الاهتمام بالسنة النبوية بلغة الهوسا

محمد الثاني بن عمر موسى

مقدمة

مقدمة ... مدخل (1) بيانٌ موجَز لدخول الإسلام بلادَ الهوسا وأثرُه فيهم ذهب أكثر الباحثين إلى أنّ الإسلامَ دخل بلاد الهوسا في الفترة بين القرن الحادي عشر والرّابع عشر الميلاديين، وذلك لأنّ ملك كَانِم برنو (1) : هَمّي جَلْمي (1085- 1097م) اعتنق الإسلامَ فأسلمت على يده مملكتُه كلّها، وصار الإسلام فيها بعد ذلك منتشراً في سلاطينهم وعامّتهم، بل ليس في هذه البلاد عامّة معتنون بقراءة القرآن وتجويدِه وحِفْظه وكتابَتِه أكثر منهم (2) . وقد أسلم أمير كانو: عَلِي ياجي (1349-1385م) وانتشر الإسلام في عهده. وَفرّق الأستاذ الدكتور شيخو أحمد غلادنثي ما بَين دخول الإسلام إلى الدولة وانتشارِه عن طريقها، - فيكون الأمر كما ذكر المؤرِّخون -، وبين دخول الإسلام إلى أفراد الشّعب وانتشاره بينهم بالطّرق السِّلْمِيّة عن طريق التّجارة وغيرها، وحينئذ فدخول الإسلام إلى المنطقة أقدمُ بكثير مما ذكر المؤرِّخون (3) ، ومما استُشْهد به على ذلك قولُ المؤرِّخ الشيخ محمّد بللو: ((إنّ الإسلام في هذه البلاد إنّما ورد به التّجار والمسافِرون فأخذه مَن أَخَذه عَنْهم)) (4) . بيد أنّ غَالِب من اعتنق الإسلام في أوّل الأمر لم يدركوا جَيّدا الحقائقَ

_ (1) تقع الآن في نيجيريا. (2) ((إنفاق الميسور)) لمحمد بللو (ص9) . (3) انظر: ((حركة اللغة العربية وآدابها في نيجيريا)) للدكتور شيخو غلادنثي (27- 30) . (4) ((إنفاق الميسور)) لمحمد بللو (ص10) , وانظر: ((حركة اللغة العربية)) (ص33) .

الإسلاميّة، فاستمرّوا على ما يُشبِه جاهليَّتَهم، مع تَأْدِيتِهم بعضَ شعائر الإسلام كالصّلاة والصّوم، ولكن ذلك لم يمنعهم من التّعلق بغير الله، والذّبح للجنّ والأشجار، وإتيان الكَهنة والسَّحرة، والتّطيّر، وإدمانِ الخمر، وتبرّج النّساء، وغير ذلك، ومما زاد الطِّينَ بِلّةً أنّ أكثر السّلاطين الذين ادّعوا الإسلام لَم يؤمنوا به حقّ الإيمان، وإنما أرادوا استغلالَه لمصالحهم؛ لَمّا رأوا إقبالَ النّاس على ذلك الدين الجديد. وكان العلماء أيضاً في أول العهد قلّة، ولم يكن لدى التّجار الذين هم سببُ انتشار الإسلام الكَفَاءةُ العِلمِيَّة الّتي تُؤَهِّلُهم لشرح المعاني الدّقيقة والقواعد الأساسية للإسلام، ويُضاف إلى ذلك كثرةُ ترحال التّجار وعدم استقرارهم في محل واحد؛ مما جعل إمكانية التّعليم الجاد المستمرّ أمراً عسيراً، لكن الأمر تحسّن مع مرور الوقت، لما بدأ العلماء يَفدون إلى هذه البلاد من المغرب العربي ومصر، ولعلّ من أشهر من وفد إليها من العُلماء الإمام السّيوطي -رحمه الله- (ت911هـ) ، والشّيخ محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني (ت919هـ) . فانكبّ جمعٌ من النّاس على طلب العلم، ونشأ العديدُ من المدارس والمراكز العِلمِيَّة. ثم إنّ الأمر قبل ظهور دولة الشّيخ عثمان بن فودي (خلافة صكتو) قد أخذ في التّردي والانحطاط، حَتّى كادت آثارُ الإسلام تُمْحى؛ إذْ أكبّ كثيرٌ من النّاس على عبادة الأحجار والأشجار والأنهار يَرجُونها لجلب الخير ودفع الشَّرّ، وانتشرت البدَعُ، وفَشَتِ المنكراتُ والتّقاليد الجاهليّة بصورةٍ مُزْرِيَةٍ جداًّ. فشاء الله أن تهبّ رياحُ خيرٍ على المنطقة في أوائل القرن الحادي عشر الهجري، إذ ظَهر نخبةٌ من العلماء، منهم: الشّيخ محمد سمبو بن عبد الله، وكان

عالماً تقياً، رَحل إلى الحرمَيْن وأقام فيهما بِضع عشرة حِجَّة، ومنهم الشّيخ محمّد بن الرّاجي، أخذ (صحيح البخاري) وكتبَ السُّنَّة عن علماء الحجاز، وله إجازة إلى البخاري من شَيخه أبي الحسن السِّندي عن محمّد بن حياة السِّندي. ومنهم: الشّيخ جبريل بن عمر، الذي كان عالماً ربّانياً، شديدَ التّمسك بالسُّنَّة، وصار الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر دَيْدَنَه، ولم يَكن يَخافُ في ذلك لومَةَ لائمٍ، فقام بمحاربة البِدع والعادات الجاهليّة، فأخذ ذلك عنه تلميذُه الشّيخ عثمان بن محمّد بن صالح بن فودي الّذي سَاءَه ما آلت إليه أحوالُ البلاد من قلّةِ العلْمِ وانتشار البِدَع والخرافَات وظُلْمِ الأمراء وغير ذلك، فأخذ يَقتفي أثرَ شيخه (جبريل بن عمر) فَجال المدُنَ والقُرى يدعو النّاس ويعلمّهم دينَهم، فدعا إلى إحياء السُّنَّة وطرح مَا يخالفها، وقد وقف ـ رحمه الله ـ أمام سَلاطين الهوسا وَأنكر عليهم انحرافَهم عن الدِّين وظُلْمَهم الرَّعِيَّةَ وحملَهم إيّاهم على أحكامٍ جاهليَّةٍ وتقاليدَ موروثَةٍ، فقابلوا دعوتَه بالرَّفض والاضطهاد له - وأمّا عامة الشّعب فقد التفوا حول الشّيخ منذ البداية، وَقَبِلوا دَعْوَتَه وأخذوها بقوّة - وكان أشدّ الأمراء عداوةً لدعوة الشّيخ سلطان غُوبر الذي يُدعى (يُنفَى) ، فدارت مناوشاتٌ وحروبٌ انتهت إلى النّصر المبين لجماعة الشّيخ. وأخذت إماراتُ الهوسا تَسقط شيئاً فشيئاً، إلى أن أقام الشّيخ عثمان عام: 1812م دولةً إسلاميّة قويّةً هي الوحيدة على نمطها في القارة الإفريقيّة، فدخلت في طاعتها كلّ إماراتِ الهوسا وبعضُ مملكة برنو وإقليمِ أَدَمَاوَا. وقد أخذتْ هذه الدّولة على عَاتقها تطبيقَ الشّريعة، ونشر الإسلام وثقافته واللّغة العربيّة في المنطقة بصورةٍ مُتميِّزة، بل إنّها صَيّرت العربية لغة

البلاد الرّسميّة، وقامت بتشجيع العُلماء على الدّعوة والتّدريس والوعظ، فانتشر لذلك الإسلام بين جميع رَعَايَاها حتى لم يبق منهم على الوثنيّة إلاّ قلّة، واستمرّت على المنهج الإسلامي - وإن وجدت بعضُ الانحرافات عن المنهج الأمثل لدى بعض أُمرائها، ولكن قواعد الدّولة ظلّت على أساس الشّريعة الإسلاميّة - إلى أن سيطر الإنجليز عليها عام 1903م. ومن الجدير بالذّكر أنّ قبائل الهوسا يتمركزون بِصِفَةٍ أساسيّة في الإقليم الشّمالي للبلاد، وكذلك في الْبُلدان المجاوِرة مثل: النّيجر والكامرون، وشمالي التُوجو وبنين وغَاَنا، ويبلغ نِسبتُها من عدد السّكان – بما فيها قبائل الفولاّني - حوالي: 33 ? يمثِّل المسلمون منهم أكثرَ من 97 ?، ونسبةُ التدين فيهم عالية بسبب الحركة التجديديّة للشيخ عثمان بن فودي، ومع ذلك فلا يَزال الجهلُ بالدّين وبعضُ العادات والتّقاليد الخاطئة مشوِّهَاتٍ ضخمة لروح التّدين لديهم. وقد امتزج الهوساويون بقبائل الفولاّني، ونتيجةً لشدة التّمازج الحاصل بين هاتين المجموعتين فإنّ أكثر من 70 ? من الفولانيين الّذين يعيشون في المدن لا يعرفون لغتهم الأصليّة، ويستخدمون في تخاطبهم لغة الهوسا بَدلاً عنها، فأصبحوا يؤلفون مجموعةً عرقيةً واحدة يُطلق عليها اسم: (هوسا-فولاني) .

(2) لَمْحَةٌ عن مَكَانة السُّنَّة النَّبويَّة في التّشريع الإسلاميّ للسّنة النَّبويَّة مكانةٌ عظيمةٌ ومنزلة عاليةٌ رفيعةٌ في التّشريع الإسلامي، فهي المبيِّنةُ للقرآن الكرِيم، والمفسِّرةُ لمجمَلِه، والمخصِّصَة لعامِّه، والمقيّدة لمطلَقِه، والشّارحةُ لمبهَمِه، ولذلك أوجب الله تعالى على المسلمين النّزولَ عندحكمِه صلى الله عليه وسلم في كلّ خلافٍ فقال تعالى {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْفِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} : [النساء: 65] . وجعل طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة لله، فقال عز من قائل: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَعَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80] . وحذّر من مَغَبّة مُخالَفة أمره صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] . والآيات في وجوب اتباع سنّته صلى الله عليه وسلم والنّهي عن مخالفته صلى الله عليه وسلم كثيرةٌ جدًّا. وقد أكد رَسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في أحاديثَ كثيرةٍ تكفي في الدّلالة على أنّ السُّنَّة تَوْءَمُ الكِتاب، وقرينةُ التنزيل؛ منها ما رواه الإمام أحمد (1) وأبو داود (2) - واللفظ له- بسندٍ صحيحٍ عن المقدام بن مَعدي كرب أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا إنّي أوتيتُ الكتابَ ومثلَه مَعه)) . وهذه المثليّة شاملةٌ

_ (1) ((مسند الإمام أحمد)) (4/130) . (2) ((سنن أبي داود)) (4/200/رقم4604) .

لمعنى الوَحْي، ومَعْنى الاستقلاليَّة في التّشريع، فهو وحيٌ كالتنزيل، وشريعةٌ يتحتَّم على المسلم الإيمانُ بها، والتَّسليمُ لقضائها دون شعورٍ بأدنى حرجٍ من ذلك أو ضيقٍ، وأنّ على المسلم الأخذَ بها ومَن ادَّعَى الاستغناءَ بالقرآن عَنها فقد خاَلف الصِّراط المستقيم الّذي دلّت عليه آياتُ التنزيل وبَيَّنَه النّبي صلى الله عليه وسلم أوضحَ بيانٍ، وسار عليه الصّحابة وأئمّة الهدى من بعدهم رضي الله عنهم أجمعين.

الفصل الأول: الاهتمام بتدريس السنة بلغة الهوسا

الفصل الأول: الاهتمام بتدريس السنة بلغة الهوسا تدريس السنة بلغة الهوسا في الحلقات العلمية والدروس العامة مدخل ... الفصل الأوّل: الاهتمام بتدريس السُّنَّة بلغَةِ الْهوسا تدريس السُّنَّة بلغة الهوسا في الحلقات العِلمِيَّة والدّروس العامّة إنّ اهتمامَ المسلمين بالسُّنَّة قديماً وحديثاً راجعٌ إلى درايتهم بمكانتها في التّشريع الإسلاميّ، وعلمهم بمنزلتها من الوحي الإلهيّ، ومن صُوَر اهتمام المسلمين من قبائل الهوسا بالسُّنَّة النَّبويَّة اهتمامُهم بِنَقْلها وتدريسها للأفراد والعامّة، عبر قناةِ لغة الهوسا، ففي حَلقات العلم لَديهم تجد أنّ مِن بين الكتب التي يدرِّسها الشّيخ تلاميذَه كُتُباً في السُّنَّة النَّبويَّة، مستخدِماً في تدريسها لغةَ الهوسا، يَشرح لهم معاني الأحاديث المقروءة عليه؛ بالاختصار تارةً، وبالبسط تارةً أخرى حسب ما للشّيخ من إلمامٍ بموضوع تلك الأحاديث، وعلى قدر ما يملك من المادّة العِلمِيَّة وما يَستظهر من سائر فُنون العلم والمعرفة، وهو في غالب الأحيان إنّما يؤدّي ما تلّقاه هو أيضًا من شيخه الّذي تلقى عنه العلم، فتجد حتى مفرداتِ التّرجمة تَكاد تكون واحدةً لا تتبدّل، وَصِيغ الجمَل لا تتغيّر؛ إذ ترجمة تلك الكتب عندهم أمر يُتلقّى شفهياًّ، ولَيست عن اجتهادِ مجتَهدٍ، وقد يعتذر الشّيخ بعدم تدريس كتابٍ مّا؛ لأنه لم يتلقَّه من شيخه في أثناء طلبه للعلم. وهذا قد ساعد على توحّد الترجمات الشفهيّة للأحاديث النَّبويَّة في المجتمعات الهوساويّة على نحو كبيرٍ من جهة، ومن جهة أخرى ساعد هذا التّقليد على ذيوع أخطاء مُعيّنة في ترجمة بعض الأحاديث، مثال ذلك حديث ((إذا مات الإنسان انقطع عَمَلُه إلا من ثلاثٍ: صدقة جارية....)) الحديث. فقد كانت من عادة بعض العلماء سابقاً أن يترجموا عبارةَ (صدقة

جارية) إلى لغة الهوسا بما معناه: (صدقة فَتَاةٍ) أي أنّه بإمكان الأب أو ولي البنت أن يُنكح ابنتَه أو مَوليَّته إلى من يراه كفئاً لها دون أن يتقاضى منه مهراً، بل يتصدّق بإنكاحها إيّاه، وهذا ذَهَابٌ منهم إلى أنّ المراد بالجارية في الحديث (الْفَتاة) وأنّ الجملةَ إضافيةٌ؛ فيقرؤونها (صَدَقَةُ جَارِيَةٍ) بدلا من أن تكون كلمةُ (جارية) نعتاً لكلمة (صدقة) وهي مؤنّث وصف (الجاري) من فعل (جَرى يجري) أي (صَدَقَةٌ مستمرَّة غير منقطعة) كَحَفْر الآبار وبناءِ الأوقاف وغيرها. وهذا من الأمور الّتي قام الشّيخ أبو بكر محمود جومي ـ رحمه الله ـ بتصحيح مفاهيم المسلمين فيها، وبين لهم المراد من هذا الحديث، وأخبرهم بما ينبغي فعله لمن أراد أن يُحسن إلى شخصٍ بتزويج موليته إيّاه لما رأى فيه من صفات محمودةٍ، وآثار حَسنة تجعل مصاهرتَه أمراً مرغوباً فيه للنّفس، بأن يقوم الأب أو الولي بالتّبرع بمهر موليّته إلى من يريده زوجاً لها، ويقوم الأخير بدفع المهر إلى البنت، فتتمّ بذلك أركان النكاح المطلوبة شرعاً لصحته. وبذلك استطاع الشّيخ القضاءَ على هذه الظاهرة (1) . وثمة كتب حديثيّة يتمّ الاعتناء بها غالباً في الحلقات العِلمِيَّة والدّروس العامّة.

_ (1) انظر: ((البحث عن أعمال الشيخ أبي بكر محمود جومي)) (ص58-59) .

أولا: الحلقة العلمية

أولا: الحلقة العلمية ... أوّلا: الحلقات العِلمِيَّة ففي الحلقات العِلمِيَّة، هناك صنفان من الكتب: الصّنف الأوّل: ما كان معروفاً بين علماء بلاد الهوسا: ومن نماذج هذا الصّنف:

1- الكتب الستة: وهي (صحيح البخاري وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن التّرمذي، وسنن النّسائي، وسنن ابن ماجه) وهي الكتب الّتي اشتملت على أغلب الأحاديث الّتي عليها مدار أحكام الشّريعة الإسلاميّة. وقد اعتنى بها غير واحد من علماء الهوسا، تعلّما وتعليما، فمن هؤلاء: الشّيخ (مَالَمْ) سابو زَاغي رحمه الله، وكان يقال: إنّه كان يحفظ هذه الكتب عن ظهر قلبٍ ويصحّح قراءةَ تلاميذه من حفظه، وكان يدرسها في حلقاته العلميّة بلغة الهوسا، وقد خلفه ابنه في حلقته. والشّيخ مَالَمْ غَدُو دَمَاسُو رحمه الله، وكان يسكن حيّ مَرْمَرَا بمدينة كانو. والشّيخ مَالَمْ حُسَيْن كَبَرا رحمه الله، ويقال أيضا: إنه ممن يحفظها. واشتهر بتدريسها بلغة الهوسا. والشّيخ أحمد مَطَاتي، والشّيخ مَا لَمْ مصطفى مجتبى رحمه الله وكان قد سَكَن ولاية كانو ثُمّ انتقل إلى ولاية كادونا في عهد أمير كانو عَبّاس، من عام 1922م إلى عام 1927م. وكان يُمدح بأنّه (الجامع بين الحديث والقراءة، والإمارة والجاه) . ومنهم: الشّيخ مَالَمْ مِجِنْ يَوا رحمه الله وحلقته في حي (بَقِنْ رُوَا) بمدينة كانو، والشّيخ مَالَمْ عَلِيّ محمّد كماسي رحمه الله (ت1986م) ، والشّيخ مَالَمْ نُوح وله حلقة علميّة في حي (سَانِي مَيْ نَغِّي) كانو - وقد اشتهر بتدريس (الصّحيحين) وغيرهما، وما زالت حلقته إلى اليوم. 2- كتاب الموطأ، للإمام مالك: ولأهميته عند علماء المالكية، اهتم به علماء بلاد الهوسا لكونهم على المذهب نفسه، فكان من الكتب الحديثيّة الّتي اعتنوا بتدريسها لتلاميذهم ونَقلها إليهم بلغة الهوسا، وممن اشتهر بتدريس (الموطأ) في حلقته العلميّة:

الشّيخ مَالَمْ يَحيى الضّرير رحمه الله، وقد عاش في حي (يَن تَمْبَرِي) بمدينة كانو، وتوفِّي قبل ثلاثين عاما تقريباً، وكان له إجازةٌ بهذا الكتاب، ومنهم: مَالَمْ الشّيخ نوح في حي (سَاني مَيْ نَغِّي) بمدينة كانو، ولا زال حياّ إلى وقت كتابة هذه العجالة، والشّيخ طاهر عثمان بوشي، أحد أقطاب الصوفيّة، وكان يدرّس كتاب (الموطأ) ويُبَثّ في إذاعة كادونا الفيدرالية، وكان هدفُه من تدريس هذا الكتاب معارضةَ دروس الشّيخ الدّاعية المصلِح: أبي بكر محمود جومي ـ رحمه الله ـ كدرسه في (صحيح البخاري) كما سيأتي الحديث عنه. 3- كتاب (الأربعون حديثاً النّووية) : وهي مجموعَةُ أربعين حديثاً من تأليف الإمام يحيى بن شرف الدّين النّووي (ت676هـ) في جزءٍ صغيرٍ، بحذفِ أسانيدها والاكتفاء بصحابِيّ الحديث، والإحالةِ على مخرِّجِيها من أصحاب الكُتب الحديثيّة المسندَة كصاحبي الصَّحيحَيْن، وأصحاب السّنن الأربعة. وهي أحاديث أصول تدور عليها غالب الأحكام والمسائل الشرعِيّة. وقد درج العلماءُ في بلاد الهوسا على عَدِّ هذا الكتاب أوَّلَ كتابٍ يدرسه التِّلميذ على شيخه في الحديث، ويَفْقه معانيَه بلغة الهوسا، لأهميَّته تلك، وكثيرٌ من العلماء لا يَسمح للتلميذ أن يَتلقّى دروساً في الحديث قبل أن يَفْقه في بعض كتب الفُروع الفقهيَّة مثل كتاب الأخضري في الفقه المالكي، وكتاب العزية في الفقه المالكي أيضا؛ إذْ يعتقدون أنّ الأحاديث النَّبويَّة لا يمكن لأحد فَهْمُها ما لَم يَقْوَ عَضُدُه في بعض العلوم الشَّرعيّة وبخاصّةٍ ما يتعلَّق بالفقه المالكيّ.

ويدرس التِّلميذ هذا الكتابَ بقراءته على شيخه حديثاً منه في كلّ مجلس، والشّيخ يترجمه له جُمْلةً بعد أخرى، ويقفُ الشّيخ وقفاتٍ فيما يراه بحاجةٍ إلى الشّرح والتّوضيح. وفي الغالب لا يتجاوز التِّلميذُ حديثاً واحدا في كل جلسة، بل قد يقطِّعُ بعضَ الأحاديث الطِّوَال، ويَتلقَّاها في عِدَّة مجالس؛ كحديث جبريل في السُّؤال عن الإيمان والإسلام والإحسان ونحوه. ويستمرّ التّلميذُ في تلقِّي ترجمةِ هذا الكتاب إلى لغة الهوسا عند شيخه حتى النِّهاية. 4- كتاب (لباب الحديث) ، للسّيوطي: من الكتب الحديثيَّة الّتي تُدرس في الحلقات العلميَّة أيضاً كتابُ (لباب الحديث) للسيّوطي، وهو عبارةٌ عن مجموعةِ أحاديثَ ضعيفةٍ وموضوعةٍ جمعها الحافظ أبو بكر السّيوطي ـ رحمه الله ـ بحجّة أنّ الضَّعيفَ يُعمل به في الفضائل والتّرغيب والتّرهيب، لكنّه في هذا الكتاب لم يَسْتوفِ الشّروطَ الّتي وَضعها من يَرى هذا الرّأي من العلماء، فَحَشر فيه أحاديثَ كثيرةً أغلبُها ضعيفٌ جداًّ وموضوعٌ، وهي بلا شكّ خارجةٌ عن محلِّ الجواز عند من يَقول بِه من العُلماء. ومن عجيب المفارقَات أنّ التّلميذ لا يَنحدر إلى هذا الكِتاب حَتىّ ينتهي من كتاب (الأربعين النّووية) الّذي جمع أصولَ الإسلام، وأهمَّ جُمَلِه، والحالُ أنّه من الأولى أن يَرتَقي التّلميذ ويَعلو إلى كتابٍِ أرفعَ من هذا من حيث الأصالةُ والصِّحةُ، والتَّوسّعُ، لكنّه بدلاً من ذلك يَتردَّى إلى كتابٍ يحوي كثيراً من الأباطيل والأكاذيب. وعُذْر العلماء في ذلك الحين عَدمُ تمكّنهم من المعارف الحديثيّة، وقلَّةُ بضاعتهم في تمييز الصّحيح من السّقيم، والثّابت من الموضوع.

5- كتاب (مختار الأحاديث النَّبويَّة) للهاشمي: كما يَندرج أيضا في قائمة الكُتب التي تُتدارس في الحلقات العِلمِيَّة كتابُ (مختارالأحاديث النَّبويَّة) وهو كتابٌ جَمَعه الأستاذُ السّيد أحمد الهاشمي وَهُو عبارة عن قِصار الأحاديث اختارها من كتاب (الجامع الصغير) للسيوطي وحَذَف حَتّى صحابِيّ الحديث في الغالب، ورتّبها على حروف المعجم، وفيه من الأحاديث الضعيفةٍ والموضوعةٍ شيءٌ كثير، وجامعُها في علمِ الحديث جِدُّ فَقير. وهذا الكتاب أيضاً مِمّا يُترجم لطلاب العلم في الحلقات العِلمِيَّة إلى لغة الهوسا. الصّنف الثّاني: الْكُتب الّتي رافقت الصّحوةَ الإسلاميّة ولما بدأ علمُ الحديث يَنتشر في المجتمع الهوساوي في الآونة الأخيرة عن طريق الطّلاب الّذين دَرَسوا في البلاد العربيّة، وفي طليعتها المملكةُ العربيّة السّعوديّة، ونَهلوا من علم السُّنَّة النّبويّة ما لم يكن لأسلافهم من قَبلُ بَدأت بعضُ الكتب الحديثية المهمّة تُدَرّس في الحلقات العِلمِيَّة، من ذلك: 1- كتاب بلوغ المرام من أدلّة الأحكام: وهو كتابٌ وَضَعه الحافظُ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852هـ) مشتملاً على أحاديثِ الأحكام، مُبيِّناً مؤلفُه الصّحيح والسّقيم، مرَتِّباً إيّاه على أبواب الفقه، شاملاً لغالب أدلّة المذاهب الفقهّية الأربعة وغيرها. وبِداية إدخال تدريس هذا الكتاب في الحلقات العلمية تَعود إلى أوائل الثمانينيات على أيدي الجماعات المنتسبة إلى أهل السُّنَّة والجماعة، ثُمّ عمّ ذلك جميعَ التّيارات في البلاد؛ الصوفيّة وغيرهم.

والجدير بالذّكر أنّ هذا الكتاب يعد من الكتب الّتي نَقلت إلى المجتمع الهوساوي وإلى لغة الهوسا ذاتِها مصطلحاتٍ علميّةً جديدةً لم يَكن النّاس قد أَلِفُوا سَماعها من قبل، وذلك: أنّ الحافظ ابنَ حجر العسقلاني ـ رحمه الله ـ كان يَحكم على الأحاديثِ الّتي يَسوقها في هذا الكتاب ولا سيّما الّتي لم تَكن في الصّحيحين بما يُناسب حالها صحَّةً وضعفاً، وكان يَستخدم مصطلحاتِ أصولِ الحديث في بيانه ذلك، من قبيل مصطلح (المرسل) و (المنكر) و (الشّاذ) و (المعلول) و (الحَسَن) و (الصّحيح) وهَلُمَّ جراًّ، وهي كُلُّها مصطلحات تنتمي إلى علم (أصول الحديث) أو ما بات يُعرف بـ (مصطلح الحديث) وهو علمٌ رَغم كونِ بعض علماء بلادِ الهوسا (1) قد كَتبوا فيه، إلا أن مبادئه الأساسيّة ظلّت مجهولةً في الأوساط العلميّة في تلك البلاد، ولمَ يُولِ العلماءُ عنايتهم بتعلّمه أو تعليمه، فصارت بذلك تلك المصطلحات غائبةً عن ذلك المجتمع تماماً، لا يَعرفها كثير من المنتمين للعلم ناهيك عن عَوام النّاس. فلمّا بدأت الحلقاتُ العِلمِيَّة بتدريس هذا الكتاب وَنَقْلِ مُحتوياته إلى لغة الهوسا هنا صَادف كثيرٌ من العلماء وطلاّب العلم إشكال شرح تلك المصطلحات العِلمِيَّة الّتي لم يكونوا على دِرَاية كافية بها، فتخبّط كثيرٌ منهم في ترجمتها كما تَخَبّطوا في بيان المقصود منها ونَقْلِها إلى فُهُوم المتعلِّمين. وكان هذا بدايةَ اكتشافِ كثير منهم أهميَّةَ علم أصول الحديثِ أو مصطلح الحديث، فَطفق النّاس يَبحثون

_ (1) كالشيخ: عبد الله بن فودي (ت1245هـ) ، وله فيه منظومة باسم (مصباح الراوي في علم الحديث) حققها الشّيخ محمد غالي موسى في أطروحة الماجستير في جامعة صوكوتو، وحققها أيضا: الأخ الشّيخ محمّد المنصور إبراهيم مع تعليقات موضحة مقاصد الكتاب، ويعدها للنشر إن شاء الله تعالى.

عن معرفتِه ودراستِه لكي يتمكَّنوا من حلِّ رُموز كتابٍ مثل (بلوغ المرام من أدلّة الأحكام) . كانت الحلقات العِلمِيَّة بِشتَّى صُوَرِها تتناول هذا الكتاب بالدِّراسة ونقلِ مادّته إلى لغة الهوسا، وَكان بعضُ العلماء يَسلُكون الطّريقة التّقليديّة في نقل المعارف وتدريس العلوم، وهي الّتي يتلقى فيها التلميذ مادَّة الكتاب مُترجمةً إلى لغة الهوسا من شيخه؛ يَقرأ عليه جملةً ثُمّ يسمع منه ترجمتَها، ثم يقرأ جملةً أخرى وينتظر ترجمتَها، وربما شَرح له بعضَ مدلولاتها ... وهكذا. وذلك لأنّ العادةَ في الحلقات العِلمِيَّة آنذاك أن يختصّ كلّ تلميذٍ بموادِّه الّتي يدرسها على شيخه، ولا يجتمع التّلاميذ بعضُهم ببعض في سماع موادَّ مشتَركة في آنٍ واحدٍ. ثُمّ فِيما بَعدُ صار بعض العلماء يجعل هذا الكتابَ مادَّةً من ضمن المواد المشتركة حيثُ تكون الحلقة تضمّ موادَّ علميَّةً منتظمَةً يأخذها الطّلاب جميعاً في آنٍ واحدٍ، فيأتي كلُّ واحدٍ منهم مثلاً بكتاب (بلوغ المرام) في اليوم المخصَّص له فيقرأ أحدهم بعضَ أحاديث الكتاب حديثاً حديثاً مع الإصغاء إلى الشّيخ يترجمه لهم إلى لغة الهوسا، والكُلُّ آخذٌ بنسختِهِ يُتَابِع قراءةَ التّلميذ القارئِ وترجمةَ الشّيخ لكلّ جملةٍ تُقرأُ عَليه. بينما نجدُ بعضَهم جعلَ الكتاب مادَّةً لدرسٍ عَامّ يحضره طلاب العلم وغيرهم من عامّة النّاس، مخصِّصاً له يوماً في مسجده يقرؤه على النّاس مترجماً لِجُمَلِه جملةً جملةً وشارحاً لمعانيه. وهذه طريقةٌ في التعليم مبتكرَة لم تكن مَعروفةً سلفاً في مجتمع الهوسا، وإنما جاءتْ مع الصَّحوة الدِّينيّة والنّهضة العِلمِيَّة المعاصرة الّتي بَدأت بالشّيخ (أبو بكر محمود جومي) رحمه الله، وإنما كانت المجالس العامّة سابقاً مجالسَ للوعظ والنّصائح في الجملة.

2- كتاب (رياض الصالحين) للإمام النّووي: وهو كتاب صنفّه الإمام يحيى بن شرف الدّين النّووي - رحمه الله- (ت676هـ) وقد ضَمَّن هذا الكتاب كثيراً من الأحاديث النَّبويَّة غالِبُها صحاحٌ وحسانٌ، ويَدور موضوعها على التّربية الإسلاميّة وبَيان مكارم الأخلاق الّتي يجب على المسلِم التّحلي بها والتّحذير من مساوئ الأخلاق الّتي يجب عليه اجتنابُها، وتعليم الآداب الشّرعيّة الّتي جاء بها الإسلام. وهذا الكِتَاب أيضاً من الكُتب الّتي دخلت الحلقات العِلمِيَّة في بلاد الهوسا في وقت متأخِّر، وعُرف هذا الكتاب على نطاقٍ واسعٍ في ظلّ الدّعوة السلفيّة الّتي رَبطت المسلمين بالسُّنَّة النَّبويَّة فأصبحوا يبحثون عن كُتُب تعتني بها لنقلها إلى لغة المجتمع. وطريقةُ تدريس هذا الكتاب غير مختلفةٍ عن الطّريقة التي سلكها العلماء والدعاة في تدريس كتاب (بلوغ المرام) . والإمام النووي وإن كان أشهرَ عند علماء بلاد الهوسا من الحافظ ابن حجر، بسبب كتابه (الأربعون النووية) إلاّ أن اكتشاف أهميّة كتابه هذا وعنايتهم بتدريسه ونقله إلى لغة الهوسا جاءت متأخِّرَةً عن عنايتهم بكتاب (بلوغ المرام) ، ولعلّ السّبب في ذلك عائدٌ إلى اختلاف مادّة الكتابين، فَبينما كان كتابُ (رياض الصّالحين) اعتنى فيه مؤلِّفه بجمع مادّةِ التَّربية الإسلاميّة من صحاح السّنن وحسانها كانَ الكتاب الأوّل وهو (بلوغ المرام) اعتنى فيه جامعُه بمادَّةِ أدلَّة المسائل الفقهيّة، وكان علم الفقه، وبخاصة الفقه المالكي في مجتمع الهوسا يمثلّ قمَّة العلوم الّتي اعتنى بها العلماء وأتقنوها، ولما كانت الدّعوة السلفيّة قد جاءت بنبذ التّعصب المذهبي والدعوة إلى فقه الدّليل والاتّباع، كان من الطّبعي أن تكون عنايتُهم بهذا

الكتاب عنايةً منقطعةَ النّظير؛ إذْ يحمل في طَيّاته أدلَّة حديثية جديدةً بالنّسبة لما أَلِفُوا سماعَه من ذي قبل؛ إذْ دِراستهم للفقه كانت محصورةً جداًّ في بعض كتب المتأخرين من المالكيّة ولا سيما كتاب (مختصر خليل) ، فوجد علماء الدعوة السلفيّة في كتاب (بلوغ المرام) ما لم يجدوه في غيره من الكتب التي وصلت إليهم في هذا المجال.

ثانيا: الدروس العامة

ثانيا: الدّروس العامّة هناك كتبٌ تناولها علماءُ الهوسا بالتّرجمة في دروسهم العِلمِيَّة الّتي يعقدونها بغرض توعيةِ النّاس وتبصيرهم بدينهم؛ كلّ حسب توجهاته العقديّة وميولاته المنهجيّة، من ذلك: 1- كتاب (صحيح البخاري) : وهو كتابٌ شهيرٌ غنِيٌّ عن التَّعريف، من تأليف أمير المؤمنين في الحديث، الإمامِ محمّد بن إسماعيل البخاريّ، ويأتي في الصّحة بعد القرآن الكريم إجماعاً، فلذلك اعتنت به الأمّة أَيّما اعتناءٍ، وكان لِعلماء الهوسا دورٌ كبيرٌ في نشر كنوز الكتاب ونقل معارفه في لغة الهوسا إلى الجماهير النّاطقة بهذه اللّغة، وأوّل مَن يُذكر دورُه في هذا المضمار: الشّيخ أبو بكر محمود جومي رحمه الله (ت1412هـ) ، رائدُ الدّعوة السَّلفيّة في بلاد الهوسا وما جاورها، فقد كان لدروسه في ترجمة (صحيح البخاريّ) إلى لغة الهوسا - وكانت تُبثُّ في أكبر إذاعة في شمال نيجيريا، وهي إذاعةُ كادونا الفيدراليّة - أكبرُ أثرٍ في إحياء السُّنَّة المحمديّة، ومحاربة بِدع الصوفيّة التي عمّت ربوع بلاد الهوسا قبل بزوغ دعوة هذا الشّيخ. وقد بدأ الشّيخ أبو بكر جومي ـ رحمه الله ـ بإلقاء الدّروس العِلمِيَّة

في جامع (السّلطان بللو) الّذي في ولاية كادونا عام 1381هـ الموافق 1961م في عهد أحمد بللو أوّل رئيس وزراء شمال نيجيريا رحمه الله تعالى، وكانت الدّروس تُقام في عهده في أيّام شهر رمضان المبارك. ولكن عام 1971م زاد الشّيخ من دروسه بهذا الجامع دروساً في مساء يومي الجمعة والأحد، ثمّ تحولت فيما بعد إلى يَومي السّبت والأحد مساءً، ومن ضمن هذه الدّروس درسُه في (صحيح البخاري) في لغة الهوسا الّذي يُقام في يوم السبت كلّ أسبوع من السّاعة 4,30 إلى السّاعة 6,00 مساءً (1) ، ويبث بعد ذلك في إذاعة كادونا. وكان لهذا الدّرس أَثَرٌ كبير في معالجة قضايا دينيّة كثيرة، فقد كان الشّيخ - رحمه الله - يَسعى جاهداً في محاولة تقريب نصوص هذا الكتاب إلى أفهام العامّة، مع ربطها بِواقعهم الدِّيني واستنباط أحكامٍ شرعيَّةٍ وآدابٍ مرعيَّةٍ من خلال أحاديثه، والتّحذير مما يقع فيه كثير من المسلمين، ومنهم علماؤهم من مخالفة هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد جَذَبَتْ هذه الدّروس شريحةً عريضةً من المجتمع، واستطاع الشَّيخ بفضل الله أن يَخترق الحواجز الّتي وضعها علماءُ الصّوفية لإقصاءِ أتباعهم عن سَماع الحق ودعوة السُّنَّة؛ إذ أصبح هذا الدّرس يدخل بيوتهم من خلال تلك الإذاعة الشّهيرة الواسِعَةِ الانتشارِ، فكان ذلك بفضل الله تعالى عاملاً كبيراً في نجاح دعوة الشّيخ - رحمه الله - وتحقيق انتصارات كبيرةِ في حَربه ضدّ بدع الصوفيّة والتّقاليد المخالفةِ لشرع الله تعالى. وما زالت هذه الدّروس تُبثّ في تلك الإذاعة رَغْم رَحِيل الشَّيخ عن

_ (1) انظر: ((البحث عن أعمال الشيخ أبو بكر محمود جومي)) (ص39، 40) .

هذه الحياة بأكثر من إحدى عشرة سنة، وهذا مصداقٌ لقوله تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَايَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ} [الرعد: 17] ، وقد صدَق أحدُ زعماء الصّوفيّة وأكبرُ مُنَاوِئِي دعوةِ الشَّيخ حيثُ قال: ((ذهب الشَّيخُ إلى ربِّه، لكنَّ شَبَحَه ما زال يُطاردنا)) في الإشارة إلى دروسه التي استمرّ بثُّها في إذاعة كادونا الفيدراليّة. وقد استطاع الشّيخ - رحمه الله - أن يُنهيَ ترجمته لهذا الكتاب من خلال هذا الدّرس، نسأل الله أن يوفِّق من المسلمين من يَتَبَنّى جمعَ هذه الدُّروس ونسخَها وتحريرَها ثُمّ إخراجَها لجماهير المسلمين الذين يتحدّثون هذه اللّغة (الهوسا) لعلّ الله ينفع بها الإسلام والمسلمين. وطريقة الشّيخ في عرض مادّة هذا الكتاب ما يلي: أ- كان الشّيخ - رحمه الله - يَفتتح دَرْسَهُ في هذا الكتاب دائماً بعبارة حُفِظتْ عنه وهي: ((دراسةُ الحديثِ والْعملُ به هو السّبيل الوحيد لتوفير الأمن والاستقرار بين الأمّة، فقد وعد الله هذه الأمةَ بأن لا يُهلكَها ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعيش بين ظهرانيهم، وما داموا يستغفرون الله تعالى فقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33] وَبعد وَفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون التّمسك بحديثه هو السّبيل إلى ذلك)) . ب- ثُمّ يبدأ بقراءته في الكتاب من حيثُ وقف به الدَّرس، ويَقرأ الإسنادَ ولا يلوي على شيءٍ من مبهماته، ولا يَقف لاستجلاء غَوامِضه، أو حلّ معضلاتِه.

ج- يَقرأ متن الحديث، مترجِماً لَه إلى لغة الهوسا جملةً جملةً، ولا يَقف لشرحه إلا بعد نهايتِه إن كان الحديثُ قصيرا، وإن كان طويلا يقفُ لبيان ما يتطلّب الموقفُ شرحَه، بل أحيانا تتداخله أسئلةُ الحاضرين، إذْ قد يمرّ موقف يحتاج فيه بعضُ السامعين إلى استفسارٍ واستيضاح، ولطول المتن لا يمكن الانتظارُ حتى ينتهي الحديثُ، فيسأل السّائل ويجيب الشّيخ عن سؤاله، وهكذا حتى ينتهي الحديثُ، ثم ينتقل إلى حديثٍ يليه. د- قد يتعرّض الشّيخ إلى بعض المسائل الفقهيّة الواردة في الحديث مُبيِّناً فيها ما ذهب إليه المذهب المالكي في المسألة، وقد يكون المذهبُ موافقاً وقد يكون مخالفاً لظاهر الحديث، وفي مُعظم الأوقات لا يقف الشّيخ لشرح وجهة نظر المالكية في مخالفتهم لظاهر النصّ وإنما يستمرّ كأنّه يَعرض الموقفَ فقط دون تعليقٍ، وأحياناً يحصل له ترجيح مقتضى الحديث على المذهب، وإن كان ذلك نادراً منه - رحمه الله -. هـ- يَربط معاني الأحاديث بواقع المجتمع الهوساويّ ويبيّن ما يقع فيه النّاس من مخالفةٍ لتلك الأحاديث، وما يحدُث في الطّرق الصوفيّة من مناقضةٍ لها، وفي الغالب لا يتعدَّى الطُّرقَ الصُّوفيةَ الموجودة في بلاد الهوسا، وبخاصَّةٍ (الطريقة التيجانيّة، والطّريقة القادريّة) لأنّ أغلب من ينتسب للصوفيّة في مجتمعه إنما ينتسب إلى إحدى هاتين الطّريقتين، فكان تركيزُ الشيخ عليهما أكثر من غيرهما. و كان الشّيخ يمتاز برحابة الصَّدر وسعتِه، فما كان يردّ سائلاً مهما كان السّائل جافاًّ معه، بل كان يُصغي إليه إصغاءً مهما كانت قوّة لهجة

المعارَضة، ثُمّ يجيب الشّيخ عن أسئلته دون أدنى تأنيف أو تأفّف (1) . ولقوَّة تأثير الشّيخ - رحمه الله - في سَامعي درسه هذا وغيره مِن دروسه أصبح بعض النّاشئين بَعده يقلِّدونه فيها أيَّما تقليدٍ، ولم يكتفوا بأخذ منهجه في التّدريس فحسب، بل زَادوا على ذلك تقليدَه في صَوته ونَبْرته ولهجته. وممن كان بهذه الحال: الشّيخ مختار غَبْطُو أحدُ طلاب العلم في ولاية تَرابَا شرقِ شمال نيجيريا، وكانت له دروسٌ مشهودة على صُورة دروس الشّيخ أبي بكر محمود جومي، منها درسُه في (صحيح البخاري) ، يَعقده في بيته كلَّ مساء يومي السّبت والأحد كما كان يفعل الشّيخ، ويبثّ في إذاعة الولاية كما يُبثّ درسُ الشّيخ، ويقلِّده في نبرة صوته ولهجته وطريقة إلقائه للدرس وتفاعله مع الحاضرين. الشّيخ الدّكتور: أحمد محمد إبراهيم - حفظه الله -: وهو أيضاً ممن لهم دورٌ بارز في تدريس هذا الكتاب ونقله إلى لغة الهوسا عبر دروسه العِلمِيَّة؛ فقد أحيا د. أحمد - بحقٍّ - ما توقف بموت الشّيخ أبي بكر محمود جومي من دروسه في هذا الكتاب؛ إذْ لم يكن بعد الشّيخ من استمر في إلقاء دروس في هذا السّفر العظيم قبل الدكتور أحمد - فيما أعلم - وهو أحدُ قدامى خريجي الجامعة الإسلامية كليّة الحديث الشّريف، والتحق بجامعة بايرو كانُو مبتعثاً من قِبَل دار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية؛ حيث واصل دراستَه في تلك الجامعة حَتّى حصل على (الدّكتوراه) في الدّراسات (1) ولزميلنا وأخينا الفاضل: الشيخ محمد المنصور إبراهيم دراسة علميّة حول جُهود الشّيخ أبي بكر محمود جومي في الحديث النبويّ، نال بها درجةَ الماجستير في جامعة صكتو.

الإسلامية، وتَمّ تعيينه عضواً في هيئة التّدريس بها بقسم اللّغة العربِيّة والدِّراسات الإسلاميّة. وكان له درسٌ في كتاب (صحيح البخاري) في جامع جامعة بايرو في يومي السّبت والأحد مساءً، وهو درسٌ مشهودٌ يأتيه النّاس من كلِّ فجٍّ وصوبٍ، من داخل ولاية كانو ومن خارجها. وقد استطاع د. أحمد من خلال دَرْسِه هذا وما أُوتي من أسلوبٍ فصيحٍ، وصوتٍ جَهوريٍّ أن يَبُثّ الوعْيَ بالسُّنَّة النَّبويَّة في صُفوف شريحةٍ كبيرةٍ من المتحدثين بلغة الهوسا في مجتمع نيجيريا، وكان درسُه يُبثّ في إذاعة كانو ويُنقل عبر شَاشَةِ تلفزيون (NTA) كانو، مما أقلق مضاجع الصوفيّة، وسَعَوا لوقف هذا المدّ السّني السّلفيّ، ووضع حدٍّ لتأثيره في الشّباب، فأوجدوا دروسًا مضادَّة، وبرامج إذاعيّة وتلفزيونيّة؛ لتقوم حائلا بين النّاس وبين سماع صوت السُّنَّة النَّبويَّة المرتفع من رحاب مسجد الجامع لجامعة بايرو ومن خلال أحاديث (صحيح البخاري) لكنّه دون جدوى، بل أصبح الأمر كما قال أبو تمام قديماً: وإذا أراد الله نَشْرَ فضيلةٍ ... طُوِيَتْ أَتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودِ لَولا اشْتِعَالُ النَّار فِيمَا جَاوَرَتْ ... مَا كَان يُعْرفُ طِيبُ عَرْفِ الْعُودِ واستمرّ الشّيخ في إلقاء دروسه في هذا الكتاب حتى أتى على آخره، ثم انتقل منه إلى كتاب يلي (صحيح البخاريّ) في الصّحة وهو: 2 - صحيح مسلم: من تأليف الإمام المحدث مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، واستمرّ الشيخ في هذا الكتاب حتى نهايتِه، ثُمّ انتقل إلى كتابٍ آخر، وهو: 3- سنن الترمذي: وهو من تأليف الإمام أبي عيسى محمّد بن عيسى بن سَوْرَة التّرمذي

(ت273هـ) وهو كتابٌ حَديثيّ كبير الشّأن جَمع فيه مؤلِّفه الأحاديث المرويّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبواب الأحكام الفقهيّة، مبيِّنا فيها درجة كلِّ حديث من حيث الصِّحةُ والضَّعفُ، حاكياً لمذاهب أهل العلم في تلك الأحاديث. وقد اعتنت الأمّة بهذا الكتاب شرحاً وتوضيحاً، ولذلك ثلّث به الشّيخ د. أحمد بمبا بعد (صحيح مسلم) ، ولعل د. أحمد هو أوّل من قام بتدريس هذا الكتاب في الدروس العامّة التي يشهدها جميعُ فئات المجتمع، وإن كان الكتاب قد يكون من بين الكتب العِلمِيَّة التي تدرس في الحلقات العِلمِيَّة الخاصة في دروس بعض العلماء، إلا أنّه لم يُسبق أنْ وُجد من قام بتدريسه بهذه الصفّة غيره. ولم يَكن يختلف أسلوب الشّيخ د. أحمد في تدريسه لتلك الكتب عن الأسلوب الذي كان قد سَلكه قبلَه الشّيخ أبو بكر محمود جومي رحمه الله، وإنما زاد عليه الدّكتور أحمد إسهابَه في تناول القضايا ذاتِ العلاقة بالحديث المدروس، وأحياناً استطرادَه في الحديث عن بعض الشّؤون الاجتماعية، وكانت سمةُ الوعظ والإرشاد تعلو كلَّ هذا، ويَغلب أسلوبُ الخطابة في كثير من الأمور، ذلك أنَّ معظم الحاضرين للدَّرْس من عوام النّاس الّذين لا يصلح لهم غير هذا الأسلوب، فلذلك يشهد الدّرس إقبالاً مُهِمًّا جداًّ. الشيّخ محمد ناصر كبرا: ويجدر أنْ يذكر بهذا الصّدد أحد مشايخ الصّوفية وهو الشّيخ محمّد ناصر كبرا (ت1413هـ) الّذي كان ينعت نَفْسَه بأنّه زعيمٌ للطّريقة القادريّة في غرب إفريقيا، وأميرٌ لجيش الشّيخ عثمان بن فودي! وقد أسهم هذا الشّيخ الصّوفي في نشر الحديث النّبوي بلغة الهوسا لكن بطريقته الخاصّة؛ حيث آثر

أن يقرأ على النّاس في كتاب (الشّفا بتعريف حقوق المصطفى) للقاضي عياض (ت544هـ) . وقد أحبّ الشّيخ أن يكون نشرُه للحديث من خلال هذا الكتاب الّذي ملأه مصنِّفُه ـ رحمه الله ـ بالأحاديث الضّعيفة والمنكرة، والقصص الباطلة الموضوعة، وبحقٍّ قال الحافظ الذهبي في هذا الكتاب: ((تواليفه نفيسَة، وأجلُّها وأشرَفُها ((كتاب الشِّفا)) لولا ما قد حشاه بالأحاديث المفتَعَلَة، عَمَلُ إِمَامٍ لا نَقْدَ لَه في فنّ الحديث ولا ذَوْق، والله يُثيبه على حُسن قصده، وينفع بـ ((شفائه)) ، وقد فعل. وكذا فيه من التّأويلات البعيدة ألوانٌ، وَنَبِيّنا صلوات الله عليه وسلامه غَنِيّ بمدحةِ التنزيل عن الأحاديث، وبما تَواتر من الأخبار عن الآحَاد، وبالآحاد النّظيفة الأسانيد عن الواهيات، فلماذا يا قوم نَتَشبَّع بالموضوعات، فَيتطرّق إلينا مقالُ ذوي الغلّ والحسد، ولكن من لا يَعلم معذورٌ. فعليك يا أخي بكتاب ((دلائل النّبوة)) للبيهقي؛ فإنّه شفاء لما في الصّدور وهدى ونور)) (1) . ولم يأت اختيارُ الشّيخ محمّد ناصر كبرا نشرَ هذا الكتاب ونقلَ مادَّته إلى لغة عوام النّاس عن فراغ؛ بل كان ذلك؛ لأن بَقاء الصّوفية في أيّ زمان وفي أيّ مكانٍ مرهونٌ ببقاء مثل هذه الأحاديث المنكرة. وكانت قراءتُه في شهر رمضان في هذا الكتاب، وكان يَنقله إلى سامعيه بلغة الهوسا الّتي يمتلك من مفرداتها وغرائبها رصيداً كبيراً يعزّ وجودُ مثله في أقرانه، إلاّ أنّه لم يُوفَّقْ بطلاقة لسانٍ، وبلاغةِ منطقٍ وبيانٍ، فكان نصف ترجمته لأحاديث ذلك الكتاب مفهوماً ونصفُه غيرَ مفهوم، مما أفقدها الحيويّة والجماهيريّة إلا عند

_ (1) ((سير أعلام النبلاء)) (20/216) .

أتباعه الّذين يرون أنّ التّعلق به قربةٌ إلى الله وثَني الرُّكب أمامه عبادة يثابون عليها يوم القيامة.... الشّيخ جعفر محمود آدم: لَه دورٌ بارزٌ في نشر السُّنَّة النَّبويَّة ونقلها إلى لغة الهوسا من خلال دروسه العامّة والخاصّة فهو أحد خريجي الجامعة الإسلامية في المدينة، وكانت له دروس في كتابي (عُمدة الأحكام) للحافظ عبد الغني المقدسي، و (بلوغ المرام من أدلة الأحكام) . ألقى مادّة الكتابين في ولايتي (بوثي) و (برنو) الشماليّتين. ودروسه العِلمِيَّة من أكبر الدّروس شهوداً وحضوراً، وقد تَميّزت بنكاتٍ علميّة، وفوائدَ بديعةٍ، ومواعظَ بليغة، جَعلت طلابَ العلم يحرصون عليها أيّما حِرص، وتَعَلَّقَ بها جماهير العامّة من أجل إفصاحه في طَرحها، وجودَةِ أسلوبِه في عَرْضِها، وتَمَكُّنِه من نَاصية لغة الهوسا ومفرداتِها. وقد أفاد منه جمٌّ كبير، ودروسُه منتشرةٌ ومذاعة. الشّيخ عبد الوهاب عبد الله: وهو أحدُ العلماء البارزين في شمال نيجيريا، وأحدُ خريجي الجامعة الإسلامية في كلية الحديث، أسهم بدروسه العِلمِيَّة في نقل السُّنَّة النَّبويَّة إلى لغة الهوسا ونشرها بين العامّة والخاصة؛ فقد كانت له دروس في (صحيح البخاري) و (بلوغ المرام) مع شرحه (سبل السلام) للصنعاني، كما أنّ له درسًا في (سنن التّرمذي) ، وتلك الدروس وإن كانت لغة التعليم هي الهوسا إلاّ أنها خاصّة بطلاّب العلم النّابهين. ثم إنّ له درساً عاماًّ لجماهير النّاس في (سنن أبي داود) يُلقيه يوم الاثنين،. وقد تميزت دروسه بالمباحث الفقهيّة غالباً ودراسات حديثيّة متعلقة بالتّصحيح والتّضعيف، ولصلته بكلية الحديث بالجامعة الإسلامية أثر كبير في اتجاهه هذا. والله أعلم.

الفصل الثاني: الاهتمام بترجمة كتب السنة إلى لغة الهوسا

الفصل الثّاني: الاهتمام بترجمة كتب السُّنَّة إلى لغة الهوسا (1) دور المؤسّسات التّعليميّة في الاهتمام بترجمة كتب السُّنَّة النَّبويَّة بلغة الهوسا لم ينحصر الاهتمام بالسُّنَّة النَّبويَّة بلغة الهوسا في التّرجمات الشّفهيّة في الحلقات والدروس العِلمِيَّة الّتي تحدَّثنا عنها سابقاً، بل اهتموا كذلك بكتابة ترجماتٍ لبعض كتب السُّنَّة في لغة الهوسا. وكان للمؤسسات التعليمية دور بارز في هذا المجال، وَيُمَثِّل أُنموذجاً لهذا قسمُ اللّغة العربية والدّراسات الإسلاميّة في جامعة بايرو في ولاية كانو ـ نيجيريا، فقد قام بمشروع ترجمة كتب السُّنَّة، وبخاصّة الكتب السّتة: (الصحيحان) ، و (السنن الأربعة) بالإضافة إلى (سنن الدّارمي) و (مسند الإمام أحمد) ، وغيرها. وقد بدأ تنفيذ خطّة هذا المشروع تحت إشراف: د. عبد العلي عبد الحميد وهو أستاذٌ في القسم المذكور منسِّقاً للمشروع، وكان ذلك في يُونيو عام 1983م، وقد رأى القائمون على المشروع أن يتم توزيع أحاديث الكتب المختارة للترجمة على طلاب اللّيسانس ليترجموها بحثاً تكميليّاً للحصول على شهادة اللّيسانس، فقام الطالب: قاسم عمر مدابو - رحمه الله - بترجمة أول مائة حديثٍ من كتاب ((صحيح البخاري)) في عام 1983م، واستمرّ العملُ في ترجمة الكتاب على أيدي الطلاب الدّارسين بهذا القسم إلى أن اكتمل في

عام 1988م. ثم تلاه العملُ في ترجمة ((صحيح مسلم)) ، وكانت بدايته عام 1988م، وانتهى إلى عام 1993م تقريباً. وهكذا تلا ذلك ترجمة (السنن الأربعة) على التّرتيب التّالي: ترجمة (سنن الترمذي) ، ثم (سنن أبي داود) ، ثم (سنن النسائي) ، ثم (سنن ابن ماجه) . وسوف تشمل المرحلة القادمة للمشروع: (سنن الدّارمي) ، و (مسند الإمام أحمد) . وكان أول منسِّق لتنفيذ المشروع - كما تقدم - د. عبد العلي عبد الحميد، ثم بعده د. أحمد محمد إبراهيم، وبعده: الشّيخ أبو بكر جبريل. كما قام القسم أيضاً بترجمة كتاب ((الشّفا بتعريف حقوق المصطفى)) للقاضي عياض في مرحلة الماجستير: أسندت الترجمة إلى طالبين؛ هما: قاسم عمر مدابو - رحمه الله - وإبراهيم أبو بكر توفا، فحازا بها مرتبة الماجستير. * وكانت الخطّة الّتي تَمّت ترجمةُ الكتب الستّة المذكورة على منوالها هي على النّحو التّالي: - يُعطَى كلّ طالبٍ مائة حديث من الكتاب تقريباً. - يقوم بترجمتها بوضع النّص العربِيّ في الجانب الأيمن من الصّفحة، والتّرجمة في الجانب الأيسر. وهذا في عمل الطّلاب الأوائل، ثُمّ أصبحوا بعد ذلك يَضَعُون النَّصَّ فوق الصّفحة، والتَّرجمة أسفلها. * والمنهج المتبع في الغالب على النّحو التّالي: - ترجمة الأحاديث المختارة إلى لغة الهوسا. - نَقلُ ما في كتاب (المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي) تحتَ كلّ حديث.

- لا يَلزم الطالبَ التّعليقُ على تلك الأحاديث، وإنما ذلك موكولٌ إلى مشيئته، إن شاء علّق حيث شاء أن يعلِّق، أو يترك ذلك، وهذا الغالب. وهذا المشروع رَغم أنّه أخذَ حَيِّزاً من الزَّمن غير قصير، ورغم الجهود المبذولة فيه من قبل القَائمين عليه والطلاب الدّارسين على السّواء، إلا أنّ ما صاحبه من الخلل كَانَ كبيراً، ولم يكن العملُ بمستوى ضخامة المشروع وأهميّته، ومبدأُ الخلل كامنٌ في إسناد مثل هذا العمل إلى طلاب مرحلة اللّيسانس، وهي مرحلة أوليّة لتكوين الشّخصية العِلمِيَّة، ولم تكن بذلك النّضج الّذي يؤهلها للقيام بمثل هذا المشروع الضّخم ذي الأهميّة القصوى كهذه، ولو تَمّ ذلك لطلاب مرحلة الماجستير والدّكتوراه لكان الأمر أنسب وأليق بمكانة تلك الكتب ومنزلتها في التّشريع الإسلامي. كما أنّ المنهج الذي وضعه المخططّون للمشروع كان منهجاً مُجْحِفاً جداًّ؛ إذ اقتصر على مجرَّد ترجمة النّصوص دون التّعليق عليها، مع أنّ هناك مواضعَ كثيرةً لا يظهر منها المراد جلياًّ من خلال مجرّد نقل ألفاظ تلك النّصوص إلى ما يقابلها في لغة الهدف (المترجَم إليها) ، وهذا أمرٌ معلوم بالضّرورة؛ إذ هي نصوصٌ في أصلها تحتاج في كثير من الأحيان إلى الشّرح والتّوضيح لبيان مقصود الشّارع منها، وما كُتُبُ شروحِ الحديث إلاّ آيةُ صدق هذا الكلام، فكيف بها وهي منقولةٌ إلى لغةٍ أخرى لا توازي لغةَ العرب في قُوَّة البيان وإحكام النَّظم وسعة المفردات؟. وكذلك (عمليّةُ التّخريج) أو بعبارة أدقّ: (عمليّةُ العزو) التي قام بها أولئك الطلاب غير علميّة ولا دقيقة؛ إذ اعتمدت على نقل ما كتبه أصحاب (المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي) عند كلّ حديثٍ، وهذا معلومٌ خطؤُه

بداهةً؛ إذْ من المعلوم أنّ العزْوَ إنما يتمّ إلى الكتب التي تضمَّنها ذلك (المعجم) ، لا إلى (المعجم) نَفْسِه، كما أنّ (المعجم) إنما اعتمد أصحابُه في وضعه طريقةَ الألفاظ، فيذكرون لفظةً في حديث، ويُشيرون إلى مواضعها من الكتب التّسعة (وهي: الصّحيحان، والسّنن الأربعة، ومسند الإمام أحمد، وموطأ الإمام مالك، وسنن الدّارمي) بغضّ النظر عن اتحادِ أو اختلاف مخارج الحديث في الكتب المشار إليها؛ فقد يكون حديثاً واحداً، وقد تكون عدَّةَ أحاديث عن عَدَدٍ من الصَّحابة، فالمهمّ عندهم اللّفظةُ لا طرقُ الحديث ومخارجه، وعلى هذا فلا يسوغ علميًّا لمن يخرِّج أو يعزو حديثاً لأبي هريرة مثلاً أن يعتمد في عَزوه على جميع المواضع التي ذكرها ذلك (المعجم) ؛ إذ معنى حديث أبي هريرة قد يَرِد في حديث ابن عمر أو ابن عباس أو جابر أو غيرهم، فعزو الألفاظ ليس هو التخريج أو العزو بمعناه العلمي الدّقيق.

دور الأفراد من المشايخ وطلبة العلم في ترجمة كتب السنة

دور الأفراد من المشايخ وطلبة العلم في ترجمة كُتب السنّة: بجانب إسهامات المؤسسات العِلمِيَّة في مجال الاهتمام بترجمة كتب السُّنَّة النَّبويَّة والعناية بها بلغة الهوسا، هناك دور بارز للأفراد أيضاً في هذا المجال، فقد قدّم غير واحد عملاً يضاف إلى رصيد اهتمام بلاد الهوسا بالسُّنَّة النَّبويَّة، وهو القيام بترجمة بعض الكتب المشهورة التي تدرس في الحلقات العِلمِيَّة وفي الدروس العامة، ونقلها إلى لغة الهوسا، من ذلك: 1- الأربعون النووية: ويُعدُّ هذا الجزء الحديثي من أكثر ما اعتنت به الأوساطُ العلميّة في بلاد الهوسا منذ أوّل أمرها قبل النّهضة العِلمِيَّة التي تشهدها البلاد حالياًّ، وقد تقدم بيان كيفية تلقّي التلاميذ ترجمةَ معاني هذا الجزء من مشايخهم شفهياً. وهو أوّل جزءٍ تتم ترجمته إلى لغة الهوسا وطبعه، وذلك في عام 1959م عندما قام الشيخ أبو بكر محمود جومي بترجمته كَجزءٍ من أنشطته العِلمِيَّة والدعويّة الّتي تُعَدّ بدايةَ بزوغ فجر الدّعوة السلفيّة في نيجيريا في هذا العصر، يقول الشّيخ في مقدِّمة التّرجمة: ((لم يُرسِل الله سبحانه وتعالى الأنبياءَ إلاّ بلسان قومِهم؛ ليعلِّموهم دينَهم، وعليه؛ فمن الصّعب إلزامُ جميع النّاس بتعلّم لغةٍِ غير لغاتهم ليتمكنّوا من معرفة دينهم، ولذلك كان من فُروض الكفاية على العلماء الّذين درسوا اللّغة العربيّة أن يَقوموا بترجمة كلّ ما جاز شرعًا ترجمته من علوم الشّريعة لكي يَنتفع به أصحابُ تلك اللّغة. ولغيابِ هذا العمل في المجتمع أصبحَ كثيرٌ من النّاس لا يعرفون الإسلام وإن انتسبوا إليه. وقد سُرِرْتُ جداًّ لما جاءني خطابٌ من

وكالة الإقليم الشمالي للشّؤون الأدبية (NORLA) يَطلب مني القيام بترجمة (متن الأربعين النووية) إلى لُغة الهوسا، وهم بهذا قد أيقظوني لِسلوك طريقِ الخير ... )) (1) . فكما أشار الشّيخ في مقدمته هذه: أنّ الترجمة تَمّت بناءً على طلبٍ من وكالة الإقليم الشّمالي للشّؤون الأدبية (Northern region Agency) المعروفة اختصاراً بـ (NORLA) ، وهي هيئةٌ حكوميّةٌ أسِّسَتْ عامَ 1953م بأمرٍ من الحكومة البريطانيّة الاستعماريّة للإقليم الشّمالي تحت قيادة الحاكم بيريان شاروود سميث كإحدى الوسائل لمكافحة الأميّة، ولتوفيرِ كُتب في مجتمع شمال نيجيريا يَقرؤها العامّة والخاصّة باللّغات التي يتحدثونها، فكان من خُطّتها توفيرُ كتبٍ بلغة الهوسا باستعمال الحروف اللاتينية والحروف العربية وهو ما يسمى عرفًا بـ (عَجَمِي) أي كتابة لغةٍ غير عَربية بحروفٍ عربية، ومن ضمن أعمال هذه الهيئة ترجمةُ كتب دينيّة إلى لغة الهوسا (2) . وقد طُبعت ترجمة الشّيخ أبي بكر محمود جومي في شركة شمال نيجيريا للطّباعة (NNPC) . كما قام أيضا بنقل معاني هذا الكتاب إلى لغة الهوسا: الشّيخ شعيب عُمر من جمهورية غانَا وهو داعيةٌ إسلامي مشهور هناك، وقد تَمّ طبعُ ترجمته في وزارة الشّؤون الإسلاميّة بالمملكة العربية السّعودية.

_ (1) ترجمة ((متن الأربعين النووية)) إلى لغة الهوسا - للشيخ أبي بكر جومي (ص5) . (2) انظر: ((تاريخ التأليف بلغة الهوسا)) - للأستاذ الدكتور إبراهيم يارو يحيى (ص98-108) .

2- خمسون حديثاً نبوياً: وهي ترجمةٌ لخمسين حديثاً نبوياً قام بها الشّيخ م محمّد طن بابا، وطبعت في عام 1975م، ذكرها د. إبراهيم يارو في كتابه ((تاريخ التّأليف بلغة الهوسا)) (1) . 3- صحيح البخاري (قسم منه) : قام الشّيخ محمّد سنوسي غمبي بترجمةِ أحاديث من (صحيح البخاري) ، وطبع 1984م، وكانت نِيّته أن يواصل تَرجمةَ الكتاب إلى نهايته لكن لم يتم العملُ إلى الآن ولم يُصْدِر منه إلاّ جزءاً أو جزأين (2) . 4- ترجمة كتاب (سَوْقُ الأمّة إلى اتّباع السُّنَّة) للشّيخ عثمان بن فودي: وهو كتابٌ جمع فيه مؤلِّفه الأحاديثَ والآثار الوارِدة في الحثّ على التّمسك بالسُّنَّة النَّبويَّة وسلوك هديه صلى الله عليه وسلم في العبادات والمعاملات، ألّفه مجدِّد الإسلام في عصره في بلاد السودان الدّاعية المعروف الشّيخ عثمان بن فودي - رحمه الله - مؤسس الدولة العثمانية الإسلامية في بلاد السّودان، وقد قام بنقل هذا الكتاب إلى لغة الهوسا الشّيخ بخاري إمام من ولاية صكوتو عام

_ (1) انظر: (ص209) . (2) كان المترجم من قدماء خريجي الجامعة الإسلامية بالمدينة النَّبويَّة، كلية الدعوة وأصول الدين، ثم التحق بعدها بالجامعة الأمريكية في لبنان، ودرس الأديان دراسة مقارنة، وتحول إلى داعية عصري يدعو إلى منهج المعتزلة وينكر مصدرية السُّنَّة النَّبويَّة في التشريع الإسلامي، كما ينكر حجيتها في العقائد، فأنكر معظم أشراط الساعة الواردة في السُّنَّة، كنزول المسيح ـ عليه السلام ـ وخروج الدابة، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها وغير ذلك، ولا زال الرجل على هذا المنهج يدعو إليه بوسائل مختلفة ... نسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق إلى الحق.

1985م في الولايات المتحدة الأمريكية (1) . 5- بلوغ المرام من أدلة الأحكام للحافظ ابن حجر: تقدّم بيان أن هذا الكتاب من الكتب التي رافقت الصّحوة الإسلاميّة والنهضة العِلمِيَّة المعاصرة في بلاد الهوسا، وعناية أهل السُّنَّة والجماعة بتدريس هذا الكتاب في الحلقات والدّروس العامّة. وقام الشّيخ إبراهيم أبو بكر توفا بنقله إلى لغة الهوسا، كجزءٍ من هذه العناية والاهتمام، وطُبع في جزأين في كانو نيجيريا. وسيأتي الحديث عنه بالتّفصيل. 6- صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: وهذا أيضاً كتابٌ مشهورٌ بين دعاة السَّلفيّة في بلاد الهوسا، وقد قام كثير من الدّعاة بتدريسه في مجالس دعوية كثيرة، وهو كتاب من تأليف الشّيخ محمّد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - جمع مادَّتَه من الأحاديث النَّبويَّة الصّحيحة والحسنة مستنبِطاً ما يراه من مدلول تلك الأحاديث في الأبواب الّتي وضعها ومستنداً إلى آراء علماء المذاهب فيما يختاره، وغالباً ما يكون ذلك في الحاشية، وليس في الكتاب إلا المتن برواياته وترجمته فحسب. وقد قام الشيخ إبراهيم أبو بكر توفا أيضاً بنقله إلى لغة الهوسا؛ متنِه وحواشِيه، وشَرع في ترجمته في 20 ربيع الأول لعام 1416هـ الموافق 16 من أغسطس، 1995م، وانتهى منها في 21 من ربيع الثاني، من العام نفسه، الموافق 16 من سبتمبر عام 1995م، أي أنّ العمل في الترجمة قد استغرق شهراً واحداً

_ (1) انظر: ((تاريخ التأليف بلغة الهوسا)) (ص283) .

فقط (1) . وقد طبع في مطابع كانو - نيجيريا. 7- التّجريد الصّريح لأحاديث الجامع الصّحيح للزّبيدي: وهو عبارة عن أحاديث من (صحيح البخاري) ، جَرَّدها أبو العباس أحمد ابن أحمد الشّرْجِي الزَّبيدي الحنفي (ت893هـ) محذوفةَ الأسانيد، جمَع فيه ما تفرّق في الأبواب، ولم يذكر إلاّ ما كان مسنَداً متَّصلاً. قام الشّيخ إبراهيم أبو بكر توفا أيضاً بنقله إلى لغة الهوسا، وطُبع القسم الأول منه. 8- أخلاقُ العلماء، للآجري (ت360هـ) : وهو كتابٌ من تصنيف الإمام شيخِ الحرم محمّد بن الحسين أبي بكر الآجرّي (ت360هـ) بَناه على مَنهج المحدثين في سَوْقِ الأحاديث المرفوعة والآثار الموقُوفة في الموضوع بأسانيدَ لِنفسه مستنبِطاً منها ما يريد تبيينَه من خلال الأبواب الّتي وضعها. وقد قُمت بنقله إلى لغة الهوسا في عام 1414هـ مبيِّناً درجاتِ الأحاديث الّتي فيها من حيثُ الصّحةُ والضَّعفُ بياناً مختصراً في الحواشي. 9- رياضُ الصّالحين من أحاديث سيّد المرسلين، للإمام النووي: قام بنقله من اللغة العربية إلى لغة الهوسا الشّيخ تجاني إمام. 10- مختار الأحاديث النَّبويَّة، للشيخ السّيد أحمد الهاشمي: قام بنقله إلى لغة الهوسا الشّيخ: سنوسي محمّد قَني. 11- عمدة الأحكام الكبرى للإمام عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي: نقله إلى لغة الهوسا الشيخ ناصر محمد ين أواكي.

_ (1) انظر مقدمة المترجم للكتاب (ص1) .

12- الأدب المفرد للبخاري: ترجمه إلى لغة الهوسا الشّيخ عبد الرزاق. 13- بغية كلِّ مسلم من صحيح مسلم، للشّيخ محمّد عبد الله المرّاكشي: وهو عبارةٌ عن جزءٍ صغير فيه مختاراتٌ مضبوطةٌ فيما تشتدّ إليه الحاجة من العقائد والأحكام من صحيح مسلم بن الحجّاج، قام بترجمته إلى لغة الهوسا: الشّيخ صلاح جبريل أحمد.

من كتب الحديث المترجمة إلى لغة الهوسا عرض وتحليل

من كتب الحديث المترجمة إلى لغة الهوسا عرض وتحليل مدخل ... من كتب الحديث المترجمة إلى لغة الهوسا عرض وتحليل: اتضح من الحديث السابق أنّ علماء الهوسا قد أولوا عناية بالسُّنَّة النَّبويَّة، واهتموا بها تدريساً ونشراً وترجمةً لبعض كتبها إلى لغة الهوسا، وهي كتب تختلف من حيثُ أصالتُها وأهميَّتُها ومن حيثُ حجمُها وموضوعُها، ومن حيث دقّةُ التّرجمة أيضاً، ويعود هذا إلى مقدار ما عند المترجِم من عِلمٍ ومعرفةٍ وإلمامٍ بأصول الشّريعة وقواعدها، وتمكُّنه من اللّغتين؛ لغة المصدر (المترجم منها) ولغة الهدف (المترجَم إليها) ، وفيما يلي تحليل نموذجين لما تقدم سردُه من أعمال علماء الهوسا في ترجمة كتب السُّنَّة النَّبويَّة إلى لغتهم:

الأول: ترجمة الأربعين النووية

الأوّل: ترجمة الأربعين النووية للشيخ جومي رحمه الله: تقدمت الإشارة إلى ذكر هذه الترجمة التي قام بها الشيخ أبو بكر محمود جومي - رحمه الله - منذ الخمسينيات، وبالتحديد عام 1959م. وقد أشار الشيخ في مقدمته للترجمة إلى أنّها جاءت بناءً على طلب من وكالة الإقليم الشّمالي للشؤون الأدبية (Northern region literature Agency) المعروفة اختصاراً باسم (NORLA) ، وطبعته شركة شمال نيجيريا للطّباعة (NNPC) . وقد سَلك الشّيخ المنهجَ المعتاد في التّرجمة، فجعل الكتابَ في عَمُودين مُتَوازِيَيْن، واضعاً النّصّ العربِيّ في العمود الأيمن، والتّرجمة في العمود الأيسر موازيةً تماماً لنصّ الحديث. وقد اتّسمت ترجمته هذه بالدِّقة والجودة وسلامة اللّغة وجزالةِ العبارة لا

يشوبُ أساليبَها غموضٌ ولا التواءٌ. والشّيخ - رحمه الله - رغم تمسكه الشّديد في حديثه اليومي بأصول لهجة أهل ولاية صكتو الّتي تختلف في بعض مفرداتها وبناءِ ألفاظها عن اللهجة العِلمِيَّة الّتي تجري الكتابة بها في المؤسّسات العِلمِيَّة والأطروحات الأكاديمية والّتي تستمد معظمَ مفرداتها وبنائها الصّرفي من لهجة أهل ولاية كانو إلاّ أنّه في هذه الترجمة لم يَظهر أَثَر تمسّكه بتلك اللهجة، وفي نظري أنّ السّبب في هذا قد يكون راجعاً إلى كون التّرجمة قد وُضعتْ خصِّيصاً بطلبٍ من وكالة الإقليم الشّمالي للشّؤون الأدبية (NORLA) كما تقدم - وهي وكالةٌ عَمل بها فريقٌ من المتخصِّصين في مختلفِ لغات نيجيريا. فليس بِغريب أن تخضع ترجمةُ الشّيخ من حيثُ صياغتُها اللّغويّة لمراجعة هؤلاء المختصّين، ويكفي أن نعرف أنّ من بين العاملين بهذه الوكالة عميدَ أدب الهوسا آنذاك الّذي لم يَأت بعده مثلُه في مجال الكتابة في الأدب الهوساوي وهو الشّيخ/ أبو بكر إمام - رحمه الله - فلا يُستَبْعَدُ إذن أن تَحظى ترجمةُ الشّيخ جومي ببعض ملاحظاتِه الأدبية، وإشاراته اللّغويّة. والأمر الّذي حداني إلى هذه الملاّحظة الاختلافُ الحاصلُ بين الصّياغة اللّغوية المبني عليها ترجمة (متن الأربعين النوويّة) والصِّياغة الّتي تمت بها ترجمةُ الشّيخ نفسِه لمعاني القرآن الكريم، فإنّ القارئ الهوساويَّ للتّرجمتين لا بُدّ أن يَلمس بينهما فرقاً جوهرياًّ من حيثُ الوضوحُ اللّغويّ وجزالةُ الأسلوب، فإنّ ترجمة الأربعين النّوويّة أكثر وضوحاً وجزالةً. والله أعلم. وقد اعتنى الشّيخ أبو بكر جومي -رحمه الله- في ترجمته لمعاني (متن الأربعين) بتعليقاتٍ مهمّة جدّاً، حاول فيها أن يُبرز دعوتَه إلى التّمسك بالسُّنَّة ومحاربتِه

للبدع والطّرق الصوفيّة والأعراف المخالِفة لروح الشّريعة الإسلاميّة، وكانت معالجةُ الشّيخ لهذه القضايا من خلال تلك التّعليقات والحواشي تتَّسم بنوعٍ كبيرٍ من اللّباقة والحكمة؛ إذْ لم تَزل الدّعوة السّلفيّة آنذاك في طورها الأوّل، والتّصريح بكلِّ أمرٍ قد يؤدّي إلى نتائجَ سيئة تضر بالدّعوة وتقضي عليها في مَهدها، كما يُمكن أن تسبِّب له إشكالاتٍ قد تقف عائقا أمام هَدفه الدّعوي ومرماه الإصلاحي، فَجاءت تعليقاتُه فيها من الحكمة والإشارة اللّطيفة ما يُفهم منه غرضُه دون أن يثير حفيظةَ القارئ. ونضرب لهذه التّعليقات نماذجَ يتّضح منها ما وراءها، فمن ذلك: تعليقه على الحديث الثّاني من الكتاب وهو حديث جبريل المشهور في سؤاله عن الإيمان والإسلام والإحسان، إذ قال الشّيخ: ((يُفهم من هذا الحديث أمورٌ كثيرة، أوّلا: أنّ نظافة الأبدان والملابس أمرٌ مطلوبٌ شرعاً كما تدلّ عليه هيئةُ هذا الرّجل الغريب. الثّاني: أنّ الإسلام إنما يُتَعلّم عن طريق سؤالِ من يعلمه. الثّالث: لا يَنبغي الغلوّ في تعظيم شخصٍ. الرّابع: الطّرق الصوفّية ليستْ من ضروريّات الدّين. الخامس: معرفةُ أنّ الإسلام والإيمان والإحسان حقائقُ مختلفة. السّادس: لا ينبغي لعالِمٍ إذا سُئل عن أمرٍ من أمور الدّين وهو لا يدري أن يَكذب على السّائل في الجواب. السّابع: ينبغي للعالم أن ينبّه تلاميذَه لسؤالِ ما ينبغي لهم سؤالُه لفائدته، إذا غَفلوا عن ذلك. الثّامن: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إلاّ ما يوحى إليه من ربّه. التّاسع: معرفة كمال خلق الصحابة وصبرهم. العاشر: معرفة أنّ الملائكةَ قد يَظهرون في صورةٍ غير

صورتهم الحقيقيّة)) (1) . والملاحِظ في هذه الفوائد يجد أنّ الشّيخ قد أشار إلى أمورٍ كانت من أمراض المسلمين يُعاني منها المجتمع الإسلامي، كاعتقاد بعضِهم أنّ ترك نظافةِ البدن والتّقشف في المأكل والملبس من متطلَّبات الولاية في الدِّين، فيظلّ الإنسانُ عمرَه لا يغتسل ولا ينظِّف ملابِسَه لكي يستكمل شروطَ الولاية فيحظى بها. كما أشار في تعليقه إلى الطّرق الصّوفية التي كانت يومئذ في ذروة نَشاطها وَأَوْجِ قوّتها، وقد جاءت إشارةُ الشّيخ إليها مشوبةً بالحذر والتّحفظ فاكتفى بقوله: "ليس من ضروريّات الدّين" (2) وهذا تلميح منه إلى أنّ تركها والاستغناءَ بما جاء في حديث جبريل كافٍ في الحصول على ولاية الله للعبد ولا ضرورةَ إلى الإحداث في دين الله ما لم يَأذن به الله. كما أشارَ الشّيخ إلى ضرورة تعليم النّاس دينَهم، وأنّ الدِّين لا يُعلم إلاّ بالتّعلّم وأنّ من طرق التّعلّم سؤالَ من لا يَعلم، وقد كان أجلّ همّ الصوفيّة في تلك المجتمعات الاكتفاءَ في الغالب بشحن أذهان أتباعها بِقِصَصِ كَرامات أوليائها حَتّى أصبحتْ كلّ طريقة تُنافس نظيراتها في تمجيد من تنتسب إليه وتفضيله على غيره مما كان سبباً لارتفاع نسبة الجهل بالإسلام بين شريحةٍ واسعةٍ في المجتمع. كما حذّر الشّيخ العلماءَ من مغبّة القول على الله بلا علم.... وغير ذلك مما يَلمحه القارئ من خلال سطور هذا التّعليق الوجيز المليء بالفوائد والتّنبيهات.

_ (1) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص9) (الهامش رقم1) . (2) وانظر مثل هذه الإشارة أيضا في تعليقه على الحديث الثاني والعشرين (ص19) (الهامش رقم1) .

ومن ذلك أيضاً تعليقه على الحديث الرّابع، وهو حديثُ عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: ((من أحدَثَ في أمرِنَا هذا ما ليس منه فهو رَدّ)) . إذْ جاء تعليقُ الشّيخ عليه ما ترجمته كالتّالي: قال الشّيخ - رحمه الله -: ((هذا الحديث يُعلِّمنا حقيقةَ ما يُسمى بالبدعة، وهو أن يُحدَث شيءٌ في الدّين ليس يُعرف في عهد النّبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد صحابته رضي الله عنهم. ومَهما يكن علمُ عالِمٍ فليس في وسعه أن يزيد شيئاً في دين الله، ولو زاد شيئاً لم تُقبل منه هذه الزّيادة. وهذا لا يَمنع أن يُستعمل شيءٌ يعودُ على المسلمين بالنّفع، كالبثّ الإذاعي لتلاوة القرآن، وترجمة الكتب إلى لغةٍ ليست عربية؛ لكي يقرأها أصحاب تلك اللّغة ويَقِفوا على حقيقة دينهم)) (1) . وهذا التعليق تضمّن ثلاثةَ أمور مهمّة في باب الابتداع: الأول: تعريف البدعة. الثّاني: أنّ البدعة لا تُقبل ولو كان مُحْدِثها رجلاً يُظنّ فيه العلم والصّلاح، إذْ لا تلازم بين الأمرين، فقد يكون كذلك ويخطئ في هذا الباب. والشّيخ - رحمه الله - يُشير بهذا إلى أن اعتقاد بعض النّاس فيمن ينتسبون إليه أنه وَلِيٌّ لله لا يُسوّغ لهم قبول ما نُسب إليه من البدع والأمور المحدثة في دين الله، فنحن ولو سلّمنا جدلاً ولايةَ ذلك الشّخص فإنّه يجب علينا أن نَزِنَ أقوالَه وأفعالَه بميزان الشّرع فما كان موافقاً للكتاب والسُّنَّة وهدي السّلف قَبِلناه، وما كان مخالفاً لها تركناه ولا اعتبار بصلاح صاحبه وفضله في ذلك.

_ (1) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص11) (الهامش رقم2) .

وبالتّسليم لهذا تَسقط جميعُ الطّرق الصوفيّة حتى ولو صحّت نسبةُ جميع ما فيها إلى من نسبت إليهم ... وهذه طريقةٌ لَبِقَةٌ وأسلوبٌ حكيمٌ.... والله أعلم. الثاّلث: الرّدّ على من يخلط بين البدع وما يُسمى بالمصالح المرسلة أو ما هو من قبيل الاختراعات العصريّة فيتخذ إجماعَ العلماء لإباحة الأمر الثّاني ذريعةً وحجةً إلى الإحداث في دين الله ما لم يكن منه. * ونموذجٌ آخر في تعليقه على الحديث السّابع وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((الدّين النّصيحة)) . قلنا: لمن؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولِرسوله ولأئمّة المسلمين، وعامَّتِهم)) . فعلّق عليه الشّيخ بقوله: ((النّصيحة: هي فعلُ ما ينبغي فعلُه. النّصيحة لله هي الإيمان بوجوده وصفاته كما يليق به. والنّصيحة لكتب الله هي الإيمان بها وأنّ ما فيها إنما هو وحي من الله. والنّصيحة للرسول هو التّصديق بأنّه رسولٌ من عند الله، وتوقيره وتوقير ذريّته. والنّصيحة للأئمّة: هو احترامهم كما يليق بمنزلتهم ما دام أنّ ذلك في حدود الشّرع، ولا يجوز الانحناء في التّحية لأحدٍ، لأنّ فعلَ ذلك ليس من النّصيحة في شيءٍ. والنّصيحة لعامّة المسلمين، هي إعانتهم على ما فيه خَيرهم، مثلُ تعليمهم وإرشادهم بطريقة مفيدةٍ وباحترامٍ)) (1) . ويلاحظُ إشارة الشّيخ إلى ظاهرةٍ اجتماعية طالما سَكَت عنها أهل العلم في ذلك الوقت بل حَبَّذُوها وشجَّعوها وعدُّوها حقّاً لكل كبير على صغير، وهي ظَاهرة الانحناء عند التّحيّة، فجاءت إشارةُ الشّيخ إلى هذه الظّاهرة

_ (1) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص12) (الهامش رقم2) .

وتنبيهه على أنّ ذلك ليس من باب النّصيحة لأئمّة المسلمين، وأنّ احترامهم لا بُدّ أن يَتم في حدود ما أقرَّتْه الشَّريعة، والانحناءُ مما جاء النّهي عنه فيما رواه الترمذي وغيره عن أنس رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، الرّجل منّا يَلْقى أخاه أو صديقَه أينحني له؟ قال: ((لا)) . قال: أَفَيَلْتَزمه ويقبِّلُه؟ قال: ((لا)) . قال: أفيأخذ بيده ويُصافحه؟ قال: ((نعم)) . قال التّرمذي: ((هذا حديثٌ حَسَن)) (1) . وعلى هذا المنوال جَرى الشّيخُ في تعليقاته وتَهْمِيشاته لأحاديث هذا الكتاب يُشير إلى بعض الأمراض العقديّة والاجتماعية المنافِيةِ للشّريعة الإسلامية ويعالجها بحكمةٍ وَرَوِيَّةٍ. ومن الملاحظ: أنّ هذه التّعليقات لم تستمرَّ في الكتاب على وتيرةٍ واحدةٍ، بل نجد الشّيخ في أوائل الكتاب قد أكثر منها ثُمّ بدأت تَتَناقصُ في وسط الكتاب، بحيث لا تتجاوز السَّطْرَ والسَّطْرَيْن، بل قد تَرك بَعْضَ الأحاديث غُفْلاً دون تعليق، ثم توقّفت في أواخر الكتاب، وربما يُفسّر هذا، بأن الشّيخ قد كتب هذه التّرجمة في أوقات مُتباعدة، وفَتَراتٍ متقطّعة؛ كان في أولها أكثر نشاطاً وحيويَّةً ثمّ بدأ نشاطُه يضعف شيئاً فشيئًا، كما هي العادة في كلّ عمل هذا شَأْنُه. وعلى الرّغم مما أشرنا إليه من دقة هذه التّرجمة وحُسن صياغتها إلاّ أنّ ذلك لا يَعني خلوَّها من بعض الأخطاء التي لا يَكاد يسلم منها عملٌ بشريٌّ. فمن خلال قراءتي لهذه التّرجمة وجدتُ أموراً يحسن التّنبيه عليها لكي تتُدارك

_ (1) أخرجه الترمذي (5/75/رقم2728) ، وابن ماجه (2/1220/رقم3702) ، وأحمد (3/198) ، وغيرهم. وحسنه الترمذي.

في الطّبعات اللاّحقة للكتاب، وهي تتمثل فيما يلي: 1- عدم ترجمة بعض الجمل. - ففي الحديث الثّاني (1) ؛ حديث جبريل عليه السّلام المشهور، لم تُتَرجَم لفظ (العَالة) وترجمته كالتّالي: (matalauta) - وفي الحديث الثّاني والعشرين (2) ؛ حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه لم يُترجم قوله صلى الله عليه وسلم (( ... فإنّه من يَعِشْ منكم فَسيرى اختلافاً كثيراً)) . وترجمته كالتاّلي: Domin lalle wanda duk ya rayu daga cikinku to zai ga sabani mai yawa. - في الحديث الخامس والثّلاثين (3) ؛ حديث أبي هريرة رضي الله عنه لم تُترجَم جملةُ ((.. ولا تدابروا)) وترجمتُها كالتّالي: Kuma kada ku bawa juna baya. - في الحديث الأربعين (4) ؛ حديث ابن عمر رضي الله عنه لم تترجم جملة: ((ومن حياتِك لمرضك)) . وترجمتها كالتّالي: Kuma ka yi aiki lokacin rayuwarka saboda mutuwarka.

_ (1) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص9) . (2) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص34) . (3) ((المصدر نفسه)) (ص26) . (4) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص30) .

2- ترجمة بعض الجمل أو الألفاظ خطأ: - ففي الحديث السّابع (1) ؛ حديث أبي رقيّة تميم بن أوس الدّاري رضي الله عنه ترجم عبارة: ((قلنا: لمن)) بقوله: Muka ce, "Ga me?" وهذا معناه: (قلنا: لأيّ شيء ... ؟) ، وصواب الترجمة: Muka ce, "Ga wa?". - وفي الحديث الثّاني والثّلاثين (2) ؛ حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ترجم قولَ المؤلف: ((وله طرقٌ يُقَوِّي بعضُها بعضاً)) بقوله: (kuma shi hadisin yana da hanyoyi daban na karbowa) . وهذا معناه: (وللحديث طرق مختلفة للرّواية) . وصواب التّرجمة: Kuma shi hadisin yana da hayoyin daban-daban wadanda sashisu yana karfafar sashi. - في الحديث الثّامن والثّلاثين (3) ؛ حديث أبي هريرة رضي الله عنه ترجم قولَه تعالى: ((فقد آذنته بالحرب)) بقوله: (hakika na umarce shi da shirin yaki) . ومعناه: (فقد أمرته بالاستعداد بالحرب) . فكأنّه حَمَل لفظ (آذنته) على معنى الإذن، وإنما هي على معنى (الأذان) وهو الإعلام والإعلان، فتكون صواب الترجمة: (hakika na yi masa shelar fitowa ya yi yaki (da ni) . - وفي الحديث الثّاني والأربعين (4) ؛ حديث أنس رضي الله عنه ترجمة قوله تعالى:

_ (1) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص12) . (2) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص25) . (3) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص29) . (4) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص30) .

((غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي)) بقوله: (zan gafarta maka abin da yake kanka) . ومعناه: (غفرت لك ما عليك) . بينما معنى قوله تعالى: (على ما كان منك) أي مَع ما كان منك من تكرار معصيتك كما أفاده ابن دقيق العيد (1) وغيره. وعليه يكون صواب التّرجمة: Zan gafarta maka duk da irin laifinka kuma ban damu ba. 2- حمل الضّمير على غير المراد به: وهذا في الحديث السّادس عشر (2) ؛ حديث أبي هريرة رضي الله عنه إذ تَرجم المؤلّف عبارةَ: (فردَّدَ مراراً) بقوله: Sai (Annabi) ya nanata sau da yawa…. ومعناه: (فردّد (النّبي) مرارا) وفي هذا حملُ الضّمير في (فردد) على أنه عائدٌ إلى النّبي صلى الله عليه وسلم، والصّواب أنه عائد إلى السّائل، أي أنّه ردّد السّؤال مرارا: قال الإمام النووي (3) : ((فَلم يزده في الوصية على (لا تغضب) مع تكرار الطّلب)) يعني من السّائل. وقال ابن رجب (4) : ((ثم ردّد هذه المسألة عليه مراراً، والنبي صلى الله عليه وسلم يرددّ عليه الجواب)) .

_ (1) انظر: ((شرح الأربعين حديثا النووية)) لابن دقيق العيد (ص110) . (2) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص16) . (3) ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (ج16/163) . (4) ((جامع العلوم والحكم)) (1/371) .

وقال الحافظ ابن حجر (1) : ((أي ردد السّؤال يلتمس أنفعَ من ذلك أو أبلغَ أو أعمَّ، فلم يَزد عليه على ذلك)) . وقد أخرج الطبراني (2) وابن عبد البر (3) عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت لنبي الله صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله قل لي قولا انتفع به، وأقلل لعلِّي أعقله؟ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تَغْضَب)) . فعاوده مراراً يَسأله عن ذلك، يقول نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تَغضب)) . وصوابُ الترجمة على هذا: Sai (mai tambaya) ya nanata sau da yawa, shi kuma yana ce masa: "Kada ka yi hushi". 4- ترجمة بعض المصطلحات ترجمة حرفية: وذلك في الحديث الثّاني والثّلاثين (4) ؛ حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، حيث جاء فيه قولُ المؤلف: ((رواه ابن ماجه والدّارقطني وغيرهما مسنداً، رواه مالك في الموطّأ مرسلاً ... )) . فترجم الشّيخ لفظَ (مسنداً) ولَفظَ (مرسلاً) ترجمةً حرفيةً صِرْفاً، فقابل (مسنداً) بقوله: (doge) و (مرسلاً) بقوله: (sake) . وهذه التّرجمة لا يُفهم من ورائها شيءٌ، فالأولى؛ إمّا أن يتركَ تلك المصطلحات كما هي في العربيّة، ثم يضعَ حاشية يشرحها، أو يسلكَ مسلكَ التّرجمة التّفسيرية، فيقول مثلاً في ترجمة لفظ (مسنداً) : (da cikakken isnadi)

_ (1) ((فتح الباري)) لابن حجر (10/519) . (2) ((المعجم الكبير)) (7/69/رقم6399) . (3) ((التمهيد)) لابن عبد البر (7/246) . (4) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص25) .

ومعناه: (بإسناده كاملاً) ، إذْ المراد بالمسنَد هنا ما قابل المرسَل، وهو أنّ راويَه أسنده بذكر جميع رجال الإسناد بمن فيهم صحابِيّ الحديث وهو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه. ويُترجِم لفظ: (مرسلاً) بقوله: (ba tare da ambaton sahabin hadisin ba) . ومعناه: (بدون ذكر صحابي الحديث) . وعلى الرّغم من أنّ المراد بالمرسَل: (ما أضافه التّابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم مطلقاً) (1) ويجوز أن تكون الواسطةُ صحابياً، ويجوز أن تكون تابعياً كما هو معروف عند أهل العلم بالحديث، إلاّ أنّ المراد بالإرسال هنا ما قابل الإسنادَ المذكور وهو ذكر (أبي سعيد الخدري) في الإسناد وترك ذكره، فجاز أن يُترجم لفظ (المرسَل) بالمراد منه في هذا الموضع، لا بالمراد منه مطلقاً. والله أعلم. 5- الاضطراب في ترجمة بعض الألفاظ: ففي الحديث الخامس والثّلاثين (2) ؛ حديث أبي هريرة رضي الله عنه جاءت ترجمة ألفاظِه مضطربةً، صورتها كالتالي: 1 لا تحاسدوا Kada ku yi wa juna hassada 2 ولا تناجشوا kuma kada ku yi wa juna kyashi 3 ولا تباغضوا kuma kada ku yi kiyayya 4 ولا تدابروا kuma kada ku yi wa juna rudi a ciniki

_ (1) ومعناه بلغة الهوسا: (Shi ne abin da tabii ya jingina shi ga Annabi, tsira da aminain Allah cu tabbata a gave shi) . (2) ((متن الأربعين النووية)) - ترجمة الهوسا - (ص26) .

فالملاحَظُ في هذه الترجمة: أنّ العبارة الأولى جاءت ترجمتها صحيحةً، وأمّا العبارة الثّانية، فَتُرجِمت بمعنىً يقرُب من معنى العبارة الأولى، بل هو عَينه، إذ لفظ kyashi يعني (الحسد) نفسه، ولا يعني (التناجش) ، بينما وُضعت ترجمةُ (ولا تناجشوا) مقابلَ ترجمة العبارة الرّابعة، وهي (ولا تدابروا) ، فالصّحيح أنْ تنقلَ هذه التّرجمة إلى الرّقم الثّاني، ويُحذف ما يقابلها، فتبقى العبارةُ الرّابعة لم تَرِدْ ترجمتها في السِّياق، وقد نبّهنا عليها فيما مرّ. 5- ضبط بعض الأسماء خطأً: - يكتب المترجم اسمَ الدّارقطني هكذا: Daraul-Kuduni والصواب أن تكتب هكذا: Ad-Dara Kudni تنبيه: دَرج المترجِم على ضبط اسم التّرمذي بضم التّاء والميم جميعاً، وهذا وإن كان خلافَ المشهور، إلاّ أنّ بعضَ أهل المعرفة قال به؛ ففي ((معجم البلدان)) (1) : ((قال أبو سعد: النّاس مختلفُون في كيفيّة هذه النّسبة؛ بعضُهم يقول بفتح التّاء، وبعضهم يقول بضمّها، وبعضُهم بكسرها. والمتداوَل على لسان أهل تلك المدينة بفتح التّاء وكسر الميم، والّذي كنّا نعرفه فيه قديماً بكسر التّاء والميم جميعاً، والذي يقوله المتأنّقون وأهل المعرفة: بضمّ التاء والميم، وكلّ واحدٍ يقول معنىً لما يدَّعيه)) .

_ (1) (2/26) .

الثاني: ترجمة كتاب (بلوغ المرام من أدلة الأحكام)

الثاّني: ترجمة كتاب (بلوغ المرام من أدلّة الأحكام) للشّيخ إبراهيم توفا. تقدّمت الإشارة إلى أنّ كتاب (بلوغ المرام) للحافظ ابن حجر العسقلاني

(ت852هـ) من الكتب التي رافقت الصّحوة الإسلامية والنّهضة العِلمِيَّة الحديثيّة في مجتمع بلاد الهوسا، ولذلك حَظي الكتابُ بعناية المهتمِّين بالدعوة إلى الكتاب والسُّنَّة، والاهتمامِ بإحياء ما اندرس من علم السُّنَّة النَّبويَّة، فكان مادّةً للتدريس في عديدٍ من الحلقات العِلمِيَّة والدّروس العامة، وقام الشّيخ إبراهيم أبو بكر توفا بنقله إلى لغة الهوسا، وطُبع في جزأين. والشّيخ توفا أحدُ المهتمّين بترجمة الكتب الدّينية إلى لغة الهوسا، ولعلّ ذلك عائدٌ إلى كونه أحدَ أولئك الذين أسهموا في مشروع ترجمة كتب السُّنَّة في جامعة بايرو كنو عندما كان طالباً بها؛ فقد شارك في ترجمة كتاب (الشفاء) للقاضي عياض، جزءاً من متطلّبات الحصول على درجة الماجستير. فلما انخرط الشّيخ في الدّعوة والتعليم رأى أن يواصل جهوده في نقل الكتب الدّينيّة إلى لغة الهوسا ولا سيّما تلك الكتب الّتي لاقت شهرةً واسعةً بين العاملين في الحقل الدّعويّ والتّعليميّ في مجتمع شمال نيجيريا فترجم كتاب (بلوغ المرام) ، وكتاب (رياض الصّالحين) وكتاب (صفة صلاة النّبي صلى الله عليه وسلم) وغيرها. ومع أنّ الشّيخ توفا قد مارس عمليةَ الترجمة لعديدٍ من الكتب إلاّ أنّنا نجد ترجمته لكتاب (بلوغ المرام) ليست على المستوى المطلوب من حيث الدقّةُ ونقلُ مادَّةِ الكتاب، ويبدو من أول حديِث المؤلف عن الكتاب أنّ معلوماته عن الكتاب ومؤلِّفِه ضئيلة ومحدودةٌ جدًّا، وأنّ صلتَه بالكتاب ضعيفةٌ كذلك، فإنّه قد قال في مقدّمة الكتاب: ((اشتمل الكتاب كلُّه على (1597) حديثاً، أعني الأحاديث الّتي رَقَّمها المؤلف، فهناك أحاديث لَم يَضع لها المؤلِّف أرقاماً، وإنّما اكتفى بوضع نجمةٍٍ حولها)) (1) .

_ (1) (ص2) من المقدمة.

فإذا كان المترجِم لا علم له حتىّ بالأرقام الّتي توجد عادةً في النّسخ المطبوعة التي هي من عمل المحقِّقين أو الطَّابعين، فما ظنّك بصلتِه بمادّة الكتاب؟ ويظهر ذلك جلياً من كثرة الأخطاء العِلمِيَّة الواقعة في التّرجمة، وقد أَلقيتُ نظرةً سريعةً على لفيفٍ محدودٍ من صفحات التّرجمة فأحصيتُ بتسريح نظرٍ لا بدقَّة تَتَبُّعٍ 18 خطأً علمياًّ في 13 صفحةً فقط، هذا ما عدا الأخطاءَ المطبعيةَ! وإليك عرضَ نماذجَ وصورٍٍ من هذه الأخطاء: أ - الأخطاء العِلمِيَّة في نقل معاني بعض الأحاديث: وهي كثيرة جدًّا؛ لا تكاد تدخل تحتَ الإحصاء ولا يأخذها الحصرُ، وإليك ألواناً منها لتدلّ على ما وراءها: 1- قال المؤلّف في الحديث (رقم8) : (ولمسلم: "منه". ولأبي داود: "ولا يغتسل فيه من الجنابة". فقال المترجِم: ((Muslim da Abu Dauda sun ruwaito ta hanyar Abu Hurairata cewa: kada ya yi wankan janaba a cikinsa)) (1) . ومعناه بالعربية: ((روى مسلمٌ وأبو داود من طريق أبي هريرة أنّه (الرجل) لا يغتسل فيه من الجنابة)) . وهذا سوءُ فهمٍ لصنيع المؤلِّف، فإنّه يحكي ما في اختلافِ لفظ مسلمٍ، ولفظِ أبي داود من تغايرٍ في المعنى، فالإمام مسلمٌ قال في روايته (منه) بدلاً عن قوله (فيه) -كما في رواية أبي داود- والأولى تُفيد أنّه لا يغتسل فيه بالانغماس

_ (1) انظر: ((ترجمة بلوغ المرام إلى لغة الهوسا)) (1/2) .

مثلاً، والثّانية تفيد أن لا يتناول منه، ويغتسلَ خارجه (1) . فهذه فروقٌ لفظية دقيقةٌ ترتّب عليها حكمٌ شرعيٌّ أراد المصنّف أن يشير إليه، لكن لم يَفهمه المترجم؛ فحمل روايةَ مسلمٍ على رواية أبي داود، فترجمهما ترجمةً واحدةً حاد بمعنى الحديث عن صوابه. 2- قال المؤلّف في الحديث (رقم12) ((وللتّرمذي: "أولاهنّ أو أُخراهنّ")) . فترجمه المترجِم بقوله: A ruwayar tirmizi kuwa cewa ya yi: "wankewar farko da ta karshe" (2) . معناه بالعربية: ((وقال في رواية التّرمذي: ((الغسلةُ الأولى والأخيرة)) . بينما تفيد "أو" الواردةُ في هذه الرّواية الشكّ، أي أنّ الرّاوي شكّ في المرّة التي يكون فيها الترتيب، هل هي الأولى أو الأخرى، فتجاهل المترجِم قضيّة "أو" هذه، فجعل الترتيبَ مرّتين في غسل الإناء الّذي ولغ فيه الكلب، وهي المرّة الأولى والأخيرة، وهذا ما لم تَرد به روايةٌ قط، ولم يقل به أحدٌ من الفقهاء. 3- وفي الحديث (رقم16) جاء فيه: (( ... وأمّا الدّمان: فالطّحال والكَبد)) فقال المترجم: "Amma jini biyu su ne hanta da koda" ومعناه: ((وأما الدّمان، فهما: الكَبد، والكُلْيَة)) . فجعل معنى الطّحال معنى الكُلْية، والفرق بينهما معروفٌ.

_ (1) انظر: ((سبل السلام)) للصنعاني (1/20) . (2) ((ترجمة بلوغ المرام بلغة الهوسا)) (1/3) .

4- وجاء في الحديث (رقم16) : ((وإنّه يَتَّقِي بجناحِه الّذي فيه الدّاء)) . فترجمه بقوله: "..dan a kare da fukafukin nasa da ke da cutar". ومعناه: (لِيُتَّخذ - بالبناء للمفعول - جناحُه الذي في الداء وقايةً) . ومعنى كلامه: (أننا نحمي أنفسنا من سمّ الذباب بنفس الجناح الذي به الدّاء) . وهذا كلام غير مستساغ عقلاً، إذ كيف يجعل الجناح الّذي به الداء وقايةً من سمه، بل إنما يكون ذلك من جناحه الّذي به الدّواء، كما نص عليه الحديث: ((فإن في أحد جناحيه داءً وفي الآخر شفاءً)) ولو أنّ المترجم فَهم أن معنى الحديث أنّ الذباب إنما يقع من طرف الجناح الّذي به الدّاء لَعلم أنّ المراد من الزّيادة الواردة في رواية أبي داود: أنّ الذباب إنما يقدّم جناحَه الّذي به الدّاء حال وقوعه على شيءٍ؛ مستخدما إياه كسلاحٍ للدّفاع والوقاية، فإنْ كان ما يَقدم عليه مُضِراًّ به، يكون قد قدّم سلاحه الّذي هو الجناح الّذي به الدّاء للدّفاع عن نفسه، وأخّر الثّاني الذي فيه الدّواء، فلذلك أُمر بغَمْسه حتى يختلط الدّواء بالدّاء فيقضي على أثره، ولذلك قال الحافظ: ((وفي حديث أبي سعيد المذكور: أنه يقدم السم ويؤخر الشفاء)) (1) . وقال صاحب ((عون المعبود)) (2) : ((ويجوز أن يكون معناه: أنه يحفظه نفسه بتقديم ذلك الجناح من أذية تلحقه من حرارة ذلك الطعام. ذكر ابن الملك)) . وهذا هو المراد، فكلمةُ (يَتَّقِي) تُقرأ بفتح الياء وكسر القاف؛ أي بالبناء للفاعل، وفاعله (الذّباب) نفسه، لا الشّارب الذي يغمس الذّباب، لكنّ

_ (1) ((فتح الباري)) (10/251) . (2) ((عون المعبود)) (10/231) .

المترجم لما قرأه بضمّ الياء في أوّله وفتح القاف - بالبناء للمفعول - (يُتّقَى) فَحمل الفاعل على أنّه من أمر بغمس الذباب، فحاد عن وجه الصّواب. والله أعلم. 5- وجاء في الكتاب حديث أنس رضي الله عنه (برقم25) ((أنّ قدح النّبي صلى الله عليه وسلم انكسر، فاتّخذ مكانَ الشّعب سلسلة من فضَّة)) . فترجمه المترجم بقوله: "butar Annabi (S.A.W) ta fashe sai ya karbi wata gidauniya ta azirfa a gurin mutanan" (1) . ومعناه بالعربية: ((انكسر إبريقُ النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ من القوم قَصْعَةً من فضّة)) . فانظر - رعاك الله - كيف أبعد النّجعةَ بهذه التّرجمة، وأضاع معنى الحديث وفقهَه تماماً، فقد توهّم أنّ عبارة (الشّعب) المذكورة في الحديث تعنى كلمة (الشَّعب) التي تُستَعمل اليوم بمعنى (مواطني بلد مّا) ؛ فيقال: (شعب نيجيريا) أو (شعب المملكة) وهكذا، فترجمها بـ (القوم) ، ثم حوّل لفظة (سلسلة من فضة) إلى (قصعة من فضة) ، فأين هذا التّحريف من معنى الحديث! فلفظ: (الشَّعْب) ـ بفتح الشين المعجمة، وسكون المهملة؛ لفظٌ مشتركٌ بين معانٍٍ، والمراد منه هنا: الصّدع والشّق. و (سلسلة من فضة) أشار في ((القاموس المحيط)) (2) إلى أن: (سَلْسَلَة) - بفتح أوّله، وسكون اللام، وفتح السّين الثّانية منها -: اتّصال الشّيء بالشّيء.

_ (1) ((ترجمة بلوغ المرام إلى لغة الهوسا)) (1/6) . (2) (ص9014 ط. دار الفكر) .

أو (سِلْسِلَة) بكسر أوّله: دائرٌ من حديد ونحوه. والظّاهر: أنّ المراد الأوّل، فيقرأ بفتح أوِّله (1) ؛ وكأنه سَدَّ الشُّقوقَ بخيُوطٍٍ من فِضَّةٍ، فصارت مثل السّلسلة (2) . والحديث إنما هو دليلٌ على جواز تَضْبِيبِ الإناءِ بالفضّة، ولا خِلافَ في جَوَازه (3) ، وهذا ما لا يُفهم بتاتاً من الترجمة الخاطئة. ب - الأخطاء الواقعة في ضبط الأسماء: يقال في آداب طالب الحديث: يَنبغي له أن لا يُغْفِلَ ضبطَ الأسماء، فقد قال أبو إسحاق إبراهيم النّجيرمي: ((أولى الأشياء بالضّبط أسماءُ الرّجال؛ لأنّها لا يَدخلها القياس، ولا قَبلَها ولا بعدها شيءٌ يدلّ عليها)) (4) . ولا شيءَ أسرعُ في فضح "الصَّحفيِّين (5) " الّذين دخلوا في علم الحديث من غير أبوابه مثلُ الأسماء، فيقعون في حُفرة التّصحيف سريعاً، وتنكشف الجبّة بما فيها، وهذا الواقع لمترجم الكتاب، فقد وقعت منه تصحيفاتٌ وتحريفاتٌ لكثير من أسماء المحدّثين المشهورين، ونقلُها بالحروف اللاتينية على غير وجهها، ومن ذلك: 1- درج على ضبط اسم الإمام النّسائي بكسر النّون، هكذا: (النِّسائي) ، بينما الصّواب فيه (النَّسَائي) بفتح النّون (6) .

_ (1) انظر: ((سبل السلام)) للصنعاني (1/34) . (2) انظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (10/80) . (3) ((سبل السلام)) للصنعاني (1/34) . (4) انظر: ((توجيه النظر)) (2/779) . (5) أي الذين أخذوا العلم من الصحف، أي الكتب لا من أفواه الرجال. (6) انظر: ((معجم البلدان)) (5/281) .

2- ودرج على ضبط (ابن لهيعة) (لُهَيْعَة) _ مصغَّراً ـ بضم اللام وفتح الهاء وسكون الياء، والصّواب: (لَهِيعَة) ـ مكبراًّ ـ بفتح اللاّم وكسر الهاء. 3- ودرج على ضبط (الدّارقطني) بضم الرّاء، فكأنه يتوهم أنها محلّ الإعراب، بينما إعرابه إعرابُ المركّب المزجي؛ فحكمُ الجزء الأوّل منه أن يُفتح آخره، ويَقع الإعراب على آخر الجزء الثّاني كما ذكروا في (حضرموت) و (بعلبكّ) ونحوهما (1) . 4- ويضبط اسم (ابن معين) بضم الميم هكذا: (مُعِين) ، وصوابه: (مَعِين) بفتحها، وهو إمام مشهورٌ لدى جميع طلاب الحديث وغيرهم. 5- يضبط (أبو بكرة) بضم بالبّاء (بُكْرة) ، والصّواب (بَكْرَة) بفتحها. ونحو هذه التّصحيفات كثيرةٌ في (التّرجمة) ، وهي غالباً تقع في ضبط أسماء مشاهير الأعلام، مما يدل على بُعد المترجِم عن معرفة عِلْمِ التّراجم وأئمّة الفنّ رحمهم الله تعالى. ج - الأخطاء الواقعة في تَبيين المراد مِن بعض المصطلحات الحديثيّة: ثَمّة أخطاءٌ تتعلق بمحاولة المترجِم إيضاح المقصود من بعض المصطلحات الحديثيّة أو ترجمتها إلى لغة الهوسا، وهي أيضا - كسابقاتها - كثيرةٌ جداّ نشير إلى بعض منها كنماذجَ دالّة على ما وراءها. أراد المترجِم أن يُساعد قرّاءه على فكّ رموزِ الكتاب المترجَم وحلِّ غوامِضه ومشكلاته، وذلك بتقديم فذلكةٍ تعريفيّة لبعض مصطلحات حديثيّة استعملها المؤلِّف في كتابه، فارتكب في كلامه الغلط، وركب في صَحَاصِح

_ (1) انظر: ((أوضح المسالك)) لابن هشام (ج1/133) .

الأوهام مطيَّة الشّطط، من ذلك: 1- أنه أراد تعريف علم الحديث رواية فقال: ((هو علم اشتمل على ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا أو تقريرا، أو صفة خلقية أو خلقية روي بإسناد ثابت صحيح)) (1) . وهذا من المعلوم لدى كلّ طالبِ علمٍ أنّه تعريفٌ للحديث نفسه، وليس تعريفاً لعلم الحديث. أمّا تعريف علم الحديث فذكره على أنّه تعريفٌ لعلم الحديث درايةً، وهو ما يلي: 2- قال المترجم في فذلكته: ((علمُ الحديث درايةً: هو ما يُعرف به قوانين الرّواية وشروطها وأنواعها وأحكامها، وحال الرّواة وشروطهم وأنواع المرويّات، وما يتعلّق بذلك)) (2) . وهذا -كما قلت لك- تعريفٌ لعلم الحديث روايةً، وليس تعريفاً له دراية. 3- وأراد بيان المراد من تدليس الشّيوخ، فقال: ((هو أن يخفي الرّاوي أحدَ شيوخه إذا كان فيه قدحٌ لم يُذكر)) (3) . وهذا تعريف لم يقل به أحدٌ، وإنما عرّفوا تدليس الشّيوخ بقولهم: ((أن يَروي عن شيخٍ حديثاً سمعه منه فيسمِّيه أو يكنِّيه أو يَنسبَه أو يصفَه بما لا يُعرف به كي لا يُعرَفَ)) (4) . وهذا فيه أنَّه يذكره في الإسناد، ولكن بغير ما

_ (1) ((ترجمة بلوغ المرام بلغة الهوسا)) (ص1 من المقدمة) . (2) ((المصدر نفسه)) (في الموضع السابق) . (3) ((المصدر نفسه)) (ص3 من المقدمة) . (4) انظر: ((علوم الحديث)) (ص80 مع التقييد) .

اشتهر به. 4- وعلّق على الحديث (رقم36) تعريفاً للحديث المعلَّق عند البخاريّ بقوله: ((التّعليق: هو أن يُورِد البخاريّ حديثاً في كتابه بدون إسنادٍ ... )) (1) . وهذا تعريفٌ قاصرٌ على إحدى صُور التّعليق، والمشهور في تعريفه هو: ((ما حُذف من مبتدأ إسناده واحدٌ فأكثر ولو إلى نهاية الإسناد)) (2) . وزاد السّخاوي بقوله: ((وكذلك لهما في صحيحيهما بلا سندٍ أصلاً أو كاملٍ حيثُ أضيف لبعض رواته، إمّا الصحابي أو التّابعي فمن دونه مع قطع السّند مِمّا يليهما)) (3) . لذلك قال السّيوطي في ألفيّته: مَا أوّلُ الإسناد منه يُطلَقُ ولو إلى آخرِه معلَّق (4) 5- وعرّف الحديث المرسل تعليقاً على الحديث (رقم142) بأنّه: ((الحديث الّذي حُذِف الصحابي من إسناده)) (5) . والحقّ أن هذا تعريف مُجْحِفٌ وخاطئٌ، ولو كان ما ذكره تعريفاً للمرسل لما كان لرَادِّه مستند في ردّه؛ إذ جهالة عين الصّحابي غير ضارّة، فكلّهم عدولٌ بتعديل الله إيّاهم كما هو مقرَّر عند أهل السُّنَّة والجماعة، وإنّما الصّواب الّذي عليه جمهور المحدثين في تعريف المرسل هو: ((ما أضافه التّابعي إلى النّبي صلى الله عليه وسلم)) وقيّده بعضهم بالكبير، والأولى ـ كما قال الحافظ ـ

_ (1) ((ترجمة بلوغ المرام بلغة الهوسا)) (ص1/9/الهامش 7) . (2) ((علوم الحديث)) لابن الصلاح (ص20 مع التقييد) . (3) ((فتح المغيث)) للسخاوي (1/61) . (4) ((ألفية السيوطي)) (1/141 مع شرح الأثيوبي) . (5) ((ترجمة بلوغ المرام بلغة الهوسا)) (1/34/الهامش 32) .

إطلاقُه (1) . والأمثلة على أمثال هذه الأخطاء كثيرة، كترجمته لمصطلح (المحفوظ) (2) عند المحدّثين، وقولهم: ((لم يثبت فيه شيء)) (3) ، وترجمته لعبارة (أصحاب السّنن) (4) وغير ذلك مما لا طريق إلى إحصائه، ولا مجالَ لاستقصائه. وهناك ألوانٌ أخرى من الأخطاء لا يتّسع المجال لاستعراض نماذج منها؛ كإغفاله ترجمة بعض الأحاديث (5) ، أو إغفال ترجمة بعض ألفاظ منه (6) وزيادة عبارة في التّرجمة ذات مغزى دلالي جليّ (7) ، وأخطاء واقعة في بعض تعليقاته الفقهيّة والحديثية على معاني بعض الأحاديث وألفاظ المؤلف (8) ، وسوء فهم لعباراتِ بعض الأئمّة (9) وغير ذلك مما يحتمل بحثاً مفرداً واسعاً.

_ (1) انظر: ((النكت على كتاب ابن الصلاح)) لابن حجر (2/543) . (2) انظر: (1/12/رقم48) . (3) انظر: (1/13/رقم56) (4) انظر: (1/3/رقم11) (5) انظر مثلا: الحديث (رقم71) . (6) انظر مثلا: الحديث (رقم137) . (7) انظر مثلا: الحديث (رقم107) . (8) انظر مثلا: الحديث (رقم808) . (9) انظر مثلا: مقدمة (الجزء الثاني) (ص3/الهامش 2) .

نظرة مستقبلية لترجمة كتب السنة إلى لغة الهوسا

نظرةٌ مستقبليّة لترجمة كُتُب السُّنَّة إلى لغة الهوسا: النّاظر في قضيّة ترجمة كتب السُّنَّة النَّبويَّة إلى لغة الهوسا يجد أنّ النّقل الشفهي والتعليمي أكثر رواجاً بين علماء بلاد الهوسا قديماً وحديثاً من النّقل الكتابي التّدوينيّ؛ إذ غالب ما تَمّ إنجازه من ترجمات لكتب الحديث النبويّ إنما تَمّ ذلك في سياق أعمال علميّة ذات صبغة أكاديميّة، وأنّ تلك الأعمالَ لم تَزل قابعةً على رفوف مكتبات الجامعات والأقسام العِلمِيَّة دون أن يرى النّور منها شيءٌ إلى اليوم فيفيد منه عامّة المسلمين النّاطقين بلغة الهوسا كإفادتهم من التّرجمات الشفهيّة الّتي تتم من خلال الدّروس والحلقات العِلمِيَّة. ونظراً لكون السّاحة العِلمِيَّة والدعوية لأبناء هذه اللّغة تشهدان تطوَّراً علمياً حسناً فإنّه من المتوقّع أن تزداد العنايةُ بهذه التّرجمات، وأن يُقبلَ عليها غيرُ واحد من المهتمِّين بقضية التّرجمة، فحينئذ من الواجب أن تُوجّه عنايةُ القادرين المؤهّلين من أولي العلم وطلاّبه إلى مزيد من الاهتمام بهذه القضيّة، فَيُترجَم للجماهير النَّاطقة بلغة الهوسا ما يمكن ترجمتُه إليها من كتبٍ وأجزاء حديثيّة، وأن يُستفاد في ذلك من أولئك الّذين درسوا علوماً شرعيّة بمختلف تخصّصاتها وحازوا قسطاً جَيِّداً من العلوم في مجال السُّنَّة النَّبويَّة، ووقفوا على ثروةٍ من كتب السُّنَّة ما لَم يتمّ لسلفهم من قَبل. كما أنّ العمل في هذا الإطار يمكن أن يَأخذ طابَعاً جماعياًّ بحيث تكون ثَمّة مراكزُ علميّة متخصِّصة تَتبَنّى مثل هذا المشروع في إطارِ فريق متخصِّص في مجالات العلوم الشرعيّة المختلفة على غرار (مركز خدمة السُّنَّة والسّيرة النَّبويَّة) الموجود حاليا بالمدينة النَّبويَّة.

كما أنّه من الأهمية بمكان توجيهُ عناية الأثرياء وأهل الدّثور إلى تبنّي مشروع (ترجمة كتب السُّنَّة) وإيجاد أوقافٍ خاصّة به تابعةٍ له. فبمثل هذه الجهود مجتمعةً يمكننا أن نَرفع من شأن السُّنَّة النَّبويَّة ونقدّمها إلى المسلمين النّاطقين بهذه اللّغة، ونكون قد أدّينا شيئاً من واجبنا تجاهَ الحديث النّبويّ الشّريف الذي ظَلَلْنَا ردحاً من الزّمن مقصِّرين فيه أَيّما تقصير، والله نسألُ العونَ والتّوفيق.

الخاتمة

الخاتمة: من خلال هذه الجولة القصيرة في قضايا السُّنَّة النَّبويَّة والاهتمام بها في لغة الهوسا، يمكننا أن نُشير إلى توصياتٍ نتمنىّ للعاملين في الحقل الدّعوي والتعليمي أن ينظروا فيها بعين الاعتبار ويقوموا بدراستها دراسة فاحصة للخروج من نتائجها بأوراق عمل، وهذه التّوصيات كالتالي: 1- ينبغي تكوينُ لجنةٍ متخصِّصة تتضمّن عدّةً من المتخصِّصين في علوم الحديث والفقه واللغة وغيرها، فينظرون في أعمالِ بعض كبار عُلماء الهوسا في مجال نقل السُّنَّة وتعليمها، كالنّظر مثلاً في دروس الشّيخ أبي بكر محمود جومي المسجلّة حول (صحيح البخاري) ، فتُفرَّغ كتابيّاً ثُمّ تقوم هذه اللّجنة بمراجعتها وتنقيحها وتحريرها، ومن ثَمّ إخراجها للمتحدثين بلغة الهوسا كافةً لَكي تَستمرّ الإفادةُ من هذه الذّخائر العِلمِيَّة، وتكونَ إضافةً قيّمة في مجال الاهتمام بالسُّنَّة النَّبويَّة بهذه اللّغة. 2- قيامُ المراكز العِلمِيَّة والهيئات والمؤسسات الإسلامية بالعناية بترجمة كتب السُّنَّة والأجزاء الحديثيّة السَّيّارة ونشرها مترجمةً بين الأمّة، كما هو الشّأن بالنّسبة للقرآن الكريم؛ فإنّ السُّنَّة بوصفها شارحةً ومبيِّنَةً لمعاني كتاب الله عز وجل فلا بد أن يكونا معاً متلازِمَيْن مُقتَرِنَيْن تحقيقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "أَلا إنِّي أوتِيت القرآنَ ومثلَه مَعَه" (1) . 3- عَلى علماء الهوسا وطلاّب العلم منهم أن يَقوموا بواجبهم تجاهَ نقل

_ (1) صحيح، سبق تخريجه.

ما يحتاج الشّعب الهوساوي إلى نقله بلغة التّخاطب بينهم، ليكون ذلك قاطعاً للطّريق أمامَ الّذين يقومون بهذا العمل الجليل وهم غير مؤهّلين له علميًّا، فعندما ينتشر الصّحيح فلا بد أن يَزهق الباطل ويَزول بإذن الله تعالى. 4- كما يَنبغي إيجاد لجنةٍ أو هيئةٍ متخصِّصة تقوم بعملية رصد كلّ ما يُطرح في السّاحة من ترجمات لكتب وأجزاء حديثيّة وتقويمها والتّمييز بين الصّحيح منها والسّقيم؛ لتكون الأمّة على بيّنة من أمرها، ويكونَ ذلك جزءاً من واجب الأمّة تجاه السُّنَّة النَّبويَّة والذّبّ عن حياضها ودفع الْمَيْنِ والكَذِب عن رسول صلى الله عليه وسلم.

مصادر ومراجع

مصادر ومراجع ... ثبت المصادر: أولا: مصادر عربيّة * ألفية السيوطي (مع شرح الشيخ الأثيوبي) ط1/1414هـ مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة – السعودية. * أوضح المسالك، لجمال الدين بن هشام الأنصاري، طبع مع (ضياء السالك لمحمد عبد العزيز النجار) . * التمهيد، للحافظ ابن عبد البر، ت/مصطفى أحمد العلوي، ومحمد عبد الكبير البكري، ط/1387هـ وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب. * توجيه النظر، للشيخ طاهر الجزائري، ت/عبد الفتاح أبوغدة، ط1/1416هـ، نشر مكتب المطبوعات الإسلامية، بحلب-سوريا. * جامع العلوم والحكم، للحافظ ابن رجب، ت/طارق بن عوض الله، ط1/1415هـ، دار ابن الجوزي، الدمام – السعودية. * حركة اللغة العربية وآدابها في نيجيريا، للدكتور شيخو غلادنثي، ط. 1982م، القاهرة، مصر. * سبل السلام، للصنعاني، ت/محمد عبد العزيز الخولي، ط4/1379هـ، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان. * السنن، لابن ماجه القزويني، ت/محمد فؤاد عبد الباقي، ط/دار الفكر ـ بيروت.

* السنن، لأبي داود السجستاني، ت/محمد محيي الدين عبد الحميد، ط. دار الفكر، بيروت – لبنان. * السنن، لأبي عيسى الترمذي، ت/أحمد شاكر وآخرين، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان. * سير أعلام النبلاء، للحافظ الذهبي، ت/مجموعة من المحققين بإشراف شعيب الأرناؤوط، ط9/1412هـ مؤسسة الرسالة، بيروت-لبنان. * شرح الأربعين حديثا النووية، لابن دقيق العيد، ط. مؤسسة الطباعة والصحافة والنشر، جدة. * شرح صحيح مسلم، للإمام النووي، ط2/1392هـ دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان. * علوم الحديث لابن الصلاح (مع التقييد للعراقي) ط2/1405هـ دار الحديث للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان. * عون المعبود، شرف الحق آبادي، ط2/1415هـ، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان. * فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ت/محمد فؤاد عبد الباقي، ومحب الدين الخطيب، ط/1379هـ، دار المعرفة، بيروت – لبنان. * فتح المغيث، للسخاوي، ت/علي حسين علي، ط2/1412هـ، مكتبة الإمام الطبري. * القاموس المحيط، للعلامة الفيروزآبادي، ط/ دار الفكر، بيروت – لبنان. * مسند الإمام أحمد، مصورة الطبعة الميمنية، مؤسسة قرطبة، مصر. * معجم البلدان، لياقوت الحموي، ط/دار الفكر، بيروت – لبنان.

* المعجم الكبير، للحافظ الطبراني، ت/حمد بن عبد المجيد السلفي، ط2/1404هـ نشر مكتبة العلوم والحكم، المدينة – السعودية. * النكت على كتاب ابن الصلاح، للحافظ ابن حجر، ت/د. ربيع بن هادي عمير، ط1/1404هـ الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية. ثانيا: مصادر هوساوية: * Bincike Akan Ayyukan Alhaji Abubakar Mahmud Gummi, Na Salihu Kubau. * Fassarar Hadisi Arba'in, Na Sheikh Abubakar Mahmud Gummi, Bugun Dar Al-Arabia, Beirut-Lebanon. * Fassarar Littafin Bulugul Maram, Na Ibrahim Abubakar I Tofa. * Hausa A Rubuce: Tarihin Rubuce-Rubuce Cikin Hausa, Na Ibrahim Y. Yahay, Bugun Farko, NNPC, Zaria, Nigeria. * Siffar Sallar Annabi (S.A.W) , Na Ibrahim Abubakar I Tofa.

§1/1