعست عن الإطراد تهافت ذلك كوجود عين أو حكم لعلة من العلل ثم وجود تلك العين والحكم مع زوال تلك العلّة أو زوال العين [8] والحكم مع بقاء العلّة وصحّة العلّة كصحّة الحدّ سواء مع أنّ كثيراً من الناس يسمّون العلّة الحدّ وليس ببعيد لاتفاق المعنى وقيل أن العلة ذات وصف واحد وذات وصفين وذات أوصاف كثيرة ولا يصح الحكم بها إلا بإجتماع أوصافها كقولنا في الإنسان أنه حي ميّت ناطق لو اختزلت صفة من هذه الصفات لبطلت أن تكون حدّاً للإنسان وعلّة له وأقول أن المعارضة تصحيح ما رام خصمك إفساده من مذهبك بمثل مذهبه ومعنى المعارضة والمقابلة على السواء والمماثلة فإذا وقعت على خلاف ما يذهب الخصم إليه فهي ساقطة فاسدة وقد أنكر قوم هذا الباب وأبطلوه وزعموا أنه خارج عن حدّ الجواب والسؤال فأجابهم مخالفوهم بأنه ضربٌ من السؤال أو زيادة فيه واستدلّوا بأنّ المعارض مجيب أو مرئى مناقصه ولو جاز ان تمسك المعارض له عن جواب ما عورض فيه لجاز ان تمسك

المسئول عن جواب [1] ما سئل إذا السائل مستجير والمعارض مجير ثم نزل المعارضة من صححها أربع منازل يصحّ منها ثلاث [2] ويبطل واحدة وهي معارضة السؤال بالسؤال كسائل رجلاً ما قولك في كذا فيكُرُّ عليه وما قولك أنت في كذا فهذا لأنه ليس فيه شيء من جواب ما سئل والثانية معارضة الدعوى بالدعوى كقائل إن العالم قديم فيقول له الخصم ما الفرق بينك وبين من يدّعى أنه مُحدث فيلزم مدّعى القدم إقامة البرهان والتفريق بين المدعوين ومتى بطل قول من ادّعى أنه محدث صحت له دعواه في القدم لأنّ في صحّة الشيء فساد غيره والثالثة معارضة العلّة بالعلّة كقول الموحّد للمجسّم إذا قلت أنّ البارئ جسم لأنك لا تعقل فاعلاً إلا جسماً فَلِمَ لم تقل مركّب مؤلف لأنك لم تَرَ إلا جسماً مركباً مؤلفاً والرابعة معارضة الدليل بالدليل فهو أن يقال إذا كان دليلك كيت وكيت فما الفرق بينك وبين من يزعم أن الدليل شيءٌ آخر غير ذلك فالجواب أنك لا تقابل علّة بعلّة ومطالبتك بالفرق مطالبة بتصحيح الدليل وأقول أن

_ Ms.repetedeuxfois. [1] Ms.repetedeuxfois. [2]

القياس ردّ الشيء إلى نظيره بالعلّة المشاركة ويقال القياس معرفة المجهول بالمعروف وقيل كلّ ما عُلم بالاستدلال من غير بديهة ولا حاسة فهو قياس وقيل القياس التقدير واحتج قائلوه بقول الفرزدق [وافر] ونحن إلى زفوف مغوّراتٍ ... نقيس على الحصا نطقاً يقينا وهذه الأقوال قريبة المعاني كأنها في مشكاةٍ واحدةٍ وقد أجاز بعض القائسين القياس على الإسم كما أجازوه على المعنى والقياس الصحيح الذي يوافق المقيس عليه من جميع معانيه أو أكثرها وتسمَّى القياس البرهاني لدخوله في حيّز علوم الإمكان وقد أنكر بعض الناس القياس فلزمه أن ينكر ما فات حواسه وبدائهه ويقر بصحة كل ما جاء من حق وباطل وقضية العقول توجب أن تكون كل مشتبهين واحداً من حيث اشتبها وإلا فلا معنى للاشتباه ألا ترى أنه مستحيل أن توجد نار حارة ونار باردة لاشتراك النيران في طبع الحرارة وهو المعنى الموجب لهما في القضية وأقول أن الاجتهاد هو إمعان الفكرة والاستقصاء [8] في البحث عن وجه الحق

القول في الفرق بين الدليل والعلة،

الذي لا يصاب بالبديهة ولا بالحس لكن بالطلب والاستدلال وهو مقدّمة القياس وكان القياس القضاء بالشيء على التمثيل والاجتهاد طلب وجه ذلك القضاء من أصح وجوهه والتحرز من وقوع الغلط فيه لأن القياس من غير اجتهاد كالقول بالظن من غير استدلال وأقول أن النظر فعل الناظر بقلبه ليرى ما خفي عليه فكما أن العين قد تقع على الشيء ولا يتبينه إلا بعد النظر والتفكر فكذلك القلب قد تعرض له الخطرة فلا يثبتها إلا بعد النظر والتفكر والمناظرة المفاعلة منه وقد تكون من تشبيه النظير بالنظير فيكون معناه القياس المحض، القول في الفرق بين الدليل والعلّة، أقول أن الدليل ما هدى إلى الشيء وأشار إليه والعلة ما أوجبه وأوجده ويوصل إلى الشيء بدليله لا بعلته لأن علته أيضاً مما يوصل إليها وتعلم بدليل لأن الذي يدل على العالم وقد يزول الدليل ولا يزول عينه ومتى زالت العلة زالت العين وتختلف الأدلّة على العين الواحدة ولا تختلف العلة ومحال وجود ما يفوت الحواسّ والبدائه بغير دليل وغير محال وجود ما لا علة له،

القول في الدليل،

القول في الدليل، أقول أن من الدليل ما يوافق المدلول عليه بوجه أو وجوه كثيرة كرؤيتنا بعض الجسم والبعض يدل على الكل متصلاً كان أو منفصلاً ومنها ما لا يوافق المدلول عليه بوجه من الوجوه وسبب من الأسباب كالصوت يدل على المصوت ولا يشبهه والفعل يدلّ على الفاعل ولا يشبهه والدخان يدل على النار ولا يشبهها ويلزم من يزعم أنّ الدليل لا بدّ أن يوافق المدلول عليه بجهة من جهاته وإن خالفه في أكثرها فإما إذا لم يكن بينهما مناسبة وارتفع الاشتباه ارتفع التعلق وإذا سقط تعلق الدليل بالمدلول عليه بطل أن يكون دليلاً إلا أن لا شيء في الغائب إلا جسم أو عرض لأنه لا يرى في الشاهد غير حدث وإن ينكر ما في العالم الأعلى لأن ما في العالم الأسفل مخالف له فلا يكون دليلاً عليه فإن زعم زاعم أنه كذلك لا شيء في جسم أو عرض أو حدث غير أنه مخالف لما في الشاهد طولب بالفرق لأن المخالفة تقطع التعلق والاشتباه والزم معارضه من عارضه بأن لا شيء في الغائب إلا وهو حادث ولا في الشاهد إلا غير حادث

القول في الحدود،

القول في الحدود، أقول أن الشيء اسم عام يطلق على الجوهر والعرض وما يدرك بالبديهة والحاسة والاستدلال من جميع ما مضى وانقضى وما هو ثابت في الحال وما سيكون فيما بعد وحدّ الشيء ما يصح أن يعلم أو يذكر أو يوجد أو يخبر عنه فإذا كان هذا حد الشيء فقد ثبت أن المعدوم شيء لأنه يصح الخبر عنه وأنكر قوم أن يكون المعدوم شيئاً وجعلوا حد الشيء أن يكون مثبتاً موجوداً لأن الموجود والمثبت يعمان الأشياء كما يعم الشيء ولا نقيض لهما قالوا فلو كان حدّ الشيء المعلوم لوجد له [9] نقيض وهو المجهول وزعم بعضهم أن حد الشيء المثبت لا غير ولا شيء منفي والمعدوم غير مثبت واحتج بعضهم بكتاب الله عز وجل أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ من قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً 19: 67 [1] فنفى أن يكون الإنسان قبل ان يخلق شيئا وبقوة تعالى هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ من الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً 76: 1 [2] والشيء يذكر قبل الوجود ولو لم يكن شيئا غير المثبت الموجود

_ (sic) . [1] أو لم يرQor. ,s.XIX ,v.68.Ms. Qor. ,ch.LXXVI ,v.1. [2]

أوجب أن يكون ما يخبر عنه من أخبار العالم والقرون مذ قامت الدنيا باطلاً هذراً فإن قيل أن ذلك قد خرج مرة إلى الوجود قيل وما يدريك أن ما هو كائن بعد غير خارج إلى الوجود وقيل إذا خرج إلى الوجود فهو شيء قيل فما خرج عن الوجود فلا شيء فإن قيل محال تقدم الاسم على المسمى قيل ذلك في الخواصّ فامّا العامّ فغير ممتنع لأنا نقول سيكون في الدنيا أمور وأسباب وحيوان فتقدم أسماءها قبل وجود شخصها وقد كان أبو الهذيل يغايظهم بقوله في المعدوم أنه جسم خياط على رأسه قلنسوة يرقص ونقيض الموجود المعدوم ونقيض المثبت المنفي وليس نقيض الشيء لا شيء لأن المنفي والمعدوم شيئان قد نفى وعدم ولا شيء لا يوصف بالعدم والنفي فإن قيل فجسم هو أم عرض أم حركة أم سكون قيل هو شيء معلوم مقدور عليه لا غير وحد الجسم أن يكون طويلاً عريضاً عميقاً مؤلفاً مركباً من أجزاء وأبعاض شاغلاً للمكان حاملاً للأعراض ولا يوجد بتة خالياً منها أو من بعضها فإن أنكر منكر أن يكون الموصوف بهذه الصفات جسماً سلم له وسوهل في التسمية بما شاء وطولب بالفرق

بينه وبين ما لا يوجد بهذه الصفات وكان هشام بن الحكم يزعم في حد الجسم أنه ما قام بنفسه لأنه كان يقول البارئ جل وعز عن قوله جسم فالجسم في اللغة ما غلظ وكثف وكذلك يقولون للجثة العظيمة جسيمة وإنما أطلق هذا الاسم على ما الموصوف به معناه فإن غير اسمه لم يتغير معناه وإنما يتبين الفرق عند تفصيل الأسماء والأشخاص وحد العرض أن لا يقوم بنفسه ولا يوجد إلا في جسم فإن أنكره منكر قوبل بما يقابل به منكر الجسم وطولب بالفرق بينه وبين غيره ثم كلم على ما أشار إليه من المعنى وقد زعم قوم أن لا عرض في العالم وأن الأشياء كلها أعراض مجتمعة متفرقة وحد الجوهر حد بعينه لأنه جسم ولأن ما خلا عن حدود الجسم والعرض والجزء لم يضبطه الوهم ولا يتصور في الظن الذي هو اضعف أجزاء العلوم ودخل في خبر الامتناع وقد يسمى الجوهر الطينة والمادة والهيولى والجزء والعنصر والاسطقس واختلف الناس في الجزء الذي لا يتجزأ من الأجسام فقال كثير من الناس أنه لا يزال مجزأ حتى يصير في الصغر الى حيث

لا يجوز أن يتجزأ ولا يكون له ثلث ولا ربع ولا نصف قالوا ولولا ذلك لما كان للأجسام تناه ولما كان شيء أكبر من شيء ولا أصغر منه ولما جاز لقائل أن يقول أن الله قادر على أن يرفع من الجسم كل اجتماع خلقه فيه فأقلّ الاجتماع بين جزءين قال ابن بشار النظام وهشام بن الحكم انه يتجزّأ تجزّؤا بلا نهاية ولم يتهيأ بالفعل فأنه موهوم واحتجوا بأنه كما لا يجوز أن يخلق الله شيئاً لا شيء أكبر منه فكذلك لا يجوز [9] أن يخلق شيئاً لا شيء أصغر منه وقالوا لو كان قول من قال أن الجزء لا يتجزأ صحيحاً كان في نفسه لا طول له ولا عرض فإذا حدث له ثان حدث لهما طول فلن يعدوا الطول أن يكون لأحدهما دون الآخر أو لهما معاً فلما ثبت أنه لهما [1] علم أنه يتجزأ وقال الحسين النجار الجزء يتجزأ حتى يعود إلى جزء لا يقبله الوهم فيبطل حينئذ وقال قوم لا ندرى كيف القول فيه واختلفوا في جواز الرؤية عليه وحلول الأعراض فيه من اللون والحركة والسكون وغير ذلك فأجازه

_ [1] . و Ms.ajoute

قوم ونفاه آخرون والقدماء مختلفون في هذا الفصل على خلاف قول أهل الإسلام فيزعم بعضهم أنه يرى قبل الاسطقسات الأربعة اسطقسات آخر صاغر الأجزاء غير متجزئة في غاية الصغر منها تركيب الاسطقسات التي منها تركيب العالم وأما ارسطاطاليس يقول أما التجزئة بالقوة فإنها [1] بلا نهاية وأما بالفعل فلها نهاية وقال بعضهم لا يتجزأ لا يقبل الانفعال مع اختلاف كثير بينهم، وحد الزمان حركة الفلك ومدى ما بين الأفعال هذا قول المسلمين وحكى عن افلاطن أنه يرى الزمان كوناً في الوهم وحكى ارسطاطاليس في كتاب السماع الطبيعي أن جميع القدماء كانوا يقولون بسرمدية الزمان ألا رجلاً واحداً يعنى افلاطن وروى عنه افلوطرخس [2] أنه قال جوهر الزمان هو حركة السماء هذا وفاق قول المسلمين وبعضهم يقول أن الزمان ليس بشيء مع اختلاف كثير بينهم وإنما ذكر ما ذكر من مذاهبهم لتطمئن نفس الناظر إلى خلاف القائلين بالعقل والتمييز وليستفيد يقينا بما

_ [1] . فإنهMS. [2] . افلوطوخس MS.

يعضده من وفاق قولهم لأن في الإجماع قوة وهو من أوكد أسباب الاستظهار [1] عليهم، وحدّ المكان ما اعتمد عليه الجسم أو أحاط به أو حله العرض وهذا أراده ارسطاطاليس حيث قال المكان نهاية المحتوى الذي يماس ما يحتوي عليه واختلفوا في الخلاء والفضاء فقال قوم العالم لا خلاء فيه وإن الهواء جسم منتشر بسيط ويمتحن بالآلة التي هي على هيئة [2] الرطل في أسفلها نقب فإذا شدّ اعلاها لم يخرج الماء من أسفلها وإذا فتح سال فعقل أن الماء دفعة دافع وهو الهواء الداخل في الكوز وقال آخرون لا يخلو الأجسام من خلاء وهو الفرج بين الأجزاء واستدلوا بالماء الذي يصب على الأرض فيغوص فيها وفرق قوم بين الفضاء والخلاء فقالوا الخلاء هو الفراغ من الجسم والفضاء هو المحتوى على الخلاء بلا نهاية ويزعم قوم أن الخلاء والفضاء شيء واحد ويقول آخرون أنه ليس بشيء وحد المتغايرين ما جاز وجود أحدهما مع عدم الآخر وقال بعضهم حدهما ما اختلف أوصافهما وحدّ

_ [1] . الاستطهارMS. [2] . هيأة MS.

الضدين ما لا يجوز وجود أحدهما إلا مع عدم الآخر وحد الموجود ما ثبت علما أو حسّا أو وهما وهو معنى الشيء وحدّ الاسم ما دلّ على المسمّى بالتمييز من جنسه والصفة كالاسم في بعض الأحوال إلا أن خاصية حدها الأخبار عما في الشيء كالعلم في العالم وقد يفرق قوم بين الوصف والصفة فيجعلون الصفة ما هو ملازم للموصوف والوصف قول الواصف ذلك وحد الإرادة ما يضطمره الإنسان [10] في قلبه من فعل أو قول أو حركة وحد القول ما يبديه القائل بلسانه وقد يقال للإشارة قول على المجاز وحد المعنى عقد القلب على ما أبدى بلفظه فزعم ابن كلاب أن معنى القول نفس القول ولو كان كذلك ما سأل السامع القائل ما معنى قولك وحد الحركة زوال وانتقال وهي على ضروب فمنها الحركة الذاتية والمكانية وقد قيل الحركة اختلاف وتغيير وحد السكون لبث واستقرار وزعم بعضهم أن السكون ليس بشيء وحد الجنس ما يجمع أشياء مختلفة الصور كالحيوان والنبات وقد قيل الجنس ما استوعب الأنواع وحد النوع تخصيص النظائر من الجنس والشخص تمييز الذات من النوع والشخص تحت النوع

القول في الأضداد،

والنوع تحت الجنس وهذا المقدار من هذا الباب لإغناء بأحد عن مطالعته فانّه كالمادّة للنظر والآلة للجدل، القول في الأضداد، أقول أن قول من يزعم أن الشيء لا يعرف إلا بضده محال لأن معرفة الشيء بحدوده ودلائله بل شكله ونظيره أسكن [1] من معرفته بضده ونديده لأن الشيء يدل على جنسه ونوعه ما لا يدل على ضده ولكن الضدين لا يجتمعان وعند صحة الشيء فساد ضده ولا يقع التضاد إلا بين الموجودات فبطل قول القائل أن ضد الجسم لا جسم وضد العرض لا عرض وضد الزمان لا زمان وضد المكان لا مكان وضد الشيء لا شيء لأن الأضداد أشياء متنافية وقول القائل لا جسم ولا عرض لا شيء في الحقيقة فكيف يضاد الشيء بلا شيء ولكن الأجسام والأعراض أشياء مضادة كالأسود ضد الأبيض والقديم ضد المحدث لأن القديم الموجود لا إلى أول والحادث ما يوجد بعد أن لم يكن [2] القول في حدث الأعراض، أقول أنّ معرفة حدث الأعراض

_ [1] . اسكنMS. [2] . لم يمكن MS.

من أوائل العلوم القائمة في النفس البديهة وما المنكر لها إلا بمنزلة المنكر للظاهر المحسوس لمعاينتنا تعاقب الألوان المتضادة على الأجسام كالسواد بعد البياض والبياض بعد السواد وكذلك الروائح المتضادّة [1] كالكريهة والطيّبة وسائر الحالات الّتي لا يخلوا الجواهر منها كالحر والبرد والرطوبة واليبوسة واللين والخشونة والحركة والسكون والاجتماع والاقتران والافتراق والطعوم الملاذّ والمكاره وما نجده من أنفسنا من الحب والبغض والإرادة والكراهية والشوق والملامة والجبن والشجاعة والقوة والضعف والشبيبة والمشيب والنوم واليقظة والجوع والشبع وما نراه من حال القيام والقعود والقرب والبعد والحياة والموت والفرح والحزن والرضا والغضب وسائر العوارض التي تطرأ على الأجسام وبعد أن لم يكن وتزول [2] بعد أن كانت وهذا باب يستكمل جميع أوصاف العالم وما فيه لو تكلفه متكلف لأنه الدليل على الحدث والكون وقليل الشيء يدل على كثيره فإن زعم زاعم أن هذه الأعراض

_ [1] . التضادهMS. [2] . نزول MS.

أجسام طولب بالفصل بين الحامل والمحمول ولا بدّ من التفصيل بينهما ثم من الدليل على أن العرض غير الجسم جواز الاختلاف عليه وعين الجسم باقية كالبسرة الخضراء مثلاً تراها تصفر [f 10 v] فتبطل خضرتها ثم تحمر بعد صفرتها وعينها قائمة وكالراضي يغضب فيختلف حاله وعينه لا تختلف والشاب يشيب والحي يموت فلما لم يجز أن يقال لمن قد شاب أنه ليس بذاك الشاب ولمن مات أنه ليس بذاك الحي مع ورود حال وارتفاع حال أخرى عقل أن العرض ليس بجسم ولا بعض الجسم لأنه لو كان كذلك لتغير الجسم كما تغير الأعراض الحادثة فإذا ثبت أن الأعراض غير الأجسام وجب إن ننظر أحادثة هي أم قديمة فلما رأيناها كائنة بعد أن لم تكن وزائلة بعد أن كانت دلنا ذلك على حدوثها وكونها كوجودنا الجواهر متفرقة بعد أن كانت مجتمعة ومجتمعة بعد أن كانت متفرقة ولن يخلو أن [تكون] مجتمعة بأنفسها أو باجتماع فيها فإن كانت مجتمعة بأنفسها لم يجز وجودها متفرقة ما دامت أنفسها قائمة فعلمنا أنها مجتمعة باجتماع ثم نظرنا أذلك الاجتماع جوهر أو عرض فدلنا أنه لو كان

جوهراً لكان مجتمعاً باجتماع آخر ثم كذلك إلى ما لا نهاية فلما بطل ما قلنا علمنا أنه مجتمع باجتماع هو عرض لا جوهر وكذلك القول في الحركة والسكون فإن قيل أن الأعراض كانت كامنة في الجسم ثم ظهرت بعد ظهورها حادث أم غير حادث مع استحالة أن يكون الاجتماع والافتراق والحركة والسكون كامنة في الجسم فيكون الجسم في حال واحدة ووقت واحد ساكناً متحرّكا ومجتمعا متفرّقا فإن التجئوا إلى مذهب من يقول بالهيولى وأنه كان جوهراً قديماً لم يزل خالياً من الأعراض ثم حدثت فيه الأعراض فحدث فيه هذا العالم بما فيه قيل لا يخلو حدوث الأعراض فيه من أن يكون كانت كامنة فظهرت أو كانت في جوهر آخر فانتقلت أو لم تكن بتة فأحدثت فلما استحال كمون الأعراض في الجوهر الذي يزعمونه خالياً من الأعراض أن يكون مثل أجسام العالم أو دونها أو أعظم منها أو يكون جزءاً لا يتجزأ أو كيف ما كان فإن الصغر والكبر والمثل أعراض لم ينفك منها ولم ينفك من الحوادث فحادث، واعلم أن أحكام هذا الفصل من الفرض الواجب والحق اللازم وخاصة معرفة حدث الأعراض وإن

القول على أهل العنود ومبطلى النظر،

الجوهر لا ينفك منها لأنها الدليل الظاهر على الحدث والحادث والاختراع ونسأل الله التوفيق والتسديد وأن يعصمنا برحمته ويزيدنا بصيرة في طاعته، القول على أهل العنود ومبطلي النظر، أقول أن طائفة من الجاحدين سماهم السوفسطانية معنى هذه اللفظة عندهم المموّهون الممخرقون وقد سماهم ارسطاطاليس الملحدين أبطلوا العلوم كلها رأساً وزعموا أن لا حقيقة لشيء من العلوم والمعلومات فأنكروا موجود الحواس ومعقول البدائه ومستنبطات الاستدلال وزعموا أن الأشياء على الخيلولة والحسبان وكما يراه النائم في المنام وقد أعرض كثير من الناس عن مناظرتهم وعيت على من اشتغل بالرد عليهم لأن ما أنكروه ضرورة المشاعر والبدائه التي يستغنى فيها عن الدليل لأنها أصل العلوم ومتى ذهب ذاهب يدل على صحته فقد أوجب الدليل لما لا يحتاج فيه حتى يقوده ذلك الى ما لا نهاية له وناقضهم من ناقضهم مرئي [1] العامة فساد مذهبهم فقال الحس أوجدكم [11] ما تدعون أم النظر

_ Sic ,ms. [1]

قادكم إلى ما تزعمون فإن ادعوا الحس كذبهم العيان وإن ادعوا النظر قالوا لعلكم غالطون في نظر عقولكم ولعل نظر مخالفيكم يدل على خلاف نظركم فإن سلموا الأمر لزمهم أن لا يناظروا مخالفاً ولا يخطؤا مخطئا ولا يحمدوا محسناً ولا يذموا مسيئاً وهذا خلف من القول ووهن في الرأي وإن ادعوا ترجيح نظرهم فقد اثبتوا النظر ونقضوا الأصل الذي بنوا عليه مذهبهم وقد احتبس هذا الرأي صنفان من هذه الأمة مقلد مبطل النظر ومدعي أن لا دليل على النافي فلزمهما من ذلك ما لزم أصحاب العنود وقيل لهم أبنظر وحجّة أفسدتم نظر العقول وحججها أم بغير حجة فإن قالوا بنظر فكيف يبطلون النظر وهم يثبتونه وإن زعموا بغير نظر فالسؤال والجواب من النظر ولا يلقى به من ليس من أهل النظر وكل كلام من غير نظر فجحود أو عنود أو سهو أو غلط أو عبث وبمثله يقابل الزاعم أن لا دليل على النافي ثم نفيت الدليل مع أنك مع نفيك ما نفيته أحد المدعيين إذ أنت لو عارضك خصمك بمثل قولك وابطل دعواك ثم إذا طالبته بتصحيح مذهبه أحال على مذهبك فهل غير إثبات الدعويين

القول في مراتب النظر وحدوده،

أو إسقاطهما ولنظار أهل الإسلام وفقهائهم حجاج كثيرة في هذا الباب وليس هذا من غرض هذا الكتاب ومما يستدل به على وجوب النظر أنه لما لم تكن الأشياء كلها موجودة حقاً ولا كلها باطلة حقاً ولكن حقاً وباطلاً ثم وجد الاختلاف فيها شائعاً على النظار إما من عالم معاند أو جاهل عاجز ولم يكن الأخذ به على اختلافه وجب عليه بالنظر الذي يميز بين الحق والباطل وأيضاً لما لم تكن الأشياء كلها ظاهرة لأنها لو ظهرت لما جهل شيء ولا كانت خفية لأنها لو خفيت كلها لما علم شيء وكان منها ظاهر جلي وباطن خفي وجب طلب علم ما خفي منها ولا يوجد ذلك إلا بالنظر، القول في مراتب النظر وحدوده، أقول أن العلماء الذين وطّئوا للنظار سبيل النظر ومهدوا لهم سبيل الجدل أضربوا في ذلك حد من تعداه أو قصر دونه تبين تنكبه [1] وتعسفه وخلل مذهبه وفساد بينته فجعلوا السؤال أربعة أقسام لا يقع فيها صدق ولا كذب لأنها استخبار عن مائيّة [2] المذهب

_ [1] . تبتن نكبهMS. [2] . مابنة MS.

[11] القول في علامات الانقطاع،

أولاً ثم عن الدليل ثم عن العلة ثم عن تصحيح العلة وذلك نهاية فصول النظر واستقرار صحة الدعوى وفسادها وقابلوا أقسام السؤال بعددها من الجواب وكلها أخبار تحتمل الصدق والكذب لأنّ الصدق الإخبار عن الشيء بما فيه والكذب الإخبار عنه بما ليس فيه والسؤال ليس بإخبار فيحتمل الصدق والكذب وانّما يوجب السؤال أحد الشيئين إما الجهل به وإما إمتحان المسئول عنه والجواب يوجب القبول والتسليم والرد والإنكار بمعارضة أو مطالبة بالدليل والدليل يوجب العلة والعلة تحقق الجواب إذا طردت صحت وحيثما انتهى الخصم وسلم انتهى الكلام، [11] القول في علامات الانقطاع، أقول المناقضة والانتقال والعجز عن بلوغ الغاية وجحد الضرورة ودفع المشاهدة والاستعانة بالغير والسكوت للعجز كلها من دلائل الانقطاع وكل سائل مخير في سؤاله متفقهاً كان [أو] متعنتاً أحق في سؤاله أو أحال وليست كذلك حال المجيب بل عليه القصد للحق وتعريف السائل وجه سؤال من إصابة وإحالة ولا عليه أن يجيبه عن مسألة هي فرع

لمسألة يخالفه فيها حتى يقرره بإيجابها وتأخذ ميثاقه على القول بها لأن الخلاف إذا كان واقعاً في الأصل لم يطرد القياس في الفرع وذلك في التمثيل كسائل عن الرسالة منكر للتوحيد وإنما تصح النبوة بصحة التوحيد لأنه الموجب لها وكل سؤال يرجع إلى السائل بمثل ما يريد أن يلزمه المسئول فغير لازم لأنّ المعارضة فيه قائمة فطلب الدليل على الدليل والعلة على العلة إلى ما لا نهاية له فاسد لأن محصول الظواهر المحسوس ومحصول البواطن المعقول وما لا نهاية له غير موجود ولا معلوم ولا موهوم وقد يستحسن لابن الهذيل قوله إن صحة الصحيح وانتقاض المنقوض في جميع ما اختلف فيه المختلفون يعلم في ثلاثة أوجه أحدهما إجراء [1] العلة في المعلول والثاني نقض العلة بالتفسير والثالث جحد الاضطرار فأما ترك إجراء 1 العلة في المعلول فكقول الرجل فرسي هذا جواد فيقال ولم قلت ذلك قال لأني أجريته كذا فرسخاً فيقال له أكل فرس جرى في اليوم كذا فرسخاً فهو جواد فإن قال نعم أجرى علّته وان

_ [1] . أجزاء بن Ms.lesdeuxfois

قال لا فقد نقضها وهو يحتاج إلى علة أخرى وأما نقض الجملة بالتفسير فكقول القائل إذا اشتد حر الصيفة اشتد [1] برد الشتوة التي تليها وإذا اشتد برد الشتوة اشتد حر الصيفة التي تليها ثم يقول وقد يشتد حر الصيف ولا يشتد برد الشتاء الذي يليه فيكون قد نقض بهذا التفسير الجملة التي تقدمت لأنها لو صحت لم يشتد حر الصيف إلا باشتداد برد الشتاء أبداً وأما جحد الاضطرار ففي البدائه والحواس وذلك كسؤالنا الدهرية عن شيخ رأيناه على كرسي في هيئته وخضابه أيزعمون أنه لم يزل هكذا قاعداً في مكانه بحالة التي هو عليها من الكسوة والخضاب فإن قالوا نعم جحدوا الاضطرار بشهادة العقول بإبطالهم، وأعلم أن السكوت بعد استقرار الحق أبلغ من الكلام في الذبّ عنه وزيادة البياني هجنه وربما أورثت فرصة لأن الإفراط نقص وعلم بفلج [2] الحجة ودحوصها [3] أبلغ من إفصاحك

_ [1] . واشتدMs. [2] . بفلجMs. [3] . ودحوضها Ms.

بها لأن الشاهد شاهد القلب لا شاهد اللسان وليس كل من لزمه قول مناظره أو عجز عن جوابه في الوقت وجب عليه المصير إلى مذهب خصمه ولكن بعد التبين والتثبيت واستبراء الحال والرجوع إلى الأصول الموطودة والأعلام المنصوبة فإذا انكشف الغطاء عن وجهه وصرح المحض عن زبده وأومض الحق سيره فلا يسع حينئذ غير الإقرار والانقياد له وليس من الحق تكليف الخصم إظهار ما هو خفي في نفسه لأنه غير ممكن كما يمكنه إخفاء ما هو ظاهر في نفسه ولأن ذلك [12] إزالة الشيء عن وجهه فهذه مقدمات قدمناها نظراً للناظر في كتابنا ونصحاً لمن احتاط لدينه وتحرز من تمويه الملحدين وتلبيس الممخرقين وخطرات المجان ووساوس الخلعاء الذين أفسد الفراغ فكرهم وأخمدت الكفاية قرائحهم وحلت عن الدقائق عقولهم وعاشت بصنوف الشهوات نفوسهم وملكهم الهزل وركبهم الجهل واسترقهم الباطل وهجرتهم الفكر وعميت عليهم مواقع النظر فاحتالوا في إسقاط التكليف عنهم ليمرحوا في ميادين الشهوات وليركبوا ما يهوونه من اللذات بإنكار علوم الأصول من البديهة

والحواس والله المستعان وهو خير معين، وبعد فإنّ لأهل الإسلام أصولا من الكتاب والسنة والإجماع والقياس عليها ما يقوم لهم الحجة بها بينهم ويقنعون بشهادتها ودلائلها وكذلك أهل كل ملة ودين وكتاب غير أن ذلك لتصحيح فروع دينهم وشرائع ملتهم فلذلك أضربنا عن ذكره صفحا

الفصل الثاني في إثبات البارئ وتوحيد الصانع بالدلائل البرهانية والحجج الاضطرارية

الفصل الثاني في إثبات البارئ وتوحيد الصانع بالدلائل البرهانية والحجج الإضطرارية أقول أن الدلائل التي تدل على إثبات الله عز وجل غير محصاة ولا متناهية في أوهام الخلائق لأنها بعدد أجزاء أعيان الموجودات من الحيوان والنبات وغير ذلك مما خفي من الأبصار لأنه ما من شيء وإن صغر جسمه ولطف شخصه إلا وفيه عدة دلائل تعبر عن ربوبيته وتصرح عن إلهيّته تصريحاً ينتفى مع أدناها الشبهة ويزاح العلة وإلى هذا المعنى نظر بعض المحدثين وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد ولن يجوز غير ما قلنا لأنه لما كان هو خالق الخلق وصانع الصنع ومخترع الأعيان ومخرجها من العدم إلى الوجود لم نخل من آثار خلقه واختراعه فهي الدلائل المقترنة بها الشاهدة على صانعها ومنشئها فمن الدليل على إثبات البارئ سبحانه

وتعالى أنه خلاف بين الأوائل والأواخر إن الأرض منها عامر مسكون معلوم وعامر مسكون غير معلوم وخراب مجهول غير مسكون وأن عظم المسكون المعلوم منها العرب وفارس والروم والهند وهم ذوو [1] الآداب والأخلاق من سائر أهل الأرض لهم السير والسنن والآئين والحكمة والهمة والنظر والخصال المحمودة والعلوم المأثورة من الطبّ والتنجيم والحساب والخطّ والهندسة والفراسة والكهانة والأديان والكتب وغير ذلك مما يستعملونها في معاملاتهم وموضوعاتهم وما سواهم رعاع وهمج سافلو الرتبة عن رتب من قدمنا ذكرهم وناقصوا الحظ من حظوظهم إما بهيمي الطبع في قلة التمييز والفطنة وإما سبعية في الجفوة والغلظة حتى أن منهم من ينزو بعضهم على بعض ومنهم من يأكل بعضهم بعضاً لعلل قد ذكرها القدماء ليس هذا موضع شرحها بقول الله سبحانه وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ 16: 8 [2] ثم إن هذه الأمم [3] المحمودة أخلاقهم مع اختلاف أصنافهم وافتراق ديارهم وتفاوت آرائهم في المذاهب

_ [1] . ذوMs. [2] . الأمّةMs. Qor. ,ch.XVI ,v.8. [3]

التي ابتجلوا والأديان [12] التي اعتقدوا لم يختلفوا في وجود آثار الصانع الحكيم في هذا العالم وما يشاهدونه في أجزائه وأبعاضه واختلاف طباعه وتعاقب أعراضه فإذا صح وجود البارئ الأزلي القديم الأول السابق ببدائه العقول وشهادة النفوس واضطرار الفطرة والجاء الخلقة بذلك بني تأسيسهم وعليه بني تركيبهم إلا من شد من جاهل أو جاحد مئوف في نفسه أو مغلوب على عقله إذ غير مفهوم ولا موهوم أثر من غير مؤثر ولا صنع من غير صانع ولا حركة من غير محرك كما يجحد الضرورة وجود كتاب بلا كاتب وبناء بلا بان وصورة بلا مصور فسبحان من لا انتهاء له إذ لا ابتداء له منه البداية وإليه النهاية مبدع القوى وممدّ الموادّ وسابق العلل ومنش ئ البسائط ومركب العناصر وحافظ النظام ومدبر الأفلاك ومحدث الزمان والمكان ومحيل الأركان الحكيم العدل القائم بالقسط الناظر للخلق البريء من المعايب الغني عن اجتلاب المنافع مدبر الأمور ومدهر الدهور أرخى على الأوهام ستور ربوبيته وضرب على مطالع العقول حجب إلهيّته فليس يعرف إلا بما عرف به الخلق نفسه ولا يدرك أحد

من صفاته كنهة الأبصار عن بدائع صنعه خاسئة والبصائر عن ملاحظتها نابئة والقلوب في آثار الدلائل عليه حائرة والنفوس مع حيرة القلوب إليه والهة والعقول عند محافطة الأشراف عليه مضمحلة متلاشية معبود في كل زمان معروف بكل لسان مذكور بكل اللغات موصوف بتضاد الصفات لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ 42: 11 نحمده على ما هدانا ولدينه اجتبانا ونشهد أن لا إله إلا الله نتميز به عن المشركين ونتزيل عدد الجاحدين ونشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق غير حادس ولا ساحر ولا كاهن ولا شاعر ولا محتال ولا متنب كذاب ولا مريد دنيا ولا قائل بالهوى فأبلغ وأدى وانذر وأهدى وصدع بأمر الله حتى أتاه اليقين فصلوات الله على روحه غادية وبردات [1] رحمته مترادفة على آله أجمعين، هذا التحميد الذي وجب أن نصدر به كتابنا أخرناه إلى حيث قدرنا أنه أولى به وأليق، ومن الدليل على إثبات البارئ سبحانه وله النفوس وفزع القلوب إذا حزبت الحوادث إليه اضطرارا إذ لا يوجد

_ [1] ؟ بركات Lisez

مضطرّ وقد عضّته نائبة ولد غته ناكبة يفزع إلى حجر أو شجر أو مدد أو شيء من الخلائق إلا إليه ويدعوه بما هو معروف عنده من اسم أو صفة هذا مشاهد عياناً كما تفزع النفس عند المكاره المخوفة إلى طلب المهرب والنجاة وكما يفزع الطفل إلى ثدي أمه ضرورة وخلقه كذاك الله في معرفة خلقه إياه لأن أثر الدلالة في الخلق عليه أعظم من أثر الطبع إلى ما لا يلائمه وينافره ولا يمكن الملحد المنكر وان غلا وتعمّق في الإلحاد الامتناع [1] في معرفة الله وإجراء ذكره واسمه على لسانه شاء أم أبى في حال عمده ونسيانه لأن قلبه ولسانه على ذلك الخلق كما أنّ طبعه على الميل إلى المحبوب والازورار عن المكروه حبل [13] ومن الدليل على إثبات البارئ جل وعز أنه لا يخلو لسان أمة من الأمم في أقطار الأرض وآفاقها إلا وهم يسمونه بخواص من أسمائه عندهم ومستحيل وجود اسم لا مسمى له كاستحالة وجود دليل على غير مدلول عليه بل المدلول موجب لدليل كذلك المسمى موجب الاسم وما هو في التمثيل إلّا بمنزلة

_ [1] . والامتناع Ms.

الحامل والعرض المحمول فكما يستحيل وجود عرض إلا في جوهر كذلك يستحيل وجود اسم إلا لمسمى فمن ذلك قول العرب له الله مفرداً من غير أن يشاركوه في هذا الاسم بأحد من معبوداتهم لأنه خاص لهم عندهم وكانوا يطلقون على غيره على التنكير وأما الرب بالتعريف والرحمن فلم يكونوا يجيزونه إلا للَّه تعالى وإنما تسمى [1] مسيلمة الكذاب بالرحمن مضادة للَّه جل وعز ومعاندة لرسوله عليه السلم ذلك مشهور مستفيض في قوافي أوائلهم قبل قيام الإسلام فمن ذلك قول بعضهم في الجاهليّة [طويل] ألاَ ضَرَبَتْ تِلكَ الفَتَاةُ هَجِينَهَا ... ألا قَطَعَ الرَّحمنُ منها يَمِينَهَا فأضاف فعل القطع إلى الرحمن لأنه أراد به الدعاء وعلم أنه لا يجيب الدعاء إلا الله وقول أمية بن ابى الصلت [بسيط] والحَيَةُ الحَتْفَةُ الرِّقشاء أخرجها ... مِنْ جُحرها آمنات الله والقَسَمُ إذا دَعَا باسمه الإنسان أو سَمِعَتْ ... ذَاتَ الإله يُرَى في سَعْيِهَا زَرَمُ

_ [1] . [؟] سمّى Ms.

وإنما أتينا بهذا البيت حجة لإثبات اسم الإلهيّة لا لرقية الحية وقول زيد بن عمرو، [طويل] إلى الله أهدى مدحتي وثنايايا [1] ... وقولا رضينا لابني الدهر باقيا إلى المَلِكَ الأعلَى الذي ليس فوقَهُ ... إلهٌ ولا ربٌّ سواه مُدَانِيا وقول فارس هرمز وايزد ويزدان ويزعمون أن عبادتهم النار يقرب إلى البارئ عز وجل لأنها أقوى الإسطقسات وأعظم الأركان كما قال مشركو العرب في عبادتهم الأوثان ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله 39: 3 زلفى ولا يجوز أن يكون غير هذا حالة من يعبد شيئاً من دون الله لأنه يعلم أن معبوده من خشب أو حجر أو نحاس أو ذهب أو شيء من الجواهر غير خالقه ولا صانعه ولا مدبر أمره ولا محوله ولقد دخلت بيت نار خوز وهي كورة من كور فارس قديمة البناء وسألتهم عن ذكر البارئ في كتابهم فأخرجوا إلى صحفاً زعموا أنها الأبسطا وهو الكتاب الذي جاءهم به زردشت فقرءوا علي بلسانهم وفسروه علي بمفهومهم الفارسيّة

_ [1] . ثناييا Ms.

فيكمازهم بهسته هرمز وبشتاسبندان فيكمازهم رستخيز قالوا وهرمز هو البارئ بلسانهم وبشتاسبندان الملائكة ومعنى رستخيز فني فقم وقول الأعاجم بلسان الدرية خذاي وخذاوند وخذايكان وقد سمعت غير واحد قال في تأويله خذست وخوذ بوذ منعاه أنه هو بذاته لم يكونه مكون ولا يحدثه محدث وقول الهند والسند شيتاوابت ومهاديو وأسماء كثيرة غير هذه يصفونه بخواص أفعاله [13] وقول الزنوج ملكوي وجلوي قالوا معناه الربّ الأعظم وقول الترك بير تنكرى يعنون الرب واحد وزعم بعضهم أن تنكري اسم لخضرة السماء فإن كان كما ذكروا فإنهم قد ءامنوا بالمعنى المطلوب من الإلهية وإنما شكوا في الصفة وقال بعضهم تنكري هو السماء واسم البارئ عندهم بالغ بايات معناه الغنى الأعظم وقول الروم والقبط والحبشة وما يدانيها من البلدان بالسريانية لأن عامتهم نصارى لاها ربا قدوسا ولا فرق بين السريانية والعربية إلا في أحرف يسيرة فكأن السريانية سلخت من العربية والعربية سلخت من السريانية وقول اليهود بالعبرانية ايلوهيم ادناي اهيا شراهيا

ومعنى ايلوهيم الله وأوّل [1] التوراة برشيت بارا ايلوهيم يقول أول شيء خلقه الله هذا الذي عليه معظم الأمم والأجيال من أهل الكتاب وغيرهم فأما أقاطيع الناس في مجاهيل الأقاليم فمن يحيط بلغاتهم إلا الذي خلقهم وقسم بينهم ألسنتهم وسمعت قوما من برجان يسمونه ادفوا فسألتهم عن اسم الصنم فقالوا فع وسألت القبط من صعيد مصر عن اسم البارئ بلغتهم فزعموا أحد شنق كذا ظني والله أعلم، ومن الدليل على إثبات البارئ سبحانه هذا العالم بما فيه من عجيب النظم وبديع الترتيب ومحكم الصنع ولطيف التدبير والاتساق والإتقان فلا يخلو من ثلاثة أوجه إما أنه لم يزل كما هو وإما أنه لم يكن فكان بنفسه وإما أنه كونه مكون هو غيره فلما استحال أن يكون قديماً لم يزل لمقارنة الحوادث إياها وإن لم يخل من حادث فحادث مثله واستحال أن يكون الشيء نفسه لاستحالة الكائن أن يبقى نفسه فكيف يجوز توهم المعدوم من أن يتركب فيصير عالماً لم يبق غير الوجه الثالث وهو أنّ كوّنه مكوّنٌ هو غيره غير معدوم ولا محدث وهو

_ Ms.repetedeuxfois. [1]

البارئ جلّ جلاله واعلم أن البارئ عزّ وجلّ ليس بمحسوس فيحصره الحواسّ ولا معلوم بالإحاطة فيدرك كيفيّته وكميته وأينيّته ولا مقيّس بنظير له أو شبيه فُيعلم بأكثر الظنّ والحزر ولا موهوم بصورة من الصّوَر لكنّه معروف بدلائل أفعاله وآيات آثاره موجود في العقول لا غير ولا تُوجَدُ آثاره وأفعاله إلاّ في خَلْقه ومن الدليل على إثبات البارئ سبحانه تفاضل الخلق في الدرجات والطباع والهمم والإرادات والصُوَر والأخلاق وتمايز الأشخاص والأنواع من أجناس الحيوان والنبات فلو أنها مكونة [1] بالطباع لاستوت أحوالها وتكافأت أسبابها وكانت تكون في أنفسها مختارة ولما يُوجَد فيها ناقص ولا عاجز ولا مذموم ولا متأخّر عن درجة صاحبه فلمّا وجدنا الأمر بخلافه علمنا أنّ مدبّراً دبّره ومرتّباً رتّبه وهو البارئ سبحانه، وقد قلنا في صدر هذه المقالة إن عدد الدلائل عليه تعالى وتقدّس غير محصاة ولا متقصّاة لأنّك لو عمدتَ إلى أصغر شخص من أشخاص الحيوان وأعملت فكرك في تعداد ما يوجدك من آثار صنع الصانع فيه لرجعت حسيرا عييّا

_ [1] . مكون Ms.

وأعجزتك حجج الباري جلّ وعز وحيّرتْك آثار صُنعه وذلك في المثل كناظر في بَعُوضةٍ أو نملةٍ [14] أو ذُباب كيف بنى البارئ جلّ وعزّ جسمه في لطفه وصغر أجزائه وكيف أطلق له القوائم والأجنحة وكيف ركّب فيه من الأعضاء ما لو فُرِّقَتْ لما كان الطَرْف يدركها ولا الوهم يمسّها ولا الحاسّة تحدها وكيف ركّب فيه من الطبائع ما تمّ به قوام أركانه واستواء نظامه وكيف أودعه معرفة ما فيه صلاحه من طلب منافعه واجتناب مضارّه وكيف سلك في جوفه مداخل غذائه ومنافذ طعامه مع خفّة جسمه وقلّة ذاته وكيف حمل عليه الأعراض وصبغه بألوان الصِبْغ وكيف ركّب الحركة والسكون والاجتماع والافتراق والصوت والصورة وكيف ركّب فيه العين بل كيف ركّب في عينه البصر هذا في صغار هوّام ما يتولّد وإن كان طبع الزمان علّةً لبعثه وإثارته فإنه لم يتركب هذا التركيب العجيب والنضيد الأنيق إلاّ من تدبير قادر حكيم وكذلك لو نظر إلى أدون نبت من النبات وما جُمع فيه من اختلاف ألوانه من نوره وورقه وفرقه وجذعه وعرقه واختلاف طعوم أجزائه ورائحتها ومنافعها ومضارها

لدلّ ذلك على تدبير قادر حكيم وكيف لو رجع إلى نفسه فنظر إلى كمال صورته وحسن هيئته [1] واعتدال بنيته مع ما خُصَّ به من الحكمة والعلم والفطنة والبحث والفكرة بلطيف الأُمور وجليلها وحذقه بأنواع الصناعات وحسن اهتدائه إليها وخبرته بالأمور الغامضة واستيلائه على جميع الحيوان بفضل عقله وزيادة فطنته ثم هو مع ما وصفناه به من الكمال والتمام مبني [2] على الضعف والحاجة إلى ما صغير ما في العالم وكبيره مضمن بالنَصَب والتعب عاجز عن دفع ما يحلّ به من الآفات جاهل بأسباب كونه وتصرفه في نشوه ونمائه وزيادته ونقصانه محتاج إلى ما يقيمه ويعينه لدلّه ذلك على تدبير قادر حكيم وكذلك إذا نظر إلى هذا العالم وما يرى فيه من شواهد التدبير وآثار التركيب في الهيئة والشكل والصُور مع اتّصال بعضه في بعض وحاجة بعضه إلى بعض من اعتقاب الحرّ والبرد واختلاف الليل والنهار واتفاق الأركان وتقاومها على تضادّها وتباينها علم أنّه من تدبير

_ [1] . هيأتهMs. [2] . منىّ Ms.

قادر حكيم ولو جاز لمتوّهم أن يتوهّم حدوث هذا العالم من غير محدث لجاز لغيره أن يتوهّم وجود بناء من غير بانٍ وكتابةٍ من غير كاتب ونقش من غير نقّاش وصورةٍ من غير مصوّر ولساغ له إذا نظر إلى قصر مشيّد وبناء وثيق أن يظنّ أنّه انساب إلى كومة من الترب مجتمعة لم يجمعها جامعٌ فاختلط بها من غير خالط حتّى التفّت ونديت ثم انسبكت لبنا على أكمل التقدير وآنق التربيع من غير سابق ولا ضارب ثم تأسّس أساس القصر وتمكنت قواعده وارتفعت ساقاته وأعراقه حتّى إذا تطاولت حيطانه وتكاملت أركانه وتطايرت اللبن وتراكمت على حواشيها وتناضدت أحسن التراكم والتناضد ثم تساقطت الجذوع والجوائز من أشجارها على قدر البيوت والخطط والمحتطّة للأبنية بلا حاصد لها ولا عاضد ثم انتجرت بلا ناجر [14] وانتشرت بلا ناشر واسفنت بلا سافن فلما تهيّأ منه الكمال واستقام المائل ترفّعت بأنفسها فانغرزت في مغارزها وتسقفت فوق بيوتها وفاقت أساطينها تحتها ثم انطبقت عليها صفائحها وانتصبت أبوابها فانغلقت بذاتها ثم تكلّس القصر وتسيّع وتبلّط وتجصًّص وتنقّش بأنواع

التزاويق والنقوش واستوى أمره وشاد بناؤه واجتمع متفرّقه على أحسن التقدير وأكمل التدبير حتَّى لا تعرّى منه ناحية ولا لبنة ولا قصبة إلا ومفهوم للناظر إليه موضع الحكمة والحاجة إليه من غير فاعل فعله ولا صانع صنعه ولا ساعٍ سعى فيه ولا مدبّر دبّره وكذلك [1] لو نظر إلى سفينة مشحونة موقّرة بألوان الحمولات وأصناف السِلَع راكدة في لُجّة البحر أو سائرة أنها تركّبت ألواحها وأعضادها وتسمّرت مساميرها ودُسُرها وانضمّت حتّى اسفنت بذاتها ثم نقلت الحمولة إلى نفسها حتّى امتلأَت ثم ركدت في الماء فسافرت عند الحاجة وكذلك لو نظر إلى ثوب منسوج أو ديباج منقوش أنه انحلج قطنه وخلص قزّه ثم انغزل وانفتل وانصبغ والتأمت الوشائع [2] وامتدّت الأشراع والتفّت إلى منوالها وانضمّت الخيوط بعضها إلى بعض فانتسج وانتقش فإذا لم يجُزْ هذا المتوهّم فكيف يتوّهمه على هذا العالم العجيب النظم الباهر التركيب فإن ذهب ذاهبٌ إلى الفرق بين تركيب العالم وتركيب

_ [1] . وذلكMs. [2] . الوسائغ Ms.

ما يركبّه الإنسان بأنّ العادة لم تجوّز بابتناء الدور وانتساج الأثواب وانصباغ الأواني ولم يوجد مثل ذلك في الامتحان والطبائع قيل فكيف جوّزتم ما هو أعجب ممّا ذكرنا وأعظم من غير فاعل مختار ولا حكيم قادر فإن زعم أنّ تركيبّ هذا العالم على هذا النظم ولتركيب [1] من فعل الطبائع فالطبائع إذاً أحياء قادرة حكيمة عالمة ولم يبق بيننا وبينه من الخلاف إلى تحويل الاسم وتغيير الصفة وإن أنكر حياة الطبيعة وحكمتها وقدرتها فكيف يجوز وجود فعل محكم متّقن من غير حكيم حيٍّ قادر فإن زعم بالحدّ والاتّفاق على هذا الاتّساق غيرُ موهوم وإنّما وقوعه في النوادر ولو جاز ذلك لجاز أن من له ساحة ولا بناء فيها ولا عمارة يتّفق اتّفاق ليلة فتُصبح مبنيّة دوراً مغروسة أشجاراً على أحسن الابنية واعجب التركيب ولا محيص للملحد من حجج الله وآياته فكيف وهو حجّة بنفسه ولغيره وليس نورد من هذا الباب هاهنا إلا ما يضاهي الفصل وما يصّح ويجلّ دون ما يغمض ويدقّ لأن من عزمنا أن نبالغ في الاستقصاء والإيضاح لهذه المسائل في كتاب

_ [1] . والتي بت Ms.

سمّيناه بالديانة والأمانة شكراً لمن أنعم علينا بالتوحيد ومناضلةً عن الدين وتبصّراً للمستبصرين ومن عند الله التوفيق، واعلم أنّه لو جاز أَنْ يُوجَد شيءٌ من الأَجسام لا من خلق الله لجاز أن يوجد عارياً من دلالة عليه فإذا لم يوجد إلا من خلقه لم يخلُ من دلالة عليه فإن قيل وكيف يعلم أَنَّه مصنوع مخلوق قيل بآثار الحدث فيه فإن قيل فما آثار الحدث قيل الأعراض الّتي لا تعرى الجواهر منها من الاجتماع والافتراق والحركة والسكون واللون والطعم والرائحة وغير ذلك فإن أنكر الأعراض وحدوثها كُلّم بما ذكرناه في موضعه [15] من الفصل الأوّل فبحدوث الأعراض يصحّ حدوث الأجسام وبحدوث الأجسام يصح وجود المحدث البارئ لها سبحانه ولقد قرأتُ في بعض كتب القدماء إن ملكاً من ملوكهم سأَل حكيماً من الحكماء ما أدلُّ الأُمور على الله فقال له الدلائل كثيرة وأوّلها مسألتك [1] عنه لأنّ السؤال لا يقع على لا شيء قال الملك ثم ماذا قال شكّ الشاكّين فيه فإنّما يشكّ فيما هو لا فيما لا هو قال الملك ثم ماذا قال وله

_ [1] . مسألتك Ms.

الفطن [1] إليه الذي لا يستطيع الامتناع منه قال الملك زدني قال حدوث الأشياء وتنقّلها على غير مشيّتها قال زدني قال الحياة والموت اللّذان يسمّيهما الفلاسفة النشؤ والبِلَى فلستَ واجداً أحداً أحيا نفسه ولا حيّاً إلا كارهاً للموت ولن ينلْ [2] منهم يعني لا ينجو قال زدني قال الثواب والعقاب على الحسنة والسيئة الجاريان على ألسنة الناس قال زدني قال أّجِدُ مزيداً، وجاء في الأخبار أن بني إسرائيل اختلفوا في هذا الباب ففزعوا إلى عالم فسألوه بِمَ عرفت البارئ قال بفسخ العزم ونقض الهمّة وكتب الله المنزّلة مملوءة بدلائل الإثبات والتوحيد تأكيداً للحجّة لأنّه موضوع في نفس الفطرة وخاصّةً القرآن وقال الله لرسوله حيث سُئِل عن الدلالة عليه إِنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي في الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ الله من السَّماءِ من ماءٍ فَأَحْيا به الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها من كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ 2: 164

_ [1] . الفطرMs. [2] . سل Ms.

[1] فدلّ على نفسه بخواص أفعاله ومعجزات آثاره التي لا سعى لغيره في شيءٍ منها وقال وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ من سُلالَةٍ من طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً في قَرارٍ مَكِينٍ [2] 23: 12- 13 إلى قوله فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ 23: 14 [3] هل ترى أحداً يدّعى فعل شيء من ذلك وقال أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَنْبَتْنا به حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ، أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ الله [4] 27: 60- 61 إلى آخر الآى الخمس وقوله أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ، أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ [5] 56: 58- 59، دلّهم على نفسه بصُنعه بإِعجازهم في آخر الآيات فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [6] 56: 86- 87 وتكلّف غير ما

_ Qor. ,sour.II ,v.159. [1] Qor. ,sXXIII ,v.12 -13. [2] Ibid. ,v.14. [3] Qor. ,XXVII ,v.61 etsuiv. [4] Qor. ,sour.LVI ,v.58 -59. [5] Ibid. ,v.85 -86 [6]

في كتاب الله فضل لأنّه معرض ممكن لمن تدبّره وتأمّله وقال وَفي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ 51: 21 [1] إنكم توجدوها ولم تحدثوها ولستم تملكون شيئاً من أمرها من الصحة والسقم والشباب وقال سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وَفي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ 41: 53 [2] يعني بما ضمّنها من آثار الصنع وشواهد التدبير ودلائل الحدث ورُوينا في حديث أنّ رجلاً سأل محمّد بن عليّ أو ابنه جعفر بن محمّد يا ابن رسول الله هل رأيت ربّك حين عبدته فقال ما كنت لا أعبدُ ربًّا لم أرَه فقال الرجل وكيف رَأيته قال لم [3] تَرَه العيون بمشاهدة العيان ولكن رأَتْه القلوب بحقائق الإيمان لا يدرك بالحواسّ ولا يقاس بالقياس [4] معروف بالدلالات موصوف بالصفات له الخلق والأمر يُعزّ بالحقّ ويُذلَ [15] بالعدل وهو على كلّ شَيءٍ قدير وسُئِل عليّ بن الحسين رضى الله عنهما متى كان ربّك قال ومتى لم يكن ربّنا وحكى عن بعض

_ Qor. ,LI ,v.21. [1] Qor. ,XLI ,v.53. [2] [3] . ألمMs. [4] . بالناس Ms.

الحكماء أنّه كان يقصّر [1] الناس على هذا القدر من التوحيد ولم يرخص لهم الخوض في أكثر منه فيقول التوحيد أربعة أشياء معرفة الوحدانيّة والإقرار بالربوبيّة وإخلاص الالهيّة والاجتهاد في العبوديّة وكانت حكماء العرب في كفرها وجاهليّتها يُشيرون إليه في أشعارهم ويمدحونه بالآئهِ ونعمائه فمن ذلك قول زيد بن عمرو بن نفيل [طويل] وَأَنت الذي من فضل من ورحمة ... بعثت إلى موسى رسولاً مناديا فقلت له فأذهب وهارون فادعو ... إلى الله فرعون الّذي كان طاغيا وقولا له أأنت سمكت هذه ... بلا عمد حتى استقرت كما هيا وقولا له أأنت سوّيت هذه ... بلا وتد حتّى استقرّت كماهيا وقولا له من يرسل الشمس غدوةً ... فتصبح ما مست من الأرض صاحيا وقولا له من ينبت الحي والثرى ... فتصبح منه البقل يهتز راسيا وكان يقول [متقارب] وأسلمت وجهي لمن اسلمت ... له الأرض يحمل صخرا ثقالا

_ [1] . [؟] قصير Ms.

دحاها فلما رآها استوت ... على الماء أرسى عليها الجبالا وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له المزن تحمل عذبا زلالا إذا هي سوقت إلى بلدة ... أطاعت فصبّت عليها سجالا فجعل يصفه بالصفات الّتي يَعجز عنها المخلوقون معرفةً منه باستحالة فعل لا من فاعل وأذكُر أَنّي سألتُ بعضَ الأَعاجم بنواحي سنجار على نواحي المزاح والمهازلة إذ كنت أراه جلف الجثّة ثقيل اللهجة ما الدليل على أنّ لك خالقاً قال عجزي عن خلق نفسي فكأنما ألقمت حجراً وما شبّهتُه إلاّ بخبر عامر بن عبد قيس إذ خرج عليه عثمان بن عفّان رضى الله عنه وهو في شملّة اشعث اغبر في زي الأعاريب فقال أين ربّك يا اعرابي قال بالمرصاد فهال ذلك عثمان فارعد له ومن ذلك قول صرمة بن انس بن قيس قبل الإسلام [خفيف] وله الراهبُ الحبيس تراه ... رهن يونس وكان ناعم بال وله هودت يهود وكانت ... كل دين وكل أمر عضال وله شمس النصارى وقاموا ... كل عيدٍ لهم وكل احتفال

القول في جواب من يقول من هو وما هو وكيف هو

وله الوحش في الجبال تراه ... في حقاف وفي ظلال الرمال [16] يعني أنّ من مخافته هُوِدّت اليهود وحبست الرهبان أنفسها في الصوامع ومن دلائله عرفت الوحوش منافعها ومناكحها وليست بذات عقول مميّزة وإنَما يعرفه كلّ واحد بمقدار فهمه وكيفيّة استدلاله وأنشدني النهريبندي في جامع البصرة [طويل] ولو حل أقطار السماوات عاقلٌ ... أو احتل في أقصى بلاد تباعد ولم ير مخلوقاً يدل على هدىً ... ولم يأته وحى من الله قاصد ولم ير إلاّ نفسه كان خلقها ... دليلاً على بار له لا يعاند دليلاً على إبداعها واختراعها ... منيراً على مرّ الدهور يشاهد وفي هذا المقدار مقنَعٌ وبلاغ لمن ناصَح نفسَه وأعطى النَصفة وجانب الجحود والعنود وَمن لَمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً فَما لَهُ من نُورٍ 24: 40 وإذا صحّ إثبات الباري ووجود الصانع فلنقل الآن في صفاته القول في جواب من يقول من هو وما هو وكيف هو

أقول أن السؤال عن المائيّة والمنيّة والهويّة محالٌ من وجه التفتيش عن ذاته لأنّ الإشارة إلى هذه الأشياء تصوّرها في الوهم ولا يتصوّر في الوهم غير محدود أو نظير محسوس وهذه من صفات الحدث فإمّا أن أراد السؤال عن إثباته وإثبات صفاته فلا وذلك كقائل يزعم أنه قد ثبت عندي وجود البارئ سبحانه فما هو فالجواب الصواب أنه هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ 57: 3 القديم الخالق حتى يُعدُّ جميع أسمائه وصفاته فإن زعم أنه سأل عن هويّة ذاته قيل غير محسوسة ولا موهومة ولا معلومة بالإدراك والإحاطة فإن زعم أن هذا من صفاته الاشيّة والبطلان فهذا من وساوس الجهل وهذيان الخطل ويكلّم في إيجاب الصنعة الصانع والفعل الفاعل بما قد سبق ذكره فإن طلب نظيراً أو شبيهاً بهذه الصفات فهذا يكلّفنا أن نتّخذ إلهين [1] اثنين محسوساً وغير محسوس ثمّ نشبّه الغائب بالشاهد ليتحقّقه وما من إلهٍ إلّا إله واحد وليس يجب علم ما تيقّنّاه لجهل ما جهلنا ألا ترى أنّا إذا آنَسْنا شخصاً في السواد ولم نعلم ما هو ومن هو لم يجب ان

_ [1] . الاهين Ms.

نُبطِل علمنا في ذات الشخص بما خفي علينا من بعض هيئاته كذلك لمّا قامت الدلالة أن يستحيل وجود فعل لا من فاعل ثم وجدنا فعلاً لم نشاهد فاعله لم يجب أن نُبطل علمنا البديهيّ بجهلنا وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هويّته فنزل الجواب في صفاته قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ الله الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ 112: 1- 4 [1] فأخبر أنّه أحد لا كأحدٍ وصَمَد لا كصمد لم يلد ولم يولد يعني الملائكة وسائر الناس من الخلائق الروحانيّين بقوله ولم يكن له كفؤاً أحد فنفى النظير والشبيه عنه وقال الرسول عليه السلم فيما رُوِيَ لرجل من الأعراب سأله عنه هو الذي إذا مسّك ضرٌّ فدعوتَه أجابك وإذا أصابتك سنةً فدعوتَه امطر السحاب وأنبت النبات [16] وإذا ضلَّتْ راحلتُك بفلاةٍ من الأرض فدعوتَه ردّها إليك فجعل يدلّ على ربّه بدلالة فعله وشهادة الكتاب تُغْنِيْ [2] عن طلب الأسانيد لمثل هذه الأخبار بقول الله تعالى أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ 27: 62

_ Qor. ,sour.CXII. [1] [2] . يغنى Ms.

[1] وفي رواية المَقْبريّ عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم [قال] أنّ الشيطان يأتي أحدكم فلا يزال يقول له مَنْ خَلَقَ هذا فتقول الله حتّى يقول فمن خلق اللهَ فإذا سمعتم ذلك فافزعوا إلى سورة الإخلاص فقال أبو هريرة رضى الله عنه فبينا أنا قاعد إذ أتاني آتٍ فقال مَن خلق السماء فقلت الله قال فمن خلق الأرض قلت الله قال فمن خلق الخلق قلتُ الله قال فمن خلق الله فقُمْتُ وقلت صدقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ الله الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ 112: 1- 4 ولهذا نهى عن التفكّر فيه إذ لا مطلع للوهم والفكر عليه من طلب ما لا سبيل إليه رجع بأحد الأمرَيْن إِمّا شاكًّا وإمّا جاحداً والجحود والشكّ فيه كُفْر وقد قيل تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق لأنّ الخلق يدلّ عليه والخالق لا يُدْرَك ولا أَعلمُ أحداً من أصناف الخلق والأمم إلاّ وهو مقرّ بوجود شيء في الغائب خلاف الحاضر فمن ذلك قول الفلاسفة الهيولي وإنه خلاف الأجرام العلويّة والسُّفليّة ومنهم من يقول بحيٍّ ناطق لا يجوز عليه

_ Qor. ,sour.XXVII ,v.63. [1]

الموت وهو لم يشاهده حيًّا ناطقاً إلاّ ميتاً ومنهم من قال بأنّ جوهرَ الأفلاك من غير الطبائع الأربع وهو لم يشاهد شيئا من عين الطبائع ومن قال بمواضع من الأرض يبلغ طول النهار بها أربعة وعشرين ساعة ومواضع يغيب الشمس عنها ستّة أشهر وهو لم يشاهدها ومن قال بأنّ النطفة تنقلب علقةً والعلقة تنقلب مضغةً ولم يشاهدها عياناً ومن قال بأرض لا بتركب منها حيوان ولا نبات ومن قال من الثنويّة بنور خالصٍ في الغائب وظلمة خالصة غير مماسَّيْن ولا ممتزجّيْن وهو لم يشاهد جسماً إلاّ مؤلّفاً مركّباً في أَشْباهٍ لهذا يطول الكلام بذكرها حتّى تعلم ان قول القائل لا شيء غير ما يعاينه [1] ولا شيء غاب عنه إلاّ كما يشاهده محال باطل وبعد فانّا نجدُ الحركة والسكون والاجتماع والافتراق والفَرَح والحُزْن واللذّة والكراهية والحبّ والبُغض وغير ذلك من كثير من الأعراض ولا يمكن صفتها بطول ولا لون ولا عَرْضٍ ولا ريح ولا طعم أو صفة من الصفات ثمّ لم يجب إبطالها لعدم صفاتها وكذلك العقل والفهم والنفس والروح

_ [1] . يعانيه Ms.

والنوم لا شكّ أنّها أشياء ثابتة ولها ذوات قائمة من الأعراض ثم لا يُحاط بكميتها ولا بكيفيتها غير وجودها فإذا كانت هذه الأشياء قُربها منّا وتمكّنها فينا ونعجز عن الاحاطة بها ولم يجز إنكارها لوجوهها وكيف بمُبْدِعها ومُنْشئها ومُقيمها على مراتبها وكلّ صانع لا شكّ أَعْلى رتبةً من مصنوعاته وأَرفع درجةً فإن قال قائل سَوَّيْتَ بين صفات العقل والروح والنفس وسائر ما ذكرت وبين البارئ الذي يدعونا إليه وتساوي الصفات يوجب تساوي الموصوفات فما ينكر ممّن يزعم أنه هو النفس أو العقل لا من الناس من يقول هو نفس [17] الخلائق ومنهم من يقول هو عقولهم قيل إنما يجب تساوي الموصوفات إذا تساوت حدود الصفات فأمّا الألفاظ فمشتركة والمعاني مختلفة ألا ترى أنّا نقول له هو ولغيره هو ونقول هو واحد ولغيره ممّا يتميّز من الأعداد واحد ونقول ذاته ولغيره من الحيوان والنبات ذواتها ونقول قال الله وفعل الله فقال فلان وفعل فلان لأنّ الألفاظ سِمَاتٌ للمعاني لا يمكن العبارة إلاّ بها فإذا جِئْنا إلى التفصيل قلنا فِعْلُ الإِنسان بجارحةٍ وفِعْله ليس بجارحة وفعل

الإنسان بآلةٍ وفِعْله ليس بآلةٍ وفعل الإنسان في زمان ومكان وفعل الله قبل الزمان والمكان فهَلْ بقى بين الفعلَيْن من التشابه غير سمة اللفظ وهكذا سائر الأوصاف ثمّ من الدلائل على أنّ البارئ جلّ جلاله ليس بالنفس ولا بالعقل ولا بالروح كما ذهب إليه من ذهب أن الأنفس متجزّئة قد فرّقت بينها الهياكل والأشخاص والتجزّي تفرُّق والتفرُّق عارض ولا متفرّق إلاّ ومتوهّم تجمعه والتجمّع عارض وقد يعيش عائش ويموت مائت ولا يخلو [1] من أن تبطُل نفسٌ بموت صاحبها أو ترجع إلى كلّيتها أو تنتقل إلى غيره والبطلان والرجوع كلّها أعراض وقد أَوضَحْنا الدلالة على حدث الأعراض وهكذا القول في الأرواح على السواء وكذلك تفاوت العقول واختلافها وما يعرِضُ فيها من الخلل والنقص والسهو والغلط كلّها من دليل الحدث وما العقل في قصور المعرفة إلاّ بمنزلة سَمْع الأذن وبصر العين وشمّ الأنف كلّها موجودة غير معلومة الكيفيّة والكميّة فإن قيل أَلَهُ هُويّة وإن لم نعلمها قيل الهويّة إضافة هو الى

_ [1] . [؟] لي Ms.

معناه [1] وهو إشارة فإما معنى الهويّة فالذات وأي لعمري له ذات عالمة سميعة بصيرة قادرة حيّة غير معلومة كيفيّتها فإن قيل فهو عالم بذاته قيل له ليس هو غير ذاته فتكون معلومة له غير علمه ويكون له من ذاته علم ومعلوم وقد قال قوم أنه هو الطبائع ومنه حّدّثُ العالم وتركّبه فالطبائع أشياء متنافرة متضادّة مقهورة مجبورة وهذه هي علامات الحدث ثمّ هي غير حيّة ولا عالمة ولا مختارة ولا قادرة فيصحّ منها هذه الأفعال المحكمة المُتْقَنَة فإن أطلقوا عليها هذه الصفات فهي البارئ بزعمهم وإنّما غلطوا في التسمية وإن أَبَوْا في الفعل لا يصحّ إلاّ ممّن هذه صفاتُه واختلف أهل الإسلام في أشياء من هذا الباب فأنكر كثير منهم القول بالأَيْنيّة والمائيّة ولا يخلوان من أن يكونا إياه أو غيره أو بعضه فإن كانا غيره أو بعضه انتقض التوحيد وإن كانا إيّاه فهو إذاً أشياء كثيرة وقال ضرار بن عمرو وأبو حنيفة رضى الله عنهما له أينيّة ومائيَة لأنّه لا يكون شيء موجود إلاّ وله أينيّة ومائيّة وعلّة الأينيّة غير علّة

_ [1] . معناها Corr.marg. ,ms.

المائية وذلك أنك تسمع الصوت فتعلم أنّ له مُصوّتاً وتجهل ما هو ثمّ تراه بعد ذلك فتعلم ما هو فعِلْمُك ما هو غير علمك بأينيّته ومعنى المائية عندهما أنه يعلم نفسَه بالمشاهدة لا بدليل كما نعلمه واختلف المُشبّهة فزعمت النصارى أنه جوهر قديم وزعم هشام بن الحكم وابو جعفر الأحول الملقّب بشيطان الطاق انه جسم محدود متناهٍ وقال هشام هو جسم مُصْمَتٌ له قدر من الأقدار من العَرْض كأنه [17] سبيكة تلأْلأْ كالدُرّة من جميع أطرافها واحدة ليس بمجوّف ولا متخلخل وحُكى عن مُقاتل أنه قال على صورة إنسان لحمٍ ودمٍ وسُئل هشام كيف معبودُك فأوقد سراجاً وقال هكذا إلاّ أنّه لا ذُبالة له وقال قومٌ جسم فضاء مكان الأشياء كلّها وأكبر من كلّ شيء وقال قوم هو الشمس بعينها وزعم قوم إنه المسيح وقال قوم هو علي بن أبي طالب وذهب قومٌ إلى أشياء كثيرة متبعّضة مختلفة القوى والفعل إلاّ أنّ بعضها متّصل ببعض وبعضها أعلى من بعض فأعلاها البارئ سبحانه ويزعمون أنه لا جسم له ولا صفة ولا يُعرف ولا يعلم ولا يجوز أن يُذْكَر ودونه العقل

القول في أن البارئ واحد لا غير

ودون العقل النفس ودون النفس الهيولي ودون الهيولي الأثير ثم الطبائع ويرون كلّ حركة أو قُوّة حسّاسة أَو نَامية منه وسيمرّ بك النقض عليهم مجملاً في باب التوحيد إن شاء الله وأحسن ما أختاره في هذا الفصل أَلاّ يخوض الإنسان في شيء منه إلاّ بإثبات الذات بدلائل الصفات فإمّا ما سِوَى ذلك فيسكت عنه وليقتَدِ نبيّ الله موسى حيثُ قال له الكافر وَما رَبُّ الْعالَمِينَ قال رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ 26: 23- 24 [1] هذا طريق السلامة فإن سأل بعضُ مَنْ لا يعلم كيف هو وأين هو وكم هو فإنّ كيف يوجب التشبيه ولا شبه له وكم استخبار عن العدد وهو واحد وأين طلب المكان وليس بجسم فيُشْغِل الأماكن، القول في أن البارئ واحد لا غير أقولُ أنّه لما صحّ وجود البارئ بالدلائل العقليّة وجب ان ينظر أواحد هو أم أكثر لأنّ الفعل قد يفعله الواحد والاثنان وقد يشترك الجماعة في بناء دار ورفع منار ونظرنا فإذا الدلائل على وحدانيّته بإذاء الدلائل على إثباته وذلك أنّه

_ Qor. ,sour.XXVI ,v.22 -23. [1]

لو كانا اثنّيْن لم يخلُ من أن يكونا متساوِيَيْن في القوّة والقُدرة والعِلم والإرادة والقِدَم والمشيَّة حتَّى لا يُفْرق بينهما بصفةٍ من الصفات فإن كانا كذلك فهذه صفة الواحد لا يثبت في العقول غيره أو يكون أحدُهما أَقْدم من الآخر وأَقدر فَالإِْلَهُ إِذاً القديمُ القادر إِذ العاجز الحادث لا يستحقّ الإلهيّة أو يكونا معا متقاومين مُتضادَّيْن فأذَنْ لا يجوز وجود خَلقٍ ولا أمرٍ لأنّه لو كانا كذلك لم يخلُقْ أَحدُهما خَلْقاً إلاّ أفناه الآخر ولم يُحْيِ حيّاً إلاّ أماته الآخر فلمّا وجدنا الأمر بخلافه علمنا أنّه واحد قدير وهذا ضمْنُ قول الله تعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ (إِلَّا الله) لَفَسَدَتا 21: 22 ف سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ 43: 82 [1] وقال قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا 17: 42 [2] ولو كانا اثنين لكانا قادرَيْن على التمانع والتقاوم أو عاجزَيْن عن ذلك فإن كانا قادرَيْن لم يتّصل تدبير ولم يتم وجود خَلْق وإنْ كانا عاجزَيْن فوجود الخَلْق عن العاجز

_ Qor. ,sour.XXVI ,v.22. [1] [2] . سبيلا Qor. ,sour.XXVII ,v.44.Lisez

مُحالٌ أَو كان أحدهما عاجزاً والآخر قادراً فهو كما قلناه آنفاً ولو جاز القول باثنين لوجود الشيء وضدّه لجاز القول بعدد أعيان الموجودات لاختلاف أجناسها وأنواعها وأنّها تمام القُدرة جوازها على الشيء وضدّه ففاعل الشيء إذا كان عاجزاً عن ضدّه غير كامل القُدرة والبارئ عزّ وجلّ دلّ على كمال قُدرته بإيجاد الشيء وضدّه ومن هاهنا تفرّقت المجوس والثنويّة والدَهْرية وسائر فرق الضلالة فزعمت المجوس بأنّ فاعل الخير لا يفعل الشرّ وأنّ الشرّير لا يفعل الخير لأنّ الجنس الواحد لا يَقَعُ منه إلا الفعل الواحد كالنّار لا يكون منها إلاّ التسخين والثلج لا يكون منه إلّا التبريد [18] فسمّوا الإله الخير هرمز والشرّير الخبيث آهرمَن وأَضافوا كلّ حُسْنٍ وجميل وفعل حميد إلى الخير [1] وكل قبيح وذميم إلى الشرّير الخبيث المضادّ له ثمّ اختلفوا بعد إجماعهم على أنّ الخير منهما قديم لم يزل وزعم بعضهم أن الشرّير قديم أيضاً كقول الثنويّة بقدم الكونين من النور والظلمة وزعمت طائفةٌ أُخرى انّه حادث ثم اختلف الذين قالوا بحدوث الشرير الخبيث كيف

_ [1] . الخير Ms.

كان حدوثه فزعمت فرقة منهم أنّ القديم الخير تفكّر فكرةً رديئة فاسدة فحدث من فكرته هذا الخبيث الشرير وهذا نقض أصلهم بأنّ جوهر القديم جوهرٌ خير لا يشوبه شيء من الشرور والآفات وزعم آخرون أنّ الخير هفا هَفْوةً فحدث منه هذا الضدّ بلا إرادةٍ منه ولا مشيّة فجعلوا الخير كالمغود الجاهل الذي لا يملك نفسه وأمره وقد أقرّ هذان الصنفان بوقوع الشرّ من الخير المحمود ووجود جنسَيْن مختلفَيْن منه فما حاجتهما إلى إثبات فاعلَيْن مختلفَيْن فإذا جاز وقوع الشرّ من هذا الخير المحمود فما يؤمنهم وقوع الخير من هذا الشرّير المذموم وزعمت فرقة ثالثة منهم أنه لا يدري كيف حدث هذا الشرّير المنازع [1] للخير القديم فأفصحوا بالحَيْرة ونادوا على أنفسهم بالشبهة وبم ينفصون ممّن يعارضهم إذا جاز حدوث شرير فاعل للشرّ لِمَ لَمْ يُجْز حدوث خير فاعل للخير حتّى يكون خالقهم اثنين حادثَيْن وقد زعموا جميعاً أنّ هذا الشرير كايدَ الخير ونازعه الأمر وجمع الخير جنوده من النور والشرير جنوده من أبعاض الظلمة فاقتتلا مدَةً من

_ [1] . والمنازع Ms.

الدهر طويلة ثمّ توسّطت الملائكة بينهما ودعَوهما إلى الهُدْنة والموادعة إلى أن يضع بينهما مدّة سبعة آلاف سنة وهي مدّة قوام العالم فاصطلحا على أنْ يكون أكثر الأمر والحكم والغلبة في هذه المدّة المضروبة للجوهر الشرّير فإذا انقضت المدّة أفضى الأمر إلى القديم الخير فأخذ الشرّير يستوثق منه إلى أن ينقضي عالم الشرّ والفتنة والفساد ويصير الحكم إلى الخير المحض وهذا ظاهر الانتقاض والاختلاف وكيف تطمئن النفس إلى عبادة عاجز مغلوب على أمر وكيف يؤمن الشرير الخبيث على الوفاء بالعهود والمواثيق وهل هي منه ألا أفضل الخير وأتم الإحسان فقد وجد من جوهره الخير وهو من غير جنسه كما وجد من جوهر الخير العجز والغلبة وهو شر وليس من جنسه واختلفت الثنوية فزعم ماني وابن أبي العوجاء أن النور خالق الخير والظلمة خالق الشر وأنهما قديمان حيان حساسان وأن فعلهما في الخلق اجتماعهما وامتزاجهما بعد أن لم يكونا ممتزجين فحدث هذا العالم من نفس الامتزاج فأقرّا بحادث حدث في القديم من غير سبب أوجبه ولا إرادة منه فضاهيا المجوس في قولهم أن الخير حدث منه الشر بلا

إرادة منه ولا مشية وزعم ديصان أن النور حىّ والظلمة موات فأحال أشدّ الإحالة إذ أجاز من الموات الفعل في خلق الشرور والآفات فناقضوا بأجمعهم في نفس الامتزاج لأنه لو كان بدأبه النور فقد أساء في مخالطة الظلام وإن كان بدوه من الظلام فقد غلب النور وأفسده وعندهم أن النور لا يكون منه ألا الخير والظلمة لا يكون منها [1] إلا الشر فكل خير منسوب إلى النور وكل شر منسوب إلى الظلمة واكتفى من جوابهم بما يومض عن مناقضاتهم كفاء ما يشاكل [18] كتابنا هذا بعد أن نستقصيه في كتاب المعدلة ونشبع القول فيه بمشية الله وقد سألهم جعفر بن حرب عن مسألة قليلة الحروف عظيمة الخطر فقال لهم أخبرونا عن رجل قتل رجلا ظلما فسئل أقتلته قال نعم من القائل نعم قالوا النور قال فقد كذب النور والنور عندكم لا يفعل الشر قالوا فهو الظلمة قال فقد صدقت والظلمة لا تفعل الخير وقال هل اعتذر أحد من شيء قط قالوا نعم والاعتذار حسن جميل قال فمن المعتذر قالوا

_ [1] . منه Ms.

النور قال فصنع شيئاً يجب الاعتذار منه قالوا فالظلمة قال فقد أحسنت إذا اعتذرت فقطعهم واستعظم قوم القول بإيجاد أعيان لا من سابق فقالوا بقدم البارئ وشيء قديم معه أم الأشياء وآخر الهويات ومادة العالم والأصل الذي حدثت منه الأجسام والأشخاص فأنه جوهر بسيط عار من الأعراض ثم أحدث الصانع فيه أعراضاً من الحركة والسكون والاجتماع والافتراق فتركب من حركاته العالم بأجزائه فهولاء قد أجبوا شيئين قديمين مختلفين إلى الذات والصفة أحدهما حي والآخر ميت ودخلوا في مذاهب الثنوية وناقضوا أصلهم بأن البارئ لم يزل يصنع فيه فأبطلوا قولهم بأنه علة والعلة لا تفارق المعلول وجملة القول في الإعتقاد في المعدوم والموجود أن الموجود ما يعقل أو يعلم أو يحس أو يعرف أو يصح منه تأثير أو فيه أو معه أو به فإذا خلا من هذه المعاني فهو المعدوم ولولا ذلك لكان كيف يعتقد المعتقد المعدوم من الموجود فإن قيل فقد اعتقدتم القديم أفعدم هو وأنتم لا تصفونه بشيء من الحدوث والأعراض قيل افتسوون أنتم بينه وبين الهيولى في المعنى أم لا وأنتم لا تصفونها بشيء من

القول بإبطال التشبيه

الحدود والأعراض ونحن إنما نعتقد وجود البارئ بدلائل صنعه وآثاره وليس يصح الهيولى أثر ويوجب اعتقاده موجوداً بل لو وصفتموه بأفعال خاصية وجب اعتقاده وسنزيد إيضاحا لهذه المسألة في فصل ابتداء الخلق إن شاء الله تعالى، القول بإبطال التشبيه أقول أن التشبيه يوجب الاتفاق في الحكم والمعنى على قدر المواقع من الاشتباه وذلك يزعم أن حد الجسم أنه طويل عريض عميق يلزمه أن يقتضي على كل ذي طول وعرض وعمق بالتجسيم لأن الاشتباه بينهما واقع في جميع الوجوه فإذا قال جسم لا كالأجسام وأراد أن يبطل الحدود المضروبة فيه فكأنه يقول جسم لا جسم ويلزمه أن يحكم على كل ذي طول بحد من حدود الجسم لأنه من حيث استحق بعض أوصافه استحق الحكومة به كما أنه إذا حد العرض بأنه لا يقوم بنفسه لزمه القول بأن كل ما لا يقوم بنفسه فهو عرض فإن قيل أليس قلتم أنه شيء لا كالأشياء فما تنكرون من يقول أنه جسم لا كالأجسام أو له وجه لا كالوجوه وجارحة لا كالجوارح فإن الشيء اسم عام

للموجود والمعدوم والقديم والمحدث وحده ما قد ذكرناه في موضعه فإذا سمع السامع به لم يذهب به إلى جسم دون عرض ولا إلى قديم دون محدث حتى يفرق به إلى التفسير ما يدل [19] على المراد فإذا سمع بالجسم لم يعقل منه إلا المؤلف المركب فلذلك لم يجز إطلاق أسماء المحدثات عليه لأن استواء أحكام المثلين من حيث تماثلا وإلى هذا المعنى ذهب الناشي في قوله [بسيط] لو كان للَّه شبه من خليقته ... كانت دلائله من خلقه فيه قد كان مقتضياً من نشو صانعه ... ما يقتضي النشو من آثار ناشيه لكنه جل عن أوهام واصفه ... فالحس يعدمه والعقل يبديه

الفصل الثالث في صفاته وأسمائه وكيف يجب أن يعتقد القول والفعل منه سبحانه

الفصل الثالث في صفاته وأسمائه وكيف يجب أن يعتقد القول والفعل منه سبحانه أقول أنه إذا ثبت وجود البارئ عز وجل وثبتت وحدانيته بالدلائل التي قامت وجب أن ينظر في صفاته وما يليق به أن يضاف إليه ويعرف به فنظرنا فإذا من صفاته خاص وعام فالخاص ما لا يجوز أن يوصف بضده كالحياة والعلم والقدرة ولا أن يوصف بالقدرة عليها ألا ترى أنه لا يصح القول بأنّه يقدر أن يحيا أو يقدر أن يعلم أو يقدر أن يقدر ولا القول بأنه يعلم كذا ولا يعلم كذا أو يقدر على كذا ولا يقدر على كذا لأن ما كان موصوفاً بنفسه ثم وصف بضدها كان الضد راجعاً إلى نفسه ولا تستقيم الإلهية بغير حياة وقدرة وعلم وهذه تسمى صفات الذات والعام ما يجوز أن يوصف

بضدها ويوصف بالقدرة عليها كالإرادة والرزق والخلق والرحمة وهي صفات الفعل وللمسلمين ومن قبلهم في هذا الفصل تشاجر كثير واختلاف يدعو إلى ضلال من خالف صاحبه في ذلك فقال بعض الناس لا اسم للبارئ ولا صفة ولا ذكر وإنما ينبغي أن ينسب كل عدل ورحمة وفضل وجود إليه بمعرفة القلوب أنه منه وقالت المعتزلة أن صفات الله أقوال وكنايات وهي كلها من قول القائلين ووصف الواصفين وقال قوم لا معنى لصفات الفعل وإنما المعنى لصفات الذات والصفة ما قامت في الموصوف ولا تباينه ولا يجوز أن يوجد الموصوف مع عدمها قالوا فلم يزل الله خالقاً بارئاً رازقاً مريداً متكلّما رحيما حتى أتوا على آخر صفاته وفرق ناس منهم بين الوصف والصفة فجعلوا الصفة ما يلاصق الموصوف كالعرض للجوهر والوصف قول الواصف تلك الصفة فصفات الله غير مخلوقة لأنه بها موصوف وهو غير مخلوق وهو واحد بصفاته كلّها وصفاته لا هو ولا بعضه ولا غيره واحتجوا بأنها ليست هو ولو كانت هو لكان صفة ولدعي فقيل يا علم يا قدرة يا سمع يا بصر ولما قام بذاته

كما أن الصفات لا تقوم بأنفسها ولا هي غيره لأن حد المتغايرين جواز وجود أحدهما مع عدم الآخر [19] فلو كان علمه وقدرته وسمعه وبصره غيره لجاز عدم العلم والقدرة وغيرها مع وجود البارئ فيحصل بلا علم ولا قدرة ولاهى بعضه لأن التبعيض من دلائل الحدث والله لا يوصف بالابعاض والأجزاء وقالت المعتزلة في صفات الذات أنها ليست من غير الذات شيئاً فذات البارئ عالمة حكيمة قادرة سميعة بصيرة وهو عالم بذاته قادر بذاته سميع بذاته بصير بذاته وإنما الصفات ما وصف الله به نفسه أو وصفه العباد بها قالوا ولا يجوز أن يكون علمه وقدرته هو ولا غيره لأنها لو كانت هو لكان أشياء كثيرة مختلفة ولعبدت ودعيت فلو كانت غيره لكانت قدماء كثيرة وإن لم يزل مع البارئ وإن كانت محدثة فكان قبل أحداث العلم غير عالم وقبل أحداث القدرة غير قادر وكذلك سائر الصفات فثبت أن ذاته عالمة قادرة إن كان له علم به يعلم وقدرة بها يقدر ولم يخل من أن يكون هي هو أو غيره وقالوا لا فصل بين من زعم أنه هو أو غيره أو بعضه قالوا وقول

القائل لا هو هو نفي وقوله لا غيره رجوع عن ذلك النفي وإثبات له فهولاء يزعمون أنه لو كان له علم لكان معه غيره ومخالفوهم يزعمون ان لو لم يكن له علم لكان جاهلاً قالوا وهو موصوف بالقدم والقدرة والعلم فلو كان عالماً بنفسه قديماً لما جاز أن يوصف بنفسه كما لا يصور المصور بنفسه ولا يكتب المكتوب بنفسه ولا يشتم المشتوم بنفسه وإنما يشتم المشتوم بشتم ويصوّر المصوّر بصورة فصح أنه موصوف بصفات والصفات يشتق منها الأسامي فالقديم من القدم والقدير من القدرة والعالم من العلم كما أن الحمرة للأحمر والصفرة صفة للأصفر ثم هولا هي ولا غيرها قالوا ولو لم يشاهد عالماً إلا بعلم ولا قادراً إلا بقدرة فكذلك ما غاب عنا فقال لهم مخالفوهم أليس الحمرة والصفرة عرضان في الأحمر والأصفر أو ليس العالم منا بعلم علمه عارض فيه فهل [1] إلى تمثيل البارئ بجسم ذي عرض وبم ينفصلون ممن يزعم أنه جسم أو عرض لوجود الفعل منه لأنه لا يظهر الفعل فيما يشاهد إلا من جسم حدث فهل يجب علينا القضاء

_ [1] . كذا في الأصل LacuneMs.

القول في الأسامي

بأنه جسم ذو أعراض وأبعاض إذا لم نشاهد الفعل إلا من جسم ذي أعراض وأبعاض كذلك لا يجب القضاء بأنه عالم بعلم إذا لم نشاهد عالماً إلا بعلم فإن قيل إذا أجزت عالماً لا يعلم فأجز جسماً لا بصفات الجسم قيل لو لزم ذا للزمك هو بعينه في إجازتك عالما بعلم لا هو ولا غيره ولا بعضه وأما قولهم أن المصور لا يصور بنفسه والمكتوب لا يكتب بنفسه وإنما يصور بصورة ويكتب بكتابة والصورة والكتابة لا شكّ غيرهما وقولهم من الصفات يشتق الأسامي فالصفات هي الأسامي بعينها ليست أنها أشياء كامنة فيه كالأعراض في الجواهر ولكنه إذا أبدى فعلاً من أفعاله تسمى به أو سماه العباد به والكلام يطول في هذا ويمتد ومتى اعمل الناظر فكره في هذا المقدار [20] تبين له وجه الصواب بحول الله وقوته القول في الأسامي أقول أن اختلافهم في الأسامي كاختلافهم في الصفات وعامة المعتزلة على أن الأسامي هي الصفات وأن الاسم غير المسمى وهو قول المسمى وحد الاسم ما دل على المعنى وقالت فرقة أن الاسم والمسمى واحد واحتجّوا بقوله بعالى سَبِّحِ اسْمَ

رَبِّكَ الْأَعْلَى 87: 1 فلو كان الاسم غيره لكان قد أمر بعبادة غيره وقد قال سَبَّحَ لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وَالْأَرْضِ 57: 1 فدل على أن اسم الله هو الله وقال اذْكُرُوا الله 2: 203 ثم قال في موضع وَاذْكُرُوا اسْمَ الله 5: 4 وناقضهم مخالفوهم بأن الاسم لو كان المسمى لكان إذا غير تغير المسمى وإذا أحرق أو خرق أو غرق أثر ذلك كله في المسمى وكل مسمى سابق اسمه وجائز تبدل الاسم عليه والأسماء مختلفة كثيرة والمسمى واحد غير مختلف وقد قال الله عز وجل وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها 7: 180 وما هو له فهو به يدعى وهو غيره لا شك وأجمعت الأمة أنه غير جائز أن يقال له يا حسن على أن يكون حسنه في ذاته وإنما يوصف بحسن القول والفعل وقد أخبر أن له أسماء حسنة في غاية الحسن ونهايته فعقل أنه غير أسمائه وأسماؤه معلومة محدودة معدودة الحروف ولا يجوز إطلاق شيء من ذلك على البارئ سبحانه وتعالى وأسماؤه تختلف باختلاف اللغات فكما أن لغة الفرس هي غير لغة العرب ولغة العرب غير لغة الحبش لقول الله تعالى وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ 30: 22 كذلك التسمية بها

مختلفة فإذا اختلف الاسم وهو واسمه واحد فذاك الاختلاف شائع فيه لا شك اللَّهمّ إلا أن ينكر أن لا يكون له غير اسم واحد وأن لا يختلف ذلك الاسم باختلاف اللغات فهذا جاحد ضرورة لا غير وقوله تعالى سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى 87: 1 أي اذكره باسمه وصفته لأنه غير ممكن ذكر شيء إلا باسمه ثم قوله سبح للَّه واذكروا الله واذكر ربك على ما يتعارفه الناس أن الشيء إذا لم يكن ذكراً في نفسه لم يكن ذكره إلا باسمه وقول القائل الله معلوم أنه اسم عربي لمعرفة معناه واشتقاقه وغير جائز القول بأن الله عربي أو عجمي فإن قال قائل إذا كان الأسماء والصفات من أقوال العباد وكناياتهم فلم يكن له اسم ولا صفة قبل الخلق وكان عطلاً غفلاً إلى أن سماه العباد قيل قد قلنا أن صفاته على وجهين صفة ذات وصفة فعل فما كان من صفات الذات لم يزل بها موصوفاً وإن لم يصفه بها واصفه كما أنه لم يزل واحداً فرداً وإن لم يكن خلق يوحده وعالماً وإن لم يكن المعلوم موجوداً وقادراً وقديماً فإما القول بأنه لم يزل مدعواً أو معبوداً أو مشكوراً فالشاكر والعابد والداعي

ليسوا لم يزالوا وكذلك القول بأنه لم يزل خالقاً رازقاً يقتضي أزلية المخلوق والمرزوق اللَّهمّ إلا على جهة القدرة على الخلق والرزق فإنه يستقيم له ذلك وكذلك لو قال لم يزل سميعاً بصيراً على معنى سيبصر وسيسمع وأجمع المسلمون أن الله حي قادر قديم سميع بصير واحد فرد عالم حكيم متكلم جواد فاعل مختار موجود رحيم عدل متفضل غني واختلفوا في تفصيل هذه الصفات وعللها فزعمت طائفة أنه عالم لأن له علماً وزعم آخرون أنه عالم بذاته لأنه يدرك الأشياء كما هي وقد تقدم حجج [1] الفريقين مجملاً وكذلك قولهم في القدم والقدرة فمن أبى [2] القول بأن حد القديم والقادر أن يكون له قدم وقدرة قال حد القديم الموجود لا إلى أول وحد القادر الذي لا يمتنع الفعل عليه باختياره وأجمع هؤلاء أنه موجود [20] بعينه وذاته ولا يوجد لأنه لو كان موجوداً بوجود لم يخل ذلك الوجود من أن يكون موجوداً أو ليس بموجود فإن كان غير موجود فقد

_ [1] . حجاجMs. [2] . الى Ms.

دخل في باب العدم وإن كان موجوداً فقد وجب أن يوجد بوجود آخر إلى ما لا نهاية والقول بما ليس له نهاية يؤدي الى قول أهل الدهر وقالت طائفة أنه حي بحياة عالم بعلم وزعم آخرون أن معنى الحي وجود الأفعال منه على اتفاق واتساق واختلفوا في ذاته ألها نهاية أم لا فقال أكثرهم أنه غير متناه لأنه لا بجسم ولا عرض ولا حد له فيقتضي النهاية وهو مبدع النهايات والحدود وزعم هشام بن حكم أنه متناه وكذلك يلزم كل مجسم وقد قال أصحاب القضاء أنه غير متناهي الذات واختلفوا أذاته مرئيّة أم غير مرئيّة فمن قال بالتشبيه أو رأى الرؤية العلم قال هو مرئيّ كما هو موجود معلوم ومن أبى ذلك قال غير مرئيّ كما هو غير محسوس ولا ملموس بقى الاختلاف في التوفيق بين الرؤية والعلم واللمس والتفريق بينهما واختلفوا في الكلام فمن قال هو من صفات الذات قال غير محدث ولا مخلوق لأن الله لم يزل متكلما بكلام لا هو هو ولا هو غيره ولا بعضه ومن قال من صفات الفعل قال هو محدث لأن الكلام يقتضي متكلماً واختلفوا في الإرادة

بحسب اختلافهم في الكلام واختلفوا في المكان فقال أكثرهم أنه بكل مكان حافظاً مدبراً وعالماً وقادراً وليست ذاته بجسم فيشغل الأماكن ولا بعرض فيحل الأجسام ومن كان بهذه الصفة فغير محتاج إلى المكان وقال هشام بن الحكم والمشية أنه في كل مكان ذو مكان وذلك مطّرد على أصله لما يراه جسماً وقال قوم أنه في السماء فوق العرش بذاته بلا نهاية لا ككون الشيء على الشيء بالمماسة والاظلال وزعم ابن كلّاب انه على العرش لا في مكان وإذا أجازوا أن يخلق الله جسماً لا في مكان وأن يقيم العالم لا في مكان فما ينكرون من كونه لا في مكان وليس هو بجسم ولا عرض واختلفوا في العلم فقال قوم عالم بما كان قبل ان كان وبما يكون قبل أن يكون ولا يجوز أن يخفى عليه شيء إلا بأنه استفاد علماً أو أحدثه لنفسه بل ذاته متنبهة عالمة وزعم قوم من الإمامية أن الله لا يعلم ما هو كائن حتى يكون قالوا ولو كان يعلم أن من يخلقه يكفر به ويعصيه ويؤذيه لما خلقه وأجازوا فسخ الخبر والبداء وأول من أبدع هذا الرأي في هذه الأمة المختار بن أبي عبيد كان يزعم أنه يعلم ما يحدث من جهة الوحي فيخبر

أصحابه بكوائن فإن اتفقت فهو ما أراد وإن خالف قد ابدأ لربكم وكان جهم بن صفوان ينفى الصفات كلها عن الله سبحانه وينكر القول بأنه شيء زعم فراراً من التشبيه ويقول علم الله محدث وجملة الرد على هؤلاء أن الجاهل منقوص ومستحق المذمة لا يستحق الإلهيّة وأجاز المعتزلة كون ما علم الله أنه لا يكون لأن علم الله ليس بعلة ككون الشيء ولا حامل للمعلوم على الكون كما أنه لم يزل عالماً بخلقه العالم قبل خلقه ثم لم يجز القول بأن علمه علة الخلق وحامل له على إيجاده قالوا ومما علم الله أنه لا يكون أمور علم أنها لا يكون لاستحالة كونها [fol 21] ككون إله معه أو كون شريك أو كون غالب يغلبه أو كون نهاية وانقضاء له ومنها أمور علم أنها لا تكون لاستحالة كونها فلا يجوز كونها بحال قالوا وغير جائز أن يأمر عبداً بما يعلم أنه لا يكون منه ما يأمره به ولا يقدر عليه لاستحالته أو لعجزه وإنما يجوز الأمر لمن علم أنه قادر على الفعل لأن القدرة هي التي تقتضي التكليف لا العلم وقال مخالفوهم لا يجوز كون خلاف ما علم الله ويجوز الأمر بخلاف ما علم لأنه لو جاز كون خلاف

ما علم كان عاجزاً جاهلاً وهذه هي مناظرة بين الفريقين مليحة مفيدة قالوا لهم أليس في قولكم أن الله لم يزل عالماً بأن فرعون لا يؤمن قالوا بلى قالوا فكان فرعون يقدر أن يؤمن وقد علم الله أنه لا يؤمن قالوا نعم قالوا فكان فرعون يقدر على إبطال علم الله وتجهيله قالوا لو علم الله أن فرعون لا يقدر أن يؤمن كما علم انّه لا يؤمن ثمّ قلنا أنه آمن أو يؤمن لكنا مبطلين مجهلين ولكنا قلنا علم الله أنه لا يؤمن وعلم أنه يقدر أن لا يؤمن ولم يؤمن فلم نكن مبطلين ولا مجهلين ثم قلبوا عليهم السؤال فقالوا أليس الله عالماً بأنه يقيم القيامة في وقتها وهو القادر على أن لا يقيمها قالوا بلى قالوا فهل يجوز القول بأن الله قادر على إبطال [علمه] علمه وتجهيل نفسه إذا كان قادراً على أن لا يفعل ما علم أنه يفعله وعلى أن يفعل ما علم أنه لا يفعله قالوا وليس علم الله أن فرعون لا يؤمن وأمره بأن يؤمن فهل أمره بتجهيل علم الله فيه واختلفوا في جواز وصف الله بالقدرة على المحال كإدخال العالم في جوزة أو بيضة فقال الجمهور من أهل العلم لا يجوز ذلك لأنه يقتضي العلم مقدوراً كما يقتضي العلم معلوماً فكل ما هو غير مقدور

عليه محال إجازة القدرة عليه وزعم بعضهم أنه قادر عليه واختلفوا في وصف الله تعالى بالقدرة على الظلم والجور فأحاله قوم لأن ذلك مذموم لا يفعل إلا عن نقص أو حاجة ولو جاز ذلك لم يكن مأموماً أن يقع ولجاز وصفه بالقدرة على الجهل والعجز وكان أبو هذيل يقول هو قادر على ذلك ولكن لا يفعله لرحمته وحكمته وليس يفعل الظلم والكذب غير مقدور عليه فيكون محالاً واختلفوا في قدرة الله تعالى هل هي علم الله أم غيره وكذلك الحيرة فالقدم وسائر صفات الذات وزعمت طائفة أن علم الله ليس قدرته ولا غيرها لأنه لو كان العلم والقدرة لكان ما علم فقد قدر عليه وهو يعلم نفسه ولا يصلح القول بأنه يقدر على نفسه ولو كان علمه غير قدرته لكن يجوز وجود أحدهما مع عدم الآخر ولو جاز هذا لجاز أن يكون البارئ في حال عالماً غير قادر أو قادرا غير عالم وزعم داود بن على أنّ علمه غير قدرته وأما المعتزلة فليس من قولهم أن له علماً وقدرة حتى يلزمهم التفصيل بينهما واختلفوا في التعديل والتجويز من خلقه أفعال العباد وما هم يكتسبوه من المعاصي والمآثم وقضائه إياها عليهم وإرادته منهم وعقوبته لهم

عليها بعد أن أوجدها منهم فقال قوم كل ذلك منه وفعله وهو عدل وحكمة لأن الخلق خلقه والأمر أمره لا يكون منه ظلم ولا جور ولو جاز حدوث حادث بغير مراده أو مشيته وإيجاده لكان عاجزاً مغلوباً وقال آخرون لو كان كما يزعمون لما كان الخلق ملومين ولا معاقبين ولا من يفعل بهم هذا حكيماً ولا عالماً [21] ولا رحيماً وهذا من باب الحير والقدر والاختلاف فيه قائم مذ وجد في العالم حيان ناطقان ولا يجوز غير ذلك لتكافئ الدلالة وأعدل الأمور أوساطها فقد قيل الناظر في القدر كالناظر في عين الشمس لا يزداد على طول النظر ألا حيرة ودهشاً ومن طاوعته نفسه بالإمساك عن الخوض فيه والاقتصار على ما في الكتاب رجوت أن يكون من الفائزين

الفصل الرابع في تثبيت الرسالة وإيجاب النبوة

الفصل الرابع في تثبيت الرسالة وإيجاب النبوة أقول أن منكري الرسل صنفان أحدهما المعطلة الذين ينكرون إثبات البارئ سبحانه فلا وجه للكلام معهم إلا بعد إقرارهم بالتوحيد والثاني البراهمة أقروا بالصانع وأنكروا الرسالة واحتجوا بأن الرسول لا يأتي إلا بما في العقل أو بخلافه فإن كان يأتى بموجب العقل فما في العقل كاف مما يجب للَّه تعالى على العباد من معرفته وتوحيده وشكره وعبادته واستعمال الحسن واستقباح القبيح وأن كان يأتي بخلافه فلا وجه لقبوله لأن الخطاب وقع على نوى العقول والقضيّة لها والتمييز اودعتاها فأجابهم المسلمون بأن الرسول أبداً لا يأتي إلّا بما في العقول إيجابه أو تجويزه وحاشا للَّه ولرسوله أن يأتوا بخلاف ما في العقول ولكن من الأشياء مما يغمض ويلطف حتى يخطئه العقل أو يخفى ويحتجب حتى

يقصر دونه العقل كانتفاع الإنسان بما ينزع إليه نفسه ويشتاق إليه طبعه من ملاذ الاغذية والملاهي المقوّية فإنه حسن في العقل الأخذ منها بقدر الحاجة بل واجب وغير حسن إذا كان لا يملكها الإنتفاع بشيء منها إلا بعد الإذن من مالكها فصار فعل العقل في حال خلاف فعله في حال فدل أن العقل لا يستغني بنفسه ولم يضامه شيء من السمع مع أن العقل محتاج إلى الرياضة والتمييز والسمع والتجارب لا غير موهوم لو أن أكمل الخلق عقلاً وأوفاهم فطنة غيب عن الناس وليداً حتى لم يسمع شيئاً إلى أن بلغ فأدرك أنه يمكنه استخراج علم الفلسفة والهندسة والطبّ والتنجّم وغير ذلك فدل هذا كله أن العقل غير مكتف به ولا بد من معلم ومعرف وهاد ومذكر ولا يجوز أن يقع العلم بهذه الأشياء إلهاماً ضرورياً لأنا ليس نشاهد ذلك في أجناسها وأمثالها وأن لا يكون كلها بالاستخراج والاستنباط من غير مقدمة وأصل سابق فإن قيل إذا كان البارئ مريداً لصلاح خلقه غير بخيل [1] ولا عاجز ولا يمسه تكلف ولا علاج فيما يفعله فهلا جعل خلقه رسلا وألهمهم من

_ [1] . بحيل Ms.

العلم ما استغنوا به على الرسل أو حبس طباعهم عن التخطي إلى محظور قيل لو فعل ذلك لم ينزلهم دار البلوى والامتحان ولا عرضهم لشرف الثواب وما هو إلا كقول من يزعم لم خلق الله الخلق وأسقط عنهم التكليف وابتدأهم في الجنة وهذا باب التجويز [22] والتعديل وليس كتابنا هذا بنينا له [1] ولكن لو فعل كان له ما فعل فإذا لم يفعل فنقول أساء أو جهل أو عجز وهذا الظن نقض التوحيد وإبطال الدين فيعاد الكلام فيه وتقرر بأنه عادل حكيم لا يفعل إلا الأصلح بخلقه والأعود عليهم ولو جعلهم كلهم رسلاً لوجب أن يسوى بينهم في الفضل والعقل والجاه والمال والقوة ولو فعل لما عرف فاضل فعله ولا قوى قوته ولما شكر وحمد في إسقاط موجبات الشكر والحمد وإباحة الفكر والذم وهذا قبيح في العقل فدل أنه لم يجز التسوية بين الخلق لا في الحال ولا في المال ولا في الرسالة فإن طعنوا في الرسالة بما يوجد فيها من سفك الدماء وذبح البهائم وإيلام الناس فإن العقل لا يرد شيئاً من ذلك إذا كان فيه ضرب من الصلاح كما

_ [1] . لهذا بنيناه Corr.marg.

يكره الإنسان على شرب الأدوية الكريهة وعلى الفصد والحجامة وقطع بعض الجوارح عند انتظار مخوفة وتأديب الأطفال وغير ذلك فيوجب عليه أن لا يردع ظالماً ولا يفتص من جارحة وهذا قبيح وترخيص في الفساد ومن أعظم الدلائل على وجوب الرسل هذه اللغات المختلفة التي تلفظ الناس بها ويتعارفون بها ما يحتاجون الى معرفته ولا بدّ من معرف ومعلم لها أسماء المسميات باختلاف اللغات وكذلك الصناعات والآلات التي يتوصل بها إليها وليس في وسع الناس استخراج لغة ووضع لفظ يتفقون عليه إلا بكلام سابق به يتداعون ويتواضعون ما يريدون وليس في المعقول معرفة ذلك ولا بدّ من معلّم قال الله عزّ وجلّ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ 2: 31 ثمّ إذا صحّت النبوّة ووجبت الرسالة بقى أن يُعلم الفرق بين النّبي وبين المتنبّي لأنّ الأشخاص متساوية متماثلة ففرّق الله تعالى لما أراد من أقامه حجّته وإظهار دعوته بين الصادق والكاذب منهم بما خصّه به من الآيات الباهرة والعلامات المعجزة الخارجة عن العادة والحسّ وذلك معروف معدود كما

القول في كيفية الوحي والرسالة،

يُحكى عن موسى وعيسى ومحمّد عليهم السلم وغيرهم من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين القول في كيفيّة الوحي والرسالة، أقول أنّ المسلمين ومن قبلهم اختلفوا في هذا الباب اختلافاً كثيراً فزعمت طائفة أنّ الوحي إلهام وتوفيق وزعم آخرون أنّه قوّة الروح القُدسيّ وعند الفلاسفة النبوّةُ علم وعمل والمسلمون يقولون الوحي على وجوه فمنه الإلهام ومنه الرويا ومنه تلقين ومنه تنزيل وهذه مسألة من فصل الصفات أغفلناها في موضعها فحرّرناها في هذا الفصل وهي كيفيّة القول والفعل من الله لأنّ أهل الإسلام في ذلك مختلفون فزعم بعضهم أنّ كلام الله فعل منه فهو به متكلّم وكذلك إرادته ومشيّته وحبّه وبُغضه وقوله كُنْ فَيَكُونُ 2: 117 تكوين منه للشيء والقول زيادة قالوا لأنّ هذه الأشياء أعراض تحلّ في مواضع لها معلومة وليس هو بمحلّ الأعراض وقال عامّتهم أن الفعل تكوين [22] وإيجاد من غير معالجة بجارحةٍ إلاّ مَنْ شَذّ فزعم أنّه يخلق بيدَيْه والأفعال على وجوه كثيرة فمنه الفعل بالقصد والاختيار ومنه الفعال من غير قصد على السَهْو ومنه الفعل بالاتّفاق والبحث

وكلّها حركات ومنه فعل التولّد كما ينفعل الشيء بطبعه وفعل الله تعالى غير مُشبّه بشيء ممّا ذكرنا وزعم قوم أنّ كلامه ليس من أفعاله وفرقوا بين القول والفعل ولقد امتدّ بنا القول إلى هذه وما كان قصدُنا أن نبلغ كلّه ولكن لما رجونا من الخير وأمّلناه من هُدَاتِهِ الناظر في كتابنا واهتدائه به ولمّا نرى من فساد الزمان وأهله وتحرم طالع الإلحاد والنفاق وإعجاب كلّ ذي حرفين بنفسه لانتقاض العلماء ودروس آثارهم وما قدّمت من عمل هو أَوْكَدَ في نفسي أم لا [1] وأوثق عُدّة من جميع هذا الكلام والاجتهاد في شرحه وأسئل الله الذي منّ وأعان أن يعصم من نزعات الشيطان وينفع به الناظرين والمستفيدين وإن يرحم من عذرنا في تقصير إن كان منّا وقام بتقويم أَوَدِهِ وإصلاح غلطة مشاركاً لنا في ثوابه وأجره فلم يتعمّد فيه خطاءً وتحريفاً ولا حملتنا الحميّة والتعصّب على تزيّد أَو إبطال أو تغيير رواية أو حكاية بل سُقناها على وجهها وأدّيناها بأوجز لفظها لعلمنا بعموم الحاجة إليه من الأعاجم والأمّيّين مبتدئ المتعلّمين،

_ [1] . املا Ms.

الفصل الخامس في ذكر ابتداء الخلق

الفصل الخامس في ذكر ابتداء الخلق قال أنّ الموحّدين في معنى إيجاد الخلق مختلفون لأنّ الله خلق الخلق لا لاجتلاب منفعةٍ ولا لدفع مضرّة وكلّ فاعل من غير نفع ولا ضرّ فسفيهٌ غير حكيم قال المسلمون هذا إذا كان الفاعل يلحقه المنافع والمضارّ فأمّا إذا كان غنيًّا من احتراز منفعةً ممتنعاً من لحوق ضرر فغير سفيه ولا عابث وقد قامت الدلالة على أنّ البارئ كذلك حكيم غير سفيه ومحال وجود العَبَث من الحكيم فلا يخلو خلقه من الحكمة وإن خفي علينا وجهه لعلمنا بأنّ الحكيم لا يفعل ما هو غير حكمة واختلف آراء الناس في ما لاح لهم من الحكمة في خلقه وإن كان لا يجوز القطع على شيء منه لظنّه معظم علمه عنهم فقال قوم خلق الله الخلق لجوده ولرحمته إذ الجواد بإفاضة

الجودُ على المجود عليه يظهر جوده والقادر بإظهار المقدور يظهر قدرته وقال قوم خلقهم لينفعهم وينفع بهم يعنون لتعبر [1] المتكلّفون بالمخلوق غير المكلّف وقال قوم ليأمرهم وينهاهم وقال قوم خلقهم لاستدعاء الشكر والثناء وقيل لعِلم علمّهُ أَنّه يخلقهم وقال قوم لا نقول شيئاً من ذلك خلقهم لما شاء ولا علم لنا بمشيّته هذا قول من أقرّ بحدوث العالم وأنّ له مُحدثاً سابقاً له فأمّا من أنكر ذلك فإنّه احتجّ للقِدَم والإهمال بأنّه لو كان للعالَم صانع أو مدبّر ناظر لما كان فيه تفاوت خلق ولا تعادي سباع ولا شمول بوار ولا وقوع فساد ولا اعتراض أسقام وأَوْجاع ولا هَرَم ولا موت ولا حزَن ولا فاقة وأيّة حكمة في إنشاء صورة حيوانيّة أو ناميّة ثم في إفنائها ولما استوى حال المعاند والمجيب ولما فضل العالِمَ الجاهلُ بالجاه والمال والمنزلة [23] وهل لا [2] أخبر الخلق أن كان له خالق على التناصف والتواصل ولِمَ خُلّى بينهم وبين التعادي والتظالم والتباغي والتهارج وهذا كلّه مضمحلّ متلاش بشهادة آثار الخلق

_ [1] . لنعبرMs. [2] . هل ,corr.marg. هلّا Ms.

على تفاوته واختلافه في الظاهر من الاجتماع والافتراق والحركة والسكون والأعراض والمقارنة له بمعرفة كمال القدرة ووجوب العبرة في خلق الأضداد وللكاره وإعطاء الخلق القوّة والقدرة والاختيار ليستحقّوا بأعمالهم أشرف الثواب وليرتدعوا بالاعتبار عن الظلم والفساد ولو كانوا مجبورين كما يزعمون أو مجبولين على فعل واحد دون ضدّه لكانوا جماداً مواتاً ولو كانوا على طبع واحد لما عرفوا بحواسّهم ولا وجدوا بعقولهم إلّا الشيء الواحد الّذي يلايم طبعهم فلم يصلح حينئذٍ تكليف ولا وقع منهم تمييز وترك إلحادهم على هذه الصورة أنفع لهم وأبلغ في الحكمة ولا يفعل الله إلاّ الأصلح الأحكم وأمّا فضل الجاهل العالم بالمال والجاه فالعلم أفضل من المال لأنّه السعادة اللازمة والمال من السعادة المفارقة فلو أنصف هذا الزاعم في القضيّة لفضّل الجاهل بالمال على العالم لفضّل العالم على الجاهل بأضعاف علمه لتساوي حالَيْهما وقد سُئل جعفر بن محمد الصادق رضى الله عنه عن هذه القضيّة قال ليعلم العاقل أن ليس إليه من أمره شيء وأي لعمري هو من أدلّ دليل على مُدبّر قدير قاهر وهؤلاء المعطّلة أقلّ الناس عدداً

وأوهنهم عُدّةً وأفيلهم رأياً وأوهاهم عزماً وأنقصهم حجّةً وأخسّهم دعوىً وأدناهم منزلةً وأغربهم ذهناً لا يظهر واحد في أمّة وجيل إلاّ في الدهر والحين لأنّه رأى مشرذل وعقيدة مهجورة وعزم مدحول لا يبدو إلّا من فَدْمٍ جاهلٍ أو معاندٍ وما أَراه انتشر في أمّة من الأمم وزَمَن من الأزمنة انتشاره في زماننا هذا وأمّتنا هذه لتستّر أهله بالإسلام وتحلّيهم تحلية شرائعهم ودخولهم في غمار أهله واحتال من احتال لهم بلطيف التمويه في تسليم الأصول الظاهرة والمصير به إلى التأويلات الباطنة فهم يرقّقون عن صَبُوح ويحتسون في إرتغاء وذلك الذي حقن دماءهم وغمد سيف الحقّ عنهم نابغ في قديم الدهر وحديثه وأبدا صفحته إلاّ عوجل بالاستئصال واحثت منه الأوصال واستنجز العدّة فيهم سنّة الله في الدين خلَو من قبل ولن تجد لسنّة الله تبديلاً زعموا أنّ هذه الدنيا قديمة لم تزل [1] على ما هي عليه ولا تزال [2] كذلك من صيفةٍ بعد شتوةٍ وشتوةٍ بعد صيفة وليل بعد نهار ونهار بعد ليل ونطفة

_ [1] . يزلMs. [2] . يزال Ms.

من إنسان وإنسان من نطفة ووالد من ولد وولد من والد وبيض من طير وطير من بيض وكذلك جميع الأشياء الحسّاسة والنامية بعضها من بعض بلا صانع ولا مدبّر لا أوّل لها ولا آخر فإنّ هذه دعوى جائزة ومقالة باطلة ولو كان هذا المدَّعى لم يزل مع أزليّة العالم بزعمه لما ساغت له دعواه إن لم يقُمْ له دليل من غيره على أزليّته فكيف وليس هو ممّن هو لم يزل ولا هو ممّن لا يزال وإن اعتمد فيه خبر من كان قبله وإن من أخبره لهو في حاله وحدوثه لم يشاهد من ذلك إلاّ ما شاهد من كان قبله مع معارضة الخصم له [23] في الكون والحدوث لأنّ الدعاوى تصحّ بالحجج لا بالصفات وإن زعم أنّه قاس ما مضى منه بما هو مُستقبَل فيما بعدُ وأنّه غير مُنْقَضٍ فهذا القضاء أجود من الأوّل وأضعف مدّة بل هو نفس دعواه التي خولف فيها والمعارضة قائمة فإن زعم الحال والوقت الذي هو فيه فإنّ هذا رأيُ مَنْ قَصُر عِلمه وسَخُفَتْ معرفته وأوجب أن يكون هو بنفسه لم يزل على ما هو عليه في الحال والوقت لم يكن قط نطفة ولا علقة ولا مضغة ولا جنيناً ولا رضيعاً ولا يتغيّر فيما بعدُ فيكتهل ويشيب ويهرم وتجرى عليه

الحوادث وتنتقل به الأحوال ومعاينة هذه يضطّره إلى الإقرار ويبيّن عنه وجه العناد وإن زعم أنّ حكمه في نفسه خلاف حكم العالم قيل ولِمَ زعمتَ ذلك وهل أنت إلاّ جُزْءٌ من العالم بل قد شبّهت في جميع معانيه فسُمِيّتَ العالم الأصغر وكذلك كلّ ما يعاين من الأشخاص والأنواع العُلويّة والسُفلية من الحيوان والنبات ألا ترى أنّك لو عمدت إلى كلّ جزء من أجزاء العالم فاختصصتَه باسمٍ لحصل العالم لا شيء كما أنّك لو فرقت الجوارح والأعضاء لحصل الإنسان لا شيء فهذا يدُلّك أنّ الكلّ اجتماع الجزء لا غير فإن قال لا يقوم في الوهم ولا يتصوّر في النفس حدوث هذا العالم ولا فناؤه وانقضاؤه عُورض بأنّه لا يقوم في الوهم ولا يتصوّر في النفس قدم العالم ولا بقاؤُه مع أنّ القضاء عليه بالحدث والانقضاء أقرب إلى الأوهام وأشدّ ارتباطاً لنفوس لقيام الدلائل الواضحة والبراهين الشافية فإن قال كيف يمكن اعتقاد حدوث هذا العالم لا من شيء ولا في زمان ولا مكان فإنّ هذا اشتطاطٌ في المطالبة وجَوْرٌ في القضيّة لأنّه تكليف تمثيل ما لا مثل له وإحساس شيء غير محسوس وليس نعلم

كالدنيا دُنياً غيرها فنشبّه هذه بهذه وإنما نحكم بحدوثها لشهادة أَثَر الحدوث بها والعامّي الّذي لا رأى له ولا نظر عنده يطلب الدلائل الظاهرة على الأشياء الخفيّة وذلك مُحال بمنزلة مَنْ يجب أن يرى ما لا يُرى وأن يَسمع ما لا يُسمع أو يسمع ما يُرى ويُرى ما هو مسموع ومن أنصف نفسه أنزل المعلومات منازلها واكتفى من الموهوم بالوهم ومن المحسوس بالحسّ ومن المدلول عليه بالدلالة وقد لعمري لا يتصوّر في الوهم إحداث هذه الجواهر والأعراض لا من غير سابق ثمّ لا يتصور وجود حدث لا من مُحدث فإذا تكافأت الصورتان لزم المصير إلى أشيعهما دلالةً وأدناها إلى الحقّ درجةً فإنّ الدلائل شاهدة بآثار الحدث والقدم موهوم وقضيّة الدلالة عليه من قضيّة الوهم والدليل على أنّ العالم حادث غير قديم كما يزعمون وأنّه لا أوّل له ولا حركة إلاّ وقبلها حادثة لو كان كذلك لما جاز وجود ما هو حاضر في الحال من حركة أو ليل أو نهار أو شخصٍ ما لأنّ ما لا نهاية له في وجوده وعدمه فمحال أن يوصف بأنه قد تناهى وانقضى حدوثه وفُرِغ منه ولأنّ ما لا أوّل له فغير جائز وجود ثانيه

ولا وجود ثالثٍ ما لا ثاني له ولا وجود رابعٍ ما لا ثالثَ له على هذا القياس كما أنّ ما لا غاية له ولا نهاية في المستقبل [24] محال أن يُوصَف بأنّه ينقضي أو ينقطع يوماً كذلك من زعم من الحوادث لم يزل يحدُثُ بلا أوّل فهذا الحادث في الحال والوقت المشاهد لا يخلو من وجود ثلاثة [1] إمّا أن يكون هو الأوّل أو بعد الأوّل ولا أوّل ولا بعد الأوّل فإن كان هو الأوّل وإن كان بعد الأوّل فقد ثبت الأوّل وإن كان لا أوّل ولا بعد الأوّل فهذا فسادة ظاهرة فكأنّه قال شيء لا شيء ولو جاز وجود ما لا أوّل له لجاز وجود العشرات من غير تقدّم الآحاد ووجود المئين من غير تقدّم العشرات ووجود الألوف من غير تقدّم المئّين [2] لأنّ بالأحد يتمّ الاثنان وبالاثنين يتم الثلاثة ألا ترى أنّ قائلاً لو قال لا تُنبِت الأرض حتّى تمطر السماء ولا تمطر السماء حتّى تتغيّم ولا تتغيّم حتّى يثور البُخار ولا يثور البخار حتى تهبّ الرياح ولا تهبّ الرياح حتّى يحرّكها الفلك ولا يحركها الفلك حتى تكون كذا ويمدّ

_ [1] . بلبهMs. [2] . المائين Ms.

في هذا الاشتراط شيئا قبل شيء أبداً إلى غير نهاية ولا غاية لم يجز وجود نبت ولا مطر ولا غيم ولا ريح لأنّه مُعلّق بشرط ما قبله غير جائز وجوده لأنّه غير متناهٍ وكذلك من زعم أنّه لم يكن حركة إلاّ وقبلها حركة ولا إنسان إلاّ وقبله إنسان ولا نَبْت ألاّ وقبله نبت إلى ما لا غاية ولا نهاية فمحال وجود هذا الإنسان والنبت لأنّ وجوده كان معلّقاً بشرائط لا أوّلها وما لا غاية له لا يُوجد ولا يُعلم ولا يُوهم وكذلك لو قال قائل لا أدخلُ هذه الدار حتّى يدخلها زيد ولا يدخل زيد حتّى يدخل عمرو ولا يدخلها عمرو حتى يدخلها فلان ثم كذلك إلى غير غاية لم يجز دخول زيد ولا غيره أبداً وكذلك لو قال لا آكل تفّاحاً حتى آكل قبلها تفّاحة لم يصحّ له اكل تفاحة ابدا لأنّه كلّما ضرب يده الى تفّاحة يأكلها منعه شرط أكل تفاحة قبلها، ومن الدليل على حدث العالم أو أنّ له أوّلاً أنّا لو توهَمنا عند كلّ حركة مضَتْ من حركات الجسم حدوث حَدَثٍ أو ظهور شخص لكان ذلك أجساماً حاضرةً يحضرها العَدَدُ ويأتي عليها الحسابُ وكذلك لو توّهمنا هذا العالم حيّاً عالماً لجاز أن يُعدّ حركاته

وسكناته فيكون ذلك عدداً قائماً معروفاً لمبلغ وما له مبلغ وأتى الحساب عليه فمتناه وكلّ متناه له أوّل وإن لم يتناه ومن الدليل على حدث العالم وأن له أولاً أن ما مضى من حركات الفلك لا يخلو من أن يكون مثل سكناتها متساوية أو أكثر منها أو أقل فإن كانت مثلها فالمثل كالنصف وما له نصف فمتناه والأكثر والأقل تدل الكثرة على تضاعف أجزاء الأكثر على الأقل فإذا ثبت تقدم إحدى الحركات على الأخرى وما له تقدم فمتناه وله أول وهذا من الحجج الواضحة التي يفهمها كلّ سامع وللموحدين في هذا الباب من دقائق النظر بما ألهمهم الله من توفيقه ما لا يظهر عليها إلا اللقن الفطن ولها موضعها من كتابه فإن قيل أليس الحوادث عندكم في المستقبل لا تزال إلى الآخر وإن كان لها أول يريدون قول أهل التوحيد ببقاء الآخرة على الأبد فما أنكرتم أن ما مضى من الحوادث لا أول لها وإن كان لها آخر قيل أنا لا نزعم أن ما له أول لا يجوز أن يكون له آخر وإن الحوادث غير متناهية [24] ولكنّا نقول أن الحوادث لا يزال يحدث منها حادث بعد حادث لا إلى غاية ولا يخرج كلها إلى

الوجود حتى يرى موجوداً لم يبق منه شيء لم يوجد وليس أول الشيء بموقوف على صحة وقوع آخره كما أن آخره موقوف على صحة وقوع أوله لأنه يستحيل وقوع آخر لا أول له ولا يستحيل وقوع آخر بعد آخر أبداً كما يستحيل وقوع فعل لا من فاعل متقدم ثم لا يجب وجود الفاعل بعد فعله باقياً أبداً أو كما أن الأعداد مفتقرة أبداً إلى أول تنشؤ منه وتبتدئ ثم لم يجب وجود تناهيها لتناهى أولها ومن الفرق بين المستقبل والمستدير أنه يجوز وجود ما لا يزال يتحرك ولا يجوز وجود ما لم يزل يتحرك كما أنه يجوز وجود من لا يزال يعتذر من ذنب ولا يجوز وجود من لم يزل معتذراً لأن الاعتذارات لا بدّ لها من أول وقد يجوز أن يكون لا آخر لها كذلك الأفعال لا بدّ أن لها أولاً ولا يجب أن يكون لها آخر ومن هاهنا التزم بعض الموحدين بأن الحوادث لها آخر آخر العلة الحدث وإن زعم أن هذا العالم وما فيه من فعل الطبائع وما أوجبته ذواتها فالطبائع مركّبة من البسائط والتركيب عرض وهو دلالة الحدث فالطبائع إذاً محدثة ثم هي جماد وموات كالحجر والشجر ثم هي مسخرة مقهورة بدلالة أن من شأنها

التنافر والتضادّ فلمّا رأيناها متواطئة متوافقة علمنا أنه بقهر قاهر وضبط ضابط ثم هي غير عالمة ولا مميزة وإذا كان هذا هكذا استحال وجود هذه الصنعة المحكمة المتقنة العجيبة البديعة من مسخر غير عالم وليس ننكر فعل الطبائع وتأثيراتها في المطبوعات من الحرّ والبرد في الفصول والأرباع لأن الله تعالى وضعها على ذلك وركب فيها تلك القوة وسخرها لما أراد أن يصرفها عليه وجعلها سبباً لتلك المسببات ومتى شاء سلبها تلك القوة وأبطل فعلها كما جعل الطعام مشبعاً والماء مروياً وكثير من الناس يأتون القول بما أطلقناه تحرزاً لمذهبهم وأن يصح فعل من حي قادر فأما الاختيار والتدبير فغير جائز إلا من قادر حكيم وكذلك على من يزعم أن هذا العالم وما فيه من فعل الفلك والنجوم وغيرها فإن قيل إذا لم تروا حياً قادراً فعل إنساناً وصورة وركب فيه العقل والقوة والسمع والبصر ثم قضيتم بأن في الغائب حياً قادراً يفعل ذلك ما أنكرتم أن يكون الطبائع تصور مثل هذا الإنسان وإن لم تروا مثل هذا في الشاهد قيل وما سواء لأنّا وإن لم نشاهد حيّا قادراً فعل إنساناً فقد شاهدنا

حياً قادراً فعل شيئاً وأبدعه فدلنا أنه لا يجوز فعل في الغائب إلا من حي وليست الطبائع بحية ولا قادرة فإن قيل أليس النار تحرق والماء يرطب قيل فقد يقولون فلان يحرق ويبرد ويضيفون الفعل إلى المختار الحي والموات المضطر ولو كانت الطبائع بذاتها لما جاز عليها الاتفاق مع تضادها فإن قيل شيء تعلمونه خالياً من الطبائع أو غير متولد منها قيل الطباع نفسها متولدة منها وأكثر القدماء على أن الأفلاك ليست من جنس الطبائع وهل يصح القول بأن الحركة والسكون والصوت والعجز والقدرة [25] والعلم والجهل والحبّ والبغض والألم واللذّة والكراهة والإرادة وغير ذلك من الأضداد والأشكال من الطبائع أو أنها ليست بشيء لخروجها من أنواع الطبائع وأما احتجاجهم بالاستحالة فذلك محال إلا بمحيل [1] لأنه لو جاز أن يستحيل الشيء بنفسه لجاز أن يتلاشى بنفسه ولو جاز أن يتلاشى بنفسه لجاز أن يتركب ويخرج إلى الوجود من العدم وهو عدم فلما لم يجز هذا لم يجز ذاك وباللَّه التوفيق، ومن الدليل على حدث العالم أنّه لا يخلو

_ [1] . كذا في الأصل Notemarginale:

من أحد الأمرين إما أن قد كان وإمّا أن لم يكن فكان فإن كان قد كان فهذه الحوادث المقارنة له شاهدة بأنه ما كان فدل أنّه لم يكن فكان ثمّ لم يخل هذا من أحد الأمرين إما أنه كان بنفسه وإما أنه كان بمكون غيره فإن كان بنفسه فمحال أن يكون العدم وجوداً لعجز الكائن عن تكوين مثله فكيف يقدر على تكوين ذاته وهي معدوم بقي الوجه الآخر وهو أنه كونه مكون ومن الدليل على حدث العالم أنه لا يخلو أن يكون قديماً أو حادثاً أو قديماً حادثاً أو لا قديماً ولا حادثاً فاستحال القول بأنه لا قديم ولا حادث لمشاهدتنا إياه فاستحال أن يكون قديماً حادثاً لاستحالة اجتماع الضدين بقي القول بالقديم والحدث والدعوى يتساوى فيه لأنه ليس قول من زعم أن العلم كان أولى من قول من زعم بأنّه لم يكن ولا جواب من قال لِمَ لَمْ يكن بأسعد من قول مَنْ قال لِمَ كان فنظرناه فإذا دلائل الحدث يشهد بما لا يشهد دلائل القدم ومتى أراد الملحد أن يعارضك في قولك بالقديم فطالبه بصفات القديم فإن أعطاك فقد أقرّ بالمعنى وبقي الخلاف في التسمية وهذه مناظرة

جرت بين الموحد والملحد من أوضح المسائل وأنفعها لا بد لكل مسلم من تحفظها، إن سأل سائل فقال ما الدليل على حدث العالم قيل الدليل على حدثه أنه جواهر وأعراض والجواهر لا تخلو من أن تكون مجتمعة أو متفرقة أو ساكنة أو متحركة إلا في حال واحدة ولن يجتمع المجتمع بالاجتماع ولا يفترق المفترق بالافتراق وكذلك المتحرك والساكن والاجتماع والافتراق والحركة محدثة وهو إذا كان كذلك ولم تخل الجواهر منها فهي محدثة لأن ما لم يسبق الحوادث ولم يتقدمها فحادث مثلها مثال ذلك أن فلاناً لو قال أنّ عمروا لم يوجد قطّ في هذه الدار إلّا وزيد معه ثم قال وإنّما وجد فيها زيد أمس فوجب أن عمروا إنما أوجد فيها أمس فإن قيل ليس قد وجدتم الباقي الذي ليس بمنتقض لا يخلو مما لا يبقى وينقضي ولا يوجد بعده متعرياً منه فما أنكرتم أن القديم الذي لم يزل لا يخلو من حادث ولا يوجد سابقا له متعرّيا منه قيل المعارضة فاسدة من قبل أنه ليس مما لا يبقى وينقضي عروضاً للحدث أو المحدث وإنما عروض ذلك لم يبق وانقضى وذلك أن قولك لا يبقى

وينقضي الحالة على وقت يأتي به يستحق الحكم بأنه منقض غير باق فلم يكن منكراً لأن يقارن الباقي حتى لا يخلو منه إذ لم يسبق الوصف المضاد لوصفه وقولك قد حدث حكم قد وجب له في وقته لا ينتظر وجوبه في وقت فاستحال أن يقارن القديم حتى لا يكون [25] القديم سابقاً له فإن قيل فأوجبوا أن يكون الباقي متغرباً ممن لم يبق وانقضى كما أوجبتم أن يكون القديم سابقاً للمحدثات موجوداً قبلها قيل ذلك يفعل وهو الواجب كما أنه سابق للحوادث فكذلك يجب أن يكون باقياً متأخراً عنها ومتى ما لم يكن كذلك لم يكن باقيا كما أنّه لو لم يسبقها لم يكن قديماً فإن قال إذا زعمتم أن المقارن للحوادث حوادث فما ينكرون أن يكون المقارن للحوادث أمس حادثاً أمس قيل لأنا نقول أن الذي يقارن للحوادث حادث بالإطلاق ولكن نقول ما لم يسبقها فحادث مثلها والجسم فإن قارن الحوادث أمس كان موجوداً قبله فلذلك لم يجب أن يكون حادثاً معه وهذه يؤكد ما قلنا له كما وجب أن يكون ما لم يسبق الحادث أمس حادثاً أمس فكذلك يجب أن يكون ما لم يسبق الحوادث

بإطلاق حادثاً بالإطلاق فإن قيل أليس لم نشاهد والأجسام مقارنة لحوادث إلا وقد كانت موجودة قبلها مقارنة لحوادث غيرها فهلا زعمتم أن ذلك سبيلها وأنها لم تزل كذلك قبل هذا غير واجب لأنا وإن كنا حكمنا بأن الأجسام التي شاهدناها كانت متقدمة للحوادث المقارنة لها مقارنة لغيرها فلم نحكم بذلك من طريق الوجوب ولا لأن الجسم إنما كان جسماً موجوداً لأنّه لا بدّ من أن يكون متقدماً للحوادث المقارنة لها مقارناً لغيره لأن هذا حد [1] الجسم وحقيقته بل إنما حكمنا بذلك لأنا لم نشاهد جسماً حدث في وقت مشاهدتنا له ولأنه صح عندنا بالخبر والدليل أن هذه الأجسام التي شاهدناها قد كانت موجودة قبل مشاهدتنا لها وصح أن الجسم لا يخلو من حادث ولو أنا شاهدنا جسماً في وقت لم نشاهده قبله ثم لم يقم لنا دليل على أنه كان موجوداً قبل تلك الحال ولا خبر صادق بذلك لما حكمنا بأنه قد كان موجوداً قبل الحوادث المقارنة له مقارناً لغيرها بل كنا نخبر [2] ذلك ونخبر [3] ان لا يكون سبق ما

_ [1] . أحدMs. [2] . بحيرMs. [3] . بحر Ms.

هو موجود معه منها، فإن قيل ولم جوزتم هذا وهلا قضيتم على كل جسم غاب أو حضر ورد فيه خبراً ولم يرد قام على تقدمه دليل أو لم يقم بمثل [1] ما شاهدتم عليه هذه الأجسام وقضيتم بها عليها من تقدمها الحوادث الموجودة منها ومقارنتها [2] لغيرها وإلا فكيف تزعمون [3] أنكم تقضون بالشاهد على الغائب قيل ليس القضايا بالشاهد على الغائب على ما ظننتموه لأنه ليس يجب إذا شاهدنا جسماً على صفة من الصفات أن تقضي كل جسم غاب عنا كذلك إنما يجب إذا شاهدناه على صفة ما أن ينظر هل هو عليها من جهة الوجوب الذي هو حده وحقيقته أم لا فإن كان كذلك قضينا على كل جسم غاب عنا بحكمه وإلا فلا كما قلتم أن لا جسم في الشاهد إلا مركباً من الطبائع الأربع ولا مركبا من الطبائع إلّا جسما ثم قلتم بأن الأفلاك من طبيعة خامسة ولم يشاهدوا ذلك فكذلك إذا لم نر إنساناً إلا أبيض لم يجب القضاء بأنّ كلّ إنسان

_ [1] . بمثلMs. [2] . مقاربتهاMs. [3] . يزعمون Ms.

أبيض أو لم نر رمّانا إلّا حلوا لم يلزم أن لا يكون رمّان إلّا حلو وكذلك إذا لم نر جسما مقارنا لحادث إلاّ وقد كان عندنا متقدّماً له مقارناً لحادث غيره فلم يكن جسماً لأنّه كذلك ولا ذلك حدّه بل حدّه أن يكون طويلاً عريضاً عميقاً فلمّا لم يكن جسماً لأنّه يسبق الحوادث فيُوجد مع غيرها لم يجب أن يكون ذلك [26] حال كلّ جسم في كلّ وقت وهذا أيضاً جواب قولهم إذا لم يروا أرضا إلاّ ومن ورائها أرض ولا بيضة إلاّ من دجاجة ولا دجاجة إلاّ من بيضة فكيف قضيتم بخلاف ما شاهدتم فيقال ليس حدّ البيضة أن تكون من الدجاجة ولا حدّ الدجاجة أن تكون من البيضة وإنّما الدلائل قامت على حدثها فإن قال ولِمَ زعمتم أن الجواهر لا تخلو من أن تكون مجتمعة أو متفرّقة قيل هذا من أوائل العلوم التي تُعرف بالبديهة ولا يعترض عليها بالشبه فإن قال ما الدليل على المجتمع اجتماعاً به كان مجتمعاً وللمفترق افتراقاً دونَ أن يكون مفترقاً ومجتمعاً بنفسه قيل لو كان مجتمعاً بنفسه لما جاز وجوده مفترقاً ما دام نفسه موجودة وكذلك المفترق فدلّ أنّ المجتمع مجتمع باجتماع وكذلك

الافتراق، فإن قيل وما الدليل على الاجتماع والافتراق مُحدَثان قيل الدليل على ذلك أنّا نقصد الجسم المجتمع مفترقة فيُوجد فيه افتراق فلا يخلو ذلك الافتراق من أن كان موجوداً فيه قبل ذلك أو لم يكن فحدث فإن كان موجوداً فيه فقد كان مجتمعاً مفترقاً وهذا محال فثبت أنه حدث عند الافتراق وبطل أن يكون الاجتماع والافتراق كامنين في الجسم فإن قال ما أنكرتم أن يكون الاجتماعات والافتراقات لا نهاية لها وأنّه لا اجتماع إلاّ وقبله اجتماع ولا افتراق إلاّ وقبله افتراق قيل هذا فاسد لأنّه لو كان كذلك لما جاز أن يوجد واحدٌ منهما كما أنّ قاصداً لو قصد إلى جماعة فقال لا يدخلنّ هذا البيت أحدٌ منكم حتّى يدخله قبله آخر ما جاز أن يوجد واحدٌ منهم في ذلك البيت ولو وجد كان في ذلك انتقاض الشرط فإن قيل فما تنكرون أن يكون الاجتماع والافتراق خمسين قيل لو كانا كذلك لم يخلُ من أن يكونا مجتمعين أو مفترقين باجتماع وافتراق هما هما أو غيرهما فإن كانا مجتمعين باجتماع هو هما استحال وجود الافتراق فيهما ما دامت أعيانهما قائمةً وإن كانا مجتمعين باجتماع هو غيرهما

القول في ابتداء الخلق

احتاج ذلك الاجتماع إلى اجتماع إلى ما لا نهاية له ولا غاية وكلّ ما لا نهاية له ولا غاية فغير جائز وجود ما في الحال منه وهذه مسألة جارية منذ قديم الزمان ولقد رأيتُ أهل النظر يقحّمون أمرها ويرفعون من شأنها ووجدتها في عدّة كتب بألفاظ مختلفة فلم أجدها أكمل وأتمّ من قول أبي القاسم الكعبي في كتاب أوائل الادلّة فانبثّ بها على وجهها وقد ثبت حدث العالم كما ترى فيجب أن يُنظر أَأَحدث جملةً واحدةً وضربة واحدة أم شيئاً بعد شيء لأنّ ذلك كلّه مجوز في العقل فإن أوجد كما هو فابتداؤه حدوثه وإن أوجد منه شيء بعد شيء فابتداؤه ما أوجد منه وليس ذلك إلى العقل فيُعتمد ولكن سبيله السمع والخبر والناس مختلفون فيه القدماء ومَنْ بعدهم من أهل الكتاب والمسلمون وأنا ذاكر من ذلك ما رُوى ومُرجّح ما وافق الحقّ إن شاء الله عزّ وجلّ، القول في ابتداء الخلق قرأت في كتاب منسوب إلى رجل من القدماء يقال له افلوطرخس [1] ذكر فيه اختلاف

_ [1] . افلوطوخس Ms.

مقالات الفلاسفة ووسمه بكتاب ما يرضاه الفلاسفة من الآراء الطبيعيّة حُكى عن تاليس الملطي [1] أنّه كان يرى مبدأ الموجودات الماء منه بدأ وإليه ينحلّ وإنّما دعاه إلى توهّم [26] هذا الرأي أنّه وجد جميع الحيوان من الجوهر الرَطْب الذي هو المنّى فأوجب أن يكون مبدأ جميع الأشياء من الرطوبة ومتى ما عدمت الرطوبة جفّت وبطلت وحكى انّ فيثاغورس من أهل شاميا وهو أوّل ما سمّى الفلسفة بهذا الاسم وتاليس أوّل من ابتدأ الفلسفة أنّه كان يرى المبادي هي الأعداد المتعادلات وكان يسمّيها تأليفات وهندسيّات ويسمّى من جملة ذلك اسطقسات ويقول الواحدة والثانية لا حدّ لهما في المبادي ويرى أنّ أحد هذه المبادي هي العلّة الفاعلة الخاصّة [2] وهي الله عزّ وجلّ والثاني العقل والثالث العنصر وهو الجوهر القابل للانتقال وعنه كان العالم المدرك يحسّ البصر وأنّ طبيعة العدد تنتهي [3] إلى العشرة وإذا بلغها

_ [1] . المطلىّMs. [2] . في الأصل الحاصبهicationmarginale: [3] . ينتهى Ms.

رجع إلى الواحد وأنّ العشرة بالقوّة في الأربعة وذلك إذا اجتَمعت الأعدادُ من الواحد إلى الأربعة استكملت عدد العشرة وقد ذكر ابن رزام هذا الفصل في كتاب النقض على الباطنيّة قال افلوطرخس وكذلك كان الفيثاغوريّون [1] يقولون في الأربعة قسماً عظيماً ويأتون في ذلك بشهادة الشِعْر إذْ يقولون لا وحقّ الرباعية التي تدبر أنفسنا التي هي أصلٌ لكلّ طبيعة التي تسيل دائماً كذلك النفس التي فينا مركّبة من أربعة أشياء وهي العقل والعلم والرأي والحواسّ ومنها تكون كلّ صناعة وكل مِهْنَة وبها كنّا نحس أنفسنا فالعقل هو الواحدة وذلك أنّ العقل إنّما يجري وحده وإمّا الثانية التي ليست بمحمودة فالعلم وذلك أن كلّ برهان وكلّ إقناع فمنه وأمّا الثالثة فالرأي لأنّ الرأي لجماعة والرابعة الحواسّ وحكى عن نرافليطس أنّه كان يرى مبدأ كلّ شيء النار واليها انتهاؤها وإذا انطفأت النار يشكّل به العالم وأوّل ذلك أنّ الغليظ منه إذا تكاثف واجتمع بعضه إلى بعض صار أرضاً وإذا تحلّلت الأرض وتفرّقت أجزاؤها بالنار صارت ماء والنار يحللّ الأجسام ويثيرها وحُكى عن

_ [1] . الفوياعوريّون Ms.

انعمامس انه كان يرى الهواء أوّل الموجودات منه كان الكلّ وإليه ينحلّ الموجودات مثل النَفْس التي فينا وانّ الهواء هو الذي يحفظ فينا الروح والهواء يُمسكان العالم كلّه والروح والهواء يقالان جميعاً لأنّ على معنى واحد قولاً متواطئاً وحُكى عن فيثاغورس [1] أنّه كان يرى أنّ مبدأ الموجودات هو المتشابه الأجزاء وأن الكائنات يكون بالغذاء الذي تغتذي به ومن هذه الكائنات يكون معنى المتشابه الأجزاء وعنده أنّ الأشياء [2] يدرك بالعقل لا بالحسّ وهي أجزاء الغذاء وإنّما سمّيت متشابه الأجزاء من أجل أنّ هذه الأعضاء المكوّنة من الغذاء متشابهة بعضها يشبه بعضاً فسميّت متشابهة الأجزاء وجعلها مبادي الموجودات وصيّر المتشابه الأجزاء عنصراً وحُكى عن ارسلاوس أنّه يرى مبدأ العالم ما لا نهاية له وقد يعترض فيه التكاثف والتخلخل فمنه ما يصير ماءً ومنه يصير ناراً وحكى عن أبيقورس أنّه كان يرى الموجودات أجساماً مدركة عقولاً لا خلاء فيها ولا كون سرمديّة غير فاسدة لا يحتمل التكسّر والتهشّم

_ [1] . انفساغورسMs. [2] . الاسياء Ms.

ولا يعترض في أجزائها خلاف ولا استحالة وهي مدركة بالعقل لا بالحواسّ وهي لا يتجزّأ وليس معنى قوله لا يتجزّأ أنّها في غاية الصغر لكن لا تقبل الانفعال والاستحالة وحُكى عن اثمادقليس أنّه [27] لا يرى الاسطقسات الأربع التي هي الماء والنار والهواء والأرض وأنّ المبدأ مبدءان [1] وهما المحبّة والغلبة واحدهما يفعل الإيجاد والآخر يفعل التفرقة وحكى عن سقراط بن سقريقس وأفلاطون بن آرسطو الإلهيّ أنّهما يريان المبادئ ثلاثة [2] الله والعنصر والصورة زعم المفسّرون أنّ معنى قولهم الله هو العقل العالم ومعنى العنصر هو الموضوع الأوّل للكون والفساد ومعنى الصورة جوهر لا جسم في التخييلات وحُكى عن ارسطاطاليس بن توماجس صاحب المنطق أنّه يرى المبادئ الصورة والعنصر والعدم والاسطقسات الأربع وجسم خامس هو الأمر غير المستحيل وحكى عن دينوهرماوس أنّه يرى المبادئ هي الله تعالى وهي العلة الفاعلة والعنصر المنفعل والاسطقسات الأربع فهذا جملة ما حكاه

_ [1] . مبديانMs. [2] . ثلاثة Ms.

ذكر ما حكى أهل الإسلام عنهم،

افلوطرخس [1] من أقاويل الفلاسفة في المبادئ وزعم أيوب الرهاوي في كتاب التفسير أنّ المبادئ هي العناصر المفردة يعني الحرّ والبرد والبلّة واليُبْس فكُوِّنت النارُ من تركيب الحرّ مع اليُبْس وكُوِّن الهواء من تركيب البرد مع البلّة وكوّن الماء من تركيب البرد مع البلّة وكُوِّنت الأرض من تركيب البرد مع اليبس فصارت هذه العناصر المركّبة ثم كُوِّنَ من تركيب هذه العناصر المركبّة الحيوانُ والنباتُ، ذكر ما حكى أهل الإسلام عنهم، حكى زُرقان في كتاب المقالات أنّ ارسطاطاليس قال بهيولي قديم وقوة معه لم يزل وجوهر قابل للأعراض وأنّ الهيولي حرّك القوّة فحدث البرد ثم حرّكها فحدث الحرّ ثم قبلهما الجوهر قال وشبّه إحداث [2] الهيولى الحركة بإحداث الإنسان الفعل بعد أن كان غير فاعل له والفعل عَرَض وهو غير الإنسان فكذلك الهيولي أحدث أعراضاً هي غيره ولا يقال كيف أحدثها كما لا يقال كيف حدثت هذه الحركة من الإنسان وحُكى [عن] جالينوس أنّه قال

_ [1] . افلوطوخسMs. [2] . باحداث Ms.

بأربع طبائع لم ينفكّ العالم منها قال وقال سائر الفلاسفة بأربع طبائع وخامس معها خلافها لولا هو لما كان للطبائع ائتلاف على تضادّها قال وقال هرمس [1] بمثل مقالة هؤلاء فاثبت العالم ساكناً ثم تحرّك والحركة معنىً وهو زوال وانتقال والسكون ليس بفعل قال وقال بلعم بن باعوراء العالم قديم وله مدّبر يدبّره وهو خلافه من جميع المعاني وأثبت الحركات فقال أنّ الحركة الأولى هي الثانية معاودة لأنّ من قوله أنّ الحركة مع أصل العالم والعالم قديم عنده قال وقال أصحاب الأصطرلاب بمثل مقالة بلعم إلاّ أنّهم زعموا أنّ العالم لم يزل متحرّكاً بحركات لا نهاية لها وأنكروا أن يكون الحركة لها أوّل وآخر لأنّها ليست بمحدثة قال وقال أصحاب الجثّة أن العالم لم يزل مصوّراً قديماً جُثّةً مُصْمتةً فانقلعت الجثّةً وكان الخلق كامناً فيها فظهر على نحو ما يظهر في النطفة والبيضة والنواة قال وقال أصحاب الجوهرة أن العالم جوهرة قديمة وأحديّة الذات وإنما اختلفت على قدر التقاء [2] الجوهرة وحركاتها فإذا كانا جزءين كانا حرّا

_ [1] . هومسMs. [2] . البقاء Ms.

ذكر مقالات الثنوية والحرانية

وإذا كان ثلاثة أجزاء صار برداً وإذا كانت أربعة صارت رطوبة وزعم أنّ حركة قبل حركة إلى ما نهاية وقد جمع الناشي مذاهب هؤلاء كلّهم بلفظة واحدة فقال هم أربع طبقات فطبقة قالت [27] بِقدَم الطينة وحَدَث الصبغة وطبقة قالت بحدث الطينة والصبغة وطبقة شكّت فلم تدرِ أقديمة هي أم حديثة لتكافئ الأدلّة عندها وقد قال جالينوس وما على أنْ لم أدرِ أقديمة هي أم حديثة وما حاجتي إلى ذلك في صناعة للطبّ، ذكر مقالات الثنويّة والحرّانيّة أصل اعتقاد هؤلاء في الجملة أنّ المبدأ شيئان اثنان نور وظلمة وأنّ النور كان في أعلى العُلْو وأنّ الظلمة كانت أسفل السُفْل نوراً خالصاً وظلمةً خالصةً غير مماسّين على مثال الظلّ والشمس فامتزجا فكان من امتزاجها هذا العالم بما فيه هذا الذي يجمع أصل عقائدهم ثم اختلفوا بعد ذلك فزعم ابن ديصان أن النور خالق الخير والظلمة خالقة الشرّ بعد قوله بأنّ النور حيّ حسّاس والظلمة موات فكيف يصحّ الفعل من الموات ولما رأى من فنون ما لحق المانويّة والديصانيّة من التناقض والفساد أحدث مذهباً زعم أنّ الكونين النوري والظلامي قديمان ومعهما شيء

قديم ثالث لم يزل خلافها وخارجاً عن خارجهما وهو الذي حمل الكونين على المشابكة والامتزاج ولولا ذلك المُعَدّلُ بينهما لما كان من جوهر هما إلّا التباين والتنافر وزعم كنّان أنّ أصل القديم ثلاثة أشياء الأرض والماء والنار غير أنّ المدبّر لها اثنان خير وشرّ، وأمّا الحرّانيّة فمختلف عندهم في الحكاية زعم أحمد ابن الطيب في رسالة له يذكر فيها مذاهبهم أنّ القوم مجمعون على أنّ للعالم علّة لم يزل ويقولون المدبّرات سبع واثنا عشر ويقولون في الهيولي والعدم والصورة والزمان والمكان والحركة والقوّة بقول ارسطاطاليس في كتاب سمع الكيان وزعم زرقان أنّهم يقولون مثل قول المانيّة وقال بعضهم أنّ مذهب الحرّانيّة ناموس مذهب الفلاسفة وما لم يكن يجسر أحدٌ أنْ يُظهر خلافهم، وأمّا المجوس فأصناف كثيرة ولهم هوس عظيم وترّهات متجاوزة الحدّ والمقدار لا يكاد يوقف عليها فبعضهم يقول بقول الثنوية وبعضهم على مذهب الحرّانيّة والخُرّميّةُ جنسٌ منهم يتستّرون بالإسلام ويقولون مبدأ العالم نور وأنّه نسخ بعضه فاستحال ظلمةً وأمّا أهل الصين فعامّتهم الثنويّة إلى كثير ممّن يليهم من التُرك وفيهم المعطّلة الذين يقولون بقدم الأعيان وأنّ العالم لا صانع

له ولا مدبّر والهنود أصناف كثيرة وتجمعهم البراهمة والسمنيّة والمعطلّة الأخرى يقولون بالتوحيد غير أنّهم يُبطلون الرسالة ومنهم المهادرزيّة يزعمون أنّ المبدأ ثلاثة أخوة أحدهم مهادرز فاحتال أخواه في المكر به فعثرت به دابّته فسقط ميتاً فسلخا جلده وبسطاه على وجه العالم فصار من جلدته هذه الأرض ومن عظامه الجبال ومن دمائه الأودية والأنهار ومن شَعْره الأشجار والنبات هذا ما بلغنا من مذاهب سكّان الأرض والقدماء في هذا الباب وقد أشرنا إلى فساد مذهبهم ومذهب مَنْ يقول بقدم العالم أو شيء مع الله تعالى بما فيه كفاية وغُنية وهذه الحكايات كلّها إن لم يكن شيء منها زُمراً أو ألغازاً أو تمثيلاً أو روايةً عن كتاب من كتب الله عزّ وجلّ أو رسول من رُسل الله أو بوفاق ما جاء منهم أو بشهادة العقول قاطبةً فمردودة غير مقبولة ومحمولة على تمويه واضعها وتزوير مبتدعها وليس في كثرة الترداد والتكرار كثير فائدة ومتى مرّنْتَ نفسك على تحفّظ مسألة إحداث العالم استغنيتَ عن كثرة الخوض في الفروع التي بنيت على أصل القدم [28] لأنّه إذا وَهَى البناء وضعُف لم يَثْبُت فروعُه ولا قامت أركانه،

ذكر مقالات أهل الكتاب في هذا الباب،

ذكر مقالات أهل الكتاب في هذا الباب، قرأت في كتاب موسوم بشرائع اليهود أن جماعة من علمائهم نهوا عن التفحص عن هذا الباب والشروع فيه وزعموا أنه لا ينبغي للإنسان أن يبحث عما يتعجب منه ويخفى عليه وزعم بعضهم أن الشيء الذي خلقه الله تعالى في الابتداء سبعة عشر شيئاً خلقها الله بلا نطق ولا حركة ولا فكرة ولا زمان ولا مكان وهي المكان والزمان والريح والهواء والنار والماء والأرض والظلمة والنور والعرش والسموات وروح القدس والجنة وجهنم وصور جميع الخلائق والحكمة قال ومخلوقه ذو جهات ست وهو محصور بين هذه الجهات التي هي الأمام والخلف والعلو والسفل واليمين والشمال وزعم بعضهم أن أول ما خلق الله سبعة وعشرون شيئاً فذكر هذه السبعة عشر وأضاف إليها كلام موسى الذي سمعه وجميع ما رأته الأنبياء والمن والسلوى والغمام والعين التي ظهرت لبنى إسرائيل والشياطين واللباس الّذي ألبس آدم وحوّاء وكلام الجبّار الذي كلم به بلعام هكذا الحكاية عنهم والمسطور في أوّل سفر من التوراة بالعبرانيّة برشست بارا ايلوهيم ايث هشومائم وانث هو اورس وهو اورس هو ننو ثوهم

ذكر قول أهل الإسلام في المبادئ وما جاء من الروايات فيها،

وحوشخ على هي تهوم يقول أول شيء خلقه السماء والأرض وكانت الأرض جزيرة خاوية مظلمة على الغمر وريح الله يزف على وجه الأرض كذا فسره المفسرون فلا أدري كيف خالفته الحكاية عنهم ضمن التورية ولعل ما ذكروه في بعض أسفارهم لأنّ التوراة مشتملة على عدة كتب من كتب الأنبياء والله أعلم وأما النصارى فدينهم في هذا دين اليهود لانّهم يقرءون التوراة ويقرون بما فيها والصابئون محرون في مذهبهم فأكثر الناس على أن دينهم بين دين اليهود والنصارى فإن كان كذلك فقولهم قولهم وحكى زرقان أن الصابئين يقولون بالنور والظلمة على نحو ما يقوله المنانيّة والله أعلم، ذكر قول أهل الإسلام في المبادئ وما جاء من الروايات فيها، حدثنا الحسن ابن هشام ببلد قال حدثني ابراهيم بن عبد الله العبسي حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي طبيان عن ابن عباس رضي الله عنه قال أول ما خلق الله من شيء القلم قال اكتب فقال أي ربي وما أكتب قال القدر فجرى القلم بما هو كائن من ذلك اليوم إلى يوم القيامة قال ثم خلق النون فدحا الأرض عليها فارتفع بخار الماء ففتق منه السموات فاضطربت النون

فمارت الأرض فأثبتت بالجبال وإن الجبال تنفجر على الأرض إلى يوم القيامة وحدثنا عبد الرحمن بن أحمد المروزي بمرو حدثنا السراج محمد بن إسحاق حدثنا قتيبة بن سعد حدثنا خالد بن عبد الله بن عطاء عن أبي الضحا عن ابن عباس رضي الله عنه قال أول شيء خلق الله تبارك وتعالى القلم فقال له اكتب ما يكون إلى يوم القيامة ثم خلق نون فكبس عليها الأرض يقول الله تعالى ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ 68: 1 وحدثني محمد بن سهل باسوار حدثنا أبو بكر بن زيان حدثنا [؟] عنه عيسى بن حماد [28] عن الليث بن سعد عن ابى هانئ عن ابى عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كتب الله بقادر [1] كل شيء قبل أن خلق السموات والأرض بخمسين ألف عام وقد اختلفت الروايات عن ابن عبّاس رضى الله عنه فروى عنه أول ما خلق الله القلم وروى عنه سعيد بن حبير أول ما خلق الله العرش والكرسي وروى أول ما خلق الله النور والظلمة وروينا خلاف ذلك كله عن الحسن أنه قال أول ما خلق من شيء العقل وروى عنه أوّل ما خلق الله

_ [1] . كذا في الأصل Notemarginale:

الأرواح وفي رواية أبي الوليد عن أبي عوانه عن أبي بشر عن مجاهد قال بدء الخلق العرش والماء والهواء وخلقت الأرض من الماء وحدثني حاتم بن السندي بتكريت حدثنا أحمد بن منصور الرمادي عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم كما وصف لكم وأما حديث حماد بن سلمة عن يعلى بن عطا عن وكيع بن حرس عن عمه أبي رزين العقيلي أنه قال قلت يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن خلق السموات والأرض قال كان في عماء ما تحته هواء ولا فوقه هواء ثم خلق عرشه على الماء فإنه إن صح وصح تأويل من تأول العماء السحاب والغمام دل أن خلق الغمام المذكور في الخبر والقرآن كان قبل خلق السموات والأرض وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كتب الله كتاباً قبل أن يخلق الخلق بألفي عام [1] ووضعه على العرش فإن صحت الرواية دل أن خلق العرش كان قبل سائر الخلق وفي كتاب أبي حذيفة عن حبير عن الضحاك عن ابن عباس رضى

_ [1] . سبقت رحمتي غضبى polationdanslems.:

الله عنه أن الله لما أراد أن يخلق الماء خلق من النور ياقوتة خضراء ووصف في طولها وعرضها وسمكها ما الله به عليم قال فلحظها الجبار لحظة فصارت ماء يترقرق لا يثبت في ضحضاح ولا غير ضحضاح يرتعد من مخافة الله ثم خلق الريح فوضع الماء على متن الريح ثم خلق العرش فوضعه على متن الماء فذلك قوله تعالى وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ 11: 7 وروى عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش عن ابن حبير قال سألت ابن عباس رضي الله عنه عن قوله تعالى وكان عرشه على الماء فعلام كان الماء قبل أن يخلق شيئاً قال على متن الريح فإن صحت الرواية عن الضحاك دل أن النون قبل خلق الماء وامّا محمّد بن إسحاق فإنّه يقول في كتابه وهو أول كتاب عمل في بدء الخلق لقول الله تعالى وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ في سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ 11: 7 فكان كما وصف نفسه تبارك وتعالى إذ ليس إلا الماء عليه العرش ذو الجلال والإكرام والعزة والسلطان فكان أول ما خلق النور والظلمة ميز بينهما فجعل الظلمة ليلا أسود مظلما وجعل النور نهاراً مضيئاً مبصراً ثم سمك السموات السبع من دخان الماء حتى استقللن ثم دحا الأرض

وأرساها بالجبال وقدر فيها الأقوات ثم استوى الى السماء وهي دخان، لا يختلف أحد من المسلمين ومن يدين الله بالكتاب والرسالة أن ما دون الله تعالى مخلوق محدث وإن لم يذكر خلقه وإحداثه وإنما مرادنا أن نعرف أول ما خلق الله منه إن كان ذلك ممكناً منه اختلف الرواة عن وهب بن منبه وغيره من منى [29] أهل الكتاب فروى عن عبد الله بن سلام أنه قال خلق الله نوراً وخلق من ذلك النور ظلمةً وخلق من تلك [1] الظلمة نوراً وخلق من ذلك النور ماءً يخلق من ذلك الماء الأشياء كلها وعن وهب بن منبه قال وجدت فيما أنزل الله على موسى بن عمران عليه السلم أن الله لما أراد خلق الخلق خلق الروح ثم خلق من الروح الهواء ثم خلق من الهواء النور والظلمة ثم خلق من النور الماء ثم خلق النار والريح وكان عرشه على الماء وسمعت بعض الشيعة يزعمون أن أول ما خلق الله نور محمّد وعليّ ويروون فيه رواية والله اعلم بحقها وقد ذكرت حكماء العرب ومن كان يدين الله منهم بدين الأنبياء في أشعارها وخطبها كيف كان مبدأ الخلق

_ [1] . ذلك Ms.

ذكر تصويب أرجح المذاهب،

فمنه قول عدي بن زيد العبادي وكان نصرانيّا يقرأ الكتب [بسيط] اسمع حديثاً لكي يوماً تجاوبه ... عن ظهر غيب إذا ما سائل سألا إن كيف أبدى إله الخلق نعمته ... فينا وعرفنا آياته الأولا كانت رياحا وماء ذا عرانية ... وظلمة لم يدع فتقاً ولا خللا فأمر الظلمة السوداء فانكشفت ... وعزل الماء عما كان قد شغلا وبسط الأرض بسطاً ثمّ قدّرها ... تحت السماء سواء مثل ما فعلا وجعل الشمس مصيراً لا خفاء به ... بين النهار وبين الليل قد فضلا قضى لستة أيام خلائقه ... وكان آخر شيء صور الرجلا وقد حكى الفرس عن علماء دينهم وموبذيهم أول ما خلق الله السموات والأرض ثم النبات ثم الإنسان، ذكر تصويب أرجح المذاهب، أقول أن رأى من رأى تقديم [1] أحد الأركان على غيره هو محتلّ واه لأنّهم يختلفون في الاستحالة والفساد وكيف يصح على رأي تاليس الماء وهو عنده مستحيل من الأرض وعلى رأي يراقليطس [2] النار وهي مستحيلة عنده

_ [1] . بقديمMs. [2] . براطيطس Ms.

من الهواء وكذلك سائر الأركان أم كيف يجوز عندهم تولّد حيوان أو تركّب نبات من غير اجتماع هذه الأخلاط الأربع فيها لأن ما تفرد بطبع واحد لا يوجد منه غير حركته الطبيعية أو من زعم بابتداء البسائط ثم العناصر المركبة فإنه يفحش قوله لأن البسائط أعراض لا تقوم بذواتها ولا بد لها من حامل فكيف يصح وجودها بلا حامل وكذلك من زعم النور والظلمة لأنهما عرضان لا جسمان والأصح على مذهب هؤلاء ما رأى اثمادقليس من تقدم الاسطقسات الأربع وفساد هذا ظاهر عند المسلمين بأن الاسطقسات لا تخلو أن تكون أعراضاً فإن كانت أعراضاً فالعرض لا يقوم بنفسه أو يكون أجساماً وحد الجسم ما ذكرناه وإثر الحدث مقارن له أو يكون لا أجساماً ولا أعراضاً فهذا غير معقول عند المسلمين إلا البارئ جل جلاله فإنه خلاف خلقه من جميع الوجوه وإذا لم تكن [29] أجساماً ولا أعراضا عندهم فلا بدّ أن يكون هو الهيولى الموهوم في مذهبه وهذا شيء لو كان موهوماً لما جاز وقوع الاختلاف فيه إلا من معاند كما لا يجوز وقوع الاختلاف في المعقول إلا من معاند مع أن الوهم لا يحصر ما لا حدّ له ولا صفة من

لون أو مقدار أو شيء من الأعراض المحسوسة وجملة هذا القول في هذا الباب مراعاة إثر الحدث فيما سوى البارئ جل جلاله فإذا ثبت ذلك علم أن ما كان محدثاً فلا بد له من ابتداء وإذا كان لا يقول بحدث العالم إلا الموحدون لم يوجد ابتداء ذلك إلا من جهتهم وهم يختلفون في الرواية عن علمائهم في الظاهر ومتفقون في المعنى إذا انعموا النظر فأما أهل الكتاب وما حكى عنهم فمحتمل غير أنه لا يجوز القطع به ما لم يصدقه كتابنا أو خبر نبينا صلى الله عليه وسلم لما وقع فيهم من التحريف والتبديل ولأنه خلاف ما ذكر في أوّل التوراة في ابتداء الخلق فالذي يوجبه العقل أن يكون مكان كل متمكن سابق له وإن لا يحل حركة إلا في جسم ولا يوجد إلا في زمان وإن لا يصح فعل اختيار وتدبير إلا من حي عالم وإن لا يحدث شيء إلا من شيء وإن الأركان الأربع سابقة للأجسام فمن قال بقدم هذه المذكورات دخل في جملة المخالفين ونقضت عليه آثار الحدث فيها ومذهبه ومن قال بحدثها فما حاجته إلى تقديم ما قدم منها وقد أقر بأن الله أحدث الزمان من غير زمان والمكان في غير مكان والأركان من غير أركان اللَّهمّ إلا أن يعمد فيه شيئاً

من كتب الله فليس يجد في كتاب أول ما خلق ما هو فيقضي على ما خالفه بالرد والإنكار ولا بد لكل حادث من غاية ينتهي إليها كقولنا الساعة من اليوم واليوم من الأسبوع والأسبوع من الشهر والشهر من السنة والسنة من الزمان والزمان من الدهر فقد انتهى إلى الزمان والزمان غايته وكما نقول فلان من فلان وفلان من فلان كما ترفع مثلاً نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أدم ثم يقال وآدم من تراب فالتراب آخره وكذلك سائر الأشياء الحادثة لا بدّ لها من غاية هذا ما يعاينه ويشاهده فلذلك وضعنا ما روينا عن أهل الكتاب على وجه الاحتمال فقد ذهب بعض أهل الإسلام إلى أن أول ما أحدث الزمن العلوي وهو وقت يظهر فيه الفعل ليس السفلي الذي هو من حركات الفلك ثم المكان الذي هو غير متجزئ ولا متماسك وهو فضاء وبسيط ذاهب خلاء محيط بالعالم قال وليس الهواء من الفضاء في شيء لأن الهواء جسم متجزئ ومنتشر وليس الخلاء بمتجزّئ ولا محسوس ومعنى قوله التجزّي أن الخلاء لا يدخل العالم منه شيء إلا يتحلله بتةً والهواء ما بين السماء والأرض ولا يخلو منه شيء والخلاء ما فيه السماء والأرض

والهواء ثم الأجسام بأعراضها كذا رأيت في بعض كتبهم والله أعلم فإذا سأل سائل عن ابتداء الخلق فجوابه أن ما دون الله مخلوق نعم سؤالك عن العالم العلوي أم العالم السفلي أم عن الآخرة الموعودة أم عن الدنيا الفانية [30] لأن كل شيء من هذه الأشياء ابتدأ منه ابتداء ونشو فإن قيل هل غير الدنيا والآخرة شيء قيل العرش والكرسي والملائكة واللوح والقلم وسدرة المنتهى مخلوقة كلها ولا تعد [1] من الدنيا ولا من الآخرة وكذلك الجنة والنار والصراط والميزان والصور والأعراف والرحمة والعذاب مخلوقة عند كثير من الأمة ثم من بعدهم من أهل الكتاب ولا يعد من الدنيا ولا من الآخرة فإن قيل فقد قال الله تعالى فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى 53: 25 ولم يذكر شيئاً غيرهما قيل ولم يذكر الأشياء غيرهما مع أكثر أهل التفسير يقولون معناه للَّه الحكم في الآخرة والأولى وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بعد الموت مستعتب ولا بعد الدنيا إلا الجنة والنار لأنه لا شيء غيرهما وإنما يصح هذا إذا عرفت الدنيا والآخرة ما هما على انّه لا عتب

_ [1] . يعدّ Ms.

ذكر أول ما خلق في العالم العلوي من الحيوانات

على من عد ما ذكرناه من أمر الآخرة ولا مضايقة فيه بعد أن اعتقدها كما جاءت به كتب الله وينبغي أن يعلم أن كلما دون الدنيا روحاني حيواني خلق للبقاء والخلود على الأبد لا يجوز عليه الانحلال والدثور بقول الله تعالى وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ، 29: 64 ذكر أول ما خلق في العالم العلوي من الحيوانات يدل على أن أول ما أوجده الله تعالى القلم واللوح على رواية أبي ظبيان عن ابن عباس ثم العرش والكرسي على رواية مجاهد وقد قال قائل أن أول ما خلق الروح والعقل على رواية الحسن لأن في رواية ابن عباس أنه قال للقلم اكتب فقال أي رب وما اكتب والأمر في الحقيقة والجواب لا يصح إلا من حي عاقل قال ثم الحجب ومنها الغمام والنور والملائكة ثم الرحمة والعذاب يعني الجنة والنار والصراط والميزان وغير ذلك مما ذكر وأول ما خلق في العالم السفلي من الحيوانات الماء والهواء كما قال مجاهد وخلقت الأرض من الماء فهذه أركان العالم ثم النور والظلمة ومن الناس من يفرق بين النور العلوي

والنور السفلي بأن هذا جسم لطيف وذلك روح خالص مع اختلافهم في الروح أجسم هو أم غير جسم وسيمر بك في بابه مشروحاً مفسراً إن شاء الله عز وجل فإذا سأل سائل مم خلق الخلق قيل أن الخلق أجزاء مختلفة فعن أي جزء من أجزاء الخلق سؤالك ولن يجاب حتى يشير إلى ما أردنا فإن سأل عن الأرض قيل من زبد الماء كما جاء في الحديث والخبر وان سأل سائل عن السماء قيل من دخان الماء وإن سأل عن الكواكب قيل من ضوء النهار وإن سأل عن الأركان المركبة قيل من البسائط المفردات وإن سأل عن البسائط قيل يمكن أن يكون خلقت مما خلق قبلها ويمكن أن يكون خلقت لا من شيء لأنا نرى الله يخلق الشيء من الشيء ويخلق من لا شيء وقد دللنا على أن لا شيء غير الله تعالى إلا مخلوق وأن الله ابتدعه بدئاً لا من شيء كما شاء ما لا حاجة إلى إعادة القول فيه بقول الله تعالى بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ 2: 117 وقال الله خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ من ماءٍ 24: 45 وقال الله خَلَقَكُمْ من نَفْسٍ واحِدَةٍ 4: 1 وقال خَلَقَ الْإِنْسانَ من صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ من مارِجٍ

من نارٍ 55: 14- 15 مع سائر ما وصفت أنه خلقه من خلق خلقه قبله [30] وكذلك يفعل الشيء بسبب ويفعله بلا سبب موجب قال الله تعالى وَأَنْزَلَ من السَّماءِ ماء فَأَخْرَجَ به من الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ 2: 22 فأخبر عز وجل أنه جعل سبب إخراج الثمر والنبات إنزال الماء وكذلك جعل سبب كون الإنسان النطفة وسائر ما يوجده ويحدثه وقد أوجد أمهات هذه الأسباب بغير سبب موجب لها بل بقدرته وحكمته وإن سأل سائل فيم خلق قيل فيم سؤال عن المكان ولا مكان ألا وهو مفتقر إلى مكان وقد سبقت الدلالة على فساد الحلول بما ليست له نهاية فلو قال القائل أن العالم لا في مكان لكان قولاً لأنه ليس بأعجب من إقراره بإيجاد الأعيان لا من غير سابقة وقد قيل أنه في خلاء وهو مكان له وزعم آخرون أن العالم بعضه مكان لبعض وفي كتاب وهب بن منبه أن السموات والجنة والنار والدنيا والآخرة والريح والنار كلها في جوف الكرسي فإن صحت الرواية كان الكرسي مكاناً لهذه الأشياء والله اعلم وأحكم،

وإن سأل كيف خلق قيل كيف سؤال يقتضي التشبيه في الجواب وليس نعلم العالم مثلاً غيره فنشبهه به ولكنا مشاهدين له عند أحداثه ولا فعل الله تعالى بحركة ولا معالجة والكيفية منتفية عن فعله كما هي منتفية عنه سبحانه فإن أردت كيف أوجده من عدم فكيف تراه أجساماً وجواهر حاملة للأعراض قال له كن فكان كما أخبرنا عنه وإن أردت شكلاً وهيئة لفعله فهذه من حالات الأعراض التي تتعاقب على المخلوقين فإن سأل سائل متى خلق قيل متى سؤال عن المدة والوقت من الزمان والمدة عندنا من حركات الفلك ومدى ما بين الأفعال وقد قامت الدلالة على حدث الفلك ولا يطلق المسلمون القول بأن الله تعالى لم يزل يفعل لأن ذلك يوجب أزلية الخلق ويؤدي إلى قول من يرى المعلول مع العلة حتى يكون بين فعل سابق له إلى أن فعل العالم مدة وقد زعم بعض الناس أنه أحدث زماناً أوجد فيه العالم كمن قال أنه أحدث مكانا أوجد فيه العالم فقال قوم الزمان ليس بشيء وإن سأل سائل لم خلق قيل لم سؤال عن العلة الموجبة للفعل وفاعل ذلك مضطر غير مختار والمضطر مقهور مغلوب ولا يجوز ذلك في

صفة القديم فإن أردت بالعلّة الغرض المقصود في الخلق فهو ما ذكرناه في أول هذا الفصل أنه خلق الخلق لرأفته ورحمته وجوده وقدرته لينفعهم وليأكلوا من رزقه وليتقلبوا في نعمته ويستحقوا شرف الثواب بطاعته،

الفصل السادس في ذكر اللوح والقلم والعرش والكرسي والملائكة والصور والصراط والميزان والحوض والأعراف والثواب والعقاب والحجب وسدرة المنتهى وسائر ما يرويه الموحدون مما يعد من أمور الآخرة واختلاف من اختلف فيها،

الفصل السادس في ذكر اللوح والقلم والعرش والكرسيّ والملائكة والصور والصراط والميزان والحوض والأعراف والثواب والعقاب والحجب وسدرة المنتهى وسائر ما يرويه الموحدون مما يعد من أمور الآخرة واختلاف من اختلف فيها، ذكر اللوح والقلم قال الله تعالى في محكم كتابه ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ 68: 1 وقال في كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ 56: 78- 79 وقال وَكُلَّ شَيْءٍ [31] أَحْصَيْناهُ في إِمامٍ مُبِينٍ 36: 12 وقال ما فَرَّطْنا في الْكِتابِ من شَيْءٍ 6: 38 وقال في لَوْحٍ مَحْفُوظٍ 85: 22 قال أكثر المفسرين أنه لوح وقلم خلقهما الله كما شاء وألهم القلم أن يجري بما أراد وجعل اللوح واسطة بينه وبين ملائكته كما جعل الملائكة واسطة بينه وبين رسله ورسله واسطة بينه وبين خلقه وهذا لا يختلف فيه موحد ولا يسوغ الاختلاف فيه الظاهر

النص من الكتاب والسنة فإن خطر خاطر بأنه أية فائدة في اللوح والقلم فليقل له بأنّ أسرار حكمة الله عز وجل عن العباد محجوبة إلا ما أطلعهم عليه وما طوى عنهم فليس إلا التصديق به والاستسلام له لقول الله عزّ وجلّ يَمْحُوا الله ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ 13: 39 واعلم ان الكلام في هذا الفصل مع من يؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله لأن هذا سبيله سبيل الخبر والسمع والمسلمون وأهل الكتاب قاطبة قد تلقوه بالقبول وقد قال قائل أن الله تبارك وتعالى لما أراد أن يخلق الخلق علم ما هو كائن وما هو مكونه فأجرى القلم به في اللوح وروى فيه أخبار مسطرة في كتب أهل الحديث رضينا بما صح منها واستسلمنا له وجاء في ذلك القلم أن طوله ما بين السماء والأرض وأنه خلق من نور وفي صفة اللوح أنه لوح محفوظ طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب معقود بالعرش يصك ما بين عيني إسرافيل وهو أقرب الملائكة إلى العرش فإذا أراد الله تبارك وتعالى أن يحدث في خلقه شيئاً قرع اللوح جبهة إسرافيل فأطلع فيه فإذا فيه ما أراد الله تعالى بقول الله يَمْحُوا الله ما يَشاءُ

وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ 13: 39 فيأمر به جبرئيل أو من يليه من الملائكة وأكثر أهل الدين على أنّ البارئ لا يسمع كما أنه لا يلمس وإنما يسمع كلامه كما يلمس خلقه هذا قول أهل الإسلام وقد ذهب قوم من المتسترين بالدين إلى تأويلات مكروهات مردودات فزعم بعضهم أن معنى القلم العقل لأنه دون البارئ جل وعز في الرتبة وجرى بنفسه لأن العقل يدرك الأشياء بغير واسطة قال ومعنى اللوح المحفوظ النفس لأنه دون العقل في الرتبة يدبرها العقل كما جرى القلم في اللوح المحفوظ وزعم أن القلم واللوح غير محدثين ولا مخلوقين وقد دللنا على حدث العقل والنفس في الفصل الثاني بما يجري عليهما من الزيادة والنقصان والسهو والضعف والثقلة [1] والتجزّي بتفرق الهياكل والأجسام وحاجة العقل إلى التجربة والامتحان وحاجة النفس إلى الغذاء والقوام ما فيه كفاية وبلاغ وذلك أن القديم البارئ لا يجوز عليه شيء من هذه العوارض وزعم آخرون أن اللوح هو العالم السفلي والقلم العالم العلوي يؤثر في السفلي وبعضهم يزعم أن القلم هو الروح واللوح الجسد وأهون

_ [1] . والقلة Ms.

ذكر العرش والكرسي وحملة العرش

الأمور إنكار اللوح والقلم وسائر ما وصف من أمر الآخرة والدخول في الإلحاد المحض حتى يقع الكلام معهم من حيث ينبغي أن يقع لأن هذه الأشياء من شرائع الأنبياء عليهم السلم فكما لم يوجبها العقل فكذلك لا يرد تأويلها إلى العقل بل تسلم كما جاءت، وفي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الله تعالى خلق لوحاً محفوظاً من درة بيضاء دفتاه ياقوتة حمراء قلمه نور وكلامه بر [31] ينظر الله فيه كلّ يوم ثلاثمائة وستين نظرة يحيي بكل نظرة ويميت بكل نظرة ويرفع ويضع ويعز ويذل ويخلق ما يشاء ويحكم ما يريد والله أعلم واحكم وقد دللنا لك أن كل ما كان من أمر الآخرة فروحاني حيواني وإن شارك جسمانياً في الأسامي فمن ذلك قوله درة بيضاء وياقوتة حمراء. ذكر العرش والكرسي وحملة العرش قال الله تبارك وتعالى وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ من حَوْلِ الْعَرْشِ 39: 75 وقال وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ 69: 17 فذكر العرش في غير موضع من كتابه وقال وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ 2: 255 فلم يجز وقوع الاختلاف فيه بين المسلمين لظاهر شهادة الكتاب وإنما اختلفوا في

التأويل فقال بعضهم أن العرش شبه السرير واستدلوا على قولهم بقوله أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها 27: 38 وبقوله وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ 12: 100 وكثير من أهل التشبيه يذهب إلى إنه كالسرير له وهو مذهب أهل الكتاب ومن كان من العرب بدينهم يدل عليه قول أميه بن ابى الصلت [كامل] شد القطوع على المطايا ربنا ... كل بنعماء الإله مقيّد فاصحن [1] وافترش الرحائل شرجع ... نفح على اثباجهن مؤكد بفصوص ياقوت وكظ بعرشه ... هول ونار دونه تتوقد [2] فعلا طوالات القوائم فاستوى ... فوق الجلود ومن أراد مخلد وقال أيضا [خفيف] مجدوا الله وهو للمجد أهل ... ربنا في السماء أمسى كبيرا ذلك المنشئ الحجارة والموتى ... وأحياهم وكان جديرا بالبناء الأعلى الذي سبق الناس ... وسوى فوق السماء سريرا شرجعاً لا يناله بصر الناس ... ترى دونه الملائك صورا

_ [1] . كذا في الأصلNotemarginale: [2] . يتوقد Ms.

وقال لبيد [كامل] للَّه نافلة الأجل الأفضل ... وله العلى ولبيت كل مؤثل سوى فأغلق دون غرفة عرشه ... سبعاً طباقاً دون فرع المعقل وقال كثير من المسلمين أن العرش شيء خلقه الله لمنتهى علم عباده وتعبد الملائكة بتعظيمه والطواف حوله ومسألته الحوائج عنده كما تعبد الناس بتعظيم الكعبة واستنجاح الحوائج لديها والصلاة [1] له إليها لا أن يكون ذلك مكاناً له أو حاملاً جل وتبارك البارئ أن يكون محمولاً أو محدوداً أو محاطاً وبعضهم يقول العرش الملك ويتأول قوله الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى 20: 5 قال استولى على الملك واحتج بقول الشاعر [طويل] إذا ما بنو مروان ثلت عروشهم ... وأودت كما أودت إياد وحمير [32] وأما الكرسي فخلق مثل العرش وقد روينا عن الحسن أنه قال الكرسي هو العرش وجاء في بعض الروايات أن الكرسي بين يدي العرش كدرة بأرض فلاة والسموات السبع

_ [1] . الصلاة Ms.

والأرضون السبع وما فيها بجنب الكرسي كحلقة من حلق الدرع في أرض فيحاء ومن المسلمين خلق كثير يذهبون إلى أن الكرسي هو العلم واستدلوا بقوله تعالى وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ 2: 255 قالوا معناه أحاط علمه بها وبما فيها والكراسي العلماء وانشدوا بيتا [طويل] تحف بهم بيض الوجوه وعصبة ... كراسي بالإحداث حين تنوب وقد روى أصحاب الحديث أن الكرسي موضع القدمين والله أعلم بصدقه وتأويله إن صح لأن مذهبنا تسليم ما قصر عنه علمنا، وأما حملة العرش الملائكة خلقوا لذلك فيوصف من أقدارها وأجسامها ما الله به عليم قالوا وهم اليوم أربعة وجه أحدهم على صورة وجه النسر والثاني كوجه الأسد والثالث كوجه الثور والرابع كوجه الرجل فإذا كان يوم القيمة ضمت إليهم أربعة أخرى بقول الله سبحانه وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ 69: 17 وفي رواية ابى إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشد قول أميّة بن ابى الصلت [كامل]

حبس السرافيل الصوافي تحته ... لا واهن منهم ولا مستوغد رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنسر للأخرى وليث مرصد فقال عليه السلم صدق هكذا الرواية والله أعلم بصدقها وقد يستدرج أهل الزيغ الأغمار من الأحداث بالأول والثاني والثالث والرابع يعنون بالأول القلم وهو عندهم العقل وبالثاني اللوح وهو عندهم النفس وبالثالث العرش وهو عندهم الفلك المستقيم والضابط للأفلاك وبالرابع الكرسي وهو فلك البروج عند بعضهم لأن المنجمين مختلفون في هذا التقسيم والملائكة الّذين هم حملة العرش الأركان الأربع وهذه الأشياء عندهم لم يزل ولا يزال فكيف يصح الخبر عنها بالأول والثاني والثالث لأن كلها أوائل عندهم كما يزعمون وما الفرق بينهم وبين من عارضهم من المشبهة بأن العرش ممهد والكرسي مستقر القدمين مع وفاق ظاهر اللفظ لتأويلهم لبعده عن تأويل الزائغين لأنا لم نجد شيئاً في كتب المنجمين وأهل الطبائع بأنهم سموا العقل قلماً والنفس لوحاً والفلك عرشاً يعرفونها بأسمائها المشهورة عند سامعيها ونعوذ باللَّه من الخذلان والحرمان وسوء الاختيار والعجز عن إتباع الحق،

في ذكر الملائكة وما قيل في صفاتها،

في ذكر الملائكة وما قيل في صفاتها، روى المسلمون أن الملائكة خلقت من نور وذكر ابن إسحاق أن أهل الكتاب يزعمون أن الله خلق الملائكة من نار والنار والنور واحد في معنى اللطافة والضوء ويمكن التوفيق بين الخبرين بأن ملائكة الرحمة خلقوا من نور وملائكة العذاب خلقوا من نار ولا نعلم أحداً ممن يدين الله بدين إلا وهو مقر بالملائكة وإن كانوا مختلفين في قدمها وحدوثها وهيئاتها فمنه قول أمية بن أبي الصلت [كامل] يتنابه المتنصفون بسجرة ... في ألف ألف من ملائك [1] يحشد [32] رسل يجوبون السماء بأمره ... لا ينظرون ثواء من يتقصد فهم كأوب الريح بينا أدبرت ... رجعت بوادي وجهها لا تكرد حذّ مناكبهم على أكتافهم ... زف يزف بهم إذا ما استنجدوا وإذا تلاميذ الإله تعاونوا ... غلبوا ونشطهم جناح معتد نهضوا بأجنحة فلم يتواكلوا ... لا مبطئ منهم ولا مستوغد واختلف المسلمون في عدم البصر والحواس لهم فمن قائل أنّ

_ [1] . ملائكة Ms.

البصر يفقدهم [1] للطافة أجسامهم وأجزائهم لا لون لها البصر لا يدرك إلاّ ذا لونٍ وكذلك قالوا أليس نحسّ بها وهي معنا حَفَظة علينا والهواء أغلظ وأكثف من الملائكة فإذا كنّا لا نُحِسّ به حادثاً من حركة واضطراب فكيف بالروحانيّين الذين هم ألطف وألطف وقالوا فيما ناقضهم المخالفون به من صفة الله إيّاهم في كتابه بالغلظة والشدّة فقال مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ 66: 6 وما جاء من عظيم صفاتهم وعُظم أجسامهم وإن الملك كان يأتي النبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى آله في صورة الرجل وكذلك سائر الأنبياء أنه غير منكر أن يُحدث الله تعالى في الملك شيئاً ومعنىً يُرى ويُشاهَدُ إذا أراد ذلك كما يحدث في الجوّ فيتركّب وينعقد غمامٌ من أجزاء الهباء لا يدركها البصر ثم ينحلّ ويتفرّق حتى لا يُرى كما كان أوّلاً وكذلك حال الجنّة والشياطين وسائر الروحانيّين من الخلق وأيضاً فإنّ الملك سُمّى هذا الاسم لدُؤُوبه في الطاعة وانقياده لِما يُراد منه تخصيصاً وتفضيلاً فغير بعيد أن يكون الملائكة أصنافاً روحانيًّا وجسمانيًّا ونامياً وجامداً وقد جاء في بعض الأخبار أنّ

_ [1] . تقدهم Ms.

ذكر اختلاف الناس في الملائكة ما هي

الرعد مَلَك والنار ملك والملائكة يسجدون جنودُ الله ورُسُلُه وسفراؤه وأولياؤه بقول الله عزّ وجلّ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ 48: 4 وقيل الجراد جند من جنود الله والنمل جند من جنود الله ألا ترى أنّه لمّا بلغ معاوية أنّ الاشتر قد أُمّر فسُقي سمًّا في سَوِيق وعَسَل قال ما أبردها على الفؤاد إن للَّه جنودا من عسل وقيل الأرض ملك والسماء ملك حتّى عدد أكثر أجسام العالم واحتجّوا بقول الله عزّ وجلّ قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ 41: 11 والقول هو الأوّل فإن كان جائزاً إطلاق اسم الملك على هذه الأشياء فيكون مجازاً لا حقيقةً، ذكر اختلاف الناس في الملائكة ما هي أمّا المسلمون وأهل الكتاب فيقولون هم خلق روحانيّون كما ذكرناه آنفاً وكان مشركو العرب يزعمون أنّ الملائكة بنات الله وأنّه صاهر الجنّ فولدت له قال الله تعالى وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ 6: 100 وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً 43: 19 وقالت الحرّانيّة الملائكة النجوم وهي المدبّرات للعالم وهو أحدث الباطنيّة فزعمت انّها سبعة واثنا عشرة وتأوّلت قوله عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ 74: 30 والخُرَّميّة يُسمّون رُسُلهم الذين يتردّدون فيما بينهم

ذكر صفات الملائكة

ملائكة وأمّا المجوس فلا ينكرون الملائكة وأنهم خلق غائب عنهم ويسمّونهم شتاسبندان في ملّتهم الإقرار بهم والتصديق وزعم قوم أنّ الملائكة هي النفوس الصافية وذلك وانّ الإنسان إذا بالغ في الارتياض [33] بمعرفة حقائق الأشياء واجتهد في اقتناء الفضائل واختيار المحامد اتّصل بالعالم العلويّ فصار عند مفارقة الهيكل عقلاً خالصاً ونفساً صافيةً فيسمّونه حينئذٍ المَلَك قالوا وأقصى الدرجات في الأسفل النبوّة وهي تنال بالعلم والعمل وفي الأعلى الملائكة وهي ينالها من نال النبوّة في الأسفل وزعمت فرقة أنّ الملائكة أبعاضٌ من الله وأجزاء وعندهم أنّه تبارك وتعالى شيءٌ بسيط روحانيّ وسمّاهم أُميّة في شعره تلاميذ الله وأعوانه مع مقالات كثيرة متباينة وليس هذا الباب ممّا يدرك بالعقل ولكنّه يُعرَف فإذا كان هذا سبيله فلا معنى لردّ ما سبيله الخبر إلى غير الخبر، ذكر صفات الملائكة روى ابن اسحاق الواقديّ أنّ النبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلّم قال أَلاَ أُحدّثكُم عن مَلَكٍ من ملائكة الله أذن لي ربّي في الحديث عنه قالوا بِلى يا رسول

الله قال إنّ للَّه ملكاً قد نفذ بقدمه الأرض السُفلى ثمّ خرج من هواء ما بين ذلك حتّى أنّ هامته لتحت العرش والذي نفس محمّد بيده لو سُخّرت الطير فيما بين عُنُقه إلى شحمة أُذنه لحففت فيه سبعمائة عام قبل أن يقطعه وروى ابن جُريح عن عكرمة عن ابن عبّاس رضى الله عنه أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لجبرئيل إنّي أُحبّ أن أراك في صورتك الّتي تكون عليها في السماء قال لا تقوى على ذلك قال بلى قال فأين تُحب أن أتخيّل لك قال في الأبطح قال لا يَسعُني قال بعرفات قال ذلك بالحَرَى فواعده [1] ذلك وخرج النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم للوقت فإذا هو بجبرئيل قد اقبل من جبال عرفات وقد ملأ بين المشرق والمغرب وسدّ الخافقين رأْسُه في السماء ورجلاه في الأرض وله كذا ألف جناح ينتثر منها التهاويل فلمّا رآه النبيّ صلى الله عليه وسلم خرّ مغشيًّا عليه فتحوّل جبرئيل عن صورته إلى صورة التي كان يأتيه فيها وهي صورة دحية الكلبيّ وهو ابن خليفة بن فروة الكلّبي فضمّه إلى صدره فلمّا أفاق قال ما ظننتُ أن للَّه تعالى خلقا يشبهك قال يا

_ [1] . فواعداه Ms.

محمد فكيف لو رأيت اسرافيل رأسه من تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة وإن العرش لعلى كاهله وأنه ليتضاءل أحياناً من مخافة الله تعالى حتّى يصير كالصعوة وما يحمل عرش ربّك إلاّ عظمته وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال أنّ للَّه ملكاً البحار كلّها في نقرة إبهامه وعن كعب الأحبار أنه قال أن للَّه ملكا السموات على منكبه يدور بها كما تدور الرحا وعن ابن مسعود رضي الله عنه في صفة ملائكة العذاب قال ما منهم ملك إلاّ ولو أمره الله أن يلتقم السموات والأرض وما فيهما من شيء لهان ذلك عليه لما عظّم الله من أجسامهم وقد جاء في صفة ملائكة الرحمة وملائكة العذاب وصفة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وغير هؤلاء [1] من الملائكة ما يعتقد المؤمن الإيمان به والتسليم له وجاء في صفة حملة العرش أنّهم ملائكة قدرُ قَدَم أحدهم مسيرة سبعة ألف سنة ولهم قرون كقرون الوعول وقيل العرش على كواهلهم وقيل على مناكبهم ناشية في العرش والله أعلم وأحكم، وروى أبو حُذيفة عن مقاتل عن عطاء أنّ الله يبعث

_ [1] . هاولآء Ms.

جبرئيل كلّ يوم إلى جنة العدن فيغمس بجناحيه في نهرها ثمّ يجيء فينفُضها [33] فيسقط من كلّ جناح سبعون ألف قطرة يخلق الله من كلّ قطرة ملكاً قال وما يُقطر من السماء إلى الأرض قطرة إلاّ ومعها مَلَكٌ ينزل إلى الأرض ثم لا يعود إليها قال وما في السموات موضعُ شبرٍ إلاّ وفيه مَلَك قائم أو ساجد أو راكع لم يرفع رأسه منذ خُلِقَ فإذا كان يوم القيامة رفع رأسه فيقول سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك قال وللَّه ملك موكّل بالبحار فإذا وضع قدمه في البحر مدّ وإذا رفعها جزر قال والملائكة أربعة جبرئيل ملك الرسالة واسرافيل ملك الصُور وعزرائيل ملك الموت وميكائيل ملك الرزق ورُوي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قال الرعد ملك موكّل بالسحاب يسوقه من بلد إلى بلد معه كذا من حديد كلّما خالفت سحابة صاح بها والبرق مصعه السحاب به وروى ابن الأنباريّ في كتاب الزاهر أنّ السحاب ملك يتكلّم بأحسن الكلام ويبكى ويضحك والرعد كلامه والبرق ضحكه والمطر بكاؤه وعن كعب لولا أنّ الله وكّل بطعامكم وشرابكم في نومكم ويقظتكم مَن يذبّ عنكم ليحفظكم بقول الله تعالى لَهُ مُعَقِّباتٌ

من بَيْنِ يَدَيْهِ وَمن خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ من أَمْرِ [الله] 13: 11 وروى هشام ابن عمّار بن عبد الرحيم بن مطرف عن سعيد بن سلمة عن ابان عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنّ للَّه ملكاً له ألف رأس في كلّ رأس ألف وجه في كلّ وجه ألف فم في كلّ فم ألف لسان يُسبّح الله ويُقدسّه كلُّ لسان بألف لغة من التسبيح فهذا وما أشبهه موقوف على صحّة الخبر وصدق الراوي إذ ليس يمتنع عن البارئ سبحانه وتعالى شيء وما عسى أن يقوله قائل وهو مُصَدق بابتداع الله أعيان هذا العالم لا من عين سابقة فمن لم يعجز عن هذا فليس عن اعجب منه بعاجز وإذا كانت أحوال الملائكة كما وصفنا من إطلاق اسم الملائكة على الجماد والموات فغير بديع ما حُكى عنهم وقد قيل الريح ملك وقيل من نَفَسِ مَلَك وأَذْكُرُ أنّي حاجنّي رجل من البهافريديّة [1] وهم صنف من المجوس أطلبهم للخير وآلفهم عن الأذى في دفننا موتانا ما تعنينا بذلك فقال أنّ الأرض مَلَكٌ وانتم تلقمونه الموتى فكيف تستحسنون ذلك وقد يرى بعض الناس انّ الشياطين كلّ

_ [1] . البهاقردية Ms.

القول في الملائكة أمكلفون أم مجبورون وهم أفضل أم صالحو المسلمين

شرّير داعر [1] والملك كلّ خير فاضل ومذهب الدنانير ما حكيناه ووصفناه، القول في الملائكة أمكلّفون أم مجبورون وهم أفضل أم صالحو المسلمين قال قوم هم مضطرّون إلى أفعالهم مجبورون عليها وروي عن ابن عبّاس أنّه قال في قوله يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ 21: 20 أن التسبيح لهم بمنزلة النفس لنا وقال آخر هم مكلّفون مجبورون لأنّ الله تعالى يقول وَمن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ من دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ 21: 29 ولا يصحّ الوعيد على غير المقدور عليه وقد قال إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قال إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ 2: 30 فدلّ هذا القول منهم على اختيارهم وقال لا يَعْصُونَ الله ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ 66: 6 ولو لم يكونوا قادرين على المعصية لما كان يمدحهم بترك المعصية ومعنى قوله يسبحون الليل والنهار لا يفترون مدح لهم على المواظبة على الطاعة أو لا يقطعهم عنها ما يقطع الناس من الحوائج والأشغال وقول ابن عبّاس رضي الله عنه أنّ

_ [1] . كذا في الأصل Ms.marg.

التسبيح سهل عليهم كالنفس [34] في سرعة المؤاتاة والمطاوعة ويجوز أن يكون من تسبيحهم ما هو اضطرار ومنه ما هو اختيار فإن قيل إذا كانت الطاعة منهم باختيار فهل لهم على ذلك من ثواب فمن قائل أن ثوابهم تقريب المنزلة ورفع الدرجة وآخر أنه زيادة القوّة على الطاعة وتجديد الجِدّ والنشاط في العبادة وآخر أنه اخدامهم أهل الجنّة وليس الثواب كلّه المطعمُ والمشربُ لأنهم ليسوا بذوي أجسام مجوّفة فيُلجئهم الحاجة إلى ما يحتاج إليه ذوو الأجسام المجوّفة وقد قيل أنّ ثوابهم أن يستجيب دعاؤهم في الموحّدين وذلك قوله تعالى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمن حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ به 40: 7 ويستغفرون للذين آمنوا ربّنا وسعت كلّ شيءٍ رحمة وعلما الآية فطاعتهم مذخلقوا ان يستجاب في الموحّدين ولهم مسألة وتضرّع وطاعتهم بعد ذلك بشكر وبعرف [1] واختلفوا في الملائكة وصالحي المؤمنين أيّهم أفضل فذهب كثير من المسلمين إلى تفضيل الملائكة واحتجّوا بقوله تعالى قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ الله وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ 6: 50

_ [1] . كذا في الأصل Indicationmarg.

وقوله تعالى فيما يحكى عن الشيطان ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا من الْخالِدِينَ 7: 20 وقول صواحب يوسف ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ 12: 31 وقوله تعالى لا يَعْصُونَ الله ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ 66: 6 وقوله تعالى يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ 21: 20 وقوله وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ في الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ من الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا 17: 70 فلمّا لم يقُلْ على من خلقنا علمنا أن هاهنا من هو أفضل منهم قالوا وهل يستوي حال من لا يُعصى قطّ وحال من لا يتعرّى عن معصيته وكيف بفضيلة عمل مَنْ أقصى عُمره مائة سنة وفضيلة مَنْ عُمره الأبد وذهب إلى أنّ صالحي المؤمنين أفضل لمكابدتهم مشقّة الطاعة مع منازعة الشهوة وممانعة الشيطان والعمل بالغيب خوفاً وطمعاً وإنّى يقع طاعة من أُصْفِي عن شوائب الهوى وأُخْلص من مزاحمة [1] الشهوة وأُمِدّ بظلّ العصمة وحُرسَ من الوساوس من طاعة مجبول على الهوى مطبوع على الشهوات موكّل به أعداء من نفسه وجنسه وشيطانه وانّما يستحقّ

_ [1] . مزاج Corr.marg.

العمل تمام الفضيلة باحتمال الكدّ والعناء والمشقّة فيه قالوا وليس ينكر [1] أن الملائكة أفضل من الناس ومن كثير من أهل الإسلام حتّى تكرمنا [2] ما تلاه خصمنا من الآيات وإنّما تفضيلنا فاضلي المؤمنين وصالحيهم وقد أسجدهم الله لصفيّه آدم عم فهلاّ كان ذلك على سَبْقه بالفضيلة وقال جلّ وعزّ وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ الله هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ 66: 4 فقدّم صالحي المؤمنين بالذكر لفضيلتهم على كثير من الملائكة وليس في وجوب الإيمان بهم أكثر فضيلة من وجوب الإيمان بالمؤمنين قال الله عزّ وجلّ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ 9: 61 ثم هم مع ذلك خَوَلٌ لبني آدم وحفظة عليهم وقد رُوي في الحديث أنّ الملائكة سألوا الجنّة فقال الله سبحانه لا أجعل صالح من خلقتُ بيديّ كمن قلتُ له كن فكان ورُوينا عن كعب أنّه قال ركب الله في الملائكة العقل بلا شهوة وفي البهائم الشهوة بلا عقل وفي ابن آدم كليهما فمن غلب عقله

_ [1] . [؟] نكرMs. [2] . [؟] كرمنا Ms.

ذكر ما جاء في الحجب

شهوتَه فهو خير [34] من الملائكة ومن غلب شهوتُه عقلَه فهو شرٌّ من البهائم واحتجّ بعضُ المتأخّرين بقول شاعر يمدح ابن موسى الرضا ويقال هي لأبى نواس [خفيف] قيل لي أنت أوحد النّاس في كلّ مقالٍ من الكلام النَبيهِ لك من جيدَ الكلام نظامٌ ... يُجتَنَى الدُرُّ من يَدَي مُجْتَنِيهِ فلماذا تركتَ مَدْحَ ابن موسى ... والخصالَ الّتي يجمعْنَ فيهِ قُلْتُ لا أَهتدي لمدح إمامٍ ... كان جبرئيل خادماً لأبيهِ ذكر ما جاء في الحجب أعلم أنّ الحجاب لا يوجب حدًّا على الإرسال لأنّ الله محجوب عن خلقه ولا يطلق القول بأنه محدود لأنّ الحجاب يحتمل وجوهاً من المعاني وروى وهب بن أبي سلام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل احتجب الله بشيء عن خلقه غير السموات فقال نَعَمْ بينَه وبين الملائكة الذين هم حملة العرش سبعون حجاباً من نور وسبعون حجاباً من نار وسبعون حجاباً من ظلمة حتّى عدّ خمسة عشر وفي حديث المعراج فانتهيتُ إلى بحر من بحر أخضر فنودي ان ارج محمّدا في النور رجا وذكر عدّة بحار من أنوار ومن المسلمين من يستعظم

القول بالحجاب كيف وقد روى حمّاد بن سلمة عن عمران الحرّاني عن زُرارة بن أوفي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جبرئيل هل رأيتَ ربّك قال يا محمّد بيني وبينه سبعون حجاباً من نور لو دَنَوتُ من أدناها لاحترقتُ وفي حديث أبي موسى الأشعريّ لو انكشفت سُبُحاتُ وجهه لاحترق ما عليها من شيء ويسير هذا كلّه ما روي عن الحسن أنه قال ليس شيء أقرب إلى الله تعالى من اسرافيل وبينه وبين ربّ العزّة سَبْع حجب من حجاب العزّة وحجاب الجبروت والعظمة وليست ممّا يوجب الحد في الاحتجاب لأنّها ليست بأجسام حاملةٍ بين الحاجب والمحجوب ولكنّه يمتثل في بُعد وقوع الحواسّ وقطع الأطماع في الإحاطة به والاختصاص بالعظمة والسلطان دون خلقه ومثل هذا أبلغ عند العبّاد وتعظيم البارئ وتفخيم قدره للرغبة إليه والرهبة منه إذ أكثرهم يرون ما لا يُدركه حواسّهم ولا يتصوّر في أوهامهم بإطلاق لا شيء ويدلّ على هذا التأويل ما روى في الخبر العظمة إزارى والكبرياء ركابي [1] فمن نازعنيهما أَلقَيْتُه في النار ولا أبالى فهل

_ [1] . ردائي Ms.enmarge

ذكر ما جاء في سدرة المنتهى

يعرض لسامع شك في أنّ العظمة لا يتّزر بها والكبرياء لا يتردّى بها ولكنّ الوجه ما ذهبنا إليه والله اعلم، وصفة الحجب موجودة في أشعارهم قال بعضهم [طويل] لك الحمدُ والنعماءُ والشكرُ رَبَّنَا ... فلا شيء أَعْلَى مِنْكَ حَدًّا وأَمْجَدُ مليكٌ على عرش السماء مُهيمِنٌ ... لِعزَته تَعْنُوا الوجوهُ وتسجُدُ فلا بَشَرٌ يسمو إليه بطَرْفه ... ودُونَ حجاب النور خَلْقٌ مُؤَيَّدُ ذكر ما جاء في سدرة المنتهى وهي مذكورة في كتاب الله عزّ وجلّ روى أنها على هيئة شجرة [35] يمرّ الراكب في ظلّ فَنَنٍ منها [1] سنة قبل أن يقطعها ثمرها كالقلال وورقها كآذان الفيلة يأوي إليها أرواح الشُهداء والصِدِّيقين في صورة فراش من ذهب بقول الله عزّ وجلّ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى 53: 14- 16 وقد ذكرها حَسّانُ في شعره مقام لدى سدرة المنتهى ... لأحمد لا شكّ للمرتضى

_ [1] . كذا في الأصل Lacune ;notemarginale

ذكر الجنة والنار

وقوله تعالى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى 53: 15 يرُدُّ قول من يزعم أنّ السدرة الشجرة التي كان النبيّ صلى الله عليه وسلم [تحتها بحراء إذ نزل عليه جبرئيل بالوحي اللَّهمّ ألا أن يشبهه بقوله] [1] إِنّ منبري هذا [نزعة] [2] من نزع الجنّة وقوله عم بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة فيكون مذهبا وكذلك قوله عم الجنّة تحت ظلال السيوف غير أنّ الأخذ بالظاهر على القول الأوّل أعرف وأشهر والأخبار به أكثر قالوا وإنّما سُميّت سدرة المنتهى لأنّها منتهى علم العلماء فلا يعلم أحدٌ من الملائكة والأنبياء ما وراءها إلاّ الله وحده وسمعتُ بعض القرامطة يتأوّلها نعلهم [3] بحرّاء محمّد صلى الله عليه وسلم ما علمه وأفشاه السرّ إليه لما رأى فيه من الامارات وتوسّمه فيه فضّ الله أفواههم وخيّب آمالهم، ذكر الجنّة والنار لا أعلم أحداً من أهل الأديان يُنكر الجزاء من الثواب والعقاب وإن اختلفوا في صفته واسمه ومكانه ووقته لأنّ في إبطال الجزاء إبطال الأمر والنهي والوعد والوعيد وإجازة إهمال الخلق وارسالهم ويؤدّى ذلك

_ dditionmarginale. [1] Lacune. [2] [3] . كذا في الأصل Notemarginale

إلى تسفيه الصانع وتجهيله أو الإلحاد والتعطيل وهذه المسألة مُعَلّقة بأصل التوحيد وذلك أنّه لمّا قامت الدلالة على إثبات البارئ جلّ وعزّ وقدرته وحكمته لم يجز أنْ يكون شيء من أفعاله غير حكمة وصواب فعلمنا أنّ الحكيم لم يخلق هذا الخلق عبثاً ولا لعباً ولا سهواً ولم يأمرهم ولم ينهّهم إلاّ للثواب الذي عرضهم له والعقاب الذي حذّرهم وحاشى للَّه سبحانه وتعالى على أن نظنّ به غير الحقّ فالجزاء يوجبه مُوجب التوحيد وحجّته حجته ثم لطباق أكثر أهل الأرض على الإقرار به من أعظم الحجج إذا كانت العارضة يكشفها حجّة العقل واجتماع الخلق فأيّ عذر بعدها لمتخلّف عنها أو مائل إلى ضدّها وإن أحسّ من نفسه بنفرة فأَولى به أن يَتهم عقله دون عقل المؤمنين والأمم والأجيال فإمّا القول في أينيّة الجزاء وماهيّته أجنّة ونار [أم] غيرهما فشيء يتبع فيه الأخيار ولو شاء الله يجزئ بغيرهما كما شاء ولكن المعلوم من الثواب النعمة والاغتباط والمعلوم من العقاب المكروه والنكال ولا نعمة أعظم من دوام البقاء ولا عقوبة أبلغ من النار التي هي آكلة الأضداد

ذكر اختلاف الناس في الجنة والنار

ذكر اختلاف الناس في الجنّة والنار قرأتُ في شرائع الحرّانيّة أنّ البارئ عزّ وجلّ وعد من أطاع نعيماً لا يزول وأوعد من عصى العذاب بقدر استحقاقه وهذا ناموس أكثر القدماء ومنهم من يزعم أن النفس الشرّيرة الّتي عاثت في هذا العالم وأفسدت وآذت إذا فارقت هيكلها حُبست في الأثير وهي نار في أعلى علو العالم والنفس الخيّرة التي استفادت الفضائل تعود إلى عنصرها الأزليّ ومنهم من زعم أنّ الفاضل يعلو في العُلو والراذل يتسافل فيبقى في الظلمة والخمود وقد قال أرسطاطاليس [35] أن العُلُو الأعلى محلّ الخلود وإنّ السفل [1] الأسفل محلّ الموت وعامّة أهل الهند يُقرّون بالجزاء والذين يهلكون أنفسهم بأنواع العذاب من القتل والحرق والغرق يزعمون أن جواري الجنّة يختطَفْنَهُ قبل زهوق نفسه وإنّما أثبتُ هذا لأُبَيّن لك إقرارهم بالجنة في كفرهم وجهلهم وأهل الكتاب مجمعون على الإقرار به لأن ذكر الجنة والنار في غير موضع من كتابهم إلا أنهم مختلفون في صفاتها بالجنة فتسمى بالعبرانية برديسا وبالعبريّة كنعاذن ويزعم طائفة

_ ,estdonneeenmarge. [1] سفل Ms.

من اليهود أنه إذا كان يوم القيمة أظهرت جهنم من وادي [1] وأحرثت ناراً في الوادي ونصب عليه جسر وأظهرت الجنة من ناحية بيت المقدس وأمر الخلق أن يسيروا عليه فمن كان منهم برئاً جرى مثل الريح ومن كان منهم آثماً تهافت في النار وزعمت فرقة منهم أن الجنة والنار يفنيان وذلك بعد ألف سنة من وقت أن صار الناس إليهما ثم يصير أهل الجنة ملائكة وأهل النار رميماً وزعم آخرون أنهما لا يفنيان أبداً وأما المتناسخة وأنهم يرون الجزاء في النسخ والمسخ ويزعمون أن من استمر على طبع من طباع السباع والبهائم حول إلى صورته عقوبة له ومن تعاطى الحق وكف عن الأذى وتجمّل بالجميل حول في صورة ملك أو قائد أو رئيس وهذا مذهب كثير من القدماء، ومن المعطلة من لا ينكر الجزاء في الدنيا بالفقر والفاقة والآلام والأحزان ما ارتكبه من قبيح والسعة في الدنيا والراحة والفرح واللذة جزاء ما عمله من جميل ويزعم السمنية من الهنود أن من كان قليل الخير

_ [1] كذا في الأصل.emplaceedansIems.setnotemarginale

ذكر اختلاف المسلمين في الجنة والنار

يصير كاسف البال رث الهيئة يأتي لأبواب فلا يتصدّق عليه ومن كان كثير الخير يصير ملكاً عظيماً عزيزاً فمن أطعم الطعام أصاب القوة لأن البدن تقوى بالطعام ومن كسا الثياب أصاب الجمال ومن أوقد في الظلم أصاب حسن العيش لأن الصباح يطرد الظلمات، ذكر اختلاف المسلمين في الجنة والنار اعلم أنهم فيها على ثلث فرق فزعمت المعتزلة إلا أبا الهذيل وبشر بن المعتمر أنهما لم يخلقا بعد وأنهما يخلقان يوم القيامة وأجاز النجار أن يكونا خلقتا وأن لم يخلقا بعد وأنهما يخلقان يوم القيامة وقال سائر المسلمين أنهما مخلوقتان مفروغ منهما واحتجوا بأي من القرآن وأحاديث من السنة فمنها قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قال يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ 36: 26 وقوله تعالى وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ الله أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 3: 169 وقوله تعالى وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ 3: 133 فهل يجوز أن يعد غير مخلوق وجاء في الحديث أن الله خلق الجنة كذا وكذا بصفات مضبوطة في الكتب وقال وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ 3: 131 وقال النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا 40: 46 وقال وَيا آدَمُ اسْكُنْ

أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ 7: 19 وقال مخالفوهم أن الجنة والنار ثواب وعقاب والثواب والعقاب لا يستحقان إلا بعد وجود الأعمال الموجبة لهما قالوا ولو كانت الجنة مخلوقة فأين مكانها وهي لا تسعها السموات والأرض لقوله عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ 3: 133 وتأولوا كل ما في القرآن والسنة من ذكرهما على العدة المنتظرة وقد قال الله عز وجل إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ 82: 13- 14 فأخبر عنهم وليسوا في الوقت قالوا وغير ممتنع على الله تعالى أن يخلق كل يوم جناناً ويفنيها أو يبقيها [1] [36] كما يشاء وأن ينعم أرواح المطيعين في جنة يخلقها لهم أو في غير جنة ويعذب أرواح الظالمين في نار أو في غير نار وقالوا وقد سبقت عدته في إفناء ما خلق وثوابه وعقابه غير فانيين أبداً فإن كانا موجودين فلا بدّ من فنائهما وذلك خلاف وعده لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ 18: 27 قال خصماؤهم ليست الجنة والنار ثواباً ولا عقاباً إنما هما مقر الثواب والعقاب فيهما يثاب ويعاقب والاستثناء قد تناولهما من الفناء والهلاك لقوله إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ 11: 107 ولحكمه عليها بالسرمديّة

_ [1] . يفنها Ms.

ذكر صفة الجنة والنار

والأبدية وكما أنه وعد أن يفنى الخلق فكذلك وعد أن لا يفنيهما ثم اختلف هؤلاء في مكان الجنة فقال بعضهم هي في الآخرة والآخرة مخلوقة وقال بعضهم بل هي في عالم لها وللَّه عوالم الخلق ما يشاء وقال بعضهم بل هي في السماء السابعة سقفها عرش الرحمن وروى خبراً وزعم بعضهم أنها مخلوقة ولا يدري أين هي وليس بعجب أن يمسكها الله في مكان كما أمسك العالم لا في مكان قالوا والنار تحت الأرض السابعة السفلي وروى فيه خبراً ذكر صفة الجنة والنار أجمع ما في القرآن لوصفها قوله تعالى وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ 43: 71 وأجمع خبر فيها خبر أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وبله ما اطلعتم عليه قال أبو هريرة رضي الله عنه ومصداق هذا في كتاب الله عز وجل فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ من قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ 32: 17 ورواه حمزة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن محمّد بن

الخفيّة [1] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حدثوا عن الجنة بما شئتم فلن تحدثوا عنها بشيء إلا وهي أشد منه فمن هاهنا استجاز من استجاز صفة الجنة والنار بما لم يأت في الرواية لأن الواصف وإن أفرط في الوصف لم يعد مدى خاطر همته وغاية معرفته لا بلغ كنه ما فيها ولا بعضه لأن نعم الله ونقمه فوق ما يحصيه المحصون إذ لا غاية لها ولا نهاية أبداً وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الجنة فقال جرد مرد مكحلون من أبناء ثلث وثلاثين سنة هذا من طريق حماد بن سلمة عن علي بن مريد عن المسيب عن أبي هريرة وفي رواية أخرى من أبناء ثلث وثلاثين سنة على سن عيسى وصورة يوسف وقلب إبراهيم وطول آدم وصوت داود ولسان محمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين وقال أبو هريرة إن أهل الجنة ليزدادون جمالاً وحسناً كما يزدادون في الدنيا قباحة وهرماً وأنكر قوم من أهل الكتاب الأكل والوطىء في الجنة وذلك أن منهم من لا يرى البعث إلا للأرواح فكذبهم الله في القرآن بذكر الطعام الحواري التي وصفها في الجنة وروى [2] عن النبيّ ضلعم

_ [1] . الحنفيّهMs. [2] . ورو Ms.

لما يذكر الجنّة قال إن الرجل منهم يعطي قوة ألف رجل في الطعام والجماع قالوا وكيف المس يا رسول الله قال دحماً دحماً إذا قام عنها رجعت مطهرة بكراً بذكر لا يمل وفرج لا يحفى وشهوة لا تنقطع فقال يهود من أكل يغوط فقال النبي صلى الله عليه وسلم [36] ولا يتغوطون وانّما هو عرق يفيض من أعراضهم مثل المسك فتضمر له بطونهم وسئل عن النوم فقال صلى الله عليه وسلم النوم أخو الموت وأهل الجنة لا يموتون وسئل عن الولد قال فتنة وروى أنه قال لو أرادوا لكان حمله ووضعه ونشوه في ساعة واحدة وسئل عن المرأة التي يكون [1] لها زوجان لمن تكون في الجنة ففي رواية حذيفة أنه قال تكون لآخر زوجيها ولما خطب معاوية أمّ الدرداء قالت لست أبغي بأبي الدرداء بديلاً سمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة لآخر زوجيها ولذلك حرم أزواج النبي صلى الله عليه من بعده ليكن أزواجه في الجنة وروى عن الحسن أنه قال تخير المرأة فتختار أحسنهما خلقاً وسئل ضمرة بن حبيب أيدخل الجنة فقال نعم واستدل بقوله تعالى لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ 55: 56

_ [1] . تكون Ms.

فللأنس أنسيات وللجن جنيات وسئل أبو العالية عن أوقات الجنة قال كمثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لا شمس فيها ولا قمر ولا ليل ولا نهار وهم في نور أبداً وإنما يعرفون مقادير الليل والنهار بإرخاء الحجب وفتح الأبواب وسئل الحسن عن الحور العين فقال عجائزكم هؤلاء العمش الرمص وتلا إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً 56: 35- 36 الآية فقال ويعطون أزواجا غيرهنّ من الحور العين وفي حديث ابن المبارك عن رشيد بن سعد عن ابن أنعم أن من دخل من نساء أهل الدنيا الجنة فضلن على الحور العين بما عملن في دار الدنيا وهذه الأخبار أتينا بها لشهرتها عند عوام الأمة واستغنائها عن الأسانيد وسئل عن قوله عز وجل وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ 43: 71 فلو اشتهت ما يستقبحه العقول كالقتل والغضب [1] والظلم ونكاح الأخوات والبنات فأجابهم المسلمون بأن هذا وما أشبهه مما لا يشتهون في الجنة لأنها ليس فيها كما لا يشتهون الموت والمرض والذل والفاقة لأنها ليست فيها فتحبس طباعهم عن التشوق إلى ما يستقبح في العقول وينسون

_ [1] . العضب Ms.

ذكر صفة النار وأهلها

ذكرها واعلم هداك الله أن كل ما وصف به من ذهبها وفضتها وجواهرها وطيبها وطعامها وسائر ما وصف منها كلها على الحقيقة في الأسماء الكثيفة كما خلقت جواهر الأرض وثمارها بقول الله عز وجل وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ 29: 64 وروى عن ابن عباس رضي الله عنه عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الجنة فقال نور يتلألأ وحدثنا الحسن بن هشام العبسي عن وكيع عن الأعمش عن ابن عباس رضي الله عنه قال ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إلا الأسماء، ذكر صفة النار وأهلها أجمع أية في وصف النار قوله وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ من عَذابِها 35: 36 وأجمع خبر فيها خبر محمد بن الحنفية وإن كان مرسلاً حدثوا عن النار بما شئتم فلن تحدثوا عنها بشيء إلا وهي أشد منه والذي يوجب القياس الشديد أن يكون كلّ ما وصف به النار من أغلالها وإنكالها وحياتها وعقاربها وأوديتها ومقامعها وسائر ما ذكر في القرآن والأخبار خلاف ما هو في الدنيا كما قلنا في صفة الجنة وأن يكون الجمع بينهما من جهة الاسم

لا من جهة المعنى لأن النار دار خلود كما أن الجنة دار خلود [37] وسئل إبراهيم النخعي عن صفة نار جهنم فقال ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ولقد ضرب بها البحر مرتين ولولا ذلك لما انتفعتم بها وسئل الحسن عن النار فقال يصير البحر ناراً ثم تلا وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ 81: 6 فقال يفجر بعضها من بعض ثم يرسل عليها من الجنوب ريحاً ويسلط عليها الشمس حتى يسجرها فتصير [1] ناراً فجعلها الله محبساً لأهل المعاصي وزعم قوم أن النار مخلوقة اليوم وأنها تحت تخوم الأرضين السفلى والبحار هي الحاجزة عن الخلق وأن حرارة الشمس وحمى الصيف مؤخرها [2] ورووا أن النار اشتكت فقالت أكل بعضي بعضاً فأذن لها في نفسين نفس في الصيف ونفس في الشتاء وأراك أشد ما يكون في الحر والبرد وفي الصحاح من الحديث ابردوا بالظهر فإن في شدة الحر من فيح جهنم واستعظم قوم بقاء ذي روح في النار وذلك لقصور علمهم لأن النار ضروب كالأثير الّذي يزعمون في علو الهواء

_ [1] . فيصيرMs. [2] . موحّرها Ms.

وكالنار الكامنة في الحجر والشجر وقد سئل ابن عباس رضي الله عنه فيما رووا فقال النيران أربع نار تأكل وتشرب وهي ناركم هذه ونار لا تأكل ولا تشرب وهي النار في الحجر ونار تشرب ولا تأكل وهي نار الشجر ونار تأكل ولا تشرب وهي نار جهنم تأكل لحومهم ولا تشرب دماءهم فلذلك يبقى أرواحهم فأخبر أن نار جهنم خلاف النيران التي ذكرها بقول الله بعالى كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها 4: 56 فأخبر سبحانه أنه يبدل لهم الجلود لتبقى لهم الأرواح لا تأتي عليهم النار فيفنيهم وقد أرانا الله من قدرته فيما ركب عليه طباع بعض الحيوانات ما دلنا به على جواز بقاء ذي روح بالنار كالنعام التي تأكل النار ولا يضرها والطائر الذي يدخل النار فلا تحرقه وما أراه جعل ذلك إلا عبرة فدلنا على جواز بقاء الحياة في أهل النار وإلا فما جاز في طباع الحيوان الاغتذاء بالنار والحديدة المحماة وجاء في صفة أهل النار بالعجيب الفظيع فمن ذلك ما روى أنه سئل أبو هريرة رضى الله عنه عن قوله تعالى وَمن يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ 3: 161 وكيف يأتي من غل مائة بعير ومائتي شاة فقال

ذكر اختلاف الناس في بقاء الجنة والنار وفنائهما

أرأيت من كان ضرسه مثل الأحد وفخذه مثل ورقان وساقه مثل البيضاء ومجلسه ما بين المدينة إلى الرَّبَذَة وعن الربيع بن أنس قال مكتوب في الكتاب الأول أن جلد أحدهم أربعون ذراعاً وبطنه لو وضع فيه جبل لوسعه وأنه ليبكي حتى يصير في وجهه أخاديد من الدمع لو طرح فيها السفن لجرت كذا الرواية والله أعلم، وأعلم أن كل ما يوصف من الجنة والنار فسبيله السمع والخبر وما موجب العقل فالأصل الذي هو الجزاء فلا تشتغل بجواب السائل عن الصفات إذا كان منكراً للأصل حتّى يقرّبه، ذكر اختلاف الناس في بقاء الجنّة والنار وفنائهما قرات في شرائع الحرانيين أن للعالم علّة لم يزل وأنه واحد لم يتكثر ولا يلحقه وصف شيء من المعلومات كلف أهل التمييز الإقرار بربوبيّته وبعث الرسل للدلالة وتثبيت الحجّة فوعدوا من أطاع نعيماً لا يزول وأوعدوا من عصى عذابا بقدر استحقاقه ثم ينقطع وقال بعض أوائله أنه يعذب سبعة [37] آلاف دور ثم ينقطع العذاب ويصير إلى رحمة الله تعالى والهند على كثرة اختلافها يجمعها نحلتان السمنية المعطلة والبراهمة الموحّدة

وكلهم مقرون بالجزاء وأن العذاب سينقطع يوماً والسمنية تقول أن الثواب والعقاب موجودان في هذا العالم بالحواس جزاء ما اكتسبته النفوس باقية خالدة فاعلة وفعلها الإيجاد بالأجساد وأنها لا يزال ساكنة الأبدان فإذا فارقت جسداً لم تعد فيه أبداً وأنها تتناسخ على فعالها لا يأتي أمراً إلا على قدر هواها وهمتها فإذا اجترحت السيئات أثرت تلك الأفعال في جوهرها وصار غرضاً لازماً لها فإذا فارقت الجسد ذهبت بذلك التأثير إلى الجنس الذي لا يلايم همتها فتلابسه فيصير بذلك السبب إلى المكروه وهو التناسخ في أجساد الحيوان كله من الهوام والأنعام والآنام والطير في البر والبحر قالوا وأشد ذلك كله إذا حولت في جسد حيوان تحت الأرض حيث لا ماء ولا معمورة ويطول عذابها بالجوع والعطش والحر والبرد ثم تجوء [1] إلى جهنم وعذابها وذلك نهاية العذاب وأخراه ثم يعود من جهنم القهقرى إلى وجه الأرض للعمل قالوا والتي عملت الصالحات والأفعال الفاضلة بالضد مما وصفنا فيلابس الجمال والكمال والصحّة والأمن والقوّة والإنس والنشاط

_ [1] . تحوّ Ms.

والملك والعز وطيب النفس ويصير آخر ذلك كله إلى الجنة فيمكث فيها بقدر استحقاقها ثم يرجع إلى الدنيا للعمل قالوا والجنة اثنتان وثلاثون مرتبة ويمكث أهلها في أدنى مرتبة منها أربع مائة ألف سنة وثلث وثلاثين ألف سنة وستمائة وعشرين سنة وكل مرتبة أضعاف ما دونها بحساب يطول عدده قالوا والنار اثنتان وثلاثون مرتبة ثم وصفوها بعجائب الصفات من الحريق والزمهرير وزعموا أن من قتل شيئاً من الحيوان دون الناس قتل به مائة مرة ومرة ومن قتل إنساناً قتل به ألف مرة ومرة قالوا وليس عضو من الأعضاء قبح أو سمج خلقته إلا وقد أتى صاحبة بذلك العضو داهية من الدواهي هذا أصل التناسخ ومنهم انتشر في سائر الأمم وليس من أمة من الأمم إلا وهي مقرة بالجزاء كما ذكرنا إما التناسخ وإما الذخر في الآخرة وأجمعوا أن العذاب بقدر الاستحقاق ثم ينقطع وزعم كثير من اليهود أنه إذا أتى على الجنة والنار ألف سنة بعد ما صار إليهما أهلهما فنيتا وتعطلتا وصار أهل الجنة ملائكة وأهل النار رميماً واحتجوا بقول الأنبياء الاثنى عشر [1]

_ Ms. [1]

ذكر اختلاف الناس في هذا الفصل

أنه مكتوب في سفر يهوشوع [1] أن الله يقول إن تمسكت أمري وأتممت ميثاقي أعطيتك موضعاً وسط هؤلاء الواقفين قدامي وقال في أهل النار يصيرون رميماً تحت أرجل معاشر أهل الجنة وسمعت رجلاً من يهود عليهم اللغة يزعمون أن منهم من يقول أن العالم ينقضي في كل ستة ألف سنة ويجدد وأن يوم السبت يوم الحساب ومقداره ألف سنة ويوم الأحد يوم الابتداء والله أعلم بما قال وكثير منهم يقول ببقاء الجنة والنار على الأبد ويحتجون بقول شعيا في سفره أن أهل الجنة يخرجون ويرون أجساد الذين عصوني لا يموت أرواحهم ولا تخمد نارهم والمجوس يزعم أن المسيء يجازى بقدر استحقاقه بعد موته [38] بثلاثة أيام كفاء ما فعل سواء لا زيادة ولا نقصان ومنهم من يزعم أن الجنة والنار في الدنيا بأرض الهند مع هوس كبير وتخليط ظاهر، ذكر اختلاف الناس في هذا الفصل زعمت طائفة منهم أنه لا بدّ من فناء النار وانقضائها يوماً ما رووا فيه روايات فرووا عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال يأتي على جهنم

_ [1] . بهرشوع Ms.

زمان تخفق [1] أبوابها ليس فيها أحد وذلك بعد ما لبثوا أحقاباً وعن الشعبي جهنم أسرع الدارين خراباً وعن عمر رضي الله عنه وأرضاه لو لبث أهل النار في عدد رمل عالج لكان لهم يرجون واحتجوا بأشياء من باب التعديل ولم يختلفوا في بقاء الجنة على الأبد وقالوا آخرون أنهما مؤبدتان دائمتان لا تفنيان ولا تزولان واحتجوا بأنه لم يكن لنعم الله انتهاء وجب أن لا يكون لنقمه انقضاء ورووا عن الأوزاعي أنه ذكر هذه الروايات التي احتج بها الأولون وقال قد كان الناس يرجون لأهل النار الخروج عند قوله خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ 11: 107 وقوله لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً 78: 23 فلما نزلت في المائدة وهي آخر ما نزل في القرآن يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا من النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ 5: 37 علموا أنها لا تفنى أبداً فإن قيل كيف يجوز على الحكم العدل أن يعاقب على جرم منقض بعقوبة غير منقضية قيل هو الجزاء على السواء وكما أنه لم تقصر مدة عمره على الكفر في دار الدنيا وجب أن لا يقصر عنه العذاب مدة عمره في الآخرة

_ [1] [؟] حقق Ms

وأيضا فإنّ نعمة ما لم تكن منتهية وجب ان لا يكون نقمة منتهية وقد كانت العرب في جاهليتها تؤمن بالجزاء ومن نظر منهم في الكتب كان مقراً بالجنّة والنار فمنه قول أميّة [وافر] جهنم تلك لا تبغي بقيا ... وعدن لا يطالعها رجيم [1] إذا جهنم ثم فارت ... وأعرض عن قوابسها الجحيم يحب بصندل صمّ صلاب ... كأن الصاحيات لها قضيم [2] فتسموا ما يعنيها ضواء ... ولا يحبو فيبردها السموم فهم يطفون كالاقذاء فيها ... لئن [3] لم يغفر الرب الرحيم بدانية من الآفات نزه ... برآء لا يرى فيه سقيم سواعدها تحلب لا تصرّى ... بها الأيدي محلّلة تحوم يغيض حلابها من غير ضرع ... ولا بشم ولا فيها جزوم فيحرم عنهم ولكل عرق ... عجيج [4] لا أحذ ولا يتيم [5] فذا عسل وذا لبن وخمر ... وقمح في منابته صريم ونخل ساقط الأكتاف عد ... خلال أصوله رطب قميم وتفّاح ورمّان وموز ... وماء بارد عذب سليم

_ [1] . رحيمMs. [2] . [؟] ضيمMs. [3] . لينMs. [4] . عجMs. [5] . [؟] ييم Ms.

وفيها لحم شاهدة ونحر [1] ... وما فاهوا لهم فيها مقيم وحور لا يرين الشمس فيها ... على صور الدمى فيها سهوم نواعم في الأرائك قاصرات ... فهن عقائل وهم قروم على سرر ترى متقابلات ... الاثم النضارة والنعيم عليهم سندس وجناب ريط ... وديباج يرى فيها فيوم وحلوا من أساور من لجين ... ومن ذهب وعسجدة كريم ولا لغو ولا تأثيم فيها ... ولا غول ولا فيها مليم وكأس لا يصدع شاربيها ... يلذ بحسن رويتها النديم يصفوا [2] في صحاف من لجين ... ومن ذهب مباركة رذوم إذا بلغوا التي اجروا إليها ... تقبلهم وحلل من يصوم وخفقت البدور وأردفتهم ... فضول الله وانتهت القسوم [38] اعلم أن هذه الأشياء ممّا جاءت به الرواية والخبر فمنها ما هو ثواب ومنها ما هو عقاب ومنها ما هو تمييز وتفريق والمسلمون لا يختلفون في أساميها وإنما الخلاف في معانيها فإما الصراط فقد جاء في الحديث أنه ينصب جسر على ظهر

_ [1] . [؟] حرMs. [2] . [؟] صفو Ms.

جهنم ويحمل الخلق عليه فمن كان من أهل الجنة جازه ومن كان من أهل النار تهافت فيها وقيل في صفته أنه أحد من السيف وأدق من الشعرة دحص [1] مزلة وفيه كلاليب وخطاطيف وسعدان مضرسة وحسك مفلطحة مسيرة كذا سنة صعوداً وهكذا هبوطاً وكذا وطأ والناس يجوزونه بقدر أعمالهم فمنهم من يمر كالبرق الخاطف ومنهم من يمر كالريح العاصف ومنهم من يمر كالطير الهادي ومنهم من يمر كالجواد المضمر ومنهم من يمر عدواً ومنهم من يمر هرولة ومنهم من يمشي مشياً ومنهم من يزحف زحفاً ومنهم من يحبو حبواً ومنهم من يحتضنه بكشحه وصدره والزالون والزالات [2] كثير وقد أجيب من يزعم أي ظلم أعظم من حمل الناس على ما هذه صورته أنه جعل تمييزاً بين أهل الطاعة وأهل المعصية وعلامة للحق على هلاك من هلك ونجاة من نجا وقد جاء في بعض الأخبار أن أهل الطاعة يجوزونه ولا يشعرون به وقيل ينزوي تحت أقدامهم كما ينزوي الجلدة من النار فإذا استقروا في الجنة قالوا ما بالنا لم نجز الصراط ولم نرد النار التي وعدنا فيقال انكم جزتم الصراط

_ [1] . دحضMs. [2] . الرالون والرالات Ms.

في الدنيا بأعمالكم ووردتم النار وهي خامدة ومن هاهنا ذهب من ذهب الى تأويل الصراط وما الزم الإنسان وكلف من مشقة الطاعة ومجاهدة النفس فيما ينزع إليه وعلى هذا فسر بعضهم فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ 90: 11- 13 الآية وأما المعتزلة وأهل النظر فإنهم يذهبون إلى أن الصراط هو الدين الذي أمر الله بلزومه والتمسك به وكان أبو الهذيل من بينهم يجيز ما جاء في الخبر كما جاء ويحتج بما ذكرناه بدئاً وأما الميزان فروى كثير من المسلمين أنه خلق على هيئة الميزان التي يتعاطاه الناس بينهم في معاملاتهم ومبايعاتهم يوزن به أعمال العباد والأعمال عندهم مخلوقة وفي كتاب وهب عن ابن عباس ان له كفّتين وعمودا كلّ كفّة طباق الأرض إحداهما من ظلمة والأخرى من نور وعموده ما بين المشرق والمغرب وهو معلق بالعرش وله لسان وصيح ينادي الأسعد فلان والأشقى فلان فإن صحت الرواية فالمعنى فيه ما ذكرناه في الصراط أنه جعل مميزاً فارقاً وهو قول أبي الهذيل يجوز أن ينصب [1] ميزان يجعل رجحانه علامة لمن نجا وخفّته

_ [1] . ينضب Ms.

علامة لمن هلك وقالت المعتزلة غيره وكثير من الأمة أن الميزان مثل لتسوية الجزاء وتحقيق العدل وهو قول مجاهد والضحاك الشعبي واحتجوا بقول الناس للرجل الأمين العدل ما هو إلا كالميزان المستقيم ألا ترى إلى ما يرثى به عمر بن عبد العزيز رحمه الله [بسيط] قد غيب [1] الدافنون الترب إذ دفنوا ... بدير سمعان قسطاس الموازين وانشد الفرّاء بيتا [كامل] قد كنت قبل لقائكم ذا مرة عندي لكل مخاصم ميزان [39] ويسمى الحجة ميزاناً والله اعلم واحكم واختلفوا في الموزون فقال قوم يوزن عين الأعمال فتخف السيئة لأنه يأتيها الإنسان بخفة ونشاط وتثقل الحسنة لأنه يأتيها بعناء وكلفة وقالت طائفة بل يوزن صحف الأعمال وهو قول ابن عباس رضي الله عنه ويعضد رواية عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى برجل يوم القيامة ويؤتى بتسعة وتسعين سجلّا

_ corriged ,aqciteparMasoudi ,prairiesd ,Or ,t.V ,p.445 [1] بن عيب Ms.

كل سجل مد البصر فيها ذنوبه وخطاياه فيوضع في كفة ثم يخرج له قرطاس مثل واشد بطرف سبابته على بعض إبهامه فيه شهادة أن لا إله إلا الله فيوضع في الكفة الأخرى فيرجح به وقال قوم يوزن ثواب الأعمال وذلك أن الله يظهره في صورة ويحدث عند الوزن ثقلاً في الطاعة وخفة في المعصية وكل ما حكى وروى ممكن والله أعلم بالحق وأحكم وأما الأعراف فذكر أنه كسور بين الجنة والنار يوقف عليها قوم إلى أن يقضي الله تعالى بين خلقه مع اختلاف كثير في من يقام عليه ويدل على أنه من الجنة قوله عز وعلا وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا من الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله 7: 50 [1] وفيه يقول أميّة بن ابى الصلت [بسيط] وآخرون على الأعراف قد طمعوا ... بجنة حفها الرمان والحصر منهم رجال على الرحمن رزقهم ... مكفر عنهم [2] الأخباث والوزر وأما الصور فإن الرواة مختلفة فيه فروى أنه كهيئة القرن

_ [1] . ربكمMs. [2] . عنه Ms.

يجمع فيه الأرواح ثم ينفخ منه في الأجساد عند البعث وقال قوم يخلق الصور يوم القيامة وتأوّلوا قوله وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ 6: 73 قال يقول للسماوات كوني صوراً ينفخ فيه وقال بعضهم الصور جمع الصورة وإن صح الخبر كيف أنعم وصاحب الصور قد التقمه وحنا جبهته ينظر متى يؤمر فينفخ لزم التسليم والقول به وأما الحوض جاء في الحديث بروايات مختلفة وقال كثير من أهل التفسير أن الكوثر اسم حوض النبي صلى الله عليه وسلم وروى ما بين جنبي حوضي كما بين صنعاء وايلة وآنيته [1] في عدد نجوم السماء ماءه أحلى من العسل وأبرد من الثلج وأشد بياضاً من اللبن من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً وقال قوم في تأويل الحوض أنه عمله ودينه وطريقته والله أعلم، تمّ الجزء الأوّل

_ [1] . وانيته Ms.

المجلد الثاني

المجلد الثاني الفصل السابع في خلق السماء والأرض وما فيها قد بينا مقالات الأمم في حدث العالم وقدمه وقد ذكرنا آراءهم في المبادي وكشفنا عن عوار كل من خالف الحق ودللنا على أن مأخذ هذا العالم لا يصح إلا من جهة الوحي والنبوة بما لا مزيد عليه في مقدار الشريطة التي نصبناها في كتابنا هذا والله أعلم والموفق والمعين وقد اختلفت الروايات في هذا الباب عن ابن عباس ومجاهد وابن إسحاق والضحاك وكعب ووهب وابن سلام والسندي والكلبي ومقاتل وغيرهم [39] ممّن يتحرى [1] هذا العلم وينحو نحوه فلنذكر الأصح من رواياتهم والأقسط للحقّ

_ [1] . ل [؟] حرى Ms.

والأشبه بالصواب ونسوق ما يحكيه أهل الكتاب ولا يكذبهم إلا فيما يتيقنه من وفاق كتابنا أو خبر نبينا صلى الله عليه وسلم وروى أبو حذيفة عن رجال أسماءهم أن الله تعالى لما أراد أن يخلق السماء والأرض سلط الريح على الماء حتى خربته فصار موجاً ودهنا ودخأنا فأجمد الزبد فجعله أرضاً وأجمد الموج فجعله جبالاً وأجمد الدخان فجعله سماء وربما يقع تغيير في العبارة لزيادة بيان فليراع الناظر المعنى لا اللفظ وزعم محمد بن إسحاق أن أول ما خلق الله النور والظلمة فجعل الظلمة ليلاً وجعل النور نهاراً ثم سمك السماوات السبع من الدخان دخان الماء حتى استقللن ولم يحبكهن وقد أغطش في السماء الدنيا ليلها واخرج ضحاها فجرى منها الليل والنهار وليس فيها شمس ولا قمر ولا نجوم ثم دحا الأرض وأرساها بالجبال وقدر فيها الأوقات ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ 41: 11 قال فحبكهن وجعل في السماء الدنيا شمسها وقمرها ونجومها وأوحى في كل سماء أمرها وقريب من هذا ما روى عن عبد الله بن سلام أنه حكى عن التوراة أن خلق البخار [1] الذي خرج من الماء والجبال والأرض من

_ [1] . البحار Ms.

الأمواج ودحا الأرض من تحت موضع الكعبة عن الكلبي والسندي أن الأرض كانت تكفأ كما تكفأ السفينة فأشمخ الله جبالها وأرساها بالأوتاد حتى استقرت وتوطدت لقول الله تعالى وَأَلْقى في الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ 16: 15 وفي صدر التوراة [1] التي في أيدي أهل الكتاب أن أول ما خلق الله السماء والأرض وكانت الأرض خربة خاوية وكانت الظلمة على الأرض وريح الله تعالى يزف على وجه الماء فقال الله ليكن [2] النور فكان النور فرأى الله حسناً فميزه من الظلمة وسماه نهاراً وسمى [3] الظلمة ليلاً وقال ليكن رفيعاً وسط السماء فليحل [4] بين الماء والسماء [5] فكان سقفاً يميز بين الماء الذي أسفل وبين الماء الذي هو أعلى وسماه سماء وقال الله ليجمع الماء الذي تحت السماء وليكن اليبس فكان كذلك فسمى مجتمع الماء البحار وسمى اليبس الأرض وقال الله ليخرج الأرض الزهر والعشب والشجر ذا

_ [1] . التوراةMs. [2] . ليلىMs. [3] . وسمّىMs. [4] . فل [؟] حلMs. [5] . المساء Ms.

الحمل فأخرجت الأرض ذلك ثم قال الله تعالى ليكن نوران في سقف السماء ليميزا بين الليل والنهار وليكونا آيتين للأيام والشهور والسنين فكان نوران الأكبر والأصغر فالأكبر لسلطان النهار والأصغر والنجوم لسلطان الليل فرأه الله حسناً وقال الله تعالى ليحرك الماء كل نفس حية وليطر الطير في جوف السقف وخلق الله ثمانين عظاماً وحرك الماء كل نفس حية لجنسها وكل طائر لجنسه فرأى الله ذلك حسنا فقال انموا وأكثروا واملئوا الأرض وقال الله تعالى نخلق بشراً كصورتنا وشبهنا ومثالنا ويكون مسلطاً على سمك البحار وطير السماء ودواب الأرض فخلق آدم على صورته ومثاله وشبهه، وامّا الفرس فإنّهم يحكون عن علمائهم وموبذيهم [1] أنّ الله خلق في ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً ووضع ذلك على أزمنة كاه انبار دين ماه [2] وأن أول ما خلق الله السماء في خمسة وأربعين يوماً وهو كاه أنبار [دي] ماه وخلق الماء في ستين يوماً وهو كاه أنبار ارديبهشت ماه وخلق النبات في ثلاثين يوما

_ [1] . وموبذهمMs. [2] . على ارمنه كاه انبار Ms.

صفة السماوات

وهو كاه أنبار ابان ماه هذا ما عليه عامة من يعرفهم [40] من أهل الأرض بحدث العالم والأصدق من ذلك ما نطقت به كتب الله أو جاءت به رسله لأنه لم يشاهد الخلق أحد فيخبر عنه ولا العقل موجب كيفية ذلك ثم لا شيء أحمل للزيادة واخلط في الرواية وأكثر تشويشاً واضطراباً من هذا الباب قال الله تبارك وتعالى خَلْقِ السَّماواتِ 2: 164 فبدأ بذكر السماء على الأرض في غير موضع من كتابه ثمّ قال أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ في يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً 41: 9 [1] الآية إلى قوله ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ 41: 11 [2] وقال أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها 79: 27- 28 [3] إلى قوله وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها 79: 30 [4] فأخبر أن خلق السماء كان قبل خلق الأرض وبسط الأرض كان قبل تسوية السماء وما فيها كما ذكره ابن إسحاق، صفة السماوات قال الله تعالى خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً 67: 3 [5]

_ Qor. ,ch.XLI ,v.8. [1] Qor. ,ch.XLI ,v.10. [2] Qor. ,ch.LXXIX ,v.27 -28. [3] Qor. ,ch.LXXIX ,v.30. [4] Qor. ,ch.LXVII ,v.3 ,etch.LXXI ,v.14. [5]

فأخبر أن بعضها فوق بعض وزعم الكلبي أنّ السماوات فوق الأرض كهيئة القبة الملتصق منها أطرافها وقول الله أحق أن يتبع ما لم يرد تخصيص صادق أو تبيين وروى وهب عن سلمان الفارسي رحمه الله أن الله خلق السماء الدنيا من زمردة خضراء وسماها برقع [1] وخلق السماء الثانية من فضة بيضاء وسماها كذا وخلق السماء الثالثة من ياقوتة حتّى عدّ سبع سماوات بأسمائها وجواهرها وروى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال إن السماء الدنيا من رخام أبيض وإنما خضرتها من خضرة جبل قاف وروى أن السماء موج مكفوف واختلف القدماء فيه فزعم بعضهم أن جوهر السماء من حديد وزعم بعضهم أنه جوهر صلب وجمد بالنار حتى صار مثل الجليد ومنهم من يزعم أنه جوهر ناري وبعضهم يراه جوهراً مركباً من حار وبارد وبعضهم يقول هو دخان من بخار الماء تكاثف وتصلب وبعضهم يراه جواهرا خارجاً من مزاج الطبائع فكلهم يسمون السماوات الأفلاك فالذي يحب أن يعتقد منه أنه جوهر ما آن لو لم يكن كذلك ما قبلت الأعراض التي تراها من سواد الليل

_ [1] . برقعا Ms.

صفة الفلك

وخضرة واختلاف القدماء فيه دليل على قصور فهمهم عنه وروايات أهل الإسلام لا يوجب اعتقادا ما لم يكن إجماع أو شهادة نص من كتاب أو خبر نبي صادق مؤيد بالمعجزات الباهرة اللَّهمّ إلا أن يكون وفاق في الأسامي لا في المعاني لمخالفة أجسام السفل أجسام العلو وقد شبه أمية السماء بالزجاج من جهة لونه ولم يرو عن أحد من الفلاسفة ولا من أهل الكتاب [كامل] فكأن برقع والملائك حوله ... سدد تواكله القوائم مجرد خضراء [1] ثانية تظلّ رءوسهم ... فوق الذوائب فاستوت لا يحصد كزجاجة الغسول أحسن صنعها ... لما بناها ربنا يتجرد صفة الفلك قال الله تعالى لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ 36: 40 [2] قال بعض المفسرين تدور كدوران الرحا وأهل النجوم يزعمون أنه [40] الفلك الأعظم المحيط بالأفلاك السبعة ولها في كلّ يوم وليلة

_ [1] . وخضراءMs. Qor. ,ch.XXXVI ,v.40. [2]

دورة واحدة من المشرق إلى المغرب وسائر الأفلاك في جوفها تدور من المغرب إلى المشرق كمشي النمل على الرحا الدائرة بالعكس ومنهم من يقول هو الفلك الثابت وهي التاسعة من الأفلاك الضابطة لها وأكثرهم على أنها الثامنة وفيها الكواكب الثابتة وفي رواية المسلمين أن من سماء إلى سماء مسيرة خمس مائة سنة وما بين كل سماء مسيرة خمس مائة سنة وللقدماء في هذا تقدير فزعم الفزاري أن بين فلك وفلك مسيرة ثلاثة آلاف سنة وقد ذكر في كتاب المجسطي مقادير أجرام الكواكب وأبعادها من نقطة الأرض وبعد بعضها من بعض في العلو وكم قطر فلك يدور بها وعظم الأفلاك وسعتها وحال الأرض وكميتها في الطول والعرض والاستدارة ما الله به عليم فإن كان حقاً فهو الوحي لأن قوى الخلق تقصر عن أمثاله وإن كان حزراً وتخميناً فرواية أهل الإسلام أحق وأصدق وإذا صحت فهي تحتمل وجهين من التأويل أحدهما البعد في المسافة والثاني العجز عن الترقي إليه ومن العجب ضرب من لا يرى السماوات والأفلاك أجراماً مركّبة ولا أجساما متحرّكة [1] حدّا

_ [1] . متجربه Ms.

صفة ما فوق الفلك

لها في البعد والقرب والبسائط غير محصورة ولا متناهية واختلف في ذات الفلك الذين زعموا أنها جرم فزعمت منهم أنها من تركيب الطبائع الأربع وقال قوم بل هي طبيعة خامسة خارجة عن هذه الطبائع والطبائع خفيفيّات [1] النار والهواء وثقليات الأرض والماء والفلك لا خفيف ولا ثقيل وزعم قوم أنه لحم ودم وقال أعظمهم عندهم رأياً أن الفلك حي ناطق والكواكب لها النفس الناطقة ورأيت في كتب بعض المفسرين ميلاً إلى هذا الرأي واحتج له بقول الله تعالى قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ 41: 11 [2] والنطق قد يكون بالعبارة والبيان وبالدلالة والأثر،،، صفة ما فوق الفلك قال المسلمون فوق الأفلاك العرش وفوق العرش ما الله به عليم ومنهم من يقول فوق العرش البارئ عز وجل وهذا قول سديد وهو من شعار الإسلام ما لم يوصف بالمكان والتمكن لأن فوق يحتمل وجوهاً من التأويل ومن قال بوجود الجنة في الوقت قال هي في السماء السابعة واحتج بقوله عز وجل وَفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ 51: 22 [3] قال كثير من

_ [1] . حقيقياتMs. Qor. ,ch.XLI ,v.10. [2] Qor. ,ch.LI ,v.22. [3]

صفة ما في الأفلاك والسماوات كما جاء في الخبر

أهل التفسير أنه الجنة وقال قدماء في ترتيب العوالم بعد ذكر الفلك المستقيم وأنه الثامن أو التاسع على اختلافهم ان فوق الأفلاك كلّها عالم النفوس محيط بجميعها ثم فوقه عالم العقل مسبول على هذه العوالم والبارئ سبحانه وتعالى فوق ذلك كله فإن أرادوا المسافة فقريب من قول بعض المسلمين [1] وإن أرادوا الرفعة والعظمة والعلو كان أقرب إلى الحق والله أعلم وأحكم وفي أخباره أصدق،،، صفة ما في الأفلاك والسماوات كما جاء في الخبر وروى في الخبر أن في السماء الدنيا بيتاً بحذاء الكعبة يقال له الضراح [2] يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه أبداً وقال هو البيت المعمور وروى أن أرواح الصالحين تصعد إليه قالوا وتحت العرش بحر من ماء أخضر كمنى الرجال يحيي الله به الموتى بين النفختين وهو الذي قال الله عز وجل ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ 38: 1 [3] وروى [41] عن الضحاك أن في السماء جبالاً من برد خلقه الله مقداراً معلوماً لكل سنة فإذا فنى ذلك

_ [1] . انMs.ajoute [2] . الصراحMs. Qor. ,ch.XXXVIII ,v.1. [3]

قامت القيامة وروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال ليست سنة بأقل مطراً من سنة ولكن الله قسم هذه الأرزاق فجعلها من هذا القطر فإذا عمل قوم بالمعاصي حول ذلك إلى غيرهم وقد فسر بعضهم وَفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ 51: 22 [1] المطر وزعم وهب أن الله خلق في الهواء طيراً أسود فهي التي طارت بالحجارة على لوط وعلى أصحاب الفيل وروى ابن إسحاق عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن مما خلق الله ديكاً براثنه تحت الأرض السابعة وعرفه منطو تحت العرش قد أحاط جناحاه بالأفقين فإذا بقي ثلث الليل الأخير ضرب بجناحيه ثم قال سبحان ربنا الملك القدوس فيسمعها من بين الخافقين فترون أن الديكة إذا سمعت ذلك وروى أن في السماء موجاً مكفوفاً وقيل دون السماء بحر مكفوف فيه مجاري الشمس والقمر والجواري الخنس وزعم بعضهم أن ذلك قوله وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ 52: 6 [2] قالوا وليس في السماوات السبع موضع قدم إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد وجاء في حديث المعراج بعجيب الصفة للخلق الذي في السماوات والله أعلم وهكذا جاءت

_ Qor. ,ch.LI ,v.22. [1] Qor. ,ch.LII ,v.6. [2]

صفة الكواكب والنجوم

الأخبار في غير حديث المعراج وهكذا كله جائز في حد الإمكان لأنا قد علمنا أن ما تعالى عن وجه الأرض دخل في حد الروحانيين فكل ما ارتفع درجة ازداد لطافة ورقة وليس البيت [1] كله من طين وخشب ولا البحر الماء المجتمع وقد قلنا هذا إن ما خرج عن هذا العالم الأسفل فقد انقطعت النسبة إلا في التسمية ولا يختلف مخالفونا أن المطر قبل أن ينزل أجزاء متفرقة لطيفة ومن لطف أجزائه ممسك في السماء فغير مستنكر أن يكون في السماء بحر على هيئة أجزاء المطر وكذلك البرد والثلج مع هذه رواية الضحاك وأكثر المسلمين على خلافها وكذلك رواية وهب في الطير والحجر وإنما الاجتماع في كون الملائكة في السماء قد أجازت جماعة من القدماء أن يكون في العلو سباع وبهائم غير محسوسة للطافة أجسامها فما ينقمون ممن أقر بصورة الملائكة،،، صفة الكواكب والنجوم قال الله تعالى إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً من كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ 37: 6- 7 وقال تعالى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها في ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ 6: 97

_ [1] . النث Ms.

فأخبر أنّ في النجوم زينة وحراسة وهداية وقال عز ذكره فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ 81: 15- 16 وقال كثير من أهل التفسير أنهن الكواكب السيارة المتحيرة فأولهن زحل في السماء السابعة بارد الطبيعة وهو أبطأ الكواكب سيراً والثاني المشتري في السماء السادسة معتدل الطبع والثالث المريخ في السماء الخامسة حار الطبع والرابع الشمس في السماء الرابعة حارة الطبع والخامس الزهرة في السماء الثالثة رطبة الطبع والسادس عطارد في السماء الثانية ممازج الطبع والسابع القمر في السماء الدنيا بارد الطبع وهو أسرع الكواكب سيراً وكل هذه الكواكب سعود إلا زحل والمريخ وقد تميز عنهن الشمس والقمر فيقال سعدان ونحسان وممازج فالسعدان المشتري والزهرة والنحسان زحل والمرّيخ والممازج عطارد مع النحوس نحس ومع السعود سعد والنيران الشمس [41] والقمر فالشمس مثل الملك والقمر مثل الوزير له وزحل كالشيخ ذي الرأي السديد والمشتري كالقاضي العادل والمريخ كالشرطي المعذب والزهرة كالمرأة الحسناء وعطارد كالكاتب ولكل كوكب من هذه الكواكب بيتان من البروج الإثنى عشر إلا النيرين فإن لكل واحد

منهما بيتاً واحداً ومعنى البيت أنه يحله في فصله ويزيد سلطانه وشرفه فيه فالأسد بيت الشمس والسرطان بيت القمر والجدي والدلو بيتا زحل والقوس والحوت بيتا المشتري والحمل والعقرب بيتا المريخ والثور والميزان بيتا الزهرة والجوزاء والسنبلة بيتا عطارد وسنفرد بمشيّة الله وعونه كتاباً لطيفاً في ذكر النجوم وما يصح فيها ويوافق قول أهل الحق فأني أرى الجهال قد استخفوا بها كل الاستخفاف ووضعوا من شأن متعاطيها وصغروا من أقدارها لتحلي الزراق والكهان بها وتنزع أبواعها إلى الأحكام التي عينها الله عن خلقه واستأثر نفسه بعلمها دونهم وكيف المدخل إليها والمأخذ فإن جحد البرهان ورد العيان نقص عظيم عند أهل البيان وذوي الأديان قال الله عز وجل وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ 85: 1 وقال تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ في السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً 25: 61 وقال تعالى أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها من فُرُوجٍ 50: 6 وقال سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وَفي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ 41: 53 وقال تعالى إِنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ 3: 190 مع آي كثيرة ودلالات

ظاهرة ولقد استدلّ المحقّقون من أهل التنجّم على التوحيد بدلالة ما أعظم خطرها وأسنى رتبتها قالوا لما رأينا الفلك متحركاً فباضطرار علمنا أن حركته من شيء غير متحرك لأنه إن كان المحرك له متحركاً لزم أن يكون ذلك إلى ما لا نهاية له والفلك دائم الحركة فقوّة المحرك له غير ذات نهاية فليس يمكن أن يكون جسماً بل يجيب أن يكون محركاً لأجسام وكما لا نهاية لقوته فليس إذاً هو بزائل ولا فاسد قالوا فانظروا كيف أدركنا الخالق الصانع المبدئ المبدع المحرك للأشياء من الأشياء الظاهرة المعروفة المدركة بالحواس وأنه أزلي ذو قوة وقدرة غير ذات نهاية ولا متحرك ولا فاسد ولا متكون تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً، فالبروج اثنى عشر ينزل الشمس كل شهر من شهور السنة برجا منها فأوّلها الحمل ثم الثور ثم الجوزاء ثم السرطان ثم الأسد ثم السنبلة ثم الميزان ثم العقرب ثم القوس ثم الجدي ثم الدلو ثم الحوت، وهذه البروج مقسومة على ثمانية وعشرين جزءاً تسمى منازل القمر ينزل القمر منها كل ليلة منزلاً وهي الشرطان والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة

والزبرة والصرفة والعواء والسماك والغفر والزباني والإكليل والقلب والشولة [1] والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع [2] وسعد السعود وسعد الأخبية وفرغ [3] الأول وفرغ [3] الثاني وبطن الحوت، كل برج منها منزلان وثلث منزل فيما يقطعه الشمس في السنة ويقطعه القمر في الشهر يقول الله تعالى وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ 36: 39 فمن البروج ثلاثة ناريّة [42] الحمل والأسد والقوس وثلاثة هو آئيّة الجوزاء والميزان والدلو وثلاثة مائيّة السرطان والعقرب والحوت وثلاثة أرضية الثور والسنبلة والجدي وذلك أنها خلقت من هذه الطبائع وأعلم إن إضافة الفعل الاختياري إلى البروج والنجوم من أعظم الخطاء والخطل إنما هي مخلوقة مسخرة [4] موضوعة على ما أراد الله منها كسائر السموات والجوامد المخلوقة على طباعها وكما جعلت النار محرقة والماء مرطبة قال الله تعالى

_ [1] . والشوكةMs. [2] . مبلعMs. [3] . وفوعMs. [4] . مستحرة Ms.

ذكر صورة الشمس والقمر والنجوم وما فيها

وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ 14: 33 وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ 7: 54 وقد رويت في النجوم روايات ما يحكى بعضها ويضيف [1] العلم إلى الله عز وجل،،، ذكر صورة الشمس والقمر والنجوم وما فيها روى أبو حذيفة عن عطاء أنه قال بلغني أنه قال الشمس والقمر طولهما وعرضهما تسع مائة فرسخ في تسع مائة فرسخ قال الضحاك فحسبناه فوجدناه تسع آلاف فرسخ والشمس أعظم من القمر قال وعظم الكواكب اثنا عشر فرسخاً في اثني عشر فرسخاً وروينا عن عكرمة أنه قال سعة الشمس مثل الدنيا وثلثها وسعة القمر مثل الدنيا سواء وعن مقاتل [أنه] قال الكواكب معلقة من السماء كالقناديل قالوا وخلقت الشمس والقمر والنجوم من نور العرش هذا قول أهل الإسلام من غير رواية من كتاب ولا خبر صادق واختلف القدماء في ذلك فحكى افلوطرخس [2] عن بعضهم أنه كان يرى الشمس مساوية في عظمها الأرض وأن الدائرة التي يصير عليها هي مثل الأرض تسعاً وعشرين مرة وعن بعضهم أنه قال هي تسعة أقدام الرجل وعن بعضهم أنها في

_ dditionmarginale. [1] [2] . افلوطوخس Ms.

المقدار الّذي يراها وعامّة المنجّمين على أن الشمس أعظم من الأرض مائة وست وستين مرة وربع ثمن مرة فانظر إلى هذا الاختلاف الظاهر والتفاوت البين وهل يستجيز ذو عقل عيب المسلمين في روايتهم مع ما يرى من اختلاف أصحابه واختلاف قولهم واختلفوا في جرم الشمس فحكى عن ارسطاطاليس أنه كان يرى جرم الشمس من العنصر الخامس وكذلك جرم الفلك وعن أفلاطن أنه كان يرى أكثر جوهر الشمس ناراً وعن الرواقيين أنهم يرون الشمس جوهراً عقلياً يرتفع من البحر ومنهم من يزعم أنّ جرم الشمس كالخضرة المستنيرة [1] ومنهم من يراه كالزجاج تقبل استنارة النار التي في أعلى العالم ويبعث الضوء إلينا فيكون الشمس على رأيه ثلاثاً [2] إحداها التي في أعلى العالم في السماء وهي ناريّة والثانية التي تكون على سبيل المرآة والثالثة الانعكاس الذي ينعكس إلينا بضوئه ومنهم من يقول أنّ جوهر الشمس أرضيّ متخلخل كالغيم يلتهب ناراً وأمّا المسلمون فإنهم يقولون إنما خلقت من نور ومنهم من يقول من نار والنار

_ [1] . المسرةMs. [2] . ثلاثا Ms.

والنور قريب في المعنى والله أعلم واختلفوا في شكل الشمس والقمر والكواكب فحكى عن الرواقيين أنهم يرون هذه الأشكال كريّة كما العالم كرىّ وعن بعضهم أنّ شكلها شكل السفينة المقعرة المملوءة ناراً وقال طائفة منهم أن النجوم بمنزلة المسامير المسمرة في الجوهر الجليدي والفصوص [42] المركبة وقال قوم هي صفائح دقاق والله أعلم واختلفوا في جرم القمر فحكى بعضهم ان جرم القمر سحاب مستدير وافلاطن يقول الجوهر الناريّ في تركيب القمر جسم صلب مستنير فيه سطوح وجبال وأودية ويحتج ما يرى في وجهه من الأثر وأكثر المنجمة يزعمون أنه عين صقيلة تقبل من ضوء الشمس ولذلك يتسق [1] في المقابلة وكذلك النجوم فأخذ ضوءها من الشمس والله أعلم واختلفوا في عظم القمر والكواكب فحكي عن بعضهم أنه مثل الشمس وعن بعضهم أنه أصغر منها وزعم قوم أنه أعظم من الأرض وزعم الآخرون أن الأرض أعظم منه والمنجمة منهم من يزعم أن أصغر كوكب من الكواكب الثابتة هو أعظم من الأرض ستّ عشر مرّة وأكبرها أربع مائة وعشرين مرّة

_ [1] . تسق Ms.

وأما السيارة فالشمس أعظم من الأرض مائة مرة وستين مرة ونيفاً كما قلنا وزحل مثل الأرض تسعاً وتسعين مرة ونيفاً والمشتري مثل الأرض احدى وثمانين مرّة ونصفا وربعا والمرّيخ مثل الأرض [1] مرة ونصفاً والزهرة مثل الأرض أربعاً وأربعين مرة وعطارد مثل الأرض اثنين وستين مرة والقمر مثل الأرض تسعة وثلاثين مرة وربعاً والله أعلم واختلفوا في أجرام الكواكب وأشكالها كما اختلفوا في الشمس والقمر فزعم أنّها أنوار كريّة وكان أرسطاطاليس يرى الكواكب حية ولها النفس الناطقة قال فلذلك يدل على اتفاق النفس الناطقة الحيوانيّة وزعم بعضهم أنّ الكواكب لها صور كصور الخلق ومنهم من يزعم أنّها إلهة وزعم آخرون أنّها ملائكة وقال قوم أن الكواكب والشمس والقمر تنشأ في المشرق وتبلى في المغرب وزعم قوم أن الكواكب والشمس والقمر في فلك واحد لا في أفلاك مختلفة وقرأت في كتاب الخرمية أن الكواكب كرىً وثقب وأنها تنزع أرواح الخلائق وتسلمها إلى القمر فذلك زيادة القمر حتى إذا انتهى في الكمال والتمام غايته سلمها الى من

_ [1] . كذا في الأصل Lacune ;Ms.

فوقه واستفرغ ثم عاد في تسلم الأرواح من الكواكب حتّى يعود ممليا فاعتبر بهذه العجائب واتبع كتاب الله عز وجل وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله يقول الله تعالى وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً 71: 16 وَالْقَمَرَ نُوراً 10: 5 لأن السراج يجمعها وكذلك خبره عن الكواكب حيث قال فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ 37: 10 قال وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً 71: 16 وجملة القول أن كل ما روى في هذا الباب عن القدماء وأصحاب النجوم ممّا لم يكن نقصا التوحيد وإبطالاً للشريعة أو جحداً للعيان فموقوف على سبيل الجواز والامكان قال الله تعالى رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ 55: 17 وقال تعالى بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ 70: 40 على الجميع ورَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ 26: 28 على الإرسال وذلك أن للشمس مائة وثمانين مشرقاً ومائة وثمانين مغرباً تطلع كل يوم من مشرق وتغرب في مغرب يقابله والمشرقان مشرق أطول يوم في السنة عند حلول الشمس برأس السرطان وأقصر يوم عند حلولها برأس الجدي ومغرباها محاذياً بهما على السواء وقال لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ 36: 40 فأخبر أنهما يتقاربان ولا يتداركان وكلما دنا من الشمس منزلة انمحق ضوءه حتى

ذكر طلوع الشمس والقمر وكسوفهما وانقضاض الكواكب وغير ذلك مما يتعرض في السماء

يستتر [1] وكلما بعد ازداد ضوءاً حتى إذا قابلها كمل واتسق قال بعض المفسرين في قوله فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ 17: 12 فهو ما امتهن القمر به من الزيادة [43] والنقصان والله أعلم،،، ذكر طلوع الشمس والقمر وكسوفهما وانقضاض الكواكب وغير ذلك مما يتعرض في السماء وروي في الأخبار أن الشمس إذا غربت مرت حتى تقطع الأرض فتخر ساجدة بين يدي العرش فتسلب ضوءها فتكتسى نوراً جديداً ثم تؤمر أن ترجع فتطلع فتأبى [2] ذلك وتقول لا أطلع على قوم يعبدونني من دون الله حتى ينخسها ثلث مائة وستة وستون ملكاً فإذا طلعت خلع عليها ثلاث حلل حمراً وبيضاً وصفراً وكذلك ما يرى من تغير ألوانها عند طلوعها وأنشد النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى قول أمية [كامل] والشمس تصبح كل آخر ليلة ... حمراء تضحى لونها يتوقد تأبى فما تطلع لنا في رسلها ... إما معذبة وإما تجلد فقال النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله صدق وعند أهل النجوم الشمس

_ [1] . يستسترMs. [2] . فتأتى Ms.

لا تزال طالعة على قوم وغاربة على قوم لأنها دائرة على كرة الأرض دوراً مستقيماً وقد ينكر كثير من الناس نخس الشمس وإباءها الطلوع لأنها مسخرة جماد غير مكلفة ولا مختارة مع أن الخبر ما أراه يصح وإن صح فالتأويل والتمثيل من ورائه لأن العرش محيط بالعالم فحيث ما سجدت تحت العرش ولكن ربما فضل بعض البقاع على بعض فوصف بالتقريب كقولنا فلان يعين الله وكل شيء يعينه وكقولنا بيوت الله وما أشبه ذلك وأما سجدة الشمس والقمر والنجوم والشجر وغير ذلك مما يوصف به الأرض والسماء وسائر الخلق الذي ليس بمميز ولا عاقل فهو انقياد لما يراد منها وتذللها لما وضعت عليه من طبع أو حركة وقلة امتناعها على صانعها وقد قيل بل أثر الصنع فيها يدلّ ويحمل الناظر على السجود لصانعها فأضيف السجود إليها لما كانت هي سببه ومن يرى الشمس والقمر والكواكب أحياء ناطقة فما ينكر من سجودها وتسبيحها مع أنّا نجيز أن يحدث الله في الجماد معنىً يسجد به ويطيع لأن ذلك على الله غير عزيز وقد سبق ذكر هذه الأشياء ومعنى حقائقها على التقصي والبيان في كتاب معاني القرآن

وإما نخس الملائكة إياها فيشبه أن يكون تمثيلاً ليكون كما قال الشاعر [وهو طرفة بن العبد [1]] [طويل] ووجه كأن الشمس ألقت رداءها ... عليه نقى اللون لم يتخدد فإن كان الخبر محتملاً للتأويل فلا معنى للتسرع إلى التخطئة والتكذيب وزعم وهب أن الشمس على عجلة لها ثلاثمائة وستون عروة قد تعلق بكل عروة ملك من الملائكة يجرونها في السماء وكذلك القمر وعجلة القمر من نور الشمس قال وللبحر موج مكفوف في الهواء كأنه جبل ممدود [2] ولو بدت الشمس من ذلك البحر لأفتن أهل الأرض حتى يعبدوه من دون الله وروى غيره أن الله تعالى قد وكل بعين الشمس حتّى تغرب فقال في نار حامية لولا ما يزعها من ملائكة الله لأحرقت ما عليها وقيل أن الشمس يضيء وجهها لأهل السماء وظهرها لأهل الأرض قالوا والشمس إذا هبطت من سماء إلى سماء انفجر الصبح حتى إذا انتهت الى سماء الدنيا اسفر قال وهب

_ otationmarginale. [1] [2] . مدود Ms.

فإذا أراد الله أن يرى العباد آية يستعتبهم زالت الشمس عن تلك العجلة في ذلك البحر وإذا أراد الله أن يعظم الآية [43] وقعت كلها وكذلك القمر وقد قلت لك في غير موضع أن الاعتماد على شيء من هذه الأخبار ما لم يكن نص كتاب أو صدق خبر ولكن يوقف ولا يقطع على شيء منه حتى يصح والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كسفت الشمس يوم مات ابنه ابراهيم عم فقال الناس إنما كسفت الشمس لموته فخطب وقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا حياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة والقدماء مختلفون في الكسوفات كما حكى افلوطرخس [1] زعم أن بعضهم يرى كسوف الشمس بمسير القمر تحتها وبعضهم يرى ذلك لانقلاب جسم الشمس الشبيه بالسفينة فيصير مقعّرة الى فوق ومحدودبه إلى أسفل وبعضهم يرى الشمس شموساً كثيرة والقمر أقماراً كثيرة في كل إقليم من أقاليم الأرض وفي كل قطعة ومنطقة وزمان وزعم بعضهم أنّ كسوف القمر [2]

_ [1] . افلوطوخسMs. [2] . الشمس القمر Ms.

بانسداد القعر الّذي في تقويسه وأمّا افلاطن وارسطاطاليس والخلاف منهم فيرون الكسوفات بدخولها تحت ظل الأرض وذلك إذا كانت الشمس تحت الأرض والقمر في مقابلتها وكانا في طريقة واحدة وقع ظل الأرض على جرمه فحال بينه وبين الشمس المضيئة له لأن ضوءه من الشمس وأما كسوف الشمس فبمرور القمر تحتها فيعتبر منكر أن يجعل الله كسوفه بظلّ الأرض آية للحقّ يستعتبهم وإن كان سقوطه عن العجلة كما روى تمثيلاً لدخوله تحت ظل الأرض وقوله أن عجلة القمر من نور الشمس رمز إلى اقتباس القمر من نور الشمس وقولهم الشمس على عجلة لها ثلاثمائة وستون عروة يعني به الفلك ودرجاته الثلاثمائة والستين والله أعلم وقوله كلما هبطت الشمس من سماء إلى سماء انفجر الصبح يعني بها مسيرها في درجاتها وارتفاعها من منزلة إلى منزلة لأن أهل التنجيم لا يختلفون أنها في سماء واحدة واختلفوا في السواد الذي يرى في وجه القمر فروى المسلمون أنه لطخه ملك ورووا أن القمر كان مثل الشمس فلم يكن يعرف الليل من النهار فأمر الله الملك أن يمرّ جناحه عليه فمحاه فهو ما يرى من السواد

في وجهه وحكى عن ديمقريطيس [1] أن جسم القمر مستنير صلب فيه سطوح وأودية وجبال فلذلك ما يرى في وجهه وزعم بعضهم أنه سحاب مستنير يلتهب وقال قوم أنه عين صقيلة كالمرآة يقبل ضوءه من الشمس إذا ما قابلها فذاك الحبال في وجهه ما قابله من عين الشمس والأمر في هذا سهل وذلك أنه لو كان كما زعم القوم كان يمحو الله إياه كما جاء في الخبر إمّا لخلق حبال [2] فيه أو بإظهار جبال أو بما شاء واختلفوا في انقضاض الكواكب فقال المسلمون هو رجوم للشياطين كما قال الله تعالى وقلما ينكر الصور الروحانية في السماء إلا أهل التعطيل والإلحاد ثم هم مقرون بتأثير الفلك والكواكب وما فيها فلا معنى لإنكارهم استراق من يسترق السمع مع من أنكر الصور السماوية فهو الأرضية من الجن والشياطين أنكر فإن قيل لم تزل الكواكب تنقض وأنتم تزعمون أن السماء حرست عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم قيل انقضاض الكواكب ليس كله رجوماً للشياطين ولعل الذي يرجمون به لا يشعر به أحد ولا يراه أو ينقضّ

_ [1] . دعقريطسMs. [2] . حال Ms.

ذكر الرياح والسحاب والأنداء والرعد والبرق وغير ذلك مما يعترض في الجو،

الكواكب لعلة من العلل أو يقرن الله إليه عذاباً للشياطين [44] وقد سئل الزهري هل كانت السماء تحرس في الجاهلية قال نعم فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم غلظ وشدر ومن المنجمين من يزعم أنه يجلد [1] السماء وحكى عن بعضهم أنه قال بمنزلة الشرارة تسقط من الأثير فيطفأ على المكان وزعم بعضهم أنه برغوث من الشمس مع اختلاف كثير واختلفوا في المجرة فحكى افلوطرخس [2] عن بعضهم أنه فلك وسحاب وعن بعضهم أنّه استنارة كواكب كثيرة صغار متّصلة بعضها ببعض وعن بعضهم أنه تخييل في العين وعن بعضهم أن مسير الشمس كان أولاً عليه وقال أرسطاطاليس أنه التهاب بخار يابس كثير متصل في صورة النار تحت الكواكب المتحيرة ومن المسلمين من يسميها باب السماء ومنهم من يسميها شرج السماء، ذكر الرياح والسحاب والأنداء والرعد والبرق وغير ذلك مما يعترض في الجو، اختلفوا في الرياح قال الله تعالى وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ 7: 57 فأخبر أنّها بشرى المطر

_ [1] . [؟] حلدMs. [2] . افلوطوخس Ms.

وقال عز ذكره الله الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً 30: 48 فأخبر أنها باعثة الغيم ومثيرة السحاب وقال تعالى وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ 15: 22 فأخبر أنها تلقح الشجر والأرض قال الله تعالى وَفي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ 51: 41 فأخبر أنها ضد الرياح اللاقحة لأنها عذاب واللاقحة رحمة وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال نصرت بالصبا وأهلك عاداً بالدبور وما جنوب إلا صب الله بها غيثا وروى لا تسبوا الرياح فإنها نفس الرحمن وقال المفسرون أن الله تنفس بها عن كمد الأرض وكربة [1] الخلق بما ينزل بها من الغيث ويروح من الهواء وقيل الريح نفس ملك والله أعلم والرياح أربع الصبا والجنوب والشمال والدبور ويقال الريح واحدة وانّما يختلف في المهب من الجهات فالصبا هي القبول ومخرجها بين المشرقين مشرق الصيف ومشرق الشتاء من مطلع الذراع إلى مطلع سعد الذابح والدبور يقابلها والجنوب مخرجها ما بين مشرق الشتاء إلى مغرب الشتاء من مطلع سعد الذابح إلى مسقط العقرب والشمال يقابلها والمطالع مائة وثمانون والمغارب مائة وثمانون لكل مطلع ريح ولكل مغرب ريح وكلها داخلة في

_ [1] . كرية Ms.

هذه الأربع والريح هي الهواء بعينه فإذا أحدث الله فيه حركة هبت واضطربت وكذا يقول أكثر القدماء أن الريح سيلان الهواء ويزعمون أن هبوبها مرور الشمس بالأرض فيرتفع منها البخار فإذا كان البخار رطباً كان مادة الأمطار وإن كان يابساً كان مادة الرياح وهذا جائز أن يجعل الله مرور الشمس علة لإثارتها إذا شاء كما جعل السحاب سبباً للمطر وقد جاء في بعض الأخبار أن الصبا من الجنة والدبور من النار وروينا عن الحسن أنه قال الجنوب يخرج من الجنة فيمر [1] بالنار فمن ثم حرها والشمال تخرج من النار فتمر بالجنة فمن ثم بردها وهذا والله أعلم وإن صح إضافة التمثيل لا من التبعيض [2] كما يقال للرجل الفاضل هو من الملائكة وللشرير هو من الشياطين يراد به التشبيه بهم لا من جنسهم وجملتهم والمنجمون يزعمون أن حرارة الجنوب لمجيئها من بلاد حارة فتقرب الشمس منها وبرد الشمال [44] لبعد الشمس عن تلك النواحي والله أعلم، فأما الغيوم والسحاب والأنداء والضباب فهي بخار يرتفع من الأرض

_ [1] . فتمرّMs. [2] . كذي في الأصل Add.marg.

فما غلظ منها صار سحاباً وما رق صار ضباباً وقتاماً قال الله تعالى الله الَّذِي [1] يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً 30: 48 والمنجمون يزعمون أن الشمس تمر بمواضع ندية وبطائح غمر فتثير سحاباً بحرارة مرورها فإذا تكاثف ذلك البخار صار غيماً قالوا والمطر اجتماع ذلك البخار وانعصاره فيقطر كما يقطر طبق القدر لأن كل شيء ند إذا حمي ثار منه البخار وذلك أن الحرارة إذا خالطت الرطوبة لطفت أجزاءها فصيرتها هواء فإذا كثر في ذلك البخار برد الهواء رده البرد إلى الأرض فتكاثف وانعصر وصار ماء فانحدر فإن كان ذلك المنحدر شيئاً صغيراً يسيراً سمي نداً ولذلك تكون الأنداء في الشتاء وفي الليالي أكثر لكثرة برودة الهواء فإن كان البخار الصاعد خفيفاً يسيراً وكان البرد الذي هجم عليه من فوق شديداً صار ذلك البخار جامداً وإن كان البخار كثيراً والبرد شديداً صار ذلك ثلجاً وإن ألح البرد على السحاب انقبض الماء الذي فيه فجمد وصار برداً وإنما الاختلاف في صغره وكبره لبعد مسافة الغيم من الأرض وقربه فإذا قرب نزل بسرعة لم يذب عن جوانبه شيء فبقي كبير الحبّ

_ [1] . والّذي Ms.

فاما الرعود والبروق والصواعق والشهبان وقوس قزح والهدات والزلازل

والقطر وكذلك المطر وهذا كله ممكن جائز لا نعلم في شيء منه رداً للكتاب ولا إبطالاً للدين وقد روينا عن ابن عباس رضي الله عنه أن الله تبارك وتعالى يرسل الرياح فتثير سحاباً وينزل عليه المطر فتمخضه الريح كما تمخض [1] النتوج بولدها فإما حكاية وهب أن الأرض شكت الى الله أيّام الطوفان [و] انّه جددها فجعل السحاب غربالاً للمطر فإن صح فالمعنى أنه زيد في كثافة السحاب وغلظه [2] كما كان قول ذلك وقوله تعالى وَيُنَزِّلُ من السَّماءِ من جِبالٍ فِيها من بَرَدٍ 24: 43 فأكثر أهل اللغة على أن البرد في الأرض كالجبال إذا نزل من السماء والسماء السحاب لا يختلف أهل اللغة في ذلك وقال قوم أن الأمطار كلها من بخار الأرض و [ما] البخار إلا [3] مطرة واحدة ينزلها الله من السماء في كل سنة فيحيي بها الأرض والشجر والنبات وهو قوله وَنَزَّلْنا [4] من السَّماءِ ماءً مُبارَكاً 50: 9 الآية والله اعلم، فأما الرعود والبروق والصواعق والشهبان وقوس قزح والهدّات والزلازل

_ [1] . يمخضMs. [2] . وغلطهMs. [3] . كذا في الأصلAnn.marg. [4] . وأنزلنا Ms.

جاء في بعض الأخبار أن الرعد ملك موكّل بالسحاب معه كذا من حديد يسوقه من بلد إلى بلد كما يسوق الراعي الإبل كلما خالف سحاب صاح به فصوته زجره السحاب والبرق مصعه والصواعق شراره وفي الحديث الآخر أن السحاب ملك يتكلم بأحسن الكلام ويضحك بأحسن الضحك فالرعد كلامه والبرق ضحكه والله اعلم بصحة هذه الأخبار لأن [1] محمد ابن جرير الطبري رحمه الله روى في كتاب التفسير أن ابن عباس رضي الله عنه كتب إلى ابن الجلد يسأله على الرعد والبرق فقال الرعد الريح والبرق الماء قال الله تعالى يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ من خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها من يَشاءُ 13: 13 فأخبر عن تسبيح الرعد وإرساله الصواعق كما أخبر عن قول السماوات والأرض قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ 41: 11 والقدماء مختلفون في هذه الأشياء وأرضاهم عندهم ارسطاطاليس وهو يزعم أن الشمس إذا مرت بالأرض فأثارت البخار اليابس والبخار الرطب فانعقد غيماً فإذا اجتمع ذلك البخار الرطب [45] هناك حصر ما فيه من البخار اليابس في جوف السماء فقرع السحاب وحكّه

_ [1] . لا محمد Ms.

وصدعه فيكون من ذلك الصدم والاحتكاك الرعد ويكون من ذلك الخرق والصدع البرق والصواعق في المثل كما يتطاير من شرار الزند وذلك إذ اجتمع الى ذلك الاحتكاك جرارة الشمس واليبوسة فعند ذلك يحدث الصواعق وقد بينّا فيما مضى أنّ اسم الملك قد يقع على الصور الروحانية وعلى الجماد من جهة الانقياد والاستسلام لما وضع له فغير بعيد أن يسمى الرعد وهو ريح أو صدم سحاب ملكاً على هذه الوجوه والله اعلم وقد شبه ارسطاطاليس الصوت [1] الذي يكون في السحاب بالحطب الرطب الذي يستعمل في النار فيسمع له صوت وقعقعة ويجوز أن يكون الله يخلق من اضطراب الريح في السحاب ملكاً يسميه الرعد ونحن نوفق بين مقالات أهل الإسلام وأراء القدماء ما لم نجد النص من كتابنا والخبر الصادق عن نبينا صلى الله عليه وسلم فمتى وجدنا شيئا من ذلك بخلاف آرائهم فذاك الرأي منبوذ مهجور، وأما هالة الشمس والقمر والكواكب فمن اجتماع البخار في الجو وتكاثفه فإذا سطع نور الشمس والقمر في الهواء عطف ذلك النور راجعاً في الهواء

_ [1] . بالصوت Ms.

على ذلك البخار فترى تلك الدارات وقد يقول قوم بخلاف هذا والله اعلم، وأما الشهبان والأعمدة فهي من البخار اليابس إذا علا في الجو حتى قرب من فلك القمر فلينحن هنالك ويلتهب بحركة الفلك فإذا كان ذلك البخار متصلاً بعضه ببعض يرى كالشهاب والعمود والكوكب ذي الذؤابة وقال قوم أن ذلك تخيل في البصر لا حقيقة له وأما قوس قزح فمن شعاع الشمس الراجع إلى البخار الرطب كمثل ما يشرق الشعاع في الماء ثمّ يرجع الى الحائط وقد يعرض مثل ذلك لغربة [1] رمد إذا نظر الى السراج ويمكن أن يمتحن ذلك بأن يقف واقف بحذاء الشمس ويأخذ ماء فيريقه فيما بينهما ويفعل ذلك متصلاً حتى إذا كان انعكاس وجد من ذلك قوس قزح وأما حمرته وصفرته فمن قبل الرطوبة واليبس وقياس ذلك النار فإنها إذا كانت من حطب رطب كان لون تلك النار أحمر كدرا وإن كانت من حطب يابس كان لونها أصفر صافياً والخضرة التي فيه بعد الصفرة فلأن الجسم الذي ينعكس عنه يكون أكبر كدورة وزعم بعضهم أن ذلك تخيّل لا حقيقة له كراكب

_ [1] . لعزبه Ms.

السفينة يتخيل إليه أن الأرض تسير معه وروى أن ابن عباس كان يكره أن يقول قوس قزح ويقول قوس قزح للشيطان وحكى وهب أن الله أظهر ذلك بعد الطوفان أماناً من الغرق والله أعلم، وأما الزوبعة فهي التقاء ريحين مختلفين من جهتيهما ومهابهما فيرتفع منها إعصار مستطيل في الهواء وقد يقال أنه شيطان والله اعلم، وأما الهدة فمن وقفات الريح في الهواء وفي الأرض، وأما الزلازل فعلى وجوه وذلك أن الأرض يابسة الطبيعة فإذا مطرت رطبت فيعمل فيها الشمس ويتولد منها بخار رطب وبخار يابس فالبخار الرطب مادة الأنداء والبخار اليابس مادة الرياح ومن طبع البخار الحركة إلى فوق فإذا تحرك وصادف أرضاً صلبة اضطرت الأرض لذلك وإن صادف أرضاً رخوة خرجت من غير زلزلة فإن كانت الأرض حجارية صلبة وتزعزعت [45] الريح في جوفها ولم يجد منفذاً فربما شقته وصدعته وربما خرجت على أثر الزلزلة الهدة الهائلة والصوت الشديد وذلك لاحتقان البخار في جوف الأرض فإذا انشقت أصاب مخرجاً وربما قلبت الأرض فيصير أعلاها أسفلها وربما شق عن عيون ومياه فأغرقت كثيراً من

ذكر الليل والنهار عند القدماء

الأرض وللقدماء في عله الزلزلة كلام كثير ومذاهب مختلفة وأما المسلمون فيقولون أنها من فعل الله إذا أراد أن يرى العباد أنّه يستعتبهم وليس بعجيب أن يجعل الله هذه الآية بتحريك الريح الأرض وزلزلت الأرض بدمشق فخطب [1] أبو الدرداء فقال إن الله يستعتبكم فأعتبوا أو أما ما روى من القصص أن لكل أرض عرقاً متصلاً بجبل قاف والملك موكل به فإذا أراد الله أن يخسف بقوم أومى إليه أن حرك ذلك العرق فإن صح وما أراه يصح إلا من جهة أهل الكتاب وليسوا بأمناء على ما في أيديهم فهو تشبيه وتقريب من إفهام الخلق وتعليم بأن ذلك كله من فعل الله لا من ذات نفسها،،، ذكر الليل والنهار عند القدماء الليل غيبوبة الشمس والنهار طلوعها وكثير من المسلمين يقولون الليل والنهار خلقان للَّه غير الشمس والقمر قالوا لأنا نرى الشمس أشياء كثيرة فيها جرمها ومنها ضوؤها ومنها حرها وقد نشاهد حرارة فلا ضوء وضوءاً [2] بلا حرارة فنعلم أن كل واحد منها معنى منفرد بذاته وقد

_ [1] . فحطبMs. [2] . وضوء Ms.

قال الله تعالى وَالشَّمْسِ وَضُحاها وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها 91: 1- 4 قال بعض المفسرين النهار يحلي الشمس فيكسوها ضوءاً وفي رواية أهل الكتاب أن أول ما خلق الله النور والظلمة ثم ميز بينهما فجعل الظلمة ليلاً والنور نهاراً ثم سمك السماوات السبع من دخان الماء حتى استقللن وأغطش [1] في السماء الدنيا ليلها وأخرج ضحاها فجرى فيها الليل والنهار وليس فيهما شمس ولا قمر ولا نجوم ثم دحا الأرض فأرساها بالجبال وهكذا روى محمّد بن إسحاق في المبتداء فهذا كله يدل على أن الليل والنهار ليستا من الشمس في شيء وإن كانت الشمس تعطي النهار ضوءاً وحرارة بالشمس عرفنا حر النهار من حر الليل وروى في بعض القصص أن الله خلق حجاباً من ظلمة مما يلي المشرق ووكل به ملكاً يقال له شراهيل فإذا غربت الشمس قبض الملك قبضة من تلك الظلمة واستقبل بها المغرب فلا يزال يخرج الظلمة من خلل أصابعه ويرسلها وهو يراعي الشفق فإذا غاب الشفق يبسط كفه فطبقت الدنيا ظلمة ثم نشر جناحه فساق ظلمة الليل بالتسييح إلى المغرب فذلك

_ [1] . واعطش Ms.

صفة الأرض وما فيها

كل ليلة حتى تنقل تلك الظلمة من الشرق إلى المغرب فإذا نقلها قامت القيامة وحكى وهب عن سلمان في هذه القصة أن ملك الليل يقال له شراهيل بيده خرزة سوداء قد دلاها من قبل المغرب فإذا نظرت الشمس إليها وجبت وبذلك أمرت وملك النهار يقال له هراميل بيده خرزة بيضاء يعلقها من قبل المطلع فإذا رأها شراهيل [1] مدها إلى خرزته السوداء فينظر الشمس إلى الخرزة البيضاء فتطلع وبذلك أمرت فإن كان شيء من هذا حقاً آمنا به وصدقنا وإن كان غير ذلك فاللَّه اعلم فمحمول على التأويل والتمثيل،،، صفة الأرض وما فيها قال الله تعالى أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً وَالْجِبالَ أَوْتاداً 78: 6- 7 وقال تعالى الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً 2: 22 وقال الله تعالى وَالله جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ [46] بِساطاً 71: 19 وقال قوم في معنى المهاد والبساط القرار عليها والتمكن منها والتصرف فيها وقد اختلف القدماء في هيئة الأرض وشكلها فذكر بعضهم أنها مبسوطة مستوية السطح في أربع جهات والمشرق والمغرب والجنوب والشمال ومن هؤلاء من زعم أنّها

_ queporteletexte. [1] هراميل Corr.marg.pour

كهيئة الترس ومنهم من زعم أنها كهيئة المائدة ومنهم من زعم أنها كهيئة الطبل وذكر بعضهم تشبيه بنصف الكرة كهيئة القبة وأن السماء مركنة [1] على أطرافها وقال بعضهم هي في جانب من الفلك الأوسط وقال قوم هي مستطيلة كالأسطوانة الحجرية كالعمود وقال قوم أن الأرض إلى ما لا نهاية وأن السماء يرتفع إلى ما لا نهاية وقال قوم أن الذي يرى من دوران الكواكب إنما هو دور الأرض لا دور الفلك والذي يعتمده جماهيرهم أن الأرض مستديرة كالكرة وأن السماء محيطة بها من كل جانب إحاطة البيضة بالمحة فالصفرة بمنزلة الأرض وبياضها بمنزلة الهواء وجلدها بمنزلة السماء غير أن خلقها ليس فيه استطالة كاستطالة البيضة بل هي مستديرة كاستدارة الكرة المستوية الخرط حتى قال مهندسوهم لو حفر في الوهم وجه الأرض لأدى إلى الوجه الآخر ولو نقب مثلاً بفوشنج [2] لنفذ بأرض الصين قالوا والناس على وجه الأرض كالنمل على البيضة واحتجوا لقولهم بحجج [3] كثيرة منها برهانىّ ومنها إقناعىّ

_ [1] . مركّبةMs. [2] . بفوسنجMs. [3] . بججاج Ms.

فالذي يجب على المسلم اعتقاده إجازة ذلك على الإمكان لأن البسيط يحتمل نشر الشيء ومده كالثوب وغيره ويحتمل التمكن منه فإن كان الناس على الأرض كما زعموا فالأرض لمن هي تحته بساط كمثل من هي فوقها وما نبأ وللَّه الحمد علينا معاندة الحق ومعاداة أهله ولا الإزراء بشيء من العلوم والآداب وإن كانت تتخيله [1] الديانة يقطع وثبت الولاية ولا نصرة للدين أعظم من تنزيل الحق منزلته وإعطاء كل ذي حق حقه وزعم بعضهم أن الأرض مقعرة وسطها كالجام واختلفوا في كمية عدد الأرضين قال الله تعالى الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمن الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ 65: 12 فاحتمل هذا التمثيل أن يكون في العدد والأطباق فروى في بعض الأخبار أن بعضها فوق بعض غلظ كل أرض مسيرة خمس مائة عام وما بين أرض وأرض مسيرة خمس مائة عام وحتى عد بعضهم لكل أرض أهلاً على صفة وهيئة عجيبة وسمى كل أرض باسم خاص كما سما كل سماء باسم خاص وزعم بعضهم أن في الأرض الرابعة حيات أهل النار وفي الأرض السادسة حجار أهل النار فمن

_ [1] . ل [؟] له Ms.

نازعته نفسه إلى الإشراف عليه نظر في كتب وهب وكعب ومقاتل وطبقه هذا العلم فاستوفى فيها حظه فإنها معرضة ممكنة وعن عطاء بن يسار في قول الله تعالى الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمن الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ 65: 12 قال في كل أرض آدم ونوح مثل نوحكم وإبراهيم مثل إبراهيمكم والله اعلم وأحكم وليس ذا بأعجب من قول الفلاسفة أن الشموس شموس كثيرة وأن القمر أقمار كثيرة في كل إقليم شمس وفي كل إقليم قمر ونجوم وقالت القدماء أن الأرض سبع على المجاورة والملاصقة وافتراق الأقاليم لا على المطابقة والمكاسبة وأهل النظر من المسلمين يميلون [1] إلى هذا القول ومنهم من يرى أن الأرضين سبع على الانخفاض والارتفاع كدرج المراقي ويزعم بعضهم الأرض مقسومة بخمس مناطق وهي المنطقة الشمالية والجنوبية والمستوية والمعتدلة [46] والوسطى واختلفوا في مبلغ الأرض وكميتها فروى عن مكحول أنه قال مسيرة ما بين أقصى الدنيا إلى أدناها خمس مائة سنة مائتان من ذلك البحر ومائتان ليس يسكنها أحد وثمانون فيه يأجوج ومأجوج وعشرون فيه سائر الخلق وعن

_ [1] . مم [؟] لون Ms.

قتادة قال الدنيا عشرون وأربع آلاف فرسخ فملك السودان اثنا عشر ألف فرسخ وملك الروم ثمانية آلاف فرسخ وملك العجم ثلاثة آلاف فرسخ وملك العرب ألف فرسخ وعن عبد الله بن عمر قال ربع من لا يلبس الثياب من السودان أكثر [1] من جميع الناس وقد أخرج بطلميوس مقدار قطر الأرض واستدارتها في المجسطي بالتقريب قال استدارة الأرض مائة ألف وثمانون ألف اسطاديوس [2] وهي أربعة وعشرون ألف ميل ويكون ثمانية آلاف فرسخ بما فيها من البحار والجبال والفيافي والغياض [3] والفرسخ ثلاثة أميال والميل ثلاثة ألف ذراع بذراع الملك والذراع ثلاثة أشبار وثلاثة أشبار ستّة وثلاثون أصبعاً والأصبع الواحدة خمس شعيرات مضمومات بطون بعضها إلى بعض والاسطاديوس [4] أربع مائة ذراع قال وغلظ الأرض وهي قطرها سبعة آلاف وستمائة وثلاثون ميلاً يكون ألفين وخمس مائة فرسخ وخمسة وأربعين فرسخا وثلثا قال فبسيط الأرض

_ [1] . أكثرMs. [2] . اسطاربوسMs. [3] . والعياضMs. [4] . والاسطاربوس Ms.

كلّها مائة واثنان وثلاثون ألف [ألف] وستّمائة ألف ميل يكون مائتي ألف وثمانية وثمانين فرسخاً فإن كان حقاً فهو وحي من الحق أو إلهام وإن كان قياساً واستدلالاً فقريب أيضاً من الحق وإن كان غير ذلك من تنجيث [1] وتنجيم فاللَّه أعلم وأما قول قتادة ومكحول فلا يوجب العلم اليقيني الذي يقطع على الغيب به واختلفوا في البحار والمياه والأنهار فروى المسلمون أن الله خلق البحار مراً زعافاً وأنزل من السماء الماء العذب كما قال وَأَنْزَلْنا من السَّماءِ ماء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ [2] في الْأَرْضِ 23: 18 وكل ماء عذب من بئر أو نهر أو غير ذلك فمن ذلك الماء فإذا اقتربت الساعة بعث الله ملكاً معه طست فجمع تلك المياه فردها إلى الجنة وزعم أهل الكتاب أن أربعة أنهار تخرج من الجنة الفرات وسيحان وجيحان ودجلة وذلك أنهم يزعمون أن الجنة من مشارق الأرض وروى أن الفرات جزر زمن معاوية فرمى برمانة مثل البعير البازل فقال كعب أنه من الجنة فإن صدقوا فليست هي بجنة الخلد ولكنّها من جنان

_ [1] . تنحببMs. [2] . ماء القدر فأرسلناه Ms.

الأرض وعند القدماء أن المياه من الاستحالات فطعم كل ماء على طعم تربته ونحن لا ننكر قدرة الله سبحانه على إحالة الشيء على ما يشاء كما يحول النطفة علقة والعلقة مضغة ثم كذلك حالاً بعد حال إلى أن يفنيه كما أنشأه واختلفوا في ملوحة ماء البحر فزعم قوم أنه لمّا طال مكثه وألحّت الشمس عليه بالإحراق صار مراً ملحاً واجتذب الهواء ما لطف من أجزائه فهو نقيه [1] ما صفته الأرض من الرطوبة فغلظ وزعم آخرون أن في البحر عروقاً تغير ماء البحر ولذلك صار مرّا زعافا واختلفوا في المدّ والجزر فزعم ارسطاطاليس أن علة ذلك من الشمس إذا حركت الريح فإذا ازدادت الرياح كان منها المد وإذا نقصت كان عنها الجزر وزعم كيماوس أن المد بانصباب الأنهار في البحر والجزر بسكونها وزعم بعضهم أن ذلك من تحرّك الأرض وسكونها والمنجّمون منهم من يزعم أنّ المد بامتلاء القمر والجزر [47] بنقصانه وقد روى في بعض الأخبار أن للَّه ملكاً موكلاً بالبحار فإذا وضع يده في البحر مد وإذا رفعه جزر فإن صح ذلك والله أعلم كان

_ [1] . [؟] نقيه Ms.

اعتقاده أولي من المصير إلى ما لا يفيد حقيقة ولو ذهب ذاهب إلى أن ذلك الملك يهب [1] الرياح التي تكون سبب المد ويزيد في الأنهار أو يفعل [2] ذلك عند امتلاء القمر حتى يكون توفيقاً بين الروايات والآراء لكان هذا مذهباً والله أعلم، واختلفوا في الجبال قال الله عز وجل وَأَلْقى في الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ 16: 15 وقال تعالى أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً وَالْجِبالَ أَوْتاداً 78: 6- 7 وقال تعالى ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ 50: 1 قال قوم من المفسرين أنه جبل محيط بالعالم من زمردة خضراء ثم اختلفوا فقال بعضهم أن منه إلى السماء مقدار قامة رجل وقال آخرون بل السماء مطبقة عليه وقال قوم وراءه عوالم [3] وخلائق لا يعلمها إلا الله ومنهم من يقول ما وراءه من حد الآخرة ومن حكمها وإن الشمس تغرب فيه وتطلع منه وهو الساتر لها عن الأرض ويسميه القدماء بالفارسية [4] كوه البرز وحكى أفلوطرخس [5] عن

_ [1] . تهبّMs. [2] . يفعلMs. [3] . عواليمMs. tenmargedanslems. [4] [5] . افلوطوخس Ms.

ديمقريطيس [1] أن الأرض كانت في الابتداء تكفأ لصغرها وخفتها على طول الزمان فتكاثفت وثبتت وهذا قول المسلمين بعينه لو أنّه زاد فيه ثبت بالجبال ومنهم من يزعم أن الجبال عظام الأرض وعروقها واختلفوا فيما [2] تحت الأرض أما القدماء فأكثرهم يزعمون أن الأرض يحيط بها الماء والماء يحيط به الهواء والهواء تحيط به النار والنار يحيط بها السماء الدنيا ثم الثانية إلى السبع ثمّ فوقها فلك الكواكب الثابتة محيط بهذه السماوات والأركان التي ذكرنا ثم فوقها الفلك الأعظم المستقيم ثم فوقه عالم النفس وفوق عالم النفس عالم العقل وفوق عالم العقل البارئ جل جلاله ليس وراءه شيء وهو فوق كل شيء فعلى مذهبهم أن تحت الأرض سماء كما فوقها وفي كتب قصاص المسلمين أشياء يضيق الصدر عنها وروى أن الله تعالى لما خلق الأرض كانت تكفأ كما تكفأ السفينة فبعث الله ملكاً فهبط حتى دخل تحت الأرض فوضع الصخرة على عاتقه [3] ثمّ أخرج

_ [1] . ديمقرطرطبيسMs. [2] . فيهاMs. [3] . عاتقه Ms.

يديه إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب ثم قبض على الأرضين السبع فضبطها فاستقرت ولم يكن لقدمه قرار فأهبط الله ثوراً من الجنة له أربعون ألف قرن وأربعون ألف قائمة فجعل قرار قدمي الملك على سنامه فلم تصل قدماه إليه فبعث الله ياقوتة خضراء من الجنة غلظها مسيرة كذا ألف عام فوضعها على سنام الثور فاستقرت عليها قدماه وقرون الثور خارجة من أقطار الأرض مشبكة تحت العرش ومنخر الثور في ثقبين من ملك الصخرة تحت البحر فهو يتنفس كل يوم نفسين فإذا تنفس مد البحر وإذا رد نفسه جزر البحر قال ولما لم يكن لقوائم الثور قرار فخلق الله كمكما كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين فاستقرّت عليه قوائم الثور ثمّ لو لم يكن للكمكم مستقر فخلق الله حوتاً يقال له بهموت [1] فوضع الكمكم على وتر [2] الحوت والوتر [3] الجناح الذي يكون في وسط ظهره وذلك الحوت [على الريح] العقيم وهو مزموم بسلسلة كغلظ السماوات

_ .RESTiTUEd ,apresQazwini ,Adjatb ,p.145. [1] بلهوتMs. [2] . وترMs. [3] . والوتر Ms.

والأرضين معقودة قال ثم انتهى إبليس عليه اللعنة إلى ذلك الحوت فقال ما خلق الله خلقاً أعظم منك فلم لا نزيل [1] الدنيا [47] فهم بشيء من ذلك فسلط الله عليه بقة في عينه فشغلته وزعم بعضهم أن الله سلط عليه سمكة كالشطبة فهو ينظر إليها ويهابها قالوا ثم أنبت الله من تلك الياقوتة جبل قاف وهو من زمرّد خضراء وله رأس ووجه وأسنان وأنبت من جبل قاف الشواهق كما أنبت الشجر من عروق الشجر وزعم وهب أن الثور والحوت يبتلعان ما ينصب من مياه الأرض فإذا امتلأت أجوافهما قامت القيامة قالوا والأرض على ماء والماء على الصخرة والصخرة على سنام ثور والثور على كمكم من الرمل متلبد والكمكم على ظهر الحوت والحوت على الريح العقيم والريح في حجاب من الظلمة والظلمة على الثرى وإلى الثرى انتهى علم الخلائق لا يعلم أحد ما دون ذلك إلا الله بقوله تعالى لَهُ ما في السَّماواتِ وَما في الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى 20: 6 وحكى وهب فيما روى عن عيسى عليه السلام أنه سئل عما تحت الأرض فقال ظلمة الهواء وقيل فما تحته قال انقطع علم

_ [1] . نريل Ms.

العلماء فهذه القصص ما تولع بها العوام ويتنافسون فيه ولعمري انه لممّا يريد المرء بصيرة في دينه وتعظيماً لقدرة ربه وتحيراً في عجائب خلقه فإن صحت فما خلقها على الله بعزيز وإن لم يكن من اختراع أهل الكتاب وتزوير القصاص فكلها تمثيل وتشبيه والله أعلم وقد روى شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم [كان] جالساً في أصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال هل تدرون ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال [النبي] [1] اعلموا أن هذه زوايا الأرض يسوقها الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ثم قال هل تدرون ما الذي فوقكم قالوا الله ورسوله أعلم قال فإنها الرفيع سقف محفوظ وموج مكفوف قال هل تدرون كم بينكم وبينها قالوا الله ورسوله أعلم قال مسيرة خمس مائة عام ثم قال أتدرون ما فوق ذلك قالوا الله ورسوله أعلم قال فوقه العرش وبينه وبين السماء بعد مثل ما بين سماءين ثم قال أتدرون ما تحتكم قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن تحتها أرضاً أخرى بينهما مسيرة خمس مائة عام ثم قال

_ Lacunedansl ,original. [1]

والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم بحبل لهبطتم على الله ثم قرأ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ 57: 3 الآية فهذا الخبر يشهد بصدق كثير مما يروون إن صح والله أعلم وليس فيه ذكر الكمكم والصخرة والثور وغير ذلك وأما أهل النظر فمختلفون فيما تحت الأرض فزعم هشام بن الحكم أن تحت الأرض جسماً من شأنه الارتفاع والعلو كالنار والريح وأنه المانع للأرض من الانحدار وهو نفسه غير محتاج إلى ما يعمده من تحته لأنه ليس مما ينحدر بل يطلب الارتفاع وزعم أبو الهذيل أن الله وقفها بلا عمود ولا علاقة وقال بعضهم أن الأرض ممزوجة من جنسين خفيف وثقيل فالخفيف شأنه الارتفاع والصعود والثقيل شأنه الهبوط فيمنع كل واحد منهما صاحبه من الذهاب في جهة لتكافئ تدافعهما [1] والله أعلم واختلف القدماء في ذلك فزعم قوم منهم أن الأرض تهوي إلى ما لا نهاية وزعم آخرون أن بعضها يمسك بعضاً وزعم بعضهم أنها في خلاء لا نهاية لذلك الخلاء وعامتهم أن دوران الفلك عليها يمسكها في المركز [48] من جميع نواحيها ويقول

_ [1] . تدافعهما Ms.

ذكر قوله تعالى هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام 11: 7

أرسطاطاليس [1] أن خارج العالم من الخلاء مقدار ما يتنفس السماء فالذي ينبغي أن يعتقد من هذا أن العالم لو كان في مكان احتاج ذلك المكان إلى مكان آخر فإذا جاز أن يخلق الله المكان لا في مكان فأي عجب أن يخلق الأرض لا في مكان ولو كان ما فيه الأرض من خلاء أو فضاء شيئاً لوجب أن يكون مخلوقاً بدلالات أثر الخلق فيما دون الخالق سبحانه وقد سبق ذكر هذا فيما قبل، ذكر قوله تعالى هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ في سِتَّةِ أَيَّامٍ 11: 7 فروي عن ابن عباس أنه قال في مقادير ستة أيام من أيام الآخرة كل يوم ألف سنة من أيام الدنيا وروى عن الحسن أنه قال في ستة أيام من أيام الدنيا ولو شاء بساعة ولو شاء بأسرع من طرفة عين ولكنه أراد إظهار قدرته لخلقه وآيات حكمته لملائكته ما يرون من ظهور آثار صفته شيئاً بعد شيء وقد قيل أن مدة الدنيا ستة أيام فلذلك خلقت في ستة أيام وروى طائفة من اليهود أن الدنيا تنقضي [2] في كل ستة آلاف سنة وتعاد في السابعة قال ابن إسحاق يقول أهل

_ [1] . ليسMs.ajoute [2] . ينقضي Ms.

التوراة ابتداء الخلق يوم الأحد وفرغ منه يوم السبت فجعله عيداً لعباده وعظمة شرفه وكرمه ويقول أهل الإنجيل الابتداء يوم الإثنين وكان الفراغ يوم الأحد ويقول المسلمون ابتداء الخلق يوم السبت وكان الفراغ يوم الجمعة وإنما سميت يوم الجمعة لاجتماع الخلق فيه [و] كثير من المسلمين ينكرون هذه الرواية ويقولون ابتداء الخلق يوم الأحد وإما المجوس فإنهم يعظمون يوم الإثنين وهم يزعمون أن الله خلق الخلق في ثلاثمائة وستين يوماً وسمعت بعض أهل العلم يزعم ما من يوم إلا وهو عيد لقوم والله اعلم قال الله تعالى أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ في يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ 41: 9 قال الأحد والإثنين وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ من فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ 41: 10 الى قوله فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ في يَوْمَيْنِ 41: 12 الخميس والجمعة [1] وهكذا روى عكرمة عن ابن عباس خلق الله الأرض يوم الأحد ويوم الإثنين وشق الأنهار وغرس الأشجار وقدر الأقوات يوم الثلثاء ويوم الأربعاء وخلق السماوات وما فيها يوم الخميس ويوم الجمعة قال

_ [1] . الجمع Ms.

عدىّ بن زيد [بسيط] قضى لستة أيام خلائقه ... وكان آخر شيء صور الرّجلا فإن قيل إذا كان اليوم من لدن طلوع الشمس إلى غروبها فكيف يجوز القول بأنه خلق في اليوم قبل اليوم قيل قد بيّنّا قول المسلمين أن النهار والليل خلقا قبل الشمس والقمر وأنهما ليسا من الشمس والقمر في شيء وليست أيام الخلق كأيام الدنيا ولكنها المقادير كان يظهر الخلق فيها وقد سمى الله يوم القيامة ولا شمس ثم ولا قمر يوماً وقال لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا 19: 62 ويقال أن الله خلق الشمس يوم الأحد والقمر يوم الاثنين والمرّيخ يوم الثلثاء وعطارد يوم الأربعاء والمشتري يوم الخميس والزهرة يوم الجمعة وزحل يوم السبت فلذلك نسبت الأيام إليها فيقال رب يوم الأحد الشمس [1] وربّ يوم الإثنين [2] القمر وربّ يوم الثلثاء المريخ ورب يوم الأربعاء عطارد [48] ورب يوم الخميس المشتري ورب يوم الجمعة الزهرة ورب يوم السبت زحل ويستحب ابتداء الأعمال يوم الأحد لعظم قوة

_ dditionmarginale. [1] douxfoisdanslems. [2]

ذكر ما حكى من المدة قبل خلق الخلق

الشمس وسلطانها والسفر يوم الاثنين لسرعة سير القمر والحجامة والفصد يوم الثلثاء لمكان المريخ والدواء يوم الأربعاء لممازجة عطارد والخميس قضاء الحوائج وطلبها لفضل المشتري واللهو والفرح يوم الجمعة لأجل الزهرة والصيد يوم السبت وفيه يقول بعض المتأخّرين [وافر] لنعم اليوم يوم السبت حقاً ... لصيد إن أردت بلا امتراء وفي الأحد البناء لأن فيه ... تبدّا الرب في خلق السماء وفي الاثنين إن سافرت فاعلم ... سترجع بالنّجاح وبالثّراء وإن ترد الحجامة فالثلاثا ... ففي ساعاته سفك الدماء وإن ترد الدواء فنعم يوماً ... لشرب المرء يوم الأربعاء وفي يوم الخميس قضاء حاجٍ ... وفيه الله يأذن بالقضاء وفي الجمعات تزويج وعرس ... ولذات الرجال مع النساء ذكر ما حكي من المدة قبل خلق الخلق [1] روى حماد بن زيد عن عمرو بن دينار [2] عن طاووس [3] عن عكرمة عن ابن

_ itsinseresparIbn -al -rdtdanssaKhartda (voirlapreface) .ellequeBindiqueI ,eeauCaireetPIems.desaint -Petersbourg. [1] ManquedansBetP. [2] [3] . طاوس B

عباس رضي الله عنه [1] قال قيل [2] لموسى [3] مذ [4] كم خلق الله الدنيا [5] فقال موسى يا رب ما تسمع [6] ما يقول [7] عبادك فأوحى الله [8] إليه [9] إني خلقت أربعة عشر ألف مدينة من فضة وملأتها خردلاً وخلقت لها طيراً وجعلت رزقه كل يوم حبة [10] حتى أفني ذلك ثم خلقت الدنيا فقيل لابن عباس فأين كان عرشه قال على الماء قيل فأين كان الماء قال [11] على متن الريح وروى مثل هذا عن [12] علي بن أبى طالب عليه

_ [1] . عنهماB ,P [2] . قالت بنو إسرائيلB ,P [3] . بن عمران عليه السلام سل ربّكBetPajoutent: [4] . منذB ManquedansP. [5] [6] . اما تسمعP [7] . تقولP [8] . سبحانه وتعالى P بن سبحانهB [9] . يا موسىB ,Pajoutent: etn entreasterisques. [10] من ذلك الخردل فأكل الخردل حتى فنى ما في الخزائن من تلك الخردل ,P ومات الطير بعد استيفاء رزقه ثمّBajoute: ... ManquedansP. [11] [12] . طاووس مرفوعا عن BetPajoutent:

السلم [1] فهذا [2] شيء غامض صعب موكل [3] إلى علم الله إذ ليس يدري ما الذي كان قبل هذا الخلق [4] مثل هذا الخلق أو [5] على خلافهم وهل تعيد [6] الدنيا بعد فناء هذه الدنيا أم لا لأنه لم يخبرنا في كتابه ولا على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بشيء من ذلك ولا في قوة العقل والاستدلال عليه فأما الخبر فغير معتمد عليه وغير عجيب ما ورد فيه ولا خارج من القدرة ولا مبطل الحكمة ولو كان أضعاف ذلك [7] وزعم بعض الناس أنه عد قبل آدم هذا الذي ينسب إليه ابتداء الشيء [8] ألف ومائتا آدم [9] والله

_ [1] . رضى الله عنهما P بن رضى الله عنهB [2] . فقال هذاB etP [3] . موكولB [4] . أمثلB ,P [5] . أمB ,P [6] . يعيدB gurequedansBseul. [7] والاخبار واردة بأشياء عجيبة والقدرة صالحة لأضعاف [أضعاف] ذلكToutcepassage ,depuisl ,asterisque ,nsBetPparcesmots: [8] . ننسب.BetP [9] . ألف آدم ومائة [ومائتا [B آدم P

ذكر مدة [8] الدنيا واختلاف الناس فيها

أعلم وكأنه [1] جائز كونه [2] وداخل في حد الإمكان [3] فأما الذي لا يسع [4] القول إلا به ويلزم [5] اعتقاده انفراد الله تعالى [6] عن خلقه سابقاً من غير شريك ولا جوهر قديم [7] ثم أبدع الأشياء لا من شيء ولو كان بين شيئين من المدد ما لا يأتي عليه الإحصاء والعدد إلا أنه لا يصح إلا من جهة خبر صادق لأنا نخبر بقاء الحوادث على الأبد إلى ما لا نهاية فليس ذكر تلك المدة بأعجب من هذا وكون أهل الجنة في الجنة وكون أهل النار في النار، ذكر مدّة [8] الدنيا واختلاف الناس فيها قال الله تعالى

_ [1] . وكلهB ,P [2] . تحت الإمكان BetPajoutent: بن لكونهB [3] . الإيجادBetP [4] . لا يسوغ ,corrigedapresP ;B لا يسمعMs. [5] . لا يلزم إلّاBetP [6] . جل جلالهBetP [7] وابداعه الأشياء لا من شيء سبحانه لا إله الا هوLepassagesuivant ,afinduparagraphe ,dansBetPparcelui -ci: [8] . هذه P.

خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ في سِتَّةِ أَيَّامٍ 7: 54 فزعم قوم أن مدة الدنيا ستة آلاف سنة مكان كل يوم ألف سنة وروي عن كعب [1] أن الله [2] وضع الدنيا [49] على [3] سبعة أيام [4] وروى ابو المقوّم الأنصاريّ عن ابن جبير عن ابن عباس [5] قال الدنيا جمعة من جمع الآخرة وروى ابن أبي نجيح [6] عن مجاهد وأبان عن عكرمة في قوله تعالى في يَوْمٍ كانَ [7] مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ 70: 4 قالا [8] هي الدنيا من أولها إلى آخرها وجاء خبر آخر في أمد الدنيا [9] أنه مائة ألف سنة وخمسون ألف سنة وخبّرنى [10]

_ [1] . رضى الله عنه BetP بن الأحبارBajoute: [2] . تعالىPajoute: [3] . فيP [4] . مكان كل يوم ألف سنةBetPajoutent: [5] . رضى الله عنهماBetP [6] . يحيحMs. [7] . في كلّ يومMs. [8] . قالBetP [9] . وجاء في خبر اخرBetP [10] . قال البلخي رحمه الله أخبرنى BetP

هربذ [1] المجوس [2] بفارس أن في كتاب لهم أن مدة الدنيا أربعة أرباع فأولها ثلث مائة ألف سنة وستون ألف سنة عدد أيام السنة وقد مضت والثاني [3] ثلاثون ألف سنة عدد أيام الشهر [4] وقد مضت [5] والثالث [6] اثنا [7] عشر ألف سنة عدد شهور السنة وقد مضت [8] والرابع [9] سبعة آلاف سنة عدد أيام الأسبوع ونحن فيها وللهند وأهل الصين فيه حساب يطول نذكره في موضعه إن شاء الله [10] ووجدت [11] في كتاب رواية عن وهب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل

_ [1] . وحترنى هربدMs. [2] . وهو اعلم من الموبذان [الموبد ,PetBajoutent: [P المجوسيP [3] . والربع الثانيPetB [4] . الشهورP [5] . أيضاBetPajoutent: [6] . والرابع الثالثBetP [7] . اثنىMs. [8] . أيضاBetPajoutent: [9] . والرابع الرابعBetP Toutcepassage ,epuislasterisque ,manquedansBetP. [10] [11] . قال البلخي رحمه الله وجدت BetP

مذ [1] كم خلقت الدنيا فقال أخبرني ربي [2] انه خلقها منذ سبع مائة ألف سنة إلى اليوم الذي بعثني [3] فيه رسولاً إلى الناس ثم زعم صاحب الكتاب [4] أن مما يدل على ذلك ما جاء في الخبر أن إبليس عبد الله [5] خمسة وثمانين ألف سنة وإنه [6] خلق بعد ما خلق السماوات والأرض بما شاء [7] وهذا كله ممر على وجهه إن لا يقوم يقطع [8] العلم به وما على إذا علمت أن الدنيا محدثة مكونة ولها انتهاء وانقضاء إن لا أعلم كم مضى منها وكم بقى فكيف تطمئن النفس إلى قول من يزعم أنه قد أحصى سني [9] الدنيا وشهورها وأسابيعها وعدد أيامها

_ [1] . مندBetP [2] . عزّ وجلّPajoute: ManquedansP. [3] [4] . وزعم أيضاBetP [5] . قبل ان يخلق آدمBetP ManquedansB. [6] .reauteurparIbnal -Wardt. [7] من المدد ما شاء الله والله B] سبحانه و] تعالى بغيبه اعلمP [8] . [؟] قطعMs. [9] . سنىّ Ms.

ذكر الدنيا وما هي

ولياليها وساعاتهما ودقائقها وثوانيها وهل يقول مثل هذا عاقل، ذكر الدنيا وما هي وجدت في كتاب باباً منفرداً في اختلاف الناس في الدنيا فحكى عن قوم أنهم يقولون الدنيا العالم بأسره وجميع أجزائه في السماء والأرض وما فيهما ومن قوم أنهم يقولون الدنيا تعاقب الفصول الأربعة وبقاء النماء والتناسل فإذا بطل هذا بطلت الدنيا وعن قوم أنهم قالوا أن الدنيا ضوء النهار وظلمة الليل وعن قوم أنهم قالوا أن الدنيا هذا الخلق لا غير فإذا فني فنيت الدنيا وعن قوم أنهم يقولون أن الدنيا سلطان ومال وجاه ودعة وعن قوم الدنيا هي ما بين السماء والأرض وقالوا قوم الدنيا هي الزمان فمن قال أن الدنيا هي هذا الجنس من الخلق قال ابتداؤها عند ظهور النشو ولا بعد ما قبلها من الدنيا من خلق السماوات والأرضين والملائكة وما ذكر من أصناف الخلائق قبل آدم ومن قال هو هذا العالم بأسره عد ما وجد قبل آدم من الدنيا وكذلك من حدها بحد [1] فابتدأ من حيث حدّ قال الله تعالى

_ [1] . بحدّ Ms.

فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ [1] الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ 31: 33 [2] وقال تعالى يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي 89: 24 [3] فأخبر أن الدنيا حياة والآخرة حياة ثم أضاف الفانية إلى الدنيا لفنائها وأضاف الباقية إلى الأخرى لبقائها وإنما سميت الدنيا دنيا لدنوها من الخلق والآخرة آخرة لتأخرها إلى أن تفنى الدنيا فكل ما هو فانٍ أو سيفنى يوماً من الخلق والأمر كائناً ما كان فهو دنيا وكل ما هو غير فان فهو من الآخرة ألا ترى أنه يقال لمن شاب وانصرم شبابه ذهبت دنياه ولمن ذهب ماله وسقط جاهه [49] ذهبت دنياه ولمن مات هلك دنياه فلا تسمى دنيا إلا كل ما هو فانٍ ذاهب ومثال دنيا فعلى من الدنو كالصغرى والكبرى قال [وافر] هب الدنيا تساق عليك عفواً ... أليس مصير ذاك إلى الزوال وما دنياك إلا مثل فيء ... أظلّك ثمّ آذن بالزّوال ومن هاهنا قيل أن الدنيا دنية كاسمها وأن الدنيا دنى كثيرة

_ [1] . حياةMs. [2] . العزيزMs. [3] . لحياتي Ms.

ذكر ما وصف من الخلق قبل آدم

فكل إنسان له دنيا في نفسه على حدته فماله دنيا له وجاهه دنيا له وأيّامه دنيا له ومكانه دنيا له وكل ما يناله ويسر به مما لا يبقى دنيا له وأنشدنى بعضهم [رمل] أنت دنيا كيف ذمك لدنيا [1] ... ألتي أنت هي ومنتهاكا [2] ويدل خبر علي بن أبي طالب عم أن الأرض من الدنيا حيث قال [3] للذي يسمعه يذم، الدنيا مهبط وحي الله ومصلى ملائكته ومتجر أوليائه ويدل أن السماء من الدنيا قوله تعالى يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ 21: 104 [4] فلو كانت من الآخرة لم تطو لأن الآخرة غير فانية، ذكر ما وصف من الخلق قبل آدم [5] روى في الحديث أن كل شيء خلق الله قبل آدم عم [6] وأنّ آدم وجد بعد إيجاد

_ nvientpasaumetre. [1] بن للدنياMs. [2] . وهي منتهاكاMs. [3] . قال حيث قالMs. [4] . للكتابMs. .geinsereparIbnal -Wardt. [5] عليه السّلامBajoute: [6] . خلقه الله P] تعالى] من الخلق كان قبل آدم B

الخلق لأنه خلق في الأيام [1] التي خلق فيها الخلق وقد ذكرنا ما قيل في خلق الملائكة فلنقل الآن في خلق الجان قال الله عز وجل خَلَقَ الْإِنْسانَ من صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ من مارِجٍ من نارٍ 55: 14- 15 وجاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى خلق الملائكة من نور قال الله تعالى وَالله خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ من ماءٍ 24: 45 وقال تعالى وَنَزَّلْنا من السَّماءِ ماء مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا به جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ 50: 9 وقال جل ذكره وَأَنْبَتْنا فِيها من كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ 15: 19 قال بعض أهل التفسير أنه الجواهر التي توزن فأخبر سبحانه عن جميع خلقه ممن خلق من الماء والنار والطين [2] وروى بقية [3] بن الوليد عن محمد بن نافع عن محمد بن عبد الله بن عامر المكّي أنّه قال خلق الله [4] خلقه من أربعة أشياء الملائكة من نور والجان من نار والبهائم من ماء وبنى آدم [5]

_ [1] . لانه خلق آدم آخر الأيامB Toutcepassage ,epuislasterisque ,manquedansBetP. [2] [3] . بقيصة ,P بقيّهMs. [4] . تعالىPajoute: [5] . وآدم BetP

من طين [1] فجعل [2] الطاعة في الملائكة والبهائم لأنهما [3] من النور والماء وجعل المعصية في الجن والإنس لأنهما من الطين والنار وروينا عن شهر بن حوشب أنه قال [4] خلق الله في الأرض خلقا [5] ثم قال لهم إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً 2: 30 فما أنتم صانعون قالوا نعصيه ولا [6] نطيعه فأرسل الله عليهم ناراً فأحرقتهم ثم خلق الجن فأمرهم بعمارة الأرض فكانوا يعبدون الله [7] حتى طال عليهم الأمد فعصوا وقتلوا نبياً لهم يقال له يوسف وسفكوا الدماء فبعث [8] عليهم جندا من الملائكة عليهم إبليس واسمه [9] عزازيل فأجلوهم عن الأرض وألحقوهم بجزائر

_ [1] . وذريته كذلك بالتبعيةBetPajoutent: [2] . سبحانهBetPajoutent: ;corrigedapresB. [3] لأنهاMs.etP [4] . قيلB [5] . وأسكنهم فيهاBetPajoutent: [6] . فلاBetP [7] . تعالى P بن حق عبادتهBajoutent: [8] . اللهBetPajoutent: [9] . من الملائكة جندا وجعل عليهم إبليس رئيسا وكان اسمه BetP

البحور وسكن إبليس ومن معه [1] الأرض فهانت عليه العبادة وأحبوا المكث فيها فقال الله عزّ وجل لهم إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً [2] قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها [3] من يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ [4] وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قال إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ 2: 30 وروى عن ابن عباس رضي الله عنه [5] أن الله تعالى لما خلق الجن [6] من نار سموم [7] جعل [8] منهم الكافر والمؤمن [9] ثم بعث إليهم رسولاً من الملائكة وذلك قوله تعالى الله يَصْطَفِي من الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمن النَّاسِ 22: 75 [50] قال فقاتل [10] الملك [11] بمؤمنى [12] الجنّ كفّارهم فهزموهم

_ [1] . من الملائكةBetPajoutent: [2] فصعب عليهم العزل ومفارقة المألوف وقالواiciuncommentaire:. [3] . على طريق الاستفهام من الله سبحانهBetP ,commentaire: 4 Leresteduversetn ,tpascitedansBetP. [4] [5] . رضى الله عنهماBetP [6] . الجانBetP [7] . السمومBetP [8] . وجعلMs. [9] . المؤمن والكافرBetP [10] . قا فقاتلMs. [11] . المرسلBajoute: [12] . بمؤنى Ms.

وأسروا إبليس وهو غلام وضيء اسمه الحارث [1] أبو مرة فصعدت الملائكة به إلى السماء ونشأ بين الملائكة في الطاعة والعبادة وخلق [2] خلقاً في الأرض فعصوه فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة فنفوهم عن الأرض ثم خلق [3] آدم فأشقى إبليس وذريته به وزعم بعضهم أنه كان قبل آدم في الأرض خلق لهم لحم ودم واستدلوا بقوله تعالى قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ 2: 30 فلم يقولوا [4] إلا عن معاينة واحتجوا أيضاً بقول حوبر [5] أنه كان خلق [6] فبعث إليهم نبي [7] يقال له [8] يوسف فقتلوه هذه ثلاث أمم سكنوا الأرض قبل آدم التي [9] إبليس من نسلها [10] والذين قتلوا

_ [1] . الحرثBetP [2] . اللهBajoutent: [3] . الله تعالى P بن اللهBajoutent: [4] . ذلكBetPajoutent: [5] . جوبين، P جويبرB [6] . انهم كانوا خلقاBetP [7] . نبياP [8] . اسمهBetP [9] . والذين سكنوا الأرض قبل آدم ثلاث أمم الذينBetP [10] . نسلهم BetP

ذكر خلق الجن والشياطين

نبيهم [1] والذين أجلاهم إبليس من الأرض مع ما قيل أنه كان قبل آدم ألف آدم ومائتا ألف [2] آدم ونوح ألف [3] آخر وهو [4] آخر الآدمين وروى أن آدم لما خلق قالت له الأرض يا آدم جئتني بعد ما ذهبت جدتي [5] وشبابي وقد خلقت قال عدى بن زيد [6] [بسيط] [قضى لستة أيام خلائقه] ... وكان آخر شيء صور الرجلا [7] ذكر خلق الجن والشياطين اعلم أن أصل الخلق وقع في شيئين من لطيف وكثيف فما خلق من الكثيف كثيف كالجوامد والموات والثواني من الجواهر والأشجار وما خلق من اللطيف لطيف كالهواء والرياح والملائكة والجنّ وما خلق من

_ [1] . يوسفBetPajoutent: dditionmarginale ;manquedansBetP. [2] ManquedansBetP. [3] ManquedansB. [4] [5] . جدّتىMs. [6] . مفرداBajoute: .emprunteparIbnal -Wardt. [7] كذا في الأصل.Enmarge: ران جلا Lems.secondhemistiche ,otsainsideformes:

لطيف وكثيف اجتمع فيه المعنيان كأجناس الحيوان ثم خص منها بالروح الحقيقي والعقل المميز والنفس الناطقة كان إنساناً فضل على غيره بذلك وقد ذكر الله تعالى أنه خَلَقَ الْجَانَّ من مارِجٍ من نارٍ 55: 15 فزعم قوم أنّه ماء ورج ونار قالوا والرج الضباب فكمل خلقهم من أربعة أشياء من الماء والرج والضوء والحرارة وأكثرهم على أن المارج [الغير] المختلط من لهب النار فما فيهم من خفة وسرعة واختطاف وتسويل بالشر فمن جهة طباعهم النارية وما كان فيهم من خير وفضيلة فمن جهة الضوء واختلاف ألوانهم وتأويلهم في التخييلات والتمثيلات لاختلاف أجزاء عناصرهم وفاتوا الحواس للطافة أجسامهم كما فاتته الملائكة والعلة في ذلك العلة في الملائكة والهواء أغلظ وأكثف من الجن فإذا كفا لم يحس به ما لم يحدث [1] به حركة واضطراب فكيف بالذي هو ألطف منه وأخف وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم فما هو إلا بمنزلة العوارض التي تخلص إلى أجسامنا وتباشر أنفسنا من الحرّ والبرد والحزن والفرح وغير ذلك

_ [1] . [؟] حدث Ms. ;annot.marg.

فلا نعلم كيف وصلت إلينا ونعلم يقينا أنها حادثة فينا وجاء في بعض الأخبار أن اسم أبي الجن سوم كما اسم ابى البشر آدم قالوا وخلق سوم وزوجته من نار السموم فتناسلوا وكثر ولده وكانت الجن سكان الأرض قبل آدم والملائكة سكان السماء واختلفوا في الشياطين فقال أكثر المسلمين أن من عصى من الجن صار شيطاناً وزعم بعضهم أن الشيطان من ذرية إبليس خاصة بعد اختلافهم في إبليس أمن الجن هو أم من الملائكة وكل ما اجتن عن الأبصار فهو جن ملكاً كان أو جنياً أو شيطاناً والشيطنة الخبث والنكارة [50] فيقال لعتاة الإنس شياطين كما يقال لعتاة الجن شياطين وللغرس السريع شيطان ولكل داهية أو خفيف فطن شيطان وجاء في الحديث أن الكلب الأسود البهيم شيطان وقد قال الشاعر ما ليلة الفقير إلا شيطاناً فسمى ما يقاسيه الفقير من الضعف والشدّة شيطانا وروى عن مجاهد أنه قال مسكن الجن الهواء والبحار وأعماق الأرض وطعامهم روائح الطعام وشرابهم روائح الشراب قال ولما خلق الله تعالى أبا الجن قال له تمن قال أتمنى أن لا نرى ولا نرى وأنا ندخل تحت الثرى

ذكر ما وصفوا من عدد العوالم ولا يعلمها إلا الله

وأن شيخنا يعود فتى فأعطى ذلك ثم لما خلق آدم قال له تمن قال أتمنى الحيل فأعطى ذلك قالوا وللجن شياطين كما للإنس شياطين وعلى الملائكة حفظه يقال لهم الروح كما للناس حفظه من الملائكة وكثير من الفلاسفة يقرون بالخلق الروحاني وإن خالفوا في صفتهم فمن ذلك ما ذكره افلاطن في آخر كتابه المعروف بسوفطيقا أن الشياطين هي النفوس التي كانت ملابسة لهذه الأبدان فتشيطنت لرداءة أعمالها وزعم أن السحرة يستعينون بهذه النفوس في الأعمال التي يعملونها فيجيبونهم ويظهرون لهم ما أرادوا وأجاز قوم أن يكون في عالم سباع وبهائم غير محسوسة للطافة أبدانها وزعم بعضهم أن صور العدم قائمة بذاتها فهولاء قد أقروا بالصور الروحانية [1] واختلفوا في الصفة وكفوا بعض المئونة، ذكر ما وصفوا من عدد العوالم ولا يعلمها إلا الله روى جبير عن الضحاك أنه قال للَّه في الأرض ألف عالم منها ستمائة بالبحر وأربعمائة في البر وعن الربيع بن أنس للَّه أربع عشر ألف عالم ثلاثة آلاف وخمسمائة في المشرق وثلاثة

_ dutexte. [1] الروحانيّ Corr.marg.pour

آلاف [1] وخمسمائة في المغرب وثلاثة آلاف [1] وخمسمائة هكذا وثلاثة آلاف [1] وخمسمائة هكذا وروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال للَّه ثمانية آلاف عالم الدنيا وما فيها عالم واحد وروى حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال إنّ للَّه أرضا بيضاء مسيرة الشمس فيها ثلاثون يوماً مملوءة خلقاً من خلق الله لا يعصون الله طرفة عين قيل فأين إبليس عنهم يا رسول الله قال وما تدرون أن الله خلق إبليس ثم قرأ وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ 16: 8 والله أعلم بصحة الرواية مع ما يذكر من أصناف الأمم مثل ناسك ومتنسك وتاويل وهاويل ويأجوج ومأجوج وسائر الخلق في جنبتي الأرض اللتين يسميان جابلقا وجابلسا،

_ [1] . ألف Ms.

الفصل الثامن في ظهور آدم وانتشار ولده

الفصل الثامن في ظهور آدم وانتشار ولده اعلم أن الناس في هذا الفصل رجلان اثنان ملحد منكر للابتداء قائل بأزلية المعلول مع العلة وموحد مقر بالابتداء قائل ضد صاحبه ثم من أقر بابتداء الخلق اختلفوا في كيفية ظهور أوله وأنا ذاكر مقالاتهم ومنبه عن موقع منه بمشيّة الله وعونه فليكن مسألة إثبات حدث العالم من بال [1] الناظر في هذا الفصل فالذي يدل على حدث آدم هو الدليل المضطر إلى الإقرار بابتدائه، ذكر اختلاف الفلاسفة في تولد الحيوانات وكيف كان كونها فإما الذين يرون [51] أن العالم لا كون له فإن كون الحيوان عندهم من استحالة بعضه إلى بعض لأنه أجزاء العالم وكذلك يرى فيثاغورس وأما الفسمد فيرى أن الحيوان

_ [1] . بال Ms.

تولد من الرطوبة وأن كان يغشاه [قشر] مثل قشور السمك ولما أتت عليه السنون صارت إلى الجفاف واليبس فانقشر عنها ذلك القشر وصار حياتها زماناً يسيراً وأما ديمقرطيس فيرى أن الحيوانات تولدت وأن كونها من جوهر حارّ وأنّ أوّل ما أحياها هي الحرارة وأما انباذقليس فيرى أن لحون الحيوان والنبات لم يكن في أول الأمر دفعة واحدة لكنها شيء بعد شيء كأنها كانت أعضاء غير مؤتلفة ولا متصلة ثم صارت بعد ذلك متصلة في كون ثان في صورة التماثيل وفي كون ثالث كان بعضها في بعض وفي كون رابع بالاجتماع والتكاثف وكثرة الغذاء فهذا جملة قولهم في ظهور الحيوانات وآدم حيوان فعند بعضهم أن آدم تولد من رطوبة الأرض كما يتولد سائر الهوام وكان جلده كقشر السمك ثم لما أتى الزمان عليه جف وسقط عنه وعند آخر لم يظهر بكماله وأنها ظهر شيئاً بعد شيء ثم تركبت واتصلت على مرور الزمان وصار إنساناً تاماً واختلف المنجمون في ذلك فمنهم من يزعم أن الفلك دار كذا وكذا ألف سنة فكلما دار على استقامة ظهر نوع من الخلق إلى أن دار على أتمّ [1]

_ [1] . أ [؟] م Ms.

الاستقامة وأكمل الاعتدال فظهر هذا الإنسان الذي لا شيء أكمل ولا أفضل منه ومنهم من يزعم أن الكواكب السبعة لما اجتمعت كلها في أول درجة من الحمل ظهر جنس البهائم ثم لما اجتمعت في أول درجة من الجوزاء ظهر جنس الناس ولما اجتمعت كلها في أول درجة من الثور ظهر جنس من النبات ومنهم من يزعم أن الفلك لما دار على استقامة ظهرت البهائم ثم دار على أعدل من ذلك فأظهر القرد وكاد يكون إنساناً ولا شيء أشبه به منه ثم دار على غاية العدل فأظهر الإنسان واختلف سائر الأمم في ذلك فزعمت فرقة من الهند أن أول ما كان من ظهور الإنسان أن السماء ذكر والأرض أنثى وأنه مطرت السماء فقبلت الأرض ماءها بمنزلة قبول المرأة ماء الرجل في رحمها وأجلها الفلك بسرعة جريه ودورانه فبدأ أول ما بدأ هذا النبت الشبيه بالإنسان الذي يسمى يبروح [1] الصنمي ثم ألح عليه الفلك بدورانه حتى أقلع من منبته وأفاده حركة مكانته فصار إنساناً يسعى كما ترى وفي كتاب الفرس أن الله خلق الخلق في ثلاثمائة

_ [1] . [؟] بروح Ms.

وستين [1] يوماً ووضع ذلك على أزمنة الكاه انبار فخلق السماء في خمسة وأربعين يوماً والماء في ستين يوماً والأرض في خمسة وستين يوماً والنبات في ثلاثين يوماً وخلق الإنسان في سبعين يوماً وسماه كيومرث وأنه كان في جبل يسمى كوشاه ولم يزل يعمل الخير والعبادة وكان في سياحته ثلاثين سنة ثم طعنه إبليس فقتله فسال من طعنته دمه وصار ثلاثة أثلاث فثلث منه أخذته الشياطين وثلث أمر الله روشنك الملك أن يأخذه ويصونه وثلث قبلته الأرض فصارت محفوظة أربعين سنة ثم أنبت الله منه نباتاً كهيئات الريباس وظهر في وسط ذلك النبات صورتان ملتفان بورق ذلك النبات [51] أحدهما ذكر والآخر أنثى واسم الذكر منها ميشي [2] واسم الأنثى ميشانه [3] ومرتبة هذين عند الفرس مرتبة آدم وحواء عند أهل الكتاب وسائر الأمم قالوا ثم ألقى الله في قلوبهما شهوة المباضعة بعد ما أجرى فيهما روح الحياة فاجتمعا وتوالدا وصار نسل الناس

_ [1] . ستّونMs. [2] . مبشىMs. [3] . مبشانه Ms.

منهما وقال قوم أن الفلك لحركاته ابتداء وتوسط وغاية فظهر من ابتداء حركته النبات وفيه أدنى القوى ثم انضمت إلى القوتين قوة الغاية والتمام فظهر الإنسان قالوا ولا قوّة في الفلك أتم وأبلغ من هذه القوة التي أظهرت الإنسان ولا صورة أتم وأكمل منه ولذلك اجتمعت فيه القوى كلّها قوّة النماء وقوة الحس والحركة وقوة النطق والتمييز ومن هاهنا قالوا الإنسان ثمرة العالم وقالوا هو العالم الأصغر إذ لا يوجد في العالم شيء إلا وجد له شبيه في الإنسان لأن فيه ظاهراً هو جسمه وباطناً هو روحه وأربع طبائع من اسطقساته فالسوداء باردة يابسة من طبع الأرض والصفراء حارة يابسة من طبع النار والبلغم بارد رطب من طبع الماء والدم حار رطب من طبع الهواء ولحمه كالأرض وعظامه كالجبال وشعره كنبات الأرض وأعضاءه كالأقاليم وعروقه كالأنهار ومنافذه [1] ومفاوز [2] عرقه كالعيون ورأسه الفلك محيط به وفيه نيّرانه كنجوم الفلك وظهره كالبر وبطنه كالبحر وفي بطنه ألوان مختلفة

_ [1] . ومنافدهMs. [2] . ومفاور Ms.

من المياه والحيوان كنحو ما في بطن الأرض وفي يديه الدوابّ المتولّدة كالدواب المتولدة في الأرض وفيه النماء كما في النبات والحركة الكامنة كالبهائم والغضب كما في السباع وفيه عقله وحيوته كالإله المدبر له المعرف له قالوا ولا متفرق لو جمع كان منه إنسان إلا العالم ولا مجتمع لو فرق كان منه [العالم] إلا الإنسان [1] والعالم الأكبر عالم بالفعل إنسان بالقوة فالإنسان إنسان بالفعل وهو العالم بالقوة [2] وفي النبات امتزاج ضعيف فلذلك لم يبلغ درجة الحساسة وفي البهائم امتزاج أقوى من ذلك فلذلك تحركت وأحست وفي الإنسان امتزاج على تعديل ونظام قالوا وقد صح حكم الحكماء أن آخر العمل أول الفكرة وأول الفكرة آخر العمل فلما كان الإنسان آخر عمل الصانع صح أنه أول فكرة الصانع وهذا رأي أكثر الفلاسفة وقال بعضهم في تفصيل الإنسان وقسمة أجزاء الحيوان فالعالم فيه يداه جناحاه وأظفاره مخالبه وعيناه شمسه وقمره ورجلاه قوائمه ورأسه سماؤه ومثانته بحاره

_ dditionmarginale. [1] dditionmarginale. [2]

وأضراسه طواحنه ومعدته خزانته حتى عد جميع أجزائه وأعضائه الظاهرة والباطنة وهذا كله سهل يسير لأنا لا ننكر خلق الإنسان في هذا العالم من العالم والكلام فيه حرفان إما أن كان هو بنفسه من غير مكون فهو محال وإما أن كان كونه غيره مكون فهو الذي يقطع الشغب بيننا وبينهم وإما أن يكون هو لم يزل فأثر الحدث فيه يرد هذا القول وقد سبق من الحجة في الفصل الأول ما يدل على فساد هذه الدعوى بقي الكلام في كيف أوجد وليس ممكن مشاهدة الخبر في مثله إلا عن وحي أو رسالة فانتصر إلى ما في كتب الله وأخبار رسله صلوات الله عليهم وروى ابن إسحاق أنّ أهل التوراة يدرسون فيها أن خلق [الله] آدم على صورته لما أراد يسلطه على الأرض وما فيها [52] وقد روى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلق الله آدم على صورته ثم اختلفوا في التأويل وقرأت في نسخة زيادة على ما ذكره ابن إسحاق فقال بعد ذكر خلق السماوات والأرض فال الله يخلق إنساناً بصورتنا وشبهنا ومثلنا فيكون مسلطاً على سمك البحار والطير والأنعام وكل ماشية على الأرض فخلق آدم على صورته ومثاله ونفخ في وجهه

نسمة الحياة وسلطه على ما في الأرض وذلك يوم الجمعة واستراح يوم السابع وهو يوم السبت وفسر لي يهودي بالبصرة فزعم في خلق آدم أن الله صوره على الأرض ثم نفخ فيه والله أعلم وروى ابن إسحاق قال بينا آدم يمشي منتصباً ولم يكن مشى في الأرض حيوان مثله إذ جاء النسر إلى البحر فقال للسمكة إني رأيت خلقاً يمشي على القدمين وله يدان يبطش بهما في يده خمس أصابع فقالت السمكة إني أراك تنعت خلقاً ما أراه يدعك في جو السماء ولا يدعني في قعر البحار وهذا تمثيل والله أعلم وفي كتاب الله الذي لم يلحقه تغيير ولا تحريف وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ من سُلالَةٍ من طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً في قَرارٍ مَكِينٍ 23: 12- 13 يعني ولده وقال عز ذكره إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ من تُرابٍ ثُمَّ قال لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 3: 59 وقال تعالى حكاية عن الشيطان خَلَقْتَنِي من نارٍ وَخَلَقْتَهُ من طِينٍ 7: 12 فأخبر عن ابتداء خلق آدم أنه كان من التراب ثم ضم إليه الماء فكان طيناً ثم سل خلاصة الطين بدلالة قوله تعالى وَإِذْ قال رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً من صَلْصالٍ من حَمَإٍ مَسْنُونٍ 15: 28 ثم ترك حتى جف وصلصال كما قال خَلَقَ الْإِنْسانَ من صَلْصالٍ

كَالْفَخَّارِ 55: 14 وهذه أحوال كان الله تعالى يحولها على الإنسان تصفيه لطينته وإخلاصاً لنيته إذ لم يخلق كل طين كما يتولد منه الحيوان وينبت منه النبات ولا جعله في جميع الأحوال والهيئات كما يوجد منه ذلك ولو شاء لأوجده ولكن لم يدع حكمته وتدبيره في إظهار قدرته وإبداء حكمته في كل جزء من أجزاء ترتيبه كما يخلق تنسله من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ولو شاء لأتم خلقه من غير النطفة مع أن أسرار حكمته وعلمه لا مطلع عليها للعباد وجاء فيها من الأحاديث والأخبار ما لو تكلفناها لطال الكتاب بها وخرج عن الغرض المقصود له ولا من بعضها لما فيه من التقريب والتمثيل فزعم بعضهم أنه إنما سمى آدم لأنه خلق من أديم الأرض وقال الضحاك سمى آدم لأنه خلق من الأرض السادسة واسمها كاماً والرواية الأولى أشهر وأعرف وزعم بعضهم أن الله قبض من جميع وجه الأرض من سباخها وبطائحها وأسودها وأحمرها قبضة فلذلك جاء ولد آدم على تلك الألوان أبيض وأسود وأحمر وروى بعضهم أن [الله] جمع في آدم المياه كلها فموضع العذب في فمه والمالح في عينه والمر في أذنه والمنتن في خيشومه وروى في

ذكر خلق آدم

خبر أن الله تعالى خمر طينة آدم وأنها لتخرج من أصابعه والله أعلم، ذكر خلق آدم قال ابن إسحاق فلما أراد الله أن يخلق آدم بقدرته ليبتليه ويبتلى به لعلمه بما في ملائكته وجميع خلقه وكان أول بلاء ابتليت به الملائكة مما لها فيه ما تحب وتكره البلاء والتمحيص بما فيهم ممّا لو تعلموا أو أحاط به علم الله منهم جميع الملائكة من سكان السماوات والأرض ثم قال إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً 2: 30 إلى قوله إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ 2: 30 أي أن فيكم ومنكم ولم يبدها لهم منه المعصية والفساد وسفك [1] الدماء [52] وقال الله تعالى ما كانَ لِي من عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ 38: 69 فلما عزم الله تعالى على خلق آدم قال للملائكة إِنِّي خالِقٌ بَشَراً من طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ من رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ 38: 71- 72 فحفظت الملائكة وعده ووعوا قوله وأجمعوا لطاعته إلا ما كان من عدو الله إبليس فإنه صمت على ما في نفسه من الحسد والبغي والتكبر وخلق الله آدم من أدمة الأرض من طين لازب من حمإ

_ [1] . واسفك Ms.

ذكر اختلافهم في خلق آدم

مسنون بيده تكرمه له وتعظيماً لأمره فيقال والله أعلم خلقه ثم وضعه ينظر إليه أربعين عاماً قبل أن ينفخ فيه الروح حتّى عاد صلصالا كالفخّار ولم تمسّه نار وكان خلقه يوم الجمعة في آخر ساعة منها وذلك قوله تعالى هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ من الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً 76: 1 هذا كله قول محمد بن إسحاق صاحب المبتدإ والمغازي وقد خولف منه في حروف ليس هذا موضع شرحها، ذكر اختلافهم في خلق آدم قال كثير من المسلمين أنه خلق في الأرض كما خلق من الأرض وخلقت منه زوجته حواء وفي نسخة التورية [1] أن الله نصب الفردوس في عدن وأسكنها آدم وأنبت فيها من كل شجرة طيبة وانطلق الرب بآدم فأنزله الفردوس ليعمره ويتعاهده وقال ولا تأكل [2] من شجرة الفقه للخير والشر فإنك يوم تأكل تموت موتاً وقال تعالى لا يحسن أن يكون آدم وحيداً فألقى عليه النوم وأخذ ضلعاً من أضلاعه فجعل منه حواء وقال بعض الناس أن الله خلق آدم في السماء وروى عن ابن عباس رضي الله عنه أن الجنة التي

_ [1] . التوراةMs [2] . [؟] اكل Ms.

أسكنها آدم بين السماء والأرض ومن المسلمين من يقول أنها خلقت للابتداء ثم أفنيت ومنهم من يقول أنها جنة الخلد والله أعلم قالوا وكان خلق آدم يوم الجمعة وأسكن الجنة في ذلك اليوم وأخرج منها فما لبث فيها إلا مقدار ما بين الصلاتين ويذكر هذه القصة ابن جهم في قصيدته [سريع] يا سائلي عن ابتداء الخلق ... مسألة القاصد قصد الحقّ أخبرنى قوم من الشقات ... أولو [1] علوم وأولو هيئات تفرعوا في طلب الآثار ... وعرفوا موارد الأخبار ودرسوا التّوراة والإنجيلا ... وأحكموا التأويل والتنزيلا أن الذي يفعل ما يشاء ... ومن له القدرة والبقاء أنشأ خلق آدم إنشاء ... وقد منه زوجه حواء مبتدياً وذاك يوم الجمعة ... حتى إذا أكمل فيه الصنعة أسكنه وزوجه الجنانا ... فكان من أمرهما ما كانا غرهما الشيطان فاغترا به ... كما أبان الله في كتابه غرهما الشيطان فيما صنعا ... فأهبطا منها إلى [2] الأرض معا فوقع الشيخ أبونا آدم ... بجبل الهند يدعى واسم لبئس ما اعتاض من الجنان ... والضعف من جبلّة الإنسان

_ [1] . الوMs [2] . لا Ms

فشقيا وورثا الشقاء ... نسلهما والكد والعناء ولم يزل مفتقرا من ذنبه ... حتّى تلقّى كلمات ربه فأمن السخطة والعذابا ... والله تواب على من تابا ثم تنسلا وأحب النسلا ... فحملت منه حواء حملا وولدت ابناً فسمى قاينا ... وعاينا من أمره ما عاينا وفي الحديث أن الله تعالى لما خلق آدم ألقى عليه النوم فأخذ ضلعاً من أضلاعه من شقه الأيسر ولأم بينهما وآدم نائم ثم لم يهب فخلق زوجته فلما هب رآها إلى جنبه فقال لحمى ودمى وروحى فسكن [1] إليها قال ابن عبّاس احفظوا نساءكم فإن المرأة خلقت من الرجل فنهمتها في الرجل [53] وإن الرجل خلق من الطين فنهمته في الطين وفي التوراة أن الله أسكن آدم الجنة قال لا يحسن أن يكون آدم وحيداً فلنخلق له عوناً يعني امرأة فخلق حواء كما جاء في الحديث وفي رواية الكلبي أن الله خلق آدم من طين فكان مطروحاً بين مكة والطائف أربعين سنة لا يدري ما يصنع به وذلك قوله عزّ وجلّ هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ من الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً، 76: 1

_ [1] . فسكر Ms.

ذكر قولهم كيف نفخ فيه الروح

ذكر قولهم كيف نفخ فيه الروح قال أهل الأخبار لما خلق الله طينة آدم وأتى عليه حين من الدهر وصارت صلصالاً كالفخار أرسل إليه روحاً من عنده على مائدة من موائد الجنة فلما رأى الروح ضيق مدخله وظلمة هيكله كره الدخول فيه فقيل أدخل كرهاً وأخرج كرهاً فنفخ الروح في منخره فدار في رأسه لضيق مكانه وجرى روح الحياة فيه ففتح عينه وانطق لسانه وسمعت أذناه وعطس فقال الحمد للَّه فقال له ربه جل ذكره يرحمك ربك فكان أول ما تكلم به آدم التوحيد والتحميد لربه فعلمت الملائكة عند ذلك أن الله لم يخلقه [1] إلا لأمر عظيم قالوا وجعل الروح تمر في جسد آدم وهو ينظر إليه فلا يأتي على شيء منه إلا صار لحماً ودماً وشعراً قال سلمان الفارسي ثم وثب قبل أن يخلق الرجل منه وذلك قوله تعالى وَكانَ [2] الْإِنْسانُ عَجُولًا، 17: 11 ذكر سجود الملائكة لآدم عم قال ولما خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه أمر الملائكة بالسجود ليبتليهم ويبتلى

_ [1] . يخلقRECTIONmarginale ,lems.a [2] . وخلق Ms.

إبليس بما في ضميره سجدة تحية لا سجدة عباده وفيل بل أمروا بالسجود للَّه إليه كسجود المسلمين إلى القبلة فسجدوا كلهم كما قص الله علينا في القرآن إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ من الْكافِرِينَ 2: 34 واختلفوا في المعنى الذي أمروا بالسجود من أجله فقال قوم كان الله في سابق علمه أن يستخلف آدم ذريته في الأرض ليعمروها ويأكلوا من رزقه ويعبدوه ويطيعوه فلما أراد أن يخلق آدم قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قال إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ 2: 30 أن في ذريته أنبياء وأولياء وأنه يعصى فاغفر له فيظهر الرحمة والمغفرة وأنه يأكل من رزقه [1] فيظهر الفضل والجود والقدرة فلما نفخ فيه الروح قال الحمد للَّه قال الله تعالى يا آدم أحسنت أحسنت لهذا خلقتك لكي تحمدني وتمجدني ثم أمرت الملائكة بالسجود له بحمده وقال قوم أن إبليس عبد الله خمس وثمانين ألف سنة وكان يدعى بين الملائكة خازن الجنان فلما قال الله عز وجل إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً 2: 30 استعظم ذلك إبليس

_ [1] . رزقي Ms.

واعتقد الخلاف والمعصية فلما خلق الله طينة آدم جعل إبليس يمر بها ويقول للملائكة أرأيتم هذا الخلق الذي لم تروا فيما مضى مثله أن أمرتم بطاعته ما صانعون فقالوا نطيع ونأتمر فقال في نفسه لئن فضل على لأعصينه ولئن فضلت عليه لأهلكنه فأمروا بالسجود حتى ظهر ما أضمر المرء في نفسه من المعصية وزعم الكلبي أن الله تعالى لما قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً 2: 30 قالوا ألن يجعل الله خلقاً أعلم منا ولا أكرم عليه منا فابتلوا بالسجود لآدم وزعم بعضهم أن الله تعالى لما خلق آدم لم يكن في خلقه أحسن وأكمل وأتم وأفضل منه فأمرت الملائكة بالسجود له لفضيلته لقول الله عز وجل [53] بعد أقسام أربعة لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ 95: 4 وقيل أمروا بالسجود له لفضل علمه عليهم وقد قال بعض الناس أن الروح هو الذي أوجب السجود لآدم لأنه منه وزعم أن الحيوانات كلها صنف واحد في الحياة والأرواح شيء واحد وإنما الأشخاص والأجسام والهياكل كلها آلات ومساكن [1] قالوا فالحيوان مجموع من شيئين خفيف وثقيل فما كان من

_ [1] . والمساكن Ms.

ثقيل فإنه ينحل ويعود إلى التراب وما كان من خفيف فإنه يصعد ويبقى وهو لا يفسد أبداً وهو نطق الإنسان وبصر العينين وسمع الأذنين وبطش اليدين ومشى القدمين وأجناس الحواس كلها من الشم والذوق والطعم والرائحة وهو حفظ القلب والمعرفة والفهم والوهم والعقل والذكر وكل ما هو موجود غير معلوم الحدود في الكمية والكيفية قالوا فالأشخاص والأجسام كاللباس وفيها لا يرى ولا يحس ولا يسمع وهو يرى ويسمع ويحس قالوا وإنما أمروا بالسجود له لهذه الحال فكفر من أبى واستكبر وكان حكم هذه المسألة أن تكون في باب من هو وما هو من الفصل الثاني في إثبات البارئ عز وعلا ولكن الإنسان مغلوب على أمره دلالة على فساد قول هذه الطبقة إذ لا كمال إلا للَّه وغير جائز وجود النقص في الكمال وحدثت [1] عن رجل في بلاد سابور من حدود فارس يجتمع إليه قوم ويذهبون مذهباً يخالفون عوام الناس فقصدته متصفحاً ما عنده ولزمته أياماً كالمصفى المسترسل لما عنده متبالهاً متجاهلاً وكان الرجل يرجع إلى شيء من علم

_ [1] . وحديث Ms.

اللغة ومعرفة مذاهب القدماء إلى أن أنس بي ووثق بناحيتي ثم أبدى مكتوم أمره ودفين سره وإذا هو على هذا المذهب الذي ذكرته مع طول تهجد وقيام وكثرة صلاة وصيام وأذكر مما حفظته عنه أنه كان يوما يشير إليه بالدلائل فقال وهو الذي تراه في عيني وأراه في عينك ثم أنشد بيتاً [خفيف] حجبته العيون عن كل عين ... وهو فيها أنيس كلّ وحيد وحدّثنى عن بعض مشايخه عن أبي يزيد البسطامي أنه قال طلبت الله ستين سنة فإذا أنا هو وعن ارسطاطاليس وجدت صورة مصورة في بعض المواضع وفي يده كتاب مكتوب فيه كنت أشرب شراباً ولا أروى فلما عرفت البارئ جل وعز رويت بلا شرب ولبعض المتصوفة مذهب قريب من هذا بل هو بعينه لأن منهم من يقول بالحلول وإذا رأوا صورة حسنة خروا له سجدا وكثير من أهل الهند يفعلون هذا وأنشدني ابن عبد الله للحسين بن منصور المعروف بالحلاج ما يدل على هذا القول [منسرح] يا سر سر يدق حتى ... يخفى على وهم كل حي

ذكر قوله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم [1] على الملائكة 2: 31

وظاهراً باطناً تجلى ... لكل شيء بكل شيء إنّ اعتذاري إليك جهل ... وعظم شكى وفرط عي يا جملة الكل لست غيري ... فما اعتذاري إذا إلي وكم للَّه علينا من الفضل والمنة بإلهام التوحيد وتسهيل التعريف وأي نفس مميزة تطمئن إلى مثل هذه المذاهب وأي عقل يسمح بقبولها، ذكر قوله تعالى وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ [1] عَلَى الْمَلائِكَةِ 2: 31 [54] قالوا وكان الله خلق كل شيء قبل آدم وكانت الملائكة ترى الأشجار والثمار والوحوش والبهائم وسائر الحيوانات تمشي ولا تأكل ولا يدرون لمن خلق ولمن خلقت هذه وما أسماؤها ومنافعها فلما قال لهم إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً 2: 30 وبدلاً منكم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء ليس يردون على الله ولكن يستخبرونه ويطلبون معرفة حكمته وأنه يخلق خلقاً يفسد وهو تعالى يكره الفساد فقال الله إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ 2: 30 وهذا ليس جواب الملائكة عن قولهم وإنّما جوابهم

_ [1] . اعرضهم Ms.

ذكر دخول آدم الجنة وخروجه منها

حيث أنبأهم آدم أسماء [1] المسميات وقد يكون جواب القول قولاً وفعلاً وحركة وعلم آدم الأسماء كلها تعليم إلهام ويقال تلقين وأما الحسن فإنه كان يقول تعليم استدلال واجتهاد خلقها الله إذ خلقه مستنبطاً مستدلاً فاستدل بالآثار على المراد من المسميات وانبأها وأغفلت الملائكة ذلك ففضل آدم عليهم واستحق شرف الرتبة باستعمال الاجتهاد وزعم قوم أنه علم آدم الأسماء ولم يعلمها للملائكة ثم أعادهم إلى معارضته وأجازوا تكليف ما لا يطاق بظاهر هذه الآية والله أعلم وأحكم فإما ذكر تلك المسميات وما أختلف أهل التأويل فمستقصاة في كتاب معاني القرآن من نظر فيه شفاه وكفاه، ذكر دخول آدم الجنة وخروجه منها ولما أبى إبليس أن يسجد لآدم قال الله تعالى يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا من الظَّالِمِينَ 2: 35 وقد ذكرنا قول أهل العلم في تلك الجنة ما هي وأين هي واختلفوا في هذه الشجرة فمن قائل أنها الحنطة وآخر أنها الكرمة وآخر أنها الحنظل وروى ابن إسحاق عن بعضهم

_ [1] الأسماء Ms.

أنه قال الشجرة التي يحتك [1] بها الملائكة الخلد وأن آدم لما دخل الجنة ورأى ما فيها من الكرامة والنعيم قال لو أن خلداً فاغتنم [2] منه الشيطان ذلك فأتاه من قبل الخلد وقال ما نهاكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين فقد جعل الله للشيطان وأعوانه سلطاناً يخلصون بها إلى بني آدم ونقطهم [3] وهم لا يرونهم يقول الله تعالى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ 114: 1- 2 إلى قوله يُوَسْوِسُ في صُدُورِ النَّاسِ 114: 5 وروى أن صفية بنت حي أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو مجاور في المسجد فتحدثت عنده ساعة من العشاء وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليردها إلى البيت فمر بها رجل من الأنصار فناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم يا فلان إنها صفية بنت حي فقال يا رسول الله إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156 أظننت أني أظن قبيحاً قال إن الشيطان يجري من آدم مجرى الدم خشيت أن تظن فتهلك فهذا الخبر دليل على وصول

_ [1] . كذا في الأصل [؟] ، etenmarge: حكMs. [2] . فاعتمMs. [3] . كذا في الأصل Sie.Ms.etenmarge:

الشيطان إلى الإنسان كوصول الأعراض من الحر والبرد وغير ذلك وزعم القصاص وأهل الكتاب مراجعات كثيرة وعجائب في هذه القصة وأن إبليس عرض نفسه على دواب الأرض كلها فأبى [1] ذلك حتى كلم الحية وقال أمنعك من ابن آدم وأنت في ذمتي أن أدخلتني الجنة فجعلته في فمها أو بين نابيها وكانت الحية من أحسن الدواب وخزان الجنة فكلّمهما [2] من فيها وقيل ناح عليهما [3] نوحة شبحية [4] حتى افتتنا قال ابن عباس اخفروا ذمة عدو الله فيها واقتلوها حيث وجدتموها قال الله تعالى قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً 2: 38 الآية وفيما قص الله تعالى في القرآن كفاية [54] عن زيادة رواية غيره وقال الله تعالى وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى 20: 121- 122 وجاء في صفة توبته وما يلقى [5] من كلمات ربه روايات قد ذكرتها في كتاب المعاني وأحسن ذلك ما روى عن الحسن

_ SicinMs. [1] [2] . فكلّمهاMs. [3] . عليهاMs. [4] . كذا في الأصلEnmarge: [5] . [؟] لقي Ms.

ذكر أخذ الذرية من ظهر آدم عم

رحمه الله أنه قوله رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ من الْخاسِرِينَ، 7: 23 ذكر أخذ الذرّيّة من ظهر آدم عم قال الله تعالى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ من بَنِي آدَمَ من ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [1] وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى 7: 172 أهل النظر يرون أن أخذ هذا الميثاق من بني آدم عند بلوغهم واستجمام عقولهم فليس من بالغ إلا وتلك الشهادة ساطعة عليه بأنه مخلوق محدث وأن له خالقاً يستحق منه [2] العبادة لإحداثه إياه وإيجاده فأهل الأخبار يروون فيه روايات أنه اخرج الذرية من ظهر واحد وجعل لهم فهماً وعقلاً ولساناً ينطقون فقال ألست بربكم قالوا بلى شهدنا فأشهدهم على أنفسهم وأشهد الملائكة عليهم وأعادهم في صلبه واختلف هؤلاء أين أخذ الذرية من ظهره ومن هو مولود إلى يوم القيامة فزعم الكلبي أنه مسح ظهره بين مكة وطائف وهذه أشياء أكتفي منها بنبذ لأني قد وفّيتها حقّها في كتاب المعاني،

_ [1] . ذريّاتهمMs. [2] . امنه Ms.

ذكر اختلاف الناس في آدم وذريته

ذكر اختلاف الناس في آدم وذريته اعلم أن من أنكر حدث العالم وقال بقدم المعلول مع العلة لم يقل في ابتداء شيء من الخلق وإنما حدوثه وكونه استحالة بعد استحالة إلى ما لا نهاية وأما الفرس فإنهم استعظموا وجود النسل من ذكر دون أنثى فوضعوا في المبادي ذكراً وأنثى وسموها ميشى وميشانه وحكى عن بعض أهل الهند أنهم يزعمون أن آدم خرج من عندهم هارباً فتناسل في ناحية الشمال ومن القدماء من يسميه زاوش وحكى عن علي بن عبد الله القسري في كتاب القرانات عن بوداسف [1] الفيلسوف من أهل بابل العتيقة كان عالماً بالأدوار والأكوار واستخراج سنى العالم التي هي ثلاثمائه وستون ألف سنة فحكى أن في نصف هذه السنين يقطع الطوفان فحذّرهم ذلك وان هرمس الأول وهو أخنوخ أدريس النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل آدم بزمان طويل وكان يسكن الصعيد الأعلى المتصل ببلاد السودان إلى الإسكندرية وحول الناس إليه وأنقذهم من الغرق فهذا يزعم أن بوداسف كان قبل هرمس وهرمس كان قبل آدم بزمان طويل وإلى هذا يذهب

_ [1] . بوراسف Ms.

من يرى آدم غير واحده والفرس زعموا أن ميشى وميشانه من دور كيومرث فهذا أقدم منهما وجملة [1] الأمر أن هذا وما يروونه المسلمون كله أخبار والأصح من ذلك ما كان عن أمين صادق ولا أصدق من كتاب الله ولا آمن من رسوله صلى الله عليه وسلم ولا بدّ في العقل من ابتداء المحدثات وبعض هؤلاء المحدثة المستترة بالإسلام يجرون تأويل هذه القصة إلى ما يؤدي إلى الإلحاد فيستغمرون الضعفى العقول بأن كيف يخرج حيوان من الأرض وكيف يخرج من الجنة من دخلها وكيف خلص الشيطان إليه في الجنة ولم نهى عن شجرة ولم كان كذا ولِمِ لَمْ فإذا كانت مسألة حدث العالم من بالك رددت كلّ ما أورد عليه من هذه الترهات بحجج بينه وبراهين نيره [55] والجواب أنّ النهى عن الشجرة للابتلاء [و] أنّ تلك لم يكن بدار خلد وأن خلوص الشيطان إلى الإنسان كخلوص الأعراض وأنّ خلقه من الأرض كتولّد الحيوان عياناً وإياك والاحتجاج بشيء مما يروونه القصاص فإنه هو الذي أوجد الملحد للسبيل إلى الطعن والشنعة،

_ [1] . وجملت Ms.

ذكر صورة آدم وخبر وفاته

ذكر صورة آدم وخبر وفاته روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن أباكم آدم كان طويلاً كالنخلة السحوق ستين ذراعاً كثير الشعر موارى العورة وإن كان لما أكل الحنطة بدت عورته فخرج هارباً من الجنة فتلقته شجرة فأخذت بناصيته وناداه ربه أفراراً مني يا آدم قال لا يا رب ولكن حياء منك فأهبطه الله تعالى إلى الأرض فلما حضرته الوفاة بعث بحنوطه وكفنه من الجنّة رواه ابن إسحاق عن الحسن عن أبي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما ما قيل أن هامته كانت تمس السماء فمن ذلك الصلع وأن الملائكة كانوا يتأذون مخشاة [1] فشكوه إلى الله تعالى فبعث جبرئيل فهمزه همزه طأطأ منه إلى ستين ذراعاً فليس ممّا يعتمد وكثير من المسلمين ينكرون طول ستين ذراعاً لخروجه عن العادة اللَّهمّ إلا أن نتأول على وجه آخر لأن ما تصاعد [2] عن وجه الأرض فهو من السماء وما أظلك فهو السماء والصلع عند الأطباء من الرطوبة في الدماغ وزعم وهب أن آدم كان أجمل البرية أمرد وإنّما نبتت اللحية لولده

_ [1] . يتادون فخشاهMs. [2] . تصاغر Corr.marg. ;leMs.a

ذكر الروح والنفس والحياة والموت

من بعده وروى وهب عن أبي أن آدم لما احتضر [1] اشتهى قطفا من قطف الجنة فانطلق بنوه ليطلبوه فتلقاهم الملائكة فقالت ارجعوا فقد كفيتموه فانتهوا إليه فقبضوا روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلى عليه جبرئيل والملائكة. خلفه وبنوه خلف الملائكة ودفنوه وقالوا هذه سنتكم في موتاكم يا بني آدم هكذا الرواية والله اعلم، ذكر الروح والنفس والحياة والموت اعلم أنّ هذا باب مستصعب مستغلق كثير التخبط [2] والإختلاف وأنا ذاكر من كل طبقة ذرءاً [3] قال الله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ من أَمْرِ رَبِّي 17: 85 قال بعض أهل التأويل حجب الخلق عن الخوض فيه ولم يطلع [4] أحداً عليه وقال في بني آدم ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ من رُوحِهِ 32: 9 وقال في مريم فَنَفَخْنا فِيها من رُوحِنا 21: 91 وقال تعالى وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً من أَمْرِنا 42: 52 وقال تعالى نَزَلَ به الرُّوحُ الْأَمِينُ 26: 193 وقال تعالى تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها 97: 4

_ [1] . احتصرMs. [2] . التحبطMs. [3] . درواMs. [4] . يطّلع Ms.

فذكر الروح في غير موضع من القرآن ومعنى الروح المنفوخ في مريم غير معنى الروح الموحّى إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم بل لكل واحدة معنى على حدة وقال الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ 67: 2 وقال يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي 89: 24 وقال إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ 29: 64 وقال إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ 47: 36 وقال تعالى وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ الله أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ 3: 169 والفرق بين حياة الدنيا وحياة الآخرة بين ظاهر وإنما اجتمعتا في اللفظ وقال يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً 89: 27- 28 وقال حكاية عن قول النفس أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ الله 39: 56 الآية وقال تعالى [55] وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها 91: 7 وقال تعالى الله يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها 39: 42 الآية وقال إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ 12: 53 وقال وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى 79: 40 فاثبت [1] هاهنا أشياء آخر بنهي النفس عن هواها وقال وَفي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ 51: 21 وقال سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وَفي أَنْفُسِهِمْ 41: 53 وقال ثُمَّ [أَنْتُمْ] هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ 2: 85 وقال أَوْ أَكْنَنْتُمْ في أَنْفُسِكُمْ 2: 235 وقال بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً 12: 18

_ [1] . فأنبت Ms.

ذكر ما جاء في الأخبار في هذا الباب

يخبر بمثلها عن الروح والحياة وقال وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ 23: 80 وقال الله يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها 39: 42 وقال فَقالَ لَهُمُ الله مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ 2: 243 وقال قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ 32: 11 وقال فَأَماتَهُ الله مِائَةَ عامٍ 2: 259 وقال وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ 2: 28 وقال [1] وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ الله أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ 3: 169 وقال وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ من قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ 3: 144 فوصفه بالموت بعد ما نهى عن تسمية الشهداء أمواتاً وقال في ذكر الحواس ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ من رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ، 32: 9 ذكر ما جاء في الأخبار في هذا الباب حدثنا عبد الرحيم ابن احمد المروزي حدثنا العبّاس السراج عن قتيبة حدثنا خالد ابن عبد الله عن الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله قال الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف وروى سفيان الثوري عن حبيب بن أبي شابت عن أبي الطفيل عن علي مثله وروى هيثم عن أبي بشر عن مجاهد عن

_ ,ertanceducopiste. [1] الله Ms.

ابن عباس قال الأرواح أمر من أمر الله وخلق من خلق الله صورهم على صورة بني آدم وما ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد من الروح وروى الثوري عن مسلم عن مجاهد قال الروح يأكلون ويشربون ولهم أيد وأرجل ورءوس وليسوا بملائكة وروى أنهم حفظة على الملائكة وروى الثوريّ عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح قال الأرواح [1] يشتهون الناس وليسوا بناس وروى الثوري عن أيوب عن أبي قلامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الروح إذا خرج اتبعه البصر ألم تروا إلى شخوص عينيه وفي حديث صفوان بن سليم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أرواح المؤمنين في حجرات من حجرات الجنّة يأكلون طعامها و [يشربون من] شرابها ويلبسون من ثيابها ويقولون ربنا آتنا ما وعدتنا والحق بنا إخواننا وأرواح الكفار في حجرات من حجرات النار يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ويلبسون من ثيابها ويقولون ربنا لا تؤتنا ما وعدتنا ولا تلحق [2] بنا إخواننا وروى الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله في قوله تعالى وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ الله أَمْواتاً بَلْ 3: 169

_ [1] . الروحMs. [2] . [؟] لحق Ms.

أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ الله من فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ من خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ 3: 169- 170 قال أرواح الشهداء في طير تسرح في الجنة كيف شاءت وتأوى إلى قناديل معلّقة بالعرش قال فاطلع عليهم ربك اطلاعه فقال هل تستريدون شيئا فأزيدكموه [56] قالوا ربّنا وماذا نستريد ونحن في الجنة نسرح حيث نشاء فاطلع عليهم فقال لهم مثل ذلك فقالوا أتعيد أرواحنا في أجسادنا حتى نرجع إلى الدنيا فنقتل في سبيلك مرة أخرى وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الأرواح في بيت البراء بن معرور هم يأكلون لحماً وتمراً حتى أمسكوا على الطعام قال أرواح المؤمنين طيور خضر [1] وقال في طير خضر في حجر من الجنة يأكلون ويشربون ويتعارفون في الجنة كما يتعارفون في الدنيا وأرواح في حجر من النار وذكر قصة طويلة وروى كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن أرواح المؤمنين في طيور خضر تعلق بشجر الجنة وروى مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أنّ

_ [1] . خضرا Ms.

النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما نفس المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة حتى يرجعها الله تعالى [إلى] جسده يوم يبعثه وعن عبد الله بن عمر أن أرواح المؤمنين في طير كالزرازير وهو جمع الزرزور يتعارفون يرزقون من ثمار الجنة وعن سلمان الفارسي قال الأرواح جنود مجنده فما كان للَّه ائتلف وما كان لسواه اختلف [وعن] أبي الزبير عن جابر قال كنا نحدث أنه ليس أحد يدخل النار والجنة بجسده قبل يوم القيامة إنما هي أرواح في عليين وسجين فإذا روحت النفوس وبعث من في القبور صارت الأرواح والأجساد إلى الجنة والنار [وعن] الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى وَنُنْشِئَكُمْ في ما لا تَعْلَمُونَ 56: 61 قال في طير سود من النار وقرى على خيثمة بن سليمان القرشي [1] باطرابلس عن [2] عبد الجبار بن العلاء عن سفيان الثوري عن فرات بن الفرات عن [2] أبي الطفيل عن علي عليه السلم قال نشر واديين وادي الأحقاف وواد بحضر موت يقال له برهوت يأوي إليه أرواح الكفار وروى سفيان عن أبان بن تغلب عن رجل قال بت في برهوت وكأنما حشرت أرواح

_ [1] . الفرشيMs. [2] . عند Ms.

الناس وهم يقولون يا دومه يا دومه قال فحدثني رجل من أهل الكتاب أن دومه هو الملك [الموكل] على أرواح الكفار وروى عن أبي أمامة أنه قال أرواح المؤمنين تجتمع ببيت المقدس وقد نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل بدر في القليب فقيل أتنادي قوماً قد حتفوا فقال أما أنتم فلستم بأسمع منهم ولكن لا يقدرون أن يجيبوني وقال صلى الله عليه وسلم كسر عظم المؤمن ميتاً ككسره حيا والأخبار المتواترة عن المسلمين في مغازيهم أن كلما قتل من كافر قالوا قد عجل الله بروحه إلى النار وكلما استشهد مؤمن قالوا قد عجل الله بروحه إلى الجنة وروى أبان عن عباس عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن أعمالكم تعرض على أقاربكم فإن كان خيراً استبشروا به وإن كان شراً كرهوه وتلقى روح المؤمن أرواح المؤمنين فيقول اتركوا صاحبكم حتى يستريح فقد خرج من كرب شديد ثم يقولون ما فعل فلان ما فعلت فلانة هل نكح فلان هل نكحت فلانة فإن قال إن ذاك قد مات [56] قبلي أما قدم عليكم فيقولون إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156 ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم

وبئست المربية [1] وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال أهل القبور يتوكفون الأخبار فإذا أتاهم الميت يقولون ما فعل فلان وما فعلت فلانة فيقول أولم يأتكم فيقولون إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156 سلك به غير سبيلنا وفي رواية عبد الله بن عمر أن الأرواح ليتلقون على مسيرة يوم وما رأى أحدهم صاحبه قط وروى أن الأعمال تعرض يوم الأثنين ويوم الخميس على الله ويعرضون يوم الجمعة على الأقارب فاتقوا الله ولا تختروا موتاكم وروى زيد بن اسلم عن أبي هريرة أنه مر هو وصاحب له بقبر فقال أبو هريرة سلم فقال الرجل اتسلم على قبر فقال أبو هريرة أن كان رآك في الدنيا يوماً قط فانّه يعرفك الآن وروى ابن المؤمن لا يزال يسمع الآذان في قبره ما لم يطين ومر النبي صلى الله عليه وسلم بالبقيع فقال السلم عليكم أهل ديار قوم مؤمنين وأنا إن شاء الله بكم لاحقون ولما دفن عثمان بن مظعون [2] وهو أول من مات من المهاجرين بالمدينة قال صلى الله عليه وسلم خرجت ولم تتلبّس [3] منها بشيء

_ [1] . كذا في الأصل etnotemarginale: بن المرتّبةMs [2] . مطعونMs. [3] . [؟] تلبّس Ms.

ذكر ما جاء في القرآن والنص والدلالة على أحوال الأرواح

وما جاز عليه أن يخاطب من لا يعنهم ولما ابتدى بشكواه التي قبض فيها خرج من الليل مع أبي مويهبة [1] حتى قام بين ظهراني [2] القبور فقال ليهنئكم [3] ما أصبحتم فيه ما أصبح الناس عليه اقبلت الغين كقطع الليل المظلم وفي رواية مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ الله أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 3: 169 الآية قال أرواح الشهداء على بارق نهر الجنّة يأكلون من ثمارها ويشربون من مائها [4] ويستنشقون روائحها وليسوا فيها وهذه الأخبار كلها وما شاكلها عند من يرى الجنة غير مخلوقة اليوم ولا موجودة [إلا] على الاستقبال فيما بعد ومنهم من يجيز أن يحدث الله الأرواح جنة يتنعم فيها غير الجنة الموعودة وكذلك النار وهي كلها حجة للقائلين بوجود الجنة والنار في الحال، ذكر ما جاء في القرآن والنص والدلالة على أحوال الأرواح

_ [1] . مويهةMs. [2] . طهرانىMs. [3] . ليهنكمMs. [4] . مايها Ms.

قال الله تعالى يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا 78: 38 قال الحسن هو الخلق ذوو الأرواح وقيل هم خلق أكثر من الملائكة قال الله تعالى النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ 40: 46 فأخبر أن أرواحهم تعرض على النار قبل مصيرهم إلى نار جهنم وقال في صاحب ياسين قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قال يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ 36: 26 فلم يكن بقوله إلا روحه [1] لأن جسده كان مطروحاً لديهم وقال كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ 83: 18 ... كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ 83: 7 قال بعض المفسرين يعني أرواحهم قال إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ 7: 40 وروى السري عن البراء بن عازب [2] أن أرواح المؤمنين إذا قبضتها الملائكة رفعوها إلى السماء فلا تمر بملك من الملائكة إلا قالوا [57] ريح طيب خرج عن نفس طيب حتى ينتهي بها إلى حيث يشاء الله فيسجد وروح الكافر إذا قبض رفع إلى السماء فلا يفتح له أبواب السماء ويقولون روح

_ [1] . الأرواحrectionmarginale ;Ms. [2] . البر بن عارب Ms.

خبيث خرج من نفس خبيثة فيرد إلى سجين في قصة طويلة وقال فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ 44: 29 قال لكل مؤمن من السماء بابان باب ينزل منه رزقه وباب يصعد فيه علمه وروحه فإذا مات انقطع ذلك فبكت السماء والأرض عليه وقال الله يَتَوَفَّى. الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى 39: 42 وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه أن الرجل إذا مات قبض الله روحه وبقى نفسه لأن النفس موصولة بالروح فإذا أراد الله قبض روحه للموت قبض نفسه مع روحه فمات وإذا أراد الله بعثه رد إليه روحه وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه قال اللَّهمّ باسمك وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما يحفظ به الصالحين وكان إذا استيقظ من نومه قال الحمد للَّه الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه المصير وروى ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنه قال في ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس والنفس هي التي بها العقل والتمييز والروح هي التي بها اليقين والتحريك فإذا نام العبد قبض الله نفسه وروحه وقال مجاهد تجيء

الروح إلى الرجل في منامه فإذا لم يحضر أجله استيقظ وإذا حضر أجله ذهب الروحان وروى حصيف عن عكرمة عن ابن عباس قال كل نفس لها سبب تجري فيه فإذا قضى عليها الموت قامت حتى ينقطع السبب والتي لم تمت يرد وروى عن علي عليه السلم أنه قال إذا نام الإنسان امتد روحه مثل الخيط فيكون بعض أجزائه في النائم وبه يتنفس وبعضها مختلط بأرواح الأموات مقبوضاً معها إلى وقت انتباهه فترجع إليه وروى ابن عجلان عن سالم عن أبيه أن عمر رضي الله عنه قال لعلىّ يا با الحسن وربما شهدت سهدة [1] وعتباً اسئلك عن ثلاثة أشياء قال وما هن قال الرجل يحب الرجل وما يرى منه خيراً والرجل يبغض الرجل وما يرى منه سوءاً قال نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرواح جنود مجندة يلتقى فيشام فما تعارف منها ائتلف وما تناكر اختلف قال عمر والرجل يحدث الحديث إذ ينساه فبينا هو [2] قد نسيه إذ ذكره قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر بينا القمر

_ [1] . كذا في الأصل.Annot.marginalc: سهدتMs. [2] . هو هو Ms.

ذكر قول أهل اللغة في الروح والنفس والحياة

يضيء إذا غلبته السحابة فينسى أو تجلت عنه فذكره قال عمر والرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد ولا أمة ينام فيشتغل نوماً إلا عرج بروحه إلى العرش فالذي لا يستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تصدق والذي يستيقظ دون العرش فهي الرويا التي تكذب، ذكر قول أهل اللغة في الروح والنفس والحياة قد يسمى ذات الشيء وعينه كائناً ما كان [57] من جسم أو عرض أو جوهر أو غير ذلك نفساً فيقال نفس هذا الخشب ونفس الأرض ونفس السماء ونفس الكلام ونفس الحركة قال الله تعالى وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي 20: 41 وقال تَعْلَمُ ما في نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما في نَفْسِكَ 5: 116 وسمى الهمة نفساً فيقال لفلان نفس وليس لفلان نفس وسمت نفسه إلى كذا كما يقال سمت همّته وكذلك يسمّى الطمع والحرص والمراد النفس قال [رجز] وأكذب النفس إذا حدّثتها وقال [كامل] والنفس راغبة إذا رغبتها، ... وإذا ترد إلى قليل تقنع

وقال [سريع] شاور [1] نفسي طمع ورهبة ... تقول هاتي لا وهاتيك بلى فشجعته نفس حرص طمعت ... وحذرته نفسه الأخرى الردى فسمى الجبن والشجاعة نفساً ويسمي الدم نفساً وكذلك قيل الهوام لها نفس سائلة ومنه نفاس المرأة لما سال من دمها ويسمى أصحاب العين النفس وقيل سميت النفس نفساً لتنفسها ويعبر عن القلب بالنفس كما قال الله تعالى فَأَسَرَّها يُوسُفُ في نَفْسِهِ 12: 77 وقال أَوْ أَكْنَنْتُمْ في أَنْفُسِكُمْ 2: 235 هذه الوجوه كلّها خاصّة للنفس لا شركة بينها وبين الروح في شيء منها اللَّهمّ إلا في حالة واحدة قالوا خرجت نفسه وخرجت روحه إذا مات وقال الشاعر [طويل] سميت عياطاً ولست بعائط ... عدوا ولكن الصديق تعيط فلا حفظ الرحمن روحك حية ... ولا هي في الأرواح حين تغيط [2] وأنشد ابو زيد الأنصاريّ [سريع]

_ [1] . ساورMs. [2] . تغيظ Ms.

اجتمع الناس وقالوا عرس ... ففقئت عين [1] وفاضت نفس واختلفوا في الروح فحكى ابن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعي قال في الحديث لكل إنسان نفس وروح فأما النفس فتموت وأما الروح فيفعل به كذا وكذا وقد تسمى العرب الريح والروح والنفخ روحاً قال ذو الرمّة [طويل] فقلت له ارفعها إليك وأخيها ... بروحك وأفتنه [2] لها فتنة [3] قدرا ويسمى الهواء الروح والملك الروح والوحي الروح وكل لطيف خفيف متعال روحاً ويقال [4] في الحيوانات أنها ذات أرواح وفلان خفيف الروح وفلان ثقيل الروح إذا كان يخف على القلوب أو يثقل ويقال لكل ما ينبت وما يشاهد كالملائكة والجان الروحانيون والأرواح تبقى والأنفس تموت ولا تبقى وأما الحياة فهي شيء يضاد الموت حيث ما حلت ارتفعت وهي

_ [1] . فقفيتMs. [2] . وافتبهMs. [3] . فتبهMs. [4] . وقال Ms.

في الجملة على كل تام حساس ومتحرك من ذوي الأرواح وغيرها ألا ترى إلى قوله تعالى فَأَحْيَيْنا به الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها 35: 9 فجعل الأرض حياة إذا نزل عليها الماء وقال وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ 22: 66 فجعلنا بما أحيانا به وقال يُخْرِجُ الْحَيَّ من الْمَيِّتِ 6: 95 فمن قائل أنه الولد من النطفة والطير من البيض والنخلة من النواة فسمى النخلة لما فيها من قوة الحياة حياً ثم وصف نفسه بالحياة فقال هُوَ الْحَيُّ 2: 255 ولا يجوز أن يقال هو ذو روح وذو نفس لأن الحياة أعم وأعلى فيقال روح حي وقد أحييت روحي بكذا وكل ما له بقاء ودوام يدعى حياً كما قيل للشعر [58] أنه كلام حي لبقائه ومروره على الألسن واختلفوا في مكان الروح والنفس والحياة من البدن ألكل واحد منها [1] موضع على حدته أو كلها متداخل أو متصل بعضها ببعض وأيها ألتابع للآخر وأيها المتبوع وكيف ما أنظر فلا أجد بداً من جمع [2] ما يحتاج إليه في كتاب مفرد أسميه كتاب النفس والروح لأني إن أطنبت فيه إذ لا يغنى الاختصار والإيجاز نقضت ما

_ [1] . منهماMs. [2] . جميع Ms.

ذكر ما جاء عن أهل الكتاب في الأرواح

اشترطت في صدر الكتاب وهذا باب لا يصح الكلام فيه وإن طال وأما الموت فسكون دائم وخمود بانقطاع الحياة وذهاب الروح وقد سمى الله تعالى الجوامد مواتاً عند فقد النماء والحركة وقيل النوم أخو الموت وقالوا للشيء الخامل المنسي هذا ميت وأنشدني بعضهم [مجتثّ] نوم اللبيب بقدر ... رتبته ذا [1] المقيل والنوم موت قصير ... والموت نوم طويل وفي التوراة الفقر الأكبر وفي تأويل القرآن الكافر ميت والجاهل ميت، ذكر ما جاء عن أهل الكتاب في الأرواح زعم بعض أهل اليهود أن أرواح الخلائق متصلة في الهواء على شبه نار أو شعاع الشمس عند غروبها وطلوعها ومع ملك الموت سيف يقطع به أرواح من يريد أن يقبضه واحتجوا بقول شمويل في كتابه أن الله بعث الموت على بني إسرائيل فمات منهم بشر كثير فخرج داود ومشايخ بني إسرائيل فرأى داود ملك الموت واقفا

_ [1] . وكذا Ms.

على قرب أوريشلم قد اتكأ على سيفه فسأل ربه أن يرفع السيف عنهم فرأى الملك قد أدخل سيفه في غلافه وسكن الموت وقالت فرقة منهم أنّ أرواح البررة الصديقين إذا فارقت جثتها صارت إلى الفردوس تحت شجرة الحياة وأرواح الفجرة والفسقة إلى ظلمة الأرض وأرواح ما كان بين ذلك إلى الهواء وقالت فرقة أخرى أن الله لم يوكل أحداً بقبض أرواح الخلائق ولكن إذا ذبل جسم الإنسان وضعفت أعضاؤه فارقتها وصارت أرواح الأبرار إلى الموضع الذي جاءت منه وأرواح الأشرار إلى ظلمة الأرض قالوا فلما إن صارت فيه من غير أن يدخلها أحد كذلك إذا كانت الأجساد عن قبول قوى النفس خرجت من غير أن يخرجها أحد وكثير منهم يقول أن أرواح الصديقين والصالحين إذا هي فارقت أجسادها جعلت في صرة وتركت إلى يوم القيامة وأرواح العاصين والمسيئين إذا فارقت أجسادها بقيت في ظلمة الأرض إلى يوم القيامة واحتجوا بقول سليمان بن داود في كتابه قوها أن ترجع الأجساد إلى التراب والأرواح إلى الرب الذي أعطاه وقال فيه أيضاً من كان منكم عالماً علم أن أرواح ولد آدم

ذكر مقالات سائر الأمم في الروح والجسد

صاعدة إلى الهواء والعلى وأن أرواح الذين يشبهون الدواب ينزل إلى أسفل الأرض واحتجوا بقول ابيغايل النبيه [1] وهو مكتوب في كتاب شمويل إذ تقول [2] لداود روح سيدي داود مجتمع في صرة الحياة وروح أعدائه يرمي بها بالمقاليع [3] وزعم بعضهم أن الروح مما خلق في الابتداء وقد روينا عن بعض علماء الأمة أن أول ما خلق الروح وروينا أن الأرواح خلقت من قبل الأجساد بأربعة آلاف سنة والله أعلم وفي رواية عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال الخصومة يوم القيامة حتى يخاصم الروح الجسد [58] فيقول الروح يا ربّ إنّما كنت بمنزلة الريح لولا الجسد ويقول الجسد يا رب إنما كنت بمنزلة جذع ملقى لولا الروح فيضرب لهما مثلاً أعمى حمل مقعداً، ذكر مقالات سائر الأمم في الروح والجسد كانت العرب تزعم أن روح الميت تخرج من قبره فتصير هامة تزقو وتقول [4]

_ [1] . سفايل النّبهMs. [2] . يقولMs. [3] . بألمقاريعMs. [4] . يدفو ويقول Ms.

اسقوني اسقوني وفيه يقول [ذو] الأصبع العدواني [1] [بسيط] يا عمرو إن لم تدع شتمي ومنقصتي ... أضربك حتّى تقول الهامة اسقوني وقال [خفيف] سلط الموت والمنون عليهم ... فهم في صدى المقابر هام وقال ابو الغموص [وافر] أتخبر يا الرسول بأن سنحيا ... وكيف حيوة أصداء وهام قال النبي صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا هامة ولا صفر ومن ثم كان يستسقون للأموات وأما الهند فظاهر فيهم القول برجوع أرواح موتاهم في صدورهم ويزعمون أنهم يكلمونهم ويسألون بهم وأما الفرس فأيام الفروردجان عندهم أيام رجوع الأرواح فيهيئون ألوان الطعام ويبخرون المباذل بالطيب ويفرشون الرياحين ويقولون هم لا يصيبون من الطعام إلا الرائحة وروى المسلمون أن الميت يسمع كلام أهله وبكاهم عليه وأنّه يسئل في

_ [1] . الإصبع العدوي Ms.

ذكر اختلاف نظار أهل الإسلام في النفس والروح

قبره وهو يسمع خفق النعال وروى عن حذيفة أنه قال أن الجسد ليغسل والروح بيد ملك فإذا وضع في لحده سلك الروح فيه وروى أن الميت إذا حمل إلى حفرته فإن كان صالحاً قال عجلوا بي عجلوا بي وإن كان غير ذلك قال لا تعجلوا بي فإنكم لا تدرون على ما تقدمون بي وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات إبراهيم عم قال عصفور من عصافير الجنة وهذا كله دليل على حياة الروح وبقائه بعد النفس والناس قاطبة يندبون موتاهم وينادونهم ويخاطبونهم ولولا الأصل الموثل في حياة الأرواح لما اجتمعوا عليه وليس ينقص هذا مخاطبتهم الديار والآثار لأن هذا خاص في العرب وذلك عام في الأمم، ذكر اختلاف نظار أهل الإسلام في النفس والروح قال بعضهم النفس جسم لطيف له مساحة البدن على طوله وعرضه وعمقه وأنه متداخل بعضه في بعض وكل في كل واستدلوا على أن جميع أجزاء النفس في جميع أجزاء البدن بأنّك كلّما قطعت جزءاً من أجزاء البدن وجدت له ألماً ولولا النفس لم يألم وقال معمر أن النفس موجودة لا مساحة لها وليست بجسم ولا طول ولا عرض ولا عمق وليست بحاله في الأمكنة

ولا يحيط بها المواضع وقد يقال في مجاز اللغة أن النفس في البدن على التدبير والأحداث للأفاعيل ولا يقال هي البدن على السكون والحركة وذلك أن السكون والحركة إنما تجوز على كل ذي مساحة وجسم على ما يحويه الأمكنة ويجوز عليه النقلة من موضع إلى موضع ولا تجوز النقلة على شيء إلا بأحد أمرين إما بجسم يرفع الجسم من مكان إلى مكان فإذا لم يكن جسماً لم يمكن منه على الرفع والجر وقال إبراهيم النظام الروح هي الحياة المشابكة بهذا الجسم وقال هشام بن الحكم الروح نور من الأنوار والجسد موات وقال ابن الروندي الروح عرض والإنسان هو أعراض مجتمعة ومنهم من يقول الروح هو الجزء الذي لا يتجزأ وهو لا في مكان [59] ، ثم اختلف هؤلاء في الإنسان المكلف المثاب المعاقب من هو وما هو قال بشر ابن المعتمر وهشام بن الحكم وأبو الهذيل العلاف وأبو الحسين الخياط هو الروح مع هذا الشخص المرئي وقال إبراهيم النظام الإنسان هو الروح وهو الحياة المشابكة لهذا الجسم ولأنه لا شيء غيره وقال أحمد بن يحيى الإنسان مقدار ما في القلب من الروح وقال بعضهم الإنسان هو الجوهر بين

الجوهرين ومحصول أمرهم على قولين أحدهما أنه الروح وحده والآخر أنه الروح مع البدن واحتج من قال أنه الروح بقوله تعالى أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ الله 39: 56 ويا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ 89: 27 فكل ما وقع من الخطاب فمع النفس وهي الروح لا غير واحتج مخالفوهم بقوله تعالى وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ من سُلالَةٍ من طِينٍ 23: 12 الآية فأخبر أن الإنسان هو هذا المخلوق وأنه مختص مرئي واختلفوا أهل يحس الميت [1] بعد مفارقة روحه بشيء أم لا ثم اختلف قالوا أنه يحس أو روحه تحس بذلك أم جسده أم روحه مع جسده فأنكر بعضهم أن يكون الميت يشعر بشيء دون يوم القيامة واحتج بقولهم يوم البعث يا وَيْلَنا من بَعَثَنا من مَرْقَدِنا هذا 36: 52 وبقوله وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً 78: 40 وقال بعضهم تحسّ روحه واحتجّ بقوله النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا 40: 46 وبسائر الآيات التي تلوناها في الشهداء والأخبار التي رويناها وقال ابن

_ [1] يجى بالألم كما ورد في قوله عليه الصلاة Notemarginale: والسلام يألم الميت كما يألم الحىّ فلذلك قيل للغاسل يغسل الميت برفق في مغسله،

الروندي بل يحس [1] الجسد والروح عرض قد بطل قال فالميت يعلم ضربين من العلم ويحس بضرب من الحس قال ولو لم يكن هكذا ما علم إذا أحس أنه كان ميتاً فاحتج بالخبر المروي أن الميت على النعش يسمع نوح أهله وهذه مناظرة جرت بين النظام وبين هشام بن الحكم سأل النظام هشاماً فقال لم زعمت أن الروح إذا بطل استعمالها للجسد رجعت ففعلت في نفسها إدراك الأشخاص والأشكال بالقوة الروحية قال هشام لأنها ليست بجسم فيدخلها التضاد الذي أحدهما مزيل للإدراك وهو السكون قال النظام فإذا لم يكن جسماً ولم يدخلها التضاد على قولك فما الذي يوجب لها إدراك ما ليس بحضرتها قال هشام قوة الانبساط وارتفاعهما على السترات وأنها لم تدرك الأشياء توهماً وتقديراً على الانفراد إذا كانت إنما تدركها [2] ملامسة وحساً على الاجتماع قال النظام وهل يوجب التوهم والتقدير إيجاد الشيء وحضوره قال هشام إن كنت تريد ما يوجب مشاهدة إنه وإن وصفته إدراك فنعم قال النظام فإن كان يوجب إنه وإن وصفته ادراك

_ [1] . تحسMs. [2] . يدركها Ms.

فما حاجته إلى الحاسة للإدراك قال هشام ليجتمع له إدراك المائية والصفة في الوهم والتقدير وفي المشاهدة والعيان قال النظام وما حاجته إلى هذا وإنما يطلب الإدراك الذي قد وجده بلا حاسة قال هشام ليعلم ما هيئته في الإعلان بالصفة والهيئة كما علمها في الضمير توهماً وتقديراً قال النظام وهل يزيده علمه بماهيّته علما بما في الضمير قال هشام نعم يزيده لأن الإدراك بالحواس أولاً والإدراك بالتوهم ثانياً وذلك إن من لم ير طولاً قط لا يتوهمه حتى يتصور في ضميره فإذا رآه ثم فقده كان مصوراً في الضمير قائماً لإدراك الروح إذا ترك استعمال الحاسة [وهذه مناظرة ثانية] [1] جرت بين من زعم أن الروح في البدن على معنى التدبير والأحداث [59] للأفاعيل لا على معنى السكون والحلول فيه قالوا لهم خبرونا عن البدن إذا قطعت منه جارحة [2] هل قطع من الروح شيء قالوا لا ولكن الجزء من الروح الذي كان ساكناً في اليد إذا قطعت صار في الذراع بمنزلة الشمس في الكوة إذا سدّ الكوّة عاد الشعاع

_ Cettephrase ,uimanquedanslema. ,estretablied ,apreslecontexte. [1] [2] . جارحة Ms.

النافذ إلى جنسه وشكله قالوا فينبغي على قولك إذا قطعت الجوارح والأعضاء كلها أن يزداد بروحه قوة ما يبقى من أجزائه لجمعه فيه إذا كان الروح له مساحة من الطول والعرض والعمق في الجسم وهو جسم لزم أن يكون جسمان في مكان واحد قالوا نقول [1] بالمداخلة والمجاورة وهذه مناظرة ثالثة جرت بين النظام وبين مخالفيه قالوا له أخبرنا عن الإنسان هل يرى قال نعم قد يرى معقولاً قيل فهل يدرك بالبصر قال نعم يدرك بالبصر مفعولا كما يقول القائل قد رأيت الحائط ولم ير غير صفحته التي تليه ويقول رأيت على فلان سيفاً وإنما رأى غمده ويقول رأيت ميّتا وإنّما رأى بدنه قيل له فأخبرنا عن الإنسان ما هو قال لا يخلو هذا السؤال من أحد أمرين إما أن أردتم عن اسمه أو عن خواصه التي يعرف بها وبها يفصل بينه وبين غيره فإن أردتم الاسم فهذا إنسان وإن أردتم الخواص فهو الحياة والموت والنطق والضحك قال وليس نعني بهذا الكلام أنه أبداً ميت أو ضاحك أو ناطق أو حي وإنما نريد به أن من شأنه وغريزته أنه ممن يموت وأن من شأنه الحياة والضحك

_ [1] . [؟] قول Ms.

وإن لم يضحك قالوا فأخبرنا عن هذا الإنسان الحي الذي وصفته بالحياة أهو هي أم غيره قال قد وصفته بحياة هي غيره وكذلك إذا مات وصفته بموت هو غيره وحياته وموته عرضان يتضادان فبأحدهما كان حياً وبالآخر كان ميتاً قالوا فما الحياة والموت قال أما الحياة فمعنى له أمكن أن يكون به محركاً لما حرك ومريداً لما أراد من أعماله التي يجوز أن يكون منه قيل له وما الأعمال التي يجوز أن يكون منه قال أما ما كان بالاستطاعة فالإرادة لاستخراج الأشياء والعلم والفكرة وما أشبههما وكل فعل كان منه على المفاجأة وليس قبله له فيه إرادة ولا تمثيل فإن ذلك لغريزة قال والموت بخلاف ذلك وهو إذا دخل بالحي بطل معه كل ما ذكرناه لأنه تبطل [1] بحلوله القدرة على ما كان تقدر عليه قبل ذلك فإذا أحياه الله فحي بطبعه وإذا أماته مات وفعله بطبعه قال وليس الموت فناء له لو كان فناء لم يجز أن يقوم الموت فيه وهو بشر وإنما الموت آفة حلّت به فحالت بينه وبين التدبير وهذه مناظرة رابعة

_ [1] . [؟] بطل Ms.

[جرت] [1] بين من أثبت [2] الروح جسماً وبين من نفى أن يكون جسماً قالوا لهم ما الدليل على أنه ليس بجسم قالوا الدليل عليه أن الأجسام لا يخلو أن تكون ساكنة أم متحركة ولا يكون الساكن والمتحرك إلا بإسكان وتحريك من غيره فلو كان الإنسان جسماً لكان ساكناً أو متحركاً ولو كان المسكن له والمحرّك في مثل حاله لزمه ما يلزمه ووجب قود الكلام فيه إلى مسكن له أو محرك ليس بجسم قالوا فهل يسكنه الأعراض قال أما الأعراض التي هي إرادات وغضب [3] وعلم وشهوة وألم وما أشبه ذلك فنعم وأما الأعراض [60] التي هي ألوان وطعوم وأراييح فلا لأنه لو جاز ذلك لجاز أن يدرك بالمذاقات ويرى بالأبصار ولحاذته الأمكنة قالوا فإذا قلتم إن الإنسان لا تحويه الأمكنة وليس بجسم ولا يوصف بطول ولا عرض ولا عمق قد [4] شبهتموه باللَّه تعالى قال ليس التشبيه في نفي الأعراض والصفات وإنما التشبيه بين الأعيان بالأعراض المركبة فيها نحو الرجلين القائمين اللذين يوصفان بالقيام الّذي

_ dapreslecontexte. [1] [2] . أ [؟] بتMs. [3] . غصبMs. [4] . وقد Ms.

ذكر آراء الفلاسفة في النفس والروح

هو غير هما فيكون كلّ واحد منهما مشبّها لصاحبه في قيامه أو يكون أحدهما جالساً والآخر قائماً فيخالفان بالأعراض المركبة فيهما بالتشابه يقع في الإثبات لا في النفي ولو كان التشابه يكون في النفي لكان الإنسان يكون مشبهاً للحيزية [1] إذا كان الحيزية [2] تنفى [3] عن الكلية وينفى [4] ذلك عن الإنسان، ذكر أراء الفلاسفة في النفس والروح على ما حكاه افلوطرخس [5] في حد النفس، زعم افلاطن أنه يرى النفس جوهراً عقلياً يتحرك ذاته وأن ارسطاطاليس يرى النفس كمال جسم طبيعي إلى حي بالقوة وإن فيثاغورس يرى النفس عدداً تحرك ذاته ويعني بالعدد العقل وأن تاليس يرى النفس طبيعة دائمة الحركة وأنها محركة ذاتها قال وبعضهم يرى النفس تأليف الأسطقسات الأربعة وامّا استعلوس الطبيب فإنه كان يرى النفس شيئاً يحدث تدرّب الحواسّ وارتياضها ولهم

_ [1] . للحترتهMs. [2] . الحيزّيّةMs. [3] . تنفىMs. [4] . وينفىMs. [5] . افلوطوخس Ms.

ذكر أصوب الوجوه فيها

اختلاف كثير في النفس ما هي أجسم أو جوهر وكم أجزاؤها وأين مسكنها من البدن وما جزؤها الرئيس وهل هي باقية بعد مفارقة البدن أم متلاشية ما يدل اختلافهم على قصور معرفتهم وعجزهم عن الإحاطة بها، ذكر أصوب الوجوه فيها يدل أن الروح والنفس معان مختلفة الأفعال والأعراض فكل ذي نفس ذو روح وحياة وكل ذي روح ذو [1] حياة وليس كلّ ذي حياة ذا روح ونفس لأن الأرض تحيا بالنبات وليست بذات روح والبهائم حيوانات ذوات أرواح وليست بذوات أنفس فالإنسان له نفس وروح وحياة فتمييزه وعقله وفطنته وفهمه من قبل نفسه وعيشه وبقاؤه ونماؤه من قبل روحه وحسه وإدراكه المحسوسات من قبل حياته فالذي يبطل بموته حياته والنفس والروح ينتقلان عنه إلى أن يأذن الله في البعث والحشر وقد جرى في هذا الباب من الأخبار ما فيه مقنع وكفاية وقد زعم إفلاطن فيما يحكى عنه لأن الروايات عنه مختلفة أنه قال أن النفوس المفارقة لأبدان الحيوان غير مائتة ولا فاسدة بل

_ [1] . ذي Ms.

[60] ذكر قولهم في الحواس

لها أحوال تلذ فيها وتألم وحكى يحيى [1] النحوي عن افلاطن أنه قال النفس جوهر قائم بنفسه والنطق والحياة لها بذاتها فإذا فارقت بدنها وكانت خيرة بقيت مغبوطة مسرورة وإن كانت شريرة بقيت تائهة في الأرض متحيرة تحول حول قبر صاحبها إلى النشأة الأخرى وهذا قول سديد ورأي صواب يشبه أن يكون من مشكاة النبوة والوحي لأنه مقارب لقول الربانيين والله أعلم، [60] ذكر قولهم في الحواسّ قال افلاطن أنّ الحواسّ اشتراك النفس والبدن في إدراك الشيء الذي من خارج وإن القوة للنفس والآلة للبدن واختلفوا في البصر كيف يبصر فزعم بعضهم أن الشعاع يخرج من العين وينبسط في المبصرات فيكون كاليد التي تلمس ما كان خارجاً عن البدن ويؤدي ذلك إلى القوة البصرية وافلاطن يرى ذلك اجتماع الضياء ويقول أن البصر يكون باشتراك الضوء البصري والضوء الهوائي وسيلانه فيه بالمجانسة التي بينهما وأن الضوء الذي ينعكس عن الأجسام ينبسط في الهواء لسيلانه وسرعة استحالته فيلقى

_ [1] . يحيى Ms.

الضياء الناري البصري واختلفوا في السمع فزعم بعضهم أن السمع يكون بالخلاء الذي يكون داخل الأذن ومنهم من يزعم أن الهواء يدخل الأذن في صورة الصنوبرة وتصادمها وافلاطن يرى أن الهواء الذي في الرأس يصدمه الهواء الخارج فينعطف إلى العضو الرئيس فيكون من ذلك حسّ السمع واختلفوا في الصوت كيف هو فزعم بعضهم أنّ الصوت جسم واحتجوا بأن كل فاعل وكل مفعول جسم وأن الصوت يفعل لأنا نسمعه ونحس به وألحان الموسيقى تحركنا والأصوات التي ليست على الموسيقى تؤذينا والصوت يتحرك ويصدم المواضع اللينة ويرجع عنها مثل الكرة التي يضرب بها الحائط وافلاطن يرى أن الصوت ليس بجسم لأنه يعرض في الهواء وينبسط وكل بسيط فغير جسم واختلفوا في الشم كيف يشم فزعم بعضهم أن العضو الرئيس يكون في الدماغ وأنه يجذب الروائح بالنفس وزعم آخرون أن الشم يكون بممازجة هواء النفس ببخار الشيء المشموم واختلفوا في الذوق كيف هو فزعم بعضهم أن الذوق يكون بممازجة [1] الجوهر الرطب الّذي في اللسان بالجوهر الرطب

_ [1] . ممازجة Ms.

الذي في الشيء الذي يذاق وزعم آخرون أن الذوق يكون بالتخلخل واللين اللذين يكونان في اللسان بالعروق التي ينبعث إليه من الفم بقول الله تعالى وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ 16: 78 فنبهنا على هذه الحواس وبعثنا على شكرها ولم يبين لنا علل إدراكها ولا كيفية تركيباتها وقد تحار العقول إذا نظرت فيها وترتد خاسرة [1] لعظم أمرها وصعوبة شأنها وما هي إلا بمنزلة النفس والروح اللذين يعجز الخلق عن إدراكها فإن كان شيء مما قالوا حقاً فهو الصواب وإن كان غير ذلك فاللَّه أعلم،

_ [1] . حاسرة Ms.

الفصل التاسع في ذكر الفتن والكوائن وقيام الساعة وانقضاء الدنيا وفناء العالم ووجوب البعث

الفصل التاسع في ذكر الفتن والكوائن وقيام الساعة وانقضاء الدنيا وفناء العالم ووجوب البعث اعلم أن الناس مختلفون في هذا الفصل بحسب اختلافهم في إحداثه وابتدائه فمن أنكر له ابتداء أنكر أن يكون له انتهاء وعلة جواز الابتداء حدوث الابتداء وقد دللنا على وجوب الابتداء للحوادث فليس بواجب وجود انتهاء لها لكن جائز عليه ذلك ثم واجب بورود الخبر الصادق فيه مع أن جميع ما دل على حدث العالم دال على تناهي ذاته ومساحته لأن دليل حدثه [61] قد دل على إنقطاع ما حدث منه إلى هذا الوقت وما انقطع حدوثه فهو متناهي الأجزاء لأنه لو أضيف إليه حادث كبعضه لكان زائداً مقدار أجزائه ولكان بوجود ذلك الزائد أكثر مما كان قبل حدوثه ولو كان العالم غير متناهي الذات لكان السائر منا من وسط الأرض لو سار تلقاء

وجهه ألف فرسخ لم يكن ما خلف وراءه من العالم أكثر مساحة مما بين يديه منه ولو كان ذلك كذلك لكان لو أحدث الله تعالى أجساماً بمقدار ألف فرسخ لم يكن العالم بعد زيادة ذلك أكثر مساحة منه قبل تلك الزيادة ولو كان هذا جائزاً لجاز مثله في عدد الناس والدواب والشجر حتى لو خلق الله في هذا الوقت مائة ألف إنسان ودابة وشجرة لم يزد بذلك في الناس أحد ولا في الدوابّ دابّة ولا في الشجر شجرة ولكان من نظر إلى جبال يابسة وصحارى [1] ملس لا نبات فيها ولا شجر ثم نظر أيام ربيع في عشبها ولمع زهرها لجاز له أن يحكم بأنه ما زاد في هذه الجبال والصحارى شيء البتة وكذلك لو نظر إلى نخلة تولدت من نواة وإنسان تولد من نطفة بأنه لم يزد في النواة والنطفة شيء وهذا ظاهر الإحالة والفساد فدل وجود الزيادة على وجود النقصان ووجود الابتداء على وجود الانتهاء وانقطاع حادث بعد حادث على انقطاع الحوادث ومن زعم أن البارئ علة للعالم والعالم معلول لا يجوز وجود العلّة بلا معلول ولولا البارئ جل وعز لم يكن العالم موجوداً وليس لولا العالم لم

_ [1] . صحار Ms.

يكن البارئ موجوداً عورض ما الفصل بينك وبين من زعم أن العالم هو العلة والبارئ هو المعلول ولولا العالم لم يكن البارئ موجوداً وليس لولا البارئ لم يكن العالم موجوداً ليعلم أن اعتلالهم عند أهل النظر مبهرج ساقط والقول في حدوث آخر العالم وأن البارئ له علة متناقض لأن العلة لا تفارق المعلول وكأن قال قديم وقديم أحدهما محدث وأدنى ما يلزمه القول بحدوث العلّة كما قال بحدوث المعلول وإن زعم أنّه لا يعقل حدوث شيء لا من شيء وإنما هو لكون الخاتم من الفضّة والسرير من الخشبة وما أشبه ذلك والحادث هيئة وصنعة لم يحدث من نفس الفضة ولا من نفس الخشبة لأن [1] نفس الفضة والخشبة قد كانت موجودة والهيئة معدومة وإنما حدثت من فاعلها الحقيقة على معنى أنه اخترعها وأوجدها بعد أن لم يكن من شيء فإذا جاز حدوث عرض لا من شيء فلم لا جاز حدوث جسم لا من شيء مع أن كثيراً من الناس يقولون ليس الجسم غير أعراض مجتمعة وإنما النكتة في نفس ظهور الشيء أحادث أم غير حادث فإن كان غير حادث فظهوره محال لأنّ

_ [1] . لا Ms.

الظهور حادث وإن كان حادثاً فقد تبينت المراد وبعد فلم يوجد جسم إلا من جسم ولا عرض إلا من عرض لوجب أن لا يوجد جسم ولا عرض البتة ولوجب أن لا يوجد في الرطب لون ولا طعم يخالف البسرة ولا في البسرة ما يخالف الطلع ولا في الطلع ما يخالف النخلة ولا في النخلة ما يخالف النواة ووجود خلاف ما ذكرنا دليل على حدوث تلك الألوان والطعوم وسائر الزيادات التي ليست من النواة وأنها ليست من نفس تلك النواة [61] وإن أنكروا الأعراض لزمهم أن ينكروا الصيف والشتاء والليل والنهار وأن يكون الليل سرمداً والنهار سرمداً والشتاء دائماً والصيف كذلك فإن زعموا أن هذا لا يلزمهم لأن النهار ظهور الشمس والليل غيبوبتها والشتاء نزول الشمس بعض البروج والصيف كذلك قيل إذا كنتم لا ترجعون في ظهور الشمس وغيبوبتها وقربها وبعدها فيلزمكم أن يكون من أمر إنساناً أو أراده منه فقد أمره بنفسه أو بنفس جسم من الأجسام وكذلك إذا حمده على شيء أو ذمه أن يكون ذلك نفسه من غير سبب أوجب فيجب أن لا يزال حامدا دائما أو يكون حمده وذمه لجسم من الأجسام وهذا كله دليل على

حدوث الأعراض وأنها غير الأجسام وإن الأجسام لا تعرى منها وكل حادث فله ابتداء وانتهاء لا محالة وهذه المسألة قد مرت في صدر الكتاب على الإتقان والإحكام وأمّا قولهم بجوهر قديم لم يزل عارياً من الأعراض التي هي الصور والهيئات والحركة والسكون وغير ذلك فإنّه كلام فاسد لأنه لو جاز ذلك على الأجسام فيما مضى لجاز أن يعرى منها فيما يستقبل وأن يكون بحضرتنا أجسام غير ذات طول ولا عرض ولا عمق ولا تأليف ولا تركيب ولا لون ولا رائحة ولا طعم ولا حركة ولا سكون حتى تكون مبنية موجودة [1] قائمة بلا عرض ولو جاز ذلك لجاز أن يوجد إنسان منا مخلي السرب غير ممنوع أن يخلو من الحركة والسكون والقيام والقعود والمشي والفعل والإرادات والألوان والحياة والموت وغير ذلك فهذا ظاهر الفساد فإن زعم أن ذلك كله كامن فيه بالقوة قيل وظهور هذا الكامن أزلي منه فإن زعم أنه فيه لزمه أن يكون هذه الكوامن فيه ظاهرة لم تزل وإن زعم أن ظهور الكوامن بالقوة فيه كما أن هذه الأشياء التي عددنا بالقوة

_ [1] . موجودا Ms.

فيه سئل عن هذه القوة ما هي وكيف هي وأين هي ومم هي أفيه هذه القوة أم لا فإن زعم أنها فيه لزمه أن يكون العوارض التي عددناها كلها ظاهرة لم يزل لأن القوة والظهور علة لها وهي كالمعلول والعلة معها والعيان إلا ما ترى في النطفة والبيضة والنواة إذ تراها تحدث الشيء بعد الشيء وإن زعم أنها ليست فيه وإنما حدثت بعده وأحدثها محدث فقد أقر بالحدث وأن الجواهر لا تخلو من الحوادث ومن أقر بالحدث فقد أقر بالمحدث والسلام وإن زعم أن العالم حكمة بارئ وجوده وفضله وغير جائز أن يوصف بحل [1] حكمته وإبطال جوده [2] وفضله لزمه لا يجوز على البارئ إحداث ضد لشيء من موت بعد حياة وسقم بعد صحة وليل بعد نهار وضعف بعد قوة وقبح بعد حسن لأن في هذا كله إبطال الحكمة في قولهم فإن قال ليس يكون شيء من ذلك حكمة إلا وقت وجوده دون وجود ضده قيل فكذلك يجب أن ينكروا أن يكون العالم على ما هو عليه لأنّ حكمه في وقت

_ [1] . [؟] حلّMs. [2] . وجوده Ms.

وجوده دون وقت فنائه وانتقاله من حال إلى أخرى أو ليس ينسج الإنسان الثوب ثم يقطعه خرقاً لضرب من المصلحة ويهيئ المائدة وينضد عليها الألوان من الأطعمة ثم يشوشها ويفسدها بالأكل والتكسير ولا يكون ذلك قبيحاً ولا إبطالاً للحكمة بل هو من أحسن الأشياء وأولاها بالحكمة فمن أين أنكرتم أن ينقض البارئ هذا العالم في الوقت الذي يكون [62] نقضه [1] أولي بالحكمة وأبين في التدبير وأن يعيد الناس في دار سوى هذه الدار ليجازيهم على أعمالهم فإن قيل أن الأجسام باقية والباقي لا يجوز فناؤه إلا بضد يحله وذلك الضد لا يخلو من أن يكون جسماً أو عرضاً فإن كان جسماً فحيزه غير حيز هذا الجسم وكيف يضاده وإن كان عرضاً وجب أن يقوم فيه وكيف يقوم فيه في حال [2] يكون الجسم فيها فانياً معدوماً قيل لهم كيف جاز لكم أن تتطرقوا إلى إبطال القوة لفناء الأجسام مع قول من يقول من المسلمين أن فناء الجسم عرض لا يحتاج إلى محل وأن في حال وجوده انتقال الجسم

_ [1] . نقصهMs. [2] . حلل Ms.

وعدمه ومن يقول منهم أن الجسم يفنى بفقد بقائه وأن لا يحدث الله بقاء ومن يقول منهم أن فناء الجسم يوجد في الجسم فيصير فائتاً في الحال الثانية وبعد فما معنى إنكاركم فناء الأجسام وإنما ينكرون حياة الموتى وامر الموتى وخبر الجنة والنار وهذا كله غير ممتنع كونه مع بقاء الأجسام وتبديل صورها ونقض بنيتها [1] إلى بنية [2] أخرى يكون منها جنة ونار ودار على خلاف سبيل هذه الدار وإن كنا نخالفكم في أشياء منها وقد يشاهدون الاستحلال [3] والفساد في الأركان فيما يؤمنكم إشاعة الفساد في كلياتها وأجزائها كما زعمتم في أجزائها وأبعاضها وأن يكون طبيعة العالم موجبة للإنقاض بعد مدة من المدد والتغيير من هيئة إلى هيئة كالإنسان مثلاً إذا بلغ أقصى ما في طبيعته في بلوغه تفرقت عناصره ولحق كل نوع من جسده بشكله ثم يتركب أجزاؤه بعد ذلك على ضرب آخر فيكون كذلك العالم على هذا الترتيب إذا بلغ أقصى مدّته انتقض [4]

_ [1] . ونقص منتهاMs. [2] . [؟] نيةMs. [3] . الاستخلالMs. [4] . انتقص Ms.

ذكر من قال من القدماء بفناء العالم

وانقلب إلى هيئة أخرى يكون منه جنة ونار بل يلزمكم أعظم من هذا وهو إجازة فناء العالم وعدم ذاته ثم عوده ورجوعه بعد ذلك وتكونه وتكون طبيعته هو الذي يوجب له ذلك إذا كان ليس موجب وجوب بقائه من وجوب فنائه بطبعه فإن زعموا أن هذا لا يصح لنا على مذهبنا لأنا نقول بتركيب الأجسام من هذه الأركان وانحلالها إليها وكذلك الأركان من الأسطقسات غير المركبة البسائط من الهيولى قيل وأجود لنا أن يكون مناقضتكم من نفس مذهبكم وقد أريناكم فساد مذهبكم في الهيولى وفي فساد ذلك وجوب صحة القول بحدث الأجسام وكل حدث غير مستنكر له الانحلال والدثور والعود إلى حال التلاشي والبطلان وإذا فنى وبطل فأعاده خلق كابتدائه بل هو أهون، ذكر من قال من القدماء بفناء العالم على ما حكى أفلوطرخس [1] زعم اماشهيدوس الملطي أن مبدأ الموجودات هو الذي لا نهاية له وإليه ينتهي الكل ويفسد ويرجع إلى الّذي عنه كان [2] وان انقمامس يرى مبدأ الموجودات هو الهواء

_ [1] . افلوطوخسMs. [2] . عنه Ms. ,unesecondefois

منه كان الكل وإليه ينحل قال الروح والهواء يمسكان العالم والروح والهواء يقالان على معنى واحد قولاً متواطئاً وإن تاليس الملطي يرى المبدأ الماء وإليه ينحل وهؤلاء قد أقروا بفساد العالم وإن كانوا رأوا له صلاحا يرجع إليه وحكى عن أ [؟] ثاغورس أنه كان يرى العالم يكون والله يكون ذاته وأنه إما من قبل الطبيعة ففاسد لأنه محسوس جسم مجسم وإما من سياسة الله وحفظه فقير فاسد وهؤلاء قد حكموا عليه بالفساد من قبل طبعه وأجازوا أن لا يفسده الله وكذلك المسلمون [62] يجيزون ذلك إلا أن الخبر ورد بخلافه وأما ارسطاطاليس فإنه يرى الفساد في الحر المنفعل الذي تحت فلك القمر وحكى عن جماعة منهم أنهم يقولون بالكون والفساد وهذا كله من الدليل على ابتداء الحدث وجواز انتهائه من مذهبهم وقد احتج من احتج منهم في إبطال العالم أنه من الاسطقسّات الأربع ولا بدّ لها من التمايز والانحلال كما الإنسان مجموع من الطبائع الأربع وتمايزها سبب هلاكه وفنائه وأما الثنوية فإنهم يقولون ببطلان من امتزاج الكونين وجواز افتراقهما وتباينهما بعد امتزاجهما حتى تعود

ذكر قول أهل الكتاب في هذا الباب

كما كانا بلا حادث من مزاج وأما الحرانية فيقولون بالثواب والعقاب ولا أدري كيف قولهم في فناء العالم غير أنهم ينتمون إلى اغثاديمون [1] وهرمس وسولون [2] جد افلاطن لأمه ومن هؤلاء من كان يقول بفناء العالم والبعث وكثير من المجوس يقرون بالبعث والنشور وخبرني بعض مجوس فارس أنه إذا انقضى ملك اهرمن وأفضى الأمر إلى هرمز ارتفع الكد والعناء والظلمة والموت والسقم والكراهة وصار الخلق كلهم روحانيين باقين خالدين في ضياء دائم وسكون دائم ولا أعرف مذاهب فرقهم ولا اختلاف أرائهم وكلمتهم وسمعت بعضهم يقول إذا انقضت للعالم تسعة آلاف تساقطت النجوم وفتّتت [3] الجبال وغاضت المياه وصار كذا وكذا بصفات هائلة، ذكر قول أهل الكتاب في هذا الباب اعلم أن قولهم وقول أهل الإسلام سواء في انقضاء الدنيا وفناء العالم وكون البعث والحساب ووجوب الجزاء من الثواب والعقاب لا خلافا

_ corriged ,apresleFihrist ,t.I ,p.318. [1] بن اعياديموسىMs. ,id. [2] سولفMs. [3] . وفتّت Ms.

في شيء من الصفات وقع من جهة التأويل وأجمعت اليهود أن المسيح لم يجيء بعد وأنه جاء لا محالة في زمان يأجوج ومأجوج واختلفوا بعد ذلك فزعمت فرقة منهم أن ملك المسيح يكون ألف سنة ثمّ ينفخ في الصور وزعم آخرون أنّ ملك المسيح ألف سنة ومائتا سنة وخمس وتسعون سنة وقد كان كثير من مشركي العرب يؤمنون بالبعث والنشور ويزعمون أن من عقرت مطيته على قبره يحشر عليها وفيه يقول جريبة [1] بن الأشيم الفقعسيّ [كامل] يا سعد إما أهلكن فإنني ... أوصيك إن أخا الوصية أقرب لا تتركن أباك يعثر خلفكم ... تعباً يجر على اليدين وينكب وأحمل أخاك على بعير صالح ... ويقى [2] الخطيئة إنه هو أقرب ولعل ما قد [3] تركت مطية ... في الحشر أركبها إذا قيل اركبوا وكان أمية بن أبي الصلت قد قرأ الكتب واتّبع أهل الكتاب وهو يقول [بسيط]

_ [1] . حزيّةMs. [2] . كذا في الأصل etnotemarginale: بن وبقيMs. lmanqueunelongue. [3]

ذكر ما جاء في مدة الدنيا وكم مضى منها وكم بقي

والناس راث عليهم أمر ساعتهم ... فكلهم قائل للدين إيانا أيام يلقى نصاراهم مسيحهم ... والكائنين له ودّا وقربانا هم ساعدوه كما قالوا إلههم ... وأرسلوه كسوف الغيب دسفانا [1] وهو يقول أيضا [بسيط] [63] ويوم موعدهم أن يحشروا زمراً ... يوم التغابن إذ لا ينفع الحذر مستوسقين مع الداعي كأنهم ... رجل الجراد [2] رقته الريح تنتشر وأبرزوا بصعيد مستو حزر ... وأنزل العرش والميزان والزبر وحوسبوا بالذي ما يحصه أحد ... منهم وفي مثل ذاك اليوم معتبر فمنهم فرح راض بمبعثه ... وآخرون عصوا مأواهم السقر يقول خزانها ما كان عندكم ... ألم يكن جاءكم من ربّكم نذر قالوا بلى فأطعنا سادة بطروا ... وغرنا طول هذا العيش والعمر قالوا أمكثوا في عذاب الله ما لكم ... إلا السلاسل والأغلال والسعر فذاك عيشهم لا يبرحون به ... طول المقام وإن صحوا وإن ضجروا ذكر ما جاء في مدّة الدنيا وكم مضى منها وكم بقي من أنكر

_ [1] . الدسفان الرسولNotemarginale: [2] . جراد Ms.

ابتداء العالم وانتهاءه أنكر أن يكون لما مضى عدد [1] ويكون لما بقي أمد وزعم أن الحركة الثانية هي الحركة الأولى معادة وقد مضى من النقض على هذه المقالة ما فيه كفاية روى في الخبر أن الله وضع الدنيا على سبعة أيام من أيام الآخرة كل يوم ألف سنة وروى ثمانية أيام وروى ستة أيام وروى خمسون يوماً وروى مائة ألف سنة وخمسون ألف سنة هذا ما رواه المسلمون وأما اختلاف أهل الأرض في سني العالم في الكثرة والقلة وكمية ما يقع فيه من الاجتماعات والقرانات فشيء يطول وصفه وقد ذكر ابن عبد الله القسري في كتاب القرانات قول خمس فرق أوّلهم السند والهند الذين ادّعوا أنّ أصل كلّ فرقة مأخوذ من أصلهم وأن عدد سني عالمهم وأدوارهم أربعة ألف ألف ألف وثلاثمائة وعشرون ألف ألف سنة وهذا رسمه 5555555 حم ححم عم والصنف الثاني أصحاب الارجبهز [2] جعلوا سني عالمهم أربع مائة ألف واثنين وثلاثين ألف سنة وسنو هذه الفرقة جزء من عشرة ألف جزء من السند والهند والصنف الرابع أهل الصين جعلوا سنىّ عالمهم مائة وخمسة

_ [1] . عدداMs. [2] . الارجيهر Ms.

وسبعين ربوة وثلث ربوة ونصف عشر ربوة كلّ ربوة عشرة آلاف سنة يكون سني المدار ألف ألف وسبع مائة ألف وثلاثون [1] ألف وثماني مائة وثلاثاً وثلاثين سنة وأربعة أشهر والصنف الخامس الفرس وأهل بابل وكثير من الهند والصين معهم جعلوا سني عالمهم ثلاثمائة وستين ألف سنة وهذه السنون مناسبة لدرج الفلك وإذا قسمتها على عشرة خرج ستّة وثلاثون ألف سنة مقدار ما يقطع الكواكب الثابتة جميع الفلك لأن الكواكب الثابتة يقطع كل برج في ثلاثة آلاف سنة قال ووقع الطوفان في نصف سنة العالم في أول دقيقة من الحمل فعلمت العلماء عليه وجعلوا هذه السنة أصلاً محفوظاً عندهم وسموه سنى الألوف المغيرة للزمان [63] والدهور والأديان والملل والأحداث العظيمة في العالم من خراب وعمارة وزوال ملك على ما ذكره أفلاطن وارسطاطاليس ومن قبلهما من اليونانيين قال ويقال أن هذه الأحداث لم يزل تأثيره قديماً مذ أول خلق الله أيام العالم إلى وقتنا هذا وأنه كان قبل آدم أمم كثيرة وخلق وآثار ومساكن وعمارات وأديان وملك

_ ecalculsoitexact. [1] ثلاث وخمسون Lisez

وأملاك وخلائق على خلاف هذا الخلق في الطباع والأخلاق والكسب والمعاش والمعاملات وأنه كان قد يتصل العمارة في بعض المواضع ألوف فراسخ لا ينقطع مع مآكل عجيبة ولغات غريبة وطول القامات وصغرها وغير ذلك ما لا يدري كيف كان وأنه قد أبادهم الطوفانات والرجفات والزلازل والهدات والنيران والعواصف ثم خلق الله آدم الذي انتشر منه أهل هذا العالم الذي نحن منه وفيه بعد تلك الأمم والأجيال التي لا يعلم عددهم ولا يحصيهم إلا الله وعلمه العلوم من الآثار العلوية والسفلية وذلك قوله تعالى وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها 2: 31 هي أسماء الكواكب الحائرة المؤثرة في العالم بتركيب الله إياها كذلك فعلم ما ينال ذريته من الشدة والبلاء فحذرهم وبين لهم مواضع الآفة حتى أووا [1] إليها وتخلصوا من البلايا التي تحدث في الأركان من النار والماء وغير ذلك من وجوه الفساد قال وقد كان هرمس الهرامسة وهو أخنوخ أدريس النبي صلى الله عليه وسلم قبل آدم بزمان طويل وكان ينزل الصعيد الأعلى والصعيد إلى الاسكندرية ليعتصموا بها من الغرق وقد أفسدهم الطوفان والنيران والنبات

_ [1] . آووا Ms.

والحيوان غير مرة هكذا وجدت في كتابه وكتب الله تعالى وأخبار الرسل [1] أصدق وأصح شيء ممّا ذكروا و [إن] وافقته رواية أهل الإسلام وأهل الكتاب قلنا به [وإلا] لا فهو مضاف إلى حد الجواز والإمكان قال وربما عملت القرانات والاجتماعات في خراب العمران وعمارة الخراب حتى جعلت البحور مفاوز والمفاوز بحورا وربّما غاضت قنىّ وآبار وعيون وأنهار فصارت البقاع قفراً خلاء وربما نبع بالقفر عيون ومياه فصارت مسكونة مأهولة ولا ينبغي أن يحكم ببطلان ما لا يرى في مدة عمر وعمرين وثلاثة أعمار كما يرى في المفاوز بين الشام وبلاد اليونانيين من الآثار العادية والبنيان الخراب المعدوم فيه النبات والحيوان والماء ثم ما نشاهده في إقليمنا بالعيان قبل مفازة سجستان وما فيها من آثار البنيان والمدن والقرى والدكاكين ورساتيق الأسواق قال وقرا على بعض المجوس أن هذه المفاوز كانت عامرة والماء جارياً عليها من سجستان وأن افراسياب التركي عور [2] تلك العيون وكبسها حتّى انقطع الماء عنها وسار إلى زره فصار بحيرة ويبست

_ [1] . الرسول صلى الله عليه وسلمcoormarginaleMs. [2] . عور Ms.

ذكر التأريخ [1] من لدن آدم [2] إلى يومنا هذا [3] على ما وجدناه [64] في كتب أهل الأخبار

المفازة وذكر ابن المقفع أن بادية الحجاز كانت في الزمان الأول كلها ضياعاً وقرى ومساكن وعيوناً جارية وأنهاراً مطردة ثم صارت بعد ذلك بحراً طافحاً تجري فيه السفن ثم صارت قفراً يابساً ولا يدري كيف اختلف عليها الأحوال ولا كم يختلف إلا الله تعالى، ذكر التأريخ [1] من لدن آدم [2] إلى يومنا هذا [3] على ما وجدناه [64] في كتب أهل الأخبار روينا عن وهب بن منبه أنه قال الله خلق السماوات في ستة أيام فجعل مكان كل يوم منها ألف سنة وقد خلت منها ستة ألف سنة وستمائة وإني لأعرف كل زمان ما كان فيه من الملوك والأنبياء [4] وروى عبد الله بن مسلم بن قتيبة [5] في كتاب المعارف أن آدم [6] عاش ألف سنة وكان بين موته والطوفان ألف [7] سنة ومائتا سنة واثنان

_ .eextraitparIbnal -Wardi. [1] التواريخBetP [2] . عليه السلامBajoute: ManquedansB. [3] Toutcepassage ,depuisl ,asterisque ,manquedansBetP. [4] [5] . عبد الله بن قتيبة P بن عبد الله ابى قتيبةB [6] . عليه السلامPajoute: [7] . الفا B

وأربعون سنة وبين الطوفان وبين [1] موت نوح ثلاثمائة وخمسون سنة [2] وبين نوح وإبراهيم عم ألفا [3] سنة [4] ومائتا سنة [5] وأربعون سنة وبين إبراهيم وموسى تسع مائة سنة وبين موسى وداود خمس مائة سنة وبين داود وعيسى ألف سنة ومائتا سنة وبين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم [6] ستمائة سنة [7] وعشرون سنة فكان [8] من عهد آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة ألف [9] سنة وثمان مائة عام [10] وفي كتاب تأريخ ابن خرداد [به] قال أنه كان من هبوط آدم إلى الطوفان ألفان ومائتا سنة وست وخمسون سنة ومن الطوفان إلى مولد إبراهيم عم اثنى وثلاثين سنة خلت من عمر

_ ManquedansB. [1] ManquedansP. [2] [3] . ألفP ManquedansBetP. [4] [5] . ألف ومائةP [6] . صلوات الله وسلامه عليهم أجمعينBetP ManquedansP. [7] [8] . فيكونB [9] . آلافBetP .Icis extraitdanslbnal -Wardi ,nceduPropheteetl anneedel hegire 822. [10] سنة BetP

موسى وذلك عند خروج بني إسرائيل من مصر خمس مائة وخمسون سنة ومن خروجهم إلى سنة أربع من ملك سليمان وذلك وقت ابتدائه ببناء بيت المقدس ستمائة وست وثلاثون سنة ومن بناء بيت المقدس إلى ملك الإسكندر سبع مائة سنة وسبع عشر سنة ومن ملك الإسكندر إلى مولد المسيح ثلاث مائة وسبع وستون سنة ومن مولد المسيح إلى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم خمس مائة وأربع وستون سنة ومن الهجرة إلى يومنا هذا وهو سنة خمس وخمسين وثلاثمائة فذلك سبعة آلاف وأربع مائة وخمس عشر سنة وأصبت في كتاب أخبار زرنج قال كان بين آدم والطوفان ألفا سنة وست وخمسون سنة وكان بين نوح وإبراهيم تسع مائة سنة وثلاث وأربعون سنة وبين إبراهيم وموسى خمس مائة وست وسبعون سنة وبين موسى وسليمان ستّمائة واحدى وثمانون سنة وبين سليمان وشامل وفارس وبين سند مائتان وستون سنة وبين سيذ وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم خمس مائة وثمان وتسعون سنة ومن مولد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا أربع مائة وخمس وستون سنة وعمر آدم ألف سنة فذلك سبعة آلاف وتسع مائة وتسعون سنة وفي

رواية محمد بن إسحاق فيما يرويه عنه يونس بن بكير قال كان من [1] آدم إلى نوح ألف ومائتا سنة ومن نوح إلى إبراهيم ألف ومائة واثنتان [2] وأربعون سنة ومن إبراهيم إلى موسى خمس مائة وخمس وستون سنة ومن موسى إلى داود خمس مائة وتسع وستون سنة ومن داود إلى عيسى ألف وثلاثمائة وخمسون سنة ومن عيسى إلى محمد صلى الله عليه وسلم ستمائة سنة فذلك خمس آلاف وأربع مائة وست وعشرون سنة سوى مدة عمر آدم وتأريخ النبي صلى الله عليه وسلم ورأيت في كتب بعض أهل التنجيم [64] ذكروا تواريخ الأنبياء إلى أول سنة خمسين وثلاثمائة لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم سنة ستّ آلاف وسبع مائة وستّين لآدم عم سنة خمسة آلاف وسبعين وثلاثمائة لمولد نوح عم سنة أربعة آلاف وأربعة وستّين وثلاثمائة وثلاثة وعشرون يوما لغرق نوح عم سنة ثلاثة ألف وستّ وأربعين وأربع مائة لإبراهيم عم سنة ألفين وأربع [3] وتسعين وتسع مائة لموسى عم سنة ألف وثلث

_ [1] . بينMs. [2] . وإنسانMs. [3] . مائة Msajoute:

وسبعين ومائتين لذي القرنين سنة ألف وستين وستمائة لبخت نصر سنة ألف وخمس وثمانين ومائتين لبطلميوس صاحب المجسطي سنة ألف وثمان وستين وتسع مائة لعيسى عم ستّة آلاف وثلاثمائة وثلاثين ليزدجرد بن شهريار آخر ملوك العجم سنة ثمان وأربع مائة للفيل قال وفيه هذا هذا [1] النشو وخرجت الكواكب من أول دقيقة في الحمل إلى أوّل يوم من هذه السنة ألفا ألف ألف وثلاثمائة وتسعة وأربعون ألف ألف واحد وعشرون ألفاً وتسع مائة وخمسون سنة وثلاثمائة [و] تسعة وخمسون يوماً وإحدى عشر دقيقة وثوان والله أعلم وأحكم لا يعلم غيره وقد روى همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال كان بين آدم وبين نوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق وتلا كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً 2: 213 الآية وروى الواقدي كان بين آدم ونوح عشرة قرون والقرن مائة سنة وبين نوح وإبراهيم عشرة قرون وبين إبراهيم وموسى عشرون قرناً وروى وهب قال كان [بين] آدم ونوح عشرة أباً وبين إبراهيم ومحمد ثلاثون أباً هذا ما رواه المسلمون وأهل الكتاب وأمّا الفرس والمجوس فإنّ الروايات

_ [1] . كذا في الأصل Notemarginale:

ذكر ما بقي من العالم وكم مدة أمة محمد عم

عنهم مختلفة ففي كتب بعضهم أن من انقضاء ملك بني ساسان أربعة آلاف سنة وأربع وأربعون سنة وعشرة أشهر وخمسة أيّا [م] ومنهم من يحسب هذا الحساب عن هوشنك بعد الطوفان ومنهم من يحسب عن كيومرث ويزعم أنه كان قبل آدم وأن آدم نبت من دمه وبعضهم يقول هو ابن آدم وحكى عن [بعض] علمائهم أنه قرأ في عظة لزردشت ذكر ملوك ملكوا الأرض قبل هوشنك منهم رتّى ملك الناس رقابهم وأموالهم ومنهم رتى ومنهم افرهان والله أعلم وأحكم فليس لنا في كتاب الله الذي في أيدينا ولا في الخبر الصادق عن نبينا صلى الله عليه وسلم ما يوجب القطع عليه ويوجب اليقين بشيء منه فليس إلا الرواية كما جاءت وإجازة ما هو ممكن منها والسلم، ذكر ما بقى من العالم وكم مدّة أمّة محمّد عم فيما رواه أهل الأخبار روى عبد المنعم [1] بن إدريس عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما عمر هذه الأمّة عمر بنى إسرائيل ثلاثمائة سنة قال الراويّ قبل أن يصيبهم الفتن والبلايا وعبد المنعم غير ثقة ومع ما فيه من الهمة لم يلق ابن عبّاس ويشبه إن

_ [1] . المؤمن Ms

كانت الرواية عن ابن عباس أن يكون ذكر ثلاثمائة سنة زيادة ليس من نفس الرواية لإحاطة العلم بأنّ عمر بنى إسرائيل زاد على ثلاثمائة بأضعافها وروى أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال يكون لأمتي نصف يوم مقداره خمس مائة سنة وهذه الرواية في الضعف والوهم ليست بدون الأولى [65] وروى أبو جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع بن أنس أنّه قال في آلم وآلمر وآلمص وسائر الحروف التي في أوائل السور ما منها حرف إلا وهو في مدة قوم وفي رواية الكلبي أن حيي بن أخطب لمّا تلا عليه النبي صلى الله عليه وسلم آلم قال إن كنت صادقاً فإني أعلم ما أنحل [1] أمتك من السنين وهو إحدى وسبعون سنة من حساب الجمل فتلا عليه النبي صلى الله عليه وسلم آلمر وآلمص وآلر وحروفاً آخر فقال لهم بعضهم ما يدريك لعله يجمع له ذلك كله فنزل وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله 3: 7 قال الكلبي يعني منتهى أجل هذه الأمة فإن صحت الرواية فضرب الحد فيه باطل وحدثني أبو نصر الحرشي بفرجوط [2] قرية من الصعيد وكان يقرأ كتب الأوائل في كتاب

_ [1] . الحل:Ms. أجل بنmarginalemoderne [2] . بفرجوط Ms

دانيال مسطوراً بقاء أمة محمد صلى الله عليه وسلم ألف سنة وفناؤهم بالسيف وقال بعضهم وجدت في كتاب إن أحسنت هذه الأمّة فبقاؤها ألف سنة وإن أساءت فبقاؤها خمس مائة سنة وأجمعوا أن هذه الأمة آخر الأمم ولا بد لها من نهاية كما انتهت الأمم قبلهم وصح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعثت والساعة كهاتين وأشار بسبابته والوسطى قال الله تعالى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ 42: 17 وقال لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً 7: 187 وقال لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ 6: 59 فأخفاها وقربها واستأثر بعلمها دون علمه ولما سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عم قال ما المسئول بأعلم من السائل قال صدقت فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه وجبريل أنهما لا يعلمان شيئاً من ذلك وصدقه في ذلك جبريل فمن ادعى أنه يعلم كم ما مضى منها وكم بقى فقد صرح بعلم ما طوى الله علمه عن العباد اللَّهمّ إلا أن يذهب في أن يجعل سبعة آلاف سنة مدة من المدد ابتداؤها هبوط آدم وانقضاؤها ابتداء سبعة آلاف سنة ثم الله أعلم بما هو كائن بعد فهذا مذهب إذ لا يعلم أحد ما كان قبل آدم وما هو كائن بعد انقضاء هذا العالم إلا الله تبارك وتعالى وروي عن

ذكر ما جاء في أشراط الساعة وعلاماتها

عبد [1] الله بن عمر قال يطعم هذه الأمّة ثلاثمائة سنة وثلاثين سنة وثلاثين شهراً وثلاثين يوماً ثم ينقضي، ذكر ما جاء في أشراط الساعة وعلاماتها [2] حدثنا محمد بن الحسين حدثنا عمر بن موسى العرار حدثنا حماد بن زيد عن علي بن زيد عن أبي نصر [3] عن أبي سعيد الخدري [4] رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ثم قام خطيباً فلم يدع شيئاً يكون إلى يوم القيامة [5] إلا خبر [6] به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه في حديث طويل قال في آخره [7] وجعلنا نلتفت إلى الشمس هل بقي منها شيء فقال إلا أنه [8] لم يبق من الدنيا إلا كما بقي من يومكم هذا وروينا [9] عن الحسن [10] أنّ

_ orrectionmoderne. [1] كذا في الأصلMs. ManquedansBetP. [2] [3] . روىupprimesdansBetP ,etremplacespar [4] . ابى سعد الخدريّMs. [5] . قيام الساعةBetP [6] . أخبرBetP [7] . والحديث طويل في آخرهBetP ManquedansBetP. [8] [9] . وروىBetP [10] . بن علي [بن أبي طالب [B رضي الله عنهما P

النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما مثلي ومثلكم كقوم خافوا عدواً فبعثوا ربئةً [1] لهم فلما فارقهم إذا هو بنواصي الخيل فخشي أن يسبقه العدو [2] إلى أصحابه فلمع بثوبه [3] وقال يا صباحاه وإن الساعة كادت تسقني [4] إليكم، واعلم أنه ليس من شريطة هذا الكتاب رواية الأسانيد وتصحيح الأخبار لأن عامتها مستغنية بظهورها عن السند قال الله تعالى اتَّقُوا الله وَلْتَنْظُرْ [5] نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ 59: 18 ومن هذا الباب حديث أبي الطفيل عن أبي سريمة عن [6] حذيفة ابن أسيد [7] [65] قال أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر [8] الساعة فقال أما أنها لا تقوم حتى تكون [9] عشر آيات

_ [1] . ربيبة، P رئيةB [2] . الخيلP ,corriged ,apresBetP. [3] فلم بثوبهMs. [4] . تسبقنيBetP [5] . كلMs ajoute [6] . وعنgeManquedansBetP ,quin ,ontque [7] . رضى الله عنهBetP [8] . نذكرBetP [9] . يكون ,P قبلها BetPajoutent:

فذكر الدخان والدجال ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى وطلوع الشمس من مغربها وثلاث خسوفات خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار [1] من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر فيقال غدت النار فاغدوا وراحت [2] فروحوا وتغدوا وتروحوا [3] ولها ما سقط ومنه حديث سعيد بن المسيب [4] عن علي بن ابى طالب عم [5] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فإذا [6] عملت أمتي خمس عشر خصلة حل بها البلاء إذا اتخذوا [7] المغانم دولاً والأمانة مغنما والزكاة مغرماً والتعلم [8] لغير الدين وأطاع الرجل امرأته وعصى أمّه [9] وأدنى صديقه وأقصى أباه [10]

_ [1] . تخرجBetPajoutent: [2] . النارBajoute: [3] . وتغدو وتروحBetP [4] . وروىBetP [5] . رضى الله عنهBetP [6] . إذاBetP [7] . اتخذP [8] . تعلم العلمBetP ManquedansBetP. [9] [10] . وأمّه BetP ajoutent:

وارتفعت الأصوات في المساجد وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم [1] الرجل مخافة شره وظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور ولبس الحرير ولعن آخر هذه الأمة أولها فتوقعوا عند ذلك ريحاً حمراء وخسفاً ومسخاً وقذفاً [2] وفي حديث ابن عمر عن عمر [3] رضي الله عنه أن جبريل [4] لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن أمر الدين فقال متى الساعة قال ما المسئول [5] بأعلم بها [6] من السائل قال فما إماراتها [7] قال أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة [8] و [9] يتطاولون في البنيان قال صدقت وفي حديث أبي شجرة الحضرمي [10] عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله رفع إلى الدنيا وأنا أنظر إليها وإلى ما هو كائن فيها إلى

_ [1] . وإكرامP [2] . وفرقاP ManquedansB. [3] [4] . عليه السلام.BetP ajoutent: جبرئيلMs. [5] . عنهاBetPajoutent: ManquedansBetP. [6] [7] . ما امارتهاBetP [8] . رعاء الشاءBajoute: ManquedansBetP. [9] ManquedansBetP ,quiont ,alaplace. [10]

يوم القيامة كما أنظر إلى كفي هذه [1] حلتان من الله حلاه لنبيه كما حلى للنبيين قبله [2] ومنه خبر خروج [3] الهاشمي والسفياني والقحطاني والترك والحبشة والدجال ويأجوج ومأجوج وخروج الدابة والدخان ونفخ [4] الصور [5] ثم ما ذكر بعد ذلك من أحوال الآخرة ليس ينبغي أن يضيق [6] صدر الإنسان بما يورد عليه من مثل هذه الأخبار أو يروى له لأن ذلك كله ممكن جائز وإذا جاز أن يظن الرجل شيئاً [7] فيصدق ظنه ويركن فيصح ركانته ويتكلم بشيء فيقع بوفاق كلامه أو يحكم من جهة الحساب فيصح حكمه أو يرى رأياً فيرشد في رأيه أو تخيل إليه أو في منامه أو يؤيد بقوة الروح فيوجد له تصديق فيما يحدث له فلا يجوز أن يصيب فيما يخبر به من

_ [1] . هذاB gemanquedansBetP. [2] ManquedansBetP. [3] [4] . نفخةB .aphemanqueaIbnal -Wardi. [5] الشمس من مغربها و [نزول [B عيسى وطلوعManquedansP ,quiajoute ,ainsiqueB: [6] . نضيقMs. [7] . ثنثيا Ms.

ذكر الفتن والكوائن في آخر الزمان

جهة الوحي والنبوة أية [1] حالة تؤخر درجة النبوة عن درجة ما ذكرناه مع وجود الغلط الظاهر المتفاوت البيّن في كلّ ما ذكرنا إلا النبوة وحدها التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها اللَّهمّ إلا أن يكون المستترون بالإسلام دسوا في الأخبار مناكير وفواحش حدها تفاد في الحديث وتهذبها دلائل القرآن والله المستعان ومن أعوز الأشياء على قود النفس إلى قول هذه الروايات وحبس القلب عليها معرفة وجوب النبوة وصدق الأنبياء وجواز كون ما هو ممتنع في العقل بوجود الدلالة على حدث العالم وإيجاده لا من غير سابقه فمن تيقن ما ذكرناه لم يحدس قلبه ما يرد عليه بعد ذلك والسلم، ذكر الفتن والكوائن في آخر الزمان في رواية الزهري [2] عن أبي ادريس الخولاني [3] عن حذيفة بن اليمان [4] [66] قال أنا أعلم الناس بكل فتنة هي [5] كائنة إلى يوم القيامة

_ [1] . وايةMs. ManquedansBetP. [2] [3] . الحولانيBetP ;Ms. [4] . اليمانيP ManquedansBetP. [5]

وما لي [1] أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إلي [2] في ذلك شيئاً [3] لم يحدث به [4] غيري ولكنه حدث مجلساً أنا فيه عن الفتن [5] التي يكون منها صغار ومنها [6] كبار فذهب أولئك الرهط كلّهم [7] غيري وفي حديث ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن كرز [8] ابن علقمة أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فتناً فقال رجل كلا والله إن شاء الله فقال والذي نفس محمد بيده لا يعوزن فيها أساود حياً يضرب بعضكم رقاب بعض قال الزهري الأسود الحية إذا نهشت ترت ثم ترفع رأسها ثم تنتصب قال حذيفة كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر وقد جاء الله بهذا الخير فهل بعد الخير من شرّ قال

_ [1] . بىBetP [2] . ليBetP [3] . اشياP [4] . بهاP [5] . الكوائن والفتنBetP ManquedansBetP. [6] ManquedansBetP. [7] [8] . كرر Ms.

نعم وفيه دخن من جلدتنا يتكلمون [1] بألسنتنا دعاه على أبواب جهنم من أطاعوه أفخموه فيما رواه نعيم عن الوليد بن مسلم عن أبى جابر عن بشر بن عبد الله عن أبي ادريس الخولاني عن حذيفة رضي الله عنه وفي رواية ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن أسامة قال أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم فقال إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر فهل ترون ما أرى حدثنا نعيم ابن حماد حدثنا محمد بن يزيد عن أبى جلدة عن أبى العالية قال لما فتحت تستر [2] وجدنا في بيت مال الهرمزان مصحفاً عند رأس ميت على سرير يقال هو دانيال فيما يحسب قال فحملناه إلى عمر فأنا أول العرب قرأته فأرسل إلى كعب فنسخة بالعربية فيه ما هو كائن يعني من الفتن إلى يوم القيامة [حدثنا] نعيم عن عبد القدوس عن أرطاة بن المنذر عن حمزة بن حبيب عن سلمة بن نفيل أن النبي صلى الله عليه قال بين يدي الساعة موتان شديد وبعده سنوات الزلازل [حدثنا] نعيم عن بقية عن صفوان عن عبد الرحمن بن جبير [3]

_ [1] . نتكلمونMs. [2] . تشترMs. outcelongpassage ,depuisl asterisque ,manquedansBetP. [3]

عن [1] عوف بن مالك الأشجعي [2] قال قال لي [3] رسول الله صلى الله عليه وسلم اعدد ستاً بين يدي الساعة أولهن موتي [4] فاستبكيت حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكتني [5] ثم قال [6] إحدى والثانية فتح بيت المقدس قل [7] اثنتان [8] والثالثة موتان يكون في أمتي كمعاض العتم [9] قل [7] ثلاث [10] والرابعة فتنة عظيمة تكون [11] في أمّتى لا تبقى بنت [12] في العرب إلا دخلته [13] والخامسة هدنة

_ [1] . وعنBetP [2] . رضى الله عنهBetP ManquedansBetP. [3] [4] . صوتيBetP ,Ms. [5] . يسكبنىP [6] . قل احدى فقلتBetPajoutent: ,asuitedudiscours. [7] قالMS. [8] . فقلت قلBetPajoutent: [9] . كعقاص الغنمBetP [10] . فقلت etajoute: ثلاثا P بن ثلاثةB [11] . تكونMs. [12] . بيتاBetP [13] . قل أربعة [فقلت BetPP

[بين العرب] [1] وبين بني الأصفر ثم يشرون [2] إليكم فيقابلونكم [3] قل خمس والسادسة يفيض المال فيكم حتى يعطي أحدكم المائة الدينار [4] فيتسخطها [5] [حدثنا] نعيم عن أبى عيينة عن مجالد عن عامر عن صله عن حذيفة يقول في الإسلام أربع فتن تسلمهم الرابعة إلى الدنيا الارفاض [6] الظلمة [حدثنا] نعيم حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن عبد الرحمن بن الحسن عن الشعبي عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون في أمتي أربع فتن يكون في الرابعة الفناء وروى انه تكون فتنة يفرج فيها عقول الرجال [حدثنا] نعيم عن حمزة عن ابراهيم بن أبي عبلة قال بلغني أن الساعة تقوم [7] على قوم أخلاقهم أخلاق العصافير [حدثنا] نعيم عن محمد بن الحارث عن ابن السليماني عن أبيه

_ BetP. [1] [2] . يسرون P بن يسيرونB [3] . فيقاتلونكمBetP [4] . من الدنانيرBetP [5] . فيسخطها قل ست [ستةBetP [P llisibledanslems. [6] [7] . تقوم Ms.

عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر صاحبه فيقول لوددت أنّى مكانه لما يلقى من الفتن [حدثنا] نعيم [1] عن [2] أبي ادريس عن أبيه [3] [66] عن أبي هريرة [4] قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول الناس هلاكاً [فارس] [5] ثم العرب على أثرهم وفي رواية معاوية بن صالح عن على بن أبى طالب [6] عن ابن عبّاس رضي الله عنهما فال النجوم أمان لأهل السماء فإذا طمست النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون [7] وأنا [8] أمان لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمان لأمتي فإذا ذهبت أصحابي أتى

_ passageprecedent ,epuislasterisque ,manquedanslbnal -Wardi. [1] [2] . وعنBetP [3] . جدهBetP [4] . رضى الله عنه [عنهماBetP [P Restitued ,apresIbnal -Wardi. [5] [6] . رضى الله عنهBajoute: [7] . توعدونMs. [8] . يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم BetPajoutent:

أمتي [1] ما يوعدون والجبال أمان للأرض [2] فإذا نسفت [3] الجبال أتى أهل الأرض [4] ما يوعدون وقد رواه [5] عطاء عن ابن عباس وسلمة بن الأكوع [6] عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه عبد الله بن المبارك عن محمد بن سوقة عن علي بن أبي طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم [7] أنّه قال لا تقوم الساعة إلا على شرار [8] الخلائق يتسافدون على ظهر الطريق تسافد البهائم يقول أمثلهم لو نحيتموه عن الطريق [9] وأخبر أبو [10] العالية لا تقوم الساعة حتى يمشي إبليس في الطريق [11] والأسواق ويقول [12] حدّثنى فلان

_ deuxfoisdanslems. [1] [2] . لأهل الأرضBetP [3] . انشقتB [4] . أهلهاB [5] . وآه P بن روىB [6] . رضى الله عنهمBetPajoutent: MadquedansBetP. [7] [8] . اشرP ManquedansBetP. [9] [10] . وفي رواية ابى ,BetP ابىMs. [11] . الطرقB [12] . يقول BetP

خروج الترك

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا [1] وقال بعض أهل التفسير في [2] حم عسق أن الحاء حرب [3] والميم ملك بني أمية والعين عباسية والسين سفيانية [4] فمن هذه الفتن [5] ما قد [6] مضى وانقضى [7] ومنها [8] ما هو منتظر، خروج الترك [حدثنا] يعقوب بن يوسف قال حدثنا أبو العباس السراج قال قتيبة [9] بن يعقوب بن عبد الرحمن الاسكندري عن سهيل عن أبي صالح [10] عن أبيه عن أبى هريرة [11]

_ [1] . افتراء وكذباBetPajoutent: [2] . قوله تعالىBetPajoutent: [3] . في آخر الزمانBetPajoutent: [4] . والقاف القيامةBetPajoutent: [5] . ذلكBetP ManquedansBetP. [6] ManquedansBetP. [7] [8] . ومنهB [9] . قتيبةMs. [10] . روى ابو صالحToutcepassage ,upprimedansIbnal -Wardi ,mplaceparcesmots: [11] . رضي الله عنه BetPajoutent:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم [1] الساعة حتى تقاتل المسلمون [2] الترك قوم وجوههم كالمجان المطرقة صغائر [3] الأعين خنس الأنوف يلبسون الشعر ويمسون في الشعر وعن ابن عبّاس رضي الله عنه قال ليكوننّ [4] في ولدى حتّى يغلب عزّهم الحمر الوجوه كالمجانّ المطرقة واختلفت الناس في تأويل هذا الخبر فزعم قوم [5] أن هلاك سلطان بني هاشم على أيدي الأتراك الإسلامية وزعم آخرون أنه يكون على أيدي كفرة الترك ويأخذونه عن الأتراك الإسلامية [6] وقال قوم بل [7] هم أهل الصين يستولون على هذه [8] الأقاليم والله اعلم [9] وسمعت من يزعم أنه مضى وكان يقول مذ دخل تحكّم الماكاني بغداذ ضعف سلطان بنى هاشم،

_ [1] . يقومMs. [2] . يقاتل المسلمينB [3] . صغارBetP [4] . ليكوننMs. ,lcrestemanque. [5] وقيلBetP B] . [6] وهلاك الأتراك الإسلامية] على أيدي كفرة التركBetP [7] . وقيلBetP ManquedansBetP. [8] emanquedansIbnal -Wardi. [9]

الهدة [1] في رمضان وهي من أشراط الساعة

الهدة [1] في رمضان وهي من أشراط الساعة [حدثنا] البيروتي [2] عن الأوزاعي عن عبد الله بن لبانة [3] عن فيروز الديلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يكون [4] هدة في رمضان توقظ النائم وتفزع [5] اليقظان هذا في رواية قتادة [6] وفي رواية الأوزاعيّ يكون صوت في رمضان في نصف من الشهر [7] يصعق فيه سبعون ألفاً ويعمى فيه سبعون ألفاً ويصم سبعون ألفاً [8] ويخرس سبعون ألفاً ويتفلق [9] له سبعون [10] ألف بكر قال ثم [11] يتبعه صوت آخر فالأول صوت جبريل عم [12] والثاني

_ [1] . ذكر الهدّةBetP [2] . العيروتىB [3] . لبانة P بن لبابة B بن لبابةMs. [4] . تكونBetP [5] . ويفز P بن تفزعMs. ManquedansBetP. [6] [7] . في نصف [من [P شهر رمضانBetP ManquedansBetP. [8] [9] . وينفتق P بن وتنفتق B بن يتفلقMs. .corriged ,apresBetP. [10] سبعينMs. [11] . ثم قالP ManquedansBetP. [12]

صوت [1] إبليس عليه اللعنة [2] قال [3] الصوت في رمضان والمعمعة في شوّال وتميّز [4] القبائل في ذي القعدة ويغار على الحاجّ في ذي الحجة والمحرم أوله بلاء وآخره فرح [5] قالوا يا رسول الله من يسلم منه قال من يلزم بيته ويتعوّذ [6] بالسجود وفي رواية قتادة تكون هدة في رمضان ثم يظهر [7] عصابة في شوال ثم تكون معمعة في ذي القعدة ثمّ تسلب [8] الحاجّ في ذي الحجة ثم تنهتك [9] المحارم في المحرم ثم يكون صوت في صفر ثم تتنازع [10] القبائل في شهر ربيع الأول ثم العجب كل العجب بين جمادى ورجب ثم يا فئة مغنية [11] خير من دسكرة تعل [12] مائة ألف،

_ ManquedansP. [1] ManquedansBetP. [2] [3] . وقيلBetP [4] . وتمييزB [5] . فرجB [6] . ويتعوّدP [7] . تظهرBetP [8] . يسلمB (sic) . [9] تنتهكP [10] . يتنازعB [11] . فيه مغنية P بن فئة مغنية B بن يافئة مغنيةMs. ManquedansBetP. [12]

الهاشمي [1] الذي يخرج من خراسان مع الرايات السود [2]

[67] الهاشميّ [1] الّذي يخرج من خراسان مع الرايات السود [2] [حدثنا] يعقوب بن يوسف السجزي حدثنا أبو موسى البغوي حدثنا الحسن بن ابراهيم البياضي بمكة حدثنا حماد الثقفي حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف حدثنا خالد الحذاء [3] عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان [4] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا رأيتم الرايات السود من قبل خراسان فاستقبلوها مشياً على أقدامكم لأن فيها خليفة الله المهدي وفي هذا أخبار كثيرة هذا أحسنها وأولاها إن صحت الرواية [5] وقد روى [6] فيه عن ابن العباس [7] بن [عبد] [8] المطلب أنه قال إذا أقبلت الرايات السود من المشرق توطئون [9] للمهدىّ

_ [1] . ذكر الهاشميBetP ManquedansP. [2] [3] . روى.etestremplacepar الخلداMs. [4] . يونانBetP ,Ms. ManquedansBetP. [5] [6] . وروىBetP [7] . بن عباس P بن عباسB stituedapresBetP. [8] [9] . يوظئون أصحابها P يوطى أصحابها B

سلطانه واختلف الناس في تأويل هذه الأخبار [1] فقال [2] قوم قد نجزت هذه وهو خروج [3] أبي مسلم وهو أول من عقد الرايات السود وسود ثيابه وخرج من خراسان فوطأ لبني هاشم سلطانهم قالوا وهذا كما يقال فتح عمر السواد وقطع الأمير اللص فيضاف إليهم ما كان من فعل غيرهم إذ كان ذلك بأمرهم [4] وقال آخرون بل هو لم يأت بعد [5] وإن أول انبعاث [6] ذلك من قبل الصين [7] من ناحية يقال لها ختن [8] بها طائفة من ولد فاطمة عليها السلم [9] من ظهر الحسين ابن علي [10] ويكون على مقدمته رجل كوسج من تميم يقال

_ ManquedansBetP. [1] [2] . وقالBetP [3] . بخروجBetP ManquedansBetP. [4] [5] . بل هذه لم تأت بعد P بن بل هذه تأتى بعدB [6] . الكوائنBetP [7] . [ذلك [P ملك يخرج من الصينB [8] . خنن P محتنB ManquedansBetP. [9] [10] . رضى الله عنهم BetPajoutent:

[2] خروج السفياني

له شعيب بن صالح مولده بالطالقان مع حكايات وأقاصيص فيها العجائب [1] من القتل والأسر والله أعلم، [2] خروج السفياني في رواية هشام بن الغار [3] عن [4] مكحول عن ابي عبيدة بن الجراح [5] عن رسول الله صلى الله عليه [6] قال لا يزال هذا الأمر قائماً بالقسط حتى يثلمه [7] رجل من بني أمية وفي رواية أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان أن [8] رسول الله صلى الله عليه وسلم [9] ذكر ولد [10] العباس فقال يكون هلاكهم على يدي [11] رجل من أهل بيت هذه وأومى [12] إلى حبيبة [13] بنت أبى سفيان

_ [1] . حكايات كثيرة وأخبار عجيبةBetP [2] . ذكرBetPajoutent: ManquedansBetP. [3] [4] . روى P روى عنB [5] . رضى الله عنهBetPajoutent: [6] . وسلمBetPajoutent: [7] . يتعلمهP [8] . عنBetP [9] . انهBetPajoutent: [10] . من ولدP [11] . يدBetP [12] . واوصى P بن وأومأB [13] . أم حبيبة BetP

وفيما خبر [1] عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه [2] في ذكر الفتن بالشام قال فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد على اثره ليستولي على منبر دمشق فإذا كان ذلك [3] فانتظروا خروج المهدي وقد قال بعض الناس أن هذا قد مضى وذلك خروج زياد بن عبد الله بن خالد بن يزيد ابن معاوية بن أبي سفيان بحلب وبيضوا ثيابهم وأعلامهم وادّعوا الخلافة فبعث أبو العباس عبد الله [بن محمد] بن علي بن عبد الله بن عبّاس أبا جعفر إليهم فاصطلموهم عن آخرهم ويزعم آخرون أن لهذا الموعود شاباً وصفه لم يوجد لزياد بن عبد الله ثم ذكروا أنه مع [4] ولد يزيد بن معاوية عليهما اللعنة [5] بوجهه [6] آثار الجدرىّ وبعينه نكتة [7] بياض يخرج من ناحية دمشق

_ [1] . ومما خبر P ومما أخبرB [2] . رضى الله عنهBetP ManquedansBetP. [3] [4] . ثم ذكر السفياني وأنه منdemanquedansBetP ,tremplaceparceci: ManquedansBetP. [5] [6] . بوجهMs. [7] . فكتة، P نقطة B

ويثيب [1] خيله وسراياه في البر والبحر فيبقرون بطون الحبالى وينشرون الناس بالمناشير [2] ويطبخونهم [3] في القدور ويبعث جيشاً له إلى المدينة فيقتلون ويأسرون ويحرقون ثم ينبشون [4] عن [قبر] [5] النبي صلى الله عليه وسلم وقبر فاطمة رضي الله عنها ثم يقتلون كل من [6] اسمه محمد وفاطمة ويصلبونهم على باب المسجد فعند ذلك يشتد غضب الله عليهم [7] فيخسف بهم الأرض وذلك قوله تعالى وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا من مَكانٍ قَرِيبٍ 34: 51 أي من تحت أقدامهم وفي خبر آخر إنهم يخربون المدينة حتّى لا يبقى رائح ولا سارح [67] وروى أن [8] النبي صلى الله عليه وسلم [9] قال ليتركنّ [10] المدينة

_ [1] . ويبث P بن ويبعثB [2] . ويحرقونBetPajoutent: [3] . ويطبخون الناسBetP [4] . بتنونBetPMs. stituedapresBetP. [5] [6] . كانBajoutent: [7] . عليهم غضب الجبارBetP [8] . عنBetP [9] . انهBetPajoutent: [10] . لتتركن BetP

أحسن [1] ما كانت حتّى يجيء الكلب فيشغر على سارية المسجد قالوا فلمن تكون الثمار يومئذ [2] يا رسول الله قال لعوافي السباع والطير قالوا في الخبر [3] ثم تسير خيل [4] السفيانىّ تريد مكة [5] تنتهي إلى موضع يقال له بيداء فينادي مناد من السماء يا بيداء بيدي [6] بهم فيخسف بهم فلا ينجو منهم إلّا رجلان من كلب يقلب [7] وجوههما [8] في أقفيتهما يمشيان القهقرى على أعقابهما حتى يأتيا السفياني فيخبرا به [9] ويأتى البشير [10] المهدي [11] وهو بمكّة فيخرج معه اثنا عشر ألفاً فهم [12] الأبدال والأعلام حتّى ياتى

_ [1] . كأحسن ,BetP كذي في الأصلNotemarginale: ManquedansP. [2] ManquedansBetP. [3] [4] . سريةBetP [5] . حتىBetPajoutent: [6] . أبدىP [7] . تقلبBetP [8] . وجوههمP [9] . فيخبرانهBetP ManquedansBetP. [10] [11] . للمهديBetP. [12] . فيهم BetP

[7] خروج المهدى

المباء [1] فيأسر [2] السفياني ويغير على كلب لأنهم تباعه [3] ويسبى نساءهم قالوا فالخائب يومئذ من خاب [4] عن غنائم كلب كذا الرواية مع حشو [5] كثير ومحالات مردودة والله أعلم بما روى [6] ، [7] خروج المهدي قد روي فيه روايات مختلفة وأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن علي وابن عباس [8] وغيرهم إلا أنّ فيها نظرا وكذلك كلّ ما يروونه من حادثات الكوائن إلا أنها نسوقها كما جاءت [9] وأحسن ما جاء في هذا الباب خبر أبي بكر بن عياش عن عاصم بن ذر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تذهب الدنيا حتى يلي [10] أمتي رجل من أهل

_ [1] . المبآهBetP [2] . فيسارP [3] . لا اتباعه P بن اتباعهB [4] . غابBetP (sic) . [5] كرام P بن كلامB [6] . والله اعلمManquedansP ;Bn ,aque [7] . ذكرBetPajoutent: [8] . رضى الله عنهمBetPajoutent: ManquedansBetP. [9] [10] . يلي على P بن ياتى على B

بيتي يواطئ اسمه اسمي وفي رواية أخرى لو لم يبق من الدنيا إلا عصر لبعث الله رجلاً من أهل بيتي [1] يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورا ليس فيه يواطئنى اسمه [2] وللشيعة فيه أشعار كثيرة وأسطار [3] بعيدة وقد حدثني أحمد بن محمد بن الحجاج المعروف بالسجزي بالشيرجان سنة خمسة وعشرين وثلاثمائة قال حدثنا محمد بن أحمد بن راشد الأصفهاني حدثني يونس بن عبد الله [4] الأعلى الشافعيّ [5] حدثني محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس رضي الله عنه قال لا يزداد الأمر إلا شدة ولا الدنيا إلا إدباراً ولا الناس إلا شحاً ولا تقوم الناس إلا على شرار الناس ولا مهدي إلا عيسى بن مريم ثم اختلف من أثبت الخبر الأول فقال بعضهم هو كان علي بن أبي طالب عم وتأولوا عليه قوله وجدتموه هادياً مهدياً وزعم قوم أنه كان المهدي محمد بن أبي جعفر لقبه المهدي واسمه محمد وهو من

_ ManquedansBetP. [1] [2] . [تواطى [P تواطؤ اسمه اسمىBetP [3] . اسقابP [4] . كذا في الأصلNotemarginale: Idem. [5]

أهل البيت ولم يأل جهداً في إظهار العدل ونفى الجور وقيل لطاوس هو المهدي الذي سمع به يعنى عمر بن عبد العزيز قال لا إن هذا لا يستكمل العدل وإن ذاك يستكمله وأنكرت الشيعة أن يكون إلا من ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثم اختلفوا فقالوا هو محمد بن الحنفية لم يمت وسيعود حتى يسوق العرب بعصاً واحدة واحتجوا بأن علياً دفع إليه الراية يوم الجمل وقال قوم يكون من ولد حسين بن علي رضوان الله عليهما من بطن فاطمة رضي الله عنها لأنه جاهد في طلب الحق حتى استشهد وقال آخرون بل يكون من ولد الحسن [1] عم ثمّ اختلفوا في حليته وهيأته فقال بعضهم يكون ابن أمة أسمر العينين براق الثنايا في خده خال وقال قوم مولده بالمدينة ومخرجه بمكة يبايع بين الصفا والمروة وزعم آخرون أنه يخرج من الموت ومن ثم سموا بنو إدريس قيروان المهديّة طمعا في أن يكون منهم قالوا [2]

_ [1] . الحسينMs. .sparnotrecopiste. [2] ومن حلية المهدي أنه أسمر [اللون كث اللحية أكحل] العينين براق الثنايا في خده خال supprimeparIbnal -Wardi ,esdAmirbenAmirel -Bacri ,etn ,ecesquelquesmots:

خروج [8] القحطاني

ورفع [1] الجور عن أهل الأرض ويفيض المعدلة عليهم [2] ويسوي بين الضعيف والقوي [3] ويبلغ الإسلام مشارق الأرض [68] ومغاربها ويفتح القسطنطينية ولا يبقى أحد في الأرض إلا دخل [4] الإسلام أو أدى الفدية [5] وعند ذلك يتم وعد الله [6] لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ 9: 33 واختلفوا في مدة عمره فقيل يعيش سبع سنين وقيل تسعاً وقيل عشرين وقيل أربعين وقيل سبعين [7] ، خروج [8] القحطاني في رواية عبد الرزاق عن معمر عن أبي قريب [9] عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لا تقوم الساعة حتى يقفل [10] القافل [11] من رومية ولا تقوم

_ [1] . يرفعBetP [2] . على الخلقBetP [3] . في الحقBetPajoutent: [4] . فيBetPajoutent: [5] . الجزيةBetP [6] . لهPajoute: [7] . والله اعلمBajoute: [8] . ذكر خروجBetP [9] . روىManquedansBetP ,quiontsimplement: [10] . تقفلMs. ,BetP [11] . القوافل BetP

فتح قسطنطينية [7]

الساعة حتى يسوق [1] الناس رجل من قحطان واختلفوا فيه من هو فروي عن ابن سيرين أنه قال القحطاني رجل صالح وهو الذي يصلى خلفه عيسى وهو المهدي وروي عن كعب أنه قال يموت المهدي ويبايع [2] بعده القحطاني وروي عن عبد الله بن عمر [3] أنه قال رجل يخرج بعد [4] ولد العباس [5] ولما خرج عبد الرحمن بن الأشعث على الحجاج يسمى بالقحطاني [6] وكتب إلى العمال من عبد الرحمن ناصر أمير المؤمنين فقيل له إنّ اسم القحطانيّ على ثلاثة أحرف فقال اسمي عبد وليس الرحمن من اسمي فدل أن هذا القحطاني كان مشهوراً عندهم وقد قال كعب ما هو بدون المهدي في العدل، فتح قسطنطينية [7] روينا عن أسباط عن السري [8] في قوله

_ [1] . يسوقMs. [2] . الناسBajoute: [3] . رضى الله عنهماBetPajoutent: [4] . منBetP eManquedansIbnal -Wardi. [5] [6] . بالقحطانMs. [7] . ذكر فتح القسطنطينيةBetP [8] . عن السري P بن روى عن السدي B

عز وجل لَهُمْ في الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ في الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ 2: 114 قال فتح قسطنطينية [1] وبعض المفسرين يفسرون [2] آلم غُلِبَتِ الرُّومُ 30: 1- 2 على هذا [3] أنه كائن [4] وذكروا [5] أنه يباع [6] الفرس من لا [؟] ها [7] بدرهم ويقتسمون الدنانير بالجحف قالوا وبين فتح قسطنطينية [8] وخروج الدجال سبع سنين فبينا هم [9] كذلك إذ جاء [10] الصريخ أن الدجال [11] في داركم قال فيرفضون ما في أيديهم [12] وينفرون إليه [13] ،

_ [1] . وخروج الدجالBetPajoutent: [2] . ذهب في تفسيرBetP [3] . وهم منManquedansB ;P [4] . وعنى به فتح قسطنطينيّةBetPajoutent: [5] . وذكرB [6] . تباعB ManquedansB. [7] ManquedansP. [8] [9] . فبينا همBetP [10] . جاءهمB [11] . قد خلفكمBetPajoutent: [12] . من ذلكBetPajoutent: [13] . وهي كذابة BetPajoutent:

خروج [1] الدجال

خروج [1] الدجال الأخبار الصحيحة متواترة بخروجه بلا شك [2] وإنما الاختلاف في صفته وهيأته قالوا [3] قوم هو صائف بن صائد اليهودي عليه اللعنة [4] ولد عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أحياناً يربوا [5] في مهده وينتفخ في بيته حتى يملأ بيته فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فأتاه في نفر من أصحابه فلما نظر إليه عرفه فدعا الله سبحانه وتعالى فرفعه إلى جزيرة من جزائر البحر إلى وقت خروجه وفي رواية أخرى أن المسيح الدجال قد أكل الطعام ومشى في الأسواق وروي أن اسمه عبد الله [6] وهو يلعب مع الصبيان فقال ابن صياد أتشهد [7] أني رسول الله فقال له النبي أشهد أني رسول الله فقال ابن صياد أتشهد [7] أني رسول الله

_ [1] . ذكر خروجBetP [2] . ولا ريبBetPajoutent: [3] . وقال P بن قالB ManquedansBetP. [4] [5] . يزفوBetP ;Ms. ,Pn cinqderniersmots. [6] وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهssageestremplace ,dansB ,parcesmots [7] . اشهد B

فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني [1] قد خبأت لك خبئاً قال ما هو قال هو [2] الدخ يعني الدخان فقال [3] النبي صلى الله عليه وسلم أخسأ ولن [4] تعدو قدرك [5] قال عمر [6] أئذن لي فأضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه دعه [7] فإن يكنه [8] فلن [9] تسلط عليه [10] وإلا يكنه [11] فلا خير [12] في قتله [13] ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاختطف [14] وجاء في الحديث أنّه اغمّ جفال الشعر بمكتوب [15]

_ ManquedansB ;toutcepassage ,depuisl asterisque ,ManquedansP. [1] ManquedansBetP. [2] [3] . لهBetPajoutent: [4] . فلنB [5] . وقتك P بن طوركB [6] . رضى الله عنهBetPajoutent: ManquedansB. [7] ,ManquedansP. [8] ان يكنه ,B فإنه نكتةMs. [9] . فلاP [10] . كذا في الأصلNotemarginale: ,ManquedansP. [11] وان لا يكنهB [12] . لكBajoute: [13] . كذا في الأصل ,notemarginale: قتلهMs. [14] . فاختلفP [15] . مكتوب BetP

بين عينيه ك ف ر يقرأه كل أحد كاتب وغير كاتب واختلفوا في [1] مخرجه فقال قوم يخرج من أرض كوثي [2] بالكوفة [3] واختلفوا في من يتبعه [4] قال قوم يتبعه اليهود والنساء [5] والأعراب وأولاد الموسومات [6] واختلفوا في العجائب التي تظهر على يديه فقال قوم يسير حيث سار معه جنة ونار فجنته نار وناره جنة وإنه [7] يدعى أنه رب الخلائق فيأمر السماء فتمطر ويأمر الأرض فتنبت ويبعث الشياطين في صورة [8] الموتى [9] ويقتل رجلاً ثم يحييه فيفتتن الناس [68] ويؤمنون به ويبايعونه قالوا ولا يسخر له [10] من الدواب إلا الحمار واختلفوا في هيئة

_ [1] . موضعBetPajoutent: [2] . كوتىMs. [3] من المشرق من ارض خراسان وقالت طائفة يخرج من يهود BetP أصفهان وقال قوم يخرج من أرض الكوفة. [4] . اتباعهBetP [5] . قالوا النساءBetP [6] . والموسومات وأولادهنBetP ManquedansBetP. [7] [8] . صورBetP [9] . موتىP [10] . يتبعه BetP

حماره فقيل [1] ما بين أذني حماره اثني عشر شبراً وقيل أربعون ذراعاً تظل [2] إحدى أذنيه سبعين ألفا [3] وخطوه مسير [4] ثلاثة أيّام فيبلغ [5] كلّ منهل الا اربعة مساجد مسجد [6] الحرام ومسجد الرسول [7] ومسجد الأقصى ومسجد الطور ويمكث أربعين صباحاً يقصد [8] بيت المقدس وقد اجتمع الناس لقتالهم [9] فعمّهم [10] ضبابة من غمام ثم ينكشف [11] عنهم مع الصبح فيرون عيسى بن مريم [12] قد نزل على ضرب [13] من ظراب بيت المقدس [14] فيقتل الدجّال،

_ [1] . فقال P بن فقالواB [2] . تطلBetP ;Ms. [3] . رجلاB [4] . وخطوته مسيرة P بن وخطوته مدى البصرB [5] . يبلغ P بن ويبلغB [6] . اللهBetPajoutent: [7] . عليه أفضل الصلاة والسلام P بن عليه الصلاة والسلامB ajoutent: [8] . ويقصدBetP [9] . لقتاله P بن بقتاله.B [10] فتعمهمBetP [11] . تنكشفB [12] . عليه السلامBajoute: [13] . كذا وجدتNotemarginale: [14] . المنارة البيضاء في جامع بنى أمية B

نزول [1] عيسى عليه [2] السلم

نزول [1] عيسى عليه [2] السلم المسلمون لا يختلفون في نزول عيسى عم آخر الزمان وقد قيل في قوله تعالى وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها 43: 61 أنه نزوله [3] وجاء [4] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن عيسى نازل فيكم وهو خليفتي عليكم فمن أدركه فليقرئ به [5] سلامي فإنه يقتل الخنزير ويكسر الصليب ويحج في سبعين ألفاً فيهم أصحاب الكهف فإنهم يحجون ويتزوج امرأة من يزد [6] ويذهب [7] البغضاء والشحناء والتحاسد وتعود الأرض إلى هيأتها [8] على عهد آدم [9] حتى يترك المقلاص [10] فلا يسعى عليها [11] أحد

_ [1] . ذكر نزولBetP [2] . بن مريم عليهماBetP [3] . نزول عيسىBetP [4] . في الحديثBetPajoutent: [5] . فليقريه، P فليقرئهB [6] . الأزد BetP بن نردMs. [7] . تذهبP [8] . وبركاتهاBetP ajoutent: [9] . عليه السلامBetP ajoutent: [10] . تترك القلاصBetP [11] . اليها B

وترى [1] الغنم مع الذئب ويلعب [2] الصبيان مع الحيات فلا تضرهم ويلقى [3] الأرض في زمانه حتّى لا تقرض الفأرة [4] جرابا وحتى يدعى الرجل إلى المال فلا يقبله ويشبع [5] الرمّانة السكن [6] قال [7] وينزل عيسى [8] في [9] يده مشقص [10] فيقتل به الدجال وقيل إذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الرصاص واتبعهم المسلمون يقتلونهم فيقول الحجر والشجر يا مسلم [11] هذا يهودي خلفي إلا الغرقد من شجر [12] اليهود قال [13] ويمكث عيسى [14] أربعين

_ [1] . ترعىBetP [2] . وتلعبB [3] . الله العدل في PetBajoutent: ويكفىP [4] . فأرةBetP [5] . وتشبعBetP [6] . أهل الدار بأجمعهمGlosemarginale: [7] . قالواBetP [8] . عليه السلامB [9] . وفيBetP [10] . مشقضMs. ManquedansBetP. [11] [12] . سجرMs. [13] . قالواBetP [14] . عليه السلام Bajoute:

بقية خبر الدجال

سنة ويقال ثلاثا وثلاثين [1] ويصلي خلف المهدي ثم يخرج يأجوج ومأجوج، بقية خبر الدجال في رواية سفيان عن مجالد عن الشعبي [2] عن فاطمة بنت قيس قال [3] خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر الظهيرة فخطبنا فقال إني لم أجمعكم لرغبة ولا لرهبة ولكن لحديث حدثنيه تميم الداري [4] منعني سروره [5] القائلة حدثني [6] أن نفراً من قومه أقبلوا [7] في البحر فأصابتهم ريح عاصف وألجأتهم [8] إلى جزيرة فإذاهم بدابة قالوا لها ما أنت [9] الجساسة قلنا اخبرينا الخبر قالت إن أردتم الخبر فعليكم بهذا

_ [1] . سنةBetPajoutent: ManquedansBetP. [2] [3] . قالتBetP [4] . الدارP [5] . سرورBetP [6] . حتىP [7] . ركبواBetP [8] . الجاتهمBetP [9] . قالت أنا BetP

الدير فإن فيه رجلاً بالأشواق إليكم قالوا [1] فأتيناه فقال إني بعيم [2] فأخبرناه فقال ما فعلت بحيرة طبريّة قلنا تدفق بين جانبها [3] قال ما فعلت [4] نخل عمان وبيسان [5] قلنا يجتنيها [6] أهلها قال فما فعلت عين زغر [7] قلنا يشرب منها أهلها قال [8] فلو يبست هذه نقذت [9] من وثاقي فوطئت قدمي [10] كل منهل إلا المدينة ومكة [11] وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فقال ما كانت [12] بين خلق آدم إلى قيام الساعة فتنة أعظم من الدجّال

_ ManquedansBetP. [1] .ManquedansBetP. [2] بغيمMs. B] . [3] الماء] من جانبيهاBetP [4] . فعلBetP [5] . وبلسانBetP ;Ms. [6] . يجنيهاBetP [7] . زعرBetP ;Ms. [8] . قالواBetP ;Ms. [9] . نفذتBetP [10] . ثم وطيت بقدميBetP [11] . مكة والمدينةBetP ManquedansBetP. [12]

وقال إنه لم يكن نبي إلا أنذر [1] قومه بالدجال [2] ووصفه فقال إنه [3] قد بين لي ما لم يبين لأحد أنه أعور كيت وكيت فإن خرج وأنا فيكم فأنا حجتكم وإن لم يخرج إلا بعدي فاللَّه خليفتي عليكم فما اشتبه عليكم فاعلموا أن ربكم ليس بأعور والدجال يسميه [4] اليهود موشح كوايل [5] ويزعمون أنه من نسل داود وأنه يملك الأرض ويرد الملك إلى بني إسرائيل فيهود [6] [9] أهل الأرض كلهم وسمعت المجوس يذكرون واحداً منهم يخرج فيرد الملك إليهم فقد صار هذا الأمر مشتركاً متنازعاً فيه بقي الاعتماد على أصدق الأخبار وأصحها وذلك ما روى عن كتب الله ورسله من غير تحريف ولا تبديل فالذي هو ممكن جائز من هذه الصفة خروج رجل مخالف للإسلام مفسد فيه وأما سائر ما ذكر فموكول إلى علم الله لأنّه قد

_ [1] . نذرB ;Ms. [2] . فتنة الدجالBetP [3] . وانهBetP [4] . تسميهBetP [5] . موشيح كوايل، P مواطيح كوائيلB [6] . فيتهودوا، P فيتهود B

بقية خبر عيسى عليه السلام

جاء أنه قد قال إن بين يدي الساعة ثلاثين دجالاً فأقل ما في هذا الباب أن يكون كأحد هؤلاء [1] ، بقية خبر عيسى عليه السلام قال بعض المفسرين في قوله تعالى وَإِنْ من أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ به قَبْلَ مَوْتِهِ 4: 159 إنه عند نزوله [2] وقد قال الله [3] عز وجل بَلْ رَفَعَهُ الله إِلَيْهِ 4: 158 ... وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ [4] وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ 4: 157 ولا يختلف أهل الكتاب أنه جاء احتجوا بأنه مكتوب في كتب الأنبياء للاثنى عشر إني موجه إليكم النبي قبل مجيء الرب وفي كتاب شعيا يا بيت اللحم منك يخرج الصدّيق المخلص يكون الصدق على هميانه والحقّ على حقوبه يسكن الذئب مع الخروف [5] ويلعب الصبي مع الأفاعي الصماء وعيسى عندكم مسيح والدجال مسيح وهما مسيحان وفي زمانه يخرج يأجوج ومأجوج قالوا ويكون

_ afinduparagraphe ,depuisl asterisque ,manquedansBetP. [1] [2] عند نزول عيسى.B كذا في الأصل etnotemarginale: بن عيد نزولهMs. [3] . وقالBetP lesdeuxcitations. [4] [5] . الحروف Ms.

طلوع [10] الشمس من مغربها

من ولد شعيا بن افرائيم [1] ثم اختلف المتأوّلون له فقال أكثرهم [2] هو عيسى عم بعينه يرد إلى الدنيا وقالت فرقة نزول عيسى خروج رجل شبيه بعيسى [3] في الفضل والشرف كما يقال للرجل الخير هو [4] ملك وللشرير هو [4] شيطان يراد به التشبيه [5] لا [6] الأعيان وقال قوم يرد [7] روحه في رجل يسمى [8] عيسى [9] والله أعلم، طلوع [10] الشمس من مغربها قال بعض المفسرين في قوله تعالى يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ من قَبْلُ 6: 158

_ .Toutcepassage ,depuisl asterisque ,manquedansBetP. [1] افرائيمMs. [2] . وأحقهم بالتصديقBetPajoutent: [3] . يشبه عيسىBetP ManquedansBetP. [4] [5] . تشبيها بهماBetP [6] . ولا يرادBetP [7] . تردBetP [8] . اسمهBetP [9] . والآخران ليسا بشيءBetPajoutent: [10] . ذكر طلوع BetP

أنه [1] طلوع الشمس من مغربها وروينا عن أبي هريرة [2] أنه قال ثلاث إذا خرجت لم [3] ينفع [4] نفساً إيمانها طلوع الشمس من مغربها والدابّة والدجّال قالوا [5] في صفة طلوعها [6] أنه إذا كانت الليلة التي تطلع الشمس في صبحتها [7] من مغربها حبست فيكون [8] تلك الليلة قدر ثلاث ليال قالوا فيقرأ الرجل جزءه [9] وينام [10] ويستيقظ والنجوم راكدة والليلة كما هي فيقول بعضهم لبعض هل رأيتم مثل هذه الليلة قط ثم تطلع الشمس من مغربها كأنها علم أسود حتى تتوسّط في [11] السماء

_ [1] . قيل هوBetP [2] . رضى الله عنهBetP [3] . لاBetP [4] . تنفعP [5] . وقالواBetP [6] . من مغربهاBetPajoutent: [7] . صبيحتهاBetP [8] . فتكونBetP [9] . جزؤهMs. [10] . ثم ينامB ManquedansBetP. [11]

خروج دابة الأرض [6]

ثم تعود بعد ذلك فتجري في مجراها الذي [1] كانت تجري فيه وقد أغلق باب التوبة إلى يوم القيامة وروى عن على أنه قال فتطلع [2] بعد ذلك من مشرقها عشرين ومائة [3] سنة لكنها سنون قصار السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كالساعة وكان كثير من الصحابة يترصدون الشمس [4] منهم حذيفة بن اليمان [5] وبلال وعائشة رضي الله عنهم، خروج دابّة الأرض [6] قال الله عزّ وجل وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً من الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ 27: 82 قال كثير من أهل الأخبار [7] إنها دابة [8] ذات وبر وريش وزغب وفيها [9] من كل لون ولها أربع قوائم رأسها رأس ثور وآذانها

_ [1] . التيB [2] . فيطلع Ms. بن تطلعP ;B [3] . مائة وعشرون P بن مائة وعشرينB [4] . طلوع الشمس من مغربهاB [5] . اليمانيP [6] . ذكر خروج الدابةBetP [7] . العلم [العلوم [P بالاخبارB ManquedansBetP. [8] [9] . فيها BetP

أذن [1] فيل وقرنها قرن [2] إيل وعنقها عنق نعامة وصدرها صدر أسد وقوائمها قوائم بعير ومعها عصى موسى وخاتم سليمان [69] ويرتفع إلى السماء [3] فلا يعرف أحد باسمه وهو يجلو [4] وجه المؤمن بالعصا فيبيض ويختم على أنف الكافر فيغشو [5] السواد فيه فيقال يا مؤمن ويا كافر [6] وروى عن عبد الله بن عمر [7] أنه [8] قال هي الدابة الغلباء [9] التي أخبر التميم [10] الداري عنها وعن الحسن [11] قال سأل موسى عم [12] ربّه أن يريه

_ [1] . آذانBetP [2] . وقرونها قرونBetP [3] . وترتفع الأسماء P بن وترفع الأسماءB [4] . وهي تجلوB [5] . فيفشوB opulemanquedansB. [6] [7] . رضى الله عنهماBetPajoutent: ManquedansBetP. [8] ,manquedansBetP. [9] العلباءMs. [10] . تميمBetP [11] . انهBetPajoutent: ManquedansBetP. [12]

الدابة فخرجت ثلاث [1] أيام لم يدر أي طرفها [2] فقال [3] يا ربّ ردها ردها [4] ويقال أنها تخرج بأجناد [5] في عقب [6] الحاج والله أعلم [7] تسير بالنهار وتقف بالليل يراها كل قائم وقاعد وأنها لا تدخل [8] المسجد [9] وقد عاذ به المنافقون فتقول [10] أترون المسجد ينجيكم مني هلا كان بالأمس [11] هذا قول الظاهر ولعمري ما خروج مثل هذه الدابة ولا طلوع الشمس من مغربها أو من أي ناحية من نواحي السماء كانت على الله بعزيز ولا هي أصعب وأعسر من إبداعها نفسها ووضعها على مجراها التي تجرى فيه

_ [1] . ثلاثةBetP [2] . خرجBetPajoutent: [3] . موسىBetPajoutent: [4] . ردّ هذا المتاع النفيس الى مكانه لا حاجة لنا فيه [بنا اليهBet P [P [5] . بجمادين P بن بأجنادينB [6] . عقيب P بن عقبB ManquedansBetP. [7] [8] . لتدخلBetP [9] . للمسجدP [10] . فتقولMs. tedeceparagraphe. [11] والله اعلم BetPajoutent:

ولا طلوعها من مغربها أعجب من نقض [1] بنيتها ومحو صورتها واستلاب ضوءها وهدم مسيرها وكلّ ذلك قد قامت الدلائل على جواز [هـ] بحلول هذه الآفات والبلايا مع فناء العالم بأسره وعدم عينه بعد وجوده ويذهب قوم ممن أنكروا حدث العالم وانتقاضه إلى أن طلوع الشمس من مغربها ظهور سلطان ثم يستولي على الأرض ويقهر كل سلطان دونه وهذا محال لا تجيزه العقول للَّه بوجه من الوجوه وسبب من الأسباب أن يكون في قوة أحد من الناس أو عمره أو مبلغه أو يتناول مشارق الأرض ومغاربها ويعطيه أهلها الطاعة والانقياد وينفذ فيها أمره وحكمه أن الإنسان الواحد وإن طال عمره وامتدت أيامه لم يقطع العالم كله ولا نصفه ولا بعضه وأن الذي يذكر من الملوك الذين أحاطوا بالأرض هو شيء من جهة الخبر وما يذكر من أمر سليمان عم معجزة له لا يخبر مثلها هذا الخصم المخالف لنا فإذا بطل ما قلناه وجب أن طلوعها من مغربها كطلوعها من مشرقها أو ينكر ذلك لتكلم على إثباته من جهته وطريقه فهذا يقع في باب صدق الأنبياء

_ [1] . نقص Ms.

وإن التجأ [1] إلى أن هذا وما أشبهه خارج عن العادة اضطر إلى إيجاده وما أشبهه من غير مجانسة له خارج عن العادة حتى ينكشف في الحال أمره عن التعطيل والإلحاد ويعود القول في إثبات البارئ وإحداث العالم ولهذا ما اشترط في غير موضع في هذا الكتاب التحفّظ لهذه المسألة والتمرن عليها لأنها القاعدة الموطودة والعمدة الموثوق بها وأما الدابة فهو اسم يقع على ما دب ودرج من أجناس الحيوان من إنسان وسبع وبهيمة وطائر وهامة وقال الله تعالى وَالله خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ من ماءٍ 24: 45 فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع وقال ما من دَابَّةٍ في الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى الله رِزْقُها 11: 6 وقال إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ الله الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ 8: 22 فلم يرد هاهنا إلا الناس خاصة فلو قال قائل إنها كناية عن إنسان أو ملك لكان قولاً محتملاً هذا إذا لم يصح ما روى في الخبر من صفاتها ونعوتها كما ذكرنا فإما إن صح الخبر فليس إلا إتباعه وقد سمعت من يقول معنى الدابة العلامة يظهر الله كلامه كيف شاء يعجزهم بها وروى أن علياً صلوات الله

_ [1] . ل [؟] أو Ms.

ذكر الدخان

عليه وسلامه قال [70] أنا دابة الأرض أنا كذا أنا كذا والله أعلم وقيل عبد الله بن الزبير دابة الأرض، ذكر الدخان قال تعالى [1] فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ 44: 10 وروى عن الحسن [2] قال يجيء دخان [3] فيملاً ما بين السماء والأرض حتى لا يدري شرق ولا غرب [4] ويأخذ الكافر [5] فيخرج من مسامعه [6] ويكون على المؤمنين [7] كهيئة الزكمة ثم يكشف الله عنهم [8] بعد ثلاثة أيام وذلك قدام [9] الساعة وأكثر أهل التأويل على أنه [10] الجوع الذي أصابهم في أيام [11] النبي صلى الله عليه وسلم،

_ [1] . قال الله عزّ وجلّBetP [2] . انه ,Pajoute: رضى الله عنهBetPajoutent: [3] . الدخانP [4] . شرقا وغرباP [5] . الكفارBetP [6] . مسامعهمBetP [7] . المؤمنBetP [8] . عزّ وجلّBetP [9] . بين يديBetP [10] . هوBetPajoutent: [11] . زمن BetP

خروج [1] يأجوج ومأجوج

خروج [1] يأجوج ومأجوج قال الله تعالى [2] فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ [3] وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا 18: 98 وجاء في الأخبار من صفاتهم وعددهم ما الله به عليم ولا يختلفون [4] أنهم في [5] مشارق الأرض [6] وروى عن [7] مكحول أنه قال المسكون من الارض مسيرة مائة عام وثمانون [8] منها ليأجوج ومأجوج [9] أمتان في [10] كل أمة أربع مائة ألف أمة لا تشبه [11] أمة أخرى [12] وعن الزهرى أنهم [13] ثلاث أمم منسك وتاويل وتدريس فصنف

_ [1] . في ذكر خروج P بن ذكر خروجB [2] . عز وجلBetP [3] . يعنى السدtationetajoutent: [4] . في، B في كونPajoute: [5] . بينBetP [6] . وشمالها P بن وشماليهاPajoute: ManquedansP. [7] [8] . ثمانونBetP [9] . وعشرة للسودان وعشرة لبقية الأممBetPajoutent: ManquedansB. [10] [11] . لا يشبهMs [12] . امة امة الأخرى P بن الأخرىB [13] . انهما B

منهم مثال [1] الأرز [2] والشجر الطوال [3] وصنف منهم عرض أحدهم وطوله سواء [4] وصنف منهم يفترش إحدى أذنيه ويلتحف [5] بالأخرى وروى أن طول أحدهم شبر وأكثر [6] ويكون خروجهم بعد قتل عيسى الدجال وإذا جاء الوقت جعل الله السد دكاً كما ذكر [7] فيخرجون [8] وروى أنهم تكون [9] مقدمتهم بالشام وساقتهم [10] ببلخ قالوا [11] فيأتي أولهم البحيرة ويشربون [12] ماءها ويأتي أوسطهم فيلحسون ما فيها [13] ويأتى آخرهم

_ [1] . كأمثالBetP ,manquedansBetP. [2] الاررMs. [3] . من الأرض P بن من الارزB [4] . بالسواءBetP [5] . ويلتحقP [6] . وأكبرBetP [7] . ذكره عز وجل في كتابهBetP [8] . وينتشرون في الأرضBetPajoutent: [9] . يكون P بن يكون أولB [10] وساقيهمP [11] . قالBetP [12] . فيشربونBetP [13] . من النداوة BetPajoutent:

فيقول [1] لقد كان هنا [2] مرة ماء ويكون مكثهم في الأرض سبع سنين ثم يقولون قد قهرنا أهل الأرض فهل [3] نقاتل ساكن [4] السماء فيرمون بنشابهم [5] فيردها الله مخضبة دماً [6] فيقولون قد فرغنا من أهل السماء فيرسل الله عليهم النغف [7] في رقابهم فيصبحون موتى ويسكر عليهم الدواب داخس ما سكرت من شيء [8] ثم يرسل الله عليهم السماء فتجرفهم إلى البحر وفي رواية كعب أنهم ينقرون السد بمناقيرهم كل يوم فيعودون [9] وقد عاد كما [10] كان حتى إذا بلغ الأمر الغاية [11]

_ [1] . فيقولونBetP [2] . هاهنا P بن هاهناB [3] . فهلمواBetP [4] . نقلقل سكانB [5] . نحو السماءBetPajoutent: [6] . عليهم ملطخة بدمBetP ,corr.d apresIbnal -Wardi. [7] النعفMs. manquedansBetP. [8] [9] . من الغدا P بن من الغدB [10] . لماB [11] . الأجل المعلوم BetP

ألقى [1] على لسان أحدهم إن شاء الله فيخرجون حينئذ وروى أنهم يلحسونها [2] وقالوا في صفاتهم أن منهم من يفترش أذنه ومنهم من طوله وعرضه سواء ومنهم من كالارزة الطويلة ومنهم من له [3] أربع [4] أعين عينان في رأسه وعينان في صدره ومنهم من له رجل واحدة ينقز نقز الظباء [5] ومنهم من هو ملبس شعراً كالبهائم ومنهم من يأكل الناس ومنهم [من] لا يشرب غير الدم شيئاً [6] ولا يموت الرجل [7] منهم حتى يرى لصلبه ألف عين تطرف [8] وفي التوراة مكتوب أن يأجوج ومأجوج يخرجون في أيام المسيح ويقولون أنّ بنى إسرائيل أصحاب

_ [1] . القى اللهBetP [2] . يلحسون السدBetP [3] . وقيل ان فيهم طائفة لكل [كل [P. منهمBetP [4] . اربعةBetP [5] . ينقر بها نقرا P بن يقفز بها قفزاB [6] ومن طوائفهم [طوائفها [P طائفة لا تأكل الا لحوم الناس BetP ولا تشرب الا الدماء. [7] . الواحدBetP [8] . بطرف Ms.

أموال وأوان كثيرة فيقصدون أوريشلم [1] وينتهبون نصف القرية [2] ويسلم النصف الآخر ويرسل الله عليهم صيحة فيموتون عن آخرهم ويصيب بني [3] إسرائيل من أواني [4] عسكرهم ما يستغنون [5] سبع سنين عن الحطب هذا [6] المقدار من حديثهم في كتاب زكريّا عم فأما ما رويناه والله أعلم بحقها وباطلها ولا تختلف الناس أن يأجوج ومأجوج أمم من مشارق الأرض وجائز أن يرث أرض قوم ويستولون عليها دونهم فروى الربيع عن أبي العالية قال يأجوج ومأجوج رجلان وقيل هو الترك والديلم فهذا ما لا ينكره القلوب وأمّا سائر الصفات فممرّ على وجهه [7] قالوا [8]

_ [1] . أوريسلمB [2] . نصفهاBetP [3] . وتصيب بنوBetP [4] . أدواتBetP [5] . بهBetPajoutent: [6] . وهذاB supprimeparIbnal -Wardi. [7] [8] . قيل BetP

خروج [4] الحبشة

ويمكث الناس بعد [1] يأجوج ومأجوج عشرين [2] سنة [70] يحجون ويعتمرون [3] ، خروج [4] الحبشة قال أصحاب هذا العلم ويمكث الناس بعد هلاك يأجوج ومأجوج في الخصب والدعة ما شاء الله [5] ثم تخرج الحبشة وعليهم ذو السويفتين [6] فيخربون مكة ويهدمون الكعبة ثم لا تعمر أبداً وهم الذين يستخرجون كنوز فرعون وقارون قال فيجمع [7] المسلمون ويقاتلونهم فيقتلونهم ويسبونهم حتى يباع الحبشي بعباءة ثم يبعث الله عز وجل [8] ريحاً فتلفت [9] روح كلّ مسلم [10] ،

_ [1] . هلاكBetPajoutent: (sic) . [2] عشرونB [3] . والله اعلمBetPajoutent: [4] . ذكر خروجBetP [5] . تعالىBajoute: [6] . السويقين P بن السويقتينB [7] . فتجتمعBetP ManquedansBetP. [8] [9] . فيقبضBetP [10] . والله تعالى اعلم Bajoute:

ذكر فقد [1] مكة

ذكر فقد [1] مكة [2] وروى عن [3] على صلوات الله عليه وسلامه [4] قال حجوا قبل أن لا تحجّوا فو الّذي خلق الحبة وبرأ النسمة ليرفعن هذا البيت من بين أظهركم حتى لا يدري أحدكم أين كان مكانه بالأمس وقال كأني أنظر إلى أسود حمش [5] الساقين قد علاها وينقضها طوبة طوبة، ذكر الريح التي تقبض أرواح أهل الإيمان روى أن الله تعالى [6] ابتعث [7] ريحاً يمانية ألين من الحرير وأطيب نفحة من المسك فلا [8] تدع أحداً في قلبه مثقال ذرة من الإيمان إلا قبضته [9] ويبقى الناس بعدها [10] مائة عام لا يعرفون دينا ولا

_ [1] . فقدانB [2] . المشرفةBetPajoutent: [3] . الحسن عنBajoute: [4] . بن ابى طالب رضى الله عنهBetP [5] . خمش P بن أحمشB [6] . عزّ وجلّBetP [7] . يبعثBetP [8] . ولاP ,corriged apresBetP. [9] قبضهMs. [10] . بعد BetP

ذكر ارتفاع القرآن

ديانة وهم شرار خلق الله عليهم [1] تقوم الساعة وهم في أسواقهم يتبايعون وفي رواية عبد الله بن يزيد [2] عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تقوم الساعة حتى [3] يعبد الله في الأرض [4] مائة سنة وعن عبد الله بن عمر [5] قال يؤمر صاحب الصور أن ينفخ [6] فيسمع رجلاً يقول لا إله إلا الله فيؤخر مائة عام، ذكر ارتفاع القرآن روى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال القرآن أشد بغضاً [7] على قلوب الرجال من النعم على عقله [8] قيل يا أبا عبد الرحمن كيف وقد أثبتناه [9] في صدورنا ومصاحفنا قال يسرى عليه فلا يذكر ولا يقرأ،

_ [1] . وعليهمBetP [2] . بريدةBetP [3] . لاBetPajoutent: [4] . بعدBajoute: [5] . رضى الله عنهماBajoute: [6] . في صورهBajoute: [7] . يعصبا eta أشد Psupprime بن تفصياB [8] . على عقلها P بن في عقلهاB [9] . أتيناه P

ذكر النار التي تخرج من قعر [1] عدن تسوق [2] الناس إلى المحشر،

ذكر النار التي تخرج من قعر [1] عدن تسوق [2] الناس إلى المحشر، روى حذيفة بن أسيد [3] عن النبي صلى الله عليه وسلم [4] عشر آيات بين يدي الساعة هذه هي [5] إحداهن وفي رواية أخرى لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء [6] أعناق الإبل ببصرى وفي رواية أخرى لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من حضرموت مع اختلاف كثير في الروايات، ذكر نفخات الصور وهي ثلاث نفثتان [7] منها في [8] الدنيا والثالثة في [9] الآخرة قال الله عز وجل ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ 36: 49- 50 وروى الحسن عن شيبان عن قتادة من عكرمة

_ ManquedansP. [1] [2] . فتسوقBetP [3] . رضى الله عنهBetPajoutent: [4] . انه قالBetPajoutent: ManquedansBetP. [5] [6] . لها ,PetBajoutent يضىMs. [7] . مرات اثنان P بن مرات ثنتانB [8] . آخرBetPajoutent [9] . وواحدة في أول الآخرة TBetP

النفخة [7] الأولى

عن ابن عباس رضي الله عنه [1] قال تهيج [2] الساعة والرجلان يتبايعان قد نشرا ثوبهما [3] فلا يطويانه [4] والرجل يلوط حوضه فلا يسقى [5] منه والرجل قد انصرف بلبن لقحته [6] فلا يطعمه والرجل قد رفع أكلته إلى فيه فلا يأكلها ثم تلا تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ 36: 49 وقال لا تأتيهم إلا بغتة ، النفخة [7] الأولى يقال أن [8] صاحب الصور [9] إسرافيل [10] وهو أقرب الخلق إلى الله سبحانه وتعالى [11] وله جناح بالمشرق وجناح بالمغرب والعرش

_ [1] . رضي الله عنهماBetP [2] . يهيجMs. [3] . أثوابهماBetP [4] . يطويانهاBetP [5] . يستقىBetP [6] . نعجتهBetP [7] . ذكر النفخةBetP ManquedansBetP. [8] [9] . هو السيدBetPajoutent: [10] . عليه السلامBetPajoutent: [11] . عزّ وجلّ BetP

على كاهله وإن [1] قدميه قد مرقت [2] الأرض السفلى حتى بعدتا [3] مسيرة مائة عام على ما رواه وهب ومثل هذا مما يزيد [4] في يقين [5] العامي ويبلغ في تجويفه [6] وتعظيمه لأمر الله تعالى وقد بينا في صفة الملائكة أنهم روحانيون الروح بسيط لا يضيق الصدر في صفة الأجسام المركبة قيل صاحب [71] [الصور] عزرائيل [7] و [8] عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى [9] كيف أنعم [10] وصاحب الصور قد التقمه وحنى جبهته [11] ينظر [12] متى يؤمر [13] فينفخ [14] ،

_ [1] . فانP [2] . مرقتا منBetP [3] . عنهاBetPajoutent: [4] . يريدMs. [5] . تعين ,P يقينMs. [6] . تخويفهBetP supprimeparIbnal -Wardi. [7] [8] . قد روىBajoute: [9] . انه قالB [10] . أنتمB ManquedansB. [11] [12] . ينتظرB [13] . لهBajoute: afinduparagraphe ,depuisl asterisque ,ManquedansP. [14]

ذكر ما جاء في [1] الصور

ذكر ما جاء في [1] الصور روى أنه كهيئة قرن فيه بعدد كل ذي [2] روح [3] داره [4] وله ثلاث شعب شعبة تحت الثرى يخرج [5] منها الأرواح [6] وترجع إلى الأجساد [7] وشعبة تحت العرش منها يرسل الله الأرواح إلى الموتى وشعبة في فم الملك فيها ينفخ قالوا [8] فإذا مضت الآيات والعلامات التي ذكرنا أمر صاحب الصور أن ينفخ نفخة الفزع ويديمها ويطولها فلا تعتر [9] كذا عاماً وهي التي يقول الله عزّ وجل [10] ما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها من فَواقٍ 38: 15 ويقول [11]

_ [1] . صورة الصور وهيئتهBetP ManquedansBetP. [2] ManquedansP. [3] [4] . نقب P بن ثقبB [5] . تخرجB [6] . أرواحP [7] . أجسادهاBetP ManquedansBetP. [8] [9] يبرحBetP .Ibnal -iscitationsduQor ,anaulieudedeux. [10] وهي المذكورة في قوله تعالىBetP [11] . وفي قوله تعالى BetP

وَيَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ فَفَزِعَ من في السَّماواتِ وَمن في الْأَرْضِ إِلَّا من شاءَ الله 27: 87 قالوا [1] فإذا بدأت [2] الصيحة فزعت الخلائق وتحيرت وتاهت [3] وهو يزداد [4] كل يوم فظاعة [5] وشناعة فيحار [6] أهل البوادي والقبائل إلى القرى والمدن ثم يزداد [7] الصيحة حتى ينتقلوا [8] إلى أمهات الأمصار ويعطلوا الرواعي والسوائم [9] وجاءت [10] الوحوش والسباع [11] من هول الصيحة فاختلطت [12] بالناس

_ ManquedansB. [1] [2] . وإذا بدتBetP [3] . فهامتP [4] . والصيحة تزداد ,BetP يزادMs. [5] . وشدة ,Pajoute: مضاعفة وشدةB [6] . فتنجاز P بن فتنحازB [7] . تزدادBetP [8] . وتشتد حتى تتجاوز [يجازواBetP [P [9] . وتعطل الرعاة السوائم وتفارقهاBetP [10] . وتأتىBetP [11] . وهي مذعورةBetP ajoutent: [12] . فتختلط BetP

واستأنست [1] بهم وذلك قوله [2] وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ 81: 4- 5 ثم تزداد الصيحة [3] حتى تسير الجبال عن [4] وجه الأرض وتصير سراباً جاريا وذلك قوله تعالى وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ 81: 3 وقوله [5] وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ 101: 5 وتزلزلت [6] الأرض وانتقضت [7] وذلك قوله تعالى إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها 99: 1 وقوله إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [8] 22: 1 ثم تكور [9] الشمس وتنكدر النجوم وتسجر البحار والناس أحياء [10] ينظرون إليها وعند ذلك يذهل [11] المراضع عما أرضعت [12] وتواضع الحوامل

_ [1] . وتستأنسBetP [2] . تعالىBetPajoutent: [3] . هولا وشدةBetPajoutent: [4] . علىBetP [5] . سبحانه P بن تعالىBajoute: [6] . وزلزلتB [7] . وانتفضتB ferentedansIbnal -Wardi. [8] [9] . تكونP [10] . احياء Pour حيارى ,Ba كالوالهينBetP ajoutent: [11] . تذهلBetP [12] . ارتضعت P

حملها [1] ويشيب [2] الولدان وترى الناس سكارى من الفزع [3] وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد [روى عن] أبي [4] جعفر الرازي عن أبيه [5] عن الربيع [6] عن أبي العالية عن أبي ابن كعب قال بينا [7] الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس [8] وبيناهم [9] كذلك إذ تناثرت النجوم وبيناهم [9] كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض وبيناهم [9] كذلك إذ تحركت الأرض فاضطربت لأن الله تعالى جعل الجبال أوتادها ففزعت الجن إلى الإنس والإنس إلى الجن واختلفت [10] الدواب والطيور والوحوش فماج بعضهم في بعض فقالت [11] الجن نحن نأتيكم

_ [1] . وتضع كل ذات حمل حملهاBetP [2] . وتشيبP [3] . بسكارىBetPrejeteapres [4] . حكى ابوBetP ManquedansBetP. [5] [6] . ربيعB [7] . بيناBetP [8] . ذهبت الشمسBetP [9] . وبينما همBetP [10] . واضطربتBetP [11] . فقال P

بالخبر [1] فانطلقوا فإذا هي نار تتئج [2] فبينا هم [3] كذلك إذ جاءتهم ريح فأهلكتهم وهذه كلها [4] من نص [5] القرآن ظاهرة لا يسع [6] لأحد مؤمن ردها والتكذيب بها وفي هذه الصيحة يكون [7] السَّماءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً 70: 8- 10 وفيها ينشق [8] السماء فيصير [9] أبواباً وفيها تحيط [10] سرادق من النار [11] بحافات الأرض فتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي أقطار السموات [12] فتتلقّاها [13]

_ [1] . اليقينBetPajoutent: [2] . تأج P بن تأجج B بن تتئجMs. [3] . فبينما همBetP ManquedansBetP. [4] [5] . بعضP [6] . يسمعP [7] . تكونBetP [8] . تنشقBetP [9] . فتصيرBetP [10] . ويحيطB [11] . نارBetP [12] . السماء والأرضBetP [13] . فتتلقاهم الملائكة BetP

ذكر النفخة الثانية وهي نفخة [6] الصور

يضربون [1] وجوهها [2] حتى يرجعوا وذلك قوله يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا من أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا 55: 33 الآية قالوا [3] والموتى [4] لا يشعرون بشيء [5] من هذا ثم النفخة الثانية، ذكر النفخة الثانية وهي نفخة [6] الصور وذلك قوله تعالى في نفخ الصور [7] فَصَعِقَ من في السَّماواتِ وَمن في الْأَرْضِ إِلَّا من شاءَ الله 39: 68 قالوا [8] فيموتون في هذه النفخة إلا من تناولته الشاء [9] من الله وهم مختلف فيهم فزعم بعض أهل الكتاب أن قبض الأرواح والله اعلم واختلف أهل الكتاب في صفة ملك الموت [71] فزعم بعضهم أنّ الله جعل قبض الأرواح

_ [1] . فيضربونP [2] . وجوههمBetP ManquedansBetP. [3] [4] . في القبورBetPajoutent: ,Lerestemanque. [5] بهذهBetP [6] . فيBetP [7] . ونفخ في الصورBetP ManquedansBetP. [8] ,Lerestemanque. [9] تناوله الاستثناء في قوله الا من شاء الله ,BetP تناولته السا Ms.

ذكر ما بين النفختين [1]

إلى فاني وهو الذي يسمى ملك الموت وقال بعضهم أن ملك الموت معه سيف إذا شهر سيفه لم يره أحد إلا مات على مكانه وقال بعض منهم أنّه يقطع بذلك السيف الأرواح من السماء وكثير منهم خالفوهم وقالوا أنّ الله لم يوكّل أحداً بقبض الأرواح ولكن إذا ذبل جسد الحيوان وضعفت أعضاؤه القابلات للفعل فارقها الروح فأما المسلمون فمنهم من يقول الدنيا بين يدي ملك الموت كالسفرة أو كالطست أو كالآنية يتناول منها حيث شاء ومنهم من يقول له أعوان ينتزعون الأرواح فإذا بلغت التراقي تولاها بنفسه ومنهم من يقول بل جعل طبعه ضدّا للحياة فحيث ما حضر بطلت الحياة عنده والله أعلم، ذكر ما بين النفختين [1] يقال هو [2] أربعون سنة تبقى الأرض على حالتها [3] بعد ما مرّ لها [4] من الأهوال [5] والزلازل

_ [1] . من المدةBetPajoutent: [2] . ان ما بين النفختينBetP [3] . حالها مستريحةBetP [4] . بهاBetP [5] . العظام BetPajoutent:

ذكر اختلافهم [3] في قوله تعالى هو الأول والآخر

تمطر [1] سماؤها وتجري مياهها وتطعم أشجارها ولا حي على ظهرها [2] ولا في بطنها ثم يحييهم الله للبعث، ذكر اختلافهم [3] في قوله تعالى هو الأول والآخر وقال تعالى [4] كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ 21: 104 وقال تعالى [5] كُلُّ من عَلَيْها فانٍ [6] وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ 55: 26- 27 وقال كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ 28: 88 وقال [7] كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ 3: 185 فبدلت [8] هذه الآيات على هلاك كل شيء دونه لما [9] قال تعالى [10] وَنُفِخَ في الصُّورِ فَصَعِقَ من في السَّماواتِ وَمن في الْأَرْضِ إِلَّا من شاءَ الله 39: 68 دل أنه لا تعم الصعقة [11] جميع الخلائق

_ [1] . وتمطرBetP ,lerestemanque. [2] من سائر المخلوقاتBetPajoutent: [3] . ما وردBetP [4] . الله تعالى P بن الله عزّ وجلّB [5] . سبحانهB etmanquedansBetP. [6] [7] . جل وعلاBetPajoutent: [8] . فدلّتBetP ManquedansBetP. [9] [10] . عز وجل P بن جل وعزB [11] . دل [على [B ان الصعقة لا تعم BetP

فالتمسنا التوفيق بين الآيات بعد أن أمكن أن تكون آية الاستثناء مفسرة لتلك الآي فقلنا الإستثناء عند نفخة الصعق وعموم الفناء بين النفختين كما جاء في الخبر لئلا يظن ظان أن القرآن متناقض وروى الكلبي [1] عن أبي صالح [2] عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله [3] كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ 28: 88 قال كل شيء وجب عليه الفناء إلا الجنة والنار والعرش والكرسي والحور العين والأعمال الصالحة وقيل في قوله [3] إِلَّا من شاءَ 39: 68 الشهداء حول العرش سيوفهم [4] بأعناقهم وقيل الحور العين وقيل موسى عم لا [5] صعق مرة وقيل جبريل وميكائيل وإسرافيل [6] وملك الموت [7] وحملة العرش [8] قالوا فيأمر الله

_ ManquedansP. [1] [2] . طالحP [3] . تعالىBetPajoutent: [4] . بسيوفهمP [5] . لانهBetP [6] . صلوات الله عليهم أجمعين [صلى الله على نبينا وعليهم [P وقيلB [7] . عليه السلام وقيلBetP [8] . عليهم السلام BetPajoutent:

ذكر المطرة التي تنبت أجساد الموتى [5]

تعالى ملك الموت فيقبض أرواحهم ثم يقول [1] مت فيموت فلا يبقى [2] حي إلا الله تعالى [3] فعند ذلك يقول لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ 40: 16 فلا يجيبه أحد فيقول لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ 40: 16 هكذا روى في الأخبار [4] والمسلمون يختلفون منه في أشياء، ذكر المطرة التي تنبت أجساد الموتى [5] قالوا فإذا مضى بين النفختين أربعون عاماً أمطر الله [6] من تحت العرش ماء خاثراً كالطلاء وكمنى [7] الرجال يقال له ماء الحيوان فينبت [8] أجسامهم كما ينبت البقل قال كعب ويأمر الله الأرض والبحار وتؤمر [9] الطير والسباع [بأن] تردّ [10] ما اكلت

_ [1] . لهBetPajoutent: [2] . في الملكBetPajoutent: ManquedansB. [3] esteduparagraphe. [4] والله اعلمBetPajoutent: [5] . الأجسادBetP [6] . سبحانه وتعالى P بن سبحانهB [7] . وكالمنى منBetP [8] . فتنبتBetP ManquedansBetP. [9] [10] . برد BetP

ذكر النفخة الثالثة [10]

من [1] بني آدم حتى الشعرة [2] فما فوقها حتى [3] تتكامل [4] أجسامهم قالوا وتأكل الأرض ابن آدم إلا عجب الذنب فإنه يبقى مثل عين الجراد [5] لا يدركه الطرف فينشئ الله [6] الخلق منه [7] وتركب عليه أجزاؤه كالهباء في [8] الشمس فإذا تم وتكامل نفخ فيه الروح ثم انشق عنه القبر ثم قام [9] ، ذكر النفخة الثالثة [10] وذلك قوله تعالى ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ 39: 68 وقوله إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ 36: 53 ويجمع الله أرواح الخلائق في

_ [1] . أجسادBetPajoutent: [2] . الواحدةBetPajoutent: ManquedansBetP. [3] [4] . فتتكاملBetP [5] . الجرادةBetP [6] . فينشئ P بن فينشأB [7] . من ذلك العجبBetP [8] . شعاعBetPajoutent: [9] . خلقا سوياBetPajoutent: [10] . وهي نفخة القيامة [القيام BetPajoutent: [P

الصور ثم يأمر الملك أن ينفخها [1] فيهم [2] ويقول [3] أيتها العظام البالية والأوصال المنقطعة [4] والشعور المتمزقة [5] إن الله [6] يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء فيجتمعن ثم ينادي قوموا للعرض على الجبار فيقومون وذلك قوله [7] يَوْمَ [8] يَخْرُجُونَ من الْأَجْداثِ سِراعاً [9] كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ 70: 43 وقوله [10] يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ 50: 44 فإذا خرجوا من قبورهم يلقى المؤمن بمركب [11] من رحمة الله كما وعد [12] يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً 19: 85

_ [1] . ينفخBetP [2] . فهمP [3] . قائلاBetP [4] . المتقطعةB [5] . والأعضاء المتمزقة والشعور المنتثرةBetP [6] . المصور الخلاقBetPajoutent: [7] . تعالىBetPajoutent: ManquedansBetP. [8] onManquedansBetP. [9] ,passagesuivantdu [10] وقال تعالى P بن تعالى Bajoute: يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر مهطعين الى الداع وقوله Qor an: عز من قائل. [11] . تلقى المؤمنون بمراكب [المؤمنينBetPP [12] . سبحانه P بن سبحانه وتعالى 12 B

ذكر بعث الخلق

والفاسق يمشي على قدمه [1] وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً [2] 19: 86 وفي القرآن من آثار الحشر ودلائل البعث ما لا يوجد في شيء من كتب الله المنزلة لأن القوم كانوا منكرين له، ذكر بعث الخلق روى الحسن رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة بهما عزلاً فقالت إحدى نسائه أما يستحيون فقال لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ 80: 37 وعن سعيد بن جبير في قوله عز وجل وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ 6: 94 قال يرد كل واحد إلى ما انتقض منه حتى الظفر قص والشعرة سقطت وفي رواية معاذ بن جبل والمقدام بن معديكرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يبعث الناس يوم القيامة أولهم وآخرهم ما بين السقط إلى الشيخ الفاني كأنها ثلاث وثلاثين سنة وهو سنّ عيسى عم ومما احتج الله به على منكري البعث قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ في رَيْبٍ من الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ من تُرابٍ ثُمَّ من نُطْفَةٍ ثُمَّ من عَلَقَةٍ ثُمَّ من مُضْغَةٍ 22: 5

_ [1] . والفاسقون يمشون على أقدامهم سوقا وهو قوله تعالىBetP esteduparagraphe ,agraphessuivants ,anquentdanslbnal -Wardi. [2]

ذكر اختلافهم [1] في كيفيت الحشر

إلى قوله وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ من كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ 22: 5 فشبه حياة الخلق بعد موتهم ونشورهم من قبورهم بحياة الأرض بعد موتها ونبات عشبها وشجرها وقال أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ من نُطْفَةٍ 36: 77 إلى قوله قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ 36: 79 وقال تعالى ذكره وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً 17: 49- 50 فانّى باعثكم وقال تعالى ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ 31: 28 وقال وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ، 30: 27 ذكر اختلافهم [1] في كيفيت الحشر لا خلاف بين أهل الأديان قاطبة في أصل البعث والحشر ولا ينكره أحد من أهل الأرض إلا الملحد المعطل الذي لا يعد [2] قوله خلافاً وإنما الاختلاف في أشياء من صفاته نحن ذاكروها إن شاء الله تعالى فإن النفس على أخذ [3] أمر النشأة الأخرى فليقسها على

_ [1] . أخلاقهمMs. [2] . كذا في الأصلotationmarginale: [3] . أحد Ms.

نشأة أول الخلق من جمع طين وما ضم إليه من حرارة الحياة وحرك بمادة الروح وأنطق بالنفس المميزة فصار إنساناً يسعى وقد جاء في الخبر من نظر إلى الربيع فليكثر ذكر النشور ونبات أهل القبور وروى ما أشبه الربيع بالنشور وأكثر أهل الإسلام على أن يحشر أصناف الخلائق من الجنّ والإنس والبهائم للقصاص والانتصاف وقد روينا عن الحسن وعكرمة أنهما كانا يقولان حشر البهائم موتها فكانا لا يريان لها بعثاً وزعم قوم من أهل الكتاب أنه إذا كان يوم القيامة أمر الله إسرافيل أن يجمع أرواح من كان مستحقاً للثواب والعقاب في سفود ثم ينفخ فيه وأنكروا بعث البهائم والأطفال والمجانين ومن لم تبلغه الدعوة وقوم منهم ينكرون الصور والصراط والميزان وقالوا [72] إذا مات الناس بعث المسيح فأحياهم وصار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار وقال كثير من علمائهم البعث للأرواح دون الأجساد على غير هذه الخلقة التي تراها ولكن على خلقه الخلود البقاء الأبدي وليس الإنسان جسداً وروحاً لا غير ولكن روح وريح ونفس وصورة وعدم وقوة ونطق وحياة تسعة أشياء العاشر وهو هذا الهيكل الأرضىّ

ذكر الموقف [1]

المظلم وقد نشاهد من أحوال الجواهر وإن كانت منبعثة من الأرض ثمّ إذا سبكت وأذيبت وصفيت تحولت إلى حالة ألطف منها وأكرم وأشرف وكذلك الإنسان لا ينكر أن يكون فناؤه وبلاؤه وحشره معنى يزيده لطافة ورقة وحالاً غير هذه الحالة لأنه يخلق للخلود والله أعلم، ذكر الموقف [1] روى المسلمون أن الناس يحشرون إلى بيت المقدس وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هو المحشر والمنشر وكذا يقول كثير من اليهود [2] وروى عن كعب أن الله [3] نظر إلى الأرض فقال [4] إني واطئ على بعضك فاستبقت [5] الجبال وتضعضعت الصخور [6] فشكر الله لها ذلك فقال هذا مقامي ومحشر خلقي وهذه [7] جنّتى وهذه ناري وهذه [8] موضع ميزاني

_ [1] . واين يكونBetPajoutent: [2] . ووافقت اليهود على ذلكBetP [3] . تعالىPajoute: [4] . وقالBetP [5] . فانّسفتB [6] . وارتجت [وارتجبت [P الصخرة وتضعضعت وارتعدتBetP [7] . هذهB [8] . وهذا BetP

ذكر تبديل الأرض [6]

وأنا ديان يوم الدين وقال بعضهم فصير [1] الله الصخرة [2] من مرجانة [3] طباق الأرض يحاسب [4] عليها الخلق [5] وسمعت من يقول هذا من موضوعات أهل الشام يبعث الله الخلق إلى حيث يشاء، ذكر تبديل الأرض [6] قال الله تعالى [7] يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ [8] 14: 48 أي قد برزوا قال قوم التبديل أن يرفع الله هذه الأرض ويبسط غيرها كما جاء في الخبر تمد أرض بيضاء كالأديم العكاظى لم يسفك عليها دم حرام ولم يعمل بالخطيئة وقيل تبسط أرض من فضّة كنقىّ [9]

_ [1] . وقيل يصيرBetP [2] . الشجرةP eicileparagraphe. [3] [4] . ويحاسبB [5] . والله اعلمragrapheetajoute. [6] ذكر يوم القيامة والحشر والنشر وتبديل الأرض غير الأرض BetP وطىّ السماء وأحوال ذلك اليوم. [7] . عز وجلBetP ntsfaitsparIbnal -Wardi. [8] [9] . كنقى Ms.

الملة يأكلون من تحت أقدامهم وروى أن عائشة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية وقالت أين تكون [1] الناس قال على جسر جهنم وروى أنه قال أضياف الله فلن يعجزوه وعن عكرمة أنه قال تطوى هذه الأرض وإلى جنبها أرض يحشر الناس عليها وقال آخرون تبديل الأرض تغيير صفاتها وهيأتها من تسيير جبالها وتغوير مياهها وذهاب أشجارها وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال كما يقال للرجل تبدلت وإنما تبدلت ثيابه واحتج بقول العباس ابن عبد المطلب [طويل] إذا مجلس الأنصار حف بأهله ... وفارقها فيها غفار وأسلم فما الناس بالناس الذين عهدتهم ... ولا الدار بالدار التي كنت أعلم وقال قوم تبدل ثم يرفع لقول الله الفناء عليها وكل هذا جائز لأنه أقررنا بأن الله تعالى أوجدها من عدم لا من غير سابقة [2] لزمنا أن نجيز عليه أن يعيدها كما بدأها والله أعلم،

_ [1] . تكونMs. [2] . سابقه Ms.

ذكر طى السماء

ذكر طي السماء قال قوم طيها تغيير شمسها وقمرها ونجومها وهيأتها وهي باقية وكذلك الأرض واحتجوا بقول الله تعالى في بقاء الجنّة والنار ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ 11: 107 قالوا وليس في القول ببقائهما نقض [1] [73] للدين فقد قلنا ببقاء العرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار والأرواح والأعمال الصالحة ومن خالفنا ألزمه أن يكون الأرواح إذا أفنيت فأعيدت غير ما كانت لأنها لو كانت هي لما أفنيت وإن كانت أفنيت ثم أعيدت أرواحاً آخر كان الثواب والعقاب واقعين على غير استحقاق منها وكذلك الأجساد قد تعاد من تربتها التي كانت خلقت منها ثم تبقى في الجنة والنار على الأبد السرمد وزعم قوم أن السماء ليست بجسم ولا يكون معنى طيها إلا ما ذكرنا وقال آخرون بل هي جسم يطوى كطىّ الكتب بظاهر قول الله سبحانه كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا 21: 104 وقوله الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ 39: 67 حتى روى بعضهم وأشار بكفه وقد قبضها أنّها يفضل من هاهنا ومن هاهنا شيء وتختلف أحوال السماء وتصير

_ [1] . نقص Ms.

ذكر يوم القيامة

كالمهل وكالوردة وتنشق وتصير أبواباً [1] ثم تطوى بعد ذلك فهذا من القول ظاهر وذلك ممكن وقد قال قوم ممن يذهب مذهب الطائفة الأولى كما ذكر من أمر السماء والأرض وتغيير أحوالهما فإنه يراد به أهلهما وهما مقرران كما هما والله أعلم، ذكر يوم القيامة يقال أن طول ذلك اليوم ألف سنة من مقادير أيام الدنيا بقول الله تعالى وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ 22: 47 فيصف ذلك اليوم من حكم الدنيا وهو من النفخة الأولى إلى أن يفضي الله بين خلقه فيدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم بعد ذلك من حكم الآخرة وكذا سمعت بعض أهل العلم بقوله وزعمت فرقة أن قوله في يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ 70: 4 أنه يوم القيامة وأكثرهم على أنه من التمثيل من الشدة والمكروه الذي يصيب بعض الناس حتى يعده [2] خمسين ألف سنة وقيل ذلك اليوم خمسون موقفاً يسأل العبد فيها فإذا جمعهم الموقف ردّت الشمس إليهم

_ [1] . أبواباMs. [2] . يعدّه Ms.

وضوعف حرّها وأذيبت من فوق رءوسهم حتّى يلجمهم الفرق ثمّ ينزل العرش بحملة الملائكة ثم تعلق الميزان ويؤتى بالجنة والنار وينصب الصراط ويأتي الله كيف شاء بقول الله عز وجل وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا 25: 25 ويقول [1] هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ الله في ظُلَلٍ من الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى الله تُرْجَعُ الْأُمُورُ 2: 210 قال المسلمون ثم يبقى أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار خالدين مخلدين ودائمين أبد الآبدين ولا يدري هل يحدث الله خلقاً جديداً أو عالماً آخر وأرضاً وسماء ويبعث إليهم الرسل ويكلف بما كلف من كان قبلهم أم لا وقد روى عن بعضهم أنه كان يرى فناء أهل النار بعد ما مضى أحقاب ومن أهل الكتاب قوم يزعمون أنه إذا مضى للجنة والنار ألف سنة بادتا وفنيتا وصار أهل الجنة ملائكة وأهل النار رميماً وحدثني رجل من علماء اليهود أن فيهم فرقة يزعمون أن العوالم [2] لا يدري كم مضى منها وكم بقي وأن مدة كل عالم ستة ألف سنة ثمّ يحشر الخلائق

_ [1] . ويقولونMs. [2] . العواليم Ms.

ذكر ما حكى عن القدماء في خراب العالم

ويحاسبون وذلك يوم السابع قال يوم السبت فيدخلون الجنة والنار ثم يصير [1] أهل الجنة ملائكة وأهل النار رميماً ويعاد خلق آخر [73] وأمر آخر لا يزال كذلك وكل سبت عندهم قيامة كذا ومن القدماء من يزعم أن خلق الخلق بفضل وجود وامتنان ولا يجوز على الجواد المفضل أن يظهر جوده في كل وقت ولكنه إذا أفنى هذا العالم ابتدع عالماً آخر وكم من عالم قد ابتدعه وأفناه ومنهم من يقول بنقل [2] الخلق إلى الآخرة فكل يوم قيام قيامة وابتداء عالم وسمعت منهم من يحتج بالخبر المروي عن المغيرة بن شعبة من مات فقد قامت قيامته، ذكر ما حكى عن القدماء في خراب العالم حكى جابر بن حيان [3] أنه إذا انتهى مسير الكواكب إلى غاية وتفرقت في أبراجها وتشوشت حركات الفلك واضطربت كما كانت قبل اجتماع الكواكب في أوّل دقيقة من الحمل اختلفت أحوال العالم وتفاوتت أرباع السنة وفصولها فلا يستقرّ شتاء [4] ولا صيف

_ [1] . يصيرMs. [2] . نقلMs. [3] . جبارMs. [4] . شاء Ms.

وتهبّ [1] الرياح العواصف وتهلك الحيوان والنبات لمجيء الأمطار في غير وقتها وشدة الزلازل وكثرة الرياح وتعادي الأركان فيغلب الماء على اليبس واليبس على الماء والنار على النبات والحيوان ويفسد مزاج التركيبات ويقفر الأرض ويخلو إلى أن تجتمع الكواكب في حيث منه تفرّقت وعنده بدء الخلق والنشوء ثانياً وحكى أفلاطن في كتاب سوفسطيقا [2] في ذكر النفوس وأحوالها بعد مفارقة الأبدان قال وإن النفس الشريرة إذا تفردت عن البدن بقيت تائهة متحيرة في الأرض إلى وقت النشأة الآخرة قال وفي هذا الوقت تسقط الكواكب من أفلاكها ويتصل بعضها ببعض فيصير حول الأرض كدائرة من نار فتمنع تلك النفوس من الترقي إلى محلها وتصير الأرض سجناً لها قال المفسر عن شرح [3] افلاطن بالقيامة والبعث والنشأة الآخرة وكذا رأى ارسطاطاليس في بقاء ما فوق فلك القمر وأنه لا يقبل الاستحالة وأنه أراد به إلى ذلك الوقت ولا

_ [1] . يهبّMs. [2] . سوفطيقاMs. [3] . عن صرح ariantemarginale:

تلتفت إلى تأويل كفار المتفلسفة لأرائهم مع شهادة الدلائل على ما قلنا ومعاونة كتب الله وأخبار رسله في ذلك واعلم رحمك الله أن كل ذي عقل محجوج بعقله مضطرّ إلى الإقرار بالابتداء للخلق وابتداعه وتجويز فنائه وانقضائه هذا ما لا بدّ منه فأما معرفة ذلك كيف أبغلبة إحدى الطبائع أو بشمول فاسد أو وقوع قحط وموتان أو قتل أو ما كان على نحو ما حكاه أهل الإسلام وأهل الكتاب أو من دونهم فشيء سبيله الخبر والسمع يقع فيه الاختلاف والتفاوت ولا يبطل وقوع الاختلاف فيه ما توجبه العقول وأما الأخبار التي روينا فهي شعار الدين ومحض الديانة وصريح الحق ومن لم يعتقدها على وجهها ظاهراً أو باطناً ولم يعتصم بها ولا رأي اليدين بحقيقتها والنجاة فيها وإن كان أكمل الناس عقلاً وأيقنهم [1] فهماً وأصوبهم رأيا وأصلبهم عوداً وأكرمهم حسباً وأسناهم بيتاً وأقدمهم شرفاً وأغيرهم غيرةً وأحماهم حمية وأحمدهم سيرة وأعظمهم حياء وأرقهم فؤاداً وأسخاهم نفساً وأطلبهم للخير وأعمّهم نفعا وأموتهم حقداً وأحملهم للضيم وأقنعهم بالكفاية وأكفهم أذى وأبدلهم

_ [1] . ايقنهم Ms.

ندى [74] وأهداهم للفضائل وأقدرهم عليها وأبسطهم يداً وأجمعهم لكل خصلة حميدة ومأثرة كريمة مع شدة رغبة في اقتناء الخير وإبقاء الذكر الجميل وادخار الثناء الحسن فهو إلى النقص والسفه وضعف العقيدة ومخالفة الظاهر للباطن واتباع الهوى وإيثار الرياء والإمام بالفواحش والاستخفاف بمعتقدي خلافهم واستجمالهم ونكس ما عددنا من الفضائل إلى الرذائل وقلبها إلى الأضداد [1] أقرب وأدنى وبها أحق وأولى لأن المراد لم يكن له باعث من نفسه وحاقر من ذنبه فهو [إلى] ما يصطنعه وينتزع به غير نشط ولا صادق الرغبة ولا متسارع ولا متشح [2] منافس ومن كان كذلك لم يكن لعلمه رونق ولا لمذهبة بهاء ولا عند ذوى الصنائع قبول وتزكية وناهيك من دين معتقد الديانة وإن قلت أفعاله وقصرت يداه من حسن هيأته وخمود شرته وسكون أطرافه وجميل تواضعه وحسن بشره وشدة سطوته على من خالف دينه أو يتأوّل بنيّته [3] وبذله

_ [1] . الاضداضMs. [2] . متساحMs. [3] . بنيته Ms.

ماله ومهمة دونه فاحذروا عباد الله أنفسكم وأهواءكم وأصنافاً من أشباهكم أنا واصفها لكم في نحل المسلمين إن شاء الله وألزموا الدين الذي أحل [1] الله خلقه ودعاهم إلى التمسك به وأخذ عليهم المواثيق والعهود في المحافظة عليه وأنزل به الكتب وأرسل الرسل ووعد من أجاب إليه وأوعد من حاد عنه فقد وضحت دلائل برهانه وصحت آثار حكمته وإياكم والاغترار بالجهل والمجان والخلعاء ومستنقلي الأمانة لغلبة حظ البهيمية والسبعية عليهم حتى صار أقصى همة أحدهم امتلاء بطن واكتساء ظهر ومنال شهوة وإنفاذ غيظ والنكابة في عدو فموهوا أباطيل مزخرفة وأساطير مزورة ظاهرها التشكيك والتلبيس وباطنها الكفر والإلحاد يقتنصون بها الأغمار والأحداث ويحيرون العوام الذين ليس عندهم فضل معرفة ولا كثير تميز ومهما اشتبه عليكم من أمرهم شيء فلا تغفلوا عن فعل الله بهم مذ قامت الدنيا على ساقها لم يطمح منه طامح في جاهلية ولا في الإسلام إلا وهضه الله بقارعة ولا أقاموا راية إلا وهلها الله بالنكس والخمول ولا نجم ناجم

_ [1] . حل Ms.

إلا سلط الله عليه أضعف خلقه ولا كاد للدين كيداً إلا رده الله في نحره ينجز وعده منه تعالى لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ 9: 33 فأصل ديانة كل ذي دين من أهل الأرض أن الله خالقه ومفنيه ومحييه ومميته وهو يأمره بالعدل والإحسان وينهاه عن الفحشاء والمنكر والبغي ويبعثه بعد موته فيجاوبه [1] الثواب على إحسانه والعقاب على سيئاته لا يختلف فيه مختلف إلا المعطلة الدهرية وهم شرذمة قليلة وأما أهل الكتب فلزمهم أن يعتقدوا ما ذكرنا أن الله سابق خلقه خلق كل شيء دونه وأنه واحد لا شريك له ولا شيء قديم معه أرسل الرسل وأنزل الكتب بالبشارة والإنذار وأنه يفنى الخلق ويبيده ثم يعيده كما أبداه إذا شاء [2] فمن كان هذا عقيدته رجى له أن يكون من الفائزين الأمنين الذين لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. 10: 62 تمّ الجزء الثاني

_ [1] . فيحاوبهMs. [2] . ساء Ms.

المجلد الثالث

المجلد الثالث الفصل العاشر في ذكر الأنبياء ومدة أعمارهم وقصص أممهم وأخبارهم على نهاية الإيجاز والاختصار [75] في أخبار المسلمين أنه كان مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي والجم الغفير منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر نبيا مرسلا ويقال خمسة عشر وقال وهب منهم خمسة عبرانيون آدم وشيث وادريس ونوح وابراهيم وخمسة من العرب هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمّد صلى الله عليه وسلم قال وكان أنبياء بني إسرائيل ألف نبي أوّلهم موسى وأخرهم عيسى قال وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر لأصحابه انتم على عدة أصحاب طالوت وعلى عدة الرسل فمن الأنبياء من يسمع الصوت ومنهم من يوحى

ذكر عدد ما نزل من الكتب

إليه في المنام ومنهم من يكلم وفي الحديث أن جبريل ليأتيني كما يأتي الرجل صاحبه في ثياب بيض مكفوف باللؤلؤ واليواقيت رأسه كالحبك وشعره كالمرجان ولونه كالثلج جناحاه أخضران ورجلاه مغموستان في الخضرة وكيت وكيت،،، ذكر عدد ما نزل من الكتب قال وهب والكتب الذي أنزلت من السماء على جميع الأنبياء مائة كتاب وأربعة كتب منها على شيث بن آدم كتاب في [1] خمسين صحيفة وعلى ادريس كتاب في ثلاثين صحيفة وعلى موسى التوراة وعلى داود الزبور وعلى عيسى الإنجيل وعلى محمّد صلى الله عليه وسلم القرآن وروينا عن غير وهب أن الله تعالى أنزل على آدم إحدى وعشرين صحيفة فيها تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وقيل لم يكن فيها غير الحروف المقطعة وهي كل حرف يلفظ بها اللافظ من العربية والعجمية فيها ألف لغة من أمهات اللغات حدّ الله تعالى عليها الألسنة كلّها والتوراة تجمع كتبا كثيرة للأنبياء وهي خمسة أسفار وأربعة وعشرون وقد روى ثمانية عشر كتيفى [2] يعنون كتب الأنبياء وقد قص الله تعالى في القرآن ما أوحى إلى

_ [1] . فيهMs. [2] . كيفى Ms.

ذكر عدد الأنبياء جملة

نوح وهود ولوط وغيرهم من الأنبياء عم فلا أدري إنهم لم يؤمروا بنسخها والتحفظ لها أو كانت مثبتة عندهم فنسخت بكتاب بعدها أو كان الوحي والصوت لا يعد كتابا أو كان علمهم وأحكامهم على موجب العقل أو كانوا يتبعون صحيفة آدم وسنته لأن هذا كله محتمل بقول الله تعالى كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ الله النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ 2: 213 فعموم هذه الآية يوجب أن يكون لكل نبي كتاب يعمل به وراثة عن من قبله وتخصيصا به وحده وقد كانت الأنبياء من بني إسرائيل بعد موسى [76] يعلّمون بالتوراة ويحكمون بها إلى أن أنزل الفرقان ومع ذلك يوحى إليهم وينزل الكتب عليهم، ذكر عدد الأنبياء جملة قال الله تعالى مِنْهُمْ من قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ من لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ 40: 78 فممن سماه [1] لنا القرآن قوله بعد ذكر إبراهيم عم وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا من قَبْلُ وَمن ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ 6: 84- 85

_ [1] . سماه Ms.

وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ [1] من الصَّالِحِينَ وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ 6: 84- 86 وسمى لنا آدم ومحمدا وهودا وصالحا وشعيبا وذا الكفل وعزيزا [ومن] لم يسمه لنا منهم قوله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ من بَنِي إِسْرائِيلَ من بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ في سَبِيلِ الله 2: 246 قال أهل التفسير اسمه اسماويل بن هلقانا [2] وقالوا في قوله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا من دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ الله مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ 2: 243 أن نبيهم حزقيل بن بوزى [3] وقال قوم في قوله تعالى أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها 2: 259 أنه ارميا وقيل بل هو عزيز وقال في أسماء الأسباط وهم [4] اثنا عشر رجلا روبيل وشمعون ولاوى ويهودا ويستاخر [5] وذان [6] ونفتالى [7]

_ [1] . وكلّMs. [2] . هلقاياMs. [3] . يورىMs. [4] . وهماMs. [5] . بستاخرMs. [6] . وكانMs. [7] . وبغبالى Ms.

وجاد [1] واسترقفا وزبالون [2] ويوسف وابن يامن كلهم أنبياء وزعم بعضهم في قوله تعالى إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ 36: 14 انهم كانوا أنبياء بعد عيسى عم ومنهم من يزعم أنهم [3] كانوا رسل عيسى وهم يحيى وتومان [4] وشمعون وذكر أهل الأخبار أن شيث بن آدم كان نبيا وموسى بن ميشي بن يوسف كان نبيا قبل موسى بن عمران وذو القرنين كان نبيا وبلعم بن باعوراء كان نبيا ثم ذهبت نبوته ويوشع بن نون وكالب بن يوفنا [5] وبوشاماسن بن كالب وشعيا بن [آ] موص وجرجيس كانوا أنبياء وأما أهل الكتاب فيزعمون أنّ دانيال وعلياء ومشيائيل وعيلوق وحبقوق أنبياء وفي التوراة سفر لأثني عشر نبيا كانوا في زمن واحد عد أسماءهم إلى رجل من اليهود هو يسع ويوايل [6] وعاموس وعوديا [7] وميخا [8] وناحوم

_ [1] . وحادMs. [2] . وريألونMs. [3] . انهMs. [4] . توما بن ,cf.Mas oudi ,Prairiesd or ,t.I ,p.128 تومانMs. [5] . بوقياMs. [6] . نوايلMs. [7] . عويدياMs. [8] . ميخا Ms.

وحبقوق [1] وصفنيا [2] وهكاي وزخريا وملاخي وفي كتب بعض الحواريين أنه كان بعد المسيح بانطاكية أنبياء منهم برنبا ولوقيوس [3] وماثانيل واغابوس [4] ويزعمون أنّ عدّة من النساء تنبّأت منهن [5] مريم المجدلانية وحنا بنت فانوئل وابيغايل [6] وغيرهن ممن ذكرنا أسماءهن وذكروا نبيا يقال له شمسون وفي كتاب أبى حذيفة أن ادرياسين كان نبي المجوس وروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذكر أصحاب الكهف فقال كان المجوس أهل كتاب ولهم نبي وساق القصة إلى آخرها وقد قال بعض المحدثين أن الخضر كان نبيّا وزعم وهب أنّ الله بعث ثلاثة وعشرين نبيا إلى سبا فكذبوهم وروى في الأخبار أنه كان نبي باليمن يقال له حنظلة [7] بن افيون الصادق وكان في الفترة نبي يقال له خالد بن سنان العبسىّ وروى جبير [8]

_ [1] . حنقوقMs. [2] . وصفياMs. [3] . برياولوفيوسMs. [4] . اغنايوسMs. [5] . منهمMs. [6] . وحنا [؟] فأفرد وابتعاملMs. [7] . حنطلةMs. [8] . جوبير Ms.

ذكر آراء المجوس وسائر الملل في الرسل،

أنه كان قبل خلق آدم نبي بعثه الله إلى أرض اليمن ومنهم بنو الجان اسمه يوسف فهولاء ثمانون نبيا على ما حكى وروى عن أهل الكتاب وغيرهم والله أعلم وقد روينا عن الحسن أنه قال كان العجائب في بني إسرائيل وكانوا يقتلون مائة نبي في غداة واحدة ثم يقوم يسوق أهلهم [76] ولا يكترثون وأولو العزم من الرسل خمسة نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليه الصلاة والسلم كانوا أهل أمم وكتب بقول الله عزّ وجلّ وَإِذْ أَخَذْنا من النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمن نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً، 33: 7 ذكر أراء المجوس وسائر الملل في الرسل، أعلم أنهم يقرّون بنوّة جم شاذ ونبوة كيومرث ونبوة افريذون ونبوة زردشت وكتابه [أ] لابسطا ومنهم طائفة يقرون بنبوة به افريذ معناه خير ما خلق وفي كتابهم أنه كان بعد زردشت ثلاثة من الأنبياء فآمنوا بهم وأتبعوهم وأما الحرانية فإنهم يقولون لن تحصى أسماء الرسل الذين دعوا إلى الله وان مشهور هم أراني واغثاذيمون [1] وهرمس

_ [1] . اغاثاذيمون ,Fihrist راى واغثاديمون Ms.

وسولن [1] جد أفلاطن لأمه ومن القدماء من يقول بنبوّة افلاطن وسقراط وأرسطاطاليس وهؤلاء يقولون النبوة علم وعمل وأما الهند فمن أثبت منهم الرسالة فإنهم يزعمون أن الرسل ملائكة فمنهم بهابود وتبعه البهابودية وشب وأمته الكابلية ورامان وأمته الرامانية وراون وأمته الراونية وناشد وأمّته الناشديّة وهؤلاء فرق البراهمة الذين يثبتون [2] الرسالة ومنهم مهادر وأمّته المهادرية مع فرق وأهواء كثيرة يمر بك في موضعها وأما الثنوية فإنهم يقولون بنبوة ابن ديصان [3] وابن شاكر وابن ابى العوجاء وبابك الخرّمى وعندهم أن الأرض لا تخلو من نبي قط ومن المسلمين من يقول أن في الجن أنبياء كما في الإنس ويحتج بقوله تعالى يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي 6: 130 وزعم ابن حائط أن في كل خلق من الخلائق أنبياء حتى في الحمر والطير والبراغيث واحتج بقوله

_ [1] . سولون بن ,corriged apresleFihrist ,t.I ,p.318 وسولفMs. [2] . يبثونMs. [3] . ابن ديمان Ms.

وَما من دَابَّةٍ في الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ 6: 38 وبقوله عز وجل وَإِنْ من أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ 35: 24 وكان يقول بالتناسخ وجملة القول في الأنبياء والنبوة أنها كلها من مشكاة واحدة لا يجوز عليها أن يختلف في أصل الديانة والتوحيد ولا فيما يأتى به من الأخبار وإن اختلفت فروعه وانتسخت شرائع بعضهم ببعض بقول الله تعالى شَرَعَ لَكُمْ من الدِّينِ ما وَصَّى به نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا به إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ 42: 13 وقال تعالى وَسْئَلْ من أَرْسَلْنا من قَبْلِكَ من رُسُلِنا أَجَعَلْنا من دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ 43: 45 فما روى قوم من شيء يخالف أصل الديانة والتوحيد مثل كفر النعم والإشراك باللَّه واستحلال الظلم والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف ولا دعوة من قبل نبي أو رسول فهم [1] كاذبون في دعواهم أو نبيهم كاذب متنبئ لأن هذا خلاف التوحيد ومجيزو العقل ما رووا من شريعة يجوز أن بتعبد الله بها وبضدها فلم نجدها في كتابنا [2] ولا فيما [في] أيدي أهل الكتاب أمررناها على وجهها لأنه ممكن أن يكون ذلك شريعة نبيّ إذ لم يبيّن

_ [1] . فيهمMs. [2] . كتابها Ms.

قصة آدم عم،

لنا شرائع جميع الأنبياء وأخبارهم ولا وقفنا على جميع أسماءهم والله أعلم، قصة آدم عم، قد مضت أخباره عم عند ذكر خلقه يقال له آدم بن التراب وكنيته أبو البشر وأبو محمد وجاء في الحديث أنه كان نبيا مرسلا وكلمه الله قيلا وأسجد له الملائكة وأسكنه الجنة وخلقه بيده [77] ثم هبط إلى الأرض فتناسل وأعقب فلما كثروا [و] أولدوا وعمّروا الأرض نبّأه الله إلى ولده بعد مضي خمس مائة سنة [1] من عمره وكان يكلمه من السماء بلا واسطة وينزل عليه مع ذلك الوحي وأنزل عليه احدى وعشرين صحيفة فيها تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وهو أول من علمه الله الخط بالقلم ثم لم يكتب من ولده أحد إلى زمن إدريس عم وفرضت الصلاة عليه خمسين ركعة وفي بعض الروايات أنه لم يكن له شريعة غير التوحيد والله أعلم وكان من معجزاته نظره إلى جسده وهو تجري فيه الروح وخلق زوجته من ضلعه وسجود الملائكة له وسكونه الجنة وكلام الله له قيلا وزعم وهب أنّ آدم كان أجمل

_ [1] . عام Corr.marg.

قصة شيث بن آدم،

خلق الله وأنه كان أمرد وإنما نبتت اللحية لولده وأنه عاش ألف سنة وفي التوراة كان عمر آدم عم ألف سنة إلا سبعين سنة والله أعلم، قصة شيث بن آدم، زعم أهل الكتاب أن ترجمة شيث العوض والهبة وذلك أنه لما قتل قابيل هابيل عوض الله آدم من هابيل شيث وانقرض نسل قابيل وجملة [1] أسباب سائر ولد آدم إلا شيث وكان وصى آدم وولي عهده وخليفته من بعده، قصة ادريس النبي عم، يزعم أهل هذا العلم أنه أخنوخ بن يارد [2] بن مهلائيل بن قينان [3] بن انوش [4] بن شيث بن آدم وأمه بركيا بنت الدرمسيلا بن محويل [5] بن أخنوخ بن قين بن آدم وإنما سمي إدريس لكثرة درسه وهو أول نبي أعطي الرسالة بعد آدم وكان مستخلفا خلافة نبوة لا خلافة رسالة وإدريس أول من خط بالقلم بعد آدم وأول من خاط الثياب ولبسها

_ [1] . وحملتMs. [2] . [؟] أردMs. [3] . فيناMs. [4] . انوشMs. [5] . 168 بن 167 بن ,cf.Tabari ,I مجويل Ms.

وكان من قبله يلبسون الجلود وكان ولد آدم حي ونبأه [1] الله بعد وفاة آدم وأنزل عليه النجوم والطب واسمه عند اليونانيين هرمس وكان يصعد له من العمل في كل يوم مثل عمل بني آدم كلهم فشكر الله ذلك له فرفعه مكانا علياً واختلف الناس كيف رفع، في كتاب أبي حذيفة أن الملائكة كانوا يصافحون بني آدم في زمن ادريس ويزورونهم في رحالهم ومجالسهم لطيب الزمان وصلاح أهله فاستأذن ملك الشمس في زيارته فأذن له فسأله ادريس أن يرفعه إلى السماء ليعبد الله فيها مع الملائكة فرفعه الله فهو في السماء الرابعة وروى عن عبد الله بن الع [باس] أنه سأل ملك الشمس أن يعلمه الاسم الذي يصعد به إلى السماء فعلمه فرقى به إلى السماء الرابعة وبعث الله ملك الموت فقبضه هناك وروى أنه رفع إلى السماء الدنيا كما رفع عيسى وروى عن زيد بن أرقم خلاف هذا كله أنه رفع الى الجنة وفي حديث أنه أذيق الموت وأورد النار فإن صحت الرواية فبها ونعمت لأن هذا الخبر نظائر دخول آدم وزوجته الجنّة ورفع عيسى فإن

_ [1] وناه Ms.

استعظم رفع أجسام إلى السماء فأعظم منه هذا الغيم الراكد في الجو وهذه الأرض في ثقلها وكثافتها واقفة في السماء كما ترى ولن يعتل بهذا شيء إلا أمكن صرفه إلى ذلك مع أن كثيرا من نظار المسلمين يرون الرفع للأرواح دون الأشباح أو يكون رفع القدر وتعظيم المنزلة كما قال الله تعالى يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ 58: 11 وقال تعالى في الشهداء عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 3: 169 وأجسامهم في الأرض جيف [77] وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ابراهيم وموسى وعيسى ونوحا وآدم ليلة المعراج وهي ليلة عرج به إلى السماء لم يختلفوا أنهم لم يرفع أجسامهم فهذا هو الحق وذلك ممكن والله أعلم ويدل على أن هوشنك الملك كان قبل ادريس أو في زمنه أن الفرس زعمت أنه أول من أمر بقتل السباع الضارية وأن يتخذ من جلودها ملابس ومفارش ويدل أيضا أن طهمورث الملك كان في زمنه وعهده وان كان عاش بعده كيومرث الذي هو بمنزلة آدم عند أكثرهم ويزعمون أنه أول من كتب الكتاب وفطر الناس إليه كما يقول أهل الإسلام أن ادريس أول من خط بالقلم وفي زمانه قصة هاروت وماروت،

قصة هاروت وماروت،

قصة هاروت وماروت، اختلفوا المسلمون [1] فيه اختلافا كثيرا فروى بعض أهل الأخبار أن الله تعالى لما أراد أن يخلق آدم قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ 2: 30 فلما خلق آدم وتعاطت ذريته الفساد قالت الملائكة يا ربّ أهؤلاء الذين استخلفتهم في الأرض فأمرهم الله أن يختاروا من أفاضلهم ثلاثة ينزلهم إلى الأرض ليحملوا الناس على الحقّ ففعلوا وقالوا جاءتهم امرأة فافتتنوا بها حتى شربوا الخمر وقتلوا النفس وسجدوا لغير الله سبحانه وعلموا المرأة الاسم الذي كانوا يصعدون به إلى السماء فصعدت حتى إذا كانت في السماء مسخت كوكبا وهي هذه الزهرة قالوا وخيّر الملكان من عذاب الدنيا والآخرة فاختاروا عذاب الدنيا فهما معلقان بشعورهما في بئر بأرض بابل يأتيهم السحرة فيتعلّمون منهما السحر وأهل النظر لا يثبتون كثيرا من هذه القصّة منها أمر الزهرة لأنها من الكواكب الخنس التي جعلها الله قطبا وقواماً للعالم ومنها ركوب الملائكة مثل هذه الفواحش مع ما وصفهم

_ [1] . المسلمين Ms.

قصة نوح النبي،

الله به من طول العبادة وابتغاء الزلفة ثم هم ليسوا بذوي أجسام شهوانية مجوفة فيجوز عليهم مثل هذا وقد قال قوم أنهم أعطوا الشهوة وجعل لهم مذاكير ومنها تعليمهم الناس السحر وهم في العذاب والأولى بمن تلك حالته طلب التوبة والمخلص ولا توبة للمذنب ما لم يقلع فإن كان هاروت وماروت ملكين كما يزعمون فإنهما أنزلا ليبينا للناس وجوه السحر ويحذراهم وبيل عاقبته لا غير وكان الحسن يقرأ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ 2: 102 بكسر اللام ويقال علجان ببابل وأما الزهرة فإن كان من أمرها شيء فإنها أفتن بها أناس يعبدونها كما افتتنوا بالشمس والقمر وكوكب الشعري وقد روينا عن الربيع بن أنس أنه قال في هذه القصة كانت امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة مع أنه ليس في كتاب الله شيء من هذا وبمثل هذه الأخبار ينظرون الملحدون إلى فساد القلوب والله المستعان وقد استقصينا هذه القصة في كتاب المعاني والله ولي الإعانة وولي التسديد والتوفيق، قصة نوح النبي، يقال هو آدم الأخير واسمه سكن لأن الناس سكنوا إليه بعد آدم وانما سمي نوحا لكثرة نوحه على نفسه

وقومه وهو نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ وأمه قينوش [1] بنت براكيل [2] بن محويل [3] بن قين بن آدم قال وهب وكان رجلا نجارا دقيق الوجه طويل اللحية غليظ الفصوص في رأسه طول قال جوبير أنه كان ولد في حياة آدم وذلك أن آدم لما كبر سنه ودق عظمه قال يا رب إلى متى أكد وأشقى قال يا آدم حتى يولد لك ولد مختون فيولد نوح بعد عشرة أبطن وادم حينئذ ابن ألف سنه إلا خمسين عاما ثم مات آدم وكثرت الجبابرة وضيعوا وصاة الأنبياء ونصبوا صور المتوفين من آبائهم وأخوتهم يسجدون لها ويعبدونها بعد ما كانوا يتسلون بالنظر إليها ويتعزون بلقائها فنبأ الله تعالى نوحا وأرسله إليهم يأمرهم بعبادة الله وحده والكف عن المظالم فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فما آمن معه إلا قليل يقال ثمانون إنسانا أربعون رجلا وأربعون امرأة وروينا عن الأعمش أنه قال كانوا سبعة نوح وثلاثة بنين وثلاث كنائن [4] وأما ابن إسحاق فإنّه

_ [1] . فينوسMs. [2] . براكيلMs. [3] . مجويلMs. [4] . كنائين Ms.

روى أنه كان نوح وحام وسام ويافث وأزواجهم وستّة أناس فأمر الله بعد ما دعا على قومه باتخاذ السفينة فبناها وسواها وحمل فيها من كل زوجين اثنين إلا امرأته وابنها ويقال بل كان ابنه واسمه يام ويقال كنعان وأمره أن يركب السفينة إذا فار التنور بناحية الكوفة ويقال بأرض الهند وكان ذلك علما للغرق ففعل كما أمره الله عز وجل واغرق الله الظالمين قال الضحاك إن من غرق من الولدان مع أبائهم بذنبهم وليس كذلك وإنما هو بمنزلة الطير [1] من البهائم وسائر ما غرق بغير ذنب ولكن بآجالهم وقال قوم قبض الله أرواح الحيوان والأطفال قبل الغرق وأغرق الله الكافرين عقوبة لهم وقال آخرون أعقم أرحام نسائهم فلم يحمل منهن واحدة خمس عشرة سنة حتى لم يأت الغرق إلا على مستحق العذاب وقد أستعظم أمر الطوفان وما ذكر من طول مدة عمر نوح وسائر مدة عمر المعمرين وطول ما يروون من قامة آدم وقامات عاد وغيرهم مما جاءت به الأخبار حتى أنكره قوم رأسا وصرفه قوم إلى تأويل منحول والموحّد

_ [1] . كذا في الأصل Glosemarginale:

المصدق بابتداع هذه الأجسام لا من شيء واضع ما يرد عليه من مثل هذا إذا كان من مخبر صادق على حد الإمكان والجواز ويزداد قوة بما يجد له من نظير أو تمثيل مع أن كتاب الله أصدق شاهد وأطباق الأمم أوثق عصمة وليس ممتنع وقوع الطوفان في العقل ولا مكث الناس في السفينة ولا هلاك قرن وابتداء نشو ولا بعجيب امتداد الحياة ببعض الناس وإن كان خارجا عن العادة والطبع المعهود وقد قالت المنجمة أن الطوفان الذي وقع أيام نوح كان [1] في القران الأعظم وكانت الكواكب مجتمعة في دقيقة من الحوت والعدد متناسبة من السنة الألفي والقراني فأقروا بالطوفان وإن لم يذكروا السبب الموجب له من قبل العباد وحكي عن ارسطاطاليس وافلاطن أن الطوفان قد وقع دفعات كثيرة فمنها ما دام يوما أو يومين أو أكثر وزعمت طائفة منهم أن الطوفان [2] لم يعمّ الأرض كلّها ولعمري ليس ذلك في كتابنا وإنما يروى أنه عم الأرض كذا صباحا وحكم العاقل أن لا يعد [3] هذا مثل نصّ الكتاب

_ [1] . وكانMs. [2] . الطوفان فانMs. [3] . و Ms.ajoute

ومعروف الخبر في مخاطبة المخالف له وما حاجته إلى تمحل الحجج [1] لرواية كفاه الله مئونتها وأزال عنه شغلها فإن كان الطوفان عم الأرض وغمرها والتقى ماء الأرض وماء السماء كما روى فممكن وغير بديع من قدرة الله عز وجل وأن علا بقعة من البقاع وأباد قوما من الأقوام وكذلك والله أعلم آمنا بما صح منها وصدقنا بقول الله عز وجل فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ 7: 133 وأجمعوا أنه لم يعم الأرض كلها فإن قال قائل كيف يجوز في العقل هلاك قوم على ذنب يسير كما أجاز العقل بل أوجب هلاك كل مفسد وفاسد وقد روينا عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال ما أهلك الله قوما على شرك ما لم يتظالموا بقول الله تعالى وما كان الله مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون [2] وإذا جاز أن ينالهم من تأثير الكواكب فيهم ما يغرقهم على مذهب قوم هلا جاز أن يحملهم بتأثيرها فيهم على عمل يستحقون به الغرق والعقوبة وأما مدة عمر نوح فمختلف فيها [3]

_ [1] . الحجاجMs. [2] . صالحونCorrect.marginale ;ms. [3] . فيه Correct.marg. ;ms.

بقول الله تعالى فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاما 29: 14 ومعلوم أنه عاش بعد الطوفان مدة فزعم وهب أن نوحا بعث وهو ابن خمسين سنة وعاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين [1] سنة وروى ابن إسحاق عن أهل التوراة أنهم يزعمون أن نوحا بعث وهو ابن أربع مائة سنة وستين سنة وعاش بعد الغرق سبعين سنة وكثير من القائلين بالطباع أجازوا أن يكون في الأيّام [2] السالفة والزمان الماضي أعمار الناس وأشخاصهم أطول وأعظم ممّا في زماننا هذا وزعموا أنّه ما دام الحكم الأغلب لزحل كانت الأعمار أطول والقامات أتم ثم [لما] صار إلى المشتري انتقص ذلك لأنه دونه وكذلك لم يزل يتراجع درجة درجةً إلى زماننا هذا وهم يجيزون انتقاص أعمار الناس عما هي عليه اليوم إذ صار الحكم على قولهم للقمر ثم حار الحور [3] يراجع فصح إلى أقصى غاية النقص والقصر وهذا إن كان هكذا فاللَّه فاعله بهذه الأسباب التي جعلها الله مؤثّرة فيه وإذا جاز أن يسكن إلى

_ [1] . وخمسونMs. [2] . أيامMs. [3] . كذا في الأصل Enmarge:

مثل هذا ساكن كان السكون إلى ما وردت به كتب [1] الله عز وجل ورسله وشاهدت القرون والأمم أجوز ثم مع ذلك غير ممتنع أن يختص نوع من أنواع الجنس بشيء تباين فيه طبع جنسه ويعمى الناس عن معرفة علّته كالخواصّ المعدودة المعهودة التي خفيت علتها ولم يوقف على أسرارها أو ليس قد قالت كثير من فلاسفتهم في فشاراتهم بأن الفلك حي ناطق لحم ودم فكيف أجاز عليه البقاء ولم يجزه على ما هو في حكمه أو ليس الأركان أشياء متضادة [2] ثم ما هي باقية على اختلافها وتعاديها وهل الإنسان غير الأخلاط الأربعة [78] وقد أجمع هؤلاء أنه غير جائز في موجب الطبع زيادة عمر ساعة واحدة على مائة وعشرين سنة لعلل ذكروها فشاهدنا وشاهد من قلنا يقضى عليهم بخلاف قولهم فإذا جاز وجود الزيادة القليلة فيما يوجبه الطبع لم لا جاز وجود الزيادة الكبيرة مع أن المسلمين يستغنون عن مثل هذه الحجج [3] بإخبار الله وإخبار

_ [1] . كتابMs. [2] . متضاضدةMs. [3] . الحجاج Ms.

رسوله ومعرفتهم بقصور علمهم عن أسرار حكم الله في خلقه ونفاذ قدرته فيهم وكما قلنا في الأعمار فكذلك في الأجسام والقامات والأمم وما يرى من فضل ذي طول على ذي قصر يجوز لنا الحكم بأطول من كل طويل يتوهمه حتى يبلغ به المقدار الذي ورد به الخبر في آدم والصحيح أنه كالنخلة السحوق وكم من نخلة دون قامة الرجل فإذا زادت عليها فهي سحوق والذي روى ستون ذراعا فممكن أنه تفسير الراوي والله أعلم ومما يدل على جواز هذا تفضل [1] هذا النوع في الأشخاص والصور كحوت وحوت كم بينهما في المقدار وهو نوع من الجنس وقد زعم زاعم أن سفينة نوح مثل لدينه ولبثه في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما مثل لبقاء شريعته واحتج بما روى أن النبي صلى الله عليه قال مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها هلك فلزمه أن يتأول جميع ما في القرآن من قصة نوح وخبره على خلاف ظاهره مثل قوله تعالى فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ 54: 11- 13 وقوله

_ [1] . تفاضل Ms.

تعالى يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ قال سَآوِي إِلى جَبَلٍ [1] 11: 42- 43 إلى قوله وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ من الْمُغْرَقِينَ 11: 43 وما أشبه ذلك وإذا جاز لنا أن نتأول السفينة دينا جاز لنا أن نتأول القصر والحبل والسلاح والكراع والمال والطعام دينا لأن في هذه نجاة ظاهرة كما في السفينة مع أن هذه الطبقة قل ما يؤمنون بالكتاب ولكنه من دساتين الزنادقة يتلعبون بالدين ويتقلبون في التلبيس ولقد سمعت بعض الناس يقول معناه لو لبث فيهم ألف سنة إلّا خمسين عاما لأخذهم الطوفان ولا بدّ أن الطوفان كان آخذا لهم لأنهم كانوا لا يؤمنون وشبهه بقوله يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ من الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ 2: 96 قالوا واستثناءه الخمسين من الألف لأنه بعث على رأس خمسين من عمره ولا يعلم في لغة العرب إضمار حروف الشرط وإظهار فعله وجاء في الخبر أن نوحا عم لم يدع [2] بقوله لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ من الْكافِرِينَ دَيَّاراً 71: 26 الآية إلا بعد وحي الله إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن وتدلّ تواريخ الفرس

_ [1] . الجبلMs. [2] . يدع Ms.

أن الملك في زمن نوح كان جم شاذ أخو طهمورث أو طهمورث نفسه لموافقة بعض أخباره والله أعلم وزعم وهب أن نوحا خرج من السفينة يوم عاشوراء وبنى قرية بقردا [1] وسماها ثمانين [2] وقد احتج أصحاب هذا العلم بأشعار المتقدمين في هذه القصص فمنها قول أمية بن أبي الصلت [طويل] إلى أن يفوت المرء رحمة ربه ... وإن كان تحت الأرض سبعين واديا [79] كرحمة نوح يوم حل سفينة [3] ... لشيعته كانوا جميعا ثمانيا فلما استنار الله تنور أرضه ... ففار وكان الماء في الأرض ساحيا فهذا يقوّى مذهب من زعم أنهم كانوا ثمانية أنفس وقوله أيضا [خفيف] منج ذي الخير من سفينة نوح ... يوم بادت لبنان من أخراها فار تنوره وجاش بماء ... طمّ فوق الجبال حتّى علاها

_ [1] . بقروداMs. [2] . ثمانينMs. [3] . سيعة Ms.

قيل للعبد سر فسار وباللَّه ... على الهول سيرها وسراها قيل فأهبط فقد تناهت بك الفلك ... على رأس شاهق مرساها وقوله أيضا [وافر] وأرسلت الحمامة بعد سبع ... تزل على المهالك لا تهاب [و] تلمس هل ترى في الأرض عينا ... به تيبس أو اضطراب فجاءت بعد ما ركضت بقطف ... عليه الثلط والطين الكتاب فلما فرشوا الآيات صاغوا ... لها طوقا كما عقد السخاب إذا ماتت تورثها بنوها ... وإن قتلت فليس لها استلاب فجازى [1] الله بالأجل المرء نوحا ... جزاء البر ليس لها كذاب بما حملت سفينته وأنجت ... غداة أتاهم الموت القلاب . وفيها من أرومته عيال ... لذيه لا لظمآء ولا السّغاب وإذ هم لا لبوس لهم عراة ... وإذ صخر السلام لهم رطاب عشيّة أرسل الطوفان تجرى ... وفاض الماء ليس له جراب على أمواج أخضر ذي حبيك ... كأن سعار زاخرة الهضاب بأنه [2] قام ينطق كل شيء ... وخان أمانة الديك الغراب

_ [1] . كذا في الأصل ,Enmarge: فجاذىMs. [2] [؟] انتهى Ms.

قصة من كان بعده إلى [1] زمن عاد،

قصة من كان بعده إلى [1] زمن عاد، قرأت في ترجمة التوراة أنّه ولد لنوح سام وحام ويافث بعد خمس مائة سنة مضت من عمره وأما المتخلف عنه المخالف لأمره فهو يام والناس من ولده الثلاثة وسأل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه كعب الأحبار لأي ابنى آدم كان النسل قال ليس لواحد منهما نسل فأما المقتول فقد درج وأما القاتل فهلك نسله في الطوفان والناس من بني نوح ونوح من بني شيث بن آدم فسكن حام الجنوب ومنه السودان وسكن يافث الشمال ومنه الشقران وسكن سام وسط الأرض ومنه العرب وفارس وذكر ابن إسحاق فيما حكى عن أهل التوراة أنه نكح يافث بن نوح اريسيمه [80] بنت مرازيل بن الدرمسيل بن أخنوخ بن قين [بن] آدم وولدت له سبعة رجال وامرأة جومر ومارح ووائل وحوار وتوبل [2] وهوشل [3] وترس وسبكه بنت يافث فمنهم الترك والخزر والصقالبة وبرجان واشبان [4] وياجوج وماجوج ستة وثلاثون لسانا ونكح حام بن نوح حل بنت يارب بن

_ [1] . فيMs. [2] . وبوتلMs. [3] . وهوشنكMs. [4] . وأشنان Ms.

الدرمسيل بن محويل بن أخنوخ بن قين بن آدم فولدت له ثلاثة نفر كوش وفوط [1] وكنعان فولد كوش الحبشة والسند والهند وولد كنعان السودان [و] نوبة وفزان والزنج وزغل وزغاوة وبربر وولد فوط [1] القبط وفيهم سبعة عشر لسانا ونكح سام بن نوح صليب بنت ثوايل بن محويل بن أخنوخ بن قين بن آدم فولدت خمسة نفر ارفخشذ [2] وأشور [3] ولاوذ وارم [4] وعويلم وفيهم تسعة عشر لسانا فمن ولد لاوذ اجناس الفرس كلها وجرجان وطبرستان وطسم وجديس وعملاق وأميم وأما عملاق فأبو العمالقة تفرقت منهم الجبابرة والعتاة الذين كانوا بأرض الشام يقال لهم الكنعانيون ومنهم فراعنة مصر إلى فرعون يوسف وموسى عليهما السلام ومنهم ملوك فارس وخراسان وعظماء المشرق ومنهم أمة كانوا بعمان يسمون جاسم [5] ومنهم بالحجاز بنو هف وبنو مطر وبنو الأزرق ومنهم بنجد بديل وراحل وغفار

_ t.Ier ,P.212. [1] بن قوط ,Tabaria قرطMs. [2] . افخشدMs. [3] . اسودMs. [4] . وآدمMs. [5] . جاشم Ms.

قالوا وكان نزل عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح أكناف الحرم ومصر والشام ونزل طسم وجديس جو اليمامة وما يليها ونزل ولد ارم بن سام بن نوح الاحقاف إلى عالج ويبرين والحجر بين الحجاز والشام قال ابن إسحاق ولد ارم بن سام بن نوح ثلاثة نفر عوص [1] وغاثر [2] وحويل فولد عوص عادا وعبيلا وولد غاثر ثمود وجاسم [3] وطسم وجديس فأما عاد وثمود فقد ذكر في القرآن هلاكهما وأما جديس فكثرت وتربت ورئيسها رجل منهم يقال له الأسود بن غفار وكان ملكهم إذ ذاك رجل من طسم يقال له عمليق وكان يبدأ بالعروس قبل زوجها حتى تزوجت غفيرة بنت غفار وأراد عمليق أن يصيبها فاستصرخت أخاها الأسود بن غفار وخرجت حاسرة وهي تقول [سريع] لا أحد أذل من جديس ... ، أهكذا يفعل بالعروس ، فأحفظ صراخها جديس، وأزعجهم فخرجوا مع الأسود بن غفار ففتكوا بطسم فقتلوهم كلهم وملكهم إلا رجلا واحدا أفلت بخديعة دقيقة [4] حتّى أتى

_ notee. [1] بن 214 بن ,cfTabari ,I عوضMs. [2] . عاثرMs. [3] . جاشمMs. [4] . بخدعة دقنه Ms.

ملك اليمن وهو ذو غسان بن تبع الحميري فاستنجده فوجه [1] ذو غسان بن تبع جيشا إلى جديس يطلب بثأر طسم وكانت في جديس جارية زرقاء يقال لها اليمامة وبها سميت اليمامة وكانت كاهنة تبصر الراكب من مسيرة يوم ويقال من مسيرة ثلاث فخاف الجيش أن تبصرهم اليمامة فتخبر القوم بهم فقطعوا الشجر وجعل كل رجل بين يديه شجرة يمشي خلفها يستتر بها عن اليمامة ونظرت اليمامة فرأت الشجر فنادت يا آل جديس سارت إليكم الشجر أو أتتكم حمير قالوا وما ذاك قالت أرى رجلا في يده كتف [2] يأكلها أو نعل يخصفها فكذبوها فصبحتهم الخيل فقتلتهم وأقصتهم وانقضى أمر جديس وطسم وفيه يقول الأعشى [بسيط] [80] قالت أرى رجلا في كفه كتف [2] ، ... أو يخصف النعل لهفى أية صنعا فكذبوها بما قالت فصبّحهم، ... ذو آل غسّان يزجى [3] السمر والسلعا

_ [1] . فوجدMs. [2] . كتفMs. [3] . يزجّى Ms.

فاستنزلوا أهل جوّ من مساكنهم، ... وهدّموا شاخص البنيان فاتضعا قالوا وسار وبار بن أميم فنزل بأرض وبار برمل عالج فهلكوا وأما ابن إسحاق فإنه يزعم أن بني أميم بن لاوذ بن سام بن نوح نزلوا وبار فكثروا وربلوا [1] وعصوا فأصابتهم من الله نقمة فهلكوا وبقيت منهم بقية يقال لهم النسناس للرجل منهم يد ورجل من شق واحد ينقزون نقز الظباء ووبار بلاد لا يطأها أحد من الإنس لما فيها من حسّ الجن وهي أكثر أرض الله نخلا وشجرا فيما يزعمون وحكي أن رجلا وقف في الجاهلية بعكاظ على بعير له مثل الشاة وهو يقول [طويل] ومن يعطني ستا وستين بكرة ... هجانا وأدما أهده لوبار ثم ضرب بعيره فتلمع به تلمع البرق وفيه يقول الأعشى من بني قيس والله أعلم [منسرح] ومر دهر على وبار ... فهلكت جهرة وبار وحال على جديس يوم [2] ... من الدهر مستطار

_ [1] . وربلواMs. Manqueundemi -pied. [2]

قصة عاد الأولى وهم عشر قبائل،

وأهل جو أتت عليهم ... فأفسدت عيشهم فبادوا وقبلهم غالت المنايا ... طسما ولم ينجهم حذار بادوا كما باد أولوهم ... عفا على إثرهم قدار قالوا إن فارس والعرب والروم يمنيها ونزاريها من ولد سام بن نوح غير أن فارس لم تحفظ [1] أنسابها إلا ما يذكر من ملوكهم على اختلاف وانقطاع وأما العرب فإنّهم يسردونها إلى قحطان ابن عابر فولد فوط [2] جرهم وجديل فاقرضوا وأما جرهم فنزلوا مكّة وصاهروا إسماعيل بن ابراهيم عم، قصة عاد الأولى وهم عشر قبائل، عاد بن عوص [3] بن ارم بن سام ابن نوح وكانوا قدماء قد أعطوا بسطة في الخلق وقوّة في البسط والبطش نزلوا بهذا الرمل من عمان إلى حضر موت وهي إذ ذاك أخصب بلاد الله وأمرعها فلما سخط الله عليهم جعلها مفاوز ورمالا وغياضا وذلك أنهم نصبوا الأوثان يعبدونها فمما يذكر من أسمائها صمود، صدا، دهنا، وأخذوا مع عبادة الأوثان في

_ [1] . حفظMs. [2] . فرطMs. [3] . عوض Ms.

ظلم الناس بفضل قوتهم فبعث الله عز وجلّ اليهم هودا عم وهو من أوسطهم حسبا وأفضلهم موضعا وقال وهب كان هود رجلا تاجرا جميل المحيا أشبه خلق الله بآدم وهو هود بن عبد الله بن رباح بن حاور بن عاد بن عوص [1] بن ارم فدعاهم إلى الله تعالى وإلى عبادته وحده لا شريك له وأن يكفوا عن ظلم الناس وقد يبين الله في القرآن تذكيره إياهم ومراجعتهم له بما فيه كفاية فلمّا أبطئوا عليه بالإيمان والإجابة وعتوا على الله أمسك عنهم القطر حتّى أجهدهم الجدب فبعثوا وفدا إلى الحرم يستسقون فيهم لقمن [81] بن عاد ولقيم بن هزال وقيل ابن عثر [2] ومرثد بن سعد وكان مسلما يكتم إيمانه وكان الناس إذ ذاك إذا نزل بهم بلاء أو جهد فزعوا إلى الدعاء في الحرم فسار الوفد حتى نزلوا على خالهم معاوية بن بكر وأقاموا عنده يشربون الخمر ويغنيهم الجرادتان وهما قينتان له ثمّ هيّأ معاوية ابن بكر شعرا ودسه إلى الجرادتين لتغنياه [3] قومه [وافر] ألا يا قيل ويحك قم فهينم ... لعلّ الله يصبحنا الغماما

_ [1] . عوضMs. [2] . عندMs. [3] . ليغنّيانه Ms.

فيسقي أرض عاد [1] إن عادا ... قد أمسوا ما يبينون الكلاما وقد كانت نساؤهم بخير ... فقد أمست نساؤهم عياما فإن الوحش يأتيهم جهارا ... ولا يخشى لعادي سهاما وأنتم هاهنا فيما اشتهيتم ... نهاركم وليلكم التماما فلما غنتهم الجرادتان تلاوموا في تمكثهم وخرجوا يستسقون فنشأت ثلاث سحائب بيضاء وسوداء وحمراء ثم نودي من السحاب يا قيل اختر لنفسك ولقومك فاختار السوداء لأنها أكثر ماء فنودي اخترت رمادا رمددا [2] لا يبقى من عاد أحدا [3] إلا بنو اللوذية وبنو اللوذية بنو لقيم بن هزال وكانوا نزلوا بمكة مع أخوالهم و [هم] عاد الأخرى في الخبر ومثل هذا جائز في زمن الأنبياء مع أنه ليس في القرآن منه شيء فإن صح الخبر فمعنى النداء من السحاب ما رئي فيه من اثر المطر لا غير وساق الله السحابة السوداء فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا 46: 24 كقول الله تعالى لهم أو نبيهم بَلْ هُوَ 46: 24

_ [1] . عاMs. [2] . 238 بن ,corriged apresTabari ,I ورمدّاMs. denxfoisdanslems. [3]

ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ورجع الوفد إلى معاوية ابن بكر فأتاهم راكب مسيرة ثالثة فأخبرهم بمصاب عاد قالوا وكان تخلف عنهم لقمان بن عاد ومرثد بن سعد ثم قدما بعد الوفد فقيل لهما أعطيتما مناكما فاختارا لأنفسكما إلا أنه لا سبيل إلى الخلد فقال مرثد أعطني يا رب برا وصدقا فأعطاه وقال لقمان أعطني يا رب عمرا فقيل له اختر لنفسك أبعار ضأن عفر في جبل وعر لا يغالبه إلا القطر أو سبعة أنسر إذا مضى نسر خلوت إلى نسر فاختار النسور فجعل يأخذ منه الفرخ حتى إذا مات أخذ آخر فلم يبق إلا السابع فقال له ابن أخ له يا عم ما بقي من عمرك غير هذا فقال يا ابن أخي هذا اللبد ولبد بلسانهم الدهر وزعموا أن النسور تعيش خمس مائة سنة هكذا في الخبر وفي كتاب المعمرين من قصة لقمان وخبره شيء كثير ومن شهرة أمره في العرب كالإجماع على ذلك لكثرة ما يذكرونه في وصاياهم وخطبهم وأشعارهم فإن كان الخبر حقا احتمل أن يكون التأويل أنه تمنى ذلك فخطر بقلبه خاطر وقاله بذلك أو أرى في المنام أو رأى آية أو علامة دلته على ما خبر به عنه فعمل ذلك بأكثر الرأي

فأصاب فيه مناه وهذا كثير مما يقع بالاتّفاق والجدّ وغير بديع ان يعمّر إنسان عمر مائة سنة ومن حكم للنسر بعمر مقصور على مقدار لا يزيد ولا ينقص وفيه يقول الشاعر وهو أعشى من بنى قيس بن ثعلبة [طويل] وأنت الذي ألهيت قيلا بكأسه ... ولقمان إذ خيرت لقمان في العمر [81] فقلت منيت الضأن يبحث في الشرى ... بأرعن ينفي رأسه ليلة القطر لنفسك أو تختار [1] سبعة أنسر ... إذا ما خلا نسر خلوت إلى نسر فقال نسور حين خال بأنه ... خلود وهل تبقى النفوس على الدهر فقال له لقمان إذ خل [2] ريشه ... هلكت وأهلكت ابن عاد وما تدري فأصبح مثل الفرخ أطول ريشه ... قصار القدامى بعد مطرد حشر وفيه يقول أيضا [منسرح] ألم تروا إرما وعادا ... أودى بها الليل والنهار بادوا كما باد أوّلوهم ... غدا على إثرهم قدار لخلفه من أبي رباح [3] ... يسمعها الاهة [4] الكبار

_ [1] . يختارMs. [2] . ادخلMs. [3] . رياحMs. [4] . الاهه Ms.

قصة عاد الأخرى،

إن لقيما وإن قيلا ... وإن لقمان حيث ساروا لم يدعوا بعدهم عريبا ... ففنيت بعدهم نزار وفي كتاب أبي حذيفة أنّ هودا عم عاش أربع مائة وأربعين سنة وزعم وهب أن عادا لما أهلكت لحق هو بمكة حتى مات وروى ابن إسحاق عن عليّ عم أنّ قبر هود بحضر موت تحت كثيب أحمر عند رأسه شجرة تقطر إما سدر وإما سلم وسمعت غير واحد من السياحين يخبرون [1] بموضع قبره وكان هلاك عاد وثمود إذ ذاك بأرض حجر [2] وقرح وهي وادي القرى وبين هود وثمود مائة سنة، قصّة عاد الأخرى، ذكر ابن إسحاق عن اثر عاد الأولى وعاد الأخرى ولم يحك كلامهم وإنما ذكر حربا كانت بينهم ثم اصطلحوا قال وكان من حديثهم أن سالم بن هذيمة من بني هذيمة بن لقيم سب لقمان بن عاد أحد بني عمرو بن لقيم وهاج الشر بينهم ثم حكّموا بينهما درما الطسمي فأصلح بينهم وقال الحسن عاد الأولى قوم هود وعاد الأخرى قوم لقمان الجبّار

_ [1] . يحيرونMs. [2] . حجز Ms.

قصة ثمود

وحكي عن عاد الأولى أنهم لما هاجت الريح قام نفر منهم فأدخلوا عيالهم شعبا من شعاب الجبل ثم اصطفوا على باب الشعب ليردوا عنهم الريح فلما ألحت عليهم حفروا [الأرض] بسيوفهم وغاصوا فيها إلى أنصافهم وكان للقوم قامات وأجسام لقول الله تعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها في الْبِلادِ 89: 6- 8 يقال أنه كان يبلغ طول أحدهم اثنتي عشرة ذراعا وفي كتاب أبي حذيفة ستين ذراعا والله أعلم فجعلت الريح تقلعهم وتجعفهم لقول الله تعالى تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ، 54: 20 قصة ثمود وهم ثمود بن عابر بن ارم بن سام بن نوح قال ابن إسحاق فلما هلكت عاد عمرت ثمود بعدها وكثروا وربلوا وانتشروا ومنازلهم بين المدينة والشام ونحتوا البيوت في الصخور لطول أعمارهم ثم عتوا على الله وعبدوا غيره وتغالبوا وتظالموا [82] فبعث الله إليهم صالحا وهو من أوسطهم نسبا وأفضلهم موضعا وزعم وهب أن صالح بن عبيد بن عامر بن سام بن نوح وكان رجلا أحمر إلى البياض قال فخرجوا إلى عيد لهم ومعهم صالح فقال له [1]

_ [1] . لهم Ms.

عظيم ثمود جندع بن عمرو إن أخرجت لنا من هذه الصخرة مخترجة [1] جوفاء [2] وبراء عشراء والمخترجة [3] ما شاكلت البخت آمنا بك واتبعناك فنظروا إلى الهضبة تمخض بالناقة [4] تمخض النتوج بولدها ثم انتقضت [5] فانصدعت عن ناقة كما سألوا بين جنبيها [ما] لا يعلمه إلا الله فآمن به جندع ومن كان معه قال فمكثت الناقة ترعى ما شاء الله من الشجر ويشرب اللبن ثم ينتج لها فيحتلبون ما شاء الله من لبن وكان امرأتان من أشراف ثمود ذواتي أموال من المواشي يقال لإحديهما عنيزة بنت غنم وللأخرى صدوف بنت المحيا أضر بهما شرب الناقة الماء فاحتالتا في عقر الناقة فدعت صدوف مصدع بن بهرج لعقر الناقة وعرضت نفسها عليه ودعت عنيزة قدار بن سالف وكان لها بنات فائقات في الحسن والجمال فقالت أزوجك أي بناتي شئت إن أنت عقرت الناقة فانطلق قدار ومصدع

_ [1] . محترجهMs. [2] . حوفاءMs. [3] . المحترجهMs. [4] . بمحض بالفاقةMs. [5] . انتقضت Ms.

واستغويا تسعة نفر كما قال الله تعالى وَكانَ في الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ في الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ 27: 48 قال فرصدوا الناقة حين صدرت إلى الماء وقد كمن لها قدار بسهم فانتظم [1] عضلة ساقها ثم كشف قدار عرقوبها [2] فخرت ورغت رغاء واحدة تحذر سقبها [3] ثم نحروها وعضبوها وانطلق سقبها حتى أتى جبلا منيفا لاذ به ففزع من آمن [من] قوم صالح إليه وقد كان حذرهم عقر الناقة ووعدهم العذاب إن هم مسوها بسوء فقال لهم أدركوا السقب فان أنتم أدركتم السقب فلعل العذاب يؤخر عنكم فراموا كل المرام وتشامخت [4] بهم الصخرة ودعت عليهم ثلاث دعوات فأخبر صالح بذلك فقال ابشروا بالعذاب قالوا ومتى هو قال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب فأصبحوا غداة يوم المؤنس وجوههم مصفرة وأصبحوا يوم العروبة وجوههم محمرة وأصبحوا يوم شيار وجوههم مسودة ثم صبحهم العذاب غداة يوم أول وهو صيحة وريح وهدة أهلكتهم ولهم في قصة عاد وثمود وطسم وجديس أشعار كثيرة

_ [1] . فانتظمMs. [2] . عرقوبتهاMs. [3] . تحدّر سقبهاMs. [4] . تسامحت Ms.

لأنّ هؤلاء كانوا عربا عادية وقد ذكرت تلك الأشعار في قصصهم فمنها قول بعضهم [وافر] وقالت أم غنم يا قدار ... عزيز ثمود شد ولا تهابا ولا تجبن فإن الجبن عيب ... وكان أبوك يكره أن يعابا إن أنت عقرتها وأرحت منها ... بلاد ثمود أنكحك [1] الدّبابا فأهوى [2] سيفه للخر طعنا ... وفرّ السقب يطّلع الشعابا وحنّت بعد ما خرّت [3] صويتا ... تحذّر [4] سقبها كيلا يصابا فأتبعه غواة بني عدي ... ونادوا مصدعاً وأخاه ذابا [82] فيرميه شقي بني عبيد ... بسهم لم يريشه لغابا ونادى صالح يا رب أنزل ... بآل ثمود [منك] غدا عذابا فكانت صيحة تركت ثمودا ... ديارهم لثالثة خرابا وقال أمية بن أبى الصلت [خفيف] كثمود الّتي تفتّكت الدّين ... عتيّا وأمّ سقب عقيرا

_ [1] . أنكحتكMs. tindiqueeenmarge. [2] فأهوى ,lalecon فاهرفMs. [3] . حرّتMs. [4] . تحدّر Ms.

ناقة للإله تسرح في الأرضِ ... وينتاب حول ماء مديرا فأتاها أحيمر كأخي السهم ... بعضب فقال كوسى عقيرا فأبت [1] العرقوب والساق منها ... ومضى في صميمه مكسورا فرأى السقب أمه فارقته ... بعد إلف حنية وظؤورا فأتى صخرة فقام عليها ... صعقة في السماء تعلو الصخورا فرغا [2] رغوة فكانت عليهم ... رغوة السقب دمروا تدميرا فأصيبوا إلا الذريعة فاتت [3] ... من جواريهم وكانت جرورا سنفة أرسلت تخبر عنهم ... أهل قرح بأن قد أمسوا ثغورا فسقوها بعد الحديث فماتت ... وانتهى دبنا [4] واوفى حقيرا وفي كتاب أبى حذيفة أنّ صالحا عاش ثلاثمائة سنة إلا عشرين عاما وزعم وهب أن ثمود لما هلكت أحرم صالح بن موسى قومه وأتوا مكة وأقاموا بها إلى أن ماتوا وأصيب في كتاب تأريخ ملوك اليمن أن الله بعث هودا إلى عاد وصالحا إلى ثمود في زمن جم شاذ الملك بأرض بابل والله أعلم،،،

_ [1] . فابتMs. [2] . فدعاMs. [3] . فاتMs. [4] . دبنا Ms.

ذكر اختلاف الناس في هذه القصة

ذكر اختلاف الناس في هذه القصة سأل سائل كيف يجوز أن يصطلم أمة من الأمم في عقر ناقة أبيح عقر جنسها وأي عدل ورحمة في الاقتصاص من ناس لبهيمة أم كيف يجوز توهم خروج ناقة من صخرة على الصفة التي يصفونها به وأي دابة تسد ماء جبلين حتى يضيقا عنها أو تشرب [1] ماء عين وتسقي أمة فأنكر ذلك كلّه وأباه ثمّ أخذ في التأويل فزعم أنه يحتمل أن يكون خروج الناقة من الصخرة حجة دامغة وسلطانا قاهرا من بعض العظماء أذعن له القوم واستدلوا بأن يكون شربها ماء العين إبطال تلك الحجة جميع من خالفهم واعتلاؤها عليهم [2] بالوضوح والقوة وأن يكون عقرهم إياها معاندتهم لتلك الحجة وامتناعهم عن قبولها وكذلك قالوا في عصى موسى والتقافها عصى السحرة وأذكر أني سمعت بعضهم وهو يسأل عن ناقة صالح كيف خرجت من هضبة فقال يشبه أن يكون خبأها تحت الصخرة ثم أخرجها وسمعت غيره يزعم أن اسم الناقة [83] كناية عن رجل وامرأة وهذه رحمك الله مذاهب الملحدين المنكرين معجزات الأنبياء ووجوب النبوة ومجيئهم

_ [1] . يشربMs. [2] . عليها Ms.

بالآيات الخارجة عن الحس وابعاده وفرقانا بينهم وبين المتنبئين المتقولين [1] المخترعين المتشكلين [2] التي تبهر عندها العقول ويتحير في كيفيتها النفوس كذا حيرتها في إبداع أجسام هذا العالم بكليتها وأجزائها لا من غير سابق ولذلك قلنا أن أصل التوحيد يوجب إثبات النبوة ولا يلزم مسألة أيجاب النبوة من لم يقر بوجود البارئ سابقا لخلقه فإذا صح وجود هذا العالم محدثا بالدلائل البرهانية ولم ندر كيف جاز وجودها فكذلك ينبغي أن يرد إليه معجزات الأنبياء لأنها كلها منه وقد مضى لك هذا في غير موضع من الكتاب فليكن ذلك من بالك وباللَّه التوفيق ثم إنا نقول لو كان الأمر كما وصف فأية فائدة حينئذ في ذكر الناقة وعقرها وأي تعجيب بما هو جار في العادات معروف متعارف عند الجميع وأي فرق بين الصادق والكاذب والقادر والعاجز ولعمري ليس في القرآن خروج الناقة من الصخرة ولا أنها تسقى أمة ولا أنّ الفجّ تصدم جنبيها لانتفاخ بطنها ونحن لا نجاوز في هذا وأشباهه نص الكتاب وظاهر صحيح السنة من غير إنكار شيء ممّا يقع

_ [1] . المنقولينMs. [2] . عن المستكالين Ms.

تحت القدرة ويشبه أن يكون صالح عم أشار إلى ناقة من الإبل بأمر الله فجعلها علامة بينهم لطاعة المطيع ومعصية العاصي وامتحنهم بوردها وشربها ولو أشار إلى بقرة أو حجارة أو طير وهو مثلا لكان كذلك كما امتحن آدم بالشجرة امتحننا بالكعبة وأنواع الفرائض وقد كانت الملوك يفعلون مثل هذا في الزمن الأول اختبارا لطاعة العوام وتخويفا للرعية كما حكي عن النعمان ابن المنذر أنه كان أرسل كبشا في البيوت والأسواق وعلق مدية في عنقه وسماه كبش الملك يبلو بذلك طاعة الناس هل يجترئ عليه أحد بالعيث وإنما كانت الناقة لصالح ونسبت إلى الله عز وجل لنهي الله عن عقرها وأما قولهم كيف جاز إهلاك قوم وإفناء أمة بناقة فإنهم أهلكوا بكفرهم وتكذيبهم وتظالمهم فيما بينهم وكانت الناقة حدا حاجزا عن هذه المعاصي فلما أشكوا حرمتها انتهك [1] كل ما كان محجوزا بها وأما إنكارهم أن يكون ناقة تسقي أمة فإن الأمة من بين الثلاثة إلى ما بلغ وإنكارهم مصادمة حافتي الفج جانبيها فكم عهدنا من شعب يضيق عن مسلك شاة عن مسلك ناقة وأمّا

_ [1] . انهتكوا Ms.

قصة إبراهيم عم

تعجبهم من هلاكهم فهلاك الحيوان بأنواع الآفات والبلايا الطبيعية والسماوية من طغيان ماء أو نار أو ريح أو غير ذلك معاين مشهور لا ينكره أحد ولا يمكنه الإنكار وقد يجوز بل يمكن أن يكون عذاب عاد وثمود وقوم لوط وسائر المغلبين من الأمم ألح عليهم أياما وشهورا وأعواما ودام أوقاتا كثيرة وقد يجوز أن يكون حرفا واجتياحا فإذا جاز جميع ما ذكرنا فلا معنى لسرعة الرد والتكذيب والله المستعان، هذا ما وجدنا من القصص والأخبار بعد نوح إلى زمن ابراهيم عليهما [1] السلام وقد روينا في بعض التواريخ أنه كان بين نوح وإبراهيم ألفا سنة ومائتا سنة وأربعون سنة وروينا في بعضها [83] أنه كان من الطوفان إلى مولد ابراهيم عم ألف سنة وتسع مائة سنة وسبعون سنة وروينا أنه كان بينهما عشرة قرون وعلماء المسلمين يرون أن الملك كان في زمن ابراهيم نمروذ الجبار صاحب الصرح ببابل والله أعلم،،، قصة ابراهيم عم [ورد] في الأخبار أنه ملك الأرض كلها أربعة نفر مؤمنان وكافران وسيملك من هذه الأمة خامس فأوّلهم

_ [1] . عليهم Ms.

نمروذ بن كنعان [1] بن كوش بن حام بن نوح ويقال نمروذ بن كوش بن سنحاريب بن كنعان بن سام بن نوح والله اعلم والثاني اژدهاق ذو الحيتين والأفواه الثلاثة والأعين الست والعرب تسمّيه الضحاك هو نمروذ بعينه وإنما سمي ضحاكا لأنه ضحك كما سقط من بطن أمه فطرحته أمه بقفر وقبض له نمرة ترضعه لما أريد به وقيل بل جز ثدي أمه فاسترضعته بلبن نمرة فسمي نمروذ لذلك وقيل بل الثاني [2] نصر وأهل اليمن يزعمون أن الثاني تبع بن ملكيكرب فأما المؤمنان فأحدهما سليمان بن داود عليهما السلم والفرس يزعمون أنه جم شاذ والآخر ذو القرنين وقد اختلفوا في ذي القرنين أهو الاسكندر الرومي أم غيره وفيهم يقول الشاعر [كامل] ملكوا المغارب والمشارق كلها ... وتوثقوا لم يتركوا أمرا سدى واعلم أنّ لو تكلفنا هذه الأخبار والأقاصيص كلها على وجهها وأتينا بها على كنهها لاحتجنا إلى أن نسرد الروايات كلها الحق منها والباطل والمحال والمجاز ثم لم يحصل الناظر فيها على

_ [1] . كنعاشMs. [2] . بحت Ms.

غير ما كان ممكنا من غير ذلك وإنما المراد في ذكر ما يجوز ويمكن ويتوهم مما اختلف فيه الناس وخالفه الملحدون وخفى ما فيه عن طلاب الحق وملتمسي الهداية فيما كان منها في كتاب الله عزّ وجلّ ظاهرا جليّا كفى به هاديا ومفيدا وما كان في الصحاح من الأخبار فمنزل منزلة الكتاب في الإيمان والتصديق وما كان غير ذلك من آية مشكلة أو خبر مشتبه فالغرض في كشفه وحله مع أنا لا ندع الإتيان بجمل [1] منها لأن الكتاب عليها ولها أسس وبها رسم والله الموفق المعين، ذكر أهل هذا العلم أنه ابراهيم بن تارح بن ناحور [2] بن ساروج [3] بن ارغو بن فالج [4] ابن عابر [5] بن شالح بن ارفخشذ بن سام بن نوح وأنه لما أظل وقت ظهوره أخبرت المنجمة الكهان نمروذ بأنه يولد مولود في هذه السنة يكون هلاك ملكك على يديه وهذا يمكن لأنه يروى أن علم النجوم كان حقا إلى أن نسخ وأيضاً فإن علم الغيب الذي تفرد الله به واستأثر به نفسه دون خلقه

_ [1] . بجملMs. [2] . باجورMs. [3] . ساروحMs. [4] . فألحMs. [5] . عابر Ms.

لا يتناوله [1] هذا الباب ويمكن أن يكون أدركوه في بعض كتب الله كما ذكر للنبي عم مشهوراً في الكتب قبله فأمر الملك بقتل كل مولود ذكر مخافة أن يقع تصديق ما قد ذكر وحملت أنيلة أم ابراهيم ويقال أبيونا فكتمت حملها إلى أن دنا حملها فوضعته وأخفته في سرب [2] وجعلت تأتيه متخبئة ترضعه وتتعهده إلى أن فطمته وبلغ مبلغ المراهق خمسة عشر سنة واجتمعت لحيته وكان من حسن بيانه [3] وسرعة شبابه يستغاب [4] مولده وقت ذبح الولدان فنزل ومشى [84] في الناس وطالع أحوالهم ومذاهبهم وما توزعتهم النحل به من عباداتهم فمنهم من عكف على حجر ومنهم من عكف على شجر فتفكر في مستحق العبادة منه لقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ من قَبْلُ وَكُنَّا به عالِمِينَ 21: 51 فدلته الفكرة والاجتهاد على صانعه ومدبره فصرف الرغبة إليه وأخلص العبادة له بقول الله تعالى وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ من الْمُوقِنِينَ 6: 75 ثم احتال في تعريف

_ [1] . لا ساولهMs. [2] . سربMs. [3] . بيانهMs. [4] . كذا في الأصل enmarge: يستغاب Ms.

القوم سوء احتيالهم وقبح اختيارهم وخطاء اعتقادهم بألطف الوجوه وأحسن الحيل بقول الله تعالى فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قال هذا رَبِّي 6: 76 مخادعا مماكرا لهم أي إن كان هذا الصنم أو هذا الشخص لكم ربّا فهذا الكوكب في علو مكانه وشعاع نوره وحسن منظره وبعده من آفات الأرض ربي وهو أولى بالعبادة من غيره على هذه الشريطة ولعمري إن عابدي الأجرام العلوية أعذر من عابدي الأجرام السفلية في القياس فوقع للقوم أنه أحسن اختيارا منهم وأبعد معرفة وعلما يقول الله تعالى فَلَمَّا أَفَلَ قال لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ 6: 76 لأنه علم أن الطلوع والأفول عرضان حادثان ولا يستحق العبادة الحادث العارض لأنه العاجز المنقوص المقارن بما لا يبقى ويزول ثم لما رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قال هذا رَبِّي 6: 77 فجعل ابراهيم يريهم النقص في عقولهم والنقض في مذاهبهم بما اجتنبه [1] على جهة الخبر عن نفسه مخادعا مماكرا لما قرر عندهم الحجة البالغة جاهرهم بالخلاف ونبه [2] بالتوحيد فقال إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ 6: 79

_ [1] . اجنم بهMs. [2] . ونبه Ms.

وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا من الْمُشْرِكِينَ 6: 79 ولهذا لما كان دين ابراهيم معقولا فطريا لا يحتاج في إدراكه ومعرفته إلى سماع وخبر حد الله عليه أنبياءه ورسله وأمرهم باتباعه وما من أهل دين إلا وهم يقولون [بدين] ابراهيم عم ويتبعونه في دعاءهم [1] قالوا وإن أباه آزر كان [2] ينحت الأصنام ويتبعها ويعبدها فجادله ابراهيم عم كما حكاه الله تعالى عنه في القرآن يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً 19: 42 الآية ثم أظهر عيب آلهتهم والقدح فيهم والوضع من شأنهم وكان لهم عيد ومجمع يخرجون فاحتال ابراهيم عم في التحلف لتحلة يمينه فلما راودوه للخروج معهم نظر نظرة في النجوم يعني في علم النجوم وكان القوم يعلمون به وينزلون عند دلائله فقال إني سقيم أي أراني سأسقم وكانوا يتطيرون في كل ذي سقم وآفة فقال أني مطعون فتولوا عنه مدبرين فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون يريد بكلامهم أن يظهر للسدنة والخدم عجزهم وضعفهم فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ 21: 58 وذلك حيلة منه في

_ [1] . دعواهمMs. [2] . كان آزر Ms.

تعريفهم خطاياهم عليه وإقرارهم بألسنتهم ضلالة أرائهم فلما رجعوا [قالُوا] من فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا 21: 59 يا ابراهيم قال بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا 21: 63 غضبا وأنفا أن لا يعبد من هو دونه فَسْئَلُوهُمْ [] إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ 21: 63 هو فعله ويقال أراد بكسرهم نفسه لأنه فعله وجرى بينه وبينهم ما جرى إلى أن قال أُفٍّ لَكُمْ [وَلِما تَعْبُدُونَ] من دُونِ الله أَفَلا تَعْقِلُونَ قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ 21: 67- 68 فأوقدوا ناراً عظيمة [1] وقذفوا ابراهيم فيها فجعلها الله بردا وسلاما عليه وأمره بالهجرة من أرض بابل إلى الشام فرارا بدينه [84] وكان مولده بقرية من سواد الكوفة يقال لها كوثا ربّا [2] فخرج إلى حران ومعه ابن أخيه لوط ابن هاران بن آزر وابنة أخيه سارة بنت هاران وكانت من أحسن نساء العالمين عقيما لا تلد وقيل أن سارة كانت ابنة عمّه توهر بن ناحور [3] وزعم وهب أنه آمن بابراهيم يوم ألقى في النار رهط منهم هاران وشعيب وبلعم وهاجروا معه ثمّ خرجوا

_ estrousdeteignes. [1] [2] . كوثا ريّا ,leconmarginale كوفان ريّاMs. [3] . باحور Ms.

من حران إلى أرض فلسطين ومر بحدود مصر وفرعونها يومئذ صاروف بن صاروف أخو الضحاك وقيل أنه كان غلاما لنمروذ بن كنعان على مصر ويقال هو سنان بن علوان أخو الضحاك فهم بأن يغصب إبراهيم امرأته سارة فتعوذ منه وقال إنها أختي أراد به أخوة الديانة والتشابه وقد قيل أنّه من كلماته الثلاث اللواتي تمنعه الشفاعة يوم القيامة وجاء في الحديث أن إبراهيم كذب ثلاث كذبات ما منهن واحدة إلا وهو تماحل عن الإسلام قوله لسارة [1] أنها أختي وقوله أني سقيم وقوله بل فعله كبيرهم هذا قالوا فأطلق عنها بعد ما أظهره الله من الآيات الموجبة له تخلية سبيلها فأعطاها نعماً ومالا وجارية كانت عندهم من سبي جرهم وقال خذيها أجرك فسميت هاجر وفي الحديث أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال إذ افتتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم رحماً وذمة أراد بالرحم أمومة هاجر وبالذمة أمومة مارية فعاد إبراهيم عم إلى أرض فلسطين فسكنها وكثرت ماشيته ونعمه وغلمانه وابتاع مزرعة حبرون [2] وفيها قبره وقبر إسحاق ويعقوب

_ [1] . السارةMs. [2] . جيرون Ms.

ذكر اختلاف الناس في هذه القصة

وسارة ورفقا وليا وأما هو لأنسه بهم لم يرغب في الولد فقالت سارة لإبراهيم إني أراك لا يولد لك فخذ هذه الجارية تقع عليها لعلنا نصيب منها ولدا فحملت باسماعيل وعلقت به فلما وضعته شعف إبراهيم به وبأمه هاجر وغارت سارة غيرة شديدة وشق عليها مشقة عظيمة فحلفت ليقطعن منها ثلاثة أشرافها فأمرها إبراهيم عم أن تخفضها وتثقب أذنيها في تحلّة قسمها ففعلت وحملت سارة بإسحاق بعد عشر سنين من مولد إسماعيل وكان إبراهيم حمل إسماعيل وأمه إلى موضع الكعبة وأنزلهما به وهو طفل فرارا بهما من سارة بأمر الله تعالى ولما ماتت سارة تزوج إبراهيم امرأة من الكنعانيين يقال [لها] قطورا فولدت له أربعة نفر وتزوج امرأة أخرى فولدت له سبعة نفر وكان جملة ولده ثلاثة عشر رجلا وعاش فيما روى مائة وخمسا وسبعين سنة وزعم وهب أنه عاش مائتي سنة ومات فدفن في مزرعة حبرون [1] ،،، ذكر اختلاف الناس في هذه القصة جاء في بعض الأخبار أن إبراهيم عم لما أخفته أمّه في السرب أتاه جبريل فأمصّه

_ [1] . جيرون Ms.

السبّابة والإبهام فجعل يشرب من إحداهما لبناً ومن الأخرى عسلاً وروى عن نوف [1] البكالي أنه قبضت له ظبية ترضعه إذا أبطأت عليه أمه وفسر بعضهم قوله تعالى وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ 6: 75 أنه رفع فوق السموات حتى نظر إلى ما فيها وإليها وذكروا من صفة النار وعظم بنيانها [85] وجمع الحطب لها سنين ما الله به عليم قالوا وقد كانت المرأة إذا حملت نذرت لئن وضعته ذكرا حملت مقدارا من الحطب إلى ذلك الموضع وانه لم يحمل شيء من الدواب ذلك الحطب إلّا البغل وأعقم الله نسله وحرثه وان الخطاف كانت تأتي بالماء فترشه على النار فجعلها آية ألوفاً للمساكن وأن الوزغة كانت تنفخ النار وتضرمها فأمر الله بقتلها وأنهم أوقدوا أياماً حتى احترقت طير السماء ونفرت الوحوش والسباع وإن إبليس جاءهم فعلمهم عمل المنجنيق فسووا ورَمَوا بإبراهيم عم في النار فقال الله عز وجل يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ 21: 69 فبردت النيران كلها على وجه الأرض حتى لم ينضح كرعا وقال بعضهم حتى بردت نار جهنم قالوا ولو لم يتبع الله قوله

_ [1] . انوف Ms.

كُونِي بَرْداً وَسَلاماً 21: 69 لتقطعت أوصاله من البرد فهذه أخبار جاءت ليس في الكتاب منها إلا قوله كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ 21: 69 وإنما جعلها معجزة لنبيه وإبانة لشرفه وإجهاضاً للكافر الذي يمكر به وقد زعم بعض من لم يخلص في الإسلام نيته أنهم لم يطرحوا إبراهيم في النار وإنما هموا به واحتج بأنه ليس في الكتاب ذلك قال وإنّما معنى قوله للنار كُونِي بَرْداً وَسَلاماً 21: 69 أنهم كانوا توامروا في إحراقه بالنار ثم بدا لهم خلافه فكان خلاف ما أرادوا بإبراهيم بردا وسلاما من النار والبلاء الّذي همّوا وزعم غيره من أشكاله أن إبراهيم عم سحرهم وأطلي ببعض الأدوية التي يبطل معها عمل النار واحتال في الفوت بنفسه وساق قصة لبعض الهند وشبهه بها وقال بعضهم بل النار مثلا لاجتماع كلمتهم عليه ومجادلتهم إياه وكونها بردا وسلاما عجزهم عن حجته وانكسارهم عن معارضته كما قال في عصى موسى وناقة صالح وسائر معجزات الأنبياء عم وقد مضى وجه الجواب لهذه الأشياء في غير موضع فلا فائدة في التكرار والله المستعان وجملة القول كيفية إبداع المعجزة غير معقولة فمن أقرّ بهذا لزمه الإقرار بالمعجزات قاسيا ومن أنكر المعجزة

قصة لوط بن هاران بن آزر

فهو لحدث العالم منكر وأن أظهر خلافه والسلام ويقال أنه أوقد له النار ببرقوة [1] من أرض فارس وأن أثر الرماد باق إلى اليوم ويقال بل كان ذلك بكوثى [2] ربا وذكروا أن نمروذ هو الذي حاج إبراهيم في ربه وهو أول من لبس التاج وبنى الصرح ببابل يقال سبعة آلاف [3] درجة ويقال ثلاثة آلاف وشيء وجعل يرمي في السماء فيرجع نبله إليه مختضبا وذلك بعد ما عمل النسور وطارت به في السماء فزلزل الله بقواعده فهدمها من أصلها قالوا وعاش في ملكة مائتي سنة وسبعين سنة فأهلكه الله ببعوضة دخلت في خيشومه فجعلوا يضربون هامته بالجرز حتى تناثر دماغه وفي رواية الواقدي أنه لبث معمورا في ملكه سبعين سنة ويزعم بعض المتأولين أن بناء الصرح كان إرصادا منه للكوكب وطلبا لمعرفة سير النجوم ومطالعها والله أعلم. قصة لوط بن هاران بن آزر وهو ابن أخي إبراهيم عم وكان هاجر مع إبراهيم عم إلى الشام فلما نزل إبراهيم عم أرض فلسطين

_ [1] . بترقوةMs. [2] . بكوىMs. [3] . ألف Ms.

بعثه الله إلى أرض سدوم وكاروما وعمورا [1] وصبوايم أربع قرى من فلسطين على مسيرة يوم وليلة قالوا وأجدبت الأرض واقحطت وكانت [85] قرى لوط أخصب بلاد الله فانتابهم الغرباء ليصيبوا من ثمارهم وطعامهم وسنوا تلك السنة الخبيثة ردعا للناس عن تناول شيء من ثمارهم وطعامهم ثم مرنوا على ذلك وأصروا وخرجوا مع ما كانوا فيه من الكفر باللَّه والظلم لعباده والاعتداء عليهم فنهاهم لوط عم وعرض عليهم تزويج البنات والاكتفاء بهن عن إتيان الذكور لما فيه من نفور النفس وانقطاع النسل فأبوا عليه وكفروا به وفي رواية سعيد عن قتادة عن الحسن قال عشر خصال عملها قوم لوط بها أهلكوا كانوا يأتون الرجال ويلعبون بالحمام ويضربون بالدفوف ويرمون بالجلاهق ويخذفون بالأصابع ويلبسون الحمرة ويصفقون بأيديهم ويصفرون بأفواههم ويشربون الخمر ويقصرون اللحى ويطولون الشوارب وروى غيره كانوا يضرطون في النادي وينزو بعضهم في وجه بعض ويمضغون العلك ومع ذلك يقطعون الطريق ويغصبون [2]

_ [1] . وعمرراMs. [2] . وليغصبون Ms.

الناس ويستهزءون بلوط ولما بعث الله الملائكة إلى إبراهيم يبشّرونه بإسحاق أخبروا بأنهم مأمورون [1] بإهلاك قرى لوط وذلك قوله تعالى وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ 29: 31 إلى آخر الآيات كلها في شأنهم وقصصهم وكانت امرأة لوط تدل الناس على ضيفه وتخبرهم بمجيئهم فلما جاءت الرسل لوطا ذهبت العجوز تخبرهم وذلك قوله تعالى وَلَمَّا 11: 77 [أن] جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً 11: 77 إلى تمام القصة وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمن قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ 11: 78 إلى قوله فَاتَّقُوا الله وَلا تُخْزُونِ في ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ 11: 78 قال قتادة لا والله لو كان فيهم واحد رشيد لما عذبوا فزلزل الله بهم الأرض وجعل عالِيَها سافِلَها 11: 82 وأمطر عليهم حِجارَةً من سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ 11: 82- 83 وأمر الله تعالى لوطا فلحق بإبراهيم مع ابنتيه رتبا ورعورا إلى أن قبضه الله تعالى وفيه يقول أمية بن أبي الصلت [خفيف] ثم لوطا أخا سدوم أتاها ... إذ أتاها برشدها وهداها

_ [1] . مأمرون Ms.

ذكر اختلاف الناس في هذه القصة

راودوه عن ضيفه ثم قالوا ... قد نهيناك أن يقيم قراها عرض الشيخ عند ذاك بنات ... كظباء بأجرع فرعاها غضب القوم عند ذاك وقالوا ... أيها الشيخ خطبة نأباها [1] أجمع القوم أمرهم وعجوز ... خيب الله سعيها ولحاها ارسل الله عند ذاك عذابا ... جعل الأرض سفلها أعلاها ورماها بحاصب ثم طين ... ذي جروف مسوّم إذ رماها ذكر اختلاف الناس في هذه القصّة روى عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال كان في كل قرية من قرى لوط مائة ألف رجل مقاتل وأنهم كانوا إذا ارتكبوا من إنسان الفاحشة غرموه [2] أربعة دراهم فسار المثل في حكم سدوم فأبوا وانّ ابليس أتاهم في هيئة غلام فدعاهم إلى نفسه فصار ذلك عادة لهم في الغرباء وزعم الكلبي أن جبريل أتاهم فأدخل جناحيه تحت الأرض فحمل القرية وحلق بها حتى سمع أهل السماء أصوات الكلاب [86] والديكة ثم قلبها وأرسل الله الحجارة على شذاذهم ومسافريهم وروينا عن محمد بن كعب أن الذين

_ [1] . ناباهاMs. [2] . عزموه Ms.

قصة إسماعيل عليه السلام

فعلوا منهم ذلك كانوا سبعة نفر رأسهم رجل يقال له نمروذ والله اعلم قصة اسماعيل عليه السلام قالوا ولما اشتدت غيرة سارة على إسماعيل وأمه أمر الله إبراهيم أن يسير بها إلى الحرم وأنبأه أن عمارة البيت على يديه وأنه ينبط لاسماعيل سقايته فسار بهما حتى أنزلهما موضع الكعبة اليوم ودعا لهما فقال رب إِنِّي أَسْكَنْتُ من ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ 14: 37 الآية ولا أشك أنه كان معهما من يخدمهما ويرعاهما وأقبل راجعا إلى الشأم قالوا وفحص إسماعيل برجله الأرض فنبع الماء من تحت عقبه وقيل بل أتاه جبريل فركضه ركضة فار منه الماء وجاء ركب [1] من جرهم إلى اليمن فرأوا بلدا ذا ماء وشجر فقالوا لهاجر لمن هذا قالت [لي] ولعقبي من بعدي فنزلوا حول البيت وهو يومئذ ربوة حمراء ولهاجر عريش في موضع الحجر فنشأ إسماعيل وسط جرهم وتكلم بلسان العربية وأعطوه عنزا من ثماني مائة وكان ذلك أصل [2] ماله فلمّا بلغ تزوّج منهم امرأة وكان

_ [1] . راكبMs. [2] . أصل ذلك Ms.

ذكر اختلاف الناس في هذه القصة

إبراهيم عم يأتيه كل سنة معتمرا ومجددا بإسماعيل العهد وولد لإسماعيل اثنا عشر رجلا ثابت وقيدار واذبل ومنشى ومسمع وماش وماء وآذر وصهباء و [؟] طور ونبش وقيدما وأمّهم ابنة مضاض بن عمر [و] الجرهمي وجدهم من قحطان وقحطان أبو اليمن كلّها فمن ثابت وقيدر نشر الله العرب ولما ماتت هاجر دفنها إسماعيل في الحجر ثمّ لمّا مات إسماعيل دفنه بنوه مع أمّه في الحجر فقبورهما فيه وكان عمر إسماعيل مائة وسبعا وثلاثين سنة وهذا مكتوب في ترجمة التوراة،،، ذكر اختلاف الناس في هذه القصة جاء في بعض الأخبار أن إبراهيم عم لما وضع هاجر وإسماعيل بموضع الكعبة وكر راجعا أقبلت عليه هاجر فقالت إلى من تكلنا قال إلى الله قالت حسبنا الله فرجعت وأقامت عند ولدها حتّى نفد ماؤها وانقطع درها فارتقت إلى الصفا حتى تنظر هل ترى عينا أو شخصا فلم تر شيئا فدعت ربها واستسقته ثم نزلت حتى أتت المروة ففعلت مثل ذلك ثم سمعت أصوات السباع فخشيت على ولدها فأسرعت تشتد [1] نحو إسماعيل فوجدته يفحص الماء بيده

_ [1] . يشتدّ Ms.

عن عين قد انفجرت من تحت خده وقيل بل من تحت عقبه وزعم بعضهم أن جبرئيل أتاه فركض برجله الأرض ركضة وفيه تقول [1] صفيّة بنت عبد المطّلب [رجز] نحن حفرنا لحجيج زمزم ... سقيا نبي الله في المحرم ركضة جبريل ولما يفطم فجعلته هاجر حسيا [2] وروي لو لم يحطه لكان عينا معينا وفيه يقول قوم [رجز] وجعلت تبنى لها الصفائحا ... لو تركته كان ماء سائحا وقد أنكر هذا قوم وزعموا أنّ إسماعيل حفرها بمعول ومعالجة قالوا ويمكن أنه أسرع الماء إلى إجابته لقرب غزره لأن الوادي عميقه من كبس السيول وهذا من أيسر الأمور وأسهلها إن كان إسماعيل حفرها أو حفرت من أجله أو كانت نبعت بنفسها معجزة وكرامة كما كانت وليس شيء منه في الكتاب وإنما الأخبار [86] وردت كما وردت والله أعلم.

_ [1] . يقولMs. [2] . حسيّا Ms.

قصة إسحاق عليه السلام

قصّة إسحاق عليه السلام قال الواقديّ ولدت سارة إسحاق بين العماليق بالشآم وهم الكنعانيون وكان بينه وبين إسماعيل ثلاثون سنة وفي كتاب أبي حذيفة أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بعشر سنين وتزوّج إسحاق ربقا [1] بنت بوهر فولدت له عيصو [2] ويعقوب توأمين ويزعم أهل الكتاب أن عيصو سمي به لأنه عصى في بطن أمه وذلك أنه خرج قبل يعقوب وخرج يعقوب على إثره آخذا بعقبه فلذلك سمي يعقوب وهذا ما لا أعرف له تأويلا وأصلا اللَّهمّ إلا أن يكون مثلا وتشبيها وتزوج عيصو بسمة بنت إسماعيل وكان رجلا أشقر فولدت له الروم،،، ذكر الذبيح قال قوم هو إسماعيل واحتجّوا بأنّ الله لمّا فرغ من قصّة الذبيح استقبل قصّة إسحاق فقال وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا من الصَّالِحِينَ 37: 112 وروى الفرزدق الشاعر قال سمعت أبا هريرة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذبيح هو إسماعيل وقال آخرون بل هو إسحاق ويروى عن العباس [3] بن عبد المطلب وعبد الله بن

_ [1] . زيقاMs. [2] . عيصورMs. [3] . ابن العبّاس Ms.

مسعود وأهل الكتاب لا يختلفون أنّه إسحاق وزعم بعضهم أنّه قرّب إسحاق مرّة ذبيحا ومرّة إسماعيل والله أعلم واختلفوا أين قرب فأكثر العلماء على أنّه كان بمنى وأن إبراهيم أري في المنام بمكة وهو وإسحاق مقيمان بها أن قرب ابنك إلى هذا قربانا وذلك بعد ما بنى البيت وروى عن عطاء أنه قال كان ذلك بالبيت المقدس واختلفوا في الذبح الذي فدى به فقال كثير من الناس أنه فدى بكبش كان يرعى في الجنة سبعين خريفا وكان الحسن يحلف باللَّه ما فدي إلا بكبش من الأروى [1] واختلفوا في معنى الذي أري في المنام ذلك لأجله فقال قوم لما بشر إبراهيم بالولد على كبر سنه [2] نذر ليذبحنه للَّه قربانا فلما بلغ الغلام السعي أراه الله في نومه أوف بنذرك وقال آخرون بل أمر في المنام ابتلاء من الله واختبارا ليعلم الخلق حسن طاعته لربه وانقياده لأمره واستحقاقه شرف المنزلة وعلوّ الرتبة وليقتدوا به في طلب الوسيلة وابتغاء القربة والزلفة والله أعلم فأما القصة فكيف كان ذلك

_ ,corriged apresIbnel -Athir ,t.I ,p.80. [1] الازدواءMs. [2] . نفسه Ms.

قصة يعقوب

وكيف خاطبه فواضحة وكيف نبت المدية [1] عنه يطول وقد ذكرها أميّة في شعره [خفيف] ولإبراهيم الموفي بالنذر ... احتسابا [2] وحامل الاجذال أبنىّ إنّي نذرتك للَّه ... سحيطا فاصبر فدى لك حالي فأجاب الغلام أن قال فيه ... كل شيء للَّه غير انتحال جعل الله جيده [3] من نحاس ... إذ رآه زولا من الأزوال بينما يخلع السرابيل عنه ... فكه ربه بكبش جلال قال خذه فأرسل ابنك عنه ... انّى ما قد فعلتما غير قال ربما تكره النفوس من الأمر ... له فرجة كحلّ العقال وعاش إسحاق مائة وثمانين سنة كما روى والله أعلم وأحكم،،، قصة يعقوب [87] قال أهل هذا العلم فأكثر ما يرونه أهل الكتاب الأول والعلم القديم إلا ما نطق به كتابنا أو صحّ

_ [1] . المذيةMs. [2] . كذا في الأصلEnmarge: [3] . حيده eindiqueeenmarge:

قصة يوسف بن يعقوب

الخبر فيه عن نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم لم يمت حتى بعث الله إسحاق إلى أرض الشام ويعقوب إلى أرض كنعان وإسماعيل إلى جرهم ولوطا إلى سدوم وكما يزعم وهب ينبغي أن يكون شعيب مبعوثا أيضا إلى مدين والله أعلم قالوا وكانت لخال [1] يعقوب ابنتان اسم الكبرى ليا واسم الصغرى راحيل ورعى لهم في صداقها سبع سنين فلمّا كان ليلة الزفاف أدخل عليه ليا فأصبح مغروراً مدلسا عليه فخدم خاله سبع سنين أخر حتى دفع إليه راحيل وكان حينئذ يجوز الجمع بين الأختين فولدت له راحيل يوسف وابن يامين وولدت له ليا سائر الأسباط والأسباط اثنا عشر رجلا روبيل وشمعون ولاوى ويهوذا ويساخر [2] ودان ونفتالي وجاد [3] واشترقفا وزبالون [4] ويوسف وابن يامين وقد يعبر عن هذه الأسماء بخلاف ما ذكرنا وعاش يعقوب مائة وسبعين سنة،،، قصة يوسف بن يعقوب أعلم أنه لا يوجد في كتاب قصة أجمع

_ [1] . لخالةMs. [2] . وتساخرMs. [3] . وحادMs. [4] . وربالون Ms.

وأتم في موضع واحد من قصة يوسف ويذكر أنّها كذلك في التوراة وفي ذلك مقنع وبلاغ غير أنّا نسوق منها ما يضاهي غرض كتابنا إن شاء الله وروينا عن ابن مسعود أنه قال أعطى يوسف وأمه شطر الحسن وكان أحب ولد يعقوب إليه فرأى الرؤيا التي قص الله في القرآن وتأويلها وقوعهم له سجدا بمصر فقال أبوه يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ 12: 5 الآية وغاظ أخوة يوسف وجد [1] يعقوب به من بينهم وشفقته عليه دونهم فاحتالوا بالمكر به ف قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا 12: 8 الآية اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ 12: 9 الآية قال قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ 12: 10 فقال هو روبيل أكبرهم وقال ابن جريج هو شمعون وليس يضر الجهل بمن كان منهم بعد أن علمنا أنه أحدهم وأقربهم إلى الرقة والرحمة وَأَلْقُوهُ في غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ 12: 10 قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ 12: 11 أرسله معنا غدا يرتع ويلعب قال إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا به وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ 12: 13 وإنما قال لأنه كان رأى كأن ذئبا قد جاء فأخذ يوسف فأرسله

_ [1] . وحده Ms.

معهم بقول الله عز وجل فَلَمَّا ذَهَبُوا به وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ في غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ 12: 15 هذا وحي الإلهام والرؤيا لأنه لم يكن حينئذ بلغ مبلغ الرجال فينزل عليه الوحي ويجوز أن يكون كلمه الملائكة بذلك وليس كل كلام الملائكة نبوة فطرحوه في بئر وجاءت سيّارة يقال صاحبها مالك بن الذعر فأخرجوا يوسف من الجب فجاء اخوته فباعوه منهم يقال بعشرين درهما فلذلك لم يوزن وحملوه إلى مصر فاشتراه اظيفر بن رويحب العزيز وكان على خزائن مصر وامرأته زليخا وهي التي راودته عن نفسه وقدت قميصه لما استلبث الباب وهذه القصة لا تتم إلا بتفسير السورة على الولاء قال الله عز وجل ثُمَّ بَدا لَهُمْ [87] من بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ 12: 35 وذلك لما أرجف الناس بأمر زليخا وخبرها ومراودتها يوسف عن نفسه واحتالوا في حبسه ليكون [في] ذلك عذر للمرأة عند الناس فلبث في السجن بضع سنين إلى أن أرى الملك الرؤيا التي هالته وفسرها يوسف فدعاه وقلده أموره ونصبه منصب اظيفر وعم الجدب حتّى بلغ أرض كنعان ف جاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ 12: 58 ممتارين فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ

مُنْكِرُونَ 12: 58 فمارهم وردّ إليهم أثمان ما جاءوا به وطالبهم بأخيه ابن يامين فذهبوا ورجعوا بأخيه فاحتال في حبسه عنده زمانا بأن دس الصواع في رحله ثم صرح لأخيه بالنسب وكان ما قص الله عز وجل في القرآن إلى أن جمع بينه وبين أخوته وأبويه وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقال يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ من قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا 12: 100 قالوا ودخل يعقوب مصر وهم ثمانون إنسانا وخرج موسى ببني إسرائيل وهم ستمائة ألف ونيف وطرح يوسف في الجب وهو ابن سبع سنين وحبس وهو ابن خمسة عشر سنة وأقام في السجن بضع سنين وكان غيتبه [1] عن أبيه أربعين سنة وعاش يعقوب بعد ما دخل مصر ثماني عشرة سنة ثم مات هو وعيصو في يوم واحد وسن واحد فحملهما يوسف إلى حبرون فدفنهما بها وعاش يوسف بعد موت يعقوب ثلاثاً وعشرين سنة وفي التوراة أن يوسف مات وهو ابن مائة وعشرون سنة وكان تزوج زليخا فولدت له اثنين افرايم بن يوسف جد يوشع بن نون وكان ولي عهد موسى من بعده ومنشا [2] بن يوسف أبا موسى صاحب الخضر كما يزعم أهل الكتاب

_ [1] . غيبتهMs. [2] . ميشا Ms.

ذكر اختلافهم في هذه القصة

وكان بين دخول يعقوب مصر إلى وقت خروج موسى بهم أربع مائة سنة ولما مات يوسف جعل في صندوق من رخام ودفن في جوف النيل حيث يتفرق الماء رجاء أن تمر عليه فتصيب الأرض بركة منه ثم استخرجه موسى عم لما خرج من مصر،،، ذكر اختلافهم في هذه القصة وزعم بعضهم أن بني يعقوب لما قالوا أكله الذئب كذبهم في دعواهم فذهبوا وأخذوا ذئبا وجاءوا به فقال له يعقوب بئس ما صنعت إذا أكلت ولدي فكلمه الذئب وأنكر ذلك وللقصاص في الذئب الآكل ليوسف عجائب في اسمه ولونه وكذلك في كلب أصحاب الكهف وقيل في قوله تعالى وَلَقَدْ هَمَّتْ به وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ 12: 24 أنه رأى يعقوب عاضا على شفته وقيل بل رأى جبريل يقول أتيت بعمل وأنت مكتوب عند الله عز وجل من الأنبياء وروى محمد بن كعب القرظي قال رأى كتابا بالسريانية في صفحة الحائط وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً 17: 32 ومقتا وَساءَ سَبِيلًا 17: 32 قال بعضهم خرجت شهوته من أنامله وكل واحد من ولد ولد له عشرة أولاد إلا يوسف فإنه ولد تسعة لانتقاض الشهوة وقالوا في قوله عز وجل وَشَهِدَ شاهِدٌ

من أَهْلِها 12: 26 انه كان صبيا في المهد نطق ببراءة ساحته وفي قوله عز وجل وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ 12: 31 حتّى أبى ولم يشعرن [و] في قوله عز وجل قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ 12: 41 انه كانا تحالما عليه ولم يكونا رأيا شيئا فوقع بهما التأويل وفي قوله عز وجل [88] نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ 12: 72 أنه كان ينقره فيطن فيقول إن هذا الصواع [1] يخبرني أنكم سرقتم أخا لكم من أبيكم فبعتموه وفي قوله عز وجل لا تَدْخُلُوا من بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا من أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ 12: 67 أنه كان يخاف عليه العين وفي قوله عز وجل اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً 12: 93 أنه كان قميص الحياة أخرجه آدم من الجنة وكساه الله إبراهيم فورثه يعقوب وعلقه على يوسف كالمعاذة وفي قوله عز وجل فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ الله 12: 80 لي أنه كان يهوذا وكان إذا غضب قامت شعرة بدنه يقطر منها الدم وإذا صاح لا تسمع صوته حامل إلا وضعت ولا يسكن غضبه ما لم يمسه أحد من ولد [2] يعقوب فغضب يهوذا وهمّ بالصياح فأمر

_ [1] . الصاعMs. [2] . من أولاد rectionmarginale:

قصة أيوب عم

يوسف ابنه منشا [1] أن يضع يده عليه ففعل وسكن غضبه فقال يهوذا إن بهذا الوادي مع أشياء يحكونها والأصح ما نطق به الكتاب من غير رد لما خرج من العادة من معجزات الأنبياء عم قالوا ولما مات اظيفر زوج زليخا شابت زليخا وكف بصرها وجدا بيوسف ومحبة له فدعا يوسف لها رد الله إليها شبابها وبصرها ونكحها فولدت له،،، قصة أيوب عم زعم وهب أنه هو أيوب بن موص بن رعويل وكان أبوه ممن آمن بإبراهيم يوم حلق في النار وكان أيوب صهر يعقوب وكان تحته ابنة ليعقوب اسمها ليا وهي التي ضربها بالضغث وأم أيوب ابنة لوط وكانت له حوران والبثنية [2] مدينتان ومال عظيم ونعم وشاء وثلاثة عشر ولداً وألف غلام في زرعه وضرعه وخدمته فابتلاه الله بالبلاء وضربه بالضر وهلكت أمواله وماشيته ومات ولده وكانت امرأته ليا تسعى عليه وتكتسب قوته فباعت خصلة من شعرها بطعام وأتته به فاتهمها أيوب فحلف ليضربنها مائة [ضرب] إن هو برأ من علّته

_ notea. [1] بن commedanslesmss.deTabari ,I ,p.414 بن ميشاMs. [2] . والبثيّة Ms.

ذكر اختلافهم في هذه القصة

وقيل بل الشيطان أتاها فقال لها لو أن أيوب شرب شربة ماء لا يذكر اسم الله عليها لعوفي فأخبرت أيوب بذلك فحلف إلى أن انقضت المدة أتاه جبريل فقال له ارْكُضْ بِرِجْلِكَ 38: 42 فركض فندا ماء فاغتسل فيه وشرب فبرأ وعوضه الله من ولده الثلاثة عشر ستة وعشرين [1] ولدا وذلك قوله تعالى وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا 38: 43 وأمره أن يضرب امرأته بضغث فيه مائة عود ليبر قسمه وأثنى عليه بحسن الصبر فلا يزال يتلى [2] ما قامت الدنيا وروى جوبير عن الضحاك أنه أيوب بن موص بن العيص فلم يزالوا متمسكين بالحنيفيّة إلى أن اختلفوا فبعث الله إليهم عيسى عم،،، ذكر اختلافهم في هذه القصة زعم وهب وما أراه كما زعم أن ابليس كان يصعد حتى يقف من السماء موقفا فصعد وقال يا رب إنك قد أعطيت أيوب ما أعطيت ووسعت عليه ولم تبتله ببلاء فينظر كيف صبره وتمسكه قال فسلطه عليه فجاء وهو في سجوده فنفخ في وجهه فصار كذا وكذا وتناطحت جنبات بيته فقتلت أولاده وموّتت [88] وانتغش الدود في

_ [1] . وعشرونMs. [2] . تبلى Ms.

جسده فجعل يختلف فيه سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيّام وسبع ساعات وتأذى أهل القرية فطرحوه على كناسة ووارت امرأته عورته بالتراب فصبر في ذلك أحسن الصبر ولم يشك بتة إلى أحد إلا إليه بقول الله عز وجل إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ 38: 44 وقال بعضهم أن رجلا مظلوما لهف إليه واستغاث به وكان في الصلاة فلم يقطع صلاته حتى فاته ذلك وقتل الرجل وغصب فلم يرض الله ذلك منه وابتلاه كفارة لما كان منه وقيل في بلية يعقوب أنه ذبح شاة وشواها وأصاب رائحتها بعض الجيران فلم يطعمه فعوقب بغيبة يوسف وزعم بعضهم أن أيوب لما من الله عليه بالعافية أحيى [1] له ولده كلهم ومواشيه وغلمانه وقد روينا عن سعيد بن جبير أنه قال من زعم أنّ الله أحيى له ولده كلّهم ومواشيه وغلمانه فقد كذب قالوا وأظل الله عليه غمامة ونودي أن ابسط كساك فأمطر الله عليهم جرادا من ذهب من لدن العصر إلى أن توارت بالحجاب فجعل كل ما سقط من الكساء ناحية يحثوه ويضمه إليه فنودي ما هذا الحرص فقال

_ [1] . وأحيى Ms.

قصة شعيب عم

لا غناء عن بركاتك ومن يشبع من الخير هكذا الرواية والله أعلم،،، قصة شعيب عم زعم وهب أن شعيبا وبلعما كانا من ولد رهط واحد آمنا بإبراهيم عم يوم حلق في النار وهاجرا معه إلى الشام فزوجهما إبراهيم ببنات لوط بعد هلاك قومه وكل نبي بعد إبراهيم وقيل بنو [1] إسرائيل فمن أوليك الرهط وحده وأخذ شعيب ابنة لوط ولم يكن مدين قبيلة شعيب ولما لحقهم العذاب ذهب شعيب بن نويب بن رعويل بن هرا بن عنقا بن مدين بن إبراهيم ومن كان آمن معه بمكة حتى ماتوا وفي كتاب محمّد بن إسحاق انه هو شعيب بن نويب بن رعويل بن هرا بن عنقا بن مدين [بن] إبراهيم وفي التوراة اسم شعيب ميكائيل وكان فيما بين يوسف وموسى وقال بعض الناس أنه زوج ابنته من موسى عم ويقال كان أعرج أعمى فلذلك قال له قومه إِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً 11: 91 وكان أهل مدين في كفرهم وتكذيبهم أهل بخس ونقص في مكاييلهم وموازينهم فنهاهم شعيب عن ذلك وجادلهم كما يسمع في القرآن وشعيب خطيب الأنبياء

_ [1] . بنى Ms.

لحسن محاورته وتأنّى مخاطبته قال ابن عبّاس رضي الله عنه ما أهلك الله قوما على معصية حتى كفروا باللَّه وروينا عن محمد بن كعب أن قوم شعيب عذبوا في قطع الدراهم والدنانير وكانت مدين متجر الغرباء ومضرب الأعراب [1] زيوف ثم يشرونها بالبخس قال الله عز وجلّ وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله 7: 86 قال الضحاك كانوا يعشرون أموال الناس وكان لهم كاهنان يزيّنان لهم صنيعهم يقال لأحدهما سمير وللآخر عمران وفيهم يقول قائلهم كما روى والله أعلم [بسيط] يا قوم إن شعيباً مرسلاً فدعوا ... عنكم سميراً وعمران بن مداد إني أرى غيمة يا قوم قد طلعت ... تدعو بضرب الأصم [2] ابنة [3] الوادي وروينا عن عكرمة أنه قال بعث شعيب إلى مدين مرة فأخذتهم الصيحة ومرة إلى أصحاب الأيكة [4] ولم يكونوا من قبيله فأخذهم عذاب يوم الظلة وعند أهل الرواية أنهم أهل مدين ألح عليهم

_ [1] . كذاNotemarginale: [2] . الأصمّيMs. [3] . ابنهMs. [4] . الملائكة Ms.

اختلاف الناس في هذه القصة

الوهج والحمى [1] فالتجئوا إلى [89] غيضة لهم ثم رفعت لهم سحابة فظنوا فيها ماء وبردا فتنادوا الظلة حتى إذا تيامنوا بطحتهم [2] ،،، اختلاف الناس في هذه القصة زعم قوم أن اباجاد وهوز وحطي وكلمن أسماء ملوك مدين وهم من ولد محصن بن جندل بن مدين بن إبراهيم وفي هلاكهم يقول الشاعر [طويل] ملوك بنى حطّى وسعفص في الندى ... [وهوز] سادات الثنية والحجر وروى أن خالفه بنت كلمن رثته بعد موته [رمل] كلمون هد ركني هلكه وسط المحلة ... سيد القوم أتاه [الحتف] ثاو [3] تحت ظله قصة موسى والخضر زعم وهب أن اسم الخضر بليا بن ملكان بن بالغ بن عابر بن ارفخشد بن سام بن نوح وكان أبوه ملكا وقال قوم الخضر بن عاميل من ولد إبراهيم وفي كتاب أبي حذيفة أن ارميا هو الخضر صاحب موسى وكان الله أخّر نبوّته إلى أن

_ [1] . الحمّىMs. [2] . مامؤا بصحتهمMs. [3] . نار Ms.

قصة ذي [3] القرنين

بعثه نبيا زمن ناشية الملك قبل أن يغزو نصر بيت المقدس وكثير من الناس يزعمون أنه كان مع ذي القرنين وزيراً له وابن خالته وروى عن ابن عباس رضي الله عنه أن الخضر هو اليسع وإنما سمي خضرا لأنه لما شرب من عين الجنة لم يدع قدمه بالأرض إلا اخضر ما حوله فهذا الاختلاف في الخضر قالوا وهو لم يمت لأنه أعطى الخلد إلى النفخة الأولى موكل بالبحار ويغيث المضطرين واختلفوا في موسى الذي طلبه فقيل هو موسى بن عمران وقال أهل التوراة أنّه موسى بن منشا [1] ابن يوسف بن يعقوب وكان نبيا قبل موسى بن عمران [2] كان قد قصّ الله خبرهما في القرآن المجيد عز من قائل وَإِذْ قال مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً 18: 60 إلى آخر القصة وقد ذكرتهما بمعانيها ودعاويها في المعاني،،، قصّة ذي [3] القرنين قال الله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً 18: 83 فأخبر الله تعالى أنه بلغ مطلع

_ [1] . ميشاMs. ertanceducopiste. [2] بن وقال أهل التوراةMs.ajouteici [3] . ذو Ms.

الشمس ومغربها وبنى السد على ياجوج وماجوج واختلف الناس في اسمه وبلده وزمانه وسنته ودينه ونبوّته قال الضحّاك هو قيصر القياصرة وكان رجلاً صالحاً وملك مشارق الأرض ومغاربها وزعم مقاتل أنّه كان نبيا يوحى إليه طاف في الأرض وقال ابن إسحاق حدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم أن ذا القرنين كان رجلا من أهل مصر اسمه مرزبان ابن مدربة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح وروى عن خالد بن معدان الكلاعي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ذو القرنين ملك مسح الأرض من تحت بالأسباب [1] قال وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا ينادي يا ذا القرنين فقال اللَّهمّ غفرا أما رضيتم أن تتسموا بالأنبياء حتى تسميتم بالملائكة وزعم وهب أن ذا القرنين ابن عجوز من عجائز الروم روينا عن الضحاك أنه [2] كان بعد موت نمروذ بن كنعان وفي بعض التواريخ أنه كان قبل مولد المسيح بثلاثمائة سنة وقال بعضهم بل كان في الفترة وعند الفرس وأصحاب النجوم أنّه الإسكندر الّذي أزال ملك

_ [1] . كذا في الأصل etnotemarginale: بن بالأسبابMs. [2] . لما Ms.ajoute

العجم وقتل دارا بن دارا وفال قوم إنّما سمي ذا القرنين لأنه أتى عليه قرنان من الدهر وقيل كانت له ذؤابتان وقيل كانت صفحتا رأسه من نحاس وروينا عن على رضي الله عنه [89] أنه سئل عنه فقال عبد صالح ناصح الله ودعا قومه فضربوه على قرنه فمات فأحياه الله ثم ضربوه على قرنه الآخر فمات وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي عم وانك لذو قرنيها وقيل بل كان رأى في المنام كأنه يتناول قرني الشمس وقيل بل سمّى به لبلوغ، في طوافه مشرق الشمس ومغربها وأهل النجوم يزعمون أنه عاش أربعا وعشرين سنة وفي كتاب أبي حذيفة رواية عن الحسن أن ذا القرنين وجد في الكتب أن رجلا من ولد سام بن نوح يشرب من عين البحر وهي من الجنة فيعطى الخلد إلى يوم القيمة فخرج في طلب تلك العين والخضر كان وزيره وابن خالته فهجم على تلك العين فشرب منها وتوضأ وأخبر ذا القرنين بذلك فقال أنا طلبت وأنت أصبت وقال ذاك الذي كان حمله على أن طاف في الأرض وهذا الخبر يتأوله [1] قوم على معنى وجود حقيقته علم مطلوب خفى ويروون عن أرسطاطاليس

_ [1] . يتناوله Ms.

قصة موسى وهارون ابني عمران

ما قد مضى ذكره فيما قبل وأهون الأشياء فمنع هؤلاء الجهال بإنكار كل ما ليس في الكتاب والسنة الطاهرة فإن مثل هذه ما أسرع باناله القلوب وأرث الشبه والله المستعان وعليه التكلان،،، قصة موسى وهارون ابني عمران قال أهل هذا العلم أنه موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم وأمه اباخة من ولد لاوى بن يعقوب وفي التوراة أن اسم أمه يوخابذ [1] وأخت موسى مريم بنت عمران بن يصهر وكانت تحت كالب بن يوفنا [2] بن فارص بن يهوذا بن يعقوب وامرأة موسى صفراء بنت شعيب وكان فرعون مصر في زمانه الوليد بن مصعب أبو مرة رجل من العماليق وكان ابن أخت فرعون يوسف وقيل بل كان فرعون موسى فرعون يوسف قال ابن إسحاق حدثني من لم اتهم أنه ملك أربع مائة سنة شاب السن أخضر الشارب لم يصدع ولم يصبه هم ولا ناواه عدو وقرأت في تأريخ اليمن أنه كان عاملا للضحاك على مصر وسمعت القصاص يزعمون أن فرعون كان من أهل بلخ وهامان

_ l.12. [1] بن 443 بن ,corriged apresTabari ,I نوخابذMs. [2] . بوقيا Ms.

من سرخس وأنهما أول من حمل بزر البطيخ إلى مصر فزرعا وتمولا واستوليا على المقابر لا يدعان ميتا يقبر إلا بجعل ثمّ ملك فرعون واستوزر هامان والله أعلم وقد قلت لك في غير موضع من هذا الكتاب أن ما من هذه الأقاصيص والأخبار فاستمعها واعرض عنها ولا تشتغل [1] بالاعتدال بها وطلب المخرج لمعانيها لأنها لا توجب علما ولا عملا وقد حكى الله عز وجل أنه قال أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي من تَحْتِي 43: 51 وقال ما عَلِمْتُ لَكُمْ من إِلهٍ غَيْرِي 28: 38 وقال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى 79: 24 وفيه يقول أميّة [خفيف] ولفرعون إذ تساق له الماء ... فهلا للَّه كان شكورا قال أني أنا المجير على الناس ... ولا رب لي علي مجيرا فمحاه الله من درجات ... ناميات ولم يكن مقهورا [90] سلب الذكر في الحياة جزاء ... وأراه العذاب والتغييرا وتداعى عليهم البحر حتى ... صار موجا ورأه مستطيرا فدعى الله دعوة لا تهنا ... بعد طغيانه فصار مشيرا

_ [1] . يشتغل Ms.

ذكر مولد موسى عم

ذكر مولد موسى عم ذكروا أن بني اسرائيل لما كثروا وتناسلوا بمصر وطال عليهم الأمد بعد يوسف أحدثوا الأحداث العظيمة في الدين وآتوا القبط على أمورهم وطابقوهم على آثارهم إلا بقايا متمسكين بدين إبراهيم فسلط الله عليهم فرعون فاستعبدهم واستذلهم وسامهم سوء العذاب من نقل الطين وتشييد الأبنية وسلخ الأساطين من الجبال ونقب البيوت في الصخور فلما أراد الله أن يستنقذهم كما ذكر في القرآن وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا في الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ في الْأَرْضِ 28: 5- 6 فكان منهم موسى وهارون ويوشع والياس واليسع وداود وسليمان وزكريا ويحيى وعيسى وحزقيل وشمعون وشمويل واشعيا ويونس فهولاء أنبياء بني اسرائيل الذين جعلهم الله أئمة للخلق وورثة للنبوة أري [1] فرعون في المنام أن الله واهب لعبد من عبيدك غلاما يسلبك ملكك فأمر حتى فرق بين الرجال والنساء وأن يذبح كل مولود ذكر وصنع الله ليوخابذ فحملت بموسى ووضعته ولم يشعر به أحد وأوحى الله إليها وحي إلهام أَنِ اقْذِفِيهِ في التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ في الْيَمِّ 20: 39 ففعلت

_ [1] . وأرى Ms.

والتقطه [1] آل فرعون من بين الماء والشجر فسمي موسى بذلك لأن الماء بلغه القبط مو والشجر سا وهم فرعون بقتله فقالت امرأته آسية بنت مزاحم لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً 28: 9 وطلبوا له الرضعاء فلم يقبل ثدي امرأة حتى قالت أخته مريم هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ 28: 12 فردّوه إلى أمّه ترضعه بأجر قالوا فبينا موسى في حجر فرعون ألقى الله عليه محبة منه إلى أن بلغ وراهق فبينما هو ذات يوم يمشي في المدينة وذلك أن قصر فرعون كان خارج البلد فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ 28: 15 على الدين قبطي واسرائيلي فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي من شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي من عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ 28: 15 فندم موسى على صنيعه إذ لم يتعمد ذلك ولا أمر به فَأَصْبَحَ في الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ 28: 18 الآيات مفهومة على وجهها وائتمر [2] القوم على قتله فجاء من أقصى المدينة رجل يسعى حزسل بن بوخاسل وهو الذي قال الله عز وجل في حاميم المؤمن وَقال رَجُلٌ مُؤْمِنٌ من آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ 40: 28

_ [1] . التقطهMs. [2] . وائتمرا Ms.

قال يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ من النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ 28: 20- 21 إلى قوله وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً من النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ من دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ 28: 23 وهما ابنتا شعيب اسم واحدة صفراء والأخرى ليا وكانتا إذا سقى القوم ماشيتهم نظرتا [1] إلى ما بقى فالمجتا ماشيتهما فمثله [2] القوم فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ 28: 24 وهو جائع فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قال لا تَخَفْ نَجَوْتَ من الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ 28: 25 فأنكحه إحدى ابنتيه على أن يأجره ثماني حجج أو عشرا وقال قوم أن الذي زوجه ابنة شعيب ختنه يترون [3] وكان شعيب هلك قبله بزمان طويل [90] وقال الله عز وجل فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ من جانِبِ الطُّورِ نارا قال لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نارا 28: 29 يقال أنه كانت ليلة عاتمة ذات ريح وبرد وكان قد تشمّر

_ [1] . نطرتاMs. [2] . فمسلهMs. [3] . [؟] ننه [؟] ترون ,Ms. كذا في الأصل Enmarge:

ذكر قارون

عن الطريق لشدة الظلمة فرفعت لأهله نار [1] فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نارا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً 20: 10 وتوجه إليها وهو يراها قريبة منه ثمّ أتا ف نُودِيَ من شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ في الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ من الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا الله رَبُّ الْعالَمِينَ 28: 30 وجرى ثم في الكلام ما قص الله عز وجل في غير موضع من القرآن وأعطاه من الآيات والمعجزات العصا واليد وأوحى إلى هارون بمصر بالنبوة والوزارة وبعثهما إلى فرعون فانطلقا وبلغا الرسالة فاستسخرهما واتهمهما وجمع السحرة مضادة ولمّا جاء به كان [2] من ذلك ما قال الله عز وجل فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ 7: 117 وآمنت السحرة وسجدوا للَّه لما رأوا من باهر الآيات وعلموا حقها وصدقها وأمر الله موسى أن يخرج ببني اسرائيل من مصر فأنى مهلك عدوهم فسرى بهم واتبعهم فرعون وجنوده فأغرقهم الله في البحر وأنجى موسى ومن معه كما ذكر في القرآن،،، ذكر قارون قالوا أن قارون كان واطئ فرعون على فعله

_ [1] . ناراMs. [2] . وكان Ms.

ذكر التيه

وأعانه على ظلمه وجمع من الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ 28: 76 ولما أهلك الله فرعون وقومه حسد موسى وهارون على ما أتاهما فقال لك النبوّة ولهارون الوزارة ولا شيء لي والله لا أصبر على هذا فدعى موسى عليه فخسف الله به الأرض وقال قوم بل كان سبب هلاكه كان دعا امرأة بغية أن تدعي على موسى الفاحشة فلما قامت حول الله لسانها فنطقت بالصواب والله أعلم،،، ذكر التيه ولما أهلك الله قوم فرعون أمر موسى بالمسير إلى الشأم وأن يقاتل الجبارين ويجليهم عنها فإن تلك الأرض المقدسة ميراث أبيكما إبراهيم عم فأبوا عليه وفشلوا عن قتالهم كما قال الله عز وجل يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ الله لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ 5: 21 قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً 5: 24 ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون فحرم الله عليهم دخولها وتاهوا في التيه أربعين سنة ثم ندموا وأتتهم العزمة من الله فلطف بهم وأنزل عليهم المن والسلوى فظلل عليهم الغمام وفجر لهم أثني عشر عينا إلى أن مات في التيه موسى وهارون والأباة العصاة على الله ثم

افتتحها [1] يوشع بن نون ودخلها مع أبنائهم [2] وكان في التيه خسف قارون وعجل السامري ونزول الألواح وشق الجبل وشأن السبعين وإحراق ابنى هارون ورفع الأسباط إلى ما وراء الصين ومسألة الرؤية وقصة البقرة وحديث بلعم كان قبل ذلك وكذلك النقباء قال الله عزّ وجلّ وإذ أخذنا [3] مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً 5: 12 الآية ولما جاء موسى وبنو إسرائيل البحر أمره الله أن يخرج من كل سبط نقيبا يأخذ عليهم بالوفاء للَّه منه ومن قومه أن لا يتجادلوا ولا يتواكلوا وأن يطيعوا الله ورسوله وقال الله عز وجل لموسى قل لهم إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ 5: 12 الآية فوفى بعضهم ونقض [4] بعض بقول الله عز وجل [91] فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً 5: 13 الآية قال الله عز وجل وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ من الْغاوِينَ 7: 175 قال بعض المفسرين أنه بلعم بن باعوراء وكان

_ [1] . افتتحاهMs. [2] . ابنيايهمMs. [3] . ولقد أخذ الله (15 بنLetexteduQor anporte (V [4] . ونقص Ms.

مستجاب الدعوة وكان يعلم اسم الله الأعظم قال وكان إذا سجد رفعت له الحجب حتّى يرى ما تحت الثرى والكرسي فلما قصد موسى البلقاء مدينة الجبارين هابوا حدته وشدته فسألوا بلعم أن يدعو عليه فدعا عليه فاختلف بنو إسرائيل وأبوا أن يقاتلوا وتاهوا [1] في التيه ودلع لسان بلعم بن باعوراء وذهبت الآيات التي كان الله أعطاه قال الله عز وجل وَمن قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبه يَعْدِلُونَ 7: 159 قال بعض أهل التفسير أنه لما اختلف بنو إسرائيل بعد موسى فزعت طوائف من الأسباط إلى الله أن يفرق بينهم وبين سائر بني إسرائيل قالوا فرفعهم الله إلى أرض من وراء الصين طاهرة طيبة لا يتظالم أهلها ولا يتعادى سباعها وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع ليلة المعراج إليهم فآمنوا به واتبعوه قال الله عز وجل وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا 7: 155 ذكر أهل التفسير أن القوم لما أضلهم السامري بعبادة العجل سألوا موسى أن يعتذر إلى ربهم فأمره أن يختار منهم سبعين رجلا ويأخذ بهم إلى الجبل ليقبل توبتهم ويثيبهم عن حسن طاعتهم في قتل أنفسهم ففعلوا وأتوا الجبل

_ [1] . وهاهوا Ms.

وكان الله عز وجل يكلم موسى عم وموسى يبلغهم فقالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى الله جَهْرَةً 2: 55 ... فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ 4: 153 ثم دعا موسى فقال لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ من قَبْلُ 7: 155 فأحيوا ثم قالوا قد علمنا أنه لا يرى ولكن أسمعنا كلامه فسمعوا صوتا خرجت أرواحهم ثم دعا موسى ثانيا فردها الله إليهم وجعل يكلم موسى وموسى يبلغهم فلما رجعوا إلى بني إسرائيل حرف بعضهم ما كان أوصى به وأمر بقول الله عز وجل وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ الله ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ من بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ 2: 75 قال الله عز وجل وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَالله مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ 2: 72 قال بعض أهل التفسير أنه كان مكتوبا عليهم في التورية ايما قتيل وجد بين قريتين وليس إلى أقربهما واخذ أهل تلك القرية بذنبه فإن أنكروا استحلفوا منهم خمسون رجلا وذكوا بقرة ووضعوا أيديهم عليه يحلفون باللَّه ما قتلناه ولا عرفنا قاتله فيبرءون من دمه حتى قتل رجل ابن عم له يقال له عاميل مخافة أن يتزوج ابنة عمه فطرحه في بعض الأودية وأصبح القوم والقتيل بين أظهرهم ولا يدرون من قاتله ففزعوا إلى موسى فأمرهم بذبح بقرة من البقر فلم يزالوا يراجعونه ويشددون

على أنفسهم حتى قصروا على الشيمة الموصوفة في القرآن فذبحوها وضربوه ببعضها فعاش فأخبر بقاتله فقال الله تعالى وإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ 7: 171 الآية قال أهل التفسير لما أتاهم موسى بالتوراة وما فيها من الشدة والتغليظ مثل الرجم والقطع والقصاص أبى القوم أن يقبلوه فرفع الله فوقهم جبلا وقيل لهم إن قبلتم التوراة بما فيها [فبها] وإلا رضحتم به فسجدوا على أنصاف وجوههم وقبلوه كرها منهم وقال الله عز وجل وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى من بَعْدِهِ من حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ 7: 148 الآية قال بعضهم [91] أن السامري كان ابن عم موسى واسمه موسى بن طفير ويقال كان من أهل باجرما [1] ولما ذهب موسى إلى الطور لميعاد أخذ الألواح عد السامري عشرين يوما وعشرين ليلة ثم قال إن موسى قد نسى ربه وهذا الميعاد قد انقضى فصاغ لهم عجلا وعكفوا عليه يعبدونه فجعل الله توبتهم القتل فقتلوا حتى بلغ القتلى سبعين ألفا بقول الله عز وجل فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ 2: 54 قال الله عز وجل وَكَتَبْنا لَهُ في الْأَلْواحِ من كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ 7: 145

_ [1] . ماخرما Ms.

ذكر الهيكل الذي بنى موسى

الآية وزعم وهب أن بني إسرائيل لما تاهوا في الأرض سألوا موسى أن يأتيهم بكتاب يعرفون فيه ما يأتون وما يدرون فسأل موسى ربه فأمره أن يخرج إلى الطور ويصوم ثلاثين يوما ليكلمه ويعطيه الألواح فخرج موسى واستخلف هارون في قومه وأوعدهم أربعين ليلة وصام ثلاثين يوماً ثم أكل من لحاء الشجر ويقال تسوك وشوص فاه بالماء فأمر الله بإتمامه بعشر ثم كلمه وأعطاه الألواح وهاهنا سأل موسى الرؤية،،، ذكر الهيكل الذي بنى موسى بلغ أهل الكتاب أن الله تعالى أمر موسى عم أن يتخذ مسجدا لجماعتهم وبيت قدس لقربانهم فبنى ووضع فيه الألواح وكانوا يدرسون فيه ويقربون القربان وكان نار تنزل فتأكل قرابينهم والهيكل يسير معهم في التيه حيث ساروا فامتزج ابنان لهارون ليلة من الليالي التي كان تنزل النار فيها لأكل القربان فأكلتهما النار وأحرقتهما ومات هارون قبل موسى بثلاث سنين وهو ابن مائة وثماني وعشرين سنة واستخلف يوشع بن نون واختلفت التواريخ في من [1]

_ [1] . فيمن Ms.

ذكر معجزات موسى عم وعجائب بنى إسرائيل وما اتفق منها وما اختلف

كان ملك العجم زمن موسى عم ففي بعضها أنه انقضى أمر موسى ويوشع وكالب بن يوفنا [1] وتوساقين وحزقيل في زمن الضحاك وفي بعضها [2] أن أمر موسى مع فرعون إنما كان في أيام منوجهر بعد الضحاك بخمس مائة سنة وقرأت في سير العجم أن كيلهراسب الجبار الذي بنى مدينة بلخ وزرنج أخرب بيت المقدس وشدّد من كان بها من اليهود ببيت المقدس ما كان إلا بعد موسى ويوشع وفي كتاب معارف العتبي أن موسى عم بعث على عهد بهمن بن اسفنديار فلما بلغه أن في أرض اوريشلم احدثوا دينا بعث إليهم بخت نصر وهو عندهم بخت نرسى [3] فقتلهم وسباهم والله أعلم،،، ذكر معجزات موسى عم وعجائب بني إسرائيل وما اتفق منها وما اختلف أما الذي ينطق به الكتاب فالعصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وفلق البحر ومجاورة بني إسرائيل وانفجار الماء من الحجر في التيه وإظلال الغمام وإنزال المن

_ [1] . بوقياMs. deuxfoisdanslems. [2] [3] . نصر Correctionmarg. ;ms.

والسلوى [و] حياة القتيل حين ضرب ببعض البقرة وشق الجبل وخسف قارون وأخذ الصاعقة السبعين وإحياؤهم وأمر التيه والطمس [1] الذي أصاب مال فرعون بدعوة موسى فهي باقية إلى [ال] يوم ترى وتشاهد قال محمد بن كعب فصار الرجل مع أهله في فراشه حجرا وصارت النخلة بثمرها حجرا وضرب موسى لهم طريقا يبسا في البحر وجاء في الأخبار أن موسى [92] عم [لما] أراد أن يخرج ببني إسرائيل من مصر استعار [2] من أمراء آل فرعون الحلي سوى الحلل غنيمة لهم نقلهموها فلما [3] خرجوا ألقى الله على أبكار القبط الموت فمات لكل رجل منهم بكر ولده فاشتغلوا بهم إلى ان تباعد بنو إسرائيل وخرج فرعون في أثرهم على ساقته [4] مائة ألف من الخيل الدهم سوى سائر الألوان والشيات ومن كان في المقدمة والجنبين ولما ضرب موسى لبني إسرائيل البحر بعصاه أبوا أن يدخلوا فيه حتّى جعل لهم طيقانا

_ [1] . والطمينMs. ligne 16. [2] بن 478 بن etTabari ,I بن ,corriged apresIbnel -Athir ,I ,p.132 استعانMs. [3] . فكماMs. [4] . ساقيه Ms.

اثني عشر لكل سبط طاق على حدة [1] ينظر بعضهم إلى بعض وان جبريل أتى على فرس أنثى فتقدم بين يدي فرعون وهو على حصان من الخيل فأقحم جبريل فرسه في البحر واشتم برذون فرعون رائحته فأتبعه حتى إذا توسط اللج غرق فلما ألجمه الغرق رفع سبابته بالشهادة وقال آمنت بالذي لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ 10: 90 فأخذ جبريل من حاذ البحر فأدخله فاه مع عجائب كثيرة مشهورة في العوام لا يوصف بمثلها نبي من الأنبياء ولا أمة من الأمم وقد جاء في الحديث حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج وسبيل جميع ما ذكرنا سبيل معجزات الأنبياء والعلة فيه واحدة والحجة واحدة إلا أن المعول منها على ما صح وسلم فاما من يرفع عن مساعدة العوام لفرط جهله في مذاهبهم وجانب مواطأتهم فهو بين جاهر بإنكار هذه المعجزات رأسا وبين حامل لها على تأويل منحول مستنكر ولقد رأيت بعضهم يزعم أن تلقف عصى موسى عصيهم غلبهم بحجته حجتهم وكذا شعاع اليد وانفجار الماء من الحجر وحياة السبعين بعد موتهم فكل ذلك مثل لإصابتهم وجه العلم فيما طلبوا بعد

_ [1] . على حدّه Ms.

قصة يوشع بن نون

ما كانوا ماتوا بالجهل وسمعت من يقول منهم أن موسى عم أرسل على فرعون ومن معه ذنبا من البحر فهلكوا في مناخهم كما فعلت القرامطة بابن أبي الساج مع تخليط كثير ووساوس والله أعلم وهذه القصص مفسّرة مستوفاة في كتاب معاني القران بوجوهها واعرابها ومعانيها واختلاف الناس فيها فلذلك يجوز هذا هاهنا،،، قصة يوشع بن نون كان خليفة موسى وولى عهده ونبأه الله بعده وروى عن الحسن أنه قال إن النبوة حولت إليه في حياة موسى فلما رأى موسى مفارقة النبوة تمنى الموت حينئذ وقيل أن يوشع هو ذو الكفل ابن أخت موسى وتلميذه الذي سار معه في طلب الخضر وهو الذي افتتح بلقاء مدينة الجبارين بعد موسى وقتل الجبابرة فجنح عليه الليل وقد بقيت منهم [1] بقية فدعا ربه أن يحبس عليه الشمس حتى يفرغ منهم قال وهب فمن ذلك اختلط حساب المنجمين قال وقتل بالق ملك بلقاء والسميدع بن هوبر ملك الكنعانيّين واحدا وثلاثين ملكا من ملوك الشأم ولبث أربعين

_ [1] . منه Ms.

قصة كالب [2] بن يوفنا [3]

سنة ملكاً نبياً ثم مات واستخلف كالب بن يوفنا [1] وفيه يقول بعضهم [طويل] ألم تر أنّ العلقميّ بن هوبر ... بابلة أمسى لحمه قد تمزعا ولم تسمع في الأخبار شيئا من نبوته وكان خليفة يوشع بن نون وتحته مريم بنت عمران أخت موسى عم وهو أحد الرجلين اللذين قال الله تعالى قال رَجُلانِ من الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمَا 5: 23 الآية فلمّا احتضر استخلف ابنا له لوساقانين،،، قصة كالب [2] بن يوفنا [3] يقال أن كالب [2] كان نظير يوسف [92] في الحسن والجمال فكان النساء يفتتن به فدعا ربه أن يغير خلقه قال وهب ضربه الله بالجدري وبثرت عيناه ومعطت لحيته وخرم أنفه وانثنى أسفل وجهه الذقن والفم حتى صار له خرطوم كخرطوم السبع فقذره الناس ولم يقدر أحد النظر إليه وقام بالعدل في بني إسرائيل أربعين سنة وتوفّى،،،

_ [1] . بوقياMs. [2] . كالوبMs. [3] . بوقيا Ms.

قصة حزقيل

قصّة حزقيل يقال حزقيل بن دحنه أبوه وبور أبوه وهو نبي القوم الذي قال الله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا من دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ 2: 243 الآية وقال قوم هربوا من قتال عدو لهم وقال السدى بل هربوا من الطاعون وكانوا بضعا وثلاثين ألفا وقد أثبت في القصة ما اختلفوا فيه في كتاب المعاني على وجهها،،، قصة شمويل بن هلقانا وهو بالعربية اشمويل [1] وهو نبي القوم الذي قال الله عز وجل أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ من بَنِي إِسْرائِيلَ من بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ في سَبِيلِ الله 2: 246 وكان لبني إسرائيل تابوت توارثوه عن الأنبياء يتبركون به ويستنصرون على أعدائهم فغلبت العماليق وذهبت قوتهم وريحهم وسألوا شمويل أن يبعث لهم ملكا يقاتل بهم فجاءهم طالوت ملكا وكان من سبط ابن يامين فأبوا أن يذعنوا له إلا بآية فقال لهم نبيهم ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت فأتاهم بحملة الملائكة وقاتل به طالوت عدوهم فقتل داود جالوت رأس العمالقة وهزموهم واستنقذوا من كان في أيديهم من الأسارى،،،

_ [1] . إسماعيل Ms.

قصة الياس

قصة الياس يقال هو الياس بن العادر من ولد يوشع بن نون وكان ابن إسحاق بقول هو الياس بن يسى من ولد هارون بن عمران يقال له الياس والياسين واذرياسين ويقال هو ذو الكفل بعينه بعثه الله بعد حزقيل إلى ملك ببعلبك يقال له آحب وله امرأة يقال لها ازبيل [1] كان يستخلفها [2] على ملكه إذا غاب قتالا للأنبياء عابدة للأصنام ولهم صنم عظيم اسمه بعل فكذبوه وعصوه ونفوه فأمسك الله عنهم السماء حتى أجهدهم الجوع فطلبوا الياس كل مطلب يعنتوه ويراجعوه فيدعو لهم وكان اليسع ابن أخطوب تلميذ الياس فبعثه الله إليهم ان أردتم أن يكشف الله عنكم الضر فدعوا عبادة الأصنام قال فآمنوا وصدقوا فرفع الله عنهم البلاء وعاشوا ثم عادوا إلى [3] كفرهم فدعا الياس أن يريحه منهم. ذكر الاختلاف في هذه القصة زعموا أن الياس كان سياحا يأكل الحشيش الأخضر حتى يرى ذلك في أمعائه من وراء حجاب أضلاعه ولما كفروا به أوحى الله إليه قد جعلت رزقهم

_ [1] . اربيلMs. [2] . يستخلعهاMs. [3] . في Notemarginale ,autrelecon:

ذكر اليسع بن أخطوب

بيدك فحبس عنهم القطر ثلاث سنين حتى أكلوا الجيف والكلاب الميتة فلما عادوا إلى كفرهم بعد إيمانهم به سأل ربه أن يرفعه من بينهم فالوا فجأته دابة لونها لون النار فوثب عليها فانطلقت به وناداه تلميذه اليسع بم تأمرني قال بطاعة الله والعهد وكساه الله الريش وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وجعله أرضيا سماويا ملكيا انسيا قال الحسن هو موكل بالفيافي والخضر بالبحار يجتمعان بالمواسم في كل عام،،، ذكر اليسع بن أخطوب وكان تلميذه فنبأه الله بعده وقد يقال أن اليسع هو ذو الكفل وقيل هو الخضر وقيل هو ابن العجوز والله أعلم [93] وفي كتاب أبي حذيفة أن ذا الكفل هو اليسع بن أخطوب تلميذ الياس وليس هو اليسع الذي ذكره الله في القرآن يرويه عن أبي سمعان فإن كان هذا حقا فهما اليسعان والله أعلم وأما ذو الكفل فمختلف فيه اختلافا كثيرا تجده في كتاب المعاني إن شاء الله تعالى، قصة داود عم هو داود بن ايشا من ولد يهوذا بن يعقوب نبأه الله بعد شمويل بن هلقانا [1] وملكه بعد طالوت فاجتمع له

_ [1] . هلقاثا Ms.

الملك والنبوة إلى أن وقع بالخطيئة واختلفوا في سبب خطيئته فالمعروف عند أصحاب الأخبار وأهل الكتاب ورواية الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أشرف فرأى امرأة فوقعت في قلبه فبعث زوجها في من بعث في الحرب حتى استشهد فلما انقضت عدة المرأة تزوجها فولدت له واسم المرأة بتشبع واسم زوجها اوريا واستعظم قوم هذا من فعل الأنبياء ورووا رواية أن داود كان يدارس على بني إسرائيل العلم ويدارسونه فقال بعضهم لا يأتي على بني آدم يوم لا يصيب فيه خطيئة فقال داود لاخلون اليوم واجتهدن في تنحي الخطيئة عني فأوحى الله إليه يا داود خذ حذرك وقال بعض الناس بل كانت خطيئته أن استمع إلى أحد الخصمين وقضى له دون الاستماع من خصمه ونعوذ باللَّه من طلب مخرج لرسول فيه تكذيب للكتاب ولو كان كذلك فما معنى قوله وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ 38: 21 إلى آخر الآيات الأربع كلها تعريض لداود عم في صنيعه وذكر النعجة كناية عن الظعينة لا غير فلمّا عرف خطيئته خَرَّ راكِعاً وَأَنابَ 38: 24 بقول الله عزّ وجلّ فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ 38: 25 وقد احتجّت هذه الطبقة بقوله تعالى يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ

ذكر اختلافهم في هذه القصة

خَلِيفَةً في الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ 38: 26 الآية فكان الله عز وجل سخر معه الجبال يسبحن بالعشي والاشراق وسخر له الطير يجاوبه ويطيعه والان له الحديد يعمل السابغات،،، ذكر اختلافهم في هذه القصة وصفوا من طول سجوده وشدة جزعه وكثرة بكائه ما يضيق الصدر عن تصديقه قالوا حتى نبت العشب بين دموعه ولصقت جلده حزيمة [1] بمسجده وكان يجمع في كل أسبوع الناس فينوح على خطيئته وزعم وهب أن الله عز وجلّ أنزل له سلسلة بحبال للصخرة ينالها المظلوم ولا ينالها الظالم إلى أن مكر بها ماكر وارتفعت وصار الحكم باليمين والشهود ويقول قوم أن معنى الانة الحديد ما سهل عليه من صنعة الدروع لأن نفس الحديد تغير عن طبعه قالوا ومعنى قوله يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ 34: 10 اوب عند النظر إليها والطير على القلب،،، قصة لقمان الحكيم قالوا أنه كان عبدا حبشيا [2] عظيم الشفتين والمنخرين مصطك الركبتين وزعم وهب أنّ الله خيّره بين

_ [1] . حدّمهMs. [2] . جيشيّا Ms.

قصة سليمان بن داود عم

النبوة والحكمة فاختار الحكمة فلما وقع داود بالخطيئة جعل يقنط لقمان قال الله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ 31: 12 وَإِذْ قال لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ 31: 13 وذكر وهب [93] أنه أصاب للقمان عشرة آلاف كلمة من الحكمة قد استعملتها في خطبهم ووصاياهم قال ولم يزل يعظ ابنه ماثان حتى قناع قلبه فمات،،، قصّة سليمان بن داود عم قالوا واستخلفه داود وهو ابن اثنتى عشرة سنة وجعله يستشيره في أمره ويدخله في حكمه فأول فتنة [1] أصابته أن امرأة كانت كسيت جمالا وكمالا جاءت إلى قاض لداود في خصومة لها [2] فأعجبته فراودها على القبح فقالت أنا أبعد من [هذا] فتواطأ القاضي وصاحب الشرطة وحاجب داود وصاحب السوق وشهدوا لداود أن لهذه المرأة كلبا ترسلها على نفسها فأمر بها داود فرجمت وبلغ الخبر سليمان وهو يومئذ غير بالغ فخرج مع غلمان يلعبون فجعل أحدهم على القضاء والثاني على الشرطة والثالث على السوق والرابع على الحجبة وجعل واحدا منهم بمنزلة المرأة ثم قعد مقعد داود وجاء القوم وشهدوا على

_ [1] . فتيةMs. [2] . له Ms.

الذي هو بمنزلة المرأة ففرق بينهم سليمان ثم سألهم في خفاء عن لون الكلب فقال أحدهم أحمر والآخر أغبس واختلفوا في صفته وذكورته وأنوثته وصغره وكبره فرد شهادتهم فبلغ الخبر داود فدعا بالذين شهدوا على المرأة وفرق بينهم وسألهم فاختلفوا عليه فأمر بهم فقتلوا بالمرأة قالوا وكانت امرأتان يغتسلان في نهر ومع كل واحدة منهما صبي فجاء الذيب فاختلس أحد [1] الصبيين فتنازعتا الصبي الباقي وادعتاه فحكم داود بالولد لإحداهما قال فمرت المرأتان بسليمان وقصتا عليه القصة فقال سليمان عليكم بالسكين اقطعه بينكما نصفين فقالت أم الصبي هو لها لا تقطعه وقالت الأخرى اقطعه بيننا فدفع إلى من سلمت وكرهت القطع قالوا وجاءه رجل فشكا إليه جيرانا له أخذوا إوزة له فأكلوها فخطب سليمان الناس وقال يعمد أحدكم إلى إوزة جاره فيسرقها ويأكلها ثم يدخل المسجد وريشها في قلنسوته فمد الرجل يده إلى قلنسوته ينظر أبها ريش [2] أم لا فقال سليمان لصاحب الإوزة دونك الرجل

_ [1] . احدىMs. [2] . أبها شيء من الريش Corr.marg.

فخذه وقد قال الله عز وجل وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ في الْحَرْثِ 21: 78 الآيات قالوا أن غنم رجل نفشت ليلا في كرم رجل فأفسدته فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم فقال سليمان غير هذا القضاء قال ارفق بالقوم قال وكيف قال يدفع صاحب الغنم غنمه إلى صاحب الزرع لينتفع من ألبانها وأصوافها بقدر الحاجة في ماله ثم يرد رقابها قال الله عز وجل فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ 21: 79 وكان داود وضع أساس بيت المقدس فبناه سليمان وأتمه قال الله عز وجل وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقال يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ [الطَّيْرِ] وَأُوتِينا من كُلِّ شَيْءٍ 27: 16 وقال وَلِسُلَيْمانَ [الرِّيحَ] غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمن الْجِنِّ من يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ من عَذابِ السَّعِيرِ 34: 12 يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ من مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ 34: 13 وقال الله تعالى حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ 27: 18 الآية هذا كله كما قال الله عز وجل آمنا به وصدقناه وقال تعالى فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ 38: 36 وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ 38: 37 وذكروا أنه كان يأمر الريح فتحمله وعسكره وتسير بهم حيث شاء فتغدو بهم مسيرة

شهر في غداة وتروح بهم [94] مسيرة شهر في رواح ووجد بناحية دجلة مكتوب على بعض الأبنية العادية القديمة نحن نزلناه وما بنيناه وهكذا مبنيا وجدناه عدوناه من اصطخر فقلبناه ونحن رائمون منه فاتحون الشام إن شاء الله وقالوا كان ملك داود بالشام في أول ملك منوجهر بابل وملك غمدان باليمن ولا يتيقن ذلك ولا يمكن لطول العهد وضعف الوهم به ولا يصف المسلمون وأهل الكتاب سليمان بشيء من المعجزة والملك في طاعة الجن والإنس والشياطين له ومعرفة منطق الطير والبهائم وحمل الريح إياه واستخراج النورة والجص والجواهر المعدنية وبناء الحمامات وغير ذلك إلا والفرس يصفون به جم شاذ الملك فلا أدري أهو سليمان عندهم أم لا فإن كان ما وصفوه به حقا لم [1] يكن الرجل إلا نبيا لأن مثل المعجزات لا يتأتي لغير الأنبياء قال الله تعالى وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ 2: 102 قال أهل التفسير أن طائفة من اليهود زعموا أن سليمان كان ساحراً آخذاً بالأبصار مموها على الناس وأنه ملك الجن والإنس بسحره ومنهم من أقرّ بالسحر

_ [1] . ولم Ms.

وصححه وجعله علما حقيقيا فنفى الله عنه دعواهم وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ 2: 102 قالوا وكان ظهور السحر في أيام ذهاب ملك سليمان استخرجته الشياطين وثبته في الناس ونسبوه إلى سليمان الملك النبي واختلفوا في السبب الذي عوقب لأجله بذهاب الملك فزعم زاعم أنه سبى جارية شعف بها فاستأذنته في أن تصور تمثال [1] ابنها تتسلى به وتستأنس [2] فأذن لها قالوا فعبدته أربعين يوما وزعم آخر أنه سأله بعض نسائه أن تقرب [3] لأبيها قربانا فأذن لها في تقريب جرادة وقال قوم بل كان ذنبه اشتغاله بالصافنات الجياد حتى توارت الشمس بالحجاب وقيل بل بضربة سوقها وأعناقها قال الله عز وجل وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ من الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ 27: 17 وقد ذكر الله تعالى قصته [4] مع بلقيس في هذه السورة وكيف كان مجيئها وإسلامها ومجيء عرشها في ارتداد الطرف وهداية الهدهد إليها وللعرب أشعار كثيرة في

_ [1] . يصوّر بمثالMs. [2] . يتسلّى به ويستأنسMs. [3] . يقربMs. [4] . في قصّته Ms.

قصة بلقيس

تحقيق أمر سليمان فمنه قول الأعشى بن قيس [طويل] فلو كان حيّا خالدا ومعمرا ... لكان سليمان البريء من الدهر براه إلهي واصطفاه عبادة ... وملكه ما بين سرفي إلى مصر وسخر من جنّ الملائك شيعة ... قياما لديه يعملون بلا أجر قصة بلقيس يقال هي بلقيس بنت هدّاد بن شراحيل بن عمرو ابن الحارث بن الرياش كانت ملكة باليمن وآباؤها كانوا ملوكا قبلها وكاتبها سليمان عم وراودها على الإسلام فأجابت وأقبلت وتزوج بها سليمان ويقال بل زوّجها رجل من مقاول اليمن وردها إلى ملكها قالوا وكانت زباء هلباء فأمر سليمان فبنوا لها صرحا من قوارير لتخوضه [1] فكشفت عن ساقيها وهي تظن أنه ماء حتى رأى سليمان الشعر عليها فأمر فاستخرجوا لها النورة والزرنيخ،،، ذكر اختلاف الناس في هذه القصة وقصة سليمان عم قال قوم تسبيح الجبال مع داود شيء لا يعلمه أحد غيره وكذلك الطير مع سليمان لم يكن يسمعه معه أحد قال وإنما هو كما روى أنّ

_ [1] . ليخوضه Ms.

الحصى سبّح [94] في كفّ النبيّ صلى الله عليه وسلم بقول الله عز وجل وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ 17: 44 فمن فقه تسبيحه فقد سبح معه قالوا ومعنى قوله وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ 34: 12 هو ما اهتدى إلى استخراجه من معدنه كسائر الجواهر قالوا ومعنى قوله وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ 27: 20 أنه رجل سريع [1] وهذا معروف في الناس أنهم يسمون الخفيف السير الكثير المشي بأسماء الطيور تشبيهاً بها في سرعة السير قالوا ومعنى قوله حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ 27: 18 أنهم قوم ضعاف خافوا خبطة عسكر سليمان بظلمهم إياهم فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً من قَوْلِها 27: 19 من معرفته لغتهم دون أصحابه قالوا ومعنى الشياطين والجن عتاة الناس وأشداءهم وحذاقهم وعرفاءهم بالأمور الغامضة والصنائع البديهة قالوا وتسخير الريح له غدوها شهر ورواحها شهر مثل لبعد هيبته في الأرض ونصرة دولته وكان يهاب يطاع مسيرة شهر في شهر قالوا وليس في القرآن أنه ملك مشارق الأرض ومغاربها واحتجّوا بقول النبيّ صلى الله عليه وسلم نصرت بالرعب حتى أن عدوي ليخافني على

_ [1] . قبيح Ms.

قصة يونس بن متى

مسيرة شهر وقالوا في ذكر موته ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ 34: 14 أن هذا ممكن فيما بيننا والمنساة السرير أو خشبة أعمد إليها يرون الناس أنه حي بعد وأنكروا ما جاء في الخبر أن بلقيس كانت أمها امرأة من الجنّ قالوا اللَّهمّ إلّا أن يريد صنفا من الناس وأعلم أن لمحمد بن زكريا كتابا زعم أنّه مخاريق الأنبياء لا يستجيز ذكر ما فيه ولا يرخص لذي دين ولا مروءة الإصغاء إليه فإنّه المفسد للقلب المذهب بالدين الهادم للمروءة المورث البغضة للأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين ولأتباعهم ونحن لا نحمل على عقولنا ما ليس في وسعها لأنها عندنا مبدعة متناهية،،، قصة يونس بن متى قال أهل العلم ثم إن بعث يونس بعد سليمان إلى أهل نينوى [1] وهي الموصل فكذبوه وأخرجوه وعاودهم [2] مرارا فجعلوا ينفونه ويطردونه فوعدهم العذاب وأخذ عليهم الميثاق إن لم يأتهم كما وعدهم أن يقتلوه وخرج من بين ظهرانيهم فلما استيقن القوم بالهلاك صعدوا إلى تل [3] لهم

_ [1] . نينوىMs. [2] . وعاودوهمMs. [3] . قلّ Ms.

ذكر اختلاف الناس في هذه القصة

يقال له تل التوبة [1] وتابوا وأخلصوا وضجوا إلى الله عز وجل فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ في الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ 10: 98 ثم أمر الله عز وجل يونس بالرجوع إلى قومه فخشى من القوم القتل ولم يعلم بتوبتهم وإنابتهم وأنهم آمنوا فذهب مغاضبا لقومه فعوقب بالحوت كما قصّ الله عزّ وجلّ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَساهَمَ فَكانَ من الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ من الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ 37: 140- 145 يقول كالسقيم وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً من يَقْطِينٍ 37: 146 يقال البطيخ وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ 37: 147 قال الحسن كان يونس نبيا غير مرسل ثم صار بعد أن نجاه الله من الحوت نبيا مرسلا فعاد إليهم وأقام لهم السنن والشرائع ثم استخلف عليهم شعيا وخرج هو والملك معه يسيحان في الجبال ويعبدان الله حتى لحقا باللَّه عز وجل،،، ذكر اختلاف الناس في هذه القصة روى في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تفضلوني على أخي يونس بن متى ومن

_ [1] . النوبة Ms.

قال أنا خير منه فقد كذب ورأيت ناسا [95] من الأمة ينكرون هذا والله أعلم وذكروا من مساهمة يونس عم ركاب السفينة أن الريح عصفت والسفينة قد تكفأت فقال يونس اطرحوني في الماء فإني أنا المطلوب فأبوا عليه حتى قارعهم فقرعوه وأن الحوت التقمه فنادى في ظلمات جوفه أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ من الظَّالِمِينَ 21: 87 فاستجاب له ونجاه من الغم وألقاه الحوت على الشط ونبتت له شجرة يستظل بها فلما يبست خلص حر الشمس إلى جلدته وهي كالفرخ الممعوط فبكى قيل فأوحى الله إليه تبكي على شجرة أنبتت في ساعة وكيف دعوت بالهلاك على مائة ألف أو زيادة وأما الزائغون عن القصد فمن منكر بقاء ذي روح في بطن حيوان ويتأول ذلك حجة لزمته وحقا أسكته ونداؤه في الظلمات فالوا هي ظلمات الجهل والحيرة وإلقاؤه بالعراء طرف [1] من العلم إليه وانشاءه هذا كما قالوا في تأويل العصا واليد لموسى والسفينة لنوح وسائر المعجزات والله أعلم وكيف يصحّ لهم هذا التأويل وهم يقرءون وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ 21: 87

_ [1] . طرح Marge

قصة شعيا بن اموص [1] النبي وصديقة الملك

نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى في الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ من الظَّالِمِينَ 21: 87 ويقرءون فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ 68: 48 ويقرءون فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ 37: 142 أو ليس الجنين في بطن أمّه متنفّس حىّ فهل يعجز من أبقى الأجنة في ظلم الأرحام أن يبقى الأرواح في أجسام المحبوسين حيث لا يصل إليهم الهواء والله المستعان،،، قصّة شعيا بن اموص [1] النبي وصديقه الملك قالوا أقبلت بنو إسرائيل بعد يونس زمانا على الهدى والاستقامة إلى أن مات الملك صديقه فاختلفوا وعدوا على شعيا فقتلوه وقال بعضهم أنه انفلقت له شجرة فدخلها والتأمت عليه وأن الشيطان أخذ بهدبة ثوبه فلما لحقه الطلب فقال ها هو في جوف هذه الشجرة دخلها بسحره فقطعوه بالمنشار وسلط الله عليهم العدو وهو الذي ذكره الله عز وجل في القرآن فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا 17: 5 وهي أولى الفساد الذي قضاه الله على بني إسرائيل في الكتاب فقال لَتُفْسِدُنَّ في الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً 17: 4

_ [1] . راموص Ms.

قصة ارميا النبي

وقيل في من سلط الله عليهم في أول الفساد غير هذا والله أعلم وهو مستطر في كتاب المعاني بتمامه،،، قصة أرميا النبي قال وهب أنه هو الذي قص الله عز وجل في القرآن خبره فقال أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قال أَنَّى يُحْيِي هذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ الله مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ 2: 259 الآية ويقال بل كان عزيزا والقرية دير سابراباذ [1] والله أعلم،،، قصة دانيال الأكبر قال أهل هذا العلم أن دانيال الأكبر رأى في منامه أن خراب بيت المقدس يكون على يدي بغية من أرض بابل فقام وتجهز بمال وأقبل حتى وافى أرض بابل فلم يزل يطلبه حتى وجده فأعطاه وكساه وأخبره أن الأمر صائر إليه وعاهده على أن لا يهيّجه ولا ولده ولا قرابته إذا كان كذلك ومات دانيال وغدا بنو إسرائيل على شعيا فقتلوه ويقال بل قتلوا زكريا بن أزن وكان الملك سنحاريب بأرض بابل قد تفرّس في نصر الشهامة والكفاية فأدناه ورفع منزلته فبعثه إلى بني إسرائيل وفي كتاب سير العجم أنّ

_ [1] . دير سابداماذ Ms.

قصة عزيز بن سروحا

الذي بعث بخت نرسى إلى الشام بهمن بن اسفنديار فأتاهم وقتل منهم وسباهم وعاد [95] إلى أرض بابل وفي السبي ارميا النبي وعزيز ودانيال الأصغر وهو من ولد دانيال الأكبر وهو الذي وجد في مدينة السوس حين افتتحها أبو موسى الأشعري فأمره عمر أن يدفنه حيث لا يشعر به وهلك الملك وأفضى الأمر كلّه إلى نصر وملك ما شاء الله ثم رأى رؤيا هائلة فظيعة ولم يجد عند أهل العلم منهم تأويلها فدعا دانيال وأخبره بها فتأولها له فحسن موقعه عنده فاستخلصه واستخصه وشفعه في سبي بني إسرائيل فردهم إلى الشام وفيهم عزيز وارميا ويزعم وهب في قصّة نصر وابنه بلطاشص أشياء في تحوله في صور جميع الحيوان وتصرّف الأحوال عقوبة سوء صنيعه وأنه حول جميعه [1] إنسياً آخر ذلك كلّه وآمن باللَّه ومات،،، قصّة عزيز بن سروحا قالوا وكان عزيز في سنىّ نصر فلما رجع إلى بيت المقدس قعد تحت شجرة وأملى عليهم التوراة من ظهر قلبه وكانوا قد نسوها [2] وضيعوها لأنّ أباه سروحا كان

_ [1] . جميعMs. [2] . نسيوها Ms.

قصة زكريا بن أزن ويحيى بن زكريا وعمران بن ماثان

دفنها أيّام نصر ولم يعلم بمكانها إلا عجوز همة فدلتهم عليها فاستخرجوها وعارضوا بها ما أملى عليهم فوجدوه ما غادر حرفا فعند ذلك قالت طائفة أنه ابن الله ولم يقله كلّهم وروى جويبر عن الضحاك أنه قال لما قالت النصارى المسيح ابن الله قالت فرقة من اليهود معاندة لهم بل عزيز ابن الله وزعم وهب أنّ عزيزا تكلم في القدر فزجر فلم ينزجر فمحا الله اسمه من ديوان الأنبياء ويقال هو الذي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها 2: 259 قال أَنَّى يُحْيِي هذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ الله مِائَةَ عامٍ 2: 259 الآية،،، قصة زكريا بن ازن ويحيى بن زكريا وعمران بن ماثان قالوا أن زكريا بن آزن من ولد داود وكان رجلا نجارا وكانت تحته اشباع بنت عمران بن ماثان أخت مريم بنت عمران أم عيسى وكان يحيى وعيسى أبنى خالة وكان زكريا الرائس الذي يقرّب القربان ويكتب التوراة وهو الذي كفل مريم فلما ظهر بها الحمل زعمت يهود أنه ارتكب منها الفاحشة فهرب منهم واتبعوه فقطعوه نصفين يقال بالمنشار،،، قصّة يحيى قالوا ولمّا رأى زكريّا ما أكرم الله به مريم

من الفضيلة والكرامة تمنى الولد ودعا فعند ذلك دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قال رَبِّ هَبْ لِي من لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ 3: 38 فبشّره الله تعالى بالولد على كبر السن كما قال الله فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي في الْمِحْرابِ أَنَّ الله يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ من الله وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا من الصَّالِحِينَ 3: 39 قال زكريا أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ 19: 8 [1] ... وَقَدْ بَلَغْتُ من الْكِبَرِ عِتِيًّا 19: 8 قال رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قال آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا 19: 10 يقول لا تكلمهم ثلاث ليال وأنت سوي من غير علة قال قتادة عوقب بحبس لسانه عن الكلام لطلبه الآية بعد مشافهة الملائكة وقضى الله عزّ وجلّ فواقع زكريا اشباع بنت عمران فحملت يحيى كرامة من الله عزّ وجلّ ورحمة وزكاة وحصورا ونبيا كما وصف قالوا وهم الملك أن يتزوج ابنة امرأة له فنهاه يحيى عن ذلك فاحتقدت المرأة عليه فسقت الملك [96] حتى ثمل ثم زينت ابنتها وأرسلتها إليه ونهتها أن تطاوعه ما لم يأت برأس يحيى بن زكريا ففعل وسلّط

_ [1] . وكانت امراتى عاقرا imanqueaceverset:

ذكر اختلافهم في هذه القصة

عليهم نصر فقتل على دم يحيى سبعين ألفا وخرب بيت المقدس وهي أخرى الفسادين ويقال بل سلّط عليهم أنطياخوس [1] المجوسي وكان نصر قد هلك قبل ذلك ويقال بل جودر [ز] بن اشكبان أحد ملوك الطوائف،،، ذكر اختلافهم في هذه القصّة زعم قوم أن رأس يحيى جيء به في طست ووضع بين يدي الملك وهو يقول لا يحل لك وان دمه صار يغلى في موضعه غليانا كلما كفر بالتراب ظهر عليه وغلا إلى أن قتل على دمه سبعون ألفا فسكن وأنه التقت أم يحيى وأم عيسى وهما حاملان فقالت أم يحيى أني أجد ما في بطني يسجد لما في بطنك وقد قال بعضهم أن يحيى كان أكبر من عيسى بثلاث سنين وأن زكريّا مات موتا ولم يقتل،،، ذكر مريم بنت عمران أم عيسى قد ذكر الله عز وجل قصتها في سورة آل عمران إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما في بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي 3: 35 الآية ذكروا أن اسمها حنة بنت فاقوز من راهبات بني إسرائيل وأختها اشباع بنت فاقوز كانت تحت زكريّا عم وزوج حنّة عمران بن ماثان بن [؟] أسهم بن

_ [1] . أنطياخوس Ms.

[؟] عافيت من ولد داود النبي عم وكانت حنة قد قعدت عند المحيض فبينا هي في ظل شجرة إذ نظرت إلى طير يزق فرخا له فتحركت نفسها للولد فدعت ربها أن يهب لها ولدا ثم جامعت زوجها فحملت بمريم وهلك عمران فلما أجيبت بالحمل جعلته نذرا للَّه عز وجل كما قال الله عز وجل رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما في بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي 3: 35 الآية فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها [أُنْثى] [1] وَالله أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ 3: 36 وكان لا يحرر إلّا الغلمان لأنّه لا يصلح لخدمة المذبح والمسجد الجواري لما يصيبهن من الحيض ثم لفتها في خرقة وأتت بها المسجد وفيه الأحبار والرهبان يكتبون ما درس من التوراة فتشاجروا في قبولها وأقرعوا عليها فقرعهم زكريّا فقبلها واسترضعها إلى أن فطمت ثم استحصنها إلى أن عقلت ثم بنا لها صومعة في المسجد ونقلها إليها فكانت تتعبد فيها مع العابدات وكان زكريّا وكل بها وبخدمتها رجلا يقال له يوسف النجّار وكان ابن خالها ف كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً 3: 37 يقال فاكهة الشتاء في

_ Cemot ,danslems. ,teajouteenmarged unemainmoderne. [1]

ذكر مولد عيسى عم

الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء قال يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ من عِنْدِ الله 3: 37 ... هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قال رَبِّ هَبْ لِي من لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ 3: 38 فوهب الله له يحيى عم،،، ذكر مولد عيسى عم يقول الله عز وجل وَاذْكُرْ في الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ من أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا 19: 16 إلى قوله ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ 19: 34 فقص الله من خبره ما لا يحتاج معه إلى قول غيره وكانت الملائكة يكلمها شفاها وتبشّرها بالولد إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ 3: 45 قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قال كَذلِكِ الله يَخْلُقُ ما يَشاءُ 3: 47 قالوا وكانت [96] مريم إذا حاضت خرجت من المحراب فإذا طهرت عادت فبينما هي ذات يوم قد ضربت على نفسها بالحجاب تغتسل من المحيض في مشرقة من الشمس إذ أتاها روح الله جبرئيل فتمثل لها في صورة بشر سوي الخلق فخافته مريم فقالت إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا 19: 18 قال إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا 19: 19 فنفخ في جنب درعها

فحملت بعيسى عم ولما ظهر بها الحمل اتّهموا زكريّا فقتلوه [1] في قول بعضهم وقال قوم بل اتّهموا يوسف النجّار وكان قد خطبها وفي الإنجيل أنه كان تزوجها فلما أثقلت مريم هرب بها خوفا من هرادس الملك وموضع الولادة بيت اللحم معروف مشهور وقد شاهدناه وشاهده كل من وطئ تلك البلاد قال الزهري وكان ثم جذع نخلة فأورقها الله عز وجل وأثمرها لمريم وإنما هرب بها وبعيسى بعد ما ولدت وتكلم عيسى بقول الله عز وجل وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ 23: 50 قيل هي مصر وقيل هي دمشق والله أعلم ولما ضربها الطلق خشيت لائمة القوم [2] قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا فَناداها من تَحْتِها 19: 23- 24 يقال جبريل وقيل عيسى أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا 19: 24 إلى آخر الآيات وقصتها مشهورة بظهورها عن التفسير وقد قال بعض الناس في قوله تعالى إِنِّي عَبْدُ الله آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا 19: 30 أي قضى ان يؤتيني الكتاب وأن يجعلني نبيا الآية لأنه لو كان نبيا في الوقت لزمه دعاء الناس ولزمهم اتباعه،،،

_ [1] . فعتلوهMs. [2] . الخلق Notemarginale:

ذكر اختلاف الناس في هذه القصة

ذكر اختلاف الناس في هذه القصة اليهود يزعم أن عيسى لم يحي [1] بعد وأنه جاء وأن الذي يذكره ابن بغية لغير رشده وأن يوسف النجار فجر بها وروينا عن الحسن أنه قال بلغني أنها حملت به سبع ساعات ووضعته في يومها وعن مجاهد قال حملته نصف يوم ووضعته وقال آخرون بل حملته ووضعته كسائر الناس ولقد سمعت بعض علماء الخرّميّة يزعم أن مريم جومعت وانضاف إلى ذلك الجماع روح من عند الله لا أنه كان نفخ من غير وطئ والثنويه والمنانية كلهم يؤمنون بعيسى ويزعمون أنه روح الله على معنى أنه بعض من الله والنور عندهم حي حساس عالم وبعض النصارى يزعم أن الذي تراءى [2] لمريم فنفخ فيها هو الله تعالى عن ذلك وبعضهم يزعم أن عيسى هو الله نزل من السماء ودخل في جوف مريم ثم اتحد بجسد عيسى فلما قتل صعد إلى السماء وقد شبه الله تعالى خلق عيسى عند مجادلة من جادل رسوله وأنكر أن يولد مولود من غير ذكر وأنثى بخلق [3] آدم فقال

_ [1] . يحىMs. [2] . تراياMs. [3] . فخلق Ms.

إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ من تُرابٍ ثُمَّ قال لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 3: 59 فأوضح الحجة وقطع الشبهة وقد ذكر أميّة هذه القصّة في شعره [طويل] وفي دينكم من رب مريم آية ... منبئة والعبد عيسى بن مريم أنابت لوجه الله ثم تبتلت ... فسبح عنها لومة المتلوم فلا هي همت بالنكاح ولا دنت ... إلى بشر منها بفرج ولا فم ولطت حجاب البيت من دون أهلها ... تغيب عنهم في صحارى دمدم [97] يحار بها الساري إذا جن ليله ... وليس وإن كان النهار بمغلم تدلى عليها بعد ما نام أهلها ... رسول فلم يحصر ولم يترمرم فقال ألا لا تجزعي وتكذّبى ... ملائكة من رب عاد وجرهم أنيبي [1] وأعطي ما سئلت فإنني ... رسول من الرحمن يأتيك بابنم فقالت له أنى يكون ولم أكن ... بغيّا ولا حبلى ولا ذات قيّم أأحرج بالرحمن إن كنت مسلما ... كلامي فأقعد ما بدا لك أو قم فسبح ثم اغترها [2] فالتقت به ... غلاما سويّ الخلق ليس بتوأم بنفخته في الصدر من جيب درعها ... وما يصرم الرحمن مل أمر بصرم

_ [1] . أميMs. [2] . اعترّها Ms.

قصة عيسى بن مريم عم

فلما أتمته وجاءت لوضعه ... فآوى لهم من لومهم والتّندّم وقال لها من حولها جئت منكرا ... فحق بأن يلجى عليه وترجم فأدركها من ربها ثم رحمة ... بصدق حديث من نبي مكلم فقال لها أني من الله آية ... وعلمني والله خير معلم وأرسلت لم أرسل غويا ولم أكن ... شقيا ولم أبعث بفحش ومأثم قصه عيسى بن مريم عم روينا عن الحسن أنه قال نزل الوحي على عيسى وهو ابن ثلاث عشرة سنة ورفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وكان في نبوته عشرين سنة ويقال هو آخر أنبياء بني إسرائيل وروينا عن الضحاك أن عيسى بعث إلى نصيبين وملكها جبار عنيد يقال له داود بن بوزا وكانوا أصحاب أصنام وتماثيل وزمن طب وأطباء ومعالجة فجاءهم عيسى من جنس صناعتهم بما أعجزهم وذلك من تمام القدرة وكمال القوة أن يعترض على المرء فيما هو لسبيله ليكون أنفى للشبهة وأبعد من التهمة وكما جاء موسى عم في زمن السحر بما أبطل سحرهم وجاء محمّد صلى الله عليه وسلم والزمن للخطباء والبلغاء والشعراء بما أفحمهم قالوا فأمن بعيسى الحواريّون وهم أصفياءه وذلك بعد ما أحيا لهم الموتى وأبرأ الأكمة والأبرص ونبأهم بما يأكلون في

بيوتهم وما يدخرون للغد وخلق لهم من الطين كهيئة الطير ثم سألوه المائدة قال قوم فنزل عليهم وأكلوا منها ثم كفروا بها فمسخوا خنازير وكان الحسن يقول سألوا المائدة فلما قيل فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً من الْعالَمِينَ 5: 115 استعفوا فلم ينزل ومن نازعته نفسه في الإشراف على اختلاف الناس في هذه الأشياء وخوضهم فيها فلينظر كتاب المعاني فإني قد جمعت فيه ما وجدت إلا ما شذّ قالوا و [لمّا] بلغ جالينوس الطبيب خبر عيسى وما يفعل من العجائب قصده لينظر ما عنده فمات قبل أن يصل إليه ويقال أنه آمن به [97] قالوا ولما رأوا الآيات والعجائب من عيسى عم رمته اليهود بالسحر ونسبوه إلى غير رشده وخرجوا في طلبه فوجدوه قد اكتمن في غار ومعه أمه وجماعة من الحواريين فاستخرجوه وجعلوا يلطمون وجهه وينتفون شعره ويقولون إنّك إن كنت نبيّا فادع ربك يمنعك ثم جعلوا على رأسه إكليلا من الشوك وفي قول اليهود والنصارى قتلوه وصلبوه ثم إن النصارى يقولون بعد ذلك رفع الله روحه إلى السماء ومنهم من يقول صلبوا الهيكل وعرج الروح وهو الله عز وجل وقال لي

ذكر اختلاف الناس في هذه القصة وذكر الاختلاف في مدة هذه الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلم

قبطى منهم أنه قتل وصلب ودفن وأقام في القبر ثلاثا ثم نجاه أبوه ورفعه إلى السماء وفي قول المسلمين أنه لم يقتل ولم يصلب وإنما قتلوا رجلا وصلبوه وأشاعوا في الناس أنه عيسى فانتشر به الخبر قال الله تعالى وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ 4: 157 واختلفوا في قوله تعالى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ 3: 55 فقال كثير من أهل التفسير يقولون فيه تقديم وتأخير كأنه قال أني رافعك إلي ومتوفيك بعد إنزالك من السماء وقال قوم بل هو على وجهه وسياقه توفاه ثم رفعه ومعنى هذا القول أنه رفع روحه لا جسده قال أهل الأخبار رفع عيسى ونزل خفّين فمدرعة وحذاقة للطير [1] ،،، ذكر اختلاف الناس في هذه القصة وذكر الاختلاف في مدة هذه الفترة بين عيسى ومحمّد عليهما السلم قال ابن إسحاق كانت الفترة ست مائة سنة وفي حساب المنجمين خمس مائة سنة إلا شيئا وروى عن أبي جريج أنه قال أربع مائة سنة والله أعلم قال أهل الأخبار أنه كان في الفترة خالد ابن سنان العبسي نبيا وحنظلة بن أفيون الصادق نبيّا وما أراه

_ [1] . كذا في الأصل otationmarginale:

يصحّ وبعضهم يقول كان جرجيس نبيا وشمسون نبيا وفي كتاب بعض الحواريين أنه كان بعد المسيح بانطاكية أنبياء منهم برنا [1] ولوقيوس وماثيل واغابوس [2] ومن علماء أهل الإسلام من يقول أن قوله إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ 36: 14 انهم كانوا أنبياء نومان وبالوص وشمعون وكان في الفترة أصحاب الكهف وسبا وضروان وجريج الناسك وقصة المقعد والمجذوم والأعمى وحبيب النجّار وفطروس [3] الكافر أخو بحيرا المؤمن وكان عيسى عم فرق طائفة من الحواريين في البلدان والنواحي يدعون الناس ويعلمونهم الدين ما حفظ من أسمائهم شمعون الصفا وهو رأسهم ويقال له صخرة الإيمان ويحيى ونومان ولوقا ومديوس وفطرس ويحنس واندرانس وفلبس وجرجيس ويعقوبس وميثا ويعقوب وبالوص ورفع عيسى عم قبل رجوعهم إليه وكما يدل التأريخ عليه كان الملك في زمن عيسى عم من الأشغانيّين [4] ،،،

_ [1] . برنياMs. [2] . اغيانوسMs. [3] . ابو فطروسMs. [4] . في الاشغانين Correctionmarg ,;ms.

قصة أصحاب الكهف

قصة أصحاب الكهف قال قوم هم فتية من الروم ودخلوا الكهف قبل المسيح فرارا بدينهم وبعثهم الله تعالى في الفترة بعد المسيح وكان من يوم دخولهم الكهف إلى يوم خروجهم وبعثهم ثلاث مائة وستين سنة وقال غيرهم بل كان دخولهم الكهف بعد المسيح باحدى وستين سنة وذلك عند اختلافهم وأحدث بولس فيهم ما أحدث قالوا ولما ملك دقيانوس دعا إلى المجوسية ومن أبى عليه قتله ففر هؤلاء الفتية حتى دخلوا الكهف وتبعهم دقيانوس فكان الكهف لا منفذ له فسد عليهم الباب وكتبوا كتابا فيه أسماؤهم وأسماء آبائهم يوم دخولهم الكهف وألصقوه ببابه قالوا وهلك [98] دقيانوس وتغيرت الأحوال وقام ملك مسلم اسمه بيدوسيس واختلف قومه في بعث الأرواح والأجساد فبعث الله الفتية آية لهم واختلفوا في أسمائهم فقال بعضهم مكسملينا ويمليخا ومطرسوس وكسوفطوس ونبرونس ودينموس وبطونس وقالوس وبعضهم يقول محثلمينا وطافيون وعصوفر وتراقوس ومرحيلوس وطيلوس ويمليخا وسيا وهذه القصة في القرآن واختلافها في المعاني بما فيه كفاية،،، قصة فطروس الكافر قال الله عز وجل وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا

ذكر اختلافهم في قصة أصحاب الكهف

رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ من أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً 18: 32 إلى قوله [لَمْ] أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً 18: 42 قال هما هذانِ الأخوان ورثا من أبيهما مالا أمّا المؤمن فأنفق نصيبه في سبيل الله وأما الكافر فاتخذ أثاثا وضياعا ثم جاء المؤمن تعرض لأخيه فأخذ الكافر بيده يطوف به في جنته ويقول أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالا وَأَعَزُّ نَفَراً 18: 34 كما ذكر الله في القرآن وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها 18: 42 وبحيرا هو الذي يقول يوم القيامة إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ 37: 51- 52 الآيات في سورة الصافات [1] ،،، ذكر اختلافهم في قصة أصحاب الكهف قال قوم من المعتزلة يدل أنه كان في زمن أصحاب الكهف نبي من الأنبياء أو كانوا هم أنبياء أو فيهم نبي لأن مثل هذه المعجزات لا تجرى إلا على أيدي الأنبياء أو في زمنهم وروى ابن جريج عن شعيب الجَبَئيّ [2] أن اسم الجبل الذي فيه الكهف ناجلوس واسم الكهف حزوم واسم الرجل الذي له الكهف دلس

_ [1] . سور الصفافاتMs. [2] . اللحياني Ms.

ذكر حبيب النجار

واسم المدينة أفسوس ويقال هي طرسوس واسم الكلب حمران والله أعلم،،، ذكر حبيب النجار قال الله عز وجل وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ 36: 13 إلى قوله إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ 36: 29 قال قوم أن القرية إنطاكية وأن المرسلين رسل عيسى شمعون وبالوص وثالثهم شمعان الصفا فأدوهم الرسالة فكذبوهم فجاء حبيب النجار من أقصى المدينة ونهاهم عن أذاهم وأظهر إيمانه ويقول أنه كان نحاتا للأصنام فهداه الله قال ابن عبّاس رضي الله عنه فطرحوهم ووطئوهم بأقدامهم حتى خرج قصبه من دبره فوجبت له الجنة وقال قتادة خرقوا ترقوته وسلكوا فيها سلسلة وعلقوه من سور المدينة فأهلكهم الله بالصيحة والهدة والرجفة،،، ذكر اختلاف الناس في هذه القصة سمعت بعض المفسرين يزعم أن سوق إنطاكية كان المتصل منها مقدار ما بين بلخ إلى الرى وهذا قريب من أربع مائة فرسخ إن كان صادقا في روايته وفي قوله قالوا وأتاهم جبرئيل عم وصاح بهم صيحة واحدة فهمدوا فيها وصاروا رميما ومن دخل إنطاكية رأى قبرا في

قصة أصحاب ضروان

وسط سوقها منحرفا عن قبلة المسلمين يزعمون أنه قبر حبيب النجار،،، قصة أصحاب ضروان وهي جنة كانت بصنعاء في الفترة قال الله عز وجل إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ 68: 17 وَلا يَسْتَثْنُونَ 68: 18 إلى قوله كَذلِكَ الْعَذابُ [1] 68: 33 قالوا أنهم كانوا قوما مستمسكين بشرائع الانجيل فإذا كان أيام صرامهم نادوا في الفقراء والمساكين فكان لهم ما أسقط الطير وأخطأ المنجل وغبر بذلك زمان حتى هلك الآباء والأولاد والأنبياء فبخلوا بذلك وقطعوا بذلك [2] العادة فأهلك الله جنتهم وأعقبهم الندامة والحسرة كما ذكروا،،، [98] قصة سبا وكان هلاكها في الفترة باليمن قال الله عزّ وجلّ لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ في مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ 34: 15 إلى آخر الآيات الست وسبأ اسم للقبيلة وهو أبوهم واسمه عبد شمس بن يعرب بن يشجب بن قحطان وسمي سبأ لأنه أول من سبى في العرب وكان له جنتان عن يمين مساكنهم وشمالها ملتفتان

_ [1] . الأليمMs.ajoute [2] . ذلك rectionmarginale ;ms:

ذكر اختلافهم في هذه القصة

بأنواع الشجر وهي أطيب أرض الله وأزكاها وكان شربهم من أعلى الوادي من عين تخرج من ثقب في أسفل الجبل والكهان قد أخبروهم بهلاك واديهم من قبل عينهم فبنوا عليه بنيانا بالحجارة والرصاص حتى لا يخرج الماء إلا بقدر فلم يزالوا كذلك حتى كفروا بربهم وبطروا نعمته فأرسل عليهم سيل العرم فأهلك مساكنهم ومزارعهم وكان رئيسهم عبد الله بن عامر الأزدي رأى في المنام كأن الردم قد انبثق فسال الوادي فأصبح وجمع بنيه العشرة فأخبرهم بالقصة ثم باع ضياعه وأمواله وتحول إلى بلد عمان فلم يلبث القوم بعده إلا يسيرا حتى هلكوا وفيهم يقول الأعشى [متقارب] وفي ذاك للمؤتسى إسوة ... ومأرب قفى عليه العرم ركام بنته [1] له حمير ... إذا جاء فوارة [2] لم يرم فأروى الزروع وأعنى بها ... على سبعة ماءه إذ قسم فصاروا أياد فما يقدرون ... منه على شرب طفل فطم ذكر اختلافهم في هذه القصة قيل أن الشمس لا تقع عليهم

_ [1] . نبتهMs. [2] . موّارة Ms.

قصة حنظلة الصادق عم

لا لتفاف الشجر واكتسائها وكانت الأمة تخرج من بيتها وتضع مكتلها على رأسها وتمشى ولا تجتنى بيدها ولا ترفع [1] من الأرض وتنصرف [2] وقد امتلأ المكتل وزعم وهب أن الله بعث إليهم اثنى عشر نبيا فكذبوهم وردوهم فأرسل الله على بيتهم جرذا له أنياب ومخالب من حديد فلما بصر به عبد الله بن عامر أتى بهرة فألقاها إليه فأقبلت الهرة منهزمة فعلم أنه أمر من أمر الله تعالى قال وأتى الجرذ على البثق فأهلكهم،،، قصة حنظلة الصادق عم قال قوم أنه كان في الفترة وهو من أهل بهراء اليمن بعثه الله إلى مدينة يقال لها حاخور فقتلوه فسلط الله عليهم ملكا من ملوك بابل فقتلهم بقول الله عز وجل فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ 21: 12- 13 الآية وزعم وهب أن القوم لما هربوا من السيف تلقتهم الملائكة شاهرين سيوفهم فقالوا لا تَرْكُضُوا 21: 13 الآية وزعم آخرون أن حنظلة بعث إلى قبائل من ولد

_ [1] . يرفعMs. [2] . وينصرف Ms.

قصة جرجيس

قحطان بعد عاد وثمود كانوا نزلا [1] على بئر يقال لها الرس فقتلوه وطرحوه في ركيتهم فسلط الله عليهم العدو فأهلكهم والله أعلم،،، قصة جرجيس يذكر من أمره العجائب زعم وهب أنه رجل من فلسطين وكان أدرك بعض الحواريين فبعثه الله إلى ملك الموصل قال فقتلوه فأحياه الله ثمّ قطعوه فأحياه الله ثمّ طبخوه فأحياه الله حتى عد ضروبا من العذاب والله أعلم،،، قصة خالد بن سنان العبسي ذكروا أنه ظهرت نار بين مكة والمدينة قبل مولد النبيّ صلى الله عليه وسلم بقليل وتغيب بالنهار وتطلع بالليل حتى هابها الناس فألقت [99] عصيها الرعاة وعبدها طوائف من العرب وسموها بداء فجاء خالد بن سنان وجعل يضربها بعصاه ويقول ابد بدا ابد بدا حتى طفيت ثم صاح صيحة وقال لاخوته وعشيرته إني ميت إلى تسع فإذا دفنتموني فاكتموا ثلاثا فإنه ستجيء عانة يقدمها عنز أقمر يطوف حول قبري فإذا رأيتم ذلك فانبشوا عني تجدوني حيا أخبركم بما هو كائن إلى يوم القيامة فكان ذلك ولم يدع بنو أبيه ينبشوا عنه

_ [1] . نزولا Ms.

قصة جريج الناسك

قالوا يكون سبة تعيرنا بها العرب إلى يوم القيامة وروى الضحاك عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو نبشوه لأخبرهم بشأني وشأن هذه الأمة ولمّا هاجر النبيّ صلى الله عليه وسلم أتته ابنة خالد بن سنان فسمعته يقرأ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ الله الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ 112: 1- 4 فقالت كان أبى يقرأُ هذا وأخبر، النبيّ صلى الله عليه وسلم بأمر أبيها فقال ذاك نبي أضاعه قومه واسمها محيا بنت خالد،،، قصّة جريج الناسك وكان في الفترة زعموا أنه كان زاهدا مترهبا وله أم ليست دونه في الصلاح الرهبانية وأنها أتته ذات ليلة فنادته وهو في الصلاة [1] فأبطأ عليها في الجواب فقالت أقامك الله مقام المومسات وانصرفت فزعموا أن امرأة بغية في ليلة شاتية مطيرة استغاثت به فآواها إلى ديره فجعلت تتعرض [2] له وتدعوه إلى نفسها إلى أن غلبته الشهوة والنفس فوضع إصبعه [3] في النار حتى شغلته عما همت به نفسه ولما أصبح تعلقت المرأة وادعت أنه أحبلها تلك الليلة وجاء القوم

_ [1] . الصلاحMs. [2] . يتعرّضMs. [3] . إصبعها Ms.

صفة المقعد والمجذوم والأعمى

فوضعوا حبلا في عنقه وجروه إلى السلطان فأمر بصلبه فصلب والناس يلعنونه ويكفرونه ويفسقونه وجاءته أمه فقالت [1] هذا والله بدعائي ثم دعت بالمرأة ووضعت يدها على بطنها فقالت من أبوك فقال من بطن أمه أبي فلان الراعي فأنزلوا جريجاً وبرءوه وأكرموه وأغزروا إليه وعرفوا براءة ساحته فكان بعد ذلك لا يصلي إلا بإذن أمه وإذا دعته وهو في الصلاة قطعها،،، صفة المقعد والمجذوم والأعمى زعم وهب أن الله تعالى بعث إلى هؤلاء الثلاثة ملكا فابرأهم وعافاهم ومسحهم وأعطاهم مناهم من الأموال والمواشي حتى كثروا وأثمروا ثم بعث إليهم ذلك الملك في صورة مسكين سائل لهم يسألهم ويذكرهم أيام الله والحال التي كانت قبل فأنكر اثنان منهم مسكنتهما وعلتهما وفقرهما وأقر الثالث وقال بلى كنت مقعدا فشفاني الله وعائلا فأغناني الله فهاك شطر مالي شكرا للَّه قال فبارك الله فيما رزقه وخسف بأموال الأعمى والمجذوم وأعادهما إلى حالهما الأولى قال وفيهم نزلت وَمِنْهُمْ من عاهَدَ الله لَئِنْ 9: 75

_ [1] . فقال Ms.

قصة شمسون

آتانا من فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ من الصَّالِحِينَ 9: 75،،، قصة شمسون زعم بعضهم أن هذا كان نبيا وكانت معجزته في شعره وكان لا يطاق ولا يقاوم لفضل قوته وبطشه وشدة سطوته فلما أعيي القوم الذين بعث إليهم أمره دسوا لامرأته في جز شعره فجزته وبقي كالمقصوص من الطير ثم أخذوه وقطعوا يديه [99] ورجليه ويقال كان لهم عيد عظيم عند صنم لهم في بناء مشرف عال فقال لهم شمسون لو أخذتمونى إلى صنعكم هذا لأمسه وأستلمه فحملوه إليه ووضعوه بين يديه فضرب بقطعته الصنم فانهد البناء على القوم حتى ما أفلت إلا من شذ ورد الله عليه [يديه] ورجليه وقال وفيه نزلت قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ من قَبْلِهِمْ فَأَتَى الله بُنْيانَهُمْ من الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ من فَوْقِهِمْ 16: 26 فهذا جميع ما وجدناه ورويناه في كتاب الله وكتب أصحاب أخبار الأنبياء [1] وذكر الرسل مذ قامت الدنيا إلى مبعث نبينا محمّد صلى الله عليه وسلم وقد أوجزناها واختصرناها ونسأل الله التوفيق والتسديد أنه على ما يشاء قدير،،،

_ [1] . الاخبار للانبياء rectionmarginale ;letextea

الفصل الحادي عشر في ذكر ملوك العرب والعجم وما كان من مشهور أمرهم وأيامهم إلى مبعث نبينا صلى الله عليه وسلم

الفصل الحادي عشر في ذكر ملوك العرب والعجم وما كان من مشهور أمرهم وأيّامهم إلى مبعث نبيّنا صلى الله عليه وسلم زعمت الأعاجم في كتبها والله أعلم بحقها وباطلها أن أول من ملك من بني آدم اسمه كيومرث وأنه كان عريانا يسيح في الأرض وكان ملكه ثلاثين سنة وقد قال المسعودي في قصيدته المحبّرة بالفارسيّة [هزج] نخستين كيومرث امذ بشاهي ... كرفتش بگيتى درون بيش كاهى چوسى سالى بگيتى پادشا بوذ ... كى فرمانش بهر جايى روا بوذ وإنما ذكرت هذه الأبيات لأني رأيت الفرس يعظمون هذه الأبيات والقصيدة ويصورونها [1] ويرونها كتاريخ لهم ومنهم من يزعم أن كيومرث كان قبل آدم قالوا ثمّ ملك هوشنك پيش داذ ومعناه أول حاكم حكم بين الناس وأوّل من دعا الناس إلى

_ [1] . ويصونوها rectionmarginale:

عبادة الله وأول من كتب بالعبرية والفارسية واليونانية وزعم بعضهم أن هذا بمنزلة ادريس النبي صلى الله عليه أو هو ادريس وهو هوشنك بن فراوك [1] بن سيامك بن ميشى بن كيومرث وعند بعضهم أن ميشى هو آدم نبت من دم كيومرث مع اختلاف كثير وتخليط ظاهر والله أعلم قالوا وكان ملكه أربعين سنة وهو الذي قدر المياه وحض الناس على الزراعة وأمر بالطحين وعرفهم منافع الطعام والشراب قالوا ثم بقيت الأرض بعد وفاته ثلاثمائة سنة بغير ملك حتّى ملك طهمورث بن بوسكهيار بن اسكمد بن نكمد بن هوشنك وهو الذي أمر الناس باقتناء الأنعام والانتفاع بسلائها وأصوافها وأوبارها وفي أيامه ظهر رجل بأرض الهند ودعا الناس إلى ملة الصابئين اسمه بوذاسف فتفرق الناس واختلف أديانهم ووقعت المحاربة بينه وبين الشياطين فنفاهم وطردهم وزعم بعضهم أنه اتخذ ابليس مركبا وأسرجه وألجمه وركبه يجول به الآفاق حيث شاء وزعم بعض المتأولين أن معنى ركوبه ابليس وإلجامه قهره إياه وعصيانه عليه بطاعة الله وكان ملكه ثلاثين سنة ويقال ألفا

_ [1] . فراول Ms.

وثلاثين سنة ثم ملك جم شاذ [1] ومعنى شيذ الشعاع والضياء وهو جم شاذ بن خرمه بن و [؟] ونكهيار بن هوشنك [100] [2] فيش داذ ويصفون هذا الإنسان بمعجزات وعجائب فمنها أنهم يزعمون أنه ملك الأقاليم السبعة وملك الجن والإنس وأنه أمر الشياطين فاتخذوا له عجلة فركبها وجعل يسير في الهواء حيث يشاء وأنه أول يوم ركبها كان أول يوم من فروردين ماه فاطلع بنوره وبهائه فسمي ذلك اليوم النيروز وأنه استأثر علم النجوم والطب واتخذ القوارير والآجر والنورة والحمام ويزيدون وصفه على ما وصف به سليمان بن داود النبي ويزعمون أنه كان مجاب الدعوة وسأل ربه أن يرفع عن أهل مملكته الموت والسقم فكثر الخلق حتى ضاقت بهم الأرض فسأل ربه أن يوسعها لهم فامره الله أن يأتي جبل ألبرز وهو جبل قاف محيط بالأرض فيأمره أن يتّسع ثلاثمائة ألف فرسخ في دور الأرض ففعل قالوا ثم طغى وكفر عند ما رأى من صنع الله له فسقط إلى الأرض وذهب بهاؤه وشعاعه وهرب

_ [1] . جمشيدCorr.marg. [2] . بن Lems.ajoute:

يجول في الأرض مائة سنة ثم ظفر به الضحّاك فنشره بالمنشار واعلم أنّ من آمن بمعجزات الأنبياء يلزمه الإيمان بمثل هذه الأشياء إذا صحت من جهة النقل والرواية فإن كان ما ذكروا من هذا حقا فالرجل نبي لا شك وإن كان غير ذلك فوضع وتزوير [و] الله أعلم ثمّ ملك بيورسب وهو الضحّاك يقال له اژدهاق ذو الحيّتين والأفواه الثلاثة والأعين الست الداهي الساحر الخبيث المتمرد ومعنى بيورسب أنه كان له اثنا عشر ألف مركب ورفعت الفرس نسبه إلى نوح بأربعة آباء فقالوا بيورسب بن اروند بن طوح بن دابة بن نوح النبي والله أعلم ويصفون من أمره ما لم يوصف به نبي ولا يجوز القدرة عليه لبشر فمن ذلك أنهم قالوا ملك الأقاليم السبعة وكان عمل في محلته وهو نازل فيها سبع مشارات لكل اقليم مشارة وهي منفخة من ذهب فكلما أراد أن يرسل سحره على أقليم موتا أو رزية أو مجاعة نفخ في تلك المشارة فأصاب ذلك الإقليم من معرته بقدر نفخه وكان إذا رأى في تلك الإقليم جارية حسنة أو دابة فارهة نفخ في المشارة فاجترها إليه بسحره وإن ابليس أتاه في صورة غلام فقبل منكبيه فنبتت

منها حيتان طعامها أدمغة الناس فجعل يقتل كل يوم غلامين لذلك حتى اشتد ذلك على الناس وملوا الحياة وكان ملكه ألف سنة إلا يوما ونصف يوم ثم رأى في المنام كأن ملكا نزل من السماء فضربه بمقمع من حديد فوثب من نومه مروعا ملعونا مصوعا مطعونا وقص رؤياه على المنجمين والهرابذة قالوا يولد مولود حتى يكون انقضاء ملكك على يديه فأمر بقتل كل مولود ذكر قال وأتي بأم افريذون الملك وهي حامل به وبجارية فأمر القابلة أن يدخل الموسى قبلها فتقطع الولد في بطنها قالوا فدفع الغلام الجارية نحو الموسى بإلهام الله إياه فقطعتها وأخرجتها وخلى سبيل أم افريذون فوضعت به وأخفته عن الناس وكان افريذون يشبّ شبابا حسنا وهذا نظير قول أهل الكتاب في يعقوب وعيصو والقصة شبيهة بقصة مولد إبراهيم عم حتى لقد قال كثير من المجوس أن افريذون هو إبراهيم والله أعلم قالوا واجحف قتل الولدان بالرعية وانتقصت فخرج رجل باصفهان يقال له كاوى وعقد لواء من مسك جدى ويقال من جلد أسد ودعا الناس إلى محاربة الضحاك فهابهم وهرب منهم ثم أخذوا افريذون فملكوه

[100] وأقعدوه على السرير وخرج افريذون في طلب الضحاك فظفر به وشده وعقله في جبال دماوند وكان ذلك اليوم يوم المهرجان فعظمته الفرس واتخذته عيدا وكان لبيورسب طباخ يقال له ازمايل وكان إذا دفع إليه الغلمان للذبح استبقى أحدهما ونفاه إلى الصحاري يقال فمنهم الأكراد قالوا وتيمنت الفرس بذلك اللواء فصيرته بالذهب والديباج ولم يزل محفوظاً عندهم إلى أن أقام الإسلام وأعلم أن كثيرا من هذه القصة شبيه بأمر الأنبياء عم وكثير ترهات ووساوس فأما الحيتان اللتان نبتا من منكبيه فهما سلعتان خرجتا عليه ويشبه أن يكون أمران يطليهما بدماغ الناس وإنما تملكه الأقاليم السبعة وسحره فيها فكأنه كان دعوى منه وتمويها على الناس بأنه يجتر إليه ما شاء ويرسل على الأقاليم السبعة ما شاء يخوفهم بذلك ويعظم أمره وبسطته وقدرته كما كان يقول فرعون أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى 79: 24 وكان يعلم أنه كاذب في دعواه وقد أخبرناك في غير موضع أن مثل هذه الآيات لا يخلو من وجوه ثلاثة إما أن يكون معجزة لنبي أو في زمن نبي فقد جر إلى سليمان عرش بلقيس كما قيل أو يكون وضعا وتمويها وتصرفا

ثم ملك افريذون وهو التاسع من ولد حام بن نوح

وتمثّلا غير أنّ المئونة في السماع خفيفة وفي معرفة قصص الأوائل وأخبار القدماء عبر في هذه العجائب مناقضة على من ينكر من المجوس معجزات الأنبياء عم وهو يروج على أصحابه أمثالها،،، ثم ملك افريذون وهو التاسع من ولد حام بن نوح قالوا أيضا وهو ملك الأقاليم السبعة وأمر الناس بعبادة الله بعد ما كان أضلهم بيورسب ورد المظالم إلى أهلها وقام بالحق والعدل وفي زمانه تكلمت الفلاسفة ووضعوا الكتب وقرأت في بعض سير العجم أن إبراهيم عم ولد سنة ثلاثين من ملك افريذون بعد ما قال بعضهم أنه هو إبراهيم بعينه وقال آخرون أنّه انقضى أمر إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى ويوشع وكاليب وحزقيل في ملك الضحاك وأنه بقى إلى أن أغرق الله فرعون وكان عاملا له على مصر وإلى أن خرج فرع [1] بنهب ملك من ملوك العمالقة من ناحية اليمن ثم خرج عليه كاوى وافريذون والله أعلم قالوا وكان لافريذون ثلاثة بنين سلم وطوج وايرج فقسم الأرض بينهم أثلاثا فصار الترك

_ [1] . كذا في الأصل otationmarginale:

والصين لطوج وصار الروم والمغرب لسلم وصار العراق وفارس لا يرج ثم طلب لثلاث أخوات متفقات في الحسن والجمال ليزوجهن ببنيه الثلاثة فوجدهن عند فرع بنهب فزوجهن إياهم قالوا وحسد سلم وطوج ايرج [1] وكان أصغرهم فقتلاه فدعا افريذون ربه أن لا يميته حتى يرى من نسل ايرج من يطلب بثأره قال ووقع غلام من نسل ايرج إلى أرض خراسان فكثر بها وتناسل وملك وتكاثف جمعه ثم خرج من عقبه رجل اسمه منوجهر فجاء طالبا بثأر أبيه وقاتل سلما وطوجا بأرض بابل وقتلهما ودعاه افريذون ووضع تاج الملك على رأسه وخر له ساجدا إذا استجاب الله فيه دعاءه ومات من ساعته قالوا وكان ملك افريذون خمس مائة سنة وفيه يقول بعض الشعراء [2] [رمل] وقسمنا ملكنا في دهرنا ... قسمة اللحم على ظهر الوضم فجعلنا الشام والروم إلى ... مغرب الشمس لغطريف سلم

_ [1] . وايرجMs. [2] . من شعراء الفرس Additionmarg.

ثم ملك منوجهر بن منشخور [1]

ولطوج جعلنا الترك له ... وبلاد الصين يحييها برغم ولايرج جعلنا عبرة ... فارس الملك وفزنا بالنعم ثم ملك منوجهر بن منشخور [1] العاشر من ولد ايرج وهو صاحب زمن موسى عم زعم قوم أنه في زمانه [101] بعث موسى عم إلى أرض مصر قالت الفرس وكان ملكه مائة وعشرين سنة وخرج عليه افراسياب التركي وكان من نسل طوج [2] يطلب قتلة أبيه وحاصره سنين ثم تراضوا على أن يعطيه افراسياب قدر رمية من مملكته فأمروا رجلاً يقال له آرش أن يرمي وكان أيدا ثقفا [3] فأتكا على قوسه فاغرق فيها ثم أرسل سهمه من طبرستان فوقع بأعلى طخارستان ومات آرش مكانه ثم اختلفوا فزعموا أن الله عز وجل أرسل ريحا فاختطفت النشابة حتى وقعت حيث وقعت وزعم بعض أن الله عز وجل بعث ملكا فاحتملها ووضعها بحيث وضع فإن لم يكن ثم نبوة فالمعنى والله أعلم أنهما تراميا والخطر لمن فضل وغلب من طبرستان إلى طخارستان هذا إذا صح الخبر والله أعلم وأحكم،،،

_ [1] . مسجورMs. [2] . ايرجCorrect. ;marg. ;ms. [3] . ثقفا Ms.

ثم ملك أفراسياب التركي

ثم ملك افراسياب التركي فعاث وأفسد وخرب الديار وعور الأنهار وقال قوم ملك الساعون في هلاك البرية سعيا أن ينشا له خلق جديد فقد طال مكثهم قالوا وحبس المطر عن الناس والحيوان ثم ملك رجل لم يكن من أهل بيت الملك يقال له زر بن طهماسب فطرد افراسياب [1] وألحقه ببلاده ثمّ ملك كيقباد من ولد افريذون مائة سنة ثم ملك كيكاوس ابن كايونة بن كيقباذ وهو الذي سار إلى حمير لقتالهم فأسروه وحطوه في جبّ وأطبقوا عليه حجرا فيه ثقبه يطرح له كل يوم شيء من الطعام وكانت سعدى بنت ملك حمير تلاطفه وتطعمه [2] إلى أن خرج رستم من سجستان لنصرته فاستنقذه ويذكرون في صفته من العجائب،،، قصة رستم كيف استنقذ كيكاوس من وثاق حمير زعموا أن كيكاوس كان مظفرا مصنوعا له في كل حال فخطر منه الإطلاع إلى السماء ثقة منه بما كان الله أتاه من العز والظفر خطرة ضلال فبنى الصرح الذي ببابل وصعده فغضب الله عليه وتخلّى

_ [1] . افراستانMs. [2] . وكان من ملكه مائة وعشرين Enmarge

فاتّضعت رفعته وافتقرت مقدرته وبعث الله ملكا فضرب بناءه بسوط من نار فقطعه وهده واستعصت عليه الملوك فخرج إلى ملك اليمن وقاتله وكانت الدائرة [1] عليه فأخذوه وأسروه واستوثقوا منه كما ذكرنا وفي هذه القصّة مشابهة من قصة نمروذ كما يروى قالوا فخرج رستم من سجستان في جمع عظيم وسأل العنقاء أن تخرج [2] معه فقالت هذه ريشة من جناحي [3] فإن احتجت إلي فدخنها حتى آتيك في يومك ومر رستم حتى ورد اليمن وقاتلهم قتالا شديدا قالوا وكان ملك حمير ساحرا فاحتمل مدينته بسحره وعلقها بين السماء والأرض فدخن رستم ريش العنقاء فإذا هو بها فحملت رستم على ظهرها وأخذت فرسه بمخالبها وطارت في جوّ السماء حتّى إذا حاذت المدينة انقضّت ولها دوى فنزلت بهم فقتل منهم رستم مقتلة عظيمة وأخرج كيكاوس من الجب وأخرج سعدى معه وردهما إلى أرض بابل ثم ذكروا حالا وقعت بين سعدى وبين سياوش بن

_ [1] . الديرةMs. [2] . يخرجMs. [3] . جناحه Ms.

كيكاوس مثل قصة يوسف وزليخا التي راودته عن نفسه سواء قالوا وإن سعدى شعفت به واحتالت في استمالته وإن لم يجبها إلى ما سألته فسعت به إلى أبيه حتى حبسه وهم بقتله وبلغ الخبر رستم فعلم أنه من كيد [1] سعدى ومكرها فجاء واستخرجها من بيتها وقطع رأسها ثم إن سياوش قتل بأرض الترك وكان ملك كيكاوس مائة وخمسين سنة وكل ما ذكرنا في هذه القصة ممكن غير ممتنع إلا قصة عنقاء وقد حكي أن في جهة الجنوب طيرا يحمل دابّة مثل الفيل أو أعظم منها ويذكر في باب القضاء والقدر خبر أن جارية [101] حملتها عنقاء في عهد سليمان عم والله أعلم ثم ملك بعد كيكاوس [2] كيخسرو بن سياوش بن كيكاوس [2] ستين سنة ثم ملك كيلهراسب الجبار مائة وعشرين سنة وهو الذي اخرب بيت المقدس وشرد من كان بها من اليهود وهو الذي بنى مدينة بلخ الحسناء ثم ملك بعده ابنه گشتاسب بن كيلهراسب وفي زمانه ظهر زردشت نبي المجوس ودعا الناس إلى المجوسية فأجابه ودان

_ [1] . كيديMs. [2] . كيقاوس Ms.

قصة هماى ودارا

له ثم وضع بيت النيران ووكل بها الهرابذة وقتل من خالفه وهو الذي سمي بهران جد بهرام جوبينه بالري إلى شرف المرتبة ثم ملك بهمن بن اسفنديار بن گشتاسب مائة واثنتي عشرة سنة ثم ملكت هماي بنت بهمن ثم ملك دارا بن بهمن وهو دارا الأكبر،،، قصة هماي ودارا زعموا أن هماي كانت حاملا من أبيها بهمن عند هلاكه وأنها لما وضعت حملته في مهد واسترضعته في قوم وأعطتهم مالا جليلا وأخرجتهم من دار ملكها فخرج القوم بابنها وركبوا السفينة حتّى إذا بلغوا المذار عصفت بهم الريح فغرقت السفينة ومن فيها وطفا المهد فوق الماء حتى وقع إلى قصار على شاطئ دجلة يغسل الثياب فأخذ المهد فإذا فيه صبي وبجنبه سفط فيه من الجواهر النفيسة والياقوت الأحمر ما لا يقدر قدره فحمله الرجل إلى منزله وجعلت امرأته ترضعه إلى أن ترعرع ونشأ مع صبيانهم ثم سلموه إلى الأدب فتأدب وكان ذكيا نقيا فنازعته نفسه إلى أدب الفرسان وتحرك إلى ذلك عرقه فلما رأى القصار ذلك صرفه إليهم فنفذ في ذلك أياما وحذق وفاق أستاذيه ثم لما بلغ نظر في نفسه وفي ولد

القصار فلم ير فيهم أحداً يشبهه ويشاكله فساءه ذلك ونفرت نفسه منهم وقال للقصار لست أشبهكم ولا تشبهونني فاصدقني عن نفسي وعن نفسك وكان ينسب إليه فأخبره بخبره كيف كان فهيأ الغلام وأخذ سلاحه وركب فرسه وقصد باب الملكة [1] هماي وهي متصيفة بماسبذان [2] قد هيئت ميدانا للفرسان يلعبون فيه بالصوالجة ويرمون بالنشابة وهي مشرفة عليهم فوق مظلة فمن أصاب وأجاد أجزلت له الجاه والتكرمة فدخل الغلام الميدان فقالوا له من أنت فقال لا عليكم أن تسألوني عن نسبي حتى يتبين لكم أثري وذلك أنه استحيا أن يعتزى إلى القصار فالتقف من أيديهم الكرة فبلغ به الشأو في ركضه أخذه ثم أخذ القوس والنشابة ونضلهم ثم أخذ الرمح فثقفهم ثم راكضهم فسبقهم وهماي في المنظرة مشرفه عليهم معجبة به مع صباحة وجهه وحداثة سنه وكثرة شبهه بها فقال إن رأت الملكة أن تعفيني من هذه الخصلة فإني والناس كلهم عبيدها ثم در ثدياها وتحركت نفسها فنهضت من مجلسها وقالت للحاجب ائذن له فدخل وقالت أصدقني عن نفسك فقد

_ [1] . الملكMs. [2] . بماسندان Ms.

[102] وهذه قصة دارا والإسكندر

أنكرت نفسي فيك فاخبرها بما أخبره به القصار فوثبت إليه وعانقته وقالت ابني والله ودعت الناس وأخبرتهم القصة ووضعت التاج على رأسه وقالت هذا ملككم وكان ملكها ثلاثين سنة ودارا كان شجاعاً حازماً فضبط المملكة وغزا الروم فقتل مقاتلها وسبى ذراريها وأتى بملكها أسيرا حتى مات في حبسه حتف أنفه ووظف عليهم الفدية وكان ملكه اثنتي عشر سنة ثم ملك ابنه دارا بن دارا الأصغر الذي بنى مدينة دارا بأرض نصيبين وبنى دارا بجرد بأرض فارس وهو الّذي قتله الإسكندر،،، [102] وهذه قصة دارا والاسكندر قالوا أن دارا الأكبر قتل ملك الروم وأخذ منهم الفدية فلما مات وصار الأمر إلى ابنه دارا الأصغر كتب إلى فيلقوس أبي الاسكندر وكان ملك بلاد اليونانيين فبعث إليه بالجزية وكانت ارض الروم حينئذ طوائف لم يكن لهم ملك بجمعهم فلما مات فيلقوس وصار الأمر إلى الاسكندر جمع ملك الروم إلى نفسه ولم يحمل إلى دارا الخراج الذي كان يؤديه أبوه فكتب إليه دارا يونبه بسوء صنيعه ويعيره بحداثة سنّه وبعث إليه بصولجان وكرة وقفيز

سمسم يريد به أنك صبي تلعب وأن عسكري في عدد السمسم كثرة فنظر إليه الاسكندر واعتذر إليه وحلف أنه لم يأمر به ولم يأت لقتله وإنما كان يطلب الفدية [1] كما كان آباؤهم يؤدونها إليه فزوجه دارا ابنته روشنك وقال أنها ملكة وأنت ملك كفو لها وسأله أن يقيد من قاتله وأن لا يهدم بيوت [2] النيران ولا يهيج الهرابذة قالوا فملك الاسكندر أربعة عشر سنة وهدم بيوت النيران وقتل الهرابذة وأحرق كتاب دينهم الذي جاءهم به زردشت وقيل أنه كان مكتوبا في اثني عشر ألف جلد من جلود البقر فيه مذكور كل ما كان وما هو كائن إلى قيام الساعة حتى ملك العرب ومدة أيامهم قالوا وهم الاسكندر بقتل ملوك المشرق لما رأى من هيئاتهم وعددهم فكتب إلى معلمه ارسطاطاليس وكان خلفه لكبر سنه إبقاء أو شفقة عليه يستشيره ويوامره فيهم فكتب إليه أن الأحرار وذوي الاحساب أنصح للملوك وأوفى عهدا من سلفهم وعبيدهم وممارسة الرؤساء أيسر من ممارسة

_ [1] . القديمةMs. [2] . بيت Correctionmarg. ;ms.

الأخسّاء ولكن فرقهم وعصب بينهم واجعلهم طوائف قال فصير ما بين فرغانه وقشمير إلى أرض الشام سبعين ملكا لا يكون لأحدهم على الآخر طاعة ثم رفع البلاد وفتح الهند وغلب على الصين وكثير من الناس يرون هذا ذا القرنين وكان قيل له أن موتك يكون بأرض بابل على أرض من حديد تحت سماء من ذهب فلما استوسقت له الأمور وألقت اليها بأزمّتها أراد أن يقطع البرية إلى الاسكندرية وتطير من دخول بابل فرارا من القدر فانتهى إلى ناحية السواد وغلبة النوم فطرحت تحته الأمة [درعا] فاضطجع عليها واظل عليها بمحفة من ذهب فلما انتبه نظر إلى حالته فاستيقن بالموت فأوصى أن تجعل جثته في تابوت من زجاج ويحمل إلى الاسكندرية وكتب إلى والدته كتابا بالوصاة [1] والتعزية وجعله درج كتاب، مضمون ما في الدرج إذا أتاك كتابي هذا فاصنعي طعاما وادعي الناس إليه ولا تأذني لأحد في تناول شيء من طعامك إلا من لم يصب بأب ولا أم ولا أخ ولا أخت ولا ابن ولا ابنه ولا قريب ولا حبيب ثم فكي الكتاب المدرج فيه واعملي

_ [1] . بالوصايا Correctionmarg.:

[102] ذكر ملوك الطوائف يقال الاشغانيون

عليه واتعظي باللَّه والسلم ففعلت الوالدة كما أمر فلم يمس أحد من الناس شيئا من الطعام ثم فكت الكتاب وقرأته ولم تدمع عينها ولا تغيرت حالتها لبليغ عظته وحسن وصيّته قالوا ولمّا وضع الاسكندر في تابوته قامت الحكماء الذين كانوا يصاحبونه ويسايرونه فتكلم كل واحد بكلام وخبر بليغ وبقى ملوك الطوائف على ما صيرهم عليه مائتي سنة وستا وستين سنة ويقال أربع مائة سنة وكانوا يعظمون اشك بن دارا ويسمونه الملك وكان في يده من الموصل إلى الري واصبهان،،، [102] ذكر ملوك الطوائف يقال الأشغانيون ملك اشك الاشغاني عشر سنين ثم ملك شابور الاشغاني ستين سنة وفي زمانه ظهر عيسى عم بأرض فلسطين وغزا ططوس بن اسفيانوس ملك الرومية بيت المقدس بعد ارتفاع عيسى فقتل المقاتلة وسبى الذرية وهدم البناء حتى لم يدع حجرا على حجر فلم يزل كذلك إلى أن أقام الإسلام وولى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بقول الله تعالى وَمن أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ الله أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى في خَرابِها 2: 114 الآية ثم ملك جوذرزين عشر سنين ثمّ ملك بيزن [1]

_ [1] . بيزن Ms.

ثم ملك أردشير الجامع ويقال له شاهنشاه

إحدى وعشرين سنة ثم ملك جوذر تسع عشر سنة ثم ملك نرسي الاشغاني أربعين سنة ثم ملك هرمز سبع عشرة سنة ثم ملك اردوان اثنتي عشرة سنة ثم ملك كسرى الاشغاني أربعا وأربعين سنة ثم ملك بلاس أربعا وعشرين سنة ثم ملك اردوان الأصغر ثلث عشرة سنة تمّ ملوك الطوائف وصار الأمر إلى بني ساسان وأوّل من ملك من بني ساسان اردشير بن بابك بن ساسان الجامع وهو من ولد دارا فيكون مدتهم في هذا الحساب مائتين وسبعين سنة،،، ثم ملك اردشير الجامع ويقال له شاهنشاه قالوا وكان اردشير رجلا بين الفضل في بعد رأيه وذكاء لبه مع صرامته وبأسه ونجدته ولما أفضى الأمر إليه أمر أهل الفقه بجمع ما قدروا عليه من كتب دينهم التي احترقت وتأليفها وتقييدها فانه لا يجمع القلوب المتعادية والأهواء المتنافرة إلا الدين فجمعوا ما أصابوا منها وهو الذي في أيديهم اليوم قالوا ثم عمد إلى كتب الطب والنجوم فجددها وأعادها وبث كتبه في من قرب منه ونأى عن الملوك يأمرهم بإقامة الدين والسنة ويحذرهم معصيته ومخالفته فصفت له المملكة أربع عشر سنة وستة أشهر،،،

ثم ملك شابور بن أردشير

ثم ملك شابور بن اردشير فغزا الروم وسبى منهم سبيا كثيرا وأنزلهم في مدينة سابور بفارس ومدينتي جنديسابور [1] وتشتر بالأهواز فمن ثم كثر علم الطب والأطباء في هذه المدن وفي زمان شابور بعث الله على سبا سيل العرم فتفرقوا في البلاد بقول الله عزّ وجلّ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ 34: 19 وفي زمانه ظهر ماني الزنديق وذلك أن أول ما ظهر في الأرض من أمر الزندقة إلا أن الاسامي يختلف عليها إلى أن سمي اليوم علم الباطن والباطنيّة وفي زمانه قتلت الزباء جذيمة الأبرص وهو الذي حاصر الضيزن [2] ملك الحضر [3] فأشرفت عليه النضيرة [4] بنت الضيزن وهويته فكتب في سهم يدل على عورة الحصن فأتتها من مدخل الماء ورمت بالسهم إليه فقطع الماء عنهم حتى أجهدهم العطش ثم استندبهم على حكمه وقتل النضيرة [5]

_ [1] . جندسابورMs. [2] . الصيرينMs. [3] . الحصرMs. [4] . النضيرةMs. [5] . النضيرة Ms.

ثم ملك بعده هرمز البطل

لغدرها بأبيها وهذا يسمى سابور الجنود لكثرة جنوده ودوام مسيره وقيل أنّه أمر بذؤابتها فشدت في ذنب مهر غير مروض وضرب وجهه وفيها يقول عدىّ بن زيد [منسرح] [103] والحضر صبت عليه داهية ... شديدة أيد مناكبها ربيبة لم ترق والدها ... لحبها إذا ضاع راقبها وكان حظّ العروس إذ جشر ... الصّبح دماء تجري سبائبها [1] قالوا وكان ملكه ثلاثين سنة،،، ثمّ ملك بعده هرمز البطل ويقال له هرمز الجريء وأتاه ماني يدعوه إلى الزندقة فقال إلام تدعوني فقال إلى خراب الدنيا وترك العمارة فيها للآخرة فقال لأخربن بدنك فأمر به فقتل وحشى جلده تبنا وصلب بباب جنديسابور فهو إلى اليوم يسمى باب ماني ويقال أنه سلب بباب نيسابور بخراسان وكان ملكه سنة وعشرة أشهر ويقال أن ابنه بهرام بن هرمز قتل ماني وكان ملكه ثلاث سنين وثلاثة أشهر وثلاثة أيام ثم ملك ابنه بهرام ابن هرمز وهو الذي يقال له بهرام الصلف وكان فظا [2] غليظا هان

_ [1] . دما بحر سبابهاMs. [2] . فطّا Ms.

وهذه قصة شابور ذي [1] الأكتاف

عليه الناس واستخف بهم حتى فزعوا إلى موبذ موبذان فقال إذا أصبحتم فالزموا بيوتكم ومنازلكم ولا يخرج إليه أحد ولو رآه قائما على بابه وأمر غلمانه وحاشيته أن لا يقوم على رأسه ولا يجيبه إذا دعاه ولا يطيعه فيما أمره ففعلوا ذلك وأصبح بهرام من غده على سجيته وجاء حتى قعد على سريره فلم ير أحداً من غلمانه ومرازبته ونظر إلى مجلس الوزراء والكتّاب فلم ير فيه أحدا ثم نادى بالحاجب فلم يجبه ودعا بالغلمان فلم يجيبوه فهاله ذلك وارتاع له ولم يدر ما السبب فبينما هو متفكر في نصيبه متعجب من أمره إذ دخل عليه موبذان موبذ ففرح به لما رآه وافرح عنه روعه وسأله عن الحال فقال تعلم أنك ملك ما أطاعوك ولا يطيعك الجماعة بغير رفق ففطن لهم بهرام وراجع نفسه وهجر الفظاظة ولزم الرفق ثم ملك بهرام بن بهرام أربعة أشهر ثم ملك نرسى بن بهرام تسع سنين ثم ملك هرمز بن نرسى سبع سنين وخمسة أشهر ثم ملك ابنه شابور ذو ولا كتاف،،، وهذه قصة شابور ذي [1] الأكتاف قالوا وهلك هرمز ولا

_ [1] . ذو Ms.

ولد له فوجدوا ببعض نسائه حبلا فسألوها عن حالها فقالت إني أرى من نضارة لوني وحركة الجنين في الشق الأيمن ما أرجو أن يكون تحقيقا لما قال المنجمون فأقعدوا التاج على بطن المرأة ثم لما وضعته سموه شاه شابور وجعل الوزراء يدبرون أمره والأعداء يزحفون إليه من كل جانب قالوا فلما أينع الغلام وترعرع سمع ضجيج الناس وأصواتهم وصراخهم فقال ما هذا فقيل ازدحم الناس على الجسر فقال هلا جعلتم جسرين أحدهما للذاهبين والآخر للجائين فلا يزحم بعضهم بعضا فاعجب من حضره من مقالته وحسن فطنته في صباه وصغر سنه قالوا فلم تغرب الشمس من يومهم حتى عقدوا جسرا آخر ثم لما بلغ خمس [1] عشرة سنة وأطاق ركوب الخيل وحمل السلاح خرج لمحربة الأعراب التي زحفت من كاظمة البحرين وتطرقوا نواحيه يغيرون عليها ويفسدون فيها وجعل يقتلهم وينزع أكتافهم ويتبعهم في بواديهم وديارهم حتى أفنى إيادا خاصة إلا من بالروم [103] وروى أن معاوية لما كتب إلى تميم يغريهم بعلي عم ويأمرهم بالوثوب عليه خطب علي ثمّ قال في كلامه [خفيف]

_ [1] . خمسة Ms.

ان حيا يرى الصلاح فسادا ... ويرى الغي للشقاء رشادا لقريب من الهلاك كما أهلك ... شابور بالسّواد إيادا قالوا ولم يكف شابور عن قتلهم حتى جلست عجوز على طريقه وصاحت به وكانت سيرة الملوك من صاح بهم وقفوا عليه فقالت إن كنت تطلب ثأرا فقد أدركته وإن كنت تقتل سرفا فإن لهذا قصاص فكف حينئذ عن القتل ولقد سمعت غير واحد من أهل العلم يقول عنت العجوز بقولها أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم وادراكه من الفرس ثأر العرب قالوا ثم دخل شابور الروم متنكرا متجسسا أخبارهم ويطلع على عورة بلادهم ووافقته وليمة لقيصر فدخل عليها على هيئة السؤال ليشاهد أحوالهم وأخلاقهم فبينما هو واقف عليهم إذ أتى بإناء فيه تمثال شابور منقش فقال رجل من حكمائهم إن هذا التمثال يشبه صورة هذا السائل فقبضوا عليه وألحوا وخوفوه بالقتل حتى أقر فجعلوه في جلد بقرة وكتبوا إلى عظماء فارس انا قد ظفرنا بملككم فإما أن نقتله وإما أن تفتدوه فأرسلوا إليهم بأموالهم وخزائنهم وما ملكته أيديهم فأخذوا المال ولم يخلوا عنه

ثم سار قيصر إلى بلادهم فقتل المقاتلة وأخرب المدن وعقر النخل وشابور معه في تابوت يسير حيث سار حتى انتهى إلى جنديسابور فنزل بساحتهم وقد تحصن أهله فحاصرهم شهورا قالوا وأتت ليلة عيدهم فغفلوا عن شابور ونامت عنه الرقباء ونظر شابور إلى قوم أسارى وزقاق من زيت فقال لبعضهم أفرغوا على من هذا الزيت فأفرغوا عليه فلانت الجلدة عليه وانسلخت عنه وقام يدب على الأربع كالدواب حتى أقتحم سور المدينة ونادى أنا شابور الملك فاجتمعوا عليه وتباشروا به وخرج من ليلته والقوم في شغل من عيدهم فقتلهم أبرح قتل واستباح أموالهم وأسر قيصر ملكهم قال أني مستجبيك كما استجبيتني وأخذه برد ما أخذ من الأموال وإصلاح ما خرب من المدن من سرة [1] بلاده وأن يغرس مكان كل نخلة عقرها زيتونة ولم يكن بالعراق حينئذ شجر الزيتون فحملوا الطين من أرض الروم في السفن والعجلات حتى عمروا ما خرب بأيديهم ثم رتقه وقطع عقبه وخلى سبيله وفيه يقول الشاعر [وافر]

_ [1] . سريّة rectionmarginale:

وهذه قصة يزدجرد الأثيم [1]

هم ملكوا جميع الناس طرا ... وهم رتقوا هرقلا بالسواد وهم قتلوا أبا قابوس غضبا ... وهم كشفوا البسيطة عن إياد وكان ملكه اثنين وسبعين سنة وملك الحيرة في أيامه امرؤ القيس الأول ثم ملك اردشير بن هرمز أخو شابور ذي الأكتاف إحدى عشرة سنة،،، وهذه قصة يزدجرد الأثيم [1] ثم ملك يزدجرد الأثيم ويقال له الخشن وهو يزدجرد بن بهرام بن شابور ذي الأكتاف وكان فظا غليظا مهيبا للناس سفاكا للدماء ركوبا للمآثم فشكوا إلى الله عز وجل ودعوا الله عليه فجاء فرس لم ير مثله في حسنه وكمال تقطيعه حتى وقف ببابه فلما خرج رمحه رمحة فقضي عليه وملأ فروجه جريا فلم يدرك [104] فقالت الفرس هذا ملك جاء فأراحنا منه وكان له ابن اسمه بهرام تربى في حجر آل المنذر بأرض العرب،،، وهذه قصة بهرام جور [2] ثم ملك ابنه بهرام جور فأحسن السيرة وأحيا الناس قالوا وقصده خاقان ملك الخزر [3] من نحو باب

_ itreporteenmarge. [1] Id. [2] [3] . الحزر Ms.

الأبواب [1] في مائة ألف فخرج بهرام [2] يشبه المتصيد في رابطته وبلغ الخبر خاقان بأن بهرام قد هرب وخلى مملكته لما سمع من كثرة جيوشك فاغفل الحذر وترك الحزم فانقض عليه بهرام من جبال أذربيجان فقتلهم أبرح قتل وجاء برأس خاقان وهو الذي يقول فيه الشاعر [طويل] أقول له لما فضضت جموعه ... كأنك لم تسمع بصولات بهرام فإني حامي ملك فارس كلها ... وما خير ملك لا يكون له حامي قالوا وأمر بإحصاء ما أصاب من الغنائم فإذا هي مثل خراج مملكته لثلاث سنين فوضع الخراج على الرعية بمقدار ذلك وأمرهم بالتفرغ للتلذذ والتنعم قالوا وخرج بهرام يوما متصيدا وقد أردف جارية مغنية فعرض له وحش فقال للجارية أين تريدين أن أضع نشابتي قالت أريد أن تشبه ذكرانها بإناثها وإناثها بذكرانها فرمى ذكرا من الظباء بنشابة ذات شعبتين فاقتلع قرنيه ورمى الأنثى بنشابتين أثبتهما في موضع القرنين ثم قالت وأريد أن تصل ظلف ظبي بأذنه فرمى ظبيا بجلاهق أهوى

_ [1] . من الأبوابMs. [2] . بهران Ms.

برجله ليحك أذنه رماه فوصل ظلفه بأذنه ثم ضرب بالجارية الأرض وقال لشد ما اشتططت على وأردت إظهار عجزي وقتلها وهذا والله غير ممكن إلا بالاتفاق قالوا وكان بهرام يعرف اللغات فيتكلم إذا غضب بالعربية وفي القتال بالتركية وفي مجلس العامة بالدرية ومع النساء بالهروية وكان نقش خاتمه بالأفعال تعظم الأخطار وكان صاحب لهو وغناء وصيد وكان لا يقاتل [إلا] من يقاتله ولا يتعرض لمن لا يتعرض له وبنى له النعمان بن المنذر الخورنق والسدير وفي أيامه ساح النعمان بن المنذر ملك الحيرة فملك بهرام الحيرة المنذر بن النعمان وفي أيامه تحركت أمر قريش لما أراد الله تعالى بهم وتزوج كلاب بن مرة فاطمة بنت سعد من الأزد فولدت له قصىّ ابن كلاب وزهرة بن كلاب وكان ملكه ثلاثا وعشرين سنة ثم ملك الله يزدجرد بن بهرام ثماني عشرة سنة وأربعة أشهر وثمانية عشر يوما فلما مات تنازع الملك أبناه فيروز بن يزدجرد وهرمز بن يزدجرد بن بهرام جور قالوا وأسنت الناس في أيامه سبع سنين حتى فني أكثر الحيوان ثم أغاثهم الله بغيثه فزكت الأرض ونمى الزرع وأخرجت كل حبة سبع مائة حبة

وسمعت بعض المفسرين يقول في قوله تعالى كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ في كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ 2: 261 لم يكن هذا إلا في زمن فيروز والله أعلم قالوا وكتب فيروز في ذلك القحط إلى العمال والولاة والوكلاء والبنادرة بقسمة ما في الخزائن على الناس وحسن التدبير لهم في المعاش فلم يهلك في تلك السنين إلا رجل باردشيرخرة [1] ثم قصد فيروز الهياطلة وهم قوم كانوا بناحية بلخ وطخارستان وملكهم اشنوار [2] فلما بلغ توجه فيروز إليهم اشتد خوفهم فاحتالوا وذلك أن رجلا منهم [104] باع نفسه من الملك على أن يكفيه مئونة أهله وعياله بعده وكان قد بلغ من السن غاية لا ينتفع معها بعيش فقطعوا يديه ورجليه والقوة على ظهر طريق فيروز فلما انتهت الخيل إليه سألوه فزعم أن اشنوار غضب عليه في تعصبه لفيروز ففعل به ما ترون فهل لكم أن أخذتكم على طريق تطلعون منه على اشنوار وجنوده مغافصة قالوا بلى فحملوه معهم وأخذ بهم على طريق معطش مهلك فساروا حتى أنفذوا ماء يسقيهم وتاهوا في متوجههم ثم صدقهم الرجل عن نفسه وحيلته عليهم فاخذ كل قوم وجهة

_ [1] . باردسرحرMs. [2] . أسوار Ms.

وهذه قصة قباذ ومزدك

يرجون النجاة إلا فيروز في شرذمة قليلة تخلصوا بحشاشة أنفسهم فأسرهم اشنوار واستباح عسكرهم ثم عاهدوا فيروز أن لا يتعرض لهم وخلى سبيله وكان ملكه تسعا وعشرين سنة ثم تنازع الملك بعده ابناه قباذ و پلاش فهرب قباذ إلى الترك يطلب المدد فملك بلاش أربع سنين ومات ثم عاد قباذ وملك وفي أيّامه ظهرت المزدكيّة،،، وهذه قصة قباذ ومزدك قالوا أن قباذ بن فيروز كان رجلا مداريا متئدا يكره الدماء والمعاقبة وكثرت الأهواء في زمانه وانتحل كل فريق ملة ومذهبا ووثب مزدك وهو رجل من أهل فساد فعمل على الناس وقال أن الله عز وجل جعل الأرزاق [1] في الأرض ليقسمها العباد بينهم بالسوية حتى لا يكون لأحد منهم فضل على الآخر ولكن الناس تظالموا وتغالبوا واستأثر كل واحد بما أحب والواجب أن يؤخذ فضل ما في أيدي الأغنياء ويرد في الفقراء حتى يستووا في الدرجة فشايعه على ذلك الغوغاء وافترضوا قوله وجعلوا يدخلون على الرجل فيغلبون على أهله وماله ونسائه وعبيده واشتدت شوكتهم

_ (sic) . [1] الأرض اق Ms.

وعظمت نكبتهم وعجز السلطان عن مقاومتهم ولم يكن عندهم لمن أبى عليهم إلا القتل ثمّ وثبوا على قباذ فخلعوه وحبسوه وملّكوا أخاه جاماسب وفسدت معايش الناس واختلطت أنسابهم فكان المولود لا يعرف أباه والضعيف لا يمتنع منه القوي ثم خرج ز [ر] مهر ابن سوخرا في من [1] تبعه من الغواة والمطوّعة وقتلوا من المزدكيّة ناسا كثيرا ورد الملك إلى قباذ فتبرأ منهم ويقال أنه كان بايعهم وفي أيامه ولد عبد المطلب وحمل إلى مكة وكان جاءه الحارث بن عمرو المعصوب بن حجر آكل المرار ودخل في دين المزدكية فملكه على العرب كلها فلما صار الأمر إلى انوشروان رد الملك إلى المنذر بن امرئ القيس وكان ملك قباذ اثنتين وأربعين سنة وفي أيامه غلبت الروم والحبشة على اليمن ثم ملك كسرى انوشروان بن قباذ وكان ملكه سبعا وأربعين سنة وسبعة أشهر فقتل ثمانين ألفا من المزدكية في يوم واحد وجمع الناس على الدين وأتم بباب الأبواب السور وغزا الروم ففتح إنطاكية وبنى بالمدائن مدينة على صورة إنطاكية وسماها الرومية وصاهر خاقان ملك الترك حتّى عاونه على

_ [1] . فيمن Ms.

الهياطلة فأدرك منهم وتر فيروز وانبسط ملكه حتى بلغ قشمير وسرنديب وهو الذي بعث وهرز إلى اليمن فنفى عنه الحبشة وعلى رأس أربعين من ملكه ولد النبيّ صلى الله عليه وسلم في قول بعضهم وكان حسن السيرة مبارك الولاية رحيما بالرعية متميزا للخيم ثم ملك ابنه هرمز بن كسرى فجار وعسف فزحفت إليه الجيوش من النواحي الأربع الروم والترك والخزر واليمن فوجّه بهرام شوبينة اصفهبذ الرىّ للالتقاء فقتلهم وسباهم ثم خلع بهرام يده عن الطاعة وتغلب على خراسان [105] وما يليها وكتب القوّاد والمرازبة يغريهم به فوثبوا عليه وسملوا عينيه وحبسوه وملكوا ابنه ابرويز بن هرمز وملك هرمز إحدى عشرة سنة وسبعة أشهر ثم ملك ابرويز وجاء بهرام شوبينة فقاتله على شط النهروان وهزمه وكان ابرويز يومئذ على فرسه شبديز فلح به فقال للنعمان بن المنذر وهو يمشي بين يديه أعطني اليحموم وهو فرس معروف مشهور له وفيه يقول الأعشى [طويل] ويأمر لليحموم كل عشية ... بقت وتعليق وقد كان يسبق فلم يعطه اليحموم ونزل حسان بن حنظلة الطائي عن فرسه

الضبيب وقال اركب أيها الملك فإن حياتك للناس خير من حياتي فركبه ابرويز ومر إلى ملك الروم موريقيس فاستنجده فزوجه ابنته مريم وأمده بمال ورجال فقاتل بهرام وهزمه إلى الترك واستولى على الملك فلم يزل يدس على بهرام حتى قتل بدار الغربة وكان ملك ابرويز ثمانيا وثلاثين سنة وفي أيامه بعث الله نبينا محمدا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم بالرسالة وبعث النبيّ صلّى الله عليه إليه بعبد الله بن حذافة السهمي يدعوه إلى الإسلام فمزق كتابه واستخف به وكتب إلى باذان ملك اليمن أن عبدا من عبيدي قد كتب يدعوني إلى دينه فابعث إليه رجلين جلدين يأتيان به مربوطا وإن أبى عليهما فليضربا عنقه ولهذه القصة موضع غير هذا فلمّا بلغ النبيّ صلى الله عليه وسلم تمزيقه كتابه قال مزق كتابي مزق الله عليه ملكه قال الله عز وجل آلم غُلِبَتِ الرُّومُ في أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ من بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنِينَ 30: 1- 4 روى أنّ عاملا لا برويز يقال له شهرابراز الفارسىّ غلبهم وسباهم وذلك أن الروم وثبت على ملكهم موريقيس فقتلوه فبعث أبرويز شهر ابراز فنكا [1]

_ [1] . فنكى Correct.marg.

ثم ملك ابنه شيروية [105] بن أبرويز

فيهم نكاية عظيمة قبل الهجرة بسنة ثم أدبرت [1] الروم على ابرويز فقتله [ابنه] وفي ابرويز يقول خالد الفياض [2] [بسيط] والكهل كسرى شهنشاه يقنصه ... سهم بريش جناح الموت مقطوب إن كان لذته شبديز مركبه ... وغنج شيرين والديباج والطيب بالنار آلى يمينا شد ما غلظت ... أن من بدا بنعي شبديز مصلوب حتى إذا أصبح الشبديز منجدلا ... وكان ما مثله في الناس مركوب ناحت عليه من الأوتار أربعة ... بالفارسية نوحا به تطريب فراطن الهربذ الأوتار فالتهبت ... من سحر راحته اليسرى شابيب فقال مات فقالوا أنت فهت به ... فأصبح الحنث [3] عنه وهو محدوب لولا الهرابذ [4] والأوتار تندبه ... لم تستطع نعي شبديز المرازيب أخنى الزمان عليهم فاجرهد بهم ... فما يرى منهم إلا الملاعيب وابرويز الذي أمر فصور هو ودابّنه شبديز وسريته شيرين بقرميسين ليبقى له أثر ثم ملك ابنه شيرويه [105] بن ابرويز وأمه ابنة ملك الروم مريم بنت موريقيس فوقع الطاعون

_ [1] . ادبلتMs. [2] . العياضMs. [3] . الجيبMs. [4] . الفراهيد Correct.marg. ;ms.

في الناس [1] وفنى تسعة أعشار الناس وهلك شيروية فيه وكان ملكه ثمانية أشهر وهو الذي سعى في قتل أبيه ليأخذ ملكه وفيه يقول الشاعر [وهو عدىّ بن زيد] [وافر] وكسرى إذ تقسمه بنوه ... بأسياف كما اقتسم اللحام تمخضت المنون له بيوم ... أتى ولكل حاملة تمام وكان باذان بعث برجلين إلى المدينة كما أمره أبرويز لياتياه بالنبيّ صلى الله عليه وسلم فبينما هما عند النبيّ صلى الله عليه وسلم إذ قال لهما أن ربي أخبرني أنه قتل كسرى ابنه هذه الليلة لكذا ساعات مضين منها فانصرف الرجلان ونظرا فإذا هو كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم ثم وثب شهرابراز الفارسي الذي كان بناحية الروم فملك عشرين يوما ثم اغتاله بوران دخت بنت ابرويز فقتلته وملكت بوران دخت سنة ونصف سنة فأحسنت السيرة وعدلت في الرعية ولم تجب الخراج وفرقت الأموال في الأساورة والقوّاد وفيها يقول الشاعر [منسرح] دهقانة يسجد الملوك لها ... يخبى إليها الخراج في الجرب

_ [1] . كذا في الأصل ,notemarg. الطاعوس Ms.

قصة ملوك العرب

ولمّا بلغ النبيّ صلى الله عليه وسلم خبرها قال لا يفلح قوم يليهم امرأة وفي أيامها كانت وقعة ذي قار فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم اليوم انتصف العرب من العجم وبي نصروا ثم ملكت بعدها آزروميذ دخت بنت ابرويز أربعة أشهر فسمت فماتت ثم ملك رجل يقال له فرخ شهرا وقتل ثم طلبوا يزدجرد بن شهريار بن ابرويز وهو غلام فملكوه فمكث فيهم عشرين سنة والملك منتشر والأمر مختل مضطرب إلى أن قتله ماهوية دهقان مرو بقرية زرق سنة إحدى وعشرين من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان ابن عفّان رضي الله عنه وكان عبد الله بن عامر بن كريز بالطبسين وانقضى أمر ملوك الفرس وأظهر الله دينه وانجز وعده وفيه يقول ابن الجهم [سريع] والفرس والروم لها أيام ... يمنع من تقحيمها الإسلام ويقول المسعودي في آخر قصيدته بالفارسية سپرى شد نشان خسروانا ... چوكام خويش راندند در جهانا قصة ملوك العرب ولهم ثلث [1] ديار العراق والشام واليمن ويقال

_ (sic) . [1] ثلت Ms.

أن من ملك اليمن بعد نزول قحطان بن عابر [1] بن شالخ [2] بن ارفخشذ بن سام بن نوح أتاها يعرب بن قحطان وهو أول من نطق بالعربية وأول من حياه ابنه بأبيت اللعن وأنعم صباحا ولا يدري من كان بعده حتى ملك حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب ولم يزل الملك في ولده إلى أن مضت قرون وحقب وصار إلى الحارث الرائش بعد خمسة آباء فمنهم فرع ينهب بن أيمن بن ذي ترجم بن واثل [3] بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن الهميسع بن حمير وهو الذي أخرج العماليق من اليمن في زمن الضحاك وصاهر افريذون كما ذكرنا آنفا وفيهم يقول الشاعر [طويل] رأيت ملوك الناس في كل بلدة ... فلم أر في الأملاك أمثال حمير [106] ومنهم شمر ذو الجناح وفي أيامه ظهر موسى عم بالشام وهو زمن منوجهر ببابل ومنهم غمدان بان وهو الّذي بنى غمدان ومنهم شمر [؟] بهيعيص ومنهم ذو [؟] بقرع ومنهم ذو مرابح فامّا

_ [1] . عامرMs. [2] . سالخMs. [3] . وائل Ms.

ملوك اليمن فالذي يصح ذكره بعد الحارث الرائش ويقال أنه أول من غزا من ملوك اليمن وأصاب الغنائم فسمي الرائش لأنه راش الناس وكساهم وفي عصره مات لقمان صاحب النسور ويروى أن [1] له شعرا يذكر فيه نبيّنا محمّدا صلى الله عليه وسلم وملوكا يكونون قبله ويقول [وافر] ويملك بعدهم رجل عظيم ... نبي لا يرخص في الحرام يسمّى أحمدا ياليت أني ... أعمر بعد مبعثه بعام قالوا وكان ملكه مائة وخمساً وعشرين سنة ثم ملك بعده أبرهة ذو المنار وسمى به لأنه غزا بلاد النسناس وجاء بهم وجوههم في صدورهم فذعر الناس لذلك وكان ملكه خمسا وعشرين سنة ثم ملك هداد بن شراحيل بن عمرو بن الحارث [2] الرائش أبو بلقيس ولم يلبث إلا يسيرا حتى هلك ثم ملكت بلقيس أربعين سنة وكان من قصتها وقصة سليمان ما ذكر الله عز وجل ثم ملك ناشر النعم لإنعامه على الناس وذكروا أنه بلغ في غزاته إلى وادي الرمل الحمارى فأمر بصنم من نحاس

_ [1] . أنّهMs. [2] . بن Ms.intercale

فصنع ثم كتب عليه ليس ورائي مذهب وكان ملكه خمسا وثمانين سنة ثم ملك شمر بن افريقيس بن ذي المنار [بن] الرائش وهو الذي يدعى بشمر [1] بن رعش لرعشة أصابته وهو الذي غزا الصين وافتتح عامة فارس وسجستان وخراسان [2] وخرب سمرقند فسميت شمركند وكان ملكه مائة وسبعا وثلاثين سنة وفيه يقول ابن الجهم [رجز] وظهرت باليمن التبابعة ... شمر يرعش [3] وملوك خالعة ثم ملك بعده ابنه الأقرن بن شمر وغزا الروم قبل ظهور عيسى عم وكان أهلها عبدة الأصنام والأوثان فمات بناحية منها يقال لها وادي الياقوت وكان ملكه ثلاثا وخمسين سنة ثم ملك بعده تبع بن الأقرن وهو تبع الأكبر وكان أقام سنوات لا يغزو فسمته حمير موثبان وموثبان بلغتهم القاعد فغضب لذلك وأخذ في الغزو حتّى بلغ الصين وخلف رابطة بتبت فأعقابهم اليوم بها وهو القائل فيما يروى [كامل]

_ [1] . إلى شمرMs. [2] . خرسانMs. I.2 -3. [3] بن 910 بن plongpourlemetre ;corriged ecenomdansTabari ,I بن شمر بهرعيش Ms.

قطع البقاء بقلب الشمس ... وطلوعها من حيث لا يمسى وطلوعها بيضاء إذ طلعت ... وغروبها صفراء كالورس تجري على كبد السماء كما ... يجري حمام الموت بالنفس اليوم ينظر ما يجيء به ... ومضى لفضل قضائه أمس وكان ملكه مائة وثلاثا وستين [سنة] ثم ملك بعده ملكيكرب ابن تبع خمسا وثلاثين سنة ثم ملك ابنه تبع الأوسط وهو أسعد أبو كرب وكان يغزو بالنجوم ويسير بها حتّى بلغ الهند والروم وإيّاه عنى الطائىّ بقوله [بسيط] وبرزة الوجه قد أعيت رياضتها ... كرى وصدت صدودا عن أبي كرب قالوا وطالت مدته واشتدت وطأته وملته حمير لكثرة غزاته وهو الّذي [قال] فيما يروى [متقارب] شهدت على أحمد أنه ... رسول من الله باري النسم فلو مد عمري إلى عمره ... لكنت وزيرا له وابن عم [106] وهو الذي قتل يهود يثرب وأراد أن يخربها فأخبر أنها مهاجر نبي فآمن به وتركها كما يزعمون وكان ملكه ثلاثمائة [؟]

وعشرين سنة ثم ملك ابنه حسّان بعد ما وثبت حمير على أبيه فقتلوه ثم لقب حسّان هذا ذو جيشان وهو الذي أباد جديس وقد [مرت] قصتهم وأخذ حسان يتجنى على قتله فقتلهم واحدا واحدا حتى بايعوا أخاه عمرو بن تبع على أن يقتل حسّانا [1] فقتله فلما قتله منع النوم فسأل الغلمان عن ذلك فقالوا إنك قتلت أخاك ظلما ولن يؤاتيك النوم حتى تقتل من أشار عليك بقتله فقتلهم كلهم إلا ذا رعين فإنه نهاه عن ذلك وكان قال حين سهر [وافر] ألا من يشتري سهرا بنوم ... سعيد من يبيت قرير عين فإن تك حمير غدرت وخانت ... فمعذرة الإله لذي رعين لنا معراج ملك حيث كنا ... تناوله المقاول باليدين ملكنا بعد تبعنا زمانا ... وعبدنا ملوك المشرقين زبرنا في ظفار زبور مجد ... ليقرأه جميع الخافقين ونحن الواقفون بكل هون ... إذا قال المقاول أين أين قالوا وكان هذا في زمن ملوك الطوائف بعد الإسكندر وفي

_ [1] . يقتله حسّان Ms.

ملكه تزوج عمرو بن حجر الكندي جد امرئ القيس الشاعر ابنة حسان بن تبع أخى عمرو بن تبع [1] فولدت له الحارث ابن عمرو وفي أيامه أحس عمرو [2] بن عامر بسيل العرم فخرج من سبأ بمن تبعه وهو أبو ملوك الحيرة والشام وعمان وكان ملكه ثلاثا وستين سنة ثم ملك بعده عبد كلال بن مثوب [3] أربعا وسبعين سنة وآمن بعيسى عم ثم ملك بعده تبع الأصغر وهو تبع بن حسان ثمانيا وسبعين سنة وهو الذي قتل يهود يثرب في أصح الروايات وقصة ذلك قال محمد بن إسحاق كان الأوس والخزرج مستضعفين متهضمين في أيدي اليهود وملكهم القيطون لا يزف عروس إلا اقتضها فلما تزوج مالك بن عجلان الخزرجي أخته وأدخلها على القيطون تشبه مالك بن عجلان بالنساء وتستر بثيابهن [4] ودخل معهن واختبأ في ناحية من داره فلما هم القيطون بأخته قام إليه مالك بن عجلان فقتله ثم خرج إلى تبع فاستصرخه فجاء حتى قتل من رؤساء اليهود

_ [1] . امرئ القيسMs. [2] . عبد اللهMs. [3] . عبد بن كلّاب بن ميوّبMs. [4] . بنياتهنّ Ms.

وأعلامهم ثلاثمائة وخمسين رجلا غيلة بذي حرض موضع بالمدينة فقالت امرأة من يهود ترثيهم [وافر] بأهلى لمّه لم تغن شيئا ... بذي حرض تصفقها الرياح شباب من قريظة أتلفتها ... سيوف الخزرجية والرماح ولو اربوا بأمرهم لحالت ... هنالك دونهم خود رداح ويقال أن هذا كان ملك الشام الحارث الأعرج والله أعلم قال وهم تبع بإخراب المدينة فقالت له يهود إن هذا غير ممكن ولا أنت واصل إليه قال ولم قالوا لأنها مهاجر نبي يخرج من مكة فقبل [1] تبّع اليهود [ية] ودان بها وأخذ حبرين من أحبارهم معه إلى اليمن ومر بالبيت وكساه البرود وهو أوّل من كساه وفيه يقول اليمانون [خفيف] وكسونا البيت الّذي كرّم الله ... ملاء معضدا [2] وبرودا فلما قدموا اليمن اختلفوا عليه لمتابعته اليهود وكانت لهم

_ [1] . فقتلMs. [2] . معصدا Ms.

[نار] [1] تخرج من جبل يتحاكمون إليها يزعمون أنها تصيب الظالم ولا تمس المظلوم والله أعلم ويشبه أنهم كانوا يقولون هذا القول على جهة التخويف فتحاكموا إليها فخرجت فأحرقت عبدة الأوثان وتركت الحبرين ومن معهما [107] فتهود خلق كثير من اليمن وعلى اليهودية أحرق الناس بقول الله عز وجل قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ 85: 4- 6 ثم ملك مرثد بن عبد كلال [2] إحدى وأربعين سنة وتفرق ملك حمير فلم يعد ملكهم اليمن وذلك في زمن اردشير الجامع فملك ذو فايش وذو مجن وذو نواس وذو الكلاع وذو رعين وذو عكيلان ثم ملك وليعة بن مرثد سبعا وثلاثين سنة وفي زمانه أرسل الله على سباء سيل العرم فبادوا ثم ملك ابرهة بن الصباح ثلاثاً وسبعين سنة ثم ملك حيان بن عمرو سبعا وخمسين سنة ثم ملك ذو شناتر [3] ولم يكن من أهل بيت الملوك ولكنه من أبناء المقاول وكان لا يسمع بغلام نشأ من أبناء المقاول

_ Lacunedansl original. [1] [2] . كلابMs. [3] . سناتر Ms.

قصة أصحاب الأخدود

بعث إليه فأفسده حتى قتله ذو نواس وقصة ذلك أنه بلغه من ذي نواس ظرافة وملاحة فبعث إليه فأحضر وكان له ذؤابتان تنوسان على عاتقه وهو على دين اليهود. وهو صاحب الأخدود وكان قد خبأ سكينا صغيرة تحت ثيابه فلما راوده [1] على الفاحشة وخلا به وثب عليه ذو نواس وبعج بطنه وقتله فحمدت حمير مذهبه وملكوه على أنفسهم،،، قصّة أصحاب الأخدود روى محمد بن إسحاق عن وهب قال كان رجل من بقايا أهل دين عيسى يقال له فيمون [2] خرج من الشام مع سيارة من العرب فأخذوه وباعوه من أهل نجران وكان أهل نجران يعبدون نخلة لهم فقال لهم فيمون إن هذه النخلة لا تضر [3] ولا تنفع فلم تعبدون ولو دعوت ربي الذي أعبده لأهلكها قالوا فافعل فدعا فيمون ربه فجاءت ريح فجعفتها عن أصلها فاتبعه أهل نجران وآمنوا بعيسى وبلغ الخبر ذا نواس فسار إليهم بجنوده فحاصرهم زمانا ثم آمنهم فأعطاهم

_ [1] . أرادهMs. [2] . قيمونMs. [3] . يضرّ Ms.

عهدا لا يغدر بهم إن هم نزلوا فلمّا نزلوا خد بهم الاخدود وأوقد فيه النار ثم جعل يجاء بفوج بعد فوج ويخيرون بين اليهودية والنار فمن أبى عليه قذفه في النار قالوا حتى أتي بامرأة معها صبي لها ترضعه فلما نظرت إلى النار ذعرت لذلك وكادت تعرض عن دينها فقال لها الصبي مه يا أماه امضي على دينك فإنه لا نار بعدها فرمى بالمرأة وابنها في النار قال بعضهم فجعل الله النار عليهما بردا وسلاما فكف ذو نواس عن ذلك ومضى رجل من أهل اليمن يقال له ذو ثعلبان إلى ملك الحبشة ومعه صحف محرقة من الإنجيل يستصرخه فبعث بجيش إلى اليمن وانهزم ذو نواس من بين أيديهم فخاض في البحر بفرس حتّى غرق وفيه يقول عمرو بن معديكرب [واف [؟]] أتوعدني كأنك ذو رعين ... بأنعم عيشة أو ذو نواس وكاين كان قبلك من نعيم ... وملك ثابت في الناس راسي قديم عهده من عهد عاد ... عظيم قاهر الجبروت قاسي فأمسى أهله بادوا وأمسى ... يحول في أناس من أناس وانقضى ملك اليمن وغلبت الحبشة عليها وكان بين ملك أ

الرائش إلى هلاك ذي نواس ألف سنة وستمائة سنة وستون سنة وقد قيل في قصة الأخدود غير هذا وقد ذكرناه في كتاب المعاني ثم ملكت الحبشة وذلك في زمن قباذ وأنوشروان قالوا ولما قتل ذو نواس أهل نجران وأحرقهم وذهب صريخهم إلى النجاشي ملك الحبشة [107] يستنجده قال عندي رجال وليس عندي سفن فكتب إلى قيصر ملك الروم وبعث إليه بالأوراق المحرقة من الإنجيل يغريه بذلك ويحفظه ويسأله أن يعينه بالمعابر ليطلب بثأر دينهم فبعث إليه بسفن كثيرة فحمل النجاشي فيها جيشا كثيرا [1] إلى اليمن فلما سمع ذو نواس صنع مفاتيح كثيرة وتلقاهم بها وقال هذه مفاتيح كنوز اليمن خذوها واستبقوا الرجال والذرية فقبلوا منه ثم فرقهم في المخاليف والقرى وأعطاهم تلك المفاتيح وكتب إلى كل مقول في مخلاف إذا كان يوم كذا وكذا فاذبح كل ثور أسود عندك ففطنوا لذلك وقتلوا أولئك الحبشة في يوم واحد ولم ينج منهم إلا الشريد وبلغ النجاشي الخبر فبعث بسبعين ألف مقاتل وأمرهم أن لا يدعوا رجلا إلا قتلوه ولا بناء إلا هدموه فعلم

_ [1] . عظيما Correctionmarg.:

ذو نواس أنه لا طاقة له بهم فاستعرض البحر واقتحم اللجة وكان آخر العهد به [1] وجاءت الحبشة فاستولوا على اليمن ورئيسهم ابرهة الأشرم [2] فخربوا المدن وقتلوا الرجال وسبوا النساء والولدان ولم يبعثوا إلى النجاشي بشيء من ذلك فبعث النجاشي أرياط [3] في جيش كثيف للقاء أبرهة فاتعد للقتال يوما وتواقفا فغدر بارياط أبرهة وقتله ورفع النجاشي الخبر فزعج نفسه وحلف بالمسيح أن لا يكون له ناهية حتى يهريق دم أبرهة ويجز ناصيته ويطأ تربته ففزع لذلك أبرهة وارتاع وبعث إليه بهدايا والأموال وكتب إليه يستعينه ويستعطفه ويعتذر إليه من صنيعه بارياط وبعث إليه بقارورة من دمه وجراب من تربة أرضه وجزّة [4] من ناصيته وقال يطأ الملك التراب ويريق الدم ويجز الشعر فيبر قسمه بذلك فرضى عنه النجاشي وأعفاه واستجمع لأبرهة ملك اليمن فبنى كنيسة لم ير الناس مثلها في شرفها

_ [1] . العهديّةMs. [2] . الأثرمCorrectionmarg.: [3] . ارباطMs. [4] . جزّ Ms.

قصة أصحاب الفيل

وحسنها ونقشها بالذهب والفضة والزجاج والفسقيا [1] والألوان والأصباغ وصنوف الجواهر وسمّاها القليس وأمر الناس أن يجعلوا حجهم إليها ويتركوا حج مكة فجاء رجل من النساة [2] وقعد في كنيسه فغضب لذلك أبرهة وهم بغزو قريش وأوقد نارا لطعامهم فلمّا ارتحلوا عصفت الريح واشعلت النار وأحرقت القليس فعند ذلك خرج الأشرم بالفيل إلى مكة يهدم البيت،،، قصة أصحاب الفيل وسار بخيله ورجله يقدمهم الفيل لا يطأ بلدا إلا استباحهم وقتلهم فلقيه نفيل بن حبيب الخثعميّ وقاتله فهزمه أبرهة وأسره وكاد يقتله فقال أنا رجل دليل خرّيت للفوات فاستبقني يكن خيراً لك فتركه يدله وسار وبلغ الخبر قريشا فتحصّنت في الشعاب ورءوس الجبال ولم يتخلف بمكة غير عبد المطلب جدّ النبيّ صلع لأبيه وعمرو بن عائذ [3] بن عمران بن مخزوم جدّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لأمه وجاء أبرهة حتى نزل عرفات وأرسل إلى أموال قريش فجمعها وساقها وأخذ لعبد

_ [1] . والفسيفساء.Ilfautlire: كذا وجدت في النسخةotationmarginale: [2] . النساكMs. [3] . عامر Ms.

المطلب مائتي ناقة فجاء عبد المطلب يطلب إبله واستأذن على أبرهة فأذن له فلما دخل عليه رحب به وعظمه وقال [ما] حاجتك قال إبلي قال له أبرهة قد كنت فيك راغبا فزهدت تسألني إبلك وتترك بيتك الذي هو دينك فقال عبد المطلب أنا رب هذه الإبل وللبيت رب إن شاء منعه فلما أصبحوا جهزوا الجيش ووجهوا الفيل نحو الكعبة فلما بلغ الحرم برك وانصرف راجعا نحو اليمن [108] وَأَرْسَلَ 105: 3 الله عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ من سِجِّيلٍ 105: 3- 4 كما ذكر الله عز وجل في القرآن فأهلكهم ووقعت الأكلة في جسد أبرهة فحمل إلى اليمن فهلك بها وفي هذه القصة اختلاف كثير في كيفية مجيء الطير وعدد الفيلة ووجود المعجزة في غير زمان نبي مبعوث فذكرناها في كتاب المعاني ولا معنى لإنكار من ينكر هذه القصة ويزعم أن القوم كان أحرقهم ثمار اليمن وأوباهم ماءها وهواءها فحصبوا أو جدروا فهلكوا ذلك أشيع فيهم وأفشى فيهم من أن يأتي عليه الكتمان ولهم فيه من الأشعار ما لا يعترض شك في صدقه فمنه قول عبد الله بن الزبعري [1] [كامل]

_ [1] . عبد الله الزهرىّ Ms.

فنكبوا عن بطن مكة أنها ... كانت قديما لا يرام حريمها سائل أمير الجيش عنها ما رأى ... ولسوف ينبي الجاهلين حليمها ستّون ألفا لم يؤوبوا أرضهم ... ولم يعش بعد الإياب سقيمها ومنه قول الآخر [خفيف] كاده الأشرم الّذي جاء بالفيل ... فولّى وجيشه مهزوم فاستهلّت عليهم الطير ... بالجندل حتى كأنه مرجوم وفي عام الفيل ولد رسول الله صلع والملك أنوشروان وعلى الحيرة النعمان بن المنذر ثم لما هلك [1] أبرهة ملك ابنه يكسوم [2] بن أبرهة اغتصب ريحانه بنت ذي جدن امرأة ذي يزن أبي مرة الفياض فاستنكحها وكانت ولدت لذي يزن سيف بن ذي يزن ثم ولدت لأبرهة وكان خرج ذو يزن إلى كسرى أنوشروان يستنجده ويستعينه على السودان وامتدحه بالحميرية فاعجب كسرى بقصيدته لما ترجمت له فواصله وحباه وقال سأنظر في أمرك وكان مقيما ببابه على شبه العبدة حتى هلك وشبّ

_ [1] . ملكMs. [2] . مكيسوم Ms.

ابن ذي يزن ونشأ وهو يظن أنه ابن أبرهة فقال له مسروق لعنك الله ولعن أباك فرجع سيف إلى أمه وقال من أبي قالت أبرهة قال لا والله لو كان أبي أبرهة ما سبني ولا سبه مسروق فصدقته أمه الحديث وأن أباه ذهب إلى كسرى فما غيره فتهيأ الغلام وخرج إلى قيصر فشكا إليه فلم يشكه فجاء حتى أتى النعمان بن المنذر ملك الحيرة واستشاره في قصد كسرى فقال له النعمان إن لي عليه في كل عام وفادة فأقم حتى يكون ذلك ففعل ثم قدم معه إلى كسرى فاعترضه سيف بن ذي يزن وهو يسير فصاح أن لي عندك أيها الملك ميراثا فقال أنا ابن الشيخ الذي أتاك يستنجدك فاوعدته فعرف كسرى ذلك وسار حتى دخل القصر وجلس في الإيوان تحت التاج وكان تاجه مثل العقنقل العظيم معلقا بسلاسل من ذهب فلا يراه أحد إلا برك هيبة له واستأذن النعمان بن المنذر لسيف بن ذي يزن فأذن له فلما رأى كسرى خر ساجدا له من هيبته ثم قال غلبتنا على بلادنا [الأغربة] فجئتك لتنصرني ويكون ملك بلادي لك فقال بعدت بلادك مع قلة خيرها [1] وما كنت

_ [1] . حرّها Ms.

لأورط جيشاً من فارس ثم رق له كسرى لما ذكر حال أبيه ومقامه ببابه إلى أن مات وأمر له بعشر آلاف درهم وخلع فاخرة ودواب وقال الحق بلادك فإنك لا تزال أكثر قومك مالا فخرج سيف من عنده وجعل ينثر تلك الورق [108] وينهبها الناس فدعاه كسرى فقال تنثر حبائي وتنهب عطيتي فقال لم [1] آتك أيها الملك للمال وإنما آتيك للرجال وما تراب بلدي إلا من هذا يرغبه في بلاده فاستصوب كسرى ذلك من فعله وجمع المرازبة والموابذة واستشارهم في أمره فقالوا أيها الملك إن في سجونك رجالا قد حبستهم للقتل وهم أهل بأس وشدة وحدة فنرى أن تبعثهم معه فإن أصابوا كان لك وإن هلكوا فذاك ما أردت فأمر بمن في السجون فأحضروا فوجدوهم ثماني مائة رجل وكان فيهم أسوار يقال له وهرز يعد بعشرة آلاف إسوار في مكيدته وبأسه فاستعمله عليهم وحملهم في السفن حتّى خرجوا بساحل حضر موت وخرج سيف بن ذي يزن فأخذ على طريق البرّ وجمع من قومه من أطاعه إلى وهرز وهلك يكسوم وملك أخوه مسروق

_ [1] . لم Ms.

ابن أبرهة فسار إليهم في مائة ألف من الحبشة وحمير والأعاريب وأرسل إلى وهرز لقد غدرت بنفسك حين طمعت في ناحيتنا مع هذه الفئة القليلة وإن شئت أذنت لك فرجعت إلى بلادك وإن شئت أخرتك حتى تنظر في أمرك فقال وهرز بل نضرب بيننا أجلا لا يتعرض بعضنا لبعض حتّى ينقضي الأجل ففعلوا قالوا وركب ابن لوهرز يسير على فرس له تحيت عسكرهم فجع به فرسه فأسقطه وثارت الحبشة إليه فقتلته فأرسل إليهم وهرز أن قد نقضتم العهد واخفرتم الذمة ثم أمر بابنه فطرح في صعيد ينظر هو وأصحابه إليه ليدبرهم ولم يظهر جزعا ولا أسفا فلما انقضى الأجل خرج وهرز إلى السفن التي جاء فيها فأحرقها ودعا بكل ناد كان مع القوم وجمعهم وقال كلوا ثم أمر بما فضل فألقى في البحر وعمد إلى فراشهم ورحالهم كلها فأحرقها ثم قام فيهم خطيبا فقال أما ما أحرقت من سفنكم إلا وأردت أن أعلمكم أن لا سبيل إلى بلادكم فإن أطاق أحدكم أن يركب البحر بلا مركب فليعبر وأما ما ألقيت من زادكم فإني كرهت أن يطمع أحدكم أن يكون معه زاد يعيش به يوما واحدا فيفر طمعا في الحياة بذلك الزاد وأما

ما أحرقت من ثيابكم ومفارشكم وأثقالكم فانه كان يغيظني ان كانت الدائرة [1] عليكم أن يلبسها الحبشة ويفترشها بعدكم وإن ظفرتم لم تعدموا أمثالها وإن هلكتم فما حاجة الأموات إلى الأموال والمطارح والمفارش ثم قال أصدقوني يا قوم عن نفسكم فإن كنتم تحدثون أنفسكم بالفرار فأخبروني حتى أتكي على سيفي ولا أحتمل عار الدهر فقالوا جميعا نحن لك تبع وأنفسنا لك النّداء ثمّ هيأ عسكره وعباهم وقال أوتروا قسيكم ولم يكن رئي النشاب قبل ذلك باليمن وأقبل مسروق على فيل له وعلى رأسه تاج وبين عينيه ياقوتة حمراء وكان وهرز شيخا معمرا دهريا قد كل بصره من الهرم وسقط حاجباه على عينيه وفيه من بقية القوة ما لا يوتر قوسه غيره فعصب حاجبيه بعصابة وأوتر قوسه وقال أين ملكهم قالوا على فيل قال إنه على مركب ملك قالوا قد نزل من الفيل وركب فرسا قال نزل عن بعض الملك قالوا نزل عن الفرس وركب بغلا فقال بالفارسية أين كوذك خرست يعني ابن الحمار ذهب ملكه ثم قال لغلامه أخرج من الجعبة نشّابة وأنّ من رسمهم أن

_ [1] . الديرة Ms.

يكتبوا على نشابة اسم صاحبها وعلى أخرى [109] اسم أبيه وعلى الثالثة اسم الملك وعلى الرابعة اسم المرأة يتفألون بها ويتطيرون فأخرج الغلام نشابة فقال ما الذي هو مكتوب فقال اسم امرأتك فقال ردها واخرج أخرى فردها وأخرج أخرى فقال ما عليها فقال اسم امرأتك [قال] أنت المرأة وعليك طائر السوء خرجت من بلادك ولا همة لك غير النساء ردها وأخرج غيرها فردها وخرجت نشابة المرأة فتفأل بها وهو ربما كانوا يتطيرون وقال زنان زنان نضرب نضرب ثم قال إذا رميت فإن أصبت ملكهم فارموا حينئذ بالفترجان والفترجان أن يرمى الرجل خمس نشابات وإن أخطأت فلا يرمين أحدكم حتى آمره فتمعط في قوسه حتى ملأها نزعا ثم سرجها فأقبلت النشابة كأنها رشاء فصكت الياقوتة بين عيني مسروق فطارت فضاضا [1] وفلقت جبهته وتغلغلت في رأسه حتى خرجت من قفاه ولانت الحبشة وانتقضت صفوفهم ثم رموهم فترجانات فهزموهم وقتلوهم حتى كان الإسوار يسوق المائة والمائتين والثلاث مائة من الأسارى بين يديه وذكر أن رجلا ركض على جمل

_ [1] . قصاصا Ms.

له ثلاثة أيام والتفت إلى حقيبته فإذا فيها نشابة فقال أبعد ثلاث لا أم لك فظن أنها أتته من مسيرة ثلاثة أيام وصفت لوهرز اليمن ست سنين وكان فتحها سنة إحدى وأربعين من ملك انوشروان ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن سنة أو سنتين أو فوق ذلك ويقال بل كان ذلك في زمن هرمز بن انوشروان والله أعلم وفيه يقول أمية بن أبى الصلت [بسيط] ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن ... إذ رام في الحرب للأعداء أحوالا فأمّ قيصر لما حان رحلته ... فلم يجد عنده بعض الذي سألا حتى أتى ببني الأحرار يقدمهم ... إيه لعمري لقد أسرعت قلقالا للَّه درهم من عصبة خرجوا ... ما إن أرى لهم في الناس أمثالا بيض مرازبه غلب أساورة ... تربت في الغارات أشبالا يرمون عن شدف [1] كأنها غبط [2] ... بزمخر [3] يعجل المرمى إعجالا أرسلت أسداً على سود الكلاب فقد ... أضحى شريدهم في الأرض فلالا واشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم ... وأسئل اليوم من برديك أسبالا تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعاد بعد أبوالا

_ [1] . سدقMs. [2] . ع [؟] طMs. [3] . بزمجر Ms.

وأما ملوك الحيرة والشام

قالوا وأقام سيف بن ذي يزن ملكا من قبل كسرى ووهرز له كالمعني والناصر إلى أن قتل وكان سبب قتله أنه أتخذ خولا لنفسه من الحبشة فخلوا به يوما في متصيدة فقتلوه ثم لما مات وهرز ملك ابنه البنجان بن وهرز ثم مات وبعث كسرى باذان فلم يزل عليها إلى أن بعث الله نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم فاتبعه وآمن به،،، وأما ملوك الحيرة والشام فمن سبإ بقول الله عزّ وجلّ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ 34: 19 زعموا أنه لما أحس عمرو بن عامر بسيل العرم قال أني قد علمت أنكم ستمزقون كل ممزق فمن كان منكم ذا هم بعيد وجمل [1] شديد [109] ومزاد [2] جديد فليلحق بكاش أو كروذ فكانت وادعة بن عمرو من كان بدن وامر ذعر [3] فليلحق بأرض شيث فكانت عوف بن عمرو من كان منكم يريد عيشا أنيسا وخرما آمنا فليلحق بالأزد [4] يعني مكة فكانت خزاعة ومن كان منكم يريد الراسيات في الوحل المطعمات في المحل فليلحق

_ [1] . حملMs. [2] . مرادMs. [3] . كذا في الأصلotationmarginale: [4] . بالأردن Ms.

وهذه قصة جذيمة الأبرش

بيثرب ذات النخل فكانت الأوس والخزرج ومن كان منكم يريد خمرا وخميرا وذهبا [1] وحريرا وملكا وتأميرا فليلحق بكوفة [2] وبصرى وكانت غسان بنو جفنة ملوك العراق والشام وأول من ملك الحيرة مالك بن فهم بن غنم بن دوس الأزدي وكان ممن خرج من سبإ مع مزيقياء عمرو بن عامر في زمن اردشير الجامع أو بعده بقليل وفي كتب أهل الإسلام أن ذلك كان في الفترة والله أعلم وكان ملكه عشرين سنة ثم ملك بعده ابنه جذيمة بن مالك [3] الأبرش ويقال له الوضاح لبرص كان به وكان ولاه اردشير وكان ملكه ستّين سنة،،، وهذه قصّة جذيمة الأبرش زعموا أن منزل جذيمة الأبرش كان الانبار والحيرة وكان لا ينادم أحدا ذهابا بنفسه أن يكون له نظير وينادم الفرقدين فإذا شرب قدحا صبّ لهذا قدحا ولهذا قدحاً وكان له أخت مكينة عنده يقال لها رقاش أم عمرو وكان أخص خدمه وأقربهم من لخم يقال له عدىّ بن نصر بن الساطرون صاحب الحضر بأرض الجزيرة ملك السريانيّين

_ [1] . حمرا وحميرا ودهباMs. [2] . [؟] كوفنMs. [3] . بن Ms.Ajoute

فعشقته رقاش أخت الجذيمة وحملت منه فلما خافت الفضيحة قالت لعدي أخطبني من الملك إذا سكر ففعل ذلك فزوجه ودخل بها فلما صحا جذيمة ندم فأمر بعدي فضرب عنقه وظهر الحمل برقاش فقال لها جذيمة اصدقينى رقاش لا تكذبيني بحر حملت أم بهجين أم لدون فأنت أهل لدون فقالت حملت ممن زوجتني به فلم يلبث أن ولدت عمرو بن عدي فبناه [1] جذيمة وعطف عليه فلما نشأ استهوته الجن فتاه في الأرض فجعل جذيمة لمن أتى به حكمه فخرج في طلبه رجلان يقال لأحدهما مالك والآخر عقيل ولم يزالا يطلبانه حتى أتيا به فقال لهما جذيمة احتكما فقالا ننادمك ما عشت فنادماه أربعين سنة وفيه يقول متمّم بن نويرة [طويل] وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدّعا وقال الآخر [طويل] ألم تعلمي أن قد تفرّق قبلنا ... نديما صفاء مالك وعقيل وكان لعمرو طوق من ذهب صيغ له في صباه فلما ردّوه همّت

_ [1] . فبينا Ms.

أمه أن ترد عليه الطوق فقال جذيمة شب عمرو عن الطوق فذهب كلامه مثلا وكانت بأرض الجزيرة ملكة يقال لها الزباء من قبل صاحب الروم فخطبها جذيمه ونهاه غلام له عن نكاحها يقال له قصير فعصاه ونكحها وقال لا ينكح الملك إلّا الملكة فذهبت مثلا فلمّا دخل بها غدرت به فقتلته فقال غلامه لا يطاع لقصير أمر فذهبت مثلا ثم ملك بعده عمرو بن عدي ابن أخت جذيمة واحتال قصير في الطلب بثأر جذيمة فأمر عمرو حتى جزعه وصلمه ثم خرج هاربا إلى الزباء يشكو عمرا وأنه اتهمه في قتل خاله فضمته الزباء إليها وولته أعمالها ثم سألها أن تبعثه إلى هجر [110] ليأتيها من بضاعتها وتجارتها فأرسلته بمال بعد ما وثقت بناحيته وأمنت غائلته فجاء قصير على الإبل فافتك بها فاقعد رجالا شاكين في السلاح في الصناديق وحمل الصناديق على ظهر الإبل وأقبل قصير بالعير فأشرفت الزباء من فوق قصرها ويقال كانت كاهنة فقالت [رجز] ما للجمال مشيها وئيدا ... أجندلا يحملن أم حديدا أم صرفانا باردا شديدا ... أم الرجال جثما قعودا

فلما دخلت الإبل القصر خرج الرجال بأيديهم السيوف فهربت الزباء إلى نفق لها تحت الأرض كانت أعدته للحوادث فوجدت عمرو بن عدي قد كمن على فوهة السرب فأيقنت بالهلاك فمصت خاتمها وكان مسموما وقالت منيتي بيدي فذهبت مثلا وفيه يقول الدريدىّ [رجز] فاستنزل الزباء قسرا وهي من ... عقاب لوح الجو أعلى منتمى فلم يزل الملك في بنى عمرو بن عدي حتى كان زمن قباذ بن فيروز بن يزدجرد الأثيم فجاء الحارث بن عمرو بن حجر الكندي آكل المرار ودخل في دين المزدكية فولاه قباذ الحيرة فجاء حتى قتل المنذر بن ماء السماء وبعث ابنه حجر بن الحارث أبا امرئ القيس الشاعر على بني أسد فلما ملك أنوشروان ردّ ملك العرب إلى المنذر بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي ثم ملك امرؤ القيس بن عمرو بن عدي ثم ملك ابنه النعمان بن امرئ القيس وهذا هو النعمان الأكبر الذي بنى الخورنق والسدير في عهد بهرام جور وكان خاصته فساح في الأرض ذكروا أنه أشرف من الخورنق في زمن الربيع فنظر نحو المشرق حتى

رجع نظره حسيرا عن أقاصي بلوغ خيله ونعمه فقال لمن هذا فقالوا لك أبيت اللعن ثم نظر نحو المغرب إلى بياض أنهار جارية وجنان زاكية [1] فقال لمن هذا فقالوا لك أبيت اللعن فقال فهل أوتي أحد مثل هذا فقام رجل من الرابضة والرابضة بقية من أهل العلم لا تخلو الأرض منهم فقال أبيت اللعن إنما أعجبت بفان لا يبقى وزائل لا يدوم قال فكيف المخرج فقال العمل بطاعة الرب والتخلي عن الدنيا قال فإذا فعلت ذاك فمه قال ملك دائم لا يزول ومقام ليس بعده شخوص وحياة لا تموت قال فإذا كان وقت السحر فأقرع على بابي فأتاه الرجل للوقت فإذا هو قد صب على نفسه استياحا فساح معه حتى لحقا باللَّه ويذكره عدي بن زيد في قصيدة طويلة [خفيف] وتأمّل ربّ [2] الخورنق إذ أشرف ... يوما وللهدى تفكير سره ما رأى وكثرة ما يملك ... والبحر معرضا والسدير فارعوى قلبه فقال وما ... غبطة حىّ إلى الممات يصير

_ [1] . راكيةMs. contraireaumetre. [2] بن وتأمّل ربّ Ms.

وهذه قصة الملك المعصوب [1] في زمن قباذ

وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة ... تجبى إليه والخابور شاده مرمرا وجلّله كلسا ... فللطير في ذراه وكور لم تهبه ريب المنون فباد ... الملك عنه فبابه مهجور [110] أين كسرى كسرى الملوك ... أنوشروان أم أين قبله شابور وبنوا الأصفر الكرام ملوك ... الرّوم لم يبق منهم مذكور أيها الشامت المعير بالدّهر ... [أ] أنت المبرأ الموفور أم لديك العهد الوثيق من الأيّام ... [بل] أنت جاهل مغرور أم رأيت المنون أبقين أم من ... ذا عليه من أن يضام خفير ثم بعد الفلاح والخير والأمّة ... وارتهم هناك القبور ثم صاروا كأنهم ورق جفّ ... وألوت بها الصّبا والذّبور ثم ملك المنذر بن النعمان وأمه يقال لها ماء السماء لحسنها وجمالها ويقال لمزيقيا أيضا ماء السماء لأنه إذا كان قحط اجتنى فأقام ماله مقام القطر ويقال هذا أبو عامر ولّاه أنوشروان بعد ما كان أبوه قباذ الملك ولي الحارث بن عمرو بن حجر المعصوب،،، وهذه قصة الملك المعصوب [1] في زمن قباذ ذكروا أنه لما ولاه

_ [1] . المقصور Ms.

قباذ العرب كلها استعمل ابنه حجر بن الحارث أبا امرئ القيس الشاعر على بني أسد فكان يأخذ من كل واحد منهم في كلّ عام جزّة من صوف وجراب أقط ونحيا من سمن فلما ضعف أمر قباذ وخلعته المزدكية منعوه إتاوتهم فقتل أربعين من سرواتهم بالعصى فسموا عبيد العصا ثم وثبوا عليه فقتلوه وكان قد طرد ابنه إمرأ القيس [1] لقوله الشعر فلما قتل أبوه مر إلى قيصر يستنصره على بني أسد فهويته ابنة قيصر وكان رجلا طوالا جميلا ويقال أنه خالف إليها فصرفه قيصر ووعده أن يتبعه الجيوش فلمّا كان بأنقرة منزل بالشام بعث إليه بثياب مسمومة فلما لبسها تساقط لحمه فأيقن بالهلاك وقال رب قصيدة مثعنجرة وخطبة مسحنفرة تبقى غدا بأنقرة ثم أنشأ يقول [طويل] أجارتنا إنا [2] غريبان هاهنا ... وكل غريب للغريب نسيب أجارتنا إنا [2] مقيمان هاهنا ... وأني مقيم ما أقام عسيب وأنشد قصيدته السينية التي يقول فيها [طويل] فلو أنها نفس تموت سوية ... ولكنها نفس تساقط أنفسا

_ [1] . امرئ القيسMs. [2] . انّ Ms.

وهذه قصة عمرو بن هند

ومات وكان امرؤ القيس عند خروجه إلى قيصر أودع السموأل ابن عادياء اليهودي شكة مائة رجل فلما مات امرؤ القيس جاء الحارث بن جبلة الغساني ملك الشام يطلبها منه فأبى السموأل أن يعطيه شيئا دون أمر وليه وتحصن منه فأخذوا أبنا له فقتلوه وهو ينظر إليه من القصر ولم يغدر بمال امرئ القيس فذكره الأعشى في قصيدته [بسيط] كن كالسّموأل إذ سار الهمام له ... بجحفل كسواد الليل جرار [111] فقال غدر وثكل أنت بينهما ... فاختر فما منهما حظ بمختار فشك غير قليل ثم قال له ... اذبح هديك إني مانع جاري ثم ملك عمرو بن المنذر وأمه هند بنت الحارث بن عمرو الكندي ويقال له عمرو بن هند يضرط الحجارة لشدة وطأته وإلحاحه في المضايقة ويقال له أيضا المحرق لأنه أحرق قوما،،، وهذه قصة عمرو بن هند ذكروا أن ناسا من بني دلم أصابوا ابنا لعمرو خطاء فآلى ليحرقن منهم مائة فأحرق منهم ثمانية وتسعين رجلا ولم يصب منهم غيرهم ثم أكملهم بامرأة نهشليّة

وهذه قصة النعمان بن المنذر أبى قابوس

ورجل من البراجم ولذلك قيل في المثل إن الشقى وافد البراجم وقد ذكره الدريدي في قصيدته يصف ملوكا فقال فلان ثم فلان ثم ابن هند باشرت نيرانه يوم أوارة [1] تميما بالصلا وعمرو هذا قتل طرفة وأفلت المتلمّس فقال [كامل] أودى الّذي علق الصحيفة منهما ... ونجا حذار حياته المتلمس ثم ملك بعده النعمان بن المنذر بن امرئ القيس أبو قابوس صاحب النابغة وهو الذي قتل عبيد بن الأبرص الشاعر وعدي ابن زيد العبادي فقتله كسرى ابرويز،،، وهذه قصة النعمان بن المنذر أبي قابوس ذكروا أنه كان له يومان يوم بؤس لا يرى فيه أحدا إلا قتله ويوم نعمى لا يرى فيه أحدا إلا وصله فأتاه عبيد بن الأبرص في بؤسه وهو لا يعلم به وقد امتدحه بقصيدة فلما أخبر بسوء اختياره في لقائه ذلك اليوم أرتج عليه الكلام ثم لما قدم للقتل قيل أنشد قصيدتك قال حال الجريض دون القريض فذهبت مثلا فضربت عنقه وأما عدي بن زيد وكان ترجمان كسرى أبرويز وكاتبه بالعربيّة

_ [1] . اوارات Ms.

وهو الذي سعى في أمر النعمان ووصف لأبرويز منه جلادة وغناء حتى ولاه العرب فكره النعمان أن يكون لأحد عليه منة له أو صنيعة عنده فحبسه وجعل يقول الشعر في حبسه ويعظه ويستعطفه وكان أحد الحكماء من قراء الكتب فلم ينفعه شيء من ذلك وقتله أخريا فاحتال ابنه زيد بن عدي بن زيد حتى توصل إلى ابرويز أخذ مقام أبيه في الترجمة والكتابة وكان أبرويز شعفا بالنساء وقرأت في تأريخ اليمن أنه كانت عنده يوم قتل اثنتي عشر ألف امرأة وجارية فذكر زيد بن عدي نساء آل المنذر بالجمال والكمال فكتب إليه ابرويز بأن يبعث إليه من جوارى العرب ويقال بل خطب إليه بعض نسائه فلما قرأ النعمان الكتاب قال وما يصنع الملك بعربان البوادي بادية العراقيب أين هو عن مها السواد أن للملك فيهن لمندوحة وأجاب عن الكتاب فحرف زيد بن عدي الكلام عن وجهه والعرب يسمّون النساء المها والبقر والظباء والنعاج وقال يقول النعمان أن في بقر السواد لمندوحة فغضب ابرويز وبعث في طلب النعمان فهرب النعمان فاستودع شكته وعياله هاني بن مسعود وبعث ابرويز جيشا يحمل تلك الشكّة

فأبى هاني أن يسلمها إليهم وقاتلهم وهزمهم وهذه الوقعة تسمى [1] يوم ذي قار ثم رجع النعمان إلى ابرويز فلقيه زيد بن عدي فقال له أنت فعلت هذا يا زييد والله لئن بقيت لأسقينك بكأس أبيك فقال أنج نعيم ولقد وضعت لك آخية لا يقطعها المهر الآرن ثم أمر ابرويز بالنعمان فطرح تحت أرجل للقبلة [111] بعد ما حبس زمانا وفيه يقول الشاعر بين فيول الهند تخبطته ... مختبطا تدمى نواحيه وفيه يقول الأعشى [طويل] هو المدخل النعمان بيتا سماؤه ... نحور فيول بعد بيت مسردق وقد ذكر هذه القصة في موضع آخر ثم خرج الملك عن آل المنذر وولي ابرويز اياس بن قبيصة [2] الطائي وشهرام الفارسي ومات اياس بعين التمر وفيه يقول زيد الخيل [طويل] فإن يك رب القوم خلى مكانه ... فكل نعيم لا محالة زائل ثم ولي المنذر بن النعمان بن المنذر فأجلاهم العلاء بن الحضرميّ

_ [1] . يسمّىMs. [2] . قضة Ms.

عن البحرين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمر بهم الانتقاض للإسلام إلى [أن] فتح السواد سعد بن أبي وقاص زمن عمر بن الخطّاب رضي الله عنهما وجفنه هو عمرو بن عامر مزيقياء [1] وولد جفنة آل العنقاء وآل محرق فهم آل غسّان بالعراق والشام فأوّلهم الحارث بن عمرو الغساني ويقال له الحارث الأكبر ثم ملك الحارث بن أبي شمر وهو الحارث الأعرج وأمه مارية ذات القرطين وسار إليه المنذر بن ماء السماء في مائة ألف فوجه إليهم لبيد بن ربيعة الشاعر وهو غلام فأظهر أنه بعثه للصلح فأحاطوا بهم وهم غارون غافلون فأصابوا منهم وهزموهم وأسروا منهم خلقا كثيرا فأتوا بهم فسأله النابغة الذبياني أن يطلق عنهم ففعل وأتاه يمدح علقمة بن عبدة في إطلاقه عن الأسارى [طويل] إلى الحارث الوهاب أعملت ناقتي ... لكلكلها والقصريين وجيب وفي كل حي قد خبطت بنعمة ... وحق لشاس من نداك ذنوب فقال الحارث نعم واذنبه ثم ملك الحارث الأصغر بن الحارث

_ devantcenom. [1] بن.Lems.ajoute كذا وجدت Notemarginale:

الأعرج بن الحارث الأكبر وفيهم يقول النابغة الذبيانيّ [سريع] هذا غلام حسن وجهه. ... مستقبل الخير سريع التمام للحارث الأكبر والحارث ... الأعرج والأصغر خير الأنام وكان آخر ملوكهم جبلة بن الأيهم أسلم في عهد عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ودخل الروم وانقضى ملكهم وأول من دخل الشام سليح وهم من غسان ويقال من قضاعة فدانت بالنصرانية وملك عليها ملك الروم رجلا يقال له النعمان بن عمرو بن مالك ثم ملك بعده ابنه مالك بن النعمان ثم ابنه عمرو بن مالك ولما خرج عمرو بن عامر مزيقياء [1] من اليمن تفرّق ولده في البلاد فصار إلى جفنة ملوك الشام هذا ما حفظ من تواريخ ملوك هذه الأقاليم ولا بد أن للهند والروم انتساقا [2] وتأريخا وكذلك الصين لكن لم نر العلماء تكلفوا ذلك ولا ذكروه في كتبهم فقد تصعب جميع أيام ملك وبلد واحد وشخص واحد ويفوت الضبط وقوع الاختلاف فيها فيما يحفظ ويحكى فكيف أيام ملوك الأرض ومن يحصيها إلا الله عز وجل ولعمري أن فيما

_ [1] . بن etajoute مرتقياءMs. [2] . إنسانا Ms.

ذكرنا موعظة وعبرة وتأديبا وتنبيها ويزعم قوم من المنجمين أن الملك ثابت في بيت رجل واحد بإقليم الصين مذ كذا وكذا ألف ألف سنة فمن يتحقق ذلك مع ما يرى من سرعة الانتقال في إقليمنا وتشوش أحوال مالكيها والله أعلم وقد ذكر شيء من تواريخ [112] ملوك الروم واليونانيين [1] مجردا من الأخبار والقصص وما أرى فيه كثير فائدة وقد حفظ من أيام دارا الأكبر وهو أول من وظف من ملوك فارس القديمة على الروم وأخذها من فليقوس أبي الاسكندر وكان يلي اليونانيين وملك الاسكندر بعد أبيه الروم وخرج فاستولى على الأرض وقتل دارا الأصغر وغصب بين ملوك المشرق ثم ملك بعده خليفته بطليموس الأديب وبطليموس بلغة يونان الملك ثم ملك بعده بطليموس لغوس محب الأخ وهو الذي غزا بني إسرائيل بأرض فلسطين فسباهم ثم أطلق عنهم وردهم إلى بيت المقدس ثم ملك بعده بطليموس الصانع [2] ثم بطليموس محب الأب ثم بطليموس الظاهر وهو صاحب علم النجوم ثم بطليموس المخلص ثم ثم ثم عشرة أنفس كلّهم ملوك وكلّهم

_ [1] . واليونانيونMs. [2] . الصايغ Ms.

وأما ملوك الروم

بطليموس وتسعة رجال وعاشرهم امرأة فهولاء الكفار كانوا ملوك اليونانيّين،،، وأما ملوك الروم قال العرب تسميهم القياصرة والهراقل فأول من تحرك منهم بعد الاسكندر في زمان الأشغانيين قسطنطين المظفر [1] وكان هم بغزو فارس كما فعل الاسكندر فجمع ثلاثون وأربع مائة ألف من مقاتل من جنود ملوك الطوائف وغزوا الروم فاثخنوا فيهم ووظفوا عليهم الفدية فذاك حملهم إلى بناء قسطنطينية وإنما نسب إلى قسطنطين لأنه بناها وكان ملك قبله وبعد الاسكندر عدة ملوك فلم يتعرض الفارس منهم غير اسيانس الذي غزا بني إسرائيل بعد ارميا النبي فقتلهم وسباهم ومنهم افطنجس وكان أنجس منه وأنحس وهو الذي بنى إنطاكية ويقال أن أول من ملك الروم بعد الاسكندر بلافس ثم سليفيس ثم افطنجس ثم ظهر عيسى عم بأرض الشام والملك هرادس ولا أدري من كان يملك الروم يومئذ ثم ملك طباريس بعد ما رفع عيسى عم ونصب الأوثان ودعا الخلق إلى

_ [1] . من اليظفور لا من الظفر لأنّ لكافر.otationmarginale: النجس لا يليق أن يقال له مظفّر

عبادتها وكان ينزل الرومية ثم ملك بعده فيلوذيس فقتل النصارى وقتل شمعون الصفا صخرة الإيمان والنصارى يرونه نبيّا ثم ملك ططوس بن اسفيانس فغزا بني إسرائيل وقتلهم وسباهم وخرب بيت المقدس حتى لم يبق حجر على حجر ولم يزل خرابا إلى أن قام الإسلام وهو إحدى المرتين اللتين وعد الله خرابه فقال لَتُفْسِدُنَّ في الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً 17: 4 ومن ثم في قول بعض أهل العلم وقعت قريظة والنضير إلى أرض الحجاز فتولوا يثرب وتنصرت الروم بأسرها وأراه في زمن ططوس أو بعده ثم تركت النصرانية في زمن قسطنطين وعبدت الأوثان ثم عادت إلى النصرانية بعده وقد اختلفت بهم الأحوال في الدين بعد عيسى عم إلى أن قام الإسلام غير مرة وكان ملكهم في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم هرقل وكان ملكه شهرابراز عامل ابرويز ثم من كان منهم في الإسلام إلى يومنا هذا فمحفوظة أسماءهم وآثارهم في كتب الأخبار والفتوح والله الملك الدائم والسلطان لا يسلب،،، تمّ الجزء الثالث

المجلد الرابع

المجلد الرابع الفصل الثاني عشر [1] في ذكر أديان أهل الأرض ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم من [2] أهل الكتاب وغيرهم اعلم انّ اختلاف الناس في مذاهبهم واعتقاداتهم كفاء اختلافهم في أخلاقهم وهممهم وإراداتهم وألوانهم وألسنتهم فكما لا تجد اثنين على صورة واحدة وصيغة واحدة وهمة واحدة إلا في الشاذ النادر فكذلك في وجود اثنين على رأي واحد [F 112 V] وخاطر واحد وإن كان الدين الواحد يجمع عالما من الخلق فإن الآراء يتوزعهم والهمم تتشعب بهم اللَّهمّ إلا الطوائف المقلدة فإن إجماعهم على ما يزعمون دعوى لا حقيقة له عند

_ [1] . عشرةMS، [2] . في MS.

ذكر المعطلة

التفتيش فليذكر الآن ما بلغنا من ديانات أهل الأرض على سبيل الإيجاز والاختصار ونقول وباللَّه التوفيق أن لا يخلو الإنسان العاقل من اعتقاد حق أو باطل أو الوقوف موقف الشك ولا يجوز أن لا يوجد لمميز إحدى الحالات التي ذكرنا إلا أن يكون ناقص العقل عن الاعتقاد والشك فلا يجوز أن يعد من جملة المخاطبين ولا يجوز بقاء الشك لأن الشك من الجهل بالشيء وتكافؤ العلل فيه بتحقيق شيء أو إبطاله كما لا يجوز قيام الأدلة على وجود شيء وعدمه في حالة واحدة ووقت واحد وبورود العلم بالشيء [و] زوال الجهل عنه فيحصل المشكوك فيه إما معلوما أو مجهولا وقد بطلت منزلة الشك والسلام فالناس إذا لا يخلون من اعتقاد ديانة ما أو تعطيل في الجملة،،، ذكر المعطلة ولهم أسماء أخرى يقال لهم الملاحدة والدهرية والزنادقة والمهملة وهم أقل الناس عددا وأفيلهم رأيا وأشرهم حالا وأوضعهم منزلة يقولون بقدم أعيان العالم والأجسام وتولد النبات والحيوان من الطبائع باختلاف الأزمنة ورجوعها إلى أصولها ولا صانع لها ولا خالق ولا مدبر ولا محي ولا مميت ولا معاقب ولا مثيب ولا حافظ ولا حسيب فلا يرون

السعي إلا فيما يعود بصلاح أجسامهم وقوة نفوسهم في اعطائها مناها من الملاذ والشهوات والملاهي من غير مراقبة أحد ولا إيثار تجمل ولا الكف عن تعاطي محظور تاقت النفس إليه ولا مشكور صانع فيما صنع إليه ولم يفتعل على غيره أو يكف مساءته أو يغيث ملهوفا أو ينصر مظلوما أو يراعى حقا أو يؤدي فرضا أو ينجز وعدا أو يفي بعهد أو يرحم ذا ضفف أو يستعمل الإنسانية أو يتكلف التجمل في شيء سرا وعلانية من لا يرى لنفسه صانعا ولأفعاله مراقبا ولا له على إحسانه وإساءته مثيبا ولا معاقبا ولا بعد الموت والبلى نشورا وحياة وما الذي يمنع من هذا نحلته وعقيدته من ركوب الفواحش وإتيان المآثم وانتهاك المحارم والإشراف في المظالم والتهور في الفساد والخوض في الباطل وقلة المبالاة بموجب العقل والإعراض عن اللوازم والاستحقاق بملتزمي الشرائع و [من] لا يعد [1] على حرمه ولم يغتظ ممن يترخص في مثل عمله ولم يحقد على من يمسه من نفسه أو ماله أو أهله وهو اسوته في نحلته وعقيدته وما معنى استعمال العقل وتجرع مرارة النفس من غير باطل ولا عائد وهل يجوز توهم

_ [1] . يعر MS.

بقاء الخلق وقوام العيش مع هذه العقيدة وكفاك بها سبة وفضيحة ومتى كان لهذه الفرقة في الأرض مجمع ومشهد وهل شاع لهم دين أو مذهب وأهل الأرض مع اختلافهم في الأديان والملل مجمعون على [1] تنقض هذا الرأي والازراء به والغض منه ومحق رايته وإتلاف مستحلّيه وقد مضى من الحجج عليهم في الفصل الثاني من الكتاب ما [2] يوقع اليقين ويدحض الشكّ ويكشف عنه عواره وللَّه الحمد والمنة على ذلك فإن احتمى أحدهم عند ذكر هذه الفضائح واستنكف من التصاقها به فالتجأ إلى أنّ العقل كاف في تحسين الحسن [3] وتقبيح القبيح قيل أنت تملك أو هو يملكك فإن زعم أن عقله مالكه فقد أقرّ بأمر ناه له وضويق [F 113 R] في المعارضة والسؤال فإنه لا بد أن يشير إليه بالربوبية أو تنقض قوله وإن زعم أنّه مالك عقله قيل فاصرفه إلى استحسان القبيح واستقباح الحسن إذا كنت مالكا له فإن زعم هذا غير جائز لأنّه لم يصلح

_ [1] . منMs.ajoute [2] . مع ماMs. [3] . الحسن Ms.

للضد كالآلة المهيأة لإصلاح شيء لا تصلح لفساده قيل أهو جعل نفسه كذلك أم جعل فإن زعم أنه جعل نفسه كذلك فقد وصفه بالقدرة والعلم والإرادة والاختيار وعاد إلى تصحيح قوله أن العقل هو الباري وإن زعم أنه جعل كذلك فقد أقر بصانع له وبطل قوله وإن أنكر العقل خرج من جملة أهل الخطاب والتمييز ووجب تقويمه فيما يقوم به البهائم الصامتة وإن أنكر النظر دخل في مذهب السوفسطائية وكيف ما دار اتجهت عليه حجة الله الدامغة واضطرته إلى الإقرار به بقول الله عز وجل فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ 6: 149 ويقول أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً 75: 36 وقال تعالى أَمْ خُلِقُوا من غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ 52: 35 وقال تعالى من يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ به 4: 123 وقال جَزاءً وِفاقاً 78: 26 وأصل التعطيل إنكار الخالق والرسول والثواب والعقاب اعتقادا لا إقرارا منهم اختاروا في دفع عادية الناس عنهم فاثبتوا الثواب والعقاب التناسخ في السعادة والشقاوة اللتين عندهم الجنة والنار في هذا العالم إذ لا دار عندهم غيرها ولا هي فانية ولا منقضية ويدلك على موضع تمويههم في هذا الناموس أنهم إذا لم يكن لهم خالق قديم ولا صانع مدبر حكيم فمن الذي ينسخ نفوسهم وأرواحهم

ويسعد المحسن ويشقي المسيء منهم وقط ما انتشروا في أمّة من الأمم ولا أقرّوا في وقت من الأوقات انتشارهم في هذه الأمة لاعطائهم الإقرار بالديانة ظاهرا وحقن الشريعة دم من أجاب إليها وهم هؤلاء الباطنيّة الباطليّة الذين تخلّعوا عن الأديان وأمرجوا نفوسهم في ميادين الشهوات فمطوا عند الظلمة بترخيصهم لهم في ارتكاب ما يهوون وتهوينهم عليهم عواقب ما يحذرون حتى ترى المظالم قد فشت والقلوب قد قست والمنكرات ظهرت والفواحش كثرت وارتفعت الأمانة وغلبت الخيانة وعطلت المروءة واستخف بالربانيين واهتضم المستضعفون وأميت العدل وأحيي الجور فظهر ما لم يذكر في عهد ملك من الملوك في قديم الدهر وحديثه ولا في زمن نبي من الأنبياء عم ولولا فضل الله عز وجل على هذه الفرقة المسترذلة المحقورة ببقايا من العوامّ متمسّكين بأديانهم لاصطلمهم أشكالهم وأشباههم واجتاحهم أولياءهم وأصحابهم الذين وقفوا على غور كلامهم وأحاطوا بحقيقة مذهبهم ولا بد أنه تارك بهم ما يقدرونه في غيرهم لوعد الله تبارك وتعالى وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ 6: 129 وأنا واصف بعض مذاهبهم وواكل بعده

ذا العقل والمروءة ومن هو راجع إلى نفس وحسب إلى اختياره كما قال الله تبارك [1] وتعالى وَقُلِ الْحَقُّ من رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمن شاءَ فَلْيَكْفُرْ 18: 29 اعلموا رحمكم الله أنهم قوم يبيحون ما حظرته الأديان ويتأولون ما جاءت به الشرائع من الأحكام إلى الرخص والتجوز [2] فيما يتمنون ويشتهون ويستحلون المحارم كلها من الزنا واللواطة والغصب والسرقة والقتل والجرح والكذب والغيبة والنميمة والبهتان والوقيعة وشهادة الزور وقول الإفك ورمي المحصن والسعاية والغمر والسخرية [F 113 V] والطنز والاستهزاء والبطر والكبر والخيلاء والظلم والعقوق والميل والغدر والخلاف ونقض العهد وإخلاف الوعد وأشباه ذلك من الرذائل المحظورة [3] في العقل والمحارم المزجور عنها في الشرع لا يعرفون معرفة الحق [4] ولا محافظة على ذمام ولا تنظفا من نجاسة ولا حياء من خساسة الملوك عندهم أرباب والعتاة

_ [1] . اللهMs.ajouteatort [2] . والتجورMs. [3] . والمحظورةMs. [4] . حقّ Add.marg.

شياطين والضعفى والمبتلون أهل النار وأصحابهم عندهم الجن وسائر الناس البهائم لا يرحمون مسترحما ولا يغيثون مستغيثا ولا ينهون عن الاطلاع على حرم الناس ولا يأنفون من اطلاع الناس على حرمهم ولا يمتنعون من مواقعة من أمكنهم من الذكور والإناث ولا يتحاشون من مواقعة من واقعهم أو واقع حرمهم ولا يعيبون القيادة والدياثة والاكتفاء [1] والمبادلة ولا يرون النهي عن كل ما اشتاقت إليه النفس جمعوا رخص النحل كلّها وزادوا عليها الدياثة والكشخ [2] فأخذوا من المجوس بقولهم في نكاح البنات والأمهات ومن الخرمية في التراضي بالأمهات والأزواج ومن الهند بإباحة الزنا والسفاح ومن الخناقين بقتل من خالفهم فلا حياهم الله من قوم ولا حيا مذهبهم من مذهب وقد ينكرون ما ذكرنا إذا بدهوا به جهارا ولكن إذا اجتررتهم في الكلام إلى الأول الذي هو العقل والثاني الذي هو النفس الأساسين والأصلين اللذين هما الأركان صح لك كله وإن كانوا له منكرين في الظاهر ولم يمتنعوا عنه وليس لهم خالق مثيب

_ [1] . والاكتفاءMs. [2] . والكشح Ms.

ذكر أديان البراهمة

معاقب لو تسكت عنهم وبلوتهم ليظهر لك الامتحان جميع ذلك إمّا قولا وإمّا فعلا وإمّا إجازة لأنّ كل ذي دين عندهم معذور والله أعلم،،، ذكر أديان البراهمة أعلم أن لكل قوم دينا وأدبا وأدبا وشريعة ففي الدين بقاءهم [1] [وصلاحهم] وفي [2] الأدب زيهم وشرفهم وفي الشريعة رسومهم ومعاملاتهم وقد ذكر قوم أن في الهند تسع مائة ملة مختلفة [3] وأن الذي عرف منها تسعة وتسعون ضربا يجمع ذلك [4] اثنان وأربعون مذهبا مدارها [5] على أربعة أوجه ثم يرجع [6] إلى اسمين البراهمة والسمنية [7] فالسمنية [7] هي [8] التي معطّلة والبراهمة ثلاثة أصناف صنف منهم يقولون بالتوحيد

_ ، corriged ,apresBN. [1] في الدين بقاهمMs. [2] . فيTBN.Ms. [3] . مختلفBN ,ms. [4] . يجمعهاBN [5] . مدارهمBN [6] . ترجعBN [7] . والشمنيةBN [8] . هم BN

والثواب والعقاب ويبطلون الرسالة [1] وصنف يقولون بالثواب والعقاب على التناسخ ويبطلون التوحيد والرسالة هذا جملة دينهم فأما آدابهم وأخلاقهم [2] ففيهم الحساب والنجوم والطبّ واللهو والمعازف [3] والرقص والخفة [4] والشجاعة [5] والشعبذة وعمل النيرنجات وعلم الحروب [6] ويدعون صفاء الفكر ونفاذ الوهم والأخذ بالعيون وإظهار التخييلات والرقا والإتيان بالمطر والبرد وحبسه وتحويله [7] من مكان إلى مكان ويدعون حفظ الصحة ومنع الشيب والزيادة في القوة والذهن ورجوع الموتى إليهم [8] وأما شرائعهم فمختلفة لاتساع بلادهم وتفاوت [9] أقطارهم واختلاف الدين يوجب اختلاف الشرائع [10] فالذي بلغنا أن إيمانهم في

_ [1] . والرسالة ويبطلون كقول الديانين من المتوحدينBN dememeBN 1. [2] بن واختلافهم ms. بنBN 2 [3] . وعلم اللحونBNajoute [4] . الجفة BN 2 بن الخفيةBN 1 ManquedansBN. [5] Id. [6] [7] . وحبسهما وتحويلهماBN ManquedansBN. [8] [9] . وتباعدBN ManquedausBN. [10]

حديدة يحمونها حتى إذا [1] بلغت غايتها في الحمى والحمرة أمروا المنكر أن [2] يلحسها قالوا [3] فإن كان كاذبا مبطلا احترق لسانه وإن كان صادقا محقا لم يضره [4] ومنهم فرقة [5] يغلون الزيت في برمة من حديد ويقذفون فيها حديدة و [6] يأمرون المنكر أن يدخل يده فيستخرج الحديدة [7] قالوا [8] وإن كان كاذبا احترقت يده وإن كان صادقا لم يضره [9] وعقوبة السارق والقاطع وسابي ذراريهم [10] إذا ظفروا بهم أن يحرقوا [11] بالنار ومنهم من يصلبهم [F 114 R] وصلبهم أن يحد رأس الخشبة ثمّ يسلكه في مقعد [12]

_ ManquedansBN [1] [2] . أمروا المنكراتMS. [3] . بلسانهBN [4] . تضرّهBN [5] . قرمBN [6] . ثمBN [7] . فيستخرجواBN ManquedansBN. [8] [9] . يمسّها سوءBN [10] . وسائر دراريهم.MS. السابى BN 2 بنBN 1 [11] . ان يحضر BN 1 ajoute بن ويحرقوهBN [12] . يسلك في مقعدة BN

ذكر مللهم وأهوائهم

المصلوب والمسلمون عندهم نجس لا [1] يمسونهم ولا يمسون ما يمسونه [2] ولحم البقر [3] عندهم حرام وحرمة البقر عندهم كحرمة أمهاتهم [4] وجزاء من ذبح بقرة القتل لا يعفى عنه والزنا حلال عندهم للعزاب لئلا ينتقص النسل ويتعاقب المحصن منهم إذا زنا ومن ارتد منهم إذا سباه المسلمون لم يقتلوه حتى يزكوه ويطهروه ان تحلق كل شعرة عليه من رأسه وجلده ثم يجمع أبوال البقر وأخثاءها [5] وسمنها ولبنها فيسقى منها أياما ثم يذهب به إلى البقرة فيسجد لها ولا ينكحون في الأقارب بتة وعقوبة اللواطة عندهم القتل وشرب الخمر عند البراهمة حرام وكذلك ذبيحة أهل ملتهم ولكل قوم منهم ملة وشريعة يتعاملون عليها ويتعايشون بها،،، ذكر مللهم وأهوائهم زعمت الموحدة من البراهمة أن الله عز وجل بعث إليهم ملكا من الملائكة بالرسالة في صورة بشر اسمه

_ [1] . فلاBN [2] . مسوهBN [3] . البقرةBN 1 nitlextraitdeTha، alibi. [4] [5] . واحثاءها MS.

ناشد له أربع أيد في إحدى يديه سيف وفي الأخرى شكّة الدرع وفي الثالثة [1] سلاح يقال له شكرته على هيئة حلقة [2] وفي الرابعة وهق وهو راكب على العنقاء وله اثنا عشر رأسا رأس إنسان ورأس فرس ورأس أسد ورأس ثور ورأس نسر ورأس فيل ورأس خنزير حتى عدوها قالوا أمرنا بتعظيم النار التي عظمها الله عز وجل بالسناء والرفعة وألبسها الضياء والبهاء والنور وجعلها سببا لمنافع الدنيا ونهانا عن القتل وشرب الخمر وأباح لنا الزنا وأمر بعبادة البقر وأن نتخذ صنما على مثاله نعبده وأمرنا أن لا نجوز نهر كنك فإنه لا دين لمن جاوزه من البراهمة وإن الدين حسب لمن قبله ولذريته من بعده ولا يجوز لمن [لم] يكن منهم الدخول في دينه واسم هذه الفرقة الناشدية ومنهم البهابوذية [3] زعموا أن رسولهم ملك يقال له بهابوذ أتاهم في صورة بشر وهو راكب على ثور وعلى رأسه إكليل من عظام الموتى متقلّد بقلادة من أقحاف الرءوس وفي إحدى

_ [1] . الثلاثة-MS. [2] . خلقهMS. surlamemeligne. [3] بهابوذ mais بن النهابوذيّة MS.

يديه قحف وفي الأخرى مزراق ذو ثلاث شعب مستظل بظلال من ذنب الطاووس فأمرهم بعبادة الله عزّ وجلّ وأن يتّخذ [وا] على مثاله صنما يعبدونه فيكون وسيلتهم إليه وأن لا يعافوا شيئا من الأشياء فإن الأشياء كلها من صنع الله عز وجل ومنهم الكابالية يزعمون أن رسولهم ملك يقال له شيب [1] أتاهم في صورة بشر على رأسه قلنسوة من لبد مخبط عليها صفائح من أقحاف رءوس الناس فأمرهم أن يتّخذ [وا] صنما على مثال ذكر الإنسان ويعظموه ويعبدوه فإن الذكر سبب النسل في العالم ومنهم الدامانيّة والدوانيّة هؤلاء الذين يقرون مع التوحيد بالرسالة فأما الذين يثبتون الخالق وينفون الرسل فأصناف منهم الرشتية وهم أصحاب الفكر الذين يعطّلون حواسهم بطول فكرهم ويزعمون أنهم إذا أخذوا أنفسهم بشدّة التبرّؤ والتخلّي تجلّت لهم الملائكة ويلطّفونهم واستفادوا منهم وهؤلاء لا يأكلون الألبان واللحمان وما مسته النار غير النبات والثمار مغمضة [2] عيونهم عامة دهرهم ملحة افكارهم

_ [1] . شببMS. [2] . مغمّصة MS.

يزعمون أنهم يدركون بها ما يريدون من مطر ورياح وقتل ونزول طير وإجابة دعوة ومنهم المصفدة قوم يصفدون أوساطهم إلى ظهورهم بالحديد قالوا لئلا ينشق بطونهم من غلبة الفكرة وكثرة العلم ومنها المهاكليّة [1] لهم صنم يقال له مهاكال [2] على ظهره جلد فيل يقطر منه الدم وأذناه مثقوبتان وعلى رأسه [F 114 V] إكليل من عظام القحف يحجون إليه ويقصدونه لطلب حوائجهم ويزعمون أنه يقضيها لهم ومنهم التهكنية [3] قوم لهم صنم على صورة امرأة يقال أن لها ألف يد في كل يد ضرب من السلاح ولهم عنده عيد إذا دخلت الشمس الميزان فيقربون قرابين من الجواميس والإبل والغنم ويقربون عبيدهم وإماءهم ويقاتلون الناس قربانا له حتى أن الضعفى يتوارون في تلك الأيام مخافة أن يكون الصنم يأمر ويأذن بقتلهم ومنهم الجلهكيّة [4] يعبدون الماء ويزعمون أن معه ملكا وأنه أصل كلّ نشو ونماء وحياة وعمارة

_ [1] . المهاكنكيّةMS. [2] . مهاكاكMS. [3] . النهكنيهMS. [4] . الجلنهكية MS.

ذكر تحريق أبدانهم وإلقائها في النار

وطهارة ومنهم الاكتهوطريّة [1] يعبدون النار وهي ل هي أعظم العناصر ولا يحرقون موتاهم لئلا ينجس النار ومنهم قوم يعبدون الشمس وقوم يعبدون الفهد وقوم يعبدون ملوكهم ولكل واحد منهم مذهب ورأي ودعوى ولا فائدة في ذكرها من التعجب والاعتبار فيما حكينا من فضائحهم وجهلهم وسخافة رأيهم وكفرهم كفاية،،، ذكر تحريق أبدانهم وإلقائها في النار يزعمون أن في ذلك نجاة لها وخلاصا إلى حيوة الأبد في الجنة ومنهم من يحفر له أخدود ويجمع فيه الألوان والأدهان والطيب ويوقد عليه ثمّ يجيء وحوله المعازف بالصنوج والطبول ويقولون طوبى لهذه النفس التي تعلو [2] إلى الجنة مع الدخان وهو يقول في نفسه ليكن هذا القربان مقبولا ثم يسجد نحو المشرق والمغرب والشمال والجنوب ويرمي بنفسه في النار فيحترق ويصير إلى جهنم ومنهم من يجمع له أخثاء [3] البقر فيقف في وسطه إلى انصاف ساقيه وتشعل فيه

_ [1] . الأكبهوطريّةMS. [2] . يعلوMS. [3] . احثاء MS.

النار ولم يزل واقفا حتى تأتي النار إليه ويحترق فيها ومنهم من يوضع على رأسه إكليل من المقل ويوقد حتى يسيل دماغه وحدقتاه ومنهم من يحمى له الصخور فلا يزال يضع على جوفه صخرة بعد صخرة حتى تخرج أمعاؤه ومنهم من أخذ مدية ويقطع من فخذه وساقه خضلة خصلة ويلقيها في النار وعلماؤهم وقوفا حوله يمدحونه ويزكونه حتى يموت ومنهم من يحفر له حفرة بجنب نهر ويوقد فيها ولا يزال يثب في النار من الماء ومن النار إلى الماء إلى [أن] تزهق نفسه فإن مات فيما بينهما جزع أهله وحزنوا وقالوا حرم عليه الجنة وإن مات في الماء أو في النار شهدوا له بالجنة ومنهم قوم يرهقون أنفسهم بالجوع فيمسكون عن الطعام حتى تبطل حواس أحدهم فيصير مثل الحشفة والشن البالي ثم يجمد [1] ومنهم من يهيم في الأرض حتى يموت ولهم جبل شامخ في أصله صنم قد أشار بإحدى يديه إلى ربه فقر بين [2] يديه ووضع يده الأخرى على نحره وإلى جانبه رجل قاعد على كرسيّ حوله أصحابه يقرءون في كتاب طوبى لمن

_ [1] . بحمدMS. [2] . فقر corr.marg. بن قفر بين MS.

سلك هذا السبيل الذي أشار إليه هذا الصنم فإنه يؤدي إلى الجنة وقد ضمن الصنم ذلك فيركبون ردعهم حتى يموتوا ولهم جبل آخر تحته شجرة من حديد لها أغصان كالسفافيد وعندها رجل بيده كتاب يقرأ فيه طوبى لمن ارتقى هذا الجبل وحاذى هذه الشجرة ثم بعج بطنه وأخرج أمعاءه فأمسكها بأسنانه ثم خرّ على هذه الشجرة ليبقى [1] خالدا ومخلّدا في الجنة تختطفه الحور العين قبل وصوله إلى الشجرة فيتسارع إليه قوم فيخرقون أمعاءهم ويكبون على الشجرة ومنهم قوم يجيئون إلى نهر كنك في يوم عيد لهم ويجيء السدنة فيقطعونهم بنصفين ويطرحونهم في النهر ويزعمون أنه يخرج إلى الجنة ومنهم من يرمي نفسه بالحجارة ومنهم من يقعد عريانا حتى يأتي طير فيقطع لحمه ويأكله وكل من لا يؤمن بالرسالة والآخرة فإنه يؤمن بالثواب [F 115 [؟]] والعقاب في الانتقال والتناسخ واعتل عبدة الأصنام بأن البارئ جل جلاله في النهاية القصوى في كل ما يدرك ويعلم ويحس ويوصف ولا بد لكل متقرب إلى من يعظمه ويعبده إذا كان غائبا عن حواسه من واسطة

_ dums. [1] كنف Conjecturepour

[ذكر أهل الصين]

ووسيلة فجعلنا هذه المتوسطات من الأجرام العلوية والسفلية إلى عبادته وقربة لديه وهكذا قالت العرب ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى 39: 3 فسبحان من غرض كل عابد عبادته والوصول إليه وإن كان قد ضل وأخطأ [1] الطريق وقرأت في كتاب المسالك أن السمنية فرقتان فرقة يزعم أن البد [2] كان نبيا مرسلا وفرقة يزعم أن البد [2] هو البارئ تراءيا للناس في تلك الصورة ونعوذ باللَّه،،، [ذكر أهل الصين] ويزعمون ان أهل الصين عامّتهم الثنويّة والسمنيّة ولهم فرخارات فيها أصنام لهم يعبدونها هذا دينهم ولهم آداب وأخلاق وحذق [3] بلطيف التركيبات وعجيب الصنائع ولا يوجد في غيرهم ومن حسن أدبهم أن لا يقعد الصبي بين يدي الأب ولا يأكل معه ولا يمشي بين يديه ويسجد له وكذلك يسجد صغارهم لكبارهم تعظيما لهم [4] وأما شرائعهم فإنّهم

_ [1] . اخطأMS. [2] . البرMS. [3] . حزقMS. [4] . له Lems.adansl ,interligne

يسجدون للشمس والقمر والكواكب والماء والنار وكل ما استحسنوا من شيء خروا له سجدا وكلّ مولود يولد كتبوا في الوقت مولده ونظروا إلى طالعه وحكموا له بما دل عليه فليس في مملكة الصين ذكرا إلا وعددهم محصور في ديوان الملك لأنه يأخذ منهم الجزية ولا يموت منهم ميت إلا وأخر فيه إلى العام والشهر الذي ولد فيه ويطرح عليه دواء لئلا يفسد ومن سرق على زيادة ثلاثمائة فلس وقيمتها عشرة دراهم قتل ومن استحق من السلطان أدبا أو قتلا أو عقوبة لم يفعل به شيء [1] حتى يعطي كتابا بخطّه ويقرأه بلسانه بحضرة المشايخ والصلحاء أنّى قد أذنبت كيت وكيت واستحققت الضرب أو العقوبة أو القتل ثمّ أمضى عليه ما استحقه ويزعمون أن الشاهد واليمين باطل لأن الرجل إذا أعطي شيئا شهد بالزور ومذهبهم في هذا إذا كان لرجل على رجل دين أعطي كل واحد منهم صاحبه كتابا فيه علامته فيكتب فيه صاحب الدين إن [لي] على فلان كذا ويكتب المطلوب لفلان علي إلا كذا فإذا تداعيا وأنكر أحدهما طولبا بالخطين فيصح الحق ومن ولد بأرض وانتقل عنها

_ [1] . شيئا MS.

ذكر ما حكى من شرائع الترك

ومات في غيرها نقل إلى أرض مولده ودفن فيها ومن استنكح من الغرباء بامرأة منهم وولد جارية ثم أرادوا الخروج منهم دفعوا الولد إليه وحبسوا الوالدة وقالوا لك ما زرعت ولنا الأصل ويبيحون الزنا للسفلة والضعفى ومن زنا من أهل اليسار والشرف قتلوه وعامة عقوبتهم في الذنوب القتل وأكثر زروعهم الاغذاء قالوا وإذا قلت الأمطار وغلت الأسعار جمع الملك السمنية وسدنة الأصنام ويهددهم بالقتل إن لم يأتوا بالمطر فلا يزالون محبوسين معتقلين حتى يأتي المطر قالوا وللملك كوسات في قصره فإذا غربت الشمس قرعوها قرعة واحدة فلا يبقى في المدينة أحد إلا سمعها ففزعوا إلى بيوتهم ومنازلهم فاغلقوا عليهم أبوابهم وتحككت بالسكك والأزقة الجيوش والعسس إلى أن يسفر الصبح فمن وجدوه خارج داره ضربوا عنقه وكتبوا على ظهره بدمه هذا جزاء من تعدى أمر الملك،،، ذكر ما حكي من شرائع الترك [F 115 v] وهم في شمال الصين ومغاربها يزعمون أن في بعضهم كتابا لهم وفي بعضهم كتاب التبتية [1] لأنهم يجاورونهم وفي بعضهم كتاب السغدية قالوا وفي

_ [1] . البشته MS.

ذكر شرائع الحرانيين

التغزغز [1] نصارى وسمنية وليس من عادتهم قتل الأسارى ولا التجهيز على الجرحى ومن ظفروا به في الحرب فإن كان جريحا داووه وحملوه إلى منزله وأهله قالوا وخرخيز [2] يحرقون موتاهم ويقولون أن النار تطهر جثته ودنيته [3] ويعبدون الأوثان ومنهم من يعبد الشمس ومنهم من يعبد السماء ومنهم من يدفن على الميت عبيده وخدمه أحياء في التل حتى يموتوا ويعقرون الدواب عليه والتل بلغتهم القبر قالوا وفيهم قوم يزعمون أنهم يأتون بالثلج والريح والبرد وأكثر حكمهم على كتف الشاة والله أعلم،،، ذكر شرائع الحرانيين ذكر أحمد بن الطيب أنهم يقولون أن البارئ علة العالم لا يلحقه وصف شيء من المعلومات كلف أهل التمييز الإقرار بربوبيته وبعث الرسل تثبيتا لحجته ووعد من أطاع نعيماً لا يزول وأوعد من عصا العذاب بقدر استحقاقه قال وقصدوا في أمرهم أن يجثوا عن الحكمة وأن يدفعوا ما ناقض الفطرة وأن يلزموا الفضائل ويجتنبوا الرذائل

_ [1] . ثغرغز corr.marg. بن الثغرغزMs. [2] . كذا في الأصل، notemarginale: جرحيرMs. [3] . دسته MS.

وصلواتهم ثلاث أولاها عند طلوع الشمس والثانية عند زوالها والثالثة عند غروبها ونصبوا قبلة بأن يجعلوا القطب الشمالي في نقرة القفا قالوا ويصلون كل يوم للكوكب الذي هو ربه فيصلون للزحل يوم السبت وللشمس يوم الأحد وللقمر يوم الاثنين وللمريخ يوم الثلثاء ولعطارد يوم الاربعاء وللمشتري يوم الخميس وللزهرة يوم الجمعة قالوا ولا صلاة عندهم إلا على الظهور ولهم صيام وأعياد وقربان يتقربون فيها فيأكلون اللحم ويحرقون العظام وشحم الكلى ويغتسلون من الجنابة ومس الميت والطامثة ويعتزلون الطوامث ولا يأكلون ما لم يذبح وينهون عن لحم الخنزير والسمك والباقلي والثوم ويعظمون أمر الجمل [1] حتى يقولون من مشى تحت خطام ناقة لم يقض حاجته في ذلك اليوم ويتجنبون كل من به مرض مثل الجذام والبرص ولا يتزوجون بغير ولي وشهود ولا يتزوجون بالقريب ولا يجيزون الطلاق بغير حجة بينة عن فاحشة ظاهرة ولا يراجع المطلّقة أبدا ولا يطئون إلا طلبا للولد والذكر والأنثى في الفرض عندهم سواء والثواب والعقاب يلحقان الأنفس وليس يؤخّر

_ l.22. [1] بن 319 بن corriged ,apreslefilhrigt ,i بن الجهل Ms.

ذكر أديان الثنوية

ذلك عندهم إلى وقت معلوم بل يقولون أنها تصير إلى ما يجب عليها ولها من الجزاء عند ترك الأنفس استعمال البدن قال ويقولون أنّ النبيّ هو البريء من المذمومات في النفس ومن الآفات في الجسم الكامل في كل محمود المستجاب الدعوة في إنزال الغيث ودفع الآفات وأن مذهبه مذهبا يصلح به العالم وتكثر به العمارة ولن تحصوا اسماء الرسل الذين دعوا إلى الله عز وجل كثرة قال وقولهم في العلوم قول ارسطاطاليس في كتبه وكتب امامهم لا يخالفوا بها وهذا مذهب الفلاسفة اليونانيين في القديم،،، ذكر أديان الثنوية وهم أصناف فمنهم المنانية والديصانية والماهانية والسمنية والمرقونية والكبانئون والصابئون وكثير من البراهمة والمجوس وكلّ من قال باثنين أو بأكثر أو بشيء قديم مع البارئ فإن هذا الاسم يتناوله ويلحقه وكذلك القائلون بالجثة والجوهر والفضاء يزعم بعضهم أن الأصل هو النور والظلمة ثم يختلفون فيقول قائل إنهما جميعا حيان مميزان ويقول آخر بل النور حي عالم والظلمة جاهلة معمية وهذا رأي الصابئين [F 116 R] ويقول مرقيون ثلاثة أشياء قديمة نور وظلمة وثالث معدل بينهما

ذكر عبدة الأوثان

يخلق من هذا ومن هذا ليس من جنسهما ولولاه لم يك من طبعهما إلا التنافر ويقول المنانية النور خالق الخير والظلمة خالق الشر وأصحاب الطبائع قالوا بأربع طبائع وكثير من الفلاسفة بخامس معها خلافها ومنهم من يقول بقدم الباري والطينة والعدم والصورة والزمان والمكان والعرض والمعطلة منهم قالوا بعدم العالم في أجسامه وأعراضه وشك قوم فلم يدر كيف يقولون وكل هذه المذاهب مخالفة لمذهب أهل التوحيد يكفيك ما مر من النقض عليهم في الفصل الثاني والله الموفق والمعين،،، ذكر عبدة الأوثان جاء في روايات أهل الإسلام أن أول ما عبدت الأوثان في زمن نوح النبي عم كما حكى الله تعالى عنهم وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً 71: 23 روينا عن محمد بن كعب القرظيّ أنّه قال هؤلاء رجال صالحون من أولاد آدم عم وكان اذا مات أحدهم جزع عليه اخوته وعظم به وجدهم فجاءهم الشيطان وقال ألا أصور لكم صور اخوتكم فتتسلون بالنظر إليها وتستأنسون بها ففعل إلى أن مضت قرون فجاء وقال لأعقابهم إن آباءكم كانوا

ذكر مذاهب المجوس وشرائعهم

يعبدونها من دون الله فنصبوها آلهة ثم لما أغرق الله الأرض زمن نوح استخرجهم فنصبتها قريش يعبدونها كذا الرواية والله أعلم ثم تتابع الناس على عبادة الأوثان فمنهم من يجعلها وسيلة وذريعة إلى الله عز وجل ومنهم من استحسن ذلك لمشاكلة أفضل الصور ومنهم من يعبدها تقليدا حتى عبد قوم النار وقوم الشمس وقوم الماء وقوم الشجر وقوم النسر وقوم الفهد وقوم البشر وقوم الملائكة وقوم النجوم وقوم الحجر وفي الجملة كلهم يعبدون مع الله غيره إلا المسلمين وصنفا من اليهود،،، ذكر مذاهب المجوس وشرائعهم اعلم أنّهم أصناف فمنهم اللغيريّة والبهافريذية والخرمية ولا قوم أكثر هوسا وتخليطا منهم فمنهم من يقول بالاثنين كالمنانية وبالثلاثة كالمرقونية ومنهم من يعبد النار والشمس والقمر والنجوم ويزعم أن الإله القديم لم يزل وأنه خلق اهرمي [1] وهو بمنزلة ابليس عندهم فعاداه وناصبه ويزعم آخرون أن البارئ يفكر فكرة ردية فحدث منها هذا الشرير الخبيث المضادّ له بغير إرادته ومنهم الزردشتيّة

_ [1] . خلق اهرمىّ MS.

يقرون بنبوة زردشت وثلاثة أنبياء يكون بعده ويقرءون كتابه الابسطا ويعظمون النار قربة إلى الله عز وجل لأنها أعظم الاسطقسات ثم يزعم بعضهم أن النار من نور الله عز وجل ويزعم آخرون أنها بعض من الله عز وجل ويحرمون الميتة وكل ما خرج من باطن الإنسان من أي منفذ كان ولذلك يزمزمون عند طعامهم ويصلون ثلاث صلوات يدورون فيها مع الشمس كيف دارت احداها عند طلوع الشمس والثانية نصف النهار كل واحد لطولها وعرضها ويعظمون من يعلمها ويزعمون أنهم كلما أرادوا طربا ازداد ابليس حربا وحزنا ويحرمون الأكل والشرب في أواني الخشب والخزف لأنهما يقبلان النجاسات وإذا غسلوا أيديهم على إثر الطعام لم يدخلوا الماء أفواههم لأنه من الاستخفاف به ويغسلون الشفاه ويستحلون نكاح الأخوات والبنات [F 116 [؟]] ويحتجون على من خالفهم بفعل آدم عم ذلك ويأكلون من الحيوان ما يأكله المسلمون وما كان من خلق ابليس فلا يأكلونه ويعظمون النيروز والمهرجان وأيام الفروردجان ويزعمون أن أرواح موتاهم ترجع إلى منازلهم وينظفون البيوت ويبسطون الفرش ويصنعون

الأطعمة تلك الأيام ويقولون إنما يصيب الموتى منها روائحها بقواها ونورها وإذا احتضر أحدهم قربوا منه [1] كلبا ويزعمون أن الشيطان يحضره عند مفارقة الروح فيلتبس بجسده كظل الشجرة إذا وقع على الحائط فإذا التفت إليه الكلب فزع منه ففارقه ولا يجوز عندهم أن يقربوا الميت من الماء والنار ومن مسه وجب عليه الغسل لأنه نجس بانتقال روحه والطهارة واجبة عليهم في اليوم والليلة مرة واحدة وهي غسل اليدين وغسل الوجه بما يستخرج من الأشجار أو من البقر ثم يغسلون بعده بالماء الطاهر ولا غسل عليهم للجنابة والاختتان والزكاة واجبة عليهم من جميع أموالهم أن يخرجوا الثلث منها للفقراء والمضطرين من أهل ملتهم ومن غيرهم وفي إصلاح القناطر وكنس الأنهار وعمارة الأرض وينكحون من النساء ما شاءوا وكيف شاءوا ولا يقع الطلاق إلّا بأحد ثلاثة الأشياء الزنا والسحر وترك الدين والسكر والزنا والسرقة عليهم حرام وعقوبة الزاني أن يضرب ثلاث مائة خشبه أو يؤخذ منه ثلاثمائة إستار فضة ومن سرق وشهد عليه ثلاثة عدول وأقرّ خرم أنفه

_ [1] . منهم Corr.marg. ,ms.

وأذنه ويسمون ذلك درويش ويغرم مثل قيمة ما سرق فإن عاد وسرق ثانياً [1] اكتفى عليه بشاهدين عدلين وقامت العلامة مقام شاهد وخرم في أنفه وأذنه في موضع آخر وغرم مثل قيمة ما سرق فإن عاد وسرق ثالثا اكتفى منه بشاهد وخرم في أنفه وأذنه من موضع آخر وغرم قيمة ما سرق فإن عاد وسرق رابعا لم يستشهد عليه بعد ذلك وغرم كل ما ادعى عليه الخصم ومن قطع الطريق أخذ منه قيمة ما أخذ أربع مرات وقتل ومن خرج عن الولاة فعقوبته أول مرة قطع اليدين من المعصم وفي لثانية قطعها من الذراع وفي الثالثة من الكتف وفي الرابعة ضرب العنق فإن كان في خروجه على السلطان لم يجن شيئا بيده ولكنه قال قولا مواجهة فقئت عيناه فإن كان سعى سعيا قطعت رجلاه وأحكامهم في المواريث عجيبة فلو أن رجلا مات وخلف امرأة وابنين وابنة فإن المرأة إن شاءت أخذت مهرها ويجب على ورثة زوجها إمساكها والانفاق عليها ما عاشت وإن لم يكن لها منه ولد فإنّ المال والمرأتان موقوفان إلى أن تتزوج المرأة فإذا تزوجت المرأة رفعت النفقة عنها وإن

_ [1] . ثالثا Ms.

ذكر مذاهب الخرمية

مات رجل وخلف أبا وأخا دفع المال إلى الأب على أن يتزوج [1] امرأة ويولد لها ولد باسم هذا المتوفى ليكون المال له وكذلك الأخ لا يرث [2] شيئا إلا على هذه الشريعة وكذلك إن كان للمتوفى أختان دفع المال إلى الكبرى على أن تتزوج رجلا وتلد غلاما تسميه باسم هذا المتوفى ويدفع المال إليه فإن كانت الكبيرة متزوجة دفع المال إلى الصغيرة على هذه الشريطة وإن كانتا متزوجتين دفع المال إلى من يضمن إيلاد ولد باسم المتوفى ويدفع المال إليها ويكون المال له وجملة هذا الباب أنه إذا كان للمتوفى ولد كان المال كله له وإن لم يكن له ولد فلمن يقبل هذا الشرط،،، ذكر مذاهب الخرمية [F 117 [؟]] هم فرق وأصناف غير أنّهم يجمعون القول بالرجعة ويقولون بتغيير الاسم وتبديل الجسم ويزعمون أن الرسل كلهم على اختلاف شرائعهم وأديانهم يحصلون على روح واحد وأن الوحي لا ينقطع أبدا وكل ذي دين مصيب عندهم إذا كان راجي ثواب وخاشي عقاب ولا يرون

_ [1] . تتزوّجMS. [2] . ترث MS.

ذكر شرائع أهل الجاهلية

تهجينه والتخطي إليه بالمكروه ما لم يرم كيد ملتهم وخسف مذهبهم ويتجنبون الدماء جدا إلا عند عقد راية الخلاف ويعظمون أمر أبي مسلم ويلعنون أبا جعفر على قتله ويكثرون الصلاة على مهدي بن فيروز لأنه من ولد فاطمة بنت أبي مسلم ولهم أئمة يرجعون إليهم في الأحكام ورسل يدورون بينهم ويسمونهم فريشتكان ولا يتبركون بشيء مثل تبركهم بالخمور والأشربة وأصل دينهم القول بالنور والظلمة ومن شاهدنا منهم في ديارهم ماسبذان ومهرجان قذق [1] فإنا وجدناهم في غاية التحري للنظافة والطهارة والتقرب إلى الناس بالملاطفة بتقديم الصنيعة ووجدنا منهم من يقول بإباحة النساء على الرضا منهن وإباحة كل ما يستلذ النفس وينزع إليه الطبع ما لم يعد على أحد بالضرر،،، ذكر شرائع أهل الجاهلية كان فيهم من كل ملة ودين وكانت الزندقة والتعطيل في قريش والمزدكية والمجوسية في تميم واليهودية والنصرانية في غسان والشرك وعبادة الأوثان في سائرهم واتخذ بنو حنيفة إلها من حيس وعبدوه دهرا ثم

_ [1] . كذا وجدت notemarginale: بن ماسندان ومهرجان قذق MS.

أصابتهم مجاعة فأكلوه فقال بعضهم [كامل] أكلت حنيفة ربها ... زمن التقحم والمجاعة لم يحذروا من ربهم ... سوء العواقب والتباعة وقال آخر [خفيف] أكلت ربّها حنيفة [1] من جوع ... قديم بها ومن إعواز وكان في مشركيهم بقيّة من دين إسماعيل عم كالنكاح والختان والمناسك وتعظيم الأشهر الحرم وغير ذلك وأحدثوا أمر الحمس من قريش فكان لا يخرجون من الحرم ولا يقفون مع الناس بعرفات ويقولون نحن آل الله لا نخرج من حرمه وكان الرجل من الغرباء إذا قدم مكة لا يطوف في الثوب الذي قارف فيه الذنب فإن أصاب من ثياب الحمس طاف فيه وإن لم يصب طاف الرجل بالنهار عريانا والمرأة بالليل عريانة وكانت الحمس لا يسلئون [2] السمن ولا يأقطون الأقط ولا يأكلون

_ corriged ,apresIbn -Qoteiba ,p.299. [1] حنيفة ربهاMS [2] . يسلون MS.

اللحم أيام الموسم وكانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها ويقولون لا ينبغي أن يحول بيننا وبين السماء شيء وكانوا يحرمون من النساء ما حرمه الله عز وجل في القرآن إلا امرأة الأب فانزل الله سبحانه وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ من النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ 4: 22 وكانوا يبحرون البحيرة [1] ويسيبون السائبة ويصلون الوصيلة ويحمون الحامي ويستقسمون بالازلام ويقربون القربان وغير ذلك مما هو مذكور في أخبارهم وأشعارهم فأبطل الله عز وجل بأحكام الإسلام أكثرها وكانوا يقولون أن روح الميت تخرج من قبره وتصير هامة فتقول اسقوني اسقوني ومن ثم قال ذو الأصبع [بسيط] يا عمرو إن لم تدع سبى ومنقصتي ... أضربك حتى تقول الهامة اسقوني ومنهم من كان يؤمن بالبعث والنشور بعد الموت ويزعم أن من عقرت مطيته عند قبره حشر عليها وفيه يقول حريثة [كامل] واحمل أباك على بعير صالح ... ويقي البقية انه هو أقرب

_ [1] . ينحرون النحيرة MS.

ذكر شرائع اليهود

[F 117 V] ذكر شرائع اليهود هم أصناف فمنهم العانانية والاشمعيثية والجالوتية والفيومية والسامرية والعكبرية والاصبهانية والعراقية والمغاربة والشرستانية والفلسطينية والمالكية والربانية فأما عانان فإنه يقول [1] بالتوحيد والعدل ونفي التشبيه واشمعث يقول بخلافة وجمهور اليهود على هذين الرجلين وأما سائر المخالفين فإنه يقع الخلاف بينهم في الشيء بعد الشيء وزاد رأس جالوت في التشبيه على اشمعث حتى يزعم أن معبوده شيخ اشمط واحتج أنه وجد في سفر دانيال رأيت قديم الآباء قاعدا على كرسيّ أبيض الرأس واللحية حوله الاملاك فهم يسمون الجالوتية وأما الفيومية فصاحبهم أبو سعيد الفيومىّ يفسّرون التوراة على الحروف المقطعة كما يفعله الباطنية في الإسلام وأما السامرية فإنهم ينكرون كثيرا من شرائعهم ولا يقرون بنبوة من كان بعد يوشع بن نون مثل داود وسليمان وزكريا ويحيى وغيرهم يزعمون أنّهم ليس لهم في التوراة اسم وأمّا العكبريّة فأصحاب أبى موسى البغداذيّ العكبريّ يخالفونهم في أشياء من السبت وتفسير التوراة وأمّا الأصبهانيّة

_ (sic) . [1] ينزل MS.

فأصحاب أبي عيسى الاصبهاني وادعى النبوة وأنه عرج إلى السماء فمسح الرب رأسه وأنه رأى محمدا في السماء فآمن به ويهود أصبهان يزعمون أن الدجال منهم يكون ومن ناحيتهم يخرج وأما العراقية مخالفون الخراسانية في أوقات أعيادهم ومدد أيامهم وأما المغاربة فإنهم يرون السفر في السبت وطبخ القدور فيه وأما الشرستانية فإنهم أصحاب شرستان [1] زعم أنه ذهب من التوراة ثمانون بسوقة ومعنى بسوقة آية ويدعى أن للتورية تأويلا باطنا مخالفا لظاهرها وأما يهود فلسطين فإنهم يزعمون أن عزيرا ابن الله على جهة التكرمة والرحمة كما يقال إبراهيم خليل الله وكثير من اليهود ينكرون هذا القول والواجب أن تعلم مذاهبهم ليتبين وجه الحق فلا ينسب إلى كل فرقة إلا ما ينحلونه وأما المالكية فإنهم يقولون أن الله عزّ وجلّ لا يحيى يوم القيامة من الموتى إلا من قد احتج عليه الرسل والكتب ومالك هذا تلميذ عانان وأما الربانية فإنهم يزعمون أن حائضا لو مست ثوبا من الثياب المنضودة وجب الغسل على جميع الأثواب والعراقيّة

_ [1] . سرشتان MS.

ذكر أحكامهم

يأخذون رءوس الشهور بالأهلة والآخرون يأخذون بالعدد والحساب،،، ذكر أحكامهم واجب عليهم الإيمان باللَّه وحده وبموسى رسوله وبالتوراة وما فيها والعشر الآيات لا بد لهم من درسها وتعلمها وأما وضوؤهم واغتسالهم فمثل طهارة المسلمين سواء غير أنه ليس فيه مسح الرأس ويبدءون بالرجل اليسرى واختلفوا في شيء منه قال عانان يستنجي قبل الوضوء لأن الإنسان لا يطهر ما لم يمط الأذى عنه وقال اشمعث يستنجى بعد الوضوء لأنّه يجوز أن يغسل وجهه بعد الاستنجاء ولا يتوضّئون بماء قد تغير لونه أو طعمه أو ريحه ولا يجيزون الطهارة من غدير ما لم يكن عشرة أذرع في عشر والنوم قاعدا لا ينقص الوضوء ما لم يضع جنبه ومن أحدث في صلاته من قيء أو رعاف أو ريح انصرف وتوضأ وبنى على صلاته ولا يجوز للرجل الصلاة في أقل من ثلاثة أثواب قميص وسراويل وملاءة يتردى بها فإن لم يجد الملاءة صلى جالسا [F 118 r] وإن لم يجد القميص والسراويل صلى بقلبه ولا يجوز الصلاة للمرأة في أقلّ من أربعة ثياب [1]

_ [1] . أثواب Corrmarg:

والصلاة فرض عليهم في اليوم والليلة ثلاث صلوات إحداهن عند الصبح والثانية بعد الزوال إلى غروب الشمس والثالثة إلى وقت العتمة إلى أن يمضي من الليل ثلثه يسجدون في دبر كل صلاة سجدة طويلة ويزيدون يوم السبت وأيام الأعياد خمس صلوات سوى ما كانوا يصلّونها فلهم خمسة أعياد عيد الفطر وهو يوم الخامس عشر من نيسان وهو سبعة أيام يأكلون فيها الفطير وينظفون بيوتهم من خبز الخمير لأنها الأيام التي خلص الله فيها بني إسرائيل من يد فرعون وأغرقه في اليم فخرجوا من البحر وجعلوا يأكلون اللحم والعجين الفطير وعيد الأسابيع بعد عيد الفطر سبعة أسابيع وهو الذي كلم الله فيه بني إسرائيل من طور سيناء وعيد رأس الشهر وهو أول يوم من تشرين يزعمون أنه يوم فدى فيه إسحاق عم من الذبح ويسمونه عيد راش هشنا [1] أي عيد رأس الشهر وعيد صوما ربا معناه الصوم العظيم ويزعمون أن الله عز وجل يغفر لهم في ذلك اليوم جميع ذنوبهم وخطاياهم إلّا ثلاثا الزنا لمحصنة وظلم الرجل أخاه وجحده ربوبية الله وعيد مظلّى يستظلّون سبعة أيّام

_ [1] . هشا MS.

بقضبان الآس والخلاف ويزعم بعضهم أن بني إسرائيل انتهوا في هذه الأيام إلى مفازة فاستظلوا بالشجر وكان واجبا عليهم الحج في كل سنة ثلاث مرات حين كان الهيكل عامرا والمذبح قائما وأما الصوم فيجب عليهم صوم أربعة أيام يوم السابع عشر من تموز وحده من غروب الشمس إلى غروب الشمس ويزعمون أن هذا اليوم الذي كسر فيه بخت نصّر سور أوريشلم يعني بيت المقدس ودخلها والثاني يوم العاشر من آب والثالث يوم العاشر من كانون الأول والرابع يوم الثالث عشر من آذار وأمرهم في الحيض والحائض شديد يجب عليهم أن يعتزلوها وثيابها وأوانيها وما مسته الحائض من شيء فقد نجس ووجب أن يغسل وإن مست لحم القربان وجب أن يحرق ذلك اللحم بالنار ومن مس الحائض أو خبزت أو طبخت أو غسلت فكله نجس حرام على الطاهرين وحل للحيض ومن غسل ميتا وجب عليه أن يغتسل سبعة أيّام لا يصلي فيها ويغسلون الموتى ولا يصلون عليهم وأمّا الزكاة فالواجب عليهم أن يخرج العشر من أموالهم كائنا ما كان من السوائم والناض ولا يجب العشر في شيء من أموالهم دون مائة عدديا كان أو وزنيا لأن ما لا يخرج منه

عشر العشر لا يجب فيه العشر وكل ما أخرج منه مرة واحدة فليس فيه إعادة العشر وأما نكاحهم فلا يصح إلا بولىّ وخطبة وثلاثة شهود ومهر مائتي درهم للبكر ومائة للثيب فإن كان أقل من ذلك لم يجز ويحضر عند عقد النكاح كاس من خمر ودستجة من ريحان فيأخذ الإمام الكاس فيبرك عليها ويخطب خطبة النكاح ثم يدفعه إلى الختن ويقول قد تزوجت فلانة بهذه الفضة أو بهذا الذهب وهو خاتم في يده وبهذه الكاس من الخمر وبمهر كذا درهم ويشرب منها جرعة ثم ينزلون إلى منزل الجارية ويأمرونها أن تأخذ الخاتم والريحان والكاس من يد الختن فإذا أخذت وشربت منها جرعة يعقد النكاح ويضمن أولياء المرأة البكارة فإذا زفت وكل أبو المرأة رجلا وامرأة بباب البيت الذي يقتضها فيه الزوج وفرشوا لها ثيابا بيضا [F 118 v] فإذا الزوج نظر إلى الثياب وشهد بما رايا اقتضها فإن لم يجدها بكرا رجمت ولا يجوز لهم التمتع بالإماء إلا أن يعتقوهن وينكحوهن ومن واقع امرأته فقد عتقت عليه وأيّ عند عمل لمولاه سنين معلومة فقد عتق ومن احتاج من اليهود [؟] بيع أولاده إذا كانوا صغارا غير مدركين كذا هم في

شريعة بني إسرائيل وأما طلاقهم وخلعهم فإنهم لا يجوز لهم ذلك إلا أن يقفوا منهم على زنا أو سحر أو رفض دين ومن أراد أن يطلق امرأته فإن كانت بكرا أتى بخمسة وعشرين درهما وإن كانت ثيبا أتى باثني عشر درهما ونصف وأحضر الإمام والشهود وكتاب الطلاق وقال لها أنت طالق مني مائة مرة ومختلعة مني وفي سعة [1] أن تتزوجي من شئت ولا يقع الطلاق على الحامل بتة وللرجل أن يراجع امرأته [ما] لم تتزوج انقضت عدتها ام لم تنقض فإذا تزوجت حرمت على الزوج الأول أبدا وحكمهم في البيوع أنه ما لم ينقل المشتري ما اشتراه إلى حيث شاء وسلّمه إليه البائع فإنهما بالخيار والحدود عندهم على خمسة أوجه الحرق والقتل والرجم والتعزير والتغريم أما الحرق فعلى من زنى [2] بأم امرأته أو بربيبته [3] أو بامرأة ابنه والقتل على من [4] قتل والرجم على المحصن إذا زنا أو لاط وعلى

_ [1] . سبعةMS. corriged ,apresMaprizi. [2] بن يرىMs. [3] . بربيّتهCorr.marg. ,ms. [4] . ما -MS.

المرأة إذا مكنت البهيمة من [1] نفسها والتعزير على من قذف [2] والتغريم على من سرق والبينة على المدعي واليمين على من أنكر وهذه سبعة وثلاثون عملا من أتى بواحد منها في السبت أو في ليلة السبت استحق القتل تكريب الأرض زرع الأرض حصد الزرع سياقة الماء إلى الزرع ضرب الممخضة حلبة اللبن كسر الحطب إيقاد النار عجن العجين خبز الخبز خياطة الثوب نسج السلك [3] كتابة حرفين أخذ الصيد ذبح الحيوان الخروج من القرية التحويل من موضع إلى موضع الشري والبيع الدقّ والطحن والاحتطاب قطع الجبن دق اللحم إصلاح النعل إذا انقطعت خلط علف الدابّة ولا يجوز للكتاب أن يخرج [4] يوم السبت من [5] منزله ومعه قلمه ولا الخيّاط أن يخرج ومعه إبرته ومن أتى بشيء استحق به القتل فلم يسلّم نفسه فهو ملعون،،،

_ [1] . عنCorr.marg. ,ms. corriged ,apresMaqrizi. [2] بن وقزفMs. auduel ,commedansMaqrlzi. [3] بن السلكينcorr.marg: corriged ,ndmembredephrase. [4] بن يجوزMs [5] . في Ms.

ذكر شرائع النصارى

ذكر شرائع النصارى وفيهم اختلاف وفرق فمنهم الملكانية والنسطورية واليعقوبية والبرذعانية [1] والمرقونية والفولية [2] وهم الرهاويون الذين بنواحي حران وأصناف حادثة غيرها ولا يخالفون في أشياء كثيرة ومنهم من يذهب مذهب الحرانية بعينه ومنهم من يقول بالنور والظلمة والثنوية يقولون أجمعهم بنبوة المسيح ومنهم من يعتقد مذهب ارسطاطاليس ويجر كتابهم إلى تصويب ذلك فأما الملكانية واليعقوبية والنسطورية فمتفقون على أن معبودهم ثلاثة أقانيم وهذه هي الأقانيم الثلاثة شيء واحد وهو جوهر قديم ومعناه أب وابن وروح القدس إله واحد وأن الابن نزل من السماء فتدرع جسدا من مريم وظهر للناس يحيى ويبرئ وينبى ثم قتل وصلب وجرح فخرج من القبر لثلاث وظهر لقوم من أصحابه وعرفوه حق معرفته ثم صعد إلى السماء فجلس عن يمين الله هذا الذي يجمعهم اعتقاده غير أنهم يختلفون في العبارة [3] والعلل فمنهم من

_ [1] . والبوذعانية-MS. [2] الغولية-MS. corriged ,rlzietlecontexte. [3] بن. العبادة -Ms

زعم أن القديم جوهر واحد وثلاثة أقانيم كلّ واحد منها جوهر خاص وأحد هذه الأقانيم أب [1] واحد غير مولود والآخر ابن [2] مولود وغير والد والثالث روح فائضة منثنية بين الأب والابن وزعم أن الابن لم يزل مولودا ابن الابن الابن والأب لم يزل والدا لا على جهة النكاح والتناسل لكن على جهة تولّد ضياء الشمس من ذات الشمس وتولد حر النار من ذات النار ومنهم من يزعم أن معنى قولهم أن الإله ثلاثة أقانيم أنها ذات لها حياة ونطق فالحياة هي روح القدس والنطق هو العلم والحكمة والكلمة النطق والعلم والحكمة والكلمة عبارة عن الابن كما يقال الشمس وضياءها وحرها فهو عبارة عن ثلاثة أشياء ترجع إلى أصل واحد ومنهم من زعم أنه لا يصح له تثبيت الإله فاعلا حكيما إلا أن يثبته حيا ناطقا ومعنى الناطق العالم المميز لا الذي يخرج الصوت بالحروف المركبة ومعنى الحي عندهم من له حياة بها يكون حيا ومعنى العالم من له علم به يكون عالما قالوا فذاته وعلمه وحياته ثلاثة أشياء والأصل واحد فالذات

_ [1] . انMS. [2] . اب MS.

هي [1] لعلة للاثنين اللذين العلم والحياة والاثنان هما المعلولان [2] للعلة ومنهم من يتجنب اللفظ بالعلة والمعلول في صفة القديم فيقول أب وابن ووالد وروح وحياة وعلم وحكمة ونطق قالوا والابن اتّحد [3] إنسانا مخلوقا فصار هو وما اتحد [3] به مسيحا واحدا وأن المسيح هو إله العباد وربهم ثم اختلفوا في صفة الاتحاد فزعم بعضهم أنه وقع بين جوهر لاهوتي وجوهر ناسوتي اتحاد [4] فصار مسيحا واحدا ولم يخرج الاتحاد كل واحد منهما عن جوهريته وعنصره وأن المسيح إله معبود وأنه ابن مريم الذي حملته وولدته وأنه قتل وصلب وزعم قوم أن المسيح بعد الاتحاد جوهران أحدهما لاهوتي والآخر ناسوتي وأن القتل والصلب وقعا به من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته وأن مريم حملت بالمسيح وولدته من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته وهذا قول النسطورية ثم يقولون أن المسيح بكماله إله معبود

_ corriged ,apresMaprizi. [1] بن فيMs. [2] . المعلومانMS. [3] . اتّخذMs. [4] . اتحادا MS.

وأنه ابن الله مع اختلاف كثير ويزعم بعضهم أنّ الاتّحاد وقع بين جوهرين لاهوتي وناسوتي وجوهر اللاهوتي بسيط غير منقسم ولا يتجزأ [1] ومنهم من يقول أن الاتحاد على جهة حلول الابن في الجسد ومخالطته إيّاه ومنهم من يقول الاتحاد على جهة الظهور كظهور كتابة الخاتم والنقش إذا وقع على الطين والشمع وكظهور صورة الإنسان في المرآة وأعلم أنه لا مذهب أكثر اختلافا في العبارة من النصارى حتى لا يكاد يوجد منهم اثنان على قول واحد ويذكره اللاحقيّ في قصيدة له [هزج] وبابن الأب ما دنت ... وروح منه قدسي ثلاث من أقانيم ... بمعنى واحداتي ولاهوتية حلت ... بإنسان ولادي وليس هذا موضع الرد عليهم ولكن من نظر إلى قولهم في القديم وما يصفونه به من الأعراض الطارية عليه علم فساد مذهبهم واستحالة القديم أن يكون بشيء من تلك الصفات فالملكانية ينسب إلى ملك الروم ويقولون الله اسم لثلاثة

_ [1] . يتجزّى MS.

ذكر أحكامهم

معان الأب والابن والجوهر وهو روح القدس والنسطورية ينسب [F 119 v] إلى نسطور رجل منهم يزعمون أن الله اسم لثلاثة معان فهو واحد ثلاثة وثلاثة واحد واليعقوبية قالوا هو واحد قديم وأنه كان لا جسم ولا إنسان ثم تجسم وتأنس والفولية قالوا الله واحد وعلمه قديم معه والمسيح ابنه على جهة الرحمة كما يقال إبراهيم خليل الله والمرقونية يزعمون أن المسيح يطوف عليهم كل يوم طوفة والبرذعانية يزعمون أن المسيح هو الذي يحشر الموتى من قبورهم ويحاسبهم مع ترهات كثيرة وأقاويل مردودة لعنهم الله وقبح مذهبهم،،، ذكر أحكامهم لا بدّ من تنصير أولادهم وذلك أنهم يعمدون إلى من يريدون تنصيره فيغمسونه في ماء قد أغلي بالرياحين وألوان الطيب في إجانة جديدة ويقرءون عليه شيئا من كتابهم ويزعمون أنه ينزل عليه روح القدس ويسمون هذا العمل المعمودية وطهارتهم غسل اليدين والوجه وليس الختان عليهم بفرض [1] وصلاتهم سبع وقبلتهم المشرق وحجّهم إلى البيت المقدس وزكاتهم العشر من جميع أموالهم وصيامهم خمسون يوما ويكون

_ [1] . قلت وعند الإسلام ليس بفرض فناهر Notemarginale:

اليوم الثاني والأربعون منه عيد السعانين ويزعمون أن [هو] اليوم الذي نزل فيه عيسى بن مريم عم من الجبل ودخل بيت المقدس وبعده بأربعة أيام عيد الفصح وهو اليوم الّذي خرج فيه موسى عم ببني إسرائيل من مصر وبعده بثلاثة أيام عيد القيامة وهو اليوم الذي يزعمون أنّ عيسى عم خرج من قبره بعد ما قتل ودفن وبعده بثمانية أيام عيد الجديد ويزعمون أنّه اليوم الّذي ظهر فيه عيسى لتلامذته بعد ما خرج من القبر وبعده بثمانية وثلاثين يوما عيد السلاق ويزعمون أنه اليوم الذي صعد فيه عيسى إلى السماء ولهم أعياد سوى ما ذكرنا عيد الصليب وهو اليوم الذي وجدوا فيه خشبة الصليب وإنّما علموا ذلك انّه وضع على ميت فحيي بزعمهم وعيد الدنح [1] وعيد الميلاد ولهم قرّاؤون وكهنة منهم شمّاس وفوقه القسّ وفوق القسّ الأسقف وفوق الأسقف المطران وفوق المطران البطريق والسكر حرام عليهم ولا يحل لهم اللحم والجماع في الصوم وكل ما بيع في الأسواق ولم يعفه أنفسهم فمباح لهم ولا يصح نكاحهم إلا بحضور شمّاس والعدول والمهر ويحرمون على

_ [1] . الذبح Ms.

النساء ما حرم المسلمون ولا يحل لهم الجمع بين امرأتين ولا التسري بالجواري إلا أن يعتقوهن ويتزوجوهن وأي عبد من عبيدهم خدمهم سبع سنين فقد عتق ولا يحل للرجل طلاق إلا أن يأتي بالفاحشة فقد طلقت ولا يحل له أن يتزوج بها أبدا وحدودهم الرجم للمحصن والمحصنة فإن كانا غير محصنين وعلقت المرأة من الرجل زوّجت به ويقتل قاتل العمد والواجب على قاتل الخطاء أن يهرب وليس للموتور أن يطلبه لما أمروا به من استعمال العفو وكثير من أحكامهم أحكام التوراة وقد لعن منهم اللوطي والشاهد بالزور والمقامر والزاني والسكير هذا أحكامهم والله أعلم،،،

الفصل الثالث عشر في صفة الأرض ومبلغ عمرانها وعدد أقاليمها وصفة البحار والأنهار وعجائب الأرض والخلق

الفصل الثالث عشر في صفة الأرض ومبلغ عمرانها وعدد أقاليمها وصفة البحار والأنهار وعجائب الأرض والخلق اعلموا أن القدماء قسموا المعمور من الأرض على سبعة أقسام يسعونها الأقاليم فالاقليم [1] الأوّل يبتدى [2] من المشرق من أقاصي بلاد الصين ويمر على ما يلي الجنوب من الصين وعلى سواحل [F 120 r] البحر من جنوب بلاد السند يقطع البحر إلى جزيرة العرب وأرض اليمن ويقطع بحر القلزم إلى بلاد الحبشة ويقطع نيل مصر وينتهي إلى بحر المغرب وفيه المدن من مدينة ملك الصين وبلاد جنوب السند وجزيرة الكرك وجنوب الهند من اليمن عمان وحضرموت وعدن وصنعاء وسبأ وجرش وظفار ومهرة ومن الغرب تبالة ومدينة ملك الحبشة جرمى ومدينة

_ [1] . فالاقاليمMS. [2] . مبتدى MS.

النوبة دمقلى [1] وجنوب البربرية إلى البحر الأخضر ويكون أطول نهار هؤلاء ثلاث عشرة ساعات والإقليم الثاني يبتدى من المشرق فيمر على بلاد الصين وبلاد الهند وبلاد السند ويمر بملتقى البحر الأخضر وبحر البصرة ويقطع جزيرة العرب في أرض نجد وتهامة والبحرين ثم يقطع بحر القلزم ونيل مصر إلى أرض المغرب وفيه من المدن مدن من بلاد الصين والهند ومن السند المنصورة والبيرون والديبل [2] ومن أرض العرب مكّة والطائف وجدّة والجار [3] ويثرب واليمامة وهجر ومن النيل قوس واخميم وانصنا [4] واسوان ومن المغرب مدن افريقية وبربر الى بحر المغرب ويكون أطول [نهار] هؤلاء عشرة ساعات [5] ونصف والإقليم الثالث يبتدى من المشرق فيمر على شمال بلاد الصين ثم الهند ثم السند ثم كابل وكرمان وسجستان والبصرة وفارس والأهواز والعراقين والشام

_ [1] . ومقليMS. [2] . والسرون والدبيلMS. [3] . الحارMS. [4] . انصاMS. [5] . ساعة MS.

ومصر والاسكندرية والمغرب إلى البحر وفيه من المدن بعض بلاد الصين والهند والسند قندهار وغزنة وكابل والرخج وبست وزرنج وكرمان وجيرفت [1] ومن فارس اصطخر وجور وفسا وسابور وشيراز وسيراف وجنابة [2] وسينيز [3] ومه رويان وكور الأهواز كلّها ومن العراق البصرة وواسط والكوفة وبغداذ والأنبار وهيت ومن الشام حمص ودمشق وصور وعكة وطبرية وقيسارية ورسوف [4] والرملة وبيت المقدس وعسقلان وغزة ومدين [5] والقلزم ومن أرض مصر الفرما وتنيس [6] ودمياط والفسطاط والاسكندرية والفيوم ومن المغرب برقة وافريقية والقيروان وأطول نهار هؤلاء أربع عشرة ساعة والإقليم [الرابع] يبتدى من المشرق فيمر ببلاد تبت وخراسان وجرجان وطبرستان والري واصبهان وهمدان وحلوان وشهرزور وسر من رأى وأرض الجزيرة وشمال الشام الى

_ [1] . جيرفMS. [2] . وجنانةMS. [3] . وشيرMS. [4] . ورسوقMS. [5] . ومدينة بنCorrmarg.ms [6] الفرمانيسى MS.

بحر المغرب وفيه من مدن خراسان فرغانة وخجند واشروسنة وسمرقند وبخارا وبلخ وآمل ومروالروذ ومرو وهراة وسرخس وطوس ونيسابور وقومس [1] ودماوند وقزوين والديلم وقم ونهاوند والدينور والجزيرة والموصل وبلد نصيبين وآمد ورأس العين وقاليقلا وسميساط والرقة وقرقيسيا ومن شمال الشام بالس والمصيصة واصيدان والكنيسة [2] السوداء وآدنه وطرسوس وعمورية ولاذيقية ثم يمر من بحر الشام على جزيرة قبرس [3] ثم يمر في المغرب على بلاد طنجة إلى البحر وأطول نهار هؤلاء أربع عشرة ساعة ونصف والإقليم الخامس يبتدى من المشرق على بلاد ياجوج وماجوج ثم على شمال خراسان وآذربيجان والخزر والروم إلى المغرب وفيه من مدن خراسان الطراز ونويكث [4] وخوارزم واسبجاب [5] والشاش [6] وطاربند وبخارا ومن آذربيجان كور أرمينية

_ [1] . وقوسMS. [2] . الكسهMS. [3] . برقسMS. [4] . وهو [؟] مكثMS. [5] . واسبجاتMS. [6] . والضاش MS.

وبرذعة ونشوى [1] وسيسجان وارزن واخلاط ومن الروم خرشنة [2] وقرة والرومية الكبرى [F 120 v] ثم سواحل بحر الشأم مما يلي الشمال ثم بلاد اندلس حتى ينتهي إلى بحر المغرب والاقليم السادس يبتدى من المشرق فيمرّ على بلاد ياجوج وماجوج ثم على بلاد الخزر ثم على وسط بحر جرجان إلى بلاد الروم فيمرّ على جرزان [3] وهرقلة وقسطنطينية وبلاد برجان إلى بحر المغرب قال أهل هذا العلم أما ما وراء هذه الأقاليم إلى تمام الموضع المسكون الذي عرفناه فانّه يبتدى من المشرق من بلاد ياجوج وماجوج فيمر على بلاد التغزغز [4] وأرض الترك [و] على بلاد الان ثم على بلاد برجان [5] ثم على شمال الصقالبة إلى أن ينتهي إلى بحر المغرب فهذا موضع عمران الأرض والبحور مما يعرف وأما ما وراء ذلك فأرضون مجهولة لا يعرف ما وراءها أحد إلا الله عزّ وجلّ قالوا وأمّا الذين يسكنون خارج الأقاليم

_ [1] . وسرىMS. [2] . خرسنهMS. [3] . حورانMS. [4] . التغرغرMS. [5] . فرجان MS.

ذكر المعروف من البحار والأودية والأنهار

فإنهم أناس لا يفهمون قولا ولا يعلمون شيئا من الصناعات والعلامات وكانت الأرض مقسومة في الدهر الأول على خمسة أجزاء فمنها الصين والترك وتبت والهند وجزء منها الروم والصقالبة وسغد وخوارزم وارمينية وجزء منها القبط والبربر والشام وجزء منها السودان وخراسان وكرمان وفارس واليمن وجزء منها الأرض المعروفة بإيران شهر وهي ما بين منتهى نهر بلخ إلى منتهى آذربيجان وارمينية إلى الفرات والقادسية إلى بحر اليمن وفارس إلى مكران وكابل إلى طخارستان وهي صفوة الأرض وسرتها وهي تسمى اقليم بابل،،، ذكر المعروف من البحار والأودية والأنهار قال القدماء البحار المعروفة العظام خمسة أحدها بحر الهند وفارس والصين والثاني بحر الروم وافريقية والثالث بحر اوقيانوس وهو بحر المغرب والرابع بحر بنطس [1] والخامس بحر جرجان وفي رسالة ارسطاطاليس إلى الاسكندر التي تسمى بيت [2] الذهب ان بحر اوقيانوس بحر محيط بالأرض كالكيل وينفجر منه خلجان هي سائر البحار وقد وصفوا

_ [1] . يبطشMS. [2] . [؟] ست MS.

طول هذه البحار وعرضها وجزائرها وسواحلها وما يخرج منها من الأرجل والخلجان ويسمون بحر فارس الخليج الفارسىّ طوله مائة وخمسون فرسخا وعرضه مائة وخمسون فرسخا ويسمون بحر اليمن خليجا وكذلك سائر البحار وقالوا وفي البحر الهندىّ ألف وثلاثمائة وسبعون جزيرة وربما بلغ طول الجزيرة مائة فرسخ في مائة فرسخ ومائتين وثلاثمائة وفيها من المدن والقرى والأنهار والعيون والجبال والمفاوز والممالك قالوا وفي البحر الرومي مائة ونيف وستون جزيرة عامرة وبحر جرجان يقال له عابسكن [1] وبحر باب الأبواب وهو أصغر البحار طوله من المشرق إلى المغرب ثلاثمائة ميل وكانت فيه جزيرتان عامرتان فخربتا وبحر بنطس [2] يمتد من اللازقة [3] إلى خلف قسطنطينية وطوله ألف وثلاثمائة ميل وعرضه ثلاثمائة ميل ويخرج منه خليج القسطنطينيّة [4] فيجري كهيئة النهر وينصبّ في بحر [5] مصر وعرض الخليج ثلاثة

_ [1] . غابسكرMS. [2] . يبطشMS. [3] . اللاذقيةMS. [4] . العطنطنية خليجMs. [5] . نهر MS.

أميال وبحر الروم طوله من المشرق من صور وصيدا 7 لي الخليج الذي يخرج من بحر المغرب وطوله خمس مائة ميل وعرضه في بعض المواضع ثماني مائة ميل وفي بعضها ست مائة ميل وبحر الهند [1] طوله من المشرق من أقصى الهند إلى أقصى الحبش ثلاثة آلاف [2] ميل وعرضه ألفان وسبع مائة ميل يخرج منه خليج [F 121 r] إلى ناحية البربر يسمى الخليج الفارسي طوله ألف وأربع مائة ميل وعرضه خمس مائة ميل وفيما بين هذين الخليجين خليج فارس وخليج أيلة [3] أرض الحجاز واليمن وأمّا بحر اقيانوس فإنه لا يعرف منه إلا ما يلي شمال المغرب من أقصى بلاد الحبش إلى برطليّة وهو بحر لا تجرى فيه السفن ويبعد عن العمران وفيه جزائر مقابل الأندلس وطنجة وأما البحيرتان الجاريتان اللتان بهما تتم سبعة أبحر كما ذكر الله عز وجل فإنهم يزعمون خلف خط الاستواء فوق النوبة وهما مادتا النيل وأما البحر الزنجي فإنه لا يكون فيه شيء من الحيوان

_ [1] . الهنديMS. [2] . ألفMS. [3] . الأبلّة MS.

ذكر المعروف من الأنهار

لحرارة مائه وحرازته وليس يوجد اللؤلؤ والجوهر في عذاب البحور إلا في بحر الصين فإن ماءه عذب ويوجد فيه اللؤلؤ قال الله عزّ وجلّ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ 55: 22 وأمّا البحار الصغار فلا تعد لأنها مستنقعات المياه كما لا تعدّ العيون والأنهار فمنها بالشام بحيرة زغر [1] وبحيرة طبرية وبآذربيجان بحر ارمينية واسفل خوارزم بحيرة سياه كوه وبدماوند وبحيرة،،، ذكر المعروف من الأنهار نهر الكنك بأرض الهند ينبعث من جبال قشمير ويجري في أعالي الهند من ناحية الجنوب حتى ينصب في البحر الهندي ونهر مهران بأرض السند ينبعث من جبال اشغنان [2] وينصب في البحر الهندي وأما الأنهار التي تنصب في بحر فارس فهي دجلة تخرج من جبال فوق ارمينية فأعظمها تقع في دجلة بالحديثة وأصغرهما تقع في دجلة بالسن [3] ومخرج النهروان من ارمينية فإذا مر بباب صلوى يسمى تامرا [4] ويستمدّ

_ [1] . زعرMS. [2] . اسغنانMS. [3] . بباليسMS. [4] . بامرّا MS.

من الهواطل فإذا صار بباجسرى [1] سمّى النهروان وينصب في دجلة أسفل من جبل [2] ومخرج الفرات من أرض الروم من جبال بها من موضع يقال له ابريق صخر [3] ويمر بالجزيرة والرقة وينحدر إلى الكوفة ثم يمر حتى ينصب في البطائح فيختلط بدجلة ومخرج الخابور من رأس العين ويستمد من الهرماس وينصب في الفرات أسفل قرقيسيا وتجتمع هذه الأنهار كلها في دجلة ويمر دجلة بالأبلة إلى عبادان فينصب في الخليج الفارسي ومخرج نهر الأهواز ونهر جنديسابو [ر] من جبال اصبهان ويجتمعان في دجيل الأهواز ثم يفيض في بحر فارس وأما الأنهار التي تفيض في بحر جرجان فنهر كر ينبعث من بلاد الان ونهر تفليس وبرذعة وسبيذروذ يمرّ ببلاد آذربيجان ويدخل بلاد الديلم ثم يقع في بحر جرجان وكذلك شاه روذ يخرج من طالقان الري فيفيض في بحر جرجان وهذه أنهار صغار وأما النيل فإنه يخرج من جبل القمر وينصبّ في بحيرتين من

_ [1] . باحسرىMS. [2] . حبلMS. [3] . كذا في الأصل enmarge: بن أريق [؟] صخر MS.

خلف خط الاستواء ويطيف بأرض النوبة ويتشعب دون الفسطاط فيصير شعبة إلى الاسكندرية وشعبة إلى دمياط فيفيضان إلى بحر الشام وتلتقي شعبة منه بالماء الذي يحيط بجزيرة تنيس من البحر فإذا هبت جنوب عذب ماؤهم وإذا هبت الشمال ملح ومخرج نهر المصيصة وسيحان وجيحان كلها من بلاد الروم ومصبّها في بحر الشام ومخرج نهر دمشق في جبال دمشق يسقي غوطة دمشق وينصب في بحيرة دمشق ومخرج نهر حلب من حدود دابق دون حلب بثمانية عشر [1] ميلا ويفيض في أجمة أسفل حلب ومخرج جيحون من جبال بلاد تبت فيمر بوخان [2] ويسمى وخان ثم ينحدر إلى الترمذ ويسمّى نهر بلخ ثمّ يمرّ فيجاوز خوارزم وتبسط دونه فيصير [F 121 v] بطائح ومستنقعات يصطاد منها السمك ثم يمر مستسفلا مقدار ثلاثين فرسخا حتى ينصب في بحيرة سياكوه وفي ساحلها الشرقي رياض ومروج ذات أشجار وشوك لا يكاد يمكن اخراقها إلا في طرق اتخذتها الخنازير ويفيض في هذه البحيرة نهر فرغانة ونهر

_ [1] . عشرةMS. [2] . ببوخان MS.

الشاش ومخرج نهر فرغانة من بامير فوق راشت [1] وكميذ [2] ومخرج نهر الشاش من بلاد الترك وأربعة أنهار تنبعث من جبال باميان أحدها يدخل بلاد الهند من ناحية لامغان والثاني يسقى مروالروذ والثالث يسقي بلخ والرابع يسقي سجستان وما فضل منه يجتمع في بحيرة تسمى زرة وهي التي سمينا هي الأنهار العظام المذكورة في الكتب وأما الصغار والعيون فلا يحيط بها إلا علم الله سبحانه وتعالى وأهل الكتاب يزعمون أن أربعة أنهار تخرج [3] من الجنة سيحان وجيحان والفرات والنيل وزعموا أن الفرات مد فرمى برمانة شبه البعير البازل وذلك في زمن معاوية فسئل كعب الأحبار فقال هي من الجنة وفي كتب العجم أن جم شاذ حفر سبعة أنهار سيحون وجيحون والفرات ودجلة ونهر مهران [4] بأرض السند قالوا ونهرين لم يسمهما لنا وهذا غير جائز ولا ممكن اللَّهمّ إلا أن يقال هو ساق ماء هذه الأنهار إلى أراضي البلاد فاستعمرها واستنزلها وحفر الأنهار منها،،،

_ [1] . رايثMS. [2] . كميزMS. [3] . يخرجMS. [4] . ميران MS.

ذكر الممالك المعروفة

ذكر الممالك المعروفة قال أهل هذا العلم أن الصين على ساحل بحر الهند طوله ألف وخمس مائة فرسخ فيها ثلاث مائة [1] وستون مدينة يحمل كل يوم إلى الملك خراج مدينة وثياب بدنه وجارية يرضاها قالوا وعدد جند الملك أربع مائة ألف مرتزق [2] من فارس وراجل واسم المدينة التي يسكنها الملك خمدان [3] والغالب عليهم استدارة الوجوه وفطس الأنوف وشقرة الألوان وصهبة الشعور وعامة لباسهم الحرير والديباج والفرو ومن هيئتهم في اللباس توسيع الأكمام وتطويل الذيول ويباهون بتزويق المنازل وكثرة الفرش والأواني وأكثر أراضيهم الاعذاء يسقيهم المطر والأنداء ودينهم السمنيّة والثنويّة وعبادة الأوثان قالوا وفي شمال الصين بلاد يأجوج ومأجوج وفي مغاربهم الترك وتبت والهند وفي مشارقهم قوم يكنون في الأسراب لشدة وقع الشمس عليهم ولا يعلم ما في جنوبهم أحد إلا الله وفي كتاب المسالك والممالك أن في مشارق الصين مدينة لا يدخلها أحد فيخرج منها لطيب هوائها وفرط شعاعها

_ [1] . ثلاثة [؟] مائهMS. [2] . مرفرفMS. [3] . حمران MS.

وزكاء أرضها وعذوبة مائها وحسن عشرة أهلها فرشهم الحرير والديباج وأوانيهم الذهب وكيت وكيت والله أعلم وأما الهند فصرود وجروم وأولها قشمير وهي خمسة وأربعون مصرا ممصرة كل مصر تشتمل على حدود ومدن وكل مدينة لها سواد وقرى ومنها جبال وشعاب ومفاوز وكل ذلك للملك خاصة والناس حراثوه وأكرته قالوا وفي الملك للخمارين ستون ألف جارية حانية وموظف عليهم أن يكنسوا الميدان ويرشوه إذا أراد الملك الضرب بالصوالجة ودينهم البرهمية وزيهم تطويل الشعر الغالب عليهم البياض لبرد هوائهم وفيهم علم النجوم والطب والشعبذة والسحر قالوا وشرق قشمير ختن وتبت والصين وجنوبها مملكة كور وشمالها بلورلوب ووخان وغربها كابل وغزنة ولهم الأنهار والعيون والقنى والأبار [F 122 r] وعندهم من أصناف الدواب والطير والألوان من الأطعمة والثمار وأما جروم الهند فجزائر وسواحل حتى تتصل بأرض الصين فمن مدنها الكبار قنوج وقندهار وسرنديب وسندان ألف وثلاثمائة وسبعون جزيرة عامرة فيها المدن والقرى غير السواحل قالوا وأول شرقي بحر الهند مكران وآخره بلاد الصين وأوّل غربيّه عدن وآخره

بلاد الزنج وهم قوم خلاف الزنج والهند يمطرون في الصيف ولا يمطرون في الشتاء وعامة طعامهم الأرز والذرة ومشاربهم من مستنقعات يجتمع فيها ماء المطر يسمونها تلاج [1] وليس عندهم من الفواكه ما لأهل قشمير والغالب عليهم السمرة والصفرة ودينهم البرهمية والسمنية وملكهم الأعظم يقال له بلهرا تفسيره ملك الملوك و [إن] في الجزائر ملوكا لا يطيع بعضهم بعضا ومشارق الهند الصين وقشمير وشمالهم السند وجنوبهم بلاد محرقة مجهولة وبحار ومغاربهم الزنج والرانج [2] واليمن وأما تبت فهم صنف بين الترك والهند زيهم زي أهل الصين لهم فطس الترك وسمرة الهند وفيهم الكتابة والحساب والنجوم وأرضهم أرض باردة مشرقها الصين وشمالها الترك ومغربها وخان وراشت [3] وهي أعالي خراسان وجنوبها قشمير وأعظم مدنها ختن بلدتين غيرين فيه من ألوان الثمار والفواكه وعامة لباسهم وفرشهم القز وهم عبدة الأصنام وبختن جماعة من ولد الحسين

_ [1] . بلاجMS. [2] . والراتجMS. [3] . راشب MS.

ابن على عليهما السلم ولهم بها مساجد وفي كتاب البلدان والبنيان من دخل تبت لم يزل مسرورا ضاحكا حتى يخرج وأما ياجوج وماجوج فصنف بين الصين والترك الغالب عليهم خفش العيون وفطس الأنوف وقصر القامة جنوبهم الصين وشمالهم الترك ومغاربهم مشارق قشمير وتبت فلا يدرى ما في مشارقهم وهم أسوأ الناس عيشا وأخبثهم طعما وأخرقهم خرقة وأقلّهم تمييزا وفطنة كما يزعمون وقد ذكرهم الله عز وجل في القرآن المجيد والكتاب الكريم ووصفهم العلماء بصفات قد بيناها في مواضعها وأما الترك فهم عدد كثير وبلادهم واسعة وممالكهم متفرقة وقبائلهم لا تحصى [1] منهم أهل وبر وأهل مدر جنوبهم تبت وبعض الصين ومشرقهم الصين وياجوج وماجوج ومغربهم ما وراء النهر من منبعث جيحون إلى مغيضه وشمالهم التغزغز [2] وهم صنف منهم وأصناف من الناس من أخلاق البهائم والسباع متوحشة زعرة ثم يلي شمال هؤلاء فياف ومجاهيل وأ راض باردة لا يعلم ما فيها إلا الله عزّ وجلّ وحدّ

_ [1] . لا يحصىMS. [2] . التغرغر MS.

بلاد الترك ينتهى إلى أحد جوانب بحر الروم وينتهي إلى بحر جرجان وسمعت أبا عبد الرحمن الأندلسي بمكة حرسها الله يحدث أنها ركضت راكضة من الترك على بعض حدود الأندلس وسبوا منه واستاقوا السوائم وأنه تبعهم الطلب فظفروا [1] بواحد منهم فقالوا فذاك أوّل ما رأينا من الترك وكنّا نكلمه ويكلمنا فلا يفهم ولا نفهم والغالب على الترك البياض والفطس وفيهم الثنوية والنصارى وعبدة الأوثان والشمس وأكثر بلادهم باردة قالوا وفي التغزغز [2] ملك له خيمة من ذهب مركبة كالوطيس يرى تلك من فوق قصره على خمس فراسخ يعبدها قوم منهم وبلادهم سهلية قل ما يقع الثلج ويشتد الحر في الصيف حتى يسكن أهلها في أسراب وربما جاءت الحية هاربة من الحر فتساكنهم ولهم أنواع الفواكه وألوان الثمار قالوا وخيرخيز [3] أيضا لهم المزارع والأشجار وملك خرخيز خاقان قالوا ومن الطراز [F 122 v] إلى التغزغز [2] مسيرة

_ [1] . فطفرواMS. [2] . التغرغرMS. [3] . خيرخير MS.

شهر ومن التغزغز [1] إلى خرخير [2] مسيرة شهر وسائر الترك قبائل وأحياء كلهم يرون الطاعة لملك الصين بالاسم قالوا ويجاور الترك الخزر روس وصقلاب وولج والان والروم [و] أصناف كثيرة من أشباههم والطريق إليهم في البر من خوارزم إلى بلغار ومن باب الأبواب وفي البحر من عابسكين [3] فأما الخزر فعامتهم يهود يشتون في المدن ويصيفون في الخيام وأما روس فإنهم في جزيرة وبيئة يحيط بها بحيرة وهي حصن لهم ممن أرادهم [4] وجملتهم في التقدير زهاء مائه ألف إنسان وليس لهم زرع ولا ضرع يتاخم بلدهم بلد الصقالبة فيغيرون عليهم ويأكلون أموالهم ويسبونهم قالوا وإذا ولد لأحد منهم [5] مولود ألقى إليه سيف وقيل له ليس لك إلا ما تكسبه بسيفك ولهم ملك إذا حكم بين الخصمين بشيء فلم يرضيا به قال تحاكما بسيفكما فأي السيفين كان أحد كانت الغلبة له وهم استولوا على برذعة

_ [1] . التغرغرMS. [2] . حرخيرMS. [3] . غاسكينMS. [4] . كذاEnmarge: [5] . منه MS.

سنة فارتكبوا من الإسلام وانتهكوا من محارمهم ما لم يسبقه إليه أحد من أهل الشرك فقتلهم الله عز وجل كلهم بالوباء والسيف قالوا وبلاد الخزر يتاخم بلاد ملك السرير وله قلعة على رأس جبل شاهق يحيط به سور من حجارة لا طريق إليها إلا من باب وله سرير من ذهب وسرير من فضة توارثهما من آبائه يذكرون أنهما فيهم من ألوف سنين والملك وحاشيته نصارى وسائر أهل مملكته عبدة الأوثان وصقلاب أكبر من الروس [1] وأوسع خيرا وفيهم عبدة الشمس والأوثان وفيهم من لا يعبد شيئا وولج والان ليسا بالكثيرين في العدد وأما الروم فمشارقهم وشمالهم الترك والخزر والروس [1] وجنوبهم الشام والاسكندرية ومغاربهم البحر والأندلس وطنجة وما يليها وكانت الرقة بعضا من حدود الروم أيام الأكاسرة والشامات ودار الملك انطاكية إلى أن نفاهم المسلمون إلى أقصى بلادهم قالوا والروم أربعة وعشرون عملا على كل عمل جند وعامل وديوان جندهم مائة ألف وعشرون ألف مقاتل على كلّ عشرة آلاف [2]

_ [1] . الرسMS. [2] . ألف MS.

بطريق وعلى كل خمسة آلاف طرموخ [1] وتحت يد [2] كل بطريق طرموخان وهو اسم قائد الجيوش والمدبر لها دمستق وأكثر اعطائهم مقاتلهم في السنة أربعون رطلا ذهبا وأقلها اثنا عشر مثقالا ودينهم النصرانيّة ومذهبهم النسطوريّة وفيهم الحساب والحكماء والمنجمون والأطباء والحذاق بعمل الطلسمات والمنجنيقات وعجائب الصيغة ولهم صباحة وشقرة ونظافة وبلادهم برية بحرية سهلية جبلية باردة وفيهم يهود ومجوس يأخذون منهم الجزية ويأخذون من سائر الناس سوى خراج الضياع والأعشار والصدقات من كل بيت يوقد فيه النار درهما واحدا وأكثر غلمان الملك الترك والخزر ويسترق من الروم ما شاء قالوا وأعظم مدنهم الرومية وفيها أربعون ألف حمام ومنزل ملكهم قسطنطينية قالوا ومن وراء الروم ممالك لا يعظمون الطاعة لملك الروم ولا ينقادون له والحرب بينهم طول الصيف قائمة فإذا هجم الشتاء سد مسالكهم الثلج وأما البربر فإنهم من العمالقة الذين كانوا نزولا بأرض الشام وفلسطين فلمّا

_ [1] . طرموحان etplusloin بن طرموحMS. [2] . كلّ يد MS.

قاتلهم يوشع بن نون وقتل منهم من قتل انحازت [1] بقيّتهم إلى أعالى المغرب فهم اليوم نزول بين قصر ابن بايان إلى برقة وقيروان في الرمال والجبال والسواحل أصحاب [F 123 r] قناطر [2] وأعمدة وفيهم جفاء وجلادة ويقال أن جالوت الّذي قتله داود النبي عم كان منهم وفيهم شرك واسلام والسبي الذي يجلب منهم من دار شركهم وفي حافاتهم أصناف من السودان يقال زغل وزغاوة ومن ثمّ يحمل هؤلاء الخصيان السود وأمّا الحبشة فقوم سود وبلادهم محرقة سهول وسواحل دينهم النصرانية طعامهم العسل والذرة ومشارقهم الحجاز ومغاربهم البحر وبأرضهم يقنص [3] هذه الزرافات وأما البشرية [4] فإنهم قوم سود بلادهم حارّة وماؤهم من النيل ودينهم النصرانية وهم أصحاب الخيام منهم البجة [5] وفوقهم موضع يقال له عبرات السلاحف قالوا لا نكاح بين أهلها ولا يعرف الولد أباه ويأكلون الناس

_ [1] . وانحازتMS. [2] . قناطيرMS. [3] . يفتحMS. [4] . النسريةMS. [5] . البحة MS.

والله أعلم وأما الزنج فقوم سود الألوان فطس الأنوف جعاد الشعر قليلو الفهم والفطنة مشارقهم مغارب الهند ومغاربهم البحر وأرضهم أرض متخلخلة منهارة لا تحمل نبأ ولا تنبت شجرا يجلب إليهم الطعام والثياب ويحمل من عندهم الذهب والرقيق والنارجيل وأما بلاد الإسلام فواسعة بحمد الله ومنه عريضة واسعة وهي ممالك فأوّلها الحجاز دار النبيّ صلى الله عليه وسلم ومبعث الإسلام مشرقهم العراق مغربهم بلاد مصر وشمالهم الشام وجنوبهم اليمن والحبشة ونجد ما ارتفع منها وتهامة ما تطأ من نحو البحر فمكة حرسها [1] الله من تهامة والمدينة من نجد وهي بدو وحضر فمن مدن الحضر مكة والطائف والجدة والجحفة والمدينة ووادي القرى وخيبر ومدين وأيلة [2] وتبالة ومدن آخر صغار مثل بدر والفرع والمروة وفدك والرحبة والسيالة والرَّبَذَة ومن المدن بالحجاز تيماء وحصنها الأبلق ودومة الجندل وحصنها مارد وفيها تقول الزباء تمرّد مارد وعزّ [3] الأبلق وقرى كثيرة غير

_ [1] . حرساMS. [2] . وأبلّةMS. [3] . ثم دمار ذوعر MS.

اليمن

ما ذكرنا وأمّا البدو القبائل وأصحاب الخيام وبدوهم أكثر من حضرهم، اليمن قالوا وكانت أعمال اليمن مقسومة على ثلاثة ولاة وال على الحرم ومخاليفها ووال على حضرموت ومخاليفها وهي أوسطها وأطيب بلادها وأبردها وأكثر ما ارتفع من أموالها ما جباه بعض عمّال بنى العبّاس ستّمائة ألف دينار وأهلها قوم فيهم جهل وغباوة وسلامة الصدر وضعف الحال وأكثر فواكههم الموز وعامة لحومهم لحم البقر وفي مشارق سواحلهم صخار ومسقط [1] وسقوطرا وشحر [2] محلب ومن عندهم اللبان والصبر وهم قوم ضعاف الحال سيّئو العيش قليلو الخيل والصناعات ولهم لغة لا يفهمها غيرهم وتليهم الاحسا [3] وهي من أرض العرب قد استوطنها القرامطة اليوم، الشام وهي أربعة أجناد جند من حمص وجند دمشق وجند فلسطين وجند الأردن ولكل جند عمل يشتمل على عدة مدن وقرى وفيها العجائب والمساجد لأنها أرض الأنبياء عم فشرقي الشام غربي الفرات

_ [1] . سقطMS. [2] . شجرMS. [3] . كذا في الأصل MS.

عمل مصر

وغربي الشام ساحل الروم وشماله جبال الروم وجنوبه فلسطين والأردن وبعض البادية فمدينة الأردن الطبرية والرملة وبيت المقدس من سواد رملة [fo 123 vo] وكان دار ملك سليمان وداود [1] ، عمل مصر مسيرة شهر في مسيرة شهر طولها من رفح [2] إلى اسوان من حد النوبة وعرضها من برقة إلى أيلة وهي من بلاد مقدونية [3] يونان وماءها من النيل وكانت المدينة في القديم عين الشمس ثم صارت الفسطاط من مصر الى اسكندرية ثلاثون فرسخا وما وراء ذلك من حد المغرب وما فوق اسوان من حد النوبة وما فوق رفح من حد فلسطين وكان خراج مصر زمن فرعون ثمانية وعشرين ألف دينار وجباه بنو أمية ألفى ألف وثمان مائة ألف دينار، المغرب من الاسكندرية إلى برقة مائتا فرسخ وبرقة أول مدينة من مدن المغرب وهي حمراء شديدة حمرة التربة موضوعة في صحراء [4] محفوفة بالجبال ومنها إلى الافريقية [5]

_ [1] دادودCorrmarg. ;ms. [2] . زنجMs. [3] معدوفيهMs. [4] . صفراءCorr.marg. ;ms [5] الافرنقية Ms.

وهي القيروان العلوي المهدي [1] مائة وخمسون فرسخا عمارات متصلة حضرها المغاربة وبدوها البرابر ومن المهدية إلى السوس مسافة أيام كل هذا في يد العلوي وهو من أولاد ادريس بن عبد الله بن ادريس بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ثم ما وراء ذلك في يد ابن رستم الاباضي وهو رجل من الفرس يرى رأي الخوارج ويسلم عليه بالخلافة ومن افريقية [2] إلى تاهرت [3] مسيرة شهر ثم ما وراء تاهرت [3] في يدي الأموية عبد الرحمن بن معاوية من ولد هشام [4] بن عبد الملك بن مروان وهي طنجة ولنجة واندلس وعمل طنجة مثل عمل مصر مسيرة شهر في شهر وهي متاخمة شمال الروم ومجمع البحرين الذي يجري فيه السفن والذي لا تجري وفي جنوب المغرب السودان [5] زغل وزغاوة إلى النوبة والحبشة ومغارب طنجة البحر الأخضر المظلم الّذي لا يركبه أحد

_ [1] . العنوىّ المهديةCorr.marg. ,texte [2] . افريقيةMS. [3] . باهرتMS. [4] . هيشامMS. [5] . والسودان MS.

العراق

ولا يعلم أحد ما وراءه ويقابل طنجة واندلس وافريقية جزائر من البحر فيها عمارات ومدن وأكثرها من عمل الروم، العراق شرقي الحجاز طوله مائة وعشرون فرسخا من عقبة حلوان إلى العذيب وكانت الأكاسرة ينزلون المدائن إلى أن جاء الإسلام وجباها سهل بن حنيف زمن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه مائة ألف ألف وثمانية وعشرين ألف ألف درهم وجباها الحجاج ثمانية عشر ألف ألف درهم وليس فيها مائة ألف ألف درهم تراجع إلى هذا المقدار في مدة أربعين سنة وزيادة مدنها الكبار أربع الكوفة والبصرة وواسط وبغداذ وليس بالعراق ماء جار إلا بالسواقي والدوالي غير عين البصرة فإن المد يسقيها والبطائح دون واسط بعشرين فرسخا وهي ثلاثون فرسخا في ثلاثين فرسخا وكانت هذه البطائح في القديم قرى عامرة ومزارع متصلة والماء يجري من دجلة العوراء يمر بين يدي المذار وعبدسي وفم الصلح حتى يأتي المدائن والسفن تجري فيها من أرض الهند إلى المدائن ثم خدت الأرض حتى مرت بين يدي واسط قبل أن يكون واسط فجعلت بذلك الضياع بطائح قبلها جوخى [1] بين المذار

_ [1] . جوحى MS.

الجزيرة

وعبدسي فصارت صحارى وسميت تلك دجلة العوراء لتحول الماء عنها وأنفق كسرى مالا عظيما على أن يحول الماء إلى دجلة العوراء فأعياه ذلك ورام بعده خالد بن عبد الله فأعجزه، الجزيرة ما بين دجلة والفرات فمنها سروج ورها وعين شمس ودارا ونصيبين وآمد وبرقعيد [F 124 r] وبلد الموصل وبالس ورقة وهيت [1] والرحبة أعلاها ارمينية، السواد سوادان سواد الكوفة وسواد البصرة وسمي سورستان طولها من حد الموصل إلى آخر الكوفة المعروفة ببهمن اردشير على فرات البصرة مائة وخمسة وعشرون فرسخا وعرضها [2] ثمانون فرسخا من عقبة حلوان إلى العذيب مما يلي البادية يكون ذلك مكسرا عشرة آلاف فرسخ والفرسخ اثنا عشر الف ذراع كل ذلك مستعمر مستنزل وكان مبلغ خراج السواد مائة الف الف درهم وخمسين الف الف درهم ولم يزل على المقاسمة في أيام قباذ بن فيروز الملك فإنه مسحها ووضع الخراج عليها وبعث عمر بن الخطّاب رضي الله عنه عثمان بن حنيف فمسح السواد فوجده

_ [1] . وهيتMS. [2] . وطولها MS.

آذربيجان

ستة وثلاثون الف [الف] جريب فوضع على كل جريب درهما وقفيزا، آذربيجان وارمينية هي شمال الجبل والعراق مشارقهم جرجان ومغاربهم الروم شمالهم أصناف أهل الشرك لأنه يقال أن [1] وراء باب الأبواب اثنين وسبعين فرقة من الكفار فمن مدنها الكبار أردبيل ومراغة وموقان وبرذعة وتفليس وثغورها ثغور أهل الشام وأهل الجزيرة وهي تسمى العواصم فمنها قالى قلا وسميساط واخلاط وقنسرين وكذلك طرسوس وعين زربة [2] وآدنة والمصيصة، الأهواز طولها من سفح جبال اينان إلى شطّ البصرة وعرضها من حدى واسط إلى حد فارس ومدنها الكبار ست كور تستر وجنديسابور والسوس والعسكر ورامهرمز و [3] نفس مدينة الأهواز وكان يبلغ خراجها أيام الأكاسرة مائة الف الف درهم وخمسين الف الف درهم واف وحكي أنها جبيت في بعض الأوقات ألف حمل فضة، فارس طولها مائة وخمسون فرسخا في [4] مائة وخمسين فرسخا منها صرود وجروم

_ [1] . انّهMS. [2] . زرةMS. [3] . وتسترMS. [4] . و MS.

كرمان

وجبال وسهول وسواحل وكورها في الأصل أربع كور إصطخر وسابور ودارابجرد وأردشيرخرّه فمدينة أردشيرخرّه شيراز ومدينة دارابجرد فسا ومدينة سابور نوبندجان [1] ومدينة اصطخر البيضاء وخراجها أربعة وستون ألف ألف درهم واف ويتاخمها كرمان، كرمان وسجستان ومكران وما فوقها أما كرمان ففيها صرود وجروم وعيون وأودية وأعظم مدنها أربع برماشير وبم وجيرفت [2] ودار الملك [المعروف] بالسيرجان ويتاخمها بلاد مكران وسجستان فأما مكران فإنها تمتد إلى قيقان [3] من أرض السند وفيه مدن وكور كثيرة ثم إلى مولتان تسمى فرج [4] بيت الذهب لأن محمد بن يوسف لما افتتحها أصاب بها أربعين بهارا من الذهب والبهار ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون منّا ذهبا ثمّ يتصل حدود مولتان بحدود الهند وأما سجستان فمشارقها أرض كابل ومغاربها كرمان وجنوبها مكران وقيقان [5] وشمالها قهستان وخراسان

_ [1] . بويند جانMS. [2] . برماشير وبم [؟] وحيروتMS. [3] . فيفافانMS. [4] . فرحMS. [5] . قيقاقان MS.

الجبل

وتتاخم سجستان بلدي الرور [1] والرخج وبست وهذه النواحي تتاخم أرض غزنة وقد ظهر في نواح يقال لها خشباجي معدن الذهب يحفرون الآبار ويخرجون من التراب الذهب وظهر هذا في سنة تسعين وثلاثمائة وزيد هذا الفصل في هذا الكتاب لأنه من العجائب ثم يرتفع إلى فنجهير وهي معادن الفضة إلى اندراب وبذخشان ووخان ثم يتصاعد إلى تبت ومن تبت إلى المشرق [F 124 V] وفي شمال تبت والرخج الغور وهي جبال شامخة يخرقها نهر زرنج وفي جنوبها أرض السند، الجبل وهي من شرقىّ العراق وغربىّ خراسان أدناها إلى العراق حلوان ثم قرماسين ثم الدينور ثم همذان ونهاوند يسمى ماء البصرة وفي شمال هذه النواحي اذربيجان وفي جنوبها ماسبذان [2] والسيروان ومدينة مهرجان قذق [3] وهذه المدن بين العراق والأهواز والجبل وما يلي أرض فارس من الجبل الكرج وأصبهان وما بينها آخر عمل الجبل مما يلي خراسان الري وقزوين

_ [1] . الدوارMS. [2] . ماسندانMS. [3] . فوق MS.

خراسان

ثم في شمالها متصاعدا جرجان وطبرستان والجيل [1] والديلم فالديلم لهم الجبال وهم أقل عددا من الجيل [1] والجيل [1] لهم سواحل بحر عابسكين [2] وفي مشارق الرى قومس ثم يمر متصاعدا حتى يدخل حدود خراسان قالوا وبين الحدين تل لما وافى عبد الله بن طاهر خراسان واليا عليها وقف على ذلك التل ونادى يا أهل خراسان لا أجبيكم حتى أحميكم، خراسان طوله من حد الدامغان إلى شط نهر بلخ وعرضه من حد زرنج إلى حد جرجان ومدنها الكبار أربع نيسابور ومرو وهراة وبلخ ثم فوق بلخ إذا لم يعبر النهر ممالك منها طخارستان وختل وشغنان [3] وبذخشان إلى حدود الهند من نحو باميان وإلى حدود تبت من نحو وخان وإن عبرت النهر أداك إلى الصغانيين من الترمذ إلى نخشب وكميذ وراشت [4] تتاخم بلاد الترك الخرلخية [5] ومن قبلهم يجيئهم الماء وأما ما وراء النهر فممالك واسعة منها سمرقند وفرغانة

_ [1] . الجبلMS. [2] . غابسكينMS. [3] . وشغبانMS. [4] . نى شب وكميدر وراشبMS. [5] . (الخزرجية (sic ,pour الخزرجيّة MS.

والشاش وأسبيجاب ودار الملك بخارا وأما المدن الصغار فكثيرة مثل كش ونسف وكور سغد وإيلاق وخجند وفرب وعلى شطى جيحون إذا انحدرت على آمل بلاد خوارزم وهي تتاخم بلاد الترك بالغربية ومن خوارزم إلى بلغار يفضى إلى الخزر والروم ومن وراء باب الأبواب وفي مشارق خوارزم الترك وما وراء النهر وفي جنوبهم مروالروذ وابيورد ونسا وفي مغاربهم البحر وفي شمالهم الترك فسبحان من أحصى هؤلاء الخلق عددا وقدر لهم الأراضي والنواحي مستقرا وموطنا وخالف بين أهوائهم وإراداتهم وهممهم ولغاتهم ومعاملاتهم ومعايشهم فهم كلّهم بعينه وعينه وفي قبضته وتحت قدرته لا يخفى منهم خافية عليه ولا يغيب غائبة فهم بين مرضى عنه ومسخوط عليه ومقرب إليه ومقصى عنه فلا المرضى المقرب آمن من عقوبته وسطوته ولا المقصى المسخوط عليه يائس من عفوه ورحمته تبارك الله وتعالى كيف لا يحار الأفهام في عجيب تدبيره وبديع تقديره ومحكم صنيعه وفاضل قسمته تكفل بارزاقهم ولم يخف عليه عدد أنفاسهم وجعل بعضهم لبعض فتنة يبلو بهم صبرهم وشكرهم في معافى ومبتلى وفقير وغني وضعيف وقوي وحسن ورميم

ذكر المساجد والبقاع الفاضلة والثغور،

وعالم وجاهل دلالة منه بما يصنع على وحدانيته ودعوة إلى معرفة ربوبيته فله الحمد بالاستحقاق والاستغناء ومن أحق بحمده ممن دعاه فأجابه وهداه [F 125 r] فاهتدى به اللَّهمّ فالهمنا التوفيق لبلوغ رضاك وأداء حقك في أشاعة شكرك والقيام بلوازم فرضك وعرفنا بركتك [1] بإعطاء القوة وزيادة النشاط في طاعتك وعبادتك ولا تجمع بيننا سوء اختيارنا وكثرة تفريطنا وبين من عاديناه فيك وناصبناه لدينك يا أرحم الراحمين وكم للناظر في هذا الفصل من العبر والتنبيه إن كان ذا عقل ودين يقول الله عز وجل وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ 41: 10 ويقول قُلْ سِيرُوا في الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ 29: 20 ويقول سبحانه هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا في مَناكِبِها وَكُلُوا من رِزْقِهِ 67: 15 ويقول أَفَلَمْ يَسِيرُوا في الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها 22: 46،،، ذكر المساجد والبقاع الفاضلة والثغور، مكة جاء في أخبار أهل الإسلام أن أول ما خلق الله عز وجل في الأرض مكان الكعبة ثم دحا الأرض من تحتها فهي سرّة الأرض ووسط

_ [1] . بركته MS.

الدنيا وأمّ القرى أوّلها الكعبة وبكة وحول بكة مكة وحول مكة الحرم وحول الحرم الدنيا قالوا ولما هبط آدم إلى الأرض حزن على ما فاته من نعيم الجنة فعزاه الله عنه بخيمة من خيام الجنة درة مجوفة فوضعها في موضع الكعبة اليوم وجعل يطوف بها مع الملائكة قالوا فلما كان زمن الغرق رفعت الخيمة إلى السماء وزعم وهب أن أول من بنى الكعبة بالطين والحجارة شيث بن آدم عم فلما كان زمن إبراهيم عم أمره الله تعالى ببناء البيت وأرسل إليه السكينة وهي في هيئة سحابة لها وجه ولسان وعينان تتكلم فوقفت فوق موضع الكعبة وقالت يا إبرهيم خذ على قدر ظلي فبنى البيت على قدر ذلك الظل بقول الله عز وجل وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ من الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 2: 127 قالوا وليست أمة في الأرض إلا وهم يعظمون ذلك البيت ويعترفون بقدمه وفضله وأنه من بناء إبراهيم الخليل عم حتى اليهود والنصارى والمجوس وقد قيل أن زمزم سميت بزمزمة المجوس عليها وأنشدوا بيتا [سريع]

زمزمت الفرس على زمزم ... ذلك [1] في سالفها الأقدم قال الله تعالى وَأَذِّنْ في النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ 22: 27 قالوا فلمّا فرغ إبراهيم من بناء البيت نادى ياأيّها الناس إن الله كتب عليكم الحج إلى بيته تحجوه وبلغ الله عز وجل صوته من كان في أرحام الأمهات وأصلاب الآباء فمن أجابه ولباه فلا بد من أن يحج ومن لم يجبه فلا سبيل إلى ذلك قالوا وأول من كسا الكعبة تبع لما أتى به مالك بن عجلان إلى يثرب وقتل اليهود ومر بمكة وقد أخبر بفضلها وشرفها فكساها الخصف [2] ثمّ رأى في المنام أن أكسها أحسن من ذلك فكساها الانطاع فرأى في المنام أن أكسها أحسن من ذلك [F 125 V] فكساها المعافر [3] والوصائل وأول من حلى البيت عبد المطلب لما حفر بئر زمزم أصاب فيه من دفن جرهم غزالتين من ذهب فضربهما في باب الكعبة ثم لمّا قام

_ [1] . وذلكMS. [2] . الحصفMS. [3] . والمغافر MS.

الإسلام كساها عمر بن الخطّاب رضي الله عنه القباطيّ ثمّ كساها الحجاج بن يوسف الديباج ويقال أن أول من كساها الديباج الخسرواني [1] يزيد بن معاوية وأول من خلق جوف الكعبة بالخلوق عبد الله بن الزبير وأول من بناها بعد بناء إبراهيم عم أهل الجاهلية قبل مبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم وذلك أنّه جاء سيل من أعلى مكّة فهدم جدار الكعبة وساق مالها فاجتمعت قريش وتشاوروا في بنائها فبنوها ورفعوا بابها عن الأرض مخافة السيل وأن لا يدخل فيها إلا من أحبوا ثم اختلفوا في الركن فوضعه [2] رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده قبل الوحي وكان المسجد في عهده غير محاط عليه فضاق بالناس أيام عمر فاشترى دورا [3] فهدمها وزاد في المسجد وأحاط عليها بحائط دون قامة الرجل ثم زاد عثمان بعده ثم هدم البيت عبد الله بن الزبير على حديث عائشة وجعل له بابين في الأرض ونقل إليه ثلاث أساطين من قليس صنعاء ثم لما قتله الحجّاج هدم بناءه وبناه على البناء

_ [1] . الخسروانىMS. [2] . فوضعهاMS. marginalemoderne. [3]

مسجد المدينة

الأول ثم وسع المسجد أبو جعفر المنصور ثم زاد فيه بقدر المهدي في سنة مائة وستين فهو اليوم على ما بنوه، مسجد المدينة كان بالمدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع مساجد يصلون ولا يحضرون مسجد الرسول إلا يوم الجمعة وأول ما [1] بنى بها من المساجد مسجد قبا وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم نزل في بني عمرو بن عوف وأسس به مسجد قبا ثم خرج من عندهم يوم الجمعة فأدركته الصلاة في بني سالم بن عوف فصلى الجمعة في بطن الوادي وبنى فيه مسجدا ثم جاء إلى المدينة ونزل على أبي أيوب الأنصاري وكان المربد فيه قبور جاهلية وغرقد وما يستحلّ فسأل النبيّ صلع عنه فقال له معاذ بن [عفراء] وأسعد بن زرارة إنه لسهل وسهيل ابني عمرو ويتيمين في حجرى وسأرضيهما عنه فأبى الرسول صلع حتى ابتاعه [2] منهما وأمر بالقبور فنبشت وبالغرقد فقطع وباللبن فضرب ونقلت الحجارة لأساسه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل الحجر على بطنه فلقيه أسد بن حصين فقال أعطنيه يا رسول الله فقال اذهب فاحمل غيره

_ [1] منMS. [2] . ابتاعهما.Ms.

فلست بأفقر إلى الله عز وجل مني وجعل يقول فيما روى الزهري لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة [1] وجعل المسلمون يرتجزون [رجز] لئن قعدنا والنبيّ يعمل ... فذاك منّا العمل المضلل قالوا وبنى المسجد في طول مائة ذراع مربعا أساسه الحجر وجدرانه اللبن وسقفه الجريد [2] وعمده خشب النخل ثلاثة أبواب فقيل له ألا تسقفه فقال لا عرش كعرش موسى وتمام الشان أعجل من ذلك فهذا ما كان من أمر المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أن يحصب فمات قبل ذلك فحصبه عمر رضي الله عنه وزاد فيه دار العبّاس [F 126 r] ثمّ زاد فيه عثمان وجعل سقفه من الساج وحيطانه بالحجارة المنقوشة ثم لما استعمل الوليد بن عبد الملك عمر بن عبد العزيز على المدينة كتب إليه أن يوسع المسجد ويدخل فيه بيوت أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم وبعث إليه بفعلة من الروم والقبط وأربعين ألف مثقال من ذهب

_ corriged ,apresSamhoudi ,p.107 [1] بن والآخرةMS. [2] . الحريد MS.

بيت المقدس

فسوره وبطنه بالفسيفساء [1] وألوان الزجاج ثم زاد فيه المهدي ثم المأمون بعده فهو اليوم على ما فعله المأمون، بيت المقدس زعم وهب أن يعقوب النبي عم كان يمر في بعض حاجاته فأدركه النوم في موضع المسجد فرأى في المنام كأن سلما منصوبا إلى السماء والملائكة تعرج فيه وتنزل وأوحى الله عزّ وجلّ إنّ قد ورثتك هذه الأرض المقدسة ولذريتك من بعدك فابن لي فيها مسجدا فاختط عليه يعقوب ثم بعده قبة ايليا وهو الخضر ثم بنى بعده داود وأتمه سليمان وخربه نصر فاوحى الله عز وجل إلى كوشك ملك من ملوك فارس فعمرها ثم خربها ططس الرومي الملعون فلم يزل خرابا إلى أن قام الإسلام وعمره عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم معاوية ابن أبي سفيان وبه بايعوه للخلافة وليس ببيت المقدس ماء جار وإنما يشربون ماء الأمطار في الجباب إلّا عينة تسمى عين سلوان فيه ملوحة يزعمون أن الله عز وجل أظهرها لمريم حين أرادت أن تغتسل وظهر المسجد مغطى بصفائح من رصاص وأرض المسجد مفروشة بالرخام لئلا يضيع ماء المطر وللمسجد

_ [1] . كذا في الأصل Enmargo:

طور سينا

أبواب باب داود وباب سليمان وباب الأسباط وباب البقر والمسجد من أحد جوانبه يفضى إلى وادي جهنم وفيه مقابر ومزارع وفي وسط المسجد قبة الصخرة وعلى باب المدينة باب داود يصعد إليه بدرجات وفي المدينة مسجد لعمر بن الخطّاب رضي الله عنه وفيها كنائس اليهود والنصارى منها كنيسة يقال لها جلجلة [1] فيها قبر آدن أبي زكريا عم ومنها كنيسة صهيون [2] التي كان يتعبد فيها داود عم وكنيسة القيامة [3] في الموضع الذي يزعم النصارى أن المسيح لما قتل دفن فيه ثم قام وصعد إلى السماء ومن رملة إلى بيت المقدس ثمانية عشر ميلا وفي نصف الطريق قرية شنا يقال لها قرية العنب ومن بيت المقدس الى بيت لحم [4] فرسخ وبه كنيسة مولد المسيح عم وبجنبها كنيسة الصبيان يزعمون أن الملك هيروذوس قتل بها صبيانا على اسم المسيح ومن بيت لحم [4] إلى قبر الخليل عم فرسخان، طور سينا يخرج

_ [1] . خلخلةMS. [2] . صيهورMS. [3] . القيامناهMS. [4] . اللخم MS.

مسجد الكوفة

الرجل من مصر إلى قلزم في ثلاثة أيام ومن قلزم إلى الطور طريقان أحدهما في البحر والآخر في البر وهما جميعا يؤديان إلى فاران [1] وهي مدينة العمالقة ثم يسير منها إلى الطور في يومين فإذا انتهى إليه صعد ست آلاف وست مائة وستا وستين مرقاة وفي نصف الجبل كنيسة لا يليّا النبي وفي قلة الجبل كنيسة مبنية باسم موسى عم بأساطين من رخام وأبواب من صفر وهو الموضع الّذي كلّم الله عزّ وجلّ فيه موسى وقطع منه الألواح للتورية ولا يكون فيها إلا راهب واحد للخدمة ويزعمون أنه لا يقدر أحد أن يبيت فيها فيهيئ له بيت صغير من خارج ينام فيه، مسجد الكوفة بناه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه [F 126 V] بأمر عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بالآجر وزاد فيه المأمون ويقال من موضعه فار التنور من الغرق، مسجد البصرة بناه عتبة بن غزوان بالقصب ثم بناه عبد الله بن عامر بالطين ثم بناه زياد بن أبيه بالآجر وزاد فيه المأمون وفيه موضع الحكم الذي كان يقضي فيه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، مسجد مصر بناه عمرو بن العاص زمن إمارته بها، مسجد دمشق

_ [1] . فاراب MS.

مسجد الرملة

بناه الوليد بن عبد الملك ويقال أنه أحد عجائب الدنيا، مسجد الرملة يقال فيه قبر كذا نبي والله أعلم وأحكم،،، الطريق من العراق إلى مكة حرسها الله يقال من الكوفة إلى مكة مائتان وثلاثة وخمسون فرسخا والفرسخ ثلاثة أميال يخرج من الكوفة إلى القادسية ثم إلى العذيب وهي كانت مسلحة للفرس بينها [1] وبين القادسية حائطان متصلان بينهما نخل وهي ستة أميال فإذا خرجت منها دخلت البادية ثم المغيثة ثم القرعاء ثم واقصه ثم العقبة ثم القاع ثم زبالة وبها حصن وجامع ثم الشقوق ثم قبر العبادي ثم الثعلبية [2] وهي ثلث الطريق ثم الخزيمية [3] ثم الاجفر ثم فيد وهي نصف الطريق وبها حصن وجامع والبلد الطيّئ ثم سميرا ثم الحاجر ثم النقرة ومنها يفترق الطريق إلى المدينة فمن أراد مكة أخذ المغيثة ثم الرَّبَذَة ثم السليلة ثم العمق ثم معدن بني سليم ثم أفيعية [4] ثم المسلح ثم الغمرة

_ [1] . بينهماMS. [2] . التغلبيةMS. [3] . الحرميّةMS. [4] . الافيقة MS.

ذكر الثغور والرباطات

ومنها يحرم الناس إلا الجمالين فإنها يحرمون من ذات عرق ثم بستان بني عامر ومن البستان إلى مكة ثمانية فراسخ أربعة وعشرون ميلا ومن أراد المدينة من النقرة أخذ العسيلة ثم بطن النخل عمرها مصعب بن الزبير ثم الطرف ثم المدينة ومن المدينة إلى مكة ثلث طرق الجادة والساحل وطريق المخالف ولكلّ قوم طريق ومنازل معدودة فلا فائدة في حفظها لغير أهلها،،، ذكر الثغور والرباطات أعلم أن لكل قوم عدوا يحاذرونهم فلأهل الشام واذربيجان والجزيرة عدوهم الروم وارمينية وثغورهم السواحل وطرسوس والمصيصة وعين زربة [1] وقاليقلا وسميساط واخلاط [2] وكذلك عدو المغاربة الروم وعدو أهل الجبل وجرجان والجيل والديلم الغزية [3] الترك وكانت قزوين ثغر الديلم ودهستان ثغر الترك فأسلمت الديالمة وتباعدت عنهم الترك وعدو أهل كرمان البلوص وعدوّ

_ [1] . ذربهMS. [2] . وخلاطMS. [3] . والغرية MS.

ذكر ما يحكى من عجائب الأرض وأهلها

أهل بلخ [و] باميان وجوزجان الهند وأهل خراسان عدوهم الترك وعدو أهل مكران البارج وخاشت [1] وثغرهم تيز وأهل زرنج وبست الغور وكثير من الثغور قد تباعد عنها العدو وأسلموا مثل قزوين أسلمت الديلم ومثل ويسكرد [2] أسلمت راشت والتحرز من المسلمين أولى من غيرهم،،، ذكر ما يحكى من عجائب الأرض وأهلها قد ذكر في الكتب أن عجائب الدنيا [F 127 r] أربع شجر الزرزور ومنارة [3] الاسكندرية وكنيسة الرها ومسجد دمشق ومن العجائب الهرمان بمصر ارتفاعهما في السماء أربع مائة وخمسون ذراعا في انخراط مكتوب عليهما من ادعى قوة فليهدمهما فإن الهدم أسهل من البناء ومنها قنطرة بختن معقودة من رأس جبل إلى جبل عقدها أهل الصين في الدهر ومنها جبل تبت يقال له جبل السم إذا مر به الناس أخذ بأنفاسهم فمنهم من يموت ومنهم من ينغل [4] لسانه

_ [1] . وحاشبMS. [2] . ويشجردCorr.marg.: [3] . والمنارةMS. [4] . ينعل MS.

ومنها أن قتيبة بن مسلم لما افتتح ويكند أصاب بها قدورا عظاما يصعد إليها بالسلاليم فتذاكروا أنها مما عملته الشياطين لسليمان عم بقوله تعالى يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ من مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ 34: 13 ومنها ما يحكى أن في مطلع الشمس أرضا ينبت الذهب قطعا كالنبات يظهر عند انفجار الصبح كالسرج ثم يغوص إذا دنا طلوع الشمس وفي تلك الأرض دابة على صورة النمل تأكل الناس قالوا ولمّا أغزى گشتاسب بن لهراسب اسفنديار فسار في أرض الترك حتى خرج من وراء الروم في أقصى الغرب وضع ثم صنما ونقش فيه ليس وراء هذا أحد يقاتل ولما فتح طارق بن زياد الأندلس في ولاية الوليد بن عبد الملك أصاب بها مائدة بثلاثة أطواق لؤلؤ وزبرجد وياقوت فذكر أهل الكتاب أنهما مما استخرجه الشياطين من البحر لسليمان بن داود ومنها أن من دخل تبت لم يزل مسرورا ضاحكا حتى يخرج كما يزعمون من غير علة ومنها أساطين انصنا [1] مرأى الصعيد وغضائر [2] السروج ومنها

_ [1] انصيارMS. [2] وقفاير MS.

البحر المغربي لا تجرى فيه السفن لأن فيه جبالا من حجر المغناطيس إذا انتهت إليه السفن جذبت ما فيها من المسامير فانتقضت قالوا وفي بحر الهند حيتان يبتلعون القارب وفيه سمك طيارة وفي بحر المغرب سمك على صورة الناس سواء وبأرض الهند شجر تقود [1] فروعها إلى الأرض فتغوص فيها ثمّ تخرج رءوسها من موضع آخر فإذا صارت شجرا عادت رءوسها إلى الأرض ثم لا يزال كذلك حتى بلغت فراسخ ويغلب على بلدان كثيرة بعروقها وفروعها وزعموا أن قصب الخيزران يسير تحت الأرض خمسة فراسخ أو ستة وبها شجر يقال لها وقواق فيزعمون أن صورة ثمره على صورة وجوه الناس وأما الحمات والنيران الظاهرة ومخارق الريح التي لا تسكن [2] أبدا ومساقط الثلوج التي لا تخلو طول السنة ومستنقعات المياه المختلفة الطعوم والارائيح والترب المختلفة فلا تحصى ولا تعد وقد ذكر محمد بن زكريا في كتاب الخواص منه طرفا صالحا فمما زعموا أن بارض الترك جبلا إذا انتهوا إليه شدّوا في حوافر

_ [1] . تقودMS. [2] . يسكن MS.

دوابّهم اللبد والصوف لئلّا يثير عجاجا فيمطروا قالوا ويحملون معهم من حجارة ذلك الجبل فإذا عطشوا حركوها في الماء فيمطرون في الحال وفي كتاب المسالك والممالك حكاية أن بأقصى الترك مما يلي شمالهم نهرا عظيما يدخل في نقب جبل عظيم [F 127 V] لا يدري أحد أين مخرج ذلك الماء ومصبه وأن رجلا منهم اتخذ ضغثا ودخل في زق عظيم وأمر أن ينفخ [1] فيه واستوثق من رأسه ثم شد الزق على الضغث وطرح في الماء قالوا وانّه غاص يومين أو ثلاثة ثم خرج ببسيط من الأرض فلما أحس بضوء النهار شق عنه الزق فإذا هو بأرض ذات شجر وحيوان لم ير مثلها في طولها وعرضها وعظمها وناس طوال القامات عراض الأجسام على دواب عظام فلما بصروا به جعلوا يضحكون تعجبا منه ومن خلقته وجسمه هكذا الحكاية فلا أدري من أي طريق عاد إليهم هذا الرجل وأخبرهم بالخبر ومن أراد معرفة هذه الأشياء فلينظر في طبائع الحيوان وطبائع الأحجار وطبائع النبات يزده علما ومعرفة وعبرة،،،

_ [1] . ينفخ MS.

ومن عجائب أصناف الناس

ومن عجائب أصناف الناس قد جاء في الأخبار من صفة يأجوج ومأجوج ما ذكرناه في موضعه وكذلك من صفة النسناس بأرض وبار وصنف منهم بناحية بامير وهي مفازة بين قشمير وتبت ووخان والصين ناس وحشية مشعرة جميع أبدانهم إلا الوجه ينقزون نزو الظباء وحدثني غير واحد من أهل وخان أنهم يصطادونه ويأكلونه قالوا وفي غياض سرنديب ناس وحشية يصفر بعضها لبعض وينفرون من الناس وبالزنج في أقاصيها قوم ليس لهم طعام إلا ما أحرقت الشمس من دواب البحر عند غروبها ولا لهم لباس غير ورق الشجر ولا لهم بناء إلا أكنان تحت الأرض وهم يأكلون بعضهم بعضا ولا يعرف أحد منهم أباه ولا نكاح فيهم قالوا وفي ناحية الترك قوم إذا خرجوا إلى عدوهم أخذوا الملح معهم فمن قتلوه ملحوه وأكلوه قالوا وبنواحي خرخيز [1] أمة وحشية لا يخالطون الناس ولا يفهمون عنهم لباسهم وأوانيهم من جلود الوحش يتناكحون على أربع كالوحش والبهائم وإذا مات منهم ميت علقوه على الشجر حتى يبلى قالوا وفي جهة الشمال أمة في طباع السباع الزعرة

_ [1] . خرخير MS.

هم سباع الناس وحدثني غير واحد من الغوّاصين بأنّهم يرون حيوانا في البحر على صورة الناس يكلم بعضهم بعضا وفي كتاب المسالك أن في جزيرة من جزائر الهند قوما عظام الأجسام قدم أحدهم ذراع يأكلون الناس يقول الله عز وجل وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ 16: 8 وروينا عن عبد الله بن عمر أنه قال ربع من لا يلبس الثياب من السودان أكثر من جميع الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنتم في الناس إلا كالرقمة في ذراع البكر وروى إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود وروى أنه قال لما ذكر أهل النار أما ترضون أن يكون من ياجوج وماجوج تسع مائة وتسعة وتسعون ومنكم واحد قالوا وأعدل أقسام الأرض وأصفاها وأطيبها إيران شهر وهو المعروف باقليم بابل ما بين نهر بلخ إلى نهر الفرات في الطول وبين بحر عابسكين [1] إلى بحر فارس واليمن في العرض ثم إلى مكران وكابل وطخارستان ومنتهى آذربيجان صفوة الأرض وسرتها لاعتدال ألوان أهلها واستواء أجسامهم وسلامة عقولهم وذلك أنهم سلموا من شقرة الروم وفظاظة الترك ودمامة الصين وقصر يأجوج

_ [1] . غابلس Additionmarg.:

ذكر ما بلغنا من المدن والقرى ومن بناها

وماجوج وسواد الحبشان وخبل الزنوج ولذلك سمي إيران شهر يعنون قلب البلدان وإيران هو القلب بلسان أهل بابل في القديم وهي أرض الحكماء والعلماء [FO 128 RO] وفيهم السخاء والرحمة والتمييز والفطنة وكل خصلة محمودة التي عدمها الناس من سكان الأرض ويحسبك معرفة هذه البلاد أنه لا يحمل إليها أحد من غيرها ولا يقع إليها بنفسه فيشتاق بعد ذلك إلى أرضه أن يعود إليها وليس كذلك حال هذه البلاد والله أعلم،،، ذكر ما بلغنا من المدن والقرى ومن بناها ذكر في الأخبار أن أول قرية بنيت على وجه الأرض بعد الطوفان بقرذى [1] وسوق ثمانين وذلك أنّ نوحا عم لمّا خرج من السفينة وكانوا ثمانين إنسانا هذه الرواية أربعون رجلا وأربعون امرأة بنى لهم تلك القرية وسموها سوق ثمانين وجاء أن أول بناء بني على وجه الأرض بيت الله الكعبة بناه شيث بن آدم وفي كتب العجم أن المدائن بناها هوشنك وسماه كرد بنداذ معمولا وجد فكأنه كان بناء قبله ثم درس فبناه زاب الملك وهو الّذي

_ [1] . نعردى MS.

حفر الزابين [1] ثم بناه الاسكندر ثم بناه شابور ذو [2] الأكتاف قالوا وبنى طهمورث بابل وهي المدينة العتيقة وإبريز بأرض آذربيجان واواق على رأس جبل شاهق بأرض الهند وقهندز مرو بأرض خراسان قالوا بنى جم شاذ همذان بأرض الجبل واصطخر بأرض فارس والمذار بأرض بابل وطوس بأرض خراسان قالوا وبني كيلهراسب [3] الجبار بلخ الحسناء [4] بأرض الهند وقهندز [5] بأرض مكران قالوا وبني بهمن حول إصطخر بناء عجيبا وبنى دارا دارا بجرد [6] بأرض فارس وبنى دارا بن دارا دارا بأرض الجزيرة وبنى اوشهنج مدينة بابل ومدينة السوس بأرض الأهواز ومعناه حسن ثم بنى بعدها تستر ومعناه أحسن وبنى شابور بن أردشير [7] جنديشابور بأرض الأهواز

_ [1] . الزابينMS. [2] . ذوىMS. [3] . كيلهراستMS. corriged ,apresTabari ,I ,p.645. [4] بن فلج الحنساءMS. [5] . وقهندرMs. [6] . دارابجردMS. [7] . اردسير MS.

والأنبار بأرض العراق وبنى هرمز البطل دسكرة الملك وبنى يزدجرد الجشن بناء بباب ارمينية وبناء بأرض جرجان وبنى شابور ذو الاكتاف نيسابور بخراسان وبنى الاسكندر عشر مدن سرنديب بأرض الهند والاسكندرية بأرض اليونان وجى بأرض أصبهان وهراة ومرو وسمرقند بأرض خراسان ومن يحصى بناة المدن وواضعي القرى ومن يعلم مبادي إنشائها إلا الله عز وجل وهبنا أخبرنا بمدن فارس على نحو ما نجده في كتبهم والمدن التي أحدثت في الإسلام بقرب العهد وجدة التأريخ فمن لنا بمدن الهند والصين والروم والترك وليس كل مدينة أو قرية مبنية منسوبة إلى بانيها لأنه قد تسمى المدينة باسم الباني أو باسم لها قبل حدوثها أو باسم ماء أو شجر أو شيء ما وقد يجوز أن يجتمع قوم بموضع من المواضع فيصير ذلك مدينة فهذا يبين لك أن كل مدينة لا يوجب بانيا لها قاصدا إليها وقد قيل أن قسطنطينية مدينة ملك الروم بناها قسطنطين فسميت به ونيسابور بناها سابور فسميت به وافريقية بناها افريقيس فسميت به وحران نزلها هاران بن آزر أخو إبراهيم عم فسميت به وسمرقند خربها شمر ملك من

ملوك اليمن فقيل شمر كند ثم عرب وغمدان بناها غمدان الملك باليمن فسميت به وصنعاء سميت بجودة الصنعة وعدن سميت بالمقام قالوا وسميت مكة لازدحام الناس بها وسميت المدينة لاجتماع الناس فيها وهي تسمى [FO 128 VO] يثرب وسمّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبة وسمّيت الجحفة بسيل أتى فيها فجحف من فيها والكوفة مصرها سعد بن أبي وقاص وكان بها رمل فسميت به ويقال لها الكوفان والبصرة مصرها عتبة بن غزوان وسماها بحجارة بيض كانت في موضعها وواسط بناها الحجّاج ويقال لذلك واسط القصب ويقال بل توسطت البصرة والكوفة وهي سهلية جبلية برية بحرية يوجد بها الرطب والثلج والقمح والسمك وبغداذ سميت باسم موضع كان قبلها ويقال لها الزوراء ويقال بغ اسم صنم وسمتها الخلفاء مدينة السلام وأول من بناها أبو جعفر المنصور بنى بها قصر الخلد وسرّمن رأى بناها المعتصم وذلك أنه تنحى عن مدينة السلم ليبلى [1] في السراة الذين تجمعوا بديار ربيعة ومضر فنزلها وهي ضاحية [2] على جهة

_ [1] . ليبلىMS. [2] . صاحية MS.

ذكر ما جاء في خراب البلدان

مناخ العسكر لا سور عليها ولا خندق ولا ميرة ولا ماء ثم عطلت وكان أبو العباس نزل الأنبار فبناها وبنى المتوكل المتوكلية وانتقل إليها فقتل بها وطرسوس بني في أيام هارون الرشيد والمصيصة [1] بناها المنصور وعسكر مكرم نزلها مكرم بن [مطرف] اللخمي فصارت مدينة ونسبت إليه فاعلم أن المدن تبنى على ثلاثة أشياء على الماء والكلاء والحطب فإذا فقدت واحدة من هذه الثلاثة لم تبق [2] ،،، ذكر ما جاء في خراب البلدان في كتاب أبي حذيفة عن مقاتل أنه قال قرأت في كتب الضحاك بعد موته وهي الكتب المخزونة عنده في قوله عز وجل وَإِنْ من قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ في الْكِتابِ مَسْطُوراً 17: 58 أما القرى مكة فيخربها الحبشان فذلك عذابهم وأما المدينة فالجوع يخربها وأما البصرة فالغرق وأما الكوفة فالترك وخراب الشام من قبل الملحمة بالكدى [3] عند

_ [1] . والمصيصيّةMS. [2] . لم يبقMS. [3] . بالكذا Corr.marg. ,ms.

فتح القسطنطينية وخراب الأندلس وطنجة من قبل الريح وخراب الافريقية من قبل الأندلس وخراب مصر من انقطاع النيل وخراب اليمن من الجراد والحبش وخراب ارمينية من الصواعق والرواجف وخراب آذربيجان بسنابك الخيل وخراب الجبل بالصواعق وخراب الري واصفهان وهمذان على أيدي الديالمة والطبرية وهلاك حلوان بهلاك الزوراء قال وهلاك الزوراء بريح ساكنة تمر بها فيصبح أهلها قردة وخنازير وأمّا الكوفان فيخرّبها رجل من آل عنبسة بن أبي سفيان يعني السفياني وخراب سجستان برياح ورمال وحيات وأما خراسان فانها تهلك بأصناف العذاب وبلخ يصيبها رجة وهدة فيغلب عليها الماء فتهلك وبذخشان يغلب عليها أقوام عليهم الدواويج المشقوقة فيتركونها كجوف الحمار والترمذ يموتون بجارف الصغانيّة تهلك بقتل صريع [1] لهم من عدوّ وسمرقند والشاش وفرغانة واسبيجاب وخوارزم يغلب عليها بنو قيطورا بن كركر وأما بخارا فأرض الجبابرة يصيبهم نحو ما يصيب خوارزم ثم يموتون قحطا وجوعا ومن الجملة خراب ما وراء النهر بالترك قالوا ويضيق

_ [1] دونع Notemarginale:

بهم الأمر حتى لو نبح كلب على شاطئ آمل لتمنّى من على شطّ فرات [FO 129 RO] أنه مكان ذلك الكلب وخراب كرمان وفارس واصفهان من قبل عدو لهم وخراب مرو بالرمل ونيسابور بالريح وخراب هراة بالحيات قال تمطر عليهم الحيّات فتأكلهم قال مقاتل وخراب السند من قبل الهند وخراب خراسان من قبل تبت وخراب تبت من قبل الصين كذا الرواية والله أعلم فقد روى من خراب البلدان عن الصحابة فمن ذلك ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمدينة لتركها أهلها على حين [1] ما كانت مذللة للعوافى وما روى عن علي عم أنه قال ليخرب البصرة وليفرقن حتى يصير المسجد كأنّه جؤجؤ سفينة

_ [1] . حير MS.

الفصل الرابع عشر في ذكر أنساب العرب وأيامها المشهورة على غاية هذا الكتاب من الإيجاز والاختصار

الفصل الرابع عشر في ذكر أنساب العرب وأيامها المشهورة على غاية هذا الكتاب من الإيجاز والاختصار اختلف الناس في نسب العرب فقال بعضهم كلهم من ولد اسماعيل بن إبراهيم عم وقال آخرون ليست النمر من ولد اسماعيل ولكنها من ولد قحطان بن عابر بن شالخ بن ارفخشذ بن سام بن نوح فهم أنسب وأقدم من غيرهم ولذلك تفتخر أعراب اليمن على غيرها من العرب وقال ابن إسحاق لم أجد أحدا من نساب اليمن له علم إلا وهو يزعم أنهم [ليسوا] من ولد اسماعيل ويقولون نحن العرب العاربة كنا قبل اسماعيل وإنما تكلم اسماعيل بلساننا لما جاورته جرهم إلا هذين الحيين الأنصار وخزاعة فإنهم يزعمون أنهم من ولد إسماعيل عم قالوا وأخو قحطان يقطر بن عامر بن عابر فولد يقطر جرهم وجزيلا [1] فلم

_ [1] . حذيلا MS.

يبق في جزيل بقية فنزلت جرهم مكة فنكح فيهم اسماعيل عم وقد قال رجل من قحطان بن هميسع بن نابت بن اسماعيل والنساب على أنه قحطان بن عابر بن شالخ بن ارفخشذ بن سام ابن نوح والله أعلم وقحطان ونزار هما جرثومتان لأنه نسبة ولد اسماعيل من نزار ونسبة اليمن من قحطان هذا [1] هو الأصل قال الشاعر [وافر] بجيلة حين جاءت ليس تدري ... [2] أقحطان أبوها أم نزار ونزار نزاران فهذا نزار بن معد بن عدنان والثاني نزار بن انمار ثم اختلفوا في نسب عدنان فقال بعضهم عدنان بن أدد بن يخنوخ ابن مقوم [بن] ناحور بن تيرخ [3] بن يعرب بن يشجب بن اسماعيل هذا قول محمد بن إسحاق وقال بعضهم عدنان بن مبدع بن يسع بن الأدد بن كعب بن يشجب بن يعرب بن الهميسع بن حميل بن سليمان بن ثابت بن قيدر بن [أ] إسماعيل وقد روى ابن

_ [1] . هذMS. [2] . تدريMS. [3] . باحور بن تبرح MS.

عبّاس رضى الله عنه أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم انتسب فلما بلغ إلى عدنان وقف وقال كذب النسّابون وقد روى ابن إسحاق عن يزيد [1] بن رومان عن عائشة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال استقامت نسبة الناس إلى عدنان ويدلك على هذا قول لبيد [طويل] فإن لم نجد من دون عدنان والدا ... ودون معد فلترعك العواذل فولد عدنان عك [2] بن عدنان ومعد بن عدنان فأما عك [2] فأول من تبدى في البادية والعدد في معد فولد [F 129 v] معد بن عدنان ثمانية نفر يذكر منهم أربعة قضاعة بن معد واياد ابن معد ونزار بن معد والعدد في نزار فولد نزار ثلاثة نفر ربيعة ومضر وانمارا فأما انمار فإنه ولد خثعم وبجيلة فصاروا إلى اليمن فأما مضر فولد الياس ويقال لولد الياس خندف ينسبون إلى أمهم وولد الياس ثلاثة نفر مدركة بن الياس وطابخه بن الياس وقمعة بن [أ] لياس فأما قمعة فزعم بعض الناس أنهم في اليمن ورجعت خندفها إلى مدركة وطابخة وأما الياس

_ [1] . زيدMS. [2] . عدي MS.

ابن مضر فهو قيس بن عيلان فمضر ترجع كلها إلى هذين الحيين خندف وقيس وولد مدركة بن الياس هذيل وولد سعد تميم بن معاوية بن تميم وقد ولدوا غير ما نذكره غير أنا نذكر من له العدد وولد خزيمة بن مدركة أسد ابن خزيمة فمنه تفرقت بطون العرب وهم بنو أسد والهون بن خزيمة فولد الهون القارة الذي يقال في المثل قد أنصف القارة من رماها ومن القارة عضل وديش وكنانة بن خزيمة فولد كنانة النضر بن كنانة ومالك بن كنانة وملكان بن كنانة وعبد مناة بن كنانة فأما النضر بن كنانة فهو أبو قريش كلها وولد النضر بن كنانة مالك بن النضر والصلت بن النضر فصارت الصلت في اليمن ورجعت قريش كلها الى مالك بن النضر فولد مالك فهو بن مالك والحارث ابن مالك فمن بني الحارث المطيبون والخلج وأما فهر فمنه تفرقت قبائل قريش وولد فهر غالب بن فهر ومحارب بن فهر فولد الغالب لؤيّ بن غالب وتيم بن غالب فامّا تيم فهم بنو الادرم من أعراب قريش ليس منهم بمكّة أحد وفيهم يقول الشاعر [رجز]

إن بني الادرم ليسوا من أحد ... ولا توفّاهم [1] قريش في العدد وأمّا لؤي بن غالب فإليه ينتهي عدد قريش وشرفها وولد لؤي سبعة نفر منهم كعب بن لؤي فولد كعب مرة بن كعب فمن عدي عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ومن مرّة ابو بكر الصدّيق رضي الله عنه وولد مرة بن كعب كلاب بن مرة وولد كلاب قصي بن كلاب وزهرة بن كلاب فأما قصي فاسمه زيد وإنما سمي قصيّا لأنّه قصىّ مع أبيه وتسمية قريش مجمعا لأنه جمع قبائل قريش وأنزلها مكة وبنى بها دار الندوة وأخذ مفتاح البيت من خزاعة وكان قريش قبل ذلك حلولا فمن ذلك قريش الاباطح كانوا ينزلون الأبطح ومنهم قريش الظواهر كانوا ينزلون بظاهر مكة فجمعهم قصي وفيه يقول الشاعر [طويل] أبو كم قصي كان يدعى مجمعا ... به جمع الله القبائل من فهر وأنتم بنو زيد وزيد أبوكم ... به زيدت البطحاء فخرا على فخر فتزوج قصي بن كلاب ابنة حليل بن حبش الخزاعىّ فولدت له

_ [1] . يوفّاهم MS.

أربعة نفر عبد مناف وعبد الدار وعبد العزّى وعبدا فأمّا عبد فبادوا كلّهم وأما عبد الدار فإنهم قتلوا يوم أحد إلا عثمان ابن طلحة فإنّه أسلم ودفع النبيّ صلى الله عليه وسلم المفتاح إليه يوم فتح مكة ثم دفعه إلى شيبة فهو في ولده إلى اليوم وأما عبد العزي فبقوا ومنهم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي وأما عبد مناف فولد عشرة نفر منهم هاشم والحارث وعباد ومخرمة وعبد شمس والمطلب ونوفل واسم عبد مناف المغيرة وكانوا يسمونه الغمر لجوده وفضله [F 130 r] وإليه صار السؤدد بعد قصي فأما عبد شمس بن عبد مناف فانه ولد أولادا يسمون العبلات لأن اسم أمهم عبلة ويقال أيضا أمية الأصغر لأن لعبد مناف ولدا يقال له أمية الأكبر وولدا يقال له عبد العزي والربيع يقال له جرو البطحاء وولد الربيع أبا العيص بن الربيع زوج بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أخت خديجة وأما أمية الأكبر فإنه ولد حربا وأبا حرب وسفيان وعمروا وأبا عمرو يقال لهم العنابس شبهوا بالأسد والعاص وابا العيص يقال لهم الأعياص فأما حرب بن أمية فولد أبا سفيان بن حرب وأما أبو العاص فولد أبا عثمان بن عفان وأما

أبو العيص فقالوا ولد أسيدا أبا عتاب بن أسيد أمير مكة وأما هاشم بن [1] عبد مناف فاسمه عمرو وسمي هاشما لأنه هشم الخبز ويقال كثر الخبز بالرحلتين بينهما في الصيف إلى الشام وفي الشتاء إلى اليمن وفيه يقول الشاعر [كامل] عمرو الذي هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف وإليه صار السؤدد بعد عبد مناف وولد هاشم ولدا لم يعقب منهم أحد غير أسيد بن هاشم وعبد المطلب بن هاشم وهلك هاشم بغزة من أرض الشام وكان وافاها في تجارة له ومات المطلب بردمان من أرض اليمن ومات نوفل بسلمان من أرض العراق ومات عبد شمس بمكة وفيه يقول مطرود بن كعب [سريع] منيت بردمان ومنيت بسلمان ... ومنيت بين غزات ومنيت أسكن اللحد لدى ... المحجوب شرقي البنيات فهولاء بنو عبد مناف ثم صار الأمر إلى عبد المطلب بن هاشم بعد عمه المطلب بن عبد مناف،،،

_ [1] . عن MS.

قصة عبد المطلب

قصة عبد المطلب واسمه شيبة الحمد وذلك أنّ هاشم بن عبد مناف خرج إلى الشام في تجارة فمر بالمدينة وتزوج بسلمى بنت عمرو النجارية فحملت بشيبة ورحل هاشم فمات بأرض الشام وولدته سلمى وترعرع الغلام وصار وصيفا فقدم ثابت بن المنذر أبو حسان بن ثابت الشاعر مكة فقال للمطلب بن عبد مناف لو رأيت ابن أخيك لرأيت جمالا وشرفا ورأيته بنى آطام بنى قينقاع يناضل فتيانا من أخواله فيدخل في مرماتية جميعا في مثل راحتي هذه والمرماة السهام وكانوا إذ ذاك يرمون بسهمين فخرج المطلب حتى قدم المدينة ومكث يرقب شيبة فلما أبصره عرفه بالشيبة ففاضت عينه ثم دعاه فكساه حلة وردة إلى أمه وانشأ يقول [بسيط] عرفت شيبة والنجار قد جعلت ... أناءها حوله بالنبل تنتضل عرفت أجلاده منا وشيمته ... ففاض مني عليه واكف سبل ثم أتي أمه فضنت به فلم يزل بها يقبل [1] في الغارب والسنام حتى دفعته إليه فاحتمله وقفل راجعا إلى مكة وهو رديفه ولم يكن

_ [1] .؟ يقبل MS.

قصة حفر عبد المطلب زمزم

للمطلب ولد فقيل هذا عبده فنشب اللقب عليه ثم لما هلك المطلب [F؟ 130 v؟] بن عبد مناف قام بالأمر عبد المطلب بن هاشم وكثرت أمواله وتأثلت مواشيه فأجمع أن يحفر بئرا،،، قصة حفر عبد المطلب زمزم قد بينا في قصة اسماعيل وهاجر ما ذكر من أمر زمزم فمن قائل أنها ركضة جبرئيل وآخر أنّها همزة إسماعيل بكعبه ثم عورتها [1] السيول وعفتها الأمطار روى ابن إسحاق عن علي بن أبي طالب عم أن عبد المطلب بينا هو نائم في الحجر إذ أتي فأمر بحفر زمزم فقال ما زمزم فقال لا ينزف ولا يذم، لتسقى الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، وعند نقره الغراب الأعصم، فغدا عبد المطلب ومعه الحارث ابنه ليس له يومئذ ولد غيره فوجد الغراب ينقر بين اساف ونائلة فحفر منه فلما بدا الطى كبر فاستشركته قريش وقالوا انّها بئر أبينا إسماعيل ولنا فيها حق فأبى أن يعطيهم حتى تحاكموا إلى كاهنة بنى سعد بأشراف الشام فركبوا وساروا حتى إذا كانوا ببعض الطريق

_ [1] . غورتها MS.

قصة ذبح عبد المطلب ابنه عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم

نفد ماؤهم فظمئوا وأيقنوا بالهلاك فانفجرت من تحت خف راحلة عبد المطلب عين من ماء فشربوا منه وعاشوا وقالوا قد والله قضى لك علينا لا نخاصمك فيها أبدا إن الذي سقاك الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم فانصرفوا وحفر [1] زمزم فوجد فيها غزالين من ذهب كانت جرهم دفنتهما عند خروجهم من مكة ووجد فيها أسيافا قلعيه ودروعا فضرب الغزالين في باب الكعبة وأقام عبد المطلب سقاية زمزم للحجاج وفيه يقول حذيفة بن غانم [طويل] وساقي الحجيج ثم للخبز هاشم ... وعبد مناف ذلكم سيد فهر طوى زمزما عند المقام فأصبحت ... سقايته فخرا على كل ذي فخر قصة ذبح عبد المطلب ابنه عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا وكان عبد المطلب نذر للَّه عز وجل حيث كان لقي من قريش ما لقي عند حفرة زمزم لئن ولد له عشرة نفر يمنعونه ممن يريده لينحرن أحدهم للَّه عز وجل عند الكعبة شكرا له فلما توافى بنوه العشرة جمعهم فأخبرهم بنذره قالوا شأنك وما

_ [1] . وحفروا MS.

نذرت قال ليأخذ كل رجل منكم قدحا ثم ليكتب فيه اسمه ثم ليأتني به ففعلوا فقام ودخل بهم على هبل في جوف الكعبة وضرب عليهم قداحهم فخرج قدح عبد الله أبي رسول الله وهو أصغرهم فأخذ بيده وحدد الشفرة وجره إلى المذبح فقامت قريش من أنديتها وقالوا لا تذبحه ابدا حتّى تعذر فيه لئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتي بابنه فيذبحه فما بقاء الناس على هذا ولكن انطلق إلى الحجاز فإن بها عرافة لها تابع فسلها فرحل عبد المطّلب وقصّ عليها القصص فقالت صاحبكم وعشرا من الإبل ثم اضربوا عليها بالقداح فان خرجت على صاحبكم فزيدوا حتى [يرضى] ربكم فرجعوا إلى مكة وقربوا الإبل هبل ولم يزالوا يضربون عليها بالقداح وعلى عبد الله والقداح تخرج عليه حتّى بلغت الإبل مائة ثم خرجت على الإبل فأمر فنحرت بالبطحاء وفي شعاب مكّة وفجاجها وعلى رءوس الجبال حتى أكلها الناس والطير وفيه يقول ابو طالب [طويل] وتطعم حتى تترك الطير سورها ... إذا جعلت أيدي المفيضين ترعد ثم أخذ عبد المطلب بيد عبد الله حتى [أتى] وهب بن عبد

نسب أهل اليمن

مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي فزوجه ابنته [F؟ 131 r؟] آمنة بنت وهب وأم آمنة برة بنت عبد العزّى ابن قصىّ بن كلاب فحملت آمنة بالنبيّ صلى الله عليه وسلم وهلك أبوه عبد الله بالمدينة والرسول حمل في بطن أمه فرثته آمنة بنت وهب أمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروى [طويل] عفا جانب البطحاء من آل هاشم ... وجاور لحدا مدرجا بالغماغم دعته المنايا دعوة فأجابها ... وما تركت في الناس مثل ابن هاشم في أبيات غيرها قالوا ثم مات وهب بن عبد مناف فرثته ابنته آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم [بسيط] أني لباكية وهبا فمعولة ... وهب بن عبد مناف سيد الناس فقد رزئت كريما غير مؤتشب ... ضخم الدسيعة حناسا لحناس ماضي العزيمة لا يخشى غوائله ... من جوهر من قريش غير أنكاس في أبيات أخر ثم توفي عبد المطّلب ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثمان سنين أو أقل،،، نسب أهل اليمن لا خلاف أنهم من ولد قحطان وانما الخلاف

في قحطان وهو قحطان أبو [1] يعرب وولد يعرب يشجب وولد يشجب سبأ واسم سبأ عبد شمس بن يشجب وإنما سمي به لأنّه أوّل من سبا في العرب وولد سبأ سبعة نفر الأشعر بن سبأ ومنه رهط أبى موسى الأشعري وحمير بن سبأ وانمار بن سبأ وعاملة بن سبأ ومرة بن سبأ فولد مرة بن سبأ شعبان بن مرة وولد الأشعر بن سبإ الأشعريّين وولد عمرو بن سبأ عدي بن عمرو فولد عدي لخما وجذاما وجذام قبائلها وبطونها منهم جديس وغنم وجشم وغطفان ونفاثة ومدالة والدار التي تنسب إليها الداريون وولد أنمار بن سبإ ولدا فخالفوا خثعما وبجيلة وقال نسّاب مضر أن خثعما وبجيلة ابنا انمار ابن نزار فجر انمار بن سبأ نسبهم باسم أبيهم يتمنى به وقد قال جرير بن عبد الله البجلي نافرا لفرافصة الكلبيّ [إلى] الأقرع بن حابس يا أقرع بن حابس يا أقرع ... إنك ان يصرع أخوك تصرع وقال أيضا

_ [1] . بن MS.

ابني نزار ابصرا أخاكما ... إن أبي وجدته أباكما لن يغلب اليوم أخ والاكما [1] وبجيلة امرأة نسبت القبيلة إليها ومن بطون بجيلة قسر رهط خالد بن عبد الله القسري وولد عاملة بن سبأ قبائل ويزعم نساب مضر إنهم من ولد قاسط قال الأعشى [متقارب] أعامل حتى متى يذهبن ... إلى غير والدك الأكرم ووالدكم قاسط فارجعوا ... إلى النسب الأبلد الأقدم وولد حمير بن سبأ ست نفر مالك بن حمير وعامر بن حمير وعوف ابن حمير وسعد بن حمير ووائلة بن حمير وعمرو بن حمير [F؟ 131 v؟] فولد مالك بن حمير قضاعة بن مالك وولد قضاعة قبائل منها كلب بن وبرة ومصاد وبنوا القين وتنوخ وجرم بن زياد وراسب وبهراء وبلى ومهرة وعذرة وسعد هذيم وهذيم عبد حبشي نسب إليه والشائعة منه ذو الكلاع وذو نواس وذو أصبح وذو جدن وذو يزن وبطون كثيرة وفيه يقول الفاكهىّ [رجز] الحسب المعروف غير المنكر ... قضاعة بن ملك بن حمير

_ [1] . أخى et ان MS.

وولد كهلان بن سبأ زيد بن كهلان فولد زيد بن [كهلان] ملك بن زيد وادد بن زيد فولد ادد طى بن ادد والغوث بن ادد ومن طى بنو نبهان الّذي يذكره أبو تمّام الطائىّ [بسيط] تنبهت لبني نبهان حين ثوى ... يد الزمان فعاثت فيهم وفمه ويقول في افتخاره بهم [طويل] لنا جوهر زيديّة أدديّة ... إذا نجمت زلّت لها الأنجم الزهر ومن طىّ بنو ثعل الّذي يذكره امرؤ القيس [مديد] ربّ رام من بنى ثعل ... مخرج كفّيه من ستره ومن طي بنو سنبس الذين يذكرهم الأعشى [متقارب] فصبّحها القانص السنبسىّ ... فشلى كلابا بإيسادها وولد مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ يحابر بن مالك وقر ابن مالك ومربع بن مالك فولد يحابر مذحج وولد مذحج مرادا وجلدا وعنسا [1] وسعد العشيرة وإنما سمّى سعد العشيرة

_ [1] . وخالدا وعبسا MS.

نسب الأوس والخزرج

لأنه شهد الموسم ومعه بنون عشرة فقيل له من هؤلاء فقال هم العشيرة وولد سعد العشيرة جعفى بن سعد وحبيب ابن سعد وصعب بن سعد وعائذ الله بن سعد وفيه يقول مهلهل الشاعر [منسرح] أنكحها فقدها الأراقم في ... جنب وكان الخباء من أدم لو بأبانين [1] جاء يخطبها ... ضرج ما انف خاطب بدم وفي الجملة اكثر قبائل العرب من اليمن فمنهم السكون وخولان والأزد ومازن بن الأزد وميدعان بن الأزد والهنو بن الأزد ورماد بن سلامان ومنهم آل العنقاء والفراهيد وقسامل وبلادس وثهلان وحرحنة وبطون كثيرة قد دونت في كتب الأنساب حتى ما تسقط قبيلة ولا فخذ ولا رهط ولا بطن،،، نسب الأوس والخزرج وهم الأنصار وهم من بلد كهلان بن سبأ الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة ابن ثعلبة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن عبد الله بن الأزد بن غوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ

_ Ms.sanspoints. [1]

ابن يشجب بن يعرب بن قحطان وأمهم قيلة فيقال للأنصار أبناء قيلة فولد الخزرج بن حارثة خمسة نفر جشم بن الخزرج وعوف بن الخزرج وهما الخرطومان يقال إن سرك العز فحجيج في جشم والحارث بن الخزرج وكعب بن الخزرج وعمرو بن الخزرج وكان يقال لهم القواقل وذلك أن الرجل كان إذا استجار بيثرب قيل له قوقل حيث شئت فقد أمنت ومن ولد عمرو بن الخزرج النجار ويقال لهم بنو النجار واسمه تيم اللات ابن ثعلبة ويقال سمي بذلك لأنه نجر وجه رجل بالقدوم ويقال اختتن بالقدوم وولد أوس بن حارثة [F؟ 132؟ O] مالك ابن أوس فمن مالك تفرقت قبائل الأوس كلها وبطونها فمنها عمرو بن عوف أهل قبا ومنهم جحجبي [1] بن كلفه رهط أحيحة بن الجلاح زوج سلمى قبل هاشم ومنهم الجعادرة يقال لهم أوس الله ومنهم اليست وجردس وبنو [عبد] الأشهل وبنو الحبلى رهط عبد الله بن أبي [ابن] سلول ومنهم جفنة [2] بن عمرو وآل القعقاع وآل محرق وهم ملوك غسان بالشام واسم محرق بالشام الحارث بن عمرو وإنما سمي محرقا لأنه كان يعاقب

_ [1] . حجىMS. [2] . حقبة MS.

بالنار وفيهم يقول حسّان [كامل] أولاد جفنة عند قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل يسقون من ورد الرحيق عليهم ... بردا يصفق بالرحيق السلسل يؤتون منهم ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل بيض الوجوه كريمة أخلاقهم ... شم الأنوف من الطراز الأول إن التي ناولتني فشربتها ... قتلت قتلت فهاتها لم تقتل يزعمون أن عند ما أرسل الله عز وجل على أهل سبأ سيل العرم فلما قال عمرو بن عامر [1] في كهانته ومن كان منكم يريد الراسيات في الوحل المطعمات في المحل فليلحق بيثرب ذات النخل فكانت الأوس والخزرج وقد قال سويد بن صامت أنا ابن مزيقياء عمرو وجدي ... أبوه عامر ماء السماء وقال المنذر بن حرام جد حسان بن ثابت بن المنذر في الجاهلية العمياء يذكر نسبهم إلى غسان ثم إلى نابت بن مالك ثم الى نبت بن إسماعيل بن إبراهيم [طويل]

_ [1] . بن MS.agoute

ذكر قيس بن عيلان بن مضر بن النزار بن معد

ورثنا من البهلول عمرو بن عامر ... وحارثة الغطريف مجدا موثلا موارث من أبناء نبت بن مالك ... ونبت بن إسماعيل ما أن تحولا قالوا وولد واثلة بن حمير الشكاشك بن واثلة والعدد من حمير في واثلة،،، ذكر قيس بن عيلان بن مضر بن النزار بن معد ومن قيس فهم وعدوان واعصر وغني بن اعصر وسعد بن أعصر وهو أبو باهلة وباهلة امرأة من همدان ومنبه بن اعصر فهم الطعاوه وبنو اصمع رهط الأصمعي ومن بني باهلة قتيبة بن مسلم ومن قيس بنو وائل ومن بنى وائل سحبان وائل وثقيف هؤلاء كلهم من مضر،،، ذكر ربيعة وأما ربيعة بن نزار بن معد فأنه ولد أسد بن ربيعة واكلب بن ربيعة وضبيعة بن ربيعة فهولاء قبيلة وبطون كثيرة فمنهم جديلة ودعمى وشن ولكيز ونكرة وهم أهل البحرين ومنهم الغدق وهنب بن افصى والاراقم وفدوكس رهط الأخطل الشاعر وبكر بن وائل وعجل وحنيفة وسدوس وقبائل كثيرة وبطون مشهورة مذكورة في الكتب ومن قبائل مضر بنو الأخيل

ذكر رؤساء مكة

رهط ليلى الأخيلية والمجنون الشاعر وعامر رهط لبيد بن ربيعة العامري ومنهم القرطاء قرط وقريط ومقرطة ومن يعد قبائلهم إلا النساب وفي مقدار ما ذكرنا كفاية فإن علم الأنساب [1] من صناعة الأعراب والعرب كلها من قحطان [F؟ 132 v؟] وعدنان فأما قحطان فأبو اليمن ومن عددنا في جملتهم وأما عدنان فأبو سائر العرب وهم يرجعون إلى ابني نزار مضر وربيعة وقد ذكرنا بعضهم وثقيف بن مضر وهم فرقتان بنو مالك والأحلاف،،، ذكر رؤساء مكة جاء في الخبر أن إبراهيم عم لمّا حمل إسماعيل وأمه إلى مكة جاء جرهم وقطورا من اليمن وهما ابنا عمّ فرأيا بلدا ذا ماء وشجر فنزلا ونكح إسماعيل في جرهم فلما توفى ولي البيت بعده نبت بن إسماعيل وهو أكبر ولده ثم ولي بعده مضاض بن عمرو الجرهميّ خال ولد إسماعيل ما شاء الله أن يليه ثم تنافس جرهم وقطورا الملك فخرج جرهم في قعيقعان وهي أعلى مكة وعليهم مضاض بن عمرو وخرجت قطورا في اجياد وهي أسفل مكة وعليهم السميدع فالتقوا بفاضح واقتتلوا قتالا شديدا وقتل السميدع فسميت تلك البقعة فاضحا لأن قطورا

_ [1] . الإنسان MS.

فضحت وسمى اجيادا لما كان معهم من جياد الخيل وسميت قعيقعان لتقعقعة السلح [1] ثم تداعوا إلى الصلح واجتمعوا في الشعب وطبخوا القدور واصطلحوا فسمي المطابخ قالوا ونشر الله عزّ وجلّ ولد إسماعيل فكثروا وربلوا [2] ثم تنشروا في البلاد لا يطئون أرضا إلا ظهروا على أهلها بدينهم ثم أن جرهما بغوا بمكة واستحلوا حراما من الحرمة فظلموا من دخلها وأكلوا مال الكعبة وكانت مكة تسمى الناسة لا تقر ظلما ولا بغيا [3] ولا يبغي فيها أحد على أحد إلا أخرجته وكانت بنو بكر بن [عبد] مناة وغبشان ابن خزاعة حلولا حول مكة فأدنوهم بالقتال قاقتتلوا عمرو بن الحارث بن مضاض الأصغر وليس هو بمضاض الأكبر يقول، لاهمّ إن جرهما عبادك، ... الناس طرف وهم تلادك، فغلبتهم خزاعة ونفتهم عن مكة نفية يقول عمرو بن الحارث بن مضاض الأصغر [طويل] كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر بلى نحن كنا أهلها فازالنا ... صروف الليالي والجدود العواثر

_ [1] . السلمMs. [2] . وربلواMs. [3] . تعبا MS.

وكنا ولاة البيت من بعد نابت ... نطوف بباب البيت والخير [1] ظاهر فأخرجنا منها المليك بقدرة ... كذاك على الباقين تجري المقادر وصرنا أحاديثا وكنا بغبطة ... كما عضت الأولى السنون الغوابر في أبيات أخر ووليت خزاعة البيت ثلاث مائة سنة يتوارثون ذلك كابرا عن كابر حتى كان آخرهم حليل بن حبش [2] الخزاعي وقريش إذ ذاك صريح ولد إسماعيل حلول وصرم وبيوتات متفرقة إلى أن أدرك قصي وتزوج بحبى بنت حليل [3] بن حبش وولدت له عبد مناف وعبد العزي وعبدا وكثر ولده وعظم شرفه وهلك حليل [4] بن حبش [5] فرأى قصي أنه أولى بالكعبة من خزاعة فأخذ ما بأيديهم وقصي أول من أصاب ملكا من العرب من قريش بعد ولد إسماعيل وذلك في زمن المنذر بن النعمان على الحيرة والملك بهرام جور في الفرس فقطع قصىّ مكّة

_ [1] . والحيرMS. [2] . حنشMS. [3] . بجنتى بنت خليلMS. [4] . جليلMS. [5] . الحنش MS.

أرباعا وبنى بها دار الندوة فلا يتزوج امرأة إلا في دار الندوة ولا يعقد لواء ولا يعذر غلام ولا تدرع جارية إلا فيها وسميت الندوة لأنهم ينتدون فيها للخير والشر وكانت قريش تؤدي الرفادة إلى قصي وهي [F؟ 133 r؟] خرج [1] يخرجونه من أموالهم يترافدون فيه فصنع طعاما وشرابا للحاج أيام الموسم وكانت صوفة وهي قبيلة من جرهم بقيت بمكة تلي الاجازة بالناس من عرفة وخزاعة كانت تحجب البيت فإذا أفاض الناس أخذت صوفة بجانبي العقبة وقالت اجيزي صوفة فإذا نفدت صوفة وجازت خلوا سبيل سائر الناس حتى إذا كان العام الذي أراد الله عز وجل أن يظهر أمر قصي ففعلت صوفة كما يفعله فأتاهم قصي في من معه من قريش وقاتلوا صوفة فهزموهم وولي قصي البيت والرفادة والسقاية والندوة واللواء فلما كبر قصي ودق عظمه جعل الأمر إلى عبد الدار لأنه أكبر ولده وهلك قصي وأقامت على ذلك زمانا ثم إن بنى عبد مناف أجمعوا أن يأخذوا ما بأيدي عبد الدار وهموا بالقتال ثم تداعوا إلى الصلح على أن يعطوا بنى عبد مناف السقاية

_ [1] . كذا في الأصل enmarge: بن حزح MS.

والرفادة وأن يكون الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار وتعاقدوا ذلك حلفا حلفا مؤكدا لا ينقضونه ما بل بحر صوفة فأخرجت بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا وغمسوا فيها أيديهم ومسحوا بها الكعبة توكيدا على أنفسهم فسموا المطيبين فأخرجت بنو عبد الدار جفنة من دم وغمسوا فيها أيديهم ومسحوا بها الكعبة فسموا الأحلاف ولم يزالوا على ذلك حتى جاء الله عز وجلّ بالإسلام فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة فأول من أصاب من قريش ملكا قصي بن كلاب ثم ابنه عبد الدار وبنوه إلى أن قاسمهم بنو عبد مناف ثم هاشم بن عبد مناف واسمه عمرو وإنما سمي هاشما لهشمه الثريد للحاجّ وذلك أنّه قال يا معاشر قريش أنتم جيران الله وأهل بيته يأتيكم في الموسم زوار الله شعثا غبرا من كلّ فجّ عميق على ضوامر كأنهم القداح قد ارصفوا ونهكوا وثقلوا وارملوا فاكرموا ضيف الله فترافدت قريش مالا عظيما كل سنة حتى كان يخرج أهل اليسار منهم مائة دينار هرقلية فكان يأمر بالحياض فيضرب ويترع من البئار ويطعم الناس اللحم والسويق والتمر إلى أن صدروا

ذكر رؤساء المدينة ووقوع قريظة والنضير اليها

وفيه يقول الشاعر [كامل] يا أيها الرجل المحول رجله ... هلا سالت عن آل عبد مناف كانت قريش بيضة فتفلّقت ... فالمخ خالصها لعبد مناف عمرو الذي هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف نسبت إليه الرحلتان كلاهما ... سفر الشتاء ورحلة الأصياف فهلك هاشم بأرض غزة فصار الأمر إلى عبد المطلب بن هاشم صاحب زمزم وساقي الحجيج ومطعم الوحش ثم هلك وولي الأمر أبو طالب ثم وليه العباس ثم أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح في يدي عثمان بن طلحة والسقاية في يدي العباس فهو في ولدهم إلى اليوم،،، ذكر رؤساء المدينة ووقوع قريظة والنضير اليها [F؟ 133 v؟] جاء في الخبر أن ططوس بن استيانوس الرومي الكافر لما خرب بيت المقدس إحدى المرتين وتفرقت بنو إسرائيل جاءت قريظة والنضير وهما من صريح ولد هارون بن عمران أخى [1] موسى بن عمران حتى نزلوا يثرب وذلك في الفترة وكان نزول الأوس

_ [1] . أخو MS.

والخزرج إياها زمن سيل العرم لا شك ويقال أن مسقط يهود إليها من عهد موسى بن عمران عم وذلك أنه بعث جيشا إلى يثرب وأمرهم أن يقتلوا كل من وجدوا على قامة السوط قال فقتلوا إلا غلاما [لم] يروا أحسن منه فإنهم استبقوه وانصرفوا إلى الشام وإذا موسى قد هلك [1] وتبرأت بنو إسرائيل من هذه الطبقة لمخالفة أمر موسى واستحيائهم من هذا الغلام فاقبلوا راجعين إليها واستوطنوا بها فإن كان هذا حقا فقد سبقوا الأوس والخزرج إلى يثرب والله أعلم قالوا وكان الملك في اليهود وملكهم قيطون وكان يبدأ بالعروس قبل زوجها حتى قتله مالك بن عجلان بن زيد بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج كما ذكرنا في قصّة ملوك اليمن وملك مالك فصارت الرئاسة له والشرف ثم جعلت الأوس والخزرج يتوارثون الرئاسة إلى أن هاجر اليهم النبي صلى الله عليه وسلم فصارت الرئاسة للإسلام وأهله والسلم،،،

_ [1] . موسى MS.repete

الفصل الخامس عشر في ذكر مولد النبي صلى الله عليه وسلم ومنشاه ومبعثه إلى هجرته

الفصل الخامس عشر في ذكر مولد النبي صلى الله عليه وسلم ومنشأه ومبعثه إلى هجرته هذا نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية محمّد بن إسحاق المطلبي وقد بينا اختلاف الناس في نسبه عدنان وما فوقه في فصل الأنساب، محمد صلى الله عليه وسلم بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن ادد ابن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن ابراهيم بن تارح بن ناحور بن ساروح بن رعو بن شالخ ابن عابر بن فالج بن ارفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلح بن اخنوخ بن يارد بن مهلايل بن قينان بن شيث بن آدم عم ذكر مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولد بمكة عام الفيل بعد قدوم ابرهة بخمسين ليلة وكان أول يوم من المحرم عام الفيل يوم الجمعة وقدم

الفيل يوم الأحد لسبع عشر [ة] ليلة خلت من المحرم سنة ثماني مائة واثنين وثمانين للاسكندر الرومي وستة عشر ومائتين من تأريخ العرب الذي أوله حجة الغدر وسنة أربع وأربعين من ملك انوشروان بن قباذ ملك العجم فيما يروى وكان مولده صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لثماني ليال خلون من ربيع الأوّل وقال ابن إسحاق لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول قالوا وكان طالع النبيّ صلى الله عليه وسلم برج الأسد والقمر فيه بثماني عشرة درجة ودقائق والشمس في الثور بدرجة وهو يوم [F؟ 134 r؟] السابع عشر من [دى] ماه ويوم العشرين في الأرض التي تعرف بابن يوسف بمكة فصيرتها الخيزران بنت عطاء امرأة المهدي مسجدا ويدل خبر عبد الله بن كيسان عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع ليلا لأنه قال كان أهل الجاهلية إذا ولد لهم مولود من تحت الليل رموه تحت الإناء فلا ينظرون إليه حتى يصبحوا فلمّا ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم رموه تحت البرمة فلما أصبحوا إذ هي قد انفلقت بيتين [1] وعيناه إلى السماء فعجبوا من ذلك وأرسلوا إلى عبد المطلب فجاء فنظر اليه فقال ارفعوا

_ [1] . يسين MS.

ابني هذا فإنه منا ودفع إلى امرأة من بني سعد بن بكر فلما ارضعته دخل عليها الخير من كل جانب وكانت لها شويهات فنمت وازدادت زيادة حسنة هذا الصحيح من خبر حليمة قال ابن إسحاق والتمس الرضعاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاسترضع في بني سعد بن بكر بثدي حليمة بنت أبي ذؤيب وزوجها الحارث بن عبد العزّى وأخو [ة] رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة عبد [الله بن] الحارث وانيسة بنت الحارث والشيماء [1] بنت الحارث فكان عند ظئره سنتين إلى أن فطمته وردته إلى أمه ثم عادت إلى بلادها فلما تمت له خمس سنين حملته إلى أمه فكان عند أمّه سنة حملته أ [لي] بنى عدي بن النجار تريد إيّاهم الخؤولة التي كانت لهم فكان مصيرها به إلى منصرفها شهر وتوفيت آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء منزل بين مكة والمدينة وهي راجعة الى مكّة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين فحملته أم [2] أيمن وهي حاضنته ومولاة أبيه إلى مكة فكان في حجر عبد المطلب فلما بلغ ثماني سنين توفي عبد المطلب وهلك انوشروان في هذه

_ [1] . واسماMS. [2] . الى MS.

السنة كما يدل عليه التأريخ ثم ضمه أبو طالب إلى نفسه وأقام عنده أربع سنين فلما بلغ اثنتي عشرة سنة عرض لأبي طالب الخروج إلى الشام في تجارة فخرج بالنبيّ صلى الله عليه وسلم صبابة به ورقة قالوا حتى إذا كانوا ببصرى أشرف عليهم راهب يقال له بحيرا فرأى علامة من علامات النبوة فاتخذ طعاما ودعا الركب إليه فحضروه وخلّفوا النبي صلى الله عليه وسلم في رحالهم لحداثة سنه فقال بحيرا لا يتخلفن أحد عن طعامي فدعوه فلما أبصره بحيرا توسّم فيه مخايل النبوة وعرف دلائلها فاحتضنه وضمه إلى نفسه وقال لأبي طالب من هذا الغلام منك قال هو ابني قال ما ينبغي له أن يعيش أبوه قال ابن أخي قال ارجع بابن أخيك واحذر عليه من اليهود فانه كائن لابن أخيك شأن عظيم فقضي أبو طالب تجارته وأسرع به إلى مكة وفيه يقول [بسيط] ألم يكن لقريش آية عجب ... فيما يقول بحيراء وعدّاس قالوا فشبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شبابا حسنا يكلؤه الله عز وجل ويحوطه من اقذار الجاهلية لما يريد به من كرامته حتى كان اسمه في قومه الصدوق الأمين فلما بلغ عشرين سنة هاجت حرب

الفجار في رواية ابن إسحاق والواقدي وروى أبو عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء قال هاجت الفجار ورسول الله عليه الصلوات والسلم ابن أربع عشر [ة] سنة [F؟ 134 V؟] أو خمس عشرة سنة وقال النبي صلى الله عليه وسلم كنت أنبل إلى أعمامي في الفجار قالوا وإنما سميت هذه الحرب الفجار وكانت وقعات لما صنعوا فيها من الفجور في الشهر الحرام وذلك أن النعمان بن المنذر عامل ابرويز على الحيرة كان يبعث كل سنة بلطيمة إلى سوق عكاظ في جوار رجل من العرب فلما كان في هذه السنة قال من يحير هذه العير قال عروة بن عتبة بن جعفر بن كلاب الرحال أنا أيها الملك وقال البراض بن قيس وكان خليعا والخليع من خلع خلفاءه فمن قتله فدمه هدر أنا أيها الملك فقال أتجيرها على أهل الشيخ [1] والقيصوم وأنت كالكلب الخليع إنما أنت أضيق إستا من ذلك فقال البراض أتجيرها على كنانة قال نعم وعلى الخلق جميعا فسلم النعمان اللطيمة إلى عروة وتبعه البراض حتى إذا كان بتيمن ذى طلال أصاب فرصة من عروة فوثب عليه فقتله في الشهر الحرام وقال في ذلك [وافر]

_ [1] . السنج MS.

وداهية يهم الناس قتلي ... شددت [1] لها بني بكر ضلوعي هدمت بها بيوت بني كلاب ... وأرضعت الموالى بالضروع قتلت به بتيمن ذى طلال ... فخر يميد كالجدع الصريع وتسامع الناس به فخرج كنانة وقريش بطلب ثأر عروة وخرجت قيس بن عيلان لأجل البراض واقتتلوا قتالا شديدا بعكاظ في الشهر الحرام ثم تحاجزوا وتداغشوا إلى الصلح ورهن حرب بن أمية ابنه أبا سفيان بن حرب في ذلك الصلح وفيه يقول الشاعر [خفيف] قد بعثنا الحجار من كل حي ... وقمعنا الفجّار يوم الفجار قالوا انّ رجلا تاجرا قدم مكة وباع سلعته من العاص ابن وائل السهمي فمطلة حتى أجهده فصعد الرجل جبل أبى قبيس ونادى [بسيط] يا للرجال لمظلوم بضاعته ... ببطن مكة نائي الأهل والنفر إن الحرام لمن تمت حرامته ... ولا حرام لمثوى لابس الغدر

_ [1] . سددت MS.

خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشأم في مال خديجة

فاجتمعت قريش في دار عبد الله بن جدعان وتحالفوا على أن يكونوا يدا واحدا على المظلوم حتى يأخذوا له حقه فسمته قريش حلف الفضول وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو أدعي به في الإسلام لاجبت وما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة،،، خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشأم في مال خديجة رضي الله عنها قالوا وكانت خديجة بنت خويلد بن اسد بن عبد العزي بن قصي من مياسير قريش وتجارها تستأجر الرجال وتبعثهم في مالها [1] وذكر الواقدي أن أبا طالب قال يا ابن أخي أنا رجل لا مال لي وقد الحت علينا سنون منكرة فلو جئت خديجة وعرضت عليها نفسك لأسرعت إليك بما يبلغها من صدقك وعظم أمانتك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعلها ترسل إلي في ذلك وبلغ خديجة خبر أبي طالب وما فاوض ابن أخيه فارسلت وسألته أن يخرج معه ميسرة غلام لها فخرج وباع سلعتها واشترى ما أراد أن يشتري وأقبل قافلا إلى مكة فباعت

_ [1] . وتبعثها في ماله MS.

نكاح خديجة رضي الله عنها

الحمولات فأضعفت وأثمرت [F؟ 135 r؟] فرغبت في نكاح رسول الله صلى الله عليه وسلم،،، نكاح خديجة رضي الله عنها قالوا ولما ظهر لها من بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعظم أمانته وصدق وفائه رغبت في نكاحه قال الواقدي فأرسلت نفيسة مولاة لها دسيسا فقالت يا محمد ما يمنعك أن تتزوج قال ما بيدي شيء ما أتزوج فقالت نفيسة فإن كفيت ذلك ألا تجيب قال ومن هي قالت خديجة فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعمامه ذلك فخرج معه حمزة بن عبد المطلب فخطبها إلى أبيها خويلد بن أسد ومعه ثمل فلما أصبح وصحا قال ما هذا الخلوق وهذه الحلة قالوا كساكها محمد ابن عبد الله فقد أنكحته خديجة ودخل بها فانتهرهم قال وأصدقها عشرين بكرة وروى الواقدي أنه أنكحها عمها عمرو بن أسد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمسة وعشرين سنة يوم تزوجها وخديجة بنت أربعين سنة ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت وكانت قبله تحت عتيق بن عبد الله ويقال ابن عابد [1] وولدت له جارية ثم خلف عليها بعد عتيق أبو هالة هند بن زرارة

_ [1] . 8 بن n.a ,IbnSad ,VIII بن 1766 بن I بن.Cf.Tab. عائد Ms.

ذكر بنيان الكعبة

فولدت له هند بن هند وولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم جميع ولده إلّا إبراهيم بن مارية فإنه من القبطية فأكبر ولده القاسم وبه كان يكنى أبا القاسم ثم الطيب ثم الطاهر ثم رقية ثم زينب ثم أم كلثوم ثم فاطمة قال الواقدي ولم أر أصحابنا يثبتون الطيب ويقولون هو الطاهر وفي رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أنّها ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبد مناف في الجاهلية وولدت له في الإسلام غلامين وأربع بنات القاسم وعبد الله فماتا صغيرين وفي كتاب ابن [1] إسحاق أن إبنيه هلكا في الجاهلية وأن بناته أدركن الإسلام وهاجرن والله أعلم،،، ذكر بنيان الكعبة قالوا ولمّا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة اجتمعت قريش لبنيان الكعبة ليرفعوها ويسقّفوها وإنما كانت رضما فوق القامة فجاء سيل فهدمه وفي جوفها بئر يحرز فيه كنز الكعبة وما يهدى لها فسرق منها رجل يقال له دويك فقطعت قريش يده وتهيّئوا لبناء الكعبة وكان البحر قد رمى بسفينة [2] الى

_ [1] . ابىMS. [2] . لسفينة MS.

ذكر المبعث ونزول الوحي

جدّة فتحطّمت فأخذوا خشبها وكان بمكة رجل قبطي نجار فسوّى لهم ذلك وبنوها ثماني عشرة ذراعا فلما انتهوا إلى موضع الركن اختصموا وأراد كل قوم أن يكونوا هم الذين يلونه ويرفعونه الى موضعه وتفاقم الأمر بينهم وتواعدوا للقتال ثم تحاجزوا وتناصفوا على أن يجعلوا بينهم أول طالع من باب المسجد يقضي بينهم فكان ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلم فقال هلم ثوبا فأتى به فوضع الركن فيه ثم قال ليأخذ كل فئة بناحية من الثوب ثم ليرفعوه ففعلوا حتى إذا رفعوه إلى موضعه أخذ الحجر بيده فوضعه في الركن فرضوا بذلك وأنهوا عن الشر،،، ذكر المبعث ونزول الوحي قالوا فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة بعثه الله تعالى رحمة للعالمين وهدى للخلق أجمعين وكان في مبتدأ الأمر يرى الرؤيا ويسمع الصوت ويتمثل له الخيال فراع لذلك وذعر وروينا عن عكرمة أنه قال أنزلت النبوّة على محمّد صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة فقرن بنبوته اسرافيل ثلاث سنين فكان يتراءى له ويلقى الكلمة إليه ولم ينزل القرآن على لسانه ثم قرن بنبوته جبريل عم فنزل القرآن عشرين سنة عشرا بمكة وعشرا بالمدينة وروى ابن إسحاق عن الزهري عن

عائشة أن أول ما ابتدى [F؟ 135 v؟] رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح ثم حببت إليه الخلوة فلم يكن شيء أحب إليه أن يخلو وحده ثم جاءه الملك قالوا وكان قريش يتحنثون بحراء في رمضان وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك لأنّه من البرّ فبينا هو عاكف بحراء ومعه التمر واللبن يطعم الناس ويسقيهم إذ استعلق له جبرائيل ليلة السبت وليلة الأحد ثم أتاه بالرسالة يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من شهر رمضان بقول الله تعالى شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ 2: 185 وهو الخامس والعشرون من ابان ماه والتاسع من شباط وذلك في سنة عشرين من ملك ابرويز وأهل الأخبار على أنّ أوّل ما أنزل من القرآن خمس آيات من سورة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ 96: 1 إلى قوله عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ 96: 5 وذكر بعضهم أنّه صلى الله عليه وسلم قال أتاني رجل وفي يده سمط ديباج وأنا نائم فركضني برجله وقال اقرأ ففعل ذلك مرة أو مرتين ثم قال بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ من عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ 96: 1- 5 ثم قال ابشر فأنا جبريل وأنت نبي هذه الأمة وصلى به

ركعتين وفي رواية عبيد بن عمير الليثي أنه أتاه وهو نائم ولم يذكر أنه ركضه برجله قال فأتيت خديجة وقد هالني من رأيت وكأنما كتاب كتب في قلبي وقلت أخشى أن أكون شاعرا أو مجنونا قالت وما ذاك ابن أخي فقصصت عليها القصة فقالت ابشر فانك تطعم الطعام وتصل الرحم وتصدق الحديث وتؤدي الأمانة لا يصنع الله بك إلا خيرا ثم جمعت عليها ثيابها وانطلقت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي ابن قصي وكان نصرانيا قد قرأ الكتب فقصت عليه الخبر فلما ذكرت جبريل قال قدّوس قدوس ما لك تذكرين الروح الأمين بهذا الوادي الذي أهله عبدة الأوثان لئن كنت صدقتني لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى بن عمران فقولي له فليتثبت وإذا جاءه فتحسري بين يديه فإن كان شيطانا ثبت وإن كان ملكا لا تراه حينئذ فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت إذا أتاك صاحبك فناد بي فبينما هو عندها إذ جاء جبريل عم فقال النبي عم ها هو يأخذ بي فقالت فقم واقعد على فخذى وحسرت عن رأسها وقالت تراه قال لا قالت ابشر فإنه والله ملك وما هو شيطان ولو كان شيطانا ما

استحيى فآمنت به وصدقته وكثير من الناس يقولون أنّ أوّل الناس إيمانا بالنبيّ صلى الله عليه وسلم خديجة وروينا عن أبي رافع انه قال صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة يوم الاثنين وصلت خديجة في آخر ذلك اليوم قالوا ونزلت في هذه القصة ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ 68: 1- 2 قال ورقة بن نوفل فيما روى ابن إسحاق عنه [وافر] لجخت وكنت في الذكرى لجوجا ... لهم طالما بعث النشيجا ووصف من خديجة بعد وصف ... فقد طال انتظاري يا خديجا بما خبرتنا من قول قس ... من الرهبان أكره أن يعوجا بأن محمدا سيسود يوما ... ويخصم من يكون له حجيجا [F؟ 136 r؟] فيا ليتى إذا ما كان ذاكم ... شهدت فكنت أولهم ولوجا ولوجا في الذي كرهت قريش ... ولو عجت بمكتها عجيجا فإن تبقوا وأبق يكن أمور ... يضج الكافرون لها ضجيجا وإن أهلك فكل فتى سيلقى ... من الأقدار متلفة خروجا قال الزهري فهلك ورقة بن نوفل قبل الوحي وقبل إظهار النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة والله أعلم بصدقه.

انقضاض الكواكب

انقضاض الكواكب رأيت في بعض كتب التأريخ أنّه كان بين مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أن رأت قريش النجوم يرمي بها في السماء عشرون يوما وقال الله عز وجل إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً من كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ من كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ [واصِبٌ] إِلَّا من خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ 37: 6- 10 فدل بقوله حفظا من كل شيطان مارد أنها لم تزل [1] محفوظة مذ خلقت الكواكب لها زينة وقد سئل الزهري عن انقضاض الكواكب في الجاهلية فقال قد كان ذلك فلمّا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شدد وغلظ ألا ترى إلى قول الشاعر [بسيط] فأنقض كالكوكب الدري يتبعه ... نقع يخال على أرجائه الطّنبا وقد روى أخبار في هذا الباب. والذي يشبه الحق أنه قد كان قبل ذلك انقضاض الكواكب وأنه قرن به عند الوحي ضرب من العذاب يقضى به الخاطف المستمع والله أعلم،،، ذكر فترة الوحي قالوا ثم فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ [1] . لم يزل MS.

ذكر اختلافهم أول من أسلم

حتى شق عليه مشقة شديدة وفي رواية ابن عبّاس رضي الله عنه أنه كان يعدو مرة إلى ثبير ومرة إلى حراء يريد أن يلقى نفسه منها فبينا هو كذلك إذ سمع صوتا فرفع صوته فإذا هو بالملك الذي جاءه بحراء بين السماء والأرض قال فخشيت رعبا ورجعت إلى أهلي فقلت زملوني فألقوا علي قطيفة سوداء وصبّوا عليّ ماء باردا فنزل يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ 74: 1- 5،،، ذكر اختلافهم أوّل من أسلم قيل خديجة رضي الله عنها صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة يوم الاثنين وصلت خديجة آخر اليوم وقيل علي بن أبي طالب صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وصلّى عليّ يوم الثلثاء وقيل زيد بن حارثة وقيل أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه وأمّا ابن إسحاق فإنه يقول أول من ذكر من الناس آمن بمحمّد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب عم ثم زيد بن حارثة ثم أبو بكر الصديق وأسلم بدعائه عثمان بن عفان ثم سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله فهولاء النفر الثمانية الذين سبقوا بالإسلام وروى الواقدي أن سعد بن أبي وقاص قال لقد أتى على يوم واني لثالث الإسلام وعن عمرو بن عنبسة

كنت ثالثا أو رابعا في الإسلام وعن خالد بن سعيد بن العاص كنت خامسا في الإسلام وممن سبق إسلامه أبو عبيدة بن الجراح والزبير بن العوام وعثمان بن مظعون وقدامة بن مظعون [F؟ 136 v؟] وعبيدة بن الحارث وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن جحش وأخوه أبو أحمد بن جحش وأبو سلمة بن عبد الأسد وواقد بن عبد الله وخنيس بن حذافة ونعيم بن عبد الله النحام وخباب بن الارتّ وعامر بن فهيرة رضي الله عنهم أجمعين ومن النساء أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة جعفر ابن أبي طالب وفاطمة بنت الخطاب امرأة سعيد بن زيد بن عمرو وأسما بنت أبي بكر وعائشة وهي صغيرة فكان إسلام هؤلاء في ثلاث سنين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في خفية قبل أن يدخل دار أرقم بن [أبي] الأرقم ثم أسلم صهيب بن سنان وعمار ابن ياسر وكان إسلامهما بعد إسلام بضعة وثلاثين رجلا ثم فشا بمكة وتحدث [1] به وأمر الله عز وجل رسوله بإظهار الدعوة فقال فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ 15: 94 وذلك في السنة الرابعة من النبوّة،،،

_ [1] . و؟ حدّث MS.

ذكر إظهار الدعوة إلى الإسلام

ذكر إظهار الدعوة إلى الإسلام قالوا فجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدينه ودعا الخلق إليه وأبدى الصفحة لهم فلم يبعد عليه قومه ولا عابوا عليه رأيه لما عرفوه من صدق الحديث وحسن الجوار وتحرى الخير والتواضع للخلق وكمال العقل والشرف وعلو البيت وطهارة النسب حتى سب آلهتهم وسفه أحلامهم وضلل أراءهم ونقض دينهم فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه وقد حدب عليه عمه أبو طالب وقام يناضل دونه ويحامي عليه فتضاغن القوم وتوامروا ومشوا إلى أبي طالب منهم أشراف قريش عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف وأخوه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة وأبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس وأبو جهل بن هشام بن المغيرة المخزومي وكنيته أبو الحكم وأبو البختري بن هشام والوليد بن المغيرة بن عبد الله المخزومي والعاص بن وائل السهمي فقالوا يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا وإن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل أباءنا فإما أن تكفه وإما أن ننازله [1] وإياك فقال له أبو طالب اتق علي وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر

_ [1] . نقاتله.Enmarge:

ما لا أطيق فظنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبا طالب قد تركه وأنه قد ضعف عن نصرته وهو خاذله فاستعبر ثم قال يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله وأهلك دونه ما تركته فقال أبو طالب لا تخذله فمشوا إليه بعمارة بن الوليد فقالوا هذا أنهد فتى قريش وأجمله فخذه واتخذه ولدا وسلم إلينا ابن أخيك هذا الصابئ الذي خالف ديننا وفرق جماعتنا نقتله فقال أبو طالب تعطوني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه هذا مما لا يكون فتنابذ القوم وتنادوا بعضهم بعضا وأقبلوا على من في القبائل من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم ومنع الله عز وجل رسوله بعمه أبي طالب أن تخلصوا في شعره وبشره غير أنهم يرمونه بالسحر والشعر والكهانة والجنون والقرآن ينزل عليهم بتكذيبهم والرد عليهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم بالحق ما يثنيه ذلك عن الدعاء إلى الله عز وجل سرا وجهرا حتى لحق أبو طالب باللَّه عزّ وجلّ فتخطّئوا إليه بالمكروه [F؟ 137 r؟] ونالوا منه ما كانوا يجمحون عنه من جنانه قالوا ولما أسلم حمزة بن عبد المطّلب عزّ به النبيّ صلى الله عليه وسلم وأهل الإسلام فشق ذلك على

ذكر الهجرة الأولى إلى الحبشة

المشركين فعدلوا عن المنابذة إلى المعاتبة [1] وأقبلوا عليه يرغبونه في المال والأنعام ويعرضون عليه الأزواج فنزل قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبى 42: 23 فلما أعياهم أمره ويئسوا أن يستنزلوه عن دينه بشيء من حطام الدنيا أخذوا في طلب الآيات والتماس المعجزات كما حكى الله عز وجل عنهم في القرآن وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا من الْأَرْضِ يَنْبُوعاً 17: 90 الآيات وتواصوا على من أسلم يعذبونهم جهارا ويقاتلونهم سرا فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة فرارا بدينهم وهي الهجرة الأولى سنة خمس من البعث،،، ذكر الهجرة الأولى إلى الحبشة قالوا فخرج أحد عشر رجلا وأربع نسوة وأميرهم عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجت قريش في أثرهم فلم يلحقوهم ومروا القوم إلى الحبشة فآمنوا واطمأنوا قالوا وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النجم فالقى الشيطان في أمنيته تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى فسجد المشركون وسرّوا بذلك وقالوا ما إن

_ [1] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول اللَّهمّ اعزّ الإسلام Glosemoderne: بالإسلام الى ان حصل أمر عمر فأعز الله الإسلام بعمر رضي الله عنه.

ذكر الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة

لابن أبي كبشة يذكر آلهتنا بخير وبلغ الخبر عثمان بن عفان ومن معه بأن قريشا قد أسلموا فأقبلوا راجعين فلما دنوا من مكة أخبروا أن ذلك باطلا فلم يدخل منهم مكة أحد إلا مستخفيا أو بجواز فاشتد الأمر وأطبق البلاء بالمسلمين فأمرهم النبيّ صلى الله عليه وسلم بالخروج ثانيا إلى الحبشة،،، ذكر الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة قالوا فخرجوا وأميرهم جعفر بن أبي طالب وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة ثلاثة وثمانين رجلا فقال عبد الله بن الحارث بن قيس يذكر لهم ما فيه من الأمن والدعة [بسيط] يا راكبا بلّغن عنّي مغلغلة ... من كان يرجو بلاغ الله والدين كل امرئ من عباد الله مضطهد ... ببطن مكة مقهور ومفتون إنا وجدنا بلاد الله واسعة ... تنجى من الذل والمخزاة والهون فلا تقيموا على ذل الحياة ولا ... خزي الممات [1] وعيب غير مأمون وخرج أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه حتى بلغ برك الغماد فلقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال إلى أين يا أبا بكر قال أخرجني قومي فاسيح

_ [1] . المماة MS.

في الأرض وأعبد ربي فقال ابن الدغنة مثلك لا يخرج تكسب المعدوم وتصل الرحم وتقري الضيف وتحمل الكل وتعين على نوائب الحق فرجع أبو بكر في جواره فقال ابن الدغنة يا معشر قريش إني [1] أجرت أبا بكر قالوا فمره [2] يعبد ربه في بيته ولا يفسد علينا صبياننا قالوا وبعثت قريش بعمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة مع هدايا إلى النجاشي ملك الحبشة على أن يسلم المسلمين إليهما فقدما وأوصلا الهدية قال إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان من عندنا [F؟ 137 v؟] سفهاء فارقوا دينهم ولم يدخلوا في دينكم فبعثنا اشرافنا إليكم لتردهم إليهم فقال النجاشي حتى أسئلهم عما يقولون ثمّ استدعى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءوه وقد جمع أساقفته وبطارقته وفرشوا مضاجعهم فقال لهم ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم فقال جعفر ابن أبى طالب رضي الله عنه إنا كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونهريق الدماء ونأتي الفواحش حتى بعث الله عز وجل إلينا رسولا منّا نعرف نسبه وصدقه وأمانته فدعانا

_ [1] . ابىMS. [2] . فمرّه MS.

إلى الله عز وجل لنوحده ونعبده ونخلع الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وصلة الرحم وحسن الجوار ونهانا عن الفواحش والمحارم فعدوا علينا ليردونا إلى عبادة الأصنام والأوثان فهربنا إلى بلادك واخترناك على من سواك فقال لهم انطلقوا فو الله لا أرسلكم إليهم أبدا فخرجا من عنده مقبوحين فقال عمرو لأتينه بما يستأصل به خضرآؤهم ثم غدا إليهم من الغد فقال أيها الملك إنهم يقولون في عيسى قولا عظيما فأرسل فاسألهم ما يقولون في عيسى فقال جعفر بن ابى طالب رضي الله عنه نقول فيه ما جاء به نبينا أنه عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم فضرب النجاشي يده إلى الأرض وتناول منها عودا وقال ما عدا عيسى ما قلتم هذا العود ثم قرأ عليه جعفر بن أبي طالب صدر سورة كهيعص فآمن بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ورد هدية عمرو وعبد الله وصرفهما إلى مكّة ثمّ لمّا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكان المسلمون يخرجون إليه وكان آخرهم جعفر أدرك النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر قالوا ولما خرج رجع عمرو وعبد الله وجدوا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أسلم وكان رجلا ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره فامتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم [به]

ذكر الحصار

وبحمزة بن عبد المطلب حتى عادوا قريشا وكاثروهم ثم وقع الحصار في السنة [السادسة] من النبوة وبقي ثلاث سنين،،، ذكر الحصار قالوا واجتمعت قريش على بني هاشم وبني عبد المطّلب وتعاقدوا على أن لا يبايعوهم ولا يخالطوهم ولا ينكحوا منهم ولا ينكحوهم حتّى يتبرّءوا من صاحبهم ويسلمونه للقتل وكتبوا صحيفة كاتبها منصور بن عكرمة بن عامر وعلقوها في الكعبة فانحازت بنو هاشم وبنو عبد المطلب فدخلوا الشعب وخرج من بني هاشم أبو لهب عبد العزي بن عبد المطلب وحده وضاق الأمر عليهم لا يصل إليهم شيء من الطعام [1] إلا سرا وبقوا فيه ثلاث سنين فلما كان في السنة التاسعة من النبوّة قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأبي طالب هل شعرت بأن ربي قد سلط الأرضة على الصحيفة فلم تدع [2] للَّه اسما إلا اثبتته ونفت القطيعة والظلم فقام أبو طالب حتى أتى المسجد فقال يا معشر قريش إن ابن أخي أخبرني بكذا وكذا فهلموا صحيفتكم فإن كان كما قال فانتهوا عن ظلمنا وقطيعتنا فإن كان كاذبا دفعته إليكم

_ [1] . والطلمMS. [2] . يدع MS.

ذكر خروجهم من الشعب

قالوا رضينا [F؟ 138 r؟] فنظروا فإذا هو كما قال صلى الله عليه وسلم فزادهم ذلك شرا ثم اجتمع نفر من قريش وقالوا يا قومنا تأكلون الطعام وتشربون الشراب وتلبسون الثياب وبنو هاشم هلكى لا يبايعون ولا يناكحون والله لا نقعد حتى نشق هذه الصحيفة الظالمة لقاطعة فقام إليها مطعم بن عدي فشقها فقال أبو طالب [طويل] الاهل أتى بحرينا صنع ربنا ... على نأيهم والله بالناس أرود ألم يأتهم أن الصحيفة مزقت ... وأن كل ما لم يرضه الله مفسد جزى الله رهطا بالحجون تبايعوا ... على ملأ يهدى لحزم ويرشد قضوا ما قضوا من ليلهم ثم أصبحوا ... على مهل وسائر الناس رقد فخرجوا من الشعب،،، ذكر خروجهم من الشعب قال الواقدي مات أبو طالب وخديجة في السنة العاشرة من النبوة بعد خروج بني هاشم من الشعب بيسير وكان بين موت خديجة إلى أن مات أبو طالب شهر وخمسة أيام وقيل كان بينهما ثلاثة أيّام فتشابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب واستكلبت عليه شوكة المشركين

خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

وبالغوا في الأذى وكان أشدّهم عليه عمه أبو لهب عليه اللعنة وأبو جهل وعقبة وأبي بن خلف فمنهم من يقدر ببابه ومنهم من يطرح الأذى في برمته إذا نصبت ومنهم من يطرح رحم الشاة إذا سجد على ظهره ومنهم من يطأ برجليه على عنقه ومنهم من يذر التراب على رأسه ومنهم من يبزق في وجهه وجعلوا يستهزءون به ويتضاحكون منه ورسول الله صابر محتسب على الأذى ثمّ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يستنصر،،، خروج النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى الطائف قالوا وخرج مع زيد بن حارثة على حمار من هذه الدناية [1] يلتمس النصر والمنعة وأقام بها عشرة أيام فلم يدع أحدا من أشراف ثقيف إلا جاءه وكلمه وكانت رؤساء ثقيف ثلاثة أخوة عبد ياليل بن عمرو وحبيب ابن عمرو ومسعود بن عمرو فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألهم [2] أن يمنعوه حتى يبلغ من الله عز وجل أمره فقال أحدهم انا امرط ثياب الكعبة إن الله أرسلك نبيا وقال الآخر أما وجد الله أحدا يرسله غيرك وقال الثالث والله لا أكلّمك أبدا

_ [1] . كذا في الأصل enmarge: بن الدنايةMS. [2] . وسألوهم Ms.

قصة الجن الأولى

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد يئس من نصرتهم فقال أكتموا على وكره أن يبلغ ذلك قومه فيذئرهم عليه فلم يفعلوا وأغروا به سفهاءهم وصبيانهم وعبيدهم فجعلوا يسبونه ويغطغطون وراءه ويرمونه بالحجارة حتى التجأ إلى ظل حبلة في جنب حائط فجلس فيه ودعا دعوات فسأل [1] ربه النصر والصبر وانصرف وكان مقامه بالطائف عشرة أيام فلما بلغ في منصرفه بطن نخل [2] استمع إليه نفر من الجن،،، قصة الجن الأولى [F؟ 138 v؟] قالوا وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من خوف الليل يصلي فمر به سبعة نفر من جن نصيبين يقال أسماءهم حسا ومسا وشارصه وناحر ولا ورد وسار سان والأحقب فآمنوا به ورجعوا إلى قومهم منذرين كما قال الله عزّ وجلّ وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً من الْجِنِّ 46: 29 الآيات وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم من نخلة يريد مكة حتى أتى حراء وبعث إلى سهيل بن عمرو والأخنس بن شريق أدخل في جواركما فأبيا عليه فأرسل إلى مطعم بن عدي فأجاره وأمر بنيه فلبسوا السلاح ووقفوا عند خروجه [إلى] البيت فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكّة وكان غيبته

_ [1] . فسألهMs. [2] . بطر عل Ms.

قصة الجن الثانية

من خروجه إلى مرجعه خمسة وعشرين يوما ويقال شهرا وفيه يقول حسان بن ثابت [طويل] فلو كان مجد يخلد اليوم واحدا ... من الناس أبقى مجده اليوم مطعما أجرت رسول الله فيهم فأصبحوا ... عبيدك ما لبي ملب وأحرما قصة الجن الثانية قالوا ولما انصرف النفر من نصيبين إلى قومهم وأنذروهم جاءت جماعة منهم زهاء ثلاثمائة رجل وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحجون فقرأ عليهم ودعاهم إلى الله عز وجل فآمنوا به وصدقوه ثم صلى بهم وقرأ في الصلاة تبارك الملك وسورة الجن وهي فسمي ليلة الجن ثم هاجت الأزمة وهي الجوع فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليهم حتى أكلوا العلهز والقد والعظام المحرقة والكلاب الميتة وحتى كان الرجل يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان فجاءه أبو سفيان بن حرب وقال يا محمد جئت بصلة الرحم وقومك قد هلكوا فادع الله لهم فلمّا دخلت سنة احدى عشرة من النبوّة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشف عنهم بقول الله عز وجل إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ 44: 15 ثم كان انشقاق القمر بقول الله عز وجل اقْتَرَبَتِ

قصة الروم

السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ 54: 1 ثم غلبت الروم بقول الله عز وجل آلم غُلِبَتِ الرُّومُ في أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ من بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنِينَ 30: 1- 4،،، قصة الروم وذلك أن ابرويز لما انهزم من بين يدي بهرام جوبينة مضى إلى الروم واستنجد بملكهم موريقيس فأمده بالرجال والمال وزوجه ابنته مريم وانصرف وقاتل بهرام فنفاه إلى أقصى خراسان ووثبت الروم على ملكهم فقتلوه فسرح إليهم ابرويز شهر ابراز الفارسىّ وجندا من الفرس فدخلوا قسطنطينيّة واحتووا على خزائنها وأموالها وقتلوا المقاتلة وسبوا الذرية وحملوا الخشبة التي يزعم النصارى أن المسيح عم صلب عليها وذلك في سنة احدى عشرة من النبوة قبل الهجرة بسنتين وأخبر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه آلم غُلِبَتِ الرُّومُ في أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ من بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ 30: 1- 3 وسرّ المشركون به وجادلوا المسلمين وقالوا تزعمون أنكم تغلبوننا لأنكم أهل كتاب وهذه المجوس قد ظهرت على الروم وهم أهل كتاب فنزل وَهُمْ من بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنِينَ 30: 3- 4 فأنكروا ذلك وجحدوه فناجب أبو بكر أبي بن خلف على ذود من

ذكر المسرى والمعراج

الإبل ليظهرن الروم على فارس إلى خمس سنين فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم زده في الخطر ومده [F؟ 139 r؟] في الأجل فجعل الخطر ذودين والأجل سبع سنين فلما كان يوم الحذيبية انكشف شهر ابراز عن الروم حتى سار هرقل إلى العراق فأغار عليه وصدق وعد الله ثم كان بعد غلبة الروم المسرى،،، ذكر المسرى والمعراج أعلم أنه لا شيء أكثر من اختلاف هذه القصة أما المعراج فينكره بعض الناس وبعض يزعم أن المعراج هو المسرى ثم اختلفوا في كيفيّة المسرى فكانت عائشة ومعاوية يقولان ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه ولكن الله أسرى بروحه وكان الحسن رضي الله عنه يقول كانت رؤيا ويحتج بقوله وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ 17: 60 وبقول ابراهيم إِنِّي أَرى في الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ 37: 102 ثم مضى على ذلك فعرفت أن الوحي يأتى الأنبياء أيقاظا ونياما وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول تنام عيناي ولا ينام قلبي قال ابن إسحاق والله أعلم أي ذلك كان ونحن نذكر في ذلك طرفا كما جاء في الخبر قال الواقدي أسرى به قبل الهجرة بسنة وكان المعراج قبل ذلك بثمانية عشر شهر قال النبيّ صلى الله عليه وسلم فاستلقاني على قفاي ثم شقا بطني

واستخرجا حشوي ومعهما طست من ذهب يغسل فيه بطون الأنبياء فكان جبريل يختلف بالماء من زمزم وميكائيل يغسل جوفي فقال جبرائيل لميكائيل شق قلبه فشق قلبي فأخرج علقة سوداء فالقاها ثم أدخل هرمه ثم ذر عليه من ذرور كان معه وقال وقلب وكيع له عينان بصيرتان وأذنان سميعتان أنتم قشر المغفل الحاشر ثم قال ببطني هكذا فالتأم وقالا مليء حكمة وإيمانا ثم وثبت قائما فأتيت [1] بالمعراج فإذا هو أحسن ما رأيت منظرا ألم تروا إلى ميتكم إذا احتضر كيف يشخص ببصره إليه فإنه إنما ينظر إلى حسن المعراج قال فعرجا بي إلى السماء الدنيا فلما انتهينا إلى باب الحفظة وعليه ملك يقال له إسماعيل تحت يده سبعون ألف ملك ما منهم ملك إلا وهو على مائة ألف فقال من هذا قالوا محمد قال وقد بعث قال نعم قال فتبادروا واجتمعوا وفتحوا ورحبوا ودعوا بالبركة قال ورأيت في السماء الدنيا رجلا أعظم الناس جهة فقلت من هذا يا جبريل قال أبوك آدم وإذا أرواح ذريته تعرض عليه فإذا عرض عليه روح المؤمن قال ريح طيبة وروح طيب جعلوا

_ [1] . فأتت MS.

كتابه في عليين وإذا عرض عليه روح الكافر قال ريح خبيثة وروح خبيث جعلوا كتابه في سجين ثم وصف السموات ومن فيهن ووصف الجنة والنار وأهلها قال ثم انتهيت إلى السماء السابعة فلم أسمع شيئا إلا صرير الأقلام ورأيت جبريل يتضاءل حتى كان فرخ طائر ما أكاد أتأمله وسمعت وحيه فقال لي جبرائيل اسجد فسجدت ودنوت قاب قوسين أو أدنى فأوحى الله إلى عبده ما أوحى ثم قال ارفع رأسك يا محمد وقد فرض الله عليك خمسين صلاة قال فرجعت إلى موسى عم ولم يزل يرده حتى حطه إلى خمس صلوات [1] قال موسى ارجع إلى ربك واسئله أن يخفف عن أمتك فإن أمتك ضعيفة قال فقلت قد استحييت من ربي ولأصبرن على هذه الخمس قال فنوديت إني قد أمضيت فريضتي وخففتها على عبادي واجزي الحسنة بعشرة أمثالها هذا من رواية الواقدي وأما ابن إسحاق فانّه روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حدث عن المسرى وما بالمسجد الأقصى قال فلما فرغت مما كان في بيت المقدس أتى المعراج ولم أر شيئا [F؟ 139 v؟] احسن منه وأصعدني صاحبي حتى انتهى بي إلى باب

_ [1] . صلاة MS.

قصة المسرى

من أبواب السماء ثم ساق قصة شبيهة بما ساق الواقدي وسنذكر اختلاف الناس والكشف عن وجه الحق في آخر هذا الفصل،،، قصّة المسرى قال ابن إسحاق ثمّ أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيه بلاء وتحيض وأمر من الله عز وجل فيه عبرة وهدى ورحمة وكيف شاء ليريه من آياته فكان ابن مسعود يقول أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق وهي الدابة التي كان يحمل عليها الأنبياء قبله تضع حافرها منتهى طرفها فحمل عليها ثم خرج صاحبه يريه الآيات فيما بين السماء والأرض حتى انتهى إلى بيت المقدس فوجد فيه ابراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء فصلى بهم ثم أتى بثلاث أوان اناء فيه لبن واناء فيه خمر وإناء فيه ماء قال فسمعت حين عرضت علي قائلا يقول إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته وإن أخذ الخمر غوى وغويت أمته وإن أخذ اللبن هدي وهديت أمته قال فأخذت اللبن فشربته وكان الحسن يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينا أنا نائم في الحجر إذ أتاني جبريل فهمزني برجله فجلست فلم أر فيه شيئا فعدت إلى مضجعي فجاءني الثانية فهمزني بقدمه فجلست فأخذ بعضدي وخرج بي إلى باب المسجد فإذا أنا بدابة أبيض بين البغل

والحمار وفي فخذيه جناحان ومضى في حديثه مثل حديث ابن مسعود وزاد قال لما شربت اللبن حرمت عليكم الخمر فلما أصبح عدا على قريش فقالوا إن هذا والله لبين أن العير ليطرد شهرا من مكة إلى الشام مدبرة وشهرا مقبلة فيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ويرجع فارتد كثير ممن كان أسلم وذهب الناس إلى [أبي] بكر فقالوا إن صاحبكم يزعم كذا وكذا فقال أبو بكر لئن كان قاله فقد صدق فما يعجبكم من ذلك أنه يخبر الخبر من المساء إلى الأرض في ساعة فأصدقه قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع بي حتى نظرت إليه فجعل يصفه وأبو بكر يصدقه وروى الواقدي عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمّا كذّبني قريش قمت في الحجر فخيل إلي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه وروى عن أم هاني بنت أبي طالب أنها قالت نام رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي وفي بيتي تلك الليلة فلما كان قبل الصبح أهبنا وقال لقد صليت عشاء الآخرة والفجر بهذا الوادي وصليت ما بينهما بالبيت المقدس وقد نشر لي الأنبياء فصليت بهم ثم قص القصة والوجه في هذا وما أشبهه أن لا يجاوز فيه نص الكتاب

ذكر مقدمات الهجرة وأول من هاجر

ومستفيض السنة مع المخالف المنكر المستعظم لما يخرج عن العادة المعهودة والطبع القديم قال الله سبحانه سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا من الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ من آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ 17: 1 فالمسرى قد يكون بالروح والجسم ثمّ قال وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ 17: 60 ولا خلاف بين أهل اللغة أن الرؤيا في المنام لا غير وإن كان جاء في التفسير أنه رؤية العين فحكم العاقل أن يخاطب كلا على قدر فهمه وأي تفضيل يلحق النبي في رفع جسمه وجثته أو ليس قد أخبر أنه قد رأى في السماوات ابراهيم وموسى وعيسى وآدم وغير مختلف أنهم لم يرفعوا بأجسامهم مع أنا لا ننكر أن يرفع الله ما يشاء من جبل وحجر فكيف أنبياءه ورسله [F؟ 140 r؟] ولكن ذكرنا ما ذكرنا ليهون عليك ما يرد من كلام الخصوم ولتقصيد الاشبه بالمتعالم المعروف والله أعلم،،، ذكر مقدمات الهجرة وأول من هاجر قالوا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوافي [1] كل موسم سوق عكاظ وسوق ذي المجاز وسوق

_ [1] . توافي MS.

المجنة يتبع [1] القبائل في رحالها ويغشاها في أنديتها يدعوهم إلى أن يمنعوه ليبلغ رسالة ربه فلا يجد أحدا ينصره حتى كانت سنة إحدى عشرة من النبوة لقي ستة نفر من الأوس عند العقبة فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وعرض عليهم أن يمنعوه فعرفوه وقالوا هذا النبي الذي يوعدنا يهودنا به وهموا يقتلوننا قتل عاد وإرم فأمنوا به وصدقوه وهم أسعد بن زرارة وقطبة بن عامر بن حديدة ومعاذ بن عفراء وجابر بن عبد الله بن رئاب وعوف بن عفراء وعقبة بن عامر وأول من أسلم فيهم أسعد بن زرارة وقطبة بن عامر وكان يقول في الجاهلية لا إله إلا الله ويقال بل أول من أسلم أبو الهيثم بن التيهان وكان لا يقرب في الجاهلية الأوثان فانصرفوا إلى المدينة وذكروا أمر رسول الله صلى الله عليه فأجابهم ناس وفشا فيهم الإسلام لمّا كانت اثنتي عشرة من النبوة وافى الموسم منهم اثنا عشر رجلا هؤلاء الستة وستة أخر أسماءهم أبو الهيثم بن التيّهان وعبادة ابن الصامت وعويم بن [2] ساعدة ورافع بن مالك وذكوان ابن عبد القيس وأبو عبد الرحمان بن ثعلبة فآمنوا وأسلموا

_ [1] . ابىMS.ajoute [2] . تتبع MS.

وواعدوا رسول الله صلى الله عليه العام [1] القابل وسألوه أن يبعث معهم من يصلي بهم ويعلّمهم القرآن فبعث معهم مصعب ابن عمير بن هاشم بن عبد مناف فتى قريش كلّها يدعو الناس إلى الإسلام وكان يدعى المهدي في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم بدعائه بشر كثير وكان في من [2] أسلم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيد [أ] الأوس والخزرج فلما كان سنة ثلاث عشرة من النبوة قدم من الأنصار سبعون رجلا وامرأتان أم عامر وأم منيع ورئيسهم البراء بن معرور فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقبة وبايعوه على المنع والنصرة قال الواقدي واختلفوا في أول من ضرب يده على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل البراء بن معرور وقيل أسعد بن زرارة وقيل أسيد بن حضير وقيل أبو الهيثم بن التيّهان فقال لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم اخرجوا إلى اثني عشر نقيبا يكونوا على قومهم وأخذ عليهم الميثاق والعهد والوفاء كنقباء بني إسرائيل فأخرجوا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس فمن الخزرج أسعد بن زرارة وسعد بن الربيع وسعد ابن عبادة والبراء بن معرور وعبادة [بن] الصامت وعبد الله بن

_ [1] . العاملMS. [2] . فيمن MS.

رواحة ورافع بن مالك بن عجلان والمنذر بن عمرو بن خنيس ومن الأوس أسيد بن حضير وسعد بن خيثمة وأبو الهيثم بن التيهان فقال كعب بن مالك يذكر تلك البيعة في قصيدة طويلة [طويل] فابلغ [أبيا] أنه قال رأيه ... وحان غداة الشعب والحين واقع وابلغ أبا سفيان أن قد بدا لنا ... بأحمد نور من هدى الله ساطع فلا تزهدن في حشد أمر تريده ... والّب وجمع كل ما أنت جامع [F؟ 140 v؟] ودونك فاعلم أن نقض عهودنا ... أباه [1] عليك الرهط حتى يبايعوا وانصرف الأنصار إلى المدينة وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة وكان هاجر إليها قبل بيعة العقبة أبو سلمة بن عبد الأسد بسنة وهو أول من هاجر إلى المدينة ثم هاجر بعده عبيدة بن الحارث وعثمان بن مظعون ومسطح بن أثاثه ثم هاجر بعدهم عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وعياش بن [أبي] ربيعة وهو أخو أبي جهل بن هشام فنذرت أمه أن لا يظلها سقف بيت حتّى يرتدّ فخرج أبو جهل

_ [1] . أتاه MS.

ذكر دار الندوة

ابن هشام والحارث بن هشام فرداه فلم يزالا يعذبانه حتى فتناه عن دينه وفيه نزلت وَمن النَّاسِ من يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ في الله جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ الله 29: 10 ثم هاجر بعد ذلك وأسلم ثم خرج سائر المسلمين وبقي النبي صلى الله عليه وعلي بن أبي طالب وأبو بكر ومن لا قوة له في الحركة من ضعف وفاقة فلما رأت قريش أن شيعة النبي صلى الله عليه وسلم قد خرجوا فزعوا من ذلك وعلموا أنه إن خرج واقع بهم فاجتمعوا في دار الندوة وتشاوروا في أمره وروى أن الشيطان صرخ على العقبة يا أهل الاخاشب هل لكم في محمد وأصحابه فقد اجتمعوا لحربكم،،، ذكر دار الندوة قالوا فاجتمع رؤساء قريش في دار الندوة ومنهم أبو جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبه بن ربيعة والعاص بن وائل وأبو سفيان بن حرب ونبيه ومنبه ابنا الحجاج قال بعضهم فاعترض لهم ابليس [1] في صورة شيخ جليل عليه إتب فقالوا من الشيخ قال شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم فحضر ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا

_ [1] . ابلس MS.

فقام خطيبهم فقال إن هذا الرجل قد كان من أمره ما كان وانا لا نأمنه على الوثوب بنا فاجمعوا فيه رأيا فقال قائل منهم أرى أن تقتلوه بحديد أو أن تغلقوا عليه الباب حتى يموت فقال ابليس ما هذا برأي لأنكم لو فعلتم ذلك لأوشك أن ينزعه أصحابه من أيديكم فقال آخر أرى أن تربطوه على ظهر راحلة ثم اضربوا [1] وجهها تهيم في الأرض حيث شاءت فقال ابليس ما هذا برأي ألم تروا إلى حسن لفظه وحلاوة منطقه ولا يحل بحي ولا بلد إلا سحرهم بكلامه فقال أبو جهل أرى أن نجمع من كل قبيلة منا فتى شبيبا نشيطا ثم نعطي كل واحد منهم سيفا صقيلا فيعمدون إليه ويضربونه ضربة رجل واحد ويفرقون دمه في القبائل فلا يقدر بنو عبد مناف على الإقادة بجميع الناس فقال ابليس هذا الرأي وقد حكى في ذلك شعر ومنهم من ينسبه الى إبليس [بسيط] الرأي رأيان رأي ليس يعرفه ... غاو ورأي كحد السيف معروف يكون أوّله بشرى لآخره ... حقّا وآخره مجد وتشريف

_ [1] . ضربو MS.

ذكر ليلة الدار

فتفرقوا على هذا وجمعوا من فتيان قريش أربعين شابا وأعطوهم السيوف وأمروهم أن يغتالوا النبيّ صلى الله عليه وسلم ويقتلوه،،، ذكر ليلة الدار قالوا فأتوا داره وأحاطوا به يرصدونه حتى ينام فيبيتون به وأتاه الخبر من السماء فثبت حتى أمسى ثم اضطجع على فراشه وتجلل ريطة له خضراء والرصد يرون ما صنعه ويترقبون نومه فدعا عليا وقال نم على فراشي فإنه لا يخلص إليك شيء تكرهه وإن أتاك أبو بكر فاخبره أني قد خرجت إلى ثور أطحل وهو غار بأسفل مكة ومرة فليلحق بي وخرج رسول الله [F؟ 141 r؟] صلى الله عليه وقد أخذ حفنة من التراب فجعل ينثر على رءوسهم وهو يتلو هذه الآيات يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ 36: 1- 4 إلى قوله فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ 36: 9 ومر إلى الغار وقد أخذ الله عز وجل أبصارهم عنه فأتاهم آت فقال ما مقامكم قالوا ننتظر نوم محمد لنثور عليه قال إن محمدا قد مر وما ترك أحدا منكم إلّا وضع التراب على رأسه فقالوا فها هو نائم قال ذاك علي بن أبي طالب فاقتحموا الدار ونصوا الحلة فإذا هو علي فسقط في أيديهم وفيه نزل وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ

ذكر حديث الغار

الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله وَالله خَيْرُ الْماكِرِينَ 8: 30،،، ذكر حديث الغار قالوا وكان أبو بكر قد ابتاع راحلتين وحبسهما في الدار يعلفهما إعدادا لذلك الأمر فاستأجر دليلا يقال له عبد الله بن اريقط الليثي ويقال ابن ارقد ليأخذ بهما على الجادة وأمر غلامه عامر بن فهيرة أن يروح عليه يستحثه مغسفا وسوت له أسماء سفرة فحملها ومر إلى الغار فأقاما فيه ثلاثا وروى ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من داره أتى إلى دار أبي بكر وخرج معه من ظهر بيته إلى ثور فاكتتما فيه قال قائل وصرخ صارخ أن محمدا قد خرج فخرج المشركون في إثرهما فكانا يريانهم ولا يرونهما وروى الواقدي أن الله عز وجل بعث العنكبوت فضرب على باب الغار ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل العنكبوت فلما أكدت قريش وخابت جعلت مائة ناقة لمن رده فخرج سراقة بن مالك وكان من فرسان القوم وأشدائهم،،، ذكر خروج سراقة في إثرهما قالوا وخرج في اثرهما ثم روى بعد ما أسلم قال فلما بدا لي القوم عثر بي فرسي وذهبت يداه

ذكر خروج النبي عم وأبى بكر من الغار إلى المدينة

في الأرض وسقطت عنه قال ثم انتزع يديه وتبعهما دخان كالإعصار فعرفت أنه حق فناديتهم انظروني أكلمكم فو الله لا آذيتكم فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر سل ما يطلب قال ما تبتغي منا قال قلت تكتب لي كتابا يكون آية بيني وبينك فأمر أبا بكر فكتب لي كتابا في رقعة أو قال في عظم فلما كان يوم فتح مكة أتيته بالكتاب فقال اليوم يوم وفاء وبر ادن منّى فأسلم فدنوت وأسلمت وقد روى في هذا الخبر أنه ساخت قوائم دابته ثم خرجت ولها عثار،،، ذكر خروج النبي عم وأبي بكر من الغار إلى المدينة قال ابن إسحاق وخرج بهما دليلهما أسفل مكة ثم مضى بهما على الساحل أسفل من عسفان فهبط بهما العرج ثم لزم الجادة إلى المدينة وذكر حديث أم معبد بطوله قال وكان المسلمون بالمدينة لما سمعوا بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة يخرجون كل يوم إلى الحرة ينتظرونه فإذا ارتفع النهار وعلا انصرفوا إلى بيوتهم حتى كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا قد انتظروه ورجعوا فرآه رجل من يهود فصرخ بأعلى صوته يا بني قيلة هذا جدكم قد جاء فخرج الناس وثاروا الى أسلحتهم

في ذكر اختلاف الناس في هذا الفصل

وأسرعوا يتلقونه وكان ذلك يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من شهر ربيع الأول فيما روى ابن إسحاق حين اشتد الضحى وكادت الشمس تعتدل وكان الزبير بن العوام لقيه في الطريق [F 141 vO] مقبل من الشأم فطرح على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثيابا بيضا فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بقبا في ظل نخلة وهي قرية بني عمرو بن عوف،،، في ذكر اختلاف الناس في هذا الفصل أعلم أن ما كان في هذه الأخبار من المعجزات فكلها مصدقة مقبولة إذا صحت الرواية والنقل أو شهد لها نص القرآن والدلالة عليها كذهاب قوائم فرس سراقة في الأرض وكإنزال شاة أم معبد اللبن بعد يبسها وكأخذ الله بأبصار الفتكة عن نبيه وككلام ابليس في دار الندوة وكخبر المعراج والمسرى وقصة الروم والجن ولحس الأرضة الصحيفة ونزول جبريل بالوحي وتظليل الغمام والطير له في سفره وإخبار بحيرا وعداس وورقة بأمره وما ذكر من العجائب في مولده في ظئره حليمة من نزول اللبن في ضرعها وفي ضرع شاتها وغير ذلك مما يوصف ويحكى مع ما ذكر من هذه الخصال كلها داخل في حد الجواز والإمكان بعد أن كنا مجيزين للممتنع

في الطبع والعادة للأنبياء وفي أيامهم فكيف الممكن المتوهم من ذلك وقد ناقض المنكرون لهذه الحال لخروجها عن العادة المجيزين لها بأنه قد تسوخ القوائم في السهلة والسباخ وفي نافقاء [1] اليرابيع والجرذان ويعود اللبن في الضرع بعد ذهابه وجفوفه بتغير الطبع وزوال العلة ووجود قوة حادثة كما قد يبصر الإنسان بعد العمى ويسمع بعد الصمم بحدوث سبب أو معنى دواء الطعام ويأخذ الله بأبصار قوم بأن يأتي عليهم النعاس أو يخفي شخص المار بهم فلا يرونه وكلام ابليس غير عجيب لأنه قد يقال لمن عمل بعمل ابليس هذا ابليس وكذلك لمن تكلم بكلام ابليس يوسوس ابليس بمثله وقد سمى الله عز وجل من اقتدى بالشيطان شيطانا فقال وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ 2: 14 وابليس شيطان وأما المعراج والمسرى فكفاك حجة على الخصم [عدم] اختلاف أهل الملة فيه وخبر الروم ولحس الأرضة الصحيفة وغير ذلك ممّا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار الغيب فمن وحي الله وتنزيله مع أن ذلك ممكن معرفته من جملة الخبر وأما كيفية نزول جبريل بالوحي وظهوره له فإنّ الواجب أن لا يكلّم

_ [1] . نافقات MS.

الخصم إلا بإيجاب الوحي كيف شاء لأن الوحي على وجوه وحي إلهام ووحي إلقاء ووحي نلقين ووحي رؤيا وقد سئل النبيّ صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي فقال أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني رواه الواقدي ونحن بحمد الله مصدقون بكل ما جاء على ظاهره وجدنا له مثلا وشبها أو لم نجد ومقرون بنزول الملك على الأنبياء سفيرا بينهم وبين الله عز وجل وواسطة قال هذا المناقض في حجاجه فان قال الملحد إذا كان الأمر كما زعمت وكان كل ذلك ممكنا لعامة [1] الناس فلم سميتها معجزات الأنبياء وخصصتهم بها قيل قد يكون الشيء معجزة في وقت وهو بعينه غير معجزة في وقت آخر ويكون معجزة لقوم وغير معجزة لقوم ويكون الشيء باجتماع أجزائه معجزة ويكون كل جزء منه على الانفراد غير معجزة قال وذلك قولنا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نصر ببدر في قلة عددهم فلو وجد مثله في زماننا أو في بلد الشرك لجاز ذلك [F؟ 142 r؟] وكان ممكنا ثم لا يجوز أن يسمى معجزة وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم معجزة عظيمة في زمانه لأنه قد يقع بالاتّفاق ما لا يرجى كونه

_ [1] . العامّة MS.

ووقوعه قال والقرآن معجزة عظيمة لهم قال فاتفاق تلك المعاني للنّبيّ صلى الله عليه وسلم وتناسقها في زمانه معجزة له أتاحها الله عز وجل وقدرها علامة لنبوته هذا يرحمك الله باب كان الله أغنى [1] هذا المتكلف عن الخوض فيه والتمرس به وما أراه ابلى [2] عنا في الإسلام أو رد عنه عادية إن لم يكن فتح عليهم باب شنعة وتلبيس وسبيل المعجزات للأنبياء في خروجها عن العادة سبيل إيجاد أعيان الخلق لا من سابقه فكما أن إيجاد الخلق لا من شيء [لا] مفهوم ولا معقول ولكن بعرف وتعلم بقيام الأدلة عليه كذلك معجزات الأنبياء عم غير موهومة ولا معقولة وإنما بعلم بقيام الأدلة عليها ولذلك جعلت مسألة الرسالة تابعة لمسألة التوحيد مرتّبة عليها وقد مضى من هذا في فصله ما كفى وأغنى وللَّه الحمد والمنة والحول والقوّة والتوفيق والهداية،،،

_ [1] . اعنىMS. [2] . ابلى MS.

الفصل السادس عشر في مقدم رسول الله وسراياه وغزواته إلى وقت وفاته صلى الله عليه وسلم

الفصل السادس عشر في مقدم رسول الله وسراياه وغزواته الى وقت وفاته صلى الله عليه وسلم قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين حين اشتدّ الضحى لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول وكان خرج من الغار ليلة الخميس غرة شهر ربيع الأول ودخله يوم الاثنين وأقام فيه ثلاثا وبقى في الطريق اثنتي عشرة ليلة فكان من خروجه من مكة إلى دخوله المدينة خمسة عشر يوما فنزل تحت ظل نخلة بقبا فطفق الناس يأتونه وينظرونه وكان أبو بكر معه في مثل سنه فما كان بعرفة إلّا من كان رآه فلما زال الظلّ قام أبو بكر فأظله بردائه فعرفه حينئذ من لم يكن يعرفه ثم نزل على كلثوم بن هدم ويقال على سعد بن خيثمه وأقام عندهم يوم الاثنين والثلثاء والأربعاء والخميس ولم تكن المدينة يومئذ ممصرة وإنما كانت آطاما وحوائط وكان بنو عمرو بن عوف ينتابونه عند كلثوم بن هدم فأول ما أمر فيهم بالأصنام أن تكسر

فجعلوا يكسرونها ويوقدون النار فيها وأسس مسجد قبا وصلى فيه ثم خرج يوم الجمعة فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في بطن الوادي وهي أول جمعة صلاها في الإسلام وبنى في مصلاه مسجدا واستقبله الناس فجعل يقول كل قبيلة اقم عندنا في العدة والعدد ويقول خلوا سبيلها فإنها مأمورة قالوا فلما انتهت إلى بيت أبى أيّوب الأنصاري بركت ووضعت جرانها في الأرض فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي أيوب وأقام عنده سبعة أشهر إلى أن بنى المسجد في فضل البلدان قالوا وبعث رسول الله صلى الله عليه أبا رافع مولاه وزيد بن الحارثة يقدمان بعياله وأعطاهما بعيرين وخمس مائة درهم أخذها من أبي بكر الصديق [F؟ 142 v؟] فقدما بفاطمة وأم كلثوم ابنتي رسول الله وسودة بنت زمعه زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما زينب بنت رسول الله فإن زوجها أبا العاص بن الربيع حبسها وأما رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنّها هاجرة قبله مع زوجها عثمان بن عفان وكانت هاجرت معه إلى الحبشة وقدم عبد الله ابن أبى بكر بأختيه عائشة وأسماء بنتي أبي بكر وأم رومان امرأة أبي بكر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج خلف عليا بمكة وأمره

أن يرد الودائع التي كانت عند رسول الله للناس إلى أهلها ففعل علي وخرج في إثره بعد ثلاث وفرضت الصلاة أربعا أربعا بعد الهجرة بشهر وكانوا يصلون قبلها ركعتين ركعتين ثم آخى بين المهاجرين والأنصار وأقطع الدور وخط الخطط فلبثوا فيها وكتب كتابا وادع فيه اليهود وأقرهم على دينهم وشرط لهم أن لا يهيجهم ولا يباديهم وشرط عليهم أن ينصروه ممن دهمه ولا يظاهروا عليه عدوا فلما رأت اليهود ظهور أمره واستجابة الناس له نقضوا العهد وأخفروا الذمة وناصبوه بغيا وحسدا فجعلوا يغشونه ويسألونه عن الأغلوطات منهم حيىّ بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب وجدي بن أخطب وزيد بن تابوة وعبد الله بن صورى ومحاض بن عابور والربيع بن أبى الحقيق وكعب ابن الاشرف وشاس بن عمرو وفردم بن كردم وغيرهم من أشرافهم ونافق رهط من أهل المدينة وظاهروهم على ذلك منهم خذام ابن خالد الذي أخرج مسجد الضرار من داره وجارية بن عامر وبحزج بن عمرو وعبد الله بن الأزعر هم الذين بنوا مسجد الضرار ومجمع بن جارية هو الذي كان يصلي بهم وأوس بن قيظي وهو الّذي قال يوم الخندق إن بيوتنا عورة وأبيرق

سارق الدرع ووديعة بن ثابت ومعتّب بن قشير هما اللذان قالا إنما نخوض ونلعب وجد بن قيس الذي قال ائذن لي ولا تفتني وعبد الله بن أبي [ابن] سلول الخزرجي رأس النفاق وكان القرآن ينزل فيهم ويعبر عن خبث عقيدتهم ودرن سرائرهم إلى أن أذن الله لرسوله في السيف ونزل أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ الله عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا من دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا الله 22: 39- 40 فاخذ في تسريب السرايا وبعث الجيوش وكانت سراياه ووقائعه أربعا وسبعين غزاة ويقال خمسا وسبعين في مهاجرة عشر سنين منها التي غزا بنفسه سبع وعشرون وقع منها في تسع القتال في بدر وأحد والمريسيع والخندق وقريظة وخيبر والفتح وحنين والطائف ويقال أنه قاتل في بني النضير وكانت سنو الهجرة عشر سنين السنة الأولى سنة الهجرة والثانية سنة الأمر بالقتال والثالثة سنة التمحيص والرابعة سنة الترفيه والخامسة سنة الزلازل والسادسة سنة الاستئناس والسابعة سنة الاستغلاب والثامنة سنة الاستواء والتاسعة سنة البراءة والعاشرة سنة حجة الوداع ثم دخلت سنة إحدى عشرة من الهجرة مضى منها شهران واثنا عشر يوما ولحق بربه صلى الله عليه وسلم

أمّا سنة احدى من الهجرة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم [F؟ 143 r؟] قدم المدينة فاقام بها بقية ربيع وربيعا وجماديين ورجبا وشعبان فلمّا دخل شهر رمضان عقد لواء أبيض لحمزة بن عبد المطلب وهو أول لواء عقد في الإسلام وبعثه في ثلاثين راكبا من المهاجرين والأنصار يعترض عير القريش جاءت من الشام فلقي أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة راكب وحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهنى فانصرفوا ولم يكن بينهما قتال فهذه أول سريّة سرت في الإسلام وفي سبيل الله فلمّا دخل شوال بعث عبيدة ابن الحارث بن عبد المطلب في ستين راكبا من المهاجرين والأنصار فلقي جمعا عظيما من قريش بسيف البحر وعليهم عكرمة ابن أبي جهل فانصرفوا ولم يكن بينهما قتال إلا أن سعد بن أبي وقاص رمى بسهم وهو أول سهم رمي في الإسلام ثمّ لمّا دخل ذو القعدة [1] بعث سعد بن أبي وقاص في ثمانية رهط من المهاجرين فرجع ولم يلق كيدا وفي هذه السنة بنى بعائشة وكان تزوجها بمكة وفيها ولد عبد الله بن الزبير وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة وفيها ولد النعمان بن بشير وهو أوّل

_ [1] . ذلقعده MS.

مولود ولد من الأنصار بعد الإسلام وأما سنة اثنتين من الهجرة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مضى المحرم منها ودخل صفر خرج غازيا بنفسه حتّى بلغ ودّان بينها وبين الأبواء ستة أميال فوادعته بنو ضمرة فانصرف ولم يلق كيدا وهي أول غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دخل ربيع الأول غزا بواط وهو موضع في طريق الشام يعترض عيرا لقريش فرجع ولم يلق كيدا ثم أغار كرز بن جابر الفهري على سرح [1] المدينة فخرج في إثره حتى بلغ سفوان من ناحية بدر [2] وهي بدر الأولى فرجع ولم يدركه وذاك في جمادى الأولى ثم غزا ذا العشيرة في جمادى الآخرة وفي تلك الغزاة قال لعلىّ يا با تراب أشقى الناس رجلان أحيمر ثمود والذي يخضب هذا من هذا ووضع يده على رأسه ولحيته ثم بعث عبد الله بن جحش في ثمانية رهط من المهاجرين في شهر جمادى الآخرة منهم أبو حذيفة بن عتبة وسعد بن أبي وقاص وعكاشة بن محصن الأسدي وعتبة بن غزوان وواقد ابن عبد الله وكتب له كتابا أمره أن لا ينظر فيه حتّى يسير

_ [1] . اسرحMS. [2] . بلد MS.

يومين ثمّ يقرأه على أصحابه ولا يستكره [1] منهم أحدا فسار عبد الله بن جحش يومين ثم فتح الكتاب فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم سر على اسم الله وبركته حتى تنزل نخلة فترصد بها عير قريش لعلك تأتينا منهم بخبر فسار عبد الله بأصحابه حتى نزلوا نخلة فمرت العير تحمل زبيبا وأدما وفيها عمرو بن عبد الله الحضرمي والحكم بن كيسان ونوفل بن عبد الله المخزومي وأخوه عثمان بن عبد الله فلما رآهم هابوا فتشاور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يهل الهلال وكان آخر يوم من جمادى الآخرة [على] زعم الكلبي فحلقوا رأس عكاشة بن محصن فأشرف لهم فلما رأوه أمنوا وقال قوم عمّار لا بأس عليكم فرمى واقد بن عبد الله الحنظلي عمرو بن الحضرمي فقتله واستاسر الحكم بن كيسان وعثمان بن عبد الله وأعجزهم نوفل على فرس له وأقبل عبد الله ابن جحش بالعير والأسارى وهو أول غنيمة [F؟ 143 v؟] غنمت في الإسلام وأول قتيل قتله المسلمون وأول أسير أسروه فخاض الناس في ذلك وقالوا استحلّ محمّد العير وأتى منه شيئا وقال ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام فقالوا يا رسول الله

_ [1] . يستنكره MS.

قتلناهم ثم نظرنا الى رجب فنزلت يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ الله وَكُفْرٌ به وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ الله وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ من الْقَتْلِ 2: 217 فأباح الله عز وجل القتل في الشهر الحرام وأبطل ما كان قبل ذلك قالوا وجعلت يهود يتفألون به ويقولون واقد وقدت الحرب والحضرمي حضرت الحرب وروى في المغازى هذا الشعر لأبى بكر الصدّيق رضي الله عنه [طويل] يعدّون قتلى في الحرام عظيمة ... وأعظم منه لو يرى الرشد راشد صدودهم عما يقول محمد ... وكفر به والله راء وشاهد وإخراجهم من مسجد الله أهله ... لئلا يرى للَّه في البيت ساجد فإنا وإن عيرتمونا بقتله ... وأرجف [1] في الإسلام باغ وحاسد سقينا من ابن [2] الحضرمي رماحنا ... بنخلة لما أوقد الحرب واقد دما وابن عبد الله عثمان عندنا ... ينازعه غل من القد عاند ولما دخل شعبان صرفت القبلة لنصف [3] منه وقال ابن إسحاق

_ [1] . وارحفMs. contrelemetre. [2] بن سقت عمرو بنMs. [3] . القتلة النصف Ms.

ذكر قصة بدر

صرفت في رجب ورأى عبد الله بن زيد الأذان فلما دخل رمضان فرض الصيام وكان فيه بدر العظمى،،، ذكر قصة بدر قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبا سفيان بن حرب مقبل من الشام في عير لقريش زهاء ألف بعير لا أحد بمكة ممن له طعمة إلا وله فيها تجارة ومعها ثلاثون راكبا فندب المسلمين [1] وقال اخرجوا لعل الله عز وجل أن ينفلكموها [2] فخف بعض الناس وثقل بعض لأنهم لم يظنوا أنهم يلقون حربا وبلغ الخبر أبا سفيان بن حرب فبعث ضمضم بن عمرو الغفاريّ إلى مكّة يستنفرهم ورأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم بن عمرو بثلاث كأن واقفا وقف بالأبطح فصرخ بأعلى صوته الا أنفروا إلى مصارعكم إلى ثلاث يا أهل غدر ثم مشى به بعيره على ظهر أبي قبيس فصرخ مثل ذلك ثم حمل صخرة فأرسلها فأقبلت تهوي حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت فما بقيت دار من دور مكة إلا وقعت فيها فلقة وفشت الرؤيا بمكة فلقي أبو جهل العباس بن عبد المطلب فقال ما حدّثت

_ [1] . المسلمونMS. [2] . معلكموها MS.

فيكم هذه النبية يا بني هاشم أما ترضون أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم ولكن نتربص بكم هذه الثلاث فإن كان كما قالت وإلا كتبنا عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب قال فلما كان يوم الثالث إذا ضمضم بن عمرو ببطن الوادي قد جدع [1] بعيره وثوبه وحول رحله [2] يصرخ اللطيمة اللطيمة قد عرض لها محمد ألا أنفروا وما أراكم تدركونها فخرجت قريش سراعا حتى نزلوا الجحفة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لثمان خلون من شهر رمضان وبعث بعدي بن [أبي] الزغباء وبسبس بن عمرو يتجسسان خبر أبي سفيان فجاءا حتى نزلا ببدر فوجدا الخبر بأن العير يستقدم غدا وبعد غد [F؟ 144 r؟] فانصرفا بالخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقبل أبو سفيان حتى وقف على مناخهما ففت أبعار بعيريهما [3] فقال علائف يثرب والله فانصرف وضرب وجه العير عن الطريق وساحل به ونزل بدرا على سيارة وأرسل إلى قريش أنكم إنّما خرجتم لتمنعوا عيركم وقد

_ [1] . جزعMS. [2] . رجلهMS. [3] . ابعار بعير بهما MS.

نجاها الله فارجعوا فقال أبو جهل لا نرجع والله حتى نرد بدرا وكان موسما من مواسم العرب فنعكف عليها وننحر الجزور ونسقي الخمور وتعزف علينا القيان وتسمع العرب بنا وبمسيرنا هذا فلا يزالون يهابوننا أبدا فرجع طالب ابن أبي طالب والاخنس بن شريق [1] في مائة رجل وسار الباقون وهم تسع مائة وخمسون رجلا أشراف قريش وأعلام العرب حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا حتى أتى بدرا ونزل بالعدوة الدنيا وكان معهم سبعون من نواضح يثرب يعتقبونها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ومرثد بن [أبي] مرثد الغنوى يعتقبون بعيرا ولم يكن من الخيل إلا فرس للمقداد بن الأسود الكندي ومن السلاح إلا سبعون سيفا فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم فبنوا حوضا وملئوه ماء وقذفوا فيه الآنية وأمر بسائر القلب فعورت وضربوا له عريشا يكون فيه وجاءت قريش تضوّر من الكثيب فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها واستشار الناس في القتال فقام أبو بكر رضي الله عنه فتكلم وأحسن ثم قام عمر فتكلم وأحسن فقال النبيّ

_ [1] . قريش MS.

أشيروا علي فقام المقداد بن الأسود فقال امض بنا فإنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى عم [ف] اذهب أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ 5: 24 والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجادلنا معك من دونه حتى تبلغه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له ثم قال اشيروا علي وإنما يريد الأنصار وذلك أنهم كانوا بايعوه عند العقبة على أنا براء من ذمتك حتى تصل إلى ديارنا فإذا وصلت فأنت في ذمّتنا وكان يستخوّف أن الأنصار لا يرون له نصرة إلا ممن دهمه بالمدينة فقام سعد ابن معاذ لعلك تريدنا يا رسول الله فقال نعم فقال إنا آمنا بك وصدقناك فامض بنا لما أردت فلو استعرضت بنا على هذا البحر لخضناه معك إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم تهيّئوا وابشروا فإن الله عز وجل قد وعدنى احدى الطائفتين والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم فمشى القوم إلى القتال والتقوا وحميت الحرب بينهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ويدعوه قالوا فخرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي وكان شرسا سيئ الخلق فقال أعاهد الله لأشربنّ من حوضهم ولأهدمنّه أو لأموتن دونه وقصد الحوض ليمنع

المسلمين الماء فشد عليه أسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب فضربه ضربة الحن قدمه فخر على وجهه وجعل يحبو إلى الحوض وقد قال بعض أهل العلم أن حمزة لما قطع رجله حملها الأسود فرمى بها رجلا من المسلمين فقتله والله أعلم ثم خرج عتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة ودعوا إلى البراز فخرج إليهم عوف بن عفراء ومعوذ بن عفراء وعبد الله بن رواحة فقالوا لهم من أنتم [F؟ 144 v؟] قالوا نحن رهط من الأنصار قالوا لا حاجة بنا إليكم ونادوا يا محمد اخرج إلينا أكفاءنا من قومنا فخرج عبيدة بن الحارث إلى عتبة بن ربيعة وحمزة بن عبد المطلب إلى شيبة بن ربيعة وعلى بن أبي طالب إلى الوليد ابن عتبة فتجادلوا وتطاردوا واختلف الضرب بينهم [1] فأما علي فلم يمهل صاحبه أن قتله وقتل حمزة شيبة وكان عبيدة بن الحارث اسن القوم وأضعفهم وقد بارزه عتبة بن ربيعة فاختلف بينهما ضربتان أثبت كل واحد منهم صاحبه فكر علي وحمزة على عتبة فذففا [2] عليه واحتملا عبيدة إلى أصحابهما ثم رمى المشركون

_ [1] . بينهماCorr.marg. ,ms. [2] فدفعا MS.

مهجع بن عبد الله بسهم فقتلوه وهو أول من قتل في الحرب من المسلمين وخرج ابو جهل وهو يرتجز ما تنقم الحرب العوان مني ... بازل عامين حديث سني لمثل هذا ولدتني أمي وحقق حقيقه فرأى الملائكة فانتبه وقال ابشر يا أبا بكر أتاك النصر هذا جبريل يقود فرسه على ثناياه النقع ثم خرج إلى الصفوف فحرضهم ورغبهم وأخذ حفنة من الحصا فاستقبل بها القوم وقال شاهت الوجوه وأذراها على وجوههم وقال لأصحابه [شدوا] فكان نفحهم [1] بها ووضع المسلمون أيديهم يقتلون ويأسرون حتى أسروا اثنين وأربعين رجلا ويقال اثنين وسبعين رجلا وقتلوا سبعين رجلا ويقال خمسين رجلا وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن فيهم رجالا من بني هاشم قد أخرجوا إكراها فمن لقي منهم أحدا فلا يقتله وأسروا من بني هاشم خمسة نفر العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب ونعمان [2]

_ .Corrige ,d ,apreslbn -Hicham ,P.445 [1] فكانت نعجهمMS. [2] . عثمان MS.

ابن عمرو بن علقمة بن عبد المطلب والسائب بن عدي بن زيد بن هاشم وأسروا أبا العاص زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبو جهل اللَّهمّ اقطعنا للرحم وأتانا بما لا نعرف [1] فكان هو المستفتح بقول الله عز وجل إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ 8: 19 الآية فأدركه معاد بن عمرو بن الجموح فضربه ضربة أطبقت [2] قدمه فكر عليه عكرمة بن أبي جهل فضربه على عاتقه فطرح يده ثم مر بأبي جهل معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته ووجده عبده بن مسعود بآخر رمقه فوضع رجله على عنقه قال ففتح عينه وقال لقد ارتقيت مرتقى صعبا لمن الدبرة قال قلت للَّه ولرسوله ألم يخزك الله يا عدو الله قال أعار على سيّد قتله قومه ثمّ احتزّ رأسه وجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فألقاه بين يديه واستشهد ذلك اليوم من المسلمين ثمانية نفر ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتلى فألقوا في القليب وهو يقول يا با جهل يا عتبة يا شيبة يا فلان ويا فلان يدعوهم بأسمائهم هل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقّا فإنّي وجدت ما وعدني

_ [1] . كذا في الأصلNotemarg.: [2] . اطبعت MS.

ربّى حقّا قال ابن إسحاق حدثني حميد الطويل عن أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله تنادي قوما قد حتفوا فقال ما أنتم بأسمع ما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا وفيه يقول حسّان [وافر] يناديهم رسول الله لما ... قذفناهم كباكب [1] في القليب فما نطقوا ولو نطقوا لقالوا ... صدقت وكنت ذا رأي مصيب ومر رسول الله في العسكر وكرّ راجعا الى المدينة فلمّا خرج من مضيق الصفراء قسم هناك النفل وقتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث من بين الأسارى وقدم المدينة واستشار أصحابه في الأسارى فقال أبو بكر أهلك وعشيرتك وبنو أبيك ابق عليهم واستأن بهم وقال عمر بل انظروا واديا ملتفا أشبا [F؟ 145 rO] فاضرمه عليهم فقال العباس قطعت رحمك يا ابن الخطاب ثم فاداهم وكان الفداء أربعين اوقية ذهبا وألزم العبّاس فداءين وقيل له افد ابن أخيك عقيلا فقال تركتني يا محمد أسأل الناس ما عشت قال ما فعلت الدنانير التي دفعتها

_ [1] . يناكب MS.

إلى أم الفضل عند خروجك وقلت إن حدث لي حادث كانت لك ولولدك فقال من أخبرك به فو الله ما كان غيري وغيرها ثالثا قال أخبرني بذلك ربي فأسلم العباس وافتدى واختلفوا في الغنائم والنفل فنزلت سورة الأنفال بأسرها وفي يوم بدر يقول حسان بن ثابت [بسيط] سرنا وساروا إلى بدر لحينهم ... لو يعلمون يقين العلم ما ساروا وقال إني لكم جار فأوردهم ... سرى الموارد فيه الخزي والعار قالوا ولما رجع فل قريش إلى مكة قال عمير بن وهب الجمحي قبح الله العيش بعد قتلى بدر ولولا دين علي وعيال لي لرحلت إلى محمد وقتلته فقال له صفوان بن أمية على دينك وعيالك ثم حمله وجهزه وصقل سيفا شحيذا وسمه وضرب راحلته حتى أتى المدينة فعقل بباب المسجد ودخل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصاح عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال اتقوا الكلب فإنه حرش بيننا وحزرنا للمشركين يوم بدر فأخذوه وقدموه إلى النبي فقال ما أقدمك يا عمير قال قدمت لأجل أسيري قال فما بال السيف في رقبتك قال نسيته قال

فماذا شرطت صفوان في دينك وعيالك ففزع عمير وعلم أنّه أمره الحق فآمن به وأسلم وحسن إسلامه وفي هذا الشهر هلك أبو لهب بمكة وأبو احيحة سعيد بن العاص بالطائف وكان أبو لهب فأمر أبا العاص بن هشام أخا أبي جهل ابن هشام فقعره ماله ونفسه وأسلمه حدادا [1] ثم وجهه بدلا منه إلى بدر فقتل كافرا ومات أبو لهب بالعدسة [2] ثم كانت سرية عصماء بنت مروان وكانت امرأة كافرة بذيّة اللسان تهجو النبيّ صلى الله عليه وسلم وتحرّض على المسلمين فبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم إليها عمير بن عدي الأنصاري فقتلها وقال عم لا ينتطح فيها عنزان وفي هذا الشهر أمر بإخراج زكاة الفطر قبل الفطر بيوم وخرج يوم الفطر إلى المصلى فصلى وخطب وهو أول عيد في الإسلام [ثم بعث] سرية سالم بن عمير إلى أبي عفك في شوال وعفك رجل منافق يهجو النبيّ صلى الله عليه وسلم ويحرّض عليه ويقول ما أهدى قوم إلى رحالهم شرّا من هذا الحرمى الذي أخرجته لحمته وبنو أبيه وهذه الأبيات من هجائه فيما يروى [متقارب]

_ [1] كذا في الأصلNotemarginale: [2] . بالعسة -MS.

غزوة يهود بنى قينقاع في شوال

لقد عشت دهرا وما إن أرى ... من الناس دارا ولا مجمعا ابر عهودا وأوفي لمن ... تعاقد فيهم إذا ما رعى من أولاد قيلة في جمعهم ... تهدى الخيال ولن اخضعا فصدّعهم راكب جاء هم ... حرام حلال لشيء معا فلو أن بالعز صدقتم ... أو الملك بايعتم إن معا قال النبيّ صلى الله عليه وسلم من لي بهذا الخبيث فخرج سالم بن عمير أحد البكاءين فقتله على فراشه وكان قد بلغ من السنّ [F؟ 145 v؟] مائة وعشرين سنة وفيه يقول [طويل] حباك حنيف آخر الليل طعنة ... أبا عفك خذها على كبر السن غزوة يهود بني قينقاع في شوال وذلك أنه لما قدم الرسول الى المدينة وادع اليهود وعاهدهم فكان هؤلاء أولهم نقضا وهاجروا بالعداوة وقالوا يا معشر المسلمين لا يغركم أنكم لقيتم قوما اغمارا لا علم لهم بالحرب فأصبتم منهم إنكم لو خاصمتمونا لعلمتم أننا رجال الحرب فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصرهم في ديارهم حتى نزلوا في حكمه فهم بضرب أعناقهم فقام عبد الله بن أبي وكانوا حلفاؤه فقال أربع مائة

ذكر غزوة السويق في ذي الحجة

حاسر وثلاث مائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود أدعك تحصدهم في غداة واحدة فقال عم هم لك وكان لسعد بن عبادة من حلفهم مثل ما لعبد الله بن أبي ويقال لعبادة بن الصامت فقال إني أبرأ إلى الله ورسوله منهم ويقال فيهم نزلت إِنَّما [وَلِيُّكُمُ] الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا 5: 55 الآية،،، ذكر غزوة السويق في ذي الحجة وذلك أنّ أبا سفيان جاء في مائتي راكب فحرق في اصوار من النخل وقتل رجلين من الأنصار ودخل المدينة فبات عند سلام بن مشكم سيد بني النضير فسقاه وقراه وبطن له من خبر الناس ثم رجع من الليل إلى مكة وخرج النبي في إثره ففاته وأصاب المسلمون من أزوادهم ما طرحوها يتخففون بها للنجاء فبذلك سميت غزوة السويق وفي هذا الشهر توفيت رقية بنت النبي وفيه بنى علي بفاطمة وفيه مات مطعم بن عدي بمكة وفيه ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذبح شاتين بيده ثم دخلت سنة ثلاث من الهجرة وهي سنة التمحيص والبلاء فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني سليم حتى بلغ الكدر ثم رجع ولم يلق كيدا وهي تسمى غزاة الكدر وكانت في المحرم ثم بعث

ذكر مقتل كعب بن الأشرف

سرية محمد بن مسلمة الأنصاري إلى كعب بن الأشرف فقتله،،، ذكر مقتل كعب بن الأشرف قالوا ولما أصيب أهل بدر قال كعب قد قتل محمّد أشراف الناس فبطن الأرض خير من ظهرها فنقض العهد وخرج إلى مكة في أربعين راكبا فناح على قتلى بدر وبكاهم وحرض المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث النبي محمد بن مسلمة وسلكان بن سلامة في نفر فأتوه في جوف الليل وهو فوق حصنه فناداه سلكان إن هذا الرجل قد يطالبنا بالصدقة وجئتك برهن لتقرضني طعاما فوثب كعب من ملحفته فتعلّقت امرأته بناحية ثوبه وقالت إني لأرى حمرة الدم في هذا الصوت فقال دعيني فلو دعى ابن حرة بليل إلى طعنة لأجاب فنزل إليهم فأخذ سلكان تحت كشحة بداسه [1] ، وضربوه بأسيافهم حتى برد وفيه يقول كعب بن مالك [وافر] فغودر منهم كعب صريعا ... فذلت بعد مصرعه النضير [F؟ 146 r؟] ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم نجدا يريد غطفان حتّى نزل

_ [1] .؟ داسه MS.

قصة أحد

بطن نخل وذلك في شهر ربيع الأول ثم رجع ولم يلق كيدا وفيه كان حديث دعثور بن الحارث المحاري ثم غزا بني سليم في جمادى الأولى فرجع ولم يلق كيدا ثم بعث سرية القردة وأميرهم زيد بن حارثة فأصاب عيرا لقريش مقبلة من الشام [1] فأعجزه الرجال فقدم به وبلغ الخمس عشرين ألفا ثم كانت غزوة أحد لست خلون من شوال يوم الجمعة خرج من المدينة ويوم السبت كانت الواقعة،،، قصة أحد قالوا ولما أصيب المشركون ببدر ورجع فلهم إلى مكة مشي أشراف قريش إلى أبي سفيان بن حرب فقالوا إنّ محمدا قد وترنا وقتل خيارنا فأعنّا نطلب بثأرنا ونعين بهذا المال يعنون العير فاجتمعت قريش وجمعت أحابيشها ومن أطاعهم من القبائل وخرجت بظعنها التماس الحفيظة قائدهم أبو [2] سفيان بن حرب ومعه زوجته بنت عتبة وقد نذرت لئن أمكنها الله من دم حمزة لتشربنه ولتأكلن كبده وجاءوا حتى نزلوا بعينين موضع مقابل المدينة ورأى النبيّ صلى الله عليه وسلم في منامه

_ [1] . كذا في الأصلNotemarginale: [2] . ابى MS.

رؤيا فقصها على أصحابه فقال رأيت بقرا يصرع ورأيت في ذباب سيفي ثلما ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينه قالوا ما تأويلها يا رسول الله قال أما البقرة فهم قوم من أصحابي يقتلون وأما السيف [1] فرجل من [2] بيتي يقتل وأما الدرع الحصينة فإني أولتها بالمدينة وكان رأيه أن يقيم بالمدينة وقالوا إن دخلوا قاتلناهم في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم وإن نزلوا [نزلوا] بشر مجلس [3] فقال رجال ممن أكرمهم الله بالشهادة وكان فاتهم بدر يتمنون ما وصف الله عز وجل به الشهداء من الثواب والحياة اخرج بنا إلى أعداء الله لئلا يرون أنا جبنا [4] عنهم وعن لقائهم وكان ذلك اليوم يوم الجمعة فصلى بالناس ودخل منزله ولبس لأمته ثم خرج وقد ندم الناس فقال استكرهناك ولم يكن لنا [5] ذلك فإن شئت

_ [1] . الثلمVarianteenmarge: [2] . أهلAdditionmoderne: [3] . كذا في الأصلNotemarginale: [4] . حبناءMS. [5] . أبا MS.

فاقعد فقال ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يخلعها حتى يقاتل وخرج من المدينة بألف رجل والمشركون ثلاثة آلاف وزيادة فسار حتّى إذا كان بالشوط وهو على ميل من المدينة انجزل [1] عبد الله بن سلول رأس المنافقين بثلث الناس وقال أطاعهم وعصاني علام نقتل أنفسنا انصرفوا فتبعهم عمرو بن حرام وقال أناشدكم الله في حرمكم ونبيكم [2] ما ثم قتال لو نعلم قتالا لاتبعناكم كما حكى عنهم وهمت بنو سلمة وبنو حارثة بالانصراف فعزم الله لهم على الرشد ثم ذكر نعمته عليهم فقال إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَالله وَلِيُّهُما 3: 122 ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حتى نزل الشعب من أحد وأمر عبد الله بن جبير أمير الرماة وكان في خمسين ناشبا أن يبيتوا على فم الشعب وأن ينضحوا [3] الخيل بالنبل لئلا يأتيهم [4] من ورائهم ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير بن هاشم ونشبت الحرب بين الفريقين فدعت

_ [1] . يحرّكMS. [2] . [؟] كمMS. [3] . ينصحواMS. maisc rlineairemoderne. [4] بن الكفار MS.ajoute

هند بنت عتبة وحشيا [F؟ 146 v؟] [1] غلام جبير بن مطعم بن عدي وكان طعيمة بن عدي قتل ببدر فقالت إن أنت قتلت حمزة يأبي عتبة بن ربيعة فلك قلبي وسواري وقلائدي وخلخالي وشنفي وقال له جبير بن مطعم إن أنت قتلت حمزة بعمى طعيمة ابن عدي فأنت عتيق ثم قامت هند في صواحباتها [2] يضربن بالدفوف ويحرضن الرجال وهي تقول، ويها بني عبد الدار ... ، ويها حماة الاذمار ، ضربا بكل سيار، ،، وقالت أيضا، نحن بنات الطارق ... ، نمشي على النمارق ، إن تقبلوا نعانق ... ، أو تدبروا نفارق ، فراق غير وامق، ،، وحميت الحرب فقتل مصعب بن عمير فدفع النبيّ صلى الله عليه وسلم اللواء إلى علي بن أبي طالب عم فأنزل الله عز وجل نصره حتى كانت هزيمة القوم لا شك فترك الرماة مركزهم وأقبلوا على النهب غير أميرهم عبد الله بن جبير فإنه ثبت مكانه حتى استشهد وعطف عليهم خالد ابن الوليد على الخيل فانقلبت الدبرة على المسلمين واكتمن الوحشي لحمزة حتى مر به فأتاه من ورائه وضربه بحربته

_ [1] . وحشيMS. [2] . صولجاتها MS.

فقتله وأصاب العدو من المسلمين وكان يوم بلاء وتمحيص وانثالوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودث [1] بالحجارة حتى وقع لشقه وشج وجهه وكلمت شفتيه وكسرت رباعيته ودخلت حلقة من الدرع في وجهه ووقع حفرة من الحفر التي عملها أبو عامر الفاسق وكان مظاهر [2] درعين وصرخ صارخ من أعلى الجبل الا أنّ محمدا قد قتل فانهزم المسلمون وأخذ علي وطلحة بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتاشاه من الحفرة وأكب أبو دجانة عليه بنفسه يقيه النبل وروى أنّ نشّابة أصابت إصبعه فقال [كامل] هل أنت إلا إصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت وقال صلى الله عليه وسلم من رجل يشرى لنا نفسه فقام زياد بن السكن في نفر من الأنصار فقاتلوا دونه رجلا رجلا حتى قتلوا عن آخرهم ثم فاءت فيه المسلمون فكشفوهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يناول السهم سعد بن أبي وقاص وقال ارم فداك

_ [1] . كذاEnmarge: [2] . ظاهريى Autrelecon:

أبى وأمّى والّذي ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخوه عتبة بن أبي وقاص وفيه يقول حسّان [طويل] فأخزاك ربي يا عتيب بن مالك ... ولقاك قبل الموت إحدى الصواعق بسطت يمينا للنبي محمد ... فأدميت فاه قطعت بالبوائق ثم نهضوا الى الشعب ومر على [علي] المهراس فملأ حجفته ماء وجاء يغسل الدم عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى الله عز وجل ثم قام مالك بن سنان الخدري أبو [1] أبي سعيد فمص الدم من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم من مس دمه دمى لم تمسه النار ويقال ان النبيّ صلى الله عليه وسلم ضربه عبد الله بن قميئة وروى بعضهم أنه [قتل [F 147 r؟] [مصعب بن عمير وهو يظنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقعت هند عليها اللعنة ومن معها على القتلى فمثلن بهم جدع الأنوف وتبك الآذان ويتّخذن خدما وقلائد وعمدت إلى بطن حمزة فبعجتها واستخرجت حشوته وكبده ولاكته ولم تسغه ثم علت على صخرة وهي تقول [رجز]

_ [1] . بن MS.

نحن جزيناكم بيوم بدر ... والحرب بعد الحرب ذات السعر ما كان من عتبة لي من مضر ... ولا أخيه لا ولا من صهر شفيت نفسي وقضيت نذري ... فشكر وحشي على عمر حتّى ترم أعظمي في قبري فأجابتها هند بنت أثاثة بن عبد المطلب جزيت في بدر وبعد بدر ... يا ابنة وقاع عظيم الكفر في أبيات وفيها يقول حسّان بن ثابت [كامل] لعن الإله وزوجها معها ... هند الهنود طويلة البظر ثم صرخ أبو سفيان انعمت وقال إنما الحرب سجال يوم بيوم أعل تعل فقال النبي لعمر بن الخطاب أجبه فقال الله أعلى وأجلّ لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار فقال أبو سفيان أنشدك الله يا عمر هل قتل محمد قال لا والله ليسمع قال أنه قد كانت هناة ما أمرت بها ولا رضيت وإن موعدكم بدر فقال النبي لعمر قل إن شاء الله وألقى في قلوبهم الرعب

فجنبوا الخيل وامتطوا الإبل وتوجهوا إلى مكة وتفرّغ المسلمون لقتلاهم يدفنونهم ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة ونظر إلى ما مثل به فقال لن أصبت بمثلك أبدا ثم صلى على القتلى السبعين صلاة واحدة وانصرف إلى المدينة وأستشهد يوم أحد من المسلمين سبعون [1] رجلا ويقال خمسة وستون رجلا منهم حمزة ابن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ومصعب بن عمير العبدي [2] وعبد الله بن جبير أمير الرماة وحنظلة بن أبي عامر غسيل الملائكة وسعد بن الربيع أحد النقباء وقتل من المشركين اثنان وعشرون رجلا ورجع رسول الله إلى المدينة ثم خرج في أثرهم يوم الأحد مرهبا لهم ويريهم أن به قوة حتى بلغ حمراء الأسد في ستين راكبا منهم أبو بكر وعمر وعلي وعبد الله ابن مسعود فمر به معبد بن أبي معبد الخزاعي وكانت خزاعة عيبة [3] رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقى أبا سفيان بن حرب بالروحاء قد أجمع على الرجعة إلى المدينة وذلك أنهم لما انصرفوا سقط في

_ [1] . سبعينMS. [2] . اليهدىMS. [3] . عبيد MS.

أيديهم وقالوا قد كنا أجهضنا محمدا وأصحابه وأشرفنا على استئصالهم لو صبرنا فقالوا لمعبد بن أبي معبد ما وراءك قال لقد خرج محمد وأصحابه في جمع لم أر مثله يحرقون عليكم أنيابهم من الحنق قال وأين هم قال هم يصبحونكم من حمراء الأسد فثنى ذلك أبا سفيان عن عزمه وفت في عضده ومر به راكب من عبد القيس يقال له نعيم الأشجعي يريد المدينة للميرة [F؟ 147 v؟] فقال بلغ محمدا أنا قد أزمعنا المسير إليهم فلما قال ذلك للنّبيّ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم حسبنا الله ونعم الوكيل وانصرفوا إلى المدينة ونزلت ستون آية من سورة آل عمران في قصة أحد من قوله وَإِذْ غَدَوْتَ من أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ 3: 121 وقالوا في أحد أشعارا كثيرة فمنها قول كعب بن مالك يذكر عزيمة أبي سفيان على الرجوع ومبلغ عددهم [طويل] إذا جاء منهم [راكب] كان قوله ... اعدوا لما يزجى ابن حرب ويجمع ونحن أناس لا نرى القتل سبة ... على كل من يحمى الذمار ويمنع بني الحرب أن نظفر [1] فلسنا بمفحش ... ولا نحن في اظفارها نتوجع

_ [1] . نطفره MS.

فجئنا إلى موج من البحر وسطه ... أحابيش منهم حاسر ومقنع ثلاثة آلاف ونحن [1] نصيبه ... ثلاث مئين [2] إن كثرنا وأربع وفيه يقول ابن الزبعري [رمل] يا غراب البين أنعمت فقل ... إنما تنطق [3] شيئا قد فعل نضع الأسياف في أكتافهم ... وكذاك الحرب أحيانا دول إن للخير وللشر مدى ... وكلا ذاك وجيه وقبل والعطيات خساس بينهم ... وسواء قبر مثر ومقل كل عيش ونعيم زائل ... وبنات الدهر يلعبن بكل أبلغا حسان عنى آية ... فقريض الشعر يشفي ذا الغلل كم نرى بالحر من جمجمة ... وأكف قد أترت وحدل وسرابيل حسان سريت ... عن حماة هلكوا في المنتزل فسل المهراس من ساكنه ... بين أقحاف وهام كالحجل ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل

_ [1] . كذا في الأصل enmarge: بن فكنّMS. [2] . ماينMS. [3] . ينطق MS.

حين ألقت بقباء [1] بركها ... واستحر القتل في عبد الأشل ثم خفوا عند ذاكم رقصا ... رقص الحفان تعلوا في الجبل فقتلنا الضعف من أشرافهم ... وعدلنا مثل بدر واعتدل فأجابه حسان بن ثابت في قصيدة طويلة ذهبت [2] يا بن الزبعري وقعة ... كان منا الفضل فيها لو عدل ولقد نلتم ونلنا منكم ... وكذاك الحرب أحيانا دول [F؟ 148 r؟] نضع السيف أكتافكم ... حيث نهوى عللا بعد نهل نخرج الأصبح من استاهكم ... كسلاح النيب يأكلن العضل إذ شددنا شدّة صادقة ... فأجأناكم إلى سفل الجبل وتركنا في قريش عورة ... يوم بدر وأحاديث المثل قالوا في هذه السنة ولد الحسن بن علي وعلقت فاطمة بالحسين وتزوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة أم المساكين وزوج ابنته كلثوم من عثمان بن عفان ثم دخلت سنة أربع من

_ [1] . بقباMS. [2] . ذهبت MS.

قصة الرجيع وهو بأرض هذيل

الهجرة وهي سنة الترفيه فبعث في المحرم سرية إلى بني أسد أميرها أبو سلمة بن عبد الأسد فغنم وسبى ولم يلق كيدا ولم يلق أن يقيد هذه الحوادث بالشهور والأعوام لأنه مما يصعب ويفوت الحق لكثرة الاختلاف وتفاوت التاريخ فرأيت أن أجمعها وأضمها سنة سنة ليكون اقرب إلى الحق وأسهل في الحفظ إن شاء الله تعالى،،، قصة الرجيع وهو بأرض هذيل قال ابن إسحاق لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد جاءه رهط من عضل والقارة وقالوا يا رسول الله إن فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهونا في الدين فبعث معهم ستة نفر منهم عاصم بن ثابت بن [أبي] الأقلح وكان قتل يوم أحد ابنين لسلافة بنت سعد فنذرت لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن الخمر في قحفه وكان أعطى الله عهدا ألّا يمسّ مشركا ولا يمسه مشرك ومنهم خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة فخرجوا بهم حتى إذا كانوا بالرجيع غدروا بهم واستصرخوا هذيلا فما راعهم إلا الرجال بأيديهم السيوف فأخذ القوم أسيافهم ليقاتلوهم فقالوا والله لا نريد قتالكم ولكن نريد أن نصيب بكم من أهل مكة شيئا ولكم عهد الله

وميثاقه فقالوا لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا وناصبوهم القتال فوتر عاصم قوسه وكان راميا وانشأ يقول [رجز] ما علتي وأنا جلد نابل ... والقوس فيها وتر عنابل تزل عن صفحتها المعابل ... الموت حقّ والحياة باطل وكل ما حم الإله نازل ... بالمرء والمرء إليه آئل إن لم أقاتلكم فأمي هابل ثمّ قاتل حتّى نفدت سهامه وأخذ سيفه وجحفته وقال [رجز] أبو سليمان وريش المقعد [1] ... وضالة [2] مثل الجحيم الموقد ومجنأ من مسك ثور أجرد ... ومؤمن بما تلا محمّد [3] وقاتل حتّى قتل رضي الله عنه وأرادوا أن يأخذوا رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد فمنعه الدبر فقالوا ندعه إلى أن يمسى فلما أمسى جاء السيل فذهب به وقتلوا معه ثلاثة نفر من أصحابه

_ [1] . المعقدMS. [2] . وصالهMS. [3] ما اعرف معنى هذين البيتين وانا notemarginale: بن مما؟ لا محمد MS. خليل بن الحسين وقد كتبت مثل ما وجدت في النسخة والله اعلم بصوابه.

قصة بئر معونة [1]

وأما خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة وعبد الله بن طارق فلانوا ورغبوا في الحياة واعطوا بأيديهم وشدوا أكتافا وحملوهم [F؟ 148 v؟] إلى مكّة وباعوهم ممّن قتل أولياؤهم ببدر فصلبوهم ورموهم بالنشاب وطعنوهم بالرماح وذكروا عجائب من أمر خبيب بن عدي وشعرا له في ذلك وقال ابن إسحاق في أصحاب الرجيع نزلت وَمن النَّاسِ من يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ [الله] وَالله رَؤُفٌ بِالْعِبادِ 2: 207،،، قصة بئر معونة [1] قالوا وبعث النبي صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو الأنصاري في أربعين رجلا من خيار المسلمين كانوا من أهل الصفة يرضحون [2] النوى بالنهار ويعلمون القرآن بالليل بعثهم إلى نجد يدعوهم إلى الإسلام في خفارة أبي براء ملاعب الأسنة فلما أتوا بئر معونة استصرخ عليهم عامر بن الطفيل عصية وذكوان فأحاطوا بهم وقتلوهم عن آخرهم إلا عمرو بن أمية الضمري فإنه كان في سرح القوم فأسره عامر وجز ناصيته وأعتقه عن رقبة كانت على أمه فأقبل عمرو حتى أتى المدينة فإذا هو برجلين من بني عامر

_ [1] . معوMS.؟ [2] . يرضخون MS.

ذكر غزاة بنى النضير

قد أقبلا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهما عهد فقتلهما بأصحابه وأخذ سلاحهما ثم جاء النبيّ صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر فقال بئس ما صنعت رجلين من أهل ذمتي قتلتهما لا لأجل ذنبهما وقد قيل أنه نزلت فيه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ 49: 1 الآية وشقّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتل أصحابه وغدر عامر بن الطفيل بهم فدعا على عصية وذكوان أربعين صباحا فيقال [و] الله اعلم ما أسلم منهم أحد ولا أفلت،،، ذكر غزاة بني النضير قال فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ذينك القتيلين اللذين أصابهما عمرو بن أمية وكان في العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتغاوثوا [1] ويتحمل ما ينوب بعضهم عن بعض قالوا نعم يا أبا القاسم وهموا بالغدر به وخرجوا يجمعون الرجال والسلاح فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فانسل من بين أصحابه وما شعر به أحد إلا حين دخوله المدينة فمضى أصحابه في إثره حتى لحقوا به ونزل فيه سورة المائدة كما قال الله عز وجل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ 5: 11 وأمر

_ [1] . يتعاوثوا MS.

ثم غزاة ذات الرقاع

أصحابه بالمسير إليهم فحاصرهم ست ليال حتى نزلوا على أن لهم ما حملت الإبل من الأموال إلا الحلقة [1] ولحقوا باذرعات من أطراف الشام وفيهم نزلت سورة الحشر،،، ثم غزاة ذات الرقاع والرقاع شجرة سميت بها تلك الغزاة ويقال بل سميت لأنهم كانوا رقعوا راياتهم ولقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الخروج جمعا عظيما من غطفان وصلى صلاة الخوف وفيها كانت قصة غورث [2] بن الحارث المحاربي وذلك أن بني محارب كانوا تحصنوا في رأس جبل فقال غورث لأفتكن لمحمد فجاء حتى وقف وكان سيف رسول الله محلى بفضة فقال أنظر إلى سيفك هذا قال نعم فأخذه وسله وهم به فمنعه الله عز وجل لذلك وانكبّ على وجهه فنزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ 5: 11 الآية،،، ثم غزاة بدر الميعاد [F؟ 149 rO] وذلك أن أبا سفيان لما ارتحل يوم أحد نادى موعدكم بدر فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم لعمر قل إن شاء الله

_ [1] . كذا في الأصل enmarge: بن الى الحلقةMS. [2] . عويرث MS.

ثم كانت غزاة بنى المصطلق

فخرج النبي للميعاد وخرج أبو سفيان حتى بلغ عسفان ثم ألقى في قلبه الرعب وانصرف وفيه يقول عبد الله بن رواحة [طويل] وعدنا أبا سفيان وعدا ولم نجد ... لميعاده صدقا ولا كان وافيا وفي هذه السنة تزوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم أم سلمة بنت [أبي] أمية بن المغيرة وفيها مات عبد الله بن عثمان بن عفّان من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وله سنتان وفيها ولدت فاطمة الحسين صلى الله عليه ثم دخلت سنة خمس من الهجرة وهي سنة الزلازل فيها غزا رسول الله دومة الجندل وهي من حد الروم وذلك أن التجار والسابلة شكوا اكيدر الكندي عامل هرقل عليها فسار إليها في ألف رجل يسير الليل ويكمن النهار وأحس بذلك اكيدر فهرب واحتمل الرحل وخلى السوق وتفرق أهلها فلم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا فرجع،،، ثم كانت غزاة بني المصطلق سار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهم على ماء يقال له المريسيع فقاتلهم وسباهم وكان عليهم يومئذ الحارث بن أبى ضرار أبو جويريّة زوجة النبي وفي غزاة المصطلق كان حديث الإفك قالوا وكانت عائشة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

في هذه السفرة فخرجت من هودجها لحاجة وارتحل القوم فجاءت وليس في المناخ إلا صفوان بن المعطل فاحتملها على راحلته وسار بها فما لحقهم إلّا بعد ما نزلوا وقد خاض الناس وماجوا يتكلمون فيها من مصدق ومكذب قالوا فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أذن لعائشة في الانقلاب إلى أبيها ولا علم لها بشيء مما جرى فروى عنها أنها قالت خرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح بن [1] أثاثه خاله أبي بكر إذ عثرت في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت بئس لعمر الله ما قلت [2] لرجل من المهاجرين شهد بدرا قالت أو ما بلغك الخبر فقلت [لا] فأخبرتني بما تحدث الناس فيه قالت فو الله ما قدرت أن أقضي حاجتي وما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع قلبي قالت وأتى على ذلك شهر ثم دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا عائشة إن كنت قارفت سوءا فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده فقلت والله لا أتوب ولكني أقول كما قال أبو يوسف فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَالله الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ 12: 18

_ [1] . بنتMS. [2] . قالت MS.

ثم الخندق وكانت في ذي القعدة

فما برح رسول الله حتى نزل الوحي ببراءتي وذلك قوله عز وجل في سورة النور إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ 24: 11 إلى رأس ستة عشر آية وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حسّان ابن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش وعبد الله بن أبىّ الحدّ وفيه يقول قائلهم [طويل] لقد ذاق حسان الذي كان أهله ... وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح تعاطوا بظهر الغيب زوج [1] نبيهم ... وسخطة ذي العرش الكريم فأبرحوا وقال حسّان يعتذر من مقالته وينتقى منها [طويل] حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل [F؟ 142 v؟] فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتم ... فلا رفعت سوطي إلى أناملي وكيف وودي ما حييت ونصرتي ... لآل رسول الله زين المحافل وأن الذي قد قيل ليس بلائي ... ولكنه قول امرئ بي ماحل ثم الخندق وكانت في ذي القعدة وذلك أن نفرا من اليهود

_ [1] . روح MS.

نقضوا العهد واخفروا الذمام وأتوا مكة فحالفوا قريشا على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم سلّام بن [أبى] الحقيق النضرىّ وحيي بن أخطب وكنانة بن الربيع ثم جاءوا إلى غطفان وقائدها عيينة [1] بن حصن الفزاري فاستنزلوهم ودعوا إلى مثل ما دعوا إليه قريشا فتحزبت الأحزاب وتجمع الأحابيش وساروا إلى المدينة يقصدون النبيّ فاستشار النبيّ صلى الله عليه وسلم سلمان فيما يزعمون بأمر الخندق فضرب الخندق وعمل فيه بنفسه ينشطهم وخرج في ثلاثة ألف رجل حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع والخندق بينهم وبين الأحزاب ونزلت قريش في عشرة آلاف وقائدها أبو سفيان بن حرب ونزلت غطفان في من [2] تبعها وأطاعها وحاصروا النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين تسعا وعشرين ليلة لم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل والحصى إلا أنه اشتدّ الأمر وضاق كما قال إذ جاءوكم من فوقكم الأسديّ ومن أسفل منكم أبو الأعور السلمىّ وغطفان وناصبهم أبو سفيان وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر [3]

_ [1] . عتيبةMS. [2] . فيمنMS. Enmargedanslems. [3]

واقتحمت فوارس الخندق منهم عمرو بن عبد ود وعكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطّاب بن مرداس فخرج إليهم علي في نفر من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة [1] التي اقحموا الخيل منها وبارز علي عمرا فقال له عمرو وكان من مشهوري فرسان العرب ما أحب أن أقتلك يا ابن أخي قال أنا أحب أن أقتلك فحمى عمرو واحتدم ونزل عن فرسه فعقره ثم أقبل على عليّ فتنازلا وتطاردا وتجادلا واختلف بينهما ضربتان فاصابته ضربة علي فقتلته فخرجوا منهزما من الخندق وفي ذلك يقول علي فيما روى عنه [كامل] نصر الحجارة من سفاهة رأيه ... ونصرت رب محمد بصواب فصددت حين تركته متجدلا ... كالجذع بين دكادك وروابي وعففت عن أثوابه ولو أنني ... كنت المقطر بزني أثوابي ورمى سعد بن معاذ يومئذ فقطع منه الأكحل فقال اللَّهمّ إن كنت أبقيت من حرب شيئا فأبقني وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا فاجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من

_ [1] . الشغرة MS.

قريظة لأنهم خانوا الأمانة وتركوا الوفاء ونقضوا عهد المسلمين قالوا ولما اشتد الأمر جاءه نعيم بن مسعود الأشجعي مسلما وكان من دواهي العرب فقال له النبيّ إنّ الحرب خدعة فاحتل لنا فخرج حتى أتى قريظة وقال قد عرفتم ودي لكم وتحقيقي [1] بكم قالوا لست عند [نا] بمتّهم قال والرأي أن لا تقاتلوا محمدا ما لم تأخذوا ورهائن من قريش [F 150 r؟] كيلا يتشمروا إلى بلادهم إن عضتهم الحرب وتحلوا بينكم وبين محمد قالوا هو الوجه ثم أتى قريشا فقال إن اليهود قد ندموا على نقض العهد وقد أرسلوا إلى محمد نرضيك منا أن نأخذ من قريش وغطفان مائة رجل فندفعهم إليك لتضرب أعناقهم فإن التمسوا منكم رجالا فلا تجيبوهم إليه قالوا هو الوجه ثم إن قريشا قالوا لقريظة إنا لسنا بدار مقامة وقد هلك الخف والحافر وأنتم أزعجتمونا عن بلادنا فاغدوا للقتال واخرجوا للميعاد فقالت قريظة إنا لا نأمن منكم أن تتشمروا إلى بلادكم إن عضتكم الحرب فإن أردتم ذلك فاعطونا رهائن تكون ثقة لنا قالت قريش صدق نعيم وقالت قريظة صدق نعيم ونصح

_ [1] . و؟ حقيقي MS.

فتخاذلوا وتواكلوا [1] وأتت عليهم ليلة شاتية عاصفة الريح فجعل تكفأ قدورهم وتقطع أطناب خيامهم فارتحلوا وانصرفوا خائبين بقول الله عز وجل في سورة الأحزاب يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ [الله] بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً 33: 9 وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأمر بالمسير إلى بنى قريظة فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة حتى استنزلهم على حكم سعد بن معاذ فحكم سعد بقتل الرجال وأخذ الأموال وسبى الذراري فساقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأمر فأخذت الأخائذ [2] وضربت أعناق سبع مائة رجل منهم في غداة واحدة وفي هاتين الغزوتين نزلت سورة الأحزاب واستشهد من المسلمين فيها ستة نفر وقد ذكر ابن إسحاق من أشعارهم فيها شيئا غير قليل فمنها قول ضرار ابن الخطّاب بن مرداس [وافر] ومشفقة تظن بنا الظنونا ... وقد قدنا عرندسة طحونا فلولا خندق كانوا لديه ... لدمرنا عليهم اخمصينا

_ [1] . تراكلواMS. [2] . كذا في الأصل Notemarginale:

وإن نرحل فانا قد تركنا ... لدى أبياتكم سعدا رهينا في قصيدة طويلة فأجابه كعب بن مالك الأنصاري وسائلة تسايل ما لقينا ... ولو شهدت رأتنا صابرينا رأتنا في فضافض [1] سابغات ... كغدران الملا متسربلينا سيعلم أهل مكة حين ساروا ... وأحزاب أتوا متحزبينا بأن الله ليس له شريك ... وأنّ الله مولى المؤمنينا كما قد ردكم فلا شريدا ... يغيظكم حزابا خائبينا حزابا لم تنالوا ثم خيرا ... وكدتم أن تكونوا دامرينا فاما تقتلوا سعدا سفاها ... فإن الله خير القادرينا سيدخله جنانا طيّبات ... تكون مقامة للصالحينا في قصيدة طويلة واصطفى [2] رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبى قريظة ريحانة القرظيّة فلم تزل عنده إلى أن توفى وفي هذه السنة تزوج النبي زينب بنت جحش وأمّها أميمة [3] بنت عبد المطّلب

_ [1] . قصاقصMS. [2] . اسطفىMS. [3] . وأمّه آمنة MS.

وقصتها في سورة الأحزاب مذكورة [F؟ 150 v؟] وفيها بعث عمرو بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان فلم يظفر به ثم دخلت سنة ست من الهجرة وهي سنة الاستئناس فبعث رسول الله عبد الله بن أنيس سرية وحده إلى خالد بن سفيان بن نبيح وكان يجمع الجموع ليقاتل النبي فخلا به عبد الله بن أنيس ثم علاه بسيفه حتى قتله ثم بعث سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء ثم غزا بني [1] لحيان ثم غزا الغابة ثم بعث سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر ثم بعث سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصة [2] ثم بعث سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة ثم [بعث] سرية زيد بن حارثة إلى وادي القرى ثم غزا لحيان يطلب بدم خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة ومرثد بن أبي مرثد وعاصم بن ثابت [بن ابي] الأقلح أصحاب الرجيع ثم بعث سرية عبد الرحمن ابن عوف إلى دومة الجندل ثم سرية علي بن أبي طالب عم إلى فدك فاحتازها ثم سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة ثم سرية عبد الله بن رواحة إلى خيبر فتطرقها وأصاب من أموالها ثم

_ [1] . ابنMS. [2] . كذا enmarge: بن ذي العصبة MS.

سرية بشر بن سويد الجهني إلى بني الحارث واعتصموا فأضرمها عليهم حتى احترقوا ثم سرية كرز بن جابر الفهري في إثر العرنيين [1] وذلك انهم لما قدموا إلى المدينة اجتووها فأمر بهم النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى إبل الصدقة فشربوا من ألبانها حتى صحوا وانطوت بطونهم ثم وثبوا على الراعي فقتلوه وغرزوا [2] الشوك في عينيه واستاقوا الإبل فبعث إليهم في إثرهم كرز بن جابر فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم بالحرة حتى ماتوا وقد قيل أن فيهم نزلت إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ في الْأَرْضِ فَساداً 5: 33 الآية ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا قرد وذلك أن عيينة بن حصن بن بدر الفزاري أغار على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج في إثره وقاتل قتالا شديدا واستنقذ بعض اللقاح وفيه يقول حسّان [متقارب] أظن عيينة أن زارها ... بأن سوف يهدم منا قصورا فعفت المدينة أن زرتها ... وألقيت للأسد فيها زئيرا أمير علينا رسول المليك ... أحبب بذاك إلينا أميرا

_ [1] . العريفين MS. بن 1559 بنTabari ,I [2] . وعرزوا Ms.

ثم كانت عمرة الحديبية في ذي القعدة من سنة ست وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام أنه دخل مكة فأخبر أصحابه وأحرم بعمره وخرج في سبع مائة رجل وساق الهدى حتى إذا كان بعسفان استقبله بشر بن سفيان الكعبي فقال إلى أين يا محمد هذه قريش قد أقبلت ومعها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون [1] الله أن لا يدخلها عليهم وهذا خالد ابن الوليد قد قدموه إلى كراع العميم فقال النبي ويل أم قريش لقد أكلتهم الحرب فو الله لا أزال أجاهد على ما بعثني الله به حتى يظهر دينه وتنقرض هذه السالفة خالفوا بنا الطريق فأخذوا على طريق وعر حتى نزل الحديبية وبعث عثمان بن عفان يخبرهم أنه لم يأت لحرب ولا مكاشفة وإنما أتى زائرا لهذا البيت فحبسوا عثمان وبلغ النبيّ صلى الله عليه وسلم أن عثمان بن عفان قد قتل فقال إن كان عثمان قتل فلا نبرح حتى نناجز القوم ثم دعا إلى البيعة وهي [F؟ 151 r؟] بيعة الرضوان تحت الشجرة وكانت البيعة على الموت ثم أتاه أن الذي ذكر من أمر عثمان كان باطلا وبعثت قريش سهيل بن عمرو [2] ليصالح النبي على أن يرجع

_ [1] . عميرMS. [2] . فعاهدون MS.

عنهم عامه هذا وأن تخلو له مكة عاما قابلا ثلاثة أيام ليقضي حاجته وأن يضع الحرب من بين الناس عشر سنين يكفّ بعضهم عن بعض وأن من أتى من قريش رده إليهم ومن أتى قريشا ممن مع محمد لم يردوه إليه وإن من أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه واصطلحوا على هذا وكتبوا العقد بينهم وتواثبت خزاعة فقالوا نحن في عهد محمد وعقده وتواثبت بنو بكر فقالوا نحن في عهد قريش وعقدهم ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هديه فنحر [هـ] وحلق رأسه وفعل المسلمون مثل ذلك وأقبل راجعا إلى المدينة فنزل في الطريق إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً 48: 1 فصار تصديق الرؤيا في العام القابل وفي هذه السنة ظهرت الروم على فارس وانكشف شهرابرا [ز] عن طريق هرقل حتى سار إلى العراق فأفسدوا عليه وأغاروا وفيها جاء وفد السباع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى،،، ثم دخلت سنة سبع من هذه الهجرة وهي سنة الاستغلاب وفيها كانت غزوة خيبر قالوا وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها في ألف وأربع مائة رجل ونزل بساحتهم ويفتتحها حصنا حصنا وهي حصون وآطام حتّى انتهى الى الوطيح والسلالم فحاصرهم سبع عشرة ليلة فخرج

مرحب وقد جمع عليه سلاحه وهو يقول [رجز] قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب أطعن أحيانا وحينا أضرب فأجابه كعب بن مالك قد علمت خيبر أني كعب ... وانّنى ممن يشب الحرب معي حسام كالعقيق عضب وخرج إليه محمد بن مسلمة وتجاولا وتطاردا وعرضت بينهما شجرة فتجاولا يلوذان بها إلى أن قطعاها ثم ضربه محمد بن مسلمة فقتله هذا رواية أصحاب الحديث وأما الشيعة فإنهم يختلفون أن عليا قتله وذلك مشهور في أشعارهم قالوا وبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم أبا بكر إلى حصن من حصونهم فذهب وقاتل ثم رجع ولم يفتح فقال عم لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ليس بفرار وكان علي [1] عم رمد العين فتفل في وجهه وأعطاه الراية فمضى إليه وخرج إليه أهل الحصن والقى به

_ [1] . عليا MS.

فقاتل حتى فتح الله على يده قال سلمة بن الأكوع فلقد رأيتني في سبعة نفر نجتهد أن نقلب ذلك الباب فما نقدر أن نقلبه هذه الرواية الصحيحة فأما ما يقوله القصاص فلا نعرفه وبخيبر أهدت امرأة سلّام بن مشكم الشاة المشويّة إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وبها قدم جعفر بن أبي طالب من الحبشة في من [1] معه من المسلمين وفيه يقول حسّان [خفيف] بئس ما قاتلت [2] خيابر عما ... جمعت من مزارع ونخيل [3] كرهوا الحرب فاستبيح حماهم ... وأقروا فعل اللئيم الذليل [F؟ 151 v؟] وذلك قول الله تعالى فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ من دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً 48: 27 ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم وادي القرى بعد منصرفه من خيبر ويقال قايل فيئها [4] ثم بعث سرية عمر بن الخطاب إلى تربة [5] فرجع ولم يلق كيدا ثم بعث سريّة غالب بن

_ [1] . فيمنMS. [2] . قابلتMS. [3] . نجيلMS. [4] . فيهاMS. [5] . قرية MS.

عبد [1] الله الى الميفعة [2] وفيها قتل أسامة بن زيد مرداس بن نهيك بعد ما شهد بالحق فنزل وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً 4: 94 الآية ثم بعث سرية بشير بن سعد [3] إلى مرو جناب [4] من فدك ووادي القرى ثم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة القضاء في ذي القعدة وهو الشهر الذي صده فيه المشركون ويقال لها عمرة القصاص فدخل مكّة وقضى نسكه وأقام بها ثلاثا وتزوج ميمونة بنت الحارث وفيها نزل لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ 48: 27 الآية ثم بعث عبد الله بن [أبي] حدرد إلى أضم سريّة فقتلوا عامر بن الاضبط بعد ما حياهم بتحية الإسلام فأنكر ذلك عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذه السنة اتخذ الخاتم ونقش فصه محمد رسول الله وبعث رسله إلى الملوك يدعوهم إلى دين الله فبعث حذافة السهمي إلى كسرى ابرويز بن هرمز بن انوشروان فمزق كتابه وكتب إلى باذان عامل اليمن بأن يبعث بمحمد إليه مربوطا وقد ذكرنا قصّته في موضعه فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم مزّق

_ [1] . عبيدMS. [2] . المنقعةMS. [3] . سعد بن سرMS. [4] . مرو [؟] اب MS.

كتابي مزق الله عليه ملكته وبعث دحية بن خليفة الكلبي إلى هرقل بن قيصر ملك الروم فوجده بمحص يمشي راجلا إلى بيت المقدس شكرا للَّه على ما منحه من الظفر على فارس وذلك وعد الله فيهم وَهُمْ من بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنِينَ 30: 3- 4 فوضع كتاب رسول الله على وجهه ودعا الناس إلى اتباعه فأبوا عليه فلما أخبر النبي قال بقي ملكهم أو ثبت وبعث عمرو ابن أمية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة فآمن وأسلم وبعث حاطب بن بلتعة [1] إلى المقوقس ملك القبط والاسكندرية فأجاب بأن القبط لا يتابعني على اتباعك وأنا أظن [2] بملكي وبعث إليه بمارية القبطية أم ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحبها خصيا وألف مثقال ذهبا وعشرين ثوبا ووهب لحاطب مالا عظيما وبعث العلاء [بن] الحضرمي إلى المنذر بن [ساوى] ملك البحرين فاسلم وبعث سليط بن عمرو إلى هوذة الحنفي فرد ردا جميلا وبعث شجاع بن وهب إلى الحراث الأصغر وهو الحارث بن أبي شمر الغساني ملك دمشق فاستخف به ورمى بكتابه فقال عم

_ [1] .؟ بلعهMS. [2] . كذا في الأصل enmarge: بن اطن MS.

قصة مؤتة قالوا

باد ملكه وفي هذه السنة كانت وقعة ذي قار وقد مضت قصتها ثم دخلت سنة ثمان من الهجرة وهي الاستواء فبعث سرية غالب بن عبد الله إلى بني الملوح فأوقع بهم وقتل وسبى وساق نعما كثيرا وشاء وخرج صريخ القوم [1] للقتال فسال وادي قديد من غير سحاب عندهم ولا مطر حتى حال بينهم وبين الصريخ [F؟ 152 r؟] فوقفوا ينظرون إليه وهم يسوقون [2] نهبهم ثم بعث سرية شجاع بن وهب إلى بني عامر فلم يلق كيدا ثم بعث كعب بن عمير إلى ذات اطلاح ثم غزوة مؤتة وهي بأرض الشام،،، قصة مؤتة قالوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عمير رسولا إلى بني شرحبيل بن عمرو عامل هرقل فقتل رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقتل له رسول غيره فبعث إليها ثلاثة ألف رجل واستعمل عليهم زيد بن حارثة إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب وان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة فصاروا حتى بلغوا موتة وهي قرية من حدود الشام فبلغهم أن هرقل نزل بأرض

_ [1] . بالقومMS. [2] . يسوق MS.

البلقاء في مائة ألف وانضم إليه من لخم وجذام مائة ألف فانحازوا إلى موتة وأتتهم هوادي الخيل وناوشهم القتال حتى استشهد زيد بن حارثة فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب وتقدم فقاتل حتى إذا ألجمه القتال نزل عن فرسه فعرقبه وهو يقول [رجز] يا حبذا الجنة واقترابها ... طيبة وطيب شرابها والروم روم قد دنا عذابها ... على إذ لاقيتها ضرابها فقطعت يمينه فأخذ الراية بشماله فقطعت شماله فاحتضن بصدره واستشهد وقتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة في سن عيسى عم فأبدله الله عز وجل منها جناحين يطير بهما في الجنة ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة وهو يقول [رجز] أقسمت يا نفس لتنزلنه ... قد طال ما [قد] كنت مطمئنة هل أنت إلا بطنة في شنه وقاتل حتى قتل رحمه الله فاجتمع المسلمون إلى خالد بن الوليد فانحاز بهم حتى انصرف فتلقاهم الناس وجعل الصبيان

فتح مكة في شهر رمضان

يحثون عليهم التراب ويقولون يا فرار فررتم في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله وفيه يقول حسّان [طويل] فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا ... بموتة منهم ذو الجناحين جعفر وزيد وعبد الله هم خير عصبة ... تواصوا وأسباب المنية تخطر ثم بعث سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل من ناحية الشأم فكتب إلى النبي يستمده فبعث إليه بسرية أميرها [أبو] عبيدة بن الجراح وفيها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فأصابوا شيئا كثيرا ثم سرية الخبط [1] وأميرها أبو عبيدة إلى سيف البحر فجعلوا يختبطون لما أرملوا فأخرج الله لهم دابة أصابوا من لحمها وودكها شيئا حتى سمنوا وغلظوا ثم سرية أبي قتادة إلى خضيرة [2] من أرض الشأم فلم يلق كيدا،،، فتح مكة في شهر رمضان وذلك أن خزاعة كانت دخلت في عقد النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية وبنو بكر في عقد قريش فعدت

_ [1] . الحنظلةMS. [2] . حطره MS.

بنو بكر على خزاعة وهم على ماء بأسفل مكة [F؟ 152 v؟] يقال له الوتير فبيتوهم ورفدتهم قريش بالسلاح فقاتلوهم فخرج عمرو ابن [سالم] الخزاعي حتى وقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر شأنهم وما كان من بني بكر وقريش من نقض العهد وقال [رجز] لاهمّ إنّي ناشد محمّدا ... حلف أبينا وأبيه الا بلدا إن قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك الموكدا هم بيتونا بالوتير هجدا ... نتلو القرآن ركعا وسجّدا فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتجهيز إليهم فقال له أبو بكر اتنصرهم على قومك قال لا نصرت إن لم أنصرهم فخرج في عشرة آلاف رجل وسار حتى نزل بساحتهم ولا علم لهم بشيء من ذلك فأمر كل رجل أن يوقد نارين عظيمتين وخرج العباس بن عبد المطلب على بغلة رسول الله يلتمس أحدا يبعثه إلى قريش بالخبر وكانت قريش لما خفى عليهم أمر المدينة رابهم ذلك وخرج أبو سفيان بن حرب وبديل بن ورقاء يتجسسان فلما أشرفا على العسكر والنيران هالهما ذلك فسمع العباس قول أبي سفيان لبديل

ما رأيت عسكرا قط أكثر من هذا فناداه العبّاس يا با حنظلة هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصباح قريش قال فما الحيلة قال أن تركب في عجز هذه البغلة حتّى استأمن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فركب خلفه ومر حتى بلغ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فلما رأه قال الحمد للَّه الذي أمكن منك بلا عهد ولا عقد وخرج يشد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر وهذا عدو الله أبو سفيان قد أمكن الله منه فدعني أضرب عنقه فقال له العباس لا سبيل لك عليه إني قد أجرته فبات عنده تلك الليلة فلما أصبح أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال ما آن لك أن تعلم أنّه لا إله إلا الله فقال بأبي أنت وأمي ما أجملك وأكرمك وأوصلك للرحم لو كان معه غيره لقد أغنى عنا شيئا فقال له العباس إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا فقال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن إلا عبد الله بن سعد بن ابى سرح ومقيس بن ضبابة وحويرث بن نقيذ [1] فاقتلوهم ولو وجدتموهم تحت أستار الكعبة فجاء أبو سفيان إلى مكة فنادى هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به فمن حلّ

_ [1] . نفيل MS.

[؟ r 153؟ F] ذكر غزوة حنين

داري فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن فتفرق الناس وأخذت بلحيته هند بنت عتبة وقالت بئس الشيخ والله اقتلوه هلا مت كريما ودخل رسول الله في عشر سرايا كل سرية ألف رجل وهو في كتيبة خضراء من المهاجرين والأنصار لا يرى منهم إلا الحدق فأتى المسجد فطاف وحول الكعبة أصنام فجعل يشير إليها بقضب في يده وهو يقول جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً 17: 81 وهي تخر لوجهها وفيه يقول بعضهم [وافر] وفي الأصنام معتبر وعلم ... لمن يرجو الثواب والعقابا وأقام بمكة خمسة عشر يوما يقصر الصلاة ثم خرج إلى حنين،،، [F؟ 153 r؟] ذكر غزوة حنين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى هوازن وثقيف والطائف وقائدهم مالك بن عوف [1] قد جمعوا أحابيشهم ولفهم وساقوا نعمهم ونسأهم التماس الحفيظة وأخرجوا معهم دريد بن الصمة في شجار وهو شيخ كبير ليس فيه شيء غير التيمن برأيه فلما بلغوا أوطاس قال دريد نعم مجال الخيل

_ [1] . عوف بن مالك MS.

لا حزن ضرس ولا سهل دهس وأنشد [رجز] يا ليتني فيها جذع ... أخب [1] فيها وأضع أقود وطفاء الزمع ... كأنها شاة صدع وخرج رسول الله في اثني عشر ألفا عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وألفين من طلقاء مكة ويقال أنه لما نظر إلى كثرة من معه قال لن نغلب اليوم من قلة [2] فلما استقبلوا وادي حنين كان القوم قد كمنوا في الشعاب والاخبات وكسروا جفون سيوفهم فشدوا على المسلمين شدة رجل واحد فانهمروا راجعين لا يلوى أحد على أحد ورسول الله ينادي هلموا أنا رسول الله ثم قال للعباس اصرخ في الناس وكان رجلا صيتا يا معشر الأنصار يا أصحاب السمرة ففاء فيه المسلمون وحمى الوطيس واشتدت الحرب واجتلدوا فانهزم المشركون وانحازوا إلى الطائف وأغلقوا باب مدينتها وصنعوا الصنائع للقتال من الدبابات والضبور والمجانيق وأصاب المسلمون من سبي هوازن

_ [1] . واخبّMS. [2] . كذا في الأصل Enmarge:

ستة آلاف رأس ومن النعم والأموال ما لا يحصى وفيه يقول العباس بن مرداس السلمىّ [بسيط] ونحن يوم حنين كان مشهدنا ... للدين عزا وعند الله مدخر وقد ضربنا بأوطاس أسنتنا ... والله ينصر من يهدى وينتصر وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين إلى الطائف قال فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة ورماهم بالمنجنيق ثم زحف نفر من أصحابه تحت الدبابة فأرسلوا عليهم الحديدة المحماة فأحرقوهم وقال النبي لأبي بكر رأيت أني أهديت إلى قعبة مملوءة زبدا فنقرها ديك فهراقت فقال أبو بكر رضي الله عنه [ما] أظن أن تدرك هذه قال وأنا وارتحل من ساعته حتى نزل الجعرانة فأتاه وفد هوازن وفيهم ظئره حليمة بنت ذؤيب فقالوا يا رسول الله إنما في الحصار عماتك وخالاتك وحواضنك فأمنن علينا من الله عليك فقال أولادكم ونساءكم أحبّ إليكم أم [1] أموالكم قالوا أولادنا ونساءنا قال أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وإذا صليت فتقدموا وقولوا إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين في أبنائنا

_ [1] . من MS.

ونسائنا ففعلوا ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم فقال المهاجرون وما كان لنا فهو لرسول الله فردوا إليهم أولادهم ونساءهم وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم المؤلفة قلوبهم مائة مائة وأعطى أبا سفيان مائة وأعطى لمعاوية [F؟ 153 v؟] [1] بن أبي سفيان مائة وأعطى صفوان بن أمية مائة وحويطب بن عبد العزي وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة وأعطى العباس بن مرداس أباعر فسخطها وقال [متقارب] وكانت نهابا تلافيتها ... بكرى على المهر في الأجرع فأصبح نهبي ونهب العبيد ... بين عيينة والأقرع وما كنت دون امرئ منهما ... ومن يضع اليوم لا يرفع فقال عم اقطعوا عني لسانه فاعطوه حتى رضي واعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة وانصرف راجعا إلى المدينة وفي هذه السنة ولد إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه جبريل فقال السلم عليك يا إبرهيم وفيها مات ملك دمشق الحارث بن أبي شمر الغساني فملك مكانه جبلة بن الأيهم وفيها ملكت بوران دخت

_ [1] . ومعاوية MS.

ذكر غزوة تبوك

بنت أبرويز فقال الرسول عليه الصلاة والسلم حين بلغه الخبر لا يفلح قوم عليهم امرأة ثم دخلت سنة تسع من الهجرة وهي سنة براءة فبعث سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم فأغار وسبى وغنم ثم بعث سرية علقمة بن مجزّز المدلجي [1] إلى الساحل بمراكب الحبشة فلم يلق كيدا ثم سار إلى تبوك،،، ذكر غزوة تبوك وهي من حد الروم ويسمى جيش العسرة وكان سبب هذه الغزاة أن هرقل أظهر قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه فقال النبيّ تهيّئوا لغزاة الروم وذلك في شدة الحر وجدب البلاد وقد طابت الظلال وأينعت الثمار وبين تبوك والمدينة تسعون فرسخا وما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إلّا يورّى بعيره إلّا تبوك فإنه أفصح بها وبينها للناس لبعد الشقة وشدة الزمان وكثرة العدد وأمر الناس بالنفقة والحملان في سبيل الله وهذه القصة مذكورة في كتاب الله في سورة براءة وخرج رسول الله في ثلاثين ألفا منهم عشرة آلاف فارس واثنا عشر ألف راكب وثمانية آلاف راجل وخلف عليا في أهله فقال رجل ما خلفه إلا استثقالا له فلما سمع علي أخذ سلاحه ومضى حتى أدركه فذكر

_ [1] . محرر المدلحى MS.

سرية خالد بن الوليد إلى أكيدر

له قول الناس فقال أما ترضى يا بالحسن أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فرضي علي ورجع وسار النبي حتى أتى تبوك وقد تفرقت جموع هرقل فلم يلق كيدا وبعث من تبوك خالد بن الوليد إلى دومة الجندل،،، سرية خالد بن الوليد إلى اكيدر صاحب دومة الجندل من تبوك [F؟ 154 r؟] وقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم تجده [1] يصيد البقر فاتاه خالد في ليلة مقمرة وهو على سطح فجاءت البقر تحك بقرونها باب القصر فخرج في فرسان وتلقاهم فأسروه وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فحقن دمه وصالحه على الجزية وخلى سبيله وفيه قال [وافر] تبارك سائق البقرات أني ... رأيت الله [يهدي] كلّ هاد فمن يك حائدا [2] عن ذي تبوك ... فإنا قد أمرنا بالجهاد وفي هذه السنة نزلت سورة براءة فبعث أبا بكر أميرا على الحاجّ وأتبعه بعليّ بن أبي طالب مع تسع آيات من سورة براءة وامره بأن يقرأها على الناس ويؤذنهم بنقض العهد وقطع الذمّة فانصرف

_ [1] . كذا في الأصل enmarge: بن؟ حدهMS. onmarginalequeci -dessus. [2] بن حائدا MS.

أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنت الأمير وعلي المبلغ فإنه لا يبلغ رجل عني إلا مني فقام علي في الموسم والناس على سكناتهم من أهل الشرك فنادى أني [رسول] رسول الله إليكم قالوا بماذا قال إنه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عهد من رسول الله فهو إلى مدته ومن لا عهد له فله المدة إلى مأمنه وتلا عليهم الآيات فقال المشركون انا نبرأ إلى الله من عهدك وعهد ابن عمك اللَّهمّ انا منعنا تبرك [1] ثم دخلت سنة عشرة من الهجرة وهي سنة حجة الوداع فبعث سرية عكاشة بن محصن إلى الجناب [2] فلم يلق كيدا ثم بعث سرية أسامة بن زيد إلى بلقاء [3] من أرض فلسطين قال أثير بدم أبيك فقتل وسبى وأحرق ثم بعث سريّة عليّ ابن أبي طالب إلى اليمن لقبض الصدقات ويقال كانت مرتين ثم بعث سرية عبد الله بن حذافة السهمي وفي هذه ضربت الوفود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أنّ الناس كانوا يتربصون بالإسلام قريشا فلما أسلمت قريش أسلمت العرب ودخلوا في دين

_ etmemeannotation. [1] تبرّكMS. [2] . بساMs. [3] . الحناب MS.

الله أفواجا وفيها حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين م؟ ذي القعدة وأحج نساءه كلهن وساق الهدى وخطب خطبة الوداع ويقال خطبة البلاغ وهي مشهورة في العامة فقال يا أيها الناس [اسمعوا] قولي فأني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا أبدا وقفل إلى المدينة وفي هذه السنة كتب مسيلمة الكذاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت سنة إحدى عشرة من الهجرة وهي سنة الوفاة فبعث عمرو بن العاص إلى جيفر بن جلندي [1] الأزدي ملك عمان يدعوه إلى الإسلام وأمر أسامة بن زيد على البعث إلى الشام ومرض رسول الله مرضة التي قبضه الله فيها وذلك أنه نعي نفسه إلى أصحابه قبل موته بشهرٍ ثم ابتدأ بشكواه في ليال بقين من شهر ربيع الأول صلى الله عليه وعلى آله وصحابه الى يوم الدين أجمعين،،، آخر الجزء الثاني ويتلوه في الجزء الثالث الفصل السابع عشر في خلق رسول الله وخلقه صلى الله عليه وسلم والحمد للَّه رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين الطيبين وسلم تسليما كثيرا تمّ الجزء الرابع

_ [1] . ل؟ يفر بن حليدى MS

المجلد الخامس

المجلد الخامس الفصل السابع عشر في صفة خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلقه وسيرته وخصائصه وشرائعه ومدة عمره وذكر أزواجه وأولاده وقراباته وخبر وفاته على سبيل الاختصار والإيجاز [F؟ 155 v؟] ذكر خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلقه قد أكثر الناس في صفته واختلفت الرواية من طرق شتى وأحسن ما أراه حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه من رواية عيسى بن يونس عن مولى غفرة عن إبراهيم بن محمد [عن] رجل من ولد علي عن علي أنه كان إذا نعت النبي صلى الله عليه وسلم قال لم يكن بالطويل الممعط ولا القصير المتردد كان ربعه من القوم لم يكن بالجعد القطط ولا السبط كان جعداً رجلاً ولم يكن بالمطهم ولا المكلثم وكان في وجهه تدوير أبيض مشرب حمرة وأدعج العينين أهدب الأشفار جليل المشاش والكتد أجرد ذو مسربة شثن الكفين والقدمين إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صببٍ وإذا التفت التفت معاً بين كتفيه خاتم النبوة أجود الناس

كفاً وأحسن الناس صدراً وأصدق الناس لهجةً وأوفى الناس ذمةً وألينهم عريكةً وأكرمهم عشرةً من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه لم يكن قبله ولا بعده مثله، هذا رواية علي كرم الله وجهه وهو أعلم به من غيره وقد فسر أبو عبيد [ة] غريب ما في هذا الخبر وروى ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة أنها كانت إذا وصفت النبي صلى الله عليه وسلم قالت كما قال أبو طالب عمه [طويل] وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... تمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به أفناء فهر بن مالك ... فهم عنده في نعمة وفواضل وكان أصحابه يتعرّفون فيه قول حسّان بن ثابت [بسيط] تاللَّه ما حملت أنثى ولا وضعت ... مثل النبي نبي الرحمة الهادي ولا برى الله خلقا من خلائقه ... أوفى بذمة جار أو بميعاد وروى عوف عن الحسن عن عائشة أنها سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان خلقه كما جاء في القرآن وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ 68: 4 وروى الزهري عن عروة عن ابن عباس أنه قال في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الناس خلائق وأجودهم كفاً ولقد دخل مكة عنوة

ذكر آباء رسول الله

بالسيف فقال ماذا تظنون ماذا تقولون فتبادروا نظن خيراً ونقول خيراً أخ كريم وابن أخٍ كريم وقد قدرت فقال إني أقول كما قال أخي يوسف لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ الله لَكُمْ 12: 92 فعفا عنهم جميعاً وفي رواية أنس خادم النبي صلى الله عليه أنه كان يلبس الصوف ويخصف النعل ويحلب الشاة ويكنس البيت ويركب الحمار ردفاً ويجيب دعوة العبد ولنا فيه صلى الله عليه أسوة [F؟ 156 r؟] وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يثبت آية إلا بشهادة شاهدين عدلين فجاءه رجل بهذه الآية لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ من أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ 9: 128 فقال هلم أجر شهادتك وحدك لأنه كان كذا فأما ما روى القصاص أنه كان يماشي الطوال فلا يقصر عنه ويماشي القصير فلا يطاوله ويقف في الشمس فلا يرى ظله ويسير مع الفرس الجواد فلا يسبقه وأنه كان إذا تعرى لم يقع البصر على عورته وما خرج منه لم يوجد له رائحة فاشياً لم تصح الرواية بها ولا عرف في طباع الناس مثلها،،، ذكر أباء رسول الله قد سبق من نسبه واختلاف الناس فيه ما يغني عن الإعادة والتكرار فهو محمد النبي بن عبد الله الذبيح بن عبد المطلب شيبة الحمد ومطعم الطير وساقي الحجيج بن عمرو

ذكر أمهات رسول الله

هاشم الثريد وقاطع الأحقاد وسان الائلاف بن المغيرة عبد مناف بيضة قريش بن قصي مجمع القبائل وقصي أول من أصاب من قريش ملكاً،،، ذكر أمهات رسول الله أمه التي ولدته آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤيّ بن غالب ابن فهر فرسول الله صلى الله عليه وسلم يرجع إلى كلاب بخمسة آباء من قبل أبيه ومن قبل أمه ولم يكن لأم رسول [1] الله صلى الله عليه وسلم أخ ولا أخت فيكون خال النبي وخالته ولكن بنو زهرة يزعمون أنهم أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن آمنة أمه منهم،،، جدات رسول الله من قبل أبيه أم أبيه عبد الله فاطمة بنت عمرو ابن عائذ بن عمران بن مخزوم وأم أبي عبد الله عبد المطلب بن هاشم سلمى بنت عمرو من بني النجار وكانت قبل هاشم عند أحيحة بن الجلاح فولدت له عمرو بن أحيحة فهو أخو عبد المطلب لأمه وأم هاشم عاتكة بنت مرة من بني سليم وأم عبد مناف عاتكة بنت هلال ويقال حبى بنت حليل [2] الخزاعي وقد

_ [1] . لرسولMS. [2] . خليل MS.

جدات النبي من قبل أمه

رفعت النساب هذه الأنساب كلها إلى أصولها ولو اقتدينا بهم لبطل شرطنا الاختصار ولكن اكتفينا بما أودعت الكتب منها لأنها أشفى وأكفى إذ هي لها أفردت ولها وضعت ولكن الكتاب جامع الفنون ولا يحتمل الفن الواحد الاستقصاء والاستكمال،،، جدات النبي من قبل أمه أم أمه [1] آمنة بنت وهب برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي وأم برة أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى [2] بن قصي وأم أم حبيب برة بنت عوف وأم عبد مناف [3] أبي وهب زهرة وإليها ينسب ولدها دون الأب قال أبو عبيدة ولا يعرف اسم أبي عبد مناف بن زهرة وزهرة أمه وقد أقيمت في التذكير مقام الأب فقيل زهرة بن كلاب بن مرة أخو قصي وأم زهرة وقصي فاطمة بنت سعد من أزد السراة فأما الأجداد فقد عرفتهم في نسبة الآباء،،، ذكر عمومة النبي كان لعبد المطلب عشرة ذكور لصلبه وستة إناث أما الذكور فعبد الله والحارث والزبير وضرار والمقوم وحمزة والعباس

_ [1] . أبيهMS. [2] . بن عبد الدارMS.ajoute: [3] . وهب بن عبد مناف MS.

ذكر [بنى] أعمامه [1]

وابو طالب واسمه عبد مناف وجل واسمه الغيداق وأبو لهب واسمه عبد العزى] [F؟ 156 v؟] و] عاتكة وصفية وأميمة وبرة وأروى وأم حكيم وهي البيضاء ولم يسلم من أعمامه غير حمزة والعباس ولا من عماته غير صفية ويقال أيضا اروى أسلمت والشيعة أيضا يقولون أن أبا طالب أسلم وعبد الله أبا النبي أسلم ويزعم بعضهم أنه لم يكن في نسبه أحد كافر الى آدم عم وكان هؤلاء لأمهات شتى ليس من عزمنا أن نذكرهن في هذا الموضع،،، ذكر [بني] أعمامه [1] لم يكن لعبد الله غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد ولم يعقب الغيداق ولا ضرار ولا المقوم ولا حمزة وكان لحمزة ابن يقال له عمارة وبه يكنى أبا عمارة وبنت يقال لها بنت أبيها فلم يعقبوا فأما أبو لهب [2] فولد عتبة وعتيبة ومعتبا وبنات أمهم أم جميل بنت حرب بن أمية عمة معاوية بن أبي سفيان ونوفلاً والمغيرة وربيعة وعبد شمس وأروى أعقبوا وأسلموا وأما الزبير بن عبد المطلب فكان شاعراً ولد عبد الله بن الزبير فأسلم ولم يعقب وكانت للزبير بنات

_ [1] . ذكر إخوانه (efface) ذكر أعمامهMS. [2] . ابو طالب MS.

[ذكر عماته] [2]

منهن ضباعة بنت الزبير كانت تحت المقداد بن الأسود وأم حكيم بنت الزبير وأما ابو طالب فولد عليّا عم وعقيلاً وجعفراً وأم هانئ وأمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وأسلموا كلهم وأعقبوا غير طالب بن أبي طالب وأما العباس بن عبد المطلب فولد اثني عشر نفرا عبد الله وعبيد الله والحراث وأميّة وعبد الرحمن ومعبدا وقثم والفضل وثماماً وكثيراً [1] وصفية وأم حبيب أسلموا وأعقبوا إلا الفضل فإنه لم يعقب وسنذكر أخبارهم في موضعها،،، [ذكر عماته] [2] أما برة بنت عبد المطلب فكانت عند عبد الأسد بن هلال المخزوميّ فولدت أبا سلمة بن عبد الأسد رضيع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما صفية بنت عبد المطلب فكانت عند العوّام ابن خويلد بن عبد العزى فولدت له الزبير بن العوام وأما أميمة بنت عبد المطلب فكانت عند جحش بن رياب الأسدي فولدت له زينب بنت جحش وحمنة بنت جحش وعبد الله بن جحش،،،

_ [1] . وكيراMS. Lacune. [2]

ذكر أظآره

ذكر أظاره يقال أن أول من أرضعته قبل حليمة بنت أبى ذؤيب امرأة بمكة من أهلها يقال لها ثويبة أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم [1] وأبا سلمة وأبا سلمة بن عبد الأسد هما رضيعاه ثم استرضع من حليمة بنت أبى ذؤيب واسم أبى ذؤيب عبد الله ابن الحارث من بني بكر [2] بن هوازن واسم زوج حليمة الحارث ابن عبد العزى من بني سعد وإخوة رسول الله من الرضاعة عبد الله بن الحارث وأنيسة بنت الحارث وجذامة بنت الحارث ولقبها الشيماء [3] وكانت حليمة أرضعت أبا سفيان بن حرب فكان أخاه من الرضاعة وأسلم عام الفتح وكانت حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أيمن مولاة [أم] أسامة بن زيد وأسلمت حليمة وأولادها وزوجها،،، [F؟ 157 r؟] ذكر زوجاته اختلفوا في عددهن فأكثر ما قالوا سبع عشرة [4] امرأة سوى السراري أولادهنّ خديجة بنت خويلد ثم سودة بنت زمعة ثم عائشة بنت أبي بكر ثم حفصة بنت عمر ثمّ

_ [1] . كذا وجدت في الأصل حمزه بن عبد المطّلبLacune ,enmarge. [2] . عبد بكرMs. [3] . السماءMS. [4] . سبعة عشرة MS.

زينب بنت خزيمة ثم زينب بنت جحش ثم أم حبيبة ثم صفية بنت حيي بن أخطب ثم جويرية [1] بنت الحارث بن [2] ضرار وتزوج عمرة بنت زيد الكلابية وكانت قبله تحت الفضل بن عبّاس قال ابن إسحاق كانت حديثة العهد بالكفر فلما قدمت على رسول الله استعاذت منه فقال معاذ منيع فطلّقها قبل أن يدخل بها ويقال إنّ رسول الله دعاها فقالت انّا نؤتى ولا نأتي فردها وقال قوم بل هي أميمة بنت النعمان بن شراحيل فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم قال هبي لي نفسك قالت وهي تهب الملكة نفسها للسوقة فقال الحقي بأهلك ويقال بل هي مليكة الليثية والله أعلم وتزوج أسماء بنت كعب الجونية فلم يدخل بها حتى طلقها يقال رأى لمعة من برص وتزوج فاطمة بنت الضحاك فطلقها قبل الدخول وتزوج امرأة من بني بكر يقال لها عمارة وصفها له أبوها ثم قال وأزيدك أنها لم تمرض قط فقال ما لها عند الله من خلاق وطلقها ومن سراريه مارية القبطية وريحانة القرظية ولم يمت من نسائه قبله إلا اثنتان خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ [1] . جويرةMS. (sic) . [2] بنت MS.

خديجة

عن تسع عائشة وحفصة وأم سلمة وأم حبيبة وصفية وجويرية وسودة وميمونة وزينب بنت جحش، خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي وأمها فاطمة بنت زائدة من عامر ابن لؤىّ وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وهي ابنة أربعين سنة ورسول الله ابن خمس وعشرين سنة وكانت قبله تحت عتيق بن عبد الله ويقال ابن عائذ وولدت له جارية ثم خلفه عليها أبو هالة هند بن زرارة فولدت له هند بن هند رباه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة وأمّا ابن إسحاق فإنه يقول اسم أبي هالة النباش بن زرارة قال وولدت له رجلا وامرأة وولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده كلهم إلا إبراهيم بن مارية ومكثت عند النبي صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة ولم يتزوج عليها حتى ماتت وكانت وزير صدق لرسول الله صلى الله عليه وسلم فآزرته بنفسها وأعانته بمالها وظاهرته [1] بعشرتها وكان لها جسم وجمال وشرف وعقل وقد قيل أنها أول من أسلم وصلى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن إسحاق حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أبشّر

_ [1] . ظاهر به MS.

سودة

خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب قال عبد الملك بن هشام القصب اللؤلؤ [1] المجوف قال ابن هشام حدثني من لا أتهمه أن جبريل عم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أقرأ خديجة السلام من ربها فقالت الله السلام ومنه السلام ثم توفيت رضي الله عنها [F؟ 157 v؟] بعد خروجها من الشعب بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام وقبل الهجرة بثلاث سنين فتزوج بعدها سودة بنت زمعة ودفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصل عليها لأنه لم يكن سنة الموتى الصلاة عليهم، سودة كانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند السكران ابن عمرو من بنى عامر بن لؤىّ أخي سهيل بن عمرو صاحب صلح المشركين وكان السكران قد أسلم وهاجر بسودة إلى الحبشة فمات بها فخلفها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، عائشة تزوجها بمكة قبل الهجرة بسنة وهي ابنة سبع سنين وبنى بها بالمدينة ودخل بها بعد البناء بسنة ومات عنها وهي ابنة ثماني عشرة سنة وكانت بيضاء مشربة حمرة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسميها الحميراء ويكنيها أم عبد الله ولم يتزوج غيرها بكراً وكانت برزة من النساء جلدة لبيبة فصيحة راوية للشعر حافظة للأخبار ولها أحاديث نذكرها في قصّة الجمل

_ [1] . اللؤلؤ القصب MS.

حفصة

وأمها أم رومان وعبد الرحمن بن أبي بكر منها وتوفّيت عائشة في زمن معاوية وقد قاربت السبعين فقال لها ألا ندفنك في بيتك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لا لأني قد أحدثت بعده وروي أنها بكت على ما كان منها حتى كف بصرها، حفصة كانت قبل النبي تحت حبيش بن عبد الله بن حذافة السهمي وهي التي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجلها فأنزل الله يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ الله لَكَ 66: 1 السورة وتوفيت في زمن عثمان، زينب بنت [1] خزيمة بن صعصعة ويقال لها أم المساكين لرحمتها ورقتها لهم وكانت تحت عبيدة بن الحارث ويقال كانت تحت الحصين بن الحارث وماتت قبله، زينب بنت جحش أمّها أمية بنت عبد المطلب فهي ابنة عمة رسول الله وكانت تحت زيد بن حارثة فطلقها وتزوج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصتها في سورة الأحزاب وكانت امرأة جسيمة وهي أول من لحق بالنبي من أزواجه بعده وأول من حملت في النعش وكانت خليقة [2] فقال عمر نعم خبء [3]

_ [1] . زبنتMS. [2] . خليفةMS. [3] . خبا MS.

[أم حبيبة بنت ابى سفيان بن حرب]

الظعينة وصارت سنة وذكروا أن عمر بعث إليها بعطائها مائة ألف ففرقته في الساعة ثم رفعت يديها وقالت اللَّهمّ لا تدركني عطاء لعمر بعد هذا فلم يدركها،،، [أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب] ومن هاهنا يقال أن معاوية خال المؤمنين وكانت تحت عبيد الله بن جحش أخي زينب بنت جحش زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان هاجر بها إلى الحبشة فتنصر عبيد الله بن جحش ثم مات بها وهو الذي كان يقول فقحنا وصأصأتم فبعث النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري فزوجها منه النجاشي فأصدقها عن النبي صلى الله عليه وسلم أربع مائة دينار وتوفيت في أيام معاوية وقد قال بعض المفسرين في قوله عز وجل عَسَى الله أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً 60: 7 أنّها كانت [F؟ 158 r؟] حبيبة [1] والله اعلم وكان قدومها مع قدوم جعفر بن أبي طالب، أم سلمة بنت المخزومي اسمها هند كانت تحت أبى سلمة بن عبد الأسد وولدت له عمرو بن أبي سلمة وزينب بنت أبي سلمة وتوفيت في أيّام معاوية قال ابن إسحاق تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصدقها فراشاً حشوه ليف وقدحاً وصحفة ومحشة، [ميمونة بنت الحارث] من بني عامر بن صعصعة

_ [1] . حبيبة MS.

[صفية بنت حيي]

أخت أم الفضل بنت الحارث كانت تحت العباس بن عبد المطلب أم عبد الله بن العباس تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء وأولم عليها بحيس وبنى بها بسرف وهو على عشرة أميال من مكة وماتت بسرف وهي معتمرة في ولاية عثمان بن عفان رضي الله عنه وكانت قبله تحت أبي إبراهيم بن قيس ويقال أبي سترة بن أدهم بن قيس،،، [صفية بنت حيي] بن أخطب النضرية كانت تحت كنانة بن أبي الربيع فلما افتتح خيبر أتي بكنانة وقيل أن عنده كنز بني النضير فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الزبير بن العوام وقال عذبة [1] حتى نستأصل ما عنده فجعل الزبير يقدح بزند في صدره حتى أشرف على الموت ثم ضرب عنقه وأتي بامرأته صفية وبعينها أثر لطمة فقال رسول الله عم ما هذه قالت رأيت في المنام كان القمر من السماء وقع في حجري فقصصتها على كنانة فقال يمسي ملك الحجاز محمد فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل عتقها صداقها وتوفيت في أيام عثمان بن عفان وكان أعطيت من الجمال حظّا جسيما، جويرية [2]

_ ، corriged ,apres Hicham ,p.763. [1] علّ بهMS. [2] . جويرة MS.

بنت الحارث بن أبي ضرار سيد بني المصطلق سبيت فيمن سبيت في غزاة بني المصطلق فوقعت جويرية [1] في قسم ثابت بن زيد بن شماس الأنصاري فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة الملاحة لا يراها أحد إلا أخذته بجامع قلبه فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه في قضاء كتابتها فقال هل لك في خير من ذلك قالت وما هو قال أقضي عنك كتابتك وأتزوجك قالت نعم ففعل وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية [1] بنت الحارث فقالوا أصهار رسول الله فأرسلوا كل ما بأيديهم من سبي بني المصطلق فلم يكن امرأة أعظم بركة منها على قومها ولا أدري تحت من كانت قبله وتوفيت في أيام معاوية واختلفوا في التي وهبت نفسها للنبي قال ابن إسحاق هي ميمونة بنت الحارث فلما انتهت إليها خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وهي على بعير فقالت للبعير وما عليه لرسول الله ويقال خولة بنت حكيم ويقال بل كانت زينب بنت جحش وكانت تقول أنا زوجنيه الله بعد زيد ويقال أم شريك بنت جابر وروى شعبة عن الحكم عن مجاهد في قوله وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ 33: 50 قال ما تهب،،،

_ [1] . جويرة MS.

ذكر أولاد رسول الله

ذكر أولاد رسول الله كانوا سبعة ويقال ثمانية وكلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية [F؟ 158 av؟] وروى سعيد بن أبي عروة عن قتادة قال ولدت خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبد مناف في الجاهلية وولدت له في الإسلام غلامين وأربع بنات القاسم وبه كان يكنى أبا القاسم فعاش حتى مشى ثم مات وعبد الله مات صغيراً وأم كلثوم وزينب ورقية وفاطمة وروى أبان عن مجاهد قال مكث القاسم سبع ليالٍ ومات وفي كتاب ابن إسحاق أكبر بنيه القاسم ثم الطيب ثم الطاهر وأكبر بناته رقية وزينب ثم أم كلثوم ثم فاطمة قال فأما أبناؤه فهلكوا في الجاهلية وأما بناته فأدركن الإسلام وهاجرن قال الواقدي لم أر أصحابنا يثبتون الطيب ويزعمون أن الطيب هو الطاهر ومات القاسم والطاهر قبل النبوة وقال قوم بل سمي الطيب الطاهر لأنه ولد في الإسلام والله أعلم وأما إبراهيم بن رسول الله فأمه مارية القبطية وكان المقوقس ملك الاسكندرية [بعث] بها مع أختها شيرين فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت الشاعر عوضاً من الضربة التي ضربه صفوان بن المعطل في شأن الإفك فولدت له عبد الرحمن بن حسان فهو ابن خالة إبراهيم وتوفي وهو ابن سنة

رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

وعشرة أشهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم أن له مرضعة تتم رضاعه في الجنة وأنه من عصافير الجنة وكسفت الشمس في ذلك اليوم فقالت الناس إنما كسفت لموت إبراهيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة ودفنه عند عثمان بن مظعون وقال العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول ما يسخط الله وماتت مارية في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان زوجها عتبة بن أبي لهب وزوج أم كلثوم عتيبة ابن أبي لهب فمشى إليهما قريش وقالوا طلقاها ونزوجكما من شئتما من أشراف قريش فطلقاها فزوج رسول الله رقية عثمان بن عفان وهاجرت معه في الهجرتين إلى الحبشة وأسقطت في الهجرة الأولى علقة في السفينة فهذا يدل أنها كانت ولدت في الجاهلية ثم ولدت لعثمان عبد الله بن عثمان وبلغ ست سنين فنقره ديك في عينه فطمر وجهه فمات وماتت رقية بنت رسول الله سنة ثلاث من الهجرة بالمدينة فزوج النبي عثمان أم كلثوم فمكثت عنده خمس سنين وتوفيت سنة ثمان من الهجرة فروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو كانت عندنا ثالثة لزوجناها أبا عمر وبهما يكنى ذا

زينب بنت الرسول

النورين، زينب بنت الرسول كان زوجها أبا العاص القاسم بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس وأمه هالة بنت خويلد أخت خديجة رضي الله عنها فكان أبو العاص ابن خالة زينب وهي ابنة خالته ولما طلق عتبة وعتيبة ابنا أبي لهب رقية وأم كلثوم قالت قريش لأبي العاص طلق زينب بنت محمد ونزوجك ابنة سعيد بن العاص فقال لا أفارق صاحبتي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني على صهره خيراً فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث أبا رافع وزيد بن حارثة يحمل أهله وبناته حبس أبو العاص زينب [F؟ 159 r؟] عن الخروج إلى أبيها ثم أسر أبو العاص يوم بدر فبعثت زينب بمال في فدائه فيه قلادة لخديجة كانت حلتها ليلة أدخلت على أبي العاص فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك القلادة تذكر ما مضى ورق لها رقّة شديدة وعلم انّه لو كان بيدها فضل ما بعثت بالقلادة فقال إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها هذه القلادة فأطلقوا عنه بغير فداءٍ فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسرح ابنته إليه فلما قدم مكة قال الحقي بأبيك فتجهزت وخرجت إلى المدينة ثم إن أبا العاص خرج في تجارة له الى الشام فلقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا ما معه وأعجزهم هاربا بنفسه حتى دخل

المدينة تحت الليل وأتى زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجارته فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم وكبر لصلاة الفجر صفقت زينب وصرخت من صف النساء وقالت أيّها الناس إنّي أخرجت أبا العاص بن الربيع فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هل سمعتم ما سمعت قالوا نعم يا رسول الله قال أما والذي نفسي بيده ما علمت أنه يجير على المسلمين أدناهم ثم دخل على ابنته وقال أكرمي مثواه ولا يخلصن إليك فإنك لا تحلين له وبعث إلى السرية فردوا ما أخذوا من ماله حتى الشنة والشظاظ فاحتمله إلى مكة وأدى إلى كل ذي حق حقه ثم نادى يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي شيء قالوا جزاك الله خيراً فقد وجدناك مليا وفيا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ثم خرج إلى المدينة وكانت ولدت زينب غلاما اسمه علي بن العاص وبنتاً اسمها أمامة وكان علي مسترضعا في بني غاضرة فافتصله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوه يومئذٍ مشرك وقال وما شاركني في ابني فأنا أحق به منه وأما أمامة فهي التي روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وأمامه على عاتقه فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها وتوفيت زينب سنة عشرة من الهجرة فكانت أمامة في حجر على

فاطمة

ابن أبي طالب رضي الله عنه فأوصى إلى المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أن يزوجها وقال إني أخاف أن يتزوجها معاوية فتزوجها المغيرة وكان قاضي المدينة في زمن عثمان فولدت له يحيى بن المغيرة ولم يعقب، فاطمة هي أصغر بناته زوجها من علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد مقدمه المدينة بسنة وأصدقها ثمن درع له أربع مائة درهم وبنى بها بعد النكاح بسنة فولدت له الحسن سنة ثلاث من الهجرة وعلقت بالحسين وكان بين العلوق والوضع خمسون يوما وولدت محسناً وهو الذي تزعم الشيعة أنها أسقطته من ضربة عمر وكثير من أهل الآثار لا يعرفون محسناً وولدت أم كلثوم الكبرى وزينب الكبرى فكان جميع ما ولدت فاطمة خمسة نفر وتوفيت فاطمة بعد النبي بمائة يومٍ ويقال بثلاثة أشهر ولم يبايع علي أبا بكر ما لم يدفن فاطمة وذكر ابن دأب أنها ماتت عاتبة على أبي بكر وعمر والله أعلم وكانت أحب البنات [1] إلى رسول الله وألطفهن به ولم يتزوج [F؟ 159 v؟] علي عليها حتى ماتت رضوان الله عليهم أجمعين،،، حفدة رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عثمان وعلي بن أبي العاص

_ [1] . البناة MS.

ذكر مماليكه وعبيده

وأمامة بنت أبي العاص والحسن والحسين ومحسن وأم كلثوم وزينب ثمانية نفر،،، ذكر مماليكه وعبيده زيد بن حارثة بن شرحبيل الكلبي وأبو رافع واسمه سالم وسفينة ويسار وأبو مويهبة وثوبان وشقران وأبو كبشة وأبو ضمرة ووهبة وفضالة [1] ومدعم [2] وانجشة ومن الإماء ريحانة القرظية ومارية القبطية وصفية وأم أيمن ويقال ورثها من أبيه وكذلك يقال في شقران وأما أبو بكرة نفيع بن الحارث بن كلدة طبيب العرب فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر الطائف قال أيما عبد نزل فهو حر فتدلى أبو بكرة وأمه سمية أم زياد بن أبي سفيان ومات أبو بكرة عن أربعين ولداً من بين ذكر وأنثى فغير معاوية ولاءه وجعله في ثقيف إلى أن رده المهدي إلى ولاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد نسب زياد بن عبيد من نسبهم إلى أبي سفيان إلى أبيهم عبيد وكتب به كتاباً إلى عمال النواحي والأطراف حتى قرئت على المنابر وشاع ذلك في الناس، زيد بن حارثة قال بعض الرواة أن خديجة ابتاعته من سوق عكاظ بأربع مائة درهم

_ [1] . فاضلةMS. [2] . مدغم MS.

ووهبته للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه وتبناه وكان يقال له زيد بن محمد حتى نزل ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ 33: 5 الآية وزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أيمن مولاته فولدت له أسامة بن زيد ولأسامة ابنان يروى عنهما محمد ابن أسامة والحسن بن أسامة وروى ابن إسحاق ان ابن أخ لخديجة قدم من الشام برقيق فوهب لخديجة زيداً وكان ظريفاً لبقاً فاستوهبه منها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبته له فأعتقه وتبناه وكان حارثة أبوه قد جزع جزعاً شديداً فجاءه في طلبه وهو يقول [طويل] بكيت على زيد ولم ادر ما فعل ... أحي فيرجى أم أتى دونه الأجل فو الله ما أدري وإني لسائل ... أغالك عني السهل أم غالك الجبل وياليت شعري هل لك الدهر أوبة ... فحسبي من الدنيا رجوعك إن بجل [1] تذكرنيه الشمس عند طلوعها ... ويعرض ذكراه إذا غربها أفل سأعمل نص العيس ما عشت جاهداً ... ولا أسأم التطواف أو يسأم الجمل [2] حياتي أو يقضى عليّ منيّتى ... فكلّ امرئ فانٍ وإن غره الأمل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن شئت فأقم عندنا وإن شئت فانطلق مع

_ [1] . بجلMS. [2] . الجهل MS.

أبو رافع

أبيك فقال أقيم عندك فلم يزل عنده إلى أن قتل بمؤتة رحمه الله، أبو رافع يقال أن العباس كان وهبه النبي صلى الله عليه وسلم فلما بشره بإسلام العباس أعتقه وزوجه مولاةً له اسمها سلمى فولدت له عبد الله وعبيد الله فأما عبد الله فكان من أشراف المدينة وأما عبيد الله فكان كاتب علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، [F؟ 160 r؟] سفينة يقال اسمه مهران ويقال رباح وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة لأنهم كانوا في سفر فكان كل من أعيى [1] وكل ألقى عليه بعض متاعه ويقال بل عبر بهم نهراً وهو الذي روى الخلافة بعدى ثلاثون ثم يكون الملك، شقران [2] يقال ورثه من أبيه ويقال ابتاعه من عبد الرحمن بن عوف وأعتقه وهو الذي روى أنا الذي طرحت القطيفة تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر واسمه صالح [ثوبان] يكنى أبا عبد الله وهو الذي روى في مسجد دمشق أنا الذي صببت الماء على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطيته قدحاً فأفطر ومات بمحص وله بها دار صدقة، [يسار] كان نوبياً وهو الذي قتله العرنيون حين أغاروا على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ [1] . اعىMS. [2] . يسار MS.parerreur:

[ابو كبشة]

وقطعوا رجليه ويديه وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه [أبو كبشة] اسمه سليم توفي أول يوم استخلف فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فصلى عليه ودفن، [مدعم] وهو الذي غل قطيفة من غنائم خيبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما استشهد إن الثملة التي غلها يوم خيبر تحترق عليه في النار، [أبو ضميرة] مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مما أفاء الله عليه وكتب له كتاباً في الانتماء [1] فهو في أيدي ولده إلى اليوم، أبو مويهبة [2] هو الذي خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع فاستغفر لهم فرجع ليلة ابتداء شكواه، [وهبة] وفضالة مما أفاء الله عليه، انجشة هو الذي كان يحدو بالظعن فقال له رويدا يا انجشة، ويقال سلمان من موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك قال سلمان منا أهل البيت وأنس بن مالك خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، ذكر دوابة ودوابة حفظ له ستة أرؤسٍ من الخيل السكب ولزاز والظرب [3] والورد واللحيف [4] والمرتجز وهو الذي ابتاعه من الأعرابي ثم ساومه غيره بأكثر من ذلك فأنكر الأعرابي أن يكون باعه رسول الله حتى شهد خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين فقال له النبيّ

_ [1] . في السماءMS. [2] . أبو مهيبةMS. [3] . الطرزMS. [4] . النحيف MS.

ذكر معجزاته

صلى الله عليه وسلم أتشهد [1] على ما لم تره فقال بى أشهد على الوحي ولا أراه فأقام شهادته مقام شهادتين وكانت له بغلة يقال لها دلدل بعثها المقوقس ملك الاسكندرية مع خمارية وبقيت إلى زمن معاوية وحمار يقال له يعفور وكان له من النوق العضباء والجدعاء والقصواء وكانت لقاحه التي أغارت عليها عيينة بن حصن عشرين لقحةً وكان اسم سيفه ذا الفقار واسم درعه الفاضلة واسم عمامته السحاب وله من الضياع وقرى عريبة وفدك والنضير وكثير من خيبر وحمل إليه العلاء بن الحضرمي من مال البحرين مائة وثمانين ألفاً وكان نفقته في تسع بيوت دارة،،، ذكر معجزاته أعلم أن هذا الباب يستعظمه أهل الشك والإلحاد لما فيه من مخالفة الطبع والخروج عن العادة وقد جرى في الرد على منكري الرسل والرسالة وإيجاب النبوة ما يغني عن الإعادة لأن سبيل نبينا صلى الله عليه وسلم في ذلك سبيل سائر النبيّين عم غير أن في هذه الأخبار ما يتواتر به الرواية ومنها ما ينفرد به راوٍ واحد وينقطع عن الاتصال بالسند ومنها [F؟ 160 v؟] ما ينطق به القرآن أو يدل عليه أثر وتشهد به كتب الله سبحانه المنزلة وقد صنّف

_ [1] . اشهد MS.

المسلمون في هذا كتبا كثيرة جمة أهل الأثر بالأثر والأخبار وأهل النظر بالشواهد والدلائل ولو قلت أنها تستغرق فصول هذا الكتاب أو توازيها لما اشتططت فأردت أن أضمن هذا الفصل منها قدراً لئلا يخلو الكتاب من ذكرها، روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل متى كنت نبياً قال كنت نبيا وآدم بين الماء والطين وروي أنه قال وآدم منجدل في طينته وقد قال العباس في مدحه [منسرح] من قبلها طبت في الظلال وفي ... مستودعٍ حيث يخصف الورق ثم هبطت البلاد لا بشر ... أنت ولا مضغة ولا علق بل نطفة تركب السفين وقد ... ألجم نسراً وأهله الغرق تنقل من صلب إلى رحم ... إذا انقضى عالم بدا طبق [1] وأنت لما ولدت أشرقت ... الأرض وضاءت بنورك الأفق وروى بعض الرواة أن آدم لما وقع الخطية لقي في الكلمات التي تلقاها من ربه اللَّهمّ بحق محمد إلا غفرت لي ويذكره بعض [الشعراء] [2] في شعره يمدح أهل البيت [بسيط]

_ ervertisdanslems. [1] [2] . كذا في الأصل MS.lacune ,eninarge:

قد فاز آدم إذ كنتم وسيلته ... وكان من ذنبه مستشعراً فرقا يقول الله عز وجل النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ في التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ 7: 157 الآية وقوله تعالى وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي من بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ 61: 6 وقال تعالى الَّذِينَ [1] آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ 2: 146 وقال تعالى قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ 3: 93 وهذا مما لا يخالج عاقلاً فيه شك ولا تعترضه شبهة في أنه غير جائز للخصم المخالف أن يستشهد على خصمه بما في كتابه وينتصر بالتسمية عليه من غير أصلٍ ثابتٍ عنده أو مرجوع واضح لديه وهل الاستشهاد على هذا إلا بمنزلة الاستشهاد على المحسوس الذي لا يكاد يقع الاختلاف فيه فكفى بما تلونا من الآيات دلالة على صدق ما ادّعينا وإن لم نأت بلفظها من التوراة بالعبرانية ولا من الإنجيل بالسريانية ولو كان النبي مبطلاً في دعواه لما امتنع القوم من معارضته بالتكذيب في وجهه وقطع مادته وقد خرّج العلماء علاماته ودلائله من التوراة والإنجيل وسائر كتب الله المنزّلة،،،

_ [1] . الّذي MS.

ذكره صلى الله عليه وسلم في التوراة [1]

ذكره صلى الله عليه وسلم في التوراة [1] قرأت في نسخة أبي عبد الله المازني يا داود قل لسليمان من بعدك أن الأرض لي أورثها محمداً وأمته ليست صلاتهم بالطنابير ولا يقدسوني بالأوتار ومصداق ذلك في القرآن وَلَقَدْ كَتَبْنا في الزَّبُورِ من بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ 21: 105 وفيه أن الله عز وجل يظهر من صهيون إكليلا محمودا قالوا فالاكليل مثل الرئاسة والإمامة والمحمود محمد صلى الله عليه وسلم،،، ذكره في الإنجيل في غير موضع [F؟ 161 r؟] قال المسيح عم للحواريين أنا أذهب وسيأتيكم الفارقليطا روح الحق الذي لا يتكلم من تلقاء نفسه وهو يشهد لي بما شهدت له وما جئتكم به سراً يأتيكم به جهراً وقال أن الفارقليطا روح الحق الذي أرسله أبي باسمي هو الذي يعلمكم كل شيء وقال الفارقليطا لا يحكم ما لم أذهب وقال ابن إسحاق في الإنجيل ما أثبت يحنس [2] الحواري حيث يسبح لهم من صفة النبي صلى الله عليه وسلم لا بدّ أن يتم الكلمة التي في الناموس فلو قد جاء [؟] بالسريانيّة محمدا وبالروميّة

_ [1] . في الزبورCorr.marg. [2] . كذا وجد في النسخة etnotemarg. ما أ MS. [؟]

البرقليطس وزعم العتبي [1] أن محمداً بالسريانية مشفح والله أعلم وفي التوراة من ذكره وذكر أمته شيء قليل يقول الله عز وجل في السفر الأوّل في مخاطبة إبراهيم عم حيث دعا لإسحاق وإسماعيل وقد أثبتت هذا الحرف بخط العبراني ولفظه وبيّنت وجوهه ومعانيه وحروفه لأني رأيت كثيراً من أهل الكتاب يسرعون إلى تكذيب هذا الفصل بعد إطباقهم على مخالفة التأويل تقليداً منهم لأوائلهم وذلك أنّ نصر لمّا خرّب بيت المقدس وأحرق التوراة وساق بني إسرائيل إلى أرض بابل ذهبت التوراة من أيديهم حتّى جدّدها لهم عزيز فيما يحكون والمحفوظ عن أهل المعرفة بالتواريخ والقصص أنّ عزيرا أملى التوراة في آخر عمره ولم يلبث بعدها أن مات ودفعها إلى تلميذ من تلامذته وأمره بأن يقرأها على الناس بعد وفاته فعن ذلك التلميذ أخذوها ودونوها وزعموا أن التلميذ هو الذي أفسدها وزاد فيها وحرفها فمن ثم وقع التحريف والفساد في الكتاب وبدلت ألفاظ التوراة لأنها من تأليف إنسان بعد موسى لأنه يخبر فيها عما كان من أمر موسى عم وكيف كان موته ووصيته إلى يوشع بن نون وحزن

_ [1] . القتبى MS.

بني إسرائيل وبكاؤهم عليه وغير ذلك مما لا يشكل على عاقل أنه ليس من كلام الله عز وجل ولا من كلام موسى وفي أيدي السامرة توراة مخالفة للتورية التي في أيدي سائر اليهود في التواريخ والأعياد وذكر الأنبياء وعند النصارى تورية منسوبة إلى اليونانية فيها زيادة في تواريخ السنين على التوراة العبرانية ألف وأربع مائة سنة ونيف وهذا كله يدل على تحريفهم وتبديلهم إذ ليس يجوز وجود التضاد فيها من عند الله فكيف يحتّحون بالنقل وهذا سبيل نقلهم وإنما بينت لك هذا لئلّا يفشلك قولهم ليس لمحمّد في التوراة ذكر وهذا موضع ذكره بالعبرية ثم نعجم تحتها بحروف العبرية ثم نعبر عنها بلفظها [؟] ول ى ش م ع ل ش م ع ت ى خ هـ ن هـ[1] ب رخ ت ى اوث وألفاظ العبريّة مؤدّاة بحروف العربيّة وليشموعيل شمعتيخو هنّه برختى أءثوا يقول الله تعالى لإبراهيم سمعت دعاك في إسماعيل هاه باركت إيّاه [F؟ 161 V؟] وه [ف] رى ث ى اوث ووه [2] رب ث ى اوث وب م اذ م اذ

_ ، corriged ,apresCP. [1] ز حMS. [2] . د lems.a بن هـ Ms.Aulieude

ألفاظ العبريّة مؤدّاة بحروف العربيّة وهفرثى [1] اوثوا وهربثى [2] اوثوا بمآذا مآذ [3] يقول الله عز وجل وكثرت عدده وأنميته جدا جدّا حتى لا تعدّ كثرته ش ن ى م ع س ر ن س ى اى م ى ول ى د ون [4] ث ث ى ول غ وى ج [5] دول ألفاظ العبريّة مؤدّاة بحروف العربيّة شنيم عوسور نسيايم [6] وليد ونيث ثو لغويّ كودول يقول الله عز وجل اثنا عشر ملكاً يولده وأظهره لأمة عظيمة، وهذا الفصل في تخريجات أصل الإسلام بلفظ العربية يقول الله عزّ وجلّ لإبراهيم وقد أجبت دعاك في إسماعيل وباركت عليه وباركته وعظمته جداً جداً وسيلد إثنى [7] عشر شريفاً وأجعله لأمّة عظيمة،

_ [1] . وهفرثنىMS. [2] . هرثنىMS. [3] . ماوذ ماوذMS. ttresentrelacees. [4] [5] . حMS. [6] .؟ بسيايمMS. [7] . اثنا عشر MS.

وى ام ر ادن ى م س ى ن اب اوزرح م س ع ى ر ل م وألفاظ العبريّة مؤدّاة بحروف العربيّة ويومار ادونى مسينى با وزرح مسعير لموا يقول الله عزّ وجلّ بأمر [1] الله من طور سيناء ويطلع من ساعير لهم نيرانا خ هـ وف ى ع م هـ ر ف اران [2] واث هـ م رب ب وث ق دش ألفاظ العبريّة مؤدّاة بحروف العربيّة هو فيه [3] مهار فران واثا مرببوث [4] قدس يقول الله عزّ وجلّ أشرق من جبال فاران ويأتى من ربوات القدس ألفاظ العبرية مؤداة بحروف العربية يقول الله عز وجل من يمانيه إنس [5] لهم نار مشرقة وساعير جبال

_ [1] . بأمرMS. [2] . ف ام ن نMS. [3] . هوفيعMS. [4] . مرنثوثMS. (sIC) . [5] ثمانية انس MS.

فلسطين وهو من حد الروم وفاران جبال مكّة بدلالة التوراة أن إبراهيم أسكن هاجر وإسماعيل فاران وهذا الفصل في تخريجات [F؟ 163 r؟] أهل الإسلام بلفظ العربية جاء الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران قالوا ومعنى مجيه من سيناء إنزاله التوراة على موسى وإشراقة من ساعير إنزاله الإنجيل على عيسى واستعلانه من جبال فاران إنزاله القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم وكم في التوراة والإنجيل من الدلائل عليه وعلى أصحابه وعلى مهاجرتهم وبواديهم حتى ذكروا أصواتهم وقرآنهم وهيئاتهم في صلاتهم وقتالهم ولكن من لَمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً فَما لَهُ من نُورٍ 24: 40 واعلم أن حروفهم حروف أعجمية لا يمكن اللفظ بها إلا بعد تحويلها إلى العربية كالحرف الذي بين القاف والكاف والحرف الذي بين الباء والفاء ثم يقع في قراءتهم المد والإمالة ما يسمع السامع واواً أو ياء ولا صورة له في الخطّ ولا بدّ أن في كتابتنا وقراءتنا مقصراً عمن يهمز كما يقع التقصير في لغتنا والمراعى من ذلك المعنى لا غير، وروى الواقدي بينا كسرى في بيته الذي يخلو فيه إذ وقف عليه شيخ أعرابي قد حنى ظهره وفي يده عصا فقال يا كسرى إن الله عز وجل قد بعث رسولاً

فأسلم تسلم وإن لم تسلم كسرت هذه العصا فذهب ملكك فقال أخر عني هذا إتراء ثم خرج فأرسل إلى الحجاب والبوابين فقطع بعضهم وقتل بعضهم وقال يدخل علي العرب بغير إذنكم فنظر فإذا ذاك اليوم الذي بعث فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوحى الله إليه ثم قال ثم جاءه في العام القابل فقال إن أسلمت وإلا كسرت العصا فلم يسلم فكسر العصا وذهب ملكه ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلق إلى الله عز وجل وتلقاه ورقة بن نوفل في بعض طرق مكة فقال يا محمد إنه لم يبعث نبي قط إلا كانت له علامة فما علامة نبوّتك قال عم لشجرة يا شجرة تعالى فأقبلت تخذى في الوادي خذياناً حتى وقفت بين يديه فقال ورقة انّك لرسول الله وروى ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت إن أول ما ابتدى به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح ثم حببت إليه الخلوة فكان يتحنث بحراء ثم أتاه الملك وفي كتاب الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتاه الوحي أقبل منصرفاً إلى منزله فلم يمر بحجر ولا شجر إلا قال السلم عليك يا رسول الله قالوا وكان وهبان السلمي يرعى في غنم له إذ هجم عليه ذئب

فأخذ شاةً فشد عليه وهبان فاستنقذها منه فنحى الذئب وأقعى على ذنبه قال ويحك تأخذ مني رزقاً ساقه الله تعالى إلي فقال وهبان ما رأيت كاليوم ذئباً يخاطبني والله إن كنا لنسمع أن هذا من أشراط الساعة فقال الذئب وأعجب مني أن رسول الله بين هؤلاء النخلات وهو يومئ إلى المدينة ويدعوا الناس إلى عبادة الله وهم يلوون فأقبل وهبان حتى أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم وأخبره بما رأى فقال إذا صلّى الناس فحدّثهم بذلك فقام وهبان بعد الصلاة فحدث الناس بما رأى فقال رجل من المنافقين كذبت فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق في أن آيات الساعة [1] تكون قبل الساعة [F؟ 162 v؟] والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يخرج أحدكم من أهله ويخبره علاقة سوطه بما أحدث أهله بعده وما من أعجوبة مضت إلا وسيكون في أمتي مثلها وقد قال بعض أهل التفسير أن في كلام الذئب نزلت هذه الآية فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها 47: 18 وبنو [2] وهبان يسمون بني مكلم الذئب إلى اليوم وهو أمر مشهور

_ [1] . في آيات أيان الساعةrectionmarginale: [2] . وبنى MS.

وروى أن ظبية كلمته وكذلك الناضح وشاة القصاب وأنشدت قصيدة منسوبة إلى قطرب النحوي يذكر فيها عدّة معجزات ويقول فيها [طويل] فمنها كلام الذئب للرجل الذي ... رأى الذئب في أغنامه يتردد عجبت لأخذ الشاة مني رزقتها ... وهذا رسول الله يؤدي وتجحد فخلى عن الشاة التي كان ضمها ... فأقبل للإسلام يسعى ويحفد قالوا ومر بغنم لعبد القيس وهم يسمونها [1] في وجوهها فنهاهم وأمرهم بالوسم في الآذان ووسم شاة منها فبقيت تلك السمة في أولادها إلى اليوم وفيها يقول وشاة لعبد القيس مد بأذنها ... فلاحت سمات منه تبقى وتخلد كأن على أولادها منه ميسماً ... يدين على أولادها حين تولد وشاة أم معبد من العجائب وأمرها مشهور شائع وكذلك الشاة المصلية المسمومة التي أهدتها إليه امرأة سلام بن مشكم اليهودية فأخذ منها فلاكها ولم يسغها وقال إن هذا العظم يخبرني أنّه

_ (sic) . [1] يسمّونها MS.

مسموم ثم لفظ بها وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر حن الجذع حتى أتاه النبي عم فالتزمه وقال لو لم ألتزمه لحن إلى يوم القيامة وفيه يقول ومن ذاك جذع حن شوقاً إلى النبي ... فما زال ساعات يميد ويسند وقد سمعوا صوتاً من الجذع نفسه ... فيا عجباً ممن يلط ويلحد ووضع يده صلى الله عليه وسلم في ثردة كانت طعام رجلين فنزلت فيها البركة حتى صدر عنها ثلاثمائة وأكثر وفيها يقول ومنها ثريد كان قوتاً لواحد ... فأشبع منه الخلق والخلق شهّد ثلاثمائة أطعموا منه فاكتفوا ... وما كان يكفي واحداً يتزهد وألووا يوم حفر الخندق بعثت امرأة عبد الله بن رواحة بكف من تمر مع ابنتها إلى زوجها فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم فصبها في ثوب له ثم نادى يا أهل الخندق هلموا إلى الغداء [Fr 163 rO] فصدروا شباعاً وبقيت بقية صالحة وفيه يقول وفي مزود إحدى وعشرين تمرة ... به جاءت الأخبار تروى وتسند ثلاثة آلاف قضوا منه شبعهم ... وما تركوا بعد امتلا منه مزود

قالوا ورمى الكفار يوم بدر بكف من تراب وقال شاهت الوجوه فولوا منهزمين وكذلك يوم حنين وفيه يقول ورميته الكفار بالترب في الوغى ... غداة حنين فابذعروا وبددوا قالوا ومسح وجه ابن ملجان بيده فصارت في وجهه مسحة ملك وفيه يقول ووجه ابن ملجان أضاء بكفه ... فأشرق لما مسه يتورد قالوا [1] وانقطع سيف عكاشة بن محصن في بعض الحروب فأعطاه جريدة نخلٍ فصارت صفيحة يمانيةً فهي عند ولده إلى اليوم وفيه يقول وأعطى عكاشاً شطر نخلٍ فهزه ... فصار يمانياً له يتوقد قالوا وفي الخندق ظهرت كدية فاخذ المعول وضربها ثلاث ضربات رئي فيها قصور الشام واليمن والمشرق ففتحها الله عليه وفيه يقول

_ [1] . قال MS.

وفي صخرة يوما علاها بمعول ... أضاءت له الآفاق والناس حشد قالوا ولما نزل الحديبية قالوا كيف تنزل ولا ماء فأخرج سهماً من كنانته وغرزه في بئرٍ عاديةٍ فجاشت بالماء وفيه يقول ومن ذاك بئر نازح فار ماءها ... يجيش رواعاً زائداً يتزيد وفي الشارف الساني ادلّ دلالة ... وفي جمل القصّاب للذنج معتد [1] قالوا وأتاه أعرابي بضب فقال والله لا أومن بك حتى يؤمن هذا الضب فشهد الضب بأنه رسول الله وفيه يقول وفي الضب إذ قال النبي محمد ... أتشهد لي يا ضب قال سأشهد [2] وفي الغار قد لانت له الصخرة التي ... إليها التجا فيه وهو متوسد وأظهر من عرج يريد [3] علامة ... على صدقه حتى القيامة يشهد روى أنه انتهى إلى عرج جبلٍ أخلق لا فج فيه ولا مسلك ففرجه الله له حتى صار طريقاً مهيعاً قالوا وأراد الشأم لبعض

_ [1] . كذا وجدت بن، etenmarge مع؟ دMS. plongpourlemetre. [2] بن بلى اشهدMS. [3] .؟ بربد MS.

ذكر إخباره في الغيوب

حاجاته فاعترض له سيل هاب القوم اقتحامه فتقدمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار طريقاً يبساً وفيه يقول [F؟ 163 v؟] وقحم في السيل القعاف بعيره ... فصار طريقاً يابساً يتجرد [1] ذكر إخباره في الغيوب فمن ذلك قوله لعمار بن ياسر يقتلك الفئة الباغية فقتله أهل الشام بصفين وذكر عمرو بن العاص ذلك لمعاوية فقال ما تزال تأتينا بهنةٍ تدحض بها في بولك أنحن قتلناه إنما قتله علي حين جاء به ومنها قوله لأبي ذرٍ الغفاري وقد تخلف في بعض مراحل تبوك تعيش وحدك وتموت وحدك فكيف بك إذا أخرجت من المدينة لقولك الحق فنفي في أيام عثمان إلى الرَّبَذَة ومات بها وحده ومنها قوله بعلي عم ألا أخبرك بأشقى الناس قال نعم قال عاقر ثمود والذي يخضب هذه من هذه ووضع يده على هامته ولحيته فضربه ابن ملجم على رأسه حين قتله ومنها قوله كأني أنظر إلى سواري كسرى في يدي سراقة ابن مالكٍ والله لننفقن كنوزه في سبيل الله فلمّا حمل سعد بن

_ [1] . يتحرّد MS.

أبي وقاص خزائن كسرى من المدائن إلى المدينة فصبت الأموال في صحن المسجد أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه سراقة بن مالك أن يلبس سواري كسرى في يديه تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نظر الناس إليها وشهدوا بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها ليلة قتل شيرويه أباه أبرويز أن الله قتل كسرى بعد مضي سبع ساعات من هذه الليلة فحسبوا التاريخ فكان كذلك ومنها قوله لما ضلت ناقته قال المنافقون أنه يخبر عن السماء ولا يدري أين ناقته فصعد المنبر وحكى قولهم ثم قال إني لا أعلم إلا ما علمني ربي وأنها في وادي كذا قد تعلق زمامها بشجرة فبادر الناس فوجدوها كذلك ومنها نعيه للنجاشي إلى أصحابه بالمدينة وهو بالحبشة وقال اخرجوا بنا حتى نصلي على أخينا ثم تتابعت الأخبار بموته في [1] ذلك اليوم ومنها ليلة أسري به سألوه عما رأى في طريقه فقال مررت بعير بني فلان فوجدت القوم نياما ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه فكشفته فرمى القوم بأبصارهم إلى الثنية فما ردوها حتى طلع العير يقدمهم جمل أورق،،، في أخوات لهذه مشهورة في الناس يطول الكتاب بذكرها فإن قيل المنجمة

_ [1] . وفي MS.

ذكر دعواته المستجابة

والكهّان قد يخبرون عن الكوائن قيل العادة قد جرت بمعرفة شيء من ذلك بالتكهّن والتنجّم من طريق الحساب ودلائله وذلك عندنا باطل إلا بالاتفاق والبحث وإذا كان كذلك استوى فيه المنجم وغير المنجم وإنما الإعجاز في إصابة من يصيب في جميع ما يخبر به من غير استدلال بالحساب ولا بالنجوم وهكذا سبيل الأنبياء صلى الله عليهم أجمعين فيما [1] يخبرون به لأنه الوحي السماوي،،، ذكر دعواته المستجابة من ذلك دعاؤه على مضر اللَّهمّ اجعلها عليهم سنين كسني يوسف فنزل فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ 44: 10 وألحت عليهم سنوات منكرات حتى أكلوا الكلاب والجيف والقد والعلهز ومنها دعاؤه على عتبة بن أبى لهب بعد ما طلق ابنته معاداة له وقد نزلت سورة النجم فقال أنا كافر برب النجم فقال النبيّ عم اللَّهمّ سلط عليه كلباً من كلابك يمزق [F؟ 164 r؟] جلده ويمزع لحمه ويهشم عظمه فلما سمع ذلك أيقن بالهلاك فارتحل من ساعته إلى الشام فراراً من ذلك فلما كان في بعض المنازل أتاه السبع فاختطفه من بين أصحابه ومزّق جلده وهشم

_ [1] . فيه Corr.marg. ,ms.

دلائل نبوته من القرآن

عظمه ومنها دعاؤه لما استسقى وهو على المنبر يوم الجمعة فرفع بيديه فما رجعهما حتى هطلت السماء فأرسلت إلى الجمعة القابلة فسألوه أن يدعو ربه فقد انقطعت السابلة وانهدمت البيوت فقال حوالينا ولا علينا قال أنس فتقور ما فوقنا كأننا في إكليل وكم مثل هذا [1] لا يحصى مما وردت به الأخبار الصادقة من ذلك،،، دلائل نبوته من القرآن أولها نفس القرآن ونظمه معجزة له ألا ترى كيف حداهم إلى معارضته ودعاهم إلى مناقضته بقوله فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ 11: 13 وقال تعالى فَأْتُوا بِسُورَةٍ من مِثْلِهِ 2: 23 ثم قال قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً 17: 88 فجعل القرآن له آية باقية ودلالة قائمة يقوم به الحجة على كل من سمع القرآن وعرف اللغة والبيان وهو من المعجزات التي أيد الله بها رسوله ودل بها على صدقه وصحة نبوته ومنها قوله آلم غُلِبَتِ الرُّومُ في أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ من بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنِينَ 30: 1- 4 فكان كذلك ومنها قوله سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ 54: 45

_ [1] . مما Lems.ajoute

ذكر شرائعه

فكان كذلك ومنها قوله وَعَدَكُمُ الله مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ 48: 20 يعنى خيبر فكان كذلك فتح الله عليهم الأرض وأعطاهم أموالها وخزائنها ومنها قوله عز وجل هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ 9: 33 فكان كذلك ظهر دينه وعلت كلمته على كل دين بالسيف والحجة ومنها قوله عز وجل اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ 54: 1 ولا يقال هذا لمن لم يشاهده ومنها قوله عز وجل وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً 8: 25 ومنها أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ 105: 1 وقصته من أعجب العجائب وأصدق الأمور المشاهدة شاهد كثير من الخلق ذلك وشهادة الموافق والمخالف بكونه وصحة التأريخ به وبوقته وهذا يرحمك الله باب يعجز كتابنا عن استيفائه ونجترئ بما ذكرنا عن استقصائه والله المعين برحمته،،، ذكر شرائعه أعلم أن أصول شريعة الإسلام مأخوذة من الكتاب والسنة وهي مشهورة معروفة يغنى القرآن والسنة عن تعدادها وتكلف القول في تكرارها لأن فقهاء الأمة قد قاموا بتدوينها واجتهدوا في تأويلها وناضل كل قوم عن مذهبهم واعتلوا بصحة عقيدتهم غير أنا لم نستجز إخلاء هذا الكتاب عما

[مطلب ما كان عليه الصلاة والسلام يتعبد ربه قبل الوحي [3]]

يلائمه من ذلك لئلا يكون من طريق العجز ذكر شرائع أهل الأديان والسكوت عن شريعتنا وهي لمن أشرف الشرائع وأعلى المراتب وأعوده على الخلق في التقيد [1] على الحرث والنسل وابتغاء الزلفى إلى الله فيما فرض وأوجب وأحل وندب وحتم ثم اعتراض هذه الشرذمة الخسيسة الموسومة بالباطنية بالطعن [على] هذه الشرائع والقدح فيها وإيراد إغماد الحقد والضغينة [2] للإسلام وأهله يصرف تأويلها عن الظلم المكشوف والأمر بالمعروف إلى ما [لا] تعلق به ولا يوافقه بوجه من الوجوه وسبب من الأسباب،،، [مطلب ما كان عليه الصلاة والسلام يتعبد ربه قبل الوحي [3]] [F؟ 164 v؟] كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الوحي يقوم بحراء ويعظم الباري سبحانه ويمجده ويسبحه من غير كفر باللَّه ولا إشراك شيءٍ به وكان يطوف بالبيت ويحج ويعتمر ويتحنث في حراء ويطعم الناس ويسقيهم ويأمر بصلة الرحم وحسن الجوار وكف الأذى

_ [1] . التقياMS. [2] . الظغينةMS. raceenmartgedums. [3]

الطهارة

وإيتاء ذي القربى وكان يسمى في الجاهلية الأمين الصدوق لم يتدنس بشيءٍ من أدناسهم ولا قرب من أصنامهم حتى أتاه الوحي،،، الطهارة واجبة بإيجاب العقل مشهورة بأطباق أهل الأرض لا ينكرها إلا ناقص أو جاهل وجاء في الخبر أن الملك أول ما جاء [به] إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء وهو غسل الأطراف ثم يصلي به ركعتين فجعل الطهور مفتاحاً للصلاة ولا يجوز إلا به وإنما جعلت الطهارة في حواشي الإنسان لأنها مرسلة منتشرة وتلاقي من النجاسات ما لا يلاقيها سائر أبعاض البدن [1] فإن قيل فما بال الوجه يغسل ولا يباشر به من النجاسات شيء قيل إن النجاسة على ضربين نجاسة من خارج كالتي تلاقي ونجاسة من داخل كالتي تخرج من الجسد والوجه فيه نقب ومنافذ كالفم والعين والأنف فتطهيره مستحب في العقل ومفترض في الشريعة تأكيداً وتوفيقاً فإن عورض بعضو الثفل [2] وهو منفذ النجاسة صيرفي الجواب إلى مذهب من يرى غسله بالماء إذا ظهر به أدنى شيء

_ [1] . الجسدCorr.marg: [2] . السفل MS.

أو لصق به أثر واجبا مع أن ذلك موضع كامن خفي يمكن أن يجعل حكمه حكم البواطن التي لا يخلو الحيوان منها فإن قيل فلم حكمتم على الطهارة بالنقض [1] عند حدوث الثفل [2] قيل لما وجبت الطهارة بإيجاب العقل كما ذكرنا لم يكن بد من تحديد [3] وقتٍ لابتدائها وانتهائها لأنه إذا لم يعرف ابتداء الشيء وانتهاؤه لم يعلم الشيء نفسه فجعل خروج الحدث وقتاً لانتهائها وحضور الصلاة وقت لابتدائها وهذه موجبة بموجب الشريعة إذا كان جائزاً أن يجعل الأكل علة لنقض الطهارة وطلوع الشمس أو غروبها أو الكلام أو المشي أو شيء ما أو جعلت الطهارة في بعض الأطراف دون بعض كما لم يفرض على النصارى دون غسل الوجه واليدين وكما لم يفرض على اليهود مسح الرأس ولكن خولف بينهما للابتلاء والامتحان والتمييز بين المنقاد إلى الشريعة موجبة بالعقل فأما مخالفة أركانها وهيئاتها فمجوزة له ألا ترى أن العقل لا يأبى غسل الأطراف عند وقوع الحدث وعند غير وقوع

_ [1] . بالنقصMS. [2] . السفلMS. [3] . تجديد MS.

الحدث وإن لم يجب غسل ثفل [1] الإنسان عند الحدث لم يأب غسل الوجه واليدين عند الحدث فينبغي أن ينظر إلى ما يوجبه العقل ويجيزه إلى ما يأباه ويرده فليرنا المخالف شيئاً من شرائع ديننا يرده العقل أو ينكره ولن يقدر عليه بحمد الله ومنه والوجه في هذا أن نكلم في إيجاب الطهارة بنفس العقل ووجوب مفتتح لها ومختتم ويرد ما سوى ذلك إلى ورود الشريعة للابتلاء والامتحان فإن قيل فما بال المني يوجب الاغتسال ولا يوجبه البول والغائط فإن هذا سؤال مناقض [2] على ما قدمنا من الاعتلال ولا يوجبه البول لأنه لو جعل البول موجباً للاغتسال والمني موجبا للوضوء لكان جائزاً ويمكن أن يقال أن المني يتجلب من جميع البدن وينبع من عامة [F 165 r؟] بشرة الإنسان ألا ترى أنه يلتذ بخروجه ما لا يلتذ بخروج غيره فلذلك أوجب عليه إمساس الماء بشرته وقد حكى بعض السلف أنه احتج بأن المني كائن منه شيء مثله وغير كائن من بوله مثله فلذلك وجبت عليه الطهارة ولست أقف على المعنى فيه، فإن قيل فلم جعل التراب عوضا

_ [1] . سفلMS. [2] . مناقط MS.

الصلاة

عن الماء عند العوز فلا يقع به الطهارة كما يقع بالماء قيل هذا أيضاً ساقط لأنه بعيد من موجبات الشريعة ولو كان مكانه شيء آخر لكان سواء إلا أن التراب أعم وأجدر بالماء في تكفير القاذورات ولها أطم وقد قيل لأنه أصل الماء ومنه استحال وقيل لأنه يطفئ النار كما يطفئها الماء،،، الصلاة خضوع وتواضع وتذكر حال تحث على الخير وتزجر عن الفساد يقول الله عز وجل إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ 29: 45 وجاء في الخبر أن الصلاة فرضت أولاً ركعتين للصبح وركعتين للعصر فزيدت للحضر وأقرت للسفر قيل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه يصلون ركعتين ركعتين شيئاً غير موقت ولا مقدر اثني عشرة سنة بمكة ثم كانت ليلة المسرى فرض فيها خمس صلوات في خمس أوقات فلم يزالوا يصلونها ركعتين ركعتين سنة إلى أن هاجروا إلى المدينة فجعلوا يتنفّلون في أدبارها ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقبلوا تخفيف [1] ربكم فيأبون عليه حتى كان بعد مقدمه بشهر يوم الثلثاء لأثني عشرة خلت من ربيع الآخر صلى بهم الظهر أربعاً وصار فرضاً ولو جعل

_ [1] .؟ فيف MS.

ستاً [1] أو ثمانيا أو ثلاثاً أو خمساً أو فرض في اليوم والليلة مرة أو مرتين أو أكثر أو لم يفرض أو جعل فيها سجدة واحدة وركوعان أو ثلاث سجدات أو لم يفرض فيها القيام والقراءة أو أمر بتحويل الوجه إلى المشرق أو إلى الجنوب أو ما فعل من شيءٍ لكان جائزاً كما فرض على اليهود ثلاث صلوات إلا في يوم السبت وعلى النصارى سبع صلوات أو جعل الصلوات على غير هذه الهيئات كالنوم مثلا أو كالقعود أو كالمشي لكان جائزاً كيف ما تعبد الخلق به أن يعلم أن التواضع للحق والاعتراف بالفضل واجب بإيجاب العقل ولا بدّ لذلك من علم ومن آية يعلم بها أهله ويتخذها المتقرب ذريعة إلى الوصول إليها فجمع في هذه الصلاة من الخصال الموضوعة لباب الخضوع المتعارفة بين الناس كقيام العبيد بين يدي أربابهم وكقيام الصغار للعظماء [و] كتقبيلهم الأرض وإلصاق الخدود بها وينبغي رحمك الله أن تعلم أن العقل لا يرد الجهر بالقراءة في صلاة الليل ولا التخافت بها في صلاة النهار ولا لم يقصر المغرب عن ثلاث ولا الفجر عن اثنتين ولا تضيّع كلامك

_ [1] . بستّا MS.

بالإكثار في غير موضعه فإن العي في الابتداء خير من العجز في العقبى وهؤلاء الباطنية قوم قصدوا بتمويههم نقض الدين واستئصال المسلمين فليس ينبغي أن يتمكنوا من الكلام في مذاهبهم ليتسعوا فيه ويتكثروا به ولكن يسد عليهم الباب من وجهه والله المستعان على ذلك وهو خير معين ومتى كان كلامك معهم في هذه الجملة التي شرحتها لك لم يزيلوك بحمد الله عن دينك ولا أرحلوك عن عقيدتك وبذلك يخابون [1] عن جميع ما يسئلون عن إعداد الفرائض وأوقات الشرائع وكيفياتها وكمياتها [F؟ 165 v؟] بما ذكرنا في الصلاة والطهارة ومتى اعتل أحدهم لصلاة النهار لمخافته القراءة عورض بصلاة العيدين والجمعات والكسوف والاستسقاء أو اعتل بصلاة الليل يجهر فيها عورض بالركعتين الآخرتين منها وأشفي ما يكشف عن عوار مذهبهم إذا أخذ أحدهم يتأول لركعتي الفجر وثلاث المغرب وأربع الظهر والعصر والعشاء وأشباه ذلك أن يلح عليه في السؤال عن اختلاف الناس فيها وأما تأويل من زعم أنه يقرأ خلف الإمام وتأويل من نهى عن القراءة ومن قال إذا أحدث انصرف

_ [1] .؟ حايون MS.

الزكاة

وبنى ومن زعم أنه لا يبني ويبتدي ومن قال بجهر بسم الله الرحمن الرحيم ومن قال لا يجهر بها فيأخذه بتصحيح ذلك كله ويطالبه بتأويله ليتبين لك ضعف قوله وسخافة نيته،،، الزكاة الزكاة مواساة ومعونة وإفضال والعقل يوجب الإفضال والتفضّل بالإيثار هذا جملة هذا الباب. ولقد تغيرت حال الزكاة غير مرة حتى استقرت على ما هي عليه اليوم لأنهم أمروا بالزكاة عند الأمر بالصلاة ثم قيل يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ 2: 215 فكان الرجل يتصدق بما فضل من قوته ولما نزلت فرض الزكاة في سورة [] البراءة سنة تسع من الهجرة بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقت والمقدار،،، الصيام رياضة وتذليل وقمع للشهوة وإطفاء للشره [1] وقد ينفع كثيراً من الناس ويعقبهم الصحة والخفة مع ما يجد الإنسان فيه من رقة القلب وصفاء النفس وأول ما فرض صوم يوم عاشوراء ثم نسخ وفرض صوم شهر رمضان سنة اثنتين من الهجرة والعقل يوجب رياضة النفس وتذليلها،،، الحج عامة ما فيه من المناسك ابتلاء وامتحان وهو من أعظم

_ [1] . للشرة MS.

وثائق الله عز وجل على عباده وأكشف شيءٍ عن عقائدهم ولا يزال مكائد الشيطان لدى الإسلام من دنيته تمثل الوسوسة إليه من هذا الباب مع أنه لا خصلة من خصالها إلا وهي تدل [1] على فائدةٍ أو يوجد لها سبب من المعقول فمنها التجرد للإحرام وفي التجرد تواضع وتذليل وفيه يستحسن العقل التجرد للاغتسال ودخول الحمام لما فيه من الفائدة فقد تبين أن نفس التجرد ليس بهزء ولا عبث إذ كان المراد به بعض ما ذكرنا ومنها السعي والهرولة في الطواف الذي جعل عبادةً كما جعلت الطهارة والصلاة عبادة والعقل يوجب الإسراع والعدو فيما يجدي أو يخشى فوته مع ما قد جاء في الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا دخل الى مكة هرول ليري [2] أعداءه القوة في نفسه فصار سنة مقتفاة وما من أمة إلا وهم مقتدون بإمامهم فيما شرع لهم وأما رمي الجمار فلو رأينا رجلاً يرمي طيراً يذبه عن شجرٍ أو يرمي شجراً يستنزل به الثمر لما جاز لنا الحكم عليه بالجهل والسفه لما له من النفع العائد وكذلك رمي الجمار قد رجا راميه الثواب العظيم

_ [1] . يدلMS. [2] . يرى MS.

النكاح والطلاق والمواريث

لامتثاله ما مثل له واستنانه بمن كان قبله وأما الذبح والنحر فلا يخفى نفعه على الضعفاء والمساكين وفي الحلق والتقصير الطهارة والنظافة واستلام الحجر تعظيما له اعتراف [1] بحق الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين الذين أبقوا ذلك تذكرة لمن بعدهم وقد يشعف الإنسان ببقايا القدماء وآثارهم وذلك الحجر بقية من بقاياهم فإذا اتجهت المناسك لما ذكرنا فلا معنى للتسرع إلى تخطئة الأمة وتجهيلهم فيما ثبتوا عليه [F؟ 166 r؟] من هذه المناسك ولم يحجج النبي صلى الله عليه وسلم في الإسلام إلا حجة واحدة وهي التي تسمى حجّة الوداع فبيّن بها معالم الحج وسننه والناس يتوارثونها إلى آخر الدهر،،، النكاح والطلاق والمواريث النكاح تملك بمنزلة البيع والطلاق تخلية بمنزلة الفسخ وفيه حكم عظيمة في إثبات الأنساب وإلحاق الأولاد ولولا ذلك لكان النكاح والسفاد [2] سواء وهذا يوجبه العقل وأما تفضيل الذكر في القسمة على الأنثى فلما ينوب الذكر من النوائب والأنثى مئونتها على من ينكحها فمن أخذ بناصيتها أقام بأودّها،،،

_ elleestinutile. [1] بن السفاحCorr.marg.: [2] . واعتراف MS.

الجمعة والأعياد

الجمعة والأعياد جعلت مجمعا للأمة يتلاقون ويتزاورون ويفضلون على الضعفى [1] والمساكين ويستريحون عن كد الكدح والحركة ويريحون مماليكهم وبهائمهم وهذا ضرب عظيم من النفع لمن عقل أمر الله عز وجل واعتبر وما من أمة في الأرض إلا ولهم عيد ومجمع،،، السنن العشر في الرأس والجسد وتحريم الميتة والدم لا شك أن كلها طهارة ونظافة واستعظم قوم الختان لما فيه من الألم والخطر ولم يعلموا ما يتأذى به الأقلف من احتباس البول في قلفته ويتولد فيها الدواب حتى يبلغ الجهد والمشقة وفي الختان اكتناز الآلة ونماء الجسد ولذلك يقال الختان منعثة للصبي ثم يقال هو سنة فيه ابتلاء وتسليم فأما تحريم الميتة والدم ففي كراهية النفس ونفار الطبع ما يوجب الامتناع منه دون حظر الشرع مع أنّ أهل الأرض مجمعون على نجاسته إلا من لا يعبأ به في عدةٍ أو عددٍ وأهل الطب ينهون عنه لوخيم مغبته وشر أغذيته فهذه الأشياء مما يعيبها أهل الإلحاد وفيها من الحكمة ما لا يعلمها [إلّا] الله تعالى،،،

_ inutile. [1] بن الضعفاء Corrmarg.:

ذكر مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم

ذكر مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في بيته بمكة قبل أن يهاجر أن يدعو بهذا الدعاء فقال رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي من لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً 17: 80 فلما خرج إلى المدينة نزل عليه بالجحفة في طريقه إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ [1] إِلى مَعادٍ 28: 85 فلما أتم أمره وأنجز وعده ورده إلى معاد أنزل عليه إِذا جاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ 110: 1 إلى آخر السورة فقال صلى الله عليه وسلم نعيت إلى نفسي فنعى نفسه إلى أصحابه قبل موته بشهرٍ ثم ابتدأ بشكواه في ليالٍ بقين من صفر وتوفي يوم الاثنين لاثنتي عشرةً خلت من شهر ربيع الأوّل وكان مرضه أربع عشر ليلة أو خمس عشر وروي عن أبي مويهبة أنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الليل فقال يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن استغفر لأهل هذا البقيع فانطلق معي قال فانطلقت معه حتى وقفت بين أظهرهم فقال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهنئكم ما أصبحتم فيه ممّا أصحب فيه غيركم أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها وللآخرة شر من الأولى ثم قال يا با مويهبة إني قد أعطيت خزائن الدنيا والخلد

_ [1] . لزاد لك MS.

فيها ثم الجنة فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي فقلت بأبي أنت وأمي فخذ خزائن الدنيا والخلد ثم الجنة فقال يا با مويهبة قد اخترت لقاء ربي والجنة ثم استغفر لأهل البقيع وانصرف وهي ليلة الأربعاء محموماً ليلتين بقيتا من صفر وابتدئ بوجعه في بيت ميمونة بنت الحارث فكان آخر ما خرج وصلى بالناس وإذا وجد ثقلاً قال مروا الناس فليصلوا [F؟ 166 v؟] فلما اشتد وجعه استأذن نساءه أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها فخرج بين علي بن أبي طالب وبين الفضل بن العباس رضي الله عنهما تخط رجلاه الأرض حتى أتى بيت عائشة فقال أهريقوا علي من سبع قرب لم يحلل وكاهن [1] لعلي أعهد إلى الناس قالت عائشة فأجلسناه في مخضب [2] من صفر لحفصة ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب فجعل يشير إلينا أن قد فعلتن فخرج عاصباً رأسه يمشي بين العباس وعلي تخط رجلاه الأرض حتى جلس على المنبر فأحدق الناس به واستكفوا فكان أول ما نطق به أن استغفر للشهداء الذين قتلوا بأحدٍ وصلى عليهم ثم قال إن عبداً من عباد الله خير بين الدنيا وبين

_ [1] . أوكاهنّMS. [2] .؟ حصب MS.

ما عند الله فاختار ما عند الله ففطن لها أبو بكرٍ رضوان الله عليه وعرف أنه يريد نفسه صلى الله عليه وسلم فبكى أبو بكرٍ وقال بل نفديك بآبائنا وأمهاتنا فقال على رسلك يا با بكر انظروا إلى هذه الأبواب اللافظة [1] إلى المسجد فسدوها إلا باب أبي بكرٍ وإني لا أعلم أحداً كان أفضل عندي في الصحبة منه ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن صحبة وإخاء إيمان حتى يجمع الله بيننا عنده هذا من رواية محمد بن إسحاق وروى الواقدي أنه قال سدوا هذه الأبواب الشوارع إلى المسجد إلا باب أبي بكرٍ فإن أمن [2] الناس في صحبته وماله أبو بكر وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة فتشدد لنا وقال حياكم الله وآواكم وأوصيكم لتقوى الله وأوصى الله بكم واستخلفه عليكم إني لكم نذير مبين أن لا تعلو [أ] على الله في بلاده وعباده فإنه قال تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 28: 83 قلنا يا رسول الله متى أجلك قال قد دنا الفراق والمنقلب الى الله

_ I.13. [1] بن cf.Tabari ,Annales ,I ,P.1803 اللافطةMS. [2] . 662 بن Nawawi بن 25 et 26 بن 2 بن 11 بن Ibn -Sa d بن 11. 1 بن Cf.Tabari ,id.op ,I ,P.1804

عز وجل وإلى جنة المأوى وسدرة المنتهى والرفيق الأعلى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسامة بن زيد على جيشٍ وأمره أن يوطئ الخيل أرض البلقاء فتكلم الناس فيه وقالوا أمر غلاماً حدثاً على جلة المهاجرين والأنصار فلما استوى على المنبر قال انفذوا جيش أسامة انفذوا جيش أسامة انفذوا جيش أسامة ثلاثاً ولعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه وانه لخليق للإمارة وإن كان أبوه خليقاً لها ثم نزل وانكمش الناس في جهازهم وضرب أسامة عسكره على فرسخ من المدينة وسائر الناس ينتظرون ما يقضي الله في رسوله صلى الله عليه وسلم وروى الواقدي عن الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنه قال لما اشتد وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ائتوني بدواة وصفحة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فتنازعوا ولا ينبغي التنازع عند رسول الله فقال بعضهم ما لكم أهجر فاستعيدوه وقال عمر قد غلبه الوجع من لفلانة وفلانة حسبنا كتاب الله فلما لغطوا عنده قال دعوني دعوني أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفود بمثل ما رأيتموني أجيزهم وانفذوا جيش أسامة قوموا فقاموا وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم [F؟ 167 r؟] قال ابن عبّاس كلّ الرّزية من حال بين رسول الله وبين أن يكتب

ذلك الكتاب قالوا واستعر برسول الله صلى الله عليه وسلم المرض وناداه بلال بالصلاة فقال مر عمر فليصل بالناس فخرج عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب فقدم عمر لأن أبا بكر كان غائباً فلما كبر عمر وكان مجهراً سمع رسول الله فقال أين أبو بكرٍ يأبى الله ذلك والمسلمون وبعث إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس وروي عن عائشة أنها قالت لما استعر رسول الله بالمرض قال مروا أبا بكرٍ فليصل بالناس فقلت إن أبا بكرٍ رجل ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت فعدت لمقالتى فقال إنّكنّ صويحبات يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت والله ما أقول ذلك إلا إني كنت أحب أن يصرف عنه ذلك وقلت إن الناس لا يحبون رجلاً قام مقام النبي يتشأمون به وروى ابن إسحاق عن الزهري فقال حدثني أنس أنه كان يوم الاثنين الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح فرفع الستر وفتح الباب ووقف على باب عائشة فكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم فرحاً لما رأوا رسول الله فأشار إليهم أن اثبتوا وتبسم سروراً بما رأى من صلاتهم وانصرف قال ابن إسحاق حدثني أبو بكر بن عبد الله بن

أبي مليكة أنه لما كان يوم الاثنين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصباً رأسه بين العباس وعلي إلى صلاة الصبح وأبو بكر يصلي بالناس فتفرج [1] الناس وعلم أبو بكرٍ أنهم لم يصنعوا ذلك إلا لرسول الله فنكص عن صلاته فدفع رسول الله في ظهره وقال صل بالناس وجلس إلى جنبه فصلى على يمين أبي بكر فلما فرغ أقبل على الناس فكلمهم رافعاً صوته حتى خرج صوته من باب المسجد وقال أيها الناس سعرت النار وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم إني والله ما تمسكون علي بشيءٍ [2] إني لم أحل إلا ما أحل القرآن ولم أحرم إلا ما حرم القرآن وقال أبو بكر إني أراك قد أصبحت من الله بخير واليوم يوم ابنة خارجة فآتيها [3] قال نعم فخرج أبو بكرٍ إلى أهله بالسنح [4] وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته وتفرق الناس وروى الواقدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف دعا فاطمة فسارها فبكت ثم دعاها فسارها فضحكت فسئلت عن ذلك بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم قالت قال لي إن القرآن يعرض عليّ في كلّ

_ [1] . فيفرجMS. [2] . كذا وجدت annot.marg.: بن؟ سرMS. [3] . فاتيها-MS. (sic) [4] بالنسخ MS.

ذكر وفاة النبي عم

عام مرة وعرض علي العام مرتين ولا أراني إلا ميتاً في مرضي هذا قالت فبكيت ثم دعاني ثانياً وقال لي أنت أسرع أهلي لحوقاً بي فضحكت فمكثت بعده ستة أشهر ويقال مائة وخمسين يوماً والله أعلم،،، ذكر وفاة النبيّ عم قالت عائشة ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد يوم الاثنين اضطجع في حجري ثم وجدته يثقل [1] فذهبت أنظر إلى وجهه فإذا بصره قد شخص إلى السماء وهو يقول بل الرفيق الأعلى [F؟ 167 v؟] وكان يقول لنا لم يقبض نبي إلا خير فقلت خيرت فاخترت فقبض رسول الله بين سحري ونحري حين اشتد الضحى من يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة عشر من الهجرة وشهرين واثني عشر يوماً قالت فمن سفهي وحداثة سني وضعت رأسه على وسادة وقمت ألتدم مع النساء وأضرب وجهي قالوا وارتجت المدينة بالصراخ والبكاء واقتحم الناس يقولون مات رسول الله محمد مات محمد فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقام على الباب وقال إن المنافقين يزعمون أن محمداً قد مات وان رسول الله لم

_ [1] .؟ فل MS.

يمت ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم عاد إليهم بعد أن قيل قد مات وليرجعن رسول الله كما رجع موسى فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم [1] يزعمون أن رسول الله قد مات وقال عمر نظن [2] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يفتح الأرض لوعد الله فلذلك قال ما قال وبلغ الخبر أبا بكر فأقبل مسرعاً على فرسٍ وعمر يكلم الناس فلم يلتفت إليه حتى دخل بيت عائشة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى عليه برد حبرة فكشف عن وجهه وقبله وقال بأبي أنت وأمي أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها فلا تذوق بعدها أبداً ثم خرج إلى الناس وعمر يكلمهم فقال على رسلك يا عمر أنصت فأبى إلا أن يتكلم فلما رآه أبو بكر لا ينصت إليه أقبل على الناس فلما سمع الناس كلام أبي بكر تركوا عمر وأقبلوا عليه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال يا أيها الناس إن الله قد نعى نبيكم إلى نفسه وهو حي بين أظهركم ونعاكم إلى أنفسكم فقال إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ 39: 30 فعلم الناس

_ [1] . وأرجلهنMS. [2] .؟ ظنّ MS.

حينئذ أن رسول الله قد مات وروي عن عمر أنه قال فما هو إلا أن سمعتها من أبي بكر فعقرت حتى وقعت على الأرض ما نقلني رجلاي ثم تلا أبو بكر وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ من قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمن يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ الله شَيْئاً وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ 3: 144 ثم قال يا أيها الناس من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمداً أو يراه إلهاً فإن محمداً قد مات ووعظ الناس وحضهم على التقوى ونزل عن [1] المنبر وأخذوا في جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا من يحفر له قبره وكان أبو طلحة الأنصاري يلحد في القبر وهو عمل الأنصار وكان أبو عبيدة بن الجراح يسوي في القبر وهو عمل المهاجرين فبعثوا إليهما وقال العباس اللَّهمّ فيض لنبيك ما ترضاه فسبق الرسول إلى أبي طلحة فجاء واختلفوا أين يدفنونه فقال قوم في البقيع مع أصحابه وقال آخرون بل في مسجده فقال أبو بكر سمعته يقول ما مات نبي إلا دفن حيث قبض فخط حول الفراش على قدره ثم حول عنه رسول الله وأخذوا يحفرون له ووقع الاختلاف في الناس فانحاز هذا الحي من الأنصار الى

_ [1] . على MS.

سعد بن عبادة سيد الخزرج واجتمعوا في سقيفة بني ساعدة وانحاز علي وطلحة والزبير في بيت فاطمة وانحاز سائر المهاجرين إلى أبي بكر كل يدعي الإمارة لنفسه فجاء المغيرة بن شعبة فقال إن كان لكم بالناس حاجة فأدركوهم فتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو وأغلقوا الباب دونه وأسرع أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح [F؟ 168 r؟] إلى سقيفة بني ساعدة فقالت الأنصاري نحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر العرب رهط منا وقد دفت دافة من قومكم يريدون أن يحتازونا من أصلنا ويكسروا الأمر [1] فقال أبو بكر أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش أوسط العرب نسباً وداراً وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم وأخذ بيد عمر وأبي عبيدة بن الجراح فقال الحباب [بن] المنذر أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى خيف الاختلاف فقال عمر لأبي بكر ابسط يدك أبايعك فبسط يده فبايعه المهاجرون والأنصار ونزو على سعد ابن عبادة فضربوه فقال قائلهم قد قتلتم سعد بن عبادة

_ [1] . كذا في النسخة Annot.marg.:

ذكر بيعة أبى بكر رضي الله عنه

فقال عمر رضي الله عنه قتل الله سعد بن عبادة ثم عادوا إلى المسجد وصعد أبو بكر المنبر فقام عمر فحمد الله واثنى عليه ثم قال أيها الناس إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهداً عهده إلي رسول الله ولكني كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا ويكون آخرنا فإن الله عز وجل قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسوله فمن اعتصم به هداه كما كان هداه له وإن قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله وثاني اثنين إذ هما في الغار فقوموا فبايعوه بيعة العامة في المسجد بعد السقيفة فبايعوه ولم يبايعه علي ستة أشهر،،، ذكر بيعة أبي بكر رضي الله عنه قال ابن إسحاق لما ثقل [1] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العباس بن عبد المطلب لعلي انطلق بنا إلى رسول الله فإن كان هذا الأمر فينا عرفناه وإن كان في غيرنا أوصى المسلمين بنا فقال عليّ عم إني والله لا أفعل لئن منعناه لا يؤتيناه أحد بعده قال ابن إسحاق ولولا مقالة قالها عمر عند وفاته لم يشك المسلمون أنه استخلف أبا بكر ولكنه قال عند وفاته إن أستخلف فقد أستخلف من هو خير مني وإن أتركهم فقد تركهم من هو خير منّى

_ [1] .؟ قل MS.

[؟ v 168؟ F] ذكر غسل رسول الله صلى الله عليه

فعرف الناس أن رسول الله لم يستخلف أحداً وكان عمر غير متهم على أبي بكر قالوا ولما فرغ عمر من مقالته قام أبو بكر خطيبا بعد ما ضربوا على يده فقال الحمد للَّه فاحمدوه وأستعينكم على أمره كله سره وعلانيته ونعوذ باللَّه مما يأتي في الليل والنهار وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده وأن محمداً عبده ورسوله أرسله بالحق بشيراً ونذيراً قدام الساعة من أطاعه رشد ومن عصاه هلك أما بعد فإني قد وليت أمركم ولست بخيركم فأعينوني وإن زغت فقوموني الصدق أمانة والكذب خيانة لا يدع قوم الجهاد إلا ضربهم الله بالذل ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء فأطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله فصلوا ثم أخذوا في جهاز رسول الله قال الواقدي كانت بيعة العامّة يوم الثلثاء بعد ما دفن وقال بعضهم بويع ثم دفن واختلفوا في الوقت الذي دفن فيه فروى ابن إسحاق أنه دفن ليلة الأربعاء وقال الواقدي والثبت عندنا أنه دفن يوم الثلثاء عند زوال الشمس والله أعلم وأحكم،،، [F؟ 168 v؟] ذكر غسل رسول الله صلى الله عليه قالوا غسله علي

والعباس والفضل وقثم وأسامة وشقران أما علي فأسنده إلى صدره وجعل العباس والفضل وقثم يقلبونه معه وكان أسامة وشقران يصبان عليه الماء وغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميصه ولم يجرد من ثيابه وكفن في ثلاثة أثواب سحولية ثوبين منبجانيين وبرد حبرة أدرج فيه إدراجاً ليس فيها عمامة ولا قميص ثم وضعوه على السرير وجعل الناس يدخلون ويصلون إرسالاً صلى الرجال ثم النساء ثم الصبيان ودفن صلى الله عليه وكان الذي دخل القبر علي والفضل بن العباس وشقران روينا عن شقران أنه قال أنا الّذي طرحت القطيفة تحت رسول الله في القبر ونضد عليه اللبن والإذخر وهالوا التراب هيلاً وسطحوا قبره ورشوا عليه الماء صلى الله عليه وسلم واختلفت الرواية في سنه ومدة عمره إلا أن الأكثر الأشهر أنه توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة ولد يوم الاثنين وهاجر يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين صلى الله عليه وسلم وروى أصحاب الأخبار شيئاً كثيراً من الشعر في مراثيه فمن ذلك قول عربىّ إلى فاطمة رضي الله عنها [بسيط] قد كان بعدك أنباء [1] وهنبثة ... لو كنت شاهدتها لم تكثر [2] الخطب

_ [1] . أنبياءMS. [2] .؟ كثر MS.

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها ... واختل [1] قومك فارجع ثم لا تغب وقال حسان بن ثابت [طويل] بطيبة رسم للرسول ومعهد ... منير وقد تعفو الرسوم وتهمد فلا تمتحي الآيات من دار مربع ... بها منبر الهادي الذي كان يصعد وواضح آثار وباقي معالم ... وربع له فيه مصلى ومسجد معارف لم تطمس على النأي أنها ... أتاها البلى والآي منها مجدد ظللت بها أبكي الرسول وأسعدت ... عيون ومثلاها من الجن يسعد فبوركت يا قبر الرسول وبوركت ... بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد وبورك لحد منك ضمن طيباً ... عليه بناء من صفيح منضد وهل عدلت يوماً رزية هالك ... رزية يوم مات فيه محمد وما فقد الماضون مثل محمد ... ولا مثله حتى القيامة يفقد تقطع عنهم منزل الوحي والهدى ... وقد كان ذا نور يغور وينجد في قصيدة طويلة،،،

_ [1] . واحلّ MS.

الفصل الثامن عشر في ذكر أفاضل الصحابة وأولى الأمر من المهاجرين والأنصار وصفة حلاهم ومدة أعمارهم وابتداء إسلامهم وذكر أولادهم ومن أعقب منهم ومن لم يعقب

الفصل الثامن عشر في ذكر أفاضل الصحابة وأولي الأمر من المهاجرين والأنصار وصفة حلاهم ومدة أعمارهم وابتداء إسلامهم وذكر أولادهم ومن أعقب منهم ومن لم يعقب [F؟ 169 r؟] اعلم أن هذا باب من صناعة أصحاب الحديث وهو علم برأسه منفرد بمعرفته صاحبه مرجعه [1] إلى جودة الحفظ وكثرة الروايات وقد وضعوا فيه كتباً كثيرةً موسومةً بسمات مختلفة كالتواريخ والطبقات والمعارف وما أعلم أحداً منهم وإن غزر علمه واتسعت درايته أنه ضبط أسماء الصحابة كلهم أو حصر أيامهم وأخبارهم ولا أعلم ذلك ممكناً لأن آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك وقد صحبه فيها ثلاثون ألف رجلٍ سوى من خلفه وتخلف عنه وسنذكر المشهورين منهم المعروفين بالإمارة والولاية والتقدم والآثار المذكورة إن شاء الله ونبتدى بذكر من

_ [1] . كذا في الأصل Notemarg.:

على بن أبى طالب عم

بدأ [1] بالإسلام وسبق إليه فإن كثيراً من المصنفين قد خرجوهم على حروف المعجم تقريباً من الفهم وحيلة في تسهيل الحفظ، اختلف الناس في أول من أسلم فقال بعضهم أولهم خديجة وقال آخرون أولهم علي وقيل أبو بكر وقيل زيد بن حارثة وقد مضى خبر زيد وخديجة في باب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وباب مواليه وأخبرني أحمد بن مالك قال حدثني القتبي [2] عن إسحاق بن راهويه أنه قال الخبر في كل ذلك صحيح أما أول من أسلم من النساء فخديجة وأول من أسلم من الموالي فزيد بن حارثة وأول من أسلم من الصبيان فعليّ عم وأول من أسلم من الرجال فأبو بكر رضي الله عنهم أجمعين،،، علي بن أبي طالب عم ابن عبد المطلب بن هاشم وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي وأسلمت وماتت بمكة قبل الهجرة قال ابن إسحاق أسلم علي وله عشر سنين وذلك أنه كان في حجر النبي عم قبل الوحي لأن قريشاً لما أصابتهم الأزمة قال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطّلب إنّ أبا

_ [1] . منMSajoute: [2] . القبتى MS.

طالب رجل ذو عيال فانطلق بنا نخفف من عياله فاخذ النبيّ عم علياً وأخذ العباس جعفراً وبقي عنده عقيلاً وطالباً فلما بعث الله محمداً آمن به واتبعه وروى الواقدي أن علياً أتى النبي وهو يصلي عند خديجة فقال ما هذا يا محمد فقال دين الله الذي اصطفاه لنفسه أدعوك إليه فقال علي إن هذا دين ما سمعت به ولست بقاطع أمراً حتى أذاكر أبا طالب فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يفشى أمره فقال إن لم تسلم فاكتم فمكث علي تلك الليلة وألقى الله في قلبه الإسلام فغدا على رسول الله فأسلم ثم إن أمه فاطمة بنت أسد أنكرت شأنه واختلافه إلى رسول الله فقالت لأبي طالب إني أرى ابنك قد صبأ وكان النبي وخديجة وزيد يخرجون إلى شعاب مكة فيصلون مستخفين [1] من الناس فتبعهم أبو طالب حتى عثر عليهم وهم يصلون فقال ما هذا يا ابن أخي فقال دين الله الذي ارتضاه لنفسه وبعث به رسله أدعوك إليه فقال إني أكره أن أفارق دين آبائي ولكن امض لما أردت فلا يخلص إليك أحد بما تكره فقال لعلي الزمه فإنه لم يدعك إلا إلى خير وقد قيل أن عليّا أسلم وهو ابن ستّ سنين

_ [1] . مستحفين MS.

ذكر ولده عم

واختلفوا في حليته قال الواقدي كان آدم شديد الأدمة عظيم البطن عظيم العينين إلى القصر ما هو [1] وقد تسميه الشيعة الأنزع البطين قال الحارث الأعور وكان علي أفطس الأنف دقيق الذراعين كأن على كاهله سنام ثور لم يصارع أحداً إلا صرعه وروي عن الحسن [F؟ 169 v؟] أنه قال رأيت علياً أسود الشعر أبيض اللحية قد ملأت لحيته ما بين منكبيه وروى أن امرأة رأته ولم تعلم من هو فقالت من هذا الذي كسر وجبر على عيب واختلفوا في سنه فقال ابن إسحاق قتل عليّ وهو ابن ثلاث وستين سنة كان في مثل سن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر يوم ماتا وهذا يصح على مذهبه لأنّه قد أسلم وهو ابن عشرة سنين وعاش في الإسلام ثلاثاً وخمسين سنة وقتل سنة ثلاثين من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم مات وهو ابن ثمان وخمسين سنة،،، ذكر ولده عم كان له من الولد ثمانية وعشرون ولدا أحد عشر ذكرا وسبعة عشر أنثى منهم من فاطمة عم خمسة الحسن والحسين ومحسن [2] وأم كلثوم الكبرى وزينب الكبرى والباقون من أمّهات

_ d ,Ibn -el -Athir ,t.III ,p.333. [1] هو إلى القصر أقربCf. [2] . محسن MS.

الحسن بن علي رضي الله عنهما

شتى من الحرائر والإماء فمنهم محمد بن عليّ أمّه خولة بنت جعفر ابن قيس ويقال أمه سوداء من سبى اليمامة ولذلك يقال له محمد بن الحنفية لأن خالد بن الوليد كان سباها من بني حنيفة في الردة ومنهم عمر ورقية من أمته [1] ومنهم أبو بكر وعبيد الله من ليلى بنت مسعود النهشليّة ومنهم يحيى من أسماء بنت عميس ومنهم عبد الله وجعفر والعباس وأم كلثوم الصغرى ورملة وأم الحسن وجمانة [2] وميمونة وخديجة وفاطمة وأم الكرام ونفيسة وأم سلمة وأمامة وأم أبيها [3] ،،، الحسن بن علي رضي الله عنهما أكبر ولد علي ويكنى أبا محمد وكان يوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم ابن سبع سنين لأنه ولد في سنة ثلاث من الهجرة ومات سنة سبع وأربعين فكان عمره خمساً وأربعين سنة وروى عن النبي حديثين من صلى الغداة وجلس في مجلسه حتى تطلع الشمس ستره الله من النار والثاني التخلية من إذا ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ وكان أرخى ستره على مائتي حرّة

_ [1] . امتهMS. [2] . أم الحسن وحمانةMS. [3] . ابيه MS.

الحسين بن علي رضى الله عنهما

وقال على عم لا تزوجوا ابني هذا فإنه مطلاق وولد الحسن سبعة أنفار [1] الحسن بن الحسن والحسين بن الحسن وزيد بن الحسن وطلحة بن الحسن وأم عبد الله بنت الحسن وأم الحسن بنت الحسن،،، الحسين بن علي رضي الله عنهما وكان أصغر من الحسن بعشرة أشهر وعشرين يوما وقتل يوما عاشوراء سنة اثنتين وستين بعد الحسن بسبع عشرة سنةً وهو ابن ثماني وخمسين سنةً وولد الحسين أربعة نفر علياً الأكبر وعلياً الأصغر وفاطمة وسكينة وعقب الحسين من علي الأصغر فأما الأكبر فإنه قتل مع أبيه وقد روي أن الحسين قتل معه سبعة عشر نفراً من أهل بيته والله أعلم فأما محسن بن علي فإنه هلك صغيراً،،، محمد بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهما كان أسود شديد السواد كثير العلم فاضلاً شجاعاً ومات بالطائف زمن الحجاج وكان يقول الحسن والحسين أفضل مني وأنا أعلم منهما وولد ثمانية ذكور منهم عبد الله بن محمد أبو هاشم [2] كان عظيم القدر عند الشيعة

_ [1] . نفرMS. [2] . وأبو هاشم MS.

بنات علي بن أبى طالب عم

فلما حضرته الوفاة بالشام أوصى إلى محمد بن عليّ بن عبد الله ابن العباس وقال أنت صاحب هذا الأمر وولدك وليس لأبي هاشم عقب،،، بنات علي بن أبى طالب عم زوج علي أم كلثوم الكبرى من عمر بن الخطاب رضي الله عنه فولدت له زيد بن عمر وفاطمة بنت عمر وزوج زينب الكبرى [من] عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فولدت له أولاداً وكان سائر بناته عند [F؟ 170 r؟] ولد عقيل وولد العباس ما خلا أم الحسن فإنها كانت عند جعدة بن هبيرة المخزومي،،، أبو بكر الصديق رضي الله عنه عتيق بن أبي قحافة وكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة فسماه رسول الله عبد الله تيمناً باسم أبيه وعتيق لقبه لحسن وجهه وعتقه واسم أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو [1] ابن كعب بن سعد بن تيم بن مرة وتيم أخو كلاب بن مرة فهو في العدد إلى مرة لأن كل واحد ينتهي إلى مرة عند السابع من آبائه،،، ذكر حليته عم كان ابيض البشرة مشرباً حمرة نحيف الجسم خفيف العارضين معروق الوجه غائر العينين ناتىء الجبهة

_ [1] . عمر MS.

أبو أبى بكر وأمه وأخواته

عاري الأشاجع احنى [1] لا يستمسك إزاره ويسترخي عن حقويه وكان من مياسير قريش وذوى الفضل منهم والصنيعة فيهم محبا في قومه مألوفاً وانفق جل ماله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو أبى بكر وأمه وأخواته أبوه أبو قحافة أسلم يوم فتح مكة وقد كف بصره وبقي إلى زمن عمر ومات أبو بكر فورثه وأم أبي بكر أم الخير سلمى بنت صخر ابنة عمّ أبي قحافة ولا يعرف لأبي بكر أخ ولكن له أختان أم فروة بنت أبي قحافة تزوجها تميم الداري ثم [لما] رجع الأشعث بن قيس الى الإسلام بعد ردته زوجها منه أبو بكر وقريبة بنت أبي قحافة كانت تحت قيس بن سعد بن عبادة، إسلام أبى بكر عم زعم بعض الرواة أنه كان في تجارة له بالشام فأخبره راهب بوقت خروج النبي بمكة وأمره باتباعه فلما رجع سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله فجاء وأسلم فلذلك قال ما أحد عرضت عليه الإسلام إلا وجدت عنده كبوة إلا أبا بكر فإنه لم يتلعثم وزعم آخرون أنه رأى رؤيا وقيل هتف به هاتف فلما أسلم أبو بكر دعا عشيرته وأقاربه فأسلم بدعائه رهط منهم عثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد

_ corriged ,apresIbn -el -Athir ,t.II ,p.322. [1] بن اجنى MS.

ذكر ولده رضي الله عنهم

ابن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، ذكر ولده رضي الله عنهم كان له من الولد ستة نفر عبد الله بن أبي بكر وأسماء بنت أبي بكر أمهما سدة من بني عامر وعبد الرحمن وعائشة أمهما أم رومان ومحمد بن أبي بكر أمه أسماء بنت عميس وأم كلثوم أمها بنت زيد بن خارجة رجل من الأنصار أما عبد الله بن أبي بكر فإنه هلك في خلافة أبيه ولا عقب له وأما عبد الرحمن فمات بمكة بعد وقعة الجمل وكان شهدها وله عقب وأما محمد بن أبي بكر فكان ممن أعان على عثمان وبعثه علي بن أبي طالب والياً على مصر فقاتله أصحاب عمرو بن العاص وقتلوه وجعلوا جثته في حمار ميت ثم أحرقوه ومن ولده القاسم بن محمد بن أبي بكر فقيه أهل الحجاز، بنات أبي بكر أما عائشة فكانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصتها مشهورة ولا عقب لها وأما أسماء فإنها يقال لها ذات النطاقين وذلك أنها شقت [1] نطاقها وشدت به السفرة التي كانت هيأتها لهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر إلى المدينة ويقال لما نزلت آية الخمار ضربت يدها إلى نطاقها فشقته نصفين [F؟ 170 v؟] واختمرت بنصفه وتزوجها الزبير بن العوّام بمكة فولدت له عدّة

_ [1] . شدّت aineeparlenecond بن شدّت MS.

وفاة أبى بكر رضي الله عنه

ولد وولدت بالمدينة عبد الله [1] بن الزبير أول مولود ولد في الإسلام وعاشت حتى عميت وماتت بعد قتل ابن الزبير ببرهة وأما أم كلثوم فخطبها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكرهته ونكحها طلحة ابن عبيد الله فولدت له، وفاة أبي بكر رضي الله عنه اتفقوا أنه مات ابن ثلاثٍ وستين سنة وكان أصغر سناً من رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدر خلافته وهو سنتان وثلاثة أشهر وتسع ليالٍ وقال ابن إسحاق مات يوم الجمعة لسبع ليالٍ بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة وقال أبو اليقظان مات يوم الاثنين واختلفوا في سبب موته فقال قوم سم فمات وقال قوم بل اغتسل في يوم بارد فحم فمات رضي الله عنه،،، عثمان بن عفان رضي الله عنه عثمان والنبي صلى الله عليه وسلم في العدد سواء وكان حبراً فاضلاً تقول قريش أحبك الرحمن حب قريش عثمان وزوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنتيه رقية وأم كلثوم، ذكر حليته كان رجلاً ربعةً حسن الوجه رقيق البشرة ريان الخد أسمر اللون عظيم اللحية بعيد المنكبين وكان يشد أسنانه بالذهب، أبو عثمان وأمه وأخواته أما عفان فإنه هلك في تجارة الشام وأم عثمان أروى بنت كريز بن ربيعة

_ [1] . عبد الرحمن MS.

إسلام عثمان

ابن حبيب بن عبد شمس وأخوات عثمان أمة بنت عفّان ولا يعرف لها عقب، إسلام عثمان قال الواقدي إن عثمان وطلحة أسلما معاً ذكر أن عثمان قال أقبلت من الشام في تجارة حتى إذا كنا بين معان والزرقاء ونحن كالنيام إذا منادٍ ينادي أيها النيام هبوا فإن محمداً قد خرج فلما رجع دخل [1] على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وأخذه الحكم بن أبي العاص وأوثقه [2] رباطاً وقال لا أحلك حتى تدع دينك فقال عثمان والله لا أدعه أبداً فلما رآه لا يدعه تركه قال وراغمته أمه وقالت والله لا ألبس لك ثياباً ولا أذوق لك طعاماً ولا شراباً حتى تدع دين محمد وتحولت [3] إلى بيت أختها حولاً فلما رأت عثمان لا يدع دينه رجعت إلى منزله، ذكر ولده رضي الله عنهم كان له من الولد الذكران عشرة نفر عبد الله الأكبر وعبد الله الأصغر وخالد وأبان وعمرو وسعيد والمغيرة وعبد الملك والوليد وعمر ومن البنات ثلاث أم أبان وأم عمرو وأم سعيد وقد يقال لإحداهن عائشة أو رابعة فأمّا عبد الله

_ [1] . ودخلMS. [2] . وأو؟ قهMS. [3] . وتحوّل MS.

مقتل عثمان

الأكبر فإنه كان يلقب المطرف لحسنه وجماله وأما عبد الله الأصغر فإنه كان من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهلك في صغره وأما أبان بن عثمان فكان أبرص وكانت أمه حمقاء تجعل الخنفساء في فيها ثم تقول أحاجيك ما في فمي وأما سعيد بن عثمان فقتله الرهائن الذين حملهم من سمرقند في حائطه بالمدينة وقتلوا أنفسهم وأمّا الوليد بن عثمان فكان صاحب شرابٍ ولهوٍ [F؟ 171 r؟] وقتل عثمان وهو علق في حجلته [1] ورحم الله من نظر في كتابنا هذا بعين الإنصاف فبسط عذرنا فيما اشترطنا من الاختصار والإيجاز، مقتل عثمان اختلفوا في يوم قتله فقال ابن إسحاق قتل يوم الأربعاء ودفن يوم السبت وقال الواقدي قتل يوم الجمعة سنة خمس وثلاثين وهو ابن اثنتين وثمانين سنة وقيل قتل وهو ابن تسعين سنة وقال غيره قتل وهو ابن ثمان وثمانين سنة ودفن بالبقيع،،، طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن سعد بن تيم بن كعب بن تيم بن مرة ويكنى أبا محمد ويقال له طلحة الخير وطلحة الفياض وطلحة الطلحات لجوده وكثرة خيره وأمه الصعبة بنت الحضرميّ،

_ [1] . كذا وجدت Annot.marg.:

إسلام طلحة

إسلام طلحة وذلك أنه كان جالساً في نادي قريش فتذاكروا إسلام أبي بكر ومخالفته دين آبائه فائتمروا بينهم بالفتك به فانتدب طلحة له وكان شديداً أيداً فأتاه وأخذه بضبعه وقال قم يا أبا بكر قال إلام قال إلى عبادة اللات والعزى قال ومن اللات والعزى قال بنات الله قال أبو بكر ومن أمهم فسكت طلحة وعلم أنه باطل ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وروى الواقدي عن طلحة أنه قال كنت بسوق بصرى فسمعت راهباً في صومعته يقول سلوا أهل هذا الموسم هل ظهر أحمد فقلت له ومن أحمد قال ابن عبد الله هذا شهر خروجه قال فقدمت مكّة فسمعت الناس يقولون تنبّأ محمد بن عبد الله وتبعه ابن أبي قحافة فأتيت أبا بكر فأخذني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت فلما خرجا من عنده أخذهما نوفل بن حارث وكان أشد قريش فشدهما في حبلٍ فلذلك سمي أبو بكر وطلحة القرينين، سن طلحة حليته قيل كان أبيض مربوعاً يضرب إلى الحمرة ضخم القدمين لا أخمص لهما حسن الوجه دقيق العرنين ويقال كان آدم كثير الشعر وقتله مروان بن الحكم يوم الجمل بسهمٍ رماه به وهو ابن ستين سنة وقال الواقدي ابن أربعٍ وستين سنة، ذكر ولده كان له عشرة

الزبير بن العوام

بنين وأربع بنات لأمهات شتى منهم محمد بن طلحة أمه حمنة بنت جحش وأم حمنة أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقال له السجاد لكثرة صلاته وشهد الجمل مع أبيه فنهى علي عن قتله فقتله رجل وأنشأ يقول [طويل] وأشعث قوامً بآيات ربه ... قليل الأذى فيما ترى العين مسلم يناشدني حاميم والرمح شاجر ... فهلا تلا حاميم قبل التقدم الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى ويكنى أبا عبد الله وهو ابن أخي خديجة وقتل أبوه في الفجار وأمه صفية بنت عبد المطلب، إسلام الزبير قال الواقدي كان إسلام الزبير بعد إسلام أبي بكر رابعاً أو خامساً ولم يذكر فيه سبباً ولا قصة ورأيت في بعض الأخبار أن الزبير أسلم وهو ابن ثمان سنين أو عشر فجعل عمه يعذبه بالدخان على أن يترك دينه فلما يئس منه تركه، حلية الزبير قال الواقدي كان رجلاً ليس بالطويل ولا بالقصير [F؟ 171 v؟] خفيف اللحية أسمر اللون كثير الشعر ويقال كان طوالاً تخط رجلاه الأرض إذا ركب وقتل سنة ست وثلاثين وهو ابن أربع وستين سنة، ذكر ولده له سبع بنين غير البنات منهم عبد

سعد بن أبى وقاص

الله بن الزبير يكنى أبا بكر قتله الحجاج بمكة بعد فتنة سبع سنين ومصعب بن الزبير قتله عبد الملك بن مروان وكان شجاعاً سخياً تزوج عائشة بنت طلحة بن عبيد الله فأعطاها ألف ألف درهم والمنذر بن الزبير كان سيداً حليماً وكان يقول ما قل سفهاء قوم إلا ذله وإذا مشى في الطريق أطفئت النيران والمصابيح تعظيماً له وعروة بن الزبير كان فقيهاً فاضلاً ورعاً ووقعت الأكلة في رجله فقطعت وكويت ومنهم عبيدة بن الزبير وعاصم بن الزبير،،، سعد بن أبي وقاص هو سعد بن مالك بن وهب بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة ويكنى أبا إسحاق وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس وله أخوان عتبة وعمير فأما عتبة فهو الذي ضرب النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأما عمير فاستشهد يوم بدرٍ وسعد من العشرة المشهود لهم بالجنة وتوفي سنة خمس وخمسين وهو ابن بضع وسبعين سنة أو بضع وثمانين سنة وهو الذي فتح العراق وما يليها، إسلام سعد رضي الله عنه روى الواقدي عنه أنه قال أتى علي يوم وأنى لثلث الإسلام قال وكان سبب إسلامه أنه رأى في المنام قال كأنّ في ظلام فأضاء

حلية سعد وسنه

قمر فاتّبعته فإذا أنا يزيد وعلي قد سبقاني إليه وروي فإذا أنا يزيد وأبى بكر قال ثمّ بلغني أن رسول الله يدعو إلى الإسلام مستخفياً فجئت إليه فلقيته بأجياد [1] فأسلمت ورجعت إلى أمي وقد سبق إليها الخبر فأجدها على بابها تصيح وتصرخ ألا أعوان من عشيرته وعشيرتي فأجلسه في بيت وأطبق عليه الباب حتى يموت أو يدع هذا الدين المحدث قال وأسلمت وأنا ابن سبع عشر سنة، حلية سعد وسنه قالوا كان رجلاً قصيراً دحداحاً [2] غليظاً ذا هامة شثن [3] الأصابع جعد الشعر وذهب بصره في آخر عمره واختلفوا في مدة عمره فالذي يدل عليه تأريخ إسلامه أن يكون زيادةً على سبعين سنة وروى شعبة أن سعداً والحسن بن على ماتا في يوم واحد قال ويرون أنّ معاوية سمّهما، ذكر ولده مصعب ابن سعد ومحمّد بن سعد وعمر [4] بن سعد قاتل الحسين بن علي رضي الله عنه فقتله المختار بن [أبي] عبيد،،، سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد

_ corriged ,apresIbn -el -Athir ,Osd ,t.II ,p.292.l.15. [1] بن أجنادMS. :corriged ,apresIbn -el -Athir.Osd ,t.II ,p.293.l.13. [2] وحداجاMS. [3] شَتْن.MS. [4] . وعامر.Ma.

عبد الرحمن بن عوف

الله بن رياح بن قرط بن عدي ابن [عمّ] عمر بن الخطّاب وقال نفيل ولد عمراً والخطاب قال الواقدي كان سعيد رجلاً آدم طوالاً أشعر وأسلم قبل عمر بن الخطاب وتوفي سنة إحدى وخمسين وهو ابن بضع وسبعين سنة ودفن في المدينة وأبوه زيد ابن عمرو ومن ولده محمد بن سعيد يقول ليزيد بن معاوية يوم الحرّة [خفيف] لست منا وليس خالك منا ... يا مضيع الصلاة في الشهوات وعقب سعيد رضي الله عنه في الكوفة كثير،،، عبد الرحمن بن عوف بن الحارث ويكنى أبا محمد [F؟ 172 r؟] وهو من العشرة المشهود لهم بالجنة والستة المذكورين في الشورى، حلية عبد الرحمن قال الواقدي كان رجلاً طوالاً حسن الوجه رقيق البشرة فيه خال أبيض مشرباً حمرة وقال غيره كان أعين أقنى جعد الشعر ضخم الكفين ومات في خلافة عثمان وهو ابن خمس وستين سنة لأنه ولد بعد الفيل بعشر سنين ومات لسبع من سنّى عثمان وبلغ ثمن ماله ثلاثمائة وعشرين ألفاً وقسم لأربع نسوة لكل واحدة ثمانون ألف درهم، ذكر ولده محمد بن

أبو عبيدة بن الجراح

عبد الرحمن وزيد وإبراهيم وحميد وعثمان والمسور وأبو سلمة [1] الفقيه الذي يروى عنه الحديث ومصعب وكان شجاعاً شديداً وسهيل بن عبد الرحمن وهو الذي تزوج امرأة يقال لها الثريا من بني أمية الصغرى فقال عمر بن أبى ربيعة [خفيف] أيها المنكح الثريا سهيلاً ... عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استقلت ... وسهيل إذا استهل [2] يمان أبو عبيدة بن الجراح هو عامر بن عبد الله بن الجراح فنسب إلى جده وروي أنه سمع أباه يسب النبي فقطع رأسه وجاء به إلى النبي وأخبره الخبر وفتح الشام في أيام أبي بكر ومات بالطاعون في أيام عمر ولا عقب له، حليته قال الواقدي كان رجلاً طوالاً نحيفاً معروق الوجه خفيف العارضين أثرم الثنيتين وذلك أنه انتزع نصلاً من جبهة النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد بأسنانه فهتم قال الواقدي أسلم أبو عبيدة بن الجراح وعبيدة بن الحارث بن المطلب وعثمان بن مظعون وأبو سلمة بن عبد الأسد كلهم معا،،،

_ [1] . مسلمةMS. [2] . استقل Corr.marg:

ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه

ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أعلم أن عمر أخره تأخيره في الإسلام وقدمته فضائله عن درجته وذلك أنه أسلم بعد إسلام أربعين سوى من هاجر إلى الحبشة لأنه أسلم سنة ست من النبوة وهو ابن خمسٍ وعشرين سنة وهو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رياح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب ينتهي إلى الشجرة التي منها النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعثمان بثمانية آباء ويكنى أبا حفص وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة المخزومي، إسلام عمر رضي الله عنه روي أن النبي دعا فقال اللَّهمّ أعز الإسلام بابي [1] جهل بن هشام أو بعمر ابن الخطاب وكان عمر رجلاً شديد الشكيمة لا يرام ما وراء ظهره وقد أسلمت أخته فاطمة بنت الخطاب وهي تحت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وكان خباب بن الأرت ينتابها ويقرئها القرآن قال فتذاكرت قريش في ناديها أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما يحدث من التفرق والالتيام فانتدب عمر له وخرج من بينهم متوشحاً بسيفه وهو يريد رسول الله وقد ذكر أنه في بيت الأرقم بن الأرقم عند الصفا فلقيه نعيم بن عبد الله النحام فقال

_ [1] . بابني MS.

له أين تريد يا عمر قال أريد هذا الصبي الذي فرق أمر قريشٍ فأقتله فقال له نعيم لقد غرتك نفسك أترى أن بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض [F؟ 172 v؟] وقد قتلت ابن عمهم أفلا ترجع إلى أهلك فتقيم أمرهم قال عمر أي أهلي قال أختك وختنك فعدل عمر عن الطريق إليهما فإذا عندهم خباب يقرئهم القرآن ومعه صحيفة فيها سورة طه فلما أحسوا بعمر غيبوا خباباً وخبئوا الصحيفة فقال عمر ما هذه الهينمة التي سمعتها وأنا على الباب قالوا ما سمعت إلا خيراً قال بلى وإني قد أخبرت أنكما صبوتما وبطش بخباب فقامت أخته تكفه عنه فأصابتها شجةً [1] فدبرا لذلك وأظهرا إسلامهما وقالا بلى قد أسلمنا فاصنع ما بدا لك فارعوى عمر وقال لأخته أعطيني هذه الصحيفة أنظر ما فيها وكان عمر كاتباً فقالت إني أخشاك عليها فأعطاها عهد الله وميثاقه أنه يردها فقالت إنك نجس وإنه لا يمسها إلا طاهر فقام عمر فاغتسل وأخذ الصحيفة وقرأ صدراً من السورة فأعجب به وألقى الله في قلبه الإسلام فخرج إليه خباب وقال يا عمر إني لا أرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيّه

_ [1] . شحتة MS.

حلية عمر وسنه [3]

قال عمر فأين محمد يا خباب قال في دار الأرقم عند الصفا فجاء عمر حتى قرع عليهم الباب فقام رجل من الصحابة فنظر من خلل الباب فرجع وهو فزع مذعور فقال هذا عمر متوشحاً بسيفه فقال حمزة بن عبد المطلب إن كان جاء يريد خيراً بذلناه وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه فأذن له ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه وأخذ بحجزته ثم جذبه جذبة شديدة فقال ما جاء بك يا ابن الخطاب فو الله ما أراك تنتهي حتى ينزل الله بك قارعةً قال جئت [1] لأومن باللَّه ورسوله فقال النبي الله أكبر [2] وأسلم عمر وقال كم أنتم قال أربعون قال والله لا نعبد الله بعده سراً فخرج إلى الناس وأظهر الإسلام فقال ابن مسعود إن إسلام عمر كان فتحاً وإن هجرته كانت نصراً وإن خلافته كانت رحمة وما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر،،، حلية عمر وسنه [3] اختلفوا في ذلك فروى أهل الحجاز أنه كان أبيض أمهق [4] طوالاً تعلوه حمرة وروى أهل العراق انّه كان آدم

_ [1] . جيتMS. [2] . الله وأكبرMS. [3] . وسنةMS. [4] . ابهق MS.

ذكر ولده

شديد الأدمة ولا يختلفوا أنه كان أعسر يسر وهو الأضبط الذي يعمل بكلتي يديه وانّه كان أروح [1] وهو الذي إذا مشى يتدانى عقباه وأنه كان طوالاً حتى كأنه راكب والناس يمشون واستشهد سنة ثلث وعشرين قال ابن إسحاق وهو ابن خمس وخمسين سنة وزعم قوم أنه مات ابن ثلاث وستين سنة والله أعلم،،، ذكر ولده عبد الله بن عمر وعبيد الله بن عمر وعاصم بن عمر وزيد بن عمر ومجبر بن عمر وأبو شحمة بن عمر أما عبد الله فإنه يكنى أبا عبد الرحمن [2] أسلم مع أبيه بمكة وهو صغير وشهد المشاهد غير بدرٍ وأحد لأنّه ردّ لصغره وتوقّى بمكة زمن الحجاج وهو ابن أربع وثمانين سنةً سنة ثلاثٍ وسبعين من الهجرة في العام الذي قتل فيه عبد الله بن الزبير ويقال أن الحجاج دس إلى رجل فسم زج رمحه ثم طعن به في ظهر قدمه فمات وله [3] بنون وبنات منهم عبد الله بن عبد الله بن عمر أمه صفية بنت أبي عبيد أخت المختار بن أبي عبيد وعاصم وواقد وبلال وحمزة

_ [1] . اروجMs. [2] . الرحمانMs. Repetedanslems. [3]

عمرو بن عبسة

وسالم كان فقيهاً فاضلاً وفيه يقول عبد الله بن عمر وكان محبّا له [طويل] يلومونني في سالمٍ وألومهم ... وجلده بين العين والأنف سالم [F؟ 173 r؟] وأما عبيد الله بن عمر بن الخطاب فكان شديد البطش وجرد سيفه يوم قتل عمر واستعرض العجم بالمدينة فقتل الهرمزان وابنته [1] وأبا لؤلؤة وجفينة رجلاً فلما صارت الخلافة إلى عليّ عم أراد أن يقتص عنه فهرب إلى معاوية وقتل بصفين وأما عاصم بن عمر بن الخطاب فولد أولاداً منهم أم عاصم تزوجها عبد العزيز بن مروان فولدت له عمر بن عبد العزيز وأما زيد بن عمر فأمّه أمّ كلثوم بنت عليّ عم مات هو وأم كلثوم في يومٍ واحد وأما أبو شحمة بن عمر فقتله الحد في الشراب ومجبّر ابن عمر مات فهولاء العشرة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة والرضا ومنهم الخلفاء القائمون بالحق والعاملون به ونعود الآن إلى تقديم من قدّمه إسلامه،،، عمرو بن عبسة هو أبو [2] نجيح السلمي من بني سليم روى الواقديّ

_ [1] . وا بنتاهMs. [2] . وأبو Ms.

أبو ذر الغفاري

أنه قال كنت ثالثاً في الإسلام أو رابعاً وكان سبب إسلامه أنه كان يرغب عن عبادة الأوثان والأصنام فسأل حبراً من الأحبار عن دينٍ يدين به الله عز وجل فأخبره أنه سيخرج نبي بمكة يدعو إلى دين الله فلما سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم جاء فقال من اتبعك على [1] هذا الأمر فقال حر وعبد أراد بالحر أبا بكر وبالعبد بلالاً فأسلم ورجع إلى بلاده فلمّا قبض النبيّ عم سكن بالشام وبها توفي،،، أبو ذر الغفاري اسمه جندب بن السكن ويقال بن جناده [2] وروى الواقدي أنه قال كنت خامساً في الإسلام وكان رجلاً شجاعاً نصب في الطريق يقطع على أهله وحده ويغير على الصرمة في عماية الصبح ويسبق على قدميه الراكب وكان يتأله في الجاهلية ويقول لا إله إلا الله قبل ظهور النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة فمر به ركب من ضلة فقالوا يا أبا ذر إن ابن عبد المطلب يقول كما تقول فأخذ شيئاً من بهش [3] يعني المقل وتزوّده حتّى

_ corriged apresNawawi ,p.714. [1] بن عنMs. [2] . جنادةMs. l.l. [3] بن.Corriged ,apresIbn -Sa ,d ,t.IV ,lrepart. ,p.164 كذا وجدت enmarge: بن نهش Ms.

قدم مكة قال فانتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راقد فنبه فقال أنعم صباحا فقال النبيّ ما أقول الشعر ولكنه قرآن أقرأه [1] فقال اقرأ فقرأ [2] عليه سورة فشهد أبو ذرٍ شهادة الحق فأسلم ورجع إلى بلاده فجعل يعترض لعيرات قريش فيقطعها ويقول والله لا أرد عليكم شيئاً ما لم تشهدوا بالحق فمن أسلم رد عليه ماله ولم يشهد بدراً ولا أحداً لأنه قدم المدينة بعدهما وكان مختصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر كيف بك إذا أخرجت عن المدينة لقول الحق وقال إذا بلغ البناء سيفاً من المدينة ولا أظن أمراؤك يدعونك قال أفلا أضرب بسيفي قال لا ولكن تسمع وتطيع فلما بلغ البناء سيفاً خرج إلى الشام فمال الناس إليه يقولون أبو ذر فكتب معاوية [3] إلى عثمان أن الشام ليست لي بأرض ما دام أبو ذر فيها فكتب إليه عثمان أن أقدم فقدم وقال أخفتني قال أقم عندي تغدو

_ [1] . اقراوهMs. [2] . فقرMs. [3] . عليه اللعنة L ,auteur ,oulecopiste.parsonzelechiite ,aajoute ,iei:

خالد بن سعيد بن العاص بن أمية

عليك اللقاح وتروح قال لا حاجة لي فيها ائذن [1] لي فأتي الرَّبَذَة فسيره إليها فمات بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم تعيش وحدك وتموت وحدك قالوا ولما حضرته الوفاة قال لامرأته وغلامه إذا أنا مت فاغسلوني [F؟ 173 V؟] وكفنوني واحملوني حتى تضعوني على قارعة الطريق فأي ركب طلع عليكم فقولوا هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعينونا بدفنه قالوا ففعلا ذلك فكان أول ركب طلع عليهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه فقال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في غزوة تبوك تموت وحدك وتعيش وحدك فنزل وصلى عليه وواراه وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ولا يعرف مبلغ سنه ولا عقب له،،، خالد بن سعيد بن العاص بن أمية روى الواقدي قال كنت خامساً في الإسلام وهو من المهاجرين الأوّلين الى أرض الحبشة [2] وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة واستعمله على صدقات أهل اليمن فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يرجع إليه فلما رجع لم يبايع أبا بكر ثلاثة أشهر ثمّ بايع وقتل بأجنادين [3] في

_ [1] . ايذنMs. [2] . العبشة بن [؟] .marg.ms [3] . بأجناد Ms.

وممن تقدم إسلامه ابو سلمة بن عبد الأسد

أيام أبي بكر رضي الله عنه وزعم أبو اليقظان [1] أنه أسلم قبل أبي بكر وكان سبب إسلامه أنه رأى في المنام أنه على شفير نارٍ وأبوه يدفعه فيها ومحمد يدفعه عنها فلما أصبح عبر على أبي بكرٍ فقصها عليه فقال هذا رسول الله فاتبعه وكان أبوه أبو أحيحة سعيد بن العاص مريضاً فدخل عليه وذكر له الرؤيا فقال لئن رفعني الله من مضجعي هذا لا يعبد إله [2] ابن أبي كبشة بمكة فقال خالد فقلت اللَّهمّ لا ترفعه ثم جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت ولم يرفع الله أبا أحيحة حتى هلك وممن تقدم إسلامه أبو سلمة بن عبد الأسد اسمه عبد الله كان أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وهاجر قبله إلى المدينة بسنةٍ،،، مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف كان فتى قريش جمالاً وشباباً وعطراً وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم فجعلت أمه تعذبه بأنواع العذاب ليدع دينه فما تركه حتى ظهر به الشحوب وأثر فيه الجوع فهاجر إلى الحبشة ورجع ثم بعثه [3] النبي صلى الله عليه وسلم

_ [1] . اليقطانMs. [2] . كذا في الأصل؟.Enmarge: عد لهMs. [3] . بعث Ms.

عبد الله بن مسعود

مع الأنصار إلى المدينة يعلمهم القرآن فيقال أنه أول من جمع بالمدينة واستشهد بأحد وقيل أن فيه نزلت وَأَمَّا من خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى 79: 40- 41 قال الواقدي ما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا دمعت عيناه،،، عبد الله بن مسعود بن الحارث بن سمح بن مخزوم من هذيل روي عن ابراهيم النخعي أنه كان رجلا قليلاً قضيفاً فطناً يكاد الجلوس تواريه وهو أول من أفشى القرآن بمكة وذلك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا إن أحدنا يشري نفسه للَّه فيجهر بهذا القرآن حتى تقر في أسماع قريش فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنا أفعل ذلك وكان حسن الصوت فتوجه إلى الكعبة ورفع صوته بسورة الرحمن ثم انصرف وفي وجهه ما شاء الله وهو الذي جاء برأس أبي جهل بن هشام يوم بدرٍ وتوفي في المدينة سنة اثنتين في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ومن ولده عبد الرحمن وعتبة وأبو عبيدة وقد نسلوا وأعقبوا ولعبد الله أخ يقال له عتبة بن مسعود وهو أيضاً قديم الإسلام ومن ولده عون بن [F؟ 174 r؟] عبد الله بن عتبة بن مسعود كان صاحب فقه وحديث وهو الّذي قال [وافر]

وممن سبق إسلامه من بنى هاشم أسلم بمكة وشهد بدرا حمزة ابن عبد المطلب

وأوّل ما نفارق [1] غير شكّ ... نفارق ما تقول [2] المرجئونا وممن سبق إسلامه من بني هاشمٍ أسلم بمكة وشهد بدراً حمزة ابن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله رضي الله عنه ويكنى أبا عمارة وأبا يعلى واستشهد بأحد رضي الله عنه قتله وحشي غلام حرب بن مظعون [3] وكان له ابن يقال له عمارة مات ولم يعقب قال الواقدي كان حمزة رجلاً قانصاً كان يوماً في مصيده ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى الحجون في حاجة له إذ تبعه أبو جهلٍ [4] في رجلٍ من سفهاء قريشٍ فنالوا منه وآذوه وذر أبو جهلٍ التراب على رأسه ووطئ برجله على عاتقه فلما نزل حمزة نادته امرأته يا با عمارة لو رأيت ما نال عمرو بن هشامٍ من ابن أخيك فأقبل حمزة مغضباً حتى وقف على ناديهم فلما نظر إلى أبي جهلٍ ضربه بالقوس فأوضحت في رأسه الشجة وقال وأشهد أن محمداً رسول الله فاصنعوا ما بدا لكم فلما أسلم حمزة عز به الدين والنبي صلى الله عليه،،،

_ [1] .؟ فارقMs. [2] .؟ قولMs. [3] . مظعونMs. [4] . عليه اللعنة Ms.ajoute:

جعفر بن أبى طالب ذو الجناحين

جعفر بن أبي طالب ذو الجناحين أسلم وهو دون ابن عشرين سنة وكان أمير القوم في الهجرة الثانية إلى الحبشة وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر فاستقبله وقبل ما بين عينيه وقال لا أدري بأيهما أفرح بفتح خيبر أو بقدوم جعفر وقتل بمؤتة رحمه الله ورضى عنه وهو ابن ثلث وثلاثين سنة وولدت له أسماء بنت عميس الخثعمية بالحبشة أحمد بن جعفر وعدي بن جعفر وعبد الله بن جعفر وقد قال بعض الناس أن إسلام جعفر أقدم من إسلام حمزة وأما عقيل بن أبي طالب فإنه أسر يوم بدر مع العباس رضي الله عنه ثم أسلم،،، وممن سبق إلى الإسلام من بني عبد مناف أبو حذيفة بن عتبة ابن ربيعة بن عبد مناف أسلم وهاجر إلى الحبشة ومعه امرأته سهلة [1] بنت سهيل بن عمرو فولدت له محمد بن أبي حذيفة فرخ قريش وهو الذي ألب على عثمان وذلك أنه كان تكفل به فلما أفضى الأمر إلى عثمان خرج محمد بن أبي حذيفة إلى مصر عارياً وتنسك وأظهر الطعن على عثمان ثم قتله معاوية ولا عقب له،،، وممن [2] سبق إسلامه من الناس المقداد بن الأسود بن عبد المطّلب

_ [1] . سهيلةMs. [2] . ومن Ms.

عمار بن ياسر

مات بالمدينة سنة ثلث وثلاثين وهو ابن سبعين سنة وروي أنه ما كان مع المسلمين من فرس يوم بدر إلا فرس المقداد بن الأسود،،، عمار بن ياسر يكنى أبا اليقظان قال الواقدي أسلم عمار وصهيب بعد إسلام بضعة وثلاثين رجلا في دار الأرقم بن الأرقم وكان أبوه ياسر قدم من اليمن وحالف بني مخزوم ثم أسلم وأسلمت أمه سمية فجعل بنو مخزومٍ يعذبونهم بالرمضاء إذا حميت الظهيرة ويمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول صبراً يا آل ياسر فإن موعدكم الجنة فقتلوا ياسراً وشدوا رجل سمية بين بعيرين ووجئوا قبلها بالرماح حتى قتلوها بعد ياسر بزمانٍ طويلٍ وعمار أعطاهم بلسانه ما طلبوا وفيه نزلت إِلَّا من [F؟ 174 v؟] أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ 16: 106 وقتل بصفين ومن ولده محمد بن عمار وله عقب،،، وأما صهيب بن سنان بن مالك فزعم بعض الناس أنه من النمر ابن قاسط وزعم آخرون أن أباه كان غلاما عاملا لكسرى على الأبلة فأسرته الروم أعني صهيباً ونشأ عندهم ثم اشتراه عبد الله بن جدعان وبعث به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان مزّاحا فكها ولمّا هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أهدي إليه تمر فوقع صهيب يأكل

خباب بن الارت

وبه رمد فقال النبيّ عم أتأكل التمر وبك رمد قال إنما أمضغ بالناحية الأخرى فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وله عقب،،، خباب بن الأرت وهو من بنى سعد بن زيد مناة أصابه سبي فبيع بمكة وأمه كانت ختانة وقيل مقطعة البظور وخباب من فقراء المسلمين وخيارهم وكان به برص وابنه عبد الله بن خبّاب قتلته الخوارج فبذلك استحلّ عليّ عم قتلهم،،، الأرقم بن الأرقم المخزوميّ هو الذي آوى رسول الله صلى الله عليه وسلم في داره عند الصفا حتى تكاملوا أربعين وكان آخرهم إسلاماً عمر بن الخطاب وأرقم ممن هاجر وشهد بدراً،،، بلال بن رباح وأمه حمامة أسلم فجعل مولاه أمية بن خلف الجمحي يعذبه ويطرحه على ظهره في نصف الظهيرة ويضع صخرة عظيمة على صدره ويقول لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وربه وهو يقول أحد أحد فمر به أبو بكر يوماً فقال إلى متى تعذب هذا المسكين قال أمية بن خلف أنت أفسدته فأنقذه قال نعم عندي غلام على دينك أجلد منه وأقوى فخذه مكانه فأخذه أبو بكر فأعتقه وكان رجلاً أسود جهوري الصوت ومات بدمشق سنة عشرين،،،

أبو موسى الأشعري

أبو موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأشعريين من اليمن فأسلموا قال ابن إسحاق فيما يروي [1] زياد بن عبد الله البكائي [2] عنه أنه أسلم وهاجر إلى الحبشة مع المهاجرين الأولين وتوفي سنة اثنتين وخمسين ويقال سنة اثنتين وأربعين وله أولاد منهم أبو بردة بن أبى موسى وكان قاضيا وبلال ابن أبي بردة وكان قاضياً بالبصرة وفيه يقول ذو الرّمّة [طويل] فقلت لصيدح انتجعي [3] بلالا العلاء بن الحضرمي واسم الحضرمي عبد الله بن ضمار وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صاحب البحرين المنذر بن ساوي فأسلم وعبر العلاء إلى دارين [4] فخاض البحر على فرسه وانتجع أسياف فارس وحمل من مال البحرين مالي رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ألف وثمانين ألف درهم وتوفي في أيام عمر رضي الله عنهما،،،

_ [1] .؟ روىMS. [2] . البكاليMS. [3] . انتجعىMS. [4] . داراين MS.

عثمان بن مظعون [1]

عثمان بن مظعون [1] من بني جمح يكنى أبا السائب قديم الإسلام وهو الذي افتتح الأبلة في خلافة عمر واختط البصرة وأسس مسجدها وروي عنه أنه قال رأيتني [2] وأنا سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا فما أصبح منا اليوم أحد حياً إلا وهو أمير على مصر فهولاء المشهورون من مهاجري الصحابة السابقين إلى الإسلام والهجرة وروي عن قتادة أنه قال من صلى إلى القبلتين فهو من المهاجرين الأولين،،، وممن تأخر إسلامه من الصحابة [F؟ 175 r؟] النعمان بن مقرن [3] أمير المسلمين يوم نهاوند وبها قتل ونبت الشقائق على قبره فقيل شقائق النعمان،،، جرير بن عبد الله البجلي كان ينقل [4] في ذروة البعير لطول قامته ويقال له يوسف هذه الأمة لجماله وكماله وحسن فعاله،،، عثمان بن العاص الثقفي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم واستعمله

_ [1] . مطعونMS. [2] . راسنىMS. [3] . مقرونMS. [4] ؟ فل MS.

عكاشة بن محصن الأسدي

على الطائف وهو الذي افتتح أسياف فارس وبني توج [1] بفارس وبها ولد،،، عكاشة بن محصن الأسدي وهو ممن يدخل الجنة بغير حساب [2] وقتله طليحة يوم بزاخة [3] ،،، المغيرة بن شعبة من ثقيف وكان أعور من دواهي العرب ومات بالكوفة بالطاعون وكان أميرها من قبل معاوية وكان يزعم أنه أحدث الناس عهداً برسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه ألقى خاتمه في قبره ثم نزل ليأخذه وكذبه علي وابن عباس وقالا بل كان ذلك قثم ابن العباس لأنه كان أصغر القوم ومن ولد المغيرة عروة من أم الحجاج بن يوسف كانت تحته والعقار [4] وحمزة ابنا عروة بن المغيرة وأخو المغيرة عروة بن مسعود أسلم ودعا قومه فقتلوه فقال النبيّ عم وهو من الساقين [5] ،،، العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه يكنى أبا الفضل كان ولد قبل الفيل

_ [1] . نوحMS. [2] . الحسابCorr.marg. ,ms. [3] . راحهMS. [4] . عقّار cf.Nawawi ,p.573: بن والغفارMS. [5] . كذا وجدت في النسخة Notemarginale:

عبد الله بن العباس رضي الله عنه

بثلث سنين وعاش تسعاً وثمانين سنة ثم كف بصره ومات بالمدينة في زمن عثمان بن عفان وكان قصير القامة طويل اللحية وأسر يوم بدر فافتدي وأسلم وولد اثني عشر نقيباً قال أبو صالح ما رأينا بني أب قط أبعد قبوراً من بني العباس مات الفضل بالشام ومات عبيد الله بالمدينة ومات عبد الله بالطائف ومات قثم بسمرقند،،، عبد الله بن العباس رضي الله عنه بحر هذه الأمة يكنى أبا العباس وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس عشرة سنة ويقال ثلث عشرة وعاش ثلثا وسبعين سنة ومات بالطائف في فتنة ابن الزبير بعد ما كف بصره سنة ثمان وستين فضرب محمد بن الحنفية فسطاطاً على قبره وروى طائر جاء حتى دخل في كفنه فقيل فيه [خفيف] إنما الطير علمه زال معه ... ذاك فينا اليقين والبرهان وولد عبد الله بن العباس ثمانية نفر منهم علي بن عبد الله أبو الخلفاء واختلفوا في مولده فروى أنه ولد في ليلة قتل فيها علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وروي أنه ولد قبل ذلك فحنكه علي بيده وسماه علياً وقال هاك أبو الأملاك وكان سيداً شريفاً يصلي كل يوم ألف ركعة تحت الشجر وذلك أنه كان له حائط فيه خمسمائة

عمرو بن العاص الثقفي

أصل زيتون فجعل يصلي كل يومٍ إلى كل أصلٍ ركعتين وكان يسمى ذا الثفنات [1] وضربه الوليد بن عبد الملك بالسياط مرتين لقوله أن هذا الأمر سيكون في ولدي وولد علي بن عبد الله بن العباس محمداً وعبد الله وكان بينه وبين أبيه أربع عشرة سنة فولد محمد بن علي أبا العباس السفاح وأبا جعفر المنصور من الحارثية وهي امرأة من بني الحارث بن كعب،،، عمرو بن العاص الثقفي أبو الأبناء [2] المشهورين أسلم هو وخالد بن الوليد [F؟ 175 v؟] سنة ست من الهجرة وكان سبب إسلام عمرو أنه لما خرج إلى الحبشة في شأن جعفر ومن هاجر معه من المسلمين فقال للنجاشي ادفع إلي هؤلاء لأضرب أعناقهم فقال النجاشي تسألني أن أعطيك رهط نبي الله الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى بن عمران عم لتقتلهم [3] فوقع في قلبه الإسلام فلما كان وقت إسلامه خرج قاصداً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه خالد بن الوليد وهو يريد الإسلام فقال إلى أين يا أبا سليمان قال لقد استقام أمر الميم وأن الرجل لنبي الله فأسلم فقال عمرو والله ما

_ [1] . الثفناتMs. [2] . أبوه منMs. [3] . ليقتلهم Ms.

عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل

جئت إلّا لذلك فقدما المدينة فأسلما وبايعا وكان عمرو من دواهي العرب ومات سنة اثنتين وأربعين بمصر في أيام معاوية ويقال إحدى وخمسين وهو ابن ثلث وتسعين فصلى عليه ابنه عبد الله بن عمرو يوم الفطر ثم صلى بالناس العيد،،، عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن سهم بن هصيص بن كعب بن لؤي وكان يقرأ بالسريانية ويضرب بسيفين ومات بمكة ويقال بمصر ومن ولده محمد بن عبد الله بن عمرو ومن ولد محمد شعيب بن محمد ومن ولد شعيب عمرو بن شعيب يروي الحديث عن أبيه عن جده،،، وممن أسلم عام الفتح وبعده عتاب بن أسيد بن العيص بن أبي العيص بن أمية أسلم عام الفتح واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم حتى خرج إلى حنين ومن ولده عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد يعسوب قريش شهد الجمل مع عائشة واحتملت عقاب كفه لما قطع وطرحته باليمامة فعرف بخاتمه ومات عتاب يوم مات أبو بكر رضي الله عنه أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس أسلم قبل الفتح وذهبت إحدى عينيه بحنين والأخرى باليرموك ومات بالمدينة

والمؤلفة قلوبهم

في خلافة عثمان بن عفان وهو ابن ثمانً وثمانين سنة ومن ولده معاوية بن أبي سفيان أسلم عام الفتح وولى الشام لعمر وعثمان عشرين سنة وأمر عليها عشرين سنة ومات بدمشق سنة ستين من الهجرة وهو ابن ثمان وسبعين سنة فيما يروى ابن إسحاق وقد قيل ابن اثنين وثمانين سنة،،، والمؤلفة قلوبهم كلهم أسلموا عام الفتح وبعده ومنهم أبو سفيان ومعاوية وسهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى وصفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام أخو أبي جهل بن هشام وعيينة بن حصن بن بدر والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس وجبير بن مطعم والزبرقان وقيس بن مخرمة،،، وممن أسلم في الوفود حجر بن عدي وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد القادسية والجمل وصفين وكان من شيعة علي فقتله معاوية [1] بعد ما أعطى الحسن بن علي الأمان لشيعة علي ولحجر خاصة، عدي بن حاتم الطائي شهد مع علي الجمل ومات أيام المختار بن أبي عبيد وقد بلغ من السن مائة وعشرين سنة،،، لبيد بن ربيعة العامري الشاعر وفد فأسلم ولم يقل بعد الإسلام

_ [1] . عليه اللعنة MS.ajoute.

عمرو بن معديكرب

بيتاً من الشعر ومات وهو ابن مائة وسبع وخمسين سنة،،، عمرو بن معديكرب وفد فأسلم ثم ارتد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقتل بنهاوند رحمه الله ورضي الله عنه. الأشعث بن قيس من كندة وفد فأسلم ثم ارتد ثم أسلم وزوّجه أبو بكر أخته أمّ فروة بنت أبي قحافة وابنه عبد الرحمن بن الأشعث خرج على [F؟ 176 r؟] الحجاج بن يوسف وخرجت القرامطة وكان الأشعث أسر فافتدي بثلاثة آلاف بعير ومات سنة أربعين،،، قيس بن عاصم المنقري سيد بني تميم وفد على الرسول فأسلم وقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنت سيد أهل الوبر وفيه يقول الشاعر [طويل] وما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما عمرو بن الحمق. أسلم في حجة الوداع وكان من شيعة عليّ عم قتله عامل معاوية بالموصل،،، عبد الله بن عامر بن كريز [1] ابن خالة عثمان بن عفّان وهو الّذي

_ [1] . كثير MS.

يعلى بن منية

افتتح عامة فارس وخراسان وكابل واتخذ النباج والقريتين [1] بالمدينة وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً واحداً وهو من قتل دون ماله فهو شهيد،،، يعلى بن منية [2] ويقال ابن أمية فأمية أبوه ومنية [2] أمه وأسلم عام الفتح وجاء بابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال بايعه على الهجرة فقال لا هجرة بعد الفتح،،، إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه وهو يكنى أبا عبد الله ومات بالمدائن في خلافة عثمان وكان والياً عليها روى ابن إسحاق والواقدي وغيرهما أنه قال كنت ابن دهقان قرية جي من أصبهان وبلغ من حب أبي إياي أن حبسني في البيت كما تحبس الجارية واجتهدت في المجوسية حتى صرت قطن بيت النار قال وأرسلني أبي يومئذ إلى ضيعة له فمررت بكنيسة النصارى فدخلت إليهم فأعجبني صلاتهم فقلت دين هؤلاء خير من ديني فسألتهم أين أصل هذا الدين قالوا بالشام فهربت من والدي حتى قدمت الشام ودخلت على الأسقف وجعلت أخدمه وأتعلم منه حتّى

_ [1] . كذا في النسخة:notemarg.: النياح والعرنيينMS. [2] . منبّه MS.

حضرته الوفاة فقلت الى من توصي بن فقال قد هلك الناس وتركوا دينهم إلى رجل بالموصل فالحق به فلما قضى نحبه لحقت بالرجل الذي أوصى به فلم يلبث ذلك إلا قليلاً حتى مات فقلت إلى من توصي بي قال ما أعلم رجلاً بقي على الطريقة المستقيمة إلا واحداً بنصيبين قال فلحقت بصاحب نصيبين وتلك الصومعة اليوم باقية بعد وهي التي تعبد فيها سلمان قبل الإسلام قال واحتضر صاحب نصيبين فبعثني إلى رجل بعمورية من أرض الروم قال فأتيته فأقمت عنده واكتسبت بقيرات وغنيمات فلما نزل به سلطان الموت قلت له بمن توصي بي قال قد ترك الناس دينهم وما بقي أحد منهم على الحق وأنه لقد أظل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين بها نخل قلت وما علامته قال يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة قال ومر بي ركب من كلب فخرجت معهم فلما بلغوا وادي القرى ظلموني وباعوني من يهودي فكنت أعمل له في زرعه ونخله فبينا أنا عنده إذ قدم ابن عمّ له فابتاعني منه وحملني إلى المدينة فو الله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها وبعث الله محمداً بمكة ولا أسمع بشيءٍ منه فبينا أنا

في رأس نخلة إذ أقبل ابن عمّ لسيدي فقال قاتل الله بني قيلة قد اجتمعوا على رجلٍ بقباء قدم عليهم من مكّة يزعمون انّه نبيّ فأخذتني العرواء والانتفاض ونزلت عن النخلة وجعلت استقصي في السؤال قال فما كلمني سيدي كلمة بل قال أقبل على شأنك ودع ما لا يعنيك قال فلما أمسيت أخذت شيئاً كان عندي من التمر فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقلت بلغني أنك رجل صالح وأن لك أصحاباً غرباء ذوي حاجة وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم [F؟ 176 v؟] فقال النبي صلى الله عليه وسلم كلوا وأمسك فقلت في نفسي هذه واحدة وانصرفت فلما كان من الغد أخذت ما كان بقي عندي من التمر فأتيت به وقلت إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هديّة منى فقال صلعم كلوا وأكل معهم فعلمت أنه هو فأكببت عليه أقبله وأبكي فقال ما لك فقصصت عليه القصة فأعجبه ثم قال يا سلمان كاتب صاحبك فكاتبته على ثلاثمائة نخلة أحييها بالفقير [1] وأربعين أوقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية فقال يا سلمان اذهب ففقّر لها ثم اذّنّى

_ [1] . احبيها بالقفير MS.

إسلام أبى هريرة

ففقرت ثم آذنته [1] فجاء فوضعها بيده فو الله ما ماتت منها ودية وأتاه من بعض المغازي مال فأعطاني منه فقال أد كتابك فأديت وعتقت وفاتني بدر وأحد لشغلي برقي وشهدت الخندق وزعم قوم أن سلمان عاش مائتي سنة ونيفا وسئم اليهودية والمجوسية والنصرانية،،، إسلام أبي هريرة أتى النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر سنة سبع من الهجرة فأسلم [2] واختلفوا في اسمه فقال الواقدي اسمه عبد الله بن عمرو وقال غيره عبد شمس وقيل عبد الرحمن بن صخر ويقال غير ذلك ولقب أبا هريرة بهرة صغيرة كان يلعب بها فاستعمله مروان بن الحكم على المدينة ومات في أيام معاوية وكان يقول [3] نشأت يتيماً وهاجرت مسكيناً وكنت لبشر بن غزوان أجيراً بطعام بطني وعقبة رجلي فكنت أخدم إذا نزلوا وأحدو إذا ركبوا فروحنيها [4] الله فالحمد للَّه الذي جعل الإسلام قواماً وجعل أبا هريرة إماما،،،

_ [1] . آذنتهMS. [2] . فأسلمواMS. [3] . يقالMS. [4] . كذا في الأصل Enmarge:

ذكر من أسلم من الأنصار رضي الله عنهم [1] أجمعين

ذكر من أسلم من الأنصار رضي الله عنهم [1] أجمعين أولهم أسعد بن زرارة أسلم عند العقبة بمنى وقطبة بن عامر ومعاذ بن عفراء وعوف ابن عفراء [2] وعقبة بن عامر وجابر بن عبد الله هؤلاء الستة ثم أسلم في العام القابل اثنا عشر نفراً أولهم أبو الهيثم بن التيهان وأبو عبد الرحمن بن ثعلبة [و] ذكوان بن عبد القيس ورافع بن مالك وعويم ابن ساعدة [3] وعبادة بن الصامت ثم قدم في العام الثالث سبعون رجلاً منهم رئيسهم البراء بن معرور فأسلم وبعث النبي صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير وكان يقال له المهدي فأول من أسلم بدعائه بالمدينة سعد بن معاذ وأسيد بن حضير ونشأ الإسلام بالمدينة واسعد بن زرارة من الأنصار أسلم عند العقبة وبايع على النصرة وهو رأس النقباء وكان يقول في الجاهلية بالتوحيد فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة لم يلبث إلا قليلاً حتى مات فأوصى ببناته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكن في حجره حتى أدركن وزوجهن قال الواقدي خطب نبيط بن جابر الفارعة بنت أسعد بن زرارة فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهزها وقال لهم ليلة الزفاف قولوا أتيناكم أتيناكم

_ [1] . رضى الله عنهماMs. [2] . عامرMs. [3] ابن ابى ساعدة Ms.

سعد بن عبادة

فحيّونا نحيّيكم ولو [لا] الحنطة السمراء لم تسمن عذاريكم ولولا الذهب الأحمر لم نحلل بواديكم،،، سعد بن عبادة سيد الخزرج كان يسمى الكامل في الجاهلية لأنه كان يحسن الكتابة والرمي والعوم وهو الذي تلكأ [1] عن بيعة أبي بكر واعتزل في سقيفة بني ساعدة وقال منا أمير ومنكم أمير ثم خرج إلى الشام [F؟ 177 r؟] ومات بها في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ويقال نهشه الحية ومن ولده قيس بن سعد بن عبادة الداهي الشجاع الفطن وهو من شيعة عليّ عم وكان للنبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الشرطي يهابه الناس ما لا يهابون غيره وكان صاحب راية الأنصار يوم بدر،،، سعد بن معاذ أصابه يوم الخندق نشابة فقطعت منه الا كحل فلما قضي في بني قريظة [2] بقتل الرجال وسبي النساء انفجر عليه وانبعث حتى مات وقال صلى الله عليه وسلم لقد اهتز العرش لموت سعد،،، عبادة بن الصامت عقبي بدريّ أحدىّ [3] مات بالرملة زمن معاوية

_ [1] . تلكىMS. [2] . قريطةMS. [3] بن وجدت في النسخة هكذا.leavecannotation: عقب بدر واحد Lems.a.

جابر بن عبد الله

جابر بن عبد الله قال جابر أنا وأخي وخالي من أصحاب العقبة وذهب بصره في آخر عمره وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة في قول بعضهم،،، ذكر من أسلم من الأنصار بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم روى الواقدي أن زيد بن ثابت قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن إحدى عشر سنة وأول هدية دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قصعة مثرودة خبزاً وسمناً ولبناً بعثتها أمىّ فوضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بارك الله فيك قال وأمره أن يتعلم كتاب يهود فعلمه في بضع عشرة ليلة وكتب لأبي بكر وعمر ومات في زمن معاوية ومن ولده خارجة بن زيد بن ثابت قال رأيت في المنام كأني بنيت سبعين درجة لي قد أكملتها فمات بالمدينة،،، أبي بن كعب الأنصاري يكنى أبا المنذر كان يكتب في الجاهلية والإسلام وتوفي في خلافة عثمان فصلى عليه وقيل اليوم مات سيد المسلمين،،، أبو طلحة الأنصاري اسمه زيد بن سهل قتل يوم حنين عشرين وهو يقول [رجز] أنا أبو طلحة واسمي زيد ... وكل يوم في سلاحي صيد

أنس بن مالك

وكانت أم سليم أم أنس بن مالك تحته ومات ابو طلحة في خلافة عثمان بالمدينة،،، أنس بن مالك كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا حمزة قال أنس قدم رسول الله صله المدينة وأنا ابن عشر سنين فخدمته عشر سنين ومات وأنا بن عشرين سنة وعاش أنس مائة وأربع سنين وهو آخر من مات بالبصرة في أيام الحجّاج بن يوسف ولم يمت حتى رأى من صلبه مائة ذكرٍ،،، أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد بركت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ببابه فنزل عليه سبعة أشهر حتى بنى بيوته ومات بأرض الروم غازياً مع يزيد بن معاوية أشقى الأشقياء فدفن في أصل سور القسطنطينية فالروم إذا قحطوا كشفوا عن قبره فيمطروا وله عقب،،، عويم بن مالك مات بالشام زمن عثمان وكان آخر داره إسلاماً،،، معاذ بن جبل الخزرجي شهد بدراً ومات بالشام في طاعون عمواس وهو ابن ثمان وستّين سنة وكان سبب إسلامه أن عبد الله بن رواحة كان أخاً له في الجاهلية [F؟ 177 v؟] وكان لمعاذ بن جبل صنم فأتى عبد الله منزل معاذ ومعاذ غائب ففلذ صنمه فلذاً فلما رجع

عبد الله بن سلام

معاذ وجد امرأته تبكي فقال ما وراءك فأخبرته بصنيع ابن رواحة بإلهه فتفكر معاذ في نفسه وقال لو كان عند هذا طائل لامتنع ثم جاء إلى عبد الله بن رواحة وقال انطلق بنا إلى رسول الله فانطلق به فأسلم ولم يبق من عقب معاذ أحد،،، عبد الله بن سلام اسمه الحصين وسمّاه رسول الله صله عبد الله وهو من شيعة عثمان بن عفان روي عنه أنه قال كان أبي يدرسني التوراة فأتينا على ذكر رسول الله صله فقال لي إن كان من بني إسرائيل فاتبعه وإن كان من العرب فلا تتّبعه قال عبد الله فلما نظرت إلى وجه رسول الله صله علمت أنه ليس بوجه كذاب فجاء وسأل النبي عن ثلاثة أشياء عن أول نزل أهل الجنة وعن السواد في وجه القمر وعن آية [1] الشبه من أين هو فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما نزل أهل الجنة فلام ونون وأما السواد الذي في القمر فإنهما كانا شمسين فمحاه الله عز وجل أما آية الشبه فأي النطفتين سبقت إلى الرحم فالولد شبيه به فأسلم عبد الله ثم قال يا رسول الله إن اليهود قوم خبث بهت وإن علموا بإسلامي بهتوني عندك فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبار يهود وغيب عبد الله عنهم وقال كيف

_ [1] . انه MS.

حسان بن ثابت الأنصاري

عبد الله بن سلام فيكم قالوا سيدنا وحبرنا وعالمنا قال فإن أسلم تسلمون قالوا هو لا يترك دينه فقال اخرج يا عبد الله بن سلام فخرج وقال أشهدكم الله أتعرفون كذا وكذا يقررهم بأمور فقالوا قد ذهب عقلك،،، حسان بن ثابت الأنصاري شاعر وأبوه شاعر وابن حسان عبد الرحمن شاعر وابن عبد الرحمن سعد شاعر وانقرض ولده وكان حسان يضرب بعذبة لسانه روثة أنفه وعاش مائة وعشرين سنة ستين في الجاهلية وستين في الإسلام ولم يشهد حرباً قط من جبنه،،، سهل بن حنيف الأنصاري وهو الذي لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أمره أن يكسّر الأصنام فجعل يكسرها ويستوقد بها وكان من شيعة على عم ومات بالكوفة وصلّى عليّ عليه وكبر ستاً أو خمساً وأخوه عثمان بن حنيف استعمله على البصرة وكان سهل بعثه عمر رضي الله عنه على العراق فمسحها وجعل الخراج عليه،،، خوات بن جبير صاحب ذات النحيين الخزرجي وأخوه عبد الله ابن جبير أمير الرماة يوم أحد وقال النبي صلى الله عليه وسلم لخوات ما فعل بعيرك الشارد قال ما شرد منذ أسلمت،،،

محمد بن مسلمة الأنصاري

محمد بن مسلمة الأنصاري قاتل كعب بن الأشرف واتخذ سيفاً من خشب بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشهد شيئاً من حروب الفتن إلى أن مات وله من البنين عشرة ومن البنات ست وقد قلنا لك يرحمك الله في صدر هذا الفصل أن هذا من صناعة أصحاب الحديث وأن استيفاء عددهم غير ممكنٍ وإنما أتينا بما أتينا به لحاجة الناظر في الفصول التي تتلو هذا الفصل في أيام الخلافة وحوادث الفتن إلى معرفة أسماء من ذكرنا قصته وخبره [F؟ 178 r؟] وإلا لذهب بهاء ذلك الكلام وانقطع نظامه وخرج عن القصد الذي أردناه من الإيضاح والإيجاز فليعرف الناظر مرادنا في سوق هذه الأسامي والله الموفق والمعين ويتبع هذا الفصل اختلاف أهل الإسلام في مذاهبهم وتباين مقالاتهم وآرائهم ليبين بعده تأريخ الخلفاء من الصحابة وأيام بني أمية وولد العباس ويكون خاتمة الكتاب على موجب الحال إن شاء الله تعالى،،،

الفصل التاسع عشر في مقالات أهل الإسلام

الفصل التاسع عشر في مقالات أهل الإسلام أعلم أن الاختلاف في هذه الأمة وقع مبتدئاً من الصدر الأول ثم هلم جراً إلى يومنا هذا ولا يدرى ما هو كائن بعد،،، ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل الأرض كفار على اختلاف ما بينهم من اليهودية والنصرانية والشرك والإلحاد إلا بقايا متفرقين بقيت منهم بقية من الذين [1] يمسكونها وأفراد يدكوا [2] ما هم فيه من الضلالة وجعلوا يطلبون ديناً فمنهم من لم يخترم حتى أدرك ما طلب مثل أبو [3] الهيثم بن [4] التيهان وأسعد بن زرارة وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي وأبي قيس صرمة بن أبى أنس [5] ومنهم

_ [1] . الدينMS. [2] . يدكؤMS. [3] . ابنMS. [4] . وابنMS. [5] . أويس MS.

من مات على هدى مثل زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وقس [1] بن ساعدة وبحيرا وأرباب [2] وعداس سمعوا منادياً ينادي قبل مبعث النبي صله خير أهل الأرض أرباب [2] وبحيرا الراهب وآخر لم يأت بعد يعني النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من طلب وتنصر ثم غلب عليه الشقاوة فارتكس وعاد إلى الضلالة مثل أبي عامر الراهب وأبي حنظلة العقيلي وأمية بن أبي الصلت الثقفي ولكل واحدٍ قصة نذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى، فلما خرج رسول الله صله ودعا الخلق إلى الله آمن من أجابه وكفر من رده وصاروا فرقتين مؤمن وكافر ثم لما خرج إلى المدينة حسده قوم فنافقوه فأظهروا الإسلام وأسرّوا الكفر فصار الناس ثلث فرقٍ كافر ومؤمن ومنافق وارتد قوم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مثل عبد الله بن أبي سرح القرشي [3] ومقيس بن صبابة الفهري وكعب [4] بن الأشرف وادعى قوم النبوة مثل مسيلمة الكذاب والأسود العنسي [5] هذا ما كان في عهد

_ [1] . وقيسMS. [2] . ربابMS. [3] . عبد الله السرجMS. [4] . وطعمةMS. [5] . العبسيّ MS.

النبي صلى الله عليه وسلم وكله باقٍ إلى يومنا هذا الكفر والنفاق والتنبي فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم اختلفوا في الإمامة فتنازعها المهاجرون والأنصار ثم رجعوا إلى قول أبي بكر رضي الله عنه ان الأئمّة من قريش إلّا سعد ابن عبادة فإنه قال والله لا أبايع قرشياً [1] أبداً وبقي ذلك الاختلاف إلى يومنا هذا فمنهم من يجيز الإمامة من أفناء الناس ومنهم من يقصرها على قريش ثم الخلاف الثاني وقع في شان الردية فرأى أبو بكرٍ رضي الله عنه جهادهم بالسيف ورأى المسلمون خلاف ذلك ثم رجع أكثرهم إلى قول أبي بكرٍ وبقي الخلاف فإن من الناس من يقول كان قتالهم خطاء ثم الخلاف الثالث زمن عثمان رضي الله عنه أعانه قوم وقعد عن نصرته قوم ورأوا قتله حقاً فهذا الخلاف باقٍ ومن العثمانية من يفضلونه على أبي بكرٍ وعمر ثم الخلاف [F؟ 178 v؟] الرابع وقع في خروج طلحة والزبير وعائشة وأم حبيبة وزيد بن ثابت والنعمان بن بشير [2] وكعب بن عجرة وأبو سعيد الخدري ومحمد بن مسلمة والوليد بن عقبة وعمرو بن العاص في بيعة علي عم وقولهم لا نراك أهلاً لهذا الأمر فلما

_ [1] . قراشياMS. [2] . البشير Corr.marg. ,ms.

ذكر فرق الشيعة

انقضى أمر الجمل وقتل طلحة والزبير بن العوام بايعوه كلهم إلا معاوية وعمرو كان من أمرهم ما كان،،، ذكر فرق الشيعة منهم الغالية، والغرابية، والكرنبية، والروندية، والمنصورية، والربعية، والزيدية، واليعفورية، والشمطية [1] ، والسراجية، والكيسانية، والسبائية، والقحطبية، والخطابية، والجعفرية، والبيانية، والقطعية، والطيارة، والحلاجية، والمختارية، والخشبيّة، والكلامليّة، والواقفية، والمسلمية، ومنهم الباطنية، والاسماعيلية، والقرامطة، والشرامحة، والكاغذية، والرمية، والمبيضة، والكيالية، ويجمعهم كلهم الزيدية والإمامية ولقبهم المذموم الرافضة،،، تفصيل هذه المراتب وتفسيرها أعلم أن الشيعة أتوا في حياة عليّ ابن ابى طالب ثلث فرقٍ فرقة على جملة أمرها في الاختصاص به والموالات له مثل عمار بن ياسر وسلمان والمقداد وجابر وأبي ذر الغفاري وعبد الله بن العباس وعبد الله بن عمر وجرير بن عبد الله البجلي ودحية بن خليفة ونظرائهم من الصحابة الذين لا يظن بهم غير الحق ولا نجد للطعن [2] فيهم موضعا وفرقة. تغالوا قليلا

_ MS.voirci -apres. [1] [2] . الطعن MS.

في أمر عثمان وتميل إلى الشيخين رضوان الله عليهم بعض الميل مثل عمرو بن الحمق ومحمد بن أبي بكر ومالك الأشتر وقد قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب يخيب [1] الوليد بن عقبة [طويل] وكان ولي الأمر بعد محمد ... علي وفي كل المواطن صاحبه وكانوا يظهرون هذا المقدار في زمن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وفرقة تغلو غلواً شديداً وتقول قولاً عظيماً وهم أصحاب عبد الله بن سبا يقال لهم السبائية قالوا لعلي أنت إله العالمين أنت خالقنا ورازقنا وأنت محيينا ومميتنا فاستعظم علي ذلك من قولهم وأمر بهم فأحرقوا بالنار فدخلوا النار وهم يضحكون ويقولون الآن صح لنا أنك إله إذ لا يعذب بالنار إلا رب النار وزعم إخوانهم بعد ذلك أنهم لم تمسهم النار وإنما صارت عليهم بَرْداً وَسَلاماً 21: 69 كما صارت على إبراهيم عم وعند ذلك قال رضي الله عنه [رجز] إني إذا رأيت أمراً منكراً ... أججت ناراً ودعوت قنبرا فلمّا استشهد عليّ رضوان الله عليه افترقت الشيعة فقالت فرقة

_ [1] .؟ يب MS.

من الإمامية كان الإمام بعد النبي صله علي ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسن ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي [ثم علي بن] محمد ثم الحسن بن علي ثم المهدي وهو الذي يذكره الحسين بن منصور المعروف بالحلاج في كتابه الموسوم بالإحاطة والفرقان ثم نسق الأئمة نسق الأهلة [F؟ 179 r؟] إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ الله اثْنا عَشَرَ شَهْراً 9: 36 وفيه أنشدت لبعضهم [كامل] أدين بدين المصطفى ووصيه ... والطاهرين [1] وسيد العباد ومحمد وبجعفر بن محمد ... وسمي مبعوث [2] بشط الوادي وعلى المرضى ثم محمد وعلي ... المعصوم ثم الهادي حسن وأكرم بعده بإمامنا [3] ... بالقائم المستور للميعاد وأنشدت أيضا [رمل] أنا مولى للنبي ثم للهادي علي ... وثمانٍ بعد سبطيه ومستور خفىّ فهولاء جل الإمامية يقولون بالأئمة الإثنى عشر وأن الأمّة كفرت

_ [1] . والثاهر بنMS. [2] . مبعوثMS. [3] . بإمامنا MS.

كلّهم بردّ عليّ عم إلا ستة نفر سلمان والمقداد وجابر وأبو ذر الغفاري وعمار وعبد الله بن عمر وأن علياً يعلم كل ما يحتاج [1] الناس إليه وكذلك هؤلاء الأئمة وكلهم معصومون لا يجوز عليهم السهو والخطاء والغلط وفيه يقول الشاعر الناشي [رجز] أحاط بالعلم ولا يصلح أن ... يسوس أمراً من [2] بعلم لم يحط ويرون أن الدار دار كفرٍ حتى لو رمى رامٍ في جامعٍ من جوامع المسلمين لم يقع على مسلمٍ وأن سكوتهم للتقية والمداراة وينتظرون خروج الثاني عشر فيخرجون على الأمة بالسيف والسبي ويتأولون قوله تعالى يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ من قَبْلُ 6: 158 إنما هو قيام المهدي ولهم في ذلك أشعار كثيرة وأسطار بعيدة فمنها قول دعبل [طويل] فلولا الذي نرجوه في اليوم أو غدٍ ... تقطع نفسي إثرهم حسراتي خروج إمام لا محالة خارج ... يقوم على اسم الله البركات فإن قرب الرحمن من ذاك مدتي ... وأخر من عمري ووقت وفاتي شغبت ولم أترك لنفسي ريبة ... ورويت منهم منصلي وقناتي

_ [1] . يحتاجMS. Motajoutedansl ,interligne. [2]

ومنهم القطعية قطعوا الإمامة عند وفاة موسى بن جعفر وأثبتوا لعلي بن موسى فسموا القطعية ومنهم الواقفية وقفوا عند موت موسى بن جعفر قالوا إنه لم يمت وهو القائم ومنهم الكرنبية أصحاب ابن كرنب الضرير زعم أن الإمام بعد علي الحسن ثم محمد ابن الحنفية وأن محمداً لم يمت ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً واحتج بالخبر لو لم يبق من الدنيا إلا عصر لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يواطي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً قالوا وهو مقيم بجبل رضوى بني أسد قالوا وثم يخبر [1] شأنه إلى وقت خروجه يأتيه رزقه بكرة وعشيا ومنهم من يقول أن للأسد عقوبة لركوبه إلى عبد الملك بن مروان وفيه يقول الشاعر [وافر] ألا قل للإمام فدتك نفسي ... أطلت بذلك الجبل المقاما [F؟ 179 v؟] أضر بمعشر وإلا آل منا ... وسموك الخليفة والإماما وعادوا فيك أهل الأرض طراً ... مقامك عندهم سبعين عاما وقالوا والمقال لهم عريض ... أترجون أمر ألقى الحماما وما ذاق ابن خولة طعم موت ... ولا وارت له أرض عظاما لقد أمسى وضل بشعب رضوى ... تراجعه الملائكة الكراما

_ [1] . كذا في الأصل MS. [؟] otationmarginale:

وأما السراجية فهم أصحاب حسان السراج وهم يزعمون أن ابن الحنفية ميت بجبال رضوى وأنه يبعث إذا بعث الخلق ويملأ الأرض عدلا حينئذ بالرجعة وأما الناووسية فأصحاب ابن ناووس البصري يزعمون أن جعفر بن محمد لم يمت ولا يموت وهو المهدي وأما السبائية فإنهم يقال لهم الطيارة يزعمون أنهم لا يموتون وإنما موتهم طيران نفوسهم في الغلس وأن علياً لم يمت وأنه في السحاب وإذا سمعوا صوت الرعد قالوا غضب علي وقال عبد الله بن سبأ للذي جاء ينعى علياً لو جئتنا بدماغه في صرة لعلمنا أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ومن الطيارة قوم يزعمون أن روح القدس كانت في النبي كما كانت في عيسى ثم انتقلت إلى علي ثم إلى الحسن ثم إلى الحسين ثم كذلك في الأئمة وعامة هؤلاء يقولون بالتناسخ والرجعة ومنهم من يزعم أن الأئمة أنوار من نور الله تعالى وأبعاض من أبعاضه وهذا مذهب الحلّاجيّة وأنشدنى أبو طالب الصوفىّ لنفسه [بسيط] كادوا يكونون........ [1] ... لولا ربوبية الرحمن لم يكن فيا لها أعينا بالغيب ناظرة ... ليست كأعين ذات الماق والجفن

_ [1] . كذا كان متروكا في الأصل Lacunedanslems. ,notemarginale:

أنوار قدس لها باللَّه متصل ... كما يشاء بلا وهم ولا فطن هم الأظلة والأشباح إن بعثوا ... لا ظلّ كالظلّ من فيء ومن سكن فأما المغيرية فأصحاب المغيرة بن سعيد أثبتوا له النبوة وزعموا أن محمد بن الحنفية لو شاء أحيا الخلق حتى عاداً وثموداً فأخذه خالد بن عبد الله فقتله وصلبه وأما البيانية فإنهم أقروا بنبوة بيان وهو رجل من سواد الكوفة تأول قول الله عز وجل هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ 3: 138 أنه هو وكان يقول بالتناسخ والرجعة فقتله خالد بن عبد الله القسري وفيهما يقول الشاعر [كامل] طال التجاوز عن بيان واقفاً ... وعن المغيرة عند مرج العاشر يا ليته قد شال جذعا نخلةٍ ... بأبي حنيفة وابن قيس الماصر وأما البزيغية فأصحاب بزيغ الحائك أقروا بنبوته وزعموا أنهم كلهم أنبياء يوحي الله إليهم واحتجوا بقوله تعالى وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ الله 3: 145 يعنى يوحى الله وزعموا أنهم لا يموتون ولكنهم يرفعون إلى الملكوت [F؟ 180 r؟] وادعوا رؤية موتاهم كما يدعيه الهنود وزعم بزيع أنه صعد إلى السماء وأن الله مسح على رأسه ومج في فيه وأن الحكمة تنبت في صدره كما تنبت

الكمأة في الأرض وأنه رأى علياً قاعداً على يمين الرب جل جلاله وأما الكيسانية فأصحاب المختار بن أبي عبيد الثقفي وكان يلقب بكيسان وكان يدعي أنه يوحى إليه وأنّه يعلم الغيب ويقولون بإمامة محمّد بن الحنفية ويحتجون بأن علياً دفع الراية إليه بالبصرة وأما الخطابية فهم أصحاب ابن الخطاب يرون الشهادة بالزور على من خالفهم بالدماء والأموال ومن هاهنا لم يجز الفقهاء شهادة الخطابية ومنهم المنصورية وهم أصحاب منصور الكسف يزعمون أنه هو الذي قال الله تعالى وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً من السَّماءِ ساقِطاً 52: 44 وأما الغرابية فيزعمون أن عليا أشبه بالنبيّ عم من الغراب بالغراب فغلط جبريل لشبهه به وأما الروندية أصحاب أبي هريرة الروندي ويقال هم الهريرية زعموا أن الإمام بعد النبي صله العبّاس عم ثم بنوه لأن العم أولى من ابن العم ونبغت فرقة منهم في أيام أبي جعفر المنصور بمدينة الهاشمية وجعلوا يطوفون بقصره ويقولون أن أبا جعفر خالقهم ورازقهم وأن روح آدم صار في عثمان ابن نهيك [1] وأن جبريل هو الهيثم بن معاوية فأخذ المنصور جماعة منهم وحبسهم فنقم الباقون واستعرضوا الناس

_ [1] . نفيل MS.

يمرجونهم بالسيف فخرج إليهم المنصور فاصطلمهم ومضت طائفة منهم إلى حلب واستغووا ذوي العقول الضعيفة وزعموا أنهم بمنزلة الملائكة وخيطوا الحرير على مثال الأجنحة وغرزوا فيه الريش وصعدوا تلاً عظيماً بحلب وطاروا منه فتكسروا وهلكوا وأما اليمانية فإنهم أصحاب يمان بن رباب زعموا أن الله عز وجل على صورة إنسان يهلك كل شيءٍ إلا وجهه وكفروا بالقيامة وزعموا أنّ الدنيا لا تفنى واستحلّوا الميتة [1] والخمر وزعموا أنها أسماء رجال كره الله ولايتهم يعنون أبا بكر وعمر وعثمان واما الهاشميّة فانّهم أصحاب هشام بن الحكم يقولون بالجبر والتشبيه وأنّ الله عزّ وجلّ نورا يتلألأ على صورة المصباح وهو من متكلميهم وشطارهم ومنهم الشيطانية أصحاب شيطان الطاق قريب قوله من قول هشام ومنهم الجعفرية أجهروا القول بأن جعفر هو الله وأنه ليس بالذي يرى ولكنه يشبه الناس بهذه الصورة الذميمة [2] القبيحة للاستئناس وأما القرامطة فأصحاب القرمط وهو رجل من سواد الكوفة أباح لهم قتل من خالفهم فلذلك خرجت القرامطة على الحجّاج

_ [1] . الميتةMS. [2] . الدميمة MS.

غير مرة وأما الزيدية فإنهم أصناف منهم الجارودية أصحاب سليمان بن جرير الجارود قالوا أن النبي نص على علي بالوصف لا بالتشبيه [1] ثم الحسن ثم الحسين فكل من خرج من هذين البطنين شاهراً سيفه عالماً بالكتاب والسنة فهو الإمام ومنهم الجريرية أصحاب سليمان بن جرير الرقي قالوا كانت الإمامة لعلي وأن بيعة أبي بكر وعمر كانتا خطاء من جهة التأويل فلا يستحقان الكفر والفسق ولكن من حارب علياً فهو كافر وأما الزيدية يزعمون أن أبا بكر وعمر كانا مستحقين للإمامة لأن علياً سلم ذلك إليهما [F؟ 180 V؟] ووقعوا في عثمان وأما الروندية [2] فإنهم قوم يقولون أن الأمة كفرت بدفع علي وأما الخشبية فإنهم أصحاب إبراهيم بن مالك الأشتر قتلوا عبيد الله بن زياد وكان عامة سلاحهم ذلك اليوم الخشب وأما الباطنية فأصناف وفرق وأسماؤهم مختلفة لدعوة كل ناجم منهم إلى نفسه وعامتهم يظهرون الإمامة ويدعون للقرآن تأويلا باطنا ومن أراد الظهور على وهن مذهبهم وخطاء دعواهم فلينظر في كتبهم فإنه يجد الوقت الّذي

_ [1] . السبةMS. [2] . كذا كان في الأصل otationmarginale:

ذكر فرق الخوارج

ضربوه لخروج ملتهم واعتلاء شأنهم قد فات منذ ثلاثين سنة وللمسلمين عليهم مستخف بجوابهم لأن عقائد الناس إما كفر وإما إيمان وهم يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً فأي امرئٍ يعجز عن تأويل ما غيروه عن ظاهره إلى ما أحب وأراد وما بلغ أحد منهم ما بلغ ابن رزام فإنه أظهر عورتهم وملأ جلودهم مساءةً وعيباً ويذكر قوم أن بدو أمرهم ظهر في أيام أبي مسلم فإن الخرمية [1] احتالوا في إزالة الملك إلى العجم فموهوا هذه النحلة وزينوها للجهال ودعوا إليها في السر ومحصول أمرهم التعطيل والإلحاد وأما اليعفورية والشمطية والأقحطية فأصناف منسوبون إلى يعفور والأشمط والأقحط،،، ذكر فرق الخوارج منهم الأزارقة، والنجدات [2] ، والراسبية [3] ، والإباضية، والقطويّة، والمبهوتيّة، والصفريّة، والعجرديّة، والكوزيّة، والا؟ اديّة [4] ، والبيهسيّة، والحازميّة، والخلفيّة،

_ [1] . الحرّميّةMS. [2] . والنجداتMS. [3] . والراسيهMS. [4] . والا؟ اديّة MS.

تفصيل هذه المذاهب

والأخنسية، والمعبدية، والصلتية، والخمبرية، والمكرمية، والبدعية، والسابية، والثعلبية [1] ويجمعهم كلهم اسم الخوارج والشراة والحرورية والحكمية ولقبهم المذموم المارقة وأصل مذهبهم إكفار علي بن أبي طالب رضي الله عنه والتبرّؤ من عثمان بن عفان رضي الله عنه في الست سنين [2] والتكفير بالذنب والخروج على الإمام الجائر،،، تفصيل هذه المذاهب وتفسيرها روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم قسماً فجاء ذو الخويصرة حرقوص بن زهير التميمي فقال ما عدلت منذ اليوم فقال عمر ائذن لي اضرب عنقه فقال دعه يا عمر فإن له اصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يؤمهم رجل أسود له ثدي كثدي المراة ويروى وفيهم نزل وَمِنْهُمْ من يَلْمِزُكَ في الصَّدَقاتِ [3] فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا 9: 58 الآية وروي عن أبي سعيد أنّه قال أشهد

_ [1] . والتعلبيةMS. [2] . كذا وجدت وانما أظن صوابه في ستة سنينotationmarginale: [3] . بالصدقات MS.

أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن علياً حين قتلهم جيء بالرجل على النعت وكان بدؤ أمرهم حين حكم على الحكمين بصفين فنادت الخوارج لا حكم إلا للَّه فلما رجع علي إلى الكوفة اعتزل عبد الله بن الكواء وشبيب بن ربعي [1] في اثني عشر ألفاً ويقال في ستة آلاف فنزلوا حروراء قرية من السواد وبها سموا الحرورية فبعث علي عبد الله بن العباس إليهم فكلمهم [F؟ 181 r؟] وناظرهم بأن الله عز وجل قد حكم في فدية أرنب ذوي عدلٍ فما يضر إن حكم في دماء المسلمين فرجع عبد الله بن الكواء في ألفي رجل وبقي الباقون وأمروا عليهم عبد الله بن وهب [2] الراسبي ثم سموا الراسبية ثم أخذوا في الفساد فقال عليّ عم دعوهم حتى أخذوا الأموال وسفكوا الدماء فمروا بالمدائن ولقيهم عبد الله بن خباب بن الأرت وكان والياً عليها فقالوا له حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثهم بحديث في الفتن يوجب القعود عن الحرب وان يكون الرجل عبد الله المقتول ولا يكون عبد الله القاتل فتأولوا عليه أنّه يدين بتخطئتهم في الخروج فقتلوه وبقروا

_ [1] . زبعىMS. [2] . واهب MS.

عن بطن امرأته وقتلوا نسوةً وولداناً فخرج عليّ إليهم وقال ادفعوا إلينا قتلة إخواننا ونحن تاركوكم فأبوا عليه وثاروا به فتهيأ علي لقتالهم ودعا المسلمين إليهم فقتلهم بالنهروان ولم يخطئ السيف منهم عشرة آلافٍ وكان المخدج ذو الثدية قد دخل تحت القنطرة والتاط بسقفها فقال علي اطلبوه فو الله ما كذب رسول الله فحمحمت البغلة فنظروا فإذا هو تحت القنطرة فأخرج وقتل ورجع عبد الله بن وهب قبل القتال وخرج مسعر بن فدكي إلى البصرة ومر أبو مريم السعدي إلى شهرزور ومر فروة بن نوفل الى بندنيجين [1] وهو يقول ومن هاهنا ثبت مذهب الخوارج في الأرض. [وافر] كرهنا أن نريق دماً حراماً ... وهيهات الحرام من الحلال وقلنا في التي بقولٍ ... معاذ الله من قيلٍ وقال نقاتل من يقاتلنا ونرضى ... بحكم الله لا حكم الرجال وفارقنا أبا حسنٍ علياً ... فما من رجعةٍ إحدى [2] الليال فحكم في كتاب الله عمراً ... وذاك الأشعريّ أخا الضلال

_ [1] .؟ بندنيحينMS. [2] . أخرى rectionmarginale:

ومنهم الأزارقة أصحاب نافع بن الأزرق أخذوا الناس بالبراءة ممن قصد عسكرهم وأمّا البيهسيّة أصحاب أبي بيهس هيصم بن جابر كان يرى الدار دار شرك واستحل دماء أهل القبلة وهرب من الحجاج إلى المدينة فأخذه عامل الوليد بن عبد الملك فقطع يديه ورجليه وأما الميمونية فإنهم يجيزون نكاح بنات الابن وبنات البنات وبنات بني الإخوة وبنات بنات الأخوات قالوا لأن الله عز وجل يقول وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ 4: 24 وقالوا ليست سورة يوسف من القرآن ولا حاميم عين سين قاف وأما البدعية فإنهم يزعمون أن الصلاة صلاتان بالغداة ركعتان وبالعشي ركعتان لا غير وأما الحمزية فإنهم أصحاب حمزة الشاري وحمزة غرق في وادي كرمان ويزعمون أنه راجع إليهم بعد مائة وعشرين سنة وأما العجاردية فهم أصحاب ابن عجرد يزعمون أنه يجب [1] البراءة من الطفل حتى يبلغ فإذا بلغ وجب أن يدعى إلى الإسلام فإن أجاب تولى حينئذٍ [F؟ 181 v؟] وأما المعلومية فإنهم يقولون من لم يعلم الله بجميع أسمائه فإنه كافر ومنهم الأباضية أصحاب الحارث بن أباض ومن ولده ماهرت سلم عليه بالخلافة والصلتيه أصحاب

_ [1] . يجب MS.

ذكر فرق المشبهة،

الصلت بن أبي الصلت والأخنسية أصحاب الأخنس وكل فرقة منهم منسوبة إلى إمامهم الذي يتوالونه فمنهم من يقول لا حجة إلا للَّه على خلقه في التوحيد إلا بالخير [1] ومنهم من يقول من قال بلسانه أن الله واحد وعنى المسيح فهو صادق بلسانه مشرك بقلبه وأفضلهم النجدات وهم أصحاب نجدة الحنفي كان من نافع بن الأزرق فلما أخذ نافع الناس بالبراءة والمحنة فارقه وقال إذا أخطأ الرجل في حكم من الأحكام من جهله فهو معذور وإذا أذنب رجل منهم خرج من الإيمان وإن كان من غيرهم كفر ومن نظر نظرة أو كذب كذبة بإصرار فهو مشرك وإن زنا أو سرق من غير إصرارٍ فهو مسلم قالوا وأطفال المشركين في الجنة وهذا لا يقبله من الخوارج غيرهم،،، ذكر فرق المشبهة، الهشامية، والمغيرية، واليمانية، والمقاتلية، والكرامية، والجواربية، وكثير من أصحاب الحديث وأصحاب الفضاء وعامة النصارى واليهود إلا العنانية [2] ،،، تفصيل هذه المذاهب أما هشام بن الحكم فانّه يزعم أنّ الله

_ [1] . بالخيرMS. [2] . العناينة MS.

جسم طويل عريض نور من الأنوار له قدر من الأقدار مصمت ليس مجوفاً ولا متخلخلاً كأنه سبيكة تلألأ من جميع جهاتها ومثل ذلك من الدرة تكون من كل أطرافها واحدة وأن لونه هو الطعم وهو الرائحة وهو المحس وأنه قد كان لا في مكانٍ ثم حدث المكان بحدوث الحركة وأنه ذو أبعاضٍ وأجزاءٍ وأنه سبعة أشبارٍ وأما المغيرية فإنهم أصحاب المغيرة بن سعد زعم أن الله عز وجل على صورة رجلٍ من نورٍ عليه تاج من نورٍ وله من الأعضاء ما للرجل وله جوف وقلب ينبع منه الحكمة وأن حروف أبي جادٍ على عدد أعضائه فالألف موضع قدميه والميم موضع رأسه والسين صورة أسنانه والعين والغين صورة أذنيه والصاد والضاد صورة عينيه وزعم أنه عرج إلى السماء فمسح الرب رأسه وقال اذهب يا بني إلى الأرض وقل لهم أن علياً [1] يميني وعيني، وأما اليمانية فهم أصحاب يمان بن زياد زعم أن الله على صورة إنسان يهلك كله إلا وجهه [2] ، وأما الجواربية أصحاب داود الجواربي زعم أن الله جسم منصف من فمه إلى صدره أجوف

_ [1] عليّ بن أبى طالبrectionmarginale: [2] . وجهة MS.

ومن صدره إلى أسفله مصمت وأما المقاتلية فهم أصحاب مقاتل ابن سليمان زعم أن الله جسم من الأجسام لحم ودم وأنه سبعة أشبارٍ بشبر نفسه، وأما الكرامية فإنهم أصحاب محمد بن كرام وهم سكان الخانقة [1] يزعمون أن الله تعالى جسم لا كالأجسام مماسّ على العرش، وأصحاب الفضاء يزعمون انه جسم لا كالأجسام بسيط مكان الأشياء كلها وأما أصحاب الحديث فإنهم يصفونه بكل ما جاء في الخبر ودل عليه القرآن من اليد والرجل والجنب والعين والأصابع والسمع والأذن وغير ذلك [F؟ 182 r؟] ، ومن الصوفية من يزعم أنه ربما يلقاه في بعض الطرق ويعانقه ويقبله جل البارئ عن صفةٍ لا تليق به لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ 42: 11 سبحان الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً وقد مضى من النقض [2] على أهل التشبيه في فصله ما فيه كفاية وما أحسن ما يقوله الناشي [بسيط] ما في البرية أخزى عند فاطرها ... ممن يقول بإجبار وتشبيه

_ [1] . الخانقاهMS. [2] . النقص MS.

ذكر فرق المعتزلة

ذكر فرق المعتزلة منهم العبادية، والذمية، والمكاسبة، والبصريّون، والبغداذيّون، وأصل مذهبهم القول بالأصول الخمس وهي التوحيد والعدل والوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمنزلة بين المنزلتين فمن خالفهم بالتوحيد سموه مشركاً ومن خالفهم في الصفات سموه مشبهاً ومن خالفهم في الوعيد سموه مرجئاً وإنما سموا معتزلةً لأنهم اعتزلوا مجلس الحسن البصري رحمه الله وذلك أن الناس اختلفوا في مرتكبي الكبائر فقالت الخوارج كلهم كفار وقالت المرجئة هم مؤمنون وقال الحسن هم منافقون فاعتزل واصل بن عطاء ومن تبعه وقالوا هم فساق وليسوا بمؤمنين ولا منافقين ولا كافرين وهذه المنزلة بين المنزلتين وأجمعت المعتزلة على أنه لا يجوز القول بجواز الرؤية على الله عز وجل إلا أبا بكر الإخشيذيّ صاحب أبي علي الجبائي فإنه قال بالرؤية من غير تحديد وتكييف وأجمعوا انه لا يجوز القول بأن القرآن غير محدث إلا رجلاً يقال له عبد الله بن محمد الأبهري كان قاضي نهاوند يزعم أنه لا يجوز القول بأن القرآن محدث وأجمعوا بأن الله عز وجل ما قدر المعاصي ولا قضاها إلا جعفر بن حربٍ فإنه أجاز القول بأن الله أراد الكفر على معنى أنه أراد

أن يكون الكفر مخالفاً للإيمان وأن يكون قبيحاً غير حسنٍ وأما العبادية فإنهم أصحاب عباد بن سليمان كان يزعم أن الأعراض لا تدل على الله عز وجل وإنما الأجسام هي [1] التي تدل عليه وكان يمنع من القول بأن الله عز وجل لم يزل عالماً بالأشياء قبل كونها لأن المعدوم عنده ليس بشيء وما ليس بشيءٍ فلا يجوز أن يعلم ويرى قتل من خالفه أن أمكن وأما الذمية فإنهم أصحاب أبي هاشم وأبي علي الجبائي يزعمون لو أن رجلاً أصر على مائة ذنب فتاب وانتزع من تسعة وتسعين منها أن توبته غير مقبولة ما لم يرجع عن جميعها وهو مستحق للذم على توبته وأمّا المكاسبة فإنّهم قوم لهم ذريات في حدود مهرجان قذق [2] لا يرون الكسب لأن الدار عندهم دار كفر وأما البصريون فإنهم الذين أصلوا هذا المذهب مثل واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وأبى الهذيل ابن العلّاف وابى إسحاق النظّام والبغداذيّون يخالفونهم في أشياء من اعتلالهم دون الأصول منهم ثمامة بن أشرس والجعفران وزعم ابن الروندي في كتاب فضائح المعتزلة أن جعفر العتبىّ منهم يحلّ

_ [1] . هوMS. [2] . فوق MS.

ذكر فرق المرجئة

الخضخضة [1] وان ع؟ أر منهم [2] يحل شحم الخنزير وتفخيذ الصبيان وحدثت عن أبي عثمان الجاحظ أنه كان يقول الكلام للمعتزلة والفقه لأبي حنيفة والبهت [F 182 v؟] للرافضة وما بقي فللعصبية [3] وأنشدت لأبي محمد بن يوسف السورىّ [بسيط] ما ملة فوق ظهر الأرض من ملل ... إلا تهيب عن تسآل معتزل قوم إذا ناظروا صالوا بعلمهم ... صول البزاة على الدراج والحجل للَّه درهم فهماً ومعرفةً ... وفطنة بلطيف القول والجدل ذكر فرق المرجئة منهم الرقاشية، والزيادية، والكرامية، والمعاذية، وأصل مذهبهم ترك القطع على أهل الكبائر إذا ماتوا غير تائبين بعذاب أو عفو وأرجؤوا أمرهم إلى الله عز وجل ولهذا سموا المرجئة ومنهم صنف يقولون بتحرير الخصوص وذلك أن كل آية نزلت في وعيد أهل الصلاة قالوا يجوز أن يكون في المستحلين لها دون غيرهم وصنف يقولون بالاستثناء ومعناه أن يكون الوعيد مقروناً بالاستثناء عند الله عز وجل لم يظهره لخلقه

_ [1] . الحضحضةMS. [2] . كذا في الأصلotationmarginale: [3] . فللعصبية MS.

كأنّه قال وَمن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها 4: 93 أن جازاه وإن لم يتب فأما الرقاشية فإنهم أصحاب الفضل الرقاشي قال لا يعذب الله أحداً من أهل التوحيد على ذنب وهو قول المعاذية أصحاب يحيى بن معاذ الرازي يرون ان الله عز وجل من جوده وفضله ورحمته لا يعذب أحداً على ذنب ما لم يبلغ الكفر وأما الزيادية فإنهم أصحاب محمد بن زياد الكوفي زعم أن من عرف الله عز وجل وأنكر الرسول فهو مؤمن كافر مؤمن باللَّه عز وجل كافر بالرسول وأما الكرّاميّة فإنّهم أصحاب محمّد ابن كرام يزعمون أن الإيمان قول مجرد والمنافق مؤمن ثم يفترقون فمنهم الصواكية ومنهم المعية ومنهم الذمية وليس في ذكرهم وذكر مذهبهم كثير فائدة أو معنى وقالوا كلهم لو أن الله عفا عن واحد من مرتكبي الكبائر عفا عن كل من هو في مثل حاله وكذلك إن عاقب واحداً منهم عاقب كلهم إلا أن أبا حنيفة [1] فإنه يقول يجوز أن يغفر لبعض ويعاقب بعضاً وقال عون بن عبد

_ [1] قلت والاصحّ انه يغفر لمن يشاء ويعذّب marginalemoderne: من يشاء والدليل في ذلك قوله تعالى إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فتأمّل،

ذكر فرق المجبرة والمجورة [1]

الله بن عتبة بن مسعود [وافر] وأول ما نفارق غير شك ... ؟ فارق ما تقول المرجئونا وقالوا مؤمن دمه حرام ... وقد حرمت دماء المؤمنينا هو القرآن حقاً غير خلق ... كلام الله رب العالمينا وإن الله حرم كل خمر ... إذا غطت عقول الشاربينا ذكر فرق المجبرة والمجورة [1] منهم الجهمية، والضرارية، والنجارية، والصباحية، فأما الجهمية فأصحاب جهم بن صفوان الترمذي قتله بمرو سلم بن أحوز [2] قاتل يحيى بن يزيد رحمه الله وكان لا يقول إن الله شيء لأن الشيء عنده محدث ولكنه منشئ الشيء وإن علمه شيء غيره وهو محدث وإن الجنة والنار يفنيان لا يدومان والإيمان بالمعرفة والقلب فقط دون الإقرار والعمل ولا فعل لأحد في الحقيقة إلا الله عز وجل وإن العباد فيما ينسب إليهم من الأفعال كالشجرة تحركها الريح وهي فعل الله عز وجل على الحقيقة فأفعالها [3] منسوبة إليهم على المجاز، وأما الضراريّة فإنّهم

_ [1] . والمجوّزةMS. [2] . سلم بن حورMS. [3] . فأفعاله rectionmarginale:

أصحاب ضرار بن عمرو يقول بفعل فاعلين على الحقيقة وأن الله خلق فعل العبد والعبد فاعله على الحقيقة دون المجاز الذي يقول جهم، وأما النجارية فهم أصحاب الحسين [1] النجار يقول بفعل فاعلين الله فاعله والعبد مكتسبه، وأمّا الصباحية فهم أصحاب الصباح بن السمرقندي زعم أن الخلق والأمر من الله لم يزالا كما لم يزل الخالق ومثل ذلك بالنائم يرى أنه بالشام أو بمكة أو يأكل أو يشرب من غير أن يكون شيء من ذلك قال وكل هؤلاء مجمعون أن الكفر والمعاصي بقضاء الله وقدره ومشيته وعلمه وقدرته لا يرضاه ولا يجيبه إلا رجلاً من المتأخرين يقال له محمد بن بشير الأشعري فإنه يزعم أن الله يرضى وجعل قوله وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ 39: 7 على الخصوص وأنشدت أبا العباس السامري بمرو وكان يجهر القول بأن الله عز وجل خلق كافراً ومؤمنا حين خلق [خفيف] اصفع المجبر الذي ... بقضا السوء قد رضي فإذا قال [2] لم صفعت ... فقل هكذا [3] قضى وأنشد [طويل]

_ [1] . حسنMs. Motajouteenmarge. [2] deuxfoisdanslems. [3]

ذكر فرق الصوفية

بلى ربنا الجبار والجبر فعله ... ومجبوره في الخلق يلقى به الحشرا ذكر فرق الصوفية منهم الحسنية، والملامتية، والسوقية، والمعذورية، وجملة أمرهم انهم لا يحملون على مذهب معلوم ولا عقيدة مفهومة لأنهم يدينون بالخواطر والمخائيل [1] وينتقلون من رأي إلى رأي فمنهم من يقول بالحلول كما سمعت واحداً منهم يزعم أن مسكنه بين عوارض المرد ومنهم من يقول بالإباحة والإهمال ولا يدعون للوم اللائمين ومنهم من يقول بالعذر ومعنى ذلك أن الكفار عندهم معذورون في كفرهم وجحودهم لأنه لا يتجلى لهم واحتجب دونهم ومنهم من يقول أن الله لا يعذب أحداً ولا يعبأ بخلقه ومنهم من يقول بالتعطيل المحض والإلحاد البحت ومرجوع أمرهم إلى الأكل والشرب والسماع واتباع الهوى ومتابعة النفس،،، ذكر فرق أصحاب الحديث ويلقبون بالحشوية والمخلوقية واللفظية والنصفية والفاضلية والصاعدية والساوية والمالكية ويجمعهم القول بأن الإيمان قول وعمل ومعرفة يزيد بالطاعة وينقص

_ [1] . والمحاييل MS.

بالمعصية وإن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي عليهم السلام واختلفوا بعد ذلك فروى عن احمد ابن حنبل انه قال فلو قال قائل. ثم علي لرجوت وذهبت إلى حديث ابن عمر وأن معاوية خال المؤمنين وخليفة رب العالمين وأن من قال القرآن مخلوق فهو كافر باللَّه عز وجل، وأما المخلوقية فيزعمون أن الإيمان مخلوق وحدثني محمد بن خالويه بالسوس قال حدثني أحمد بن حنبل عن أبيه أنه قال من قال القرآن مخلوق فهو كافر باللَّه لأن الإيمان من القرآن وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال ومن يكفر بالإيمان قال باللَّه وأما النصفيّة فيزعمون نصفه مخلوق وأمّا اللفظية فإنهم أصحاب الحسين الكرابيسي يزعمون أن اللفظ بالقرآن [F؟ 183 v؟] غير مخلوق وأما الفاضلية فإنهم يفضلون النبي صلى الله عليه وسلم على القرآن وأما الصاعدية فهم أصحاب ابن صاعد يجيزون خروج أنبياء بعد نبينا صلى الله عليه وسلم لأنه روي لا نبي بعدي إلا ما شاء الله والمالكية يقولون بمحاش النساء والسراوية يكرهون أن يزيدوا الوتر على الركعة الواحدة لأن فيها مخالفة للسنة والساوية يقولون نحن مؤمنون [1] إن شاء الله فيعقدون الاستثناء على المراضي

_ [1] . مؤمنين MS.

ويلقب هؤلاء بالشكاك وأما البربهارية فإنهم يجهرون بالتشبيه والمكان ويرون الحكم بالخاطر ويكفرون من خالفهم والكلابية أصحاب أبي عبد الله بن كلاب مناظرهم ولسانهم وصدرهم [1] وأنشدت لبعضهم [بسيط] وجاهل يدعي علماً وليس له ... علم يوازن عندي قشرة البصل يقول من جهله الإيمان أجمعه ... باللَّه ليس سوى قول ولا عمل لو كان حقاً نجا إبليس من لهب ... بقوله رب أنظرني إلى أجل تم الفصل التاسع عشر بتوفيق الله وحسن تأييده

_ [1] . ومدرهم MS.

الفصل العشرون في مدة خلافة الصحابة وما جرى فيها من الحوادث والفتوح إلى زمن بنى أمية

الفصل العشرون في مدة خلافة الصحابة وما جرى فيها من الحوادث والفتوح إلى زمن بني أمية خلافة أبي بكر رضي الله عنه قالوا ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقض نظام الجماعة وتشتت الكلمة واضطرب حبل الألفة [1] وانحاز هذا الحي من الأنصار إلى سقيفة بني ساعدة وقالوا منا أمير ومنكم أمير واعتزل علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وطلحة والزبير ابن العوام في بيت فاطمة عم فأتاهم أبو بكر قبل أن يفرغ من جهاز النبي عليه الصلاة والسلام وقد ذكرت قصة البيعة في ذكر وفاة النبي وارتدت العرب قاطبة إلا ثلاثة مساجد المدينة ومكة والبحرين وناساً من نخع وكندة فمنهم من أبى أن يعطي الزكاة ومنهم من أنكر الزكاة ومنهم من أنكر كفره وناصب المسلمين،،،

_ [1] الأمّة Correctionmarg. ,ms.

سرية أسامة بن زيد رضي الله عنه

سرية أسامة بن زيد رضي الله عنه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لأسامة لواء واستعمله على المهاجرين والأنصار وأمره أن ينتهي إلى حيث قتل أبوه وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فيغير عليهم فيقتل ويحرق ويسبي فتربص الناس بذلك لشكوى النبي صله من مرضه فتكلموا فيه وقالوا استعمل غلاماً حدثاً على جلة المهاجرين والأنصار فخرج رسول الله صله في مرضه وقال أيها الناس أنفذوا جيش أسامة فلما نبغ الكفر واشرأب النفاق ورمتهم العرب عن قوس واحدة قالوا لأبى بكر لو حبست جيش أسامة يكون ردءاً للمسلمين فأنا لا نأمن على المدينة الغارة فقال أبو بكر رضي الله عنه والله لو لم يبق بها غيري ما حبسته لأنه كان صله [F؟ 184 r؟] يقول أنفذوا جيش أسامة والوحي ينزل عليه ولكن أكلم أسامة أن يخلف عمر وكان عمر ممن خرج مع تلك السرية فتخلف عمر وسار أسامة في ثلاثة آلاف حتى أوطأ الخيل أرض البلقاء وشن الغارة على فلسطين وقتل قتلة أبيه وأصاب من العدو ونكى فيه وذلك في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة فرجع فبعثه في إثر خالد بن الوليد إلى اليمامة فلحقه وشهد معه القتال،،، ذكر الردة ولما ارتدت العرب انتدب أبو بكر لقتالهم فقال له

قصة الأسود بن كعب العنسي [1] الكذاب

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تقاتل قوماً يشهدون بالحق ورسول الله صله يقول أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها فقال أبو بكر لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة والله لو منعوني عناقاً لقاتلتهم ويروى عقالاً فرجع المسلمون إلى قوله استصوبوا رأيه قال سعيد بن المسيب وكان أفقههم وأمثلهم رأياً يعني أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه،،، قصة الأسود بن كعب العنسي [1] الكذاب روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت في المنام كأن في يدي سوارين من ذهب فكرهتهما فنفحتهما [2] فطارا فوقع أحدهما باليمامة والآخر بصنعاء قالوا فما أولتهما يا رسول الله قال كذابين يخرجان بهما فأما الأسود فإنه قتل في أيام النبي صله في قول بعض أهل العلم وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال سمعت النبي صله في مرضه يقول قتله الرجل الصالح فيروز الديلمي وقال بعضهم بل قتل بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بسنين وأما مسيلمة فانّه ورد على النبيّ صله

_ [1] . العبسيّMS. [2] . فنحتهما MS.

في وفد بني حنيفة وكاتبه ثم قتله خالد بن الوليد في خلافة أبي [1] بكر رضي الله عنه وكان العنسي [2] يدعي النبوة ولا ينكر نبوّة محمّد عم ويقال له ذا الخمار وذلك أنه كان يلقي خماراً دقيقاً على وجهه ويهمهم فيه ويزعم أن سحيقاً وشقيقاً ملكين يأتيانه بالوحي وجعل يتلو عليهم والمايسات ميساً والدارسات درساً يحجّون عصبا وفردا على قلائص حمر وصهب وكان له حمار يقول له اسجد فيسجد ويقول اجث [3] فيجثو فافتتن الناس بخماره وحماره وتبعه خلق كثير وسار إلى نجران فغلب عليها واستنكح المرزبانة امرأة باذان غصبا وهي من الأبناء اماه هرن [4] ثم صار إلى صنعاء فخرج الأبناء [5] وكانوا قد أسلموا عند ورود كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بانومه [6] فقاتلوا قتالاً شديداً ثم فرجوا له إذ لم يقاوموه قالوا ووقع العنسي في الخمر يشربها ولا يصلي ولا يغتسل من جنابه وكان

_ [1] . ابوMS. [2] . العبسىّMS. [3] . اجثوMS. [4] . كذا وجدت.Marge: الابنا ابناه هرنMS. [5] . الابنارMS. [6] بانومه MS.

ذكر ردة الأشعث بن قيس الكندي بحضرموت

يزعم أن سحيقاً يقول له لا غسل عليك في وادي صنعاء واحتالت المرزبانة وكانت مسلمة دينة فعملت سرباً تحت الأرض يفضي إلى خارج القصر وواعدت فيروز الديلمي ليلةً وسقت العنسي حتى امتلأ خمراً فجاء فيروز وداود وقيس بن [F؟ 184 v؟] المكشوح المرادي للميعاد فدخل فيروز من البيت فإذا العنسي ثمل نائم والمرزبانة قاعدة على رأسه وكان يحرسه ألف رجلٍ كل ليلة قال فأشارت المرزبانة أين السيف قال وكنت نسيته فقلت في نفسي أرجع فأحمل السيف فاستيقظ عند ذلك العنسي وعيناه تبصان قال فبركت على صدره وأخذت برأسه ولحيته فجعلت وجهه في قفاه وذلك أني كنت أخاف أن يصيح ثم أردت أن أخرج فقالت المرزبانة أنشدك الله أن تخرج وتدعني فإني لا آمن على نفسي قال فخرجت بها من السرب وحملتها إلى حصن غمدان ودخل قيس بن مكشوح فحز رأسه وخرج فرمى به إلى الناس وأذن بصلاة الفجر وفرغ الله من الكذاب العنسي وكفى المسلمين شره وضره قال الواقدي الثبت عندنا أنه قتل في خلافة أبي بكر رضي الله عنه،،، ذكر ردة الأشعث بن قيس الكندي بحضرموت كان وفد على

ذكر خروج أبى بكر رضي الله عنه لقتال أهل الردة

النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي عم بعث زياد بن لبيد [1] مصدقاً عليها فلما أتاهم خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ارتد الأشعث بن قيس ومنع الزكاة وقال فيه الحارث بن سراقة بن معديكرب [طويل] أطعنا رسول الله ما دام بيننا ... فيا قوم ما شأني وشأن أبي بكر أيورثها بكراً إذا كان بعده ... وتلك لعمر الله قاصمة الظهر فقاتلهم زياد بن لبيد [1] وقتل منهم مقتلةً عظيمةً واستأمن الأشعث ابن قيس فبعثه إلى أبي بكر موثقاً في الحديد فقال والله ما كفرت بعد إسلامي ولكن شححت بمالي فأطلق لي إساري واستبقني لحربك وزوجني أختك أم فروة بنت أبي قحافة ففعل أبو بكر ذلك ثم خرج الأشعث مع سعد بن أبي وقاص إلى العراق فشهد القادسيّة وشهد مع عليّ عم صفين وهو الذي دعا إلى الحكمين،،، ذكر خروج أبي بكر رضي الله عنه لقتال أهل الردة واشتد رعب المسلمين بالمدينة لإطباق العرب على الردة فآووا الذراري والعيال إلى الآطام والشعاب وخرج أبو بكر مع أصحابه من المهاجرين والأنصار

_ [1] . أبيه MS.

قصة طليحة بن خويلد الأسدي

حتى نزل ذا القصة [1] وهي على أميال من المدينة فكلمه علي في الرجوع ليكون فئةً للمسلمين فأمر خالد بن الوليد على الناس وبعثه في أربعة آلاف وخمس مائة رجل وأمره أن يقتل أهل الردة بالسيف وأن يحرقهم بالنار وأن يسبى الذراري ويقسم الأموال فسار خالد بن الوليد ورأى خارجة [بن حصن] بن حذيفة بن بدر الفزاري قلتهم مع أبي بكر بذي القصة [1] فحمل عليهم في الفوارس فانهزموا ولاذ أبو بكر بشجرة فأرقى طلحة بن عبيد الله على شرفٍ فنادى أيها الناس هذه الخيل فتراجع الناس وانكشف خارجة ورجع أبو بكر رضي الله عنه الى المدينة وفيه يقول الحطيئة [طويل] فدىً لابن بدرٍ يوم قدم خيله ... وقد حام أقوام طريفي وتالدي [F؟ 185 r؟] ليمحو ما منت قريش نفوسها ... فوارس أبطال طوال السواعدي قصة طليحة بن خويلد الأسدي وكان ممن وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم تنبّئ [2] وزعم أن ذا النون يأتيه [3] بالوحي وآمن به عيينة بن

_ [1] . العصهMS. [2] تنبىMS. .repetedeuxfois. [3] تأتيه MS.

حصن واتبعه وكان يتلو عليهم إن الله لا يضيع تعفيركم وتذليل وجوهكم وفتح أدباركم شيئاً اذكروا الله عز وجل اعفه قياماً فإني أشهد أن الصريح تحت الرعوة يعني بذلك الركوع والسجود فسار خالد حتى دنا من بزاخة [1] وبعث عكّاشة بن محصن وثابت ابن أقرم [2] طليعةً فخرج إليهما طليحة فقتلهما وفيه يقول [طويل] زعمتم بأن القوم لا خير عندهم ... أليس وإن لم يسلموا برجال عشية غادرت ابن أقرم [2] ثاوياً ... وعكاشة العيمىّ عند مجالي نصبت له صدر الحمالة إنها ... معودة قول الكماة نزال فيوماً تراها في الجلال مصونةً ... ويوماً تراها غير ذات جلال ويومان يوم المشرفية نحرها ... ويوماً تراها في ظلال عوالي فأناخ خالد بزاخة [3] وناوشهم القتال وضربهم الجدل فجاء عيينة ابن حصن إلى طليحة فقال هل أتاك ذو النون قال نعم قال فما قال لك قال قال إن لك يوماً ستلقاه ليس لك أوله ولك آخره ورحاه [4] وحديثاً لن تنساه فقال عيينة سيكون لك حديثا

_ [1] .؟ اجهMs. [2] . أرقمMs. [3] . براحهMs. [4] . ورجاؤه Ms.

ذكر مقتل مالك بن نويرة اليربوعى

لن تنساه يا بني فزارة إن هذا الرجل كذاب ما بورك له ولا لنا فيه فانصرف عينية وفزارة وركب طليحة فرسه وأردف نزار امرأته فقال له الناس ما تأمرنا فقال من استطاع منكم أن يفعل كما فعلت فليفعل ونجا بأهله وقدم الشام فأقام بها إلى أن مات أبو بكر رضي الله عنه ثم خرج محرماً بالحج وأسلم إسلاماً لم يغمص عليه واستشهد بنهاوند وكان قال في قتله عكّاشة [طويل] ندمت على ما كان من قتل ثابت ... وعكاشة العيمي ثم ابن معبد وأعظم من هذين عندي مصيبة ... رجوعي عن الإسلام رأي التعمد فهل يقبل الصديق أني مراجع ... ومعط بما أحدثت من حدثٍ يدي وإني من بعد الضلالة شاهد ... شهادة حقٍ لست فيها بملحد بأن إله الناس ربي وأنني ... ذليل وأن الدين دين محمد ذكر مقتل مالك بن نويرة اليربوعي قال وسار خالد بن الوليد حتى أحاط بيوتات مالك بن نويرة وهم مسلمون وكانت لمالك امرأة وسيمة فمال إليها خالد وأمر بقتل مالك فنهاه عبد الله بن عمر وأبو قتادة الأنصاري فأحضر خالد المالك [1] وقال ألست القائل [طويل]

_ Sicdanslems. [1]

قصة مسيلمة بن حبيب الكذاب

[F؟ 185 v؟] ألا عللاني قبل جيش أبي بكر ... لعل المنايا قد دنون وما ندري فقال مالك ما قلت ذاك ولو سمعني صاحبكم أقوله ما قتلني فقال خالد تقول لرسول الله صاحبكم وليس بصاحبك اضربوا عنقه فالتفت مالك إلى امرأته وقال يا خالد هذه قتلتني ولما قدم خالد قال عمر رضي الله عنه لأبي بكر اقتله فإنه قتل وزنا قال تأول فأخطأ قال اعزله قال ما كنت لأشيم سيفاً سله الله تعالى،،، قصة مسيلمة بن حبيب الكذاب ويكنى أبا ثمامة كان هذا رجلاً يحسن شيئاً من الشعوذة والنيرنجات وكان يصل جناح الطير ويدخل البيض في القارورة وكان يدعي النبوة ورسول الله بمكة قبل أن يهاجر ويسمى برحمان [1] اليمامة وكان يبعث بناس إلى مكة فيسمعون القرآن ويأتونه فيقرأوه [2] على الناس ثم وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني حنيفة فذكر للنّبيّ صله أنه يقول لو جعل الأمر لي بعده لاتبعته فجاءه رسول الله صله وفي يده مسحة من نخل قاله الواقدي وقال ابن إسحاق عسيب من سعف النخل في رأسه

_ [1] . ترجمانMS. [2] . فياقراوه MS.

خويصات فقال إن [1] أقبلت ليغفرن الله لك ولئن أدبرت ليقطعن الله دابرك وما أراك إلّا الّذي رأيته يعنى روياه ولو سألتني هذه الشطبة ما أعطيتك فلما أراد الوفد الرجوع أجازهم رسول الله صله وقال هل بقي منكم أحد قالوا رجل تنصر وخالفنا قال ليس ذاك بشركم مكاناً وأمر له بمثل ما أمر لهم فلما انصرفوا ادعى الشركة في النبوة واحتج بقوله أنه ليس بشركم مكاناً فلما شهد له الرحال بن عنفوة [2] وافتتن الناس به فكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى محمد رسول الله من مسيلمة رسول الله سلام عليك أما بعد فإني قد أشركت في الأمر معك وأن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ولكن قريشاً يعتدون وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب سلام على من اتّبع الهدى أمّا بعد ف إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها من يَشاءُ من عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 7: 128 فلما ورد عليه الجواب افتعل كتاباً يزعم انّه جواب كتابه إلى محمّد صله انه جعل له الأمر من بعده وكان يزعم أن جبريل يأتيه من عند الله ويتلو عليهم من أسجاعه المزورة سبح اسم ربّك الأعلى الّذي بسّر على الحبلى فأخرج منها نسمة تسعى من بين أحشاء

_ [1] . أينMS. [2] . عنقدة MS.

وتبلى [1] فمنهم من يموت ويدس إلى الثرى ومنهم من يبقى إلى أجل مسمىً والله يعلم السرّ وأخفى مع أشباه ونظائر كثيرة وكان يدعي الشركة في النبوة فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم سار إليه خالد بن الوليد والتقى المسلمون وبنو حنيفة واقتتلوا قتالاً شديداً لم يكن في الإسلام يوماً أشد منه حتى كسروا بنو حنيفة جفون سيوفهم وقتل من المسلمين ألفان ومائتان وجرح أكثر من بقي وقتل زيد بن الخطاب صاحب راية المسلمين [F؟ 186 r؟] وانهزموا حتى خلص بنو حنيفة إلى فسطاط خالد بن الوليد وكان البراء بن مالك إذا حضرت الحرب أخذته العرواء حتى يقعد [2] عليه الرجال فإذا رقد وبال مثل نعاعة الحناء ثم ثار كالأسد فأصابه ذلك ثم حمل عليهم فانكشفوا وتبعهم حتى أدخلهم حديقة الموت ثم غلقوا الباب دونه فقال البراء احملوني درقةً وألقوني فيهم فضاربهم حتى فتح الباب ودخل المسلمون فقتلوا وقتلوا مسيلمة وكان رويجلاً أصيغر أخينس شرك في قتله وحشي وعبد الله بن زيد فمر به رجل فقال أشهد أنّك [لا] نبيّ ولكنّك شقىّ وفتح

_ [1] . و؟ ليMS. [2] .؟ قعد MS.

حديث الرجال بن عنفوة [2]

الله ذلك على المسلمين وقتلوا محكم بن الطفيل سيد بني حنيفة وقائدهم وكان ثمامة بن مالك قال لمسيلمة لما ادعى الشركة في النبوّة [سريع] مسيلمة ارجع ولا تمحك ... فإنك في الأمر لم تشرك كذبت على الله في وحيه ... هواك هوى الأحمق الأنوك فما في السما لك من مصعد ... وما لك في الأرض من مبرك ورثى رجل من بنى حنيفة مسيلمة بعد ما قتل [كامل] لهفي عليك أبا ثمامة ... لهفي على ركني شمامه كم آية [1] لك فيهم ... كالشمس تطلع في غمامه حديث الرّجال بن عنفوة [2] قالوا أنه قدم المدينة وتعلم السنن وقرأ سورة من القرآن إذ مر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحد هؤلاء في النار فلما ادعى مسيلمة الشركة في النبوّة شهد له الرحال بن عنفوة [2] بذلك فافتتن به أهل اليمامة وفيه يقول الشاعر [خفيف] يا سعاد الفؤاد بنت أثال ... طال ليلي بفتنة الرحال إنها يا سعاد من حدث الدهر ... عليكم كفتنة الدجّال

_ [1] . آئيةMS. [2] . عنقدة MS.

قصة سجاح وتكنى أم صادر

قصة سجاح وتكنى أم صادر وزوجها أبو كحيلة كان كاهن اليمامة قال وتنبّأت سجاح وكانت ساحرة وتبعها الزبرقان [بن] بدر وعطارد ابن حاجب وناس كثير من تميم وقالت إن ربّ السحاب [1] يأمركم أن تغزوا [2] الرباب فغزتهم فهزموها فذلك الذي يقول عمرو بن لجأ [هزج] تقودهم سجاح تراميتها ... فشدد يا سجاح من تقود ثم أتت سجاح مسيلمة فقالت له ما أوحى إليك فتلا بعض أساطيره المزوّر [ة] فقالت وماذا أيضاً فتلا عليها إن الله خلق النساء أفراجاً [3] وجعل الرجال لهن أزواجاً فنولج فيهن إيلاجا فينتجن لنا سخالاً إنتاجاً [4] فقالت أشهد أنّك نبيّ فقال فهل لك [5] أن أتزوجك فآكل بقومي وقومك العرب قالت نعم قال [هزج] قومي وادخلى المخدع ... فقد هيى لك المضجع

_ [1] شبيبMS. [2] . تعزواMS. leconquel ontrefrequemment.cf.Tabari ,Ann.I 1918 noteb. [3] بن أفواجاMS. [4] . فينجن لنا سحلا ساحاMS. [5] . لك MS.

ذكر الفتوح في أيام أبى بكر

فإن شئت سلقناك ... وإن شئت على أربع [F؟ 186 v؟] وإن شئت بثلثيه ... وإن شئت به أجمع فقالت بل به أجمع فهو للشمل أجمع وأجدر أن ينفع فتزوّجها وأقامت عنده ثلثا وأصدقها ترك صلاتي الفجر والعشاء الآخرة ورخصت سجاح للمرأة في زوجين على النصف مما للرجل وأذن شبث [1] بن الربعي بأن مسيلمة نكح سجاح وأصدقها ترك صلاتين وفيها يقول عطارد بن حاجب [بسيط] أضحت نبيتنا أنثى نطيف بها ... وأصبحت أنبياء الله ذكرانا واختلفوا في هلاكها فقال قوم ماتت وقال آخرون قتلت،،، ذكر الفتوح في أيام أبي بكر بعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين فافتتح حصن جواثا [2] وأجلى المخارق بن النعمان عامل كسرى عنها وعن أراس [3] وحاصر الخليج وافتتحه ولم يزل يركض على الفرس راسباً في البحر حتى مات وكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد لما فرغ من اليمامة يأمره بالمسير إلى العراق فمرّ بالمذار ففضّ جنودها

_ [1] . شبيبMS. [2] . حواتاMS. [3] . كذا وجدت في النسخة otationmarginale:

ومر بنهر المرأة فصالحه جابان [1] الفارسي وصار إلى هرمزجرد فافتتحها وأتي الحيرة فخرج إليه عبد المسيح بن صلوبا [2] الغساني وكان أتي عليه أكثر من مائتي [3] سنة فصالحه على الجزية وأدّى اليه مائة ألف درهم وصالح أهل بلقاء على ألفِ ألف درهم وطيلسان وهذه النواحي التي كان ينظر فيها ويحوم حولها من آطار البادية وحافاتها وبعث أبو بكر أبا عبيدة بن الجراح في سبعة آلاف وسبع مائة من الصحابة إلى الشام وهرقل بحمص في جنوده فكتب يستمده فأمده بعمرو بن العاص ثم كتب يستمده فكتب إلى خالد بن الوليد وهو بالحيرة يأمره بالمسير إليهم فسار [4] واستخلف على العراق المثنى بن حارثة [5] الشيباني فأتى بصرى فافتتحها وهي أول مدينة افتتحت من مدائن الشأم ثمّ اجتمع مع ابى عبيد [ة] وعمرو بن العاص وحاصروا دمشق وبها نسطاس [6] البطريق في جمع

_ [1] . خاقانMS. [2] . صلوباMS. [3] . ماتىMS. [4] . فسارواMS. [5] . خارجةMS. [6] .؟ ساق MS.

ذكر استخلاف عمر بن الخطاب رضي الله عنه

كثيف فهزموهم وهذا فتح جاذر [1] من أرض فلسطين وهرب هرقل حتى صار إلى أنطاكية فنزلها فهذا ما كان من الفتوح في زمن أبي بكر ثم مرض خمسة عشر يوماً ثم مات رضي الله عنه وأرضاه وخلافته سنتان وثلاثة أشهر عشرة أيام ويقال أربعة أشهر إلا عشرة أيامٍ،،، ذكر استخلاف عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولما مرض أبو بكر شاور الناس في الأمر وكانوا لا يشكون أن عمر هو الذي يلي الخلافة بعده إلا أن منهم من كان يكره ذلك لشدته وعنفه فدعاه أبو بكر وعهد إليه واستخلفه على الناس فلما خرج من عنده قال اللَّهمّ إني وليته بغير أمر من نبيك ولم أرد بذلك إلا صلاحهم فقال له بعض القوم فماذا تقول للَّه عز وجل إذا لقيته وقد وليت أمر المسلمين فظاً غليظاً قال أقول اللَّهمّ لم آلهم [2] خيراً وتوفي سنة ثلث عشرة من الهجرة فرثاه حسان بن ثابت [بسيط] إذا تذكرت شجواً من أخي ثقةٍ ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا خير البرية أتقاها وأعدلها ... بعد النبي وأوفاها بما حملا

_ [1] . كذا في الأصل.otationmarginale: حادرMS. .Cf.Ibn -el -Athir ,Chron. ,t.II.p.327. [2] كذا Marge:

خلافة عمر رضي الله عنه وأرضاه

[F؟ 187 r؟] الثاني التالي المحمود شيمته ... وأول الناس طراً صدق الرسلا خلافة عمر رضي الله عنه وأرضاه فلما دفن أبو بكر بايعه الناس وسمّى أمير المؤمنين وكان ابو بكر يقولون له خليفة رسول الله أول من سمي بأمير المؤمنين عمر عدي بن حاتم الطائي وأول من سلم عليه بالإمارة المغيرة بن شعبة ففتح الشام ومصر والجزيرة والعراق والجبل وارمنية والأهواز وفارس واصطخر والري وأذربيجان وأصبهان ودون الدواوين وأرخ التأريخ وجند الأجناد وأول من دعا له على المنبر بالصلاح أبو موسى الأشعري وصار إليه خاتم النبي صله ورداؤه [و] في سنة سبع من خلافته فرض للناس العطايا وفضل بعضهم على البعض فبدأ بالعباس ففرض له في اثني عشر ألفاً ولعلي بن أبي طالب في ثمانية آلاف ثم الأقرب فالأقرب من بني هاشم وخلفائهم ومواليهم وأعدادهم ثم سائر بني عبد مناف ثم قبائل قريش ثم المهاجرين ثم الأنصار ومواليهم ممن شهد بدرا لكلّ واحد منهم في خمسة آلاف وفرض لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم لكل واحدة في اثنى عشر ألفاً وفرض لمضر ثلاثمائة ولربيعة في مائتين وخمسين وقال إنما هاجروا من أطناب بيوتهم وفرض

وقعة الجسر

لأشراف العجم لكل واحد في ألفين،،، وقعة الجسر ولما أفضت الخلافة إلى عمر سار إليه المثنى بن حارثة فقال إنا قد قاتلنا الفرس واجترأنا عليهم فابعث معي ناساً من المهاجرين والأنصار نجاهدهم فقام عمر خطيباً فقال أيها الناس إنكم قد أصبحتم في غير دار مقامة بالحجاز وقد وعدكم الله على لسان نبيكم كنوز كسرى وقيصر فسيروا إلى أرض فارس فاسكت الناس لما سمعوا من أمر فارس فقام أبو عبيد بن مسعود بن عمرو الثقفي فقال أنا أول من ينتدب فانتدب الناس بعده فأمره عليهم وساروا إلى العراق مع المثنى بن حارثة فلما سمعت به بوران دخت بنت كسرى وكان الملك يزدجرد إلا أنه صبي لم يطق الحرب أرسلت إلى رستم أصفهبذ أذربيجان تدعوه إلى محاربة العرب فإن هو ظهر زوجته نفسها فأرسل رستم جالينوس في جيش عظيم فهزمهم أبو عبيد ثم بعث رستم ذا الحاجب في أربعة آلاف مجفجف دارع ناشب وفيل مقاتل فأمر أبو عبيد حتى عقدوا جسراً على الفرات وجاز بالناس وأخذوا في القتال فهال المسلمين أمر الفيل [1] وما يصنع فشد عليه أبو عبيد

_ (SIC) . [1] القتلى MS.

وقعة القادسية

وقال أما لهذه الدابة من مقتل قالوا بلى إذا قطع مشفرها لم تعش فضربه على خرطومه فقطعه وبرك الفيل عليه فقتله وقتل يومئذ من الأنصار سبعون رجلاً وانهزم الباقون حتى رجع فلهم إلى المدينة فقال لهم عمر لا تجزعوا أنا فئتكم إنما الحريم إلي وفيه يقول حسان بن ثابت [طويل] لقد عظمت فينا الرزية إننا ... جلاد على ريب الحوادث والدهر على الجسر يوم الجسر لهفي عليهم ... غداة إذٍ ماذا لقينا على الجسر وقعة القادسية ثم بعث عمر سعد بن أبي وقاص في ثلاثة آلاف [1] رجلٍ إلى العراق [F؟ 187 v؟] وبعث بعصمة [2] بن عبد الله في جيش وكتب إلى المثنى بن حارثة بأن يجتمع إلى سعد وكتب إلى العلاء بن الحضرمي وهو بالبحرين يأمره بالمسير إلى سواد بابل فسار العلاء واستخلف أبا هريرة على البحرين فمات في الطريق ومات المثنى بن حارثة [3] وبعث عمر عتبة بن غزوان إلى ناحية البصرة فافتتح الأبلة وجاء سعد فيمن معه من الجموع فنزلوا فشربوا مما

_ [1] . ألفMS. [2] . بحسنMS. [3] . الحارثة MS.

يلي سواد الحيرة وشتوا به وجعلوا يغيرون على السواد وتضرب خيلهم إلى سوق بغداذ وإلى باب ساباط فتوجه رستم في جمع عظيم للقائهم وكتب سعد إلى عمر بالخبر يستمده بالرجال فبعث إليه المغيرة بن شعبة في أربعمائة وأمده بقيس بن مكشوح في سبع مائة وكتب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن أمد سعداً بألف رجلٍ ففعل ذلك واجتمعوا إليه وجاء سعد فنزل ما بين العذيب إلى القادسية وجاء رستم فنزل الحيرة في ستين ألفاً من المقاتلة سوى الأشياع والأتباع والشاكرية واستولى على كل ما كان صار بأيدي المسلمين مما افتتحوه صلحاً وعنوةً حتى ضاق الأمر على المسلمين في الطعام والعلوفة ثم بعث سعد بن أبي وقاص رسلاً إلى يزدجرد ومنهم حنظلة بن ربيعة الأسدي والنعمان بن مقرن [1] المزني وعمرو بن معديكرب الزبيدي وطليحة [2] بن خويلد الأسدي والمغيرة بن حبيب بن زرارة وفرات بن حيان وشرحبيل بن السمط [3] ولبيد بن عطارد فجوزهم رستم الى المدائن مع صاحب له

_ [1] . مقرونMS. [2] . وطلحةMS. [3] . الصمط MS.

فوقفوا بباب يزدجرد ببرودٍ على خيلٍ وإبلٍ عليهم نعال وسلاح رثة فخرج الآذن فقال لهم ابن كسرى ما كانت أمة في الأرض أبعد عندنا مما طلبتم وما كان يخطر لنا ببالٍ إنكم تعرضون بمثل هذا وظننت الذي حملكم على هذا سوء الحال وضيق العيش فانصرفوا فإني أحسن إليكم وآمر لكم بحملان وطعامٍ وكسوةٍ فقال النعمان بن مقرن [1] وهو أميرهم ليس لما عرضت علينا أتيناك ولكن ندعوك إلى دين الإسلام قال هذا دين لا أدخل فيه قال فالجزية تؤديها وأنت صاغر قائم والسوط على رأسك قال لولا أنكم رسل لقتلتكم قالوا فإنا نأخذ أرضك ونجليك عنها قال وما علمكم [2] قالوا أخبر بذلك نبينا صله وما أخبرنا بشيءٍ قط إلا وكان كما قال فراطن بعض شاكريته فجاء يسعى ومعه مكتل فيه تراب فقال خذوا هذا فليس لكم عندي غيره فبسط عمرو بن معديكرب رداءه فأخذه وخرجوا فقال له أصحابه أخذت تراباً فقال قد أمكنكم الله من أرضه فجاء به إلى سعد وتفألوا به وأرسل يزدجرد إلى رستم ان ناهض القوم فقد فشت

_ [1] . مقرونMS. [2] . علمك rectionmarginale ,ms.

غارتهم على الناس فبعث رستم إلى سعد أن ابعث إلي منكم رجلاً أكلمه فبعث المغيرة بن شعبة فجاء وقد فرق شعره أربع فرقٍ فقال له رستم أنكم كنتم معشر العرب أهل شقاءٍ وجهدٍ وكنتم تواتوننا من تاجر وأجير فأكلتم من طعامنا وشربتم من شرابنا فذهبتم فدعوتم أصحابكم فإنما مثلكم مثل رجل له حائط فرأى فيه ثعلباً فقال وما ثعلب واحد فذهب الثعلب وجمع الثعالب في حائطه فجاء صاحبه فسد عليه الحجر فقتلهن جميعاً وقد نعلم أن الذي حملكم على هذا الجهد والمشقة فانصرفوا نوفر لكم برادتكم [1] ونأمر لكم بكسوة فقال المغيرة لم تذكر شيئاً من جهدنا إلا وقد كنا في أشدٍ منه كنا نأكل الميتة والدم والعظام حتى بعث الله فينا نبياً صله فأمرنا أن نقاتل من خالفنا وندعوا الناس [F؟ 188 r؟] إلى متابعته والإيمان به فإن آمنت كان لك بلادك لا ندخلها عليك إلا بإذنك وإن أبيت فالجزية وإلا قاتلناك حتى يحكم الله بيننا قال رستم ما ظننت أني أعيش حتى أسمع مثل هذا ولا أمسي غداً أفرغ منكم وأمر بالعتيق فسكر وطم الوادي بالتراب والقصب حتى صار طريقاً واسعاً ثم زحف إليهم في ستين ألفاً

_ [1] . كذا وجدت Marge: بن براديكم MS.

مدججين شاكين في السلاح التام والآلة المعدة عليهم الذهب والحرير واليلامق والديباج وعامة جنن المسلمين براذع الرحال [1] قد عرضوا فيها الحرائر ولووا على رءوسهم الأنساع [2] والأعاجم قد قدموا الفيلة وبثوا الحسك واستعمل سعد ذلك اليوم خالد بن عرفطة لأنه كان به جراح فقامت الحرب بينهم أربعة أيام وقتلوا من المسلمين ألفين وخمس مائة فلما كان اليوم الرابع حمل هلال ابن علفة التيمي على رستم فانهزم وولت الفرس واتبعهم المسلمون يقتلونهم حتى امتنع الناس من شرب الماء بالقادسيّة ثلث ساعات لما كان يجري فيه من الدم وقتل زهرة بن حاوية جالينوس صاحب جيش الفرس وباع منطقته بثلاثين ألفاً واختلفوا في من قتل رستم فقيل هلال بن علفة وقيل قتله عمرو بن معديكرب وذلك أن رستم كان على فيل فعقره عمرو فسقط عنه رستم وسقط من تحته خرج فيه أربعون ألف دينار وقيل غرق في العتيق وجمعوا من الأموال مثل الآطام والتلال وأصاب رجل من بني نخع راية كانت للفرس تسمّى [3] درفش كاويان موصولة بالدرّ

_ [1] . الرجالMs. [2] . الامساعMs. [3] . يسمّى Ms.

واليواقيت فقومت ألفي ألف درهم وهي التي يذكرها البحتريّ في قصيدته [خفيف] والمنايا مواثل وأنوشروان ... يزجي الصفوف تحت الدرفش وكتب سعد إلى عمر بالفتح وبعث إليه بالغنائم والأموال وصفت له السواد إلا المدائن فإن يزدجرد تحصن ونزل المسلمون الأنبار فاحتووها فكتب عمر إلى سعد إن العرب لا يصلح لهم إلا ما يصلح للبعير والشاء فانظر إلى فلاةٍ فأنزل المسلمين بها وأقم مكانك وابعث جنداً إلى أرض الهند يعني البصرة وجنداً إلى الجزيرة واتخذ منزلك دار هجرتك [1] ولا تجعل بيني وبين المسلمين بحراً فطلب سعد حتى نزل الكوفة اليوم وهي رمال ومصرها وخط مسجدها وبعث عتبة بن غزوان في خيل إلى البصرة فاختطها وأسس مسجدها ثم استخلف عتبة المغيرة بن شعبة على البصرة وسار إلى عمر فمات في الطريق وأقر عمر المغيرة على البصرة ثم شهد عليه أربعة بالزنا خالف أحدهم وهو زياد بن عبيد فأمر عمر فجلدوا وعزل المغيرة عن البصرة واستخلف عليها أبا موسى الأشعريّ فافتتح

_ [1] . هجرة rectionmarginale:

الأهواز وتستر والسوس ورامهرمز وبعض نواحي فارس وكان سعد لما بعث عتبة بن غزوان إلى البصرة بعث أبا موسى إلى الجزيرة فافتتح الموصل ونصيبين صلحاً وعاد إلى سعد وبعث عثمان بن أبي العاص الثقفي إلى أرمينية وأذربيجان فصالحهم على الجزية وأقام سعد بالكوفة ثلث سنين ثم كان فتح المدائن وكان سعد يوم القادسية في قصر لجراح كان به فقال رجل من المسلمين [طويل [Fr 188 vr] [ ألم تر أن الله أنزل نصره ... وسعد بباب القادسيّة معصم فأبنا وقد آمت نساء كثيرة ... ونسوة سعدٍ ليس فيهنّ أيّم فقال سعد اللَّهمّ اكفني لسانه ويده فزعموا أنه خرس لسانه وشلّت يده وقال جرير [رجز] أنا جرير كنيتي أبو عمرو ... قد نصر الله وسعد في القصر فقال سعد [وافر] وما أرجو بحيلة غير أني ... أؤمل فوزهم يوم الحساب [1]

_ [1] هذا مخالف لما ذكر في كتب التواريخ marginalemoderne:

فتح المدائن

فتح المدائن ولما استولى المسلمون على العراق وساروا إلى ساباط نقل [1] يزدجرد خزائنه من الذهب والفضة والجوهر والسلاح وقطع الجسور وعبأ السفن وأغلق أبواب المدائن فأتى سعداً قوم من الفرس فدلوه على موضع من دجلة قليل الغمر يقال له ديلسا فانتدب أربع مائة فارس فاقتحموا دجلة وخرجوا من الفرضة [2] ولم يغرق منهم إلا رجل واحد وأخذوا السفن المعبأة ليزدجرد وعبروا المسلمين وحاصرهم سعد سبعة أشهر فلما اشتد عليهم الحصار تحملوا ليلاً بما خف من أموالهم وخرج يزدجرد إلى حلوان وخلّف بجلولاء خرزاذ بن هرمز في جمع عظيم ليدافع عنه العرب إن لحقوا به وافتتح سعد المدائن وأصاب من الخزائن ما بقي من الأموال وأواني الذهب والفضّة أربع مائة حمل فبعث كلّها كان فتح المدائن بعد القادسيّة بأشهر ثم بعد سنتين أو ثلاث بعد فتح المدائن اختطّ سعد الكوفة بأمر عمر رضي الله عنهما وأسكن الجند فيها وكان السبب لذلك تغيير أمزجة وأخلاق العرب النازلين في المدائن وسلواهم ذلك الى عمر قام عند ذلك بارتياد منزل ليصلح لمزاجهم فاختاروا موضع الكوفة ومصّروها،،،

_ [1] . ونقلMS. [2] . الغرضة MS.

وقعة جلولا

بها إلى عمر مع سبى كثير فأمر بها عمر فصبت في صحن المسجد وجمع المسلمين وقال ألا صدقكم رسول الله صله إذ قال إن كنوز كسرى وقيصر تنفق في سبيل الله ثم نظر إلى سوار كسرى فقال لسراقة بن مالك أنشدك الله ألا قمت إلى ذلك السوار فلبسته وكان ذراعاه شحتين شعراوين فقال عمر رضي الله عنه صدق رسول الله صله قال كأني أنظر إلى سوار كسرى في يدي سراقة بن مالك وإن عجائب المعجزات للنبي صله كانت بعد موته أكثر ممّا كانت في حياته صلى الله عليه وسلم وعند ذلك تبيّن الناس صدق قول رسول الله صله ومواعيده عليه أفضل الصلاة وأسلم،،، وقعة جلولا ولما مر يزدجرد إلى حلوان وخلّف خورزاذ بجلولاء [1] ليدفع من يأتيه من العرب من ورائه بعث سعد اثنى عشر ألفا فقاتلوا خورزاذ وهزموه وأصابوا من صامت أموالهم ما بلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف [2] درهم وثمانية أرؤس من الدواب والجارية سوى سائر الآثار والأواني والفرش وسوى ما أخرج من الخمس وكانت أم الشعبي من سبي جلولا فلما انتهت الهزيمة الى حلوان

_ [1] . بجلولهMS. [2] . ألف MS.

فتح تستر وخروج الهرمزان

بعث يزدجرد الهرمزان في جيش عظيم إلى الأهواز ليشغل العرب ويكون رداء للفرس وخرج يزدجرد من حلوان إلى اصطخر وتحصن بها وصار الهرمزان الى الأهواز ونزل تستر لأنها أحسن مدنها فقصده أبو موسى الأشعريّ من البصرة وحاصره حتّى ينزل على حكمه فقال له الهرمزان [Fv؟ 189 r؟] أنا لا أنزل على حكمك ولكن على صاحبك فكتب أبو موسى الأشعري إلى عمر بذلك فكتب بالجواب أن استنزله على حكمي،،، فتح تستر وخروج الهرمزان فنزل الهرمزان على حكم عمر رضي الله عنه فبعث به إلى المدينة فلما دخل المدينة لبس التاج والديباج وأخذ منطقته وسواريه وطوقه وقد طول شاربه وقصر لحيته على زي العجم وهذا كله تصنع منه للقاء عمر فانتهى إليه وهو قاعد في ناحية المسجد عليه برد خلق وبين يديه درة فقال الهرمزان من هذا فقالوا أمير المؤمنين فسقط الهرمزان في يده لما كان من التزين والتصنع ثم تكفر لعمر فقال هذا لا يصلح في ديننا فقال له عمر أأسلمت [1] قال لا قال إن لم تسلم قتلتك قال لا تقتلني حتى تسقيني الماء فأتي بقدح من خشب عظيم فقال لو مت

_ [1] . أسلمت MS.

ذكر فتح الفتوح بنهاوند

عطشاً ما شربت من هذا ما لكم قدح من زجاج وذلك أن الفرس لا يأكل في الخشب والخزف لقبولهما النجاسات فأخذه ويده ترعد وهو مرعوب فقال له عمر لا بأس عليك ولست يقاتلك حتى تشربه فألقى القدح من يده فانكسر فظن عمر أنه سقط من يده فقال ائتوه بقدح آخر قال لا حاجة لي في الماء قال عمر أسلم وإلا قتلتك قال أما ديني فلست أدعه وأما أنت فقد امنتنى فقال عمر لم آمنك يا عدو الله فقيل له بلى قد آمنته فقال خذ منا أماننا وما نشعر فأقام برهة ثم رغب في الإسلام فأسلم ففرض له عمر في من فرض من العجم ثم لما قتل عمر رضي الله عنه اتهمه عبيد الله بن عمر في ذلك فقتله وشكى أهل الكوفة سعداً وقالوا أنه لا يحسن الصلاة فعزله عمر واستعمل عمار بن ياسر على الصلاة وعثمان بن حنيف على الخراج وعبد الله بن مسعود على القضاء وبيت المال وفرض لهم في كلّ يوم شاة واحدة بين ثلاثتهم،،، ذكر فتح الفتوح بنهاوند قالوا واجتمعت الأعاجم والأساورة وعظماء الفرس وعزموا على غزاة عمر في عقر داره وتعاقدوا على ذلك وتحالفوا وجمعوا من الجموع ما لا يبلغه الإحصاء والعدد

وبلغ ذلك عمر فجمع المهاجرين والأنصار فاستشارهم وأراد الخروج بنفسه فأشار عليه علي بن أبي طالب بالمقام بالمدينة وتوجيه من يقوم بمناظرتهم فبعث حينئذ جيشاً عظيماً واستعمل عليهم النعمان بن مقرن [1] المزني وقال إن أصيب النعمان فأمير الناس حذيفة بن اليمان وإن أصيب حذيفة فأمير الناس جرير بن عبد الله البجلي فإن أصيب جرير فالمغيرة بن شعبة فالأشعث بن قيس وكتب إلى عمار بن ياسر أن استنفر ثلث [2] أهل الكوفة وكتب إلى أبي موسى الأشعري أن استنفر ثلث أهل البصرة فاجتمعوا وساروا حتى نزلوا على فرسخين من نهاوند وبها جموع الفرس يقال مائة ألف ويقال أربع مائة ألف وعليهم ذو الحاجب مردان شاه وقد تحالفوا على الصبر والثبات فارتبط [F؟ 189 v؟] بعضهم ببعض وجعلوا لكل عشرة سلسلة لكيلا يهربوا [3] وألقوا الحسك وأقاموا الفيلة بينهم وبين المسلمين فناهضهم المسلمون يوم الأربعاء ويوم الخميس فلما كان يوم الجمعة قال المغيرة بن شعبة إنّ العدوّ قد سئم القتال

_ [1] . مقرونMS. [2] . ثلثMS. [3] . يفرّوا rectionmarginale.

وضعف فنبادرهم القتال فقال النعمان نصلي الظهر ثم نلقى عدونا فإن أبواب السماء تفتح [1] مواقيت الصلاة فلما صلى قال لهم النعمان إذا أنا كبّرت فاركبوا فإذا كبرت الثانية فسلوا السيوف وأشرعوا الرماح وأوتروا القسى فإذا أنا كبرت الثالثة فاحملوا عليهم حملة رجل واحد وأخذ الراية النعمان وتقدم وكبر فلما كان في الثانية والثالثة حملوا عليهم فهزموهم وقتل النعمان بن مقرن فأخذ الراية حذيفة بن اليمان وقتلوا منهم ما الله أعلم به وأصابوا من الغنائم والأموال ما لم يذكر في كتاب مبلغها وقتل ذو الحاجب مردان شاه ولم يكن للأعاجم بعد ذلك جماعة فسمى ذلك فتح الفتوح واستشهد ذلك اليوم النعمان بن مقرن وعمر بن معديكرب وطليحة بن خويلد في نفر من الصحابة واستصفى عمر من أموال الفرس ما كان لكسرى وأهل بيته وبلغ خراجه سبعة آلاف ألف درهم حتى إذا كان يوم الجماجم [2] أحرق الديوان فأخذ كل إنسان ما يليه قالوا واحتال المغيرة بن شعبة على عمار بن ياسر فرفع إلى عمر أنه يخاطر بالديكة [3] فعزله عمر وولى الكوفة المغيرة

_ [1] . يفتحMs. [2] . بالدبكةMs. [3] . الجمام Ms.

ذكر ما افتتح من فارس في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

ابن شعبة فافتتح آذربيجان صلحاً ويقال افتتحها هاشم بن عتبة،،، ذكر ما افتتح من فارس في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان يزدجرد مقيماً بأصطخر في هذه الوقائع فوجه عمر عثمان بن أبي العاص الثقفي وكان ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف إلى البحرين وعزل عنها أبا هريرة وكان وافاها مع العلاء بن الحضرمي مؤذناً له [1] فلما سار إلى العراق استخلفه على البحرين فدوّخ عثمان البلاد بالأزد وعبد القيس ثم عبر بهم البحر إلى أسياف فارس وجعل يركض على كورها وقراها ويغير عليها ومصر توج [2] وجعلها دار هجرة ويزدجرد لما رأى من غلبة العرب بعث بخزائنه وكنوزه إلى الصين وعزم على قصده ان هزم ووجّه شهرك للقاء عثمان ابن أبي العاص الثقفي وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري بأن يلتقي مع عثمان فاجتمعا وواقعا شهرك وكان في مائة وعشرين ألف رجل فهزماه وقتلا من أصحابه زهاء ثلاثين ألفاً وفتحوا كورة أردشير وهذا هو الأصطخر الأولى ولم يفتح اصطخر ويقال أن الذي فتحها قرط بن كعب الأنصاري وأصبهان فتحها عثمان بن أبى

_ [1] . مؤذّنا لهMS. [2] . توج MS.

ذكر ما افتتح من الشأم في أيام عمر رضي الله عنه

العاص بعد حصار ثلاثة أشهر وكاتب الرجال من الأهواز وأميرها المغيرة بن شعبة،،، ذكر ما افتتح من الشام في أيام عمر رضي الله عنه قالوا وكان أبو عبيدة ابن الجراح وخالد بن الوليد بأرض الشام عند موت أبي بكر رضي الله عنه يركضون ويغيرون فلما صار الأمر إلى عمر حاصروا دمشق ستة أشهر حتى افتتحوها صلحاً وكذلك حمص وبعلبك ثم كانت وقعة اليرموك،،، وقعة اليرموك [F؟ 190 r؟] وكان هرقل ملك الشام والروم بأنطاكية ألجأه إليها المسلمون في حياة أبي بكر فجمع الجموع واستمد من الرومية والقسطنطينية وجاءه جبلة بن الأيهم الغساني في من معه من لخم وجذام فتكاملوا أربع مائة ألف فيما يزعمون وأمّر عليهم هرقل دمستق [1] ماهان فلقيهم أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد في أيام ذي ضباب ورذاذ بموضع يقال له اليرموك فهزموهم وفض الله جموعهم فتساقط في هوة ثمانون ألفاً لا يشعر آخرهم بما لقي أولهم فغدوا من الغد بالقصب وسمّيت تلك الهوّة هوّة [2]

_ [1] . كذا وجدت etnotemarginale: بن دمسقMS. dditionmarginale. [2]

فتح بيت المقدس

اليرموك وقتلوا بالسيف سبعين ألفاً وكان المسلمون يومئذ خمسة وثلاثين ألفاً وانتهت الهزيمة إلى هرقل وهو بأنطاكية فخرج إلى القسطنطينية بأهله ورحله وماله وأشرف على الشام فقال السلام عليكم سلام مودع لا يرى أنه يرجع إليك أبدا واستشهد الفضل ابن العباس باليرموك،،، فتح بيت المقدس وافتتح أبو عبيدة بعد اليرموك الجابية من أعمال دمشق وقنسرين وحاصر أهل مسجد إيليا فأبوا أن يفتحوا له وسألوه أن يرسل إلى صاحبه عمر ليقدم فيكون هو الذي يتولى مصلحتهم فكتب بذلك أبو عبيدة إلى عمر فوافى الشأم واستخلف عثمان بن عفّان الى المدينة وصالح أهل إيليا على أن لا يهدم كنائسها ولا يجلي رهبانها وبنى بها مسجداً وأقام أياماً ثم رجع إلى المدينة وفي أيامه افتتح شرحبيل بن حسنة سروج والرها صلحاً وافتتح عياض بن غنم داراً والرقة وتل موزن [1] صلحاً وافتتح عمرو بن العاص الثقفي مصر عنوة وافتتح الاسكندرية صلحاً ويقال عنوة وصالح أهل برقة وافتتح أيضاً بالس [2] وافتتح

_ [1] . مورنMS. [2] . بالس MS.

طاعون عمواس

معاوية عسقلان وقيسارية صلحاً وأغزى عمر عمير بن سعد الأنصاري فقطع دروب الروم وأوغل في بلادهم حتى انتهى إلى عمورية وهو أول من خربها ودخلها وبه يضرب المثل أخرب من جوف الحمار فهذا ما كان من الفتوح في أيام عمر رضي الله عنه وأرضاه،،، طاعون عمواس وعمواس موضع في سنة سبع عشرة من الهجرة وخمس من خلافة عمر وقع الطاعون قد اشتعل بالشام وخرج عمر لقتال الروم حتى بلغ سرغ فقيل أن الطاعون قد اشتعل بالشام فرجع عمر فقال له أبو عبيدة أفراراً من قدر الله قال نعم أفر من قدر الله إلى قدره ومات في ذلك الطاعون من المسلمين بضع وعشرين ألفاً منهم أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان وفيه يقول الشاعر [خفيف] ربّ خرق [1] مثل الهلال وبيضاء ... حصان بالجزع من عمواس قد لقوا الله غير راد عليهم ... وأقاموا في غير دار أساس عام الرمادة وهو عام الجوع والقحط وفي هذه السنة كانت

_ [1] . حرق MS.

فتح السوس

الرمادة وهي القحط والجدب والمجاعة حتى [1] رعيها وعطلت النعم فقال كعب الأحبار لعمر إن بني إسرائيل كان إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة الأنبياء فقال عمر هذا العباس عمّ النبي صله وصنو أبيه وسيد بني هاشم [F؟ 190 V؟] فمشى إليه وكلمه وخرج معه الناس إلى المستمطر ودعا عمر والعباس رضي الله عنهما فسقوا وفي ذلك يقول حسان بن ثابت [كامل] سأل الإمام وقد تتابع جدبنا ... فسقى الغمام بغرة العباس عم النبي وصنو والده الذي ... ورث النبي بذاك دون الناس أحيا البلاد به الإله فأصبحت ... مهتزة الأجناب بعد إياس فتح السوس قال وحاصرهم أبو موسى الأشعري حتى أجهدهم الحصار فاستأمن دهقانهم لمائة نفس وقال أبو موسى الأشعري اللَّهمّ أنسه نفسه فلما نزلوا قال له اعزل المستأمنين فعزل مائة ولم يعزل نفسه فأمر به أبو موسى فضرب عنقه وأصابوا جثة دانيال في تابوت من رخام يستصرخون به ويستمطرون فكتب إلى عمر بذلك فكتب في الجواب إني أراه نبياً فادفنه حيث لا يشعر

_ [1] . كذا في الأصل Lacunedanslems.enmarge:

ذكر مقتل عمر رضي الله عنه

الناس به قال أنس في روايته فكان طول أنفه ذراعاً وقام رجل يقاومه فكانت ركبته محاذية رأسه فدفنوه تحت الماء ووجدوا معه صحفاً بيعت بأربعة وعشرين درهماً فوقعت إلى الشام وحج بالناس عمر عشر سنين متوالية ثم صدر إلى المدينة وقتل سنة ثلث وعشرين من الهجرة وكانت ولايته عشر سنين وستة أشهر وخمس ليال رضي الله عنه،،، ذكر مقتل عمر رضي الله عنه قالوا وكان للمغيرة بن شعبة غلام نصراني يقال له أبا لؤلؤة عليه لعائن الله تترى مرة بعد أخرى فجاء إلى عمر يشكوه مولاه المغيرة في ضربه وتثقيل وطائفه ويسئله أن يكلم المغيرة في التخفيف عنه فإنه ذو عيال فقال له عمر اتق الله ورسوله وأطع مولاك ثم لقي المغيرة فأوصاه به خيراً وعاد الغلام شاكياً وسائلا فقال له مثل مقالته الأولى وسأله أن ينصب له رحىً فقال الغلام لأنصبن لك رحى يتحدث بها العرب فقال عمر لولا أن الناس يقولون هابه عمر لقلت يوعدني هذا الكلب وضغن عليه أبو لؤلؤة حيث لم يسامحه المغيرة وظن ذلك من فعل عمر فاتخذ خنجراً له رأسان والمقبض [1] بينهما وأزمع على قتل

_ [1] . والمفيض MS.

قصة الشورى وموت عمر

عمر ورأى عمر تلك الليلة في المنام كأن ديكاً أبيض نقره نقرتين فأصبح مهموماً وقال ما الديك إلا عجمي وما النقرة إلا طعنة ثم تطهر وخرج لصلاة الصبح فجاء أبو لؤلؤة الملعون لعنه الله حتى وقف في الصف مما يلي عمر فلما افتتح عمر الصلاة طعنه في خاصرته طعنتين أجافت وخرق أمعاءه فقال عمر رضي الله عنه آه والتأث المسلمون به فحملوه وقبضوا على أبى لؤلؤة الملعون بعد ما قتل رجلا أو رجلين وجرح جماعةً وقال عمر مروا عبد الرحمن بن عوف فليصل بالناس فصلى بهم وقرأ في الركعة الأولى بقل يا أيها الكافرون وفي الثانية بقل هو الله احد ثم دخل إليه ودخل الناس وجرحه ينبعث دماً فقال لابن عباس اخرج فانظر من قتلني فخرج ثم دخل فقال هذا أبو لؤلؤة الملعون النصراني فقال الحمد للَّه الذي لم يجعل خصمي ذا سجدتين ثم دعا له بطبيب لينظر فسقاه نبيذاً فخرج ولم يدر أهو نبيذ أم دم [F؟ 191 r؟] ثم دعا بطبيب آخر فسقاه لبناً فخرج اللبن لبناً فقال أعهد يا أمير المؤمنين فجمع الناس للشورى،،، قصة الشورى وموت عمر قالوا فلما أيقن عمر بالموت دعا بعهده وجعل الأمر فيه إلى ستة نفر وهم عثمان بن عفان وعلي بن أبي

طالب وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله ثم جعل معهم عبد الله بن عمر وقال ليس له في الإمارة نصيب وإنما له الاختيار والرأي وجعل أجل اختيارهم ثلاثة أيام وقال يصلي بالناس صهيب حتى يصطلحوا على أحدهم وأمر عدة من الأنصار أن يستحثوهم على ذلك كيلا يتفرق كلمة المسلمين وقال إن اجتمع ثلاثة على واحد وأبى اثنان فخذوا بقول الثلاثة وان كانوا ثلاثة ثلاثة فخذوا برأي الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف وكان قال لعبد الله بن عباس اذكر لي من أعهد إليه فقال عثمان فقال ذاك كلف بأقاربه يحمل بني ابن أبي معيط على رقاب الناس قال فعبد الرحمن بن عوف قال مسلم ضعيف وأميرته امرأته قال فسعد قال ذاك فارس يكون في مقنب من مقانبكم قال فالزبير قال مؤمن الرضا كافر الغضب قال فطلحة قال فيه باء وعجب قال فعلي قال فيه دعابة وأنه لأخلقهم أن يحملهم على المحجة ثم جعل الأمر في هؤلاء الستة باختيارهم وقال إن بيعة أبي بكر كانت فلتةً وقى الله شرها فمن عاد إلى مثلها من غير مشورة فاقتلوه ومات عمر رضي الله عنه وأرضاه يوم الجمعة لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلث وعشرين وكان

طعن يوم الأربعاء فمكث بعده ثلاثاً هذا في رواية الواقدي فلما أخرجوه ليصلي عليه الناس قام علي عند رأسه وقام عثمان عند رجليه فقال عبد الرحمن بن عوف ما أسرع ما اختلفتم تقدم يا صهيب فتقدم فصلى عليه ثم دفنوه في حجرة عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه فانصرفوا عنه وتنازعوا الأمر واختلفوا فيه وجاءت الأنصار يستحثونهم وبنو هاشم وبنو أمية يخطب كل قوم إلى صاحبهم فقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح إن أردتم أن لا يختلف قريش فولوها عثمان فقام عمار بن ياسر فقال إن أردتم أن لا يختلف الناس فولوها علياً ثم قال لعبد الله بن سعد ابن أبي سرح يا فاسق بن فاسق أأنت ممن تستنصح المسلمين أو يستشيرونك في أمورهم واستسب بنو هاشم وبنو أمية وارتفعت الأصوات حتى تخوف الاختلاف فكان في الشورى ثلاثة أيام وعلي يناشدهم بالرحم أن يخرجوه من هذا الأمر فلما كان يوم الثالث بايعوا عثمان [1] ،،،

_ [1] والسبب فيه انه لما راى القوم لا يصطلحوا marginalemoderne: على واحد منهم اخرج عبد الرحمن بن عوف نفسه من الخلافة وقال لهم ان رضيتم في بيعة [من] أبايعه بالخلافة وأنا أعطيكم عهد الله وميثاقه على ان

ذكر بيعة عثمان بن عفان رضي الله عنه

ذكر بيعة عثمان بن عفان رضي الله عنه قالوا وأقبل عبد الرحمن بن عوف إلى علي بن أبي طالب فقال عليك عهد الله وميثاقه وأشد ما أخذ الله على النبيين من عهد وعقد إن أنا وليتك هذا الأمر لتعملن بكتاب الله وسنة نبيه فقال نعم طاقتي وجهدي ومبلغ رأى [F؟ 191 v؟] ثم أقبل على عثمان فقال له عليك عهد الله وميثاقه وأشد ما أخذ الله على النبيين من عهد وعقد إن أنا وليتك هذا العمل لتعملن فيه بكتاب الله وسنة نبيه قال نعم لا أزول عنها ولا أدع منها شيئا وبسط يده وكرر عبد الرحمن أسوي جهدي في اختيار أفضلكم وأولاكم بالخلافة فأي رأيكم الا تصطلحون على هذا الحال ابدا فرضوا به وبمن يوليه الخلافة بعد ان أخذوا منه المواثيق المؤكّدة على انه لا يغدر ولا يميل بهواء النفس فجعل عبد الرحمن يلقى الناس ويستشيرهم الى تمام ثلاثة أيام واجهد بنفسه في ذلك حتى انه ما يرقد تلك الأيام والليالي من كثرة ما يلاقى الناس ويستشيرهم فلما انقضت المدة واجتمع الناس في المسجد صعد عبد الرحمن بن عوف المنبر ودعي عليّا رضي الله عنه وقال انا أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين ابو (sic) بكر وعمر فقال عليّ رضي الله عنه أما كتاب الله وسنّة رسوله فنعم فإنهما يأتيان على كلّ شيء ثم اجتهد في نفسي ثم دعا عثمان رضي الله عنه وقال مثل قوله الأوّل فقال عثمان نعم فرفع عبد الرحمن رأسه فقال اللَّهمّ اشهد فنبايعه فتبادر الناس يبايعونه هذا المذكور في كتب التاريخ والله تعالى اعلم،،،

هذه الكلمة على علي مراراً وعلى عثمان مراراً كل ذلك يجيبانه مثل الأول وبسط عثمان يده وبنو هاشم وبنو أمية قيام ينتظرون ما يكون فضرب عبد الرحمن على يد عثمان وبايعه على الأمر ثم تتابع الناس على ذلك وخرج عثمان ووجهه يتهلل وعلي كاسف اللون أربد لم يبايعه ودخل منزله ورفع عمّار عقيرته يقول [رجز] يا ناعي الإسلام قم فانعه ... قد مات عرف وأتى منكر هكذا رأيته في بعض التواريخ وما أظنه حقاً والله أعلم وقد روي أن سلمان جعل يقول ذلك اليوم كردند نكردند كردند نكردند ثم قام عثمان على المنبر خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وأرتج عليه الكلام فقال إن هذا مقام ما كنا نرى أن نقومه وإن أول مركب صعب وإن مع اليوم أياماً وما كنا خطباءْ وسيعلمنا الله ولا آلو أمة محمد خيراً ونزل ومشى أهل الشورى إلى علي وقالوا قم فبايع قال فإن لم أفعل قالوا نجاهدك فجاء فبايع ولما طعن أبو لؤلؤة عمر أخذه الناس فقتلوه وسل عبيد الله بن عمر

خلافة عثمان بن عفان

السيف فقتل ابناً [1] لأبي لؤلؤة وقتل الهرمزان وأراد أن يستعرض السبي بالمدينة فمنعه المهاجرون والأنصار ومما رثى به عمر بن الخطاب قول الشمّاخ [طويل] أبعد قتيل بالمدينة أصبحت ... له الأرض تهتز العضاه بأسوق جزى الله خيراً من أمام [2] وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ... ليدرك ما قدمت بالأمس تسبق وما كنت أخشى أن يكون وفاته ... بكفي سبنتي أزرق العين مطرق قضيت أموراً ثم غادرت بعدها ... نوافج في أكمامها لم تفتق ويروى عن بعضهم عن رجل من الرافضة أنه قال رحم الله أبا لؤلؤة فقيل سبحان الله ترحم على رجل مجوسي قتل عمر بن الخطاب فقال كانت طعنته إسلامه،،، خلافة عثمان بن عفان بايعه الناس وصار إليه خاتم رسول الله صله ورداؤه وأول فتح كان في خلافته ماه البصرة وما كان بقي من حدود أصفهان والرىّ على يد أبى موسى الأشعري ثم بعث عثمان عبد الله بن عامر بن كريز إلى اصطخر وبها يزدجرد فخرج

_ [1] . ابنينrectionmarginale: [2] . اديم MS.

يزدجرد إلى دارابجرد وخلف ماهك الأصفهبذ على أصطخر فنزل عبد الله بن عامر بن كريز يقاتل ماهك وأرسل مجاشع بن مسعود السلمي في إثر يزدجرد فركب يزدجرد المفازة إلى كرمان [F؟ 192 r؟] وفتح مجاشع دارابجرد صلحاً وسار في إثر يزدجرد إلى كرمان فافتتحها وأخذ يزدجرد على طريق سجستان حتى أتى مرو الشاهجان يريد الصين وقد قدّم إليها ذخائره وخزائنه وذكر ابن المقفع أنه كان في تلك الذخائر من الذهب التي كان قباذ ضربها سبعة آلاف آنية كل آنية اثنا عشر ألف مثقال سوى ما كان من ضرب سائر الملوك ومواريثهم وأنه كان فيها ألف حمل سبائك غير المضروبة وجاء مجاشع إلى سجستان فأصاب منها وافتتح سجستان ثم انصرف لما لم يدرك يزدجرد وعاد إلى فارس وافتتح عبد الله بن عامر ابن كريز أصطخر الثانية وسار إلى خراسان حتى أتى الطوس فافتتحها صلحاً وبلغ الخبر يزدجرد فاشتد خوفه واستمد الترك فجاءه الترك وطرخان التركي لنصرته فقال له وزيره خرزاذ إن أمر العرب شيء ظاهر فدعني أصالحهم على مال يدعوا [1] لك بعض ممالكك [2] قال افعل فكتب خرزاذ الوزير إلى عبد الله بن عامر

_ [1] . يدعوMS. [2] . ممالك rectionmarginale ,ms.

مقتل يزدجرد

يراوده على الصلح عن كور الجبل وخراسان على ثمانين ألف ألف درهم فأراد ابن عامر أن يجيبه إلى ذلك إذ ورد عليه خبر قتل يزدجرد،،، مقتل يزدجرد قالوا ولما ورد مرو سب ماهوى مرزبان مرو بما مضى من المسلمين وبالغ في الاستقصاء عليه وأظهر السخط فخافه [ما] هو [ى] على نفسه وكان ورد ترك طرخان مدداً له فاستخف بهم يزدجرد وطردهم لكلام تكلم به بعضهم فتصدى القوم لمحاربته فواقعهم وهزمهم وخرج في أثرهم فأرسل ماهوى إلى طرخان أن كر عليهم فإني أظاهرك وآتى [1] من ورائه وخرج ماهوى في أساورته وأمر ابنه؟ برار [2] أن يغلق أبواب المدينة دونه كي لا يدخلها فكر على يزدجرد طرخان فولى ظهره يريد المدينة فاستقبله ماهوى فمزقه كل ممزق وانهزم يزدجرد لا يهتدي لوجهه فطرح نفسه في مرغاب [3] ثم اختلفوا في هلاكه فزعم انّه عرق في الماء وزعم آخرون أنه لحقته الخيل فقتلوه وحملوه في

_ [1] . آاتىMS. Ms.Sic MS. [2] [3] . مرعاب MS.

تابوت إلى أصطخر وفي كتاب خذاي نامه أن يزدجرد انتهى إلى طاحونة بقرية زرق [1] من قرى مرو فقال للطحان أخفني وغم مكاني ولك منطقتي وسواري وخاتمي وكان فيها خراج فارس فقال الرجل إن كرى الطاحونة كل يوم أربعة دراهم فإن أعطيتني أربعة عطّلت الطاحونة وإلّا فلا فقال يزدجرد قد قيل لي أنّك تحتاج الى أربعة دراهم ولا نقدر عليها فبينا هو في مراجعته غشيته الخيل فقتلوه ولم يكن بمرو يومئذ أحد من المسلمين وكان معه ثلث آلاف رجل من الحشم منهم ألف أسوار وأبناء الأساورة وألف مغنٍ وألف طباخ وفراش وابنان له فيروز وبهرام وثلث بنات أدرك وشهره ومرواريذ وقتل سنة إحدى وثلاثين من الهجرة وهو ابن خمس وثلاثين سنة وكان ملكه عشرين سنة في تشتت واضطراب فلما قتل تفرقت الحشم فنزلت الأساورة بلخ ونزل المغنون هراة وأقام الفراشون بمرو وبعث ماهوى بخزائنه وما كان له من الأموال إلى عبد الله بن عامر وبقي ما كان قدمه إلى الصين في أيدي أهله ووجه عبد الله بن عامر الجيوش إلى خراسان فافتتح أمير شهر صلحاً وسار ابن عامر حتى أتى نيسابور [2]

_ [1] . درقMS. [2] . شابور MS.

فافتتحها صلحاً وبنى في قهندزها الجامع وكتب إلى عثمان فأرسل عثمان أثواباً خلعاً للجامع فكسينه فمنها إلى اليوم شظايا باقية وصالح أهل سرخس [1] على مال وصالح دهقان هراة على مائة بدرة وبعث الأحنف [F؟ 192 v؟] بن قيس إلى قتال الهياطلة وهم أهل جوزجان وبلخ وطخارستان فجاء فصالح أهل مرو وأهل طالقان وصالح كيلان مروالرّوذ على ستّين ألف درهم وبنى بمروالروذ قصراً يقال له قصر الأحنف ثم ولى عبد الله بن عامر قيس بن الهيثم السلمي خراسان وتوجه محرماً بالحج إلى مكة فلم يعد إلى خراسان وفي أيام عثمان افتتح جرير بن عبد الله البجلي الأرمينية وغزا سعيد بن العاص طبرستان ومعه الحسن والحسين ابنا [2] علي عليهم السلم فافتتحها صلحاً وافتتح أبو موسى الأشعري ما بقي من أعمال الري وطالقان ودماوند صلحا وانتقضت الاسكندرية في أيام عثمان فافتتحها عمرو [3] بن العاص وبعث بسبيها إلى المدينة فردهم عثمان إلى ذمتهم لأنهم كانوا صلحاً ولأن الذرية لم تنقض

_ [1] . سرخشMS. [2] . أبناءMS. [3] . عثمان MS.

ذكر حصار عثمان

العهد فهذا بدو الشر بين عثمان وعمرو فانتزعه من مصر وأمر عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخاه لأمه فغزا إفريقية وافتتح طرابلس وهي من القيروان على سبعين ميلاً وسار حتى بلغ دمقلة [1] مدينة السودان فأصاب من الأموال ما بلغ سهم الفارس من العين ثلاثة آلاف [2] دينار وسهم الراجل ألف دينار وحدثني هارون بن كامل بمصر قال كان مع عبد الله بن سعد سبعون ألفاً من فارس وراجل وفي أيّام عثمان غزا معاوية قبرس وأنقرة من أرض الروم فافتتحها صلحاً وكان بعث عثمان معاوية إلى فارس مع عبد الله بن عامر فأصاب من أطرافها فافتتح بعض كورها ونواحيها فهذا ما كان من الفتوح في زمن عثمان بن عفان،،، ذكر حصار عثمان حوصر عشرين يوماً وقتل في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة وكان سبب ذلك أن الناس نقموا عليه أشياء فمن ذلك كلفه بأقاربه كما قاله عمر رضي الله عنه فآوى الحكم بن [أبي] العاص بن أمية طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان سيره إلى بطن

_ [1] . دمقلةMS. [2] . ألف MS.

وج ولأنه [1] كان يفشي سر رسول الله صله ويطلع الناس عليه ومنها أنه أقطع الحارث بن الحكم مهرقته موضع شرقي المدينة وكان النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم إلى المدينة ووصل إلى ذلك الموضع ضرب برجله وقال هذا مصلانا ومستمطرنا ومخرجنا لأضحانا وفطرنا فلا تنقضوها ولا تأخذوا عليها كرى لعن الله من نقض من بعض سوقنا شيئاً ومنها أنه أقطع مروان بن الحكم فدك قرية صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه خمس الغنائم من إفريقية فقال عبد الرحمن بن حنبل الجمحيّ [متقارب] أحلّف باللَّه ربّ العباد ... ما ترك الحق شيئاً سدى ولكن خلقت لنا فتنة ... لكي نبتلى بك أو تبتلى فما أخذا درهما غيلةً ... ولا أعطيا درهماً في هوى وأعطيت مروان خمس العباد ... فهيهات شاؤك ممن سعى [2] ومنها أنه أعطى عبد الله بن خالد بن أسيد بن رافع أربعمائة ألف درهم وأعطى الحكم بن [أبي] العاص مائة ألف درهم ومنها أنّ

_ eerreurducopiste corrigeeenmarge. [1] بن ولعنهMS. [2] هذا كله ما أظن ان يكون من فعل arginaleancienne: عثمان رضي الله عنه وانما يشبه ان يكون من فعل معاوية وتعليما له.

عبيد الله بن عمر قتل الهرمزان بأبيه عمر وقتل ابنين لأبي لؤلؤة عليه اللعنة فلم يقده [1] ومنها أنه عزل عمال عمر وولى بني أمية وانتزع عمرو بن العاص عن مصر واستعمل عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح وانتزع سعد بن أبي وقاص عن الكوفة واستعمل [F؟ 193 r؟] الفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط وهو أخوه لأمه فوقع في الخمر فشربها ويصلي الصلاة لغير وقتها فصلى بالناس يوماً الفجر أربعاً وهو ثمل فلما انصرف قال أزيدكم فإني نشيط فشغب الناس وحصبوه وفيه يقول الحطيئة [كامل] شهد الحطيئة يوم يلقى ريّه ... ان الوليد أحق بالعذر نادى وقد تمت صلاتهم ... أأزيدكم ثملاً وما يدري فلما شكاه الناس عزله واستعمل عليهم شراً منه سعيد بن العاص فقدم رجل عظيم الكبر شديد العجب وهو أول من وضع العشور على الجسور والقناطر ومنها أنّ ابن ابى سرح قتل سبعمائة رجل بدم رجل واحد فأمر بعزله ولم ينكر عليه ومنها أنه جعل الحروف كلها حرفاً واحداً وأكره الناس على مصحفه ومنها انه

_ [1] . يقده MS.

سيّر عامر بن عبد قيس من البصرة إلى الشام لتنزهه عن أعماله وسير أبا ذر الغفاري إلى الرَّبَذَة وذلك أن معاوية شكاه أنه يطعن عليه فدعاه واستعتبه ولم يعتب فسيره إلى الرَّبَذَة وبها مات رحمه الله ومنها أنه تزوج نائلة بنت الفرافصة [1] الكلبية فأعطاها مائة ألف من بيت المال وأخذ سفطاً فيه حلي فأعطاه بعض نسائه واستسلف من بيت المال خمسة آلاف درهم وكان اشترط عليه عند البيعة أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله وبسيرة الشيخين رضي الله عنهما فسار بها ست سنين ثم تغير كما ذكر ونبرأ إلى الله من عيب الصحابة قدس الله أرواحهم أجمعين ومنها أنه لما ولي صعد المنبر فتسنّم ذروته حيث كان يقعد رسول الله صله وكان أبو بكر ينزل عنه درجة تعظيما لقدر النبي صله فلما ولي عمر نزل عن مقعد أبي بكر بدرجة فصارت رجلاه في الأرض لأن المنبر درجتان فتكلم الناس في ذلك وأظهروا الطعن فخطب عثمان وقال هذا مال الله أعطيه من أشاء وأمتعه من أشاء فأرغم الله أنف من رغم أنفه فقام عمار بن ياسر فقال أنا أول من رغم أنفه من ذلك فقال له عثمان لقد اجترأت عليّ يا ابن سميّة

_ [1] . القرافضة MS.

فوثبوا بنو أمية على عمار فضربوه حتى غشي عليه فقال ما هذا بأول ما أوذيت في الله وضرب عبد الله بن مسعود في مخالفته قرأته فسار الأشتر النخعي في مائتي راكب من أهل الكوفة وسار حكيم بن جبلة العبدي في مائتي راكب من أهل البصرة وسار عبد الرحمن بن عنبس البلوي وكانت له صحبة في ستمائة راكب من أهل مصر فيهم عمرو بن الحمق [1] ومحمد بن أبي بكر حتى نزلوا بذي خشب فرسخاً من المدينة وبعثوا إلى عثمان من يكلمه ويستعتبه فقال ما تنقمون علي فقال ننقم عليك ضربك عماراً قال فو الله ما أمرت به ولا ضربت فهذه يدي بعمّار فليقتصّ قالوا ونقم عليك إذ جعلت الحروف حرفاً واحداً قال جاءني حذيفة فقال ما كنت صانعاً إذا قيل قراءة فلان وقراءة فلان فيختلفون كما اختلف أهل الكتاب فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطاءً فمن حذيفة وقالوا ننقم عليك أنك استعملت السفهاء من أقاربك قال فليقم أهل كل مصر فليسألوني صاحبكم فأوله عليهم فبعث علي رضي الله عنه إلى ذي خشبٍ فأرضاهم وردهم فانصرفوا حتى [F؟ 193 v؟] بلغوا حسمي [2] مر بهم راكب معه كتاب الى ابن

_ [1] . عمرو بن الجمقMS. [2] . حمى MS.

أبي سرح بقتل القوم ولما انصرف الراكب تكلّم الناس في أمرهم وأرجفوا بالأراجيف فخطب عثمان وقال قد بلغني ما تحدّثتم وإنّما جاءوا في صغير من الأمر فقال عمر بن العاص بل جاءوا في كبير من الأمر وقد ركبت ما بك نهابر [1] فإما أن تعتدل وإما أن تعتزل فقال عثمان يا ابن النابغة هذا الآن عزلتك عن مصر قالوا ولما أعطي عثمان القوم ما أرادوا قال [2] مروان بن الحكم لحمران بن أبان كاتب عثمان فكان خاتم عثمان مع مروان بن الحكم إن هذا الشيخ قد وهن وخرف وقم فاكتب إلى ابن أبي سرح أن يضرب أعناق من ألب [3] على عثمان ففعلا وبعث الكتاب مع غلام لعثمان يقال له مدس [4] على ناقة من نوقه فمر بالقوم وهم نزول بحسمي [5] فاتهموه وأخذوه وقرروه وأخرجوا الكتاب من إداوة له وانصرفوا إلى المدينة وبدءوا بعليّ

_ [1] . كذا في الأصل I.10.Marge: بن 2972 بن rigedapresTabari ,I بن ما؟ ك نهابرMS. [2] . وقالMS. [3] . ألبّMS. [4] . كذاMarge: [5] . بحمى MS.

ابن أبي طالب رضي الله عنه لأنه كان راوضهم وضمن لهم فجاء علي معهم إلى عثمان فقالوا فعلت وفعلت فأنكر ذلك وقال لعن الله الكاتب والمملي والآمر به فقالوا فمن تظن قال أظن كاتبي غدر وارتجت المدينة برجوع القوم فحنق بنو [1] مخزوم لضربه عمار وحنق بنو [1] زهرة لحال عبد الله بن مسعود وحنق بنو [1] غفار لمكان أبي ذر الغفاري وكان أشد الناس طلحة والزبير ومحمد بن أبي بكر وعائشة وخذلته المهاجرون والأنصار وتكلمت عائشة في أمره واطلعت شعرة من شعر رسول الله صله ونعله وثيابه وقالت ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم فقال عثمان في آل أبي قحافة ما قال وغضب حتى ما كاد يدري ما يقول فقال عمر بن العاص سبحان الله وهو يريد أن يحقق طعن الناس على عثمان فقال الناس سبحان الله ثم صعد عثمان المنبر وهو يريد أن يتكلم بعهده فقام رجل فشتمه وعابه وقال فعلت وفعلت وعثمان يلتفت إلى الناس حوله فلا يرد عليه أحد ثم قام الجهجاه بن سنام الغفاري فأخذ القضيب [2] من يده وكسرها فنزل عثمان وحوله ناس من بنى

_ [1] . بنىMS. [2] . كذا وجدت Marge:

أمية ودخل داره فحاصروه عشرين [1] يوماً فلما اشتد الحصار كتب كتاباً وأطلع رأسه من داره وترسوه بالترسة وقرأه بأعلى صوته إني أنزع عن كل شيءٍ أنكرتموه وأتوب إلى الله عزّ وجلّ من كلّ قبيح عملته كذا وكذا وأحذركم سفك دمي بغير حق فقالوا إن كنت مغلوباً على أمرك فاعتزل وادفع إلينا مروان فأبى وقال لا أنخلع من قميص قمصنيه الله تعالى ولا أبلكم [2] سعيكم واستأذنوا غلمانه في محاربة القوم فناشدهم أن لا يراق فيه محجمة دم وقال من كف يده فهو حر وكتب إلى عليّ رضوان الله عليه [طويل] فإن كنت مأكولا فكن خيرا كلى ... وإلا فأدركني ولما أمزق أترضى أن يقتل ابن عمّك ويسلب ملكك قال عليّ ع لا والله وبعث بالحسن والحسين إلى بابه يحرسانه فتسور محمد بن أبي بكر مع رجلين في حائط عثمان من دار رجل من الأنصار فأخذه محمد بن أبي بكر بلحيته حتى سمع وقع أضراسه قال ابن عثمان خل يا بن أخي فو الله لو رآك [F؟ 194 r؟] أبوك لساءه مكانك فتراخت يده وضربه عمرو بن بديل بمشقص في أوداجه وقتله

_ [1] . عشرونMS. [2] . [؟] كم MS.

سنان بن عياض والمصحف في حجره لعشر مضين من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ولبث في داره مقتولاً يوماً أو يومين ثم دفن في موضع يقال حش كوكب قال ابن إسحاق قتل يوم الأربعاء لثمان خلون من ذي الحجة وقال حسان بن ثابت فيما يرثيه [خفيف] خذلته الأنصار إذ حضر الموت ... وكانت حماته الأنصار من عذيري من الزبير ومن ... طلحة هذا أمر له إعصار وقال أيضاً في مرثيّته [بسيط] ضجّوا أبا شمط عنوان السجود به ... يقطع الليل تسبيحاً وقرآنا لتسمعن وشيكاً في ديارهم [1] ... الله أكبر يا ثأرات عثمانا وقال الوليد بن عقبة [طويل] بني هاشم أنا وما كان بيننا ... كصدع الصفا ما يومض الدهر [شاعبه] [2]

_ [1] . دياركم ouilyalavariante بنCf.diuanofhassanb.Thabit.ed.H.hirschfeld P.22 noXX ,ligne 4 stinintelligible. [2] كصدع من يوم الدهر.aumoyendeMasoudi prairiesd ,or ,t.Iv P.286 tuedelamemefacon lems.nedonneque كذا في الأصل Lacune enmarge:

ذكر بيعة علي بن أبى طالب رضوان الله عليه

بني هاشم كيف الترحم بيننا ... وسيف بن أروى عندكم وحرائبه فأجابه الفضل بن العباس [طويل] سلوا أهل مصر عن سلاح أخيكم ... فعندهم أسلابه وحرائبه وكان ولي الأمر بعد محمد ... عليّ وفي كل المواطن صاحبه وقد أنزل الرحمن أنك فاسق ... فما لك في الإسلام سهم تطالبه ذكر بيعة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وكان الناس لا يشكون أن ولي الأمر بعد عثمان علي بن أبي طالب وكان يحدو الحادي لعثمان فيقول [رجز] إن الأمير بعده علي ... ثم الزبير خلفه مرضي فلما قتل عثمان جلس طلحة في داره يبايع الناس وكانت مفاتيح بيت المال عنده وجاءه ناس يهرعون إلى علي رضي الله عنه فدخل داره وقال ليس ذاك إليكم ذاك إلى أهل بدر فما بقي بدري إلا أتاه فجاء علي فصعد المنبر فبايعوه وأمر بيوت الأموال فكسرت أغلاقها وجعل يفرقها في الناس بالسوية ويقال أن علياً لما قتل عثمان أرسل إلى طلحة والزبير أن أحببتما أن أبايعكما بايعت فقالا

بل نبايعك فبايعا ثم نكثا وبويع [1] على سنة خمس وثلاثين ويقال أول من بايعه طلحة وكانت إصبعه شلاء فتطير منها علي وقال يد شلّاء وأمر لا يتم ما أخلقه أن ينتكث وتخلف من بيعة علي بنو أمية ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص والوليد بن عقبة ولم يبايعه العثمانية من الصحابة [F؟ 194 v؟] حسان بن ثابت وكعب بن عجرة وكعب بن مالك والنعمان بن بشير ورافع بن خديج وزيد ابن ثابت ومحمد بن مسلمة ثم بايعوه بعد أيّام وكانت عائشة تؤلّب على علي [2] وتطعن فيه وترى أنه سينخلع وكان هواها في طلحة فبينا هي قد أقبلت من الحج راجعة استقبلها راكب فقال ما وراءك قال قد قتل عثمان قالت كأني أنظر إلى الناس يبايعون طلحة وأن إصبعه يحسن أيديهم فجاء راكب آخر فقالت ما وراءك قال بايع الناس علياً قالت وا عثماناه ما قتله إلا علي ولليلة من عثمان خير من على الدهر كله وانصرفت إلى مكة وضربت فسطاطاً في المسجد وأراد علي أن ينزع معاوية من الشام فقال له المغيرة بن شعبة أقره على الشام فإنه يرضى بذلك وسأل

_ [1] . وبايعMS. [2] . عثمان MS.

طلحة والزبير أن يوليهما البصرة فأبى وقال تكونان عندي أتحمل بكما فإني أستوحش لفراقكما وأستأذناه في العمرة فأذن لهما فقدما على عائشة وعظما من أمر عثمان وقالا ما كنا نرى في التألب عليه أن يقتل فامّا إن قتل فلا توبة لنا إلا الطلب بدمه ونقضا البيعة وأقاما بمكة وبث علي عماله فبعث عثمان بن حنيف الأنصاري إلى البصرة وانتزع عنها عبد الله بن عامر وأمر عبيد الله بن العباس على اليمن ونزع عنها يعلى بن منية [1] وأمر قثم بن العباس على مكة وولى جعدة بن هبيرة المخزومي ابن عمته على خراسان وقال لعبد الله بن عمر سر إلى الشام قالوا ولما بلغ الخبر معاوية قال إن خليفتكم قد قتل مظلوماً وأن الناس بايعوا علياً ولست أنكر أنه أفضل مني وأولى بهذا الأمر ولكن أنا ولي هذا الأمر وولي عثمان وابن عمه والطالب بدمه وقتله عثمان معه فليدفعهم إلي أقتلهم بعثمان ثم أبايعه فرأى أهل الشام أنه قد طلب حقاً وهم قوم فيهم غفلة وقلة فطنة إما أعرابي جاف وإما مدني مغفل ثم لما سمع معاوية بقول عائشة في علي ونقض طلحة والزبير البيعة ازداد قوة وجرأة وبعثت أم حبيبة بنت ابى

_ [1] . أميّة MS.

ذكر وقعة الجمل

سفيان بقميص عثمان مع النعمان بن بشير إلى معاوية فجعل يغري الناس ويحرضهم،،، ذكر وقعة الجمل قالوا ولما قدم عثمان بن حنيف البصرة واليا لعلىّ طرد عبد الله بن عامر قدم إلى مكة بخير [1] الدنيا ويعلى بن منية [2] بمال كثير فاجتمعوا عند عائشة وأداروا الرأي بينهم أن يسيروا إلى البصرة فإنهم شيعة عثمان ويطلبوا بدمه وكتب معاوية إلى الزبير إني بايعتك ولطلحة من بعدك فلا تفوتنكما العراق وأعانهما ابن عامر وابن منية [2] بالمال والظهر والكراع وخرجوا بعائشة حتى قدموا البصرة فلما بلغوا بحوأب وهو ماء لبني كلاب سمعت عائشة نباح الكلب فقالت ما هذا قالوا الحوأب قالت إنا للَّه وإنا إليه راجعون ما أراني إلا صاحبة الحديث قالوا وما ذاك يا أمّتاه قالت سمعت رسول الله صله يقول ليت شعرى أيّتكنّ تنبح [3] كلاب الحوأب سائرة في كتيبة [4] نحو المشرق

_ [1] . بحيرMS. [2] . أميّةMS. [3] . تنبحهاrectionmarginale: [4] . كتبة MS.

وهمّت بالرجوع فحلفوا لها أنّها ليست بالحوأب فمرت ومر حتى قدموا البصرة فأخذوا عثمان بن حنيف وهموا بقتله ثم خشوا غضب الأنصار على من خلفوا بالمدينة فنالوا من شعره وبشرته ونتفوا لحيته وشعر حاجبيه وأشفاره وقتلوا من خزنة بيت المال خمسين رجلاً [F؟ 195 r؟] فانتهبوا الأموال وقام طلحة والزبير خطيبين فقالا يا أهل البصرة توبة لحوبة إنما أردنا أن نستعتب أمير المؤمنين ولم نرد قتله وبلغ الخبر علياً فخرج من المدينة واستعمل عليها سهل بن حنيف وسار في سبع مائة رجل منهم سبعون بدرياً وأربع مائة من المهاجرين حتى نزل بذي قار وكتب إلى أهل الكوفة يستنفرهم فجاءه منهم ستة آلاف رجل وكانت الوقعة بالخريبة [1] يوم الخمسين لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين فبرز القوم للقتال وأقاموا الجمل وعائشة في هودج واسم ذلك الجمل عسكر فقال عليّ عم لا تبدءوهم بالقتال حتى يقتلوا منكم وإن هزموا فلا تأخذوا من أموالهم شيئاً ولا تجهزوا [2] على جريح ولا تتبعوا مدبراً ومن ألقى سلاحه

_ [1] . بالحرمةMS. [2] . تجهذوا MS.

فهو آمن فقتلوا من أصحاب علي ستة وشبت الحرب بينهم فخرج علي ودعا الزبير فجاء حتى وقف قال له علي ما جاء بك قال ما أراك لهذا الأمر أهلاً قال له أتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقاتلنك ابن عمتك وهو لك ظالم فانصرف الزبير فجاءه ابنه عبد الله بن الزبير وحثه واحفظه حتى عاد فوقف في الصف ثم سار علي حتى أتى طلحة فقال جئت بعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم وخبأت عرسك في بيتك واستعرت الحرب فقال علي أيكم يعرض هذا المصحف عليهم ويقول هذا بيننا وبينكم فأخذه فتى شاب وتقدم فقطعوا يده وأخذه بيده اليسرى ثم تقدم علي فناشدهم الله عز وجلّ في دمه ودمهم فأبوا إلّا القتال وارتجزت بنوا ضبّة [رجز] نحن بنو ضبة أصحاب الجمل ... ننزل بالموت إذا الموت نزل ننعي ابن عفان بأطراف [1] الأسل ... ردوا علينا شيخنا ثم بجل وارتجزت امرأة منهم [رجز] يا رب فاعقل لعلي جمله ... ولا تبارك في بعير حمله

_ [1] . باطرف MS.

وكان ابن عتّاب يقول [رجز] أنا ابن عتاب وسيفي ولول [1] ... والموت دون الجمل المجلل فحمل علي عليهم فانكشفوا وولى الزبير فتبعه عمار بن ياسر وقال يا أبا عبد الله ما أنت بجبان ولكني أراك شككت قال هو ذاك قال يغفر الله لك فانطلق حتى أتى وادي السباع وولى طلحة ظهره فرماه مروان بن الحكم بسهم ومروان منهزم فشك ساقه بساقه الأخرى فقتله وقال لأبان بن عثمان قد كفيتك أحد قتلة أبيك وقتل سبعون على زمام الجمل يأخذه واحد بعد واحد وقد شكت السهام الهودج حتى صار كأنه جناح نسر فقال عليّ عم ما أراكم يقاتلكم غير هذا الهودج فقال عمار لمحمد بن أبي بكر عليك مقدمه حتى تكون أنت تلقاها وعطف عمار على مؤخّر الجمل عن [2] وهذا الناس مكانه حتى وقف عليه وقال لمحمّد بن أبى بكر انظر أحيّة هي أم لا فأدخل محمد رأسه في الهودج [F؟ 195 v؟] فقالت من هذا الذي أطلع على حرمة رسول

_ [1] . كذا كان، Marge: ولوكMS. [2] . كذا في الأصل Lacune enmarge:

الله صله فقال محمّد هو أبغض أهلك إليك ثم أخرج رأسه وقال ما أصابها إلّا خدش بساعدها فقال علي صدق رسول الله صله ثم قال يا هذه استفززت الناس وألبت بينهم في كلام كثير فقالت يا ابن ابى طالب إذا ملكت [1] فاسجح وجاء ابن عباس فقال إنما سميت أم المؤمنين بنا قالت نعم قال أولسنا أولياء زوجك قالت بلى قال فلم خرجت بغير إذننا قالت قضاء وأمر وأمر حذيفة إلى المدينة وقد روينا أنها قالت لو علمت أن يكون قتال ما حضرت وإنما أردت أن أصلح بين الناس وبكت حتى كف بصرها وكانت تقول ليتني كنت نسياً منسياً ولم أحضر الجمل وبعث الزبير إلى الأحنف بن قيس وكان اعتزل الفريقين يخبره بمكانه فسمع به عمرو بن جرموز فأتاه فلما رآه الزبير [2] وقام إلى الصلاة فأتاه ابن جرموز من ورائه فضربه بسيفه فقتله وجاء بخاتمه الى عليّ عم فقال عليّ بشّر قاتل ابن صفيّة

_ I.16.Ibn -el -Athir ,t.III ,p.216.Freytag ,Arab.Proo ,t.II.p.630.Meidani ,t.II ,p.198. [1] بن corriged apresTabari ,I ,p.3186 بن مللتMS. [2] . كذا في الأصل Lacune.enmarge:

بالنار [1] وإنما قال ذلك والله أعلم لأن الزبير كان راجع وتاب والباغي إذا ولى حرم دمه وأيضاً فإنه غدر به حيث آمنه ثمّ قتله ويروى أبيات لابن جرموز هذا منها [متقارب] لسيان عندي قتل الزبير ... وضرطة عير بذي الجحفة ويقال أنه قتل في وقعة الجمل اثني عشر ألفاً والله أعلم ودخل علي البصرة وخطبهم فقال يا أهل السبخة يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلثا وعلى الله الرابعة يا جند المرأة يا تباع البهيمة رغا فأجبتم وعقر فانهزمتم أخلاقكم رقاق وأعمالكم نفاق وماؤكم زعاق ثم ولاها عبد الله بن العباس بحر الأمة وولى مصر قيس بن سعد بن عبادة وولى خراجها ماهوى دهقان مرو قاتل يزدجرد وخرج علي إلى الكوفة وفي وقعة الجمل أشعار وقصائد كثيرة فمنها قول بعضهم [متقارب] شهدت حروبا وشيبتني ... فلم أر يوماً كيوم الجمل فليت الظعينة في بيتها ... وليتك عسكر لم ترتحل

_ [1] والمذكور في الكتب انه حديث رواه marginalemoderne: علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ذكر صفين

ذكر صفين وهو موضع بين العراق والشام وقامت الحرب بين الفريقين أربعين صباحاً قالوا ولما بلغ معاوية خبر الجمل دعا أهل الشام إلى القتال على الشورى والطلب بدم عثمان فبايعوه أميراً غير خليفة وبعث علي جرير بن عبد الله البجلي رسولاً إلى معاوية يدعوه إلى البيعة فكتب إليه معاوية إن جعلت لي الشام ومصر طعمة أيام حياتك وإن حضرتك الوفاة لم تجعل لأحد بعدك في عنقي بيعة بايعتك فقال علي عم لم يكن الله عز وجل يراني اتخذ المضلين عضداً وخرج من الكوفة في تسعين ألفاً وجاء معاوية في ثمانين ألف رجل فنزل صفين يسبق علياً إلى شرعة الفرات وأمر أبا الأعور السلمي أن يحميها ويمنع أصحاب علي الماء فبعث علي الأشتر النخعي فقاتلهم وطردهم وغلبهم على الشرعة فأرسل إليه عليّ لا تمنع عباد الله الماء وجرت الرسل والمخاطبات بينهما أياماً ثم ناوشوا القتال أربعين صباحاً كلما وقدت الحرب رفعوا قميص عثمان [F؟ 196 r؟] ويقول [1] معاوية ادعوا لها جوازها [2] حتى قتل سبعون ألفاً خمسة وعشرون ألفاً من أهل العراق وخمسة

_ [1] . ويقالMS. [2] . كذا وجدت في النسخة Enmarge:

وأربعون ألفاً من أهل الشام وكان علي يخرج كل يوم خيلاً قالوا فخرج يوماً عبيد الله بن عمر وكان هرب إلى معاوية خوفاً من قصاص علي وهو يقول [رجز] أنا عبيد الله ينميني عمر ... خير قريش من مضى ومن غبر حبر رسول الله والشيخ الأغر ... قد أبطأت في قصر عثمان مضر والرّبعيّون فلا اسقوا المطر فناداه علي على ماذا تقاتلني فو الله لو كان أبوك ما قاتلني قال طلبا بدم عثمان بن عفان قال علي عم والله يطلبك بدم الهرمزان فخرج إليه الأشتر النخعي وهو يقول [رجز] إني أنا الأشتر معروف الشتر ... إني أنا الأفعى العراقي الذكر وأنت من خير قريش من نفر ... هذر مشائيم من أولاد عمر فانصرف عبيد الله وكره مبارزته ثم قتل بعد ذلك وخرج عمار فقتله أبو عامر العاملي وقد ذكرت في فصل الصحابة قصته وقيل فيه [بسيط] يا للرجال لعين دمعها جاري ... قد هاج حزني أبو اليقظان عمار

قال النبي له تقتلك شرذمة ... سيطت لحومهم بالبغي فجار فاليوم يعلم أهل الشام أنهم ... أصحاب تلك وفيها الخزي والعار فلما قتل عمار انتبه الناس وكادوا يختلفون على معاوية فقال معاوية إنما قتله علي حيث عرضه للقتل ثم خرج علي فقال علام يقتل الناس بيني وبينك أحاكمك إلى الله عز وجل فأينا قتل صاحبه استقام الأمر له فقال عمرو بن العاص له أنصفك والله يا معاوية فقال معاوية تعلم والله أنه لم يبارزه أحد إلا قتله فيزعم قوم أن معاوية قال فابرز أنت يا عمرو فلبس مدرعة ذات فرجين من قدامها وورائها وبارز علياً فلما حمل عليه وتمكن من ضربه رفع عمرو رجله فبدت عورته فيصرف عنه علي وجهه ويتركه [1] قالوا وخرج يوماً علي في كتيبة وعلى مقدمته الأشتر النخعي فصدقوهم القتال حتى لم يبق لأهل الشام صف إلا انتقض وقتلوا منهم جماعة كثيرة وكسفت الشمس وأشرف عليّ عم على الفتح فقال عمرو لمعاوية إني لأعلم كلمة لو قلتها لاستقام لك الأمر أفتجعل مصر لي طعمة فقال قد أطعمتك قال مرهم

_ [1] هذا كلام لا يصدقه العقل ولم نجده في marginalemoderne: ما سوى هذا الكتاب في كتب التاريخ وفيه يشوب التعصّب،

فلينشروا المصاحف ففعلوا ونادى ابن [1] يا أهل العراق بيننا وبينكم كتاب الله ندعوكم إليه فقالوا قد أنصفك معاوية فقال عليّ عم ويحكم هذا مكر انّما قاتلناهم ليدينوا بحكم كتاب الله قالوا لا بدّ لنا من الموادعة والإجابة إلى كتاب الله وكان ناشدهم [F؟ 196 v؟] في ذلك الأشعث بن قيس وهو يقول [طويل] فأصبح أهل الشام قد رفعوا القنا ... عليها كتاب الله خير قرآن ونادوا عليّا يا ابن عمّ محمد ... أما تتقي أن يهلك الثقلان قال عليّ عم هذا كتاب الله فمن يحكم بيننا فاختار أهل الشام عمرو بن العاص واختار أهل العراق أبا موسى الأشعريّ فقال عليّ عم هذا ابن عباس فقال الأشعث بن قيس لا نرضى به والله لا يحكم فينا مضري أبداً فقال الأحنف إن أبا موسى رجل قرى بالقعر اجعلني مكانه آخذ لك بالوثيقة وأضعك من هذا الأمر بحيث تحب فلم يرض به أهل اليمن وفيه يقول الشاعر [بسيط]

_ [1] . كذا في الأصل Lacune ,enmarge:

ذكر خروج الخوارج على علي كرم الله وجهه

لو كان للقوم يعصون به ... عند الخطوب رموكم بابن عباس لكن رموكم بوعر من ذوي يمن ... لم يدر ما ضرب أخماس لأسداس فكتبوا القضية على أن يحكم الحكمان بكتاب الله والسنة والجماعة غير الفرقة فإن فعلا غير ذلك فلا حكم لهما وصيروا الأجل شهر رمضان على أن يجتمع الحكمان في موضع عدلٍ بين الكوفة والشام ويحكما بذلك القضية [فخرج] الأشعث بن قيس وجعل يقرءها على الناس فمر به عروة بن أدية التميمي فسل سيفه وضرب به عجز دابته وقال تحكمون الرجال ولا حكم إلا للَّه وفيه يقول الشاعر [خفيف] أعلى الأشعث المعصّب بالتّاج ... شهرت السلاح يا ابن أدية ذكر خروج الخوارج على علي كرم الله وجهه وأمر علي بالرحيل من صفين فما ارتحلوا حتى فشا فيهم التحكيم ورحل معاوية إلى الشام وقد أصاب ما أراد من إيقاع الخلاف والفرقة بين أصحاب على عم فلما دخل علي الكوفة اعتزله اثنا عشر ألفاً من القراء وزالوا براياتهم حتى نزلوا حروراء وهي قرية من السواد وأمروا

على القتال شبث [1] بن ربعى وعلى الصلاة عبد الله بن الكوّاء فناظرهم على عم ستة أشهر وهم ينادونه جزعت من البلية ورضيت بالقضية وقبلت الدنية لا تحكم إلا الله عزّ وجلّ فيقول على عم انتظر بكم حكم الله فيقولون لئن أشركت ليحبطن عملك فيقول فاصبر إن وعد الله حق ثم بعث علي عبد الله بن عباس وصعصعة بن صوحان يدعونهم إلى الجماعة فقال علي أنا موادعكم إلى مدة نتدارس فيها كتاب الله عز وجل لعلنا نصطلح فمادّوه تسعة عشر ليلة ثم قال ابعثوا إلى خطباء يقومون بحجتكم فبعثوا فقام علي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لم أكن أحرصكم على هذه القضية والتحكيم ولكنكم وهنتم في القتال وتفرقتم علي ودعاني القوم إلى كتاب الله عز وجل فخشيت أن يتأولوا على قوله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً من الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ الله لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ 3: 23 قالت [F؟ 197 r؟] خطباء الحرورية دعوتنا إلى كتاب الله عزّ وجلّ فأجبناك حتّى قتلنا وقتلنا بالجمل وصفين ثم شككت في أمرك وحكّمت عدوّك فنحن على أمرك الّذي تركت وأنت على

_ [1] . شبيب MS.

غيره ولا نرجع إلا أن تتوب وتشهد على نفسك بالضلالة فقال معاذ الله أن أشهد على نفسي بالضلالة وبنا هداكم الله عز وجل واستنقذكم من الضلالة وإنما حكمت الحكمين أن يحكما بكتاب الله عز وجل والسنة الجامعة غير المفرقة فإن حكما بغير ذلك لم يكن علي ولا عليكم وإنما تقع القضية في عام قابل فقالوا نخشى أن يحدث أبو موسى شيئاً يكون كفراً قال فلا تكفّوا وأنتم العام مخافة كفر عام قابل فرجع بعضهم إلى الجماعة ثم بعث إليهم ابن عباس رضي الله عنه فقال ما نقمتم على ابن عمّ رسول الله قالوا ثلث خصال إحداهن أنه حكم الرجال في دين الله والله يقول إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ 6: 57 والأخرى أنه غير اسمه من إمارة المؤمنين وإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين والثالثة أنه قتل ولم يسب ولم يغنم فإن كانوا كفّارا حلّ [؟] يهم وإن كانوا مؤمنين فلم قتلتم فقال ابن عباس رضي الله عنه أما قولكم [1] حكم الرجال في دين الله فإن الله عز وجل قد حكم في أرنب قيمته ربع درهم مسلمين عدلين وحكم في نشوز امرأة مسلمين عدلين فأناشدكم الله عز وجل أحكم الرجال في أرنب أفضل أم حكمهم في دماء الأمة وإصلاح

_ [1] . قوله MS.

ذات البين وأما قولكم أنه قاتل ولم يسب ولم يغنم فإن الله تعالى يقول النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ من أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ 33: 6 فهل كنتم تسبون أمكم وتستحلون منها ما تستحلون من غيرها وأما قولكم أنه أخرج اسمه من إمارة المؤمنين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج اسمه يوم الحديبيّة من النبوّة والله لرسول الله أفضل من علي فرجع منهم ألفان مع عبد الله بن الكواء وأمر الباقون عبد الله بن وهب الراسبي عليهم وأخذوا في الفساد فقال عليّ عم دعوهم حتى يأخذوا مالاً ويسفكوا دماً وكان يقول أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين فالناكثون أصحاب الجمل والقاسطون أصحاب صفّين والمارقون الخوارج فوثبت الخوارج على عبد الله بن خباب فقتلوه وبقروا بطن امرأته وقتلوا نسوة وولداناً فقال لهم علي ادفعوا إلينا قتلة إخواننا وأنا تارككم فثاروا به وناوشوه القتال فقال علي عم أن يغلب منهم عشرة وأن يقتل منهم عشرة فكان كذلك وهو يوم النهروان بموضع يقال له رميلة الدسكرة وقتل المخدج ذو الثدية وقد ذكرت هذه القصة في فصل مقالات أهل الإسلام فذكر قوم أنه قتل يوم النهروان أربعة آلاف وقيل جملة من قتل علي من الخوارج

خلافة على بن ابى طالب رضي الله عنه وأرضاه

بالنهروان وغيره ستون ألفاً فهذا ما كان من أمر الخوارج وقد قال السيد الحميري [بسيط] إني أدين بما دان الوصي به ... يوم الخريبة [1] من قتل المضلين وما به دان يوم النهر دنت به ... وشاركت كفه كفي بصفينا [F؟ 197 v؟] تلك الدماء معاً يا رب في عنقي ... ثم اسقني مثلها آمين آمينا خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه ولما قتل عثمان رضي الله عنه بويع عليّ عم بيعة العامة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايع له أهل البصرة وأهل الكوفة مع أبي موسى الأشعري وبايع طلحة والزبير بالمدينة ولم يبق أحد إلا بايعه إلا معاوية بالشام في أهلها ثم نكث طلحة والزبير وخرجا بعائشة إلى البصرة فسار اليهم عليّ عم فقاتلهم وهي وقعة الجمل ثم سار إلى أهل الشام بصفين ثم حكموا الحكمين وانصرفوا وخرجت عليهم الخوارج فقتلهم بالنهروان وكان علي بعث قيس بن سعد بن عبادة إلى مصر والياً عليها فأجهض معاوية بدهائه ومكايدته [2] ولم يكن لعمرو بن

_ [1] . الحرمةMS. [2] . مكادته MS.

العاص التوصّل الهيا وقد أطعمها إياه معاوية عند تعليمهم التحكيم فاحتالوا في إزالة قيس عنها وذلك أن معاوية كتب إلى بعض بني [أمية] [1] أن جزى الله قيس بن سعد عنّا خيراً فإنه قد كف عن إخواننا من أهل مصر الذين قاتلوا في دم عثمان واكتموا ذلك علياً فإني أخاف إن بلغه ذلك عزله فشاع ذلك في الناس فقالوا بدّل قيس قال عليّ عم معاذ الله قيس لا يبدل فما زالوا به حتى كتب إليه أن اقدم فعلم قيس أنه مكر من معاوية فقال لولا الكذب لمكرت بمعاوية مكراً يدخل عليه بيته وأقبل على علي فبعث علي الأشتر النخعي مكانه فلما انتهى إلى عريش كتب معاوية عليه اللعنة إلى دهقان عريش إن أنت قتلت الأشتر فلك خراجه عشرين سنة فأخرج له سويقاً وجعل فيه سماً فلما شربه الأشتر يبس مكانه فقال معاوية لما بلغه ما أبردها على الفؤاد إن للَّه جنودا من عسل وبلغ الخبر عليّا عم فبعث محمد بن أبي بكر إلى مصر مكانه وبعث معاوية عمرو بن العاص إليها فاقتتلا [2] بالمسناة وقتل محمد بن أبي بكر وجعلوا جثته في جيفة حمار وأحرقوه بالنار،،،

_ Suppleed ,apresEl -Kindi ,Goter andJudgesofEgypt.ed.RhuvonGuest ,p.22. [1] [2] . فاقتلا MS.

ذكر الحكمين

ذكر الحكمين وكان ذلك بعد صفين بثمانية أشهر واجتمع أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص للتحكيم بموضع يقال له دومة الجندل بين مكة والكوفة والشام وأحضروا جماعة من الصحابة والتابعين منهم عبد الله بن عمرو وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث والمسور بن مخرمة في صلحاء أهل المدينة وبعث علي ابن عباس من الكوفة في جماعة فقال ابن عباس لأبي موسى أنك قد رميت بحجر الأرض وداهية العرب فمهما نسيت فلا تنس أن علياً بايعه الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان وليست فيه خصلة واحدة تباعده من الخلافة وليس في معاوية خصلة واحدة تدانيه من الخلافة فلما اجتمع أبو موسى وعمرو للحكومة ضربا فسطاطاً وقال عمرو يجب أن لا نقول شيئاً [F؟ 198 r؟] إلا كتبناه حتى لا نرجع عنه فدعيا بكاتب وكان قال له عمرو قبل ذلك ابدأ باسمي فلما أخذ الكاتب الصحيفة وكتب بسم الله الرحمن الرحيم بدأ باسم عمرو فقال له عمرو أمحه وابدأ باسم أبي موسى فإنه أفضل مني وأولى بالتقديم وكانت خديعة منه ثم قال ما نقول يا أبا موسى في قتل عثمان قال قتل والله مظلوماً قال عمرو أكتب يا غلام ثم قال يا أبا موسى إن إصلاح الأمة وحقن

الدماء وإبقاء الذماء خير مما وقع فيه علي ومعاوية فإن رأيت أن نخرجهما ويستخلف على الأمة من يرضى المسلمون به فإن هذا أمانة عظيمة في رقابنا قال لا بأس بذلك قال عمرو أكتب يا غلام ثم ختما على ذلك الكتاب وقاما ذلك اليوم وقد تطاول النهار وسيم الكلام وقد ظفر عمرو بما أراد من إقرار أبي موسى بقتل عثمان ظلماً وإخراج علي ومعاوية من الأمر فلما كان من الغد وقعدا للنظر قال عمرو يا أبا موسى قد أخرجنا علياً ومعاوية من هذا الأمر فسم له من شئت قال أسمي الحسن بن علي قال عمرو تراه تخرج أباه من الأمر وتجلس مكانه ابنه قال فعبد الله بن عمر قال هو أورع من أن يدخل في شيء من هذا وسمى أبو موسى عدة لا يرضيهم عمرو ثم قال سم أنت يا أبا عبد الله قال معاوية بن أبي سفيان قال ما هو أهل [1] لذلك فابني عبد الله بن عمرو فعرف أبو موسى أنه يتلعب به فقال أفعلتها لعنك الله إنما مثلك كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ 7: 176 أو تتركه يلهث فقال له عمرو بل أنت لعنك الله إنما مثلك كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً 62: 5 ثم [قال] عمرو انّ هذا قد خلع صاحبه وأخرجه عمرو خاتمه وأنا

_ [1] . أهلا MS.

أيضا خلعته كما خلعت هذا الخاتم من يدي ثم أدخل خاتمه في يده الأخرى وقال أدخلت معاوية في الأمر كما أدخلت خاتمي في يدي وقال قوم خلع علياً ولم يدخل معاوية حتى أتى الشام ثم ركب أبو موسى راحلته إلى مكة وركب عمرو الى الشأم وفيه يقول الشاعر [وافر] أبا موسى بليت وكنت شيخا ... قريب القعر مجرور اللسان رمى عمرو صفاتك يا ابن قيس ... بأمر لا تنوء به اليدان فأعطيت المقادة مستجيبا ... فيا للَّه من شيخ يمان ولمّا قدم عمرو الشأم ولّى معاوية وبايعوه الناس وبلغ الخبر علياً فقال كنت نهيتكم عن هذه الحكومة فمن دعا إليها فاقتلوه وعزم على المسير إلى معاوية وبايعه ستون ألفاً على الموت فشغلته الخوارج وقتالهم إلى أن قتل رضوان الله عليه وأخذ معاوية في تسريب السرايا إلى النواحي التي تليها عمّال عليّ عم وشن الغارات وقتل الرجال ونهب الأموال وبعث بسر بن أرطاة إلى المدينة وعلى المدينة ابو أيّوب الأنصاريّ فنخّى عنها وصعد بسر المنبر وتوعد أهل المدينة بالقتل حتى أجابوا إلى بيعة معاوية وأتى مكّة

مقتل علي عم

وبها عبد الله بن العباس فهابه وخرج نحو علي وقتل بسر جماعة من شيعة عليّ عم وأخذ ابنين صغيرين لعبد الله بن عباس فقتلهما في حجر أمهما [1] وفيهما تقول أمهما [بسيط] [F؟ 198 v؟] ها من أحس بنيني اللذين هما ... كالدرتين تشظى عنهما الصدف ها من أحس بنيني اللذين هما ... سمعي وعيني فقلبي اليوم مختطف نبيت بسراً وما صدقت ما زعموا ... من قولهم ومن الكذب الذي وصفوا وبلغ الخبر علياً فبعث في إثره جارية [2] بن قدامة ففاته ولم يدركه وكان لبسر هذا ابنان بأوطاس فخرج إليهما رجل من قريش فقتلهما وقال فيها [بسيط] ما قتلتهما ظلما فقد شرفت ... من صاحبيك قناتي دون أوطاس فاشرب بكأس ذوي ثكل كما شربت ... أمّ الصّبيّين أو ذاق ابن عبّاس مقتل عليّ عم قالوا تعاقد ثلاثة نفر من الخوارج على قتل علي رضي الله عنه ومعاوية وعمرو بن العاص منهم عبد الرحمن بن ملجم عليه

_ [1] . أمّهاMS. [2] . خارجة MS.

لعائن الله تترى مرة بعد أخرى قال أنا أقتل علياً والبرك [1] قال أنا أقتل معاوية عليه اللعنة وداود مولى لبني العنبر قال أنا أقتل عمرو بن العاص فاجتمعوا بمكة وشروا أنفسهم على أن يريحوا العباد من أئمة الضلال ومضوا لطيتهم فأما داود فأتى مصر ودخل المسجد وقام في الصلاة فخرج خارجة بن حذافة وكان على شرطة عمرو وعمرو يشتكي فضربه داود فقتله وهو ظنه عمراً فقال عمرو أردت عمراً والله يريد خارجة فذهبت مثلا وأخذوا داود به فقتل وأما البرك [1] واسمه الحجاج فإنه مضى إلى الشام ودخل المسجد فخرج معاوية فافتتح الصلاة فضربه البرك [1] وكان معاوية عظيم العجز فأصابت الضربة فقطعت منه عرقاً انقطع منه الولد فأخذ البرك [1] فقطعت يداه ورجلاه وخلي عنه فعاش وقدم البصرة ونكح امرأة فولدت له فلما كان في أيام زياد بن أبيه أخذه فقال يولد لك ولم يولد لمعاوية فضرب عنقه وأما ابن ملجم عليه لعنة الله فإنه أتى الكوفة وجعل يختلف الى عليّ عم وعلي يلاطفه ويواصله ويتوسم فيه الشر وفيه يقول [وافر]

_ [1] . البرل MS.

أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد قالوا وشعف ابن ملجم عليه اللعنة بامرأة يقال لها قطام من الخوارج فخطبها فقالت الصداق قتل علي وكذا وكذا وكان قتل أباها وأخاها بالنهروان فضمن لها ذلك وسم سيفه وشحذه وجاء فبات تلك الليلة بالمسجد هو وروي عن الحسن بن علي عليهما السلام أنه قال لما أصبح اليوم الذي ضربه الرجل فيه فقال لقد سنخ [1] الى الليلة النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك قال ادع الله أن يريحك منهم قالوا ودخل علي المسجد ونبه النيام فركل ابن ملجم برجله وهو ملتف بعباءة وقال له قم فما أراك إلا الذي أظنه وافتتح ركعتي الفجر فأتاه ابن ملجم عليه لعائن الله فضربه على صلعته حيث وضع النبي صلى الله عليه وسلم [F؟ 199 r؟] يده وقال أشقى الناس أحيمر ثمود والذي يخضب هذه من هذه وروي أنه كان ضربه عليه عمرو بن عبد ودٍ يوم الخندق ولم يبلغ الضربة مبلغ القتل ولكن عمل فيه السم فثار الناس إليه وقبضوا عليه فقال علي لا تقتلوه فإن عشت رأيت فيه رأياً وإن متّ

_ [1] . كذا Marge:

فشأنكم به فعاش ثلاثة أيام ثم مات يوم الجمعة لسبع عشرة من رمضان وهو اليوم الّذي أوحى فيه الى النبيّ صله واليوم الذي فتح الله عليه بدراً فقتل ابن ملجم عليه لعنة الله ودفن علي رضي الله عنه واختلفوا أين دفن فقال قوم دفن بالغري وقال قوم دفن بالكوفة وعمي مكانه وقال قوم جعل في تابوت وحمل على بعير يريدون المدينة فأخذه طيِّئ وهم يظنونه مالا فلما رأوا الميت دفنوه عندهم والله اعلم وممّا رثى به عم قول أمّ الهيثم بنت ابى الأسود الدئلي [1] [وافر] ألا أبلغ معاوية بن حرب ... فلا قرت عيون الشامتينا أفي الشهر الحرام فجعتمونا ... بخير الناس طراً أجمعينا رزئنا خير من ركب المطايا ... وخيسها ومن ركب السفينا وقيل في ابن ملجم وقصّته [طويل] فلم أر مهراً ساقه ذو سماحة ... كمهر قطام بين غير مبهم ثلاثة آلاف وعبد وقينة ... وقتل عليّ بالحسام السمّم [2] فلا مهر أغلى من علي وإن علا ... ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

_ [1] . الدؤلىّMS. [2] . المصمّم MS.

ويقول عمران بن حطان في ابن ملجم لعنهما الله [بسيط] يا ضربة من تقي ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إني لأذكره يوما فأحسبه ... أوفى البرية عند الله ميزانا وروى أنّ عليّا عم كان يقنت على معاوية إلى أن مات ومعاوية يلعن علياً وولده وكتب الوليد بن عقبة الفاسق إلى معاوية يهنئه بقتل علي رضوان الله عليه [وافر] ألا أبلغ معاوية بن حرب ... فإنك من أخي ثقة مليم [1] قطعت الدهر كالسدم [2] المعنى ... تهدر في دمشق فما تريم [3] ليهنئك الإمارة كل ركب ... بأنضاء العراق لها رسيم فإنك والكتاب إلى علي ... كدابغة وقد حلم [4] الأديم وكانت خلافة عليّ عم خمس سنين لم يتفرغ إلى أن يحج بنفسه شغلته الحروب،،،

_ [1] . ثقة مليمMS. [2] . 119 بن corriged ,apresleLisan ,VII بن كالندمMS. idem. [3] بن يريمMS. [4] . حلم MS.

خلافة الحسن بن علي رضي الله عنهما

خلافة الحسن بن علي رضي الله عنهما ثم بويع الحسن بن علي رضي الله عنهما بالكوفة وبويع معاوية بالشام في مسجد إيليا [1] فقدّم الحسن قيس ابن سعد في اثني عشر ألفاً للقاء معاوية وجاء معاوية [F؟ 199 v؟] حتى نزل جسر منبج وخرج الحسن حتى ساباط المدائن في أربعين ألفاً قد بايعوا على الموت وأحبوه أشد من حبهم لأبيه فأغذ السير حتى إلى مسكن من أرض الكوفة في عشر ليالٍ ورجلان يقرءان القرآن عن يمينه وعن شماله وفيه يقول كعب بن جعيل [2] [بسيط] من جسر منبج أضحى غب عاشره ... في نخل مسكن تتلا حوله السور وقدم معاوية بسر بن أرطاة فكانت بينه وبين قيس مناوشة ثم تحاجزوا ينتظرون الحسن قالوا ونظر الحسن ما يسفك من الدماء وينتهك من المحارم فقال لا حاجة لي في هذا الأمر وقد رأيت أن أسلمه إلى معاوية فيكون في عنقه تباعة هذا الأمر وأوزاره فقال له الحسين أنشدك الله أن تكون [3] أوّل من عاب أباه ورغب

_ [1] . إيلياMS. [2] . جميلMS. [3] . يكون MS.

عن رأيه فقال الحسن لتتابعني [1] على ما أقول أو لأشدّنّك في الحديد حتى أفرغ منه فقال له الحسين فشأنك به وإني لكاره فقام الحسن رضي الله عنه خطيبا فذكر رأيه وإيثاره السلامة فقال الناس هو خالع نفسه لمعاوية فشق عليهم ذلك وقد بايعوه على الموت فثاروا به وقطعوا عليه كلامه وخرقوا عليه سرادقه وطعنه رجل في فخذه طعنة أشوته وانصرفوا عنه إلى الكوفة فحمل الحسن إلى المدائن وقد نزف دمه فعولج وبعث إلى معاوية يذكر تسليمه الأمر إليه فكتب إليه معاوية أما بعد فأنت أولى بهذا الأمر وأحق به لقرابتك وكذا وكذا ولو علمت أنك أضبط له وأحوط على حريم هذه الأمة وأكيد للعدو لبايعتك فاسأل ما شئت وبعث إليه بصحيفة بيضاء مختومة في أسفلها أن اكتب فيها ما شئت فكتب الحسن أموالاً وضياعاً وأمانا لشيعة علي وأشهد على ذلك شهوداً من الصحابة وكتب في تسليم الأمر كتاباً على أن يعمل بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة الخلفاء [2] الماضين وأن لا يعهد بعده إلى أحد ويكون الأمر شورى وأصحاب علي آمنين حيثما كانوا وقيس

_ [1] . ليتابعنىMS. [2] . الصالحين otationmarginale:

ابن سعد نازل وعلى منازلته عازم فبعث إليه معاوية على طاعة من تنازعني وقد بايعني صاحبك وبعث إليه بصحيفة بيضاء ووضع خاتمه أسفلها وقال سل ما شئت فلم يسئل قيس غير الأمان له ولمن معه فآمنهم وانصرفوا والتقى معاوية مع الحسن على منزل من الكوفة فدخلا الكوفة معاً ثم قال يا أبا محمد نعرض به لقد جدت بشيءٍ لا تجود بمثله نفوس الرجال فقم وأعلم الناس ذلك فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس لو طلبتم ما بين جابلق إلى جابلص [1] رجلاً جده رسول الله ما وجدتموه غيري وغير أخي وأن الله تعالى هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا وإن معاوية نازعني حقاً لي دونه فرأيت أن أمنع الناس الحرب وأسلمه إليه وإن لهذا الأمر مدة وتلا وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ 21: 111 فلما تلا الحسن هذه الآية خشي معاوية الاختلاف فقال له معاوية اقعد ثم قام خطيبا فقال كنت شروطاً في الفرقة أردت بها نظام الألفة وقد جمع الله كلمتنا وأزال فرقتنا وكل شرط شرطته فهو مردود وكل وعد وعدته فهو تحت قدمي هاتين فقام الحسن فقال إلّا وانّى اخترت

_ [1] . حاباف الى حاباص MS.

[F؟ 200 r؟] العار على النار لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ من أَلْفِ شَهْرٍ 97: 3 وسار إلى المدينة وقام بها إلى أن مات سنة سبع وأربعين من الهجرة رضوان الله عليه وكانت خلافته خمسة أشهر ويقال ستة أشهر وصحت رواية سفينة عن النبي صله الخلافة بعدي ثلاثون ثم يكون الملك وروى الحسن عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم إن ابني هذا سيد وسيصلح به بين فئتين،،، تمّ الجزء الخامس

المجلد السادس

المجلد السادس الفصل الحادي والعشرون في ولاية بني أمية إلى آخر أيامهم على الاختصار وما كان فيه من فتنة ابن الزبير والمختار بن أبي عبيد ولاية معاوية بن أبي سفيان وصار الأمر إلى معاوية سنة أربعين من الهجرة وكان ولي لعمر وعثمان عشرين سنة ولما سلم الحسن الأمر إليه ولى الكوفة المغيرة بن شعبة وولى البصرة وخراسان عبد الله بن عامر بن كريز وولى المدينة مروان بن الحكم وانصرف معاوية إلى الشام وفي هذه السنة افتعل المغيرة كتاباً من معاوية إلى أهل الموسم في الإمارة وحج بالناس فوقف يوم التروية ونحر يوم عرفة خوفاً أن يفطن الناس بكتابه ثم نزع معاوية عبد الله بن عامر عن البصرة وولاها زياد بن أبيه ثم لما

قصة زياد بن أبيه

مات المغيرة بن شعبة جمع له العراقين وهما الكوفة والبصرة وهو أوّل من جمع له العراقان،،، قصة زياد بن أبيه قالوا أن معاوية أول من ادعى إلى غير أبيه فادّعى زيادا أخا لما رأى من جلده ونفاذه وزياد هو ابن عبيد من ثقيف وأمه سمية وقد قال الحسن والشعبي أن سرك أن لا تكذب فقل زياد بن أبيه وفيه يقول ابن المفرغ [1] [بسيط] العبد للعبد لا أصل ولا شرف ... ألوت به ذات أظفارٍ وأنياب وكان زياد كاتباً للمغيرة بن شعبة ثم كتب لأبي موسى الأشعري ثم كتب لابن عامر ثم كتب لابن عباس ثم كتب لعلي بن أبي طالب عم وكان له من الولد ثلاثة وأربعون منهم عشرون ذكراً وثلاث وعشرون أنثى ومات زياد بالكوفة سنة ثلاث وخمسين من الهجرة وذلك أنه كان غشوماً ظلوماً هصوماً جبى العراق مائة ألف ألف وجعل يخطب الحجاز ويهدد أهله بالقتل وكتب إلى معاوية إني قد ضبطت العراق بيميني وشمالي فارغة فضم إليه الحجاز فاجتمع أهل المدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا

_ [1] . المقرع MS.

ذكر موت المغيرة بن شعبة

عليه فخرجت في يده الآكلة فشغله عن ذلك وكان يناله من عليّ عم فضربه النقاد [1] ذو الرقبة يعنى الفالج فقتله بالكوفة،،، ذكر موت المغيرة بن شعبة وقع الطاعون بالكوفة فهرب المغيرة ابن شعبة ثم لما سكن عاد فطعن فمات فقال اعرابىّ [طويل] ارسم ديار للمغيرة تعرف ... عليه دواني الإنس والجن تعزف فإن كنت قد لاقيت هامان بعدنا ... وفرعون فاعلم أن ذا العرش منصف ومات عمرو بن العاص بمصر يوم الفطر فصلّى عليه ابنه عبد الله ابن عمرو بن العاص ثم صلى بالناس صلاة العيد وخلف عمرو من المال ثلاثمائة ألف دينار وخمسة وعشرين ألف دينار ومن الغلة ما يبلغ ارتفاعها في السنة مائتى ألف دينار ومن الورق ألفي ألف درهم وفيه يقول الشاعر] [F؟ 200 v؟] طويل] ألم تر أن الدهر أذكى عيونه ... على عمرو السهمي تجبى له مصر ولم يغن عنه كيده واحتياله ... وحيلته حتى أتيح [2] له الدهر قالوا وولى معاوية خراسان الحكم بن عمرو الغفاريّ وكانت له

_ [1] . النعارMS. [2] . أتيح MS.

صحبة وافتتح جبال الغور ومات بمرو ثم ولاها عبيد الله بن زياد فغزا طخارستان وملكتها فتح خاتون فقاتلها وهزمها وانتهب مملكتها سبعاً ثم صارت إلى الصلح فصالحها على مال وخلى لها ملكها ونواحيها ثم غزا ما وراء النهر وأغار على بخارا وغنم منها غنائم كثيرة وعاد إلى البصرة ثم ولاها سعيد بن عثمان بن عفان وغزا ما وراء النهر وصالح أهل سمرقند على أن يدخل باباً من أبوابها ويخرج من الآخر وأخذ منهم رهائن أن لا يغدروا به فدخل وخرج وانصرف بالرهائن وغدر بهم وحملهم الى المدينة وجعل يستعملهم في النخيل والطين وهم أولاد الدهاقين وأرباب النعم فلم يطيقوا ذلك العمل وسئموا عيشهم فوثبوا عليه في حائط له فقتلوه ثم قتلوا أنفسهم بالحبل خنقاً ثم ولاها أسلم بن زرعة وكان غشوماً ظلوماً فأخذ أهل مرو بأن يكفوا عنه نقيق الضفاضع فأخبروه بأن ذلك غير ممكن فضاعف عليهم الخراج مائة ألف درهم وفي أيام معاوية افتتح من الروم روذوس وهو على يومين من القسطنطينية وأقام المسلمون بها سبع سنين وافتتح من خراسان سمرقند وكش ونسف وبخارا وافتتح الربيع بن زياد الحارثي بلخ وما يليها وكان والياً من عند معاوية

وفاة الحسن بن علي رضي الله عنهما

فمات بمرو فلما حج معاوية جاءه الحسن والحسين وابن عباس رضي الله عنهم وسألوه أن يفي لهم بما ضمن فقال أما ترضون يا بني هاشم أن نوفر عليكم دماءكم وأنتم قتلة عثمان ولم يعطهم مما في الصحيفة شيئاً،،، وفاة الحسن بن علي رضي الله عنهما وتوفي الحسن في سنة تسع وأربعين وهو ابن سبع وأربعين [سنة] واختلفوا في سبب موته فزعم قوم أنه زج ظهر قدمه في الطواف بزجٍ مسمومٍ وقال آخرون أن معاوية دس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس بأن تسمّ أحسن ويزوجها يزيد فسمته وقتلته فقال لها معاوية إن يزيد منا بمكان [1] وكيف يصلح له من لا يصلح لابن رسول الله وعوضها منه مائة ألف درهم وفي أيام معاوية ماتت عائشة رضي الله عنها وأم سلمة وأبو هريرة وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمرو وأبو أيوب الأنصاري بالقسطنطينية وكان معاوية قد اذكى العيون على شيعة على عم يقتلهم أين أصابهم فقتل حجر بن عدي وعمرو بن الحمق في جملة من قتل وقال سعيد بن المسيب أن معاوية أول من غير قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من خطب قاعداً لأنه كان

_ [1] . كذا وكذا Notemarginale:

ذكر أخذ البيعة ليزيد بن معاوية

بطيناً بادناً وأول من قدم الخطبة على الصلاة [1] خشي أن يتفرق الناس عنه قبل أن يقول ما بدا له وأول من نصب المحراب في المسجد وتوفي وله من الأموال التي استصفاها من مال كسرى وقيصر خمسون [2] ألف ألف درهم،،، ذكر أخذ البيعة ليزيد بن معاوية ثم دعا الناس إلى بيعة يزيد فأول من بايع يزيد معاوية وكتب إلى مروان بن الحكم بأخذ بيعة أهل المدينة ليزيد عليه اللعنة فغضب مروان إذ لم يجعل إليه الأمر فسار إلى الشام فكلمه وجعله ولي عهد يزيد بعده [F؟ 201 r؟] ورده إلى المدينة فامتنع أهل المدينة من بيعته فجاء معاوية حاجاً في ألف فارس إلى المدينة وتلقاه الحسين وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير فسلموا عليه فلم يرد جواب سلامهم وأغلظ بهم في القول وعنف وذلك حيلة منه فتوجه القوم إلى مكة لما رأوا من جفائه ودخل معاوية المدينة ولم يبق بها أحد لم يبايعه وأخذ بيعة أهلها ليزيد وفرّق فيهم

_ [1] وصلاة العيد وإلّا فهي مقدّمة على.marginalemoderne: صلاة الجمعة [2] . خمسين MS.

أموالاً عظيمةً ثم خرج إلى مكة فتلقاه الحسين بن علي فلما وقع بصره عليه قال مرحباً بابن رسول الله وسيد شباب أهل الجنة دابةً لابن عبد الله ثم طلع عليه عبد الله بن الزبير فقال مرحباً بابن حواري رسول الله وابن عمته دابةً لأبي خبيب ثم كذلك كلما طلع عليه طالع حياه وأمر له بدابةٍ وصلةٍ ثم دخل مكة وهداياه وجوائزه يروح عليهم ويغدو حتى أنماهم الأموال ثم أمر برواحله فعلقت بباب المسجد وجمع الناس وأمر بصاحب حرسه أن يقيم على رأس كل رجل من الأشراف رجلاً بالسيف وقال إن ذهب واحد منهم إلى أن يراجعني في كلامي فاضربوا عنقه ثم صعد المنبر وخطب فقال إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم ولا يبتز [1] أمر دونهم ولا يقضى أمر عن غير مشورتهم وقد بايعوا يزيد فبايعوه بسم الله فأمّا الأشراف فلم يمكنهم تكذيبه ومراجعته وأما سائر الناس فلا جرأة لهم على الكلام ولا علم لهم بشيء مما يقول فأخذ البيعة وركب رواحله وضرب إلى الشام وكان يقول لولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي وفيه

_ [1] . 22. 1 بن corriged ,apresIbn -el -Athir ,Chronicon ,t.III ,P.423 بن تبيّن MS.

بيعة يزيد بن معاوية عليه اللعنة

يقول بعضهم [وافر] فإن تأتوا [1] برملة أو بهند ... نبايعها [2] أميرة مؤمنينا إذا ما مات كسرى قام كسرى ... بنوه بعده متناسقينا [3] خشينا الغيظ حتى لو سقينا ... دماء بنى أميّة ما شفينا ومات معاوية بدمشق سنة ستين وهو ابن ثمانين سنة وكان رجلاً طوالاً جسيماً بادناً أبيض جميل الوجه قبيح الفعال إذا ضحك انقلبت شفته العلياء وبايع أهل الشام يزيد بن معاوية على الوفاء بما أخذ له معاوية من بيعتهم،،، بيعة يزيد بن معاوية عليه اللعنة قالوا مات معاوية وعلى المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وعلى العراق عبيد الله بن زياد فلما ورد نعي معاوية قال مروان بن الحكم للوليد بن عتبة [4] أبعث إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير فإن بايعا وإلا فاضرب أعناقهما فاستدعاهما في جوف الليل ونعى اليهما معاوية

_ [1] .؟ أتواMS. [2] . يبايعهاMS. [3] . متنافيناMS. [4] . عقبة MS.

وأخذهما بالبيعة ليزيد فقالا حتى نصبح وانصرفا من عنده وخرجا من تحت الليل إلى مكة وأبيا أن يبايعا وبلغ أهل الكوفة تلكؤ الحسين في بيعة يزيد فكتبوا إلى الحسين في القدوم عليهم وبعثوا بحمل بعير وكتبوا البيعة فأرسل الحسين مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليأخذ البيعة من أهلها فجاء حتى نزل على هانئ بن عروة واجتمع إليه خلق كثير من الشيعة يبايعون الحسين وخرج [F؟ 201 V؟] الحسين بأهله وولده وبلغ الخبر عبيد الله بن زياد عليه اللعنة وهو بالبصرة فهم إلى الكوفة فسار إليه الشيعة وقاتلوه حتى دخل قصره وأغلق بابه فلما كان عند المساء وتفرق الناس عن المسلم بن عقيل بعث عبيد الله بن زياد خيلاً في خفية فقبضوا على مسلم وعلى هانئ ورفعوا مسلما بين شرف القصر وقتل ادنا من العضادة ثم ضربوا عنقه وفيه يقول [طويل] فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري ... إلى هانئ في السوق وابن عقيل ترى رجلاً قد جدع السيف أنفه ... وآخر يهوي من طمارٍ قتيل ترى جسداً قد غير الشمس [1] لونه ... ونضح دم قد سال كل مسيل

_ [1] . الموت rectionmarginale:

مقتل ابى عبد الله الحسين بن علي رضي الله عنهما

مقتل أبي عبد الله الحسين بن علي رضي الله عنهما ولما بلغ الحسين قتل مسلم بن عقيل هم بالرجوع إلى المدينة فبعث إليه عبد الله بن زياد الحر بن يزيد التميمي في ألف فارس فلقي الحسين بزبالة فقال له الحسين لم آتكم حتى انتهت إلي كتبكم فإن كان رأيكم على غير ما نطقت به كتبكم انصرفت فقال الحرّ ابن يزيد إني لم أؤمر بقتالك ولكن أمرت أن لا أفارقك حتى تقدم الكوفة فإذا أتيت فخذ طريقاً يدخلك الكوفة ولا نزول إلى المدينة حتى أكتب إلى ابن زياد فانثنى الحسين عن طريق العذيب والحر بن زياد يسايره حتى انتهى إلى الغاضرية فنزل بها وهو يوم الخميس لليلتين خلتا من المحرم سنة إحدى وستين وقدم عليه يوم الجمعة عمر بن سعد بن أبي وقاص في أربعة آلاف وزعم قوم أن عبيد الله بن زياد قال له إن قتلت الحسين فلك عمل الري وبعث معه بشر بن ذي الجوشن وقال إن لم يقتله فاقتله وأنت على الناس فنزلوا بين نهري كربلا وجرت الرسل بينهم وبين الحسين ومنعوه ومن معه الماء أن يشربوا فقال الحسين لعمر ابن سعد اكتب إلى صاحبك فاعرض أن أرجع إلى الموضع الذي أقبلت منه أو آتي ثغراً من ثغور المسلمين إلى أن ألحق

باللَّه عز وجل أو يبعث بي إلى يزيد بن معاوية فيرى في رأيه فإن الرحم تمنعه قتلي فكتب عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد بذلك فلم يقبل من ذلك شيئاً وقال لا إلا أن ينزل على حكمي فقال الحسين والله لا انزل على حكم ابن مرجانة أبداً يعني عبيد الله بن زياد وناهضهم القتال يوم عاشوراء وهو يوم الجمعة ومعه تسعة عشر إنساناً من أهل بيته وانحاز اليه الحرّ التميميّ تائباً من ذنبه فقاتل معه فقتل الحسين عطشان وقتل معه سبعة من ولد علي عم وثلاثة من ولد الحسين وتركوا علي بن الحسين وهو علي الأصغر لأنه كان مريضاً فمنه عقب الحسين عم إلى اليوم وقتلوا من أصحابه سبعة وثمانين إنسانا وزعم قوم ان الحسين رضي الله عنه قتل بعد ما قتل منهم عدة ولولا الضعف الذي أدركه من العطش لكان يأتي على أكثرهم قالوا فرماه الحصين بن تميم في حنكه وضرب زرعة بن شريك كفه وطعنه سنان بن أنس بالرمح ثم نزل فاجتز رأسه وأوطأ الخيل جثته [F؟ 202 r؟] وساقوا علي بن الحسين مع نسائه وبناته إلى عبيد الله بن زياد فزعموا أنه وضع رأس الحسين في طست وجعل ينكت في وجهه بقضيب ويقول ما رأيت مثل حسن هذا الوجه فقط فقال أنس

ابن مالك أما أنه كان يشبه النبي صلى الله عليه ثم بعث به وبأولاده إلى يزيد بن معاوية فذكر أن يزيد أمر بنسائه وبناته فأقمن بدرجة المسجد حيث توقف الأسارى لينظر الناس إليهن ووضع رأسه بين يديه وجعل ينكت بالقضيب في وجهه وهو يقول [رمل] ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل لأهلوا واستهلوا فرحاً ... ولقالوا يا يزيد لا تسل فقام أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه فقال أما والله لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذاً لربما رأيت رسول الله صلّى الله عليه يرشفه وقتل الحسين عم سنة إحدى وستين من الهجرة يوم عاشوراء وهو يوم الجمعة وكان بلغ من السن ثمانياً وخمسين سنة وكان يخضب بالسواد رضي الله عنه ثم بعث يزيد عليه اللعنة بأهله وبناته الى المدينة وورثته ابنة عقيل بن أبى طالب [بسيط] ماذا تقولون أن قال المليك لكم ... ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي ... منهم أسارى وقتلى ضرجوا بدمي قال وسمع أهل المدينة ليلة قتل الحسين في نهارها هاتفا

قصة عبد الله بن الزبير بن العوام

يهتف [كامل] مسح الرسول جبينه ... فله بريق في الخدود أبواه من عليا قريش ... وجده خير الجدود واعلم أن للروافض في هذه القصة من الزيادات والتهاويل شيئاً غير قليل وفي مقدار ما بيناه سقط كثير لأن من الناس من ينكر أن يكون يزيد أمر بقتله أو رضي به والله أعلم بذلك،،، قصة عبد الله بن الزبير بن العوام وهو ابن صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول مولود ولد بالمدينة في الإسلام قالوا ولما بويع يزيد تلكأ الحسين وعبد الله بن الزبير عن بيعته ولحقا بمكة فأما الحسين فخرج إلى الكوفة حتى استشهد بكربلاء وأما عبد الله بن الزبير فامتنع بمكة ولاذ بالكعبة ودعا الناس إلى الشورى وجعل يلعن يزيد وسماه الفاسق المتكبر وقال لا يرضى الله بعهد معاوية إلى يزيد وإنما ذاك إلى عامة المسلمين فأجابه الناس إلى ذلك ورأوا الحق فيه وأظهر ابن الزبير التألد والتنسك وجعل يصوم ويصلي حتى أثر فيه ومال الناس إليه وكتب إلى أهل المدينة أن اخرجوا بني أمية من أظهركم فأخرجوهم وبلغ الخبر يزيد فبعث مسلم بن

ذكر وقعة الحرة

عقبة المرى في جيش كثيف وجعل يرتجز] [F؟ 202 V؟] رجز] أبلغ أبا بكر إذا الجيش سرى ... ومرت الخيل على وادي القرى عشرين ألفا بين كهل وفتى ... أجمع نشوان من القوم ترى ذكر وقعة الحرة قال فجاء مسلم بن عقبة فأوقع بالمدينة وقتل أربع آلاف رجل من أفناء الناس وسبعين رجلاً من الأنصار وبقر عن بطون النساء وأباح الحرم وأنهب المدينة ثلاثة أيام وبايعهم على أنه فيء ليزيد وجعل يفعل فيهم ما شاء وكانت الوقعة بالحرة وهي ضاحي المدينة وبتلك سميت الحرة وسموا مسلم بن عقبة مسرف بن عقبة وكان يسمى ابن الزبير الملحد وقد قال محمّد ابن أسلم الساعدىّ [طويل] فإن يقتلونا يوم حرة واقمٍ ... فنحن على الإسلام أول من قتل ثم سار مسلم نحو مكة يريد ابن الزبير فطعن بقديد لدعوة أهل المدينة واستخلف على الجيش الحصين بن نمير اليشكري أوصاه يزيد بذلك وقال له يا برذعة الحمار لولا أن أمير المؤمنين أمرني باستخلافك ما استخلفتك فإذا أنا مت فامض بالجيش عني حتى

تواقى الملحد ولا تجعل أذنك قمعاً لقريش فأنهم سحرة بالكلام ولكن عليك إذا وافيت بالوقاف ثم النقاف [1] ثم الانصراف ومات مسرف فسار الحصين حتى أتى مكة وحاصر ابن الزبير أياماً ورمى بالمنجنيق والنفاطات الركن فأحرق الأستار فبعث الله على أصحاب المنجنيق صاعقة فأحرقت منهم بضعة عشر رجلاً وكان المختار بن أبي عبيد الثقفي بايع ابن الزبير على أن لا ينفرد برأي ولا يقضي أمراً دونه فوجه المختار إلى الحصين وقاتله فردّهم عن مكّة فبينا هم كذلك إذ أتاهم نعي يزيد فانصرفوا إلى الشام وكان يزيد ولى سلم بن زياد بن أبيه خراسان وسجستان فغزا ما وراء النهر وامرأة تملك بخاراً يقال لها خاتون فكتبت [2] إلى طرخان ملك الترك تستمده وتستنجده [3] على أن تزوجه نفسها وجاء طرخان في جيش عظيم من الترك والسغد وناهضهم القتال فهزمهم وغنم من أموالهم وأولادهم ما يفوت الإحصاء وفي سلم يقول يزيد بن معاوية [طويل]

_ [1] . التقافMS. [2] . فكتبMS. [3] . يستمدّه ويستنجده MS.

موت يزيد بن معاوية

عتبت على سلم فلما فقدته ... وجربت أقواماً بكيت على سلم موت يزيد بن معاوية ولما احتضر يزيد بن معاوية ولى ابنه معاوية بن يزيد وسلم الأمر إليه وكان ولد يزيد بالماطرون ومات بحوارين [1] وهو ابن ثمان وثلاثين سنة وكان ملكه ثلث سنين وثمانية أشهر وذكر أنه تمثل عند موته بهذين البيتين [طويل] فيا ليتني لم أغن في الناس ساعةً ... ولم أغن في لذات عيش مفاخر وكنت كذي طمرين عاش ببلغةٍ ... من العيش حتى صار رهن المقابر وفيه يقول الشاعر [رجز] يا أيها القبر بحوارينا [2] ... ضممت شر الناس أجمعينا [F؟ 203 r؟] ولاية معاوية بن يزيد بن معاوية ولما مات يزيد صار الأمر إلى ولده معاوية بن يزيد وكان قدرياً لأنه أشخص عمراً المقصوص فعلمه ذلك فدان به وتحققه فلما بايعه الناس قال

_ [1] . بجورانMS. [2] . بجورانيا MS.

للمقصوص ما ترى قال إما أن تعتدل وإما أن تعتزل فخطب معاوية فقال إنا بلينا بكم وابتليتم بنا وإن جدي معاوية نازع الأمر من كان أولى به وأحق فركب منه ما تعلمون حتى صار مرتهناً بعمله ثم تقلده أبي ولقد كان غير خليق به فركب ردعه واستحسن خطاءه ولا أحب أن ألقى الله بتبعاتكم فشأنكم وأمركم ولّوه من شئتم فو الله لئن كانت الخلافة مغنماً لقد أصبنا منها حظاً وإن كانت شراً فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها ثم نزل وأغلق الباب في وجهه وتخلى للعبادة حتى مات بالطاعون في سنة [أربع وستين] اثنتي وعشرين سنة وكانت ولايته عشرين يوماً ويقال أربعين يوماً ويقال ثلاثة أشهر فوثب بنو أمية على عمرو المقصوص وقالوا أنت أفسدته وعلمته فطمروه ودفنوه حيّا وكان قيل فيه [وافر] تلقفها يزيد عن أبيه ... فخذها يا معاوي عن يزيد وقال آخر [بسيط] إني أرى فتنة تغلي مراجلها ... والملك بعد أبى ليلى لمن غلبا

ذكر فتنة ابن الزبير

ذكر فتنة ابن الزبير كان يدعو الناس في زمن يزيد بن معاوية إلى الإمارة والشورى فلما مات يزيد دعاهم إلى البيعة لنفسه وادّعى الخلافة وظفر بالحجاز والعراق وخراسان واليمن ومصر والشام إلا الأردن فإنهم أرادوا أن يكون الأمر لخالد بن يزيد ابن معاوية ودعوا له على المنابر وبويع بالخلافة فلما تسمى ابن الزبير بالخلافة فارقه المختار بن أبي عبيد من أعماله وقدم الكوفة ودعا الشيعة وقال أنا رسول أبي القاسم محمد بن علي بن أبي طالب وأخذ بيعة الناس له على أن يطلبوا بدم الحسين رضي الله عنه وخرج الضحاك بن قيس الفهري الخارجي واستمال الناس وصلى بهم ينتظر استقرار الخلافة وبويع مروان بن الحكم بالأردن وبويع خالد بن يزيد بن معاوية بعده واجتمع أهل البصرة على عبيد الله بن زياد وكان واليها في أيام معاوية ويزيد ونصبوه أميراً وسألوه أن يطلق عن الخوارج الذين في السجون فأطلقهم وفيهم نافع بن الأزرق وعبيد الله [بن] الماحوز [1] وقطري بن الفجاءة المازني فعاثوا في الأرض وأفسدوا وخافهم عبيد الله بن زياد على نفسه فهرب الى الشأم،،،

_ [1] . وعبد الله الماحوز MS.

ذكر مروان بن الحكم وأخذ بيعة أهل الشأم له،

ذكر مروان بن الحكم وأخذ بيعة أهل الشام له، بويع له بالأردن سنة أربع وستين وهو أول من أخذ الخلافة بالسيف وكان يلقب خيط باطل لطول قامته واضطراب خلقه وفيه يقول الشاعر [طويل] لحى الله قوماً أمروا خيط باطلٍ ... على الناس يعطي من يشاء ويمنع [F؟ 203 V؟] وسار إليه الضحاك بن قيس فاقتتلوا بمرج راهط من غوطة دمشق فقتل الضحاك وخرج سليمان بن صردٍ الخزاعي من الكوفة في أربعة آلاف من الشيعة يطلبون بدم الحسين فبعث إليه مروان عبيد الله بن زياد والحصين بن نمير فالتقوا برأس عين فقتلوا سليمان بن صرد وتفرق أصحابه فمالت الشيعة إلى المختار ابن أبى عبيد وقوى أمره فأظهر الدعوة إلى محمد بن الحنفية والطلب بدم الحسين ومات مروان بدمشق وكانت ولايته سبعة أشهر وأياماً وبايع أهل الشام عبد الملك بن مروان،،، خبر موت مروان بن الحكم ذكروا أنه تزوج أمّ خالد بن يزيد ابن معاوية وجرى بينه وبين خالد كلام فقال له يا ابن الطرطبّة

ذكر ما جرى بين المختار وبين ابن الزبير

فأحقدت المرأة فسقته سماً في الشراب فأبطأ القضاء عليه فلما كان في الليل وضعت وسادة على وجهه وقعدت عليها حتّى مات وصار الى جهنّم ومروان يعدى من قتلى النساء واختلفوا في حليته فقيل كان طوالاً وقيل كان قصيراً وكان لدة الحسين بن علي بن أبي طالب والحسين ولد بعد الهجرة بسنتين،،، ذكر ما جرى بين المختار وبين ابن الزبير قالوا وغلب المختار على الكوفة ووجه عماله على كور الجبل وأرمينية وأفسدت الخوارج بالبصرة فولى أهلها المهلب بن أبي صفرة قتالهم إذ لم يكن لهم أمير يدفع عنهم وبعث عبد الله بن الزبير عبد الله بن المطيع واليا على الكوفة فخرج المختار ابن أبي عبيد في جماعة من القراء منهم ابو إسحاق الثقفيّ وجابر الجعفىّ وواقع ابن المطيع فطرده وانكفى عنهم وفيه يقول [رجز] ابن مطيع لجّ في الشقاق، ... يقول لمّا ضيق في الخناق، يا قوم هل لي فيكم من واق وبلغ الخبر ابن الزبير فأخذ محمد بن الحنفية بالبيعة له والانقياد فقال محمد بن الحنفية أنا أولى بهذا الأمر منك إن كانت خلافة

فجمع أصحاب ابن الحنفية وحبسهم معه في المسجد وأعطى الله عهداً أن يحرقهم بالنار إن لم يبايعوه فكتب محمد بن الحنفية إلى المختار بن أبي عبيد بالخبر فأرسل المختار مدداً ومالاً فدخلوا مسجد الحرام بغتةً لا علم لأحد بهم ينادون يا ثارات الحسين حتى انتهوا إلى ابن الحنفية وأصحابه قد حبسوا في الحظائر ووكل بهم الحرس يحفظونهم وجمعوا الكثير من الحطب وأعد لإحراقهم فأشعلوا النار في الحطب وأخرجوا ابن الحنفية وأصحابه معه إلى شعب علي بن أبي طالب واجتمع عليه أربعة آلاف رجل فبايعوه ففرق فيهم الأموال التي حملها المختار ثم وجّه المختار الى عبيد الله ابن زياد إبراهيم بن الأشتر النخعي في اثني عشر ألفاً فالتقوا بالزاب من أرض الموصل فقتل عبيد الله بن زياد عليه اللعنة والحصين ابن نمير وشمر بن ذي الجوشن وعمر بن سعد وكل من شرك في قتل الحسين بن على عم وحملت رءوسهم اليه قال وكان ابن عمر ابن سعد قائماً على رأس المختار لما دخلوا برأس أبيه فقال له المختار أتعرف هذا الرأس قال أي والله رأس أبي حفص قال المختار الحقوا حفصاً بأبي حفصٍ فضرب عنقه وفي عبيد الله بن زياد يقول يزيد بن المفرّغ [بسيط]

إن الذي عاش ختاراً بذمته ... ومات عبداً قتيل الله بالزاب العبد للعبد لا أصل ولا شرف ... ألوت به ذات أظفار وأنياب ما شق جيب ولا قامتك نائحة ... ولا بكتك جياد عند أسلاب [F؟ 204 r؟] ثم بعث ابن الزبير أخاه مصعباً على العراق فقدم البصرة وأعطاه أهلها الطاعة وأمضى للمهلب بن أبي صفرة ما كان أهلها ولوه من قتال الأزارقة وخرج إلى الكوفة وكان المختار يحتال في استمالة الناس بضروب من الحيل [1] وكان يروي الروايات ويستعمل المخاريق ويدعي المعجزات ويزعم أن جبريل وميكائيل يأتيانه ويأمر بعض أصحابه أن يشهد له أنه رأى الملائكة نزلت لنصرته وفيه يقول [هزج] ألا ابلغ أبا إسحاق عني ... بأن الخيل كعت مصميات أرى عيني ما لم تبصرا [2] ... كلانا عالم بالترهات فزحف إليه مصعب بن الزبير فبيته المختار وقتل من أصحابه ستة آلاف وقتل عبيد الله بن علي بن أبي طالب ومحمد بن

_ [1] . الخيلMS. [2] . تبصّراه MS.

الأشعث بن قيس وكانا محبوسين في عسكر مصعب ولم يشعر بهما فلما كان من الغد جد مصعب في قتاله فلجأ إلى قصر الكوفة فحاصره مصعب إلى أن قتله وقتل من كان معه في القصر وهم ستّة آلاف وثمان مائة رجل وأخذ عمرة بنت النعمان بن بشير وكانت تحت المختار بن أبي عبيد وعرض عليها البراءة من المختار فأبت فضرب عنقها وفيها يقول عبد الرحمن بن حسّان [خفيف] كتب القتل والقتال علينا ... وعلى الغانيات جر الذيول واستولى مصعب على العراقين فسار إليه عبد الملك بن مروان فالتقوا بمسكن وقتل مصعب وبعث برأسه الى عبد الله بن خازم [1] بخراسان وقد بايع لابن الزبير ودعا له وكتب إن بايعتني أطعمتك خراسان عشر سنين فكتب اليه ابن حازم [طويل] أعيش زبيري الحياة فإن أمت ... فإني موص هامتي بالتزبر واستقام العراق لعبد الملك بن مروان قال عبد الملك بن عمير الليثي دخلت قصر الإمارة بالكوفة وعبد الملك بن مروان قاعد

_ [1] . عبد الله بن ابى حازم MS.

في الإيوان على سريره وبين يديه ترس وعليه رأس مصعب بن الزبير فتبسمت فقال ممّ تبسمت فقلت يا أمير المؤمنين أتيت عبيد الله بن زياد في هذا الإيوان بين يديه رأس الحسين بن علي ثم رأيت المختار وبين يديه رأس عبيد الله بن زياد في هذا الإيوان ثم أتيت مصعب بن الزبير في هذا الإيوان وبين يديه رأس المختار بن أبي عبيد ثم أراك وبين يديك رأس مصعب فقام عبد الملك فزعا وأمر بهدم الإيوان فهدم قال وكذلك لما بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد إلى محمد بن الحنفية لينصبهما في المسجد الحرام كان محمّد بن الحنفيّة يأكل فقال محمد الحمد للَّه أتي ابن زياد برأس الحسين وهو يأكل وأتينا برأس ابن زياد ونحن على هذه الحالة وفي مصعب بن الزبير يقول ابن قيس الرقيات [منسرح] إنّ الرزيّة يوم مسكن ... والمصيبة والفجيعة بابن الحواري الذي لم ... يعده يوم الوقيعة ولما قتل مصعب لاذ عبد الله بن الزبير بالكعبة وأظهر الزيادة في نسكه وجعل يقول بطني شبر وما عسى أن يشبع شبر [F؟ 204 V؟]

مقتل ابن الزبير

وهو أشره خلق الله وأحرصه فقيل فيه [بسيط] لو كان بطنك شبراً قد شبعت وقد ... أفضلت فضلاً كثيراً للمساكين فإن أتتك من الأيّام جائحة ... لم ينل منك شيئا من دنيا ولا دين ولا نقول إذا يوماً نعيت لنا ... إلا بآمين رب العرش آمين ما زال في سورة الأعراف يقرأها ... حتى يوارى مثل الخز في اللين وكان يخرج للناس من تمور الصدقة ويكنز الذهب والفضة ويقول أكلتم تمري وعصيتم أمري وخرج عبد الملك من الكوفة إلى الشام وكان الحجاج على شرطته فولاه الساقة ينزل بنزوله ويرحل برحيله فرأى عبد الملك من نفاذه وجلادته ما أعجب به وولى الكوفة خالد بن عبد الله القسري وولى البصرة أخاه بشراً ورجع إلى الشام ولا هم له إلا ابن الزبير فأتاه الحجاج فقال ابعثني إليه فإنه أرى في المنام كأني أقتله وأسلخ جلده فبعثه إليه فقتله وسلخ جلده وصلبه وكانت فتنة ابن الزبير تسع سنين منذ موت معاوية إلى أن مضت ست سنين من ولاية عبد الملك،،، مقتل ابن الزبير قالوا وبعث عبد الملك الحجاج إلى مكة فحاصر

ولاية عبد الملك بن مروان

ابن الزبير فنزل ببئر ميمون وفسد على الناس حجهم تلك السنة لأنهم وقفوا بعرفات ولم يصلوا إلى البيت واشتد الحصار فقال له أخوه عروة بن الزبير أن لك في الصلح لإسوة بالحسن فركضه برجله وقال ما أنت بابن أبٍ وعرض عليه الحجاج الأمان وبذل له العهد فأبى أن يقبله وكان شحيحا بخيلا فقيل فيه [طويل] رأيت أبا بكر وربك غالب ... على أمره بغي الخلافة بالتمر ثم اقتحم الحجاج المسجد في أصحابه وشدّوا على ابن الزبير فقتلوه ومن معه وسلخوا جلده وحشوه تبناً وصلبوه ويقال أصابه رمية فمات وهو ابن ثلاث وسبعين سنة وولي الحجاج الحجاز واليمامة وبايع أهل مكة لعبد الملك بن مروان،،، ولاية عبد الملك بن مروان يكنى أبا الذبان لبخر فمه ويلقب برشح الحجر لبخله وكان معاوية بن أبي سفيان جعله مكان زيد بن ثابت على ديوان المدينة ثم ولاه أبوه مروان هجر ثم جعله ولي عهده بعده وبويع سنة خمس وستين بالشام وبايعه أهل مكة بعد قتل ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين وكتب إليه ابن عمر ببيعته

خبر الحجاج بن يوسف

وكتب إليه محمد بن الحنفية يستوثق لنفسه وأصحابه وتوفي بدمشق سنة ست وثمانين وكانت ولايته من يوم قتل ابن الزبير إلى أن مات تسع سنين وعشرة أيام ومن يوم بويع بالشام إحدى وعشرين سنة وكتب إلى عبد الله بن خازم بخراسان إن بايعتني أطعمتك خراسان عشر سنين فأبى إلا التزبر وكان بعث إليه برأس ابن الزبير فأخذه ورده إلى المدينة فكتب عبد الملك الى بكير ابن وشاح خليفة عبد الله بن خازم على مرو يأمره بالوثوب بعبد الله بن خازم فسار إليه فواقعه فقتله وولى بكيراً خراسان وصفت المملكة لعبد الملك بن مروان ومات بشر بن مروان بالبصرة واشتدت شوكة الخوارج بالعراق والأهواز والمهلب يقاومهم ويدافعهم فولى عبد الملك الحجاج بن يوسف العراقين وكان العراق إذ ذاك من فم الرقة إلى أقصى خجند [1] بخراسان ومنها السند والهند،،، خبر الحجاج بن يوسف زعم قوم أن الحجاج بلاء صبه الله عز وجل على أهل العراق بدعوة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ قال اللَّهمّ أن أهل العراق قد ليسوا على ما ليس لهم اللَّهمّ عجل لهم

_ [1] . جحر MS.

حلية الحجاج ونسبه وحرفته

الغلام الثقفيّ الّذي يحكم فيهم بحكم الجاهلية لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ وروى هذا الخبر أبو عرفة الحضرمي من أهل الشام وروى أن عمر أتاه خبر العراق وأنهم حصبوا أمامهم وسمعت غير واحد يقول بل كانت دعوة علي عم قال اللَّهمّ كما نصحتهم وغشّونى وآمنتهم فحافونى أبعث فيهم فتى يحكم بحكم الجاهليّة هكذا الرواية والله أعلم لأن مثل هذا من المحال إذ لا يجوز لمسلم أن يسأل ربه الجور والظلم،،، حلية الحجاج ونسبه وحرفته قالوا كان الحجاج رجلاً أخفش حمش الساقين منقوص الجاعرتين صغير الجثة دقيق الصوت أكتم الحلق وهو الحجاج بن يوسف بن الحكم بن عقيل بن مسعود بن عامر من أجلاف ثقيف وكنيته أبو محمد وأمه سمته كليباً وكان أول أمره أن يعلم الصبيان بالطائف وأول ولاية وليها تبالة بالحجاز فلما أشرف عليها احتقرها وانصرف فمن ثم يقال في المثل أهون من تبالة على الحجاج ثم ولي على شرط أبان بن مروان ثم جعله عبد الملك على ساقته عند رجوعه إلى الشام ثم بعثه لقتال ابن الزبير فقتله وولاه الحجاز ثلاث سنين ثم ولاه العراق،،،

قدوم الحجاج العراق وأخباره إلى أن مات

قدوم الحجاج العراق وأخباره إلى أن مات قالوا ولما دخل الحجاج العراق دخل المسجد معتماً بعمامة قد غطى أكثر وجهه متقلدا سيفا ومتوكّئا قوساً فصعد المنبر وسكت ساعة حتى قال بعض الناس قبح الله بني أمية حين يستعملون مثل هذا على العراق وقال عمير بن ضابىء البرجمىّ ألا أحصبه لكم فقالوا امهل حتى ترى فلما رأى عيون الناس إليه حسر اللثام ونهض قائما [وافر] أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني والله يا أهل العراق إنّي أرى رءوسا قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها فكأني أنظر إلى دماء من فوق العمائم واللحى [رجز] هذا أوان الحرب فاشتدي زيم ... قد لفها الليل بسواق حطم ليس براعي إبل ولا غنم ... ولا بجزار على ظهر وضم قد شمرت عن ساقها فشدوا ... وجدت الجرب بكم فجدوا والقوس فيها وتر عرد ... مثل ذراع البكر أو أشد إني والله ما يقعقع لي بالشنان ولقد فررت عن ذكاء وفتشت

عن تجربة وإن أمير المؤمنين [F؟ 205 v؟] مثل كنانته فعجم عيدانها عوداً أعور فوجدني أشدها عوداً وأصلبها مكسرا فرماكم بي لأنكم طالما أوضعتم في الفتنة واضطجعتم في مراقد الضلال والله لأحرضنّكم حرص السلمة ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل فإنكم لكأهل قرية كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً من كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذاقَهَا الله لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ 16: 112 وانّى والله ما قلت إلا وقيت ولا أهم إلا مضيته وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطياتكم وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبي صفرة وإني أقسم باللَّه لا أجد رجلاً بتخلف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام إلّا ضربت عنقه يا غلام اقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين فقام الغلام وقال بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عبد الملك بن مروان إلى من بالكوفة من المسلمين سلام عليكم فلم يقل أحد شيئاً فقال الحجاج يا غلام اكفف يسلم عليكم أمير المؤمنين فلا تردون عليه هذا أدب ابن نهية [1] أما والله لأؤدبنكم غير هذا اقرأ يا غلام فقرأ ثم نزل ووضع للناس إعطياتهم فجعلوا يأخذون حتى أتى شيخ قد انحنى كبرا فقال أيّها

_ [1] . بهبه MS.

الأمير إن بي من الضعف ما ترى وأن ابني هو أقوى على الأسفار مني افتقبله بدلاً مني فقال نفعل أيها الشيخ فلما ولى قيل له هذا عمير بن ضابىء البرجمي دخل على عثمان مقتولاً فوطئ بطنه حتى كسر ضلعين من أضلاعه فقال أيها الشيخ هلا بعثت إلى أمير المؤمنين عثمان يوم الدار بدلاً إن في قتلك لصلاحاً للمسلمين يا حرسي اضربا عنقه وفيه يقول عبد الله بن الزبير الأسديّ [طويل] تجهّز فإمّا أن تزور ابن ضابىء ... عميراً وإما أن تزور المهلبا هما خطتا خسف نجاؤك [1] منهما ... ركوب حولياً من الثلج [2] أشهبا يحذر الناس عن التخلف إلى الخروج إلى قتال الأزارقة ونادى الحجاج في الناس أن عميراً أتانا بعد ثالثة قتلناه فمن وجدناه بات بعد هذه الليلة فقد بريء الله من دمه فلم يبق أحد إلا لحق بالمهلب وجد المهلب في قتال الأزارقة وهم الخوارج إلى أن مات نافع بن الأزرق فولى أصحابه عليهم عبيد [3] الله بن ماحوز [4] وقال

_ [1] . نجاولMs. [2] . عبدMs. [3] . البلجMs. [4] . ماخور Ms.

شاعرهم [كامل] فلئن أمير المؤمنين أصابه ... ريب المنون ومن يصبه يعلق نعم الخليفة من حذانا نعله ... ذاك ابن ماحوز [1] بقية من بقي ولما رآهم المهلب بالأمداد التي وردت عليه من جهة الحجاج أجلاهم إلى حدود الأهواز وفارس وفيه يقول [خفيف] قد نفينا العدوّ أمس عن الجسر ... وقد زحزحوا عن الأهواز وطعان يهولك القرب منه ... وأشك الخطف للنفوس العزاز وسار المهلب في إثر الخوارج الى خراسان فوقع قطري بن الفجأة المازني إلى طبرستان وكتب عبد الملك إلى المهلب بعهده على خراسان وقد كان وفاها مع الحكم بن عمرو الغفاري أيام معاوية ولما غرق [F؟ 206 r؟] شبيب بن يزيد [2] الخارجي في دجيل [3] بعد إذ افترقت الازارقة فرقتين فرقة مع قطرىّ بن فجأة المازني وفرقة مع عبد [الرب] الكبير ومضوا حتّى أتوا سجستان وأصل الخوارج

_ [1] . ماخورMS. [2] . زيدMS. [3] . دجيلة rectionmarginale ,ms.

بها منهم إلى اليوم فلحقهم المهلب وقاتلهم وقتل عبد الرب [الكبير] وصار قطري إلى سجستان فبعث الحجاج سفيان الكلبي في إثره حتى قتله وحمل إليه رأسه وكان يكنى أبا نعامة وقاتلهم عشرين سنة يدعي الخلافة وكان شبيب هذا أحد الرجال المذكورين بالبأس والنجدة وبلغه تهدد الحجاج إياه فجاء مع امرأته غزالة في فوارس دون عشرين حتى دخلوا الكوفة ووقفوا بباب قصر الحجاج ونادته غزالة يا حجاج هل لك في البراز فهابها وتحصّن وكانت غزالة نذرت أن تبول على منبره فدخلت مسجد الكوفة وبالت على المنبر وقام شبيب في الصلاة فصلّى ركعتي الفجر قرأ في إحداهما بالبقرة وفي الأخرى بآل عمران ولم يجسر الحجاج أن يفتح باب قصره إلى أن انصرفوا ثم جعل الناس يقولون [كامل] أوفت غزالة نذرها ... يا رب لا تغفر لها وقيل فيما يهجا به الحجاج بن يوسف [متقارب] غزالة في مائتي فارس ... يئط العراقان منها أطيطا وخيل غزالة تحوى النهاب ... وتسبي السبايا وتجبي النبيطا

وكتب عمران بن حطان إلى الحجاج وكان يمشى متواريا لأنّه كان يطلبه [كامل] أسد علي وفي الحروب نعامة ... ربداء تجفل عن صفير الطائر صدعت غزالة قلبه بفوارس ... تركت منابره كأمس الداثر هلا خرجت إلى غزالة في الوغى ... أم كان قلبك في جوانح طائر وسار المهلب إلى ما وراء النهر وغزا السغد فصالحه ملكهم طرخان على مال وانصرف عنه وبعث موسى بن عبد الله بن خازم [1] إلى الترمذ فأغار عليها وعلى ما يليها وولى عبد الملك بن مروان عبيد الله بن أبي بكرة سجستان وكان جواداً شجاعاً فغزا كابل فدهمهم العدوّ في مضيق التجئوا إلى عقر دوابهم فأكلوها وبلغ الرغيف سبعين درهماً فمات عبيد الله والخلق معه بالجوع والسيف ولم يلق جيش في الإسلام ما لقوا وفيه يقول أعشى همدان [كامل] أسمعت بالجيش الذين تمزقوا ... وأصابهم ريب الزمان الأعوج لبثوا بكابل يأكلون جيادهم ... في شر منزلة وشر معرج لم يلق جيش في البلاد كما لقوا ... فلمثلهم قل للنوائح تنشج

_ [1] . حازم MS.

خبر عبد الرحمن بن الأشعث

ثم بعث الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس على العمال التي كان يليها عبيد الله بن أبي بكرة وجاء وغزا رتبيل بناحية بست وصالحه على مال وغزا كابل وافتتح قصوراً من قصور العجم وأصاب سبايا وغنائم وكتب إلى الحجاج فكتب إليه أن توغل في البلاد يريد بذلك هلاكه فاستعصى ابن الأشعث وجمع الجموع وتوجه [F؟ 206 V؟] نحو الحجاج،،، خبر عبد الرحمن بن الأشعث جمع الجموع ودعا القراء إلى مناجزة الفاسق الحجاج بن يوسف وصاحبه عبد الملك بن مروان فأجابه الخلق وأقبل إلى العراق في جمع مثل عدد النمل فيهم الشعبي وسعيد بن جبير وابن القرية [1] وابن أبي ليلى وسويد بن غفلة وجابر الجعفىّ وابو إسحاق السبعيّ وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود وأعشى همدان وغلب على ما وراء دجلة ونفى عمال الحجاج وتسمى القحطاني وكتب إلى النواحي من عبد الرحمن ناصر أمير المؤمنين وخطب الناس فقال ألا إني قد خلعت أبا ذبان عبد الملك بن مروان فقيل فيه [كامل] خلع الملوك وسار تحت لوائه ... شجر القرى وعراعر الأقوام

_ [1] . وابن القرية MS.

خروج الزنوج بالبصرة

وسار ابن الأشعث حتى أتى تستر وجاءه الحجاج في مثل جمعه فقاتلهم ابن الأشعث وقتل منهم ثمانية آلاف رجل وانهزم الحجاج وعاد إلى البصرة وقطع القناطر والجسور وخرج إلى الكوفة،،، خروج الزنوج بالبصرة قالوا واضطرب الأمر بخروج ابن الأشعث ونجمت النواجم وتجمع السودان فغلبوا على البصرة وأحرقوا الأسواق وانتهبوا الأموال والسلاح فبعث إليهم الحجاج فقتلهم وسباهم ثم سار ابن الأشعث حتى دخل البصرة وطالت المناهضة بينه وبنى الحجاج فواقعه ثمانين وقعة بالكوفة والبصرة وأمد [1] عبد الملك بن مروان الحجاج بأخيه محمد بن مروان وابنه عبد الله بن عبد الملك بن مروان فبعث ابن الأشعث بماله وأهله إلى البصرة وأسر الحجاج من أصحابه ثلاثة آلاف [2] رجل فضرب أعناقهم صبراً وهم ابن الأشعث إلى سجستان وانحاز إلى ناحية رتبيل واستجار به فقبله وآمنه قالوا وبعث الحجاج الى رتبيل بألفِ ألف درهم وأربعمائة ألف درهم مع عمارة بن تميم في ثلاثين فارساً على أن يسلم عليه عبد الرحمن بن الأشعث فغدر به رتبيل

_ [1] . وأمدّهMS. [2] . ألف MS.

وسلمه إليهم فأوثقوه بالحديد على أن يحملوه إلى الحجاج فقال ابن الأشعث والله لا يتلعّب بي الحجاج تلعب الهرة بالفأرة فرمى نفسه من فوق قصر كانوا عليه بالرخج فمات فحملوا رأسه إليه فبعثه إلى عبد الملك بن مروان فبعثه عبد الملك إلى مصر وفيه يقول الشاعر [كامل] يا بعد مصرع جثة من رأسها ... رأس بمصر وجثة بالرخج ومات المهلب بخراسان وقد استخلف ابنه يزيد بن المهلب فعزله الحجاج وبعث قتيبة بن مسلم الباهلي مكانه وكان على الري فسار إلى خراسان وأقبل يزيد حتى إذا كان ببعض الطريق هلك عبد الملك بن مروان وصار الأمر إلى الوليد بن عبد الملك فقبض الحجاج على يزيد وأكب عليه يعذبه وينتهب ماله فهرب من حبسه واستجار بسليمان بن عبد الملك فشفع له إلى الوليد فكف عنه وكان يزيد سريّا وقتيبة شجاعا وفيهما يقال [بسيط] كانت خراسان أرضا إذ يزيد بها ... وكل باب من الخيرات مفتوح فاستبدلت بعده جعداً أنامله ... كأنما وجهه بالخل منضوح الجوع يهبط في عمياء مظلمة ... لا متع الله أهل الجوح ما الجوح

ذكر مقتل سعيد بن جبير

[F؟ 207 r؟] قالوا كان رجلاً عيوفاً لفوعاً خبيث الولاية فأقر العمال على النواحي وفي ولايته خرج قتيبة [1] بن مسلم إلى ما وراء النهر وصار إلى مدينة [2] بخارا وكانوا قد ارتدوا فجاشت الترك والسغد والشاش وفرغانة وأحدقوا به أربعة أشهر ثم هزمهم وقتل منهم خمسين ألف فارس وافتتح بخارا ثم مضى حتى أناخ [3] على سمرقند صيفية [4] حتى افتتحها صلحاً وقتل طرخان التركي الذي جاء إلى مرو لنصرة يزدجرد وبعث برأسه ومنطقته إلى الحجاج وهي المنطقة التي كانت على يزدجرد يوم قتل ثم غزا فرغانة وعاد منها إلى خوارزم فبلغ سبى هاتين مائة ألف رجل وليس في ذكورهم ولا إناثهم كهل،،، ذكر مقتل سعيد بن جبير وكان سعيد بن جبير من أفاضل الناس وكان من أفاضل التابعين كتب لعبد الله بن عتبة بن مسعود ثم كتب لا [بى] بردة وهو على القضاء وخرج مع عبد الرحمن بن

_ [1] . الوليدMS. [2] . المدينةMS. [3] . اناحMS. [4] . صيفيّه MS.؟

موت الحجاج

الأشعث فلما انهزم ابن الأشعث من دير الجماجم هرب سعيد إلى مكة فأخذه خالد بن عبد الله القسري وكان عاملاً للوليد عليها فبعثه إلى الحجاج فقال له الحجاج يا شقي بن كسير ألم أولك القضاء فضج أهل الكوفة وقالوا لا يصلح القضاء إلّا لعربىّ فاستقضيت ابا بردة وأمرته أن لا يقطع أمراً دونك قال بلى قال أوما أعطيتك من المال كذا وكذا لتفرقه في ذوي الفاقات وذوي الحاجات ثم لم أسألك عن شيء منه قال بلى قال فما أخرجك علي قال بيعة كانت لابن الأشعث في عنقي فقال كانت بيعة أمير المؤمنين أولى بك لأقتلنك فاعتذر سعيد رحمه الله وتضرع وترحمه بصغار بناته فقال اختر أي قتلةٍ شئت قال بل اختر أنت لنفسك فإن القصاص أمامك فقتله ثم لم ينتفع بعده بعيش إلى أن مات موت الحجاج ذكر أنه أخذه السل وهجره الرقاد فلما أحتضر قال لمنجم عنده هل ترى ملكاً يموت قال أرى ملكاً يموت اسمه كليب فقال أنا والله الكليب بذلك سمتني أمي قال المنجم أنت والله تموت كذلك دلت [1] عليه النجوم قال له الحجاج لأقدمنّك

_ deuxfoisdanslems. [1]

أمامي فأمره فضرب عنقه ومات الحجاج في ولاية الوليد بن عبد الملك بن مروان وقد بلغ من السن ثلاثاً وخمسين سنة وولى الحجاز والعراق عشرين سنة وكان قتل من الأشراف والرؤساء المذكورين مائة ألف وعشرين ألفاً صبراً سوى عوام الناس ومن قتل في معارك الحروب وكان مات في حبسه خمسون ألف رجل وثلاثون ألف امرأة ومات قبل موته ابنه محمّد بن الحجّاج وأخوه محمد بن يوسف في ليلة واحدة فقيل في ذلك [كامل] في ليلتين وساعتين ... دفن الأمير محمدين فلما مات الحجاج قالت امرأته هند بنت أسماء [وافر] ألا يا أيها الجسد المسجى ... لقد قرت بمصرعك العيون وكنت قرين شيطان رجيم ... فلما مت سلمك [1] القرين وكان الحجاج استخلف قبل موته يزيد بن أبى كبشة السكسكيّ فأقره الوليد عليها وفي أيام الوليد فتح طارق بن زياد مدينة الأندلس وعبر عليها من طنجة من البحر وغزا مدينة طليطلة

_ [1] . مات أسلمك MS.

ولاية سليمان بن عبد الملك بن مروان

وأصاب بها مائدة [F؟ 207 v؟] ذكر أهل الكتاب أنها كانت لسليمان ابن داود عم كان حملها بعض ملوك العرب من بيت المقدس حين ظهر على بني إسرائيل وكانت خليطين من ذهب وفضة بثلاثة أطواق من لؤلؤ وياقوت وزبرجد وكان استعمل خالد بن عبد الله القسري على مكة فأمره أن يحفر بها بئراً فحفر فخرج عليه ماء عذب فكتب إلى الوليد إن خليفة الله أكرم على الله من رسوله إبراهيم لأنّ إبراهيم عم استسقاه فسقاه ماء غير عذب وأمير المؤمنين سقاه ماء عذباً فراتاً ومات الوليد سنة تسع وستين وكانت ولايته تسع سنين وثمانية أشهر وخلف من الولد الذكور أربع عشر نفرا منهم يزيد بن الوليد الناقص ولي خمسة أشهر ومات وكان حسن السيرة محمود الطريقة وإبراهيم بن الوليد ولي شهرين ثم خلع نفسه ودخل في طاعة مروان وعمر بن الوليد يقال له فحل بنى مروان وكان يركبون وراءه ستون رجلاً لصلبه،،، ولاية سليمان بن عبد الملك بن مروان قالوا وكان حبراً فصيحاً نشأ بالبادية عند أخواله بني عبس فافتتح بخير واختتم بخير ورد المظالم وآوى المسيرين وأخرج المحبسين واستخلف عمر بن عبد العزيز وعزل ابن أبي كبشة عن العراق واستعمل عليها يزيد [بن] المهلّب

فتح جرجان وطبرستان

فاستخلف يزيد على العراق مروان بن المهلب أخاه وسار إلى خراسان فهابه قتيبة بن مسلم فتوجه إلى فرغانة فوثب عليه وكيع ابن حسّان فقتله فولّاه سليمان خراسان وفيه يقول الفرزدق [طويل] ونحن قتلنا الباهلي بن مسلم ... ونحن قتلنا قبل ذاك ابن خازم [1] كأنّ رءوس الناس إذ [2] سمعوا بنا ... مدمغة هاماتهم بالأهائم ثم عزل وكيع بن حسان عن خراسان ووفاها يزيد بن المهلب فافتتح جرجان،،، فتح جرجان وطبرستان قالوا وكان أهل جرجان يصالحون أهل الكوفة على مائة ألف ومائتي ألف فجاءهم ابن المهلب وصالحهم على مال كثير واستخلف عليهم رجلاً من أصحابه وصار إلى دهستان وقد كان غلب عليها وعلى جرجان الترك فحاصرهم حتى نزلوا على حكمه فقتل أربعة عشر ألفاً منهم صبراً ومضى إلى طبرستان فصالح الاصفهبد على مال عظيم وأربع مائة حمار موقرة زعفرانا واربع

_ [1] . حازمMS. [2] . إذا MS.

غزاة مسلمة بن عبد الملك الصائفة

مائة رجل على رأس كل رجل منهم ترس وطيلسان وجام من ذهب وكذا فعل عبد الرحمن بن سمرة القرشي لما حاصر زرنج صالحهم على ألف ألف درهم وألف وصيف [على رأس كل رجل] جام من ذهب وكان عبد الرحمن هذا بعثه أبو موسى الأشعري إليها في أيام عثمان قالوا ونقض أهل جرجان العهد فحلف يزيد بن المهلب ألّا يبرح حتّى يقتل المقاتلة ويسبي الذراري وتحصن القوم منه فأناخ بناحيتهم مدة لا يجد فيهم حيلة قال فخرج رجل من العسكر يتصيد فاتبع وعلاً يتوقل في جبل حتى أشرف على عورة البلد فجاء فأخبر يزيد بذلك فلما كان من الليل احتال الرجل في طائفة فاقتحموا البلد من النقرة وافتحوا باب المدينة واستولوا عليها ووكل يزيد بأبوابها وطرقها ومنافذها [F؟ 208 r؟] الرجال يحفظونها وأمر بالجذوع فنصبت على الطريق فراسخ ثم أخرج المقاتلة فصلبهم كلهم ثم سبي الذراري ونهب الأموال فلم يبق من الناس بجرجان إلّا من الهرب أو توارى إلا شيخ لا منة فيه ومن المال إلا ما دفن أو لم يؤمر به فيحمل،،، غزاة مسلمة بن عبد الملك الصائفة وجهز سليمان مسلمة فسار حتى بلغ القسطنطينية في مائة ألف وعشرين ألفاً وكان استصحب اليون

المرعشي ليدله على الطريق والعورات وأخذ عهوده ومواثيقه على الوفاء والمناصحة فعبروا الخليج وحاصروا القسطنطينية فلما برح بهم الحصار عرضوا الفدية على مسلمة فأبى أن يفتحها إلا عنوة قالوا فابعث إلينا اليوم فإنه رجل منا ويفهم كلامنا فبعثه إليهم فسألوه عن وجه الحيلة فقد ضاق عليهم الأمر فقال يا أهل القسطنطينية إن ملكتموني عليكم لم أفتحها لمسلمة فبايعوه على الملك والأمرة فخرج اليون وقال لمسلمة قد أجابوني إلا أنهم لا يفتحون ما لم يتنح عنهم قال مسلمة أخشى والله أن هذا منك غدر فحلف له اليون أنه يدفع كل ما في قسطنطينية من ذهب وفضة وديباج وسبي فارتحل مسلمة فتنحى إلى بعض الرساتيق ودخل اليون فلبس التاج وقعد على سرير الملك وأمر بنقل الطعام والعلوفات من خارج فملئوا الأهراء وشحنوا المطامير وبلغ الخبر لمسلمة فعلم أنه كان غدر فأقبل راجعاً فأدرك شيئاً من الطعام وأغلقوا الأبواب دونه وبعث إلى اليون يناشده الوفاء بالعهد فأرسل إليه اليون ملك الروم لا يبايع بالوفاء ونزل مسلمة بفنائهم ثلاثين شهرا حتّى أكل أهل عسكره الميتة والعظم وقتل منهم خلق كثير ثم رحل وانصرف وتوفي سليمان بن عبد الملك بدابق

ولاية عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه

سنة تسع وتسعين وكان بايع ابنه أيوب بن سليمان فمات قبله فاستخلف عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ولما احتضر سليمان قيل له أوص فقال [رجز] إن بني صبية صيفيون ... أفلح من كانت له ربعيون إن بني صبية صغار ... أفلح من كانت له كبار وفيه يقول الشاعر [سريع] لم يأخذ الولي بالولي ... وهدم الديماس والنسي ياأيّها الخليفة المهدي ... خليفة سمية [1] النبي وآمن الشرقي والغربي وكانت ولايته ثلاث سنين،،، ولاية عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأمه أمّ عاصم بنت عاصم بن عمر ابن الخطّاب روى أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول إن من ولدي رجلاً يملأ الأرض عدلاً وكثير من الناس يقولون أنه كان المهدىّ وفيه يقول الشاعر [خفيف]

_ [1] . سميَّه MS.

من أبوه عبد العزيز بن مروان ... ومن كان جده الفاروقا وكان أخوه الأصبغ بن عبد العزيز عالماً بخبر ما يكون وابنته حبيبة عالمة بخبر ما يكون وذلك لعلم وقع إليهم ويقال لعمر أشج بني أمية وذلك أنه ضربته دابة في وجهه فلما رآه الأصبغ أخذه وقال الله أكبر أشج بني مروان الذي يملك قال الأصمعي هو في كتاب دانيال الدردق الأشج فلما بايعوه وصعد المنبر أمر برد المظالم ووضع اللعنة عن أهل البيت رضي الله عنهم وحض على التقوى والتواصل وقال والله ما أصبحت وبي على أهل القبلة موجذة [F؟ 208 V؟] [1] إلا على إسراف ومظلمة ثم تصدق بثوبه ونزل فكتب اليه عمر بن الخارجىّ [بسيط] لئن قصدت سبيل الحق يا عمر ... أخاك في الله أمثالي وأشباهي وإن لحقت بقوم أنت وارثهم ... وسرت سيرتهم فالحكم للَّه وعزل عمر بن عبد العزيز يزيد بن المهلب عن خراسان وطالبه بالأموال التي أصابها من جرجان وكان يقول لا أحب آل المهلب

_ [1] . موجدة MS.

ولاية يزيد بن عبد الملك بن مروان

لأنّهم جبابرة ويزيد بن المهلب كان يقول إني لأظنه مرائياً وولى خراسان عبد الرحمن بن نعيم الغفاري والعراق عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وكان ينزل خناصرة من أرض الشام فلما مرض دخل عليه بعض بني أمية فرآه على فراش من ليف تحته وسادة من أدم مسجى بشملة ذابل الشفة كاسف اللون فسبح الله وبكى وقال يرحمك الله لقد خوفتنا باللَّه عز وجل وأيقنت لنا ذكراً في الصالحين ومات رحمه الله بدير سمعان وهو ابن تسع وثلاثين سنةً سنة إحدى ومائة وكانت ولايته سنتين وخمسة أشهر وأيّاما فقيل فيه [بسيط] قد غيب الدافنون اللحد إذ دفنوا ... بدير سمعان قسطاس الموازين من لم يكن همه أرضاً يفجرها ... ولا النخيل ولا ركض البراذين ولما مات عمر بن عبد العزيز هرب يزيد بن المهلب عن حبسه وصار إلى البصرة واستجاش ودعا الى التبرّي من بني أمية والرجوع إلى الكتاب والسنة وفي أيام عمر بن عبد العزيز تحركت دولة بنى هاشم،،، ولاية يزيد بن عبد الملك بن مروان يقال له أبو خالد عاشر بنى

مروان صاحب حبابة [1] ولما ولى استعمل على العراقين وخراسان عمرو بن هبيرة الفزاري وبعث زيد بن مسلمة بن عبد الملك لقتال يزيد بن المهلب فقتله وبعث برأس يزيد إلى يزيد وكان يزيد صاحب لهو وقصف وشعف لحبابة واستهتر بذكرها ثم عزم على الرشد والتشبه بعمر بن عبد العزيز فخشيت حبابة على حظها منه فسألت الأحوص أن يعمل لها أبياتاً تزين اللهو والطرب فقال [طويل] ألا لا تلمه اليوم أن يتبلدا ... فقد غلب المحزون أن يتخلدا ركبت الصبي جهدي فمن شاء لامني ... ومن شاء آسا في البلاء وأسعدا إذا كنت عزهاة عن اللهو والصبى ... فكن حجراً من يابس الصخر جلمدا فما العيش إلا ما تلذ وتشتهي ... وإن لام فيه ذو الشنان وفندا فلما غنته بهذه الأبيات أقبل يرددها وعاد إلى ما كان عليه ثم خلى يوماً بحبابة وقال لحجابه وخدمه لا تأذنوا علي اليوم لأحد ولا تنهوا إلي خبراً ولا تفتحوا علي باب المقصورة وإن أمرتكم وصحت بكم لأنفرد اليوم وآخذ حظي منها فلما استقر بهما المجلس

_ [1] . حبّابة MS.

ولاية هشام بن عبد الملك

وأخذ الشراب منهما غنته عمرك إني لاحب سلعاً [1] فقال لو شئت لنقلت إليك حجراً حجراً فقالت إنما أحب من به لا حجره ثم فلقت [F؟ 209 r؟] رمانة فتنقل بها فغصت بحبّة [2] منها فماتت فجعل ينادي الخدم والحشم ويناشدهم وهم عنه معرضون لأمره الأول فبقي معها وهي ميتة طول نهاره إلى أن أمسى ثم خرج في جنازتها يحملها على عاتقه وعاش بعدها خمسة عشر يوماً ومات سنة خمس ومائة وكانت ولايته أربع سنين وشهراً،،، ولاية هشام بن عبد الملك يقال له أحول بني أمية ويكنى أبا الوليد ولما بويع له عزل عمرو بن هبيرة عن العراق وولّاها خالد ابن عبد الله القسري ثم ولاها يوسف بن عمر وفي أيامه خرج زيد بن علي بن أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم،،، مقتل زيد بن علي بن الحسين وذلك أنه قدم الكوفة وأسرعت إليه الشيعة وقالوا إنا لنرجو أن يكون هذا الزمان الزمان الذي يهلك فيه بنو أمية وجعلوا يبايعونه سراً وبلغ الخبر يوسف بن عمر

_ [1] . كذا في الأصلNotemarginale: [2] . بحبابه MS.

فأمر زيداً بالخروج وبايعه أربعة عشر ألفاً على جهاد الظالمين والدفع على المستضعفين ويوسف بن عمر جاد في طلبه وتواعدت الشيعة بالخروج وجاءوا إلى زيد فقالوا ما تقول في أبي بكر وعمر فقال ما أقول فيهما إلا خيرا فتبرّءوا منه ونكثوا بيعته وسعوا به إلى يوسف بن عمر فبعث في طلبه قوماً فخرج زيد ولم يخرج معه إلا أربعة عشر رجلاً فقال جعلتموها حسينية ثم ناوشهم القتال فأصابه سهم بلغ دماغه فحمل من المعركة ومات تلك الليلة ودفن فلما أصبحوا استخرجوه من قبره وصلبوه فأرسل هشام إلى يوسف ابن عمر أن حرق عجل العراق فحرقوه وهرب ابنه يحيى بن زيد حتى أتى بلخ وقال [طويل] خليلي عني بالمدينة بلغا ... بني هاشم أهل النهى والتجارب لكل قتيل معشر يطلبونه ... وليس لزيد بالعراقين طالب وقال الكميت وكان دعاه زيد عند خروجه إلى نصرته فلم يجبه [وافر] دعاني ابن الرسول فلم أجبه ... ألا يا لهف للرأي الوثيق حذار منيةٍ لا بد منها ... وهل دون المنية من طريق

ولاية الوليد بن يزيد بن عبد الملك

ورأيت في كتاب تأريخ خورزاذ أن شريكاً قال رأيت سفيان الثوري متأبطاً يحرس جذع زيد ورزقه ثلاثة دراهم في كل يوم وكان من أعوان الشرط والله أعلم ومات هشام برصافة من أرض قنسرين سنة خمس وعشرين ومائة وكانت ولايته عشرين سنة إلا شهراً،،، ولاية الوليد بن يزيد بن عبد الملك ويقال له الخليع بن الفاسق وكان صاحب لعب ولهو وهو الّذي يقول [خفيف] أشهد الله والملائكة الأبرار ... والعابدين أصل الصلاح أنني أشتهي السماع وشرب البراح ... والعض في الخدود الملاح وقال يوم أتاه نعىّ هشام [خفيف] طاب نومي وطاب شرب السلافة ... إذ أتاني نعي من بالرصافة [F؟ 209 V؟] وكان يكتب إلى الناس [طويل] ضمنت لكم إن لم تعقني منيتي ... بأن سماء الضر عنكم ستقلع ولما صار الأمر إليه ولي عشور المدينة وسوقها ابن حرملة وهو

مقتل يحيى بن زيد بن على بن الحسين عليهم السلم

مولى لعثمان بن عفان فكان إذا تزوج رجل امرأة أخذ الزكاة من مهرها وإن مات أحد أخذ الزكاة من ميراثه فقالوا فيه [طويل] ولما وليت السوق أحدثت سنة ... وحيدية يعتادها كل ظالم وشاركت نسواناً لنا في مهورها ... ومن مات منّا من غنى وعادم مقتل يحيى بن زيد بن على بن الحسين عليهم السلم ولما قتل زيد بالكوفة هرب يحيى بن زيد حتى أتى بلخ فكتب يوسف بن عمر إلى نصر بن سيار يأمره بطلبه وأذكى عليه العيون حتى ظفر به وكان نصر يتشيع سراً فكتب إلى الوليد [1] فسار حتى إذا كاد يخرج من حدود خراسان خشي اغتيال يوسف بن عمر فكر راجعاً إلى شابوركرد فاحتشد سلم بن الأعور وقاتلهم فهزمهم وسار حتى إذا كان بأرض الجوزجان لحقه سلم فقتله وصلبه وحدثني أبو طالب الصوفي باخميم [2] أن الوليد هذا لعنه الله كان ماجنا سفيها قليل الديانة وكان يستهدف المصحف ويرميه

_ [1] . ترك سطر أو سطرينsetnotemarginale: [2] . باحميم MS.

ولاية يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ويقول [وافر] تهدد كل جبار عنيد [1] ... فها أنا ذاك جبار عنيد إذا ما جئت ربك يوم حشرٍ ... فقل يا رب خرقني وليد وكان نصر بن سيار كتب إليه يخبره أمر علي [بن] الكرماني واجتماع الشيعة فكتب في جوابه أن كل خراسان واكفيه فإني مشغول بالغريض ومعبد وابن عائشة وكانت ولايته سنة وشهرين،،، ولاية يزيد بن الوليد بن عبد الملك وإنما سمي الناقص لأنه نقص الجند من أرزاقهم وكان محمود السيرة مرضي الطريقة وكانت ولايته خمسة أشهر ومات فلما ولي مروان استخرجه من قبره وصلبه ويقال أنه مذكور في الكتب بحسن السيرة والعدل كما قال بعضهم، يا مبذر الكنوز يا سجاداً بالأسحار كانت ولايتك ووفاتك فتنة أخذوك فصلبوك،،، ولاية إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك وولاية عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك، بويع إبراهيم وبويع بعده عبد العزيز [2] ولم يبايعهما مروان بن محمد وطلب الخلافة لنفسه وكان سبب ذلك

_ [1] . تهدّدنى بجبّارAutreversion: [2] . يزيد MS.

ولاية مروان بن محمد بن مروان بن الحكم

أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك جعل ولي عهده من بعده ابنه الحكم بن الوليد فقتل مع أبيه [F؟ 210 r؟] الوليد يوم قتل وكان قال [وافر] فإن أهلك أنا وولي عهدي ... فمروان أمير المؤمنينا فقاتلهم مروان وهزمهم ثم جاء إبراهيم بن الوليد وخلع نفسه ودخل في طاعة مروان فلما رأى ذلك عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك بعث يزيد بن خالد بن عبد الله القسري [1] إلى السجن وقتل يوسف بن عمر بن هبيرة بخالد بن عبد الله وكانت ولاية إبراهيم شهرين ونصفاً،،، ولاية مروان بن محمد بن مروان بن الحكم يقال له مروان الجعدي ويلقب بحمار الجزيرة وكانت بنو أمية يكرهون الإماء لأنه بلغهم أن ذهاب ملكهم على رأس أمة [2] ومروان أمة كردية وقيل له الجعدي لأن جعد بن درهم الزنديق كان غلب عليه وفيه يقول الشاعر [سريع]

_ [1] . الفزاريMS. [2] . مايه MS.

أتاك قوم برجال جرد ... مخالفا ينصر دين الجعد مكذباً يجحد يوم الوعد وبويع مروان سنة سبع وعشرين وصار الأمر إلى بني العباس سنة اثني وثلاثين ومائة وقتل مروان في هذه السنة وكانت ولايته خمس سنين وخرج عليه الضحاك بن قيس الخارجي من شهرزور فقاتله واستعمل مروان على العراق يزيد بن عمر بن هبيرة وأقر نصر بن سيّار على خراسان ثم انتقض أمر بنى أميّة بظهور أبى مسلم الخراسانىّ،، ،

الفصل الثاني والعشرون في صفة بنى هاشم وعدة خلفاء بنى العباس من اثنتي وثلاثين ومائة إلى سنة خمسين وثلاثمائة

الفصل الثاني والعشرون في صفة بني هاشم وعدة خلفاء بنى العبّاس من اثنتي وثلاثين ومائة الى سنة خمسين وثلاثمائة ذكر ابتداء أمرهم روي في بعض الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم العباس استيلاء ولده على الخلافة واستأذنه العباس في ان يختصى أو يجب [1] مذاكيره فقال لا فإنه أمر كائن والله أعلم بالحق والصدق ومات العباس رضي الله عنه في خلافة عثمان بن عفان ودفن بالبقيع وجلس عثمان على قبره حتى دفن ومات عبد الله ابن العبّاس بالطائف في فتنة ابن الزبير سنة ثمان وستين ومن ولده علي بن عبد الله أبو الخلفاء ويقال له السجاد لأنه كان يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه افتقد يوماً عبد الله بن العباس في وقت صلاة الظهر فسأل عنه

_ [1] . يحبّ MS.

فقالوا ولد له مولد فقضى علي صلاته فقال امضوا بنا إليه فأتاه وهنأه وقال ما سميته فقال ما يجوز لي أن أسميه حتى تسميه فأخذه وحركه ودعا له ثم رده إليه وقال خذ إليك أبا الأملاك ويقال هاك أبا الخلفاء وقد سميته علياً وكنيته أبو محمد وكان يدعى السجّاد ذا الثفنات لأنّه كان له خمس مائة أصل زيتون وكان يصلي كل يوم إلى كل أصل ركعتين وضربه الوليد بن عبد الملك بالسياط مرتين إحداهما في تزويجه بنت عبد الله بن جعفر وكانت [F؟ 210 V؟] عند عبد الملك بن مروان فطلقها لأنه عض على تفاحة ثم رمى بها إليها فأخذت سكيناً فقال ما تصنعين قالت أميط الأذى عنها فكان عبد الملك أبخر فطلقها فقال له الوليد لم تزوجت بها قال لأني ابن عمها وقد أرادت الخروج من هذا البلد فزوجتها لأكون لها محرماً فقال الوليد إنما تتزوج بأمهات الخلفاء لتضع منا لأن مروان بن الحكم تزوج أم خالد بن يزيد ابن معاوية لتضع [1] منه والثانية في قوله إن هذا الأمر يكون في ولدي قال ابن الكلبي فضربه سبع مائة سوط وحمله على بعير ووجهه مما يلي ذنب البعير وصائح يصيح عليه هذا على بن

_ [1] . ليضع Ms.

الله الكذاب فأتاه آت فقال ما هذا الذي نسبوه إليك فقال بلغهم قولي أن هذا الأمر سيكون في ولدي قال والله ليكونن حتى يملكهم عبيدهم الصغار الأعين العراض الوجوه يعني الترك وقد روى الواقدي أن علي بن عبد الله ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكانت بنو أمية يمنعون بني هاشم من تزويج الحارثية للخبر المروي أن هذا الأمر يتم لابن الحارثية فلما قام عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بالأمر أتاه محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فقال إني أريد أن أتزوج ابنة خالي من بني الحارث بن كعب أفتأذن لي قال تزوج من شئت فتزوج ريطة بنت عبد الله بن عبد المدان فأولدها أبا العباس وكان بين محمد وأبيه علي أربعة عشر سنة قالوا ودخل علي بن عبد الله بن العباس على هشام بن عبد الملك ومعه الخليفتان أبو العباس وأبو جعفر فقال هشام إن هذا الشيخ قد اختل واختلط يقول أن هذا الأمر ينتقل إلى ولده فسمع علي فالتفت إليه فقال والله ليكونن ويملكن [1] هذان وأشار إليهما وكان محمد بن الحنفية أخبر محمد بن علي بن عبد الله بن العباس أن الخلافة صائرة إلى ولده فقال له إذا مضت

_ [1] . ويهلكنّ MS.

مائة سنة فوجه دعاتك واعلم أن الأمر يتم لابن الحارثية من ولدك فابتدأ الإمام محمد بن علي في دعاء الناس سنة مائة فأول من استجاب له أربعة نفر من أهل الكوفة المنذر الهمداني وأبو رياح النبال وأبو عمر البزاز ومصقلة الطحان وأمرهم أن يدعو الناس إلى إمارته ولا يجوز الكوفة فاستجاب لهم نفر بكر بن ماهان المروزي وأبو سلمة الخلال وغيرهما فاستأذنوه في بث الدعوة فقال محمد الإمام الكوفة شيعة علي والبصرة شيعة عثمان والشام لا يعرفون إلا آل أبي سفيان ومكة والمدينة قد غلب عليها أبو بكر وعمر لكن عليكم بخراسان فإنّي أتفأّل إلى مطلع الشمس سراج الدنيا ومصباح الخلق وكان هذا في سنة مائة من الهجرة في ولاية عمر بن عبد العزيز رضوان الله عليه وفي سنة إحدى ومائة وجه أبو رياح النبال دعاته إلى خراسان يدعون إلى إمامة بني هاشم وولاية أهل البيت فجعلوا يدعونهم سراً واستجاب لهم ناس فلما كان سنة أربع ومائة قدم أبو عكرمة من خراسان على محمد بن علي الإمام في جماعة من أصحابه وقد مهدوا الأمر له وفي هذه السنة ولد أبو العباس فأخرجه إليهم [F؟ 211 r؟] محمد في خرقة وقال إن الأمر يتم لهذا ويقوم به حتى تدركوا آثاركم من عدوكم

وكان في ولاية هشام بن عبد الملك بن مروان وجّه ابو هاشم بكر ابن ماهان المروزي أبا محمد الصادق في جماعة من الشيعة الى خراسان دعاة فنزلوا مروالرّوذ فاستجاب لهم قوم فنقبوا عليهم اثني عشر نقيبا منهم سليمان بن كثير الخزاعي وقحطبة بن شبيب الطائي ولاهز بن قريظ [1] التميمي فوشى بهم واشٍ إلى أسد بن عبد الله القسري أخي خالد بن عبد الله وكان خليفة على خراسان لهشام بن عبد الملك فقبض عليهم فقطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم وعفا أثر القوم إلى سنة سبع عشرة ومائة ثم تحولوا وأفشوا الدعوة فأخذ أسد بن عبد الله لاهز بن قريظ [2] فضربه ثلاثمائة سوط وألجم موسى بلجام ثم جذبه فحطم أسنانه وضرب من أصحابه ومن تباعهم وخلى سبيلهم وفي سنة ثمان عشرة ومائة مات أبو محمد علي بن عبد الله بن العباس بالحميمة من أرض [الشام] [3] وفي هذه السنة وجه بكر بن ماهان عمار بن بديل واليا على الشيعة بخراسان فجاء حتى نزل مرو وغير اسمه وتسمى بخداش

_ [1] . قريطMS. [2] . قريطةMS. [3] . كذا وجدت Lacunedanslems. ,enmarge:

فسارع الناس إلى الاستجابة له ثم لم يلبث أن غير ما دعاهم إليه ومثل لهم الباطل في صورة الحق فرخص لبعضهم في نساء بعض وهو أول من أبدأ مذهب الباطنية في الأرض وزعم أنه أمر الإمام محمد بن علي ودينه وشريعته فأخذه أسد بن عبد الله القسري فقطع يديه ورجليه ولسانه وسمل عينيه وفعل من ظفر به من أصحابه كذلك ثم كتبت الشيعة من خراسان الى الإمام محمّد ابن علي بأن يقدم عليهم والإمام مشمئز منهم لاتباعهم رأي خداش فكتب إليهم كتاباً فلما فكوه لم يجدوا فيه غير بسم الله الرحمن الرحيم فهالهم ذلك وعرفوا أن ما جاءهم به خداش باطل ثم وجه الإمام بكر بن ماهان وكتب معه أن خداشاً حمل الشيعة على غير منهاجه فكذبه من بقي منهم على رأى خداش واستخفوا به فرجع ورده إليهم ثانياً ومعه عصىّ وأمره أن يدفع إلى كل رجل من الرؤساء والدعاة والنقباء عصىً يكون علامة بينه وبينهم لأن أبا رياح النبال كان وعدهم ذلك من الإمام فلما أتاهم بها عرفوا أنه الحق تابوا ورجعوا وفي سنة خمس وعشرين ومائة سار النقباء من خراسان إلى الكوفة فأتوا يونس بن عاصم العجلي وهو في حبس ابن هبيرة وأبو مسلم غلامه يخدمه وقد فهم الدعوة

[ابتداء خروج أبى [1] مسلم]

وسارع إليها فلما رأته النقباء وفيه العلامات تفرسوا فيه ارتفاع الأمر على يديه ثم سارت النقباء الى مكة فلقوا الإمام إبراهيم بن محمد بن علي فأخبروه بخبر أبي مسلم و [أ] عطوه مالاً كانوا حملوه من خراسان فقال لهم إبراهيم إن كان أبو مسلمٍ عبداً فاشتروه وإن كان حراً فخذوه معكم وفي سنة ثمان وعشرين ومائة في ولاية مروان بن محمد وجّه إبراهيم الإمام أبا مسلم إلى خراسان وكتب معه إلى الشيعة بتأميره عليهم فوقعت الفتنة بخراسان وذلك أنه لما قتل يحيى بن زيد بن علي رضي الله عنهم اختلف الناس فحبس نصر بن سيار علي بن الكرماني [F؟ 211 V؟] في قهندز مرو واحتال ابن الكرماني وانسل من مجرى الماء وجمع الناس واحتشد وزعم أنه يطلب الكتاب والسنة والرضا من آل محمد صلى الله عليه وسلم فإنه لا يرضى بنصر وعماله ولاة على المسلمين،،، [ابتداء خروج أبي [1] مسلم] فتشوشت لذلك واضطربت فأصاب أبو مسلم الفرصة وجد في إقامة الدعوة ونصر بن سيار يناوش ابن الكرماني لا يتفرغ لأبي مسلم وقد بث الدعاة في الأقطار فدخل الناس أفواجاً أفواجاُ وفشت الدعوة ثم كتب الإمام إبراهيم

_ .marginalemoderne. [1] ابو Ms.

إلى أبي مسلم أن يوافي الموسم ويحمل ما جبى من الأموال فخرج أبو مسلم وحمل ثلاثمائة وستين ألف درهم سوى الأمتعة والحمولات وخرج معه النقباء وعدة من الشيعة فلقيه كتاب الإمام في الطريق ولواء عقده له يأمره بالانصراف إلى خراسان وإظهار الدعوة فبعث قحطبة بن شبيب بالمال وعاد أبو مسلم حتى قدم مرو مستخفيا وواعد الشيعة في الآفاق والنواحي أن يوافوه يوم الفطر فخرج وأمر قاسم بن مجاشع أن يصلّى بهم فصلّى وهي أول جماعة بني العباس ثم كتب أبو مسلم إلى الشيعة في الكوفة بإظهار الدعوة ومكاشفة أعمال أعوان بني أمية وأقبل أبو مسلم حتى نزل خندق نصر بن سيار وعند خندق علي بن الكرماني وكثرت جموعه وهو يظهر لكلّ واحد منهما أنه معه ويعده النصر على صاحبه فلما قوي أمره وتكاشف بؤسه [1] هابه الفريقان وكتب نصر ابن سيّار الى مروان يخبره بذلك [وافر] أرى خلل [2] الرماد وميض جمر ... ويوشك أن يكون لها ضرام فإنّ النار بالعودين تذكى ... وإنّ الشرّ ينتجه الكلام

_ [1] . بؤشهMS. [2] . بخلل MS.

أقول من التعجب ليت شعري ... أيقاظ أمية أم نيام فكتب إليه مروان أما بعد فإن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب فاحسم الثؤلول [1] قبلك فقال نصر لأصحابه قد أعلمكم صاحبكم أنه لا قوة عنده فاحتالوا لأنفسكم ثم لم يلبث نصر إلا قليلاً حتى خرج هارباً إلى نيسابور وبعث أبو مسلم في إثره ففاته وبعث في الليل إلى منازل قواده ونقبائه فاستحضرهم وضرب أعناقهم ونصب رءوسهم في المسجد فلما أصبح الناس ونظروا إليها هالهم ذلك ودخلهم رعب عظيم وعظم أبو مسلم في نفوسهم وانكسرت مضر وبعث قحطبة بن شبيب الطائي في أثر نصر بن سيار وخرج قحطبة على طريق جرجان وفيها ابن حنظلة عامل لمروان فخرج إليه فقاتله قحطبة فقتله وخرج نصر بن سيار إلى ساوة فمات بها وسار قحطبة إلى الري ووافى أبو مسلم نيسابور ليكون ردءاً لقحطبة وجعل يمده بالأموال والرجال فبعث ابنه الحسن بن قحطبة إلى نهاوند فاستنزلهم وبذل لهم الأمان إلا من كان من أهل خراسان فإنه قتلهم كلهم لأنهم خرجوا من خراسان عند ظهور

_ [1] . التولول MS.

أبي مسلم وسار قحطبة إلى العراق وجاء يوسف بن عمر بن هبيرة خليفة مروان على العراق حتى نزل جلولاء وخندق بها ونزل قحطبة حلوان وقدم ابنه إلى خانقين [1] وأبو مسلم يقدم ابن الكرماني في هذه الأحوال كلها ويسلم عليه بالإمارة ويريه أنه يتبعه ويعمل برأيه استظهاراً منه [F؟ 212 r؟] على ربيعة ومضر فلما أفنى ربيعة ومضر وثب على ابن الكرماني فقتله وصفت المملكة له وأمد قحطبة بالأموال والرجال فلما ترادفت الامداد إليه سار إلى جلولاء وانصرف يوسف بن عمر بن هبيرة إلى العراق واستولى قحطبة على ما وراء دجلة وأبو سلمة السبيعي رأس النقباء بالكوفة في جمع كثير من العرب والخراسانية وهي سنة إحدى وثلاثين ومائة وحج في هذه السنة الإمام إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ومعه أخواه أبو العباس وأبو جعفر وولده ومواليه على ثلاثين نجيباً عليهم الثياب الفاخرة والرحال والأثقال [2] فشهره أهل الشام وأهل البوادي والحرمين معما انتشر في الدنيا من ظهور أمرهم وبلغ مروان خبر حجهم فكتب الى عامله بدمشق الوليد

_ [1] . خانقينMS. [2] . والا؟ قال MS.

ابن معاوية بن مروان بن الحكم يأمره بتوجيه خيل إليه وكان مروان بأرض الجزيرة يقاتل الشراة [1] فوجه إليه الوليد خيلاً فهجموا على إبراهيم فأخذوه وحملوه إلى سجن حران وأثقلوه بالحديد وضيقوا عليه الحلقة حتى مات فدفن بقيده ولمّا أحسّ إبراهيم بالطلب أوصى إلى أبي العباس ونعى نفسه إليه وأمره بالمسير إلى الكوفة بأهل بيته فسار أبو العباس وأخوه أبو جعفر وعماه داود ابن عليّ وعبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس وابن عمه موسى بن داود بن علي ستة رجال شايعهم يحيى بن جعفر بن شمام ابن العباس حتى قدموا الكوفة مستخفين وجاء الشيعة نعى إبراهيم الإمام فقال أبو هدبة [بسيط] ناع نعى لي إبراهيم قلت له ... شلت يداك [2] وعشت الدهر حيرانا نعى الإمام وخير الناس كلهم ... أخنت عليه يد الجعدي مروانا وأنزلهم أبو سلمة في دار وكتم أمرهم وقال ينبغي أن يتربصوا فإنّ الناس بايعوا إبراهيم وقد مات ولعل يحدث بعده أمر وأراد أن يصرف الأمر الى ولد علي بن أبي طالب لأن أول الأمر

_ [1] . الشراةMS. [2] . يديك MS.

كان دعوا الناس إليهم فكانوا في حصنه نحواً من شهرين وعسكر أبو سلمة بحمام أعين وفرق عماله في السهل والجبل وكتب إلى جعفر بن محمد وإلى عبد الله بن الحسين وإلى عمر بن الحسين بن علي ودفعها إلى رجل وأمره أن يلقى جعفر بن محمد فإن قبل ما كتب به إليه مزق الكتابين وإن لم يقبل لقي عبد الله بن الحسين ابن الحسن فإن قبل مزق الكتاب الثالث فإن لم يقبل لقي عمر بن علي بن الحسين بن علي فقدم الرسول المدينة ولقي جعفر ابن محمد بالكتاب ليلاً فقرأ الكتاب وسكت فقال له الرسول ما تجيب فقدم الكتاب من السراج وأحرقه وقال هذا جوابه فلقي الرسول عبد الله بن الحسين بن الحسن وأوصل الكتاب إليه فقبل وأجاب إلى ذلك فأشار عليه جعفر بن محمد بالإعراض عنه فإن أبا سلمة مخدوع مقتول وإن هذا الأمر لا يتم لكم فإن أبا هاشم أخبرهم أنه يكون في ولد العباس وفات الوقت الذي كان قوم ينتظرونه بخروجهم فارتاب أهل خراسان فاجتمعوا إلى أبي سلمة وقالوا قد خرجنا من قعر خراسان إليك وقد مضى من الوقت ما ترى فإما أن تخرج إلينا الإمام الذي دعوتنا إليه وإما أن نعود إلى أوطاننا وكان الناس يسمونهم المسودة [F؟ 212 V؟]

لسواد ثيابهم وكتب أبو مسلم إلى قحطبة أن صادم ابن هبيرة فالتقيا بفم الزاب وهو على عشرين فرسخاً من الكوفة فانهزم ابن هبيرة ومضى إلى واسط وتحصن فيها وفقد قحطبة فلم يدر أقتل أم غرق وولى أمر المسودة حميد بن قحطبة فسار في إثر ابن هبيرة فحاصره وكان أبو مسلم واعد إبراهيم الخروج يوم كذا من شهر كذا وبعث معهم القواد والنقباء الذين كانوا استجابوا له وتابعوه إلى الكوفة لذلك اليوم وبعث معهم بالسواد والسيف والمراكب وما يحتاج الإمام إليه من المال والفرش والأثاث [1] والسلاح ففات الوقت ولم يروا من ذلك شيئا لموت إبراهيم وغدر أبي سلمة وكان يقال لأبي سلمة وزير آل محمد فناظروا بأبي سلمة في ذلك وألحوا عليه فقال أبو سلمة لا تعجلوا وجعل ينتظر [2] ورود من كاتبهم من العلوية وكان أبو حميد السمرقندي أحد القواد أهدى غلاما خوارزمياً يقال له سابق إلى الإمام إبراهيم فلقيه في بعض الطريق فسأله عن الإمام فأخبره أنه في دار بني فلان وأن أبا سلمة ينهاه عن الظهور والخروج فقال له أبو حميد خذني اليه فقال لا أفعل إلا بإذنه قال فاستأذنه وأعلمني

_ [1] . والأثاثMS. [2] . ينتظروا MS.

ابتداء خلافة بنى العباس [1]

فذهب سابق إليهم فأخبرهم بخبر أبي حميد فخشوا وهابوا وقالوا لا نأمن إن أظهرنا حميداً على أمرنا أن يقتلنا أبو سلمة لأنه كان يحذرهم الخروج فقال أبو العباس إلى متى نحن في خفية وقد أوعدنا أبو هاشم أن الأمر صائر إلينا فهات أبا حميد فخرج سابق إلى أبي حميد فجاء به فلما بلغ الدار قال له سابق ألق عنك سلاحك وسوادك فإنهم يهابونك فألقى سلاحه ثم دخل فلما رأى شيعتهم سلّم عليهم ووقف وقال من إبراهيم الإمام منكم قالوا ذاك قد مضى لسبيله فاسترجع وترحم عليه وعزاهم عنه ثم قال من ابن الحارثية منكم فأشاروا إلى ابن العباس فسلم عليه بالخلافة وقبل الأرض بين يديه وقال هذا إمامكم وخليفتكم وخرج فأخبر القواد والنقباء فأسرعوا إليه وسروا به وسلموا عليه بالخلافة وبلغ الخبر أبا سلمة فانتقض عليه تدبيره وجاء فاعتذر وقال إنما أردت بما فعلت الخير فقال له أبو العباس قد عذرناك غير معتذر حقك لدينا معظم وسالفتك في دولتنا مشكورة وزلتك مغفورة فارجع إلى معسكرك لا يدخله خلل،،، ابتداء خلافة بني العباس [1] وخرج أبو العباس ليلة الجمعة لاثنتي

_ Glosemarginale. [1]

عشرة خلت من ربيع الأول في مثل مولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم هجرته سنة اثنتي وثلاثين ومائة وعليه دراعة سوداء وكساء أسود فصلى المغرب في مسجد بني أيوب فهي أول صلاة صلاها في الخلافة ودخل منزله فلمّا أصبح غدا عليه القواد في التعبية والهيبة وقد أعدوا له السواد والمركب والسيف فخرج أبو العباس في من [1] معه إلى قصر الإمارة ثم خرج إلى المقصورة وصعد المنبر وجلس وصعد معه عمه داود بن علي وكان فصيحاً بليغاً وقد اجتمع القواد وأعيان الناس فقال والله ما قام على منبركم هذا أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق به من علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأمير المؤمنين هذا أبسط يدك أبايعك فبسط يده فقال داود أنا داود بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب وقد بايعتك ثم نزل فصعد أبو جعفر أخوه فبايعه ثم بايعه أهل بيته وبنو هاشم ثم القواد ثم الرعايا ولم يزالوا يضربون على يده إلى أن أذن للصلاة قام أبو العباس فخطب وصلى ثم ركب حتى أتى معسكر [F؟ 213 r؟] أبي سلمة حفص بن سليمان فنزل وجاء أبو سلمة فبايعه وبايعه أهل عسكره فوجه أخاه أبا جعفر لمعاضدة ابن قحطبة ووجه عمه عبد

_ [1] . فيمن MS.

الله بن علي إلى مروان وهو نازل بالزاب وولى خالد بن برمك الخراج وابن أبي ليلى القضاء وسابق الخوارزمي الشراب وأكمن رجالاً ففتكوا بأبي سلمة وأرجفوا بأن الخوارج قتلته ثم ارتحل أبو العباس [1] من الهاشمية إلى الحيرة فنزلها وبعث الوفود ببيعته في سلطانه واستأمن ابن هبيرة فآمنوه وقتلوه وواقع عبد الله بن علي بن عبد الله بن العبّاس مروان بن محمد فهزمه وانتهب معسكره فمر مروان على وجهه حتى أتى الموصل فلم يفتح له ومضى فعبر جسر الفرات فوق حران وأحرق السفن فنزل عبد الله بن علي على الفرات يصلح السفن ليعبر وفتح الوليد بن معاوية ابن عبد الملك بن مروان الخزائن وفرض للناس واجتمع إليه خمسون ألفاً من المقاتلة بدمشق وجمع مروان جمعاً عظيماً بنهر فطرس من أرض فلسطين وبعث أبو العباس أخاه أبا جعفر الى أبى مسلم بخراسان يخبر [هـ] بغدر أبي سلمة ويعتذر من قتله فبايعه أبو مسلم ببيعة أهل خراسان له ووصل أبا جعفر بمال له خطر ومقدار وحمل إلى أبي العباس خيلاً ورقيقاً وسلاحاً وهدايا جمّة وعبر عبد الله ابن علي الفرات وحاصر دمشق حتى افتتحها وقتل من بها من

_ (sic) . [1] ابو الفاس MS.

بني أمية وهدم سورها حجراً حجراً ونبش عن قبورهم فأحرقهم وأحرق عظامهم بالنار ولم يجد في قبر معاوية عليه اللعنة إلا خطاً أسود كأنه رماد ولا في قبر يزيد لعنه الله إلا فقارة ظهره فأحرقه وبعث بمن ظفر به من أولادهم ومواليهم إلى أبي العباس فقتلهم وصلبهم كلهم بالحيرة وارتحل عبد الله بن علي نحو مروان فهزمه واستباح عسكره ونزل في مناخ الاستراحة واجتمع رؤساء بني أمية اثنان وثمانون رجلاً وجاءوا يستأذنون على عبد الله معتذرين فأذن لهم وقد أكمن رجالاً من المسودة ومعهم الكافر كوبات وقال إذا ضربت بقلنسوتي الأرض فابرزوا ودخل القوم فسلموا عليه بالخلافة فنادى يا حسن بن علي يا حسين بن علي يا زيد بن علي يا يحيى بن زيد ما لكم لا تجيبون وتجيب بنو أمية فأيقن القوم بالهلاك وأنشأ عبد الله يقول [كامل] حسبت أميّة أن استرخى هاشم ... منها ويذهب زيدها وحسينها كلا ورب محمد وكتابه ... حتى يشار كفورها وخؤونها ثم ضرب بقلنسوته الأرض وقال يا ثارات الحسين فخرجت المسودة ودقوهم بالكافر كوبات حتى شدخوهم عن آخرهم ثم

خروج السفياني على أبى العباس

دعا بالبسط والأنطاع وفرشها عليهم ودعا بالطعام فأكل فوق هامهم وإن منهم لمن يأن أسى وقال ما أكلت طعاماً مذ سمعت بقتل الحسين أطيب من هذا قالوا وحلف ناس من أهل الشام أنهم ما علموا لرسول الله قرابة غير بني أمية وبعث عبد الله بن علي في أثر [F؟ 213 V؟] مروان فلحقوه ببوصير من حدود مصر فقتله وبعث برأسه إلى أبي العباس فبعثه أبو العباس إلى أبي مسلم وأمره أن يطيف به في خراسان وقالوا ولما أيقن مروان بالهلاك دفن قضيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخصفته في رمل كي لا [1] يعثر عليه أحد ولا ينال فدلهم عليه خصي من خصيانه فاستخرجا وبعث بهما إلى أبي العباس ويقال أن الذي قتل مروان عامر بن إسماعيل من أهل مرو،،، خروج السفياني على أبي العباس وفي السنة الثانية من ولاية أبي العباس وهي سنة ثلاث وثلاثين ومائة خرج زياد بن عبد الله ابن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بحلب وبيضوا ثيابهم وأعلامهم وادعى الخلافة فبعث أبو العباس أخاه فأتاه من جانب الجزيرة وجاءه عبد الله بن علي من فوقه فواقعاه وهزّماه ومزّقوا

_ [1] . كيلا MS.

جموعه كلّ ممزّق وقتلوا منهم ما لا يحصى ثم اذكوا العيون على الأمويين يقتلون رجالهم ونساءهم وينبشون عن قبورهم فيحرقونهم فمن ثمّ سمى عبد الله بن علي السفاح وفيه يقول الشاعر [متقارب] وكانت أمية في ملكها ... تجول وتظهر طغيانها فلما رأى الله أن قد طغت ... ولم تطق الأرض عدوانها رماهم بسفاح آل الرسول ... فحز بكفيه أذقانها وفي السنة الثالثة من ولاية أبى العبّاس انتقض أمر بخارا بنجوم شريك بن شيخ الفهري في ثلاثين ألفاً من فلال العرب وسائر الناس ونقموا على أبي مسلم سفكه الدماء بغير حق وإسرافه في القتل فنهض إليهم أبو مسلم وعلى مقدمته زياد بن صالح وأبو داود خالد بن إبراهيم الذهلي فناجزهم وقتل شريك بن شيخ وافتتح بخارا والسغد ثانيا وأمر ببناء حائط سمرقند ليكون حصناً لهم إن دحمهم عدو وبعث زياد بن صالح فافتتح كور ما وراء النهر حتى بلغ طرازاً [1] واطلخ فتحرك أهل الصين وجاءوا

_ [1] . طرارا MS.

أكثر من مائة ألف وتحصن سعيد بن حميد في مدينة الطراز [1] وأقام أبو مسلم في معسكره بسمرقند واستمد العمال وحشر المطوعة إلى سعيد بن حميد فواقعهم دفعات وقتل منهم خمسة وأربعين ألفاً وأسر خمسة وعشرين ألفاً وانهزم الباقون فاستولى المسلمون على عسكرهم وانصرف إلى بخارا وبسط يده على ملوك ما وراء النهر ودهاقينها فضرب أعناقهم وسبى ذراريهم واستصفى أموالهم وعبر النهر من السبى غير مرة بخمسين ألفاً خمسين ألفاً وهم أبو مسلم بغزو الصين وهيأ أهبة لذلك فشغله عنه إظهار زياد بن صالح كتاباً من أبي العباس بولايته على خراسان من غير أن كان لذلك أصل فعمل أبو مسلم في ذلك حتى قتل زياداً وبعث برأسه إلى أبي العباس وكتب إليه يستأذنه في الحجّ واختار من جلّة رجله خمسة آلاف فقدمهم أمامه وخرج [F 214 r؟] واستخلف على خراسان أبا داود فلما انتهى إلى الري تلقاه كتاب أبي العباس بتخليف من معه من الجنود بالريّ وأن تقدم عليه في خمسمائة رجل فكتب إليه إني قد وترت الناس ولا آمن على نفسي ألّا أكون في كنف قوي فكتب إليه أن اقبل في ألف

_ [1] . الطرارا MS.

ذكر خروج عبد الله بن علي على أبى جعفر

فلما بلغ أبو مسلم الحيرة تلقاه أبو العباس في بني هاشم وسائر القواد من العرب والموالي وبالغ في إلطافه وتكرمته وشكر صنيعه وأشار أبو جعفر عليه بقتله فقال أبو العباس يا أخي قد عرفت بلاءه عندنا وقيامه بأمرنا وسابقته في دولتنا قال إن في رأسه وإنما بلغ ما بلغ بدولتنا وأيامنا فتغد به قبل أن يتعش بك قال وكيف الحيلة فيه قال إذا دخل عليك فاشغله بالكلام حتى آتيه من ورائه فأضربه عنقه قال دونك فاصنع ما أنت صانع ودخل أبو مسلم للسلام فأخذ أبو العباس يسأله عن وقائعه وحيله إذ أدركته حالة صرفته عما هم به فقال لبعض شاكريته قل لأبي جعفر لا يفعل ذاك ثم قال لأبي مسلم لولا أن أبا جعفر ولى ابن أخيه أميراً على الحاج لكنت أنت فخرج أبو جعفر وأبو مسلم بتقدمته حتى إذا بلغ صفينة موضعاً بين البستان وذات عرق بلغه خبر وفاة أبي العباس فسار حتى حج بالناس وأقبل منصرفاً الى الحيرة،،، ذكر خروج عبد الله بن علي على أبي جعفر ولما مات أبو العباس ادعى الخلافة عبد الله بن علي وبايعه أهل الشام والجزيرة وذلك أن أبا العباس لما ظهر أمره وضع سيفاً وقال من تقلد هذا

السيف وسار الى مروان فقاتله فله الخلافة بعدي فتحاماه الناس وقام عبد الله بن علي فتقلده وسار فقاتل مروان فقتله فلما مات أبو العباس قام بالخلافة وبايعه الناس على ذلك وكان أجلدهم وأشجعهم فهال ذلك أبا جعفر واستشار أبا مسلم فقال الرأي إن تعاجله ولا تتأنى به فأنهض أبا مسلم وجعل له الشام وما وراءه من الخراسانيات فسار أبو مسلم إلى نصيبين وقد وافاها عبد الله ابن علي في مائة ألف مقاتل ومائة ألف م الفعلة وحفر الخندق من جبل نصيبين إلى نهرها وجعل فيه ما يحتاج إليه من العدة والآلة ونصب المجانيق والعرادات وبث الحسك وسد الطريق على من يقصده من العراق وجعل الخصب والقرى وراءه فلما نظر أبو مسلم الى ذلك وانّه قد غلب الخصب والقرى والميرة والعلوفات وأن لا مقام للعسكر بازائه احتال في إخراجه فعدل عن عبد الله وأخذ في طريق الشام فخشي عبد الله أن يستولي أبو مسلم على الشام فوجه أخاه المنصور بن علي في جيش عظيم فهزمهم أبو مسلم وقتل منهم مقتلة عظيمة ومر على وجهه يظهر أنه يريد الشام فخرج عبد الله في أثره كلما ارتحل أبو مسلم من منزل نزل عبد الله فيه حتى علم أبو مسلم أنه خرج جميع عساكره

عن الخندق وضيعوا العورة عطف أبو مسلم على نصيبين ركضاً فغلب على الخندق وصار في يده جميع ما فيه وأقبل عبد الله حتّى نزل على اربع فراسخ من نصيبين في موضع ليس فيه ماء إلا ماء الآبار فبسط الأمان للناس وبذل الأموال ثم لم يمكن عبد الله المقام فهرب ليلاً واستولى أبو مسلم على خزائنه وأمواله [F؟ 214 V؟] وما كان احتواه من نهب بني أمية وكنوز الشام ثم أسر عبد الله بن علي وحمل إلى أبي جعفر فخلده الحبس إلى أن مات وأقام أبو مسلم بنصيبين واستقامت له أمور الشام وسرح أبو جعفر أمناء على الأفياض والخزائن وبعث يقطين بن موسى وأمره بإحصاء ما في العسكر فغضب أبو مسلم وشتم أبا جعفر وقال أمناء على الدماء خونة على الأموال وأقبل من الجزيرة مجمعاً على الخلاف معارضاً بخراسان وخرج أبو جعفر من الأنبار إلى المدائن وكتب إلى [أبي] مسلم بالمصير فكتب إليه أبو مسلم أما بعد فإنه لم يبق لأمير المؤمنين عدو إلا أمكنه الله منه وقد كنا نروي عن ملوك ساسان أن أخوف ما تكون الوزراء إذا سكنت الدهماء فنحن نافرون من قربك حريصون على الوفاء بعهدك ما وفيت حريون بالسمع والطاعة غير أنهما من بعيد

حيث يقارنهما السلامة فإن أرضاك ذلك فأنا أحسن عبيدك وإن أبيت الّا أن تعطي نفسك إرادتها نقضت ما أبرمت ضناً بنفسي فكتب إليه المنصور قد فهمت كتابك وليست صفتك صفة أولئك الوزراء الغششة الذين اضطراب حبل الدولة إليهم لكثرة جرائمهم وإنما راحتهم في انتشار نظام الجماعة فلم سويت نفسك بهم وأنت في طاعتك ومناصحتك واضطلاعك بما حملت من أعباء هذا الأمر بحيث أنت وقد حمل أمير المؤمنين رسالة لتسكن إليها إن أصغيت نحوها فاسأل الله تعالى أن يحول بين الشيطان وبين نزغاته منك ووجه بجرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي وكان أوحد زمانه في المكر والخداع والدهاء والتلبيس واللسان فخدعه بكلامه وسحره بمواعيده وحلف له أبو جعفر بكل عين يحلف بها ذوو [1] الأديان من الطلاق والعتاق والأيمان وضمن له عيسى بن موسى وجرير بن يزيد بن جرير الوفاء من أبي جعفر بالعهد وكتبوا له كتب الأمان وكان أبو مسلم يقول لأقتلن بأرض الروم وأقبل منصرفاً من الري إلى العراق،،،

_ [1] . ذوى MS.

ذكر مقتل ابى مسلم

ذكر مقتل أبي مسلم قالوا ولما أخذ أبو مسلم على طريق الجبال من أرض الجزيرة اشتد رعب أبي جعفر وخشي إن هو سبقه إلى خراسان أن يقاتله بما لا قبل له به فاجتمع الرأي وعمل المكائد وهجر النوم وجعل يقعد [1] وحده ويخاطب نفسه وأتاه أبو مسلم وهو بالرومية في مضاربه فأمر الناس بتلقيه وإنزاله وإكرامه غاية الكرامة أياماً ثم أخذ في التجني عليه فهابه أبو مسلم وكان استشار بانويه رجلاً من أصحابه بالري عند ورود الرسل عليه فأشار عليه بالامتداد إلى خراسان وضرب أعناق الرسل فقال أبو مسلم هو ذا أرى يرميني فما الرأي قال تركت الرأي بالري فذهبت مثلاً ولكن الحيلة أن تبدأ به فإنك مقتول فإذا دخلت عليه فأعله بسيفك [2] ونحن على الباب ثم إن أمكنك أن تدافع عن نفسك إلى أن نصل إليك وأجمع أبو جعفر على قتله وأعد من أصحاب الحرس أربعة نفر فأكمنهم في البيوت منهم شبيب المروزي وأبو حنيفة حرب بن قيس وقال إذا أنا صفقت بيدي فشأنكم وبعث إلى أبي مسلم يدعوه في غير وقت فجاء اليه

_ [1] . يعقدMS. [2] . فاعله بسيفك MS.

باستدعائه عيسى بن موسى وهو صاحب عهده وذمّته فقال له عيسى تقدّم وأنا وراءك فقال له أبو مسلم أنا أخافه على نفسي فقال عيسى [F؟ 215 r؟] أنت في ذمتي وجواري وكيف تظن بأمير المؤمنين أن ينقض عهدك وأرسل أبو جعفر إلى عيسى أن تخلف عن المجيء وجاء أبو مسلم فقام إليه البواب وقال ليعطيني الأمير سيفه قال ما كان يفعل هذا قبل قال هذا لا بدّ [منه] فأعطاه ودخل فشكى الى ابى جعفر ذلك فقال ومن أمره ذلك قبحه الله ثم أقبل عليه يعاتبه ويذكر عثراته فمما عد عليه أن قال ألست الكاتب إلي تبدأ بنفسك ودخلت إلينا فقلت أين ابن الحارثية وجعلت تخطب آمنة بنت علي بن عبد الله بن العباس وتزعم أنك سليط بن عبد الله بن عباس ما دعاك إلى قتل سليمان بن كثير الخزاعي مع أثره في دعوتنا وسعيه في دولتنا قبل أن يدخلك في شيء من هذا الأمر فجعل أبو مسلم يعتذر إليه ويقبل الأرض بين يديه ويقول أراد الخلاف علي فقتلته فقال أبو جعفر يعصيك وحاله عندنا حاله فتقتله وتعصينا فلا نقتلك قتلني الله إن لم أقتلك ثم ضربه بعمود في يده وصفق فخرج الحرس فضربوه بسيوفهم وهو يستصرخ ويستأمن ويقول ابو جعفر ما تزيد

خروج سنفاد [2] المجوسي

يا ابن اللخناء [1] إلا غيظاً المقتل قتلكم الله اقتلوه فقتلوه ولفوه في بساط ونحوه ناحية ثم استأذن إسماعيل بن علي الهاشمي فأذن له فلما قام قال إني رأيت في المنام كأنك ذبحت كبشاً وإني توطأته برجلي قال صدقت رؤياك قتل الله عز وجل الفاسق قم فتوطأه برجلك وأمر أبو جعفر أن لا يؤذن عليه ونام نومة ثم قام وقال ما تهيأت للخلافة إلى اليوم وبانويه في ثلاثة آلاف من الخراسانيّة وقوف على الباب لا يدرون ما الخبر فقال ابو جعفر فرّقوا هؤلاء العلوج عنّي وانشأ يقول [سريع] زعمت أن الدين لا يقتضى ... فاستوف بالكيل أبا مجرم سقيت كأسا كنت تسقى بها ... أمر في الحلق من العلقم وكتب أبو جعفر إلى أبي داود بعهده على خراسان،،، خروج سنفاد [2] المجوسي ولما قتل أبو مسلم خرج سنفاد [2] المجوسي بنيسابور يزعم أنه ولى أبي مسلم والطالب بثأره وسار حتى غلب على الري وما وراء النهر من النواحي وقبض خزائن أبى مسلم

_ [1] . كذا في الأصل enmarge: بن اللحناMS. [2] . بسفاد MS.

موت أبى داود خالد بن إبراهيم

وفرّقها في الفروض وبلغت جموعه تستعين ألفاً فبعث المنصور جمهور [1] العجلي في عشرة آلاف فالتقوا بين همذان والري فقتل منهم ستين ألفاً وسبي من نسائهم وأولادهم ما الله به عليم وقتل سنفاد [2] فكان بين مقتله ومخرجه سبعون يوماً،،، موت أبي داود خالد بن إبراهيم وهم أبو داود بالمسير إلى ما وراء النهر وقاد العساكر إلى مرو فبينا هو نازل للاستراحة في قصر بكشمهن [3] إذ ثار الجند ليلاً تشويشاً فأشرف عليهم أبو داود ليلاً من القصر معتمداً على أجرة فزلت الأجرة فسقط أبو داود على رقبته فانكسر فولى المنصور ابنه المهدي وأمره أن ينزل الري ويستعمل على خراسان عبد الجبار بن عبد الرحمن الحارثي،،، خروج الروندية وخرج ناس من أهل خراسان بمدينة الهاشمية وقالوا قولاً عظيما [F؟ 215 V؟] وهو أنّ أبا جعفر الهنا يحيينا ويميتنا ويطعمنا ويسقينا قالوا بتناسخ الأرواح وأن روح آدم تحولت في عثمان بن نهيك وأبو الهيثم بن معاوية هو جبريل وجاءوا الى

_ [1] . جهورMS. [2] . بسفادMS. [3] . بكشميهن MS.

خروج محمد و [2] إبراهيم من ولد الحسين بن على على ابن جعفر

قصر أبي جعفر يطوفون به ويقولون هذا قصر ربنا فأنكر ذلك أبو جعفر وخرجوا إلى الناس يهرجونهم [1] بالسيوف فخرج المنصور في مواليه فقتلهم أبرح قتل فأبلى معن بن زائدة ذلك اليوم بين يديه بلاء حسناً،،، خروج محمّد و [2] إبراهيم من ولد الحسين بن على على ابن جعفر قال وكان أبو العباس ملاطفاً لعبد الله بن الحسن باراً به فأخرج يوماً سقطا من جوهر وقاسمه فأنشأ عبد الله يقول [وافر] ألم تر حوشباً أمسى يبني ... قصوراً نفعها لبني نفيله يؤمل أن يعمر عمر نوح ... وأمر الله ينزل كل ليله فغضب أبو العباس من قوله ونفاه إلى المدينة ثم لما ولي أبو جعفر ألح في طلب ابنيه محمّد وإبراهيم فتوارى عن الطالبين وتغيبوا عنه وحج أبو جعفر وأمر بطلب أبيهما عبد الله بن الحسن وداود وإبراهيم فأتي بهم وهم بالربذة فسأله عبد الله بن الحسن وهو شيخ كبير أن يأذن له فلم يأذن وبسطوا عليهم العذاب حتى دلوا على من كان اختفى منهم بجبلى طيِّئ فبعث في طلبهم

_ [1] . كذاEnmarge: [2] . بن MS.

فأخذوا اثني عشر إنساناً ورحلهم كلهم إلى الكوفة وحبسهم في بيت ضيق لا يتمكن أحدهم من مقعده يبول بعضهم على بعض ويتغوط لا يدخل عليهم روح الهواء ولا يخرج عنهم رائحة القذر حتى ماتوا عن آخرهم فخرج محمد بن عبد الله بن الحسن بالمدينة وجمع الجموع وفرض الفروض وتسمى بالمهدي فبعث إليه أبو جعفر عيسى بن موسى وحميد بن قحطبة بن شبيب في الخراسانيّة وحاصروا المدينة أياماً وواقعوهم مراراً ثم خرج محمد بن عبد الله وقال لأهله إن قطرت السماء قطرة فأحرقوا الديوان فأنى مقتول وواقف القوم وقال يا أهل فارس يعني الخراسانيّة اخترتم الدينار والدرهم على ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أنا محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب فانتقضت الخراسانيّة وخاف عيسى بن موسى الخلاف فنادى حميد بن قحطبة بن شبيب الطائي إن كنت محمد بن عبد الله فأنا حميد بن قحطبة بن شبيب الطائىّ مسلمان كشند فحملوا عليه حملة واحدة فقتلوه وحزوا رأسه من أصل رقبته معلقاً به أحشاءه وما يتصل به وحملوه إلى أبي جعفر قالوا ولما خرج محمد بن عبد الله هاجت سحابة فمطرت فأحرق الديوان،،،

ثم خروج أخيه أبر [هيم] بن عبد الله بالبصرة

ثم خروج أخيه أبر [هيم] بن عبد الله بالبصرة في ثلاثين ألفاً ويقال في سبعين ألفاً واشتدت [1] مخافة أبي جعفر وأعد الرواحل للهرب ونقل ديوانه وأهل بيته الى دمشق وبعث عيسى للقاء إبراهيم ويئس أبو جعفر من الأمر وقال أترون أن هذا الذي بلغنا باطلاً إن الأمر لا يزال فينا حتى تلعب به صبياننا فقال له سهل لا بأس فإن الظفر لكم فلم يلبث أن جاء عيسى برأس إبراهيم فتمثّل ابو جعفر بقول الشاعر [طويل] فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عيناً بالإياب المسافر [F؟ 216 r؟] ومن ثم مر إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن [2] ابن علي بن أبي طالب إلى المغرب فهم بها الى اليوم،،، خروج استادسيس بخراسان قالوا واجتمع من الغزية نحو ثلاثمائة ألف مقاتل من أهل هراة وباذغيس وكنج رستاق [3] وسجستان ونواحيها ومعهم المرور [4] والمساحي والفؤوس ورئيسهم استادسيس

_ [1] . استدّتMS. [2] . الحسينMS. [3] . وكنجر ورستاقMS. [4] . المدور MS.

قتل عمر بن حفص بن ابى صفرة بإفريقية

وغلبوا على عامة خراسان فوجه أبو جعفر خازم بن خزيمة فقاتلهم قتالاً شديداً وقتل منهم في المعركة تسعين ألفاً وهزمهم وفرق جمعهم وسبى ذراريهم،،، قتل عمر بن حفص بن أبي صفرة بإفريقية كان أبو جعفر ولاها إياه فخرج عليه أبو عادي وأبو حاتم الأباضيان في أربع مائة ألف رجل من البربر والمغاربة منهم ثلاثمائة وخمسة عشر ألفاً رجالاً وخمسة وثمانون ألفاً فرساناً فغلبوه وقتلوه وغلبوا على المغرب فوجه أبو جعفر يزيد بن حاتم في خمسين ألفاً وأنفق على ذلك الجيش ثلاثة وستين ألف ألفَ درهم يكون بالأوقار ألفي وقر وثمانين وقراً وكل وقر ثلاثون ألفاً فقتل ابو عادى وابو حاتم وحمل رءوسهما إليه واستوت له بلاد المغرب وبنى أبو جعفر مدينة بغداذ سنة خمس وأربعين ومائة وبنى قصر الخلد سنة سبع وخمسين ومائة ونقل الأسواق من مدينة السلام إلى باب الكرخ وباب المحول وخندق على الكوفة وسوّرها وكذلك البصرة خندق عليها وخلع عيسى بن موسى وعقد البيعة لابنه محمد المهدي [1] ولعيسى بن موسى من بعده ومات أبو جعفر في طريق مكة ببئر

_ [1] . محمّد بن المهدىّ MS.

ذكر خلفاء بنى العباس

ميمون وفي أيامه صار عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك سنة ستين إلى الأندلس فملكها ثم ابنه هشام [1] بن [عبد الرحمن] [2] عشرين سنة وكان وقوع عبد الرحمن إليها سنة ثمان وثلاثين فهم ولاتها الى اليوم،،، ذكر خلفاء بني العباس أولهم أبو العباس عبد الله بن محمّد بن عليّ ابن عبد الله بن العباس بويع يوم الجمعة لاثني عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين ومائة وهو أبو العباس أمير المؤمنين المرتضى بن محمد بن علي السجاد ذي الثفنات بن عبد الله الحبر بن العباس ذي الرأي بن عبد المطلب شيبة الحمد وأم أبي العباس ريطة بنت عبيد الله بن عبد المدان وهو الذي انتشرت الأخبار بإفضاء الخلافة إليه وكان أبو العباس رجلاً طوالاً أبيض اللون حسن الوجه ولد بالشراة [3] في أيام هشام بن عبد الملك ولما قدم الكوفة نزل بحمام أعين في موضع عسكر أبي سلمة فسمى الهاشمية ثم تحول من الهاشمية إلى الحيرة ثم تحوّل من

_ [1] . الحسنMS. [2] . كذا في الأصلLacune ,enmarge: [3] . بالسراة Ms.

الحيرة إلى الأنبار وبنى بها مدينة ومات سنة ستّ وثلاثين ومائة وكانت ولايته أربع سنين وثمانية أشهر وكان سنة أربعاً وعشرين سنة وخلف أربعة أقمصة وخمس سراويلات وأربع طيالسة وثلاث مطارف خز ورثاه أبو دلامة [كامل] من مجمل [1] في الصبر عنك فلم يكن ... جزعي ولا صبري عليك جميلا يجدون أبدالاً وإني عالم ... ما عشت دهري ما وجدت بديلا إني سألت الناس بعدك كلهم ... فوجدت أجود من سألت بخيلا [F؟ 216 V؟] فقالت له امرأة أبي العباس ما أصيب به غيري وغيرك فقال أبو دلامة وكان مزاحاً ولا سوء لك منه ولد ولا ولدي منه وكانت ولدت له محمد بن أبي العباس ودفن في قصره بالأنبار وفي تأريخ خرّزاذ أنه بلغ من السن ثلاث وثلاثين سنة والله أعلم وكان يكره الدماء ويحابي على أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مختصّا بسليمان بن هشام بن عبد الملك وعبد الله بن الحسن ابن الحسن [2] بن علي بن أبي طالب وكان يقعد عبد الله بن

_ ، contrelenictrc. [1] تجمّلMS. [2] . الحسين MS.

بويع أخوه ابو جعفر المنصور

الحسن عن يمينه والأموي عن يساره فلما أنشده عبد الله ألم تر حوشباً نفاه إلى المدينة ثم لما أنشأ يقول سديف [خفيف] لا يغرنك ما ترى من رجالٍ ... إن تحت الرجال داء دويا فضع السيف وارفع السوط عنهم ... لا ترى فوق ظهرها أمويا ثمّ أمر بسليمان فقتل،،، بويع أخوه أبو جعفر المنصور وهو عبد الله بن محمد بن العباس سنة سبع وثلاثين ومائة وأمه بربرية يقال لها سلامة ولد بأرض الشراة [1] في أيام الوليد بن عبد الملك بن مروان وكان أكبر من أبي العباس بثماني عشرة سنة وذكروا أنه كان رجلاً أسمر نحيفاً طويل القامة قبيح الوجه دميم الصورة ذميم الخلق أشح خلق الله وأشده حباً للدينار والدراهم سفاكاً للدماء ختاراً بالعهود غداراً بالمواثيق كفوراً بالنعم قليل الرحمة وكان جال في الأرض وتعرض للناس وكتب الحديث وحدث في المساجد وتصرف في الأعمال الدنية والحرف الشائنة وقاد القود لأهلها وضربه سليمان ابن حبيب بالسياط في الجملة والتفصيل كان رجلا دنيا خسيسا

_ [1] . السراة MS.

كريهاً شريراً فلما أفضى الأمر إليه أمر بتغيير الزي وتطويل القلانس فجعلوا يحتالون لها بالقصب من داخل فقال أبو دلامة في هجره [طويل] وكنا نرجي من إمام زيادة ... فزاد الإمام المصطفى [1] بالقلانس تراها على هام الرجال كأنها ... ديار يهود جلّلت بالبرانس وأمر بعدد دور أهل الكوفة ووظف خمسة دراهم [2] على كل دار فلما عرف عددهم جباهم أربعين درهماً أربعين درهما فقالوا [رمل] يا لقوم ما لقينا من أمير [3] المؤمنينا ... قسم الخمسة فينا وجبانا أربعينا وحج غير مرة وزار القدس وبنى مدينة المصيصة ومدينة الرافقة بالرقة على قدر مدينة السلام ووسع طرق المدينة وأرباضها وأمر بهدم ما شخص عنها ووسع المسجد الحرام وجمع من المال ما لم يجمعه أحد قبله ولذلك قيل له أبو الدوانيق وخرج محرما بالحجّ

_ [1] . المجتبىCorr.marg: repetedeuxfois. [2] خمسة دراهماMS. [3] . أمر MS.

خبر أبى مسلم صاحب الدعوة

فعرض له وجع ببئر ميمون هاض له بطنه ثم انقض كوكب في إثره إلى طلوع الشمس ومات فحمل إلى مكة فدفن مكشوف الرأس وخلف من الصامت تسع مائة ألف ألف درهم وستين ألف ألف درهم سوى سائر الأصناف ولم يروا منها بشيء وزعم زاعم أنه وقف عليه [F؟ 217 r؟] أعرابي في طريقه قبل موته بستّ أيّام فأنشده [طويل] أبا جعفر حانت وفاتك وانقضت ... سنوك وأمر الله لا بد واقع أبا جعفر هل كاهن أو منجم ... بحيلته عنك المنية دافع ويقال بل هتف به في نومه ورثاه مروان بن أبى حفصة [طويل] أبا جعفر صلّى عليك إلهنا ... لموتك أمسى أعظم الحدثان بكى الثقلان الإنس والجن إذ ثوى ... ولم يبك ميتاً قبلك الثقلان خبر أبي مسلم صاحب الدعوة اختلف الناس في اسمه وبلده فأكثرهم على أنه أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم ولد بأصبهان ونشأ عند إدريس بن عيسى جد أبي دلف فكان مع ولده في المكتب إلى أن حفظ القرآن وروى الأشعار وقال بعضهم هو

ابو إسحاق إبراهيم بن عثمان وأمه وشيلة بنت فلان وزعم قوم أنه كان من قرية من قرى مرو [و] يقال بل كان من العرب وقيل كان عبداً وأما أبو دلامة فإنه نسبه إلى الأكراد حيث هجاه وقالوا في حليته وهيأته أنه كان قصير القامة أسمر اللون دقيق البشرة حلو المنظر طويل الظهر قصير الساق لم ير ضاحكاً ولا ممازحاً يأتيه الفتوح العظام فلا يعرف بشره في وجهه وينكب النكبة العظيمة فلا يرى مكتئباً لها قليل الرحمة قاسي القلب سوطه سيفه قتل من الأصناف كلها بدأ بمضر في خراسان فأفناهم ثم اليمن ثم الربيعة ثم القضاة ثم القراء ثم الملوك ثم الدهاقين والمرازبة والنصارى والدماوندية والنهاوندية واليهود وقتل ستمائة ألف ممن يعرف صبراً سوى من لا يعرف ومن قتل في الحروب والهيجاء وقتل ولم يترك داراً ولا عقاراً ولا عبداً ولا أمةً ولا ديناراً ولا درهماً وكانت عنده ثلاث نسوة وكان لا يطأ المرأة منهن في السنة إلا مرة واحدة ويقول يكفي الإنسان أن يختن نفسه في السنة مرة وكان من أغير الناس لا يدخل قصره أحد غيره وفيه كوى يطرح لنسائه منها ما يحتجن إليه قالوا وليلة زفت إليه أمرأته أمر بالبرذون الذي ركبته

فذبح [1] وأحرق سرجه لئلا يركبه ذكر بعدها قال ابن شبرمة دخلت على أبي مسلم ليلاً فرأيت في حجره مصحفاً وفي يده سيفا فقال يا ابن شبرمة إنما هما وأشار إليهما أترهب هذا أم السيف قلت أصلح الله الأمير من أشجع الناس فقال كل قوم في إقبال دولتهم وكان أقل الناس طمعاً وأكثرهم طعاماً يخبز في مطبخه كل يوم ثلاثة آلاف مآزف ويطبخ مائة شاة سوى البقر والطير وكان له مائة طباخ وآلة المطبخ تحمل على ألف ومائتين من الدواب ولما حج نادى في الناس برئت الذمة ممن أوقد ناراً فكفى العسكر ومن معه أمر طعامهم وشرابهم في ذهابهم ومنصرفهم وهربت الأعراب فلم يبق في المناهل منهم أحد لما كانوا سمعوا به من ولوعه بسفك الدماء وتناشدوا له بيتا قال نصر بن سيّار [بسيط] [F؟ 217 V؟] فمن يكن سائلاً عن دين قومهم ... فإن دينهم أن يقتل العربا وكان مروان بن محمد كتب إلى أهل مكة يهجو أبا مسلم وانه

_ [1] . فذبحت MS.

وبويع بعده ابنه المهدي

يحرق المصاحف ويهدم المساجد فلما سمعوا بقدومه خرجوا ينظرون إليه فلما بلغ الحرم نزل عن دابته وخلع نعليه ومشى حافياً على رجليه إعظاماً للبيت وقضى نسكاً قل ما قضاه أحد من الملوك غيره فقالوا ما رأينا سلطاناً أعظم الحرم إعظامه وولد سنة مائة واثنتين وقتل [سنة] سبع وثلاثين وهو ابن خمس وثلاثين سنة وخلف بنتاً يقال لها فاطمة بنت أبي مسلم يتولاها الخرمية ويزعمون أنه يخرج من نسلها رجل يستولي على الأرض كلها ويسلب بنى العبّاس ملكهم وفيه يقول [طويل] أبا مجرم ما غير الله نعمة ... على عبده حتى يغيرها العبد وفي دولة المهدي حاولت غدرة ... إلا إن أهل الغدر آباؤك الكرد أبا مجرم خوفتني الفتك فانتحي ... عليك بما خوّفتني الأسد الورد وبويع بعده ابنه المهدي محمد بن أبي جعفر سنة تسع وخمسين ومائة وصار إليه خاتم الخلافة وقضيب النبي صلى الله عليه وسلم وبردته فكان كما سمي هادياً مهدياً رد المظالم وشهد الصلوات في جماعة وفرق خزائن المنصور في سبل الخير ورد ولاء آل أبي بكرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد ولاء آل زياد من نسبهم إلى أبي سفيان

إلى عبيد من ثقيف وكتب بذلك إلى المدن والأمصار ووسع المسجد الحرام ومسجد المدينة وفرق في حجه بمكة والمدينة ثلاثين ألف ألف درهم سوى ما حمل إليه من مال مصر واليمن وحمل إليه محمد بن سليمان الثلج من أرض الموصل ولم يحمله أحد قبله وأمر بنزع المقاصير عن المساجد وتقصير المنابر إلى الحد الذي كان عليه منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع دور المرضى وأجرى على العميان والمجذمين والضعفى وأغزى الصائفة ابنة هارون بن المهدي في مائة ألف من المسترقة [1] سوى المطوعة والأتباع وأهل الأسواق والغزاة فقتلوا من الروم خمسة وأربعين ألفا وأصابوا من المال ما بيع البرذون بدرهم والدرع بدرهم وعشرون سيفاً وألزموهم الجزية كل سنة سبعين ألف دينار وفيه يقول ابن أبى حفصة [طويل] أطفت بقسطنطينة [2] الروم مسندا ... إليها القفا حتى اكتسى الذل سورها وما رمتها حتى تفيك ملوكها ... بجزيتها والعرب تغلي قدورها وكثير من الناس يرون ذلك الفتح الفتح الذي وعد الله به وفي

_ [1] . المسترزقةMS. [2] . قسطنطينية MS.

أيامه خرج رجل يقال له يوسف البرم [1] واستغوى خلقاً كثيراً وجمع بوشا وأدعى النبوة فبعث إليه جيشاً ففضوا جموعه فأسروه فأمر به المهدي فصلب وخرج حكيم المقنع وقال بتناسخ الأرواح واتبعه ناس كثير وكان حكيم هذا رجلاً قصيراً أعور من قرية من قرى مرو يقال لها كاره وكان لا يسفر عن وجهه لأصحابه فلذلك [F؟ 218 r؟] قيل له المقنع وزعم أن روح الله التي كانت [2] في آدم تحولت [3] إلى شيث ثم إلى نوح ثم الى إبراهيم ثم إلى موسى ثم إلى عيسى ثم الى محمد ثم الى على ثم إلى محمد بن الحنفية ثم إليه وكان يحسن شيئاً من الشعبذة والنيرنجات فاستغوى أهل العقول الضعيفة فاستمالهم فبعث المهدي في طلبه فصار إلى ما وراء النهر وتحصن في قلعة كش [4] وجمع فيها من الطعام والعلوفة وبث الدعاة في الناس وادعى إحياء الموتى وعلم الغيب وألح المهدي في طلبه فحوصر فلما اشتد الحصار عليه سقى نساءه وغلمانه كلهم السم وشرب هو منه فماتوا عن آخرهم وحمل الى المهدىّ

_ [1] . كذا في الأصل enmarge: بن البرمMS. [2] . كانMS. [3] . تحوّلMS. [4] . تكش MS.

وكان وعد أصحابه أن يتحول روحه إلى قالب رجل أشمط على برذون أشهب وأنه يعود إليهم بعد كذا سنة ويملكهم الأرض فهم ينتظرونه ويسمون المبيضة وفي أيامه خرج المحمرة بخراسان وعليهم رجل يقال له عبد الوهّاب فغلب على خراسان وما يليها وقتل خلقاً كثيراً من الناس فانهض إليه المهدي عمرو بن العلاء فقتله وفض جموعه وفي أيامه ظهرت الزنادقة فقتل المهدي بعضهم واستتاب بعضها وعقد البيعة لابنه موسى الهادي وبعده لأخيه هارون الرشيد واعتل المهدي فحمل إلى ماسبذان [1] يتروح إلى ذلك بالهواء فمات فحمل على درابة إذ لم يجدوا جنازة فجزت حسنة [2] عبيدها ولبست المسوح في وصائفها ولم تزل [3] كذلك إلى أن فارقت الدنيا وكانت من أجمل النساء فقال أبو العتاهية [رمل] رحن في الوشي وأصبحن ... عليهنّ المسوح كلّ نطّاح وإن عاش ... له يوم نطوح نح على نفسك يا مسكين ... إن كنت تنوح

_ [1] . ما سندانMS. [2] . ح؟ بهMS. [3] . يزل MS.

وبويع الهادي

لتموتنّ ولو عمّرت ... ما عمر نوح بين عيني كل حيٍ ... علم الموت يلوح كلنا في غفلة و ... الموت يغدو ويروح وتوفّى المهدىّ سنة ست وستين ومائة وكان ابن ثمان وأربعين سنة وولايته عشر سنين وشهر وقيل فيه [طويل] وأفضل قبر بعد قبر محمد ... نبي الهدى قبر بماسبذان [1] عجبت لأيد حثت التراب فوقه ... غداة فلم يرجع بغير بنان وبويع الهادي وتولى له البيعة هارون وهو بجرجان فأقبل الى بغداذ على دواب البريد وخرج عليه الحسين بن على بن الحسن ابن على بن أبي طالب بالمدينة في الطالبيين يحيى وإدريس وإسماعيل الذي يقال [له] طباطبا وعلي وعمر الذي يقال له الأفطس وأخرجوا عامل المدينة ونهبوا بيت المال ثم قصد الحسين بن على مكة وبعث الهادي موسى بن عيسى [2] فأدركه على فرسخ من مكة فقتله وحمل رأسه إلى المهدي وتفرق من كان معه من آل أبى

_ (contrelemetre) . [1] بماسندانMS. [2] . عيسى بن موسى MS.

طالب فوقع إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن [1] بن على [ابن] أبي طالب إلى الأندلس وغلب عليها وأخوه يحيى بن عبد الله إلى جبال الديلم فأما إدريس فولى إلى [F؟ 218 V؟] تلك الناحية وولده إلى اليوم بها وأما يحيى فإنه آمنة هارون [2] وأخرجه ثم غدر به وبنى على بطنه اسطوانة وغضب الهادي على موسى بن عيسى في قتل الحسين بن علي من غير موافقة وتركه أن يقدم به عليه فيرى فيه رأيه فقبض على أمواله وضياعه وتتبع الهادي الزنادقة فقتلهم أبرح قتلٍ منهم ازديادار كاتب يقطين بن موسى نظر إلى الناس في الطواف يهرولون فقال ما أشبههم ببقر تدوس البيدر فقال الشاعر فيه [سريع] ماذا ترى في رجل كافر ... يشبه الكعبة بالبيدر وقال آخر [سريع] قد مات ماني منذ أعصارٍ ... وقد بدا إزدايادار حج إلى البيت أبو خالد ... مخافة القتل أو العار

_ [1] . الحسينMS. [2] . هارون MS.

وبويع هارون الرشيد

وود والله أبو خالد ... لو كان بيت الله في النار لا يقتل الحيات في دينه ... كفراً ولا العصفور في الدار وليس يؤذى الفأر في حجره ... يقول روح الله في الفأر فقتله الهادي وصلبه فسقطت خشبته على رجل من الحاج فقتلته وقتلت حماره ومات الهادي بعيساباذ سنة سبعين ومائة وكان بلغ من السن ثلثا وعشرين سنة وولى سنة وشهرا،،، وبويع هارون الرشيد يوم توفي الهادي وولد له المأمون فمات خليفة وولى خليفة وولد خليفة ولما بويع الرشيد ولي الوزارة يحيى بن خالد بن برمك وولى خرسان جعفر بن محمّد بن الأشعث ابن قيس وبذل الأمان للطالبيين وأخرج الخمس لبني هاشم وقسم للذكر ألفا وللأنثى خمسمائة وساوى بين صلبتيهم ومواليهم وفرض لأبناء المهاجرين والأنصار وعمر طرسوس وأنزل فيها أبا سليمان الخادم في جماعة من الموالي وخرج عليه الوليد بن طريف الشاري بأرض الجزيرة واستولى عليها وعلى أرمينية وآذربيجان وهزم عدة جيوش لهارون وفتك بهم ويقول [سريع] أنا الوليد بن الطريف الشاري ... أخرجني ظلمكم من داري

ودامت فتنته قريباً من عشر سنين ثم انتهز بعض الأعراب منه الفرصة فقتله غيلة وحمل رأسه إلى هارون فاعتمر شكراً للَّه عز وجل على ما أبلاه وكفاه وذلك في سنة تسع وسبعين ومائة ورثته أخته الفارعة بنت الطريف [طويل] ألا يا لقوم للحيوف وللبلى [1] ... وللدار لما أزمعت بخسوف وللبدر من بين الكواكب إذ هوى ... وللشمس همت بعده بكسوف [F؟ 219 r؟] ولليث فوق النعش إذ يحملونه ... إلى وهدة ملحودة وسقوف بكت جشم لما استقلت على العلى ... وعن كل هولٍ بالرجال مطيف أيا شجر الخابور ما لك مورقا ... كأنك لم تجزع على ابن الطريف فتى لا يعد الزاد إلا من التقى ... ولا الكال إلا من قنى وسيوف وخرج عليه حمزة الشاري بخراسان فعاش بباذغيس فأفسد ووثب على عيسى بن علي بن عيسى ففض جموعه وقتل فيهم أبرح قتل وانتهت الهزيمة لعيسى إلى كابل وقندهار فقال ابو العذافر [خفيف]

_ [1] . وللبلا Corr.marg.ms.

كاد عيسى يكون ذا القرنين ... بلغ المشرقين والمغربين لم يدع كابلا وزابلستان ... [1] وما حولها إلى الرخجين [2] ثم غرق حمزة في واد بكرمان وتسمى طائفته الحمزية وخرج أبو الخصيب بنسا وغلب عليها وعلى أبيورد وطوس وسرخس ونيسابور وخرب وأفسد وكثفت [3] جموعه وقوي أمره فبعث إليه هارون [4] عيسى بن علي فقتله وسبى أهله وذراريه وحمل إليه رأسه واستقامت أحوال خراسان وتحركت الخرمية بأذربيجان فانتدب لهم عبد الله بن مالك فقتل منهم ثلاثين ألفاً وسبى نساءهم وصبيانهم ووافى بهم هارون بقرميسين فأمر بقتل الأسارى وبيع السبى وخطب الفضل بن يحيى إلى خاقان ابنته فحنق لذلك خاقان وخرجت الخزر من باب الأبواب وأوقعوا بالمسلمين وأهل الذمة وسبوا مائة ألف وأربعين ألف إنسان وقتلوا من الرجال والنساء والولدان ما لا يعلم عددهم الّا الله عزّ وجلّ وأحرقوا

_ [1] . لاMS.ajoute: [2] . الرجّخينMS. [3] . وكبفتMS. [4] . هارون MS.

قصة البرامكة

المدن والقرى وانتهكوا من الإسلام ما لم يذكر مثله قبله ولا بعده،،، قصة البرامكة قيل أنهم كانوا من أهل بيوتات بلخ ممن يتولون البهار وبيت النار فقيل لهم البرامكة على معنى أنهم سدنة البيت وحجابه فأول ما ولوا من الأعمال في أيام أبي العباس ولي الخراج خالد بن برمك ثم صار يدور فيهم إلى أيام الرشيد فولى الوزارة يحيى بن خالد بن برمك وولي خراسان وما دون باب بغداذ مما يليها ابنه الفضل بن يحيى وولى ابنه الآخر جعفر بن يحيى الخاتم قال بعضهم الوزارة برمكية لا بقي منهم بقية ثم سخط عليهم هارون فأفناهم واختلفوا في السبب الذي حمله على ذلك فقال قوم أنهم أرادوا إظهار الزندقة وإفساد الملك ونقله إلى عثمان بن نهيك الفاسق فقتلهم هارون على ذلك وقال آخرون إن هارون كان مختصاً بجعفر بن يحيى بن برمك حتى أمر فخيط له قميص ذو جيبين يلبسه هارون وجعفر لثقته به واختصاصه به وكان باراً بأخته عباسة [1] مولعاً بها لا يكاد يصبر عنها فزوجها من جعفر بن يحيى على أن لا يمسّها ولا يلمى بها ليكون لها محرما إذا حضرت

_ [1] . العبّاسيّة MS.

المجلس فقضى من القضاء إن حملت منه وولدت تؤأمين فغضب هارون لذلك وأمر بضرب [F؟ 219 V؟] عنق جعفر بن يحيى وحبس أخاه الفضل وأباه بالرقة حتى ماتا في الحبس وأمر بجثة جعفر ورأسه إلى مدينة السلام فقطعت بنصفين وصلبت به ثم أحرقت بالنار وكتب إلى العمال في جميع النواحي والبلدان بالقبض على البرامكة وحاشيتهم وأولادهم ومواليهم فكل من هو منهم يسئل [1] والاستيثاق [2] منهم واجتياح أموالهم واستصفائها منهم وإذكاء العيون على من اختفى منهم وتغيب والاحتيال في القبض عليه حتى إذا علم أنه قد أحاط بهم أو بأكثرهم كتب إلى كل عامل [3] كتابا مدرجاً مختوماً بأمره أن ينظر فيه يوم كذا من سنة كذا فيمثل ما مثل له فيه فوافق قتلهم كلهم في يوم واحد ثم أمر بعباسة فحطت في صندوق ودفنت في بئر وهي حية وأمر بابنيها كأنهما لؤلؤتان فأحضرا فنظر الهيما ملياً وشاور نفسه وبكى [4] ثم رمى بهما البئر وطمّها عليهم وقال الأصمعيّ في

_ [1] . كذا في الأصل:enmarge: يسلMS. [2] . والاستيثاقMS. [3] . عالمMS. [4] . وبكا MS.

البرامكة [متقارب] إذا ذكر الشرك في مجلسٍ ... أنارت وجوه بني برمك وإن تليت عندهم سورة ... أتوا بالأحاديث من برمك وحج هارون بابنيه محمد الأمين وعبد الله المأمون وكتب كتاباً بالعهد والبيعة للأمين وبعده للمأمون وأشهد عليه وعلقه على الكعبة فقال إبراهيم الموصلىّ [كامل] خير الأمور مغبة ... وأحق أمر بالتمام أمر قضى أحكامه ... في الكعبة البيت الحرام وكان عقد العهد لمحمد وسماه الأمين وهو ابن خمس سنين وذلك في سنة خمس وسبعين ومائة فقال سلم الخاسر [كامل] قد وفق الله الخليفة إذ بنى ... بيت الخلافة للهجان الأزهر قد بايع الثقلان في مهد التقى ... لمحمد بن زبيدة ابنة [1] جعفر وقال أبان بن حميد اللاحقيّ [طويل] وما قصرت سن به أن ينالها ... وقد خصّ عيسى بالنّبوّة في المهد

_ (sic) . [1] بن MS.

وبويع محمد الأمين

وفي سنة ست وثمانين ومائة أخذ البيعة للقاسم ابنه بولاية العهد بعد المأمون وسماه المؤتمن فصاروا بعهده ثلاثة الأمين ثم المأمون ثم المؤتمن وخرج رافع بن ليث بن نصر بن سيار بسمرقند وغلب على ما وراء النهر فولى الرشيد هرثمة بن أعين خراسان واستكفاه أمر رافع وقدم المأمون إلى مرو وسار بنفسه فلما بلغ طوس توفي بها فدفن في سنة ثلاث وتسعين ومائة وقد بلغ من السن سبعاً وأربعين سنة وكانت ولايته ثلاثاً وعشرين سنة وشهرين وأياماً فرثاه ابو الشيص [رمل] غربت في المشرق الشمس ... فقل للعين تدمع [F؟ 220 r؟] ما رأينا قطّ شمشا ... غربت من حيث تطلع فلما مات هارون بايع الناس لولده الثلاثة على الوفاء بالعهد بعضهم لبعض،،، وبويع محمد الأمين فنكث وغدر وولى ابنه موسى العراق وهو طفل ولقبه الناطق بالحق وأمر بالدعاء له على المنابر ونهى عن الدعاء للمأمون وأمر بإبطال ما ضرب المأمون من الدراهم والدنانير بخراسان وأغرى الفضل بن الربيع بينه وبين المأمون وزين له

بكر بن المعتمر خلع المأمون فولّى على بن عيسى بن ماهان الحرب وأخذ البيعة لابنه الناطق بالحق وصيره في حجره وندبه للقاء المأمون ودفع إليه قيداً من ذهب وقال أوثق المأمون ولا تقتله حتى تقدم به علي وأعطاه من الصامت ألفي ألف دينار سوى الأثاث والكراع وبلغ الخبر المأمون فتسمى بأمير المؤمنين وقطع الخراج عن [1] الأمين وألقى اسمه من الطراز والدراهم والدنانير وانهض طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين إلى علي بن عيسى فالتقوا بالري وقتلوا جيوشه واحتووا على أمواله وكتب طاهر ابن الحسين إلى الفضل بن سهل وزير المأمون كتبت إليك ورأس علي بن عيسى في حجري وخاتمه في يدي والحمد للَّه رب العالمين فنهض الفضل بن سهل ودخل على المأمون وسلم عليه بالخلافة فبعث المأمون إلى طاهر بالهدايا والأموال وأمده بالرجال والقواد وسماه ذا اليمينين وصاحب خيل الدين وأمره أن يمضي إلى العراق فأخذ طاهر على طريق الأهواز وأخذ هرثمة على طريق حلوان ورفع المأمون قدر الفضل بن سهل وعقد له على المشرق من جبل همذان إلى جبل سقين وتبت [2] طولاً ومن بحر فارس والهند

_ [1] . علىMS. [2] . كذا في الأصل enmarge: بن سفبر وببت MS.

إلى بحر جرجان والديلم عرضاً وعقد له لواء على سنان ذي شعبتين وسماه ذا الرئاستين رياسة الحرب ورياسة التدبير ولما صار طاهر إلى الأهواز واستولى عليها ثم امتد إلى واسط وتمكن هرثمة من حلوان شغب الجند على محمد الأمين فأعطاهم رزق أربعة وعشرين شهراً ثم وثبوا عليه وهو في قصر الخلد فأخرجوه وخلعوه وحبسوه مع أمه وولده في مدينة أبي جعفر فقال جاء الخبر من العجب لأحد عشر من رجب ثم أخرجوه وبايعوه وكان حبسه يومين ثم تشوشت الدنيا فخرج ابن طباطبا العلوي بالكوفة وبيض ومعه أعرابي من بني شيبان يقال له أبو السرايا وغلبوا على الكوفة والسواد ثم مات ابن طباطبا وهو محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين ونقش الخاتم [و] الدراهم [1] إِنَّ الله يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ 61: 4 وفي وسطه الفاطمي الأصغر وخرج بالبصرة علي بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم فغلب وبيض وخرج بمكة ابن الأفطس الحسين بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبى طالب [2] عليهم السلم

_ [1] . الدارهم.Ms. .Ms.I (sic) [2]

فغلب وبيض وحج بالناس سنة مائتين وخرج بالمدينة محمد بن سليمان بن [F؟ 220 V؟] داود بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب سلام الله عليهم فغلب وبيض وخرج باليمن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمد وغلب وبيض وخرج بالشام على بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية يدعو إلى نفسه وحاصر طاهر وهرثمة محمداً الأمين وجعلا يحاربان أصحابه سنة ببغداذ فقتل أصحابه وخفت يده من المال وضعف أمره وكتب طاهر إلى المأمون يستأمره في قتل محمد فبعث إليه بقميص غير مقور فعلم أنه يأمره بقتله وخلص الجيش إلى قصر محمد وأحدقوا به فوجه إلى هرثمة يسأله الأمان فآمنه وضمن له الوفاء من المسلمين فجاء طاهر مسرعاً وحمل على الحراقة بالنفط والحجارة فانكفأت بمن فيها فأما هرثمة فإنه ركب زورقاً قريباً منه وأما محمد فسبح حتى خرج بشط البصرة فأخذه أصحاب طاهر وجاءوا به فقتله من ليلته وبعث برأسه إلى خراسان وخلص الأمر للمأمون وبعث المأمون إلى علي بن موسى بن جعفر فأقدمه خراسان وعقد له العهد من بعده وسماه الرضا وزوجه ابنته أم حبيبة بنت المأمون وخضر الثياب واللباس والرايات وأمر بطرح السواد فشق ذلك

على بني هاشم وغضب بنو العباس وقالوا يخرج الأمر منا إلى أعدائنا فخلعوا المأمون وبايعوا إبراهيم بن المهدي وسموه المبارك وتوجه المأمون نحو العراق فلما بلغ سرخس قتل الفضل بن سهل في الحمام غيلة ومات علي بن موسى الرضا بطوس ودفن عند قبر هارون واختلفوا في سبب موته فمن قائل أنه سم وآخر أنه أكل عنباً فمات وجاء المأمون حتى دخل بغداذ وعليه الخضرة فأمر بطرحها وأمر بإعادة السواد وخلع القاسم المؤتمن وقتل محمد الأمين سنة ثمان وتسعين ومائة وكان سنة ثمان وعشرين سنة وأياماً ولايته أربع سنين وأربعة أشهر وأياماً ويقال خمس سنين وفيه يقول [متقارب] أضاع الخلافة غش الوزير ... وفسق الأمير وجهل المشير فبكر مشير وفضل وزير ... يزيدان ما فيه حذف الأمير وبويع إبراهيم بن المهدي سنة اثنتين ومائتين فخرج إلى الحسن ابن سهل فألحقه بواسط ثم بايع بغداذ المأمون وكانت أيّام إبراهيم بن المهدي سنة وأحد عشر شهراً ودخل المأمون بغداذ سنة أربع ومائتين،،،

وبويع عبد الله المأمون

وبويع عبد الله المأمون سنة أربع ومائتين وكانوا بايعوه بمرو عند ما خلعه أخوه فأحسن السيرة وتفقد أمور الناس وقعد للقضاء وتولّى الصلاة والخطبة وخلع أخاه القاسم وأخذ البيعة لأخيه ابى [1] إسحاق المعتصم من بعده وكتب الناس من عبد الله المأمون أمير المؤمنين وأخيه الخليفة من بعده أبي إسحاق المعتصم وأمر بامتحان القضاة والمحدّثين ونادى مناديه برئت الذمة ممن ذكر معاوية بخير [2] وفضله على أحد من الصحابة [F؟ 221 r؟] وأحيا العلم القديم ونقل إلى لسان العرب وأظهر علم النجوم والفلسفة وكان فاضلاً في نفسه فطيناً ذكياً أبيض البشرة تعلوه حمرة أعين طويل اللحية دقيقها بخدّه خال أسود وأمر ابو إسحاق باتخاذ الأتراك للخدمة وكان يشتري [3] الواحد منهم بمائة ألف ومائتي ألف وفي أيامه تحركت الخرمية وادعى بابك أنّ روح جاويدان دخلت فيه فبعث إليه المأمون محمد بن حميد فقتل محمد بن حميد وعامة أصحابه وأصاب الناس مجاعة حتى بلغ المد عشرين دينارا ورئي

_ [1] . ابنMS. [2] . بحيراMS. [3] . يسترى MS.

قبله الكوكب ذو الذنب ثم وقع بعده موت ذريع أفنى كثيراً من الناس وظفر المأمون بإبراهيم بن المهدي في زي امرأة يمشي بين امرأتين فعفا عنه وآمنه ونادمه فقال إبراهيم [كامل] إن الذي قسم المكارم حازها ... من صلب آدم للإمام السابع فعفوت عمن لم يكن عن مثله ... عفو ولم يشفع إليك بشافع وغزا الروم غير مرة فافتتح منها حصوناً وقلاعا ومات بها فحمل إلى طرسوس وقال الشاعر [خفيف] خلّفوه بعرقوة طرسوس ... مثل ما خلّفوا أباه بطوس هل رأيت النجوم أغنت عن المأمون ... أو عن وزيره المألوس وتوفّى سنة ثمان عشرة ومائتين وكانت خلافته منذ قتل محمد عشرين سنة وعمره ثمانيا وأربعين سنة وكانت أم المأمون باذغيسية تسمى مراجل وكان المأمون ضربه أبوه في شيء فقال الرقاشيّ يهجوه [رمل] لم تلذه أمه تعرف ... في السوق التجارا لا ولا حد ولا خان ... ولا في الحكم جارا

وبويع ابو إسحاق المعتصم بالله

وبويع ابو إسحاق المعتصم باللَّه وهو محمد بن هارون سنة ثمان عشرة ومائتين فتخرم كثير من أهل الجبال من مشاهير همذان وماسبذان [1] ومهرجان وتجمعوا فبعث إبراهيم بن إسحاق بن مصعب وقتل منهم ستين ألفاً وسبى ستين ألفاً وهرب الباقون إلى بلاد الروم وخرج العباس بن المأمون ودعا إلى نفسه وبايعه كثير من القواد فحبسه وأمر بلعنه على المنابر وسماه اللعين فمات بالحبس وشغب عليه الأتراك فأمر برد المقاصير في مساجد الجماعة ثم مضى بإنزاله إلى سر من رأى [2] فابتني فيها واتخذها داراً وقتل بابك الخرمي سنة ثلاث وعشرين ومائتين،،، قصة بابك الخرمي [3] ذكروا أنه كان لغير رشده وأن أمه كانت امرأة عوراء فقيرة من قرى آذربيجان فشعف بها رجل من نبط

_ [1] . وباسندان.MS. كذا في الأصل Enmarge: [2] [3] بابك كهاجر ذاك الخرّمى الّذي كان marginalemoderne: استولى على الممالك ثم قتل في زمن المعتصم خدمة كسكرة قرية بفارس منا بابك الخرمى كذا في القاموس [sic] لكنه مخالف لما ذكر في هذا الكتاب من امره من آذربيجان كذا في الأصل،،،. اذرهجان etlagloseportent بن آذربيجان Aulieude

السواد يقال له عبد الله فحملت منه وقتل الرجل وبابك حمل فوضعته أمه وجعلت تكتسب [1] عليه إلى أن بلغ مبلغ السعي وصار غلاما حذروا [2] واستأجره أهل قريته على سرحهم بطعام بطنه وكسوة ظهره فزعموا أنّه أتته ذات يوم بطعامه وهو قائل في ظلّ حانط فرأت شعر بدنه قد [F؟ 221 V؟] اقشعر يقطر من رأس كل شعرة قطرة دم فقالت إن لابني هذا شأناً عظيماً وكان في تلك الجبال قوم من الخرمية وعليهم رئيسان يتكافحان ويخالف أحدهما الآخر يقال لأحدهما جاويذان [3] والآخر عمران فمر جاويذان [3] في بعض حاجاته بقرية بابك فرآه فتفرس فيه الجلادة فاستأجره من أمه وحمله إلى ناحيته قالوا فمالت إليه امرأة جاويذان [3] وأفشت إليه أسرار زوجها وأطلعته على دفائنه وكنوزه فلم يلبث إلا قليلاً حتى وقعت حرب بين جاويذان [3] وعمران فأصابت جاويذان [3] جراحة فمات منها فزعمت امرأة جاويذان [3] أن بابك قد استخلف هذا على أمره وتحولت روحه إليه وإن الذي كان وعدكم من الظفر والنصرة

_ [1] . وجعل يكتسبMS. [2] . حذوراMS. [3] . جاوندان MS.

كله صائر إليكم على يدي هذا وذلك أن الخرمية لا يصبحون ولا يمسون إلا على توقع الحركة فأتبعوه قومه وصدقوا المرأة على شهادتها وأمر بابك أصحابه من النواحي والقرى وكان في قلة وذلة وأعطاهم سيوفاً وخناجر وأمرهم أن يرجعوا إلى قراهم ومنازلهم وينتظرون ثلث الليل الأخير فإذا كان ذلك الوقت يخرجوا على الناس فلا يدعون رجلاً ولا امرأة ولا صبياً ولا طفلاً من قريب وبعيد إلا قطعوه وقتلوه ففعل القوم ذلك فأصبح أهل تلك القرى قتلى بأيدي الخرّمية لا يدرون من أمرهم بذلك ولا ما السبب فيه ودخل الناس رعب شديد وهول عظيم ثم لم يمهل أن بعثهم إلى ما نأي عنه من النواحي فيقتلون من أصابوا من الناس من أيّ صنف كان كان صغيرا أو كبيراً أو مسلماً أو ذمياً حتى مرن القوم على القتل وانضوى اليه القطاع والحراب والذعار وأصحاب الفتن وأرباب النحل الزائغة وتكاثفت جموعه حتى بلغ فرسان رجاله عشرين ألف فارس سوى الرجالة واحتوى على مدن وقرى وأخذ بالتمثيل بالناس والتحريق بالنار والانهماك في الفساد وقلة الرحمة والمبالاة وهزم جيوشا كثيرا للسلطان وقتل عدة قواد له وذكر في بعض الكتب أنه قتل فيما حفظ

ألف ألفَ إنسان من بين رجل وامرأة وصبي وذكر في التاريخ أن جميع من قتل بابك مائتا [1] ألف إنسان وخمسة وخمسون ألف إنسان وخمسمائة إنسان والله أعلم فندب المعتصم الإفشين للقاء بابك وعقد له على الجبال كلها ووظف له كل يوم يركب فيه عشرة ألف درهم صلة ويوم لا يركب خمسة آلاف درهم سوى الأرزاق والأنزال والمعاون وما يصل إليه من عمل الجبال وأجازه عند خروجه بألف ألف درهم فقاومه الإفشين سنة وانهزم بابك من يديه غير مرة وعاوده بابك يلتجئ إلى البذ [2] وهي مدينة حصينة فلما قرب أجله وضاق أمره خرج هارباً بأهله وولده إلى أرمينية في زي التجار فعرفه سهل بن سنباط [3] النصراني أحد بطارقة أرمينية وكان في إساره فافتدى نفسه منه بمال عظيم فلم يقبل منه بعد ما ركب من أمه وأخته وامرأته الفاحشة بين يديه وكذا كان الملعون يفعل بالناس إذا أسرهم مع حرمهم فقبض عليه وبعثه إلى الإفشين وكان المعتصم جعل ألفي ألف لمن جاء به

_ [1] . مائتيMS. [2] . السدMS. [3] . أسباط MS.

حيّا وألف ألف لمن جاء برأسه فحمل إلى سهل بن سنباط [1] ألفي ألف وسوغ له عمال ناحيته وحمل الإفشين [F؟ 222 r؟] بابك إلى المعتصم وهو بسر من رأى فأمر به فقطعت يداه ورجلاه وصلب سنة ثلاث وعشرين وزعم قوم أن بابك الملعون لما قطعت يده لطخ وجهه بدمه وضحك يري الناس أنه لم يؤلمه القطع وأن روحه ليس تحس بشيء من ذلك وكان ذلك من أعظم الفتوح في الإسلام ويوم قبض عليه كان عيداً للمسلمين وكان يوم الجمعة لأربع عشرة خلت من رمضان سنة ثلاث وعشرين ومائتين فرفع المعتصم قدر الإفشين وتوجه وألبسه وشاحين منطومين بالدر والجواهر وسوره سوارين ووصله بعشرين ألف ألفَ درهم وأمر الشعراء بمدحه وجعل صلتهم عنده فممّا قيل فيه [رمل] كل مجد غير ما أثله ... لبني كاووس أولاد العجم إنما الإفشين سيف سله ... قدر الله بكف المعتصم لم يدع في البذ [2] من ساكنه ... غير أمثال كأمثال إرم وفي أيامه خرجت الروم فنزلت زبطرة فتوجه المعتصم اليهم وفتح

_ [1] . أسباطMS. [2] . السد MS.

عمورية وقتل ثلاثين ألفاً وأسر ثلاثين ألفاً وفي ذلك الفتح يقول الطائىّ [بسيط] السيف أصدق أنباء من الكتب وقال غيره في ذلك [متقارب] أقام الإمام منار الهدى ... وأخرس ناقوس عمورية فقد أصبح الدين مستوثقاً [1] ... وأضحت زناد الهدى مورية وخرج عليه أبو حرب المبرقع بالشام فوجه إليه جيشاً فقتلوا من أصحابه عشرين ألفاً وحملوه إلى المعتصم وهو بسر من رأى وصلبوه وكان يقول بتناسخ الأرواح ثم غضب المعتصم على الإفشين وذلك أنه كاتب مازيار [2] اصفهبذ طبرستان وسأله الخلاف والمعصية وأراد أن ينقل الملك إلى العجم فقتله وصلبه بازاء بابك ووجده بقلفته لم يختن وأخرجوا من منزله أصناماً فأحرقوها [3] ومات المعتصم سنة ست وعشرين ومائتين وكانت خلافته ثمان سنين وثمانية

_ [1] . مستوسقاMS. [2] . مازدامازMS. [3] . فأحرقوه MS.

وبويع هارون الواثق بالله

أشهر وخلّف ثمانية بنين وثماني بنات وهو الذي امتحن أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه وضربه بالسياط وفي أيامه مات ابراهيم بن المهدي وكان عمر المعتصم ثمانياً وأربعين سنة،،، وبويع هارون الواثق باللَّه وهو الذي يقول فيه الطائي هارون فيه كأنه هارون ومات وفي أيامه انفرد البحتري بالرياسة في الشعر وفي أيامه أقبلت نار من المشرق فيها دوي كدوي الريح فأحاطت ببيوتات فأحرقت ثم تبعها ريح عاصف فهدمت بيوتاً ومات خلق كثير من الفزع ومات الواثق سنة اثنتين وثلاثين ومائتين وكانت خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وسنّه اثنتين وثلاثين سنة،،، وبويع جعفر بن ابى إسحاق المتوكل على الله [F؟ 222 v؟] فأخذ البيعة لولده الثلاثة لمحمّد بن جعفر المنتصر باللَّه ولإبراهيم بن جعفر المؤيد باللَّه ولأبي عبد الله بن جعفر المعتز باللَّه وجعل العهد للمنتصر وبعده للمعتز وبعده للمؤيد [1] وعقد لكل واحد منهم لواء وولى المنتصر العراق والحجاز واليمن وولى المعتز خراسان والري والجبال وولى المؤيد أجناد الشأم وفي أيّامه امتنع إسحاق بن إسماعيل

_ [1] . المؤيّد MS.

بتفليس فبعث اليه بغا [1] الكبير فقتل إسحاق وأحرق المدينة وكانت كلها من خشب الصنوبر وأحرق أكثر من خمسين ألف إنسان وهاجت الزلزلة وتقطع الجبل الأقرع وسقط في البحر فمات أكثر أهل اللاذقية من تلك الهدة وتناثرت الكواكب وأخرج احمد ابن حنبل من الحبس ووصله وصرفه الى بغداذ ونفى أحمد بن أبى دؤاد [2] وقبض على أمواله فقال أبو العتاهية [بسيط] لو كنت في الرأي منسوباً إلى رشد ... وكان عزمك عزماً فيه توفيق لكان في الفقه شغل لو قنعت به ... من أن يقال كتاب الله مخلوق وكتب المتوكل إلى أهل بغداذ كتاباً قرئ على المنبر بترك الجدل في القرآن وانّ الذمّة بريئة ممن يقول بخلق أو غير خلق وولى يحيى بن أكثم [3] قضاء الشرقية حسان بن قيس وكان أعور وولى قضاء الغربي سوار بن عبد الله وكان أعور فقال بعض الشعراء [وافر]

_ [1] .؟ عاMS. [2] . داودMS. [3] . اكتم MS.

رأيت من الكبائر قاضيين ... هما أحدوثة [1] في الخافقين هما اقتسما [2] العمى نصفين قسماً ... كما اقتسما قضاء الجانبين وفي أيامه ظهر رجل بسر من رأى يقال له محمود بن الفرج النيسابورىّ وزعم انّه ذو القرنين ومعه مصحف قد ألف كلاماً وتبعه على ذلك سبعة عشر رجلاً فقيل له كيف ذهبت إلى ذي القرنين من بين الناس قال لأن رجلين ببغداذ يدعيان النبوة فكرهت أن أكون ثالثهما فصفع صفيعات وتاب هو وأصحابه وبنى المتوكّل المتوكّليّة وتحول إليها واتخذها وطناً فاغتيل ليلاً وهو ثمل [3] فقتل فقيل فيه [بسيط] حانت منيته والعين هاجعة [4] ... هلا أتته المنايا والقنا قصد هلا أتته أعاديه مهاجرة ... والحرب تسعر والأبطال تجتلد وقتل سنة سبع وأربعين ومائتين وكانت ولايته أربع عشرة سنة

_ [1] . أحدوثه.MS. [2] . اقتسمىMS. [3] . شملMS. [4] . هاجعه MS.

ولما بويع المنتصر

وعشرة أشهر وأياماً وعمره أربعين سنة ويقال أن ابنه المنتصر دس لقتله فعاش بعده ستة أشهر وروى دعبل بن علي الخزاعي عن الحسن ليلة قتل فيها المتوكل وبويع المنتصر قائلا يقول [بسيط] خليفة مات لم يأسف له أحد ... وقام آخر لم يفرح به أحد فمر ذاك ومر الشؤم يتبعه ... وقام هذا فقام النحس والنكد ولما بويع المنتصر خلع المعتز والمؤيد ومات بعد ستة أشهر وكان بن أربع وعشرين سنة [ثم بويع] أحمد بن محمد بن المعتصم فحبس المعتز والمؤيد وأطلق الحسن بن الأفشين وإخوته ومواليه من الحبس، وخلع عليهم وعقد لمحمد بن طاهر بن عبد الله على خراسان فشغب الموالي والشاكرية وكسروا باب السجن وأنزلوا المعتز وخلعوا المستعين وكانت أيامه سنتين وتسعة أشهر وفي أيّامه خرج الحسن بن زيد بطبرستان،،، وبويع أبو عبد الله المعتز ثم اجتمعت الأتراك والفراغنة [1] فخاموا المعتز وكانت أيامه أربع سنين وتسعة أشهر،،، وبويع المهتدي باللَّه محمد بن هارون الواثق سنة خمس وخمسين

_ [1] . والفراعنة MS.

وبويع المعتمد على الله

ومائتين وقتل سنة ستّ وكانت ولايته أحد عشر شهراً من أيامه إلى أن توفي المعتز باللَّه وظهر البرقعي بالبصرة وجمع الزنج الذين كانوا يكنسون السباخ وقوي أمره،،، وبويع المعتمد على الله وهو أحمد بن جعفر المتوكل [1] سنة ست وستين ومائتين وبايعه ممن أبوه خليفة بنو الواثق وبنو المعتز وبنو المتوكل وبنو المنتصر وبنو المستعين وبنو المعتصم وبنو المعتمد وتوفي سنة تسع وسبعين ومائتين وكانت ولايته ثلاثاً وعشرين سنة وفي أيامه قوي أمر الزنج [2] بالبصرة وغلب الحسن بن زيد على الري وجرجان وطبرستان وخرج يعقوب بن الليث بسجستان وغلب أحمد بن عبد الله الخجستاني [3] على خراسان وخرج سرحب الجمال في إخوته منصور ونعمان فغلبوا مرو وسرخس وخرج علويان بالمدينة اسم أحدهما محمد واسم الآخر حسن وقتلا من أهل المدينة مقتلةً عظيمةً وطالبوهم بعشرة آلاف دينار ومات نسوانها وولدانها وضعفاءها جوعاً ولم يصل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعات ووثب الأعراب على كسوة البيت فنهبوها وصاروا الى

_ [1] . بنMs.ajoute: [2] . الناجمMs. [3] . السجستاني Ms.

وبويع المعتضد بالله

الزنج بالبصرة وخرجت فزارة وقيس وطيّئ على الحاج فانتهبوهم وسبوا حرمهم واستاقوا إبلهم وقتلوا منهم خلقاً كثيراً ولم يفلت أحد إلا بقطع أو جراحة وخرج علوي بأذربيجان وتسمى الرافع باللَّه وتغلب عليها وجمع الأكراد واستغواهم وخرج أحمد بن طولون بمصر واستعصى على السلطان وعاث رافع بن أعين في أقاصي خراسان وأفسد وصار عبد الله بن الواثق إلى يعقوب بن الليث يستعينه على المعتمد فذلك الّذي أطمعه في قصد بغداذ وكوتب نصر بن أحمد بن أسد شاهان خذاي بولاية ما وراء النهر ولكل واحد ممن ذكرنا قصة وخبر وأخذ المعتمد البيعة لابنه جعفر بن أحمد وسماه المفوض إلى الله وجعل ولي العهد بعده أخاه أبا أحمد الموفق باللَّه فلما توفي الموفق خلع المعتمد ابنه المفوض إلى الله وأثبت العهد لأبي العباس بن الموفق وسماه المعتضد باللَّه وتوفي المعتمد سنة تسع وسبعين ومائتين،،، وبويع المعتضد باللَّه [F؟ 223 V؟] في هذه السنة ومات [سنة] ست وثمانين ومائتين فكانت ولايته ست سنين وستة أشهر وعشرين يوماً وفي أيامه خرج زكرويه [1] بن مهرويه في كلب على الحاجّ

_ [1] . زكريا MS.

وبويع المكتفي بالله

فقتلهم وسباهم وقصد الكوفة فأنهض إليه السلطان جيشاً فمارسهم خمسة أشهر ثم ظفروا به فحملوه إلى بغداذ على طريق الشهرة والنكال وحبس فمات في الحبس ثم أخرج فصلب فسرقه القرامطة عن خشبته،،، وبويع المكتفي باللَّه علي بن أحمد ولي خمس سنين وسبعة أشهر وأياماً وتوفي سنة أربع وتسعين ومائتين وكنيته أبو محمد، وبويع المقتدر باللَّه [1] أبو الفضل جعفر ولم يلي الخلافة أصغر منه وفي أيامه فسدت أمور الخلافة وكانت أيّامه خمسا وعشرين سنة، وبويع القاهر باللَّه وسلمت عيناه وكانت ولايته عاماً واحداً وستة أشهر، وبويع الراضي [2] محمد بن جعفر المقتدر [وكانت] ولايته سبع سنين ، وبويع المتّقى باللَّه إبراهيم بن جعفر المقتدر [3] وكان صالحاً، وبويع المستكفي خلع وسملت عيناه، وبويع المطيع للَّه لثمان بقين من جمادى الآخر سنة أربع وثلاثين وخلع نفسه يوم الأربعاء الثالث عشر من ذي القعدة فلجّ ونزع نفسه غير مكره،،،

_ -Additionmoderne. [1] Id. [2] [3] . بن MS.ajoute:

هذا آخر كتاب [1] البدء والتأريخ والحمد للَّه وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله وسلم، كتبه العبد الضعيف الفقير الراجي رحمة ربه اللطيف خليل بن الحسين الكرديّ الولاشجرذي غفر الله له ولجميع المسلمين في شهور سنة ثلث وستّين وستّمائة والحمد للَّه وحده والصلاة على محمّد وآله،،،

§1/1