الانتخاب لكشف الأبيات المشكلة الإعراب

علي بن عَدْلان

الانتخاب لكشف الأبيات المشكلة الإعراب

بسم الله الرحمن الرحيم رب يسّر يا كريم قال الشيخ الإمام العالم الأوحد، تاج الأدب وحجّة العرب، فريد دهره ونسيج وحده، عفيف الدين أبو الحسن عليٌّ بن عدلان بن حماد بن عليّ الموصليّ أمتع الله بحياته: الله أحمد على أن كرّمنا كما خيّرنا وفضّلنا بالألسنة الناطقة حين صوّرنا بمبعث محمدٍ، صلوات الله عليه وسلامه، إلى الحمراء والسوداء، ومفضله على ساكني الغبراء والخضراء، ومهلك كلّ جانحٍ عن سنن شريعته الزاهرة، ومبيد المنحرف عن لألاء براهينه القاهرة، ومشرّفه بالكتاب العربيّ الذي أعجز الفصحاء حسن نظامه، وأفحم البلغاء بديع إحكامه، وموكلّ فهم أسراره المصونة إلى الأدباء المتفحصين عن دقائق كلام العرب ومعانيه، والباحثين عن حقائق غوامضه، ومبانيه، فحين علموا شرف اللغة العربية آثروا صونها عن التخليط والتحريف، وفرقوا بين تعذير المترص منها بالضعيف، فوضعوا كتب اللغة المنقولة عن أبيات العرب مانعةً من اضطراب المسميّات في إطلاق المطلقين، وألفوا كتب النحو على اختلاف حلى كلمها الفارقة بين المعاني المتعلجة في صدور المتكلمين، وصنّفوا كتب التحريف حافظةً لمباني تلك الكلم المترددة بين المتحاورين. كلّ ذلك اهتماماً بحفظ محاسن اللغة المشّرف مقدارها، المرفوع منارها، ففضلها بارز لا يدفع وخصلها الشافي لا يبرقع، فما ندبت أن نصب الزمان منابه ... . إذ أودى بها وحرّفها، وما فتئ الدهر حتى أناخ كلكله على جلابيب وجهها فخّرقها، وهي مع ذلك موادّ العلوم ومدارها لانحصار تحصيل المعاني في الخطاب اللساني والنطق البياني، فكم من غاضٍّ لها وغاضٍّ عليها، وماصعٍ لأديمها وماصعٍ لقويمها، وافتقاره إليها افتقار المحرص إلى زوال حرصه، فهي كالمثل السائر: (الشّعير يؤكل ويذم) .

(حرف الألف)

ولعلمي برغبة المولى الأجلّ، السّيد الكبير العالم، عز الدين، شرف الإسلام، عمدة الملوك والسلاطين، مجد الحضرتين، فريد دهره أبي الحسن علي بن مبادر، وإلى الله عليه نعمه وأجزل لديه منها قسمة في العلوم على اختلاف أنواعها وتباين أوضاعها، وشدة اهتمامه بكشف حجاب الغفلة عن شريف علم العربية خاصًّا لغوصه في عباب بحره واستخلاصه فائق درّه. وسمت كتابي هذا بخدمة خزانته العالية رجاء أن يقع عليه نظره الشريف ولمحه اللطيف فيحلى بعينه وقلبه وتفضله على جل لجل كتبه، لأقضي حقوقه السالفة والآنفة، وأشكر نعمه التالدة والطارفة ... الله ... بعونه لشكر أياديه. وخصصت هذا الكتاب بالأبيات المشكلة الإعراب، ورتبته على حروف العجم، فذكرت من كلّ حرفٍ أبياتاً إلى آخر الحروف، ولم أطل الكلام بالشواهد والمسائل حذاراً أن لا يقع منه، أعلاه الله، موقع ما رجوت. وأنا أبدأ بحرف الألف (3 ب) ثمّ أتبعه الباء، ومن الله استمد المزيد، بمنّه وكرمه. (حرف الألف) قال بعض الملغزين من المحدثين: 1 - (إنّ هند الجميلة الحسناء ... وأي من أتبعت بوعدٍ وفاء) (إنّ) فعل أمر للمؤنث مؤكد بالنون الثقيلة، من وأي يئي، بمعنى وعد. وأصل هذا الأمر: تئين مثل تفين، فحذف التاء للمواجهة، والنون للياء المضاهي لجزم المضارع، والياء الضمير لئلا يلتقي ساكنان، الياء والنون المدغمة، وكسرة الهمزة دالّة على صفة حذف الياء. و (هند) منادى مبني على الضم محذوف حرف النداء كقوله: {يوسف أعرض} . و (الجميلة) وصف له على الموضع. و (الحسناء) صفة لمفعول محذوف تقديره: المرأة

الحسناء. و (أي) منصوبٌ مصدرٌ ل (إنّ) ، كما تقول: عدنّ يا هند المرأة وعد من يفي. وقال حسان بن ثابتٍ الأنصاريّ: 2 - (كأنّ سلافةً من بيت رأس ... يكون مزاجها عسل وماء) يروى برفع (مزاجها) ورفع عسل، ويحتمل ثلاثة أوجه: أن يضمر في يكون الشأن والقصة والسلافة، وتجعل كان زائدة. ويروى بنصب (مزاجها) ورفع عسل، على جعل اسم كان نكرةً وخبرها معرفةً، في الشعر ضرورة. ويروى بنصب عسل ورفع المزاج، وهي رواية أبي عثمان المازني، على جعل اسمها معرفةً وخبرها نكرةً، على القاعدة المستقرة، و (ماء) مرفوع بفعل دلّ عليه الكلام تقديره: وخالطها ماء أو وفيه ماء. وقال آخر محدث: (4 أ) 3 - (بكى ويحق للدّنف البكاء ... إذا ما سار من يهوى عشاء) في نصب البكاء وجهان: أحدهما مصدر لبكى تقديره: بكى البكاء. والثاني هو مفعول به معدّى ب (على) تقديره: بكى على البكاء، لفقده إياه وعدمه. وقال آخر، محدث أيضاً: 4 - (ويح من لام عاشقاً في هواه ... إنّ لوم المحبّ كالإغراء) رفع (الإغراء) لأنّه خبر إنّ، والكاف ضمير المخاطب، وينبغي أن تتصل بالمحب في

الخطّ، غير أنه فصل لموضع النكتة، وهو اللغز. وكلّ موضعٍ رأيته في دوارج الكتاب مكتوباً على هذا المنهاج فاحمله على ما ذكرناه هنا. واللام في المحب بمعنى الذي تقديره: إنّ لوم الذي يحبك الإغراء. وقال محدث آخر: 5 - (صل حبالي فقد سئمت الجفاء ... يا قتولي واحفظ عليّ الإخاء) رفع (الجفاء) بالابتداء، وخبره (قتولي) ، و (يا) حرف تنبيهٍ لا منادى له، أو قد حذف مناداه، كقوله: يا لعنة الله، أي: يا قوم. وفصل بين المبتدأ والخبر بالنداء، وهو جائز، لقولك: زيد يا عمرو كريم. و (سئمت) لا تعلق له بما بعده لأنّ مفعوله محذوفٌ، وكذلك مفعول (احفظ) . و (الإخاء) مبتدأ، و (عليّ) الخبر، تقديره: صل حبالي فقد سئمت الصدّ، الجفاء يا قوم قتولي، واحفظ الودّ عليّ الإخاء. وقال الفرزدق: 6 - (هيهات قد سفهت أمية رأيها ... واستجهلت سفاؤها حلملؤها) (حربٌ تردّد بينهم بتشاجرٍ ... قد كفّرت آباؤها أبناؤها) هذا نظير قوله تعالى: {إلاّ من سفه نفسه} و {بطرت معيشتها} . وقد اختلف علماء العربية (4 ب) في وجهة نصب ذلك، فقال يونس بن حبيب وأبو الحسن الأخفش: سفه يعني سفّه.

وقال أبو عبيدة: بمعنى أهلك. وقال الّزجّاج: جهل. وقال أبو سعيد السيرافي: المعنى: سفه في نفسه، فحذف حرف الجر وأوصل بفعل، كقول الشاعر: (يغالي اللحم للأضياف نيئاً ... ) أي: باللحم. وقيل: هو تمييزٌ. و (استجهلت) كلامٌ تامٌ، وفيه ضميرٌ عائدٌ إلى أميّة. و (سفاؤها) مبتدأ، و (حلملؤها) الخبر. و (قد كفرت) مثله، ومعناه: لبست السلاح فاستترت به. و (أبناؤها) الخبر. والضمير في (آباؤها) عائدٌ على أمية، وفي الخبر عائد على الحرب، تقديره: آباء أميّة أبناء الحرب. وقال ملغزٌ آخر: 7 - (قال زيدٍ سمعت صاحب بكرٍ ... قائلٌ قد وقعت في اللأواء) (قال) اسمٌ للقول، مضافٌ إلى زيد، منصوبٌ لسمعت. و (صاح) من صاحب، ترخيم صاحب، وهو من الشذوذ. و (ببكرٍ) جار ومجرور، وهو خبر مبتدأ، ومبتدؤه: (اللأواء) . و (قائلٌ) : خبر مبتدأ محذوف. و (فِه) أمٌر من: وفى يفي، والتقدير: سمعت قول زيدٍ يا صاح ببكرٍ اللأواء، أيّ الشدّة، فه لي.

(حرف الباء)

وأنشد أبو علي في بعض تأليفه: (لما رأيت أبا يزيد مقاتلاً ... أدع القتال وأترك الهيجاء) بنصب أدع وأترك. (حرف الباء) قال الفرزدق: 8 - (وما مثله في الناس إلا ّمملكاً ... أبو أمّه حيٌ أبوه يقاربه) الممدوح إبراهيم بن هشام بن المغيرة المخزوميٍ [خال هشام] بن عبد الملك. فتوجيه إعرابه: أن (ما) حرف (5 أ) نفي، و (مثله) ابتداء، والهاء فيه عائدة إلى الممدوح. و (في الناس) متعلق بمثل. و (حي) خبره، و (يقاربه) صفة لحي، والهاء فهي عائدة إلى الممدوح. [إلا مملكا] استثناء مقدم من (حي) . و (أبو أمه) مبتدأ، والهاء التي فيه عائدة إلى مملك، وهو الخليفة. وخبره (أبوه) ، والهاء التي فيه عائدة إلى الممدوح تقديره: وما مثل هذا الممدوح في الناس حي مقارب له إلا مملك، هو الخليفة، وأبو أم الخليفة أبو هذا الممدوح. وفي البيت ضرورتان: إحداهما: الفصل بين صفة (حي) وحي ب (أبوه) . والثانية: الفصل بين المبتدأ والذي هو أبو أمه وخبره بحي. وقال آخر، وهو من أبيات الكتاب، وأنشده الزمخشري: 9 - (لن تراها ولو تأملت إلا ... ولها في مفارق الرأس طيبا)

نصب (طيبا) حملا على المعنى ب (تراها) ، وفيه ضعف، لأنه محمول على: (رأيت زيدا له مال وحسبا) ، وهذا إنما يكون بعد تمام الكلام، وليس كذلك في البيت، لأن قوله: (لن تراها ولو تأملت) ليس بتام، لكنه نصبه لدخوله في الرؤية، لأنه قد علم أنه متى رآها فقد دخل طيبها في الرؤية، تقديره: إلا وترى لها في مفارق الرأس طيبا. وقال آخر، أنشده أبو الحسن: 10 - (كساني أبي عثمان ثوبان للوغى ... وهل ينفع الثوب الرقيق لذي الحرب) الكاف للتشبيه، و (ساني) فاعل من (سنايسنو) إذا استقى. و (ثوبان) اسم رجل، وهو مبتدأ، وخبره (كساني) . واللام في قوله (للوغى) متعلقة بما في الخبر من معنى الفعل (5 ب) تقديره: ثوبان كساني أبي عثمان للوغى في الضعف وقلة الغناء. والوغى: الصوت في الحرب، وسميت الحرب وغى لذلك استعارة. وقال آخر، أنشده أبو علي: 11 - (هما حين يسعى المرء مسعاة أهله ... أناخا فشدا كالعقال المؤرب) (هما) ضمير الجدين في بيت قبله، وهو: (غضبت علينا أن علاك ابن غالب ... فهلا على جديك إذ ذاك تغضب) و (هما) مبتدأ، وخبره (الفعال المؤرب) . والمؤرب: المحكم الفتل والشد، من قولك: أربت العقدة: إذا أحكمت شدها. والمعنى: لومها ملازم لك كالعقال المشدود. والكاف ضمير المخاطب، وهي متصلة [في] التقدير بشدا، ووصلت في الخط بالعقال للمحاجاة. و (أناخا فشدا) محمول على التثنية على (هما) ، أو على (العقال) في المعنى، وأناخا مستأنف، أو خبر ثان. والعامل في (حين) أناخا. وقد فصل بين المبتدأ وخبره بهذا الكلام

للضرورة، والترتيب: هما العقال المؤرب أناخا فشداك حين يسعى المرء مسعاة أهله، والمعنى: أن جديه لا يسعيان لاكتساب المعالي حين يسعى المرء لها، فقد حبساه على الرتبة العالية. وقال جرير، وهو من أبيات الكتاب: 12 - (فلو ولدت قفيرة جرو كلب ... لسب بذلك الكلب الكلابا) الكلاب مفعول به غير قائم مقام الفاعل، والقائم مقام الفاعل مصدر سب، تقديره: لسب السب، وهو ضعيف. وقال ملغز من المحدثين: 13 - (ألبست ثوب وكان البرد أقلقني ... فرد روحي بعد الهلك جلبابا) ((6 أ) فالله أحمد لولاه لما سترت ... جلدي عن الناس أبراداً وأثوابا) (ثوب) اسم منادى مرخم من ثوبان، اسم رجل، مضموم على أحد وجهي الترخيم، فنون للضرورة، وضم المنادى، إذا نون، الوجه عند سيبويه، كقول مهلهل: (يا عدي لقد وقتك الأواقي ... ) خلافا لعيسى بن عمر. و (جلبابا) مفعول ثان لألبست. وفي (رد) ضمير فاعل من الجلباب، تقديره: ألبست يا ثوب جلبابا وكان البرد آلمني فرد روحي بعد الهلك. وفي (سترت) ضمير فاعل من الجلباب، وأتى فيه بعلامة التأنيث إما لأن الجلباب مؤنثة في قول

(حرف التاء)

الفراء، وإما أنه حمله على معنى الدرع، كما قال: جاءته كتابي. ونصب (أبرادا وأثوابا) باسم الفاعل، وهو الناسي وحذف الياء للضرورة، كما قيل في (داع) ، و (أخو الغوان) ، تقديره: لما سترت الجلباب جلدي عن الذي نسي أبرادا وأثوابا. وقال ثابت بن نافع السلمي: 14 - (أبلكوز تشرب قهوة بابلية ... لها في عظام الشاربين دبيب) (أبلكوز) كلمتان وقع بها الألغاز لخروجهما في شكل الاستفهام وحروف الجر، وهما: أبل، من إبلال العلة، وقد خفف اللام للضرورة، وكوز: اسم رجل منادى، تقديره: يا كوز. (حرف التاء) 15 - (أقول لخالداً يا عمرو لما ... علتنا بالسيوف المرهفات) (خالداً) مفعول (له) ، لأنه أمر من (ولي يلي) مثل (وأي يئي) ، وقد تقدم. و (علت) فعل ماض، و (نابي) مفعول به، والناب: الناقة المسنة. و (السيوف) فاعل و (علت) ، تقدير معناه: أقول اتبع خالدا (6 ب) لما علت نابي السيوف. وقال بعض الأعراب والبيت بيت شاهد: 16 - (رحم الله أعظماً دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات) يروى بنصب (طلحة) وجره، فالنصب على المدح، أي: اخفض أو أعني. وأما الجر

فبه مضاف محذوف، تقديره: وأعظم طلحة. وقد قرئ: {والله يريد الآخرة} على هذا، وهو قليل جداً وقال متعسف محدث: 17 - (على صلب الوظيف أشد يوماً ... وتحتي فارسٍ بطلٍ كميت) في هذا البيت تقديم وتأخير وضرورتان وأعراب، وترتيبه: على فارس بطل أشد يوما وتحتي كميت صلب الوظيف. فجر فارسا ب (على) ، و (بطل) صفته، ونصب (صلب الوظيف) على أنه حال للنكرة، وقد تقدمت عليها. والضرورتان: الفصل بالحال بين المجرور وجاره. والفصل بالمجرور وصفته بين المبتدأ والخبر. وقال محدث آخر: 18 - (يقولون لي: ماذا ولدت أفتيةٌ ... فقلت مجيباً: ما ولدت بنات) (فتية) خبر مبتدأ محذوف، [ما مبتدأ] و (بنات) خبره، تقديره: أهم قتية فقلت: اللاتي ولدتهن بنات. وقال محدث آخر: 19 - (لا تبادر برحلةٍ وانتزاح ... لست تدري متى يكون المماتا) (واحذر الله إنه لك راع ... وتأيد لكل جمع شتاتا) نصب الممات بتدري، وفي (يكون) ضمير منه هو فاعله، واسم الباري سبحانه رفع

(حرف الثاء)

بالابتداء، وخبره: (إنه لك راع) . و (شتاتا) مفعول احذر. و (لكل جمع) متعلق بفعل دل عليه (شتاتا) تقديره: (7 أ) لست تدري الممات متى يحدث واحذر شتاتا وتأيد، الله إنه لك راعٍ. ومثل هذا قول الآخر: 20 - (ليس يبقى عليك لو كنت تدري ... غير فعل الجميل والحسنات) أي ليس يبقى عليك غير فعل الجميل والحسنات لو كنت تدري. وقال آخر: 21 - (لم يذدني عن الصلاة ضلالاً ... في حياتي ولا اتبعت الغواة) (إنما المرء بالصلاح وموت المرء ... إن كان ذا فسادٍ حياة) في البيت تقديم وتأخير، وترتيبه: لم يذدني عن الصلاة الغواة، ولا اتبعت ضلالا. فالغواة فاعل بيذدني، وضلال: مفعول (اتبعت) (حرف الثاء) قال بعض الملغزين: 22 - (جاءك سلمان أبو هاشماً ... وقد غدا سيدها الحارث) (جاء) فعل ماض، والكاف للتشبيه. و (سلمان) مجرور بها. و (أبوها) فاعل جاء. وموضع الكاف نصب على الحال إن كانت حرفا، وحال إن كانت اسماً. و (شما) فعل أمر، من شام البرق: إذا نظر إليه، مؤكد بالنون الخفيفة، فالواجب فيه: شيما، فحذف الياء للضرورة.

وقال ملغز آخر: 23 - (إذا ما كنت في أرض غريباً ... يصيد بها ضراغمها البغاث) (فكن ذا بزة فالمرء تزري ... به في الحي أثواب رثاث) الرواية بضم الضراغم والبغاث معا. ووجه ذلك أنه رفع البغاث، وهي ضعاف الطير، ب (يصيد) ، والجملة في موضع جر صفة للأرض، وقد حذف العائد إليها. و (ضراغمها) (7 ب) مبتدأ، و (بها) الموجودة في البيت خبره، والجملة في موضع الحال من (البغاث) ، وحذف الواو مستغنيا بالضمير عنه، نظير قول المسيب بن علس: (نصف النهار الماء غامره ... ورفيقه بالغيب لا يدري) يصف صائدا غائصا في الماء. تقديره: إذا ما كنت في أرض تصيدها البغاث، وبها ضراغمها. ويجوز أن تكون الجملة صفة أخرى لأرض، والمعنى: أنك إذا كنت بأرض تصيدها الضعاف وهناك أقدر منها فاستعمل الحذر واعتد ببزة. وقال ملغز متعسف: 24 - (ولولا الكريم أبو مخلد ... أخو ثقة لم يغثني مغيثا) (ولا كنت إلا لقى لا أحسُّ ... وهل في البرية إلا خبيثا) (الكريم) مبتدأ محذوف الخبر عند البصري، وفاعل (لولا) عند الكوفي و (أبو مخلد) بدل من الكريم أو عطف بيان. و (أخو ثقة) فاعل فعل محذوف هو جواب لولا، تفسيره: لم يغثني. وفي نصب مغيث وجهان: أحدهما: هو مصدر، كقوله: قم قائما. والثاني: هو حال مؤكدة، كقوله تعالى: {ويوم ابعث حيا} ، تقديره: لولا أبو مخلد لم يغثني أخو ثقة إغاثة. واللقى: الشيء الملقى. و (أحس) فعل لم يسم فاعله، وفيه ضمير قام مقام الفاعل. و (خبيثا) نصب على الحال من المضمر في (أحس) . (وهل) : فعل ماض مسكن اللام، معناه: ذهب وهمي إليه وأنا أريد غيره، وقد اسقط منه حرف

وهو (إلى) ، لأنك تقول: وهلت إلى الشيء ومنه، فتعديه به، لأنه حال من المضمر في (أحسن) . فإن قيل: الضمير في (وهل) للغائب، وفي (أحس) للمتكلم، فكيف صح أن يكون حالا قلت: هذا عدول (8 أ) من الخطاب إلى الغيبة، وهو جائز بلا خلاف، التقدير: لا أحس وأهلا في البرية ولا مغيثاً. وقد وجهه بعض النحويين على غير هذا، وهو تكلف بعيد. وقال محدث: 25 - (سلمان ابن أخينا ليت مقوله ... وناقل القول بالأحجار محثوث) (سل) فعل أمر من سأل يسأل. و (مان) فعل ماض بمعنى كذب. وهمزة الاستفهام معه مرادة. و (ابن أخينا) فاعل (مان) . و (ناقل القول) عطف على الهاء في (مقوله) ، وهو غير جائز البصريين إلا بإعادة الجار، وقياس ومذهب عند الكوفيين، تقديره: سل أكذب ابن أخينا ليت مقوله، أي لسانه، ولسان ناقل القول بالأحجار محثوث. وقال متكلف: 26 - (طال ليلي وعاودتني النثوثا ... ساريات به النجوم حثيثا) (لست أدري ما النوم وجدا سميري ... الهم فيه ووجدي البرغوثا) عاودتني بمعنى ذاكرتني، والنثوث: جمع نث، وهو التحديث والشكوى، وهي منصوبة مفعول ثان لعاودتني، والنجوم فاعلة، و (ساريات) حال من النجوم، و (حثيثا) مصدر في موضع الحال من الضمير في ساريات بالليل حاثات. و (ما) في البيت الثاني استفهام وهي مبتدأ، و (النوم) خبره، وموضع الجملة نصب ب (أدري) ، و (وجدا) مفعول له، وهو الحزن والبرغوث منصوب بالوجد على تقدير حرف الجر، أي بوجود البرغوث

(حرف الجيم)

و (سميري) مبتدأ، و (الهم فيه) خبره. و (خذني) عطف على (سميري) ، والتقدير: لست أدري أي شيء (8 ب) النوم لحزني بوجود البرغوث، ثم استأنف فقال: مسامري وخدني الهم فيه. (حرف الجيم) أنشد سيبويه لغيلان بن عقبة الملقب ذا الرمة: 27 - (كأن أصوات من إيغالهن بنا ... أواخر الميس أصوات الفراريج) الميس: خشب الرحل، والإيغال في المشي: الدخول فيه على جهة الاستقصاء، ويريد إيغال الإبل. وجر (أواخر الميس) بإضافة (أصوات) إليها، وفصل بينهما بالظرف ضرورة، التقدير: كأن أصوات أواخر الميس من إيغالهن بنا أصوات الفراريج. و (من إيغالهن بنا) حال، والعامل في العامل فيها (كأن) ، أي كأننا من إيغالهن بنا. وقال ملغز: 28 - (رجع القوم بعدما كان فيهم ... من تولى وحقق الاحتجاج) (الاحتجاج) فاعل رجع. (القوم) مفعوله، وهو نظير قوله تعالى: {فإن رجعك الله} ، التقدير: رجع الاحتجاج القوم بعدما كان فيهم من تولى وحقق. وقال آخر: 29 - (أنت أعلى الورى وأشرف قدرا ... إنما الملك فوق رأسك تاجا) (الملك) مبتدأ، و (فوق رأسك) الخبر، و (تاجا) حال من الضمير الذي في الخبر، وهو العامل فيها، كقولك: زيد في الدار قائما.

وقال آخر: 30 - (وقد برمت مما تراكم نيها ... إذا نهضت في ساعديها الدمالجا) تقديره: برمت الدمالج في ساعديها مما تراكم نيها، أي شحمها يصف سمنها وأنها تستثقل الدمالج. وقال آخر: 31 - (أنت نعم الكمي تورده الحرب ... إذا ما استطار منها العجاجا) (9 أ) الكمي: الشجاع المستتر بالسلاح. و (أنت) مبتدأ، و (نعم الرجل) الخبر. و (العجاج) مفعول ثان لتورده، وفي (استطار) ضمير منه، تقديره: تورده الحرب العجاج إذا استطار منها. وقال آخر: 32 - (ركبت على جواد حين نادوا ... وما إن كان لي إذ ذاك سرجا) (فكدت أعود موقوصاً لأني ... كأني راكب من فوق برجا) (سرج) مفعول (ركبت) ، وفي كان ضمير منه هو اسمها، و (لي) الخبر. ونصب (برجا) ب (راكب) . و (فوق) ظرف، وهو غاية، مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة. وهذان البيتان من أمالي أبي إسحاق الزجاج. وقال ملغز: 33 - (لا تقنطن وكن في الله محتسبا ... فبينما أنت ذا يأس أتى الفرجا) نصب الفرج بمحتسب. و [في] أتى ضمير منه. ونصب (ذا يأس) على خبر كان. فإن

(حرف الحاء)

قلت: فأين كان قلت: محذوفة لضرورة الألغاز، تقديره: فبينما كنت. فحين حذفها انفصل اسمها لأنه لا يقوم بنفسه على لفظه متصلا، تقديره: لا تقنطن وكن في الله محتسبا فبينما كنت ذا يأس أتى. وقال آخر: 34 - (إلى الله ربي قد رجعت تنصلا ... لتغفر ما قدمت رب المعارج) (المعارج) مبتدأ، وخبره (إلى الله ربي) . و (رب) الثاني منادى. و (قد رجعت) خبر مستأنف، تقديره: إلى الله المعارج يا رب قد رجعت تنصلا لتغفر ما قدمت. (حرف الحاء) أنشد أبو علي لابن مقبل: 35 - (ولو أن حبي أم ذي الودع كله ... لأهلك مال لم تسعه المسارح) (9 ب) حبي: مصدر مضاف، و (أم ذي الودع) مفعوله. و (كله) : إن نصبته كان مؤكدا لجي، وإن رفعته جعلته مبتدأ، خبره [مال] ، والجملة خبر أن، والمعنى: أن حبه بها كثير. وأنشد سيبويه للحارث بن ضرار النهشلي: 36 - (ليبك يزيد ضارع لخصومة ... ومختبط مما تطبح الطوائح) يروى بضم ياء (لبيك) ورفع (يزيد) ، وبفتحها ونصبه، فلا إشكال في الرواية الثانية لأن ضارعاً فاعل، ويزيد مفعول. وعلى الأولى: يزيد مفعول لم يسم فاعله، وضارع: فاعل فعل دل عليه ليبك، أي: ليبكه.

ونظيره قول الأخر: (أسقى الإله عدوات الوادي ... ) (وجوفه كل ملث غادي ... ) (كل أجش حالك السواد ... ) وقال آخر: 37 - (مررت على قوم ابن هندٍ فقال لي ... أكابرهم منا سفيهاً وصالحا) الهمزة في (أكابرهم) حرف نداء. وكابر: اسم رجل، منادى مضاف إلى ياء المتكلم. و (هم) فعل أمر من هام يهيم. و (منا) بمعنى أكذبنا، وقد تقدم نظيره. و (سفيهاً وصالحا) حالان من الضمير في (منا) ، تقديره: يا كابري هم أكذبنا في حال الصلاح والسفه. وقال آخر: 38 - (وقالوا حربنا حرب عوانٍ ... أأحضرها ولم أحمل سلاح) (هي النكبات تهلك من تلاقي ... كميا ليس جاحمها مزاح) (حربنا) مبتدأ. و (حر) أمر من: حار يحار، و (بن) أمر من: بان يبين. و (عوا) من عوان: فعل ماض، وحقه اتصال تاء التأنيث به، لأنه خبر (حربنا) ، لكنه أجري مجرى القتال. و (نن) (10 أ) أمر من: ونى يني، مؤكد بالنون الخفيفة، والواجب: نين، كما قلنا في (شمن) في حرف الثاء. و (سلاح) خبر مبتدأ محذوف. وقد حذف من (أحمل) ضميرا مفعولا عائد إلى (سلاح) ، التقدير: حربنا عوت، حر منها وبن عنها، أأحضرها هذا سلاح ولم أحمله. وفي (ليس) في البيت الثاني ضمير الشأن، الملقب ب (المجهول) عند الكوفي، هو اسمها، والجملة بعده الخبر.

(حرف الخاء)

وقال آخر: 39 - (وقد رحلوا واستحلوا لنا ... بعادا بلا سبب وإطراح) (وط) فعل أمر من: وطى يوطي. و (راحوا) فعل ماض، والضمير فاعله، تقديره: وط لي فقد راحوا. وقال آخر: 40 - (قالوا أتفرح بالأزواد تجمعها ... وهل تدوم لك الأزواد والفرحا) نصب الأزواد على البدل من الضمير المفعول في (تجمعها) ، والفرح بالعطف عليها. وفي (تدوم) ذكر من الأزواد. وفائدة البدل هنا التكرار فقط. وقال آخر: 41 - (قد جاءني عبد قيس لو عبأت به ... يوماً وقد بهرتني منه لي المدحا) نصب المدح بجاءني على أنّها مفعول ثان معدّى بحرف الجر، وهو محذوف للضرورة، تقديره: بالمدح. وفي (بهرتني) ذكر من المدح. وقال آخر: 42 - (تفرقّ قومي راحلين لصارخٍ ... أهاب بهم غادي المطيّ ورايحٍ) غادي: فعل أمر بمعنى باكر، والمطي: مفعوله. و (رابح) كلمتان، أحداهما: وراي بمعنى خلفي، و (ح) أمر من: وحى يحي، إذا عجل، تقديره: باكر المطيّ خلفي عجّل. (حرف الخاء) قال بعض الملغزين: 43 - (يا ابن زيد قد خان كل صديق ... عنده من حمامه أفراخا)

(10 ب) كسرة (ابن) كسرة بناء لأنّها المجتزأة عن حذف ياء الإضافة. و (زيد) مبتدأ، و (قد خان) خبره. و (كل) فعل أمر من الأكل. و (صديق) مجرور بلام الجر في أوله، ولهذا أدغمت لاجتماعها مع لام (كل) . و (أفراخا) مفعول (كل) ، و (من) متعلقة ب (كل) . و (عنده) إمّا ظرف للأكل أو صفة لحمامه وقد تقدّم فصار حالاً، وهذا على مذهب من أجاز تقديم حال المجرور عليه، تقديره: يا ابني زيدٌ قد خان فاعلم وكل أفراخا للصديق من حمامه عنده. وقال ملغزٌ آخر: 44 - (أتانا عبيد الله في أرض قومنا ... ولم يأتنا ذاك الكذوب الموبخا) (أتانا) تثنية أتانٍ، وعبيدِ الله مجرور بإضافتها إليه. و (الموبخ) منصوب على الذّمّ، وناصبه أعني. وقال آخر: 45 - (نصبت لي الفخاخ تريد صيدي ... وقد أفلتّ من قبل الفخاخ) رفع (الفخاخ) على البدل من الضمير في (تريد) ، لأنّه ضمير الفخاخ المنصوبة، وتريد حال من الفخاخ الأولى، وقد حذف التنوين من (قبل) ، التقدير: نصبت لي الفخاخ، تريد الفخاخ صيدي، وقد أفلتّ من قبل. وقال آخر: 46 - (قالوا تفرّدت لا خلاّ ولا سكناً ... فقلت من أين للحرّ الكريم أخا) نصب (خلاّ وسكناً) بفعل مقدر دلّ عليه، أي: تصحب أو تألف و (أخا) مقصورٌ، أحد لغاته، حكاه ابن السّكيّت في إصلاحه وغيره، وهو مبتدأ (11 أ) والظرف قبله خبرٌ عنه.

وقال آخر: 47 - (وإنا أناساً لا يلذّ لنا الكرى ... إذا ما خلا منا إليك مناخا) نصب (أناساً) على التخصيص والمدح على اسم إنّ وكأنّه المعرفة، كقوله: (إنا بني نهشل ... ) وهو نكرة كما ترى. ونظيره قول أمية بن أبي عائذ، أنشده سيبويه والزمخشري: (ويأوي إلى نسوة عطّلٍ ... وشعثاً مراضيع مثل السعالي) و (مناخا) ظرف معمول (يلذ) . وفي (خلا) ضمير [فاعل] من مناخ، تقديره: وإنا - أخص إنسانا - لا يلذ لنا الكرى في مناخ إذا خلا منّا إليك. وقال آخر: 48 - (ورام الشيخ بالأشراك ختلي ... فلم تنفعه أشراكا وفخا) للذي يصاد فيه، تقديره: فلم تنفعه الأشراك أشراكاً أي من أشراك. وقال ملغز: 49 - (علا الله رزق الإنس والجنّ راتبٌ ... وما أحدٌ كالله في الجود والسخا)

(حرف الدال)

(علا) فعل ماض، و (الله) فاعله، كأنه قال: الله تعالى ورزق الإنس مثنى، فلهذا فتح، وهو مبتدأ، و (راتب) خبره. فإن قلت: فلم [لم] يثن راتباً قلت: لأن المصدر، تثنيته وجمعه، قريب من واحده، لأنه جنس، أو لأنّه حمله على شيء راتب، كقوله تعالى: {قريب من المحسنين} . (حرف الدال) أنشده أبو علي في كتاب الشعر المسمّى بكتاب أبيات الإيضاح: 50 - (وكأنّه لهق السّراة كأنّه ... ما حاجبيه معين بسواد) (ما) زائدة، و (حاجيبيه) بدل من اسم كأن. (معين) خبر حاجيبيه. فإن قلت: كيف تفرد (11 ب) الخبر والاسم مثنى قلت: هو محمولٌ على اسم كأنّ، وهو مفرد، والبدل لا يرفع حكم المبدل منه بتّة ورأساً، فهذا هو الذي يسوغ الإفراد، ولولا هو لوجبت التثنية. وقال ملغزٌ: 51 - (إنما أمّ خالدٌ يوم جاءت ... بغلة الزينبيّ من قصر زيدا) (أمّ) فعل ماضٍِِِِِِِِِِ، ومعناه: شجّ. و (خالدّ) قائمٌ مقام الفاعل. و (بغلتا) تثنية بغلةٍ، وهو مرفوع فاعل (جاءت) ، وأفرد بغلةَ في الخطّ للمعاياة. و (من) فعل أمر من: مان يمين، أي كذب، متعدٍ، و (زيداَ) مفعوله. و (قصر) اسم رجلٍ منادى، تقديره: إنّما شجّ خالدٌ يوم جاءت بلغتا الزينبيّ اكذب يا قصر زيداً. وقال العباس بن مرداس السلميّ: 53 - (ومن قبل آمنا وقد كان قومنا ... يصلون للأوثان قبل محمدا)

محمد صلى الله عليه وسلم مفعول (آمنا) أي صدّقنا. و (قبل) ظرف مبني على الفتح، وهي لغةٌ، حكاه ثعلبٌ عن الفرّاء، وحكاه ابن الأنباري في كتاب الزاهر. ويروى: قبلاًَ، نكرة، وحذف التنوين للضرورة. وقال ملغز معقد: 53 - (جاء بي خالداً فأهلك زيداً ... ربك الله يا محمد زيدا) (جا) فعل ماضٍ وأصله: جاء، وقصره لضرورة الشعر، شبهّه بالممدود من الأسماء. و (أبي) فاعله. و (خالداً) مفعول جاء. و (ربك الله) منصوب على التحذير، أي احذر. و (يا محمّ) منادى مرخم. و (د) أمر من: ودى يدي، إذا أعطي الدية. و (زيدا) مفعوله. (12 أ) وقال ملغز: 54 - (نحن منّا الملوك في سالف الدهر ... قديماً ونحن منّا الوليدا) (منّا) في الموضعين بمعنى كذبنا. و (الملوك والوليد) مفعولاها. وقال ملغز آخر: 55 - (وأنّ لبونً يوم راحوا عشيّةً ... أبي منذرً فاركب على الجمل الصلدا) (أنّ) فعل ماضٍ من الأنين، و (لبون) فاعله، و (الصلدا) مفعوله، تقديره: توجعت لبون يوم راحوا وامتنع منذر، اركب فقد علا الجمل المكان الصلب.

وأنشد أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب: 56 - (ولو أنّ نفساً أخرجتها مهابة ... لأخرج نفسي اليوم ما قال خالد) (ما) زائدة، و (قال) هنا أخو القيل، وهو مرفوع فاعل (أخرج) . و (خالد) مجرور بإضافة القال إليه، تقديره: لأخرج نفسي قول خالدٍ. وأنشد أبو العباس أيضاً: 57 - (ألا ليت أيام الصفاء جديد ... ودهرا تولى يا بثين يعود) يروى بنصب (أيام) وجر (الصفا) ورفعه. فأيام اسم ليت، و (الصفاء) مجرور بإضافة أيام إليه، في رواية من جر. وخبر ليت (جديد) ، وذكره حملاً على الصفاء، في قول ثعلب، وعلى الزمان، في قول أبي عليّ. ومن رفع (الصفاء) جعله مبتدأ، و (جديد) خبره، وموضع الجملة جر بإضافة (أيام) إليها. والخبر (لنا) محذوفة، أو يعود، وحذفه اكتفاء بقوله: يا بثين يعود. وجوز أبو علي رفع (أيام) وجر (الصفاء) ، على حذف ضمير الشأن من (ليت) والجملة خبر. وأنشد أبو علي: (12 ب) 58 - (شهيدي زياد على حبها ... أليس بعدلٍ عليها زيادا) في نصب زياد طريقان، أحدهما (حبها) ، في ليس ضمير من زياد، تقديره: على حبها زيادا، أليس زياد بعدلٍ عليها والثاني على جهة الإغراء، وفيه بعد من أجل ضمير الغيبة، ونظيره: عليه رجلاً، ومثله: (دونها [عسف] كلّ بيد سحوق ... )

(حرف الذال)

وقال دريد بن الصّمّة: 59 - (وطاعنت عنه القوم حتى تبددوا ... وحتى علاني حالك اللون أسود) قصيدة هذا البيت مجرورة، والبيت يروى بالرفع والجرّ، فالرفع على الإقواء، ولا إشكال. وأمّا الجر فأنّه أراد: أسودي، فخفّف الياء فبقي اللفظ بها كما ترى. والصفات جمع يزاد عليها الياء المشدّدة للنسب اختياراً كأحمري ودواريّ. وقال ملغز: 60 - (من سعيد بن دعلجٍ يا ابن هندٍ ... تنج من كيده ومن مسعودا) (من) بمعنى اكذب، في الموضعين، و (سعيداً) و (مسعوداً) مفعولاهما. و (تنج) جواب الشرط المقدّر. (حرف الذال) قال شاعر: 61 - (جفا وصلي الحبيب على اطرادٍ ... وكان جفاؤه وصلي شذوذ) في كان ضمير من الحبيب. و (جفا) مبتدأ، و (وصلي) مفعوله، لأنّه مصدر مضاف إلى الفاعل، متعدي الفعل. و (شذوذ) خبره، والجملة خبر كان، تقديره: وكان الحبيب جفاؤه الوصل شذوذ. ومثل هذا قال امرؤ القيس: (فبات عليه سرجه ولجامه ... ) (13 أ) في أحد الوجهين.

(حرف الراء)

وقال ملغز: 62 - (هذا سليمان أبي جعفر ... فقال بشراً حسنٌ هذا) (هذا) فعلٌ ماضٍ من المهاذاة، مثل ضارب. و (سليمان) مفعوله، و (أبي) فاعله، و (جعفر) بدل منه أو عطف بيان. وفي (قال) ضمير من سليمان. و (حسنٌ) مبتدأ، و (هذا) مع فاعله في محل رفع خبره، وهو فعل ماضٍ مثل (هذا) في أول البيت. و (بشراً) مفعوله، تقديره: فقال سليمان: حسنٌ هذا بشراً. (حرف الراء) وقال بعض الملغزين: 63 - (استرزق الله واطلب من خزائنه ... رزقاً يثبك [وإنّ] الله غفّارا) سئل أحمد بن يحيى عن هذا البيت فقال: (الله) فاعل بيثبك، و (غفّاراً) حال منه، و (إنّ) فعل أمر من الأنين معطوف على (استرزق) ، ولم يبيّن - رحمه الله - من أي الأحوال هي. قلت: يجوز أن تكون منتقلةً لأنّ الإنابة تكون على الواجب والمندوب مع عدم الغفران عن المحصور. ويجوز أنّ تكون مؤكدة لأنّ الإنابة على الشيء تناقض العاقبة على ذلك الشيء، تقديره: استرزق الله وإن يثبك الله غفّاراً. وقال ملغز آخر: 64 - (أقول لعبد الله يا زيد إنّه ... سيأتيك عبد الله يا زيد فاصبرا) اللام: فعل أمر من: ولي يلي، و (عبد الله) مفعوله. أما عبد الله الثاني فيجوز فيه الرفع والفتح والجر. وأما الرفع فظاهرٌ، وأمّا الفتح فعلى أنّه مثنى، وأمّا الجّر فبالكاف قبله، وموضعها رفع فاعل (سيأتي) . والألف في (اصبرا) بدل من نون التوكيد (13 ب) الخفيفة.

وأنشد الجرمي: 65 - (ولما قرا زيد علينا كتابه ... وفي الصحف آثاراً عرفنا السرائر) (لمّا) فعل ماضٍ بمعنى حسّن. و (زيدٍ) مجرور بإضافة (قرأ) إليه، وهو الظهر، والظهر هنا مجاز عن المغيب، وهو منصوب مفعول به. و (كتابه) فاعل (لمّا) . و (آثاراً) مفعول (كتابه) لأنّه مصدر مثل الكتابة. و (علينا) إمّا بمعنى عنّا، أو للاستعلاء، فيكون تبييناً من (كتابه) . و (السرائر) مبتدأ، و (في الصحف عرفنا) الخبر، وقد حذف الضمير، أي عرفناها، تقديره: وحسّن مغيب زيدٍ ورود كتابه علينا آثاراً، والسرائر عرفناها في الصحف. وقال آخر: 66 - (خمّر الشيب لمني تخميرا ... وحدا بي إلى القبور البعيرا) (ليت شعري إذا القيامة قامت ... ودعي بالحساب أين المصيرا) (خمر) في معنى خالط. و (تخميرا) مصدره. و (البعير) مفعول (حدا) . وفي (حدا) ضمير من (الشيب) ، تقديره: وحدا بي الشيب البعير إلى القبور. و (المصير) مفعول (شعري) ، لأنّ معناه: علمي، كأّنّه قال: يا ليتني أعلم المصير وأين يتبيّن من المصير إلى أين نصير وقيل: أين مجرد من الاستفهام، وموضعها حال، وفيه تعسّف وقال آخر: 67 - (لقد طاف عبد الله بالبيت ... فسل عن عبيد الله ثم أبا بكر) (عبد الله) مثنى فاعل (طاف) . و (سل عن) فعل ماض مسكّن الآخر للضرورة، ومعناه: المشي السريع. و (عبيد الله) فاعله. و (أبا) فعل ماض، و (بكر) فاعله.

(حرف الزاء)

وقال آخر: (14 أ) 68 - (فالشمس كاسفةٌ ليست بطالعةٍ ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا) (حمّلت أمراً عظيماً فاضطلعت به ... وسرت فيه بحكم الله يا عمرا) قيل: نصب (نجوم) بكاسفة. وقيل: الظرف مقدم الحاج. وقيل: هي مفعول (تبكي) ، وهو المختار عندي، والمعنى: تبكي النجوم لفقدها إيّاك. فإن قلت: فلم خص الشمس بالبكاء قلت: لأنّها أعظم النجوم فإذا وجدت على المرء الممدوح مع عظمها بكت غيرها من النجوم، لقوة جزعه وهلعه. و (عمرا) مندوب، أي: عمراه. وقال ملغز متعسّفٌ: 69 - (إنما زيداً إلينا سائراً ... من مكان ضلّ فيه السّائر) (فهو يأتينا عشاً في سحر ... ماله في يده أو عامر) (إنّ) حرف شرط. و (نمى) فعل ماض بمعنى: زاد. و (زيدا) مفعول نمى، وقد عدّاه حملاً على (زاد) . و (سائرا) حال من (زيد) . و (السائر) فاعل (نمى) . وفي (ضلّ) ضمير من زيد، وهو جواب الشرط، تقديره: إن زاد الرجل السائر زيداً إلينا في حال سيره ضلّ فيه. و (ناعشاً) حال من الضمير في (يأتي) ، ومعناه: رافعٌ. و (في سحر) ظرف ليأتي أو لناعش. و (ماله) مفعول ناعش. و (في يده) ظرف لناعش أو حال من الضمير فيه أو من ماله. و (عامر) معطوف على الضمير في (يأتي) ، تقديره: فهو يأتي أو عامر في سحرٍ رافعاً ماله في يده. (حرف الزاء) (14 ب) قال بعض الملغزين: 70 - (في الناس قوماً يرون الغدر شيمتهم ... ومنهم كاذباً في القول همّازا)

(في) أمرٌ من: وفى يفي. و (الناس) مبتدأ، و (يرون) خبره، وهو من رؤية القلب يتعدّى إلى مفعولين: أحدهما قوم، والثاني: الغدر شيمتهم، لأنّه مبتدأ وخبر فيهما ذكرٌ عائدٌ إلى المفعول الأوّل، وقد قدّم أحد المفعولين على الفعل. و (منهم) فعل أمر من: مان يمين، و (هم) مفعوله. و (كاذبا) و (همازا) حال منتقلة. وقال ملغز آخر: 71 - (أرامية بك الفلوات قصداً ... إلى من في خزانته الكنوزا) (ذخائر معشرٍ هلكوا جميعاً ... ومات أذلّ من فيهم عزيزا) (أرى) فعل مضارع. و (ميةٍ) هذا العدد المخصوص، وهي مفعول أوّل لأرى. و (الكنوز) بدل منها. و (بك الفلوات) جار ومجرور ومضاف إليه، فالجار الباء والمجرور الكاف، لأنّها بمعنى (مثل) ، والمضاف اليه (الفلوات) ، وهو المفعول الثاني. و (قصداً) منصوب على المصدر. و (إلى) متعلق به. و (من) بمعنى إنسان أو بمعنى الذي. و (ذخائر معشر) مبتدأ، وخبره (في خزانته) ، والجملة صفة (من) أوصلته، ترتيبه: أرى الكنوز بمثل قيمة الفلوات قصداً إلى إنسانٍ في خزانته ذخائر معشر. وقال ملغز آخر: 72 - (وفي الحي - لو يدرون - قوم تنبلوا ... وكانوا قديما يخدمون المخابز) (فهم مقتوين بيننا كلّ ساعة ... يريدون منا ما اختبزنا جوائز) المخابز: مبتدأ وفي الحي خبره وقوم فاعل يد رون وقد ألحقه علامة الجمع كقوله تعالى: {وأسرّوا النّجوى الذين ظلموا} في بعض الأقوال. و (تنبّلوا) صفة قوم، ومعناه: ماتوا، وأصله للإبل، ترتيبه: وفي الحي المخابز لو يدري قومٌ ماتوا

وكانوا قديماً يخدمون. و (هم) ضمير قوم. و (مقتوين) جمع مقتويّ، على التخفيف، كقول الآخر: (متى كنّا لأمّك مقتوينا ... ) وهم جمع تصحيح [يعرب] إعراب المفرد كقول سحيم: (وقد جاوزت حدّ الأربعين ... ) و (بيننا) ظرف لجوائز، وجوائز جمع جائزة صفة مقتوين. فإن قلت: فقوم للمذكر والمؤنث فلم غلب المؤنث عليه قلت: عنه أجوبة ثلاثة: أحدها: أنّ قوماً يكون للمذكر فقط، كقوله تعالى: {لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساءٌ من نساءٍ} ، ويكون للمؤنث فقط، ويكون لهما، فجاز أن يريد النساء. والثاني: أنه غلّب باعتبار غلبة خدمة النساء. والثالث: أنّه قد كثر التعبير بخدمة النساء، كقول الفرزدق: كم عمة ... ... . إلى غير ذلك. تقديره: فهم مقتوين جوائز بيننا كلّ ساعة يريدون منا ما اختبزنا. وقال ملغز آخر: 73 - (زيداً إذا خاننا بعداً لهمّته ... بالشرّ أكبرهم من خاننا جاز) (زيداً) مفعول (جاز) لأنّه أمر من المجازاة، و (بالشر) متعلّق به أيضاً و (بعداً) منصوب على المصدر، ولا يظهر ناصبه. و (لهمته) منصوب على التخصيص، ولا (15 ب) موضع لبعد من الإعراب، لأنّه دعاءٌ، و (أكبرهم) منادى مضاف، و (من) بدل من

(حرف السين)

(هم) . و (خاننا) صفة (من) أوصلته، تقديره: يا أكبر من خاننا جاز زيداً بالشر إذا خاننا. (حرف السين) أنشد أبو عليّ للمتلمس: 74 - (ألق الصحيفة لا أبا لك إنّما ... أخش عليك من الحباء النّقرس) خاطب الملتمس بهذا ابن أخته طرفة حين توجّها إلى عامل النعمان، ولها قصة. و (ما) بمعنى الذي، وهو اسم إنّ، و (أخشى) صلته، وقد حذف العائد، والتقدير: أخشاه، و (النقرس) خبر إنّ. وقال ملغزٌ: 75 - (لنا حارسا سوءٍ جعار وجيألٌ ... وأعور ليليّ إذا نام حارسا) (حارسا سوءٍ) مبتدأ، وخبره (لنا) . و (جعار وجيألٌ) بدل من الحارسين، وهما اسمان علمان من أسماء الضبع. وبنيت (جعار) على الكسر، لمشابهتها (نزال) . و (أعور) أي: وربّ أعور، والمراد به الغراب، وهو غير منصوب، و (ليليّ) صفته، أي أسود. و (حارسا) حال من الضمير في (نام) . وقال ملغز آخر: 76 - (وأنتم معشر لئامٌ ... نلقى لديكم أذىً وبؤس) (أنتم) مبتدأ، و (شر) مجرور ب (مع) ، وقد سكّن عين (مع) وخفّف راء (شرّ) ضرورة. و (لئامٌ) خبر (أنتم) . و (مع) ظرف يتعلّق ب (لئام) ، ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في (لئام) . (16 أ) وبؤس: مجرور بالعطف على (شرٍ) ، تقديره: وأنتم لئامٌ مع شرٍ وبؤس.

وقال بعض العرب، وهو من شواهد الكتاب: 77 - (إني رأيت عجباً مذ أمسا ... عجائزاً مثل السّعالي خمسا) (رأيت) هنا بمعنى أبصرت. و (عجباً) مفعوله. و (أمس) معرب مجرور بمذ، وهي حرف جرّ في هذا الموضع، ولم ينصرف لاجتماع العدل عن الألف واللام والتعريف. قال ابن الخشاب، فيما أنبأنيه عنه شيخنا: يجوز أن يكون بناه على الفتح في هذه اللغة. و (عجائزاً) بدل من عجب، و (خمساً) عدد وصفت به عجائز. وقال بعض الملغزين: 78 - (إذا رأيت بني عوف فإنّهم ... القوم ما لهم في الجود مقياسا) (إذا الأكارم عدّت كان أوّلهم ... فيها الذّنابى وفيها غيرهم راسا) ذمهم باللؤم والبخل، لأنّ (مق) من (مقياسا) فعل أمر من: ومق يمق، و (ياسا) مصدر منصوب. و (ما لهم) ليس باستفهام ولا موصول، وإنّما هو مفعول (مق) ، أي: أحبب أموالهم يأساً فإنّك لن تصل إليها. و (فيها) أي: وفي الأكارم. و (غيرهم) اسم كان، و (راسا) خبرها، وحذف كان لغناء الأولى عنها. و (فيها) متعلّق بمعنى راس، أو بفعل دلّ عليه. وقال ملغز آخر: 79 - (سمنا الكراديس يوماً في عصابتها ... فروَّع الليل آساد الكراديسا) (الليل) ظرف لروّع، و (آسادي) مضاف إلى ياء المتكلم، وحذفت الياء لالتقاء الساكنين، وهي فاعلة روّع، و (الكراديس) مفعوله، والتقدير: فروعت آسادي الكراديس (16 ب) ليلا.

وقال آخر: 80 - (أنكرتني أن شاب مفرق راسي ... كلّ محلولك إلى إخلاس) فاعل (شاب) محذوف للعلم به، وهو الشعر. ونصب (مفرق راسي) على حذف حرف الجرّ، أي: في مفرق، كقول الآخر، أنشده السيرافي: (آليت حبّ العراق الدهر أطعمه ... ) و (كلّ محلولك) مبتدأ، و (إلى إخلاس) خبره. والإخلاس: الابيضاض. وقال ملغز آخر: 81 - (أركبوني وكنت أحفظ نفسي ... أن أراها [على] حمار شموسا) (شموسا) مفعول ثانٍ لأركبوني، تقديره: أركبوني فرساً شموسا، وكنت أحفظ نفسي أن أراها على حمارٍ، يصف قلّة معاناة الركوب. وقال آخر، وهو من أبيات الكتاب: 82 - (فأصبحت بقرقرى كوانسا ... فلا تلمه أن ينام البائسا) (البائس) إما بدل من الهاء في (تلمسه) ، أو منصوب على الترحم ب (أعني) ، لأنّّه من ألفاظ الذّم والترحم. وقال ملغزٌ: 83 - (كساني أبي بكرٍ قميصان أخلقا ... وأي سخيف يلبس الدهر ماكسا) (قميصان) مبتدأ، و (أخلقا) صفته، و (كساني أبي بكر) خبره، والكاف للتشبيه،

(حرف الشين)

و (ساني) فاعل، من: سنا يسنو، وقد تقدّم مثله، و (ماكس) فعل ماضٍ، وفيه ضمير من (ساني أبي بكر) ، و (أيّ سخيف) منتصب به. ومعنى (يلبس الدهر) : يصحبه، كقولك: فلان يلبس على علاّته، أي: يصحب. (حرف الشين) قال ملغز: 84 - (لي الله أرجوه لرزقي وادعاً ... إذا أعرضت عني وجوه المعايشا) وادع بمعنى ساكن مستقر. و (الله) مبتدأ، و (لي) خبره. و (أرجوه) حال أو مستأنف. (17 أ) و (لرزقي) متعلق به، و (وادعاً) حال من ضمير المفعول في (أرجوه) . و (المعايش) نصب برزقي، و (وجوه) فاعل (أعرضت) ، وقد اسقط التنوين لالتقاء الساكنين، تقديره: لي الله أرجوه أن يرزقني المعايش إذا أعرضت عني وجوهٌ. وقال ملغزٌ آخر: 85 - (وقلنا ما نرى وحشٌ فقالوا ... متى لم تظهر الصحرا وحوش) (ما) مبتدأ بمعنى الذي، و (نرى) صلته، والعائد محذوفٌ، و (وحش) خبره. و (تظهر) من الظهيرة، وهو اشتداد الحّر نصف النهار. وقد قلب همزة الصحراء واواً لمّا ليّنها، وهذا في الهمزة المفردة بعيد. و (حوش) أمر الجماعة، من: حاش عليه الصيد: إذا ردّه عليه. وقال ملغزٌ آخر: 86 - (قيل لي انظر إلى السهام تجدها ... طائرات كما يطير الفراشا) إعراب هذا البيت متكلّف، وإنما تنقل ما قيل عنه: (طائرات) حال من (السهام) . و (تجدها) متعدٍ إلى مفعولين: أحدهما الضمير، والثاني الفراش، أي كالفراش. و (ما) بمعنى الذي، أو نكرة موصوفة، تقديره: كالطائر الذي يطير، أو كطائر يطير.

وقال ملغزٌ آخر: 87 - (وكما تقصد البناء مشيداً ... فكذا الطير قصدها الأعشاشا) وهذا البيت مثل ما قبله في التكلف. (البناء) رفع بالابتداء، وخبره (كما تقصد) ، و (ما) بمعنى الذي، و (تقصد) صلته، والعائد محذوفٌ، و (مشيداً) حال من العائد، أو من الضمير (17 ب) في الجار. و (الطير) مفعول بها، و (قصدها) بدل منها، بدل الاشتمال، و (الأعشى) من (الأعشاشا) مبتدأ، و (فكذا) خبره. و (شا) فعل ماضٍ، يريد: شاء، فقصره للضرورة وهو الناصب للطير، ترتيبه: البناء كما تقصده مشيداً فكذا الأعشى شاء قصد الطير. وقال بعض الملغزين من الفرس المتعربة: 88 - (بني حسن بن تغلب قد أتانا ... أبي العوّام يقدمه يعيشا) (بني) بالفارسية: اجلس. و (حسن منادى، و (بن تغلب) صفته، وقد أتبع المنادى حركة ما بعده، و (تغلب) لا ينصرف. و (أتانا) فعل، وفاعله (أبي) . و (العوّام) صفة أو بدل. والضمير المنصوب في (يقدمه) يرجع إلى (العوّام) . و (يعي) من (يعيشا) فعل مضارع، وفيه ضمير من العوّام. وقال ملغز آخر: 89 - (رأيت ميتا تحت تابوته النعش ... وأيّدٍ تحمل النّعش) (النّعش) الأخير مبتدأ، وخبره (تحت تابوته) ، وقد فصل بينهما بأجنبي، وهو جائز في الشعر. و (النّعش) الآخر منصوب ب (تحمل) ، كذا قال بعض النحويين، وهو غلط، لأنّ (تحمل) صفة (أيدٍ) وهي لا تصحّ قبل (أيد) فمعمولها أجدر أن لا يقع قبلها، فصوابه أن ينصب بتحمل أخرى دلّت هذه عليها. و (أيد) معطوف على ميتٍ وأجراها مجرى المرفوع والمجرور، فلم ينصب للضرورة.

(حرف الصاد)

وقال متعسف: (18 أ) 90 - (تعالى الله ربي فوق عرشٌ ... عليّ تحته تبنى العروشا) قال بعض النحويين: (فوق) غاية وخبر مبتدأ، ومبتدؤه (عرشٌ) . قلت: هذا خطأٌ، لأنّ (فوق) وأخواتها لا تقع خبراً ولا صفةً ولا صلةً ولا حالاً لنقصانها. و (عليّ) صفة عرشٍ، و (تحته) ظرف لتبنى، و (تبنى) حال من العروش، و (العروش) مفعول عليّ، تقديره وترتيبه: فوق السموات عرشّ علا العرش مبنية تحته. (حرف الصاد) أنشد ابن السّكيّت في إصلاحه لأميّة بن أبي عائذ الهذلي: 91 - (قد كنت خرّاجا ولوجاً صيرفا ... لم تلتحصني حيص بيص لحاص) (حيص بيص) اسم مركب، معناه: الفتنة التي تموج بأهلها، متقدمين ومتأخرين، وفيها لغات أخر. وبني الاسمان لوجهين: أمّا الأوّل فلتنزّله منزلة صدر الكلمة من عجزها، وأمّا الثاني فلتضمنه معنى حرف العطف، وموضعه نصبٌ على الحال. و (لحاص) : معدولة عن ملتحصة أي: منتشبة، وموضعها رفع فاعل (تلتحصني) ، وبنيت لمشابهتها نزال. وقيل: (حيص بيص) فاعل (تلتحصني) ، و (لحاص) جارية عليه، إمّا بدلاً أو عطف بيان. وقال ملغزٌ: 92 - (وقد بعدت عني نوار فذكرها ... حديثا إذا شط المزار قصاص) (نوار) مبنية على الكسر كلحاص وحذام، وهي فاعلة (بعدت) . و (قصاص)

اسم فعل من قصّ الحديث. ونصب (ذكرها) و (حديثاً) بفعل دلّ عليه (قصاص) ، كأنّه قال: (18 ب) فقص ذكرها حديثا إذا شط المزار. وقال آخر: 93 - (تميّز فما يدنيك من نيل رتبةٍ ... فخار أبٍ إن لم تنلك الخصائصا) الخصائص: مفعول (تميّز) ، وفي (تنلك) ضمير منها، تقديره: تميز الخصائص فما يدنيك فخار أبٍ [إن] لم تنلك. وقال آخر: 94 - (وتسري من همومك نحو هندٍ ... وإن شطّ المزار بك القلوص) القلوص: الناقة الباقية على السير، وهي مجرورة بإضاف الكاف قبلها إليها، لأن معناها (مثل) ، والكاف مجرورة بالباء، تقديره: وتسري أنت يا مخاطب نحو هند من همومك بمثل القلوص. وقال آخر: 95 - (تسعدنا بالمزار طارقة ... هند ظلاما فنعنم الفرص) (الفرص) فاعل (تسعدنا) ، و (هند) مرفوعة بالمزار، و (طارقة) حال من هند، و (ظلاما) ظرف للمزار. وقد أسقط مفعول (نغنم) ، وهو ضمير الفرص، كقوله تعالى: {وأصلح لي في ذريّتي} ، وقوله: {وأنتم تعلمون} ، تقديره: تسعدنا الفرص بأن تزور هند طارقةً في الظلام فنغنمها.

(حرف الضاد)

وقال آخر: 96 - (أشافية بزورتها سقامي ... إذا ما أقفرت منها العراصا) العراص: مفعولة (زورتها) ، وفي (أقفرت) ضمير منها. و (سقامي) مفعول شافية، وقد فصل معمول شافية بين المصدر وصلته للضرورة. و (شافية) خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ والخبر محذوف، تقديره: أهي شافية سقامي بزورتها العراص إذا أقفرت منها، و (إذا) متعلّق بشافية أو بزورتها. وقال ملغز (19 أ) 97 - (كلّ باباً إذا وصلت إليه ... هنيّاً لا تكن عجولاً حريصا) كل: فعل أمر، و (لباباً) مفعوله، وهو جوف الخبز، وأدغم لمّا التقت اللامان. و (هنيّاً) صفة مصدر محذوف، أي: أكلاً هنيّاً. (حرف الضاد) أنشد سيبويه لذي الإصبع العدواني: 98 - (عذير الحي من عدوان ... كانوا حيّة الأرض) عذير الحيّ: منصوب بفعل لازم لا يظهر، تقديره: احضر عذير الحيّ ّأو عاذره، ومعناه المعذرة. و (من عدوان) : إما حال من الحيّ، أو خبر مبتدأ محذوف. ومعنى (حية الأرض) : خشية الناس لهم وحمايتهم إياها. وأنشد سيبويه أيضا لزيد الخيل الطائي: 99 - (أفي كلّ عامٍ مأتم تبعثونه ... على محمرٍ ثوّبتموه وما رضا) المأتم: النساء يجتمعن في الخير والشر، والمحمر: البطئ وما لا خير فيه من الخيل.

و (ثوبتموه) : جعلتموه ثواباً عن جميل فعل بكم. و (مأتم) مبتدأ، و (في كل عام) خبره. وأراد اجتماع مأتم، لأن ظرف الزمان لا يكون محلاً للجثث. وهو نظير قول قيس بن حصين الحارثي: (أكلّ عامٍ نعم تحوونه ... ) و (تبعثونه) : صفة مأتم. ولو حذفت الهاء من (تبعثونه) لم يجز النصب، كما جاز في: زيدٌ ضربته، إذا حذفت الهاء، لأنّ الصفة لا تعمل في الموصوف ولا فيما قبله. و (ثوبتموه) صفة (محمر) ، وكذلك (ما رضا) . و (ما رضا) ليس بمنصوب، وإنما هو كلمتان، فما حرف نفي، ورضا: معناه: رضي، فأبدل من الكسرة فتحة (19 ب) وقلب الياء [ألفاً] لتحركها وانفتاح ما قبلها، وهي لغة طائية. وأنشد سيبويه لبعض الرجال: 100 - (إذا أكلت سمكاً وفرضاً ... ذهبت طولاً وذهبت عرضا) كذا أنشده سيبويه. والفرض: نوع من التمر. وطولاً وعرضاً: مصدران عند سيبويه في موضع الحال، أي طويلاً عريضاً، من الخيلاء. نظيره في المعنى قول الآخر: (إذا تغديت وطابت نفسي ... ) (فليس في الحي غلام مثلي ... ) (إلا غلام [قد] تغدى قبلي ... ) فهذا جميعه مداعبه من الأعراب. وأنشد سيبويه أيضاً للعجاج: 101 - (ضرباً هذا ذيك وطعناً وخضا ... )

(حرف الطاء)

ورواه أحمد بن فارس صاحب المجمل: (قفخاً على الهام وبجاً وخضا ... ) الوخض: الذي يخالط الجوف. ونصب ضرباً على المصدر من فعله، ثم حذفه وأقام المصدر مقامه. وكذلك (طعناً) . و (هذاذيك) مثنّى على غير نمط التثنية، يراد به الجنس، منصوب بفعل لازم الإضمار، تقديره: هذا بعد هذّ، أي قطعاً بعد قطعٍ. قال ابن السيرافيّ: موضعه نصب على الحال، تقديره: اضرب متتابعاً. وأنشد سيبويه أيضاً للأغلب العجلي، وقيل: لحميد: 102 - (طول الليالي أسرعت في نقضي ... أخذن بعضي وتركن بعضي) وجه الإشكال أنّه قال: أسرعت وأخذن، والمخبر عنه قبله، وهو طول (20 أ) والانفصال عنه أنه قصد الإخبار عن الليالي فأنث طولاً لإضافته إليها، وأنّه في المعنى هي، وليس على زيادة طول كما ظنّه بعض ... ... وهو نظير قول العرب: ذهبت أصابعه. (حرف الطاء) أنشد سيبويه لأسامة الهذلي: 103 - (فما أنا والسّير في متلفٍ ... يبرح بالذكر الضّابط) المتلف موضع التلف، والمحفوظ في البيت: متلف، بكسر اللام وفتح الميم، كذا فرأته على مشايخي وعلمته من الأصول المنقّحة بالضبط والقراءة. ووقع في بعض نسخ

الحذاق: متلف، بضم الميم وفتح اللام، وهو بعيدٌ. وبرّح به: حمله على ما يكره في السير ويشق عليه. والضابط: الشديد من البعران. ونصب السير على أنه مفعول معه، وليس قبله فعلٌ، وذكر الفعل قبله شرطٌ لنصبه، ولكن نصبه على معنى: وما أكون، فحذف أكون لوجودها كثيراً في ذا الموقع. وأنشد أبو علي وغيره للمتنخل الهذلي: 104 - (فإما تعرضنّ أميم عنّي ... وينزعك الوشاة أولو النباط) (فحور قد لهوت بهنّ عينً ... نواعم في البرود وفي الزياط) النزع: الإفساد. والنباط: ما يوهم أن يكون. والرياط: جمع ربطة، وهي كلّ ملاءةٍ لا تكون لفقين. وأمّا: حرف شرطٍ، وشرطه (تعرض) مؤكد بالنون الثقيلة. وأميم: منادى مرخّم، أصله أميمه. وينزعك: معطوف على تعرضن. والفاء جواب الشرط. (20 ب) وحورٍ: مجرور ب (ربّ) مضمرة، وليس هنا بدلاً عنها، كما كان في قوله: (وقاتم الأعماق خاوي المخترق ... ) لأنّ الفاء جواب الشرط. وأنشد ابن السكيت في إصلاحه من هذه القصيدة المذكورة: 105 - (شربت بجمّه وصدرت عنه ... وأبيض صارم ذكر إباطي) ويروى: وعندي صارم. الجم: الكثير. وإباطي منسوب إلى الإباط مغير في النسب، والباء زائدة. وأبيض: مبتدأ، وكذلك صارم على الرواية الأخرى. وإباطي: أصله إباطي، بالتشديد، فخفّف، وهو جائز مختار، تقديره: شربت جمه ومعي صارم هذا شأنه.

(حرف الظاء)

(حرف الظاء) قال بعض الملغزين: 106 - (إنّ مستهترٌ بحبّك قلبي ... فاهجريني فما بقي لك حظٌ) (إن) ها هنا مركبة من حرفٍ واسمٍ، فالحرف (إن) بمعنى (ما) ، والاسم (أنا) ، فألقى حركة الهمزة على نون إن فاجتمع مثلان فسكّن النون الأولى وأدغم فصار (إن) . وأنا: مبتدأ، ومستهتر: خبره، وقلبي: فاعل مستهتر، وقد عاد من المرفوع بالخبر ضمير إلى المبتدأ، وهو الياء، كأنّه قال: ما أنا ممن استهتر قلبي بحبك. وقال ملغز آخر: 107 - (أمرتني لحاظها ثم قالت ... اللحاظ التي تودّ اللحاظ) أمرتني فيه ضمير غائبة، ولحاظها: مفعوله، والتقدير: بلحاظها، فلما حذف (21 أ) أعمل. و (ألّ) من اللحاظ المفتوحة فعل أمر من: ألّى يؤلي، إذا أبطأ. وحاظ، بالظاء، فعل ماض، من حاظ السهم عن الرميّة، إذا زاغ عنها، والتي: فاعلة، ولم تلحقه التاء ضرورة، وتود: صلته، وقد حذف العائد. واللحاظ: رفع بتود، تقديره: أمرتني بلحاظها ثم قالت: إلى حاظت التي تودها اللحاظ. (حرف العين) أنشد سيبويه، وأنشده الزمخشري، قيل: هو حريث بن عناب: 108 - (إذا قال قدني قال بالله حلفة ... لتغني عنّي ذا إنائك أجمعا) ويروى: قال آليت. يريد: إذا قال الضيف قدني أي حسبي، قال المضيف، آليت حلفة لتغني، ويروى: لتغنن، بحذف الياء لالتقاء الساكنين، أي لتشرب لبن

إنائك. و (ذا) بمعنى صاحب، وهي مضافة إلى إناء، وأضاف الإناء إليه لملابسته له في شربه، كقول أحد حاملي الخشبة لصاحبه: خذ طرفك، أي ما يليك. و (وأجمع) مؤكد ل (ذا) لأنه معرفة بإضافته إلى المعرفة. و (حلفه) كقوله: (والتمر حباً ... ) وأنشد سيبويه للقطامي: 109 - (فكرّت تبتغيه فوافقته ... على دمه ومصرعه السباعا) وأنشده المبرد: (فكرت عند فيقتها إليه ... فألفت ... ) ولا إشكال في البيت على هذه الرواية. في (كرت) ضمير من بقرة وحشيةٍ. والضمير المنصوب في وافقته ضمير طلاها. والسباع منصوبة ب (وافقت) أخرى دلّت عليها وافقته، تقديره: فوافقته (21 ب) ووافقت على دمه ومصرعه السباع. وقال بعض النحويين: في كرّت ضمير الخيل، والسباع بدل من الضمير في وافقته. قلت: هذا موضع المثل: (وكيف يرحل من ليست له إبل) . والصحيح ما خبرتك به، لأن قبل هذا البيت: (كأن نسوع رحلي حين ضمّت ... حوالب غرزاً ومعاً جياعا) (على وحشيّةٍ خذلت خلوجٍ ... وكان لها طلاً طفلٌ فضاعا)

ويلزم على سياق كلامه أن يكون بدل غلطٍ. وبدل الغلط لا يكون إلا في يديه الكلام وما يصدر عن غيره روية. وقال بعض الملغزين: 110 - (إذا الخلّ زيداً بالوصال يكن لنا ... خليلاً فقد خان العهود وضيّعا) الهمزة من (إذا) فعل أمر من وأى يئي إذا وعد، وقد تقدم مثله. و (ذا) اسم إشارة، والخل: صفته، وزيداً: بدل أو عطف بيان. وبالوصال: مفعول ثان ل (إ) ، واستعماله بالباء بعيد في لغة العرب، قال الله تبارك وتعالى: {وعدكم الله مغانم كثيرةً} . وقال ملغز آخر: 111 - (ولست بطاوٍ خشية الفقر ساغباً ... أضنّ بما تحويه مني الأصابعا) نصب الأصابع بطاوٍ، والمراد البخل، وساغباً خبر ثانٍ أو حال من الضمير في طاوٍ، وأضنّ مثله. و (ما) موصولة، وتحويه صلتها، وفي تحويه ضمير من الأصابع، وخشية الفقر: مفعول له من صلة طاو، وتقديره: ل // ست طاويا مني الأصابع ضانا بما تحويه خشبة (22 أ) الفقر. وقال آخر: 112 - (وقيل متى تحلّ بلاد نجدٍ ... فقلت لهم إذا جاء الربيعا) الربيع ظرف زمان، وهو جواب متى، وفي جاء ضمير منه، التقدير: فقلت في الربيع إذا جاء. وقال متعسف: 113 - (ويح يوم الفراق إذا سار عمرو ... وحدينا الركاب نسري جميعاً)

(حرف الغين)

عمرو مجرور بإضافة (ويح) إليه وقد فصل بينهما ضرورة، و (ويح) من المصادر التي لا أفعال لها، وهو منصوب إمّا على النداء أو على أصل المصدر. والركاب: فاعل سار. ونسري: حال من الضمير في حدينا. وجميعاً حال من الضمير في حدينا نسري، تقديره: ويح عمرٍو يوم الفراق إذ سار الركاب وقد حديناها سارين جميعاً. وقال بعض هذيل: 114 - (أبا خراشة أمّا أنت ذا نفرٍ ... فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع) أبا خراشة: منصوب لأنه منادى مضاف. وأمّا هذه مركبة من أن المفتوحة الهمزة و (ما) هذه عوض عن كان محذوفة، وذا نفرٍ: خبرها، وأنت نابت عن اسمها، التقدير: لأن كنت ذا نفرٍ. والضّبع هنا السنة المجدبة، أي إن كنت ذا أقوام فأنا نساويك في ذلك. (حرف الغين) لم يقع إلي من هذا الحرف شيءٌ مما أروم ذكره فيه، فانخرطت في سلك من تكلّف ممن تقدّم فقلت: 115 - (بعيري مسرعٌ جلدٌ جرئ ... على الغمرات يقتحم الفراغ) البعير معروف واشتقاقه ظاهر، وهو مبتدأ وقد تكرر خبره بعده، وهذا (22 ب) التكرر نظير قوله تعالى: {وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعّال لما يريد} . ومما أنشده سيبويه من قول الشاعر: (من يك ذابت فهذا بتّي ... ) (مقيّظ مصيّف مشتّي ... ) و (على) متعلق بجريء. والفراغي: كلمتان وقع بهما الألغاز، فألف عبارة عن هذا

(حرف الفاء)

العدد المعروف وقد وصل همزته لضرورة الشعر، وراغي: اسم فاعل من رغا البعير يرغو: إذا صاح، تقول العرب: (ماله ثاغيةٌ ولا راغيةٌ) ، فالثاغية: الشاة، والراغية: الناقة. تقديره: يحتقر ألف بعيرٍ راغٍ. (حرف الفاء) قال الفرزدق: 116 - (وعظّ زمانٍ يا بن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحتا أو مجلّف) العظّ بالظاء المعجمة: الشدّة في الحرب. والمسحت: من أسحته الله، إذا استأصله. والمجلف: الذي أتى الدهر على ماله، والمعنى ظاهر. ويروى بفتح دال يدع وكسرها. فعلى الفتح في رفع مجلف طريقان: أحدهما أنّه محمول على المعنى، لأن معنى لم يدع: لم يبق وهو قول أبي علي. والثاني: مجلف مبتدأ، وخبره محذوف، و (أو) عاطفة جملة اسمية على جملة فعلية. وعلى الكسر يرتفع مسحت ومجلف، ويجعل يدع من الإيداع، أي لم يستقر فيه من المال إلاّ مسحت. وقال آخر: 117 - (منعوني وما أكلت من الزاد ... رغيف وما يرد الرغيفا) (23 أ) ما الأولى مبتدأ بمعنى الذي، وأكلت صلته، والعائد محذوف. والثانية مبتدأ بمعنى أيّ، ويردّ: خبره، والرغيف مفعوله، ويجوز أن يكون الرغيف مفعولاً ثانياً لمنعوني، وما الثانية مفعول يردّ، تقديره: منعوني الرغيف والذي أكلته رغيف وأي شيء يرد أي من الجوع. وقال ملغز آخر: 118 - (خالف ابن الشحناء في كل أمرٍ ... فاتركه فقد كرهت الخلاف)

(حرف القاف)

يريد: خالي، منادى مضاف وحذف الياء كقوله تعالى إخباراً {ربّ لا تذر} . و (في) حرف جر، وسقطت الياء لالتقاء الساكنين، وهو خبر المبتدأ، والمبتدأ الخلاف. وكرهت، يريد: كرهته، فحذف المفعول. وقال متعسّف: 119 - (حدثوني أنّ زيدٍ باكياً ... قائل: في حب هند تسعف) أن مصدر أنّ يئنّ أنّا، وزيد جرّ بإضافته إليه. وباكياً: حال من زيد. وقائل: خبر مبتدأ محذوف. وفه: أمر من وفى يفي، وثبتت الياء ضرورة. وحب: أمر من المحبة. وهن: أمر من هان يهين. ودن: أمر من دان يدين. وتسعف: فعل مجزوم جواب الشرط المدلول عليه بهذه الأوامر. وقال متعسف آخر: 120 - (يخوفني عمراً وإنّي لخائفاً ... عليه إذا ما استسنمته المواقفا) استسنمته: رفعته وجعلته كالسنام. وعمراً: مفعول ثان ليخوفني (23 ب) وإن من إني حرف شرط. ونيل: فعل ماض مبني للمفعول به، وفيه ضمير من عمرو. وخائفاً: حال منه. وعليه: من صلة خائف. والمواقف: مفعول خائف، تقديره: يخوفني عمراً وإن نيل عمرو خائفاً على نفسه المواقف إذا رفعته. (حرف القاف) أنشد سيبويه: لبشر بن [أبي] خازم: 121 - (إذا جزتّ نواصي آل بدرٍ ... فأدّوها وأسرى في الوثاق) (وإلا فاعلموا أنّا وأنتم ... بغاة ما بقينا في شقاق)

الناصية نهاية منبت الشعر في مقدّم [الرأس] وأدوها: ادفعوها. وأسرى: معطوف على (ها) من أدوها. وفي الوثاق: صفة لأسرى أو حال من الضمير في أسرى أو منها نفسها. وإلاّ هنا ليس للاستثناء، وإنّما هو (إن) الشرطية و (لا) النافية، وفعل الشرط محذوف تقديره: وإلا تأدوها. وفاعلموا: جواب الشرط. وبغاة: خبر أنّا. وأنتم: مبتدأ والنيّة به التأخير، لأنه لو [لم] تكن النيّة التأخير لقال: إياكم، كقول الشنفرى: (كأنّها وإيّاه نوخ ... ) وكبيت الكتاب: (إني وإياك إذ بلّغن ... ...) وما بقينا: ظرف لبغاة. وفي شقاق: حال بمعنى متعادين، وهذه الحال متعلقة بحال لازمة الحذف متعلقة ببقينا. وقال بعض الملغزين: 122 - (وقل لمشيبي استبق أمرٍ فإنّما ... نفار الغواني أن تشيب المفارقا) (أم) من أمرٍ حرف عطف، وهي هنا لأحد الشيئين. و (رن) فعل أمر من: ران يرين، إذا غطّى الشيء. والمفارق: مفعوله، وفي تشيب ضمير منها، تقديره: غطّ المفارق فإنما (24 أ) نفار الغواني مشيبها. وقال ملغز آخر: 123 - (يا خالق الحبّة السوداء لاشيهٍ ... على خوانك ملحٌ غير مدقوق) الحبة: البستان، والسودا: الخضراء، لميلها إلى السوداء، لكثرة الري. والشية:

(حرف الكاف)

اللون. و (خال) : منادى مضاف. و (ق) أمر من: وقى يقي. والحبة السودا: مفعول به، وقد قصر السودا ضرورة. و (إلى) حرف خفض، وشية: مجرورة به. و (على) فعل ماض. وخوانك: مفعوله. وملح: فاعل. التقدير: يا خالي قِ الحبة إلى شية أي إلى أنّ يظهر نوّارها. وقال ملغز آخر: 124 - (ألا طرقتنا من سعاد الطوارق ... فأرّقن منا مستهام وعاشق) يريد: أرقتنا، وقد تمّ الكلام عنده، فحذف المفعول لدلالة طرقتنا عليه. ومنا مستهام: مبتدأ وخبر. وقال ملغز: 125 - (كلّ أناس عندنا زادهم ... وكلّ يومٍ رغدٍ رزقه) كل: أمر من أكل يأكل. ولأناس جار ومجرور. وعندنا: صفة أناس. وزادهم: مفعول كلّ. وكلّ الثانية مثل الأولى، ومفعوله: رزقه. ورغد: صفة ليوم. والضمير في رزقه عائد إلى اليوم، أي: الرزق الحاصل في اليوم. (حرف الكاف) أنشد سيبويه: 126 - (ورأي عينيّ الفتى أخاكا ... ) (يعطي جزيلاً فعليك ذاكا ... ) رأي عينيّ: منصوب على المصدر مضاف إلى الفاعل في المعنى، وعينيّ: مثنى مجرور مضاف إلى ياء المتكلم، سقطت النون للإضافة فاجتمعت ياءان فأدغمت إحداهما في الأخرى.

والفتى: مفعول رأي، والأخ بدل منه. والجزيل: صفة (24 ب) مصدر، أي عطاءً جزيلاّ. وعليك: اسم فعل للإغراء، وذاك: مفعوله. وقال آخر: 127 - (أفي السّلم أعياراً جفاءَ وغلظةَ ... وفي الحرب أشباه النساء العوارك) أعيار: جمع عير، وهما حمار الوحش، وهو منصوب على الحال، والعامل محذوف تقديره: أتنقلبون، كقول العرب: أتميمياَ مرةّ وقيسيّاَ أخرى. فإن قلت: أعيار اسم جامد فلا يكون حالاَ. قلت: المراد جفاة، وقد دلّ عليه قوله: جفاء وغلظة، وهما تمييزان، وأشباه النساء: حال أيضاَ، لأنّ واحدة: شبهةٌ أو شبهٌ، وهما لا يتعرفان إلاّ بالإضافة ... . والعوارك جمع عارك، وهي الحائض. نسبهم إلى الخير والاسترخاء في الحرب، وإلى إظهار الناس في حال السلامة. وقال آخر: 128 - (ضربت أبيك ضربة لا جبان ... ضربت بمثلها قدما أخيكا) أبيك: جمع أب جمع التصحيح مضاف إلى الكاف والياء علامة. وضربة مصدر ضربت. و (لا) حرف نفي. وجبان مجرور بضربة. ويجوز أن تكون (لا) بمعنى غير. وأخيك مثل أبيك. وقال آخر: 129 - (تسألني عن زوجها أيّ فتىً ... خبٌ جبانٌ وإذا جاع بكى) أيّ فتى: مبتدأ وخبره محذوف أي هو، ولم يعمل في المبتدأ تسألني لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله. وأمّا ما جاء في الحديث: (صنعت ماذا) فتأول. (25 أ) وخب جبان:

(حرف اللام)

جواب الاستفهام وهو خبر مبتدأ، كقولك صالحٌ، في جواب: كيف أنت وجبان: خبر ثان. (حرف اللام) أنشد سيبويه في المنصوبات: 130 - (وجدنا الصالحين لهم جزاءٌ ... وجنّاتٍ وعيناً سلسبيلا) الصالحين: مفعول أول لوجدنا، ولهم جزاء: مبتدأ وخبر في موضع المفعول الثاني. ولا يجوز أن تعطف جنات على موضع لهم جزاء، لأنه يصير: وجدنا الصالحين جناتٍ، فتنصبه بوجدنا أخرى دلّت عليها الأولى، كأنه قال: ووجدنا لهم جناتٍ. والسلسبيل: السهل النزول. وقال امرؤ القيس: 131 - (كأن ثبيراً في عرانين وبله ... كبير أناس في بجاد مزمّل) يريد: كأنّ ثبيراً، وهو جبل بمكة، في حال انحدار أول السيل عنه شيخٌ مزمّل، أي ملتف في بجاد، أي كساء مخطّط. فالمعنى يقتضي رفع مزمّل. وفي حدّه وجهان: أحدهما الجوار كقول ذي الرّمة: (تريك غرّة وجهٍ غير مقرفةٍ ... ) والثاني أنه صفة بجاد، والتقدير: مزمّل فيه، محذوف حرف الجر فبقي مزمله، والضمير قائم مقام الفاعل فاستكنّ، وهذا اختيار أبي الفتح واستخراجه.

وقال الفرزدق: 132 - (إنّ الفرزدق صخرةٌ عاديّةٌ ... طالت فليس تنالها الأوعالا) الأوعال: مفعول طالت، وهو من قولك طاولني فطلته، وفاخرني ففخرته. وفي (ليس) ضمير من الأوعال، وتنالها الخبر، (26 أ) و (ها) ضمير الصخرة. وحذف التاء من ليست للضرورة. وقال ملغز: 133 - (سلا أم عمرو واعلما كنه شأنه ... ولا سيما أن تسألا هل له عقل) أمّ فعل ماضٍ لم يسمّ فاعله بمعنى شجّ، وعمر ومرفوع به. وأن تسألا في موضع رفع بالابتداء، إن كانت (ما) كافةً، وهل له عقل: الخبر أو محذوف. وفي موضع جرٍ إن كانت زائدة. والعقل هنا الدية، يقول: هل له ديةٌ في شجّه. وأنشد سيبويه لامرئ القيس: 134 - (فلو أنّ ما أسعى لأدني معيشةٍ ... كفاني ولم أطلب قليلٌ من المال) (ولكنما أسعى لمجدٍ مؤثّلٍ ... وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي) قليلٌ: فاعل كفاني. وليس هذا من باب إعمال الفعلين، لأنّ من شرطه أن يوجه الفعلان فيه إلى شيء واحد، ولم يوجد ذلك، لأنّ (اطلب) مفعوله الملك، وقد حذفه. قال أصحابنا: فلو نصب لفسد المعنى، لأنه إذا سعى لأدنى معيشةٍ طلب القليل. قلت: هذا لا يلزم ونفسه ورعة عن طلب القليل، فاستعمل المبالغة جرياً على عادة الشعراء، كما تقول لمن ... ... . لو كانت حالي أسوأ الأحوال لم تنلها.

وقريب من هذا قول أبي الطيب: (ويحذى عرانين الملوك وإنها ... لمن قدميه في أجل المراتب) فجعل أحسن مراتب الملوك أجلها لانتساب عرانينهم إلى أقوام الممدوح. وهذا أكثر من أن يحصر وأشهر من أن يذكر. أي (26 أ) لو سعيت لمعيشة دنية لم أطلب قليلاً من مال وقد سعيت للملك. ومثله قول عمر: (نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه ... ) وقال ملغز: 135 - (محمد زيداً يا أخا الجود والفضل ... وإهمال ما أرجوه منك من البسل) محم: ترخيم محمد. و (د) أمرٌ من ودي يدي إذا أعطى الدية. وزيداً: مفعوله. وإهمال: مبتدأ. ومن البسل خبره. والبسل: الحرام. أي: وإهمال ما أرجوه منك حرام. وأنشد جماعة من النحويين لبعض الأعراب: 136 - (الحرب أول ما تكون فتيةً ... تبدو بزينتها لكل جهول) يروى برفع الحرب وأول وفتية، وبنصب أول ورفع ما عداه، وبرفع الحرب ونصب ما عداه، وبنصب فتيةٍ ورفع ما عداه. فعلى الرواية الأولى: الحرب مبتدأ، وأول مبتدأ ثان، و (ما) مصدرية، وكان تامة، وفتيةٌ، من الحرب، خبر أول، وهو تصغير فتاة، والجملة خبر الحرب، تقديره: الحرب أول [كونها] فتية.

وعندي أن أول في هذه بدل من الحرب وفتية الخبر وعلى الثانية الحرب مبتدأ وفتية خبره وأول ظرف أو حال تقديره في حال حدوثها أو وقت حدوثها وعلى الثالثة الحرب مبتدأ وأول ظرف فيه حالٌ لمحذوف وقد سدت مسد الخبر التقدير الحرب تقع إذا كانت فتية أول حدوثها وكان المقدرة العاملة في الحال تامة وعلى الرابعة الحرب مبتدأ وأول مبتدأ ثانٍ وفتية حال سدت مسدَّ خبر أول وأول والحال في موضع (26 ب) خبر الحرب وقال ذو الرمة 137 - (سمعت الناس ينتجعون غيثاً ... فقلت لصيدح انتجعي بلالا) الناس رفع بالابتداء وينتجعون الخبر والانتجاع طلب الخير من النجعة وهي طلب الكلأ والخصب ويعني موضع الغيث وصيدح اسم ناقته وبلال هذا هو ابن أبي موسى وقد كرر ذكره ذو الرمة في شعره وقال بعض الأدباء في قلى محبوب له أديب هذه الأبيات وأرسلها إليه 138 - (صل الهجر صيرني مثلةً ... فإني بحبك نضو عليلا) (ولا تجف يا من أفديه بي ... فإني من الهجر صبٌ قتيلا) (وساعف كما كنت لي بالوصال ... تساعف أني ذاك الخليلا) عليل: مفعول صل والمحبوب مبتدأ وما بعده الخبر وقتيل مفعول لا تجف والخليل مفعول ساعف وحمل صيرني على المعنى لأن المراد نفسه ولم يقل صيره

(حرف الميم)

(حرف الميم) أنشد سيبويه للدبيريّ: 139 - (قد سالم الحيات منه القدما ... ) (الأفعوان والشجاع الشّجعما ... ) (وذات قرنين ضموزاً ضرزما ... ) الأفعوان: ذكر الأفاعي. والميم في الشجعم زائدة. والضموز: الساكنة. (27 أ) والضرزم: المسنّة، وذلك أخبث لها. وقد أنشد سيبويه برفع الحيات ونصب القدم، وذلك يقتضي رفع الأفعوان وتلوه على جهة البدل، وإنما نصبه حملاً على المعنى، لأنّ الحيات إذا سالمت القدم فقد سالمتها القدم لأن المفاعلة لا تكون إلا من اثنين غالباً. وأنشد الفرّاء بنصب الحيات على أنها مفعول بها، والفاعل القدمان، وأسقط النون كقول الأخر: (هما خطتّا إمّا إسارٌ ومنّه ... ) على رواية الرفع. يصف رجلاً بخشونة قدمه وإنّ هذه الأنواع من الحيات لا ثؤثر فيها) وقال بعض العرب: 140 - (تذكرت أرضاً بها أهلها ... أخوالها فيها وأعمامها) رفع الأخوال والأعمام وجهة الكلام على البدل من الأهل. وإنمّا نصبهم بتذكرت أخرى.

دلت عليها الأولى حملا على المعنى، لأن تذكر أرض الأهل، فكأنه قال: تذكرت أخوالها وأعمامها. وأنشد جماعة من النحويين للبيد: 141 - (حتى تهجّر في الرواح وهاجه ... طلب المعقّب حقّه المظلوم) الضمير في تهجّر، والضمير المنصوب في هاجه للحمار. وفي هاجه فاعل من الرواح. يعني: يطلب الحمار الماء طلبا مثل طلب المعقّب، وهو الذي يطلب حقّه مرةً بعد أخرى. وحقّه: مفعول طلب، والمفعول صفة المعقب على الموضع. (27 ب) وسمعت بعض من يتعاطى هذا العلم ينشد: طلب، بالرفع. وقد علمت أنّ المعنى يخله من حيث أنّ طلب المعقّب لا يهيج الحمار، وتقديره مع [ما] بعده: طلب مثل طلب المعقّب. وقال ملغز: 142 - (وتثبّت إذا لقيت سليمي ... فهي بدرٌ يسبيك منها الكلاما) (وإذا قالت السلام عليه ... كل يومٍ فقل عليك السلاما) الكلام: مفعول تثّبت، تقديره: إذا لقيت سليمى، وهي بدر يسبيك فتثّبت الكلام منها. والسلام: منصوب بعليك على الإغراء. وقال ملغز آخر: 143 - (جالت لتصر عني فقلت لها اقصري ... إني امرؤ صرعي عليك حرام)

قيل: هو مجرور على الجوار للكاف والياء، وهو قبيح، لأنه ليس بفضلةٍ. وقيل: هو مبني على الكسر كحساد وبداد. وقيل: هو على النسب كأروناني وأسودي، وقد خفّف. وقال الفرزدق: 144 - (وما كنت أخشى الدهر إحلاس مسلمٍ ... من الناس ذنباً جاءه وهو مسلما) قال ثعلبٌ: الإحلاس، بالحاء [غير] معجمةٍ: الإلزام. والدهر: ظرف لأخشى، ومن الناس: متعلق به أيضاً. و (مسلما) مفعول أول لإحلاس، و (ذنباً) مفعول ثانٍ له أيضاً. وجاءه: صفة ذنب. وفي جاءه ضمير من مسلم الأول، وهو معطوف على ذلك الضمير. وكان الواجب تأكيده، تقديره: وما كنت أخشى من الناس في الدهر إلزام مسلمٍ مسلماً ذنباً جاءه هو وهو. ومعناه: ما كنت أظن إنسانا يفعل ذنبا هو (28 أ) وآخر فينسبه إليه دونه. وقال متكلّف آخر فيما أرى: 145 - (فأصبحت بعد خطّ بهجتها ... كأنّ قفرا رسومها قلما) هذا على التأخير والتقديم، تقديره: فأصبحت بعد بهجتها قفرا كأنّ قلماً خطّ رسومها. فقفراً: خبر أصبحت، وقلماً: اسم كأنّ، وخطّ: خبرها، ورسومها: مفعول خطّ. وتقديم (خطّ) الذي هو خبر كأن عليها لحنٌ فاحشٌ، والفصل به بين أصبحت وخبرها، والفصل بخبر أصبحت بين كأنّ وتابعها أفحش.

(حرف النون)

وأنشد أبو الحسين أحمد بن فارس لسويد بن كراع: 146 - (فدع عنك قوماً قد كفوك شؤونهم ... وشأنك إلا تركه متفاقم) وجّه الألغاز التباس (إلا) هنا بحرف الاستثناء، ولالتباس (تركه) بالاسم المرفوع. وتوجيه إعرابه: أنّ شأنك مبتدأ، و (إلا) حرفان: (إن) الشرط، و (لا) النفي. [تركه] فعل مجزوم بأن وعلامة الجزم حذف الواو. ومتفاقم: خبر شأنك. والشرط معترض بين المبتدأ والخبر، وجوابه محذوف قامت الجملة مقامه. وقال لبيد: 147 - (باكرت حاجتها الدجاج بسخرةٍ ... لأعلّ منها حين هبّ نيامها) الضمير في (حاجتها) للخمر. والدجاج: الديكة. ولأعل أي لأسنقى بعد سقي الأول. وهب: انتبه من نومه. ونصب حاجتها بباكرت على أنّه مفعول له، وأوقعه موقع الاحتياج. والدجاج مفعول باكرت، وقد حذف منه مضافاً، تقديره: بكور (28 ب) الدجاج. معناه: باكرت لأجل احتياجي إلى الخمر بكور الدجاج لأسقي منها حين انتبه النيام. (حرف النون) أنشد أبو عثمان لبعض الملغزين: 148 - (فرعون مالي وهامان الألى زعموا ... أني بخلت بما يعطيه قارونا) قال ابن أسد: فر أمرٌ من وفر المال، إذا زاده. وعون: يعني معونة، أي زد

معونة مالي. و (ها) : فعل ماض بمعنى ضعف. ومان: جمع مانةٍ، وهي أسفل السّرّة. والألى: بمعنى الذين، وزعموا صلته. و (ما) بمعنى الذي. والهاء في يعطيه عائد إلى (ما) . ويعطي فيه ضمير فاعل من الله، محذوف للعلم به. وقارون مفعول ثانٍ ليعطي، التقدير: زد معونة مالي ضعف مان الذين زعموا أني بخلت بالذي يعطيه الله قارون. وعندي أن أسهل منه ملغزا أن يقال: فرعون مالي: منادى مضاف، والمراد ... ... مالي. وهامان منادى، والمراد به الألى أيضا. والألى مبتدأ بمعنى الذين، وما بعده صلته، والخبر محذوف دل عليه أول البيت، أي جاهلون بقدرك. وفيه أوجه أخر لم أطل الكتاب بذكرها. وقال ملغز آخر: 149 - (يا رازق الذرّة الحمراء وابنتها ... على سماطك ملحاً غير مطحون) راز: منادى مرخّم من رازي، اسم رجل. و (قد) هاهنا حرف تقريب. وذرّت: فعل ماضٍ. والحمراء: فاعلته. وابنتها: عطف على الحمراء. والباقي مفهوم. وقال الفرزدق: 150 - (لئن أخرجت برزة من أبيها ... إلي لأرفعن لك العنانا) ((29 أ) كمدحه جرولٍ لبني قريعٍ ... إذا من فيه أخرجها اللسانا) نصب اللسان بأخرجها، على اسقاط حرف الجر. والضمير في أخرجها للمدحة، التقدير: إذا أخرجها من قيه اللسان. وقال ملغز: 151 - (رمينا حاتمٍ حيث التقينا ... وهذا عامراً زيدٌ يقينا)

حات: ترخيم حاتم. ومن: حرف جرّ. وحيث هنا لدخول الجار عليه مضاف إلى الجملة. و (هذا) : فعل ماضٍ من المهاذاة، وعامراً مفعوله، وفاعله زيدٌ. ويقينا: اسم للتيقن منصوب بمعنى الجملة. التقدير: رمينا يا حات من حيث التقينا، وهذا زيدٌ عامراً يقيناً، أي تيقناً. وقال آخر: 152 - (أكلت دجاجتان وبطتّان ... وقد ركب المهلّب بغلتان) دجاج: مفعول أكلت، وهو مضاف إلى تاني، وأصله الهمز، وقد حذف حرف الياء. وكذلك الباقي. وكتب موصلاً للمعاياة. وقد مرّ بك أمثاله. وقال ملغز آخر: 153 - (لابن عفراء في تميم كما تدري ... بيوتاً فيها الوجوه الحسانا) (ل) : أمرٌ من ولي يلي. وابن: منصوب على النداء المضاف. وفي تميم: متعلق ب (ما) ، كذلك الكاف. وبيوتاً: مفعول تدري. (فيها) : صفة بيوت. والوجوه مفعول (ل) ، الحسان: [صفة لها] . وقال آخر: 154 - (هيهات أسمع من فرعون دعوته ... ولست أفكر فيما قال هامانا) (ما) : بمعنى التي، وما: مفعول قال. ومان: كذب، وفيه ذكر يعود إلى فرعون. تقديره: في (29 ب) التي قالها، ثم أخبر فقال: مان.

وقال ملغز آخر: 155 - (ما لزيدا أب إذا قيل: من ذا ... وسعيداً فأمّه حسّانا) مال: أمر من مالي يمالي، إذا أخرّ، مثل أملي. وزيداً: مفعوله. وأبن فعل أمر من أبان يبين. وسعيداً: منصوب بفعل تفسيره فأمّه، أي فأمّ سعيداً فأمّه. وحسان: يجوز أن يكون بمعنى محسنٍ، وبمعنى فاعل فيكون حالاً. ويجوز أن يكون معرفة فتنصبه على إسقاط حرف الجر، كأنّه قال: فأمه بحسّان. وحسان هنا غير مصروف، ويجوز صرفه. وقال ملغز آخر: 156 - (لله أشكر في كلّ الأمور على ... عزي المنيع إذا استخدمت أعوان) يريد (لي) ، فاللام لام الجر والياء ضمير المتكلم، وقد حذف الياء لالتقاء الساكنين لدلالة الكسرة على حذفها، وهو خبر مبتدأ، ومبتدؤه أعوان من آخر البيت. والله: مفعول أشكر، وقد تقدّم عليه، كقوله [تعالى] : {إياك نعبد} ، تقديره: لي أعوان أشكر الله على عزي المنيع إذا استخدمت: أي صرت ممن يستخدم. وقال آخر: 157 - (لولا مقالي سعيد لائم دنقا ... لما تشبث بي إذ قال سلمانا) لام: فعل ماضٍ، و (قالي) : اسم فاعل من قلى يقلي، وهو مفعول لام، ولم يحرك ياءه للضرورة. ولائم: فاعله. ودنفاً: حال من (قالي) لأنه معرفة بإصافته إلى سعيد.

(حرف الهاء)

وفي (30 أ) تشبث ضمير فاعل من قالٍِ. وسل: فعل أمر من سأل يسأل، ومان: كذب وأراد همزة الاستفهام فحذفها لدلالة المعنى على حذفها. (حرف الهاء) قال بعض الملغزين: 158 - (هندا ابن العزيز صاحب مصر ... قد تمنى وصالها إذ قلاها) ابن العزيز: مبتدأ، وصاحب مصر: منادى مضاف، وقد تمنّى: الخبر، ووصالها: مفعول تمنى، وهندا: منصوب دل عليه تمنى، تقديره: أحب هندا، كقولك: هندا زيدٌ ضرب أباها. وإذ من صلة تمنّى، التقدير: أحب هندا ابن العزيز [قد] تمنّى وصالها وقت بغضه إياها يا صاحب مصر. أي على القرب من ذلك. وقال ملغز آخر: 159 - (مؤمل عمراً لا تدعه فربمّا ... أطلّ دمي يقتاد لابن أخيه) مؤمّ من مؤمل، اسم رجل. و (ل) أمر من ولي يلي. وعمراً: مفعوله. ويقتاد: حال من الضمير الذي في أطلّ العائد إلى عمرو. ولابن أخيه: متعلق بيقتاد، التقدير: يا مؤم ل عمراً فربما أطلّ دمي مقتادا لابن أخيه. ومقتاد: مفتعل، من القود، وهو القتل في مقابلة القتل. وقال ملغز ثالث: 160 - (شوى جعفرٍ بالوعد خمسة أكبشٍ ... ليطعم منها طائعٌ وهو كارهه)

(حرف الواو)

شوى: جمع شواة، وهي جلدة الرأس، وجعفر: مجرور بإضافة شوى إليه، وهو رفع بالابتداء، وكارهه، آخر البيت، الخبر، ولم يؤنث لأنهّ جنس. وبالوعد (30 ب) متعلّق بكارهه. وخمسة أكبش: مفعول الوعد لأنّه مصدر فيه الألف واللام. وليطعم: متعلّق بالوعد. وطائع: اسم رجلٍ، وهو فاعل يطعم، و (هو) : عطف عليه، وهو ضمير جعفر. هذا توجيه إعرابه، التقدير: شوى جعفر كارهة بأن يعد خمسة أكبش ليطعم منها طائع وجعفر. وقال آخر: 161 - (دعا خالداً ربٌ السموات فوقه ... أزار من الناس الكرام وجوهها) (دعا) : فعل أمر، إمّا للواحد مخاطباً خطاب الاثنين أو لاثنين. وخالد: مفعوله. وربّ السموات: مبتدأ، وفوقه: الخبر. زار: فعل ماض، والهمزة للاستفهام. ومنى: منى مكّة، وقد حذف التنوين لضرورة الشعر أو لأنه لم يصرفها، وهي مفعول زار، وحذف ألفها لالتقاء الساكنين. والناس: فاعل زار. والكرام: صفتها. ووجوهها: فاعل الكرام. (حرف الواو) قال الشاعر: 162 - (ولي من سعيدٍ صاحباً أيّ صاحبٍ ... قليل الخلاف لا حرونا ولا عدوا) (إذا كنت مرّاً كان مرا على أخ ... وإن كنت حلواً كان مستعذباً حلوا) (لي) : أمر من ولي يلي، وقد أشبع الكسرة فنشأت الياء. وصاحباً: مفعول (لي) . وأي ّصاحب: صفة له على جهة المبالغة. وقليل الخلاف: خبر مبتدأ محذوف أي: هو. ولا حروناً: التقدير: ولا يحرن حرونا. وحرون: اسم فاعل أقيم مقام المصدر (31 أ) وعدواً: مصدر، أي: لا يعدو عدواً.

(حرف الياء)

(حرف الياء) أنشد أبو طالب العبدي وغيره من النحويين لسحيم عبد بني الحسحاس: 163 - (فجال على وحشيّه وتخاله ... على متنه سبّا جديداً يمانيا) الوحشي ضد الانسي، والأنسي: الجانب الذي يركب منه ويحتلب منه الحالب. والسّب: الثوب. والهاء في تخاله ضمير المصدر أي: تخال الخيل. وعلى متنه: مفعول ثانٍ لتخال، والأوّل سبّ. وجديداً يمانيا: صفتان لسّب. ولو جعل الهاء مفعولاً أوّل لوجب رفع سبّ بالابتداء، وعلى متنه الخبر، والجملة هي المفعول الثاني. وقال أبو الطيّب المتنبي: 164 - (إذا الجود لم يرزق خلاصاً من الأذى ... فلا الحمد مكسوباً ولا المال باقيا) أي أنّ صاحب الجود إذا شاب جوده بأذىً لم يكسب حمداً. وكذلك المعطاة، كأنّه لا مال معه، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأّذى} . ونصب مكسوباً على أنّه خبر (لا) لأنها بمعنى ليس، وإنما دخلت هنا على المعرفة لتكررها، ولولا هو لم تدخل إلاّ على النكرة، كبيت الكتاب: (من صدّ عن نيرانها ... فأنا ابن قيسٍ لا براح) أي: لا براح لي.

وقال آخر: 165 - (على كلِّ جرداء السراة طمرّةٍ ... بعيد مداها من تناج المذاكيا) أنشدني هذا البيت سديد الدين بن وشاح بن مبادر أخو المولى عز الدين، المؤلف له الكتاب، أدام الله كلاتهما، كما أشاع سيادتهما، وذكر أنه سأل بعض (31 ب) من ينسب إلى قراء العربية عن نصب (المذاكي) فأمسك، فاستخرت الله تعالى فقلت: السّراة الظهر، والطمرة والطمر: المستعد للعدو، والمدى: الغاية والبعد. والمذاكي من الخيل: جمع مذكّي، وهو الذي أتى عليه بعد القروح سنة، والنتاج: معروف، وهو استيلاد الخيل والنوق، يقال: نتجت الناقة ونتجها أهلها. و (بعيد) : مجرور، صفة ل (جرداء السراة) ، ولم تتعرف جرداء بإضافتها إلى السراة، لأنّ الإضافة في تقدير الانفصال، و (مداها) فاعل بعيد، ويجوز (بعيد) بالرفع، خبر مبتدأ. والمبتدأ (مداها) ، والجملة في موضع جر صفة. وفيما يتعلق به (من نتاج) وجهان: أحدهما بعيد، والثاني محذوف لجعله صفة أخرى. و (المذاكي) منصوب ب (نتاجي) لأنّه مصدرٌ مضافٌ إلى ياء المتكلم، وقد حذفت الياء لالتقاء الساكنين. ويجوز أن يكون (نتاج) نكرة غير مضاف، وقد حذف منه التنوين، كقول الآخر: (ولا ذاكر الله إلا قليلا ... ) والمعنى ظاهرٌ، والتقدير: على كل جرداء السراة طمرة بعد مداها من أجل أن نتجت المذاكيا. فهذا آخر ما لخّصته من الأبيات المشكلة الإعراب الدالّة على إعرابها، ولأن كنت مسبوقاً بجمع مثلها لابن المفجع والفارقي، فقد أتيت فيها بما لا ينكره ذو لبّ مما لخّصته من كلامهما وترك كثير من إعرابهما (32 أ) وتوجيه البيت على سنن الحقّ الواضح مع الاعتراف بتقدم فضلهما بالسبق وإحاطة الفصل.

وقد أودعت هذا المختصر من أبيات الكتاب والمجمل وشوارد أخر وفوائد ادّخرتها من فم شيخٍ أو نص كتابٍ متقنٍ، ودقائق من فكري أبكار لم تقترع بعد. ولأن لم يجعل حل المنيّة لأفعل كتاباً كبيراً جامعا لمشكل أشعار العرب العاربة من الجاهلية والمخضرمة والإسلامية غير مشوبٍ ببيتٍ محدثٍ، إن شاء الله تعالى. فنفعنا الله بالسّلف من العلماء، ورحمهم ورحمنا بمنّه ولطفه، إنه جواد غفار وهاب ستار، صلى الله عليه وسلم على سيدنا محمدٍ وآله وحسبنا الله ونعم الوكيل. وكان الفراغ من نسخ هذا الكتاب المبارك في السادس عشر من شهر رجب المعظم سنة عشرين وسبعمائة، غفر الله لكتابه، آمين. كتب بالحسينية بظاهر القاهرة المحروسة برسم مالكه الفقير العالم العامل الورع العلامة القدوة، شيخ الطرائق ومعدن الحقائق نور الدين أبي الحسن علي بن الشيخ الصالح الخاشع الناسك تقي الدين أبي بكر المالكي المذهب المغربي، عفا الله عنه وغفر له، يا رب العالمين، صلى الله عليه وسلم على محمد النبي وآله

§1/1