الاستيعاب في بيان الأسباب

سليم الهلالي

الاسْتيعَاب في بَيانِ الأَسبَاب «أوّل مَوسُوعَة عِلميَّة حدِيثيّة مُحقّقَة في أسبَاب نزوُل آي القُرآن الكَريم» تأليف سَليم بن عيد الهلالي - محمَّد بن مُوسَى آل نَصر المجَلّد الأوَّل دَار ابْن الْجَوْزِيّ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الاسْتيعَاب في بَيانِ الأَسبَاب

جَميع الحُقُوق مَحفُوظة لدَار ابْن الجَوزي الطّبعَة الأولى شعْبَان 1425 هـ حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة © 1425 هـ لَا يسمح بِإِعَادَة نشر هَذَا الْكتاب أَو أَي جُزْء مِنْهُ بِأَيّ شكل من الأشكال أَو حفظه ونسخه فِي أَي نظام ميكانيكي أَو إلكتروني يُمكن من استرجاع الْكتاب أَو تَرْجَمته إِلَى أَي لُغَة أُخْرَى دون الْحُصُول على إِذن خطي مسبق من الناشر دَار ابْن الْجَوْزِيّ للنشر والتوزيع المملكة الْعَرَبيَّة السعودية: الدمام - شَارِع ابْن خلدون - ت: 8428146 - 8467589 - 8467593، ص ب: 2982 - الرَّمْز البريدي: 31461 - فاكس: 8412100 - الرياض - ت: 4266339 - الإحساء - الهفوف - شَارِع الجامعة - ت: 5883122 - جدة - ت: 6516549 - 6813706 - بيروت - هَاتِف: 869600/ 03 - فاكس: 641801/ 01 - الْقَاهِرَة - ج. م. ع - مَحْمُول: 01006823783 - تلفاكس: 022561473 الْبَرِيد الإلكتروني: [email protected] - www.jwzi.com

المقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [المقدمة] إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضلّ له، ومن يضلل؛ فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فإن معرفة أسباب نزول آي القرآن من أجلِّ علومه وأشرف مقاصدها؛ لأنه يعين على فهم معناها، ولهذا فقد أشكلت آيات على بعض الصحابة فمن دونهم حتى استبان لهم سبب نزولها؛ كقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، فقد وضّح لهم أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- سبب نزولها؛ فعرفوا تفسيرها؛ فاستبان لهم معناها. قال شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية؛ فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب" (¬1). ولا يعني هذا: أن يلتمس الإنسان لكل آية سبباً؛ فإن القرآن لم يكن نزوله وقفاً على الحوادث والوقائع أو على السؤال والاستفسار، بل كان القرآن يتنزل ابتداءً بعقائد الإيمان، وواجبات الإسلام، وشرائع الله -تعالى- في حياة الفرد وحياة الجماعة. قال الجعبري -رحمه الله-: "نزل القرآن على قسمين: قسم نزل ابتداء، وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال" (¬2). ¬

_ (¬1) "مجموع الفتاوى" (13/ 339). (¬2) "الإتقان في علوم القرآن"، للسيوطي (1/ 28).

ما يعتمد عليه في معرفة سبب النزول

ولذا؛ فإن سبب النزول هو: ما نزل قرآن بشأنه وقت وقوعه كحادثة أو سؤال. قال السيوطي: "والذي يتحرر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه؛ ليخرج ما ذكره الواحدي في "تفسيره" في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة؛ فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء، بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية؛ كذكر قصة قوم نوح، وعاد، وثمود، وبناء البيت، ونحو ذلك، وكذلك ذكره في قوله: {وَاتَّخَذَ الله إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] سبب اتخاذه خليلاً، فليس ذلك من أسباب نزول القرآن؛ كما لا يخفى" (¬1). * ما يعتمد عليه في معرفة سبب النزول: "والعلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو عن الصحابة، فإن إخبار الصحابي عن مثل هذا إذا كان صريحاً لا يكون بالرأي، بل يكون له حكم المرفوع؛ كما نبّه على ذلك الحاكم وابن الصلاح وغيرهما من أئمة الحديث -رحمهم الله-" (¬2). قال السيوطي: "قد تقرر في علوم الحديث: أن سبب النزول حكمه حكم الحديث المرفوع؛ لا يقبل منه إلا الصحيح المتصل المسند، لا ضعيف ولا مقطوع" (¬3). وقد كان السلف الصالح -رضي الله عنهم- يتورعون أن يقولوا في القرآن أو تفسيره أو أسباب نزوله دون علم أو تثبت خوفاً من الوقوع في وعيد قول ¬

_ (¬1) المصدر السابق (1/ 31). (¬2) "مباحث في علوم القرآن"، مناع القطان (ص 76)، وانظر: "المدخل لدارسة القرآن الكريم"، محمد أبو شهبة (ص 134). (¬3) "المقامة السندسية" (ص 7)، وانظر -لزاماً-: "التحبير في علم التفسير" (ص 86).

فوائد معرفة أسباب النزول

الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من كذب عليّ متعمّدًا؛ فليتبوأ مقعده من النار" (¬1). قال محمد بن سيرين: سألت عبيدة عن آية من القرآن؛ فقال: "اتق الله، وقل سداداً، ذهب الذين يعلمون فيمَ أنزل القرآن". قال الواحدي -رحمه الله-: "لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدّوا في الطلب" (¬2). * فوائد معرفة أسباب النزول (¬3): 1 - معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم. 2 - تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب. 3 - أن اللفظ قد يكون عاماً، ويقوم الدليل على تخصيصه، فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته، فإن دخول صورة السبب قطعي، وإخراجها بالاجتهاد ممنوع. 4 - الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال. 5 - دفع توهم الحصر. 6 - معرفة اسم من نزلت فيه الآية، وتعيين المبهم فيها. 7 - تثبيت الوحي وتيسير الحفظ والفهم، وتأكيد الحكم في ذهن من يسمع الآية إذا عرف سببها. * ومن أمثلة معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم. وفي ذلك فائدة للمؤمن وغير المؤمن: ¬

_ (¬1) حديث متواتر. (¬2) "أسباب نزول القرآن" (ص 5). (¬3) انظر: "الإتقان"، السيوطي (1/ 29)، و"البرهان"، الزركشي (1/ 22 - 29)، و"مناهل العرفان"، الزرقاني (1/ 106، 107).

أما المؤمن: فيزداد إيماناً وبصيرة بحكمة الله في تشريعه؛ فيدعوه ذلك إلى شدة التمسك بها. وأما غير المؤمن: فيعلم أن الشرع قام على رعاية المصلحة، وجلب المنفعة، ودفع المضرة، فيدعوه ذلك إن كان منصفاً إلى الدخول في الإسلام. وذلك مثل ما إذا عرفنا سبب تحريم الخمر؛ عرفنا الحكمة في التحريم؛ إذ أنها توقع العداوة والبغضاء بين الناس، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتذهب العقل والوقار، وتضر بالصحة وتفني الأموال في غير طائل (¬1). * ومن أمثلة الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال: أنه أشكل على عروة بن الزبير -رضي الله عنهما- أن يفهم فرضية السعي بين الصفا والمروة من قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]، وذلك لأن الآية نفت (الجناح) ونفي (الجناح) لا يدل على الفرضية، حتى سأل خالته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن ذلك؛ فأفهمته أن نفي (الجناح) ليس نفياً للفرضية، وإنما هو نفي لما وقر في أذهان المسلمين يومئذ من التحرج والتأثم من السعي بين الصفا والمروة؛ لأنه من عمل الجاهلية وقد كان سبب هذا التحرج ما روي من أنه كان على الصفا صنم يقال له: (إساف) وعلى المروة صنم يقال له: (نائلة)، وكان المشركون إذا سعوا تمسحوا بهما، فلما ظهر الإسلام، وكسرت الأصنام تحرج المسلمون أن يطوفوا بينهما لذلك؛ فنزلت الآية، لنفي هذا الحرج (¬2). ¬

_ (¬1) "مدخل إلى دراسة القرآن" (ص 141). (¬2) "المرجع نفسه" (ص 136)، وانظر: "الإتقان" (1/ 84).

العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

* العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب: إذا اتفق ما نزل مع السبب في العموم، أو اتفق معه في الخصوص، حمل العام على عمومه، والخاص على خصوصه. ومثال الأول قوله -تعالى-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} [البقرة: 222]. عن أنس -رضي الله عنه- قال: "إن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوها في البيوت، فسُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأنزل الله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جامعوهن في البيوت، واصنعوا كل شيء إلا النكاح" (¬1). قال السيوطي: "اختلف أهل الأصول: هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟ والأصح عندنا الأول، وقد نزلت آيات في أسباب، واتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها؛ كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر، وآية اللعان في شأن هلال بن أمية، وحد القذف في رماة عائشة، ثم تعدى إلى غيرهم، ومن يعتبر عموم اللفظ قال: خرجت هذه الآيات ونحوها لدليل آخر، كما قصرت آيات على أسبابها اتفاقاً لدليل قام على ذلك. ومن الأدلة على اعتبار عموم اللفظ، احتجاج الصحابة وغيرهم في وقائع بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة شائعاً ذائعاً بينهم. قال ابن جرير (¬2): حدثني محمد بن أبي معشر، أخبرنا -أبو معشر- نجيح قال: سمعت سعيد المقبري يذكر محمد بن كعب القرظي؛ فقال سعيد: ¬

_ (¬1) سيأتي تخريجه (ص 169). (¬2) "جامع البيان" (3/ 574 - طـ هجر).

إن في بعض كتب الله: "إن لله عباداً؛ ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرّ من الصِبِر، لبسوا لباس منسوك الضأن من اللين، يجترُّون الدنيا بالدين. فقال محمد بن كعب: هذا في كتاب الله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)} [البقرة: 204]. فقال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت؟ فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد. فإن قلت: فهذا ابن عباس لم يعتبر عموم: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} [آل عمران: 188]، بل قصرها على ما أنزلت فيه من قصة أهل الكتاب. قلت: أجيب عن ذلك بأنه لا يخفى عليه أن اللفظ أعم من السبب؛ لكن بين أن المراد باللفظ خاص، ونظيره تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم - الظلم في قوله تعالى: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، بالشرك؛ من قوله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] مع فهم الصحابة العموم في كل ظلم. وقد ورد عن ابن عباس ما يدل على اعتبار العموم؛ فإنه قال به في آية السرقة مع أنها نزلت في امرأة سرقت. عن نجدة الحنفي قال: سألت ابن عباس عن قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] أخاص أم عام؟ قال: عام" (¬1). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد يجيء كثيراً من هذا الباب قولهم: إن هذه الآية نزلت في كذا، لا سيما إن كان المذكور شخصاً، كقولهم: إن آية الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصامت، وإن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله، وإن قوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ} [المائدة: 49] نزلت في بني قريظة والنضير. . .، ونظائر ذلك مما يذكرون أنه نزل في ¬

_ (¬1) "الإتقان" (1/ 85، 86).

تعدد الأسباب والنازل واحد

قوم من المشركين بمكة، أو في قوم من اليهود والنصارى، أو في قوم من المؤمنين. فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم؛ فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق، والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه أم لا؟ فلم يقل أحد: إن عمومات الكتاب والسنّة تختص بالشخص المعيّن، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص؛ فنعم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ، والآية التي لها سبب معيّن إن كانت أمراً ونهياً؛ فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإن كانت خبراً بمدح أو ذم؛ فهي متناوله لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته" (¬1). قلنا: وما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- هو الراجح في هذه المسألة عند جمهور العلماء من الأصوليين والمفسرين. * تعدد الأسباب والنازل واحد: قال الزرقاني: "إذا جاءت روايتان في نازل واحد من القرآن وذكرت كل من الروايتين سبباً صريحاً غير ما تذكره الأخرى، نظر فيهما: فإما أن تكون إحداهما صحيحة والأخرى غير صحيحة. وإما أن تكون كلتاهما، ولا مرجح لأحدهما على الأخرى، ولكن يمكن الأخذ بهما معاً. وإما أن تكون كلتاهما صحيحة ولا مُرجِّح ولا يمكن الأخذ بهما معًا. فتلك صور أربع لكل منها حكم خاص نسوقه إليك: أما الصورة الأولى: وهي ما صحت فيه إحدى الروايتين دون ¬

_ (¬1) "مجموع الفتاوى" (13/ 338 - 339)، وعنه السيوطي في "الإتقان" (1/ 85 - 86).

الصورة الثانية

الأخرى؛ فحكمها الاعتماد على الصحيحة في بيان السبب، وردُّ الأخرى غير الصحيحة. أما الصورة الثانية: وهي صحة الروايتين كلتيهما، ولإحداهما مرجح؛ فحكمها أن نأخذ في بيان السبب بالراجحة دون المرجوحة، والمرجح أن تكون إحداهما أصح من الأخرى، أو أن يكون راوي إحداهما مشاهداً للقصة دون راوي الأخرى. وأما الصورة الثالثة: وهي ما استوت فيه الروايتان في الصحة، ولا مرجح لإحداهما، لكن يمكن الجمع بينهما، بأن كلّاً من السببين حصل، ونزلت الآية عقب حصولهما معاً؛ لتقارب زمنيهما، فحكم هذه الصورة أن نحمل الأمر على تعدد السبب؛ لأنه الظاهر، ولا مانع يمنعه. قال ابن حجر: "لا مانع من تعدد الأسباب". وأما الصورة الرابعة: وهي استواء الروايتين في الصحة دون مرجح لإحداهما ودون إمكان للأخذ بهما معاً لبعد الزمان بين الأسباب؛ فحكمها أن نحمل الأمر على تكرار نزول الآية بعدد أسباب النزول التي تحدثت عنها هاتان الروايتان أو تلك الروايات؛ لأنه إعمال لكل رواية ولا مانع منه. قال الزركشي في "البرهان": "وقد ينزل الشيء تعظيماً لشأنه، وتذكيراً عند حدوث سببه خوف نسيانه" (¬1). * المؤلفات في أسباب النزول: 1 - "تفصيل لأسباب النزول عن ميمون بن مهران"، المتوفى سنة (117 هـ). 2 - "أسباب النزول"، علي بن المديني، المتوفى سنة (234 هـ). 3 - "القصص والأسباب التي نزل من أجلها القرآن"، عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس، المتوفى سنة (402 هـ). ¬

_ (¬1) "مناهل العرفان" (1/ 119، 120).

4 - "أسباب النزول"، علي بن أحمد الواحدي، المتوفى سنة (468 هـ). 5 - "أسباب النزول والقصص الفرقانية"، محمد بن أسعد العراقي الحكيمي، المتوفى سنة (567 هـ). 6 - "عجائب النقول في أسباب النزول"، إبراهيم بن عمر الجعبري، المتوفى سنة (732 هـ). 7 - "العجاب في بيان الأسباب"، ابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة (852 هـ). 8 - "لباب النقول في أسباب النزول"، جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة (911 هـ). هذه المؤلفات عيون هذا الباب، وأوسعها كتاب أمير المؤمنين الحافظ ابن حجر العسقلاني: "العجاب في بيان الأسباب". وهو على سعته وشموله لم يتمه -رحمه الله-، وسكت عن أحاديث كثيرة؛ فلم يُبَيّن عللها، وأدخل في الأسباب ما ليس منها. ولذلك فقد استخرنا الله -عزّ وجلّ- في جمع مادة هذه المعلمة القرآنية الحديثة من بطون كتب التفسير المسندة والصحاح والسنن والمعاجم والأجزاء والمسانيد والفوائد والمشيخات وغيرها من كتب السنّة النبويّة المسندة. ولما كانت فائدة هذا العلم لا تتم إلا بعد بيان الصحيح من الضعيف، عكفنا على ما جمعنا دراسةً وتحقيقاً وتخريجاً في ضوء قواعد علم الحديث والمصطلح التي حبّرها أئمتنا الأقدمين تحبيراً؛ فأتت هذه المعلمة شاملة كاملة -بإذن الله- (¬1). ¬

_ (¬1) يتفيأ الدارسون للقرآن وعلومه ظلالها ويتنسم الباحثون في السنّة وعلومها أنفاسها ليجتمع في الجيل المعاصر حب القرآن الكريم والسنّة المطهرة؛ فعسى أن نكون جميعاً من أهل القرآن والسنّة؛ لنفهم ديننا كما فهمه السلف الصالح من الصحابة الأبرار والتابعين الأخيار.

نرجو الله -عزّ وجلّ- أن يتقبّلها منّا بقبول حسن خدمة لكتابه ونصرة لسنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ونصحاً لأهل العلم وطلابه، وأن يدخر لنا ثواب ذلك ليوم لقائه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. وكتب سليم بن عيد الهلالي السلفي - أبو أسامة ومحمد بن موسى آل نصر - أبو أنس

سورة الفاتحة

سورة الفاتحة * بيان سبب نزول {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وأنها للفصل بين السور. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف ختم السورة؛ حتى ينزل عليه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في "سننه" (1/ 209 رقم 788) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (2/ 42)، و"السنن الصغير" (1/ 152، 153 رقم 390)، و"شعب الإيمان" (5/ 271، 272 رقم 2125)، وابن طاهر المقدسي في "مسألة التسمية" (ص 64)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 315 رقم 336) -، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 405، 406 رقم 1375)، والبزار في "مسنده" (3/ 40 رقم 2187 - "كشف")، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 64 رقم 12544 - 12546)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 10)، و"الوسيط" (1/ 61، 62)، والحاكم في "المستدرك" (1/ 231، 2/ 611) -وعنه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (1/ 514 رقم 706)، و"شعب الإيمان" (5/ 272 رقم 2126، 2127) -، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 316، 317 رقم 337 - 339)، وغيرهم من طرق عن عمرو بن دينار وسالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس به. قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". وقال الذهبي: "أما هذا؛ فثابت". وأخرجه الحاكم (2/ 611) من طريق مثنى عن عمرو بن دينار به. وقال: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وتعقبه الذهبي بقوله: "مثنى؛ قال النسائي: متروك". قلنا: لكنه لم ينفرد؛ فقد توبع. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 109، 6/ 310): "اقتصر أبو داود منه على قوله: "لا يعرف خاتمة السورة حتى تنزل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، رواه البزار بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح". قلنا: وقد فاته -رحمه الله- أنه عند الطبراني؛ فليستدرك؛ فإنه على شرطه. وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 17): "وفي "سنن أبي داود" بإسناد صحيح عن ابن عباس (وذكره) ". وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في "العجاب" (1/ 224): "وهذا رواته ثقات ". وقال في "فتح الباري" (9/ 42): "أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم". وقال شيخنا الألباني -رحمه الله- في "صحيح أبي داود" (707): "صحيح". قلنا: وهو كما قالوا. ورواه الحميدي في "مسنده" (1/ 242 رقم 528)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 407 رقم 1376)، وأبو داود في "سننه" (رقم 788)، و"المراسيل" (90/ 36) -ومن طريقه ابن طاهر المقدسي في "مسألة التسمية" (ص 64) - وغيرهم من طريق عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير به مرسلاً. قلنا: والوصل زيادة؛ فالحكم لها، وبخاصة أن الذي يرجح الوصل هو الكثرة، وهو كذلك في حديثنا. قال أبو داود: "قد أسند هذا، وهذا أصح". وكلامه متعقب بأن جمع من الثقات رووه عن عمرو بن دينار موصولاً، أضف إلى هذا: أن عمراً لم يتفرد بالوصل بل تابعه سالم الأفطس؛ فالحكم للوصل. وللحديث شاهدان: 1 - حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 10)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5/ 474 رقم 2129). 2 - حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 11). قال الحافظ في "العجاب" (1/ 224، 225): "وأورد الواحدي له شاهدين بسندين ضعيفين". قلنا: وهو كمال قال، وفي الصحيح غنية عن غيره.

سورة البقرة

سورة البقرة * {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6)}. * قال الضحاك: نزلت في أبي جهل، وخمسة من أهل بيته. * وقال الكلبي: يعني: اليهود (¬1). ¬

_ (¬1) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 13 معلقاً). قال الحافظ في "العجاب" (1/ 229 - 232): "ونقله شيخ شيوخنا أبو حيان عن الضحاك، ثم قال: "وقيل: نزلت في أهل القليب؛ قليب بدر، منهم: أبو جهل، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وعقبة بن أبي معيط، والوليد بن المغيرة". كذا حكاه أبو حيان ولم ينسبه لقائل، وأقره، وفيه خطأ؛ لأن الوليد بن المغيرة مات بمكة قبل الهجرة، وعقبة بن أبي معيط إنما قتل بعد رحيل المسلمين من بدر راجعين إلى المدينة؛ قتل بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصفراء، باتفاق أهل العلم بالمغازي. وقال أبو العالية: نزلت في قادة الأحزاب، وهم الذين قال الله -تعالى- فيهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)} [إبراهيم: 28]. وقال غيره: أنزلت في مشركي العرب من قريش وغيرهم. ويوافق قول الكلبي ما أورده ابن إسحاق عن ابن عباس، قال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} بما أنزل إليك، وإن قالوا: إنا قد آمنا بما جاءنا من قبلك {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ}؛ لأنهم كفروا بما جاءك، وبما عندهم من ذكرك، مما جاءهم به غيرك فكيف يسمعون منك إنذاراً وتحذيراً وقد كفروا بما عندهم من علمك؟ وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحرص أن يؤمن =

* {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أُبَيّ وأصحابه، وذلك أنهم خرجوا ذات يوم؛ فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عبد الله بن أُبَيّ: انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم؟ فأخذ بيد أبي بكر الصديق؛ فقال: مرحباً بالصديق سيد بني تيم، وشيخ الإسلام، وثاني رسول الله في الغار، والباذل نفسه وماله لرسول الله، ثم أخذ بيد عمر؛ فقال: مرحباً بسيد بني عدي بن كعب، الفاروق، القوي في دين الله، الباذل نفسه وماله لرسول الله، ثم أخذ بيد علي؛ فقال: مرحباً بابن عم رسول الله، وختنه وسيد بني هاشم ما خلا رسول الله، ثم افترقوا، فقال عبد الله لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت؟ فإذا رأيتموهم؛ فافعلوا كما فعلت؛ فأثنوا عليه خيراً، فرجع المسلمون ¬

_ = جميع الناس، ويتابعوه على الهدى؛ فأخبره الله -تعالى-: أنه لا يؤمن إلا من سبقت له "السعادة". اهـ. وحاصله: أنها خاصة بمن قدّر الله -تعالى- أنه لا يؤمن". اهـ. كلام الحافظ. قلنا: ما ذهب إليه الحافظ -رحمه الله- هو الصواب للوجوه الآتية: 1 - لم يثبت في تعيين المراد فيمن نزلت هذه الآية شيء، ولذلك؛ فالتعيين تحكم. 2 - أن سياق الآيات يدل على عموم من كفر. 3 - وهذا ما رجحه المحققون من أهل العلم. قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 48): "والمعنى الذي ذكرناه أولاً، وهو المروي عن ابن عباس في رواية علي بن أبي طلحة أظهر، ويفسر ببقية الآيات التي في معناها، والله أعلم". وقال ابن عطية في "المحرر الوجيز" (1/ 106): "والقول الأول مما حكيناه هو المعتمد، وكل من عين أحداً فإنما مثل بمن كشف الغيب بموته على الكفر أنه في ضمن الآية".

إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبروه بذلك؛ فأنزل الله هذه الآية (¬1). [موضوع] * {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19). . .}. * عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} إلى {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: أما الصيب والمطر؛ فكان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين، فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله، فيه رعد شديد وصواعق وبرق، فجعلا كلما أضاء لهما الصواعق؛ جعلا أصابعهما في آذانهما؛ ¬

_ (¬1) قال الحافظ في "العجاب" (1/ 236): "أسند الواحدي من طريق محمد بن مروان السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به". قلنا: وهو في "أسباب النزول" له (ص 13) معلقاً. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 78) وزاد نسبته للثعلبي. قلنا: وهذا حديث كذب موضوع، من دون عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- متهمون بالكذب. قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في "العجاب" (1/ 237): "قلت: الكلبي والراوي عنه تقدم وصف حالهما، وآثار الوضع لائحة على هذا الكلام، وسورة البقرة نزلت في أوائل مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة؛ كما ذكره ابن إسحاق وغيره، وعلي إنما تزوج فاطمة -رضي الله عنهما- في السنة الثانية من الهجرة". اهـ. قلنا: وقال الحافظ (1/ 209): "ومن روايات الضعفاء عن ابن عباس: "التفسير" المنسوب لأبي النضر محمد بن السائب الكلبي؛ فإنه يرويه عن أبي صالح؛ وهو مولى أم هانئ عن ابن عباس، والكلبي اتهموه بالكذب، وقد مرض، فقال لأصحابه في مرضه: كل شيء حدثتكم عن أبي صالح كذب، ومع ضعف الكلبي؛ فقد روى عنه تفسيره مثله أو أشد ضعفاً وهو محمد بن مروان السدي الصغير، ورواه عن محمد بن مروان مثله أو أشد ضعفاً وهو صالح بن محمد الترمذي. . .". اهـ. فاحفظ هذا؛ فهو من المهمات، وضنائن العلم الغاليات.

من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما؛ فتقتلهما، وإذا لمع البرق؛ مشوا في ضوئه، وإذا لم يلمع؛ لم يبصرا؛ قاما مكانهما لا يمشيان، فجعلا يقولان: ليتنا قد أصبحنا؛ فنأتي محمداً؛ فنضع أيدينا في يده، فأصبحا؛ فأتياه؛ فأسلما ووضعا أيديهما في يده، وحسن إسلامهما؛ فضرب الله شأن هذين المنافقين الخارجين مثلاً للمنافقين الذين بالمدينة، وكان المنافقون إذا حضروا مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ جعلوا أصابعهم في آذانهم؛ فرقاً من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينزل فيهم شيء أو يذكروا بشيء؛ فيقتلوا كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في آذانهما، وإذا {أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ}؛ فإذا كثرت أموالهم وولد لهم الغلمان وأصابوا غنيمة أو فتحاً؛ مشوا فيه، وقالوا: إن دين محمد - صلى الله عليه وسلم - دين صدق، فاستقاموا عليه، كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء لهم البرق؛ مشوا فيه، وإذا أظلم عليهم، قاموا، فكانوا إذا هلكت أموالهم وولد لهم الجواري وأصابهم البلاء؛ قالوا: هذا من أجل دين محمد؛ فارتدوا كفاراً كما قام ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "جامع البيان" (1/ 119): ثني موسى بن هارون الحمال ثنا عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عن السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن عبد الله بن عباس. وعن مرة عن عبد الله بن مسعود. وعن ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلنا: السند الأول عن ابن عباس موصول؛ لكنه ضعيف؛ فيه أسباط بن نصر؛ ضعفه النسائي، والساجي، ويحيى بن معين في رواية، وأحمد، ووثقه يحيى بن معين في روايات أُخر، وكذا ابن حبان، ولخصه الحافظ ابن حجر بقوله في "التقريب" (1/ 53) "صدوق كثير الخطأ يغرب"، وهذا ميل منه لتضعيفه. والثاني: كسابقه. والثالث: يضاف لما سبق علَّة ثانية، وهي: الإعضال؛ فالعمدة على الإسنادين السابقين؛ لكنهما ضعيفان كما سبق بيانه، والله أعلم. =

* {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)}. * عن عبد الله بين عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: وذلك أن الله ذكر آلهة المشركين؛ فقال: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا} [الحج: 73]، وذكر كيد الآلهة؛ فجعله كبيت العنكبوت، فقالوا: أرأيتم حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت، فيما أنزل من القرآن على محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ أي شيء يصنع بهذا؟ فأنزل الله هذه الآية (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 71 رقم 197 - البقرة) من هذا الوجه عن السدي فقط؛ أي: معضلاً. وعلى كل حال؛ فسواء أكان الإعضال أصح أم الوصل؛ فكلاهما لا يثبت؛ لأن مدارهما على أسباط بن نصر. ثم رأينا الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتابه "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 211) بعدما ذكر روايات الضعفاء عن عبد الله بن عباس ذكر منها: "ومنهم إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، وهو كوفي صدوق؛ لكنه جمع التفسير من طرق منها: عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس، وعن مرة بن شراحيل وهو ثقة عن ابن مسعود أو عن ناس من الصحابة وغيرهم، وخلط روايات الجميع فلم تتميز رواية الثقة من الضعيف، ولم يلق السدي من الصحابة إلا أنس بن مالك، وربما التبس بالسدي الصغير الذي تقدم ذكره". اهـ. (¬1) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 14) من طريق الطبراني ثنا بكر بن سهل ثنا عبد العزيز بن سعيد الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني عن ابن جريج عن عطاء عنه به. قلنا: وهذا سند واهٍ بمرة؛ فيه علتان: الأولى: موسى بن عبد الرحمن الثقفي؛ واهٍ، بل اتهمه ابن حبان. الثانية: عبد الغني بن سعيد الثقفي؛ ضعيف؛ كما قال الحافظ ابن حجر وغيره. وقال الحافظ ابن حجر في "العجاب" (1/ 246): "الروايتان واهيتان، وتقدم =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما ضرب الله -سبحانه- هذين المثلين للمنافقين؛ يعني: قوله: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [البقرة: 17] وقوله: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة: 19]؛ قالوا: الله أجلّ وأعلى من أن يضرب الأمثال؛ فأنزل الله هذه الآية (¬1). [موضوع] * عن قتادة؛ قال: لما ذكر الله -تبارك وتعالى- العنكبوت والذباب؛ قال المشركون: ما بال العنكبوت والذباب يذكران؟ فأنزل الله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = التنبيه على وهاء الكلبي وعبد الغني الثقفي". وقال في (1/ 220): "ومن التفاسير الواهية لوهاء رواتها: التفسير الذي جمعه موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني، وهو قدر مجلدين، يسنده إلى ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عباس، وقد نسب ابن حبان موسى هذا إلى وضع الحديث، رواه عن موسى عبد الغني بن سعيد الثقفي؛ وهو ضعيف". ولا يعل بابن جريج، وهو مدلس، وقد عنعن؛ لأن روايته عن عطاء على وجه الخصوص محمولة على السماع والاتصال، والله أعلم. (¬1) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 13، 14) معلقاً حيث قال: "قال ابن عباس في رواية أبي صالح (ذكره) ". قلنا: وقد بيَّنا كلام الحافظ على هذه الرواية. واعلم -علمك الله-: أن الرواية التي فيها الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس هي كذب موضوعة؛ لأنهما متهمان بالكذب. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "التفسير" (1/ 1/ 41) -ومن طريقه ابن أبي حاتم (1/ 93 رقم 274 - البقرة)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 138) -: ثنا معمر عن قتادة به. قلنا: ورجال إسناده ثقات؛ لكنه مرسل. وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 138) من طريق يزيد بن زريع عن =

* وعن الحسن وإسماعيل بن أبي خالد مثل قول قتادة (¬1). * عن السدي؛ قال: فلما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين؛ قال المنافقون: الله أعلى وأجلّ من أن يضرب هذه الأمثال؛ فأنزل الله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} (¬2). [ضعيف جداً] * {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41)}. * عن ابن عباس: نزلت في قريظة، وكانوا أول من كفر من اليهود بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وتبعهم يهود فدك وخيبر" (¬3). * {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)}. ¬

_ = سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ: "قال أهل الضلال. . .". قلنا: ورجال إسناده ثقات؛ لكنه مرسل. وأورده السيوطي -رحمه الله- في "الدر المنثور" (1/ 103)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. (¬1) ذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 93 رقم 274 - البقرة). ونسبه الحافظ -رحمه الله- في "العجاب" (1/ 246) لابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم (1/ 93 رقم 273 - البقرة)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 137، 138) من طريق عمرو بن حماد القناد عن أسباط عن السدي به. قلنا: سنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: ضعف أسباط بن نصر. وأخرجه ابن جرير من طريق السدي أبي مالك -وهو ثقة- وأبي صالح -وهو كذاب- عن عبد الله بن عباس. وعن مرة عن عبد الله بن مسعود عن ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فإن راويه عن السدي هو أسباط بن نصر، وهو ضعيف. (¬3) ذكره الحافظ في "العجاب" (1/ 251)، ونسبه للكلبي في "تفسيره". قلنا: وهذا حديث كذب؛ لأن الكلبي كذاب.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في يهود المدينة، كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينهم وبينه رضاع من المسلمين: اثبت على الدين الذي أنت عليه وما يأمرك به، وهذا الرجل؛ يعنون: محمداً - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن أمره حق، وكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه (¬1). [موضوع] * {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)}. * عن سلمان -رضي الله عنه-؛ قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أهل دين كنت معهم، فذكرت من صلاتهم وعبادتهم؛ فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى. . .} (¬2). [ضعيف] * عن مجاهد: لما قص سلمان على النبي - صلى الله عليه وسلم - قصة أصحاب ¬

_ (¬1) ذكره الواحدي -معلقاً- في "أسباب النزول" (ص 14): "قال ابن عباس في رواية الكلبي عن أبي صالح (وذكره) ". قلنا: وهو حديث كذب؛ لأنّ الكلبي وشيخه كذَّابان. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 156) وقال: "وأخرجه الثعلبي والواحدي عن عبد الله بن عباس". قلنا: الواحدي ذكره معلقاً. وسكت عنه الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتابه "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 252). (¬2) أخرجه ابن أبي عمر العدني في "مسنده"؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 179) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 198 رقم 638 - البقرة) -: ثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ للانقطاع بين مجاهد وسلمان؛ فهو لم يسمع منه؛ كما في "جامع التحصيل" (ص 336، 337)، وقال الحافظ في "العجاب" (1/ 256): "وأخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح عن مجاهد"، ولم ينبه على الانقطاع.

الدير؛ قال: "هم في النار"، قال سلمان: فأظلمت عليّ الأرض؛ فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} إلى قوله: {يَحْزَنُونَ} قال: فكأنما كشف عني جبل (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: نزلت هذه الآية في أصحاب سلمان الفارسي، فبينا هو يحدث النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ ذكر أصحابه؛ فأخبره خبرهم فقال: كانوا يصومون، ويصلون، ويؤمنون بك، ويشهدون أنك ستبعث نبياً، فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم؛ قال له نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا سلمان! هم من أهل النار"؛ فاشتد ذلك على سلمان؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (¬2). [ضعيف جدًا] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو الشيخ في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (1/ 255) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 14) - من طريق يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: عنعنة ابن جريج. قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في "العجاب" (1/ 255): "أخرج الواحدي من تفسير أبي الشيخ عبد الله بن محمد بن حيان الحافظ الأصبهاني بسند له صحيح إلى ابن جريج". قلنا: ولم يتكلم على العلتين اللتين ذكرناهما. وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 256) من طريق الحسين بن داود: ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد به. وهذا سند ضعيف؛ سنيد؛ ضعيف؛ كما في "التقريب"، وفيه تدليس ابن جريج، وأسقط من سنده عبد الله بن كثير، أضف إلى هذا أنه مرسل. (¬2) أخرجه إسحاق بن راهويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (1/ 256) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 15) -، وابن أبي حاتم في "التفسير" (1/ 198، 199 رقم 640 - البقرة)، وابن جرير الطبري في "جامع البيان" =

* عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود: الآية في أصحاب سلمان نزلت، وكان من أهل جند سابور، وكان من أشرافهم، وكان ابنُ الملك صديقاً له ومواخياً، وكانا يركبان إلى الصيد، فبينما هما في الصيد إذ رفع لهما بيتٌ من عباء، فأتياه، فإذا هما برجل بين يديه مصحف يقرأ فيه، ويبكي، فسألاه: ما هذا؟ قال: الذي يريد أن يعلم هذا لا يقف موقفكما، فانزلا. فنزلا إليه، فقال: هذا كتاب جاء من عند الله أمر فيه بطاعته، ونهى عن معصيته، فيه: أن لا تزني ولا تسرق، ولا تأخذ أموال الناس بالباطل، فقصَّ عليهما ما فيه، وهو الإنجيل. فتابعاه فأسلما، وقال: إن ذبيحة قومكما عليكما حرام. ولم يزل معهما يتعلّمان منه حتى كان عيد للملك فجعل طعاماً، ثم جمع الناس والأشراف، وأرسل إلى ابن الملك، فدعاه ليأكل. فأبى، وقال: إني عنك مشغول. فلما أكثر عليه، أخبر أنه لا يأكل من طعامهم. فقال له الملك: من أخبرك بهذا؟ فذكر له الراهبَ. فطلب الراهب وسأله، فقال: صدق ابنك. فقال: لولا أن الدم عظيم لقتلتُك. اخرج من أرضنا، فأجّله أجلاً. فقمنا نبكي عليه، فقال: إن كنتما صادقين، فأنا في بيْعة في المَوْصِل مع ستين رجلاً نعبد الله، فائتونا. فخرج، وبقي سلمان وابن الملك. فجعل سلمان يقول لابن الملك: انطلق بنا، وابن الملك يقول: نعم. فجعل يبيعُ متاعه يريد ¬

_ = (1/ 254 - 256) من طريق عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عن السدي. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعفه النسائي وأحمد وأبو نعيم وابن معين والساجي. قال الحافظ ابن حجر في "العجاب" (1/ 256، 257): "وأخرج الواحدي -أيضاً- من تفسير إسحاق بن راهويه بسنده القوي إلى السدي". قلنا: فيه نظر؛ كما تقدم.

الجهاز، وأبطأ، فخرج سلمان حتى أتاهم، فنزل على صاحبه وهو ربُّ البيعة. فكان سلمان معه يجتهد في العبادة، فقال له الشيخ: إنك غلام حدث، وأنا خائف أن تفتر، فارفق بنفسك، قال: خل عني. ثم إن صاحب البيعة دعاه، فقال: تعلم أن هذه البيعة لي، ولو شئت أن أخرج هؤلاء، لفعلت، ولكني رجل أضعف عن عبادة هؤلاء، وأنا أريد أن أتحول إلى بيعة أهلها أهون عبادة، فإن شئت أن تقيم ها هنا، فأقم. فأقام بها يتعبد معهم، ثم إن شيخه أراد أن يأتي بيت المقدس، فدعا سلمان، وأعلمه، فانطلق معه، فمروا بمقعد على الطريق، فنادى: يا سيد الرهبان، ارحمني. فلم يكلمه حتى أتى ببيت المقدس، فقال لسلمان: اخرج فاطلب العلم، فإنه يحضر المسجد علماء أهل الأرض. فخرج سلمان يسمع منهم، فخرج يوماً حزيناً، فقال له الشيخ: مَا لَكَ؟ قال: أرى الخير كله قد ذهب به من كان قبلنا من الأنبياء وأتباعهم. قال: أجل، لا تحزن فإنه قد بقي نبي ليس من نبي بأفضل تبعاً منه، وهذا زمانه، ولا أراني أُدركه، ولعلك تدركه. وهو يخرج في أرض العرب، فإن أدركته فآمِن به. قال: فأخبرني عن علامته. قال: مختوم في ظهره بخاتم النبوة، يأكل الهديّة، ولا يأكل الصدقة. ثم رجعا حتى بلغا مكان المقعد. فناداهما: يا سيد الرهبان، ارحمني يرحمك الله؛ فعطف إليه حماره، فأخذ بيده، ثم رفعه، فضرب به الأرض ودعا له، فقال: قم بإذن الله، فقام صحيحاً يشتد، وسار الرهبان، فتغيب عن سلمان وتطلّبه سلمان. فلقيه رجلان من كلب، فقال: هل رأيتما الراهب؟ فأناخ أحدهما راحلته وقال: نعم، راعي الصِّرمة هذا فانطلق به إلى المدينة. قال سلمان: فأصابني من الحزن شيء لم يصبني قط. فاشترته امرأة من جهينة، فكان يرعى عليها هو وغلام لها يتراوحان الغنم، وكان سلمان يجمع الدراهم ينتظر خروج محمد - صلى الله عليه وسلم -.

فبينما هو يرعى إذ أتاه صاحبه، فقال: أشعرت أنه قدم المدينة رجل يزعم أنه نبي؟ فقال: أقِم في الغنم حتى آتي، فهبط إلى المدينة، فنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورأى خاتم النبوة، ثم انطلق فاشترى بدينار بنصفه شاة فشواها، وبنصفه خبزاً وأتى به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذا؟ " قال: صدقة، قال: "لا حاجة لي بها" أخرجها يأكلها المسلمون. ثم انطلق فاشترى بدينار آخر خبزاً ولحماً، فأتى به، فقال: هذا هدية، فأكلا جميعًا. وأخبره سلمان خبر أصحابه، فقال: كانوا يصومون ويُصلُّون، ويشهدون أنك ستبعث. فقال: "يا سلمان! هم من أهل النار"، فاشتد ذلك على سلمان. وقد كان قال: لو أدركوك صدّقوك واتّبعوك. فأنزل الله {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} (¬1). [ضعيف] * {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا}؛ أي: بصاحبكم رسول الله، ولكنه إليكم خاصة، وإذا خلا بعضهم إلى بعض؛ قالوا: لا تحدثوا العرب بهذا؛ فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم، فكان منهم؛ فأنزل الله: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ}؛ أي: تقرون بأنه نبي، وقد علمتم أنه قد أخذ له الميثاق عليكم ¬

_ (¬1) أخرجه سمويه؛ كما في "سير أعلام النبلاء" (1/ 522)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 15) من طريق أسباط بن نصر عن السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس. وعن مرة عن ابن مسعود عن ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلنا: هذا موصول؛ لكن في السند أسباط بن نصر، وهو ضعيف.

باتباعه، وهو يخبرهم أنه النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كنا ننتظر، ونجده في كتابنا؛ اجحدوه ولا تقروا لهم به، يقول الله: {أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77)} (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة: أن امرأة من اليهود أصابت فاحشة؛ فجاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتغون منه الحكم؛ رجاء الرخصة؛ فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عالمهم وهو ابن صوريا، فقال له: احكم، قال: فجبوه. قال عكرمة: التجبية: يحملونه على حمار، ويجعلون وجهه إلى ذنب الحمار، وذكر فيه كلاماً. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. "أبحكم الله حكمت؟ [أو بما أنزل على موسى؟] "، قال: لا، ولكن نساءنا كن حساناً؛ فأسرع فيهن رجالنا؛ فغيرنا الحكم، وفيه أنزلت: {وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ}. قال عكرمة: إنهم غيروا الحكم منذ ستمائة سنة (¬2). [ضعيف جدًا] * {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80)}. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 293) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه شيخ ابن إسحاق، وهو مجهول. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (1/ 237، 238 رقم 785 - البقرة): ثني محمد بن حماد الطهراني أنبأ حفص بن عمر العدني ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: حفص هذا متروك؛ كما قال الدارقطني وغيره. الثانية: الإرسال. وسكت عن هاتين العلتين الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتابه "العجاب" (1/ 270).

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ويهود تقول: إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما يعذب الناس بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوماً واحداً من النار من أيام الآخرة؛ فإنما هي سبعة أيام، ثم ينقطع العذاب؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك من قولهم: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: خاصم اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: لن ندخل النار إلا أربعين ليلة، وسيخلفنا إليها قوم آخرون؛ يعنون: محمداً - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده على رؤوسهم: "بل أنتم فيها خالدون مخلدون لا يخلفكم إليها أحد"؛ فأنزل الله: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 185 - ابن هشام)، ومن طريقه ابن أبي حاتم في "التفسير" (1/ 247، 248 رقم 818 - البقرة)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 303)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 16)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 354، 355 رقم 380) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه محمد -شيخ ابن إسحاق-، مجهول. وتابعه سيف بن سليمان عن مجاهد عن عبد الله بن عباس به. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 79 رقم 11160): ثنا الحسن بن علي المعمري ثنا محمد بن حميد الرازي ثنا سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن سيف به. قلنا: وهذا سند ساقط؛ فيه علل: الأولى: محمد بن حميد الرازي؛ متروك متهم. الثانية: سلمة بن الفضل؛ صدوق كثير الخطأ. الثالثة: ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. وما قبله أصح منه. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم (1/ 248 رقم 820 - البقرة)، وسنيد في "تفسيره"؛ كما =

* عن زيد بن أسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: "أنشدكم بالله، وبالتوراة التي أنزلها الله على موسى يوم طور سيناء: مَنْ أهل النار الذين أنزلهم الله في التوراة؟ "، قالوا: إن ربهم غضب عليهم غضبة فنمكث في النار أربعين ليلة، ثم نخرج فتخلفوننا فيها؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كذبتم، والله؛ لا نخلفكم فيها أبداً"؛ فنزل القرآن تصديقاً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكذيباً لهم: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا} إلى قوله: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬1). [ضعيف جداً] * {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ ¬

_ = في "العجاب" (1/ 276) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 302، 303) - من طريق حفص بن عمر العدني وابن جريج كلاهما عن الحكم بن أبان عن عكرمة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأنه مرسل، وحفص متروك؛ لكن تابعه ابن جريج، وصرح بالتحديث عند ابن جرير؛ فبقيت علة الإرسال. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 207) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (1/ 303): ثنا يونس بن عبد الأعلى نا ابن وهب؛ قال: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ثني أبي به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ متروك، بل اتهمه بعضهم. الثانية: الإرسال.

أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} إلى أهل الشرك؛ حتى تسفكوا دماءهم معهم، وتخرجوهم من ديارهم معهم، فقال: أنَّبهم الله من فعلهم، وقد حرم عليهم في التوراة سفك دمائهم، وافترض عليهم فيها فداء أسراهم؛ فكانوا فريقين: طائفة منهم من بني قينقاع حلفاء الخزرج والنضير، وقريظة حلفاء الأوس، فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب؛ خرجت بنو قينقاع مع الخزرج، وخرجت النضير وقريظة مع الأوس، يظاهر كل من الفريقين حلفاءه على إخوانه؛ حتى يتسافكوا دماءهم بينهم، وبأيديهم التوراة، يعرفون منها ما عليهم وما لهم، والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان، لا يعرفون جنة ولا ناراً، ولا بعثاً ولا قيامة ولا كتاباً ولا حراماً ولا حلالاً، فإذا وضعت الحرب أوزارها؛ افتدوا أسراهم؛ تصديقاً لما في التوراة، وأخذاً به، بعضُهم من بعض؛ يفتدي بنو قينقاع ما كان من أسراهم في أيدي الأوس، وتفتدي النضير وقريظة ما كان في أيدي الخزرج منهم، ويطلون ما أصابوا من الدماء وقتلوا من قتلوا منهم فيما بينهم مظاهرة لأهل الشرك عليهم. يقول الله -تعالى ذكره- حين أنبأهم بذلك: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}؛ أي: تفادونه بحكم التوراة وتقتلونه، وفي حكم التوراة أن لا يقتل ولا يخرج من داره ولا يظاهر عليه من يشرك بالله ويعبد الأوثان من دونه ابتغاء عرض من عرض الدنيا؛ ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج فيما بلغني نزلت هذه القصة (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 187 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "التفسير" (1/ 263 رقم 861، 864، 865 - البقرة)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 314 - 315) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ مداره على محمد بن أبي محمد -مولى زيد بن ثابت-؛ وهو مجهول، قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/ 26): "لا يُعرف". =

* عن السدي؛ قال: نزلت هذه الآية في قيس بن خطيم {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ. . .} الآية (¬1). [ضعيف] * {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن يهوداً كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل مبعثه، فلما بعثه الله في العرب؛ كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه؛ فقال لهم معاذ بن جبل، وبشر بن البراء، وداود بن سلمة: يا معشر يهود! اتقوا الله، وأسلموا؛ فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد -ونحن أهل شرك-، وتخبروننا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته، فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك من قولهم: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = وقال الحافظ في "التقريب" (2/ 205): "مجهول، انفرد عنه ابن إسحاق"، ومع ذلك سكت عنه في "العجاب" (1/ 278). (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 263 رقم 866 - البقرة): ثنا علي بن الحسين ثنا حمدان بن الوليد البسري ثنا غندر ثنا شعبة عن السدي به. وقلنا: وسنده ضعيف؛ لأنه معضل. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 198، 199 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 276 رقم 911)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 325)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 44) -: ثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن فيه محمداً -شيخ ابن إسحاق- وهو مجهول. =

* عن سعيد بن جبير؛ أنه قال: نزلت في اليهود، عرفوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - أنه نبي، وكفروا به (¬1). [ضعيف جداً] * {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان أهل الكتاب يقول أحدهم لصاحبه: عش ألف سنة، كل ألف سنة؛ فنزلت (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/ 26): "لا يعرف". وقال الحافظ في "التقريب" (2/ 205): "مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 217) وزاد نسبته لابن المنذر. وأخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه ابن جرير (1/ 325)، وأبو نعيم في "الدلائل" (ص 42 - 44)، والبيهقي في "الدلائل" (2/ 433 - 435) -وليس فيه ذكر سبب النزول، عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ منهم؛ قالوا: فينا والله وفيهم؛ يعني: في الأنصار، وفي اليهود الذين كانوا جيرانهم نزلت هذه القصة؛ يعني: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا} قالوا: كنا قد علوناهم دهراً في الجاهلية، ونحن أهل الشرك وهم أهل الكتاب؛ فكانوا يقولون: إن نبياً الآن مبعثه قد أظل زمانه يقتلكم قتل عاد وإرم، فلما بعث الله -تعالى ذكره- رسوله من قريش، واتبعناه؛ كفروا به، يقول الله -تعالى-: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}. قلنا: وسنده حسن -إن شاء الله- وجهالة الأشياخ لا تضر؛ لكونهم صحابة وهم عدول، والله أعلم. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 218)، ونسبه لعبد بن حميد، وابن جرير. قلنا: الذي في "تفسير الطبري" (1/ 326) تفسير وليس سبب نزول، ومع هذا؛ فسنده ضعيف جدًا؛ فيه علل: الأولى: الحماني، وهو يحيى بن عبد الحميد؛ متهم. الثانية: شريك القاضي؛ ضعيف. (¬2) أخرجه الفريابي في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (1/ 288) -ومن طريقه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الحاكم (2/ 263، 264) -: ثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وسنده ضعيف، قيس بن الربيع؛ صدوق، تغيّر لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه؛ فحدث به؛ كما في "التقريب". وأخرجه ابن أبي شيبة (10/ 473 رقم 10029)، وابن أبي حاتم (1/ 287 رقم 953 - البقرة)، والحاكم (2/ 263) من طريق الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ}؛ قال: هو كقول الفارسي: زه هزار سال، يقول: عشرة آلاف سنة. قال الحاكم: "وقد اتفق الشيخان على سند تفسير الصحابي، وهذا إسناد صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه"، وافقه الذهبي. قلنا: وهو كما قالا. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2/ 573/ 201)، وإسحاق بن راهويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (1/ 289) -ومن طريقه الحاكم (2/ 263)، وابن المنذر؛ كما في "العجاب" (1/ 289) -، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 340) جميعهم من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن سعيد عن عبد الله بن عباس به. وهذا الحديث لم يسمعه الأعمش من سعيد بل بواسطة عنه، وتقدم ذكرهما. والصواب: رواية الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد به. وأخرجه ابن جرير (1/ 340) من طريق أبي حمزة السكري عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه الأعمش مدلس؛ وأحاديثه عن مجاهد بصيغة العنعنة إنما هي عن ليث بن أبي سليم وأبي يحيى القتات عن مجاهد وهما ضعيفان. قال يعقوب بن شيبة في "مسنده": "ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة. قلت لعلي بن المديني: كم سمع الأعمش من مجاهد؟. قال: لا يثبت منها إلا ما قال: سمعت، هي نحو من عشرة، إنما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات". وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه في أحاديث الأعمش عن مجاهد: "قال أبو بكر بن عياش عنه: حدثنيه ليث عن مجاهد". كذا في "تهذيب التهذيب" (4/ 225).

* {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أقبلت يهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا أبا القاسم! نسألك عن أشياء؛ فإن أجبتنا فيها؛ اتبعناك، وصدقناك، وآمنا بك. قال: فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل علي بنيه؛ إذ قالوا: {اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [يوسف: 66]. قالوا: أخبرنا عن علامة النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "تنام عيناه، ولا ينام قلبه". قالوا: وأخبرنا كيف تؤنث المرأة، وكيف يذكر الرجل؟ قال: "يلتقي الماءان؛ فإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت، وإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت". قالوا: صدقت. قالوا: فأخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال: "ملك من الملائكة موكل بالسحاب، معه مخاريق من نار، يسوق بها السحاب، حيث شاء الله". قالوا: فما هذا الصوت الذي يسمع؟ قال: "زجره بالسحاب إذا زجره، حتى ينتهي إلى حيث أمر". قالوا: صدقت. قالوا: أخبرنا ما حرّم إسرائيل على نفسه؟ قال: "كان يسكن البدو، فاشتكى عرق النَّسا، فلم يجد شيئًا يلاومه إلا لحوم الإبل وألبانها؛ فلذلك حرمها". قالوا: صدقت. قالوا: أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة؛ فإنه ليس من نبي إلا يأتيه ملك من الملائكة، من عند ربه بالرسالة وبالوحي، فمن

صاحبك؛ فإنما بقيت هذه حتى نتابعك؟ قال: "هو جبريل". قالوا: ذلك الذي ينزل بالحرب وبالقتل، ذاك عدونا من الملائكة، لو قلت: ميكائيل، الذي ينزل بالقطر، والرحمة؛ تابعناك؛ فأنزل الله -تعالى-: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)} (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (1/ 274) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 69 رقم 61) -، والبخاري في "التاريخ الكبير" (2/ 114 رقم 1878 - مختصراً)، والترمذي (5/ 294 رقم 3117)، والنسائي في "عشرة النساء" (رقم 187)، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 36 رقم 12429) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 67، 68 رقم 60) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 67، 68 رقم 186 و288 رقم 958)، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 305)، وابن أبي الدنيا في "الرعد والبرق" (123/ 108)، والحربي في "غريب الحديث" (2/ 688 - مختصراً)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 17)، وابن منده في "التوحيد" (1/ 168 رقم 48) من طريق عبد الله بن الوليد العجلي عن بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به. قال أبو نعيم: "غريب من حديث سعيد؛ تفرد به بكير". قال الترمذي: "حديث حسن غريب". وقال ابن منده: "هذا إسناد متصل، ورواته مشاهير ثقات". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/ 242): "رواه الترمذي باختصار، ورواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات". وقال الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 48): "في إسناده مقال". وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" (4/ 161/ 2483): "إسناده صحيح". وصححه شيخنا العلامة الألباني -رحمه الله- في "الصحيحة" (رقم 1872). قلنا: مدار إسناده على بكير بن شهاب هذا؛ روى عنه اثنان، ووثقه ابن حبان (6/ 106)، وقال أبو حاتم الرازي؛ كما في "الجرح والتعديل" (1/ 1/ 404): "شيخ"، وقال الذهبي في "الميزان" (1/ 350): "عراقي صدوق"؛ فالسند حسن، والله أعلم. =

* عن الشعبي؛ قال: انطلق عمر إلى اليهود، فقال: إني أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى؛ هل تجدون محمداً في كتبكم؟ قالوا: نعم، قال: فما يمنعكم أن تتبعوه؟ قالوا: إن الله لم يبعث رسولاً إلا جعل له من الملائكة كفلاً، وإن جبريل كفل محمد، وهو الذي يأتيه، وهو عدونا من الملائكة، وميكائيل سلمنا، لو كان ميكائيل هو الذي يأتيه؛ أسلمنا. قال: فإني أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى؛ ما منزلتهما من رب العالمين؟ قالوا: جبريل عن يمينه، وميكائيل عن شماله. فقال عمر: وإني أشهد ما ينزلان إلا بإذن الله، وما كان ميكائيل ليسالم عدو جبريل، وما كان جبريل ليسالم عدو ميكائيل، فبينما هو عندهم؛ إذ مر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: هذا صاحبك يا ابن الخطاب! فقام إليه ¬

_ = أما الحافظ؛ فقال في "التقريب" (1/ 107): "مقبول"؛ أي: حيث يتابع. قلنا: وقد توبع؛ فأخرجه الطيالسي في "مسنده" (رقم 2731) -ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" (6/ 266، 267) -، وأحمد في المسند (رقم 2471، 2514 - شاكر)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 134)، والطبري في "جامع البيان" (1/ 342)، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 190 رقم 1312) بنحوه من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- به. قلنا: سنده حسن في الشواهد. وأخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه ابن جرير (1/ 342) -: ثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي عن شهر بن حوشب به مرسلاً. قلنا: وهذا مرسل ضعيف؛ لحال شهر، وما تقدم أصح. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 221) وزاد نسبته للفريابي، وأبي نعيم في "الدلائل". وبالجملة؛ فالحديث صحيح.

عمر؛ فأتاه، وقد أنزل الله عليه: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)}. وفي لفظ: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: كنت آتي اليهود عند دراستهم التوراة؛ فأعجب من موافقة القرآن التوراة، وموافقة التوراة القرآن. فقالوا: يا عمر! ما أحد أحب إلينا منك. قلت: ولِمَ؟ قالوا: لأنك تأتينا وتغشانا. قلت: إنما أجيء لأعجب من تصديق كتاب الله بعضه بعضاً، وموافقة التوراة القرآن وموافقة القرآن التوراة، فبينما أنا عندهم ذات يوم؛ إذ مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف ظهري، فقالوا: إن هذا صاحبك؛ فقم إليه، فالتفت إليه؛ فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد دخل خوخة في المدينة، فأقبلت عليهم فقلت: أنشدكم بالله وما أنزل عليكم من كتاب؛ أتعلمون أنه رسول الله؟ فقال سيدهم: قد نشدكم الله؛ فأخبروه. فقال سيدهم: إنا نعلم أنه رسول الله! قال: فقلت: فأنت أهلكهم إن كنتم تعلمون أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم لم تتبعوه. قالوا: إن لنا عدواً من الملائكة وسلماً من الملائكة. فقلت: من عدوكم، ومن سلمكم؟ قالوا: عدونا جبريل، وهو ملك الفظاظة والغلظة والإصار والتشديد. قلت: ومن سلمكم؟ قالوا: ميكائيل وهو ملك الرأفة واللين والتيسير. قلت: فإني أشهدكم؛ ما يحل لجبريل أَن يعادي سلم ميكائيل، وما

يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل، وإنهما جميعاً ومن معهما أعداء لمن عادوا وسلم لمن سالموا. ثم قمت؛ فدخلت الخوخة التي دخلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستقبلني فقال: "يا ابن الخطاب! ألا أقرؤك آيات نزلت عليَّ قبل؟ "، قلت: بلى. فقرأ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ}، حتى بلغ: {وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ}. قلت: والذي بعثك بالحق؛ ما جئت إلا أخبرك بقول اليهود؛ فإذا اللطيف الخبير قد سبقني بالخبر. قال عمر: فلقد رأيتني أشد في دين الله من حجر (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/ 285 رقم 18389)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 290 رقم 966) -باللفظ الأول-، وابن جرير الطبري في "جامع البيان" (1/ 343 - 345)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 17، 18) -باللفظ الثاني- من طريق مجالد بن سعيد وداود بن أبي هند عن الشعبي به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأنه منقطع بين الشعبي وعمر -رضي الله عنه-. قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 136): "وهذان الإسنادان يدلان على أن الشعبي حدث به عن عمر، ولكن فيه انقطاع بينه وبين عمر؛ فإن الشعبي لم يدرك زمانه، والله أعلم". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 223): "صحيح الإسناد، ولكن الشعبي لم يدرك عمر". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" وزاد نسبته لإسحاق بن راهويه في "مسنده". وسكت عنه الحافظ في "العجاب" (1/ 294). وأخرجه ابن جرير (1/ 344) عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن عمر بن الخطاب انطلق ذات يوم إلى اليهود، فلما أبصروه؛ رحبوا به، فقال لهم عمر: أما والله ما جئت لحبكم ولا للرغبة فيكم؛ ولكن جئت لأسمع منكم، فسألهم وسألوه. فقالوا: من صاحب صاحبكم؟ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فقال لهم: جبريل. فقالوا: ذاك عدونا من أهل السماء، يطلع محمداً على سرنا، وإذا جاء جاء بالحرب والسَّنَة، ولكن صاحب صاحبنا ميكائيل، وكان إذا جاء جاء بالخصب وبالسلم. فقال لهم عمر: أفتعرفون جبريل وتنكرون محمداً؟ ففارقهم عمر عند ذلك، وتوجه نحو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليحدثه حديثهم، فوجده قد أنزل عليه هذه الآية: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ}. قلنا: ورجال إسناده ثقات معروفون؛ لكنه منقطع بين قتادة وعمر. وأخرجه -أيضاً- (1/ 344) عن السدي {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}؛ قال: كان لعمر بن الخطاب أرض بأعلى المدينة، فكان يأتيها، وكان ممره على طريق مدارس اليهود، وكان كلما دخل عليهم سمع منهم، وإنه دخل عليهم ذات يوم فقالوا: يا عمر! ما في أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أحد أحبّ إلينا منك؛ إنهم يمرون بنا فيؤذوننا، وتمر بنا فلا تؤذينا، وإنا لنطمع فيك. فقال لهم عمر: أي يمين فيكم أعظم؟ قالوا: الرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء. فقال لهم عمر: فأنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء؛ أتجدون محمداً - صلى الله عليه وسلم - عندكم؟ فأسكتوا، فقال: تكلموا ما شأنكم؟ فوالله ما سألتكم وأنا شاك في شيء من ديني، فنظر بعضهم إلى بعض، فقام رجل منهم فقال: أخبروا الرجل، لتخبرنه أو لأخبرنه. قالوا: نعم؛ إنا نجده مكتوباً عندنا، ولكن صاحبه في الملائكة الذي يأتيه بالوحي هو جبريل، وجبريل عدونا؛ وهو صاحب كل عذاب أو قتال أو خسف، ولو أنه كان وليه ميكائيل إذاً؛ لآمنا به؛ فإن ميكائيل صاحب كل رحمة وكل غيث. فقال لهم عمر: فأنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء؛ أين مكان جبريل من الله؟ قالوا: جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره. قال عمر: فأشهدكم أن الذي هو عدو للذي عن يمينه عدو للذي هو عن يساره، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والذي هو عدو للذي عن يساره عدو للذي هو عن يمينه، وأنه من كان عدوهما؛ فإنه عدو لله. ثم رجع عمر؛ ليخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوجد جبريل قد سبق بالوحي، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقرأ عليه، فقال عمر: والذي بعثك بالحق؛ لقد جئتك وما أريد إلا أن أخبرك. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فبين السدي وعمر -رضي الله عنه- مفاوز، وأسباط؛ صدوق كثير الخطأ ويغرب. وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 291 رقم 967)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 348) من طريق أبي جعفر الرازي عن حصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن يهودياً لقي عمر بن الخطاب فقال: إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا. فقال عمر: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}. قال: فنزلت على لسان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: أبو جعفر الرازي هذا ضعيف سيّئ الحفظ. قال الحافظ في "العجاب" (1/ 296): "وهذا غريب، إن ثبت؛ فليضف إلى موافقات عمر، وقد جزم ابن عطية بأنه ضعيف، ولم يبين جهة ضعفه، وليس فيه إلا الإرسال". قلنا: كذا قال الحافظ، وقد ضعفه ابن عطية في "المحرر الوجيز" (1/ 303) بقوله: "وهذا الخبر يضعف من جهة معناه"؛ فقد أعله من حيث متنه، وغاب عنه ضعف إسناده، وفات الحافظ العلة الثانية. وأخرجه الطبري (1/ 345) بسند صحيح عن ابن أبي ليلى في قوله: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} قال: قالت اليهود للمسلمين: لو أن ميكائيل كان الذي ينزل عليكم؛ لتبعناكم؛ فإنه ينزل بالرحمة والغيث، وإن جبريل ينزل بالعذاب والنقمة، وهو لنا عدو. قال: فنزلت هذه الآية: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن حبراً من أحبار اليهود من فدك يقال له: عبد الله بن صوريا حاجَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فسأله عن أشياء، فلما اتجهت الحجة عليه؛ قال: أي ملك يأتيك من السماء؟ قال: "جبريل، ولم يبعث الله نبياً إلا وهو وليه". قال: ذاك عدونا من الملائكة، ولو كان ميكائيل؛ لآمنا بك؛ إن جبريل نزل بالعذاب، والقتال، والشدة، فإنه عادانا مراراً كثيرة، وكان أشد ذلك علينا: أن الله أنزل على نبينا أن بيت المقدس سيخرب على يدي رجل يقال له: بختنصر، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه، فلما كان وقته؛ بعثنا رجلاً من أقوياء بني إسرائيل في طلب بختنصر ليقتله، فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلاماً مسكيناً ليست له قوة، فأخذه صاحبنا ليقتله، فدفع عنه جبريل، وقال لصاحبنا: إن كان ربكم الذي أَذِنَ في إهلاككم؛ فلا تسلط عليه، وإن لم يكن هذا؛ فعلى أيِّ حق تقتله؟ فصدقه صاحبنا، ورجع إلينا، وكَبُر بختنصر، وقوي، وغزانا، وخرب بيت المقدس؛ فلهذا نتخذه عدواً؛ فأنزل الله هذه الآية (¬1). [موضوع] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ في قوله: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ}؛ قال: وذلك أن اليهود قالت حين سألت محمداً - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء كثيرة؛ فأخبرهم بها على ما هي عندهم إلا جبريل؛ فإن جبريل كان عند اليهود صاحب عذاب وسطوة، ولم يكن عندهم صاحب وحي؛ يعني: ¬

_ = قلنا: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل، وسكت عنه الحافظ في "العجاب" (1/ 295). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 224) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 18، 19) معلقاً دون إسناد. قلنا: لعل الواحدي أخذه عن الثعلبي؛ فقد قال الحافظ في "فتح الباري" (8/ 166): "وحكى الثعلبي عن ابن عباس"، وأورده. وقال في "العجاب" (1/ 297): "يتعجب من جزمه بهذا عن ابن عباس مع ضعف طريقه؛ فإنه من تفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي، وقد قدمت أنه هالك".

تنزيل من الله على رسله، ولا صاحب رحمة، فأخبرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما سألوه عنه: أن جبريل صاحب وحي الله، وصاحب نقمته، وصاحب رحمته، فقالوا: ليس بصاحب وحي ولا رحمة، هو لنا عدو؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- عذاباً لهم؛ قل يا محمد: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} يقول: فإن جبريل نزله، يقول: نزل القرآن بأمر الله يشد به فؤادك، ويربط به على قلبك؛ يعني: بوحينا الذي نزل به جبريل عليك من عند الله، وكذلك يُفعل بالمرسلين والأنبياء من قبلك (¬1). [ضعيف] * عن القاسم بن أبي بزة؛ قال: إن يهوداً سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ صاحبه الذي ينزل عليه بالوحي؟ فقال: "جبريل". قالوا: فإنه لنا عدو؛ ولا يأتي إلا بالحرب والشدة والقتال؛ فنزل: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا} (¬2). [ضعيف] * عن رجل من قريش قال: سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود، فقال: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 345، 346)، وابن أبي حاتم (1/ 289 رقم 959) قالا: ثنا أبو كريب ثنا عثمان بن سعيد ثنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الانقطاع بين الضحاك وابن عباس؛ فهو لم يسمع منه؛ كما قال شعبة وأبو زرعة والدارقطني وغيرهما؛ كما في "المراسيل" (ص 96)، و"سؤالات البرقاني" (236)، و"الجرح والتعديل" (4/ رقم 2024). الثانية: بشر بن عمارة الخثعمي؛ ضعيف؛ كما في "التقريب" (1/ 100). والحديث سكت عنه الحافظ في "العجاب" (1/ 298). (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 343) من طريق ابن جريج: ثني ابن أبي بزة به. قلنا: وسنده معضل.

"أسألكم بكتابكم الذي تقرؤون به: هل تجدون به قد بشّر بي عيسى ابن مريم أن يأتيكم رسول اسمه أحمد؟ ". فقالوا: اللهم وجدناك في كتابنا، ولكنّا كرهناك؛ لأنك تستحل الأموال، وتهريق الدماء؛ فأنزل: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 348): ثنا ابن حميد ثنا يحيى بن واضح ثنا عبيد الله العتكي عن رجل من قريش به. قلنا: وسنده ضعيف جداً، فيه أربع علل: الأولى: ابن حميد متهم. الثانية: الإرسال. الثالثة: جهالة هذا الرجل من قريش، ولا يقال: لعله صحابي؛ فإن عبيد الله العتكي لا يروي إلا عن التابعين. الرابعة: نكارة متنه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل اليهود عن بشارة عيسى وهم لا يؤمنون به!! والحديث سكت عنه الحافظ في "العجاب" (1/ 300) موهماً ثبوته، حيث جعله يصلح لسبب معاداتهم للرسول - صلى الله عليه وسلم -. والراجح: أن هذه الآية نزلت بسبب مناظرة جرت بين اليهود وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أمر نبوته؛ لأنها ثابتة بالأسانيد الصحيحة. وأما ما قيل في سبب نزولها من مناظرة جرت بين اليهود وبين عمر -رضي الله عنه- في أمر النبي أو غير ذلك؛ فلم يثبت فيه شيء -كما تقدم بيانه-. وأخرج البخاري (رقم 4480): أن عبد الله بن سلام سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأسئلة التي سألها اليهود من قبل، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قرأ عليه هذه الآية. ولا يدل هذا على نزولها بسبب سؤالات عبد الله بن سلام، وهذا ما رجَّحه الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في "فتح الباري" (8/ 166) حيث قال: ". . . وهذه طرق يقوي بعضها بعضاً، ويدل على أن سبب نزول الآية قول اليهودي المذكور، لا قصة عبد الله بن سلام، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال له عبد الله بن سلام: إن جبريل عدو اليهود؛ تلا عليه الآية؛ مذكراً سبب نزولها". واختلف أهل العلم في سبب عداوة اليهود لجبريل -عليه السلام-: قال الحافظ في "العجاب" (1/ 298): "وحاصل ما ذكر فيه ثلاثة أقوال: =

* {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال ابن صوريا الفطيوني لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا محمد! ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية بينة فنتبعك بها؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99)} (¬1). [ضعيف] * {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100)}. ¬

_ = أحدها: قول الجمهور: إن عداوتهم لكونه ينزل بالعذاب. ثانيها: كونه حال دون قتل بختنصر الذي خرب مسجدهم، وسفك دماءهم، وسبا ذراريهم. ثالثها: كونه عدل بالنبوة من بني إسرائيل إلى بني إسماعيل". قلنا: وأرجح الأقوال هو قول الجمهور؛ لأنه صح فيه الخبر، حيث قالت اليهود: ذلك الذي ينزل بالقتل والحرب، ذاك عدونا من الملائكة، ويمكن أن يليه في القوة القول الثالث؛ كما يدل عليه سياق الآية حيث قال الله -تعالى-: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ}؛ فأشعر أن سبب عداوتهم هو انقطاع الوحي عنهم، وانتقال الرسالة منهم إلى بني إسماعيل وسيدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويشهد لهذا المعنى: أن اليهود اشتهروا بالحسد؛ قال -تعالى-: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109]. وقال -تعالى-: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)} [النساء: 54]. (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 199 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 350)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 294 رقم 976) -: ثنا محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن فيه محمد بن أبي محمد، وهو مجهول. وذكره الحافظ في "العجاب" (1/ 301) وسكت عنه، وزاد نسبته لابن المنذر.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال مالك بن الصيف -حين بُعِثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكرهم ما أخذ عليهم من الميثاق، وما عهد إليهم في محمد - صلى الله عليه وسلم --: والله ما عهد إلينا في محمد، ولا أخذ علينا ميثاقاً؛ فأنزل الله عليهم -عزّ وجلّ-: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} (¬1). [ضعيف] * {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان آصف كاتب سليمان بن داود -عليه السلام-، وكان تعلم الاسم الأعظم، كان يكتب كلَّ شيء يأمره به سليمان -عليه السلام-، ويدفنه تحت كرسيه، فلما مات سليمان؛ أخرجته الشياطين، فكتبوا بين كل سطر من سحر وكذب وكفر؛ فقالوا: هذا الذي ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 199 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 295 رقم 979)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 351) -: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه محمد مولى زيد بن ثابت؛ تفرد عنه ابن إسحاق؛ فهو مجهول. قال الذهبي في "الميزان" (4/ 26): "لا يُعرف"، وقال ابن حجر في "التقريب" (2/ 205): "مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق". وسكت عنه الحافظ ابن حجر في "العجاب" (1/ 302).

كان يعمل سليمان بها؛ فأكفره جهّال الناس وسفهاؤهم وسبوه، ووقف علماؤهم، فلم يزل جهّالهم يسبونه؛ حتى أنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} (¬1). [حسن] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان الذي أصاب سليمان بن داود -عليه السلام- في سبب امرأة من أهله -يقال لها: جرادة- وكانت أحبّ نسائه إليه، وكان إذا أراد أن يأتي نساءه أو يدخل الخلاء؛ أعطاها الخاتم، فجاء أناس من أهل الجرادة يخاصمون قوماً إلى سليمان بن داود -عليه السلام-، فكان هوى سليمان أن يكون الحق لأهل الجرادة، فيقضي لهم، فعوقب حين لم يكن هواه فيهم واحداً، فجاء حين أراد الله أن يبتليه فأعطاها الخاتم ودخل الخلاء، ومثل الشيطان في صورة سليمان، قال: هاتي خاتمي، فأعطته خاتمه، فلبسه، فلما لبسه؛ دانت له الشياطين، والإنس، والجنُّ، وكل شيء، فجاءها سليمان قال: هاتي خاتمي، قالت: اخرج، لست بسليمان، قال سليمان -عليه السلام-: إن ذاك من أمر الله؛ إنه بلاء ابتلى به، فخرج فجعل إذا قال: أنا سليمان؛ رجموه حتى يُدمون عقبه، فخرج يحمل على شاطئ البحر، ومكث هذا الشيطان فيهم مقيم ينكح نساءه ويقضي بينهم، فلما أراد الله -عزّ وجلّ- أن يرد على سليمان ملكه؛ انطلقت الشياطين، وكتبوا كُتُباً فيها سحر وفيها كفر، فدفنوها تحت كرسي سليمان -عليه السلام- ثم أثاروها، وقالوا: هذا كان يفتن الجن والإنس، ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في "التفسير" (1/ 179 رقم 14)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 297 رقم 988) من طريق أبي أسامة نا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وهذا سند حسن على شرط البخاري، وهو موقوف على عبد الله بن عباس، ولعله تلقاه عن أهل الكتاب.

قال: فأكفر الناس سليمان حتى بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- على محمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} يقول: الذي صنعوا، فخرج سليمان يحمل على شاطئ البحر، قال: ولما أنكر الناس -لما أراد الله أن يرد على سليمان ملكه أنكروا-؛ انطلقت الشياطين، جاءوا إلى نسائه فسألوهن، فقلن: إنه ليأتينا ونحن حيض، وما كان يأتينا قبل ذلك، فلما رأى الشيطان أنه حضر هلاكه؛ هرب، وأرسل به فألقاه في البحر، وفي الحديث- فتلقاه سمكه فأخذه، وخرج الشيطان حتى لحق بجزيرة في البحر، وخرج سليمان -عليه السلام- يحمل لرجل سمكاً قال: بكم تحمل، قال: بسمكة من هذا السمك فحمل معه حتى بلغ به، أعطاه السمكة التي في بطنها الخاتم، فلما أعطاه السمكة، شق بطنها يريد يشويها، فإذا الخاتم؛ فلبسه؛ فأقبل إليه الإنس والشياطين، فأرسل في طلب الشيطان فجعلوا لا يطيقونه فقال: احتالوا له فذهبوا فوجدوه نائماً قد سكر، فبنوا عليه بيتاً من رصاص، ثم جاءوا ليأخذوه فوثب، فجعل لا يثب في ناحية إلا أماط الرصاص معه؛ فأخذوه، فجاءوا به إلى سليمان، فأمر بحنت من رخام، فنقر، ثم أدخله في جوفه، ثم سده بالنحاس، ثم أمر به فطرح في البحر (¬1). [حسن] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قوله: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} وكان حين ذهب ملك سليمان؛ ارتد فئام من الجن والإنس، واتبعوا الشهوات، فلما أرجع الله إلى سليمان ملكه؛ قام الناس على الدين كما كان، وإن سليمان ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في "التفسير" (1/ 176 - 178 رقم 13)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 357) كلاهما من طريق أبي معاوية ثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: والكلام عليه كالسابق، وهو منقول عن أهل الكتاب.

ظهر على كتبهم؛ فدفنها تحت كرسيه، وتوفي سليمان حدثان ذلك، فظهر الجن والإنس على الكتب بعد وفاة سليمان، وقالوا: هذا كتاب من الله نزل على سليمان أخفاه منا، فأخذوه فجعلوه ديناً؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)} [البقرة: 101] واتبعوا الشهوات التي كانت الشياطين تتلوا، وهي: المعازف واللعب وكل شيء يصد عن ذكر الله (¬1). [ضعيف جدًا] * عن أبي العالية؛ قال: إن اليهود سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن السحر وخاصموه به؛ فأنزل الله: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ} إلى آخر الآية، وإن الشياطين كتبوا السحر والكهانة؛ فدفنوه في مجلس سليمان، وكان سليمان لا يعلم الغيب، فلما مات سليمان؛ استخرجوا ذلك السحر، وخدعوا الناس به، وقالوا: هذا علم كان سليمان يكتمه الناس ويحسدهم عليه، فلما أخبرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذه الآيات؛ رجعوا وقد خزوا، ودحض الله حجتهم (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (1/ 298 رقم 990): ثنا محمد بن سعيد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي فيما كتب إليّ ثني عمي الحسين عن أبيه عن جده عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند تالف واهٍ بمرة؛ لأنه مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 298، 299 رقم 991)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 353) من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية (*) به. (*) ليس في الإسناد عند ابن جرير (أبو العالية)، وكذا "العجاب" (1/ 312). قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف؛ ضعفه أبو زرعة وغيره، وقال الحافظ في "التقريب" (2/ 406): "صدوق سّيئ الحفظ، خصوصاً عن مغيرة".

* عن شهر بن حوشب؛ قال: لما سلب سليمان ملكه؛ كانت الشياطين تكتب السحر في غيبة سليمان، فكتب: من أراد أن يأتي كذا وكذا؛ فليستقبل الشمس، وليقل: كذا وكذا، ومن أراد أن يفعل كذا وكذا؛ فليستدبر الشمس، وليقل: كذا وكذا، فكتبته وجعلت عنوانه: "هذا ما كتب آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم"، ثم دفنته تحت كرسيه، فلما مات سليمان؛ قام إبليس خطيباً، فقال: يا أيها الناس! إن سليمان لم يكن نبياً، وإنما كان ساحراً، فالتمسوا سحره في متاعه وبيوته، ثم دلّهم على المكان الذي دفن فيه، فقالوا: والله لقد كان سليمان ساحراً؛ هذا سحره، بهذا تعبدنا، وبهذا قهرنا، فقال المؤمنون: بل كان نبياً مؤمناً، فلما بعث الله النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ جعل يذكر الأنبياء، حتى ذكر داود وسليمان، فقالت اليهود: انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل يذكر سليمان مع الأنبياء! وإنما كان ساحراً يركب الريح؛ فأنزل الله عذر سليمان: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} الآية (¬1). [ضعيف] * عن خصيف الجزري؛ قال: كان سليمان إذا نبتت الشجرة؛ قال: لأي داء أنت؟ فتقول: لكذا وكذا، فلما نبتت شجرة الخروبة الشامي؛ قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لمسجدك أخربه، قال: تخربينه؟! قالت: نعم، قال: بئس الشجرة أنت، فلم يلبث أن توفي؛ فجعل الناس يقولون في مرضاهم: لو كان لنا مثل سليمان، فجاء الشياطين فأخذوا كتاباً؛ فجعلوه في مصلّى سليمان؛ فقالوا: نحن ندلكم على ما كان ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (1/ 358): ثنا القاسم ثنا الحسين ثني حجاج عن أبي بكر عن شهر بن حوشب به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: شهر بن حوشب، فيه ضعف، وهو حسن في الشواهد والمتابعات، والأثر من الإسرائيليات.

سليمان يداوي به، فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب، فإذا فيه سحر ورقى؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ} هم الذي كفروا {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ (102)} سبع مرات. . . فإن أبى إلا أن يكفر علماه، فيخرج منه نار -أو نور- حتى يسطع في السماء، قال: المعرفة التي كان يعرف (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ أنه أتاه رجل، فقال له: من أين أقبلت؟ فقال: من العراق، قال: كيف تركت الناس وراءك؟ قال: تركت الناس يتحدثون أن علياً سوف يخرج إليهم، فقال: لو شعرنا؛ ما زوّجنا نساءه، ولا قسمنا ميراثه، وسأحدثك عن ذلك: إن الشياطين كانت تسترق السمع في السماء، فإذا سمع أحدهم كلمة حق؛ كذب معها ألف كذبة؛ فأشربتها قلوب الناس، واتخذوها دواوين، فاطلع عليها سليمان؛ فدفنها تحت كرسيه، فلما مات سليمان؛ قام شياطين بالطريق، فقالت: ألا أدلكم على كنز سليمان الممنع الذي لا كنز له مثله؟ فاستخرجوه، قالوا: سحر، وإن بقيتها هذا يتحدث به أهل العراق، وأنزل الله عذر سليمان ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2/ 576 رقم 204) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص20) -: ثنا عتاب بن بشير عن خصيف الجزري به. قلنا: وسنده ضعيف جداً. قال الإِمام أحمد: "أحاديث عتاب عن خصيف منكرة"، وقال ابن عدي: "روى عن خصيف نسخة، وفي تلك النسخة أحاديث ومتون أنكرت عليه"، وقال الساجي: "عنده مناكير"، وضعفه ابن سعد والنسائي، وقال ابن حبان: "يخالف"، وقال الحافظ: "صدوق يخطئ". قلنا: والحديث قال عنه الحافظ في "العجاب" (1/ 310): "وأما أثر خصيف؛ ففيه ضعف مع إعضاله". اهـ.

فيما قالوا من السحر: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} إلى آخر الآية (¬1). [صحيح] * عن ابن إسحاق؛ قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال -فيما بلغني-: "لما ذكر سليمان بن داود في المرسلين؛ قال بعض أحبار اليهود: ألا تعجبون من محمد يزعم أن ابن داود كان نبياً، والله ما كان إلا ساحراً؛ فأنزل الله في ذلك من قولهم: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا}؛ أي: باتباعهم السحر وعلمهم به، {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه إسحاق بن راهوية في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (1/ 304) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 19) -، وسعيد بن منصور في "سننه" (2/ 594، 595 رقم 207)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 357)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 300 رقم 996)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 265) جميعهم من طريق حصين بن عبد الرحمن عن عمران بن الحارث السلمي عن عبد الله بن عباس به. قلنا: الحديث صححه الحاكم؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 233)، وتصحيحه هذا غير موجود في "المستدرك"، وصححه الذهبي في "التلخيص". وقال الحافظ ابن حجر في "العجاب" (1/ 307): "قلت: أثر عبد الله بن عباس أخرجه الحاكم في "المستدرك" من هذا الوجه، وعمران أخرج له مسلم، وباقي رجاله من رجال الصحيح". قلنا: فالحديث صحيح؛ لأن رجاله كلهم ثقات. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 233)، وزاد نسبته لسفيان بن عيينة، وابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 358): ثنا ابن حميد ثنا سلمة ثني ابن إسحاق به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإعضال. الثانية: محمد بن حميد -شيخ الطبري- متهم. =

* عن سعيد بن جبير؛ قال: كان سليمان يتتبع ما في أيدي الشياطين من السحر؛ فيأخذه، فيدفنه تحت كرسيه في بيت خزانته، فلم تقدر الشياطين أن يصلوا إليه، فدنت إلى الإنس فقالوا لهم: أتريدون العلم الذي كان سليمان يسخر به الشياطين والرياح وغير ذلك؟ قالوا: نعم، قالوا: فإنه في بيت خزانته وتحت كرسيه، فاستثارته الإنس؛ فاستخرجوه، فعملوا به، فقال أهل الحجاز: كان سليمان يعمل بهذا وهذا سحر؛ فأنزل الله -جل ثناؤه- على لسان نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - براءة سليمان؛ فقال له: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = الثالثة: سلمة بن الفضل الأبرش؛ صدوق كثير الخطأ؛ كما في "التقريب" (1/ 318). (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (1/ 356): ثنا ابن حميد ثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: جعفر بن أبي المغيرة؛ ليس بالقوي في سعيد بن جبير؛ كما قال ابن منده، وهو في غيره صدوق؛ كما في "ميزان الاعتدال" (1/ 417). الثالثة: محمد بن حميد؛ متهم. والحديث سكت عنه الحافظ في "العجاب" (1/ 313، 314). الراجح: أنها نزلت بسبب استمرار سفهاء اليهود في اتهام نبي الله سليمان -عليه السلام- بالسحر؛ فأكذبهم الله بما أنزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومما يؤكد كذبهم وجود السحر في الأرض قبل سليمان؛ كسحرة فرعون -لعنه الله- الذين ناظرهم موسى -عليه السلام-، ومن المعلوم أن موسى كان مرسلاً قبل سليمان -عليه السلام- بأزمان. قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 141): "وتبعته اليهود على ملكه، وكان السحر قبل ذلك في الأرض لم يزل بها، ولكنه إنما اتبع على ملك سليمان، فهذه نبذة من أقوال أئمة السلف في هذا المقام، ولا يخفى ملخص القصة، والجمع بين أطرافها، وأنه لا تعارض بين هذه السياقات على اللبيب الفهم، والله الهادي". اهـ.

* {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: راعنا -بلسان اليهود-: السَّبُّ القبيح؛ فكان اليهود يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سِرّاً، فلما سمعوا أصحابه يقولون؛ أعلنوا بها، فكانوا يقولون ذلك، ويضحكون فيما بينهم؛ فأنزل الله الآية (¬1). [موضوع] * عن قتادة والكلبي؛ قالا: كانوا يقولون: راعنا سمعك، وكانت اليهود يأتون؛ فيقولون مثل ذلك يستهزؤون؛ فنزلت (¬2). [ضعيف] * {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان مما ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي بالليل، وينساه بالنهار؛ فأنزل الله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَة} الآية (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "دلائل النبوة"؛ كما في "لباب النقول" (ص 24) من طريق السّدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس به. قال الحافظ في "فتح الباري" (8/ 163): "وروى أبو نعيم في "الدلائل" بسند ضعيف جداً عن ابن عباس (وذكره) ". قلنا: وهو حديث كذب موضوع؛ من دون ابن عباس كلهم كذابون. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 54) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 374) -: ثنا معمر [عن قتادة] والكلبي به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأنه مرسل. وما بين المعقوفين ساقط من "تفسير عبد الرزاق"، واستدركناه من "العجاب" لابن حجر، وهو الصواب. وأخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (1/ 344) من وجه آخر عن قتادة. (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 1065)، وابن عدي في "الكامل" =

* {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ أنه قال: قال رافع بن (حريملة) ووهب بن زيد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا محمد! ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه، وفجر لنا أنهارًا؛ نتبعك ونصدقك؛ فأنزل الله في ذلك من قولهم: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108)} (¬1). [ضعيف] • عن أبي العالية في قوله: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} قال: قال رجل: يا رسول الله! لو كانت كفاراتنا ككفارات ¬

_ = (6/ 2243)، وأبو أحمد الحاكم في "الأسامي والكنى" (2/ 279) من طريق عن محمد بن الزبير الحراني عن الحجاج الجزري عن عكرمة عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الحجاج الجزري؛ قال أبو زرعة: "لا أعرفه"؛ كما في "لسان الميزان" (2/ 180). الثانية: محمد بن الزبير الحراني؛ قال أبو حاتم: "ليس بالمتين"، وقال أبو زرعة: "في حديثه شيء"، وقال ابن عدي: "منكر الحديث"، وقال أبو أحمد الحاكم: "ليس بالمتين عندهم"؛ كما في "الأسامي والكنى" (2/ 278)، و"ميزان الاعتدال" (3/ 547)، و"لسان الميزان" (5/ 165). والحديث ذكره الحافظ في "فتح الباري" (8/ 167)، وسكت عنه. (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 200 - سيره ابن هشام) -ومن طريقة الطبري في "جامع البيان" (1/ 385)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 1081) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- به. قال الحافظ في "العجاب" (1/ 351): "فإني وجدته عن ابن عباس بسند جيد". قلنا: هذا وهم منه -رحمه الله-؛ إذ كيف يكون إسناده جيد، وهو القائل عن محمد هذا في "التقريب" (2/ 205): "مجهول من السادسة؛ تفرد عنه ابن إسحاق"، وقال الذهبي -أيضاً- في "ميزان الاعتدال" (4/ 26): "لا يعرف".

بني إسرائيل؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم لا نبغيها -ثلاثاً- ما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل، كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها، فإن كفرها؛ كانت له خزياً في الدنيا، وإن لم يكفرها؛ كانت له خزياً في الآخرة؛ فما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل"، قال: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)} [النساء: 110] (¬1). [ضعيف جداً] * عن مجاهد؛ قال: سألت قريش محمداً أن يجعل لهم الصفا ذهباً، فقال: "نعم، وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل إن كفرتم"؛ فأبوا، ورجعوا؛ فأنزل الله -تعالى-: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 385، 386)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 1083) من طريق عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع عن أبي العالية به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً، فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: أبو جعفر الرازي، ضعفه أبو زرعة، وعلي بن المديني وغيرهما، وقال الحافظ في "التقريب" (2/ 406): "صدوق سيّئ الحفظ". الثالثة: قال ابن حبان في "الثقات" (4/ 228) في ترجمة الربيع: "والناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر؛ لأن فيها اضطراباً كثيراً". الرابعة: قال ابن حبان في "الثقات" (8/ 335) في ترجمة عبد الله: "يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه"، ووثقه أبو حاتم الرازي، وقال أبو زرعة: "صدوق"، وكذا قال الحافظ، وزاد: "يخطئ". ومع كل ما ذكرنا من علل؛ فقد قال الحافظ ابن حجر في "العجاب" (1/ 352): "أخرجه ابن أبي حاتم بسند قوي عن أبي العالية". (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 385)، وابن أبي حاتم (رقم 1082)، والفريابي؛ كما في "العجاب" (1/ 351)، وعبد بن حميد وابن المنذر؛ كما في =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في عبد الله بن أبي أمية ورهط من قريش، قالوا: يا محمد! اجعل لنا الصفا ذهباً، ووسع لنا أرض مكة، وفجر الأنهار خلالها تفجيراً؛ نؤمن بك؛ فأنزل الله هذه الآية (¬1). [موضوع] * {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان حيي بن أخطب، وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسداً؛ إذ خصهم الله برسوله، وكانا جاهدين في ردِّ الناس عن الإسلام بما استطاعا؛ فأنزل الله -تعالى- فيهما: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = "المنثور" (1/ 261) من طرق عن مجاهد. قلت: وسنده ضعيف؛ لأنه مرسل. قال الحافظ في "العجاب" (1/ 351): "أخرجه الفريابي والطبري وابن أبي حاتم صحيحاً إليه". (¬1) ذكره الثعلبي في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (1/ 350). قال الحافظ: "أما الأول؛ فذكره الثعلبي، ولعله من تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس". قلنا: إن كان هذا إسناده؛ فهو موضوع؛ لأن الكلبي وشيخه متهمان. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 200 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 388، 389)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 1088) -: ثني محمد بن أبي محمد. قلنا؛ وسنده ضعيف؛ فيه محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت؛ قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/ 26): "لا يعرف"، وقال ابن حجر في "التقريب" (2/ 205): "مجهول، تفرد عنه ابن إسحاق".

* عن كعب بن مالك: أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعراً، وكان يهجو النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويحرض عليه كفار قريش في شعره، وكان المشركون واليهود من المدينة حين قدمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤذون النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أشد الأذى؛ فأمر الله -تعالى- نبيه بالصبر على ذلك والعفو عنهم، وفيهم أنزلت: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} إلى قوله: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} (¬1). [صحيح] * {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)}. ¬

_ (¬1) أخرجه الذهلي في "الزهريات"؛ كما في "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 355) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 22) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 1090)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 196، 197) من طريق أبي اليمان ثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه -وكان من الذين تيب عليهم؛ يعني: كعب بن مالك- به. قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. وقال الحافظ ابن حجر في "العجاب" (1/ 356): "وهذا سند صحيح". والحديث أصله عند أبي داود (رقم 3000). (تنبيه): في مصادر التخريج عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه -وكان أحد الثلاثة الذين تيب عليهم-. فالذي لا يمعن النظر يظن أن والد عبد الرحمن هو عبد الله بن كعب، وهو تابعي؛ وعليه؛ فالحديث مرسل، وليس الأمر كذلك، بل سند الحديث؛ كما في "تحفة الأشراف" (8/ 322) عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه به. ووقع في رواية القاضي أبي عمر الهاشمي: عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه -وكان أحد الذين تيب عليهم-، والحاصل من ذلك -وهو المهم- أن والد عبد الرحمن هو كعب بن مالك وليس عبد الله.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أتتهم أحبار يهود، فتنازعوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال رافع بن حريملة: ما أنتم على شيء، وكفى بعيسى وبالإنجيل، فقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود: ما أنتم على شيء، ومجّد بنبوة موسى وكفر بالتوراة؛ فأنزل الله -تعالى- في ذلك من قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} (¬1). [ضعيف] * {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إنَّ قريشاً منعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام؛ فأنزل الله؛ {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)} (¬2). [ضعيف] * عن كعب الأحبار؛ قال: إن النصارى لما ظهروا على بيت المقدس؛ حرقوه، فلما بعث الله محمداً؛ أنزل عليه: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 201 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 394)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 1110) -: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على شيخ ابن إسحاق: محمد بن أبي محمد، وهو مجهول كما تقدم. (¬2) أخرجه ابن إسحاق؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 264) -ومن طريقه ابن أبي حاتم -معلقاً- (رقم 1117): ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على محمد هذا؛ وهو مجهول.

مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ}؛ فليس في الأرض نصراني يدخل بيت المقدس إلا خائفاً (¬1). [ضعيف جداً] * {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}. * عن عامر بن ربيعة قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة؛ فصلى كل رجل منّا على حياله، فلما أصبحنا؛ ذكرنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزل: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (¬2). [حسن لغيره] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم (رقم 1122): ثنا أبو سعيد الأشج ثنا موسى بن إبراهيم المعلم أبو علي الجذامي ثني خازن بيت المقدس عن ذي الكلاع عن كعب به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لأنه مسلسل بالمجاهيل. وذكر الواحدي في "أسباب النزول" (ص 22): أنها نزلت في ططلوس الرومي وأصحابه من النصارى، وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل؛ فقتلوا مقاتلتهم، وسبوا ذراريهم، وخربوا بيت المقدس، وقذفوا فيه الجيف، وهذا قول ابن عباس في رواية الكلبي. (¬2) أخرجه الترمذي (رقم 345، 2957)، وابن ماجه (رقم 1020)، والطيالسي (رقم 1145)، وعبد بن حميد (رقم 316 - منتخب)، والدارقطني (1/ 272)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 211 رقم 1120)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (1/ 31)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 401)، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 179)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/ 11)، وأبو علي الطوسي في "مختصر الأحكام" (2/ 246 رقم 322)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 23) من طريقين عن عاصم بن عبيد الله بن عبد الله بن عامر عن أبيه به. قال الترمذي في الموضع الأول: "هذا حديث ليس إسناده بذاك، لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان، وأشعث بن أبي الربيع السمان يضعف في الحديث". اهـ. وقال في الموضع الثاني: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أشعث السّمان أبو الربيع عن عاصم بن عبيد الله، وأشعث يضعف في الحديث". وقال العقيلي: "وأما حديث عامر بن ربيعة؛ فليس يروى من وجه يثبت متنه". =

* عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه، قال: وفيه نزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (¬1). [صحيح] * عن عطاء بن أبي رباح: أن قوماً عميت عليهم القبلة فصلى كل إنسان إلى ناحية، ثم أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكروا ذلك؛ فأنزل الله على رسوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: كذا قالا -رحمهما الله-، وكلامهما متعقب. أما الترمذي؛ فعلق علة الحديث على أشعث هذا -وهو متروك-، وكلامه غير صحيح؛ لأن أشعث هذا توبع، تابعه عمرو بن قيس الملائي عند الطيالسي، وهو ثقة من رجال مسلم. وغفل الترمذي عن علة الحديث الحقيقية، وهي: أن مداره على عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف؛ كما قال الحافظ في "التقريب" (1/ 384). وأما العقيلي؛ فكلامه متعقب بما أخرجه الدارقطني -ومن طريقه الواحدي (ص 23) -، وابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (1/ 163، 164)، والحاكم (1/ 206)، والبيهقي (2/ 10)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (1/ 90، 91 رقم 319) من طرق عنه أنه قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة، فصلى كل رجل حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزل: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ]. قلنا: وسنده حسن في الشواهد، ويرتقي الحديث بمجموع ذلك إلى الحسن، والله أعلم. والحديث ضعفه الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 163). وقال الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في تعليقه على "تفسير ابن جرير" (2/ 531): "وأرى أنه حديث ضعيف"، مع أنه حسنه في تعليقه على "سنن الترمذي" (2/ 177)، وكأنه تراجع، وهو الصواب. والحديث حسّنه لغيره شيخنا العلامة الألباني -رحمه الله- في "الإرواء" (رقم 291). (¬1) أخرجه مسلم (1/ 486 رقم 700) (33 - 44). (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2/ 601 رقم 210): ثنا إسماعيل بن عياش =

* عن قتادة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أخاكم النجاشي قد مات؛ فصلوا عليه"، قالوا: صلى على رجل ليس بمسلم! قال: فنزلت: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [آل عمران: 199]. قال قتادة: فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: لما نزلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]؛ قالوا: إلى أين؟ فنزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ} (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فأصابتهم ضبابة؛ فلم يهتدوا إلى القبلة؛ فصلوا لغير القبلة، ثم استبان لهم ¬

_ = ثني حجاج بن أرطاة عن عطاء. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: حجاج بن أرطاة؛ صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرح بالسماع. الثالثة: رواية إسماعيل بن عياش عن غير أهل الشام ضعيفة، وهذه منها؛ فإن حجاج بن أرطاة كوفي. (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 401): ثنا محمد بن بشار ثنا معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه عن قتادة به. قلنا: إسناده ضعيف؛ لأنه مرسل. وزاد نسبه السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 267) لابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 402) من طريق حجاج الأعور عن ابن جريج قال مجاهد: (وذكره). قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يدرك مجاهداً.

بعد ما طلعت الشمس أنهم صلوا لغير القبلة، فلما جاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حدثوه؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} (¬1). [ضعيف] * وقال عبد الله بن عباس -في رواية عطاء-: إن النجاشي لما توفي؛ قال جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن النجاشي توفي، فصل عليه"؛ فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يحضروا، وصفَّهم، ثم تقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لهم: "إن الله أمرني أن أصلي على النجاشي، وقد توفي فصلوا عليه". فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أنفسهم: كيف نصلي على رجل مات وهو يصل على غير قبلتنا؟ وكان النجاشي يصلي إلى بيت المقدس حتى مات، وقد صرفت القبلة إلى الكعبة؛ فأنزل الله -تعالى-: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (¬2). * وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان أول ما نسخ من القرآن القبلة، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر إلى المدينة -وكان أكثر أهلها اليهود-؛ أمره الله -عزّ وجلّ- أن يستقبل بيت المقدس؛ ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضعة عشر شهراً؛ فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب قبلة إبراهيم -عليه السلام-، فكان يدعو وينظر إلى السماء؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} إلى قوله: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144]؛ فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142]؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} وقال: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 267)، وضعفه السيوطي. (¬2) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 24) معلقاً دون سند. (¬3) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 399، 400) من طريق عبد الله بن صالح ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن عبد الله بن عباس به. =

* {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116)}. * قال الواحدي في "أسباب النزول" (ص 24): "نزلت في اليهود حيث قالوا: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30]، وفي نصارى نجران حيث قالوا: {الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30]، وفي مشركي العرب قالوا: الملائكة بنات الله". * وقال مقاتل: نزلت في نصارى نجران: السيد والعاقب ومن معهما من الوفد الذين قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: عيسى ابن الله؛ فأكذبهم الله -تعالى- (¬1). * {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال رافع بن حريملة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا محمد! إن كنت رسولاً من الله كما تقول؛ فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه؛ فأنزل الله في ذلك من قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث ضعيف. (¬1) نقله الحافظ في "العجاب" (1/ 367) عن مقاتل به. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 202 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 407)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1147) -: ثني محمد بن أبي محمد -مولى آل زيد بن ثابت- عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه محمد هذا شيخ ابن إسحاق؛ قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/ 26): "لا يُعرف"، وقال ابن حجر في "التقريب" (2/ 205): "مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق".

* {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)}. * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن أبيه؛ فأنزل الله: {وَلَا تُسْأَلُ}. وفي رواية: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليت شعري! ما فعل أبواي؟ "؛ فنزل: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)} فما ذكرهما حتى توفاه الله (¬1). [ضعيف] * عن داود بن أبي عاصم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم: "ليت شعري! أين أبواي؟ "؛ فنزلت: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 59) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 409)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 1158) - من طريق موسى بن عبيدة عن محمد به. قلنا: وهذا مرسل ضعيف الإسناد؛ فيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف. قال ابن جرير: "إن كان الخبر عنه -عن محمد بن كعب- صحيحاً". قال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 167): "هذا مرسل". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 271): "هذا مرسل ضعيف الإسناد". وقال ابن حجر في "العجاب" (1/ 369): "وقد أخرجه الطبري من مرسل محمد بن كعب القرظي. . . . وفي سنده موسى بن عبيدة؛ وهو ضعيف". وقال العلامة أحمد شاكر في تعليقه على "تفسير الطبري" (2/ 558): "هما حديثان مرسلان؛ فإن محمد بن كعب بن سليم القرظي تابعي، والمرسل لا تقوم به حجة، ثم هما إسنادان ضعيفان -أيضاً-؛ بضعف راويهما: موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف جداً؛ قال البخاري: منكر الحديث، وقال أحمد وابن المديني: كنا نتقيه". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 271) وزاد نسبته لسفيان بن عيينة، وعبد بن حميد، وابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 409) من طريق الحجاج بن الأعور عن ابن جريج ثني داود به. =

* قال مقاتل: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنزل الله بأسه باليهود؛ لآمنوا"؛ فأنزل الله: {وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} (¬1). * {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في أصحاب السفينة الذين أقبلوا مع جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة كانوا أربعين رجلاً من الحبشة وأهل الشام. * وقال الضحاك: نزلت فيمن آمن من أهل الكتاب. * وقال قتادة وعكرمة: نزلت في أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - (¬2). * {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)}. ¬

_ = قال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 167): "هذا مرسل". وقال ابن حجر في "العجاب" (1/ 369): "وهذا مرسلٌ -أيضاً-، وهو من رواية سنيد بن داود، وفيه مقال". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 271): "معضل الإسناد، ضعيف، لا يقوم به ولا بالذي قبله حجة". قلنا: وكلام ابن حجر السابق مشكل؛ لأنه قال: "وهو من رواية سنيد بن داود"، ولا وجود لسنيد في سند ابن جرير، ولعله تصحيف من الناسخ أو هنالك وهم ما، فليحرر. (¬1) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 24، 25) معلقاً. وذكر في "الوسيط" (1/ 199) قولاً آخر في سبب نزول هذه الآية، فقال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل جبريل عن قبر أبيه وأمه، فدلّه عليهما، فذهب إلى القبرين، فدعا لهما، فتمنى أن يعرف حال أبويه في الآخرة؛ فنزل قوله: {وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} ". ولم ينسبه لأحد. (¬2) ذكرها الواحدي في "أسباب النزول" دون إسناد. وانظر -لزاماً-: "العجاب" (1/ 373 - 375).

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلي النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قبلتهم، فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة؛ شقّ ذلك عليهم، وأيسوا منه أن يوافقهم على دينهم؛ فأنزل الله: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى} (¬1). * قال المفسرون: إنهم كانوا يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدنة، ويطمعون أنهم إذا هادنهم وأمهلهم اتبعوه ووافقوه؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية (¬2). * {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)}. * عن أنس -رضي الله عنه-؛ قال: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: وافقت ربي في ثلاث؛ فقلت: يا رسول الله! لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؛ فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله! لو أمرت نساءك أن يحتجبن؛ فإنه يكلمهن البر والفاجر؛ فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - في المغيرة عليه فقلت لهن: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن؛ فنزلت هذه الآية (¬3). [صحيح] * عن جابر -رضي الله عنه- يحدث عن حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: لما طاف النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال له عمر: هذا مقام أبينا إبراهيم؟ قال: "نعم"، قال: أفلا تتخذه مصلى؛ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 272)، ونسبه للثعلبي. (¬2) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 25) هكذا. (¬3) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/ 504 رقم 402، 8/ 168رقم 4483، ص 527 رقم 4790، ص 660 رقم 4916) من طرق عن حميد عنه به، واللفظ له في الموضع الأول. وأخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم 2399) من طريق نافع عن ابن عمر قال: قال عمر: (وذكره مختصراً).

فأنزل الله -تعالى-: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: قال عمر: لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (¬2). [ضعيف] * عن عمر -رضي الله عنه-؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هذا مقام إبراهيم"، قال عمر: أفلا نتخذه مصلى؟ فأنزل الله: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 1205 - المطبوع): ثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج، عن جعفر بن محمد عن أبيه سمع جابراً به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه ابن جريج، مدلس، وقد عنعن. قال الدارقطني: "يتجنب تدليسه؛ فإنه وحش التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح مثل إبراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة وغيرهما"؛ كما في "سؤالات الحاكم" (رقم 265). وقال الحافظ في "التقريب" (1/ 520): "ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل". وقال الحافظ في "العجاب" (1/ 377): "سنده صحيح، وأصله عند مسلم، وأخرج النسائي وابن مردويه من حديث جابر نحوه". قلنا: هذا وهم منه -رحمه الله-؛ فالحديث ضعيف كما بيّنّا، نعم؛ أصله عند مسلم (2/ 886/ 147) لكن دون ذكر سبب النزول. وهو كذلك عند النسائي (5/ 236)، وليس فيه ذكر لسبب النزول والسياق مختلف. (¬2) أخرجه الفريابي؛ كما في "العجاب" (1/ 376): ثنا سفيان الثوري عن عبيد المكتب عن مجاهد به. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص 110) من طريق آخر عن الثوري به. قلنا: وسنده منقطع؛ لأن مجاهداً لم يسمع من عمر بل لم يلقه. وأخرجه الثوري في "تفسيره" (رقم 34) -ومن طريقه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص 110) - عن عبد الملك بن أبي سليمان عن مجاهد به. قلنا: وهو كالسابق. وله طريق ثالثة ورابعة عن مجاهد عند ابن أبي داود في "المصاحف" (ص110 - 111).

{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (¬1). * عن عمر -رضي الله عنه-: أنه مر بمقام إبراهيم، فقال: يا رسول الله! أليس نقوم بمقام خليل ربنا؟ قال: "بلى"، قال: أفلا نتخذه مصلى؟ فلم يلبث إلا يسيراً حتى نزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (¬2). [ضعيف] * عن ابن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: يا رسول الله! لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؛ فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (¬3). [ضعيف] * عن أبي ميسرة؛ قال: قال عمر: يا رسول الله! هذا مقام خليل ربنا؛ أفلا نتخذه مصلى؟ فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (1/ 449، 450/ 985): ثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان عن زكريا بن أبي زائدة عمن حدثه عن عمر به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن في إسناده من لم يسم. (¬2) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 174)، وابن أبي شيبة في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 40، 41 رقم 7578)، و"المطالب العالية" (8/ 525 رقم 3910) من طريق زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق السبيعي عن عمرو بن ميمون عن عمر به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل: الأولى: أبو إسحاق السبيعي مدلس مختلط، وقد رواه بالعنعنة، وسماع زكريا منه بعد الاختلاط. الثانية: زكريا هذا مدلس، وقد عنعنه. (¬3) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 305 رقم 13475) من طريق جعفر بن محمد بن جعفر المدائني ثنا أبي ثنا هارون بن موسى النحوي عن أبان بن تغلب عن الحكم عن مجاهد عنه به. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 316): "وفيه جعفر بن محمد بن جعفر المدائني، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 290) وزاد نسبته للخطيب في "تاريخه". (¬4) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 291)، ونسبه لابن أبي شيبة في "مسنده"، والدارقطني في "الأفراد".

* {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130)}. * قال الحافظ في كتابه "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 378): "ذكر الثعلبي وتبعه الزمخشري: أن عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه: سلمة ومهاجراً إلى الإسلام، وقال لهما: لقد علمتما أن الله قال في التوراة: إني باعث من ولد إسماعيل نبياً اسمه أحمد، فمن آمن به؛ فقد رشد واهتدى، ومن لم يؤمن به؛ فهو ملعون، فأسلم سلمة، وامتنع مهاجر؛ فنزلت: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} (¬1) ". * {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)}. * قال الواحدي في "أسباب النزول" (ص 25)، و"الوسيط" (1/ 216 - 217): "نزلت في اليهود حين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية؟! فأنزل الله -عزّ وجلّ- قوله: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ} (¬2). * {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: نزلت في رؤوس يهود المدينة: كعب بن الأشرف، ومالك بن الصيف، وأبي ياسر بن أخطب، وفي ¬

_ (¬1) قلنا: وسكت عنه الحافظ. قال السيوطي؛ كما في "الفتح السماوي" (1/ 183): "لم أقف عليه في شيء من كتب الحديث ولا التفاسير المسندة". (¬2) قال السيوطي؛ كما في "الفتح السماوي" (1/ 184): "لم أقف عليه".

نصارى أهل نجران، وذلك أنهم خاصموا المسلمين في الدين كل فرقة تزعم أنها أحق بدين الله -تعالى- من غيرها (¬1). * {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفر من اليهود؛ فيهم: أبو ياسر بن أخطب، ورافع بن أبي رافع، وعازر وخالد وزيد وإزار بن أبي أزار، وأشيع؛ فسألوه عمّن يؤمن به من الرسل؟ فقال: أومن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون، فلما ذكر عيسى؛ جحدوا نبوته، وقالوا: لا نؤمن بعيسى، ولا نؤمن بمن آمن به؛ فأنزل الله فيهم: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)} [المائدة: 59] (¬2). [ضعيف] * {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن بني إسرائيل قالوا: ¬

_ (¬1) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 25)، ونقله عنه الحافظ ابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 380) وسكت عنه. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 229، 230 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 442) -: ثني محمد بن أبي محمد -مولى زيد بن ثابت- عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال الحافظ في "التقريب" (2/ 205): "مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق"، وقال الذهبي في "الميزان" (4/ 26): "لا يُعرف".

يا موسى! هل يصبغ ربك؟ قال: اتقوا الله؛ فناداه ربه: يا موسى! سألوك هل يصبغ ربك؟ فقل: نعم؛ أصبغ الألوان الأحمر والأبيض والأسود، والألوان كلها في صفتي؛ فأنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)} (¬1). [حسن] * {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال عبد الله بن صوريا الأعور لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما الهدى إلا ما نحن عليه؛ فاتبعنا يا محمد تهتدي، وقالت النصارى مثل ذلك؛ فأنزل الله: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم (رقم 1323 - المطبوع) -وعنه أبو الشيخ في "العظمة" (2/ 452 - 454 رقم 138) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 193)، و"العجاب في بيان الأسباب" (1/ 384) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 110، 111 رقم 107) - من طريق أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي عن عبد الله بن سعد الدشتكي عن أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وهذا سند حسن. قال ابن كثير: "كذا وقع في رواية ابن مردويه مرفوعاً، وهو في رواية ابن أبي حاتم موقوف؛ وهو أشبه، إن صح إسناده، والله أعلم". اهـ. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 202 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "التفسير" (رقم 1290، 1322 - ط الباز)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 440) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه محمد بن أبي محمد مولى آل زيد بن ثابت؛ قال الحافظ في "التقريب" (2/ 205): "مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق"، وقال الذهبي في "الميزان" (4/ 26): "لا يُعرف". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 337)، وزاد نسبته لابن المنذر.

* {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة وصرفت في رجب على رأس سبعة عشر شهراً من مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة؛ أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفاعة بن قيس، وقردم بن عمرو، وكعب بن الأشرف، ونافع بن أبي نافع -هكذا قال ابن حميد، وقال أبو كريب: ورافع بن أبي رافع- والحجاج بن عمرو؛ حليف كعب بن الأشرف، والربيع بن الربيع بن الحقيق، وكنانة بن أبي الحقيق؛ فقالوا: يا محمد! ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها، وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه؟! ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها؛ نتبعك ونصدقك، وإنما يريدون فتنه عن دينه؛ فأنزل الله فيهم: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}. . . إلى قوله: {إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: لما وُجِّه النبي - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ المسجد الحرام؛ اختلف الناس فيها فكانوا أصنافاً، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلة زماناً ثم تركوها وتوجهوا إلى غيرها؟ فأنزل الله في المنافقين: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 203) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (2/ 3) -: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عكرمة عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه شيخ محمد بن إسحاق، وهو مجهول العين لم يرو عنه إلا ابن إسحاق. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 5): ثني موسى بن هارون ثنا عمرو بن حماد ثنا أسباط عن السدي به. =

* {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)}. * عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده -أو قال: أخواله- من الأنصار، وأنه صلى قِبَلَ بيت المقدس ستة عشر شهراً -أو سبعة عشر شهراً-، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَلَ البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها: صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه؛ فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله؛ لقد صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ مكة، فداروا -كما هم- قِبَلَ البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم؛ إذ كان يصلي قِبَلَ بيت المقدس وأهل الكتاب، فلما ولّى وجهه قبل البيت؛ أنكروا ذلك (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما وُجِّه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الكعبة؛ قالوا: يا رسول الله! كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (¬2). [صحيح] ¬

_ = قلت: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر، ضعيف. (¬1) أخرجه البخاري (1/ 95 رقم 40، 8/ 171 رقم 4486، ص 174 رقم 4492 - مختصراً، 13/ 232 رقم 7252). (¬2) أخرجه أبو داود (رقم 4680)، والترمذي (رقم 2964)، وأحمد (1/ 295، 304، 305، 322، 347)، والطيالسي (رقم 2673)، والدارمي (1/ 281)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 11)، وابن حبان (رقم 1718 - موارد)، والطبراني في "الكبير" (11/ 222 رقم 11729)، والحاكم (2/ 269)، والواحدي في "الوسيط" (1/ 226، 227) من طرق عن سماك بن حرب عن =

* عن قتادة؛ قال: كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص، صلت الأنصار نحو الكعبة حولين قبل قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصلى نبي الله بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً، ثم وجهه الله بعد ذلك إلى الكعبة: البيت الحرام، فقال في ذلك قائلون من الناس: ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ لقد اشتاق الرجل إلى مولده! قال الله -عزّ وجلّ-: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وقال أناس من الناس: لقد صرفت القبلة إلى البيت الحرام؛ فكيف أعمالنا التي عملنا في القبلة الأولى؟ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (¬1). [ضعيف] ¬

_ = عكرمة عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وسنده صحيح، وقد يتوهم متوهم أن سند الحديث ضعيف؛ لأنه من رواية سماك عن عكرمة، وهي ضعيفة! وليس الأمر على إطلاقه: قال الدارقطني: "إذا حدث عنه شعبة والثوري وأبو الأحوص؛ فأحاديثهم عنه سليمة". وقال يعقوب بن شيبة: "ومن سمع من سماك قديماً مثل شعبة وسفيان؛ فحديثهم عنه صحيح مستقيم". قلنا: وهذا منها؛ فالراوي عند أبي داود عن سماك هو سفيان الثوري؛ فصح الحديث، ولله الحمد والمنة على الإسلام والسنة. ويشهد له حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- المتقدم. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 353)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، والفريابي، ووكيع، وابن المنذر. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان، والحاكم، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ في "فتح الباري" (1/ 98): "وكذلك روى أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم وصححاه عن ابن عباس". صححه الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في "شرحه للمسند" (رقم 2691). (¬1) الحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 347)، ونسبه لعبد بن حميد، وابن المنذر. وأخرجه ابن جرير "جامع البيان" (2/ 11) -مختصراً-: ثني بشر بن معاذ =

* عن السدي؛ قال: لما توجه رسول الله قِبَلَ المسجد الحرام؛ قال المسلمون: ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قِبَلَ بيت المقدس، هل تقبل الله منا ومنهم أم لا؟! فأنزل الله -جلّ ثناؤه- فيهم: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}؛ قال: صلاتكم قبل بيت المقدس، يقول: إن تلك طاعة، وهذه طاعة (¬1). [ضعيف جداً] * عن الربيع بن أنس؛ قال: قال ناس -لما صرفت القبلة إلى البيت الحرام-: كيف بأعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا الأولى؟ فأنزل الله -تعالى ذكره-: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (¬2). [ضعيف جداً] * عن داود بن أبي عاصم؛ قال: لما صُرِف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ¬

_ = العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة؛ قال: قال أناس من الناس -لما صرفت القبلة نحو البيت الحرام-: كيف بأعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا؟! فأنزل الله جل ثناؤه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، وأما ما يخشى من اختلاط سعيد بن أبي عروبة؛ فالراوي عنه هنا يزيد بن زريع، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط؛ فالسند صحيح كالشمس؛ لكنه مرسل. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 12): ثني موسى بن هارون ثني عمرو بن حماد ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعيف. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 12) حُدِّثتُ عن عمار بن الحسين: ثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه أربع علل: الأولى: الإعضال. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف؛ كما قال أبو زرعة وابن المديني وغيرهما. الثالثة: ضعف عبد الله بن أبي جعفر؛ قال ابن حبان: "يعتبر بروايته عن غير أبيه". الرابعة: الانقطاع بين ابن جرير وعمار بن الحسين.

الكعبة؛ قال المسلمون: هلك أصحابنا الذين كانوا يصلون إلى بيت المقدس؛ فنزلت: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -في رواية الكلبي؛ يعني: عن أبي صالح عنه-: كان رجال من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ماتوا على القبلة الأولى: منهم أسعد بن زرارة، وأبو أمامة أحد بني النجار، والبراء بن معرور -أحد بني سلمة-، وأناس آخرون؛ جاءت عشائرهم، فقالوا: يا رسول الله! توفي إخواننا وهم يصلون إلى القبلة الأولى، وقد صرفك الله إلى قبلة إبراهيم؛ فكيف بإخواننا؟ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} ثم قال: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144]؛ وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لجبريل -عليه السلام-: "وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها"، وكان يريد الكعبة؛ لأنها قبلة إبراهيم، فقال له جبريل: "إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئاً؛ فسل ربك"؛ أي: يحولك عنها إلى قبلة إبراهيم، ثم ارتفع جبريل، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُديم النظر إلى السماء؛ رجاء أن يأتيه جبريل بما سأله؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية (¬2). [ضعيف جداً] * {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)}. * عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما-؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى نحو بيت المقدس ستة عشر -أو سبعة عشر- شهراً، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 12) من طريق ابن جريج: ثني داود به. قلنا: وسنده صحيح إلى داود، ولكنه مرسل. (¬2) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 26). قلنا: وسنده تالف، واهٍ بمرة؛ الكلبي وشيخه متهمان.

يحب أن يتوجه إلى الكعبة؛ فأنزل الله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} فتوجه نحو الكعبة، وقال السفهاء من الناس -وهم اليهود-: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142]؛ فصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل ثم خرج بعد ما صلى؛ فمر على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس، فقال: هو يشهد أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه توجه نحو الكعبة، فتحرف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة (¬1). [صحيح] * وعنه -أيضاً-؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي نحو بيت المقدس، ويكثر النظر إلى السماء؛ ينتظر أمر الله؛ فأنزل الله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} إلى قوله: {عَمَّا يَعْمَلُونَ} قال: فقال رجال من المسلمين: وددنا لو علمنا علم من مات منّا قبل أن تصرف القبلة، وكيف بصلاتنا إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]، قال: وقال السفهاء من الناس -وهم أهل الكتاب-: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142]؛ فأنزل الله: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} [البقرة: 142] (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/ 502 رقم 399)، ومسلم في "صحيحه" (ص 525 رقم 12)، واللفظ للبخاري. (¬2) أخرجه ابن إسحاق؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 195)، و"العجاب" (1/ 396): ثني إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن البراء به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه أبو إسحاق السبيعي مختلط ومدلس، وقد عنعنه. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 342)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن أبي حاتم. وفي متنه زيادة ليست عند البخاري ولا مسلم، وهي قوله: "ويكثر النظر إلى السماء؛ ينتظر أمر الله". وروى هذه الزيادة: "وكان يرفع رأسه إلى السماء" النسائي في "تفسيره" (1/ 191 رقم 23) من طريق شريك عن أبي إسحاق عن البراء به. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سَلَّم من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء؛ فأنزل الله: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} الآية (¬1). [ضعيف] * عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-؛ قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن قدم المدينة إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، ثم أنزل الله آية أمره بالتحول إلى الكعبة؛ فقال: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: ضعف شريك. الثانية: وعنعنة أبي إسحاق واختلاطه. والحديث ذكره السيوطي مع هذه الزيادة في "الدر المنثور" (1/ 342، 343)، وزاد نسبته للترمذي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والدارقطني، والبيهقي. وأخرجه ابن ماجه (رقم 1010) إلا أنه قال: "ثمانية عشر شهراً". قال الحافظ في "فتح الباري" (1/ 97): "وشذت أقوال أخرى؛ ففي ابن ماجه من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق في هذا الحديث "ثمانية عشر شهراً"؛ وأبو بكر سيئ الحفظ، وقد اضطرب فيه؛ فعند ابن جرير من طريقه في رواية: سبعة عشر، وفي رواية: ستة عشر". وكذا أخرجه الدارقطني في "سننه" (1/ 273، 274)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 27)، و"الوسيط" (1/ 228، 229) وغيرهما بالروايات الأخرى. (¬1) أخرجه ابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 198) من طريق القاسم العمري عن عبيد الله بن عمر عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه داود بن الحصين، وهو ثقة؛ إلا في عكرمة، قال ابن المديني؛ كما في "الجرح والتعديل" (3/ رقم 1874): "ما روى عن عكرمة؛ فمنكر الحديث"، وقال أبو داود؛ كما في "تهذيب الكمال" (8/ 380، 381): "أحاديثه عن عكرمة مناكير". (¬2) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 93 رقم 220)، و"مسند الشاميين" (2/ 437 رقم 1653) من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش ثنا أبي عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن مالك بن يخامر عن معاذ به. =

* وعنه -أيضاً-؛ قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأحيل الصوم ثلاثة أحوال، فأما أحوال الصلاة؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة؛ فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهراً، ثم أنزل الله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وكان أهلها اليهود؛ أمره الله أن يستقبل بيت المقدس؛ ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضعة عشر شهراً، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب قبلة إبراهيم -عليه السلام-، وكان يدعو وينظر إلى السماء؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}؛ فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة: 142] (¬2). [حسن] * عن مجاهد؛ قال: قالت اليهود: يخالفنا محمد، ويتبع قبلتنا، ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه محمد بن إسماعيل؛ قال الحافظ في "التقريب" (2/ 145): "عابوا عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع"، وقال أبو حاتم؛ كما في "الجرح والتعديل" (7/ رقم 1078): "لم يسمع من أبيه شيئاً، حملوه على أن يحدث؛ فحدث". (¬1) قلنا: سيأتي تخريجه مفصلاً -إن شاء الله- عند الآية رقم (187). (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (1/ 399، 400، 2/ 4، 13)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 248 رقم 1329)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 15)، والبيهقي (2/ 12) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث ثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. قلنا: وسنده حسن؛ وعبد الله بن صالح -وإن كان ضعيفاً في الجملة-؛ لكن الراوي عنه عند ابن أبي حاتم والبيهقي هما أبو حاتم الرازي والدارمي، وهما من أهل الحذق وجهابذة الحديث، وقد نص الحافظ ابن حجر في مقدمة "فتح الباري": أن رواية أهل الحذق عنه من صحيح حديثه. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 343)، وزاد نسبته لابن المنذر.

فكان يدعو الله -جلّ ثناؤه-، ويستعرض للقبلة؛ فنزلت: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: كان الناس يصلون قِبَلَ بيت المقدس، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة على رأس ثمانية عشر شهراً من مهاجره؛ كان إذا صلى رفع رأسه إلى السماء ينظر ما يؤمر، وكان يصلى قِبَل بيت المقدس، فنسختها الكعبة، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يصلي قبل الكعبة؛ فأنزل الله -جل ثناؤه-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} (¬2). [ضعيف جداً] * {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)}. * عن السدي؛ قال: لما حول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الكعبة؛ قالت اليهود: إن محمداً اشتاق إلى بلد أبيه ومولده، ولو ثبت على قبلتنا؛ لكنّا نرجو أن يكون هو صاحبنا الذي ننتظر؛ فنزلت (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 13) من طريق حجاج عن ابن جريج عن مجاهد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه ابن جريج مدلس، وقد عنعنه، ونص الحفاظ: أنه لم يسمع من مجاهد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 354)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 13): ثني موسى بن هارون الحمَّال ثنا عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط ضعيف. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 16): ثني موسى بن هارون الحمال =

* {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة؛ قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن سلام: قد أنزل الله على نبيّه: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} فكيف يا عبد الله! هذه المعرفة؟ فقال عبد الله بن سلام: يا عمر! لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني إذا رأيته مع الصبيان، وأنا أشد معرفة بمحمد مني بابني، فقال عمر: كيف ذلك؟ قال: إنه رسول الله حق من الله، وقد نعته الله في كتابنا ولا أدري ما تصنع النساء؟ فقال له عمر: وفقك الله يا ابن سلام (¬1). [موضوع] * {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)}. * عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وناس من الصحابة؛ قالوا: لما صُرف نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نحو الكعبة بعد صلاته إلى بيت المقدس؛ قال المشركون من أهل مكة: تحير على محمد دينه؛ فتوجه بقبلته إليكم، وعلم أنكم كنتم أهدى منه سبيلاً، ويوشك أن يدخل في دينكم؛ فأنزل الله ¬

_ = ثنا عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: ضعف أسباط بن نصر. (¬1) أخرجه الثعلبي؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 357) من طريق السدي الصغير عن الكلبي [عن أبي صالح] عنه به. قلنا: وهذا حديث موضوع؛ من دون ابن عباس كلهم متهمون. وذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 27) معلقاً.

-جل ثناؤه- فيهم: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} (¬1). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)}. * عن قتادة؛ قال: لما احتج مشركو قريش بانصراف النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الكعبة، فقالوا: سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا؛ أنزل الله -تعالى- في ذلك كله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} (¬2). [ضعيف] * {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-؛ قال: قتل تميم -والصواب: عمير- بن الحمام ببدر، وفيه وفي غيره نزلت: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ} (¬3). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 20) من طريق أسباط بن نصر عن السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس. وعن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود وعن أناس من الصحابة به. قلنا: وسنده ضيعيف؛ فيه أسباط بن نصر وهو ضعيف. (¬2) أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (1/ 403) من طريق شيبان النحوي، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 20) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬3) أخرجه ابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 375)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (1/ 457) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وسنده موضوع، وهو حديث كذب لا يصح؛ من دون ابن عباس كذابون متهمون. =

* {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)}. * عن عروة بن الزبير، سألت عائشة -رضي الله عنها-، فقلت لها: أرأيت قول الله -تعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}؛ فوالله ما على أحدٍ جناحٌ أن لا يطوف بالصفا والمروة! قالت: بئس ما قلت يا ابن أختي! إن هذه لو كانت كما أولتها عليه؛ كانت لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يُهلُّون لمناةَ الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المُشَلَّل، فكان من أهلَّ يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية. قالت عائشة -رضي الله عنه-: وقد سنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بينهما؛ فليس لأحدٍ أن يترك الطواف بينهما. ثم أخبرتُ أبا بكر بن عبد الرحمن فقال: إن هذا لعلمٌ ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالاً من أهل العلم يذكرون أن الناس -إلا من ذكرت عائشة ممن كان يُهِلُّ بمناة- كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة؟ فلما ذكر الله -تعالى- الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في ¬

_ = وأخرج أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (4/ 2316 رقم 5707)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (4/ 137) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله -عزّ وجلّ-: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)}: هم قتلى بدر وأُحد، وقتل من المسلمين يومئذ أربعة عشر رجلاً، وذلك أنهم يقولون لقتلى بدر: مات فلان؛ فنزلت: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}؛ أي: في طاعة الله {أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ} في الجنة. قلنا: وهذا موضوع كسابقه.

القرآن؛ قالوا: يا رسول الله! كنا نطوف بالصفا والمروة؛ وإن الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا؛ فهل علينا من حرج أن نطوّف بالصفا والمروة؟ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية. قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما: في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام؛ من أجل أن الله -تعالى- أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا، حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت (¬1). [صحيح] * عن عاصم الأحول؛ قال: سألت أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن الصفا والمروة، فقال: كنّا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما كان الإِسلام؛ أمسكنا عنهما؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} -إلى قوله: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} " (¬2). [صحيح] * عن الشعبي؛ قال: كان على الصفا وثنٌ يقال له: إِسَاف، وعلى المروة وثن يقال له: نائلة؛ فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قالوا: يا رسول الله! إن أهل الجاهلية إنما كانوا يطوفون بين الصفا والمروة للوثنيين الذين عليهما، وإنهما ليس من شعائر الله؛ فنزلت: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري (3/ 497 رقم 1643، ص 614 رقم 1790، 8/ 175رقم 4495 ص 613 رقم 4861)، ومسلم (2/ 928 - 930 رقم 1277)، واللفظ للبخاري في الموضع الأول. (¬2) أخرجه البخاري (3/ 502 رقم 1648، 8/ 176 رقم 4496)، ومسلم (2/ 930 رقم 1278) وغيرهما، واللفظ للبخاري في الموضع الثاني. (¬3) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 28)، وسعيد بن منصور في "سننه" (2/ 636 رقم 234 - التكملة)، والفاكهي في "أخبار مكة" (2/ 241 رقم 1438)، =

* عن مجاهد؛ قال: قالت الأنصار: إن السعي بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية؛ فنزلت: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية (¬1). [ضعيف] * عن عمرو بن حبشي؛ قال: قلت لابن عمر -رضي الله عنهما-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ}، قال: انطلق إلى ابن عباس فاسأله؛ فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ فأتيته، فسألته، فقال: إنه كان عندهما أصنام، فلما حرمت؛ أمسكوا عن الطواف بينهما حتى أنزلت: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إنه كان في الجاهلية شياطين تعزف الليل أجمع بين الصفا والمروة، وكانت بينهما آلهة، فلما جاء الإِسلام وظهر؛ قال المسلمون: يا رسول الله! لا نطوف بين الصفا والمروة؛ فإنه شرك كنا نفعله في الجاهلية؛ فأنزل الله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ ¬

_ = والواحدي في "الوسيط" (1/ 242)، وإسماعيل القاضي في "الأحكام"؛ كما في "فتح الباري" (3/ 500) وعبد بن حميد وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 385) -كلهم من طريق داود بن أبي هند عنه به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2/ 637 رقم 235)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 28) كلاهما من طريق ابن أبي نجيح عنه به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 385)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 28) من طريق جابر الجعفي عن عمرو به. قلنا: جابر الجعفي؛ متروك الحديث، بل اتهمه بعضهم. وضعفه العلامة الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في تحقيقه لـ "تفسير ابن جرير" (3/ 233).

أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قالت الأنصار: إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية؛ فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} -مثقل- ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 267 رقم 1435)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 28)، وابن أبي داود في "المصاحف" (ص 112)، والحاكم (2/ 271) من طريق أسباط بن نصر عن السدي عن أبي مالك عن عبد الله بن عباس به. قال الحاكم: "حديث صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. قلنا: وهذا وهم منهما؛ فإن أبا مالك، وهو غزوان بن عتبة الغفاري، لم يخرج له مسلم شيئاً، وسنده ضعيف؛ فيه أسباط بن نصر؛ صدوق كثير الخطأ، يغرب؛ كما في "التقريب" (1/ 53). (¬2) أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (8/ 177، 178 رقم 8323)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "فتح الباري" (3/ 500) من طريق عمر بن يحيى عن حفص بن جميع عن سماك بن حرب عن عكرمة عن عبد الله بن عباس به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سماك إلا حفص، تفرد به عمر بن يحيى". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 248): "وفيه حفص بن جميع؛ وهو ضعيف". وقال الحافظ في "فتح الباري" (3/ 500): "وروى الطبراني، وابن أبي حاتم في "التفسير" بإسناد حسن". قلنا: وهو وهم من الحافظ -رحمه الله-؛ فإن الحديث ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: ضعف رواية سماك بن حرب عن عكرمة؛ ففيها اضطراب. الثانية: حفص بن جميع ضعيف؛ كما تقدم في كلام الهيثمي. الثالثة: عمر بن يحيى الأيلي؛ كان يسرق الحديث؛ كما في "لسان الميزان" (4/ 338).

فمن تركه؛ فلا بأس عليه، فبلغ ذلك عائشة؛ فقالت: ليس كما قال، لو كانت كما قال؛ لكانت: فلا جناح عليه ألا يطوف بهما، ثم قالت: إنه كان على الصفا والمروة صنمان في الجاهلية يطوفون بينهما، فلما هدمهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما هدم الأصنام؛ تحرج أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يطوّفوا بين الصفا والمروة، وقالوا: إنا كنا نطوف من أجل الصنمين فقد هدمهما الله؛ فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}؛ أي: في مناسك الحج، فلا تحرّجوا أن يطوّف بينهما (¬1). [ضعيف جداً] * عن أبي مجلز؛ قال: كان أهل الجاهلية يطوفون بين الصفا والمروة، فقال المسلمون: إنما كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك؛ فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية (¬2). [ضعيف] * {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: سأل معاذ بن جبل -أخو بني سلمة-، وسعد بن معاذ -أخو بني عبد الأشهل-، وخارجة بن زيد -أخو ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (5/ 48 رقم 4638) من طريق العباس بن الفضل الواقفي عن سليمان بن أرقم البصري عن حميد بن قيس الأعرج عن مجاهد عنه به. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 248): "وفيه العباس بن الفضل الأنصاري وهو متروك". قلنا: وفيه سليمان بن أرقم؛ وهو متروك؛ فالحديث ضعيف جداً. (¬2) أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (2/ 240 رقم 1436)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (1/ 410) كلاهما من طريق معتمر بن سليمان قال: سمعت أبي يحدث عن أبي مجلز به. قلنا: وسنده صحيح إلى أبي مجلز؛ لكنه مرسل، وصححه الحافظ في "فتح الباري" (3/ 501).

بني الحارث بن الخزرج -نفراً من أحبار يهود- قال أبو كريب: عمَّا في التوراة، وقال ابن حميد: عن بعض ما في التوراة -فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم عنهم؛ فأنزل الله -تعالى ذكره- فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)} [البقرة: 159] (¬1). [ضعيف] * {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قالت كفار قريش: يا محمد! صف -أو انسب- لنا ربك؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية وسورة الإِخلاص (¬2). [موضوع] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان للمشركين ثلاثمائة وستون صنماً يعبدونها من دون الله؛ فبين الله -سبحانه- أنه إله واحد؛ فأنزل هذه الآية (¬3). [ضعيف جداً] * {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 268 رقم 1439)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 32) كلاهما من طريق ابن إسحاق -وهذا في "السيرة" (1/ 551 - سيرة ابن هشام) -: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه محمد هذا شيخ ابن إسحاق؛ مجهول؛ تفرد بالرواية عنه ابن إسحاق. (¬2) ذكره الواحدي في "الوسيط" (1/ 245) من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وسنده تالف؛ الكلبي وشيخه متهمان. (¬3) ذكره الواحدي في "الوسيط" من رواية جويبر عن الضحاك عنه به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ جويبر بن سعيد الأزدي أبو القاسم البلخي راوي التفسير؛ ضعيف جداً؛ كما في "التقريب" (1/ 136).

تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)}. * عن أبي الضحى؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة: 163]؛ عجب المشركون، وقالوا: إن محمداً يقول: وإلهكم إله واحد؛ فليأتنا بآية إن كان من الصادقين؛ فأنزل الله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يقول: إن في هذه الآيات {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (¬1). [ضعيف] * عن عطاء بن أبي رباح؛ قال: أنزلت بالمدينة على النبي: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} [البقرة: 163]. فقالت كفار قريش بمكة: كيف يسع الناس إله واحد؟ فأنزل الله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الثوري في "تفسيره" (ص 54) -وعنه وكيع؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 208) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 37) -، وسعيد بن منصور في "سننه" (2/ 640 رقم 239 - تكملة)، وأبو الشيخ في "العظمة" (1/ 252، 253 رقم 31)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 29)، وآدم بن أبي إيالس؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 208) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "التفسير" (1/ 272 رقم 1461)، والبيهقي في "شعب الإِيمان" (1/ 130 رقم 104) -، جميعهم من طريق سعيد بن مسروق عن أبي الضحى به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 395)، وزاد نسبته للفريابي. وذكره الحافظ في "العجاب" (1/ 415) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 37)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 272 رقم 1462)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 29) من طريق موسى بن مسعود النهدي ثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن عطاء به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: =

* عن سعيد بن جبير؛ قال: سألت قريش يهوداً، فقالوا: حدثونا عما جاءكم به موسى من الآيات، فأخبروهم أنه كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله. فقالت قريش عند ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً؛ فنزداد به يقيناً، ونتقوى به على عدونا؛ فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه فأوحى الله إليه: "إني معطيكم ذلك، ولكن إن كذبوا بعد؛ عذبتهم عذاباً لم أعذبه أحداً من العالمين، فقال: ذرني وقومي فأدعوهم يوماً بيوم"؛ فأنزل الله عليه: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية؛ فخلق السماوات والأرض، واختلاف الليل والنهار أعظم من أن أجعل الصفا ذهباً (¬1). [ضعيف] ¬

_ = الأولى: الإرسال. الثانية: موسى بن مسعود النهدي؛ صدوق سيّئ الحفظ، وكان يصحف؛ كما في "التقريب" (2/ 288). والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 395) وزاد نسبته لابن المنذر، وأبي الشيخ. وأخرجه ابن جرير من طريق ابن جريج عنه بلفظ: "إن المشركين قالوا للنبي: أرنا آية؛ فنزلت هذه الآية". (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 37) عن محمد بن حميد الرازي، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 816، 817) عن الحسن بن موسى كلاهما عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه جعفر بن أبي المغيرة؛ قال ابن منده: ليس بالقوي في سعيد بن جبير، وقال الحافظ: "صدوق يهم". (تنبيه): ذكر الحافظ -رحمه الله- رواية ابن جرير في كتاب "العجاب" (1/ 415) عند ذكر سبب نزول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} التي في البقرة، وذكر رواية عبد بن حميد (2/ 816) عند ذكر سبب نزول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} التي في آل عمران ولم يبين الصواب. قلنا: والصواب: ذكر سبب النزول في الآية التي في آل عمران، وهي الرواية التي عند عبد بن حميد، وأما رواية الطبري والتي فيها سبب نزول الآية التي في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = البقرة؛ فضعيفة جداً؛ لأن شيخ الطبري محمد بن حميد الرازي متهم، فذكر سبب نزول هذه الآية التي في سورة البقرة وهم، والصواب جعلها في سورة آل عمران، والله أعلم. ووصله ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 273 رقم 1465)، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 10 رقم 12322)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 92)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (12/ 30/ 4616) من طريق عبد الرحمن بن مهدي ويحيى الحماني كلاهما عن يعقوب القمي عن جعفر القمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ للعلة التي ذكرناها آنفاً. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 329): "وفيه يحيى الحماني، وهو ضعيف". قال الحافظ في "فتح الباري" (8/ 235): "رجاله ثقات! إلا الحماني؛ فإنه تكلم فيه، وقد خالفه الحسن بن موسى؛ فرواه عن يعقوب عن جعفر عن سعيد مرسلاً، وهو أشبه، وعلى تقدير كونه محفوظاً وصله؛ ففيه إشكال من جهة أن هذه السورة مدنية وقريش من أهل مكة". قلنا: الحماني لم يتفرد به؛ بل تابعه عبد الرحمن بن مهدي -وهو ثقة ثبت- عند ابن أبي حاتم، ورواية الحسن بن موسى التي ذكرها الحافظ: أخرجها عبد بن حميد؛ كما تقدم آنفاً، أما بالنسبة للإشكال الذي ذكره الحافظ؛ فلا يصح؛ لأن الحديث ضعيف موصولاً ومرسلاً، وقول الحافظ عن الحديث: "رجاله ثقات" خطأ؛ لأنه نفسه قال عن يعقوب: "صدوق يهم". وقال في "العجاب" (2/ 817): "والمرسل أصح". وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 447): "وهذا مشكل؛ فإن هذه الآية مدنية وسؤالهم أن يكون الصفا ذهباً كان بمكة، والله أعلم". قلنا: لا إشكال؛ لأن الحديث لم يصح. ويرد على من رجح الإرسال: ما أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 207) من طريق أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي -وهو صدوق- ثنا أبي عن أبيه عن أشعث بن إسحاق القمي -ابن عم يعقوب- عن جعفر بن أبي المغيرة به موصولاً. =

* {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)}. * عن الكلبي؛ قال: نزلت في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة؛ حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام، وحرموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحام (¬1). [ضعيف جداً] * {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهود إلى الإِسلام، ورغبهم فيه، وحذرهم عذاب الله ونقمته؛ فقال له رافع بن خارجة، ومالك بن عوف: بل نتبع يا محمد! ما وجدنا عليه آباءنا؛ فهم كانوا أعلم وخيراً منا؛ فأنزل الله في ذلك: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = فتابع أشعث هذا -وهو صدوق- ابن عمه -يعقوب-، فرواه عن جعفر به موصولاً، والسند إليه حسن. وعلى كل؛ فالحديث مداره على جعفر، وفي روايته عن سعيد بن جبير ضعف؛ كما قال ابن منده، ووصفه ابن حجر بأنه يهم، فلعل هذا من أوهامه؛ فتارة يرسل الحديث، وتارة يرفعه، والله أعلم. (¬1) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 29) معلقاً. قلنا: وسنده ضعيف جداً. (¬2) أخرجه ابن إسحاق (1/ 552 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 47)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 281 رقم 1511) -: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه محمد مولى زيد بن ثابت؛ مجهول؛ لم يرو عنه إلا ابن إسحاق.

* {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية في رؤساء اليهود وعلمائهم، كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا والفضل، وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم، فلما بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - من غيرهم؛ خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم؛ فعمدوا إلى صفة محمد فغيروها، ثم أخرجوها إليهم وقالوا: هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان لا يشبه نعت هذا النبي، فإذا نظرت السفلة إلى النعت المغير؛ وجدوه مخالف لصفة محمد؛ فلم يتبعوه؛ فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ} (¬1). [موضوع] * عن عطاء بن أبي رباح؛ قال: قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} والتي في آل عمران: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] نزلتا جميعاً في يهود (¬2). [ضعيف] * {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي ¬

_ (¬1) أخرجه الثعلبي؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 409) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. وذكره الواحدي في "أسباب النزول" معلقاً (ص 29، 30). قلنا: وهذا سند تالف؛ فيه الكلبي وشيخه أبو صالح متهمان. وقال السيوطي في "الدر المنثور": "وأخرج الثعلبي بسند ضعيف". (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 53) بسند صحيح إلى عطاء. (تنبيه): وقع تحريف في "تفسير ابن جرير"؛ ففيه عن ابن جريج عن عكرمة، وهو خطأ، والصواب: ابن جريج عن عطاء.

الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)}. * قال قتادة: ذكر لنا أن رجلاً سأل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عن البر؛ فأنزل الله هذه الآية. وذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - دعا الرجل؛ فتلاها عليه، وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، ثمن مات على ذلك؛ يرجى له ويطمع له في خير؛ فأنزل الله: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}، وكانت اليهود توجهت قِبَلَ المغرب، والنصارى قِبَلَ المشرق: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (¬1). [ضعيف] * عن الربيع بن أنس؛ قال: كانت اليهود تصلي قبل المغرب، والنصارى قبل المشرق، فنزلت: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 56): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة. وأخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" لابن حجر (1/ 421) من طريق شيبان النحوي كلاهما عن قتادة به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 411)، وزاد نسبته لابن المنذر. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 66) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 55، 56) -: ثنا معمر عن قتادة بلفظ: "كانت اليهود تصلي قِبَلَ المغرب، والنصارى تصلي قبل المشرق، فنزلت. . .". قلنا: وسنده صحيح إلى قتادة. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 56) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإعضال. =

* عن أبي العالية؛ قال: كانت اليهود تصلي قِبَلَ المغرب، وكانت النصارى تقبل قِبَلَ المشرق؛ فنزلت: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} (¬1). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان قبلكم يقتلون القاتل بالقتيل لا تقبل منه الدية؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} إلى آخر الآية: {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} يقول: فخفف عنكم ما كان على من قبلكم؛ أي: الدية لم تكن تقبل، فالذي يقبل الدية؛ فذلك عفو؛ فاتباع بالمعروف، ويؤدي إليه الذي عفي من أخيه بإحسان (¬2). [حسن] * عن الشعبي في قوله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} ¬

_ = الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف. الثالثة: ابنه عبد الله متكلم فيه، وقال ابن حبان: "يعتبر بروايته عن غير أبيه". (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 287 رقم 1541)، والطبري في "جامع البيان" (2/ 56) من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ سيّئ الحفظ. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 65)، وابن حبان في "صحيحه" (13/ 362/ 6010 - الإحسان) كلاهما من طريق ابن المبارك عن محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن مجاهد عنه به. قلنا: وهذا سند. حسن؛ فيه محمد بن مسلم وهو صدوق. وتابعه سفيان بن عيينة به -لكن دون التصريح بسبب النزول- عند البخاري (8/ 176، 177 رقم 4498، 12/ 205 رقم 6881) وغيره.

قال: نزلت في قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا قتال عمية، فقالوا: نقتل بعبدنا فلان ابن فلان، وبفلانة فلان بن فلان؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} الآية (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: لم يكن لمن قبلنا دية؛ إنما هو القتل، أو العفو إلى أهله؛ فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم، فكانوا إذا قتل من الحي الكثير عبد؛ قالوا: لا نقتل به إلا حراً، وإذا قتلت منهم امرأة؛ قالوا: لا نقتل بها إلا رجلاً؛ فأنزل الله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} (¬2). [ضعيف] * وعنه -أيضاً-؛ قال: كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة للشيطان؛ فكان الحي إذا كان فيهم عدّةٌ ومنعة، فقتل عبد قوم آخرين عبداً لهم؛ قالوا: لا نقتل به إلا حراً تعززاً؛ لفضلهم على غيرهم في أنفسهم، وإذا قُتلت لهم امرأة قتلتها امرأة قوم آخرين؛ قالوا: لا نقتل بها إلا رجلاً؛ فأنزل الله هذه الآية؛ يخبرهم أن العبد بالعبد، والأنثى بالأنثى؛ فنهاهم عن البغي، ثم أنزل الله -تعالى ذكره- في سورة المائدة بعد ذلك فقال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 60) من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 66) -ومن طريقه ابن جرير في "تفسيره" (2/ 61) -: نا معمر، وأخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (1/ 424) من طريق شيبان النحوي كلاهما عن قتادة به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬3) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 60، 61)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 25، 26) من طريق سعيد بن أبي عروبة وشيبان النحوي عنه به. =

* عن السدي؛ قال: اقتتل أهل ملتين من العرب أحدهما: مسلم، والآخر: معاهد في بعض ما يكون بين العرب من الأمر؛ فأصلح بينهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد كانوا قتلوا الأحرار والعبيد والنساء؛ على أن يؤدي الحر دية الحر، والعبد دية العبد، والأنثى دية الأنثى، فقاصهم بعضهم من بعض (¬1). [ضعيف جداً] * عن أبي مالك الغفاري؛ قال: كان بين حيين من الأنصار قتال، كان لأحدهما على الآخر الطول؛ فكأنهم طلبوا الفضل، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ليصلح بينهم فنزلت هذه الآية: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى (¬2). [ضعيف] * عن الشعبي؛ قال: نزلت في قتال عمية كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: رجاله ثقات، لكنه مرسل. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 419)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وأبي داود في "ناسخه"، وأبي القاسم الزجاجي في "أماليه". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 61) من طريق عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عنه به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً، فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: ضعف أسباط بن نصر. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 61) من طريق سويد بن نصر ثنا عبد الله بن المبارك عن الثوري عن السدي عن أبي مالك به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 419) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬3) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 61) من طريقين عن شعبة عن أبي بشر سمعت الشعبي. قلنا: وهذا رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة، ولكن يقتلون الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة؛ فأنزل الله -تعالى-: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ}؛ فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم في العمد؛ سواء رجالهم ونساءهم، في النفس وما دون النفس، وجعل العبيد مستويين فيما بينهم في العمد، في النفس وفيما دون النفس رجالهم ونساءهم (¬1). [حسن] * عن سعيد بن جبير: أنَّ حيّين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإِسلام بقليل؛ فكان بينهم قتل وجراحات؛ حتى قتلوا العبيد والنساء، فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا؛ فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العدة والأموال، فحلفوا أن لا يرضوا؛ حتى يقتل بالعبد منا الحر منهم، والمرأة منا الرجل منهم؛ فنزل فيهم: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} (¬2). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)}. * عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-؛ قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة؛ فصام عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم أنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 62)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 294 رقم 1578) من طريق أبي صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عنه به. قلنا: وهذا سند حسن. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 293، 294 رقم 1576): ثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ثني عبد الله بن لهيعة ثني عطاء بن دينار عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال، وبه أعله السيوطي؛ كما في "الفتح السماوي" (1/ 214). الثانية: ضعف عبد الله بن لهيعة، والراوي عنه ليس من قدماء أصحابه.

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} إلى قوله: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}؛ فكان من شاء صام، ومن شاء أطعم مسكيناً؛ فأجزأ ذلك عنه، ثم إن الله -عزّ وجلّ- أنزل الآية الأخرى: {شَهْرُ رَمَضَانَ} إلى قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}؛ فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح، ورخص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي يطيق الصيام (¬1). * وقال مقاتل بن سليمان: كبُر لبيد الأنصاري من بني عبد الأشهل؛ فعجز عن الصوم، فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما على من عجز عن الصوم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} إلى قوله: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} (¬2). * {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)}. * عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-؛ قال: لما نزلت: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}؛ كان من أراد أن يفطر يفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها؛ فنسختها (¬3). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية؛ فنسخت الأولى إلا الكبير الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكيناً وأفطر (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) قلنا: سيأتي تخريج الحديث -إن شاء الله- مفصلاً عند آية {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ. . . (187)}. (¬2) ذكره الحافظ في كتابه "العجاب" (1/ 428، 429) معلقاً دون سند وسكت عليه. (¬3) أخرجه البخاري في "صحيحه (8/ 181 ر قم 4507)، ومسلم في "صحيحه" (2/ 802 رقم 1145) (149). (¬4) أخرجه ابن مردويه؛ كما في "تتفسير القرآن العظيم" (1/ 221) من طريق ابن أبي ليلى عن عطاء عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه محمد بن أبي ليلى، وهو ضعيف لسوء حفظه.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم، ثم ضعف، فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكيناً (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: لما نزلت {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} كان من شاء صام، ومن شاء أفطر، وأطعم مسكيناً، فكانوا كذلك حتى نسختها: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (¬2). [ضعيف] * {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)}. * عن الشعبي؛ قال: لما نزلت {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}؛ أفطر الأغنياء وأطعموا، وحصل الصوم على الفقراء؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (¬3). [ضعيف] * عن خيثمة بن أبي خيثمة البصري عن أنس -أنه سأله عن الصوم في السفر-، فقال: قد أمرت غلامي أن يصوم فأبى، قلت: فأين هذه الآية: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 221): ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث بن سوار عن عكرمة عنه به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ أشعث هذا ضعيف؛ كما قال الحافظ وغيره. (¬2) أخرجه الطبري؛ كما في "العجاب" (1/ 431) من طريق السدي عن مرة عن ابن مسعود به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فإن راويه عن السدي هو أسباط بن نصر، وهو ضعيف. (¬3) أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (1/ 432): ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا وهيب بن خالد عن عبد الله بن شبرمة عن الشعبي به. قال الحافظ: "وهذا مرسل صحيح السند". قلنا: فهو ضعيف؛ لإرساله.

{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} قال: نزلت ونحن يومئذٍ نرتحل جياعاً، وننزل على غير شبع، وإنا اليوم نرتحل شباعاً وننزل على شبع" (¬1). [ضعيف] * {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}. * عن الصُلْب بن حكيم عن أبيه عن جده؛ قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أقريب ربنا؛ فنناجيه، أم بعيد؛ فنناديه؟! قال: فسكت عنه؛ فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي} الآية، إني أمرتهم أن يدعوني؛ فليدعوني؛ إني أستجيب لهم (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في "تفسيره" (1/ 221 رقم 40)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (3/ 216 رقم 733)، وابن جرير في "جامع البيان" (رقم 8912) -واللفظ له- من طرق عن بشير بن سليمان عن خيثمة عن أنس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه خيثمة، وهو ضعيف. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 314 رقم 1667)، وابن حبان في "الثقات" (8/ 436)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 92)، وابن أبي خيثمة في "جزء من روى عن أبيه عن جده"؛ كما في "اللسان" (3/ 195)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" (3/ 1435، 1436)، والعلائي في كتاب "الوشي" -ومن طريقه ابن حجر في "اللسان" (3/ 195) -، والبغوي في "معجم الصحابة"؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 469)، وأبو الشيخ وابن مردويه في تفسيرهما؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 124). قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في "التوضيح" (5/ 437): "قلت: بحديث واحد ليس له غيره، في سنده اضطراب؛ وهو في سبب نزول قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} رواه جرير بن عبد الحميد عن عبدة بن أبي برزة عن صلب به". وقال الحافظ في "العجاب" (1/ 434): "وفي سنده ضعف". والحديث ضعفه العلامة أحمد شاكر في تعليقه على "جامع البيان" (3/ 481). قلنا: والحديث ضعيف جداً؛ لجهالة الصلب وأبيه وجده. (تنبيه): لا تصح نسبة الصلب أنه ابن حكيم بن معاوية بن حيدة؛ كما قال ابن أبي خيثمة، والذهبي، وابن حجر، وعبد الغني المقدسي، ومن قبلهم الخطيب البغدادي. =

* عن الحسن؛ قال: سأل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أين ربُّنا؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} الآية (¬1). [ضعيف] * عن عطاء بن أبي رباح: أنه بلغه لما نزلت: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]؛ قال الناس: لو نعلم أي ساعة ندعو؟ فنزلت {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي} (¬2). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أنه لما أنزل الله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]؛ قال رجال: كيف ندعو يا نبي الله؟! فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي} (¬3). [ضعيف] * عن الضحاك: سأل بعض الصحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالوا: أقريب ¬

_ = وانظر: "المشتبه" للذهبي (ص 316)، و"الإكمال" (5/ 196)، و"اللسان" (3/ 195)، و"تلخيص المتشابه" (2/ 462). (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 73) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 92) -: ثنا جعفر بن سليمان عن عوف عن الحسن به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد. وقال السيوطي في "اللباب" (ص 33): "مرسل، وله طرق أخرى". وقال الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في تعليقه على "جامع البيان" (3/ 481): "الإسناد صحيح إلى الحسن، ولكن الحديث ضعيف؛ لأنه مرسل، لم يسنده الحسن عن أحد من الصحابة". اهـ. (¬2) أخرجه الفريابي؛ كما في "العجاب" (1/ 433)، والطبري في "جامع البيان" (2/ 92، 93) من طريق ابن جريج عن عطاء به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، وعنعنة ابن جريج عن عطاء محمولة على الاتصال. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 469) وزاد نسبته لوكيع، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. (¬3) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 93): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عنه به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ربنا؛ فنناجيه، أم بعيد؛ فنناديه؟! فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي} (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال يهود أهل المدينة: يا محمد! كيف يسمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء مسيرة خمسمائة عام، وإن غلظ كل سماء مثل ذلك؟! فنزلت هذه الآية (¬2). [موضوع] * عن علي -رضي الله عنه-؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تعجزوا عن الدعاء؛ فإن الله أنزل عليَّ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] "؛ فقال رجل: يا رسول الله! ربنا يسمع الدعاء أم كيف ذلك؟ فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} الآية (¬3). * عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه-؛ قال: قال المسلمون: يا رسول الله! أقريب ربنا؛ فنناجيه، أم بعيد؛ فنناديه؟! فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} (¬4). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: قال المسلمون: أقريب ربنا؛ فنناجيه، أم بعيد؛ فنناديه؟! فنزلت: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي}؛ ليطيعوني، والاستجابة: هي الطاعة، {وَلْيُؤْمِنُوا بِي}: ليعلموا {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (¬5). ¬

_ (¬1) هكذا ذكره البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 204)، والواحدي في "الوسيط" (1/ 283)، وابن حجر في "العجاب" (1/ 434) معلقاً دون سند. (¬2) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 204)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (1/ 189)، وابن حجر في "العجاب" (1/ 435)؛ وقالوا: وروى الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس. قلنا: وهذا سند تالفٌ، فيه الكلبي، وشيخه متهمان. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 469)، وعزاه لابن عساكر في "تاريخه". (¬4) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 469، 470)، ونسبه لسفيان بن عيينة في "تفسيره"، وعبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" من طريق سفيان عن أُبي. قلنا: وبين سفيان وأبي مفاوز. (¬5) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 470)، ونسبه لابن المنذر.

* عن عبد الله بن عبيدة؛ قال: لما نزلت هذه الآية {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]؛ قالوا: كيف لنا به أن نلقاه حتى ندعوه؟ فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}، فقالوا: صدق ربنا، وهو بكل مكان (¬1). * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: سأل أعرابي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين ربنا؟ قال: في السماء على عرشه، ثم تلا {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5]، وأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي} الآية (¬2). * {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)}. * عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما-؛ قال: كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الرجل صائماً؛ فحضر الإفطار، فنام قبل أن يفطر؛ لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائماً، فلما حضر الإفطار؛ أتى امرأته، فقال لها: أعندك طعامٌ؟ قالت: لا, ولكن انطلق فأطلبُ لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءَته امرأته، فلما رأته؛ قالت: خيبةً لك؛ فلما انتصف النهار؛ غشي عليه؛ فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}؛ ففرحوا ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 470)، ونسبه لابن المنذر؛ وعبد بن حميد. (تنبيه): لفظ: "وهو بكل مكان" منكر وباطل؛ فقد دلت الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة على علو الله -تعالى-، وأنه فوق عرشه بائن من خلقه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 469)، ونسبه لابن مردويه.

بها فرحاً شديداً، ونزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} (¬1). [صحيح] * عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-؛ قال: أنزلت {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} ولم ينزل: {مِنَ الْفَجْرِ}؛ فكان رجال إذا أرادوا الصوم؛ ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولم يزل يأكل حتى بتبين له رؤيتهما؛ فأنزل الله -تعالى- بعد {مِنَ الْفَجْرِ}؛ فعلموا أنه إنما يعني: الليل والنهار (¬2). [صحيح] * عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-؛ قال: كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا، ثم إن رجلاً من الأنصار يقال له: صرمة، كان يعمل صائماً حتى أمسى، فجاء إلى أهله، فصلى العشاء، ثم نام، فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح صائماً؛ فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد جهد جهداً شديداً، فقال: ما لي أراك جهدت جهداً شديداً؟ قال: يا رسول الله! إني عملت أمس، فجئت حين جئت فألقيت نفسي؛ فنمت، فأصبحت حين أصبحت صائماً. قال: وكان عمر أصاب من النساء بعدما نام، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} إلى قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (4/ 129 رقم 1915). وفي رواية له (8/ 18 رقم 4508): لما نزل صوم رمضان؛ كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم؛ فأنزل الله: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ}. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (4/ 132 رقم 1917، 8/ 182، 183 رقم 4511)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 1091) (35). (¬3) أخرجه أحمد (5/ 246، 247)، وأبو داود (رقم 507)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 76، 77، 95)، والطبراني في "الكبير" (20/ رقم 270)، وابن أبي حاتم في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = "تفسيره" (1/ 315 رقم 1673)، والحاكم (2/ 274)، والبيهقي (4/ 200) وغيرهم من طريق المسعودي عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.! قال البيهقي عقبه: "هذا مرسل؛ عبد الرحمن لم يدرك معاذ بن جبل". وقال الحافظ في "العجاب" (1/ 429): "أخرجه أحمد وأبو داود والطبري، والمسعودي؛ صدوق، لكنه اختلط. وقد خالفه شعبة؛ فرواه عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحابنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعاً؛ غير فريضة، ثم أنزل: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة: 185]، وهذا أصح من رواية المسعودي". اهـ. قلنا: رواية شعبة: أخرجها أبو داود (رقم 506) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الصغير" (2/ 85 رقم 1291)، و"معرفة السنن والآثار" (3/ 342، 343 رقم 2435، 2436) -، والطبري (2/ 95). وتابع شعبةَ ابنُ نمير: أخرجه البخاري -معلقاً- (4/ 187)، ووصله أبو نعيم في "المستخرج"؛ كما في "فتح الباري" (4/ 188) -ومن طريقه الحافظ في "تغليق التعليق" (3/ 185) -، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 200). والمعتمد على هذه الرواية. وتابع عمرو بن مرة حصين عن ابن أبي ليلى عند أبي داود وغيره. (تنبيه): قال الحافظ في "فتح الباري" (4/ 188): "وهذا الحديث أخرجه أبو داود من طريق شعبة، والمسعودي عن الأعمش مطولاً في الأذان والقبلة والصيام، واختلف في إسناده اختلافاً كثيراً، وطريق ابن نمير هذه أرجحها". اهـ. ولم نجده في مطبوع "سنن أبي داود" من هذا الطريق، والله أعلم. وقال في "الفتح" (8/ 182): "وهذا الحديث مشهور عن ابن أبي ليلى، لكنه لم يسمع من معاذ، وله شواهد". ثم قال (4/ 131): "ووصله أبو داود من طريق ابن أبي ليلى فقال: حدثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فذكره مختصراً". والحديث أعله شيخنا في "الإرواء" (4/ 21) بهاتين العلتين. لكنه قال: "لكن قد جاء بعضه من طريق غير المسعودي"، قلنا: هو كما قال.

* عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: كان المسلمون قبل أن تنزل هذه الآية إذا صلوا العشاء الآخرة؛ حرم عليهم الطعام والشراب والنساء حتى يفطروا، وإن عمر بن الخطاب أصاب أهله بعد صلاة العشاء، وإن صِرْمة بن قيس الأنصاري غلبته عينه بعد صلاة المغرب؛ فنام فلم يشبع من الطعام، ولم يستيقظ حتى صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء؛ فقام، فأكل وشرب، فلما أصبح؛ أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بذلك؛ فأنزل الله عند ذلك: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} إلى قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}؛ فكان ذلك عفواً من الله ورحمة (¬1). * عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه؛ قال: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل، فأمسى، فنام؛ حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر بن الخطاب عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة وقد سهر عنده فوجد امرأته قد نامت؛ فأرادها؛ فقالت: إني قد نمت، قال: ما نمت، ثم وقع بها، وصنع كعب بن مالك مثل ذلك، فغدا عمر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأخبره؛ فأنزل الله -تعالى-: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد، وابن أبي حاتم، وابن جرير؛ كما في "العجاب" (1/ 440)، و"الدر المنثور" (1/ 476)، وإبراهيم ابن أبي ثابت في "جزئه"؛ كما في "فتح الباري" (4/ 130) من طريق قيس بن سعد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة به. وذكره ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 226، 227): "وقال سعيد بن أبي عروبة عن قيس به". قال العلامة أحمد شاكر -رحمه الله- في تعليقه على "جامع البيان" (3/ 498): "فهذا إسناد صحيح، أما ما وراء سعيد بن أبي عروبة؛ فلا ندري ما حاله حتى نعرف رواته". قال الحافظ في "العجاب" (1/ 441): "كذا جاء في هذه الرواية أن صرمة بن قيس أبو قيس بن صرمة أكل وشرب بعدما نام، والذي تقدم أصح (حديث البراء) أنه امتنع؛ فجهد فنزلت". قلنا: وهو كما قال -رحمه الله-.

تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس في قول الله -تعالى ذكره-: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} وذلك أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء؛ حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة، ثم إن ناساً من المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء؛ منهم: عمر بن الخطاب، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (3/ 460)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 96)، وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 475)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 316 رقم 1677) من طريق ابن لهيعة ثني موسى بن جبير مولى بني سلمة أنه سمع عبد الله بن كعب بن مالك يحدث عن أبيه فذكره. قال الحافظ في "العجاب" (1/ 441): "وفي سنده عندهما ابن لهيعة، وحديثه يكتب في المتابعات". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 475): "بسند حسن". وعلق عليه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "جامع البيان" (3/ 497): "وإنما حسن إسناده من أجل ابن لهيعة -فيما أرجح- وعندي أن إسناده صحيح". قلنا: هذا قصور منهم جميعاً؛ فابن لهيعة روى عنه ابن المبارك وعبد الله بن وهب، وهما من الذين رووا عنه قبل احتراق كتبه. وأعجب من هذا أن الحافظ ابن حجر قال عن موسى بن جبير في "التقريب" (2/ 281): "مستور"، بينما هنا أعله بابن لهيعة وسكت عن موسى؟! وعليه؛ فمدار الحديث على موسى؛ وقد قال عنه ابن القطان: "لا يعرف حاله"، وقال ابن حجر: "مستور"؛ فالحديث ضعيف به. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 96)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (1/ 436)، وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 476) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عنه به. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن الناس كانوا قبل أن ينزل في الصوم ما نزل يأكلون ويشربون، ويحل لهم شأن النساء، فإذا نام أحدهم لم يطعم ولم يشرب، ولا يأتي أهله حتى يفطر من القابلة؛ فبلغنا أن عمر بن الخطاب بعدما نام ووجب عليه الصوم؛ وقع على أهله، ثم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أشكو إلى الله وإليك الذي صنعت، قال: "وماذا صنعت؟ "، قال: إني سوّلت لي نفسي؛ فوقعت على أهلي بعدما نمت وأنا أريد الصوم، فزعموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما كنت خليقاً أن تفعل"؛ فنزل ¬

_ = قلنا: وسنده حسن -إن شاء الله- وإن كان فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف؛ لكن الراوي عنه عند ابن أبي حاتم هو أبو حاتم الرازي، وهو من الجهابذة الحفاظ الذين نص الحافظ في "هدي الساري": أن روايتهم عن عبد الله بن صالح من صحيح حديثه. فإن قيل: علي بن أبي طلحة لم يلق ابن عباس -رضي الله عنهما- ولم يسمع منه. فالجواب: قد رأينا الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتابه "العجاب" (1/ 207) يقول: "وعلي صدوق لم يلق ابن عباس، لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه؛ فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة". وقال الذهبي في "الميزان" (3/ رقم 5870): "أخذ تفسير ابن عباس عن مجاهد، فلم يذكر مجاهداً بل أرسله عن ابن عباس". وقال المزي في "تهذيب الكمال" (20/ 490): "روى عن. . . وعبد الله بن عباس مرسل بينهما مجاهد". وقال النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 75): "والذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، وإنما أخذ التفسير عن مجاهد وعكرمة، وهذا القول لا يوجب طعناً؛ لأنه أخذ عن رجلين ثقتين، وهو نفسه ثقة صدوق". وقال السيوطي في "الإتقان" (2/ 188): "قال قوم: لم يسمع ابن أبي طلحة من ابن عباس التفسير، وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد بن جبير، قال ابن حجر: بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة؛ فلا ضير في ذلك".

الكتاب: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} (¬1). [صحيح] * عن عكرمة: أن رجلاً -قد سماه من الأنصار- جاء ليلة وهو صائم، فقالت امرأته: لا تنم حتى نضع لك طعاماً؛ فنام، فجاءت، فقالت: نمت والله، فقال: لا والله، قالت: بلى والله، فلم يأكل تلك الليلة، وأصبح صائماً؛ فغشى عليه، وأنزلت الرخصة فيه (¬2). [موضوع] * عن القاسم بن محمد؛ قال: إن بدء الصوم؛ كان يصوم الرجل من عشاء إلى عشاء، فإذا نام؛ لم يصل إلى أهله بعد ذلك، ولم يأكل ولم يشرب، حتى جاء عمر إلى امرأته؛ فقالت: إني قد نمت، فوقع بها، وأمسى صرمة بن قيس صائماً؛ فنام قبل أن يفطر، وكانوا إذا ناموا؛ لم يأكلوا ولم يشربوا، فأصبح صائماً، وكاد الصوم يقتله؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- الرخصة قال: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 226) من طريق موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عنه. قلنا: قال الحافظ في "العجاب" (1/ 437): "وهذا سند صحيح". (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 71) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 96) -: ثنا معمر قال: أخبرني إسماعيل بن شروس عن عكرمة به. قلنا: وهذا حديث موضوع؛ المتهم فيه إسماعيل بن شروس؛ فقد روى ابن عدي في "الكامل" (1/ 314) بسند صحيح عن الإِمام أحمد أنه قال: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن إسماعيل بن شروس عن عكرمة به. قال: قلت لمعمر: ما لك لم تكثر عن ابن شروس؟ قال: "كان يضع الحديث". (¬3) أخرجه الذهلي في "الزهريات"؛ كما في الفتح (4/ 130) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 31) -: ثنا هشام بن عمار قال: ثنا يحيى بن حمزة قال: ثنا إسحاق بن أبي فروة عن الزهري عن القاسم. قلنا: وهذا سند واهٍ بمرة؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان الناس أول ما أسلموا إذا صام أحدهم يصوم يومه، حتى إذا أمسى طعم من الطعام فيما بينه وبين العتمة، حتى إذا صليت؛ حرم عليهم الطعام حتى يمسي من الليلة القابلة، وإن عمر بن الخطاب بينما هو نائم؛ إذ سولت له نفسه، فأتى أهله لبعض حاجته، فلما اغتسل؛ أخذ يبكي ويلوم نفسه كأشد ما رأيت من الملامة، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إني أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخاطئة؛ فإنها زيَّنت لي؛ فواقعت أهلي، هل تجد لي رخصه يا رسول الله؟! قال: "لم تكن حقيقاً بذلك يا عمر! "، فلما بلغ بيته، أرسل إليه؛ فأنبأه بعذره في آية من القرآن، وأمر الله رسوله أن يضعها في المائة الوسطى من سورة البقرة؛ فقال: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن ثابت البناني: أن عمر واقع أهله ليلة في رمضان؛ فاشتد ذلك عليه؛ فأنزل الله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} الآية (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن صرمة بن أنس أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عشية من العشيات وقد جهده الصوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لك يا أبا قيس! أمسيت طليحاً؟! "، قال: ظللت أمس نهاري في النخل أجر ¬

_ = الثانية: إسحاق بن أبي فروة؛ متروك، واتهمه بعضهم. قال الحافظ في كتابه "العجاب" (1/ 444، 445): "وهذا الحديث مع إرساله، ضعيف السند من أجل إسحاق بن أبي فروة". (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 96): ثني محمد بن سعد العوفي ثني أبي ثني عمي قال: ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند واهٍ بمرة؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 96). قلنا: وهو منقطع بين ثابت وعمر. وقال الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في تعليقه على "جامع البيان" (3/ 497): "فهذا إسناد منقطع؛ ضعيف لذلك".

الجريد، فأتيت أهلي، فنمت قبل أن أطعم، وأمسيت وقد جهدني الصوم؛ فنزلت فيه: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (¬1). [موضوع] * عن محمد بن يحيى بن حبان: أن صرمة بن أنس أتى أهله ذات ليلة وهو شيخ كبير وهو صائم؛ فلم يهيؤوا له طعاماً؛ فوضع رأسه فأغفى، وجاءته امرأته بطعامه، فقالت له: كل، فقال: إني قد نمت، قالت: إنك لم تنم؛ فأصبح جائعاً مجهوداً؛ فأنزل الله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} (¬2). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: كتب على النصارى رمضان، وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم، ولا ينكحوا النساء شهر رمضان؛ فكتب على المؤمنين كما كتب عليهم، فلم يزل المسلمون على ذلك يصنعون كما تصنع النصارى؛ حتى أقبل رجل من الأنصار يقال له: أبو ¬

_ (¬1) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (3/ 1524 رقم 3864)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (2/ 400) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند موضوع؛ من دون ابن عباس كذابون متهمون. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 98) من طريق ابن إسحاق عن محمد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: عنعنه ابن إسحاق. والحديث ذكره الحافظ في "فتح الباري" (4/ 130) وقال: "ولابن جرير من طريق ابن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان -بفتح المهملة والباء الموحدة الثقيلة- مرسلاً". قلنا: وذكر أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (3/ 1524): أن حماد بن سلمة رواه عن محمد بن يحيى به، فإن صح السند إليه؛ فتبقى علّة الإرسال.

قيس بن صرمة، وكان يعمل في حيطان المدينة بالأجر؛ فأتى أهله بتمر، فقال لامرأته: استبدلي بهذا التمر طحيناً فاجعليه سخينة لعلّي أن آكله؛ فإن التمر قد أحرق جوفي، فانطلقت، فاستبدلت له، ثم صنعت، فأبطأت عليه؛ فنام؛ فأيقظته، فكره أن يعصي الله ورسوله، وأبى أن يأكل، وأصبح صائماً؛ فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما لك يا أبا قيس! أمسيت طليحاً؟! "؛ فقص عليه القصة، وكان عمر بن الخطاب وقع على جارية له -في ناس من المؤمنين لم يملكوا أنفسهم،- فلما سمع عمر كلام أبي قيس؛ رهب أن ينزل في أبي قيس شيء؛ فتذكر هو؛ فقام فاعتذر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: يا رسول الله! إني أعوذ بالله أني وقعت على جاريتي، ولم أملك نفسي البارحة، فلما تكلم عمر؛ تكلم أولئك الناس؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما كنت جديراً بذلك يا ابن الخطاب! "؛ فنسخ ذلك عنهم، فقال: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} يقول: أنكم تقعون عليهن خيانة. {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} يقول: جامعوهن، ورجع إلى أبي قيس، فقال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن قتادة؛ قال: وكان بدء الصيام أمروا بثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين غدوة وركعتين عشية؛ فأحل الله لهم في صيامهم في ثلاثة أيام، وفي أول ما افترض عليهم في رمضان إذا أفطروا وكان الطعام ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 97) عن موسى بن هارون الحمال ثنا عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عن السدي. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط هذا، ضعيف.

والشراب وغشيان النساء لهم حلالاً ما لم يرقدوا؛ فإذا رقدوا؛ حرم عليهم ذلك إلى مثلها من القابلة، وكانت خيانة القوم أنهم كانوا يصيبون أو ينالون من الطعام والشراب وغشيان النساء بعد الرقاد، وكانت تلك خيانة القوم أنفسهم. ثم أحل الله لهم بعد ذلك الطعام والشراب وغشيان النساء إلى طلوع الفجر (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ أنّه قال في هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} مثل قول مجاهد، وزاد فيه: إن عمر بن الخطاب قال لامرأته: لا ترقدي حتى أرجع من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فرقدت قبل أن يرجع، فقال لها: ما أنت براقدة، ثم أصابها حتى جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فذكر ذلك له؛ فنزلت هذه الآية، قال عكرمة: نزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} (¬2). [ضعيف] * (تكميل): كون الحرمة الواردة في الآية في أول الأمر مخصصة بالنوم؛ كما ورد في حديث البراء عند البخاري وغيره، وردت في حديث ابن عباس مخصصة بصلاة العتمة (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 97). قلنا: رجاله ثقات، لكنه مرسل. والحديث ذكره "السيوطي" في "الدر المنثور" (1/ 477)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 97، 98) من طريق ابن جريج عنه به. قلنا: إسناده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: عنعنه ابن جريج. (¬3) قال الحافظ في "فتح الباري" (4/ 130): "فاتفقت الروايات في حديث البراء على أن المنع من ذلك كان مقيداً بالنوم؛ وهذا هو المشهور في حديث غيره، وقيد المنع من ذلك في حديث ابن عباس بصلاة العتمة: أخرجه أبو داود بلفظ: "كان الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلوا العتمة؛ حرم عليهم الطعام والشراب =

* {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)}. * عن سعيد بن جبير في قوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}؛ يعني: بالظلم، وذلك أن امرأ القيس بن عابس وعبد الله بن أشوع الحضرمي اختصما في أرض، وأراد امرؤ القيس أن يحلف؛ ففيه نزلت: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (¬1). [ضعيف] * {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)}. * عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية فينا، فكانت الأنصار إذا حجوا، فجاؤوا؛ لم يدخلوا من قِبَلِ أبواب بيوتهم، ولكن من ظهورها، فجاء رجل من الأنصار، فدخل من قبل بابه، فكأنه عُيّر بذلك؛ فنزلت: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} (¬2). [صحيح] ¬

_ = والنساء، وصاموا إلى القابلة"، ونحوه في حديث أبي هريرة، وهذا أخص من حديث البراء من وجه آخر، ويحتمل أن يكون ذكر صلاة العشاء لكون ما بعدها مظنة النوم غالباً، والتقييد في الحقيقة إنما هو بالنوم، كما في سائر الأحاديث". اهـ. وهذا كلام في غاية التحقيق والتدقيق. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 321 رقم 1702) من طريق ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد به. قلنا: عطاء بن دينار؛ صدوق؛ لكنه لم يسمع من سعيد بن جبير، إنما وجد تفسيره في ديوان عبد الملك بن مروان في صحيفة؛ فأخذها وجعل يرسل عن سعيد بن جبير؛ كما في "المراسيل" (ص 158)، و"الجرح والتعديل" (6/ 332)، و"تهذيب الكمال" (20/ 68). وابن لهيعة ضعيف الحديث، والراوي عنه هنا ليس من قدماء أصحابه. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (3/ 621 رقم 1803، 8/ 183 رقم 4512)، ومسلم في "صحيحه" (4/ 2319 رقم 23) واللفظ للبخاري في الموضع الأول ومسلم. =

* عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: كانت قريش تدعى الحمس، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإِحرام، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من الأبواب في الإِحرام، فبينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بستان؛ إذ خرج من بابه، وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري، فقالوا: يا رسول الله! إن قطبة بن عامر رجل فاجر، وإنه خرج معك من الباب، فقال له: "ما حملك على ما صنعت؟ "، قال: رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت، فقال: "إني أحمسي" قال: فإن ديني دينك؛ فأنزل الله: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} (¬1). [صحيح] ¬

_ = وفي رواية للبخاري في الموضع الثاني: "كانوا إذا أحرموا في الجاهلية؛ أتوا البيت من ظهره؛ فأنزل الله. . .". (¬1) أخرجه ابن خزيمة؛ كما في "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 456)، و"فتح الباري" (3/ 621)، والحاكم (1/ 483)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 33)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 323 رقم 1710) جميعهم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: أما صحيح؛ فنعم، وأما على شرطهما؛ فلا؛ فإن البخاري لم يرو لأبي سفيان -واسمه طلحة بن نافع- وإنما هو من أفراد مسلم؛ فهو على شرطه. وصححه ابن خزيمة. وقال الحافظ ابن حجر في كتابه "العجاب" (1/ 456): "وهو على شرط مسلم، ولكن اختلف في إرساله ووصله، وحديث البراء له شاهد قوي، وله عدة متابعات مرسلة". وقال في "فتح الباري" (3/ 621): "وهذا الإسناد وإن كان على شرط مسلم؛ لكن اختلف في وصله على الأعمش عن أبي سفيان؛ فرواه عبيدة -وفي الأصل: عبد!! - بن حميد عنه؛ فلم يذكر جابراً: أخرجه بقي، وأبو الشيخ في "تفسيرهما" من طريقه". اهـ. قلنا: أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (4/ 2345، 2346 رقم =

* عن الزهري؛ قال: كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة؛ لم يحل بينهم وبين السماء شيء؛ يتحرجون من ذلك، وكان الرجل يخرج مهلاً بالعمرة؛ فتبدو له الحاجةُ بعدما يخرج من بيته، فيرجع فلا يدخل من باب الحجرة؛ من أجل سقف الباب أن يحول بينه وبين السماء؛ فيفتح الجدار من قدامه، ثم يقوم في حجرته؛ فيأمر بحاجته، فتخرج إليه من بيته، حتى بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل زمن الحديبية بالعمرة مدخل حجرة، فدخل رجل على أثره من الأنصار من بني سلمة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني أحمس"، قال الزهري: وكان الحمس لا يبالون ذلك، فقال الأنصاري: فأنا أحمس، يقول: أنا على دينك؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية (¬1). [ضعيف] * عن الربيع بن أنس قوله: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ. . .}؛ قال: كان أهل المدينة وغيرهم إذا أحرموا؛ لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها، وذلك أن يتسوروها؛ فكان إذا أحرم أحدهم لا يدخل البيت إلا أن يتسور من قبل ظهره، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل ذات يوم بيتاً لبعض الأنصار، فدخل رجل على أثره ممن قد أحرم؛ فأنكروا ذلك عليه، ¬

_ = 5762) عن أبي الشيخ عن أبي يحيى الرازي ثنا سهل بن عثمان عن عبيدة به مرسلاً. وتقدم أن الواحدي رواه في "أسباب النزول" عن أبي الشيخ موصولاً، وفيه نظر. وذكر أبو الشيخ -فيما نقله عنه أبو نعيم- أن عبد الله بن محمد بن زكريا رواه عن سهل بن عثمان عن عبيدة بن حميد عن الأعمش به موصولاً. والوصل زيادة يجب قبولها. ويشهد له ما بعده. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 73) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 109) - عن معمر عن الزهري به. قال الحافظ في "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 458): "وهذا مرسل؛ رجاله ثقات".

وقالوا: هذا رجل فاجر، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لم دخلت من الباب وقد أحرمت؟ "، قال: رأيتك يا رسول الله! دخلت؛ فدخلت على أثرك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني أحمس" -وقريش يومئذ تدعى الحمس-، فلما أن قال ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال الأنصاري: إن ديني دينك؛ فأنزل الله -تعالى ذكره-: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} (¬1). [ضعيف جداً] * عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن رجالاً من أهل المدينة كانوا إذا خاف أحدهم من عدوه شيئاً أحرم فأمن، فإذا أحرم؛ لم يلج من باب بيته، واتخذ نقباً من ظهر بيته، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة؛ كان بها رجل محرم كذلك، وأن أهل المدينة كانوا يسمون البستان: الحش، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل بستاناً؛ فدخله من بابه، ودخل معه ذلك المحرم؛ فناداه رجل من ورائه: يا فلان! إنك محرم، وقد دخلت؛ فقال: "أنا أحمس"، فقال: يا رسول الله! إن كنت محرماً؛ فأنا محرم، وإن كنت أحمس؛ فأنا أحمس؛ فأنزل الله -تعالى ذكره-: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} إلى آخر الآية؛ فأحل الله للمؤمنين أن يدخلوا من أبوابها (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 109) من طريق عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عنه. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإعضال. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف، سيّئ الحفظ. الثالثة: عبد الله بن أبي جعفر؛ قال ابن حبان: "يعتبر بروايته عن غير أبيه". الرابعة: الانقطاع بين ابن جرير وعمار بن الحسين. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 109)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 323 رقم 1711) من طريق محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني علي قال: حدثني أبي عن أبيه عنه به. قلنا: إسناده ضعيف جداً، مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

* عن قيس بن حبتر: أن ناساً كانوا إذا أحرموا؛ لم يدخلوا حائطاً من بابه، ولا داراً من بابها أو بيتاً، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه داراً، وكان رجل من الأنصار يقال له: رفاعة بن تابوت؛ فجاء، فتسوّر الحائط، ثم دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما خرج من باب الدار -أو قال: من باب البيت-؛ خرج معه رفاعة، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما حملك على ذلك؟ "، قال: يا رسول الله! رأيتك خرجت منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني رجل أحمس"؛ فقال: إن تكن رجلاً أحمس؛ فإن ديننا واحد؛ فأنزل الله -تعالى ذكره-: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم -وهو محرم- من باب بستان قد حرث، فأبصره رجل من غير الحمس يقال له: قطبة بن عامر بن حديدة أحد بني سلمة، فأتبع بصره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! رضيت بدينك وهديك وسنتك؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} الآية (¬2). [موضوع] * عن إبراهيم النخعي؛ قال: كان ناس من أهل الحجاز إذا أحرموا؛ لم يدخلوا من أبواب بيوتهم، بل دخلوا من ظهورها؛ فنزلت: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 108)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (1/ 460)، و"فتح الباري" (3/ 621) من طريق داود بن هند عنه به. قال الحافظ في "فتح الباري" (3/ 622): "هذا مرسل". قلنا: وهو كما قال -رحمه الله-. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 492)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4/ 2345 رقم 5761)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (4/ 106) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. قلنا: وهذا موضوع؛ من دون ابن عباس كذابون.

{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: إن ناساً من العرب كانوا إذا حجوا؛ لم يدخلوا بيوتهم من أبوابها، كانوا ينقبون في أدبارها، فلما حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع؛ أقبل يمشي ومعه رجل من أولئك -وهو مسلم-، فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باب البيت؛ احتبس الرجل خلفه، وأبى أن يدخل، قال: يا رسول الله! إني أحمس، يقول: إني محرم، وكان أولئك الذين يفعلون ذلك يسمون: الحمس، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وأنا -أيضاً- أحمس؛ فادخل"، فدخل الرجل؛ فأنزل الله: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} (¬2). [منكر] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 109)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (1/ 461) من طريق مغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي به. قلنا: وهذا سنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: مغيرة بن مقسم؛ مدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي به. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2/ 707/ 283) بنحوه، ويشهد له حديث البراء السابق. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 109): ثني موسى بن هارون الحمال ثنا عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر، ضعيف. قال الحافظ ابن حجر في "العجاب في بيان الأَسباب" (1/ 459): "شذ السدي بهذه الرواية؛ فخالف في زمان نزول الآية، وخالف في من كان يفعل ذلك، فزعم أنهم الحمس، والمحفوظ أنهم غير الحمس، وخالف في أن الصحابي امتنع حتى أذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - والمحفوظ: أنه صنع؛ فأنكر عليه، فإن أمكن الجمع بالحمل على التعدد مع بُعْده؛ وإلا؛ فالصحيح الأول". قلنا: قطعاً الصحيح الأول؛ لأن الأثر لا يصح عن السدي، ولا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو منكر لمخالفته الروايات الصحيحة.

* عن قتادة؛ قال: كان هذا الحي من الأنصار في الجاهلية إذا أهل أحدهم بحج أو عمرة لا يدخل داراً من بابها؛ إلا أن يتسور حائطاً تسوراً، وأسلموا وهم كذلك؛ فأنزل الله -تعالى- ذكره في ذلك ما تسمعونه، ونهاهم عن صنيعهم ذلك، وأخبرهم أنه ليس من البر صنيعهم ذلك، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: قلت لعطاء عن هذه الآية، فقال: كان أهل الجاهلية يأتون البيوت من أبوابها ويرونه براً (¬2). * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزله من باب البيت؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- هذه الآية (¬3). [ضعيف] * عن عطاء؛ قال: كان أهل يثرب إذا رجعوا من عيدهم دخلوا البيوت من ظهورها، ويرون أن ذلك أدنى إلى البر؛ فنزلت (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 109): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد ثنا سعيد وهو ابن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل، ويشهد له حديث البراء المتقدم. وذكر الحافظ في "العجاب" (1/ 461): أن عبد بن حميد رواه من طريق شيبان عن قتادة نحوه. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (1/ 462). (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 324 رقم 1713) من طريق موسى بن عبيدة الرَّبذي عن محمد به. ضعفه الحافظ في "فتح الباري" (3/ 622)، و"العجاب" (1/ 463). قلنا: وهو كما قال؛ لأن مداره على موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي، وهو ضعيف، وفيه علّة أخرى: وهي انقطاعه بين ابن أبي حاتم وزيد بن الحباب -راويه عن موسى- حيث لم يذكر من حدثه بالأثر عن زيد. (¬4) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 324 رقم 1714) من طريق أبي شيبة عنه به. قلنا: وسنده ضعيف.

* عن قتادة؛ قال: سألوا نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: لم جعلت هذه الأهلة؟ فأنزل الله ما تسمعون: {هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ}؛ فجعلها لصوم المسلمين، ولإفطارهم، ولمناسكهم، وحجهم، ولعدة نسائهم، ومحل دينهم في أشياء، والله أعلم بما يصلح خلقه (¬1). [ضعيف] * عن الربيع بن أنس؛ قال: ذكر لنا أنهم قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لم خلقت الأهلة؟ فأنزل الله الآية (وذكر الحديث بنحو السابق) (¬2). [ضعيف جداً] * عن ابن جريج بنحوه (¬3). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: سأل الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأهلة؛ فنزلت هذه الآية. . . يعلمون بها حل دينهم، وعدة نسائهم، ووقت حجهم (¬4). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 108) من طريق سعيد بن أبي عروبة، وأخرجه يحيى بن سلام؛ كما في "العجاب" (1/ 454) عن شعبة كلاهما عن قتادة به. قلنا: رجاله ثقات، لكنه مرسل. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 490)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (2/ 108) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإعضال. الثانية: أبو جعفر الرازي، سيئ الحفظ. الثالثة: ابنه عبد الله؛ قال ابن حبان: "يعتبر بروايته عن غير أبيه". (¬3) أخرجه ابن جرير (2/ 108). قلنا: سنده ضعيف جداً؛ لإعضاله. (¬4) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 322 رقم 1707)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 108) عن محمد بن سعد العوفي عن أبيه عن عمه الحسين عن جده عطية العوفي عنه به. قلنا: وسنده واهٍ بمرة؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في معاذ بن جبل وثعلبة بن غنمة، وهما رجلان من الأنصار قالا: يا رسول الله! ما بال الهلال يبدو ويطلع دقيقاً مثل الخيط، ثم يزيد؛ حتى يعظم ويستوي ويستدير، ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود؛ كما كان لا يكون على حال واحد؟! فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}؛ فجعلها لصوم المسلمين، ولإفطارهم، ولمناسكهم، وحجهم، ولعدة نسائهم، ومحل دينهم في أشياء، والله أعلم بما يصلح خلقه (¬1). [موضوع] * عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-؛ قال: يا رسول الله! إن اليهود تغشانا، ويكثرون مسألتنا عن الأهلة؛ فأنزل الله هذه الآية (¬2). [ضعيف] * {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)} ¬

_ (¬1) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (1/ 493، 494 رقم 1400)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (1/ 292)، وابن عساكر في "تاريخه" (ج 1/ ق 6/ ب) من طريق السدي عن الكلبي عن أبي صالح عنه به. قال الولي العراقي: لم أقف له على إسناد، واستدرك عليه؛ فإن ابن عساكر أخرجه في "تاريخه" من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس؛ لكن إسناده واه؛ قاله المناوي في "الفتح السماوي" (1/ 232). وقال السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 490): "وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف". قلنا: وهذا سند تالف بمرة؛ فيه السدي والكلبي وشيخه كلهم ضعفاء متهمون بالكذب. ولذلك قال الحافظ ابن حجر في "العجاب" (5/ 455): "وقد توارد من لا يد لهم في صناعة الحديث على الجزم بأن هذا كان سبب النزول، مع وهاء السند فيه، ولا شعور عندهم بذلك، بل كاد يكون مقطوعاً به؛ لكثرة من ينقله من المفسرين وغيرهم!! ". (¬2) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 32)، "الوسيط" (1/ 289) دون سند. قال الحافظ ابن حجر في كتابه "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 454): "لم أر له سنداً إلى معاذ -رضي الله عنه-، ويحتمل أن يكون اختصره أولاً ثم أورده مبسوطاً".

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في صلح الحديبية، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما صُد عن البيت، هو وأصحابه؛ نحر الهدي بالحديبية، ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه، ثم يأتي القابل على أن يخلوا له مكة ثلاثة أيام؛ فيطوف بالبيت ويفعل ما شاء، وصالحهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان العام المقبل؛ تجهز رسول الله وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تقي لهم قريش بذلك، وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم، وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام في الحرم؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}؛ يعني: قريشاً (¬1). [موضوع] * {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ في قوله: {فَمَنِ اعْتَدَى ¬

_ (¬1) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 33 - 34)، والبغوي في "معالم التنزيل" (1/ 213) -معلقاً- وقال الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وهذا سنده تالف واه بمرة؛ فيه الكلبي وشيخه، وهما متهمان. وقال الحافظ ابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 466): "الكلبي؛ ضعيف لو انفرد؛ فكيف لو خالف؟! وقد خالفه الربيع بن أنس وهو أولى بالقبول منه؛ فقال: "إن هذه الآية أول آية في الإذن للمسلمين في قتال المشركين"، وسياق الآيات يشهد لصحة قوله". قلنا: قول الربيع الذي ذكره الحافظ: أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 110) من طريق أبي جعفر الرازي عنه بلفظ: "هذه أول آية نزلت في القتال بالمدينة، فلما نزلت كان رسول الله يقاتل من يقاتله، ويكف عمن كف عنه، حتى نزلت براءة". قلنا: وسنده ضعيف جداً، فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أبو جعفر الرزاي؛ ضعيف سيئ الحفظ.

عَلَيْكُمْ. . .}؛ قال: هذا ونحوه نزل بمكة، والمسلمون يومئذ قليل، وليس لهم سلطان يقهر المشركين، وكان المشركون يتعاطونهم بالشتم والأذى؛ فأمر الله المسلمين من يجازي منهم أن يجازي بمثل ما أوتي إليه أو يصبر أو يعفو؛ فهو أمثل، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وأعز الله سلطانه؛ أمر المسلمين أن ينتهوا في مظالمهم إلى سلطانهم، وأن لا يعدو بعضهم على بعض؛ كأهل الجاهلية (¬1). [حسن] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما سار رسول الله معتمراً في سنة ست من الهجرة، وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت، وصدوه بمن معه من المسلمين في ذي القعدة -وهو شهر حرام حتى قاضاهم على الدخول من قابل، فدخلها في السنة الآتية هو ومن كان معه من المسلمين، وأقصه الله منهم-؛ نزلت هذه الآية: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} (¬2). [موضوع] * عن عطاء؛ قال: نزلت في الحديبية؛ منعوا في الشهر الحرام؛ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (2/ 116)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 329 رقم 1740)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 61) من طريق عبد الله بن صالح ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وسنده حسن، وعبد الله بن صالح وإن كان ضعيفاً؛ لكن الراوي عنه عند ابن أبي حاتم هو أبو حاتم الرازي؛ وحديثه عنه من صحيح حديثه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 498)، وزاد نسبته لأبي داود في "ناسخه" وابن المنذر. (¬2) قال السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 496 - 497): "أخرج ابن جرير عن ابن عباس (وذكره) ". قلنا هو في "جامع البيان" (2/ 114) من طريق يوسف بن خالد السمتي عن نافع بن مالك عن عكرمة عنه به مختصراً جداً بلفظ: "هم المشركون، حبسوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة، فرجعه الله في ذي القعدة، فأدخله البيت الحرام، فاقتص له منهم. قلنا: وهذا سند تالف؛ يوسف السمتي؛ كذبه يحيى بن معين، وغيره.

فنزلت: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ} (¬1) , عمرة في شهر حرام بعمرة في شهر حرام. [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: أقبل نبي الله وأصحابه، فاعتمروا في ذي القعدة ومعهم الهدي، حتى إذا كانوا بالحديبية؛ صدهم المشركون؛ فصالحهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يرجع من عامه ذلك حتى يرجع من العام المقبل؛ فيكون بمكة ثلاثة أيام، ولا يدخلها إلا بسلاح راكب، ويخرج ولا يخرج بأحد من أهل مكة؛ فنحروا الهدي بالحديبية، وحلقوا وقصروا، حتى إذا كان من العام المقبل؛ أقبل نبي الله وأصحابه حتى دخلوا مكة، فاعتمروا في ذي القعدة، فأقاموا بها ثلاث ليال، فكان المشركون قد فخروا عليه حين ردوه يوم الحديبية؛ فأقصه الله منهم؛ فأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردوه في ذي القعدة، فقال الله: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 115) من طريق ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" (1/ 201): أن مشركي العرب قالوا للنبي -عليه السلام-: انتهيت من قتالنا في الشهر الحرام؟ قال: "نعم"، وأرادوا أن يغزوه في الشهر الحرام، فيقاتلون فيه؛ فنزلت هذه الآية. وذكره الحافظ في كتاب "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 470) نقلاً عن "تفسير الماوردي" ونسباه للحسن البصري. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 114) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 34) معلقاً. وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 115) من طريق عبد الرزاق نا معمر عن قتادة وعن عثمان عن مقسم قالا: كان هذا في سفر الحديبية، صد =

* {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)}. * عن أسلم أبي عمران؛ قال: كنا بالقسطنطينية، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد؛ فخرج من المدينة صف عظيم من الروم، وصففنا لهم صفاً عظيماً من المسلمين؛ فحمل رجل من المسلمين على صفِّ الروم حتى دخل بهم، ثم خرج إلينا مقبلاً؛ فصاح الناسُ؛ فقالوا: سبحان الله! الفتى ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب -صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم --: يا أيها الناس! إنكم تتأولون هذه الآية على هذا التأويل، وإنما أنزلت هذه الآية فينا -معشر الأنصار- لما أعزّ الله دينهُ، وكثَّر ناصريه؛ قلنا بيننا بعضاً لبعض سراً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أموالنا قد ضاعت؛ فلو أنا أقمنا فيها، وأصلحنا ما ضاع منها؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى- في كتابه يردُّ علينا ما هممنا به، قال: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}؛ فكانت التهلكة: الإقامة التي أردنا أن نقيم في أموالنا فنصلحها؛ فأمرنا بالغزو، فما زال أبو أيوب غازياً في سبيل الله حتى قبض (¬1). [صحيح] ¬

_ = المشركون النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عن البيت في الشهر الذي صدوهم فيه؛ فجعل الله -تعالى ذكره- لهم شهراً حراماً يعتمرون فيه مكان شهرهم الذي صدوا؛ فلذلك قال: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ}. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬1) أخرجه أبو داود (رقم 2512)، والترمذي (رقم 2972)، والنسائي في "التفسير" (رقم 48، 49)، والطبري في "جامع البيان" (2/ 118، 119)، وأبو يعلى في "مسنده" كما في "الدر المنثور" (1/ 500) -وعنه ابن حبان في "صحيحه" (11/ 9/ 4711) -، والطحاوي في "مشكل الآثار" (12/ 99 رقم 4685)، والحاكم (12/ 275) -وعنه البيهقي (9/ 45) -، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 35)، والطيالسي (599)، والطبراني في "الكبير" (4060)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 330، 331)، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (ص 269 - 270) -ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" (2/ 84) -وعنه البيهقي (9/ 99) -، =

* عن أبي جبيرة بن الضحاك -رضي الله عنه-؛ قال: كانت الأنصار يتصدقون، ويعطون ما شاء الله، حتى أصابتهم سنة؛ فأمسكوا؛ فأنزل الله: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (¬1). [صحيح] ¬

_ = وغيرهم من طريق الليث بن سعد وحيوة بن شريح وعبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم به. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب"، وصححه ابن حبان، وابن خزيمة؛ كما في "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 480). وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي. قلنا: ووهما في ذلك؛ لأن الشيخين لم يخرجا لأسلم أبي عمران شيئاً، وإنما هو صحيح فقط. وكذا صححه شيخنا -رحمه الله- في "الصحيحة" (رقم 13). والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 500) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. (تنبيه): الحديث عزاه الحافظ في "فتح الباري" (8/ 185) إلى مسلم؛ فوهم. (¬1) أخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (1/ 280 رقم 87)، و"الآحاد والمثاني" (4/ 149 رقم 2131)، والطبراني في "المعجم الكبير" (22/ رقم 970)، و"المعجم الأوسط" (6/ 20 رقم 5671)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/ 1539 رقم 3902)، وابن قانع في "معجم الصحابة" (2/ 33، 34)، والبغوي في "معجم الصحابة"، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 34)، وأبو يعلى في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 41 رقم 7580) -وعنه ابن حبان في "صحيحه" (13/ 16، 17 رقم 5709 - "إحسانا")، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 332 رقم 1750)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (51/ ق 19/ أ) جميعهم من طريق هدبة بن خالد ثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي جبيرة. قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات. وقد اختلف في صحبة أبي جبيرة؛ فأثبت له الصحبة: أبو نعيم، والبغوي، وابن قانع، وابن حجر، والمزي، وابن الأثير، وابن حبان، وابن عبد البر وغيرهم، وخالفهم أبو حاتم؛ فقال في "المراسيل" (ص 251): "لا أعلم له صحبة". قلنا: ومن علم حجة على من لم يعلم. =

* عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه-؛ قال: كان الرجل يذنب فيقول: لا يغفر الله لي؛ فأنزل الله: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬1). [صحيح] ¬

_ = والحديث صححه ابن حبان، والضياء المقدسي. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 317): "رواه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط" ورجالهما رجال الصحيح". وقال السيوطي في "اللباب" (ص 37): "أخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي جبيرة". قلنا: وهو كما قال، فرجاله رجال مسلم خلا صحابيه. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 500) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. والحديث ذكره الحافظ في "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 473)، ونسبه لأبي علي بن السكن، وقال: "تفرد به هدبة عن حماد، والصواب: أنه مرسل". (تنبيه): قلب حماد بن سلمة -راوي الحديث- اسم الصحابي؛ فجعله الضحاك بن أبي جبيره؛ والصواب أنه أبو جبيرة بن الضحاك؛ قاله أبو نعيم؛ كما في "الإصابة" (3/ 502)، و"العجاب في بيان الأسباب" (1/ 474، 475). وذكر هذا الطبراني في "الأوسط". قلنا: خالف حماداً المعتمر بن سليمان عند ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 118)، وهشيم بن بشير عند الواحدي في "أسباب النزول" (ص 34) كلاهما عن الشعبي من قوله. قلنا: وحماد ثقة من رجال مسلم؛ وقد وصله فلا تعارض بين الروايتين. (¬1) أخرجه الواحدي (ص 34، 35)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 45)، وفي "شعب الإيمان" (5/ 407 رقم 7092)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 236)، وابن المنذر؛ كما في "العجاب في بيان الأسباب" لابن حجر (1/ 477)، والطبراني في "المعجم الكبير"؛ كما في "مجمع الزوائد" (6/ 317)، و"المعجم "الأوسط" (6/ 20، 21 رقم 5672) من طريق حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن النعمان به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سماك بن حرب إلا حماد بن سلمة". وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط"، ورجالهما رجال الصحيح". قلنا: وهو كما قال؛ فالحديث صحيح. =

* عن حذيفة -رضي الله عنه-؛ قال: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قال: نزلت في النفقة (¬1). [صحيح] * عن عكرمة؛ قال: نزلت في النفقات في سبيل الله؛ يعني: قوله: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬2) [ضعيف] * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان القوم في سبيل الله؛ فيتزود الرجل، فكان أفضل زاداً من الآخر، أنفق البائس من زاده حتى لا يبقى من زاده شيء أحب أن يواسي صاحبه؛ فأنزل الله: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية (¬3). [ضعيف] * عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمر بالتجهيز إلى مكة؛ قال ناس من الأعراب: يا رسول الله! لماذا نتجهز؟ فوالله ما لنا زاد ولا مال؛ فنزلت الآية (¬4). * {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ ¬

_ = والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 501)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. وذكره الحافظ في "فتح الباري" (8/ 185)، وسكت عليه. (¬1) أخرجه البخاري (8/ 185 رقم 4516 - فتح). (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 117)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 34) من طريق هشيم ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عكرمة. قلنا: ورجاله ثقات رجال الصحيح؛ لكنه مرسل. (¬3) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 117) عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن أبي صخر عن محمد به. قلنا: وسنده حسن؛ لكنه مرسل. (¬4) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (1/ 202، 203).

لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)}. * عن كعب بن عجرة -رضي الله عنه-؛ قال: وقف عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية، ورأسي يتهافت قملاً؛ فقال: "يؤذيك هوامك؟! "، قلت: نعم، قال: "فاحلق رأسك" -أو قال-: "احلق". قال: فيَّ نزلت هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ}؛ فقال النبي: "صم ثلاثة أيام، أو تصدق بفرق بين ستة، أو انسك بما تيسر" (¬1). [صحيح] * عن عمران بن حصين -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت آية المتعة؛ يعني: متعة الحج في كتاب الله، وأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج، ولم ينه عنها رسول الله حتى مات (¬2). [صحيح] * عن صفوان بن أمية؛ أنه قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - متضمخ بالزعفران عليه جبة، فقال: كيف تأمرني يا رسول الله! في عمرتي؟ قال: فأنزل الله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أين السائل عن العمرة؟ "، فقال: ها أنا ذا، فقال له: "ألق عنك ثيابك، ثم اغتسل واستنشق ما استطعت، ثم ما كنت صانعاً في حجك؛ فاصنعه في عمرتك" (¬3). [ضعيف]. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري (4/ 16 رقم 1815، 1816) واللفظ له في الموضع الأول، ومسلم (رقم 1201). (¬2) أخرجه البخاري (8/ 186 رقم 4518)، ومسلم (رقم 1226). (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 334 رقم 1761) من طريق أبي عبد الله الهروي حدثنا غسان الهروي ثنا إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان به. وضعفه الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 237) بقوله: "هذا حديث غريب، وسياق عجيب، والذي ورد في "الصحيحين" عن يعلي بن أمية في قصة الرجل الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجعرانة، فقال: كيف ترى في رجل =

* {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (197)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: كان أهل اليمن يحجون، ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة؛ سألوا الناس؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (¬1). [صحيح] * عن الشعبي: كان ناس من أهل اليمن إذا حجوا لم يتزودوا حتى يبلغوا عقبة كذا وكذا؛ فنزلت: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = أحرم بالعمرة، وعليه جبة وخلوق؟ فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم جاءه الوحي، ثم رفع رأسه، فقال: "أين السائل؟ "، فقال: ها أنا ذا، فقال: "أما الجبة؛ فانزعها، وأما الطيب الذي بك؛ فاغسله، ثم ما كنت صانعاً في حجك؛ فاصنعه في عمرتك"، ولم يذكر فيه الغسل والاستنشاق ولا ذكر نزول هذه الآية، وهو عن يعلى بن أمية لا صفوان بن أمية، والله أعلم". قلنا: ثم رأينا الطبراني رواه في "المعجم الأوسط" (2/ 226 رقم 1815) من طريق محمد بن سابق عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه به. فقد دلت هذه الرواية أنه سقط من سند ابن أبي حاتم راويان، وأصل الحديث أخرجه البخاري (رقم 1536، 1789)، ومسلم (رقم 1180) -كما قال ابن كثير- من طريق عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه به؛ لكن ليس فيه ذكر سبب نزول الآية، وليس فيه ذكر الغسل والاستنشاق. (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (3/ 384 رقم 1523). والحديث روي مرسلاً ضعيفاً عن عكرمة عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" (ص 247 - القسم المفقود)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 77) -ومن طريقه الخلال في "الحث على التجارة" (رقم 101) -، وسعيد بن منصور في "سننه" (3/ 812 رقم 347). (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (ص 248 - القسم المفقود): ثنا غندر عن =

* عن إبراهيم النخعي؛ قال: كان ناس يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نتوكل على الله وهو رازقنا؛ فنزلت: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد: كانوا لا يتزودون في حجهم حتى نزلت: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: كانوا إذا أحرموا ومعهم أزودة؛ رموا بها، واستأنفوا زاداً آخر؛ فأنزل الله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}؛ فنهوا عن ذلك، وأمروا أن يتزودوا الكعك، والدقيق، والسويق (¬3). [ضعيف جداً] * {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا ¬

_ = شعبة عن المغيرة عن الشعبي به. قلنا: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل، ويشهد له ما قبله. (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 811 رقم 346)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 162) من طريق هشيم عن مغيرة بن مقسم الضبي، عن إبراهيم. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: المغيرة؛ مدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (ص 248 - القسم المفقود)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 77)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 162) من طرق عن عمر بن ذر عن مجاهد به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬3) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 162) من طريق عمرو بن عبد الغفار عن محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر به. قلنا: وهذا سند واه بمرة؛ لأن عمرو بن عبد الغفار؛ متروك متهم. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 530)، وابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 246)، وزادا نسبته لابن مردويه.

أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كانت عكاظ ومجنه وذو المجاز أسواقاً في الجاهلية؛ فتأثموا أن يتجروا في المواسم؛ فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (¬1). [صحيح] * وعنه -أيضاً-؛ قال: كانوا لا يتجرون في أيام منى، ويوم عرفة؛ فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}. وفي رواية: فأمروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات (¬2). [ضعيف] * عن أبي أمامة التيمي؛ قال: كنت رجلاً أكرى في هذا الوجه، وكان ناس يقولون لي: إنه ليس لك حج!، فلقيت عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ فقلت: يا أبا عبد الرحمن! إني رجل أكرى في هذا الوجه، وإن ناساً يقولون لي: إنه ليس لك حج، فقال ابن عمر: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فسأله عن مثل ما سألتني عنه؛ فسكت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يجبه حتى نزلت هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}؛ فأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقرأ عليه هذه الآية، وقال: "ذلك حج" (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (4/ 288 رقم 2050، ص 321 رقم 2908، 8/ 186 رقم 4519). (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 819 رقم 351)، وأبو داود (رقم 1731)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 165) ثلاثتهم من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن يزيد بن أبي زياد ضعيف، كبر؛ فتغير، وصار يتلقن. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 534) وزاد نسبته لوكيع، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد؛ لكن يشهد له ما قبله. (¬3) أخرجه أبو داود (رقم 1733)، وابن خزيمة في "صحيحه" (4/ 350 رقم =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن الناس في أول الحج كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز ومواسم الحج، فخافوا البيع وهم حرم؛ فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج (¬1). [ضعيف] ¬

_ = 3051، 3052)، والدارقطني (2/ 292، 293)، وأحمد (2/ 155)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 164)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 301)، وعبد الرزاق؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 247) -وعنه عبد بن حميد-، وسعيد بن منصور في "سننه" (3/ 820 رقم 352)، والحاكم في "المستدرك" (1/ 449)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 351 رقم 1845)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (3/ 480 رقم 2667)، و"السنن الكبرى" (4/ 333، 6/ 121)، والمزي في "تهذيب الكمال" (33/ 52، 53)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 37) من طرق عن أبي أمامه التيمي عن ابن عمر به. قلنا: وسنده صحيح؛ مداره على أبي أمامة هذا، وقد وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: "لا بأس به"، وروى عنه جمع من الثقات؛ فقول ابن حجر فيه: "مقبول" غير مقبول. وصححه الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في تحقيق "المسند" (9/ 168، 169). (¬1) أخرجه أبو داود (رقم 1734)، وابن خزيمة في "صحيحه" (4/ 351، 352 رقم 3054)، والحاكم في "المستدرك" (1/ 449، 481، 482، 2/ 276، 277)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 334)، و"معرفة السنن والآثار" (3/ 480، 481 رقم 2669) جميعهم من طريق ابن أبي ذئب عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-. قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. قلنا: هذا وهم منهما؛ لأن عبيد بن عمير هذا؛ مجهول، تفرد أبو داود بإخراج حديثه، ثم إن هذه الرواية فيها خطأ وهو: أن عبيد بن عمير لا يُعرف راوياً عنه سوى ابن أبي ذئب، وعليه؛ فوجود عطاء بين ابن أبي ذئب وعبيد بن عمير وهم، ويدلك على هذا أمور: الأول: أن المزي في "تهذيب الكمال" (19/ 225) أخرجه من طريق ابن أبي داود ثنا أحمد بن صالح ثنا ابن أبي فديك أخبرني ابن أبي ذئب عن عبيد عن =

* عن مجاهد؛ قال: كانوا لا يتجرون؛ حتى نزلت فيهم: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}. قال: كانوا لا يبيعون، ولا يشترون في أيام منى؛ فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} التجارة في مواسم أحلت لهم، كانوا لا يتبايعون في الجاهلية بعرفة ولا في منى (¬1). [ضعيف] ¬

_ = ابن عباس بلفظ: أنزل الله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج. اهـ. قال ابن أبي ذئب: فحدثني عبيد أنه كان يقرؤها في المصحف. قال أبو بكر بن أبي داود: ليس هو عبيد بن عمير الليثي [وهو الذي روى عنه عطاء بن أبي رباح] هذا هو عبيد بن عمير مولى أم الفضل، ويقال: مولى ابن عباس. الثاني: أن ابن أبي ذئب لم يدرك عبيد بن عمير الليثي حتى يصح أن نقول: إنه روى عنه؛ كما دل عليه قول ابن أبي ذئب الآنف. الثالث: أن جميع الذين ترجموا لعبيد بن عمير هذا مولى ابن عباس قالوا: تفرد عنه ابن أبي ذئب؛ كما في "تهذيب الكمال" (19/ 225)، و"تهذيب التهذيب" (7/ 72)، و"ميزان الاعتدال" (3/ رقم 5434). وهذا ما رجحه المزي في "تهذيب الكمال" (19/ 226، 227). وعليه؛ فالرواية الصحيحة قول من قال: عن ابن أبي ذئب عن عبيد بن عمير عن ابن عباس. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على عبيد، وهو مجهول؛ كما في "التقريب" (1/ 544). (تكميل): ليس في القراءات المتواترة هذه الزيادة (في مواسم الحج)؛ فهي قراءة شاذة، وانظر لزاماً: "روح المعاني" (2/ 87). (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (ص 177، 178 - القسم المفقود)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 164 و165) بنحوه من طرق عن عمر بن ذر عن مجاهد به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

* عن عكرمة؛ قال: كانت هذه الآية نزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج (¬1). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير: كان بعض الحاج؛ يسمون: الداج؛ فكانوا ينزلون في الشق الأيسر من منى، وكان الحاج ينزلون عند مسجد منى؛ فكانوا لا يتجرون حتى نزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}؛ فحجوا (¬2). [ضعيف] * {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)}. * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: كانت قريش تقف بالمزدلفة، ويسمون: الحمس، وسائر العرب تقف بعرفة؛ فأمر الله نبيه أن يقف بعرفة، ثم يدفع منها؛ فأنزل الله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)} (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (ص 177 - القسم المفقود). قلنا: رجاله ثقات، لكنه مرسل. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 165) من طريق أبي نعيم عن الثوري عن محمد بن سرقة عن سعيد به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬3) أخرجه الترمذي (رقم 884)، والنسائي في "المجتنبى" (5/ 255)، وفي "التفسير" (رقم 54)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 171) وغيرهم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عنها. قلنا: وسنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه دون التصريح بسبب النزول؛ كما هو عند البخاري (رقم 1665، 4520) ومسلم (رقم 1219). وفي رواية لمسلم: قالت عائشة: الحمس: هم الذين أنزل الله -عزّ وجلّ- فيهم: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}؛ قالت: كان الناس يفيضون من عرفات، وكان الحمس يفيضون من المزدلفة، يقولون: لا نفيض إلا من الحرم، فلما نزلت: {أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}؛ رجعوا إلى عرفات.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كانت العرب تقف بعرفة، وكانت قريش تقف دون ذلك بالمزدلفة؛ فأنزل الله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}؛ فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - الموقف إلى موقف العرب بعرفة (¬1). [ضعيف] * عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما-؛ قالت: كانت قريش يقفون بالمزدلفة، ويقف الناس بعرفة؛ إلا شيبة بن ربيعة؛ فأنزل الله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)} (¬2). * {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)}. * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- في قوله -تعالى-: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} قال: كانوا يذكرون آباءهم في الحج؛ فيقول بعضهم: كان أبي يطعم الطعام، ويقول بعضهم: كان أبي يضرب بالسيف، ويقول بعضهم: كان أبي يجز نواصي بني فلان. ويقوم من كل قبيلة شاعرهم وخطيبهم فيقول: فينا فلان، وفينا فلان، ولنا يوم كذا، ووقعنا ببني فلان يوم كذا، ثم يقوم الشاعر؛ فينشد ما قيل فيهم من الشعر، ثم يقول: من ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 170): ثني أحمد بن محمد الطوسي ثنا أبو توبة قال: ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن سفيان الثوري عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ مداره على حسين بن عبد الله، وهو ضعيف؛ كما في "الكامل" (2/ 760)، و"تهذيب الكمال" (6/ 384، 385)، و"الميزان" (1/ رقم 2012)، و"المجروحين"، (1/ 242)، و"التقريب" (1/ 176) وغيرها. (¬2) أخرجه ابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 546).

يفاخرنا؛ فليأت بمثل فخرنا، فمن كان يريد المفاخرة من القبائل؛ قام، فذكر مثالب تلك القبيلة، وما فيها من المساوئ، وما ذكرت به، يرد عليه ما قال، ثم يفخر هو بما فيه وفي قومه؛ فكان ذلك من أمرهم، حتى جاء الله -عزّ وجلّ- بالإِسلام، وأنزل في كتابه على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، يقول الله -عزّ وجلّ-: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}؛ يعني: دعوا هذه المفاخرة والمكاثرة، واذكروا الله -عزّ وجلّ- (¬1). [ضعيف] * عن أبي وائل؛ قال: كان أهل الجاهلية يذكرون أفعال آبائهم في الناس؛ فنزلت: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا} هب لنا غنماً وهب لنا إبلاً: {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}، فلما نزلت هذه الآية؛ كفتهم عن ذلك، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد خطبهم (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (4/ 147 رقم 2477)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 172) مختصراً كلاهما قال: ثنا تميم بن المنتصر ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن القاسم بن عثمان عنه. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لأن القاسم بن عثمان، ضعيف؛ قال الدارقطني: "ليس بالقوي"، وقال ابن حبان: "ربما أخطأ"، وقال البخاري: "له أحاديث لا يتابع عليها"، وقال العقيلي: "عن أنس لا يتابع على حديثه، حدث عن إسحاق الأزرق أحاديث لا يتابع عليها"، وضعفه ابن عبد الهادي. انظر: "سنن الدارقطني" (1/ 123)، و"ضعفاء العقيلي" (3/ 480)، و"الثقات" (5/ 307)، و"الميزان" (4/ 295). وتضعيف ابن عبد الهادي له في "التنقيح" (1/ 416، 417) أثناء كلامه على حديث. (¬2) أخرجه الفاكهي (4/ 148، 149 رقم 2480)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 172) بنحوه -دون ذكر سبب النزول- من طريق الثوري وأبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل. قلنا: رجاله ثقات غير عاصم فهو صدوق؛ لكنه مرسل.

* عن سعيد بن جبير وعكرمة؛ قالا: كانوا يذكرون فعل آبائهم في الجاهلية إذا وقفوا بعرفة؛ فنزلت هذه الآية {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم؛ وقفوا عند الجمرة، وذكروا أيامهم في الجاهلية، وفعال أبائهم؛ فنزلت هذه الآية (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم، يقول الرجل منهم: كان أبي يطعم ويحمل الحملات، ويحمل الديات ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم؛ فأنزل الله: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه وكيع؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 557) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 173) -: عن الثوري عن خصيف الجزري عن سعيد وعكرمة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: خصيف الجزري؛ ضعيف. (¬2) أخرجه ابن جرير (2/ 172، 173) من طريق هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن قيس بن حميد المكي عن مجاهد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: عنعنة هشيم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 557)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 355 رقم 187)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 557) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 111، 112 رقم 108) -من طريق أشعث بن =

* وعنه -أيضاً-؛ قال: كان المشركون يجلسون في الحج، فيذكرون أيام آبائهم، وما يعبرون من أنسابهم يومهم أجمع؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- على رسوله في الإِسلام: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (¬1). * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: كانوا إذا فرغوا من حجهم؛ تفاخروا بالآباء؛ فأنزل الله: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف؛ فيقولون: اللهم! اجعله عام غيث، وعام خصب، وعام ولاد حسن، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئاً؛ فأنزل الله فيهم: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (¬3). [حسن] ¬

_ = إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن، ويشهد له ما قبله وما بعده. (¬1) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (3/ 358 - 359/ 3769) بسند صحيح عن عبيد الله بن موسى، عن عمارة بن ذكوان، عن مجاهد، عن ابن عباس به. قلنا: رجاله ثقات؛ إلا عمارة بن ذكوان، فلم نجد له ترجمة بعد طول بحث. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 356) من طريق أبي سعد البقال عن محمد بن عبيد الله الثقفي عن ابن الزبير به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ أبو سعد البقال: ضعيف، مدلس. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 557) وزاد نسبته للطبراني. (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 357 رقم 1874)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 112 رقم 109) - من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده حسن.

* {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما أصيبت هذه السرية -أصحاب خبيب بالرجيع بين مكة والمدينة؛ قال رجال من المنافقين: يا ويح هؤلاء المقتولين! الذين هلكوا هكذا لا هُمْ قعدوا في بيوتهم، ولا هُمْ أدوا رسالة صاحبهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك من قول المنافقين وما أصاب أولئك النفر من الشهادة والخبر من الله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}؛ أي: ما يظهر بلسانه من الإِسلام، {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ}؛ أي: من النفاق؛ {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}؛ أي: ذو جدال إذا كلمك وراجعك، {وَإِذَا تَوَلَّى} [البقرة: 205]؛ أي: خرج من عندك {سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}؛ أي: لا يحب عمله ولا يرضاه، {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 206، 207]، الذين شروا أنفسهم لله بالجهاد في سبيل الله والقيام بحقه حتى هلكوا على ذلك؛ يعني: هذه السرية (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: نزلت في الأخنس بن شُريق الثقفي، وهو حليف لبني زهرة، وأقبل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة؛ فأظهر له الإِسلام؛ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق (1/ 571 - الدر المنثور) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 363 رقم 1910)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 182) -: ثنا محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، ثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس به. قلت: وسنده ضعيف؛ مداره على محمد شيخ ابن إسحاق؛ وهو مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 571) وزاد نسبته لابن المنذر.

فأعجب النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك منه، وقال: إنما جئت أريد الإِسلام، والله يعلم أني صادق، وذلك قوله: {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ}، ثم خرج من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فمر بزرع لقوم من المسلمين وحُمُر؛ فأحرق الزرع وعَقَر الحمر؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}، وأما ألَدُّ الخصام؛ فأعوج الخصام (¬1). [ضعيف جداً] * {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -عزّ وجلّ-: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}؛ قال: نزلت في صهيب بن سنان ونفر من أصحابه، أخذهم أهل مكة فعذبوهم؛ ليردوهم إلى الشرك بالله؛ منهم: عمار، وأمه سمية، وأبوه ياسر، وبلال، وخباب، وعابس مولى حويطب بن عبد العزى، أخذهم المشركون فعذبوهم (¬2). [موضوع] * عن سعيد بن المسيب؛ قال: أقبل صهيب مهاجراً نحو المدينة، وأتبعه نفر من قريش؛ فنزل عن راحلته، وانتثل ما في كنانته، ثم قال: يا معشر قريش! لقد علمتم أني أرماكم رجلاً بسهم، وأيم الله؛ لا تصلون إليّ حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 181، 182) من طريق عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعيف. (¬2) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (4/ 2233 رقم 5552)، وابن منده في "معرفة الصحابة" (3/ 5) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: ومن دون ابن عباس كذابون متهمون.

يدي منه شيء؛ فافعلوا ما شئتم، فإن شئتم؛ دللتكم على مالي وخليتم سبيلي، قالوا: نعم؛ ففعل، فلما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "ربح البيع أبا يحيى! ربح البيع أبا يحيى! "، قال: ونزلت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)} (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر، وأن الذي أدرك صهيباً بطريق المدينة قنفذ بن عمير بن جدعان (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/ 228)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (2/ 693، 694 رقم 679 - بغية) -ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 151، 152)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" (2/ 180) -، وابن أبي خيثمة؛ كما في "الإصابة" (2/ 195)، وابن عساكر (26/ 158)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 368، 369 رقم 1939) من طريقين عن علي بن زيد بن جدعان عن ابن المسيب به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن علياً ضعيف. وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" (3/ 55 - مختصر): "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف علي بن زيد بن جدعان". ذكره السيوطي في "الدر المنثور"، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 29 رقم 7289)، والحاكم (3/ 400) من طريق علي بن المبارك الصنعاني عن زيد بن المبارك عن محمد بن ثور عن ابن جريج. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه معضل. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 318)، وقال: "ورجاله ثقات إلى ابن جريج". وأخرجه ابن جرير (2/ 186) بسند صحيح إلى ابن جريج عن عكرمة بلفظ: نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر جندب بن السكن، أخذ أهل أبي ذر أبا ذر فانفلت منهم؛ فقدم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رجع مهاجراً؛ عرضوا له، وكانوا بمر الظهران؛ فانفلت -أيضاً-، حتى قدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما صهيب؛ فأخذه أهله، فافتدى منهم بماله ثم خرج مهاجراً، فأدركه قنفذ بن جدعان، فخرج له مما بقي من ماله، وخلّى سبيله. =

* عن الحسن؛ قال: نزلت في أن المسلم لقي الكافر؛ فقال له: قل: لا إله إلا الله؛ فإذا قلتها؛ عصمت دمك ومالك إلا بحقها، فأبى أن يقولها؛ فقال المسلم: والله لأشترين نفسي لله؛ فتقدم؛ فقاتل حتى قتل (¬1). [ضعيف] * عن الربيع بن أنس؛ قال: كان رجل من أهل مكة أسلم؛ فأراد أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويهاجر إلى المدينة؛ فمنعوه، وحبسوه، فقال لهم: أعطيكم داري ومالي وما كان لي من شيء فخلوا عني؛ فألحق بهذا الرجل، فأبوا، ثم إن بعضهم قال لهم: خذوا منه ما كان له من شيء، وخلوا عنه؛ ففعلوا، فأعطاهم داره وماله، ثم خرج؛ فأنزل الله على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} (¬2)، فلما دنا ¬

_ = قلنا: ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: تدليس ابن جريج. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 576)، وزاد نسبته للطبراني. (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 187): ثنا سوار بن عبد الله العنبري ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا حزم بن أبي حزم القطعي عن الحسن به. قلت: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 578، 579)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 187): حدثت عن عمارة ثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه أربع علل: الأولى: الإعضال. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف. الثالثة: رواية ابنه عنه فيها ضعف؛ كما نص على ذلك ابن حبان. الرابعة: الانقطاع بين ابن جرير وعمارة.

من المدينة تلقاه عمر في رجال، فقال له عمر: ربح البيع، قال: وبيعك فلا يخسر، قال وما ذاك؟! قال أنزل فيك كذا وكذا. . [ضعيف جداً] * عن مصعب بن عبد الله؛ قال: هرب صهيب من الروم ومعه مال كثير؛ فنزل بمكة؛ فعاقد عبد الله بن جدعان وحالفه، وإنما أخذت الروم صهيباً، فلما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة؛ لحقه صهيب، فقالت له قريش: لا تلحقه بأهلك ومالك؛ فدفع إليهم ماله؛ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ربح البيع"، وأنزل الله في أمره: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ} (¬1). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)}. * عن عكرمة؛ قال: نزلت في ثعلبة وعبد الله بن سلام وابن يامين وأسد وأسيد ابني كعب، وشعبة بن عمرو وقيس بن زيد كلهم من يهود، قالوا: يا رسول الله! يوم السبت يوم كنا نعظمه، فدعنا؛ فلنسبت فيه، وإن التوراة كتاب الله، فدعنا؛ فلنقم بها بالليل؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي خيثمة؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 577) -ومن طريق ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (26/ 159) -: أخبرني مصعب به. وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله. (¬2) أخرجه ابن جرير (2/ 189) من طريق ابن جريج عن عكرمه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: تدليس ابن جريج.

* {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)}. * عن قتادة؛ قال: نزلت في يوم الأحزاب، أصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بلاء وحصر، فكانوا كما قال الله -عزّ وجلّ-: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: 10] (¬1). [ضعيف] * {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)}. * عن ابن جريج؛ قال: سأل المؤمنون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أين يضعون أموالهم؟ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)}؛ فذلك النفقة في التطوع ,والزكاة سوى ذلك كله (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن عمرو بن الجموح وكان شيخاً كبيراً ذا مال كثير، فقال: يا رسول الله! بماذا يتصدق؟ وعلى من ينفق؟ فنزلت هذه الآية (¬3). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 83) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (1/ 198، 199) -: ثنا معمر عن قتادة. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 584)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 200). قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه معضل. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬3) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 40)، و"الوسيط" (1/ 318)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (1/ 233) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهو موضوع؛ فيه الكلبي وأبو صالح متهمان بالكذب.

* وعن عطاء عن عبد الله بن عباس؛ قال: نزلت في رجل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: إن لي ديناراً، فقال: "أنفقه على نفسك"، فقال: إن لي دينارين، فقال: "أنفقها على أهلك"، فقال: إن لي ثلاثة، فقال: "أنفقها على خادمك"، فقال: إن لي أربعة، فقال: "أنفقها على والديك"، فقال: إن لي خمسة، قال: "أنفقها على أقاربك"، فقال: إن لي ستة، فقال: "أنفقها في سبيل الله، وهو أحسنها" (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: همتهم النفقة؛ فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله: {مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ} (¬2). [ضعيف] * {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)}. * عن جندب بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -؛ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه بعث رهطاً؛ فبعث عليهم أبا عبيدة، فلما أخذ لينطلق؛ بكى صبابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فبعث رجلاً مكانه، يقال له: عبد الله بن جحش، وكتب له كتاباً، وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ كذا وكذا, ولا تكرهن أحداً من أصحابك على السير معك، فلما قرأ الكتاب؛ استرجع، وقال: سمعاً وطاعة لأمر الله ورسوله؛ فخبرهم الخبر، وقرأ عليهم الكتاب، فرجع رجلان، ومضى بقيتهم؛ فلقوا ابن الحضرمي؛ فقتلوه، ولم يدروا ذلك اليوم من رجب أو من جمادى؟ ¬

_ (¬1) ذكره الواحدي، وابن الجوزي -معلقاً-. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 585)، وعزاه لعبد بن حميد.

فقال المشركون للمسلمين: فعلتم كذا وكذا في الشهر الحرام؛ فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحدثوه الحديث؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ}، والفتنة، هي: الشرك. وقال بعض الذين -أظنه قال- كانوا في السرية: والله ما قتله إلا واحد؛ فقال: إنْ يكن خيراً؛ فقد وليت، وإن يكن ذنباً؛ فقد عملت (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 384 رقم 2022، ص 387 رقم 2035، ص 388 رقم 2040)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 204، 207)، والنسائي في "الكبرى" (5/ 249 رقم 8803)، وأبو يعلى في "مسنده" (3/ 102 رقم 1534)، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/ 162، 163 رقم 1670)، والبيهقي في "سننه" (9/ 11، 12)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (12/ 384 - 387 رقم 4880، 4881) جميعهم من طريق معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحضرمي عن أبي سوار عن جندب به. قلنا: وسنده ضعيف؛ مداره على حضرمي، وهو مجهول؛ قال ابن المديني؛ كما في "تهذيب التهذيب" (2/ 394): "حضرمي؛ شيخ بالبصرة، روى عنه التيمي، مجهول، وكان قاصاً، وليس هو بالحضرمي بن لاحق"، وقال ابن حبان في "الثقات" (6/ 249): "لا أدري من هو، ولا ابن من هو؟ "، وقال الذهبي في "الميزان" (2107): "لا يعرف، وكان يقص بالبصرة"، وقال عبد الله بن أحمد في "العلل" (1/ 284): "سألت أبي عن الحضرمي الذي حدث عنه سليمان التيمي؛ فقال: كان قاصاً، وزعم معتمر، قال: قد رأيته، قال أبي: لا أعلم يروي عنه غير سليمان التيمي". قلنا: فمن لم يفرق بين حضرمي هذا الذي روى عنه التيمي وبين ابن لاحق، وجعلهما واحداً؛ فإنه سيحسن الحديث؛ لأنَّ ابن لاحق لا بأس به، والصواب: التفريق بينهما. (تنبيه): وقع عند النسائي وابن جرير إبهام للراوي عن أبي سوار، وهو حضرمي نفسه. =

* عن عروة بن الزبير: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية من المسلمين، وأمّر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي، فانطلقوا حتى هبطوا نخلة فوجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش في يوم بقي من الشهر الحرام، فاختصم المسلمون؛ فقال قائل منهم: هذه عزة من عدو، وغنم رزقتموه، ولا ندري أمن الشهر الحرام هذا اليوم أم لا؟ وقال قائل منهم: لا نعلم اليوم إلا من الشهر الحرام، ولا نرى أن تستحلوه لطمع اشفيتم عليه، فغلب على الأمر الذين يريدون عرض الدنيا، فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه، وغنموا عيره، فبلغ ذلك كفار قريش، وكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين، فركب وفد كفار قريش حتى قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فقالوا: أتحل القتال في الشهر الحرام؟! فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} (¬1). [ضعيف] * وعنه؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن جحش إلى نخلة، فقال له: "كن بها؛ حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش" ولم يأمره بقتال، وذلك في الشهر الحرام، وكَتَبَ له كتاباً قبل أن يُعلمه أين يسير، فقال: "اخرج أنت وأصحابك، حتى إذا سرت يومين؛ فافتح كتابك وانظر فيه، فما أمرتك به؛ فامض له، ولا تستكرهَنَّ أحداً من أصحابك على الذهاب معك"، فلما سار يومين؛ فتح الكتاب؛ فإِذا فيه: "أن امْضِ حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فتأتينا من أخبار قريش بما اتصل إليك منهم"، فقال ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 600)، وزاد نسبته لابن المنذر. وصححه السيوطي؛ فوهم. (¬1) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 12)، و"دلائل النبوة" (3/ 17)، والواحدي في "الوسيط" (1/ 320) من طريق أبي اليمان أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري أخبرني عروة به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

لأصحابه حين قرأ الكتاب: سمعاً وطاعة، من كان منكم له رغبة في الشهادة؛ فلينطلق معي؛ فإِني ماضٍ لأمرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن كره ذلك منكم؛ فليرجع؛ فإِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهاني أن أستكره منكم أحداً، فمضى معه القوم، حتى إذا كانوا ببحران؛ أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يَعْتَقِبانِهِ، فتخلفا عليه يطلبانه، ومضى القوم حتى نزلوا نخلة، فمر بهم عمرو بن الحضرمي، والحكم بن كيسان، وعثمان والمغيرة ابنا عبد الله، معهم تجارة قدموا بها من الطائف: أَدَمٌ، وزبيب، فلما رآهم القوم؛ أشرف لهم واقد بن عبد الله، وكان قد حلق رأسه، فلما رأوه حليقاً؛ قالوا: عُمَّارٌ ليس عليكم منهم بأس، وائتمر القوم بهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو آخر يوم من رجب، فقالوا: لئن قتلتموهم؛ إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام، ولئن تركتموهم؛ ليدخلن في هذه الليلة مكة الحرم؛ فليَمْتَنِعُنَّ منكم، فأجمع القوم على قتلهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وهرب المغيرة؛ فأعجزهم، واستاقوا العير، فقدموا بهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم: "والله ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام"، فأوقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسيرين والعير فلم يأخذ منها شيئاً، فلما قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال؛ أسقط في أيديهم، وظنوا أن قد هلكوا، وعنَّفَهم إخوانهم من المسلمين، وقالت قريش حين بلغهم أمر هؤلاء: قد سفك محمدٌ الدَّمَ الحَرَام، وأخذ فيه المال، وأسر فيه الرجال واستحل الشهر الحرام؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217]. يقول: الكفر بالله أكبر من القتل، فلما نزل ذلك؛ أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العير وَفَدى الأسيرين، فقال المسلمون: يا رسول الله! أتطمع لنا أن تكون

غزوة؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيها: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} إلى آخر الآية [البقرة: 218]. وكانوا ثمانية، وأميرهم التاسع عبد الله بن جحش (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ}؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن جحش في سرية، فلقوا عمرو بن الحضرمي ببطن نخلة، فتناول عمرو بن الحضرمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي أصحاب عبد الله بن جحش رجل يقال له: واقد بن عبد الله، فوضع سهماً في كبد قوسه، فرمى عمراً؛ فقتله. فكتبوا إلى أهل مكة: أن محمداً وأصحابه ينهون عن القتال في الشهر الحرام وهم يقتلون فيه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} الآية، فأحل الله القتال فيه فقاتلوها (¬2). [ضعيف] * عن مقسم مولى عبد الله بن عباس؛ قال: لقي واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي في أول ليلة من رجب، وهو يرى أنه من جمادى؛ فقتله -وهو أول قتيل من المشركين-؛ فعيَّر المشركون المسلمين، فقالوا: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق (2/ 239، 240 - سيرة ابن هشام) -ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 18)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 207)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 388 رقم 2042). قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وأما ما يخشى من تدليس ابن إسحاق؛ فقد صرح بالتحديث، وهو حجة في المغازي؛ فتنبه. (¬2) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (5/ 2729 رقم 6513) من طريق وهب بن بقبة: ثنا خالد بن عبد الله الطحان عن أبي سعد البقال عن عكرمة عن ابن عباس. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ أبو سعد البقال -واسمه: سعيد بن المرزبان- ضعف مدلس- وقد عنعن-؛ كما في "التقريب".

أتقتلون في الشهر الحرام؟! فأنزل الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا في سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)} (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: إن رجلاً من بني تميم أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - في سرية؛ فمر بابن الحضرمي يحمل خمراً من الطائف إلى مكة؛ فرماه بسهم؛ فقتله، وكان بين قريش ومحمد عقد؛ فقتله في آخر يوم من جمادى الآخرة وأول يوم من رجب، فقالت قريش: في الشهر الحرام ولنا عهد؟! فأنزل الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ} من قتل ابن الحضرمي، والفتنة: كفر بالله، وعبادة الأوثان: أكبر من هذا كله (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق (1/ 87) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 204)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 384 رقم 2023) -: عن معمر عن الزهري وعثمان الجزري عن مقسم به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور"، وزاد نسبته لأبي داود في "الناسخ". (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 204) من طريق أبي عاصم النبيل عن عيسى بن ميمون الجرشي عن عبد الله بن أبي نجيح عن قتادة به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 602)، وزاد نسبته للفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر.

* عن أبي مالك الغفاري؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن جحش في جيش؛ فلقي ناساً من المشركين ببطن نخلة، والمسلمون يحسبون أنه آخر يوم من جمادى، وهو أول يوم من رجب؛ فقتل المسلمون ابن الحضرمي؛ فقال المشركون: ألستم تزعموا أنكم تحرمون الشهر الحرام والبلد الحرام، وقد قتلتم في الشهر الحرام؟! فأنزل الله {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} بنحو السابق (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} وذلك أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية، وكانوا سبعة نفر، وأمّر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي، وفيهم عمار بن ياسر، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وسعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان السلمي حليف لبني نوفل، وسهيل بن بيضاء، وعامر بن فهيرة، وواقد بن عبد الله اليربوعي حليف لعمر بن الخطاب، وكتب مع ابن جحش كتاباً، وأمره أنْ لا يقرأه حتى ينزل ملل، فلما نزل ببطن ملل؛ فتح الكتاب؛ فإذا فيه: أنْ سر حتى تنزل بطن نخلة، فقال لأصحابه: من كان يريد الموت؛ فليمض وليوص؛ فإني موص وماض لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسار وتخلف عنه سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان أضلا راحلة لهما، فأتيا بحران يطلبانها، وسار ابن جحش إلى بطن نخلة؛ فإذا هم بالحكم بن كيسان، وعبد الله بن المغيرة، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 204): حُدثت عن عمار بن الحسين: ثنا عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن حصين عن أبي مالك. قلت: وسنده ضعيف جداً؛ فيه أربع علل: الأولى: الإرسال. الثانية: أبو جعفر الرازي ضعيف. الثالثة: ابنه عبد الله؛ قال ابن حبان: "يعتبر بروايته عن غير أبيه"، وفيه ضعف. الرابعة: الانقطاع بين ابن جرير وعمار بن الحسين. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 602)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

والمغيرة بن عثمان، وعمرو بن الحضرمي؛ فاقتتلوا؛ فأسروا الحكم بن كيسان، وعبد الله بن المغيرة، وانفلت المغيرة، وقتل عمرو بن الحضرمي؛ قتله واقد بن عبد الله؛ فكانت أول غنيمة غنمها أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فلما رجعوا إلى المدينة بالأسيرين وما غنموا من الأموال؛ أراد أهل مكة أنْ يفادوا بالأسيرين؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حتى ننظر ما فعل صاحبانا"، فلما رجع سعد وصاحبه؛ فادى بالأسيرين، ففجر عليه المشركون، وقالوا: محمد يزعم أنه يتبع طاعة الله، وهو أول من استحل الشهر الحرام، وقتل صاحبنا في رجب! فقال المسلمون: إنما قتلناه في جمادى، وقيل: في أول ليلة من رجب وآخر ليلة من جمادى، وغمد المسلمون سيوفهم حين دخل رجب؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- يعير أهل مكة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} لا يحل وما صنعتم أنتم يا معشر المشركين! أكبر من القتل في الشهر الحرام؛ حين كفرتم بالله، وصددتم عنه محمداً وأصحابه، وإخراج أهل المسجد الحرام منه حين أخرجوا محمداً أكبر من القتل عند الله، والفتنة: هي الشرك؛ أعظم عند الله من القتل في الشهر الحرام؛ فذلك قوله: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزل فيما كان من مصاب عمرو بن الحضرمي {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 203) من طريق عمرو بن حماد القناد: ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعيف.

اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)} (¬1). [موضوع] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث صفوان بن بيضاء في سرية عبد الله بن جحش قبل الأبواء؛ فغنموا، وفيهم نزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} (¬2). [ضعيف] * {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)}. * عن الزهري؛ قال: وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن جحش وكتب معه كتاباً، وأمره أن يسير ليلتين، ثم يقرأ الكتاب فيتبع ما فيه، ¬

_ (¬1) ذكره ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 260)، والسيوطي في "الدر المنثور" (1/ 601)، معلقاً إلى ابن إسحاق: ثني محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند موضوع؛ لأن محمد بن السائب الكلبي متهم بالكذب، ورمي بالرفض، وشيخه أبو صالح؛ متهم متروك. (¬2) أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/ 1504 رقم 3825)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (2/ 413) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (26/ 122) - من طريق محمد بن شعيب بن شابور عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: عثمان بن عطاء هو ابن أبي مسلم الخراساني؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". الثانية: أبوه عطاء؛ صدوق يهم كثيراً، ويرسل ويدلس؛ كما في "التقريب" (2/ 23)، وقد عنعن.

وفي بعثه ذلك صفوان بن بيضاء، وأنزل الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا في سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)} (¬1). [ضعيف] * {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)}. * عن عمر -رضي الله عنه-؛ قال: اللهمَّ بَيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فإنها تذهب المال والعقل؛ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} التي في سورة البقرة؛ فدعي عمر، فقرئت عليه، فقال: اللهم بَيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فنزلت الآية التي في سورة النساء: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء:43]؛ فكان منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقام إلى صلاة نادى: "أن لا يقربن الصلاة سكران"؛ فدعي عمر؛ فقرئت عليه، فقال: اللهمَ بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر؛ فقرئت عليه، فلما بلغ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91]؛ قال عمر: انتهينا انتهينا (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/ 1504، 1505 رقم 3826) من طريق إبراهيم بن المنذر ثنا محمد بن فليح ثنا موسى بن عقبة عن الزهري به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه أبو داود (رقم 3670) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 285)، و"السنن الصغير" (3/ 327 رقم 3328) -، والترمذي (رقم 3049)، والنسائي (8/ 286، 287)، وأحمد (1/ 53) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 138، 139) -، وابن أبي شيبة (7/ 112 رقم 3824) -مختصراً-، والحاكم في "المستدرك" (4/ 143)، والبيهقي في "المعرفة" (6/ 430 رقم 5193)، والنحاس في "ناسخ القرآن" (ص 40)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 388، 389 رقم 2044، 3/ 958 رقم 5351)، وعلي بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = المديني؛ كما في "مسند الفاروق" (2/ 567)، وأبو يعلى في "مسنده"؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 605) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (1/ 367، 368 رقم 256) -، والبزار في "مسنده" (1/ 468 رقم 334 - البحر الزخار) -مختصراً-، والدارقطني في "العلل" (2/ 186)، و"الأفراد" (2/ 30 - أطراف الغرائب)، وابن جرير في "جامع البيان" (7/ 22)، وأبو الشيخ؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 605) -ومن طريقه الواحدي في "الوسيط" (2/ 222، 223) -، والطحاوي في "مشكل الآثار" (4/ 136 رقم 1493) كلهم من طريق أبي إسحاق السبيعي عن أبي ميسرة عن عمر به. قال علي بن المديني؛ كما في "مسند الفاروق" (2/ 567) -: "هذا حديث كوفي صالح الإسناد". وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 262 و2/ 961)، والحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/ 279): "قال علي بن المديني: هذا إسناد صالح صحيح، وصححه الترمذي". قلنا: وصححه الضياء المقدسي. قال الدارقطني في "العلل" (2/ 184، 185): "رواه إسرائيل وزكريا بن أبي زائدة وسفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل عن عمر القصة بطولها، وذكر الآيات في تحريم الخمر، وخالفهم حمزة الزيات -وهو صدوق ربما وهم-؛ فرواه عن أبي إسحاق عن حارثه بن مضرب عن عمر حدثنا به- ثم ساقه بإسناده". قلنا: وكذا أخرجه الحاكم (4/ 143) من طريق حمزة. "وقال إسحاق بن منصور -السلولي- عن إسرائيل [أخرجه الطحاوي في "المشكل" (4/ 139 رقم 1494)] والفريابي عن الثوري وقيس -وهو ابن الربيع، وهو صدوق تغير لما كبر؛ أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه؛ فحدث به- عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي عن عمر. والصواب قول من قال: عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عمر، والله أعلم". اهـ. قلنا: في هذا الحديث اختلاف كما قال الدارقطني. رواه خلف بن الوليد وإسماعيل بن جعفر والفريابي وعبيد الله بن موسى ووكيع =

* عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: كنا نشرب الخمر؛ فأنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} الآية؛ فقلنا: نشرب منها ما ينفعنا؛ فأنزلت في المائدة: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: 90] الآية؛ فقالوا: اللهم قد انتهينا (¬1). [ضعيف] ¬

_ = خمستهم عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عمر. وخالفهم إسحاق بن منصور -وهو صدوق- فقال: عن أبي إسحاق عن عمرو الأودي عن عمر. والصواب: رواية الجماعة؛ أما الثوري؛ فروي عنه على الوجهين، والذي رواه عنه على الوجه الآخر -رواية أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون- هو الفريابي، وفيه قال الحافظ (2/ 221): "ثقة فاضل، يقال: أخطأ في شيء من حديث سفيان". قلنا: لعل هذا منها. أما رواية قيس؛ فهي ضعيفة، ولا تصح؛ لمخالفتها لرواية الجماعة، والله أعلم. قلنا: أما ابن كثير -رحمه الله-؛ فقد وهم حينما ذكر عن الترمذي تصحيحه للحديث؛ ذلك أن الترمذي قال عقب روايته للحديث: "وقد روي عن إسرائيل مرسلاً؛ حدثنا. . . ثم قال: وهذا أصح". والحديث صححه شيخنا -رحمه الله-، والشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في تعليقه على المسند (رقم 378). وقد أعله قوم بأن أبا ميسرة الراوي عنه لم يسمع منه؛ كما قال أبو زرعة في "المراسيل" (رقم 143) -ونقله عنه العلائي في "جامع التحصيل" (رقم 571) -. قلنا: وهذا ليس بشيء؛ فقد صرح البخاري في "التاريخ الكبير" (6/ رقم 3576) أنه سمع منه ومن ابن مسعود، ومن علم حجة على من لم يعلم، والمثبت مقدم على النافي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 605) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 389، 390 رقم 2048): حدثنا أبي: حدثنا بشر بن محمد السكري: ثنا عبد الحكم القسملي عن أنس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ عبد الحكم ضعيف؛ كما في "التقريب".

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن نفراً من الصحابة حين أمروا بالنفقة في سبيل الله أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إنا لا ندري ما هذه النفقة التي أمرنا بها في أموالنا، فما ننفق منها؟ فأنزل الله: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}، وكان قبل ذلك ينفق ماله حتى ما يجد ما يتصدق به، ولا ما يأكل حتى يتصدق عليه (¬1). [ضعيف] * عن يحيى؛ أنه بلغه: أن معاذ بن جبل وثعلبة أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالا: يا رسول الله! إن لنا أرقاء وأهلين فما ننفق من أموالنا؛ فأنزل الله: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} (¬2). [ضيف] * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: حرمت الخمر ثلاث مرات: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر؛ فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهما؛ فأنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)}، فقال الناس: ما حُرّم علينا إنما قال: "فيها إثم كبير" وكانوا يشربون الخمر حتى إذا كان يوم من الأيام صلى رجل من المهاجرين أمَّ أصحابه في المغرب؛ خلط في قراءته؛ فأنزل الله فيها آية أغلظ منها: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الآية؛ وكان الناس يشربون حتى يأتي أحدهم الصلاة وهو مفيق، ثم أنزلت آية أغلظ من ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي"؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 607) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "التفسير" (2/ 381 رقم 2006) -: عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 393 رقم 2068): ثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي ثنا أبان بن يزيد العطار ثنا يحيى به. قلنا: ورجاله ثقات معروفون؛ لكن فيه انقطاع.

{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} الآية، [المائدة: 90]. قالوا: انتهينا ربنا، فقال الناس: يا رسول الله! ناس قتلوا في سبيل الله أو ماتوا على فرشهم، كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر؛ وقد جعله الله رجساً من عمل الشيطان؛ فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} الآية؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو حرّمت عليهم؛ لتركوها كما تركتم" (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: نزل في الخمر ثلاث آيات؛ فأول شيء نزل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}؛ فقيل: حرمت الخمر، فقالوا: يا رسول الله! دعنا ننتفع بها كما قال الله، فسكت عنهم، ثم نزلت هذه الآية: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}؛ فقيل: حرمت ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "مسنده" (2/ 351، 352): ثنا سُريج بن النعمان ثنا أبو معشر عن أبي وهب مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة به. قلنا: سنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: جهالة أبي وهب مولى أبي هريرة؛ فقد ذكره الحافظ في "التعجيل" (ص 527) فقال: "أبو وهب عن مولاه أبي هريرة -رضي الله عنه- عنه أبو معشر المدني قال ابن سعد: كان قليل الحديث، وقد ذكر فيمن كنيته أبو معشر". اهـ. ولما رجعنا إلى (ص 521) فيمن كنيته أبو معشر؛ فإذا فيه: "أبو معشر عن مولاه أبي هريرة وعنه أبو معشر نجيح؛ لا يعرف". وقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9/ 408، 409)، وكذا البخاري في "الكنى" (ص 78) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الثانية: ضعف أبي معشر، وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي؛ كما في "التقريب" (2/ 298). وضعفه العلامة أحمد شاكر -رحمه الله- في تحقيقه لـ"المسند" (رقم 8605). والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 51) وقال: "رواه أحمد؛ وأبو وهب مولى أبي هريرة لم يجرحه أحد ولم يوثقه، وأبو نجيح ضعيف؛ لسوء حفظه، وقد وثقه غير واحد، وسريج ثقة" وتصحف في المطبوع إلى شريح؛ فليحرر.

الخمر، فقالوا: يا رسول الله! لا نشربها قرب الصلاة، فسكت عنهم، ثم نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: 90] الآية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حرمت الخمر"، قال: وقدمت لرجل راوية من الشام -أو رواياً- فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر ولا أعلم عثمان إلا معهم، فانتهوا إلى الرجل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خل عنا نشقها"، فقال: يا رسول الله! أفلا نبيعها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لعن الخمر، ولعن غارسها، ولعن شاربها, ولعن عاصرها, ولعن موكلها, ولعن مديرها, ولعن ساقيها, ولعن حاملها, ولعن آكل ثمنها, ولعن بائعها" (¬1). [منكر] * {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ الله لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما أنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] و {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]؛ انطلق من كان عنده مال يتيم؛ ¬

_ (¬1) أخرجه الطيالسي في "المسند" (رقم 1957) -ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (5/ 4، 5 رقم 5570)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 389 رقم 2046) -، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 211) من طريق محمد بن أبي حميد عن أبي توبة المصري عن ابن عمر به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: جهالة أبي توبة المصري. قلنا: هو مجهول، وقد ذكره الحافظ في "اللسان" (7/ 23)، وقال: "أبو توبة المصري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- روى عنه محمد بن أبي حميد، قال ابن عساكر: "لم أجد له ذكراً في شيء من الكتب"، قلت: وفي حديثه عن ابن عمر -رضي الله عنهما- في لعن شارب الخمر زيادة منكرة قال فيه: "ولعن غارسها". اهـ. الثانية: محمد بن أبي حميد ضعفه أحمد وابن معين والبخاري والنسائي وأبو زرعة والترمذي وغيرهم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 157، 158) وزاد نسبته لابن مردويه.

فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، وجعل يفضل الشيء من طعامه؛ فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، واشتد ذلك عليهم؛ فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} الآية؛ فخلطوا طعامهم بطعامهم، وشرابهم بشرابهم (¬1). [حسن لغيره] * عن قتادة؛ قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} قال: كان الله أنزل قبل ذلك في سورة بني إسرائيل: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}؛ فكبرت عليهم، فكانوا لا يخالطوهم في مأكل ولا في غيره؛ فاشتد ذلك عليهم؛ فأنزل الله الرخصه فقال: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} (¬2). [حسن لغيره] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود (رقم 2871)، والنسائي في "المجتبى" (6/ 256، 257)، و"الكبرى" (4/ 113 رقم 6496، 6497)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 216، 217)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 395 رقم 2081)، والحاكم (2/ 103، 278، 279)، والبيهقي (6/ 284)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 44) من طرق عن عطاء بن السائب عن سعيد بق جبير عن ابن عباس به. قلنا: إسناده ضعيف؛ لأن مداره على عطاء بن السائب، وهو صدوق اختلط، ولم يرو هذا الحديث أحد عنه قبل الاختلاط، وجميع الذين رووا عنه هذا الحديث رووه في الاختلاط، والله أعلم. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 610، 611) وزاد نسبته لأبي الشيخ وابن مردويه. ورواه ابن جرير (2/ 217)، والواحدي (ص 44) مرسلاً بسند ضعيف، والصواب أنه مسند. قلنا: لكن له شاهد مرسل بسند صحيح عن قتادة عند ابن جرير؛ فالحديث حسن بمجموعهما. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 217): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. وأخرجه -أيضاً- من طريق عبد الرزاق، وهذا في "تفسيره" (1/ 1/ 89) عن معمر عن قتادة به. =

* عن الشعبي؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]؛ فاجتنب الناس الأيتام؛ فجعل الرجل يعزل طعامه من طعامه، وماله من ماله وشرابه من شرابه، قال: فاشتد ذلك على الناس؛ فنزلت: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ} الآية (¬1). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير؛ قال: لما نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]؛ أمسك الناس ولم يخالطوهم في الطعام والأموال حتى نزلت: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} (¬2). * عن سعيد بن جبير؛ قال: كان أهل البيت يكون عندهم الأيتام في حجورهم؛ فيكون لليتيم الصرمة من الغنم، ويكون الخادم لأهل البيت؛ فيبعثون خادمهم؛ فيرعى غنم الأيتام، أو يكون لأهل اليتيم الصرمة من الغنم ويكون الخادم للأيتام، فيبعثون خادم الأيتام؛ فيرعى غنمهم، فإذا كان الرسل وضعوا أيديهم جميعاً، أو يكون الطعام للأيتام ويكون الخادم لأهل البيت، فيأمرون خادمهم؛ فيصنع الطعام، ويكون الطعام لأهل البيت أو يكون الخادم للأيتام فيأمرون خادم الأيتام؛ أن ¬

_ = قلنا: وهذان سندان صحيحان إلى مجاهد؛ لكنه مرسل ويشهد له حديث ابن عباس المتقدم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 612) وعزاه لعبد بن حميد، وابن الأنباري، والنحاس. (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 217) من طريق حفص بن غياث ثنا أشعث بن سوار الكندي عن الشعبي به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: أشعث بن سوار ضعيف. لكن يشهد له ما سبق. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 612)، وعزاه لعبد بن حميد.

يصنع الطعام فيضعون أيديهم جميعاً؛ فلما نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]. قالوا: هذه موجبة؛ فاعتزلوهم، وفرقوا ما كان من خلطتهم؛ فشق ذلك عليهم؛ فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالوا: إن الغنم قد بقيت ليس لها راع، والطعام ليس له من يصنعه، فقال: "قد سمع الله قولكم فإن شاء أجابكم"؛ فنزلت هذه الآية: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى}؛ فخالطهم الناس في الطعام، وفيما سوى ذلك (¬1). * عن عطاء؛ قال: لما نزل في اليتيم ما نزل؛ اجتنبهم الناس؛ فلم يؤاكلوهم، ولم يشاربوهم، ولم يخالطوهم؛ فأنزل الله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى}؛ فخالطهم الناس في الطعام، وفيما سوى ذلك (¬2). * {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)} * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في عبد الله بن رواحة، وكانت له أمة سوداء، وأنه غضب عليها؛ فلطمها، ثم إنه فزع، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأخبره خبرها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وما هي يا عبد الله؟! "، فقال: يا رسول الله! هي تصوم، وتصلي، وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال: "يا عبد الله! هذه مؤمنة"، قال عبد الله: فوالذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها، ففعل؛ فطعن عليه ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 612)، وعزاه لعبد بن حميد، و (1/ 612، 613)، وعزاه لابن المنذر. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 612)، وعزاه لعبد بن حميد.

ناس من المسلمين، فقالوا: نكح أمة، وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين، وينكحوهم رغبة في أحسابهم؛ فأنزل الله: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} (¬1). [ضعيف] * عن مقاتل بن حيان؛ قال: نزلت في أبي مرثد الغنوي؛ استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في عناق أن يتزوجها، وهي امرأة مسكينة من قريش، وكانت ذات حظ من جمال وهي مشركه، وأبو مرثد مسلم، فقال: يا نبي الله! إنها لتعجبني؛ فأنزل الله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)} (¬2). [ضعيف] * {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)}. * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: إن اليهود كانت إذا حاضت منهم المرأة؛ أخرجوها من البيت، ولم يؤاكلوها, ولم يشاربوها, ولم يجامعوها في البيت؛ فسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك؛ فأنزل الله -تعالى ¬

_ (¬1) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 45) من طريق محمد بن يحيى الذهلي ثنا عمرو بن حماد ثنا أسباط بن نصر عن السدي عن غزوان أبي مالك عن عبد الله بن عباس به. قلنا: فيه أسباط بن نصر؛ ضعفه النسائي وأبو زرعة وأبو نعيم وغيرهم. (¬2) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 45)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 398 رقم 2100). قلنا: إسناده ضعيف؛ لإعضاله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 614)، وزاد نسبته لابن المنذر.

ذكره-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)}. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جامعوهن في البيوت، واصنعوا كل شيء؛ غير النكاح". فقالت اليهود: ما يريد هذا الرجل ألَّا يدع شيئاً من أمرنا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشير إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالا: يا رسول الله! إن اليهود تقول كذا وكذا، أفلا ننكحهن في المحيض؟ فتمعر وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى ظننا أن وجد عليهما؛ فخرجا، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله، فبعث في آثارهما؛ فسقاهما، فظننا أنه لم يجد عليهما (¬1). [صحيح] * عن مجاهد؛ قال: كانوا يجتنبون النساء في المحيض، ويأتونهن في أدبارهن، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك؟ فأنزل الله -تعالى-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)}؛ في الفرج, ولا تعدوه (¬2). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: كان أهل الجاهلية يصنعون في الحائض نحواً من صنيع المجوس، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت. {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْن ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم 302)، وأبو داود (رقم 258، 2165) -وهذا لفظه-، والترمذي (رقم 2977) وغيرهم. (¬2) أخرجه الدارمي (1/ 277 رقم 1145) من طريق حصين عنه به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 630)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)}؛ فلم يزد الأمر فيهن إلا شدة (¬1). [ضعيف] * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: إن اليهود قالوا: من أتى امرأته في دبرها؛ كان ولده أحول، وكن نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتوهن من أدبارهن؛ فجاؤا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض؛ فأنزل الله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن القرآن أنزل في شأن الحائض، والمسلمون يخرجونهن من بيوتهن؛ كفعل العجم، فاستفتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)}؛ فظن المؤمنون أن الاعتزال كما كانوا يفعلون يخرجونهم من بيوتهن، حتى قرأ آخر الآية؛ ففهم المؤمنون ما الاعتزال؛ إذ قال الله: {وَلَا ¬

_ (¬1) أخرجه الدارمي (1/ 274 رقم 1127) من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عنه. قلنا: رجاله ثقات، لكنه مرسل. (¬2) أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 41، 42 رقم 2192 - كشف) من طريق خصيف الجزري عن محمد بن المنكدر عن جابر. قلنا: وسنده ضعيف، ومتنه منكر؛ خصيف ضعيف. ومما يدل على نكارته: أن أكثر من عشرة من الرواة رووه عن محمد بن المنكدر بمناسبة نزول آية {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223]، وليس {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}، وفيه زيادات منكرة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 618)، وزاد نسبته للنسائي.

تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (¬1). [ضعيف] * عن مقاتل بن حيان؛ قال: أنزلت في ثابت بن الدحداح (¬2). [ضعيف] * {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}. * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها؛ كان الولد أحول؛ فنزلت: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}. قال: [قائماً وقاعداً وباركاً بعد أن يكون في المأتى] (¬3). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! هلكت! قال: "وما الذي أهلكك"؟ قال: حولت رحلي الليلة؛ فلم يرد عليه، قال: فأوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} الآية، يقول: "أقبل وأدبر، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 401 رقم 2114) من طريق إبراهيم بن إسماعيل الصائغ عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ إبراهيم الصائغ؛ ضعيف الحديث؛ كما في "التقريب". (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 400 رقم 2110) من طريق محمد بن مزاحم عن بكير بن معروف عن مقاتل به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإعضاله، وبكير فيه لين. (¬3) أخرجه البخاري (8/ 189 رقم 4528)، ومسلم (رقم 1435) وما بين المعقوفتين زيادة من النسائي في "تفسيره" (رقم 59)، وقد رواه عن جابر محمد بن المنكدر وعنه أكثر من أربعة عشر نفساً.

واتق الدبر والحيضة" (¬1). [حسن] * عن أم سلمة -رضي الله عنها-؛ قالت: لما قدم المهاجرون المدينة على الأنصار؛ تزوجوا من نسائهم، وكان المهاجرون يجبون وكانت الأنصار ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في "تفسيره" (رقم 60)، وفي "العشرة" (رقم 91)، والترمذي (رقم 2980)، وأحمد (1/ 297) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 100 رقم 96) -، والطبري في "جامع البيان" (2/ 235)، وأبو يعلى في "المسند" (رقم 2736) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 99، 100 رقم 95)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1721 - "موارد") -، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ رقم 12317)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (رقم 469)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (15/ 420، 421 رقم 6127)، والبيهقي في "سننه" (7/ 198)، والبغوي في "معالم التنزيل" (1/ 259)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 48)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 405 رقم 2134) كلهم من طريق يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد عنه به. قال الترمذي: "حديث حسن غريب". وصححه الحافظ في "فتح الباري" (8/ 191)، وحسنه شيخنا -رحمه الله- في "آداب الزفاف" (ص 31). وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 319): "رواه أحمد ورجاله ثقات"!. قلنا: مداره على يعقوب بن عبد الله بن سعد الأشعري أبو الحسن القمي، وشيخه جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي القمي. فالأول؛ وثقه الطبراني وابن حبان، وقال النسائي: "لا بأس به"، وقال الذهبي: "صالح الحديث"، وقال الدارقطني: "ليس بالقوي"، وقال ابن حجر: "صدوق يهم"؛ فلا ينزل حديثه عن الحسن. وأما شيخه جعفر؛ فقد وثقه أحمد، وابن شاهين، وابن حبان، وقال الذهبي: "كان صدوقاً"، وقال الخزرجي: "صدوق له أوهام"، وقال الحافظ: "صدوق يهم"؛ لكن قال ابن منده: "ليس بالقوي في سعيد بن جبير". قلنا: فهو حسن؛ كما قال الترمذي، ويشهد له ما تقدم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 629) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

لا تجبي، فأراد رجل من المهاجرين امرأته على ذلك، فأبت عليه؛ حتى تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: فأتته فاستحيت أن تسأله, فسألته أم سلمة؛ فنزلت: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} وقال: "لا؛ إلا في صمام واحد" (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان هذا الحي من الأنصار -وهم أهل وثن- مع هذا الحي من يهود -وهم أهل كتاب-، وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم؛ فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلا على حرف، وذلك أستر ما تكون المرأة؛ فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحي من قريش يشرقون النساء شرقاً منكراً، ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات، فلما قدم المهاجرون المدينة؛ تزوج رجل من امرأة من الأنصار؛ فذهب يصنع بها ذلك؛ فأنكرته عليه، وقالت: إنما كنا نؤتى على حرف؛ فاصنع ذلك، وإلا؛ فاجتنبني، حتى شري أمرها، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}؛ أي: مقبلات، ومدبرات، ومستلقيات؛ يعني بذلك: ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (6/ 305، 310، 318) -وهذا لفظه-، وابن أبي شيبة في "المصنف" (4/ 230، 231)، والترمذي (رقم 2979)، وأبو يعلى في "مسنده" (12/ 407 رقم 6972)، والبيهقي (7/ 195) والطبري في "جامع البيان" (2/ 235)، والدارمي في "مسنده" (1/ 272 رقم 1119)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 404 رقم 2131)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (15/ 428 /6129). قلنا: إسناده صحيح؛ صححه شيخنا -رحمه الله- في "آداب الزفاف" (ص 31). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 628)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

موضع الولد (¬1). [حسن] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن أناساً من حمير أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألونه عن أشياء؛ فقال رجل منهم: إني أجب النساء، وأحب أن آتي امرأتي مجبية؛ فكيف ترى في ذلك؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ائتها مقبلة ومدبرة؛ إذا كان في الفرج" (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود (2/ 249 رقم 2164) -ومن طريقه الخطابي في "غريب الحديث" (1/ 403) -، والحاكم (2/ 195، 279)، والبيهقي (7/ 195)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 47)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 234)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 64 رقم 11097) جميعهم من طريق ابن إسحاق حدثني أبان بن صالح عن مجاهد عنه به. قلنا: وسنده حسن؛ فيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وصرح بالتحديث عند الحاكم، وحسنه شيخنا في "آداب الزفاف" (ص 29)، أما الحاكم؛ فصححه على شرط مسلم، وليس كما قال؛ فإن مسلماً إنما أخرج لابن إسحاق متابعة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 629، 630)، وزاد نسبته لإسحاق بن راهويه، والدارمي، وابن المنذر. (¬2) أخرجه أحمد في "المسند" (رقم 2414 - شاكر)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 404 رقم 2130)، والطبري في "جامع البيان" (2/ 235)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (رقم 470)، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ رقم 12983)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 196)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (15/ 422 رقم 6128) من طريقين عن عامر بن يحيى المعافري عن حنش الصنعاني عن ابن عباس به. قلنا: وسنده صحيح. وأعله الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- برشدين بن سعد، ولم يصب في ذلك؛ فإنه توبع، تابعه ابن لهيعه عن يزيد بن أبي حبيب عن عامر به. وهذا سند صحيح، وإن كان فيه ابن لهيعة؛ لكن رواه عنه ابن وهب عند ابن =

* عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رجلاً أتى امرأته في دبرها؛ فوجد في نفسه من ذلك وجداً شديداً؛ فأنزل الله -تعالى-: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} (¬1). [صحيح] * وفي رواية عن نافع؛ قال: إن ابن عمر عرض المصحف يوماً وأنا عنده، حتى بلغ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}؛ قال: يا نافع! هل تعلم ما أمر هذه الآية؟ إنا كنا -معشر قريش- نجبي النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار؛ أردنا منهن مثل ما كنا نريد من نسائنا؛ فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن؛ فأنزل الله -تعالى-: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا ¬

_ = أبي حاتم؛ فصح الحديث ولله الحمد من قبل ومن بعد. (تنبيه): لم ينتبه لذلك محققا "المعجم الكبير" و"مساوئ الأخلاق"، ومن قبلهما الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله-. (¬1) أخرجه النسائي في "عشرة النساء" (رقم 95)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (15/ 410 رقم 6117)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 234) من طريق ابن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن ابن عمر به. وأخرجه ابن جرير (2/ 233) من طريق هشيم: أخبرنا جعفر بن عون، عن نافع؛ أن ابن عمر قال له: أتدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قلت: لا، قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن؛ وسنده صحيح. وأخرج الدارقطني في "غرائب مالك"؛ كما في "الدر المنثور" من طريق مالك -عن نافع عن ابن عمر بنحو السابق. قلنا: قال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 269): "وروي من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر، ولا يصح". قلنا: ولكن معناه صحيح، يشهد له السابق.

لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} (¬1). [حسن] * عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: أن رجلاً أصاب امرأته في دبرها؛ فأنكر الناس ذلك عليه، وقالوا: أثفرها (وفي روايه: أبعر فلان امرأته)؛ فأنزل الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} (¬2). [ضعيف] * عن مرة الهمداني؛ قال: إن بعض اليهود أتى بعض المسلمين، قال: تأتون النساء وراءهن؟! قال: كأنه كره الإبراك، قال: فذكروا ذلك؛ فنزلت هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}؛ فرخص الله للمسلمين أن يأتوا النساء في الفروج كيف شاءوا من بين أيديهن، وإن ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في "عشرة النساء" (92)، وابن مردويه عن الطبراني؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 269)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (15/ 423، 424) من طريق المفضل بن فضالة، عن عبد الله بن سليمان الطويل، عن كعب بن علقمة، عن أبي النضر، عن نافع به. قلنا: وسنده حسن، وصححه الحافظ ابن كثير -رحمه الله-. (¬2) أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (2/ 354، 355 رقم 1103)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/ 40)، و"مشكل الآثار" (15/ رقم 6118) من طريق عبد الله بن نافع الصائغ، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد به. قلنا: رواه عن عبد الله بن نافع اثنان: هما الحارث بن سريج -وهو ضعيف متهم- ويعقوب بن حميد -وفيه ضعف-. وخالفهما يونس بن عبد الأعلى -وهو ثقة-؛ فرواه عن عبد الله بن نافع به مرسلاً. أخرجه ابن جرير (2/ 234). قلنا: وهو الصواب. ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 319)؛ وقال: "رواه أبو يعلى عن شيخه الحارث بن سريج؛ وهو ضعيف كذاب".

شاءوا من خلفهن (¬1). [ضعيف] * عن مرة الهمداني قال: كانت اليهود يسخرون من المسلمين في إتيانهم النساء؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}؛ في الفروج أنى شئتم (¬2). [ضعيف] * عن الحسن؛ قال: كان المشركون لا يألون ما شددوا عن المسلمين، ويقولون: لا يحل لكم أن تأتوا النساء إلا من وجه واحد؛ فأنزل الله -تعالى-: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}؛ فخلى الله بين المؤمنين وبين حاجتهم (¬3). [ضعيف] * عن عبد الله بن علي؛ قال: بلغه أن ناساً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلسوا يوماً ورجل من اليهود قريب منهم؛ فجعل بعضهم يقول: إني لآتي امرأتي وهي مضطجعة، ويقول الآخر: إني لآتيها وهي قائمة، ويقول الآخر: إني لآتيها على جنبها وباركة، فقال اليهود: ما أنتم إلا أمثال البهائم! ولكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة؛ فأنزل الله -تعالى ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4/ 231)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 332) من طريقين عن حصين عن مرة به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 627)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4/ 231) عن محمد بن فضيل عن حصين عن مرة. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬3) أخرجه وكيع؛ كما في "الدر المنثور" (1/ 627) -وعنه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4/ 232)، والدارمي (1/ 273، 274/ 1125) من طريقين عن علي بن علي الرفاعي عن الحسن. قلنا: وسنده حسن إلى الحسن البصري، لكنه مرسل.

ذكره-: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: ذلك أن اليهود عرَّضوا بالمؤمنين في نسائهم وعيروهم؛ فأنزل الله ذلك، وأكذب اليهود، وخلى بين المؤمنين وبين حوائجهم في نسائهم (¬2). [ضعيف] * عن الحسن: أن اليهود كانوا قوماً حسداً؛ فقالوا: يا أصحاب محمد! إنه والله مالكم أن تأتون النساء إلا من وجه واحد، فكذبهم الله؛ فأنزل الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}؛ فخلى بين الرجال وبين نسائهم يتفكه الرجل من امرأته: يأتيها إن شاء من قِبَلِ قبلها، وإن شاء من قبل دبرها؛ غير أن المسلك واحد. [ضعيف] * وعنه -أيضاً- قالت اليهود للمسلمين: إنكم تأتون نساءكم كما تأتي البهائم بعضها بعضاً يبركوهن؛ فأنزل الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}، ولا بأس أن يغشى الرجل المرأة كيف شاء؛ إذا أتاها في الفرج (¬3). [ضعيف] * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: كانت الأنصار تأتي نساءها ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 232): حدثني يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث الأنصاري مولاهم المصري عن سعيد بن أبي هلال عن عبد الله به. قلنا: وسنده حسن إلى عبد الله، روى عنه أربعة: منهم اثنان ثقتان، ووثقه ابن حبان في "الثقات" (5/ 34)، وقال الحافظ في "التقريب" (1/ 434): "مستور". قلنا: فمثله يمشي حديثه؛ لكن تبقى علة الانقطاع؛ فالحديث ضعيف. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 628)، وعزاه لعبد بن حميد. (¬3) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 628)، وعزاهما لعبد بن حميد.

مضاجعة، وكانت قريش تشرح شرحاً كثيراً؛ فتزوج رجل من قريش امرأة من الأنصار؛ فأراد أن يأتيها، فقالت: لا؛ إلا كما يفعل، فأخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}؛ أي: قائماً، وقاعداً، ومضطجعاً بعد أن يكون في صمام واحد (¬1). * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن النساء كن يؤتين في أقبالهن وهن موليات، فقالت اليهود: من جاء امرأته وهي مولية جاء ولده أحول؛ فأنزل الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} (¬2). * {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)}. * عن ابن جريج: نزلت في أبي بكر حين حلف: لا ينفق على مسطح؛ حين خاض في حديث الإفك (¬3). * عن الكلبي: نزلت في عبد الله بن رواحة، كان بينه وبين ختنه على أخته بشير بن النعمان الأنصاري شيء؛ فحلف عبد الله أن لا يدخل عليه، ولا يكلمه، ولا يصلح بينه وبين خصمه، وإذا قيل له فيه، قال: قد حلفت بالله أن لا أفعل؛ فلا يحل لي؛ إلا أن تبرَّ يميني؛ فأنزل الله هذه الآية (¬4). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 627)، وعزاه لابن عساكر. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 628)، وعزاه لابن عساكر. (¬3) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 262)، والواحدي في "الوسيط" (1/ 330). (¬4) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 262)، والواحدي في "الوسيط" (1/ 330) معلقاً. وذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" (1/ 253) نحوه عن ابن عباس معلقاً دون سند.

* قال مقاتل بن حيان وابن سليمان: نزلت في أبي بكر حلف أن لا يصل ابنه عبد الرحمن حتى يسلم (¬1). * عن الربيع بن أنس: أن الرجل كان يحلف بالله أن لا يصل رحمه، ولا يصلح بين الناس؛ فنزلت هذه الآية (¬2). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: هو الرجل يحلف لا يصل رحمه، ولا يصلح بين الناس؛ فأنزل الله: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} (¬3). * عن قتادة؛ قال: هو الرجل يحلف في الأمر الذي لا يصلح له، فإذا كلم في ذلك؛ قال: إني حلفت؛ فيجعل يمينه عُرضة لذلك؛ فأنزل الله: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)} (¬4). [ضعيف] * {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: كان أهل الجاهلية إذا طلب الرجل من امرأته شيئاً؛ فأبت أن تعطيه، فحلف أن لا يقربها السنة، والسنتين، والثلاث؛ فيدعها لا أيماً، ولا ذات بعل، فلما كان الإِسلام؛ جعل الله ذلك أربعة أشهر؛ فأنزل الله هذه الآية (¬5). * عن سعيد بن المسيب: كان الإيلاء ضرار أهل الجاهلية، وكان ¬

_ (¬1) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (1/ 253) معلقاً دون سند. (¬2) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (1/ 253) معلقاً دون سند. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 642)، وعزاه لابن المنذر. (¬4) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 90): نا معمر، عن قتادة. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬5) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (1/ 256) معلقاً دون سند.

الرجل لا يريد المرأة، ولا يحب أن يتزوجها غيره؛ فيحلف أن لا يقربها أبداً؛ فجعل الله -تعالى- الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر، وأنزل هذه الآية (¬1). * {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)}. * عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية -رضي الله عنهما-؛ قالت: طلقت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولم يكن للمطلقة عدة؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- حين طلقت أسماء العدة للطلاق؛ فكانت أول من نزلت فيها العدة للطلاق؛ يعني: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (¬2). [حسن] * {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)}. * عن عروة بن الزبير؛ قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ¬

_ (¬1) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (1/ 256) معلقاً دون سند. (¬2) أخرجه أبو داود (2281) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 414) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 414 رقم 2186) من طريق إسماعيل بن عياش عن عمرو بن مهاجر عن أبيه عن أسماء به. قلنا: وسنده حسن؛ مداره على المهاجر؛ روى عنه جمع؛ كما في "التهذيب" (10/ 323)، ووثقه ابن حبان في "الثقات" (5/ 427)، وهو من التابعين؛ فمثله يحسن حديثه، والله أعلم. وشيخ إسماعيل هنا شامي؛ فتنبه.

ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها؛ كان ذلك له -وإن طلقها ألف مرة-، فعمد رجل إلى امرأته؛ فطلقها، حتى إذا شارفت انقضاء عدتها؛ ارتجعها، ثم طلقها، ثم قال: والله؛ لا آويك إلي، ولا تحلين أبداً؛ فأنزل الله -تعالى-: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)}؛ فاستقبل الناس الطلاق جديداً، من كان منهم طلق ومن لم يطلق (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه مالك في "الموطأ" (2/ 588/ 80 - رواية يحيى الليثي)، و (1/ 652، 653 رقم 1697 - رواية أبي مصعب) -وعنه الشافعي في "المسند" (2/ 68 رقم 109 - ترتيب السندي) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 333)، و"معرفة السنن" (5/ 465 رقم 4425) -، والترمذي (3/ 497)، وعبد بن حميد؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 279)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 276)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 418 رقم 2206)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 49، 50) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلاً. هكذا رواه مالك، وجعفر بن عون، وعبدة بن سليمان، وعبد الله بن إدريس، وجرير بن عبد الحميد مرسلاً. وخالفهم يعلى بن شبيب -وهو لين الحديث-؛ فرواه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به مسنداً: أخرجه الترمذي في "سننه" (3/ 497/ 1192)، و"العلل الكبير" (1/ 470 رقم 180 - ترتيب أبي طالب القاضي)، ولوين في "جزئه" (رقم 7) -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (32/ 385، 386) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 279)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 50)، والحاكم (2/ 279، 280) -وعنه البيهقي (7/ 333) - جميعهم من طريق يعلى به. قلنا: والصواب الرواية الأولى المرسلة؛ كذا رواه الثقات الأثبات، وخالفهم من هو دونهم، وهو يعلى بن شبيب وفيه ضعف؛ وثقه ابن حبان في "الثقات" (7/ 652)، وقال الذهبي: في "الكاشف" (6523): "وثق"، وقال ابن حجر في =

* عن ابن جريج؛ قال: نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس وفي حبيبة، قال: وكانت اشتكته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تردين عليه حديقته"، فقالت: نعم، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: ويطيب لي ذلك، قال: "نعم"، قال ثابت: قد فعلت؛ فنزلت: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ} الآية (¬1). [ضعيف] ¬

_ = "التقريب" (2/ 378): "لين الحديث". وعليه؛ فلا يصح الحديث موصولاً، والله أعلم. ولذلك قال البخاري؛ كما في "العلل الكبير" (1/ 470) -ونقله عنه البيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 333) -: "الصحيح عن هشام عن أبيه مرسلاً". وقال البيهقي في "المعرفة" (5/ 466): "والمرسل: هو المحفوظ". وقال الترمذي قبله: "وهذا أصح -يعني: المرسل- من حديث يعلى بن شبيب". ورواه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 279) من طريق محمد بن حميد ثنا سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة؛ قالت: لم يكن للطلاق وقت؛ يطلق الرجل امرأته، ثم يراجعها ما لم تنقض العدة، وكان بين رجل من الأنصار وبين أهله بعض ما يكون بين الناس، فقال: والله، لأتركنك لا أيماً، ولا ذات زوج؛ فجعل يطلقها، حتى إذا كادت العدة أن تنقضي؛ راجعها، ففعل ذلك مراراً؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيه: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)}. قلنا: وهذا سند واه؛ فيه علل: الأولى: محمد بن حميد الرازي؛ متهم؛ كما في "الميزان" (3/ 530/ 7453). الثانية: سلمة بن الفضل الأبرش؛ ضعيف؛ كما في "الميزان" (2/ 192)، و"التقريب" (1/ 318). الثالثة: ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 663)، وزاد نسبته للبيهقي. (¬1) أخرجه ابن جرير (2/ 281) من طريق الحجاج بن نصير عن ابن جريج به. قلنا: وسنده معضل.

* عن عائشة: أنها أتتها امرأة، فسألتها عن شيء من الطلاق، قالت: فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} الآية (¬1). * عن الثوري عن بعض الفقهاء؛ قال: كان الرجل في الجاهلية يطلق امرأته ما شاء، لا يكون عليها عدة؛ فتزوج من مكانها إن شاءت، فجاء رجل من أشجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! أنا طلقت امرأتي، وأنا أخشى أن تزوج؛ فيكون الولد لغيري؛ فأنزل الله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)}؛ فنسخت هذه كل طلاق في القرآن (¬2). [ضعيف] * عن ثور بن زيد الديلي: أن الرجل كان يطلق امرأته، ثم يراجعها ولا حاجه له بها, ولا يريد إمساكها؛ إلا لكيما يطول عليها ذلك العدة؛ ليضارها؛ فأنؤل الله في ذلك {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} الآية (¬3). [ضعيف] * عن مقاتل بن حيان؛ قال: نزلت في رجل من غفار، طلق امرأته ولم يشعر بحملها، فراجعها وردها إلى بيته، فولدت، وماتت ومات ولدها؛ فأنزل الله بعد ذلك بأيام يسيرة {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}؛ فنسخت الآية قبلها، وبين الله للرجال كيف يطلقون النساء، وكيف يتربصن (¬4)؟. [ضعيف] * {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 663)، وعزاه لابن النجار. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 663)، وعزاه لعبد الرزاق. (¬3) أخرجه مالك في "الموطأ" (1/ 653 رقم 1699 - رواية أبي مصعب) و (2/ 588 رقم 81 - رواية يحيى الليثي) عن ثور به. قلنا: لكن سنده معضل. (¬4) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 660)، وعزاه لابن المنذر. قلنا: وهو معضل.

وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: طلق رجل امرأته، وهو يلعب؛ لا يريد الطلاق؛ فأنزل الله: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}؛ فألزمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطلاق (¬1). [ضعيف] * عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-؛ قال: كان الرجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول للرجل: زوجتك ابنتي، ثم يقول: كنت لاعباً. يقول: قد أعتقت، ويقول: كنت لاعباً؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث من قالهن لاعباً؛ فهي جائزات عليه: الطلاق، والعتاق، والنكاح"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} (¬2). [ضعيف] * عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-؛ قال: كان الرجل في الجاهلية يطلق، ثم يقول. كنت لاعباً، ثم يعتق، ويقول: كنت لاعباً؛ فأنزل الله: {وَلَا (1) ¬

_ (¬1) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 288) من طريق جعفر بن محمد السمسار عن إسماعيل بن يحيى عن سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه ليث بن أبي سليم؛ صدوق اختلط أخيراً، ولم يتميز حديثه؛ فترك. (¬2) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 288، 289)، وأحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (4/ 394 رقم 1848)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (4/ 484 رقم 4227) عن أبي معاوية عن إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن البصري عن عبادة. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الحسن البصري مدلس، وقد عنعنه. الثانية: إسماعيل بن مسلم المكي؛ ضعيف، وتركه بعضهم. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 683) وزاد نسبته لابن المنذر.

تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}؛ فقال النبي: "من طلق، أو حرّم، أو نكح؛ فقال: إني كنت لاعباً؛ فهو جدّ" (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (4/ 288 - "مجمع الزوائد")، وابن عدي في "الكامل" -المرفوع فقط- (5/ 1761) من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن عمرو بن عبيد عن الحسن عنه به. قلنا: وسنده تالف واه بمرة، فيه ثلاث علل: الأولى: الحسن مدلس، وقد عنعنه. الثانية: عمرو بن عبيد؛ متروك الحديث، صاحب بدعه، وداعية لها. الثالثة: إبراهيم هذا؛ متروك. وذكره الهيثمي في "المجمع"، وقال: "فيه عمرو بن عبيد عدو لله". وأخرجه ابن أبي عمر العدني في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (8/ 520 رقم 3896)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 43 رقم 7587): ثنا سفيان عن إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن رجل عن أبي الدرداء به. قلنا. وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: إسماعيل بن مسلم؛ ضعيف. الثانية: جهالة الرجل الذي لم يسمّ، وبه -فقط- أعلّه البوصيري. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 683) نحوه، وزاد نسبته لابن مردويه. قلنا: روي الحديث عن الحسن عن النبي به مرسلاً. كذا أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 106)، والطبري في "جامع البيان" (2/ 296)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 425 رقم 2248). من ثلاث طرق عن الحسن: الأولى: عن عمرو بن عبيد عنه؛ عند ابن أبي شيبة. قلنا: هذا سند تالف؛ لحال عمرو بن عبيد المبتدع الضال. الثانية: عن سليمان بن أرقم عنه؛ عند ابن جرير. قلنا: سند واه بمرة؛ فيه سليمان بن أرقم، وهو متروك الحديث. الثالثة: عن المبارك بن فضاله عنه؛ عند ابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: مبارك بن فضاله مدلس، وقد عنعن. =

* عن السدي؛ قال: نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن بشار، طلق امرأته، حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة؛ راجعها، ثم طلقها، ففعل ذلك بها حتى مضت لها تسعة أشهر مضارة يضارها؛ فأنزل الله: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} (¬1). [ضعيف جداً] * {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)}. * عن معقل بن يسار -رضي الله عنه-؛ قال: زوجت أختاً لي من رجل؛ فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها؛ جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وأفرشتك وأكرمتك؛ فطلقتها، ثم جئت تخطبها! لا والله لا تعود إليك أبداً، وكان رجلاً لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه؛ فأنزل هذه الآية {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}؛ فقلت: الآن أفعل يا رسول الله! قال: "فزوجها إياه". وفي رواية: كانت لي أخت تخطب إلي؛ فأمنعها؛ فخطبها ابن عم لي؛ فزوجتها إياه؛ فاصطحبا ما شاء الله أن يصطحبا، ثم طلقها طلاقاً له عليها رجعة؛ فتركها حتى انقضت عدتها، وخطبها الخطاب؛ جاء ¬

_ = الثانية: عصام بن رواد؛ فيه لين؛ كما في "الميزان" (3/ 66). قلنا: فالأثر عن الحسن لا يصح، وعليه؛ فقول شيخنا -رحمه الله-: في "الإرواء" (6/ 227): "قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد إلى الحسن وهو البصري"؛ فيه نظر؛ فليحرر. (¬1) قلنا: أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 25) من طريق عمرو عن أسباط بن نصر عنه به. قلنا: سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط هذا ضعيف.

فخطبها، فقلت: يالكع! خطبت أختي؛ فمنعتها الناس، وآثرتك بها، فطلقتها، فلما انقضت عدتها؛ جئت تخطبها! ولا والله الذي لا إله إلا هو لا أزوجكها؛ ففيه نزلت هذه الآية: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} الآية. فقلت: سمعاً وطاعة كفَّرت عن يميني وأنكحتها (¬1). [صحيح] * عن مجاهد؛ قال: نزلت في امرأة من مزينة طلقها زوجها؛ فعضلها أخوها أن ترجع إلى زوجها الأول، وهو معقل بن يسار أخوها (¬2). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: نزلت في جابر بن عبد الله الأنصاري، وكانت له ابنة عم؛ فطلقها زوجها تطليقة؛ فانقضت عدتها، ثم رجع يريد رجعتها، فأما جابر؛ فقال: طلقت ابنة عمنا، ثم تريد أن تنكحها الثانية، وكانت المرأة تريد زوجها قد رأفته؛ فنزلت هذه الآية (¬3). [ضعيف جداً] * {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري -باللفظ الأول- (9/ 183 رقم 5130)، ورواه بنحوه (رقم 4529، 5330، 5339). والرواية الثانية للطيالسي (رقم 930) -ومن طريقه النسائي في "التفسير" (رقم 61) - وهي صحيحة. ورواه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 298) وغيره مرسلاً ضعيفاً. قلنا: الصواب ما تقدم. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 297، 298) من طريقين عن مجاهد. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 298)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 51) من طريق عمرو بن حماد ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: سنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعيف.

وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)}. * عن الضحاك؛ قال: كان الرجل إذا مات؛ أنفق على امرأته حولاً، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم؛ فنزلت: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)} الآية، ثم نسخ من الأربعة الأشهر والعشر {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]؛ إذا وضعن فيما دون ذلك (¬1). [ضعيف جداً] * {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)}. * قال مقاتل بن سليمان: نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار تزوج امرأة من بني حنيفة، ولم بسم لها مهراً، فطلقها قبل أن يمسها؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل متعتها بشيء؟ "، قال: لا، قال: "متعها ولو بقلنسوتك" (¬2). [ضعيف جداً] * {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)}. * عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه-؛ قال: كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة؛ حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}؛ فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 932/ 415)، وهذا لفظه، وابن جرير بنحوه في "جامع البيان" (2/ 361) من طريق جويبر عن الضحاك به. قلنا: وهذا سند تالف؛ جويبر هذا متروك ثم إنه معضل. (¬2) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (1/ 279) معلقاً دون سند. قلنا: ومقاتل هذا؛ متروك. (¬3) أخرجه البخاري في "صحيحه" (3/ 73 رقم 1200، 8/ 98 رقم 4534)، =

* عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها؛ فنزلت: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}، وقال: "إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين" (¬1). [صحيح] * عن سعيد بن المسيب؛ قال: كنت مع قوم اختلفوا في الصلاة الوسطى، وأنا أصغر القوم؛ فبعثوني إلى زيد بن ثابت؛ لأسأله عن صلاة الوسطى، قال: فأتيته؛ فسألته، فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة، والناس في قائلتهم وأسواقهم، فلم يكن يصلي وراء رسول الله إلا الصف والصف؛ فأنزل الله: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} الآية؛ فقال رسول الله: "لينتهين أقوام أو لأحرقن بيوتهم" (¬2). [ضعيف] ¬

_ = ومسلم في "صحيحه" (رقم 539)، واللفظ له، وليس عند البخاري: "ونهينا عن الكلام". (¬1) أخرجه أبو داود (1/ 112 رقم 411) -ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (2/ 236 رقم 389)، و"معالم التنزيل" (1/ 288) -، والنسائي في "الكبرى" (1/ 219/ 355)، وأحمد (5/ 183)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (3/ 434)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 152 رقم 4821)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 348)، والبيهقي في "الكبرى" (1/ 458)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 167) جميعهم من طريق الزبرقان بن عمرو بن أمية عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت به. قلنا: وسنده صحيح. (¬2) أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (1/ 220 - 221/ 360)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 121/ 4808) من طريق عثمان الغطفاني أخبرني ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد به. قلنا: فيه عثمان الغطفاني؛ قال الحافظ في "التقريب" (2/ 12): "صدوق ربما وهم"، وقد وهم في هذا الحديث؛ فقد رواه جمع عن ابن أبي ذئب؛ لكن قالوا =

* عن مجاهد؛ قال: كانوا يتكلمون في الصلاة؛ حتى نزلت هذه الآية: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}؛ فالقنوت: السكوت، والقنوت: الطاعة. (وفي رواية: فقطعوا الكلام) (¬1). [ضعيف] * عن محمد بن كعب؛ قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة والناس يتكلمون في الصلاة في حوائجهم؛ كما يتكلم أهل الكتاب في الصلاة في حوائجهم؛ حتى نزلت هذه الآية {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = فيه: عن الزبرقان: أن رهطاً من قريش مرّ بهم زيد بن ثابت. . . الخ. أخرجه النسائي في "الكبرى" (1/ 218 - 219/ 354)، وأحمد (5/ 206)، والبخاري في "التاربخ الكبير" (3/ 434)، والطبري في "جامع البيان" (2/ 562 - 563)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 167)، وأحمد بن منيع والهيثم بن كليب في "مسنديهما" -ومن طريقهما الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (4/ 97 - 98/ 1310 و1311) -. قال النسائي: "هذا خطأ -يعني: رواية ابن المسيب-، والصواب: ابن أبي ذئب عن الزبرقان بن عمرو عن زيد بن ثابت وأسامة بن زيد" ا. هـ. قلنا: وهو كما قال، والحديث ضعيف؛ لانقطاعه؛ فإن الزبرقان لم يسمع من أسامة وزيد؛ كما قال الضياء المقدسي والحافظ المنذري والإِمام المزي -رحمهم الله جميعاً-. (¬1) أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 171)، وابن جرير في "جامع البيان" (2/ 355) من طريق الثوري عن منصور عن مجاهد به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 922 رقم 407): أخبرنا أبو معشر عن محمد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ضعف أبي معشر. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 730)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

* {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)}. * قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما نزل قوله: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} إلى قوله: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}؛ قال رجل من المسلمين: إن أحسنت؛ فعلت، وإن لم أرد ذلك؛ لم أفعل؛ فأنزل الله: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} الآية (¬1). [ضعيف جداً] * {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (243)}. * عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف؛ قال: كانت أمة من بني إسرائيل إذا وقع فيهم الوجع؛ خرج أغنياؤهم، وأقام فقراؤهم؛ فمات الذين أقاموا، ونجا الذين خرجوا، فقال الأشراف: لو أقمنا كما أقام هؤلاء؛ لهلكنا، وقال الفقراء: لو ظعنا كما ظعن هؤلاء؛ سلمنا، فأجمع رأيهم في بعض السنين على أن يظعنوا جميعاً، فظعنوا فماتوا، وصاروا عظاماً تبرق، فكنسهم أهل البيوت والطرق عن بيوتهم وطرقهم، فمر بهم نبي من الأنبياء فقال: يا رب! لو شئت أحييتهم؛ فعبدوك وولدوا أولاداً يعبدونك، ويعمرون بلادك -قال: أو أحب إليك أن أفعل؟ قال: نعم- فقيل له: تكلم بكذا وكذا، فتكلم به، فنظر إلى العظام تخرج من عند العظام التي ليست منها إلى التي هي منها، ثم قيل له: تكلم بكذا وكذا؛ فتكلم به، فنظر إلى العظام تكسى لحماً وعصباً، ثم قيل له: تكلم بكذا وكذا؛ فنظر، فإذا هم قعود يسبحون الله، ويقدسونه، ¬

_ (¬1) ذكره الواحدي في الوسيط (1/ 354) معلقاً. وذكره ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 305) وقال: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما نزل (فذكره). قلنا: عبد الرحمن بن زيد متروك؛ فالإسناد ضعيف.

وأنزل الله فيهم هذه الآية (¬1). [ضعيف] * {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)}. * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: لما نزلت هذه الآية {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ} [البقرة: 261]؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "رب زد أمتي"، قال: فأنزل الله: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}؛ قال: "رب زد أمتي"، قال: فأنزل الله: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] (¬2). [ضعيف] * {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعنده أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية؛ إذ أقبل علي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاوية: "أتحب علياً؟! "، قال: نعم، قال: "إنها ستكون بينكم هنيهة"، قال معاوية: فما بعد ذلك يا رسول الله؟! قال: "عفو الله ورضوانه"، قال: رضينا بقضاء الله ¬

_ (¬1) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (1/ 288) معلقاً. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 461 رقم 2435): ثنا أبو زرعة ثنا إسماعيل بن إبراهيم، والواحدي في "الوسيط" (1/ 376) من طريق أبي القاسم البغوي ثنا أبو عمر الدوري كلاهما عن أبي إسماعيل المؤدب. وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 325): ثنا عبد الله بن عبيد الله العسكري البزار نا الحسن بن علي بن شبيب نا محمود بن خالد الدمشقي عن أبيه كلاهما (أبو إسماعيل المؤدب وخالد الدمشقي) عن عيسى بن المسيب البجلي عن نافع عن عبد الله بن عمر به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه عيسى بن المسيب؛ ضعفه غير واحد من أهل العلم.

ورضوانه؛ فعند ذلك نزلت هذه الآية: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} (¬1). [ضعيف جداً] * {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن بني إسرائيل سألوا موسى -عليه السلام-: هل ينام ربك؟! قال: اتقوا الله؛ فناداه ربه -عزّ وجلّ-: يا موسى! سألوك: هل ينام ربك؟ فخذ زجاجتين بيدك؛ فقم الليل، ففعل موسى، فلما ذهب من الليل ثلثاه؛ نعس؛ فوقع لركبتيه، ثم انتعش فضبطها، حتى إذا جاء آخر الليل؛ نعس؛ فسقطت الزجاجتان، فانكسرتا؛ فقال: يا موسى! لو كنت أنام؛ لسقطت السماوات والأرض؛ فهلكن كما هلكت الزجاجتان في يديك، وأنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - آية الكرسي (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (62/ 97) من طريق أحمد بن عبد الله الشيباني: أنا الفرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ الفرات بن السائب متروك الحديث؛ كما قال الدارقطني والذهبي. وقال السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 4): "أخرجه ابن عساكر بسند واهٍ" ا. هـ .. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 487 رقم 2580) -وعنه أبو الشيخ في "العظمة" (2/ 452 - 455 رقم 138)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 15) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 113، 114 رقم 111) -من طريق جعفر القمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلنا: وهذا موقوف حسن الإسناد.

* {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كانت المرأة من الأنصار تكون مقلاة لا يكاد يعيش لها ولد؛ فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير؛ كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا؛ فأنزل الله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود (رقم 2682)، والنسائي في "تفسيره" (رقم 68، 69) -ومن طريقه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 76) -، وابن حبان في "صحيحه" (1/ 352 رقم 140)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (7/ 188 رقم 2764، 11/ 59 رقم 4279، 15/ 399 رقم 6114)، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 10)، والبيهقي في "الكبرى" (9/ 186)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 52)، والنحاس في "معاني القرآن" (1/ 166، 167)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 493 رقم 2609)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 20) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 72، 73 رقم 64، 65) - جميعهم من طريق شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وهذا سند صحيح كالشمس. ورواه عن شعبة -هكذا- موصولاً: ابن أبي عدي، ووهب بن جرير، وأشعث بن عبد الله السجستاني، وعفان بن مسلم الصفار. وخالف هؤلاء جميعاً غندر -محمد بن جعفر-؛ فرواه عن شعبة به مرسلاً: أخرجه ابن جرير. والصواب: رواية الجماعة. وخالف شعبة أبو عوانة اليشكري؛ فرواه عن أبي بشر -وهو جعفر بن إياس- بنحوه مرسلاً: أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 957 رقم 428) -ومن طريقه البيهقي (9/ 186) -، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 10)، والطحاوي في "المشكل" (11/ 59 رقم 4280)؛ والخطابي في "غريب الحديث" (3/ 80، 81). =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف، يقال له: الحصين، كان له ابنان نصرانيان، وكان هو رجلاً مسلماً، فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ألا أستكرههما؛ فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؛ فأنزل الله فيه ذلك (¬1). [ضعيف جداً] * عن مجاهد؛ قال: كان له غلام -يعني: نصرانياً- يقال له: جرير، وكان يقول له: أسلم، فقال: كذا كان يقال لهم، وإن ناساً من الأنصار قد أرضعوا في بني قريظة، وكانوا يقولون لهم: أسلموا؛ فنزلت: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = وهذا لا ينافي الموصول، وكلاهما صحيح. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 20) وزاد نسبته لابن المنذر، وابن منده في "غرائب شعبة". قلنا: وصححه ابن حبان، والنحاس. وذكر السيوطي الرواية المرسلة، وزاد نسبتها لعبد بن حميد، وابن المنذر. (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 10): حدثنا ابن حميد قال: ثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد -مولى زيد بن ثابت- عن عكرمه أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس به. قلنا: وهذا سند تالف بمرة؛ فيه أربع علل: الأولى: شيخ ابن جرير محمد بن حميد؛ متهم. الثانية: سلمة هو ابن الفضل الأبرش الرازي؛ صدوق كثير الخطأ. الثالثة: شيخه ابن إسحاق مدلس، وقد عنعن. الرابعة: محمد بن أبي محمد -شيخ ابن إسحاق-؛ مجهول، قال الحافظ في "التقريب" (2/ 205): "مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق". (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 960 رقم 429): نا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 20)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. =

* عن عامر الشعبي؛ قال: إن المرأة من الأنصار كانت تنذر إن عاش ولدها؛ لتجعلنه في أهل الكتاب، فلما جاء الإِسلام؛ قالت الأنصار: يا رسول الله! ألا نكره أولادنا الذين هم في يهود على الإِسلام؛ فإنا إنما جعلناهم فيها ونحن نرى أن اليهودية أفضل الأديان، فلما أن جاء الله بالإِسلام؛ أفلا نكرههم على الإِسلام؟ فأنزل الله -تعالى ذكره-: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (1). [ضعيف] ¬

_ = ولم نجده عند الطبري بهذا اللفظ، وإنما أخرجه في "جامع البيان" (3/ 11) من طريق عيسى بن ميمون عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله -تعالى-: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}؛ قال: كانت في اليهود يهود أرضعوا رجالاً من الأوس، فلما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإجلائهم؛ قال أبناؤهم من الأوس: لنذهبن معهم، ولندينن بدينهم؛ فمنعهم أهلوهم، وأكرهوهم على الإِسلام؛ ففيهم نزلت هذه الآية. وسنده ضعيف؛ لإرساله. وأخرجه ابن جرير -أيضاً- من طريق ابن جريج عن مجاهد بنحوه. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه عنعنة ابن جريج مع إرساله. وأخرجه ابن جرير -أيضاً- عن سعيد بن الربيع الرازي عن ابن عيينه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ووائل عن الحسن: أن ناساً من الأنصار كانوا مسترضعين في بني النضير، فلما أُجلوا؛ أراد أهلوهم أن يلحقوهم بدينهم؛ فنزلت: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}. قلت: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وأخرجه ابن جرير -أيضاً- من طريق وكيع وأبي أحمد الزبيري، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 53) من طريق عبد الرحمن بن مهدي جميعاً عن الثوري عن خصيف الجزري عن مجاهد بلفظ: كان ناس من الأنصار مسترضعين في بني قريظة؛ فأرادوا أن يكرهوهم على الإِسلام؛ فنزلت: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}. قلنا: سنده ضعيف, لأن خصيفاً الجزري سيّئ الحفظ، واختلط بأخره. قلنا: أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص 281/ 516)، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 11) من طريقين عن داود بن أبي هند عن الشعبي به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 20)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. =

* عن السدي؛ قال: نزلت في رجل من الأنصار يقال له: أبو الحصين، كان له ابنان؛ فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت، فلما باعوا وأرادوا أن يرجعوا؛ أتاهم ابنا أبي الحصين؛ فدعوهما إلى النصرانية؛ فتنصرا؛ فرجعا إلى الشام معهم، فأتى أبوهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: إن ابنيَّ تنصرا وخرجا؛ أفأطلبهما؟ فقال: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب، وقال: "أبعدهما الله؛ هما أول من كفر"؛ فوجد أبو الحصين في نفسه على النبي حين لم يبعث في طلبهما؛ فنزلت: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]، ثم إنه نسخ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}؛ فأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = قلنا: لكن أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 10) من طريق معتمر بن سليمان وبشر بن المفضل وابن علية ثلاثتهم عن داود بن أبي هند عن الشعبي بلفظ: كانت المرأة من الأنصار تكون مقلاتاً -لا يعيش لها ولد-؛ فتنذر إن عاش ولدها أن تجعله مع أهل الكتاب على دينهم؛ فجاء الإِسلام وطوائف من أبناء الأنصار على دينهم، فقالوا: إنما جعلناهم على دينهم، ونحن نرى أن دينهم أفضل ديناً، وإذ جاء الله بالإِسلام؛ فلنكرهنهم؛ فنزلت: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} فكان فصل ما بين من اختار اليهودية والإِسلام؛ فمن لحق بهم؛ اختار اليهودية، ومن أقام؛ اختار الإِسلام. قلنا: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬1) أخرجه أبو داود في "الناسخ والمنسوخ"؛ كما في "تهذيب الكمال" (5/ 102) عن جعفر بن محمد، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 10) حدثني موسى بن هارون، وإسماعيل القاضي في "أحكام القرآن"؛ كما في "الإِصابة" (4/ 44) من طريق عمرو بن حماد بن طلحة القناد عن أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر، ضعيف. =

* قال مسروق: كان لرجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان؛ فتنصرا قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الطعام؛ فلزمهما أبوهما، وقال: لا أدعكما حتى تسلمان؛ فتخاصما إلى، رسول الله؛ فقال: يا رسول الله! أيدخل بعضي النار وأنا انظر؟! فأنزل الله -تعالى-: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}؛ فخلى سبيلهما (¬1). [ضعيف] * وقال قتادة وعطاء: نزلت في أهل الكتاب إذا قبلوا الجزية، وذلك أن العرب كانت أمة أمية لم يكن لهم كتاب؛ فلم يقبل منهم إلا الإِسلام، فلما أسلموا طوعاً أو كرهاً؛ أنزل الله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}؛ فأمر بقتال أهل الكتاب إلى أن يسلموا أو يقروا بالجزية، فمن أعطى منهم الجزية؛ لم يكره على الإِسلام (¬2). * عن عبد الله بن عبيدة: أن رجلاً من الأنصار من بني سالم بن عوف كان له ابنان تنصرا قبل أن يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقدما المدينة في نفر من أهل دينهم يحملون الطعام، فرآهما أبوهما؛ فانتزعهما، وقال: والله لا أدعهما حتى يسلما، فأبيا أن يسلما؛ فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! أيدخل بعضي النار وأنا انظر؟! فأنزل الله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}؛ فخلى سبيلهما (¬3). * {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)}. ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 21)، وزاد نسبته لابن المنذر. وذكر ابن الأثير في "أسد الغابة": أن ابن الدباغ أخرجه. (¬1) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 314)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 52، 53) معلقاً دون سند. (¬2) قاله البغوي. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 21)، ونسبه لعبد بن حميد.

* قال الكلبي وغيره: نزلت في عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف: أما عبد الرحمن بن عوف؛ فإنه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأربعة آلاف درهم صدقة، فقال: كان عندي ثمانية آلاف درهم؛ فأمسكت منها لنفسي ولعيالي أربعة آلاف درهم، وأربعة آلاف أقرضتها ربي، فقال له رسول الله: "بارك الله لك فيما أمسكت، وفيما أعطيت"، وأما عثمان؛ فقال: عليَّ جهاز من لا جهاز له في غزوة تبوك؛ فجهز المسلمين بألف بعير بأقتابها، وأحلاسها، وتصدق برومة؛ ركية كانت له على المسلمين؛ فنزلت فيهما هذه الآية (¬1). [ضعيف] * عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-؛ قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رافعاً يده يدعو لعثمان، ويقول: "يا رب! إن عثمان بن عفان رضيت عنه"، فما زال رافعاً يده حتى طلع الفجر؛ فأنزل الله -تعالى- فيه: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية (¬2). [ضعيف] * وقال ابن السائب ومقاتل: نزلت في عثمان بن عفان في نفقته في غزوه تبوك، وشرائه بئر رومة بالمدينة تصدق بها على المسلمين، وفي عبد الرحمن بن عوف تصدق بأربعة آلاف درهم، وكانت نصف ماله (¬3). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)}. ¬

_ (¬1) قاله الواحدي في "أسباب النزول" (ص 55) معلقاً دون سند، ونحوه في "معالم التنزيل" (1/ 325). (¬2) قاله الواحدي في "أسباب النزول" (ص 55) معلقاً دون سند. (¬3) قاله ابن الجوزي في "زاد المسير" (1/ 216)، معلقاً دون سند، ونحوه في "معالم التنزيل" (1/ 325).

* عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت فينا معشر الأنصار، كنا أصحاب نخل، كان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته، وكان الرجل يأتي بالقنو والقنوين؛ فيعلقه في المسجد، وكان أهل الصفة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاع جاء القنو؛ فضربه بعصاه؛ فيسقط البسر والتمر؛ فيأكل، وكان ناس ممن لا يرغب في الخير يأتي الرجل بالقنو فيه الشيص والحشف، وبالقنو قد انكسر؛ فيعلقه؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)} الآية. قال: لو أن أحدكم أهدي إليه مثل ما أعطى؛ لم يأخذه إلا عن إغماض وحياء. قال: فكنا بعد ذلك يأتي أحدنا بصالح ما عنده (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 226)، والترمذي (5/ 218، 219 رقم 2987)، وابن ماجه (1/ 583 رقم 1822)، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 55)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/ 201)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 528 رقم 2803)، والحاكم (2/ 285)، والبيهقي (4/ 136)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 56)، وابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 328) من طرق عن البراء به. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب صحيح". وقال الحاكم: "هذا حديث غريب صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" كذا في المطبوع، ونقل ابن كثير في "تفسيره": أن الحاكم صححه على شرطهما. وفي الزوائد على ابن ماجه: "إسناده صحيح". قلنا: مداره على السدي -وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة- صدوق عالم بالتفسير، وقد قال العجلي: "ثقة عالم في التفسير راوية له"، وهذا من التفسير؛ فالحديث صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 58)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

* عن سهل بن حنيف -رضي الله عنه-؛ قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصدقة؛ فجاء بكبائس من هذا السجل -يعني الشيص- فوضعه، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من جاء بهذا؟ "، وكان كل من جاء بشيء نسب إليه؛ فنزلت: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} الآية، ونهى رسول الله عن لونين من التمر أن يؤخذا في الصدقة: الجعرور، ولون الحبيق (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود (2/ 110 - 111/ 1607) -ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (6/ 83 - 84) -، والطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 76 - 77/ 5567)، وابن خزيمة في "صحيحه" (4/ 39 - 40/ 2313)، والدارقطني في "سننه" (2/ 313 - 314/ 2013 و314/ 2014)، والحاكم (1/ 402 و 2/ 284) -وعنه- في الموضع الأول -البيهقي (4/ 136) -، من طريق عباد بن العوّام، عن سفيان بن حسين، عن ابن شهاب الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه به. قال الحاكم في "الموضع الأول": "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه"! وقال في "الموضع الثاني": "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين" ووافقه -فيهما- الذهبي!! قلنا: وقدوهما؛ فإن البخاري ومسلماً لم يخرجا لسفيان بن حسين عن الزهري شيئاً، وسفيان ثقة باتفاق أهل العلم؛ إلا في الزهري خاصة، فإنه فيه ضعيف، وقد رواه من أثبت منه عن الزهري ولم يذكر: "عن أبيه"، كما سيأتي. وقد توبع سفيان بن حسين، تابعه: أ - سليمان بن كثير -وهو ضعيف في الزهري خاصة- وقد اختلف عنه فيه: فرواه أبو الوليد الطيالسي -وهو ثقة ثبت- عنه به بإثبات (عن أبيه): أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 528/ 2802)، والطبراني في "الكبير" (6/ 76/ 5566)، والدارقطني في "سننه" (2/ 314/ 2015)، والحاكم (1/ 402 و2/ 284)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 136)، و"معرفة السنن والآثار" (3/ 272/ 2314)، وابن عبد البر في "التمهيد" (6/ 84)، و"الاستذكار" (9/ 242 - 243/ 13142). وخالفه: مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، ومحمد بن كثير العبدي -وهما ثقتان من رجال الشيخين- فروياه عن سليمان بن كثير به؛ بإسقاط: (عن أبيه). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = أخرجه الدارقطني في "سننه" (2/ 315/ 2016). قلنا: وهذه الرواية أرجح؛ لسببين: 1 - أنهما جمع، فهما أثبت من الطيالسي. 2 - أن محمد بن كثير هو أخو سليمان بن كثير، فهو -من هذه الحيثية- أدرى بحديث أخيه من غيره، وأعرف. على أن التهمة بسليمان بن كثير -نفسه- ألزق؛ فهو لضعفه في الزهري كان يضطرب فيه؛ مرة يذكره، ومرة لا يذكره، فحفظ عنه الرواة هذا وذاك، والله أعلم. ب - محمد بن أبي حفصة -وهو صدوق يخطئ-، واختلف عنه -أيضاً-: فرواه عبدان، عن عبد الله بن المبارك، عنه به بإثبات: (عن أبيه). أخرجه الحاكم (1/ 402). وخالف عبدان: محمد بن عيسى الطباع؛ فرواه عن ابن المبارك به، بإسقاط: (عن أبيه). أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (4/ 39/ 2311). وقد توبع محمد بن عيسى عليه بإسقاط (عن أبيه)، تابعه: أبو أسامة -حماد بن أسامة- عن ابن أبي حفصة به. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 226). ولعل هذا الاختلاف من ابن أبي حفصة نفسه، فإنه موصوف بالخطأ، ومع ذلك فإن رواية من أسقط (عن أبيه) اصح، ويؤيده: أن عبد الجليل بن حميد اليحصبي -وهو صدوق- رواه عن ابن شهاب به بإسقاط (عن أبيه). أخرجه النسائي في "المجتبى" (5/ 42)، و"الكبرى" (3/ 33/ 2283) -ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (6/ 85) -، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الحجاب" (1/ 625)، وابن خزيمة في "صحيحه" (4/ 39/ 2312)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 700 - 701)، والطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 77/ 5569)، والدارقطني في "سننه" (2/ 315/ 2017). وجملة القول: إن الصواب في إسناد هذا الحديث أنه من مسند أبي أمامة بن سهل، ومن قال فيه: (عن أبيه)؛ فقدوهم. =

* عن مجاهد؛ قال: كانوا يتصدقون من النخل بحشفه وشراره؛ فنهوا عن ذلك، وأمروا أن يتصدقوا بطيبه؛ وفي ذلك نزلت: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (¬1). [ضعيف] * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بزكاة الفطر بصاع من تمر؛ فجاء رجل بتمر رديء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن رواحة: "لا تخرص هذا التمر"؛ فنزل القرآن: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)} (¬2). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشترون الطعام الرخيص ويتصدقون؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ¬

_ = إذا عرفت هذا؛ فإن إسناد الحديث صحيح بمجموع طرقه عن ابن شهاب، وأبو أمامة معدود في الصحابة؛ لكن لم يثبت سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو من مراسيل الصحابة، وهي حجة باتفاق. (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 56) من طريق عيسى بن ميمون الجرشي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: رجاله؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 60) وعزاه لسفيان بن عيينة، والفريابي. (¬2) أخرجه الحاكم (2/ 283، 284)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 55) من طريق قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر به. قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: وهو كما قالا. ورواه عبد بن حميد؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 58، 59) عن جعفر بن محمد عن أبيه بنحوه مرسلاً. قلنا: لا يضر إرساله؛ لأن من وصله ثقات أثبات.

أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)} (¬1). [حسن] * عن عبيدة السلماني؛ قال: سألت علياً بن أبي طالب عن قول الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)} الآية؛ فقال: نزلت هذه الآية في الزكاة المفروضة، كان الرجل يعمد إلى التمر؛ فيصرمه، فيعزل الجيد ناحية، فإذا جاء صاحب الصدقة؛ أعطاه من الرديء؛ فقال الله: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} الآية. يقول: ولا يأخذ أحدكم هذا الرديء حتى يهضم له (¬2). [ضعيف جداً] * عن محمد بن يحيى بن حبان المازني: أن رجلاً من قومه أتى بصدقته يحملها إلى رسول الله بأصناف من التمر معروفة من الجعرور، واللينة، والأيارخ، والقضرة، وأمعاء فارة، وكل هذا لا خير فيه من تمر النخل؛ فردها الله ورسوله، وأنزل الله فيه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 526 رقم 2790)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 59) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 114، 115 رقم 112) -من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر القمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلنا: وهذا سند حسن. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 56) من طريق أبي بكر الهذلي عن محمد بن سيرين عن عبيدة به. قلنا: وهذا سند تالف، واه بمرة؛ فيه أبو بكر الهذلي؛ قال الحافظ في "التقريب" (2/ 401): "إخباري متروك الحديث".

وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)} (¬1). [ضعيف] * عن عطاء؛ قال: علق إنسان حشفاً في الأقناء التي تعلق بالمدينة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذا؟ بئسما علق هذا! "؛ فنزلت: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (¬2). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن الرجل كان يكون له الحائطان على عهد نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يعمد إلى أردئهما تمراً؛ فيتصدق به، ويخلط فيه من الحشف؛ فأنزل الله: {وَلاتَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}؛ فعاب الله عليهم، ونهاهم عنه (¬3). [ضعيف] * عن الضحاك؛ قال: كانوا حين أمر الله أن يؤدوا الزكاة يجيء الرجل من المنافقين بأرداء طعام له من تمر وغيره؛ فكره الله ذلك، وقال: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (¬4) [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 59)، وعزاه لابن المنذر. قلنا: سنده ضعيف لإرساله. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 56) من طريق الحجاج بن نصير عن ابن جريج سمعت عطاء. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬3) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 56) من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 58)، وعزاه لعبد بن حميد. (¬4) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 56) من طريق جويبر عنه به. قلنا: وهذا سند تالف؛ جويبر قال عنه الحافظ في "التقريب" (1/ 136): "راوي التفسير؛ ضعيف جداً، من الخامسة". =

* {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)}. * عن الشعبي؛ قال: في قوله -تعالى-: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} قال: أنزلت في أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-: أما عمر، فجاء بنصف ماله حتى دفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما خلفت وراءك لأهلك يا عمر؟! " قال: خلفت لهم نصف مالي، وأما أبو بكر؛ فجاء بماله كله يكاد أن يخفيه من نفسه، حتى دفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي: "ما خلفت وراءك لأهلك يا أبا بكر؟! " فقال: عدة الله وعدة رسوله؛ فبكى عمر -رضي الله عنه-، وقال: بأبي أنت وأمي يا أبا بكر! والله ما استبقنا إلى باب خير قط؛ إلا كنت سابقنا إليه (¬1). [موضوع] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت لما سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: صدقة السر أفضل أم صدقه العلانية؟ (¬2). * {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كانوا يكرهون أن يرضخوا ¬

_ = ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 58)، وزاد نسبته لعبد حميد، وابن المنذر. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 536 رقم 2848): ثنا أبي حدثنا الحسن بن زياد المحاربي مؤذن محارب أنا موسى بن عمير عن الشعبي به. قلنا: وهذا حديث موضوع؛ سنده تالف؛ فيه موسى بن عمير القرشي مولاهم أبو هارون الكوفي الأعمى؛ قال الحافظ في "التقريب" (2/ 287): "متروك"، وقد كذبه أبو حاتم؛ كما في "الجرح والتعديل" (8/ رقم 696). (¬2) ذكره الواحدي في "الوسيط" (1/ 384) معلقاً دون سند.

لأنسابهم من المشركين؛ فسألوا، فرضخ لهم؛ فنزلت هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان أناس من الأنصار لهم أنسباء وقرابة من قريظة والنضير، وكانوا يتقون أن يتصدقوا عليهم، ويريدونهم أن يسلموا؛ فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الفريابي؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 86) -ومن طريقه النسائي في "الكبرى" (6/ 305، 306 رقم 11052)، والطبراني في "الكبير" (12/ 43 رقم 12453) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 76، 77 رقم 68) -، وابن المنذر في "تفسيره" (1/ 39/ 1)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 537 رقم 2852)، والبزار في "المسند" (3/ 42 رقم 2193 - "كشف")، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 63)، والحاكم (2/ 285 و4/ 156 - 157)، والبيهقي في "سننه" (4/ 191)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 86) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 77 رقم 69) - كلهم من طريق الثوري عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده صحيح؛ صححه الحاكم ووافقه الذهبي. قلنا: وهو كما قالا. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 324): "رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم؛ وهو ضعيف، ورواه البزار بنحوه، ورجاله ثقات". قلنا: فالعمده على الطرق السابقه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 86)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 63) من طريق ابن المبارك عن سفيان =

* عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن رجالاً من الصحابة قالوا: أنتصدق على من ليس من أهل ديننا؟! فأنزل الله في ذلك القرآن: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} (¬1). [ضعيف] * عن الربيع؛ قال: كان الرجل من المسلمين إذا كان بينه وبين الرجل من المشركين قرابة وهو محتاج؛ فلا يتصدق عليه، يقول: ليس من أهل ديني؛ فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = الثوري عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وسنده صحيح؛ رجاله ثقات. (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 63) من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 87)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 63) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإعضال. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف سيئ الحفظ وبخاصة في مغيرة. الثالثة: ابنه عبد الله فيه ضعف، وبخاصة عن أبيه؛ قال ابن حبان في "الثقات" (8/ 335): "يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه". وذكر الواحدي في "الوسيط" (1/ 387) -معلقاً دون سند- في سبب نزول الآية فقال: قال المفسرون: نزلت هذه الآية حين جاءت قتيلة أم أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- إليها تسألها، وكذلك جدتها، وهما مشركتان؛ فقالت: لا أعطيكما =

* عن سعيد بن جبير: كانوا يعطون فقراء أهل الذمه صدقاتهم، فلما كثر فقراء المسلمين؛ قالوا: لا نتصدق إلا على فقراء المسلمين؛ فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} (¬1). [ضعيف] * عن عمرو الهلالي؛ قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنتصدق على فقراء أهل الكتاب؟ فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} الآية، ثم دلوا على الذي هو خير وأفضل؛ فقيل: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا} [البقرة: 273] (¬2). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرنا أن لا نتصدق إلا على أهل الإِسلام؛ حتى نزلت هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)}؛ فأمر بالصدقة بعدها على كل من ¬

_ = حتى أستأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنكما لستما على ديني؛ فاستأمرته في ذلك؛ فأنزل الله هذه الآية؛ فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تتصدق عليهما. (¬1) أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" (1/ 3/40) من طريق يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد به. وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه سفيان بن عيينة؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 87)، -ومن طريقه ابن المنذر في "تفسيره" (1/ 40/ 4) -: عن عمرو به. وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

سألك من كل دين (¬1). [حسن] * عن ابن الحنفية؛ قال: كره الناس أن يتصدقوا على المشركين؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} قال: فتصدق الناس عليهم (¬2). [ضعيف] * عن ابن جريج: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ}؛ قال: سأله رجل ليس على دينه، فأراد أن يعطيه، ثم قال: "ليس على ديني"؛ فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} الآية (¬3). [ضعيف جداً] * {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 537 - 538 رقم 2853 و539/ 2862)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 86) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختاره" (10/ 115 ,116رقم 113, 114) -من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي حدثنا أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وسنده حسن، ويشهد له ما بعده. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 177) , وابن المنذر في "تفسيره" (1/ 41/ 5)، والواحدي في "الوسيط" (1/ 386) , وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 63) من طريقين عن أشعث عن جعفر عن سعيد به مرسلاً. وهذا سند ضعيف؛ لإرساله, والوصل زيادة يجب قبولها. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 177) , والواحدي في "الوسيط" (1/ 386) من طريق الحجاج بن أرطاة عن سالم المكي عن محمد بن الحنفية به. قلنا: وسنده مرسل، وهو ضعيف؛ فيه سالم المكي لم نعرفه. (¬3) أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" (1/ 40/ 2) من طريق ابن ثور عن ابن جريج به. وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله.

أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)}. * عن أبي أمامة الباهلي؛ صدي بن عجلان -رضي الله عنه-؛ قال: نزلت هذه الآية في أصحاب الخيل: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)}؛ فيمن يربطها لا خيلاء، ولا لضمار (¬1). [ضعيف] * عن عريب المليكي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} في أصحاب الخيل" (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (42/ 37 - 38) بسند ضعيف، وقد ضعفه البخاري وابن عساكر. (¬2) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (7/ 433)، وابن المنذر في "تفسيره" (1/ 45 - 46/ 18)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 542 رقم 2880)، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 171 رقم 504)، و"الأوسط" (2/ 17 رقم 1083) -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" (3/ 531) -، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (5/ 158 رقم 2696)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 56)، و"الوسيط" (1/ 392)، وأبو الشيخ في "العظمة" (5/ 1781، 1782 رقم 1283، 1284)، وابن عدي في "الكامل (3/ 1196)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (4/ 2252 رقم 5592) من طريق سعيد بن سنان عن يزيد بن عبد الله بن عريب المليكي عن أبيه عن جده به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: سعيد بن سنان؛ متروك الحديث، متهم بالوضع؛ كما في "الكامل" (3/ 1197)، و"التهذيب" (4/ 46)، و"التقريب" (1/ 298). الثانية والثالثة: يزيد بن عبد الله بن عريب وأبوه مجهولان؛ كما في "اللسان" (3/ 315)، و"المجمع" (6/ 324)، وقال الذهبي في "تجريد أسماء الصحابة" (1/ 380): "شامي، قال البخاري: يقال: له صحبة، له حديث من وجه ضعيف". =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ في قوله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)}؛ قال: نزلت في علي بن أبي طالب، كانت له أربعة دراهم؛ فأنفق بالليل درهماً، وبالنهار درهماً، وسراً درهماً، وعلانية درهماً (¬1). [ضعيف جداً] ¬

= وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 324) وقال: "ويزيد بن عبد الله وأبوه لا يعرفان". قلنا: وذكره السيوطي "الدر المنثور" (2/ 100) وزاد نسبته لابن أبي عاصم في "الجهاد". (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 543 رقم 2883) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 58) -, وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 108) -ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 80 رقم 11164) -، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 57، 58)، و"الوسيط" (1/ 392)، وابن جرير في "جامع البيان"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 322)، وابن المنذر في "تفسيره" (1/ 48 - 49/ 22) من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس. قلنا: ومداره على عبد الوهاب؛ وهو متروك، وكذبه الثوري؛ كما في "التقريب" (1/ 528)، وانظر: "الميزان" (2/ 682). وعليه؛ فالحديث ضعيف جداً. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 324): "فيه عبد الوهاب بن مجاهد، وهو ضعيف. وضعفه الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 333)، وذكر أنه له طريقاً أخرى عن ابن عباس عند ابن مردويه. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 100، 101)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن عساكر. (تنبيه): وقع عند ابن أبي حاتم، والطبري عن مجاهد قوله، ولم يذكرا: ابن عباس، ولعله من أوهام عبد الوهاب.

* {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)}. * عن عبد الله بن عباس في قوله -عزّ وجلّ-: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}؛ قال: يُعرفون يوم القيامة بذلك، لا يستطيعون القيام إلا كما يقوم المجنون المُخنَّق: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} -وكذبوا على الله-: {وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى} إلى قوله: {وَمَنْ عَادَ}؛ فأكل الربا: {فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}. وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ} [البقرة: 278، 279] إلى آخر الآية. فبلغنا -والله أعلم- أن هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عمير بن عوف من ثقيف، وفي بني المغيرة من بني مخزوم. كانت بنو المغيرة يربون لثقيف، فلما أظهر الله رسوله على مكة؛ وضع يومئذ الربا كله. وكان أهل الطائف قد صالحوا على أن لهم رباهم، وما كان عليهم من ربا؛ فهو موضوع، وكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر صحيفتهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين: أن لا يأكلوا الربا ولا يؤاكلوه؛ فأتاهم بنو عمرو بن عمير وبنو المغيرة إلى عتاب بن أسد -وهو على مكة- فقال بنو المغيرة: ما جعلنا أشقى الناس بالربا؟ وضع عن الناس غيرنا، فقال بنو عمرو بن عمير: صولحنا على أن لنا ربانا؛ فكتب عتاب بن أسيد في ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت هذه الآية: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:279]؛ فعرف بنو عمرو أن

الإيذان لهم بحرب من الله ورسوله بقوله: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279]. {لَا تَظْلِمُونَ}: فتأخذون أكثر، {وَلَا تُظْلَمُونَ}: فتبخسون منه. {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} أن تذروه خير لكم إن كنتم تعلمون {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 280، 281]؛ فذكروا أن هذه الآية نزلت، وآخر آية من سورة النساء نزلتا آخر القرآن (¬1). [موضوع] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)}. * عن ابن جريج في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)}. قال: كانت ثقيف قد صالحت النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن ما لهم من ربا على الناس وما كان للناس عليهم من ربا؛ فهو موضوع، فلما كان الفتح؛ استعمل عتاب بن أسيد على مكة، وكانت بنو عمرو بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة، وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية، فجاء الإِسلام ولهم عليهم مال كثير، فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم، فأبى بنو المغيرة أن يعطوهم في الإِسلام، فرفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد؛ فكتب ¬

_ (¬1) أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (5/ 74، 75 رقم 2668) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 58، 59) - من طريق الكلبي، عن أبي صالح -باذام مولى أم هانئ- عن ابن عباس به. قلنا: وهذا حديث موضوع؛ فيه الكلبي كذاب، ونحوه أبو صالح. قال الثوري: "قال لي الكلبي: قال لي أبو صالح: كل ما حدثتك؛ فهو كذب". وقال الكلبي نفسه: "كل شيء أحدث به عن أبي صالح فهو كذب"؛ كما في "الكامل" (6/ 2127 - 2130)، و"تهذيب الكمال" (25/ 248 - 252).

عتاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} إلى قوله: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279]؛ فكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عتاب، وقال: "إن رضوا؛ وإلا فآذنهم بحرب" (¬1). [ضعيف جداً] * وقال السدي: نزلت في العباس وخالد بن الوليد وكانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا إلى بني عمرو بن عمير -ناس من ثقيف-، فجاء الإِسلام ولهما أموال عظيمة في الربا؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية (¬2). [ضعيف] * عن السدي في: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)}؛ قال: نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيرة، كانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا أناس من ثقيف من بني عمرو -وهم بنو عمر بن عمير-؛ فجاء الإِسلام ولهما أموال عظيمة في الربا؛ فأنزل الله ذروا ما بقي من فضل كان في الجاهليه (¬3) من الربا. [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 71) من طريق الحجاج بن نصير عن ابن جريج به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لأنه معضل. وأخرجه الواحدي في "الوسيط" (1/ 397) من طريق داود عن ابن جريج عن مجاهد به. قلنا: وفيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج؛ مدلس، وقد عنعنه. (¬2) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 344)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 59) معلقاً دون سند. قلنا: وهو معضل. (¬3) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 71)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" =

* وقال عطاء وعكرمة: نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} في العباس بن عبد المطلب وعثمان بن عفان -رضي الله عنهما-، وكانا قد أسلفا في التمر، فلما حضر الجداد؛ قال لهما صاحب التمر: إن أنتما أخذتما حقكما؛ لا يبقى لي ما يكفي عيالي؛ فهل لكما أن تأخذا النصف، وتؤخرا النصف وأضعف لكما؟ ففعلا، فلما حل الأجل؛ طلبا الزيادة، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهما؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)}؛ فسمعا وأطاعا وأخذا رؤوس أموالهما (¬1). [ضعيف] * قال مقاتل بن حيان: نزلت في أربعة أخوة من ثقيف: مسعود وعبد ياليل وحبيب وربيعة، وهم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي، كانوا يداينون بني المغيرة بن عبد الله بن عمير بن مخزوم وكانوا يربون، فلما ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - على الطائف: أسلم هؤلاء الأخوة، فطلبوا رباهم من بني المغيرة، فقال بنو المغيرة: والله ما نعطي الربا في الإِسلام وقد وضعه الله -تعالى- عن المؤمنين؛ فاختصموا إلى عتاب بن أسيد -وكان عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مكة-؛ فكتب عتاب بن أسيد إلى النبي بقصة الفريقين وكان ذلك مالاً عظيماً؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ¬

_ = (2/ 548 رقم 2913) من طريق أسباط بن نصر عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر، ضعيف. (¬1) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 344)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 59) معلقاً دون سند. قلنا: وهو مرسل.

آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية في نفر من ثقيف؛ منهم: مسعود وربيعة وحبيب وعبد ياليل، وهم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي، وفي بني المغيرة من قريش: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} [البقرة: 278] (¬2). [موضوع] * وقال بنو عمرو بن عمير لبني المغيرة: هاتوا رؤوس أموالنا وندع لكم الربا، فشكا بنو المغيرة العسرة؛ فنزلت الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} الآية (¬3). [ضعيف] * {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ في قوله: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}؛ قال: نزلت في الربا (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" معلقاً (1/ 345). قلنا: أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 548، 549 رقم 2915) من طريق محمد بن مزاحم عن بكير بن معروف عن مقاتل به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله، وضعف بكير. وفيه: "فاختصموا إلى معاذ بن جبل أو عتاب بن أسيد" على الشك. (¬2) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (2/ 831 رقم 1094، 2180، 2762)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (1/ 336، 2/ 62) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهذا موضوع، من دون ابن عباس كذابون. (¬3) ذكره ابن الجوزي -معلقاً- في "زاد المسير" (1/ 334). (¬4) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 986 رقم 454 - تكملة)، وابن جرير =

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً}. * عن الربيع؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ الله}؛ كان أحدهم يجيء إلى الكاتب؛ فيقول: اكتب لي، فيقول: إني مشغول، أو لي حاجة؛ فانطلق إلى غيري، فيلزمه ويقول: إنك قد أمرت أن تكتب لي، فلا يدعه ويضاره بذلك وهو يجد غيره؛ فأنزل الله: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = في "جامع البيان" (3/ 73)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 552 رقم 2934) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن يزيد بن أبي زياد ضعيف، كبر؛ فتغير، وصار يتلقن، وكان شيعياً. وذكره الواحدي في "الوسيط" (1/ 398) معلقاً دون سند. وقال المفسرون: لما نزلت هذه الآية؛ قال الإخوة المربون -يعني ثقيفاً-: بل نتوب إلى الله؛ فإنه لا يدان لنا بحرب من الله ورسوله، فرضوا برأس المال وسلموا لأمر الله -عزّ وجلّ-؛ فشكا بنو المغيرة العسرة، وقالوا: أخرونا إلى أن تدرك الغلات، فأبوا أن يؤخروا؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} الآية. (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 84) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي، عن أبيه، عن الربيع به. =

* عن قتادة؛ أنه قال: كان الرجل يطوف في الحواء العظيم فيه القوم فيدعوهم إلى الشهادة؛ فلا يتبعه منهم أحد؛ فنزلت هذه الآية: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} الآية (¬1). [ضعيف] * {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}. * عن ابن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في الشهادة (¬2). [ضعيف] * {لِلَّهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإعضال. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف؛ ضعفه أبو زرعة، والفلاس، وابن حبان، والنسائي، وابن حجر. الثالثة: رواية ابنه عنه ضعيفة؛ قال ابن حبان في "الثقات" (8/ 335): يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه. (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 83) من طريق بشر عن يزيد عن سعيد عن قتادة به. وزاد السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 121) نسبته لعبد بن حميد. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" (1/ 93/ 161) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن زائدة بن قدامة، عن يزيد بن أبي زياد الهاشمي عن مقسم عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف، يزيد هذا ضعيف.

كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}. * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: لما أنزل الله على رسول - صلى الله عليه وسلم -: {لِلَّهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} الآية؛ اشتد ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتوا رسول الله، ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله! كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة، والصيام، والجهاد، والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها، قال رسول الله: "أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟! بل قولوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} "؛ فلما قرأها القوم؛ ذلت بها ألسنتهم؛ فأنزل الله في إثرها: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)}، فلما فعلو ذلك؛ نسخها الله -تعالى-؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} الآية (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ أنه ذكر له: أن ابن عمر تلا هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله}؛ فبكى، ثم قال: والله لئن آخذنا الله بها؛ لنهلكن، فقال ابن عباس: يرحم الله أبا عبد الرحمن! قد وجد المسلمون منها حين نزلت ما وجد؛ فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1/ 115، 116 رقم 125).

وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} من القول والعمل، وكان حديث النفس مما لا يملكه أحد ولا يقدر عليه أحد (¬1). [صحيح] * عن مجاهد بن جبر؛ أنه جاء، فقال: يا ابن عباس! كنت عند ابن عمر؛ فقرأ هذه الآية؛ فبكى، فقال: أية آية؟، قلت: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله}؛ فقال ابن عباس: إن هذه الآية حين أنزلت: غمت أصحاب رسول الله غماً شديداً، وغاظتهم غيظاً شديداً؛ وقالوا: يا رسول الله! هلكنا إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا وبما نعمل؛ فأما في قلوبنا؛ فليست بأيدينا، فقال لهم رسول الله: "قولوا: سمعنا وأطعنا"، قال: فنسختها هذه الآية: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)}؛ فتجوز لهم عن حديث النفس، وأخذوا بالأعمال (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) رواه الشافعي في "مسنده" (رقم 422 - رواية المزني) -وعنه الطحاوي في "المشكل" (4/ 311 رقم 1626) -، وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (رقم 508)، والطبري في "جامع البيان"، (3/ 195)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 578، 579 رقم 3087، 3090)، والطبراني في "الكبير" (10/ 3161 رقم 10769، 10770)، والطحاوي في "المشكل" (4/ 312 رقم 1627)، والبيهقي في "الشعب" (1/ 297 رقم 329) كلهم من طريق الزهري عن سعيد بن مرجانة: ذكر لابن عباس به. وزاد السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 128) نسبته لعبد بن حميد وأبي داود في "ناسخه". قال الحافظ في "فتح الباري" (8/ 206): "وأخرج الطبري بإسناد صحيح عن الزهري؛ أنه سمع سعيد بن مرجانة يقول: كنت عند ابن عمر. . . به". قلنا: وهو كما قال -رحمه الله-. ورواه الطبري في "جامع البيان" (3/ 96) عن الزهري مرسلاً ضعيفاً. (¬2) أخرجه أحمد في "مسنده" (1/ 332) -ومن طريقه ابن الجوزي في "نواسخ =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: لما نزلت هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله}؛ قال: دخل قلوبهم: منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا"، قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}؛ قال: قد فعلت: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا}؛ قال: قد فعلت {وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا}؛ قال: قد فعلت (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس في قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}؛ قال: لما ¬

_ = القرآن" (ص 229) -، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 96) عن عبد الرزاق: أنا معمر، عن حميد الأعرج عن مجاهد به. قلنا: وسنده حسن للكلام في حميد، وسكت عنه الحافظ في "الفتح" (8/ 206). (¬1) رواه مسلم (رقم 126) بهذا اللفظ من طريق آدم بن سليمان قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس به. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (3/ 96) مرسلاً ضعيفاً وهو خطأ، والصواب رواية مسلم وغيره الموصولة؛ كذا حدث به الثقات؛ لأنه من رواية أبي أحمد الزبيري عن الثوري، وقد قال الحافظ في ترجمة أبي أحمد الزبيري في "التقريب" (2/ 176): "ثقة ثبت؛ إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري".

نزلت؛ اشتد ذلك على المسلمين وشق عليهم؛ فنسخها الله -عزّ وجلّ-: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: في هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}؛ قال: نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني (11/ 362 رقم 12296)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص 227) من طريق عمار بن رزيق، والبيهقي في "الشعب" (1/ 296 رقم 328) من طريق ورقاء كلاهما عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه عطاء، وكان قد اختلط، والراويان عنه هنا ليسا من قدماء أصحابه. (¬2) أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص 274 رقم 502)، والطبري في "جامع البيان" (3/ 95)، وابن المنذر في "تفسيره" (1/ 93/ 163)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص 233، 234) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس به. وروى الطحاوي في "المشكل" (4/ 315) نحوه. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه يزيد بن أبي زياد؛ قال الحافظ في "التقريب" (2/ 365): "ضعيف، كبر؛ فتغير، وصار يتلقن، وكان شيعياً". ورواه الثوري ومحمد بن فضيل وخالد بن عبد الله الطحان وسليمان التيمي عن يزيد عن مجاهد عن ابن عباس بلفظ: "نزلت في الشهادة"؛ فجعل شيخه: مجاهداً، وهذا من تخاليطه. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: لما نزلت هذه الآية؛ يعني: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)}؛ جاء أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وناس من الأنصار، فقالوا: يا رسول الله! والله ما نزلت آية أشد علينا من هذه؛ وإن أحدنا ليحدث نفسه بأشياء ما يحب أن تثبت في قلبه وأن له الدنيا وما عليها؛ قال: فنسخ الله الآية وأنزل: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ أنه قرأ هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا ¬

_ = أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 1004رقم 473 - تكملة)، وابن المنذر في "تفسيره" (1/ 93)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 572 رقم 3056)، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 95). وضعفه الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 306). (¬1) أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص 275 رقم 505)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 60، 61)، و"الوسيط" (1/ 408) معلقاً. قلنا: وسنده ضعيف؛ مداره على عطاء الخراساني؛ قال الحافظ في "التقريب" (232): "صدوق يهم كثيراً، ويرسل، ويدلس".

طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}؛ فدمعت عيناه، فبلغ صنيعه ابن عباس؛ فقال: يرحم الله أبا عبد الرحمن! لقد صنع أصحاب رسول الله حين أنزلت: فنسختها الآية التي بعدها: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬1). [صحيح] * عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}؛ أحزنتنا، قال: قلنا: يحدث أحدنا نفسه؛ فيحاسب به، لا ندري ما يغفر منه ولا ما لا يغفر؛ فنزلت هذه الآية بعدها فنسختها: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)} (¬2). [ضعيف] * عن مجاهد في قوله -عزّ وجلّ-: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/ 7 رقم 17377)، وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (276/ 507)، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 96)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 82)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 287)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص 229) كلهم من طريق الزهري عن سالم عن أبيه به. قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: وسنده صحيح على شرطهما. (¬2) أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 128، 129) -وعنه الترمذي (5/ 220/ 2990) -، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص 225) كلهم من طريق السدي عمن سمع علياً: أن علياً قال: (فذكر). قلنا: وسنده ضعيف؛ للانقطاع الذي فيه.

تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}؛ قالوا: فشق ذلك عليهم، قالوا: يا رسول الله! إنا لنحدث أنفسنا بشيء ما يسرنا أن يطلع عليه أحد من الخلائق، وأنا لنا كذا وكذا؟ قال: "أو قد لقيتم هذا؟! ذلك صريح الإيمان"؛ فأنزل الله: {آمَنَ الرَّسُولُ} (¬1). [ضعيف] * عن ابن زيد؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}؛ اشتدت على المسلمين وشقت مشقة شديدة؛ فقالوا: يا رسول الله! لو وقع في أنفسنا شيء لم نعمل به؛ وآخذنا الله به؟ قال: "فلعلكم تقولون كما قال بنو إسرائيل: سمعنا وعصينا؟! "، قالوا: بل سمعنا وأطعنا يا رسول الله! قال: فنزل القرآن يفرجها عنهم: {ءَامَنَ اَلرسُولُ. . .}؛ قال: فصيره إلى الأعمال وترك ما ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 1005 رقم 474) عن عتاب بن بشير، عن خصيف الجزري، عن مجاهد به. قلنا: فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ضعف خصيف الجزري؛ قال الحافظ (1/ 224): "صدوق سيئ الحفظ، خلط بآخره، ورمي بالإرجاء". الثالثة: عتاب بن بشير؛ فيه ضعف، وبخاصة أحاديثه عن خصيف؛ فإنها منكرة، قال ابن عدي في "الكامل" (5/ 1994): "روى عن خصيف نسخة، وفي تلك النسخة أحاديث ومتون أنكرت عليه". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 132)، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد. قلنا: لكن تابع عتاباً مروان بن شجاع -وهو صدوق له أوهام؛ كما في "التقريب" (2/ 239) - عن خصيف بنحوه مختصراً: أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص 277 رقم 509)؛ فالحديث باق على ضعفه.

يقع في القلوب (¬1) [ضعيف جداً] * عن السدي -إسماعيل بن عبد الرحمن- في قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ}؛ قال: يوم نزلت هذه الآية: كانوا يؤاخذون بما وسوست به أنفسهم وما عملوا؛ فشكوا ذلك إلى النبي، فقالوا: إن عمل أحدنا وإن لم يعمل؛ أخذنا الله به، والله ما نملك الوسوسة؛ فنسخها الله بهذه الآية التي بعدها: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا. . .}؛ فكان حديث النفس مما تطيقوا (¬2) [ضعيف] * عن الشعبي؛ قال: لما نزلت: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)}؛ فكانت فيها شدة؛ فنزلت هذه الآية التي بعدها؛ فنسختها: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (¬3) [ضعيف] * عن عكرمة في قوله -تعالى-: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ ¬

(¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 97): ثنا يونس بن عبد الأعلى: نا ابن وهب: ثني ابن زيد. قلنا: وسنده صحيح إلى ابن زيد؛ لكن ابن زيد -هذا- هو عبد الرحمن بن زيد من أسلم، متروك الحديث، وهو معضل. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 97). قلنا: وسنده معضل ضعيف؛ فيه أسباط بن نصر؛ قال الحافظ (1/ 53): "صدوق كثير الخطأ يغرب". (¬3) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 1017 رقم 480)، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 96)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص 231)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 82، 83). قلنا: إسناده مرسل.

وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}؛ قال: نزلت في الشهادة (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص 274، 275 رقم 503، 504) من طريقين عنه. قلنا: وسنده صحيح؛ لكنه مرسل.

سورة آل عمران

سورة آل عمران * {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله وَالرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)}. * عن الربيع بن أنس: قوله: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} وذلك أنهم؛ يعني: النصارى، قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألست تزعم أنه كلمة الله وروح منه؟! قال: "بلى". قالوا: فحسبنا؛ فأنزل الله: {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، عن جابر بن عبد الله بن رباب؛ قال: مر أبو يوسف بن أخطب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلو فاتحة سورة ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 20، 21 رقم 18)، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 108، 109) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإعضال؛ فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - والربيع هذا مفاوز. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعفه أبو زُرعة، والنسائي، وابن حبان، وغيرهم. الثالثة: عبد الله بن أبي جعفر الرازي؛ فيه ضعف. قال ابن حبان في "الثقات" (8/ 335): "يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه"، وهذا منها.

البقرة: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 1، 2]؛ فأتى أخاه حُيي بن أخطب في رجال من يهود، فقال: تعلمون؛ والله لقد سمعت محمداً يتلو فيما أنزل الله -عزّ وجلّ- عليه: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ}؛ فقالوا: وأنت سمعته؟ قال: نعم، قال: فمشى حُيي بن أخطب في أولئك النفر من يهود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا محمد! ألم يذكر لنا أنك تتلو فيما نزل عليك: {ذَلِكَ الْكِتَابُ}؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بلى"، فقالوا: أجاءك بهذا جبريل من عند الله؟ قال: "نعم"، قالوا: لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه؟ وما أجدل أمته غيرك؟ فقال حُيي بن أخطب -وأقبل على من كان معه-، فقال لهم: الأَلِفُ: واحدة، واللام: ثلاثون، والميم: أربعون؛ فهذه إحدى وسبعون سنة. قال: فقال لهم: أتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة؟! قال: ثم أقبل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا محمد! هل مع هذا غيره؟ قال: "نعم"، قال: ماذا؟ قال: {المص (1)} [الأعراف: 1] "، قال: هذا أثقل وأطول؛ الألِفُ: واحدة، واللام: ثلاثون، والميم: أربعون، والصاد: تسعون؛ فهذه مائة وإحدى وستون سنة، هل مع هذا يا محمد غيره؟! قال: "نعم"، قال: ماذا؟ قال: " {الر} [يونس: 1] "، قال: هذه أثقل وأطول؛ الألف: واحدة، واللام: ثلاثون، والراء: مائتان؛ فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة، فقال: هل مع هذا غيره يا محمد؟! قال: "نعم؛ {المر} [الرعد: 1] "، قال: فهذه أثقل وأطول؛ الألفُ: واحدة، واللام: ثلاثون، والميم: أربعون، والراء: مئتان؛ فهذه إحدى وسبعون ومائتا سنة، ثم قال: لقد لبس علينا أمرك يا محمد؛ حتى ما ندري أقليلاً أعطيت أم كثيراً؟! ثم قاموا عنه، فقال أبو ياسر لأخيه حيي بن أخطب ولمن معه من الأحبار: ما يدريكم لعله قد جمع هذه كله لمحمد؟! إحدى وسبعون، وإحدى وستون ومائة، ومائتان وإحدى وثلاثون، ومائتان وإحدى وسبعون؛ فذلكم سبعمائة سنة وأربع وثلاثون،

فقالوا: لقد تشابه علينا أمره (¬1). [ضعيف] * {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما أصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشاً يوم بدر، وقدم المدينة؛ جمع اليهود في سوق بني قينقاع، فقال: "يا معشر اليهود! أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً"، قالوا: يا محمد! لا يغرنك في نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا؛ لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)} (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير (2/ 208، 209)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 71، 72) من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس عن جابر. وعن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبد الله بن رباب. قلنا: هذا حديث ضعيف: أمّا السند الأول؛ ففيه شيخ ابن إسحاق، وهو مجهول. وأما السند الثاني؛ ففيه الكلبي وشيخه، وهما كذابان، وقد قال الإِمام أحمد؛ كما في "الجامع" للخطيب (2/ 163) -عندما سئل عن "تفسير الكلبي؟ - قال: "من أوله إلى آخره كذب"، فقيل له: يحل النظر فيه؟ قال: "لا". وبالتالي؛ فالطريقان لا يقويان بعضهما بعضاً؛ فالحديث باق على ضعفه. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 426 - ابن هشام) -ومن طريقه أبو داود (رقم 3001) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 351، 352 رقم 377) -، والطبري "جامع البيان" (3/ 128)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 173، 174)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 352، 353 رقم 378) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. =

* عن عكرمة؛ في قوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)} قال: فِخْاص اليهودي في يوم بدر: لا يغرنَّ محمداً إنْ غلب قريشاً وقتلهم أَنَّ قريشاً لا تحسن القتال؛ فنزلت هذه الآية: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)} (¬1). [ضعيف] * عن قتادة ومجاهد؛ قالا: أنزلت في محمد وأصحابه ومشركي قريش يوم بدر: أن يهود أهل المدينة قالوا لما هزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشركين يوم بدر: هذا والله النبي الأمي الذي بشرنا به موسى، ونجده ¬

= قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة محمد بن أبي محمد هذا، وضعفه شيخنا -رحمه الله- في "ضعيف أبي داود". وأخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 95، 96 رقم 162)، وابن جرير "في جامع البيان" (3/ 128، 129)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 174) -: ثني عاصم بن عمر بن قتادة؛ قال: لما أصاب الله قريشاً يوم بدر؛ جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهود في سوق بني قينقاع، ثم قدم المدينة، فقال: "يا معشر يهود! أسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب به قريشاً"، قالوا له: يا محمد! لا يغرنك في نفسك إن قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا؛ لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)} إلى قوله {لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَار} [آل عمران: 13]. قلنا: وسنده حسن؛ لكنه مرسل؛ فالحديث بمجموعها حسن إن شاء الله، ويشهد له في الجملة ما بعده. (¬1) أخرجه سُنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 665) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 129) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وسند ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: عنعنة ابن جريج. الثالثة: سنيد هذا متكلم فيه، وهو ضعيف. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور (2/ 158)، وزاد نسبته لابن المنذر.

في كتابنا بنعته وصفته، وأنه لا ترد له راية، وأرادوا اتباعه؛ فقال بعضهم: لا تعجلوا حتى ننظر إلى وقعة له أخرى، فلما كان يوم أحد ونكب أصحابه؛ شكّوا، وقالوا: ما هو به، فغلب عليهم الشقاء؛ فلم يسلموا، وكان بينهم وبينه عهد؛ فنقضوه، وانطلق كعب بن الأشرف إلى أبي سفيان بمكة، فوافقهم أن يكونوا كلمة واحدة، ثم رجعوا إلى المدينة؛ فنزلت (¬1). [ضعيف] * {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)}. * عن أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد؛ قال: لما نزلت: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)} [آل عمران: 14]؛ قال عمر: الآن يا رب! حين زينتها لنا؛ فنزلت: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"، (2/ 666) ولم يذكر سنده. قلنا: لو صح السند إليهما؛ فهو مرسل، والمرسل ضعيف. وروي عن ابن عباس بنحوه؛ ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 62) -معلقاً- من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: ومن دون ابن عباس كذابون. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 101 رقم 175)، وابن جرير في "جامع البيان" (1/ 133) من طريق جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن أبي بكر به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: أن أبا بكر هذا لم يلق عمر؛ فلم يدرك من هو أصغر من عمر؛ كأبي هريرة، وعائشة وغيرهما، ثم إنهم لم يذكروه ضمن الرواة عن عمر؛ فهو منقطع. =

* {شَهِدَ الله أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)}. * قال الكلبي: لما ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة؛ قدم عليه حبران من أحبار أهل الشام، فلما أبصرا المدينة؛ قال أحدهما لصاحبه: ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان! فلما دخلا على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ عرفاه بالصفة والنعت، فقالا له: أنت محمد؟ قال: "نعم"، قالا: وأنت أحمد؟ قال: "نعم"، قالا: إنا نسألك عن شهادة؛ فإن أنت أخبرتنا بها؛ آمنا بك وصدقناك، فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سلاني"، فقالا: أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله (¬1). [موضوع] * {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)}. * قال الكلبي: لما نزلت: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]؛ قالت اليهود والنصارى: لسنا على ما تسمينا به يا محمد! إنما اليهودية والنصرانية ليست لنا، والدين هو الإِسلام ونحن عليه؛ فأنزل الله -تعالى-: {فَإِنْ حَاجُّوكَ}؛ أي: خاصموك في الدين {فَقُلْ أَسْلَمْتُ ¬

_ = الثانية: عطاء بن السائب اختلط، وسماع جرير منه بعد الاختلاط. وأخرجه ابن أبي حاتم (1/ 101 رقم 176)، وابن أبي شيبة وعبد بن حميد؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 160) من طريق سيار بن الحكم: أن عمر. . وذكره بنحوه، لكن ليس فيه ذكر سبب النزول. قلنا: وسنده منقطع؛ لأن سياراً لم يلق عمر؛ فهو ضعيف. (¬1) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 62) معلقاً دون سند، ونقله عنه الحافظ في "العجاب" (2/ 668)، وسكت عنه. قلنا: والحديث موضوع؛ لأن الكلبي كذاب.

وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ}؛ قال: فقالوا: أسلمنا، فقال لليهود: "أتشهدون أن عيسى عبد الله ورسوله؟ "، فقالوا: لا؛ فنزلت: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} (¬1). [موضوع] * {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21)}. * عن معقل بن أبي مسكين؛ قال: كان الوحي يأتي إلى بني إسرائيل؛ فيذكرون قومهم، ولم يكن يأتيهم كتاب فيقتلون؛ فيقوم رجال ممن اتبعهم وصدقهم فيذكرون قومهم فيقتلونهم؛ فهم الذين يأمرون بالقسط من الناس فنزلت: {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} (¬2). [ضعيف] * {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: دخل رسول الله بيت المدراس على جماعة من يهود؛ فدعاهم إلى الله، فقال النعمان بن عمرو، والحارث بن زيد: على أي دين أنت يا محمد؟! فقال: "على ملة إبراهيم ودينه"، فقالا: فإن إبراهيم كان يهودياً، فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فهلم إلى التوراة؛ فهي بيننا وبينكم"؛ فأبيا عليه؛ فأنزل الله -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} [آل عمران: 24] إلى قوله: {وَغَرَّهُمْ في دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره الحافظ ابن حجر في "العجاب" (2/ 670) عن ابن الكلبي معلقاً. والكلبي كذاب. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (3/ 144)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص 163 رقم 278 - آل عمران) من طريق ابن أبي نجيح عن معقل بن أبي مسكين به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، وجهالة معقل بن أبي مسكين. (تنبيه): زاد ابن أبي حاتم بين ابن أبي نجيح ومعقل: مجاهد بن جبر. وزاد السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 169) نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. (¬3) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" =

* وعنه -أيضاً-: أن رجلاً وامرأة من أهل خيبر زنيا -فذكر القصة الآتية في سورة المائدة وفيها-: فحكم عليهما بالرجم، فقال له نعمان بن أبي أوفى وبحري بن عمرو: جرت علينا يا محمد! فقال: "بيني وبينكم التوراة". . . القصة؛ وفيها ذكر ابن صوريا، وفي آخرها؛ فأنزل الله -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} إلى قوله: {وَهُمْ مُعْرِضُونَ} (¬1). [موضوع] * وعن السدي؛ قال: دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود إلى الإسلام، فقال له نعمان بن أبي أوفى: يا محمد! نخاصمك إلى الأحبار؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية (¬2). [ضعيف] * {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)}. * عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل ربه أن يجعل ملك فارس والروم في أمته؛ فأنزل الله: {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ¬

_ = (3/ 145)، وابن أبي حاتم (2/ 165، 166 رقم 286) -: ثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهاله شيخ ابن إسحاق، وهو عند ابن أبي حاتم مرسل؛ لم يذكر ابن عباس. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 170)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 674)؛ قال: "قَوْلٌ آخر: قال ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وذكره". قلنا: تقدم أن الكلبي وشيخه كذابان؛ فالحديث موضوع. (¬2) ذكره الحافظ في كتابه "العجاب" (2/ 673) ونسبه للطبري ولم نجده فيه، وعلى كل؛ فلو صح السند إلى السدي؛ فهو ضعيف؛ لأنه معضل (*). (*) وذكر الحافظ في "العجاب" (2/ 673، 674) أقوالاً معلقة، لم نر ضرورة لنقلها.

إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)} (¬1) [ضعيف] * عن عمرو بن عوف -رضي الله عنه-: خط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخندق يوم الأحزاب، ثم قطع لكل عشرة أربعين ذراعاً، قال عمرو بن عوف: كنت أنا وسلمان وحذيفة والنعمان بن مقرن المزني وستة من الأنصار في أربعين ذراعاً، فحفرنا حتى إذا كنا تحت ذي ناب؛ أخرج الله من بطن الخندق صخرة مروة كسرت حديدنا، وشقت علينا، فقلنا: يا سلمان! ارق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره خبر هذه الصخرة؛ فإما أن نعدل عنها، وإما أن يأمرنا فيها بأمره؛ فإنا لا نحب أن نجاوز خطه، قال: فرقى سلمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ضارب عليه قبة تركية، فقال: يا رسول الله! خرجت صخرة بيضاء مروة من بطن الخندق، فكسرت حديدنا، وشقت علينا؛ حتى ما يحيك فيها قليل ولا كثير؛ فمرنا فيها بأمر؛ فإنا لا نحب أن نجاوز خطك، قال: فهبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع سلمان الخندق، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعول من سلمان؛ فضربها ضربة صدعها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها؛ يعني: المدينة؛ حتى كأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، وكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبير فتح، فكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكسرها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها؛ حتى كأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، وكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبير فتح، وكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكسرها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها، وأخذ يد سلمان ورقى، فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد رأيت شيئاً ما رأيت مثله قط، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى القوم، فقال: "رأيتم ما يقول ¬

_ (¬1) أخرجه إسحاق بن راهويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 674) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 64) -، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب"، و"الدر المنثور" (2/ 171)، وابن أبي حاتم (ص 171 رقم 304 - آل عمران)، والطبري في "جامع البيان" (3/ 148) من طرق عن قتادة به. قلنا: وهو صحيح إلى قتادة لكنه مرسل.

سلمان؟ "، قالوا: نعم يا رسول الله! قال: "ضربت ضربتي الأولى؛ فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل -عليه السلام-: أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثانية؛ فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحمر في أرض الروم كأنها أنياب الكلاب وأخبرني جبرايل -عليه السلام- أن أمتي ظاهرة عليها. ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق بنا الذي رأيتم. أضاءت منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل -عليه السلام-: أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا"؛ يبلغهم النصر، وأبشروا يبلغهم النصر وأبشروا يبلغهم النصر. فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمد لله موعد صدق وعدنا النصر بعد الحصر، فقال المنافقون: ألا تعجبون؛ يمنيكم ويعدكم الباطل، ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم، وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق ولا تستطيعون أن تبرزوا؟! قال: فنزل القرآن: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)} [الأحزاب: 12]، وأنزل الله -تعالى- في هذه القصة قوله: {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (4/ 83، 7/ 319 - مختصراً)، والطبري في "جامع البيان" (21/ 85، 86 - مطولاً)، والحاكم في "المستدرك" (3/ 598 - مختصراً) -وعنه البيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 418 - 420 - مطولاً) -، والطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 260 رقم 6040)، وأبو نعيم في "المعرفة" (1/ ل 288/ أ)، والثعالبي في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 675 مختصراً) -وعنه الواحدي في أسباب النزول" (ص 64، 65) - كلهم من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف؛ قال: حدثني أبي عن أبيه به. قلنا: سكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: سنده ضعيف"، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 130): "فيه كثير بن عبد الله المزني، وقد ضعفه الجمهور، وحسن الترمذي حدثيه، وبقية رجاله ثقات". وسكت عنه الحافظ في "العجاب". قلنا: فيه كثير هذا، وهو ضعيف جداً، بل كذبه بعضهم. وحديث عمرو هذا ليس في آخره: ونزل قوله تعالى: {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ =

* {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ في شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (28)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان الحجاج بن عمر حليف كعب بن الأشرف وابن أبي الحقيق وقيس بن زيد قد بطنوا بنفر من الأنصار؛ ليفتنوهم عن دينهم، فقال رفاعة بن المنذر بن زبير وعبد الله بن جبير وسعد بن خيثمة لأولئك النفر: اجتنبوا هؤلاء اليهود واحذروا لزومهم ومباطنتهم؛ لا يفتنوكم عن دينكم، فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم ولزومهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} إلى قوله: {وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284] (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه، كانوا يتولون اليهود والمشركين ويأتونهم بالأخبار، ويرجون أن يكون لهم الظفر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله -تعالى- هذه الآية، ونهى المؤمنين عن مثل ذلك (¬2). [موضوع] ¬

_ = تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)} إلا عند الثعالبي والواحدي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 574)، وزاد نسبته لابن أبي حاتم، وابن مردويه. (¬1) أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (3/ 152)، وابن أبي حاتم (ص 187، 188/ 352 - آل عمران) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق. (تنبيه): ليس عند ابن أبي حاتم من المطبوع عن عكرمة، وإنما هو معضل، لكن السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 176) عزاه له عن ابن عباس؟! (¬2) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 65، 66) معلقاً: وقال الكلبي وذكره. =

* وعنه -أيضاً-؛ قال: نزلت في عبادة بن الصامت الأنصاري -وكان بدرياً نقيباً، وكان له حلفاء من اليهود-، فلما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب؛ قال عبادة: يا نبي الله! إن معي خمسمائة رجل من اليهود، وقد رأيت أن يخرجوا معي؛ فأستظهر بهم على العدو؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ} (¬1). [ضعيف جداً] * وقال مقاتل بن سليمان: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وغيره، كانوا يظهرون المودة لكفار مكة؛ فنهاهم الله عن ذلك (¬2). [موضوع] * {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن اليهود لما قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه؛ أنزل الله -تعالى- هذه الآية، فلما نزلت؛ عرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اليهود، فأبوا أن يقبلوها (¬3). [موضوع] ¬

_ = وذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 676)، وقال: "قَوْلٌ آخرُ: قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به". قلنا: هذا حديث كذب. (¬1) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 66) معلقاً، وقال: وقال جويبر: عن الضحاك عن ابن عباس (وذكره). ونقل هذا الحديث الحافظ في "العجاب" (2/ 677)، وقال: "قول آخر: ذكر جويبر في "تفسيره" عن الضحاك عن ابن عباس (وذكره) ". قلنا: جويبر؛ ضعيف جداً، والضحاك لم يسمع من ابن عباس. (¬2) ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 676) معلقاً وسكت عليه. قال الحافظ في "العجاب" (1/ 217): "ومنها -أي التفاسير الواهية-: تفسير مقاتل بن سليمان، وقد نسبوه إلى الكذب، وقال الشافعي: مقاتل؛ قاتله الله، وإنما قال الشافعي فيه ذلك؛ لأنه اشتهر عنه القول بالتجسيم، وروى تفسير مقاتل هذا عنه أبو عصمة -نوح بن أبي مريم- الجامع، وقد نسبوه إلى الكذب! ". (¬3) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 66)، وكذا الحافظ في "العجاب" =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على قريش وهم في المسجد الحرام، وقد نصبوا أصنامهم، وعلقوا عليها بيض النعام، وجعلوا في آذانها الشنوف وهم يسجدون لها، فقال: "لقد خالفتم ملّة أبيكم إبراهيم وإسماعيل"، فقالوا: يا محمد! إنا نعبد هذه حباً لله؛ ليقربونا إلى الله زلفى؛ فقال: "أنا رسول الله إليكم، وأنا أولى بالتعظيم من الأصنام" (¬1). [ضعيف جداً] * قال مقاتل بن سليمان: لما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - كعب بن الأشرف وأصحابه إلى الإِسلام؛ قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، ولنحن أشد حباً لله مما تدعونا إليه؛ فنزلت: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ} (¬2). [موضوع] * عن ابن جريج؛ قال: زعم أقوام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنهم يحبون الله، فقالوا: يا محمد! إنا نحب ربنا؛ فنزلت، وجعل اتباع نبيه علماً لحبه (¬3). [ضعيف جداً] ¬

= (2/ 677)، وقال: "قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به". قلنا: الكلبي وشيخه كذابان متهمان به؛ فالحديث موضوع. . (¬1) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 66) -معلقاً- وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به. وقال الحافظ في "العجاب" (2/ 678): "قول آخر: ذكر جويبر في "تفسيره" عن الضحاك عن ابن عباس فذكره". قلنا: جويبر ضعيف جداً؛ والضحاك لم يسمع من ابن عباس. وقال الحافظ: "وهذا من منكرات جويبر؛ فإن آل عمران مدنية وهذه القصة إنما كانت بمكة قبل الهجرة، ولعل الذي نزل فيهما في أوائل الزمر". (¬2) ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 677) عنه. قلنا: وهذا حديث كذب مفترى؛ فيه مقاتل بن سلميان. (¬3) أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في العجاب (2/ 678) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (1/ 155) - عن حجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج فذكره. =

* عن الحسن؛ قال: قال أقوام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا محمد! إنا لنحب ربنا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- بذلك قرآناً: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}؛ فجعل الله اتباع نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - علماً لحبه، وعذاب من خالفه (¬1). [ضعيف] * عن الحسن؛ قال: قال قوم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا محمد! إنا نحب ربنا؛ فأنزل الله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} فجعل اتباع نبيه - صلى الله عليه وسلم - علماً لحبه وعذاب من خالفه (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قلنا وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإعضال؛ فابن جريج من أتباع التابعين، ثم هو معروف بالتدليس عن الكذابين والضعفاء. الثانية: سنيد هذا صاحب التفسير متكلم فيه: ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي وغيرهما، قال الحافظ في "فتح الباري" (8/ 219): "هو من حفاظ الحديث، وله تفسير مشهور؛ لكن ضعفه أبو حاتم والنسائي"، وقال في "العجاب" (1/ 219): "وفيه لين"، وقال في "التقريب" (1/ 335): "ضعيف مع إمامته ومعرفته؛ لكونه كان يُلقّن حجاج بن محمد شيخه"، وقال الذهبي في "الميزان" (2/ 236): "حافظ له تفسير وله ما ينكر". وانظر: "تهذيب التهذيب" (4/ 244)، و"تهذيب الكمال" (12/ 162، 163) وغيرها. (تنبيه): ليس في "جامع البيان" للطبري تصريح بأنه سبب نزول، وإنما قاله الحافظ. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (3/ 155) من طريق علي بن الهيثم: ثنا عبد الوهاب، عن أبي عبيدة؛ قال: سمعت الحسن فذكره. قلنا: وسنده ضعيف. (¬2) أخرجه ابن جرير (3/ 155) من طريق بكر بن الأسود عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأنه مرسل (*). (*) هذا الأثر مما أغفله الحافظ في "العجاب"؛ فليستدرك.

* {قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)}. * ذكر الحافظ في "العجاب" (2/ 679): أن الثعلبي قال: إن عبد الله بن أُبي لما نزل قوله -تعالى-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: 31]؛ قال لأصحابه: إن محمداً يجعل طاعته كطاعة الله، ويأمرنا أن نعبده كما تعبد النصارى عيسى بن مريم؛ فنزلت: {قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ}. . الآية. * قال مقاتل بن سليمان: نزلت في اليهود (¬1). [موضوع] * {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)}. * عن الحسن؛ قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راهبا نجران، فقال أحدهما: من أبو عيسى؟ وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعجل حتى يأمره ربُّه؛ فنزل عليه: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60)} [آل عمران: 58 - 60] (¬2). [ضعيف] * عن الحسن؛ قال: جاء راهبا نجران إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهما: "أسلِما؛ تسلَما"، فقالا: قد أسلمنا قبلك، فقال: "كذبتما؛ يمنعكما من الإِسلام سجودكما للصليب، وقولكما: اتخذ الله ولداً، وشربكما الخمر"، فقالا: ما تقول في عيسى؟ قال: فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم -. ونزل القرآن: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا ¬

_ (¬1) قلنا: ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 679)، وقد بَيَّنا وهاء تفسير مقاتل هذا. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم (2/ 304، 305 رقم 663): ثنا أبي ثنا موسى إسماعيل التبوذكي ثنا مبارك بن فضالة سمعت الحسن. قلنا: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)}؛ فدعاهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الملاعنة، قال: وجاء بالحسن والحسين، وفاطمة وأهله وولده -عليهم السلام-، قال: فلما خرجا من عنده؛ قال أحدهما لصاحبه: اقرر بالجزية ولا تلاعنه؛ فأقر بالجزيه، قال: فرجعا، فقالا: نقر بالجزيه ولا نلاعنك (¬1). [ضعيف] * {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)}. * عن السدي؛ قال: لما بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسمع به أهل نجران؛ أتاه منهم أربعة نفر من خيارهم؛ منهم: العاقب، والسيد ماسرجس ومارنجر فسألوه ما يقول في عيسى؟ فقال: "هو عبد الله، وروحه، وكلمته"، قالوا هم: لا؛ ولكنه هو الله؛ نزل من ملكه؛ فدخل في جوف مريم، ثم خرج منها، فأرانا قدرته وأمره، فهل رأيت قط إنساناً خلق من غير أب؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو الشيخ في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 67)، و"الوسيط" (1/ 443) - من طريق يحيى ووكيع عن مبارك بن فضالة عن الحسن به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: مبارك بن فضالة صدوق يدلس، وقد عنعنه (*). (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (3/ 207، 208) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعيف. (*) هذا الحديث لم يورده الحافظ في "العجاب"، وهو على شرطه.

* عن الأزرق بن قيس؛ قال: جاء أسقف نجران والعاقب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فعرض عليهما الإِسلام، فقالا: قد كنا مسلمين قبلك، فقال: "كذبتما؛ منع الإِسلام منكما ثلاث: قولكما: اتخذ الله ولداً، وسجودكما للصليب، وأكلكما لحم الخنزير"، قالا: فمن أبو عيسى؟ فلم يرد عليهما؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: ذُكر لنا أن سيدي أهل نجران، وأسقفهم: السيد والعاقب، لقيا نبي الله؛ فسألاه عن عيسى، فقالا: لكل آدمي أب؛ فما بال عيسى لا أب له؟! فنزلت (¬2). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: نزلت في العاقب والسيد من أهل نجران، وهما نصرانيان (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 679): حدثنا روح بن عبادة، عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن الأزرق بن قيس: (وذكره). قلنا: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 229)، وزاد نسبته لابن سعد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (3/ 207)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 679)، و"الدر المنثور" (2/ 228) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬3) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 208) من طريق الحسين بن داود الملقب والمعروف بسنيد عن حجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج عنه به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج؛ مدلس، وقد عنعن. الثالثة: سنيد هذا صاحب "التفسير"؛ ضعيف كما تقدم ص 243.

* عن ابن جريج؛ قال: بلغنا أن نصارى أهل نجران قدم وفدهم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيهم السيد والعاقب، وهما يومئذ سيدا أهل نجران، فقالوا: يا محمد! فيم تشتم صاحبنا؟! قال: "من صاحبكما؟ "، قالا: عيسى بن مريم؛ تزعم أنه عبد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أجل؛ إِنه عبدُ الله، وكلمتهُ ألقاها إلى مريم، وروح منه"؛ فغضبوا، وقالوا: إن كنت صادقاً، فأرنا عبداً يحيي الموتى ويبرئ الأكمه ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه! لكنه الله، فسكت حتى أتاه جبريل؛ فقال: يا محمد {لقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17]، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا جبريل! إنهم سألوني أن أخبرهم بمَثَلِ عيسى؟ قال جبريل: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)} "؛ فلما أصبحوا؛ عادوا؛ فقرأ عليهم الآيات (¬1). [ضعيف جداً] * عن الشعبي؛ قال: قدم وفد نجران على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: حدثنا عن عيسى بن مريم؟ قال: "رسول الله، وكلمته ألقاها على مريم"، قالوا: ينبغي لعيسى أن يكون فوق هذا؛ فأنزل الله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ}؛ قال: ما ينبغي لعيسى أن يكون مثل آدم؛ فأنزل الله: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61] الآية (¬2). [ضعيف] * {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا ¬

_ (¬1) أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 680، 681) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 207) - عن حجاج المصيصي عن ابن جريج به. قلنا: إسناده ضعيف جداً، وتقدم مراراً. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 228)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 229)، وعزاه لابن المنذر. قلنا: وهو مرسل.

وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)}. * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: إن وفد نجران أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالوا: ما تقول في عيسى ابن مريم؟ فقال: "هو روح الله، وكلمته، وعبد الله ورسوله"، قالوا: هل لك أن نلاعنك أنه ليس كذلك؟ قال: "وذاك أحب إليكم؟ "، قالوا: نعم، قال: "فإذا شئتم"؛ فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وجمع ولده والحسن والحسين، فقال رئيسهم: لا تلاعنوا هذا الرجل؛ فوالله لئن لاعنتموه؛ ليخسفن أحد الفريقين، فجاءوا فقالوا: يا أبا القاسم! إنما أراد أن يلاعنك سفهاؤنا وإنا نحب أن تعفينا، قال: "قد أعفيتكم"، ثم قال: "إن العذاب قد أظل نجران" (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن شاهين -ومن طريقه الواحدي في أسباب النزول (ص 67، 68) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في"تفسير القرآن العظيم" (1/ 378، 379)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 593، 594)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 297، 298) من طريقين عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر به. قلنا: أخرجه الحاكم عن شيخه علي بن عيسى الحيري عن أحمد بن محمد الأزهري عن علي بن حجر عن علي بن مسهر عن داود به. أما الباقون؛ فمن طريق بشر بن مهران عن محمد بن دينار عن داود به. فمدار الحديث عند الحاكم على أحمد الأزهري هذا؛ قال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 163، 165): "كان ممن يتعاطى حفظ الحديث، ويجري مع أهل الصناعة فيه، ولا يكاد يذكر له باب إلا وأغرب فيه عن الثقات، ويأتي فيه عن الأثبات بما لا يتابع عليه، ذاكرته بأشياء كثيرة؛ فأغرب علي فيها في أحاديث الثقات؛ فكأنه كان يعملها في صباه". وقال الدارقطني: "منكر الحديث"، وقال: "ضعيف الحديث"، وقال ابن عدي: "حدث بمناكير". كما في "الكامل" (1/ 205)، و"اللسان" (1/ 253، 254). وشيخ الحاكم لم نرَ أحداً تكلم فيه بمدح أو ذم. أما الطريق الثانية؛ ففيها بشر بن مهران الحذاء؛ قال ابن أبي حاتم في "الجرح =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والتعديل" (2/ 379 رقم 1476): "سمع منه أبي أيام الأنصاري وترك حديثه، وأمرني أن لا أقرأ عليه حديثه". وقال ابن حبان في "الثقات" (8/ 140): "روى عنه البصريون الغرائب". وشيخه محمد بن دينار؛ صدوق سيئ الحفظ؛ كما في "التقريب" (2/ 160). وبذلك؛ يتبين أن الطريقين لا يقوي بعضهما بعضاً؛ للضعف الشديد فيهما، وعليه؛ فالحديث ضعيف جداً. أما الحاكم؛ فقال: "حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وتعقبهما الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 379) بقوله: "هكذا قالا، وقد رواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن المغيرة عن الشعبي مرسلاً، وهذا أصح". يشير -رحمه الله- إلى ما أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (2/ 310 رقم 678)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 98 رقم 12233، 14/ 549 رقم 18860)، وسعيد بن منصور في "سننه" (3/ 1044 رقم 500)، وابن جرير (3/ 207، 211) من طريق هشيم وشعبة وجرير بن عبد الحميد ثلاثتهم عن المغيرة عن الشعبي بلفظ: "لما عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الملاعنة على أهل نجران؛ قَبِلَ ذلك منه السَّيِّدُ والعاقبُ، فرجعا إلى رجل منهم كان نجيباً، فقال لهما: ما صنعتما شيئاً، والله لئن كان نبياً؛ لا يعصيه الله فيكم، وإن كان ملكاً؛ ليستبدنكم، فقالا له: ما ترى؟ قال: أرى أن تغدوا؛ فإنه يغدو لميعادكما، فإذا غدا عليكما؛ فإنه سيعرض عليكما الملاعنة، فإذا عرض ذلك عليكما؛ فقولا له: نعوذ بالله. وغديا وغدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخذ بيد حسن، وحسين يتبعه، وفاطمة تمشي من خلفه، فقال لهما: "هل لكما في الأمر الذي انطلقتما عليه من الملاعنة؟ "، فقالا: نعوذ بالله، قال: فردد ذلك عليهما، فقالا: نعوذ بالله -مرتين، أو ثلاثاً-، فقال لهما: "هل لكما في الإِسلام أن تسلما ويكون لكما ما للمسلمين وعليكما ما على المسلمين؟ "؛ فلم يقبلا ذلك وكرهاه، فقال لهما: "هل لكما في الجزية تؤديانها وأنتم صاغرون؛ كما قال الله -عزّ وجلّ-؟ "؛ فقبلا ذلك، وقالا: لا طاقة لنا بحرب العرب. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وأما ما يخشى من تدليس المغيرة؛ فشعبة =

* عن سلمة بن عبد يشوع عن أبيه عن جده -قال يونس: وكان نصرانياً؛ فأسلم-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل نجران قبل أن تنزل عليه {طس} - سليمان: "بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، من محمد النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أسْقُف نجران وأهل نجران: إِنْ أسلمتم؛ فإني أحمَدُ إليكم الله إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أما بَعدْ: فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولايةِ الله من ولاية العباد، فإن أبيتم؛ فالجزية، فإن أبيتم؛ فقد آذنتكم بحرب، والسلام". فلما أتى الأسقف الكتاب وقرأه؛ فَظِعَ به، وذعره ذعراً شديداً، فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له: شُرَحْبيل بن وَدَاعَةَ، وكان من أهل هَمْدَان، ولم يكن أحدٌ يُدْعى إذا نزلت معضلة قَبْلَهُ؛ لا الأيهم، ولا السَّيِّد، ولا العاقب، فدفع الأسقف كتاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى شُرَحْبِيل، فقرأه، فقال الأسقف: يا أبا مريم! ما رأيك؟ فقال شُرَحْبيلُ: قد علمتُ ما وَعَدَ الله إبراهيم في ذريَّة إسماعيل من النبوة، فما يُؤمِنُ أن يكون هذا هو ذلك الرجل، ليس لي في النبوّةِ رَأيٌ، لو كان أمرٌ من أمْر الدنيا؛ ¬

_ = لا يروي عن مشايخه المدلسين إلا ما هو مسموع لهم كما هو معروف. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 232)، وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي نعيم. وله شاهد من حديث سعد بن أبي وقاص: أخرجه الترمذي (رقم 2999)، والحاكم (3/ 150) من طريق قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}؛ دعا رسول الله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: "اللهم هؤلاء أهلي". قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. قلنا: وهو وهم؛ فإن البخاري لم يخرج لبكير بن مسمار، وإنما هو من رجال مسلم؛ فهو على شرط مسلم، والله أعلم. وقال الترمذي: "حديث حسن غريب صحيح".

أشرتُ عليك فيه، وجهدت لك، فقال له الأسقف: تَنَحَّ فاجلس، فتنحَّى شرحبيل فجلس ناحية. فَبعثَ الأسقف إلى رجل من أَهْلِ نَجْران يقال له: عبد الله بن شُرَحْبيل، وهو من ذي أصبح من حِمْيَر، فأقرأَهُ الكتاب، وسأله عن الرأيِ فيه، فقال له مثل قول شُرَحبيلَ، فقال له الأسقف: فاجْلِس، فتنحى فجلس ناحيةً. فبعث الأسقف إلى رجلٍ من أَهْلِ نَجْران يقالُ له: جَبَّارُ بن فيضٍ من بني الحارث بن كعب -أحد بني الحَماسِ-، فأقرأه الكتاب، وسأله عن الرأي فيه، فقال له مثل قول شُرَحبيل وعبد الله، فأمره الأسقف؛ فتنحى فجَلس ناحية. فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جَمْعاً؛ أمرَ الأسقف بالناقوس فَضُرِبَ به، ورُفعتِ المُسُوحُ في الصوامع، وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا بالنهار وإذا كان فزعهم ليلاً ضربوا بالناقوسِ ورفعت النيرانُ في الصوامع، فاجتمع -حين ضُربَ الناقوس ورُفعت المسوح- أهل الوادي أعلاهُ وأسلفه، وطُول الوادي مسيرة يوم للراكب السريع وفيه ثلاث وسبعون قرية، وعشرون ومائة ألف مقاتل، فقرأ عليهم كتابَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وسألهم عن الرأي فيه؛ فاجتمع رأي أهل الوادي منهم على أن يبعثوا شُرَحْبيل بن وَدَاعة الهمداني وعبد الله بن شُرَحْبيل الأصبحي وجبار بن فيض الحارثي فيأتونهم بخبرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانطلق الوفد، حتى إذا كانوا بالمدينة؛ وضعوا ثياب السفر عنهم ولبسوا حُلَلا لهم يجرُّونها من حَبَرةٍ، وخواتيم الذهب، ثم انطلقوا حتى أتَوْا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلَّموا عليه، فلم يَرُدَّ عليهم السلامَ، وتصدُّوا لكلامه نهاراً طويلاً فلم يكلمهم وعليهم تلك الحُللِ والخواتيم الذهب، فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، وكانا معرفةً لهم؛ كانا يجْدَعان العتائر إلى نجران في الجاهلية

فيشتروا لهما من بَزِّها وثمرها وذُرَتها، فوجدوهما في ناسٍ من المهاجرين والأنصار في مجلسٍ، فقالوا: يا عثمان! ويا عبد الرحمن! إن نبيَّكُما كتب إلينا بكتاب فأقبلنا مجيبين له، فأتيناه فسلَّمنَا عليه فلم يَرُدَّ سَلَامَنَا، وتصدَّينا لكلامه نهاراً طويلاً فأعيانا أن يُكَلِّمَنَا؛ فما الرأي منكما: أنعودُ أم نرجع؟ فقالا لعليِّ بن أبي أبي طالبٍ -وهو في القوم-: ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم؟! فقال عليٌّ لعثمان ولعبد الرحمن -رضي الله عنهم-: أرى أن يضعوا حُلَلَهُمْ هذه وخواتيمهم ويلبسوا ثياب سفرهم، ثم يعودون إليه. ففعل وفد نجران ذلك، ووضعوا حللهم وخواتيمهم، ثم عادوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلموا؛ فردَّ بسلامهم، ثم قال: "والذي بعثني بالحق؛ لقد أتَوْني المرة الأولى وإنّ إبليس لمعهم". ثم ساءلهم وساءلوه، فلم تزل به وبهم المسألة؛ حتى قالوا له: ما تقول في عيسى بن مريم؛ فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى يَسُرّنا إِنْ كنت نبيّا أن نعلم ما تقول فيه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما عندي فيه شيء يومي هذا، فأقيموا حتى أخبركما بما يقال في عيسى". فأصبح الغدُ وَقَدْ أَنزل الله -عزّ وجلّ- هذه الآية: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ} إلى قوله: {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}. فأبَوا أنْ يُقروا بذلك، فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغد بعْدَ ما أخبرهم الخَبَرَ؛ أقبل مشتملاً على الحسن والحسين في خميل لَهُ وفاطمة تمشي عند ظهرِهِ للملاعنة، وله يومئذ عِدَّة نسوةٍ، فقال شرحبيل لصاحبيه: يا عبد الله بن شُرحبيل! ويا جبار بن فيض! قد علمتما أن الوادي إذا اجتمع أعلاه وأسلفه لم يردوا ولم يصدروا إلا عن رأي، وإني والله أرى أمْراً مقبلاً: إن كان هذا الرجل ملكاً مبعوثاً فكنا أول العرب طعن في

عَيْنه وردَّ عليه أمرَهُ؛ لا يذهب لنا من صدره ولا من صدور قومه حتى يصيبونا بجائحة، وإِنَّا لأدْنَى العرب منهم جواراً، وإن كان هذا الرجل نبياً مُرْسلاً فلاعَنَّاهُ؛ فلا يبقى على وجه الأرض مِنَّا شَعْرُ ولا ظُفرٌ إلا هَلَكَ، فقال له صاحباه: فما الرأي يا أبا مريم؛ فقد وضعَتْكَ الأمور على ذراع؟! فهات رأيك، فقال: رَأيي أنْ أُحَكِّمُهُ؛ فإني أَرى رجلاً لا يحكم شططاً أبداً، فقالا له: أنت وذاك. فتلقى شُرحبيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني قد رأيتُ خيراً من ملاعنتك، فقال: "وما هو؟ "، قال شرحبيل: حُكْمكَ اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصَّباحَ، فمهما حكمت فينا؛ فهو جائزٌ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لعل وراءك أَحَدٌ يُثَرِّبُ عليك؟! "، فقال شرحبيل: سل صاحبيَّ فسألهما، فقالا له: ما ترِد الوادي ولا تصدُرُ إلا عن رأي شُرحبيل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كافرٌ -أو قال: جاحدٌ- موفقٌ"، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلاعنهم، حتى إذا كان الغدُ؛ أتوه، فكتب لهم هذا الكتاب: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هذا ما كتب محمدٌ النبيُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنجران؛ إذ كان عليهمُ حُكْمهُ في كل ثمرةٍ وكل صفراء وبيضاء وسوداء ورقيق، وأفضَلَ عليهم، وتُرِكَ ذلك كله على ألفيّ حلةٍ من حلل الأواقي؛ في كل رجب ألف حلة، وفي كل صفر ألف حلة، ومع كل حُلةٍ أوقيَّةٌ من الفضة، فما زادت على الخراج أو نقصت عن الأواقي؛ فبالحساب، وما قَضَوْا من دُرُوع أو خيل أو رِكاب أو عُروضٍ؛ أُخِذَ منهم بالحساب، وعلى نَجرانَ مؤنة رسلي، ومتعتهم ما بين عشرين يوماً فُدونَهُ، ولا تُحبس رسلي فوق شَهْرٍ، وعليهم عَارِيَّة ثلاثين دِرْعاً وثلاثين فرساً وثلاثين بعيراً؛ إذا كان كيد ومعرّة، وما هلك مما أعَارُوْا رسلي من دروع أو خيل أو ركاب؛ فهو ضمانٌ على رسلي حتى يؤدوه إليهم، ولنجران وحاشيتها جوَارُ الله وذمة محمد النبي على أنفسهم وملِّتهم وأرضيهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبِيَعهم، وأن لا يغيَّروا مما كانوا عليه، ولا يغيَّرُ حق من حقوقهم وَلَا ملِّتهِمْ، ولا

يغيَّروا أُسْقُفٌّ عن اسقفيته ولا واهب من رهبانيتِه، ولا واقهاً من وقيهاه، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، وليس عليهم دنيَّة ولا دَمَ جاهليةً ولا يُحْشُرُوْنَ ولا يُعْشرون ولا يَطأُ أرضهم جيشٌ، ومن سأل فيهم حَقًّا؛ فبينهم النَّصَفُ غير ظالمين ولا مظلومين بنجران، ومن أَكَلَ رِباً من ذي قَبَلٍ؛ فذمتي منهِ بريئة، ولا يؤخذ منهم رجلٌ بظلم آخر، وعلى ما في هذه الصحيفة جوار الله -عزّ وجلّ- وذمةُ محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبداً حتى يأتي الله بأمره، ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم غير مثقلين بظلمٍ". شهد أبو سفيان بن حَرْبٍ، وغيلانُ بن عَمْرٍو، ومالك بن عوف من بني نصرٍ، والأقرع بن حابسٍ الحنظليُّ، والمغيَرةُ وكتب. حتى إذا قبضوا كتابَهُمْ؛ انصرفوا إلى نَجْرَانَ، فتلقاهم الأسقُفُ ووجوه نجرانَ على مسيرةِ ليلةٍ من نجران، ومع الأسقف أخ له من أمه -وهو وابن عمِّه من النسب- يقال له: بشرُ بن معاوية؛ وكنيته: أبو علقمة، فَدَفَعَ الوفدُ كتابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الأسقُفِّ، فبينا هو يقرأهُ وأبو علقمة معه وهما يسيران؛ إذْ كبتَ ببشر ناقته، فتعس بشر، غير أنه لا يُكنِّي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له الأسقف عند ذلك: قد والله تَعَّسْت نبياً مرسلاً، فقال بشر: لا جَرَمَ، والله لا أحلُّ عنها عَقْداً حتى آتيه، فضرب وجه ناقته نحو المدينة وثَنَى الأسقف ناقته عليه، فقال له: افهَمْ عني، إني إنما قلتُ هذا؛ لِيُبَلِّغَ عني العَرَبَ مخافة أن يرَوْا أنا أخذنا حقَّه أو رَضِينا نصرَتَهُ، أو بَخَعْنَا لهذا الرجل بما لم تبخع به العرب، ونحن أعَزُّهُمْ وأجمعهم داراً، فقال له بشرٌ: لا، والله لا أقبل ما خَرَجَ من رأسك أبداً، فضرب بشرٌ ناقته وهو مولي للأسقف ظهره، وهو يقول: إليك تَعْدُوُ قَلِقاً وَضِيَنُها ... معترضاً في بطنها جَنينُهَا مخالفاً دين النصارى دينُهَا حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسلم ولم يزل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى استُشهد أبو علقمة بْعدَ ذلك.

وَدَخل وفد نجران، فأتى الرَّاهب ليثَ بن أبي شمرٍ الزَّبيْديَّ -وهو في رأس صومعةٍ- فقال له: إن نبيَّاً بُعِثَ بتهامة، وإنه كتب إلى الأسقف؛ فأجمع رأي أهل الوادي على أن يسير إليه شرحبيل بن وداعَةَ وعبد الله بن شرحبيل وجَبَّار بن فيض فتأتونهم بخبره، فساروا حتى أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فدَعاهم إلى الملاعنة، فكرهوا ملاعنَتَهُ وَحَكَّمَهُ شرحبيل، فحكم عليهم حُكْماً وكتبَ لهم به كتاباً، ثم أقبل الوَفْدُ بالكتاب حتى دُفعوا إلى الأسقف، فبينا الأسقف يقرأهُ وبشر مَعه؛ إذ كبت بشر ناقته فَتَعَّسَهُ، فشهد الأسقف أنه نبيٌّ مرسل، فانْصَرَفَ أبو علقمة نحْوه يريد الإِسلام، فقال الراهب: انزلوني؛ وإلَّا رميت نفسي من هذه الصومعة؛ فأنزلوه، فانطلق الراهب بهدية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها هذا البُرْدُ الذي يلبسه الخلفاءُ، والقَعْبُ والعصا، وأقام الراهبُ بعد ذلك سنين يسمع كيف ينزل الوحي والسُّنن والفرائض والحدود، وأبَى الله للراهب الإِسلام فلم يُسلم، واستأذَنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرجعة إلى قومه، فأَذِنَ له، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لك حاجتك يا راهبُ؛ إذ أبيت الإِسلام؟! "، فقال له الراهب: إن لي حاجةً ومعَاذَ الله إن شاء الله، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن حاجتك واجبةٌ يا راهب! فاطلبها إذا كان أحبَّ إليك"، فرجع إلى قومه فلم يَعُد حتى قُبضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وإنَّ الأسقُفَّ أبا الحارث أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيدُ والعاقب ووجوه قَوْمِهِ، وأقاموا عنده يسمعون ما يُنزِلُ الله -عزّ وجلّ- عليه، فكتبَ للأسقف هذا الكتاب ولأساقفُّةِ نجران: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. من محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - للأسقُفِّ أبي الحارث وكل أساقفةِ نَجْرَانَ وكهنتهم ورُهْبانهم وبيعهِمْ وأهل بيعهِمْ ورقيقهم وملَّتهِم ومتواطئهم، وعلى كل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير جوار الله ورسوله؛ لا يغيَّرُ أسقُفٌ من أسقفَّتَهِ، ولا راهبٌ من رهبانيته، ولا كاهنٌ من كهانته، ولا يغيَّرُ حقٌ من حقوقهم، ولا سلطانهم، ولا مما كانوا عليه، على ذلك جوارُ الله ورسوله

أبداً ما نَصَحُوا الله، وأصلحوا عليهم غير مثقلين بظلم ولا ظالمين". وكَتَب المغيرةُ بن شعبة. فلما قبضَ الأسقفُّ الكتاب استأْذَنَ في الانصراف إلى قومه ومن معه؛ فأذن لَهُمْ فانصرفوا حتى قُبض النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن وفد نجران من النصارى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم-؛ منهم: السيد وهو الكبير، والعاقب وهو الذي يكون بعده، وصاحب رأيهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهما: "أسلما"، قالا: قد أسلمنا، قال: "ما أسلمتما"، قالا: بلى، قد أسلمنا قبلك، قال: "كذبتما؛ منعكما من الإِسلام ثلاث فيكما: عبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، وزعمكما أن لله ولداً، ونزل {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)} "، فلما قرأها عليهم؛ قالوا: ما نعرف ما تقول! ونزل: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} من القرآن: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} الآية {ثُمَّ نَبْتَهِل}: يقول: يجتهد في الدعاء أن الذي جاء به محمد هو الحق وهو العدل، وأن الذي تقولون هو الباطل، وقال لهم: "إن الله قد أمرني إن لم تقبلوا هذا: أن أباهلكم"، قالوا: يا أبا القاسم! بل نرجع؛ فننظر في أمرنا ثم نأتيك، قال: فخلا بعضهم ببعض وتصادقوا فيما بينهم؛ فقال السيد للعاقب: قد والله علمتم أن الرجل لنبي مرسل، ولئن لاعنتموه؛ إنه لاستئصالكم. وما لاعن قوم نبياً قط؛ فبقي كبيرهم، ولا نبت صغيرهم، فإن أنتم لم تتبعوه، أبيتم إلا إلف دينكم؛ فواعدوه ¬

_ (¬1) أخرجه يونس بن بكير في "زياداته على ابن إسحاق في المغازي" -ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" (5/ 385 - 391) - عن سلمة به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لأنه مسلسل بالمجاهيل؛ فسلمة وأبوه وجده مجهولون.

وارجعوا إلى بلادكم، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج بنفر من أهله؛ فجاء عبد المسيح بابنه وابن أخيه، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أنا دعوت؛ فأمّنوا أنتم"، فأبوا أن يلاعنوه، وصالحوه على الجزية، فقالوا: يا أبا القاسم! نرجع إلى ديننا وندعك ودينك، وابعث معنا رجلاً من أصحابك يقضي بيننا، ويكون عندنا عدلاً فيما بينا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين"، فنظر حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح، فدعاه، فقال: "اذهب مع هؤلاء القوم فاقض بينهم بالحق" (¬1). [موضوع] * عن محمد بن جعفر بن الزبير: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} [آل عمران: 62] إلى قوله: {فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]؛ فدعاهم إلى النصف وقطع عنهم الحجة، فلما أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من الله عنه، والفصل من القضاء بينه وبينهم، وأمره بما أمره به من ملاعنتهم، إن ردّوا عليه؛ دعاهم إلى ذلك، فقالوا: يا أبا القاسم! دعنا ننظر في أمرنا، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه، فانصرفوا عنه، ثم خلوا بالعاقب -وكان ذا رأيهم-، فقالوا: يا عبد المسيح! ما ترى؟ قال: والله يا معشر النصارى! لقد عرفتم أن محمداً نبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم، ولقد علمتم ما لاعَنَ قوم نبياً قط؛ فبقي كبيرهم، ولا نبت صغيرهم، وأنه للاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم قد أبيتم إلا إِلف دينكم والإِقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم؛ فوادعوا الرجل، ثم انصرفوا إلى بلادكم؛ حتى يريكم زمن رأيه، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا أبا القاسم! قد رأينا أن لا نلاعنك، ¬

_ (¬1) أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 298، 299) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهذا حديث موضوع من دون ابن عباس -رضي الله عنهما- كلهم كذابون.

وأن نتركك على دينك، ونرجع على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلاً من أصحابك ترضاه لنا يحكم بيننا في أشياء قد اختلفنا فيها من أموالنا؛ فإنكم عندنا رضا (¬1). [ضعيف] * عن ابن عباس: أن ثمانية من أساقف العرب من أهل نجران قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ منهم: العاقب والسيد؛ فأنزل الله: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا} إلى قوله: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ}؛ يريد: ندع الله باللعنة على الكاذب، فقالوا: أخرّنا ثلاثة أيام، فذهبوا إلى بني قريظة والنضير وبني قينقاع، فاستشاروهم، فأشاروا عليهم أن يصالحوه، ولا يلاعنوه وهو النبي الذي نجده في التوراة؛ فصالحوا النبي - صلى الله عليه وسلم - على ألف حلة في صفر، وألف في رجب ودراهم (¬2). * {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)}. * قال الثعلبيُّ: قال المفسرون: قدم وفدُ نجران، فالتقوا مع ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (3/ 211، 212) -: عن محمد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأنه معضل. وأخرجه أبو بكر بن مردويه في "التفسير"؛ كما في "العجاب" (2/ 682، 683) عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج: أن وفد أهل نجران قدموا على رسول الله؛ فذكر القصة، وفيها: أن أشرافهم كانوا اثني عشر رجلاً. قلنا: وسنده ضعيف؛ ابن إسحاق مدلس، وقد عنعن، هذا إن صح السند إليه؛ لأننا لا نعرف حال من دون ابن إسحاق. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 232)، وعزاه لأبي نعيم في "الدلائل" ولم نجده فيه بعد طول بحث.

اليهود، فاختصموا في إبراهيم؛ فقالوا: يا محمد! إنّا اختلفنا في إبراهيم؛ فزعمت اليهود: أنه كان يهودياً، وهم على دينه، وهم أولى الناس به، وزعمت النصارى: أنه كان نصرانياً، وهم على دينه، وهم أولى الناس به؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كِلَا الفريقين بريء من إبراهيم ودينه، بل كان حنيفاً ومسلماً"، فقالت اليهود: يا محمد! ما نريد أن نتخذك رباً؛ كما اتخذت النصارى عيسى رباً؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (¬1). [منكر] * {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ في إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفُ امُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتنازعوا عنده؛ فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهودياً، وقالت النصارى: ما كان إبراهيم إلا نصرانياً؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيهم: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ في إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ} إلى قوله: {وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:68]؛ فقال أبو رافع القرظي -حين اجتمع عنده النصارى والأحبار، فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإِسلام-: أتريد منا يا محمد! أن نعبدك؛ كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم؟! فقال رجل من أهل نجران - ¬

_ (¬1) قال الحافظ ابن حجر في "العجاب" (2/ 687، 688): "وإطلاقه على قائل هذا -مع ضعفه- أنه قول المفسرين مما يُنكرُ عليه؛ فإن هذه الآية أنزلها الله في قصة وفد نجران قبل أن يقع اجتماعهم باليهود، فلما أبوا وبذلوا الجزية واطمأنوا؛ اجتمعوا بيهود المدينة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أو فيما بينهم، فتجادلوا إلى أن ذكروا إبراهيم ونزلت الآيات التي بعدها في إبراهيم". اهـ.

نصراني ,يقال له: الرّبّيس-: وذلك تريد يا محمد! وإليه تدعو؟! -أو كما-، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "معاذ الله أن أعبد غير الله أو آمرَ بعبادة غيره؛ ما بذلك بعثني ولا أمرني"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك من قولهما: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ الله الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80)} [آل عمران: 79, 80]. ثم ذكر ما أخذ عليهم وعلى آبائهم من الميثاق بتصديقه؛ إذا هو جاءكم، وإقراره به على أنفسهم، فقال: {وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: 81] إلى قوله: {مِّنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 81] (¬1). [ضعيف] * عن الشعبي؛ قال: قالت اليهود: إبراهيم على ديننا، وقالت النصارى: هو على ديننا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفُ امُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)}؛ فأكذبهم الله وأدحض حجتهم؛ يعني: اليهود الذي ادعوا أن إبراهيم مات يهودياً (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة (2/ 180، 181 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 216)، والبيهقي في "الدلائل" (5/ 384) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ شيخ ابن إسحاق مجهول؛ كما قال الحافظان الذهبي وابن حجر. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 217): ثني إسحاق بن شاهين الواسطي ثنا خالد بن عبد الله عن داود بن أبي هند عن الشعبي به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: إسحاق بن شاهين شيخ الطبري؛ لم نجد له ترجمة.

* {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)}. * عن عبد الرحمن بن غنم؛ قال: إنه لما خرج أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاشي؛ أدركهم عمرو بن العاص وعمارة بن أبي معيط؛ فأرادوا عنتهم والبغي عليهم، فقدموا على النجاشي، وأخبروه: أن هؤلاء الرهط الذين قدموا عليك من أهل مكة؛ إنما يريدون أن يخبلوا عليك ملكك، ويفسدوا عليك أرضك، ويشتموا ربك؛ فأرسل إليهم النجاشي، فلما أن أتوه؛ قال: ألا تسمعون ما يقول صاحباكم هذان؟ لعمرو بن العاص، وعمارة بن أبي معيط: يزعمان أنما جئتم لتخبلوا عليَّ ملكي، وتفسدوا عليَّ أرضي؛ فقال عثمان بن مظعون، وحمزة: إن شئتم فخلوا بين أحدنا وبين النجاشي فنكلمه، فأنا أَحْدثُكم سِّناً، فإن كان صواباً؛ فالله يأتي به، وإن كان أمراً غير ذلك؛ قلتم: رجل شاب لكم في ذلك عذر؛ فجمع النجاشي قسيسيه ورهبانه وتراجمته، ثم سألهم: أرأيتكم صاحبكم هذا الذي من عنده جئتم: ما يقول لكم، وما يأمركم به، وما ينهاكم عنه؟ هل له كتاب يقرأه؟ قالوا: نعم؛ هذا الرجل يقرأ ما أنزل الله عليه، وما قد سمع منه، وهو يأمر بالمعروف، ويأمر بحسن المجاورة، ويأمر باليتيم، ويأمر بأن يُعبد الله وحد ولا يُعبد معه إله آخر. فقرأ عليه سورة الروم وسورة العنكبوت، وأصحاب الكهف، ومريم. فلما أن ذكر عيسى في القرآن؛ أراد عمرو أن يغضبه عليهم، فقال: والله إنهم ليشتمون عيسى ويسبونه، قال النجاشي: ما يقول صاحبكم في عيسى؟ قال: يقول: إن عيسى عبدُ الله، ورسولهُ، وروحهُ، وكلمتُه ألقاها إلى مريم؛ فأخذ النجاشي نفثة من سواكه قدر ما يقذي العين، فحلف ما زاد المسيح على ما يقول صاحبكم ما يزن ذلك القذى في يده من نفثة سواكه؛ فأبشروا، ولا تخافوا؛ فلا دهونة -يعني: بلسان الحبشة- اليوم على حزب إبراهيم، قال عمرو بن العاص: ما حزب إبراهيم؟ قال: هؤلاء الرهط

وصاحبهم الذي جاؤوا من عنده ومن اتبعهم؛ فأنزلت ذلك اليوم خصومتهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بالمدينة: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)} (¬1). [ضعيف] * {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال عبد الله بن الصيف وعدي بن زيد والحارث بن عوف بعضهم لبعض: تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه غدوة، ونكفر به عشية؛ حتى نلبس عليهم دينهم؛ لعلهم يصنعون كما نصنع، فيرجعوا عن دينهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيهم: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} إلى قوله: {وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 73] (¬2). [ضعيف] * {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72)} ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 690 ,691)، و"الدر المنثور" (2/ 237، 238) من طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: ضعف شهر بن حوشب. الثانية: عبد الرحمن بن غنم من التابعين، ولم يدرك الواقعة؛ فهو مرسل. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (3/ 220) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهاله شيخ ابن إسحاق. وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (2/ 335 رقم 755) عن محمد بن أبي محمد به معضلاً دون ذكر عكرمة ومن بعده. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 240)، وزاد نسبته لابن المنذر.

* عن أبي مالك؛ قال: قالت اليهود بعضهم لبعض: آمنوا معهم بما يقولون أول النهار، وارتدوا آخره؛ لعلهم يرجعون معكم، فاطلع الله على سرهم؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ} الآية (¬1). [ضعيف] * {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73)}. * عن أبي مالك؛ قال: كان اليهود يقول أحبارهم للذين من دونهم: لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم؛ فأنزل الله: {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللهِ} (¬2). [ضعيف] * {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ في الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)}. ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 1052 رقم 502 - تكملة)، وابن جرير في "جامع البيان" (3/ 221)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 765، 766، 782 - آل عمران) من طرق عن أبي مالك به. قلنا: وسنده صحيح؛ لكنه مرسل. والحديث مختصر ومطول عند بعضهم. وذكره السيوطي في الدر المنثور (2/ 240)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 341 رقم 784) من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك به. قلنا: وسنده حسن؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 241)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

* عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "من حلف على يمين؛ يقتطع بها مال امرئ مسلم، وهو فيها فاجر؛ لقي الله وهو عليه غضبان"، ثم أنزل الله تصديق ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ في الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)} , ثم إن الأشعث بن قيس خرج إلينا؛ فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن؟ قال: فحدثناه، قال: فقال: صدق، لفيَّ نزلت، كانت بيني وبين رجل خصومةٌ في بئر، فاختصمنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "شاهداك أو يمينهُ"، قلت: إنه إذاً يحلف ولا يبالي؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين؛ يستحق بها مالاً، وهو فيها فاجر؛ لقي الله وهو عليه غضبان"، ثم أنزل الله تصديق ذلك، ثم اقترأ هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن أبي أوفى: أن رجلاً أقام سلعته؛ فحلف بالله لقد أعطي بها ما لم يعطها؛ فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}. قال ابن أبي أوفى: الناجش آكل ربا خائن (¬2). [صحيح] * عن عدي بن عميرة؛ قال: خاصم رجل من كندة -يقال له: ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري (5/ 33 رقم 2356، 2357، ص 73 رقم 2416، 2417، ص 145 رقم 2515، 2516، ص 279 رقم 2666، 2667، ص 280 رقم 2669، 2670، ص 286، 287 رقم 2676، 2677، ص 212، 213 رقم 4549، 4550، ص 544 رقم 6659، 11/ 558 رقم 6676، 6677، ص 177، 178 رقم 7183، 7184)، ومسلم (1/ 122، 123 رقم 220، 221) من طرق عن ابن مسعود به. (¬2) أخرجه البخاري (5/ 286 رقم 2575، 8/ 213 رقم 4551).

امرؤ القيس بن عابس -رجلاً من حضرموت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أرض؛ فقضى على الحضرمي بالبيّنة؛ فلم تكن له بينة، وقضى على امرئ القيس باليمين؛ فقال الحضرمي: إن أمكنته من اليمين يا رسول الله! ذهبت والله -أو ورب الكعبة- أرضي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين كاذبة؛ ليقتطع بها مال أخيه؛ لقي الله وهو عليه غضبان"، قال رجاء: وتلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}؛ فقال امرؤ القيس: ماذا لمن تركها يا رسول الله؟! قال: "الجنة"، قال: فاشهد أني قد تركتها له كلها (¬1). [صحيح] * عن الشعبي؛ قال: إن رجلاً أقام سلعته أول النهار، فلما كان آخره؛ جاء رجل يساومه، فحلف لقد منعها أول النهار من كذا وكذا، ولولا المساء؛ ما باعها به؛ فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ في الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)} (¬2). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: نزلت هذه الآية في أبي رافع وكنانة بن أبي ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (4/ 191، 192)، والنسائي في "الكبرى" (3/ 486 رقم 5996)، وابن جرير الطبري في "جامع البيان" (3/ 229)، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 12 رقم 265)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 254)، و"الشعب" (4/ 216، 217 رقم 4840)، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل" (1/ 541، 542) عن جرير بن حازم، قال: سمعت عدي بن عدي يحدث عن رجاء بن حيوة والعرس بن عميرة عن أبيه عدي بن عمير قال: كان، وذكره. قلنا: وسنده صحيح. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (3/ 230): ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن داود بن أبي هند عن الشعبي به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

الحقيق وكعب بن الأشرف وحيي بن أخطب (¬1). [ضعيف جداً] * عن ابن جريج؛ قال: وقال آخرون: إن الأشعث بن قيس اختصم هو ورجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أرض كانت في يده لذلك الرجل؛ أخذها لتعززه في الجاهلية؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقم بينتك"، قال الرجل: ليس يشهد لي أحد على الأشعث؛ قال: "فلك يمينه"، فقام الأشعث ليحلف؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- هذه الآية، فنكل الأشعث، وقال: إني أشهد الله وأشهدكم أن خصمي صادق؛ فرد إليه أرضه وزاده من أرض نفسه زيادة كثيرة؛ مخافة أن يبقى في يده شيء من حقه، فهي لعقب ذلك الرجل بعده (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن ناساً من علماء اليهود أُولي فاقة كانوا ذوي حظ من علم التوراة، فأصبتهم سَنَةٌ؛ فأتوا إلى كعب بن الأشرف يستميرونه، فسألهم كعب: هل تعلمون أن هذا الرجل -يعني رسول الله- في كتابكم؟ قالوا: نعم، وما تعلمه أنت؟ قال: لا، فقالوا: فإنا نشهد أنه عبد الله ورسوله، قال كعب: لقد قدمتم عليّ وأنا أريد أن أميركم وأكسوكم، فحرمكم الله خيراً كثيراً، قالوا: فإنه شبه لنا، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 229) من طريق الحسين بن داود الملقب سنيد، وهذا في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 698): ثني حجاج بن محمد بن نصير عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: ضعف سنيد صاحب "التفسير"، وقد بينا ذلك مفصلاً فيما مضى. الثانية: عنعنة ابن جريج. الثالثة: الإرسال. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 698) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 229، 230) -: ثني حجاج عن ابن جريج. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ كما تقدم آنفاً.

فرويداً حتى نلقاه، فانطلقوا، فكتبوا صفة سوى صفته، ثم أتوْا النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلموه، ثم رجعوا إلى كعب، فقالوا: قد كنا نرى أنه هو فأتيناه، فإذا هو ليس بالنعت الذي نعت لنا، وأخرجوا النعت الذي كتبوه فنظر إليه كعب؛ ففرح، ومارهم وأنفق عليهم؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية (¬1). [موضوع] * وعنه -أيضاً- قال: نزلت في امرئ القيس بن عابس استعدى عليه عيدان بن أشوع في أرض ولم تكن لهم بينة؛ فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحلف (¬2). [موضوع] * {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في اليهود والنصارى؛ حرفوا التوراة والإِنجيل، وضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وألحقوا به ما ليس منه، وأسقطوا منه الدين الحنيف (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره ابن حجر في "العجاب" (2/ 702)، وقال: "قال ابن الكلبي: عن أبي صالح عن ابن عباس وذكره". قلنا: وهذا حديث كذب من دون ابن عباس كَذَبة. قال الحافظ في "الفتح" (8/ 213): "وقص الكلبي في "تفسيره" في ذلك قصة طويلة وهي محتملة -أيضاً-!!؛ لكن المعتمد في ذلك ما ثبت في "الصحيح" ا. هـ. (¬2) قلنا: إسناده كالسابقه. (¬3) قال ابن حجر في "العجاب" (2/ 703): "نقل الثعلبي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس وذكره". قلنا: وسنده ضعيف جداً، تالف، واهٍ بمرة؛ جويبر هذا متروك، والضحاك لم يسمع من ابن عباس. =

* {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ الله الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال أبو رافع القرظي -حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الإِسلام-: أتريد يا محمد! أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم؟ فقال رجل من أهل نجران -نصراني يقال له: الرِّبِّيس-: أو ذاك تريد منا يا محمد! وإليه تدعونا -أو كما قال؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "معاذ الله أن نعبد غير الله أو نأمر بعبادة غيره؛ ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني" -أو كما قال-؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك من قولهم: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ الله الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} الآية إلى قوله: {بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 80] (¬1). [ضعيف] * عن الحسن؛ قال: بلغني أن رجلاً قال: يا رسول الله! نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض؛ أفلا نسجد لك؟! قال: "لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله، ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله"؛ ¬

_ = قال الحافظ في "العجاب" (1/ 211) -بعد سرد مرويات الضعفاء-: "ومنهم: جويبر بن سعيد -وهو واه-، روى التفسير عن الضحاك بن مزاحم -وهو صدوق- عن ابن عباس؛ ولم يسمع منه شيئاً". (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 180، 181 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن جرير "جامع البيان" (3/ 232)، والبيهقي في "الدلائل" (5/ 384) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق. والحديث أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 369، 370 رقم 875) بسنده عن محمد به معضلاً دون ذكر عكرمة ومن بعده. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 250)، وزاد نسبته لابن المنذر.

فأنزل الله -عزّ وجلّ- هذه الآية إلى قوله: {بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: كان ناس من اليهود يتعبدون الناس من دون ربهم؛ بتحريفهم كتاب الله عن موضعه؛ فقال الله: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ الله الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)}، ثم يأمر الناس بغير ما أنزل الله في كتابه (¬2). [ضعيف] * {كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان رجل من الأنصار أسلم، ثم ارتد ولحق بالشرك، ثم ندم؛ فأرسل إلى قومه: سلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل لي من توبة؟ فجاء قومه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إن فلاناً قد ندم، وإنه قد أمرنا أن نسألك: هل له من توبة؟ فنزلت: {كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إلى {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 89]؛ فأرسل إليه قومه؛ فأسلم (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 705) عن روح بن عبادة عن عوف بن أبي جميلة عن الحسن به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في العجاب (2/ 705) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (3/ 232) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 364 رقم 851، 854) من طرق عن ابن جريج. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬3) أخرجه النسائي في "المجتبى" (7/ 107)، وفي "التفسير" (رقم 85)، وأحمد (1/ 247)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 914، 924 - آل عمران)، والطبري في "جامع البيان" (3/ 241، 242)، وابن حبان في "صحيحه" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = (رقم 1728 - "موارد")، والبزار في "مسنده"؛ كما في "العجاب" (2/ 709)، و"تفسير القرآن العظيم" (1/ 388)، والحاكم (2/ 142، 4/ 366)، والبيهقي في "الكبرى" (8/ 197)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (7/ 307 رقم 2869)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 75)، وأحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 52 رقم 7607)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (11/ 372 - 373/ 383 - 385) من طرق عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به. وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 52، 53 رقم 7608) من طريق علي بن عاصم عن خالد الحذاء عن عكرمة به مرسلاً. قلنا: ولا نراه محفوظاً؛ وقد رواه الحفاظ الأثبات عن داود دون ذكر خالد، ورواه ابن أبي حاتم وأحمد بن منيع من طريق علي بن عاصم هذا نفسه، ولم يذكر خالداً، أضف إلى هذا أن علياً بن عاصم متكلم فيه، ولخصه الحافظ بقوله: "صدوق يخطئ ويُصر"؛ كما في "التقريب" (3/ 39)، وهذا من أخطائه، والله أعلم. قلنا: والحديث صححه الحاكم في الموضعين، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان، وقال البوصيري: "هذا إسناد رواته ثقات"، وصححه شيخنا الألباني -رحمه الله- في "صحيح موارد الظمآن" (1445)، و"الصحيحة" (3066). قلنا: ورجال إسناده ثقات رجال الصحيح. قلنا: لفظ البزار: "أن قوماً أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم". قال الحافظ في "العجاب" (2/ 709): "والبزار كان يحدث من حفظه فَيَهِمُ، والمحفوظ ما رواه ابن جرير ومن وافقه". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 258): "هذا خطأ من البزار". وأخرجه أبو الشيخ في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 74 - 75) -، وابن المقرئ في "المعجم" (357 - 358/ 1190) من طريق علي بن عاصم، عن خالد الحذاء وداود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن رجلاً من الأنصار ارتد؛ فلحق بالمشركين؛ فأنزل الله -تعالى-: {كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إلى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا. . .}؛ =

* عن السدي؛ قال: أنزلت في الحارث بن سويد الأنصاري، كفر بعد إيمانه؛ فأنزل الله هذه الآيات إلى: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ} [البقرة: 39]، ¬

_ = فبعث بها قومه إليه، فلما قرئت عليه؛ قال: والله ما كذبني قومي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الله -عزّ وجلّ- أصدق الثلاثة؛ فرجع تائباً، فقبل منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتركه. قال شيخنا الإِمام الألباني -رحمه الله- في "الصحيحة" (7/ 185): "وعلي بن عاصم؛ صدوق؛ لكنه يخطئ ويصر؛ كما في "التقريب"؛ فلا يقبل تفرّده ومخالفته" ا. هـ. قلنا: وهو كما قال؛ لكن هذا اللفظ له شاهد من مرسل مجاهد به: أخرجه مسدد في "مسنده"؛ كما في "العجاب" (2/ 710) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 75) -، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 125) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (2/ 242) - عن جعفر بن سليمان عن حميد الأعرج عن مجاهد؛ قال: جاء الحارث بن سويد؛ فأسلم مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم كفر الحارث، فرجع إلى قومه؛ فأنزل الله -تعالى- فيه القرآن: {كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إلى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 89]؛ فحملها إليه رجل من قومهم فقرأها عليه، قال: فقال الحارث: والله إنك -ما علمت- لصدوق، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصدق منك، وإن الله لأصدق الثلاثة، قال: فرجع الحارث؛ فأسلم؛ فحسن إسلامه. قلنا: وهذا مرسل حسن الإِسناد. قال شيخنا الألباني: "ورجال إسناده ثقات؛ فهو مرسل صحيح. فهو شاهد قوي لحديث علي بن عاصم" ا. هـ. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 257)، وزاد نسبته لابن المنذر والبارودي في "معرفة الصحابة"، وزاد الحافظ في "الإِصابة" عليهم (1/ 280) ابن منده. وله شاهد ثانٍ بنحوه: أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 709): أنا إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه، والطبري في "جامع البيان" (3/ 241): ثني محمد بن المثنى: ثني عبد الأعلى ثنا داود بن أبي هند كلاهما عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، ولا ينافي هذا الموصول عن ابن عباس؛ لأن الوصل زيادة؛ فالحكم لها.

ثم تاب وأسلم، ونسخها الله عنه؛ فقال: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} [آل عمران: 89] (¬1). [ضعيف جداً] * عن عكرمة؛ قال: نزلت في أبي عامر الراهب والحارث بن سويد بن الصامت ووحوح بن الأسلت في اثني عشر رجلاً رجعوا عن الإِسلام ولحقوا بقريش، ثم كتبوا إلى أهلهم: هل لنا من توبة؟ فنزلت: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} [آل عمران: 89] الآيات (¬2). [ضعيف جداً] * عن مجاهد؛ قال: لحق رجل بأرض الروم؛ فتنصر، ثم كتب إلى قومه: أرسلوا، هل لي من توبة (¬3)؟ قال: فحسبت أنه آمن ثم رجع. [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 242) من طريق عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط بن نصر عنه به. قلنا: سنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانيه: أسباط بن نصر؛ ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 257)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 711) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (3/ 242) -: ثني حجاج بن محمد بن نصير عن ابن جريج قال: قال عكرمة فذكره. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانيه: عنعنة ابن جريج؛ لأنه مدلس. الثالثة: ضعف سنيد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 257)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬3) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 242) من طريق سنيد في "تفسيره": ثني حجاج عن ابن جريج: أخبرني عبد الله بن كثير عن مجاهد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ضعف سنيد. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن الحارث بن سويد بن الصامت رجع عن الإِسلام في عشرة رهط، فلحقوا بمكة، فندم الحارث بن سويد؛ فرجع، حتى إذا كان قريباً من المدينة؛ أرسل إلى أخيه الجلاس بن سويد: أني ندمت على ما صنعت؛ غسل لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؛ فهل لي من توبة إن رجعت؟ وإلا؛ ذهبت في الأرض. فأتى الجلاس بن سويد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأخبره بخبر الحارث بن سويد وندامته، وقد شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؛ فهل له من توبة؟ فأنزل الله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا}؛ فأرسل الجلاس إلى أخيه: أن الله قد عرض عليك التوبة. فأقبل إلى المدينة، واعتذر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتاب إلى الله من صنيعه، وقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - منه (¬1). [موضوع] * عن أبي صالح مولى أم هانئ -باذام-: أن الحارث بن سويد بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآمن به، ثم لحق بأهل مكة، وشهد أحداً، فقاتل المسلمين ثم سقط في يده فرجع إلى مكة؛ فكتب إلى أخيه جلاس بن سويد: يا أخي! إني قد ندمت على ما كان مني فأتوب إلى الله، وأرجع إلى الإِسلام؛ فاذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن طمعت لي في توبة؛ فاكتب إلي، فذكره لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله: {كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ}، قال: فقال قوم من أصحابه ممن كان عليه: يتمتع ثم يراجع إلى الإِسلام؛ فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 257)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (2/ 642، 643 رقم 1718، ص 77 رقم 2068)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (1/ 346) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: ومن دون ابن عباس كلهم كذابون.

وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90)} [آل عمران: 90] (¬1). [ضعيف جداً] * {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان إسرائيل أخذه عرق النساء، فكان يبيت له زقاء؛ فجعل لله عليه إن شفاه: ألا يأكل العروق؛ فأنزل الله -تعالى-: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} قال سفيان: له زقاء: صياح (¬2). [صحيح] * نقل الثعلبي عن الكلبي وأبي روق: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال: "أنا على ملة إبراهيم"؛ قالت اليهود: كيف: وأنت تأكل لحوم الإِبل وألبانها؟! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان ذلك حلاً لإبراهيم؛ فنحن نحله"، فقالت اليهود: كل شيء نحرمه؛ فإنه كان محرماً على نوح وإبراهيم وهلم جرا حتى انتهى إلينا؛ فأنزل الله -تعالى- تكذيباً لهم: {كُلّ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/ 400 رقم 18625): ثنا زيد بن الحباب: ثنا موسى بن عبيدة قال: أخبرني عبد الله بن عبيدة عن أبي صالح مولى أم هانئ به. قلنا: وسنده تالف؛ مسلسل بالضعفاء والمتروكين، عدا شيخ ابن أبي شيبة. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 4)، والبيهقي في "الكبرى" (10/ 8) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص 397 رقم 953 - آل عمران)، والحاكم (2/ 292) - وعنه البيهقي (10/ 8) -، والطبري (4/ 5) من طرق عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا، وصححه الحافظ في "العجاب" (2/ 716). والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 263)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، والفريابي، وابن المنذر.

الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا} (¬1). [موضوع] * {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96)}. * عن ابن جريج؛ قال: بلغنا أن اليهود قالت: بيت المقدس أعظم من الكعبة؛ لأنه مهاجر الأنبياء، ولأنه في الأرض المقدسة، وقال المسلمون: الكعبة أعظم، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزل: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} حتى بلغ: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: 97]، وليس ذلك في بيت المقدس {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] وليس ذلك في بيت المقدس {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] وليس ذلك في بيت المقدس (¬2). [ضعيف جداً] * {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}. * عن عكرمة؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]؛ قالت اليهود: فنحن على الإِسلام، فماذا يبغي منا محمد؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ- حجاً مفروضاً: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ} الآية، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كتب عليكم الحج". ¬

_ (¬1) ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 716)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 75، 76). قلنا: هو حديث كذب؛ لحال الكلبي وأبي روق. (¬2) أخرجه أبو الوليد الأزرقي في "أخبار مكة" (1/ 75) -ومن طريقه الواحدي في "الوسيط" (1/ 470) - من طريق سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج أخبرني ابن جريج به. قلت: وسنده ضعيف جداً. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 266)، وزاد نسبته لابن المنذر.

وفي رواية: لما نزلت هذه الآية -فذكر نحو الحديث السابق-، وزاد فيه: فقال الله -عزّ وجلّ- لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: حجهم -يقول: اخصمهم-، فقل لهم: حجوا، فقالوا: لم يكتب علينا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- على نبيه - صلى الله عليه وسلم - {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}؛ فقال لهم: إن كنتم مسلمين؛ فإن الله -عزّ وجلّ- قد فرض على المسلمين حج البيت، فأبوا، وقالوا: ليس علينا حج، قال عكرمة: {وَمَنْ كَفَرَ} ومن أهل الملل: {فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (¬1). [ضعيف] * عن الحارث بن يزيد؛ أنه قال: يا رسول الله! الحج في كل عام؟ فنزلت: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (¬2). [موضوع] * عن مجاهد؛ قال: آية فرقت بين المسلمين وأهل الكتاب لما نزلت: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]، قالت اليهود: قد أسلمنا؛ فنزلت: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} الآية، فقالوا: لا نحجه أبداً (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (1/ 373 رقم 783، 784)، والطبري في "جامع البيان" (3/ 241، 4/ 15)، وعبد بن حميد والفريابي وسعيد بن منصور؛ كما في "العجاب" (2/ 719) من طرق عنه وبألفاظ متقاربة. قلت: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره أبو نعيم الأصبهاني -معلقاً- في "معرفة الصحابة" (2/ 813 - ط دار الوطن) من طريق محمد بن مروان السدي -الصغير- عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن الحارث به. قلنا: ومن دون ابن عباس كذابون متهمون. (¬3) ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 719) وعزاه لسعيد بن منصور من طريق ليث بن أبي سليم عن مجاهد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ضعف ليث بن أبي سليم.

* عن الضحاك؛ قال: في قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}؛ قال: لما نزلت آية الحج؛ جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الأديان كلهم، فقال: "يا أيها الناس! إن الله -عزّ وجلّ- كتب عليكم الحج؛ فحجوا"؛ فآمنت به ملة واحدة وهي من صدّق النبي - صلى الله عليه وسلم - وآمن به، وكفرت به خمس ملل، قالوا: لا نؤمن به، ولا نصلي إليه، ولا نستقبله؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن سعيد بن المسيب؛ قال: نزلت في اليهود حيث قالوا: الحج إلى مكة غير واجب؛ فأنزل الله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (¬2). [ضعيف جداً] * {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101) يَاأَيُّهَا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 14) عن جويبر عن الضحاك به. قال المناوي في "الفتح السماوي" (1/ 389): "وهو معضل، وجويبر؛ متروك الحديث ساقط". (¬2) ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 720) وقال: "وروى أبو حذيفة النهدي من "تفسير سفيان الثوري" عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن محمد بن جعفر قال: قال سعيد: فذكره". قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: إبراهيم الخوزي هذا؛ متروك الحديث؛ كما في "التقريب" (1/ 46). الثالثة: أبو حذيفة النهدي؛ وهو موسى بن مسعود الثقفي؛ صدوق سيئ الحفظ، وكان يصحف؛ كما في "التقريب" (2/ 288).

الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)}. * عن زيد بن أسلم؛ قال: مرَّ شاس بن قيس -وكان شيخاً قد عسا في الجاهلية، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم- على نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه؛ فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم وصلاح ذات بينهم على الإِسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية، فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار؛ فأمر فتى شاباً من اليهود -وكان معه- قال: اعمد إليهم، فاجلس معهم، وذكرهم يوم بعاث، وما كان قبله، وانشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار -وكان يوم بعاث يوماً اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج-؛ ففعل؛ فتكلم القوم عند ذلك؛ فتنازعوا، وتفاخروا؛ حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب: أوس بن قيظي أحد بني حارثه بن الحارث من الأوس وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج، فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم والله رددناها الآن جذعه؛ وغضب الفريقان، وقالوا: قد فعلنا، السلاح السلاح، موعدكم الظاهرة، والظاهرة: الحرة؛ فخرجوا إليها وتحاور الناس، فانضمت الأوس بعضها إلى بعض، والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم، فقال: "يا معشر المسلمين! الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؛ بعد إذ هداكم الله إلى الإِسلام وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف به بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً؟! "؛ فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم، فالقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سامعين

مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس بن قيس وما صنع؛ فأنزل الله في شاس بن قيس وما صنع: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا}. وأنزل الله -عزّ وجلّ- في أوس بن قيظي وجبار بن صخر ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا مما أدخل عليهم شاس بن قيس من أمر الجاهلية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)} إلى قوله: {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105] (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: كان بين هذين الحيين من الأوس والخزرج قتال في الجاهلية، فلما جاء الإِسلام؛ اصطلحوا، وألف الله بين قلوبهم، وجلس يهودي في مجلس فيه نفر من الأوس والخزرج، فأنشد شعراً قاله أحد الحيين في حربهم فكأنهم دخلهم من ذلك، فقال الحي الآخرون: وقد قال شاعرنا في يوم كذا وكذا، فقال الآخرون: وقد قال شاعرنا في يوم كذا وكذا، فقالوا: تعالوا نرد الحرب جذعاً كما كانت، فنادى هؤلاء: يا آل أوس! ونادى هؤلاء: يا آل خزرج! فاجتمعوا وأخذوا السلاح واصطفوا للقتال؛ فنزلت هذه، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قام بين الصفين؛ فقرأها، ورفع صوته، فلما سمعوا صوته؛ أنصتوا وجعلوا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" (2/ 185 - ابن هشام) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 16، 17)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (رقم 1047، 1064)، وأبو الشيخ في "تفسيره" -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" (1/ 316، 317) -: ثني الثقة عن زيد بن أسلم به. قال الحافظ في "الإِصابة" (1/ 87): "إسناده مرسل، وفيه راو مبهم". قلنا: وهو كما قال. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 278)، وزاد نسبته لابن المنذر.

يستمعون، فلما فرغ؛ ألقوا السلاح، وعانق بعضهم بعضاً وجعلوا يبكون (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: كان جماع قبائل الأنصار بطنين: الأوس والخزرج، وكان بينهما في الجاهلية حرب ودماء وشنآن، حتى مَنَّ الله عليهما بالإِسلام وبالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأطفأ الله الحرب التي كانت بينهم، وألف بينهم بالإِسلام، قال: فبينا رجل من الأوس ورجل من الخزرج قاعدان يتحدثان ومعهما يهودي جالس فلم يزل يذكرهم أيامهما والعداوة التي بينهما؛ حتى استبا، ثم اقتتلا، قال: فنادى هذا قومه، وهذا قومه، فخرجوا بالسلاح، وصفّ بعضهم لبعض، قال: ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ شاهد بالمدينة، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل يمشي إلى هؤلاء وإلى هؤلاء يسكنهم حتى رجعوا ووضعوا السلاح، قال: فأنزل الله -تعالى- في القرآن في ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ} إلى قوله: {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105] (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان الأوس والخزرج يتحدثون، فغضبوا؛ حتى كان بينهم حرب، فأخذوا السلاح بعضهم إلى ¬

_ (¬1) أخرجه إسحاق بن راهويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 723) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 76) -، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 724)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 445 رقم 1078 - آل عمران) من طرق عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 283)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 128/1) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 437، 438 رقم 1065)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 17، 18) -: ثني جعفر بن سليمان الضبعي عن حميد الأعرج عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإِسناد.

بعض؛ فنزلت: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ} إلى قوله -تعالى-: {فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: 103] (¬1). [صحيح] * عن السدي؛ قال: نزلت في ثعلبة بن غنمة الأنصاري، كان بينه وبين أناس من الأنصار كلام، فمشى بينهم يهودي من بني قينقاع؛ فحمل بعضهم على بعض؛ حتى همت الطائفتان من الأوس والخزرج أن يحملوا السلاح؛ فيقاتلوا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}، يقول: إن حملتم السلاح؛ فاقتتلتم؛ كفرتم (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 19)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 439 رقم 1069)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 77، 78)، والفريابي؛ كما في "العجاب" (2/ 726) -ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (12/ 98، 99 رقم 12666) - جميعهم من طريق قيس بن الربيع عن الأغر بن الصباح عن خليفة بن حصين عن أبي نصر عنه به. قلنا: قيس بن الربيع؛ صدوق، تغير لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به؛ كما في "التقريب" (2/ 128)؛ فالسند ضعيف، لكنه لم يتفرد به؛ فأخرجه الأشجعي في "تفسير سفيان الثوري"؛ كما في "العجاب" (2/ 725) -ومن طريقه البخاري في "التاريخ الكبير" (76/ 725 - الكنى) - مختصراً، والطبراني في "الكبير" (12/ 99 رقم 12667)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 78) عن سفيان الثوري عن الأغر به. قلنا: وهذه متابعة قوية من الثوري لقيس بن الربيع؛ فصح الحديث ولله الحمد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 279)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 17)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 719 رقم 3897 - ط الباز) من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط ضعيف.

* عن ابن جريج؛ قال: نزل قوله: {إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} [آل عمران: 103] فيما كان بين الأوس والخزرج في شأن عائشة -رضي الله عنها- (¬1). [ضعيف جداً] * عن عطاء: أن رسول الله صعد المنبر؛ فقال: "يا معشر المسلمين! مالي أوذى في أهلي؟ "؛ يعني: عائشة في قصة الإِفك. . . فذكر الحديث ومراجعة السعدين: سعد بن معاذ وسعد بن عبادة؛ فثار الحيان؛ حتى هموا أن يقتتلوا، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سكنهم؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} إلى قوله: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103] (¬2). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة نفر من الأنصار فآمنوا به وصدقوه، وأراد أن يذهب معهم، فقالوا: يا رسول الله! إن بين قومنا حرباً، وإنا نخاف إن جئت على حالك هذه أن لا يتهيأ الذي تريد، فواعدوه من العام المقبل، وقالوا: نذهب يا رسول الله؛ لعل الله يصلح تلك الحرب، قال: ففعلوا، فأصلح الله تلك الحرب وكانوا يرون أنها لا تصلح أبداً -وهو يوم بعاث- فلقوه من العام المقبل سبعين رجلاً قد آمنوا به، فأخذ منهم النقباء اثني عشر رجلاً؛ فذلك حين يقول الله -عزّ وجلّ- {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} [آل عمران: 103] (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 456، 457 رقم 1112) من طريق زيد بن المبارك عن ابن ثور عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬2) ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 726) ونسبه للثعلبي. (¬3) أخرجه عبد الرزاق في "التفسير" (1/ 1/ 129) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (4/ 24) -. =

* عن مقاتل بن حيان؛ قال: بلغني أن هذه الآية أنزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في رجلين: أحدهما من الخزرج، والآخر من الأوس، اقتتلوا في الجاهلية زماناً طويلاً، فقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فأصلح بينهم، فجرى الحديث بينهما في المجلس، فتفاخروا واستبوا؛ حتى أشرع بعضهم الرماح إلى بعض (¬1). [ضعيف] * {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)}. * عن عكرمة؛ قال: نزلت في ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = قلنا: وسنده صحيح؛ لكنه مرسل. وأخرجه ابن جرير (4/ 24) بنحوه، وزاد فيه: فلما كان من أمر عائشة ما كان فتثاور الحيان؛ فقال بعضهم لبعض: موعدكم الحرة، فخرجوا إليها؛ فنزلت هذه الآية {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]؛ فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يزل يتلوها عليهم؛ حتى اعتنق بعضهم بعضاً، وحتى إن لهم لخنيناً؛ يعني: الكباء. قلنا: وهو مرسل كسابقه، وفيه الحسين بن داود -المعروف بسنيد- وهو ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 287)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 287) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو ظاهر الضعف. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 733) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 29) -: ثني حجاج بن محمد المصيصي؛ قال: قال ابن جريج؛ قال: عكرمة. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. =

* {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)}. * قال مقاتل بن سليمان: إن رؤوس اليهود: كعب وبحري والنعمان وأبو رافع وأبو ياسر وابن صوريا عمدوا إلى مؤمنهم عبد الله بن سلام وأصحابه، فآذوهم؛ لإِسلامهم؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية (¬1). [ضعيف جداً] * {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)}. * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: أخّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةً صلاة العشاء، ثم خرج إلى المسجد؛ فإذا الناس ينتظرون الصلاة، فقال: "أما إنه ليس من هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم"، قال: وأنزلت هذه الآية: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)} (¬2). [حسن] ¬

_ = الثانية: عنعنة ابن جريج. الثالثة: سنيد راوي التفسير ضعيف. وذكره الحافظ في "الفتح" (8/ 225) وقال: "وللطبراني (*) من طريق ابن جريج عن عكرمة فذكره، وهذا موقوف فيه انقطاع". اهـ. (*) وهو تصحيف، صوابه: الطبري. (¬1) ذكره الواحدي معلقاً في "أسباب النزول" (ص 78)، قلنا: تقدم أن تفسير مقاتل هذا واهٍ بمرة. (¬2) أخرجه أحمد (1/ 396)، وابن أبي شيبة في "مسنده" (1/ 235/ 350)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (1/ 255 - 256/ 132 "بغية الباحث")، والنسائي في "التفسير" (1/ 320، 321 رقم 93)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (2/ 486، 487 رقم 1226، 1227)، والبزار في "مسنده" (1/ 190، 191 =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = رقم 375 - "كشف الأستار")، وأبو يعلى في "المسند" (9/ 206، 207 رقم 5306) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 79)، وابن حبان في صحيحة (رقم 274 - "موارد") - كلهم من طريق شيبان النحوي وأبي معاوية كلاهما عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن ابن مسعود به. قلنا: وهذا سند حسن؛ للكلام المعروف في عاصم، وحديثه لا ينزل عن رتبة الحسن. وتابع شيبان وأبا معاوية قيس بن الربيع عن عاصم به: أخرجه الفريابي؛ كما في "العجاب" (2/ 737). قلنا: وقيس ضعيف. وقد أخرجه الهيثم بن كليب في "مسنده" (2/ 108 رقم 631) من طريق عبيد الله بن موسى عن سفيان عن عاصم به. قلنا: كذا في أصل الكتاب سفيان والمصادر الأخرى شيبان، وقد رواه الهيثم بن كليب من طريق عبيد الله بن موسى عن سفيان، كذا! وقد أخرجه ابن أبي شيبة وأبو يعلى من طريق عبيد الله نفسه عن شيبان. وتابعه -أيضاً- نصر بن طريف عن عاصم به: أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 36). قلنا: ونصر؛ متروك الحديث، واتهمه بعضهم. وتابعه -أيضاً- عكرمة بن إبراهيم عن عاصم به: أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4/ 1774، 1175 رقم 4501)، و"الحلية" (4/ 187). وعكرمة هذا؛ ضعيف جداً. ومن هنا تعلم ما في قول البزار: "لا نعلم رواه عن عاصم بهذا الإسناد إلا شيبان"!! والحديث صححه ابن حبان، وابن خزيمة -أيضاً-؛ كما قال الحافظ في "العجاب" (2/ 736). وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 312): "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني في "الكبير"". ثم قال بعد حديثه: "ورجال أحمد ثقات ليس فيهم غير عاصم بن أبي النجود، وهو مختلف في الاحتجاج به". وحسنه السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 287)، =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-؛ قال: لما أسلم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسيد بن عبيد، ومن أسلم من يهود معهم؛ فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإِسلام؛ قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمد وتبعه إلا شرارنا، ولو كانوا خيارنا؛ ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} (¬1). [ضعيف] ¬

_ = وشيخنا الإِمام الألباني -رحمه الله- في "صحيح موارد الظمآن" (231). وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 36)، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 131، 132 رقم 10209) -ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 187) -، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 79) من طريق عبد الله بن وهب ويحيى بن أيوب كلاهما عن عبيد الله بن زحر عن الأعمش عن زر به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه عبيد الله بن زحر وهو ضعيف، والأعمش مدلس وقد عنعن. ولم يذكروا أنه روى عن زر شيئاً. قال الشيخ أحمد شاكر: "وأنا أخشى أن يكون قد سقط من هذا الإِسناد (عن عاصم) بين الأعمش وزر بن حبيش؛ فإن الأعمش لم يُذكر أنه يروي عن زر، وإنما روايته عنه بواسطة (عاصم) وأقرانه من هذه الطبقة". اهـ. نقول: سواء صح هذا أو ذاك؛ فالسند ضعيف على كل حال؛ لضعف عبيد الله. وقال الهيثمي: ". . . وفي إسناد الطبراني عبيد الله بن زحر، وهو ضعيف". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 297) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه ابن إسحاق؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 296) -وهو في "السيرة" (2/ 185) بغير سند- ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 35)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (ص 485 رقم 1220 - آل عمران)، والطبراني في "الكبير" (2/ 87 رقم 1388) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 355، 356 رقم 381) -، وأبو نعيم في "المعرفة" (2/ 276 رقم 894، 3/ 268 رقم 1369)، وابن منده؛ كما في "الإصابة" (1/ 33)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (31/ 79)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" (1/ 68، 69 - المطبوع بهامش الإصابة)، والبيهقي في "الدلائل" (2/ 533 - 534) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (31/ 79) -: ثني محمد بن أبي محمد عن =

* عن منصور بن المعتمر؛ قال: بلغني أنما نزلت في قوم يصلون فيما بين المغرب والعشاء (¬1). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان رجال من المسلمين يواصلون رجالاً من اليهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيهم؛ فنهاهم عن مباطنتهم تخوف الفتنة عليهم منهم؛ فأنزل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} إلى قوله: {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ} [آل عمران: 119] (¬2). [ضعيف] * عن مجاهد: نزلت في المنافقين من أهل المدينة، نهى المؤمنين ¬

_ = عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 327): "رواه الطبراني ورجاله ثقات!! ". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 296)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (3/ 44/ 4724)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 36)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1231) عن الثوري عن منصور به. قلنا: سنده صحيح إلى منصور؛ لكنه معضل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 298)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن إسحاق (2/ 186 - ابن هشام) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 40) -: ثني محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق. وأخرجه ابن أبي حاتم (2/ 499 رقم 1273) عن محمد به معضلاً دون ذكر عكرمة ومن بعده. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 299)، وزاد نسبته لابن المنذر.

أن يتولوهم (¬1). [ضعيف] * قال مقاتل بن سليمان: دعا اليهود؛ منهم: أصبغ ورافع ابنا حرملة -وهما من رؤوسهم- عبد الله بن أُبي ومالك بن دخشم إلى اليهودية، وزينا لهم ترك الإِسلام؛ حتى أرادوا أن يظهروا الكفر؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية: يحذر من اتباع اليهود، ويبين عداوتهم لهم (¬2). * {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)}. * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: فينا نزلت: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا}، فقال: نحن الطائفتان: بنو حارثة، وبنو سلمة، وما نحب -قال سفيان مرة: وما يسرني-: أنها لم تنزل؛ لقول الله: والله وليهما (¬3). [صحيح] * عن مجاهد؛ قال: هم بنو حارثه، وكانوا من نحو أحد، وبنو سلمة، وكانوا من نحو سلع، وذلك يوم الخندق؛ كذلك قال (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم (2/ 497 رقم 1266)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 40، 43)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 740) من طرق عن ابن أبي نجيح عنه به. قلنا: سنده صحيح إلى مجاهد؛ لكنه مرسل. (¬2) قلنا: ذكره الحافظ ابن حجر في "العجاب" (2/ 740)، وسنده واه بمرة؛ لما علم من حال تفسير مقاتل. (¬3) أخرجه البخاري (7/ 357 رقم 4051، 8/ 255 رقم 4558)، ومسلم (4/ 1948 رقم 2505). (¬4) أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 742)، وابن جرير الطبري في "جامع البيان" (4/ 47)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 512 رقم 1322) من طرق عن ابن أبي نجيح عنه به. قلنا: سنده صحيح؛ لكنه مرسل.

* عن قتادة: كان ذلك يوم أحد، والطائفتان هم بنو سلمة وبنو حارثة؛ حيان من الأنصار، همّوا بأمر؛ فعصمهم الله من ذلك (¬1). [ضعيف] * {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)}. * عن الشعبي: أن المسلمين بلغهم يوم بدر: أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين؛ فشق عليهم؛ فأنزل الله {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)} , قال: فبلغت كرزاً الهزيمة، فلم يمد المشركين، ولم يمد المسلمون بالخمسة (¬2). [ضعيف] * {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)}. * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه: "سمع الله لمن حَمدَهُ، ربنا ولك الحمد"، ثم يقول وهو قائم: "اللهم! انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب"، وابن جرير في "جامع البيان" (4/ 47). قلنا: سنده صحيح إلى قتادة؛ لكنه مرسل. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 50)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 520 رقم 1350) من طريقين عن داود بن أبي هند عن الشعبي به. قلنا: صحيح الإسناد إلى الشعبي؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 308)، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وابن المنذر.

اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان ورعلاً وذكوانَ وعصيّة؛ عصت الله ورسوله"، ثم بلغنا أنه ترك ذلك؛ لما أنزل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)} (¬1). [صحيح] * عن أنس -رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في رأسه؛ فجعل يسلت الدم عنه، ويقول: "كيف يفلح قوم شجوا نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله؟! "؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (¬2). [صحيح] * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الآخرة من الفجر يقول: "اللهم! العن فلاناً وفلاناً وفلاناً، بعد ما يقول: "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد"؛ فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)} (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (8/ 226 رقم 4560)، ومسلم في "صحيحه" (1/ 466، 467 رقم 675). (¬2) أخرجه البخاري -معلقاً- (7/ 365)، ووصله مسلم في "صحيحه" (3/ 1417 رقم 1791/ 104)، وغيره. (¬3) أخرجه البخاري في "صحيحه" (7/ 365 رقم 4069، 8/ 225، 226 رقم 4559، 13/ 312 رقم 7346). ورواه البخاري (7/ 365 رقم 4070) من طريق معمر عن ابن المبارك عن حنظلة بن أبي سفيان عن سالم بن عبد الله؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو على صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام؛ فنزلت. قال الحافظ في "الفتح" (7/ 366): "وهو مرسل". وقال في "العجاب" (2/ 747): "هكذا ذكره مرسلاً". وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 412): "هكذا ذكر هذه الزيادة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = البخاري معلقة مرسلة". ورد عليه الحافظ في "التغليق" (4/ 109)، "والفتح": بأنه موصول لا معلق، وما فيه إلا الإرسال. ووصله أحمد (رقم 5674 - شاكر)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 58) من طريق عمر بن حمزة عن سالم عن أبيه به. قلنا: وعمر بن حمزة؛ ضعيف. قال الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" (4/ 110): "إسناده حسن"!! وصححه الشيخ أحمد شاكر!! فوهما. قلنا: وهذا متعقب، كيف لا والحافظ -نفسه- قال في "التقريب" -عن عمر هذا (2/ 53) -: "ضعيف"! لكنه توبع على أصل الحديث: فقد أخرجه الترمذي (5/ 228 رقم 3005)، وأحمد (رقم 5812، 5813 - شاكر)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 58)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (2/ 535، 536 رقم 1392) من طريق محمد بن عجلان، والإِمام أحمد (5997 - شاكر) من طريق أسامة بن زيد الليثي، كلاهما عن نافع عن ابن عمر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو على أربعة؛ فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}، قال: قد هداهم الله للإِسلام. قلنا: ابن عجلان وأسامة كلاهما صدوق؛ فكلاهما يقوي الآخر، وتصح الطريق إلى نافع؛ فالحديث بهذه المتابعة صحيح، والله أعلم. وصححه الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في تعليقه على "المسند". وروى ابن إسحاق في المغازي؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 313) -ومن طريقه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 87) -: ثني يعقوب بن عتبة عن سالم قال: جاء رجل من قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنك تنهى عن السبي، يقول: "قد سبي العرب". ثم تحول قفاه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكشف استه؛ فلعنه ودعا عليه؛ فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية ثم أسلم الرجل؛ فحسن إسلامه. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وإن كان فيه ابن إسحاق؛ وهو صدوق مدلس؛ لكنه إمام في المغازي والسير وصرح بالتحديث؛ لكنه ضعيف للإرسال وفي متنه نكارة واضحة؛ إذ الصحيح في سبب نزولها ما قدمنا. =

* عن الحسن: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم أحد: "كيف يفلح قوم دَمَوْا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى الله -عزّ وجلّ-؟ "؛ فنزلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}. وفي رواية: بلغني: أن رسول الله لما انكشف عنه أصحابه يوم أحد وكسرت رباعيته وجرح وجهه؛ قال -وهو يصعد على أحد-: "كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم؟ " (¬1). [صحيح] * عن قتادة: أن رباعية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصيبت يوم أحد، أصابها عتبة بن أبي وقاص وشجه في وجهه، فكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل الدم والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كيف يفلح قوم صنعوا هذا بنبيهم؟ "؛ فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}. وفي رواية كسرت رباعيته وفرق حاجبه، وعليه درعان، والدم يسيل؛ فمر به سالم مولى أبي حذيفة فأجلسه ومسح الدم، فأفاق وهو ¬

_ = * ملاحظة: في حديث أبي هريرة: أن النبي دعا على أحياء من العرب وعلى مضر وذكوان ورعلاً الذين قتلوا السبعين قارئاً، وكان هذا في بئر معونة، وحديث أنس وغيره: أن ذلك كان في غزوة أحد، وقد وفق بينهما الحافظ في "الفتح" (7/ 366)، و"العجاب" (2/ 751)؛ قال: "لكن يمكن الجمعُ بأنَّ نزولها تأخر حتى وقعت بئر معونة فكان يجمع في الدعاء بين مَنْ شج وجهه بأحد ومَنْ قتلَ أصحابَ بئر معونة؛ فنزلت الآية في الفريقين جميعاً فترك الدعاء على الجميع، وبقي بعد ذلك الدعاء للمستضعفين، إلى أنْ خلصوا وهاجروا، وهذه أولى من دعوى النزول مرتين". قلنا: وهذا توفيق متين وجيد. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 57) بالرواية الأولى، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 749)، و"الدر المنثور" (2/ 312) من طريقين عن الحسن به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد ويشهد له حديث أنس السابق.

يقول: "كيف بقومٍ فعلوا هذا بنبيهم؟ "؛ فنزلت (¬1). [ضعيف] * عن الربيع بن أنس: أنزلت هذه الآية على رسول الله يوم أحد وقد شج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجهه، وأصيبت رباعيته؛ فهمَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو عليهم، فقال: "كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم؛ وهو يدعوهم إلى الله وهم يدعونه إلى الشيطان، ويدعوهم إلى الهدى ويدعونه إلى الضلالة، ويدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار؟! "؛ فَهَمَّ أن يدعو عليهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)}؛ فكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدعاء عليهم (¬2). [ضعيف جداً] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافُ امُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)}. * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن عمرو بن أقيش كان له رباً في ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 131) -ومن طريقه ابن جرير "في جامع البيان" (4/ 57، 58) -، وابن سعد في "الطبقات"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 221) عن معمر عنه به. وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (4/ 57) من طرق أخرى عن قتادة. قال الزيلعي: "وهو معضل". قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد إلى قتادة. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 57): حُدثت عن عمار ثنا ابن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه أربع علل، تقدم الكلام على ثلاثة منها تحت الآيتين (1، 2) من هذه السورة، وأما الرابعة؛ فالانقطاع بين الطبري وعمار. (تكميل): هناك أسباب أخرى -كلها ضعيفه- ذكرها الحافظ في "العجاب" (2/ 752)؛ فلتنظر.

الجاهلية؛ فكره أن يسلم حتى يأخذه، فجاء يوم أحد فقال: أين بنو عمي؟ قالوا: بأحد، قال: أين فلان؟ قالوا: بأحد، قال: فأين فلان؟ قالوا: بأحد، فلبس لَأْمَتَهُ وركب فرسه، ثم توجه قبلهم؛ فلما رآه المسلمون؛ قالوا: إليك عنا يا عمرو! قال: إني قد آمنت، فقاتل حتى جرح؛ فحمل إلى أهله جريحاً، فجاء سعد بن معاذ؛ فقال لأخته: سليه: حمية لقومك، أو غضباً لهم، أم غضباً لله؟! فقال: بل غضباً لله ولرسوله، فمات، فدخل الجنة وما صلى لله صلاة (¬1). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في "سننه" (3/ 20 رقم 2537) -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" (3/ 690) -، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 37 رقم 83)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4/ 1978 رقم 465)، والحاكم (*) في "المستدرك" (2/ 113، 3/ 28)، وابن منده؛ كما في "أسد الغابة" جميعهم من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات رجال مسلم؛ عدا محمد بن عمرو وهو صدوق له أوهام، روى له مسلم متابعة والبخاري مقروناً بغيره. قال الحافظ في "الإصابة" (2/ 526): "هذا إسناد حسن". وكذا حسنه شيخنا الألباني في "صحيح سنن أبي داود". أما الحاكم؛ فقال في "الموضعين": "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي!! ووهما في ذلك؛ فمحمد لم يرو له مسلم إلا متابعة، ثم هو حسن الحديث. (تكميل): قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في "العجاب" (2/ 753): "ما زلت أبحث عن مناسبة ذكر آية الربا في وسط ذكر قصة أُحد؛ حتى وقفت على هذا الحديث؛ فكأنها نزلت فيه؛ فترك الربا وخرج إلى الجهاد فاستشهد، أو أن ورثته طالبوا بما كان له من الربا فنهوا عنه بالآية المذكورة". اهـ. (*) الحديث في الموضع الثاني معلق وليس مسنداً.

* عن مجاهد؛ قال: كانوا يتبايعون إلى أجل؛ فنزلت: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافُ امُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1). [ضعيف] * عن عطاء؛ قال: كانت ثقيف تداين بني المغيرة في الجاهلية، فإذا حلّ الأجل؛ قالوا: نزيدكم وتؤخرون؛ فنزلت: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافُ امُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬2). [ضعيف] * {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا الله وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)}. * عن عطاء: أن المسلمين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله منا؛ كانوا إذا أذنب أحدهم أصبحت كفارة ذنبه في عتبة بابه مكتوبة: اجدع أذنك، افعل كذا، فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزل: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أدلكم؟ ألا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (2/ 539 رقم 1404) بسند صحيح إلى ابن جريج عن مجاهد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ ابن جريج مدلس، وقد عنعن، وهو لم يسمع من مجاهد؛ كما قال المزي في "تهذيب الكمال"، ثم هو مع ذلك مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور (2/ 313)، وزاد نسبته للفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (2/ 59) من طريق مؤمل بن إسماعيل ثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه مؤمل هذا وهو سيئ الحفظ، أما ما يخشى من عنعنة ابن جريج؛ فهي محمولة على الاتصال عن عطاء بخاصة، وهو مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 314)، وزاد نسبته لابن المنذر.

أخبركم بخير من ذلكم؟ "؛ فقرأ هذه الآيات (¬1). [ضعيف] * {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)}. * عن الزهري؛ قال: كَثُرَ في أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - القتل والجراح؛ حتى خلص إلى كل امرئٍ منهم اليأس؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- القرآن، فآسى فيه المؤمنين بأحسن ما آسى به قوماً من المسلمين كانوا قبلهم من الأمم الماضية، فقال: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} إلى قوله: {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154] (¬2). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: انهزم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشِّعْبِ يوم أحد، وعلا خيل المشركين فوقهم على الجبل، وكان المسلمون من أسفل الشعب، فندب نفر من المسلمين رماة، فرموا خيل المشركين؛ حتى هزم الله خيل المشركين، وعلا المسلمون الجبل؛ ¬

(¬1) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (2/ 62) -: ثني حجاج بن محمد المصيصي، وإسحاق بن راهويه في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 82) -، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 754) كلاهما قال: أنا روح بن عبادة نا محمد بن عبد الملك بن جريج كلاهما [حجاج ومحمد] عن ابن جريج عن عطاء به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد إلى عطاء. وقال الحافظ في "العجاب" (2/ 754): "وهذا سند قوي إلى عطاء". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 314)، وزاد نسبته لابن المنذر. (تنبيه): هناك أسباب أخرى ذكرها الحافظ في "العجاب" (2/ 755، 758) وهي واهية بمرة. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 66، 67) من طريق سويد بن نصر نا ابن المبارك عن يونس بن عبد الأعلى عن الزهري به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

ونزلت: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أقبل خالد بن الوليد يريد أن يعلو عليهم الجبل؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم لا يعلون علينا"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)} (¬2). [ضعيف جداً] * {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)}. * عن عكرمة؛ قال: وندم المسلمون كيف خلوا بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - الجبل، وجمع أبو سفيان جمعه، وكان من أمرهم مما كان، فلما صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - الجبل؛ جاء أبو سفيان، فقال: يا محمد! ألا تخرج؟ الحرب سجال: يوم لنا، ويوم لكم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أجيبوا -لأصحابه- وقولوا: لا سواء، لا سواء؛ قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار". قال أبو سفيان: عزى لنا ولا عزى لكم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم". قال أبو سفيان: اعل هبل. ¬

_ (¬1) أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 758) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (2/ 67) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 566، 567 رقم 1505) من طريقين عن ابن جريج به. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 330)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 67) من طريق العوفي عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الله أعلى وأجل". فقال أبو سفيان: موعدنا وموعدكم بدر الصغرى. ونام المسلمون وبهم الكلوم. قال عكرمة: ففيهم نزلت: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة قال: لما أبطأ على النساء الخبر؛ خرجن يستخبرن، فإذا رجلان مقتولان على دابة، أو على بعير، فقالت امرأة من الأنصار: من هذان؟ قالوا: فلان وفلان؛ أخوها وزوجها أو زوجها وابنها، فقالت: ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: حي، قالت: فلا أبالي؛ يتخذ الله من عباده الشهداء، ونزل القرآن على ما قالت: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} (¬2). [ضعيف] * عن أبي الضحى؛ قال: نزلت {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ}؛ فقتل منهم يومئذ سبعون، منهم أربعة من المهاجرين: حمزه بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، والشمساس بن عثمان المخزومي، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (2/ 567، 568 رقم 1507)، والطبري في "جامع البيان" (2/ 68، 69)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 759) من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة به. قلنا: أخرجه ابن أبي حاتم والطبري من طريق حفص بن عمر عن الحكم وحفص هذا ضعيف؛ فإن رواه عبد بن حميد من طريقه؛ فاجتمعت في الإسناد علتان: ضعف حفص هذا، والإرسال، وإن رواه من طريق غيره؛ فهو مرسل. قلنا: في "تفسير الطبري" زيادة [عن ابن عباس]، ولعل هذا من ضعف حفص؛ فتارة يوصله، وتارة يرسله. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (2/ 573 رقم 1524): ثنا أبي ثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي ثنا وهيب ثنا أيوب عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. قال الحافظ في "العجاب" (2/ 760): "هذا مرسل رجاله رجال البخاري".

وعبد الله بن جحش، وسائرهم في الأنصار (¬1). [ضعيف] * عن راشد بن سعد: لما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحد كئيباً حزيناً؛ جعلت المرأة تجيء بزوجها وأبيها وابنها وهي تلتدم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أهكذا يفعل برسولك؟! "؛ فنزلت (¬2). [ضعيف] * {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}. * قال مقاتل بن سليمان: سببها أن المنافقين قالوا للمؤمنين يوم أحد بعد الهزيمة: لم تقتلون أنفسكم وتهلكون أموالكم؛ فإن محمداً لو كان نبياً لم يسلطوا عليه؛ فنزلت (¬3). [ضعيف جداً] * {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن رجالاً من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا يقولون: ليتنا نقتل كما قتل أصحاب بدر ونستشهد -أو ليت لنا يوماً كيوم بدر نقاتل فيه المشركين، ونبلي فيه خيراً، ونلتمس الشهادة والجنة والحياة والرزق-؛ فأشهدهم الله أحداً، ولم يلبثوا إلا من شاء الله منهم؛ فقال الله: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص 572 رقم 1522 - آل عمران): ثنا المنذر بن شاذان ثنا زكريا بن عدي ثنا أبو الأحوص عن أبي الضحى به. قلنا: وهذا سند حسن إلى أبي الضحى؛ لكنه مرسل. (¬2) ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 760) وقال: "وذكر الثعلبي عن راشد به". قلنا: وهو ضعيف. (¬3) ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 761). قلنا: تفسير مقاتل واه بمرة.

فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن مجاهد؛ قال: غاب رجال عن بدر، فكانوا يتمنون مثل يوم بدر: أن يلقوه؛ فيصيبوا من الخير والأجر مثل ما أصاب أهل بدر، فلما كان يوم أحد؛ ولّى من ولّى منهم، فعاتبهم الله، أو فعتبهم على ذلك (¬2). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: أناس من المؤمنين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطى الله أهل بدر من الفضل والشرف والأجر؛ فكانوا يتمنون أن يرزقوا قتالاً؛ فيقاتلوا، فسيق إليهم القتال حتى كان في ناحية المدينة يوم أحد، فقال الله -عزّ وجلّ- كما تسمعون: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} (¬3). [ضعيف] ¬

(¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 577 رقم 1539): نا محمد بن سعد العوفي فيما كتب إليّ: ثني سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي: ثنا الحسين بن الحسن بن عطية العوفي عن الحسن بن عطية العوفي عن عطية العوفي عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء, وخالف الحسن بن عطية العوفي -وهو ضعيف- فضيلُ بنُ مرزوق؛ فرواه عن عطية نحوه مرسلاً: أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 761). قلنا: هذا أصح؛ لكنه ضعيف؛ فيه علتان: الإرسال، وضعف عطية. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 71)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 577 رقم 1542)، والفريابي وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 761، 762) من طرق عن ابن أبي نجيح. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد إلى مجاهد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 333)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 71)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 762) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد؛ رجاله ثقات، أما ما يخشى من اختلاط =

* عن الحسن؛ قال: بلغني أن رجالاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يقولون: لئن لقينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لنفعلن ولنفعلن؛ فابتلوا بذلك، فلا والله ما كُلَّهم صدق الله؛ فأنزل الله: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} (¬1). [ضعيف] * عن الربيع؛ قال: إنَّ أناساً من المؤمنين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطاهم الله من الفضل؛ فكانوا يتمنون أن يروا قتالاً، فيقاتلوا؛ فسيق إليهم القتال حتى كان ناحية المدينة يوم أحد؛ فأنزل الله: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} (¬2). [ضعيف جداً] * عن السدي؛ قال: كان ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشهدوا بدراً، فلما رأوْا فضيلة أهل بدر؛ قالوا: اللهم إنا نسألك أن ترينا يوماً كيوم بدر؛ نبليك فيه خيراً، فرأوْا أحداً؛ فقال لهم: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ = سعيد بن أبي عروبة؛ فالراوي عنه يزيد بن زريع، وقد روى عنه قبل الاختلاط، وسعيد من أثبت الناس في قتادة. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 72): ثني محمد بن بشار -بندار-: ثنا هوذة: ثنا عوف بن أبي جميلة عن الحسن به. قلنا: وهو مرسل حسن الإسناد إلى الحسن. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 71)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 578 رقم 1546) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل تقدم الكلام عليها عند الآيتين (1، 2) فانظره. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 334)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 72)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 578 رقم 1543) عن طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: =

* {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}. * عن الربيع بن أنس قوله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} وذلك يوم أحد حين أصابهم ما أصابهم من القرح والقتل، وتداعوا نبي الله، قالوا: قد قتل، وقال أناس منهم: لو كان نبياً؛ ما قتل، وقال أناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قاتلوا على ما قاتل عليه نبيكم؛ حتى يفتح الله عليكم، أو تلحقوا به؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ}. يقول: لئن مات نبيكم أو قتل؛ ارتددتم كفاراً بعد إيمانكم (¬1). [ضغيف جداً] * عن السدي؛ قال: لما برز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد إليهم -يعني: إلى المشركين-؛ أمر الرماة، فقاموا بأصل الجبل في وجوه خيل المشركين، وقال: "لا تبرحوا مكانكم إن رأيتمونا قد هزمناهم؛ فإنا لن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم"، وأمّر عليهم عبد الله بن جبير أخا خوّات بن جبير، ثم شد الزبير بن العوّام والمقداد بن الأسود على المشركين فهزماهم، وحمل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فهزموا أبا سفيان، فلما رأى ذلك ¬

_ = الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط هذا؛ صدوق كثير الخطأ، ويغرب؛ كما في "التقريب" (1/ 53). (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 73)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص 581، 582 رقم 1554 - آل عمران) من طريق عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع به. قلنا: سنده ضعيف جداً، تقدم الكلام على هذا السند في أول آية من هذه السورة، فانظره.

خالد بن الوليد وهو على خيل المشركين قدّم؛ فرمته الرماة؛ فانقمع، فلما نظر الرماة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في جوف عسكر المشركين ينتهبونه؛ بادروا الغنيمة. فقال بعضهم: لا نترك أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانطلق عامتهم فلحقوا بالعسكر. فلما رأى خالد قلة الرماة؛ صاح في خيله، ثم حمل فقتل الرماة، وحمل على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى المشركون أن خيلهم تقاتل؛ تبادروا، فشدوا على المسلمين فهزموهم وقتلوهم، فأتى ابن قيئة الحارثي -أحد بني الحارث بن عبد مناف بن كنانة- فرمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحجر؛ فكسر أنفه ورباعيته وشجه في وجهه؛ فأثقله، وتفرق عنه أصحابه، ودخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة فقاموا عليها، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو الناس: "إليّ عباد الله! إليّ عباد الله! "، فاجتمع إليه ثلاثون رجلًا، فجعلوا يسيرون بين يديه، فلم يقف أحد إلاَّ طلحة وسهل بن حنيف فحماه طلحة فرمى بسهم في يده فيبست يده، وأقبل أبي بن خلف الجمحي وقد حلف ليقتلن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بل أنا أقتلك"، فقال: يا كذاب! أين تفر فحمل عليه، فطعنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنب الدرع فجرح جرحًا خفيفًا فوقع يخور خوران الثور فاحتملوه، وقالوا: ليس بك جراحة، قال: أليس قال: "لأقتلنك؟ "، لو كانت لجميع ربيعة ومضر؛ لقتلتهم، ولم يلبث إلا يومًا أو بعض يوم؛ حتى مات من ذلك الجرح، وفشا في الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قتل! فقال بعض أصحاب الصخرة: ليت لنا رسولاً إلى عبد الله بن أبي فنأخذ لنا أمنة من أبي سفيان، يا قوم! إن محمداً قد قتل؛ فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم. قال أنس بن النضر: يا قوم! إن كان محمد قد قتل؛ فإن رب محمد لم يقتل، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد - صلى الله عليه وسلم -، اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، ثم شدّ بسيفه فقاتل حتى قتل. وانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو الناس حتى انتهى إلى أصحاب

الصخرة، فلما رأوه؛ وضع رجل سهماً في قوسه فأراد أن يرميه، فقال: "أنا رسول الله"؛ ففرحوا حين وجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حياً، وفرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأى في أصحابه من يمتنع, فلما اجتمعوا وفيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب عنهم الحزن، فأقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه، ويذكرون أصحابه الذين قتلوا، فقال الله -عزّ وجلّ- للذين قالوا: إن محمداً قد قتل فارجعوا إلى قومكم: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن قتادة؛ قال: ذاكم يوم أحد حين أصابهم القرح والقتل، ثم تنازعوا في نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بقية ذلك، فقال أناس: لو كان نبياً؛ ما قتل، وقال أناس من عَليَّة أصحاب نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: قاتلوا على ما قاتل عليه محمد نبيكم؛ حتى يفتح الله لكم، أو تلحقوا به؛ فقال الله -عزّ وجلّ-: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}؛ يقول: إن مات نبيكم أو قتل؛ ارتددتم كفاراً بعد إيمانكم (¬2)! [ضعيف] * عن الضحاك؛ قال: نادى مناد يوم أحد حين هزم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا إنّ محمداً قد قتل؛ فارجعوا إلى دينكم الأول؛ فأنزل الله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)} (¬3) [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري (4/ 73) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لأنه معضل، وأسباط ضعيف. (¬2) أخرجه الطبري (4/ 72، 73): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد وقد تقدم الكلام عليه. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 74) من طريق جويبر عنه به. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن رسول الله اعتزل هو وعصابة معه يومئذ على أكمة، والناس يفرون، ورجل قائم على الطريق يسألهم: ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وجعل كلما مروا عليه يسألهم، فيقولون: والله ما ندري ما فعل، فقال: والذي نفسي بيده، لئن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل؛ لنعطينهم بأيدينا؛ إنهم لعشائرنا وإخواننا، وقالوا: إن محمداً إن كان حياً؛ لم يهزم، ولكنه قد قتل؛ فترخصوا في الفرار حينئذ؛ فأنزل الله - عزّ وجلّ- على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن ابن جريج: قال أهل المرض والارتياب والنفاق حين فر الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد قتل محمد؛ فالحقوا بدينكم الأول؛ فنزلت هذه الآية (¬2). [ضعيف جداً] * عن الضحاك؛ قال: قال ناس من أهل الارتياب والمرض والنفاق -قالوا يوم فر الناس عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وشج فوق حاجبه، ¬

_ = قلنا: هذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: جويبر هذا راوي "التفسير"؛ ضعيف جداً؛ كما في "التقريب" (1/ 136). الثانية: الإرسال. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 74) بالسند المسلسل بالعوفيين عن ابن عباس. قلنا: هو ضعيف جداً. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 74، 75) من طريق سنيد صاحب "التفسير" عن حجاج قال: قال ابن جريج به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: سنيد هذا صاحب "التفسير" ضعيف، وتقدم الكلام عليه (*). (*) هذا الحديث مما فات الحافظ ابن حجر في "العجاب"؛ فاقتضى التنبيه.

وكسرت رباعيته-: قتل محمد؛ فالحقوا بدينكم الأول؛ فذلك قوله: {انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن مجاهد؛ قال: ألقي في أفواه المسلمين يوم أحد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قتل؛ فنزلت هذه الآية: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (114)} (¬2). [ضعيف جداً] * {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)}. * عن السدي؛ قال: لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين نحو مكة؛ انطلق أبو سفيان حتى بلغ بعض الطريق، ثم إنهم ندموا؛ فقالوا: بئس ما صنعتم أنكم قتلتموهم، حتى إذا لم يبق إلا الشريد تركتموهم، ارجعوا فاستأصلوهم؛ فقذف الله -عزّ وجلّ- في ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 74): حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد ثنا عبيد بن سليمان. قال: سمعنا الضحاك به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: الانقطاع بين الطبري والحسين بن فرج. (¬2) أخرجه الحسين بن داود المعروف بسنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 74) -: ثني حجاج محمد المصيصي، عن ابن جريج عن مجاهد. قلنا: سنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من مجاهد. الثالثة: سنيد هذا ضعيف؛ كما تقدم.

قلوبهم الرعب فانهزموا، فلقوا أعرابياً فجعلوا له جعلاً، وقالوا له: إن لقيت محمداً؛ فأخبره بما قد جمعنا لهم، فأخبر الله -عزّ وجلّ- رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك، فذكر أبا سفيان حيث أراد أن يرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وما قُذف في قلبه من الرعب؛ فقال: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ} (¬1). [ضعيف جداً] {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)}. * عن الضحاك؛ قال: إن نبي الله أمر يوم أحد طائفة من المسلمين؛ فقال: كونوا مسلحة للناس بمنزلة أمرهم أن يثبتوا بها، وأمرهم أن لا يبرحوا مكانهم حتى يأذن لهم، فلما لقي نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد أبا سفيان ومن معه من المشركين؛ هزمهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى المسلحة أن الله -عزّ وجلّ- هزم المشركين؛ انطلق بعضهم وهم يتنادون: الغنيمة الغنيمة! لا تفتكم، وثبت بعضهم مكانهم، وقالوا: لا نريم موضعنا؛ حتى يأذن لنا نبي الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ففي ذلك نزل: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}، فكان ابن مسعود يقول: ما شعرت أن أحداً من أصحاب ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 81) من طريق أحمد بن المفضل: ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً، وقد تقدم الكلام عليه.

النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يريد الدنيا وعرضها حتى كان يوم أحد (¬1). [ضعيف جداً] * عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما-؛ قال: جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرجالة يوم أحد -وكانوا خمسين رجلاً- عبدَ الله بن جبير، فقال: "إن رأيتمونا تخطفنا الطير؛ فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أُرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم؛ فلا تبرحوا حتى أُرسل إليكم". فهزموهم، قال: فأنا والله رأيت النساء يشددن، قد بدت خلاخلهن وأسوقهن، رافعات ثيابهن، فقال أصحاب ابن جبير: الغنيمة أي قوم! الغنيمة! ظهر أصحابكم؛ فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! قالوا: والله لنأتين الناس؛ فلنصيبن من الغنيمة، فلما أتوهم؛ صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين؛ فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم، فلم يبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غير اثني عشر رجلاً، فأصابوا منا سبعين. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه أصاب من المشركين يوم بدر: أربعين ومائة؛ سبعين أسيراً وسبعين قتيلاً، فقال أبو سفيان: أفي القوم محمد -ثلاث مرات-؟ فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجيبوا. ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة -ثلاث مرات-؟، ثم قال: أفي القوم ابن الخطاب -ثلاث مرات-؟ ثم رجع إلى أصحابه؛ فقال: أما هؤلاء؛ فقد قتلوا، فما ملك عمر نفسه؛ فقال: كذبت والله يا عدو الله! إن الذين عددت لأحياء كلهم، وقد بقي لك ما يسوؤك. قال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، إنكم ستجدون في القوم مَثُلَة: لم آمر بها, ولم تسؤني، ثم أخذ يرتجز: اعل هبل، اعل هبل قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تجيبونه؟ "، قالوا: يا رسول الله! ما نقول؟ قال: "قولوا: الله أعلى وأجلّ"، قال: إن لنا العزى ولا عزى لكم، فقال ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 85) من طريق أبي معاذ، قال: ثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول: فذكره.

النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تجيبونه! " قال: قالوا: يا رسول الله! ما نقول؟ قال: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم" (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث ناساً من الناس؛ يعني: يوم أحد، فكانوا من ورائهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كونوا ههنا؛ فَرُدُّوا وَجْهَ مَنْ قَدِمَنا، وكونوا حَرسًا لنا من قِبَل ظهورنا"، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هزم القوم هو وأصحابه؛ اختلف الذين كانوا جعلوا من ورائهم؛ فقال بعضهم لبعض -لما رأوا النساء مصعدات في الجبل ورأوا الغنائم- قالوا: انطلقوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدركوا الغنيمة قبل أن تسبقوا إليها، وقالت طائفة أخرى: بل نطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنثبت مكاننا؛ فذلك قوله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا} للذين أرادوا الغنيمة {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}، قالوا: نطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونثبت مكاننا؛ فأتوا محمداً - صلى الله عليه وسلم -، فكان فشلاً حين تنازعوا بينهم بقوله: {وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} كانوا قد رأوا الفتح والغنيمة (¬2). [ضعيف جداً] * وعنه -أيضاً-رضي الله عنه-؛ قال: ما نُصِرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موطن كما نُصر يوم أحد! فأنكرنا ذلك عليه؛ فقال ابن عباس: بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله، إن الله يقول في يوم أحد: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (6/ 162، 163 رقم 3039، 7/ رقم 3986، 4043، 4067، 8/ رقم 4561). والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 346) -أيضاً- لمسلم، ولم نره فيه، ولم يعزه له المزي في "تحفة الأشراف" (2/ 46 رقم 1837). (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 84)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 1641، 1650) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء عن ابن عباس. قلنا: سنده ضعيف جداً.

مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} وإنما عنى بهذا الرماة؛ وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقامهم في موضع، ثم قال: "احموا ظهورنا، وإن رأيتمونا نقتل؛ فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا؛ فلا تشركونا"، فلما غنم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأباحوا عسكر المشركين؛ انتفضت الرماة جميعاً، فدخلوا العسكر ينتهبون، وقد انتفضت صفوف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهم كذا -وشبك أصابع يديه- والتبسوا، فلما أخلّ الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها؛ دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فضرب بعضهم بعضاً والتبسوا، وقتل من المسلمين ناس كثير، وقد كان النصر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أول النهار؛ حتى قتل من أصحاب لواء المشركين تسعة أو سبعة، وجال المشركون (¬1) جولة نحو الجبل ولم يبلغوا، حيث يقول الناس: الغار إنما كانوا تحت المهراس، وصاح الشيطان: قتل محمد، فلم يشكوا به أنه حق، فما زلنا كذلك ما نشك أنه قد قتل؛ حتى طلع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين السعدين نعرفه بكتفيه إذا مشى، قال: ففرحنا؛ حتى كأنه لم يصبنا ما أصابنا، فرقي نحونا، وهو يقول: "اشتد غضب الله على قوم رموا وجه رسول الله"، ويقول مرة أخرى: "اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا"، حتى انتهى إلينا، فمكث ساعة، فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل: اعل هبل، اعل هبل -يعني: إلهه-، أين ابن أبي كبشة؟! أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: ألا أجيبه يا رسول الله؟! قال: "بلى"، قال: فلما قال: اعل هبل؛ قال عمر: الله أعلى وأجل، قال أبو سفيان: يا ابن الخطاب! إنها قد أنعمت عينها، فعاد عنها -أو فعال عنها-، فقال: أين ابن أبي كبشة؟! أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا أبو بكر، وها أنا ذا. فقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، الأيام دول، وإن الحرب سجال. ¬

_ (¬1) في نسخة شاكر: وجال المسلمون.

قال عمر: لا سواء؛ قتلانا في الجنة؛ وقتلاكم في النار، قال: إنكم تزعمون ذلك؛ لقد خبنا إذاً وخسرنا، ثم قال: أما إنكم ستجدون في قتلاكم مَثْلاً، ولم يكن ذلك عن رأي سراتنا، ثم أدركته حمية الجاهلية، قال: أما إنه إذا كان ذاك؛ لم نكرهه (¬1). [حسن] * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: أن النساء كنا يوم أحد خلف المسلمين، يُجْهِزْنَ على جرحى المشركين، فلو حلفتُ يومئذ رجوت أن أبرَّ: إنه ليس أحدٌ منَّا يريد الدنيا؛ حتى أنزل الله -عزّ وجلّ-: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ}، فلما خالف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعصوا ما أمروا به؛ أُفْرِدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تسعة: سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش، وهو عاشرهم، فلما رهقوه؛ قال: "رحم الله رجلاً ردهم عنا"، قال: فقام رجل من الأنصار، فقاتل ساعة حتى قتل، فلما رهقوه -أيضاً-؛ قال: "يرحم الله رجلاً ردهم عنا"، فلم يزل يقل ذلك حتى قتل السبعة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لصاحبيه: "ما أنصفنا أصحابنا"، فجاء أبو سفيان، فقال: اعْلُ هُبَل؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قولوا: الله أعلى وأجل، فقالوا: الله أعلى ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (رقم 2609 - شاكر)، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 301 رقم 10731)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (2/ 602 - 604 رقم 1644)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 269 - 271)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 296، 297) -وعنه البيهقي في "الدلائل" (3/ 269 - 271) - كلهم من طريق ابن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس به. قلنا: وسنده حسن؛ لحال ابن أبي الزناد، وهو صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد وكان فقيهاً؛ كما في "التقريب". والحديث من مراسيل الصحابة، وهي حجة؛ فابن عباس لم يشهد أحداً. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 421): "هذا حديث غريب، وسياق عجيب وهو من مرسلات ابن عباس؛ فإنه لم يشهد أُحداً ولا أبوه".

وأجل"، قال أبو سفيان: لنا عُزَّى ولا عُزَّى لكم! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قولوا: الله مولانا، والكافرون لا مولى لهم". ثم قال أبو سفيان: يومٌ بيوم بدرٍ، يوم لنا ويوم علينا، ويوم نُساءُ ويوم نُسرُّ، حنظلة بحنظلة، وفلانٌ بفلان، وفلان بفلان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا سَواءَ، أما قتلانا؛ فأحياءٌ يرزقون، وقتلاكم في النار يعذبون"، قال أبو سفيان: قد كانت في القوم مَثْلاً، وإن كانت لَعَنْ غير ملإ منا ما أمرت ولا نَهيت، ولا أحببت ولا كرهت، ولا ساءني ولا سرني، قال: فنظروا، فإذا حمزةُ قد بُقِرَ بطنه، وأخذت هند كبده؛ فلاكتها؛ فلم تستطيع أن تأكلها؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أأكلت منه شيئاً؟! "، قالوا: لا، قال: "ما كان الله ليدخل شيئاً من حمزة النار! "، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمزة؛ فصلى عليه، وجيء برجل من الأنصار فوُضع إلى جنبه، فصلى عليه، فرُفِع الأنصاري، وتُرك حمزة، ثم جيء بآخر؛ فوضعه إلى جنب حمزة، فصلى عليه، ثم رُفع وتُرك حمزة؛ حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (6/ 191، 192 رقم 4414 - شاكر)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/ 16)، وابن أبي شيبة "في مصنفه" (12/ 424، 425 رقم 15127، 14/ 398 رقم 18618 - مختصراً جداً) عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الشعبي لم يسمع من ابن مسعود؛ كما قال أبو حاتم، والدارقطني، والحاكم، والمزي، وغيرهم؛ كما في "المراسيل" (160)، "وتهذيب الكمال" (14/ 30)، و"تهذيب التهذيب" (5/ 68). الثانية: عطاء بن السائب كان قد اختلط وحماد بن سلمة روى عنه قبل الاختلاط وبعده. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 109، 110): "رواه أحمد؛ وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط". وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" (4/ 40، 41): "تفرد به أحمد، وهذا =

* عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: ما كنت أرى أن أحداً من أصحاب رسول الله يريد الدنيا؛ حتى نزل فينا ما نزل يوم أحد: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} (¬1). [حسن لغيره] * عن عبد الرحمن بن أبزى؛ قال: وضع رسول الله خمسين من الرماة يوم أحد وأمَّر عليهم عبد الله بن جبير -أخا خوات-، وأقعدهم ¬

_ = إسناد فيه ضعف -أيضاً- من جهة عطاء بن السائب". أمّا الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله-؛ فصححه! وهو وَهْمٌ منه، وغفلوا جميعاً عن العلة الأولى. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 345)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 605، 606 رقم 1649)، وابن أبي عاصم في "الزهد" (رقم 203)، وابن أبي شيبة في "مسنده" (1/ 284 - 285/ 430)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 106 رقم 1399)، والبيهقي في "الدلائل" (3/ 228، 229)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 85، 86)، والواحدي في "الوسيط" (1/ 504, 505) من طرق عن أسباط بن نصر عن السدي عن عبد خير؛ قال: قال عبد الله بن مسعود به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه أسباط هذا، وهو صدوق كثير الخطأ، يغرب؛ كما في "التقريب" (1/ 53). وأخرج أحمد (6/ 191، 192 رقم 4414 - شاكر) من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود بحديث مطول وفيه: "فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر: إنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتى أنزل الله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}. قلنا: سنده ضعيف؛ فيه علتان كما سبق بيانه. لكن الحديث يرتقي بمجموع الطريقين لدرجة الحسن لغيره، والله أعلم. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 328): "رواه الطبراني في "الأوسط"، وأحمد في حديث طويل تقدم في وقعة أحد، ورجال الطبراني ثقات!! ". اهـ. وقال العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (4/ 214): "إسناده حسن". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 349): "بسند صحيح".

إزاء خالد بن الوليد، وكان على خيل المشركين، فلما انهزم المشركون؛ قال طائفة منهم: نلحق بالناس؛ لا يسبقونا بالغنائم، وقالت طائقة: عهد إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا نزيغ من مكاننا؛ حتى يأتينا أمره، فمضى أولئك؛ فرأى خالد رقتهم؛ فحمل عليه؛ فقتلهم، ونزلت: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ}؛ الآية وكانت معصيتهم توجههم عن مكانهم، وقوله: (من يريد الدنيا)، أي: الغنيمة {اَلأَخِرَةَ}: الشهادة (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ يدعو الناس حتى انتهى إلى أصحاب الصخرة، فلما رأوه؛ وضع رجل سهماً في قوسه؛ فأراد أن يرميه، فقال: "أنا رسول الله"؛ ففرحوا في ذلك حيث وجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حياً، وفرح رسول الله حين رأى أن في أصحابه من يمتنع، فلما اجتمعوا -وفيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ذهب عنهم الحزن-؛ اقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه، ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا؛ فأقبل أبو سفيان حتى أشرف عليهم، فلما نظروا إليه؛ نسوا ذلك الذي كانوا عليه، وهمهم أبو سفيان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لهم أن يعلونا، اللهم إن تُقْتَل هذه العِصابَةُ لا تُعبد"، ثم ندب أصحابه؛ فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم، فقال أبو سفيان يومئذ: اعل هبل، حنظلة بحنظلة، ويومٌ بيوم بدر، وقتلوا يومئذ حنظلة بن الراهب وكان جنباً فغسلته الملائكة، وكان حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم بدر، قال أبو سفيان: لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: "قل: الله مولانا، ولا مولى لكم"، فقال أبو سفيان: فيكم محمد؟ قالوا: نعم، قال: أما إنها قد كانت فيكم مُثْلة؛ ما أمرت ولا نهيت عنها؛ ولا سرني ولا ساءتني، فذكر الله إشراف أبي سفيان عليهم؛ فقال: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 768) من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن عبد الرحمن به. قلنا: إسناده ضعيف، لأنه منقطع بين جعفر وعبد الرحمن.

بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ}؛ الغم الأول: ما فاتهم من الغنيمة والفتح، والغم الثاني: إشراف العدو عليهم؛ {لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} من الغنيمة، {وَلَا مَا أَصَابَكُمْ} من القتل حين تذكرون، فشغلهم أبو سفيان (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي: لما شدّ المشركون على المسلمين بأحد فهزموهم؛ دخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة، فقاموا عليها، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو الناس: "إليّ عباد الله! إليّ عباد الله! "، فذكر الله صعودهم على الجبل، ثم ذكر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إياهم؛ فقال: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} (¬2). [ضعيف جداً] * {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)}. * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: قال الزبير: لقد رأيتني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين اشتد الخوف علينا، فأرسل الله علينا النوم، فما منّا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 89) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: ضعف أسباط. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 87) بالسند السابق نفسه.

من رجل إلا ذقنه في صدره، قال: فوالله إني لأسمع قول معتب بن قشير ما أسمعه إلا كالحلم: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا؛ فحفظها منه، وفي ذلك أنزل الله: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} لقول متعب (¬1). [حسن] * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أن أبا طلحة قال: غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد، قال: فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه [وذلك قوله -عزّ وجلّ-: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ}، والطائفة الأخرى: المنافقون، ليس لهم إلا أنفسهم، أجبن قوم وأرعبه، وأخذله للحق] (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 94)، والبزار في "البحر الزخار" (3/ 189 رقم 973)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 620، 621 رقم 1697)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 273)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (رقم 421)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي" (1/ 233 رقم 242)، و"الأحاديث المختارة" (3/ 61)، و"العجاب" (2/ 771)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (3/ 60 رقم 864) -، والضياء من طريق أخرى (3/ 60، 61/ 865) -: ثني يحيى بن عباد عن عبد الله بن الزبير عن أبيه به. قلنا: وسنده حسن. ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 353)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (7/ 365 رقم 4068، 8/ 228 رقم 4562)، وعبد بن حميد في "تفسيره " -وعنه الترمذي (5/ 229 رقم 3007، ص 229، 230 رقم 3008) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (3/ 61، 62 رقم 866) - وغيرهم من طرق عن أنس به. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وما بين المعقوفتين زيادة من الترمذي. وأخرجه الترمذي (5/ 229 رقم 3007) -ومن طريقه الضياء المقدسي (3/ 62/ 867) -: ثنا عبد بن حميد -وهذا في "تفسيره"-: ثنا روح بن عبادة عن =

* {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)}. * عن كليب؛ قال: خطب عمر يوم الجمعة؛ فقرأ آل عمران، وكان يعجبه إذا خطب أن يقرأها، فلما انتهى إلى قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}؛ قال: لما كان يوم أُحد؛ هزمناهم، ففررت حتى صعدت الجبل، فلقد رأيتني أنزو كأنني أروى، والناس يقولون: قتل محمد، فقلت: لا أجد أحداً يقول: قتل محمد؛ إلا قتلته، حتى اجتمعنا على الجبل؛ فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)} (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة -مولى ابن عباس-؛ قال: جاءت [فاختة] بنت غزوان امرأة عثمان بن عفان، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليٌّ يغسلان السلاح من الدماء، فقالت: ما فعل ابن عفان؟! أما والله لا تجدونه ألأم القوم، فقال لها علي: إن عثمان فضح الذمار اليوم، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَهْ"، وكان ممن ولى دبره يومئذ: عثمان بن عفان، وسعد بن عثمان، وعقبة بن عثمان -إخوان من الأنصار من بني زريق- حتى بلغوا الجلعب، فرجعوا بعد، فقالت: فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد ذهبتهم بها عريضة"، قال الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ ¬

_ = حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير بن العوام مثله. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 95، 96): ثنا أبو هشام الرفاعي: ثنا أبو بكر بن عياش: ثنا عاصم بن كليب عن أبيه؛ قال: خطب عمر. . . فذكره. قلنا: وأبو هشام الرفاعي هذا؛ ضعيف؛ ضعفه البخاري، والنسائي، وأبو حاتم وغيرهم، ولخصه الحافظ بقوله في "التقريب": "ليس بالقوي".

بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عكرمة؛ قال: نزلت في رافع بن المعلى وغيره من الأنصار وفي أبي حذيفة بن عتبة ورجل آخر: {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}؛ إذ لم يعاقبهم (¬2). [ضعيف جداً] * عن قتادة: وذلك يوم أحد، ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تولوا عن القتال وعن نبي الله يومئذ، وكان ذلك من أمر الشيطان وتخويفه؛ فأنزل الله ما تسمعون أنه قد تجاوز عن ذلك وعفا عنهم (¬3). [ضعيف] * عن السدي قال: لما انهزموا يومئذ؛ تفرق عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 772): ثنا يوسف بن بهلول عن عبد الله بن إدريس، والطبري في "جامع البيان" (4/ 96) من طريق سلمة بن الفضل (كلاهما) عن ابن إسحاق؛ قال: [قال عكرمة]، وذكره. قلنا: وسنده ضعيف، فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: الانقطاع بين ابن إسحاق وعكرمة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 355) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 96) -: ثنا حجاج بن محمد بن نصير عن ابن جريج قال: قال عكرمة. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد ضعيف؛ كما تقدم. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 96): ثنا بشر بن معاذ العقدي: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد بن أبي عروبه عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكر الطبري نحوه عن الربيع بن أنس. قلنا: وضعف سنده واضح؛ كما تقدم.

أصحابه، فدخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة، فقاموا عليهم؛ فذكر الله -عزّ وجلّ- الذين انهزموا فدخلوا المدينة، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)} (¬1). [ضعيف جداً] * {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر؛ فقال بعض الناس: لعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)} (¬2). [حسن لغيره] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 96) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: سنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: وضعف أسباط. (¬2) أخرجه أبو داود (4/ 31 رقم 3971)، والترمذي (5/ 230 رقم 3009)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 102)، والطبراني في "الكبير" (11/ 288 رقم 12028، 12029)، والبزار في "مسنده" (3/ 44 رقم 2198 - "كشف")، وابن عدي في "الكامل" (3/ 942)، وأبو يعلى في "مسنده" (4/ 327 رقم 2438، 5/ 60 رقم 2651) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 84) -، وابن أبي حاتم في "التفسير" (2/ 637 رقم 1760)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في العجاب (2/ 775)، و"الدر المنثور" (2/ 361) جميعهم من طريق خُصيف الجزري عن مقسم وعكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه خصيف الجزري، قال الحافظ في "التقريب" (1/ 224): "صدوق سيئ الحفظ، خلط بآخره". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". لكنه لم ينفرد به؛ فقد أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 43، 44 رقم 2197 - "كشف"): ثنا محمد بن عبد الرحيم -المعروف بصاعقه-: ثنا عبد الوهاب بن عطاء: ثنا هارون القارئ عن الزبير بن الخريت عن عكرمة عن ابن عباس: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}؛ قال: ما كان لنبي أن يتهمه أصحابه. قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات رجال البخاري؛ عدا عبد الوهاب وهو صدوق ربما أخطأ، وهو من رجال مسلم. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 328): "رواه البزار؛ ورجاله رجال الصحيح". وقال شيخنا الألباني -رحمه الله- في "الصحيحة" (6/ 682 - القسم الأول): "وهذا إسناد صحيح؛ رجاله كلهم ثقات رجال البخارى؛ غير عبد الوهاب بن عطاء؛ فهو من رجال مسلم". قلنا: وقد تصحف في "الصحيحة" (الزبير بن خريت) إلى الزبير بن خريق؛ فليحرر. وضعفه ابن عدي في "الكامل" بخصيف. وقال المناوي في "الفتح السماوي" (1/ 414): "فالحديث ضعيف، ووهم من حسن؛ كالجلال السيوطي اغتراراً بتحسين الترمذي له". وقال المنذري في "مختصر السنن" (6/ 3): "في إسناده خصيف؛ تكلم فيه غير واحد". قلنا: وقد اضطرب خصيف في روايته على ما بينه شيخنا في "الصحيحة" (6/ 683) بما لا مزيد عليه؛ فانظره لزاماً. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (11/ 83 رقم 11174)، و"الأوسط" (5/ 279، 280 رقم 5313)، و"الصغير" (رقم 441 - الروض النضير) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 84)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (1/ 372، 373) -: ثنا محمد بن أحمد بن يزيد النرسي البغدادي؛ قال: قرأت على أبي عمر حفص بن عمر الدوري المقرئ عن أبي محمد اليزيدي ثنا أبو عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس به. وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي عمرو بن العلاء إلا أبا محمد اليزيدي، تفرد به: أبو عمر الدوري". =

* عن الضحاك بن مزاحم؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلائع، فغنم النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقسم للطلائع؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)} (¬1). [ضعيف] * عن الأعمش؛ قال: كان ابن مسعود يقرأ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}؛ فقال ابن عباس: بلى، ويقتل، قال: فذكر ابن عباس إنه إنما كانت في قطيفة، قالوا: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلها يوم بدر؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال نبيّ - صلى الله عليه وسلم - جيشاً؛ فردت رايته، ثم بعث فردت، ثم بعث فردت؛ فردت بغلول رأس غزال من ذهب؛ فنزلت: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} (¬3). [صحيح] ¬

_ = قلنا: وسنده حسن في الشواهد. وقال شيخنا -رحمه الله- في "الصحيحة" (6/ 684): ". . . وعلى هذا؛ فالإسناد جيد، ويزداد قوة بما قبله من الطرق. . .". (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (12/ 413 رقم 15078)، وابن جرير في "جامع البيان" (4/ 103)، وأبو الشيخ في "التفسير" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 84) -من طريق وكيع عن سلمه بن نبيط عن الضحاك به. قلنا: وسنده ضعيف، لإعضاله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 102): ثنا نصر بن علي الجهضمي: ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه سليمان التيمي عن الأعمش به. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه معضل. (¬3) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ رقم 12684)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقهما الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (9/ 529، 530 رقم 512، 513، 514) - من طريق معاوية بن هشام عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس به. =

* عن قتادة؛ قال: ذُكر لنا أن هذه الآية نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر، وقد غلَّ طوائف من أصحابه (¬1). [صحيح لغيره] * عن الربيع: أنزلت على نبي الله يوم بدر وقد غل طوائف من أصحابه (¬2). [ضعيف جداً] * {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)}. * عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ قال: لما كان يوم بدر؛ قال: نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين؛ فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - القبلة، ثم مد يده وعليه رداؤه وإزاره. ثم قال: "اللهم أين ما وعدتني؟ اللهم أنجز ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإِسلام؛ فلا تعبد في الأرض أبداً"، قال: فما زال يستغيث ربه -عزّ وجلّ- ويدعوه؛ حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فرده، ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا نبي الله! كفاك مناشدتك ربك؛ فإنه سينجز لك ما وعدك، وأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)} [الأنفال: 9]، ¬

_ = قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 328): "ورجاله ثقات". قلنا: وهو كما قال؛ فالسند صحيح. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 103): ثنا بشر: ثنا يزيد: ثنا سعيد عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، يقوي حديث عبد الله بن عباس: والذي ينص على أن نزول الآية كان في بدر، وبهذا نرد على الحافظ ابن حجر حين قال في "العجاب" (2/ 779): "فإن هذه الآية نزلت في يوم أحد اتفاقاً!! ". (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 104): حدثت عن عمار عن ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع. قلنا: وسنده ضعيف جداً كما تقدم. (تنبيه): هناك أقوالٌ أخرى، ذكرها الواحدي وابن حجر؛ فانظرها.

فلما كان يومئذ والتقوا؛ فهزم الله -عزّ وجلّ- المشركين، فقتل منهم سبعون رجلاً، وأسر منهم سبعون رجلاً، فاستشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وعليًا وعمر، فقال أبو بكر: يا نبي الله! هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان؛ فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار، وعسى الله أن يهديهم؛ فيكون لنا عضدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما ترى يا ابن الخطاب؟! "، قال: قلت: والله ما أرى ما رأى أبو بكر، ولكن أرى أن تمكنني من فلان -قريباً لعمر-؛ فأضرب عنقه؛ وتمكن علياً من عقيل؛ فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه، فيضرب عنقه؛ حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم، وقادتهم، فَهَوِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر، ولم يَهْوَ ما قلت؛ فأخذ منهم الفداء، فلما إن كان من الغد؛ قال عمر: غدوت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإذا هو قاعد وأبو بكر، وإذا هما يبكيان، فقلت: يا رسول الله! أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟! فإن وجدت بكاء؛ بكيت، وإن لم أجد بكاء؛ تباكيت لبكائكما، قال: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الذي عرض علي أصحابك من الفداء، لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة" -لشجرة قريبة-، وأنزل الله -عزّ وجلّ-: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} [الأنفال: 67, 68] من الفداء، ثم أُحل لهم الغنائم، فلما كان يوم أُحد من العام المقبل؛ عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون، وفر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكسرت رباعيته وهُشِمتِ البيضة على رأسه، وسال الدم على وجهه، وأنزل الله -تعالى-: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)} بأخذكم من الفداء (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (1/ 207، 208 رقم 208 - شاكر) -وعنه أبو داود (3/ 61 رقم =

* {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لما أصيب إخوانكم بأُحد؛ جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة: تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقةٍ في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومَقِيلِهم؛ قالوا: من يُبَلِّغ إخواننا عنا أَنّا أحياء في الجنة نرزق؛ لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب؟ فقال الله -سبحانه-: أنا أبلغهم عنكم؛ قال: فأنزل الله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} إلى آخر الآية" (¬1). [ضعيف] ¬

_ = 2690 - مختصراً) -، وابن أبي شيبة في "مسنده"؛ كما في "العجاب" (2/ 781)، و"المصنف" (10/ 350، 351 رقم 9632، 14/ 365، 366 رقم 18531)، وأبو عوانة في "صحيحه" (4/ 257 رقم 6695) عن قراد: ثنا عكرمة بن عمار: ثنا سماك الحنفي عن ابن عباس عن عمر به. قلنا: وسنده صحيح على شرط مسلم، وأصل الحديث فيه (1763)؛ ولكن ليس فيه التصريح بنزول هذه الآية بعينها. وسيأتي -إن شاء الله- في تفسير سورة الأنفال. (¬1) أخرجه أحمد (1/ 266)، وأبو داود (رقم 2520) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (9/ 163) -، والآجري في "الشريعة" (2/ 220 رقم 981)، وأبو يعلى في "مسنده" (4/ 219 رقم 2331)، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (1/ 215، 216 رقم 52، 2/ 510 رقم 193)، وأبو الشيخ في "جزء أحاديث أبي الزبير عن غير جابر" (ص 125 رقم 73)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 88، 297) -وعنه البيهقي في "البعث والنشور" (رقم 201)، و"شعب الإيمان" (4/ 18، 19 رقم 4240 - دار الكتب العلمية)، و"الدلائل" (3/ 304)، و"الأسماء والصفات" (2/ 213، 214 رقم 775)، و"إثبات عذاب القبر" (رقم 145) -، والواحدي في "الوسيط" (1/ 519)، و"أسباب النزول" (ص 85، 86)، والأصبهاني في "الترغيب" (ق 86/ أ)، وبقي بن مخلد في "مسنده"؛ كما في التمهيد (11/ 61) جميعهم من طريق عبد الله بن إدريس عن ابن إسحاق عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: وهما واهمان؛ لأن مسلماً لم يخرج لابن إسحاق إلا متابعة. وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (4/ 338 /1919): "وهو حديث حسن" وكذا حسنه شيخنا. قلنا: بل ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: عنعنة ابن إسحاق. الثانية: عنعنة أبي الزبير. وكلاهما مدلس ولم يصرحا بالتحديث. وخالف عبدَ الله بنَ إدريس ابنُ المبارك وإبراهيمُ بن سعد الزهري وابنُ فضيل وإسماعيل بن عياش؛ فرووه عن ابن إسحاق عن أبي الزبير عن ابن عباس به دون ذكر سعيد: أخرجه ابن المبارك في "الجهاد" (62)، وأحمد (1/ 265، 266)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (5/ 294)، و"مسنده"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 243) -وعنه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (2/ 511 رقم 194) -، وهناد في "الزهد" (1/ 120 رقم 155)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 113)، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (رقم 195)، وأبو يعلى في "مسنده"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 243)، وأبو الشيخ في "جزء أبي الزبير عن غير جابر" (56/ 14). ثم رأينا عبد بن حميد أخرجه في "مسنده" (1/ 574 رقم 678 - منتخب) من طريق عبد الله بن إدريس نفسه برواية الجماعة هذه، مما أكد شذوذ الرواية الأولى. وصرح ابن إسحاق بالتحديث عند ابن المبارك وأحمد؛ لكن سنده ضعيف؛ أبو الزبير مدلس وقد عنعن، ولم يصرح بالتحديث في جميع المصادر المذكورة، على أن ابن إسحاق توبع على الحديث بدون ذكر سعيد بن جبير. وأخرجه الثعالبي في "تفسيره" -وعنه البغوي في "معالم التنزيل" (2/ 131) -من طريق سليمان بن عمرو عن إسماعيل بن أمية عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس به. =

* عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال في قوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}: أما إنا قد سألنا عن ذلك؛ فقال: أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعةً؛ فقال: هل تشتهون شيئاً؟ قالوا: أيَّ شيء نشتهي؟ ونحن نسرح في الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات. فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا! قالوا: يا ربّ! نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا؛ حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا (¬1). [صحيح] * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال لي: "يا جابر! ما لي أراك منكسراً؟! "، قلت: يا رسول الله! استشهد أبي، قتل يوم أحد، وترك عيالاً وديناً، قال: "أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ "، قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: "ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحاً، فقال: يا عبدي! تمن عليّ؛ أعطك، قال: يا رب! تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الرب -عزّ وجلّ-: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون"، قال: وأنزلت هذه الآية: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} (¬2). [حسن] ¬

_ = قلنا: ولا يفرح بهذه المتابعة؛ لأنَّ في السند سليمان بن عمرو أبا داود النخعي الكذاب؛ كذبه أحمد وابن معين وغيرهما؛ كما في "الميزان" (2/ 216 رقم 3495). (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (3/ 1502 رقم 1887) مطولًا. قال المزي في "الأطراف" (7/ 145): "موقوف". قلنا: وهو في حكم المرفوع؛ لأن مثله لا يقال بمجرد الرأي. وانظر -لزاماً-: "تهذيب السنن" (3/ 374)، و"الصحيحة" (6/ 280). (¬2) أخرجه الترمذي (5/ 230 رقم 3010)، وابن ماجه (1/ 68 رقم 190، 2/ 936 =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = رقم 2800)، وابن خزيمة في "التوحيد" (2/ 890، 891 رقم 599) -ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" (3/ 203، 204) -، وابن أبي عاصم في "السنة" (1/ 267 رقم 602)، وفي "الجهاد" (2/ 511 - 513 رقم 196)، والدارمي في "الرد على الجهمية" (رقم 115، 289)، وابن حبان في "صحيحه" (15/ 490، 491 رقم 7022)، وابن الأعرابي في "المعجم" (رقم 2133)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (3/ 1718 رقم 4341)، والبيهقي في "الدلائل" (3/ 298)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 86)، والإسماعيلي في "معجم الشيوخ" (2/ 668)، والأصبهاني في "الحجة" (1/ 394 رقم 232)، والبغوي في "معالم التنزيل" (2/ 131، 132)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 436)، والطبراني -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (13/ 394) - جميعهم من طريق موسى بن إبراهيم بن بشير سمعت طلحة بن خراش؛ قال: سمعت جابراً به. قلنا: وهذا سند حسن؛ موسى بن إبراهيم هذا؛ روى عنه جمع، ووثقه ابن حبان، وقال: "وكان ممن يخطئ"؛ وقال الذهبي: "مدني صالح"، ولخصه الحافظ بقوله: "صدوق يخطئ"؛ كما في "الثقات" (7/ 449)، و"الميزان" (4/ 199)، و"التهذيب" (10/ 333)، و"التقريب" (2/ 280). وطلحة هذا؛ صدوق؛ قال النسائي: "صالح"، ووثقه ابن حبان وابن عبد البر، وقال الحافظ: "صدوق"؛ كما في "التهذيب" (1/ 378)، و"التقريب" (1/ 378). وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر شيئاً من هذا, ولا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم، ورواه علي بن عبد الله المديني وغير واحد من كبار أهل الحديث هكذا عن موسى بن إبراهيم". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وحسن إسناده المنذري في "الترغيب" (2/ 191). وحسنه شيخنا الألباني -رحمه الله- في "الصحيحة" (3290)، و"صحيح الموارد" (1925)، و"صحيح الترغيب" (1361). أما رواية ابن عقيل التي ذكرها الترمذي؛ فأخرجهما أحمد (3/ 361)، =

* عن أنس -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لما قتل حمزةُ وأصحابهُ يوم أُحد؛ قالوا: يا ليت لنا من يخبر إخواننا بالذي صرنا إليه من كرامة الله، قال: فأوحى ربهم -جل ثناؤه- إليهم أني رسولكم إلى إخوانكم بما أحببتم، قال: فأنزل الله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية في حمزة وأصحابه: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} (¬2). [صحيح] ¬

= والحميدي (رقم 1265)، وسعيد بن منصور في "سننه" (رقم 2550)، و"التفسير" (3/ 1107 رقم 540 - ط تكملة)، وأبو يعلى (4/ 6 رقم 2002)، وابن أبي الدنيا في "المتمنين" (رقم 2)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (3/ 1719 رقم 4343) من طرق عن سفيان بن عيينة عن محمد بن علي بن ربيعة السلمي عن ابن عقيل عن جابر نحوه مختصراً، وليس فيه ذكر سبب النزول. قلنا: وسنده حسن؛ للخلاف المعروف في ابن عقيل. وله طرق أخرى فيها ضعف استغنينا عن ذكرها؛ لوجود ما يغني عنها. (تنبيه): وقع في سند ابن أبي الدنيا خطأ قبيح يصحح مما هو موجود هنا. (¬1) أخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (2/ 515، 516 رقم 196)، والطبراني في "مسند الشاميين" (1/ 418 رقم 735) من طريق بقية بن الوليد ثني عتبه بن أبي حكيم ثني طلحة بن نافع أخبرني أنس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ مداره على عتبة بن أبي حكيم وهو ضعيف، ولخصه الحافظ بقوله: "صدوق يخطئ كثيراً"، وأما ما يخشى من تدليس بقية؛ فقد صرح بالتحديث في جميع طبقات السند. (¬2) أخرجه الحاكم (2/ 387) من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: وهو كما قالا.

* عن أنس -رضي الله عنه-: في أصحاب رسول الله الذين أرسلهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل بئر معونة، قال: لا أدري أربعين أو سبعين، قال: وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري، فخرج أولئك النفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أتوا غاراً مشرفاً على الماء قعدوا فيه، ثم قال بعضهم لبعض: أيكم يبلغ رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل هذه الماء، فقال -أراه أبو ملحان الأنصاري-: أنا أبلغ رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخرج حتى أتى حياً منهم فاحتبى أمام البيوت، ثم قال: يا أهل بئر معونة! إني رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليكم: إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، فآمنوا بالله ورسوله، فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح، فضرب به في جنبه حتى خرج من الشق الآخر؛ فقال: الله أكبر! فزت ورب الكعبة، فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه، فقتلهم أجمعين عامر بن الطفيل. قال: قال إسحاق: حدثني أنس بن مالك: أن الله -تعالى- أنزل فيهم قرآناً رفع بعد ما قرأناه زماناً، وأنزل الله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} (¬1). [صحيح] * عن الضحاك؛ قال: لما أصيب الذين أصيبوا يوم أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لقوا ربهم، فأكرمهم؛ فأصابوا الحياة والشهادة والرزق الطيب، قالوا: يا ليت بيننا وبين إخواننا من يبلغهم أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا، فقال الله -تبارك وتعالى-: أنا رسولكم إلى نبيكم وإخوانكم؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى- على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} إلى قوله: {وَلَا هُمْ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (4/ 115): ثني محمد بن مرزوق الباهلي: ثنا عمر بق يونس: ثنا عكرمة بن عمار ثنا إسحاق بن أبي طلحة ثني أنس به. قلنا: وسنده صحيح رجاله رجال مسلم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 372)، وزاد نسبته لابن المنذر.

يَحْزَنُونَ} [آل عمران: 170] (¬1). [ضعيف جداً] * عن أبي الضحى -في هذه الآية- قال: نزلت في قتلى أحد: حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير، وعبد الله بن جحش، وشماس بن عثمان، وهؤلاء الأربعة من المهاجرين، ومن الأنصار ستة وستون رجلاً نزل فيهم: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} (¬2). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير في قوله -تعالى-: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ}؛ قال: لما أصيب حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير وغيرهما في أحد، ورأوا ما رزقوا من الخير؛ قالوا: ليت إخواننا علموا ما أصبنا من الخير؛ كي يزدادوا رغبة في الجهاد؛ فقال الله -تعالى-: أنا أبلغهم عنكم؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 115) من طريق جويبر عن الضحاك به. قلنا: وسنده واهٍ بمرة، جوبير ذا ضعيف جداً، وهو مع ذلك معضل. (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 1103 رقم 538)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 785) عن أبي الوليد الطيالسي كلاهما (سعيد وأبو الوليد) عن أبي الأحوص، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 812 رقم 4489) من طريق إسرائيل، والفريابي في "تفسيره"، كما في "العجاب" (2/ 785) عن قيس بن الربيع ثلاثتهم عن سعيد بن مسروق عن أبي الضحى به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬3) أخرجه إسحاق بن راهويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 784) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 86) -، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (5/ 321، 322)، والطبراني في "الكبير" (3/ رقم 2946) من طريق سالم الأفطس عنه. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 329): "رواه الطبراني، ورجاله ثقات؛ إلا أنه مرسل".

* عن قتادة: ذكر لنا أن رجالاً من أصحاب رسول الله قالوا: يا ليتنا نعلم ما فعله إخواننا الذين قُتلوا يوم أُحد؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى- في ذلك القرآن: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}. كنا نحدث: أن أرواح الشهداء تعارف في طير بيض؛ تأكل من ثمار الجنة، وأن مساكنهم السدرة (¬1). [ضعيف] * {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)}. * عن عروة بن الزبير؛ قال: قالت لي عائشة: أبواك -والله- من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح (¬2). [صحيح] هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: أن عائشة -رضي الله عنها- قالت لعروة: يا ابن أُختي! كان أبواك؛ منهم: الزبير وأبو بكر، لَمّا أصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون؛ خاف أن يرجعوا، قال: "من يذهب في إِثْرِهمِ؟ "؛ فانْتُدِبَ منهم سبعون رجلاً. قال: كان فيهم أبو بكر والزبير. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنها-؛ قال: إن الله قذف في قلب أبي سفيان الرعب؛ يعني: يوم أحد، بعد ما كان منه ما كان، فرجع إلى مكة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفاً، وقد رجع ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 114): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة به. قلنا: وهو مرسل حسن الإسناد. (تنبيه): هنالك أقوال أخرى تراها في "العجاب". (¬2) أخرجه البخاري (7/ 373 رقم 4077)، ومسلم -مختصراً- (4/ 1880، 1881).

وقذف الله في قلبه الرعب"، وكانت وقعة أُحد في شوال (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أنَّ معبداً الخزاعي مرّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بحمراء الأسد، وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة نصح لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتهامة صفقتهم معه، لا يخفون عليه شيئاً كان بها، فقال معبد -وهو يومئذ مشرك-: يا محمد! أما والله لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك، ولَوَدِدْنا أن الله -عزّ وجلّ- عافاك فيهم، ثم خَرج ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِحَمْراء الأسد، حتى لقي أبا سفيان بن حرب ومن معه بالروحاءِ، وقد أجمعوا بالرجعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وقالوا: أصبنا في أُحد أَصحابه وقادتهم وأشرافهم، ثم نرجع قبل أن نستأصلهم؛ لَنكُرَّنَّ على بقيتهم فلنفرغنَّ منهم، فلما رأى أبو سفيان مَعْبداً؛ قال: ما وَرَاءَك يا معبد؟! قال: محمد قَدْ خَرَجَ في أصحابه يطلبكم في جَمْع لَمْ أرَ له مثله قط؛ يَتَحَرَّقُونَ عليكم تَحَرُّقاً، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم، وندموا على ما صنعوا، فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط، فقال. ويلك ما تقول؟! فقال: والله ما أُرَى أن ترتحل؛ حتى ترى نَوَاصَي الخيل، قال: فوالله لقد أجمعنا على الكرَّة عليهم؛ لنستأصل بقيتهم، قال: فإني أنهاك عن ذلك، فوالله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيه أبياتاً من شعر، فقال أبو سفيان: وماذا قلت؟ قال معبدٌ: قلتُ: كادت تُهَدُّ من الأصوات راحلتي ... إذ سَالَتِ الأرض بالجرُد الأبابيل -ثم ذكر سائر الأبيات في جيش المسلمين- قال: فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه، ومرّ ركْبٌ مِنْ عبد القيس، فقال أبو سفيان: أين ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 117) من طريق العوفيين الضعفاء عن ابن عباس. قلنا: سنده ضعيف جداً.

تريدون؟ قالوا: المدينة، قال: ولم؟ قالوا: نريد المِيرَةَ، فقال: فهل أنتم مُبلِّغونَ عني محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسالة أرسلكم بها إليه، وأحمِّل على إبلكم هذه زبيباً بعُكاظ غداً إذا وافيتموها؟ قالوا: نعم، قال: فقال: فإذا جئتموه؛ فأخبروه إنَّا قَد أجْمَعنَا الرجعة إلى أصحابه؛ لنستأصلهم، فلما مرّ الركب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بحمراء الأسد؛ فأخبروه بالذي قال أبو سفيان، وأمرهم به، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه: "حسبنا الله ونعم الوكيل". فأنزل الله -عزّ وجلّ- في أولئك الرهط وقولهم وفي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} إلى قوله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173]؛ يعني: هؤلاء النفر من عبد القيس، إلى قوله: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174] لما صرف الله عنهم من لقاء عدوهم، واتبعوا رضوان الله في استجابتهم: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ} [آل عمران: 175]؛ يعني: أبا سفيان وأصحابه إلى آخر الآية (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما انصرف المشركون عن أُحد، وبلغوا الروحاء؛ قالوا: لا محمداً قتلتموه، ولا الكواعب أردفتم، وبئس ما صنعتم؛ ارجعوا، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فندب الناس، فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد، وبئر أبي عتيبة؛ فأنزل الله -تعالى-: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}. وقد كان أبو سفيان قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا، فأما الجبان؛ فرجع، وأما الشجاع؛ فأخذ أهبة القتال والتجارة ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي (3/ 45، 47 - ابن هشام) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 119)، والبيهقي في "الدلائل" (3/ 315 - 317) -. قلنا: وهو مرسل.

فلم يجدوا به أحداً، وتسوقوا؛ فأنزل الله -تعالى-: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174] (¬1). [ضعيف] * عن أنس -رضي الله عنه- قال: قيل له يوم أحد: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173]، فأنزل الله هذه الآية (¬2). [شاذ] ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في "التفسير" (1/ 343، 345 رقم 103)، والطبراني في "الكبير" (11/ رقم 11632)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 437، 438) من طريق محمد بن منصور الجواز عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 121): "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح؛ غير محمد بن منصور الجواز، وهو ثقة". قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/ 228 - 229): "أخرجه النسائي وابن مردويه ورجاله رجال الصحيح؛ إلا أن المحفوظ إرساله عن عكرمة ليس فيه ابن عباس، ومن الطريق المرسلة أخرجه ابن أبي حاتم وغيره". اهـ. وصححه السيوطي "في الدر المنثور" (1/ 385)! قلنا: وهذا أدق من كلام الهيثمي، وهاك البيان؛ فقد أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (14/ 29 - ط الأعظمي)، و (3/ 1116، 1117 رقم 543 - تكملة)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 140) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 121) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 816 رقم 4510) من طريق محمد بن أبي عدي ومحمد بن عبد الله بن زيد المقرئ أربعتهم عن سفيان بن عيينة وهذا في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 794) عن عمرو بن دينار عن عكرمة به مرسلاً. ولا شك أن رواية الأربعة الثقات أرجح؛ كما قال الحافظ. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 389)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 440)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (11/ 86) من طريق عبد الرحيم بن محمد بن زياد السكري نا أبو بكر بن عياش عن حميد الطويل عن أنس به. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 19) من طريق عبد الرحيم هذا بسنده بلفظ: أن رسول الله قال: "أتي إبراهيم -عليه السلام- يوم النار إلى النار، فلما بصر بها؛ قال: حسبنا الله ونعم الوكيل". =

* عن أبي رافع: أن النبي وجه علياً في نفر معه في طلب أبي سفيان، فلقيهم أعرابي من خزاعة، فقال: إن القوم قد جمعوا لكم؛ قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل؛ فنزلت فيهم هذه الآية (¬1). * عن أبي السائب -مولى عائشة بنت عثمان-: أن رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بني عبد الأشهل كان شهد أُحداً، قال: شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحداً أنا وأخ لي، فخرجنا جريحين، فلما أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخروج في طلب العدو؛ قلت لأخي -أو قال لي-: تفوتنا غزوة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ما لنا من دابة نركبها وما منا إلا جريح ثقيل؛ فخرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكنت أيسر جرحاً منه، فكنت إذا غلب؛ حملته عقبة، ومشى عقبة، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهى إلى حمراء الأسد -وهي من المدينة على ثمانية أميال- فأقام بها ثلاثاً؛ الاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، ثم رجع إلى المدينة؛ فنزل: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = واللفظان مختلفان، والثاني هو المحفوظ؛ وهو الموافق لما رواه البخاري. قال الحافظ في "العجاب" (2/ 796): "والمحفوظ عن أبي بكر بن عياش ما رواه البخاري [8/ 229 رقم 4563، 4564] عن شيخه أحمد بن يونس عن أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس قال: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد حين قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم الآية. وكذا أخرجه النسائي [(رقم 101 - التفسير) و (رقم 603 - عمل اليوم والليلة)]. من رواية يحيى بن أبي بكير عن أبي بكر". اهـ. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 389)، ونسبه لابن مردويه. (¬2) أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 117) -: ثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبي السائب مولى عائشة به. قلنا: من فوق ابن إسحاق لم نجد لهم ترجمة. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 387)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

* عن قتادة؛ قال: ذاك يوم أحد بعد القتل والجراحة، وبعد ما انصرف المشركون: أبو سفيان وأصحابه؛ قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "ألا عصابة تشدد لأمر الله فتطلب عدوها؛ فإنه أنكى للعدو وأبعد للسمع"، فانطلق عصابة على ما يعلم الله من الجهد، حتى إذا كانوا بذي الحليفة؛ جعل الأعراب والناس يأتون عليهم، فيقولون: هذا أبو سفيان مائل عليكم بالناس، فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)} [آل عمران: 173, 174] (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: عمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لموعد أبي سفيان، فجعلوا يلقون المشركين ويسألونهم عن قريش، فيقولون: قد جمعوا لكم! يكيدونهم بذلك، يريدون أن يرعبوهم؛ فيقول الرسول: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، حتى قدموا بدراً، فوجدوا أسواقها عافية؛ (أي: خالية من التجار) فلم ينازعهم فيها أحد، وقدم رجل من المشركين فسألوه عن المسلمين، فقال: قد نفرت من رفقتي محمد ... وعجوة من يثرب كالعنجد تهوي على دين أبيها الأتلد ... قد جعلت ماء قديد موعدي وماء ضجنان لها ضحى الغد (¬2) [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الثعالبي في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 87) - من طريق روح بن عبادة ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد إلى قتادة (*). (*) وهذا الحديث مما فات الحافظ في "العجاب"؛ فاقتضى التنبيه. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 796) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 120) -: ثني حجاج عن ابن جريج. =

* عن السدي؛ قال: لما ندموا -يعني: أبا سفيان وأصحابه على الرجوع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه-؛ وقالوا: ارجعوا فاستأصلوهم؛ فقذف الله في قلوبهم الرعب؛ فهزمُوا، فلقوا أعرابياً فجعلوا له جعلاً، فقالوا له: إن لقيت محمداً وأصحابه؛ فأخبرهم أنا قَد جمعنا لهم؛ فأخبر الله -جل ثناؤه- رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد، فلقوا الأعرابي في الطريق، فأخبرهم الخبر، فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، ثم رجعوا من حمراء الأسد؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم وفي الأعرابي الذي لقيهم: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)} [آل عمران: 173] (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي قال: انطلق أبو سفيان منصرفاً من أحد حتى بلغ بعض الطريق، ثم إنهم ندموا وقالوا: بئسما صنعتم أنكم قتلتموهم، حتى إذا لم يبق إلا الشريد؛ تركتموهم، ارجعوا واستأصلوهم؛ فقذف الله في قلوبهم الرعب، فهزموا، فأخبر الله رسوله؛ فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد، ثم رجعوا من حمراء الأسد؛ فأنزل الله -جل ثناؤه- فيهم: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} (¬2). [ضعيف جداً] * عن ابن جريج؛ قال: أخبرت أن أبا سفيان بن حرب لما راح ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: سنيد هذا صاحب "التفسير"؛ ضعيف. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 120) من طريق أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط ضعيف. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 117) من طريق أسباط عن السدي. قلنا: إسناده ضعيف جداً، وقد تقدم الكلام عليه.

هو وأصحابه يوم أحد؛ قال المسلمون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنهم عامدون إلى المدينة؛ فقال: "إن ركبوا الخيل وتركوا الأثقال؛ فإنهم عامدون إلى المدينة، وإن جلسوا على الأثقال وتركوا الخيل؛ فقد أرعبهم الله وليسوا بعامديها"؛ فركبوا الأثقال؛ فرعبهم الله، ثم ندب ناساً يتبعونهم؛ ليروا أن بهم قوة، فاتبعوهم ليلتين أو ثلاثاً؛ فنزلت: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن الحسن؛ قال: إن أبا سفيان وأصحابه أصابوا من المسلمين ما أصابوا ورجعوا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أبا سفيان قد رجع وقد قذف الله في قلبه الرعب؛ فمن ينتدب في طلبه؟ "؛ فقام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فتبعوهم، فبلغ أبا سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلبه، فلقي عيراً من التجار، فقال: ردوا محمداً ولكم من الجمل كذا وكذا. . . وأخبروهم أني قد جمعت لهم جموعاً، وأني راجع إليهم. فجاء التجار فأخبروا بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حسبنا الله"؛ فأنزل الله: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬2). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: هذا أبو سفيان قال لمحمد: موعدك بدر حيث قتلتم أصحابنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عسى أن ننطلق"، قال: فذهب لموعده حتى نزلوا بدراً، فوافوا السوق فابتاعوا؛ فذلك قوله: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 118) -: ثني حجاج عن ابن جريج. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ كما بيناه قريباً. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 386). قلنا: هو ضعيف؛ لإرساله. (¬3) أخرجه الفريابي في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 795)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 819 رقم 4523) من طريق ورقاء، والطبري في "جامع البيان" =

* {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)}. * عن السدي؛ قال: حدّث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن أمته عرضت عليه كما عرضت على آدم، قال: "فأعلمتُ بمن يؤمن بي ومن يكفر بي"، فبلغ ذلك المنافقين؛ فقالوا: يزعم محمد أنه يعلم من يؤمن به ومن يكفر به! ونحن معه ولا يعلم بنا؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية (¬1). [ضعيف جداً] * {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: دخل أبو بكر بيت المدراس، فوجد من اليهود أناساً كثيراً قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له: فنحاص، وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حبر يقال له: أشيع، فقال ¬

_ = (2/ 120) من طريق عيسى كلاهما عن ابن أبي نجيح عنه به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد إلى مجاهد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 389)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. (تنبيه): هنالك أسباب أخرى ذكرها الحافظ في "العجاب"، وهي واهية؛ فلتنظر. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 798) من طريق أسباط عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط هذا ضعيف. (تنبيه): هنالك أقوالاً أخرى -معلقة- في "أسباب النزول" للواحدي (ص 88).

له أبو بكر: ويحك يا فنحاص! اتق الله وأسلم؛ فوالله إنك لتعلم أن محمداً رسول الله، جاء من عند الله بالحق، تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل، فقال فنحاص: والله يا أبا بكر! ما لنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير؛ ما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا!! وإنا عنه لأغنياء، ولو كان عنا غنياً؛ ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطينا, ولو كان غنياً عنا؛ ما أعطانا الربا! فغضب أبو بكر وضرب وجه فنحاص ضرباً شديداً، وقال: والذي نفسي بيده، لولا الذي بيننا وبينك؛ لضربت عنقك يا عدو الله! فاكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين. فذهب فنحاص إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا محمد! أبصر ما صنع بي صاحبك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: "ما حملك على ما صنعت؟ "، فقال: يا رسول الله! إن عدو الله قال قولاً عظيماً: يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء؛ فغضبت لله مما قال، فضربت وجهه. فقال فنحاص: ما قلت ذلك؛ فأنزل الله -تعالى- فيما قال فنحاص رداً عليه، وتصديقاً لأبي بكر: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أتت اليهود محمداً - صلى الله عليه وسلم - حيث أنزل: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245]؛ فقالوا: يا محمد! افتقر ربك يسأل عباده القرض؛ فأنزل الله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 805)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 129) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وسنده ضعيف: لجهالة شيخ ابن إسحاق، ومع ذلك حسنه الحافظ في "الفتح" (8/ 231)! وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 396)، وزاد نسبته لابن المنذر.

الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} (¬1). [حسن] * عن قتادة؛ قال: لما نزلت: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [لبقرة: 245]؛ قالت اليهود: إنما يستقرض الفقير من الغني؛ فأنزل الله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)}. (وفي رواية: ذكر لنا أنها نزلت في حيي بن أخطب) (¬2). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: نزلت في اليهود؛ صك أبو بكر -رضي الله عنه- وجه رجل منهم، وهو الذي قال: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} وهو الذي قال: {يَدُ اَللهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64]. قال شبل: بلغني أنه فنحاص اليهودي. (¬3) [ضعيف] * عن الحسن؛ قال: لما نزلت: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245]؛ قال: عجبت اليهود، فقالت: إن الله فقير يستقرض؛ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 460 رقم 2429) من طريق الدشتكي عن أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وسنده حسن. ورواه ابن جرير في "جامع البيان" (4/ 129)، وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 396) من طريق محمد هذا عن عكرمة به مرسلاً. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 141) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 130) -، وابن المنذر؛ كما في "العجاب" (2/ 807) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد إلى قتادة. (¬3) أخرجه عبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 807)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 89)، وابن جرير في "جامع البيان" (4/ 129، 130، 130) من طرق عن ابن أبي نجيح عنه به. قلنا: إسناده صحيح إلى مجاهد؛ لكنه مرسل.

فنزلت: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)} (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: قال مولى ابن عباس: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا بكر إلى فنحاص اليهودي (يستمده)، ونهى أبا بكر أن يفتات بشيء حتى يرجع، فلما قرأ فنحاص الكتاب؛ قال: قد احتاج ربكم؛ فسنفعل، سنمده. قال أبو بكر: فهممت أن أمده بالسيف وهو متوحشه، ثم ذكرت قول النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ} إلى قوله: {أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186] في يهود بني قينقاع (¬2). [ضعيف جداً] * عن السدي؛ قال: في قوله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}؛ قال: فنحاص اليهودي من بني مرثد، لقيه أبو بكر فكلمه، فقال له: يا فنحاص! اتق الله، وآمن وصدق، وأقرض الله قرضاً حسناً؛ فقال فنحاص: يا أبا بكر! تزعم أن ربنا فقير يستقرضنا أموالنا، وما يستقرض إلا الفقير من الغني إن كان ما تقول حقاً؛ فإن الله إذاً لفقير؛ فأنزل الله هذا. فقال أبو بكر: فلولا كانت هدنة كانت بين النبي وبين بثي مرثد؛ لقتلته. (¬3) [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 130) من طريق عطاء عن الحسن به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه ابن المنذر؛ كما في "العجاب" (2/ 806) من طريق محمد بن ثور عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: ابن جريج مدلس، وقد عنعن. الثانية: جهالة هذا المولى. الثالثة: الإرسال. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 130) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي. =

* {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)}. * عن العلاء بن بدر؛ قال: كانت رسل تجيء بالبينات، ورسل علامة نبوتهم أن يضع أحدهم لحم البقر على يده فتجئ نار من السماء؛ فتأكله؛ فأنزل الله: {قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (¬1). [ضعيف] * عن الضحاك؛ قالوا: يا محمد! إن أتيتنا بقربان تأكله النار؛ صدقناك، وإلا؛ فلست بنبي؛ فنزلت (¬2). [ضعيف جداً] * عن الكلبي؛ قال: نزلت في كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف ووهب بن يهوذا وزيد بن التابوت وفنحاص بن عازورا وحيي بن أخطب، قالوا: يا محمد! إنك تزعم أن الله بعثك إلينا رسولاً، وأنزل عليك كتاباً، وإن الله أنزل علينا في التوراة أن لا نؤمن لرسول يزعم أنه من عند الله؛ حتى يأتينا بقربان تأكله النار، فإن جئتنا به؛ صدقناك؛ فنزلت. (¬3) [موضوع] ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان. الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط؛ ضعيف. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 831 رقم 4600) من طريق أبي يزيد النعمان بن قيس المرادي عن العلاء به. قلنا: وهذا معضل. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 831 رقم 4601)، وابن المنذر؛ كما في "العجاب" (2/ 808)، و"الدر المنثور" (2/ 398). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ جويبر هذا متروك، وهو معضل. (¬3) ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 809). قلنا: والكلبي كذاب.

* {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)}. * عن أسامة بن زيد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب على حمار على قطيفة فدكية، وأردف أسامة بن زيد وراءه؛ يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، قال: حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول، وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غَشِيَتِ المجلسَ عجاجةُ الدابة؛ خمَّرَ عبدُ الله بن أُبيّ أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم، ثم وقف؛ فنزل، فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أُبي بن سلول: أيها المرء! إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقاً، فلا تؤذينا به في مجلسنا، ارجع إلى رحلك؛ فمن جاءك؛ فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله! فاغشنا في مجلسنا؛ فإنا نحب ذلك؛ فاستب المسلمون والمشركون واليهود؛ حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم حتى سكنوا، ثم ركب النبي - صلى الله عليه وسلم - دابته؛ فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا سعد! ألم تسمع ما قال أبو حباب -يريد: عبد الله بن أبي- قال: كذا وكذا"، قال سعد بن عبادة: يا رسول الله! اعف عنه واصفح عنه؛ فوالذي أنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذى أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه، فيعصبونه بالعصابة، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله؛ شَرِقَ بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصطبرون على الأذى، قال الله -عزّ وجلّ-: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} , وقال الله:

{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] إلى آخر الآية، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتأول العفو ما أمره الله به؛ حتى أذن الله فيهم، فلما غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدراً فقتل الله به صناديد كفار قريش؛ قال ابن أبي ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه، فبايعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الإِسلام، فأسلموا (¬1). [صحيح] * عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه -وكان من أحد الثلاثة الذين تيب عليهم-: أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعراً وكان يهجو النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويحرض عليه كفار قريش في شعره، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وأهلها أخلاط؛ منهم المسلمون، ومنهم المشركون، ومنهم اليهود. فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستصلحهم، فكان المشركون واليهود يؤذونه ويؤذون أصحابه أشد الأذى؛ فأمر الله -تعالى- نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالصبر على ذلك وفيهم أنزلَ اللهُ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} الآية (¬2). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس؛ قال: نزل في أبي بكر وما بلغه من ذلك من الغضب: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (8/ 230، 231 رقم 4566). (¬2) أخرجه الذهلي في "الزهريات"؛ كما في "العجاب" (2/ 810) -ومن طريقه أبو داود (3000)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 89 - 90) و"الوسيط" (1/ 530)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 198) -، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 196) من طريق الحكم بن نافع، عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري أخبرني عبد الرحمن به. قلنا: وسنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 401)، وزاد نسبته لابن المنذر. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 142، 143) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 134)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 834 رقم 4619) -: نا معمر عن الزهري به، لم يذكر من فوق الزهري.

أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: نزلت هذه الآية في النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي أبي بكر -رضوان الله عليه- وفي فنحاص اليهودي سيد بني قينقاع (¬2). [ضعيف جداً] * {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)}. * عن أبي سعيد الخدري: أن رجالاً من المنافقين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو؛ تخلفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله، فإذا قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ اعتذروا إليه، وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا؛ فنزلت: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} (¬3). [صحيح] * عن رافع بن خَدِيجٍ؛ أنه كان هو وزيد بن ثابت عند مروان -وهو أمير المدينة يومئذ-، فقال مروان لرافع: في أي شيء أنزلت هذه الآية: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا}؟ فقال رافع: أُنزلت في أُناس من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في سفر؛ تخلفوا عنه، فأنكر مروان ذلك؛ وقال: ما هذا؟! فجزع رافع، وقال لزيد بن ثابت: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 834 رقم 4617) -: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة عن ابن عباس. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 133 - 134) -: ثني حجاج عن ابن جريج؛ قال: قال عكرمة. قلنا: وسنده ضعيف جداً، فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: الانقطاع بين ابن جريج وعكرمة. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف لا يحتج به. (¬3) أخرجه البخاري (8/ 233 رقم 4567)، ومسلم (4/ 2142 رقم 2777).

أُنشدك باللهِ! هل تعلم ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال زيد: نعم فخرجا من عند مروان، فقال زيد لرافع -وهو يمزح معه-: أما تحمدني؛ لما شهدت لك؟! فقال رافع: وأي شيء هذا؟ أَحمدُكَ على أَن تشهد بالحق، قال زيد: نعم، قد حمد الله على الحق أهله (¬1). [ضعيف جداً] * عن علقمة بن وقاص الليثي: أن مروان قال لبوابه: اذهب يا رافع! إلى ابن عباس، فقل: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يعمل معذباً؛ لنعذبن أجمعون! فقال ابن عباس: وما لكم ولهذه؟ إنما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - يهود فسألهم عن شيء، فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم. ثم قرأ ابن عباس: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 187] كذلك حتى قوله: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} (¬2). [صحيح] * عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن يهود خيبر أتوا نبي الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فزعموا: أنهم رضوا بالذي جاء به، وأنهم متابعوه متمسكون بضلالتهم، وأرادوا أن يحمدهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بما لم يفعلوا؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن مردويه والثعلبي؛ كما في "العجاب" (2/ 812) من طريق عبد العزيز بن يحيى المدني عن مالك عن زيد بن أسلم عنه به. قال الحافظ: "عبد العزيز بن يحيى؛ ضعيف جداً". قلنا: وهو كما قال. (¬2) أخرجه البخاري (8/ 233، 4568)، ومسلم (4/ 2143، 2778). قال الحافظ في "العجاب" (2/ 814): "ويمكن الجمع بين الحديثين بنزول الآية في حق المنافقين وفي أهل الكتاب". وقال في "الفتح" (8/ 233): "ويمكن الجمع بأن تكون الآية نزلت في الفريقين معاً، وبهذا أجاب القرطبي [في "تفسيره" (4/ 195)] وغيره". اهـ.

تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} (¬1). [ضعيف] * عن الحسن قال: هُمْ يهود خيبر قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالوا للناس حين خرجوا إليهم: إنا قد قبلنا الدين، فأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا (¬2). [ضعيف] * عن الضحاك: كتب يهود المدينة إلى يهود العراق ويهود اليمن ويهود الشام ومن بلغهم كتابهم من أهل الأرض: أن محمداً ليس بنبي، واثبتوا على دينكم، واجمعوا كلمتكم على ذلك، فاجتمعت كلمتهم على الكفر بمحمد والقرآن، وفرحوا بذلك وقالوا: الحمد لله الذي جمع كلمتنا, ولم نتفرق، ولم نترك ديننا، وقالوا: نحن أهل الصوم والصلاة ونحن أولياء الله. وذلك قوله -تعالى-: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 138، 139): ثنا بشر بن معاذ العقدي: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد بن أبي عروبة، وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 815) من طريق شيبان النحوي كلاهما عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 144) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 139) -: نا معمر عن قتادة؛ قال: إن أهل خيبر أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقالوا: إنا على رأيكم وهيئتكم وإنا لكم ود (*)؛ فأكذبهم الله وقال: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)}. قلنا: وهو صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 840 رقم 4651) من طريق عباد بن منصور سألت الحسن به. قلنا: وسنده ضعيف. (*) في تفسير الطبري: "ردء".

من العبادة كالصوم والصلاة وغير ذلك (¬1). [ضعيف جداً] * عن عكرمة أو سعيد بن جبير: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 187]؛ يعني: فنحاصاً وأشيع وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلالة، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، ويحبون أن يقول لهم الناس قد فعلوا (¬2). [ضعيف] * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان في بني إسرائيل رجال عباد فقهاء، فأدخلتهم الملوك فرخصوا لهم وأعطوهم، فخرجوا وهم فرحون بما أخذت الملوك من قولهم وما أعطوا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} (¬3). [ضعيف] * {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)}. * عن عطاء بن أبي رباح؛ قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 815)، والطبري في "جامع البيان" (رقم 13714) من طريق جويبر عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 137) من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق، ولإرساله، وعنعنته. وأخرجه ابن إسحاق موصولاً -وهو أصح- ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 838 رقم 4640)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 137) بنحوه. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهاله شيخ ابن إسحاق. (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 838 رقم 4644) من طريق زيد بن الحباب عن أفلح بن سعيد عن محمد به. قلنا: وسنده ضعيف.

عائشة، فقالت لعبيد بن عمير: قد آن لك أن تزور، فقال: أقول يا أمه! كما قال الأول: زرغباً تزدد حباً، قال: فقالت: دعونا من بطالتكم هذه. قال ابن عمير: أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فسكتت، ثم قالت: لما كان ليلة من الليالي؛ قال: "يا عائشة! ذريني أتعبدُّ لربي"، قلت: والله؛ إني لأحب قربك، وأحب ما يسرك. قالت: فقام فتطهر ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي؛ حتى بل حجره. قالت: وكان جالساً فلم يزل يبكي - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى بل لحيته. قالت: ثم بكى؛ حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي؛ قال: يا رسول الله! تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً؟ لقد نزلت عليَّ الليلة آيةٌ؛ ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} " الآية كلها (¬1). [حسن] * عن سعيد بن جبير؛ قال: انطلقت قريش إلى اليهود فسألوهم ما أتى به موسى من الآيات؟ فذكروا عصاه ويده، وأتوا النصارى فقالوا: كيف كان عيسى؟ فقالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص، فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) أخرجه ابنُ حبّان في "صحيحه" (رقم 523 - موارد)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 200 رقم 561) من طريق يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن سويد النخعي: نا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء به. قال شيخنا العلامة الألباني -رحمه الله- في "الصحيحة" (1/ 147 رقم 68): "وهذا إسناد جيد؛ رجاله كلهم ثقات؛ غير يحيى بن زكريا؛ قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 2 رقم 145): "سألت أبي عنه؟ قال: ليس به بأس، هو صالح الحديث"". اهـ. قلنا: وهو كما قال، وله طريق أخرى عند أبي الشيخ (رقم 537) بنحوه؛ لكن فيه أبا جناب الكلبي، قال في "التقريب": "ضعفوه؛ لكثرة تدليسه". اهـ. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 409) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في "التفكر"، وابن المنذر، وابن مردويه، والأصبهاني في "الترغيب"، وابن عساكر.

فقالوا: ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهباً؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية (¬1). [ضعيف] * {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)}. * عن أُمِّ سَلَمةَ؛ قالت: يا رسول الله! لا أسمع الله -عزّ وجلّ- ذكر النساء في الهجرة بشيء؟ فأنزل الله هذه الآية، قال: قالت الأنصار: هي أول ظعينة قدمت علينا (¬2). [صحيح لغيره] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 816، 817) عن الحسن بن موسى عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 841 رقم 4655)، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 10 رقم 12322)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 92)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 450) جميعهم من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد عن ابن عباس به موصولاً. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 329): "وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف". وفي "التقريب" (2/ 352): "حافظ؛ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث". قال الحافظ في "العجاب" (2/ 817): "والمرسل أصح". قلنا: وهو كما قال، ولعل الوهم في رفعه وإرساله من جعفر القمي؛ فإنه وصف بالوهم؛ فقد قال الحافظ: "صدوق يهم"، وقال ابن منده: "ليس بالقوي في سعيد بن جبير". وبالجملة؛ فالمرسل أصح؛ لكنه ضعيف. (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 1136 رقم 552 - تكملة) -ومن طريقه =

* {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)}. * عن أنس؛ قال: لما جاء نعي النجاشي؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا عليه"، قالوا: يا رسول الله! نصلي على عبد حبشي؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} (¬1). [صحيح] ¬

_ = البيهقي في "المعرفة" (6/ 500 رقم 5307) -، وعبد الرزاق (1/ 1/ 144) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 143) -، والشافعي في "سنن حرملة"؛ كما في "المعرفة" (6/ 500)، والحميدي (1/ 144 رقم 301)، والترمذي (5/ 237 رقم 3023)، والطبراني في "المعجم الكبير" (23/ رقم 651)، وأبو يعلى في "مسنده" (12/ 391، 392 رقم 6958)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 143، 144)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 300)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 93)، والقاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1/ 149) من طرق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سلمة رجل من ولد أم سلمة عن أم سلمة. قال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. قلنا: لم يخرج الشيخان لسلمة هذا شيئاً، ولكنه صدوق؛ فقد روى عنه جمع من الثقات، ووثقه ابن حبان في "الثقات" (6/ 399)، وهو من التابعين، وقد توبع كما سيأتي -إن شاء الله- في سورة النساء. (¬1) أخرجه النسائي في "تفسيره" (1/ 356 رقم 108)، والطبراني في "الأوسط" (5/ 223 رقم 5147) - ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (6/ 63 رقم 2039) -، والبزار (1/ 392 رقم 832 - كشف)، والدارقطني في "الأفراد" (ق 73/ ب) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (6/ 61، 62 رقم 2037) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 453)، و"العجاب" (2/ 820) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (6/ 62، 63 رقم 2038) -، والواحدي في "أسباب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = النزول" (ص 93، 94)، و"الوسيط" (1/ 536) من طريق أبي بكر بن عياش ومعتمر بن سليمان وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ثلاثتهم عن حميد عن أنس به. قلنا: وسنده صحيح. قال الدارقطني: "تفرد به معتمر! ولا نعلم رواه عنه غير أبي هاني أحمد بن بكار". ورده الحافظ في "العجاب" (2/ 820) بقوله: "كذا قال! وقد أخرجه ابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش عن حميد". وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن حميد إلا أبا بكر بن عياش ومعتمر بن سليمان!! ". قلنا: وكلامه متعقب بأن البزار أخرجه من طريق ابن ثوبان عن حميد به. وأما ما يخشى من تدليس حميد؛ فإن ما لم يسمعه من أنس سمعه من ثابت البناني -وهو ثقة من رجال مسلم- ولا تضر عندئذ عنعنته؛ نص على ذلك جمع من أهل العلم؛ كما في "تهذيب الكمال" (7/ 359 - 363)، و"التهذيب" (3/ 31 - 40)، و"جامع التحصيل" (رقم 201). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 38): "رواه البزار، والطبراني في "الأوسط"؛ ورجال الطبراني ثقات". اهـ. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 846 رقم 4682)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 120 رقم 2667)، وابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 453)، و"العجاب" (2/ 820) جميعهم من طريق مؤمل بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به. قال الطبراني: "لم يروه عن حماد إلا مؤمل". وقال الحافظ في "العجاب" (2/ 820): "وهو من رواية مؤمل بن إسماعيل عن حماد، وفيه لين". قلنا: وفي "التقريب" (2/ 290): "صدوق سيئ الحفظ". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 415) وزاد نسبته لابن المنذر. وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" عن سليمان بن حرب، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 846 رقم 4683) عن أبيه عن ابن عائشة كلاهما عن =

* عن أبي سعيد الخدري؛ قال: لما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفاة النجاشي؛ قال: "اخرجوا فصلوا على أخ لكم لم تروه قط"، فخرجنا وتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفّنا خلفه، فصلَّى وصلينا، فلما انصرفنا؛ قال المنافقون: انظروا إلى هذا، خرج يصلي على علج نصراني لم يره قط؛ فأنزل الله: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى آخر الآية (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: نزل بالنجاشي عدو من ¬

_ = حماد بن سلمة عن ثابت، وأخرجه النسائي في "تفسيره" (1/ 359 رقم 109) من طريق حميد الطويل؛ كلاهما (ثابت وحميد) عن الحسن البصري به. قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد، وما قبله يغني عنه. (¬1) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (5/ 51 رقم 4645) من طريق أبي أسلم محمد بن مخلد الرعيني نا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: أبو أسلم هذا؛ قال عنه ابن عدي: "حدث بالأباطيل"، وقال -أيضاً-: "منكر الحديث عن كل من روى عنه"، وقال الدارقطني في "غرائب مالك": "متروك الحديث"؛ كما في "الكامل" (6/ 2260)، و"الميزان" (4/ 32)، و"اللسان" (5/ 375). الثانية: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ متروك. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 39)، وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد (*) وهو ضعيف". وأخرجه الطبراني؛ كما في "العجاب" (2/ 821) من طريق فطر بن خليفه عن عطية عن أبي سعيد به نحوه. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه عطية العوفي؛ مدلس، وتدليسه أقبح تدليس فربما دلسه عن الكلبي الكذاب. (*) هكذا في المطبوع، والصواب: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

أرضهم، فجاءه المهاجرون؛ فقالوا: إنا نحب أن نخرج إليهم حتى نقاتل معك، وترى جرأتنا، ونجزيك بما صنعت معنا، فقال: لا؛ دواء بنصرة الله خير من دواء بنصرة الناس، قال: وفيه نزلت: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} (¬1). [ضعيف] * عن وحشي بن حرب؛ قال: لما مات النجاشي، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أخاكم النجاشي؛ قد مات، قوموا فصلوا عليه"، فقال رجل: يا رسول الله! كيف نصلي عليه وقد مات في كفره؟ قال: "ألا تسمعون قول الله -عزّ وجلّ-: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ} إلى آخر الآية" (¬2). [ضعيف] * عن جابر بن عبد الله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اخرجوا فصلوا على أخ لكم"؛ فصلى بنا، فكبر أربع تكبيرات، فقال: "هذا النجاشي أصحمة"، فقال المنافقون: انظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني لم يره قط؛ فأنزل الله: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/ 300) من طريق ابن المبارك ثنا مصعب بن ثابت عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: ليس كما قالا؛ لأن مصعباً هذا لين الحديث؛ كما في "الميزان" (4/ 188، 189)، و"التقريب" (2/ 251). (¬2) أخرجه الطبراني في الكبير (22/ رقم 361) من طريق وحشي بن حرب بن وحشي ابن حرب عن أبيه عن جده. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 39): "رواه الطبراني، وفيه سلمان بن أبي داود الحراني، وهو ضعيف". قلنا: وحرب بن وحشي وأبوه؛ مقبولان عند المتابعة، وإلا؛ فضعيفان. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 146)، وابن عدي في "الكامل" =

* عن قتادة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه"، قالوا: يصلى على رجل ليس بمسلم! قال: فنزلت: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ}. قال قتادة: فقالوا: فإنه كان لا يصلي إلى القبلة؛ فأنزل الله: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] (¬1). [ضعيف] ¬

_ = (3/ 1171) من طريق أبي بكر الهذلي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن جابر. قلنا: فيه أبو بكر الهذلي؛ متروك الحديث، بل كذبه بعضهم؛ كما في "الميزان" (4/ 497)، و"الكامل" (3/ 1167، 1172)، و"التقريب" (2/ 401). قال الحافظ في "الكافي الشاف" (37/ 308): "وهو ضعيف". ونقله عنه المناوي في "الفتح السماوي" (1/ 450). (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 146): ثنا محمد بن بشار ثنا معاذ بن هشام الدستوائي ثنا أبي عن قتادة به. قلنا: وسنده صحيح، رجاله رجال الصحيح؛ لكنه مرسل. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 144) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"-: نا معمر عن قتادة بلفظ: نزلت في النجاشي وأصحابه ممن آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. قلنا: ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وأخرجه الطبري من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ: وصدقوا به، قال: وذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - استغفر للنجاشي وصلى عليه حين بلغه موته، وقال لأصحابه: "صلوا على أخ لكم قد مات بغير بلادكم"، فقال أناسٌ من أهل النفاق: يصلي على رجل مات ليس من أهل دينه؛ فأنزل الله هذه الآية: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)}. وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 821) من طريق شيبان عن قتادة نحوه. وهو ثابت صحيح إلى قتادة؛ لكنه مرسل.

* عن مجاهد: نزلت هذه الآية في مؤمني أهل الكتاب (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: نزلت في عبد الله بن سلام ومن معه (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحوه (¬3). [ضعيف جداً] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)}. * عن داود بن صالح؛ قال: قال لي أبو سلمة بن عبد الرحمن: يا ابن أخي! هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}؟ قال: قلت: يا ابن أخي! إنه لم يكن في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - غزو يرابط فيه، ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 146، 147)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 846 رقم 4684) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 822) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 146) -: ثني حجاج عن ابن جريج. قلنا: وهو ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف سُنيد كما تقدم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 416)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 146): ثني يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عنه به. وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: عبد الرحمن متروك. (¬4) أخرجه ابن المبارك في الزهد (1/ 363 رقم 389 - ط جديدة) -ومن طريقه ابن جرير في "جامع البيان" (4/ 148) -، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 94)، =

سورة النساء

سورة النساء * {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)}. * عن سعيد بن جبير؛ قال: إن رجلاً من غطفان كان معه مال ¬

_ = والحاكم (*) في "المستدرك" (2/ 301) -وعنه البيهقي في "الشعب" (6/ 182 رقم 2638 - هنديه) -: عن مصعب بن ثابت ثني داود به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: مصعب بن ثابت؛ ضعيف. وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 454) من طريق علي بن زيد الكوفي: أنبأ ابن أبي كريمة عن محمد بن يزيد عن أبي سلمة قال: أقبل عليّ أبو هريرة يوماً، فقال: أتدري يا ابن أخي! فيم نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}؟ قلت: لا، قال: أما إنه لم يكن في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - غزو يرابطون فيه، ولكنها نزلت في قوم يعمرون المساجد، ويصلون الصلاة في مواقيتها، ثم يذكرون الله فيها؛ فعليهم أنزلت: {اصْبِرُوا}؛ أي: على الصلوات الخمس، {وَصَابِرُوا} أنفسكم وهواكم، {وَرَابِطُواْ} في مساجدكم، {وَاتَّقُوا اللَّهَ} فيما عليكم، {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. قلنا: إسناده ضعيف جداً؛ لأن ابن أبي كريمة وهو محمد؛ قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/ 22): "لا يكاد يعرف"، والراوي عنه وشيخه لم نجد لهما ترجمة. (*) أخرجه الحاكم عن أبي سلمة عن أبي هريرة موصولاً؛ فلعله وهم أو مقحم في النسخة، والله أعلم.

كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ اليتيم؛ طلب ماله، فمنعه عمه؛ فخاصمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ}؛ يعني: الأوصياء، يقول: اعطوا اليتامى أموالهم: {وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} يقول: لا تتبدلوا الحرام من أموال الناس بالحلال من أموالكم، يقول: لا تبذروا أموالكم: الحلال، وتأكلوا أموالهم: الحرام (¬1). [ضعيف] * عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ}؛ قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء، ولا يرثون الصغار، يأخذه الأكبر، وقرأ: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} قال: إذا لم يكن لهم شيء: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ} [النساء: 127] لا يورثوهم، قال: فنصيبه من الميراث طيب، وهذا الذي أخذه خبيث (¬2). [ضعيف جداً] * {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)}. * عن سعيد بن جبير؛ قال: بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - والناس في أمر الجاهلية؛ إلا أن يؤمروا بشيء وينهوا عنه، فكانوا يسألون عن اليتامى، ولم يكن للنساء عدد ولا ذِكْر؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 854 رقم 4728، ص 855 رقم 4735) من طريق ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن لهيعة؛ ضعيف. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 153): ثنا يونس بن عبد الأعلى: ثنا ابن وهب عن عبد الرحمن به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ متروك.

تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}، وكان الرجل يتزوج ما يشاء، فقال: كما تخافون ألا تقسطوا في اليتامى، فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: كان الرجل من قريش يكون عنده النسوة ويكون عنده الأيتام، فيذهب ماله؛ فيميل على الأيتام؛ فنزلت هذه الآية: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 1143 رقم 554 - تكملة) -ومن طريقه ابن المنذر-: ثنا حماد بن زيد، وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 825) عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 859 رقم 4757) من طريق أحمد بن عبدة، والطبري في "جامع البيان" (4/ 157) من طريق عارم كلاهما عن حماد بن زيد، وعبد الرزاق في "تفسيره" -مختصراً- (1/ 1/ 145، 146) -ومن طريقه الطبري (4/ 157) -: نا معمر، والطبري (4/ 157) من طريق حماد بن سلمة، و (4/ 156) من طريق ابن علية أربعتهم عن أيوب عن سعيد به. قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (4/ 359): ثنا غندر، والطبري في "جامع البيان" (4/ 156): ثنا محمد بن جعفر: ثنا غندر عن شعبة عن سماك بن حرب عن عكرمة. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، أما ما يخشى من الاضطراب الحاصل من رواية سماك عن عكرمة؛ فالراوي عنه شعبة وهو ممن لا يروي عن مشايخه إلا مسموعاتهم ويتقي سواها؛ كما نص على ذلك الدارقطني وابن حجر وغيرهما. ورواه ابن جرير وابن المنذر؛ كما في "العجاب" (2/ 826) من طريق أبي الأحوص عن سماك عن عكرمة بلفظ: كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والست والعشر، فيقول الآخر: ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان؟! فيأخذ مال اليتيم؛ فيتزوج به؛ فنهوا أن يتزوج الرجل فوق الأربع. قلنا: إسناده صحيح إلى عكرمة؛ لكنه مرسل.

* عن قتادة في قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} حتى بلغ {أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} يقول: كما خفتم الجور في اليتامى وهمّكم ذلك؛ فكذلك فخافوا في جمع النساء، وكان الرجل في الجاهلية يتزوج العشر فما دون ذلك؛ فأحل الله -جل ثناؤه- أربعاً، ثم صيرهن إلى أربع (¬1). [ضعيف] * عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رجلاً كانت له يتيمة؛ فنكحها، وكان له عذق وكان يمسكها عليه، ولم يكن لها من نفسه شيء؛ فنزلت فيه: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} أحسبه قال: كانت شريكته في ذلك العذق وفي ماله (¬2). [صحيح] * عن عروة بن الزبير؛ أنه سأل عائشة عن قوله -تعالى-: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}؛ فقالت: يا ابن أختي! هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها؛ فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغوا لهن أعلى سنتهن من الصداق (¬3). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى، ويترخصون في النساء؛ فيتزوجون ما شاؤا؛ فربما عدلوا، وربما ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 827) من طريق شيبان، والطبري في "جامع البيان" (4/ 156، 157) من طريق سعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به. قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (8/ 238 رقم 4573، 265 رقم 4600)، ومسلم في "صحيحه" (4/ 2314، 2315 رقم 7، 8، 9). وأخرجاه بلفظ أتم منه. (¬3) أخرجه البخاري (5/ 133 رقم 2494، 8/ 239 رقم 4574، 9/ 136، 137 رقم 5092)، ومسلم (4/ 2313، 2314 رقم 3018).

لم يعدلوا، فلما سألوا عن اليتامى؛ نزلت: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2] بدل {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}؛ فكذلك خافوا في النساء أن لا تعولوهن فلا تزوجوا أكثر مما يمكنكم القيام بحقهن؛ لأن النساء كاليتامى في الصغر والعجز (¬1). [حسن] * {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)}. * عن أبي صالح؛ قال: كان الرجل إذا زوج ابنته أخذ صداقها دونها؛ فنهاهم الله عن ذلك، ونزلت هذه الآية (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ج 2/ ق 105/ أ): ثنا أبي ثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 157) من طريق أبي صالح. قلنا: وسنده حسن؛ وهاك البيان: أمّا ما يخشى من ضعف عبد الله بن صالح أبي صالح؛ فقد قال الحافظ في "هدي الساري" (ص 414): "ظاهر كلام الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيماً، ثم طرأ عليه فيه تخليط؛ فمقتضى ذلك: أن ما يجيء من روايته عن أهل الحذق؛ كيحيى بن معين، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم؛ فهو من صحيح حديثه، وما يجئ من رواية الشيوخ عنه؛ فيتوقف فيه". اهـ. وهذا من رواية أبي حاتم عنه وهي صحيحة. ومعاوية بن صالح صدوق له أوهام. وعليٌّ؛ صدوق، قال الحافظ في "العجاب" (1/ 207): "وعليٌّ صدوق لم يلق ابن عباس؛ لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه؛ فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة"؛ فالحاصل أن السند جيد يحتج به، والله أعلم. (¬2) أخرجه سعيد منصور في "سننه" (3/ 1147 رقم 559) -ومن طريقه ابن المنذر في "تفسيره"-، وابن جرير في "جامع البيان" (4/ 162)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 680/ 4765 و862/ 4775)، وعبد بن حميد في تفسيره؛ كما في "العجاب" (2/ 829) من طريق هشيم نا سيار عن أبي صالح. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

* عن حضرمي: أن أُناساً كانوا يعطي هذا الرجل أخته ويأخذ أخت الرجل ولا يأخذون كثير مهر؛ فقال الله: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)} (¬1). [ضعيف] * {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)}. * عن حضرمي؛ قال: إن رجلاً عمد فدفع ماله إلى امرأته، فوضعته في غير الحق؛ فقال الله: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)} (¬2). [ضعيف] * {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)}. * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: نزلت في مال (وفي رواية: والي مال) اليتيم إذا كان فقيراً أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف (¬3). [صحيح] * عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ليس لي مال، ولي يتيم؟ فقال: "كُلْ من مال يتيمك؛ غير مسرف، ولا مبذر، ولا متأثل مالاً من غير أن تقي أو تفدى ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 162): ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه؛ قال: زعم حضرمي. قلنا: وهو ضعيف. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 165) بالسند السابق نفسه. قلنا: وهو ضعيف. (¬3) أخرجه البخاري في "صحيحه" (4/ 406 رقم 2212، 8/ 241 رقم 4575)، ومسلم في "صحيحه" (4/ 2315 رقم 3019).

مالك بماله" (¬1). [صحيح] * عن الحسن العُرني: أن رجلاً قال: يا رسول الله! مم أضرب يتيمي؟ قال: "مما كنت ضارباً منه ولدك"، قال: فأصيب ماله؟ قال: "غير متأثل مالاً، ولا واق مالك بماله" (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (2/ 186، 215، 216)، وأبو داود (3/ 115 رقم 2872) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (6/ 284)، والبغوي في "شرح السنة" (8/ 305 رقم 2205) -، والنسائي في "المجتبى" (6/ 256)، و"الكبرى" (4/ 113 رقم 6495)، وابن ماجه (2/ 907 رقم 2718)، وابن الجارود (3/ 218، 219 رقم 952)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (3/ 868 رقم 4824)، وابن خزيمة؛ كما في "الفتح" (8/ 241)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 91) من طريق حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به. قلنا: وهذا سند حسن، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود. وقال الحافظ في "الفتح" (8/ 241): "وإسناده قوي"، وقال في "العجاب" (2/ 833): "ورجاله إلى عمرو رجال الصحيح". وقال شيخنا في "صحيح أبي داود": "حسن صحيح". قلنا: وهو كما قال، ويشهد له ما بعده. (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 1159 رقم 572)، وابن المبارك في "البر والصلة" (رقم 209)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في العجاب" (2/ 832)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 48)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (6/ 379، 380 رقم 1411)، وابن جرير في "جامع البيان" (4/ 174)، وأبو عبيد في "غريب الحديث" (1/ 191، 192)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 91)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/ 4) من طرق عن سفيان بن عيينة وحماد بن زيد وأيوب السختياني عن عمرو بن دينار عن الحسن العرُني به. وقال البيهقي: "وهذا مرسل". وخالفهم صالح بن رستم أبو عامر الخزاز -وهو صدوق كثير الخطأ-؛ فرواه عن عمرو بن دينار عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به. أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (10/ 54، 55 رقم 4244 - إحسان)، والبيهقي (6/ 4)، والطبراني في "الصغير" (1/ 89)، وابن عدي في "الكامل" (4/ 139) وغيرهم. =

* عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن عم ثابت بن رفاعة -وثابت يومئذٍ، يتيم في حجره- من الأنصار، أتى نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا نبي الله! إن ابن أخي يتيم في حجري، فما يحل لي من ماله؟ قال: "أن تأكل بالمعروف؛ من غير أن تقي مالك بماله، ولا تتخذِ من ماله وفراً"، وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل؛ فيقوم وليه على صلاحه وسقيه؛ فيصيب من ثمرته، أو تكون له الماشية؛ فيقوم وليه على صلاحها، أو يلي علاجها ومؤنتها؛ فيصيب من جزازها وعوارضها ورسلها، فأما رقاب المال وأصول المال؛ فليس له أن يستهلكه (¬1). [ضعيف] * {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات ولا الولدان الصغار حتى يدركوا، فمات رجل من الأنصار يقال له: أوس بن ثابت، وترك بنتين وابناً صغيراً، فجاء ابنا عمه -وهما عصبته- ¬

_ = قال الطبراني: "لم يروه عن عمرو بن دينار عن جابر إلا أبو عامر الخزاز، ولا عنه إلا جعفر بن سليمان، تفرد به: معلي بن مهدي". وقال ابن عدي: "لا أعرفه إلا من هذا الطريق، وهو غريب، ولا أعلم يرويه عن أبي عامر غير جعفر بن سليمان". وقال البيهقي: "كذا رواه؟! والمحفوظ ما. . ." ثم ذكر الحديث المرسل. (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (4/ 174)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/ 242، 243 رقم 1233) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 832) عن يونس بن محمد عن شيبان كلاهما عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وقال الحافظ في "الإصابة" (1/ 192): "هذا مرسل رجاله ثقات". وقال أبو نعيم: "له ذكر في حديث أرسله قتادة".

فأخذا ميراثه، فقالت امرأته لهما: تزوجا ابنتيه -وكان بها دمامة-؛ فأبيا، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! توفي أوس وترك ابناً صغيراً وابنتين، فجاء ابنا عمه خالد وعرفطة فأخذا ميراثه، فقلت لهما: تزوجا ابنتيه؛ فأبيا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أدري ما أقول؟ وما جاءني من الله -عزّ وجلّ- في هذا شيء"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ}؛ فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خالد وعرفطة، فقال: "لا تحركا من الميراث شيئاً؛ فإنه قد أنزل الله -عزّ وجلّ- عليَّ شيئاً، وأخبرت فيه أن للذكر والأنثى نصيباً"، ثم نزل بعد على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النساء: 127] فدعاهما -أيضاً-، وقال: "لا تحركا في الميراث شيئاً"، ثم نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 11، 12]؛ فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالميراث، فأعطى المرأة الثُمُنَ، وقسم ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين، فلما بلغ ذلك العرب؛ جاء عُيينة بن حصن في ناس من العرب، فقالوا: يا رسول الله! ماذا بلغنا عنك؟ قال: "وما بلغكم؟ "، قالوا: بلغنا أنك ورثت الصغار الذين لم يركبوا الخيل، ولم يحرزوا الغنيمة، وورثت البنات اللاتي يذهبن بالمال إلى الأباعد، قال: فقرأ عليهم القرآن، وأمرهم بما أمر الله -عزّ وجلّ- به. وفي غير هذه الرواية: أن الوارثين: قتادة وعرفطة، وأن المرأة يقال لها: أم كجة (¬1). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو الشيخ في "تفسيره" -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" (1/ 580، 581) -: نا أبو يحيى الرازي: ثنا سهل بن عثمان: نا عبد الله بن الأجلح الكندي [عن الكلبي] (*) عن أبي صالح عن ابن عباس به. (*) سقط ذكر الكلبي من "أسد الغابة"، واستدركناه من "الإصابة" (1/ 80).

* عن جابر؛ قال: جاءت أم كجة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! إن لي ابنتين قد مات أبوهما, وليس لهما شيء؛ فأنزل الله: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن قتادة؛ قال: كانوا لا يورثون النساء؛ فنزلت: {وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] (¬2). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: نزلت في أم كجة وبنت كجة وثعلبة وأوس بن سويد -وهم من الأنصار-، كان أحدهم زوجها، والآخر عم ولدها، فقالت: يا رسول الله! توفي زوجي وتركني وابنته فلم نورث، فقال عم ¬

_ = وأخرجه ابن الأثير (6/ 381) من طريق آخر عن الكلبي به. قلنا: وهذا حديث موضوع كذب؛ الكلبي وشيخه كذابان. وذكر المُناوي في "الفتح السماوي" (2/ 462 رقم 340): أن أبا الشيخ ابن حيّان أخرجه في "كتاب الفرائض". (¬1) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 836)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6/ 3554، 3555 رقم 8032) من طريق إبراهيم بن هراسة عن الثوري عن عبد الله بن عقيل عن جابر به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ إبراهيم بن هراسة متروك الحديث؛ كما قال البخاري والنسائي وأبو حاتم، بل كذبه بعضهم؛ كما في "الجرح والتعديل" (2/ 143)، و"الكامل" (1/ 244)، و"المجروحين" (1/ 111)، و"الميزان" (1/ 72)، و"اللسان" (1/ 121، 122). وضعفه الحافظ في "الإصابة"، و"العجاب"، وقد بين أن الإِمام أحمد رواه من حديث جابر بلفظ آخر -وهو أصح من رواية ابن هراسة- وسيأتي -إن شاء الله- تحت آية (11). (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 149/1) -ومن طريقه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 836)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 176) -: نا معمر عن قتادة به. قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد.

ولدها: يا رسول الله! لا تركب فرساً، ولا تحمل كلّاً، ولا تنكأ عدوًا يكسب عليها ولا تكتسب؛ فنزلت: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون الجواري ولا الضعفاء من الغلمان، وإنما يرث من الولد من أطاق القتال، فمات عبد الرحمن بن ثابت -أخو حسان الشاعر- وترك امرأة له يقال لها: أم كجة، وترك خمس جوار، فجاء الورثة، فأخذوا ماله؛ فشكت أم كجة ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله آية الميراث: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} [النساء: 11] (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه سُنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 176) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف. وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 835)، و"الإصابة" (4/ 488)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 872 رقم 4844) من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج؛ قال: قال ابن عباس بنحوه. قلنا: وهذا معضل. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 881 رقم 4894) من طريق أسباط بن نصر عن السدي. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. وأخرجه -أيضاً- (3/ 872/ 4843 و4846 و4847 و873/ 4849) من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير: أن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون النساء ولا الولدان الصغار شيئاً؛ يجعلون الميراث لذي الأسنان من الرجال؛ فنزلت: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} إلى قوله: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ}؛ =

* {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)}. * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأنا مريض لا أعقل؛ فتوضأ وصب عليَّ من وضوئه؛ فعقلت، فقلت: يا رسول الله! لمن الميراث، إنما يرثني كلالة؟ فنزلت آية الفرائض (¬1). [صحيح] ¬

_ = يعني: من الميراث {نَصِيبًا}؛ يعني: حظاً {مَّفرُوضًا}، يعني: معلوماً. قلنا: وسنده ضعيف. (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 194، 4577، 5651، 5664, 5676، 6723، 6743، 7309)، ومسلم في "صحيحه" (3/ 1235 رقم 1616). وقد بين الحافظ -رحمه الله- الاختلاف في الألفاظ، وتكلم عليها في "الفتح"، و"العجاب" (2/ 842، 843). وللحديث طريق أخرى عن جابر، وفيها سبب نزول آخر: أخرجها أبو داود (3/ 121 رقم 2892) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (6/ 229) -، والترمذي (4/ 414 رقم 2092)، وابن ماجه (2/ 908 رقم 2720)، والدارقطني (4/ 79)، والطحاوي في "المشكل" (3/ 321 رقم 1286)، والحاكم (4/ 333، 334)، وابن سعد في "الطبقات" (3/ 524) من طرق عن عبد الله بن عقيل عن جابر بلفظ: جاءت امرأةُ سعد بن الربيع بابنتيها من سعد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أُحُد شهيداً، وإن عمّهما أخذ مالهما؛ فلم يدع لهما مالاً، ولا تُنكحان إلا ولهما مال، قال: "يقضي الله في ذلك"؛ فنزلت آية الميراث، فبعث رسول - صلى الله عليه وسلم - إلى عمهما، فقال: "أعط ابنتى سعد الثلثين، وأعط أُمَهما الثمن، وما بقي؛ فهو لك". قلنا: وهذا سند حسن؛ للخلاف المعروف في عبد الله. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين؛ فنسخ الله من ذلك ما أحب؛ فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس والثلث، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع (¬1). [صحيح] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا ¬

_ = وقال الترمذي: "هذا حديث صحيح، لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن عقيل". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وسكت عنه الحافظ في "الفتح" (8/ 244)، وحسنه شيخنا الإِمام الألباني -رحمه الله- في "الإرواء" (6/ 122 رقم 1677). قلنا: وهو كما قال -رحمه الله-. ورواه بعضهم عن عبد الله به، وجعل فيه: أن هاتين البنتين هم بنتا ثابت بن قيس. أخرجه أبو داود والطحاوي والحاكم والدارقطني والبيهقي. قال أبو داود: "أخطأ بشر -الراوي له- فيه: إنما هما ابنتا سعد بن الربيع، وثابت بن قيس قتل يوم اليمامة". وقال البيهقي: "قوله: ثابت بن قيس خطأ؛ إنما هو سعد بن الربيع". قلنا: كلام أبي داود متعقب بأن بشراً لم يتفرد بذلك، لكن تابعه آخرون والطرق إليهم ضعيفه؛ وأما طريق أبي داود؛ فالسند إلى بشر صحيح، ولعل الوهم من عبد الله نفسه، فقد وصف بأن في حفظه لين، والله أعلم. (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (8/ 244 رقم 4578). ورواه الطبري في "جامع البيان" (4/ 185، 186)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 882 رقم 4896) من طريق عطية العوفي عن ابن عباس بلفظ: لما نزلت آية الفرائض؛ قال بعضهم: يا رسول الله! أنعطي الجارية نصف ما ترك أبوها وليست تركب الفرس ولا تقاتل القوم، وكذلك الصبي؟ وكانوا في الجاهلية لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل، ويعطونه الأكبر فالأكبر؛ فنزلت: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء، ومن الغريب سكوت الحافظ عنه في "الفتح" (8/ 245)!!

تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ}؛ قال: كانوا إذا مات الرجل؛ كان أولياؤه أحق بامرأته: إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوّجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها، وهم أحق بها من أهلها؛ فنزلت هذه الآية في ذلك (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان الرجل إذا مات وترك زوجه؛ ألقى عليها حميمه ثوبه؛ فمنعها من الناس، فإن كانت جميلة؛ تزوجها، وإن كانت ذميمة؛ حبسها حتى تموت؛ فيرثها (¬2). [صحيح] * عن أبي مالك؛ قال: كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها؛ جاء وليه، فألقى عليها ثوباً، فإن كان له ابن صغير أو أخ؛ حبسها حتى تشيب أو تموت، فيرثها، وإن هي انفلتت فأتت أهلها من قبل أن يُلقي عليها ثوباً؛ نجت؛ فنزلت (¬3). [ضعيف] * عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف -رضي الله عنه-؛ قال: لما توفي أبو قيس بن الأسلت؛ أراد ابنه أن يتزوج امرأته، وكان ذلك لهم في ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4579، 6948). (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 902 رقم 5028)، وابن جرير في "جامع البيان" (4/ 209) من طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده حسن، تقدم الكلام عليه عند آية رقم (3)، ويشهد له ما بعده. (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم (3/ 902 رقم 5031)، وعبد بن حميد؛ كما في "العجاب" (2/ 847) من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد.

الجاهلية؛ فأنزل الله: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: بهان الرجل إذا مات أبوه أو حميمه؛ فهو أحق بامرأته: إن شاء أمسكها، أو يحبسها حتى تفتدي منه بصداقها، أو تموت؛ فيذهب بمالها. قال ابن جريج: فأخبرني عطاء بن أبي رباح: أن أهل الجاهلية كانوا إذا هلك الرجل فترك امرأة؛ حبسها أهله على الصبي يكون فيهم؛ فنزلت: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في "التفسير" (1/ 369 رقم 115)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 902 رقم 5030)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 207)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 476) من طريق محمد بن فضيل نا يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن أبي أمامة عن أبيه [واسمه أسعد]؛ قال: (فذكره). قال الحافظ في "الفتح" (8/ 247): "إسناد حسن". وقال السيوطي في "اللباب" (ص 65): "حسن". قلنا: وسنده صحيح إلى أبي أمامه، واسمه أسعد بن سهل بن حنيف؛ قال ابن حجر في "التقريب" (1/ 64): "معدود في الصحابة له رؤية، لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -"، وذكره المزي في "تهذيب الكمال"، وقال: "عن النبي مرسلاً". وبالجملة؛ فالحديث صحيح، ومراسيل الصحابة حجة؛ فتنبه. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 208) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس به. وعن ابن جريج: أخرني عطاء به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ علل: الأولى: عطاء الخراساني؛ مدلس وقد عنق، وقد ذكر غير واحد من أهل العلم عدم سماعه من أيِّ صحابي. الثانية: ابن جريج؛ مدلس، وقد عنعن. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف. وأما السند الثاني؛ فهو ضعيف؛ لإرساله وضعف سنيد.

* قال عكرمة: نزلت في كبيشة بنت معن بن عاصم من الأوس، توفي عنها أبو قيس بن الأسلت، فجنح عليها ابنه؛ فجاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا نبي الله! لا أنا ورثت زوجي، ولا أنا تُركتُ فأنُكْحَ؛ فنزلت هذه الآية (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: أن رجالاً من أهل المدينة كان إذا مات حميم أحدهم؛ ألقى ثوبه على امرأته؛ فورث نكاحها، فلم ينكحها أحد غيره، وحبسها عنده حتى تفتدي منه بفديه؛ فأنزل الله هذه الآية (¬2). [صحيح] * عن الزهري؛ قال: نزلت في ناس من الأنصار، كانوا إذا مات الرجل منهم؛ فأملك الناس بامرأته وليه، فيمسكها حتى تموت فيرثها؛ فنزلت (¬3). [ضعيف] * عن ابن البيلماني؛ قال: نزلت هاتان الآيتان إحداهما: في أمر الجاهلية، والأخرى: في أمر الإِسلام (¬4). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره ابن الأثير في "أسد الغابة" معلقاً في ترجمة أبي قيس وكبيشة. قلنا: إسناده ضعيف، وهو من رواية ابن جريج عن عكرمة، وابن جريج لم يسمع من عكرمة، وفيه علّة أخرى؛ وهي الإرسال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 463) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 209) من طريق العوفي عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء؛ لكن تقدم في أول الآية من طريق آخر عن ابن عباس به وسنده صحيح بشواهده. (¬3) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 151) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 209) -: نا معمر عن الزهري به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬4) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 152) -وعنه الطبري في "جامع البيان" (4/ 210) -، وأخرجه والطبري -أيضاً- (4/ 210) من طريق أخرى عن ابن المبارك كلاهما عن معمر: نا سماك بن الفضل عن ابن البيلماني به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل: =

* {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)}. * عن عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار؛ قال: توفي أبو قيس بن الأسلت -وكان من صالحي الأنصار-، فخطب ابنه قيس امرأة أبيه، فقالت: إني أعدّك ولداً وأنت من صالحي قومك، ولكن آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أستأمره، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالت: إن أبا قيس توفي، فقال لها خيراً، قالت: وإن ابنه قيساً خطبني -وهو من صالحي قومه- وإنما كنت أعده ولداً؛ فقال لها: "ارجعي إلى بيتك"؛ فنزلت: هذه الآية: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = الأولى: الإعضال؛ فابن البيلماني بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - مفاوز. الثانية: ابن البيلماني هذا؛ منكر الحديث؛ كما قال البخاري، والنسائي، وأبو حاتم، واتهمه ابن عدي وابن حبان، وهو متروك بالاتفاق؛ كما في: "الجرح والتعديل" (7/ رقم 1794)، و"ضعفاء النسائي" (رقم 526)، و"التهذيب" (9/ 293، 294)، "والتقريب" (2/ 182). (¬1) أخرجه الفريابي؛ كما في "العجاب" (2/ 851) -ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 328، 329 رقم 978) -وعنه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (6/ 2996 رقم 6965) -ومن طريقه وطريق غيره أبو موسى المديني في "الصحابة" -وعنه ابن الأثير في "أسد الغابة" (5/ 255) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 909 رقم 5073)، والحسن بن سفيان؛ كما في "العجاب" (2/ 851) -ومن طربقه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (5/ 255) - وسقط من المطبوع -من طريق قيس بن الربيع عن أشعث بن سوّار عن عدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه أربع علل: الأولى: جهالة الرجل الأنصاري. الثانية: الانقطاع. الثالثة: أشعث بن سوار؛ ضعيف. الرابعة: قيس؛ ضعيف. =

* عن عكرمة؛ قال: نزلت في أبي قيس بن الأسلت -خلف على أم عبيد بنت ضمرة كانت تحت الأسلت أبيه- وفي الأسود بن خلف -وكان خلف علي بنت أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار وكانت عند أبيه خلف -وفي فاختة بنت الأسود بن المطلب بن أسد -وكانت عند أمية بن خلف فخلف عليها صفوان بن أمية- وفي منظور بن رباب -وكان خلف على مليكة ابنة خارجة وكانت عند أبيه رباب بن سيار- (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان أهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله؛ إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين؛ فأنزل الله: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)} (¬2). [صحيح] ¬

_ = قال الحافظ "الإصابة" (3/ 252): "في سنده قيس بن الربيع عن أشعث وهما ضعيفان، والخبر مع ذلك منقطع". وأخرجه البيهقي في "الكبرى" (7/ 161) من طريق هشيم: أنبأ أشعث عن عدي بن ثابت الأنصاري؛ قال: لما مات (فذكره). دون ذكر الرجل الأنصاري. وهذا أصح؛ لكنه ضعيف؛ للإرسال، وضعف أشعث. وقال البيهقي عقبه: "هذا مرسل". (¬1) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 217) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: الانقطاع بين ابن جريج وعكرمة. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 217): ثني محمد بن عبد الله المخرمي ثنا قراد ثنا سفيان بن عُيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به. =

* عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان الرجل إذا توفي عن امرأته؛ كان ابنه أحق بها أن ينكحها إن شاء إن لم تكن أمه، أو ينكحها من شاء، فلما مات أبو قيس بن الأسلت؛ قام ابنه محصن؛ فورث نكاح امرأته، ولم ينفق عليها, ولم يورثها من المال شيئاً؛ فنزلت: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} الآية، ونزلت: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19] (¬1). [ضعيف] * عن مقاتل بن حيان؛ قال: كان إذا توفي الرجل في الجاهلية؛ عمد حميم الميت إلى امرأته؛ فألقى عليها ثوباً؛ فيرث نكاحها، فيكون هو أحق بها، فلما توفي أبو قيس بن الأسلت؛ عمد ابنه قيس إلى امرأة أبيه؛ فتزوجها, ولم يدخل بها، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك؛ فأنزل الله في قيس: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} قبل التحريم، حتى ذكر تحريم الأمهات والبنات حتى ذكر قبل التحريم: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23] فيما مضى قبل التحريم (¬2). . [ضعيف] * {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}. ¬

_ = قلنا: وهذا سند صحيح كالشمس، رجاله رجال البخاري. ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 469)، وزاد نسبته لابن المنذر (*). (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 469)، ونسبه إلى ابن سعد. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 163) من طريق إسماعيل بن قتيبة: ثنا يزيد بن صالح عن بكير بن معروف عن مقاتل به. قلنا: وهو معضل. (*) وهذا الحديث مما فات الحافظ في "العجاب"؛ فاقتضى التنويه.

* عن ابن جريج؛ قال: سألت عطاء عن قوله: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ}، قال: كنا نتحدث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نكح امرأة زيد بن حارثة؛ قال المشركون في ذلك؛ فأنزل الله: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} (¬1). [ضعيف] * {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}. * عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين بحث جيشاً إلى أوطاس؛ فلقوا عدواً فقاتلوهم، فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سبايا، فكأن ناساً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحرجوا من غشيناهن من أجل أزواجهن من المشركين؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}؛ أي: فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 475) -ومن طريقه ابن المنذر؛ كما في "العجاب" (2/ 854)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 913 رقم 5096) من طريق داود بن عبد الرحمن، وسنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (4/ 223) -: ثنا حجاج، ثلاثتهم عن ابن جريج به. قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد. وأخرجه ابن المنذر من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج: لما نكح النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة زيد بن حارثة؛ قالت قريش: نكح امرأة ابنه؛ فنزلت. قلنا: إسناده معضل. (¬2) أخرجه مسلم في "صحيحه" (2/ 1079 رقم 1456).

* عن رزين الجرجاني؛ قال: سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}؛ قال: لا علم لي بها. فسألت الضحاك بن مزاحم وذكرت له قول سعيد بن جبير، قال: أشهد لسمعته يسأل عنها ابن عباس؛ فقال ابن عباس: نزلت يوم خيبر، لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أصاب المسلمون من نساء أهل الكتاب لهن أزواج، فكان الرجل إذا أراد أن يأتي امرأة منهن؛ قالت: إن لي زوجاً، فَسْئلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- هذه الآية: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} الآية؛ يعني: السبية من المشركين تصاب لا بأس بذلك، فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال: صدق (¬1). [منكر] * عن سعيد بن جبير في قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 90، 91 رقم 12637)، و"المعجم الأوسط" (4/ 297، 298 رقم 4251)، والسهمي في "تاريخ جرجان" (ص 212 رقم 327) من طريق يحيى بن حسان نا محمد بن مسلم بن أبي الوضاح نا سالم الأفطس حدثني رزين به. قال الطبراني: "لم يروه عن سالم الأفطس إلا محمد بن مسلم بن أبي الوضاح". قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: رزين الجرجاني هذا؛ مجهول، لم نجد له ترجمة سوى ما في "تاريخ جرجان" ولم يتكلم عليه بشيء. الثانية: الضحاك لم يلق ابن عباس، وقد نص على ذلك الأئمة، وبناء على هذا فإن رزين هذا أثبت سماع الضحاك منه!! وهذا خلاف كلام الأئمة؛ فهو منكر. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 3)، فقال بعد -ما عزاه للطبراني-: "ورزين الجرجاني لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات!! ". (تنبيه): وقع في "معجم الطبراني" أن ذلك في غزوة خيبر، وهو خطأ، والصواب يوم حنين؛ كما عند الجرجاني.

أَيْمَانُكُمْ}؛ قال: نزلت في نساء أهل حنين، لما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حنيناً؛ أصاب المسلمون السبايا، فكان الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة منهن؛ قالت: إن لي زوجاً؛ فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكروا ذلك له؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}. قال: السبايا من ذوات الأزواج (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: إن هذه الآية {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} نزلت في امرأة يُقال لها: معاذة، كانت تحت شيخ من بني سدوس يقال له: شجاع بن الحارث، وكان معها ضرة لها قد ولدت من شجاع أولاداً رجالاً، فانطلق شجاع يمير أهله من هجر، فمر بمعاذة ابنُ عمٍ لها، فقالت له: احملني إلى أهلي ليس عند هذا الشيخ خير. فحملها فوافق ذلك مجئ الشيخ فلم يجدها؛ فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أفضل العرب ... خرجت أبغيها الطعام في رجب فقد تولت وألطت بالذنب ... وهن شر غالب لمن غلب رأت غلاماً واركاً على القتب ... لها به وله بها أرب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عل عل، فإن كان الرجل كشف لها ثوباً؛ فارجموها، وإلا؛ ردوا على الشيخ امرأته"، فانطلق مالك بن شجاع -ابنُ ضرَّتها- فطلبها، فجاء بها، فقالت له أمه: يا ضار أمه! ونزلت معاذة بيتها، وولدت لشجاع، وجعل شجاع يشبب بها في أبيات: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4/ 268): نا محمد بن الحسن عن شريك عن سالم الأفطس عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: شريك القاضي؛ ضعيف؛ لسوء حفظه.

لعمري ما حبي معاذة بالذي ... يغيرهُ الواشي ولا قدم العهد (¬1) * {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ في قوله: {غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ}؛ قال: المسافحات: المعلنات بالزنا {وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}؛ ذات الخليل الواحد، قال: كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي، يقولون: أما ما ظهر؛ فهو لؤم، وأما ما خفي؛ فلا بأس بذلك؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151] (¬2). [ضعيف جداً] * {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)}. * عن أم سلمة -رضي الله عنها-؛ أنها قالت: يغزو الرجال ولا يغزو النساء، ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد، وابن أبي خيثمة، وأبو مسلم الكجي؛ كما في "الإصابة" (2/ 138)، و"العجاب" (2/ 856) من طريق العباس بن أنس (*) عن عكرمة. قلنا: وسنده ضعيف. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 14) من طريق عطية العوفي عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (*) في "الإصابة": "خلس".

وإنما لنا نصف الميراث؛ فأنزل الله: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}، قال مجاهد: فأنزل فيها: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35]، وكانت أم سلمة أول ظعينة قدمت المدينة مهاجرة (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا نبي الله! للذكر مثل حظ الأنثيين، وشهادة امرأتين بشهادة رجل! أفنحن ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1236 رقم 624) -ومن طريقه البيهقي في "المعرفة" (6/ 50 رقم 5308) -، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 156) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 31) -، وأحمد (6/ 322)، والترمذي (5/ 237 رقم 3022)، وأبو يعلى في "مسنده" (12/ 393 رقم 6959) -ومن طريقه ابن حجر في "موافقه الخبر الخبر" (2/ 22، 23) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 844 رقم 4669، ص 935 رقم 5224، 5225)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 30 و31 أو22/ 10)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 305، 306، 416)، والفريابي؛ كما في "العجاب" (2/ 862)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 99) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أم سلمة به. قلنا: وسنده صحيح؛ ومجاهد أدرك أم سلمة؛ فقد ولد سنة (21 هـ)، وماتت أم سلمة سنة (60 هـ)، وهو لم يتهم بالتدليس؛ فإمكان اللقاء حاصل يقيناً. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، إن كان سمع مجاهد أم سلمة"، ووافقة الذهبي. وقال فى الموضع الثاني: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي. وقال الترمذي: "هذا مرسل"؛ يعني: قول مجاهد: قالت أم سلمة؛ باعتبار أن مجاهداً لم يدركها. بل الصحيح ما بينا. وقال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث حسن"، ورَدَّ على من أعلَّهُ بالإرسال؛ فقال: "ومجاهد قد ثبت سماعه من علي -رضي الله عنه- وهو أقدم موتاً من أُم سلمة بعشرين سنة". وصححه شيخنا -رحمه الله-. وله طريق أخرى مضت في آخر سورة آل عمران. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 507)، وزاد نسبته لابن المنذر.

في العمل كذا إن عملت امرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة؟ فأنزل الله -تعالى-: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ} الآية؛ فإنّه عدل مني، وأنا صنعته (¬1). [حسن] * عن عكرمة: أن النساء سألن الجهاد، فقلن: وددنا أن الله -عزّ وجلّ- جعل لنا غزو؛ فنصيب من الأجر نصيب الرجال؛ فأنزل الله: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (¬2). [ضعيف] * عن قتادة في قوله: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ}؛ قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون المرأة شيئاً ولا الصبي شيئاً، وإنما يجعلون الميراث لمن يحترف وينفع ويدفع، فلما لحق للمرأة نصيبها وللصبي نصيبه وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين؛ قال النساء: لو كان جعل أنصباءنا في الميراث كأنصباء الرجل، وقال الرجال: إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة؛ كما فضلنا عليهن في الميراث؛ فأنزل الله: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ}، يقول: المرأة ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 935 رقم 5223)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 116، 117 رقم 115) -من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن. (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1235 رقم 623 - تكملة)، وإسحاق بن راهويه في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 99) - عن عتاب بن بشير عن خصيف الجزري عن عكرمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: خصيف هذا؛ صدوق سيىء الحفظ، وخلط بآخرة. الثالثة: رواية عتاب بن بشير عن خصيف فيها مقال؛ كما قال الأئمة.

تجزى بحسناتها عشر أمثالها كما يجزى الرجل، قال الله -تعالى-: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} (¬1). [ضعيف] * عن السدي قوله: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}؛ فإن الرجال قالوا: نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف على أجر النساء؛ كما لنا في السهام سهمان، فنريد أن يكون لنا في الأجر أجران، وقالت النساء: نريد أن يكون لنا أجر مثل أجر الرجال؛ فإنا لا نستطيع أن نقاتل، ولو كتب علينا القتال؛ لقاتلنا؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ}؛ يرزقكم الأعمال وهو خير لكم (¬2). [ضعيف جداً] * عن مجاهد وعكرمة: نزلت في أم سلمة بنت أبي أمية (¬3). [ضعيف جداً] * عن أبي حريز؛ قال: لما نزلت: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]؛ قالت النساء: كذلك عليهن نصيباً من الذنوب كما لهم نصيبان من الميراث؛ فأنزل الله: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 31): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 863) من طريق شيبان النحوي كلاهما عن قتادة. قلنا: رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 31)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 936 رقم 5229) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ للإعضال، ولضعف أسباط كما تقدم. (¬3) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 31) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد وعكرمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من مجاهد ولا من عكرمة. الثالثة: سنيد هذا صاحب "التفسير"؛ ضعيف، كما بيّنّا سابقاً.

نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ}؛ يعني: الذنوب، واسألوا الله يا معشر النساء! من فضله (¬1). [ضعيف] * {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ}؛ قال: ورثة {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}؛ قال: كان المهاجرون لما قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة؛ ورث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه؛ للإخوة التي آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهم، فلما نزلت: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ}؛ نُسخت، ثم قال: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إلا النصر والرفادة والنصيحة -وقد ذهب الميراث- ويوصي له (¬2). [صحيح] * عن داود بن الحصين؛ قال: كنتُ أقرأ على أم سعد بنت الربيع، وكانت يتيمة في حِجْرِ أبي بكر -رضي الله عنه-، فقرأت: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}؛ فقالت: لا تقرأ (والذين عاقدت أيمانكم) إنما نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمن حين أَبى الإِسلام، فحلف أبو بكر ألا يورّثه، فلما أسلم؛ أمر الله -تعالى- نبيَّهُ -عليه السلام- أن يؤتيه نصيبه. زاد عبد العزيز بن يحيى شيخ أبي داود: فما أسلم حتى حمل على الإِسلام بالسيف (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 31، 32) بسند ضعيف. (¬2) أخرجه البخاري (رقم 2292، 4580، 6747) عن ابن عباس به. (¬3) أخرجه أبو داود في "سننه" (3/ 128، 129 رقم 2923)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 938 رقم 5238)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6/ 3510 رقم 7950) -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" (6/ 338 رقم 7459) - من طريق ابن إسحاق عن داود بن الحصين قال: كنت أقرأ. . . به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه. وضعّفه شيخنا -رحمه الله- في "ضعيف أبي داود".

* عن سعيد بن المسيب؛ قال: إنما نزلت هذه الآية في الذين يتبنون، رجالًا غير أبنائهم ويورثونهم؛ فأنزل الله فيهم، فجعل لهم نصيباً في الوصية، وردّ الميراث إلى الموالي في ذوي الرحم والعصبة وأبى الله للمدعين ميراثاً ممن ادعاهم وتبناهم، ولكن الله جعل لهم نصيباً في الوصية (¬1). [ضعيف] * عن أبي مالك؛ قال: كان الرجل في الجاهلية يأتي القوم، فيعقدون له أنه رجل منهم إن كان ضراً أو نفعاَ أو دماً؛ فإنه فيهم مثلهم، ويأخذون له من أنفسهم مثل الذي يأخذون منه، فكانوا إذا كان قتال؛ قالوا: يا فلان! أنت منا فانصرنا، وإن كانت منفعة؛ قالوا: أعطنا أنت منا؛ ولم ينصروه كنصرة بعضهم بعضاً إن استنصروه، وإن نزل به أمر؛ أعطوه، وربما منعه بعضهم، فتحرجوا من ذلك، فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله -تعالى-: {فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}؛ قال: أعطوهم مثل الذي تأخذون منهم (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قوله: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}؛ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 35)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 100)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 101) من طرق عن الزهري ثني سعيد به. قلنا: إسناده ضعيف؛ لأنه مرسل. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 939 رقم 5242) من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك به. قلنا: إسناده ضعيف؛ لأنه مرسل. وخالف إسرائيل أسباط -وهو ضعيف-؛ فرواه عن السدي بنحوه وأعضله. أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 35). قلنا: ورواية إسرائيل أصح.

فإن الرجل في الجاهلية قد كان يلحق به الرجل فيكون تابعه، فإذا مات الرجل؛ صار لأهله وأقاربه الميراث، وبقي تابعه ليس له شيء؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} فكان يعطى من ميراثه؛ فأنزل الله بعد ذلك: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن مجاهد: كان هذا حلفاً في الجاهلية، فلما كان الإِسلام؛ أمروا أن يؤتوهم نصيبهم من النصر والولاء والمشورة والميراث (¬2). [ضعيف] * {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)}. * عن الحسن؛ قال: لما نزلت آية القصاص بين المسلمين؛ لطم رجل امرأته؛ فانطلقت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إن زوجي لطمني فالقصاص، قال: "القصاص"، فبينما هو كذلك؛ إذ أنزل الله -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أردنا أمراً؛ فأبى الله -تعالى-، خذ أيها الرجل بيد امرأتك" (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 34) من طريق عطية العوفي عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 157) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 35) -، وعبد بن حميد في "تفسيره"، كما في "العجاب" (2/ 867)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 35) من طريق الثوري عن منصور عن مجاهد به. قلنا: وهو مرسل، فالإسناد ضعيف. (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (9/ 299 رقم 7543)، والطبري في "جامع =

* عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ من الأنصار بامرأة له، فقال: يا رسول الله! إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري، وإنه ضربها؛ فأثَّر في وجهها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس له ذلك"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}؛ أي: في الأدب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أردت أمراً، وأراد الله غيره" (¬1). [ضعيف جداً] * عن قتادة؛ قال: صك رجل امرأته؛ فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد أن يقيدها منه؛ فأنزل الله {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = البيان" (5/ 38)، وابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 868) من طريق جرير بن حازم، وأبو داود في "المراسيل" (ص 221 رقم 274)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 940 رقم 5246) من طريق أشعث بن عبد الملك الحراني، وابن جرير في "جامع البيان" (5/ 37) من طريق قتادة، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 100) من طريق هشيم بن بشير، وعبد بن حميد وابن المنذر؛ كما في "العجاب" (2/ 868) من طريق حماد بن سلمة كلاهما (هشيم وحماد) عن يونس بن عبيد أربعتهم عن الحسن البصري به. قلنا: إسناده ضعيف؛ لأنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 512) وزاد نسبته للفريابي، وابن مردويه. (¬1) أخرجه ابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 503) من طريق موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن علي مرفوعاً. قال المناوي في "الفتح السماوي" (2/ 485): "ولابن مردويه بإسناد واه". قلنا: هذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الانقطاع. الثانية: من دون موسى بن جعفر لم نعرفهم؛ فهو إسناد مركب. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 157) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 38) -، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 869)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 38) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة ومعمر كلاهما عن قتادة به. قلنا: إسناده ضعيف؛ لأنه مرسل.

* {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان كردم بن زيد -حليف كعب بن الأشرف- وأسامة بن حبيب ورافع بن أبي رافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت يأتون رجالًا من الأنصار، وكانوا يخالطونهم ينصحون لهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقولون لهم: لا تنفقوا أموالكم؛ فإنا نخشى عليكم في ذهابها, لا تسارعوا في النفقة؛ فإنكم لا تدرون ما يكون؛ فأنزل الله فيهم: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}؛ أي: من النبوة التي فيها تصديق ما جاء به محمد (¬1). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير؛ قال: كان علماء بني إسرائيل يبخلون بما عندهم من العلم، وينهون العلماء أن يعلموا الناس شيئاً؛ فعيَّرهم الله بذلك؛ فأنزل الله -تعالى-: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} الآية (¬2). [ضعيف] * {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)}. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 55)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 964 رقم 5387)، وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 538) -: ثني محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 951 رقم 5317) من طريق أشعث بن إسحاق القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عنه به. قلنا: إسناده ضعيف؛ فيه علتان. الأولى: الإرسال. الثانية: جعفر بن أبي المغيرة؛ ضعيف في سعيد بن جبير.

* عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية في الأعراب: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، قال: فقال رجل: فما للمهاجرين؟ قال: ما هو أعظم من ذلك: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)}، وإذا قال الله لشيء عظيم؛ فهو عظيم (¬1). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)}. * عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ قال: دعانا رجل من الأنصار قبل أن تحرم الخمر، فتقدم عبد الرحمن بن عوف وصلى بهم المغرب، فقرأ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]؛ فالتُبس عليه فيها؛ فنزلت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}. وفي رواية: أنه كان هو وعبد الرحمن بن عوف ورجل آخر يشربون الخمر، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف فقرأ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]؛ فخلط فيها؛ فنزلت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1252 رقم 636)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 58، 59)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 955 رقم 5338)، والطبراني؛ كما في "مجمع الزوائد" (7/ 23) من طرق عن محمد بن فضيل عن عطية عنه به. قال الهيثمي: "رواه الطبراني؛ وفيه عطية، وهو ضعيف". قلنا: وهو كما قال. (¬2) أخرجه مسدد في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 57 رقم 7620) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = -وعنه أبو داود (3/ 325 رقم 3671) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (2/ 188 رقم 567) -، وعبد بن حميد في "مسنده" (1/ 132 رقم 82 - منتخب)، وفي "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 872) -وعنه الترمذي في "جامعه" (5/ 238 رقم 3026)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (2/ 187، 188 رقم 566) -، والنسائي في "التفسير" (7/ 402 رقم 10175 - "تحفة الأشراف")، وأحمد في "الأشربة" -ومن طريقه الحاكم (4/ 142)، والخطيب في "الأسماء المبهمة" (ص 381) -، والفريابي في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 872)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 61)، والبزار في "البحر الزخار" (2/ 211 رقم 598)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 958 رقم 5352)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (12/ 239 رقم 4777)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 103)، والحاكم (2/ 307)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (2/ 189 رقم 568) -، والخطيب في "الأسماء المبهمة" (ص 381) من طريق سفيان الثوري وأبي جعفر الرازي كلاهما عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي به. قال الترمذي: "حديث حسن غريب صحيح". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي، وصححه الضياء المقدسي وشيخنا الألباني رحمهم الله. قلنا: وسنده قوي؛ لكن اختلف في اسم الداعي واسم المصلي، والصحيح أن الذي صلى بهم هو عبد الرحمن بن عوف، كذا هو في رواية الثوري، وقد رواه عنه ثقتان حافظان وهما: الأول: عبد الرحمن بن مهدي؛ عند أحمد والحاكم والطبري والنحاس والمقدسي. الثاني: وكيع؛ عند أحمد والحاكم. وهذا هو الذي رحجه الحاكم في "المستدرك" ووافقه عليه الذهبي في "التلخيص"، ورجحه الحافظ، وقال فى "العجاب" (2/ 873): "أصح طرقه". ورواه يحيى القطان والفريابي عن الثوري به؛ لكن فيه أن الذي صلى بهم هو علي؛ أخرجه أبو داود والفريابي في "تفسيره" على الترتيب. =

* عن عائشة -رضي الله عنها-: أنها استعارت من أسماء قلادة؛ فهلكت، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فصلوا، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله آية التيمم، فقالا أسيد بن حضير لعائشة: جزاك الله أخيراً، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه؛ إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيراً. وفي رواية: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، حتى إذا كان بالبيداء -أو بذات الجيش-؛ انقطع عقد لي، فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء؛ فأتى الناسُ إلى أبي بكر الصديق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء! فجاء أبو بكر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حَبَسْتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس ¬

_ = قلنا: والأول أرجح؛ لأمرين: الأول: قال الحافظ ابن حجر في "العجاب" -بعد ذكر رواية عبد الرحمن بن مهدي-: "أصح طرقه؛ لأنَّ الثوري سمع من عطاء قبل اختلاطه، وعبد الرحمن أثبت من الفريابي". اهـ. لكن تابعه القطان، وتابع عبد الرحمن وكيع، فإذا اعتبرنا جانب الحفظ والإتقان؛ قدمنا رواية ابن مهدي ووكيع، وهو الذي رجحه الحافظ. الآخر: أننا رأينا الطحاوي روى الحديث في "المشكل" (12/ 237 رقم 4776) من طريق الفريابي نفسه، لكن أرسله. وسياقه هكذا: عن الفريابي عن سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: دعا فذكره. وهذه الرّواية مرسلة، فلا ندري هل الرواية عند الفريابي على ما ذكره الحافظ في "العجاب" متصلة أم مرسلة؟ وعلى كل؛ فالصواب ما ذكرن، ولا يضر مثل هذا الاختلاف، والمهم وقوع القصة، وسبب النزول واضح، والله أعلم. والصحيح: أن الداعي هو رجل من الأنصار؛ كذا في رواية وكيع وابن مهدي، الراجحة، وتابعهم على ذلك أبو نعيم الفضل بن دكين وقبيصة؛ أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/ 307).

وليسوا على ماء وليس معهم ماء! فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكرٍ، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكانُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح على غير ماء؛ فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا، فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر! قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فأصبنا العقد تحته (¬1). [صحيح] * عن عمار بن ياسر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَرَّسَ بأولاتِ الجيش ومعه عائشة، فانقطع عقد لها من جزع ظفار، فحبس الناس؛ ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر، وليس مع الناس ماء، فتغيظ عليها أبو بكر، وقال: حبست الناس وليس معهم ماء؛ فأنزل الله -تعالى- على رسوله - صلى الله عليه وسلم - رخصة التطهر بالصعيد الطيب، فقام المسلمون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضربوا بأيديهم إلى الأرض، ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التراب شيئاً؛ فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 336)، ومسلم في "صحيحه" (1/ 279 رقم 367). (¬2) أخرجه أحمد (4/ 263، 264)، وأبو داود (1/ 86، 87 رقم 320)، والنسائي في "المجتبى" (1/ 167)، و"الكبرى" (1/ 132، 133 رقم 300)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 102، 103)، والبيهقي في "الكبرى" (1/ 208) من طريق صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبه عن ابن عباس عن عمار به. قلنا: وهذا سند ضعيف، فقد خولف صالح بن كيسان فيه: فأخرجه الطيالسي في "مسنده" (1/ 63 رقم 244 - "منحة")، وعبد الرزاق في "مصنفه" (رقم 827)، وأحمد (4/ 320، 321)، وأبو داود (رقم 318، 319)، والنسائي في "المجتبى" (1/ 168)، و"الكبرى" (1/ 133 رقم 301)، وابن ماجه (رقم 566، 571)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1310 - =

* عن الأسلع بن شريك؛ قال: كنت أُرحِّل ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأصابتني جنابة في ليلة باردة، وأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرحلة، فكرهت أن أُرحِّل ناقته وأنا جنب، وخشيت إن اغتسلت بالماء البارد فأموت أو أمرض؛ فأمرت رجلاً من الأنصار فرحَّلَها، ثم وضعت أحجاراً فأسخنت بها ماءً فاغتسلت، ثم لحقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أسلع! ما لي أرى راحلتك تغيرت؟ "، فقلت: يا رسول الله! لم أرحلها، رحلها رجل من الأنصار، قال: "ولم"؟ فقلت: أصابتني جنابة؛ فخشيت القرَّ على نفسي، فأمرته أن يرحلها، ووضعت أحجاراً فأسخنت ماء واغتسلت به؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = "إحسان")، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 110)، والبيهقي (1/ 208) من طرق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عمار به. هكذا رواه معمر والليث بن سعد وابن أبي ذئب ويونس بن يزيد كلهم عن الزهري. قلنا: وهو منقطع بين عبيد الله وعمار؛ كما قال الزيلعي في "نصب الراية" (1/ 155)، وابن حجر في "العجاب" (2/ 879). (¬1) أخرجه الحسن بن سفيان في "مسنده"؛ كما في "الدر المنثور" (547/ 2) -ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1/ 357 رقم 1094)، والبيهقي في "الكبرى" (1/ 5، 6) -، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "المختار" (4/ 216، 217 رقم 1431) -، والطبراني في "الكبير" (1/ 299 رقم 877) -ومن طريقه الضياء في "المختارة" (4/ 215، 216 رقم 1430) - من طريق العلاء بن الفضل نا الهيثم بن رزيق من بني مالك بن كعب بن سعد -وعاش مئة وسبع عشرة سنه- عن أبيه عن الأسلع به. =

* عن علي قال: نزلت في المسافر تصيبه الجنابة؛ فيتيمم ثم يصلي (¬1). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه الهيثم بن رزيق المالكي، قال العقيلي في "الضعفاء الكبير" (4/ 254 رقم 1961): "لا يتابع عليه". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 262): "وفيه الهيثم بن رزيق، قال بعضهم: لا يتابع على حديثه". اهـ. قلنا: وأبوه؛ مجهول، والعلاء بن الفضل؛ ضعيف؛ فهو واهٍ بمرة. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (7/ 65 - 66)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 68)، والدارقطني في "سننه" (1/ 179) والطبراني في "الكبير" (1/ 298 رقم 876) -وعنه أبو نعيم في "المعرفة" (3/ 14/ 1069) -، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 113)، وابن عدي في "الكامل" (3/ 989)، ودعلج في "المنتقى من مسند المقلين" (32/ 5)، وأبو نعيم في "المعرفة" (3/ 14 رقم 1070)، والبيهقي في "الكبرى" (1/ 207، 208) جميعهم من طريق الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عن الأسلع به. قلنا: والربيع بن بدر هذا؛ متروك الحديث؛ كما قال النسائي والدارقطني وابن حجر، وأبوه وجده؛ مجهولان. وقال البيهقي عقبه: "الربيع بن بدر ضعيف؛ إلا أنه لم يتفرد به". وقال الهيثمي: "وفيه الربيع بن بدر، وقد أجمعوا على ضعفه". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 547)، وزاد نسبته للقاضي إسماعيل في "الأحكام"، والبارودي في "الصحابة". والرواية الثانية زاد نسبتهما لعبد بن حميد. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 959 رقم 5359)، والفريابي؛ كما في "العجاب" (2/ 880)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 62) من طريق قيس بن الربيع وابن أبي ليلى كلاهما عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله عن علي به. قال الحافظ في "العجاب": "وفيه ضعف، وانقطاع". قلنا: قيس لم يتفرد به؛ بل تابعه ابن أبي ليلى، وهو سيىء الحفظ جداً، وعباد بن عبد الله؛ ضعيف؛ ضعفه البخاري وابن المديني وغيرهم، وفيه -أيضاً- علة الانقطاع؛ كما ذكره الحافظ، والله أعلم. =

* عن مجاهد قوله: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ}؛ قال: نزلت في رجل من الأنصار كان مريضاً؛ فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ، ولم يكن له خادم فينا؛ فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك له؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية (¬1). [ضعيف] * عن إبراهيم النخعي؛ قال: في المريض لا يستطيع الغسل من الجنابة أو الحائض، قال: يجزيهم التيمم، ونال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جراحة، ففشت فيهم، ثم ابتلوا بالجنابة، فشكوا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 546)، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي. قلنا: هو في "المصنف" لابن أبي شيبة (1/ 157)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (1/ 216)؛ لكن ليس فيه التصريح بسبب النزول. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 961 رقم 5365) من طريق مالك بن إسماعيل ثنا قيس بن الربيع عن خصيف الجزري عن مجاهد به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: خصيف الجزري؛ سيئ الحفظ. الثالثة: قيس بن الربيع؛ ضعيف. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 68) من طريق سويد بن نصر عن ابن المبارك عن محمد بن جابر اليمامي عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جابر هذا؛ صدوق، ذهبت كتبه؛ فساء حفظه، وخلط كثيراً، وعمي؛ فصار يلقن.

* عن ابن أبي مليكة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر، ففقدت عائشة قلادة لها، فأمر الناس بالنزول، فنزلوا وليس معهم ماء، فأتى أبو بكر على عائشة فقال لها: شققت على الناس -وقال أيوب بيده، يصف أنه قرصها- قال: ونزلت آية التيمم ووجدت القلادة في مناخ البعير، فقال الناس: ما رأينا قط امرأة أعظم بركة منها (¬1). [حسن لغيره] * عن عكرمة؛ قال: نزلت في أبي بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد، صنع علي لهم طعاماً وشراباً، فأكلوا وشربوا، ثم صلى عليٌّ لهم المغرب فقرأ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} حتى خاتمتها، فقال: ليس لي دين وليس لكم دين؛ فنزلت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} (¬2). [ضعيف] * عن عطاء بن أبي رباح؛ قال: أول ما نزل في الخمر: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219]؛ فقال بعض المنافقين: نشربها لمنافعها، وقال آخرون: لا خير في شيء فيه إثم، ثم نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}؛ فقال بعض الناس: لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة مع المسلمين؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90]؛ فنهاهم فانتهوا (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 68): ثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا ابن عُليّه عن أيوب عنه به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، وتقدم موصولًا في "الصحيحين". (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 545)، ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو مرسل. (¬3) أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 872): نا أبو نعيم نا طلحه بن عمرو عن عطاء به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه طلحة بن عمرو، وهو متروك، وهو -أيضاً- مرسل.

* {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45) مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46)}. * عن عكرمة؛ قال: نزلت في رفاعة بن زيد بن السائب اليهودي (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظمائهم -يعني: في اليهود- إذا كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لوى لسانه، وقال: راعنا سمعك يا محمد! حتى نفهمك، ثم طعن في الإِسلام وعابه؛ فأنزل الله الآية (¬2). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 74) من طريق سنيد في "تفسيره": ثني حجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف. ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 553)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" (2/ 190 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن المنذر في "تفسيره"، والطبري في "جامع البيان" (5/ 74)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 963 رقم 5381، ص 967 رقم 5405)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 533، 534) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه محمد شيخ ابن إسحاق مجهول؛ تفرد عنه ابن إسحاق.

أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كلّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رؤساء من أحبار يهود؛ منهم: عبد الله بن صوريا، وكعب بن الأشرف، فقال لهم: "يا معشر يهود! اتقوا الله، وأسلموا؛ فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به لحق"، فقالوا: ما نعرف ذلك يا محمد! وجحدوا ما عرفوا وأصروا على الكفر؛ فأنزل الله فيهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: نزلت في مالك بن الصيف ورفاعة بن زيد بن التابوت من بني قينقاع (¬2). [ضعيف جداً] * {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)}. * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر؛ حتى سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)}؛ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه ابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 555)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 79)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 968 رقم 5411)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 533، 534 ضمن حديث طويل) -: ثني محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ كسابقه. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 78)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 968 رقم 5410) من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. تنبيه: هناك أقوال أخرى موجودة في "العجاب" (2/ 883)؛ لكنها واهية.

قال: "إني ادخرت دعوتي؛ شفاعة لأهل الكبائر من أمتي"، قال: فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا، ثم نطقنا بعد ورجونا (¬1). [حسن] * وعنه -أيضاً-رضي الله عنهما-؛ قال: كنا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نشك في قاتل النفس، وآكل مال اليتيم، وقاذف المحصنات، وشاهد الزور حتى نزلت: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}؛ فأمسك ¬

_ (¬1) أخرجه أبو يعلى في "المسند" (10/ 185، 186 رقم 5813) -ومن طريقه وطريق غيره ابن عدي في "الكامل" (2/ 825) -، والبزار في "مسنده" (4/ 84 رقم 3254 - "كشف")، وابن الضريس في "فضائل القرآن" (67/ 8) جميعهم من طريق حرب بن سريج المنقري ثنا أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر به. قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات؛ عدا حرب وهو لا بأس به مالم يخالف؛ قال أحمد: "ليس به بأس"، وكذا قال الطيالسي وأبو داود والبزار وابن عدي، ووثقه ابن معين وابن شاهين والهيثمي، وقال الدارقطني: "صالح"، وتكلم فيه البخاري وأبو حاتم وابن حبان. قال البزار عقبه: "لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن أيوب إلا حرب، وهو بصري لا بأس به". وقال ابن عدي: "وهذا لا يرويه عن أيوب بهذا الإسناد غير حرب بن سريج". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 5): "رواه أبو يعلى؛ ورجاله رجال الصحيح؛ غير حرب بن سريج وهو ثقة". وقال -أيضاً- (10/ 211): "رواه البزار وإسناده جيد". وقلنا: هو كما قال. وقال السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 557) -بعد ما عزاه لمن ذكرناهم، وزاد نسبته لابن المنذر-: "بسند صحيح". وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 970 رقم 5421) من طريق صالح المري عن أيوب عن نافع عن ابن عمر؛ قال: كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله؛ حتى نزلت علينا هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، فلما سمعناها، كففنا عن الشهادة وأرجينا الأمور إلى الله. قلنا: وصالح هو ابن بشير المري؛ متروك.

أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشهادة (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (3/ 971 رقم 5426)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 80) من طريقين عن الهيثم بن جماز (*) عن سلام بن أبي المطيع عن بكر بن عبد الله المزني عن ابن عمر به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مداره على الهيثم بن جماز، وهو متروك؛ كما قال أحمد والنسائي والساجي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 556)، وزاد نسبته للبزار. وله طريق أخرى: أخرجها الطبراني في "الأوسط" (3/ 235، 336 رقم 3021) من طريق هشام بن عمار: نا عمر بن المغيرة: نا غالب القطان عن بكر به. قال الطبراني: "لم يروه عن بكر المزني إلا غالب القطان!! ولا رواه عن غالب إلا عمر بن المغيرة". قلنا: بلى؛ رواه عن بكرٍ سلامُ بن أبي المطيع؛ كما سبق. والحديث ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: هشام بن عمار؛ فيه ضعف؛ لأنه كان يلقن. الثاني: عمر بن المغيرة؛ قال البخاري: "منكر الحديث، مجهول"، وقال أبو حاتم: "شيخ"، وروى عنه جمع من الثقات. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 193): "رواه الطبراني في "الكبير"، "والأوسط"؛ وفيه عمر بن المغيرة، وهو مجهول". وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 273، 274 رقم 1332) من طريق الحسين بن واقد، عن أبي عصمة، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر؛ قال: لما نزلت الموجبات مثل قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]، إلى آخر الآية، ومثل: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} [البقرة: 275] ومثل قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93]؛ قال: كنا نشهد على من فعل شيئاً من هذا أنه في النار، فلما نزل قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}؛ كففنا عن الشهادة، فخفنا عليهم بما أوجب الله لهم. قلنا: إسناده ضعيف جداً؛ قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 193): "رواه = (*) في "جامع البيان" و"تفسير القرآن العظيم": "حماد"، وهو تصحيف.

* عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه-؛ قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام، قال: "وما دينه؟ "، قال: يصلي ويوحد الله -تعالى-، قال: "استوهب منه دينه، فإن أبى؛ فابتعه منه"؛ فطلب الرجل ذاك منه؛ فأبى عليه، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره؛ فقال: "وجدته شحيحاً على دينه"، قال: فنزلت: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عمر؛ قال: لما نزلت {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الزمر:53] الآية؛ قام رجل، فقال: والشرك يا نبي الله؟! فكره ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ ¬

_ = الطبراني؛ وفيه أبو عصمة، وهو متروك". وأخرجه -أيضاً- (12/ 281 رقم 13364) من طريق عمر بن يزيد السياري ثنا مسلم بن خالد الزنجي ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر؛ قال: كنا نبت على القاتل حتى نزلت: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ}. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 193): "ورواه بإسناد آخر فيه عمر بن يزيد السياري ولم نعرفه عن مسلم بن خالد الزنجي وقد وثق". قلنا: بل هو ضعيف. وبالجملة؛ فالحديث ضعيف، والله أعلم. (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (4/ 177، 178 رقم 4063)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 971 رقم 5424) من ثلاث طرق عن عيسى بن يونس عن واصل بن السائب عن أبي سورة ابن أخي أبي أيوب الأنصاري عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: أبو سورة؛ قال البخاري: "منكر الحديث، يروي عن أبي أيوب مناكير لا يتابع عليها"، وضعفه ابن معين جداً، وضعفه الترمذي وابن حجر، وقال الدارقطني: "مجهول"، وقال الذهبي: "لا يدرى من هو". الثانية: واصل بن السائب؛ قال البخاري وأبو حاتم: "منكر الحديث"، وقال النسائي: "متروك"، وضعفه الدارقطني وأبو زُرعة وابن حجر وغيرهم، وضعفه ابن حبان وأغلظ فيه.

يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى وحشي قاتل حمزة يدعوه إلى الإِسلام، فأرسل إليه: يا محمد! كيف تدعوني إلى دينك وأنت تزعم أن من قتل أو أشرك أو زنا يلق أثاماً، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً، وأنا قد صنعت ذلك؟ فهل تجد لي رخصة؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)} [الفرقان: 70]؛ فقال وحشي: يا محمد! هذا شرط شديد: إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً، فلعلي لا أقدر على هذا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فقال وحشي: يا محمد! أرى بعد مشيئة، فلا أدري يغفر لي أم لا؟ فهل غير هذا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} [الزمر: 53]؛ قال وحشي: هذا؛ فجاء، فأسلم، فقال الناس: يا رسول الله! إذا أصبنا ما أصاب وحشي؛ قال: "هي للمسلمين عامة" (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 80) من طريق ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع؛ قال: ثني مخبر عن ابن عمر (فذكره). قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علل: الأولى: جهالة المخبر هذا. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ صدوق سيىء الحفظ. الثالثة: ابنه عبد الله؛ قال ابن حبان في "الثقات": "يعتبر به من غير روايته عن أبيه". (¬2) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 157، 158 رقم 11480) من طريق أبين بن سفيان عن عطاء عنه به. قال الهيثمي في "المجمع" (7/ 101): "رواه الطبراني في "الأوسط"!! وفيه أبين بن سفيان ضعفه الذهبي". =

* {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان اليهود يقدمون صبيانهم يصلون بهم، ويقربون قربانهم؛ ويزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب، وكذبوا، قال الله: إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له، وأنزل الله -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49)} (¬1). [ضعيف] * عن الحسن البصري؛ قال: هم اليهود والنصارى، قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18]، وقالوا: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: قال الدارقطني عنه: "ضعيف، له مناكير"، وضعفه الذهبي في "الميزان" (1/ 78). (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 972 رقم 5430): ثنا أبي ثنا محمد بن مصفى ثنا محمد بن حمير -وفي "المطبوع": جمير، وهو تصحيف من الناسخ أو الطابع- عن ابن لهيعة عن بشر بن أبي عمرو الخولاني عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: ابن لهيعة؛ ضعيف، والراوي عنه ليس من قدماء أصحابه. الثانية: بشر لم نجد له ترجمة. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 81)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 972 رقم 5430) -من طريق عبد الرزاق وهذا في "تفسيره" (1/ 1/ 164) -: نا معمر عن الحسن به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: معمر لم يسمع من الحسن البصري؛ فقد روى عنه عبد الرزاق؛ أنه قال: خرجت مع الصبيان إلى جنازة الحسن وطلبتُ العلم سنة مات الحسن. ولذا لم يذكره المزي ولا العسقلاني ضمن شيوخ معمر، والله أعلم.

* عن مجاهد؛ قال: نزلت في اليهود؛ كانوا يقدمون صبيانهم في الصلاة فيؤمونهم، يزعمون أنهم لا ذنوب لهم؛ فتلك التزكية (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: هم أعداء الله اليهود، زكوا أنفسهم بأمر لم يبلغوه؛ فقالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18]، وقالوا: لا ذنوب لنا إلا كذنوب أبنائنا الأطفال (¬2). [ضعيف] * عن أبي مالك؛ قال: نزلت في اليهود، كانوا يقدمون صبيانهم؛ يقولون: ليست لهم ذنوب (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الفريابي وعبد بن حميد في "تفسيريهما"؛ كما في "العجاب" (2/ 883)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 81) جميعاً من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: هذا إسناد ضعيف؛ لإرساله. وأخرجه ابن جرير من طريق سنيد في "تفسيره": ثني حجاج عن ابن جريج عن الأعرج عن مجاهد نحوه. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج مدلس وقد عنعن. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 80، 81) بسنده المتكرر عن سعيد بن أبي عروبة، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 884، 885) من طريق شيبان النحوي كلاهما عن قتادة به. قلنا: هذا إسناد ضعيف؛ لإرساله. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 81): حدثنا سفيان بن وكيع عن أبيه عن الثوري عن حصين عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: سفيان بن وكيع هذا؛ قال الحافظ في "التقريب" (1/ 312): "كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقهِ؛ فأدخل عليه ما ليس من حديثه؛ فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه".

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: وذلك أن اليهود قالوا: إن أبناءنا قد توفوا، وهم لنا قربة عند الله، وسيشفعون لنا ويزكوننا؛ فقال الله لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49)} [النساء: 49] (¬1). [ضعيف جداً] * عن عكرمة؛ قال: كان أهل الكتاب يقدمون الغلمان الذين لم يبلغوا الحنث يصلون بهم؛ يقولون: ليس لهم ذنوب؛ فأنزل الله {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} (¬2). [ضعيف] * عن الكلبي؛ قال: نزلت في رجال من اليهود أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأطفالهم، فقالوا: يا محمد! هل على أولادنا هؤلاء من ذنب؟ قال: "لا"، قالوا: والذي يحلف به ما نحن إلا كهيئتهم؛ ما من ذنب نعمله بالليل إلا كفَّر عنا بالنهار، وما من ذنب نعمله بالنهار إلا كفر عنا بالليل (¬3). [موضوع] * {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52)}. * عن عكرمة؛ قال: قدم حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف إلى مكة، فقالت قريش: أنتم أهل الكتاب وأهل العلم؛ فنحن خير أم محمد؟ فقالوا: وما أنتم وما محمد؟ قالوا: صنبور قطع أرحامنا منا، واتبعه سراق ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 81)، وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 81): ثنا ابن وكيع ثنا أبي عن أبي مكين عنه به. قلنا: وسنده ضعيف. (¬3) ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 884) عنه معلقاً. قلنا: وهو موضوع؛ لأن الكلبي كذاب.

الحجيج بنو غفار؛ فنحن أهدى سبيلاً أم هو؟ قالوا: أنتم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52} [النساء: 51، 52] (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1280 رقم 648 - تكملة)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 974 رقم 5441): ثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقريء، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 103) من طريق عبد الجبار بن العلاء ثلاثتهم (سعيد ومحمد وعبد الجبار): نا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة به مرسلاً. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 562)، وزاد نسبته لابن المنذر. وخالفهما محمد بن يونس الجمال (*)؛ فرواه عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به موصولاً. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11/ رقم 11645)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 193، 194). قلنا: وهو وهم، والصواب الإرسال؛ فمحمد هذا ضعيف؛ كما في "التقريب" (2/ 222)؛ فلا تقبل زيادته للوصل. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 6): "فيه يونس بن سليمان الجمال ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح". قلنا: وهو تصحيف، والصواب محمد بن يونس الجمال؛ فقد ذكر ضمن الرواة عن سفيان بن عيينة، ولم يذكر يونس من ضمن من روى عنه. وقد توبع عمرو بن دينار؛ فأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 164، 165) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 85) -: نا معمر: نا أيوب عن عكرمة: أن كعب بن الأشرف انطلق إلى المشركين من كفار قريش، فاستجاشهم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأمرهم أن يغزوه، وقال: وإنا معكم نقاتله، فقالوا: إنكم أهل كتاب، وهو صاحب كتاب، ولا نأمن أن يكون هذا مكراً منكم، فإن أردت أن نخرج معكم؛ فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما؛ ففعل، ثم قالوا: نحن أهدى = (*) في "المعجم الكبير": يونس بن سليمان الجمال، وهو تصحيف.

* عن مجاهد؛ قال: نزلت في كعب بن الأشرف وكفار قريش؛ قال: كفار قريش أهدى من محمد عليه الصلاة والسلام، قال ابن جريج: قدم كعب بن الأشرف؛ فجاءته قريش، فسألته عن محمد؛ فصغر أمره ¬

_ = أم محمد؟ فنحن ننحر الكوماء، ونسقي اللبن علي الماء، ونصل الرحم، ونقري الضيف، ونطوف بهذا البيت، ومحمد قطع رحمه وخرج من بلده، قال: بل أنتم خير وأهدى؛ فنزلت فيه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)} [النساء]. قلنا: وهذا مرسل رجاله رجال الصحيح. وأخرجه أحمد؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 525)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 85، 35/ 213)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 973، 974 رقم 5440)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1731 - "موارد")، والبزار؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 598) كلهم من طريق ابن أبي عدي عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: قدم كعب بنُ الأشرف مكة، فقالت له قريش: أنت سيدهم، ألا ترى إلى هذا الصنبر المنبتر من قومه! يزعم أنه خير منا، ونحن أهلُ الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية، فقال: أنتم خير منه، قال: فنزلت: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} [الكوثر: 108]، وأنزلت: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} إلى قوله: {فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا}. قلنا: وهذا سند صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 85، 30/ 213) من طريق خالد بن عبد الله الطحان وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي كلاهما عن داود بن أبي هند عن عكرمة به مرسلاً، لم يذكر ابن عباس. وهذا مرسل صحيح الإِسناد، ولا تعارض بينهما؛ فالوصل زيادة يجب قبولها. وأخرجه البزار في "مسنده" (4/ 83 رقم 2293 - "كشف"): ثنا الحسن بن علي الواسطي ثنا يحيى بن راشد المازني عن داود بن أبي هند به موصولاً. قلنا: لكن يحيى بن راشد المازني؛ ضعيف، بل قال ابن حبان: "يخطئ ويخالف"؛ فالعمدة على رواية ابن أبي عدي.

ويسره، وأخبرهم أنه ضال، قال: ثم قالوا له: ننشدك الله: نحن أهدى أم هو؟ فإنك قد علمت أنا ننحر الكوم، ونسقي الحجيج، ونعمر البيت، ونطعم ما هبت الريح، قال: أنتم أهدى (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي؛ قال: لما كان من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واليهود بني النضير ما كان، حين أتاهم يستعينهم في دية العامريين فهموا به وأصحابه، فأطلع الله رسوله على ما هموا به من ذلك، ورجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة فهرب كعب بن الأشرف حتى أتى مكة فعاهدهم على محمد، فقال أبو سفيان: يا أبا سعد! إنكم قوم تقرؤون ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 85) من طريق سنيد في "تفسيره": ثني ابن جريج عن مجاهد به. وسند الرواية الأولى ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من مجاهد. الثالثة: سنيد ضعيف. لكن رواه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 104) من طريق روح بن عبادة، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 977 رقم 5459) من طريق يزيد بن زريع كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة؛ قال: نزلت هذه الآية في كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب -رجلين من اليهود من بني النضير-، لقيا قريشاً بالموسم، فقال لهما المشركون: أنحن أهدى أم محمد وأصحابه؛ فإنا أهل السدانة والسقاية وأهل الحرم؟ فقالا: بل أنتم أهدى من محمد، فهما يعلمان أنهما كاذبان، إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه؛ فأنزل الله -تعالى-: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52)}، فلما رجعا إلى قومهما؛ قال لهما قومهما: إن محمداً يزعم أنه قد نزل فيكما كذا وكذا، فقالا: صدق والله، ما حملنا على ذلك إلا بغضه وحسده. قلنا: وهذا مرسل أصح من الذي قبله، لكن يبقى ضعيفاً؛ لإرساله. ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 564)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

الكتاب وتعلمون ونحن قوم لا نعلم؛ فأخبرنا: ديننا خير أم دين محمد؟ قال كعب: أعرضوا عليَّ دينكم، فقال أبو سفيان: نحن قوم ننحر الكوماء، ونسقي الحجيج الماء، ونقري الضيف، ونعمر بيت ربنا، ونعبد آلهتنا التي كان يعبد آباؤنا، ومحمد يأمرنا أن نترك هذا ونتبعه، قال: دينكم خير من دين محمد؛ فاثبتوا عليه، ألا ترون أن محمداً يزعم أنه بعث بالتواضع وهو ينكح من النساء ما شاء؟! وما نعلم ملكاً أعظم من ملك النساء؛ فذلك حين يقول: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة: حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وأبو رافع، والربيع بن أبي الحقيق، وأبو عامر، ووحوح بن عامر، وهوذة بن قيس: فأما وحوح وأبو عامر وهوذة؛ فمن بني وائل، وكان سائرهم من بني النضير، فلما قدموا على قريش؛ قالوا: هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتاب الأول فاسئلوهم: أدينكم خير أم دين محمد؟ فسألوهم؛ فقالوا: بل دينكم خير من دينهم، وأنتم أهدى منه وممن اتبعه، وأنزل الله فيهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 85) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 976، 977 رقم 5457)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 887) من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك بلفظ: أن أهل مكة قالوا لكعب بن الأشرف بنحوه. قلنا: وهو مرسل حسن الإسناد.

مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)} (¬1). [ضعيف] * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: لما كان من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان؛ اعتزل كعب بن الأشرف ولحق بمكة وكان بها، وقال: لا أعين عليه ولا أقاتله، فقيل له بمكة: يا كعب! أديننا خير أم دين محمد وأصحابه؟ قال: دينكم خير وأقدم؛ دين محمد حديث؛ فنزلت فيه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)}، ثم جاء كعب بن الأشرف المدينة معلناً بمعاداة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبهجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). [ضعيف] * {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)}. * عن مقاتل بن حيان؛ قال: أعطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوة بضع وسبعين شاباً؛ فحسدته اليهود؛ فقال الله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (¬3). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: وذلك أن أهل الكتاب قالوا: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 85، 86) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق. (¬2) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 194) من طريق محمد بن إسحاق نا الحسن بن علي بن زياد ثنا ابن أبي أويس ثنا جعفر بن محمود بن مسلمة عن أبيه عن جابر. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه الحسن بن علي لم نجد له ترجمة. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 564) وزاد نسبته لابن عساكر. (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 888) من طريق بكير بن معروف عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

زعم محمد أنه أوتي ما أوتي من تواضع، وله تسع نسوة، ليس همه إلا النكاح؛ فأي ملك أفضل من هذا؟! فقال الله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن أبي حمزة الثمالي؛ قال: يعني بالناس في هذه الآية: نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - وحده، قالت اليهود: انظروا إلى هذا الذي ما شبع من الطعام، لا والله ماله هم إلا النساء، لو كان نبياً؛ لشغله هم النبوة عن النساء؛ حسدوه على كثرة نسائه، وعابوه بذلك؛ فأكذبهم الله -تعالى- فقال: {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ} إلى قوله: {مُلْكًا عَظِيمًا}. فأخبرهم بما كان لداود وسليمان؛ فأقرت اليهود لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أنه كان لسليمان ألف امرأة: ثلثمائة مهرية وسبعمائة سرية، وعند داود مئة امرأة، فقال لهم: "ألف امرأة عند رجل أكثر أم تسع نسوة؟! "، وكان عنده يومئذٍ تسع نسوة، فسكتوا، قال الله -تعالى-: {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ} [النساء: 55]؛ يعني: من آمن به عبد الله بن سلام (¬2). [ضعيف جداً] * عن عطية؛ قال: قالت اليهود للمسلمين: تزعمون أن محمداً أوتي الدين في تواضع وعنده تسع نسوة؛ أي ملك أعظم من هذا؟! فنزلت (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 88)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 978، 979 رقم 5470) من طريق العوفي عنه. قلنا: وإسناده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه الثعلبي في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 889). قلنا: وسند واهٍ؛ كما قال الحافظ -رحمه الله-. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 566)، ونسبه لابن المنذر. قلنا: وسنده واهٍ؛ لإرساله، وضعف مرسله وهو عطية العوفي هذا أولاً. وثانياً: إن صح السند إليه، والله أعلم.

* {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ في قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}؛ قال: لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة؛ دعا عثمان بن أبي طلحة، فلما أتاه؛ قال: "أرني المفتاح"؛ فأتاه به، فلما بسط يده إليه؛ قدم العباس، فقال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي اجعله لي مع السقاية، فكف عثمان يده، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرني المفتاح يا عثمان! "، فبسط يده إليه، فقال العباس مثل كلمته الأولى. فكف عثمان يده، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عثمان! إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر؛ فهات المفتاح"؛ فقال: هاك بأمانة الله. فقام: ففتح باب الكعبة، فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم معه قداح يستقسم بها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما للمشركين -قاتلهم الله- وما شأن إبراهيم وشأن القداح؟ "، ثم دعا بحفنة فيها ماء، فأخذ ماء فغمسه، ثم غمس بها تلك التماثيل، وأخرج مقام إبراهيم وكان في الكعبة، ثم قال: "يا أيها الناس! هذه القبلة"، ثم خرج فطاف بالبيت، ثم نزل عليه جبريل فيما ذُكر لنا برَدِّ المفتاح، فدعا عثمان بن طلحة؛ فأعطاه المفتاح، ثم قال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} حتى فرغ من الآية (¬1). [موضوع] * عن صفيه بنت شيبة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل بمكة واطمأن الناس؛ خرج حتى جاء البيت؛ فطاف به سبعاً على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده، فلما فرغ من طوافه؛ دعا عثمان بن أبي طلحة، فأخذ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 528)، و"العجاب" (2/ 892)، و"الدر المنثور" (2/ 570) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: الكلبي وشيخه كذابان.

منه مفتاح الكعبة؛ ففتحت له، فدخلها، فوجد فيها حمامة من عيدان وكسرها بيده، ثم طرحها، ثم وقف على باب الكعبة وقد استكف الناس له في المسجد، ثم قال: ثم جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده، فقال: يا رسول الله! اجمع لنا الحجابة مع السقاية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أين عثمان بن أبي طلحة؟ "، فدعي له، فقال: "هاك مفتاحك يا عثمان! اليوم يوم وفاء وبر" (¬1). [صحيح] * عن ابن جريج في قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}؛ قال: نزلت في عثمان بن أبي طلحة، قبض منه النبي - صلى الله عليه وسلم - مفاتيح الكعبة ودخل بها البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح، قهال: وقال عمر بن الخطاب -لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلو هذه الآية-: فداؤه أبي وأمي ما سمعته يتلوها قبل ذلك (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (2/ 411) -ونقله ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 528)، وابن حجر في "العجاب" (2/ 890) -: ثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بيع عبد الله بن أبي ثور عن صفية به. قلنا: وسنده صحيح. (¬2) أخرجه سُنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 92) -: ثني الحجاج بن محمد بن نصير عن ابن جريج به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان. الأولى: الإعضال. الثانية ضعف سنيد صاحب "التفسير". وأخرجاه من طريق خالد الزنجي عن الزهري؛ قال: دفعه إليه، وقال: "أعينوه". قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ضعف خالد الزنجي. =

* عن مجاهد؛ قال: نزلت في ابن طلحة، قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - مفتاح الكعبة، فدخل الكعبة يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان؛ فدفع إليه المفتاح وقال: "خذوها يا بني أبي طلحة! بأمانة الله لا ينزعها منكم إلا ظالم" (¬1). [ضعيف] * عن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة؛ قال: دفع النبي - صلى الله عليه وسلم - المفتاح إليَّ وإلى عثمان، وقال: "خذوها يا بني أبي طلحة! خالدة تالدة، لا يأخذها منكم إلا ظالم"، فبنو أبي طلحة الذي يلون سدانة الكعبة دون بني عبد الدار (¬2). [ضعيف] ¬

_ = الثالثة: ضعف سنيد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 570)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه أبو الوليد الأزرقي في "أخبار مكة" (1/ 103 - 111) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 105) -: ثنا جدي [أحمد بن محمد بن الوليد الأزرق] عن سعيد بن سالم عن ابن جريج عن مجاهد به. فلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع منه مجاهد. وقد وقع في هذا السند تخليط كبير يصعب تحديد الصحيح: 1 - أن الواحدي رواه من طريق الأزرقي وزاد في سنده هكذا [ثني جدي عن سفيان عن سعيد به] فزاد سفيان، وهذا وهم؛ لأن في نسخة الواحدي تخليط وتصحيف كبيرين، والحافظ ابن حجر بصير بالأسانيد؛ فقد ذكره في "العجاب" (2/ 891) على نحو مما ذكرنا. 2 - أن إسناد الأزرقي في "المطبوع" ثني سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن ابن جريج وعن ابن إسحاق به. وهذا أمر مشكل وسواء صح هذا أو ذاك؛ فكلاهما ضعيف؛ فإن الأول مرسل، والثاني معضل. (¬2) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 105) من طريق أحمد بن زهير بن أبي خيثمة عن مصعب بن عبد الله الزبيري عن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة به. =

* قال الثعلبي: نزلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار -وكان سادن الكعبة-، فلما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح؛ أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح، فطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المفتاح، فقيل له: إنه مع عثمان، فطلب منه؛ فأبى، وقال: لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه المفتاح، فلوى علي بن أبي طالب يده، وأخذ منه المفتاح وفتح الباب، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت وصلى فيه ركعتين، فلما خرج؛ سأله العباس أن يعطيه المفتاح فيجمع له بين السقاية والسدانة؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- هذه الآية؛ فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علياً أن يردَّ المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه، ففعل ذلك، فقال عثمان: يا علي! أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق! فقال علي: لقد أنزل الله في شأنك، وقرأ عليه الآية، فقال عثمان: أشهد أن محمداً رسول الله، وجاء فأسلم، فجاء جبريل -عليه السلام- فقال: "ما دام هذا البيت أو لبنة من لبناته قائمة؛ فإن السدانة في أولاد عثمان"؛ فهو اليوم في أيديهم (¬1). ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف؛ للانقطاع بين مصعب وشيبة فبينهما مفاوز. وذكره المزي في "تهذيب الكمال" (12/ 605، 656) معلقاً حيث قال: "وقال مصعب بن عبد الله الزبيري وذكره". وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (5/ 448) عن هوذة بن خليفة عن عوف بن أبي جميلة عن رجل من أهل المدينة. قلنا: وسنده ضعيف؛ للجهالة، والانقطاع. (¬1) قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في "العجاب" (2/ 893): "كذا أورده الثعلبي [في "تفسيره" (3/ 332 - 333)] بغير سند جازماً به، وتلقاه عنه غير واحد؛ منهم: الواحدي، وفيه زيادات منكرة؛ منها: أن المحفوظ أن إسلام عثمان بن طلحة كان قبل الفتح بمدة، قدم هو وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد فأسلموا جميعاً بين الحديبية والفتح. ومنها: أنه أغلق الباب، وصعد السطح! والمعروف في كتب "السير": أن المفتاح كان عند أمه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما طلب منه المفتاح؛ امتنعت أمه من =

* عن زيد بن أسلم: أنزلت في ولاة الأمر (¬1). [ضعيف] * عن شهر بن حوشب: نزلت في الأمراء خاصة (¬2). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي؛ إذ بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في سرية (¬3). [صحيح] * عن السدي في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية عليها خالد بن الوليد وفيها عمار بن ياسر، فساروا قبل القوم الذين يريدون، فلما بلغوا قريباً ¬

_ = دفعه؛ فدار بينهما في ذلك كلام كثير، ثم كيف يلتئم قوله: لوى عليٌّ يده مع كونه فوق السطح!! ". اهـ. (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (12/ 222 رقم 12609)، وابن جرير في "جامع البيان" (5/ 92)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 986 رقم 5522) من طريقين عنه. قلنا: وهو مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 571)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 92)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 986 رقم 5521) من طريق عبد الله بن إدريس: ثنا ليث [وهو ابن أبي سليم] عن شهر. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: شهر؛ ضعيف. الثالثة: ليث بن أبي سليم؛ ضعيف. (¬3) أخرجه البخاري (8/ 253 رقم 4584)، ومسلم (3/ 1465 رقم 1834).

منهم؛ عرسوا، وأتاهم ذو العيينتين فأخبرهم، فأصبحوا وقد هربوا؛ غير رجل أمر أهله فجمعوا متاعهم، ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل، حتى أتى عسكر خالد، فسأل عن عمار بن ياسر؟ فأتاه فقال: يا أبا اليقظان! إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وإن قومي لما سمعوا بكم؛ هربوا وإني بقيت، فهل إسلامي نافعي غداً، وإلا؛ هربت؟ قال عمار: بل هو ينفعك؛ فأقم؛ فأقام، فلما أصبحوا؛ أغار خالد، فلم يجد أحداً غير الرجل، فأخذه وأخذ ماله، فبلغ عمار الخبر؛ فأتى خالد؛ فقال: خل عن الرجل؛ فإنه قد أسلم، وهو في أمان مني، فقال خالد: وفيم أنت تجير؟ فاستبا وارتفعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأجاز أمان عمار، ونهاه أن يجير الثانية على أمير، فاستبا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال خالد: يا رسول الله! أتترك هذا العبد الأجدع يسبني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا خالد! لا تسب عماراً؛ فإنه من سب عماراً؛ سبه الله، ومن أبغض عماراً؛ أبغضه الله، ومن لعن عماراً؛ لعنه الله"؛ فغضب عمار فقام، فتبعه خالد حتى أخذ بثوبه؛ فاعتذر إليه، فرضي عنه؛ فأنزل الله -تعالى- قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 94)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن كثير عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال؛ فالسدي لم يصح أنه روى عن صحابي. الثانية: أسباط؛ ضعيف. وقال الحافظ في "العجاب" (2/ 897): "هكذا رواه أسباط عن السدي مرسلاً". وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 530): "هكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق السدي مرسلاً". قلنا: ووصله ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 897)، و"تفسير القرآن العظيم" (1/ 530) من طريق الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي صالح عن ابن عباس به. =

* {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان أبو بردة الأسلمي كاهناً يقضي بين اليهود فيما يتنافرون إليه، فتنافر إليه أناس من أسلم؛ فأنزل الله -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ} (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان الجلاس بن الصامت قبل توبته -فيما بلغني- ومتعب بن قشير ورافع بن زيد وبشر كانوا يَدَّعُون الإِسلام، فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية؛ فأنزل الله فيهم هذه الآية (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: ولا يصح؛ لأن فيه أبا صالح هذا الكذاب، وشر منه الحكم بن ظهير؛ قال الحافظ في "التقريب" (1/ 191): "متروك، رمي بالرفض، واتهمه ابن معين". (¬1) أخرجه الحسن بن سفيان -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 106، 107) -، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 295/ 12045)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 991 رقم 5547) كلهم من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع: ثنا صفوان بن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال مسلم. قال الهيثمي في "المجمع" (7/ 6): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". وصححه السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 580)، و"لباب النقول" (ص 72). (تكميل): قال الحافظ في "العجاب" (2/ 900، 901): "قلت: كذا وقع في هذه الرواية أبو برزة -براء ثم زاي منقوطة- ووقع في غيرها أبو بردة -بدال بدل الزاي وضم أوله- وهو أولى؛ فما أظن أبا برزة الأسلمي الصحابي المشهور إلا غير هذا الكاهن". اهـ. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: والطاغوت رجل من اليهود، كان يقال له: كعب بن الأشرف، وكانوا إذا ما دُعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول؛ ليحكم بينهم؛ قالوا: بل نحاكمكم إلى كعب؛ فذلك قول الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن الشعبي: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة؛ فدعا اليهودي المنافق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة، ودعا المنافق اليهودي إلى حاكمهم؛ لأنه علم أنهم يأخذون الرشوة في أحكامهم، فلما اختلفا؛ اجتمعا على أن يحكما كاهناً في جهينة؛ فأنزل الله -تعالى- في ذلك: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} يعني: اليهود {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} إلى قوله: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] (¬2). [ضعيف] ¬

_ = في "العجاب" (2/ 902) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ مداره على محمد شيخ ابن إسحاق، وهو مجهول. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 580)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 98)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 992 رقم 5552) من طريق عطية العوفي عن ابن عباس. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين. (¬2) أخرجه إسحاق بن راهويه في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 107) -، والطبري في "جامع البيان" (5/ 96 - 97 و97)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (2/ 658 رقم 711) من طرق عن داود بن أبي هند عن الشعبي به مرسلاً. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. قال الحافظ في "فتح الباري" (5/ 37): "فروى إسحاق بن راهويه في "تفسيره" =

* عن حضرمي: أن رجلاً من اليهود كان قد أسلم، فكانت بينه وبين رجل من اليهود مدارأة في حق، فقال اليهودي له: انطلق إلى نبي الله؛ فعرف أنه سيقضي عليه، قال: فأبى، فانطلقا إلى رجل من الكهان، فتحاكما إليه؛ قال الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} (¬1). [ضعيف] * عن السُّدّي: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ}؛ قال: كان ناس من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم، وكانت قريظة والنضير في الجاهلية إذا قُتل الرجل من بني النضير -قتلته بنو قريظة؛ قتلوا به منهم، فإذا قُتل الرجل من بني قريظة- قتلته النضير-؛ أعطوا ديته ستين وسقاً من تمر، فلما أسلم أناس من بني قريظة النضير؛ قتل رجل من بني النضير رجلاً من بني قريظة؛ فتحاكموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النضيري: يا رسول الله! إنا كنا نعطيهم في الجاهلية الدية فنحن نعطيهم اليوم ذلك، فقالت قريظة: "لا؛ ولكنا إخوانكم في النسب والدين، ودماؤنا مثل دمائكم، ولكنكم كنتم تغلبوننا في الجاهلية، فقد جاء الله بالإِسلام؛ فأنزل الله يُعيّرهم بما فعلوا فقال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45]. فعيَّرهم ثم ذكر قول النضيري: كنا نعطيهم في الجاهلية ستين وسقاً، ونقتل منهم ولا يقتلونا، فقال: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} ¬

_ = بإسناد صحيح عن الشعبي". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 580)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 97): ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه قال: زعم حضرمي (وذكره). قلنا: إسناده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: جهالة الحضرمي.

[المائدة: 50]؛ فأخذ النضيري فقتله بصاحبه؛ فتفاخرت النضير وقريظة، فقالت النضير: نحن أكرم منكم! وقالت قريظة: نحن أكرم منكم! ودخلوا المدينة إلى أبي بُرْدة الكاهن الأسلمي، فقال المنافق في قريظة والنضير: انطلقوا إلى أبي بُرْدة ينفر بيننا، وقال المسلمون من قريظة والنضير: لا، بل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ينفر بيننا فتعالوا إليه، فأبى المنافقون، وانطلقوا إلى أبي بُرْدة فسألوه فقال: أعظموا اللقمة، يقول: أعظموا الخطر، فقالوا: لك عشر أوساق، قال لا، بل مائة وسق ديتي؛ فإني أخاف أن أنفرِّ النضير تقتلني قريظة، أو أنفرِّ قريظة تقتلني النضير، فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوساق، وأبى أن يحكم بينهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} وهو أبو بُرْدة: {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} إلى قوله: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] (¬1). [ضعيف جداً] * عن قتادة قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} الآية حتى بلغ: {ضَلَالًا بَعِيدًا}؛ قال: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجلين؛ رجل من الأنصار يقال له: بشر، وفي رجل من اليهود، في مدارأة كانت بينهما في حق، فتدارءا بينهما فيه؛ فتنافرا إلى كاهن بالمدينة يحكم بينهما، وتركا نبي الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فعاب الله -عزّ وجلّ- ذلك. وذكر لنا: أن اليهودي كان يدعوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليحكم بينهما، وقد علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لن يجور عليه، فجعل الأنصاري يأبى عليه، وهو يزعم أنه مسلم، ويدعوه إلى الكاهن؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى- ما تسمعون؛ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 97، 98)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 991، 992 رقم 5549) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ كما تقدم بيانه.

فعاب ذلك على الذي يزعم أنه مسلم، وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب؛ فقال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} إلى قوله: {صُدُودًا} [النساء:61] (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد في قوله -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ}؛ قال: تنازع رجل من المنافقين ورجل من اليهود؛ فقال المنافق: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف، وقال اليهودي: اذهب بنا إلى النبي؛ فقال الله -تبارك وتعالى-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ} الآيةِ والتي تليها فيهم -أيضاً- (¬2). [ضعيف] * عن الربيع بن أنس: في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} إلى قوله: {ضَلَالًا بَعِيدًا}؛ قال: كان رجلان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما خصومة؛ أحدهما مؤمن، والآخر منافق، فدعاه المؤمن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف؛ فأنزل الله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ الله وَإِلَى الرَّسُولِ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 97)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 903)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 107) من طريق شيبان النحوي وسعيد بن أبي عروبه عنه به. قال الحافظ في "فتح الباري" (5/ 38): "وأفاد الواحدي بإسناد صحيح عن سعيد عن قتادة". قلنا: صحيح الإسناد إلى قتادة؛ لكنه مرسل؛ فهو ضعيف. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 98)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 991 رقم 5548) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به. صححه الحافظ في "فتح الباري" (5/ 37) بقوله: "وروي بإسناد آخر صحيح إلى مجاهد". قلنا: صحيح الإسناد إلى مجاهد؛ لكنه مرسل؛ فهو ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 582) وزاد نسبته لابن المنذر، وعبد بن حميد.

{رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61)} [النساء: 61] (¬1). [ضعيف جداً] * عن مجاهد {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ}؛ قال: تنازع رجل من المؤمنين ورجل من اليهود؛ فقال اليهودي: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف، وقال المؤمن: اذهب بنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} إلى قوله: {صُدُودًا} (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في رجل من المنافقين، يقال له: بشر، كان بينه وبين يهودي خصومة؛ فقال اليهودي: انطلق بنا إلى محمد، وقال المنافق: بل نأتي كعب بن الأشرف -وهو الذي سماه الله -تعالى- الطاغوت-؛ فأبى اليهودي إلا أن يخاصمه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى المنافق ذلك؛ أتى معه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - واختصما إليه، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لليهودي، فلما خرجا من عنده؛ لزمه المنافق، ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 98) من طريق ابن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإعضال. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ سيىء الحفظ. الثالثة: ابنه عبد الله؛ قال ابن حبان في "الثقات": "يعتبر بروايته عن غير أبيه". (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 98) -: ثني حجاج عن ابن جريج عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من مجاهد. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف، ضعفه أبو حاتم، والنسائي، وابن حجر.

وقال: ننطلق إلى عمر بن الخطاب؛ فأقبلا إلى عمر، قال اليهودي: اختصمت أنا وهذا إلى محمد فقضى لي عليه، فلم يرضَ بقضائه؛ وزعم أنه مخاصم إليك، وتعلق بي فجئت. معه، فقال عمر للمنافق: أكذلك؟! فقال: نعم، فقال لهما: رويدكما حتى أخرج إليكما، فدخل عمر البيت وأخذ السيف واشتمل عليه ثم خرج إليهما فضرب به المنافق حتى برد، وقال: هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهرب اليهودي. ونزلت هذه الآية (¬1). [موضوع] * {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)}. * عن عروة بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير؛ أنه حدثه: أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرّح الماء يمر، فأبى عليه. فاختصما عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير: "اسق يا زُبير! ثم أرسل الماء إلى جارك"؛ فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك؛ فتلون وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: "اسق يا زبير! ثم احبس الماء حتى يرجع إلى ¬

_ (¬1) أخرجه الثعلبي في "تفسيره"؛ كما في "الفتح السماوي" (2/ 497 رقم 373)، و"تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 330)، و"العجاب" (2/ 903) (*) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وسنده تالف، واه بمرة؛ الكلبي وشيخه كذابان. قال الحافظ في "فتح الباري" (5/ 38): "وهذا الإسناد وإن كان ضعيفاً؛ لكن تقوى بطريق مجاهد، ولا يضره الاختلاف لإمكان التعدد". قلنا: أما إمكان التعدد؛ فنعم، وأما أن يتقوى به؛ فلا، ولا كرامة؛ فهو إسناد مكذوب مصنوع. (*) لم يعزه للثعلبي، وعزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 582).

الجدر". فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (¬1). [صحيح] * عن سعيد بن المسيب؛ قال: أنزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة؛ اختصما في ماء؛ فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسقي الأعلى ثم الأسفل (¬2). [ضعيف] * عن سلمة من ولد أم سلمة؛ قال: خاصم رجل الزبير إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - للزبير، فقال: إنما قضى له؛ لأنه ابن عمته؛ فنزلت: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري (5/ 34 رقم 2359، 2360)، ومسلم (4/ 1829، 1830 رقم 2357). (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 994 رقم 5559): ثنا أبي نا عمرو بن عثمان نا أبو حيوة نا سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن الزهري عن سعيد به. قال الحافظ في "فتح الباري" (5/ 35، 36): "وإسناده قوي مع إرساله، فإن كان سعيد بن المسيب سمعه من الزبير؛ فيكون موصولاً". قلنا: وهو كما قال. وقال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 333): "وهو مرسل". (¬3) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1300 رقم 660)، والحميدي في "مسنده" (1/ 143، 144 رقم 300) -ومن طريقهما الهروي في "ذم الكلام" (2/ 248 رقم 315) -، وعبد بن حميد والفريابي في "تفسيرهما"؛ كما في "العجاب" (2/ 906)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 533)، وابن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (2/ 656، 657 رقم 708) من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سلمة؛ قال: خاصم. . . هكذا مرسلاً. كذا رواه أبو عاصم النبيل وسعيد بن منصور والحميدي عن سفيان به مرسلاً. وخالفهم ابن أبي عمر العدني ويعقوب بن حميد وحامد بن يحيى البلخي والحميدي -في رواية عنه- عن ابن عيينة عن عمرو به موصولاً. =

* عن أبي الأسود؛ قال: اختصم رجلان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقضى بينهما، فقال الذي قضى عليه: ردنا إلى عمر بن الخطاب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انطلقا إليه"، فلما أتاه؛ قال الرجل: يا ابن الخطاب! إن هذا قضى لي عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ردنا إلى عمر، فردنا إليك، فقال عمر: أكذلك؟! قال: نعم، فقال عمر: مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما، فخرج إليهما مشتملاً بسيفه، فضرب عنق الذي قال ردنا إلى عمر، وأدبر الآخر فارًّا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! عمر قتل صاحبي، ولولا أني أعجزته؛ لقتلني، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما كنت أظن أن يجترىء عمر على قتل مؤمن"؛ فأَنزل الله -تعالى-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} فهدر دم ذلك الرجل وبريء عمر من قتله (¬1). [ضعيف] ¬

_ = أخرجه ابن أبي عمر العدني في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (8/ 550 رقم 3942 - المسندة)، والطبراني في "المعجم الكبير" (23/ 242 رقم 652)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 110)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 101)، وابن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (2/ 656 رقم 708). قلنا: ابن أبي عمر؛ ثقة من رجال مسلم، ويعقوب بن حميد بن كاسب؛ صدوق ربما وهم، وحامد؛ ثقة حافظ، ووافقهما الحميدي في رواية، ولا شك أن الوصل زيادة يجب قبولها، ولا تعارض بين الموصول والمرسل، وكلاهما صحيح، والموصول مقدم. قال الحافظ في "العجاب" (2/ 908): "ورجاله ثقات؛ إلا أن بعض أصحاب ابن عيينة أرسلوه. . ." وذكرهم. وسكت عن الرواية الموصولة الحافظ في "فتح الباري" (5/ 35، 37) مما يدل على ثبوته، والله أعلم. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 994 رقم 5560): ثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة عليه أنبأ ابن وهب: ثني عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود به. قلنا: وسنده صحيح إلى أبي الأسود وهو محمد بن عبد الرحمن النوفلي، وهو =

* عن ضمرة بن حبيب: أن رجلين اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقضى للمحق على المبطل، فقال المقضي عليه: لا أرضى حتى ترضى، فقال صاحبه: فما تريد؟ قال: أن نذهب إلى أبي بكر الصديق فذكروا ذلك له، فقال الذي قضى له النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد اختصمنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقضى لي عليه؛ فقال أبو بكر: فأنتما على ما قضى به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأبى صاحبه أن يرضى، وفيه: أنه ردَّ به إلى عمر ثم ذكر قصة عمر في قتله (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: نزلت في اليهود (¬2). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: هذا الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذان تحاكما إلى كعب بن الأشرف (¬3). [ضعيف] ¬

_ = ثقة من السادسة، يروي عن أتباع التابعين؛ فالسند معضل. أما ما يخشى من ضعف ابن لهيعة؛ فالراوي عنه هنا أحد العبادلة الذين رَوَوْا عنه قبل احتراق كتبه. ومن طريقه أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 533)، و"تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 330). قال الزيلعي: "وهو مرسل، وابن لهيعة ضعيف"!! وقال ابن كثير: "ذكر سبب آخر غريب جداً، وذكره، ثم قال: وهو أثر غريب مرسل، وابن لهيعة ضعيف! والله أعلم". (¬1) أخرجه إبراهيم بن دحيم في "مسنده"؛ كما في "العجاب" (2/ 910، 911)، و"تفسير القرآن العظيم" (1/ 534): نا شعيب بن شعيب نا أبو المغيرة نا عتبة بن ضمرة ثني أبي به. قلنا: وهذا سند حسن؛ لكنه مرسل. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 995 رقم 5561): ذكر عن المقدمي: ثنا أشعث بن عبد الله بن شعبة عن خالد الحذاء عن عكرمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: الانقطاع بين ابن أبي حاتم والمقدمي. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 101) من طريق عيسى عن ابن أبي نجيح =

* عن الشعبي: هذا الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذان تحاكما إلى الكاهن (¬1). [ضعيف] * {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68)}. * عن السدي؛ قال: افتخر ثابت بن قيس بن شماس ورجل من يهود، فقال اليهودي: والله لقد كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم؛ فقتلنا أنفسنا، فقال ثابت: والله لو كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم؛ لقتلنا أنفسنا؛ فأنزل الله في هذا: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68)} (¬2). [ضعيف جداً] * عن أبي إسحاق السبيعي؛ قال: لما نزلت: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ}؛ قال رجل: لو أمرنا؛ لفعلنا، والحمد لله الذي عافنا، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن من أمتي لرجالاً: الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي" (¬3). [ضعيف] ¬

_ = عن مجاهد به، ومن طريق شبل عن ابن أبي نجيح به. قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل، وفي متنه نكارة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 585) وزاد نسبته إلى ابن المنذر. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 101) من طريق ابن عُليّة عن داود بن أبي هند عن الشعبي. قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 102)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 996 رقم 5568) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 102) من طريق إسماعيل بن أبي خالد =

* عن الثوري: نزلت في ثابت بن قيس (¬1). [ضعيف] * عن زيد بن الحسن؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}؛ قال ناس من الأنصار: والله لو كتبه علينا لقبلنا، والحمد لله الذي عافنا، ثم الحمد الله الذي عافنا؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان أثبت في قلوب رجال من الأنصار من الجبال الرواسي" (¬2). [ضعيف] * {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)}. * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إنك لأحب إليَّ من نفسي، وإنك لأحب إليَّ من أهلي ومالي، وأحب إليَّ من ولدي، وإني لأكون في البيت: فأذكرك فما أجد حتى آتيك؛ فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك؛ عرفت أنك إذا دخلت ¬

_ = عن أبي إسحاق به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، واختلاط أبي إسحاق. ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 995 رقم 5565) من طريق هشام بن حسان عن الحسن بنحوه. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال، ومراسيل الحسن كالريح. الثانية: هشام بن حسان ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين؛ لكن في روايته عن الحسن وعطاء مقال؛ لأنه كان يرسل عنهما. (¬1) أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 912) عن عمر بن سعد عن الثوري به. قلنا: إسناده معضل كما هو ظاهر. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 586)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 587)، ونسبه لابن المنذر.

الجنة رفعت مع النبيين، وإني إذا دخلت الجنة؛ خشيت أن لا أراك، فلم يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً حتى نزل جبريل -عليه السلام- بهذه الآية: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} (¬1). [حسن لغيره] * عن مسروق؛ قال: قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو من شاء الله منهم-: يا رسول الله! ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا؛ فإنك لو مت ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "الصغير" (1/ 26)، و"الأوسط" (1/ 152، 153 رقم 477) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "صفة الجنة"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 535)، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 239، 240، و8/ 125) -وعنه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 111) -: ثنا أحمد بن عمرو الخلال ثنا عبد الله بن عمران العابدي ثنا فضيل بن عياض عن منصور عن الأسود عن عائشة. قال الطبراني: "لم يروه بهذا الإسناد إلا فضيل، تفرد به عبد الله بن عمران". قلنا: وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات من رجال الشيخين؛ إلا شيخ الطبراني لم نجد له ترجمة. وقال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث منصور وإبراهيم، تفرد به فضيل، وعنه العابدي". وقال الحافظ ابن حجر في "العجاب" (2/ 914): "رجاله موثقون". وقال الضياء المقدسي: "لا أرى بإسناده بأساً، والله أعلم". وهو كما قال خلا شيخ الطبراني وقد توبع؛ فقد أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 535): ثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم، ثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد، ثنا عبد الله بن عمران به. قلنا: ولم نجد لشيخ ابن مردويه هذا ترجمة، وكذا لإسماعيل هذا الذي تابع الخلال. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 7): "رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" ورجاله رجال الصحيح؛ غير عبد الله بن عمران العابدي؛ وهو ثقة". قلنا: يشهد له ما بعده.

رُفِعْتَ فوقنا فلم نرك؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)} (¬1). [حسن لغيره] * عن سعيد بن جبير؛ قال: جاء رجل من الأنصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محزون، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا فلان! مالي أراك محزوناً؟! "، قال: يا نبي الله! شيء فكرت فيه، فقال: "ما هو؟ "، قال: نحن نغدو عليك، ونروح ننظر في وجهك، ونجالسك، غداً ترفع مع النبيين؛ فلا نصل إليك، فلم يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً؛ فأتاه جبريل -عليه السلام- بهذه الآية: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)}، قال: فبعث إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فبشره (¬2). [ضعيف جداً] * عن الشعبي؛ قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لأنت أحب إليَّ من نفسي وولدي وأهلي ومالي، ولولا أني آتيك؛ فأراك؛ لظننت أني سأموت، وبكى الأنصاري، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (11/ 501 رقم 11823)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 104)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 110)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 997 رقم 5577) جميعهم من طريق منصور بن المعتمر عن أبي الضحى مسلم بن صُبيح عن مسروق. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، لكن يشهد له ما قبله. ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 589)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 104): ثنا ابن حميد ثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيره عن سعيد بن جبير به مرسلاً. قلنا: وسنده واهٍ؛ فيه علتان: الأولى: ابن حميد شيخ الطبري؛ مُتَّهم بالكذب. الثانية: الثالثة: الإرسال. قال المناوي في "الفتح السماوي" (2/ 501): "ورواه الطبري مرسلاً".

أبكاك؟! "، فقال: ذكرت أنك ستموت ونموت؛ فترفع مع النبيين، ونحن إذا دخلنا الجنة كنا دونك، فلم يخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- على رسوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ} إلى قوله {عَلِيمًا} [النساء: 70]؛ فقال: "أبشر" (¬1). [ضعيف] * عن قتادة: ذكر لنا أن رجالاً قالوا: هذا نبي الله نراه في الدنيا؛ فأما في الآخرة؛ فيرفع؛ فلا نراه؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1307، 1308 رقم 661) -ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (3/ 538، 539 رقم 1317 - هندية) أو (2/ 131 رقم 1380 - دار الكتب العلمية) -، والطبري في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 535) من طريق خلف بن خليفة وجرير بن عبد الحميد كلاهما عن عطاء بن السائب عن الشعبي. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: عطاء كان قد اختلط. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 588) وزاد نسبته لابن المنذر. ورواه خالد بن عبد الله الطحان الواسطي عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن عباس به. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 68 رقم 12559) ومن طريقه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 535). قلنا: وهذا كما ترى موصول، وما قبله مرسل، ولا شك أن هذا من تخاليط عطاء، ومن رواه عنه رواه عنه في الاختلاط. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 7)، وقال: "رواه الطبراني؛ وفيه عطاء بن السائب، وقد اختلط". (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 104)، والواحدي في "أسباب النزول" =

* عن السدي؛ قال: قال ناس من الأنصار: يا رسول الله! إذا أدخلك الله الجنة فكنت في أعلاها ونحن نشتاق إليك؛ فكيف نصنع؟ فأنزل الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن الربيع بن أنس؛ قال: إن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: قد علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فُضِّل على من آمن به في درجات الجنة ممن اتبعه وصدقه؛ فكيف لهم إذا اجتمعوا في الجنة أن يرى بعضُهم بعضاً؟ فأنزل الله في ذلك، فقال: إن الأعلين ينحدرون إلى من هم أسفل منهم فيجتمعون في رياضها، فيذكرون ما أنعم الله عليهم ويثنون عليه، وينزل لهم أهل الدرجات فيسعون عليهم بما يشتهون وما يدعون به، فهم في روضة يحبرون ويتنعمون فيه (¬2). [ضعيف جداً] * عن عكرمة؛ قال: أتى فتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا نبي الله! إن لنا منك نظرة في الدنيا، وفي يوم القيامة لا نراك؛ فإنك في الدرجات ¬

_ = (ص 110، 111) من طريق روح بن عبادة ويزيد بن زريع كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة عنه به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 589)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. وقال المناوي في "الفتح السماوي" (2/ 502): "وأخرجه الواحدي. . . من طريق روح عن قتادة كذلك مرسلاً". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 104) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 104) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ كما تقدم مراراً.

العلى؛ فأنزل الله: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (¬1). [ضعيف] * وقال الثعلبي: نزلت في ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان شديد الحب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه، ونحل جسمه؛ فعرف الحزن في وجهه، فقال له: "يا ثوبان! ما غير لونك؟ "، فقال: يا رسول الله! لا بيَ مرض ولا وجع، غير أني إذا لم أرك؛ اشتقت إليك، واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكَرْت الآخرة؛ فأخاف أن لا أراك هناك؛ لأني عرفت أنك تُرفع مع النبيين، وإني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل الجنة؛ فذاك حين لا أراك أبداً؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك: "والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأبويه وأهله والناس أجمعين" (¬2). * عن مقاتل بن سليمان؛ قال: قال رجل من الأنصار -يسمى عبد الله بن زيد بن عبد ربه وهو الذي رأى الأذان مع عمر-: يا رسول الله! إذا خرجنا من عندك إلى أهلينا؛ اشتقنا إليك، فلم ينفعنا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 998 رقم 5578)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 914) من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 589)، وزاد نسبته للطبري. (¬2) قال الحافظ في "العجاب" (2/ 914): "وذكره الثعلبي بغير إسناد". وقال الحافظان العراقي وابن حجر؛ كما نقله عنهما المناوي في "الفتح السماوي" (2/ 500): "ذكره الثعلبي في تفسره بلا إسناد ولا راوٍ، ونقله الواحدي في "أسباب النزول" [(ص 110)] عن الكلبي". قلنا: والكلبي متهم، والأثر لا يصح أبداً.

شيء حتى نرجع إليك، فذكرت درجتك في الجنة؛ فكيف لنا برؤيتك إن دخلنا الجنة؟ فنزلت هذه الآية: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)}، قال: فلما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في حديقة؛ أتاه ابنه؛ فأخبره، فقال عند ذلك: اللهم لا أرى شيئاً بعد حبيبي أبداً؛ فعمي مكانه؛ وذلك من شدة حبه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). [ضعيف جداً] * {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له أتوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فقالوا: يا رسول الله! إنا في عز ونحن مشركون، فلما آمنا؛ صرنا أذلة، فقال: "إني أُمرتُ بالعفو؛ فلا تقاتلوا"، فلما حوّله الله إلى المدينة؛ أمر بالقتال؛ فكفوا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لأن مقاتل بن سليمان متروك. (¬2) أخرجه النسائي في "المجتبى" (6/ 2، 3)، وفي "الكبرى" (3/ 3 رقم 4293، 6/ 325 رقم 11112)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 108) وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1005 رقم 5630)، والحسن بن سفيان في "مسنده" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 111، 112) -، والفاكهي في "أخبار مكة"؛ كما في "العجاب" (2/ 917)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 67 رقم 307) -وعنه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 11) - جميعهم من طريق الحسين بن واقد عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال مسلم. وصححه شيخنا -رحمه الله- في "صحيح سنن النسائي" (رقم 2891).

* عن قتادة؛ قال: كان أناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يومئذٍ بمكة قبل الهجرة تسرَّعوا إلى القتال، فقالوا لنبي الله - صلى الله عليه وسلم -: ذرنا نتخذ معاول؛ فنقاتل المشركين بمكة، فنهاهم نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك؛ وقال: "لم أُومر بذلك"، فلما كانت الهجرة وأمر بالقتال؛ كره القوم ذلك، فصنعوا فيه ما تسمعون؛ فقال الله -تعالى-: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} (¬1). [صحيح لغيره] * عن عكرمة: نزلت في أناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). [ضعيف جداً] * عن السدي: هم قوم أسلموا قبل أن يفرض عليهم القتال ولم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة، فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} الآية إلى: {أَجَلٍ قَرِيبٍ}؛ وهو الموت، قال الله: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 108) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "العجاب" (2/ 917، 918) من طريق شيبان النحوي كلاهما عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، ويشهد له حديث ابن عباس السابق. وذكره السيوطي في "الدر المثنور" (2/ 594) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 108) من طريق سنيد ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد هذا ضعيف. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 108، 109)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1004/ 5620 و1005/ 5631 و1006/ 5634) من طريق =

* عن مجاهد؛ قال: نزلت في اليهود (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: نهى هذه الأمة أن يصنعوا صنيعهم؛ يعني: اليهود (¬2). * {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (78)}. * عن مجاهد؛ قال: كان فيمن كان قبلكم امرأة، وكان لها أجير، فولدت جارية، فقالت لأجيرها: انطلق فاقتبس لنا ناراً، فخرج فوجد بالباب رجلاً، فقال له الرجل: ما ولدت هذه المرأة؟ قال: جارية، قال: أما إن هذه الجارية لا تموت حتى تبغي بمائة، ويتزوجها أجيرها، ويكون موتها بالعنكبوت، قال: فقال الأجير في نفسه: فأنا أريد هذه بعد أن تفجر بمائة؛ فأخذ شفرة، فدخل، فشق بطن الصبية، وعولجت؛ فبرئت، فشبت، وكانت تبغي، فأتت ساحلاً من سواحل ¬

_ = أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط؛ صدوق كثير الخطأ، يُغْرب. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 109)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1003 رقم 5619)، وعبد بن حميد وابن المنذر في "تفسيريهما"؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 594) من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهو مرسل صحيح. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 109). قلنا: وهو ضعيف جداً؛ إسناده مسلسل بالعوفيين. وهنالك أقوال أخرى واهية جداً، ذكرها الحافظ في "العجاب" (2/ 918)؛ فلتنظر.

البحر، فأقامت عليه تبغي، ولبث الرجل ما شاء الله، ثم قدم ذلك الساحل ومعه مال كثير، فقال لامرأة من أهل الساحل: ابغيني امرأة من أجمل امرأة في القرية أتزوجها، فقالت: هناك امرأة من أجمل النساء؛ ولكنها تبغي، قال: ائتيني بها، فأتتها، فقالت، قد قدم رجل له مال كثير، وقد قال لي: كذا، فقلت له: كذا، فقالت: إني قد تركت البغاء، ولكن إن أراد تزوجته، قال: فتزوجها، فوقعت منه موقعاً، فبينما هو يوماً عندها؛ إذ أخبرها بأمره، فقالت: أنا تلك الجارية؛ وأرته الشقَّ في بطنها، وقد كنت أبغي فما أدرى بمائة أو أقل أو كثر، قال: فإنه قال لي: يكون موتها بالعنكبوت، قال: فبنى لها برجاً بالصحراء وشيده، فبينما هما يوماً في ذلك البرج؛ إذا عنكبوت في السقف، فقالت: هذا يقتلني؟ لا يقتله أحد غيري فحركته فسقط، فأتته فوضعت إبهام رجلها عليه فشدخته، وساح سمه بين ظفرها واللحم؛ فاسودت رجلها؛ فماتت؛ فنزلت هذه الآية: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما استشهد الله من المسلمين من استشهد يوم أُحُد؛ قال المنافقون الذين تخلفوا عن الجهاد: لو كان إخواننا الذين قتلوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- هذه الآية (¬2). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 109، 110) -ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 288، 289) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1007، 1008 رقم 5640) عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل. (¬2) ذكره الحافظ في "العجاب" (2/ 919) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. قلنا: إسناد مختلق مصنوع.

* {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)}. * عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ قال: لما اعتزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه؛ قال: دخلت المسجد؛ فإذا الناس ينكتون بالحصى، ويقولون: طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب. فقال عمر: فقلت: لأعلمن ذلك اليوم. قال: فدخلت على عائشة، فقلت: يا بنت أبي بكر! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: مالي ومالك يا ابن الخطاب؟! عليك بعيبتك، قال: فدخلت على حفصة بنت عمر، فقلت لها: يا حفصة! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ والله لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحبك، ولولا أنا؛ لطلقك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فبكت أشد البكاء، فقلت لها: أين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: هو في خزانته في المشربة، فدخلت؛ فإذا أنا برباح غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعداً على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينحدر، فناديت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إليّ فلم يقل شيئاً، ثم قلت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إليَّ فلم يقل شيئاً، ثم رفعت صوتي؛ فقلت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإني أظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظن أني جئت من أجل حفصة، والله! لئن أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضرب عنقها؛ لأضربن عنقها، ورفعت صوتي. فأومأ إليّ أن ارقه. فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع على حصير. فجلست فأدنى عليه إزاره وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه. فنظرت ببصري في خزانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قرظاً في ناحية الغرفة،

وإذا أفيق معلق؛ قال: فابتدرت عيناي، قال: "ما يبكيك يا ابن الخطاب؟! "، قلت: يا نبي الله! ومالي لا أبكي؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصفوته، وهذه خزانتك! فقال: "يا ابن الخطاب! ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟ "، قلت: بلى، قال: ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله! ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلقتهن؛ فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك. وقلما تكلمت -وأحمد الله- بكلام؛ إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، ونزلت هذه الآية: آية التخيير: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5] {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]. وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله! أطلقتهن؟ قال: "لا"، قلت: يا رسول الله! إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى، يقولون: طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه، أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال: "نعم؛ إن شئت"، فلم أزل أحدثه؛ حتى تخسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر فضحك. وكان من أحسن الناس ثغراً. ثم نزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلت، فنزلت أتشبت بالجذع ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده، فقلت: يا رسول الله! إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين، قال: "إن الشهر يكون تسعاً وعشرين"، فقمت على باب المسجد؛ فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق رسول الله نساءه، ونزلت هذه الآية: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}؛ فكنت

أنا استنبطت ذاك الأمر، وأنزل الله -عزّ وجلّ- آية التخيير (¬1). * {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ الله وَمَنْ يُضْلِلِ الله فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا في سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ الله لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ الله لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90)}. * عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-؛ قال: لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أحد؛ رجع ناس من أصحابه، فقالت فرقة: نقتلهم، وقالت فرقة: لا نقتلهم؛ فنزلت: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنها تنفي الرجال كما تنفي النار خبث الحديد" (¬2). [صحيح] * عن ابن سعد بن معاذ؛ قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس، فقال: "مَنَ لي ممن يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني؟ "، فقال سعد بن معاذ: إن كان من الأوس؛ قتلناه، وإن كان من إخواننا من الخزرج؛ أمرتنا فأطعناك؛ فقام سعد بن عبادة، فقال: ما بك يا ابن معاذ؟! طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد تكلمت ما هو منك؛ فقام أُسيد بن حُضير، فقال: إنك يا ابن عبادة! منافق تحب المنافقين؛ فقام محمد بن مسلمة، فقال: اسكتوا أيها الناس؛ فإن فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يأمرنا فننفِّذ أمره؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (2/ 1105 - 1108 رقم 1479) (230). (¬2) أخرجه البخاري (رقم 1884، 4050، 4589)، ومسلم (رقم 1384 - مختصراً و2776). (¬3) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1313، 1314 رقم 663)، وابن أبي =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قوله: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ}؛ وذلك أن قوماً كانوا بمكة قد تكلموا بالإسلام، وكانوا يظاهرون المشركين، فخرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم، فقالوا: إن لقينا أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام؛ فليس علينا منهم بأس، وأن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة؛ قالت فئة من المؤمنين: اركبوا إلى الخبثاء، فاقتلوهم؛ فإنهم يظاهرون عليكم عدوكم، وقالت فئة أخرى من المؤمنين: سبحان الله -أو كما قالوا- أتقتلون قوماً قد تكلموا بمثل ما تكلمتم به، أمن أجل أنهم لم يهاجروا ويتركوا ديارهم تستحل دماؤهم وأموالهم لذلك؟! فكانوا كذلك فئتين، والرسول عليه الصلاة والسلام عندهم لا ينهى واحداً من الفريقين عن شيء؛ فنزلت: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ الله} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-: أن قوماً من العرب أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فأسلموا وأصابهم وباء المدينة حماها؛ فأركسوا، فخرجوا من المدينة، فاستقبلهم نفر من أصحابه؛ يعني: أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا لهم: ما لكم رجعتم؟ قالوا: أصبنا وباء المدينة؛ فاجتوينا المدينة، فقالوا: أما لكم في رسول الله أُسوة، فقال بعضهم: ¬

_ = حاتم في "تفسيره" (3/ 1023 رقم 5740) كلاهما من طريق الدراوردي عن زيد بن أسلم عن ابن سعد بن معاذ به. قلنا: وسنده ضعيف؛ للانقطاع بين زيد بن أسلم وابن سعد هذا، وزيد هذا كان يرسل ولم يصرح بالتحديث، ولم ينص أحد ممن كتب في الرجال أنه روى عن ابن سعد هذا. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 609)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 122)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (3/ 1023 رقم 5741) عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

نافقوا، وقال بعضهم: لم ينافقوا؛ هم المسلمون؛ فأَنزل الله -عزّ وجلّ-: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد: قوم خرجوا من مكة حتى أتوا المدينة، يزعمون أنهم مهاجرون، ثم ارتدوا بعد ذلك، فاستأذنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة؛ ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها؛ فاختلف فيهم المؤمنون، فقائل يقول: هم منافقون، وقائل يقول: هم مؤمنون؛ فبيّن الله نفاقهم؛ فأمر بقتالهم. فجاءوا ببضائعهم يريدون المدينة، فلقيهم هلال بن عويمر الأسلمي وبينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - حلف -وهو الذي حصر صدره أن يقاتل المؤمنين أو ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "مسنده" (1/ 192): ثنا أسود بن عامر ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. الثانية: أبو سلمة لم يسمع من أبيه؛ كما صرح بذلك الأئمة؛ كما في "المراسيل" (ص 91)، و"التهذيب" (10/ 438، 439، 12/ 117). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 7): "رواه أحمد؛ وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وأبو سلمة لم يسمع من أبيه". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 610): "وأخرجه أحمد بسند فيه انقطاع". وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1024 رقم 5742) من وجه آخر عن أبي سلمة عن عبد الرحمن: أن نفراً من طوائف العرب هاجروا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمكثوا معه ما شاء الله أن يمكثوا، ثم ارتكسوا، فرجعوا إلى قومهم، فلقوا سرية من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعرفوهم فسألوهم: ما ردكم؟ فاعتلوا لهم، فقال بعض القوم لهم: نافقتم، فلم يزل بعض ذلك حتى فشا فيهم القول؛ فنزلت هذه الآية: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، وجهالة أحد رواته وهو إسماعيل بن عبيد الله أبو سفيان.

يقاتل قومه-؛ فدفع عنهم؛ بأنهم يؤمّنون هلالاً، وبينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - عهد (¬1). [ضعيف] * عن قتادة قوله: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ} الآية: ذكر لنا أنهما كانا رجلين من قريش كانا مع المشركين بمكة، وكانا قد تكلما بالإِسلام، ولم يهاجروا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلقيهما ناس من أصحاب نبي الله وهما مقبلان إلى مكة؛ فقال بعضهم: إن دماءهما وأموالهما حلال، وقال بعضهم: لا يحل لكم؛ فتشاجروا فيهما؛ فأنزل الله في ذلك: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} حتى بلغ: {وَلَوْ شَاءَ الله لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ} (¬2). [ضعيف] * عن السدي في قوله: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا}؛ قال: كان ناس من المنافقين أرادوا أن يخرجوا من المدينة، فقالوا للمؤمنين: إنا قد أصابنا أوجاع في المدينة وأتخمناها، فلعلنا إن نخرج إلى الظهر حتى نتماثل ثم نرجع؛ فإنا كنا أصحاب برية، فانطلقوا. واختلف فيهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالت طائفة: أعداء الله المنافقون، وددنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن لنا فقتلناهم، وقالت طائفة: لا، بل إخواننا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 121)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1024 رقم 5744) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وسنده صحيح؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (5/ 121)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 122): ثنا بشر بن معاذ العقدي: ثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 610) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

تخمتهم المدينة فأتخموها؛ فخرجوا إلى الظهر يتنزّهون، فإذا برؤوا رجعوا؛ فقال الله: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} يقول: ما لكم تكونون فيهم فئتين {وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} (¬1). [ضعيف جداً] * عن الضحاك يقول في قوله: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}: هم ناس تخلفوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأقاموا بمكة، وأعلنوا الإيمان، ولم يهاجروا؛ فاختلف فيهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فتولاهم ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتبرأ من ولايتهم آخرون، وقالوا: تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يهاجروا؛ فسماهم الله: منافقين، وبرأ المؤمنين من ولايتهم، وأمرهم أن لا يتولوهم حتى يهاجروا (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} حتى بلغ: {فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا في سَبِيلِ اللهِ}؛ قال: هذا في شأن ابن أُبيِّ حين تكلم في عائشة بما تكلم، فقال سعد بن معاذ: فإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله منه؛ يريد: عبد الله بن أبي ابن سلول (¬3). [ضعيف جداً] * عن عكرمة: أخذ ناس من المسلمين أموالاً من المشركين، ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 122) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 122). قلنا: سنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: الانقطاع بين الطبري والحسين بن الفرج. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 122، 123): ثنا يونس، نا ابن وهب عن عبد الرحمن به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وعبد الرحمن متروك.

فانطلقوا بها تجاراً إلى اليمامة؛ فاختلف المسلمون فيهم؛ فقالت طائفة: لو لقيناهم قتلناهم وأخذنا ما في أيديهم، وقال بعضهم: لا يصلح لكم ذلك؛ إخوانكم انطلقوا تجاراً؛ فنزلت هذه الآية: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس فقال: "كيف ترون في الرجل يخاذل بين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويسيء القول لأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد برأها الله؟ "، ثم قرأ ما أنزل الله في براءة عائشة -رضي الله عنها-؛ فنزل القرآن في ذلك: {فَمَا لَكُمْ في الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} الآية، فلم يكن بعد هذه الآية ينطق ولا يتكلم فيه أحد (¬2). [ضعيف جداً] * عن الحسن، عن سُراقة بن مالك المدلجي حدثهم: أن قريشاً جعلت في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر أوقية، قال: فبينما أنا جالس؛ إذ جاءني رجل، فقال: إن الرجلين اللذين جعلت قريش فيهما ما جعلت قريب منك بمكان كذا وكذا، فأتيت فرسي وهو في الوعي، فنفرت به ثم أخذت رمحي، قال: فركبته، قال: فجعلت أجر الرمح مخافة أن يشركني فيهما أهل الماء، قال: فلما رأيتهما؛ قال أبو بكر: هذا باغ يبغينا؛ فالتفت إليّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "اللهم! اكفناه بما شئت"، قال: فوجل فرسي وإني لفي جلد من الأرض، فوقعت على حجر فانقلب، فقلت: ادع ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1024 رقم 5743) من طريق أبي أسامة: أخبرني عمران بن حدير عن عكرمة به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 611) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1025 رقم 5748): قرئ على يونس بن عبد الأعلى: أنبأ ابن وهب: أخبرني عبد الرحمن به. قلنا: وسنده واهٍ بمرة؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: عبد الرحمن بن زيد؛ متروك.

الذي فعل بفرسي ما أرى أن يخلصه، وعاهده أن لا يعصيه، قال: فدعا له، فخلص الفرس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أواهبه أنت لي"، فقلت: نعم، فقال: فها هنا، قال: "فعمي عنا الناس"، وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طريق الساحل مما يلي البحر، قال: فكنت أول النهار لهم طالباً، وآخر النهار لهم مسلحة، وقال لي: "إذا استقررنا بالمدينة؛ فإن رأيت أن تأتينا؛ فأتنا"، قال: فلما قدم المدينة وظهر على أهل بدر وأُحد وأسلم الناس من حولهم؛ قال سراقة: بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى بني مدلج، قال: فأتيته، فقلت له: أنشدك النعمة، فقال القوم: مه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعوه"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تريد؟ "، فقلت: بلغني أنك تريد أن تبعث خالد بن الوليد إلى قومي، فأنا أحب أن توادعهم، فإن أسلم قومهم؛ أسلموا معهم، وإن لم يسلموا؛ لم تخشن صدور قومهم عليهم، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيد خالد بن الوليد، فقال له: "اذهب معه فاصنع ما أراد"، فذهب إلى بني مدلج، فأخذوا عليهم أن لا يعينوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن أسلمت قريش؛ أسلموا معهم؛ فأنزل الله: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} حتى بلغ: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ الله لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ}، قال الحسن: فالذين حصرت صدُورُهم: بني مدلج، فمن وصل إلى بني مدلج من غيرهم؛ كان في مثل عهدهم (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (14/ 331، 332 رقم 18461)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (*) (3/ 1026 رقم 5750)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (2/ 692، 693 رقم 678 - "بغية الباحث")، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 546) جميعهم من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن: أن سراقة. . وذكره. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علي بن زيد بن جدعان؛ ضعيف. = (*) دون قصة الهجرة.

* {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)}. * عن مجاهد؛ قال: ناس كانوا يأتون النبي - صلى الله عليه وسلم - فيسلمون رياء، ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان؛ يبتغون بذلك أن يأمنوا هنا وهنا؛ فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: حي كانوا بتهامة، قالوا: يا نبي الله! لا نقاتلك، ولا نقاتل قومنا، وأرادوا أن يأمنوا نبي الله ويأمنوا قومهم؛ فأبى الله ذلك عليهم، فقال: {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} يقول: كلما عرض لهم بلاء هلكوا فيه (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ ¬

_ = قال علي بن المديني في "علله" "ص 58، 59): "هو إسناد ينبو عنه القلب أن يكون الحسن سمع من سراقة؛ إلا أن يكون معنى حدثهم: حدث الناس، فهذا أشبه". اهـ. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 613)، وزاد نسبته لأبي نعيم في "الدلائل". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 127)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1029 رقم 5769) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 614)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 127)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1029 رقم 5768) من طريق عن يزيد بن زرَيع عن سعيد عن قتادة به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 614)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} يقول: كلما أرادوا أن يخرجوا من فتنة أركسوا فيها، وذلك أن الرجل كان يوجد قد تكلم بالإِسلام، فيقرب إلى العود والحجر وإلى العقرب والخنفساء، فيقول المشركون لذلك المتكلم بالإِسلام: قل: هذا ربي -للخنفساء والعقرب (¬1)! [ضعيف جداً] * عن السدي، قال: ثم ذكر نعيم بن مسعود الأشجعي -وكان يأمن في المسلمين والمشركين، ينقل الحديث بين النبي - صلى الله عليه وسلم - والمشركين؛ فقال: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ} يقول: إلى الشرك (¬2). [ضعيف جداً] * {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا (92)}. * عن عكرمة: كان الحارث بن يزيد بن نبيشة من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل، ثم خرج الحارث بن يزيد مهاجراً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فلقيه عياش بالحرة؛ فعلاه بالسيف حتى سكت، ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 127)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1029 رقم 5770) بسندهما المتكرر عن العوفي عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 127)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1029 رقم 5767) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

وهو يحسب أنه كافر ثم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره؛ ونزلت: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} (¬1). [ضعيف جداً] * عن مجاهد قال: قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}: عياش بن أبي ربيعة قتل رجلاً مؤمناً كان يعذبه هو وأبو جهل-وهو أخوه لأمه-؛ في اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعياش يحسب أن ذاك الرجل كافر كما هو، وكان عياش هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمناً. جاءه أخوه أبو جهل -وهو أخوه لأمه-، فقال: إن أمك تناشدك رحمها وحقها أن ترجع إليها -وهي أسماء بنت مخرمة-؛ فأقبل معه؛ فربطه أبو جهل حتى قدم به مكة، فلما رآه الكفار؛ زادهم كفراً وافتتاناً، فقالوا: إن أبا جهل ليقدر من محمد على ما يشاء، ويأخذ أصحابه (¬2). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي، فكان أخاً لأبي جهل بن هشام لأمه، وإنه أسلم وهاجر في المهاجرين الأولين قبل قدوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فطلبه أبو جهل والحارث بن هشام ومعهما رجل من بني عامر بن لؤي؛ فأتوه بالمدينة، وكان عياش أحب ¬

_ (¬1) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 128) -: ثني حجاج بن محمد بن نصير عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من مجاهد. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف؛ كما تقدم مراراً. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 128)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1031 رقم 5781)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 14) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 615)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

إخوته إلى أمه، فكلموه، وقالوا: إن أمك قد حلفت أن لا يظلها بيت حتى تراك، وهي مضطجعة في الشمس؛ فأتها لتنظر إليك، ثم ارجع، وأعطوه موثقاً من الله لا يحجزونه حتى يرجع إلى المدينة، فأعطاه بعض أصحابه بعيراً له نجيباً، وقال: إن خفت منهم شيئاً فاقعد على النجيب، فلما أخرجوه من المدينة؛ أخذوه فأوثقوه، وجلده العامري؛ فحلف ليقتلن العامري، فلم يزل محبوساً بمكة حتى خرج يوم الفتح، فاستقبله العامري وقد أسلم -ولا يعلم عياش بإسلامه-؛ فضربه، فقتله؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} (¬1). [ضعيف جداً] * عن سعيد بن جبير في الآية؛ قال: إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي كان حلف على الحارث بن يزيد مولى بني عامر بن لؤي ليقتلنه، وكان الحارث يومئذ مشركاً، وأسلم الحارث ولم يعلم به عياش، فلقيه بالمدينة؛ فقتله، وكان قتله ذلك خطأ (¬2). [ضعيف] * عن القاسم بن محمد بن أبي بكر: أن الحارث بن زيد كان شديداً على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء إلى الإِسلام وعياش لا يشعر، فلقيه عياش بن أبي ربيعة فحمل عليه فقتله؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} الآية (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 128، 129) من طريق أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده واهٍ بمرة؛ لإعضاله، وضعف أسباط. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 616)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1031 رقم 5782) من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن لهيعة؛ فيه كلام مشهور، والراوي عنه ليس من قدماء أصحابه. (¬3) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 72) من طريق حماد بن سلمة عن ابن =

* عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ قال: نزل هذا في رجل قتله أبو الدرداء كانوا في سرية، فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة له، فوجد رجلاً من القوم في غنم له، فحمل عليه بالسيف، فقال: لا إله إلا الله، قال: فضربه، ثم جاء بغنمه إلى القوم، ثم وجد في نفسه شيئاً، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا شققت عن قلبه؟ "، فقال: ما عسيت أجد؟ هل هو يا رسول الله! إلا دم أو ماء؟! قال: "فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه"، قال: كيف بي يا رسول الله؟! قال: "فكيف بلا إله إلا الله"، قال: فكيف بي يا رسول الله! قال: "فكيف بلا إله إلا الله؟ "؛ حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي، قال: ونزل القرآن: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} حتى بلغ: {إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا}؛ قال: إلا أن يضعوها (¬1). [ضعيف جداً] * عن بكر بن حارثة الجهني؛ قال: كنت في سرية بعثها ¬

_ = إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه به. قلنا: وهذا سنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن إسحاق مدلس، وقد عنعن. وأخرجه البيهقي (8/ 131)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2/ 813، 814 رقم 2137) من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق: حدثني عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش؛ قال: قال لي القاسم بن محمد به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد، وهو أصح من الذي قبله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 616، 617)، وزاد نسبته لابن المنذر. ثم رأينا الحافظ ذكره في "الإصابة" (1/ 295) ونسبه لأبي يعلى، والحارث بن أبي أسامه، وأبي مسلم الكجي. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 129): ثني يونس: نا ابن وهب عن عبد الرحمن. قلنا: وهذا سنده واهٍ بمرةٍ؛ لإعضاله، وعبد الرحمن بن زيد متروك.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فاقتتلنا نحن والمشركون، وحملت على رجل من المشركين؛ فتعوذ مني بالإِسلام؛ فقتلته، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فغضب وأقصاني؛ فأوحى الله إليه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}. قال: فرضي عني، وأدناني (¬1). [ضعيف] * عن جزء بن الحدرجان بن مالك -وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم --؛ قال: وقد أخي قذاذ بن الحدرجان بن مالك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليمن، من موضع يقال له: القتوتي، بسروات الأزد، بإيمانه وإيمان من أعطى الطاعة من أهل بيته -وهم إذ ذاك ستمائة بيت ممن أطاع الحدرجان، وآمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم --، فخرج قذاذ مهاجراً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برسالة أبيه الحدرجان، وإيمانهم، فلقيت في بعض الطريق سرية النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقتلت قذاذاً. فقال قذاذ: أنا مؤمن! فلم يقبلوا وقتلوه في جوف الليل، فبلغنا ذلك، فخرجت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، وطلبت ثأري؛ فنزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} الآية، فأعطاني النبي - صلى الله عليه وسلم - ألف دينار دية أخي، وأمر لي بمائة ناقة حمراء - وقال النبي - صلى الله عليه وسلم --: "لا تمنعني أن أصير لك المائة الناقة دية أخرى؛ إلا أني لا أتعبأ سرية للمسلمين من بعد، فتكون دية المسلم ديتين"؛ فرضيت، وسلمت وعقد لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سرية من سرايا المسلمين، فخرجت إلى حي حاتم طيء، وغنمت مغنماً كثيراً وأسرت أربعين امرأة من حي حاتم، فأتيت بالنسوة، وهداهن الله للإِسلام ¬

_ (¬1) أخرجه الدولابي؛ كما في "الإصابة" (1/ 163) -وعنه أبو نعيم في "المعرفة" (3/ 142 رقم 1214) - من طريق الحسن بن بشر بن مالك بن نافذ بن مالك حدثني أبي؛ أنه سمع أباه يحدث: عن أبيه عن جده به. قلنا: فيه من لم نعرفه، ولم نجد له ترجمة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 617) وزاد نسبته للروياني وابن منده.

وزوجهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه (¬1). [ضعيف] * {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما أنزلت التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)} [الفرقان: 68]؛ قال مشركو أهل مكة: قد قتلنا النفس التي حرم الله، ودعونا مع الله إلهاً آخر، وقد آتينا الفواحش؛ فأنزل الله: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} [الفرقان: 70]؛ فهذه لأولئك، وأما التي في النساء: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)}؛ فالرجل إذا عرف الإِسلام وشرائعه ثم قَتَلَ؛ فجزاؤه جهنم. فذكرته لمجاهد فقال: إلا من ندم (¬2). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لقد نزلت في آخر ما نزلت ما نسخها شيء (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2/ 628، 629 رقم 1690)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "الإصابة" (1/ 233) بسند ضعيف. قال الحافظ ابن حجر: "هذا إسناد مجهول". (¬2) أخرجه البخاري (رقم 3855، 4764، 4765، 4766). وأخرجه مسلم (رقم 3023) (20) من طريق سعيد بن جبير؛ قال: قلت لابن عباس: ألِمَن قتل مؤمناً متعمداً من توبة؟ قال: لا، قال: فتلوت عليه هذه الآية التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إلى آخر الآية؛ قال: هذه آية مكية نسختها آية مدنية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}. (¬3) أخرجه البخاري (رقم 4590، 4763)، ومسلم (رقم (3023) 16، 17، 18).

* عن سعيد بن جبير في قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}؛ قال: نزلت في مقيس بن ضبابة الكناني، وذلك أنه أسلم وأخوه هشام بن ضبابة -وكان بالمدينة-، فوجد مقيس أخاه هشاماً ذات يوم قتيلاً في الأنصار في بني النجار، فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بذلك، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من قريش من بني فهر ومعه مقيس إلى بني النجار ومنازلهم يومئذ بقباء أن ادفعوا إلى مقيس قاتل أخيه إن علمتم ذلك؛ وإلا فادفعوا إليه الدية، فلما جاءهم الرسول؛ قالوا: السمع والطاعة لله وللرسول، والله ما نعلم له قاتلاً، ولكن نؤدي الدية، فدفعوا إلى مقيس مائة من الإبل دية أخيه، فلما انصرف مقيس والفهري راجعين من قباء إلى المدينة وبينهما ساعة؛ عمد مقيس إلى الفهري رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتله، وارتد عن الإِسلام، وركب جملاً منها وساق معه البقية، ولحق بمكة، وهو يقول في شعر له: قتلت به فهراً وحملت عقله ... سراة بني النجار أرباب فارع وأدركت ثأري واضطجعت موسداً ... وكنت إلى الأوثان أول راجع فنزلت فيه بعد قتل النفس، وأخذ الدية، وارتد عن الإِسلام، ولحق بمكة كافراً {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة: أن رجلاً من الأنصار قتل أخا مقيس بن ضبابة، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - الدية؛ فقبلها، ثم وثب على قاتل أخيه، فقتله. قال ابن جريج وقال غيره: ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - ديته على بني النجار، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1037، 1038 رقم 5816) من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن لهيعة؛ ضعيفة.

ثم بعث مقيساً وبعث معه رجلاً من بني فهر في حاجة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فاحتمل مقيس الفهري وكان رجلاً شديداً فضرب به الأرض، ورضخ رأسه بين حجرين، ثم ألقى يتغنى: قتلت به فهراً وحملت عقله ... سراة بني النجار أرباب فارع فأخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أظنه قد أحدث حدثاً، أما والله لئن كان فعل؛ لا أُومنه في حلّ ولا حرم، ولا سلم ولا حرب"، فقتل يوم الفتح. قال ابن جريج: وفيه نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)}. بعد قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} [الفرقان: 70] بسنة (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية بعد الآية ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 137) من طريق سنيد: ثني حجاج عن ابن جريج من عكرمة. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع عن عكرمة. الثالثة: سنيد ضعيف. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 138) من طريق شعبة ثنا معاوية بن قرة عن شهر بن حوشب عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لضعف شهر بن حوشب. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 625)، وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

التي في سورة الفرقان بثمان سنين، وهو قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)} [الفرقان: 68] (¬1). [ضعيف جداً] * عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-؛ قال: لما نزلت هذه الآية التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}؛ [الفرقان: 68]؛ عجبنا للينها، فلبثنا ستة أشهر، ثم نزلت التي في النساء: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} حتى فرغ (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 138، 139). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 136، 137 رقم 4869)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 106) من طريق سعيد بن أبي هلال عن جهم بن أبي الجهم: أن أبا الزناد أخبرهم: أن خارجة بن زيد بن ثابت أخبره عن زيد بن ثابت به. قلنا: وهذا سند حسن في المتابعات؛ رواته ثقات؛ غير جهم؛ روى عنه ثلاثة، ووثقه ابن حبان (4/ 113)، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 521) برواية اثنين عنه، ويضاف لهم ثالث وهو راوي حديثنا هذا، وقال الذهبي في "الميزان" (1/ 426): "لا يُعرف". قلنا: بل هو معروف برواية هؤلاء الثلاثة وتوثيق ابن حبان؛ فلا أقل أن يكون حسناً لغيره على أنه لم يتفرد بل توبع: فقد أخرجه النسائي في "المجتبى" (7/ 87)، و"الكبرى" (2/ 288، 289 رقم 3470)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 139)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 136 رقم 4868) من طريق عبد الوهاب الثقفي وهياج بن بسطام وعباد بن عباد ثلاثتهم عن محمد بن عمرو بن علقمة عن موسى بن عقبة عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد عن أبيه بنحوه. قلنا: وسنده حسن؛ إلا أن لفظ عبد الوهاب عند النسائي: "ثمانية أشهر"؛ لكن رواه النسائي من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري عن محمد بن عمرو به =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = بلفظ: "ستة أشهر"؛ فوافق هياجاً وعباداً، لكنه أسقط من السند موسى بن عقبة. ولذلك قال النسائي عقب روايته للحديث: "محمد بن عمرو لم يسمع من أبي الزناد". قلنا: وهذا اختلاف في السند والمتن، والأرجح رواية ستة أشهر. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (8/ 10 رقم 1953)، وأبو داود في "سننه (4/ 104 رقم 4272)، والنسائي (7/ 87، 88) عن طريق حماد بن سلمة عن عبد الرحمن بن إسحاق وابن إسحاق كلاهما عن أبي الزناد عن مجالد بن عوف: أن خارجة بن زيد؛ قال: سمعت زيداً به. قلنا: وهذا سند حسن؛ لأن مجالداً صدوق؛ كما في "التقريب" (2/ 229)، ووثقه ابن حبان في "الثقات" (7/ 296، 297). أما الذهبي؛ فقال في "الميزان" (3/ 439): "لا يعرف؛ تفرد عنه أبو الزناد وأثنى عليه". وأخرجه الطبراني (5/ 149 رقم 4906) من طريق وهب بن بقية: أنا خالد الطحان عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد عن مجالد بن عوف عن زيد بن ثابت. قلنا: وسنده حسن؛ لأجل عبد الرحمن ومجالد، وهنا كما ترى سقط ذكر خارجة بن زيد. ومن فوق عبد الرحمن ثقات أثبات، فحماد بن سلمة كما سبق رواه عن عبد الرحمن وابن إسحاق عن أبي الزناد بإثبات الواسطة. وخالد الطحان -وهو أوثق من حماد بن سلمة- رواه عن عبد الرحمن به بإسقاط خارجة؛ فإما أن نرجح هذه الطريق؛ لأن رجالها أقوى، وإما أن يقال: إن لمجالد إسنادين؛ تارة عن زيد مباشرة، وتارة أخرى بالواسطة. وهذا أحسن وأقوى من توهيم الثقات، على أن عبد الرحمن بن إسحاق الذي روى عنه حماد بن سلمة الحديث بوجود الواسطة لم يتفرد به، بل تابعه ابن إسحاق، وهذا مما يقوي أمره. والأحسن أن يقال: إن له فيه إسنادين، والله أعلم. ثم تأكد لنا أن له فيه إسنادين؛ فقد أخرجه البخاري في "التاريخ" (7/ 58)، =

* {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قوله: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى ¬

_ = والطبراني في "الكبير" (5/ 149/ 4905) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه: أن عوف بن مجالد أخبره -قال: وكان امرئ صدق-؛ قال: وأخبرني ونحن عند خارجة بن زيد بن ثابت قال: قلت لزيد (فذكره). قلنا: وهذا سند حسن، وهو يؤكد أن مجالداً سمعه من زيد بن ثابت مباشرة بحضرة خارجة، وقد يكون رواه عن خارجة؛ لأنه حضر المجلس؛ فسأل مجالد خارجة فأخبره، وهذا ممكن، وهذا الجمع أحسن من توهيم الثقات. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1321 رقم 667 - تكملة)، وابن جرير في "جامع البيان" (5/ 139) من طريق يحيى بن آدم، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1037 رقم 5814) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ثلاثتهم (سعيد ويحيى ومحمد) عن ابن عيينة عن أبي الزناد؛ قال: سمعت شيخاً في مسجد منى يحدث خارجة بن زيد، يقول: سمعت أباك -ها هنا- يقول: نزلت الشديدة هذه الآية، والهيّنة التي في الفرقان: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إلى قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 68 - 70]. وقوله: "شيخاً"؛ المراد: مجالد بن عوف. وخالفهم عبد الرزاق؛ فرواه في "تفسيره" (1/ 1/ 168) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 139) -: أنا ابن عيينة به، فذكره بنحوه؛ إلا أنه جعل بدل قوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68]: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48]. قلنا: وهي شاذة. وأخرجه سمّويه في "فوائده"؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 626) من طريق زيد بن ثابت به بلفظ: "أربعة أشهر". والصواب رواية: "ستة أشهر". ثم رأينا شيخنا الألباني -رحمه الله- صحح الحديث في "الصحيحة" (رقم 2799).

إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}؛ قال: كان رجل في غنيمة، فلحقه المسلمون؛ فقال: السلام عليكم؛ فقتلوه، وأخذوا غنيمته؛ فأنزل الله في ذلك إلى قوله: {عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} تلك الغنيمة (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري (8/ 258 رقم 4591)، ومسلم (4/ 2319 رقم 3025). وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (10/ 125 رقم 8990، 8991، 12/ 377، 378 رقم 14051، 14052)، و"مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 59 رقم 7626)، وأحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 59 رقم 7627)، وأحمد (1/ 229، 272، 324)، وعبد بن حميد في "تفسيره" -وعنه الترمذي (5/ 240 رقم 3030) -، والطبري في "جامع البيان" (5/ 141)، وابن حبان في "صحيحه" (11/ 59 رقم 4752 - "إحسان")، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 222 رقم 11731)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 115)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 235)، والبيهقي (9/ 115) جميعهم من طريق إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: مر رجل من بني سليم على نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه غنم له فسلم عليهم، قالوا: ما سلم عليكم؛ إلا ليتعوذ منكم، فقاموا؛ فقتلوه، وأخذوا غنمه، فأتوا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه سماك بن حرب؛ صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة؛ فكان ربما يلقن. لكن توبع على أصل القصة عند البخاري ومسلم في الحديث السابق. قال الترمذي: "هذا حديث حسن"، وفي "تفسير القرآن العظيم" (1/ 551): "حديث حسن صحيح". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال ابن كثير: "وهذا خبر عندنا صحيح سنده". وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري" (8/ 258). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 632)، وزاد نسبته لابن المنذر.

* عن عبد الله بن أبي حدرد -رضي الله عنه-؛ قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى إضم، فخرجت في نفر من المسلمين؛ فيهم: الحارث بن ربعي أبو قتادة، ومحلّم بن جثامة بن قيس الليثي، فخرجنا، حتى إذا كنا ببطن إضَم؛ مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له، معه مُتّيع له ووطب من لبن، فلما مر بنا؛ سلّم علينا بتحية الإِسلام، فأمسكنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة لشيء كان بينه وبينه؛ فقتله، وأخذ بعيره ومتاعه، فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرنا الخبر؛ نزل فينا القرآن: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)} (¬1). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (14/ 547 رقم 18859)، و"مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 60 رقم 7629)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (2/ 133 - معلقاً)، وأحمد (6/ 11)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 140)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (2/ 679 رقم 729)، وابن الجارود في "المنتقى" (3/ 777/92)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1040 رقم 5826، 5827)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" (4/ 136 - 137/ 1654) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول (ص 116) -، والطبراني؛ كما في "مجمع الزوائد" (7/ 8)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (3/ 1358 رقم 3426، 1624، 1625 رقم 4088، 4089)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 115)، و"دلائل النبوة" (4/ 305، 306) جميعهم من طريق ابن إسحاق -وهذا في "مغازيه" (4/ 275 - ابن هشام) -: ثنا يزيد بن عبد الله بن قسيط عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد عن أبيه به. قلنا: وهذا سند حسن -إن شاء الله-؛ فيه القعقاع؛ روى عنه ثقتان هما: يحيى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن عبد الله، ووثقه ابن حبان في "الثقات" (3/ 349)، بل قال أبو حاتم والبخاري: له صحبة. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فيها المقداد بن الأسود، فلما أتوا القوم؛ وجدوهم قد تفرقوا، وبقي رجل له مال كثير لم يبرح، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله؛ فأهوى إليه المقداد، فقتله؛ فقال له رجل من أصحابه: أقتلت رجلاً يشهد أن لا إله إلا الله؟! لأذكرنَّ ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قالوا: يا رسول الله! إن رجلاً شهد أن لا إله إلا الله، فقتله المقداد، فقال: "ادع لي المقداد، يا مقداد! أقتلت رجلاً يقول: لا إله إلا الله؟ فكيف لك بلا إله إلا الله غداً؟ "؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا}؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمقداد: "كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار، فأظهر إيمانه فقتلته، وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة من قبل" (¬1). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: ولا يصح، وألمح أبو حاتم في "الجرح والتعديل" (7/ 136) إلى أنه ليس من الضعفاء بل ممن يقبل حديثهم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 633)، وزاد نسبته لابن المنذر، وأبي نعيم في "الدلائل"، وعبد بن حميد. وسكت عنه الحافظ في "الفتح" (8/ 259)، وأشار إلى ثبوته بقوله: "وهذه عندي قصة أخرى، ولا مانع أن تنزل الآية في الأمرين معاً". وقال شيخه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 8): "رواه أحمد والطبراني؛ ورجاله ثقات". (¬1) أخرجه البخاري -معلقاً بصيغة الجزم- (12/ 187 رقم 6866) - ووصله البزار في "مسنده" (3/ 45 رقم 2202 - "كشف")، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 24، 25 رقم 12379) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 148 - 150 رقم 147) -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في =

* عن جابر -رضي الله عنه-؛ قال: أنزلت هذه الآية: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} في مرداس (¬1). [حسن] ¬

_ = "تغليق التعليق" (5/ 242 - 243) -، والدارقطني في "الأفراد"؛ كما في "فتح الباري" (12/ 190) -ومن طريقه الحافظ في "تغليق التعليق" (5/ 243) -، وبحشل في "تاريخ واسط" (ص 178) جميعهم من طريق أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم ثنا حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قال البزار: "لا نعلمه يروى إلا عن ابن عباس، ولا له عنه إلا هذا الطريق". وقال الدارقطني: "هذا حديث غريب من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس، تفرد به حبيب بن أبي عمرة، وتفرد به أبو بكر بن علي بن مقدم، وهو أخو عمر بن علي؛ وأبو بكر هذا والد محمد، وهو غريب الحديث". قلنا: قال ابن حجر عنه في "التقريب" (2/ 3991): "مقبول"؛ يعني: حيث يتابع، وإلا؛ فلين، بل إنه خولف؛ فرواه الثوري عن حبيب به مرسلاً، وهو الصواب؛ كما سيأتي. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 9): "رواه البزار وإسناده جيد". وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري" (8/ 258، 12/ 191)؛ لكنه أشار في الموضع الثاني: أن أبا بكر توبع، تابعه الثوري؛ لكنه أرسله، وذكر في "تغليق التعليق" (5/ 244) أنها متابعة جيدة! قلنا: بل هي مخالفة؛ فذاك موصول، وهذا مرسل -وهو أصح-. فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (10/ 124، 125 رقم 8989، 12/ 377 رقم 14050)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1041 رقم 5834)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 142)، وأبو الشيخ في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 115) - جميعهم من طريق وكيع، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (1/ 149 رقم 3 - "بغية الباحث") -من طريق أبي إسحاق الفزاري كلاهما عن الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد به مرسلاً. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، وهو أصح من الذي قبله. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1040 رقم 5828) من طريق مروان بن =

* عن ابن عمر: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - محلّم بن جثامة مبعثاً؛ فلقيهم عامر بن الأضبط، فحياهم بتحية الإِسلام، وكانت بينهم إحنة في الجاهلية؛ فرماه محلم بسهم، فقتله، فجاء الخبر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فتكلم فيه عيينة والأقرع، فقال الأقرع: يا رسول الله! أسَنَّ اليوم وغيّر غداً، فقال عيينة: لا، والله حتى تذوق نساؤه من الشكل ما ذاق نسائي، فجاء محلم في بردين، فجلس بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - يستغفر له، فقال له ¬

_ = محمد الطاطري عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه أبو الزبير؛ مدلس، وقد عنعن، وأما ما يخشى من اختلاط ابن لهيعة واحتراق كتبه؛ فإن راويه عنه -مروان بن محمد- سمع منه قبل احتراق كتبه؛ كما قال ابن سيد الناس في "النفح الشذي" (2/ 803). وقال الحافظ في "فتح الباري" (8/ 259): "وهذا شاهد حسن". قلنا: ويشهد له في الجملة: مرسل قتادة الذي أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 141)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الفتح" (8/ 258)، و"الدر المنثور" (2/ 634) بلفظ: وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} الآية؛ قال: هذا حديث في شأن مرداس -رجل من غطفان-، ذكر لنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث جيشاً عليهم غالب الليثي إلى أهل فدك، وبه ناس من غطفان، وكان مرداس منهم، فقرأ أصحابه، فقال مرداس: إني مؤمن وإني غير متبعكم، فصبحته الخيل غدوة، فلما لقوه؛ سلم عليهم مرداس، فتلقوه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقتلوه، وأخذوا ما كان معه من متاع؛ فأنزل الله -جل وعلا- في شأنه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}؛ لأن تحية المسلمين السلام بها يتعارفون، وبها يحيي بعضهم بعضاً. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وهو شاهد قوي للسابق وهو أنها نزلت في مرداس هذا، ويكون الحديث بمجموع ذلك حسن -إن شاء الله-. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 141) من طريق أسباط بن نصر عن السدي نحوه. قلنا: لكن هذا ضعيف بمرة؛ لإعضاله، وضعف أسباط. وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري"!.

النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا غفر الله لك"، فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت به سابعة؛ حتى مات ودفنوه؛ فلفظته الأرض، فجاؤا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكروا ذلك له، فقال: "إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم، ولكن الله -جل وعز- أراد أن يعظكم"، ثم طرحوه بين صدفي جبل وألقوا عليه من الحجارة؛ ونزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان الرجل يتكلم بالإِسلام ويؤمن بالله والرسول، ويكون في قومه، فإذا جاءت سرية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر بها حيَّهُ؛ -يعني: قومه- وأقام الرجل لا يخاف المؤمنين من أجل أنه على دينهم حتى يلقاهم؛ فيلقي إليهم السلام، فيقولون: لست مؤمناً وقد ألقى السلام؛ فيقتلونه، فقال الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} إلى: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}؛ يعني: تقتلونه؛ إرادة أن يحل لكم ماله الذي وجدتم معه، وذلك عرض الحياة الدنيا؛ فإن عندي مغانم كثيرة، والتمسوا من فضل الله. وهو رجل اسمه مرادس، خلى قومه هاربين من خيل بعثها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عليها رجل من بني ليث اسمه: قليب، حتى إذا وصلت الخيل؛ سلم عليهم؛ فقتلوه؛ فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهله بديته، ورد إليهم ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي"؛ كما في "فتح الباري" (8/ 259) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 140) - عن نافع عن ابن عمر به. قلنا: وسنده ضعيف؛ ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه، والراوي عنه عند الطبري سفيان بن وكيع؛ كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلى بوراقه، فأدخل عليه ما ليس في حديثه؛ فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه. وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري"!

ماله، ونهى المؤمنين عن مثل ذلك (¬1). [ضعيف جداً] * عن الحسن البصري: أن ناساً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهبوا يتطرقون، فلقوا أناساً من العدو، فحملوا عليهم؛ فهزموهم، فشدّ منهم رجل فتبعه رجل يريد متاعه، فلما غشيه بالسنان؛ قال: إني مسلم، إني مسلم، فأوجزه بالسنان فقتله، وأخذ متبعيه، قال: فرفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للقاتل: "أقتلته بعد ما قال: إني مسلم؟! "، قال: يا رسول الله! قالها متعوذاً، قال: "أشققت قلبه؟ "، قال: لم يا رسول الله؟! قال: "لتعلم أصادقاً هو أو كاذباً"، قال: وكنت عالماً ذلك يا رسول الله! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما كان يعبر عنه لسانه، إنما كان يعبر عنه لسانه"، قال: فما لبث القاتل أن مات؛ فحفر له أصحابه، فأصبح وقد وضعته الأرض، ثم عادوا فحفروا له، فأصبح وقد وضعته الأرض إلى جنب قبره -قال الحسن: فلا أدري كم قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كم دفناه، مرتين، أو ثلاثة؟ - كل ذلك لا تقبله الأرض، فلما رأينا الأرض لا تقبله أخذنا؛ برجليه فألقيناه في بعض تلك الشعاب، فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}. أهل الإِسلام إلى آخر الآية. قال الحسن: أما والله ما ذاك إلا يكون الأرض تجن من هو شر منه، ولكن وعظ الله القوم ألا يعودوا (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1041 رقم 5831، 5832) -لكن سقط منه أوله- بالسند المسلسل بالعوفيين عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1039 رقم 5824): حدثنا أبي ثنا موسى بن إسماعيل ثنا مبارك بن فضالة ثنا الحسن به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد. =

* عن قتادة في قوله -تعالى-: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}؛ قال: بلغني أن رجلاً من المسلمين أغار على رجل من المشركين؛ فحمل عليه، فقال المشرك: إني مسلم، لا إله إلا الله، فقتله بعد أن قالها، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال للذي قتله: "وقد قال لا إله إلا الله!! "، قال -وهو يعتذر-: يا نبي الله! إنما قالها متعوذاً، وليس كذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فهلا شققت عن قلبه؟! "، ثم مات قاتل الرجل؛ فقبر؛ فلفظته الأرض، فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأمرهم أن يعيدوه، ثم لفظته، ثم أمرهم أن يعيدوه، ثم لفظته الأرض، فعل ذلك ثلاث مرات، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الأرض قد أبت أن تقبله، فألقوه في غار من الغيران" (¬1). [ضعيف] * عن مسروق: أن قوماً من المسلمين لقوا رجلاً من المشركين في غنيمة له، فقال: السلام عليكم إني مؤمن، فظنوا أنه يتعوذ بذلك؛ فقتلوه، وأخذوا غنيمته، قال: فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ} تلك الغنيمة، {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا} (¬2). [صحيح لغيره] * عن مجاهد؛ قال: راعي غنم لقيه نفر من المؤمنين؛ فقتلوه، ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (4/ 310) بنحوه من طريق أخرى -ضعيفة- عن الحسن به. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 168 - 169)، ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 142) نا معمر عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 142): ثنا محمد بن بشار: ثنا أبو أحمد الزبيري عن الثوري عن أبي الضحى عن مسروق به. قلنا: وهو مرسل قوي، يشهد له حديث ابن عباس المتقدم.

وأخذوا ما معه، ولم يقبلوا منه: السلام عليكم، فإني مؤمن (¬1). [ضعيف] * عن عبد الرحمن بن زيد عن أسلم: نزلت في رجل قتله أبو الدرداء، فذكر من قصة أبي الدرداء نحو القصة التي ذكرت عن أسامة بن زيد (¬2). [ضعيف جداً] * {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95)}. * عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما-؛ قال: لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيداً؛ فجاءه بكتف، فكتبها، وشكا ابن أم مكتوم ضرارته؛ فنزلت: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (¬3). [صحيح] * عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه-؛ أنه قال: رأيت مروان بن الحكم جالساً في المسجد، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا: أن زيد بن ثابت أخبره: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أملى عليّ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} {وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، قال: فجاءه ابنُ أُمِّ مكتوم، وهو يُملها عليَّ؛ فقال: يا رسول الله! لو استطيع الجهاد؛ لجاهدتُ -وكان رجلاً ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 142) من طريق ابن أبي نجيح عنه به. قلنا: وهو مرسل صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 636) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 142): ثني يونس عن ابن وهب عنه به. قلنا: وسنده ساقط؛ لإعضاله، وعبد الرحمن بن زيد متروك. (¬3) أخرجه البخاري في "صحيحه" (6/ 45 رقم 2831، 8/ 259، 260 رقم 4593، 4594، 9/ 22 رقم 4990)، ومسلم في "صحيحه" (3/ 1508، 1509 رقم 1898) وغيرهما. وقد فات السيوطي أن يذكر مسلماً ضمن من خرج الحديث، لما ذكره في "الدر المنثور" (2/ 639)؛ فليستدرك.

أعمى-؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى- على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فخذه على فخذي، فثقلت عليَّ؛ حتى خفت أن تُرضَّ فخذي، ثم سُرِّي عنه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (6/ 45 رقم 2832، 8/ 259 رقم 4592) وغيره. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (رقم 2314 - الأعظمي)، و (4/ 1354 - 1356 رقم 681 - تكملة)، وأحمد (5/ 190، 191)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (4/ 211)، وأبو داود (4/ 24، 25 رقم 2507)، والطحاوي في "المشكل" (4/ 143، 144 رقم 1499)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ رقم 4851، 4852)، والحاكم (2/ 81، 82)، والبيهقي (9/ 23، 24) جميعهم من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجه بن زيد: أن أباه زيد بن ثابت؛ قال: كنت إلى جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فغشيته السكينة، فوقعت فخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي، فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم سرّيَ عنه؛ فقال: "اكتب"؛ فكتبت في كتف: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . . الْمُجَاهِدُونَ} إلى آخر الآية، فقام ابن أم مكتوم -وكان رجلاً أعمى- لما سمع فضيلة المجاهدين؛ فقال يا رسول الله! فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين؟ قال خارجة: قال زيد: فلما قضى ابن أم مكتوم كلامه؛ غشيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - السكينةُ، فوقعت فخذه على فخذي؛ فوجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت من ثقلها في المرة الأولى، ثم سرِّيَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "اقرأ يا زيد! "، فقرأت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} الآية كلها. قال: يقول زيد: أنزلها الله وحدها؛ فألحقتها، والذي نفسي بيده؛ لكأني انظر إلى ملحقها عند صدع في الكتف. قلنا: وهذا إسناده حسن. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 640)، وزاد نسبته لابن المنذر وابن الأنباري. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 169) -وعنه أحمد في "المسند" (5/ 184)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 145)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} عن بدر والخارجون إلى بدر لما نزلت غزوة بدر، قال عبد الله بن جحش وابن أم مكتوم: إنا أعميان يا رسول الله؛ فهل لنا رخصة؟! فنزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}؛ فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر، {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر (¬1). [صحيح] * عن الفَلَتان بن عاصم؛ قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأُنزل عليه، -وكان إذا أنزل عليه؛ رام بصره، مفتوحة عيناه، وفرغ سمعه وقلبه لما ¬

_ = (3/ 1043، 5846)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ رقم 4899)، وابن حبان في "صحيحه" (11/ رقم 4713 - إحسان)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (رقم 175) -، والطبراني (4899) من طريق ابن المبارك كلاهما عن معمر عن الزهري عن قبيصة بن ذؤبب عن زيد بن ثابت؛ قال: كنت أكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "اكتب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . . وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} "، فجاء عبد الله بن أم مكتوم، فقال: يا رسول الله! إني أحب الجهاد في سبيل الله، ولكن بي من الزمانة ما قد ترى، وقد ذهب بصري، قال زيد: فثقلت فخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي؛ حتى خشيت أن ترضها، ثم قال: "اكتب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ". قلنا: وهذا سند صحيح، وقد ذكرنا هذه الروايات وفصلنا فيها؛ لأن فيها زيادات ليست عند البخاري. (¬1) أخرجه الترمذي في "سننه" (5/ 241 رقم 3032)، والنسائي في "التفسير" (1/ 399 رقم 137)، والطحاوي في "المشكل" (4/ 141 رقم 1496)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 145) والبيهقي في "الكبرى" (9/ 47) من طريق حجاج من محمد المصيصي عن ابن جريج: أخبرني عبد الكريم سمع مقسماً مولى عبد الله بن الحارث يحدث عن ابن عباس: (فذكره). قلنا: وسنده صحيح على شرط البخاري، وقد أخرجه في "صحيحه" (7/ 290 رقم 3954، 8/ 260 رقم 4595) مختصراً ليس فيه اللفظ المذكور. وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" (2/ 641) لابن المنذر.

يأتيه من الله-، قال: فكنا نعرف ذلك منه، فقال للكاتب: "اكتب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . . وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} "، قال: فقام الأعمى، فقال: يا رسول الله! ما ذنبنا؟ فقلنا للأعمى: إنه ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخاف أن يكون ينزل عليه شيء من أمره؛ فبقي قائماً يقول: أعوذ بالله من غضب رسول الله، قال: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكتب: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} " (¬1). [صحيح] * عن زيد بن أرقم؛ قال: لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . . وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (8/ 546، 547 رقم 3937 - المسندة)، و"الإصابة" (3/ 209)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 60، 61 رقم 7630)، وأبو يعلى في "المسند" (3/ 156، 157 رقم 1583) -وعنه ابن حبان في "صحيحه" (رقم 1733 - "موارد") -، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 280، 281 رقم 856)، والبزار في "مسنده" (3/ 45، 46 رقم 2203 - "كشف")، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2/ 281 رقم 1039/ 58 رقم 2593)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (4/ 148، 149 رقم 1503) جميعهم من طريق عبد الواحد بن زياد: ثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن الفلتان به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات. قال البزار: "حديث الفلتان يروى بإسناد أحسن من هذا"، وصححه ابن حبان. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 280): "رواه أبو يعلى؛ ورجاله ثقات". وقال (7/ 9): "رواه أبو يعلى والبزار بنحوه والطبراني بنحوه. . . ورجال أبي يعلى ثقات". وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" (6/ 272): "رواته ثقات". وقال (6/ 287): "هذا إسناد رجاله ثقات". وسكت عليه الحافظ في "فتح الباري" (8/ 261). وصححه شيخنا الإِمام الألباني -رحمه الله- في "صحيح موارد الظمآن" (1450).

أَجْرًا عَظِيمًا}؛ جاء ابن أم مكتوم، فقال: يا رسول الله! أما لي رخصة؟ قال: "لا"، قال ابن أم مكتوم: اللهم إني ضرير؛ فرخص لي؛ فأنزل الله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}؛ فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتابتها (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن شداد؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ قام ابن أم مكتوم، فقال: يا رسول الله! إن فيَّ ما ترى؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (¬2). [صحيح] * عن أنس بن مالك؛ قال: نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}، لقد رأيته في بعض مشاهد المسلمين معه اللواء (¬3). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: هم قوم كانوا على عهد ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 144، 145)، والطبراني في "الكبير" (5/ 190 رقم 5053) كلاهما عن أبي كريب: ثنا إسحاق بن سليمان عن أبي سنان الشيباني عن أبي إسحاق السبيعي عن زيد بن أرقم به. قلنا: وسنده ضعيف؛ أبو إسحاق السبيعي مدلس، وكان اختلط. وقد عنعن، ولم يذكروا أبا سنان الشيباني فيمن روى عنه قبل اختلاطه، وباقي رجاله محتج بهم. قلنا: لكن الحديث صحيح على كل حال بشواهده المتقدمة. (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1360 رقم 682)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 145) من طريق خالد الطحان وهشيم كلاهما عن حصين بن عبد الرحمن السلمي عن عبد الله به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 642)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. ويشهد له ما سبق. (¬3) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1360 رقم 683 - تكملة) عن سفيان بن عيينة عن علي بن زيد بن جدعان عن أنس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن علياً هذا ضعيف؛ لكنه صحيح بما سبق، وما سيأتي من مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغزون معه؛ لأسقام وأمراض وأوجاع، وآخرون أصحاء لا يغزون معه، وكان المرضى في عذر من الأصحاء (¬1). [صحيح] * عن سعيد بن جبير؛ قال: نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ. . .}؛ فقال رجل أعمى: يا نبي الله! فأنا أحب الجهاد ولا أستطيع أن أجاهد؛ فنزلت: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . . وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}؛ فسمع بذلك عبد الله بن أم مكتوم الأعمى؛ فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! قد أنزل الله في الجهاد ما قد علمت، وأنا رجل ضرير البصر لا أستطيع الجهاد؛ فهل لي من رخصة عند الله إن قعدت؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أمرت في شأنك بشيء، وما أدري هل يكون لك ولأصحابك من رخصة؟ "، فقال ابن أم مكتوم: ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 128 ر قم 12775)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (4/ 147)، والبيهقي (9/ 24) من طرق عن أبي عقيل الدورقي عن أبي نضرة عن ابن عباس به. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 9): "رواه الطبراني من طريقين، ورجال أحدهما ثقات". قلنا: إسناده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 642)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 145): ثنا ابن حميد ثنا حكام بن سلم عن عمرو بن أبي قيس عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل. الأولى: الإرسال. الثانية: عطاء بن السائب؛ اختلط، وعمرو ليس ممن روى عنه قبل الاختلاط. الثالثة: ابن حميد شيخ الطبري؛ حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه؛ كما في "التقريب". قلنا: واتهمه بعض العلماء.

اللهم إني أنشدك بصري؛ فأنزل الله بعد ذلك على رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} إلى قوله: {عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي؛ قال: لما أُنزلت هذه الآية؛ قال ابن أم مكتوم: يا رسول الله! إني أعمى ولا أطيق الجهاد؛ فأنزل الله فيه: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (¬2). [ضعيف جداً] * عن قتادة؛ قال: عذر الله أهل العذر من الناس فقال: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} وكان منهم ابن أم مكتوم، والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم (¬3). [ضعيف] * عن أبي عبد الرحمن؛ قال: لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ فقال ابن أم مكتوم: يا رب! ابتليتني؛ فكيف أصنع؟ فنزلت: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 145) من طريق عطية العوفي عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 146) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 145): ثنا بشر العقدي: ثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وأخرجه عبد بن حميد؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 642) -عنه؛ أنه قال: ذكر لنا أنه لما نزلت هذه الآية؛ قال ابن أم مكتوم: يا نبي الله! عذري؟ فأنزل الله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}. (¬4) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (4/ 210)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 146) من طريق إسرائيل عن زياد بن فياض عن أبي عبد الرحمن به. =

* عن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ قال: لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . . وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}؛ قال ابن أم مكتوم: أي رب! أنزل عذري، أنزل عذري؛ فأنزل الله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}؛ فجعلت بينهما، وكان بعد ذلك يغزو فيقول: ادفعوا إليَّ اللواء؛ فإني أعمى لا أستطيع أن أغزو، أقيموني بين الصفين (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: نزلت في ابن أم مكتوم أربع آيات: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}، ونزل فيه: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ}، ونزل فيه: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ}، ونزل فيه: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس: 1]؛ فدعا به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأدناه وقربه، وقال: "أنت الذي عاتبني فيك ربي" (¬2). [ضعيف] * {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)}. * عن أبي الأسود؛ قال: قطع على أهل المدينة بعث، فاكْتُتِبْتُ فيه، فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته، فنهاني عن ذلك أشدَّ النَّهي، ثم قال: أخبرني ابنُ عباس: أنا ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يأتي السهم يرمى به فيصيب ¬

_ = قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 643)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (4/ 210): نا عفان بن مسلم ثنا حماد بن سلمة نا ثابت عن عبد الرحمن به. قلنا: إسناده صحيح؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 643)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 643)، ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو مرسل.

أحدَهم فيقتله، أو يُضرَبُ فيُقتل؛ فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآية (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (8/ 262 رقم 4596، 13/ 37 رقم 7085) وغيره. وأخرجه البزار في "مسنده" (3/ 46 رقم 2204 - "كشف")، والطبري في "جامع البيان" (5/ 148)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1046 رقم 5863) من طريق أبي نعيم وأبي أحمد الزبيري كلاهما عن محمد بن شريك المكي: ثنا عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: كان ناس من أهل مكة أسلموا، وكانوا مستخفين بالإِسلام، فلما خرج المشركون إلى بدر؛ أخرجوهم مكرهين، فأُصيبَ بعضهم يوم بدر مع المشركين، فقال المسلمون: أصحابنا هؤلاء مسلمون أخرجوهم مُكرَهين، فاستغفروا لهم؛ فنزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآية، فكتب المسلمون إلى من بقي منهم بمكة بهذه الآية، فخرجوا، حتى إذا كانوا ببعض الطريق؛ ظهر عليهم المشركون وعلى خروجهم؛ فلحقوهم، فردّوهم، فرجعوا معهم؛ فنزلت هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: 10]؛ فكتب المسلمون إليهم بذلك فحزنوا؛ فنزلت هذه الآية: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)} [النحل: 110]؛ فكتبوا إليهم بذلك. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين؛ عدا محمد بن شريك، وهو ثقة. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 9): "روى البخاري بعضه، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح". وسكت عن هذه الرواية الحافظ في "فتح الباري" (8/ 263). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 646)، وزاد نسبته لابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في "سننه". قلنا: هو عند البيهقي عن عكرمة به مرسلاً؛ كما سيأتي. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 171) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 149، 152)، والفاكهي في "أخبار مكة" (4/ 62 رقم 2382)، =

* عن عكرمة قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} إلى قوله: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا}؛ قال: نزلت في قيس بن الفاكه بن ¬

_ = وأبو الوليد الأزرقي في "أخبار مكة" (2/ 212)، والبيهقي في "الكبرى" (9/ 14) جميعهم من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة به مرسلاً. قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد، وما قبله صحيح -أيضاً-، ولا تعارض بين الوصل والإرسال؛ فالوصل زيادة من الثقة مقبولة. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 217 رقم 11708)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 118، 119) كلاهما من طريق سهل بن عثمان: ثنا عبد الرحيم بن سليمان: ثنا أشعث بن سوار عن عكرمة عن ابن عباس بنحو السابق. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه أشعث بن سوار الكندي، ضعيف؛ كما في "التقريب" (1/ 79). وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 148) عن أبي هشام الرفاعي: ثنا محمد بن فضيل: ثنا أشعث عن عكرمة به مرسلاً. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: أشعث ضعيف. الثالثة: هشام الرفاعي؛ ضعيف. وأخرجه ابن مردويه؛ كما في "فتح الباري" (8/ 263) من طريق أشعث به، وفيه: سمّى منهم: قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة والوليد بن عتبة بن ربيعة وعمرو بن أمية بن سفيان وعلي بن أمية بن خلف، وذكر في شأنهم أنهم خرجوا إلى بدر، فلما رأوا قلة المسلمين؛ دخلهم الشك، وقالوا: غر هؤلاء دينهم؛ فقتلوا ببدر. وسنده ضعيف؛ كالسابق، وسكت عليه الحافظ في "الفتح". وأخرجه الطبراني -أيضاً- (11/ 352 رقم 12260) من طريق قيس بن الربيع عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لضعف قيس بن الربيع. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 9): "فيه قيس الربيع، وثقه شعبة وغيره، وضعفه جماعة". اهـ.

المغيرة والحارث بن زمعة بن الأسود وقيس بن الوليد بن المغيرة وأبي العاص بن منبه بن الحجاج وعلي بن أمية بن خلف، قال: لما خرج المشركون من قريش وأتباعهم لمنع أبي سفيان بن حرب وعير قريش من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وأن يطلبوا ما نيل منهم يوم نخلة؛ خرجوا معهم بشبان كارهين كانوا قد أسلموا واجتمعوا ببدر على غير موعد، فقتلوا ببدر كفاراً، ورجعوا عن الإِسلام، وهم هؤلاء الذين سميناهم (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان قوم بمكة قد أسلموا، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ كرهوا أن يهاجروا وخافوا؛ فأَنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} إلى قوله: {كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ} (¬2). [ضعيف جداً] * عن السدي في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} إلى قوله: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا}؛ قال: لما أُسِرَ العباسُ وعقيل ونوفل؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للعباس: "افْدِ نفسك وابنَ أخيك"، قال: يا رسول الله! ألم نُصَلِّ قبلتك، ونشهد شهادتك؟ قال: "يا عباس! إنكم خاصمتم؛ فَخُصِمْتُم، ثم تلا هذه الآية: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 148، 149) من طريق سنيد: ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف. لكن أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1046 رقم 5865) من طريق محمد بن عيسى بن سميع: ثنا روح بن القاسم عن ابن جريج عن عكرمة. قلنا: وهذا سند خير من سابقه؛ لكن تبقى فيه علّة الانقطاع. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 646)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 148) من طريق العوفي عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين.

وَسَاءَتْ مَصِيرًا} "، فيوم نزلت هذه الآية كان من أسلم ولم يهاجر؛ فهو كافر حتى يهاجر: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)}؛ حيلة في المال، والسبيل: الطريق (¬1). [ضعيف جداً] * عن ابن إسحاق في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} قال: هم خمسة فتية من قريش: علي بن أمية، وأبو قيس بن الفاكه، وزمعة بن الأسود، وأبو العاص بن منبه بن الحجاج. قال: ونسيت الخامس (¬2). [ضعيف جداً] * عن قتادة قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ}، حدثنا: أن هذه الآية أنزلت في أناس تكلموا بالإِسلام من أهل مكة، فخرجوا مع عدو الله أبي جهل، فقُتِلُوا يوم بدر، فاعتذروا بغير عذر؛ فأبى الله أن يقبل منهم، وقوله: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)} [النساء: 98]: أناس من أهل مكة وعذرهم الله؛ فاستثناهم؛ فقال: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)} (¬3). [ضعيف] * عن الضحاك في الآية؛ قال: هم أناس من المنافقين، تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فلم يخرجوا معه إلى المدينة، وخرجوا مع ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 149)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1047 رقم 5869) من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 1/ 172) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 149)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1046 رقم 5864) - عن ابن عُيينة عن ابن إسحاق به. قلنا: وهو ضعيف جداً؛ لإعضاله. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 149)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1048 رقم 5876) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عنه به. قلنا: وهذا صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 647)، وزاد نسبته لعبد بن حميد.

مشركي قريش إلى بدر، فأُصيبوا يوم بدر فيمن أصيب؛ فأنزل الله فيهم هذه الآية (¬1). [ضعيف] * عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قول الله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} فقرأ حتى بلغ: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} [النساء: 98]؛ فقال: لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - وظهر ونبع الإيمان؛ نبع النفاق معه، فأتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجالٌ، فقالوا: يا رسول الله! لولا أنا نخاف هؤلاء القوم يعذبوننا ويفعلون ويفعلون؛ لأسلمنا، ولكنا نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. فكانوا يقولون ذلك له، فلما كان يوم بدر؛ قام المشركون، فقالوا: لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره واستبحنا ماله، فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبي - صلى الله عليه وسلم - معهم؛ فَقُتِلَتْ طائفةٌ منهم، وأُسِرت طائفة. قال: فأما الذين قتلوا؛ فهم الذين قال الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآية كلها {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} وتتركوا هؤلاء الذين يستضعفونكم، {فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}. قال: ثم عذر الله أهل الصدق؛ فقال: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)} [النساء: 98]، يتوجهون له لو خرجوا لهلكوا: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} [النساء: 99]: إقامتهم بين ظهري المشركين، وقال الذين أسروا: يا رسول الله! إنك تعلم أنا كنا نأتيك فنشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأن هؤلاء القوم خرجنا معهم خوفاً؛ فقال الله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 70]: صنيعكم الذي صنعتم بخروجكم مع المشركين ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 149)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1046، رقم 5866). قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

على النبي - صلى الله عليه وسلم -، {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ} خرجوا مع المشركين، {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 71] (¬1). [ضعيف جداً] * عن مجاهد؛ قال: نزلت فيمن قتل يوم من الضعفاء من كفار قريش (¬2). [ضعيف] * {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجراً؛ فقال لأهله: احملوني؛ فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزل الوحي: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} حتى بلغ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 149 - 150): ثنا يونس: ثنا ابن وهب عن عبد الرحمن به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وعبد الرحمن متروك. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 150)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1047 رقم 5867) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله. وذكره السيوطي في "الدر" (2/ 647)؛ وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬3) أخرجه أبو يعلى في "المسند" (5/ 81 رقم 2679) -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" (2/ 443) -، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 217، 218 رقم 11709) -وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/ 1548 رقم 3922) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1051 رقم 5889)، والواحدي في "أسباب النزول"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 351، 352) كلهم من طريق أشعث بن سوار الكندي عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ أشعث ضعيف؛ كما في "التقريب" (1/ 79). وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 10): "رواه أبو يعلى؛ ورجاله ثقات!! ". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلنا: هذا وهم؛ فأشعث ضعيف، وفاته أنه عند الطبراني. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 152)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1050 رقم 5887) كلاهما قال: ثنا أحمد بن منصور الرمادي: ثنا أبو أحمد الزبيري: ثنا محمد بن شريك المكي عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97]، وكان بمكة رجل يقال له: ضمرة من بني بكر، وكان مريضاً فقال لأهله: أخرجوني من مكة؛ فإني أجد الحرَّ، فقالوا: أين نخرجك؟ فأشار بيده نحو المدينة؛ فنزلت هذه الآية: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ} إلى آخر الآية. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين؛ عدا محمد بن شريك، وهو ثقة. (تنبيه): في "جامع البيان"؛ "شريك" بدل "محمد بن شريك"، فظنه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله- في "الصحيح المسند من أسباب النزول"، وكذا المعلق على "مسند أبي يعلى" أنه شريك القاضي النخعي الكوفي -وهو ضعيف-؛ فضعفا الحديث!! وقد وهما في ذلك للوجوه الآتية: الأول: أن الطبري نفسه روى حديثاً آخر بالسند نفسه في (5/ 148) [في تفسير: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} [النساء: 97]]؛ فذكر محمد بن شريك على الجادة، وهو كذلك في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 554، 555). الثاني: جاء منسوباً عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" في المكان الذي أشرنا إليه آنفاً. الثالث: أنهم لم يذكروا في ترجمة عمرو بن دينار أنه روى عنه شريك القاضي بينما ذكروا محمد بن شريك ضمن الرواة عنه، كذلك لم يذكروا في ترجمة شريك أنه روى عن عمرو بن دينار، بينما ذكروا ذلك في ترجمة محمد أنه روى عن عمرو بن دينار؛ كما في "تهذيب الكمال" (22/ 8)، (12/ 463 - 465). الرابع: قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (2/ 212 رقم 4190) في ترجمة ضمرة: "قال ابن منده: رواه أبو أحمد الزبيري عن محمد بن شريك عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس، وعلقه أبو نعيم في "المعرفة" [(3/ 1547)] بقوله: "ورواه أبو أحمد الزبيري عن محمد بن شريك عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس. . .". اهـ. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 650)، وزاد نسبته لابن المنذر.

* وعنه -أيضاً-رضي الله عنه-: أن عبد الرحمن بن عوف كتب إلى أهل مكة لما نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ}؛ فلما قرأها المسلمون؛ قال ضمضم بن عمرو الخزاعي: والله لأخرجن، وكان مريضاً، وقال آخرون: تمارض عمداً؛ ليخرج، فقال: أخرجوني من مكة؛ فقد آذاني فيها الحر، فخرج حتى انتهوا به إلى التنعيم، فتوفي؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (¬1). [موضوع] * عن سعيد بن جبير: أن رجلاً من خزاعة كان بمكة؛ فمرض -وهو ضمرة بن العيص، أو العيص بن ضمرة بن زنباع- فأمر أهله، ففرشوا له على سرير، وحملوه وانطلقوا به متوجهاً إلى المدنية، فلما كان بالنتعيم؛ مات؛ فنزلت: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (3/ 1549 رقم 3925): حدثنا الطبراني: ثنا بكر بن سهل: ثنا عبد الغني بن سعيد: ثنا موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء وعن مقاتل عن الضحاك كلاهما عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند موضوع، وهاك البيان: أما الأول؛ فقال الحافظ ابن حجر في "العجاب" (1/ 225): "ومن التفاسير الواهية؛ لوهاء رواتها: التفسير الذي جمعه موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني، وهو قدر مجلدين، يسنده إلى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وقد نسبَ ابن حبان موسى هذا إلى وضع الحديث، ورواه عن موسى عبد الغني بن سعيد الثقفي -وهو ضعيف-". اهـ. قلنا: وانظر -لزاماً-: "الميزان" (4/ 211). وأما الثاني؛ فقال الحافظ -أيضاً- في "العجاب" (1/ 217): "ومنها -أي: تفاسير ضعفاء التابعين-: تفسير مقاتل بن سليمان، وقد نسبوه إلى الكذب، وقال الشافعي: مقاتل؛ قاتله الله -تعالى-. . . وروى تفسير مقاتل هذا عنه: أبو عصمة؛ نوح بن أبي مريم الجامع، وقد نسبوه إلى الكذب. ورواه -أيضاً- عن مقاتل: هذيل بن حبيب -وهو ضعيف-؛ لكنه أصلح حالاً من أبي عصمة".اهـ. (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1361، 1362 رقم 685) -ومن طريقه =

* عن الزبير بن العوام؛ قال: هاجر خالد بن حزام إلى أرض الحبشة؛ فنهشته حية في الطريق؛ فمات؛ فنزلت فيه: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}. قال الزبير: فكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة، فما أحزنني شيء حزن وفاته حين بلغتني؛ لأنه قل أحد ممن هاجر من قريش إلا ومعه بعض أهله، أو ذوي رحمه، ولم يكن معي أحد من بني أسد بن ¬

_ = البيهقي في "سننه" (9/ 14، 15) -، والطبري في "جامع البيان" (5/ 151)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/ 1547 رقم 3921)، جميعهم من طريق هشيم بن بشير عن جعفر بن إياس عن سعيد به. قلنا: وسنده مع إرساله: ضعيف؛ فيه هشيم مدلس، وقد عنعن. لكن تابعه شعبة عند الطبري (5/ 151)؛ فصح الحديث مرسلاً إلى عكرمة. وأخرجه الفريابي في "تفسيره"؛ كما في "الإصابة" (2/ 212): ثنا قيس بن الربيع، والطبري في "جامع البيان" (5/ 152، 153): ثنا الحارث بن أبي أسامة: ثنا عبد العزيز بن أبان: ثنا قيس. وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1051 رقم 5890) من طريق إسرائيل كلاهما عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]؛ قال: رخص فيها من المسلمين ممن كان بمكة من أهل الضرر حتى نزلت فضيلة المجاهدين على القاعدين؛ فقالوا: قد بيّن الله فضيلة المجاهدين على القاعدين ورخص لأهل الضرر حتى نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} إلى قوله: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97] قالوا: هذه موجبة حتى نزلت: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98} [النساء: 98]؛ فقال ضمرة بن العِيص الزرقي -أحد بني ليث، وكان مصاب البصر-: إني لذو حيلة؛ لي مال، ولي رقيق؛ فاحملوني، فخرج وهو مريض، فأدركه الموت عند التنعيم؛ فدفن عند مسجد التنعيم؛ فنزلت فيه هذه الآية: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)}. قلنا: وهذا سند صحيح إلى سعيد؛ لكنه مرسل.

عبد العزي ولا أرجو غيره (¬1). [حسن] * عن عبد الرحمن الحزامي؛ قال: خرج خالد بن حزام مهاجراً إلى أرض الحبشة في المرة الثانية؛ فنهش بالطريق؛ فمات قبل أن يدخل أرض الحبشة؛ فنزلت فيه: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (¬2). [حسن] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في أكثم بن صيفي، قيل: فابن الليثي؟ قال: هذا قبل الليثي بزمان، وهي خاصة عامة (¬3). * عن عكرمة؛ قال: كان الناس من أهل مكة قد شهدوا أن لا إله إلا الله، قال: فلما خرج المشركون إلى بدر؛ أخرجوهم معهم، فقتلوا؛ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1050 رقم 5888)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (2/ 953، 954 رقم 2465) من طريق عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي عن المنذر بن عبد الله عن هشام بن عروة عن أبيه: أن الزبير قال: (فذكره). قلنا: وهذا سند حسن؛ مداره على المنذر بن عبد الله؛ روى عن جمع كثير من الثقات، ووثقه ابن حبان (7/ 518)، وأثنى عليه الخطيب في "التاريخ" (3/ 244). ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين، ومن دونه صدوقون. وقال ابن كثير: "وهذا الأمر غريب جداً". وذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 80) وزاد نسبته لابن منده والبارودي في "الصحابة". (¬2) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (4/ 119): نا محمد بن عمر ثني المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي قال: أخبرنا أبي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ الواقدي متروك الحديث، وكذبه أحمد وغيره، لكنه حسن بما قبله. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 651)، و"لباب النقول" (ص 81) ونسبه لأبي حاتم في كتاب "المعمرين".

فنزلت فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97] إلى: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)} [النساء: 99]، قال: فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة، قال: فخرج ناس من المسلمين حتى إذا كانوا ببعض الطريق طلبهم المشركون، فأدركوهم، فمنهم من أعطى الفتنة؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: 10]؛ فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة، فقال رجل من بني ضمرة -وكان مريضاً-: أخرجوني إلى الحر، حتى إذا كان بالحصحاص؛ مات؛ فأنزل الله فيه: {يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية، وأنزل الله في أولئك الذين كانوا أعطوا الفتنة: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا} إلى {رَحِيمٌ} [النحل: 110] (¬1). [ضعيف] * عن قتادة: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً}؛ قال: لما أنزل الله هؤلاء الآيات ورجل من المؤمنين يقال له: ضمرة بمكة؛ قال: والله إن لي من المال ما يبلغني المدينة وأبعد منها، وإني لأهتدي، أخرجوني، وهو مريض حينئذ؛ فلما جاوز الحرم؛ قبضه الله، فمات؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) قلنا: تقدم الكلام عليه مستوفياً في الآية السابقة فانظره. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 151): ثنا بشر بن معاذ العقدي: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا الإسناد صحيح؛ لكنه مرسل. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 170، 171) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 151، 152) -: نا معمر عن قتادة؛ قال: لما نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97]؛ قال رجل من المسلمين -وهو مريض يومئذ-: والله مالي من عذر؛ إني لدليل بالطريق، وإني لموسر؛ =

* عن يزيد بن عبد الله بن قسيط: أن ضمرة بن العاص الجندعي أسلم، فحسن إسلامه، فكان يخاف من قومه أن يهاجر، فمرض، فقال: أخرجوني، فأخرجوه -وهو يريد الهجرة-؛ فأدركه الموت؛ فنزلت فيه: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: لما سمع بهذه الآية؛ يعني: بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97] إلى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 99] ضمرة بن جندب الضمري؛ قال لأهله -وكان وجعاً-: ارحلوا راحلتي؛ فإن الأخشبين قد غماني -يعني: جبلي مكة-؛ لعلي إن أخرج فيصيبني روح، فقعد على راحلته ثم توجه نحو المدينة فمات بالطريق؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}، وأما حين تَوَجَّه إلى المدينة؛ فإنه قال: اللهم إني مهاجر إليك وإلى رسولك (¬2). [ضعيف جداً] * عن علباء بن أحمر اليشكري؛ قال: نزلت في رجل من خزاعة (¬3). [ضعيف] ¬

_ = فاحملوني، فحملوه؛ فأدركه الموت في الطريق؛ فنزل فيه: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ}. (¬1) أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" (2/ 31 رقم 471) من طريق أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن يزيد بن عبد الله بن قسيط به. قلنا: وهذا معضل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 653)، وزاد نسبته لابن سعد، وابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 152) من طريق أحمد بن المفضل: ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وهذا معضل، وأسباط ضعيف. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 152): ثنا ابن وكيع ثنا أبي عن المنذر بن ثعلبة عن علباء به. =

* عن الضحاك في قول الله -عزّ وجلّ-: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} قال: لما سمع رجل من أهل مكة أن بني كنانة قد ضربت وجوههم وأدبارهم الملائكة؛ قال لأهله: أخرجوني وقد أدنف للموت، قال: فاحتمل حتى انتهى إلى عقبة قد سماها، فتوفي؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: لما نزلت هذه الآية؛ يعني: قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} [النساء: 97]؛ قال جندب بن ضمرة الجندعي: اللهم أبلغت في المعذرة والحجة، ولا معذرة لي ولا حجة، قال: ثم خرج وهو شيخ كبير؛ فمات ببعض الطريق، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مات قبل أن يهاجر، فلا ندري أعلى ولاية أم لا؟ فنزلت: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = قلنا: وهذا مرسل ضعيف؛ سفيان بن وكيع كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقه؛ فأدخل عليه ما ليس من حديثه؛ فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 152): ثنا محمد بن بشار: ثنا أبو عامر ثنا قرة عن الضحاك به. قلنا: وهذا معضل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 653)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 152) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد ضعيف. وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (4/ 64 رقم 2384) من طريق ابن ثور عن ابن جريج به. =

* عن عكرمة؛ قال: نزلت في رجل من بني ليث أحد بني جندع (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الرحمن بن زيد؛ قال: هاجر رجل من بني كنانة يريد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فمات في الطريق؛ فسخر به قوم، واستهزؤوا به، وقالوا: لا هو بلغ الذي يريد، ولا هو أقام في أهله يقومون عليه ويدفن؛ فنزل القرآن: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ} (¬2). [ضعيف جداً] * عن الحسن؛ قال: خرج رجل من مكة بعد ما أسلم وهو يريد النبي وأصحابه، فأدركه الموت في الطريق فمات، فقالوا: ما أدرك هذا من شيء؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (¬3). [ضعيف] * {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101)}. * عن علي؛ قال: سأل قوم من التجار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله! إنا نضرب في الأرض؛ فكيف نصلي؟ فأنزل الله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} ثم انقطع الوحي، فلما كان بعد ذلك بحول؛ غزا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصلَّى الظهر، فقال المشركون: لقد ¬

_ = قلنا: سنده ضعيف. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 653)، ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (2/ 152): ثنا يونس ثنا ابن وهب عن عبد الرحمن به. قلنا: وسنده واهٍ؛ لإعضاله، وعبد الرحمن متروك. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر" (2/ 653)، ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وهو مرسل.

أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم؛ هلا شددتم عليهم؟ فقال قائل منهم: إن لهم أخرى مثلها في أثرها؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى- بين الصلاتين: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد في قوله: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بعسفان، والمشركون بضجنان، فتوافقوا. فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه صلاة الظهر ركعتين ركوعهم وسجودهم وقيامهم جميعاً؛ فَهَمَّ بهم المشركون أن يَغيرُوا على أمتعتهم وأثقالهم؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: 102]، فصلى بهم صلاة العصر، وصف أصحابه صفين، ثم كبر بهم جميعاً، ثم سجد الأولون بسجود، والآخرون قيام، ثم سجد الآخرون حين قام النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم كبر بهم وركعوا جميعاً، فتقدم الصف الآخر واستأخر الصف المقدم فتعاقبوا السجود كما دخلوا أول مرة، وقصرت صلاة العصر إلى ركعتين (¬2). [ضعيف] * {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 155). قال ابن كثير في "تفسيره" (1/ 561): "وهذا سياق غريب جداً". (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2/ 504 رقم 4236)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 156)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1052 رقم 5895) من طريقين عن مجاهد. قلنا: وهو صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 657)، وزاد نسبته لابن المنذر.

عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)}. * عن أبي عياش الزرقي؛ قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بُعسْفان، قال: فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد، وهم بيننا وبين القبلة، فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر، فقالوا: قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم، لقد أصبنا غفلة، لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة. فقالوا: تأتي عليه الآن صلاة هي أحب إليهم من أبناءهم وأنفسهم، قال: فنزل جبريل بهذه الآيات بين الظهر والعصر: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} الآية، قال: فحضرت الصلاة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة والمشركون أمامه، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذوا السلاح، فصففنا خلفه صفين؛ صف خلف رسول الله جميعاً، ثم سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصف الذي يليه، قال: والآخرون قيام يحرسونهم، فلما سجدوا وقاموا؛ جلس الآخرون فسجدوا في مكانهم، ثم تقدم هؤلاء إلى مصاف هؤلاء، وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء فركعوا جميعاً، ثم رفع فرفعوا جميعاً، ثم سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصف الذي يليه، والآخرون قيام يحرسونهم، فلما جلسوا؛ جلس الآخرون، فسجدوا، ثم جلسوا جميعاً، ثم سلم عليهم جميعاً، قال: فصلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين: مرة بعُسفان، وصلاها يوم بني سُليم (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (2/ 505 رقم 4237)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (2/ 463، 465، 466)، والطيالسي في "مسنده" (رقم 1347)، وسعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1367، 1368 رقم 686)، وأحمد (4/ 59، 59، 60، 60)، وأبو داود في "سننه" (2/ 11 - 12/ 1236)، والنسائي في "المجتبى" (3/ 176، 177)، و"الكبرى" (1/ 596، 597 رقم 1937، 1938)، وابن حبان في "صحيحه" (7/ 128 رقم 2876 - "إحسان")، والطبري =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في عبد الرحمن بن عوف كان جريحاً (¬1). [صحيح] * وعنه -أيضاً-رضي الله عنهما-؛ قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فلقي المشركين بعسفان، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر، فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه؛ قال بعضهم لبعض: كان هذا فرصة لكم لو أغرتم عليهم ما علموا بكم حتى تواقعوهم، فقال قائل منهم: فإن لهم صلاة أخرى هي أحبّ إليهم من أهليهم وأموالهم، فاستعدوا؛ حتى تغيروا عليهم؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى- على نبيه: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} إلى آخر الآية، وذكر صلاة الخوف (¬2). [صحيح] ¬

_ = في "جامع البيان" (5/ 156، 164)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1052 رقم 5896)، والدارقطني في "سننه" (2/ 59، 60، 60)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ رقم 5132، 5133، 5137، 5139، 5140)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4/ 196 رقم 2179)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (3/ 1176 رقم 2985)، والحاكم (1/ 337، 338)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/ 256، 257)، و"معرفة السنن والآثار" (3/ 15 رقم 1841، 1842)، والبغوي في "شرح السُّنة" (4/ 289، 290 رقم 1096)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 119، 120)، و"الوسيط" (2/ 109)، والمزي في "تهذيب الكمال" (34/ 161، 162) من طرق عن أبي عياش به. قال الإمام الدارقطني: "صحيح". وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال البيهقي: "هذا إسناد صحيح". وقال البغوي: "هذا إسناد صحيح". وقال ابن كثير في "تفسيره" (1/ 561): "وهذا إسناد صحيح، وله شواهد كثيرة". وقال ابن حجر في "الإصابة" (4/ 143): "سنده جيد". (¬1) أخرجه الحاكم (2/ 308) وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. قلنا: أخرجه البخاري (8/ 264 رقم 4599) دون قوله: "نزلت في". (¬2) أخرجه البزار في "مسنده" (1/ 326 رقم 679 - كشف)، والطبري في "جامع =

{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)}. * عن قتادة بن النعمان؛ قال: كان أهل بيت منا يقال لهم: بنو أُبيرق: بشر، وبشير، ومبشر، وكان بشير رجلاً منافقاً يقول الشعر؛ يهجو به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم ينحله بعض العرب، ثم يقول: قال فلان كذا وكذا، قال فلان كذا وكذا، فإذا سمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ¬

_ = البيان" (5/ 163، 164)، والحاكم (3/ 30)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 120) جميعهم من طريق النضر بن عبد الرحمن عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مداره على النضر، وهو أبو عمر الخزاز متروك؛ كما في "التقريب" (2/ 302). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 196): "رواه البزار؛ وفيه النضر بن عبد الرحمن، وهو مجمع على ضعفه". اهـ. أما الحاكم؛ فقال: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وقال: "صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه"!!. قلنا: والبخاري لم يخرج البتة للنضر هذا! لكن الحديث صحيح بشاهده من حديث أبي عياش الزرقي -رضي الله عنه- المتقدم آنفاً.

الشعر؛ قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الخبيث أو كما قال الرجل، وقالوا: ابنُ الأُبيرق قالها، قال: وكان أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإِسلام، وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير، وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافِطَةٌ من الشام من الدَّرمك؛ ابتاع الرجل منها فخصَّ بها نفسه، وأما العيال؛ فإنما طعامهم التمر والشعير، فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك فجعله في مشربة له، وفي المشربة سلاح ودرع وسيف، فَعُدِي عليه من تحت البيت؛ فنقبت المشربة، وأُخِذَ الطعام والسلاح، فلما أصبح؛ أتاني عمي رفاعة، فقال: يا ابن أخي! إنه قد عُدي علينا في ليلتنا هذه؛ فنُقِبَتْ مشربتُنا، فذُهب بطعامنا وسلاحنا، قال: فتحسسنا في الدار وسألنا، فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوفدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم، قال: وكان بنو أُبيرق قالوا -ونحن نسأل في الدار-: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل؛ رجل منا له صلاح وإسلام، فلما سمع لبيد؛ اخترط سيفه، وقال: أنا أسرق؟ فوالله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن هذه السَّرقة، قالوا: إليك عنها أيها الرجل؛ فما أنت بصاحبها، فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها، فقال لي عمي: يا ابن أخي! لو أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، قال قتادة: فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له وأخذوا سلاحه وطعامه؛ فليردوا علينا سلاحنا، فأما الطعام؛ فلا حاجة لنا فيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سآمر في ذلك"، فلما سمع بنو أُبيرق؛ أتوا رجلاً منهم يقال له: أسير بن عروة فكلموه في ذلك، فاجتمع في ذلك ناس من أهل الدار، فقالوا: يا رسول الله! إن قتادة بن النعمان وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت، قال قتادة: فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمته، فقال: "عمدت إلى أهل بيت ذُكِر منهم إسلام

وصلاح ترميهم بالسرقة على غير ثبت ولا بينة! "، قال: فرجعت، ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فأتاني عمي رفاعة، فقال: يا ابن أخي! ما صنعت؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: الله المستعان، فلم يلبث أن نزل القرآن: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)} بني أُبيرق: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ}؛ أي: مما قلت لقتادة: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ} إلى قوله: {غَفُورًا رَحِيمًا}؛ أي: لو استغفروا الله؛ لغفر لهم: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} -إلى قوله-: {وَإِثْمًا مُبِينًا} قوله للبيد: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} إلى قوله: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}، فلما نزل القرآن؛ أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسلاح، فرده إلى رفاعة. فقال قتادة: لمّا أَتيتُ عمي بالسلاح، وكان شيخاً قد عسي أو عشي في الجاهلية، وكنت أُرى إسلامه مدخولاً، فلما أتيته بالسلاح؛ قال: يا ابن أخي! هو في سبيل الله، فعرفت أن إسلامه كان صحيحاً، فلما نزل القرآن؛ لَحِقَ بشيرٌ بالمشركين، فنزل على سلافة بنت سعد بن سمية؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116)} [النساء: 115، 116]، فلما نزل على سلافة؛ رماها حسان بن ثابت بأبيات من شعره، فأخذت رحله فوضعته على رأسها، ثم خرجت به فرمت به في الإِبطح، ثم قالت: أهديت لي شعر حسان؟ ما كنت تأتيني بخير (¬1). [حسن لغيره] ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي (5/ 244 - 246 رقم 3036)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4/ 15 رقم 1958)، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/ 16 - 18 رقم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = 15)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 170، 171)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ رقم 5933 و5936 و5948 و5951 و5955)، والحاكم في "المستدرك" (4/ 385 - 388)، وابن المنذر وأبو الشيخ في "تفسيريهما"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 565)، والمزي في "تهذيب الكمال" (21/ 483 - 484) جميعهم من طريق ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أبيه عن جدة قتادة بن النعمان به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه عمر بن قتادة هذا لم يرو عنه سوى ولده عاصم، ولم يوثقه سوى ابن حبان في "الثقات" (5/ 146)؛ ولذا قال الذهبي في "الميزان" (3/ 218): "لا يُعرف إلا من رواية ولده عنه"، وقال الحافظ في "التقريب" (2/ 62): "مقبول"؛ حيث يتابع، وإلا؛ فلين. ولم يتابع عليه. وصرح ابن إسحاق بالتحديث في رواية الحاكم. قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعلم أحداً أسنده غير محمد بن سلمة الحراني". قلنا: بل رواه -أيضاً- مسنداً يونس بن بكير عند الحاكم. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه! " وسكت عنه الذهبي. وهذا منهم عجيب؛ فمسلم لم يخرج لابن إسحاق في "الأصول"، وكذا عمر بن قتادة. وحسنه شيخنا الإمام الهمام أبو عبد الرحمن الألباني -رحمه الله- في "صحيح الترمذي". قلنا: ولعل ذلك لشاهده الذي رواه الطبري في "جامع البيان" (5/ 171): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن هؤلاء الآيات أُنزلت في شأن طعمة بن أُبيرق وفيما هَمَّ به نبي الله - صلى الله عليه وسلم - من عذره وبين الله شأن طعمة بن أبيرق ووعظ نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وحذرهُ أن يكون للخائنين خصيماً، وكان طعمة بن أبيرق رجلاً من الأنصار ثم أحد بني ظفر سرق درعاً لعمه كانت وديعة، ثم قذفها على يهودي كان يغشاهم يقال له: زيد بن السمين، فجاء اليهودي إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يهتف، فلما رأى ذلك قومه بني ظفر؛ جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ليُعذروا صاحبهم، وكان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قد هَمَّ بعذور؛ حتى أنزل الله في شأنه ما أنزل، فقال: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} =

* عن عبد الله بن عباس قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)}: وذلك أن نفراً من الأنصار غزوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض غزواته؛ فسُرقت درع لأَحدهم، فأظنَّ بها رجلاً من الأنصار، فأتى صاحب الدرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن طعمة بن أبي أُبيرق سرق درعي، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به، فلما رأى السارق ذلك؛ عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء، وقال لنفر من عشيرته: إني قد غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان، وستوجد عنده. فانطلقوا إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ليلاً، فقالوا: يا نبي الله! إن صاحبنا بريء، وإن سارق الدرع فلان، وقد أحطنا بذلك علماً، فاعذر صاحبنا على رؤوس الناس وجادل عنه؛ فإنه إن لم يعصمه الله بك؛ يهلك، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبرأ وعذره على رؤوس الناس؛ فأنزل الله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = إلى قوله: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ}؛ يعني بذلك: قومهم، {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112)}، وكان طعمة قذف بها برئياً، فلما بين الله شأن طعمة؛ نافق ولحق بالمشركين بمكة؛ فأنزل الله في شأنه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} [النساء: 115]. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ رجاله ثقات رجال الشيخين، عدا بشر، وهو ثقة. وبالجملة؛ فالحديث يرتقي بمجموعهما لدرجة الحسن لغيره، والله أعلم. والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (2/ 672) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. وله شاهد آخر: أخرجه ابن سعد في "الطبقات"؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 671، 672)، و"لباب النقول" (ص 83). (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 171)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1061/ 5940 و1062/ 5944 و1063/ 5950)، وابن مردويه في "تفسيره"؛=

* عن عبد الرحمن بن زيد؛ قال: كان رجل سرق درعاً من حديد في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - وطرحه على يهودي، فقال اليهودي: والله ما سرقتها يا أبا القاسم! ولكن طرحت علي، وكان للرجل الذي سرق جيران يبرئونه ويطرحونه على اليهودي، ويقولون: يا رسول الله! هذا اليهودي الخبيث يكفر بالله وبما جئت به، قال: حتى مال عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ببعض القول؛ فعاتبه الله -عزّ وجلّ-، في ذلك فقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللهَ} بما قلت لهذا اليهودي: {إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} ثم أقبل على جيرانه فقال: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ} فقرأ حتى بلغ: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}، قال: ثم عرض التوبة، فقال: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} فما أدخلكم أنتم أيها الناس على خطيئة هذا تكلمون دونه: {وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} إن كان مشركاً: {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}؛ فقرأ حتى بلغ إلى قوله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى}. قال: أبي أنا يقبل التوبة التي عرض الله له، وخرج إلى المشركين بمكة، فنقب بيتاً ليسرقه، فهدمه الله عليه فقتله، فذلك قوله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} فقرأ حتى بلغ: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ويقال: هو طعمة بن أُبيرق، وكان نازلاً في بني ظفر (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = كما في "الدر المنثور" (2/ 673)، و"تفسير القرآن العظيم" (1/ 563) من طريق العوفي عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 171 - 172): ثنا يونس ثنا ابن وهب عن عبد الرحمن. =

* عن السدي؛ قال: نزلت في طعمة بن أبيرق، واستودعه رجل من اليهود درعاً، فانطلق بها إلى داره فحفر لها اليهودي ثم دفنها، فخالف إليها طعمة فاحتفر عنها فأخذها، فلما جاء اليهودي يطلب درعه؛ كافره عنها، فانطلق إلى ناس من اليهود من عشيرته، فقال: انطلقوا معي؛ فإني أعرف موضع الدرع، فلما علم بهم طعمة؛ أخذ الدرع فألقاها في دار أبي مليل الأنصاري، فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم تقدر عليها؛ وقع به طعمة وأناس من قومه فسبوه، وقال: أتخونونني؟! فانطلقوا يطلبونها في داره، فأشرفوا على بيت أبي مليل؛ فإذا هم بالدرع، وقال طعمة: أخذها أبو مليل، وجادلت الأنصار -دون طعمة-، وقال لهم: انطلقوا معي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولوا له: ينضح عني، ويكذب حجة اليهودي؛ فإني إن أكذب؛ كذب على أهل المدينة اليهودي، فأتاه أناس من الأنصار؛ فقالوا: يا رسول الله! جادل عن طعمة وأكذب اليهودي؛ فهمّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل؛ فأنزل الله عليه: {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} مما أردت: {إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107)} ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم عنه، فقال: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} يقول: يقولون ما لا يرضى من القول: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ثم دعا إلى التوبة؛ فقال: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)} ثم ذكر قوله حين قال: أخذها أبو مليل؛ فقال: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112)} ثم ذكر الأنصار وإتيانهم إياه أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه؛ فقال: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وعبد الرحمن بن زيد متروك.

وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ الله عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}؛ يقول: النبوة، ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذبوا عن طعمة؛ فقال: {لَا خَيْرَ في كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114]، فلما فضح الله طعمة بالمدينة بالقرآن؛ هرب حتى أتى مكة، فكفر بعد إسلامه، ونزل على الحجاج بن علاط السلمي، فنقب بيت الحجاج فأراد أن يسرقه فسمع الحجاج خشخشة في بيته وقعقة جلود كانت عنده، فنظر؛ فإذا هو بطعمة، فقال: ضيفي وابن عمي وأردت أن تسرقني! فأخرجه، فمات بحرة بني سليم كافراً، وأنزل الله فيه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} إلى: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عكرمة؛ قال: استودع رجل من الأنصار طعمة بن أبيرق مشربة له فيها درع وخرج، فغاب، فلما قدم الأنصاري؛ فتح مشربته؛ فلم يجد الدرع، فسأل عنها طعمة بن أبيرق فرمى بها رجلاً من اليهود يقال له: زيد بن السمين، فتعلق صاحب الدرع بطعمة في درعه، فلما رأى ذلك قومه؛ أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلموه؛ ليدرأ عنه، فهم بذلك؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ}؛ يعني: طعمة بن أبيرق وقومه: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109)} محمد - صلى الله عليه وسلم - وقوم طعمة، ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 172)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1066 رقم 5967) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

قال: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)} محمد وطعمة وقومه، قال: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} الآية طعمة: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا}؛ يعني: زيد بن السمين: {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}: طعمة بن أبيرق {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ}: يا محمد {لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ}: قوم طعمة بن أبيرق {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} محمد - صلى الله عليه وسلم -: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ} [النساء: 114]، حتى تنقضى الآية للناس عامة، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] الآية، قال: لما نزل القرآن في طعمة بن أبيرق؛ لحق بقريش ورجع في دينه، ثم عدا على مشربة للحجاج بن علاط البهزي ثم السلمي حليف لبني عبد الدار، فنقبها فسقط عليه حجر فلحج، فلما أصبح؛ أخرجوه من مكة، فخرج فلقي ركباً من بهراء من قضاعة فعرض لهم؛ فقال: ابن سبيل منقطع به؛ فحملوه، حتى إذا جن عليه الليل؛ عدا عليهم، فسرقهم، ثم انطلق، فرجعوا في طلبه؛ فأدركوه؛ فقذفوه بالحجارة حتى مات، قال ابن جريج: فهذه الآيات كلها فيه نزلت إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]: أنزلت في طعمة بن أبيرق، يقولون: إنه رمى بالدرع في دار أبي مليل بن عبد الله الخزرجي، فلما نزل القرآن؛ لحق بقريش فكان من أمره ما كان (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 173) -من طريق سنيد: حدثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وسنده ضعيف جداً، فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. =

* عن الضحاك يقول في قوله: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} يقول: بما أنزل عليك وأراكه في كتابه، ونزلت هذه الآية في رجل من الأنصار استودع درعاً؛ فجحد صاحبها، فخوّنه رجال من أصحاب نبي الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فغضب له قومه وأتوا نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: خونوا صاحبنا، وهو أمين مسلم؛ فاعذره يا نبي الله! وازجر عنه، فقام نبي الله فعذره وكذب عنه، وهو يرى أنه بريء، وأنه مكذوب عليه؛ فأنزل الله بيان ذلك، فقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} إلى قوله: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}؛ فبين الله خيانته، فلحق بالمشركين من أهل مكة وارتد عن الإِسلام؛ فنزلت: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} إلى قوله {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115] (¬1). [ضعيف جداً] * عن قتادة في قوله -تعالى-: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ}؛ قال: اختان رجل عن عمّ له درعاً ففقدت، فقذف بها يهودياً كان يغشاهم، فجادل عن الرجل قومُه؛ فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عذره، ثم لحق بأرض الشرك؛ فنزلت فيه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: 115] (¬2). [ضعيف] ¬

_ = الثالثة: سنيد ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 675)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 173، 174). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، والانقطاع بين الطبري والحسين بن الفرج. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 172) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 174)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1066 رقم 5965) -: نا معمر عن قتادة به. قلنا: وسنده ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 676)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

* عن عطية العوفي: أن رجلًا يقال له: طعمة بن أبيرق سرق درعاً على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فألقاها في بيت رجل، ثم قال لأصحاب له: انطلقوا فاعذروني عند النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن الدرع قد وجد في بيت فلان. فانطلقوا يعذرونه عند النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا}؛ قال: بهتان: قذفه الرجل (¬1). [ضعيف] * عن الحسن البصري؛ قال: إن رجلًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختان درعاً من حديد، فلما خشي أن توجد عنده؛ ألقاها في بيت جار له من اليهود، وقال: تزعمون أني اختنت الدرع؛ فوالله لقد أنبئت أنها عند اليهودي، فرُفِعَ ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاء أصحابُه يعذرونه، فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عذره حين لم يجد عليه بيّنة، ووجدوا الدرعِ في بيت اليهودي، وأبى الله إلا العدل؛ فأنزل الله على نبيه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} إلى قوله: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}، فعرض اللهُ التوبة لو قبلها إلى قوله: {ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا}؛ اليهودي، ثم قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} إلى قوله: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}؛ فابرئ اليهودي، وأخبر بصاحب الدرع. قال: قد افتُضِحْتُ الآن في المسلمين، وعلموا أني صاحب الدرع، ما لي إقامة ببلد؛ فتراغم، فلحق بالمشركين؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: 115] إلى قوله: {ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 116] (¬2). [ضعيف] * {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117)}. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1063 - 1064 رقم 5953). قلنا: وهو مرسل ضعيف الإسناد. (¬2) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 674) لابن المنذر. قلنا: إسناده مرسل.

* عن الحسن؛ قال: لم يكن حي من أحياء العرب إلا ولهم صنم يعبدونه، يسمونه أنثى بني فلان؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117)} (¬1). [ضعيف] * {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)}. * عن مجاهد؛ قال: قالت العرب: لا نبعث ولا نحاسب، وقالت النصارى: لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة؛ فأنزل الله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)} (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عمر يحدث عن أبي بكر الصديق؛ قال: كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزلت عليه هذه الآية: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا بكر! ألا أقرئك آية أُنزلت عليَّ؟ "، قلت: بلى يا رسول الله! قال: فأَقرأنيها، فلا أعلم إلا أني قد كنت وجدت انقصاماً في ظهري فتمطأت لها، فقال ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1373 رقم 688)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 179) من طريق محمد بن سيف عن الحسن به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 687)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1376 رقم 692 - تكملة)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 186)، وابن أبي حاتم (4/ 1070 رقم 5990) من طريق ابن أبي نجيح والقاسم بن أبي أبزة كلاهما عن مجاهد به. قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 693) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما شأنك يا أبا بكر؟! "، قلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي، وأينا لم يعمل سوءاً، وإنا لَمُجْزَوْنَ بما عملنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما أنت يا أبا بكر! والمؤمنون؛ فتجزون بذلك في الدنيا؛ حتى تلقوا الله وليس لكم ذنوب، وأما الآخرون؛ فيجمع ذلك لهم؛ حتى يجزوا به يوم القيامة" (¬1). [ضعيف] * عن مسروق؛ قال: احتج المسلمون وأهل الكتاب، فقال المسلمون: نحن أهدى منكم؛ فأنزل الله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)} فأفلج عليهم المسلمون بهذه الآية: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (رقم 7 - "منتخب") -وعنه الترمذي في "سننه" (5/ 248/ 3039) -، والمروزي في "مسند أبي بكر الصديق" (57 - 59 رقم 20)، وأبو يعلى في "مسنده" (1/ 29، 30 رقم 21)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1071 رقم 5994)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 571)، وأبو عمرو الداني في "المكتفى" (ص 225، 226) جميعهم عن طريق موسى بن عبيدة الربذي عن مولى ابن السباع؛ قال: سمعت ابن عمر: (فذكره). قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: جهالة هذا المولى؛ قال ابن حجر في "التقريب" (2/ 583): "موسى بن عبيدة عن مولى ابن سباع عن ابن عمر؛ مجهول من الرابعة". الثانية: موسى بن عبيدة؛ ضعيف. قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال؛ موسى بن عبيدة يضعف في الحديث؛ ضعفه يحيى بن سعيد وأحمد بن حنبل، ومولى ابن سباع مجهول. وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي بكر، وليس له إسناد صحيح -أيضاً-". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 696)، وزاد نسبته لابن المنذر.

يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)} (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا؛ فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى بالله منكم. وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم، ونبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} إلى قوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا} فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1377 رقم 693)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 185) من طريق الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق به. قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل. (تنبيه): سقط اسم (أبو الضحى) من "سنن سعيد بن منصور"؛ فليتنبه لذلك. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 184، 185)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ق 183/ ب) من طريق غندر وأبي الوليد الطيالسي كلاهما عن شعبة عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق؛ قال: تفاخر النصارى وأهل الإِسلام؛ فقال هؤلاء: نحن أفضل منكم، وقال هؤلاء: نحن أفضل منكم؛ فأنزل الله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ}. قلنا: وهذا مرسل صحيح -أيضاً-. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 693)، وزاد نسبته لابن المنذر. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 185) من طريق عبد الرحمن بن مهدي ثنا الثوري، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1072 - 1073 رقم 6000) من طريق أبي عوانة (كلاهما) عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق؛ قال: لما نزلت: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ}؛ قال أهل الكتاب: نحن وأنتم سواء؛ فنزلت: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ} الآية. قلنا: وهذا مرسل صحيح. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 185): ثنا بشر العقدي: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. =

* عن السدي: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}؛ قال: التقى ناس من اليهود والنصارى، فقالت اليهود للمسلمين: نحن خير منكم؛ ديننا قبل دينكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن على دين إبراهيم، ولن يدخل الجنة إلا من كان هودًا. وقالت النصارى مثل ذلك. فقال المسلمون: كتابنا بعد كتابكم، ونبينا بعد نبيكم، وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم، فنحن خير منكم؛ نحن على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحق، ولن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا؛ فرد الله عليهم قولهم فقال: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}، ثم فضل الله المؤمنين عليهم فقال: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (¬1). [ضعيف جداً] * عن الضحاك؛ قال: تخاصم أهل الأديان؛ فقال أهل التوراة: كتابنا أول كتاب وخيرها، ونبينا خير الأنبياء، وقال أهل الإنجيل نحو ذلك، وقال أهل الإِسلام: لا دين إلا دين الإِسلام، وكتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتم النبيين، وأمرنا أن نعمل بكتابنا ونؤمن بكتابكم؛ فقضى الله بينهم، فقال: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}، ثم خيّر بين أهل الأديان؛ ففضل أهل الفضل؛ فقال: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} إلى قوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 694)، وزاد نسبته لابن المنذر، وعبد بن حميد. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 185) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 185) وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، والانقطاع بين الطبري والحسين بن الفرج.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} إلى {وَلَا نَصِيرًا}: تحاكم أهل الأديان؛ فقال أهل التوراة: كتابنا خير الكتب؛ أنزل قبل كتابكم، ونبينا خير الأنبياء، وقال أهل الإنجيل مثل ذلك، وقال أهل الإِسلام: لا دين إلا الإِسلام؛ كتابنا نسخ كلّ كتاب، ونبينا خاتم كل الأنبياء، وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا؛ فقضى الله بينهم؛ فقال: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}، وخيّر بين أهل الأديان؛ فقال: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ. . .} (¬1). [ضعيف جداً] * عن الضحاك في قوله -تعالى-: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ}؛ قال: افتخر أهل الأديان؛ فقالت اليهود: كتابنا خير الكتب، وأكرمها على الله، ونبينا أكرم الأنبياء على الله؛ موسى كلمة الله قيلًا، وخلا به نجياً، وديننا خير الأديان، وقالت النصارى: عيسى بن مريم خاتم الرسل، وآتاه الله التوراة والإنجيل، ولو أدركه موسى؛ لاتبعه، وديننا خير الأديان. وقال المجوس وكفار العرب: ديننا أقدم الأديان وخيرها. وقال المسلمون: محمد نبينا، وخاتم النبيين، وسيد الأنبياء، والفرقان آخر ما أنزل من الكتب من عند الله، وهو أمين على كلّ كتاب، والإِسلام خير الأديان؛ فخير الله بينهم، فقال: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} (¬2). [ضعيف جداً] * عن أبي صالح السمان؛ قال: جلس ناس من أهل التوراة وأهل ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 185) من طريق العوفي عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 186)، وابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 694) من طريق جويبر عن الضحاك به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ جويبر متروك، وهو معضل

الإنجيل وأهل الإيمان؛ فقال هؤلاء: نحن أفضل منكم، وقال هؤلاء: نحن أفضل؛ فأنزل الله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ} (¬1) ثم حصى الله أهل الإيمان فقال: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ}. [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قالت اليهود والنصارى: لا يدخل الجنة غيرنا، وقالت قريش لا نُبْعَث؛ فأنزل الله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} والسوء: الشرك (¬2). [ضعيف] * {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127)}. * عن عروة بن الزبير: أنه سأل عائشة عن قول الله -تعالى-: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3]؛ فقالت: يا ابن أُختي! هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها؛ فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها؛ فيعطيها مثل ما يعطيها غيره؛ فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يُقسِطوا لهن ويبلغوا لهن أعلى سنتهن في الصداق، فأُمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن. ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 185، 186)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1073 رقم 6001) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عنه به. قلنا: وهو صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 695) وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1071 رقم 5991) بسند ضعيف. وذكره السيد في "الدر" (2/ 695) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

قال عروة: قالت عائشة: وإن الناس استفتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه الآية؛ فأنزل الله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ}. قالت عائشة: وقوله الله -تعالى- في آية أخرى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال. قالت: فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في ماله وجماله من يتامى النساء إلا بالقسط؛ من أجل رغبتهم عنهن إذا كن قليلات المال والجمال (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ}، قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر، ولا يورثون المرأة، فلما كان الإِسلام؛ قال: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} في أول السورة في الفرائض اللاتي لا تؤتوهن ما كتب الله لهن (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) قلنا: تقدم تخريجه في أوائل هذه السورة عند آية رقم (3)، وهو في "الصحيحين". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 695، 696) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 191)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 308) من طريق عمرو بن أبي قيس وعمار بن رزيق كلاهما عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ عطاء اختلط، وعمرو وعمار ليسا من الذين رووا عنه قبل الاختلاط. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 192، 193)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1076 رقم 6021) من طريق جرير بن عبد الحميد وسلام بن سليم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير بنحوه مرسلًا. وهذا من تخاليط عطاء؛ وجرير وسلام رويا عنه بعد الاختلاط. =

* عن إبراهيم النخعي؛ قال: كان الرجل منهم تكون له اليتيمة بها الدمامة، والأمر الذي يرغب عنها فيه ولها مال؛ فلا يتزوجها ولا يزوجها حتى تموت؛ فيرثها، قال: فنهاهم الله عن ذلك. وفي رواية: كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة؛ لم يعطوها ميراثها، وحبسوها من التزويج حتى تموت، فيرثوها؛ فأنزل الله هذا (¬1). [ضعيف] ¬

_ = وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 192) من طريق سنيد في "تفسيره": ثني حجاج: ثني ابن جريج: ثنا عبد الله بن كثير؛ أنه سمع سعيد بن جبير يقول في قوله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} الآية. قال: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ، لا يرث الرجل الصغير ولا المرأة، فلما نزلت آية المواريث في سورة النساء؛ شقّ ذلك على الناس، وقالوا: يرث الصغير الذي لا يعمل في المال ولا يقوم فيه، والمرأة التي هي كذلك فيرثان كما يرث الرجل الذي يعمل في المال!! نرجو أن يأتي في ذلك حدث من السماء، فانتظروا. فلما رأوا أنه لا يأتي حدث؛ قالوا: لئن تم هذا إنه لواجب ما منه بد، ثم قالوا: سلوا، فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}؛ قال سعيد بن جبير: وكان الولي إذا كانت المرأة ذات جمال ومال؛ رغب فيها ونكحها واستأثر بها، وإذا لم تكن ذاث جمال ومال؛ أنكحها ولم ينكحها. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 707) وزاد نسبته لابن المنذر. وبالجملة؛ فالحديث ضعيف. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 192) من طريق هشيم وجرير بن عبد الحميد كلاهما عن المغيرة بن مقسم الضبي عن إبراهيم به. =

* عن عبد الله بن عباس: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ}؛ يعني: الفرائض التي افترض في أمر النساء اللاتي لا تؤتوهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن، قال: كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل؛ فيرغب أن ينكحها أو يجامعها، ولا يعطيها مالها؛ رجاء أن تموت، وإن مات لها حميم؛ لم تعط من الميراث شيئاً، وكان ذلك في الجاهلية؛ فبين الله لهم ذلك (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي قوله: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} إلى قوله: {بِالْقِسْطِ}؛ قال: كان جابر بن عبد الله الأنصاري ثم السلمي له ابنة عم عمياء، وكانت دميمة، وكانت قد ورثت عن أبيها مالاً، فكان جابر يرغب عن نكاحها ولا ينكحها؛ رهبة أن يذهب الزوج بمالها، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، وكان ناس في حجورهم جوارٍ -أيضاً- مثل ذلك، فجعل جابر يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أترث الجارية إن كانت قبيحة عمياء؟ فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نعم"؛ فأنزل الله فيهن هذا (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الإعضال؛ فإبراهيم لم يرو عن أحد من الصحابة وهو من الطبقة الخامسة، من أتباع التابعين. الثانية: المغيرة بن مقسم؛ ثقة متقن؛ إلا أنه مدلس، ولا سيما عن إبراهيم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 707)، وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 192، 193) من طريق عطية العوفي عنه به. قلت: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 193) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به. =

* عن مجاهد؛ قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئاً؛ كانوا يقولون: لا يغزون ولا يغنمون خيراً، ففرض الله لهن الميراث حقاً واجباً؛ ليتنافس أو لينفس الرجل في اليتيمة إن تكن حسنة (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيها دمامة؛ فيرغب عنها أن ينكحها، ولا يُنْكِحَها؛ رغبة في مالها (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: {فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}؛ فكان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه، فإذا فعل بها ذلك؛ لم يقدر أحد أن يتزوجها أبداً، فإن كانت جميلة وهويها؛ تزوجها وأكل مالها، وإن كانت دميمة؛ منعها الرجل أبداً حتى تموت، فإذا ماتت؛ ورثها؛ فحرم الله ذلك، ونهى عنه (¬3). [حسن] ¬

_ = قلنا: وهذا سند واه؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: وضعف أسباط. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 192) -من طريقين- عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهو صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 707)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 174) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 193) -: نا معمر عن قتادة به. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 193): ثنا بشر العقدي: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد عن قتادة به بنحوه. قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (15/ 195)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" =

* عن عبد الملك بن محمد بن حزم: أن عمرة بنت حزم كانت تحت سعد بن الربيع؛ فقتل عنها بأُحد، وكان له منها ابنة، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تطلب ميراث ابنتها؛ ففيها نزلت: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} (¬1). [ضعيف] * {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128)}. * عن عائشة -رضي الله عنها- في قوله -تعالى-: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}: أُنزلت في المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها، فيريد أن يطلقها ويتزوج غيرها؛ فتقول: لا تطلقني وأمسكني، وأنت في حلٍّ من النفقة والقسمة لي؛ فأنزل الله -جل وعز-: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} (¬2). [صحيح] ¬

_ = (4/ 1077 رقم 6026) من طريق عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن، كما بيناه مراراً. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 709) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 709) ونسبه للقاضي إسماعيل في "أحكامه". (¬2) أخرجه البخاري (8/ 265 رقم 4601)، ومسلم (4/ 2316 رقم 13، 14)، والنسائي في "تفسيره" (رقم 145) واللفظ له، وهو أتم مما هو عندهما. وأخرجه أبو داود (2/ 242، 243 رقم 2135) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (7/ 74، 75) -، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 53، 169)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 197، 198)، والحاكم (2/ 186)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (1/ 575) من طريق أحمد بن يونس وأبي بلال الأشعري وعبد الله بن وهب والواقدي أربعتهم عن ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة؛ قالت: يا ابن أُختي! كان =

* عن رافع بن خديج -رضي الله عنه- قال: في قوله -تعالى-: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا}؛ قال: كانت تحته امرأة قد خلا من سنها، فتزوج عليها شابة، فآثر الشابة عليها، فأبت امرأته الأولى أن تقر على ذلك؛ فطلقها تطليقة، حتى إذا بقي من أجلها يسير؛ قال: إن شئت راجعتك وصبرت على الأثرة، وإن شئت تركتك حتى يخلو أجلك، قالت: بل ¬

_ = رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُفَضِّلُ بعضَنا على بعض في القَسْم، من مُكْثهِ عندنا، وكان قَلَّ يومٌ إلا وهو يطوف علينا جميعاً فيدنو من كل امرأةٍ من غير مسيس حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة -حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله! يومي لعائشة، فقبل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها، قالت: نقول في ذلك أنزل الله -تعالى- وفي أشباهها، أراه قال: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا}. قلنا: وسنده حسن؛ لأن ابن أبي الزناد صدوق. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. وحسّنه شيخنا الألباني -رحمه الله- في "الإرواء" (7/ 85). وخالف الأربعة سعيد بن منصور؛ فرواه في "سننه" (4/ 1401 رقم 702 - تكملة) عن ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه به مرسلًا. قلنا: ولا تعارض بينهما؛ لأن الحكم للوصل، فهم أكثر وأحفظ. وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (2683) -ومن طريقه الترمذي في "سننه" (5/ 249 رقم 3040)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1079/ 6036)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 310) والطبراني في "الكبير" (11/ 226 رقم 11746)، والبيهقي (7/ 297) -: ثنا سليمان بن معاذ عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن رواية سماك عن عكرمة مضطربة؛ وكان ربما يلقن، وسليمان بن معاذ ضعيف. لكن يشهد له السابق. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". وقال شيخنا في "الإرواء" (7/ 85): "وفي إسناده ضعف".

راجعني وأصبر على الأثرة، فراجعها وآثر عليها الشابة، فلم تصبر على الأثرة؛ فطلقها وآثر عليها الشابة، حتى إذا بقي من أجلها يسير؛ قال لها مثل قوله الأول. فقالت: راجعني وأصبر، قال: فذلك (الصلح) الذي بلغنا أن الله -تعالى- أنزل فيه: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 175) -ومن طريق الطبري في "جامع البيان" (5/ 198، 199)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 308، 309) -: نا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار: أن رافع بن خديج قال: فذكره. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. قلنا: هو كما قالا. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1080/ 6041)، والبيهقي (7/ 296) من طريق يونس بن يزيد وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار: أن السنّة في هاتين الآيتين اللتين ذكر الله -عزّ وجلّ- فيها نشوز المرء وإعراضه عن امرأته في قوله: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} إلى تمام الآيتين: أن المرء إذا نشز عن امرأته وآثر عليها؛ فإن من الحق عليه أن يعرض عليها أن يطلقها أو تستقر عنده على ما كانت من أثرة في القسم من نفسه وماله، فإن استقرت عنده على ذلك وكرهت أن يطلقها؛ فلا حرج عليه فيما آثر عليها من ذلك، فإن لم يعرض عليها الطلاق وصالحها على أن يعطيها من ماله ما ترضاه وتقر عنده على الأثرة في القسم من ماله ونفسه؛ صلح له ذلك، وجاز صلحهما عليه. قلنا: وسياقه مرسل. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1398 رقم 701)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (4/ 202)، والشافعي في "الأم" (5/ 171)، و"المسند" (2/ 28 رقم 86)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 124)، و"الوسيط" (2/ 124)، والبيهقي في "الكبرى" (7/ 75، 296) جميعهم من طريق سفيان بن عيينة عن =

* {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)}. * عن السدي؛ قال: نزلت في النبي - صلى الله عليه وسلم -، اختصم إليه رجلان: غني وفقير، وكان ضلعه مع الفقير؛ يرى أن الفقير لا يظلم الغني؛ فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير (¬1). [ضعيف جداً] * عن مولى لابن عباس؛ قال: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة؛ كانت البقرة أول سورة نزلت، ثم أردفها سورة النساء، قال: فكان الرجل يكون عنده الشهادة قبل ابنه أو عمه أو ذوي رحمه، فيلوي بها لسانه أو يكتمها؛ مما يرى من عسرته حتى يوسر فيقضي؛ فنزلت: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ}؛ يعني: إن يكن غنياً أو فقيراً (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = الزهري عن سعيد بن المسيب: أن رافع. قلنا: ورجاله رجال الصحيح؛ لكن سياقه سياق المرسل. وتقدم تخريجه موصولاً وهو صحيح، ولا معارضة بين الوصل والإرسال؛ فالزهري قد يكون نشط مرة؛ فرفعه، وأخرى لم يرفعه، والله أعلم. ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 711) وزاد نسبته لمالك، وعبد بن حميد، وابن المنذر. قلنا: هو في "الموطأ" (2/ 548، 549 - رواية يحيى) عن الزهري عن رافع وهو منقطع. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 206، 207) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وهذا سند واه؛ لإعضاله، وضعف أسباط. (¬2) أخرجه ابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 714) من طريق ابن جريج عنه به. قلنا: وهذا سنده ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: ابن جريج؛ مدلس، وقد عنعنه. =

* {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن عبد الله بن سلام، وأسداً وأسيداً ابني كعب، وثعلبة بن قيس، وسلاماً ابن أخت عبد الله بن سلام، وسلمة ابن أخيه، ويامين بن يامين، أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله! إنا نؤمن بك وبكتابك وموسى والتوراة وعزيز، ونكفر بما سواه من الكتب والرسل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بل آمنوا بالله ورسوله محمد، وكتابه القرآن، وبكل كتاب كان قبله"، فقالوا: لا نفعل؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ}. قال: فآمنوا كلهم (¬1). [موضوع] * {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153)}. * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: جاء أناس من اليهود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إن موسى جاء بالألواح من عند الله؛ فأتنا بالألواح من عند الله؛ حتى نصدقك؛ فأنزل الله: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ ¬

_ = الثانية: جهالة المولى. الثالثة: الإرسال. (¬1) أخرجه الثعلبي في "تفسيره"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 365) من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه به. قلنا: وهذا كذب؛ لأن الكلبي وشيخه كذابان. وذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 124) معلقاً عن الكلبي.

تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ} إلى قوله: {وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} [النساء: 156] (¬1). [ضعيف جداً] * عن ابن جريج في قوله: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ}؛ وذلك أن اليهود والنصارى أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: لن نبايعك على ما تدعونا إليه؛ حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان أنك رسول الله. قال الله -جل ثناؤه-: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} (¬2). [ضعيف جداً] * {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال عدي بن زيد: يا محمد! ما نعلم الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى؛ فأنزل الله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 6): ثني الحارث بن أبي أُسامة: ثنا عبد العزيز بن أبان: ثنا أبو معشر عن محمد به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: عبد العزيز بن أبان الأموي السعيدي؛ متروك، وكذبه ابن معين؛ كما في "التقريب" (1/ 508). الثانية: أبو معشر نجيح السندي؛ ضعيف، أسن واختلط؛ كما في "التقريب" (2/ 298). الثالثة: الإرسال. (¬2) أخرجه سُنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 6، 7) -: ثني حجاج، قال ابن جريج: وذكره. قلنا: وهذا سند واه بمرة؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: وضعف سنيد صاحب "التفسير". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 726)، وزاد نسبته لابن المنذر.

إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} الآيات كلها (¬1). [ضعيف] * {لَكِنِ الله يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا (166)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جماعة من يهود، فقال لهم: "إني والله أعلم أنكم لتعلمون أني رسول الله"، فقالوا: ما نعلم ذلك؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166)} (¬2). [ضعيف] * {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)}. * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: جاء رسولُ الله يعودني وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ وصبَّ عليَّ من وضوءه، فعقلت؛ فقلت: يا رسول الله! لمن الميراث؛ إنما يرثني كلالة؟ فنزلت آية الفرائض (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 28)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 535)، وابن مردويه في "تفسيره" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 353، 354 رقم 379) -جميعهم من طريق ابن إسحاق -وهذا في "المغازي" له (2/ 191 - سيرة ابن هشام) -: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة محمد بن أبي محمد شيخ ابن إسحاق. (¬2) أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 22) -: ثني محمد بن محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 750)، وزاد نسبته لابن المنذر. (¬3) تقدم تخريجه تحت الآية رقم (11) من السورة نفسها؛ فانظره غير مأمور.

* عن طاوس؛ قال: أمر عمر حفصة أن تسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكلالة، فأمهلته حتى إذا لبس ثيابه؛ سألته عنها؛ فأملاها عليها، وقال: "ومن أمرك بهذا؟ أعمر؟ ما أظن أن يفهمها، أو لم تكفه آية الصيف؟ ". قال سفيان: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] فلم يفهمها، وقال: اللهم من فهمها؛ فإني لم أفهمها (¬1). [حسن لغيره] * عن حذيفة -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت آية الكلالة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسير له، فوقف النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإذا هو بحذيفة، وإذا رأس ناقة حذيفة عند مؤتزر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلقاها إياه، فنظر حذيفة؛ فإذا عمر -رضي الله عنه- فلقاها إياه، فلما كان في خلافة عمر -رضي الله عنه-؛ نظر عمر في الكلالة؛ فدعا حذيفة؛ فسأله عنها، فقال حذيفة: لقد لقّانيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلقيتك كما لقاني؛ والله إني لصادق، والله لا أزيدك على ذلك شيئاً أبداً (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (3/ 1178 رقم 587 - تكملة)، وعبد الرزاق في "المصنف" (10/ 305 رقم 19194) كلاهما عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس به. وأخرجه عبد الرزاق (رقم 19195) عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه: أن عمر أمر حفصة أن تسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكلالة. قلنا: صحيح الإسناد؛ لكنه مرسل. وأصله في "صحيح مسلم" (1/ 396 رقم 567، 3/ 1236 رقم (1617) (9)): أن عمر بن الخطاب خطب يوم الجمعة؛ فذكر نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكر أبا بكر، ثم قال: إني لا أدع بعدي شيئاً أهم عندي من الكلالة، ما راجعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه؛ حتى طعن بإصبعه في صدري، وقال: "يا عمر! ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء؟ ". وإني إن أَعش أقضي فيها بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 754)، وزاد نسبته لابن مردويه. (¬2) أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 47 رقم 2206 - "كشف") من طريق =

* عن سعيد بن المسيب؛ قال: إن عمر -رضي الله عنه- سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: كيف نورث الكلالة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أوَليس قد بيّن الله -تعالى- ذلك! ثم قرأ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] إلى آخرها"، فكأن عمر -رضي الله عنه- لم يفهمها؛ فأنزل الله: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} إلى آخر الآية، فكأن عمر لم يفهم. فقال لحفصة -رضي الله عنها-: إذا رأيت ¬

_ = عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي عبيدة بن حذيفة عن أبيه به. وقال: "لا نعلم رواه إلا حذيفة، ولا عنه إلا هذا الطريق". قلنا: وهذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال الشيخين؛ عدا أبي عبيدة، وهو صدوق إن شاء الله؛ روى عنه جمع من الثقات؛ ووثقه العجلي وابن حبان، وهو من التابعين. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 13): "رواه البزار؛ ورجاله رجال الصحيح؛ غير أبي عبيدة بن حذيفة، ووثقه ابن حبان". وأخرجه ابن أبي عمر في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (8/ 551، 552 رقم 3944 - المسندة)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 65، 66 رقم 7642): حدثنا عبد الوهاب عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن حذيفة به، لم يذكر أبا عبيدة. قال البوصيري: "هذا إسناد رواته ثقات؛ إلا أنه منقطع، ورواه البزار بسند متصل رواته ثقات". اهـ. قلنا: وهو كما قال. وقال السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 756): "سنده صحيح". وزاد نسبته لأبي الشيخ في "الفرائض". وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10/ 304 رقم 19193)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 29) من طريق أيوب وجعفر بن عون كلاهما عن ابن سيرين به مرسلاً. قلنا: وهو مرسل وما قبله صحيح، ولا تعارض بين الوصل والإرسال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 757)، وزاد نسبته لابن المنذر.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طيب نفس؛ فاسأليه عنها، فرأت منه طيب نفس؛ فسألته عنها؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أبوك كتب لك هذا؟ ما أرى أباك يعلمها أبداً"، فكان عمر -رضي الله عنه- يقول: ما أراني أعلمها أبداً، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - ما قال (¬1). [ضعيف] * عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-؛ قال: آخر سورة نزلت براءة، وآخر آية نزلت: {يَسْتَفْتُونَكَ} (¬2). [صحيح] تم بحمد الله وفضله الجزء الأول من "الاستيعاب في بيان الأسباب" ويليه -إن شاء الله- الجزء الثاني ¬

_ (¬1) أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (4/ 132، 133 رقم 1645 المسندة): نا جرير بن عبد الحميد عن الشيباني عن عمرو بن مرة عن سعيد بن المسيب به. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 28): ثنا ابن وكيع عن جرير به مختصراً. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله. قال الحافظ: "صحيح؛ إن كان ابن المسيب سمعه من حفصة -رضي الله عنها-". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 753)، وزاد نسبته لابن مردويه. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (5/ 28): ثنا بشر بن معاذ العقدي، ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4364، 4605، 4654)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 1618).

الاسْتيعَاب في بَيانِ الأَسبَاب «أوّل مَوسُوعَة عِلميَّة حدِيثيّة مُحقّقَة في أسبَاب نزوُل آي القُرآن الكَريم» تأليف سَليم بن عيد الهلالي - محمَّد بن مُوسَى آل نَصر المجَلّد الثَّاني دَار ابْن الْجَوْزِيّ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الاسْتيعَاب في بَيانِ الأَسبَاب

جَميع الحُقُوق مَحفُوظة لدَار ابْن الجَوزي الطّبعَة الأولى شعْبَان 1425 هـ حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة © 1425 هـ لَا يسمح بِإِعَادَة نشر هَذَا الْكتاب أَو أَي جُزْء مِنْهُ بِأَيّ شكل من الأشكال أَو حفظه ونسخه فِي أَي نظام ميكانيكي أَو إلكتروني يُمكن من استرجاع الْكتاب أَو تَرْجَمته إِلَى أَي لُغَة أُخْرَى دون الْحُصُول على إِذن خطي مسبق من الناشر دَار ابْن الْجَوْزِيّ للنشر والتوزيع المملكة الْعَرَبيَّة السعودية: الدمام - شَارِع ابْن خلدون - ت: 8428146 - 8467589 - 8467593، ص ب: 2982 - الرَّمْز البريدي: 31461 - فاكس: 8412100 - الرياض - ت: 4266339 - الإحساء - الهفوف - شَارِع الجامعة - ت: 5883122 - جدة - ت: 6516549 - 6813706 - بيروت - هَاتِف: 869600/ 03 - فاكس: 641801/ 01 - الْقَاهِرَة - ج. م. ع - مَحْمُول: 01006823783 - تلفاكس: 022561473 الْبَرِيد الإلكتروني: [email protected] - www.jwzi.com

سورة المائدة

سورة المائدة. * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ}؛ قال: كان المشركون يحجون البيت الحرام، ويهدون الهدايا، ويعظمون حرمة المشاعر، ويتجرون في حجهم. فأراد المسلمون أن يَغِيرُوا عليهم؛ فقال الله -عزّ وجلّ-: {لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} (¬1). [حسن] * عن قتادة في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}؛ قال: ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 36)، وابن أبي حاتم؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 5)، والنحاس في "ناسخه" (ص 111) جميعهم من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد حسن؛ ورواية علي عن ابن عباس محمولة على الاتصال؛ كما تقدم في غير ما موضع، أما ما يخشى من ضعف عبد الله بن صالح؛ فقد رواه عنه أبو حاتم الرازي عند ابنه في "التفسير". وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" لابن المنذر.

منسوخ، كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج تقلّد من السمر فلم يعرض له أحد، وإذا تقلد قلادة من شعر لم يعرض له أحد، وكان المشرك يومئذ لا يُصدّ عن البيت؛ فأمروا ألا يقاتلوا في الشهر الحرام ولا عند البيت؛ فنسخها قوله -تعالى-: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: أقبل الحطم بن هند البكري ثم أحد بني قيس بن ثعلبة، حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده، وخلّف خيله خارجة من المدينة فدعاه، فقال: إلام تدعو فأخبره، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: "يدخل اليوم عليكم رجل من ربيعة يتكلم بلسان شيطان"، فلما أخبره النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: انظروا لعلِّي أُسلم ولي من أشاوره، فخرج من عنده؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد دخل بوجه كافر، وخرج بعقب غادر"، فمر بسرح من سرح المدينة فساقه فانطلق به وهو يرتجز: قد لفها الليل بسوّاق حطم ... ليس براعي إبل ولا غنم ولا بجزار على ظهر الوضم ... باتوا نياماً وابن هند لم ينم بات يقاسيها غلام كالزلم ... خدلج الساقين ممسوح القدم ثم أقبل من عام قابل حاجاً قد قلّد وأهدى، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبعث إليه؛ فنزلت هذه الآية حتى بلغ: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}، قال له ناس من أصحابه: يا رسول الله! خلّ بينا وبينه؛ فإنه صاحبنا، قال: "إنه قد قلد"، قالوا: إنما هو شيء كنا نصنعه في الجاهلية فأبى عليهم؛ ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 182) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 37)، والنحاس في "ناسخه" (ص 111) -: نا معمر عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح. وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" (3/ 8) لعبد بن حميد.

فنزلت هذه الآية (¬1). [ضعيف جداً] * عن جُبير بن نُفير؛ قال: دخلت على عائشة، فقالت لي: هل تقرأ سورة المائدة؟ قلت: نعم، قالت: أما إنها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال؛ فاستحلوه، ومما وجدتم فيها من حرام؛ فحرموه، وسَألتها عن خُلُقِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قالت: القرآن (¬2). [حسن] * عن عبد الله بن عمرو؛ قال: آخر سورة نزلت سورة المائدة والفتح (¬3). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 38) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. (¬2) أخرجه أحمد (6/ 188)، والنسائي في "الكبرى" (6/ 333 رقم 11138)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 311) -وعنه البيهقي (7/ 172) -، والطحاوي في "مشكل الآثار" (6/ 304، 305)، والنحاس في "ناسخه" (ص 111) كلهم من طريق ابن وهب ثني معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن جبير به. قلنا: وهذا سند حسن. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.! كذا قالا، والبخاري لم يخرج لمعاوية ولا لأبي الزاهرية شيئاً. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 3) وزاد نسبته لأبي عبيد في "فضائله" وابن المنذر وابن مردويه. (¬3) أخرجه الترمذي (5/ رقم 3063)، والحاكم (2/ 311)، والبيهقي (7/ 172) من طريق حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله به. قلنا: وسنده حسن؛ حيي هذا فيه ضعف، ولخصه الحافظ بقوله: "صدوق يهم". وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". وقال الحاكم: "حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. وضعفه شيخنا -رحمه الله- في "ضعيف الترمذي"، لكنه يشهد له ما قبله. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 3) وزاد نسبته لأحمد وابن مردويه. =

* عن أسماء بنت يزيد قالت: إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أنزلت عليه المائدة كلها، فكادت من ثقلها تدق بعضد الناقة (¬1). [ضعيف] * عن أم عمرو بنت عبس، عن عمها: أنه كان في مسير مع رسول الله، فنزلت عليه سورة المائدة؛ فاندق كتف راحلته العضباء من ثقل السورة (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = وأخرجه أحمد في "المسند" (10/ 127 رقم 6643 - ط شاكر): ثنا حسن بن موسى الأشيب ثنا ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله: أن أبا عبد الرحمن الحبلي حدثه قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص (فذكره). قلنا: وفي سنده كما ترى حيي وهو حسن، ويضاف له علّة أخرى وهي: أن ابن لهيعة فيه ضعف مشهور، وحسن ليس من الذين رووا عنه قبل الاختلاط. قال الهيثمي: في "مجمع الزوائد" (7/ 13): "رواه أحمد وفيه ابن لهيعة، والأكثر على ضعفه وقد يحسن حديثه، وبقية رجاله ثقات" ا. هـ. أما الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله-؛ فصححه، وغفل عن العلة التي ذكرنا. (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (6/ 455، 458)، والطبراني في "الكبير" (24/ 139، 140 رقم 448)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 54)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 469، 470 رقم 2430 - الكتب العلمية) من طريق ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب عن أسماء به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: ليث بن أبي سليم؛ صدوق اختلط أخيراً ولم يتميز حديثه؛ فترك. الثانية: شهر بن حوشب؛ صدوق كثير الأوهام والإرسال. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 3) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن نصر في "الصلاة" وأبو نعيم في "الدلائل". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 13): "وفيه شهر بن حوشب وهو ضعيف وقد وثق". (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" (2/ 175 رقم 660)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2/ 434 رقم 1226)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 469 رقم 2429)، و"الدلائل" (7/ 145)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 3) جميعهم من طريق صباح بن سهل أبي سهل الواسطي وإبراهيم بن طهمان كلاهما عن عاصم الأحول ثنتا أم عمرو بنت عبس عن عمها به. =

* عن شهر بن حوشب؛ قال: نزلت سورة المائدة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف بعرفة على راحلته؛ فتنوخت لأن يدق ذراعها (¬1). [ضعيف] * عن الربيع بن أنس؛ قال: نزلت سورة المائدة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسير في حجة الوداع وهو راكب راحلته، فبركت به راحلته من ثقلها (¬2). [ضعيف جداً] * عن أبي ميسرة؛ قال: آخر سورة أنزلت سورة المائدة، وإن بها ¬

_ = قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: أم عمرو هذه؛ مجهولة لم نجد لها ترجمة. الثانية: صباح هذا؛ قال البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم: "منكر الحديث"، وقال الدارقطني: "ضعيف"، وكذا ضعفه ابن عدي وابن حبان. انظر: "الجرح والتعديل" (4/ 442)، و"المجروحين" (2/ 3)، و"الكامل" (4/ 142)، و"الميزان" (2/ 305)، و"اللسان" (3/ 179). قال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 67): "رواه ابن أبي شيبة بسند ضعيف؛ لجهالة بعض رواته". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 3) وزاد نسبته للبغوي في "معجمه". (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 181، 182) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 54) - عن ابن عيينة عن ليث عن شهر به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: شهر؛ تقدم أنه ضعيف. الثالثة: ليث هو ابن أبي سليم؛ ضعيف أيضاً. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 54) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به. قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإعضال. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ صدوق سيئ الحفظ. الثالثة: ابنه عبد الله؛ قال ابن حبان: "يعتبر بروايته عن غير أبيه".

لسبع عشرة فريضة (¬1). [ضعيف] * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: نزلت سورة المائدة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فيما بين مكة والمدينة وهو على ناقته، فانصدعت كتفها؛ فنزل عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). [ضعيف] * عن عكرمة: أن عمر بن الخطاب قال: نزلت سورة المائدة يوم عرفة، ووافق يوم الجمعة (¬3). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: قدم الحطم أخو بني ضبيعة بن ثعلبة البكري المدينة في عير له يحمل طعاماً فباعه، ثم دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعه وأسلم، فلما ولى خارجاً نظر إليه؛ فقال لمن عنده: "لقد دخل عليّ بوجه فاجر وولّى بقفا غادر"، فلما قدم اليمامة ارتد عن الإسلام، وخرج في عير له تحمل الطعام في ذي القعدة يريد مكة، فلما سمع به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تهيأ للخروج إليه نفر من المهاجرين والأنصار ليقتطعوه في عيره؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} الآية. فانتهى القوم (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1435 رقم 711): نا حديج بن معاوية عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي ميسرة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: أبو إسحاق السبيعي؛ مدلس، وكان قد اختلط. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 4) وزاد نسبه لابن المنذر. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 3، 4) ونسبه لأبي عبيد. وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬3) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 181) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 54) -: نا عمر بن حبيب عن أبي نجيح عن عكرمة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لانقطاعه بين عكرمة وعمر. (¬4) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 39) -: =

* عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} الآية، فقال: هذا يوم الفتح جاء ناس يؤمُّون البيت من المشركين يهلّون بعمرة، فقال المسلمون: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هؤلاء مشركون، فمثل هؤلاء فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم؛ فنزل القرآن: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن زيد بن أسلم؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية وأصحابه حين صدهم المشركون عن البيت، وقد اشتدّ ذلك عليهم، فمرّ بهم أناس من المشركين من أهل المشرق يريدون العمرة، فقال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: نصد هؤلاء كما صدنا أصحابنا؛ فأنزل الله: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ} الآية (¬2). [ضعيف] * {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ¬

_ = ثني حجاج بن محمد المصيصي ثني ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: حجاج بن محمد اختلط بآخره. الرابعة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 10) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 39): ثني يونس بن عبد الأعلى ثني ابن وهب عن عبد الرحمن به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف ابن زيد هذا. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 9) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)}. * عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه-؛ قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قومي أدعوهم إلى الله -عزّ وجلّ-، وأعرض عليهم شرائع الإسلام، فأتيتهم وقد سقوا إبلهم واحتلبوها وشربوا، فلما رأوني؛ قالوا: مرحباً بالصدي بن عجلان، قالوا: بلغنا أنك صبوت إلى هذا الرجل، قلت: لا، ولكن آمنت بالله وبرسوله، وبعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليكم أعرض عليكم الإسلام وشرائعه، فبينا نحن كذلك فجاءوا بقصعة دم فوضعوها واجتمعوا عليها يأكلونها، قالوا: هلم يا صدي، قلت: ويحكم إنما أتيتكم من عند من يحرم هذا عليكم بما أنزله الله عليه، قالوا: وما قال؟ قلت: نزلت هذه الآية: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} إلى قوله: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ}؛ فجعلت أدعوهم إلى الإسلام ويأبون، فقلت لهم: ويحكم ائتوني بشيء من ماء؛ فإني شديد العطش، قال: وعليّ عمامتي، قالوا: لا، ولكن ندعك تموت عطشاً؛ قال: فاعتممت وضربت رأسي في العمامة ونمت في الرَمضاء في حر شديد، فأتاني آت في منامي بقدح زجاج لم يرَ الناس أحسن منه، وفيه شراب لم يرَ الناس ألذ منه، فأمكنني منها، فشربتها فحيث فرغت من شرابي استيقظت، ولا والله ما عطشت ولا عرفت عطشاً بعد تيك الشربة، فسمعتهم يقولون: أتاكم رجل من سراة قومكم فلم تمجعوه بمذقة فأتوني بمذقتهم؛ فقلت: لا حاجة لي فيها، إن الله -تبارك وتعالى- أطعمني وسقاني فأريتهم بطني فاسلموا عن آخرهم (¬1). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2/ 441 - 442 رقم 1234)، وأبو يعلى؛ كما في "الإصابة" (2/ 182)، والطبراني في "الكبير" (8/ 279، 280 رقم 8073، 8074، ص 286 رقم 8099)، والحاكم في "المستدرك (3/ 641، 642)، والبيهقي في "الدلائل" (6/ 126، 127)، وابن أبي حاتم =

* عن طارق بن شهاب، عن عمر بن الخطاب: أن رجلًا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين! آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال: أيُّ آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}؛ قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم -: وهو قائم بعرفة يوم جمعة (¬1). [صحيح] ¬

_ = وابن مردويه في "تفسيرهما"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 8) من طريق الحسين بن واقد وصدقة بن هرم وبشير بن سريج ثلاثتهم عن أبي غالب عن أبي أمامة به. قلنا: وهذا إسناد حسن -إن شاء الله-؛ مداره على أبي غالب هذا صاحب أبي أمامة، مختلف فيه: وثقه الدارقطني، وقال ابن معين: "صالح الحديث"، وحسن له الترمذي، وقال ابن عدي: "ولم أرَ في أحاديثه حديثاً منكراً جداً، وأرجوا أنه لا بأس به". ولخصه الحافظ بقوله: "صدوق يخطئ"، وضعفه ابن سعد وأبو حاتم والنسائي وابن حبان. والصواب في ذلك قول ابن حجر؛ فالرجل حديثه في المرتبة الحسنة ما لم يتبين العكس. انظر: "سؤالات البرقاني" (رقم 115)، و"الكامل" (2/ 861)، و"الجرح والتعديل" (3/ رقم 1411)، و"ضعفاء النسائي" (رقم 665)، و"المجروحين" (1/ 267)، و"التهذيب" (12/ 197)، و"التقريب" (2/ 460). وسكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "صدقة؛ ضعفه ابن معين". قلنا: لكنه لم يتفرد كما تقدم. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 387)؛ "فيه بشير بن سريج وهو ضعيف"؛ لكنه لم يتفرد. وقال أيضاً: "رواه الطبراني بإسنادين، وإسناد الأول حسن". وحسّنه شيخنا -رحمه الله- في "الصحيحة" (6/ 461، 462 رقم 2706). (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/ 105 رقم 45، 8/ 108 رقم 4407، ص 270 رقم 4606، 13/ 245 رقم 7268)، ومسلم في "صحيحه" (4/ 2312، 2313 رقم 3017).

* عن الشعبي؛ قال: نزلت هذه الآية بعرفات؛ حيث هدم منار الجاهلية، واضمحل الشرك، ولم يحج معهم في ذلك العام مشرك (¬1). [ضعيف] * عن قتادة: نزلت يوم عرفة ووافق يوم الجمعة. وفي رواية: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة يوم جمعة، حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام وأخلص للمسلمين حجهم (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ أنه قرأ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} وعنده يهودي، فقال: لو أنزلت هذه علينا لاتخذنا يومها عيداً، قال ابن عباس: فإنها نزلت في يوم عيد في يوم جمعة ويوم عرفة (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1438 رقم 713 - تكملة)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 52، 53، 54) من طريق إسماعيل بن عُلية وعبد الله بن إدريس وعبد الوهاب الثقفي وعبد الأعلي بن عبد الأعلى وبشر بن المفضل خمستهم عن ابن أبي هند عنه به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال "الصحيح". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 17) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه بالرواية الأولى عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 184) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 54)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (1/ 353 رقم 356) -: نا معمر. والثانية للطبري (6/ 52): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد بن أبي عروبة. كلاهما عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 17) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬3) أخرجه الطيالسي في "مسنده" (2/ 17 رقم 1947 - منحة)، وابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (1/ 352 رقم 354)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 18) -وعنه الترمذي في "سننه" (5/ 250 رقم 3044) -، =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: ولد نبيكم - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، وأنزلت سورة المائدة يوم الاثنين {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، ورفع الذكر يوم الاثنين (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بعرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = والطبري في "جامع البيان" (6/ 53)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (6/ 308، 309 رقم 2502، 2503)، والطبراني في "الكبير" (12/ 143 رقم 12835)، والبيهقي في "الدلائل" (5/ 446)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 127) كلهم من طريق حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال مسلم. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من حديث ابن عباس، وهو صحيح". وصححه شيخنا -رحمه الله- في "صحيح الترمذي". (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (1/ 277)، والطبراني في "الكبير" (12/ 183 رقم 12984)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 54)، والبيهقي في "الدلائل" (7/ 233)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 15)، كلهم من طريق ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصنعاني عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه ابن لهيعة: اختلط بعد احتراق كتبه، وليس أحد ممن روى عنه هذا الحديث من قدماء أصحابه. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 196): "وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات من أهل الصحيح". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 19): "وأخرج ابن جرير بسند ضعيف". * ملاحظة: عند أحمد لا يوجد فيه: ونزلت فيه سورة المائدة. . . إلخ. (¬2) أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 48 رقم 2208 - كشف): ثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي: ثنا عبد الله بن إدريس عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن ابن عباس. =

* عن سمرة بن جندب؛ قال: نزلت هذه الآية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بعرفة يوم الجمعة (¬1). [ضعيف جداً] * عن عيسى بن جارية الأنصاري؛ قال: كنا جلوساً في الديوان، فقال لنا نصراني: يا أهل الإسلام! لقد نزلت عليكم آية لو نزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم وتلك الساعة عيداً، ما بقي منا اثنان: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}؛ فلم يجبه أحد منا، فلقيت محمد بن كعب القرظي فسألته عن ذلك؛ فقال: ألا رددتم عليه؟ فقال: قال عمر بن الخطاب: أنزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف على الجبل يوم عرفة، فلا يزال ذلك اليوم عيد ¬

_ = قلنا: وهذا سند ضعيف معلول بالشذوذ؛ فقد مر الحديث أول الآية عن الشعبي به مرسلًا، ورواه عنه خمسة من الثقات الحفاظ منهم عبد الله بن إدريس لم يذكروا ابن عباس، وقد رواه عن ابن إدريس أبو كريب وهو ثقة حافظ لم يذكر فيه ابن عباس، وخالفه إبراهيم هذا؛ فوصله، وفيه ضعف، ولخصه الحافظ بقوله: "صدوق فيه لين"؛ فلا تقبل مخالفته. وقال السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 19): "وأخرج البزار بسند صحيح". (¬1) أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 47 - 48 رقم 2207 - كشف)، والطبراني في "الكبير" (7/ 220 رقم 6916)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 15) جميعهم من طريق محمد بن إسحاق ثنا عمر بن موسى بن وجيه عن قتادة عن الحسن عن سمرة. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الحسن؛ مدلس وقد عنعنه. الثانية: عمر بن موسى بن وجيه هذا؛ متروك، متهم بوضع الحديث. قال البزار: "لا نعلمه يروى عن سمرة إلا من هذا الوجه، وعمر بن وجيه لين الحديث". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 13): "رواه الطبراني والبزار، وفيه عمر بن موسى بن وجيه وهو ضعيف".

المسلمين ما بقي منهم أحد (¬1). [ضعيف جداً] * عن كعب الأحبار؛ قال: قلت لعمر بن الخطاب: إني لأعرف قوماً لو نزلت عليهم هذه الآية لنظروا إلى يوم نزلت فيه؛ فاتخذوه عيداً، فقال عمر: أية آيةٍ؟ فقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} إلى آخر الآية. فقال عمر: إني لأعرف في أي يوم أنزلت {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}؟ يوم جمعةٍ يوم عرفة، وهما لنا عيدان (¬2). [حسن] * عن السدي قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}: هذا نزل يوم عرفة، فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام، ورجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمات، فقالت أسماء بنت عميس: حججت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الحجة، فبينما نحن نسير إذ تجلى له جبريل - صلى الله عليه وسلم - على الراحلة، فلم تطق الراحلة من ثقل ما عليها من القرآن؛ فبركت، فأتيته فسجيت عليه برداء كان عليّ (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 54): ثنا ابن حميد ثنا حكام عن عنبسة عن عيسى به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: ابن حميد؛ حافظ متهم. الثانية: عيسى هذا؛ ضعيف. الثالثة: الإرسال؛ فإن محمد بن كعب لم يدرك عمر. (¬2) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 253 رقم 830، 3/ رقم 3900)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 53، 54) من طريق رجاء بن أبي سلمة عن عبادة بن نسي عن إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب عن كعب به. قلنا: وسنده حسن -إن شاء الله-. وقد تحرف سند الحديث عند الطبري، والصواب ما أثبتنا، والله أعلم. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 51)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (1/ 352، 353 رقم 355) من طريق أسباط عن السدي به. قلت: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

* عن أبي هريرة؛ قال: من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة؛ كتب له صيام ستين شهراً، وهو يوم غدير خم، لما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد علي بن أبي طالب فقال: "ألست ولي المؤمنين"، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "من كنت مولاه؛ فعليٌّ مولاه"، فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب! أصبحت مولاي ومولى كل مسلم؛ فأنزل الله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (¬1). [ضعيف] * عن أبي سعيد الخدري؛ قال: لما نصب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علياً يوم غدير خم فنادى له بالولاية، هبط جبريل عليه بهذه الآية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (¬2). [ضعيف جداً] * عن معاوية بن أبي سفيان؛ قال: نزلت في يوم عرفة في يوم جمعة (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 19) ونسبه لابن مردويه والخطيب وابن عساكر وضعفه. قلنا: هو في "تاريخ بغداد" (8/ 290) من طريق مطر الوراق عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة به. وهذا سنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: مطر الوراق؛ ضعيف. الثانية: شهر؛ كثير الأوهام والإرسال. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 19) ونسبه لابن مردويه وابن عساكر وضعفه. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 54)، والطبراني في "الكبير" (19/ 337 رقم 921)، و"مسند الشاميين" (3/ 396، 397 رقم 2541) من طريق هشام بن عمار ثنا إسماعيل بن عياش ثنا عمرو بن قيس السكوني أنه سمع معاوية (فذكره). قلنا: وهذا سند ضعيف؛ وفيه علتان: الأولى: إسماعيل بن عياش: صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم، وهذا منها؛ وعمرو هذا كوفي صدوق؛ كما في "الميزان". الثانية: هشام بن عمار فيه ضعف معروف.

* عن علي بن أبي طالب: نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم عشية عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. . .} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في هذه الآية: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} يقول: يئس أهل مكة أن يرجعوا إلى دينهم عبادة الأوثان أبداً، {فَلَا تَخْشَوْهُمْ} في اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - {وَاخْشَوْنِ} في عبادة الأوثان وتكذيب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان واقفاً بعرفات نزل عليه جبريل -عيله السلام- وهو رافع يده والمسلمون يدعون الله -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}؛ يقول: حلالكم وحرامكم فلم ينزل بعد هذا حلال ولا حرام {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}؛ قال: منّتي؛ فلم يحج معكم مشرك {وَرَضِيتُ}؛ يقول: واخترت {لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. ثم مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول هذه الآية إحدى وثمانين يوماً، ثم قبضه الله -تعالى- إليه وإلى رحمته (¬2). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (6/ 308 رقم 2501)، والحافظ ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 15) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا قيس بن الربيع عن إسماعيل بن سلمان عن أبي عمر البزار عن ابن الحنفية عن علي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: إسماعيل بن سلمان بن أبي المغيرة الأزرق التميمي الكوفي؛ ضعيف. انظر: "الجرح والتعديل" (1/ 1/ 176)، و"تهذيب الكمال" (3/ 105)، و"الميزان" (1/ 232)، و"التقريب" (1/ 70). الثانيه: قيس بن الربيع؛ ضعيف. الثالثة: الحماني؛ متهم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 19) وزاد نسبته للطبري، ولم نجده فيه بعد طول بحث. (¬2) أخرج البيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 64، 65 رقم 32 - الكتب العلمية) من طريق السدي الصغير محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عنه به. =

* عن الشعبي؛ قال: نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية وهو بعرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. كان إذا أعجبته آيات جعلن صدر السورة، قال: وكان جبريل يعلم كيف ينسك (¬1). [ضعيف] * عن مقاتل بن حيان في قوله: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ}: نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بعرفات يوم عرفة، يقول: "قد يئسوا أن تعود الجاهلية؛ فلا تخشوهم؛ فإن الجاهلية لا تعود أبداً"، {وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} وذلك حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام، وأتم الله الحج للمسلمين فلم يخالطهم مشرك، ودخل الناس في دين الله (¬2). [ضعيف] * عن إسحاق بن قبيصة؛ قال: تلا عمر بن الخطاب هذه الآية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}؛ فقال عمر: الحمد لله؛ نزلت عشية عرفة في يوم الجمعة (¬3). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً بل هو موضوع؛ السدي والكلبي وأبو صالح كذّابون متهمون. ومن دون السدي لم نجد لهم ترجمة. (¬1) قلنا: ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 17) ونسبه لعبد بن حميد، وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (1/ 354 رقم 360). قلنا: وسنده صحيح إلى مقاتل؛ لكنه معضل. (¬3) أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (2/ 60 رقم 918)، والطبري في "جامع البيان" (4/ 56) من طريق عبادة بن نسي ثنا إسحاق بن قبيصة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لانقطاعه بين إسحاق وعمر.

* {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4)}. * عن أبي رافع؛ قال: جاء جبريل يستأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأذن له فأبطأ عليه وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رداءه فقام إليه وهو قائم بالباب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ أذنّا"، فقال: "أجل يا رسول الله، ولكنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة"، فوجدوا جرواً في بعض بيوتهم. قال أبو رافع: فأمرني حيث أصبحت فلم أدع بالمدينة كلباً إلا قتلته، فإذا بامرأة قاصية لها كلب ينبح عليها فرحمتها؛ فتركته وجئت، فأمرني فرجعت إلى الكلب فقتلته، فقال الناس: يا رسول الله! ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا رافع في قتل الكلاب، فقتل ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 57)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 17)، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 325، 326 رقم 971، 972)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 311)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 235)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 127)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/ 57)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 405 - مختصراً) جميعهم من طريق موسى بن عبيدة وابن إسحاق عن أبان بن صالح عن القعقاع بن حكيم عن سلمى أم رافع عن أبي رافع به. قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 43): "ورجاله ثقات!! ". قلنا: بل إسناده ضعيف؛ فإن موسى بن عبيدة؛ ضعيف؛ كما في "التقريب"، وابن إسحاق صدوق مدلس وقد عنعن، ولعله رواه عن موسى بن عبيدة ثم دلّسه فأسقطه، فعاد مدار الحديث على ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 21) وزاد نسبته لابن المنذر والفريابي.

حتى بلغ العوالي، فدخل عاصم بن عدي وسعد بن خيثمة وعويم بن ساعدة؛ فقالوا: ماذا أحل لنا يا رسول الله؛ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} (¬1). [ضعيف] * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: لما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب؛ قالوا: يا رسول الله! فماذا يحل لنا من هذه الأمة؟ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4)} الآية (¬2). [ضعيف] * عن عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيين سألا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالا: يا رسول الله قد حرم الله الميتة، فماذا يحل لنا منها؟ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}؛ قال سعيد: يعني: الذبائح الحلال الطيبة لهم (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 57) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف كما تقدم مراراً. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 57) من طريق عبد الله بن الزبير حدثونا عن محمد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: جهالة الواسطة بين محمد وابن الزبير. (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 17): ثنا يحيى بن عبد الله بن أبي بكير ثني ابن لهيعة ثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير عن عدي به. =

* عن الشعبي؛ قال: إن عدي بن حاتم الطائي قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن صيد الكلاب، فلم يدر ما يقول له حتى نزلت هذه الآية: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} (¬1). [ضعيف] * {وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. * عن قتادة في قوله: {وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}؛ قال: ذو الخدن والخلية الواحدة؛ قال: ذكر لنا رجالًا قالوا: كيف نتزوج نساءهم وهم على دين ونحن على دين؟ فأنزل الله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} قال: لا والله، لا يقبل الله عملًا إلا بالإيمان (¬2). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)}. * عن علقمة بن وقاص الليثي؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراق البول نكلمه؛ فلا يكلمنا، ونسلم عليه؛ فلا يرد علينا، حتى يأتي منزله فيتوضأ كوضوئه للصلاة، فقلنا: يا رسول الله نكلمك فلا تكلمنا، ونسلم ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف؛ ابن لهيعة اختلط والراوي عنه ليس من قدماء أصحابه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 59): ثنا أبو كريب ثنا إسماعيل بن صبيح، قال: ثنا أبو هانئ عن أبي بشر حدثنا عامر الشعبي به. قلنا: وسنده ضعيف؛ أبو هانئ غير معروف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 22) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 26) ونسبه لعبد بن حميد.

عليك فلا ترد علينا، قال: حتى نزلت آية الرخصة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} الآية (¬1). [ضعيف جداً] * عن عائشة: أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فصلّوا، فشكوا ذلك إلى رسول الله؛ فأنزل الله -تعالى- آية التيمم، فقال أسيد بن حضير لعائشة: جزاك الله خيراً؛ فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك لك والمسلمين فيه خيراً (¬2). [صحيح] * عن عمار بن ياسر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرَّس بأولاتِ الجيش ومعه عائشة، فانقطع عقد لها من جَزْعِ ظِفَار؛ فحبس الناس ابتغاء عقدها ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 74)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 24) كلاهما من طريق أبي كريب ثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن جابر الجعفي عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عبد الله بن علقمة بن وقاص عن أبيه. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: جابر الجعفي؛ متروك الحديث، بل اتهمه الشعبي بالكذب. الثانية: علقمة بن وقاص؛ ثقة ثبت، أخطأ من زعم أن له صحبة، فهو مرسل، ومما يدلل على ضعف الحديث: أن الحفاظ والمحققين قالوا: ليس له صحبة، وهنا في هذا الحديث أثبت له لقاء النبي، ولا شك أن هذا غير صحيح، والخطأ من جابر. قال الحافظ ابن كثير: "وهو حديث غريب جداً؛ وجابر هذا هو ابن يزيد [في الأصل زيد وهو خطأ] الجعفي ضعفوه". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 26): "وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم بسند ضعيف". (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 334، 336، 3672، 3773، 4583، 4607، 4608، 5164، 5250، 5882، 6844، 6845)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 367).

ذلك، حتى أضاء الفجر وليس مع الناس ماء؛ فتغيظ عليها أبو بكر، وقال: حبست الناس وليس معهم ماء؛ فأنزل الله -تعالى- على رسوله - صلى الله عليه وسلم - رخصة التطهر بالصعيد الطيب. فقام المسلمون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضربوا بأيديهم إلى الأرض ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التراب شيئاً فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب ومن بطون أيديهم إلى الآباط (¬1). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)}. * عن عبد الله بن كثير؛ قال: نزلت في يهود خيبر، أرادوا قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - في دية، فهموا أن يقتلوه؛ فذلك قوله: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (¬2). [ضيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (4/ 263، 264، 320، 321)، وأبو داود (1/ 86، 87 رقم 320)، وابن ماجه (1/ 187 رقم 566 - مختصراً) من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن عمار به. وأخرجه ابن ماجه (1/ 187 رقم 565) من طريق الزهري عن عبيد الله بن عتبة عن عمار، وهو منقطع فيما بين عبيد الله وعمار. قلنا: والحديث معلّ بالاضطراب؛ كما ذكر شيخنا أسد السنّة العلامة الألباني -رحمه الله- في "إرواء الغليل" (1/ 185، 186)، وانظر: "ضعيف سنن أبي داود" (67/ 319). والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 31) وزاد نسبته لعبد الرزاق وعبد بن حميد. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 91) -: ثني حجاج المصيصي عن ابن جريج عن عبد الله به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: عبد الله من السادسة؛ فهو معضل. =

* {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)}. * عن عبد الله بن كثير: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ}؛ قال: يهود دخل عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حائطاً فاستعانهم في مغرم غرمه، فائتمروا بينهم بقتله، فقام من عندهم فخرج معترضاً ينظر إليهم خيفتهم، ثم دعا أصحابه رجلًا رجلًا حتى تناموا إليه (¬1). [ضعيف جداً] * عن يزيد بن أبي زياد؛ قال: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني النضير يستعينهم في عقل أصابه، ومعه أبو بكر وعمر وعليّ، فقال: "أعينوني في عقل أصابني"، فقالوا: نعم يا أبا القاسم، قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة، اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ينتظرونه، وجاء حيي بن أخطب وهو رأس القوم وهو الذي قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال، فقال حيي لأصحابه: لا ترونه أقرب منه الآن، اطرحوا عليه حجارة فاقتلوه، ولا ترون شراً أبداً، فجاءوا إلى رحى لهم عظيمة ليطرحوها عليه فأمسك الله عنها أيديهم حتى جاءه جبريل - صلى الله عليه وسلم - فأقامه من ثَمّ؛ فأنزل الله -جلّ وعزّ-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)}؛ فأخبر الله -عز ذكره- نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما أرادوا به (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = الثانية: ابن جريج مدلس وقد عنعنه. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف. (¬1) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 93) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عبد الله به. قلت: وسنده ضعيف جداً؛ إسناده كسابقه تماماً. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 93): ثنا هناد السري ثنا يونس بن بكير =

* عن عكرمة؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنذر بن عمرو الأنصاري أحد بني النجار، وهو أحد النقباء ليلة العقبة، فبعثه في ثلاثين راكباً من المهاجرين والأنصار، فخرجوا فلقوا عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر على بئر معونة، وهي من مياه بني عامر، فاقتتلوا؛ فقُتل المنذر وأصحابه إلا ثلاثة نفر كانوا في طلب ضالَّة لهم، فلم يَرُعْهم إلا والطير تحوم في السماء يسقط من بين خراطيمها علق الدم، فقال أحد النفر: قتل أصحابنا -والرحمن-، ثم تولى يشتد حتى لقي رجلًا فاختلفا ضربتين فلما خالطته الضربة رفع رأسه إلى السماء؛ ففتح عينيه، ثم قال: الله أكبر، الجنة ورب العالمين، فكان يدعى أعنق ليموت، ورجع صاحباه فلقيا رجلين من بني سليم، وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قومهما موادعة، فانتسبا لهما إلى بني عامر فقتلاهما، وقدم قومهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلبون الدية، فخرج ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وعبد الرحمن بن عوف حتى دخلوا على كعب بن الأشرف ويهود النضير، فاستعانهم في عقلهم، قال: فاجتمعت اليهود لقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واعتلوا بصنيعة الطعام، فأتاه جبريل - صلى الله عليه وسلم - بالذي اجتمعت عليه يهود من الغدر، فخرج ثم دعا علياً، فقال: "لا تبرح مقامك، فمن خرج عليك من أصحابي فسألك عني؛ فقل وجه إلى المدينة"، فأدركوه، قال: فجعلوا يقرون على عليّ فيأمرهم بالذي أمره، حتى أتى عليه آخرهم، ثم تبعهم؛ فذلك قوله: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} (¬1). [ضعيف] ¬

_ = ثني أبو معشر عن يزيد به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: أولاً: يزيد هذا؛ ضعيف كبر؛ فتغير؛ فصار يلقن. ثانياً: أبو معشر نجيح السندي؛ ضعيف أسن واختلط. ثالثاً: الإعضال. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 93، 94) من طريق سنيد صاحب =

* عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن بكر؛ أبي قالا: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني النضير ليستعينهم على دية العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري، فلما جاءهم خلا بعضهم ببعض، فقالوا: إنكم لن تجدوا محمداً أقرب منه الآن، فمُروا رجلًا يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه، فقال عمرو بن جحاش بن كعب: أنا، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر وانصرف عنهم؛ فأنزل الله -عزّ ذكره- فيهم وفيما أراد هو وقومه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ} (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد في قوله: {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} يهود حين دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - حائطاً لهم، وأصحابه من وراء جدار لهم، فاستعانهم في مغرم في دية غرمها، ثم قام من عندهم، فائتمروا بينهم بقتله، فخرج يمشي معترضاً ينظر إليهم خيفتهم، ثم دعا أصحابه رجلًا رجلًا حتى تتاموا إليه؛ قال الله -جلّ وعزّ-: {فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = "التفسير": ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 37) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه ابن إسحاق في المغازي -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 92، 93) -: عن عاصم به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 36) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 93) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. =

* عن قتادة قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ} الآية، ذكر لنا أنها نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ببطن نخل في الغزوة السابعة، فأراد بنو ثعلبة وبنو محارب أن يفتكوا به؛ فأطلعه الله على ذلك. ذكر لنا أن رجلًا انتدب لقتله فأتى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وسيفه موضوع، فقال: آخذه يا نبي الله؟ قال: "خذه"، قال: أستله، قال: "نعم"، فسله، فقال: من يمنعك مني؟ قال: "الله يمنعني منك"، فهدده أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأغلظوا له القول، فشام السيف وأمر نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالرحيل؛ فأنزلت عليه صلاة الخوف عند ذلك (¬1). [ضعيف] * عن أبي مالك في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ}؛ قال: نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه حين أرادوا أن يغدروا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 37) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 94)؛ ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 38) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 94): ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عبد العزيز بن أبان ثنا إسرائيل عن السدي عن أبي مالك به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: عبد العزيز هذا؛ متروك الحديث. الثانية: الإرسال. وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" (3/ 37) لعبد بن حميد، فإن رواه عن غير طريق عبد العزيز؛ فهو مرسل حسن الإسناد، وإلا؛ فلا.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} وذلك أن عمرو بن أمية الضمري حين انصرف من بئر معونة لقي رجلين كلابيين معهما أمان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقتلهما ولم يعلم أن معهما أمانًا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ففداهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومضى إلى بني النضير ومعه أبو بكر وعمر وعليّ، فتلقوه بنو النضير، فقالوا: مرحباً يا أبا القاسم، ماذا جئت له؟ قال: "رجل من أصحابي قتل رجلين من كلاب معهما أمان مني، طلب مني ديتهما فأريد أن تعينوني"، قالوا: نعم، والحب لك والكرامة يا أبا القاسم! اقعد حتى نجمع لك! فقعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الحصن وأبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعلي بين يديه، وقد توامر بنو النضير أن يطرحوا عليه حجراً، وقال بعض أهل العلم: بل ألقوه، فأخذه جبرئيل -عليه السلام-، وأخبر النبي -عليه السلام- بما توامر الفسقة وما هموا به، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتبعه أبو بكر وعُمر وعليّ -رضي الله عنهم-؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} الآية (¬1). [باطل] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 422، 423) من طريق عبد الغني بن سعيد الثقفي ثنا موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به. قال الحافظ ابن حجر في "العجاب" (1/ 220): "ومن التفاسير الواهية لوهاء رواتها: التفسير الذي جمعه موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني وهو قدر مجلدين يسنده إلى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وقد نسب ابن حبان موسى هذا إلى وضع الحديث، ورواه عن موسى: عبد الغني بن سعيد الثقفي وهو ضعيف". قلنا: نص كلام ابن حبان في "المجروحين" هو (2/ 242): "شيخ دجال يضع الحديث، روى عنه عبد الغني بن سعيد الثقفي، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتاباً في التفسير جمعه من كلام الكلبي ومقاتل بن سليمان =

* عن عروة بن الزبير؛ قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من أصحابه إلى بني النضير يستعينهم في عقل الكلابيين، وكانوا قد دسوا إلى قريش حين نزلوا بأحد لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فحضوهم على القتال ودلوهم على العورة، فلما كلمهم في عقل الكلابيين؛ قالوا: اجلس يا أبا القاسم! حتى تطعم وترجع بحاجتك التي جئت لها ونقوم فنتشاور ونصلح أمرنا فيما جئت له، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من أصحابه إلى ظل جدار ينتظر أن يصلحوا أمرهم، فلما دخلوا ومعهم الشيطان لا يفارقهم ائتمروا بقتله، وقالوا: لا تجدونه أقرب منه الساعة، استريحوا منه؛ تأمنوا في دياركم، ويرفع عنكم البلاء، قال رجل منهم: إن شئتم رقيت على الجدار الذي هو تحته فدليت عليه حجراً فقتلته، فأوحى الله -عزّ وجلّ- إليه فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنه يريد أن يقضي حاجة وترك أصحابه مكانهم وأعداء الله في نجيهم، فلما فرغوا وقضوا حاجتهم وأمرهم في محمد أتوا فجلسوا مع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرونه، فأقبل رجل من المدينة بعد أن راث عليهم فسألوه عنه، فقال: لقيته عامداً المدينة قد دخل في أزقتها، فقالوا: عجل أبو القاسم أن نقيم أمرنا في حاجته التي جاء لها، ثم قام أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجعوا، ونزل القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي أراد أعداء الله به فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ¬

_ = وألزقه بابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، ولم يحدث عن ابن عباس ولا عطاء سمعه ولا ابن جريج سمع من عطاء. . .". قلنا: فالحديث باطل، وانظر: "الميزان" (4/ 211). وأخرجه من طريق مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس به. قلنا: مقاتل هذا؛ كذاب، نسبوه للكذب، والضحاك لم يلق ابن عباس!. وأخرجه أبو نعيم من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه بنحوه. قلنا: الكلبي وشيخه كذابان.

فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ} الآية، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإجلائهم لما أرادوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أخذهم بأمر الله وأمرهم أن يخرجوا من ديارهم فيسيروا حيث شاءوا، قالوا: أين تخرجنا؟ قال: إلى الحشر (¬1). [ضعيف] * عن الحسن: أن رجلًا من محارب يقال له: غورث بن الحارث، قال لقومه: أقتل لكم محمداً؟ قالوا له: كيف تقتله؟! فقال: أفتك به، فأقبل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس وسيفه في جحره، فقال: يا محمد! انظر إلى سيفك هذا، قال: نعم، فأخذه فاستله وجعل يهزه ويهم فيكبته الله، فقال: يا محمد، ما تخافني وفي يدي السيف؟ ورده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} الآية (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو نعيم في "الدلائل" (ص 423) من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة به. قلنا: وهذا مع إرساله؛ فيه ابن لهيعة وهو ضعيف. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 36) ونسبه لابن إسحاق وأبي نعيم في "الدلائل" عن الحسن به. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله، ومراسيل الحسن كالريح. وقد أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 128)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 152)، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء" (ص 391) من طريق ابن إسحاق حدثني عمرو بن عبيد عن الحسن عن جابر به. وهذا كذب بلا شك؛ فيه علتان: الأولى: عمرو بن عبيد هذا؛ هو المعتزلي المشهور، كان داعية إلى بدعة واتهمه جماعة. الثانية: الحسن؛ مدلس وقد عنعنه. * ملاحظة: في سند أبي نعيم هكذا: "عمرو بن عبيد عن جابر" وأظنه سقط منه ذكر الحسن؛ فهي نسخة رديئة جداً.

* {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)}. * عن عكرمة في قوله: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ} إلى قوله: {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}؛ قال: إن نبي الله أتاه اليهود يسألونه عن الرجم واجتمعوا في بيت، قال: "أيكم أعلم"، فأشاروا إلى ابن صوريا، فقال: "أنت أعلمهم"؟ قال: سل عما شئت، قال: "أنت أعلمهم"؟ قال: إنهم ليزعمون ذلك، قال: فناشده بالذي أنزل التوراة على موسى والذي رفع الطور، وناشده بالمواثيق التي أخذت عليهم حتى أخذه أَفْكَلُ، فقال: إن نساءنا نساء حسان فكثر فينا القتل، فاختصرنا أخصورة فجلدنا مائة وحلقنا الرؤوس وخالفنا بين الرؤوس إلى الدواب أحسبه قال: الإبل، قال: فحكم عليهم بالرجم؛ فأنزل الله فيهم: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ} الآية، وهذه الآية: {وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} [البقرة: 76]، وقوله: {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}؛ يعني بقوله: ويعفو ويترك، أخذكم بكثير مما كنتم تخفون من كتابكم الذي أنزله الله إليكم وهو التوراة، فلا تعملون به حتى يأمره الله بأخذكم به (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: لما أخبر الأعور سمويل بن صوريا الذي صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرجم أنه في كتابهم، وقال: لكنا نخفيه؛ فنزلت: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 103، 104) من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ} وهو شاب أبيض طويل من أهل فدك (¬1). [ضعيف] * {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعمان بن أُحي وبحري بن عمرو وشاس بن عدي، فكلموه؛ فكلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته، فقالوا: ما تخوفنا يا محمد، نحن والله أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى؛ فأنزل الله -جل وعزّ- فيهم: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} إلى آخر الآية (¬2). [ضعيف] * {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال معاذ بن جبل وسعد بن ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 43) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو معضل. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 105، 106)، وابن أبي حاتم وابن المنذر؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 36)، و"الدر المنثور" (3/ 44)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (4/ 2157 رقم 5412)، والبيهقي في "الدلائل" (2/ 535 - ضمن حديث طويل) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق؛ كما قال الحافظان الذهبي والعسقلاني.

عبادة وعقبة بن وهب لليهود: يا معشر اليهود اتقوا الله؛ فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله، لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه، وتصفونه لنا بصفته، فقال رافع بن حرملة ووهب بن يهودا: ما قلنا هذا لكم، وما أنزل الله من كتاب بعد موسى، ولا أرسل بشيراً ولا نذيراً بعده؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في قولهما: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19)} (¬1). [ضعيف] * {قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قوله: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}؛ قال: هي مدينة الجبارين، لما نزل بها موسى وقومه بعث منهم اثني عشر رجلًا، وهم النقباء الذين ذكر نعتهم ليأتوه بخبرهم، فساروا فلقيهم رجل من الجبارين فجعلهم في كسائه فحملهم حتى أتى به المدينة، ونادى في قومه؛ فاجتمعوا إليه، فقالوا: من أنتم؟ فقالوا: نحن قوم موسى بعثنا إليكم لنأتيه بخبركم، فأعطوهم حبة من عنب بوقر الرجل، فقالوا لهم: اذهبوا إلى ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في المغازي -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 107)، وابن أبي حاتم وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 45)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 535)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (4/ 2157 رقم 5412) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف كسابقه.

موسى وقومه فقولوا لهم: اقدروا قدر فاكهتهم، فلما أتوهم قالوا لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (¬1). [حسن] * {قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25)}. * عن السدي؛ قال: غضب موسى - صلى الله عليه وسلم - حين قال له القوم: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} فدعا عليهم؛ فقال: {رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} وكانت عجلة من موسى عجلها (¬2). [ضعيف جداً] * {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)}. * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: قدم أناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بلقاح، وأن يشربوا من أبوالها وألبانها، فانطلقوا، فلما صَحّوا قتلوا راعي النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستاقوا النعم، ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 114)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 40) من طريق أبي صالح كاتب الليث عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد حسن -إن شاء الله- وقد فصلنا الكلام عليه في آل عمران فلا نعيد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 116) من طريق عمرو بن حماد القناد ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وإسناده ضعيف جداً؛ لإعضاله وضعف أسباط.

فجاء الخبر في أول النهار، فبعث في آثارهم فلما ارتفع النهار جيء بهم؛ فأمر؛ فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمرت أعينهم، وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون. قال أبو قلابة: فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية؛ قال: نزلت هذه الآية في المشركين، فمن تاب منهم قبل أن يقدر عليه لم يكن عليه سبيل، وليست هذه الآية للرجل المسلم؛ فمن قتل وأفسد في الأرض، وحارب الله ورسوله ألحق بالكفار قبل أن يقدر عليه لم يمنعه ذلك أن يقام فيه الحد الذي أصاب (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري (رقم 233، 3018، 4193، 4610، 6802، 6803، 6805، 6899)، ومسلم (رقم 1671/ 10 - 12). (¬2) أخرجه أبو داود (4/ 132 رقم 4372)، والنسائي (7/ 101) من طريق علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده حسن؛ لأجل عليّ هذا. وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" (10/ 109 رقم 18544) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (8/ 283) -: ثنا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي ثنا داود عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: نزلت هذه الآية في المحارب: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} إذا عدا فقطع الطريق فقتل وأخذ المال؛ صلب، وإن قتل ولم يأخذ مالًا؛ قتل، وإن أخذ المال ولم يقتل؛ قُطع من خلاف، فإن هرب وأعجزهم؛ فذلك نفيه. قلنا: وهذا إسناد تالف واه بمرة؛ فيه إبراهيم هذا: متروك، وكذبه بعضهم، ثم إن رواية داود بن الحصين عن عكرمة منكرة. وأخرجه الشافعي في "الأم" (6/ 151) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (8/ 283) -، وعبد الرزاق في "المصنف" (10/ 107، 108 رقم 11541) كلاهما =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}؛ قال: كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - عهد وميثاق، فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض؛ فخير الله رسوله إن شاء أن يقتل، وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف (¬1). [ضعيف] ¬

_ = عن إبراهيم عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا كسابقه: إبراهيم متروك، وصالح اختلط، وإبراهيم ممن روى عنه بعد الاختلاط. * ملاحظة: في "مصنف عبد الرزاق": أبي هريرة بدلًا من ابن عباس، ولعل هذا من اضطراب إبراهيم هذا وضعفه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (10/ 147 رقم 9067، 12/ 283 رقم 12838)، وابن حزم في "المحلى" (11/ 219) من طريق أبي معاوية وعبد الرحيم بن سليمان كلاهما عن الحجاج بن أرطاة عن عطية العوفي عن ابن عباس بنحوه. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: عطية هذا؛ ضعيف. الثانية: الحجاج؛ صدوق كثير الخطأ والتدليس. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 68) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 133)، والطبراني في "الكبير" (12/ 198، 199 رقم 13032) من طريق المثنى وبكر بن سهل كلاهما عن عبد الله بن صالح كاتب الليث عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأجل عبد الله هذا، وليس الذي روى عنه هذا الحديث من الكبار الحذاق؛ كالبخاري وابن معين ونحوهما. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 15): "وعلي بن أبي طلحة لم يدرك ابن عباس". قلنا: تقدم مراراً أن روايته عن ابن عباس محمولة على الاتصال؛ لأنه أخذ التفسير عن عكرمة وسعيد بن جبير.

* عن جرير بن عبد الله البجلي؛ قال: قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - قوم من عرينة حفاة مضرورين؛ فأمر بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما صحّوا واشتدوا؛ قتلوا رعاء اللقاح، ثم خرجوا باللقاح عامدين بها إلى أرض قومهم، قال جرير: فبعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من المسلمين حتى أدركناهم بعدما أشرفوا على بلاد قومهم، فقدمنا بهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسمل أعينهم، وجعلوا يقولون: الماء، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "النار"، حتى هلكوا، قال: وكره الله سمل الأعين؛ فأنزل الله هذه الآية: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} إلى آخر الآية (¬1). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير؛ قال: كان ناس أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: نبايعك على الإسلام؛ فبايعوه وهم كذبة، وليس الإسلام يريدون، ثم قالوا: إنا نجتوي المدينة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هذه اللقاح تغدو عليكم وتروح؛ فاشربوا من أبوالها وألبانها"، قال: فبينا هم كذلك؛ إذ جاء الصريخ، فصرخ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: قتلوا الراعي، وساقوا النعم؛ فأمر نبي الله فنودي في الناس: أن خيل الله اركبي، قال: فركبوا لا ينتظر فارس فارساً، قال: فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أثرهم، فلم يزالوا يطلبونهم حتى أدخلوهم مأمنهم، فرجع صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أسروا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 134) من طريق موسى بن عبيدة عن محمد بن إبراهيم عن جرير به. قلنا: وسنده ضعيف، وفي متنه نكارة؛ فموسى بن عبيدة الربذي ضعيف وتركه بعضهم، ووجه النكارة: أنه قال: "فكره الله سمل الأعين؛ فأنزل هذه الآية"؛ فهذا مخالف لما رواه مسلم في "صحيحه" عن أنس: أنه - صلى الله عليه وسلم - سمل أعين الرعاء وكان هذا قصاصاً لا جزاء. وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 52): "وفي إسناده الربذي وهو ضعيف"، وأشار إلى النكارة التي وقعت في متنه.

منهم، فأتوا بهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية، قال: فكان نفيهم أن نفوهم حتى أدخلوهم مأمنهم وأرضهم، ونفوهم من أرض المسلمين وقتل نبيّ الله منهم، وصلب وقطع وسمّل الأعين، قال: فما مثّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ولا بعد، قال: ونهى عن المثلة، وقال: لا تمثلوا بشيء"، قال: فكان أنس بن مالك يقول ذلك غير أنه قال: أحرقهم بالنار بعدما قتلهم (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة والحسن البصري؛ قالا: قال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} إلى {أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} نزلت هذه الآية في المشركين، فمن تاب منهم من قبل أن تقدروا عليه؛ لم يكن عليه سبيل، وليست تحرز هذه الآية الرجل المسلم من الحد إن قتل أو أفسد في الأرض أو حارب الله ورسوله ثم لحق بالكفار قبل أن يقدر عليه، لم يمنعن ذلك أن يقام فيه الحد الذي أصاب (¬2). [ضعيف جداً] * عن أبي الزناد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قطع الذين سرقوا لقاحه وسمّل أعينهم بالنار؛ عاتبه الله -تعالى- في ذلك؛ فأنزل الله -تعالى-: ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10/ 107 رقم 18540)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 133، 134) من طريقين عن عبد الكريم عن سعيد بن جبير به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، ولم يتعين لنا من هو عبد الكريم هذا؛ هل هو الجزري الثقة، أم ابن أبي المخارق الضعيف؟. (¬2) قلنا: أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 133): ثنا ابن حميد ثنا يحيى بن واضح ثنا الحسين بن واقد عن زيد النحوي عن عكرمة والحسن به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: ابن حميد؛ حافظ متهم. الثانية: الإرسال. وقد تقدم في أول الآية من طريق الحسين بن واقد عن زيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس موصولًا، وهو أصح من هذا.

{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} (¬1). [ضعيف] * عن الحسن البصري في قوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}؛ قال: نزلت في أهل الشرك (¬2). [ضعيف جداً] * عن ابن عمر: أن ناساً أغاروا على إبل النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستاقوها، وارتدوا عن الإسلام، وقتلوا راعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤمناً، فبعث في آثارهم؛ فأخذوا، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمّل أعينهم، قال: ونزلت فيهم آية المحاربة، وهم الذين أخبر عنهم أنسُ بن مالك الحجاجَ حين سأله (¬3). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود (4/ 131، 132 رقم 4370) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (8/ 283) -، والنسائي (7/ 100) من طريق ابن وهب عن الليث بن سعد عن ابن عجلان عن أبي الزناد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 133) بسند ضعيف جداً. (¬3) أخرجه أبو داود (4/ 131 رقم 4369) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (8/ 282، 283) -، والنسائي (7/ 100)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 134)، والطبراني في "الكبير" (12/ رقم 13247) -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (15/ 255) - من طريق سعيد بن أبي هلال عن أبي الزناد عن عبد الله بن عبيد الله عن ابن عمر. قلنا: وسنده حسن في الشواهد؛ مداره على عبد الله هذا، لم يرو عنه إلا أبو الزناد، ولم يوثقه إلا ابن حبان، وقال أبو حاتم: لا أعرفه، وقال ابن حجر في "التقريب": مقبول؛ أي: حيث يتابع، وإلا؛ فليّن. ولم يتابع؛ لكن يشهد له حديث أنس السابق. انظر: "الجرح والتعديل" (5/ رقم 463)، و"الثقات" (5/ 38)، و"التقريب" (1/ 431). وقال شيخنا الألباني -رحمه الله- في "صحيح أبي داود"، و"صحيح النسائي": "حسن صحيح".

* عن السدي: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}؛ قال: أنزلت في سودان عرينة، قال: أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبهم الماء الأصفر؛ فشكوا ذلك إليه فأمرهم فخرجوا إلى إبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصدقة، فقال: "اشربوا من ألبانها وأبوالها"، فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى إذا صحّوا وبرئوا؛ قتلوا الرعاة واستاقوا الإبل (¬1). [ضعيف جداً] * عن سعيد بن المسيب؛ قال: قدم ناس من العرب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا ثم مرضوا، فبعث بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى لقاح ليشربوا من ألبانها، فكانوا فيها، ثم عمدوا إلى الراعي غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقتلوه، واستاقوا اللقاح، فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهم عطش من عطش آل محمد الليلة"؛ فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبهم؛ فأخذوا؛ فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم (¬2). [ضعيف] * عن محمد بن عجلان؛ يقول: أنزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاتبة في ذلك، وعلّمه عقوبة مثلهم من القطع والقتل والنفي، ولم يسمل بعدهم غيرهم، قال: وكان هذا القول ذُكر لأبي عمرو فأنكر أن تكون نزلت معاتبة، وقال: بلى؛ كانت عقوبة أولئك النفر بأعيانهم، ثم نزلت هذه الآية في عقوبة غيرهم ممن حارب بعدهم فرفع عنهم السمل (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 134) من طريق عمرو بن حماد ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. (¬2) أخرجه النسائي في "المجتبى" (7/ 98، 99)، و"الكبرى" (2/ 297 رقم 3499) من طريق ابن وهب عن يحيى بن أيوب ومعاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد عن سعيد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬3) أخرجه الطبري (6/ 135). قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

* عن السدي؛ قال: فبعث رسول الله؛ فأتي بهم؛ يعني: العرنيين، فأراد أن يسمّل أعينهم، فنهاه الله عن ذلك وأمره أن يقيم فيهم الحدود كما أنزلها الله عليه (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن قوماً من عرينة جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسلموا، وكان منهم مواربة قد شلت أعضاؤهم واصفرت وجوههم وعظمت بطونهم؛ فأمر بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى إبل الصدقة يشربون من ألبانها وأبوالها، فشربوا حتى صحوا وسمنوا؛ فعمدوا إلى راعي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقتلوه، واستاقوا الإبل، وارتدوا عن الإسلام، وجاء جبريل، فقال: "يا محمد أبعث في آثارهم"؛ فبعث، ثم قال: "ادع بهذا الدعاء: اللهم إن السماء سماؤك، والأرض أرضك، والمشرق مشرقك، والمغرب مغربك، اللهم ضيّق عليهم الأرض برحبها حتى تجعلها عليهم أضيق من مسك حمل، حتى تقدرني عليهم أو تعثرني عليهم"، قال: فجاءوا بهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ}؛ فأمره جبريل أن من أخذ المال وقتل أن يصلب، ومن قتل ولم يأخذ المال يقتل، ومن أخذ المال ولم يقتل تقطع يدُه ورجله من خلاف، وقال ابن عباس: هذا الدعاء لكل آبقٍ، وكل من ضلت له ضالة من إنسان وغيره، لا يدعو أحد بهذا الدعاء ويكتبه في شيء ويدفن في مكان نظيف؛ إلّا أقدره الله عليه (¬2). [منكر] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 135) من طريق أحمد المفضل ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط، وفي متنه نكارة. (¬2) أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (2/ 984 رقم 1113) من طريق محمد بن الصلت نا عبد العزيز بن مسلم الشامي عن الضحاك عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فالضحاك لم يلق ابن عباس، وعبد العزيز هذا لم نجد له =

* عن ابن سعد؛ قال: نزلت هذه الآية في الحرورية: {إِنَّمَا جَزَاءُ. . .} (¬1). * {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)}. * عن عبد الله بن عمرو: أن امرأة سرقت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء بها الذين سرقتهم، فقالوا: يا رسول الله! إن هذه المرأة سرقتنا، قال قومها: فنحن نفديها؛ يعني: أهلها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقطعوا يدها"، فقالوا: نحن نفديها بخمسمائة دينار، قال: "اقطعوا يدها"، قال: فقطعت يدها اليمنى، فقالت المرأة: هل لي من توبة يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: "نعم، أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في سورة المائدة: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)} (¬2). [ضعيف] * عن أبي هريرة؛ قال: زنى رجل من اليهود وامرأة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي؛ فإنه نبي بعث بتخفيف، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم؛ قبلناها، واحتججنا بها عند الله، وقلنا: فتيا نبي من ¬

_ = ترجمة بهذا الاسم؛ نعني: (الشامي)، وفي متنه نكارة: وهو أنه صلب بعضهم! وهذا مخالف لما في "الصحيح". (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 66) ونسبه لابن مردويه. (¬2) أخرجه أحمد (2/ 177، 178)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 149) كلاهما من طريق موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة فيه كلام مشهور، والراوي عنه هنا لم يرو عنه قبل اختلاطه واحتراق كتبه. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 276): "رواه أحمد؛ وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 73) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

أنبيائك، فقال: فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم: ما ترى في رجل وامرأة منهم زنيا، فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدراسهم، فقام على الباب؛ فقال: "أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى بن عمران: ما تجدون في التوراة على من زنا إذا أحصن؟ "، قالوا: يحمّم ويجبّه، قال: "والتجبية أن يحمل الزانيان على حمار وتقابل أقفيتهما، ويطاف بهما"، قال: وسكت شاب منهم، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - سكت: ألظّ به النشيد، فقال: اللهم!! إذ نشدتنا؛ فإنا نجد في التوراة الرجم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فما أول ما ارتخصتم أمر الله"، قال: زنى رجل ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخّر عنه الرجم، ثم زنى رجل آخر في أسرة من الناس فأراد رجمه، فحال قومه دونه، وقالوا: لا ترجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه، فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإني أحكم بما في التوراة"، فأمر بهما فرجما. قال الزهري: فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 189، 190)، وأحمد (رقم 7747 - ط شاكر)، وأبو داود (3/ 312، 313 رقم 3624، 3625، 4/ 155، 156 رقم 4450، 4451)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 150، 150 - 151، 153، 161)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 131، 132)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 246، 247، 247)، و"السنن الصغرى" (4/ 18 رقم 3742)، وفي "الدلائل" (6/ 269، 270، 271) جميعهم من طريق الزهري ثنا رجل من مزينة ونحن جلوس عند ابن المسيب عن أبي هريرة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة الرجل من مزينة، وضعفه الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في تحقيقه لـ"المسند"، وكذا شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني -رحمه الله- في "ضعيف سنن أبي داود"، و"الإرواء" (5/ 95). والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 76) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قوله: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا}؛ هم اليهود، زنت منهم امرأة، وكان الله قد حكم في التوراة في الزنا بالرجم فنفسوا أن يرجموها، وقالوا: انطلقوا إلى محمد فعسى أن يكون عنده رخصة، فإن كانت عنده رخصة؛ فاقبلوها، فأتوه فقالوا: يا أبا القاسم إن امرأة منا زنت فما تقول فيها؟ فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كيف حكم الله في التوراة في الزاني"، فقالوا: دعنا من التوراة، ولكن ما عندك في ذلك؟ فقال: ائتوني بأعلمكم بالتوراة التي أنزلت على موسى، فقال لهم: "بالذي نجاكم من آل فرعون، وبالذي فلق لكم البحر فأنجاكم وأغرق آل فرعون، ألا أخبرتموني ما حكم الله في التوراة في الزنى؟ "، قالوا: حكمه الرجم؛ فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجمت (¬1). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ في الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ الله فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ الله أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ¬

_ = * ملاحظة: في "مسند أحمد" لم يذكر فيه عن أبي هريرة وإنما ذكر مرسلًا. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 153، 154)، والطبراني في "الكبير" (12/ 199 رقم 1333) من طريق عبد الله بن صالح ثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لضعف عبد الله بن صالح، وليس فيمن روى عنه هذا الحديث أحد من الحفاظ الحذاق؛ كالبخاري وأبي حاتم ونحوهما. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 15) -وضعفه كعادته بقوله-: "وعلي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس". وقد ذكرنا مراراً أن روايته محمولة على الاتصال.

لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)}. * عن البراء بن عازب؛ قال: مُر على النبي - صلى الله عليه وسلم - بيهودي محمماً مجلوداً فدعاهم - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم"، قالوا: نعم، فدعا رجلًا من علمائهم، فقال: "أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى! أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ "، قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا؛ فكنّا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد. قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه". فأمر به؛ فرجم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ

الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن الله -عزّ وجلّ- أنزل: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. قال ابن عباس: أنزلها الله في الطائفتين من اليهود، وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كلّ قتيل قتلته (العزيزةُ) من (الذليلة) فديّتُه خمسون وسقًا، وكل قتيل قتلته (الذليلة) من (العزيزة) فديّته مائة وسق، فكانوا على ذلك، حتى قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فذلّت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويومئذ لم يظهر، ولم يوطئهما عليه، وهو في الصلح، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلًا، فأرسلت (العزيزة) إلى (الذليلة) أن ابعثوا إلينا بمائة وسْقٍ، فقالت (الذليلة): وهل كان هذا في حيّين قط دينهما واحد، ونسبهما واحد، وبلدهما واحد، دية بعضهم نصف دية بعض؟! إنا إنما أعطيناكم هذا ضيماً منكم لنا، وفرقاً منكم، فأما إذ قدم محمد؛ فلا نعطيكم ذلك، فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم، ثم ذكرت (العزيزة) فقالت: والله ما محمدٌ بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم، ولقد صدقوا، ما أعطونا هذا إلا ضيماً منا، وقهراً لهم، فدسّوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه؛ إن أعطاكم ما تريدون حكّمتموه، وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكّموه. فدسّوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناساً من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر الله رسوله بأمرهم كله وما أرادوا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم (رقم 1700).

الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا} إلى قوله: {لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، ثم قال: فيهما والله نزلت، وإياهما عنى الله -عزّ وجلّ- (¬1). [حسن] * عن قتادة في قوله: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} الآية؛ قال: ذكر لنا أن هذا كان في قتيل بني قريظة والنضير، إذ قتل رجل من قريظة قتله النضير، وكانت النضير إذا قتلت من بني قريظة لم يقيدوهم، إنما يعطونهم الدية لفضلهم عليهم في أنفسهم تعوذاً، فقدم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فسألهم، فأرادوا أن يرفعوا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليحكم بينهم، فقال ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (1/ 246)، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 302 رقم 10732)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 164، 165)، وأبو داود (3/ 299 رقم 3576) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس. قلنا: وهذا إسناد حسن -إن شاء الله-. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 16): "رواه أحمد والطبراني بنحوه، وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجال أحمد ثقات". وحسنه شيخنا -رحمه الله- في "الصحيحة" (6/ 109، 111 رقم 2552). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 74) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه. * ملاحظة: 1 - لم يذكر ابن عباس في سند ابن جرير. 2 - لفظ أبي داود مختصر جداً: "نزول الآيات الثلاثة في اليهود خاصة في قريظة والنضير". 3 - وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1485 رقم 750 - تكملة) من طريق ابن أبي الزناد به مختصراً بلفظ: "إنما أنزل الله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، و {الظَّالِمُونَ} و {الْفَاسِقُونَ} في اليهود خاصة. وسنده حسن. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 87) وزاد نسبته لأبي الشيخ وابن مردويه.

لهم رجل من المنافقين: إن قتيلكم هذا قتيل عمد، وإنكم متى ترفعون أمره إلى محمد أخشى عليكم القود، فإن قبل منكم الدية؛ فخذوه، وإلا؛ فكونوا منهم على حذر (¬1). [ضعيف] * عن البراء بن عازب؛ قال: مر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهودي محمد قد جلد، فسألهم ما شأن هذا؟ قالوا: زنى، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهود: "ما تجدون حد الزاني في كتابكم؟ "، قالوا: نجد حده التحميم والجلد. فسألهم: "أيكم أعلم؟ "، فوركوا ذلك إلى رجل منهم، قالوا: فلان، فأرسل إليه فسأله، قال: نجد التحميم والجلد، فناشده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تجدون حد الزاني في كتابكم؟ "، قال: نجد الرجم، ولكنه كثر في عظمائنا، فامتنعوا منهم بقومهم ووقع الرجم على ضعفائنا، فقلنا: نضع شيئاً يصلح بينهم حتى يستووا فيه، فجعلنا التحميم والجلد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه"، فأمر به؛ فرجم، قال: ووقع اليهود بذلك الرجل الذي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وشتموه، وقالوا: لو كنا نعلم أنك تقول هذا ما قلنا إنك أعلمنا؟ قال: ثم جعلوا بعد ذلك يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما تجد فيما أنزل إليك حد الزاني؟ فأنزل الله -تعالى-: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ}؛ يعني: حدود الله، فأخبره الله بحكمه في التوراة، قال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (¬2). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 79) ونسبه لعبد بن حميد وأبي الشيخ. لكن رأينا الطبري أخرجه في "جامع البيان" (6/ 54): ثنا بشر بن معاذ ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 84) ونسبه لابن مردويه.

* عن عبد الله بن كثير؛ قوله: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}؛ قال: كانوا يحُدّون في الزنى، إلى أن زنى شاب منهم ذو شرف، فقال بعضهم لبعض: لا يَدَعُوكم قومه ترجمونه، ولكن اجلدوه ومثلوا به؛ فجلدوه وحملوه على حمار أكاف وجعلوا وجهه مستقبل ذنب الحمار، إلى أن زنى آخر، وَضِيع له شرف، فقالوا: ارجموه، ثم قالوا: فكيف لم ترجموا الذي قبله؟ ولكن مثل ما صنعتم به فاصنعوا بهذا، فلما كان النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قالوا: سلوه؛ لعلكم تجدون عنده رخصة؛ فنزلت: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي: كان بنو إسرائيل أنزل الله عليهم إذا زنى منكم أحد فارجموه، فلم يزالوا بذلك حتى زنى رجل من خيارهم، فلما اجتمعت بنو إسرائيل يرجمونه قام الخيار والأشراف فمنعوه، ثم زنى رجل من الضعفاء فاجتمعوا ليرجموه؛ فاجتمعت الضعفاء، فقالوا: لا ترجموه حتى تأتوا بصاحبكم فترجمونهما جميعاً، فقالت بنو إسرائيل: إن هذا الأمر قد اشتد علينا، فتعالوا فلنصلحه؛ فتركوا الرجم، وجعلوا مكانه أربعين جلدة بحبل مقير، ويحممونه، ويحملونه على حمار ووجهه إلى ذنبه، ويسودون وجهه ويطوفون به، فكانوا يفعلون ذلك حتى بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - وقدم المدينة، فزنت امرأة من أشراف اليهود، يقال لها: بسرة، فبعث أبوها ناساً من أصحابه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: سلوه عن الزنا وما نزل إليه فيه؛ فإنا نخاف أن يفضحنا ويخبرنا بما صنعنا، فإن أعطاكم الجلد؛ فخذوه، وإن أمركم ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 157) -من طريق سنيد في "تفسيره"-: ثني حجاج عن ابن جريج عن عبد الله به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وعنعنه ابن جريج، وضعف سنيد صاحب "التفسير".

بالرجم؛ فاحذروه، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه، فقال: "الرجم"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي؛ قال: كان رجلان من اليهود أخوان، يقال لهما: ابنا صوريا، وقد اتبعا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسلما وأعطياه عهداً أن لا يسألهما عن شيء في التوراة إلا أخبراه به، وكان أحدهما ربياً والآخرً حبراً، وإنما اتبعا النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعلمان منه فدعاهما فسألهما؛ فأخبراه الأمر كيف كان حين زنى الشريف وزنى المسكين، وكيف غيّروه؛ فأنزل الله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا}؛ يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم -، والربانيون والأحبار: هما ابنا صوريا للذين هادوا، ثم ذكر ابني صوريا، فقال: {وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} (¬2). [ضعيف جداً] * عن الشعبي؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} في أهل الإسلام {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}؛ قال: نزلت في اليهود، و {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}؛ قال: نزلت في النصارى (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 152) من طريق أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 162) من طريق أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده كسابقه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 86) وزاد نسبته لابن أبي حاتم. (¬3) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1487 رقم 751 - تكملة)، والثوري في =

* عن إبراهيم النخعي؛ قال: نزلت الآيات في بني إسرائيل ورضي لهذه الأمة بها (¬1). [ضعيف] * عن الشعبي؛ قال: {لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ}؛ قال: كان رجل من اليهود قتله رجل من أهل دينه، فقال القاتل لحلفائهم من المسلمين: سلوا لي محمداً - صلى الله عليه وسلم -، فإن كان يقضي بالدية؛ اختصمنا إليه، وإن كان يأمرنا بالقتل؛ لم نأته (¬2). [ضعيف] * عن الحسن البصري؛ قال: نزلت في أهل الكتاب؛ أنهم تركوا أحكام الله -عزّ وجلّ- كلها (¬3). [ضعيف] ¬

_ = "تفسيره" (ص 102، 103 رقم 248، 249)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 191)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 165)، والإمام أحمد في "الإيمان" (4/ 159 رقم 1415)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1148 رقم 6463)، والقاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1/ 42)، وابن القاص في "أدب القاضي" (1/ 82، 83) من طرق عن الشعبي به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬1) أخرجه الثوري في "تفسيره" (ص 102 رقم 247)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 191) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 166) -، والإمام أحمد في "الإيمان" (4/ 159 رقم 1416، 160، 161 رقم 1321) عن منصور عن إبراهيم به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 87) وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي الشيخ. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 150) من طريقين عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، وعنعنه زكريا. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 87) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ. (¬3) أخرجه الإِمام أحمد في "الإيمان" (4/ 161 رقم 1433) بسند ضعيف.

* عن الضحاك؛ قال: نزلت هؤلاء الآيات في أهل الكتاب (¬1). [ضعيف جداً] * عن قتادة: ذكر لنا أن هؤلاء الآيات أنزلت في قتل اليهودي الذي كان منهم (¬2). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: لما رأت قريظة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حكم بالرجم وكانوا يخفونه في كتابهم؛ نهضت قريظة فقالوا: يا محمد! اقض بيننا وبين إخواننا بني النضير، وكان بينهم دم قبل قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت النضير يتعززون على بني قريظة، ودياتهم على أنصاف ديات النضير، وكانت الدية من وسوق التمر أربعين ومائة وسق لبني النضير، وسبعين وسقاً لبني قريظة؛ فقال: "دم القرظي وفاء من دم النضري"؛ فغضب بنو النضير، وقالوا: لا نطيعك في الرجم، ولكن نأخذ بحدودنا التي كنا عليها؛ فنزلت: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}، ونزل: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)} الآية (¬3). [ضعيف جداً] * عن جابر بن عبد الله؛ قال: زنا رجل من أهل فدك؛ فكتب أهل فدك إلى أناس من اليهود بالمدينة أن سلوا محمداً عن ذلك، فإن أمركم ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 164)، والإمام أحمد في "الإيمان" (4/ 161، 162 رقم 1424) عن وكيع عن أبي جناب عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 164): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬3) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 167) -: ثني حجاج عن ابن جريج به. قلنا: وسند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف سنيد صاحب "التفسير".

بالجلد؛ فخذوه عنه، وإن أمركم بالرجم؛ فلا تأخذوه عنه، فسألوه عن ذلك، فقال: "أرسلوا إليَّ أعلم رجلين فيكم! "، فجاءوا برجل أعور يقال له: ابن صوريا، وآخر، فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنتما أعلم من قبلكما؟ "، فقالا: قد نحانا قومنا لذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أليس عندكما في التوراة فيها حكم الله -تعالى-؟ "، قالا: بلى، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فأنشدكم بالذي فلق البحر لبني إسرائيل، وظلل عليكم الغمام، وأنجاكم من آل فرعون، وأنزل المن والسلوى على بني إسرائيل، ما تجدون في التوراة من شأن الرجم؟ "، فقال أحدهما للآخر: ما نُشدت بمثله قط، ثم قالا: نجد ترداد النظر زنية والاعتناق زنية والقُبل زنية، فإذا شهد أربعة أنهم رأوه يبدي ويعيد؛ كما يدخل الميل في المكحلة؛ فقد وجب الرجم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هو ذاك"؛ فأمر به فرجم؛ فنزلت: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (¬1). [حسن] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كانت قريظة والنضير، وكان النضير أشرف من قريظة؛ فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلًا من النضير ¬

_ (¬1) أخرجه الحميدي في "مسنده" (2/ 541 - 542 رقم 1294)، وأبو داود في "سننه" (4/ 156 رقم 4452)، وابن ماجه -مختصراً جداً- (2/ 780 رقم 2328)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (11/ رقم 4539، 4545)، وأبو يعلى في "مسنده" (4/ 103 رقم 2136)، والبزار في "مسنده" (2/ 219 رقم 1558 - كشف) عن مجالد عن الشعبي عن جابر به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فإن مجالداً ليس بالقوي، لكن يشهد له حديث ابن عمر عند أبي داود (رقم 4449) وهو صحيح. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 271، 272): "رواه أبو داود وغيره باختصار، ورواه البزار من طريق مجالد عن الشعبي عن جابر وقد صححهما ابن عدي". وقال قبله (6/ 256): "رواه أبو يعلى وهو مرسل ورجاله ثقات".

قتل به، وإذا قتل رجل من النضير رجلًا من قريظة أدى مائة وسق، فلما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قتل رجل من النضير رجلًا من قريظة، فقالوا: ادفعوه إلينا، فقالوا: بيننا وبينكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 157)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (9/ 432، 433 رقم 8019)، وابن إسحاق (2/ 215 - سيرة ابن هشام)، وأحمد (رقم 3434 - ط شاكر)، وأبو داود (3/ 303 رقم 3591، 4/ 168 رقم 4494)، والنسائي في "المجتبى" (8/ 18، 19)، و"الكبرى" (4/ 216، 217 رقم 6934، 6935)، والطبراني في "الكبير" (11/ 181، 182 رقم 11573)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1738 - موارد)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1136/ 6391)، والحاكم (4/ 366)، والبيهقي (8/ 24)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (11/ 314/ 4466، ص 315 رقم 4467، ص 316 رقم 4468، ص 317 رقم 4469)، والدارقطني في "سننه" (3/ 198 رقم 344)، وابن الجارود في "المنتقى" (3/ 86، 87 رقم 772) من طريق سماك بن حرب وداود بن الحصين كلاهما عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ مداره على سماك وداود، أمّا الأول؛ فهو صدوق؛ إلا أن روايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بآخره؛ فكان ربما يلقن؛ كما في "التقريب" (1/ 332) وهذا منها. أما الآخر؛ فهو ثقة؛ إلا في عكرمة؛ كما في "التقريب" (1/ 231). قال علي بن المديني؛ كما في "الجرح" (3/ رقم 1874): "ما روى عن عكرمة فمنكر الحديث"، وقال أبو داود: "أحاديثه عن عكرمة مناكير"؛ كما في "تهذيب الكمال" (8/ 38)، وهذا منها. وعليه؛ فلا تقوي هذه الطريق سابقتها. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وصححه ابن حبان وابن الجارود، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند". وكذا فعل شيخنا في "صحيح أبي داود"، و"صحيح النسائي". وكل ذلك وهم، والصواب ما قدمنا، ولقد أصاب أخبرنا أبو إسحاق الحويني -سدّده الله للحق- كبد الحقيقة لما ضعف الحديث. =

* عن السدي: {لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ}؛ قال: نزلت في رجل من الأنصار، زعموا أنه أبو لبابة، أشارت إليه بنو قريظة يوم الحصار: ما الأمر؟ وعلى ما ننزل؟ فأشار إليهم أنه الذبح (¬1). [ضعيف جداً] * {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال كعب بن أسد وابن صوريا وشاس بن قيس بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه، فأتوه فقالوا: يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وساداتهم، وإنا إن اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا، وإن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك؛ فتقضي لنا عليهم؛ ونؤمن لك ونصدقك، فأبى رسول الله؛ فأنزل الله فيهم: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 83) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه، وقصر حيث لم يعزوه لأحمد وأبي داود والنسائي. . . (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 149، 150) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر ثنا السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 78) وزاد نسبته لابن أبي حاتم. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" (2/ 196، 197 - ابن هشام) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 177)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1154 رقم 6498)، والبيهقي في "الدلائل" (2/ 536) -: ثني محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق محمد هذا؛ كما قال الحافظان الذهبي والعسقلاني.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مخيراً: إن شاء حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم؛ فردهم إلى أحكامهم؛ فنزلت: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}؛ فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحكم بينهم بما في كتابنا (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: نسخت من هذه السورة: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}؛ قال: فكان مخيراً حتى أنزل الله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}؛ فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحكم بينهم بما في كتاب الله (¬2). * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)}. * عن عبادة بن الوليد أن عبادة بن الصامت؛ قال: لما حاربت بنو قينقاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تشبث بأمرهم عبد الله بن أبيّ، وقام دونهم، ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أحد بني عوف بن الخزرج له من حلفهم مثل الذي لهم من عبد الله بن أبيّ، فخلعهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وقال: يا رسول الله! أتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وأتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من الكفار ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1153 رقم 6494)، والطبراني في "الكبير" (11/ 53 رقم 11054)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 123)، والحاكم (2/ 312)، والنسائي في "الكبرى" (4/ 80 رقم 6369 وص 295 رقم 7219) والطحاوي في "مشكل الآثار" (11/ 437/ 4540)، والبيهقي (8/ 248 - 249) جميعهم من طريق عباد بن العوام نا سفيان بن حسين عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد صحيح رجاله رجال مسلم. قال النحاس: وهذا إسناد مستقيم. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 97) ونسبه لأبي الشيخ.

وولايتهم؛ ففيه وفي عبد الله بن أبيّ نزلت الآيات في المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} الآية (¬1). [ضعيف] * عن عطية بن سعد؛ قال: جاء عبادة بن الصامت من بني الحارث بن الخزرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إن لي موالي من يهود كثير عددهم، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود، وأتولى الله ورسوله، فقال عبد الله بن أبيّ: إني رجل أخاف الدوائر، لا أبرأ من ولاية مواليّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن أبيّ: "يا أبا الحباب! ما بخلت به من ولاية يهود على عبادة بن الصامت؛ فهو إليك دونه"، قال: قد قبلت؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} إلى قوله: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} (¬2). [ضعيف] * عن السدي: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}؛ قال: لما كانت وقعة أُحُدٍ اشتد على طائفة من الناس وتخوّفوا أن يدال عليهم الكفار، فقال رجل لصاحبه: أما ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" (2/ 428، 429 - ابن هشام) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 178)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 174، 175)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1155/ 6506) -: ثني والدي إسحاق بن يسار عن عبادة به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 98) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه وابن عساكر. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 137رقم 12351)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 177، 178) من طريق عبد الله بن إدريس عن أبيه عن عطية به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: عطية هذا؛ ضعيف مدلس، ولخصه ابن حجر في "التقريب" (2/ 24) بقوله: "صدوق يخطئ كثيراً، كان شيعياً مدلساً".

أنا؛ فألحق بذلك اليهودي فآخذ منه أماناً وأتهوّد معه؛ فإني أخاف أن تدال علينا اليهود، وقال الآخر: أما أنا؛ فألْحق بفلان النصراني ببعض أرض الشام فآخذ منه أماناً وأتنصّر معه؛ فأنزل الله -تعالى- ينهاهما: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إنّ عبد الله بن أبيّ بن سلول قال: إن بيني وبين قريظة والنضير حلف، وإني أخاف الدوائر؛ فارتد كافراً، وقال عبادة بن الصامت: أبرأ إلى الله من حلف قريظة والنضير، وأتولى الله ورسوله والمؤمنين؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} إلى قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)}؛ يعني: عبادة بن الصامت وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81)} (¬2). * عن عبادة بن الصامت؛ قال: فيّ نزلت هذه الآية حين أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبرأت إليه من حلف يهود، وظاهرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين عليهم (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1155 رقم 6507)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 178) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 99). (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 98) ونسبه لابن مردويه. (¬3) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 99) من طريق عبادة بن الوليد عن أبيه عن جده عبادة به. قلنا: إن كان السند إلى عبادة صحيح؛ فالحديث صحيح غاية -إن شاء الله-.

* {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)}. * عن عياض الأشعري؛ قال: لما نزلت: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هم قوم هذا"، وأشار إلى أبي موسى الأشعري (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 123رقم 12311)، وفي "مسنده" (2/ 179 رقم 664)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (4/ 107)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 411)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4/ 460، 461 رقم 2515)، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 315 رقم 1015)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 183، 183، 184، 184)، والواحدي في "تفسيره" والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 411)، والحاكم (2/ 313) -وعنه البيهقي في "رسالة الأشعري"- جميعهم من طريق شعبة عن سماك بن حرب عن عياض به. قلنا: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 16): "ورجال رجال الصحيح". قلنا: وقد اختلف في صحبة عياض؛ فبعضهم أثبتها، وبعضهم نفى ذلك، وسواء كان ذلك أم هذا؛ فقد روى ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1160 رقم 6535) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، والطبري في "جامع البيان" (6/ 183) من طريق أبي الوليد الطيالسي كلاهما عن شعبة، والبيهقي في "الدلائل" (5/ 351، 352) من طريق عبد الله بن إدريس عن أبيه كلاهما عن سماك بن حرب سمع عياضاً يحدث عن أبي موسى به. =

* عن جابر؛ قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، قال: "هؤلاء قوم من اليمن ثم من كندة ثم من السكون ثم من تجيب" (¬1). [حسن] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: ناس من أهل اليمن، ثم من كندة ثم من السكون (¬2). [حسن] ¬

_ = قلنا: وهذا سند صحيح، رجاله رجال مسلم. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 12) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ. * ملاحظة: الذي رأيناه في "تفسير الواحدي" المسمى "الوسيط" (2/ 197) أنه رواه من طريق إسحاق بن راهويه بسنده عن أبي هريرة عن أبي موسى غير هذا الحديث؛ وإنما قصة أخرى مع عمر -رضي الله عنه-. (¬1) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 103 رقم 1392)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1160 رقم 6534) من طريق أبي زياد الخلقاني -إسماعيل بن زكريا- عن محمد بن قيس عن ابن المنكدر عن جابر به. قلنا: وهذا سند حسن -إن شاء الله-؛ رجاله ثقات رجال مسلم، عدا إسماعيل؛ فهو صدوق لا بأس -إن شاء الله-؛ كما قال الذهبي، ولخصه الحافظ بقوله: "صدوق يهم قليلاً". انظر: "تهذيب الكمال" (3/ 94، 95)، و"التقريب" (1/ 69)، و"الكاشف" (1/ 122). قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 73): "وهذا حديث غريب جداً". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 102) وزاد نسبته للحاكم في "الكنى" وأبي الشيخ وابن مردويه. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 72)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 194) من طريق أبي سعيد الأشج ثنا عبد الله بن الأجلح عن محمد بن عمرو عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عنه به. =

* عن قتادة: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}؛ أنزل الله هذه الآية وقد علم أن سيرتد مرتدون من الناس، فلما قبض الله نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - ارتدّ عامة العرب عن الإِسلام إلَّا ثلاثة مساجد: أهل المدينة وأهل مكة وأهل البحرين من عبد القيس قالوا: نصلي ولا نزكي، والله لا تغصب أموالنا، فكلم أبو بكر في ذلك، فقيل له: إنهم لو قد فقهوا لهذا أعطوها وزادوها، فقال: لا والله لا أفرق بين شيء جمع الله بينه، ولو منعوا عقالاً مما فرض الله ورسوله لقاتلناهم عليه، فبعث الله عصابة مع أبي بكر فقاتل على ما قاتل عليه نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى سبى وقتل وحرق بالنيران أناساً ارتدوا عن الإِسلام، ومنعوا الزكاة، فقاتلهم حتى أقروا بالماعون، وهي الزكاة، صَغَرةً أقمياء، فأتته وفود العرب فخيّرهم بين خطة مخزية أو حرب مجلية، فاختاروا الخطة المخزية وكانت أهون عليهم أن يقرُّوا أن قتلاهم في النار، وأن قتلى المؤمنين في الجنة، وأن ما أصابوا من المسلمين من مال ردّوه عليهم، وما أصاب المسلمون لهم من مال فهو لهم حلال (¬1). [منكر] * عن الحسن؛ قال: نزلت في أبي بكر وأصحابه (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: وهذا سند حسن. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 103) وزاد نسبته لأبي الشيخ. جامع البيان ج 4 ص (623). (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان " (6/ 183)، والبيهقي (8/ 177 - 178)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (30/ 319) من طريقين عن قتادة به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 101 - 102) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 182، 182، 183، 183)، وابن أبي =

* عن شريح بن عبيد؛ قال: لما أنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)} إلى آخر الآية؛ قال عمر: أنا وقومي هم يا رسول الله، قال: "لا، بل هذا وقومه"؛ يعني: أبا موسى الأشعري (¬1). [ضعيف] * عن الضحاك؛ قال: هو أبو بكر وأصحابه لما ارتد من ارتد من العرب عن الإِسلام، جاهدهم أبو بكر وأصحابه حتى ردهم إلى الإِسلام (¬2). [ضعيف جداً] * {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)}. * عن عطية بن سعد؛ قال: نزلت في عبادة بن الصامت: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)}. وفي رواية: جاء رجل يقال له: عبادة بن الصامت، ¬

_ = حاتم في "تفسيره" (4/ 1160/ 6533)، والبيهقي في "الدلائل" (6/ 362) من طرق عن الحسن. قلنا: وسنده إلى الحسن صحيح؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 102) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وخيثمة في "فضائل الصحابة". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 184) من طريق عبد الرحمن بن جبير عن شريح به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه الطبري "جامع البيان" (6/ 183)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1161 رقم 6538) من طريق جويبر عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ جويبر هذا متروك، وهو -مع ذلك أيضاً- معضل.

فقال: يا رسول الله! إن لي موالي من اليهود كثير عددهم حاصر بصرهم، وأنا أبرأُ إلى الله ورسوله من ولاية يهود؛ فأنزل الله في عبادة: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في علي بن أبي طالب (¬2). [ضعيف جداً] * عن عتبة بن أبي حكيم؛ قال: علي بن أبي طالب (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 137 رقم 12351)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1163 رقم 6552)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 177، 178، 186) من طريق عبد الله بن إدريس عن أبيه عن عطية به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: عطية؛ صدوق يخطئ كثيراً، وكان شيعياً مدلساً. (¬2) أخرجه عبد الرزاق؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 74): ثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ عبد الوهاب هذا متروك الحديث. وقال ابن كثير: "عبد الوهاب بن مجاهد لا يحتج به". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 105) وزاد نسبته لعبد بن حميد والطبري -ولم نجده فيه- وأبي الشيخ وابن مردويه. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 186)، وابن أبي حاتم (4/ 1162 رقم 6549) من طريق أيوب بن سويد عن عتبة به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإعضال. الثانية: عتبة هذا؛ صدوق يخطئ كثيراً. الثالثة: أيوب بن سويد؛ ضعيف؛ كما في ترجمته في "التهذيب" (1/ 406)، و"الميزان" (1/ 287، 288).

* عن مجاهد؛ قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب، تصدق وهو راكع (¬1). [ضعيف جداً] * عن سلمة بن كهيل؛ قال: تصدق عليّ بخاتمه وهو راكع؛ فنزلت (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان علي بن أبي طالب قائماً يصلي، فمر سائل وهو راكع فأعطاه خاتمة؛ فنزلت: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)} (¬3). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أتى عبد الله بن سلام ورهط ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري (6/ 186): ثني الحارث بن أبي أسامة ثنا عبد العزيز بن أبان ثنا غالب بن عبيد الله قال: سمعت مجاهداً يقول: (فذكره). وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: عبد العزيز هذا؛ متروك. الثانية: الإرسال. الثالثة: غالب هذا؛ لم نعرفه. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1162 رقم 6551) من طريق موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإعضاله، وموسى رمي بالتشبيع وهذا الحديث منقبة لعلي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 105) وزاد نسبته لأبي الشيخ وابن عساكر. (¬3) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 74)، و"تخريج أحاديث الكشاف" (2/ 409) من طريق الثوري عن أبي سنان عن الضحاك عن ابن عباس به. قال الزيلعي في "تخريج الكشاف": "وفيه انقطاع؛ فإن الضحاك لم يلق ابن عباس". وقال ابن كثير: "الضحاك لم يلق ابن عباس"؛ وهو كما قالا؛ فالأثر ضعيف.

معه من أهل الكتاب نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عند الظهر، فقالوا: يا رسول الله! إن بيوتنا قاصية لا نجد من يجالسنا ويخالطنا دون هذا المسجد، وإن قومنا لما رأونا قد صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم؛ أظهروا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يؤاكلونا؛ فشق ذلك علينا، فبينا هم يشكون ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)}، ونودي بالصلاة: صلاة الظهر، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أعطاك أحد شيئاً؟ "، قال: نعم، قال: "من؟ "، قال: ذاك الرجل القائم، قال: "على أي حال أعطاكه؟ "، قال: وهو راكع، قال: "وذلك علي بن أبي طالب"؛ فكبَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك وهو يقول: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)} (¬1). [موضوع] * عن عمار بن ياسر يقول: وقف على علي بن أبي طالب سائل وهو راكع في تطوع، فنزع خاتَمَهُ فأعطاه للسائل، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعلمه ذلك؛ فنزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)}، فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: "من كنت مولاه؛ فعليٌّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعاد من عاداه" (¬2). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 74)، و"الدر المنثور" (3/ 105، 106)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 133) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عنه به. قلنا: وهذا حديث كذب من دون ابن عباس كذابون. (¬2) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (6/ 218 رقم 6232) -وعنه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 409، 410) -: ثنا محمد بن علي الصائغ ثنا خالد بن يزيد العمري ثنا إسحاق بن عبد الله بن محمد بن علي بن حسين عن الحسن بن زيد عن أبيه زيد بن الحسن عن جده؛ قال: سمعت عمار بن ياسر به. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في المؤمنين وعلي بن أبي طالب أولهم (¬1). [ضعيف] * عن علي بن أبي طالب؛ قال: نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)} فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودخل المسجد والناس يصلون بين راكع وقائم، فصلى؛ فإذا سائل، قال: "يا سائل أعطاك أحد شيئًا؟ "، فقال: لا؛ إلا هذا الراكع -لعليٍّ- أعطاني خاتماً (¬2). [لا أصل له] ¬

_ = قلنا: وهذا سند موضوع؛ فيه خالد بن يزيد العمري أبو الوليد المكي؛ قال ابن معين: "كذاب"، وقال أبو حاتم: "كذاب ذاهب الحديث". انظر: "الجرح والتعديل" (3/ 360)، و"الميزان" (1/ 646)، و"المجروحين" (1/ 284)، و"الكامل" (3/ 889). وفيه -أيضاً- إسحاق بن عبد الله لم نجد له ترجمة، والحسن بن زيد فيه ضعف. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 17): "وفيه من لا أعرفهم". وقال الحافظ ابن حجر في "الكافي الشاف" (56/ 463): "وفي إسناده خالد بن يزيد العمري وهو متروك". وقد قال الطبراني عقبه: "لا يروى هذا الحديث عن عمار بن ياسر إلا بهذا الإسناد، تفرد به: خالد بن يزيد". ولذلك قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 74): "وليس يصح شيء فيها بالكلية؛ لضعف أسانيدها وجهالة رجالها". وأخرجه الثعلبي في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (1/ 410) من حديث أبي ذر نحوه. قال الحافظ: "وإسناده ساقط". ونقله عنه المناوي في "الفتح السماوي" (2/ 572). (¬1) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 74) من طريق ميمون بن مهران عنه به. قلنا: وسنده ضعيف. (¬2) أخرجه الحاكم في "علوم الحديث" النوع الخامس والعشرون: معرفة الأفراد من =

* عن علي بن أبي طالب؛ قال: نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)} إلى آخر الآية. فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل المسجد، جاء والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم يصلي، فإذا سائل، فقال: "يا سائل! هل أعطاك أحد شيئاً؟ "، قال: لا؛ إلا ذاك الراكع؛ يعني: عليّ بن أبي طالب، أعطاني خاتمه (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: تصدق عليٌّ بخاتمه وهو راكع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للسائل: "من أعطاك هذا الخاتم؟ "، قال: ذاك الراكع؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)} (¬2). * عن أبي جعفر الباقر؛ قال: نزلت في علي بن أبي طالب، قال: علي من الذين آمنوا (¬3). [ضعيف جداً] * عن السدي؛ قال: ثم أخبرهم بمن يتولاهم؛ فقال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)} هؤلاء جميع المؤمنين، ولكن علي بن أبي طالب مرّ به سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه (¬4). [ضعيف جداً] ¬

_ = الحديث (ص 102) من طريق عيسى بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبائه عن علي به. قلنا: وهو سند مركب لا أصل له. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 105) ونسبه لأبي الشيخ وابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 104) ونسبه للخطيب في "المتفق". (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 186) بسند صحيح إليه، لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 106) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬4) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 186) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به. =

* {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان رفاعة بن زيد بن التابوت وسويد بن الحارث قد أظهرا الإِسلام ثم نافقا، وكان رجال من المسلمين يوادّونهما؛ فأنزل الله فيهما: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ} إلى قوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} (¬1). [ضعيف] * {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفر من اليهود، فيهم: أبو ياسر بن أخطب، ورافع بن أبي رافع، وعازر، وزيد، وخالد، وأزار بن أبي أزار، وأشيع، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل، قال: "أؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون"، فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا: لا نؤمن بمن آمن به؛ فأنزل الله فيهم: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف جداً، لإعضاله، وضعف أسباط. (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي"؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 107) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 187)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (4/ 1163 رقم 6556) -: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت؛ قال: حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق محمد بن أبي محمد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 107) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ.

آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)} (¬1). [ضعيف] * {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال رجل من اليهود -يقال له: النباش بن قيس-: إن ربك بخيل لا ينفق؛ فأنزل الله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)} (¬2). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: نزلت في فنحاص اليهودي (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي"؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 108) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 188، 189)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1164 رقم 6559) -: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة محمد هذا كما تقدم مراراً. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 107) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 53 رقم 12497) -: ثني محمد بن أبي محمد مولى آل زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس به. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 17): "رواه الطبراني ورجاله ثقات"!! قلنا: وسنده كسابقه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 112) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬3) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 194) -: =

* {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)}. * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحرس؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)}؛ فأخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه من القبة، فقال: "أيها الناس انصرفوا؛ فقد عصمني الله من الناس" (¬1). [حسن لغيره] ¬

_ = ثني حجاج عن ابن جريج؛ قال: قال عكرمة. قلنا: وسنده ضعيف؛ للانقطاع بين عكرمة وابن جريج، وضعف سنيد صاحب "التفسير". (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1503، 1504 رقم 768 - تكملة)، والترمذي (5/ 251 رقم 3046)، والطبري في "جامع البيان" (6/ 199)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1173 رقم 6615)، والقاضي عياض في "الشفا" (ص 346، 347)، والحاكم (2/ 313)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 8)، و"الدلائل" (2/ 184) جميعهم من طريق الحارث بن عبيد عن الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الحارث بن عبيد؛ ضعفه ابن معين والنسائي وابن حبان وأبو زرعة والذهبي وغيرهم، ولخصه الحافظ بقوله: "صدوق يخطئ". انظر: "تاريخ الدوري" (2/ 93)، و"ضعفاء النسائي" (رقم 119)، و"المجروحين" (1/ 224)، و"الكامل" (2/ 607، 608)، و"الميزان" (1/ 438، 439)، و"التهذيب" (2/ 149، 150)، و"التقريب" (1/ 142). الثانية: الجريري؛ اختلط، ولم يذكروا الحارث ضمن الذين رووا عنه قبل الاختلاط. قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وروى بعضهم هذا الحديث عن الجريري عن عبد الله بن شقيق قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحرس ولم يذكروا فيه عن عائشة". ا. هـ. =

* عن أبي هريرة؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل منزلاً نظروا أعظم شجرة يرونها فجعلوها للنبي - صلى الله عليه وسلم - فينزل تحتها، وينزل أصحابه بعد ذلك في ظل الشجرة. فبينما هو نازل تحت شجرة -وقد علق السيف عليها- إذ جاء أعرابي فأخذ السيف من الشجرة ثم دناه من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو نائم فأيقظه، فقال: يا محمد من يمنعك مني الليلة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الله"؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)} (¬1). [حسن] ¬

_ = وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ "فتح الباري" (6/ 82): "إسناده حسن، واختلف في وصله وإرساله". قلنا: والصواب أن الحديث مرسل؛ فقد أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 199)، وابن مردويه؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 81) من طريق إسماعيل بن عليه ووهيب بن خالد كلاهما عن الجريري عن عبد الله بن شقيق به مرسلاً. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وابن عليه سمع من الجريري قبل الاختلاط وهو أصح من سابقه. وقال شيخنا العلّامة الألباني -رحمه الله- في "الصحيحة" (5/ 645): "فهو صحيح مرسل". وقال قبل ذلك: "وهذا أصح -يعني: المرسل-". فهو ضعيف إذًا، لكن للحديث شواهد كثيرة يصح بها. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 118) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه. (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة؛ كما في "فتح الباري" (6/ 98)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1739 - موارد)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 82) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. قلنا: وهذا إسناد حسن، وكذا حسنه شيخنا في "الصحيحة". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الحافظ: "وهذا إسناد حسن، فيحتمل -إن كان محفوظاً- أن يقال: كان مخيراً في اتخاذ الحرس؛ فتركه مرة؛ لقوة يقينه، فلما وقعت هذه القصة ونزلت هذه الآية ترك ذلك". قلنا: وأصل الحديث في "الصحيحين" من حديث جابر بن عبد الله عند البخاري في "صحيحه" (6/ 96 رقم 2910، ص 97 رقم 2913)، ومسلم في "صحيحه" (4/ 1786، 1787) بلفظ: أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما قفل رسول الله قفل معه، فأدركهم القائلة في واد كثير العضاه، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفرق الناس يستظلون بالشجر، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة وعلق بها سيفه ونمنا نومةً، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعونا، وإذا عنده أعرابي فقال: "إن هذا اخترط عليّ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتاً، فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله (ثلاثًا) "، ولم يعاقبه فجلس. ومنها: حديث عائشة عند البخاري (6/ 81 رقم 2885، 13/ 219 رقم 7231)، ومسلم (4/ 1875/ 2410)؛ قالت عائشة -رضي الله عنهما-: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - سهر، فلما قدم المدينة قال: ليت رجلًا من أصحابي صالحاً يحرسني الليلة، إذ سمعنا صوتَ سلاح، فقال: "من هذا؟ " فقال: أنا سعد بن أبي وقاص جئت لأحرسك، فنام النبي - صلى الله عليه وسلم -. و-أيضاً- من حديث جابر عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1173 رقم 6614) من طريق موسى بن عبيدة ثني زيد بن أسلم عن جابر؛ قال: لما غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني أنمار نزل ذات الرقاع بأعلى نخل، فبينا هو جالس على رأس بئر قد دلى رجليه؛ فقال الحارث من بني النجار: لأقتلن محمداً، فقال أصحابه: كيف تقتله، قال: أقول له: أعطني سيفك، فإذا أعطانيه قتلته به، قال: فأتاه، فقال: يا محمد أعطني سيفك أشيمه فأعطاه إياه، فرعدت يده حتى سقط السيف من يده، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حال الله بينك وبين ما تريد"؛ فأنزل الله -عز وجل-: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)}. وسنده ضعيف؛ موسى بن عبيدة ضعيف. وقال ابن كثير: "هذا حديث غريب من هذا الوجه". لكنه حسن في الشواهد. =

* عن أبي سعيد الخدري؛ قال: كان العباس عم رسول الله فيمن يحرسه، فلما نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)} ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحرس (¬1). [موضوع] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحرس، فكان يرسل معه عمه أبو طالب كل يوم رجالاً من بني هاشم يحرسونه، حتى نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} إلى قوله: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}؛ فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه؛ فقال: "يا عم! إن الله -عزّ وجلّ- قد عصمني من الجن والإنس" (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = ومنها مرسل محمد بن كعب القرظي عند الطبري في "جامع البيان" (6/ 199) وسنده صحيح. ومنها مرسل سعيد بن جبير عنده -أيضاً- بسند ضعيف. وانظر: ما كتبه شيخنا الإِمام الألباني -رحمه الله- في "الصحيحة" (رقم 2489). (¬1) أخرجه الطبراني في "الصغير" (1/ 149)، و"الأوسط" (4/ 21 رقم 3510) -ومن طريقه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 81) - من طريق معلى بن عبد الرحمن عن فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عنه به. قلنا: وهذا حديث موضوع؛ المعلى هذا متهم بالكذب؛ كما في "التقريب"، وعطية؛ ضعيف مدلس، وتدليسه من أقبح التدليس. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 17): "رواه الطبراني في "الصغير"، و"الأوسط"؛ وفيه عطية العوفي، وهو ضعيف". (¬2) أخرجه الطبراني في "الكبير" (11/ 205 رقم 11663)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 135)، و"الوسيط" (2/ 209)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 81) من طريق الحماني عن النضر أبي عمر عن عكرمة عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: النضر هذا؛ متروك الحديث؛ كما في "التقريب" (2/ 302). =

* عن أبي ذر؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينام إلا ونحن حوله من مخافة الغوائل، حتى نزلت آية العصمة: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عصمة بن مالك الخطمي؛ قال: كنا نحرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل، حتى نزلت: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}؛ فترك الحرس (¬2). [ضعيف جداً] * عن جابر؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج بعث معه أبو طالب من يلكؤه، حتى نزلت: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}؛ فذهب ليبعث معه؛ فقال: "يا عم! إن الله قد عصمني، لا حاجة لي إلى من تبعث" (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ = الثانية: الحماني؛ ضعيف. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 17): "وفيه النضر بن عبد الرحمن، وهو ضعيف". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 118) وزاد نسبته لأبي الشيخ وأبي نعيم في "الدلائل" -ولم نجده فيه بعد طول بحث- وابن عساكر. (¬1) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "دلائل النبوة" (ص 155) من طريق غالب بن عبيد الله العقيلي عن مجاهد عن أبي ذر به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه غالب هذا وهو متروك؛ كما في "الميزان" (3/ 331)، و"اللسان" (4/ 414، 415). (¬2) أخرجه الطبراني -وعنه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 81) - من طريق الفضل بن المختار عن عبد الله بن موهب عن عصمة به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه الفضل بن المختار؛ قال أبو حاتم: "أحاديثه منكرة، يحدث بالبواطيل"، وقال ابن عدي: "أحاديثه منكرة كافة، لا يتابع عليها". انظر: "الجرح والتعديل" (7/ 69)، و"الكامل" (6/ 2040)، و"الميزان" (3/ 358). (¬3) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 81) من =

* عن مجاهد؛ قال: لما نزلت {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}؛ قال: "يا رب إنما أنا واحد، كيف أصنع ليجتمع عليّ من الناس؟ "؛ فنزلت: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (¬1). [ضعيف] * عن الحسن: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله بعثني برسالة فضقت بها ذرعاً، وعرفت أن الناس مكذبي، فوعدني لأبلغن أو ليعذبني"؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)} (¬2). [ضعيف جداً] * عن أبي سعيد الخدري؛ قال: نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)} على رسول الله يوم غدير خم في علي بن أبي طالب (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ = طريق معاوية بن عمار الدهني عن أبي الزبير عن جابر. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه وفي السند إليه من لم نعرفه، وفي متنه نكارة واضحة. قال ابن كثير: "وهذا حديث غريب، وفيه نكارة؛ فإن هذه الآية مدنية وهذا الحديث يقتضي أنها مكية". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 198، 199)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1173رقم 6613) من طريق سفيان الثوري عن رجل عن مجاهد. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، وجهالة الرجل الذي لم يسم. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 117) وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي الشيخ. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 116، 117) ونسبه لأبي الشيخ. (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1172 رقم 6609)، والواحدي في "الأسباب" (ص 135) من طريق علي بن عابس عن الأعمش وأبي حجاب عن عطية عن أبي سعيد به. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي آية أنزلت من السماء أشد عليك؟ قال: فقال: "كنت بمنى أيام موسم، واجتمع مشركوا العرب وأفناء الناس في الموسم، فأنزل عليَّ جبريل؛ فقال: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)} قال: فقمت عند العقبة، فناديت: يا أيها الناس من ينصرني على أن أبلغ رسالة ربي ولكم الجنة، أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله، وأنا رسول الله إليكم؛ تفلحوا أو تنجحوا ولكم الجنة، قال: فما بقي رجل ولا امرأة ولا صبي إلا يرمون عليّ بالتراب والحجارة، ويبصقون في وجهي، ويقولون: كذاب صابئ، فعرض عليّ عارض فقال: يا محمد! إن كنت رسول الله؛ فقد آن لك أن تدعو عليهم كما دعا نوح على قومه بالهلاك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم اهدِ قومي؛ فإنهم لا يعلمون، وانصرني عليهم أن يجيبوني إلى طاعتك"، فجاء العباس عمه فأنقذه منهم وطردهم عنه، قال الأعمش: فبذلك تفتخر بنو العباس، ويقولون: فيهم نزلت: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56] هوى النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا طالب، وشاء الله عباس بن عبد المطلب (¬1). [ضعيف] * عن الربيع بن أنس؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحرسه أصحابه حتى ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لأن عطية ضعيف مدلس، وتدليسه معروف أنه من شر أنواع التدليس، وهو المسمى بتدليس السكوت، هذا أولًا، وثانياً: علي بن عابس؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 117) وزاد نسبته لابن مردويه وابن عساكر. (¬1) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 117، 118) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 13، 14 رقم 2) - بسند ضعيف؛ فيه قابوس بن أبي ظبيان؛ لين الحديث، والأعمش مدلس، وفيه من لم نعرفه.

نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)} فخرج إليهم فقال: "لا تحرسوني؛ فإن الله قد عصمني من الناس" (¬1). * عن ابن جريج؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يهاب قريشاً؛ فأنزل الله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}؛ فاستلقى، ثم قال: "من شاءَ فليخذلني مرتين أو ثلاثاً" (¬2). [ضعيف جداً] * {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رافع بن حارثة وسلام بن مشكم ومالك بن الصيف ورافع بن حرملة، فقالوا: يا محمد! ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه، وتؤمن بما عندنا من التوراة، وتشهد أنها من الله حق؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بلى؛ ولكنكم أحدثتم وجحدتم ما فيها، مما أخذ عليكم من الميثاق، وكتمتم منها ما أمرتم أن تبينوه للناس، وأنا برئ من أحداثكم"، قالوا: فإنا نأخذ بما في أيدينا؛ فإنا على الحق والهدى، ولا نؤمن بك ولا نتبعك؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 120) ونسبه لعبد بن حميد وابن مردويه. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 199) من طريق سنيد صاحب "التفسير" عن حجاج عن ابن جريج به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف سنيد. (¬3) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (6/ 200) -: =

* {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)}. * عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي وعروة بن الزبير؛ قالوا: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضمري، وكتب معه كتاباً إلى النجاشي، فقدم على النجاشي، فقرأ كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين معه، وأرسل النجاشي إلى الرهبان والقسيسين فجمعهم، ثم أمر جعفر بن أبي طالب أن يقرأ عليهم القرآن، فقرأ عليهم سورة مريم، فآمنوا بالقرآن وفاضت أعينهم من الدمع، وهم الذين أنزل فيهم: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)} (¬1). [ضعيف] ¬

_ = ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة محمد شيخ ابن إسحاق؛ كما قال الحافظان الذهبي والعسقلاني. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 120) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. قلنا: أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1174/ 6618) من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد به معضلاً. (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/ 349 رقم 18491)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (4/ 1185 رقم 6678)، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" (1/ 117)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 136) جميعهم من طريق الزهري عنهم به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

* عن عروة بن الزبير؛ قال: في قوله: {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} نزل ذلك في النجاشي (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/ 348، 349 رقم 18489)، و"المغازي" (167، 168 رقم 109)، والطبري في "جامع البيان" (7/ 5) من طريق هشام بن عروة عن أبيه به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 130) وزاد نسبته لأبي الشيخ. هكذا رواه عن هشام بن عروة: عبدة بن سليمان وأبو معاوية مرسلاً. ورواه عمر بن علي بن مقدم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير به موصولاً. أخرجه النسائي في "التفسير" (1/ 443 رقم 168)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1185 رقم 6680)، والطبري في "جامع البيان" (7/ 5)، والطبراني في "المعجم الكبير" (ص 107 رقم 258 - قطعة من الجزء 13) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (9/ 323 رقم 284) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 129) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (9/ 323، 324 رقم 285، 286)، والبزار في "المسند" (3/ 286 رقم 2758 - كشف). قلنا: ورجاله ثقات رجال "الصحيح"؛ لكن فيه علة؛ قال ابن سعد -عن عمر بن علي-: "وكان يدلس تدليساً شديداً، يقول: ثنا ثم يسكت، ثم يقول: هشام بن عروة أو الأعمش أو غيرهما"؛ كما في "التهذيب" (7/ 486). فعلى رأي ابن سعد لا يقبل حديثه حتى ولو صرح بالتحديث كما في حديثنا، والله أعلم. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 129) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ. * ملاحظة: في مسند البزار: (ثنا محمد بن عثمان ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي أو عمر بن علي). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 419): "ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عثمان بحر وهو ثقة". قلنا: وفي "التقريب": "صدوق يغرب"، ولعل هذا منها، والصواب رواية الجماعة دون شك.

* عن سعيد بن جبير: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا}؛ قال: هم رسل النجاشي الذين أرسل بإسلامه وإسلام قومه، كانوا سبعين رجلًا اختارهم الخيّر فالخيّر، فدخلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقرأ عليهم: {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)}؛ فبكوا وعرفوا الحق؛ فأنزل الله فيهم: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}، وأنزل فيهم: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52)} إلى قوله: {يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص: 52 - 54] (¬1). [ضعيف] * عن سلمان؛ قال: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة صنعت طعاماً، فجئت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما هذا يا سلمان؟ "، قلت: صدقة، فقال لأصحابه: "كلوا" ولم يأكل، ثم إني رجعت حتى جمعت طعاماً، فأتيته به، فقال: "ما هذا يا سلمان؟ "، قلت: هدية فضرب بيده فأكل، وقال لأصحابه: "كلوا"، قلت: يا رسول الله! أخبرني عن النصارى؟ قال: "لا خير فيهم ولا فيمن أحبهم"، فقمت وأنا مثقل؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} حتى بلغ: {تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ}؛ فأرسل إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا سلمان! إن أصحابك هؤلاء الذين ذكر الله" (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 4)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1185 رقم 6679)، والبغوي في "مسند علي بن الجعد" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 137) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 416) من طريق قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: قيس الربيع؛ ضعيف. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 130) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ. (¬2) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 249 رقم 6121) من طريق السري بن =

* عن زيد بن صوحان: أن رجلين من أهل الكوفة كانا صديقين لزيد بن صوحان، أتياه ليكلم لهما سلمان أن يحدثهما حديثه كيف كان إسلامه، فأقبلا معه حتى لقوا سلمان وهو بالمدائن أميراً عليها، وإذا هو على كرسي قاعد وإذا خوص بين يديه وهو يسفه، قالا: فسلمنا وقعدنا، فقال له زيد: يا أبا عبد الله إن هذين لي صديقان ولهما أخ، وقد أحبا أن يسمعا ¬

_ = يحيى عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان به. قلنا: وسنده صحيح. وأخرجه البزار في "البحر الزخار" (6/ 499 رقم 2537)، والطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 266 رقم 6175)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1183 رقم 6671)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 89)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (8/ 116 رقم 2405)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الإكمال" (4/ 5)، و"الدر المنثور" (3/ 132)، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص 298)، وأبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" (1/ 309، 310 رقم 465)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (2/ 720 رقم 710 - بغية) جميعهم من طريق نصير بن زياد الطائي عن الصلت الدهان عن حامية بن رئاب قال: سمعت سلمان يقول -وقد سئل عن قوله-: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا}؛ قال: الرهبان الذين في الصوامع، قال سلمان: نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا}، هذا لفظ الطبراني وهو عند غيره بنحوه. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: 1 - حامية هذا؛ مجهول لم يرو عنه إلا الصلت الدهان، ولم يوثقه إلا ابن حبان. 2 - نصير هذا؛ قال الأزدي: "منكر الحديث". "الميزان" (4/ 264)، و"اللسان" (6/ 166). والصلت هذا روى عنه جماعة ووثقه ابن حبان. والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 17)، وقال: "فيه الحماني ونصير بن زياد وكلاهما ضعيف". قلنا: الحماني توبع عند البخاري والبزار فالعلة ممن ذكرنا. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 132) وزاد نسبته للحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" وابن الأنباري في "المصاحف" وابن المنذر.

حديثك كيف كان بدء إسلامك؟ قال: فقال سلمان: كنت يتيماً من رام هرمز، وكان ابن دهقان رام هرمز يختلف إلى معلم يعلمه فلزمته لأكون في كنفه، وكان لي أخ أكبر مني وكان مستغنياً بنفسه وكنت غلاماً قصيراً، وكان إذا قام من مجلسه تفرق من يحفظهم، فإذا تفرقوا خرج فيضع بثوبه ثم صعد الجبل، وكان يفعل ذلك غير مرة متنكراً. قال: فقلت له: إنك تفعل كذا وكذا فلِمَ لا تذهب بي معك؟ قال: أنت غلام وأخاف أن يظهر منك شيء، قال: قلت: لا تخف، قال: فإن في هذا الجبل قوماً في برطيلهم لهم عبادة ولهم صلاح، يذكرون الله -تعالي- ويذكرون الآخرة ويزعمون أنّا عبدة النيران، وعبدة الأوثان وأنا على دينهم، قال: قلت: فاذهب بي معك إليهم، قال: لا أقدر على ذلك حتى أستأمرهم وأنا أخاف أن يظهر منك شيء، فيعلم أبي؛ فيقتل القوم؛ فيكون هلاكهم على يدي، قال: قلت: لن يظهر مني ذلك فاستأمرهم فأتاهم، فقال: غلام عندي يتيم فأحب أن يأتيكم ويسمع كلامكم، قالوا: إن كنت تثق به، قال: أرجو أن لا يجيئ منه إلا ما أحب، قالوا: فجئ به، فقال لي: قد استأذنت في أن تجيئ معي فإذا كانت الساعة التي رأيتني أخرج فيها فأتني، ولا يعلم بك أحد فإن أبي إن علم بهم؛ قتلهم. قال: فلما كانت الساعة التي يخرج؛ تبعته، فصعدنا الجبل فانتهينا إليهم؛ فإذا هم في برطيلهم، قال: علي وأراه قال: وهم ستة أو سبعة، قال: وكأن الروح قد خرج منهم من العبادة؛ يصومون النهار، ويقومون الليل، ويأكلون عند السحر ما وجدوا، فقعدنا إليهم، فأثنى الدهقان على خيراً. فتكلموا؛ فحمدوا الله، وأثنوا عليه، وذكروا من مضى من الرسل والأنبياء، حتى خلصوا إلى ذكر عيسى ابن مريم -عليه السلام-، فقالوا: بعث الله -تعالى- عيسى -عليه السلام- رسولاً، وسخّر له ما كان يفعل؛ من إحياء الموتى، وخلق الطير، وإبراء الأكمه والأبرص والأعمى، فكفر به قوم وتبعه قوم، وإنما كان عبد الله ورسوله ابتلى به خلقه، قال: وقالوا قبل ذلك: يا غلام! إن لك لرباً، وإن لك معادًا، وإن بين يديك جنة وناراً إليها تصيرون، وإن هؤلاء القوم الذين

يعبدون النيران أهل كفر وضلالة، لا يرضي الله ما يصنعون وليسوا على دين. فلما حضرت الساعة التي ينصرف فيها الغلام؛ انصرف وانصرفت معه، ثم غدونا إليهم، فقالوا مثل ذلك وأحسن ولزمتهم، فقالوا لي: يا سلمان! إنك غلام، وإنك لا تستطيع أن تصنع كما نصنع؛ فصلّ، ونم، وكل واشرب، قال: فاطلع الملك على صنيع ابنه فركب في الخيل حتى أتاهم في برطيلهم، فقال: يا هؤلاء! قد جاورتموني فأحسنت جواركم ولم تروا مني سوءاً، فعمدتم إلى ابني فأفسدتموه علي؛ قد أجلتكم ثلاثاً، فإن قدرت عليكم بعد ثلاث؛ أحرقت عليكم برطيلكم هذا، فالحقوا ببلادكم؛ فإني أكره أن يكون مني إليكم سوء، قالوا: نعم، ما تعمدنا مساءتك ولا أردنا إلا الخير، فكفّ ابنه عن إتيانهم، فقلت له: اتق الله؛ فإنك تعرف أن هذا الدين دين الله، وأن أباك ونحن على غير دين؛ إنما هم عبدة النار لا يعبدون الله، فلا تبع آخرتك بدين غيرك. قال يا سلمان: هو كما تقول، وإنما أتخلف عن القوم بُقياً عليهم، إن تبعت القوم؛ طلبني أبي في الجبل، وقد خرج في إتياني إياهم حتى طردهم، وقد أعرف أن الحق في أيديهم، فأتيتهم في اليوم الذي أرادوا أن يرتحلوا فيه، فقالوا: يا سلمان! قد كنا نحذر مكان ما رأيت؛ فاتق الله -تعالى- واعلم أن الدين ما أوصيناك به، وأن هؤلاء عبدة النيران لا يعرفون الله -تعالى- ولا يذكرونه، فلا يخدعنك أحد عن دينك، قلت: ما أنا بمفارقكم، قالوا: أنت لا تقدر أن تكون معنا؛ نحن نصوم النهار، ونقوم الليل، ونأكل عند السحر ما أصبنا، وأنت لا تستطيع ذلك، قال: فقلت: لا أفارقكم، قالوا: أنت أعلم، وقد أعلمناك حالنا، فإذا أتيت؛ فاطلب أحداً يكون معك، واحمل معك شيئاً تأكله؛ لا تستطيع ما نستطيع نحن، قال: ففعلت، فلقيت أخي فعرضت عليه، فأبى ثم أتيتهم يمشون وأمشي معهم، فرزق الله السلامة حتى قدمنا الموصل، فأتينا بيعة بالموصل، فلما دخلوا؛ احتفوا بهم، وقالوا: أين كنتم؟ قالوا: كنا في

بلاد لا يذكرون الله -تعالى- فيها، عبدة النيران، وكنا نعبد الله؛ فطردونا، فقدمنا عليكم، فلما كان بعد قالوا: يا سلمان! إن ها هنا قوماً في هذه الجبال هم أهل دين، وإنا نريد لقاءهم، فكن أنت ها هنا مع هؤلاء؛ فإنهم أهل دين، وسترى منهم ما تحب، قلت: ما أنا بمفارقكم، قال: وأو صوابي أهل البيعة: أقم معنا يا غلام؛ فإنه لا يعجزك شيء يسعنا، قال: قلت: ما أنا بمفارقكم، فخرجوا وأنا معهم، فأصبحنا بين جبال، فإذا صخرة وماء كثير في جرار، وخبز كثير، فقعدنا عند الصخرة، فلما طلعت الشمس خرجوا من بين تلك الجبال، يخرج رجل رجل من مكانه، كأن الأرواح انتزعت منهم، حتى كثروا، فرحبوا بهم وحفوا، وقالوا: أين كنتم؛ لم نرَكم؟ قالوا: كنا في بلاد لا يذكرون اسم الله -تعالى-، فيها عبدة النيران، كنا نعبد الله -تعالى-، فطردونا، فقالوا: ما هذا الغلام؟ فطفقوا يثنون علي، وقالوا: صحبنا من تلك البلاد فلم نرَ منه إلا خيراً. قال سلمان: فوالله؛ إنهم لكذلك؛ إذ طلع عليهم رجل من كهف جبل، قال: فجاء حتى سلم وجلس، فحفوا به وعظّموه أصحابي الذين كنت معهم وأحدقوا به، فقال: أين كنتم؟ فأخبروه، فقال: ما هذا الغلام معكم؟ فأثنوا عليّ خيراً، وأخبروه باتباعي إياهم، ولم أرَ مثل إعظامهم إياه، فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر من أرسل من رسله وأنبيائه وما لقوا وما صنع به، وذكر مولد عيسى ابن مريم -عليه السلام- وأنه ولد بغير ذكر، فبعثه الله -عزّ وجلّ- رسولاً، وأحيا على يديه الموتى، وإنه يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه؛ فيكون طيراً بإذن الله، وأنزل عليه الإنجيل، وعلّمه التوراة، وبعثه رسولاً إلى بني إسرائيل؛ فكفر به قوم، وآمن به قوم، وذكر بعض ما لقي عيسى ابن مريم وإنه كان عبد الله أنعم الله عليه، فشكر ذلك له ورضي الله عنه؛ حتى قبضه الله -عزّ وجلّ- وهو يعظهم، ويقول: اتقوا الله والزموا ما جاء به عيسى -عليه الصلاة والسلام- ولا تخالفوا؛ فيخالف بكم، ثم قال: من أراد أن يأخذ من هذا شيئاً؛ فليأخذ، فجعل الرجل يقوم فيأخذ الجرة من

الماء والطعام، فقام أصحابي الذين جئت معهم فسلموا عليه وعظّموه، وقال لهم: الزموا هذا الدين وإياكم أن تفرقوا، واستوصوا بهذا الغلام خيراً، وقال لي: يا غلام! هذا دين الله الذي تسمعني أقوله وما سواه الكفر، قال: قلت: ما أنا بمفارقك، قال: إنك لا تستطيع أن تكون معي؛ إني لا أخرج من كهفي هذا إلا كل يوم أحد، ولا تقدر على الكينونة معي، قال: وأقبل عليّ أصحابه، فقالوا: يا غلام! إنك لا تستطيع أن تكون معه، قلت: ما أنا بمفارقك، قال له أصحابه: يا فلان! إن هذا غلام ويخاف عليه، فقال لي: أنت أعلم، قلت: فإني لا أفارقكم، فبكى أصحابي الأولون الذين كنت معهم عند فراقهم إياي، فقال: يا غلام! خذ من هذا الطعام ما ترى أنه يكفيك إلى الأحد الآخر، وخذ من هذا الماء ما تكتفي به، ففعلت، وتفرقوا، وذهب كل إنسان إلى مكانه الذي يكون فيه، وتبعته حتى دخل الكهف في الجبل، فقال: ضع ما معك، وكُلْ واشرب، وقام يصلي، فقمت معه أصلي، قال: فانقتل إلي، وقال: إنك لا تستطيع هذا، ولكن صل ونم، وكُلْ واشرب، ففعلت، فما رأيته نائماً ولا طاعماً، إلا راكعاً وساجداً إلى الأحد الآخر، فلما أصبحنا؛ قال لي: خذ جرتك هذه وانطلق، فخرجت معه أتبعه حتى انتهينا إلى الصخرة، وإذا هم قد خرجوا من تلك الجبال ينتظرون خروجه، فقعدوا وعاد في حديثه نحو المرة الأولى، فقال: الزموا هذا الدين، ولا تفرقوا، واذكروا الله، واعلموا أن عيسى ابن مريم -عليهما الصلاة والسلام- كان عبد الله -تعالى- أنعم الله عليه، ثم ذكرني. فقالوا له: يا فلان! كيف وجدت هذا الغلام؟ فأثنى علي وقال خيراً، فحمدوا الله -تعالى-، وإذا خبز كثير وماء كثير فأخذوا، وجعل الرجل يأخذ ما يكتفي به، وفعلت، فتفرقوا في تلك الجبال ورجع إلى كهفه ورجعت معه، فلبثنا ما شاء الله؛ يخرج في كل يوم أحد ويخرجون معه، ويحفون به ويوصيهم بما كان يوصيهم به فخرج في أحد، فلما اجتمعوا؛ حمد الله -تعالى- ووعظهم، وقال مثل ما كان يقول لهم، ثم قال لهم

آخر: ذلك يا هؤلاء! إنه قد كبر سني، ورق عظمي، وقرب أجلي، وإنه لا عهد لي بهذا البيت منذ كذا وكذا، ولا بد من إتيانه، فاستوصوا بهذا الغلام خيراً؛ فإني رأيته لا بأس به، قال: فجزع القوم، فما رأيت مثل جزعهم، وقالوا: يا فلان! أنت كبير فأنت وحدك ولا نأمن أن يصيبك شيء يساعدك أحوج ما كنا إليك، قال: لا تراجعوني؛ لا بد من اتباعه، ولكن استوصوا بهذا الغلام خيراً وافعلوا وافعلوا، قال: فقلت: ما أنا بمفارقك. قال: يا سلمان! قد رأيت حالي وما كنت عليه وليس هذا كذلك، أنا أمشي، وأصوم النهار وأقوم الليل، ولا أستطيع أن أحمل معي زاداً ولا غيره، وأنت لا تقدر على هذا، قلت: ما أنا بمفارقك، قال: أنت أعلم، قال: فقالوا: يا فلان! فإنا نخاف على هذا الغلام، قال: فهو أعلم، قد أعلمته الحال وقد رأى ما كان قبل هذا، قلت: لا أفارقك، قال: فبكوا وودعوه، وقال لهم: اتقوا الله وكونوا على ما أوصيتكم به؛ فإن أعش فعليّ أرجع إليكم، وإن مت؛ فإن الله حي لا يموت، فسلم عليهم وخرج وخرجت معه، وقال لي: احمل معك من هذا الخبر. شيئاً تأكله، فخرج وخرجت معه يمشي، واتبعته يذكر الله -تعالى- ولا يلتفت ولا يقف على شيء، حتى إذا أمسينا؛ قال: يا سلمان! صلّ أنت ونم وكل واشرب، ثم قام وهو يصلي حتى انتيهنا إلى بيت المقدس، وكان لا يرفع طرفه إلى السماء حتى أتينا إلى باب المسجد، وإذا على الباب مقعد، فقال: يا عبد الله! قد ترى حالي فتصدق عليّ بشيء؛ فلم يلتفت إليه، ودخل المسجد ودخلت معه، فجعل يتبع أمكنة من المسجد فصلى فيها، فقال: يا سلمان! إني لم أنم منذ كذا وكذا ولم أجد طعم النوم، فإن فعلت أن توقظني إذا بلغ الظل مكان كذا وكذا؛ نمت؛ فإني أحب أن أنام في هذا المسجد؛ وإلا لم أنم، قال: قلت: فإني أفعل، [قال]: فإذا بلغ الظل مكان كذا وكذا؛ فأيقظني إذا غلبتني عيني، فنام، فقلت في نفسي: هذا لم ينم مد كذا وكذا وقد رأيت بعض ذلك؛ لأدعنّه ينام حتى يشتفي من النوم، قال: وكان فيها يمشي وأنا معه يقبل عليّ فيعظني ويخبرني

أن لي رباً وأن بين يدي جنة وناراً وحساباً، ويعلمني ويذكّرني نحو ما يذكر القوم يوم الأحد؛ حتى قال فيما يقول: يا سلمان! إن الله -عزّ وجلّ- سوف يبعث رسولاً اسمه أحمد، يخرج بتهامة -وكان رجلًا، عجمياً لا يحسن أن يقول: تهامة، ولا: محمد-، علامته: أنه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم، وهذا زمانه الذي يخرج فيه قد تقارب، فأما أنا؛ فإني شيخ كبير، ولا أحسبني أدركه، فإن أدركته أنت؛ فصدقه واتبعه. قال: قلت: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه؟! قال: وإن أمرك؛ فإن الحق فيما يأمر به، ورضى الرحمن فيما قال، فلم يمض إلا يسيراً؛ حتى استيقظ فزعاً يذكر الله -تعالى-، فقال لي: يا سلمان! مضى الفيء من هذا المكان ولم أذكر الله، أين ما كنت جعلت على نفسك؟ قال: أخبرتني إنك لم تنم منذ كذا وكذا وقد رأيت بعض ذلك؛ فأحببت أن تشتفي من النوم، فحمد الله -تعالى- وقام فخرج، وتبعته، فمر بالمقعد، فقال المقعد: يا عبد الله! دخلت فسألتك؛ فلم تعطني، وخرجت فسألتك؛ فلم تعطني، فقام ينظر هل يرى أحداً فلم يره، فدنا منه، فقال له: ناولني يدك، فناوله فقال: بسم الله، فقام كأنه أنشط من عقال صحيحاً لا عيب به، فخلى عن يده، فانطلق ذاهباً فكان لا يلوي على أحد ولا يقوم عليه، فقال لي: المقعد يا غلام! احمل علي ثيابي؛ حتى أنطلق فأسير إلى أهلي، فحملت عليه ثيابه وانطلق لا يلوي علي، فخرجت في أثره أطلبه، فكلما سألت عنه؛ قالوا: أمامك حتى لقيني ركب من كلب فسألتهم، فلما سمعوا الفتى؛ أناخ رجل منهم لي بعيره، فحملني خلفه حتى أتوا بلادهم، فباعوني، فاشترتني امرأة من الأنصار، فجعلتني في حائط بها، وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرت به فأخذت شيئاً من تمر حائطي فجعلته على شيء، ثم أتيته، فوجدت عنده ناساً، وإذا أبو بكر أقرب الناس إليه، فوضعته بين يديه، وقال: "ما هذا"؟ قلت: صدقة، قال للقوم: "كلوا"، ولم يأكل، ثم لبثت ما شاء الله، ثم أخذت مثل ذلك، فجعلت على شيء، ثم أتيته، فوجدت عنده ناساً، وإذا

أبو بكر أقرب القوم منه، فوضعته بين يديه، فقال لي: "ما هذا"؟ قلت: هدية، قال: "بسم الله" وأكل وأكل القوم، قلت في نفسي: هذه من آياته، كان صاحبي رجلًا أعجمياً لم يحسن أن يقول: تهامة، فقال: تهمة، وقال: [اسمه] أحمد، فدرت خلفه ففطن بي، فأرخى ثوبه؛ فإذا الخاتم في ناحية كتفه الأيسر فتبينته، ثم درت حتى جلست بين يديه، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال: "من أنت؟ "، قلت: مملوك، قال: فحدثته حديثي وحديث الرجل الذي كنت معه وما أمرني به، قال: "لمن أنت؟ "، قلت: لامرأة من الأنصار جعلتني في حائط لها، قال: "يا أبا بكر! "، قال: لبيك، قال: "اشتره"، فاشتراني أبو بكر -رضي الله عنه- فأعتقني، فلبثت ما شاء الله أن ألبث، ثم أتيته فسلمت عليه وقعدت بين يديه، فقلت: يا رسول الله! ما تقول في دين النصارى؟ قال: "لا خير فيهم ولا في دينهم"، فدخلني أمر عظيم، فقلت في نفسي: هذا الذي كنت معه ورأيت منه ما رأيته، ثم رأيته أخذ بيد المقعد فأقامه الله على يديه، وقال: "لا خير في هؤلاء ولا في دينهم"؛ فانصرفت وفي نفسي ما شاء الله؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ- على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} إلى آخر الآية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عليّ بسلمان"، فأتاني الرسول فدعاني وأنا خائف، فجئت حتى قعدت بين يديه، فقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} إلى آخر الآية، فقال: "يا سلمان! إن أولئك الذين كنت معهم وصاحبك لم يكونوا نصارى، إنما كانوا مسلمين"، فقلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لهو الذي أمرني باتباعك؛ فقلت له: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه، فأتركه؟! قال: فاتركه؛ فإن الحق وما يحب الله فيما يأمرك به (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (3/ 599 - 602) -وعنه البيهقي في "الدلائل" (2/ 82 - 92) - من طريق علي بن عاصم ثنا حاتم بن أبي صغيرة عن سماك بن =

* عن السدي؛ قال: بعث النجاشي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - اثني عشر رجلًا يسألونه ويأتونه بخبره، فقرأ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبكوا، وكان منهم رهبان وخمسة قسيسين، أو خمسة رهبان وسبعة قسيسين؛ فأنزل الله فيهم: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)} (¬1). [ضعيف جداً] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء وأخذتني شهوتي؛ فحرمت عليّ اللحم؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} (¬2). [صحيح لغيره] ¬

_ = حرب عن زيد بن صوحان: أن رجلين (فذكره). قال الحاكم: "هذا حديث صحيح عال في ذكر إسلام سلمان الفارسي ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي: "قلت: بل مجمعون على ضعفه". قلنا: فيه علي بن عاصم صدوق يخطئ ويصر على خطئه. قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (2/ 316): "في هذا السياق غرابة كثيرة، وفيه بعض المخالفة لسياق محمد بن إسحاق، وطريق محمد بن إسحاق أقوى إسناداً. . .". قلنا: يشير ابن كثير بذلك إلى حديث ابن عباس. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 5)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1184/ 6675) من طريقين عن أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط بن نصر. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 131). (¬2) أخرجه الترمذي (5/ 255، 256 رقم 3054)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 277 رقم 11981)، والطبري في "جامع البيان" (7/ 9)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1186 رقم 6687)، وابن عدي في "الكامل" (5/ 1817)، =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ}؛ قال: هم رهط من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: نقطع مذاكيرنا، ونترك شهوات الدنيا، ونسبح في الأرض كما يفعل ¬

_ = والواحدي في "أسباب النزول" (ص 137) من طريق عثمان بن سعد الكاتب عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه عثمان هذا وهو ضعيف؛ ضعفه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وغيرهم. انظر: "الجرح والتعديل" (6/ رقم 838)، و"تهذيب الكمال" (19/ 376 - 378)، و"التقريب" (2/ 9). وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". لكن للحديث شواهد تدل على أن له أصلًا، ومعناه صحيح؛ فيرتقي الحديث إلى درجة الصحيح لغيره. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 139) وزاد نسبته لابن مردويه. وقد قال الترمذي عقب الحديث: "ورواه بعضهم عن عثمان بن سعد مرسلاً، ليس فيه عن ابن عباس، ورواه خالد الحذاء عن عكرمة مرسلاً". يشير الترمذي إلى أن عثمان بن سعد قد خولف في إسناده. فقد أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 7، 9) من طريق يزيد بن زريع وإسماعيل بن علية وعبد الوهاب الثقفي ثلاثتهم عن خالد الحذاء عن عكرمة؛ قال: كان أناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - هموا بالخصاء وترك اللحم والنساء؛ فنزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)}. هذا لفظ يزيد. قلنا: وهذا سند صحيح كالشمس إلى عكرمة؛ لكنه مرسل. فقد خالف عثمان بن سعد خالداً لحذاء فوصله، والصواب رواية خالد؛ لأنه ثقة من رجال الشيخين بخلاف عثمان. فتبين أن الصواب في الحديث هو الإرسال، لكن له شواهد تؤكد معناه وتثبت صحته، وانظر الأحاديث والآثار الآتية. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 140) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

الرهبان، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إليهم فذكر لهم، فقالوا: نعم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لكنى أصوم وافطر، وأصلي وانام، وأنكح النساء، فمن أخذ بسنتي؛ فهو مني، ومن لم يأخذ بسنتي؛ فليس مني" (¬1). [حسن] * عن أبي مالك؛ قال: نزلت في عثمان بن مظعون وأصحابه حرموا عليهم كثيراً من الطيبات والنساء، فهَمَّ بعضهم أن يقطع ذكره؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} (¬2). [صحيح] * عن أبي قلابة؛ قال: أراد أناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 7): ثني المثنى، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1187 رقم 6689): ثنا أبي، كلاهما قال: ثنا عبد الله بن صالح -كاتب الليث- ثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عنه به. قلنا: وهذا سند حسن، وقد أعلّ بعلتين وهما ليستا بشيء: الأولى: الانقطاع بين علي وابن عباس، وقد تقدم مراراً أن رواية علي عن ابن عباس محمولة على الاتصال؛ كما نص على ذلك أهل العلم كابن حجر وغيره. الثانية: ضعف عبد الله بن صالح؛ لكن الراوي عنه هنا أبو حاتم الرازي الثقة الحافظ، وقد قال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص 414): "ظاهر كلام هؤلاء الأئمة: أن حديثه في الأول كان مستقيماً ثم طرأ عليه فيه تخليط، فمقتضى ذلك أن ما يجيء من روايته عن أهل الحذق؛ كيحيى بن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم، فهو من صحيح حديثه. . .". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 139) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1515 رقم 771 - تكملة)، والطبري في "جامع البيان" (7/ 7)، وأبو داود في "مراسيله" (رقم 201) من طريقين عن حصين بن عبد الرحمن السلمي عن أبي مالك به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، أما ما يخشى من أن حصيناً تغيّر حفظه بآخره فالراوي عنه عند أبي داود وسعيد بن منصور هو خالد الطحان وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 139) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

يرفضوا الدنيا ويتركوا النساء ويترهبوا؛ فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فغلظ فيهم المقالة، ثم قال: "إنما هلك من كان قبلكم بالتشديد، وشددوا على أنفسهم؛ فشدد الله عليهم، فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وحجوا واعتمروا، واستقيموا يستقم لكم"، ونزلت فيهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 192) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (7/ 7) -: أنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" (3/ 140) لابن المنذر. وأصل الحديث في "الصحيحين"؛ فقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (9/ 104 رقم 5063)، ومسلم في "صحيحه" (2/ 1020) من حديث أنس بقصة النفر الثلاثة الذين تقالوا عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسيأتي لفظه بعد قليل. وأخرج البخاري (8/ 276 رقم 4615، 9/ 116، 117 رقم 5071. 5075)، ومسلم (2/ 1022) من حديث ابن مسعود قال: "كنا نغزوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس لنا نساء، فقلنا: يا رسول الله ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك". وأخرج البخاري (9/ 117 رقم 5073، 5074)، ومسلم (2/ 1020، 1021) من حديث سعد بن أبي وقاص قال: رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا. وفي رواية للدارمي (2/ 132) بسند حسن؛ قال سعد: لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان من ترك النساء؛ بعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أيا عثمان! إني لم أؤمر بالرهبانية، أرغبت عن سنتي"، قال: لا يا رسول الله! قال: "إن من سنتي: أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق؛ فمن رغب عن سنتي؛ فليس مني، يا عثمان! إن لأهلك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً"، قال سعد: فوالله؛ لقد أجمع رجال من المسلمين على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن هو أقر عثمان على ما هو عليه أن نختصي فنتبتل. =

* عن قتادة؛ قال: نزلت في أناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرادوا أن يتخلوا من الدنيا ويتركوا النساء، منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن مظعون (1). [ضعيف] * عن إبراهيم النخعي؛ قال: كانوا حرموا الطيب واللحم؛ فأنزل الله هذا فيهم (¬2). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن رجالاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ = وله شاهد في "الصحيحين" -أيضاً- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أُخبروا؛ كأنهم تقالّوها، فقالوا: وأين نحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ قال أحدهم: أما أنا؛ فأنا أصلي الليل أبداً. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي؛ فليس مني". أخرجه البخاري (9/ 104 رقم 5063)، ومسلم (2/ 1020). وشاهد آخر: انظره في "الإرواء" (رقم 2075). أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 191، 192) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (7/ 7) -: نا معمر عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل؛ رجاله ثقات. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 7): ثنا ابن وكيع ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم به. قلت: وهذا سند ضعيف؛ مسلسل بالعلل: الأولى: الإرسال. الثانية: المغيرة؛ ثقة متقن؛ إلا أنه كان يدلس، ولا سيما عن إبراهيم؛ كما في "التقريب" (2/ 270). الثالثة: سفيان بن وكيع شيخ الطبري؛ قال الحافظ في "التقريب" (1/ 312): "كان صدوقاً إلا أنه ابتلي بوراقه؛ فأدخل عليه ما ليس من حديثه؛ فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه".

رفضوا النساء واللحم، وأرادوا أن يتخذوا الصوامع، فلما بلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "ليس في ديني ترك النساء واللحم، ولا اتخاذ الصوامع". وأخبرنا أن ثلاثة نفر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتفقوا، فقال أحدهم: أما أنا؛ فأقوم الليل لا أنام، وقال أحدهم: أما أنا؛ فأصوم النهار؛ فلا أفطر، وقال الآخر: أما أنا؛ فلا آتي النساء، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم؛ فقال: "ألم أنبأ أنكم اتفقتم على كذا"، قالوا: بلى يا رسول الله، وما أردنا إلا الخير، قال: "لكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وآتي النساء؛ فمن رغب عن سنتي؛ فليس مني"، وكان في بعض القراءة: "من رغب عن سنتك من أمتك؛ فقد ضلّ عن سواء السبيل" (¬1). [ضعيف] * عن السدي في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلس يوماً فذكّر الناس ثم قام ولم يزدهم على التخويف، فقال أناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كانوا عشرة منهم: علي بن أبي طالب وعثمان بن مظعون-: ما حقنا أن لم نُحْدِث عملًا؛ فإن النصارى قد حرموا على أنفسهم؛ فنحن نحرم؛ فحرم بعضهم أكل اللحم والودك (¬2)، وأن يأكل بالنهار، وحرم بعضهم النوم، وحرم بعضهم النساء، فكان عثمان بن مظعون ممن حرم النساء، وكان لا يدنو من أهله ولا يدنون منه؛ فأتت ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 7): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. * ملاحظة: وقع في مطبوع "جامع البيان" -ط دار المعرفة- إقحام في سنده؛ فأضيف جامع بن حماد بين بشر ويزيد وما أرى ذلك إلا وهماً، وقد روى الطبري أحاديث كثيرة جداً بهذا السند وليس فيها جامع. (¬2) أي: الشحم.

امرأته عائشة، وكان يقال لها: الحولاء، فقالت لها عائشة ومن عندها من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما بالك يا حولاء! متغيرة اللون، لا تمتشطين ولا تطيبين، فقالت: وكيف أتطيب وأمتشط وما وقع عليّ زوجي ولا رفع عني ثوباً منذ كذا وكذا، فجعلن يضحكن من كلامها، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهن يضحكن، فقال: "ما يضحكن"، قالت: يا رسول الله! الحولاء سألتها عن أمرها؛ فقالت: ما رفع عني زوجي ثوباً منذ كذا وكذا، فأرسل إليه فدعاه، فقال: "ما بالك يا عثمان؟ "، قال: إني تركته لله؛ لكي أتخلى للعبادة، وقص عليه أمره، وكان عثمان قد أراد أن يجب نفسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقسمت عليك إلا رجعت فواقعت أهلك"، فقال: يا رسول الله! إني صائم، قال: "أفطر"؛ فأفطر وأتى أهله، فرجعت الحولاء إلى عائشة قد اكتحلت وامتشطت وتطيبت، فضحكت عائشة، فقالت: ما بالك يا حولاء؟ فقالت: إنه أتاها أمس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والنوم؟! ألا إني أنام وأقوم، وأفطر وأصوم، وأنكح النساء؛ فمن رغب عن سنّتي؛ فليس مني"؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 7، 8): ثني محمد بن الحسين ثنا أحمد بن مفضل ثنا أسباط عن السدي به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإعضال، فلم يصح أن السدي روى عن واحد من الصحابة. الثانية: أسباط بن نصر؛ صدوق، كثير الخطأ، يغرب. الثالثة: محمد بن الحسين لم نجد له ترجمة.

وذلك أن رجالاً من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - منهم: عثمان بن مظعون، حرموا النساء واللحم على أنفسهم، وأخذوا الشفار ليقطعوا مذاكيرهم؛ لكي تنقطع الشهوة، ويتفرغوا لعبادة ربهم، فأُخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: "ما أردتم"؛ فقالوا: أردنا أن نقطع الشهوة عنا، ونتفرغ لعبادة ربنا، ونلهو عن النساء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لم أؤمر بذلك، ولكني أمرت في ديني أن أتزوج النساء"، فقالوا: نطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (88)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن مجاهد؛ قال: أراد رجال منهم عثمان بن مظعون وعبد الله بن عمرو أن يتبتلوا ويُخْصوا أنفسهم، ويلبسوا المسوح؛ فنزلت هذه الآية إلى قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} (¬2). [ضعيف] * عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)}؛ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 7) بالسند المسلسل بالعوفيين به. قلنا: وسنده ضعيف جداً. وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" (3/ 142) لابن مردويه. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (7/ 8) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من مجاهد. الثالثه: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف؛ ضعفه أبو حاتم، والنسائي، وابن حجر وغيرهم. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 142) وزاد نسبته لأبي الشيخ.

قال: قال أبي: ضاف عبد الله بن رواحة ضيف، فانقلب ابن رواحة ولم يتعش، فقال لأهله: ما عشيته؟ فقالت: كان الطعام قليلاً فانتظرت أن تأتي، قال: فحبست ضيفي من أجلي؛ فطعامك عليّ حرام إن ذقته، فقالت: هي وهو عليّ حرام إن ذقته إن لم تذقه، وقال الضيف: هو عليّ حرام إن ذقته إن لم تذوقوه، فلما رأى ذلك، قال ابن رواحة: قربي طعامك، كلوا بسم الله، وغدا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أحسنت"؛ فنزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} وقرأ حتى بلغ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} وإذا قلت: والله لا أذوقه؛ فذلك العقد (¬1). [ضعيف جداً] * عن المغيرة بن عثمان؛ قال: كان عثمان بن مظعون وعلي وابن مسعود والمقداد وعمار أرادوا الاختصاء، وتحريم اللحم، ولبس المسوح في أصحاب لهم، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن مظعون، فسأله عن ذلك؛ فقال: قد كان بعض ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنكح النساء وآكل اللحم، وأصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وألبس الثياب، لم آت بالتبتل ولا بالرهبانية، ولكن جئت بالحنيفية السمحة، ومن رغب عن سنتي؛ فليس مني"، قال ابن جريج: فنزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} (¬2). [ضعيف] * عن الحسن العرني؛ قال: كان علي في أناس ممن أرادوا أن ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 9)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1187 رقم 6692) من طريق ابن وهب عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف عبد الرحمن. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 143) ونسبه لأبي الشيخ.

يحرموا الشهوات؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة: أن عثمان بن مظعون وعلي بن أبي طالب وابن مسعود والمقداد بن الأسود وسالماً مولى أبي حذيفة وقدامة، تبتلوا فجلسوا في البيوت، واعتزلوا النساء، ولبسوا المسوح، وحرموا طيبات الطعام واللباس؛ إلا ما يأكل ويلبس السياحة من بني إسرائيل، وهمُّوا بالاختصاء وأجمعوا لقيام الليل، وصيام النهار، فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} (¬2) فلما نزلت بعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إن لأنفسكم حقاً، ولأعينكم حقاً، وإن لأهلكم حقاً، فصلوا وناموا وصوموا وأفطروا، فليس منا من ترك سنتنا"، فقالوا: اللهم صدقنا واتبعنا ما أنزلت على الرسول. [ضعيف] * {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)}. ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 143) ونسبه لابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 142) ونسبه لابن المنذر والطبري وأبي الشيخ. قلنا: هو عند الطبري في "جامع البيان" (7/ 8) من طريق سنيد صاحب "التفسير" ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة به. قلنا: وسنده ضعيف أيضاً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف.

* عن عائشة؛ قالت في قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)}؛ نزلت في قوله: لا والله، بلى والله (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} في القوم الذين كانوا حرموا النساء واللحم على أنفسهم؛ قالوا: يا رسول الله! كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فأنزل الله -تعالى ذكره-: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)} (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} قال: كان الرجل يقوت أهله قوتاً فيه سعة (وفي رواية: فضل)، وكان الرجل يقوت أهله قوتاً فيه شدة؛ فأنزل الله -تعالى-: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} قال: ليس بأرفعه ولا بأدناه (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (11/ رقم 6663). (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 10) من طريق العوفي عنه. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 142، 143) ونسبه لابن مردويه، وأعاده في (3/ 149، 150) ونسبه للطبري. (¬3) أخرجه ابن ماجه (1/ 682، 683 رقم 2113)، والطبري في "جامع البيان" (7/ 22)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ رقم 6722)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 153) -ومن طريقه الضياء المقدسي في =

* عن سعيد بن جبير؛ قال: كان أهل المدينة يفضلون الحر على العبد، والكبير على الصغير، ويقولون: الصغير على قدره، والكبير على قدره؛ فنزلت: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}؛ فأمروا بأوسط من ذلك ليس بأرفعه (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = "الأحاديث المختارة" (10/ 172 رقم 169) -، والضياء -من طريق أخرى- (10/ 171 رقم 168) من طريق سفيان بن عيينة عن سليمان بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه به. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (ص 749): "هذا إسناد موقوف، صحيح الإسناد". وصححه شيخنا العلامة الألباني -رحمه الله- في "صحيح سنن ابن ماجه" (رقم 1717). (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 15) بسندين عنه: الأول: ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عبد العزيز بن أبان ثنا قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: عبد العزيز هذا؛ متروك الحديث، وكذبه ابن معين وغيره؛ كما في "التقريب" (1/ 508). الثانية: قيس بن الربيع؛ صدوق، تغيّر لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 153) ونسبه لعبد بن حميد وأبي الشيخ. فيحتمل أن عبد العزيز توبع من قبل عبد بن حميد، ويحتمل أن عبد بن حميد رواه من طريق غيره، فلو قدرنا أن عبد بن حميد تابع عبد العزيز فيبقى علة الحديث قيس بن الربيع وهو من شيوخ عبد بن حميد وإلا؛ فله إسناد آخر، والله أعلم. الثاني: ثنا ابن حميد ثنا حكام بن سلم عن سليمان العبسي عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فابن حميد حافظ ضعيف، بل إنه اتهم، وسليمان هذا لم نجد له ترجمة، ولعله وقع تصحيف في اسمه؛ فإن النسخة التي بين أيدينا -طبع دار المعرفة- كثيرة التصحيف والتحريف. وكلا الطريقين لا تقويان بعضهما البعض؛ نظراً للضعف الشديد فيهما.

* {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)}. * عن أبي هريرة؛ قال: حرمت الخمر ثلاث مرات، قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهما؛ فأنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219] إلى آخر الآية. فقال الناس: ما حرم علينا إنما قال: فيهما إثم كبير، وكانوا يشربون الخمر حتى إذا كان يوم من الأيام صلى رجل من المهاجرين أمَّ أصحابه في المغرب خلط في قراءته؛ فأنزل الله فيها آية أغلظ منها: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] وكان الناس يشربون حتى يأتي أحدهم الصلاة وهو مفيق؛ ثم أنزلت آية أغلظ من ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)}؛ فقالوا: انتهينا ربنا. فقال الناس: يا رسول الله! ناس قتلوا في سبيل الله أو ماتوا على فرشهم كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر، وقد جعله الله رجساً ومن عمل الشيطان؛ فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ} إلى آخر الآية، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو حرمت عليهم لتركوها كما تركتم" (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "مسنده" (2/ 351): ثنا سريج بن النعمان: ثنا أبو معشر عن =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار، شربوا حتى إذا ثملوا عبث بَعضُهُم ببعض، فلما صَحَوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه وبرأسه وبلحيته، فيقول: قد فعل بي هذا أخي، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن، والله لو كان بي رؤوفاً رحيماً ما فعل بي هذا، فوقعت في قلوبهم الضغائن؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)}؛ فقال ناس: هي رجس، وهي في بطن فلان قتل يوم بدر، وفلان قتل يوم أُحد؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)} (¬1). [حسن] ¬

_ = أبي وهب مولى أبي هريرة عن أبي هريرة به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: أبو وهب مولى أبي هريرة؛ مجهول لا يعرف؛ كما في "تعجيل المنفعة" (ص 521). الثانية: أبو معشر؛ نجيح السندي؛ ضعيف أسن واختلط؛ كما في "التقريب" (2/ 298). وقال الحافظ ابن حجر في "الكافي الشاف" (رقم 478): "إسناده ضعيف؛ فإنه من رواية أبي معشر؛ عن أبي وهب، وأبو معشر ضعيف". ونقله عنه المناوي في "الفتح السماوي" (2/ 586). وقال العلامة الشيخ أحمد شاكر في "تحقيق المسند" (6/ 254 رقم 8605): "إسناده ضعيف؛ لضعف أبي معشر نجيح، ولجهالة أبي وهب مولى أبي هريرة". وقد قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2/ 95): "انفرد به أحمد". * ملاحظة: تصحف اسم شيخ الإِمام أحمد في كل من "تعجيل المنفعة"، و"تفسير القرآن العظيم" -طبع دار المعرفة-، و"تخريج أحاديث تفسير الكشاف" للزيلعي من سريج إلى شريح؛ فليحرر. (¬1) أخرجه النسائي في "تفسيره" (1/ 447، 448 رقم 171)، والطبري في =

* عن سعد بن أبي وقاص: أنه نزلت فيه آيات من القرآن؛ قال: حَلَفَت أم سعد أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زَعَمْت أن الله وصاك بوالديك، وأنا أمك، وأنا آمرك بهذا، قال: مكثت ثلاثاً حتى غشي عليها من الجَهْد، فقام ابن لها يقال له: عُمارة، فسقاها، فجعلت تدعو على سعد؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في القرآن هذه الآية: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي} [العنكبوت: 8]، ¬

_ = "جامع البيان" (7/ 23)، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 44، 45 رقم 12459) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 341، 342 رقم 370) -، والحاكم (4/ 141، 142)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 285، 286) من طريقين عن ربيعة بن كلثوم بن جبر عن أبيه عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وهذا إسناد حسن؛ رجاله رجال الصحيح، فربيعة بن كلثوم وثقه ابن معين والعجلي وابن شاهين، وقال أحمد: صالح. وضعفه النسائي مرة، وقال مرة أخرى: ليس به بأس، ولخصه الحافظ بقوله: صدوق يهم. انظر: "الجرح والتعديل" (3/ 477، 478 رقم 2145)، و"الثقات" للعجلي (رقم 434)، و"التهذيب" (3/ 263)، و"التقريب" (1/ 248). وكلثوم بن جبر؛ وثقه أحمد وابن معين والعجلي وابن حبان وابن شاهين، وقال النسائي: ليس بالقوي، ولخصه الحافظ بقوله: "صدوق يخطئ". انظر: "الجرح والتعديل" (7/ 164 رقم 926)، و"الثقات" للعجلي (رقم 1184)، و"التهذيب" (8/ 442)، و"التقريب" (2/ 136). وسكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "صحيح على شرط مسلم". وقد نقل السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 158) تصحيحه عن الحاكم. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 18): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري" (8/ 279). وزاد نسبته في "الدر المنثور" لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.

وفيها: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، قال: وأصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف فأخذته، فأتيت به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: نفلني هذا السيف؛ فأنا من قد علمت حاله، فقال: "رده من حيث أخذته"، فانطلقت، حتى إذا أردت أن ألقيه في القَبَض لامتني نفسي، فرجعت إليه، فقلت: أعطنيه، قال: فشد لي صوته: "رده من حيث أخذته"، قال: فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: 1]، قال: ومرضت فأرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاني، فقلت: دعني أقسم مالي حيث شئت، قال: فأبى، قلت: فالنصف؟ قال: فأبى، قلت: فالثلث؟ قال: فسكت، فكان بعد الثلث جائزاً، قال: وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين، فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمراً، وذلك قبل أن تحرم الخمر، قال: فأتيتهم في حش -والحش: البستان- فإذا رأس جزور مشوي عندهم، وزقّ من خمر، قال: فأكلت وشربت معهم، قال: فذكرت الأنصار والمهاجرون عندهم، فقلت: المهاجرون خير من الأنصار، قال: فأخذ رجل أحد لحيى الرأس فضربني به فجرح بأنفي، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيّ -يعني: نفسه- شأن الخمر: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عمر؛ قال: نزل في الخمر ثلاث آيات (¬2). . . * عن سالم بن عبد الله؛ قال: إن أول ما حرمت الخمر أن سعد بن أبي وقاص وأصحاباً له شربوا؛ فاقتتلوا، فكسروا أنف سعد؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 1877، 1878 رقم 1748) وغيره. (¬2) تقدم تخريجه في سورة البقرة عند قوله -تعالى-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}.

الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} (¬1). [ضعيف] * عن ابن بريدة عن أبيه؛ قال: بينما نحن قعود على شراب لنا ونحن نشرب الخمر حلالًا؛ إذ قمت حتى آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلّم عليه وقد نزل تحريم الخمر: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} فجئت إلى أصحابي فقرأتها عليهم إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}، قال: وبعض القوم شربته في يده، قد شرب بعضاً وبقي بعض في الإناء، فقال: بالإناء تحت شفته العليا كما فعل الحجام ثم صبوا ما في باطيتهم، فقالوا: انتهينا ربنا، انتهينا ربنا (¬2). [ضعيف] * عن أبي هريرة؛ قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا أهل المدينة إن الله يعرض عليَّ الخمر تعريضاً لا أدري لعله سينزل فيها أمر"، ثم قام فقال: "يا أهل المدينة! إن الله قد أنزل إليّ تحريم الخمر، فمن كتب منكم هذه الآية وعنده منها شيء؛ فلا يشربها" (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 23)، والواحدي في "الوسيط" (2/ 222) من طريق ابن وهب أنبأني عمرو بن الحارث: أن الزهري أخبره: أن سالم بن عبد الله حدثه به. قلنا: وسنده صحيح رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 23): ثنا محمد بن خلف ثنا سعيد بن محمد الجرمي عن أبي تميلة عن سلام -مولى حفص- عن ابن بريدة عن أبيه. قلنا: سلام -هذا-؛ ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" (2/ 2/ 134)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 1/ 262) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. (¬3) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5/ 4 رقم 5569) من طريق محمد بن عبيد الله بن يزيد عن إسحاق بن الأزرق ثني الجريري عن ثمامة بن حزن عن أبي هريرة به. قلنا؛ وسنده ضعف، الجريري اختلط وسماع إسحاق منه بعد الاختلاط.

* عن عبد الرحمن بن سابط؛ قال: زعموا أن عثمان بن مظعون حرم الخمر في الجاهلية، وقال في الجاهلية: إني لا أشرب شيئاً يذهب عقلي وُيضحك بي من هو أدنى مني، ويحملني على أن أنكح كريمتي من لا أريد؛ فنزلت هذه الآية في سورة المائدة في الخمر، فمر عليه رجل فقال: حرمت الخمر، وتلا عليه الآية فقال: تباً لها قد كان بصري فيها ثابتاً (¬1). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير؛ قال: لما نزلت في البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219]؛ شربها قوم لقوله: {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}، وتركها قوم لقوله: {إِثْمٌ كَبِيرٌ} منهم عثمان بن مظعون، حتى نزلت الآية التي في النساء: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}، فتركها قوم وشربها قوم، يتركونها بالنهار حين الصلاة ويشربونها بالليل، حتى نزلت الآية التي في المائدة: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ}، قال عمر: أقرنت بالميسر والأنصاب والأزلام بعداً لك وسحقاً، فتركها الناس ووقع في صدور أُناس من الناس منها، فجعل قوم يمر بالراوية من الخمر فتخرق، فيمر بها أصحابها فيقولون: قد كنا نكرمك عن هذا المصرع، وقالوا: ما حرم علينا شيء أشد من الخمر، حتى جعل الرجل يلقى صاحبه فيقول: إن في نفسي شيئاً، فيقول له صاحبه: لعلك تذكر الخمر، فيقول: نعم، فيقول: إن في نفسي مثل ما في نفسك، حتى ذكر ذلك قوم واجتمعوا فيه، فقالوا: كيف نتكلم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاهد، وخافوا أن ينزل فيهم، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أعدوا له حجة، فقالوا: أرأيت حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير، وعبد الله بن جحش ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/ 393، 394): نا محمد بن عبد الله الأسدي نا عمر بن سعيد عن عبد الرحمن به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

أليسوا في الجنة؟ قال: "بلى"، قالوا: أليسوا قد مضوا وهم يشربون الخمر؟ فحرم علينا شيء دخلوا الجنة وهم يشربونه، فقال: "قد سمع الله ما قلتم، فإن شاء أجابكم"؛ فأنزل الله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)، قالوا: انتهينا، ونزل في الذين ذكروا حمزة وأصحابه: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)} (¬1). [ضعيف] * عن قتادة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ} [البقرة: 219]؛ قال: الميسر، هو القمار كله {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}؛ قال: فذمهما ولم يحرمهما وهي لهم حلال يومئذ، ثم أنزل هذه الآية في شأن الخمر وهي أشد منها؛ فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] فكان السكر منها حراماً، ثم أنزل الآية التي في المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} فجاء تحريمها في هذه الآية، قليلها وكثيرها، ما أسكر منها وما لم يسكر (¬2). [ضعيف] * عن عطاء؛ قال: أول ما نزل تحريم الخمر: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)} [البقرة: 219] الآية. فقال بعض الناس: نشربها لمنافعها التي فيها، وقال آخرون: لا خير في شيء فيه إثم، ثم نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 159، 160) ونسبه لابن المنذر. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 160) ونسبه لعبد بن حميد.

تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] (¬1). [ضعيف] * عن محمد بن قيس؛ قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أتاه الناس وقد كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر، فسألوه عن ذلك؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} فقالوا: هذا شيء قد جاء به رخصة نأكل الميسر ونشرب الخمر ونستغفر من ذلك، حتى أتى رجل صلاة المغرب فجعل يقرأ: قُلْ يَا أَيُّها الكَافِرُونَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، فجعل لا يجوَّد ذلك ولا يدري ما يقرأ؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]؛ فكان الناس يشربون الخمر حتى يجيء وقت الصلاة، فيدعون شربها فيأتون الصلاة وهم يعلمون ما يقولون، فلم يزالوا كذلك حتى أنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} فقالوا: انتهينا يا رب (¬2). [ضعيف] * عن قتادة في قوله -عزّ وجلّ-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219]؛ قال: ذمها الله في هذه الآية، ولم يحرمها وهي يومئذ حلال، ثم أنزل الله فيه بعد ذلك آية في شأن الخمر هي أشد من هذه الآية، فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 160) ونسبه لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 22): ثنا هناد ثنا يونس بن بكير ثني أبو معشر عن محمد بن قيس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: أبو معشر المدني؛ ضعيف أسن واختلط.

آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43]؛ فكان السكر فيها (حراماً) ثم أنزل الله -تعالى- الآية التي في سورة المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} إلى قوله -عزّ وجلّ-: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} قال قتادة: فجاء تحريمها في هذه الآية قليلها وكثيرها، ما أسكر منها وما لم يسكر (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قالوا: يا رسول الله! أرأيت الذين ماتوا وهم يشربون الخمر لما نزل تحريم الخمر؛ فنزلت: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)} (¬2). [حسن غيره] ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1576، 1577 رقم 810 - تكملة) من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 160) ونسبه لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 171) -وعنه الترمذي (5/ 255 رقم 3052) -، والطبري في "جامع البيان" (7/ 24)، والفريابي في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" -ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (11/ 222 رقم 11730) -، وأحمد في "المسند" (رقم 2088، 2452، 2691 - تحقيق أحمد شاكر)، والحاكم في "المستدرك" (4/ 143) -وعنه البيهقي في "الشعب" (5/ 17 رقم 5617) - جميعهم من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ رواية سماك عن عكرمة خاصة مضطربة، وكان ربما يلقن؛ لكن يشهد له ما يأتي؛ فيصح الحديث، ولله الحمد. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي!! =

* عن عبد الله بن مسعود؛ قال: لما نزل تحريم الخمر، قالت اليهود: أليس إخوانكم الذين ماتوا كانوا يشربونها؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فقيل لي: إنك منهم" (¬1). [ضعيف] ¬

_ = وصححه الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لـ "المسند". والصواب ما ذكرنا، ويشهد له ما يأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 171) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه، وفاته عزو الحديث لأحمد والترمذي. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 25)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1202 رقم 6780)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 173)، و"تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 422) من طريق عبد الله بن صالح أبي صالح كاتب الليث عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بنحوه. قلنا: وهذا سند حسن، وقد تقدم قريباً الكلام على رجاله ورَدِّ من أعلَّه، فراجعه. وزاد السيوطي نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 77، 78 رقم 10011)، والبزار في "البحر الزخار" (4/ 325 رقم 1513)، والحاكم (4/ 143، 144) جميعهم من طريق سليمان بن قرم عن الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه سليمان بن قرم؛ سيئ الحفظ، يتشيع؛ كما في "التقريب" (1/ 329). قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي!!. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 18): "في "الصحيح" بعضه، ورجاله ثقات". وهو وهم منهم جميعاً -رحمهم الله-. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 1910 رقم 2459) -مختصرًا- بلفظ: "لما نزلت هذه الآية: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)} قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قيل لي: أنت منهم".

* عن البراء بن عازب؛ قال: مات ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يشربون الخمر، فلما نزل تحريمها؛ قال ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها؟ فنزلت: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)} (¬1). [صحح لغيره] * عن أنس بن مالك؛ قال: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم يومئذ الفضيخ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منادياً ينادي: "ألا إن الخمر قد حرمت"، قال: فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها، فجرت في سكك المدينة، فقال بعض القوم: قد قتل قومٌ وهي في بطونهم؛ فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)}. [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص 715)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 172) -وعنه الترمذي (5/ 254 رقم 3050) -، والطبري في "جامع البيان" (7/ 25)، والترمذي (5/ 254، 255 رقم 3051)، وأبو يعلى في "المسند" (3/ 265، 266 رقم 1719، 1720)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1740 - موارد)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1201 رقم 6775)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 140، 141) من طريق إسرائيل وشعبة عن أبي إسحاق عن البراء به. قلنا: وهذا سند ظاهره الصحة، لكن قال شعبة: قلت لأبي إسحاق: أسمعته من البراء؟ قال: لا. ذكره أبو يعلى عقب روايته للحديث. قلنا: وهذا نص صريح -وهو من الأدلة الكثيرة- أن أبا إسحاق السبيعي كان يدلس، وقد اعترف أنه لم يسمع هذا الحديث من البراء؛ لكن يشهد له حديث ابن عباس وابن مسعود السابقين ويرتقي إلى درجة الصحيح. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 172) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.

وفي رواية: قال: كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأبيّ بن كعب من فضيخ زَهو وتمر، فجاءهم آت فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس فأهرقها؛ فهرقتها. وفي رواية: إني لأسقي أبا طلحة وأبا دجانة وسهيل ابن بيضاء. وفي رواية لمسلم: سمى منهم معاذ بن جبل وأبا أيوب الأنصاري (¬1). * عن جابر بن عبد الله: اصطبح ناس الخمر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قتلوا شهداء يوم أُحد، فقالت اليهود: فقد مات بعض الذين قتلوا وهي في بطونهم؛ فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)} (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (5/ 112 رقم 2464، 8/ 278 رقم 4620، 10/ 36، 37، 5582 ص 66، 67 رقم 5582، 5600)، ومسلم في "صحيحه" (3/ 1570 - 1572) وغيرهما. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 172) ونسبه لعبد بن حميد وأبي يعلى وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه وفاته أنه في "الصحيحين"؛ فليستدرك. (¬2) أخرجه البزار في "مسنده"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 98، 99): ثنا أحمد بن عبدة ثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع جابراً (فذكره). قال البزار: "وهذا إسناد صحيح". قال ابن كثير: "وهو كما قال، وفي سياقه غرابة". وسكت عليه الحافظ في "الفتح" (8/ 279) مشيراً إلى تقويته. قلنا: وهذا سند صحيح على شرط مسلم، وأصله في البخاري (6/ 31 رقم 2815، 7/ رقم 4044، 8/ 277 رقم 4618) بلفظ: صبح أناس غداة أُحد الخمر، فقتلوا من يومهم جميعاً شهداء وذلك قبل تحريمها.

* عن قتادة قوله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} إلى قوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} لما أنزل الله -تعالى ذكره- تحريم الخمر في سورة المائدة بعد سورة الأحزاب؛ قال في ذلك رجال من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أصيب فلان يوم بدر، وفلان يوم أُحد وهم يشربونها، فنحن نشهد أنهم من أهل الجنة؛ فأنزل الله -تعالى ذكره-: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)} يقول: شربها القوم على تقوى من الله وإحسان، وهأنهم يومئذ حلال، ثم حرمت بعدهم فلا جناح عليهم في ذلك (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قوله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا}؛ يعني بذلك: رجالاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ماتوا وهم يشربون الخمر قبل أن تحرم الخمر، فلم يكن عليهم فيها جناح قبل أن تحرم، فلما حرمت قالوا: كيف تكون علينا حراماً وقد مات إخواننا وهم يشربونها؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} يقول: ليس عليهم حرج فيما كانوا يشربون قبل أن أحرّمها إذ كانوا محسنين متقين، والله يحب المحسنين (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 25)، والواحدي في "الوسيط" (2/ 228) من طرق يزيد بن زريع وروح بن عبادة كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 173) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 25) من طريق عطية العوفي عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 173) ونسبه لابن مردويه وفاته أنه في الطبري؛ فليستدرك عليه.

* عن مجاهد؛ قال: نزلت: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} فيمن قتل ببدر وأحد مع محمد - صلى الله عليه وسلم - (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما نزل تحريم الخمر؛ قالوا: يا رسول الله! كيف بمن شربها من إخواننا الذين ماتوا وهي في بطونهم؟ فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)} (¬2). * {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100)}. * عن جابر؛ قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله -عزّ وجلّ- حرم عليكم عبادة الأوثان وشرب الخمر والطعن في الأنساب، ألا أن الخمر لُعن شاربها وعاصرها وساقيها وبائعها وآكل ثمنها"، فقام إليه أعرابي فقال: يا رسول الله! إني كنت رجلًا كانت هذه تجارتي، فاقتنيت مع بيع الخمر مالًا فهل ينفعني ذلك المال إن عملت فيه بطاعة الله؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أنفقته في حج أو جهاد أو صدقة لم يعدل عند الله جناح بعوضة؛ إن الله لا يقبل إلا الطيب"؛ فأنزل الله -تعالى- تصديقاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (7/ 25) بسند صحيح إلى ابن جريج عن مجاهد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من مجاهد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 173) ونسبه لابن مردويه والدارقطني في "الأفراد". وتقدم تخريجه عن ابن مسعود بنحوه.

{قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} (¬1). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان قوم يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استهزاءً، فيقول الرجل: من أبي؟ ويقول الرجل -تضل ناقته-: أين ناقتي؟ فأنزل الله -تعالى- فيهم هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} حتى فرغ من الآية كلها (¬2). [صحيح] * عن أنس بن مالك؛ قال: بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أصحابه شيء، فخطب فقال: "عُرضت عليَّ الجنة والنار، فلم أرَ كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً"، قال: فما أتى على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أشد منهُ، قال: غطوا رؤوسهم ولهم خنين، قال: فقام عمر فقال: رضينا بالله رباً، وبالإِسلام ديناً، وبمحمد نبياً، قال: فقام ذاك الرجل فقال: من أبي؟ قال: "أبوك فلان"؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 141) عن الحاكم نا محمد بن القاسم المؤدب قال: ثنا إدريس بن علي الرازي ثنا يحيى بن الضريس ثنا سفيان عن محمد بن سوقة عن ابن المنكدر عن جابر به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ شيخ الحاكم ما كان بشيء؛ كما قال الدارقطني، وإدريس بن علي الرازي لم نجد له ترجمة بعد طول بحث. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (8/ 280 رقم 4622) وغيره. (¬3) أخرجه مسلم (4/ 1832 رقم 2359)، والبخاري -ببعضه- (8/ 280 رقم 4621، 13/ 265 رقم 7295). وأخرجه مسلم (4/ 1832، 1833 رقم 136)، والبخاري (13/ 265 رقم 7294) من طريق أخرى بلفظ أخبرني أنس بن مالك؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج حين زاغت الشمس، فصلى لهم صلاة الظهر، فلما سلم قام على المنبر، فذكر =

* عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: إن رسول - صلى الله عليه وسلم - خطب ,فقال "يا أيها الناس! إن الله قد افترض عليكم الحج"، فقام رجل فقال: أكل عامٍ يا رسول الله؟ قال: فسكت عنه حتى أعادها ثلاث مرات، قال: "لو قلت: نعم، لوجبت، ولو وجبت ما قمتم بها، ذروني ما تركتكم، فإنما هلك الذين قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء؛ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء؛ فأتوا منه ما استطعتم"، وذكر أن هذه الآية التي في المائدة نزلت في ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (¬1). [صحيح] ¬

_ = الساعة، وذكر أن قبلها أموراً عظاماً ثم قال: "من أحب أن يسألني عن شيء فليسألني عنه، فوالله! لا تسألونني عن شيء إلا أخبرتكم به، ما دمت في مقامي هذا". قال أنس بن مالك: فأكثر الناس البكاء حين سمعوا ذلك من رسول - صلى الله عليه وسلم - وأكثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: "سلوني"، فقام عبد الله بن حذافة فقال: من أبي يا رسول الله؟! قال: "أبوك حذافة"، فلما أكثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن يقول: "سلوني"؛ برك عمر فقال: رضينا بالله رباً، وبالإِسلام ديناً، وبمحمد رسولاً. قال: فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال عمر ذلك. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أولى، والذي نفس محمد بيده! لقد عرضت عليّ الجنة والنار آنفاً في عرض هذا الحائط، فلم أرَ كاليوم في الخير والشر". قال ابن شهاب: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة؛ قال: قالت أم عبد الله بن حذافة لعبد الله بن حذافة: ما سمعت بابن قط أعق منك؟ أأمنت أن تكون أمك قد قارفت بعض ما تقارف نساء أهل الجاهلية، فتفضحها على أعين الناس؟ قال عبد الله بن حذافة: والله! لو ألحقني بعبد أسود للحقته. وللحديث ألفاظ بنحوها وفيها شيء من اختصار، فأعرضنا عن ذكرها لكن نشير لها إشارة من باب الفائدة. فانظر: "صحيح البخاري" (1/ 187، 188 رقم 93، 2/ 21 رقم 540، ص 232 رقم 749، 11/ 172، 173 رقم 6392، ص 295 رقم 6468، 13/ 43 رقم 7089)، ومسلم (4/ 1833، 1834). (¬1) أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (9/ 18 رقم 3704 - إحسان)، والطبري في =

* عن علي بن أبي طالب؛ قال: لما نزلت: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]؛ قالوا: يا رسول الله! أفي كل عام؟ فسكت، فقالوا: يا رسول الله! في كل عام؟ قال: "لا, ولو ¬

_ = "جامع البيان" (7/ 53): أما الأول؛ فأخرجه عن شيخه أبي يعلى ثنا أبو عبيدة بن فضيل بن عياض ثنا بشر بن السري ثنا الربيع بن مسلم ثني محمد بن زياد ويوسف بن سعد كلاهما عن أبي هريرة. وأما الثاني؛ فعن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق عن أبيه نا الحسين بن واقد عن محمد بن زياد سمعت أبا هريرة (فذكره) بنحوه مختصراً. ثم أخرجه الطبري: ثنا ابن حميد ثنا علي بن واضح عن الحسين بن واقد به. وأخرجه ابن مردويه من طريق الحسين بن واقد؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 424). قلنا: وسنده صحيح، وأصله في "صحيح مسلم" (2/ 975 رقم 1337) دون التصريح بسبب النزول. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 53)، والدارقطني في "سننه" (2/ 282) من طريق عبد الرحيم بن سليمان ومحمد بن فضيل كلاهما عن إبراهيم بن مسلم الهجري عن أبي عياض عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتب عليكم الحج" فقال رجل: أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثاً، فقال "من السائل؟ ", فقال فلان, فقال: "والذي نفسي بيده، لو قلت: نعم؛ لوجبت، ولو وجبت عليكم؛ ما أطقتموه، ولو تركتموه؛ لكفرتم"؛ فأنزل الله هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101)} حتى ختم الآية. قلنا: وفي سنده إبراهيم الهجري؛ لين الحديث يرفع الموقوفات. وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 109): "وإبراهيم بن مسلم الهجري ضعيف". وما قبله أصح منه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 206) وزاد نسبته لأبي الشيخ وابن مردويه. وفاته أنه في الدارقطني؛ فليستدرك عليه.

قلت: نعم؛ لوجبت"؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "مسنده" (1/ 113)، والترمذي في "جامعه" (3/ 178رقم 814، 5/ 256 رقم 3055)، وابن ماجه (2/ 963 رقم 2884)، وأبو علي الطوسي في "مستخرجه على الترمذي" (4/ 24، 25 رقم 749)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1217 رقم 6875)، والدارقطني (2/ 280)، والبزار في "البحر الزخار" (3/ 126، 127 رقم 913)، والحاكم (2/ 293، 294)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 141، 142)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (13/ 65) كلهم من طريق علي بن عبد الأعلى عن أبي البختري عن علي به. قلنا: وسنده ضعيف؛ للانقطاع بين أبي البختري وعلي. قال شعبة: "لم يدرك أبو البختري علياً ولم يره"؛ كما في "المراسيل" (ص 64). وقال علي بن المديني: "أبو البختري لم يلق علياً". وقال البخاري -فيما نقله عنه الترمذي في "العلل" (2/ 964 - ترتيب أبي طالب لقاضي) -: "لم يدرك أبو البختري علياً". ونقل الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 109)، والمزي في "تحفة الأشراف" (7/ 378) عن الترمذي: "غريب من هذا الوجه، وسمعت البخاري يقول: أبو البختري لم يدرك علياً". قلت: والموجود في "مطبوع الترمذي": "حسن غريب"، فقط. قال المزي في "تهذيب الكمال" (11/ 33): "وعن علي بن أبي طالب مرسل". وقال أبو حاتم؛ كما في "المراسيل" لابنه (ص 68): "أبو البختري الطائي لم يدرك علياً"، وقال -أيضاً-: "لم يسمع من علي ولم يدركه"، وكذا قال أبو زرعة. وسكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "مخول؛ رافضي، وعبد الأعلى هو ابن عامر ضعفه أحمد". قلنا: مخول توبع من قبل أبي سعيد الأشج والحسن بن محمد الزعفراني وأحمد بن حنبل وغيرهم، فلا داعي لإعلال الحديث به. =

* عن أبي أمامة الباهلي؛ قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس، فقال: "كتب عليكم الحج"، فقام رجل من الأعراب، فقال: أفي كل عام، قال: فعلا كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأسكت وأغضب واستغضب، فمكث طويلاً ثم تكلم، فقال: "من السائل؟ "، فقال الأعرابي: أنا ذا، فقال: "ويحك، ماذا يؤمنك أن أقول: نعم، ولو قلت: نعم؛ لوجبت، ولو وجبت؛ لكفرتم، ألا إنه إنما أهلك الذين قبلكم أئمة الحرج، والله لو أني أحللت لكم جميع ما في الأرض، وحرمت عليكم منها موضع خف؛ لوقعتم فيه"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- عند ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ ¬

_ = أما عبد الأعلى؛ فقال أحمد عنه -فيما ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6/ 195، 196 رقم 1075)، والمزي في "تهذيب الكمال" (21/ 45) -: "ليس به بأس". ووثقه البخاري -فيما نقله عنه الترمذي "العلل" (1/ 194 - ترتيب أبي طالب) -، ووثقه ابن حبان في "الثقات" (7/ 214)، وقال الذهبي في "الكاشف" (2/ 252 رقم 3999)، وابن حجر في "التقريب" (2/ 40): "صدوق"، زاد الثاني: "ربما وهم"، وضعفه أبو حاتم والدارقطني. قلنا: والقول ما قاله الحافظ؛ فحديثه لا ينزل عن مرتبة الحسن ما لم يخالف. وقال الزيلعي في "تخريج الكشاف" (1/ 425): "رواه الترمذي من حديث علي بسند ضعيف". والحديث سكت عنه الحافظ في "الفتح" (8/ 282)، وأحسن منه قوله في "التلخيص الحبير" (2/ 220): "وسنده منقطع". وهو الصواب. قال الشيخ أحمد شاكر في "تحقيقه المسند" (2/ 175 رقم 905): "إسناده ضعيف؛ لانقطاعه، ولضعف! عبد الأعلى بن عامر الثعلبي". وضعفه شيخنا في "الإرواء" (4/ 150). والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 207) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101)} (¬1). [حسن] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذّن في الناس، فقال: "يا قوم! كتب عليكم الحج"، فقام رجل من بني أسد، فقال: يا رسول الله! أني كل عام؟ فأغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غضباً شديداً، فقال: "والذي نفس محمد بيده لو قلت: نعم؛ لوجبت، ولو وجبت ما استطعتم، وإذاً لكفرتم، فاتركوني ما تركتكم؛ فإذا أمرتكم بشيء؛ فافعلوا، وإذا نهيتكم عن شيء؛ فانتهوا عنه"؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}: نهاهم أن يسألوا عن مثل الذي سألت النصارى من المائدة فأصبحوا بها كافرين؛ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 53)، والطبراني في "المعجم الكبير" (8/ رقم 7671)، وفي "مسند الشاميين" (2/ 81، 82 رقم 955) من طريقين عن أبي زيد بن أبي الغمر ثنا أبو مطيع معاوية بن يحيى الدمشقي عن صفوان بن عمرو ثني سليم بن عامر قال: سمعت أبا أمامة (فذكره). قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات غير معاوية هذا؛ فيه كلام، وحديثه لا ينزل عن رتبة الحسن، ولخصه الحافظ بقوله: "صدوق له أوهام". أما أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر؛ فهو ثقة؛ روى عن جماعة من الثقات منهم أبو زرعة -وهو لا يروي إلا عن ثقة- ووثقه ابن حبان. انظر: "الجرح والتعديل" (5/ 274)، و"الثقات" (8/ 380)، و"تهذيب التهذيب" (6/ 249, 250). قال الهيثمي فى "مجمع الزوائد" (3/ 204): "رواه الطبراني في "الكبير" وإسناده حسن جيد". وهو كما قال، وسكت عنه الحافظ في "الفتح" (8/ 282). وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 109): "في إسناده ضعف". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 206) وزاد نسبته لابن مردويه.

فنهى الله -تعالى- عن ذلك (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-أيضاً-؛ قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ}؛ قال: لما أنزلت آية الحج نادى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الناس، فقال: "يا أيها الناس! إن الله قد كتب عليكم الحج؛ فحجوا"، فقالوا: يا رسول الله! أعاماً واحداً أم كل عام؟ فقال: "لا، بل عاماً واحداً، ولو قلت: كل عام؛ لوجبت، ولو وجبت؛ لكفرتم"، قال الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا}؛ قال: سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء فوعظهم فانتهوا (¬2). [ضعيف] * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: خرج رسول الله وهو غضبان محمارّ وجهه، حتى جلس على المنبر، فقام إليه رجل فقال: أين أبي؟، قال: "في النار"، فقام آخر فقال: من أبي؟، قال: "أبوك حذافة"، فقام عمر بن الخطاب فقال: رضينا بالله رباً، وبالإِسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً، وبالقرآن إماماً، إنا يا رسول الله حديثوا عهد بجاهلية وشرك، والله يعلم من آباؤنا، وقال: فسكن غضبه ونزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 54) , وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1218 رقم 6881) من رواية محمد بن سعد العوفي عن آبائه عن عطية العوفي عنه به. قلنا: وهذا إسناد واه بمرة؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 207) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 54): ثني المثنى عن عبد الله بن صالح ثنا معاوية بن صالح ثنا علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف من أجل عبد الله هذا كاتب الليث, وليس هذا الحديث من رواية الجهابذة عنه؛ كأبي حاتم وأبي زرعة والبخاري ونحوهم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 27) وزاد نسبته لابن مردوية.

أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن طاوس؛ قال: نزلت: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ. . .} في رجل، قال: يا رسول الله! من أبي؟ قال: "أبوك فلان" (¬2). [حسن لغيره] * عن عكرمة في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}؛ قال: ذاك يوم قام فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به"، قال: فقام رجل فكره المسلمون مقامه يومئذ، فقال: يا رسول الله! من أبي؟ قال: "أبوك حذافة"؛ قال: فنزلت هذه الآية (¬3). [حسن لغيره] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 53): ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عبد العزيز بن أبان ثنا قيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: عبد العزيز هذا؛ متروك، وكذبه ابن معين وغيره؛ كما في "التقريب". الثانية: قيس بن الربيع؛ ضعيف -أيضاً-. قال الحافظ في "فتح الباري" (8/ 281): "وهذا شاهد جيد". قلنا: لعل الفريابي؛ كما نسبه له السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 205) أخرجه مباشرة عن قيس؛ فهو من شيوخه، وعندها يحتمل كلام الحافظ، والله أعلم. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 196) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (7/ 52) -: نا معمر عن ابن طاوس عن أبيه به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، ويشهد له حديث أنس الذي مضى في أول الآية. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 52): ثنا أحمد بن هشام وسفيان بن وكيع ثنا معاذ بن معاذ ثنا ابن عون قال: سألت عكرمة عن قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101)}. قال: (فذكره). قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، ويشهد له حديث أنس السابق.

* عن السدي: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}؛ قال: غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً من الأيام، فقام خطيباً فقال: "سلوني؛ فإنكم لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به"، فقام إليه رجل من قريش من بني سهم، يقال له: عبد الله بن حذافة، وكان يُطعن فيه، قال: فقال: يا رسول الله! من أبي؟ قال: "أبوك فلان"، فدعاه لأبيه، فقام إليه عمر فقبّل رجله، وقال: يا رسول الله! رضينا بالله رباً، وبك نبياً، وبالإِسلام ديناً، وبالقرآن إماماً، فاعف عنا عفا الله عنك، فلم يزل به حتى رضي؛ فيومئذ قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "كتب الله عليكم الحج". فقال رجل: يا رسول الله! كل عام؟ فأعرض عنه، ثم قال: "والذي نفسي بيده لو قلت: نعم؛ لوجبت، ولو وجبت ما أطقتموها، ولو تركتموها؛ لكفرتم"؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101)} (¬2). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أين أبي؟ قال: "في النار"، ثم جاء آخر فقال: يا رسول الله! الحج كل عام؟ فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحول وركه فدخل البيت، ثم خرج فقال: "لِمَ تسألوني عما لا أسألكم عنه؟! "، ثم قال: "والذي نفسي بيده لو قلت: نعم؛ لوجبت عليكم كل عام، ثم لكفرتم"؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 53)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1219 رقم 6882) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط بن نصر. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 206، 207) ونسبه لابن مردويه.

حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101)} (¬1). * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بدّاء، فمات السّهمي بأرض ليس بها مسلم، فلما قدما بتركته فقدوا جاماً من فضة مخوّصاً من ذهب، فأحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم وجد الجام بمكة فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي، فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا: لشهادتنا أحق من شهادتهما، وإن الجام لصاحبهم، قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ الْمَوْتِ} (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 207) ونسبه لابن مردويه. وقد جمع الحافظ ابن حجر بين هذه الأسباب في "فتح الباري" (8/ 282)؛ فانظره غير مأمور؛ فهو مفيد. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (5/ 409، 410 رقم 2780)، وفي "التاريخ الكبير" (1/ 215 رقم 676)؛ قال في الأول: قال لي علي بن عبد الله، وفي الثاني: قال لنا علي بن المديني -وذكر الحافظ في "فتح الباري" (5/ 410): أن البخاري قال في "التاريخ": ثنا علي بن المديني-: ثنا يحيى بن آدم ثنا زكريا بن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس. قلنا: والحديث بهذه الصورة في "الصحيح" على شرطه، وإنما ذكرته بسنده؛ لكي لا يتوهم متوهم أنه معلق، بل هو داخل في شرطه، وقول البخاري: قال لي: صريح بسماعه من ابن المديني، ولذلك قال الحافظ في "فتح الباري" =

* عن عكرمة وقتادة وابن سيرين -دخل حديث بعضهم في بعض-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} الآية، قال: كان عدي وتميم الداري وهما من لخم، نصرانيان يتجران إلى مكة في الجاهلية، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -حوّلا متجرهما إلى المدينة، فقدم ابن أبي مارية مولى عمرو بن العاص المدينة وهو يريد الشام تاجراً، فخرجوا جميعاً حتى إذا كانوا ببعض الطريق مرض ابن أبي مارية فكتب وصيته بيده ثم دسها في متاعه، ثم أوصى إليهما، فلما مات فتحا متاعه فأخذا ما أراد ثم قدما على أهله، فدفعا ما أرادا ففتح أهله متاعه؛ فوجدوا كتابه وعهده، وما خرج به، وفقدوا شيئاً، فسألوهما عنه؛ فقالوا: هذا ¬

_ = (5/ 410): "وهذا مما يقوي ما قررته غير مرة: من أنه يعبر بقوله: "وقال لي" في الأحاديث التي سمعها". ا. هـ. وزكريا بن أبي زائدة مدلس؛ لكنه صرح بالتحديث عند أبي يعلى في "مسنده" (4/ 338 - 339/ 2453) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 142 - 143) -؛ فأمنا شر تدليسه. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 221)، وفاته أن يعزوه لـ "صحيح البخاري"؛ فليستدرك عليه. وأخرجه ابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة"؛ (ص 338، 339) -من طريق عبد الغني بن سعيد الثقفي وهذا في "تفسيره"؛ كما في "هدي الساري" (ص 288) -: ثنا موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس. قلنا: وهذا كذاب -أيضاً- قال الحافظ في "العجب" (1/ 220) -وتقدم ذكر هذا الكلام-: "ومن التفاسير الواهية لوهاء رواتها: التفسير الذي جمعه موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني، وهو قدر مجلدين بسنده إلى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وقد نسب ابن حبان موسى هذا إلى وضع الحديث ورواه عن موسى عبد الغني بن سعيد الثقفي وهو ضعيف". ا. هـ. وانظر -لزاماً-: "المجروحين" (2/ 242)، و"الميزان" (4/ 211) وغيرها.

الذي قبضنا له ودفع إلينا، قال لهما أهله: فباع شيئاً أو ابتاعه؟ قالا: لا, قالوا: فهل استهلك من متاعه شيئاً؟ قالا: لا، قالوا: فهل تجر تجارة؟ قالا: لا، قالوا: فإنا قد فقدنا بعضه، فاتهما؛ فرفعوهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ في الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106)}، قال: فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستحلفوهما في دبر صلاة العصر بالله الذي لا إله إلا هو ما قبضنا له غير هذا ولا كتمنا، قال: فمكثنا ما شاء الله أن نمكث ثم عثر معهما على إناء من فضة منقوش مموه بذهب، فقال أهله: هذا من متاعه, قالا: نعم, ولكنا اشتريناه منه ونسينا أن نذكره حين حلفنا، فكرهنا أن نكذب أنفسنا، فترافعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت الآية الأخرى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ}؛ فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -رجلين من أهل الميت أن يحلفا على ما كتما وغيبا، ويستحقانه، ثم إن تميماً الداري أسلم وبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يقول: صدق الله ورسوله أنا أخذت الإناء (¬1). [ضعيف] * عن تميم الداري في هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 75): ثنا القاسم ثنا الحسين -وهو سنيد صاحب "التفسير"- ثنا أبو سفيان عن معمر عن قتادة وابن سيرين وغيره. قال: وثنا الحجاج عن ابن جريج عن عكرمة. قلنا: وسنده ضعيف؛ سنيد صاحب "التفسير" ضعيف؛ ضعفه أبو حاتم والنسائي وابن حجر. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 221) وزاد نسبته لابن المنذر.

حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ}، قال: برئ الناس منها غيري وغير عديّ بن بداء، وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإِسلام، فأتيا الشام لتجارتهما وقدم عليهما مولى لبني هاشم، يقال له: بديل بن أبي مريم بتجارة، ومعه جام من فضة يريد به المَلِكَ وهو عُظم تجارته، فمرض فأوصى إليهما، وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله، قال تميم: فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم، ثم اقتسمناه أنا وعدي بن بداء، فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا وفقدوا الجام، فسألونا عنه، فقلنا: ما ترك غير هذا، وما دفع إلينا غيره، قال تميم: فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة تأثمت من ذلك، فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر، وأديت إليهم خمسمائة درهم، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها، فأتوا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألهم البينة فلم يجدوا، فأمرهم أن يستحلفوه بما يقطع به على أهل دينه؛ فحلف؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ في الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللهِ إِنَّا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ في الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} فقام عمرو بن العاص ورجل آخر فحلفا؛ فنزعت الخمسمائة درهم من عدي بن بداء (¬1). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي (5/ 258، 259 رقم 3059)، والطبري في "جامع البيان" (7/ 75)، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 103)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1230 رقم 6941)، وأبو نعيم في "معرفة "الصحابة" (3/ 151، 152 رقم =

سورة الأنعام

سورة الأنعام * {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا في قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (8)}. * عن ابن إسحاق؛ قال: دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومه إلى الإِسلام وكلمهم، فأبلغ إليهم فيما بلغني، فقال له زمعة بن الأسود بن المطلب، والنضر بن الحارث بن كلدة، وعبدة بن عبد يغوث، وأبيّ بن خلف بن وهب، والعاص بن وائل بن هشام الذي يقول له: لو جعل معك يا محمد ¬

_ = 1222، 1223)، والنحاس في "ناسخه" (ص 128) من طريق ابن إسحاق ومحمد بن مروان السدي؛ كلاهما عن الكلبي عن أبي صالح باذام مولى أم هانئ عن ابن عباس عن تميم به. قلنا: وهذا حديث موضوع كذب مختلق؛ فالكلبي كذاب اعترف على ذلك بنفسه، وكذا شيخه متهم بالكذب، وكذا السدي الصغير -محمد بن مروان-. ولا يقول قائل: تابعه ابن إسحاق؛ لأنا نقول: هو مدلس وقد عنعنه؛ فلعل أخذه عن السدي الصغير ثم دلسه عن شيخه، والله أعلم. قال الترمذي: "هذا حديث غريب وليس إسناده بصحيح، وأبو النضر الذي روى عنه ابن إسحاق هذا الحديث هو عندي محمد بن السائب الكلبي يكنى أبا النضر وقد تركه أهل الحديث وهو صاحب "التفسير"، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: محمد بن السائب الكلبي يكنى أبا النضر ولا نعرف لسالم أبي النضر المدني رواية عن أبي صالح مولى أم هانئ". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 220) وزاد نسبته لأبي الشيخ وابن مردويه.

ملك يحدث عنك الناس ويرى معك؛ فأنزل الله في ذلك من قولهم {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (8)} (¬1). [ضعيف] * قال الكلبي ومقاتل: نزلت في النضر بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية ونوفل بن خويلد، قالوا: يا محمد! لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله، ومعه أربعة من الملائكة يشهدون عليه أنه من عند الله وأنك رسوله؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا في قِرْطَاسٍ} (¬2). [موضوع] * {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ الله شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: جاء النحام بن زيد وقردم بن كعب وبحري بن عمير، فقالوا: يا محمد! ما تعلم مع الله إلهاً غيره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا إله إلا الله، بذلك بُعثت وإلى ذلك أدعو"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيهم وفي قولهم: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ الله شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1265 رقم 7120) حدثنا محمد بن العباس ثنا محمد بن عمرو ثنا سلمة عنه به. ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 251) وزاد نسبته لابن المنذر. قننا: وسنده ضعيف. (¬2) ذكره البغوي في "تفسيره" (3/ 129) هكذا معلقاً عنهما, ولا يخفى عليك ضعفه ووهائه. (¬3) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" =

* {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (26)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في أبي طالب، كان نهى المشركين أن يؤذوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتباعد عما جاء به (¬1). [حسن لغيره] ¬

_ = (7/ 104) -: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة محمد هذا؛ فلم يرو عنه إلا ابن إسحاق، وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف، وقال ابن حجر: مجهول. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 256) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. قلت: هو عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1272/ 7168) معضلاً. (¬1) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/ 315) -وعنه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 340، 341) -، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 144) من طريق محمد بن منده الأصبهاني ثنا بكر بن بكار ثنا حمزة بن حبيب عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: حبيب بن أبي ثابت؛ مدلس وقد عنعنه، ورواه عنه الثوري كما سيأتي؛ فقال: عمن سمع ابن عباس. الثانية: بكر بن بكار؛ ضعيف؛ ضعفه النسائي، وابن معين، وأبو حاتم، وابن الجارود، وابن أبي حاتم وغيرهم، راجع: "الميزان" (1/ 343 رقم 1274)، و"اللسان" (2/ 48 رقم 178) وغيرها. والصواب: أن حبيب لم يسمعه من سعيد؛ كذا رواه الثقة الثبت الحافظ الثوري؛ فأخرجه عبد الرزاق في "التفسير" (1/ 2/ 206) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (7/ 110)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 340) -، والطبري -أيضاً- من طريق أخرى (7/ 110)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1276، 1277 رقم 7199)، والحاكم (2/ 315) -وعنه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 340) - من طرق عن الثوري -وهذا في "تفسيره" (106 - 107/ 264) - عن حبيب بن أبي ثابت عمن سمع ابن عباس به. ورواه الطبراني في "الكبير" (12/ 104 رقم 1282) من طريق قيس بن الربيع عن حبيب عن ابن عباس، وهذا كما ترى شبه الموصول، وليس الأمر كذلك؛ =

* عن القاسم بن مخيمرة؛ قال: نزلت في أبي طالب كان ينهى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤذي ولا يصدق به (¬1). [حسن لغيره] * عن عطاء بن دينار؛ قال: نزلت في أبي طالب كان ينهى الناس عن إيذاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وينأى عما جاء به من الهدى (¬2). [ضعيف] * عن سعيد بن أبي هلال؛ قال نزلت في عمومة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا عشرة، فكانوا أشد الناس معه في العلانية وأشد الناس عليه في السر (¬3). [ضعيف] ¬

_ = فقيس ضعيف لا يعادل الثوري في الحفظ، والصواب أن حبيباً لم يسمعه، فعلته الانقطاع. أما الحاكم، فقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وقال الذهبي: صحيح!! وفاتهما ما ذكرنا. وتوبع الإِمام الثوري: تابعه حماد بن شعيب عن حبيب به؛ أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (5/ 10 - 11/ 874 - تكملة). قلنا: وحماد ضعيف يستشهد به. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 260) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 110) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد عن القاسم به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، فيرتقي حديث ابن عباس السابق إلى درجة الحسن لغيره بمجموعهما -إن شاء الله-، والله أعلم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 260) وزاد نسبته لابن أبي شيبة -ولم نجده فيه بعد طول بحث- وابن المنذر وأبي الشيخ. (¬2) أخرجه الطبري (7/ 110) بسند صحيح إليه. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1277 رقم 7204): ثنا أبي ثنا هشام بن خالد ثنا الوليد عن ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عنه به. =

* {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33)}. * عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ قال: قال أبو جهل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنا لا نكذبك، ولكن نكذب ما جئت به؛ فأنزل الله: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ. . .} (¬1). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: الإعضال. الثانية: ابن لهيعة؛ سيئ الحفظ. الثالثة: الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية، وقد عنعنه. (¬1) أخرجه الترمذي (5/ 261 رقم 3064) -ومن طريقه القاضي عياض في "الشفا" (1/ 134) - والدارقطني في "العلل" (4/ 143، 144)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (4/ 1282 رقم 7234)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (2/ 364، 365 رقم 748) -من طريق معاوية بن هشام القصار عن الثوري عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: أبو إسحاق السبيعي مدلس وقد عنعن، ولم يصرح بالتحديث. أما اختلاطه؛ فالراوي عنه هنا الثوري وقد سمع منه قبل الاختلاط. الثانية: المخالفة؛ فرواه عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن آدم عن الثوري عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب به مرسلاً، لم يذكر علياً. أخرجه الترمذي، والطبري في "جامع البيان" (7/ 116)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1282 رقم 7235)، والضياء المقدسي في "المختارة" (2/ 365) وهو أصح. وقد خالفهما معاوية -وهو صدوق له أوهام- فرواه موصولاً مسنداً، وهو وهم، والصواب الإرسال. قال الترمذي بعد روايته من طريق ابن مهدي مرسلاً: "وهذا أصح". وقال الدارقطني في "العلل" (4/ 143 رقم 474) -عن حديث ناجية بن كعب-: "يرويه الثوري عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي؛ قاله معاوية بن هشام عن الثوري. وغيره يرويه عن الثوري مرسلاً لا يذكر فيه علياً، وهو المحفوظ". ا. هـ. لكن رواه الحاكم (2/ 315) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق به موصولاً مثل رواية معاوية بن هشام، فلعل الحديث مروي من الوجهين. =

* عن أبي صالح في قوله: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ}؛ قال: جاء جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وهو جالس حزين، فقال له: "ما يحزنك؟ "، فقال: "كذبني هؤلاء"، قال: فقال له جبريل: " {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} هم يعلمون أنك صادق ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون" (¬1). [ضعيف] * عن أبي ميسرة؛ قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي جهل، فقال: والله يا محمد ما نكذبك؛ إنك عندنا لمصدق، ولكنا نكذب بالذي جئت به؛ فأنزل الله: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} (¬2). [ضعيف] * عن أبي صالح؛ قال: كان المشركون إذا رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة؛ قال بعضهم لبعض فيما بينهم: إنه لنبي؛ فنزلت هذه الآية: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33)} (¬3). [ضعيف] * {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ ¬

_ = أما الحاكم؛ فقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: فيه ناجية بن كعب ولم يخرجا له شيئاً". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 263) وزاد نسبته لأبي الشيخ وابن مردويه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 115): ثنا هناد وسفيان بن وكيع كلاهما قال: ثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح السمان به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 264)، والشوكاني في "فتح القدير" (2/ 113) ونسباه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه. وذكره الدارقطني في "العلل" (4/ 143)، وقال: "ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة مرسلاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". قلنا: وأبو إسحاق مدلس مختلط وقد عنعنه، ورواية إسرائيل عنه بعد اختلاطه؛ كما قال الإِمام أحمد. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 264) ونسبه لأبي الشيخ.

وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)}. * عن عبد الله بن مسعود؛ قال: مر الملأ من قريش على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده صهيب وبلال وعمار وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمد! اطردهم، أرضيت هؤلاء من قومك؟ أفنحن نكون تبعاً لهؤلاء؟ أهؤلاء مَنَّ الله عليهمِ من بيننا؟ فلعل إن طردتهم أن نأتيك، قال: فنزلت: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)} (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (1/ 420)، والطبري في "جامع البيان" (7/ 127)، والبزار في "مسنده" (3/ 48، 49 رقم 2209 - كشف)، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 217 رقم 10502)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1296 رقم 7326)، وأبو الشيخ في "تفسيره" -وعنه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 146) - من طريق أشعث بن سوار عن كردوس الثعلبي عن ابن مسعود به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه أشعث بن سوار وهو ضعيف؛ كما في "التقريب"، وكردوس هذا؛ روى عنه جمع من الثقات، ووثقه ابن حبان (5/ 342، 343)، وقال ابن معين: "مشهور"؛ كما في "تهذيب الكمال" (24/ 170)، ووثقه الهيثمي؛ فرجل هذا حاله لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن خاصة أنه من التابعين، والله أعلم. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 20، 21): "رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال "الصحيح"! غير كردوس وهو ثقة". وصححه الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في "تحقيقه للمسند" (6/ 36، 37 رقم 3985) وقد وهما في ذلك، والصواب ما قدمنا. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 272) وزاد نسبته لابن مردويه وأبي نعيم.

* عن سعد بن أبي وقاص؛ قال: فيّ نزلت: {وَلَا تَطْرُدِ. . .}؛ قال: نزلت في ستة: أنا وابن مسعود منهم، وكان المشركون قالوا له: تدني هؤلاء. وفي رواية: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في ستة نفر، فقال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اطرد هؤلاء؛ لا يجترؤون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله ما شاء أن يقع، فحدث نفسه؛ فأنزل الله: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)} (¬1). [صحيح] * عن خباب بن الأرت؛ قال: جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع صهيب وبلال وعمار وخباب قاعداً في ناس من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حقروهم، فأتوه فخلوا به، وقالوا: إنا نريد أن تجعل لنا منك مجلساً، تعرف لنا به العرب فضلنا، فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك؛ فأقمهم عنك، فإذا نحن فرغنا؛ فاقعد معهم إن شئت، قال: "نعم"، قالوا: فاكتب لنا عليك كتاباً، قال: فدعا بصحيفة ودعا علياً ليكتب ونحن قعود في ناحية؛ فنزل جبريل -عليه السلام- فقال: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)} ثم ذكر الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن، فقال: ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 1878 رقم 2413)، والنسائي في "الكبرى" (5/ 72، 73 رقم 8264، 8266)، و"التفسير" (1/ 469، 470 رقم 183) وغيرهما كثير. وفي رواية لابن ماجه (2/ رقم 4128)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 145) تسمية الستة وهم: ابن مسعود وسعد وصهيب وعمار والمقداد وبلال، وفي سنده قيس بن الربيع؛ قال الحافظ: "صدوق، تغيّر لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به".

{وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)} ثم قال: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}؛ قال: فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجلس معنا، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا؛ فأنزل الله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} ولا تجالس الأشراف {تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا}؛ يعني: عيينة والأقرع، {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28] , قال: هلاكاً، قال: أمر عيينة والأقرع، ثم ضرب لهم مثل الرجلين ومثل الحياة الدنيا. قال خباب: فكنا نقعد مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا بلغنا الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم (¬1). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" (1/ 318، 319 رقم 477)، و"مصنفه" (12/ 207، 208 رقم 12564) -ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" (4/ 75، 77 رقم 3693)، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 146، 147) -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (34، 230، 231) -، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" -ومن طريقه البيهقي في "الشعب" (7/ 334/ 1049) -، وأبو يعلى في "مسنده"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 439)، و"المطالب العالية" (8/ 568، 569 رقم 3977)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 107، 108 رقم 7743)، والبزار في "البحر الزخار" (6/ 69، 71 رقم 2129، 2130)، وابن ماجه في "سننه" (2/ 1382، 1383 رقم 4127)، والطبري في "جامع البيان" (7/ 127، 128)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1297 رقم 7331)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (1/ 157، 158)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 145، 146)، و"الوسيط" (2/ 274، 275)، والخطيب البغدادي في "الأسماء المبهمة" (ص 483)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (1/ 352، 353) من طريق حكيم بن يزيد وأسباط بن نصر كلاهما عن السدي عن أبي سعيد الأزدي عن أبي الكنود عن خباب به. قلنا: وهذا إسناد حسن -إن شاء الله-، السدي صدوق يهم؛ كما في "التقريب" وأبو سعيد الأزدي أو أبو سعد الأزدي؛ صدوق -إن شاء الله-؛ روى عنه جمع =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ} في بلال، وصهيب، وعمار، ومهجع، وعامر بن فهيرة، وخباب، وسالم (¬1). [موضوع] * وعنه -أيضاً-رضي الله عنهما-؛ أنه قال: نزلت هذه الآية: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} في بلال، وصهيب، وعمار، وخباب، وسعد بن خولة، ومالك بن خولي وأصحابهم (¬2). [موضوع] ¬

_ = ووثقه ابن حبان (5/ 568)، ولخصه الحافظ بقوله: "مقبول"، وأما أبو الكنود؛ فهو ثقة روى عنه جمع من الثقات، ووثقه ابن حبان (5/ 144) وكذا ابن سعد في "الطبقات" (6/ 177)، ولخصه الحافظ بقوله: "مقبول". ويشهد له في الجملة ما سبق؛ فيرتقي إلى درجة الصحيح لغيره -إن شاء الله-. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (3/ 276، 277 رقم 1462): "هذا إسناد صحيح، رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" عن أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر فذكره بإسناده ومتنه. . . وأصله في "صحيح مسلم" وغيره من حديث سعد بن أبي وقاص". وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 139): "وهذا حديث غريب؛ فإن الآية مكية، والأقرع بن حابس وعيينة إنما أسلما بعد الهجرة بشهر". وصححه شيخنا في "صحيح ابن ماجه". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 273) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه. (¬1) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة "الصحابة" (5/ 2614 رقم 6296)، وابن منده في "معرفة "الصحابة"، وأبو موسى المديني في "الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (4/ 504)، و"الإصابة" (3/ 467) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهذا موضوع؛ من دون ابن عباس كذابون متهمون. (¬2) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة "الصحابة" (3/ 1282 رقم 1284، 3218، 5/ 2614 رقم 6295) من طريق عبد الغني بن سعيد الثقفي ثنا موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به. =

* عن عكرمة؛ قال: جاء عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، ومطعم بن عدي، والحارث بن نوفل، وقرظة بن عبد عمرو بن نوفل، في أشراف من بني عبد مناف من الكفار إلى أبي طالب، فقالوا: لو أن ابن أخيك يطرد عنه موالينا وحلفاءنا؛ فإنما هم عبيدنا وعسفاؤنا؛ كان أعظم في صدورنا، وأطوع له عندنا، وأدنى لأتباعنا إياه، وتصديقاً له، قال: فأتى أبو طالب النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثه بالذي كلموه به، فقال عمر بن الخطاب: لو فعلت ذلك حتى تنظر ما الذي يريدون وإلام يصيرون من قولهم؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)} (¬1). [ضعيف] * عن عمر بن عبد الله بن المهاجر مولى غفرة؛ أنه قال في أسطوان التوبة: كان أكثر نافلة النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها، وكان إذا صلى الصبح انصرف إليها وقد سبق إليها الضعفاء، والمساكين، وأهل الضر، وضيفان النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤلفة قلوبهم، ومن لا مبيت له إلا المسجد، قال: وقد تحلقوا حولها ¬

_ = قلنا: وهذا موضوع؛ كما تقدم بيانه مراراً. (¬1) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (7/ 128) -: ثنا حجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج عن عكرمة. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع عن عكرمة. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" هذا؛ ضعيف؛ ضعفه أبو حاتم والنسائي وغيرهما. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 272) وزاد نسبته لابن المنذر.

حلقاً بعضها دون بعض، فينصرف إليهم من مصلاه من الصبح، فيتلو عليهم ما أنزل الله عليه من ليلته، ويحدثهم ويحدثونه، حتى إذا طلعت الشمس جاء أهل الطول والشرف والغنى فلم يجدوا إليه مخلصاً؛ فتاقت أنفسهم إليه وتاقت نفسه إليهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} إلى منتهى الآيتين، فلما نزل ذلك فيهم؛ قالوا: يا رسول الله! لو طردتهم عنا ونكون نحن جلساءك وإخوانك لا نفارقك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)} (¬1). [ضعيف] * عن الربيع بن أنس؛ قال: كان رجال يستبقون إلى مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ منهم: بلال، وصهيب، وسلمان، فيجيء أشراف قومه وسادتهم وقد أخذ هؤلاء المجلس فيجلسون ناحية، فقالوا: صهيب: رومي، وسلمان: فارسي، وبلال: حبشي، يجلسون عنده ونحن نجيء فنجلس ناحية، حتى ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنا سادة قومك وأشرافهم، فلو أدنيتنا منك إذا جئنا؟ قال: فَهَمَّ أن يفعل؛ فأنزل الله: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 274) ونسبه للزبير بن بكار في أخبار المدنية. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1298 رقم 7332): ثنا أبي ثنا سهل بن عثمان ثنا عبيد الله بن موسى عن أبي جعفر عنه به. قلنا: هذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 274، 275) وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي الشيخ.

* عن مجاهد؛ قال: كان أشراف قريش يأتون النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده بلال وسلمان وصهيب وغيرهم؛ مثل: ابن أم عبد وعمار وخباب، فإذا أحاطوا به؛ قال أشراف قريش: بلال: حبشي، وسلمان: فارسي، وصهيب: رومي، فلو نحاهم لأتيناه؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)} (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: إن ناساً من كفار قريش قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن سرك أن نتبعك! فاطرد عنك فلانًا وفلاناً ناساً من ضعفاء المسلمين، فقال الله: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)} (¬2). [ضعيف] * عن الكلبي في قوله -تعالى-: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)}؛ قال عيينة بن حصن للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن سرّك أن نتبعك؛ فاطرد عنك فلانًا وفلاناً؛ فإنه قد آذاني ريحهم؛ يعني: بلالاً، وسلمانَ، وصهيباً، وناساً من ضعفاء المسلمين؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)} (¬3). [موضوع] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 275) ونسبه لابن عساكر. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 2/ 208) -ومن طريقه الخطيب في "الأسماء المبهمة" (ص 482) -: نا معمر عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. (¬3) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 2/ 207) عن معمر عن الكلبي. قلنا: وهذا كذب؛ فالكلبي كذاب متهم، اعترف بنفسه بالكذب.

* {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)}. * عن ماهان؛ قال: جاء قوم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أصابوا ذنوباً عظاماً، فما أخاله رد عليهم شيئاً، قال: فأنزل: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)} (¬1). [ضعيف] * {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)}. * عن زيد بن أسلم؛ قال: لما نزلت: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ}؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيوف"، فقالوا: ونحن يا رسول الله؟ نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: "نعم"، فقال بعض الناس: لا يكون هذا أبداً؛ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 132)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1300/ 7345)، ومسدد في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (8/ 567 رقم 3973 - المسندة)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 72 رقم 7661 - ط الرشد)، وسفيان الثوري في "تفسيره" (ص 107 رقم 266) من طريق يحيى بن سعيد القطان وقبيصة وأبي نعيم ثلاثتهم عن الثوري عن مجمع التميمي قال: سمعت ماهان به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وأما البوصيري؛ فقال: "هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة بعض رواته". قلنا: وليس كما قال؛ فإن رجاله كلهم ثقات، وما فيه علّة سوى الإرسال. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 276) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.

فأنزل الله -تعالى-: {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)} (¬1). [ضعيف] * {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)}. * عن علي؛ قال: نزلت هذه الآية في إبراهيم وأصحابه خاصة ليس في هذه الأمة (¬2). [ضعيف] * عن بكر بن سوادة؛ قال: حمل رجل من العدو على المسلمين فقتل رجلًا، ثم حمل فقتل آخر، ثم حمل فقتل آخر، ثم قال: أينفعني الإِسلام بعد هذا؟ قالوا: ما ندري حتى نذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: "نعم"، فضرب فرسه فدخل فيهم، ثم ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 145، 146)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1312 رقم 7418) من طريق المؤمل بن إسماعيل البصري نا يعقوب بن إسماعيل عن زيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، ومؤمل هذا؛ صدوق سيئ الحفظ. (¬2) أخرجه الحاكم (2/ 316) من طريق أبي حذيفة ثنا الثوري عن زياد بن علاقة عن زياد بن حرملة قال: سمعت علياً (وذكره). وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1333 رقم 7544)، والطبري في "جامع البيان" (7/ 170) من طريق قيس بن الربيع عن زياد بن علاقة به. قلنا: وهو بمجموعهما حسن إلى زياد بن عِلاقة، لكن زياد بن حرمله لم نجد له ترجمة!. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 309) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن مردويه. أما الحاكم؛ فقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه! "، وسكت عنه الذهبي.

حمل على أصحابه فقتل رجلًا، ثم آخر، ثم آخر؛ ثم قُتِل، قال: فيرون أن هذه الآية نزلت فيه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} (¬1). [ضعيف] * {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ}؛ يعني: من بني إسرائيل، قالت اليهود: يا محمد! أنزل الله عليك كتاباً؟ قال: "نعم"، قالوا: والله ما أنزل الله من السماء كتاباً؟ قال: فأنزل الله: قل يا محمد: {مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} , قال: "الله أنزله" (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1333 رقم 7545) من طريق عبيد الله بن زحر عنه به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: عبيد الله هذا ضعيف. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 177)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1341 رقم 7591) من طريق المثنى وأبي حاتم الرازي كلاهما عن عبد الله بن صالح كاتب الليث ثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. قلنا: وهذا سند حسن -إن شاء الله-، وقد أعلّ بالانقطاع بين علي وابن عباس وبضعف عبد الله بن صالح، وليس هذا بشيء؛ كما تقدم بيانه في أكثر من حديث. وزاد السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 313) نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.

* عن سعيد بن جبير؛ قال: جاء رجل من اليهود يقال له: مالك بن الصيف يخاصم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى: أما تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين"، وكان حبراً سميناً؛ فغضب، وقال: والله ما أنزل الله على بشر من شيء، فقال له أصحابه الذين معه: ويحك! ولا موسى؟! فقال: والله ما أنزل الله على بشر من شيء؛ فأنزل الله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)} (¬1). [ضعيف] * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: جاء ناس من يهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محتب، فقالوا: يا أبا القاسم! ألا تأتينا بكتاب من السماء؛ كما جاء به موسى ألواحاً يحملها من عند الله؟ فأنزل الله: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: 153]؛ فجثا رجل من يهود، فقال: ما أنزل الله عليك ولا على موسى ولا على عيسى ولا على أحد شيئاً؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 176)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1342 رقم 7597) من طريق يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: جعفر بن أبي المغيرة؛ ليس بالقوي في سعيد؛ كما قال ابن منده. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 314) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 177) من طريق أبي معشر المدني عن محمد به. =

* عن عكرمة؛ قال: نزلت في مالك بن الصيف كان من قريظة من أحبار يهود (¬1). [ضعيف جداً] * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: أمر الله محمداً أن يسأل أهل الكتاب عن أمره وكيف يجدونه في كتبهم، فحملهم حسدهم أن يكفروا بكتاب الله ورسله، فقالوا: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ}؛ فأنزل الله {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ. . .}، ثم قال: يا محمد! هلم لك إلى الخبير، ثم أنزل: {الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59] {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 14] (¬2). [ضعيف] * {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ} ¬

_ = قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: أبو معشر؛ ضعيف، وكان أسن واختلط. (¬1) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (7/ 176، 177) -: ثنا حجاج عن ابن جريج عن عكرمة. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 177) من طريق أسباط بن نصر عن السدي بنحوه. قلنا: وهذا -أيضاً- ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: وضعف أسباط. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 315) ونسبه لأبي الشيخ.

تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93)}. * عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في مسيلمة، ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رأيت فيما يرى النائم كأن في يدي سوارين من ذهب، فكبرا عليّ وأهماني، فأوحي إليّ أن أنفخهما؛ فنفختهما، فطارا، فأولتهما في منامي الكذابين اللذين أنا بينهما: كذاب اليمامة: مسيلمة، وكذاب صنعاء: العنسي، وكان يقال له: الأسود (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة قوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ}؛ نزلت في مسيلمة أخي بني عدي بن حنيفة فيما كان يسجع ويتكهن، {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}؛ نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخي بني عامر بن لؤي كان يكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان فيما يملي: {عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فيكتب: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} فيغيره، ثم يقرأ عليه كذا وكذا لما حوّل، فيقول: نعم سواء، فرجع عن الإِسلام ولحق بقريش، وقال لهم: لقد كان ينزل عليه {عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فأحوّله، ثم أقول لما أكتب فيقول: "نعم سواء"، ثم رجع إلى الإِسلام قبل فتح مكة إذ نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - بمر (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري (7/ 181، 182): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة ثنا قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 317) وزاد نسبته لأبي الشيخ وعبد بن حميد. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (7/ 181) -: ثني حجاج عن ابن جريج عنه به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 317) وزاد نسبته لأبي الشيخ.

* عن السدي: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}؛ قال: نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح أسلم وكان يكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان إذا أملى عليه: {سَمِيعًا عَلِيمًا} كتب هو: {عَلِيمًا حَكِيمًا} وإذا قال: {عَلِيمًا حَكِيمًا} كتب: {سَمِيعًا عَلِيمًا}؛ فشك وكفر، وقال: إن كان محمد يوحى إليه؛ فقد أوحي إليّ، وإن كان ينزله؛ فقد أنزلت مثل ما أنزل الله، قال محمد: {سَمِيعًا عَلِيمًا}؛ فقلت أنا: {عَلِيمًا حَكِيمًا}، فلحق بالمشركين، ووشي بعمار وجبير عند ابن الحضرمي -أو لبني عبد الدار-؛ فأخذوهم، فعُذّبوا؛ حتى كفروا، وجدع أذن عمار يومئذ، فانطلق عمار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما لقي والذي أعطاهم من الكفر، فأبى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتولاه؛ فأنزل الله في شأن ابن أبي سرح وعمار وأصحابه من كفر بالله من بعد إيمانه: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} فالذي أكره؛ عمار وأصحابه، والذي شرح بالكفر صدراً؛ ابن أبي سرح (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: لما نزلت: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2)} [المرسلات: 1، 2]؛ قال النضر -وهو من بني عبد الدار-: والطاحنات طحناً والعاجنات عجناً وقولاً كثيراً؛ فأنزل الله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 181)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1346 رقم 7626) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط هذا؛ صدوق كثير الخطأ يغرب.

مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93)} (¬1). [ضعيف] * عن أبي خلف الأعمى؛ قال: كان ابن أبي سرح يكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي، فأتى أهل مكة فقالوا: يا ابن أبي سرح! كيف كتبت لابن أبي كبشة القرآن؟ قال: كنت أكتب كيف شئت؛ فأنزل الله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93)} (¬2). [ضعيف جداً] * عن ابن جريج في قوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ}؛ قال: نزلت في مسيلمة الكذاب ونحوه ممن دعا إلى مثل ما دعا إليه، {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}؛ قال: نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح (¬3). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قوله -تعالى-: {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}؛ نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، كان قد تكلم بالإِسلام، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم يكتب له شيئاً، فلما نزلت الآية التي في المؤمنين: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ} أملاها عليه، فلما انتهى إلى قوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (42)} [المؤمنون: 12 - 42]؛ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 318) ونسبه لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1346 رقم 7624) من طريق معان بن رفاعة عنه به. قلنا: إسناده ضعيف جداً. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 317) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر.

عجيب عبد الله في تفصيل خلق الإنسان، فقال: تبارك الله أحسن الخالقين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هكذا أنزلت عليّ"، فشك عبد الله حينئذ، وقال: لئن كان محمد صادقاً لقد أوحي إليّ كما أوحي إليه، ولئن كان كاذباً لقد قلت كما قال، وذلك قوله: {سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ} وارتد عن الإسلام (¬1). [موضوع] * عن شرحبيل بن سعد؛ قال: نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، قال: سأنزل مثل ما أنزل الله، وارتد عن الإِسلام، فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة؛ أتى به عثمان رسول الله فاستأمن له (¬2). [ضعيف] * {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94)}. * عن عكرمة؛ قال: قال النضر بن الحارث: سوف تشفع لي اللات والعزى؛ فنزلت هذه الآية. (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 148) معلقاً وهو من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهذا حديث موضوع. (¬2) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 148) بسند حسن إلى ابن بكير عن ابن إسحاق ثني شرحبيل به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: شرحبيل اختلط قبل موته. (¬3) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (7/ 185) -: ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. =

* {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)}. * عن قتادة؛ قال: كان المسلمون يسبون أصنام الكفار؛ فيسب الكفارُ الله عدواً بغير علم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)} (¬1). [ضعيف] * عن السدي: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}؛ قال: لما حضر أبا طالب الموت؛ قالت قريش: انطلقوا بنا فلندخل على هذا الرجل، فلنأمره أن ينهى عنا ابن أخيه؛ فإنا نستحي أن نقتله بعد موته، فتقول العرب: كان يمنعه، فلما مات قتلوه، فانطلق أبو سفيان وأبو جهل والنضر بن الحارث وأمية وأبيّ ابنا خلف وعقبة بن أبي معيط وعمرو بن العاص والأسود بن البختري، وبعثوا رجلًا منهم يقال له: المطلب، قالوا: استأذن على أبي طالب، فأتى أبا طالب، فقال: هؤلاء مشيخة قومك يريدون الدخول عليك، فأذن لهم فدخلوا عليه، فقالوا: يا أبا طالب! أنت كبيرنا وسيدنا، وإن محمداً قد آذانا وآذى آلهتنا؛ فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا، ولندعه وإلهه، فدعاه فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له أبو طالب: هؤلاء قومك وبنو عمك، قال ¬

_ = الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد هذا صاحب "التفسير" ضعيف؛ كما تقدم بيانه مراراً. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 2/ 215)، والطبري في "جامع البيان" (7/ 208) وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1366/ 7761) عن معمر عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 33) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تريدون"؟ قالوا: نريد أن تدعنا وآلهتنا وندعك وإلهك، قال له أبو طالب: قد أنصفك قومك فاقبل منهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيتم إن أعطيتكم هذا هل أنتم معطيّ كلمة إن تكلمتم بها؛ ملكتم العرب، ودانت لكم بها المعجم بالخراج"؟ قال أبو جهل: نعم وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها، فما هي؟ قال: "قولوا: لا إله إلا الله"، فأبوا واشمأزوا، قال أبو طالب: يا ابن أخي! قل غيرها؛ فإن قومك قد فزعوا منها، قال: "يا عم! ما أنا بالذي أقول غيرها حتى يأتوا بالشمس فيضعوها يزيدي ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها؛ إرادة أن يؤيسهم"، فغضبوا وقالوا: لتكفن عن شتمك آلهتنا؛ أو لنشتمنك ولنشتمن من يأمرك؛ فذلك قوله: {فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (¬1). [ضعيف] * {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109)}. * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريش، فقالوا: يا محمد! تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى، وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة؛ فأتنا بشيء من الآيات حتى نصدقك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أيّ شيء تحبون أن آتيكم به"، قالوا: تجعل لنا الصفا ذهباً، فقال لهم: "فإن فعلت؛ تصدقوني؟ "، قالوا: نعم، والله لئن فعلت ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 207، 208)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1367 رقم 7762) كلاهما من طريق أسباط بن نصر ثنا السدي به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط هذا؛ صدوق كثير الخطأ ويغرب.

لنتبعنك أجمعين، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو، فجاءه جبريل -عليه السلام-، فقال له: "لك ما شئت: إن شئت أصبح ذهبًا، ولئن أرسل آية فلم يصدقوا عند ذلك؛ لنعذبنهم، وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم"، فقال: "بل يتوب تائبهم"؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)} (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ} في المستهزئين، هم الذين سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الآية، فنزل فيهم: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)} (¬2). [ضعيف] * {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (7/ 210)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 149، 150) من طريق أبي معشر المدني عنه. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: أبو معشر المدني نجيح؛ ضعيف، أسن واختلط. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 340) ونسبه لأبي الشيخ.

بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: جاءت اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: نأكل مما قتلنا، ولا نأكل مما قتل الله؛ فأنزل الله: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)} (¬1). [صحيح لغيره] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في "سننه" (3/ 101 رقم 2819)، والترمذي في "سننه" (5/ 263 رقم 3069)، والبزار في "مسنده"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 177)، والطبري في "جامع البيان" (8/ 15)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 361، 362 رقم 12295) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 255، 256 رقم 269) -، والبيهقي (9/ 240)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 346) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 256، 257 رقم 270، 271) من طريق عمران بن عيينة وزياد بن عبد الله البكائي كلاهما قال: ثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ عطاء كان قد اختلط، ولم يذكروا عمران أو زياداً ممن روى عنه قبل الاختلاط. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن عباس -أيضاً-، ورواه بعضهم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً". قلنا: أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1378 رقم 7832): ثنا أبو سعيد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الأشج ثنا عمران بن عيينة عن عطاء عن سعيد بن جبير به مرسلاً. قلنا: وهو مرسل حسن، والموصول أصح لكنه ضعيف. لكن يشهد له في الجملة الطريق الآتية عن ابن عباس؛ فيرتقي الحديث بمجموعها إلى درجة الحسن لغيره، لكن ذكر اليهود فيه منكر، والصواب: المشركون. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 346) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ. وأخرجه أبو داود في "سننه" (3/ 101 رقم 2818)، وابن ماجه في "سننه" (2/ 1059 رقم 3173)، والطبري في "جامع البيان" (8/ 13)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1380 رقم 7845)، والحاكم (4/ 113، 231)، والبيهقي في "الكبرى" (9/ 241) من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ: يقولون: ما ذبح الله؛ فلا تأكلوه، وما ذبحتم أنتم؛ فكلوه؛ فأنزل الله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)}. قلنا: سماك؛ صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وكان ربما يلقن، لكن يرتقي بسابقه لدرجة الصحيح لغيره -إن شاء الله- مع ما سيأتي. قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 177): "وهذا إسناد صحيح!! ورواه ابن جرير من طرق متعددة عن ابن عباس وليس فيه ذكر اليهود؛ فهذا هو المحفوظ، لأن الآية مكية واليهود يحبون الميتة". قلنا: وذكر اليهود إما من أوهام ابن السائب؛ فإنه اختلط، وإما من سماك؛ لأنه كان يلقن. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (7/ 237)، و"الكبرى" (3/ 71 رقم 4526، 6/ 342 رقم 11171) -ومن طريقه النحاس في "ناسخه" (ص 139) -، والحاكم (4/ 233)، والطبري في "جامع البيان" (8/ 13) من طريق الثوري عن هارون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس؛ قال: جادل المشركون المسلمين، فقالوا: ما بال ما قتل الله لا تأكلونه، وما قتلتم أنتم أكلتموه وأنتم تتبعون أمر الله؟ فأنزل الله: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)}. وفي رواية: خاصمهم المشركون فقالوا: ما نذبح لا تأكلونه، وما ذبحتم أكلتموه (فذكره). . . . قلنا: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات. وقال النحاس عقبه: "فهذا من أصح ما مر وهو داخل في المسند". قلنا: وهو كما قال، وهو يشهد لسابقه ويؤكد أن الصواب هو سؤال المشركين لا اليهود. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 348) وزاد نسبته للفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه، ولم ينسبه للنسائي؛ فليستدرك عليه. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 192 رقم 11614) من طريق زيد بن المبارك ثنا موسى عن عبد العزيز ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية في تحريم الميتة؛ قال: أوحت فارس إلى أوليائهم من قريش أن خاصموا محمداً، وكانت أولياءهم في الجاهلية، وقولوا له: إن ما ذبحت فهو حلال وما ذبح الله -قال ابن عباس-: بشمشير من ذهب؛ فهو حرام؛ فأنزل الله هذه الآية: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} قال: الشياطين فارس، وأولياؤهم قريش. قلنا: وسنده ضعيف؛ موسى هذا صدوق سيئ الحفظ. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 12، 13) من طريق موسى به. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 348) وزاد نسبته لأبي الشيخ. وأخرج الطبري في "جامع البيان" (8/ 14)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1380 رقم 7848)، وابن المنذر وأبي الشيخ؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 349) من طريق عبد الله بن صالح ثنا معاوية بن صالح ثنا علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قالوا: يا محمد أما ما قتلتم وذبحتم؛ فتأكلونه، وأما ما قتل ربكم؛ فتحرمونه؛ فأنزل الله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)} وإن أطعتموهم في أكل ما نهيتكم عنه: إنكم إذاً لمشركون. =

* عن عكرمة؛ قال: إن مشركي قريش كاتبوا فارس على الروم، وكاتبتهم فارس، وكتبت فارس إلى مشركي قريش: أن محمداً وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله فما ذبح الله بسكين من ذهب؛ فلا يأكله محمد وأصحابه للميتة، وأما ما ذبحوا هم؛ يأكلون، وكتب بذلك المشركون إلى أصحاب محمد -عليه السلام-، فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شيء؛ فنزلت: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (¬1) [ضعيف] * عن عكرمة: أن المشركين دخلوا على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها؟ قال: الله قتلها، قالوا: فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال، وما قتله الله حرام؟ فأنزل الله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: وهذا إسناد حسن، وقد أُعِلّ بضعف عبد الله بن صالح؛ لكن الراوي عنه عند ابن أبي حاتم هو أبو حاتم الرازي، فهو من صحيح حديثه، ورواية علي عن ابن عباس محمولة على الاتصال كما تقدم في أكثر من موضع. (¬1) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (8/ 13) -: ثنا حجاج عن ابن جريج قال: قال عمرو بن دينار عن عكرمة به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج مدلس. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 348) ونسبه لأبي داود في "ناسخه". ثم رأينا الطبري أخرجه في "جامع البيان" (8/ 13): ثنا ابن حميد ثنا يحيى بن واضح ثنا الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل ضعيف جداً؛ للكلام المعروف في ابن حميد؛ بل إن بعضهم اتهمه، فإن توبع عليه عند أبي داود في "ناسخه"؛ فيكون مرسلاً حسناً، والله أعلم.

* عن قتادة؛ قال: في قوله -تعالى-: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}: جادلهم المشركون في الذبيحة، فقالوا: أما ما قتلتم بأيديكم؛ فتأكلونه، وأما ما قتل الله؛ فلا تأكلونه؛ يعنون: الميتة، فكانت هذه مجادلتهم إياهم (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما حرم الله الميتة أمر الشيطان أولياءه، فقال لهم: ما قتل الله لكم خير مما تذبحون أنتم بسكاكينكم؛ فقال الله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)} (¬2). [ضعيف] * عن الضحاك في قوله: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 14): ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وأخرجه الطبري -أيضاً- (8/ 14): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: قوله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} الآية؛ يعني: عدو الله إبليس، أوحى إلى أوليائه من أهل الضلالة فقال لهم: خاصموا أصحاب محمد في الميتة، فقولوا: أما ما ذبحتم وقتلتم؛ فتأكلون، وأما ما قتل الله؛ فلا تأكلون، وأنتم تزعمون أنكم تتبعون أمر الله؛ فأنزل الله على نبيه: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} وإنا والله ما نعلمه كان شرك قط إلا بإحدى ثلاث: أن يدعو مع الله إلهاً آخر، أو يسجد لغير الله، أو يسمي الذبائح لغير الله. قلنا: وهذا مرسل جيد الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 349) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ، وفاته أنه عند الطبري؛ فليستدرك عليه. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 13) من طريق العوفي عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

لِيُجَادِلُوكُمْ}: هذا شأن الذبيحة، قال المشركون للمسلمين: تزعمون أن الله حرم عليكم الميتة، وأحل لكم ما تذبحون أنتم بأيديكم، وحرم عليكم ما ذبح هو لكم، وكيف هذا وأنتم تعبدونه؟ فأنزل الله هذه الآية: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} إلي قوله: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)} (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: إن المشركين قالوا للمسلمين: كيف تزعمون أنكم تتبعون مرضاة الله وما ذبح الله فلا تأكلونه وما ذبحتم أنتم أكلتموه؟! فقال الله: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ} فأكلتم الميتة {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 14، 15): حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ نا عبيد بن سليمان عن الضحاك. قلنا: وسنده ضعيف جداً، واه بمرة؛ فيه علل: الأولى: الإعضال. الثانية: أبو معاذ سليمان بن أرقم؛ متروك. الثالثة: الانقطاع بين الطبري والحسين بن الفرج. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 348) ونسبه لعبد بن حميد وأبي الشيخ، وفاته أنه عند الطبري؛ فليستدرك عليه. وأخرجه الطبري -أيضاً- (8/ 14) من طريق جويبر عن الضحاك قال: قال المشركون: ما قتلتم فتأكلونه، وما قتل ربكم لا تأكلونه؟! فنزلت: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}. قلنا: وسنده تالف، واه بمرة؛ جويبر؛ ضعيف جداً، وقد اتهمه بعضهم ثم هو معضل. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 14): ثنا محمد بن الحسن ثنا أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. =

* عن الشعبي أنه سئل عن قوله: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}؛ فقيل: تزعم الخوارج أنها في الأمراء؟ قال: كذبوا؛ إنما أنزلت هذه الآية في المشركين، كانوا يخاصمون أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقولون: أما ما قتل الله؛ فلا تأكلوا منه؛ يعني: الميتة، وأما ما قتلتم أنتم؛ فتأكلون منه؛ فأنزل الله: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} إلي قوله {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)}، قال: لئن أكلتم الميتة وأطعتموهم إنكم لمشركون (¬1). [ضعيف] * {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)}. * عن عكرمة؛ قال: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}: عمار بن ياسر، {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ}: أبو جهل بن هشام (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط؛ صدوق كثير الخطأ يغرب. الثالثة: لم نجد ترجمة لمحمد هذا. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1380 رقم 7850): ثنا علي بن الحسين ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا مالك بن إسماعيل ثنا عيسى بن عبد الرحمن عنه به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 18)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1381 رقم 7854) من طريقين عن ابن عيينة عن بشر بن تيم عن رجل عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل ضعيف الإسناد. =

* عن زيد بن أسلم في قوله: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} الآية. فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب". قال: وكانا ميتين في ضلالتهما، فأحيا الله عمر بالإسلام، وأعزه، وأقرّ أبا جهل في ضلالته وموته، قال: ففيهما أنزلت هذه الآية (¬1). [ضعيف جداً] * عن الضحاك؛ قال في قوله -تعالى-: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)}: عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}؛ قال: أبو جهل (¬2). [ضعيف] * {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123)}. * عن عكرمة: نزلت في المستهزئين (¬3). [ضعيف] ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 352) زاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وأبي الشيخ، ولم ينسبه لابن جرير؛ فليستدرك عليه. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1381 رقم 7853). قلنا: سنده واهٍ. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 17)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1381 رقم 7852) من طريق أبي سنان عن الضحاك به. قلنا: ولا يخفى عليك ضعفه؛ لانقطاعه، وفي السند إليه من لم نعرفه. وأخرجه أبو الشيخ كما في "الدر المنثور" عن أبي سنان. وقال الإمام الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 178): "وزعم بعضهم أن المراد بهذا المثل رجلان معينان؛ فقيل: عمر بن الخطاب هو الذي كان ميتاً فأحياه الله وجعل له نوراً يمشي به في الناس، وقيل: عمار بن ياسر. وأما الذي في الظلمات ليس بخارج منها؛ أبو جهل عمر بن هشام لعنه الله، والصحيح أن الآية عامة يدخل فيها كل مؤمن وكافر". ا. هـ. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 19) من طريق سنيد صاحب "التفسير": =

* {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)}. * عن ابن جريج: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} وذلك أنهم قالوا لمحمد - صلى الله عليه وسلم -حيث دعاهم إلى ما دعاهم إليه من الحق-: لو كان هذا حقاً لكان فينا من هو أحق -أن يأتي- به من محمد {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)} [الزخرف: 31] (¬1). [ضعيف جداً] * {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)}. * عن عكرمة في قوله: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}؛ قال: نزلت فيمن كان يئد البنات من مضر وربيعة، كان الرجل يشترط على امرأته أنك تئدين جارية وتستحبين أخرى، فإذا كانت الجارية التي توأد غدا من عند أهله أو راح وقال: أنت علي كأمي إن رجعت إليك ولم تئديها، فترسل إلى نسوتها فيحفرون لها حفرة فيتداولنها بينهن، فإذا بصرن به مقبلاً دسسنها في حفرتها وسوّين عليها التراب (¬2). [ضعيف] * عن أبي العالية؛ قال: كانوا يعطون شيئاً سوى الزكاة، ثم إنهم ¬

_ = ثنا حجاج عن ابن جريج عن عكرمة. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن جريج لم يسمع من عكرمة. الثالثة: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 353) وزاد نسبته لأبي الشيخ. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 353) ونسبه لابن المنذر وأبي الشيخ. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 366) ونسبه لابن المنذر وأبي الشيخ.

تباذروا وأسرفوا؛ فأنزل الله: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، وجد نخلاً فقال: لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة؛ فأنزل الله: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (¬2). [ضعيف جداً] * {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)}. * عن طاوس؛ قال: إن أهل الجاهلية كانوا يحرمون أشياء ويستحلون أشياء؛ فنزلت: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)} (¬3). [ضعيف] * {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)}. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (3/ 185)، والطبري في "جامع البيان" (8/ 45)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1399 رقم 7961) من طريق المعتمر بن سليمان ثنا عاصم الأحول عن أبي العالية. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 369) وزاد نسبته لأبي الشيخ. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (8/ 45) -: ثنا حجاج عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف سنيد صاحب "التفسير". وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1399 رقم 7966) من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج: جذّ معاذ بن جبل -رضي الله عنه- نخلة، فلم يزل يتصدق من ثمره حتى لم يبق منه شيء؛ فنزلت: {وَلَا تُسْرِفُوا}. قلنا: وهذا معضل. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 372) ونسبه لعبد بن حميد.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: وذلك أن اليهود والنصارى اختلفوا قبل أن يبعث محمد - صلى الله عليه وسلم - فتفرقوا، فلما بعث محمد أنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)} (¬1). [ضعيف جداً] * {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160)}. * عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه-؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صام ثلاثة أيام من كل شهر فذلك صيام الدهر؛ فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} فاليوم بعشرة أيام (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 77، 78)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1430 رقم 8153) بالسند المسلسل بالعوفيين عن عطية العوفي عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً، وقصر السيوطي وعزاه لابن أبي حاتم، وفاته أنه عند الطبري؛ فليستدرك عليه. (¬2) أخرجه أحمد في "مسنده" (5/ 145، 146)، والترمذي في "سننه" (3/ 135 رقم 762)، والنسائي في "المجتبى" (4/ 219)، و"الكبرى" (2/ 134 رقم 2716)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 545 رقم 1708)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1431 رقم 8166)، وابن عدي في "الكامل" (6/ 2431)، والبزار في "البحر الزخار" (9/ 345 رقم 3904) من طريق عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عن أبي ذر به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وصححه على شرط الشيخين شيخنا الألباني -رحمه الله- في "الإرواء" (4/ 102). قال الدارقطني في "العلل" (6/ 284، 285 رقم 1141): "يرويه عاصم بن سليمان الأحول عن أبي عثمان عن أبي ذر، يرويه أصحاب عاصم عنه كذلك. وخالفهم شيبان؛ فرواه عن عاصم وأدخل بين أبي عثمان وبين أبي ذر رجلاً لم يسمه، ورواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي عثمان عن أبي هريرة، وحديث أبي ذر أشبه بالصواب". =

* عن عبد الله بن عمر؛ قال: نزلت هذه الآية في الأعراب: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}؛ قال رجل: فما للمهاجرين؟ قال: ما هو أعظم من ذلك: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)} [النساء: 40] وإذا قال الله لشيء: عظيم؛ فهو عظيم (¬1). [ضعيف] * عن الربيع بن أنس؛ قال: نزلت هذه الآية: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160)} وهم يصومون ثلاثة أيام من الشهر ويؤدون عشر أموالهم، ثم نزلت الفرائض بعد ذلك صوم رمضان والزكاة (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 404) وزاد نسبته لابن مردويه. * ملاحظة: في نسختنا المطبوعة من الترمذي "حديث حسن صحيح". ونقل الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 205)، والسيوطي في "الدر المنثور" (3/ 404) عنه؛ أنه قال: "هذا حديث حسن". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 81)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1432 رقم 8168) من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن ابن عمر. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه عطية العوفي؛ صدوق يخطئ كثيراً كان شيعياً مدلساً. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 405) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 81) من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ صدوق سيئ الحفظ.

سورة الأعراف

سورة الأعراف * {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول: من يعيرُني تطوافاً؟ تجعله على فرجها وتقول: اليوم يبدو بعضه أو كله، فما بدا منه؛ فلا أحله؛ فنزلت هذه الآية: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬1). [صحيح] * {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}. * عن أبي بكر الهذلي؛ قال: لما نزلت: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}؛ قال إبليس: يا رب، وأنا من الشيء؛ فنزلت: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} فنزعها الله من إبليس (¬2). [ضعيف جداً] * عن السدي؛ قال: لما نزلت: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}؛ قال إبليس: وأنا من الشيء؛ فنسخها الله، فأنزل: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 2320 رقم 3028)، واستدركه الحاكم (2/ 319، 320) على الشيخين ووافقه الذهبي، وقد وهما في ذلك؛ فهو في مسلم كما ترى. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1579 رقم 9050): حدثنا أبي ثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان عن أبي بكر الهذلي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ الهذلي متروك، وفيه إعضال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 572) وزاد نسبته لأبي الشيخ.

وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} (¬1). [ضعيف] * {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)}. * عن قتادة؛ قال: قوله: {عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}؛ فقال إبليس: أنا من ذلك الشيء! فأنزل الله -تعالى-: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ -معاصي الله- وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} فتمنتها اليهود والنصارى؛ فأنزل الله -تعالي- شرطاً وثيقاً بيّناً، فقال: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ}؛ فهو نبيكم كان أمياً لا يكتب - صلى الله عليه وسلم - (¬2). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: لما نزلت: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}؛ قال إبليس: أنا من كل شيء، قال الله -تعالى-: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}؛ فقالت اليهود: ونحن نتقي ونؤتي الزكاة؛ فأنزل الله -تعالي-: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ}؛ قال: نزعها الله عن إبليس وعن اليهود، وجعلها لأمة محمد {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} من قومك (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 572) ونسبه لأبي الشيخ. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 55): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل جيد الإسناد. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1579 رقم 9051) من طريق الوليد بن مسلم ثنا سعيد بن بشير عن قتادة بنحوه. مختصراً. (¬3) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (9/ 55) -: ثني حجاج عن ابن جريج به. =

* {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175)}. * عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في أمية بن أبي الصلت الثقفي (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن مسعود؛ قال: هو بلعم بن أبر رجل من اليمن (¬2). [صحيح] ¬

_ = قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف سنيد صاحب "التفسير". (¬1) أخرجه النسائي في "تفسيره" (1/ 508، 511 رقم 212، 214)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 83)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1616 رقم 8542)، ومسدد بن مسرهد في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 78 رقم 7680) من طريق يعقوب ونافع ابني عاصم عن عبد الله بن عمرو به. قلنا: وسنده صحيح. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 25) وقال: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". وقال البوصيري: "ورواته ثقات". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 146) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه وابن عساكر. وصححه ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 266)، وقال الحافظ في "فتح الباري" (7/ 154): "وروى ابن مردويه بإسناد قوي عن عبد الله بن عمرو. . .". (¬2) أخرجه النسائي في "تفسيره" (1/ 510 رقم 213)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 82)، والطبراني في "الكبير" (9/ 219 رقم 9064)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 2/ 243)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 325)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1616 رقم 8541) من طريق الأعمش ومنصور كلاهما عن أبي الضحى عن مسروق عنه به. قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 25): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". =

* عن عبد الملك بن عمير؛ قال: تذاكروا في جامع دمشق هذه الآية: {فَانْسَلَخَ مِنْهَا}، فقال بعضهم: نزلت في بلعم بن باعوراء، وقال بعضهم: نزلت في الراهب، فخرج عليهم عبد الله بن عمرو بن العاص، فقالوا: فيمن نزلت هذه؟ قال: نزلت في أمية بن أبي الصلت الثقفي (¬1). [ضعيف جداً] * عن سالم أبي النضر؛ أنه حدث: أن موسى لما نزل في أرض بني كنعان من أرض الشام؛ أتى قوم بلعم إلى بلعم، فقالوا له: يا بلعم! إن هذا موسى بن عمران في بني إسرائيل قد جاء يخرجنا من بلادنا ويقتلنا ويحلها بني إسرائيل ويسكنها؛ وإنا قومك، وليس لنا منزل، وأنت رجل مجاب الدعوة؛ فأخرج وادع الله عليهم، فقال: ويلكم! نبي الله معه الملائكة والمؤمنون، كيف أذهب أدعو عليهم وأنا أعلم من الله ما أعلم؟! قالوا: ما لنا من منزل، فلم يزالوا به يرفعونه ويتضرعون إليه حتى فتنوه؛ فافتتن، فركب حمارةً له متوجّهاً إلى الجبل الذي يطلعه على عسكر بني إسرائيل، وهو جبل حُسبان، فلما سار عليها غير كثير؛ ربضت به فنزل عنها، فضربها، حتى إذا أذلقها قامت فركبها؛ فلم تسر به كثيراً حتى ربضت به، ففعل بها مثل ذلك، فقامت فركبها؛ فلم تسر به كثيراً حتى ربضت به؛ فضربها، حتى إذا أذلقها؛ أذن الله لها فكلمته حجة عليه، فقالت: ويحك يا بلعم! أين تذهب؟ أما ترى الملائكة تردّني عن وجهي هذا؟ أتذهب إلى نبي الله والمؤمنين تدعو عليهم فلم ينزع عنها، فضربها؛ فخلى الله سبيلها حين فعل بها ذلك، قال: فانطلقت به، حتى إذا أشرفت ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 608) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 83): ثنا ابن حميد ثنا حكام عن عنبسة عن عبد الملك به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ ابن حميد ضعيف متهم.

على رأس جبل حسبان على عسكر موسى وبني إسرائيل؛ جعل يدعو عليهم، ولا يدعو عليهم بشر إلا صرف به لسانه إلى قومه، ولا يدعو لقومه بخير إلا صرف لسانه إلى بني إسرائيل، قال: فقال له قومه: أتدري يا بلعم ما تصنع؟! نما تدعو لهم وتدعو علينا، قال: فهذا ما لا أملك، هذا شيء قد غلب الله عليه، قال: واندلع لسانه فوقع على صدره، فقال لهم: قد ذهبت الآن مني الدنيا والآخرة؛ فلم يبق إلا المكر والحيلة؛ فسأمكر لكم وأحتال؛ جملوا النساء، وأعطوهن السلع، ثم أرسلوهن إلى العسكر يبعنها، ومروهن فلا تمنع امرأة نفسها من رجل أرادها؛ فإنهم إن زنى منهم واحد كفيتموهم، ففعلوا، فلما دخل النساء العسكر؛ مرت امرأة من الكنعانيين اسمها كستى ابنة صور -رأس أمته- برجل من عظماء بني إسرائيل، وهو زمري بن شلوم رأس سبط شمعون بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فقام إليها فأخذ بيدها حين أعجبه جمالها، ثم أقبل بها حتى وقف بها على موسى -عليه السلام-، فقال: إني أظنك ستقول هذه حرام عليك، فقال: أجل؛ هي حرام عليك لا تقربها، قال: فوالله لا أطيعك في هذا، فدخل بها قبته فوقع عليها، وأرسل الله الطاعون في بني إسرائيل، وكان فنحاص بن العيزار بن هارون صاحب أمر موسى، وكان رجلاً قد أعطي بسطة في الخلق وقوة في البطش، وكان غائباً حين صنع زمري بن شلوم ما صنع، فجاء والطاعون يجوس في بني إسرائيل، فأخبر الخبر فأخذ حربته وكانت من حديد كلها، ثم دخل عليه القبة وهما متضاجعان، فانتظمهما بحربته، ثم خرج بهما رافعهما إلى السماء، والحربة قد أخذها بذراعه واعتمد بمرفقه على خاصرته، وأسند الحربة إلى لحييه، وكان بكر العيزار، وجعل يقول: اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك؛ ورفع الطاعون، فحسب من هلك من بني إسرائيل في الطاعون -فيما بين أن أصاب زمري المرأة إلى أن قتله فنحاص-؛ فوجدوا قد هلك منهم سبعون ألفاً، والمقلل يقول: عشرون ألفاً، في ساعة من النهار، فمن هنالك يعطي بنو

إسرائيل ولد فنحاص بن العيزار بن هارون من كل ذبيحة ذبحوها الفشة والذراع واللحى؛ لاعتماده بالحربة على خاصرته، وأخذه إياها بذراعه، وإسناده إياها إلى لحييه، والبكر من كل أموالهم وأنفسهم؛ لأنه كان بكر العيزار؛ ففي بلعم بن باعوراء أنزل الله على محمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا}؛ يعني: بلعم، {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}، إلى قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن الزهري؛ قال: قال أمية بن أبي الصلت: ألا رسول لنا منا يخبرنا ... ما بعد غايتنا من رأس نجرانا قال: ثم خرج أمية إلى البحرين، وتنبأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقام أمية بالبحرين ثماني سنين، ثم قدم فلقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جماعة من أصحابه، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام، وقرأ عليه: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)} [يس: 1، 2] "، حتى إذا فرغ منها؛ وثب أمية يجر رجليه، فتبعته قريش تقول: ما تقول يا أمية؟ قال: أشهد أنه على الحق، قالوا: فهل تتبعه؟ قال: حتى أنظر في أمره، ثم خرج أمية إلى الشام وقدم بعد وقعة بدر يريد أن يسلم، فلما أخبر بقتلى بدر؛ ترك الإسلام ورجع إلى الطائف فمات بها، قال: ففيه أنزل الله: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 86)، و"تاريخ الأمم والملوك" (1/ 437) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (10/ 401 - 403) -: ثنا ابن حميد ثنا سلمة عن ابن إسحاق عن سالم به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإعضال. الثانيه: سالم ذا؛ متروك. الثالثة: ابن إسحاق؛ مدلس، وقد عنعن. الرابعة: ابن حميد؛ متروك متهم. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 609) ونسبه لابن عساكر.

* {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)}. * عن السدي: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)}؛ يقول: كف عنهم وأخرهم على رسلهم إن مكري شديد، ثم نسخها الله؛ فأنزل: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] الآية (¬1). [ضعيف] * {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184)}. * عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان على الصفا، فدعا قريشاً؛ فجعل يفخذهم فخذاً فخذاً: يا بني فلان، يا بني فلان فحذرهم بأس الله ووقائع الله، فقال قائلهم: إن صاحبكم هذا لمجنون؛ بات يصوت إلى الصباح أو حتى أصبح؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184)} (¬2). [ضعيف] * {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال حمل بن أبي قشير وسمول بن زيد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا محمد! أخبرنا متى الساعة إن كنت نبياً كما تقول، فإنا نعلم متى هي؟! فأنزل الله -تعالى-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 618) ونسبه إلى أبي الشيخ. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 93)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1624 رقم 8592) من طريق يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 618) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ. وقال الحافظ في "الكافي الشاف" (رقم 42): "بإسناد صحيح إلى قتادة".

لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187)} (¬1). [ضعيف] * عن مخارق بن شهاب؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يزال يذكر من شأن الساعة حتى نزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} (¬2). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: قالت قريش لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: إن بيننا وبينك قرابة؛ فأسر إلينا متى الساعة، فقال الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187)} (¬3). [ضعيف] * {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)}. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (9/ 93، 94) -: حدثنا محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه محمد هذا؛ مجهول تفرد عنه ابن إسحاق. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 619) وزاد نسبته لأبي الشيخ. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 94): ثنا سفيان بن وكيع ثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن مخارق. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ سفيان بن وكيع؛ قال الحافظ: "كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه؛ فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه". (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 93)؛ ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة به. قلنا: وهذا إسناده صحيح؛ رجاله ثقات؛ لكنه مرسل.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كانت حواء تلد لآدم، فتعبدهم لله وتسميه عبد الله وعبيد الله ونحو ذلك، فيصيبهم الموت، فأتاها إبليس وآدم فقال: إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه لعاش، فولدت له رجلًا فسماه عبد الحارث؛ ففيه أنزل الله -تبارك وتعالى-: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)} (¬1). [منكر] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 99): ثنا ابن حميد ثنا سلمة بن الأبرش عن ابن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس. قلنا: وهذا حديث منكر؛ فيه علل: الأولى: رواية داود بن الحصين عن عكرمة خاصة منكرة. الثانية: ابن إسحاق؛ مدلس، وقد عنعن. الثالثة: ابن حميد؛ ضعيف، وقد اتهمه بعضهم. وأخرجه الترمذي في "سننه" (5/ 267 رقم 3077)، وأحمد "مسنده" (5/ 11)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 99)، والطبراني في "المعجم الكبير" (7/ 215 رقم 6895)، وابن عدي في "الكامل" (5/ 1700)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1631 رقم 8637، 8641)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 286)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 545)، وابن بشران في "الأمالي" (ق 158/ ب) من طريق عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن سمرة بنحوه ليس فيه التصريح بسبب النزول. قلنا: وهذا سند ضعيف، فيه نكارة؛ وفيه علل: الأولى: الحسن مدلس وقد عنعنه. الثانيه: عمر هذا؛ أصله صدوق؛ إلا أن روايته عن قتادة خاصة ضعيفة. قال ابن عدي: "وحديثه عن قتادة خاصة مضطرب، وهو مع ضعفه يكتب حديثه". ولخصه الحافظ في "التقريب" (2/ 51) بقوله: "صدوق، وفي حديثه عن قتادة ضعف". =

* {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}. * عن عبد الله بن الزبير؛ قال: ما أنزلها الله إلا في أخلاق الناس (¬1). [صحيح] * عن السدي؛ قال: نزلت هذه الآية: {خُذِ الْعَفْوَ}؛ فكان الرجل يمسك من ماله ما يكفيه ويتصدق بالفضل، فنسخها الله بالزكاة: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}؛ قال: بالمعروف، {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}؛ قال: نزلت هذه الآية قبل أن تفرض الصلاة والزكاة والقتال، أمره الله بالكف ثم نسخها القتال؛ فأنزل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: 39] الآية (¬2). [ضعيف] * {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)}. * عن عبد الرحمن بن زيد؛ قال: في قوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فكيف بالغضب ¬

_ = قال شيخنا في "الضعيفة" (رقم 342): "ضعيف". وأعله ابن كثير من ثلاثة أوجه تراها في "تفسيره" (2/ 286). ومما يدلك على نكارة القصة ما ثبت عن الحسن نفسه أنه فسر الآية بغير ذلك فقال: كان هذا في بعض أهل الملل ولم يكن بآدم. ذكر ذلك عنه الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 286)، ثم قال: "وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن أنه فسر الآية بذلك، وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه". (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (8/ 305 رقم 4643، 4644)، والنسائي في "تفسيره" (1/ 512 رقم 215)، وأبو داود (رقم 4787) وغيرهم. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 631) ونسبه لأبي الشيخ.

يا رب؟ "، قال: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)} (¬1). [ضعيف جداً] * {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)}. * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: كانوا يتكلمون في الصلاة؛ فنزلت: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ. . .} (¬2). [صحيح لغيره] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 106): ثني يونس: نا ابن وهب؛ قال ابن زيد به. قلنا: وهذا معضل مع ضعف عبد الرحمن، بل إنه اتهم بالكذب. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (2/ 478)، وابن المنذر في "الأوسط" (3/ 105 رقم 1318)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1645 رقم 8728)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 110)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/ 155)، و"جزء القراءة خلف الإمام" (ص 114 رقم 274 - 277) من طريق إبراهيم الهجري عن أبي عياض عن أبي هريرة به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه إبراهيم الهجري، وهو لين الحديث: رفع موقوفات؛ كما في "التقريب"، وأبو عياض -اسمه عمرو بن الأسود-؛ ثقة عابد. لكنه توبع؛ فأخرجه البيهقي في "جزء القراءة خلف الإمام" (ص 114، 115 رقم 278) من طريق مؤمل بن إسماعيل نا عبد العزيز بن مسلم القسلمي نا محمد بن زياد عن أبي هريرة به. قلت: ومؤمل صدوق سيئ الحفظ. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1645 رقم 8726)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 110)، والدارقطني (1/ 326) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 154)، و"الوسيط" (2/ 440) -، والبيهقي في "جزء القراءة" (ص 115 رقم 279) من طريق الأوزاعي نا عبد الله بن عامر ثنا زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة به. قلنا: وعبد الله بن عامر هذا؛ ضعيف، وبه أعله الدارقطني عقبه. فالحديث بمجموعها صحيح -إن شاء الله-، على أن له شواهد كثيرة يصح بها. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 636) وزاد نسبته لأبي الشيخ وابن مردويه.

* عن قتادة؛ قال: كانوا يتكلمون في صلاتهم بحوائجهم أول ما فرضت عليهم؛ فأنزل الله ما تسمعون: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ أنه كان يقول -في هذه {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} -: هذا في المكتوبة، وأما ما كان من قصص أو قراءة بعد ذلك؛ فإنما هي نافلة، إن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في صلاة مكتوبة وقرأ أصحابه وراءه فخلطوا عليه، قال: فنزل القرآن: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)}؛ فهذا في المكتوبة (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (19/ 111): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، ويزيد بن زريع روى عن سعيد قبل اختلاطه. وهو شاهد قوي لحديث أبي هريرة. ثم أخرجه (9/ 111) من طريق محمد بن ثور، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 2/ 247) كلاهما عن معمر عن قتادة؛ قال: كان الرجل يأتي وهم في الصلاة فيسألهم: كم صليتم؟ كم بقي؟ فأنزل الله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)}. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 636) وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي الشيخ، وله شاهد من حديث معاوية بن قرة بنحوه: أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (5/ 184 رقم 981 - تكملة) -ومن طريقه البيهقي في "جزء القراءة" (ص 116 رقم 283)، و"السنن الكبرى" (9/ 155) -، وهو مرسل صحيح الإسناد. ويشهد له في الجملة ما ثبت في "الصحيحين" من حديث زيد أرقم -وتقدم تخريجه في سورة البقرة- قال: كان أحدنا يكلم صاحبه إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}؛ فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 111، 112)، والبيهقي في "جزء القراءة" =

* عن عبد الله بن مغفل؛ قال: في الصلاة (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = (ص 109 رقم 255) من طريقين عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد حسن لذاته، والراوي عن ابن لهيعة عند الطبري ابن المبارك وهو من قدماء أصحابه. وأخرج الطبري -أيضاً- (9/ 111)، والبيهقي (ص 109 رقم 254) من طريق عبد الله بن صالح ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس؛ قال: في الصلاة المفروضة. قلنا: وسنده ضعيف؛ لضعف عبد الله بن صالح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 634) وزاد نسبته لابن المنذر. وأخرجه البيهقي في "جزء القراءة" (رقم 253)، و"السنن الكبرى" (2/ 155)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1646 رقم 8733) من طريق مسكين بن بكير الحراني عن ثابت بن عجلان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس؛ قال: المؤمن في سعة من الاستماع إليه؛ إلا في صلاة مفروضة، أو مكتوبة، أو يوم جمعة، أو يوم فطر، أو يوم أضحى بعد قوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)}. قلنا: وهذا إسناد حسن -إن شاء الله-؛ مسكين هذا وثقه ابن حبان والبزار، وقال أحمد: "لا بأس به"، وقال الذهبي: "صدوق يغرب"، وقال ابن حجر: "صدوق يخطئ"؛ فرجل هذا حاله حديثه حسن ما لم يخالف -والله أعلم-. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 637) وزاد نسبته لأبي الشيخ. وأخرجه ابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور": عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- في قوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}؛ قال: نزلت في رفع الأصوات خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، وفي الخطبة؛ لأنها صلاة، وقال: من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب؛ فلا صلاة له. (¬1) أخرجه البيهقي في "جزء القراءة" (رقم 250) من طريق هشام بن زياد بن المقدام عن الحسن عنه به. قال البيهقي عقبه: "هذا حديث مداره على هشام بن زياد بن المقدام واختلف عليه في إسناده، وليس بالقوي". قلنا: بل هو متروك الحديث، والحسن مدلس وقد عنعن. =

* عن مجاهد؛ قال: نزلت في الصلاة والخطبة يوم الجمعة (¬1). [ضعيف] * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ في الصلاة أجابه من وراءه، إذا قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ قالوا: مثل ما يقول، حتى تنقضي فاتحة الكتاب والسورة، فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم نزلت: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = ثم أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 478)، والبيهقي (رقم 251، 252)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1646 رقم 8732) من طريق أبي أسامة وكثير بن هشام كلاهما عن هشام أبي المقدام عن معاوية بن قرة عن عبد الله به. قلنا: وهذا من وجوه الاختلاف التي ذكرها البيهقي -رحمه الله- وسببه ضعف هشام هذا. وخالف أبا المقدام هذا عون بن موسى؛ فرواه عن معاوية بن قرة قال: إن الله -عزّ وجلّ- أنزل هذه الآية: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} في الصلاة؛ إن الناس كانوا يتكلمون في الصلاة، وأنزلها القصاص في القصص. أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (5/ 182 رقم 979 - تكلمة)، والبيهقي (2/ 155) بسند صحيح عنه. وعون أوثق من أبي المقدام بكثير. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 635) وزاد نسبته لأبي الشيخ وابن مردويه. (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 478، 479)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1646 رقم 8731)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 110، 111، 112)، وسعيد بن منصور في "سننه" (5/ 179 رقم 976)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 2/ 247)، والبيهقي في "السنن "الكبرى" (2/ 155)، و"القراءة خلف الإمام" (رقم 248، 260 - 268) وغيرهم من طرق عن مجاهد، وهو صحيح بمجموعها عن مجاهد. (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (5/ 181 رقم 978) -ومن طريقه البيهقي "جزء القراءة" (رقم 259) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1645 رقم 8727). قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لأرساله.

* عن إبراهيم؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ ورجل يقرأ؛ فنزلت: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} (¬1). [ضعيف] * عن الزهري؛ قال: نزلت هذه الآية في فتى من الأنصار، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما قرأ شيئاً قرأه؛ فنزلت: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} (¬2). [ضعيف] * عن أبي العالية؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى فقرأ أصحابه؛ فنزلت: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}؛ فسكت القوم وقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). [ضعيف] * عن عبد الله بن مسعود؛ أنه سلَّم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، فلم يرد عليه -وكان الرجل قبل ذلك يتكلم في صلاته ويأمر بحاجته- فلما فرغ ردّ عليه، وقال: "إن الله يفعل ما يشاء، وإنها نزلت: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} " (¬4). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (2/ 478) من طريق أشعث عن إبراهيم. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: أشعث بن سوار هذا؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 110، 111) من ثلاثة طرق عن أشعث بن سوار عن الزهري به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ضعف أشعث. (¬3) أخرجه البيهقي في "جزء القراءة" (رقم 249) من طريق المهاجر عن أبي العالية به. قال البيهقي عقبه: "وهذا منقطع". يعني: مرسل؛ فهو ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 635) وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي الشيخ. (¬4) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1645 رقم 8729): حدثنا أبي ثنا محمد بن يحيى القطعي ثنا محمد بن بكر عن عمران أبي العوام عن عاصم بن =

* عن عطاء بن أبي رباح؛ قال: بلغني أن المسلمين كانوا يتكلمون في الصلاة كما يتكلم اليهود والنصارى، حتى نزلت: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} (¬1). [ضعيف] * عن الكلبي: كانوا يرفعون أصواتهم في الصلاة حين يسمعون ذكر الجنة والنار؛ فأنزل الله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} (¬2). [موضوع] * عن الضحاك؛ قال: كانوا يتكلمون في الصلاة؛ فأنزل الله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ = بهدلة عن أبي وائل عنه به. قلنا: وهذا سند حسن. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 636) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (2/ 450 رقم 4044) عن ابن جريج عن عطاء به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، ورواية ابن جريج عن عطاء خاصة محمولة على السماع. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 2/ 247) من طريق الكلبي به. قلنا: والكلبي كذاب. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 637) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 636) ونسبه لعبد بن حميد.

سورة الأنفال

سورة الأنفال * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في بدر (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس؛ قال: نزلت سورة الأنفال بالمدينة (¬2). * عن عبد الله بن الزبير؛ قال: نزلت بالمدينة سورة الأنفال (¬3). * {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)}. * عن سعد بن أبي وقاص؛ أنه قال: أنه نزلت فيه آيات من القرآن، قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زَعَمْتَ أن الله وصاك بوالديك، وأنا أُمك، وأنا آمرك بهذا. قال: مَكَثَتْ ثلاثاً حتى غشي عليها من الجَهْدِ، فقام ابن لها يقال له: عمارة، فسقاها، فجعلت تدعو على سعد؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في القرآن هذه الآية: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: 8] {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي} وفيها: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]. قال: وأصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف فأخذته، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (8/ 306 رقم 4645 - فتح). (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 3) ونسبه للنحاس في "ناسخه" وأبي الشيخ وابن مردويه. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 3) ونسبه لابن مردويه.

فأتيت به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: نفلني هذا السيف، فأنا من قد علمت حاله، فقال: "رده من حيث أخذته" فانطلقت، حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي، فرجعت إليه، فقلت: أعطنيه، قال: فشد لي صوته: "رده من حيث أخذته"، قال: فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ}. قال: ومرضت فأرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاني، فقلت: دعني أقسم مالي حيث شئت، قال: فأبى، قلت: فالنصف، قال: فأبى، قلت: فالثلث، قال: فسكت، فكان -بعد- الثلث جائزاً. قال: وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين، فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمراً -وذلك قبل أن تحرم الخمر- قال: فأتيتهم في حشٍّ -والحشّ: البستان- فإذا رأس جزور مشوي عندهم، وزق من خمر، قال: فأكلت وشربت معهم، قال: فذكرت الأنصار والمهاجرون عندهم، فقلت: المهاجرون خير من الأنصار، قال: فأخذ رجل أحد لحيي الرأس فضربني به فجرح بأنفي، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيّ -يعني: نفسه- شأن الخمر: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90] (¬1). [صحيح] * عن سعد بن أبي وقاص؛ قال: لما كان يوم بدر قتل أخي عمير، وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه، وكان يسمى ذا الكتيفة، فأتيت به نبي الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: "اذهب فاطرحه في القبض"، فطرحته قال: فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي، قال: فما جاوزت إلا يسيراً حتى نزلت سورة الأنفال، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اذهب فخذ سيفك" (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 1877 رقم 1748). (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (رقم 2689 - ط الأعظمي)، وابن أبي شيبة =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى مكان كذا وكذا أو فعل كذا وكذا؛ فله كذا وكذا" فسارع إليه الشبان، وثبت الشيوخ تحت الرايات، فلما فتح الله لهم، جاء الشباب يطلبون ما ¬

_ = (12/ 37 رقم 14031)، وأحمد (1/ 180) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 155) -، والطبري في "جامع البيان" (9/ 117)، والبزار في "البحر الزخار" (4/ 72، 73 رقم 1239)، وأبو عبيد في "الأموال" (ص 382 - كتاب الخمس) من طريق أبي معاوية نا الشيباني -وهو أبو إسحاق- عن محمد بن عبيد الله الثقفي عن سعد به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه بين محمد الثقفي وسعد؛ فإنه لم يدركه. انظر: "المراسيل" (رقم 324). وقال الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في "تحقيقه للمسند" (3/ 78 رقم 1556): "إسناده ضعيف؛ لانقطاعه".ا. هـ. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 3) وزاد نسبته لابن مردويه. وأخرج أحمد (1/ 178)، وأبو داود (رقم 2740)، والترمذي (رقم 3079)، والنسائي في "التفسير" (1/ 513، 514 رقم 216)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 117)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1649/ 8755) وأبو يعلى في "المسند" (2/ 84 رقم 735)، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 312)، والحاكم (2/ 132)، والبيهقي في "سننه" (6/ 291) جميعهم من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم بن بهدلة عن مصعب بن سعد عن سعد؛ قال: قلت يا رسول الله! قد شفاني الله من المشركين؛ فهب لي هذا السيف، قال: "إن هذا السيف ليس لك ولا لي، ضعه"، قال: فوضعته، ثم رجعت؛ قلت: عسى أن يعطي هذا السيف اليوم من لم يبل بلائي، قال: إذ رجل يدعوني من ورائي، قال: قلت: قد أنزل فيَّ شيء، قال: "كنت سألتني السيف وليس هو لي، وإنه قد وهب لي فهو لك" قال: وأنزلت هذه الآية: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}. قلنا: وهذا إسناد حسن. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 3) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

جعل لهم، فقال الأشياخ: لا تذهبوا به دوننا، فإنما كنا ردءاً لكم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (¬1). [صحيح]. * عن عبادة بن الصامت؛ قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر فلقي العدو، فلما هزمهم الله اتبعتهم طائفة من المسلمين يقتلونهم، وأحدقت طائفة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستولت طائفة على العسكر والنهبة، فلما كفى الله العدو ورجع الذين طلبوهم؛ قالوا: لنا النفل، نحن طلبنا العدو بنا نقّاهم الله وهزمهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أنتم أحق به منا، هو لنا، نحن أحدقنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لئلا ينال العدو منه غرة، قال الذين استولوا على العسكر والنهب: والله ما أنتم بأحق به منا هو لنا؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة (14/ 356 رقم 18508)، وأبو داود (رقم 2737 - 2739)، والنسائي في "الكبرى" (6/ 349 رقم 11197)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 116)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1743 - موارد)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 131، 132، 221، 222، 326، 327)، والبيهقي في "الكبرى" (6/ 291، 292، 315، 315 - 316)، وفي "الدلائل" (3/ 135، 136)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 296) من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد صحيح. وصححه ابن حبان. وقال الحاكم في "الموضع الأول": "هذا حديث صحيح؛ فقد احتج البخاري بعكرمة، وقد احتج مسلم بداود بن أبي هند ولم يخرجاه". وتعقبه الذهبي فقال: "هو على شرط البخاري". قلنا: لم يخرج البخاري في "صحيحه" لداود بن أبي هند؛ فهو صحيح فقط. وقال الحاكم في "الموضع الثاني والثالث": "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 6) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ.

وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}؛ فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفلهم إذا خرجوا بادئين الربع، وينفلهم إذا قفلوا الثلث، وقال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين وبرة من جنب بعير قال: "يا أيها الناس! إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخيط والمخيط، وإياكم والغلول؛ فإنه عار على أهله يوم القيامة، وعليكم بالجهاد في سبيل الله، فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم، قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره الأنفال ويقول: "ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم" (¬1). [حسن] * عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ قال: إن الناس سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - الغنائم يوم بدر؛ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "مسنده" (5/ 318 - 320، 323، 324)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 116)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1693 - موارد)، والترمذي (رقم 1561)، وابن ماجه (رقم 2852)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1653، 1654 رقم 8768)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 155، 156)، والحاكم (2/ 135)، والبيهقي (6/ 292، 9/ 20، 21، 57) وغيرهم من طريق عبد الرحمن بن الحارث بن عياش عن سليمان بن موسى الأشدق عن مكحول الدمشقي عن أبي سلام عن أبي أمامة عن عبادة به. قلنا: وهذا إسناد حسن إن شاء الله؛ للكلام في سليمان وعبد الرحمن. وأخرجه أحمد (5/ 319، 322، 323)، والدارمي (2/ 229، 230)، والطبري (9/ 116)، والحاكم (2/ 136، 326)، والبيهقي (6/ 292) وغيرهم من طريق عبد الرحمن عن سليمان عن مكحول عن أبي أمامة عن عبادة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لانقطاعه بين مكحول وأبي أمامة، لكن ما قبله موصول. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 5) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.

وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل قتيلاً؛ فله كذا وكذا"، فقتلوا سبعين وأسروا سبعين، فجاء أبو اليسر بن عمرو بأسيرين فقال: يا رسول الله! إنك وعدتنا: "من قتل قتيلاً؛ فله كذا، ومن أسر أسيراً؛ فله كذا"؛ فقد جئت بأسيرين، فقام سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله! إنه لم تمنعنا زهادة في الآخرة، ولا جبن عن العدو، ولكنا قمنا هذا المقام خشية أن يقتطعك المشركون، وإنك إن تعط هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء، قال: فجعل هؤلاء يقولون، وهؤلاء يقولون؛ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، قال: فسلموا الغنيمة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: ثم نزلت: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (¬2). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 118) من طريق الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فالحجاج بن أرطأة لم يسمع من عمرو، بينهما العرزمي وهو متروك. قال ابن المبارك: "كان الحجاج يدلس، وكان يحدثنا الحديث عن عمرو بن شعيب مما يحدثه العرزمي، والعرزمي متروك لا نقر به". وقال يحيى بن معين: "صدوق، ليس بالقوي، يدلس على محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب". انظر: "تهذيب التهذيب" (2/ 196، 198)، و"تهذيب الكمال" (5/ 425). (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5/ 239 رقم 9483، 9484)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (7/ 102، 103) من طريق الثوري ومعمر، كلاهما عن الكلبي عن أبي باذام مولى أم هانئ عن ابن عباس. قلنا: وهذا إسناد موضوع؛ فالكلبي كذاب وكذا شيخه. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، قال: الأنفال: المغانم كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالصة ليس لأحد منها شيء، ما أصاب سرايا المسلمين من شيء أتوه به، فمن حبس منه إبرة أو سلكاً؛ فهو غلول، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطيهم منها؛ قال الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ}: لي، جعلتها لرسولي، ليس لكم فيها شيء {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، ثم أنزل الله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}، ثم قسم ذلك الخمس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولمن سمى في الآية (¬1). [حسن] * عن ابن جريج؛ قال: نزلت في المهاجرين والأنصار ممن شهد بدراً، واختلفوا؛ فكانوا أثلاثاً؛ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 6) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 118)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1653 رقم 8766)، وابن المنذر وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور" (4/ 8)، والبيهقي في "الكبرى" (6/ 293) من طريق المثنى وأبي حاتم الرازي وعثمان الدارمي عن عبد الله بن صالح ثنا معاوية بن صالح ثنا علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد حسن -إن شاء الله-، وقد أعلّ بعلتين، وليستا بشيء كما تقدم معنا مراراً في أكثر من موضع: الأولى: أن علياً لم يسمع من ابن عباس، لكن روايته عن ابن عباس محمولة على الاتصال كما قال ابن حجر وغيره على ما بيّنّاه سابقاً. الثانيه: أن عبد الله بن صالح ضعيف؛ لكن ضعفه ليس على إطلاقه؛ فما كان من رواية الحفاظ الحذاق عنه؛ كالبخاري، وابن معين، وأبي زرعة، وأبي حاتم؛ فهو من صحيح حديثه على ما ذكره الحافظ في "هدي الساري".

وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ}؛ قال: أصاب سعد بن أبي وقاص يوم بدر سيفاً، فاختصم فيه وناس معه؛ فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم؛ فقال الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، فكانت الغنائم يومئذ للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، فنسخها الله بالخمس (¬2). [ضعيف جداً] * عن سعيد بن جبير: أن سعداً ورجلاً من الأنصار خرجا يتبقلان فوجدا سيفاً ملقى فخرّا عليه جميعاً. فقال سعد: هو لي، وقال الأنصاري: هو لي، قال: لا أسلمه، حتى أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقصا عليه القصة. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ليس هو لك يا سعد ولا للأنصاري، ولكنه لي"؛ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} يقول: سلما السيف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم نسخت هذه الآية. فقال -تعالى-: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} إلى آخر الآية (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 118) من طريق سنيد صاحب "التفسير" ثنا حجاج عن ابن جريج. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف؛ ضعفه أبو حاتم والنسائي وابن حجر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 118) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: وأسباط؛ صدوق كثير الخطأ يغرب. (¬3) أخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 144). =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن رسول الله بعث سرية، فمكث ضعفاء الناس في العسكر، فأصاب أهل السرية غنائم، فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم كلهم، فقال أهل السرية: يقاسمنا هؤلاء الضعفاء وكانوا في العسكر لم يشخصوا معنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وهل تنصرون إلا بضعفائكم؟ "؛ فأنزل الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} (¬1). * عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما انصرف من بدر وقدم المدينة، أنزل الله عليه سورة الأنفال، فعاتبه في إحلال غنيمة بدر، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسمها بين أصحابه لما كان بهم من الحاجة إليها واختلافهم في النفل؛ يقول الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}؛ فردها الله على رسوله، فقسمها بينهم على السواء، فكان في ذلك تقوى الله وطاعته، وطاعة رسوله وصلاح ذات البين (¬2). * عن مجاهد: أنهم سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخمس بعد الأربعة الأخماس؛ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬3). [ضعيف] * عن الحجاج بن سهيل النصري -وقيل: إن له صحبة-؛ قال: لما كان يوم بدر قاتلت طائفة من المسلمين وثبتت طائفة عند ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 6، 7) ونسبه لابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 7) ونسبه لابن مردويه. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 115) من طريق عباد بن العوام عن الحجاج بن أرطأة عن ابن أبي نجيح عنه. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: الحجاج؛ صدوق كثير الخطأ والتدليس.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاءت الطائفة التي قاتلت بالأسلاب وأشياء أصابوها، فقسمت الغنيمة بينهم ولم يقسم للطائفة التي لم تقاتل. فقالت الطائفة التي لم تقاتل: اقسموا لنا؛ فأبت وكان بينهم في ذلك الكلام؛ فأنزل الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}؛ فكان صلاح ذات بينهم أن ردوا الذي كانوا أعطوا ما كانوا أخذوا (¬1). * عن أبي أيوب الأنصاري؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فنصرها الله وفتح عليها، وكان من أتاه بشيء نفله من الخمس، فرجع رجال كانوا يستقدمون ويقتلون ويأسرون ويقتلون، وتركوا الغنائم خلفهم، فلم ينالوا من الغنائم شيئاً، فقالوا: يا رسول الله! ما بال رجال منا يستقدمون ويأسرون، وتخلف رجال لم يصلوا بالقتال فنفلتهم من الغنيمة؟ فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} الآية. فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ردوا ما أخذتم واقتسموه بالعدل والسوية؛ فإن الله يأمركم بذلك"، قالوا: قد احتسبنا وأكلنا؟ قال: "احتسبوا ذلك" (¬2). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: نزلت هذه الآية يوم بدر (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 8) ونسبه لابن عساكر. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 5) ونسبه لإسحاق بن راهويه في "مسنده" وأبي الشيخ وابن مردويه. ثم وجدناه في "المطالب العالية" (8/ 576، 577 رقم 3988 - المسندة)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 80، 81 رقم 7684 - ط الرشد) قال إسحاق بن راهويه: أنا عيسى بن يونس حدثنا واصل بن السائب عن عطاء وأبي سورة عن أبي أيوب به. قال البوصيري في "الزوائد" (2/ 170): "رواه إسحاق بسند ضعيف؛ لضعف واصل بن السائب".ا. هـ. وقال في "إتحاف الخيرة": "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف واصل بن السائب". (¬3) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (2/ 25): نا سليمان بن حرب عن =

* {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (6)}. * عن أبي أيوب الأنصاري؛ يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بالمدينة: "إني أخبرت عن عير أبي سفيان أنها مقبلة، فهل لكم أن نخرج قِبَلَ هذا العير؟ لعل الله يغنمناها"، فقلنا: نعم، فخرج وخرجنا، فلما سرنا يوماً أو يومين قال لنا: "ما ترون في القوم، فإنهم قد أخبروا بمخرجكم؟ "، فقلنا: لا، والله ما لنا طاقة بقتال العدو، ولكن أردنا العير، ثم قال: "ما ترون في قتال القوم؟ "، فقلنا مثل ذلك، فقال المقداد بن عمرو: إذن لا نقول لك يا رسول الله كما قال قوم موسى لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]، قال: فتمنينا معشر الأنصار لو أنا قلنا كما قال المقداد أحبّ إلينا من أن يكون لنا مال عظيم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- على رسوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (6)}؛ ثم أنزل الله-عزّ وجلّ-: {أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}، وقال: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}، والشوكة: القوم وغير ذات الشوكة: العير، فلما وعدنا إحدى الطائفتين: إما القوم، وإما العير طابت أنفسنا، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلاً لينظر ما قبل القوم؟ فقال: رأيت سواداً ولا أدري، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هم هم هلموا أن نتعاد"؛ ففعلنا، فإذا نحن ثلاث مئة وثلاثة عشر رجلاً، ¬

_ = حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال الصحيح.

فأخبرنا رسول الله بعدتنا، فسره ذلك؛ فحمد الله، وقال: "عدة أصحاب طالوت"، ثم إنا اجتمعنا مع القوم فصففنا، فبدرت منا بادرة أمام الصف، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال: "معي معي"، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهم إني أنشدك وعدك"، فقال ابن رواحة: يا رسول الله! إني أريد أن أشير عليك، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من يشير عليه، إن الله -عزّ وجلّ- أعظم من أن تنشده وعده، فقال: "يا ابن رواحة! لأنشدن الله وعده؛ فإن الله لا يخلف الميعاد"، فأخذ قبضة من التراب فرمى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجوه القوم، فانهزموا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} فقتلنا وأسرنا، فقال عمر -رضي الله عنه-: يا رسول الله! ما أرى أن يكون لك أسرى، فإنما نحن داعون مولفون، فقلنا: معشر الأنصار! إنما يحمل عمر على ما قال حسد لنا، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم استيقظ، ثم قال: "ادعوا لي عمر" فدعي له، فقال: "إن الله -عزّ وجلّ- قد أنزل علي: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67)} " (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (4/ 174، 175 رقم 4056) -وعنه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 299) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1659 رقم 8805، ص 1660، 1661 رقم 8814، 8816، 8817) من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران عن أبي أيوب به. قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات؛ عدا ابن لهيعة، وهو صدوق حسن الحديث قبل اختلاطه واحتراق كتبه، وحديثنا هذا من صحيح حديثه؛ فإن زيد بن الحباب رواه عنه عند ابن أبي حاتم، وزيد سمع منه قبل احتراق كتبه؛ كما قال أبو الفتح ابن سيد الناس اليعمرى في "النفح الشذي" (2/ 803). وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 37) من طريق يعقوب بن سفيان أخبرنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبي حبيب حدثني أسلم أبو عمران أنه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما شاور النبي - صلى الله عليه وسلم - في لقاء القوم، وقال له سعد بن عبادة ما قال -وذلك يوم بدر-؛ أمر الناس فتعبّوا للقتال، وأمرهم بالشوكة، وكره ذلك أهل الإيمان؛ فأنزل الله: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (6)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن محمد بن عمرو بن علقمة عن [أبيه] عن جده؛ قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر حتى إذا كان بالروحاء خطب الناس، فقال: "كيف ترون؟ "، قال أبو بكر: يا رسول الله! بلغنا أنهم بكذا وكذا، قال: ثم خطب الناس، فقال: "كيف ترون؟ "، فقال عمر مثل قول أبي بكر، ثم ¬

_ = بالمدينة: "هل لكم أن نخرج فنلقى هذه العير لعل الله يغنينا؟ ". قلنا: نعم، فخرجنا، فلما سرنا يوماً أو يومين أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتعادّ، ففعلنا فإذا نحن ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً، فأخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسُرّ بذلك وحمد الله، وقال: "عدة أصحاب طالوت". قلنا: وهذا إسناد جيد، وهو من صحيح حديث ابن لهيعة؛ لأن سعيد بن أبي مريم سمع من ابن لهيعة قبل اختلاطه واحتراق كتبه؛ كما قال الإمام أحمد. انظر: "إكمال تهذيب التهذيب" (8/ 145). وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 126) -مختصراً جداً- من طريق ابن وهب وابن المبارك عن ابن لهيعة به بلفظ: أنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ}، فلما وعدنا إحدى الطائفتين أنها لنا طابت أنفسنا، والطائفتان عير أبي سفيان أو قريش؛ لفظ ابن وهب. ولفظ ابن المبارك: قالوا: الشوكة: القوم، وغير الشوكة: العير، فلما وعدنا الله إحدى الطائفتين إما العير وإما القوم؛ طابت أنفسنا. قلنا: وهذا إسناد جيد، وهو من صحيح حديث ابن لهيعة؛ لأن ابن وهب وابن المبارك من قدماء أصحابه. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 74): "إسناده حسن". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 122، 123). قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

خطب فقال: "ما ترون؟ " فقال سعد بن معاذ: إيانا تريد؟ فوالذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب ما سلكتها قط ولا لي بها علم، ولئن سرت حتى تأتي برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك، ولا نكون كالذين قالوا لموسى من بني إسرائيل: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما متبعون، ولعلك أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إليك غيره، فانظر الذي أحدث الله إليك فامضي له؛ فصل حبال من شئت، واقطع حبال من شئت، وسالم من شئت، وعاد من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت؛ فنزل القرآن على قول سعد: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} إلى قوله: {وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} وإنما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد غنيمة ما مع أبي سفيان فأحدث الله إليه القتال (¬1). [ضعيف] * {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قوله: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}؛ قال: أرادوا العير، قال: ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة في شهر ربيع الأول، فأغار كرز بن جابر الفهري يريد سرح المدينة حتى بلغ الصفراء، فبلغ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (14/ 355، 356 رقم 18507)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 299) عن طريق محمد به. قلنا: وهذا إسناده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: علقمة بن وقاص الليثي؛ قال عنه الحافظ: "ثقة ثبت من الثانية، أخطأ من زعم أن له صحبة، وقيل: إنه ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -"؛ فهو مرسل. الثانية: عمرو بن علقمة؛ مجهول؛ لم يرو عنه إلا ابنه محمد، وإن وثقه ابن حبان.

النبي - صلى الله عليه وسلم - فركب في أثره، فسبقه كرز بن جابر، فرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقام سنته، ثم إن أبا سفيان أقبل من الشام في عير لقريش، حتى إذا كان قريباً من بدر نزل جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأوحى إليه: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)}؛ فنفر النبي - صلى الله عليه وسلم - بجميع المسلمين وهم يومئذ ثلثمائة عشر رجلاً؛ منهم: سبعون ومائتان من الأنصار، وسائرهم من المهاجرين، وبلغ أبا سفيان الخبر وهو بالبطم، فبعث إلى جميع قريش وهم بمكة فنفرت قريش وغضبت (¬1). [ضعيف جداً] * {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)}. * عن عمر بن الخطاب؛ قال: لما كان يوم بدر؛ نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل نبي الله القبلة، ثم مدّ يديه فجعل يهتف بربه: "اللهم! أنجز لي ما وعدتني، اللهم! آت ما وعدتني، اللهم! إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض"، فما زال يهتف بربه، مادّاً يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه؛ فأتاه أبو بكر؛ فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله! كفاك مناشدتك ربك؛ فإنه سينجز لك ما وعدك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)}؛ فأمده الله بالملائكة. قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 125). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخرّ مستلقياً، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط، فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "صدقت؛ وذلك من مدد السماء الثالثة"؛ فقتلوا يومئذ سبعين، وأسروا سبعين. قال أبو زميل: قال ابن عباس: فلما أسروا الأسارى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر: "ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ "، فقال أبو بكر: يا نبي الله! هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية؛ فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما ترى يا ابن الخطاب؟! "، قلت: لا والله! يا رسول الله! ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان (نسيباً لعمر) فأضرب عنقه؛ فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أبكي للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء؛ لقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة" (شجرة قريبة من نبي الله - صلى الله عليه وسلم -) وأنزل الله -عزّ وجلّ-: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} فأحل الله الغنيمة لهم (¬1). [صحيح] * {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)}. * عن ابن شهاب -وهو الزهري-؛ قال: بلغنا أن هذه الآية أنزلت ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (3/ 1383، 1385 رقم 1763) وغيره.

في المؤمنين يوم بدر فيما أغشاهم الله من النعاس أمنة منه (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (5/ 1664 رقم 8840) من طريق ابن وهب: أخبرني يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. وأخرج البيهقي في "الدلائل" (3/ 101، 119) من طريق موسى بن عقبة قال: "فمكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد قتل ابن الحضرمي شهرين، ثم أقبل أبو سفيان بن حرب في عير قريش من الشام ومعه سبعون راكباً من بطون قريش كلها، وفيهم: مخرمة بن نوفل، وعمرو بن العاص، وكانوا تجاراً بالشام ومعهم خزائن أهل مكة، ويقال: كانت عيرهم ألف بعير، ولم يكن لأحد من قريش أوقيةٌ فما فوقها إلا بعث بها مع أبي سفيان، إلَّا حُويطب بن عبد العزى، فلذلك كان تخلف عن بدر فلم يشهده، فذكروا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وقد كانت الحرب بينهم قبل ذلك وقَتْلُ ابن الحضرمي، وأسْرُ الرَّجُلين: عثمان، والحكم. فلما ذُكِرَتْ عير أبي سفيان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عديّ بن أبي الزَّغْباء الأنصاري من بني غنم، وأصله من جهينة، وبَسْبَس؛ يعني: ابن عمرو إلى العير عيناً له، فسارا حتى أتيا حياً من جهينة قريباً من ساحل البحر، فسألوهم عن العير وعن تجار قريش، فأخبروهما بخبر القوم فرجعا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبراه فاستنفرا المسلمين للعير، وذلك في رمضان. وقدم أبو سفيان على الجهنيين وهو متخوف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقال: أحَسُّوا من محمد، فأخبروه خبر الراكبين: عدي بن أبي الزغباء، وبَسْبَسٍ، وأشاروا إلى مُنَاخهما، فقال أبو سفيان: خذوا من بَعْرِ بعيريهما، ففَتَّه، فوجد فيه النوى، فقال: هذه علائف أهل يثرب، وهذه عيون محمد وأصحابه، فساروا سراعاً خائفين للطلب، وبعث أبو سفيان رجلاً من بني غفار يقال له: ضمضم بن عمرو، إلى قريش: أن انفروا فاحموا عيركم من محمد وأصحابه، فإنه قد استنفر أصحابه ليعرضوا لنا. وكانت عاتكة بنت عبد المطلب ساكنة بمكة، وهي عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت مع أخيها العباس بن عبد المطلب، فرأت رؤيا قبل بدر، وقبل قدوم ضمضم عليهم، ففزعت منها، فأرسلت إلى أخيها؛ العباس بن عبد المطلب من ليلتها، فجاءها العباس، فقالت: رأيت الليلة رؤيا قد أشفقت منها، وخشيت على قومك منها الهلكة، قال: وماذا رأيت؟ قالت: لن أحدثك حتى تعاهدني أنك =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = لا تذكرها فإنهم إن سمعوها آذَوْنَا وأسمعونا ما لا نحب، فعاهدها العباس فقالت: رأيت راكباً أقبل من أعلى مكة على راحلته يصيح بأعلى صوته: يا آل غُدَرْ أخرجوا في ليلتين أو ثلاث، فأقبل يصيحُ حتى دخل المسجد على راحلته، فصاح ثلاث صيحات، ومال عليه الرجال والنساء والصبيان وفزع له الناس أشد الفزع، قالت: ثم أراه مَثَلَ على ظهر الكعبة على راحلته فصاح ثلاث صيحات، فقال: يا آل غُدَرْ، ويا آل فُجَرْ: اخرجوا في ليلتين أو ثلاث، ثم أراه مَثَل على ظهر أبي قبيس، كذلك يقول يا آل غُدَرْ ويا آل فُجَرْ، حتى أسْمَعَ مَنْ بين الأخشبين من أهل مكة، ثم عمد إلى صخرة عظيمة فنزعها من أصلها ثم أرسلها على أهل مكة، فأقبلت الصخرة لها حسٌّ شديد، حتى إذا كانت عند أصل الجبل أرفضت فلا أعلم بمكة داراً ولا بيتاً إلا قد دخلتها فلقة من تلك الصخرة، فقد خشيت على قومك. ففزع العباس من رؤياها، ثم خرج من عندها، فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة من آخر الليلة، وكان الوليد خليلاً للعباس، فقصَّ عليه رؤيا عاتكة وأمره أن لا يذكرها لأحد، فذكرها الوليد لأبيه عتبة، وذكرها عتبة لأخيه شيبة، فارتفع الحديث حتى بلغ أبا جهل بن هشام، واستفاضَ في أهل مكة. فلما أصبحوا غدا العباس يطوفُ بالبيت فوجد في المسجد أبا جهل وعتبة وشيبة ابني ربيعة وأمية وأبيّ ابني خلف وزمعة بن الأسود وأبا البختري في نفر من قريش يتحدثون، فلما نظروا إلى العباس ناداه أبو جهل: يا أبا الفضل إذا قضيت طوافك فهلمّ إلينا، فلما قضى طوافه جاء فجلس إليهم، فقال أبو جهل: ما رؤيا رأتها عاتكة فقال: ما رأت من شيء. فقال أبو جهل: أما رضيتم يا بني هاشم بكذب الرجال حتى جئتمونا بكذب النساء، إنا كنا وإياكم كفرسي رهان، فاسْتَبَقْنا المجد منذ حين فلما تحاكَّت الركب قلتم: منا نبي، فما بقي إلا أن تقولوا: منا نبية، فما أعلم في قريش أهل بيت أكذب امرأة ولا رجلاً منكم، وآذاه أشد الأذى. وقال أبو جهل: زعمت عاتكة أن الراكب قال: اخرجوا في ليلتين أو ثلاث، فلو قد مضت هذه الثلاث تبَيَّنَت قريش كذبكم، وكتبنا سجلاً: أنكم أكذب أهل بيت في العرب رجلاً وامرأة. أما رضيتم يا بني قصي أن ذهبتم بالحجابة والندوة والسقاية واللواء والرِّفادة، حتى جئتمونا بنبي منكم؟ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فقال العباس: هل أنت منته؟ فإن الكذب فيك وفي أهل بيتك، فقال من حضرهما: ما كنت يا أبا الفضل جهولاً، ولا خرقاً. ولقى العباسُ من عاتكة فيما أفشى عليها من رؤياها أذى شديداً، فلما كان مساء الليلة الثالثة من الليلة التي رأت عاتكة فيها الرؤيا، جاءهم الراكب الذي بعث أبو سفيان، وهو ضمضم بن عمرو الغفاري فصاح فقال: يا آل غالب بن فهر انفروا فقد خرج محمد وأهل يثرب يعترضون لأبي سفيان فأحرزوا عيركم، ففزعت قريش أشد الفزع، وأشفقوا من رؤيا عاتكة. وقال العباس: هذا زعمتم كذا، وكذّب عاتكة، فنفروا على كل صعب وذلول. وقال أبو جهل: أيظن محمد أن يصيب مثل ما أصاب بنخلة، سيعلم أنمنع عيرنا أم لا؟! فخرجوا بخمسين وتسعمائة مقاتل وساقوا مائة فرس، ولم يتركوا كارهاً للخروج يظنون أنه في صَغْوِ محمد وأصحابه ولا مسلماً يعلمون إسلامه ولا أحداً من بني هاشم إلا من لا يتهمون إلا أشخصوه معهم، فكان ممن أشخصوا العباس بن عبد المطلب، ونوفل بن الحارث، وطالب بن أبي طالب، وعقيل بن أبي طالب، في آخرين فهنالك يقول طالب بن أبي طالب: إمّا يخْرُجَنّ طالبْ ... بِمِقْنَبٍ من هذه المقانِبْ في نَفْرٍ مقاتل محاربْ ... فيلكن المسلوبُ غير السالبْ والراجع المغلوب غير الغالب فساروا حتى نزلوا الجحفة. نزلوها عشاءً يَتَروُّون من الماء، وفيهم رجلٌ من بني المطلب بن عبد مناف، يقال له: جُهَيْمٌ بن الصلت بن مخرمة، فوضع جهيم رأسه فأغفى، ثم فزع فقال لأصحابه: هل رأيتم الفارس الذي وقف عليَّ آنفاً، فقالوا: لا، فإنك مجنون. فقال: قد وقف عليَّ فارس آنفاً؛ فقال: قتل أبو جهل، وعتبة، وشيبة، وزمعة، وأبو البختري، وأمية بن خلف، فعدَّ أشرافاً من كفار قريش، فقال له أصحابه: إنما لَعِب بك الشيطان، ورفع حديث جُهَيْم إلى أبي جهل، فقال: قد جئتمونا بكذب بني المطلب مع كذب بني هاشم، سَتَرَوْنَ غداً من يُقتل. ثم ذُكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عير قريش جاءت من الشام، وفيها: أبو سفيان بن حرب، ومخرمة بن نوفل، وعمرو بن العاص، وجماعة من قريش، فخرج إليهم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلك حين خرج إلى بدر على نقب بني دينار، ورجع حين رجع من ثنية الوداع، فنفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نفر ومعه ثلثمائة وستة عشر رجلًا. وفي رواية ابن فُلَيْح ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً، وأبطأ عنه كثير من أصحابه وتربصوا وكانت أول وقعة أعزّ الله -تبارك وتعالى- فيها الإسلام. فخرج في رمضان على رأس ثمانية عشر شهراً من مقدمه المدينة، ومعه المسلمون لا يريدون إلا العير فسلك على نقب من بني دينار، والمسلمون غير مقوِّين من الظهر وإنما خرجوا على النواضح يعتقِب النفر منهم على البعير الواحد، وكان زميل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليّ بن أبي طالب، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي حليف حمزة، فهم معه ليس معهم إلا بعير واحد، فساروا حتى إذا كانوا بعِرْقِ الظبية لقيهم راكب من قِبل تهامة، والمسلمون يسيرون، فوافقه نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه عن أبي سفيان، فقال: لا علم لي به، فلما يأسوا من خبره؛ قالوا له: سلِّم على النبي - صلى الله عليه وسلم-، قال: وفيكم رسول الله؟ قالوا: نعم. قال: أيكم هو؟ فأشاروا له إليه، فقال الأعرابي: أنت رسول الله كما تقول، قال: "نعم". قال: إن كنت رسول الله كما تزعم فحدثني بما في بطن ناقتي هذه، فغضب رجل من الأنصار، ثم من بني عبد الأشهل، يقال له: سلمة بن سلامة بن وَقَشٍ، فقال للأعرابي: وقعت على ناقتك؛ فحملت منك، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال سلمة حين سمعه أفحش، فأعرض عنه ثم سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يلقاه خبر ولا يعلم بنفرة قريش. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "أشيروا علينا في أمرنا ومسيرنا"؛ فقال أبو بكر: يا رسول الله! إنا أعلم الناس بمسافة الأرض، أخبرنا عدي بن أبي الزغباء أن العير كانت بوادي كذا وكذا. قال ابن فليح في روايته: فكأنَّا وإيَّاهم فرسا رهان إلى بدر -ثم اتفقا- قال: ثم قال: "أشيروا عليّ"؛ فقال عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-: يا رسول الله! إنها قريش وعزّها، والله ما ذَلَّتْ منذ عَزَّتْ، ولا آمنت منذ كَفَرَتْ، والله لَتُقاتِلَنَّك. فتأهب لذلك أُهبته، واعدد له عدته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أشيروا عليَّ"؛ فقال المقداد بن عمرو -عديد بني زهرة-: إنا لا نقول لك كما قال أصحاب موسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم متبعون. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أشيروا عليَّ"، فلما رأى سعد بن معاذ كثرة استشارة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه فيشيرون فيرجع إلى المشورة؛ ظن سعد أنه يستنطق الأنصار شفقاً ألاَّ يستحوذوا معه أو قال: ألا يستجلبوا معه على ما يريد من أمره، فقال سعد بن معاذ: لعلك يا رسول الله تخشى أن لا تكون الأنصار يريدون مواساتك، ولا يرونها حقاً عليهم إلا بأن يروا عدُوَّاً في بيوتهم وأولادهم ونسائهم، وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم: يا رسول الله! فأظعن حيث شئت، وصِلْ حبل من شئتَ، واقطع حبل من شئتَ، وخذ من أموالنا ما شئتَ، وأعطنا ما شئتَ، وما أخذته منا أحب إلينا مما تركت علينا، وما ائتمرتَ من أمر فأمرنا لأمرك فيه تبع، فوالله لو سرت حتى تبلغ البَرْكَ من غِمْدِ ذِي يَمَنٍ لسرنا معك. فلما قال ذلك سعد؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سيروا على اسم الله -عزّ وجلّ-؛ فإني قد أُرِيتُ مصارع القوم"، فعمد لبدر. وخفض أبو سفيان، فلصق بساحل البحر وخاف الرصَد على بدر، وكتب إلى قريش حين خالف مسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأى أنه قد أحرز ما معه، وأمرهم أن يرجعوا، فإنما خرجتم لتحرزوا ركبكم فقد أحرز لكم، فلقيهم هذا الخبر بالجحفة فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى تقدم بدراً فنقيم بها ونطعم من حضرنا من العرب؛ فإنه لن يرانا أحد من العرب فيقاتلنا، فكره ذلك الأخنس بن شريق فأحب أن يرجعوا. وأشار عليهم بالرجعة فأبوْا وعصوْه وأخذتهم حمية الجاهلية، فلما يئس الأخنس من رجوع قريش أكب على بني زهرة فاطاعوه فرجعوا، فلم يشهد أحد منهم بدراً واغتبطوا برأي الأخنس وتبركوا به، فلم يزل فيهم مطاعًا حتى مات. وأرادت بنو هاشم الرجوع فيمن رجع فاشتدَّ عليهم أبو جهل بن هشام، وقال: والله لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع. وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل أدنى شيءٍ من بدر عشاء، ثم بعث عليَّ بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وبَسْبَساً الأنصاري -عديد بني ساعدة-، وهو أحدُ جهينة في عصابةٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال لهم: اندفعوا إلى هذه الظِّراب وهو في ناحية بدر، فإني أرجو أن تجدوا الخبر عند القليب الذي يلي الظراب، فانطلقوا متوشحي السيوف، فوجدوا وارد قريش عند القليب الذي ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذوا غلامين؛ أحدهما: لبني الحجاج أسود، والآخر: لآل العاص يقال له: أسلم، وأُفْلِتَ أصحابهما قِبَل قريش فأقبلوا بهما حتى أَتَوْا بهما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في مُعَرَّسِهِ دون الماء، فجعلوا يسألون العبدين عن أبي سفيان وأصحابه لا يُرَوْن إلا أنهما لهم، فطفقا يحدثانهم عن قريش ومن خرج منهم وعن رؤوسهم فيكذبونهما، وهم أكره شيء للذي يخبرانهم، وكانوا يطمعون بأبي سفيان وأصحابه ويكرهون قريشاً، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائماً يصلي يسمع ويرى الذي يصنعون بالعبدين، فجعل العبدان إذا أذلقوهما بالضرب يقولان: نعم هذا أبو سفيان والركب كما قال الله -عزّ وجلّ- أسفل منكم. قال الله -تعالى-: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} قال: فطفقوا إذا قال العبدان: هذه قريش قد جاءتكم؛ كذبوهما، وإذا قالا: هذا أبو سفيان؛ تركوهما. فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنيعهم بهما سلَّم من صلاته، فقال: ماذا أخبراكم؟ قالوا: أخبرانا أن قريشاً قد جاءت، قال: "فإنهما قد صدقا، والله إنكم لتضربونهما إذا صدقا، وتتركونهما إذا كذبا. خرجت قريش لتحرز ركبها وخافوكم عليهم"، ثم دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العبدين فسألهما فأخبراه بقريش، وقالا: لا علم لنا بأبي سفيان، فسألهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كم القوم؟ " قالا: لا ندري. والله هم كثير. فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أطعمهم أمس؟ " فسميا رجلًا من القوم. قال: كم نحر لهم؟ قالا: عشر جزائر، قال: "فمن أطعمهم أول أمس؟ " فسميا رجلًا آخر من القوم، فقال: "كم نحر لهم؟ " قالا: تسعاً فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: القوم ما بين التسع مائة والألف يعتبر ذلك بتسع جزائر ينحرونها يوماً وعشر ينحرونها يوماً. وزعموا أن أول من نحر لهم حين خرجوا من مكة أبو جهل بن هشام، ونحر لهم بمرٍّ عشر جزائر، ثم نحر لهم أمية بن خلف بعسفان تسع جزائر، ونحر لهم سهيل بن عمرو بِقُدَيد عشر جزائر، ومالوا من قديد إلى مياه من نحو البحر فظلوا فيها وأقاموا بها يوماً، فنحر لهم شيبة بن ربيعة تسعاً، ثم أصبحوا بالجحفة فنحر لهم يومئذ عتبة بن ربيعة عشراً، ثم أصبحوا بالأبواء فنحر لهم نُبَيْه ومُنَبِّه ابنا الحجاج -أو قال: العباس بن عبد المطلب- عشراً، ونحر لهم الحارث بن عامر بن نوفل تسعاً، ونحر لهم أبو البختري على ماء بدر عشر جزائر، ونحر لهم مِقْيَس الجمحي على ماء بدر تسعاُ، ثم شغلتهم الحرب فأكلوا من أذوادهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أشيروا عليَّ في المنزل"، فقام الحباب بن المنذر -رجل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = من الأنصار، ثم أحد بني سلمة-، فقال: أنا يا رسول الله عالمٌ بها وبِقُلُبها، إن رأيت أن تسير إلى قَليب منها قد عرفتها كثيرة الماء عذبةٌ؛ فَتَنْزِلَ عليها، وتسبق القوم إليها، وتغوِّر ما سواها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سيروا؛ فإن الله -تعالى- قد وعدكم إحدى الطائفتين أنها لكم" فوقع في قلوب الناس كثير الخوف، وكان فيهم شيء من تخاذل من تخويف الشيطان. فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون مسابقين إلى الماء، وسار المشركون سراعاً يريدون الماء؛ فأنزل الله عليهم في تلك الليلة مطراً واحداً، فكان على المشركين بلاءً شديداً منعهم أن يسيروا، وكان على المسلمين ديمة خفيفة لبَّد لهم المسير والمنزل وكانت بطحاء دهِسَةً، فسبق المسلمونَ إلى الماء فنزلوا عليه شطر الليل، فاقتحم القوم في القليب فماحوها حتى أكثر ماؤها وصنعوا حوضاً عظيماً ثم غَوروا ما سواه من المياه. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذه مصارعهم -إن شاء الله تعالى- بالغداة"، وأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)}. ويقال: كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسان؛ على أحدهما: مصعب بن عمير، وعلى الآخر: سعد بن خيثمة، وَمَرَّةً الزبير بن العوام، وَمَرَّةً المقداد بن الأسود، ثم صف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الحياض فلما طلع المشركون قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زعموا: "اللهم هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها تُحَادُّكَ وتُكَذِّبُ رسولك، اللهم إني أسألك ما وعدتني -ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ممسك بعضد أبي بكر يقول:- اللهم إني أسألك ما وعدتني"؛ فقال أبو بكر: يا نبي الله! أبشر فوالذي نفسي بيده لينجزن الله -تعالى- لك ما وعدك، فاستنصر المسلمون الله -تعالى- واستغاثوه؛ فاستجاب الله -تعالى- لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين. وأقبل المشركون ومعهم إبليس في صورة سراقة بن جعشم المدلجي يحدثهم أن بني كنانة وراءه قد أقبلوا لنصرهم، وأنه لا غالب لكم اليوم من الناس، وإني جار لكم، لما أخبرهم من سير بني كنانة. قال: وأنزل الله -تعالى-: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} هذه الآية والتي بعدها، قال رجال من المشركين -ممن ادعى الإِسلام وخرج بهم المشركون كرهاً لما رأوا قلة مع محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه-: غرّ هؤلاء دينهم، قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} الآية كلها. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأقبل المشركون حتى نزلوا وتعبَّوْا للقتال والشيطان معهم لا يفارقهم، فسعى حكيم بن حزام إلى عتبة بن ربيعة، فقال: هل لك أن تكون سيد قريش ما عشت؟ قال عتبة: فأفعل ماذا؟ قال: تجير بين الناس وتحمل دية ابن الحضرمي وبما أصاب محمد من تلك العير، فإنهم لا يطلبون من محمد غير هذه العير ودم هذا الرجل. قال عتبة: نعم، قد فعلت ونَعِمَّا قلتَ، ونعِمَّا دعوت إليه، فاسع في عشيرتك فانا أتحمَّل بها، فسعى حكيم في أشراف قريش بذلك يدعوهم إليه، وركب عتبة بن ربيعة جملاً له، فسار عليه في صفوف المشركين في أصحابه، فقال: يا قوم! أطيعوني، فإنكم لا تطلبون عندهم غير دم ابن الحضرمي، وما أصابوا من عيركم تلك، وأنا أتحمَّل بوفاء ذلك، ودعوا هذا الرجل، فإن كان كاذباً وليَ قتله غيركم من العرب؛ فإن فيهم رجالاً لكم فيهم قرابة قريبة، وإنكم إن تقتلوهم لا يزال الرجل منكم ينظر إلى قاتل أخيه أو ابنه أو ابن أخيه أو ابن عمه، فيورث ذلك فيهم إحناً وضغائن، وان كان هذا الرجل مَلِكاً كنتم في مُلْك أخيكم، وإن كان نبياً لم تقتلوا النبي فتسبوا به، ولن تخلصوا أحسِبُ إليهم حتى يصيبوا أعدادهم، ولا آمن أن تكون لهم الدَّبْرة عليكم، فحسده أبو جهل على مقالته، وأبى الله -عزّ وجلّ- إلا أن يُنْفِذَ أمره. وعتبة بن ربيعة يومئذ سيد المشركين فعمد أبو جهل إلى ابن الحضرمي، وهو أخو المقتول، فقال: هذا عتبة يخذل بين الناس وقد تحمل بدية أخيك، يزعم أنك قابلها، أفلا تستحيُون من ذلك أن تقبلوا الدية؟ وقال أبو جهل لقريش: إن عتبة قد علم أنكم ظاهرون على هذا الرجل، ومن معه وفيهم ابنه وبنو عمه وهو يكره صلاحكم. وقال أبو جهل لعتبة وهو يسير فيهم ويناشدهم: انتفخ سَحْرُك. وزعموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال وهو ينظر إلى عتبة: "إن يكن عند أحد من القوم خيرٌ؛ فهو عند صاحب الجمل الأحمر، وإن يطيعوه يَرْشُدوا"، فلمَّا حَرَّض أبو جهلٍ قريشاً على القتال أمرَ النساءَ يُعْوِلنَ عَمْراً فقمنَ يَصِحْنَ: واعمراه واعمراه، تحريضاً على القتالِ، وقامَ رجالٌ فتكشَّفوا يُعَيّرونَ بذلكَ قريشاً، فاجتمعَتْ قريش على القتالِ. وقال عُتْبَة لأبي جهل: ستعلمُ اليوم من انْتَفَخَ سِخرُه أي الأمرين أرشَدُ، وأخَذَت قرَيشٌ مصافَّها للقتالِ، وقالوا لعُمَيْرِ بن وهبٍ: ارْكَبْ فاحْزرْ لنا محمداً وأصحابَهُ، فقعد عمير على فرسهِ فأطاف برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِهِ، ثمَّ رجعَ إلى المشركينَ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فقال: حزَرْتُهُمْ بِثَلَثمائَةِ مقاتل، زادُوا شيئاً أو نقصوا شيئاً، وحزرت سبعينَ بعيراً، ونحوَ ذلك، ولكن أنْظِرُوني حتى أنظر هَلْ لهم مَدَدٌ أو خَبِيءٌ، فأطاف حولَهُمْ وبعثوا خيلهم مَعَهُ، فأطافوا حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ثم رجعوا فقالوا: لا مَدَد لهم ولا خَبيءٌ، وإنَّما همْ أكلَة جَزورٍ طَعَامٌ مأكولْ. وقالوا لعمير: حَرَّشْ بين القَوم، فحمل عميرٌ على الصَّفِّ ورجعوا بمائَةِ فارسٍ، واضطجَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لأصحابه: "لا تقاتلوا حتى أؤذِنَكم"، وغشِيَهُ نَومٌ فغلبَه، فلما نظر بعض القوم إلى بعض، جعل أبو بكرٍ يقول: يا رسول الله! قد دنا القوم ونالوا منا، فاستيقَظَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أراه الله -تعالى- إياهم في منامه قليلاً، وقلل المسلمين في أعين المشركينَ، حتى طمع بعض القوم في بعض، ولو أراه عدداً كثيراً لفشلوا ولتنازعوا في الأمر كما قال الله -عزّ وجلّ-، ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فَرَسَانِ: أحدهما: لأبي مَرثد الغنوي، والآخر: للمقدادِ بن عمروٍ. وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فوعظهم وأخبرهم أن الله -تعالى- قد أوجب الجَنَّة لمن اسْتُشْهِدَ اليوم، فقام عُمير بنُ حمام -أخو بني سَلِمَةَ عن عجين كان يعجنه لأصحابه حين سمع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إني لي الجنة إن قُتِلت؟ قال: "نعم"، فشد على أعداء الله مكانه، فاستشهده الله -تعالى-، وكانَ أوّلَ قتيلٍ قتل. ثم أقبل الأسودُ بن عبد الأَسَدِ المخزوميُّ يَحْلِف بآلِهَتِهِ لَيَشْرَبنَّ من الحَوض الذي صنع محمد وليهدمنَّهُ، فشدَّ، فلمَّا دنا من الحوض؛ لقيه حمزة بن عبد المطلب فَضَرب رجله فقطعها، فأقبل يحبو حتى وقع في جوف الحوضِ فهدم منه واتَبعه حمزة حتى قتله. فلما قتِل الأسودُ بن عبد الأَسَدِ؛ نزل عتبة بن ربيعَةَ عن جمله حميَّة لما قال له أبو جهل، ثم نادى: هل من مبارز؟ فوالله ليعلمنَّ أبو جهل أيُّنَا أجبن وأَلأَمُ، ولحقه أخوه شيبة، والوليد ابنه، فناديا يسألان المبارزة، فقام إليهم ثلاثة من الأنصار فاستحيى النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك؛ لأنه كان أوَّل قتال التقى فيه المسلمون والمشركون، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاهدٌ معهم، فأحبَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تكون الشوكة لبني عمه، فناداهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن ارجعوا إلى مصافكم، وليقم إليهم بنو عمِّهِمْ"؛ فقام حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = المطلب، فبرز حمزة لعتبة، وبرز عبيدة لشيبة، وبرز علي بن أبي طالب للوليد، فقتل حمزَةُ عتبةَ، وقتل عبيدةُ شيبةَ، وقتل علي الوليد، وضرب شيبة رِجلَ عبيدة فقطعها، فاستنقذه حمزة وعَليٌّ، فحُمِلَ حتى توفي بالصفراء، وفي ذلك تقول هند بنت عتبة: أَيَا عَيْنِيَّ جُودِي بدمعٍ سَرِب ... عَلَى خيرِ خِنْدِفَ لَم ينْقَلِبْ تَدَاعى له رَهطُهً غدْوَةً ... بنو هاشِمٍ وبنو المطلِبْ يُذِيقونَه حَرَّ أسيافِهمْ ... يَعُلُّونَهُ بَعْدَ ما قَد ضُرِبْ وعند ذلك نذرت هند بنت عتبة لتأكلنَّ من كبد حمزة إن قدرت عليها، فكان قتل هؤلاء النفر قبلِ التقاء الجمعين، وعج المسلمون إلى الله يسألونه النَصْر حين رأوا القتال قد نشِبَ، ورفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه إلى الله -تعالى- يسأله ما وعده ويسأله النصر، ويقول: "اللهم! إنْ ظُهِرَ عَلَى هذه العِصابة ظَهرَ الشرك، ولم يقم لك دين". وأبو بكر -رضي الله عنه- يقول: يا رسول الله! والذي نفسي بيده لينصرنك الله -عزّ وجلّ- ولَيُبيِّضَنَّ وجهك؛ فأَنْزَل الله -عزّ وجلّ- من الملائكة جنداً في أكتافِ العدوِّ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أنزل الله نصره، ونزلت الملائكة، أبشر يا أبا بكر؛ فإني قد رأيت جبريل -عليه السلام- معْتَجِراً يقول فرساً بين السماءِ والأرض، فلما هبط إلى الأرض جلس عليها فتغيب عني ساعة ثم رَأَيتُ على شِقَّيْه غباراً". وقال أبو جهل: اللهم! انصر خير الدينين، اللهم! ديننا القديمُ، ودين محمد الحديث؛ ونكص الشيطان على عقبيه حين رأى الملائكة، وتبرَّأ من نَصر أصحابِه، فأوحى الله -عزّ وجلّ- إلى الملائكةِ وأمرهم بأمره وحدثهم أنهم معهم، وأمر بنصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنينَ، وأخَذَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِلءَ كفه من الحصباءِ فرمى بها وجوهَ المشركينَ؛ فجعل الله -تبارك وتعالى- تلكَ الحصباءَ عظيماً شأنَها لم تتركْ من المشركين رجلاً إلا ملأت عَيْنَيْهِ، وجعل المسلمون بهم قَتْلاً، مَعهُم الله والملائكة يقتلونهم ويأُسِرونهم، ويجدونَ النفر كلَّ رجلٍ منهم مُنكبّاً على وجهِه، لا يدري أين يتوجه يعالج الترابَ ينزعه من عينيه. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمَر المسلمينَ قبل القتالِ إن رأوا الظُّهور أن لا يَقْتلوا عباساً، ولا عقيلاً، ولا نَوفلَ بن الحَارث ولا البختريّ في رجالٍ، فأسِرَ هؤلاء النفَرُ في رجالٍ ممن أوصى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيرهُم، إلا أبا البختريِّ؛ فإنه أبا أن يستأسِرَ وذكروا له -زعموا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمرهم أن لا يقتلوه إن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = أستأسر، فأبى وأُسِرَ بَشرٌ كثِيرٌ ممن لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسارهِ التماسِ الفداءِ، قال: ويزعم ناس أن أبا اليَسَرِ قتَل أبا البختري -ويأُبي عظيم الناس، إلَّا أنَّ المُجدَّرَ، هو الذي قتله، بل قتله أبو داود المازني، وسلبه سيفه وكان عند بنيهِ حتى باعه بعضهم من بعض بَني أبي البختري وقال المجدَّر: بَشّرْ بِيُتْمٍ إنْ لَقِيتَ البَخْترِي ... وبَشِّرنْ بمثلها منِّي بني أنا الذي أزعم أصْلي من بلى ... أطعن بالحرْبةِ حتى تَنَثنِي ولا ترى مُجَدّراً يفري فري فزعموا أنه ناشده ألا أستأسر، وأخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتله إن استأسر، فأبى أبو البختري أن يستأسر، وشدَّ عليه بالسيف؛ فطعنه الأنصاري بين ثدييه وأجهز عليه. وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وقف على القتلى، فالتمس أبا جهل فلم يجده حتى عُرِفَ ذلك في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "اللهم! لا يُعجزني فرعون هذه الأمَّة"، فسعى له الرجال حتى وجده عبد الله بن مسعودٍ مصروعاً بينه وبين المعركة غير كبير، مُقنَّعاً في الحديد واضعاً سيفه على فخذيه ليس به جرح ولا يستطيع أن يحرك منه عضواً وهو منكب ينظر إلى الأرض. فلما رآه عبد الله بن مسعود أطاف حوله ليقتله وهو خائف أن يثور إليه وأبو جهل مقَنَّعٌ في الحديد، فلما دنا منه وأبصره لا يتحرك ظنّ عبد الله أن أبا جهل مُثْبَتٌ جِراحاً فأراد أن يضربه بسيفه فخشى أن لا يُغنِي سيفُه شيئاً فأتاه من ورائه فتناول قائم سيفه فاستله وهو منكبٌّ لا يتحرك، فرفع عبد الله سابغة البَيْضة عن قفاه فضربه، فوقع رأسه بين يديه ثم سلبه، فلما نظر إليه إذا هو ليس به جراح وأبصر في عنقه جدراً وفي يديه وفي كتفيه كهيئة آثار السياط. وأتى ابن مسعود النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أن أبا جهل قد قتل، وأخبره بالذي وُجِدَ به فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ذلك ضربُ الملائكة"؛ وقال: "اللهم! قد أنجزت ما وعدتني". ورجعت قريش إلى مكة مغلوبين منهزمين وكان أول من قدم بهزيمة المشركين الحيْسُمان الكعبيُّ -وهو جد حسن بن غيلان-؛ فاجتمع عليه الناس عند الكعبة يسألونه، لا يسأل عن رجل من أشراف قريش إلا نعاه، فقال صفوان بن أمية وهو قاعد مع نفر من قريش في الحِجْر: والله ما يعقل هذا الرجل، ولقد طار قلبه، سلوه عني؛ فإني أظنه سوف ينعاني، فقال بعضهم للحيسمان: هل لك علم بصفوان بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = أميَّة؟ قال: نعم، هو ذاك جالسٌ في الحجر، ولقد رأيت أباه أميّة بن خلف قتل. ثم تتابع فلُّ المشركين من قريش، ونَصَرَ الله -عزّ وجلّ- رسوله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، وأذل بوقعة بدر رقاب المشركين والمنافقين، فلم يبق بالمدينة منافق ولا يهودي إلا وهو خاضعٌ عنقه لوقعة بدر، وكان ذلك يوم الفرقان: يوم فرق الله -تعالى- بين الشرك والإيمان. وقالت اليهود: تيقنا أنه النبيُّ الذي نجد نعته في التوراة، والله لا يرفع رايةً بعد اليوم إلا ظهرت. وأقام أهل مكة على قتلاهم النوح في كل دارٍ من مكة شهراً وجزّ النساء رؤوسهنّ يُؤتى براحلة الرجل أو بفرسه فيوقف بين ظِهِريِّ النِّساء فَيُنِحْنَ حولها، وخرجن في الأزقَّة فسترْنَها بالستور ثم خرجن إليها يَنُحْنَ، ولم يقتل من الأسرى صبراً غير عقبة بن أبي معيطٍ، قتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح أخو بني عمرو بن عوف، لما أبصره عقبة مقبلاً إليه استغاث بقريش؛ فقال: يا معشر قريش عَلامَ أقتل من بين من هاهنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "على عداوتك الله ورسوله"، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتلى قريش من المشركين فألْقُوا في قليب بدر، ولعنهم وهو قائم، يسمِّيهم بأسمائهم غير أن أميّة بن خلف كان رجلاً مسمَّناً فانْتفخ في يومه فلما أرادوا أن يقلوه في القليب تفقأ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعوه -وهو يلعنهم-: هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ ". قال موسى بن عقبة: قال نافع، قال عبد الله بن عمر: قال أناس من أصحابه: يا رسول الله! أتنادي ناساً موتى؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنتم بأسمع لما قلت منهم"، قال: ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة فدخل من ثنية الوداع، ونزل القرآن يعرفهم الله نعمته فيما كرهوا من خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر، فقال: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ} إلى هذه الآية، وثلاث آيات معها. وقال: فيما استجاب للرسول وللمؤمنين: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)} هذه الآية وأخرى معها، وأنزل فيما غشيهم من النعاس أمنة منه حين وكلهم إليه حين أخبروا بقريش فقال: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ}. =

* {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)} ¬

_ = هذه الآية والتي بعدها، وأنزل في قتل المشركين والقبضة التي رمى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحصباء -والله أعلم-: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا} هذه الآية والتي بعدها، وأنزل في استفتاحهم ودعاء المؤمنين: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}، وقال في شأن المشركين: {وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} هذه الآية كلها، ثم أنزل -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} في سبع آيات معها، وأنزل في منارلهم فقال: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا}، والآية التي بعدها، وأنزل فيما يعظهم به: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} الآية وثلاث آيات معها، وأنزل فيما تكلم به رجال من أهل الإسلام خرج بهم المشركون كرهاً فلما رأوا قلة المسلمين، قالوا: {غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ} الآية كلها، وأنزل في قتلى المشركين ومن اتبعهم: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ} الآية وثمان آيات معها، وعاتب الله -عزّ وجلّ- النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين فيما أسروا، وكره الذي صنعوا ألَّا يكونوا أثخنوا العدو بالقتل؛ فقال -عزّ وجلّ-: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}، ثم سبق من الله -عزّ وجلّ- لنبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين إحلال الغنائم وكانت حراماً على من كان قبلهم من الأمم، كان فيما يُتَحدّثُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -والله أعلم- أنه كان يقول: "لم تكن الغنام تحل لأحد قبلنا فطيّبها الله -عزّ وجلّ- لنا؛ فأنزل فيما سبق من كتابه بإحلال الغنائم، فقال: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)} " هذه الآية والتي بعدها. وقال رجال ممن أسر: يا رسول الله إنا كنا مسلمين وإنما أخرِجْنا كرهاً فعلامَ يؤخذ منا الفداء؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيما قالوا: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (70)}. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله؛ إلا قوله: "ما أنتم بأسمع لما قلت منهم"؛ فإنه موصول صحيح.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن المشركين من قريش لما خرجوا لينصروا العير ويقاتلوا عليها نزلوا على الماء يوم بدر، فغلبوا المؤمنين عليه؛ فأصاب المؤمنين الظمأ؛ فجعلوا يصلون مجنبين ومحدثين، فألقى الشيطان في قلوب المؤمنين الحزن، فقال لهم: أتزعمون أن فيكم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنكم أولياء الله وقد غلبتم على الماء، وأنتم تصلون مجنبين ومحدثين؟ حتى تعاظم ذلك في صدور أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله من السماء ماء حتى سأل الوادي، فشرب المؤمنون، وملأوا الأسقية، وسقوا الركاب، واغتسلوا من الجنابة، فجعل الله في ذلك طهوراً وثبت أقدامهم، وذلك أنه كانت بينهم وبين القوم رملة، فبعث الله المطر عليها؛ فلبدها حتى اشتدت وثبت عليها الأقدام، ونفر النبي - صلى الله عليه وسلم - بجميع المسلمين وهم يومئذ ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً: منهم سبعون ومائتان من الأنصار، وسائرهم من المهاجرين، وسيد المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة؛ لكبر سنه. فقال عتبة: يا معشر قريش! إني لكم ناصح، وعليكم مشفق، لا أدخر النصيحة لكم بعد اليوم، وقد بلغتم الذي تريدون، وقد نجا أبو سفيان؛ فارجعوا وأنتم سالمون؛ فإن يكن محمد صادقاً؛ فأنتم أسعد الناس بصدقه، وإن يك كاذباً؛ فأنتم أحق من حقن دمه، فالتفت إليه أبو جهل فشتمه وفجّ وجهه، وقال له: قد امتلأت أحشاؤك رعباً، فقال له عتبة: سيعلم اليوم من الجبان المفسد لقومه. فنزل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، حتى إذا كانوا أقرب أسنة المسلمين قالوا: ابعثوا إلينا عدتنا منكم نقاتلهم، فقام غلمة من بني الخزرج، فأجلسهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: "يا بني هاشم! أتبعثون إلى أخويكم -والنبي منكم- غلمة بني الخزرج؟ "، فقام حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث، فمشوا إليهم في الحديد، فقال عتبة: تكلموا نعرفكم، فإن تكونوا أكفاءنا نقاتلهم، فقال حمزة -رضي الله عنه-: أنا أسد الله وأسد

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له عتبة: كفء كريم، فوثب إليه شيبة فاختلفا ضربتين فضربه حمزة فقتله، ثم قام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى الوليد بن عتبة فاختلفا ضربتين، فضربه علي -رضي الله عنه- فقتله، ثم قام عبيدة فخرج إليه عتبة فاختلفا ضربتين فجرح كل واحد منهما صاحبه، وكر حمزة على عتبة فقتله، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللهم ربنا أنزلت عليّ الكتاب، وأمرتني بالقتال، ووعدتني النصر ولا تخلف الميعاد"، فأتاه جبريل -عليه السلام-؛ فأنزل عليه: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ} [آل عمران: 124]، فأوحى الله إلى الملائكة: {أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}؛ فقتل أبو جهل في تسعة وستين رجلًا، وأسر عقبة بن أبي معيط فقتل صبراً، فوفى ذلك سبعين وأسر سبعون (¬1). * {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)}. * عن نافع أنه سأل عبد الله بن عمر، قال: قلت: إنا قوم لا نثبت عند قتال عدونا، ولا ندري من الفئة؟ قال لي: الفئة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: إن الله يقول في كتابه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15)}؛ قال: إنما أُنزلت هذه لأهل بدر، لا لِقَبْلها ولا لِبَعدها (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 33، 34) ونسبه لابن مردويه. (¬2) أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (3/ 188)، والنسائي في "الكبرى" (6/ 349 رقم 11200)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1671 رقم 8897) من طريق حسان بن عبد الله المصري نا خلاد بن سليمان ثني نافع: أنه سأل عبد الله بن عمر (وذكره). قلنا: وهذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات غير حسان هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطئ". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 36) وزاد نسبته لابن مردويه.

* عن أبي سعيد الخدري؛ قال: نزلت في أهل بدر (¬1). [صحيح] * عن الحسن؛ قال: كان هذا يوم بدر خاصة، ليس الفرار من الزحف من الكبائر (¬2). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: ذلكم يوم بدر (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود (رقم 2648)، والنسائي في "الكبرى" (6/ 350، 351 رقم 11203، 11204)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 134)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 146)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 327)، والطحاوي في "المشكل" (2/ 359، 360 - ط الرسالة)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1670 رقم 8891)، وابن الجوزي في "الناسخ" (ص 345) من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 36) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (14/ 380 رقم 18559)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 134) عن عبد الأعلى عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة به مرسلاً. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، فصح الحديث مرسلاً ومسنداً. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (12/ 538 رقم 15542، 14/ 386 رقم 18580)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 134)، والنحاس في "ناسخه" (ص 146) من طريق الربيع بن صبيح وعوف والمبارك بن فضالة كلهم عن الحسن به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 37) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 134): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. =

* عن الضحاك؛ قال: إنما كان يوم بدر، ولم يكن للمسلمين فئة ينحازون إليها. وفي رواية: "هذا يوم بدر خاصة" (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في أهل بدر خاصة، ما كان لهم أن يهزموا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتركوه (¬2). * عن عكرمة؛ قال: ذلك في يوم بدر (¬3). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير في قوله: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}؛ قال: يعني: يوم بدر خاصة منهزماً: {إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ}؛ يعني: مستطرداً يريد الكرة على المشركين {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ}؛ يعني: أو ينحاز إلى أصحابه من غير هزيمة: {فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}، يقول: استوجب ¬

_ = قلنا: وهذا إسناد صحيح؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 36) وزاد نسبته لعبد بن حميد. ثم إن عبد الرزاق أخرجه في "مصنفه" (5/ 251 رقم 9520) عن معمر عن قتادة نحوه. (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (14/ 386 رقم 18579)، وعبد الرزاق في "المصنف" (5/ 251 رقم 9521)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 134) من طريق الثوري عن جويبر عن الضحاك به. قلنا: وهذا إسناد واهٍ بمرة؛ فجويبر هذا متروك، وهو مع ذلك معضل، وقد وقع عند ابن أبي شيبة والطبري عن رجل والرجل هو جويبر؛ كما في رواية عبد الرزاق. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 36) ونسبه لأبي الشيخ وابن مردويه. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 37) ونسبه لابن المنذر وأبي الشيخ. ثم رأينا ابن سعد أخرجه في "الطبقات" (2/ 25): نا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد نا أيوب عن عكرمة. قلت: وهذا مرسل رجاله رجال الصحيح.

سخطاً من الله {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}؛ فهذا يوم بدر خاصة، كأن الله شدد على المسلمين يومئذ ليقطع دابر الكافرين، وهو أول قتال قاتل فيه المشركين من أهل مكة (¬1). [ضعيف] * {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17)}. * عن حكيم بن حزام؛ قال: لما كان يوم بدر سمعنا صوتاً وقع من السماء كأنه صوت حصاة وقعت في طست، ورمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الرمية فانهزمنا (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1670 رقم 8892، 8895، ص 1671 رقم 8901) من طريق يحيى بن بكير عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن لهيعة؛ ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 37) وزاد نسبته لأبي الشيخ. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 136)، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 203 رقم 3128)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1672 رقم 8906) من طريق موسى بن يعقوب الزمعي عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن حكيم به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ موسى هذا؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق سيئ الحفظ". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 40) وزاد نسبته لابن مردويه. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 84): "إسناده حسن". وله شاهد بنحوه: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 227 رقم 11750) من طريق يحيى بن يعلى عن سليمان بن قرم عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس (فذكره). قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالضعفاء: =

* عن المسيب بن حزن؛ قال: أقبل أَبيّ بن خلف يوم أُحد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يريده، فاعترض رجال من المؤمنين؛ فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخلوا سبيله، فاستقبله مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار ورأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترقوة أَبي من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة، فطعنه بحربته فسقط أَبي عن فرسه ولم يخرج من طعنته دم، فكسر ضلعاً من أضلاعه، فأتاه أصحابه وهو يخور خوار الثور فقالوا له: ما أعجزك إنما هو خدش، فذكر لهم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بل أنا أقتل أبياً"، ثم قال: والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعين، فمات أبي -إلى النار فسحقاً لأصحاب السعير- قبل أن يقدم مكة؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (¬1). [حسن] ¬

_ = الأولى: سماك بن حرب؛ روايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وكان ربما يلقن. الثانية: سليمان بن قرم؛ سيئ الحفظ؛ كما في "التقريب"، وضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما. الثالثة: يحيى بن يعلى الأسلمي؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". ومن هنا تعلم تساهل الهيثمي حين قال في "مجمع الزوائد" (6/ 84): "ورجاله رجال الصحيح"!! (¬1) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/ 327)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 156) من طريق إبراهيم بن منذر الحزامي ثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه (فذكره). وعزاه في "الدر المنثور" (4/ 41) لعبد بن حميد والطبري عن سعيد. وعزاه الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 308) للطبري، ولم نجده فيه بعد طول بحث، وهما كما ترى عزوا الحديث وجعلاه عن سعيد، والذي في "المستدرك" عن أبيه. قلنا: وهذا إسناد حسن. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: الحزامي وشيخه لم يخرج لهما مسلم شيئاً. =

* عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير -رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه سلم -يوم ابن أبي الحقيق بخيبر- دعا بقوس: فأتي بقوس طويلة، فقال: "جيئوني بقوس غيرها"؛ فجاءوه بقوس كبداء، فرمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحصن، فأقبل السهم يهوي حتى قتل ابن أبي الحقيق في فراشه؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬1). [ضعيف] * عن محمد بن قيس ومحمد بن كعب القرظي؛ قالا: لما دنا القوم بعضهم من بعض؛ أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم، وقال: "شاهت الوجوه"، فدخلت في أعينهم كلهم، وأقبل ¬

_ = وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 308): "روى ابن جرير والحاكم في "مستدركه" بإسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب والزهري قالا. . . (فذكره) ". ثم قال: "وهذا القول غريب جداً". قلنا: الذي ذكره ابن كثير عن الزهري: أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 256، 257) -وعنه الطبري في "جامع البيان" (9/ 136، 137) -: نا معمر عن الزهري. قلنا: وهذا ضعيف؛ لإرساله. ومرسل سعيد: أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1673 رقم 8910) من طريق ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن سعيد به. وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكر هذا المرسل السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 40) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان"، كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 308) -ولم نجده في النسخة المطبوعة-، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1673، 1674 رقم 8911) من طريق أبي المغيرة ثنا صفوان بن عمرو ثنا عبد الرحمن به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد ورجاله ثقات؛ لكنه ضعيف؛ لإرساله. قال الحافظ ابن كثير: "هذا غريب، وإسناده جيد إلى عبد الرحمن بن جبير". وقال السيوطي في "اللباب" (ص 108): "مرسل جيد الإسناد؛ لكنه غريب".

أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقتلونهم ويأسرونهم، وكانت هزيمتهم في رمية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وأنزل الله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬1). [موضوع] * عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ قال: هذا يوم بدر، أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث حصيات فرمى بحصاة في ميمنة القوم وحصاة في ميسرة القوم وحصاة بين أظهرهم، وقال: "شاهت الوجوه"؛ فانهزموا (¬2). [ضعيف جداً] * عن مكحول؛ قال: لما كرَّ عليّ وحمزة على شيبة بن ربيعة غضب المشركون، وقالوا: اثنان بواحد؟! فاشتعل القتال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إنك أمرتني بالقتال، ووعدتني النصر، ولا خلف لوعدك"، وأخذ قبضة من حصى فرمى بها في وجوههم؛ فانهزموا بإذن الله -تعالى-؛ فذلك قوله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 136): ثني الحارث بن أبي أسامة ثنا عبد العزيز بن أبان ثنا أبو معشر عن محمد به. قلنا: وهذا موضوع كذب؛ فيه علل: الأولى: عبد العزيز بن أبان هذا؛ متروك بل كذبه ابن معين وغيره. الثانية: أبو معشر نجيح السندي؛ ضعيف. الثالثة: أنه مرسل. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 136)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1673 رقم 8908) من طريق ابن وهب وأصبغ كلاهما عن ابن زيد. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف عبد الرحمن هذا. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 40) ونسبه لابن أبي حاتم فقط، وفاته أنه عند الطبري -أيضاً-. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 40) ونسبه لابن عساكر. وهو ضعيف.

* عن جابر -رضي الله عنه-؛ قال: سمعت صوت حصيات وقعن من السماء يوم بدر كأنهن وقعن في طست، فلما اصطف الناس أخذهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرمى بهن في وجوه المشركين؛ فانهزموا؛ فذلك قوله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ}، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي -رضي الله عنه-: "ناولني قبضة من حصباء"؛ فنزلت هذه الآية: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} (¬1). * {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)}. * عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير؛ قال: كان المستفتح يوم بدر أبو جهل، وإنه قال حين التقى القوم: اللهم! أينا كان أقطع للرحم، وآتى لما لا نعرف؛ فافتح الغد، وكان ذلك استفتاحه؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 40) ونسبه لأبي الشيخ وابن مردويه. (¬2) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" (2/ 270 - ابن هشام)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (14/ 359، 360 رقم 18521)، وأحمد (5/ 431)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 138)، والنسائي في "الكبرى" (6/ 350 رقم 11201)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1/ 454، 455 رقم 631، 632)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 157)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1675 رقم 8917)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 328)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 74) من طريق الزهري عن عبد الله به. قلنا: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: لم يخرج مسلم شيئاً في "صحيحه" عن عبد الله بن ثعلبة الصحابي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 42) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه وابن منده. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (14/ 365 رقم 18528)، والطبري في =

* عن عطية؛ قال: قال أبو جهل يوم بدر: اللهم انصر أهدى الفئتين وأفضل الفئتين وخير الفئتين؛ فنزلت: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)} (¬1). [ضعيف] * {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: هم نفر من بني عبد الدار (¬2). [صحيح] * عن قتادة؛ قال: أنزلت في حي من أحياء العرب من بني عبد الدار (¬3). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: نزلت هذه الآية في النضر بن الحارث وقومه (¬4). [ضعيف جداً] * {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)}. ¬

_ = "جامع البيان" (19/ 13) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن معمر عن الزهري به. قلنا: وهذا مرسل صحيح، والحديث صحيح مرسلاً ومسنداً. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 138)، وابن أبي حاتم (5/ 1675/ 8920) من طريقين عن مطرف عن عطية به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه عطية العوفي ضعيف، وهو مع ذلك مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 42) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (8/ 307 رقم 4646). (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 43) ونسبه لعبد بن حميد وأبي الشيخ. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، ويغني عنه ما قبله. (¬4) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 43) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، هذا إن صح السند إليه.

* عن الحسن؛ قال: نزلت في علي وعثمان وطلحة والزبير -رضي الله عنهم- (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: نزلت في أهل بدر خاصة، وأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا (¬2). [ضعيف جداً] * عن الضحاك؛ قال: نزلت في أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - خاصة (¬3). [ضعيف جداً] * {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)}. * عن عكرمة؛ قال: نزلت في يوم بدر (¬4). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)}. * عن جابر: أن أبا سفيان خرج من مكة، فأتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "إن ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 144) بسند صحيح إلى الحسن بن أبي جعفر ثنا داود بن أبي هند عن الحسن. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، وضعف الحسن بن أبي جعفر. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 46) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 144) من طريق أسباط عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط بن نصر. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 46) وزاد نسبته لأبي الشيخ. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (/ 46) وزاد نسبه لعبد بن حميد. وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬4) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (2/ 25): نا سليمان بن حرب نا حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال الصحيح.

أبا سفيان في مكان كذا وكذا؛ فاخرجوا إليه واكتموا"، قال: فكتب رجل من المنافقين إلى أبي سفيان: أن محمداً يريدكم؛ فخذوا حذركم؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} (¬1). [ضعيف] * عن لبابة بنت أبي لبابة؛ قالت: كنت أنا صاحبته فكان يقول: شدي وثاق عدو الله الذي خان الله ورسوله، فمر به أبو رفاعة بن عبد المنذر فناداه: يا أخي، هلم أكلمك؟ فقال: لا، والله لا أكلمك أبداً، حتى يرضي الله عنك ورسوله، فسأل عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: هو في المسجد وأخبروه بخبره، فقال: "لو جاءني؛ لكان لي فيه أمر"؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} الآية، ونزلت الآية الأخرى فيه: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} [التوبة: 106] (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن أبي قتادة، يقول: نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)} في أبي لبابة (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 146): ثنا القاسم بن بشر بن معروف ثنا شبابة بن سوار ثنا محمد بن المحرم قال: لقيت عطاء بن أبي رباح فحدثني قال: حدثني جابر (فذكره). قلنا: محمد هذا لم نجد له ترجمة بعد طول بحث. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 48) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ. وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 313): "هذا حديث غريب جداً، وفي سنده وسياقه نظر". (¬2) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (6/ 3437، 3438 رقم 7828) من طريق بهلول بن مورق -وفي المطبوع: مرزوق، وهو خطأ؛ فليحرر-: ثنا موسى بن عبيدة عن سعيد بن جبير -وفي المطبوع: جبريل!! - مولى أبي لبابة ويعقوب بن زيد عن لبابة به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ موسى بن عبيدة ضعيف؛ كما في "التقريب". وبه أعله الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في "الإصابة" (4/ 399). (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 146)، وسعيد بن منصور في "سننه" (5/ 205 رقم 987)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1684 رقم 8975) من =

* عن المغيرة بن شعبة؛ قال: نزلت هذه الآية في قتل عثمان (¬1). [ضعيف جداً] * عن الزهري؛ قوله: {لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ}؛ قال: نزلت في أبي لبابة بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأشار إلى حلقه أنه الذبح، قال الزهري: فقال أبو لبابة: والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى أموت أو يتوب الله عليّ، فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاماً ولا شراباً حتى خرّ مغشياً عليه، ثم تاب الله عليه، فقيل: يا أبا لبابة قد تيب عليك، قال: والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يحلني، فجاءه فحله بيده، ثم قال أبو لبابة: إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت بها الذنب وأن أنخلع من مالي، قال: يجزئك الثلث أن تصدق به (¬2). [ضعيف] ¬

_ = طريق ابن عيينة ثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت عبد الله بن أبي قتادة به. قلنا: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 48) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 146): ثني الحارث بن أبي أسامة ثنا عبد العزيز بن أبان ثنا يونس بن الحارث الطائفي ثنا محمد بن عبد الله بن عون الثقفي عن المغيرة به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: عبد العزيز بن أبان؛ متروك الحديث، وكذبه ابن معين وغيره؛ كما في "التقريب". الثانية: يونس بن الحارث الطائفي؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". الثالثة: محمد بن عبد الله هذا لم نعرفه ولم نجد له ترجمة. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 146) من طريق سنيد صاحب "التفسير": ثني أبو سفيان عن معمر عن الزهري به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف؛ كما تقدم مراراً، ثم إن أبا سفيان هذا لم نعرفه.

* عن الكلبي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا لبابة -رضي الله عنه- إلى قريظة وكان حليفاً لهم، فأومأ بيده؛ أي: الذبح؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)}، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لامرأة أبي لبابة: "أيصلي ويصوم ويغتسل من الجنابة؟ "، فقالت: إنه ليصلي ويصوم ويغتسل من الجنابة ويحب الله ورسوله، فبعث إليه؛ فأتاه فقال: يا رسول الله! والله إني لأصلي وأصوم وأغتسل من الجنابة، وإنما نهست إلى النساء والصبيان فوقعت لهم، فما زالت في قلبي حتى عرفت أني خنت الله ورسوله (¬1). [موضوع] * عن عكرمة؛ قال: لما كان شأن بني قريظة، بعث إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - علياً -رضي الله عنه- فيمن كان عنده من الناس انتهى إليهم؛ وقعوا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجاء جبريل -عليه السلام- إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فرس أبلق، فقالت عائشة -رضي الله عنها-: فلكأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح الغبار عن وجه جبريل -عليه السلام-، فقلت: هذا دحية يا رسول الله؟ قال: "هذا جبريل"، فقال: يا رسول الله! ما يمنعك من بني قريظة أن تأتيهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فكيف لي بحصنهم؟ "، فقال جبريل -عليه السلام-: "إني أدخل فرشي هذا عليهم"، فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرساً معروراً، فلما رآه علي -رضي الله عنه-، قال: يا رسول الله! لا عليك أن لا تأتيهم؛ فإنهم يشتمونك، فقال: "كلا إنها ستكون تحية"، فأتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا إخوة القردة والخنازير!! "؛ فقالوا: يا أبا القاسم ما كنت فحاشاً. . .؟! فقالوا: لا ننزل على حكم محمد - صلى الله عليه وسلم - ولكننا ننزل على حكم سعد بن معاذ، فنزلوا؛ فحكم فيهم: أن تقتل مقاتلتهم، وتسبي ذراريهم؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بذلك طرقني الملك سحراً"؛ فنزل فيهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 48، 49) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: الكلبي كذاب، وهو مع ذلك معضل.

وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)}؛ نزلت في أبي لبابة -رضي الله عنه-، أشار إلى بني قريظة حين قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ -رضي الله عنه-، لا تفعلوا؛ فإنه الذبح، وأشار بيده إلى حلقه (¬1). [ضعيف] * {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن نفراً من قريش من أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة، فاعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل، فلما رأوه؛ قالوا: من أنت؟ قال: شيخ من نجد، سمعت أنكم اجتمعتم؛ فأردت أن أحضركم ولن يعدمكم مني رأي ونصح، قالوا: أجل أدخل، فدخل معهم، فقال: انظروا في شأن هذا الرجل، والله ليوشكن أن يؤاتيكم في أموركم بأمره، قال: فقال قائل: احبسوه في وثاق ثم تربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء؛ زهير، والنابغة، إنما هو كأحدهم، قال: فصرخ عدو الله الشيخ النجدي، فقال: والله ما هذا لكم رأي، والله ليخرجنه ربه من محبسه إلى أصحابه، فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم فيمنعوه منكم، فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم، قالوا: فانظروا في غير هذا، قال: فقال قائل: أخرجوه من بين أظهركم تستريحوا منه؛ فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع، وأين وقع إذا غاب عنكم أذاه واسترحتم، وكان أمره في غيركم، فقال الشيخ النجدي: والله ما هذا لكم برأي؛ ألم تروا حلاوة قوله، ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 49) ونسبه لابن مردويه. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/ 313): "والصحيح أن الآية عامة، وإن صحّ أنها وردت على سبب خاص، فالأخذ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند الجماهير من العلماء".ا. هـ. قلنا: لم يصح واحد منها.

وطلاقة لسانه، وأخذ القلوب ما تسمع من حديثه، والله لئن فعلتم ثم استعرض العرب لتجتمعن عليكم ثم ليأتين إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم، قالوا: صدق، والله فانظروا رأياً غير هذا، قال: فقال أبو جهل: والله لأشيرن عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعدما أرى غيره، قالوا: وما هو؟ قال: نأخذ من كل قبيلة غلاماً وسطاً شاباً نهداً، ثم يعطى كل غلام منهم سيفاً صارماً، ثم يضربوه ضربة رجل واحد، فإذا قتلوه تفرق دمه في القبائل كلها، فلا أظن هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حرب قريش كلها؛ فإنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل واسترحنا وقطعنا عنا أذاه، فقال الشيخ النجدي: هذا والله الرأي، القول ما قال الفتى، لا أرى غيره، قال: فتفرقوا على ذلك وهم مجمعون له، قال: فأتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه تلك الليلة، وأذن الله له عند ذلك بالخروج، وأنزل عليه بعد قدومه المدينة الأنفال، يذكره نعمه عليه وبلاءه عنده: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)} وأنزل في قولهم: تربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)} [الطور: 30]، وكان يسمى ذلك اليوم: يوم الزحمة، للذي اجتمعوا عليه من الرأي (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي والسير" (2/ 95) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (9/ 149)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 156، 160)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1686، 1687 رقم 8994)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 468، 469) - عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس. ومن طريق ابن إسحاق عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. قلنا: وهذا موضوع كذب، فالكلبي شيخ ابن إسحاق كذاب ونحوه شيخه أبو صالح. والطريق الأولى لم يصرح ابن إسحاق فيها بالسماع وهو مدلس، ولعله أسقط =

عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه، بالوثاق؛ يريدون: النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم: بل أخرجوه، فأطلع الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فبات علي -رضي الله عنه- على فراش النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون علياً -رضي الله عنه- يحسبونه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوه علياً -رضي الله عنه- رد الله مكرهم، فقالوا: أين صاحبك هذا؟ قال: لا أدري؛ فاقتصوا أثره، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم، فصعدوا في الجبل، فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو دخل هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال (¬1). [ضعيف] * عن المطلب بن أبي وداعة: أن أبا طالب قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ = الكلبي، وفي رواية لأبي نعيم حدثني من لا أتهم. وفي رواية أخرى عنده: ثني ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهو وهم ففي الطريق إليه سلمة بن الأبرش وهو صدوق كثير الخطأ، وكذا في الطريق إليه الفضل بن غانم؛ قال ابن معين: ليس بشيء، وقال الدارقطني: ليس بشيء، وضعفه الخطيب؛ كما في "الميزان" (3/ 357). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 51) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5/ 389 تحت حديث رقم 9743) -وعنه أحمد في "المسند" (رقم 3251 - طبع شاكر)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 321، 322 رقم 12155) - عن معمر عن عثمان الجزري عن مقسم عن ابن عباس. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف عثمان بن عمرو أبي ساج الجزري؛ ضعفه النسائي والعقيلي، ولخصه الحافظ بقوله: "فيه ضعف". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 27): "فيه عثمان بن عمرو الجزري وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح". وحسنه الحافظ في "فتح الباري" (7/ 168). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 50) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والخطيب.

ما يأتمر به قومك، قال: "يريدون أن يسحروني ويقتلوني ويخرجوني"، فقال: من أخبرك بهذا؟ قال: "ربي"، قال: نعم، الرب ربك فاستوص به خيراً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أستوصي به، بل هو يستوصي بي خيراً"؛ فنزلت: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)} (¬1). [حسن] * عن أنس؛ قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأيام، سئل عن يوم السبت فقال: "هو مكر وخديعة"، قالوا: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: "فيه مكرت قريش في دار الندوة؛ إذ قال الله -عزّ وجلّ-: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)} (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 149): ثني محمد بن إسماعيل البصري ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن المطلب. قلنا: وهذا إسناد حسن -إن شاء الله-؛ رجاله ثقات؛ عدا عبد المجيد هذا فيه كلام طويل، ولخصه الحافظ بقوله: "صدوق يخطئ"، وهو أثبت الناس في ابن جريج، وعنعنة ابن جريج عن عطاء خاصة محمولة على الاتصال. قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 314): "وذكر أبي طالب في هذا غريب جداً، بل منكر؛ لأن هذه الآية مدنية، ثم إن هذه القصة واجتماع قريش على هذا الائتمان والمشاورة على الإثبات أو النفي أو القتل إنما كان ليلة الهجرة سواء، وكان ذلك بعد موت أبي طالب بنحو من ثلاث سنين لما تمكنوا منه واجترأوا عليه بسبب موت عمه أبي طالب الذي كان يحوطه وينصره ويقوم بأعبائه، والدليل على صحة ما قلنا. ." ثم ذكر حديث ابن عباس الواهي الذي ذكرنا آنفاً. قلنا: حديث المطلب هذا من حيث السند أقوى من حديث ابن عباس جزماً، وإن كان في حديث المطلب بعض النكارة لا نحكم عليه كله؛ تماماً كحديث بحيرة الراهب الذي فيه جملاً مستنكرة ومع ذلك؛ فالمحدثين من أهل العلم صححوه؛ لصحة سنده، وأنكروا بعض ما فيه؛ لمخالفته للصحيح والواقع. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 52) ونسبه لابن مردويه.

* عن عثمان الجزري: أن مقسماً مولى ابن عباس أخبره في قوله: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ}، قال: تشاورت قريش بمكة، فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق؛ يريدون النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم: أن أخرجوه، فأطلع الله نبيه على ذلك، فبات [علي] على فراش النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك الليلة، وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون علياً، يحسبون أنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أصبحوا؛ ثاروا إليه، فلما رأوا عليّاً ردّ الله مكرهم، فقالوا: أين صاحبكم هذا؟ قال: لا أدري، فاقتصوا أثره، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم الأمر، فصعدوا الجبل، فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاثاً. قال معمر: قال قتادة: دخلوا في دار الندوة يأتمرون بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: لا يدخل معكم أحد ليس منكم، فدخل معهم الشيطان في صورة شيخ من أهل نجد، فقال بعضهم: ليس عليكم من هذا عينٌ، هذا رجل من أهل نجد، قال: فتشاوروا، فقال رجل منهم: أَرى أَن تُركبوه بعيراً ثم تُخرجوه، فقال الشيطان: بئس ما رأى هذا، هو هذا قد كان يُفسد ما بينكم وهو بين أظهركم، فكيف إذا أخرجتموه فأَفسد الناس، ثم حملهم عليكم، يقاتلوكم، فقالوا: نعم ما رأى هذا الشيخ، فقال قائل آخر: فإني أرى أن تجعلوه في بيت وتطينوا عليه بابه، وتدعوه فيه حتى يموت، فقال الشيطان: بئس ما رأى هذا، أفترى قومه يتركونه فيه أبداً؟ لا بُدّ أن يغضبوا له فيخرجوه، فقال أبو جهل: أرى أن تخرجوا من كل قبيلة رجلاً ثم يأخذوا أسيافهم، فيضربونه ضربة واحدة، فلا يدري من قتله فتدونه، فقال الشيطان: نعم ما رأى هذا، فأطلع الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فخرج هو وأبو بكر إلى غار في الجبل، يقال له: ثور، ونام [عليُّ] على فراش النبي - صلى الله عليه وسلم -، وباتوا يحرسونه يحسبون أنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أصبحوا قام عليُّ

لصلاة الصبح، بادروا إليه فإذا هم بعلي، فقالوا: أين صاحبك؟ قال: لا أدري؛ فاقتصوا أثره، حتى بلغوا الغار، ثم رجعوا، فمكث فيه هو وأبو بكر ثلاث ليال. قال معمر: قال الزهري في حديثه عن عروة: فمكثا فيه ثلاث ليال، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، وهو غلام شاب لقن، ثقف، فيخرج من عندهما سحراً، فيصبح عند قريش بمكة (¬1). [ضعيف] * عن معاوية بن قرة: أن قريشاً اجتمعت في بيت، وقالوا: لا يدخل معكم اليوم إلا من هو منكم، فجاء إبليس فقال له: من أنت؟ قال: شيخ من أهل نجد، وأنا ابن أختكم، فقالوا: ابن أخت القوم منهم، فقال بعضهم: أوثقوه، فقال: أيرضى بنو هاشم بذلك؟ فقال بعضهم: أخرجوه، فقال: يؤويه غيركم، فقال أبو جهل: ليجتمع من كل بني أبي رجل فيقتلوه، فقال إبليس: هذا الأمر الذي قال الفتى؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)} (¬2). * {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31)}. * عن سعيد بن جبير؛ قال: قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر صبراً عقبة بن أبي معيط وطعيمة بن عدي والنضر بن الحارث، وكان المقداد أسر النضر، فلما أمر بقتله؛ قال المقداد: يا رسول الله! أسيري، فقال ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5/ 389، 390 ضمن حديث رقم 9743). قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 53) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 53) ونسبه لعبد بن حميد.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه كان يقول في كتاب الله ما يقول"، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتله، فقال المقداد: أسيري، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أغن المقداد من فضلك"، فقال المقداد: هذا الذي أردت، وفيه أنزلت هذه الآية: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31)} (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قوله: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا}؛ قال: كان النضر بن الحارث يختلف تاجراً إلى فارس، فيمر بالعباد وهم يقرؤون الإنجيل، ويركعون ويسجدون، فجاء مكة؛ فوجد محمداً - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه وهو يركع ويسجد، فقال النضر: قد سمعنا، لو نشاء لقلنا مثل هذا للذي سمع من العباد؛ فنزلت: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا}، قال: فقص ربنا ما كانوا قالوا بمكة، وقص قولهم إذ قالوا: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} الآية (¬2). [ضعيف جداً] * عن السدي؛ قال: كان النضر بن الحارث بن علقمة أخو بني عبد الدار يختلف إلى الحيرة، فيسمع سجع أهلها وكلامهم، فلما قدم مكة سمع كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - والقرآن، فقال: {قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 152): ثنا محمد بن بشار بندار حدثنا محمد بن جعفر غندر ثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، رجاله ثقات. ثم أخرجه من طريق هشيم نا أبو بشر به. وهذا إسناد صحيح كالشمس؛ لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 54) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬2) أخرجه سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (9/ 151، 152) -: ثني حجاج قال: قال ابن جريج. . (وذكره). قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف سنيد صاحب "التفسير".

هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} يقول: أساجيع أهل الحيرة (¬1). [ضعيف جداً] * {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34)}. * عن أنس؛ قال أبو جهل: {للَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}؛ فنزلت: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34)} (¬2). [صحيح] * عن سعيد بن جبير؛ قال: نزلت في النضر بن الحارث (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 152)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1689 رقم 9002) من طريق أسباط بن نصر عن السدي. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (8/ 308، 309 رقم 4648، 4649)، ومسلم (4/ 2154 رقم 2796). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 55) ولم يعزه لمسلم؛ فليستدرك عليه. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 152)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1689 رقم 9001) من طريق هشيم وشعبة كلاهما عن أبي بشر عن سعيد بن جبير. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ رجاله ثقات. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1690 رقم 9008، 9013) من طريق سفيان الثوري عن الأعمش عن رجل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة الرجل الذي لم يسم.

* عن مجاهد في قوله: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ}؛ قال: هو النضر بن الحارث بن كلدة (¬1). [ضعيف] * عن عطاء؛ قال: قال رجل من بني عبد الدار -يقال له: النضر بن كلدة-: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}؛ فقال الله: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16)} [ص: 16]، وقال: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 94]، وقال: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ} [المعارج: 1، 2]؛ قال عطاء: لقد نزل فيه بضع عشرة آية من كتاب الله (¬2). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أنها نزلت في أبي جهل بن هشام (¬3). * عن السدي؛ قال: قال: يعني: النضر بن الحارث: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ} ما يقول محمد {هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، قال الله: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ} [المعارج: 1، 2] (¬4). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن المشركين كانوا يطوفون بالبيت، يقولون: لبيك لا شريك لك لبيك، فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد، قد"، فيقولون: لا شريك لك إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك، ويقولون: غفرانك، غفرانك؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 152) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 152) من طريق طلحة بن عمرو القناد عنه به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 55) ونسبه لعبد بن حميد. (¬4) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 152، 153) من طريق أسباط عنه به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)}؛ فقال ابن عباس: فيهم أمانان: نبي الله، والاستغفار؛ فذهب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبقي الاستغفار: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34)}، قال: فهذا عذاب الآخرة، قال: وذاك عذاب الدنيا (¬1). [ضعيف] * عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس؛ قالا: قالت قريش -بعضها لبعض-: محمد أكرمه الله من بيننا، {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا} الآية، فلما أمسوا؛ ندموا على ما قالوا، فقالوا: غفرانك اللهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} إلى قولهم: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34)} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 154)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1691 رقم 9017)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/ 45، 46) من طريق أبي حذيفة ثنا عكرمة عن أبي زميل عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو حذيفة هذا موسى بن مسعود النهدي؛ صدوق سيئ الحفظ، وكان يصحف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 55) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" (2/ 843 رقم 1185) من طريق النضر بن محمد اليمامي ثنا عكرمة بن عمار ثنا أبو زميل عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان المشركون يقولون: لبيك لا شريك لك، قال: فيقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ويلكم قد قد". فيقولون: إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت. وأنت ترى أنه ليس فيه التصريح بسبب النزول؛ وهو الصواب. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (4/ 154): ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا =

* عن ابن أبزى؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة؛ فأنزل الله عليه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}؛ قال: فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}؛ قال: فكان أولئك البقية من المسلمين الذين بقوا فيها يستغفرون؛ يعني: بمكة، فلما خرجوا أنزل الله عليه: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34)} (¬1). [ضعيف] * {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35)}. * عن سعيد بن جبير؛ قال: كانت قريش يعارضون النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطواف، يستهزئون به، ويصفرون ويصفقون؛ فنزلت: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = عبد العزيز عن أبي معشر عن يزيد به. قلنا: وهذا إسناد واهٍ بمرة؛ فيه علل: الأولى: عبد العزيز بن أبان؛ متروك الحديث، وكذبه ابن معين وغيره؛ كما في "التقريب". الثانية: أبو معشر نجيح السندي؛ ضعيف، أسن واختلط. الثالثة: الإرسال. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 153)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1693 رقم 9027) من طريق يعقوب بن جعفر القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن أبزى. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله. قلنا: وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 56) وزاد نسبته لأبي الشيخ. وسكت عليه الحافظ في "الفتح" (8/ 309). (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 158): ثنا المثنى ثنا عبد الحميد الحماني =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كانوا يطوفون بالبيب عراة؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35)}؛ قال: والمكاء: الصفير، وإنما شبهوا بصفير الطير، والتصدية: التصفيق، وأنزل فيهم: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ} [الأعراف: 32] (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: كانوا يطوفون بالبيت ويصفقون، ووصف الصفق بيده، ويصفرون، ووصف صفرهم، ويضعون خدودهم بالأرض؛ فنزلت هذه الآية (¬2). [ضعيف] ¬

_ = ثنا شريك عن سالم الأفطس عن سعيد به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: شريك القاضي؛ ضعيف. الثالثة: الحماني؛ حافظ متهم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 61) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1696 رقم 9045)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (4/ 61) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 117، 118 رقم 116) - من طريق جعفر بن أبي المغيرة القمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده حسن في الشواهد والمتابعات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 61) وزاد نسبته لأبي الشيخ. (¬2) أخرجه الواحدي في "تفسيره" (ص 158) من طريق قرة عن عطية العوفي عن ابن عمر. قلنا: وسنده ضعيف؛ لضعف عطية وتدليسه. وقد أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 157، 158)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1695 رقم 9040)، وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور" (4/ 62) مختصراً ليس فيه ذكر سبب النزول.

* {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)}. * عن الزهري ومحمد بن يحيى وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن وعمرو بن سعد بن معاذ؛ قالوا: لما أصاب المسلمون يوم بدر من كفار قريش من أصحاب القليب ورجع كلهم إلى مكة ورجع أبو سفيان بعيره؛ مشى عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية في رجال من قريش أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب ومن كان له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا: يا معشر قريش! إن محمداً قد وتركم، وقتل خياركم؛ فأعينونا بهذا المال على حربه؛ لعلنا أن ندرك منه ثأراً بمن أصيب منا؛ ففعلوا، قال: فيهم -كما ذكر عن ابن عباس- أنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)} (¬1). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير؛ قال: في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)}؛ قال: نزلت في أبي سفيان بن حرب، استأجر يوم أُحد ألفين من الأحابيش من بني كنانة، فقاتل بهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهم الذين يقول فيهم كعب بن مالك: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" (3/ 3، 4 - ابن هشام) -ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1698 رقم 9055)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 160)، وابن المنذر في "تفسيره"، كما في "الدر المنثور" (4/ 63)، والبيهقي في "الدلائل" (3/ 224، 225) -: ثنا الزهري به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وجئنا إلى موج من البحر وسطه ... أحابيش منهم حاسر ومقنع ثلاثة آلاف ونحن نظنه ... ثلاث مئين إن كثرن فأربع (¬1). [ضعيف] * عن الحكم بن عتيبة؛ قال: نزلت في أبي سفيان، أنفق على المشركين يوم أُحد أربعين أوقية من ذهب، وكانت الأوقية يومئذ اثنين وأربعين مثقالاً من ذهب (¬2). [ضعيف] * عن ابن أبزى؛ قال: نزلت في أبي سفيان، استأجر يوم أُحد ألفين؛ ليقاتل بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوى من استجاش من العرب (¬3). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في أبي سفيان بن حرب (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 159، 160)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5/ 1697 رقم 9054): ثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: جعفر؛ ليس بالقوي في سعيد. وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 63) وزاد نسبته لابن سعد في "الطبقات الكبرى" وعبد بن حميد وأبي الشيخ وابن عساكر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 16)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (5/ 1697 رقم 9053) من طريق خطاب بن عثمان العصفري عن الحكم. قلنا: وهذا إسناد ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 63) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 160). قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: سفيان بن وكيع؛ ضعيف. (¬4) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 63) ونسبه لابن مردويه.

* عن مجاهد؛ قال: نزلت في نفقة أبي سفيان على الكفار يوم أُحد (¬1). [ضعيف] * {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47)}. * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: لما خرجت قريش من مكة إلى بدر خرجوا بالقيان والدفوف؛ فأنزل الله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47)} (¬2). [ضعيف جداً] * {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)}. ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (9/ 160) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 63) وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي الشيخ. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (10/ 13): ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عبد العزيز ثنا أبو معشر عن محمد به. قلنا: وهذا سند تالف، واهٍ جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: أبو معشر؛ ضعيف، أسن واختلط؛ كما في "التقريب". الثالثة: عبد العزيز بن أبان؛ متروك، وكذبه ابن معين وغيره؛ كما في "التقريب".

الاسْتيعَاب في بَيانِ الأَسبَاب «أوّل مَوسُوعَة عِلميَّة حدِيثيّة مُحقّقَة في أسبَاب نزوُل آي القُرآن الكَريم» تأليف سَليم بن عيد الهلالي - محمَّد بن مُوسَى آل نَصر المجَلّد الثَّالث دَار ابْن الْجَوْزِيّ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الاسْتيعَاب في بَيانِ الأَسبَاب

جَميع الحُقُوق مَحفُوظة لدَار ابْن الجَوزي الطّبعَة الأولى شعْبَان 1425 هـ حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة © 1425 هـ لَا يسمح بِإِعَادَة نشر هَذَا الْكتاب أَو أَي جُزْء مِنْهُ بِأَيّ شكل من الأشكال أَو حفظه ونسخه فِي أَي نظام ميكانيكي أَو إلكتروني يُمكن من استرجاع الْكتاب أَو تَرْجَمته إِلَى أَي لُغَة أُخْرَى دون الْحُصُول على إِذن خطي مسبق من الناشر دَار ابْن الْجَوْزِيّ للنشر والتوزيع المملكة الْعَرَبيَّة السعودية: الدمام - شَارِع ابْن خلدون - ت: 8428146 - 8467589 - 8467593، ص ب: 2982 - الرَّمْز البريدي: 31461 - فاكس: 8412100 - الرياض - ت: 4266339 - الإحساء - الهفوف - شَارِع الجامعة - ت: 5883122 - جدة - ت: 6516549 - 6813706 - بيروت - هَاتِف: 869600/ 03 - فاكس: 641801/ 01 - الْقَاهِرَة - ج. م. ع - مَحْمُول: 01006823783 - تلفاكس: 022561473 الْبَرِيد الإلكتروني: [email protected] - www.jwzi.com

سورة الفرقان

سورة الفرقان * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الفرقان بمكة (¬1). * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت بمكة سورة الفرقان (¬2). * {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما عيَّر المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفاقة؛ قالوا: ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟! حزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزل جبريل -عليه السلام- من عند ربِّه معزياً له؛ فقال: "السلام عليك يا رسول الله! ربُّ العزَّة يُقرئك السلام، ويقول لك: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ}؛ أي: "يبتغون المعاش في الدنيا"، قال: فبينا جبريل -عليه السلام- والنبي - صلى الله عليه وسلم - يتحدثان؛ إذ ذاب جبريل -عليه السلام- حتى صار مثل الهدرة، قيل: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما الهدرة؟ قال: "العدسة"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لك ذبت حتى صرت مثل الهدرة؟ قال: يا محمد! فتح باب من أبواب السماء ولم يكن فتح قبل ذلك اليوم، وإني أخاف أن يعذب قومك عند تعييرهم إياك بالفاقة"، وأقبل النبي وجبريل -عليه السلام- يبكيان!!، إذ عاد جبريل -عليه السلام- ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 2304) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "دلائل النبوة". (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 234) ونسبه لابن مردويه.

إلى حاله، فقال: "أبشر يا محمد! هذا رضوان خازن الجنة قد أتاك بالرضا من ربك"، فأقبل رضوان حتى سلم، ثم قال: "يا محمد! ربُّ العزَّة يقرئك السلام، ومعه سقط من نور يتلألأ، ويقول لك ربك: هذه مفاتيح خزائن الدنيا مع ما لا ينتقص لك مما عنده في الآخرة مثل جناح بعوضة"، فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جبريل -عليه السلام- كالمستشير به، فضرب جبريل بيده إلى الأرض فقال: "تواضع لله، فقال: يا رضوان! لا حاجة لي فيها؛ الفقر أحبّ إليَّ، وأن أكون عبداً صابراً شكوراً"، فقال رضوان -عليه السلام-: "أصبت أصاب الله بك"، وجاء نداء من السماء فرفع جبريل -عليه السلام- رأسه، فإذا السماوات قد فتحت أبوابها إلى العرش، وأوحى الله -تعالى- إلى جنةِ عدن أن تدلي غصناً من أغصانها عليه عذق عليه غرفة من زبرجدة خضراء، لها سبعون ألف باب من ياقوتة حمراء، فقال جبريل -عليه السلام-: "يا محمد! ارفع بصرك"، فرفع فرأى منازل الأنبياء وغرفهم، فإذا منازله فوق منازل الأنبياء فضلاً له خاصة، ومناد ينادي: "أرضيت يا محمد؟! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: رضيت، فاجعل ما أردت أن تعطيني في الدنيا ذخيرة عندك في الشفاعة يوم القيامة". ويرون أن هذه الآية أنزلها رضوان: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10)} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 224، 225) من طريق إسحاق بن بشر؛ قال: أخبرنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: جويبر؛ ضعيف جداً؛ كما في "التقريب". الثانية: الضحاك لم يلق ابن عباس. الثالثة: إسحاق بن بشر الكاهلي، متروك. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 237) وزاد نسبته لابن عساكر. (تنبيه): تحرف اسم "جويبر" في "أسباب النزول" إلى جوهر؛ فليحرر.

* عن خيثمة؛ قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئت أعطيناك خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم يعط نبي قبلك، ولا يعطاه أحد بعدك، ولا ينقصك ذلك مما لك عند الله شيئاً، وإن شئت جمعتها لك في الآخرة؟ قال: اجمعها لي في الآخرة"؛ فأنزل الله -تعالى-: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: بينما جبريل عند النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ قال: "هذا ملك تدلى من السماء إلى الأرض، ما نزل إلى الأرض قط قبلها، استأذن ربه في زيارتك فأذن له"، فلم يلبث أن جاء، فقال: "السلام عليك يا رسول الله! قال: وعليك السلام، قال: إن الله يخيرك إن شئت أن يعطيك من خزائن كل شيء ومفاتيح كل شيء لم يعط أحداً قبلك، ولا يعطيه أحداً بعدك، ولا ينقصك مما دخر لك عنده شيئاً، فقال: لا، بل يجمعها لي في الآخرة جميعاً"؛ فنزلت: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ} (¬2). * {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20)}. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11/ 509، 510 رقم 11849)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2666 رقم 14991)، والطبري في "جامع البيان" (18/ 140) من طريقين عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن خيثمة به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: حبيب؛ مدلس وقد عنعن. وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 238) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 238) ونسبه لابن مردويه.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن عتبة وشيبة ابني ربيعة، وأبا سفيان بن حرب، والنضر بن الحارث، وأبا البختري، والأسود بن المطلب، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أمية، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل، ونبيه بن الحجاج اجتمعوا؛ فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا منه، فبعثوا إليه: أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك، قال: فجاءهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا له: يا محمد! إنا بعثنا إليك لنعذر منك؛ فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً؛ جمعنا لك من أموالنا، وإن كنت تطلب الشرف؛ فنحن نسوّدك، وإن كنت تريد ملكاً؛ ملكناك؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مالي مما تقولون؟! ما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم؛ ولكن الله بعثني إليكم رسولاً، وأنزل عليّ كتاباً، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً، فبلغتكم رسالة ربي، ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به؛ فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليّ؛ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم"، قالوا: يا محمد! فإن كنت غير قابل منا شيئاً مما عرضنا عليك؛ فسل لنفسك وسل ربك أن يبعث معك ملكاً يصدقك بما تقول، ويراجعنا عنك، وسله أن يجعل لك جناناً وقصوراً من ذهب وفضة تغنيك عما تبتغي؛ فإنك تقوم بالأسواق، وتلتمس المعاش كما نلتمسه؛ حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولاً كما تزعم؛ فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنا بفاعل؛ ما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت إليكم بهذا؛ ولكن الله بعثني بشيراً ونذيراً"؛ فأنزل الله في قولهم ذلك: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ} إلى قوله: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا}؛ أي: جعلت بعضكم لبعض بلاءً لتصبروا، ولو شئت أن أجعل الدنيا مع رسولي

فلا تخالفوه؛ لفعلت (¬1). [ضعيف] * {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان عقبة بن أبي معيط لا يقدم من سفر إلا صنع طعاماً؛ فدعا عليه الناس: جيرانه، وأهل مكة كلهم، وكان يكثر مجالسة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعجبه حديثه ويغلب عليه الشقاء، فقدم ذات يوم من سفره فصنع طعاماً، ثم دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى طعامه، فقال: "ما أنا بالذي آكل من طعامك؛ حتى تشهد أن لا إله إلا الله، وإني رسول الله"، فقال: أطعم يا ابن أخي! قال: "ما أنا بالذي أفعل؛ حتى تقول"؛ فشهد بذلك، فطعم من طعامه، فبلغ ذلك أُبيّ بن خلف، فأتاه، فقال: صبوت يا عقبة! وكان خليله، فقال: لا، والله ما صبوت، ولكن دخل عليَّ رجل فأبى أن يطعم من طعام إلا أن أشهد له، فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم؛ فشهدت له، فطعم؛ فقال: ما أنا بالذي أرضى عنك أبداً حتى تأتيه فتبزق في وجهه وتطأ على عنقه، قال: ففعل به ذلك وأخذ رحم دابة فألقاه بين كتفيه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ألقاك خارجاً من مكة إلا علوت رأسك بالسيف"، فأُسر عقبة يوم بدر؛ فقتل صبراً، ولم يقتل من الأسارى غيره، قتله ثابت بن الأفلح (¬2). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (18/ 145) -وسقط متنه-: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة محمد بن أبي محمد -شيخ ابن إسحاق-. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 236، 237) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 404، 405) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن ابن أبي مُعَيط وأُبيّ بن خلف الجمحي التقيا، فقال عقبة بن أبي مُعَيط لأُبَيّ بن خلف، وكانا خليلين في الجاهلية، وكان أُبَيّ بن خلف أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعرض عليه الإسلام، فلما سمع ذلك عقبة؛ قال: لا أرضى عنك حتى تأتي محمداً فتتفُلُ في وجهه، وتشتمه وتُكَذِّبه، قال: فلم يُسَلِّط الله على ذلك، فلما كان يوم بدر؛ أُسِرَ عقبة بن أبي معيط في الأُسارى، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليَّ بن أبي طالب أن يقتله، فقال عقبة: يا محمد! مِنْ بين هؤلاء أُقتل؟ قال: "نعم"، قال: لِمَ؟ قال: "بكفرك، وفجورك، وعُتُوّك على الله ورسوله"، قال معمر: وقال مقسم: فبلغنا -والله أعلم- أنه قال: فمَن للصبية؟ قال: النار، قال: فقام إليه علي بن أبي طالب فضرب عنقه. وأمَّا أُبَيَّ بن خلف؛ فقال: والله لأقتلنَّ محمداً، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "بل أنا أقتله إن شاء الله"، قال: فانطلق رجل ممن سمع ذلك مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أُبَيّ بن خلف، فقيل: إنَّه لَمّا قيل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ما قلتَ؛ قال: "بل أنا أقتله إن شاء الله"، فأفزعه ذلك، وقال: أنْشُدُك بالله أسمعته يقول ذلك؟ قال: نعم، فوقعت في نفسه؛ لأنهم لم يسمعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول قولاً إلا كان حقاً. فلما كان يوم أُحد؛ خرج أُبَيّ بن خلف مع المشركين، فجعل يلتمس غفلة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليحمل عليه، فيحُول رجل من المسلمين بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال لأصحابه: "خَلُّوا عنه"، فأخذ الحربة فجزله بها (¬1) -يقول: رماه بها- فيقع في ترقوته، تحت تسبغة البيضة، وفوق الدرع، فلم يخرج منه كبير دم، واحتقن الدم في جوفه، فجعل يخور كما يخور الثور، فأقبل أصحابه، حتى احتملوه وهو يخور، وقالوا: ما هذا؟ فوالله ما بك إلا خدش، فقال: والله؛ لو لم ¬

_ = قلنا: من دون ابن عباس كلهم كذابون. (¬1) انظر: التعليق على المصنف.

يصيبني إلا بريقه لقتلني، أليس قد قال: "أنا أقتله إن شاء الله"، والله؛ لو كان ما بي بأهل [ذي] المجاز لقتلهم، قال: فما لبث إلا يوماً أو نحو ذلك حتى مات إلى النار؛ فأنزل الله فيه: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} إلى قوله: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (¬1). [ضعيف] * عن سعيد بن المسيب؛ قال: نزلت في أُمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط، {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ}؛ قال: هذا عقبة، {لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا}؛ قال: أمية، وكان عقبة خدناً لأمية، فبلغ أمية أن عقبة يريد الإِسلام، فأتاه، وقال: وجهي من وجهك حرام إن أسلمت أن أكلمك أبداً، ففعل؛ فنزلت هذه الآية فيهما (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5/ 355 - 357 رقم 9731)، و"التفسير" (2/ 68، 69): نا معمر عن عثمان الجزري عن مقسم مولى ابن عباس [عن ابن عباس]. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ عثمان هو ابن عمرو بن ساج الجزري ضعيف؛ كما في "التقريب"، وما بين المعكوفتين زيادة من التفسير. ثم أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 68) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (19/ 6) -: نا معمر عن قتادة وعثمان الجزري عن مقسم مولى ابن عباس؛ قال: اجتمع عقبة بن أبي معيط وأُبيّ بن خلف وكانا خليلين، فقال أحدهما لصاحبه: بلغني أنك أتيت محمداً فاستمعت منه، والله؛ لا أرضى عنك حتى تتفل في وجهه وتكذبه، فلم يسلطه الله على ذلك، فقتل عقبة يوم بدر صبراً، وأما أُبيّ بن خلف؛ فقتله النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده يوم أُحد في القتال، وهما اللذان أنزل الله فيهما: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)}. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وهو أصح من الذي قبله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 251) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2686 رقم 15106) من طريق هشيم: أنبأ علي بن زيد عن سعيد بن المسيب به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: =

* عن عمرو بن ميمون في قوله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ}؛ قال: نزلت في عقبة بن أبي معيط، وأُبيّ بن خلف، دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على عقبة في حاجة وقد صنع طعاماً للناس، قال: فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى طعامه، فقال: "قد علمت أني لا أكل طعامك، ولسْتَ على ديني"، قال: "لا، حتى تسلم"؛ فأسلم وجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكل وبلغ الخبر أبيّ بن خلف، فأتى عقبة فذكر له ما صنع، فقال له عقبة: أترى مثل محمد يدخل منزلي وفيه طعام، ثم يخرج ولا يأكل! قال أبي: فوجهي من وجهك حرام حتى ترجع إليه وتتفل في وجهه وترجع عما دخلت فيه، قال: فجاء ففعل ذلك ونزل القرآن: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} قال: عقبه (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن رجلاً من قريش (وفي رواية: عقبة بن أبي معيط) كان يغشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلقيه رجل آخر من قريش (وفي رواية: أمية بن خلف) -وكان له صديقاً- فلم يزل به حتى صرفه وصدّه عن غشيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله فيهما ما تسمعون (¬2). [ضعيف] ¬

_ = الأولى: الإرسال. الثانية: علي بن زيد بن جدعان؛ ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 252) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2684 رقم 15095، ص 2685 رقم 15102) من طريق معاوية بن حفص عن هشيم عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون به. وقال: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: هشيم؛ مدلس، وقد عنعن. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2684 رقم 15096) من طريق يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 253) وزاد نسبته لعبد بن حميد. وهذه كلها مراسيل ومقاطيع لا تقوم بها حجة.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: هو أُبيّ بن خلف كان يحضر النبي - صلى الله عليه وسلم - فزجره عقبة بن أبي معيط (¬1). [ضعيف جداً] * وعنه؛ قال: كان أُبيّ بن خلف يحضر النبي - صلى الله عليه وسلم - فزجره عقبة بن أبي معيط؛ فنزل: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ. . .}، قال: الظالم: عقبة، وفلاناً خليلاً: أُبيّ بن خلف (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن أبا معيط كان يجلس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة لا يؤذيه، وكان رجلاً حليماً، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه، وكان لأبي معيط خليل غائب عنه بالشام، فقالت قريش: صبا أبو معيط، وقدم خليله من الشام ليلاً، فقال لامرأته: ما فعل محمد مما كان عليه؟ فقالت: أشد مما كان أمراً، فقال: ما فعل خليلي أبو معيط؟ فقال: صبأ، فبات بليلة سوء، فلما أصبح؛ أتاه أبو معيط فحياه، فلم يرد عليه التحية، فقال: ما لك لا ترد عليَّ تحيتي؟ فقال: كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت؟ قال: أو قد فعلتها قريش؟! قال: نعم، قال: فما يُبرئ صدورهم إن أنا معك؟ قال: نأتيه في مجلسه، وتبصق في وجهه، ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (19/ 6)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2684 رقم 1097) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء. قلنا: وسنده ضعيف جداً. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (19/ 6) من طريق سنيد صاحب "التفسير": ثني حجاج عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى والثانية: عطاء هذا؛ صدوق يهم كثيراً، وكان يرسل ويدلس؛ كما في "التقريب"، ولم يسمع من أحد من الصحابة. الثالثة: ابن جريج مدلس وقد عنعن. الرابعة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 251) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

وتشتمه بأخبث ما تعلمه من الشتم؛ ففعل؛ فلم يزد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مسح وجهه من البصاق، ثم التفت إليه فقال: إن وجدتك خارجاً من جبال مكة أضرب عنقك صبراً". فلما كان يوم بدر، وخرج أصحابه؛ أبى أن يخرج، فقال له أصحابه: أخرج معنا، قال: قد وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجاً في جبال مكة أن يضرب عنقي صبراً، فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك، فلو كانت الهزيمة طرف عليه، فخرج معهم، فلما هزم الله المشركين، وحلَّ به جمله في جدد من الأرض؛ أخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسيراً في سبعين من قريش، وقدم إليه أبو معيط فقال: تقتلني من بين هؤلاء؟ قال: "نعم؛ بما بصقت في وجهي"؛ فأنزل الله في أبي معيط: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} إلى قوله: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (¬1). * عن السدي: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)}؛ قال: نزلت في عقبة بن أبي معيط، كان قد غشي مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهَمّ أن يسلم، فلقيه أمية بن خلف؛ فقال: يا عقبة! بلغني أنك قد صبوت فتبعت محمداً، فقال: فعلت، قال: فوجهي من وجهك حرام حتى تأتيه فتتفل في وجهه وتتبرأ منه؛ فيعلم قومك أنك عدو لمن عاداهم، وفرق عليهم جماعتهم، فأطاعه، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فتفل في وجهه، وتبرأ منه، فاشتد ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيه، يخبر بما هو صائر إليه من الندامة وتبرؤه من خليله أمية بن خلف؛ فقال: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 250) ونسبه إلى ابن مردويه وأبي نعيم الأصبهاني في "الدلائل"، وقال: "بسند صحيح". (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2685 رقم 15103) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

* عن مجاهد؛ قوله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ}: عقبة بن أبي معيط دعا مجلساً فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لطعام، فأبى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأكل، وقال: "لا آكل حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، فقال: ما أنت بآكل حتى أشهد؟ قال: "نعم" قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فلقيه أمية بن خلف، فقال: أقد صبوت؟ قال: إني أخالك على ما تعلم، ولكن صنعت طعاماً فأبى أن يأكل حتى أقول ذلك؛ فقلته وليس من نفسي (¬1). [ضعيف] * {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال المشركون: إن كان محمد كما يزعم نبياً فلم يعذبه ربه؛ ألا ينزل عليه القرآن جملة واحدة؟ ينزل عليه الآية والآيتين والسورة؟!؛ فأنزل الله على نبيه جواب ما قالوا: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} إلى {وَأَضَلُّ سَبِيلًا} (¬2). [حسن] * {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}؛ قال: كان الرجل يعبد الحجر الأبيض زماناً من الدهر في ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2683، 2684)، والطبري في "جامع البيان" (19/ 7) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2689 رقم 15126)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "لباب النقول" (ص 163)، و"الدر المنثور" (6/ 254) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 119، 120 رقم 119) - من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة القمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن. وزاد السيوطي نسبته للحاكم، ولم نره فيه.

الجاهلية، فإذا وجد حجراً أحسن منه؛ رمى به، وعبد الآخر؛ فأنزل الله الآية (¬1). [حسن] * عن أبي رجاء العطاردي؛ قال: كانوا في الجاهلية يأكلون الدم بالعلهز ويعبدون الحجر، فإذا وجدوا ما هو أحسن منه؛ رموا به وعبدوا الآخر، فإذا فقدوا الآخر؛ أمروا منادياً فنادى: أيها الناس! إن إلهكم قد ضل فالتمسوه؛ فأنزل الله هذه الآية: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} (¬2). * {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)}. * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: سألت -أو سئل- رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الذنب عند الله أكبر؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك"، قلت: ثم أي؟ قال: "ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك"، قلت: ثم أي؟ قال: "أن تزاني بحليلة جارك"، قال: ونزلت هذه الآية تصديقاً لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2699 رقم 15199)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 260) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 120، 121 رقم 120) من طريق أشعث القمي عن جعفر القمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده حسن. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 260) ونسبه لابن مردويه. (¬3) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4477، 4761، 6001، 6811، 7520، =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن ناساً من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمداً - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إن الذي تقول وتدعو لحسن، ولو تخبرنا أنَّ لِمَا عملنا كفارة؛ فنزل: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)}، ونزل: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ} [الزمر: 53] (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل؟ قال: "الصلوات لمواقيتهن"، قلت: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين"، قلت: ثم أي؟ قال: "ثم الجهاد في سبيل الله"، ولو استزدته لزادني، وسألته: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: "الشرك بالله"، قلت: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك". فما لبثنا إلا يسيراً حتى أنزل الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} (¬2). ¬

_ = 7532)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 86، 141، 142) وغيرهما من حديث ابن مسعود به. (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4810)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 122/ 193). وفي رواية للبخاري في "صحيحه" (رقم 4765)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 3023/ 19)؛ أنه قال: نزلت هذه الآية بمكة: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إلى قوله: {مُهَانًا}، فقال المشركون: وما يغني عنا الإِسلام؛ وقد عدلنا بالله، وقد قتلنا النفس التي حرم الله، وأتينا الفواحش؟ فأنزل الله -عزَّ وجلّ-: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} إلى آخر الآية. قال: فأما من دخل في الإِسلام وعقله ثم قتل؛ فلا توبة له. وفي رواية للبخاري في "صحيحه" (رقم 4766)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 3023/ 18) بلفظ: "نزلت في أهل الشرك". (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 277) ونسبه لابن مردويه.

* عن سعيد بن جبير؛ قال: نزلت {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إلى آخر الآية في وحشي وأصحابه، قالوا: كيف لنا بالتوبة وقد عبدنا الأوثان، وقتلنا المؤمنين، ونكحنا المشركات؟ فأنزل الله فيهم: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}؛ فأبدلهم الله بعبادة الأوثان عبادة الله، وأبدلهم بقتالهم مع المشركين قتالاً مع المسلمين للمشركين، وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات (¬1). [ضعيف] * عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إلى قوله: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا}، فقال المشركون: ولا والله ما كان هؤلاء الذين مع محمد إلا معنا، قال: فأنزل الله: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ}، قال: تاب من الشرك وآمن، قال: بعقاب الله ورسوله {وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا}، قال: صدق، {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} قال: يبدل الله أعمالهم السيئة التي كانت في الشرك بالأعمال الصالحة حين دخلوا في الإيمان (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (19/ 29)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2734 رقم 15434) من طريق يعقوب عن جعفر عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: جعفر بن أبي المغيرة ليس بالقوي في سعيد بن جبير؛ كما قال ابن منده. الثانية: الإرسال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 278) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (19/ 30): ثنا يونس ثنا ابن وهب عن عبد الرحمن به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: عبد الرحمن؛ متروك الحديث. الثانية: الإعضال.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قرأناها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنين: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} الآية، ثم نزلت: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ}؛ فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج فرحاً قط أشد فرحاً منه بها، وبـ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] (¬1). [ضعيف] * عن الضحاك يقول في قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} وهذه الآية مكية نزلت بمكة، {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ}؛ يعني: الشرك والقتل والزنا جميعاً، لما أنزل الله الآية؛ قال المشركون من أهل مكة: يزعم محمد أن من أشرك وقتل وزنى؛ فله النار، وليس له عند الله خير؛ فأنزل: {إِلَّا مَنْ تَابَ} من المشركين من أهل مكة {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}، يقول: يبدل الله مكان الشرك والقتل والزنا؛ الإيمان بالله والدخول في الإِسلام، وهو التبديل في الدنيا؛ وأنزل الله في ذلك: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الزمر: 53]؛ يعنيهم بذلك: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}؛ يعني: ما كان في الشرك، يقول الله لهم: أنيبوا إلى ربكم وأسلموا له، يدعوهم إلى الإِسلام. فهاتان الآيتان مكيتان، والتي في [النساء: 93]: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} الآية، هذه مدنية نزلت بالمدينة، وبينها وبين التي ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (5/ 368 رقم 5579) من طريق علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس به. قلت: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: علي بن زيد بن جدعان؛ ضعيف. الثانية: يوسف بن مهران؛ قال عنه الحافظ في "التقريب": "لم يرو عنه إلا ابن جدعان، وهو لين الحديث". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 196): "بسند حسن"،! وهذا وهم وتساهل منه -رحمه الله- لما تقدم ذكره.

نزلت في الفرقان ثمان سنين وهي مبهمة ليس منها مخرج (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى وحشي قاتل حمزة يدعوه إلى الإسلام، فأرسل إليه: يا محمد! كيف تدعوني إلى دينك وأنت تزعم أن من قتل أو أشرك أو زنا يلق آثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً، وأنا قد صنعت ذلك؟ فهل تجد لي من رخصة؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)}، فقال وحشي: يا محمد! هذا شرط شديد {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا}، فلعلي لا أقدر على هذا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، فقال وحشي: يا محمد! أرى بعد مشيئة، فلا أدري يغفر لي أم لا؟ فهل غير هذا؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)}، قال وحشي: هذا، فجاء فأسلم، فقال الناس: يا رسول الله! إذا أصبنا ما أصاب وحشي؟ قال: "هي للمسلمين عامة" (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما نزلت: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}؛ اشتد ذلك على المسلمين، فقالوا: ما منا أحد إلا أشرك وقتل وزنى؛ فأنزل الله: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا. . .} [الزمر: 53]، يقول: ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (19/ 30) بسند ضعيف؛ لإعضاله. (¬2) أخرجه الطبراني في "الكبير" (11/ 157، 158 رقم 11480). قلنا: فيه أبين بن سفيان؛ قال البخاري: "لا يكتب حديثه"، وقال الدارقطني: "ضعيف له مناكير"، واتهمه ابن حبان، وضعفه ابن عدي والذهبي وغيرهما. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 101): رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه أبين بن سفيان، ضعفه الذهبي". وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 227) من طريق آخر فيه مجاهيل.

لهؤلاء الذين أصابوا هذا في الشرك، ثم نزلت بعده: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}؛ فأبدلهم الله بالكفر الإِسلام، وبالمعصية الطاعة، وبالإنكار المعرفة، وبالجهاله العلم (¬1). * عن عامر الشعبي: أنه سئل عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}؛ قال: هؤلاء كانوا في الجاهلية فأشركوا، وقتلوا، وزنوا، فقالوا: لن يغفر الله لنا؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِلَّا مَنْ تَابَ}، قال: كانت التوبة والإيمان والعمل الصالح، وكان الشرك والقتل والزنا، كانت ثلاث مكان ثلاث (¬2). [ضعيف] * عن أبي مالك؛ قال: لما نزلت: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}؛ قال بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: كنا أشركنا في الجاهلية، وقتلنا؛ فنزلت: {إِلَّا مَنْ تَابَ} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 278) ونسبه لابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 278، 279) ونسبه لعبد بن حميد. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 279) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2732 رقم 15420) من طريق حصين عن أبي مالك به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

سورة الشعراء

سورة الشعراء. * {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207)}. * عن أبي جهضم؛ قال: رؤي النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنه متحير؛ فسألوه عن ذلك، فقال: "ولم. .! ورأيت عدوي يلون أمر أمتي من بعدي"؛ فنزلت: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207)} (¬1). [ضعيف] * {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)}. * عن ابن جريج: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)}؛ بدأ بأهل بيته وفصيلته، فشق ذلك على المسلمين؛ فأنزل الله: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 164)، و"الدر المنثور" (6/ 323) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (19/ 75) من طريق سنيد صاحب "التفسير": ثني حجاج عن ابن جريج به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: سنيد ضعيف؛ كما في "التقريب". الثانية: الإعضال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 330) وزاد نسبته لابن المنذر.

* {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: تهاجى رجلان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أحدهما من الأنصار، والآخر من قوم آخرين، وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه وهم السفهاء؛ فأنزل الله: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عكرمة؛ قال: تهاجى شاعران في الجاهلية، وكان مع كل واحد منهما فئام من الناس؛ فأنزل الله: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)} (¬2). [ضعيف] * عن عروة؛ قال: لما نزلت: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224)}؛ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (19/ 78)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 2833/ 16064)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "اللباب" (ص 164)، و"الدر المنثور" (6/ 333) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء. قلنا: وسنده ضعيف جداً. وأخرج الطبري (19/ 78) نحوه عن الضحاك. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 2832/ 16054) من طريق سفيان بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله أني منهم؛ فأنزل الله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} حتى ختم الآية (¬1). [ضعيف] * عن أبي الحسن سالم البراد؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224)}؛ جاء عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وحسان بن ثابت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يبكون، فقالوا: يا رسول الله! أنزل الله هذه الآية وهو يعلم أنا شعراء، فقال: "اقرءوا ما بعدها: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (¬2). [ضعيف] * عن أبي الحسن مولى بني نوفل: أن حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أنزلت هذه الآية: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224)} يبكيان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرؤها عليهما: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/ 528)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ رقم 16069) من ثلاثة طرق عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 334) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن عساكر. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8/ 706، 707 رقم 6102)، والطبري في "جامع البيان" (19/ 79)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ رقم 16068) من طريق ابن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي الحسن به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل: الأولى: ابن إسحاق؛ مدلس، وقد عنعن. الثانية: أبو الحسن البراد؛ ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، والبخاري في "التاريخ الكبير"، وكذا ابن حبان في "الثقات"، ولم يذكروا عنه راوياً إلا يزيد ذا؛ فهو مجهول. الثالثة: الإرسال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 334) وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي داود في "ناسخه" وابن المنذر وابن مردويه.

{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ في كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)}، قال: "أنتم" (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 16067) عن أبي سعيد الأشج عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن يزيد بن عبد الله عن أبي الحسن به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد؛ رجاله ثقات؛ غير الوليد، وهو صدوق؛ كما في "التقريب". وأبو الحسن ذا؛ روى عنه الزهري وعمر بن معتب ويزيد بن عبد الله بن قسيط، ووثقه أبو حاتم الرازي وأبو زرعة؛ كما في "الجرح والتعديل" (9/ 356 رقم 1608)، وهذا مما فات المزي في "تهذيب الكمال" (33/ 246) فلم يذكر توثيقه عن أحد!! وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- عنه في "التقريب": "مقبول! "، وقال الذهبي في "الميزان" (4/ 514): "لا يدري منه هو؟! ". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 334) وزاد نسبته لعبد بن حميد. ومن الملاحظ أن هذه مراسيل لا تقوم بها حجة. ولذلك قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 367) -بعد أن ذكر عن بعض الصحابة والتابعين: أن حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة مستثنى من هذا-: "ولا شك أنه استثناء، ولكن هذه السورة مكية؛ فكيف يكون سبب نزول هذه الآية في شعراء الأنصار؟! وفي ذلك نظر، ولم يتقدم إلا مرسلات لا يعتمد عليها -والله أعلم-".

سورة النمل

سورة النمل. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: أنزلت سورة النمل بمكة. * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- مثله (¬1). ¬

_ (¬1) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 340) وزاد نسبة الأول لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". وزاد الثاني لابن مردويه وحده.

سورة القصص

سورة القصص. * {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)}. * عن رفاعة القرظي -رضي الله عنه-؛ قال: نزلت هذه الآية في عشرة، أنا أحدهم: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)} (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (20/ 56)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" (2/ 339/ 691) والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 53 رقم 4563، 4564)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 2987 - 2988)، وأبو موسى المديني الحافظ في "الصحابة"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2/ 180 رقم 2732) -ومن طريقهما ابن الأثير في "أسد الغابة" (2/ 80) -، والبارودي في "معجم الصحابة"؛ كما في "الإصابة" (1/ 519)، وابن منده في "المعرفة"؛ كما في "أسد الغابة" (2/ 80) من طريق حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن رفاعة به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 88): "رواه الطبراني بإسنادين، أحدهما متصل ورجاله ثقات -وهو هذا-، والآخر منقطع الإسناد". اهـ. وقال السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 422) -بعد أن زاد نسبته لابن أبي شيبة =

* عن علي بن رفاعة؛ قال: خرج عشرة رهط من أهل الكتاب، منهم: رفاعة -يعني: أباه- إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمنوا؛ فأوذوا؛ فنزلت: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)}. وفي رواية: كان أبي من الذين آمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب، وكانوا عشرة، فلما جاءوا؛ جعل الناس يستهزئون بهم ويضحكون منهم؛ فأنزل الله: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)} (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52)}؛ قال: كنا نحدث أنها نزلت في أناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق يأخذون بها وينتهون إليها، حتى بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - فآمنوا به وصدقوا به، فأعطاهم الله أجرهم مرتين؛ بصبرهم على الكتاب الأول، واتباعهم محمداً - صلى الله عليه وسلم -، وصبرهم على ذلك، وذكر أن منهم سلمان وعبد الله بن سلام (¬2). [ضعيف] ¬

_ = وابن المنذر وابن قانع في "معجم الصحابة" وابن مردويه-: "بسند جيد". (¬1) أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (6/ 274، 275 رقم 2388)، والطبري في "جامع البيان" (20/ 56)، وأبو موسى المديني الحافظ؛ كما في "أسد الغابة" (3/ 587) من طرق عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن علي به. قلنا: وهذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات؛ لكن صورته صورة المرسل؛ لأن علياً لم يشهد ما حَدَثَ مع أبيه، فعلى هذا يكون الحديث مرسلاً، والمرسل من قسم الضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 422) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (20/ 56، 57) بسند حسن إلى قتادة. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. =

* عن سلامة العجلي؛ قال: جاء ابن أخت لي من البادية، يقال له: قدامة، فقال لي ابن أختي: أحب أن ألقى سلمان الفارسي؛ فأسلم عليه، فخرجنا إليه فوجدناه بالمدائن وهو يومئذ على عشرين ألفاً، ووجدناه على سرير يسف (¬1) خوصاً فسلمنا عليه، قلت: يا أبا عبد الله! هذا ابن أخت لي قدم عليّ من البادية، فأَحبَّ أن يسلم عليك، قال: وعليه السلام ورحمة الله، قلت: يزعم أنه يحبك، قال: أحبه الله، قال: فتحدثنا، وقلنا له: يا أبا عبد الله! ألا تحدثنا عن أصلك، وممن أنت؟ قال: أما أصلي وممن أنا؛ فأنا رجل من أهل رامهرمز كنا قوماً مجوساً، فأتانا رجل نصراني من أهل الجزيرة كانت أمه منا، فنزل فينا واتخذ فينا ديراً، قال: وكنت في كُتَّاب الفارسية، وكان لا يزال غلام معي في الكُتَّاب يجيء مضروباً يبكي قد ضربه أبواه، فقلت له يوماً: ما يبكيك؟ قال: يضربني أبواي، قلت: ولِمَ يضربانك؟ قال: آتي صاحب هذا الدير، فإذا علما ذلك ضرباني، وأنت لو أتيته سمعت منه حديثاً عجيباً، قلت: فاذهب بي معك، فأتيناه فحدثنا عن بدء الخلق، وعن بدء خلق السماء والأرض، وعن الجنة والنار، فحدثنا بأحاديث عجيب، قال: وكنت اختلف إليه معه، قال: ففطن لنا غلمان من الكُتَّاب، فجعلوا يجيئون معنا، فلما رأى ذلك أهل القرية أتوه، فقالوا له: يا هذا إنك قد جاورتنا، فلم تر من جوارنا إلا الحسن، وإنا نرى غلماننا يختلفون إليك، ونحن نخاف أن تفسدهم علينا، اخرج عنا، قال: نعم. فقال لذلك الغلام الذي كان يأتيه: اخرج معي، قال: لا أستطيع ذاك؛ وقد علمت شدة أبويَّ عليَّ، قلت: لكني أنا أخرج معك، وكنت ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 422) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬1) ينسج.

يتيماً لا أب لي، فخرجت معه، فأخذنا جبل رامهرمز فجعلنا نمشي ونتوكل، ونأكل من ثمر الشجر، حتى قدمنا الجزيرة، فقدمنا نصيبين، فقال لي صاحبي: يا سلمان! إن ههنا قوماً هم عباد أهل الأرض، وأنا أحب أن ألقاهم، قال: فجئنا إليهم يوم الأحد وقد اجتمعوا، فسلم عليهم صاحبي فحيوه وبشوا به، وقالوا: أين كانت غيبتك؟ قال: كنت في إخوان لي من قبل فارس، فتحدثنا ما تحدثنا، ثم قال لي صاحبي: قم يا سلمان! انطلق، فقلت: لا، دعني مع هؤلاء، قال: إنك لا تطيق ما يطيق هؤلاء، يصومون الأحد إلى الأحد، ولا ينامون هذا الليل، وإذا فيهم رجل من أبناء الملوك ترك الملك ودخل في العبادة، فكنت فيهم حتى أمسينا، فجعلوا يذهبون واحداً واحداً إلى غاره الذي يكون فيه، قال: فلما أمسينا قال ذلك الرجل الذي من أبناء الملوك: هذا الغلام ما يصنع؟ ليأخذه رجل منكم، فقالوا: خذه أنت، فقال لي: هلم يا سلمان! فذهب بي معه حتى أتى غاره الذي يكون فيه، فقال: يا سلمان! هذا خبز وهذا أدم، فكل إذا غرثت، وصم إذا نشطت، وصل ما بدا لك، ونم إذا كسلت، ثم قام في صلاته فلم يكلمني إلا ذلك، ولم ينظر إلى فأخذني الغم تلك السبعة أيام لا يكلمني أحد، حتى كان الأحد، فانصرف إليَّ، فذهبنا إلى مكانهم الذي كانوا يجتمعون، قال: وهم يجتمعون كل أحد يفطرون فيه، فيلقى بعضهم بعضاً، فيسلم بعضهم على بعض، ثم لا يلتقون إلى مثله، قال: فرجعنا إلى منزلنا، فقال لي مثل ما قال لي أول مرة: هذا خبز وأدم، فكل منه إذا غرثت، وصم إذا نشطت، وصل ما بدا لك، ونم إذا كسلت، ثم دخل في صلاته فلم يلتفت إليَّ ولم يكلمني إلى الأحد الآخر، وأخذني غم وحدثت نفسي بالفرار، فقلت: أصبر أحدين أو ثلاثة، فلما كان يوم الأحد رجعنا إليهم، فأفطروا واجتمعوا، فقال لهم: إني أريد بيت المقدس، فقالوا له: وما تريد إلى ذلك؟ قال: لا عهد لي به، قالوا: إنا نخاف أن يحدث بك حدث؛ فيليك غيرك، وكنا

نحب أن نليك، قال: لا عهد لي به، فلما سمعته يذكر ذلك فرحت، قلت: نسافر ونلقى الناس، فيذهب عني الغم الذي كنت أجد، فخرجت أنا وهو، وكان يصوم من الأحد إلى الأحد، ويصلي الليل كله، ويمشي النهار، فإذا نزلنا قام يصلي، فلم يزل ذلك حتى انتهينا إلى بيت المقدس، وعلى الباب رجل مقعد يسأل الناس، فقال: أعطني، فقال: ما معي شيء، فدخلنا بيت المقدس، فلما رآه أهل بيت المقدس بشوا إليه واستبشروا به، فقال لهم: غلامي هذا فاستوصوا به، فانطلقوا بي، فأطعموني خبزاً ولحماً، ودخل في الصلاة فلم ينصرف إليَّ حتى كان يوم الأحد الآخر، ثم انصرف فقال لي: يا سلمان! إني أريد أن أضع رأسي، فإذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني، فوضع رأسه فنام، فبلغ الظل الذي قال، فلم أوقظه مأواة مما رأيت من اجتهاده ونصبه، فاستيقظ مذعوراً، فقال: يا سلمان! ألم أكن قلت لك: إذا بلغ الظل كذا وكذا فأيقظني؟ قلت: بلى، ولكن إنما منعني مأواة لك لما رأيت من دأبك، قال: ويحك يا سلمان! إني أكره أن يفوتني شيء من الدهر لم أعمل فيه لله خيراً، ثم قال لي: يا سلمان! اعلم أن أفضل ديننا اليوم النصرانية، قلت: ويكون بعد اليوم دين أفضل من النصرانية؟ كلمة ألقيت على لساني، قال: نعم، يوشك أن يبعث نبي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة، فإذا أدركته فأتبعه وصدقه، قلت: وإن أمرني أن أدع النصرانية؟ قال: نعم؛ فانه نبي لا يأمر إلا بحق، ولا يقول إلا حقاً، والله؛ لو أدركته ثم أمرني أن أقع في النار لوقعتها، ثم خرجنا من بيت القدس، فمررنا على ذلك المقعد، فقال له: دخلت فلم تعطني، وهذا الخروج فأعطني، فالتفت فلم يَرَ حوله أحداً، قال: فأعطني يدك، فأخذه بيده، فقال: قم بإذن الله، قال: فقام صحيحاً سوياً فتوجه نحو أهله، فأتبعته بصري تعجباً مما رأيت وخرج صاحبي، فأسرع المشي وتبعته، فتلقاني رفقة كلب أعراب، فسبوني فحملوني على بعير وشدوني وثاقاً،

فتداولني البياع حتى سقطت إلى المدينة فاشتراني رجل من الأنصار، فجعلني في حائط له من نخل فكنت فيه، قال: ومن ثم تعلمت عمل الخوص أشتري خوصاً بدرهم، فأعمله فأبيعه بدرهمين، فأرد درهماً في الخوص واستنفق درهماً، أحب أن آكل من عمل يدي، وهو يومئذ أمير على عشرين ألفاً. فبلغنا ونحن بالمدينة أن رجلاً قد خرج بمكة يزعم أن الله -عزّ وجلّ- أرسله، فمكثنا ما شاء الله أن نمكث، فهاجر إلينا، وقدم علينا، فقلت: والله لأجربنه، فذهبت إلى السوق فاشتريت لحم جزور بدرهم، ثم طبخته، فجعلت قصعة من ثريد، فاحتملتها حتى أتيته بها على عاتقي حتى وضعتها بين يديه، فقال: "ما هذه أصدقة أم هدية؟ "، قلت: بل صدقة، فقال لأصحابه: "كلوا، بسم الله"، وأمسك ولم يأكل، فمكثت أياماً، ثم اشتريب لحماً أيضاً بدرهم، فأصنع مثلها فاحتملتها حتى أتيته بها، فوضعتها بين يديه، فقال: "ما هذه؟ هدية أم صدقة؟ "، قلت: لا، بل هدية، فقال لأصحابه: "كلوا، بسم الله"، وأكل معهم، قلت: هذا والله يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، فنظرت؛ فرأيت بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة؛ فأسلمت، ثم قلت له ذات يوم: يا رسول الله! أي قوم النصارى؟ قال: "لا خير فيهم"، وكنت أحبهم حباً شديداً؛ لما رأيت من اجتهادهم، ثم إني سألته بعد أيام: يا رسول الله! أي قوم النصارى؟ قال: "لا خير فيهم ولا فيمن يحبهم"، قلت في نفسي: فأنا والله أحبهم، قال: وذاك والله حين بعث السرايا وجرد السيف، فسرية تدخل وسرية تخرج، والسيف يقطر، قلت: يحدث بي الآن أني أحبهم، فيبعث إليَّ فيضرب عنقي، فقعدت في البيت، فجاءني الرسول ذات يوم فقال: "يا سلمان! أجب"، قلت: من؟ قال: "رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، قلت: هذا والله الذي كنت أحذر، قلت: نعم حتى ألحقك، قال: "لا والله، حتى تجيء"، وأنا أحدث نفسي أن لو ذهب أن أفر، فانطلق بي فانتهيت إليه،

فلما رآني تبسم وقال لي: "يا سلمان! أبشر فقد فرج الله عنك"، ثم تلا عليَّ هؤلاء الآيات: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55)}، قلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لقد سمعته يقول: لو أدركته فأمرني أن أقع في النار لوقعتها، إنه نبي لا يقول إلا حقاً ولا يأمر إلا بالحق (¬1). [ضعيف] * وعنه -أيضاً-؛ قال: تداولتني الموالي حتى وقعت بيثرب، فلما يكن في الأرض قوم أحب إليَّ من النصارى، ولا دين أحب إليَّ من النصرانية؛ لما رأيت من اجتهادهم، فبينا أنا كذلك؛ إذ قالوا: قد بُعث في العرب نبيٌّ، ثم قالوا: قدم المدينة فأتيته فجعلت أسأله عن النصارى، قال: "لا خير في النصارى، ولا أحب النصارى"، قال: فأخبرته أن صاحبي قال: لو أدركته فأمرني أن أقع النار لوقعها، قال: وكنت قد استهترت بحب النصارى، فحدثت نفسي بالهرب، وقد جرّد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 241، 245 رقم 6110، 25/ 186 - 190 رقم 8) -ومن طريقه الخطيب "تاريخ بغداد" (9/ 198 - 220 رقم 477) - من طريق مسلمة بن علقمة المازني ثنا داود بن أبي هند عن سماك بن حرب عن سلامة العجلي عن سلمان به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ سلامة بن روح؛ مجهول لم يرو عنه إلا سماك بن حرب. قال الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (1/ 537): "غريب جداً، وسلامة لا يعرف". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 343): "رواه الطبراني؛ ورجاله رجال الصحيح؛ غير سلامة العجلي، وقد وثقه ابن حبان".

السيف، فأتاني آت فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوك، فقلت: اذهب حتى أجيء، وأنا أحدث نفسي بالهرب، قال لي: لن أفارقك حتى أذهب بك إليه، فانطلقت به، فلما رآني، قال: "قد أنزل الله عذرك: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52)} (¬1). * عن مجاهد: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ. . .}؛ قال: أناس من أهل الكتاب أسلموا، فكان أناس من اليهود إذا مروا عليهم سبوهم؛ فأنزل الله هذه الآية فيهم (¬2). [ضعيف] * وعنه في قوله: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}، قال: نزلت في قوم كانوا مشركين فأسلموا، فكان قومهم يؤذونهم (¬3). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير؛ قال: لما أتى جعفر وأصحابه النجاشي أنزلهم وأحسن إليهم، فلما أرادوا أن يرجعوا؛ قال: من آمن من أهل مملكته: ائذن لنا فلنصحب هؤلاء في البحر، ونأتي هذا النبي فنحدث به عهداً، فانطلقوا فقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فشهدوا معه أُحداً وخيبر ولم ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 423) ونسبه لابن مردويه. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 2993) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 427) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (20/ 58): ثنا ابن وكيع ثنا ابن عُيينة عن منصور عن مجاهد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ سفيان بن وكيع؛ ضعيف، فإن توبع؛ صح السند لمجاهد، وتبقى علة الإرسال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 427) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر.

يصب أحد منهم، فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ائذن لنا فلنأت أرضنا؛ فإن لنا أموالاً فنجيء بها فننفقها على المهاجرين؛ فإنا نرى بهم جهداً، فأذن لهم فانطلقوا؛ فجاؤوا بأموالهم، فأنفقوها على المهاجرين؛ فأنزلت فيهم الآية: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)} (¬1). [ضعيف] * {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)}. * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمه عند الموت: "قل: لا إله إلا الله؛ أشهد لك بها يوم القيامة"، فأبى؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} (¬2). [صحيح] * عن المسيب بن حزن -رضي الله عنه-؛ قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة؛ جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال: "أي عم! قل: لا إله إلا الله؛ كلمة أحاج لك بها عند الله"، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: أترغب عن ملة ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 2992) من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله. وأخرج (9/ 2988) من هذه الطريق عن سعيد بن جبير؛ قال: نزلت في سبعين من القسيسين بعثهم النجاشي، فلما قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قرأ عليهم: {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)} [يس: 1، 2] حتى ختمها، فجعلوا يبكون وأسلموا، ونزلت فيهم هذه الآية الأخرى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53)}. قلنا: وسنده ضعيف؛ كسابقه. (¬2) أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم 25/ 41 و42) وغيره.

عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عليه ويعيدانه بتلك المقالة؛ حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأستغفرن لك ما لم انهَ عنك"؛ فأنزل الله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)} [التوبة: 113]؛ وأنزل الله في أبي طالب، فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (¬1). [صحيح] * عن أبي سعيد بن رافع؛ أنه قال لابن عمر -رضي الله عنهما-: أفي أبي طالب نزلت: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}؟ قال: نعم (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية في أبي طالب (¬3). * عن السدي مثله (¬4). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4772)، ومسلم في "صحيحه" (24/ 40) وغيرهما، وقد تقدم في سورة التوبة عند آية (113). (¬2) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 145 رقم 404)، والطبري في "جامع البيان" (20/ 59)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/ 246 و246 - 247 و 247) من طريق سفيان بن عيينة عمرو بن دينار عن أبي سعيد به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه أبو سعيد؛ مجهول لم يرو عنه إلا عمرو بن دينار، ولم يوثقه إلا ابن حبان. ولذلك قال الذهبي في "الميزان": "لا يعرف"، وفي "التقريب": "مقبول". فقول السيوطي في "لباب النقول" (ص 165): "بسند جيد"! غير جيد، وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" (6/ 428) لأبي داود في "القدر"، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 428) ونسبه لابن مردويه. (¬4) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (20/ 80) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به. =

* عن قتادة في قوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}: ذُكر لنا أنها نزلت في أبي طالب (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)}؛ قال: نزلت في أبي طالب، ألح عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسلم فأبى؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)}؛ أي: لا تقدر تلزمه الهدى وهو كاره له؛ إنما أنت نذير: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} للإيمان. * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في قوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}؛ قال: نزلت في أبي طالب عند موته، والنبي - صلى الله عليه وسلم - عند رأسه وهو يقول: "يا عمِّ! قل: لا إله إلا الله؛ أشفع لك بها يوم القيامة"، قال أبو طالب: لا؛ يعيرني نساء قريش بعدي أني جزعت عند موتي؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}؛ يعني: لا تقدر أن تلزمه الهدى وهو يهوى الشرك، ولا تقدر تدخله الإِسلام كرهاً حتى يهواه {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} أن يقهره على الهدى كرهاً لفعل وليس بفاعل حتى يكون ذلك منه، فأخبر الله بقدرته، وهو كقوله: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4)} ¬

_ = قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر؛ صدوق كثير الخطأ، ويغرب؛ كما في "التقريب". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (20/ 59) بسند صحيح إلى قتادة؛ لكنه ضعيف؛ لإرساله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 429) وزاد نسبة لعبد بن حميد. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

[الشعراء: 3، 4]؛ فأخبر بقدرته أنه لا يعجزه شيء (¬1). * {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قوله: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}؛ قال: هم أناس من قريش قالوا لمحمد: إن نتبعك يتخطفنا الناس؛ فقال الله -تعالى-: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن الحارث بن عامر بن نوفل هو الذي قال: {إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 429) ونسبهما لأبي سهل السري بن سهل الجند يسابوري في "الخامس من حديثه". (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (20/ 60)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 2995/ 17007)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 430) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء. قلت: وسنده ضعيف جداً. (¬3) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 146 رقم 405) من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني ابن أبي مليكة؛ قال: قال عمرو بن شعيب عن ابن عباس -ولم يسمعه منه- (فذكره). قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه؛ فعمرو بن شعيب لم يدرك ابن عباس كما جاء ذلك مصرحاً به. وأخرج الطبري في "جامع البيان" (20/ 60) من طريق سنيد صاحب "التفسير": ثني حجاج عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فقد خالف سنيدٌ -وهو ضعيف- الحسنَ بنَ محمد شيخ النسائي الثقة وأسقط عمرو بن شعيب، والصواب ذكره. وعلى تقدير عدم ذكره في السند؛ يكون فيه علتان: =

* {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)}. * عن مجاهد؛ قال: نزلت في النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي أبي جهل بن هشام (¬1). [ضعيف] * {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)}. * عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: أنه كان يمشي في الأسواق وحده وهو وال؛ يرشد الضال، ويعين الضعيف، ويمر بالبقال والبيع فيفتح عليه القرآن، ويقرأ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا ¬

_ = الأولى: ابن جريج؛ مدلس وقد عنعن. الثانية: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 430) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (20/ 62): ثنا محمد بن المثنى ثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي قال: ثنا شعبة عن أبان بن تغلب عن مجاهد به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانيه: الحكم ذا؛ ثقة له أوهام؛ كما في "التقريب"، وقد وهم في ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - والصواب أنه حمزة، وقد خالفه ثقتان. بدل بن المحبر وعبد الصمد بن عبد الوارث؛ فروياه عن شعبة عن أبان به. أخرجه الطبري، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 229)، و"الوسيط" (3/ 45) دون ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكرا حمزة -رضي الله عنه-، وزاد بدل -وهو ثقة ثبت- معهما علي بن أبي طالب. وعليه؛ فالصواب رواية بدل وعبد الصمد والذي فيه ذكر حمزة وعلي وأبي جهل، ومع ذلك؛ فهو ضعيف؛ لإرساله. (تنبيه): تصحف اسم (بدل) في "أسباب النزول" إلى (بلال)؛ فليحرر.

فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)}، ويقول: نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع، في الولاة وأهل القدرة من سائر الناس (¬1). * {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85)}. * عن الضحاك؛ قال: لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة فبلغ الجحفة؛ اشتاق إلى مكة؛ فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85)} إلى مكة (¬2). [ضعيف جداً] * {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185]؛ قال: لما نزلت؛ قيل: يا رسول الله! فما بال الملائكة؟ فنزلت: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (¬3). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 444) ونسبه لابن مردويه وابن عساكر. وأخرج ابن مردويه نحوه عن ابن عباس؛ كما في "الدر المنثور". (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 445) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: هو في "تفسيره" (9/ 3026/ 17205) وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف مقاتل. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 447) ونسبه لابن مردويه.

سورة العنكبوت

سورة العنكبوت. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة العنكبوت بمكة (¬1). * عن عبد الله بن الزبير نحوه (¬2). * {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)}. * عن الشعبي؛ قال: إنها نزلت؛ يعني: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} الآيتين في أناس كانوا بمكة أقروا بالإِسلام، فكتب إليهم أصحاب محمد نبي الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة: أنه لا يقبل منكم إقرار بالإِسلام حتى تهاجروا، فخرجوا عامدين إلى المدينة؛ فاتبعهم المشركون، فردوهم؛ فنزلت فيهم هذه الآية، فكتبوا إليهم أنه قد نزلت فيكم آية كذا وكذا، فقالوا: نخرج فإن اتبعنا أحد؛ قاتلناه، قال: فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم، ثم منهم من قتل ومنهم من نجا؛ فأنزل الله فيهم: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)} [النحل:110] (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 449) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه في "الدلائل". (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (20/ 83)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" =

* عن عبد الله بن عبيد بن عمير؛ قال: نزلت في عمار بن ياسر؛ إذ كان يعذب في الله (¬1). * عن قتادة؛ قال: أنزلت: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ} في أناس من أهل مكة خرجوا يريدون النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعرض لهم المشركون فرجعوا، فكتب إليهم إخوانهم بما نزل فيهم؛ فخرجوا، فقتل من قتل وخلص من خلص؛ فنزل القرآن: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (¬2). [ضعيف] * عن ابن عمير وغيره يقولون: كان أبو جهل -لعنه الله- يعذب ¬

_ = (9/ 3031/ 17131) من طريق ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن مطر الوراق عن الشعبي به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: مطر الوراق؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء ضعيف". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 449) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. ثم إن عبد الرزاق أخرجه في "تفسيره" (2/ 95): نا معمر عن رجل عن الشعبي به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة الرجل الذي لم يُسمَّ، ويحتمل أنه الوراق الضعيف. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (20/ 83)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/ 250)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 3032/ 17136) من طريق ابن جريج قال: سمعت عبد الله. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 450) وزاد نسبته لابن عساكر. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 3031/ 17132) من طريق سعيد بن بشير عن قتادة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

عمار بن ياسر وأمَّه، ويجعل على عمار درعاً من حديد في اليوم الصائف، وطعن في حيا أُمه برمح؛ ففي ذلك نزلت: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)} (¬1). [ضعيف] * {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)}. * عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-؛ قال: نزلت فيَّ أربعُ آيات: أصبت سيفاً فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله! إني أصبت سيفاً؛ فنزلت هذه الآية: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال:1]. وصنع رجل طعاماً فدعانا، فشربنا الخمر حتى انتشينا، فتفاخرت الأنصار وقريش؛ فقالت الأنصار: نحن خير، وقالت قريش: نحن خير، فقام رجل منهم ففزر أنفه، فكان أنف سعد مفزوراً؛ ونزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90] الآية. قال: وقالت أمي: أليس تزعم أن الله يأمرك بصلة الرحم وبر الوالدين، فوالله لا آكل طعاماً ولا أشرب شراباً حتى تكفر، ولم تأكل طعاماً ولم تشرب شراباً، وكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فمها بعصا فيصبون فيه الطعام والشراب؛ فنزلت هذه الآية؛ {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا}. ودخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وأنا مريض، فقلت: أوصي بمالي كله، قال: "لا"، قلت: النصف، فنهاني، قلت: الثلث، فسكت وأخذ الناس به (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 450) ونسبه لابن المنذر. (¬2) أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 1877/ 1748)، والترمذي (5/ 341، 342 رقم 3189)، والطيالسي في "مسنده" (رقم 208)، وعبد بن حميد في =

* عن قتادة: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} إلى قوله: {فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}؛ قال: نزلت في سعد بن أبي وقاص، لما هاجر؛ قالت أمه: والله لا يظلني بيت حتى يرجع؛ فأنزل الله في ذلك أن يحسن إليها ولا يطعها في الشرك (¬1). [ضعيف] * {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان قوم من أهل مكة ¬

_ = "مسنده" (رقم 132)، وأحمد (1/ 181، 185، 186)، وأبو عوانة في "صحيحه" (4/ 104)، والبزار في "البحر الزخار" (3/ 347، 348 رقم 1149)، والطبري في "جامع البيان" (9/ 117، 21/ 70)، والدورقي في "مسند سعد" (رقم 43، 44)، وأبو يعلى في "المسند" (رقم 696، 729، 782)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/ 297)، والهيثم بن كليب في "المسند" (1/ 141، 142 رقم 78)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 230) وغيرهم من طرق عن سماك بن حرب عن مصعب بن سعد عن أبيه به. قلنا: وبما أن الحديث في مسلم؛ فمن عادتنا عدم التوسع في التخريج؛ إلا أن الأمر هنا مختلف، فبعض الرواة جعل سبب نزول الآية: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا. . . إلخ} التي في سورة لقمان آية 14؛ كما عند أحمد ومسلم وغيرهما، وبعضهم جعلها التي في سورة العنكبوت؛ كما عند الترمذي -وقال: "حسن صحيح"- والبزار وغيرهما. وكلتا الروايتين صحيحتين، ويحتمل أن كلاهما نزلت فيه، أو أن بعض الرواة وَهِمَ في ذكر الآية بأكملها، أو قال أولها -يعني: اختصرها-، خاصة أن كلتا الآيتان فيهما تشابه بالكلمات -والله أعلم-. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (20/ 85): ثنا بشر بن معاذ العقدي: ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 452) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

أسلموا، وكانوا يستخفون بإسلامهم، فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم، فأصيب بعضهم قبل بعض، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين، وأكرهوا؛ فاستغفروا لهم؛ فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} [النساء: 97] إلى آخر الآية، قال: فكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية أن لا عذر لهم، فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة؛ فنزلت فيهم هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} إلي آخر الآية؛ فكتب المسلمون إليهم بذلك، فخرجوا وأيسوا من كل خير؛ ثم نزلت فيهم: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)} [النحل: 110]؛ فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجاً، فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل (¬1). * عن قتادة في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ} إلى قوله: {وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ}؛ قال: هذه الآيات أُنزلت في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة، وهذه الآيات العشر مدنية إلى ههنا وسائرها مكي (¬2). [ضعيف] * عن الضحاك؛ قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} الآية؛ نزلت في ناس من المنافقين بمكة كانوا يؤمنون، فإذا أوذوا وأصابهم بلاء من المشركين؛ رجعوا إلى الكفر مخافة من يؤذيهم، وجعلوا أذى الناس في الدنيا كعذاب الله (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) قلنا: وقد تقدم الكلام عليه في سورة النحل آية (110). (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (20/ 86): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (20/ 15). =

* عن السدي؛ قال: كان أناس من المؤمنين آمنوا وهاجروا؛ فلحقهم أبو سفيان، فرد بعضهم إلى مكة فعذبهم، فافتتنوا؛ فأنزل الله فيهم هذا (¬1). [ضعيف جداً] * {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)}. * عن محمد بن الحنفية؛ قال: كان أبو جهل وصناديد قريش يتلقون الناس إذا جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلمون، فيقولون: إنه يحرم الخمر، ويحرم الزنا، ويحرم ما كانت تصنع العرب؛ فارجعوا فنحن نحمل أوزاركم؛ فنزلت هذه: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)} (¬2). [ضعيف] * {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48)}. * عن مجاهد: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ}؛ قال: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ¬

_ = قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 3037) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/ 301 رقم 18416): ثنا عبد الله بن نمير عن حجاج بن أرطاة عن منذر عن ابن الحنفية به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: حجاج؛ صدوق كثير الخطأ، وهو مدلس وقد عنعن. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 454) وزاد نسبته لابن المنذر.

يخط بيمينه ولا يقرأ كتاباً؛ فنزلت هذه الآية (¬1). [ضعيف] * {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)}. * عن يحيى بن جعدة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بكتاب في كتف، فقال: "كفى بقومٍ ضلالة أن يبتغوا كتاباً غير كتابهم إلى نبي غير نبيهم"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} (¬2). [ضعيف] * {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)}. * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل في بعض حيطان الأنصار، فجعل يلتقط التمر ويأكل، فقال لي: "يا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 4، 5)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 3071)، وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه أبو داود في "المراسيل" (320، 454)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (9/ 3072)، والطبري في "جامع البيان" (21/ 6)، والدارمي في "سننه" (3/ 259 رقم 505 - "فتح المنان")، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (2/ 800 رقم 1485) من طريق سفيان بن عيينة وابن جريج عن عمرو بن دينار عنه به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 471) وزاد نسبته لابن المنذر. وخالفهما إبراهيم بن يزيد الخوزي؛ فرواه عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن أبي هريرة به مرفوعاً. أخرجه الإسماعيلي في "معجمه" (3/ 772، 773 رقم 384). قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الخوزي؛ متروك الحديث؛ كما في "التقريب". وعليه؛ فلا يصح وصل الحديث، والصواب إرساله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 471) وزاد نسبته لابن مردويه.

ابن عمر! ما لك لا تأكل؟ "، قال: قلت: يا رسول الله! لا أشتهيه، قال: "لكني أشتهيه، وهذه صبح رابعة لم أذق طعاماً ولم أجده، ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يخبؤون رزق سنتهم ويضعف اليقين؟ "، فوالله ما برحنا ولا رمنا حتى نزلت: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)}، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله -عزّ وجلّ- لم يأمرني بكنز الدنيا ولا اتباع الشهوات، فمن كنز دنيا يريد بها حياة باقية؛ فإن الحياة بيد الله، ألا وإني لا أكنز ديناراً ولا درهماً، ولا أخبأ رزقاً لغد" (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (2/ 39، 40 رقم 814 - منتخب)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 430)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 231)، و"الوسيط" (3/ 425)، والبغوي في "معالم التنزيل" (6/ 253) من طريق الجراح بن منهال الجزري عن الزهري عن رجل (وفي رواية البغوي: عن عطاء بن أبي رباح) عن ابن عمر به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه الجراح بن منهال الجزري؛ متروك الحديث، بل كذبه ابن حبان وابن عبد البر. انظر: "تعجيل المنفعة" (1/ 381، 382 رقم 129). والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 475) وزاد نسبته لابن مردويه والبيهقي وابن عساكر، وقال: "بسند ضعيف". وكذا قال في "لباب النقول" (ص 167). وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره": "هذا حديث غريب؛ أبو العطوف الجزري ضعيف".اهـ. قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (13/ 360): "وهذا ضعيف، يضعفه أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يدخر لأهله قوت سنتهم، وكانت الصحابة يفعلون ذلك، وهم القدوة وأهل اليقين والأئمة لمن بعدهم من المتقين المتوكلين". وقال الشوكاني في "فتح القدير" (4/ 213): "وهذا الحديث فيه نكارة شديد؛ =

* {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ أنه قال: قالوا: يا محمد! ما يمنعنا أن ندخل في دينك إلا مخافة أن يتخطفنا الناس لقتلنا، والعرب أكثر منا، فمتى بلغهم أنا قد دخلنا في دينك؛ اختطفنا، فكنا أكلة رأس؛ فأنزل الله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = لمخالفته لما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد كان يعطي نساءه قوت العام؛ كما ثبت ذلك في كتب الحديث المعتبرة. وفي إسناده أبو العطوف الجزري وهو ضعيف". وقال شيخنا العلامة الألباني -رحمه الله- في "ضعيف الترغيب والترهيب" (2/ 325 رقم 1901): "ضعيف جداً". وزاد المنذري نسبته لأبي الشيخ ابن حيان في "الثواب". (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 477)، و"لباب النقول" (ص 167)، وقال: وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جويبر متروك الحديث، والضحاك لم يلق ابن عباس.

سورة الروم

سورة الروم. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الروم بمكة (¬1). * عن عبد الله بن الزبير مثله (¬2). * {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قول الله -تعالى-: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ}؛ قال: غُلِبَتْ وغَلَبَتْ، كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم؛ لأنهم وإياهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أما إنهم سيغلبون"، فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا؛ كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم؛ كان لكم كذا وكذا، فجعل أجل خمس سنين فلم يظهروا، فذكر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ألا جعلته إلى دون؟ "، قال: أراه العشر، قال أبو سعيد: والبضع ما دون العشر، قال: ثم ظهرت الروم ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 478) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه.

بعد، قال: فذلك قوله -تعالى-: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} إلى قوله: {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ}، قال سفيان: سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: كانت فارس ظاهرة على الروم، وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، وهم أقرب إلى دينهم، فلما نزلت: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} إلى {فِي بِضْعِ سِنِينَ}؛ قالوا: يا أبا بكر! إن صاحبك يقول: "إن الروم تظهر على ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (2/ 322 رقم 2620)، و"خلق أفعال العباد" (38 - 39/ 115 و116)، والترمذي (5/ 343، 344 رقم 3193)، والنسائي في "التفسير" (2/ 149، 150 رقم 409)، وأحمد (1/ 276، 304)، والطبري في "جامع البيان" (21/ 12)، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 23، 24 رقم 12377/ 2)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 433)، والحاكم (2/ 410)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 330، 331)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (7/ 438، 440 رقم 2987، 2988) من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب"، ونقل عنه ابن كثير في "تفسيره" (3/ 433) قوله: "حسن غريب". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: وهو كما قالا -رحمهما الله تعالى-، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه "للمسند" (رقم 2495)، وشيخنا الألباني. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 479) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه والضياء المقدسي. قلنا: وقد سقط ذكر الثوري من سند الطحاوي في الموضع الأول ونبّه على ذلك الطحاوي.

فارس في بضع سنين"، قال: صدق، قالوا: هل لك أن نقامرك؟ فبايعوه على أربع قلائص إلى سبع سنين، فمضت السبع ولم يكن شيء، ففرح المشركون بذلك وشق على المسلمين، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما بضع سنين عندكم؟ "، قالوا: دون العشر، قال: "اذهب"، فزايدهم وازْدَدْ سنتين، قال: فما مضت السنتان؛ حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس؛ ففرح المسلمون بذلك؛ فأنزل الله: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} إلى قوله: {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ} (¬1). [ضعيف] * عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما-؛ قال: لما نزلت: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)}؛ قال: لقي ناس أبا بكر -رضي الله عنه-، فقالوا: ألا ترى إلى صاحبك يزعم أن الروم ستغلب فارس، قال: صدق، قال: فهل نبايعك على ذلك؟ قال: نعم، قال أبو بكر: فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما أردت إلى هذا؟ "، فقال: يا رسول الله! ما فعلته إلا تصديقاً لله ورسوله، قال: "فتعرض لهم وأعظم لهم الخطر، واجعله إلى بضع سنين؛ فإنه لن تمضي السنون حتى تظهر الروم على فارس". ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 14، 15): ثنا سفيان بن وكيع ثنا المحاربي عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل: الأولى: سفيان بن وكيع؛ فيه ضعف معروف. الثانية: المحاربي، هو عبد الرحمن بن محمد بن زياد؛ قال الحافظ في "التقريب": "لا بأس به، وكان يدلس؛ قاله أحمد"، وقد عنعن كما ترى. الثالثة: الشعبي لم يدرك ابن مسعود. الرابعة: المخالفة؛ فقد خالف إسماعيل بن عُليّة المحاربيَّ؛ فرواه عن داود بن أبي هند عن الشعبي به مرسلاً. أخرجه الطبري (21/ 14): ثنا يعقوب ثنا ابن علية به.

قال: فمر بهم أبو بكر، فقال: هل لكم في العوْد؛ فإن العوْدَ أحمدُ، قالوا: نعم، فبايعوه وأعظموا الخطر، فلم تمض السنون حتى ظهرت الروم على فارس؛ فأخذ الخطر وأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا للنجائب" (¬1). [ضعيف] * عن نيار بن مكرم الأسلمي -رضي الله عنه-؛ قال: لما نزلت: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم؛ لأنهم وإياهم أهل كتاب، وفي ذلك قول الله -تعالى-: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)} فكانت قريش تحب ظهور فارس؛ لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث، فلما أنزل الله -تعالى- هذه الآية؛ خرج أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يصيح في نواحي مكة: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ}، قال ناس من قريش لأبي بكر: فذلك بيننا وبينكم، زعم صاحبكم أن الروم ستغلب فارساً في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: بلى، ¬

_ (¬1) أخرجه أبو يعلى في "المسند"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 135 رقم 7775)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 433) من طريق مؤمل بن إسماعيل عن إسرائيل عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: مؤمل بن إسماعيل؛ صدوق سيئ الحفظ. الثانية: أبو إسحاق السبيعي؛ مدلس وقد عنعن، ثم هو مختلط، وإسرائيل روى عنه في الاختلاط؛ كما قال الإِمام أحمد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 479) وزاد نسبته لابن مردويه وابن عساكر.

وذلك قبل تحريم الرهان، فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرهان، وقالوا لأبي بكر: كم تجعل؟ البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين، قسم بيننا وبينك وسطاً تنتهي إليه، قال: فقسموا بينهم ست سنين، قال: فمضت الست سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس، فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين؛ لأن الله -تعالى- قال في بضع سنين، قال: وأسلم عند ذلك ناس كثير (¬1). [حسن] * عن ابن شهاب؛ قال: كان المشركون يجادلون المسلمين وهم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (8/ 139 - 140 رقم 4281) -وعنه الترمذي (5/ 344، 345 رقم 3194) -، وعبد الله بن أحمد في "السُّنَّة" (1/ 143، 144 رقم 116)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (7/ 442)، وابن خزيمة في "التوحيد" (1/ 404، 405 رقم 237) -ومن طريقه الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة" (1/ 291 رقم 152) -، وابن قانع في "معجم الصحابة" (3/ 173)، وابن بطة في "الإبانة" (1/ 271 - 273/ 41 - الرد على الجهمية)، والأصبهاني (1/ 262 رقم 112)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 1/ 585/ 510)، و"الاعتقاد" (ص 107 - 108)، والطبراني في "المعجم الكبير"؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 480)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (5/ 2704 رقم 6464)، وأبو موسى المديني وابن منده؛ كما في "أسد الغابة"، وابن الأثير في "أسد الغابة" (4/ 598) وغيرهم من طرق عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن نيار به. قلنا: وهذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات غير ابن أبي الزناد، فيه كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب". وقال البيهقي: "وهذا إسناد صحيح". وقال الحافظ في "الإصابة" (3/ 548): "ورجال السند ثقات". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 480) وزاد نسبته للدارقطني في "الأفراد"، وابن مردويه، وأبي نعيم في "الدلائل"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

بمكة، يقولون: الروم أهل كتاب وقد غلبتهم الفرس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبون بالكتاب الذي أنزل على نبيكم، فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ}، قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أنه لما نزلت هاتان الآيتان؛ ناحب أبو بكر بعض المشركين قبل أن يُحَرَّمَ القمار على شيء، إن لم تغلب فارس في سبع سنين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لِمَ فعلت؟ فكل ما دون العشر بضع"، وكان ظهور فارس على الروم في تسع سنين، ثم أظهر الله الروم على فارس زمن الحديبية؛ ففرح المسلمون بظهور أهل الكتاب (¬1). [ضعيف] * عن قتادة: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)}؛ قال: غلبهم أهل فارس على أدنى الشام {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} الآية، قال: لما أنزل الله -عزّ وجلّ- هؤلاء الآيات، صدق المسلمون ربهم وعرفوا أن الروم ستظهر على أهل فارس، فاقتمروا هم والمشركون خمس قلائص، وأجلوا بينهم خمس سنين، قال: فولي قمار المسلمين أبو بكر -رضي الله عنه-، وولي قمار المشركين أُبيّ بن خلف، وذلك قبل أن ينهى عن القمار (في الأجل)، ولم يظهر الروم على فارس، فسأل المشركون قمارهم، فذكر ذلك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لم يكونوا أحقاء أن يؤجلوا أجلاً دون العشر؛ فإن البضع ما بين الثلاث إلى العشر، فزايدوهم ومادّوهم في ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 332، 333) من طريقين عن الليث بن سعد ثني عقيل عن الزهري به. قلت: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال الصحيح. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 481) وزاد نسبته لابن عبد الحكم في "فتوح مصر" وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر.

الأجل"؛ ففعلوا؛ فأظهر الله الروم على فارس عند رأس السبع من قمارهم الأول، فكان ذلك مرجعهم من الحديبية، ففرح المسلمون بصلحهم الذي كان من ظهور أهل الكتاب على المجوس، وكان ذلك مما شد الله به الإِسلام؛ فهو قوله: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ} (¬1). [ضعيف] * عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-؛ قال: لما كان يوم بدر؛ ظهرت الروم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين؛ فنزلت: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} إلى قوله: {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ}، قال: ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 14)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 3087)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 333) من طريقين عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال الصحيح. قلنا: وأنت ترى أن هذين الحديثين المرسلين ذكرا أن نصر الروم على فارس عام الحديبية، بينما حديث ابن عباس وأبي سعيد الخدري قالا: إن ذلك يوم بدر. قلنا: والصحيح أن ذلك كان يوم بدر؛ لثبوت ذلك في الحديث الصحيح، وقد جمع بين القولين الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/ 436)؛ فانظره غير مأمور. (¬2) أخرجه الترمذي (5/ 189 رقم 2935، ص 343 رقم 3192)، والطبري في "جامع البيان" (21/ 15)، والبزار في "مسنده"، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 436)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 232) من طرق عن الأعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد به. قلنا: وهذا إسناد واه بمرة؛ عطية العوفي ضعيف ومدلس، وتدليسه من شر أنواع التدليس، يقول: حدثنا أبو سعيد ويسكت، ويكون الكلبي الكذاب، وتدليسه هو المعروف بـ (تدليس السكوت). وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 481) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} إلى قوله: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ}؛ قال: قد مضى، كان ذلك في أهل فارس والروم، وكانت فارس قد غلبتهم ثم غلبت الروم بعد ذلك، ولقي نبي الله مشركي العرب يوم التقت الروم وفارس، فنصر الله النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المسلمين على مشركي العرب، ونصر أهل الكتاب على مشركي العجم؛ ففرح المؤمنون بنصر الله إياهم ونصر أهل الكتاب على العجم، قال عطية: فسألت أبا سعيد الخدري عن ذلك؛ فقال: التقينا مع محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومشركي العرب والتقت الروم وفارس؛ فنصرنا الله على مشركي العرب، ونصر الله أهل الكتاب على المجوس؛ ففرحنا بنصر الله إيانا على المشركين، وفرحنا بنصر الله أهل الكتاب على المجوس؛ فذلك قوله: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ} (¬1). [ضعيف جداً] * {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)}. * عن عكرمة؛ قال: تعجب الكفار من إحياء الله الموتى؛ فنزلت: {وهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}، قال: إعادة الخلق أهون عليه من إبداء الخلق (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 12)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 331، 332)، وابن مردويه وابن عساكر؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 481) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء. قلنا: وسنده ضعيف جداً. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 24) من طريقين عن غندر عن شعبة عن سماك بن حرب عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد. =

* {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان يلبي أهل الشرك: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (¬1). [ضعيف] ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 491) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنبار في "المصاحف". (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 16 رقم 12348)، و"الأوسط" (8/ 45 رقم 7910): ثنا محمد بن الفرج الأصفهاني ثنا إسماعيل بن عمرو بن نجيح ثنا حماد بن شعيب عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: حبيب؛ مدلس وقد عنعن. الثانية: حماد بن شعيب؛ ضعيف؛ ضعفه النسائي، والبخاري، وابن معين، وأبو زُرعة، وأبو حاتم. انظر: "الجرح والتعديل" (3/ 142)، و"الميزان" (1/ 596)، و"اللسان" (2/ 348). الثالثة: إسماعيل بن عمرو بن نجيح؛ ضعيف. والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 223) وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه حماد بن شعيب وهو ضعيف". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 492) وزاد نسبته لابن مردويه. وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 168): "وأخرج جويبر مثله عن داود بن أبي هند عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه". قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: جويبر؛ ضعيف جداً؛ كما في "التقريب". الثانية: الإرسال.

سورة لقمان

سورة لقمان. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت سورة لقمان بمكة (¬1). * {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: هو النضر بن الحارث بن علقمة، يشتري أحاديث الأعاجم وصنيعهم في دهرهم (¬2). [موضوع] * وعنه -رضي الله عنه- في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}؛ قال: باطل الحديث هو الغناء ونحوه (¬3). [ضيف جداً] * وعنه -أيضاً-رضي الله عنه- في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}؛ قال: أنزلت في النضر بن الحارث، اشترى قينة فكان لا يسمع بأحد يريد الإِسلام إلا انطلق به إلى قينة، فيقول: أطعميه واسقيه ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 503) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". (¬2) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 305 رقم 5194) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهذا حديث موضوع؛ من دون ابن عباس ثلاثتهم متهمون بالكذب. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 40، 41) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 504) وزاد نسبته للفريابي وابن مردويه.

وغنيه، هذا خير مما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام، وأن تقاتل بين يديه؛ فنزلت (¬1). [ضعيف جداً] * قال الكلبي ومقاتل: نزلت في النضر بن الحارث، وذلك أنه كان يخرج تاجراً إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدث بها قريشاً، ويقول لهم: إن محمداً يحدثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأكاسرة، فيستمعون حديثه ويتركون استماع القرآن؛ فنزلت فيه هذه الآية (¬2). [موضوع] * عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه-، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "لا تبيعوا القينات، ولا تشتروهن، ولا تعلموهن، ولا خير في تجارة فيهن، وثمنهن حرام؛ وفي مثل ذلك أنزلت هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} إلى آخر الآية" (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 504) وقال: أخرج جويبر عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً من أجل جويبر. قال شيخنا العلّامة الألباني -رحمه الله- في "تحريم آلات الطرب" (ص 142): "وهو ضعيف جداً، جويبر؛ قال الدارقطني وغيره: "متروك". (¬2) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 232) معلقاً. قال شيخنا: "والكلبي ومقاتل متروكان -أيضاً- ومتهمان بالكذب، مع ما في روايتهما من المخالفة لرواية جويبر". (¬3) أخرجه الترمذي (رقم 1282، 3195)، والحميدي في "المسند" (رقم 910)، وأحمد (5/ 252، 264)، والطبري في "جامع البيان" (21/ 39)، والطبراني في "المعجم الكبير" (8/ رقم 7805، 7825، 7855، 7861، 7862)، وابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (ق 156/ أ)، والحكيم الترمذي في "المنهيات" (ص 58)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 451)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 232، 233)، وفي "الوسيط" (3/ 441)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/ 14، 15)، والثعلبي في "تفسيره" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = (3/ 75/ أ) -وعنه البغوي في "معالم التنزيل" (6/ 284) -، وابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص 232)، و"العلل المتناهية" (2/ 784 رقم 1307)، وابن أبي شيبة وأبو يعلى الموصلي في "مسنديهما"، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 67) جميعهم من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد الألهاني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة به مرفوعاً. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: علي بن يزيد؛ متروك الحديث. الثانية: عبيد الله بن زحر؛ ضعيف. قال الترمذي في "الموضع الأول": "حديث أبي أمامة إنما نعرفه مثل هذا من هذا الوجه، وقد تكلم بعض أهل العلم في علي بن يزيد وضعفه، وهو شامي". وقال في "الموضع الثاني": "هذا حديث غريب، إنما يُروى من حديث القاسم عن أبي أمامة، والقاسم ثقة، وعلي بن يزيد يضعف في الحديث، وقال: سمعت محمداً؛ يعني: البخاري، يقول: القاسم ثقة، وعلي بن يزيد يضعف". ونقل البيهقي في "سننه" عن الترمذي أنه قال: "سألت البخاري عن إسناد هذا الحديث؟ فقال: علي بن يزيد ذاهب الحديث، ووثق عبيد الله بن زحر، والقاسم بن عبد الرحمن". وضعفه ابن حزم في "المحلى" (9/ 58) بابن زحر وعلي بن يزيد والقاسم وبغيرهم، وفي كلامه مجازفات لا تخفى على أهل العلم بالحديث. وأعله أيضاً بهم ابن طاهر في "مسألة السماع" (ص 79 - 81). وقال ابن الجوزي في "العلل" (2/ 785): "هذه الأحاديث ليس فيها شيء يصح"، وأعله بعلي بن يزيد والقاسم وعبيد الله. وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 451): "علي وشيخه والراوي عنه كلهم ضعفاء". وضعفه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" (3/ 249، 250) بعلي بن يزيد. وقال ابن قيم الجوزية في "إغاثة اللهفان" (1/ 258): "هذا الحديث وإن كان مداره على عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد الألهاني عن القاسم؛ فعبيد الله بن زحر ثقة، والقاسم ثقة، وعلي ضعيف؛ إلا أن للحديث شواهد ومتابعات". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأعله شيخنا الألباني -رحمه الله- في "الصحيحة" (6/ 1016) بما ذكرنا وهو الصواب. وأخرجه أحمد في "المسند" (5/ 257، 268) -ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/ 784 رقم 1308) -، والطيالسي (رقم 1134)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (3/ 255)، والطبراني في "الكبير" (8/ رقم 7803)، والحكيم الترمذي في "المنهيات" (ص 44، 58) من طريق الفرج بن فضالة عن علي به. قلنا: الفرج ضعيف؛ كما في "التقريب"، وهو متابع جيد لعبيد الله بن زحر؛ لكن رجع مدار الحديث على علي بن يزيد الألهاني، وهو متروك. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 69): "فيه علي بن يزيد وهو ضعيف"، وضعفه الحافظ العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (2/ 272). وأخرج ابن ماجه في "سننه" (رقم 2168)، وابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (ق 159/ أ)، وابن عساكر (2/ 425/ 1) من طريق أبي جعفر الرازي عن عاصم الأحول عن أبي المهلب عن عبيد الله الإفريقي عن أبي أمامة به مرفوعاً. قال شيخنا -رحمه الله-: "والإفريقي هو عبيد الله بن زحر نفسه، فكان أبا المهلب أسقط شيخه علي بن يزيد الألهاني، وهذا يدل على ضعفه". قلنا: أبو المهلب هو مطرح بن يزيد؛ متروك الحديث، وقد أسقط من الإسناد علياً. وأخرجه ابن أبي الدنيا -ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/ 183 رقم 1306) - من طريق جرير بن عبد الحميد عن رقبة بن مصقلة عن عبيد الله الإفريقي عن القاسم به. قلنا: وسنده صحيح إلى الإفريقي وهو أصح من سابقه؛ فإن رقبة ثقة وهو أوثق بكثير من أبي جعفر الرازي الضعيف، لكن عبيد الله بن زحر لا يروي عن القاسم إلا بواسطة علي بن يزيد؛ فعاد مدار الحديث على علي بن يزيد الألهاني وهو متروك. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (8/ رقم 7749) من طريق الوليد بن الوليد القلانسي الدمشقي ثنا ابن ثوبان عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه الوليد بن الوليد متروك الحديث. وعليه؛ فالحديث ضعيف جداً لا يصح. =

* عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: هو الغناء والذي لا إله إلا هو -يرددها ثلاث مرات- (¬1). [حسن] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: هو الغناء وأشباهه (¬2). [حسن لغيره] ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 504) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن المنذر. لكن للحديث شواهد فانظر ما بعده. (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/ 309 رقم 1171)، والطبري في "جامع البيان" (21/ 39، 39، 40)، وابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (ق 155/ أ) -ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 278 رقم 5096) -، والحاكم في "المستدرك" (2/ 411) -وعنه البيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 223) -، وابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص231) من طريق حميد الخراط عن عمار الدهني عن سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري: أنه سمع ابن مسعود وهو يُسأل عن هذه الآية، فقال: (فذكره). قلنا: وهذا إسناد حسن. قال الحاكم: "وهذا حديث صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. ووافقهما شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني -رحمه الله- في "الصحيحة" (6/ 1017)، و"تحريم آلات الطرب" (ص 143). وصححه ابن قيم الجوزية في "إغاثة اللهفان". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 505) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/ 310 رقم 1178)، والبخاري في "الأدب المفرد" (رقم 786، 1265)، وابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (ق 155/ أ، ب)، والطبري في "جامع البيان" (21/ 40)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 221، 223)، وابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص 231)، وابن حزم في "المحلى" (9/ 73) من طرق عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ عطاء بن السائب اختلط، ولم نجد أحداً من رواة هذا الحديث روى عنه قبل الاختلاط. قال شيخنا في "الصحيحة" (6/ 1017): "ورجاله ثقات، وهو صحيح الإسناد؛ =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في رجل من قريش اشترى جارية مغنية (¬1). [ضعيف جداً] * عن الحسن؛ قال: نزلت في الغناء والمزامير (¬2). [ضعيف] * عن عطاء الخراساني؛ قال: نزلت في الغناء والباطل والمزامير (¬3). [ضعيف] * {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. ¬

_ = لولا أن ابن السائب كان اختلط، وهو شاهد جيد على الأقل". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 504) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 41) بالسند المسلسل بالعوفيين عنه به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 504) وزاد نسبته للفريابي وابن مردويه. وذكر الواحدي في "أسباب النزول" (ص 233) ما نصه: "وقال ثوير -الأصل ثور وهو تصحيف- ابن أبي فاختة عن أبيه عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في رجل اشترى جارية تغنيه ليلاً ونهاراً. قلنا: وثوير؛ هذا ضعيف جداً. وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 279 رقم 5104) من طريق إسرائيل عن ثوير بن أبي فاختة عن أبيه عن ابن مسعود؛ قال: رجل اشترى جارية تغنيه ليلاً أو نهاراً. قلنا: فجعله ثوير من قول ابن مسعود، وقد بيّنّا أنه واه، ضعيف الحديث جداً. * ملاحظة: سقط من مطبوع "الشعب": (عن ثوير)، واستدركناه من المخطوط (2/ 191/ ب)، فاقتضى التنويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 505) ونسبه لابن أبي حاتم. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 507) ونسبه لأبي أحمد الحاكم في "الكنى". قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

* عن عبد الله بن مسعود؛ قال: لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]؛ قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أينا لم يظلم؟ فأنزل الله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (¬1). [صحيح] * {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)}. * عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-؛ قال: إنه نزلت فيه آيات من القرآن؛ قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زَعَمْتَ أن الله وصَّاك بوالديك، وأنا أمك، وأنا آمرك بهذا، قال: مَكَثَتْ ثلاثاً حتى غُشي عليها من الجهد، فقام ابنُ لها يقال له: عُمارة، فسقاها، فجعلت تدعو على سعد؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في القرآن هذه الآية: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)} الحديث (¬2). [صحيح] * عن أبي هبيرة؛ قال: نزلت هذه الآية في سعد بن أبي وقاص (¬3). [صحيح لغيره] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/ 87 رقم 32). قلنا: والحديث في "الصحيحين" وغيرهما، لكن ليس فيه التصريح بسبب النزول، وانظر: "فتح الباري" (1/ 88). (¬2) أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 1877 رقم 1748). (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 45): ثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي قال: سمعت أبا هبيرة (فذكره). قلنا: وهذا إسناد صحيح؛ لكن أبا هبيرة من التابعين الثقات؛ فهو على هذا مرسل صحيح الإسناد، لكن يشهد له ما قبله. =

* عن سعد بن أبي وقاص؛ قال: جئت من الرمي، فإذا الناس مجتمعون على أمي؛ حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس، وعلى أخي عامر حين أسلم، فقلت: ما شأن الناس! فقالوا: هذه أمك قد أخذت أخاك عامراً تعطي الله عهداً: أن لا يظلها ظل، ولا تأكل طعاماً، ولا تشرب شراباً، حتى يدع الصباوة، فأقبل سعد -رضي الله عنه- حتى تخلص إليها، فقال: علي يا أمه، فاحلفي، قالت: لِمَ؟ قال: أن لا تستظلي في ظل، ولا تأكلي طعاماً، ولا تشربي شراباً، حتى تري مقعدك من النار، فقالت: إنما أحلف على ابني البر. فأنزل الله -تعالى-: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} إلى آخر الآية (¬1). * {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن أحبار يهود قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة: يا محمد! أرأيت قولك: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] إيانا تريد أم قومك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلاً"، فقالوا: ألست فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شيء؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها في علم الله قليل وعندكم من ذلك ما يكفيكم"؛ فأنزل الله عليه فيما سألوه عنه من ذلك: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}؛ أي: أن التوراة في هذه من علم الله قليل (¬2). [ضعيف] ¬

_ = وقد تحرّف اسم (أبي هبيرة) إلى (هريرة) في "الدر المنثور" (6/ 521)؛ فليحرر. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 522) ونسبه لابن سعد. (¬2) أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (21/ 51) -: ثني =

* عن عكرمة؛ قال: سأل أهل الكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الروح؛ فأنزل الله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} [الإسراء: 85]، فقالوا: تزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلاً، وقد أوتينا التوراة؛ وهي الحكمة، {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269]؛ قال: فنزلت: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}؛ قال: ما أوتيتم من علم فنجاكم الله به من النار وأدخلكم الجنة؛ فهو كثير طيب، وهو في علم الله قليل (¬1). [ضعيف] * عن عطاء بن يسار؛ قال: لما نزلت بمكة: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]؛ يعني: اليهود، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة؛ أتاه أحبار يهود، فقالوا: يا محمد! ألم يبلغنا أنك تقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}؟ أفتعنينا أم قومك؟ قال: "كُلاً قد عنيت"، قالوا: فإنك تتلو: أنا قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هي في علم الله قليل، وقد آتاكم الله ما إن عملتم به انتفعتم"؛ فأنزل الله: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)} (¬2). [ضعف جداً] ¬

_ = رجل من أهل مكة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة الرجل الذي لم يسم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 526، 527) وزاد نسبته لابن أبي حاتم. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 52): ثنا محمد بن المثنى، ثني ابن عبد الأعلى، ثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 52): ثنا ابن حميد، ثنا سلمة بن الأبرش، ثني محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه عن عطاء بن يسار. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: =

* عن قتادة؛ قال: قال المشركون: إنما هذا كلام يوشك أن ينفذ؛ فنزلت: {وَلَوْ أَنَّمَا في الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ}، يقول: لو كان شجر الأرض أقلاماً، ومع البحر سبعة أبحر مداد لتكسرت الأقلام ونفد ماء البحر قبل أن تنفذ عجائب ربي، وحكمته وعلمه (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: قال حُيي بن أخطب: يا محمد! تزعم أنك أوتيت الحكمة {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269]، وتزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلاً، فكيف يجتمع هاتان؟ فنزلت هذه الآية: {وَلَوْ أَنَّمَا في الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ}؛ ونزلت التي في الكهف: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ. . .} [الكهف: 110] (¬2). [ضعيف جداً] * {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا في الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)}. * عن مجاهد: {إنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}؛ قال: جاء رجل إلى ¬

_ = الأولى: الإرسال. الثانية: جهالة الأصحاب. الثالثة: ابن حميد؛ حافظ ضعيف، بل إنه اتهم. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 106)، والطبري في "جامع البيان" (21/ 51)، وأبو الشيخ في "العظمة" (1/ 344، 345 رقم 77، 2/ 504، 505 رقم 166) من طرق عنه. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 528) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نصر السجزي في "الإبانة". (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 528) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، هذا إن صح السند إليه.

النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن امرأتي حبلى، فأخبرني ماذا تلد؟ وبلادنا محل جدبة، فأخبرني متى ينزل الغيث؟ وقد علمت متى ولدت، فأخبرني متى أموت؟ فأنزل الله: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} إلى آخر السورة، قال: فكان مجاهد يقول: هن مفاتح الغيب التي قال الله: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59] (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة: أن رجلاً يقال له: الوارث من بني مازن بن حفصة بن قيس بن غيلان جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد! متى قيام الساعة؟ وقد أجدبت بلادنا، فمتى تخصب؟ وقد تركت امرأتي حُبلى، فمتى تلد؟ وقد علمت ما كسبت اليوم، فماذا أكسب غداً؟ وقد علمت بأي أرض ولدت، فبأي أرض أموت؟ فنزلت هذه الآية (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 55) من طريقين عن ابن أبي نجيح عنه به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 530) وزاد نسبته للفريابي وابن أبي حاتم. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 530) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

سورة السجدة

سورة السجدة * {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفُ اوَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)}. * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي (5/ 346 رقم 3196)، والطبري في "جامع البيان" (21/ 63، 64) عن عبد الله بن أبي زياد ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن أنس به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه". وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 467): "سنده جيد". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 545) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه ومحمد بن نصر في كتاب "الصلاة". وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (2/ 344 رقم 2690) عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن الحكم عن رجل عن أنس بن مالك؛ قال: نزلت: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} في صلاة العشاء. قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة الرجل الذي لم يسم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 545) وزاد نسبته لابن مردويه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1/ 563 رقم 2138) عن الثوري عن أبان بن أبي عياش عن أنس؛ قال: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راقداً قبل العشاء ولا محدثاً بعدها؛ فإن هذه الآية نزلت في ذلك. قلنا: وأبان؛ متروك الحديث؛ فالحديث ضعيف جداً من هذا الطريق. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وزاد نسبته في "الدر المنثور" لابن مردويه. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 63): ثني محمد بن خلف ثنا يزيد بن حبان ثنا الحارث بن وجيه الراسبي ثنا مالك بن دينار عن أنس بن مالك: أن هذه الآية نزلت في رجال من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}. قلنا: وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (2/ 612)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 86) من طريق الحارث به. وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 546): أن عبد الله بن أحمد أخرجه في "زوائد الزهد"، وابن مردويه من هذا الطريق. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ الحارث بن وجيه ضعيف. قال ابن عدي عقبه: "وهذان الحديثان بأسانيدهما عن مالك بن دينار لا يحدث عن مالك غير الحارث بن وجيه، وللحارث بن وجيه غير ما ذكرت من الروايات شيء يسير، ولا أعلم له رواية إلا عن مالك بن دينار". وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 235) من طريق إسماعيل بن عيسى: ثنا المسيب عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك؛ قال: فينا نزلت معاشر الأنصار، كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل: الأولى: قتادة مدلس وقد عنعن. الثانية: سعيد بن أبي عروبة اختلط بآخره. الثالثة: المسيب لم نعرفه الآن، ولم يذكروه ضمن الرواة عن سعيد، ويغلب على ظننا أنه المسيب بن واضح الضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 546) ونسبه لابن مردويه فقط. ثم إن الحافظ أبا داود صاحب "السنن" أخرج الحديث في "سننه" (2/ 35 رقم 1321) من طريق يزيد بن زريع: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس في هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ. . .} الآية، قال: كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء يصلون. قلنا: وسنده صحيح إن سمعه قتادة من أنس؛ فإنه كان مدلساً، ولم يصرح =

* عن بلال -رضي الله عنه-؛ قال: نزلت هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} الآية؛ كنا نجلس في المجلس وناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلون بعد المغرب إلى العشاء؛ فنزلت: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أُنزلت في صلاة العشاء ¬

_ = بالتحديث كما ترى، وأما ما يخشى من اختلاط سعيد؛ فإن يزيد بن زريع سمع منه قبل اختلاطه؛ كما في "الكواكب النيرات"، وهو من أثبت الناس فيه. وأخرجه أبو داود (2/ 35، 36 رقم 1322) من طريق يحيى القطان وابن أبي عدي كلاهما عن سعيد بهذا السند إلا أن لفظه: "كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء". قلنا: وسنده كالسابق ويحيى القطان سمع من سعيد قبل الاختلاط، بخلاف ابن أبي عدي. (¬1) أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 65 رقم 2250 - كشف): ثنا عبد الله بن شبيب؛ قال: نا الوليد بن عطاء بن الأغر؛ قال: نا عبد الحميد بن سليمان بن الخزاعي؛ قال: حدثني مصعب الزبيري عن زيد بن أسلم عن أبيه؛ قال: قال بلال (فذكره). قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: عبد الله بن شبيب؛ واهٍ بمرة. الثانية: عبد الحميد الخزاعي؛ ضعيف؛ كما في "التقريب" (1/ 468). الثالثة: مصعب الزبيري؛ لين الحديث. وقال البزار عقبه: "لا نعلم روى أسلم عن بلال إلا هذا الحديث، ولا نعلم له طريقاً عن بلال غير هذا الطريق". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 90): "رواه البزار عن شيخه عبد الله بن شبيب وهو ضعيف". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 546) وزاد نسبته لابن مردويه. وقال في "لباب النقول" (ص 170): "وفي إسناده عبد الله بن شبيب وهو ضعيف".

الآخرة كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينامون حتى يصلوها (¬1). * عن عبد الله بن عيسى؛ قال: كان ناس من الأنصار يصلون ما بين المغرب والعشاء؛ فنزلت فيهم: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} (¬2). [ضعيف] * {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: أنا أحد منك سناناً، وأبسط منك لساناً، وأملاء للكتيبة منك، فقال له علي: اسكت؛ فإنما أنت فاسق؛ فنزل: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)}؛ قال: يعني بالمؤمن: علياً، وبالفاسق: الوليد بن عقبة (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 546) ونسبه لابن مردويه. (¬2) قلنا: ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 546) ونسبه لابن نصر في "الصلاة"، ولم نره في المطبوع، والحديث ضعيف؛ لإعضاله؛ فعبد الله بن عيسى ابن أبي ليلى من السادسة، ولم يلق أحداً من الصحابة، هذا إن صح السند إليه أولاً. (¬3) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 236)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 88)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (66/ 171) من طريق إسحاق بن بيان ثنا حبيش بن مبشر الفقيه ثنا عبيد الله بن موسى ثنا ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن أبي ليلى صدوق سيئ الحفظ جداً، وباقي رجاله ثقات. وله طريق أخرى: فأخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/ 213)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 88)، والخطيب "تاريخ بغداد" (13/ 321)، وابن عساكر (66/ 171 - 172) من طريق حماد بن سلمة ومندل بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهذا موضوع؛ الكلبي وشيخه كذابان. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 553) وزاد نسبته لأبي الفرج الأصبهاني في "الأغاني" وابن عساكر. =

* عن عطاء بن يسر؛ قال: نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط، كان بين الوليد وبين علي كلام؛ فقال الوليد بن عقبة: أنا أبسط منك لساناً، وأحدُّ منك سناناً، وأرد منك للكتيبة؛ فقال علي: اسكت؛ فإنك فاسق؛ فأنزل الله فيهما: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)} إلى قوله: {بِهِ تُكَذِّبُونَ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ قال: نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أما المؤمن؛ فعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وأما الفاسق؛ فعقبة بن أبي معيط، وذلك لسباب كان بينهما؛ فأنزل الله ذلك (¬3). [ضعيف] ¬

_ = قال الحافظ ولي الدين العراقي: "وهو غير مستقيم؛ فإن الوليد يصغر عن ذلك". وقال الحافظ ابن حجر: "وهو غلط فاحش؛ فما كان الوليد فيه رَجُلاً". انظر: "الكاف الشاف" (131/ 194)، و"الفتح السماوي" (2/ 924، 925). (¬1) أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (21/ 68) - عن بعض أصحابه عن عطاء به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإرساله، وجهالة الأصحاب، خاصة، وأن ابن إسحاق مدلس مشهور بذلك. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 553) ونسبه لابن أبي حاتم. (¬3) أخرجه الخطيب؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 553)، و"لباب النقول" (ص 170) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (66/ 172) - من طريق أبي إسماعيل الترمذي، عن عبد الله بن صالح، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: ابن لهيعة؛ سيئ الحفظ. =

* {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28)}. * عن قتادة في قوله: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28)}؛ قال: قال أصحاب نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: إن لنا يوماً أَوْشَك أن نستريح فيه وننعم فيه، فقال المشركون: {مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (¬1). [ضعيف] ¬

_ = الثانية: عبد الله بن صالح؛ ضعيف. وزاد السيوطي نسبته لابن مردويه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 73): ثنا بشر؛ قال: ثنا يزيد بن زريع؛ قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل جيد الإسناد.

سورة الأحزاب

سورة الأحزاب * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الأحزاب بالمدينة (¬1). * عن عبد الله بن الزبير مثله (¬2). * {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن أهل مكة -منهم: الوليد وشيبة بن ربيعة-، دعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يرجع عن قوله؛ على أن يعطوه شطر أموالهم، وَخَوَّفَهُ المنافقون واليهود بالمدينة: إن لم يرجع؛ قتلوه؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} (¬3). [ضعيف جداً] * {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 558) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 560)، و"لباب النقول" (ص 171) وقال: أخرج ابن جرير -وليس هو في مطبوع "التفسير"- من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس (فذكره). قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: جويبر؛ ضعيف جداً؛ كما في "التقريب". الثانية: الضحاك لم يلق ابن عباس.

تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً يصلي فخطر خطرة، فقال المنافقون الذين يصلون معه: ألا ترى أن له قلبين: قلباً معكم، وقلباً معهم؟! فأنزل الله -تعالى-: {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ} (¬1). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة؛ قالوا: كان رجل يدعى ذا القلبين؛ فأنزل الله: {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في "الجامع" (5/ 348 رقم 3199)، وابن خزيمة في "صحيحه" (2/ 39 رقم 865)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (8/ 445 رقم 3371)، وأحمد في "المسند" (1/ 267، 268)، والطبري في "جامع البيان" (21/ 74)، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 83، 84 رقم 1260)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 415)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 474، 475)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (9/ 539 - 541 رقم 528، 529, 530، 531) جميعهم من طريق زهير بن معاوية عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ قابوس لين الحديث. قال الترمذي: "هذا حديث حسن". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي: "قلت: قابوس ضعيف". وضعفه شيخنا -رحمه الله- في "ضعيف الترمذي". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 561) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 561) ونسبه لابن أبي حاتم من طريق خصيف الجزري عن سعيد به، وأخرجه الطبري (21/ 75) من طريق خصيف به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: خصيف؛ ضعيف. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان رجل من قريش يُسمى من دهيه: ذا القلبين؛ فأنزل الله هذا في شأنه (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن بريدة؛ قال: كان في الجاهلية رجل يقال له: ذو القلبين؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ. . .} (¬2). [ضعيف] * عن الحسن؛ قال: كان الرجلُ يقول: أَمَرَتْني نفسي بكذا، وأمرتني بكذا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ} (¬3). [ضعيف] * عن مجاهد: {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ}؛ قال: إن رجلاً من بني فِهر قال: إن في جوفي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد! وكذب (¬4). [ضعيف] ¬

_ = الثانية: الإرسال. وضعفه السيوطي في "لباب النقول" (ص 171). (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 74) وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 561). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (8/ 446 رقم 3373) من طريق هدبة بن خالد؛ قال: ثنا أبو هلال الراسبي عن عبد الله به. قلنا: وهذا مرسل ضعيف الإسناد؛ الراسبي لين الحفظ. (¬3) أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (8/ 447 رقم 3374) من طريق موسى بن إسماعيل ثنا مبارك بن فضالة عن الحسن به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال، ومراسيل الحسن كالريح. الثانية: مبارك؛ مدلس وقد عنعن. (¬4) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 74، 74/ 75)، والفريابي في "تفسيره" -ومن طريقه الطحاوي في "مشكل الآثار" (8/ 446 رقم 3372) - من طرق عن =

* عن قتادة؛ قال: كان رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمى ذا القلبين؛ فأنزل الله فيه ما تسمعون (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: إنها نزلت في رجل من قريش من بني جمح، يقال له: جميل بن معمر (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: صَلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة فسها فيها؛ فخطرت منه كلمة، فسمعها المنافقون، فأكثروا؛ فقالوا: إن له قلبين، أم تسمعوا إلى قوله وكلامه في الصلاة؟ إن له قلباً معكم، وقلباً مع أصحابه؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} إلى قوله: {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ} (¬3). ¬

_ = ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 561) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 75): ثنا بشر بن معاذ العقدي؛ قال: ثنا يزيد بن زريع؛ قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وأخرجه الطبري بهذا السند عن الحسن؛ قال: كان رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمى ذا القلبين، كان يقول: لي نفس تأمرني، ونفس تنهاني؛ فأنزل الله ما تسمعون. قلنا: وهو مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 561) وزاد نسبته لابن أبي حاتم. وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 11) عن معمر عن قتادة به. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 561) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو معضل. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لإعضاله. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 561، 562) ونسبه لابن مردويه.

* عن الزهري؛ قال: بلغنا أن ذلك كان في زيد بن حارثة، فضرب له مثلاً، يقول: ليس ابن رجل آخر ابنك (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: نزلت في زيد بن حارثة -رضي الله عنه- (¬2). [ضعيف] * {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ في الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ الله غَفُورًا رَحِيمًا (5)}. * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن زيد بن حارثة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كُنا ندعوه إلا زيد بن محمد؛ حتى نزل القرآن: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ} (¬3). [صحيح] * عن عائشة -رضي الله عنها--: أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس -وكان ممن شهد بدراً- تبنى سالماً، وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى امرأة من الأنصار، كما تبنى النبي - صلى الله عليه وسلم - زيداً، وكان من تبني رجلاً في الجاهلية؛ دعاه الناس ابنه، وورث من ميراثه، حتى أنزل -عزّ وجلّ-: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}، ومن لم يعرف له أب؛ فمولى وأخ في الدين، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو، فقالت: يا رسول الله! إنا كنا نرى سالماً ولداً يأوي معي ومع أبي حذيفة، ويراني فضلاً، وقد أنزل الله -عزّ وجلّ- فيه ما علمت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 11) -ومن طريقه الطبري (21/ 75) -: نا معمر عن الزهري. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 562) ونسبه للفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر. (¬3) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4782)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 2425/ 62).

"أرضعيه خمس رضعات"، وكان بمنزلة ولدها من الرضاعة (¬1). [صحيح] * عن مجاهد؛ قال: نزلت هذه الآية في زيد بن حارثة (¬2). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان من أَمر زيد بن حارثة -رضي الله عنه- أنه كان في أخواله بني معن من بني ثعلب من طيء، فأصيب غلمة من طيء، فقدم به سوق عكاظ، وانطلق حكيم بن حزام بن خويلد إلى عكاظ يتسوق بها، فأوصته عمته خديجة -رضي الله عنها- أن يبتاع لها غلاماً ظريفاً عربياً إن قدر عليه، فلما جاء؛ وجد زيداً يباع فيها، فأعجبه ظرفه، فابتاعه، فقدم به عليها، وقال لها: إني قد اتبعت لك غلاماً ظريفاً عربياً، فإن أعجبك؛ فخذيه وإلا؛ فدعيه؛ فإنه قد أعجبني، فلما رأته خديجة؛ أعجبها؛ فأخذته، فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عندها، فأعجب النبي - صلى الله عليه وسلم - ظرفه، فاستوهبه، فقالت: هو لك، فإن أردت عتقه؛ فالولاء لي، فأبى عليها، فوهبته له: إن شاء أعتق، وإن شاء أمسك، قال: فشب عند النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم إنه خرج في إبل أبي طالب إلى الشام، فمر بأرض قومه، فعرفه عمه، فقام إليه فقام: من أنت يا غلام؟! قال: غلام من أهل مكة، قال: من أنفسهم؟ قال: لا، قال: فحر أنت أم مملوك؟ قال: بل مملوك، قال: لمن؟ قال: لمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فقال له: أعربي ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4000، 5088)، وعبد الرزاق في "المصنف" (رقم 13885، 13886، 13887)، وأبو داود (رقم 2061)، والنسائي (6/ 104، 105، 105)، وأحمد (6/ 201، 228، 255) وغيرهم، وهذا لفظ عبد الرزاق. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 563) وقصر جداً في تخريجه؛ فلم يعزه لأحد ممن ذكرنا سوى عبد الرزاق. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 75) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وتقدم موصولاً عن ابن عمر به.

أنت أم عجمي؟ قال: بل عربي، قال: ممن أهلك؟ قال: كلب، قال: من أي كلب؟ قال: من بني عبد ود، قال: ويحك. .! ابن مَنْ أنت؟ قال: ابن حارثة بن شراحيل، قال: وأين أصبت؟ قال: في أخوالي، قال: ومن أخوالك؟ قال: طي، قال: ما اسم أمك؟ قال: سعدى، فالتزمه، وقال ابن حارثة: ودعا أباه، وقال: يا حارثة! هذا ابنك، فأتاه حارثة، فلما نظر إليه؛ عرفه، قال: كيف صنع مولاك إليك؟ قال: يؤثرني على أهله وولده، ورزقت منه حباً، فلا أصنع إلا ما شئت. فركب معه أبوه وعمه وأخوه حتى قدموا مكة، فلقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له حارثة: يا محمد! أنتم أهل حرم الله وجيرانه وعند بيته، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، ابني عبدك؛ فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه؛ فإنك ابن سيد قومه، فإنا سنرفع لك في الفداء ما أحببت، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعطيكم خيراً من ذلك"، قالوا: وما هو؟ قال: أخيّره؛ فإن اختاركم؛ فخذوه بغير فداء، وإن اختارني؛ فكفوا عنه، قالوا: جزاك الله خيراً فقد أحسنت، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا زيد! أتعرف هؤلاء؟ "، قال: نعم، هذا أبي وعمي وأخي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فأنا من قد عرفته، فإن اخترتهم؛ فاذهب معهم، وإن اخترتني؛ فأنا من تعلم"، فقال زيد: ما أنا بمختار عليك أحداً أبداً، أنت مني بمكان الوالد والعم، قال له أبوه وعمه: يا زيد! تختار العبودية على الربوبية؟ قال: ما أنا بمفارق هذا الرجل. فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرصه عليه؛ قال: اشهدوا أنه حر، وأنه ابني يرثني وأرثه، فطابت نفس أبيه وعمه؛ لما رأوا كرامته عليه، فلم يزل زيد في الجاهلية يدعى: زيد بن محمد؛ حتى نزل القرآن: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}؛ فدعي زيد بن حارثة (¬1). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 563، 564) ونسبه لابن مردويه.

* عن الحسن بن عثمان؛ قال: حدثني عدة من الفقهاء وأهل العلم قالوا: كان عامر بن ربيعة يقال له: عامر بن الخطاب، وإليه كان ينسب؛ فأنزل الله فيه، وفي زيد بن حارثة، وسالم مولى أبي حذيفة، والمقداد بن عمرو: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} (¬1). [ضعيف] * {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ في كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفُ اكَانَ ذَلِكَ في الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)}. * عن قتادة؛ قال: لبث المسلمون زماناً يتوارثون بالهجرة، والأعرابي المسلم لا يرث من المهاجر شيئاً؛ فأنزل الله هذه الآية، فخلط المؤمنون بعضهم ببعض، فصارت المواريث بالملل (¬2). [ضعيف] * عن محمد بن الحنفية؛ قال: نزلت هذه الآية في جواز وصية المسلم لليهودي والنصراني (¬3). [ضعيف] * عن الكلبي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين المهاجرين، فكانوا يتوارثون بالهجرة حتى نزلت: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ في كِتَابِ اللهِ} ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 564) ونسبه لابن عساكر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 77): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 567، 568) ونسبه لابن المنذر والطبري وابن أبي حاتم. قلنا: الذي رأيناه في "التفسير" للطبري (6/ 78) أنه أخرجه من طريق ابن وكيع ثنا أبو معاوية عن حجاج عن سالم عن ابن الحنفية به، لكن ليس فيه سبب نزول. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، وضعف سفيان بن وكيع والحجاج بن أرطاة.

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ}؛ فجمع الله المؤمنين والمهاجرين، قال: {إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفُاً}؛ إلا أن توصوا لأوليائكم؛ يعني: الذين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بينهم (¬1). [موضوع] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)}. * عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة؛ قال: ذكر حذيفة مشاهدهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال جلساؤه: أما والله لو كنا شهدنا ذلك لفعلنا وفعلنا، فقال حذيفة: لا تمنوا ذلك، فلقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعود: أبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة من اليهود أسفل منا، نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة ولا أشد ريحاً في أصوات ريحها أمثال الصواعق، وهي ظلمة، ما يرى أحد منا أصبعه، فجعل المنافقون يستأذنون النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويقولون: إن بيوتنا عورة وما هي بعورة، فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له؛ فيأذن لهم، فيتسللون ونحن ثلثمائة أو نحو ذلك، إذ استقبلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً رجلاً حتى مر عليَّ، وما عَليَّ جُنة من العدو، ولا من البرد إلا مرط لامرأتي ما يجاوز ركبتي، قال: فأتاني وأنا جاث على ركبتي، فقال: "من هذا؟ "، فقلت: حذيفة، فقال: "حذيفة! "، قال: فتقاصرت بالأرض، فقلت: بلى يا رسول الله؛ كراهية أن أقوم، قال: "قم"، فقمت، فقال: "إنه كان في القوم خبر؛ فأْتني بخبر القوم"، قال: وأنا من أشد الناس فزعاً، وأشدهم قراً، فخرجت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه، ومن تحته"، قال: فوالله؛ ما خلق الله ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 113): عن معمر عن الكلبي به. قلنا: وهذا كذب، الكلبي كذاب معروف.

فزعاً، ولا قراً في جوفي إلا خرج من جوفي فما أجد منه شيئاً، قال: فلما وليت؛ قال: "يا حذيفة! لا تحدثن في القوم شيئاً حتى تأتيني"، فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم؛ نظرت في ضوء نار لهم توقد، وإذا رجل أدهم ضخم، يقول بيده على النار، ويمسح خاصرته ويقول: الرحيل، الرحيل، ولم أكن أعرف أبا سفيان قبل ذلك، فانتزعت سهماً من كنانتي أبيض الريش فأضعه على كبد قوسي؛ لأرميه في ضوء النار، فذكرت قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُحْدِثَنَّ شيئاً حتى تأتيني"، فأمسكت ورددت سهمي في كنانتي، ثم إني شجعت نفسي حتى دخلت المعسكر، فإذا أدنى الناس مني بنو عامر، يقولون: يا آل عامر! الرحيل، الرحيل، لا مقام لكم، وإذا الريح في عسكرهم، ما تجاوز عسكرهم شبراً، فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفَرَسَتْهُم، والريح تضربهم، ثم خرجت نحو النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما انتصف بي الطريق، أو نحو ذلك؛ إذا أنا بنحو من عشرين فارساً، أو نحو ذلك معتمين، فقالوا: أخبر صاحبك: أن الله كفاه القوم، فرجعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مشتمل في شملة يصلي، فوالله ما عدا أن رجعت راجعني القر، وجعلت أقرقف، فأومأ إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، وهو يصلي فدنوت منه، فأسبل عليَّ شملته، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر؛ صلى، فأخبرته خبر القوم، وأخبرته أني تركتهم يترحلون؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا. . .} الآية (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 451 - 453) من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي ثنا عكرمة بن عمار عن محمد بن عبيد أبي قدامة الحنفي عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة؛ قال: ذكر حذيفة مشاهدهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال جلساؤه: أما والله لو كنا شهدنا ذلك لفعلنا وفعلنا، فقال حذيفة: (فذكره). قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو حذيفة صدوق سيئ الحفظ، وفي عكرمة كلام =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = معروف، ومحمد بن عبيد روى عنه اثنان: قتادة وعكرمة، ولم يوثقه إلا ابن حبان، وفي "التقريب": "مقبول"، ونحوه عبد العزيز. وأخرجه البزار (رقم 1809 - "كشف")، والحاكم (3/ 231) -وعنه البيهقي (3/ 450، 451) - من طريق موسى بن أبي المختار عن بلال العبسي عن حذيفة؛ قال: إن الناس تفرقوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الأحزاب، فلم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً، فأتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا جاثي من البرد، وقال: "يا ابن اليمان! قُمْ فانطلق إلى عسكر الأحزاب فانظر إلى حالهم"، قلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق ما قمت إليك إلا حياء منك من البرد، قال: "فابرز الحرة وبرد الصبح، انطلق يا ابن اليمان، ولا بأس عليك من حر ولا برد حتى ترجع إليَّ"، قال: فانطلقت إلى عسكرهم فوجدت أبا سفيان يوقد النار في عصبة حوله قد تفرق الأحزاب عنه، قال: حتى إذا جلست فيهم؛ قال: فحسب أبو سفيان أنه دخل فيهم من غيرهم، قال: ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه، قال: فضربت بيدي على الذي عن يميني وأخذت بيده، ثم ضربت بيدي على الذي عن يساري فأخذت بيده، فلبثت فيهم هنية ثم قمت فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم يصلي، فأومأ إليَّ بيده أنِ ادْن فدنوت، ثم أومأ إلي أيضاً أنِ ادْن فدنوت؛ حتى أسبل عليَّ من الثوب الذي كان عليه وهو يصلي، فلما فرغ من صلاته؛ قال: "ابن اليمان! اقعد، ما الخبر؟ "، قلت: يا رسول الله! تفرق الناس عن أبي سفيان فلم يبق إلا عصبة توقد النار، قد صب الله عليه من البرد مثل الذي صب علينا، ولكنا نرجو من الله ما لا يرجو. قلنا: وهذا سند حسن لغيره -إن شاء الله- موسى بن أبي المختار؛ مستور؛ روى عنه اثنان ووثقه ابن حبان فقط، وباقي رجاله ثقات. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 136): "رواه البزار، ورجاله ثقات". قلنا: وأصله في "صحيح مسلم" (3/ 1414، 1415/ 99) من طريق إبراهيم التيمي عن أبيه عن حذيفة بنحوه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 571) وزاد نسبته لابن مردويه وابن عساكر وأبو نعيم في "الدلائل". قلنا: الذي رأيناه عند أبي نعيم في "الدلائل" (ص 433، 434) هو نفس طريق =

* عن قتادة في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا}؛ قال: يعني: الملائكة، قال: نزلت هذه الآية يوم الأحزاب وقد حصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهراً، فخندق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقبل أبو سفيان بقريش ومن تبعه من الناس حتى نزلوا بعقوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقبل عُيينة بن حصن، أحد بني بدر ومن تبعه من الناس حتى نزلوا بقعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكاتبت اليهود أبا سفيان وظاهروه، فقال حيث يقول الله -تعالى-: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}؛ فبعث الله عليهم الرعب والريح، فذُكِرَ لنا أنهم كانوا كلما أوقدوا ناراً أطفأها الله، حتى لقد ذكر لنا أن سيد كلّ حيّ يقول: يا بني فلان! هلمّ إليَّ، حتى إذا اجتمعوا عنده؛ فقال: النجاء النجاء! أتيتم لما بعث عليهم من الرعب (¬1). [ضعيف] * {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)}. * عن عمرو بن عوف المزني؛ قال: خط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخندق عام ذُكرت الأحزاب، من أجم السمر طرف بني حارثة حتى بلغ المداد، ثم جعل أربعين ذراعاً بين كل عشرة، فاختلف المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلاً قوياً، فقال الأنصار: سلمان منا، وقال المهاجرون: سلمان منا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سلمان منا أهل البيت"، قال ¬

_ = مسلم المتقدم آنفاً، ضف على هذا أنه ليس فيه تصريح بسبب النزول، وكذا عند الحاكم والبزار ليس فيه تصريح بسبب النزول -والله أعلم-. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 81): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 576) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

عمرو بن عوف: فكنت أنا وسلمان وحذيفة بن اليمان والنعمان بن مقرن المزني وستة من الأنصار في أربعين ذراعاً فحفرنا حتى إذا بلغنا الثدي، أخرج الله من بطن الخندق صخرة بيضاء مروة، فكسرت حديدنا وشقت علينا، فقلنا: يا سلمان! ارْقَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبر هذه الصخرة؛ فإما أن نعدل عنها؛ فإن المعدل قريب، وإما أن يأمرنا فيها بأمره؛ فإنا لا نحب أن نجاوز خطه، فرَقَى سلمان حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ضارب عليه قبة تركية، فقال: يا رسول الله! بأبينا أنت وأمنا خرجت صخرة بيضاء من بطن الخندق مروة، فكسرت حديدنا، وشقت علينا، حتى ما يجيء منها قليل ولا كثير، فمُرْنا فيها بأمرك؛ فإنا لا نحب أن نجاوز خطّك، فهبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع سلمان في الخندق، ورقينا نحن التسعة على شفة الخندق، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعول من سلمان فضرب الصخرة ضربة صدعها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها؛ يعني: لابتي المدينة، حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم؛ فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبير فتح، وكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثانية فصدعها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها؛ حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم؛ فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبير فتح، وكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثالثة فكسرها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها؛ حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم؛ فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبير فتح، ثم أخذ بيد سلمان فرقي، فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد رأيت شيئاً ما رأيته قط، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى القوم، فقال: "هل رأيتم ما يقول سلمان؟ "، قالوا: نعم يا رسول الله! بأبينا أنت وأمنا، قد رأيناك تضرب فيخرج برق كالموج، فرأيناك تكبر فنكبر، ولا نرى شيئاً غير ذلك، قال: "صدقتم؛ ضربت ضربتي الأولى؛ فبرق الذي رأيتم؛ أضاء لي منه قصور الحيرة ومدائن كسرى، كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبرائيل -عليه السلام-: أن أمتي ظاهرة، ثم ضربت ضربتي

الثانية، فبرق الذي رأيتم؛ أضاء لي منه قصور الحُمْرِ من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبرائيل -عليه السلام-: أن أُمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثالثة الذي رأيتم؛ أضاءت لي منها قصور صنعاء، كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبرائيل -عليه السلام-: أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا -يبلغهم النصر-، وأبشروا -يبلغهم النصر-، وأبشروا -يبلغهم النصر-"؛ فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمد لله موعود صدق؛ بأن وعدنا النصر بعد الحصر، فطلعت الأحزاب؛ فقال المسلمون: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية، وقال المنافقون: ألا تعجبون؟! يحدثكم ويمنيكم ويعدكم الباطل؛ يخبركم بأنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم تحفرون الخندق من الفَرَق، ولا تستطيعون أن تبرزوا!! وأنزل القرآن: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)} (¬1). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 85، 86)، و"تاريخ الأمم والملوك" (2/ 567 - 570)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (4/ 82 - 84، 7/ 318، 319 - مختصراً)، والطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 212، 213 رقم 6040 - مختصراً)، وابن أبي حاتم وابن مردويه في "تفسيريهما"؛ كما في "لباب النقول" (ص 172)، و"الدر المنثور" (6/ 574)، والحاكم في "المستدرك" (3/ 598 - مختصراً)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 418 - 420)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/ 1329 رقم 3347 - مختصراً)، والبغوي في "معالم التنزيل" (6/ 323، 324) كلهم من طريق كثير به. قلنا: وهذا موضوع؛ كثير بن عبد الله؛ قال ابن حبان: "له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة"، وقال الشافعي وأبو داود: "ركن من أركان الكذب". قلنا: سكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: سنده ضعيف". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 130): "وفيه كثير بن عبد الله المزني وقد ضعفه الجمهور، وحسن الترمذي حديثه، وبقية رجاله ثقات". وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (6/ 28): "هذا حديث غريب". =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزل الله في شأن الخندق، وذكر نعمه عليهم، وكفايته إياهم عدوهم بعد سوء الظن، ومقالة من تكلم من أهل النفاق: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا}، وكانت الجنود التي أتت المسلمين: أسد، وغطفان، وسُليم. وكانت الجنود التي بعث الله عليهم من الريح الملائكة، فقال: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}، فكان الذين جاؤوهم من فوقهم: بنو قريظة، والذين جاؤوهم من أسفل منهم: قريش، وأسد، وغطفان، فقال: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)}، يقول: معتب بن قشير ومن كان معه على رأيه: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ}، يقول: أوس بن قيظي ومن كان معه على مثل رأيه: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا} إلى {وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا}، ثم ذكر يقين أهل الإيمان حتى أتاهم الأحزاب فحصروهم وظاهرهم بنو قريظة؛ فاشتد عليهم البلاء، فقال: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ} إلى {اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}، قال: وذكر الله هزيمة المشركين، وكفايته المؤمنون فقال: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عروة بن الزبير، ومحمد بن كعب القرظي، وعثمان بن كعب بن يهوذا -أحد بني قريظة- عن رجال من قومه؛ قال: قال معتب بن ¬

_ = وقال شيخنا -رحمه الله- في "ضعيف الجامع": "ضعيف جداً". (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 574 - 575) ونسبه لابن إسحاق وابن مردويه. وذكر في "اللباب" (ص 173): أن جويبراً أخرج عن ابن عباس؛ أنه قال: نزلت هذه الآية في معتب بن قشير الأنصاري وهو صاحب هذه المقالة. قلنا: وجويبر؛ ضعيف جداً، وهو عادةً يروي عن ابن عباس بواسطة الضحاك وهو لم يدرك ابن عباس؛ فالأثر واه بمرة.

قشير -أخو بني عمرو بن عوف-: وكأن محمداً يرى أن نأكل من كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط، وقال أوس بن قيظي على ملأ من قومه، من بني حارثة: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ}، وهي خارجة من المدينة، ائذن لنا؛ فنرجع إلى نسائنا، وأبنائنا، وذرارينا؛ فلما قالوا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أنزل الله -عزّ وجلّ- على رسوله - صلى الله عليه وسلم - حين فرغ عنهم ما كانوا فيه من البلاء -يذكر نعمة الله عليهم، وكفايته إياهم بعد سوء الظن منهم، ومقالة من قال من أهل النفاق-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ}؛ أي: من فوقكم، فأرسل الله عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها؛ فكانت الجنود قريشاً وغطفان وبني قريظة، وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح الملائكة: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} إلى قوله: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}، فالذين جاؤوكم من فوقكم بنو قريظة، والذين جاؤوا أسفل منهم قريش، وغطفان. {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)} إلى قوله: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} لقول معتب بن قريش، وأصحابه: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} إلى قوله: {إِلَّا فِرَارًا} لقول أوس بن قيظي ومن كان معه -على ذلك- من قومه (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قوله: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)}؛ قال: قال ذلك أُناس من المنافقين: قد كان محمد يعدنا فتح فارس والروم، وقد حصرنا ههنا حتى ما يستطيع ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (21/ 86)، وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 575) -، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 435، 436) -، قال: ثنا يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير (ح) ويزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

أحدنا أن يبرز لحاجته؛ ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً (¬1). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: حفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخندق، واجتمعت قريش، وكنانة، وغطفان، فاستأجرهم أبو سفيان بلطيمة قريش، فأقبلوا حتى نزلوا بفنائه، فنزلت قريش أسفل الوادي، ونزلت غطفان عن يمين ذلك، وطليحة الأسدي في بني أسد يسار ذلك، وظاهرهم قريظة من اليهود على قتال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما نزلوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ تحصن بالمدينة، وحفر النبي - صلى الله عليه وسلم - الخندق، فبينما هو يضرب فيه بمعوله؛ إذ وقع المعول في صفا، فطارت منه كهيئة الشهاب من النار في السماء، وضرب الثاني فخرج مثل ذلك، فرأى ذلك سلمان -رضي الله عنه-، فقال: يا رسول الله! قد رأيت خرج من كل ضربة كهيئة الشهاب، فسطع إلى السماء، فقال: "لقد رأيت ذلك"، فقال: نعم يا رسول الله! قال: "تفتح لكم أبواب المدائن، وقصور الروم، ومدائن اليمن"؛ ففشا ذلك في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتحدثوا به، فقال رجل من الأنصار -يدعى قشير بن معتب-: أيعدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يفتح لنا مدائن اليمن، وبيض المدائن، وقصور الروم، وأحدنا لا يستطيع أن يقضي حاجه إلا قُتل؟! هذا والله الغرور؛ فأنزل الله -تعالى- في هذا: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (21/ 85): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 577) وزاد نسبته لابن أبي حاتم. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 577، 578) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

* {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت هذه الآية قبل تحول: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ. . .} [البقرة: 214] وصدق الله ورسوله فيما أخبرا به من الوحي قبل أن يكون (¬1). [ضعيف جداً] * {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24)}. * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر؛ فقال: يا رسول الله! غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن اللهُ أشهدني قتال المشركين؛ ليرين اللهُ ما أصنع، فلما كان يوم أُحُدٍ وانكشف المسلمون؛ قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء؛ يعني: أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء؛ يعني: المشركين، ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ! الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله! ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه، قال أنس: كنا نرى -أو نظن- أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} إلى آخر الآية (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 585) وقال: "أخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس (فذكره) ". قلنا: جويبر؛ متروك الحديث، والضحاك لم يلق ابن عباس؛ فالأثر ضعيف جداً. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (6/ 21 رقم 2805) من طريق حميد عن أنس به. وأخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم 1903/ 18) وغيره من طريق ثابت عن أنس. =

* عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ قال: قالوا: أخبرنا عن طلحة؛ قال: ذلك امرؤ نزلت فيه آية من كتاب الله -تعالى-: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} طلحة ممن قضى نحبه، لا حساب عليه فيما يستقبل (¬1). [موضوع] * {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}. * عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-؛ قال: حُبسنا يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء، حتى كفينا ذلك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}؛ فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بلالاً فأقام، ثم صلى الظهر كما كان يصليها قبل ذلك، ثم أقام فصلى العصر كما كان يصليها قبل ذلك، ثم أقام المغرب فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك، ثم أقام العشاء فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك، وذلك قبل أن تنزل صلاة الخوف: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] (¬2). [صحيح] ¬

_ = وقصر السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 586)، و"لباب النقول" (ص 173) فلم يعزه للبخاري. (¬1) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 238) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (8/ 556) - من طريق إسماعيل بن يحيى البغدادي عن أبي سنان عن الضحاك بن مزاحم عن النزال بن سبرة عن علي به. قلنا: وهذا موضوع؛ إسماعيل بن يحيى كذاب، حدث بالبواطيل. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/ 272، 273 رقم 18351، ص 419 رقم 18661)، والنسائي في "المجتبى" (2/ 17)، و"الكبرى" (1/ 505 رقم 1625)، والطبري في "جامع البيان" (21/ 94، 95، 95)، والبيهقي في "الدلائل" (3/ 445) من طريق ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 589) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه، ولم ينسبه للنسائي في "سننه"، وهو قصور.

* {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26)}. * عن سعيد بن جبير؛ قال: كان يوم الخندق بالمدينة، قال: فجاء أبو سفيان بن حرب ومن معه من قريش ومن تبعه من كنانة، وعيينة بن حصن ومن تبعه من غطفان، وطليحة ومن تبعه من بني أسد، وأبو الأعور ومن تبعه من بني سليم، وقريظة؛ كان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد، فنقضوا ذلك وظاهروا المشركين؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ}، فأتى جبريل -عليه السلام- ومعه الريح، فقال حين رأى جبريل: "ألا أبشرو" -ثلاثاً- فأرسل الله عليهم الريح؛ فهتكت القباب، وكفأت القدور، ودفنت الرجال، وقطعت الأوتاد، فانطلقوا لا يلوي أحد على أحد؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا}، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو بشر: وبلغني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رجع إلى منزله؛ غسل جانب رأسه الأيمن وبقي الأيسر، قال: فقال له؛ يعني: جبريل - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أراك تغسل رأسك؟ فوالله ما نزلنا بعد، انهض"؛ فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن ينهضوا إلى بني قريظة حتى غابت الشمس (¬1). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لم أزل حريصاً على (وفي رواية: لبثت سنة وأنا أريد) أن أسأل عمر -رضي الله عنه- عن المرأتين من أزواج ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (2/ 71): نا أبو الوليد الطيالسي ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال الشيخين. وهو ضعيف لإرساله.

النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله لهما: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، [فما أستطيع أن أسأله؛ هيبة له (وفي رواية: فلم أجد له موضعاً)، حتى خرج حاجّاً] فحججت معه، [فلما رجعت وكنا ببعض الطريق] (وفي رواية: بظهران)، فعدل [إلى الأراك لحاجة له]، وعدلت معه بالإداوة، فتبرز [فوقفت له] حتى جاء، [فقال: أدركني بالوضوء]، فسكبت على يديه من الإداوة، فتوضأ [ورأيت موضعاً]، فقلت: يا أمير المؤمنين! من المرأتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال لهما: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ}، فقال [ابن عباس: فما أتممت كلامي؛ حتى قال]: واعجبي لك يا ابن عباس! [تلك] عائشة وحفصة. [قال: فقلت: والله؛ إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة، فما أستطيع؛ هيبة لك، قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم؛ خبَّرتك به، قال: ثم قال عمر: والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمراً حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم]، (وفي رواية: فلما جاء الإِسلام، وذكرهن الله؛ رأينا لهن بذلك علينا حقاً من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا)، ثم استقبل عمر الحديث يسوقه، فقال: إن كنت وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد -وهي من عوالي المدينة- وكنا نتناوب النزول على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فينزل هو يوماً، وأنزل يوماً، فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر (وفي رواية: الوحي) وغيره، وإذا نزل فعل مثله، وكنا -معشر قريش- نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار، [قال: فبينا أنا في أمر أتأمره؛ إذ قالت امرأتي: لو صنعت كذا وكذا، قال:] فصحت على امرأتي، فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني، [فقلت لها: ما لكِ ولما هاهنا، فيما تكلفك في أمر أريده؟!]، فقالت: ولم تنكر أن أراجعك؟! فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل (وفي رواية: فقالت لي: عجباً لك يا ابن

الخطاب! ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان؟!)؛ فأفزعني، فقلت [لها: قد] خابت من فعل منهن بعظيم، ثم جمعت علي ثيابي، فدخلت على حفصة، فقلت: أتغاضب إحداكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم حتى الليل؟ فقالت: نعم، فقلت: خابت وخسرت، أفتأمن (وفي رواية: خبت وخسرت، أفتأمنين) أن يغضب الله لغضب رسوله - صلى الله عليه وسلم - فتهلكين؟! لا تستكثري على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا تراجعيه في شيء، ولا تهجريه، واسأليني ما بدا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (وفي رواية: هذه التي أعجبها حسنها حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) -يريد: عائشة-[ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها، فكلمتها، فقالت أم سلمة: عجباً لك يا ابن الخطاب! دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه؟! فأخذتني والله أخذاً؛ كسرتني عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها]. [وكان من حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد استقام له، فلم يبق إلا ملك غسان بالشام، كنا نخاف أن يأتينا]، وكنا تحدثنا أن غسان تنعل النعال لغزونا [فقد امتلأت صدورنا منه] فنزل صاحبي [الأنصاري] يوم نوبته، فرجع عشاء، فضرب بابي ضرباً شديداً، وقال: أنائم (وفي رواية: أثَمَّ) هو؟ ففزعت، فخرجت إليه، وقال: حدث أمر عظيم! قلت: ما هو؟ أجاءت غسان؟ قال: لا، بل أعظم منه، وأطول (وفي رواية: أهول)؛ طلق (وفي رواية: اعتزل) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه، قال: (وفي رواية: فقلت:) قد خابت حفصة وخسرت، [قد] كنت أظن أن هذا يوشك أن يكون، فجمعت عليّ ثيابي، فصليت صلاة الفجر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدخل مشربة له [يرقى عليها بعجلة]، فاعتزل فيها، فدخلت على حفصة؛ فإذا هي تبكي، قلت: ما يبكيك؟! أوَلم أكن حذرتك؟! أطلقكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: لا أدري، هو ذا في المشربة، فخرجت، فجئت المنبر، فإذا حوله وهي يبكي بعضهم، فجلست

معهم قليلاً، ثم غلبني ما أجد، فجئت المشربة التي هو فيها، فقلت لغلام له أسود [على رأس الدرجة]: استأذن لعمر، فدخل، فكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم خرج، فقال: ذكرتك له فصمت، فانصرفت؛ حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر، ثم غلبني ما أجد، فجئت، فذكر مثله، فجلست مع الرهط الذين عند المنبر، ثم غلبني ما أجد، فجئت الغلام، فقلت: استأذن لعمر، فذكر مثله، فلما ولَّيت منصرفاً؛ فإذا الغلام يدعوني، قال: أذن لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدخلت عليه، فإذا هو مضطجع على رمال حصير، ليس بينه وبينه فراش، قد أثَّر الرمال بجنبه، متكئ على وسادة من أدم حشوها ليف، فسلمت عليه، ثم قلت -وأنا قائم-: [يا رسول الله! أ] طلقت نساءك؟ فرفع بصره إلى، فقال: "لا"، [فقلت: الله أكبر]، ثم قلت -وأنا قائم أستأنس-: يا رسول الله! لو رأيتني وكنا -معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا [المدينة] على قوم (وفي رواية: إذا قوم) تغلبهم نسائهم، فذكره، فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قلت: لو رأيتني ودخلت على حفصة، فقلت [لها]: لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك، وأحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -يريد: عائشة- (وفي رواية: فذكرت الذي قلت لحفصة وأم سلمة، والذي ردت عليّ أم سلمة)، فتبسم [تبسمة] أخرى، فجلست حين رأيته تبسم، ثم رفعت بصري في بيته، فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرد البصر، غير أهبة ثلاثة [وإن عند رجليه قرظاً مصبوباً] فقلت: ادع الله فليوسع على أمتك؛ فإن فارس والروم وُسِّعَ عليهم، وأُعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله، [فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم -]، وكان متكئاً، فقال: "أوَفي شك أنت يا ابن الخطاب؟! [إنَّ] أولئك قوم عُجِّلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا"، (وفي رواية: فبكيت، فقال: "ما يبكيك؟! "، فقلت: يا رسول الله! إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! فقال: "أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟! ")، فقلت: يا رسول الله! استغفر لي.

فاعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم -[نساءه] من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة [تسعاً وعشرين ليلة]، وكان قد قال: "ما أنا بداخل عليهن شهراً"، من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله، فلما مضت تسع وعشرون؛ دخل على عائشة، فبدأ بها، فقالت له عائشة: [يا رسول الله!] إنك [كنت] أقسمت أن لا تدخل علينا شهراً، وإنا أصبحنا لتسع وعشرين ليلة؛ أعدها عداً، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الشهر تسع وعشرون"، وكان ذلك الشهر تسع وعشرون. قالت عائشة: فأُنزلت آية التخيير، فبدأ بي أول امرأة [من نسائه]، فقال: "إني ذاكر لك أمراً، ولا عليك أن لا تعجلي؛ حتى تستأمري أبويك"، قالت: قد أعلم أن أبويَّ لم يكونا يأمراني بفراقه، ثم قال: "إنَّ الله [جلّ ثناؤه]، قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ}. . . إلى قوله: {عَظِيمًا} "، قلت: في هذا أستأمر أبويَّ؟! فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، [فاخترته]، ثم خيَّر نساءه [كلهنَّ]، فقلن مثل ما قالت عائشة (¬1). [صحيح] * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله، فوجد الناس جلوساً ببابه لم يؤذن لأحد منهم، قال: فَأُذِنَ لأبي بكر؛ فدخل. ثم أقبل عمر فاستأذن؛ فَأُذِنَ له، فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - جالساً، حوله نساؤه، واجماً ساكتاً، قال: فقال: لأقولن شيئاً أُضْحِكُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! لو رأيت بنت خارجة! سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "هن حولي كما ترى؛ يسألنني النفقة"، فقام أبو بكر إلى عائشة يَجَأُ عنقها، فقام عمر إلى حفصة يَجَأُ عنقها، كلاهما يقول: تسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ليس عنده، فقلن: ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 2468، 5191)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 1479 - 31 - 34).

والله! لا نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً أبداً ليس عنده، ثم اعتزلهن شهراً أو تسعاً وعشرين، ثم نزلت عليه هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)}، قال: فبدأ بعائشة فقال: "يا عائشة! إني أريد أن أعرض عليك أمراً أُحب أن لا تعجلي فيه؛ حتى تستشري أبويك"، قالت: وما هو يا رسول الله؟! فتلا عليها الآية، قالت: أفيك يا رسول الله! أستشير أبوي؟! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت، قال: "لا تسألني امرأة إلا أخبرتها؛ إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً" (¬1). [صحيح] * عن أبي سلمة الحضرمي؛ قال: جلست مع أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وهما يتحدثان، وقد ذهب بصر جابر، فجاء رجل فسلّم ثمّ جلس، فقال: يا أبا عبد الله! أرسلني إليك عروة بن الزبير أسألك فيم هجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسائه؟ فقال جابر: تركنا رسول الله يوماً وليلة لم يخرج إلى الصلاة؛ فأخذنا ما تقدم وما تأخر، فاجتمعنا ببابه نتكلم؛ ليسمع كلامنا ويعلم مكاننا، فأطلنا الوقوف فلم يأذن لنا ولم يخرج إلينا، قال: فقلنا: قد علم رسول الله مكانكم، ولو أراد أن يأذن لكم لأذن، فتفرقوا لا تؤذوه، فتفرق الناس غير عمر بن الخطاب يتنحنح ويتكلم ويستأذن، حتى أذن له رسول الله، قال عمر: فدخلت عليه وهو واضع يده على خده أعرف به الكآبة، فقلت: أي نبي الله! بأبي أنت وأمي ما الذي رابك وما لقي الناس بعدك من فقدهم لرؤيتك؟! فقال: "يا عمر! يسألني أولاء ما ليس عندي"؛ يعني: نساءه، فذاك الذي بلغ مني ما ترى"، فقلت: يا نبي الله! قد صككت جميلة بنت ثابت صكة ألصقت خدها منها ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم 1478).

بالأرض؛ لأنها سألتني ما لا أقدر عليه، وأنت يا رسول الله! على موعد من ربك وهو جاعل بعد العسر يسراً، قال: فلم أزل أكلمه حتى رأيت رسول الله قد تحلل عنه بعض ذلك، قال: فخرجت، فلقيت أبا بكر الصديق فحدثته الحديث، فدخل أبو بكر على عائشة فقال: قد علمت أن رسول الله لا يدخر عنكن شيئاً؛ فلا تسألنه ما لا يجد، انظري حاجتك فاطلبيها إلي، وانطلق عمر إلى حفصة فذكر لها مثل ذلك، ثم اتبعا أمهات المؤمنين فجعلا يذكران لهن مثل ذلك، حتى دخلا على أم سلمة فذكرا لها مثل ذلك، فقالت لهما أم سلمة: ما لكما ولما هاهنا؟ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم بأمرنا عيناً، ولو أراد أن ينهانا لنهانا، فمن نسأل إذا لم نسأل رسول الله؟ هل يدخل بينكما وبين أهليكما أحد؟ فما نكلفكما هذا، فخرجا من عندها، فقال أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة: جزاك الله خيراً حين فعلت ما فعلت؛ ما قدرنا أن نرد عليهما شيئاً، ثم قال جابر لأبي سعيد: ألم يكن الحديث هكذا؟ قال: بلى، وقد بقيت منه بقية، قال جابر: فأنا آتي على ذلك إن شاء الله، ثم قال: فأنزل الله في ذلك: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28)}؛ يعني: متعة الطلاق، ويعني بتسريحهن: تطليقهن طلاقاً جميلاً، {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ}: تخترن الله ورسوله؛ فلا تنكحن بعده أحداً. فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبدأ بعائشة، فقال: "إن الله قد أمرني أن أخيّركن بين أن تخترن الله ورسوله والدار الآخرة وبين أن تخترن الدنيا وزينتها، وقد بدأت بك، فأنا أخيّرك"، قالت: أي نبي الله! وهل بدأت بأحد منهن قبلي؟ قال: "لا"، قالت: فإني أختار الله ورسوله والدار الآخرة، فاكتم علي ولا تخبر بذاك نساءك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بل أخبرهن"، فأخبرهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميعاً؛ فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، وكان خياره بين الدنيا والآخرة أن يخترن الآخرة أو الدنيا، قال: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ

الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)}، فاخترن أن لا يتزوجن بعده، ثم قال: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}؛ يعني: الزنا، {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}؛ يعني: في الآخرة، {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ}؛ يعني: تطع الله ورسوله، {وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} مضاعفاً لها في الآخرة، وكذلك العذاب: {وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}، يقول: فجور، {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}، يقول: لا تخرجن من بيوتكن ولا تبرجن؛ يعني: إلقاء القناع، فعل أهل الجاهلية الأولى، فقال أبو سعيد: هذا الحديث على وجهه (¬1). [ضعيف جداً] * {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)}. * عن عبد الله بن جعفر؛ قال: لما نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الرحمة هابطة؛ قال: "من يدعو لي؟ "؛ فقالت ابنته: أنا يا رسول الله! فقال: "ادعي علياً -رضي الله عنه-"، فدُعي وفاطمة والحسن والحسين -رضي الله عنهم-، فجعل الحسن عن يمينه والحسين عن يساره وفاطمة تجاهه ثم غشاهم كساء، ثم قال: "هؤلاء أهلي"؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 179 - 181): ثنا محمد بن عمر ثنا جارية بن أبي عمران قال: سمعت أبا سلمة الحضرمي به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه محمد بن عمر هو الواقدي؛ متروك الحديث، بل اتهمه الإِمام أحمد والنسائي وغيرهما بالكذب. وجارية بن أبي عمران؛ قال أبو حاتم؛ كما في "الجرح والتعديل" (2/ 521): "مجهول"، وكذا قال الذهبي في "الميزان" (1/ 385).

عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أنه تلا هذه الآية: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}؛ قال: كانت فيما بين نوح وإدريس ألف سنة، وأن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صباحاً وفي النساء دمامة، وكانت نساء السهل صباحاً وفي الرجال دمامة، وإن إبليس أتى رجلاً من أهل السهل في صورة غلام، فأجر نفسه منه، وكان يخدمه، واتخذ إبليس شيئاً مثل ذلك الذي يزمر فيه الرعاة، فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك مَنْ حولهم، فانتابوهم يسمعون إليه، فاتخذوا عيداً يجتمعون إليه في السنة، فتتبرج الرجال للنساء، قال: ويتزين النساء للرجال، وإن رجلاً من أهل الجبل هجم عليهم وهم في عيدهم ذلك، فرأى النساء وصباحتهن فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا إليهن ونزلوا معهن؛ فظهرت الفاحشة فيهن؛ فذلك قول الله -عزّ وجلّ-: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه البزار في "البحر الزخار" (6/ 210 رقم 2251)، والحاكم (3/ 147، 148) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، ثني عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه المليكي هذا، وهو ضعيف، وانظر: "التهذيب" (6/ 146). وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: فيه عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي؛ وهو ذاهب الحديث". قلنا: ويشهد له في الجملة ما أخرجه الإِمام مسلم في "صحيحه" (4/ 1871 رقم 32). (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 4)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 548)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 373 رقم 5451) من طريق داود بن أبي الفرات ثنا علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 601) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. =

* عن الحكم بن عتيبة؛ قال: كان بين آدم ونوح ثمان مائة سنة، فكان نساؤهم من أقبح ما يكون من النساء، ورجالهم حسان، فكانت المرأة تريد الرجل على نفسه؛ فأنزلت هذه الآية: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}؛ قال: نزلت في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة (¬2). [حسن] ¬

_ = * ملاحظة: وقد تصحف اسم (علباء) في "شعب الإيمان" إلى (علي)؛ فأفسد سنده وهو تصحيف فاحش؛ فليحرر. والحديث سكت عنه الحاكم والذهبي. (¬1) أخرجه الطبري (22/ 4): ثنا ابن وكيع؛ قال: ثنا ابن عيينة عن أبيه عن الحكم به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: سفيان بن وكيع فيه ضعف معروف. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 491)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (73/ 111) من طريق علي بن حرب الموصلي ثنا زيد بن الحباب ثنا حسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن. وأخرج ابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 603) من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس؛ قال: نزلت في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلنا: أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 239)، و"الوسيط" (3/ 469، 470) من طريق أبي يحيى الحماني عن صالح بن موسى القرشي عن خصيف عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: خصيف؛ ضعيف. الثانية: الحماني؛ ضعيف أيضاً.

* عن عروة بن الزبير؛ قال: يعني: أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ نزلت في بيت عائشة (¬1). [ضعيف جداً] * عن أم سلمة -رضي الله عنها-؛ قالت: إنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان في بيتها، فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة (¬2)، فدخلت بها عليه، فقال لها: "ادعي زوجك وابنيك"، قالت: فجاء عليٌّ، والحسين، والحسن، فدخلوا عليه، فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة، وهو على منامة له على دكان، تحته كساء له خيبري، قالت: وأنا أُصلي في الحجرة؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، قالت: نأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء، ثم قال: "اللهم! هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، فأذْهِبْ عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، اللهم! هؤلاء أهل بيتي وخاصتي؛ فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً"، قالت: فأدخلت رأسي البيت، فقلت: وأنا معكم يا رسول الله! قال: "إنك إلى خير، إنك إلى خير". وفي رواية للطبراني، قالت: جاءت فاطمة عُدَّيةً بثريد لها تحملها في طبق لها حتى وضعتها بين يديه، فقال لها: "وأين ابن عمك؟ "، قالت: هو في البيت، قال: "اذهبي فادعيه، وائتيني بابني"؛ فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما في يد، وَعَلَيٌّ يمشي في إثرهما، حتى دخلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجلسهما في حجره، وجلس عليٌّ عن يمينه، وجلست فاطمة -رضي الله عنها- في يساره، قالت أم سلمة: فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا على المنامة، وفي البيت برمة فيها خزيرة، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 199). قلنا: فيه الواقدي؛ وهو متهم بالكذب، وفيه شيخه مصعب بن ثابت وهو لين الحديث. (¬2) قطعة لحم صغيرة.

"ادعي لي بعلك وابنيك: الحسن والحسين"، فدعتهم، فجلسوا جميعاً يأكلون من تلك البرمة، قالت: وأنا أصلي في تلك الحجرة؛ فنزلت هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، فأخذ فضل الكساء فغشاهم، ثم أخرج يده اليمنى من الكساء وألوى بها إلى السماء، ثم قال: "اللهم! هؤلاء أهل بيتي وحامتي؛ فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً"، قالت أم سلمة: فأدخلت رأسي البيت، فقلت: يا رسول الله! وأنا معكم؟ قال: "أنت على خير" -مرتين- (¬1). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (6/ 292، 296، 298، 304، 305، 323)، وإسحاق بن راهويه في "المسند" (رقم 1874)، والترمذي (5/ 699 رقم 3871)، وابن أبي شيبة (12/ 73 رقم 12153)، والطبري في "جامع البيان" (22/ 6، 7)، وأبو يعلى في "المسند" (12/ 313 رقم 6888، ص 344 رقم 6912)، وابن عدي في "الكامل" (5/ 1917)، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 52 - 55 رقم 2662، 2664، 2666، 2668، 23/ رقم 612، 627، 75، 759، 769، 770، 771، 773، 779، 780، 783، 939)، والدولابي في "الكنى" (2/ 122)، والحاكم (2/ 416)، والبيهقي (2/ 150)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 239)، والبغوي في "معالم التنزيل" (6/ 351) من طرق عن أم سلمة به. قلنا: وإن كان لا يخلو فيها مقال إلا أن الحديث يكون إن شاء الله حسن بمجموعها، وله شاهد بسند صحيح من حديث عمر بن أبي سلمة ربيب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لما نزلت هذه الآية على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} في بيت أم سلمة؛ فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً فجلّلهم بكساء، وعلي خلف ظهره فجلّلهم بكساء، ثم قال: "اللهم! هؤلاء أهل بيتي؛ فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً". قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله؟! قال: "أنتِ على مكانك وأنت على خير". أخرجه الترمذي (5/ 351 رقم 3205)، والطبري (22/ 7). وشاهد آخر من حديث عائشة -رضي الله عنها- عند مسلم بنحوه (رقم 2424). =

* عن عكرمة؛ قال: ليس الذي يذهبون إليه، إنما هي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان عكرمة ينادي هذا في السوق، وفي رواية: نزلت في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة (¬1). [ضعيف جداً] * عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نزلت هذه الآية في خمسة: فيَّ وفي علي -رضي الله عنه- وحسن -رضي الله عنه- وحسين -رضي الله عنه- وفاطمة -رضي الله عنها-: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = وشاهد آخر من حديث أبي هريرة عند الطبري (22/ 6، 7) بنحوه. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه سعيد بن زربي وهو منكر الحديث؛ كما في "التقريب". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 7، 8) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 240)، والوسيط (3/ 470) -: حدثا ابن حميد قال: حدثنا يحيى بن واضح قال: حدثنا الأصبغ عن علقمة عن عكرمة به. قلنا: وابن حميد؛ متروك الحديث، بل اتهمه الإِمام أحمد وغيره بالكذب، مع ملاحظة أنه مرسل. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 5): ثنا محمد بن المثنى قال: ثنا بكر بن يحيى العنزي عن مندل بن علي عن الأعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: العوفي؛ ضعيف مدلس، وتدليسه معروف أنه من أقبح أنواع التدليس؛ حيث كان يقول: حدثنا أبو سعيد ويسكت، فيوهم أنه الخدري وليس الأمر كذلك، بل هو الكلبي، وكان يكنى أبا سعيد فيوهم أنه الخدري. الثانية: الأعمش مدلس وقد عنعن. الثالثة: مندل بن علي ضعيف. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 604) وزاد نسبته لابن أبي حاتم والطبراني. قلنا: ذكر الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 494): أن ابن =

* عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة؛ قالت: نزلت هذه الآية في بيتي: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، وكان في البيت عليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، قالت: وكنت على باب البيت، فقلت: أين أنا يا رسول الله؟! قال: "أنت خير، وإلى خير" (¬1). [ضعيف جداً] * {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}. * عن أم سلمة -رضي الله عنها-؛ قالت: قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال؟! قالت: فلم يَرُعْنِي ذات يومٍ ظهراً إلا نداؤه على المنبر، قالت: وأنا أُسرح رأسي، فَلَففت شعري ثم خرجت إلى حجرة بيتي، فجعلت سمعي عند الجريد، فهذا هو يقول على المنبر: "يا أيها الناس! إن الله يقول في كتابه: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} إلى آخر ¬

_ = أبي حاتم أخرجه في "تفسيره" من طريق هارون بن سعد العجلي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري به موقوفاً. قلنا: هارون صدوق؛ كما في "التقريب"، ورواه عن عطية به موقوفاً، وخالفه الأعمش -وهو أوثق بكثير منه- عن عطية به مرفوعاً، وعلى كل؛ فمدار الموقوف والمرفوع على عطية وعرفت ما فيه؛ فالأثر لا يصح ألبتة. ثم إن الواحدي أخرجه في "أسباب النزول" (ص 239)، و"الوسيط" (3/ 470) من طريق أخرى عن عطية به، فانحصرت علة الخبر في عطية. (¬1) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (9/ 126، 127)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 604) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء عنه. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

الآية: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 173 رقم 425)، وأحمد في "المسند" (6/ 301، 305)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 108)، والطبراني في "المعجم الكبير" (23/ 241 رقم 650)، والطبري في "جامع البيان" (22/ 90)، وابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "موافقة الخبر الخبر" (2/ 22)، وابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" (2/ 21، 22) من طريق عفان بن مسلم والمغيرة بن سلمة أبو هشام المخزومي كلاهما عن عبد الواحد بن زياد نا عثمان بن حكيم نا عبد الرحمن بن شيبة؛ قال: سمعت أم سلمة (فذكره). قال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث حسن، أخرجه النسائي. . . ". قلنا: خالف عفانَ والمغيرةَ يونسُ بنُ محمد ومحمدُ بنُ المنهال، فروياه عن عبد الواحد بن زياد به؛ إلا أنهما قالا: عن عبد الله بن رافع بدلاً من عبد الرحمن بن شيبة. أخرجه أحمد (6/ 301)، والطبراني (23/ 245 رقم 665) على الترتيب. قال الحافظ ابن حجر: "ورواية عفان أرجح لموافقة المغيرة بن سلمة". وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (4/ 1236 رقم 624 - تكملة) -ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (6/ 500 رقم 5308) -، وعبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 1/ 156) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (5/ 31) -، وأحمد في "المسند" (6/ 322)، والترمذي (5/ 237 رقم 3022)، وأبو يعلى في "المسند" (12/ 393 رقم 6959) -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" (2/ 22، 23) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ق 99/ ب، وق 132/ أ)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 199)، والطبري في "جامع البيان" (5/ 1530، 22/ 10)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 305، 306، 416)، والفريابي؛ كما في "العجاب" (2/ 862)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 99) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أم سلمة. قلنا: وهذا سند صحيح، وفصلنا القول فيه في سورة النساء عند آية (رقم 32). وقال الحافظ: "هذا حديث حسن". وقال الحاكم في الموضع الأول: "صحيح على شرط الشيخين، إن كان مجاهد سمعه من أم سلمة". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال في الموضع الثاني: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي في كليهما. وقال الترمذي: "هذا مرسل"؛ يعني: أن مجاهداً لم يسمع من أم سلمة. لكن قال الحافظ: "ومجاهد قد ثبت سماعه من علي -رضي الله عنه- وهو أقدم موتاً من أم سلمة بعشرين سنة". وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 8): ثنا أبو كريب؛ قال: ثنا أبو معاوية عن محمد بن عمرو بن سلمة عن أبي سلمة: أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب حدثه عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله! أيذكر الرجال في كل شيء ولا نُذْكر؛ فأنزل الله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}. قلنا: وهذا سند حسن، وخالف أبا كريب يحيى بن عبد الحميد الحماني؛ فرواه عن أبي معاوية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أم سلمة به، فأسقط يحيى منه. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (23/ رقم 554). قلنا: يحيى الحماني؛ حافظ؛ لكنه متهم بسرقة الحديث؛ فلا يعتد بمخالفته. وأخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 169 رقم 424) بسند صحيح إلى شريك بن عبد الله القاضي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أم سلمة؛ أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا نبي الله! ما لي أسمع الرجال يذكرون في القرآن، والنساء لا يذكرون؟! فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}. قلنا: لكن هذا ضعيف -أيضاً-؛ لأن شريكاً القاضي ضعيف، سيئ الحفظ. ولا يقال: إن مجموع حديثي الحماني وشريك يقويان بعضهما بعضاً فيقدمان على رواية أبي معاوية الأولى -والتي أخرجها الطبري-، لا؛ لأن الضعف في الطريق الأولى شديد؛ لأجل الحماني، وللمخالفة التي فيه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 608) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن المنذر وابن مردويه. وللحديث شاهد من حديث أم عمارة الأنصارية: أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: ما أرى كل شيء إلا للرجال، ولم يذكر النساء بشيء؛ فنزلت: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}. أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 608) -وعنه الترمذي في "الجامع" (5/ 354 رقم 3211)، وابن الأثير في "أسد الغابة" (6/ 371) -، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (6/ 172 رقم 3400)، والطبراني في "المعجم الكبير" (25/ 27 رقم 51، 53)، وابن منده في "معرفة الصحابة" -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" (2/ 23، 24) -، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6/ 3535 رقم 7993) من طريق جرير بن عبد الحميد وسليمان بن كثير كلاهما عن حصين عن عكرمة عن أم عمارة الأنصارية به. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". وقال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث حسن. . . ورجاله رجال الصحيح؛ لكن اختلف في وصله وإرساله؛ فرواه شعبة عن حصين مرسلاً، وهو أحفظ من سليمان بن كثير، وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" عن روح بن عبادة عن شعبة". قلنا: وتابع حصيناً سفيان الثوري عن عكرمة به مرسلاً. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (25/ 27 رقم 52) من طريق مصرف بن عمرو اليامي ثنا عبد الله بن إدريس عن سفيان به. وسنده صحيح إليه. قلنا: والصواب -والله أعلم- الإرسال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 608) وزاد نسبته للفريابي وسعيد بن منصور وابن مردويه. وشاهد آخر من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قالت النساء: يا رسول الله! ما =

* عن قتادة؛ قال: لما ذكر الله أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهن؛ قال النساء: فما لنا؟ فنزلت: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)} (¬1). [ضعيف] ¬

_ = لنا لا نذكر كما يذكر الرجال؛ فأنزل الله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}. أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 8، 9)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 108)، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ رقم 12614) -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" (2/ 24) - من طريق أبي كدينة عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ قابوس لين الحديث؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "التقريب". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 91): "رواه الطبراني؛ وفيه قابوس وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله ثقات". وقال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث حسن". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 608): "بسند حسن". وقال في "لباب النقول" (ص 174): "بسند لا بأس به". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 8): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وأخرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 199، 200): نا محمد بن عمر [الواقدي] عن معمر عن قتادة؛ قال: لما ذكر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال النساء: لو كان فينا خير؛ لذكرنا؛ فأنزل الله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا =

* عن عكرمة؛ قال: الجاهلية الأولى التي ولد فيها إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وكن النساء يتزين ويلبسن ما لا يواريهن، وأما الآخرة؛ فالتي ولد فيها محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا أهل ضيق في معايشهم في مطعمهم ولباسهم؛ فوعد الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يفتح عليه الأرض، فقال: قل لنسائك: إن أردنك ألا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)}، يقول: {مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ}: القرآن، فقال النساء للرجال: أسلمنا كما أسلمتم، وفعلنا كما فعلتم؛ فتذكرون في القرآن ولا نذكر؟! وكان الناس يسمون المسلمين، فلما هاجروا؛ سموا المؤمنين؛ فأنزل الله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ}؛ يعني: المطيعين والمطيعات، {وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} شهر رمضان، {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ}؛ يعني: من النساء، {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}، فلما خيرهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ اخترن الله ورسوله؛ فأنزل الله: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ}، قال: مِن بعد هؤلاء التسع اللاتي اخترنك فقد حرم عليك تزوج غيرهن، {وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} إلا التسع اللاتي كن عندك (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}. قلنا: والواقدي؛ متروك متهم؛ لكن تابعه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 116)؛ فصح الأثر عن قتادة. (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 200): نا محمد بن عمر قال: أخبرني ابن أبي سبرة قال: أخبرني سليمان بن يسار عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل ضعيف جداً؛ فالواقدي -وهو محمد بن عمر- وابن أبي سبرة متروكان.

* {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} إلى آخر الآية، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انطلق يخطب على فتاه زيد بن حارثة، فدخل على زينب بنت جحش الأسدية فخطبها، فقالت: لست بناكحته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فانكحيه"، فقالت: يا رسول الله! أؤامر نفسي، فبينما هما يتحدثان؛ إذ أنزل الله هذه الآية على رسوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة} إلى قوله: {ضَلَالًا مُبِينًا}، قالت: قد رضيته لي يا رسول! منكحاً، قال: "نعم"، قالت: إذاً لا أعصي رسول الله، قد أنكحته نفسي (¬1). [ضعيف جداً] * وعنه -أيضاً-؛ قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش لزيد بن حارثة فاستنكفت منه؛ وقالت: أنا خير منه حَسَباً، وكانت امرأة فيها حدة؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} (¬2). [ضعيف] * عن ابن زيد في قوله -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} إلى آخر الآية؛ قال: نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وكانت من أول من هاجر من النساء، فوهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم - فزوجها زيد بن حارثة، فسخطت هي وأخوها، وقالا: إنما أردنا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 9)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 609). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 9، 10) من طريق محمد بن حمير ثنا ابن لهيعة عن ابن عمرة عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وابن لهيعة فيه كلام مشهور ومعروف، ومحمد بن حمير لم يرو عنه قبل اختلاطه واحتراق كتبه.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فزوجنا عبده، قال: فنزل القرآن: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} إلى آخر الآية، قال: وجاء أمر أجمع من هذا {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، قال: فذاك خاص، وهذا إجماع (¬1). [ضعيف جداً] * عن قتادة؛ قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا}؛ قال: نزلت هذه الآية في زينب بنت جحش، وكانت بنت عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرضيت ورأت أنه يخطبها على نفسه، فلما علمت أنه يخطبها على زيد بن حارثة؛ أبت وأنكرت؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}، قال: فتابعته بعد ذلك ورضيت (¬2). [ضعيف] * عن زينب بنت جحش؛ قالت: خطبني عدة من قريش، فأرسلت أُختي حَمَنة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أستشيره، فقال لها رسول الله: "أين هي ممن يعلمها كتاب ربها وسُنة نبيها؟ "، قالت: ومن هو يا رسول الله؟! ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 10)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "لباب النقول" (ص 174)، و"الدر المنثور" (6/ 610). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم متروك الحديث. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 117)، والطبري في "جامع البيان" (22/ 9)، والطبراني في "المعجم الكبير" (24/ 36، 37 رقم 123، 124) من طرق عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 92): "رواه الطبراني بأسانيد ورجال بعضها رجال الصحيح". وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 174): "بسند صحيح عن قتادة". قلنا: والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 610) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

قال: "زيد بن حارثة"، قال: فغضبت حمنة غضباً شديداً، وقالت: يا رسول الله! أَتُزَوِّجُ بنت عمتك لمولاك؟ قالت: وجاءتني، فأعلمتني فغضبت أشد من غضبها، وقلتُ أَشدَّ من قولها؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}، قالت: فأَرْسَلْتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقلت: إني أَسْتَغْفِرُ الله، وأطيعُ اللهَ ورسولَه، أفعل ما رأيت، فزوجني زيداً، وكنت أرثى عليه؛ فشكاني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعاتبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم عدت فأخذته بلساني؛ فشكاني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمسك عليك زوجك واتق الله"، فقال: يا رسول الله! أنا أُطلقها، قالت: فَطَلَّقَني، فلما انقضت عدتي؛ لم أعلم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد دخل عليَّ ببيتي وأنا مكشوفة الشعر، فقلت: إنه أمر من السماء، فقلت: يا رسول الله! بلا خطبة ولا إشهاد؟! فقال: "الله المزوج، وجبريل الشاهد" (¬1). [ضعيف جداً] * عن مجاهد قوله: {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}؛ قال: في زينب بنت جحش وكراهتها نكاح زيد بن حارثة حين أمرها به ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (24/ 32 رقم 109)، والدارقطني في "سننه" (3/ 301)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 136، 137)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (21/ 251) من طريق الحسين بن أبي السري العسقلاني ثني الحسن بن محمد بن أعين الحراني ثنا حفص بن سليمان عن الكميت بن زيد الأسدي حدثني مذكور مولى زينب بنت جحش عن زينب بنت جحش به. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 247): "فيه حفص بن سليمان وهو متروك، وفيه توثيق لين". وقال الزيلعي في "تخريج الكشاف" (3/ 110): "والحسين بن أبي السري ضعفه أبو داود وغيره، وحفص بن سليمان الأسدي؛ قال البخاري: تركوه". اهـ. وقال الحافظ في "الكاف الشاف": "إسناده ضعيف". قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ كما نقل الزيلعي آنفاً عن حال حفص والحسين.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزينب -رضي الله عنها-: "إني أريد أن أزوجك زيد بن حارثة؛ فإني قد رضيته لك"، قالت: يا رسول الله! لكني لا أرضاه لنفسي؛ وأنا أيم قومي، وبنت عمتك، فلم أكن لأفعل؛ فنزلت هذه الآية: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ}؛ يعني: زيداً {وَلَا مُؤْمِنَةٍ}؛ يعني: زينب {إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا}؛ يعني: النكاح في هذا الموضع {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}، يقول: ليس لهم الخيرة من أمرهم خلاف ما أمر الله به {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}؛ قالت: قد أطعتك فاصنع ما شئت، فزوجها زيداً ودخل عليها (¬2). * عن عكرمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى زيد بن حارثة في الجاهلية من عكاظ بحلي امرأته خديجة فاتخذه ولداً، فلما بعث الله نبيه - صلى الله عليه وسلم -؛ مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم أراد أن يزوجه زينب بنت جحش؛ فكرهت ذلك؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ. . .}، فقيل لها: إن شئت الله ورسوله، وإن شئت ضلالاً مبيناً، فقالت: بل الله ورسوله، فزوجه رسول الله إياها، فمكثت ما شاء الله أن تمكث، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل يوماً بيت زيد فرآها وهي بنت عمته، فكأنها وقعت في نفسه، قال عكرمة؛ فأنزل الله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ}؛ يعني: زيداً بالإِسلام {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}: يا محمد بالعتق {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 9) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 610) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 610) ونسبه لابن مردويه.

وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}، قال عكرمة: فكان الناس يقولون -من شدة ما يرون من حب النبي - صلى الله عليه وسلم - لزيد -رضي الله عنه-: إنه ابنه، فأراد الله أمراً، قال الله: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} يا محمد، {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ}؛ وأنزل الله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} فلما طلقها زيد؛ تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم- فعذرها، قالوا: لو كان زيد ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؛ ما تزوج امرأة ابنه (¬1). [ضعيف] * {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37)}. * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أن هذه الآية نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثة (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 616) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر. قلنا: وسنده ضعيف لإرساله. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4787). وفي رواية له (رقم 7420): جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اتق الله وأمسك عليك زوجك"، قال أنس: لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئاً؛ لكتم هذه، قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، تقول: زوّجكن أهاليكن، وزوّجني الله -تعالى- من فوق سبع سموات. وفي رواية الترمذي (5/ 354 رقم 3212)، والنسائي في "تفسيره" (2/ 175 رقم 427)، وأحمد (3/ 149، 150)، وابن خزيمة؛ كما في "الفتح" (13/ 411)، وابن حبان في "صحيحه" (15/ 519 رقم 7045 - إحسان)، والحاكم (2/ 417)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 57)، والإسماعيلي في "المستخرج"؛ كما في "الفتح" (13/ 411) عن أنس؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ} في شأن زينب بنت جحش، جاء زيد يشكو؛ فَهَمَّ بطلاقها، فاستأمر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أمسك عليك زوجك =

* عن أنس -رضي الله عنه-؛ قال: لما انقضت عدة زينب؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزيد: "فاذكرها عليّ"، قال: فانطلق زيد حتى أتاها وهي تخمر عجينها، قال: فلما رأيتها؛ عظمت في صدري حتى ما أستطع أن انظر إليها؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرها، فوليتها ظهري ونكصت على عقبي، فقلت: يا زينب! أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكرك، قالت: ما أنا بصانعة شيئاً حتى أُوَامر ربّي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل عليها بغير إذن، قال: فقال: ولقد رأيتنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطعمنا الخبز واللحم حين امتد النهار، فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتبعته، فجعل يتتبع حُجَر نسائه يسلم عليهن، ويقلن: يا رسول الله! كيف وجدت أهلك؟ قال: فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبرني، قال: فانطلق حتى دخل البيت، فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه، ونزل الحجاب، قال: ووعظ القوم بما وُعِظوا به (¬1). [صحيح] * عن قتادة في قوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}؛ قال: أَنعم الله عليه بالإِسلام، وأنعم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعتق {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ}، قال قتادة: جاء زيد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن زينب اشتد عليَّ لسانها، وإني أريد أن أطلقها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اتق الله وأمسك عليك زوجك"، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يطلقها ويخشى قالة الناس إن أمره بطلاقها؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ¬

_ = واتق الله". هذا لفظ الترمذي. قال الترمذي: "هذا حديث صحيح". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 611) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه. (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم 1428/ 89) وغيره.

وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}، قال قتادة: لما طلقها زيد؛ {زَوَّجْنَاكَهَا} (¬1). [ضعيف] * عن السدي في قوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}؛ قال: بلغنا أن هذه الآية أنزلت في زينب بنت جحش -رضي الله عنها-، وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأراد أن يزوجها زيد بن حارثة -رضي الله عنه-، فكرهت ذلك، ثم إنها رضيت بما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزوجها إياه، ثم أعلم الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ أنها من أزواجه، فكان يستحي أن يأمر زيد بن حارثة بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب بعض ما يكون بين الناس، فيأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمسك عليه زوجه وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه أن يقولوا: تزوج امرأة ابنه، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تبنى زيداً (¬2). [ضعيف جداً] * {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)}. ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 117)، والطبري في "جامع البيان" (22/ 10)، والطبراني في "المعجم الكبير" (24/ 33، 34 رقم 113، 114، 115) من طرق عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 91): "رواه الطبراني من طرق، رجال بعضها رجال الصحيح". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 614) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 616). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط بن نصر.

* عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كاتماً شيئاً من الوحي؛ لكتم هذه الآية: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بالعتق فأعتقته، {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} إلى قوله: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما تزوجها قالوا: تزوج حليلة ابنه؛ فأنزل الله -تعالى-: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبناه وهو صغير، فلبث حتى صار رجلاً يقال له: زيد بن محمد؛ فأنزل الله: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} فلان مولى فلان أخو فلان {هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}؛ يعني: اعدل (¬1). [ضعيف جداً] * عن علي بن الحسين؛ قال: نزلت في زيد بن حارثة (¬2). * عن قتادة؛ قال: نزلت في زيد -رضي الله عنه-؛ أي: أنه لم يكن بابنه، ولعمري لقد ولد له ذكور، وأنه لأبو القاسم وإبراهيم والطيب والمطهر (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي (5/ 352، 353 رقم 3207): ثنا علي بن حجر نا داود بن الزبرقان عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن عائشة به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً، داود بن الزبرقان متروك الحديث. قال الترمذي: "هذا حديث غريب". وقال شيخنا في "ضعيف سنن الترمذي" (رقم 628): "ضعيف الإسناد جداً". قلنا: وأصل الحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عائشة وليس فيه هذا التفصيل، وإنما فيه طرفه الأول. (¬2) قلنا: أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 13) بسنده واهٍ جداً. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 617) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 617) ونسبه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم. =

* {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)}. * عن مجاهد؛ قال: لما نزلت: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}؛ قال أبو بكر -رضي الله عنه-: يا رسول الله! ما أنزل الله عليك خيراً إلا أشركنا فيه؛ فنزلت: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} (¬1). [ضعيف] * {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47)}. * عن الربيع بن أنس؛ قال: لما نزلت: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: 9]؛ نزل بعدها: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]، فقالوا: يا رسول الله! قد علمنا ما يفعل بك، فما يفعل بنا؟ فأنزل الله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47)}، قال: الفضل الكبير: الجنة (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: الذي في "تفسير" عبد الرزاق (2/ 118) عن معمر عن قتادة بنحوه ليس فيه ذكر لسبب النزول، وعلى كل فهو مرسل. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 622)، و"لباب النقول" (ص 175) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (4/ 159) من طريق أبي العباس الأصم قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن عيسى بن عبد الله عن الربيع بن أنس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: عيسى بن عبد الله هو أبو جعفر الرازي؛ صدوق سيئ الحفظ. الثالثة: أحمد بن عبد الجبار؛ ضعيف. وقد تصحف اسم (الربيع بن أنس) في مطبوع "الدلائل" إلى الربيع عن أنس وهو تصحيف فاحش؛ فليحرر.

* {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (50)}. * عن أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله عنها-؛ قالت: خطبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فاعتذرت إليه، فعذرني، ثم أنزل: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}، قالت: فلم أكن أحل له؛ لأني لم أهاجر، كنت من الطلقاء (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 116) -وعنه الترمذي في "الجامع" (5/ 355 رقم 3214) -، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 153)، وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في "مسنديهما"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 116)، و"الفتح السماوي" (3/ 939)، و"المطالب العالية" (9/ 367، 368 رقم 4570)، والطبري في "جامع البيان" (22/ 15)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 507)، و"تخريج أحاديث الكشاف" (3/ 116)، والطبراني في "المعجم الكبير" (24/ 321 رقم 985 - مختصراً وص 327 رقم 1007)، والحاكم (2/ 420، 4/ 53)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 54)، والثعالبي في "الكشف والبيان" (8/ 53)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 116) جميعهم من طريق عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبي صالح باذام مولى أم هانئ عن أم هانئ به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الترمذي -كما في "المطبوع"-: "هذا حديث حسن صحيح"، وفي "تحفة الأشراف" (12/ 450): "هذا حديث حسن". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال شيخنا الألباني في "ضعيف الترمذي" (رقم 6230): "ضعيف جداً". قلنا: وهو الصواب؛ لأن مداره على أبي صالح، وهو ضعيف الحديث جداً، بل كذبه بعض أهل العلم؛ حتى اعترف بنفسه أنه كان يكذب. وأخرجه ابن أبي حاتم؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 507)، و"لباب النقول" (ص 176)؛ والطبراني في "المعجم الكبير" (24/ 327 رقم 1005) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح عن أم هانئ؛ قالت: نزلت فيّ هذه الآية: {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوجني فنُهي عني؛ إذ لم أهاجر. قلنا: وسنده ضعيف جداً كما سبق. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 628) وزاد نسبته لابن مردويه. قلنا: لكن أخرج الطبراني في "المعجم الكبير" (24/ 346 رقم 1067)، و"الأوسط" (4/ 294، 295 رقم 4242، 5/ 380 رقم 5619) من طريق أبي إسماعيل المؤدب عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن أم هانئ؛ قالت: خطبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: ما بي عنك رغبة يا رسول الله! ولكن لا أحب أن أتزوج وبني صغار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لِمَ؟ خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على طفل في صغره، وأرعاه على بعل في ذات يده". قلنا: وهذه متابعة قوية لأبي صالح، والسند إلى الشعبي حسن؛ فيه أبو إسماعيل المؤدب وهو صدوق يغرب؛ فالسند حسن. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 271): "ورجاله ثقات". وأخرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 153) بسند صحيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن قال: نا أبو صالح قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم هانئ بنت أبي طالب؛ فقالت: يا رسول الله! إني موتمة وبني صغار، قال: فلما أدرك بنوها؛ عرضت نفسها عليه فقال: "أما الآن؛ فلا؛ لأن الله أنزل عليه: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ}، إلى قوله: {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ}، ولم تكن من المهاجرات. قلنا: وهذا مرسل ضعيف جداً.

* عن عكرمة؛ قال -في قول الله -تعالى-: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} -: هي أم شريك الدوسية (¬1). [ضعيف جداً] * عن منير بن عبد الله الدوسي؛ قال: أسلم زوج أم شريك، وهي غزية بنت جابر الدوسية من الأزد، وهو أبو العكر، فهاجر إلى رسول الله مع أبي هريرة مع دوس حين هاجروا، قالت أم شريك: فجاءني أهل أبي العكر، فقالوا: لعلك على دينه؟ قلت: أي والله، إني لعلى دينه، قالوا: لا جرم والله لنعذبنك عذاباً شديداً، فارتحلوا بنا من دارنا -ونحن كنا بذي الخلصة وهو موضعنا-، فساروا يريدون منزلاً، وحملوني على جمل ثفال شر ركابهم وأغلظه، يطعموني الخبز بالعسل ولا يسقوني قطرة من ماء، حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس ونحن قائظون؛ نزلوا فضربوا أخبيتهم، وتركوني في الشمس؛ حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري؛ ففعلوا ذلك بي ثلاثة أيام، فقالوا لي في اليوم الثالث: اتركي ما أنت عليه، قالت: فما دريت ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة، فأشير بإصبعي إلى السماء بالتوحيد، قالت: فوالله إني لعلى ذلك وقد بلغني الجهد؛ إذ وجدت برد دلو على صدري، فأخذته، فشربت منه نفساً واحداً ثم انتزع مني، فذهبت أنظر؛ فإذا هو معلق بين السماء والأرض فلم أقدر ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 155): نا محمد بن عمر الواقدي عن ابن جريج عن أبي الزبير عن عكرمة به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: الواقدي؛ متروك الحديث، وكذبه بعضهم. الثانية: ابن جريج وأبو الزبير مدلسان، وقد عنعناه. الثالثة: الإرسال. وأخرج ابن سعد (8/ 155) عن محمد بن عمر (الواقدي) حدثني عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون مثله. قلنا: وسنده ضعيف جداً.

عليه، ثم دلّي إليّ ثانية؛ فشربت منه نفساً ثمّ رفع، فذهبتُ أنظر؛ فإذا هو بين السماء والأرض، ثمّ دلّي إليّ الثالثة؛ فشربت منه حتى رويت وأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي، قالت: فخرجوا فنظروا، فقالوا: من أين لك هذا يا عدوة الله؟! قالت: فقلت لهم: إنّ عدوة الله غيري من خالف دينه، وأمّا قولكم من أين هذا؛ فمن عند الله، رزقاً رزقنيه الله، قالت: فانطلقوا سراعاً إلى قربهم وأداواهم فوجدوها موكأة لم تحلّ، فقالوا: نشهد أن ربّك هو ربّنا، وأنّ الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضع بعد أن فعلنا بك ما فعلنا هو الذي شرع الإِسلام، فأسلموا وهاجروا جميعاً إلى رسول الله، وكانوا يعرفون فَضْلِي عليهم وما صنع الله إلي، وهي التي وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي من الأزد، فعرضت نفسها على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت جميلة وقد أسنت، فقالت: إني أهب نفسي لك وأتصدّق بها عليك، فقبلها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت عائشة: ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير، قالت أم شريك: فأنا تلك، فسمّاها الله مؤمنة، فقال: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ}، فلما نزلت هذه الآية؛ قالت عائشة: إنّ الله ليسرع لك في هواك. قال محمد بن عمر: رأيت من عندنا يقولون: إنّ هذه الآية نزلت في أمّ شريك، وإنّ الثبت عندنا أنّها امرأة من دوس من الأزد؛ إلا في رواية موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن جده (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 155، 156): نا محمد بن عمر؛ قال: حدثني الوليد بن مسلم عن منير به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: الواقدي وهو محمد بن عمر؛ متروك الحديث، وكذبه بعضهم. الثانية: الوليد بن مسلم؛ يدلس تدليس التسوية ولم يصرح هنا بالتحديث. الثالثة: منير هذا لم نجد له ترجمة، وسياقه فيه نكارة. الرابعة: الإرسال.

* {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)}. * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل؟! فلما نزلت: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ}؛ قلت: يا رسول الله! ما أرى ربك إلا يسارعُ في هواك (¬1). [صحيح] * عن أبي رزين؛ قال: هَمَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يطلق من نسائه، فلما رأين ذلك؛ جعلنه في حل من أنفسهن يؤثر من يشاء على من يشاء؛ فأنزل الله: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} حتى بلغ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ}، يقول: تعزل من تشاء، فعزل زينب وأم حبيبة وصفية وجويرية وميمونة، وجعل يأتي حفصة وعائشة وأم سلمة، قال: ترجئ من تشاء، قال: تعزل من تشاء {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ. . .}، ثم ذكر: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}؛ يعني: المشركات (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 5113)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 1464/ 50). وفي رواية لمسلم (رقم 1464/ 49) عنها؛ قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وأقول: تهب المرأة نفسها؟! فلما أنزل الله -عزّ وجلّ-: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}؛ قالت: فقلت: والله ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك. (¬2) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 196)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (4/ 204)، والطبري في "جامع البيان" (22/ 18)، والواحدي في "الوسيط" (3/ 478) من طرق عن منصور عن أبي رزين به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 635) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

* عن مجاهد؛ قال: كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوة، فخشين أن يطلقن؛ فقلن: يا رسول الله! اقسم لنا من نفسك ومالك ما شئت؛ فنزلت: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)} (¬1). * عن ثعلبة بن أبي مالك؛ قال: إنما هَمَّ رسول الله أن يطلق بعضهن؛ فجعلنه في حلّ، فكان يأتي زينب بنت جحش وعائشة وأم سلمة، وعزل سائر نسائه، قال: {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}؛ يعني: نساءه اللاتي عزل لا تستكثر منهن، ثم قال: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}؛ يعني: بعد هؤلاء التسع، وأنكر أن يكن المشركات (¬2). [ضعيف جداً] * {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)}. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 117) من طرق عن الإِمام أحمد بن حنبل ثنا عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري عن سفيان حدثني سالم الأفطس عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات؛ غير عبد الملك وهو صدوق. وقال الزيلعي: "هذا مرسل". (¬2) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 197): نا محمد بن عمر الواقدي: حدثني محمد بن رفاعة بن ثعلبة بن أبي مالك عن أبيه عن جده به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الواقدي؛ متروك الحديث، بل اتهم بالكذب. الثانية: محمد بن رفاعة؛ قال عنه في "التقريب": "مقبول"؛ يعني: حيث يتابع، وإلا؛ فلين. الثالثة: ثعلبة هذا؛ مختلف في صحبته، وفي "التقريب": "قال العجلي: تابعي ثقة".

* عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل: بادلني امرأتك وأبادلك امرأتي؛ أي: تنزل عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} قال: فدخل عيينة بن حصن الفزاري على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعنده عائشة -رضي الله عنها-، فدخل بغير إذن، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فأين الاستئذان؟ "، فقال: يا رسول الله! والله ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت، ثم قال: مَنْ هذه الحميراء إلى جنبك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذه عائشة أم المؤمنين"، فقال: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق؟ فقال: "يا عيينة! إن الله -تبارك وتعالى- قد حرم ذلك"، قال: فلما أن خرج؛ قالت عائشة رحمة الله عليها: مَنْ هذا؟ قال: "أحمق مطاع، وإنه على ما ترين لسيد قومه! " (¬1). [ضعيف جداً] * عن عكرمة؛ قال: الجاهلية الأولى التي ولد فيها إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وكن النساء يتزين ويلبسن ما لا يواريهن، وأما الآخرة؛ فالتي ولد فيها محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا أهل ضيق في معايشهم في مطعمهم ولباسهم، فوعد الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يفتح عليه الأرض؛ فقال: قل لنساءك: إن أردنك ألا يتبرجن ¬

_ (¬1) أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 65 - 66 رقم 2251 - "كشف الأستار")، والدارقطني في "سننه" (3/ 218) من طريق عبد السلام بن حرب عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة به. قال البزار: "تفرد به أبو هريرة، ولا له إلا هذا الإسناد، وإسحاق ليِّن الحديث جداً، ولو علمناه عن غيره لم نروه عنه". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 92): "رواه البزار؛ وفيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهو متروك". وقال الحافظ في "فتح الباري": "حديث أبي هريرة في نكاح البدل ضعيف جداً".

تبرج الجاهلية الأولى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)}، يقول: ما يتلى في بيوتكن القرآن، فقال النساء للرجال: أسلمنا كما أسلمتم، وفعلنا كما فعلتم؛ فتذكرون في القرآن ولا نذكر! وكان الناس يسمون المسلمين، فلما هاجروا؛ سموا المؤمنين؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ}؛ يعني: المطيعين والمطيعات، {وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} شهر رمضان، {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ}؛ يعني: من النساء، {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}؛ يعني: ذكر آلاء الله وذكر نعمه، {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}، فلما خيّرهن رسول الله؛ اخترن الله ورسوله؛ فأنزل الله: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)}، قال: من بعد هؤلاء التسع اللاتي اخترنك فقد حرم عليك تزوج غيرهن ولا أن تبدل بهن من أزواج -ولو أعجبك حسنهن-؛ إلا ما ملكت يمينك؛ إلا التسع اللاتي كن عندك (¬1). [ضعيف جداً] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)}. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 200، 201) بسند ضعيف جداً، كما بيّناه عند الآية رقم (35) من هذه السورة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 638) وزاد نسبته لابن مردويه.

* عن أنس بن مالك؛ قال: قال عمر: وافقت ربي في ثلاث: فقلت: يا رسول الله! لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؛ فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله! لو أمرت نساءك أن يحتجبن؛ فإنه يكلمهن البر والفاجر؛ فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - في المغيرة عليه فقلت لهن: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5]؛ فنزلت هذه الآية (¬1). [صحيح] * وعنه -أيضاً- قال: لما تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش؛ دعا القوم فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون، وإذا هو يتأهب للقيام؛ فلم يقوموا، فلما رأى ذلك؛ قام، فلما قام؛ قام من قام وقعد ثلاثة نفر، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ليدخل؛ فإذا القوم جلوس ثم إنهم قاموا، فانطلقت؛ فجئت فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنهم قد انطلقوا، فجاء حتى دخل، فذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} الآية (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 402). (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4791)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 1428، 92) وغيرهما من طريق أبي مجلز عن أنس به. وفي رواية للبخاري (رقم 6238)، ومسلم (رقم 1428/ 93) وغيرهما من طريق الزهري عن أنس؛ قال: كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فخدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشراً حياته، وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل، وقد كان أُبيّ بن كعب يسألني عنه، وكان أول ما نزل في مُبْتنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزينب ابنة جحش: أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - بها عروساً، فدعا القوم فأصابوا من الطعام، ثم خرجوا وبقي منهم رهط عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطالوا المكث، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج وخرجت معه؛ كي يخرجوا فمشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومشيت معه، حتى جاء عتبة حجرة عائشة، ثم ظن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم خرجوا؛ فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجعت معه، حتى دخل على زينب؛ فإذا هم جلوس لم يتفرقوا؛ فرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجعت معه، حتى بلغ عتبة حجرة عائشة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فظن أن قد خرجوا، فرجع ورجعت معه؛ فإذا هم قد خرجوا؛ فأنزل آية الحجاب، فضرب بيني وبينه ستراً. وفي رواية للبخاري (رقم 4792)، ومسلم (رقم 1428/ 92) من طريق أبي قلابة؛ قال: قال أنس بن مالك: أنا أعلم الناس بهذه الآية: آية الحجاب: لما أُهديت زينب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ كانت معه في البيت، صنع طعاماً ودعا القوم، فقعدوا يتحدثون، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج ثم يرجع، وهم قعود يتحدثون؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} إلى قوله: {مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} فضرب الحجاب، وقام القوم. وفي رواية للبخاري (رقم 4793) من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس؛ قال: بُنِيَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بزينب بنت جحش بخبز ولحم، فأرسلت على الطعام داعياً، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتى ما أجد أحداً أدعو، فقلت: يا نبي الله! ما أجد أحداً أدعوه، فقال: "فارفعوا طعامكم"، وبقي ثلاثة وهي يتحدثون في البيت، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فانطلق إلى حجرة عائشة، فقال: "السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله"، فقالت: وعليك السلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك، بارك الله لك؟ فتقرى حجر نسائه كلهن، يقول لهن كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة، ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدثون، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم -شديد الحياء- فخرج منطلقاً نحو حجرة عائشة، فما أدري أخبرته أو أخبر: أن القوم خرجوا؛ فرجع، حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب داخلة وأخرى خارجة؛ أرخى الستر بيني وبينه وأنزلت الآية. وفي أخرى (رقم 4794) من طريق حميد عن أنس؛ قال: أوْلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بني بزينب بنت جحش، فأشبع الناس خبزاً ولحماً، ثم خرج إلى حجر أمهات المؤمنين كما كان يصنع صبيحة بنائه؛ فيسلم عليهن ويدعو لهن، ويسلمن عليه ويدعون له، فلما رجع إلى بيته؛ رأى رجلين جرى بهما الحديث، فلما رآهما؛ رجع عن بيته، فلما رأى الرجلان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - رجع عن بيته؛ وثبا مسرعين، فما أدري: أنا أخبرته بخروجهما، أم أخبر؟ فرجع حتى دخل البيت، وأرخى الستر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وفي رواية لمسلم (رقم 1428/ 94، 95) من طريق الجعد أبي عثمان عن أنس؛ قال: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل بأهله، قال: فصنعت أمي أم سليم حَيْساً؛ فجعلته في تور، فقالت: يا أنس! اذهب بهذا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقل: بعثت بهذا إليك أمي، وهي تقرئك السلام، وتقول: إن هذا لك منا قليل يا رسول الله! قال: فذهبت بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقلت: إن أمي تقرئك السلام، وتقول: إن هذا لك منا قليل يا رسول الله! فقال: "ضعه"، ثم قال: "اذهب فادع لي فلاناً وفلاناً وفلاناً ومن لقيت" -وسمى رجالاً-، قال: فدعوت من سمى ومن لقيت. قال: قلت لأنس: عَدَدَ كَم كانوا؟ قال: زهاء ثلاثمائة، وقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أنس! هات التود"، قال: فدخلوا حتى امتلأت الصفة والحجرة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليتحلق عشرة عشرة، وليأكل كل إنسان مما يليه"، قال: فأكلوا حتى شبعوا، قال: فخرجت طائفة، ودخلت طائفة حتى أكلوا كلهم، فقال لي: "يا أنس! ارفع"، قال: فرفعت، فما أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت؟ قال: وجلس طوائف منهم يتحدثون في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس وزوجته مولّية وجهها إلى الحائط؛ فثقلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلّم على نسائه، ثم رجع، فلما رأوْا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رجع؛ ظنوا أنهم قد ثقلوا عليه، قال: فابتدروا الباب فخرجوا كلهم، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أرخى الستر ودخل، وأنا جالس في الحجرة، فلم يلبث إلا يسيراً حتى خرج عليّ، وأُنزلت هذه الآية، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرأهن على الناس: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} إلى آخر الآية. قال الجعد: قال أنس بن مالك: أنا أحدث الناس عهداً بهذه الآيات، وحُجِبْنَ نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي رواية للنسائي في "تفسيره" (رقم 437)، والترمذي (رقم 3219)، والطبري في "جامع البيان" (22/ 27، 28) من طريق بيان بن بشر عن أنس؛ قال: بني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بامرأة من نسائه، فأرسلني فدعوت قوماً إلى الطعام، فلما أكلوا وخرجوا؛ قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منطلقاً قبل بيت عائشة، فرأى رجلين جالسين؛ فانصرف راجعاً؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}. =

* عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: كنت آكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حيساً في قعب، فمرَّ عمر -رضي الله عنه- فدعاه فأكل، فأصابت أصبعه أصبعي، فقال: حَسِّ -أو أَوْهِ- لو أطاع فيكن؛ ما رأتكن عين؛ فنزل الحجاب (¬1). [صحيح] ¬

_ = قلنا: وسنده حسن. وقال الترمذي: "هذا حدث حسن غريب"، وهو في البخاري (رقم 5170) مختصر جداً. (¬1) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 188 - 189 رقم 439)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 513)، والطبراني في "المعجم الصغير" (1/ 83، 84)، و"الأوسط" (3/ 212 رقم 2948)، والبخاري في "الأدب المفرد" (رقم 1053)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 126) كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن موسى بن أبي كثير عن مجاهد عنها به. قلنا: وسنده صحيح. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 93): "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ ورجاله رجال الصحيح، غير موسى بن أبي كثير وهو ثقة"، وسكت عنه الحافظ في "الفتح" (8/ 531). وصححه السيوطي في "لباب النقول" (ص 178)، و"الدر المنثور" (6/ 640). وصححه شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني -رحمه الله- في "صحيح الأدب المفرد" (رقم 804). وخالف ابن عيينة محمد بن بشر؛ فرواه عن مسعر به مرسلاً. أخرجه ابن أبي شيبة (12/ 37 رقم 12066): ثنا محمد بن بشر به. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 28) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 243) - بسند مرسل ضعيف، وليس فيه ذكر لعمر. قال الدارقطني في "العلل" (5/ 82/ أ): "هذا حديث يرويه مسعر، واختلف عنه؛ فرواه ابن عيينة عنه عن موسى بن أبي كثير عن مجاهد، عن عائشة، وغيره يرويه عن مسعر عن موسى عن مجاهد مرسلاً، والصواب المرسل". اهـ. وانظر ما قاله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" في الجمع بين روايات الحديث. =

* عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: احجب نساءك، قالت: فلم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل، وكان أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرجن ليلاً إذا تبرزن إلى المناصع -وهو صعيد أفيح-، فخرجت سودة بنت زمعة -زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -- ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فرآها عمر بن الخطاب وهو في المجلس، فقال: ألا قد عرفناك يا سودة! -حرصاً على أن ينزل الحجاب-، قالت عائشة: فأنزل الله -عزّ وجلّ- آية الحجاج (¬1). [صحيح] * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مضى إلى بيته بادروه فأخذوا المجالس، فلا يعرف ذلك في وجه رسول الله، ولا يبسط يده إلى الطعام؛ استحياء منهم؛ فعوتبوا في ذلك؛ فأنزل الله - ¬

_ = وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 68): "رواه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط"؛ وفيه أبو عبيدة بن فضيل بن عياض وهو لين، وبقية رجاله ثقات". قلنا: أبو عبيدة صدوق، ومع ذلك توبع عند الطبراني نفسه والبيهقي، وهو ما لم يتنبه له الهيثمي! وتقدم الكلام على هذا الحديث في سورة التوبة آية رقم (84)، والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 640) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه. (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 146)، ومسلم "في صحيحه" (رقم 2170، 18). وفي رواية: خرجت سودة بعدما ضرب عليها الحجاب؛ لتقضي حاجتها، وكانت امرأة جسيمة تفرع النساء جسماً لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب؛ فقال: يا سودة! أما والله لا تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، قالت: فانكفأت راجعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي، وإنه ليتعشّى وفي يده عرق، فدخلت؛ فقالت: يا رسول الله! إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا، قالت: فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه، فقال: "إنه قد أُذن لكن أن تخرجن لحاجتكن". أخرجه البخاري (رقم 4795، 5237)، ومسلم (رقم 2170/ 17).

تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)}، قوله: ناظرين إناه؛ يعني: إناة الطعام (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزل حجاب نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمر؛ أكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - طعاماً فأصابت يده بعض أيدي نساء النبي؛ فأمر بالحجاب (¬2). [صحيح] * عن أنس -رضي الله عنه-؛ قال: نزل الحجاب مبنى رسول الله بزينب بنت جحش، قال: أهدت له أم سليم حيساً في تور من حجارة، فقال: "اذهب فادع لي من لقيت من المسلمين"، قال: فخرجت فدعوت من لقيت من ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 174): نا محمد بن عمر حدثني موسى بن عبيدة عن ابن كعب به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً، مسلسل بالعلل: الأولى: الواقدي محمد بن عمر؛ متروك الحديث، متهم بالكذب. الثانية: موسى بن عبيدة الربذي؛ ضعيف الحديث. الثالثة: الإرسال. (¬2) أخرجه ابن سعد (8/ 175): نا محمد بن عمر ثنا إسحاق بن يحيى عن مجاهد عنه به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ الواقدي -محمد بن عمر-؛ متروك الحديث، لكن يشهد له حديث عائشة -رضي الله عنها- المتقدم. وأخرجه من طريق أبي الصباح عن موسى بن أبي كثير عن مجاهد مثله. قلنا: في الطريق إليه الواقدي الهالك. ومن طريق أخرى فيها الواقدي -أيضاً-.

المسلمين، فجعلوا يدخلون فيأكلون ويخرجون، ووضع رسول الله يده على الطعام فدعا فيه، وبقي طائفة منهم فجعلوا يتحدثون، فاستحيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهم شيئاً، فخرج وتركهم في البيت؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن أنس -رضي الله عنه-؛ قال: كانوا إذا طعموا جلسوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ رجاء أن يجيء شيء؛ فنزلت: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} (¬2). [حسن] * عن الربيع بن أنس؛ قال: كانوا يجيئون فيدخلون بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيجلسون فيتحدثون؛ ليدركوا الطعام؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 174) بسند فيه الواقدي التالف، وتقدم آنفاً من طرق أخرى عن أنس بنحوه. (¬2) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/ 211) من طريق عمر بن أحمد الواعظ: نا جعفر بن حمدان الموصلي الضرير الشحام ثنا عبد الرحيم بن محمد بن يزيد السكري ثنا أبو بكر بن عياش عن حميد عن أنس به. قلنا: وسنده قوي.

كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)} ليدرك الطعام {وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ}: ولا تجلسوا فتحدثوا (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في رجل هَمَّ أن يتزوج ببعض نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده، قال رجل لسفيان: أهي عائشة؟ قال: هكذا ذكروا (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: أمر عمر نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحجاب، فقالت زينب: يا ابن الخطاب إنك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 641) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 128) من طريق محمد بن حميد عن مهران عن سفيان عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: محمد بن حميد؛ حافظ ضعيف، بل اتهمه بعض أهل العلم بالكذب؛ كالإمام أحمد. الثانية: مهران هو ابن أبي عمر العطار، قال عنه في "التقريب": "صدوق له أوهام، سيئ الحفظ"، بل قال العقيلي: "روى عن الثوري أحاديث لا يتابع عليها". (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 29) من طريق همام ثنا عطاء بن السائب عن أبي وائل عنه به. =

* عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}؛ قال: ربما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الرجل يقول: لو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي؛ تزوجت فلانة من بعده، قال: فكان ذلك يؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزل القرآن: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي؛ قال: بلغنا أن طلحة بن عبيد الله قال: أيحجبنا محمد عن بنات عمنا، ويتزوج نساءنا من بعدنا، لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده؛ فنزلت هذه الآية (¬2). [ضعيف] * عن قتادة: أن رجلاً قال: لو قبض النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لتزوجت فلانة؛ يعني: عائشة؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} (¬3). [ضعيف] ¬

_ = قلت: وعطاء بن السائب اختلط؛ فالإسناد ضعيف. وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 642): أن ابن مردويه أخرجه في "تفسيره" عنه بلفظ قال: فضل الناس عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في أربع، بذكره الأساري يوم بدر أمر بقتلهم؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)} [الأنفال: 68]، وبذكره الحجاب أمر نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحتجبن؛ فقالت له زينب -رضي الله عنها-: وإنك لتغار علينا يا ابن الخطاب! والوحي ينزل في بيوتنا؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}، وبدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أيد الإِسلام بعمر"، وبرأيه في أبي بكر كان أول الناس بايعه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 29) بسند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف عبد الرحمن. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 643) وزاد نسبته لابن أبي حاتم. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 643)، والزيلعي في "تخريج الكشاف" (3/ 128) ونسباه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله. (¬3) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 122) عن معمر عن قتادة به. =

* عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في قوله {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا}؛ قال: نزلت في طلحة بن عبد الله؛ لأنه قال: إذا توفي رسول الله؛ تزوجت عائشة (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنها-؛ قال: قال رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو قد مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لتزوجت عائشة أو أم سلمة؛ فأنزل الله -: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن رجلاً أتى بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكلمها وهو ابن عمها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا تقومن هذا المقام بعد يومك هذا"، فقال: يا رسول الله! إنها ابنة عمي، والله ما قلت لها ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 643) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 201): نا محمد بن عمر ثني عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون عن أبي بكر به. قلنا: وهذا مع إرساله؛ فيه الواقدي، وهو متروك. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 513)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف" (3/ 128)، والطبراني -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 69) - من طريق محمد بن حميد ثنا مهران بن أبي عمر ثنا سفيان الثوري عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: محمد بن حميد؛ حافظ متهم بالكذب. الثانية: مهران بن أبي عمر؛ قال عنه في "التقريب": "صدوق له أوهام، سيئ الحفظ".

منكراً، ولا قالت لي، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد عرفت ذلك أنه ليس أحد أغير من الله، وأنه ليس أحد أغير مني"، فمضى، ثم قال: يمنعني من كلام ابنة عمي لأتزوجها من بعده؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية؛ فأعتق ذلك الرجل رقبة، وحمل على عشرة أبعرة في سبيل الله، وحج ماشياً من كلمته (¬1). [ضعيف جداً] * {لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ} حتى بلغ {وَلَا نِسَائِهِنَّ}؛ قال: أنزلت هذه الآية في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وقوله: {نِسَائِهِنَّ}؛ يعني: نساء المسلمات {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} من المماليك والإماء، ورخص لهن أن يرونهن بعدما ضرب عليهن الحجاب (¬2). * {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن بني إسرائيل قالوا: يا موسى! هل يصلي ربك؟ قال: اتقوا الله، قالوا: فهل ينام ربك؟ قال: اتقوا الله، ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 644) ونسبه لابن جرير الطبري. قلنا: ولم نجده في "تفسيره" بعد طول بحث، فلعله تصحف على الناشر اسم الذي أخرجه، فقد وجدنا السيوطي ذكر هذا الأثر بعينه في "لباب النقول" (ص 179) وقال: وأخرج جويبر عن ابن عباس به، فلعل الناسخ استعجم عليه اسمه فحرّفه إلى جرير. قلنا: وجويبر ضعيف جداً؛ فالأثر ساقط. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 645) ونسبه لابن مردويه.

قالوا: فهل يصبغ ربك؟ قال: اتقوا الله؛ فناداه ربه -عزّ وجلّ-: يا موسى! سألوك: هل يصلي ربك؟ فقال: نعم؛ أنا أصلي وملائكتي على أنبيائي ورسلي؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- على نبيه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} إلى آخرها، وسألوك: هل ينام ربك؟ فخذ زجاجتين بيديك، فقم الليل، ففعل موسى - صلى الله عليه وسلم - فلما ذهب من الليل ثلث نعس؛ فوقع لركبتيه، ثم انتعش فضبطهما حتى إذا كان آخر الليل نعس؛ فسقطت الزجاجتان؛ فانكسرتا، فقال: يا موسى! لو كنت أنام لسقطت السماوات على الأرضين؛ فهلكت، كما هلكت الزجاجتان بيديك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- على نبيه - صلى الله عليه وسلم - آية الكرسي، وسألوك: هل يصبغ ربك؟ فقل: نعم، أنا أصبغ الألوان الأحمر الأبيض والأسود والألوان كلها في صبغي؛ فأنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة: 138] إلى آخرها (¬1). [ضعيف] * عن كعب بن عجرة -رضي الله عنه-؛ قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: قد عرفنا السلام عليك، وكيف الصلاة عليك؟ فنزلت: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 514) -وعنه أبو الشيخ في "العظمة" (2/ 452، 453 رقم 138) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 646) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 121، 122 رقم 121) - من طريق أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ثنا أبي عن أبيه ثنا أشعث القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ جعفر بن أبي المغيرة صدوق؛ كما قال الذهبي والعسقلاني، وزاد: "يهم"؛ لكن قال ابن منده: "رواية جعفر عن سعيد على وجه الخصوص ليست بالقوية" -والله أعلم بالصواب-. (¬2) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 243) من طريق أبي حذيفة قال: نا الثوري عن الزبير بن عدي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة به. =

* {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في الذين طعنوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - حين اتخذ صفية بنت حيي بن أخطب (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت في عبد الله بن أُبيّ وناس معه قذفوا عائشة - رضي الله عنها -؛ فخطب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "من يعذرني في رجل يؤذيني، ويجمع في بيته من يؤذيني"؛ فنزلت (¬2). * {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)}. * عن أبي مالك؛ قال: كان نساء نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يخرجن بالليل لحاجتهن، وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين؛ فشكوا ذلك، فقيل ذلك للمنافقين، فقالوا: إنما نفعله بالإماء؛ فنزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)} (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ = قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي: "صدوق سيئ الحفظ وكان يصحف"؛ كما في "التقريب". قلنا: والحديث عند البخاري (رقم 4797)، ومسلم (رقم 406) من طريق عبد الرحمن بنحوه وليس فيه ذكر سبب نزول الآية. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 32)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "لباب النقول" (ص 179)، و"الدر المنثور" (6/ 656). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 656) ونسبه للطبري. قلنا: ولم نجده في المطبوع بعد بحث طويل. (¬3) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 176)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"، وسعيد بن منصور في "سننه"، وعبد بن حميد وابن المنذر في =

* عن الحسن في قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}؛ قال: إماء كن بالمدينة يتعرض لهن السفهاء؛ فيؤذين، فكانت الحرة تخرج فتحسب أنها أمة فتؤذى؛ فأمرهن الله أن يدنين عليهن من جلالبيبهن. [ضعيف جداً] * وعن محمد بن كعب؛ قال: كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن، فإذا قيل له؛ قال: كنت أحسبها أمة، فأمرهن الله أن يخالفن زي الإماء ويدنين عليهن من جلابيبهن، تخمر وجهها إلا إحدى عينيها، يقول: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}، يقول: ذلك أحرى أن يعرفن (¬1). [ضعيف جداً] * عن أبي صالح؛ قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة على غير منزل، فكان نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهن إذا كان الليل خرجن يقضين حوائجهن، وكان رجال يجلسون على الطريق للغزل؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)} يقنعن بالجلباب حتى تعرف الأمة من الحرة (¬2). [ضعيف جداً] * عن معاوية بن قرة: أن ذعاراً من ذعار أهل المدينة كانوا يخرجون بالليل، فينظرون النساء ويغمزونهن، وكانوا لا يفعلون ذلك ¬

_ = "تفسيريهما"؛ كما في "الدر المنثور" (6/ 659)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 245) عن حصين عن أبي مالك به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬1) أخرجهما ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 176، 177). قلنا: فيهما شيخه الواقدي المتروك مع إرسالهما. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 33، 34) بسند ضعيف جداً؛ مسلسل بالضعفاء والمجاهيل.

بالحرائر، إنما يفعلون ذلك بالإماء؛ فأنزل الله هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)} (¬1). * {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)}. * عن قتادة: أن ناساً من المنافقين أرادوا أن يظهروا نفاقهم؛ فنزلت: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)} يقول: لنحرشنك بهم (¬2). [ضعيف] * عن طاووس: نزلت في بعض أمور النساء (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 660) ونسبه لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 123) عن معمر عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 662) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬3) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 123) عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

سورة سبأ

سورة سبأ * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ أنه قال: نزلت سورة سبأ بمكة (¬1). * {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)}. * عن علي بن رباح؛ قال: حدثني فلان: أن فروة بن سليك الغطفاني قدم على رسول الله، فقال: يا نبي الله! إن سبأ قوم كان لهم في الجاهلية عز، وإني أخشى أن يرتدوا عن الإِسلام، أفأقاتلهم؟ فقال: "ما أمرت فيهم بشيء بعد"؛ فأنزل هذه الآية: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)} (¬2). [ضعيف] * عن أبي رزين: كان رجلان شريكان، خرج أحدهما إلى الشام، وبقي الآخر، فلما بُعِثَ النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كتب إلى صاحبه يسأله ما عمل؟ فكتب إليه أنه لم يتبعه أحد من قريش إلا رذالة الناس ومساكينهم، فترك تجارته، ثم أتى صاحبه، فقال له: دلني عليه. وكان يقرأ الكتب، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إلام تدعو؟ قال: "إلى كذا كذا"، فقال: أشهد أنك ¬

_ (¬1) ذكر السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 673): أن ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "دلائل النبوة" أخرجوه عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-. (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 180) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه رجل لم يسم.

رسول الله، قال: "وما علمك بذلك؟ "، قال: إنه لا يبعث نبي إلا اتبعه رذالة الناس ومساكينهم؛ فنزلت هذه الآية: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34)}؛ فأرسل إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله قد أنزل تصديق ما قلت" (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 180)، وقال: وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سفيان عن عاصم عن أبي رزين به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد إن صح السند إلى الثوري. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 704) وزاد نسبته لابن أبي شيبة. قلنا: وتحرف فيه من (أبي رزين) إلى (ابن زيد). وكذا تحرف في اللباب من (أبي رزين) إلى (ابن رزين) وكله تصحيف، والصواب ما أثبتنا.

سورة فاطر

سورة فاطر * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت سورة فاطر بمكة (¬1). * {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت هذه الآية: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} الآية، حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أعز دينك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام"؛ فهدى الله عمر وأضل أبا جهل؛ ففيهما أنزلت (¬2). [ضعيف جداً] * {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}. ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 3) ونسبه لابن الضريس والبخاري! وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". قلنا: ولعل قوله (البخاري) تصحيف؛ إذ لم يذكره في "صحيحه" ألبتة، ولعل الصواب: النحاس. (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 181)، وقال: وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ جويبر متروك الحديث، والضحاك لم يلق ابن عباس. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 7) ونسبه للطبري عن جويبر عن الضحاك دون ذكر لابن عباس. ولم نجده فيه.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [الروم: 52]، {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)}، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقف على القتلى يوم بدر؛ ويقول: "هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟! يا فلان بن فلان! ألم تكفر بربك؟ ألم تكذب نبيك؟ ألم تقطع رحمك؟ "، فقالوا: يا رسول الله! أيسمعون ما تقول؟ قال: "ما أنتم بأسمع منهم لما أقول"؛ فأنزل الله: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}، {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}. مثل ضربه الله للكفار أنهم لا يسمعون لقوله (¬1). [ضعيف جداً] * {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن حصين بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي نزلت فيه: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)} (¬2). [ضعيف جداً] * {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)}. ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 18)، وقال: وأخرج أبو سهل السري بن سهل السري بن سهل الجنديسابوري في "الخامس من حديثه" من طريق عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وأبو صالح؛ متروك متهم بالكذب. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 22)، و"لباب النقول" (ص 181) وقال: "أخرج عبد الغني بن سعيد الثقفي في "تفسيره" عن ابن عباس". قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لوهاء تفسير الثقفي هذا، وقد قدمنا الكلام عليه في سورة البقرة، وانظر غير مأمور: "العجاب" (1/ 220).

* عن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه-؛ قال: سأل رجل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: النوم مما يقر الله به أعيننا في الدنيا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الموت شريك النوم، وليس في الجنة موت"، قالوا: يا رسول الله! فما راحتهم؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنه ليس فيها لغوب، كل أمرهم راحة"؛ فأنزل الله -تعالى- فيه: {لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} (¬1). [ضعيف جداً] * {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42)}. * عن ابن أبي هلال: أنه بلغه: أن قريشاً كانت تقول: لو أن الله بعث نبياً ما كانت أمة من الأمم أطوع لخالقها، ولا أسمع ولا أشد تمسكاً بكتابها منا؛ فأنزل الله: {وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (168)} [الصافات: 167، 168]، {لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ} [الأنعام: 157]، {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ} وكانت اليهود تستفتح به على النصارى، فيقولون: إنا نجد نبياً يخرج (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في "البعث" (رقم 258، 444) بسند صحيح إلى يونس بن محمد المؤدب ثنا سعيد بن زربي عن نفيع بن الحارث عن عبد الله به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: نفيع هذا هو أبو داود الأعمى؛ متروك، وقد كذبه ابن معين. الثانية: سعيد بن زربي؛ منكر الحديث. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 30) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 35 - 39)، و"لباب النقول" (ص 181) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، أو إعضاله.

سورة يس

سورة يس * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة يس بمكة (¬1). * عن عائشة: قالت: (مثله) (¬2). * {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المسجد، فيجهر بالقراءة، حتى تأذى به ناس من قريش؛ حتى قاموا ليأخذوه، وإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم، وإذا هم لا يبصرون، فجاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: ننشدك الله والرحم يا محمد! ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وللنبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم قرابة، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ذهب ذلك عنهم؛ فنزلت: {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 37) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. (¬2) ذكره السيوطي ونسبه لابن مردويه.

غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10)}، قال: فلم يؤمن من ذلك النفر أحد" (¬1). * عن عكرمة؛ قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمداً؛ لأفعلن ولأفعلن؛ فأنزلت: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} إلى قوله: {فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}، قال: فكانوا يقولون هذا محمد، فيقول: أين هو أين هو؟ لا يبصره (¬2). [ضعيف] * {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)}. * عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-؛ قال: كانت بنو سلمة في ناحية المدينة، فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد؛ فنزلت هذه الآية: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن آثاركم تكتب"، فلم ينتقلوا (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 42، 43)، و"لباب النقول" (ص 182) ونسبه لابن مردويه وأبي نعيم في "الدلائل". (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (22/ 99): ثني عمران بن موسى ثنا عبد الوارث بن أبي حفصة عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬3) أخرجه الترمذي (5/ 363، 364 رقم 3266)، وعبد الرزاق في "المصنف" (1/ 517 رقم 1982)، والطبري في "جامع البيان" (22/ 100)، وابن عدي في "الكامل" (4/ 1437)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (7/ 573) -، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 245، 246)، و"الوسيط" (3/ 510، 511)، والحاكم (2/ 428، 429)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6/ 175، 176 رقم 2630)، و"السنن الكبرى" (10/ 78) جميعهم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = من طريق الثوري عن طريف بن شهاب عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه طريف بن شهاب، وهو ضعيف؛ كما في "التقريب". قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح عجيب"، ووافقه الذهبي. وللحديث طرق أخرى. فأخرجه البزار في "مسنده"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 573) من طريق شعبة وعبد الأعلى بن عبد الأعلى كلاهما عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات، وشعبة وعبد الأعلى سمعا من الجريري قبل اختلاطه. وبهذه المتابعة القوية؛ صح الأثر ولله الحمد والمنة على الإِسلام والسنة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 46) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. وللحديث شاهد من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد؛ فأرادوا أن يقتربوا؛ فنزلت: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}. أخرجه ابن ماجه (1/ 258 رقم 785)، والطبري في "جامع البيان" (22/ 100) من طرق عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ رواية سماك عن عكرمة خاصة مضطربة، وكان ربما يلقن. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (1/ 101): "هذا إسناد ضعيف موقوف؛ فيه سماك وهو ابن حرب وإن وثقه ابن معين وأبو حاتم؛ فقد قال أحمد: "مضطرب الحديث"، وقال يعقوب بن شيبة: "روايته عن عكرمة مضطربة وعن غيره صالحة". اهـ. قلنا: وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 573): "هكذا رواه وليس فيه شيء مرفوع". قلنا: هكذا رواه أبو أحمد الزبيري -وهو ثقة ثبت-، ووكيع -وهو ثقة حافظ- عن إسرائيل. =

* {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47)}. * عن الكلبي؛ قال: نزلت في الزنادقة (¬1). * {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ} إلى قوله: {وَهِيَ رَمِيمٌ}؛ قال: جاء عبد الله بن أُبيّ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعظم حائل فكسره بيده، ثم قال: يا محمد! كيف يبعث الله هذا وهو رميم؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يبعث الله هذا ويميتك، ثم ¬

_ = وخالفهما الفريابي؛ فرواه عن إسرائيل عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 7 رقم 12310): ثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم عن الفريابي به. قلنا: لكن في الطريق إلى الفريابي شيخ الطبراني وهو ضعيف. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 97): "رواه الطبراني عن شيخه. . . وهو ضعيف". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 46) وزاد نسبته للفريابي، وأحمد في "الزهد"، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 144) عن معمر عنه به. قلنا: والكلبي كذاب.

يدخلك جهنم"؛ فقال الله -تعالى-: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن قتادة في قوله -تعالى-: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ}؛ قال: نزلت في أُبيّ بن خلف جاء بعظم نخر؛ فجعل يذروه في الريح، فقال: أيحيي الله هذا يا محمد؟! قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعم؛ يحيي الله هذا ويميتك ويدخلك النار" (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (23/ 21)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 128)، و"الدر المنثور" (7/ 74). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (3/ 588)، والإسماعيلي في "معجمه" (3/ 742 رقم 359)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 429)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 74) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 87 رقم 82) - من طريق عمرو بن عون وعثمان بن سعيد الزيات كلاهما عن هشيم عن أبي بشر عن ابن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إن العاص بن وائل السهمي أخذ عظماً من البطحاء ففته بيده، ثم قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيحيى هذا بعدما أرى؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم؛ يميتك الله ثم يحييك ثم يدخلك جهنم"، قال: ونزلت الآيات من آخر {يس (1)}. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح، وصرح هشيم بالتحديث عند الحاكم. وخالفهما يعقوب بن إبراهيم فرواه عن هشيم به مرسلاً، ولم يذكر ابن عباس. أخرجه الطبري (23/ 21). قلنا: والوصل زيادة وهي مقبولة، والذي زاد أكثر وأوثق؛ فهو مقدم على الإرسال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 74) وزاد نسبته لابن المنذر والبيهقي في "البعث". (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 146)، وابن جرير في "جامع البيان" (23/ 21) من طرق عن قتادة به. =

* عن أبي مالك؛ قال: جاء أُبيّ بن خلف بعظم نخرة، فجعل يفته بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: من يحيي العظام وهي رميم؟ فأنزل الله -تعالى-: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77)} إلى قوله: {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضى الله عنهما-؛ قال: جاء أُبيّ بن خلف الجمحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعظم نخر؛ فقال: أتعدنا يا محمد! إذا بليت عظامنا فكانت رميماً أن الله باعثنا خلقاً جديداً، ثم جعل يفت العظم ويذره في الريح، فيقول: يا محمد! من يحيي هذا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم؛ يميتك الله، ثم يحييك ويجعلك في جهنم"، ونزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ} (¬2). * عن السدي في قوله: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا}؛ قال: نزلت في أُبيّ بن خلف، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه عظم قد دثر، فجعل يفته بين أصابعه، ويقول: يا محمد! أنت الذي تحدث أن هذا سيحيا بعدما قد بلى؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "نعم؛ ليميتن الآخر، ثم ليحيينّه، ثم ليدخلنه النار" (¬3). [ضعيف] ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 75) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" -ومن طريقه البيهقي في "البعث والنشور"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 167) -، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 246) من طريق هشيم ثنا حصين عن أبي مالك به. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 74، 75) ونسبه لابن مردويه. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 75) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

* عن عكرمة؛ قال: جاء أُبيّ بن خلف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي يده عظم حائل، فقال: يا محمد! أنّى يحيي الله هذا؟ فأنزل الله -تعالى-: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ}، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خَلْقُها قبل أن تكون أعجب من إحيائها وقد كانت" (¬1). [ضعيف] * عن عروة بن الزبير؛ قال: لما أنزل الله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن الناس يحاسبون بأعمالهم، ومبعوثون يوم القيامة؛ أنكروا ذلك إنكاراً شديداً؛ فعمد أُبيّ بن خلف إلى عظم حائل قد نخر، ففتَّه، ثم ذراه في الريح، ثم قال: يا محمد! إذا بليت عظامنا إنا لمبعوثون خلقاً جديداً؟ فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من استقباله إياه بالتكذيب والأذى في وجهه وجْداً شديداً؛ فأنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ. . .} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 76) ونسبه لابن أبي حاتم. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 76) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهما ضعيفان؛ لإرسالهما.

سورة الصافات

سورة الصافات * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الصافات بمكة (¬1). * {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53)}. * عن عطاء؛ قال: كان رجلان شريكين، وكان لهما ثمانية آلاف دينار، فاقتسماها، فعمد أحدهما فاشترى بألف دينار أرضاً، فقال صاحبه: اللهم إن فلاناً اشترى بألف دينار أرضاً، وإني أشتري منك بألف دينار أرضاً في الجنة؛ فتصدق بألف دينار، ثم ابتنى صاحبه داراً بألف دينار، فقال هذا: اللهم إن فلاناً ابتنى داراً بألف دينار وإني أشتري منك داراً في الجنة بألف دينار؛ فتصدق بألف دينار، ثم تزوج صاحبه امرأة فأنفق عليها ألف دينار، فقال: اللهم إن فلاناً تزوج امرأة فأنفق عليها ألف دينار، وإني أخطب إليك من نساء الجنة بألف دينار؛ فتصدق بألف دينار، ثم اشترى خدماً ومتاعاً بألف دينار، وإني أشتري منك خدماً ومتاعاً في الجنة بألف دينار؛ فتصدق بألف دينار، ثم أصابته حاجة شديدة، فقال: لو أتيت صاحبي هذا لعله ينالني معروف، فجلس على طريقه، فمر به في حشمه ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 77) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

وأهله، فقام إليه الآخر، فنظر فعرفه، فقال: فلان. . .؟! فقال: نعم، فقال: ما شأنك؟ فقال: أصابتني بعدك حاجة، فأتيتك لتصيبني بخير، قال: فما فعل المال؛ فقد اقتسمناه مالاً واحداً، فأخذت شطره وأنا شطره؟! فقال: اشتريتُ داراً بألف دينار، ففعلت: أنا كذلك، وفعلت أنا كذلك، فقص عليه القصة، فقال: إنك لمن المصدقين بهذا، اذهب فوالله لا أعطيك شيئاً، فرده فقضي لهما أن توفيا؛ فنزل فيهما: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ} حتى بلغ: {أَإِنَّا لَمَدِينُونَ}، قال: لمحاسبون (¬1). [ضعيف] * {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65)}. * عن قتادة في قوله: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62)} حتى بلغ: {فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ}؛ قال: لما ذكر شجرة الزقوم؛ افتتن الظلمة، فقالوا: ينبئكم صاحبكم هذا أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجرة؛ فأنزل الله ما تسمعون: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64)} غذيت بالنار ومنها خلقت (¬2). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: قال أبو جهل لما نزلت: {أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62)} قال: تعرفونها في كلام العرب، أنا آتيكم بها، فدعا جارية ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 90 - 91) ونسبه لعبد الرزاق وابن المنذر. قلنا: وعطاء هو ابن مسلم الخراساني؛ لم يدرك أحداً من الصحابة؛ فهو على هذا معضل. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (23/ 40 - 41): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 95) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

فقال: ايئتني بتمر وزبد، فقال: دونكم تزقموا، فهذا الزقوم الذي يخوفكم به محمد؛ فأنزل الله تفسيرها: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63)}، قال: لأبي جهل وأصحابه (¬1). [ضعيف جداً] * {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت هذه الآية في ثلاثة أحياء من قريش: سليم، خزاعة، وجهينة {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} (¬2). [ضعيف جداً] * عن مجاهد في قوله: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا}؛ قال: قال كفار قريش: الملائكة بنات الله -تعالى-، فقال لهم أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: فمن أمهاتهم؟ فقالوا: بنات سَرَوَات الجن، فقال الله -عزّ وجلّ-: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ}، يقول: إنما ستحضر للحساب، قال: والجِنة هي الملائكة (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (23/ 41) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر؛ صدوق كثير الخطأ يغرب. (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 138)، و"الدر المنثور" (7/ 133) وقال: وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: جويبر هذا؛ ضعيف الحديث جداً. الثانية: الضحاك لم يسمع من ابن عباس شيئاً. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (23/ 69)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 166 رقم 141) من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 133) وزاد نسبته لآدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

* {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166)}. * عن يزيد بن أبي مالك؛ قال: كان الناس يصلون متبددين؛ فأنزل الله: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}؛ فأمرهم أن يصفوا (¬1). [ضعيف] * {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قالوا: يا محمد! أرنا العذاب الذي تخوفنا به، عجله لنا؛ فنزلت الآية (¬2). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 136) ونسبه لابن أبي حاتم. (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 183)، و"الدر المنثور" (7/ 139) وقال: أخرج جويبر عن ابن عباس به. قلنا: وجويبر؛ متروك الحديث، وبين جويبر وابن عباس الضحاك؛ وهو لم يدرك ابن عباس.

سورة ص

سورة ص * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة ص بمكة (¬1). * {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2) كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3) وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما مرض أبو طالب؛ دخل عليه رهط من قريش؛ منهم: أبو جهل، قال: فقالوا: إن ابن أخيك يشتم آلهتنا، ويفعل ويفعل، ويقول ويقول، فلو بعثت إليه فنهيته، فبعث إليه أو قال: جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل البيت، وبينهم وبين أبي طالب مجلس رجل، قال: فخشي أبو جهل إن جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جنب أبي طالب أن يكون أرق له عليه؛ فوثب فجلس في ذلك المجلس، ولم يجد النبي - صلى الله عليه وسلم - مجلساً قرب عمه، فجلس عند الباب، قال أبو طالب: أي ابن أخي! ما بال قومك يشكونك؟ يزعمون أنك تشتم آلهتهم، وتقول وتقول، وتفعل وتفعل، قال: فأكثروا عليه من اللحو، قال: فتكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 142) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

عم! إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها؛ تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية"، قال: ففزعوا لكلمته ولقوله، قال: فقال القوم: كلمة واحدة! نعم وأبيك وعشراً، قالوا: وما هي؟ قال أبو طالب: وأي كلمة هي يا ابن أخي؟ قال: "لا إله إلا الله"، قال: فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)}، قال: وقرأ من هذا الموضع إلى قوله: {لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}. وفي رواية: قال: مرض أبو طالب فجاءته قريش وجاءه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعند أبي طالب مجلس رجل؛ فقام أبو جهل كي يمنعه، وشكوه إلى أبي طالب، فقال: يا ابن أخي! ما تريد من قومك؟ قال: "إني أريد منهم كلمة واحدة تدين لهم بها العرب، وتؤدي لهم العجم الجزية"، قال: كلمة واحدة؟ قال: كلمة واحدة، قال: "يا عم! يقولوا: لا إله إلا الله"، فقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7)}، قال: فنزل فيهم القرآن: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2) كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3) وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)} (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في "الجامع" (5/ 365، 366 رقم 3232)، والنسائي في "السنن الكبرى" (5/ 235 رقم 8769، 6/ 442 رقم 11436، 11437)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 359، 14/ 299 رقم 18413)، وأحمد في "المسند" (1/ 227، 228، 362)، وإسحاق بن راهويه؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 186)، والطبري في "جامع البيان" (23/ 79)، و"تاريخ الأمم والملوك" (1/ 554، 555)، وأبو يعلى في "المسند" (4/ 455، 456 رقم 2583)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (5/ 264 - 266 رقم 2029، 2030)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1757 - موارد)، =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزل {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)} فيهم وفي مجلسهم ذلك؛ يعني: مجلس أبي طالب وأبي جهل واجتماع قريش إليهم حين نازعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). [حسن] * عن السدي: أن أناساً من قريش اجتمعوا؛ فيهم: أبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش، فقال بعضهم: انطلقوا بنا إلى أبي طالب؛ ¬

_ = وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 31)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 246)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 432)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 188)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 186)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 388 رقم 414) -من طرق عن الأعمش عن يحيى بن عمارة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على يحيى بن عمارة، ويقال: يحيى بن عباد، ويقال: عباد بن جعفر، لم يرو عنه إلا الأعمش ولم يوثقه إلا ابن حبان، وفي "التقريب": "مقبول"؛ يعني: حيث يتابع، وإلا؛ فلين، ولم يتابع. قال الترمذي: "هذا حديث حسن". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني -رحمه الله- في "ضعيف سنن الترمذي" (رقم 636): "ضعيف الإسناد". وضعفه -أخيراً- في "ضعيف موارد الظمآن" (213). والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 142) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬1) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/ 432) من طريق إسحاق بن راهويه: أنبأ وهب بن جرير حدثني أبي؛ قال: سمعت محمد بن إسحاق؛ قال: حدثني العباس بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن؛ صرح ابن إسحاق فيه بالتحديث كما ترى. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وقال: "والعباس ثقة". قلنا: ابن إسحاق لم يخرج له مسلم في الأصول وإنما أخرج له متابعة.

فلنكلمه فيه، فلينصفنا منه؛ فيأمره، فليكف عن شتم آلهتنا وندعه والذي يعبد؛ فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون منا شيء؛ فتعيرنا العرب، فيقولون: تركوه، حتى إذا مات عمه؛ تناولوه، قال: فبعثوا رجلاً منهم يدعى: المطلب فاستأذن لهم على أبي طالب، فقال: هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم يستأذنون عليك، قال: أدخلهم، فلما دخلوا عليه؛ قالوا: يا أبا طالب! أنت كبيرنا وسيدنا؛ فأنصفنا من ابن أخيك؛ فمره فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه، قال: فبعث إليه أبو طالب، فلما دخل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: يا ابن أخي! هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم وقد سألوك النصف؛ أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك، قال: فقال: "أي عم! أوَ لا أدعوهم إلى ما هو خير لهم منها؟ "، فقال: وإلامَ تدعوهم؟ قال: "أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب ويملكون العجم"، قال: فقال أبو جهل -من بين القوم-: ما هي وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها، قال: "تقولون: لا إله إلا الله"، قال: فنفروا، وقالوا: سلنا غير هذه، قال: "لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها"، قال: فغضبوا وقاموا من عنده غضاباً، وقالوا: والله لنشتمنك والذي يأمرك بهذا و {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6)} إلى قوله: {إِلَّا اخْتِلَاقٌ} وأقبل على عمه، فقال له عمه: يا ابن أخي! ما شططت عليهم، فأقبل على عمه فدعاه، فقال: "قل كلمة أشهد لك بها يوم القيامة، تقول: لا إله إلا الله"، فقال: لولا أن تعيبكم بها العرب يقولون جزع من الموت؛ لأعطيتكها؛ ولكن على ملة الأشياخ، قال: نزلت هذه الآية: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56] (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "تاريخ الأمم والملوك" (1/ 544)، و"جامع البيان" (23/ 80، 81)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت حين انطلق أشراف قريش إلى أبي طالب يكلموه في النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = (7/ 142، 143) من طريق أحمد بن المفضل قال: ثنا أسباط بن نصر عن السدي به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعيف. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (23/ 81). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

سورة الزمر

سورة الزمر * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت سورة الزمر بمكة. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت بمكة سورة الزمر سوى ثلاث آيات نزلت بالمدينة في وحشي قاتل حمزة: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا. . .} إلى ثلاث آيات (¬1). * {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في هذه الآية؛ قال: أنزلت في ثلاثة أحياء: عامر، وكنانة، وبني سلمة كانوا يعبدون الأوثان، ويقولون: الملائكة بناته، فقالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬2). [ضعيف جداً] * {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)}. ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 210) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 184)، وقال: وأخرج جويبر عن ابن عباس به. قلنا: وجويبر؛ ضعيف جداً، وبينهما الضحاك وهو لم يسمع من ابن عباس؛ فالأثر تالف واهٍ بمرة.

* عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في عثمان بن عفان -رضي الله عنه- (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في عمار بن ياسر (¬2). [موضوع] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية في ابن مسعود وعمار وسالم مولى أبي حذيفة (¬3). [ضعيف جداً] * عن عكرمة؛ قال: نزلت في عمار بن ياسر (¬4). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 52)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/ 56)، والواحدي في "الوسيط" (3/ 573)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (39/ 231) من طريق ابن شبة: نا أبو خلف عبد الله بن عيسى بن خالد الخزاز ثنا يحيى بن مسلم البكاء عن ابن عمر به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: يحيى البكاء؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". الثانية: عبد الله بن عيسى؛ ضعيف؛ كما في "التقريب" -أيضاً-. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 213) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. (¬2) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/ 250): نا محمد بن كناسة عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: والكلبي كذاب، وشيخه ضعيف متهم بالكذب؛ فالأثر موضوع. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 214) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬3) قلنا: ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 214)، و"لباب النقول" (ص 184) وقال: "وأخرج جويبر عن ابن عباس به". وجويبر؛ متروك الحديث، وفيه انقطاع؛ فجويبر لم يدرك ابن عباس بينهما الضحاك، وهو -أيضاً- لم يسمع من ابن عباس. (¬4) أخرجه جويبر؛ كما في "لباب النقول" (ص 184)، و"الدر المنثور" (7/ 213). قلنا: وجويبر؛ متروك وهو مع هذا مرسل -أيضاً-. وعليه؛ فلم يصح في نزول هذه الآية أثر مع تعدد مخارج هذه الآثار؛ إلا أنها لا تقوي بعضها البعض؛ نظراً للضعف الشديد في هذه الطرق؛ فتنبه.

* {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)}. * عن زيد بن أسلم: أن هاتين الآيتين نزلتا في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون: (لا إله إلا الله): زيد بن عمرو، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي؛ نزل فيهم: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: لما نزلت: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)} [الحجر: 44]؛ أتى رجل من الأنصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إن لي سبعة مماليك، وإني أعتقت لكل باب منها مملوكاً؛ فنزلت هذه الآية: {فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عمر؛ قال: كان سعيد بن زيد، وأبو ذر، وسلمان، يتبعون في الجاهلية أحسن القول، وأحسن القول والكلام: لا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (23/ 132): ثني يونس قال: نا عبد الله بن وهب قال: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم حدثني أبي به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ متروك الحديث. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 217)، و"لباب النقول" (ص 184، 185) وزاد نسبته لابن أبي حاتم. (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 184)، و"الدر المنثور" (7/ 218) وقال: "وأخرج جويبر بسنده عن جابر به". قلنا: وجويبر هالك.

إله إلا الله، قالوا بها؛ فأنزل الله -تعالى- على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} (¬1). * {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قالوا: يا رسول الله! لو حدثتنا؛ فنزل: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)} (¬2). [ضعيف] * عن عون بن عبد الله: أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ملّوا ملّة؛ فقالوا: يا رسول الله! حدثنا؛ فأنزل الله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ. . .} إلى آخر الآية، قال: ثم ملوا ملّة أخرى؛ فقالوا: يا رسول الله! حدثنا شيئاً فوق الحديث ودون القرآن؛ يعنون: القصص؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1)} إلى قوله -تعالى-: ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 217) ونسبه لابن مردويه. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (23/ 135): ثنا نصر بن عبد الرحمن الأودي قال: ثنا حكام بن سلم عن أيوب بن موسى عن عمرو بن قيس الملائي عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات إن كان أيوب بن موسى هو ابن عمرو القرشي، وإن كان غيره فلم نعرفه. ثم رواه الطبري عقبه من طريق أخرى وسماه أيوب بن سيار، فإن يكن هو؛ فهو ضعيف؛ ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان وابن معين وغيرهما، انظر: "الجرح والتعديل" (2/ 248).

{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)} [يوسف: 3]؛ قال: فإن أرادوا الحديث؛ دلهم على أحسن الحديث، وإن أرادوا القصص؛ دلهم على أحسن القصص: القرآن (¬1). [ضعيف] * {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36)}. * عن قتادة؛ قال: قال لي رجل: قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لتكفن عن شتم آلهتنا أو لتأمرنها فلنغالبك؛ فنزلت: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} (¬2). [ضعيف] * {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)}. * عن مجاهد: أنها نزلت في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم عند الكعبة ¬

_ (¬1) أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص 53، 54)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (4/ 248)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/ 1004 رقم 1914 - معلقاً) من طريق حجاج الأعور ووكيع بن الجراح عن المسعودي عن عون به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، والمسعودي وإن اختلط بآخره؛ لكن الراوي عنه هنا هو وكيع بن الجراح، وقد سمع منه قبل الاختلاط؛ كما قال الإِمام أحمد وابن معين. انظر: "الكواكب النيرات" (ص 288). (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 229) ونسبه لعبد الرزاق وابن المنذر. قلنا: الذي في "تفسير عبد الرزاق" (2/ 173) عن معمر به دون ذكر قتادة؛ يعني: معضلاً، وكذا ذكره السيوطي على الجادة في "لباب النقول" (ص 185) مقطوعاً على معمر. وهو ضعيف؛ لإعضاله.

وفرحهم عند ذكر الآلهة (¬1). [ضعيف] * {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت هذه الآية في مشركي أهل مكة (¬2). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)}، وذلك أن أهل مكة قالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان، ودعا مع الله إلهاً آخر، وقتل النفس التي حرم الله؛ لم يغفر له، فكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا الآلهة، وقتلنا النفس التي حرم الله، ونحن أهل الشرك؟! فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)}، يقول: لا تيأسوا من رحمتي {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، وقال: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} وإنما يعاتب الله أولي الألباب، وإنما الحلال والحرام لأهل الإيمان، فإياهم عاتب، وإياهم أمر إن أسرف أحدهم على نفسه أن لا يقنط من رحمة الله، وأن ينيب ولا يبطئ بالتوبة؛ من ذلك الإسراف والذنب الذي عمل (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (24/ 10) عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 233) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم؛ كما في "لباب النقول" (ص 185)، وصححه السيوطي فيه. قلنا: وذكره في "الدر المنثور" (7/ 235) وزاد نسبته للطبري، ولم نجده فيه. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (24/ 10). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. =

* عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ قال: لما اجتمعنا للهجرة اتّعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص بن وائل الميضأة، ميضأة بني غفار فوق سرف، وقلنا: أيكم لم يصبح عندها فقد احتبس، فليمض صاحباه، فحبس عنا هشام بن العاص، فلما قدمنا المدينة؛ نزلنا في بني عمرو بن عوف، وخرج أبو جهل بن هشام، والحارث بن هشام إلى عياش بن ربيعة وكان ابن عمهما، وأخاهما لأمهما حتى قدما علينا المدينة فكلماه، فقالا له: إن أمك نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك، فرق لها، فقلت له: يا عياش! والله إن يريدك القوم إلا عن دينك؛ فاحذرهم، فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة -أحسبه قال:- لاستظلت، قال: أبر قسم أمي، ولي هناك مالاً فآخذه، قال: قلت: والله إنك لتعلم أني من أكثر قريش مالاً، ذلك نصف مالي، ولا تذهب معهما، فأبى إلا أن يخرج معهما، فقلت له لما أبى علي: أما إذ فعلت ما فعلت؛ فخذ ناقتي هذه؛ فإنها ناقة ذلول فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب؛ فانج عليها، فخرج معهما عليها، حتى إذا كانوا ببعض الطريق؛ قال أبو جهل بن هشام: والله لقد استبطأت بعيري هذا، أفلا تحملني على ناقتك هذه؟ قال: بلى، فأناخ، وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض؛ عديا عليه وأوثقاه، ثم دخلاه مكة، وفتناه فافتتن، قال: فكنا نقول: والله لا يقبل الله ممن افتتن صرفاً ولا عدلاً، ولا يقبل توبة قوم عرفوا الله، ثم رجعوا إلى الكفر؛ لبلاء أصابهم، قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة؛ أنزل فيهم وفي قولنا لهم، وقولهم لأنفسهم: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، قال عمر: فكتبتها في صحيفة وبعثت بها إلى ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 236) وزاد نسبته لابن مردويه.

هشام بن العاص، قال هشام: فلم أزل أقرؤها بذي طوى أصعد بها فيه حتى فهمتها، قال: فألقي في نفسي أنما نزلت فينا، وفيما كنا نقول في أنفسنا، ويقال فينا، فرجعت فجلست على بعيري، فلحقت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى وحشي قاتل حمزة يدعوه إلى الإِسلام، فأرسل إليه: يا محمد! كيف ¬

_ (¬1) أخرجه ابن إسحاق؛ كما في "السيرة" لابن هشام (1/ 475) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (24/ 11)، والحاكم (2/ 435)، والبزار في "مسنده" (2/ 302 - 303 رقم 1746 - كشف)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5/ 423 - 424 رقم 7138)، و"السنن الكبرى" (9/ 13 - 14)، و"دلائل النبوة" (2/ 459 - 461)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 249)، وأبو بكر النجاد في "مسند عمر" (ص 96 - 97 رقم 79)، والهيثم بن كليبب في "مسنده" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (1/ 317 - 318 رقم 212، 213)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 235) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (1/ 319 رقم 214) -، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (5/ 2741 رقم 6536)، وابن الأثير في "أسد الغابة" (4/ 625 - 626)، وابن السكن؛ كما في "الإصابة" (3/ 604): ثني نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب به. قلنا: وهذا سند صحيح، وابن إسحاق صرح بالتحديث، ولما كان هذا الحديث في باب السيرة والمغازي وابن إسحاق عالم حجة فيها؛ فيصحح حديثه فيها، وهو صدوق حسن الحديث كما هو معروف. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: ومسلم لم يخرج لابن إسحاق إلا متابعة. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 61): "رواه البزار ورجاله ثقات". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 236)، و"لباب النقول" (ص 185) وزاد نسبته للطبراني وابن المنذر.

تدعوني إلى دينك وأنت تزعم أن من قتل أو أشرك أو زنا يلق آثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً، وأنا قد صنعت ذلك؟ فهل تجد لي رخصة؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)} [الفرقان: 70]، فقال وحشي: يا محمد! أرى بعد مشيئة، فلا أدري يغفر لي أم لا؟ فهل غير هذا؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}؛ قال وحشي: هذا، فجاء فأسلم، فقال الناس: يا رسول الله! إذا أصبنا ما أصاب وحشي، قال: "هي للمسلمين عامة" (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: كنا نقول: ليس لمن افتتن توبة إذا ترك دينه بعد إسلامه ومعرفته؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)}؛ فكتبتها بيدي ثم بعثت بها إلى هشام بن العاص بن وائل، قال هشام: فلما جاءتني؛ صعدت بها وأقول: فلا أفهمها، فوقعت في نفسي أنها نزلت فينا وما كنا نقول، فجلست على بعيري ثم لحقت بالمدينة، وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظر أن يؤذن له بالهجرة، وأصحابه من المهاجرين قدموا أرسالاً، وقد كان أبو بكر استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة، فقال: "لا تعجل؛ لعل الله أن يجعل لك صاحباً"؛ فطمع أبو ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 157، 158 رقم 11480) بسند ضعيف جداً؛ كما تقدم بيانه في سورة الفرقان آية رقم (68 - 71). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 235) وزاد نسبته لابن مردويه والبيهقي في "شعب الإيمان" وقال: "بسند لين". وقال في "لباب النقول" (ص 185): "بسند فيه ضعيف".

بكر أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ يعني: نفسه، وكان أبو بكر قد أعد لذلك راحلتين يعلفهما في داره (¬1). * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: إنما أنزلت هذه الآيات في عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين، كانوا أسلموا ثم فتنوا وعذبوا؛ فافتتنوا. كنا نقول: لا يقبل الله من هؤلاء صرفاً ولا عدلاً أبداً؛ قوم أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذبوه؛ فنزلت هؤلاء الآيات. وكان عمر بن الخطاب كاتباً، قال: فكتبها بيده ثم بعث بها إلى عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد وإلى أولئك النفر فأسلموا وهاجروا (¬2). [ضعيف جداً] * عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-؛ قال: لما أسلم وحشي؛ أنزل الله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان: 68]، قال وحشي وأصحابه: فنحن قد ارتكبنا هذا كله؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)} (¬3). * عن عطاء بن يسار؛ قال: نزلت هذه الآيات الثلاث بالمدينة في حشي وأصحابه: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ¬

_ (¬1) ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 62) وقال: "رواه الطبراني وفيه بد الرحمن بن بشير الدمشقي ضعفه أبو حاتم". (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (24/ 11) بسند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: ابن إسحاق مدلس وقد عنعن. الثانيه: شيخ الطبري ابن حميد؛ ضعيف بل اتهمه بعضهم بالكذب. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 235) ونسبه لابن أبي حاتم وابن مردويه.

مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي في قوله: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)}؛ قال: هؤلاء المشركون من أهل مكة، قالوا: كيف نجيبك وأنت تزعم أنه من زنا أو قتل أو أشرك بالرحمن كان هالكاً من أهل النار، فكل هذه الأعمال قد عملناها؟! فأنزل فيهم هذه الآية: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)} (¬2). [ضعيف] * عن قتادة قوله -تعالى-: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}؛ قال: ذكر لنا أن ناساً أصابوا ذنوباً عظاماً في الجاهلية، فلما جاء الإِسلام؛ أشفقوا أن لا يتاب عليهم؛ فدعاهم الله بهذه الآية: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (24/ 10): ثنا محمد بن حميد؛ قال: ثنا سلمة بن الأبرش؛ قال: ثني ابن إسحاق عن بعض أصحابه عن عطاء به. قلنا: وهذا سند واه بمرة؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: جهالة الأصحاب، مع التذكر بأن ابن إسحاق مدلس. الثالثة: ابن حميد، حافظ ضعيف، بل اتهمه بعضهم. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (24/ 10) من طريق أسباط عن السدي به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)} (¬1). [ضعيف] * {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)}. * عن الحسن البصري؛ قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بعض شعاب مكة، وقد دخله من الغم ما شاء الله من تكذيب قومه إياه، فقال: "رب أرني ما أطمئن إليه، ويذهب عني هذا الغم"؛ فأوحى الله إليه: "ادع أي أغصان هذه الشجرة شئت"، فدعا غصناً فانتزع من مكانه ثم خد في الأرض حتى جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ارجع إلى مكانك"؛ فرجع الغصن فخد في الأرض حتى استوى كما كان، فحمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طابت نفسه ورجع، وقد كان قال المشركون: أفضلت أباك وأجدادك يا محمد؟! فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (24/ 10): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬2) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (6/ 14) من طريق أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن المبارك بن فضالة عن الحسن به. قلت: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: المبارك مدلس؛ وقد عنعنه. الثالثة: أحمد بن عبد الجبار؛ ضعيف؛ كما في "التقريب".

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن قريشاً دعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة، ويزوجوه ما أراد من النساء، ويطأون عقبه، فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد! وتكف عن شتم آلهتنا، ولا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل؛ فإنا نعرض عليك خصلة واحدة وهي لنا ولك، فدلوه، قال: "حتى أنظر ما يأتيني من ربي"؛ فجاء الوحي: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)} (¬1). * {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: مر يهودي بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا يهودي! حدثنا"؛ فقال: كيف تقول يا أبا القاسم! إذا وضع الله السماوات على ذه، والأرض على ذه، والماء على ذه، والجبال على ذه، وسائر الخلق على ذه؟ -وأشار أبو جعفر محمد بن الصلت بخنصره أولاً، ثم تابع حتى بلغ الإبهام- فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 245) ونسبه لابن مردويه. (¬2) أخرجه الترمذي في "الجامع" (5/ 371 رقم 3240)، وأحمد في "السنة" (1/ 266 رقم 494)، و"المسند" (4/ 125 - 126/ 2267 و5/ 129/ 2988)، والطبري في "جامع البيان" (24/ 18)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1/ 240 رقم 545)، وابن خزيمة في "التوحيد" (1/ 184 رقم 106) من طريق أبي كدينة عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ عطاء ابن السائب اختلط، وأبو كدينة روى عنه في الاختلاط. =

* عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجل من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم! أبلغك أن الله -عزّ وجلّ- يحمل الخلائق على أصبع، والسماوات على أصبع، والأرض على أصبع، والشجر على أصبع، والثرى كذا على أصبع، قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا ¬

_ = قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب صحيح". وقال شيخنا -رحمه الله- في "ظلال الجنة": "إسناد ضعيف، ورجاله ثقات. . . إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط وهو علة الحديث". والحديث في "ضعيف سنن الترمذي" (رقم 638). والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 246) وزاد نسبته للبيهقي وابن مردويه. وأخرج البيهقي في "الأسماء والصفات" (2/ 171، 172 رقم 737) من طريق الحسن بن عطية عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أتدري ما سعة جهنم؟ قلت: لا، قال: أجل، والله ما تدري، حدثتني عائشة؛ أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}، قال: قلت: فأين الناس يومئذ يا رسول الله؟! قال: "على جسر جهنم". قلت: وسنده ضعيف؛ رواية جعفر عن سعيد على وجه الخصوص فيها ضعف؛ كما قال ابن منده. وقد خالف الحسنَ بنَ عطية -وهو صدوق- محمدٌ بنُ حميد الرازي؛ فرواه عن يعقوب به مرسلاً لم يذكر ابن عباس. قلنا: ومحمد ضعيف بل اتهم بالكذب؛ لكنه لم ينفرد، بل تابعه أبو الربيع الزهراني -وهو ثقة- عند أبي الشيخ في "العظمة" (1/ 360، 361 رقم 81)، وعمرو بن رافع -وهو ثقة ثبت- عند ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "مجموع فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية" (13/ 163). وعليه؛ فالصواب في هذا الطريق الإرسال، وهو ضعيف لذلك. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 246) وزاد نسبته لابن المنذر.

قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} (¬1). [صحيح] * عن الحسن؛ قال: اليهود نظروا في خلق السماوات والأرض والملائكة، فلما زاغوا؛ أخذوا يقدرونه؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} (¬2). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير؛ قال: تكلمت اليهود في صفة الرب، فقالوا بما لم يعلموا ولم يروا؛ فأنزل الله هذه الآية (¬3). [ضعيف] * عن الربيع بن أنس: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255]؛ ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (1/ 378)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1/ 239، 240 رقم 543، 544) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 249) -، وابن خزيمة في "التوحيد" (1/ 179 رقم 102)، والدارقطني في "الصفات" (رقم 19، 20، 22، 23)، والطبري في "جامع البيان" (24/ 18)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2/ 164 رقم 730) من طريق أبي عوانة وأبي معاوية وجرير بن عبد الحميد ومحمد بن فضيل أربعتهم عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود به. قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4811، 77414، 7715، 7451)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 2786) من طرق عن ابن مسعود بنحوه ليس فيه التصريح بسبب نزول الآية؛ فتنبه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 246)، و"لباب النقول" (ص 186) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، ومراسيل الحسن كالريح. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (24/ 19)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"، كما في "لباب النقول" (ص 186). قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله.

قال: لما نزلت: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}؛ قال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله! هذا الكرسي وسع السماوات والأرض، فكيف العرش؟! فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (3/ 7): حدثت عن عمارة عن ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ صدوق سيئ الحفظ. الثالثه: ابنه عبد الله؛ قال ابن حبان في "ثقاته": "يعتبر به في غير روايته عن أبيه". الرابعة: الانقطاع بين الطبري وعمارة. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 246)، و"لباب النقول" (ص 186) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.

سورة غافر

سورة غافر * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت الحواميم السبع بمكة (¬1). * عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه-؛ قال: نزلت الحواميم جميعاً بمكة (¬2). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت حم المؤمن بمكة (¬3). * عن الشعبي؛ قال: أخبرني مسروق: أنها نزلت بمكة (¬4). * {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ}. * عن أبي مالك؛ قال: نزلت في الحارث بن قيس السهمي (¬5). [ضعيف] * {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 268) ونسبه لابن الضريس والنحاس والبيهقي في "الدلائل". (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه والديلمي. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه. (¬4) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه للطبري. (¬5) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 186)، و"الدر المنثور" (7/ 273) وقال: "وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أبي مالك به". قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)}. * عن أبي العالية؛ قال: إن اليهود أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إن الدجال يكون منا في آخر الزمان، ويكون من أمره؛ فعظموا أمره، وقالوا: يصنع كذا. . .؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} قال: لا يبلغ الذي يقول: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}؛ فأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يتعوذ من فتنة الدجال، {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} الدجال (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج في قوله: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)}؛ قال: زعموا أن اليهود قالوا: يكون منا ملك في آخر الزمان البحر إلى ركبتيه، والسحاب دون رأسه، يأخذ الطير بين السماء والأرض، معه جبل خبز ونهر؛ فنزلت: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)} (¬2). [ضعيف] * {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن الوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 294)، و"لباب النقول" (ص 186، 187) وقال: أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية به. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 294) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

قا لا: يا محمد! ارجع عما تقول، وعليك بدين آبائك وأجدادك؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66)} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 304)، و"لباب النقول" (ص 187). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: جويبر؛ متروك الحديث. الثانية: الانقطاع؛ جويبر روى التفسير عن ابن عباس من طريق الضحاك، وهو لم يسمع من ابن عباس.

سورة فصلت

سورة فصلت * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة حمَ السجدة بمكة. * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: (مثله) (¬1). * {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)}. * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ}؛ قال: كان رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف -أو رجلان من ثقيف وختن لهما من قريش- في بيت، كثيرة شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم، فقال بعضهم لبعض: أترون أن الله يسمع حديثنا؟ قال بعضهم: يسمع بعضه (وفي رواية: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا)، وقال بعضهم: لئن كان يسمع بعضه لقد يسمع كله (وفي رواية: إن كان يسمع إذا جهرنا؛ فإنه يسمع إذا أخفينا)؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)} (¬2). [صحيح] * {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)}. ¬

_ (¬1) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 308) ونسبهما لابن مردويه. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4816، 4817، 7521)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 2775/ 5).

* عن بشير بن تميم؛ قال: نزلت هذه الآية في أبي جهل وعمار بن ياسر: {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ}: أبو جهل، {خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: عمار بن ياسر (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: نزلت في عمار بن ياسر وفي أبي جهل (¬2). * {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}. * عن سعيد بن جبير؛ قال: قالت قريش: لولا أنزل هذا القرآن أعجمياً وعربياً؛ فأنزل الله: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 188): نا ابن عيينة عن بشير به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال؛ فبشير من أتباع التابعين. الثانية: قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" (2/ 372 رقم 1439): "روى عنه ابن عيينة مرسل". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 330) وزاد نسبته لابن المنذر وعبد بن حميد وابن عساكر. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 330) ونسبه لابن عساكر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (24/ 80): ثنا ابن حميد قال: ثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد على وجه الخصوص فيها ضعف. الثالثة: ابن حميد ضعيف اتهم بالكذب. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 333) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

سورة الشورى

سورة الشورى * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت حم عسق بمكة. * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- مثله (¬1). * {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)}. * عن قتادة في قوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)}، قال: هم اليهود والنصارى حاجوا أصحاب نبي الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالوا: كتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن أولى بالله منكم (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)}؛ قال: هم أهل الكتاب، كانوا يجادلون المسلمين، ويصدونهم عن الهدى من بعد ما استجابوا لله، وقال: هم أهل الضلالة، كان استجيب ¬

_ (¬1) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 335) ونسبهما لابن مردويه. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 190 - 191)، والطبري في "جامع البيان" (25/ 13) من طرق عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 342) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

لهم على ضلالتهم، وهم يتربصون بأن تأتيهم الجاهلية (¬1). [ضعيف جداً] * عن عكرمة؛ قال: لما نزلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]؛ قال المشركون بمكة لمن بين أظهرهم من المؤمنين: قد دخل الناس في دين الله أفواجاً؛ فأخرجوا من بين أظهرنا، فعلام تقيمون بين أظهرنا؟ فنزلت: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} (¬2). [ضعيف] * عن الحسن في قوله: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ}؛ قال: قال أهل الكتاب لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -: نحن أولى بالله منكم؛ فأنزل الله: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ}؛ يعني: أهل الكتاب (¬3). [ضعيف] * {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أتاه رجل فسأله المعنى عن قوله -عزّ وجلّ-: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}؛ فقال سعيد بن جبير: قرابة محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن عباس: عجلت؛ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بطن من بطون قريش إلا ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم قرابة؛ قال: فنزلت: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم (¬4). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (25/ 12، 13)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 341). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 342)، و"لباب النقول" (ص 187، 188) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 342) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬4) أخرجه أحمد في "المسند" (1/ 229)، والطبري في "جامع البيان" (25/ 15) =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية بمكة، وكان المشركون يؤذون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ} لهم يا محمد، {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ}؛ يعني: على ما أدعوكم إليه: {أَجْرًا} عوضاً من الدنيا {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} إلا الحفظ في قرابتي فيكم، قال: المودة: إنما هي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قرابته، فلما هاجر إلى المدينة؛ ¬

_ = من طريق شعبة ثني عبد الملك بن ميسرة عن طاووس قال: سأل رجل ابن عباس (وذكره). قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 3497، 4818)، والترمذي (رقم 3251) وغيرهما وليس فيه التصريح بسبب النزول. وقد عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 345) -أيضاً- لمسلم، وما نراه إلا وهماً؛ فقد ذكر الحديث المزي في "تحفة الأشراف" (رقم 5731) ولم يعزه لمسلم -والله أعلم-. وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (9/ 29 رقم 4901 - المسندة)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 153 رقم 7812)، والحاكم (3/ 235 رقم 3712 - ط دار المعرفة) عن هشيم ثنا داود أبي هند عن الشعبي؛ قال: أكثر الناس علينا في هذه الآية: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}؛ فكتبت إلى ابن عباس، فكتب ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان واسط النسب في قريش، ولم يكن بطناً من بطونهم إلا وقد ولدوه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ} ما أدعوكم إليه إلا أن تودوني لقرابتي منكم وتحفظوني لها. قلنا: وسنده صحيح. وقال الحافظ ابن حجر: "صحيح". ثم أخرجه أحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 154 رقم 7813 - المسندة)، والحاكم (رقم 3712) عن هشيم أنبأ حصين عن عكرمة بنحوه. قلنا: وهذا سند صحيح -أيضاً-. قال البوصيري عقبه: "هذا إسناد رواته ثقات".

أحب أن يلحقه بإخوته من الأنبياء -عليهم السلام- فقال: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا}؛ فهو لكم {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي} [هود: 51]؛ يعني: ثو ابه وكرامته في الآخرة؛ كما قال: نوح -عليه السلام-: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109)} [الشعراء: 109]، وكما قال هود وصالح وشعيب لم يستثنوا أجراً، كما استثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - فرده عليهم، وهي منسوخة (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قالت الأنصار: فعلنا وفعلنا، فكأنهم فخروا، فقال ابن عباس أو العباس -شك عبد السلام-: لنا الفضل عليكم، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأتاهم في مجالسهم، فقال: "يا معشر الأنصار! ألم تكونوا أذلة؛ فأعزكم الله بي"، قالوا: بلى يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! قال: "ألم تكونوا ضلّالاً؛ فهداكم الله بي"، قالوا: بلى يا رسول الله! قال: "أفلا تجيبوني؟ "، قالوا: ما نقول يا رسول الله؟! قال: "ألا أتقولون: ألم يخرجك قومك؛ فآويناك؟ أَوَلم يكذبوك؛ فصدقناك؟ أوَلم يخذلوك؛ فنصرناك؟ "، قال: فما زال يقول؛ حتى جثوا على الركب، وقالوا: أموالنا وما في أيدينا لله ولرسوله، قال: فنزلت: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 346، 347)، وقال: وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لانقطاعه؛ فإن الضحاك لم يلق ابن عباس لم يدركه، هذا: إن صح السند إليه. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (25/ 16)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 121)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (4/ 159 رقم 3864) من طريق عبد السلام بن حرب؛ قال: ثنا يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه يزيد بن أبي زياد؛ ضعيف، كبر؛ فتغير وصار يتلقن؛ كما في "التقريب" (2/ 365). =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قالت الأنصار فيما بينهم: لو جمعنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مالاً فبسط يده لا يحول بينه وبينه أحد، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله! إنا أردنا أن نجمع لك من أمولنا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}؛ فخرجوا مختلفين، فقال بعضهم: ألم تروا إلى ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وقال بعضهم: إنما قال هذا لنقاتل عن أهل بيته وننصرهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} إلى قوله: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} فعرض لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتوبة إلى قوله: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} هم الذين قالوا هذا، أن تتوبوا إلى الله وتستغفرونه (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 32): "رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه علي بن سعيد بن بشير وفيه لين، وبقية رجاله وثقوا". قلنا: قد توبع عند الطبري وابن أبي حاتم؛ فصح السند إلى يزيد، ولم يتنبه لهذا المعلق على "مجمع البحرين" (7/ 9 رقم 3939) فوافق الهيثمي عليه. وقال الحافظ ابن حجر في "الكاف الشاف" (248/ 991): "وفيه يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 347) وزاد نسبته لابن مردويه. وضعفه الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 121) بيزيد بن أبي زياد. (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 26، 27 رقم 12384)، و"الأوسط" (6/ 49 رقم 5758) -وعنه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 239) - من طريق محمد بن مرزوق؛ قال: نا حسين الأشقر؛ قال: ثنا نصير بن زياد عن عثمان أبي اليقظان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: عثمان أبو اليقظان؛ قال عنه في "التقريب": "ضعيف، اختلط، وكان يدلس ويغلو في التشيع". الثافيه: نصير بن زياد؛ قال عنه الأزدي: "منكر الحديث". =

* {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)}. * عن أبي هانئ الخولاني؛ قال: سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون: إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصُّفّة: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ} وذلك بأنهم قالوا: لو أن لنا؛ فتمنوا الدنيا (¬1). [ضعيف] * عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ قال: ما أصبح بالكوفة أحد إلا ناعم؛ إن أدناهم منزلة يشرب من ماء الفرات، ويجلس في الظل، ويأكل من البر، وإنما نزلت هذه الآية في أصحاب الصفة: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ ¬

_ = الثالثة: حسين الأشقر؛ فيه ضعف، وفي "التقريب": "صدوق يهم ويغلو في "التشيع". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 103): "وفيه عثمان بن عمر أبو اليقظان وهو ضعيف". وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 188): "بسند فيه ضعيف". وقال في "الدر المنثور" (6/ 348): "بسند ضعيف". (¬1) أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (1/ 456، 457 رقم 509)، والطبري في "جامع البيان" (25/ 19)، والطبراني في "المعجم الكبير"؛ كما في "مجمع الزوائد" (7/ 104)، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 338)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 252)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 286، 287 رقم 10332) من طرق عن أبي هانئ الخولاني عن عمرو به. قلنا: وهذا سند صحيح إلى عمرو، وهو مختلف فيه؛ قال الحافظ ابن حجر في "التقريب": "مختلف في صحبته، أخرج حديثه أبو يعلى، وصححه ابن حبان، قال ابن معين وغيره: تابعي، وحديثه مرسل". وقال الهيثمي: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 352) وزاد نسبته لابن المنذر وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه.

لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ}؛ وذلك أنهم قالوا: لو أن لنا، فتمنوا الدنيا (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: يقال: خير الرزق ما لا يطغيك ولا يلهيك، قال: ذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وكثرتها"، فقال له قائل: يا نبي الله! هل يأتي الخير بالشر؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل يأتي الخير بالشر؟ فأنزل الله عليه عند ذلك: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}، وكان إذا نزل عليه؛ كرب لذلك وتربّد وجهه، حتى إذا سُرّي عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "هل يأتي الخير بالشر -يقولها ثلاثاً-؟ إن الخير لا يأتي إلا بالخير يقولها ثلاثاً وكان - صلى الله عليه وسلم - وتر الكلام، ولكنه والله ما كان ربيع قط إلا أحبط أو ألمّ. فأما عبد أعطاه الله مالاً فوضعه في سبيل الله التي افترض وارتضى؛ فذلك عبد ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم (2/ 445) -وعنه البيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 286 رقم 10331) - من طريق أبي كريب ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن سخبرة عن علي. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه الأعمش وهو مدلس، وقد عنعن، وقد نقل الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (4/ 225) عن يعقوب بن شيبة أنه قال في "مسنده": "ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة، قلت لعلي بن المديني: كم سمع الأعمش من مجاهد؟ قال: لا يثبت منها إلا ما قال سمعت، هي نحو من عشرة وإنما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات". قلنا: وأبو يحيى القتات؛ ضعيف. وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه -في أحاديث الأعمش عن مجاهد-: "قال أبو بكر بن عياش عنه: حدثنيه ليث عن مجاهد". قلنا: وليث هو ابن أبي سليم وهو ضعيف. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وقال الذهبي: "على شرط (خ) و (م) ". قلنا: نعم؛ لكن ماذا فعلت عنعنة الأعمش؟!

أريد به خير، وعزم له على الخير. وأما عبد أعطاه الله مالاً فوضعه في شهواته ولذاته، وعدل عن حق الله عليه؛ فذلك عبد أريد به شر، وعزم له على شر" (¬1). [ضعيف] * {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)}. * عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هل عبدت وثناً قط؟ قال: "لا"، قالوا: فهل شربت خمراً قط؟ قال: "لا، وما زلت أعرف الذي هم عليه كفر، وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان"، وبذلك نزل القرآن: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (25/ 19، 20): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 364) ونسبه لأبي نعيم في "الدلائل" وابن عساكر.

سورة الزخرف

سورة الزخرف * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت بمكة سورة (حم) الزخرف (¬1). * {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)}. * عن قتادة؛ قال: قال ناس من المنافقين: إن الله صاهر الجن؛ فخرجت من بينهم الملائكة؛ فنزل فيهم: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)} (¬2). [ضعيف] * {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)}. * عن قتادة في قوله -تعالى-: {عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}؛ قال: الرجل: الوليد بن المغيرة؛ قال: لو كان ما يقول محمد حقاً أنزل علي هذا القرآن أو على أبي مسعود الثقفي، والقريتان الطائف ومكة، وأبو مسعود الثقفي من الطائف واسمه عروة بن مسعود (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 365) ونسبه لابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 371)، و"لباب النقول" (ص 188) ونسبه لابن المنذر وعبد بن حميد. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬3) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 196)، والطبري في "جامع البيان" =

* عن مجاهد في قوله -تعالى-: {عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}؛ قال: نزلت في عتبة بن ربيعة وابن عبد ياليل الثقفي (¬1). [ضعيف] * {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)}. * عن محمد بن عثمان المخزومي: أن قريشاً قالت: قيضوا لكل رجل رجلاً من أصحاب محمد يأخذه؛ فقيضوا لأبي بكر -رضي الله عنه- طلحة بن عبيد الله، فأتاه وهو في القوم، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: إلامَ تدعوني؟ قال: أدعوك إلى عبادة اللات والعزى! قال أبو بكر -رضي الله عنه-: وما اللات؟ قال: ربنا، قال: وما العزى؟ قال: بنات الله، قال أبو بكر: فمن أمهم؟ فسكت طلحة، فلم يجبه، فقال طلحة لأصحابه: أجيبوا الرجل، فسكت القوم، فقال طلحة: قم يا أبا بكر، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)} (¬2). [ضعيف] * {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41)}. ¬

_ = (25/ 40)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "فتح الباري" (6/ 315) من طرق عن قتادة به. قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 375) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم. (¬1) أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "فتح الباري" (6/ 315) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 377)، و"لباب النقول" (ص 188، 189) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

* عن جابر -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41)}: نزلت في علي بن أبي طالب، أنه ينتقم من الناكثين والقاسطين بعدي (¬1). [موضوع] * {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)}. * عن أبي يحيى الأعرج عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لقد علمتُ آية من القرآن ما سألني عنها رجل قط، فما أدري أعلمها الناس؛ فلم يسألوا عنها، أم لم يفطنوا لها؛ فيسألوا عنها؟! ثم طفق يحدثنا، فلما قام؛ تلاومنا أن لا نكون سألناه عنها، فقلت: أنا لها إذا راح غداً، فلما راح الغد؛ قلت: يا ابن عباس! ذكرت أمس: أن آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قط، فلا تدري أعلمها الناس؛ فلم يسألوا عنها، أم لم يفطنوا لها؟ فقلت: أخبرني عنها وعن اللاتي قرأت قبلها، قال: نعم؛ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لقريش: "يا معشر قريش! إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير"، وقد علمتْ قريش أن النصارى تعبد عيسى ابن مريم، وتقول في محمد، فقالوا: يا محمد! ألست تزعم أن عيسى كان نبياً وعبداً من عباد الله صالحاً، فلئن كنت صادقاً؛ فإن آلهتهم لكما تقولون، قال: فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)}، قال: قلت: ما يصدون؟ قال: يضجّون، {وَإِنَّهُ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 380)، وقال: وأخرج ابن مردويه من طريق محمد بن مروان السدي عن الكلبي عن أبي صالح عن جابر به. قلنا: وهذا موضوع، من دون جابر متهمون بالكذب.

لَعِلْمٌ (¬1) لِلسَّاعَةِ}؛ قال: هو خروج عيسى ابن مريم -عليه السلام- قبل يوم القيامة (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) عند أحمد وغيره (لَعَلَمٌ). (¬2) أخرجه أحمد في "المسند" (1/ 317، 318)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (2/ 727، 728 رقم 720 - بغية" -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" (2/ 175) -، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 119 رقم 12740) -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" (2/ 174) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 142)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 17 رقم 987)، وابن حبان في "صحيحه" (15/ 228 رقم 6817 - إحسان)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 252)، والهروي في "ذم الكلام" (3/ 230 - 233 رقم 658)، والحافظ في "الموافقة" (2/ 175) من طريق الثوري وشيبان النحوي كلاهما عن عاصم بن أبي النجود عن أبي رزين عن أبي يحيى مولى ابن عفراء الأنصاري عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (71/ 385) وزاد نسبته لابن مردويه. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 104): "وفيه عاصم بن بهدلة؛ وثقه أحمد وغيره، وهو سيئ الحفظ، وبقية رجاله رجال الصحيح". قلنا: المتقرر فيه: أنه حسن الحديث ما لم يخالف، وهو كذلك هنا. وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 189): "بسند صحيح! ".

سورة الدخان

سورة الدخان * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت بمكة سورة (حم) الدخان. * وعن ابن الزبير مثله (¬1). * {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)}. * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما-؛ قال: إنما كان هذا لأن قريشاً لما استعصوا على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد؛ حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)}، قال: فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقيل له: يا رسول الله! استسق لمضر؛ فإنها قد هلكت، قال: "لمضر؟ إنك لجريء"؛ فاستسقى، فسقوا؛ فنزلت: {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} فلما أصابتهم الرفاهية؛ عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)}؛ قال: يعني: يوم بدر (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 397) ونسبهما لابن مردويه. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4821). =

* {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)}. ¬

_ = وفي رواية لمسلم (رقم 2798): عن مسروق؛ قال: جاء إلى عبد الله رجل فقال: تركت في المسجد رجلاً يفسر القرآن برأيه، (وفي رواية: كنا عند عبد الله جلوساً، وهو مضطجع بيننا، فأتاه رجل؛ فقال: يا أبا عبد الرحمن! إن قاصاً عند أبواب كندة يقص ويزعم)، يفسر هذه الآية؛ {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} قال: يأتي الناس يوم القيامة دخان فيأخذ بأنفاس الكفار ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام؛ فقال عبد الله [-وجلس وهو غضبان-: يا أيها الناس! اتقوا الله،] من علم منكم علماً؛ فليقل به، ومن لم يعلم؛ فليقل: الله أعلم؛ فإن من فقه الرجل أن يقول لما لا علم له به: الله أعلم؛ فإن الله -عزّ وجلّ- قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86)}، [ص: 86] إنما كان هذا: أن قريشاً لما استعصت على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد؛ حتى جعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، وحتى أكلوا العظام (وفي رواية: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رأى من الناس إدباراً؛ فقال: "اللهم سبع كسبع يوسف"، قال: فاخذتهم سنة حصدت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوع، وينظر إلى السماء أحدهم؛ فيرى كهئة الدخان)، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: يا رسول الله! استغفر الله لمضر؛ فإنهم قد هلكوا، فقال: "لمضر؟ إنك لجريء"، (وفي رواية: فأتاه أبو سفيان؛ فقال: يا محمد! إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا؛ فادع الله لهم)، قال: فدعا الله لهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)} قال: فمطروا، فلما أصابتهم الرفاهية؛ قال: عادوا إلى ما كانوا عليه، قال: فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)} {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)}؛ قال: يعني: يوم بدر. قلنا: وهو عند البخاري (رقم 1007 - أطرافه) ولكن ليس فيه التصريح بسبب النزول.

* عن أبي مالك؛ قال: إن أبا جهل كان يأتي بالتمر والزبد، فيقول: تزقموا بهذا الزقوم الذي يعدكم به محمد؛ فنزلت: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44)} (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: لقى النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا جهل، فقال أبو جهل: لقد علمت أني أمنع أهل البطحاء، وأنا العزيز الكريم، فقتله الله يوم بدر وأذله وعيره بكلمته؛ ونزل فيه: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)} (¬2). [ضعيف جداً] * عن قتادة في قوله: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48)}؛ قال: نزلت في عدو الله أبي جهل، لقى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأخذه، فهزه، ثم قال: "أولى لك يا أبا جهل فأولى، ثم أولى لك فأولى، ذق إنك أنت العزيز الكريم"، وذلك أنه قال: أوعدني محمد، والله لأنا أعز من مشى بين جبليها، وفيه نزلت: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24]، وفيه نزلت: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)} [العلق: 19]، وقال قتادة: نزلت في أبي جهل وأصحابه الذين قتلهم الله -تبارك وتعالى- يوم بدر: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 190)، و"الدر المنثور" (7/ 418) ونسبه لسعيد بن منصور. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 253)، والأموي في "مغازيه"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 157) -من طريق أسباط بن محمد عن أبي بكر الهذلي عن عكرمة به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: أبو بكر الهذلي؛ متروك الحديث.

قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)} (¬1). [ضعيف] * أخرج ابن المنذر عن -هكذا في المطبوع-؛ أنه قال: أخبرت أن أبا جهل قال: يا معشر قريش! أخبروني ما اسمي؟ فذكرت له ثلاثة أسماء: عمرو، والجلاس، وأبو الحكم، قال: ما أصبتم اسمي، ألا أخبركم؟ قالوا: بلى، قال: اسمي العزيز الكريم؛ فنزلت: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43)} (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (25/ 80) من طريق معمر وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 419) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 419).

سورة الجاثية

سورة الجاثية * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت بمكة سورة (حم) الجاثية. * عن عبد الله بن الزبير مثله (¬1). * {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان أحدهم يعبد الحجر، فإذا رأى ما هو أحسن منه؛ رمى به، وعبد الآخر (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 422) ونسبهما لابن مردويه. (¬2) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 282 رقم 505)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 452، 453) من طريقين عن مطرف عن جعفر عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: صحة هذا الحديث متوقفة على جعفر؛ ففي رواية الحاكم: "جعفر بن إياس" كذا في المخطوط والمطبوع، وفي "تفسير النسائي": جعفر بن أبي المغيرة القمي، فإن كان ابن إياس؛ فهو صحيح، وإن كان ابن أبي المغيرة؛ فهو حسن؛ لأن رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد على وجه الخصوص فيها ضعف؛ كما نص على هذا ابن منده. والله -تعالى- أعلم بالصواب. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 426) وزاد نسبته للطبري ولابن المنذر وابن مردويه. قلنا: ولم نجده في المطبوع من "تفسير الطبري"، وقد أخرجه الطبري في "جامع البيان" (25/ 91): ثنا ابن حميد قال: ثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد به مرسلاً، ولم يذكر ابن عباس. =

سورة الأحقاف

سورة الأحقاف * نزلت بمكة سورة (حم) الأحقاف (¬1). * {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)}. * عن عوف بن مالك الأشجعي؛ قال: انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينة يوم عيدهم، وكرهوا دخولنا عليهم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر اليهود! أروني اثني عشر رجلاً يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؛ يحبط الله عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي غضب عليه"، قال: فأمسكوا، وما أجابه منهم أحد، ثم رد عليهم؛ فلم يجبه أحد، ثم ثلث؛ فلم يجبه أحد، فقال: "أبيتم، فوالله إني لأنا الحاشر، وأنا العاقب، وأنا المقفى، آمنتم أو كذبتم"، ثم انصرف وأنا معه، حتى دنا أن يخرج؛ فإذا رجل من خلفنا يقول: كما أنت يا محمد! قال: فقال ذلك الرجل: أي رجل تعلموني فيكم يا معشر اليهود؟! قالوا: ما نعلم أنه كان فينا رجل أعلم بكتاب الله ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: ابن حميد؛ ضعيف، متهم بالكذب. الثانية: الإرسال. والحديث ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 190) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) هكذا ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 433)، وقال: إن ابن مردويه أخرجه عن ابن عباس وابن الزبير -رضي الله عنهما-.

ولا أفقه منك ولا من أبيك من قبلك ولا من جدك قبل أبيك، قال: فإني أشهد له بالله أنه نبي الله الذي تجدونه في التوراة، قالوا: كذبت، ثم ردوا عليه وقالوا له شراً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كذبتم، لن يقبل قولكم، أما آنفاً؛ فتثنون عليه من الخير ما أثنيتم، وأما إذا آمن؛ كذبتموه، وقلتم ما قلتم؛ فلن يقبل قولكم"، قال: فخرجنا ونحن ثلاثة: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا، وعبد الله بن سلام؛ فأنزل الله فيه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)} (¬1). [صحيح] * عن سعد بن أبي وقاص؛ قال: ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لأحد يمشي على الأرض: إنه من أهل الجنة؛ إلا لعبد الله بن سلام، قال: وفيه نزلت هذه الآية: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (6/ 25)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 8، 9)، وأبو يعلى في "المسند"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 155 رقم 7816) -وعنه ابن حبان في "صحيحه" (16/ 118 - 120 رقم 7162 - "إحسان"-، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 39 رقم 83)، و"مسند الشاميين" (2/ 77، 78 رقم 948) -ومن طريق ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (7/ 448 - مختصر) -، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (رقم 80 - مختصراً)، والحاكم في "المستدرك" (3/ 415، 416) من طريق صفوان بن عمرو؛ قال: حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف به. قلنا: هذا سند صحيح؛ رجاله ثقات. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 106): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 437)، و"لباب النقول" (ص 190): "بسند صحيح".

إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (¬1). [صحيح] * عن ابن أخي عبد الله بن سلام؛ قال: لما أُريد (¬2) عثمان؛ جاء عبد الله بن سلام -رضي الله عنه-؛ فقال له عثمان: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرك، قال: اخرج إلى الناس فاطردهم عني؛ فإنك خارج خير لي منك داخل، فخرج عبد الله إلى الناس، فقال: أيها الناس! إنه كان اسمي في الجاهلية فلان؛ فسماني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله، ونزل فيَّ آيات من كتاب الله، نزلت فيَّ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، ونزل فيّ: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)} [الرعد: 43]، إن لله سيفاً مغموداً عنكم، وإن الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا الذي نزل فيه نبيكم، فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه، فوالله إن قتلتموه؛ لَتَطرُدُنّ جيرانكم الملائكة، ولتسلن سيف الله المغمود عنكم، فلا يغمد إلى يوم القيامة، قال: فقالوا: اقتلوا اليهودي واقتلوا عثمان (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (7/ 128 رقم 3812)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 2483/ 147). (¬2) يعني: أريد قتله. (¬3) أخرجه الترمذي في "الجامع" (5/ 381 رقم 3256، ص 670، 671 رقم 3803)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 7) عن علي بن سعيد بن مسروق الكندي؛ قال: ثنا أبو محياة يحيى بن يعلى عن عبد الملك بن عمير عن ابن أخي عبد الله بن سلام؛ قال: قال عبد الله بن سلام. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ ابن أخي عبد الله بن سلام؛ مجهول؛ كما في "التقريب". وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 7) من طريق أبي داود الطيالسي قال: ثنا شعيب بن صفوان قال: ثنا عبد الملك بن عمير: أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: قال عبد الله به. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}؛ قال: عبد الله بن سلام (¬1). [صحيح] * عن مجاهد؛ قال: نزلت في عبد الله بن سلام (¬2). [صحيح] * عن قتادة مثله (¬3). [صحيح] * عن الشعبي؛ قال: أناس يزعمون أن شاهداً من بني إسرائيل على مثله: عبد الله بن سلام!! وإنما أسلم عبد الله بن سلام بالمدينة، ¬

_ = قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: شعيب بن صفوان؛ مختلف فيه: وثقه الإِمام أحمد، وقال ابن معين: "ليس بشيء"، وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه لا يتابع عليه"، وفي "التقريب": "مقبول". الثانية: محمد بن يوسف؛ لم يوثقه إلا ابن حبان، وروى عنه جمع وهو من أتباع التابعين، وفي "التقريب": "مقبول". وقال الترمذي في "الموضع الأول": "هذا حديث حسن غريب"، وفي الموضع الثاني: "غريب". والحديث ضعفه شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني -رحمه الله- في "ضعيف الترمذي". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 438) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 7، 8). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء، لكن يشهد له ما سبق. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 438) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه. (¬2) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (2/ 353)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 8) بطرق عن مجاهد. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، ويشهد له ما سبق. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 438) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" من طريقين عنه. قلنا: وسنده صحيح؛ لكنه مرسل، ويشهد له ما سبق.

وقد أخبرني مسروق: أن آل (حم) إنما نزلت بمكة، وإنما كانت محاجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومه؛ فقال: {أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}؛ يعني: القرآن {وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ}: موسى ومحمد -عليهم السلام- على الفرقان. وفي رواية: فمثل التوراة الفرقان؛ التوراة شهد عليها موسى، ومحمد على الفرقان (¬1). [ضعيف] * عن الحسن؛ قال: بلغني: أنه لما أراد عبد الله بن سلام أن يسلم؛ قال: يا رسول الله! قد علمت اليهود أني من علمائهم، وأن أبي كان من علمائهم، وأني أشهد أنك رسول الله، وأنهم يجدونك مكتوباً عندهم في التوراة؛ فأرسل إلى فلان وفلان ومن سماه من اليهود وأخبئني في بيتك، وسلهم عني وعن أبي؛ فإنهم سيحدثونك أني أعلمهم، وأن أبي من أعلمهم، وإني سأخرج إليهم؛ فأشهد أنك رسول الله، وأنهم يجدونك مكتوباً عندهم في التوراة، وأنك بعثت بالهدى ودين الحق، قال: ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فخبأه في بيته، وأرسل إلى اليهود، فدخلوا عليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما عبد الله بن سلام فيكم؟ "، قالوا: أعلمنا نفساً، وأعلمنا أباً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيتم إن أسلم تسلمون؟! "، قالوا: لا يسلم ثلاث مرار، فدعاه؛ فخرج، ثم قال: أشهد أنك رسول الله، وأنهم يجدونك مكتوباً عندهم في التوراة، وأنك بعثت بالهدى ودين الحق، فقالت اليهود: ما كنا نخشاك على هذا يا عبد الله بن سلام! قال: فخرجوا كفاراً؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- من ذلك: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 7) من طرق عن داود بن أبي هند عن الشعبي به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 439) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)} (¬1). [ضعيف] * عن محمد بن سيرين؛ قال: كانوا يرون أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن سلام: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (¬2). [صحيح] * عن جندب -رضي الله عنه-؛ قال: جاء عبد الله بن سلام حتى أخذ بعضادتي الباب، ثم قال: أنشدكم بالله أي قوم! تعلمون أني الذي أنزلت فيه: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}؟ قالوا: اللهم نعم (¬3). * عن سعيد بن جبير؛ قال: جاء ميمون بن يامين إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان رأس اليهود بالمدينة قد أسلم، وقال: يا رسول الله! أبعث إليهم فاجعل بينك وبينهم حكماً من أنفسهم؛ فإنهم سيرضوني، فبعث إليهم، وأدخله الداخل، فأتوه، فخاطبوه ملياً، فقال لهم: "اختاروا رجلاً من أنفسكم يكون حكماً بيني وبينكم"، قالوا: فإنا قد رضينا بميمون بن يامين؛ فأخرجه إليهم، فقال لهم ميمون: أشهد أنه رسول الله، وأنه على الحق؛ فأبوا أن يصدقوه؛ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 8)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 439) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (31/ 78) -، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (2/ 931، 932 رقم 1027 - بغية) من طريق عوف عن الحسن به. قلنا: وهذا مرسل صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 439) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 439) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله؛ لكنه صحيح بشواهده السابقة. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 439) ونسبه لابن مردويه.

فأنزل الله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)} (¬1). [ضعيف] * {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11)}. * عن أبي الزناد؛ قال: كانت زنيرة امرأة ضعيفة البصر، فلما أسلمت؛ كان الأشراف من مشركي قريش يستهزئون بها، ويقولون: والله؛ لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقتنا إليه زنيرة؛ فأنزل الله فيها وفي أمثالها هذه الآية (¬2). [ضعيف] * عن عون بن أبي شداد؛ قال: كانت لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أَمة أسلمت قبله يقال لها: زنيرة، فكان عمر -رضي الله عنه- يضربها على إسلامها، وكان كفار قريش يقولون: لو كان خيراً؛ ما سبقتنا إليه زنيرة؛ فأنزل الله في شأنها: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11)} (¬3). [ضعيف] * عن قتادة في قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11)}؛ قال: قد قال ذلك قائلون من الناس كانوا أعز منهم في الجاهلية، قالوا: والله لو كان ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 439، 440) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه الواحدي في "الوسيط" (4/ 105) بسند صحيح إلى يونس بن عبد الأعلى: أنا ابن وهب عن ابن أبي الزناد عن أبيه به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد. (¬3) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 191)، و"الدر المنثور" (7/ 440) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله.

هذا خيراً؛ ما سبقنا إليه بنو فلان وبنو فلان؛ فإن الله يختص برحمته من يشاء ويكرم برحمته من يشاء (¬1). [ضعيف] * {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)} (¬2). [موضوع] * {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)}. ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 9) من طريقين عنه. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 440) وزاد نسبته لعبد بن حميد. وذكر السيوطي في "لباب النقول" (ص 191): أن ابن سعد أخرج نحوه عن الضحاك والحسن. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 441) وقال: أخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: ومن دون ابن عباس كذابون.

* عن يوسف بن ماهك؛ قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية، فخطب؛ فجعل يذكر يزيد بن معاوية؛ لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً، فقال: خذوه؛ فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)}؛ فقالت عائشة -رضي الله عنها- من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن؛ إلا أن الله أنزل عذري (¬1). [صحيح] * عن محمد بن زياد؛ قال: لما بايع معاوية لابنه؛ قال مروان: سنة أبي بكر وعمر؛ فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سنة هرقل وقيصر، فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)}؛ فبلغ ذلك عائشة، فقالت: كذب والله؛ ما هو به، ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه؛ لسميته، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن أبا مروان ومروان في صلبه، فمروان من لعنة الله (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4827)، وانظر -لزاماً - جمع الحافظ ابن حجر -رحمه الله- لروايات هذا الحديث في "فتح الباري" (8/ 576، 577). (¬2) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 290 رقم 511)، والخطابي في "غريب الحديث" (2/ 517)، والحاكم في "المستدرك" (4/ 481)، و"الإسماعيلي في "المستخرج"؛ كما في "الفتح" (8/ 576)، وابن أبي خيثمة في "تاريخه" وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 282)، وعبد بن حميد وابن المنذر في "تفسيريهما"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 444) من طرق عن محمد بن زياد به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: فيه انقطاع؛ محمد لم يسمع من عائشة". =

* عن السدي؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)} في عبد الرحمن بن أبي بكر، قال لوالديه -وهما أبو بكر وأم رومان- وكانا قد أسلما، وأبى هو أن يسلم؛ فكانا يأمرانه بالإِسلام، ويرد عليهما ويكذبهما، فيقول: فأين فلان؟ وأين فلان؟ يعني: مشايخ قريش ممن قد مات، ثم أسلم بعد فحسن إسلامه؛ فنزلت توبته في هذه الآية: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} (¬1). [منكر] ¬

_ = وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره"، وأبو يعلى في "المسند"؛ كما في "فتح الباري" (8/ 577)، و"تفسير القرآن العظيم" (4/ 171)، والبزار في "مسنده" (2/ 247 رقم 1624 - كشف) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله البهي؛ قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان، فقال: إن الله -تعالى- قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأياً حسناً، وإن يستخلفه؛ فقد استخلف أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-؛ فقال عبد الرحمن بن أبي بكر -رضي الله عنهما-: أهرقلية؟ إن أبا بكر -رضي الله عنه- والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية في ولده إلا رحمة وكرامة لولده، فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه: أف لكما؟ فقال عبد الرحمن -رضي الله عنه-: ألست ابن اللعين الذي لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أباك، قال: وسمعتهما عائشة -رضي الله عنها-، فقالت: يا مروان! أنت القائل لعبد الرحمن -رضي الله عنه- كذا وكذا، كذبت، ما فيه نزلت؛ ولكن نزلت في فلان بن فلان، ثم انتحب مروان ثم نزل عن المنبر حتى أتى باب حجرتها، فجعل يكلمها حتى انصرف. وسكت عنه الحافظ في "الفتح". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 41): "رواه البزار وإسناده حسن". قلنا: فيه عبد الله البهي؛ مختلف فيه، وفي "التقريب": "صدوق يخطئ". فالحديث بمجموعها -إن شاء الله- حسن على أقل الأحوال. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 444) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "فتح الباري" (8/ 577) من طريق أسباط عنه به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله، وضعف أسباط بن نصر.

* عن ميناء: أنه سمع عائشة تنكر أن تكون الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر -رضي الله عنه-، وقالت: إنما نزلت في فلان بن فلان، سمعت رجلاً (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)}؛ قال: الذي قال هذا ابن لأبي بكر -رضي الله عنه-، قال: أتعدانني أن أخرج؟ أتعدانني أن أبعث بعد الموت؟ (¬2). [ضعيف جداً] * عن مجاهد؛ قال: نزلت في عبد الله بن أبي بكر الصديق (¬3). [منكر] ¬

_ (¬1) ذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/ 577)، والسيوطي في "الدر المنثور" (7/ 445)، و"لباب النقول" (ص 192) ونسباه لعبد الرزاق وابن مردويه. ونقل السيوطي في "اللباب" عن الحافظ قوله [وهذا موجود في "فتح الباري" (8/ 577)]: "ونفي عائشة أصح إسناداً، وأولى بالقبول". (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 13). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (7/ 376 - ط دار الفتح): "وفي صحة هذا نظر، والله -تعالى- أعلم". اهـ. وقال الحافظ في "فتح الباري" (8/ 577)؛ "والعجب مما أورده الطبري من طريق العوفي"، ونقل أن الزجاج تعقبه فقال: "الصحيح أنها نزلت في الكافر العاق؛ وإلا؛ فعبد الرحمن قد أسلم فحسن إسلامه، وصار من خيار المسلمين". اهـ. (¬3) ذكره الحافظ في "فتح الباري" (8/ 577) وقال؛ "وقد أخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن مجاهد: (فذكره) ". قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، وابن جريج لم يدرك مجاهداً.

* {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)}. * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: هبطوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه؛ قالوا: أنصتوا، قال: صه، وكانوا تسعة أحدهم زوبعة؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- تبارك وتعالى-: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)} (¬1). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 176) -ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" (2/ 456)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 228)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 304) -: حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود به. قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات رجال الصحيح، وفي عاصم كلام معروف لا ينزل عن رتبة الحسن. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 452) وزاد نسبته لابن منيع وابن مردويه.

سورة محمد

سورة محمد * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت سورة القتال بالمدينة (¬1). * وعنه -أيضاً-؛ قال: نزلت سورة محمد بالمدينة (¬2). * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت بالمدينة سورة {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)} (¬3). * {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في أهل مكة: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ}؛ قال: الأنصار، {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} قال: أمرهم (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 456) ونسبه لابن الضريس. (¬2) ذكره السيوطي ونسبه للنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". (¬3) ذكره السيوطي ونسبه لابن مردويه. (¬4) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 25)، وأبو داود في "الزهد" (رقم 322، 352)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 457) من طريق إسرائيل عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو يحيى القتات ضعيف. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"،! ووافقه الذهبي.!! وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 457) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

* {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)} * عن قتادة: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}؛ قال: الذين قتلوا يوم أُحد (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج في قوله: {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ}؛ قال: لأرسل عليهم ملكاً فدمر عليهم، وفي قوله: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}؛ قال: نزلت فيمن قتل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد (¬2). [ضعيف] * {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من مكة إلى الغار -أراه قال-: التفت إلى مكة، وقال: "أنت أحب بلاد الله إلى الله، وأنت أحب بلاد الله إليّ، ولو أن المشركين لم يخرجوني؛ لم أخرج منك، فأعتى الأعداء: من عتا على الله في حَرَمِه، أو قَتَلَ غير قاتله، أو قتل بذُحُول الجاهلية"؛ فأنزل الله -تعالى- على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13)} (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 221)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 28) من طرق عن قتادة به. قلنا: هذا مرسل صحيح الإسناد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 461) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 461) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 31)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 189)، وأبو يعلى في "المسند"؛ كما في =

* {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16)}. * عن ابن جريج؛ قال: كان المؤمنون والمنافقون يجتمعون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فيستمع المؤمنون منه ما يقول ويعونه، ويسمعه المنافقون فلا يعونه، فإذا خرجوا؛ سألوا المؤمنين ماذا قال آنفاً؟ فنزلت: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} (¬1). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)}. * عن أبي العالية؛ قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرون أنه لا يضر مع لا إله إلا الله ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل؛ فنزلت: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}؛ فخافوا أن يبطل الذنب العمل (¬2). [ضعيف] ¬

_ = "المطالب العالية" (9/ 35 رقم 4103 - المسندة) من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه حنش هذا -وهو حسين بن قيس الرحبي، وحنش هو لقبه-؛ متروك الحديث. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 463) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 466)، و"لباب النقول" (ص 193) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬2) أخرجه محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (2/ 645، 646 رقم 698) من طريق وكيع ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل: الأولى: الإرسال؛ ومراسيل أبي العالية كالريح. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ صدوق سيئ الحفظ. الثالثة: قال ابن حبان في "الثقات" (4/ 228): "الناس يتقون حديثه -يعني: =

سورة الفتح

سورة الفتح * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الفتح بالمدينة (¬1). * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- مثله (¬2). * عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم؛ قالا: نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها (¬3). [ضعيف] ¬

_ = الربيع بن أنس -ما كان من رواية أبي جعفر عنه؛ لأن فيها اضطراباً كثيراً". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 504) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 507) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه. (¬3) أخرجه الحاكم (2/ 459)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 255) من طريق محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن المسور به. وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (4/ 159، 160) من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن المسور ومروان قالا: ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعاً، فلما أن كان بين مكة والمدينة؛ نزلت عليه سورة الفتح من أولها إلى آخرها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} فكانت القضية في سورة الفتح، وما ذكر الله من بيعة رسول الله تحت الشجرة، فلما آمن الناس وتفاوضوا؛ لم يكلم أحد بالإِسلام إلا دخل فيه، فقد دخل في تينك السنين في الإِسلام أكثر مما كان فيه قبل ذلك، وكان صلح الحديبية فتحاً عظيماً. قلنا: وسنده ضعيف؛ محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.

* {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ الله نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ في قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5)}. * عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلاً، فسأله عمر بن الخطاب عن شيء؛ فلم يجبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم مسألة؛ فلم يجبه، ثم سألة فلم يجبه فقال عمر بن الخطاب: ثَكِلَتْ أم عمر، نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل فيّ القرآن، فما نشبت أن سمعت صارخاً يصرخ بي، فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآن، فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه، فقال: "لقد أنزلت عليَّ الليلة سورة لهي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس"، ثم قرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4177، 4833، 5012). قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/ 453): "هذا صورته مرسل، ولكن بقيته تدل على أنه عن عمر؛ لقوله في أثنائه: قال عمر: فحركت بعيري إلخ، وقد أشبعت القول فيه في المقدمة". قلنا: وقد أخرجه الإِمام أحمد في "المسند" (1/ 31)، والترمذي (رقم 3262)، والنسائي في "تفسيره" (2/ 301 رقم 519)، والبزار في "البحر الزخار" (1/ 388، 389 رقم 264، 265) وغيرهم من طريق عبد الرحمن بن غزوان ومحمد بن خالد بن عثمة كلاهما عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر موصولاً. قلنا: وانظر للاستزادة: "علل الدارقطني" (رقم 171)، والتعليق على "البحر الزخار".

* عن حبيب بن أبي ثابت؛ قال: أتيت أبا وائل أسأله، فقال: كنا بصفين، فقال رجل: ألم تر إلى الذين يُدْعَون إلى كتاب الله؟ فقال علي: نعم، فقال سهل بن حنيف: اتهموا أنفسكم؛ فلقد رأيتُنا يوم الحديبية؛ يعني: الصلح الذي كان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - والمشركين -ولو نرى قتالاً لقاتلنا- فجاء عمر فقال: ألسنا على الحق، وهم على الباطل؟ أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار؟ قال: "بلى"، فقال: ففيم نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا؟ فقال: "يا ابن الخطاب! إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبدًا"؛ فرجع متغيظاً فلم يصبر، حتى جاء أبا بكر فقال: يا أبا بكر! ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: يا ابن الخطاب إنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولن يضيّعه الله أبداً؛ فنزلت سورة الفتح (¬1). [صحيح] * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أنها نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - مرجعه من الحديبية، وأصحابه يخالطون الحزن والكآبة، وقد حيل بينهم وبين مساكنهم ونحروا الهدي بالحديبية: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} إلى قوله: {صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}، قال: "لقد أنزلت عليّ آيتان هما أحب إليّ من الدنيا جميعاً"، قال: فلما تلاهما؛ قال رجل: هنياً مرئياً يا نبي الله! قد بيّن الله لك ما يفعل بك، فما يفعل بنا؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ- الآية التي بعدها: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} حتى ختم الآية (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4844)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 1758). (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 225)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 515) -وعنه الترمذي (5/ 385، 386 رقم 3263) -، وأحمد في "المسند" (3/ 134، 196، 215، 252)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1760 - موارد)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 43، 44)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 459، 460)، والنسائي في "التفسير" (2/ 304 رقم 522)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 255، 256)، و"الوسيط" (4/ 132، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = 133)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/ 217، 9/ 222)، و"دلائل النبوة" (4/ 158)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1/ 124، 125 رقم 25)، وأبو يعلى في "المسند" (5/ 308 رقم 2932، ص 385 رقم 3045، ص 473 رقم 3204، 6/ 21 رقم 3252)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (14/ 474 رقم 5766، ص 476 رقم 5767)، والبغوي في "شرح السنة" (14/ 222 رقم 4019)، و"معالم التنزيل" (7/ 295) من طرق عن قتادة عن أنس. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا السياق" ووافقه الذهبي، وهو كما قالا على تفصيل. فقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (7/ 450، 451 رقم 4172)، والبيهقي "في الدلائل" (4/ 157، 158)، وأحمد (3/ 173)، وأبو يعلى (6/ 21 رقم 3252) وغيرهم من طريق شعبة عن قتادة عن أنس -رضي الله عنه-: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}؛ قال: الحديبية، قال أصحابه: هنيئاً مريئاً، فما لنا؟ فأنزل الله: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}، قال شعبة: فقدمت الكوفة فحدثت بهذا كله عن قتادة ثم رجعت فذكرت له، فقال: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ}؛ فعن أنس، وأما هنيئاً فعن عكرمة. فهذا يبين أن قوله: هنيئاً مريئاً إلخ من قول عكرمة، فهي ضعيفة؛ لإرسالها، وَحَكَمَ شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني -رحمه الله- عليها بالشذوذ؛ كما في "صحيح الترمذي" (رقم 2601). قلنا: وأخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم 1786) بنحوه، لكن ليس عنده سبب نزول الآية. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/ 429 رقم 18685)، والبخاري في "صحيحه" (رقم 4834) وغيرهما كثير من طريق شعبة عن قتادة عن أنس؛ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}، قال: الحديبية. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 44): ثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: ثنا شعبة عن قتادة عن عكرمة؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)}؛ قالوا: هنيئاً مريئاً لك يا رسول الله! فماذا لنا؟ =

* عن مجمع بن جارية؛ قال: شهدنا الحديبية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما انصرفنا عنها؛ إذا الناس يهزون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فخرجنا مع الناس نوجف، فوجدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - واقفاً على راحلته عند كراع الغميم، فلما اجتمع عليه الناس؛ قرأ عليهم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}؛ فقال رجل: يا رسول الله! أفتح هو؟ قال: "نعم، والذي نفس محمد بيده إنه لفتح"؛ فقسمت خيبر على أهل الحديبية، فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ثمانية عشر سهماً، وكان الجيش ألفاً وخمسمائة، فيهم ثلثمائة فارس؛ فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهماً (¬1). [حسن] ¬

_ = فنزلت: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}. قلنا: وهذا سند صحيح إلى عكرمة، وهو يؤكد أنه من مرسل عكرمة؛ كما بيّناه سابقاً، ولله الحمد والمنة على الفهم للإسلام والسنة. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 515) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه. (¬1) أخرجه أبو داود (3/ 76 رقم 2736، ص 160 رقم 3015)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 400، 401 رقم 15031، 14/ 437، 438 رقم 18692)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (2/ 105)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 44، 45)، وأحمد في "المسند" (3/ 420)، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/ 379، 380 رقم 1082) -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (32/ 364) -، والحاكم في "المستدرك" (2/ 156، 157) من طريق مجمع بن يعقوب عن أبيه عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن مجمع بن جارية به. قلنا: ولم يذكر الطبراني ولا الحاكم عن عمه عبد الرحمن. والحديث حسن الإسناد؛ مداره على يعقوب بن مجمع الأنصاري؛ وثقه الذهبي وابن حبان، وروى عنه أكثر من واحد -والله أعلم-. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وتعقبه =

* عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: أقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية، فذكروا أنهم نزلوا دهاساً من الأرض؛ يعني بالدهاس: الرمل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يكلؤنا؟ "؛ فقال بلال: أنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذاً تنام"، قال: فناموا حتى طلعت الشمس، فاستيقظ الناس فيهم فلان وفلان وفيهم عمر، قال: فقلنا: اهضبوا؛ يعني: تكلموا، قال: فاستيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "افعلوا كما كنتم تفعلون"، قال: ففعلنا، قال: فقال: "كذلك فافعلوا لمن نام أو نسي"، قال: وضلت ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فطلبتها، فوجدت حبلها قد تعلق بشجرة، فجئت بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فركب فسرنا، قال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه؛ وعرفنا ذلك فيه، قال: فتنحى منبذاً خلفنا، قال: فجعل يغطي رأسه بثوبه واشتد ذلك عليه حتى عرفنا أنه قد أنزل عليه؛ فأتانا، فأخبرنا أنه قد أنزل عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} (¬1). [صحيح] ¬

_ = الذهبي بقوله: "قلت: لم يرو مسلم لمجمع شيئاً, ولا لأبيه وهما ثقتان". والحديث ضعفه شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني في الموضع الأول من "سنن أبي داود"، وحسنه في الموضع الثاني، وهو الأقرب للصواب -والله أعلم-. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 508) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 161 رقم 17945، 14/ 453، 454 رقم 18709)، وأحمد في "المسند" (1/ 386، 464) -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (17/ 292، 293) -، والطيالسي في "المسند" (1/ 77 رقم 321 - منحة)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (5/ 251، 252)، وأبو داود (1/ 122 رقم 447)، والنسائي في "السير"؛ كما في "تحفة الأشراف" (7/ 77، 78 رقم 9371)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 43)، والبزار في "مسنده" (1/ 202، 203 رقم 400 - كشف)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (4/ 156) من طرق عن شعبة عن جامع بن شداد عن عبد الرحمن بن علقمة الثقفي عن ابن مسعود به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات. وقال الشيخ أحمد شاكر في "تحقيق المسند" (5/ 240 رقم 3657): "إسناده صحيح". وصححه شيخنا الألباني -رحمه الله- في "صحيح أبي داود". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (رقم 8854)، وأحمد (1/ 391)، والطبراني في "الكبير" (10/ 225 رقم 10548)، والطيالسي (1/ 77 رقم 321 - منحة)، وأبو يعلى في "المسند" (9/ 187، 188 رقم 5285)، والهيثم بن كليب في "مسنده" (رقم 840، 841)، والبيهقي في "الدلائل" (4/ 155)، و"السنن الكبرى" (2/ 218) من طريق المسعودي عن جامع بن شداد عن عبد الرحمن عن ابن مسعود؛ قال: لما انصرفنا من غزوة الحديبية؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يحرسنا الليلة؟ "، قال عبد الله: أنا؛ فقال: "إنك تنام"، ثم أعاد: "من يحرسنا الليلة؟ "؛ فقلت: أنا، حتى عاد مراراً، قلت: أنا يا رسول الله! قال: "فأنت إذًا"، قال: فحرستهم، حتى إذا كان وجه الصبح؛ أدركني قولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنك تنام"، فنمت، فما أيقظنا إلا حرّ الشمس في ظهورنا، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصنع كما كان يصنع من الوضوء وركعتي الفجر، ثم صلّى بنا الصبح، فلما انصرف؛ قال: "إن الله -عزّ وجلّ- لو أراد أن لا تناموا عنها لم تناموا، ولكن أراد أن تكونوا لمن بعدكم؛ فهكذا لمن نام أو نسي"، قال: ثم إن ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإبل القوم تفرقت؛ فخرج الناس في طلبها، فجاؤوا بإبلهم إلا ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عبد الله: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذها هنا"؛ فأخذت حيث قال لي، فوجدت زمامها قد التوى على شجرة، ما كانت لتحلها إلا يد، قال: فجئت بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق نبياً؛ لقد وجدت زمامها ملتوياً على شجرة، ما كانت لتحلها إلا يد، قال: ونزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة الفتح: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}. قلنا: وسنده ضعيف؛ المسعودي اختلط. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 319): "وفيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وقد اختلط في آخر عمره". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 508) وزاد نسبته لابن مردويه.

* عن عُروة؛ قال: وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية راجعاً، فقال رجالٌ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما هذا بفتح؛ لقد صُددنا عن البيت وصُدَّ هديُنا. وعكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية، ورَدّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلين من المسلمين خَرجَا، فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قول رجال من أصحابه: إِن هذا ليس بفتح، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بئس الكلام! هذا أعظم الفتح؛ لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم، ويسألونكم القضية، ويرغبون إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا وقد أظفركم الله -عزّ وجلّ- عليهم، وردكم سالمين غانمين مأجورين؛ فهذا أعظم الفتوح، أنسيتم يوم أحد: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} [آل عمران: 153]، وأنا أدعوكم في أُخراكم، أنسيتم يوم الأحزاب {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (10)} [الأحزاب: 10]؟ "، قال المسلمون: صدق الله ورسوله، هو أعظمُ الفتوح، والله يا نبي الله! ما فكرنا فيما فكرت فيه، ولأنت أعلم بالله -عزّ وجلّ- وبالأمور منا، وأنزل الله -عزّ وجلّ- سورة الفتح: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} إلى قوله: {صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}؛ فبشَّر الله -عزّ وجلّ- نبيه - صلى الله عليه وسلم - بمغفرته، وتمام نعمته، وفي طاعة من أطاع، ونفاق من نافق، ثم ذكر ما المنافقون معتلون به إذا أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخبرهم أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وإنما منعهم من الخروج معه أنَّهم ظنوا أن لَنْ يرجع الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً، وظنوا السوء، ثم ذكر أنهم إذا انطلقوا إلى مغانم ليأخذوها؛ التمسوا الخروج معهم لعرض الدنيا، ثم ذكر أن المنافقين سيدعون إلى قوم أولي بأس شديد، يقاتلونهم أو يسلمون ما يبتليهم، فإن أطاعوا؛ أثابوا على الطاعة، وإن تولوا كفعلهم أول مرة؛ عذبهم عذاباً أليماً، ثم ذكر من بايع تحت الشجرة، ثم ذكر ما أثابهم على ذلك من الفتح، والمغانم الكثيرة، وعجّل لهم مغانم كثيرة، ثم ذكر نعمته عليهم بكف أيدي العدو عنهم، ثم بشَّره - صلى الله عليه وسلم - بمكة أنه قد أحاط بها، ثم

ذكر أن لو قاتلهم الذين كفروا؛ لولّوا الأدبار، ثم لا يجدون ولياً ولا نصيراً، ولأعطينكم النصر والظفر عليهم. ثم ذكر المشركين وصدهم المسلمين عن البيت الحرام والهدي معكوفاً أن يبلغ محله، وأخبر أن: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} لو كان قتال، ثم قال: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}. ثم ذكر الحمية التي جعلها الله في قلوبهم حين أبَوْا أن يقروا لله -تبارك وتعالى- باسمه، وللرسول باسمه، وذكر الذي أنزل الله -تعالى- على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى المؤمنين من السكينة؛ حتى لا يحموا كما حمى المشركون لوقع القتال، فيكون فيه معرّة، ثم ذكر أنه قد صدق رسوله الرؤية بالحق: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ الله آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} إلى {فَتْحًا مُبِينًا} (¬1). [ضعيف] * عن الشعبي؛ قال: نزلت {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} بالحديبية، وأصاب في تلك الغزوة ما لم يصبه في غزوة؛ أصاب أن بويع بيعة الرضوان، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وظهرت الروم على فارس، وبلغ الهدي محله، وأطعموا نخل خيبر، وفرح المؤمنون بتصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - وبظهور الروم على فارس، وقوله -تعالى-: {وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ}: بإظهاره إياك على عدوك، ورفعه ذكرك في الدنيا، وغفرانك ذنوبك في الآخرة {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} يقول: ويرشدك طريقاً من الدين لا اعوجاج فيه؛ يستقيم بك إلى رضا ربك {وَيَنْصُرَكَ الله نَصْرًا عَزِيزًا (3)} ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (4/ 160، 161) من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة به. ومن طريق موسى بن عقبة عن الزهري عن عروة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

يقول: وينصرك على سائر أعدائك ومن ناوأك نصراً لا يغلبه غالب ولا يدفعه دافع للبأس الذي يؤيدك الله به والظفر الذي يمدك به (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد في قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}؛ قال: إنا قضينا لك قضاءً بيناً، نزلت عام الحديبية؛ للنحر الذي بالحديبية، وحلقه رأسه (¬2). [ضعيف] * عن الشعبي: أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية: أفتح هذا؟ قال: وأنزلت عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعم، عظيم"، قال: وكان فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية، قال: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [الحديد:10] الآية (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 509) -ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" (4/ 162، 163) -، وعبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 225)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 45)، وابن المنذر في "التفسير"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 509) من طرق عن مغيرة بن مقسم عن الشعبي به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 509) ونسبه لعبد بن حميد والطبري وابن المنذر. قلنا: الذي رأيناه عند الطبري في "جامع البيان" (26/ 43) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ قال: نحوه بالحديبية وحلقه فقط. وهذا سند ضعيف؛ لإرساله. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (2/ 104): ثنا الفضل بن دكين نا شريك عن ليث عن مجاهد؛ قال: نزلت عام الحديبية. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ليث وابن أبي سليم؛ ضعيف. الثالثة: شريك هو ابن عبد الله النخعي القاضي؛ ضعيف -أيضاً-. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 510) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

* عن علي -رضي الله عنه-؛ قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر ذات يوم بغلس، وكان يغلس ويسفر ويقول: "ما بين هذين وقت؛ لكيلا يختلف المؤمنون"، فصلّى بنا ذات يوم بغلس، فلما قضى الصلاة؛ التفت إلينا كأن وجهه ورقة مصحف، فقال: "أفيكم من رأى الليلة شيئاً؟ "، قلنا: لا يا رسول الله! قال: "لكني رأيت ملكين أتياني الليلة؛ فأخذا بضبعي، فانطلقا بي إلى السماء الدنيا، فمررت بَمَلك وأمامه آدمي وبيده صخرة فيضرب بهامة الآدمي؛ فيقع دماغه جانباً، وتقع الصخرة جانباً، قلت: ما هذا؟ قالا لي: امض؛ فمضيت، فإذا أنا بملك وأمامه آدمي وبيد الملك كلوب من حديد فيضعه في شدقه الأيمن فيشقه حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن، قلت: ما هذا؟ قالا: امض؛ فمضيت، فإذا أنا بنهر من دم يمور كمور المرجل، على فيه قوم عراة على حافة النهر ملائكة بأيديهم مدرتان، كما طلع طالع قذفوه بمدرة؛ فيقع في فيه ويسيل إلى أسفل ذلك النهر، قلت: ما هذا؟ قالا: امض؛ فمضيت، فإذا أنا ببيت أسفله أضيق من أعلاه، فيه قوم عراة توقد من تحتهم النار، أمسكت على أنفي من نتن ما أجد من ريحهم، قلت: من هؤلاء؟ قالا: امض؛ فمضيت، فإذا أنا بتل أسود عليه قوم مخبلون تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وآذانهم وأعينهم، قلت: ما هذا؟ قالا: امض؛ فمضيت، فإذا أنا بنار مطبقة موكل بها ملك لا يخرج منها شيء إلا أتبعه حتى يعيده فيها، قلت: ما هذا؟ قالا لي: امض؛ فمضيت، فإذا أنا بروضة وإذا فيها شيخ جميل لا أجمل منه، وإذا حوله الولدان وإذا شجرة ورقها كآذان الفيلة، فصعدت ما شاء الله من تلك الشجرة وإذا أنا بمنازل لا أحسن منها من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوتة حمراء، قلت: ما هذا؟ قالا: امض؛ فمضيت، فإذا أنا بنهر عليه جسران من ذهب وفضة، على حافتي النهر منازل لا منازل أحسن منها من درة جوفاء وياقوتة حمراء، وفيه قدحان وأباريق تطرد، قلت: ما هذا؟

قالا لي: أنزل؛ فنزلت، فضربت بيدي إلى إناء منها، فغرفت ثم شربت؛ فإذا هو أحلى من العسل، وأشد بياضاً من اللبن، وألين من الزبد، فقالا لي: أما صاحب الصخرة التي رأيت يضرب بها هامته فيقع دماغه جانباً وتقع الصخرة جانباً؛ فأولئك الذين كانوا ينامون عن صلاة العشاء الآخرة، يصلون الصلاة لغير مواقيتها، يضربون بها حتى يصيروا إلى النار، وأما صاحب الكلوب الذي رأيت ملكاً موكلاً بيده كلوب من حديد يشق شدقه الأيمن حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن؛ فأولئك الذين كانوا يمشون بين المؤمنين بالنميمة، فيفسدون بينهم؛ فهم يعذبون بها حتى يصيروا إلى النار، وأما ملائكة بأيديهم مدرتان من النار كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فتقع في فيه فينفتل إلى أسفل ذلك النهر؛ فأولئك أكلة الربا يعذبون حتى يصيروا إلى النار، وأما البيت الذي رأيت أسفله أضيق من أعلاه فيه قوم عراة تتوقد من تحتهم النار أمسكت على أنفك من نتن ما وجدت من ريحهم؛ فأولئك الزناة، وذلك نتن فروجهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار، وأما التل الأسود الذي رأيت عليه قوماً مخبلين تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وأعينهم وآذانهم؛ فأولئك الذين يعملون عمل قوم لوط الفاعل والمفعول به، فهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار، وأما النار المطبقة التي رأيت ملكاً موكلاً بها كلما خرج منها شيء أتبعه حتى يعيده فيها؛ فتلك جهنم تفرق بين أهل الجنة وأهل النار، وأما الروضة التي رأيت؛ فتلك جنة المأوى، وأما الشيخ الذي رأيت ومن حوله من الولدان؛ فهو إبراهيم وهم بنوه، وأما الشجرة التي رأيت فطلعت إليها؛ فيها منازل لا منازل أحسن منها من زمردة وزبرجدة خضراء وياقوتة حمراء؛ فتلك منازل أهل عليين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، وأما النهر؛ فهو نهرك الذي أعطاك الله: الكوثر، وهذه منازلك وأهل بيتك، قال: فنوديت من فوقي: يا محمد! سل تعطه؛ فارتعدت فرائصي، ورجف فؤادي،

واضطرب كل عضو مني، ولم أستطع أن أجيب شيئاً، فأخذ أحد الملكين بيده اليمنى فوضعها في يدي، والآخر يده اليمنى فوضعها بين كتفي فسكن ذلك مني، ثم نوديت من فوقي: يا محمد! سل تعط. قال: قلت: اللهم إني أسألك أن تثبت شفاعتي، وأن تلحق بي أهل بيتي، وأن ألقاك ولا ذنب لي، قال: ثم ولي بي"، ونزلت عليه هذه الآية: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)} فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فكما أعطيت هذه كذلك أعطانيها إن شاء الله -تعالى-" (¬1). [ضعيف جداً] * عن مجمع بن جارية؛ قال: لما كنا بضجنان، رأيت الناس يركضون، وإذا هم يقولون: أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فركضت مع الناس حتى توافينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو يقرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}، فلما نزل بها جبريل -عليه السلام-؛ قال: "ليهنك يا رسول الله! "، فلما هنأه جبريل -عليه السلام-؛ هنأه المسلمون (¬2). * عن قتادة؛ قال: نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {لِيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} مرجعه من الحديبية، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لقد نزلت عليَّ آية أحب إليَّ مما على الأرض"، ثم قرأها عليهم، فقالوا: هنيئاً مرئياً يا نبي الله! قد بيّن الله -تعالى ذكره- لك ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 510 - 511) وقال: أخرج ابن عساكر من طريق أبي خالد الواسطي عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً، بل موضوع؛ فيه أبو خالد الواسطي واسمه عمرو بن خالد؛ متروك الحديث، ورماه وكيع بالكذب. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 512) ونسبه لابن سعد في "الطبقات الكبرى". قلنا: هو فيه (2/ 98) بنحوه دون سند.

فنزلت عليه: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} إلى قوله: {فَوْزًا عَظِيمًا} (¬1). [ضعيف] * {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17)}. * عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-؛ قال: كنت أكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإني لواضع القلم على أذني إذ أمر بالقتال؛ إذ جاء أعمى، فقال: كيف بي وأنا ذاهب البصر؟! فنزلت: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17)} (¬2). [ضعيف] * {لَقَدْ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا في قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)}. * عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-؛ قال: بعثت قريش خارجة بن كرز يطلع عليهم طليعة، فرجع حامداً يحسن الثناء، فقالوا له: إنك أعرابي ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 44): ثنا محمد بن عبد الأعلى؛ قال: ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. (¬2) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 155 رقم 4926) من طريق لوين ثنا محمد بن جابر عن أبي فروة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن زيد بن ثابت به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه محمد بن جابر اليمامي؛ قال الحافظ في "التقريب" (2/ 149): "صدوق، ذهبت كتبه؛ فساء حفظه، وخلط كثيراً، وعمي؛ فصار يلقن". قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 107): "فيه محمد بن جابر السحيمي وهو ضعيف يكتب حديثه، وبقية رجاله رجال الصحيح". اهـ. وقال السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 521): "أخرج الطبراني بسند حسن".

قعقعوا لك السلاح؛ فطار فؤادك؛ فما دريت ما قيل لك وما قلت، ثم أرسلوا عروة بن مسعود فجاءه، فقال: يا محمد! ما هذا الحديث؟ تدعو إلى ذات الله، ثم جئت قومك بأوباش الناس، من تعرف ومن لا تعرف؛ لتقطع أرحامهم، وتستحل حرمتهم ودماءهم وأموالهم، فقال: "إني لم آت قومي إلا لأصل أرحامهم، يبدلهم الله بدين خير من دينهم، ومعائش خير من معائشهم"؛ فرجع حامداً يحسن الثناء، قال: قال إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه: فاشتد البلاء على من كان في يد المشركين من المسلمين، قال: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر فقال: "يا عمر! هل أنت مبلغ عني إخوانك من أسارى المسلمين؟ "، فقال: بلى يا نبي الله! والله ما لي بمكة من عشيرة، غيري أكثر عشيرة مني، فدعا عثمان؛ فأرسله إليهم، فخرج عثمان على راحلته حتى جاء عسكر المشركين، فعتبوا به وأساؤوا له القول، ثم أجاره أبان بن سعيد بن العاص ابن عمه وحمله على السرج وردفه، فلما قدم؛ قال: يا ابن عم! ما لي أراك متخشعاً أسبل؟ قال: وكان إزاره إلى نصف ساقيه، فقال له عثمان: هكذا إزرة صاحبنا، فلم يدع أحداً بمكة من أسارى المسلمين إلا أبلغهم ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال سلمة: فبينما نحن قائلون؛ نادى منادِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيها الناس! البيعة البيعة، نزل روح القدس، قال: فثرنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه، وذلك قول الله: {لَقَدْ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}، قال: فبايع لعثمان إحدى يديه على الأخرى، فقال الناس: هنيئاً لأبي عبد الله! يطوف بالبيت ونحن ههنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف" (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/ 442، 443 رقم 18699)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 54)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 205) من طريق عبيد الله بن موسى نا موسى بن عبيدة ثني =

* {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)}. * عن أنس -رضي الله عنه-: أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جبل التنعيم متسلحين، يريدون غرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فأخذهم سلماً فاستحياهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)} (¬1). [صحيح] * عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يصدق -كل واحد منهما حديث صاحبه-؛ قالا: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية، حتى إذا كانوا ببعض الطريق؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين"، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيراً لقريش، وسار النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها؛ بركت به راحلته، فقال الناس: حل حل. فألحت. فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل"، ثم قال: "والذي نفسي بيده؛ لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها"، ثم زجرها فوثبت، قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضاً، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشُكِيَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العطش، فانتزع سهماً من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه. ¬

_ = إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ موسى بن عبيدة الربذي ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 521) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم 1808/ 133) وغيره.

فبينما هم كذلك؛ إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة -وكانوا عيبة نصح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل تهامة- فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لم نجئ لقتال أحد؛ ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم؛ فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر؛ فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا؛ فقد جموا، وإن هم أبوا؛ فوالذي نفسي بيده، لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره"، فقال بديل: سأبلّغهم ما تقول، قال: فانطلق حتى أتى قريشاً، قال: إنّا جئناكم من عند هذا الرجل، وسمعناه يقول قولاً، فإن شئتم أن نعرضه عليكم؛ فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرونا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول، قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام عروة بن مسعود فقال: أي قوم! ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أوَلست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلما بلحوا عليّ؛ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى، قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطبة رشد اقبلوها ودعوني آتِهِ، قالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - نحواً من قوله لبديل. فقال عروة عند ذلك: أي محمد! أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى؛ فإني والله لا أرى وجوهاً، وإني لأرى أشواباً من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن نفِرّ عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده؛ لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك، قال: وجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -،

فكلما تكلم كلمة؛ أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ضرب يده بنعل السيف، وقال له: أخّر يدك عن لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرفع عروة رأسه؛ فقال: من هذا؟ قال: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غُدر! ألستُ أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمّا الإِسلام؛ فأقبل، وأما المال؛ فلست منه في شيء"، ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينيه. قال: فوالله ما تنخم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم؛ فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم؛ ابتدروا أمره، وإذا توضأ؛ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا؛ خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحدون إليه النظر تعظيماً له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم! والله؛ لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله؛ إن رأيت مليكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، وإنه قد عَرَضَ عليكم خطبة رشد فاقبلوها، فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلما أشرف على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا فلان! وهو من قوم يعظمون البُدن؛ فابعثوها له"؛ فبعثت له، واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك؛ قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يُصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه؛ قال: رأيت البُدن قد قُلدت وأُشعرت، فما أَرى أن يُصدوا عن البيت، فقام رجل منهم يقال له: مِكرَزُ بن حفص فقال: دعوني آته؛ فقالوا: ائته، فلما أشرف عليهم؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هذا مِكْرَزٌ، وهو رجل فاجر"، فجعل

يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينما هو يكلمه؛ إذ جاء سهيل بن عمرو. قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد سهل لكم من أمركم"، قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هاتِ اكتب بيننا وبينكم كتاباً، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الكاتب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فقال سهيل: أما الرحمن؛ فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب: باسمك اللهم، كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكتب: باسمك اللهم"، ثم قال: "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله"؛ فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله! ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله"، قال الزهري: وذلك بقوله: "لا يسألونني خطبة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها"، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به"، فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أُخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل -وإن كان على دينك- إلا رددته إلينا، قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟ فبينما هم كذلك؛ إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يَرْسُفُ في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد! أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لم نقض الكتاب بعد"، قال: فوالله إذاً لم أصالحك على شيء أبداً، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فأجزه لي"، قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: "بلى فافعل"، قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين! أُرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله، قال: فقال عمر بن الخطاب:

فأتيت نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: ألست نبي الله حقاً؟ قال: "بلى"، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: "بلى"، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: "إني رسول الله ولست أعصيه، وهو ناصري"، قلت: أوَليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: "بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟ "، قال: قلت: لا، قال: "فإنك آتيه ومطوف به"، قال: فأتيت أبا بكر، فقلت: يا أبا بكر! أليس هذا نبي الله حقاً؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: أيها الرجل! إنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه؛ فوالله إنه على الحق، قلت: أليس كان يحدثنا أنّا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا"، قال: فوالله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد؛ دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله! أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحو بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك؛ قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً، ثم جاءه نسوة مؤمنات؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} -حتى بلغ- {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة:10]؛ فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا

الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيداً، فاستلّه الآخر فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت به ثم جربت به، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآه: "لقد رأى هذا ذعراً"، فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير، فقال: يا نبي الله! قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ويل أمه! مسعر حرب لو كان له أحد"، فلما سمع ذلك؛ عرف أنه سيرده إليهم؛ فخرج حتى أتى سيف البحر، قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تناشده الله والرحم: لما أرسل فمن أتاه؛ فهو آمن، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} حتى بلغ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحالوا بينهم وبين البيت (¬1). [صحيح] * عن سلمة بن الأكوع؛ قال: قدمنا الحديبية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن أربع عشرة مائة، وعليها خمسون شاة لا ترويها، قال: فقعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جبا الركية؛ فإما دعا، وإما بصق فيها، قال: فجاشت؛ فسقينا واستقينا، قال: ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعانا للبيعة في أصل الشجرة، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 2731، 2732) وغيره عنهما به.

قال: فبايعته أول الناس، ثم بايع وبايع، حتى إذا كان في وسط من الناس؛ قال: "بايع يا سلمة! "، قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله! في أول الناس، قال: "وأيضاً"، قال: ورآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عزلاً؛ (يعني: ليس معه سلاح)، قال: فأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجفة أو درقة ثم بايع، حتى إذا كان في آخر الناس؛ قال: "ألا تبايعني يا سلمة؟! ". قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله! في أول الناس، وفي أوسط الناس، قال: "وأيضاً"، قال: فبايعته الثالثة، ثم قال لي: "يا سلمة! أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك؟ "، قال: قلت: يا رسول الله! لقيني عمي عامر عزلاً، فأعطيته إياها، قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "إنك كالذي قال الأول: اللهم أبغني حبيباً هو أحب إليّ من نفسي". ثم إن المشركين راسلونا الصلح حتى مشى بعضنا في بعض واصطلحنا، قال: وكنت تبيعاً لطلحة بن عبيد الله: أسقى فرسه، وأحسه، وأخدمه، وآكل من طعامه، وتركت أهلي ومالي مهاجراً إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة، واختلط بعضنا ببعض؛ أتيت شجرة فكسحت شوكها، فاضطجعت في أصلها، قال: فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأبغضتهم؛ فتحولت إلى شجرة أخرى، وعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فبينما هم كذلك؛ إذ نادى مناد من أسفل الوادي: يا للمهاجرين! قتل ابن زنيم، قال: فاخترطت سيفي، ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود، فأخذت سلاحهم، فجعلته ضغثاً في يدي، قال: ثم قلت: والذي كرم وجه محمد! لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه، قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له: مكرز يقوده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فرس مجفف في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: "دعوهم يكن لهم

بدء الفجور وثناه"، فعفا عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنزل الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)}، قال: ثم خرجنا راجعين إلى المدينة فنزلنا منزلاً، بيننا وبين بني لحيان جبل، وهم المشركون، فاستغفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن رقى هذا الجبل الليلة، كأنه طليعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. قال سلمة: فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثًا، ثم قدمنا المدينة، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بظهره مع رباح غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه، وخرجت معه بفرس طلحة، أنديه مع الظهر، فلما أصبحنا؛ إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فاستاقه أجمع، وقتل راعيه، قال: فقلت: يا رباح! خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله، وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن المشركين قد أغاروا على سرحه، قال: ثم قمت على أكمة فاستقبلت المدينة؛ فناديت ثلاثاً: يا صباحاه! ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل، وأرتجز أقول: أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع فألحق رجلاً منهم، فأصك سهماً في رحله، حتى خلص نَصْلُ السهم إلى كتفه، قال: قلت: خذها. وأنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع قال: فوالله! ما زلت أرميهم وأعقر بهم، فإذا رجع إليَّ فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها، ثم رميته، فعقرت به، حتى إذا تضايق الجبل فدخلوا في تضايقه، علوت الجبل، فجعلت أرديهم بالحجارة، قال: فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا خلفته وراء ظهري، وخلوا بيني وبينه، ثم اتبعتهم أرميهم، حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحاً يستخفون ولا يطرحون شيئاً إلا جعلت عليه آراماً من الحجارة يعرفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

وأصحابه، حتى أتوا متضايقاً من ثنية فإذا اهم قد أتاهم فلان بن بدر الفزاري فجلسوا يتضحّون؛ (يعني: يتغدون)، وجلست على رأس قرن. قال الفزاري: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البرح، والله! ما فارقنا منذ غلس، يرمينا حتى انتزع كل شيء في أيدينا، قال: فليقم إليه نفر منكم أربعة، قال: فصعد إليّ منهم أربعة في الجبل، قال: فلما أمكنوني من الكلام؛ قال: قلت: هل تعرفوني؟ قالوا: لا، ومن أنت؟ قال: قلت: أنا سلمة بن الأكوع، والذي كرّم وجه محمد - صلى الله عليه وسلم - لا أطلب رجلاً منكم إلا أدركته، ولا يطلبني رجل منكم فيدركني، قال أحدهم: أنا أظن، قال: فرجعوا فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخللون الشجر، قال: فإذا أولهم الأخرم الأسدي على إثره أبو قتادة الأنصاري وعلى إثره المقداد بن الأسود الكندي، قال: فأخذت بعنان الأخرم، قال: فولوا مدبرين، قلت: يا أخرم! احذرهم، لا يقتطعوهم حتى يلحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، قال: يا سلمة! إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعلم أن الجنة حق والنار حق؛ فلا تحل بيني وبين الشهادة، قال: فخليته، فالتقى هو وعبد الرحمن، قال: فعقر بعبد الرحمن فرسه، وطعنه عبد الرحمن فقتله، وتحول على فرسه. ولحق أبو قتادة فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعبد الرحمن؛ فطعنه، فقتله، فوالذي كرّم وجه محمد - صلى الله عليه وسلم - لتبعتهم أعدو على رجلي حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا غبارهم شيئاً، حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء، يقال له: ذا قرد؛ ليشربوا منه وهم عطاش، قال: فنظروا إليّ أعدو وراءهم فحليتهم عنه؛ (يعني: أجليتهم عنه) فما ذاقوا منه قطرة، قال: ويخرجون فيشتدون في ثنية، قال: فأعدو فألحق رجلاً منهم، فأصكه بسهم في نُغض كتفه، قال: قلت: خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع، قال: يا ثكلته أمه! أكوعه بُكرة، قال: قلت: نعم، يا

عدو نفسه! أكوعك بكرة، قال: وأردوا فرسين على ثنية، قال: جئت بهما أسوقهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن وسطيحة فيها ماء، فتوضأت وشربت، ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على الماء الذي حلأتهم عنه، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أخذ تلك الإبل، وكل شيء استنقذته من المشركين وكل رمح وبردة، وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم، وإذا هو يشوي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كبدها وسنامها. قال: قلت: يا رسول الله! خلني فأنتخب من القوم مائة رجل؛ فأتبع القوم؛ فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته، قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه في ضوء النار، فقال: "يا سلمة! أتراك كنت فاعلاً؟ "، قلت: نعم، والذي أكرمك! فقال: "إنهم الآن لَيُقْرَوْنَ في أرض غطفان"، قال: فجاء رجل من غطفان فقال: نحر لهم فلان جزوراً، فلما كشفوا جلدها؛ رأوا غباراً، فقالوا: أتاكم القوم فخرجوا هاربين، فلما أصبحنا؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجّالتنا سلمة"، قال: ثم أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهمين: سهم الفارس وسهم الراجل فجمعها لي جميعاً، ثم أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة، قال: فبينما نحن نسير؛ قال: وكان رجل من الأنصار لا يسبق شداً، قال: فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة؟ هل من مسابق؟ فجعل يعيد ذلك، قال: فلما سمعت كلامه؛ قلت: أما تكرم كريماً، ولا تهاب شريفاً؟ قال: لا؛ إلا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: قلت: يا رسول الله! بأبي وأمي! ذرني فلأسابق الرجل، قال: "إن شئت"، قال: قلت: اذهب إليك، وثنيت رجلي فطفرت فعدوت، قال: فربطت عليه شرفاً أو شرفين أستبقي نفسي، ثم عدوت في إثره، فربطت عليه شرفاً أو شرفين، ثم إني رفعت حتى ألحقه، قال: فأصكه بين كتفيه، قال: قلت: قد سبقت والله! قال: أنا أظن، قال: فسبقته إلى المدينة،

قال: فوالله! ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فجعل عمّي عامر يرتجز القوم: تالله! لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا ونحن عن فضلك ما استغنينا ... فثبت الأقدام إن لاقينا وأنزلن سكينة علينا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من هذا؟ "، قال: أنا عامر، قال: "غفر لك ربك"، قال: وما استغفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإنسان يخصه إلا استشهد، قال: فنادى عمر بن الخطاب، وهو على جمل له: يا نبي الله! لولا ما متعتنا بعامر، قال: فلما قدمنا خيبر؛ قال: خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول: قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب قال: وبرز له عمي عامر، فقال: قد علمت خيبر أني عامر ... شاكي السلاح بطل مغامر قال: فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر، وذهب عامر يسفل له؛ فرجع سيفه على نفسه؛ فقطع أكحله، فكانت فيها نفسه. قال سلمة: فخرجت؛ فإذا نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولون: بطل عَمَلُ عامر؛ قتل نفسه، قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقلت: يا رسول الله! بطل عمل عامر؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال ذلك؟ "، قال: قلت: ناس من أصحابك، قال: "كذب من قال ذلك، بل له أجره مرتين"، ثم أرسلني إلى علي وهو أرمد، فقال: "لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، أو يحبه الله ورسوله"، قال: فأتيت علياً فجئت به أقوده وهو أرمد، حتى أتيت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبصق في عينيه؛ فبرأ، وأعطاه الراية، وخرج مرحب فقال:

قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب فقال علي: أنا الذي سمتني أمي حيدره ... كلَيْثِ غابات كريه المنظره أوفيهم بالصاع قيل السندره قال: فضرب رأس مرحب؛ فقتله، ثم كان الفتح على يديه (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه-؛ قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن، وكأني بغصن من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرفعته في ظهره، وعلي بن أبي طالب وسهيل بن عمرو بين يديه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي -رضي الله عنه-: "اكتب: باسم الله الرحمن الرحيم"؛ فأخذ سهيل يده، فقال: ما نعرف الرحمن الرحيم، اكتب في قضيتنا ما نعرف؛ فقال: "اكتب: باسمك اللهم، هذا ما صالح عليه محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل مكة"، فأمسك بيده، فقال: لقد ظلمناك إن كنت رسولاً، اكتب في قضيتنا ما نعرف، فقال: "اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وأنا رسول الله"، قال: فكتب، فبينما نحن كذلك؛ إذ خرج علينا ثلاثون شاباً عليهم السلاح، فثاروا في وجوهنا، فدعا عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأخذ الله بأبصارهم؛ فقمنا إليهم، فأخذناهم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل جئتم في عهد أحد، أو هل جعل لكم أحد أماناً"، فقالوا: لا، فخلى سبيلهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} إلى {بَصِيرًا} (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم 1807). (¬2) أخرجه أحمد في "المسند" (4/ 86، 87)، والنسائي في "تفسيره" (2/ 312، =

* عن ابن أبزى؛ قال: لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وبالهدي وانتهى إلى ذي الحليفة؛ قال له عمر: يا نبي الله! تدخل على قوم لك حرب بغير سلاح ولا كراع، قال: فبعث إلى المدينة فلم يدع بها كراعاً ولا سلاحاً إلا حمله، فلما دنا من مكة؛ منعوه أن يدخل، فسار حتى أتى منى، فنزل بمنى؛ فأتاه عينه: أن عكرمة بن أبي جهل قد خرج علينا في خمسمائة، فقال لخالد بن الوليد: "يا خالد! هذا ابن عمك قد أتاك في الخيل"، فقال خالد: أنا سيف الله وسيف رسوله؛ فيومئذ سُمّي سيف الله، يا رسول الله! ارم بي حيث شئت، فبعثه على خيل؛ فلقي عكرمة في الشعب، فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، ثم عاد في الثانية فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، ثم عاد في الثالثة حتى أدخله حيطان مكة؛ فأنزل الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} إلى قوله: ¬

_ = 314 رقم 531)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 58، 59)، والآجري في "الشريعة" (2/ 281 رقم 1060)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 460، 461)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/ 319)، والواحدي في "الوسيط" (4/ 142) من طريق حسين بن واقد عن ثابت البناني ثني عبد الله بن مغفل المزني به. قلنا: وهذا سند حسن. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: لم يخرج البخاري للحسين بن واقد. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 145): "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5/ 351): "وأخرجه أحمد والنسائي من حديث عبد الله بن مغفل بسند صحيح". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 532) وزاد نسبته لأبي نعيم في "الدلائل" وابن مردويه. وانظر ما قاله الحافظ في الجمع بين هذه الأحاديث في "الفتح" (5/ 351).

{عَذَابًا أَلِيمًا}، قال: فكف الله النبيّ عنهم من بعد أن أظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا بقوا فيها من بعد أن أظفره عليهم؛ كراهية أن تطأهم الخيل بغير علم، وقوله: {وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}، يقول -تعالى ذكره -: وكان الله بأعمالكم وأعمالهم بصير لا يخفى عليه منها شيء (¬1). [ضعيف جداً] * عن قتادة؛ قوله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} الآية؛ قال: بطن مكة: الحديبية، ذكر لنا: أن رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقال له: زنيم، اطلع الثنية من الحديبية، فرماه المشركون بسهم؛ فقتلوه؛ فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلاً، فأتوه باثني عشر فارساً من الكفار، فقال لهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل لكم عليّ عهد، هل لكم عليّ ذمة؟ "، قالوا: لا؛ فأرسلهم؛ فأنزل الله في ذلك القرآن: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} إلى قوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 59، 60): ثنا ابن حميد قال: ثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن أبزى. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لضعف ابن حميد، وإرساله. وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 207): "وهذا السياق فيه نظر. . .". وقال الحافظ ابن حجر في "الكاف الشاف" (ص 153): "والحديث في صحته نظر". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 533) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 59): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 527) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

* عن عكرمة؛ قال: إن قريشاً بعثوا أربعين رجلاً منهم أو خمسين، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ليصيبوا من أصحابه أحداً، فأخذوا أخذاً؛ فأتي بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فعفا عنهم وخلى سبيلهم، وقد كانوا رموا إلى عسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجارة والنبل (¬1). * {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ الله في رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}. * عن أبي جمعة -رضي الله عنه-؛ قال: قاتلت النبي - صلى الله عليه وسلم - أول النهار كافراً، وقاتلت معه آخر النهار مسلماً، وكنا ثلاثة رجال وسبع نسوة، وفينا أنزلت: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) ذكره الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 207)، وقال: "وقال ابن إسحاق: حدثني من لا أتهم عن عكرمة مولى ابن عباس قال: (فذكره) ". قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: جهالة شيخ ابن إسحاق. (¬2) أخرجه أبو يعلى في "المسند" (3/ 129 رقم 1560)، و"المفاريد" (ص 71، 72 رقم 72) -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" (5/ 52، 53) -، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/ 290 رقم 2204، 3/ 24 رقم 2543) -وعنه أبو نعيم في "معرفة "الصحابة" (2/ 611 رقم 1660) -، وابن قانع في "معجم "الصحابة" (1/ 188)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 208)، وابن عبد البر وأبو موسى المديني؛ كما في "أسد الغابة" (5/ 53) من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم عن أبي خلف عن عبد الله بن عوف؛ قال: سمعت أبا جمعة به. قلنا: وسنده حسن -إن شاء الله-. =

* {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا في قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)}. * عن الأجلح؛ قال: كان حمزة بن عبد المطلب رجلاً حسن الشعر، حسن الهيئة، صاحب صيد، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على أبي جهل فولع به وآذاه، فرجع حمزة من الصيد وامرأتان تمشيان خلفه؛ فقالت إحداهما: لو علم ذا ما صنع بابن أخيه؛ أقصر عن مشيته؛ فالتفت إليهما، فقال: وما ذاك؟ قالت: أبو جهل فعل بمحمد كذا وكذا، فدخلته الحمية، فجاء حتى دخل المسجد وفيه أبو جهل فعلا رأسه بقوسه، ثم قال: ديني دين محمد إن كنتم صادقين، فامنعوني؛ فقامت إليه قريش، فقالوا: يا أبا يعلى؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا في قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ} إلى قوله: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى}؛ قال: حمزة بن عبد المطلب (¬1). [ضعيف] * {لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ الله آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)}. * عن مجاهد؛ قال: أُري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بالحديبية أنه ¬

_ = قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 107): "رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات". وقال في (9/ 398): "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 534) بعد أن زاد نسبته للحسن بن سفيان وابن المنذر والبارودي وابن مردويه: "بسند جيد". (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 536) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

يدخل مكة وهو وأصحابه آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين، فقال له أصحابه -حين نحر بالحديبية-: أين رؤياك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} إلى قوله: {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا}؛ يعني: النحر بالحديبية، ثم رجعوا ففتحوا خيبر، ثم اعتمر بعد ذلك، فكان تصديق رؤياه في السنة المقبلة (¬1). * عن عطاء؛ خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - معتمراً، حتى أتى الحديبية، فخرجت إليه قريش، فردوه عن البيت، حتى كان بينهم كلام وتنازع؛ حتى كاد يكون بينهم قتال، قال: فبايع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابُهُ، وعدتهم ألف وخمس مئة تحت الشجرة، وذلك يوم بيعة الرضوان، فقاضاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت قريش: نقاضيك على أن تنحر الهدي مكانه، وتحلق وترجع، حتى إذا كان العام المقبل؛ نخلي لك مكة ثلاثة أيام، ففعل. قال: فخرجوا إلى عكاظ، فأقاموا فيها ثلاثًا، واشترطوا عليه أن لا يدخلها بسلاح إلا بالسيف، ولا تخرج بأحد من أهل مكة إن هرج معك، فنحر الهدي مكانه وحلق ورجع، حتى إذا كان في قابل تلك الأيام؛ دخل مكة، وجاء بالبدن معه، وجاء الناس معه، فدخل المسجد الحرام؛ فأنزل الله عليه: {لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ الله آمِنِينَ}، قال: وأنزل عليه: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة:194]، فإن قاتلوكم في المسجد ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 68)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (4/ 164) من طرق عن ابن أبي نجيح عنه به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 538) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.

الحرام فقاتلوهم، فأحل لهم إن قاتلوهم في المسجد الحرام أن يقاتلوهم. فأتاه أبو جندل بن سهل بن عمرو، وكان موثقاً، أوثقه أبوه، فرده إلى أبيه (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/ 434 - 435/ 18690): حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن أشعث بن سوّار، عن عطاء به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: أشعث بن سوار؛ ضعيف.

سورة الحجرات

سورة الحجرات * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الحجرات بالمدينة (¬1). * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)}. * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-: أنه قدم ركب من بني تميم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو بكر: أمّر القعقاع بن معبد بن زرارة، فقال عمر: بل أمِّر الأقرع بن حابس؛ قال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، قال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا؛ حتى ارتفعت أصواتهما؛ فنزل في ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} حتى انقضت (¬2). [صحيح] * عن الحسن: هم قوم نحروا قبل أن يصلي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعيدوا الذبح (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 546) ونسبه لابن الضريس، والنحاس، وابن مردويه، والبيهقي. وذكر: أن ابن مردويه أخرج في "تفسيره" مثله عن عبد الله بن الزبير. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4367، 4847)، وسيأتي في الآية التالية. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 74): ثنا محمد بن عبد الأعلى؛ قال: ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة؛ قال الحسن: (فذكره). وقال: ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. =

* عن مسروق: أنه دخل على عائشة -رضي الله عنها- في اليوم الذي يُشك فيه من رمضان؛ فقالت: يا جارية! خوّصي له سويقاً؛ فقال: إني صائم؛ فقالت: تقدمت الشهر؟ فقلت: لا, ولكني صمتُ شعبان كله فوافق ذلك هذا اليوم، فقالت: إن ناساً كانوا يتقدمون الشهر فيصومون قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)} (¬1). [صحيح] ¬

_ = وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 230): نا معمر عن قتادة به، قال معمر: وقال الحسن (فذكره). قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 547) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. وأخرج ابن أبي الدنيا في "الأضاحي"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 547)، و"لباب النقول" (ص 195)، عن الحسن قال: ذبح رجل قبل الصلاة؛ فنزلت. (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (3/ 134 رقم 2713): ثنا إبراهيم بن أحمد الوكيعي؛ قال: نا أبي؛ قال: نا أبو أسامة، عن أبي كدينة يحيى بن المهلب عن يحيى بن الحارث التيمي عن حبال بن رفيدة عن مسروق به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي كدينة إلا أبو أسامة". وأخرجه الواحدي في "الوسيط" (4/ 150) من طريق أخرى عن التيمي. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: حبال بن رفيدة؛ مجهول؛ قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (1/ 448): "لا يعرف". وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 148). الثانية: التيمي هذا لم نجد له ترجمة. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 547) وزاد نسبته لابن مردويه. وأخرجه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" (2/ 597) من طريق عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن مالك بن أبي حمزة عن مسروق بنحوه. قلنا: وإسناده صحيح؛ ورجاله ثقات، ومالك بن أبي حمزة وثقه ابن معين وابن حبان والحافظ ابن حجر، وقال الزيلعي في "تخريج الكشاف" (3/ 325): "ولم =

* وعنها -أيضاً-رضي الله عنها-؛ قالت: كان أناس يتقدمون بين يدي رمضان بصيام؛ يعني: يوماً أو يومين؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)} (¬1). * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)}. * عن ابن أبي مليكة؛ قال: كاد الخيران أن يهلكا: أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-؛ رفعا أصواتهما عند النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم عليه ركب بني تميم؛ فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر -قال نافع: لا أحفظ اسمه- فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي، قال: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)}؛ فما كان عمر يسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه الآية حتى يستفهمه، ولم يذكر ذلك عن أبيه؛ يعني: أبا بكر (¬2). [صحيح] ¬

_ = يذكره -يعني: الدارقطني- بجرح ولا تعديل". قلنا: هذا لا يضره؛ كونه وثقه غيره على ما هو مفصل في "تهذيب التهذيب" (12/ 169، 170)؛ فلا وجه لتضعيفه كما فعل الزيلعي. وبالجملة؛ فالحديث بمجموع ما تقدم ثابت لا ريب. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 547) ونسبه لابن النجار. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4845، 7302) من طريق يسرة بن صفوان اللخمي ووكيع بن الجراح كلاهما عن نافع بن عمر الجمحي المكي عن ابن أبي مليكة به. قال الحافظ في "فتح الباري" (8/ 590): "ثم هذا السياق صورته الإرسال؛ لكن ظهر في آخره: أن ابن أبي مليكة حمله عن عبد الله بن الزبير، وسيأتي في هذا الباب الذي بعده التصريح بذلك". =

* عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ أنه قال: لما نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)}؛ جلس ثابت بن قيس في بيته، وقال: أنا من أهل النار، واحتبس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأل النبي سعد بن معاذ، فقال: "يا أبا عمرو! ما شأن ثابت؟ آشتكى؟ "، قال سعد: إنه لجاري وما علمت له بشكوى، قال: فأتاه سعد، فذكر له قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال ثابت: أنزلت هذه الآية، ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتاً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعد ¬

_ = قلنا: وتقدم ذكره في أول السورة. وأخرجه الترمذي في "جامعه" (5/ 387 رقم 3266)، والطبراني في "المعجم الكبير" (رقم 41 - قطعة من المجلد 13)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 76) من طريقين عن مؤمل بن إسماعيل ثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير؛ قال: إن الأقرع بن حابس قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو بكر: يا رسول الله! استعمله على قومه، فقال عمر: لا تستعمله يا رسول الله! فتكلما عند النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ارتفعت أصواتهما، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي، قال: ما أردت خلافك، قال: فنزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)}، فكان عمر بن الخطاب بعد ذلك إذا تكلم عند النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسمع كلامه حتى يستفهمه، قال: وما ذكر ابن الزبير جده؛ يعني: أبا بكر. قلنا: ومؤمل؛ ضعيف سيئ الحفظ، وخالفه ثقتان، روياه عن نافع به مرسلاً، ورواه هو موصولاً؛ ولذلك قال الترمذي عقبه: "هذا حديث حسن غريب، وقد روى بعضهم عن ابن أبي مليكة مرسل، ولم يذكر فيه عن عبد الله بن الزبير". قلنا: هذا مع مخالفته في المتن لمن دقق بين اللفظين؛ ولذلك لما ذكر الحافظ رواية مؤمل هذه عند الترمذي قال: "وهذا يخالف رواية ابن جريج وروايته أثبت من مؤمل بن إسماعيل".

للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بل هو من أهل الجنة" (¬1). [صحيح] * عن عكرمة؛ قال: لما نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية؛ قال ثابت بن قيس: فأنا كنت أرفع صوتي فوق صوت النبي - صلى الله عليه وسلم -، أجهر له بالقول؛ فانا من أهل النار؛ فقعد في بيته، فتفقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسأل عنه، فقال رجل: إنه لجاري ولئن شئت لأعلمن لك عليه، فقال: "نعم"، فأتاه؛ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفقدك وسأل عنك؛ فقال: نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية، وأنا كنت أرفع صوتي فوق صوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأجهر له بالقول؛ فأنا من أهل النار، فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره؛ فقال: "بل هو من أهل الجنة"، فلما كان يوم اليمامة؛ انهزم الناس، فقال: أُفٍّ لهؤلاء وما يعبدون، أُفٍّ لهؤلاء وما يصنعون، يا معشر الأنصار! خلوا لي بشيء لعلي أصلى بحرها ساعة، قال: ورجل قائم على ثلمة، فقتَل وقُتل (¬2). [ضعيف] * عن قتادة: كانوا يرفعون ويجهرون عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوعظوا ونهوا عن ذلك (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 3613، 4846)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 119) وهذا لفظه. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 75، 76) من طريق ابن عليه ثنا أيوب عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/ 621): "روى ابن سعد بإسناد صحيح -أيضاً- من مرسل عكرمة". (¬3) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 231)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 75) من طريقين عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 548) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

* عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت في قيس بن شماس (¬1). * عن عطاء الخراساني؛ قال: قدمت المدينة، فلقيت رجلاً من الأنصار، قلت: حدثني حديث ثابت بن قيس بن شماس؛ قال: قم معي، فانطلقت معه حتى دخلت على امرأة، فقال الرجل: هذه ابنة ثابت بن قيس بن شماس فاسألها عما بدا لك، فقلت: حدثيني، قالت: سمعت أبي يقول: لما أنزل الله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية؛ دخل بيته، وأغلق عليه بابه، وطفق يبكي، ففقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: "ما شأن ثابت؟ "، فقالوا: يا رسول الله! ما ندري ما شأنه؛ غير أنه قد أغلق عليه باب بيته فهو يبكي فيه، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله: "ما شأنك؟ "، قال: يا رسول الله! أنزل الله عليك هذه الآية، وأنا شديد الصوت؛ فأخاف أن أكون قد حبط عملي، فقال: "لست منهم، بل تعيش بخير وتموت بخير"، قالت: ثم أنزل الله على نبيه: {إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان:18]؛ فأغلق عليه بابه، وطفق يبكي فيه، فافتقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "ثابت ما شأنه؟ "، قالوا: يا رسول الله! والله ما ندري ما شأنه؛ غير أنه قد أغلق عليه بابه وطفق يبكي، فأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ما شأنك؟ "، قال: يا رسول الله! أنزل الله عليك: {إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} والله إني لأحب الجمال وأحب أن أسود قومي، قال: "لست منهم، بل تعيش حميداً، وتقتل شهيداً، ويدخلك الله الجنة بسلام"، قالت: فلما كان يوم اليمامة؛ خرج مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة الكذاب، فلما لقي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد انكشفوا؛ فقال ثابت لسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم حفر كل منهما لنفسه حفرة، وحمل ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 551) ونسبه لابن مردويه.

عليهم القوم، فثبتا حتى قتلا، وكانت على ثابت يومئذ درع له نفيسة، فمر به رجل من المسلمين فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم؛ إذ أتاه ثابت بن قيس في منامه، فقال له: إني أوصيك بوصية إياك أن تقول هذا حلم فتضيعه: إني لما قتلت أمس؛ مر بي رجل من المسلمين، فأخذ درعي ومنزله في أقصى العسكر، وعند خبائه فرس يستن في طوله وقد أكفأ على الدرع برمة وجعل فوق البرمة رحلاً، فائت خالد بن الوليد؛ فمره أن يبعث إلى درعي فيأخذها، وإذا قدمت على خليفة رسول الله؛ فأخبره أن عليّ من الدين كذا وكذا, ولي من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق وفلان، فإياك أن تقول هذا حلم؛ فتضيعه، فأتى الرجل خالد بن الوليد فأخبره، فبعث إلى الدرع فنظر إلى خباء في أقصى العسكر؛ فإذا عنده فرس يستن في طوله فنظر في الخباء؛ فإذا ليس فيه أحد، فدفعوا الرجل؛ فإذا تحته برمة، ثم رفعوا البرمة؛ فإذا الدرع تحتها، فأتوا به خالد بن الوليد، فلما قدموا المدينة؛ حدث الرجل أبا بكر برؤياه؛ فأجاز وصيته بعد موته، ولا يعلم أحد من المسلمين جوزت وصيته بعد موته غير ثابت بن قيس بن شماس (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1/ 241 رقم 314، 3/ 461 - 463 رقم 1921، 6/ 170، 171 رقم 3399)، وفي "الجهاد" (2/ 560 - 562 رقم 225)، وابن المنذر؛ كما في "فتح الباري" (6/ 621)، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/ 70، 71 رقم 1320)، وابن الأثير في "أسد الغابة" (6/ 415، 416)، والروياني في "مسنده" (2/ 174، 175 رقم 1002)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6/ 3590 رقم 8091)، والبغوي في "معجم الصحابة" (ق 56 - ق 57)، والتيمي في "دلائل النبوة" (رقم 309 - ط الحداد)، وأبو يعلى في "المسند"؛ كما في "المطالب العالية" (9/ 38، 39 رقم 4108 - المسندة)، والحاكم (3/ 235)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (6/ 356)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" (1/ 194 - هامش الإصابة) من طرق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عطاء الخراساني. =

* {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ الله قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)}. * عن محمد بن قيس بن شماس؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ}؛ قال: قعد ثابت في الطريق يبكي، قال: فمرّ به عاصم بن عدي من بني العجلان، فقال: ما يبكيك يا ثابت؟! قال: هذه الآية أتخوّف أن تكون نزلت فيّ وأنا صيّت رفيع الصوت، قال: فمضى عاصم بن عدي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وغلبه البكاء، قال: فأتى امرأته جميلة ابنة عبد الله بن أُبيّ بن سلول، فقال لها: إذا دخلت بيت فرسي، فشدي على الضبة بمسمار، فضربته بمسمار، حتى إذا خرج عطفه؛ قال: لا أخرج حتى يتوفاني الله أو يرضى عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, قال: وأتى عاصم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبره، فقال: "اذهب فادعه لي"؛ فجاء عاصم إلى المكان فلم يجده، فجاء إلى أهله فوجده في بيت الفرس، فقال له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوك، فقال: اكسر الضبة، قال: فخرجا؛ فأتيا نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف؛ عطاء الخراساني؛ صدوق يهم كثيراً، ويرسل ويدلس؛ كما في "التقريب". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 322): "وبنت ثابت بن قيس لم أعرفها، وبقية رجاله رجال الصحيح، والظاهر أن بنت ثابت بن قيس صحابية؛ فإنها قالت سمعت أبي". اهـ. قلنا: قد نص الحافظ على أن عطاء لم يسمع من أحد من الصحابة؛ فإما أن تكون هذه المرأة تابعية وعليه؛ فهي مجهولة، وإما صحابية ويكون هنالك وهم أو تخليط من عطاء نفسه؛ فإن الحفاظ نصوا على أنه لم يدرك أيّ صحابي -والله أعلم-. وسكت عنه الحاكم والذهبي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 550) وزاد نسبته لابن مردويه والخطيب في "المتفق والمفترق".

"ما يبكيك يا ثابت؟! "، فقال: أنا صيّت، وأتخوّف أن تكون هذه الآية نزلت فيّ: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ}، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما ترضى أن تعيش حميداً، وتقتل شهيداً، وتدخل الجنة؟ "؛ فقال: رضيت ببشرى الله ورسوله، ولا أرفع صوتي أبداً على رسول الله؛ فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ الله قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 75)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "فتح الباري" (6/ 620) من طريق زيد بن الحباب ثنا أبو ثابت بن ثابت بن قيس بن شماس ثني عمي إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه به. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (2/ 86 رقم 1316) من طريق زيد بن الحباب ثنا أبو ثابت بن ثابت بن قيس بن شماس ثني أبي ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه به. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 321): "وأبو ثابت بن قيس بن شماس لم أعرفه، ولكنه قال: ثني أبي ثابت بن قيس، فالظاهر أنه صحابي؛ لكن زيد بن الحباب لم يسمع من أحد من الصحابة". قلنا: في الطريق الأولى إسماعيل هذا؛ مجهول؛ لم يوثقه إلا ابن حبان، وروى عنه الزهريّ، وأبو ثابت هذا؛ مجهول، وانظر: "تعجيل المنفعة" (ص 36 - 37). وبالجملة؛ فالإسناد ضعيف. وأخرجه الحاكم (3/ 234)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (6/ 355 بسند صحيح عن الزهري قال: أخبرني إسماعيل بن محمد بن ثابت، عن أبيه: أن ثابت بن قيس قال: يا رسول الله! لقد خشيت أن أكون قد هلكت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ولِمَ؟ "، قال: نهانا الله أن نحب أن نحمد بما لم نفعل وأجدني أحب الحمد، ونهانا عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال، ونهانا أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا جهر الصوت؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا ثابت! ألا ترضى أن تعيش حميداً؛ وتقتل شهيداً، وتدخل الجنة؟ "، قال: بلى يا رسول الله! قال: فعاش حميداً، وقتل شهيداً يوم مسيلمة الكذاب. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه إسماعيل؛ مجهول كما تقدم. =

* {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}. * عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس: أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا محمد! اخرج إلينا، فلم يجبه؛ فقال: يا محمد! إن ¬

_ = أما الحاكم؛ فقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: ولم يخرجا لإسماعيل ولا لأبيه. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (رقم 2770 - موارد)، وابن سعد، والدارقطني في "غرائب مالك"؛ كما في "الفتح" (6/ 621)، والطبراني في "الكبير" (رقم 1312، 1314، 1315)، وأبو نعيم "في دلائل النبوة" (ص 520)، و"معرفة "الصحابة" (3/ 221 رقم 1301)، والروياني في "المسند" (2/ 173 رقم 1001)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" (1/ 193 - هامش الإصابة) من طرق عن الزهري عن إسماعيل بن محمد بن ثابت: أن ثابت بن قيس الأنصاري؛ قال: يا رسول الله! لقد خشيت أن أكون هلكت، قال: "لِمَ؟ "، قال: قد نهانا الله أن نحمد بما لم نفعل وأجدني صاحب الحمد، ونهانا الله عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال، ونهانا أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا امرؤ جهير الصوت؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا ثابت! ألا ترضى أن تعيش حميداً، وتقتل شهيداً، وتدخل الجنة؟ "، قال: بلى يا رسول الله! قال: فعاش حميداً وقتل شهيداً يوم مسيلمة الكذاب. قلنا: وهذا سند ضعيف -أيضاً-؛ فيه علة أخرى مع جهالة إسماعيل، وهي أنه لم يدرك جده؛ فهو على هذا مرسل. ولذلك قال البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 371): "روى عنه الزهري؛ مرسل".اهـ. وقال الحافظ: "وهذا مرسل قوي الإسناد"، وقال -أيضاً-: "وهو مع ذلك مرسل؛ لأن إسماعيل لم يلحق ثابتاً". وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (رقم 20425)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 76)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (6/ 355) عن معمر عن الزهري: أن ثابت بن قيس (فذكره). قلنا: وهذا معضل.

حمدي زين، وإن ذمي شين؛ فقال: "ذاك الله"؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)} (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (3/ 488، 6/ 393، 394، 394)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 77)، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ رقم 878) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (4/ 321 رقم 1500) -، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2/ 388 رقم 1178)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2/ 407 رقم 1033)، وابن قانع في "معجم "الصحابة" (1/ 68)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 552) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (4/ 322 رقم 1501) -، وابن الأثير في "أسد الغابة" (1/ 130)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (4/ 322، 323 رقم 1503) وغيرهم من طرق عن موسى بن عقبة عن أبي سلمة به. قلنا: وسنده صحيح، وصرح أبو سلمة بسماعه من الأقرع عند الطبري. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 108): "واحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح إن كان أبو سلمة سمع من الأقرع، وإلا؛ فهو مرسل". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 552) بعد أن زاد نسبته للبغوي في "المعجم": "بسند صحيح". وكذا قال في "لباب النقول" (ص 196). وله شاهد من حديث البراء بن عازب بنحوه: عند الترمذي (رقم 3267)، والنسائي في "تفسيره" (2/ 319 رقم 535)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 77) من طريق الحسين بن واقد عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن أبا إسحاق السبيعي مدلس وقد عنعن، ثم هو مع ذلك مختلط، ولم يذكروا أن الحسين بن واقد سمع منه قبل الاختلاط. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". وصححه شيخنا الألباني في "صحيح الترمذي" (رقم 2605). وله شاهد آخر من مرسل قتادة في قوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}: أن رجلاً جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فناداه من وراء الحجرات؛ فقال: يا محمد! إن مدحي زين وإن شتمي شين، فخرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: "ويلك ذاك الله، ويلك ذاك الله"؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}. =

* عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه-؛ قال: جاء أناس من العرب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل؛ فإن يكن نبياً؛ فنحن أسعد الناس به، وإن يكن ملكاً؛ نعش في جناحه، قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بذلك، قال: ثم جاؤوا إلى حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعلوا ينادونه: يا محمد! فأنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}، قال: فأخذ نبي الله بأذني فمدّها؛ فجعل يقول: "قد صدق الله قولك يا زيد! قد صدق الله قولك يا زيد! " (¬1). [ضعيف] ¬

_ = أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 231)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 77) من طريق معمر وسعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 553) وزاد نسبته لعبد بن حميد. وله شاهد ثالث من مرسل الحسن؛ قال: أتى أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من وراء حجرته، فقال: يا محمد! يا محمد! فخرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ما لك ما لك؟! "، فقال: تعلم أن مدحي لزين وأن ذمي لشين؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ذاكم الله"؛ فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}. أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 77، 78): ثنا ابن حميد؛ قال: ثنا مهران عن المبارك بن فضالة عن الحسن به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن حميد؛ ضعيف الحديث واتهمه الإِمام أحمد وغيره بالكذب. الثالثة: المبارك بن فضالة؛ مدلس وقد عنعن. الرابعة: مهران وابن أبي عمر العطار؛ صدوق له أوهام سيئ الحفظ. (¬1) أخرجه مسدد بن مسرهد وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى في "مسانيدهم"؛ كما في "المطالب العالية" (9/ 39، 40 رقم 4109، 4110)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 160، 161 رقم 7823)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 77)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 210، 211 رقم 5123)، والواحدي في =

* عن حبيب بن أبي عمرة؛ قال: كان بشر بن غالب ولبيد بن عطارد أو بشر بن عطارد ولبيد بن غالب وهما عند الحجاج جالسان، يقول بشر بن غالب للبيد بن عطارد: نزلت في قومك بني تميم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}؛ فذكرت ذلك لسعيد بن جبير؛ فقال: أما إنه لو علم بآخر الآية؛ أجابه: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا}، قالوا: أسلمنا ولم يقاتلك بنو أسد (¬1). [ضعيف جداً] * عن سعيد بن جبير: أن تميماً ورجلاً من بني أسد بن خزيمة استبا؛ فقال الأسدي: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا ¬

_ = "أسباب النزول" (ص 258 - 259)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 223) عن المعتمر بن سليمان عن داود الطفاوي عن أبي مسلم البجلي عن زيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: أبو مسلم البجلي؛ مجهول لم يرو عنه إلا الطفاوي، ولم يوثقه إلا ابن حبان؛ ولذلك قال الذهبي في "ميزان الاعتدال": "لا يعرف"، وفي "التقريب": "مقبول". الثانية: داود الطفاوي؛ ليّن الحديث؛ كما في "التقريب". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 108): "وفيه داود بن راشد الطفاوي وثّقه ابن حبان وضعفه ابن معين، وبقية رجاله ثقات!! ". وقال البوصيري: "رواته ثقات!! ". وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 195)، و"الدر المنثور" (7/ 552): "بسند حسن!! ". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 77): ثنا ابن حميد قال: ثنا مهران عن سفيان عن حبيب به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: مهران؛ سيئ الحفظ. الثالثة: ابن حميد؛ متروك الحديث، متهم بالكذب. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 553) وزاد نسبته لابن المنذر.

يَعْقِلُونَ (4)} أعراب بني تميم، فقال سعيد: لو كان التميمي فقيهاً؛ إن أولها في بني تميم، وآخرها في بني أسد (¬1). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير؛ قال: قال رجل من بني أسد لرجل من بني تميم -وتلا هذه الآية-: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}: بني تميم {لَا يَعْقِلُونَ}، فلما قام التميمي وذهب؛ قال سعيد بن جبير: أما إن التميمي لو يعلم ما أنزل في بني أسد؛ لتكلم، قلنا: ما أنزل فيهم؟ قال: جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إنا قد أسلمنا طائعين وإن لنا خلقاً؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} الآية (¬2). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: هم أعراب بني تميم (¬3). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قدم وقد بني تميم -وهم سبعون رجلاً، أو ثمانون رجلاً؛ منهم: الزبرقان بن بدر، وعطارد بن معبد وقيس بن عاصم وقيس بن الحارث، وعمرو بن أهتم- المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانطلق معهم عيينة بن حصن بن بدر الفزاري وكان يكون في كل سدة، حتى أتوا منزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنادوه من وراء الحجرات بصوت جاف: يا محمد! اخرج إلينا، يا محمد! اخرج إلينا، فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا محمد! إن مدحنا زين وإن شتمنا شين، نحن ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 553)، وقال: أخرج ابن المنذر عن ابن جريج؛ قال: أخبرت عن سعيد بن جبير به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، وجهالة المخبر لابن جريج. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 553) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 77)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 195 رقم 1516) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

أكرم العرب؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كذبتم؛ بل مدحة الله الزين، وشتمه الشين، وأكرم منكم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم"، فقالوا: إنا أتيناك لنفاخرك (فذكره بطوله)، وقال في آخره: فقام التميميون فقالوا: والله؛ إن هذا الرجل لمصنوع له، لقد قام خطيبه فكان أخطب من خطيبنا، وقال شاعره فكان أشعر من شاعرنا، قال: ففيهم أنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} من بني تميم {أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}، قال: هذا كان في القراءة الأولى، {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} (¬1). [موضوع] * عن جابر بن عبد الله؛ قال: جاء بنو تميم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنادوا على الباب: يا محمد! اخرج إلينا؛ فإن مدحنا زين وإن ذمنا شين، فسمعهم النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فخرج عليهم وهو يقول: "إنما ذلكم الله الذي مدحه زين وذمه شين"، فقالوا: نحن ناس من بني تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بالشعر بعثت، ولا بالفخار أمرت، ولكن هاتوا"، فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم: قم فاذكر فضلك وفضل قومك، فقام فقال: الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه، وآتانا أموالاً نفعل فيها ما نشاء، فنحن من خير الأرض ومن أكثرهم عدة ومالاً وسلاحاً، فمن أنكر علينا قولنا؛ فليأت بقول هو أحسن من قولنا، وفعال هي خير من فعالنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثابت بن قيس بن شماس: "قم فأجب"، فقام فقال: الحمد لله؛ أحمده، وأستعينه، وأؤمن به، وأتوكل ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 554) ونسبه لابن إسحاق وابن مردويه. ثم رأينا سنده في كتاب الزيلعي: "تخريج الكشاف" (3/ 330، 331)؛ فقد أخرجه ابن مردويه في "تفسيره" من طريق ابن إسحاق: ثني محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهذا موضوع؛ فالكلبي كذاب ونحوه شيخه أبو صالح.

عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، دعا المهاجرين والأنصار من بني عمه -أحسن الناس وجوهاً وأعظمهم أحلاماً- فأجابوا، فالحمد لله الذي جعلنا أنصاره ووزراء رسوله وعزاً لدينه، فنحن نقاتل الناس؛ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فمن قالها؛ منع نفسه وماله، ومن أباها؛ قتلناه، وكان رغمه من الله -تعالى- علينا هيناً، أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات، فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم: قم يا فلان! فقل أبياتاً تذكر فيها فضلك وفضل قومك، فقام الشاب فقال: نحن الكرام فلا حي يفاخرنا ... فينا الرؤوس وفينا يقسم الربع ونطعم الناس عند القحط كلهم ... من السديف إذا لم يؤنس القزع إذا أبينا فلا يأبى لنا أحد ... إنا كذلك عند الفخر نرتفع قال: فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حسان بن ثابت، فانطلق إليه الرسول، فقال: وما يريد مني وقد كنت عنده؟ قال: جاءت بنو تميم بشاعرهم وخطيبهم، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثابت بن قيس فأجابهم وتكلم شاعرهم، فأرسل إليك تجيبه؛ فجاء حسان، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجيبه، فقال حسان: نصرنا رسول الله والدين عفوة ... على رغم سار من معد وحاضر ألسنا نخوض الموت في حومة الوغى ... إذا طاب ورد الموت بين العساكر ونضرب هام الدارعين وننتمي ... إلى حسب من جرم غسان قاهر فلولا حياء الله قلنا تكرماً ... على الناس بالحقين هل من منافر فأحياؤنا من خير من وطئ الحصى ... وأمواتنا من خير أهل المقابر قال: فقام الأقرع بن حابس؛ فقال: إني والله لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء، وقد قلت شعراً فأسمعه، فقال: "هات"، فقال: أتيناك كما يعرف الناس فضلنا ... إذا فاخرونا عند ذكر المكارم

وإنا رؤوس الناس من كل معشر ... وأن ليس في أرض الحجاز كوارم وإن لنا المرباع في كل غارة ... تكون بنجد أو بأرض التهائم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قم يا حسان! فأجب"؛ فقال: بني دارم لا تفخروا إن فخركم ... يعود وبالاً عند ذكر المكارم هبلتم علينا تفخرون وأنتم ... لنا خول من بين ظئر وخادم وأفضل ما نلتم من المجد والعلى ... ردافتنا من بعد ذكر الأكارم فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم ... وأموالكم أن تقسموا في المقاسم فلا تجعلو الله نداً وأسلموا ... ولا تفخروا عند النبي بدارم وإلا ورب البيت مالت أكفنا ... على هامكم بالمرهفات الصوارم قال: فقام الأقرع بن حابس فقال: إن محمداً المولى، إنه والله ما أدري ما هذا الأمر، تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أحسن قولًا، وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أشعر، ثم دنا من النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما نصرك ما كان قبل هذا"، ثم أعطاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكساهم وارتفعت الأصوات وكثر اللغط عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنزل الله هذه الآية: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} إلى قوله: {وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (¬1). [ضعيف] * عن الزهري وسعيد بن عمرو؛ قالا: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر بن سفيان -ويقال: النحام العدوي- على صدقات بني كعب من خزاعة، فجاء وقد حل بنواحيهم بنو عمرو بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم، ¬

_ (¬1) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 259 - 261)، والثعلبي في "تفسيره" (9/ 73 - 75) من طريق معلى بن عبد الرحمن ثنا عبد الحميد بن جعفر عن عمر بن الحكم عن جابر به. قلنا: ومعلى هذا؛ رافضي خبيث متهم بالوضع. وتحرّف اسم معلى إلى يعلى في كتاب الزيلعي؛ فليصحح.

فجمعت خزاعة مواشيها للصدقة؛ فاستنكر ذلك بنو تميم، وأبوْا، وابتدروا القسي، وشهروا السيوف، فقدم المصدق على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأخبره؛ فقال: "من لهؤلاء القوم؟ "، فانتدب لهم عيينة بن بدر الفزاري، فبعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في خمسين فارساً من العرب ليس فيهم مهاجري ولا أنصاري، فأغار عليهم منهم؛ فأخذ أحد عشر رجلًا، وإحدى عشرة امرأة، وثلاثين صبياً، فجلبهم إلى المدينة، فقدم فيهم عدة من رؤساء بني تميم: عطارد بن حاجب، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، وقيس بن الحارث، ونعيم بن سعد، والأقرع بن حابس، ورياح بن الحارث، وعمرو بن الأهتم. ويقال: كانوا تسعين أو ثمانين رجلًا، فدخلوا المسجد وقد أذّن بلال بالظهر، والناس ينتظرون خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعجلوا واستبطؤوه فنادوه: يا محمد! اخرج إلينا، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقام بلال، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر ثم أتوه، فقال الأقرع: يا محمد! ائذن لي؛ فوالله إن مدحي لزين وإن ذمي لشين، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كذبت؛ ذلك الله -تبارك وتعالى-"، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس، وخطب خطيبهم وهو عطارد بن حاجب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثابت بن قيس بن شماس: "أجبه"؛ فأجابه، ثم قالوا: يا محمد! ائذن لشاعرنا، فأذن له، فقام الزبرقان بن بدر فأنشد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحسان بن ثابت: "أجبه"؛ فأجابه بمثل شعره، فقالوا: والله؛ لخطيبه أبلغ من خطيبنا, ولشاعره أشعر من شاعرنا, ولهم أحلم منا، ونزل فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قيس بن عاصم: "هذا سيد أهل الوبر"، وردّ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسرى والسبي، وأمر لهم بالجوائز كما كان يجيز الوفد (¬1). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/ 293، 294): نا محمد بن عمر =

* {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)}. * عن الحارث بن ضرار الخزاعي -رضي الله عنه-؛ قال: قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدعاني إلى الإِسلام، فدخلت في الإِسلام وأقررت، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها، فقلت: يا رسول الله! أرجع إلى قومي، فأدعوهم إلى الإِسلام وأداء الزكاة، فمن استجاب لي؛ جمعت زكاته، فيرسل إليّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رسولاً لإبّانِ كذا وكذا لآتيك بما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث بن ضرار، وبلغ الأبّان الذي أراد أن يبعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ احتبس عليه الرسول، فلم يأته؛ فظن الحارث أن قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله، فدعا بسروات (¬1) قومه، فقال لهم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان وقت لي وقتاً؛ ليرسل إليّ ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطه، فانطلقوا فنأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق؛ فرق فرجع، فقال: يا رسول الله! إن الحارث منعني الزكاة، وأراد قتلي؛ فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البعث إلى الحارث، وأقبل الحارث بأصحابه فاستقبل البعث وقد فصل من المدينة، فلقيهم الحارث فقالوا: هذا الحارث، فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك، قال: ولِمَ؟ قالوا: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ = الواقدي نا محمد بن عبد الله عن الزهري، وثنا عبد الله بن يزيد عن سعيد بن عمرو به. قلنا: والواقدي؛ متروك متهم بالكذب. (¬1) أي: رؤساء.

كان بعث إليك الوليد بن عقبة، فرجع إليه، فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله، قال: والذي بعث محمداً بالحق ما رأيته ولا أتاني، فلما أن دخل الحارث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟ "، قال: لا، والذي بعثك ما رأيت رسولك ولا أتاني، ولا أقبلت إلا حين احتبس عليّ رسولك؛ خشية أن يكون سخط من الله ورسوله، قال: فنزلت فيّ الحجرات: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)} إلى قوله -تعالى-: {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)} (¬1). [ضعيف] * عن أم سلمة -رضي الله عنها-؛ قالت: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا في صدقات بني المصطلق بعد الوقعة، فسمع بذلك القوم؛ فتلقوه يعظمون ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (4/ 279)، والبخاري في "التاريخ الأوسط" (1/ 193 رقم 318)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" (2/ 68 - 69/ 457)، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 274 رقم 3395)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4/ 322 رقم 2353)، وابن قانع في "معجم الصحابة" (1/ 177)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 262، 263)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 224)، وابن الأثير في "أسد الغابة" (1/ 399، 400)، ومطين وابن السكن وابن مردويه؛ كما في "الإصابة" (1/ 281)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2/ 783، 784 رقم 2081)، وابن منده وابن عبد البر في "الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (1/ 400)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (66/ 166 و166 - 167) جميعهم من طريق عيسى بن دينار المؤذن ثني أبي أنه سمع الحارث به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على دينار -والد عيسى-؛ لم يرو عنه إلا ابنه، ولم يوثقه إلا ابن حبان، وفي "التقريب": "مقبول". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 109): "رواه أحمد والطبراني؛ ورجال أحمد ثقات!! ". وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 196)، و"الدر المنثور" (7/ 555): "بسند جيد! "، وفي "اللباب" (ص 197) -أيضاً-: "رجال إسناده ثقات!! ".

أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, قال: فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله، قالت: فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون، قال: فبلغ القوم رجوعه، قال: فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصفوا له حين صلى الظهر، فقالوا: نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله، بعثت إلينا رجلًا مصدقاً فسررنا بذلك وقرّت به أعيننا، ثم إنه رجع من بعض الطريق؛ فخشينا أن يكون ذلك غضباً من الله ومن رسوله، فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال وأذن بصلاة العصر، قال: ونزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} الآية؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط ثم أحد بني عمرو بن أمية ثم أحد بني أبي معيط إلى بني المصطلق؛ ليأخذ منهم الصدقات، وإنه لما أتاهم الخبر؛ فرحوا، وخرجوا ليتلقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه؛ رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إن بني المصطلق ¬

_ (¬1) أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 332)، و"المطالب العالية" (9/ 40 رقم 4111)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 78)، والطبراني في "المعجم الكبير" (23/ 326 رقم 960) من طريق موسى بن عبيدة الربذي عن ثابت مولى أم سلمة عن أم سلمة. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على موسى بن عبيدة وهو ضعيف، وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 111)، وثابت لم يوثقه إلا ابن حبان (4/ 95) وقال: "روى عنه أهل المدينة"؛ فمثله يكون في عداد المجهول -والله أعلم-. وقال الحافظ في "الكاف الشاف" (ص 156 رقم 180): "وفيه موسى بن عبيدة؛ وهو ضعيف". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 556) وزاد نسبته لابن مردويه.

قد منعوا الصدقة؛ فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غضباً شديداً، فبينما هو يحدث نفسه أن يغزوهم؛ أتاه الوفد، فقالوا: يا رسول الله! إنا حُدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق، وإنا خشينا أن يكون رده كتاب جاءه منك؛ لغضب غضبته علينا، وإنا نعوذ الله من غضبه وغضب رسوله؛ فأنزل الله عذرهم في الكتاب، فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن علقمة بن ناجية؛ قال: بعث إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوليد بن عقبة بن أبي معيط يصدق أموالنا، فسار حتى إذا كان قريباً منا -وذلك بعد وقعة المريسيع-؛ رجع؛ فركبنا في أثره، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أتيت قوماً في جاهليتهم أخذوا اللباس ومنعوا الصدقة، فلم يغير ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)}، وأتى المصطلقون النبي - صلى الله عليه وسلم - إثر الوليد بطائفة من صدقاتهم يسوقونها، ونفقات يحملونها، فذكروا ذلك له، وأنهم يطلبون الوليد بصدقاتهم فلم يجدوه، فدفعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان معهم، وقالوا: يا رسول الله! بلغنا مخرج رسولك فسررنا، وقلنا: نتلقاه، فبلغنا رجعته؛ فخفنا أن يكون ذلك من سخطه علينا، وعرضوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يشتروا منه ما بقي، فقبل منهم الفرائض، وقال: "ارجعوا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 78)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 54، 55)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 556)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (66/ 167) كما في "الدر المنثور" (7/ 556). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

بنفقاتكم لا نبيع شيئاً من الصدقات حتى نقبضه"، فرجعوا إلى أهليهم، وبعث إليهم من يقبض بقية صدقاتهم (¬1). [حسن] * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوليد بن عقبة إلى بني وليعة، وكانت بينهم شحناء في الجاهلية، فلما بلغ بني وليعة استقبلوه؛ لينظروا ما في نفسه، فخشي القوم، فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن بني وليعة أرادوا قتلي ومنعوني الصدقة، فلما بلغ بني وليعة الذي قال الوليد عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله! لقد كذب الوليد، ولكن كانت بيننا وبينه شحناء؛ فخشينا أن يعاقبنا بالذي كان بيننا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلًا عندي كنفسي، يقتل مقاتلتهم ويسبي ذراريهم وهو هذا"، ثم ضرب بيده على كتف علي بن أبي طالب، قال: وأنزل الله في الوليد: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 6 - 7 رقم 4)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4/ 309، 310 رقم 2335) -ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (4/ 2175 رقم 5453)، وابن الأثير في "أسد الغابة" (3/ 585) -، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 556) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (66/ 168) -، والهيثم بن كليب في "مسنده" -ومن طريقه ابن عساكر (66/ 168) - عن يعقوب بن حميد بن كاسب نا عيسى بن الحضرمي بن كلثوم بن علقمة بن ناجية عن جده عن أبيه به. قلنا: وهذا سند حسن. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 110): "رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما يعقوب بن حميد بن كاسب وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور!! وبقية رجاله ثقات". قلنا: المتقرر في حال يعقوب أنه صدوق ما لم يخالف. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 556) وزاد نسبته لابن مردويه.

عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ في كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ في قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)} (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد في قوله -تعالى-: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ}؛ قال: الوليد بن عقبة بن أبي معيط، بعثه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني المصطلق؛ ليصدقهم؛ فتلقوه بالهدية، فرجع إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن بني المصطلق جمعت لتقاتلك (¬2). [ضعيف] * عن قتادة في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)} وهو ابن أبي معيط الوليد بن عقبة، بعثه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - مصدقاً إلى بني المصطلق، ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم "الأوسط" (4/ 133، 134 رقم 3797)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الفتح السماوي" (3/ 1002) من طريق عبد الله بن عبد القدوس ثنا الأعمش عن موسى بن المسيب عن سالم بن أبي الجعد عن جابر به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الأعمش؛ مدلس وقد عنعنه. الثانية: عبد الله بن عبد القدوس؛ ضعيف. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 110): "وفيه عبد الله بن عبد القدوس التميمي وقد ضعفه الجمهور ووثقه ابن حبان، وبقية رجاله ثقات". اهـ. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 78، 79)، وآدم بن إياس؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 557) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 55) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (66/ 169) - من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 557) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

فلما أبصروه؛ أقبلوا نحوه، فهابهم؛ فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإِسلام، فبعث نبي الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد وأمره أن يتثبت ولا يعجل، فانطلق حتى أتاهم ليلاً، فبعث عيونه فلما جاؤوا؛ أخبروا خالداً أنهم مستمسكون بالإِسلام وسمعوا أذانهم وصلاتهم، فلما أصبحوا؛ أتاهم خالد فرأى الذي يعجبه، فرجع إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره الخبر؛ فأنزل الله - عزّ وجلّ- ما تسمعون، فكان نبي الله يقول: "التبين من الله والعجلة من الشيطان" (¬1). [ضعيف] * عن الحسن: أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا نبي الله! إن بني فلان -حياً من أحياء العرب، وكان في نفسه عليهم شيء، وكانوا حديثي عهد بالإِسلام- قد تركوا الصلاة وارتدوا وكفروا بالله، قال: فلم يعجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودعا خالد بن الوليد، فبعثه إليهم، ثم قال: "ارمقهم عند الصلاة، فإن كان القوم قد تركوا الصلاة؛ فشأنك بهم، وإلا؛ فلا تعجل عليهم"، قال: فدنا منهم عند غروب الشمس، فكمن حيث سمع الصلاة، فرمقهم؛ فإذا هو بالمؤذن قد قام حين غربت الشمس، فأذن ثم أقام الصلاة، فصلوا المغرب؛ فقال خالد بن الوليد: ما أراهم إلا يصلون، فلعلهم تركوا غير هذه الصلاة، ثم كمن حتى إذا جن الليل وغاب الشفق أذن مؤذنهم فصلوا، قالوا: فلعلهم تركوا صلاة أخرى، فكمن، حتى إذا كان في جوف الليل فتقدم حتى أظل الخيل بدورهم؛ فإذا القوم تعلموا شيئاً من القرآن فهم يتهجدون به من الليل ويقرأونه، ثم أتاهم عند ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 231)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 79)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (66/ 169) من طريق معمر وسعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 558) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

الصبح؛ فإذا المؤذن حين طلع الفجر قد أذن ثم أقام فقاموا فصلوا، فلما انصرفوا وأضاء لهم النهار؛ إذا هم بنواصي الخيل في ديارهم، فقالوا: ما هذا؟ قالوا: هذا خالد بن الوليد، وكان رجلاً مشنعاً، فقالوا: يا خالد! ما شأنك؟ قال: أنتم والله شأني، أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقيل له: إنكم كفرتم بالله وتركتم الصلاة؛ فجعلوا يبكون، فقالوا: نعوذ بالله أن نكفر بالله أبداً، قال: فصرف الخيل وردها عنهم حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا}؛ قال الحسن: فوالله؛ لئن كانت نزلت في هؤلاء القوم خاصة إنها المرسلة إلى يوم القيامة ما نسخها شيء (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق يصدقهم، فلم يبلغهم ورجع، فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنهم عصوا، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجهز إليهم؛ إذ جاء رجل من بني المصطلق، فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سمعنا أنك أرسلت إلينا؛ ففرحنا به واستبشرنا به، وإنه لم يبلغنا رسولك، وكذب؛ فأنزل الله فيه -وسماه فاسقاً-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} (¬2). [ضعيف] * {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)}. * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لو أتيت ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 557 - 558) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 558) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

عبد الله بن أُبيّ؛ فانطلق إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وركب حماراً، فانطلق المسلمون يمشون معه وهي أرض سبخة، فلما أتاه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: إليك عني، والله لقد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار منهم: والله لحمار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطيب ريحاً منك؛ فغضب لعبد الله رجل من قومه فشتما، فغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهما ضرب بالحديد والأيدي والنعال، فبلغنا أنها أنزلت: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} (¬1). [صحيح] * عن أبي مالك في قوله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)}؛ قال: رجلان اقتتلا؛ فغضب لذا قومه ولذا قومه، فاجتمعوا حتى أُضربوا بالنعال؛ حتى كاد يكون بينهم قتال؛ فأنزل الله هذه الآية (¬2). [ضعيف] * عن الحسن: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}؛ قال: كانت تكون الخصومة بين الحيين فيدعوهم إلى الحكم؛ فيأبون أن يجيبوا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 2691)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 1799). (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 81) من طريقين عن حصين عن أبي مالك. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 560) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن المنذر.

بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} يقول: ادفعوهم إلى الحكم فكان قتالهم الدفع (¬1). [ضعيف جداً] * عن السدي: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)}؛ قال: كانت امرأة من الأنصار يقال لها: أم زيد تحت رجل، فكان بينها وبين زوجها شيء؛ فرقاها إلى عليه، فقال لهم: احفظوا، فبلغ ذلك قومها فجاؤوا وجاء قومه فاقتتلوا بالأيدي والنعال، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء؛ ليصلح بينهم؛ فنزل القرآن: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)}، قال: {تَبْغِي} لا ترضى بصلح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (6/ 81): ثنا ابن حميد ثنا مهران ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: ابن حميد؛ متروك الحديث. الثانية: مهران؛ سيئ الحفظ له أوهام. الثالثة: المبارك؛ مدلس وقد عنعن. الرابعة: الإرسال. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 81، 82): ثنا ابن حميد ثنا مهران ثنا سفيان عن السدي به. =

* عن قتادة: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)}: ذكر لنا أنها نزلت في رجلين من الأنصار، كانت بينهما مماراة في حق بينهما، فقال أحدهما للآخر: لآخذن عنوة؛ لكثرة عشيرته، وأن الآخر دعاه ليحاكمه إلى نبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأبى أن يتبعه، فلم يزل الأمر حتى تدافعوا وحتى تناول بعضهم بعضاً بالأيدي والنعال، ولم يكن قتال بالسيوف (¬1). [ضعيف] * عن الحسن: أن قوماً من المسلمين كان بينهم تنازع؛ حتى اضطربوا بالنعال والأيدي؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} (¬2). [ضعيف] * عن سعيد بن جبير؛ قال: إن الأوس والخزرج كان بينهما قتال بالسيف والنعال؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ¬

_ = قلنا: وهذا سنده ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإعضال. الثانية: مهران؛ سيئ الحفظ. الثالثة: ابن حميد؛ متروك. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 560)، و"لباب النقول" (ص 197) وزاد نسبته لابن أبي حاتم. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 82): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زيع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 560) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 82): ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا ابن ثور عن معمر عن الحسن به. قلنا: وسنده ضعيف.

فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} (¬1). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)}. * عن مقاتل في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)}؛ قال: نزلت في قوم من بني تميم استهزأوا من بلال وسلمان وعمار وخباب وصهيب وابن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة (¬2). [ضعيف] * عن أبي جبيرة بن الضحاك -رضي الله عنه-؛ قال: فينا نزلت الآية؛ قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وما منا رجل إلا له اسمان أو ثلاثة، كان إذا دعا الرجل بالاسم؛ قلنا: يا رسول الله! إنه يغضب من هذا؛ فأنزلت: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 560) ونسبه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 563) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬3) أخرجه أبو داود (رقم 4962)، والترمذي (رقم 3268)، والنسائي في "تفسيره" (2/ 320 رقم 536)، وابن ماجه (رقم 3741)، وأحمد في "المسند" (4/ 69، 260)، والبخاري في "الأدب المفرد" (رقم 330)، وأبو يعلى في "المسند" (12/ 252، 253 رقم 6853)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 84)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1761 - "موارد")، والطبراني في "المعجم الكبير" =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}؛ قال: كان هذا الحي من الأنصار قَلَّ رجل منهم إلا وله اسمان أو ثلاثة، فربما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل منهم ببعض تلك الأسماء، ¬

_ = (22/ رقم 968، 969)، و"الأوسط" (2/ 123 رقم 1456)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" (3/ 391/ 1327 و5/ 16)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم 398)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4/ 149، 150 رقم 2132)، وابن قانع في "معجم الصحابة" (2/ 33)، وابن الأثير في "أسد الغابة" (5/ 47)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 463، 4/ 281، 282)، والبيهقي في "الآداب" (296/ 619)، و"شعب الإيمان" (5/ 307، 308 رقم 6745، 6746، 6747)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 264)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (5/ 2852 رقم 6720)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (5/ 47)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (8/ 81، 82/ 80 و82/ 81) والمزي في "تهذيب الكمال" (33/ 182، 183) من طرق عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي جبيرة بن الضحاك. قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح". وقال الحاكم في "الموضع الأول": "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال في "الموضع الثاني": "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 317): "رواه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط"؛ ورجالهما رجال الصحيح". وصححه شيخنا الألباني -رحمه الله- في "صحيح الأدب المفرد". وأخرجه أحمد (5/ 380)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (3/ رقم 3901) من حديث أبي جبيرة عن عمومة له به. قلنا: وسنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 563) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر والشيرازي في "الألقاب" وابن مردويه.

فيقال: يا رسول الله! إنه يكره هذا الاسم؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} (¬1). [صحيح] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)}. * عن السدي في قوله -تعالى-: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}؛ قال: نزلت هذه الآية في رجل كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، أرسل بعض الصحابة إليه يطلب منه إداماً فمنع، فقالوا له: إنه لبخيل وخيم؛ فنزلت في ذلك. [ضعيف] * عن مقاتل؛ قال: نزلت هذه الآية في رجل كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم -, أرسل بعض الصحابة إليه يطلب منه إداماً فمنع، فقالوا له: إنه لبخيل وخيم؛ فنزلت في ذلك (¬2). [ضعيف] * عن ابن جريج في قوله -تعالى-: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}؛ قال: زعموا أنها نزلت في سلمان الفارسي، أكل ثم رقد؛ فنفخ فذكر رجلان أكله ورقاده؛ فنزلت (¬3). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)}. * عن ابن أبي مليكة؛ قال: لما كان يوم الفتح؛ رقى بلال فأذن على الكعبة، فقال بعض الناس: هذا العبد الأسود يؤذن على ظهر ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 564) ونسبه لابن مردويه. (¬2) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 570) ونسبهما لابن أبي حاتم. قلنا: وهما ضعيفان؛ لإعضالهما. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 570) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهذا -أيضاً- ضعيف؛ لإعضاله.

الكعبة، وقال بعضهم: إن يسخط الله هذا يغيره؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} (¬1). [ضعيف] * عن الزهري؛ قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم، فقالوا: يا رسول الله! أتزوج بناتنا موالينا؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)}؛ قال الزهري: نزلت في أبي هند خاصة، قال: وكان أبو هند حجام النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). [ضعيف] * {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)}. * عن قتادة؛ قال: قوله -تعالى-: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (5/ 79) بسند صحيح إلى عبد الرزاق؛ قال: أنبأ معمر عن أيوب عن عكرمة به، ليس فيه ذكر لسبب النزول. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 578) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم. (¬2) أخرجه أبو داود في "المراسيل" (رقم 195، 230) عن عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد كلاهما عن بقية ثنا الزبيدي ثني الزهري به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد، وصرح بقية بالتحديث كما ترى. وقال أبو داود عقبه: "روي بعضه مسنداً وهو ضعيف". وزاد السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 578) نسبته لابن المنذر وابن جريج والبيهقي في "سننه" وابن مردويه. قلنا: هو عند البيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 137) معلقاً عن أبي داود. وأخرجه ابن مردويه موصولاً -كما في "الدر المنثور"- عن الزهري عن عروة عن عائشة به. قلنا: وقد تقدم قول أبي داود: "وروي بعضه مسنداً وهو ضعيف".

تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)} ولعمري ما عمت هذه الآية الأعراب؛ إن من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر، ولكن إنما أنزلت في حيّ من أحياء العرب امتنوا بإسلامهم على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان؛ فقال الله -تعالى-: لا تقولوا: آمنا {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} حتى بلغ: {فِي قُلُوبِكُمْ} (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: أعراب بني أسد من خزيمة (¬2). [ضعيف] * {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قدم وقد بني أسد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتكلموا؛ فقالوا: قاتلتك مضر ولسنا بأقلهم عدداً ولا أكلَّهم شوكة، وصلنا رحمك، فقال لأبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-: "تكلموا هكذا"، قالوا: لا، قال: "إن فقه هؤلاء قليل، وإن الشيطان ينطق على ألسنتهم"، قال عطاء في حديثه؛ فأنزل الله -جلّ وعزّ-: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)} (¬3). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 90) من طريق معمر وسعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وزاد السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 583) نسبته لعبد بن حميد. (¬2) أخرجه الطبري (26/ 89) من طريقين عن ابن أبي نجيح عنه به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 582) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬3) أخرجه أبو يعلى في "المسند" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث =

* عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: قدم عشرة رهط من بني أسد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أول سنة تسع وفيهم حضرمي بن عامر وضرار بن ¬

_ = المختارة" (10/ 345 رقم 373) -، والنسائي في "التفسير" (2/ 324 رقم 539): ثنا سعيد بن يحيى الأموي، والبزار في "مسنده"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 235) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 346 رقم 374) -: ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري كلاهما عن يحيى بن سعيد الأموي عن محمد بن قيس عن أبي عون عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: أبو عون هو عطاء بن السائب؛ صدوق؛ لكنه اختلط، ولم يذكروا محمداً ضمن الذين رووا عنه قبل الاختلاط. وقد قال أبو زرعة: "حديث أبي عون عن سعيد مرسل". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 585) وزاد نسبته لابن مردويه. وله شاهد من حديث عبد الله بن أبي أوفي بنحوه. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (8/ 78 رقم 8016)، و"الكبير"؛ كما في "مجمع الزوائد" (7/ 112) من طريق حفص بن غياث عن حجاج بن أرطاة عن إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي عن عبد الله به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ الحجاج بن أرطاة صدوق كثير الخطأ والتدليس. قال الهيثمي: "وفيه الحجاج بن أرطاة، وهو ثقة!! ولكنه مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح". وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 199)، و"الدر المنثور" (7/ 585): "بسند حسن! "، وزاد في "الدر الممنثور" نسبته لابن المنذر وابن مردويه. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 92): ثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ رجاله رجال الصحيحين، وهو أصح من موصول حديث ابن عباس فالعمدة على هذا. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 585) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه. لكن الحديث بمجموع مرسل سعيد بن جبير وموصول حديث ابن أبي أوفى يرتقي إلى درجة الحسن بإذن الله.

الأزور ووابصة بن معبد وقتادة بن القائف وسلمة بن جيش ونقادة بن عبد الله بن خلف وطلحة بن خويلد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد مع أصحابه؛ فسلموا، وقال متكلمهم: يا رسول الله! إنا شهدنا أن الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، وجئناك يا رسول الله! ولم تبعث إلينا بعثاً، ونحن لمن وراءنا سلم؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن الحسن؛ قال: لما فتحت مكة؛ جاء ناس، فقالوا: يا رسول الله! إنا قد أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/ 2/ 39): نا محمد بن عمر عن هشام بن سعيد عن محمد به. قلنا: وهذا مرسل واه بمرة، ضعيف جداً؛ فيه الواقدي الهالك. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 585) ونسبه لابن أبي حاتم وابن مردويه. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

سورة ق

سورة ق * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة ق بمكة (¬1). * {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن اليهود أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألته، عن خلق السماوات والأرض؛ فقال: "خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق الله الجبال يوم الثلاثاء وما فيهن من منافع، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب؛ فهذه أربعة فقال -عزّ وجلّ-: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)} [فصلت:9, 10]، وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه؛ فخلق في أول ساعة من هذه الثلاث الساعات الآجال حين يموت من مات، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء فما ينتفع به الناس، وفي الثالثة آدم أسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها في آخر ساعة"، ثم قالت اليهود: ثم ماذا يا محمد؟! قال: ثم استوى ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 587) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.

على العرش"، قالوا: قد أصبت لو أتممت، قالوا: ثم استراح، قال: فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - غضباً شديداً؛ فنزلت: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/ 543)، والطبري في "جامع البيان" (24/ 61)، و"تاريخ الأمم والملوك" (1/ 28)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 266)، والنحاس في "ناسخه" (ص 226)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2/ 202، 203 رقم 765)، وأبو الشيخ في "العظمة" (4/ 1362، 1363 رقم 878) من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي سعد البقال عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على أبي سعد البقال وهو ضعيف مدلس؛ كما في "التقريب" (1/ 305). قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"؛ فتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: فيه أبو سعد البقال؛ قال ابن معين: لا يكتب حديثه". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 314) وزاد نسبته لابن مردويه. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 210، 211) عن معمر عن ابن عيينة عن أبي سعيد البقال عن عكرمة مولى ابن عباس به مرسلاً. قلنا: وفيه البقال كما ترى، وخالف معمراً إسماعيلُ بن صبيح اليشكري (وهو صدق)؛ فرواه عن ابن عيينة به موصولاً بذكر ابن عباس. أخرجه الحاكم (2/ 450, 451). قال الحاكم: "وهذا حديث قد أرسله عبد الرزاق عن ابن عيينة عن أبي سعد ولم يذكر فيه ابن عباس وكتبناه متصلاً من هذه الرواية -والله أعلم-" ووافقه الذهبي. قلنا: لا شك أن رواية عبد الرزاق أصح، خاصة أننا لم نجد ترجمة للحسن بن إسماعيل راويه عن إسماعيل بن صبيح، وعلى كل: سواء صحت هذه أو تلك؛ فمدار الحديث في كلتيهما على أبي سعد البقال الضعيف؛ ولذلك قال عنه الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 101): "فيه غرابة". وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (4/ 1371 رقم 887) من طريق الحجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن عكرمة؛ قال: إن اليهود =

* عن أبي بكر؛ قال: جاءت اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا محمد! أخبرنا: ما خلق الله من الخلق في هذه الأيام الستة؟ فقال: "خلق الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال يوم الثلاثاء، وخلق المدائن والأقوات والأنهار وعمرانها وخرابها يوم الأربعاء، وخلق السماوات والملائكة يوم الخميس إلى ثلاثة ساعات؛ يعني: من يوم الجمعة؛ وخلق في أول الثلاث الساعات: الآجال، وفي الثانية: الآفة، وفي الثالثة: آدم"، قالوا: صدقت إن أتممت، فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يريدون؛ فغضب؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} (¬1). [ضعيف جداً] • عن الضحاك؛ قال: قالت اليهود: ابتدأ الله الخلق يوم الأحد ¬

_ = قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما يوم الأحد؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فيه خلق الله -عزّ وجلّ- الأرض وكبسها"، قالوا: الاثنين؟ قال: "خلق فيه وفي الثلاثاء الجبال والماء وكذا وكذا وما شاء الله -تعالى-"، قالوا: فيوم الأربعاء؟ قال: "الأقوات"، قالوا: فيوم الخميس؟ قال: "فيه خلق الله -عزّ وجلّ- السماوات"، قالوا: يوم الجمعة؟ قال: "خلق في ساعتين الملائكة، وفي ساعتين الجنة والنار، وفي ساعتين الشمس والقمر والكواكب، وفي ساعتين الليل والنهار"، قالوا: السبت؟ ذكروا الراحة، قال: "سبحان الله! "، وأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)}. قلنا: وسنده ضعيف؛ عطاء بن السائب اختلط، وحماد روى عنه قبل اختلاطه وبعده؛ فيتوقف فيه. ثم أخرجه (4/ 1372 رقم 888) من طريق عفان بن مسلم ثنا حماد به موصولاً بذكر ابن عباس. قلنا: ولعل هذا من تخاليط عطاء؛ فكان تارة يرسله، وتارة أخرى يوصله. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 111): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن أبي سفيان عن أبي بكر به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: ابن حميد؛ متروك متهم بالكذب. الثانية؛ مهران؛ له أوهام وهو سيئ الحفظ.

والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، واستراح يوم السبت؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)} (¬1). [ضعيف] * عن قتادة في قوله: {مِنْ لُغُوبٍ}؛ قال: قالت اليهود: إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ففرغ من الخلق يوم الجمعة واستراح يوم السبت؛ فأكذبهم الله -عزّ وجلّ-، وقال: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} (¬2). [ضعيف] * عن العوام بن حوشب؛ قال: سألت أبا مجلز عن الرجل يجلس فيضع إحدى رجليه على الأخرى؛ فقال: لا بأس به، إنما كره ذلك اليهود؛ زعموا أن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استراح يوم السبت؛ فجلس تلك الجلسة!! فأنزل الله -تعالى-: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)} (¬3). [ضعيف] * {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قالوا: يا رسول الله! لو خوفتنا؛ فنزلت: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)} (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 609) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 239)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 112) من طريق معمر وسعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 609) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬3) نسبه السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 610) للخطيب في "تاريخه". قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬4) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (26/ 115): ثني نصر بن عبد الرحمن الأودي؛ =

سورة الذاريات

سورة الذاريات * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الذاريات بمكة (¬1). * {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)} * عن الحسن بن محمد بن الحنفية؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فأصابوا وغنموا، فجاء قوم بعدما فرغوا؛ فنزلت: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قال: ثنا حكام بن سلم الرازي عن أيوب عن عمرو بن قيس الملائي عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لانقطاعه بين عمرو وابن عباس، فعمرو من أتباع التابعين ولم يدرك أحداً من الصحابة، وأيوب بن سيار؛ ضعفه أبو حاتم وأبو زرعة وابن معين وغيرهم. وخالف ابن حميد -وهو ضعيف متهم- نصراً؛ فرواه عن حكام به مرسلاً لم يذكر ابن عباس. أخرجه الطبري. وعلى كل؛ فالحديث ضعيف على كلا الحالين. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 613) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وأخرج ابن مردويه في "تفسيره" عن ابن الزبير مثله. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 412 رقم 15075)، وأبو عبيد في "الأموال" (ص 557)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 125) من طرق عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن الحسن به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. =

* {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)}. * عن مجاهد؛ قال: خرجِ علينا عليٌّ معتجراً ببرد مشتملاً في خميصة، قال: لما نزلت: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)}؛ اشتد على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يبق منا أحد إلا أيقن بالهلكة؛ إذ أمر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أن يتولى عنهم، حتى نزلت: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)}؛ فطابت أنفسنا (¬1). [صحيح] * عن قتادة؛ قوله -تعالى-: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)}: ذكر لنا أنها لما نزلت هذه الآية؛ اشتد على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 616) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. (¬1) أخرجه أحمد بن منيع وإسحاق بن راهويه في "مسنديهما"؛ كما في "المطالب العالية" (9/ 42 رقم 4115، 4116، 4117)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 165، 166 رقم 7834 و8/ 166 رقم 7835)، و"الأحاديث المختارة" (2/ 336)، والهيثم بن كليب في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية المسندة" (9/ 43) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (2/ 335، 336 رقم 714) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 624) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (2/ 336، 337 رقم 715) -، والطبري في "جامع البيان" (27/ 7، 8)، والضياء المقدسي (2/ 335 رقم 713)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 276، 227 رقم 1750)، والواحدي في "الوسيط" (4/ 180) من طرق عن مجاهد قال: (فذكره). قلنا: وسنده صحيح. قال البوصيري: "رواه أحمد بن منيع بسند رواته ثقات". والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 624) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.

ورأوا أن الوحي قد انقطع، وأن العذاب قد حضر؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى- بعد ذلك: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)} (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (27/ 7): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

سورة الطور

سورة الطور * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الطور بمكة (¬1). * {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن قريشاً لما اجتمعوا في دار الندوة في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال قائل منهم: احبسوه في وثاق، وتربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء: زهير والنابغة، إنما هو كأحدهم؛ فأنزل الله -تعالى- في ذلك من قولهم: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)} (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى- لأهل الجنة: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19)} [الطور: 19]، قوله: هنيئاً؛ أي: لا تموتون فيها؛ فعندها قالوا: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59)} [الصافات: 58، 59] (¬3). [حسن] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 626) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي. وأخرج ابن مردويه في "تفسيره" عن ابن الزبير مثله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (27/ 19): ثني سعيد بن يحيى الأموي ثني أبي ثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ ابن إسحاق مدلس وقد عنعن، فإن وجد فيه موضع قد صرح فيه بالتحديث؛ فهو حسن، وإلا؛ فلا. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (27/ 44)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" =

سورة النجم

سورة النجم * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة النجم بمكة. * وعن ابن الزبير مثله (¬1). * {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)}. * عن ثابت بن الحارث الأنصاري -رضي الله عنه-؛ قال: كانت اليهود تقول إذا هلك لهم صبي صغير: هو صدّيق، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: "كذبت يهود؛ ما من نسمة يخلقها الله في بطن أمه إلا أنه شقي أو سعيد"؛ فأنزل الله -تعالى- عند ذلك هذه الآية: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ ¬

_ = (ص 230)، والبيهقي في "إثبات القدر" (ص 621) من ثلاث طرق عن أبي صالح ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن -إن شاء الله-، وقد أعل بعلتين هما على التحقيق ليست بشيء: الأولى: الانقطاع بين ابن عباس وعلي، لكن قلنا مراراً في أكثر من موضع وذكرنا أقوال أهل العلم: أن رواية علي عن ابن عباس محمولة على الاتصال. الثانية: ضعف أبي صالح عبد الله بن صالح، لكن الراوي عنه عند البيهقي هو الحافظ الدارمي وذكرنا سابقاً نقلًا عن الحافظ أنه يعتبر برواية أهل الحذق عنه وهذه منها. (¬1) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 639) ونسبهما لابن مردويه.

مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} (¬1). [حسن] * {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)}. * عن عكرمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في مغزاة، فجاء رجل فلم يجد ما يخرج عليه، فلقي صديقاً له فقال: أعطني شيئاً، قال: أعطيك بكري هذا على أن تتحمل بذنوبي؛ فقال له: نعم؛ فأنزل الله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34)} (¬2). [ضعيف] * عن دراج أبي السمح؛ قال: خرجت سرية غازية، فسأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحمله، فقال: "لا أجد ما أحملك عليه"؛ فانصرف حزيناً، فمر برجل رحاله منيخة بين يديه فشكا إليه، فقال له الرجل: هل لك أن أحملك فتلحق الجيش؟ فقال: نعم؛ فنزلت: {أَفَرَءَتتَ اَلَّذِى ¬

_ (¬1) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 267)، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/ 81، 82 رقم 1368) -وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/ 243، 244 رقم 1334) - من طريق ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن ثابت به. قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات، وأما ما يخشى من ضعف ابن لهيعة؛ فإن الراوي عنه عند الواحدي هو عبد الله بن وهب وهو من قدماء أصحابه؛ فتنبه. والحديث ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 201)، و"الدر المنثور" (7/ 657) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 659)، و"لباب النقول" (ص 201) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

تَوَلَّى (33)} إلى قوله: {ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله -تعالى-: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)}؛ قال: هذا رجل أسلم، فلقيه بعض من يعيره فقال: أتركت دين الأشياخ وضللّتهم، وزعمت أنهم في النار؟! كان ينبغي لك أن تنصرهم، فكيف يفعل بآبائك؟ فقال: إني خشيت عذاب الله، فقال: أعطني شيئاً وأنا أحمل كل عذاب كان عليك عنك، فأعطاه شيئاً، فقال: زدني، فتعاسر حتى أعطاه شيئاً، وكتب له كتاباً، وأشهد له؛ فذلك قول الله -تعالى- {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35)} نزلت فيه هذه الآية (¬2). [ضعيف جداً] * {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كانوا يمرون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي شامخين؛ فنزلت: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)} (¬3). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور"، و"اللباب" ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (27/ 42): ثنا يونس نا ابن وهب؛ قال: قال ابن زيد. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لضعف عبد الرحمن، وإعضاله. (¬3) ذكره السيوطي في "اللباب" (ص 202) ونسبه لابن أبي حاتم. لكن أخرجه الطبري في "جامع البيان" (27/ 48، 49)، وأبو يعلى في "المسند" (5/ 84، 85 رقم 2685) عن الأشجعي عن الثوري عن حكيم الديلمي عن الضحاك عن ابن عباس في قوله: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)}؛ قال: كانوا يقرون على =

سورة القمر

سورة القمر * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة القمر بمكة (¬1). * وعنه -أيضاً-؛ قال: نزلت بمكة سورة {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} (¬2). * وعن ابن الزبير مثله (¬3). * {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)}. * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: سأل أهل مكة النبي - صلى الله عليه وسلم - آية؛ فانشق القمر بمكة مرتين؛ فنزلت: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)}، يقول: ذاهب (¬4). [صحيح] ¬

_ = النبي - صلى الله عليه وسلم - شامخين، ألم تر إلى العجل كيف يخطر شامخاً؟! وهذا كما ترى ليس فيه سبب نزول. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 166): "رواه أبو يعلى؛ وفيه الضحاك بن مزاحم وقد وثق وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات؛ لكنه لم يسمع من ابن عباس". وهو كما قال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 667) وزاد نسبته للفريابي وابن مردويه. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 669) ونسبه للنحاس. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". (¬3) أخرجه ابن مردويه. كما في "الدر المنثور" (7/ 669). (¬4) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 257) -ومن طريقه مسلم في "صحيحه" (4/ 2159 - لكن لم يسق لفظه)، وأحمد (3/ 165)، وعبد بن حميد في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = "المسند" (3/ 92 رقم 1182)، والترمذي في "الجامع" (5/ 397 رقم 3286)، والأصبهاني في "دلائل النبوة" (1/ 262 رقم 6)، وأبو يعلى في "المسند" (5/ 463 رقم 3187)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 472)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 263) - عن معمر عن قتادة عن أنس به. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح". وقال الحاكم: "قد اتفق الشيخان على حديث شعبة عن قتادة عن أنس: انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, ولم يخرجاه بسياقة حديث معمر، وهو صحيح على شرطهما". قلنا: وهو كما قال، وقد توسع أخونا الفاضل مساعد الراشد -حفظه الله- في تخريج رواياته في تعليقه على "دلائل النبوة" للأصبهاني؛ فانظرها غير مأمور. وأخرج أبو داود الطيالسي في "مسنده" (2/ 123 رقم 2447 - منحة)، والطبري في "جامع البيان" (27/ 50، 51)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 268)، وأبو نعيم في "الدلائل النبوة" (ص 235، 236)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 266) من طريق أبي عوانة عن المغيرة عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله بن مسعود؛ قال: انشق القمر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -, فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة، فقالوا: انتظروا ما يأتيكم به السفار؛ فإن محمداً لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فجاء السفار فسألوهم؛ فقالوا: نعم قد رأيناه؛ فأنزل الله -تعالى-: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)}. قلنا: وسنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 670) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. وأخرج عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 257) -ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" (2/ 471)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 265) - عن ابن عيينة ومحمد بن مسلم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الله بن مسعود؛ قال: رأيت القمر منشقاً شقتين مرتين بمكة قبل مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -: شقة على أبي قبيس، وشقة على السويداء، فقالوا: سحر القمر؛ فنزلت: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} يقول: كما رأيتم القمر منشقاً؛ فإن الذي أخبرتكم عن اقتراب الساعة حق. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كسف القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالوا: سحر القمر؛ فنزلت: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} إلي قوله: {مُسْتَمِرٌّ} (¬1). [منكر] ¬

_ = قلنا: وسنده صحيح. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، إنما اتفقا على حديث أبي معمر عن عبد الله مختصراً، وهذا حديث لا نستغني فيه عن متابعة الصحابة بعض لبعض"، ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 670) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه. (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم"الكبير" (11/ 200 رقم 11642)، و"الأوسط" (8/ 175 رقم 8315) من طريقين عن محمد بن يحيى القطعي نا محمد بن بكر البرساني عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به. ولفظ "الأوسط": "الشمس" بدل "القمر". قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ رجاله ثقات رجال الصحيح؛ لكن فيه علة خفية، وهي تدليس ابن جريج؛ قال الحافظ الدارقطني -كما في "سؤالات الحاكم"-: "يتجنب تدليس ابن جريج؛ فإنه وحش التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح؛ كابن أبي يحيى وموسى بن عبيدة". وهذا الحديث سمعه من متروك، وهو إبراهيم بن زيد الخوزي، يوضح لنا هذا رواية الطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 200 رقم 11643)؛ فقد رواه من طريق إبراهيم هذا عن عمرو بن دينار به إلا أنه قال: الشمس بدل من القمر. وهذه العلة تقدح في صحة الحديث. وقد وقع لبعض أهل العلم أوهام ينبغي التنبيه عليها: قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 209): "رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه موسى بن زكريا شيخ الطبراني، فإن كان هو التستري؛ فقد تكلم فيه الدارقطني، وإن كان غيره؛ فلا أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح". قلنا: هو التستري المتروك؛ لكنه توبع، تابعه الحافظ البزار عند الطبراني. قال أخونا الفاضل الشيخ مقبل الوادعي -رحمه الله- في كتابه "الصحيح المسند من أسباب النزول" (ص 146): "وأخرج الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح عن =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: جاءت أحبار اليهود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: أرنا آية حتى نؤمن؛ فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه أن يريه آية؛ فأراهم القمر قد انشق، فصار قمرين؛ أحدهما على الصفا، والآخر على المروة قدر ما بين العصر إلى الليل ينظرون إليه، ثم غاب القمر؛ فقالوا: هذا سحر مستمر (¬1). [ضعيف] ¬

_ = ابن عباس (فذكره) "، ونقل عن الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (3/ 120) قوله: "سنده جيد". قلنا: وأين ذهبت عنعنة ابن جريج! ولذلك قال الحافظ ابن كثير -نفسه- في "البداية والنهاية" (6/ 75، 76): "وهذا سياق غريب". وتقدم أن الصحيح من سبب نزول الآية هو بسبب انشقاق القمر وهو المناسب لسياق الآيات: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}، ولا علاقة للآية بكسوف الشمس والقمر، ويدلك -أيضاً- على ضعف هذه الرواية أنها ذكرت الشمس، وكلام الله في الآيات عن القمر؛ فتنبه لهذا ولا تكن من الغافلين. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 671) وزاد نسبته لابن مردويه. ويؤكد هذا ما أخرجه أحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (9/ 49 رقم 4128)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 170 رقم 7844)، والطبري في "جامع البيان" (27/ 51) من طريقين صحيحين عن داود بن أبي هند عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)}؛ قال: ذاك قد مضى، كان قبل الهجرة، انشق حتى رأوا شقيه. قلنا: وهذا سند حسن؛ ورواية علي محمولة على الاتصال؛ كما قال الحافظ ابن حجر وغيره، كما تقدم بيانه في أكثر من موضع. وهذا يبين أن الكلام كله حول انشقاق القمر، لا علاقة للآية لا بكسوف القمر ولا الشمس -والله أعلم-. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 672) ونسبه لأبي نعيم في "الدلائل". قلنا: ولم نجده فيه، لكنه أخرج (ص 235) من طريق الزبير بن عدي عن الضحاك عن عبد الله بن عباس؛ قال: جاءت أحبار اليهود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أرنا آية؛ حتى نؤمن؛ فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه -عزّ وجل- أن يريهم آية؛ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فأراهم القمر قد انشق فصار قمرين: أحدهما على الصفا، والآخر على المروة قدر ما بين العصر إلى الليل ينظرون إليهما ثم غاب القمر، فقالوا: هذا سحر مستمر. وهذا سند ضعيف؛ لانقطاعه؛ فالضحاك لم يلق ابن عباس. وأخرجه (ص 234، 235) من طريق عبد الغني بن سعيد ثنا موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس. وعن مقاتل عن الضحاك عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: اجتمع المشركون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ منهم: الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، والعاص بن هشام، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى، وزمعة بن الأسود، والنضر بن الحارث ونظراؤهم كثير، فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن كنت صادقاً؛ فشق القمر لنا فرقتين: نصفاً عى أبي قبيس، ونصفاً على قعيقعان! فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن فعلت تؤمنوا؟ "، قالوا: نعم، وكانت ليلة بدر؛ فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -عزّ وجلّ- أن يعطيه ما سألوا؛ فأمسى القمر قد مَثُل نصفاً على أبي قبيس، ونصفاً على قعيقعان، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينادي: "يا أبا سلمة ابن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم! اشهدوا". قلنا: وهذا موضوع بطريقيه؛ أما الأولى؛ ففيها عبد الغني وموسى، قال الحافظ ابن حجر في "العجاب" (1/ 220): "ومن التفاسير الواهية؛ لوهاء رواتها: التفسير الذي جمعه موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني، وهو قدر مجلدين يسنده إلى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وقد نسب ابن حبان [في "المجروحين" (2/ 242)]، موسى هذا إلى وضع الحديث، ورواه عن موسى عبد الغني بن سعيد الثقفي وهو ضعيف". اهـ. قلنا: نص كلام ابن حبان: "شيخ دجال يضع الحديث، روى عنه عبد الغني بن سعيد الثقفي، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتاباً في التفسير جمعه من كلام الكلبي ومقاتل بن سليمان [وهما كذابان] وألزقه بابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، ولم يحدث به ابن عباس، ولا عطاء سمعه، ولا ابن جريج سمعه من عطاء، وإنما سمع ابن جريج من عطاء الخراساني عن ابن عباس في التفسير أحرفاً شبيهاً بجزء، وعطاء الخراساني لم يسمع من ابن عباس شيئاً ولا رآه، ولا تحل الرواية عن هذا الشيخ ولا النظر في كتابه إلا على سبيل الاعتبار". اهـ. =

* {أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان ذلك يوم بدر، قال: قالوا: نحن جميع منتصر، قال: فنزلت هذه الآية (¬1). [حسن] * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: أنزل الله -جل جلاله- على نبيه - صلى الله عليه وسلم - بمكة: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)}؛ فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله! أي جمع -وذلك قبل بدر-؟، قال: فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش؛ نظرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آثارهم مصلتاً بالسيف يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} وكان ليوم بدر؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيهم: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ} [المؤمنون: 64]، الآية، وأنزل الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: 28] الآية، ورماهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فوسعتهم الرمية، وملأت أعينهم وأفواههم؛ حتى إن الرجل ليقتل وهو يقذي عينيه رماد؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17]، وأنزل الله في إبليس: {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، [الأنفال: 48]، وقال عتبة بن ربيعة وناس معه من المشركين يوم بدر: غر هؤلاء دينهم؛ فأنزل الله: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ ¬

_ = قلنا: والطريق الثانية كالأولى؛ فمقاتل هو وابن سليمان كذاب، ولعل موسى الثقفي أخذه عنه كما تقدم عن ابن حبان، والضحاك لم يلق ابن عباس. (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/ 357 رقم 18509)، وأحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (9/ 49 رقم 4129)، والطبري في "جامع البيان" (27/ 64) من طريق داود بن أبي هند عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن؛ ورواية علي عن ابن عباس محمولة على الاتصال؛ كما تقدم مراراً. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 680) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ} [الأنفال:49] (¬1). [ضعيف جداً] * {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)}. * عن يوسف بن ماهك؛ قال؛ إني عند عائشة؛ إذ جاءها عراقي، فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك! وما يضرك؟ قال: يا أم المؤمنين! أريني مصحفك، قالت: لِمَ، قال: لعلّي أؤلف القرآن عليه؛ فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيّهُ قرأت قبل، إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإِسلام؛ نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر؛ لقالوا: لا ندع الخمر أبداً، ولو نزل: لا تزنوا؛ لقالوا: لا ندع الزنا أبداً، لقد نزل بمكة على محمد - صلى الله عليه وسلم - وإني لجارية ألعب: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)}، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف؛ فأملت عليه آي السور (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (9/ 58 رقم 9121) من طريق إبراهيم بن المنذر نا عبد العزيز بن عمران ثني محمد بن هلال عن أبيه عن أبي هريرة به. قال الطبراني عقبه: "لا يروى هذا الحديث عن أبي هريرة عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به إبراهيم بن المنذر". قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: عبد العزيز هذا؛ متروك الحديث، احترقت كتبه، فحدث من حفظه؛ فاشتد غلطه؛ كما في "التقريب" (1/ 511). الثانية: هلال -والد محمد وابن أبي هلال المدني؛ قال أحمد: "لا أعرفه"، وقال الذهبي: "لا يعرف"، ولم يوثقه إلا ابن حبان، وفي "التقريب": "مقبول". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 78): "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه عبد العزيز بن عمران، وهو ضعيف". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 681) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4876، 4993).

* {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)}. * عن أبي هريرة -رضي الله عنهما-؛ قال: جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القدر؛ فنزلت: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-؛ قال: ما نزلت هذه الآية: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} إلا في أهل القدر (¬2). [ضعيف] * عن زرارة -رضي الله عنه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)}؛ قال: "نزلت في أناس من أمتي يكونون في آخر الزمان يكذبون بقدر الله" (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 2046، 2656). (¬2) أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" (45/ 136)، والبزار في "مسنده" (3/ 72، 73 رقم 2265 - "كشف الأستار") من طريق يونس بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ يونس بن الحارث ضعيف؛ كما في "التقريب". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 117): "رواه البزار؛ وفيه يونس بن الحارث؛ وثقه ابن معين وابن حبان، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات". وقال الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار" (2/ 110 رقم 1513): "إسناده حسن! ". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 683) وزاد نسبته لابن المنذر، وقال: "بسند جيد". وكذا قال شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني -رحمه الله- في "الصحيحة" (4/ 53). والصواب ما ذكرنا. (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 286)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 276 رقم 5316)، والواحدي في "أسباب =

* عن عطاء بن أبي رباح؛ قال: أتيت ابن عباس وهو ينزع في ماء زمزم قد ابتلت أسافل ثيابه، فقلت له: قد تكلم في القدر؛ فقال: أو قد فعلوها؟ فقلت: نعم، قال: فوالله ما نزلت هذه الآية إلا فيهم: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} أولئك شرار هذه الأمة؛ لا تعودوا مرضاهم، ولا تصلوا على موتاهم، إن أريتني أحداً منهم، فقأت عينيه بأصبعي هاتين (¬1). [حسن] ¬

_ = النزول" (ص 269)، وابن شاهين؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 683) -ومن طريقه الخطيب في "تالي التلخيص" (1/ 150 رقم 65)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/ 1231 رقم 3086)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (2/ 103)، و"الإصابة" (1/ 548، 549) - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (49/ 10) -من طريق سعيد بن عمرو بن جعدة المخزومي وخالد بن سلمة عن عمرو بن زرارة عن أبيه به. قلنا: سنده ضعيف؛ لجهالة عمرو بن زرارة، وبه أعله شيخنا -رحمه الله- في "الصحيحة" (4/ 52، 53 رقم 1539). وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 117): "وفيه من لم أعرفه". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 683) وزاد نسبته لابن مردويه والبارودي. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 286، 287)، وابن بطة في "الإبانة" (2/ 121، 122 رقم 1550، ص 162 رقم 1628 - القدر)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (3/ 541 رقم 948)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 205) من طريق مروان بن شجاع المروزي عن ابن جريج عن عطاء به. قلنا: وهذا حسن رجاله ثقات؛ غير مروان؛ فيه كلام، وفي "التقريب": "صدوق له أوهام". وأما ما يخشى من عنعنة ابن جريج؛ فإن عنعنته عن عطاء خاصة محمولة على الاتصال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 683) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. =

* عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: جاء أهل نجران إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: الآجال والأرزاق بقدر الأعمال؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} (¬1). [ضعيف] * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: ما نزلت هذه الآية إلا تعييراً لأهل القدر: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = وأخرج الطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 79، 80 رقم 11163) من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس؛ قال: نزلت هذه الآية في القدرية. قلنا: وعبد الوهاب؛ متروك الحديث؛ كما في "التقريب"؛ فالحديث ضعيف جداً. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 117): "وفيه عبد الوهاب بن مجاهد وهو ضعيف". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 683) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬1) أخرجه ابن عدي في "الكامل" (7/ 2583) -ومن طريقه البيهقي في "القضاء والقدر" (ص 323، 324) - من طريق هذيل بن بلال المدائني ثنا عمر بن واقد بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: هذيل هذا؛ ضعيف، وانظر: "لسان الميزان" (6/ 192). الثانية: عمر بن واقد لم نجد له ترجمة. (¬2) أخرجه سفيان بن عيينة في "جامعه"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 684) -ومن طريقه الفريابي في "القدر" (169 رقم 246)، والإمام أحمد في "السُّنة" (2/ 427 رقم 941)، والطبري في "جامع البيان" (27/ 65)، والآجُريُّ في "الشريعة" (ص 162، 222)، وابن بطة في "الإبانة" (رقم 1535)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (4/ 684 رقم 1260) -عن سالم بن أبي حفصة وعاصم بن محمد عن محمد به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد. =

* عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه-؛ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن هذه الآية نزلت في القدرية: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)} " (¬1). [ضعيف جداً] * عن عطاء؛ قال: جاء أسقف نجران إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا محمد! تزعم أن المعاصي بقدر، والبحار بقدر، والسماء بقدر، وهذه الأمور تجري بقدر، فأما المعاصي؛ فلا؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنتما خصماء الله"؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)} إلى قوله {خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = وأخرجه الفريابي (ص 226 رقم 409)، والإمام أحمد (2/ 419 رقم 919)، والطبري في "جامع البيان" (27/ 65) من طريقين عن خصيف الجزري عن محمد بن كعب: نزلت هذه الآية في أهل القدر، هذا لفظ أحمد. ولفظ الباقين: لما تكلم الناس في القدر؛ نظرت، فإذا هذه الآية أنزلت فيهم. قلنا: وهذا مع إرساله ضعيف؛ لأجل خصيف. وأخرجه البيهقي في "القدر" (ص 553)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 270) من طريق بقية بن الوليد ثنا ابن ثوبان عن بكر بن أسيد عن أبيه عن محمد بنحوه. قلنا: وسنده ضعيف. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 683) ونسبه لابن عدي وابن مردويه والديلمي وابن عساكر، وقال: "بسند ضعيف". قلنا: هو عند ابن عدي في "الكامل" (5/ 2017)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 269) من طريق عفير بن معدان عن سليم بن عامر؛ قال: أشهد بالله لسمعت أبا أمامة يقول: (فذكره). قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لأجل عفير. قال الحافظ ابن طاهر المقدسي في "ذخيرة الحفاظ" (2/ 985): "وعفير ليس بشيء في الحديث". اهـ. (¬2) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 269) من طريق علي بن محمد الطنافسي ثنا عبيد الله بن موسى ثنا بحر السقاء عن شيخ من قريش عن عطاء به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: =

* عن سيار أبي الحكم؛ قال: بلغنا أن وقد نجران قالوا: أما الأرزاق والآجال؛ فبقدر، وأما الأعمال؛ فليست بقدر؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيهم هذه الآية: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)} إلى آخر الآيات (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: جاء العاقب والسيد، وكانا رأسي النصارى بنجران، فتكلما بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - بكلام شديد في القدر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ساكت ما يجيبهما بشيء حتى انصرفا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ} الذين كفروا وكذبوا بالله قبلكم: {أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ}: في الكتاب الأول، إلى قوله: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ} الذين كفروا وكذبوا بالقدر قبلكم {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52)} في أم الكتاب {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53)}؛ يعني: مكتوب. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صنفان من أمتي ليس لهما في الإِسلام نصيب: المرجئة والقدرية، أنزلت فيهم آية من كتاب الله: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)} إلى آخر الآية". * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: المكذبون بالقدر مجرموا هذه ¬

_ = الأولى: الإعضال. الثانية: عطاء؛ صدوق كثير الخطأ يرسل ويدلس؛ كما في "التقريب". الثالثة: جهالة الشيخ القرشي. الرابعة: بحر السّقاء؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". (¬1) أخرجه الفريابي في "القدر" (ص 170 رقم 249)، والآجريُّ في "الشريعة" (ص 205)، وابن بطة في "الإبانة" (رقم 1826) بسند صحيح إلى معتمر بن سليمان ثنا أبو مخزوم عن سيار به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: أبو مخزوم؛ لم نظفر بترجمته. الثانية: الإعضال.

الأمة، وفيهم أنزلت هذه الآية: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)} إلى قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} (¬1). * عن مجاهد؛ قال: نزلت هذه الآية في أهل التكذيب، إلى آخر الآية. قال مجاهد: قلت لابن عباس: ما تقول فيمن يكذب بالقدر؟ قال: اجمع بيني وبينه، قلت: ما تصنع به؟ قال: أخنقه حتى أقتله (¬2). ¬

_ (¬1) ذكرها السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 685) ونسبها لابن مردويه. (¬2) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 685) ونسبهما لعبد بن حميد.

سورة الرحمن

سورة الرحمن * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الرحمن بمكة (¬1). * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزل بمكة سورة الرحمن. * وعن عائشة -رضي الله عنهما-؛ قالت: نزلت سورة الرحمن بمكة (¬2). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الرحمن بالمدينة (¬3). * {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)}. * عن عطاء الخراساني: أن أبا بكر -رضي الله عنه- ذكر ذات يوم وفكر في يوم القيامة والموازين والجنة حيث أزلفت وفي النار حين أبرزت، وصفوف الملائكة وطي السماوات والأرض، ونسف الجبال وتكوير الشمس وانتثار الكواكب، فقال: وددت أني كنت خضراً من هذه الخضراء تأتي عليّ بهمة فتأكلني وأني لم أخلق؛ فنزلت هذه الآية: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)} (¬4). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 689) ونسبه للنحاس. (¬2) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 689) ونسبهما لابن مردويه. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 689) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". (¬4) أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (1/ 307، 308 رقم 51) من طريق كنانة بن جبلة عن عثمان بن عطاء عن أبيه به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: =

* عن ابن شوذب؛ قال: نزلت في أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- (¬1). [ضعيف] * عن عطية بن قيس في قوله -تعالى-: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)}؛ نزلت في الذي قال: احرقوني بالنار لعلّي أضل الله، قال: تاب يوماً وليلة بعد أن تكلم بهذا؛ فقبل الله منه وأدخله الجنة (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = الأولى: الإعضال؛ فعطاء لم يدرك أحداً من الصحابة. الثانية: عطاء الخراساني؛ صدوق كثير الخطأ يرسل ويدلس. الثالثة: ابنه عثمان؛ ضعيف الحديث. الرابعة: كنانة ذا؛ اتهمه ابن معين ووافقه عثمان الدارمي على ذلك، وقال أبو حاتم: "محله الصدق يكتب حديثه، حسن الحديث". انظر: "الجرح" (7/ 170)، و"الميزان" (3/ 415) وغيرها. والأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 706)، و"لباب النقول" (ص 203) وزاد نسبته لابن أبي حاتم. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 706)، و"لباب النقول" (ص 203) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهذا ضعيف -أيضاً-؛ لإعضاله. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 296): ثنا أبي ثنا محمد بن مصفى ثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: بقية؛ مدلس ولم يصرح بالتحديث. الثانية: أبو بكر بن أبي مريم؛ متروك؛ كما قال الدارقطني وابن حبان. الثالثة: الإرسال. * فائدة: قال الحافظ ابن كثير: "والصحيح أن هذه الآية عامة؛ كما قاله ابن عباس وغيره". اهـ.

سورة الواقعة

سورة الواقعة * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الواقعة بمكة (¬1). * عن ابن الزبير مثله (¬2). * {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)}. * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: لما نزلت: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)}؛ ذكر فيها: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)}، قال عمر: يا رسول الله! ثلة من الأولين وقليل منا؟ قال: فأمسك آخر السورة سنة، ثم نزل: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)}؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عمر! تعال فاستمع ما قد أنزل الله؛ {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)} ألا من آدم إليَّ ثُلَّة، وأُمتي ثلة، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان، من رعاة الإبل، ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له" (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 3) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 3) ونسبه لابن مردويه. (¬3) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (42/ 186) من طريق محمد بن خيم: ثنا هشام بن عمار، ثنا عبد ربه بن صالح، عن عروة بن رويم، عن جابر به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الانقطاع؛ فعروة لم يدرك جابراً؛ كما في "التهذيب". الثانية: عبد ربه بن صالح؛ مجهول. وقال الحافظ ابن كثير: "في إسناده نظر". =

* عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: لما نزلت: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)}؛ شق ذلك على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)}؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، ثلث أهل الجنة، بل أنتم نصف أهل الجنة -أو: شطر أهل الجنة- وتقاسموهم النصف الثاني" (¬1). [ضعيف] ¬

_ = وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 203): "بسند فيه نظر". وقد أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1/ 298/ 520) عن أحمد بن المعلى، عن هشام بن عمار، عن عثمان بن علان، عن عروة به. فقال: "عن عثمان بن علان" بدل "عبد ربه بن صالح". وعثمان -هذا- لم نجد له ترجمة. وذكره في "الدر المنثور" (8/ 7) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (2/ 391)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 305) من طريق شريك القاضي عن محمد -بياع الملاء- عن أبيه عن أبي هريرة به. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 118): "رواه أحمد من حديث محمد -بياع الملاء- عن أبيه ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات". قلنا: وفيه علة ثالثة غفل عنها وهي ضعف شريك القاضي. لكنه توبع: فأخرجه الطبراني؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 85)، و"فتح الباري" (11/ 387) -وعنه أبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" (7/ 101) -من طريق هاشم بن مخلد عن ابن المبارك عن الثوري عن محمد بنحوه، فبرئت ذمة شريك منه. وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 203): "بسند فيه من لا يعرف". وسكت عنه الحافظ في "الفتح" (11/ 387)، وليس بجيد منه. وصححه الشيخ أحمد شاكر (17/ 132 رقم 9069)! وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 7) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. ثم تنبهنا لأمر وهو: أن محمداً هذا روى عنه جمع من الثقات، ووثقه ابن حبان، وهو من أتباع التابعين؛ فمثله يحسن حديثه -إن شاء الله-، وفي "التقريب": "مقبول"، لكن قال الذهبي عنه وعن أبيه في "المغني": "لا يعرفان". فالعلة هي من والده؛ فقد تفرد عنه ابنه، ولم يوثقه إلا ابن حبان؛ فهو مجهول =

* {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28)}. * عن عطاء ومجاهد؛ قالا: لما سأل أهل الطائف الوادي يُحمى لهم وفيه عسل؛ ففعل، وهو واد معجب، فسمعوا الناس يقولون: في الجنة كذا وكذا، قالوا: يا ليت لنا في الجنة مثل هذا الوادي؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28)} (¬1). [ضعيف جداً] * {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) ¬

_ = العين، ولعله لذلك قال الذهبي: "لا يعرف"، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. (¬1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"؛ كما في "لباب النقول" (ص 203)، و"الدر المنثور" (8/ 12) -ومن طريقه البيهقي في "البعث" (ص 187 رقم 277) -: ثنا عتاب بن بشير أنبأ خصيف الجزري عن عطاء ومجاهد به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: الإرسال. الثانية: خصيف الجزري؛ قال عنه في "التقريب": "صدوق سيئ الحفظ، خلط بآخره". الثالثة: عتاب بن بشير؛ لا بأس به إلا في روايته عن خصيف؛ فإنها منكرة؛ كما نص على هذا الإمام أحمد وابن عدي. انظر: "التهذيب" (7/ 90، 91)، و"الكامل" (5/ 1994). وزاد السيوطي في "الدر المنثور" نسبته لابن المنذر. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (27/ 104)، والبيهقي في "البعث" (ص 188 رقم 278) من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ قال في قوله: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29)}؛ يعني: الموز المتراكم، وذلك أنهم كانوا يعجبون بوج وظلاله من طلحه وسدره؛ فأنزل الله: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28)}. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" (8/ 12) لعبد بن حميد.

إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: مطر الناس على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر؛ قالوا: هذا رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا"، قال: فنزلت هذه الآية: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)} حتى بلغ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} (¬1) [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}؛ قال: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سافر في حر شديد، فنزل الناس على غير ماء، فعطشوا؛ فاستسقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم: "فلعلي لو فعلت فسقيتم قلتم: هذا بنوء كذا وكذا"، قالوا: يا نبي الله! ما هذا بحين أنواء؛ فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بماء فتوضأ، ثم قام فصلى، فدعا الله -تعالى-؛ فهاجت ريح، وثابت سحاب؛ فمطروا حتى سال كل واد، فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر برجل يغرف بقدحه ويقول: هذا نوء فلان؛ فنزل: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} (¬2). * عن أبي حرزة؛ قال: نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار في غزوة تبوك، ونزلوا بالحجر، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يحملوا من ماءها شيئاً، ثم نزل منزلاً آخر وليس معهم ماء؛ فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقام يصلي ركعتين، ثم دعا؛ فأرسل سحابة فأمطرت عليهم حتى استقوا منها، فقال رجل من الأنصار لآخر من قومه يتهم بالنفاق: ويحك أما ترى ما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمطر الله علينا السماء. فقال: إنما مطرنا بنوء كذا وكذا؛ ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1/ 84 رقم 73). (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 28، 29) ونسبه لابن مردويه.

فأنزل الله -تعالى-: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} (¬1). * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: مطر الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر؛ قالوا: هذه رحمة وضعها الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا"؛ فنزلت هذه الآية: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)} حتى بلغ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} (¬2). * عن قتادة في قوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}؛ فقال: أما الحسن؛ فقال: بئس ما أخذ القوم لأنفسهم؛ لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب، قال: وذكر لنا أن الناس أمحلوا على عهد نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا نبي الله! لو استسقيت لنا؟ فقال: "عسى قوم إن سقوا أن يقولوا: سقينا بنوء كذا وكذا"، فاستسقى نبي الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فمطروا، فقال رجل: إنه قد كان بقي من الأنواء كذا وكذا؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} (¬3) [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 204)، و"الدر المنثور" (8/ 29) ونسبه لابن أبي حاتم. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 29) ونسبه لابن عساكر. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 30) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

سورة الحديد

سورة الحديد * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الحديد بالمدينة (¬1). * وعن ابن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت سورة الحديد بالمدينة (¬2). * {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)}. * عن عبد العزيز بن أبي رواد: أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ظهر فيهم المزاح والضحك؛ فأنزل الله -تعالى-: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)} (¬3). [ضعيف] * عن الأعمش؛ قال: لما قدم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فأصابوا من العيش ما أصابوا بعدما كان بهم من الجهد؛ فكأنهم فتروا ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 45) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه والبيهقي. (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/ 60 رقم 17564): ثنا محمد بن عبد الله الأسدي ثنا عبد العزيز به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإعضاله.

عن بعض ما كانوا عليه؛ فنزلت: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)} (¬1) [ضعيف] * عن مقاتل بن حيان؛ قال: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخذوا في شيء من المزاح؛ فأنزل الله: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)} (¬2) [ضعيف] * عن القاسم؛ قال: ملّ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالوا: حدثنا يا رسول الله! فأنزل الله -تعالى-: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: 3]، ثم ملوا ملة؛ فقالوا: حدثنا يا رسول الله! فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ -: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)} (¬3) [ضعيف] * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نفر من أصحابه في المسجد وهم يضحكون، فسحب رداءه محمراً وجهه؛ فقال: ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (1/ 274، 275 رقم 250)، وعبد الرزاق في "تفسيره"- بنحوه- (2/ 276) عن الثوري عن الأعمش به. قلنا: وهذا - أيضاً- معضل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 58) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 204)، و"الدر المنثور" (8/ 58) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله. (¬3) ذكره السيوطي في "اللباب"، وقال: وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن القاسم به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، إن صح السند إلى السدي.

"أتضحكون ولم يأتكم أمان من ربكم بأنه قد غفر لكم؟ ولقد أنزل عليّ في ضحككم آية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)}، قالوا: يا رسول الله! فما كفارة ذلك؟ قال: "تبكون قدر ما ضحكتم". * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- لا أعلمه إلا مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "استبطأ الله قلوب المهجرين بعد سبع عشرة من نزول القران؛ فأنزل الله: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} الآية" (¬1). * {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كانت ملوك بعد عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- بدلوا التوراة والإنجيل، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة والإنجيل، فقيل لملوكهم: ما نجد شتماً أشد من شتم يشتمونا هؤلاء، إنهم يقرؤون: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، وهؤلاء الآيات مع ما يعيبونا به في أعمالنا في قراءتهم؛ فادعهم فليقرؤوا كما نقرأ، وليؤمنوا كما آمنا؛ فدعاهم، فجمعهم، وعرض عليهم القتل أو يتركوا قراءة التوراة والإنجيل إلا ما بدلوا منها، فقالوا: ما تريدون إلى ذلك؟ دعونا، فقالت طائفة منهم: ابنوا لنا أسطوانة ثم ارفعونا إليها، ثم أعطونا شيئاً نرفع به طعامنا وشرابنا فلا نرد عليكم، وقالت طائفة منهم: دعونا نسيح في الأرض ونهيم ونشرب ¬

_ (¬1) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 57) ونسبهما لابن مردويه.

كما يشرب الوحش، فإن قدرتم علينا في أرضكم؛ فاقتلونا، وقالت طائفة منهم: ابنوا لنا دوراً في الفيافي ونحتفر الآبار ونحترث البقول؛ فلا نرد عليكم، ولا نمر بكم، وليس أحد من القبائل إلا وله حميم فيهم، قال: ففعلوا ذلك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}، والآخرون قالوا: نتعبد كما تعبد فلان، ونسيح كما ساح فلان، ونتخذ دوراً كما اتخذ فلان، وهم على شركهم لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا به، فلما بعث الله النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يبق منهم إلا القليل؛ انحط رجل من صومعته، وجاء سائح من سياحته، وصاحب الدير من ديره، فآمنوا به وصدقوه؛ فقال الله -تبارك وتعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ}: أجرين؛ بإيمانهم بعيسى ابن مريم، وتصديقهم بالتوراة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وتصديقهم، قال: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ}: القرآن واتباعهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} الذين يتشبهون بكم {أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (¬1). [حسن] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)}. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في "المجتبى" (8/ 231 - 233)، و"التفسير" (2/ 384 - 387 رقم 587)، والطبري في "جامع البيان" (27/ 138) من طريق سفيان الثوري عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات، وفي عطاء كلام وكان قد اختلط؛ لكن سماع الثوري منه قديم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 65) وزاد نسبته للحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" وابن المنذر وابن مردويه.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فشهدوا معه أُحُداً وكانت فيهم جراحات، ولم يقتل منهم أحد، فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة؛ قالوا: يا رسول الله! إنا أهل ميسرة فائذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيهم: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52)} [القصص: 52] {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص: 54]؛ فجعل لهم أجرين، قال: {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} [الرعد: 22]؛ قال: تلك النفقة التي واسوا بها المسلمين حتى نزلت هذه الآية، قال: ففخر أهل الكتاب على المسلمين حتى نزلت هذه الآية، فقالوا: يا معشر المسلمين! أما من آمن منا بكتابكم؛ فله أجران، ومن لم يؤمن بكتابكم؛ فله أجر كأجوركم؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)}؛ فزادهم النور والمغفرة، وقال: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/ 336، 337 رقم 7662): ثنا محمد بن موسى الإصطخري ثنا أبو أسامة عبد الله بن أسامة الكلبي ثنا علي بن ثابت الدهان ثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن جعفر بن أبي المغيرة إلا يعقوب القمي تفرد به علي بن ثابت". قلنا: وهذا سند ضعيف؛ شيخ الطبراني لم نجد له ترجمة. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 121): "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه من لم أعرفه". وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 205): "بسند فيه من لا يعرف". وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (27/ 140، 141): ثنا ابن حميد ثنا مهران ثنا يعقوب به مرسلاً لم يذكر ابن عباس. =

* عن مقاتل بن حيان؛ قال: لما نزلت: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص: 54]؛ فَخَرَ مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: لنا أجران ولكم أجر؛ فاشتد ذلك على الصحابة؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)}؛ فجعل لهم أجرين مثل أجور مؤمني أهل الكتاب وسوّى بينهم في الأجر (¬1). [ضعيف] * عن قتادة في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)}؛ قال: لما نزلت هذه الآية؛ حسد أهل الكتاب المسلمين عليها؛ فأنزل الله -تعالى-: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ} (¬2). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: قالت اليهود: يوشك أن يخرج منا نبي فيقطع ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: ابن حميد؛ ضعيف متهم بالكذب. الثانية: مهران؛ صدوق له أوهام سيئ الحفظ. الثالثة: الإرسال. قال الزيلعي في "تخريج الكشاف" (3/ 419): "وهذا مرسل". (¬1) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 205)، و"الدر المنثور" (8/ 67) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 276)، والطبري في "جامع البيان" (27/ 142، 143) من طريقين عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 68) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

الأيدي والأرجل، فلما خرج من العرب؛ كفروا؛ فأنزل الله -تعالى-: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}؛ يعني بالفضل: النبوة (¬1). * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله قسم العمل وقسم الأجر، وفي لفظ: وقسم الأجل، فقيل لليهود: اعملوا؛ فعملوا إلى نصف النهار، فقيل: لكم قيراط، وقيل للنصارى: اعملوا؛ فعملوا من نصف النهار إلى العصر، فقيل: لكم قيراط، وقيل للمسلمين: اعملوا؛ فعملوا من العصر إلى غروب الشمس، فقيل: لكم قيراطان، فتكلمت اليهود والنصارى في ذلك، فقالت اليهود: أنعمل إلى نصف النهار فيكون لنا قيراط؟ وقالت النصارى: أنعمل من نصف النهار إلى العصر فيكون لنا قيراط؟ ويعمل هؤلاء من العصر إلى غروب الشمس فيكون لهم قيراطان؟ "؛ فأنزل الله -تعالى-: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} إلى آخر الآية، ثم قال: "إن مثلكم فيمن قبلكم من الأمم كما بين العصر إلى غروب الشمس" (¬2). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 205)، و"الدر المنثور" (8/ 68) ونسبه لابن المنذر وعبد بن حميد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 68) ونسبه لابن مردويه.

سورة المجادلة

سورة المجادلة * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة المجادلة بالمدينة (¬1). * عن ابن الزبير مثله (¬2). * {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)}. * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: تبارك الذي وسع سمعه كلَّ شيء، إني لأسمع كلام خولة ابنة ثعلبة ويخفى عليَّ بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي تقول: يا رسول الله! أكل شبابي، ونثرت له بطني حتى إذا كبر سنين وانقطع ولدي؛ ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، قال: فما برحت حتى نزل جبريل -عليه السلام- بهؤلاء الآيات: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)}؛ قال: زوجها: أوس بن الصامت. وفي رواية -رضي الله عنها-؛ قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، إن خولة تشتكي زوجها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيخفى عليّ أحياناً بعض ما تقول، قالت: فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 69) ونسبه لابن الضريس والنحاس وأبو الشيخ في "العظمة" والبيهقي. (¬2) ذكره السيوطي ونسبه لابن مردويه.

الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" -معلقاً- (13/ 372)، ووصله أحمد في "المسند" (6/ 46)، والنسائي في "المجتبى" (6/ 168)، وفي "الكبرى" (3/ 368 رقم 5654، 6/ 482 رقم 11570)، وابن ماجه (رقم 188 و2063)، وعبد بن حميد في "المسند" (2/ 235 رقم 1512 - "منتخب")، وأبو يعلى في "المسند" (8/ 214 رقم 4780)، والدارمي في "الرد على بشر المريسي" (ص 46)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 5، 6)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1/ 278 رقم 625)، والآجري في "الشريعة" (2/ 71، 72 رقم 704، 705)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (رقم 731)، والبزار في "مسنده"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 425)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 340، 341)، وابن منده في "التوحيد" (3/ 51 رقم 414)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (3/ 410 رقم 689)، والإسماعيلي في "معجمه" (1/ 451، 452 رقم 106)، وابن بطة في "الإبانة" (3/ 114 رقم 85 - الرد على الجهمية)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 273)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 425)، والحاكم (2/ 481)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 382)، و"السنن الصغير" (3/ 138 رقم 2731)، و"معرفة السنن والآثار" (5/ 527 رقم 4533)، و"الأسماء والصفات" (1/ 457، 458 رقم 385)، و"الاعتقاد" (ص 85)، والحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" (5/ 338، 339) من طرق عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة به. قلنا: وهذا سنده صحيح؛ رجاله ثقات رجال مسلم. قال ابن منده: "هذا حديث مجمع على صحته، رواه جماعة عن الأعمش". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث صحيح، وتميم وثقه ابن معين وغيره". وسكت عنه في "فتح الباري" (13/ 373). وصححه شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني -رحمه الله- في "إرواء الغليل" (7/ 175)، والتعليق على كتاب "السنة". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 69) وزاد نسبته لسعيد بن منصور.

* عن خويلة بنت ثعلبة -رضي الله عنها- وكانت عند أوس بن الصامت أخي عبادة بن الصامت -رضي الله عنهم-؛ قالت: دخل عليّ ذات يوم فكلمني بشيء وهو فيه كالضجر، فرددته؛ فغضب، فقال: أنت عليّ كظهر أمي، ثم خرج فجلس في نادي قومه، ثم رجع، فأرادني على نفسي؛ فامتنعت منه؛ فشادني فشاددته، فغلبته بما تغلب به المرأة الرجل الضعيف، فقلت: كلا، والذي نفسُ خويلة بيده؛ لا تصل إليها حتى يحكم الله فيّ وفيك حكمه، ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أشكو ما لقيت منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "زوجك وابن عمك، فاتقي الله وأحسني صحبته". قالت: فما برحت حتى نزل القرآن: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} حتى انتهى إلى الكفارة، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مريه؛ فليعتق رقبة"، قلت: والله يا نبي الله! ما عنده من رقبة يعتقها، قال: "مريه؛ فليصم شهرين متتابعين"، فقلت: يا رسول الله! شيخ كبير ما به من صيام، قال: "فليطعم ستين مسكيناً"، قلت: يا نبي الله! ما عنده ما يُطعِم، قال: "سنعينه بعرق من تمر" -والعرق: مكتل يسع ثلاثين صاعاً-، قلت: وأنا أعينه بعرق آخر، قال: "قد أحسنت، فليتصدق به" (¬1). [حسن لغيره] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (6/ 410، 411)، وأبو داد (رقم 2214، 2215)، وابن حبان في "صحيحه" (10/ 107، 108 رقم 4279 - "إحسان")، وابن الجارود في "المنتقى" (3/ 65 - 67 رقم 746)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (6/ 53 - 54/ 3257 و3258)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 5)، والطبراني في "الكبير" (1/ رقم 616، 24/ رقم 633)، والبيهقي في "الكبرى" (7/ 389، 391)، والمزي في "تهذيب الكمال" (28/ 312 - 314)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 274)، وفي "الوسيط" (4/ 262) من طريق ابن إسحاق حدثني معمر بن عبد الله عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن خويلة به. قلنا: هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة معمر هذا؛ فلم يرو عنه إلا ابن إسحاق، ولم يوثقه إلا ابن حبان. ولذلك قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (4/ 464): "ومعمر هذا لم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = يذكر بأكثر من رواية ابن إسحاق عنه؛ فهو مجهول الحال". قلنا: والعين -أيضاً-. وقال الذهبي: "لا يعرف"، وقال الحافظ: "مقبول". ومع ذلك صححه ابن حبان وابن الجارود، وحسنه الحافظ في "الفتح". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 70) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. وله شاهد من مرسل صالح بن كيسان عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 378، 379) بسند صحيح. وآخر من مرسل عطاء بن يسار عند البيهقي بسند صحيح، ويشهد له حديث عائشة السابق. وله شاهد رابع من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان الرجل إذا قال لامرأته في الجاهلية: أنت عليّ كظهر أمي؛ حَرُمت في الإسلام، فكان أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت، وكانت تحته ابنة عم له يقال لها: خويلة بنت خويلد، وظاهر منها؛ فأسقط في يديه، وقال: ما أراكِ إلا قد حَرُمتِ عليَّ وقالت له مثل ذلك، قال: فانطلقي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدت عنده ماشطة تمشط رأسه، فأخبرته؛ فقال: "يا خويلة! ما أمرنا في أمرك بشيء"؛ فأنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا خويلة! أبشري"، قالت: خيراً، قال: فقرأ عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)} إلى قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} قالت: وأي رقبة لنا، والله ما يجد رقبة غيري، قال: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} قالت: والله لولا أنه يشرب في اليوم ثلاث مرات؛ لذهب بصره، قال: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} قال: من أين؟ ما هي إلا أكلة إلى مثلها، قال: فرعاه بشطر وسق وثلاثين صاعاً، والوسق ستون صاعاً، فقال: "ليطعم ستين مسكيناً وليراجعك". أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 3، 4)، والبزار في "مسنده" (رقم 1513 - كشف)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ رقم 11689)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 392)، والنحاس في "ناسخه" (ص 233) من طريق أبي حمزة الثمالي عن عكرمة عن ابن عباس به. =

* عن عائشة -رضي الله عنها-: أن جميلة كانت امرأة أوس بن الصامت، وكان أوس امرؤ به لمم، فإذا اشتد لممه؛ ظاهر من امرأته؛ فأنزل الله فيه كفارة الظهار (¬1). [صحيح] ¬

_ = قلنا: وسنده حسن في الشواهد؛ لأن أبا حمزة هذا ضعيف. قال البزار: "وأبو حمزة؛ لين الحديث، وقد خالف في روايته متن حديث الثقات في أمر الظهار، وحديث أبي حمزة منكر". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 7): "وفيه أبو حمزة الثمالي وهو ضعيف". وأخرجه أبو داود في "سننه" (رقم 2223)، والنسائي في "المجتبى" (6/ 167)، والترمذي (رقم 1991)، وابن ماجه (رقم 2065)، وابن الجارود (رقم 747)، والحاكم (2/ 204)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 386)، و"السنن الصغير" (3/ 138، 139 رقم 2733)، و"معرفة السنن والآثار" (5/ 528 رقم 4534) من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ: أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ظاهر من امرأته فوقع عليها، فقال: يا رسول الله! إني ظاهرت من امرأتي، فوقعت عليها من قبل أن أكفر، قال: "وما حملك على ذلك يرحمك الله؟ "، قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، قال: "فلا تقربها حتى تفعل ما أمر الله -تعالى- به". وليس فيه التصريح بسبب النزول. وسنده حسن من أجل الحكم هذا، وحسّنه الحافظ في "الفتح" (9/ 343)، وانظر: "الإرواء" (7/ 173 رقم 2087). (¬1) أخرجه أبو داود في "سننه" (2/ 267 رقم 2220)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 6)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 481)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 382)، و"معرفة السنن والآثار" (5/ 527 رقم 4532) من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: وليس كما قالا؛ فإن مسلماً لم يخرج هذا الحرف [حماد بن سلمة عن =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن خولة أو خويلة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إن زوجي ظاهر مني؛ فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أراك إلا قد حرمت عليه"، فقالت: أشكو إلى الله فاقتي؛ فأنزل الله -تعالى-: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} (¬1). * عن محمد بن سيرين؛ قال: إن أول من ظاهر في الإسلام زوج خويلة، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إن زوج ظاهر مني، وجعلت تشكو إلى الله؛ فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما جاءني في هذا شيء"، قالت: فإلى من يا رسول الله؟! إن زوجي ظاهر مني، فبينما هي كذلك؛ إذ نزل الوحي: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} حتى بلغ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}، ثم حبس الوحي، فانصرف إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلاها عليها، فقالت: لا يجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هو ذاك"، فبينما هو كذلك؛ إذ نزل الوحي: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}، ثم حبس الوحي فانصرف إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتلاها عليها فقالت: لا يستطيع أن يصوم يوماً واحداً، قال: "هو ذاك"، فبينما هو كذلك؛ إذ نزل الوحي: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} فانصرف إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلاها عليها، فقالت: لا يجد يا رسول الله! قال: "إنا سنعينه" (¬2). [ضعيف] * عن الحسن -رضي الله عنه-: أن رجلاً ظاهر من امرأته على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -وكان الظهار أشد من الطلاق وأحرم الحرام؛ إذا ظاهر من امرأته لم ترجع إليه أبداً-، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا نبي الله! إن زوجي وأبا ¬

_ = هشام] وإنما خرج أحاديث حماد بن سلمة عن ثابت -والله أعلم-. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 71) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 72) ونسبه لابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 73) ونسبه لعبد بن حميد وابن مردويه. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ولدي ظاهر مني، وما يطلع إلا الله على ما يدخل علي من فراقه، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد قال ما قال"، قالت: فكيف أصنع؟ ودعت الله واشتكت إليه؛ فأنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} إلى آخر الآيات، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجها، فقال: "تعتق رقبة"، قال: ما في الأرض رقبة أملكها، قال: "تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ "، قال: يا رسول الله! إني بلغت سناً وبي دوران، فإذا لم آكل في اليوم مراراً؛ أدير علي حتى أقع، قال: "تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ "، قال: والله ما أجد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سنعينك" (¬1). [ضعيف] * عن يزيد بن زيد الهمداني في قوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}؛ قال: هي خولة بنت الصامت، وكان زوجها مريضاً؛ فدعاها، فلم تجبه وأبطأت عليه؛ فقال: أنت عليّ كظهر أمي، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت هذه الآية: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}؛ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أعتق رقبة"، قال: لا أجد، قال: "فصم شهرين متتابعين"، قال: لا أستطيع، قال: "فأطعم ستين مسكيناً"، قال: لا، والله ما عندي إلا أن تعينني، فأعانه النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمسة عشر صاعاً، فقال: والله ما في المدينة أحوج إليها مني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فكلها أنت وأهلك" (¬2). [ضعيف] * عن عكرمة: أن الرجل قال: والله يا نبي الله! ما أجد رقبة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنا بزايدك"؛ فأنزل الله -تعالى- عليه: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}، فقال: والله يا نبي الله! ما أطيق الصوم؛ إني إذا لم آكل في اليوم كذا وكذا أكلة؛ لقيت ولقيت، فجعل يشكو إليه، فقال: ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 73، 74) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 74) ونسبه لعبد بن حميد.

"ما أنا بزايدك"؛ فنزلت: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن خويلة ابنة ثعلبة وكان زوجها أوس بن الصامت قد ظاهر منها، فجاءت تشتكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: ظاهر مني زوجي حين كبر سني ورق عظمي؛ فأنزل الله فيها ما تسمعون: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} حتى بلغ: {لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} إلى قوله: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}: وذلك أن خولة بنت الصامت -امرأة من الأنصار- ظاهر منها زوجها، فقال: أنت عليّ مثلَ ظهر أمي، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إن زوجي كان تزوجني وأنا أحب الناس إليه، حتى إذا كبرت ودخلت في السن؛ قال: أنت عليّ مثلَ ظهر أمي، فتركني إلى غير أحد، فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله! تنعشني وإياه بها؛ فحدثني بها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أمرت في شأنك بشيء حتى الآن، ولكن ارجعي إلى بيتك؛ فإن أؤمر بشيء لا أغممه عليك إن شاء الله"، فرجعت إلى بيتها، وأنزل الله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكتاب رخصتها ورخصة زوجها: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إلى قوله: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}؛ فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى زوجها، فلما أتاه؛ قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أردت إلى يمينك التي أقسمت عليها؟ "؛ فقال: وهل لها كفارة؟ فقال له ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 278) عن معمر عن أيوب عنه به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 3) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة عنه به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ "، قال: إذاً يذهب مالي كله؛ الرقبة غالية وأنا قليل المال، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ "، قال: لا، والله لولا أني آكل في اليوم ثلاث مرات لَكَلَّ بصري، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ "، قال: لا والله؛ إلا أن تعينني على ذلك بعون وصلاة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني معينك بخمسة عشر صاعاً، وأنا داع لك بالبركة"؛ فأصلح ذلك بينهما، قال: وجعل فيه تحرير رقبة لمن كان موسراً لا يكفر عنه إلا تحرير رقبة إذا كان موسراً من قبل أن يتماسا، فإن لم يكن موسراً؛ فصيام شهرين متتابعين لا يصلح له إلا الصوم إذا كان معسراً إلا أن لا يستطيع، فإن لم يستطع؛ فإطعام ستين مسكيناً، وذلك كله قبل الجماع (¬1). [ضعيف جداً] * عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كانت خولة ابنة ثعلبة تحت أوس بن الصامت، وكان رجلاً به لمم، فقال في بعض هجراته: أنت عليّ كظهر أمي، ثم ندم على ما قال، فقال لها: ما أظنك إلا قد حرمت عليّ، قالت: لا تقل ذلك؛ فوالله ما أحب الله طلاقاً، قالت: ائت رسول الله فسله، فقال: إني أجدني أستحيي منه أن أسأله عن هذا، فقالت: فدعني أن أسأله، فقال لها: سليه، فجاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا نبي الله! إن أوس بن الصامت أبو ولدي وأحب الناس إليّ قد قال كلمة، والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً؛ قال: أنت عليّ كظهر أمي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إما أراك إلا قد حرمت عليه"، قالت: لا تقل ذلك يا نبي الله! والله ما ذكر طلاقًا، فرادّت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مراراً، ثم قالت: اللهم إني أشكو اليوم شدة حالي ووحدتي وما يشق عليَّ فراقه، ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 4). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

اللهم فأنزل على لسان نبيك؛ فلم ترم مكانها حتى أنزل الله {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} إلى أن ذكر الكفارات؛ فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أعتق رقبة"، فقال: لا أجد، فقال: "صم شهرين متتابعين"، قال: لا أستطيع؛ إني لأصوم اليوم الواحد فيشق عليّ، قال: "أطعم ستين مسكيناً"، قال: أما هذا؛ فنعم (¬1). [ضعيف جداً] * عن أبي إسحاق: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}؛ قال: نزلت في امرأة اسمها خولة، وقال عكرمة: اسمها خويلة ابنة ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت، جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إن زوجها جعلها عليه كظهر أمه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أراك إلا قد حرمت عليه"، وهو حينئذ يغسل رأسه، فقالت: انظر جعلت فداك يا نبي الله! فقال: "ما أراك إلا قد حرمت عليه"، فقالت: انظر في شأني يا رسول الله! فجعلت تجادله، ثم حوّل رأسه ليغسله؛ فتحولت من الجانب الآخر، فقالت: انظر جعلني الله فداك يا نبي الله! فقالت الغاسلة: اقصري حديثك ومخاطبتك يا خويلة! أما ترين وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متربداً ليوحى إليه؛ فأنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} حتى بلغ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}، قال قتادة: فحرمها ثم يريد أن يعود لها فيطأها؛ فتحرير رقبة، حتى بلغ: {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، قال أيوب -أحسبه ذكره عن عكرمة-: إن الرجل قال: يا نبي الله! ما أجد رقبة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنا بزائدك"؛ فأنزل الله ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 4): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن أبي معشر المدني عن محمد به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: ابن حميد؛ متروك متهم بالكذب. الثانية: مهران؛ صدوق له أوهام سيئ الحفظ. الثالثة: أبو معشر المدني، اسمه نجيح؛ ضعيف أسن واختلط. الرابعة: الإرسال.

عليه: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}؛ فقال: "والله يا نبي الله! ما أطيق الصوم؛ إني إذا لم آكل في اليوم كذا وكذا أكلة لقيت ولقيت، فجعل يشكو إليه، فقال: "ما أنا بزائدك"؛ فنزلت: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} (¬1). [ضعيف] * عن عطاء بن يسار: أن خويلة بنت ثعلبة كانت تحت أوس بن الصامت، فتظاهر منها وكان به لمم، فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إن أوساً تظاهر مني، وذكرت أن به لمماً، فقالت: والذي بعثك بالحق؛ ما جئتك إلا رحمة له، إن له فيّ منافع؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- فيهما القرآن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مريه؛ فليعتق رقبة"، فقالت: والذي بعثك بالحق ما عنده رقبة ولا يملكها، فقال: "مريه؛ فليصم شهرين متتابعين"، فقالت: والذي بعثك بالحق لو كلفته ثلاثة أيام ما استطاع وكان الحر، فقال: "مريه؛ فيطعم ستين مسكيناً"، فقالت: والذي بعثك بالحق ما يقدر عليه، قال: "مريه؛ فليذهب إلى فلان بن فلان؛ فقد أخبرني أن عنده شطر تمر صدقة فليأخذه صدقة عليه، ثم ليتصدق به على ستين مسكيناً" (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 4، 5) من طريق محمد بن ثور عن معمر عنه به. قلنا: وسنده ضعيف. (¬2) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 389، 390) من طريق إسماعيل بن جعفر ثنا محمد بن أبي حرملة عن عطاء به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وقال البيهقي عقبه: "هذا مرسل". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 71) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن مردويه.

تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} وذلك أن خولة امرأة من الأنصار ظاهر منها زوجها، فقال: أنت عليّ كظهر أمي، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إن زوجي كان تزوجني وأنا أحب الناس إليه، حتى إذا كبرت ودخلت في السنن؛ قال: أنت عليّ كظهر أمي، وتركني إلى غير أحد، فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله! تنعشني وإياه بها؛ فحدثني بها، قال: "والله؛ ما أمرت في شأنك بشيء حتى الآن، ولكن ارجعي إلى بيتك؛ فأن أومر بشيء لا أعميه عليك إن شاء الله"، فرجعت إلى بيتها؛ فأنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - في الكتاب رخصتها ورخصة زوجها؛ فقال: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إلى قوله: {عَذَابٌ أَلِيمٌ}، فأرسل إلى زوجها، فقال: "هل تستطع أن تعتق رقبة؟ "، قال: إذن يذهب مالي كله؛ الرقبة غالية وأنا قليل المال، قال: "هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ "، قال: والله؛ لولا أني آكل كل يوم ثلاث مرات؛ لَكَلَّ بصري، قال: "هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ "، قال: لا والله؛ إلا أن تعينني، قال: "إني معينك بخمسة عشر صاعاً" (¬1). * عن أنس -رضي الله عنه-: أن أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خولة بنت ثعلبة، فشكت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: ظاهر مني زوجي حين كبر سني ودق عظمي؛ فأنزل الله آية الظهار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعتق رقبة"، قال: مالي بذلك يدان، قال: "فصم شهرين متتابعين"، قال: إني إذا أخطأني أن آكل في اليوم ثلاث مرات لَكَلَّ بصري، قال: "فأطعم ستين مسكيناً"، قال: ما أجد؛ إلا أن تعينني؛ فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسة عشر صاعاً حتى جمع الله له أهله (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 72) ونسبه لابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 72، 73) ونسبه لابن مردويه. ثم رأينا الواحدي أخرجه في "أسباب النزول" (ص 273، 274) من طريق =

* عن عكرمة: أن امرأة أخي عبادة بن الصامت جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تشكو زوجها؛ ظاهر منها، وامرأة تفلي رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قال: تدهنه، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظره إلى السماء؛ فقالت التي تفلي لامرأة أخي عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-واسمها خولة بنت ثعلبة-: يا خولة! ألا تسكتي؟ فقد ترينه ينظر إلى السماء؛ فأنزل الله فيها: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}؛ فعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عتق رقبة، فقال: لا أجد، فعرض عليه صيام شهرين متتابعين، فقال: لا أطيق؛ إن لم آكل كل يوم ثلاث مرات؛ شق بي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فأطعم ستين مسكيناً"، قال: لا أجد، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء من تمر، فقال له: "خذ هذا فاقسمه"، فقال الرجل: ما بين لابتيها أفقر مني؛ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كله أنت وأهلك" (¬1). [ضعيف] * عن أبي العالية، قال: إن خويلة ابنة الدليج أتت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وعائشة تغسل شق رأسه، فقالت: يا رسول الله! طالت صحبتي مع زوجي، ونفضت له بطني، وظاهر مني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حرمت عليه"، فقالت: أشكو إلى الله فاقتي، ثم قالت: يا رسول الله! طالت صحبتي، ونفضت له بطني؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حرمت عليه"، فجعل إذ قال لها: "حرمت عليه"؛ هتفت، وقالت: أشكو إلى الله فاقتي، قال: فنزل الوحي وقد قامت عائشة تغسل شق رأسه الآخر، فأومأت إليها عائشة أن أسكتي، قالت: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أنزل عليه الوحي أخذه ¬

_ = محمد بن بكار نا سعيد بن بشير؛ أنه سأل قتادة عن الظهار؛ قال: فحدثني: أن أنس بن مالك قال: فذكره بنحوه. قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن سعيد بن بشير ضعيف؛ كما في "التقريب". (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 74) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

مثل السبات، فلما قضى الوحي؛ قال: "ادعي زوجك"؛ فتلاها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} إلى قوله: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}؛ أي: يرجع فيه {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}؛ قال: "أتستطيع رقبة؟ "؛ قال: لا، قال: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}، قال: يا رسول الله! إني إذا لم آكل في اليوم ثلاث مرات؛ خشيت أن يغشو بصري، قال: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} قال: أتستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ "، قال: لا يا رسول الله! إلا أن تعينني، فأعانه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأطعم (¬1). * عن عمران بن أبي أنس؛ قال: كان أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت، وكان به لمم، وكان يفيق أحياناً، فلاحى امرأته خولة بنت ثعلبة في بعض صحواته، فقال: أنت عليّ كظهر أمي، ثم ندم، فقال: ما أراك إلا قد حرمت علي، قالت: ما ذكرت طلاقاً، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما قال، وجادلت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مراراً، ثم قالت: اللهم إني أشكو إليك شدة وحدتي وما يشق عليّ من فراقه، قالت عائشة: فلقد بكيت وبكى من كان في البيت؛ رحمة لها ورقة عليها، ونزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحيُ فسري عنه وهو يتبسم، فقال: "يا خولة! قد أنزل الله فيك وفيه: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}، ثم قال: "مريه أن يعتق رقبة"، قالت: لا يجد، قال: "فمريه أن يصوم شهرين متتابعين"، ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 2، 3)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 384، 385) من طريقين عن داود بن أبي هند ثني أبو العالية به، وهذا لفظ الطبري. قال البيهقي عقبه: "هذا مرسل". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 77) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه.

قالت: لا يطيق ذلك، قال: "فمريه فليطعم ستين مسكيناً"، قالت: وأنّى له؟ قال: "فمريه فليأت أم المنذر بنت قيس فليأخذ منها شطر وسق تمر فليتصدق به على ستين مسكيناً"، فرجعت إلى أوس؛ فقال: ما وراءك؟ قالت: خير وأنت ذميم، ثم أخبرته، فأتى أم المنذر؛ فأخذ ذلك منها، فجعل يطعم مدين من تمر كل مسكين (¬1). [ضعيف جداً] * {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)}. * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: كان ناس يأتون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليهود، فيقولون: السام عليك، فيقول: "وعليكم"، ففطنت بهم عائشة؛ فسبتهم، وفي رواية: قالت عائشة: بل عليكم السام والذام؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مه يا عائشة! لا تكوني فاحشة؛ فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش"، قالت: فقلت: يا رسول الله! إنهم يقولون كذا وكذا؛ فقال: "أليس قد رددت عليهم؟ "؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/ 547، 548) أخبرنا محمد بن عمر؛ قال: ثنا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس عن أبيه به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: الواقدي شيخ ابن سعد؛ متروك الحديث، بل اتهم بالكذب. (¬2) أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (4/ ق 168/ أ) -وعنه مسلم في "صحيحه" (4/ 1707) -، وأحمد (6/ 229)، والنسائي في "تفسيره" (2/ 392، 393 رقم 591) وغيرهم من طريق الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة به.

* عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-؛ قال: إن اليهود سلموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالوا في أنفسهم: لولا يعذبنا الله، قال: فنزلت: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (¬1). [ضعيف] * عن مقاتل بن حيان؛ قال: كان بين يهود وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - موادعة، فكانوا إذا مر بهم رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ جلسوا يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن، فإذا رأى المؤمن ذلك؛ خشيهم؛ فترك طريقه عليهم؛ فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النجوى فلم ينتهوا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "مسنده" (2/ 170، 221)، وابن أبي شيبة في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 171 رقم 7847)، والبزار في "مسنده" (3/ 75 رقم 2271 - "كشف")، والطبراني؛ كما في "مجمع الزوائد" (7/ 122)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6/ 511، 512 رقم 9100) من طرق عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ عطاء بن السائب كان قد اختلط، وحماد روى عنه بعد الاختلاط وقبله. انظر: "الكواكب النيرات" (ص 326)، و"التهذيب" (7/ 207). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 122): "رواه أحمد والبزار والطبراني، وإسناده جيد؛ لأن حماداً سمع من عطاء بن السائب في حالة الصحة". قلنا: وسمع منه في حالة الاختلاط. وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القران العظيم" (4/ 346): "إسناده حسن ولم يخرجوه". وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 206)، و"الدر المنثور" (8/ 80): "بسند جيد". وزاد السيوطي نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.

لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)}. * عن مقاتل بن حيان؛ قال: أنزلت هذه الآية يوم جمعة، وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ في الصفة، وفي المكان ضيق وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس، فقاموا حيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته؛ فردّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم سلموا على القوم بعد ذلك؛ فردوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم، فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم؛ فشق ذلك عليه، فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر: "قم يا فلان! وأنت يا فلان! "؛ فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام أهل بدر، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه؛ فنزلت هذه الآية (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: كان المسلمون إذا رأوا المنافقين؛ خلوا متناجين؛ شق عليهم؛ فنزلت: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} (¬2). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ ¬

_ (¬1) ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 80، 81)، و"لباب النقول" (ص 206، 207)، ونسبهما لابن أبي حاتم. قلنا: وسندهما ضعيف؛ لإرسالهما. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 279): نا معمر عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 81) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)}. * عن قتادة في قوله -تعالى-: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا}: كان المنافقون يتناجون بينهم، وكان ذلك يغيظ المؤمنين ويكبر عليهم؛ فأنزل الله في ذلك القرآن: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (¬1). [ضعيف] * عن قتادة في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)}: كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلاً ضنوا بمجلسهم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأمرهم أن يفسح بعضهم لبعض (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث سرية وأغزاها التقى المنافقون فانغضوا رؤوسهم إلى المسلمين، ويقولون: قتل ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 12): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 279) عن معمر عن قتادة به. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 13): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 81) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

القوم، وإذا رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ تناجوا وأظهروا الحزن، فبلغ ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن المسلمين؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9)} (¬1). * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)}. * عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ قال: لما نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)}؛ قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما ترى ديناراً؟ "، قال: لا تطيقونه، قال: "فنصف دينار؟ "، قلت: لا يطيقونه، قال: "فكم؟ "، قلت: شعيرة، قال: "إنك لزهيد"، قال: فنزلت: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)}، قال: فبي خفف الله عن هذه الآية (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 82) ونسبه لابن مردويه. (¬2) أخرجه الترمذي في "جامعه" (5/ 406، 407 رقم 3300)، والنسائي في "خصائص علي" (ص 161 رقم 152)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 81، 82 رقم 12175)، وعبد بن حميد في "المسند" (1/ 141 رقم 90 - "منتخب")، والطبري في "جامع البيان" (28/ 15)، وأبو يعلى في "المسند" (1/ 322، 323 رقم 400)، والبزار في "المسند" (2/ 258 رقم 668)، وابن حبان في "صحيحه" (15/ 390 - 392 رقم 6941، 6942 - "إحسان")، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (3/ 243)، وابن عدي في "الكامل" (5/ 1847، 1848)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 233)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = (ص 478)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (2/ 301، 302) رقم 680، 681) وغيرهم من طريق الثوري عن عثمان بن المغيرة عن سالم بن أبي الجعد عن علي بن علقمة الأنماري عن علي به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ علي بن علقمة لم يرو عنه إلا سالم بن أبي الجعد، وضعفه البخاري والعقيلي وابن الجارود وابن حبان والذهبي. انظر: "المجروحين" (2/ 109)، و"التهذيب" (7/ 365). قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". وضعفه شيخنا الألباني -رحمه الله- في "ضعيف الترمذي" (رقم 652). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 83) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/ 481، 482) من طريق يحيى بن المغيرة السعدي ثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ قال: قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد ولا يعمل بها أحد بعدي، آية النجوى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)}، قال: كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فناجيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما ناجيت النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قدمت بين يدي نجواي درهماً، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد؛ فنزلت: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)}. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين؛ عدا يحيى فلم يرويا له شيئاً. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده"، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 431)، و"المطالب العالية" (9/ 52 رقم 4140، 4141)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 171 رقم 7848، 7849) من طرق عن ليث عن مجاهد عن علي بنحوه. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)}؛ قال: إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فلما قال ذلك؛ امتنع كثير من الناس وكفوا عن المسألة؛ فأنزل الله بعد هذا: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)}؛ فوسع الله عليهم ولم يضيق (¬1). [حسن] * عن مجاهد في قوله -تعالى-: {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}؛ قال: نهوا عن مناجاة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يتصدقوا، فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، قدم ديناراً فتصدق به، ثم أنزلت الرخصة بعد ذلك (¬2). [ضعيف] * عن مقاتل بن حيان؛ قال: إن الأغنياء كانوا يأتون النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ = قلنا: وهذا إسناد ضعيف. ليث هو ابن أبي سليم؛ ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 84) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 15)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "لباب النقول" (ص 207)، و"الدر المنثور" (8/ 83)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 430) من طرق عن عبد الله بن صالح ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 14) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 84) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

فيكثرون مناجاته، ويغلبون الفقراء على المجالس؛ حتى كره النبي - صلى الله عليه وسلم - طول جلوسهم ومناجاتهم، فأمر الله بالصدقة عند المناجاة، فأما أهل العسر؛ فلم يجدوا شيئاً، وكان ذلك عشر ليال، وأما أهل الميسر؛ فمنع بعضهم ماله وحبس نفسه إلا طوائف منهم جعلوا يقدمون الصدقة بين يدي النجوى، ويزعمون أنه لم يفعل ذلك غير رجل من المهاجرين من أهل بدر؛ فأنزل الله: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} (¬1). [ضعيف] * عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-؛ قال: نزلت فيَّ ثلاث آيات من كتاب الله -عزّ وجلّ-: نزل تحريم الخمر، نادمت رجلاً فعارضته وعارضني فعربدت عليه؛ فشججته؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة: 90، 91]، ونزلت فيّ: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا} [الأحقاف: 15] إلى آخر الآية، ونزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} فقدمت شعيرة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنك لزهيد" فنزلت الأخرى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 84) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه الطبري في "المعجم الكبير" (1/ 147 رقم 331) من طريق سلمة بن الفضل ثنا ابن إسحاق عن أبي إسحاق السبيعي عن مصعب بن سعد عن سعد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: ابن إسحاق؛ مدلس وقد عنعن. =

* {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالساً في ظل حجرة قد كاد يقلص عليها الظل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم سيأتيكم رجل ينظر إليكم بعيني شيطان، فإذا جاءكم؛ فلا تكلموه"، فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل، فدعاه فقال: "علام تشتمني أنت وأصحابك؟ "، قال: ادعوهم، فدعاهم فجعلوا يحلفون بالله ما قالوا وما فعلوا؛ حتى تجاوز عنهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18)} (¬1). [صحيح] ¬

_ = الثانية: أبو إسحاق السبيعي؛ مدلس وقد عنعن -أيضاً-، وهو مع هذا مختلط -أيضاً-، وابن إسحاق روى عنه بعد الاختلاط. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 122): "في مسند الطبراني سلمة بن الفضل الأبرش وثقه ابن معين وغيره وضعفه البخاري وغيره". قلنا: وفي "التقريب": "صدوق كثير الخطأ" وهو الصواب أنه ضعيف؛ لكن استثنى بعض أهل العلم روايته عن ابن إسحاق، وحسن حديثه عنه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 84) وزاد نسبته لابن مردويه وقال: "بسند فيه ضعف". (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (1/ 240، 267، 350)، وابن أبي شيبة وأحمد بن منيع في "مسنديهما"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 172 رقم 7850)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 17)، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 6، 7 رقم 12307)، والبزار في "المسند" (3/ 74، 75 رقم 2270 - "كشف")، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القران العظيم" (4/ 351)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 482)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (5/ 282، 283)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 277) من طرق عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال مسلم. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. =

* عن السدي؛ قال: بلغنا أنها نزلت في عبد الله بن نبتل، وكان رجلاً من المنافقين (¬1). [ضعيف] * {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)}. * عن ابن شوذب؛ قال: جعل والد أبي عبيدة بن الجراح يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر، وجعل أبو عبيدة يحيد عنه، فلما أكثر؛ قصده أبو عبيدة فقتله؛ فنزلت: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 122): "رواه الطبراني وأحمد والبزار؛ ورجال الجميع رجال الصحيح". وقال الحافظ ابن كثير: "إسناد جيد ولم يخرجوه". وقال البوصيري: "هذا إسناد صحيح". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 85) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. (¬1) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 257)، و"الدر المنثور" (8/ 85) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬2) أخرجه الطبرني في "المعجم الكبير" (1/ 154، 155) -وعنه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/ 101)، و"معرفة الصحابة" (2/ 21، 22 رقم 576) -ومن طريقه =

* عن ابن جريج؛ قال: حدثت أن أبا قحافة سب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصكه أبو بكر صكة؛ فسقط؛ فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أفعلت يا أبا بكر؟! "، فقال: والله لو كان السيف مني قريباً لضربته؛ فنزلت: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الرحمن بن ثابت بن قيس بن الشماس: أنه استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يزور خاله من المشركين؛ فأذن له، فلما قدم؛ قرأ ¬

_ = ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (ص 266 - مطبوع) عن أبي يزيد القراطيسي، والحاكم في "المستدرك" (3/ 264، 265) -وعنه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 27) - من طريق الربيع بن سليمان، كلاهما عن أسد بن موسى ثنا ضمرة بن ربيعة عن عبد الله بن شوذب به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لإعضاله. قال البيهقي عقبه: "هذا منقطع". وسكت عنه الحاكم والذهبي. وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (2/ 244): "أخرجه الطبراني بسند جيد عن عبد الله بن شوذب". وقال في "فتح الباري" (7/ 93): "مرسل". وقال في "التلخيص الحبير" (4/ 113): "هذا معضل". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 86) و"لباب النقول" (ص 208) وزاد نسبته لابن أبي حاتم. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 86)، و"لباب النقول" (ص 208) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأناس حوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)} (¬1). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 86) ونسبه لابن مردويه.

سورة الحشر

سورة الحشر * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الحشر بالمدينة (¬1). * عن سعيد بن جبير؛ قال: قلت لابن عباس: سورة التوبة؟ قال: التوبة هي الفاضحة، ما زالت تنزل: ومنهم، ومنهم؛ حتى ظنوا أنها لم تبق أحداً منهم إلا ذكر فيها، قال: قلت: سورة الأنفال؟ قال: نزلت في بدر، قال: قلت: سورة الحشر؟ قال: نزلت في بني النضير (¬2). * {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2) وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)}. ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 88) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (8/ 628، 629 رقم 4882)، ومسلم في "صحيحه" (4/ 2322 رقم 3031) به.

* عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: كانت غزوة بني النضير -وهم طائفة من اليهود- على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكان منزلهم ونخلهم بناحية المدينة؛ فحاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة؛ يعني: السلاح؛ فأنزل الله فيهم: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2) وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)}؛ فقاتلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى صالحهم على الجلاء، فأجلاهم إلى الشام، وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما خلا، وكان الله قد كتب عليهم ذلك، ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا بالقتل والسبي. وأما قوله: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2) وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)}؛ فكان جلاؤهم ذلك أول حشر في الدنيا إلى الشام (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/ 483) -وعنه البيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 178) - من طريق زيد بن المبارك نا محمد بن ثور عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة به. قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات. وقال الحاكم: "حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"! ووافقه الذهبي! =

* عن عروة بن الزبير وموسى بن عقبة؛ قالا: هذا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خرج إلى بني النضير يستعينهم في عقل الكلابيين، وكانوا زعموا قد دسّوا إلى قريش حين نزلوا بأحد لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحضوهم على القتال، ودلوهم على العورة، فلما كلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عقل الكلابيين؛ قالوا: اجلس يا أبا القاسم؛ حتى تُطعم، وترجع بحاجتك، ونقوم فنتشاور ونصلح أمرنا فيما جئتنا له، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ = قلنا: لم يخرجا لمحمد بن ثور ولا لزيد بن المبارك، وهما ثقتان. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 89) وزاد نسبته لابن مردويه. قلنا: وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5/ 357، 358 رقم 9732) عن معمر عن الزهري في حديثه عن عروة؛ قال: ثم كانت غزوة بني النضير، وهم طائفة من اليهود، على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكانت منازلهم ونخلهم بناحية من المدينة، فحاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة؛ يعني: السلاح؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ}؛ فقاتلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى صالحهم على الجلاء، فأجلاهم إلى الشام، فكانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما خلا، وكان الله قد كتب عليهم الجلاء، ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا بالقتل والسباء، وأما قوله: {لِأَوَّلِ الْحَشْرِ}؛ فكان جلاءهم ذلك أول حشر في الدنيا إلى الشام. قلنا: وهذا مرسل صحيح، وتقدم موصولاً عن عائشة بسند صحيح. وأخرجه البيهقي في "الدلائل" (3/ 176، 177) بسند صحيح إلى الزهري به. فجعله من مرسل الزهري لا عروة. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 282) عن معمر عن الزهري بنحوه. وهو مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 89) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم، ونقل عن البيهقي قوله: "وهو المحفوظ"؛ أي: المرسل. قلنا: ولم نجده في مطبوع "الدلائل".

ومن معه من أصحابه في ظل جدار ينتظرون أن يصلحوا أمرهم، فلما خلوا والشيطان معهم؛ ائتمروا بقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: لن تجدوه أقرب منه الآن فاستريحوا منه؛ تأمنوا في دياركم ويرفع عنكم البلاء، فقال رجل منهم: إن شئتم ظهرت فوق البيت الذي هو تحته فدليت عليه حجراً فقتله، وأوحى الله -عزّ وجلّ- إليه فأخبره بما ائتمروا به من شأنهم؛ فعصمه الله -عزّ وجلّ-، وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنه يريد أن يقضي حاجة، وترك أصحابه في مجلسهم، وانتظره أعداء الله فراث عليهم، فأقبل رجل من المدينة فسألوه عنه، فقال: لقيته قد دخل أزقة المدينة، فقالوا لأصحابه: عجل أبو القاسم أن يقيم أمرنا في حاجته التي جاء لها، ثم قام أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجعوا، ونزل القرآن والله أعلم بالذي أراد أعداء الله، فقال -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} إلى قوله: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)} [المائدة: 11]. فلما أظهر الله -عزّ وجلّ- رسوله - صلى الله عليه وسلم - على ما أرادوا به وعلى خيانتهم؛ أمر الله -عزّ وجلّ- رسوله - صلى الله عليه وسلم - بإجلائهم وإخراجهم من ديارهم، وأمرهم أن يسيروا حيث شاءوا، وقد كان النفاق قد كثر في المدينة، فقالوا: أين تخرجنا؟ قال: "أخرجكم إلى الحبس"، فلما سمع المنافقون ما يراد بإخوانهم وأوليائهم من أهل الكتاب؛ أرسلوا إليهم فقالوا لهم: إنا معكم محيانا ومماتنا، إن قوتلتم؛ فلكم علينا النصر، كان أخرجتم؛ لم نتخلف عنكم، وسيد اليهود أبو صفية حُيَيّ بن أخطب، فلما وثقوا بأماني المنافقين؛ عظمت غِرّتهم، ومناهم الشيطان الظهور؛ فنادوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه: إنا والله لا نخرج ولئن قاتلتنا لنقاتلنك. فمضى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمر الله -تعالى-؛ فأمر أصحابه فأخذوا السلاح ثم مضى إليهم، وتحصنت اليهود في دورهم وحصونهم، فلما

انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أزقتهم وحصونهم؛ كره أن يمكنهم من القتال في دورهم وحصونهم، وحفظ الله -عزّ وجلّ- أمره وعزم على رشده؛ فأمر بالأدنى فالأدنى من دورهم أن تُهدم، وبالنخل أن تُحرق وتُقطع، وكف الله -تعالى- أيديهم وأيدي المنافقين فلم ينصروهم، وألقى الله -عزّ وجلّ- في قلوب الفريقين كلاهما الرعب، ثم جعلت اليهود كما خلص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هدم ما يلي مدينته ألقى الله -عزّ وجلّ- في قلوبهم الرعب، فهدموا الدور التي هم فيها من أدبارها ولم يستطيعوا أن يخرجوا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه يهدمون ما أتوا عليه الأول فالأول، فلما كادت اليهود أن تبلغ آخر دورها وهم ينتظرون المنافقين وما كانوا منوهم، فلما يئسوا مما عندهم؛ سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان عرض عليهم قبل ذلك؛ فقاضاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يجليهم ولهم أن يتحملوا بما استقلت به الإبل من الذي كان لهم إلا ما كان من حلقة أو سلاح؛ فطاروا كل مطير، وذهبوا كل مذهب، ولحق بنو أبي الحقيق طير معهم آنية كثيرة من فضة قد رآها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والمسلمون حين خرجوا بها، وعمد حيي بن أخطب حين قدم مكة على قريش فاستغواهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستنصروهم، وبيّن الله -عزّ وجلّ- لرسوله - صلى الله عليه وسلم - حديث أهل النفاق وما بينهم وبين اليهود، وكانوا قد عيّروا المسلمين حين يهدمون الدور ويقطعون النخل، فقالوا: ما ذنب شجرة وأنتم تزعمون أنكم مصلحون؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ} إلى قوله: {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}. ثم جعلها نفلاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يجعل فيها سهماً لأحد غيره، فقال: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن أراه -عزّ وجلّ- من المهاجرين الأولين، وأعطى منها الأنصار رجلين سماك بن أوس بن خرشة، وهو أبو دجاجة، وسهل بن حنيف، وأعطى -زعموا- سعد بن معاذ سيف بن أبي الحقيق، وكان إجلاء بني النضير في المحرم سنة ثلاث، وأقامت قريظة في المدينة في مساكنهم لم يؤمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم بقتال ولا إخراج حتى فضحهم الله -عزّ وجلّ- بحيي بن أخطب، وبمجموع الأحزاب (¬1). [ضعيف] * {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5) وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)}. * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرَّق نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة؛ فأنزل الله -تعالى-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)} (¬2). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قول الله -عزّ وجلّ-: {مَا ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 180 - 182). قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4031، 4884)، ومسلم (رقم 1746/ 9) وغيرهما. وفي رواية لمسلم (1746/ 30) وهو عند البخاري (رقم 3021 - مختصر): أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع نخل بني النضير وحرق، ولها يقول حسان: وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير وفي ذلك نزلت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}.

قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}؛ قال: اللينة: النخلة، {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}؛ قال: استنزلوهم من حصونهم، قال: وأمروا بقطع النخل؛ فحك في صدورهم، فقال المسلمون: قد قطعنا بعضاً وتركنا بعضاً، فلنسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل لنا فيما قطعنا من أجر؟ وهل علينا فيما تركنا من وزر؟ فأنزل الله -تعالى-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)} (¬1). [صحيح] * عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما-؛ قال: رخّص لهم في قطع النخل ثم شدد عليهم؛ فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله! علينا إثم فيما قطعنا أو علينا فيما تركنا؟ فأنزل الله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي (5/ 408 رقم 3303)، والنسائي في "تفسيره" (2/ 396، 397 رقم 594)، وفي "السير"؛ كما في "تحفة الأشراف" (رقم 5488) من طريق عفان بن مسلم الصفار عن حفص بن غياث ثنا حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قلنا: وسنده صحيح. وقال الترمذي: "حديث حسن غريب". وصححه شيخنا الألباني -رحمه الله- في "صحيح الترمذي" (رقم 2631). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 91) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه. قلنا: ثم أخرج الترمذي عقبه من طريق مروان بن معاوية عن حفص به مرسلاً لم يذكر ابن عباس، والموصول أصح. (¬2) أخرجه أبو يعلى في "المسند" (4/ 135 رقم 2189): ثنا سفيان بن وكيع ثنا حفص عن ابن جريح عن سليمان بن موسى الأشدق عن أبي الزبير عنه به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: أبو الزبير؛ مدلس وقد عنعن. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن سورة الحشر نزلت في النضير، وذكر الله فيها الذي أصابهم من النعمة وتسليط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم حتى عمل بهم الذي عمل بإذنه، وذكر المنافقين الذين كانوا يراسلونهم ويعدونهم النصر؛ فقال: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} إلى قوله: {وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} من هدمهم بيوتهم من تحت الأبواب، ثم ذكر قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النخل وقول اليهود له: يا محمد! قد كنت تنهى عن الفساد؛ فما بال قطع النخل؟! فقال: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)} يخبرهم أنها نعمة منه، ثم ذكر مغانم بني النضير؛ فقال: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)} أعلمهم أَنها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضعها حيث يشاء، ثم مغانم المسلمين مما يوجف عليه الخيل والركاب ويفتح بالحرب؛ فقال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ¬

_ = الثانية: سليمان؛ فيه ضعف، وفي "التقريب": "صدوق فقيه، في حديثه بعض لين وخلط قبل موته بقليل". الثالثة: ابن جريج؛ مدلس وقد عنعن. الرابعة: سفيان بن وكيع؛ قال في "التقريب": "كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه؛ فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 122): "رواه أبو يعلى عن شيخه سفيان بن وكيع وهو ضعيف". وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 173): "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف سفيان بن وكيع". وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 208): "وأخرج أبو يعلى بسند ضعيف عن جابر". وذكره في "الدر المنثور" (8/ 91) وزاد نسبته لابن مردويه.

وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)}؛ فذا مما يوجف عليه الخيل والركاب، ثم ذكر المنافقين عبد الله بن أُبيّ بن سلول ومالكاً وداعساً ومن كان على مثل رأيهم؛ فقال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ} إلى: {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا}؛ يعني: بني قينقاع الذين أجلاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). [موضوع] * عن يزيد بن رومان؛ قال: لما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ يعني: ببني النضير؛ تحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع النخل، والتحريق فيها، فنادوه: يا محمد! قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه؛ فما بال قطع النخل وتحريقها؟! فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)} (¬2). [ضعيف جداً] * عن قتادة؛ قوله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}؛ أي: ليعظهم، فقطع المسلمون يومئذ النخل، وأمسك آخرون؛ كراهية أن يكون إفساداً، فقالت اليهود: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 438)، و"الفتح السماوي" (3/ 1035) من طريق ابن إسحاق ثني محمد بن السائب الكلبي ثني أبو صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهذا موضوع؛ فالكلبي كذاب، ونحوه شيخه أبو صالح؛ فإنه متهم بالكذب. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 23): ثنا ابن حميد ثنا سلمة بن الفضل ثنا ابن إسحاق ثنا يزيد بن رومان به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: ابن حميد؛ ضعيف، بل انّهم بالكذب. الثانية: الإرسال.

آلله أذن لكم في الفساد؛ فأنزل الله -تعالى-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن كفار قريش كتبوا إلى عبد الله بن أبُيّ بن سلول ومن كان يعبد الأوثان من الأوس والخزرج -ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بالمدينة، قبل وقعة بدر- يقولون: إنكم آويتم صاحبنا، وإنكم أكثر أهل المدينة عدداً، وإنا نقسم بالله؛ لتقتلنه أو لتُخرجُنّه، أو لنستعين عليكم العرب، ثم لنسيرنّ إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم، فلما بلغ ذلك عبد الله بن أُبيّ ومن كان معه من عبدة الأوثان؛ تراسلوا، فاجتمعوا، وأرسلوا، وأجمعوا لقتال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فلما بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فلقيهم في جماعة، فقال: "لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت لتكيدكم بأكثر مما تريدون أن يكيدوا به أنفسكم، فأنتم هؤلاء تريدون أن تقتلوا أبناءكم وإخوانكم". فلما سمعوا ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ تفرقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، وكانت وقعة بدر، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء وهي الخلاخيل، فلما بلغ كتابهم النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أجمعت بنو النضير [على] الغدر، فأرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك، ولنخرج في ثلاثين حبراً؛ حتى نلتقي في مكان كذا، نصف بيننا وبينكم، فيسمعوا منك، فإن صدقوك، وآمنوا بك؛ آمنا كلنا، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثين من أصحابه، وخرج إليه ثلاثون ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 23): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

حبراً من يهود، حتى إذا برزوا في براز من الأرض؛ قال بعض اليهود لبعض: كيف تخلصون إليه، ومعه ثلاثون رجلاً من أصحابه، كلهم يحب أن يموت قبله؟ فأرسلوا إليه: كيف تفهم ونفهم، ونحن ستون رجلاً؟ أخرج في ثلاثة من أصحابك، ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا فليسمعوا منك، فإن آمنوا بك؛ آمنا كلنا وصدقناك، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة نفر من أصحابه، واشتملوا على الخناجر، وأرادوا الفتك برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى بني أخيها، وهو رجل مسلم من الأنصار، فأخبرته خبر ما أرادت بنو النضير إلى بني أخيها، فأخبرته خبر ما أرادت بنو النضير من الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأقبل أخوها سريعاً، حتى أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - فساره بخبرهم قبل أن يصل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم؛ فرجع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان من الغد؛ غدا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالكتائب، فحاصرهم وقال لهم: "إنكم لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه"؛ فأبوا أن يعطوه عهداً؛ فقاتلهم يومهم ذلك هو والمسلمون، ثم غدا الغد على بني قريظة بالخيل والكتائب، وترك بني النضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه؛ فعاهدوه، فانصرف عنهم، وغدا إلى بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل إلا الحلقة، والحلقة: السلاح، فجاءت بنو النضير، واحتملوا ما أقلّت الإبل من أمتعهم وأبواب بيوتهم وخشبها، فكانوا يخربون بيوتهم، فيهدمونها فيحملون ما وافقهم من خشبها، وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام، وكان بنو النضر من سبط من أسباط بني إسرائيل لم يصبهم جلاء منذ كتب الله على بني إسرائيل الجلاء؛ فلذلك أجلاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلولا ما كتب الله عليهم من الجلاء؛ لعذبهم في الدنيا كما عذبت بنو قريظة؛ فأنزل الله: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)} حتى بلغ: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وكانت نخل بني النضير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة، فأعطاه الله إياها وخصه بها، فقال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ

عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ} يقول: بغير قتال، قال: فأعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثرها للمهاجرين وقسمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجة لم يقسم لرجل من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يد بني فاطمة (¬1). [صحيح] * عن الأوزاعي؛ قال: أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يهوديٌّ فسأله عن المشيئة؛ فقال: "المشيئة لله -تعالى-"، قال: فإني أشاء أن أقوم، قال: "قد شاء الله أن تقوم"، قال: فإني أشاء أن أقعد، قال: "فقد شاء الله أن تعقد"، قال: فإني أشاء أن أقطع هذه النخلة، قال: "فقد شاء الله أن تقطعها"، قال: فإني أشاء أن أتركها، قال: "فقد شاء الله أن تتركها"، قال: فأتاه جبريل -عليه السلام- فقال: "لقنت حجتك كما لقنها إبراهيم -عليه السلام-"، قال: ونزل القرآن؛ فقال: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)} (¬2). [ضعيف] * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم بين قريش والمهاجرين، النضير؛ فأنزل الله -تعالى-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَة}؛ قال: هي العجوة والفنيق والنخيل، وكانا مع نوح في السفينة، وهما أصل ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5/ 358 - 361 رقم 9733) -ومن طريقه أبو داود في "سننه" (3/ 156، 157 رقم 3004) - ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 178، 179) -عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن به. قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات. وصححه شيخنا الألباني -رحمه الله- في "صحيح أبي داود". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 93) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬2) أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (1/ 367 رقم 296): ثنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس الأصم ثنا العباس بن الوليد بن مزيد عن الأوزاعي به. قلنا: وسنده صحيح إلى الأوزاعي؛ لكنه معضل؛ فالأوزاعي من أتباع التابعين.

التمر، ولم يعط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار أحداً إلا رجلين: أبا دجانة، وسهل بن حنيف (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: جاء يهودي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: أنا أقوم فأصلي، قال: "قدر الله لك ذلك أن تصلي"، قال: أن أقعد، قال: "قدر الله لك أن تقعد"، قال: أنا أقوم إلى هذه الشجرة فأقطعها، قال: "قدر الله لك أن تقطعها"، قال: فجاء جبريل -عليه السلام- فقال: "يا محمد! لقنت حجتك كما لقنها إبراهيم على قومه"، وأنزل الله -تعالى-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}؛ يعني: اليهود (¬2). [ضعيف] * عن عكرمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غدا يوماً إلى النضير؛ ليسألهم كيف الدية فيهم؟ فلما لم يروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير أحد؛ أبرموا بينهم على أن يقتلوه ويأخذوا أصحابه أسارى؛ ليذهبوا بهم إلى مكة ويبيعوهم من قريش، فبينما هم على ذلك؛ إذ جاء من اليهود من المدينة، فلما رأى أصحابه يأتمرون بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال لهم: ما تريدون؟ قالوا: نريد أن نقتل محمداً ونأخذ أصحابه، فقال لهم: وأين محمد؟ قالوا: هذا محمد قريب، فقال لهم صاحبهم: والله لقد تركت محمداً داخل المدينة؛ فأسقط بأيديهم، وقالوا: قد أخبر أنه انقطع ما بيننا وبينه من العهد، فانطلق منهم ستون حبراً ومنهم حيي بن أخطب والعاص بن وائل حتى دخلوا على كعب، وقالوا: يا كعب أنت سيد قومك -ومدحهم-، احكم بيننا وبين محمد، فقال لهم كعب: أخبروني ما عندكم؟ قالوا: نعتق الرقاب ونذبح الكوماء، وإن محمداً انبتر من الأهل والمال، فشرفهم كعب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فانقلبوا؛ فأنزل الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 99) ونسبه لابن مردويه. (¬2) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 280) وفيه من لم نعرفه.

الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} إلى: {فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء: 51، 52] ونزل عليه لما أرادوا أن يقتلوه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} [المائدة: 11]؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يكفني كعباً؟ "، فقال ناس من أصحابه فيهم ابن مسلمة: نحن نكفيك يا رسول الله! ونستحل منك شيئاً، فجاؤوه فقالوا: يا كعب إن محمداً كلفنا الصدقة فبعنا شيئاً. قال عكرمة: فهذا الذي استحلوه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم كعب: أرهنوني أولادكم، فقالوا: إن ذاك عار فينا، غداً تبيح أن يقولوا: عبد وسق ووسقين وثلاثة، قال كعب: فاللامة، قال عكرمة: وهي السلاح، فأصلحوا أمرهم على ذلك فقالوا: موعد ما بيننا وبينك القابلة، حتى إذا كانت القابلة؛ راحوا إليه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المصلى يدعو لهم بالظفر، فلما جاؤوا؛ نادوه: يا كعب! -وكان عروساً- فأجابهم، فقالت امرأته -وهي بنت عمير-: أين تنزل؟ قد أشم الساعة ريح الدم، فهبط وعليه ملحفة مورسة وله ناصية، فلما نزل إليهم؛ قال القوم: ما أطيب ريحك؛ ففرح بذلك، فقام محمد بن مسلمة: فقال قائل المسلمين: أشمونا من ريحه، فوضع يده على ثوب كعب، وقال: شموا فشموا، وهو يظن أنهم يعجبون بريحه؛ ففرح بذلك، فقال محمد بن مسلمة: بقيت أنا -أيضاً-، فمضى إليه فأخذ بناصيته ثم قال: اجلدوا عنقه، فجلدوا عنقه، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غدا إلى النضير، فقالوا: ذرنا نبك سيدنا، قال: "لا"، قالوا: فحزة على حزة، قال: "نعم، حزة على حزة"، فلما رأوا ذلك؛ جعلوا يأخذون من بطون بيوتهم الشيء لينجوا به، والمؤمنون يخربون بيوتهم من خارج ليدخلوا عليهم، فلولا أن كتب الله عليهم الجلاء. قال عكرمة: والجلاء يجلون منهم ليقتلهم بأيديهم، وقال عكرمة: إنا ناساً من المسلمين لما دخلوا علي بني النضير؛ أخذوا يقطعون النخل، فقال بعضهم لبعض: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا} [البقرة:

205]، وقال قائل من المسلمين: {وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا} [التوبة:121]، {وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة:120]؛ فأنزل الله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} وهي النخلة، {أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} قال: ما قطعتم؛ فبإذني، وما تركتم؛ فبإذني (¬1). [ضعيف] * عن مقاتل بن حيان، قول الله -عزّ وجلّ-: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ}، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقاتلهم، فإذا ظهر على درب أو دار؛ هدم حيطانها؛ ليتسع المكان للقتال، وكانت اليهود إذا غلبوا على درب أو دار؛ نقبوها من أدبارها ثم حصنوها ودربوها، يقول الله -عزّ وجلّ-: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ}، قوله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} إلى قوله: {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}؛ يعني: باللينة: النخلة، وهي أعجب إلى اليهود من الوصيف، يقال لثمرها: اللون، فقالت اليهود عند قطع النبي - صلى الله عليه وسلم - نخلهم وعقر شجرهم: يا محمد! زعمت أنك تريد الإصلاح، أفمن الإصلاح: عقر الشجر، وقطع النخل، والفساد؟! فشق ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - ووجد المسلمون من قولهم في أنفسهم من قطعهم النخل؛ خشية أن يكون فساداً، فقال بعضهم لبعض: لا تقطعوا؛ فإنه مما أفاء الله علينا، فقال الذين يقطعونها: نغيظهم بقطعها؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}؛ يعني: النخل، {فَبِإِذْنِ اللَّهِ} وما تركتم {قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ}؛ فطابت نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنفس المؤمنين، {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}؛ يعني: أهل النضر، فكان قطع النخل وعقر الشجر خزياً لهم (¬2). [ضعيف] * عن مجاهد في قوله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}؛ يعني: من نخلة، ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 95 - 97) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه البيهقي في "الدلائل" (3/ 358، 359) من طريق يزيد بن صالح عن بكير بن معروف عن مقاتل به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف بكير.

قال: نهى بعض المهاجرين بعضاً عن قطع النخل؛ وقالوا: إنما هي من مغانم المسلمين، وقال الذين قطعوا: بل هو غيظ للعدو؛ فنزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه، وتحليل من قطعه من الإثم، فقال: إنما قطعه وتركه بإذن الله -عزّ وجلّ- (¬1). [ضعيف] * {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)}. * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: يا رسول الله! أصابني الجهد؛ فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئاً -وفي رواية: فأرسل إلى بعض نسائه؛ فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى الأخرى؛ فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا، والذي بعثك بالحق؛ ما عندنا إلا ماء-، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا رجل يضيفه الليلة، يرحمه الله؟ "؛ فقام رجل من الأنصار (يقال له: أبو طلحة) فقال: أنا يا رسول الله، فذهب (به) إلى أهله (وفي رواية: رحله)، فقال لامرأته: (هل عندك شيء؟)، ضيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تدخريه شيئاً، فقالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية، قال: فإذا أراد الصبية العشاء؛ فنوميهم، وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة، ففعلت (وفي رواية: فعلّليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا؛ فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل، فإذا أهوى ليأكل؛ فقومي إلى السراج ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 22، 23)، والبيهقي في "الدلائل" (3/ 185) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 91، 92) وزاد نسبته لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.

حتى تطفئيه، قال: فقعدوا وأكل الضيف)، وفي رواية أخرى: (فقال: هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونوّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء؛ فهيئت طعامها، وأصبحت سراجها، ونومّت صبيانها، ثم قامت كأنها تفتح سراجها؛ فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين)، ثم (وفي رواية: فلما أصبح) غدا الرجل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لقد عجب الله -عزّ وجلّ-، -أو ضحك- من فلان وفلانة"، (وفي رواية: ضحك الله الليل -أو عجب- من فعالكما)، (وفي رواية أخرى: قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة)؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: أهدي لرجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأس شاة، فقال: إن أخي فلاناً وعياله أحوج إلى هذا منا، قال: فبعث إليه، فلم يزل يبعث به واحداً إلى آخر؛ حتى تداولها سبعة أبيات، حتى رجعت إلى الأول؛ فنزلت: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬2). [ضعيف] * عن أبي المتوكل الناجي: أن رجلاً من المسلمين عبر ثلاثة أيام ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 3798، 4889)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 2054). (¬2) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/ 483، 484) -وعنه البيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 92، 93 رقم 3204) -، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 281) من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي عن محارب بن دثار عن ابن عمر به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه عبيد الله بن الوليد وهو ضعيف. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"؛ وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: عبيد الله ضعفوه". وانظر: "مختصر استدراكات الذهبي. ." لابن الملقن (2/ 947 رقم 383). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 107) وزاد نسبته لابن مردويه.

صائماً لا يجد ما يفطر عليه، ويصبح صائماً، حتى فطن له رجل من الأنصار يقال له: ثابت بن قيس -رضي الله تعالى عنه-، فقال لأهله: إني أجيء الليلة بضيف، فإذا وضعتم طعامكم؛ فليقم بعضكم إلى السراج كأنه يصلحه؛ فليطفئه، ثم اضربوا بأيديكم إلى الطعام كأنكم تأكلون، فلا تأكلوا حتى يشبع ضيفنا، فلما أمسى؛ ذهب فوضعوا طعامهم، فقامت امرأته إلى السراج كأنها تصلحه؛ فأطفئته، ثم جعلوا يضربون بأيديهم في الطعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون؛ حتى شبع ضيفهم، وإنما كان طعامهم ذلك خبزة وهي قوتهم، فلما أصبح ثابت بن قيس؛ غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا ثابت! لقد عجيب الله -عزّ وجلّ- البارحة منكم ومن صنيعكم"، وأنزلت هذه الآية: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬1). [ضعيف] * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- في قوله -تعالى-: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}؛ قال: نزلت في رجل من الأنصار، أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - معه ضيفاً من أضيافه، فأتى به منزله، فقالت له امرأته: ما هذا؟ قال: هذا ضيف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: والذي بعث محمداً بالحق؛ ما أمسى عندنا إلا قرص، فذلك القرص لي أو لك، أو للضيف، أو للخادم؟! قال: اثردي هذا القرص، ¬

_ (¬1) أخرجه مسدد في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية المسندة" (9/ 56 رقم 4145)، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" (رقم 148)، وابن أبي الدنيا في "قرى الضيف" (21/ 11)، والخطيب في "الأنباء المحكمة" (*) (ص 399)، وابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "فتح الباري" (8/ 632) من طريق إسماعيل بن مسلم العبدي عن أبي المتوكل به. قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد.

وآدميه بسمن ثم قرّبيه، وأمري الخادم يطفئ السراج،، وجعلت تتلمظ هي وهو؛ حتى رأى الضيف أنهم يأكلون، وأصبح فصلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أين صاحب الضيف؟ " - ثلاث مرات- والرجل ساكت، قال: أنا صاحب الضيف، قال: "حدثني جبريل: أن الله -تعالى- ضحك حين قلت لخادمك أطفأ السراج"، ونزلت: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬1). [منكر] * عن يزيد بن الأصم: أن الأنصار قالوا: يا رسول الله! اقسم بيننا وبين إخواننا المهاجرين الأرض نصفين، قال: "لا، ولكن يكفونكم المؤنة وتقاسمونهم الثمرة، والأرض أرضكم"، قالوا: رضينا؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)} (¬2). [ضعيف] * {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)}. * عن السدي؛ قال: قد أسلم ناس من أهل قريظة والنضير وكان فيهم منافقون، وكانوا يقولون لأهل النضير: لئن أخرجتم؛ لنخرجن ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي الدنيا في "قرى الضيف" (10/ 19، 20) من طريق سعيد بن مسلم عن عبد الوارث عن أنس. قلنا: وهذا حديث منكر؛ عبد الوارث مولى أنس؛ منكر الحديث؛ كما قال البخاري، والمحفوظ أنه من مسند أبي هريرة كما تقدم قريباً -والله أعلم-. وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري" (8/ 632) وليس بجيد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 106) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر.

معكم؛ فنزلت فيهم هذه الآية: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)} (¬1). [ضعيف] * {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)}. * عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ قال: كان راهب يتعبّد في صومعة وإذ امرأة كان لها إخوة، فعرض لها شيءٌ فأتوه بها فزيّنت له نفسها؛ فوقع عليها؛ فحملت؛ فجاءه الشيطان فقال: اقتلها؛ فإنهم إن ظهروا عليك افتضحت؛ فقتلها فدفنها، فجاؤوه فأخذوه فذهبوا به، فبينما هم يمشون به؛ إذ جاءه الشيطان فقال: أنا الذي زيّنت لك، فاسجد لي سجدة أنجيك؛ فسجد له؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} الآية (¬2). [حسن] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 115)، و"لباب النقول" (ص 210) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف، لإرساله. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 285) -وعنه إسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (9/ 55 رقم 4143 - المسندة)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 173 رقم 7852) - ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" (3/ 300 رقم 3854 - ط دار المعرفة) - وعنه البيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 373 رقم 5450) -: أنبأ الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن حميد بن عبد الله السلولي عن علي به. قال البوصيري: "هذا إسناد فيه مقال؛ حميد بن عبد الله السلولي لم أقف له على من وثقه، وباقي رواة الإسناد ثقات". اهـ. قلنا: فقول الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"؛ مردود. =

* عن طاووس؛ قال: كان رجل من بني إسرائيل وكان عابداً، وكان ربما داوى المجانين، وكانت امرأة جميلة أخذها الجنون فجيء بها إليه فتركت عنده فأعجبته؛ فوقع عليها؛ فحملت؛ فجاءه الشيطان فقال: إن علم بهذا افتضحت؛ فاقتلها وادفنها في بيتك، فقتلها ودفنها، فجاء أهلها بعد ذلك بزمان يسألونه عنها، فقال: ماتت، فلم يتهموه لصلاحه فيهم ورضاه، فجاءهم الشيطان، فقال: إنها لم تمت ولكنه وقع عليها فحملت فقتلها ودفنها وهي في بيته في مكان كذا وكذا، فجاء أهلها، فقالوا: ما نتهمك ولكن أخبرنا أين دفنتها، ومن كان معك؟ ففتشوا بيته فوجدوها حيث دفنها؛ فأخذ فسجن؛ فجاءه الشيطان فقال: إن كنت تريد أن أخلصك مما أنت فيه وتخرج منه؛ فاكفر بالله؛ فأطاع الشيطان وكفر؛ فأخذ فقتل؛ فتبرأ منه الشيطان حينئذ، قال طاووس: فما أعلم إلا أن هذه الآية أنزلت فيه: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)}. (¬1) [ضعيف] ¬

_ = لكنه توبع؛ فأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (5/ 213 رقم 684)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 33) من طريق النضر بن شميل؛ قال: أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي؛ قال؛ سمعت عبد الله بن نهيك قال: سمعت علياً -رضي الله عنه- يقول: إن راهباً تعبّد ستين سنة، وإن الشيطان أراده؛ فأعياه، فعمد إلى امرأة فأجنها ولها إخوة، فقال لإخوتها: عليكم بهذا القس فيداويها؛ فجاؤوا بها، قال: فداواها، وكانت عنده، فبينما هو يوماً عندها؛ إذ أعجبته، فأتاها؛ فحملت، فعمد إليها فقتلها، فجاء إخوتها، فقال الشيطان للراهب: أنا صاحبك، إنك أعييتني، أنا صنعت بك هذا، فأطعني أُنجك مما صنعت بك، اسجد لي سجدة؛ فسجد له، فلما سجد له، قال: إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين؛ فذلك قوله: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)}. قلنا: وهذا سند حسن. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 284، 285)، والطبري في "جامع البيان" =

سورة الممتحنة

سورة الممتحنة. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الممتحنة بالمدينة (¬1). * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)}. * عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد، قال: "انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ؛ فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها"، فذهبنا تعادي بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب، فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب؛ فأخرجته من عقاصها، فأتينا به النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين ¬

_ = (28/ 34) عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 118) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 124) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وأخرج ابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور" عن ابن الزبير مثله.

ممن بمكة يخبرهم ببعض أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذا يا حاطب؟! "، قال: لا تعجل عليَّ يا رسول الله! إني كنت امرءاً من قريش ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة فأحببت إذ فاتني من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يداً يحمون قرابتي، وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنه قد صدقكم"؛ فقال عمر: دعني يا رسول الله! فأضرب عنقه؛ فقال: "إنه شهد بدراً، وما يدريك لعل الله -عزّ وجلّ- اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم"، قال عمرو: ونزلت فيه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)} قال: لا أدري الآية في الحديث أو قول عمرو (¬1). [صحيح] * عن علي -رضي الله عنه-؛ قال: لما أراد رسول الله مكة؛ أرسل إلى أناس من أصحابه أنه يريد مكة فيهم حاطب بن أبي بلتعة، وفشا في الناس أنه يريد حنين، قال: فكتب حاطب إلى أهل مكة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريدكم، قال: فأخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فبعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وأبا مرثد وليس معنا رجل إلا ومعه فرس، فقال: "ائتوا روضة خاخ؛ فإنكم ستلقون بها امرأة معها كتاب فخذوه منها"، قال: فانطلقنا حتى رأيناها في المكان الذي ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا لها: هات الكتاب، فقالت: ما معي كتاب، قال: فوضعنا متاعها؛ ففتشناها، فلم نجده في ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 3007، 4274، 4890)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 2494).

متاعها، فقال أبو مرثد: فلعل أن لا يكون معها كتاب، فقلنا: ما كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا كذبنا، فقلنا لها: لتخرجنه أو لنعرينك، فقالت: أما تتقون الله؟ أما أنتم مسلمون؟ فقلنا: لتخرجنه أو لنعرينك، قال عمرو بن مرة: فأخرجته من حجزتها، فقال حبيب بن أبي ثابت: وأخرجته من قبلها، فأتينا النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإذا الكتاب من حاطب بن أبي بلتعة؛ فقام عمر فقال: يا رسول الله! خان الله، خان رسوله، ائذن لي فأضرب عنقه؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أليس قد شهد بدراً؟ "، قالوا: بلى يا رسول الله! قال عمر: بلى، ولكنه قد نكث وظاهر أعداءك عليك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم"؛ ففاضت عينا عمر، فقال: الله ورسوله أعلم، وأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حاطب فقال: "ما حملك على ما صنعت؟ "، قال: يا رسول الله! كنت امرءاً ملصقاً في قريش فكان بها أهلي ومالي، ولم يكن من أصحابك أحد إلا وله بمكة من يمنع أهله وماله، فكتبت إليهم بذلك، والله يا رسول الله! إني لمؤمن بالله وبرسوله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صدق حاطب؛ فلا تقولوا لحاطب إلا خيراً"، قال حبيب: فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو يعلى في "المسند" (1/ 319 - 321 رقم 397)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 38، 39)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 369، 370)، و"تخريج الكشاف" (3/ 450)، وابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 125) جميعهم من طريق أبي سنان سعيد بن سنان عن عمرو بن مرة عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي البختري =

* عن مجاهد في قول الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)} في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه كفار قريش يحذرهم (¬1). [صحيح] ¬

_ = الطائي عن الحارث عن علي به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً، فيه علل: الأولى: الحارث هو الأعور؛ متروك الحديث. الثانية: أبو إسحاق السبيعي؛ مدلس وقد عنعن، وكان قد اختلط ولم يرو عنه عمرو قبل الاختلاط. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 162، 163): "رواه أبو يعلى وفيه الحارث الأعور وهو ضعيف". وقد وقع سقط وخطأ في سند ابن أبي حاتم يصحح من هنا. (¬1) أخرجه الفريابي وعبد بن حميد في "تفسيريهما"؛ كما في "فتح الباري" (8/ 633)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 40) من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به مرسلاً. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/ 485) من طريق إبراهيم بن الحسين المعروف بـ (ابن ديزيل) عن آدم بن أبي إياس عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- موصولاً بلفظ: نزل في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفار قريش يحذرونهم، وقوله -تعالى-. {إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ} نهوا أن يتأسوا باستغفار إبراهيم لأبيه فيستغفروا للمشركين، وقوله -تعالى-: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا}: لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك، فيقولون: لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم. قال الحافظ في "الفتح" (8/ 633): "وما أظن زيادة ابن عباس فيه إلا وهماً؛ لاتفاق أصحاب ورقاء على عدم ذكره". قلنا: وهو كما قال -رحمه الله-؛ فإن شيخ الحاكم: عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}: نزلت في رجل كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة من قريش كتب إلى أهله وعشيرته بمكة يخبرهم وينذرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سائر إليهم؛ فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصحيفته، فبعث إليها علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فأتاه بها (¬1). [ضعيف جداً] * عن قتادة في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1)}: ذكر لنا أن حاطباً كتب إلى أهل مكة يخبرهم سير النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم زمن الحديبية، فأطلع الله -عزّ وجلّ- نبيه -عليه السلام- على ذلك، وذكر لنا ¬

_ = القاضي متكلم فيه؛ قال صالح بن أحمد الحافظ؛ كما في "السير" (16/ 15): "ضعيف، ادعى الرواية عن ابن ديزيل فذهب علمه، وكتبت عنه أيام السلامة أحاديث، ولم يدّع عن إبراهيم ثم ادعى، وروى أحاديث معروفة، كان إبراهيم يُسأل عنها ويستغرب. . . .". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه!! "، ووافقه الذهبي. ونقل عنه الحافظ في "الفتح": "صحيح على شرط مسلم! ". قلت: لكن يشهد له حديث علي -رضي الله عنه-، وقد مر آنفاً. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 39)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 126). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

أنهم وجدوا الكتاب مع امرأة في قرن من رأسها، فدعاه نبي الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: "ما حملك على الذي صنعت؟ "، قال: والله ما شككت في أمر الله، ولا ارتددت فيه؛ ولكن لي هناك أهلاً ومالاً فأردت مصانعة قريش على أهلي ومالي، وذكر لنا أنه كان حليفاً لقريش لم يكن من أنفسهم، فأنزل الله - عزّ وجلّ- في ذلك القرآن فقال: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)} (¬1). [ضعيف] * عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا، قالوا: لما أجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السير إلى مكة؛ كتب حاطب بن أبي بلتعة كتاباً إلى قريش يخبرهم الذي أجمع عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأمر في السير إليهم، ثم أعطاه امرأة يزعم محمد بن جعفر أنها من مزينة، وزعم غيره: أنها سارة مولاة لبعض بني عبد المطلب، وجعل لها جعلاً على أن تبلغه قريشاً، فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها ثم خرجت، وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء بما صنع حاطب؛ فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام -رضي الله عنهما-؛ فقال: "أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد اجتمعنا له في أمرهم"؛ فخرجا حتى أدركاها بالحليفة حليفة بن أبي أحمد، فاستنزلاها؛ فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئاً، فقال لها علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: إني أحلف بالله ما كذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا كذبنا، ولتخرجن إليّ هذا الكتاب أو لنكشفنك، فلما رأت الجد منه؛ قالت: أعرض عني؛ فأعرض عنها، فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب فدفعته إليه، فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 40): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 129) ونسبه لعبد بن حميد.

حاطباً؛ فقال: "يا حاطب! ما حملك على هذا؟ "، فقال: يا رسول الله! أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيرت ولا بدلت، ولكني كنت امرأً في القوم ليس لي أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم أهل وولد، فصانعتهم عليهم، فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: دعني يا رسول الله! فلأضرب عنقه؛ فإن الرجل قد نافق؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يدريك يا عمر! لعل الله قد اطلع على أصحاب بدر يوم بدر، فقال: اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم؟ "؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في حاطب: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 39)؛ ثنا ابن حميد ثنا سلمة ثني ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن إسحاق؛ مدلس وقد عنعن. الثالثة: ابن حميد؛ ضعيف، بل اتهم بالكذب. وأخرج عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 286، 287)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 39، 40) عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}: أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، قال: كتب إلى كفار قريش كتاباً ينصح لهم فيه، فأطلع الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فأرسل علياً =

* عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: أمّن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة [الناس]؛ إلا أربعة من الناس: عبد العزى بن خطل، ومقيس بن صبابة الكناني، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وأم سارة امرأة، فأما عبد العزى؛ فإنه قتل، وهو آخذ بأستار الكعبة، قال: ونذر رجل من الأنصار أن يقتل عبد الله بن سعد بن أبي سرح إذا رآه، وكان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة، فأتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستشفع به، فلما بصر به الأنصاري؛ اشتمل على السيف، ثم خرج في طلبه، فوجده في حلقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهاب قتله، فجعل يتردد، ويكره أن يقدم عليه؛ لأنه في حلقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبسط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده فبايعه، ثم قال للأنصاري: "قد انتظرتك أن توفي بنذرك"، قال: يا رسول الله! هبتك، أفلا أومضت إلي؟ قال: "إنه ليس لنبي أن يومض"، وأما مقيس؛ فإنه كان ¬

_ = والزبير، فقال: "اذهبا، فإنكما ستدركان امرأة بمكان كذا وكذا، فأتياني بكتاب معها"؛ فانطلقا حتى أدركاها، فقال: الكتاب الذي معك، قالت: ما معي كتاب، قالا: والله لا ندع عليك شيئاً إلا فتشناه أو تخرجينه، قالت: أوَلستما مسلمين؟ قالا: بلى، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا أن معك كتاباً؛ فقد أيقنت أنفسنا أنه معك، فلما رأت جدهما؛ أخرجت كتاباً من قرونها فرمت به، فذهبا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى كفار قريش، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أنت كتبت هذا الكتاب؟ "، قال: نعم، قال: "وما حملك على ذلك؟ "، قال: أما والله ما ارتبت في الله منذ أسلمت، ولكني كنت أمراً غريباً فيكم أيها الحي من قريش، وكان لي بمكة مال وبنون فأردت أن أدفع عنهم بذلك، فقال عمر: ائذن لي يا نبي الله! فأضرب عنقه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مهلاً يا ابن الخطاب! إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم؛ فإني غافر لكم؟ ". قلنا: وهذا مرسل صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 127) وزاد نسبته لعبد بن حميد وقال: "مرسلاً".

له أخ [قتل خطأ] مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من بني فهر ليأخذ له من الأنصار العقل، فلما جمع له العقل ورجع؛ نام الفهري؛ فوثب مقيس فأخذ حجراً فجلد به رأسه؛ فقتله، ثم أقبل، وهو يقول: شفى النفس من قدبات بالقاع مسنداً ... يضرج ثوبيه دماء الأخادع وكانت هموم النفس من قبل قتله ... تهيج فتنسيني وطاء المضاجع حللت به ثأري وأدركت ثورتي ... وكنت إلى الأوثان أول راجع وأما أم سارة؛ فإنها كانت مولاة لقريش، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشكت إليه الحاجة، فأعطاها شيئاً، ثم أتاها رجل، فدفع إليها كتاباً لأهل مكة يتقرب به إليهم؛ ليحفظ في عياله، وكان له بها عيال، فأخبر جبريل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذاك، فبعث في أثرها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، فلحقاها، ففتشاها، فلم يقدرا على شيء منها، فأقبلا راجعين، فقال أحدهما لصاحبه: والله ما كذبنا ولا كذبنا، ارجع بنا إليها؛ فرجعا إليها، فسلا سيفهما، فقالا: والله لنذيقنك الموت أو لتدفعن إلينا الكتاب، فأنكرت، ثم قالت: أدفعه إليكما على أن لا ترداني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبلاه منها، فحلت عقال رأسها، فأخرجت كتاباً من قرونها فدفعته إليهما، فرجعا به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدفعاه إليه، فبعث إلى الرجل، فقال: "ما هذا الكتاب؟ "، قال: أخبرك يا رسول الله: ليس من أحد معك إلا وله بمكة من يحفظه في عياله غيري، فكتبت هذا الكتاب ليكونوا لي في عيالي، فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً

وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة، وحاطب رجل من أهل اليمن كان حليفاً للزبير بن العوام من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قد شهد بدراً، وكان بنوه وإخوته بمكة، فكتب حاطب وهو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة إلى كفار قريش بكتاب ينتصح لهم فيه، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علياً والزبير، فقال لهما: انطلقا حتى تدركا امرأة معها كتاب، فخذا الكتاب، فائتياني به؛ فانطلقا حتى أدركا المرأة بحليفة بني أحمد، هي من المدينة على قريب من اثني عشر ميلاً، فقالا لها: أعطينا الكتاب الذي معك، قالت: ليس معي كتاب، قالا: كذبت؛ قد حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن معك كتاباً، والله لتعطين الكتاب الذي معك؛ أو لا نترك عليك ثوباً إلا التمسنا فيه، قالت: أو لستم بناس مسلمين؟ قالا: بلى، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حدثنا أن معك كتاباً، حتى إذا ظنت أنهما ملتمسان كل ثوب معها؛ حلت عقاصها، فأخرجت لهما الكتاب من بين قرون رأسها كانت قد اعتقصت عليه، فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاطباً، قال: "أنت كتبت هذا الكتاب؟ "، قال: نعم، قال: "فما حملك على أن تكتب به؟ "، قال حاطب: أما والله ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (6/ 342 - 344 رقم 6577)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (5/ 60، 61)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (4/ 451) من طريق الحسن بن بشر الكوفي ثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن أنس. قال الطبراني: "لم يرو القصة عن قتادة عن أنس إلا الحكم، تفرد به الحسن بن بشر". قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: قتادة مدلس وقد عنعن. الثانيه: الحكم بن عبد الملك؛ ضعيف.

ما ارتبت -منذ أسلمت- في الله -عزّ وجلّ-، ولكني كنت امرأً غريباً فيكم أيها الحي من قريش وكان لي بنون وإخوة بمكة فكتبت إلى كفار قريش بهذا الكتاب؛ لكي أدفع عنهم، فقال عمر: ائذن لي يا رسول الله! أضرب عنقه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعه؛ فإنه قد شهد بدراً، وإنك لا تدري لعل الله اطّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئت؛ فإني غافر لكم ما عملتم"؛ فأنزل الله في ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)} (¬1). * {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)}. * عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما-؛ قالت: أتتني أمي راغبة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أصِلها؟ قال: نعم، قال ابن عيينة: فأنزل الله -تعالى- فيها: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)} (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 126، 127) ونسبه لابن مردويه. (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 2620، 3183، 5978، 5979).

* عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-: أن قتيلة بنت عبد العزى أرسلت إلى ابنتها أسماء بنت أبي بكر، وكان أبو بكر -رضي الله عنه- طلقها في الجاهلية، فأرسلت إليها بهدايا فيها إقط وسمن، فأبت أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها؛ فأرسلت إلى عائشة لتسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لتدخلها بيتها، ولتقبل هديتها"، وأنزل الله -تبارك وتعالى-: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)} (¬1). [ضعيف] * عن الزهري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل أبا سفيان بن حرب على بعض اليمن، فلما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أقبل فلقي ذا الخمار مرتداً ¬

_ (¬1) أخرجه الطيالسي في "المسند" (2/ 24، 25 رقم 1982 - منحة)، وأحمد في "المسند" (4/ 4)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 43)، والبزار في "البحر الزخار" (6/ 167 رقم 2208)، وابن عدي في "الكامل" (6/ 2359)، وأبو يعلى في "المسند"؛ كما في "المطالب العالية" (9/ 58 رقم 4151 - المسندة)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 175 رقم 7855) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 284) -، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 238)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 374)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 485، 486)، والطبراني في "المعجم الكبير"، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (8/ 459) جميعهم من طريق مصعب بن ثابت عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عبد الله بن الزبير به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه مصعب بن ثابت ضعيف، وفي "التقريب": "لين الحديث". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"! ووافقه الذهبي.! وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 123): "رواه أحمد والبزار؛ وفيه مصعب بن ثابت وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 130) وزاد نسبته لابن المنذر.

فقاتله، فكان أول من قاتل في الردة وجاهد عن الدين، قال ابن شهاب: وهو فيمن أنزل الله فيه: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} (¬1). [ضعيف] * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: أول من قاتل أهل الردة على إقامة دين الله أبو سفيان بن حرب، وفيه نزلت هذه الآية: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} (¬2). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً}؛ قال: كانت المودة التي جعل الله بينهم تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أم حبيبة بنت أبي سفيان، فصارت أم المؤمنين، وصار معاوية خال المؤمنين (¬3). * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)}. * عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه؛ قالا: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية، حتى إذا كانوا ببعض الطريق؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين"، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 130) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 130) ونسبه لابن مردويه. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 130) ونسبه لابن مردويه.

بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيراً لقريش، وسار النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها؛ بركت به راحلته، فقال الناس: حل حل. فألحت. فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل"، ثم قال: "والذي نفسي بيده، لا يسألونني خطبة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها"، ثم زجرها فوثبت، قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضاً، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشُكِيَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العطش، فانتزع سهماً من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه. فبينما هم كذلك؛ إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة -وكانوا عيبة نصح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل تهامة- فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم العود المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لم نجئ لقتال أحد؛ ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم؛ فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر؛ فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا؛ فقد جموا، كان هم أبوا؛ فوالذي نفسيم بيده، لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره"، فقال بديل: سأبلّغهم ما تقول، قال: فانطلق حتى أتى قريشاً قال: إنّا جئناكم من هذا الرجل، وسمعناه يقول قولاً، فإن شئتم أن نعرضه عليكم؛ فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرونا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول، قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام عروة بن مسعود فقال: أي قوم! ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أوَلست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلما بلحوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن

أطاعني؟ قالوا: بلى، قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد اقبلوها ودعوني آتِهِ، قالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - نحواً من قوله لبديل. فقال عروة عند ذلك: أي محمد! أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى؛ فإني والله لا أرى وجوهاً، وإني لأرى أشواباً من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن نفِرّ عنه وندعه؟ فقال: من هذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده؛ لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها؛ لأجبتك، قال: وجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكلما تكلم أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ضرب يده بنعل السيف، وقال له: أخّر يدك عن لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قال: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غدر! ألست أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمّا الإسلام؛ فأقبل، وأما المال؛ فلست منه في شيء"، ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينيه. قال: فوالله؛ ما تنخم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم؛ فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم؛ ابتدروا أمره، وإذا توضأ؛ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا؛ خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم! والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت مليكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - محمداً، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم؛ فدلك بها

وجهه وجلده، وإذا أمرهم؛ ابتدروا أمره، وإذا توضأ؛ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا؛ خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر؛ تعظيماً له، وإنه قد عرض عليكم خطبة رشد فاقبلوها، فقال رجل من كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلما أشرف على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن؛ فابعثوها له"؛ فبعثت له، واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك؛ قال: سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه؛ قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقام رجل منهم يقال له: مكرز بن حفص فقال: دعوني آته؛ فقالوا: ائته، فلما أشرف عليهم؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هذا مكرز، وهو رجل فاجر"، فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينما هو يكلمه؛ إذ جاء سهيل بن عمرو. قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة: أنه لما جاء سهيل بن عمرو؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد سهل لكم من أمركم"، قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هاتِ اكتب بيننا وبينكم كتاباً، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الكاتب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فقال سهيل: أما الرحمن؛ فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكتب: باسمك اللهم"، ثم قال: "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله"؛ فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله؛ ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله"، قال الزهري: وذلك بقوله: "لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها"، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به"، فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أُخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل:

وعلى أنه لا يأتيك منا رجل -وإن كان على دينك- إلا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟ فبينما هم كذلك؛ إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد! أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لم نقض الكتاب بعد"، قال: فوالله إذاً لم أصالحك على شيء أبداً، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فأجزه لي"، قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: "بلى فافعل"، قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين! أُرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله، قال: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ألست نبي الله حقاً؟! قال: "بلى"، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: "بلى"، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟! قال: "إني رسول الله ولست أعصيه، وهو ناصري"، قلت: أوَليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: "بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟ "، قال: قلت: لا، قال: "فإنك آتيه ومطوف به"، قال: فأتيت أبا بكر، فقلت: يا أبا بكر! أليس هذا نبي الله حقاً؟! قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟! قال: أيها الرجل! إنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه؛ فوالله إنه على الحق، قلت: أليس كان يحدثنا أنّا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا"، قال: فوالله؛ ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم

منهم أحد؛ دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله! أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك؛ قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً؛ حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً، ثم جاءه نسوة مؤمنات؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)}؛ فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله؛ إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيداً، فاستلّه الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت به ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين راه: "لقد رأى هذا ذعراً"، فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله! قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ويل أمه! مسعر حرب لو كان له أحد"، فلما سمع ذلك؛ عرف أنه سيرده إليهم؛ فخرج حتى أتى سيف البحر، قال: وينفلت

منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تناشده الله والرحم: لما أرسل فمن أتاه؛ فهو آمن، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)} حتى بلغ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26]: وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحالوا بينهم وبين البيت (¬1). [صحيح] * عن الواقدي؛ قال: فخرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بآيات نزلت فيها، قالت: فكنت أول من هاجر إلى المدينة، فلما قدمت قدم أخي الوليد علي، فنسخ الله العقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين المشركين في شأني، ونزلت: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} ثم أنكحني النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة، فقلت: أتزوجني بمولاك؟ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] ثم قتل زيد، فأرسل إليّ الزبير: احبسي علي نفسك، قلت: نعم؛ فنزلت: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] (¬2). [باطل] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 2731، 2732). ونسبه السيوطي في "لباب النقول" (ص 211) لمسلم -أيضاً-، وليس هو فيه. وذكره في "الدر المنثور" (8/ 132) على الجادة. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 132) وقال: "وأخرج ابن دريد في "أماليه": ثنا أبو الفضل الرياشي عن ابن أبي رجاء عن الواقدي به". قلنا: الواقدي؛ متروك الحديث، بل كذبه الإمام أحمد والنسائي وغيرهما؛ فالأثر باطل.

* عن عبد الله بن أبي أحمد -رضي الله عنه-؛ قال: هاجرت أم كلثوم بنت عقبة في الهدنة، فخرج أخواها عمارة والوليد أبناء عقبة حتى قدما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فكلماه في أمر أم كلثوم أن يردها إليهما؛ فنقض الله - تعالى- العهد بينه وبين المشركين خاصة في النساء ومنعه أن يردهن إلى المشركين، فأنزل الله -عزّ وجلّ- آية الامتحان (¬1). [ضعيف جداً] * عن ابن شهاب؛ قال: كان المشركون قد شرطوا على رسول الله يوم الحديبية: أنه من جاء من قبلنا وإن كان على دينك؛ رددته إلينا، ومن جاءنا من قبلك؛ رددناه إليك، فكان يرد إليهم من جاء من قبلهم يدخل في دينه، فلما جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مهاجرة؛ جاء أخواها يريدان أن يخرجاها ويرداها إليهم؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1/ 433 رقم 609) -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" (3/ 67) -، والطبراني في "المعجم الكبير"؛ كما في "مجمع الزوائد" (7/ 123)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/ 1591 رقم 1575)، وابن منده؛ كما في "أسد الغابة" (3/ 67) من طريق عبد العزيز بن عمران عن محمد بن يعقوب عن حسين بن أبي لبابة عن عبد الله به. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 123): "رواه الطبراني؛ وفيه عبد العزيز بن عمران، وهو ضعيف". قلنا: بل هو متروك، احترقت كتبه فحدث من حفظه؛ فاشتد غلطه؛ كما في "التقريب"؛ فالحديث ضعيف جداً. ثم إن عبد الله بن أبي أحمد مختلف في صحبته؛ قال في "التقريب": "ولد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عن عمر وغيره وذكره جماعة في ثقات التابعين". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 132) وزاد نسبته لابن مردويه، وقال: "بسندضعيف". وفي كتابه الآخر "لباب النقول" (ص 211): قال: "بسند صحيح"، ونظنه تحريفاً من النساخ -والله أعلم-.

عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا}؛ قال: هو الصداق، {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا}؛ قال: هي المرأة تسلم فيرد المسلمون صداقها إلى الكفار، وما طلق المسلمون من نساء الكفار عندهم فعليهم أن يردوا صداقهن إلى المشركين، فإن أمسكوا صداقاً من صداق المسلمين مما فارقوا من نساء الكفار؛ أمسك المسلمون صداق المسلمات اللاتي جئن من قبلهم (¬1). [ضعيف] * عن الزهري؛ قال: نزلت هذه الآية وهم بالحديبية، لما جاء النساء؛ أمره أن يرد الصداق إلى أزواجهن، وحكم على المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين أن يردوا الصداق إلى زوجها، فأما المؤمنون؛ فأقروا بحكم الله، وأما المشركون؛ فأبوا أن يقروا؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ} إلى قوله: {مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا}؛ فأمر المؤمنون إذا ذهبت امرأة من المسلمين ولها زوج من المسلمين أن يرد إليه المسلمون صداق امرأته مما أمروا أن يردوا على المشركين (¬2). [ضعيف] * عن يزيد بن الأخنس -رضي الله عنه-: أنه لما أسلم معه جميع أهله إلا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 231): نا خالد بن مخلد ثني عبد الرحمن بن عبد العزيز ثني الزهري به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 136، 137) ونسبه لعبد بن حميد وأبي داود في "ناسخه" والطبري وابن المنذر. قلنا: هو عند الطبري في "جامع البيان" (28/ 46): ثنا ابن عبد الأعلى ثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد رجاله ثقات.

امرأة واحدة أبت أن تسلم؛ فأنزل الله: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)}؛ فقيل له: قد أنزل الله أنه فرق بينها وبين زوجها إلا أن تسلم، فضرب لها أجل سنة، فلما مضت السنة إلا يوماً؛ جلست تنظر الشمس حتى إذا دنت للغروب أسلمت (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أسلم عمر بن الخطاب وتأخرت امرأته في المشركين؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} يقول: إن أسلم رجل وأبت امرأته؛ فليتزوج إن شاء أربعاً سواها (¬2). * عن عكرمة؛ قال: يقال لها: ما جاء بك؟ عشق رجل منها، ولا فرار من زوجك، ما خرجت؛ إلا حباً لله ورسوله (¬3). [ضعيف] * عن مقاتل؛ قال: كان بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أهل مكة عهد شرط في أن يرد النساء، فجاءت امرأة تسمى سعيدة، وكانت تحت صيفي بن الراهب، وهو مشرك من أهل مكة، وطلبوا ردها؛ فأنزل الله: ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 137) ونسبه للطبراني وأبي نعيم وابن عساكر. (¬2) أخرجه أحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (9/ 57 رقم 4148 - المسندة)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 175 رقم 7856)، و"الدر المنثور" (8/ 137)، و"لباب النقول" (ص 211): حدثنا معاوية بن عمرو عن مندل بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: والكلبي وشيخه أبو صالح؛ كذابان، ومندل؛ ضعيف. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 137) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

{إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: خرجت امرأة مهاجرة إلى المدينة، فقيل لها: ما أخرجك: بغضك لزوجك، أم أردت الله ورسوله؟ قالت: بل الله ورسوله؛ فأنزل الله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}، فإن تزوجها رجل من المسلمين؛ فليرد إلى زوجها الأول ما أنفق عليها (¬2). [ضعيف] * عن ابن شهاب؛ قال: بلغنا أن الممتحنة أنزلت في المدة التي ماد فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفار قريش من أجل العهد الذي كان بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كفار قريش في المدة، فكان يرد على كفار قريش ما أنفقوا على نسائهم اللاتي يسلمن ويهاجرن وبعولتهن كفار، ولو كانوا حرباً ليست بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبينهم مدة عهد؛ لم يردوا إليهم شيئاً مما أنفقوا، وقد حكم الله للمؤمنين على أهل المدة من الكفار بمثل ذلك الحكم، قال الله: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}؛ فطلق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- امرأته بنت أبي أمية بن المغيرة من بني مخزوم؛ فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، وبنت جرول من خزاعة فزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي جهم بن حذيفة العدوي وجعل ذلك حكماً يحكم به بين المؤمنين وبين المشركين في مدة العهد التي كانت بينهم، فأقر المؤمنون بحكم الله؛ فأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين التي أنفقوا على نسائهم، وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما فرض عليهم من أداء نفقات المسلمين؛ فقال الله: ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 136)، و"لباب النقول" (ص 211) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 134) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)}؛ فإذا ذهبت بعد هذه الآية امرأة من أزواج المؤمنين إلى المشركين؛ رد المؤمنون إلى زوجها النفقة التي أنفق عليها من العقب الذي بأيديهم الذي أمروا أن يردوه إلى المشركين من نفقاتهم التي أنفقوا على أزواجهن اللاتي آمنّ وهاجرن، ثم ردوا إلى المشركين فضلاً إن كان لهم (¬1). [ضعيف] * عن يزيد بن أبي حبيب؛ أنه بلغه: أنها نزلت في أميمة بنت بشر امرأة أبي حسان الدحداحة (¬2). [ضعيف] * عن الحسن في قوله -تعالى-: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ}؛ قال: نزلت في امرأة الحكم بنت أبي سفيان، ارتدت فتزوجها رجل ثقفي، ولم ترتد امرأة من قريش غيرها، فأسلمت مع ثقيف حين أسلموا (¬3). [ضعيف] * عن إبراهيم النخعي في قوله -تعالى-: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}؛ قال: نزلت في المرأة من المسلمين تلحق بالمشركين؛ فتكفر؛ فلا يمسك زوجها بعصمتها، قد برئ منها (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 135) ونسبه لابن مردويه. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 211) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 138)، و"لباب النقول" (ص 212) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬4) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 138) ونسبه لسعيد بن منصور وابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

* {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)}. * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ}؛ قال: كيف يمتحن؟ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)} (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان عبد الله بن عمر وزيد بن الحارث يوادون رجالاً من يهود؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}. (¬2) [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 142) ونسبه لابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 144)، و"لباب النقول" (ص 212)، وقال: "وأخرج ابن المنذر من طريق ابن إسحاق عن محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس به". قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق، وهو محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت.

سورة الصف

سورة الصف. * {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}. * عن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه-؛ قال: قعدنا نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتذاكرنا؛ فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله؛ لعملناه؛ فأنزل الله -تعالى-: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}؛ قال عبد الله بن سلام: فقرأها علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو سلمة: فقرأها علينا ابن سلام، قال يحيى بن أبي كثير: فقرأها علينا أبو سلمة، قال الأوزاعي: فقرأها علينا ابن كثير (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه الدارمي في "سننه" (2/ 120 رقم 1395)، والترمذي في "جامعه" (5/ 412 رقم 3309)، وأبو يعلى في "المسند" (13/ 487 رقم 7499)، وابن حبان في "صحيحه" (10/ 454 رقم 4594)، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (1/ 397 رقم 141)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 381)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 285)، و"الوسيط" (4/ 290)، والحاكم (2/ 69، 70، 228، 229، 486، 487)، والبيهقي في "شعب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الإيمان" (8/ 137 رقم 3907)، وفي "السنن الكبرى" (9/ 159، 160)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (12/ 231/ أ)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (58/ 177/ أ)، وأبو الفرج محمد بن المقرئ في "الأربعين في الجهاد والمجاهدين" (ص 89 رقم 40)، والذهبي في "السير" (2/ 424، 425)، والحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 381)، والسخاوي في "الجواهر المكللة" (رقم 34)، والأيوبي في "المناهل المسلسلة" (رقم 61)، والسيوطي في "مسلسلاته" (ق 3/ أ - ب)، و"الدر المنثور" (6/ 212 - ط قديمة)، وابن الجزري في "طيبة النشر" (1/ 194، 195)، وابن الطيب في "مسلسلاته" (ق 20/ أ - ب)، وابن عقيلة في "مسلسلاته" (ق 13، 14) وغيرهم من طرق عن الأوزاعي ثني يحيى بن أبي كثير ثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سلام به. قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات. ورواه ابن المبارك في "الجهاد" (رقم 1)، وأحمد في "المسند" (5/ 452)، وأبو يعلى في "المسند" (13/ 484 رقم 7497)، والطبراني في "المعجم الكبير" (رقم 173 - قطعة من المجلد 13)، وابن عساكر في "الأربعين في الحث على الجهاد" (ص 59، 60)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (58/ ق 177/ ب)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 69) من طريق ابن المبارك والهقل بن زياد عن الأوزاعي ثني يحيى بن أبي كثير ثني هلال بن أبي ميمونة: أن عطاء بن يسار حدثه: أن عبد الله بن سلام حدثه أو قال: ثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله به. قلنا: والرواية الأولى أصح وأقوى من هذه، وهذا هو الذي رجحه الحاكم (2/ 69)، والبيهقي في "الشعب"، والسخاوي في "الجواهر المكللة". قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/ 641): "وقد وقع لنا سماع هذه السورة مسلسلاً في حديث ذكر في أوله سبب نزولها، وإسناده صحيح، قَلَّ أن وقع في المسلسلات مثله مع مزيد علوه". وقال السخاوي: "هذا حديث صحيح متصل الإسناد والتسلسل، بل هو من أصح المسلسلات". =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}؛ قال: كان قوم يقولون: والله لو أنا نعلم ما أحب الأعمال إلى الله؛ لعملناه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- علي نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}؛ فدلهم على أحب الأعمال إليه (¬1). [ضعيف جداً] * عن أبي صالح السمان؛ قال: قالوا: لو كنا نعلم أي الأعمال أحب إلى الله وأفضل؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا ¬

_ = وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 176): "هذا إسناد رواته ثقات". وصححه ابن فهد؛ كما في "ثبت عابد السندي" (ق 352، 353)، وابن الطيب في "مسلسلاته" (ق20/ ب)، وابن عقيلة في "مسلسلاته" (ق 14، 15)، وصاحب "المنح البادية" (ق 45/ أ). وقال ابن الجزري: "هذا حديث جليل كل رجال إسناده ثقات"، ثم قال بعد ذكر المتابعات والمخالفة المشار إليها: "وبهذه المتابعات حسن الحديث وارتقى إلى درجة الحسن". اهـ. وقال السيوطي في "تدريب الراوي" (2/ 189): "من أصح مسلسل يروى في الدنيا المسلسل بقراءة سورة الصف"، وكذا صححه شيخنا الألباني -رحمه الله- في "صحيح الترمذي". وزاد السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 212) -وسقط من طبعة دار الفكر- نسبته لابن المنذر وابن مردويه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 55)، وعبد بن حميد وابن مردويه في "تفسيريهما"؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 146). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: قالوا: لو كنا نعلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} (¬2). * عن مجاهد في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} نزلت في نفر من الأنصار؛ فيهم: عبد الله بن رواحة، قالوا في مجلس: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله؛ لعملنا بها حتى نموت؛ فأنزل الله -تعالى- هذا فيهم، فقال عبد الله بن رواحة: لا أزال حبيساً في سبيل الله حتى أموت، فقتل شهيداً (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 55): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن الثوري عن محمد بن جحادة عن أبي صالح به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: ابن حميد؛ ضعيف متهم بالكذب. الثانية: مهران؛ صدوق له أوهام، سيئ الحفظ. الثالثة: الإرسال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 146) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. وأخرجه ابن أبي حاتم؛ كما في "لباب النقول" (ص 212) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بنحوه. قلنا: وشده حسن. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 146) ونسبه لابن مردويه. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 55) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. =

* عن الضحاك في قوله -تعالى-: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}: أنزل الله هذا في الرجل يقول في القتال ما لم يفعله من الضرب والطعن والقتل، قال الله -عزّ وجلّ-: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن مقاتل؛ قال: قال المؤمنون: لو نعلم أحب الأعمال إلى الله؛ لعملناه؛ فدلهم على أحب الأعمال إليه، فقال: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}؛ فبين لهم، فابتلوا يوم أُحد بذلك؛ فولوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مدبرين؛ فأنزل الله في ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث السرية، فهذا رجعوا؛ كانوا يزيدون في الفعل، ويقولون: قاتلنا كذا وكذا وفعلنا كذا؛ فأنزل الله -تعالى- الآية (¬3). * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)}. ¬

_ = قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 146) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 56). قلنا: وسنده ضعيف جداً. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 146)، و"لباب النقول" (ص 213) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 147) ونسبه لابن مردويه.

* عن سعيد بن جبير في قوله -تعالى-: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)}؛ قال: لما نزلت؛ قال المسلمون: لو علمنا ما هذه التجارة؛ لأعطينا فيها الأموال والأهلين؛ فبيّن لهم التجارة، فقال: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} (¬1). [ضعيف] * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ لما أراد الله -عزّ وجلّ- أن يرفع عيسى -عليه السلام- إلى السماء خرج على أصحابه وهم في بيت، اثنا عشر رجلاً، ورأسه يقطر ماء، فقال: أيكم يلقى شبهي عليه، فيقتل مكاني فيكون معي في درجتي؟ فقام شاب من أحدثهم سناً؛ فقال: أنا، فقال: اجلس، ثم أعاد عليهم، فقام الشاب؛ فقال: أنا، فقال: اجلس، ثم أعاد عليهم الثالثة، فقال الشاب: أنا؛ فقال عيسى -عليه السلام-: نعم؛ أنت، فألقى عليه شبه عيسى -عليه السلام-، ثم رفع عيسى من روزنة كانت في البيت إلى السماء، وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشاب؛ للشبه؛ فقتلوه ثم صلبوه، فتفرقوا ثلاث فرق؛ فقالت فرقة: كان فينا الله -عزّ وجلّ- ما شاء ثم صعد إلى السماء وهؤلاء اليعقوبية، وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء [الله] ثم رفعه الله وهؤلاء النسطورية، وقالت طائفة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء [لله] ثم رفعه الله؛ [فهؤلاء] المسلمون؛ فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامساً؛ حتى بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله - ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 149)، و"لباب النقول" (ص 213) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

عزّ وجلّ-: {فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}؛ يعني: الطائفة التي كفرت في زمان عيسى -عليه السلام-، والطائفة التي آمنت في زمان عيسى: {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ} بإظهار محمد - صلى الله عليه وسلم - دينهم على دين الكفار {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (¬1). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 425 - 427 رقم 611)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 60)، وسعيد بن منصور في "سننه" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 376، 378 رقم 402) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1110 رقم 6233) عن أبي معاوية عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله رجال البخاري في "صحيحه"، وفي المنهال كلام يسير لا ينزله عن رتبة الحسن. وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في "البداية والنهاية" (2/ 510): "وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس على شرط مسلم". قلنا: وقد وهم -رحمه الله-؛ فإن مسلماً لم يرو للمنهال بن عمرو شيئاً. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/ 727) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه.

سورة الجمعة

سورة الجمعة. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الجمعة بالمدينة (¬1). * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)}. * عن ابن سيرين؛ قال: جمع أهل المدينة قبل أن يقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبل أن تنزل الجمعة وهم الذين سموها الجمعة، فقالت الأنصار: لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام، وللنصارى مثل ذلك؛ فهلم! فليجعل يوماً نجتمع ونذكر الله ونصلي ونشكره فيه -أو كما قالوا-، فقالوا: يوم السبت لليهود، ويوم الأحد للنصارى، فاجعلوه يوم العروبة، وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة، فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ وذكرهم فسموه الجمعة، حتى اجتمعوا إليه فذبح أسعد بن زرارة لهم شاة فتغدوا وتعشوا من شاة واحدة؛ وذلك لقلتهم؛ فأنزل الله في ذلك بعد ذلك: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 151) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الجمعة بالمدينة. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3/ 159، 160 رقم 5144) عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين به. =

* عن محمد بن كعب: أن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانا يختلفان في تجارتهما إلى الشام، فربما قدما يوم الجمعة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب فيدعونه ويقومون فيما هم إلا بيعاً حتى تقام الصلاة؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)}؛ قال: فحرم عليهم ما كان قبل ذلك (¬1). [ضعيف] * {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}. * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: بينما نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ أقبلت عير تحمل طعاماً، فالتفتوا إليها؛ حتى ما بقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا اثنا عشر رجلاً؛ فنزلت هذه الآية: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} (¬2). [صحيح] ¬

_ = قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 159) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 163) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه البخاري (رقم 936، 3058، 2064، 4899)، ومسلم (رقم 863/ 36، 37، 38). وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 68)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (4/ 132، 133 رقم 1490)، وأبو عوانة في "صحيحه"؛ كما في "الفتح" (2/ 424) بسند صحيح من طريق آخر عن جابر؛ قال: كان الجواري إذا نكحوا كانوا يمرون بالكبر والمزامير ويتركون النبي - صلى الله عليه وسلم - قائماً على المنبر وينفضون إليها؛ فأنزل الله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة، فقدم دحية بن خليفة يبيع سلعة له، فما بقي في المسجد أحد إلا خرج؛ إلا نفر والنبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فأنزل الله -تعالى-: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن أبي مالك؛ قال: قدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة، فلما رأوه؛ قاموا إليه بالبقيع، خشوْا أن يسبقوا إليه؛ قال: فنزلت: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = قال السيوطي في "لباب النقول": "وكأنها نزلت في الأمرين معاً". ثم ذكر أن ابن المنذر أخرجه عن جابر بالقصتين معاً. (¬1) أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 76 رقم 2273 - "كشف"): ثنا عبد الله بن شبيب ثنا إسحاق بن محمد ثنا إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: شيخ البزار؛ واهٍ. الثانية: إبراهيم بن إسماعيل هو الأشهلي مولاهم أبو إسماعيل المدني؛ ضعيف. الثالثة: رواية داود بن الحصين عن عكرمة على وجه الخصوص منكرة؛ كما قال ابن المديني وأبو داود. وانظر: "تهذيب الكمال" (8/ 380، 381). وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 124): "رواه البزار عن شيخه عبد الله بن شبيب وهو ضعيف". وسكت عنه الحافظ في "الفتح" (2/ 423)، وليس هذا منه بجيد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 67): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن سفيان عن السدي عنه به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. =

* عن الحسن في قوله -تعالى-: {انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}: أن أهل المدينة أصابهم جوع وغلا سعرهم، فقدمت عير والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة، فسمعوا بها؛ فخرجوا إليها والنبي - صلى الله عليه وسلم - قائم كما هو؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو اتبع آخرهم أولهم؛ التهب عليهم الوادي ناراً" (¬1). [ضعيف] * عن مقاتل بن حيان؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الجمعة قبل الخطبة، مثل العيدين، حتى كان يوم الجمعة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، وقد صلى الجمعة، فدخل رجل؛ فقال: إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارة، وكان دحية إذا قدم؛ تلقاه أهله بالدفاف، فخرج الناس ولم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الخطبة شيء، فأنزل الله -تعالى-: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}؛ فقدّم النبي - صلى الله عليه وسلم - الخطبة يوم الجمعة وأخّر الصلاة (¬2). [ضعيف] * عن مقاتل بن حيان؛ أنه قال في هذه الآية: كان يخطب النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقوم يوم الجمعة قائماً، كان دحية الكلبي كان رجلاً تاجراً، وكان قبل أن يسلم إذا أقبل بتجارته إلى المدينة؛ خرج الناس ينظرون إلى ما جاء به فيشترون منه، فقدم ذات يوم المدينة ووافق الجمعة والناس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، وهو قائم يخطب، فاستقبل أهل دحية العير: ¬

_ = الثانية: مهران؛ صدوق له أوهام سيئ الحفظ. الثالثة: ابن حميد؛ ضعيف إنّهم بالكذب. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 292): نا معمر عن الحسن به. قلنا: وهو مرسل ضعيف. (¬2) أخرجه أبو داود في "المراسيل" (ص 105 رقم 62) -ومن طريقه الحازمي في "الناسخ والمنسوخ"؛ كما في "تخريج الكشاف" (4/ 28) - بسند صحيح إلى مقاتل. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

دخلوا المدينة بالطبل واللهو؛ فذلك اللهو الذي ذكر الله، فسمع الناس في المسجد أن دحية قد نزل بتجارة عند أحجار الزيت؛ وهو مكان في سوق المدينة، وسمعوا أصواتاً فخرج عامة الناس إلى دحية ينظرون إلى تجارته وإلى اللهو، وتركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائماً ليس معه كثير أحد؛ فبلغني -والله أعلم- أنهم فعلوا ذلك ثلاث مرات في كل مرة بعير تقدم من الشام للتجارة، وكان ذلك يوافق الجمعة، وبلغنا أن العدة التي بقيت في المسجد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عدة قليلة؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: "لولا هؤلاء"؛ يعني: هؤلاء الذين بقوا في المسجد مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ "لقصدت إليهم الحجارة من السماء"، ونزل: {قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن نبي الله قام الجمعة فخطبهم ووعظهم وذكرهم، فقيل: جاءت عير؛ فجعلوا يقومون حتى بقيت عصابة منهم، فقال: "كم أنتم؟ فعدوا أنفسكم"؛ فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة، ثم قام الجمعة الثانية فخطبهم ووعظهم وذكرهم، فقيل: جاءت عير، فجعلوا يقومون حتى بقيت عصابة منهم، فقال: "كم أنتم؟ فعدوا أنفسكم"؛ فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة، فقال: "والذي نفس محمد بيده؛ لو اتبع آخركم أولكم؛ لالتهب الوادي عليكم ناراً"، وأنزل الله فيها: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5/ 235، 236 رقم 6495) بسند صحيح إليه. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 167) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: هو عند الطبري في "جامع البيان" (28/ 67، 68): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة به. وهذا مرسل صحيح الإسناد.

* عن السدي في قوله -تعالى-: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ}؛ قال: جاء دحية الكلبي بتجارة والنبي - صلى الله عليه وسلم - قائم في الصلاة يوم الجمعة؛ فتركوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وخرجوا إليه؛ فنزلت: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} (¬1) [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 67): ثنا أبو كريب ثنا ابن يمان ثنا سفيان عن السدي به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: ابن يمان -اسمه يحيى-؛ وهو صدق كثير الخطأ، وقد تغير؛ كما في "التقريب".

سورة المنافقون

سورة المنافقون. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة المنافقين بالمدينة (¬1). * {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3) وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)}. * عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه-؛ قال: كنت في غزاة، فسمعت عبد الله بن أُبيّ يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله؛ حتى ينفضوا من حوله، ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 170) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.

ولئن رجعنا من عنده؛ ليخرجن الأعز منها الأذل؛ فذكرت ذلك لعمي أو لعمر فذكره للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فدعاني؛ فحدثته، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عبد الله بن أُبيّ وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فكذبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصدقه؛ فأصابني هَمّ لم يصبني مثله قط، فجلست في البيت، فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومقتك؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}؛ فبعث إليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ، فقال: "إن الله قد صدقك يا زيد! " (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري (رقم 4900، 4901، 4903، 4904)، ومسلم (رقم 2772) من طريق أبي إسحاق السبيعي أنه سمع زيد به. وأخرجه البخاري (رقم4902) وغيره من طريق محمد بن كعب القرظي عن زيد بن أرقم؛ قال: لما قال عبد الله بن أُبيّ: لا تنفقوا على من عند رسول الله، وقال -أيضاً-: لئن رجعنا إلى المدينة؛ أخبرت به النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فلامني الأنصار، وحلف عبد الله بن أبيّ ما قال ذلك، فرجعت إلى المنزل فنمت، فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأتيته، فقال: "إن الله قد صدقك"، ونزل: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}. وأخرج عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 171) -وعنه الترمذي (5/ 415 - 417 رقم 3313) -، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 186، 187 رقم 5041)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 488، 489)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (4/ 54، 55)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 287) من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي سعد الأزدي عن زيد بن أرقم؛ قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان معنا أناس من الأعراب، فكنا نبتدر الماء وكان الأعراب يسبقونا إليه، فسبق أعرابي أصحابه، فسبق الأعرابي فيملأ الحوض ويجعل حوله حجارة ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه، قال: فأتى رجل من الأنصار أعرابياً فأرخى زمام ناقته لتشرب، فأبى أن يدعه؛ فانتزع قباض الماء فرفع الأعرابي خشبته فضرب بها رأس الأنصاري؛ فشجه، فأتى عبد الله بن أُبيّ رأس المنافقين فأخبره وكان من أصحابه؛ فغضب عبد الله بن أُبيّ، ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله؛ يعني: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الأعراب، وكانوا يحضرون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الطعام، فقال عبد الله: إذا انفضوا من عند محمد؛ فأُتوا محمداً بالطعام فلياكل هو ومن معه، ثم قال لأصحابه: لئن رجعتم إلى المدينة؛ ليخرجن الأعز منها الأذل، قال زيد: وأنا ردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فسمعت عبد الله بن أبيّ؛ فأخبرت عمي، فانطلق فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فحلف وجحد، قال: فصدقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذبني، قال: فجاء عمي إليّ، فقال: ما أردت إلا أن مقتك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذبك والمسلمون، قال: فوقع عليّ من الهم ما لم يقع على أحد، قال: فبينما أنا أسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر قد خفقت برأسي من الهم؛ إذ أتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرك أذني وضحك في وجهي، فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا، ثم إن أبا بكر لحقني فقال: ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: ما قال شيئاً؛ إلا أنه عرك أذني وضحك في وجهي، فقال: أبشر، ثم لحقني عمر، فقلت له مثل قولي لأبي بكر، فلما أصبحنا؛ قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة المنافقين. قلنا: وهذا سند حسن. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 171) وزاد نسبته لابن سعد وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر. وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (15/ 117، 118 رقم 5885)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 196 رقم 5073) من طريق قيس بن الربيع عن الأغر بن الصباح عن خليفة بن حصين عن زيد بن أرقم؛ قال: كنت جالساً مع عبد الله بن أُبيّ بن سلول، فمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأناس من أصحابه، فغمزوا، فلما مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال عبد الله: لئن رجعنا إلى المدينة؛ ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت سعد بن عبادة، فأخبرته، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك له؛ فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عبد الله بن أُبيّ، فأوعده، فحلف له عبد الله بالذي أنزل النبوة عليه ما تكلم بهذا، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد بن عبادة، فقال سعد: يا رسول الله! إنما أخبرنيه الغلام لزيد بن أرقم، فجاء سعد، فأخذ بيدي، فانطلق بي، فقال: هذا حدثني، فانتهرني عبد الله بن أُبيّ، فأجهشت إلى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبكيت، فقلت: والذي أنزل عليك النبوة لقد قال، فأنصت عنه نبي الله؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)} إلى آخر السورة. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ قيس بن الربيع؛ ضعيف. وأعله الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 125) بالراوي عن قيس، وهو ابن أبي مريم، ولم يصب؛ لأنه متابع عند الطبراني نفسه. وأخرجه البخاري في "صحيحه" -معلقاً- (بعد حديث رقم 4902) ووصله النسائي في "تفسيره" (2/ 431 رقم 614)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 72)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 169 رقم 4979)، وأبو نعيم في "المستخرج على البخاري"، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تغليق التعليق" (4/ 341، 342) من طريق يحيى بن أبي زائدة ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن زيد؛ قال: لما قال عبد الله بن أُبيّ ما قال؛ جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فحلف أنه لم يقل؛ فجعل الناس يقولون: تأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالكذب؛ حتى جلست في البيت مخافة إذا رأوني الناس أن يقولوا كذبت، حتى أنزل الله -عزّ وجلّ- هذه الآية: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)}. قلنا: وسنده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (4/ 370) -وعنه الطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 177 رقم 5003) - من طريق شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة طلحة بن يزيد عن زيد؛ قال: سمعت عبد الله بن أُبيّ يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، وأتاه ابن أُبيّ فحلف له أنه لم يقل ذلك، وأتاني أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلاموني، فأتيت منزلي فنمت قال: كأنه كئيب، فأرسل إليّ النبي - صلى الله عليه وسلم -أو قال-، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن الله قد صدقك وعذرك"، وتلا هاتين الآيتين: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} حتى ختم الآيتين. قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 172) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}؛ قال: نزلت هذه الآية بعد الآية التي في سورة التوبة: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "زيادة على سبعين مرة"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن قتادة في قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ} الآية كلها قرأها إلى {الْفَاسِقِينَ}: أنزلت في عبد الله بن أُبيّ، وذلك أن غلاماً من قرابته انطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحدثه بحديث عنه وأمر شديد، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإذا هو يحلف ويتبرأ من ذلك، وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام فلاموه وعذلوه، وقيل لعبد الله: لو أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يلوي رأسه؛ أي: لست فاعلاً، وكذب عليّ؛ فأنزل الله ما تسمعون (¬2). [ضعيف] ¬

_ = وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (15/ 119 رقم 5886) من طريق يعقوب الزهري عن محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أنس بن مالك: أن زيد بن أرقم شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبره أنه سمع عبد الله بن أُبيّ بن سلول في غزوة بني المصطلق يقول: لئن رجعنا إلى المدينة؛ ليخرجن الأعز منها الأذل، فجاء عبد الله بن أُبيّ فاعتذر وحلف؛ فكذبت الأنصار زيد بن أرقم؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}؛ فدعا زيد بن أرقم وهم في مسير له، فأخذ بيده، قال: "هذا الذي رأيته يقول بما سمع". قلنا: وهذا سند ضعيف؛ يعقوب الزهري وشيخه ضعيفان. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 72). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 71): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. =

* وعن قتادة؛ قال: قال له قومه: لو أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستغفر لك؛ فجعل يلوي رأسه؛ فنزلت فيه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ} (¬1). [ضعيف] * وعن قتادة؛ قال: اقتتل رجلان: أحدهما من جهينة، والآخر من غفار، وكانت جهينة حليف الأنصار فظهر عليه الغفاري، فقال رجل منهم عظيم النفاق: عليكم صاحبكم، عليكم صاحبكم؛ فوالله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك، أما والله؛ لئن رجعنا إلى المدينة؛ ليخرجن الأعز منها الأذل، وهم في سفر، فجاء رجل ممن سمعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ذلك، فقال عمر: مر معاذاً يضرب عنقه، فقال: "والله لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه"، فنزلت: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} وقوله: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} (¬2). [ضعيف] * عن الحسن: أن غلاماً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إني سمعت عبد الله بن أُبيّ يقول كذا وكذا، قال: "فلعلك غضبت عليه؟ "، قال: لا، والله لقد سمعته يقول، قال: "فلعلك أخطأ سمعك؟ "، قال: لا، والله يا نبي الله! لقد سمعته يقوله، قال: "فلعله شبه عليك؟ "، قال: لا والله، قال: فأنزل الله تصديقاً للغلام: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 174) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 71): ثنا ابن عبد الأعلى ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. (¬2) أخرجه الطبري (28/ 74) بنفس السند السابق. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}؛ فأخذ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بأذن الغلام، فقال: "وعت أذنك، وعت أذنك يا غلام! " (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة؛ قال: لما نزلت: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لأزيدن على السبعين"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6)} الآية (¬2). [ضعيف] * عن عروة؛ قال: لما نزلت: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لأزيدن على السبعين"؛ فأنزل الله: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ} الآية (¬3). [ضعيف] * عن مجاهد في قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ}؛ قال: عبد الله بن أُبيّ قيل له: تعال ليستغفر لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فلوى رأسه، وقال: ماذا قلت؟ (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 74): ثنا ابن عبد الأعلى ثنا ابن ثور عن معمر عن الحسن به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 73): ثني أحمد بن منصور الرمادي ثنا إبراهيم بن الحكم ثني أبي عن عكرمة به. قلنا: وهذا ضعيف؛ لإرساله، وضعف إبراهيم بن الحكم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 174، 175) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬3) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 213، 214) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. وذكره في "الدر المنثور" (8/ 176) ونسبه لابن مردويه. (¬4) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 71) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

* عن سعيد بن جبير: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نزل منزلاً في السفر لم يرتحل منه حتى يصلي فيه، فلما كان غزوة تبوك؛ نزل منزلاً، فقال عبد الله بن أُبيّ: لئن رجعنا إلى المدينة؛ ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فارتحل ولم يصل، فذكروا ذلك له؛ فذكر قصة ابن أُبيّ، ونزل القرآن: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ}، وجاء عبد الله بن أُبيّ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل يلوي رأسه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} في عسيف لعمر بن الخطاب (¬2). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 174) ونسبه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 176) ونسبه لابن مردويه والضياء في "المختارة".

سورة التغابن

سورة التغابن. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة التغابن بالمدينة (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة التغابن بمكة إلا آيات من آخرها نزلت بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعي، شكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - جفاء أهله وولده؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} إلى آخر السورة (¬2). * {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وسأله رجل عن هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)}؛ قال: هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة وأرادوا أن يأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأبى أزواجهم وأولادهم ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 181) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة التغابن بالمدينة. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 181) ونسبه للنحاس.

أن يدعوهم أن يأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ رأوا الناس قد فقهوا في الدين؛ هموا أن يعاقبوهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)} (¬1). [ضعيف] * عن عكرمة في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}؛ قال: كان الرجل يريد أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول له أهله: أين تذهب وتدعنا؟ قال: وإذا أسلم وفقه؛ قال: لأرجعن إلى الذين كانوا ينهون عن هذا الأمر فلأفعلن ولأفعلن؛ فأنزل الله -جلّ ثناؤه-: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي (5/ 419، 420 رقم 3317)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 80)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 220 رقم11720)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 401)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 490) من طريق إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف، رواية سماك عن عكرمة على وجه الخصوص فيها اضطراب. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح ".! وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي.! وقال شيخنا في "صحيح الترمذي" (رقم 2642): "حديث حسن". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 184) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه. قلنا: قد أخرجه الترمذي وابن أبي حاتم من طريق الفريابي. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 80): ثنا هناد السري ثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة. قلنا: وسنده ضعيف كسابقه.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}: كان الرجل إذا أراد أن يهاجر من مكة إلى المدينة تمنعه زوجته وولده ولم يألوا يثبطوه عن ذلك، فقال الله: إنهم عدو لكم فاحذروهم واسمعوا وأطيعوا وامضوا لشأنكم، فكان الرجل بعد ذلك إذا منع وثبط؛ مر بأهله وأقسم، والقسم يمين: ليفعلن وليعاقبن أهله في ذلك؛ فقال الله -جلّ ثناؤه-: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عطاء بن يسار؛ قال: نزلت سورة التغابن كلها بمكة إلا هؤلاء الآيات: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}: نزلت في عوف بن مالك الأشجعي كان ذا أهل وولد، فكان إذا أراد الغزو؛ بكوا إليه ورققوه، فقالوا: إلى من تدعنا؟ فيرق ويقيم؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} الآية كلها بالمدينة في عوف بن مالك وبقية الآيات (¬2). [ضعيف جداً] * عن إسماعيل بن أبي خالد في قوله: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ}؛ قال: كان الرجل يسلم؛ فيلومه أهله وبنوه؛ فنزلت {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 80، 81). قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 81): ثنا ابن حميد ثنا سلمة ثني ابن إسحاق عن بعض أصحابه عنه به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: جهالة الأصحاب مع ملاحظة أن ابن إسحاق مدلس. الثالثة: ابن حميد؛ ضعيف اتهم بالكذب. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 81)، والواحدي في "أسباب النزول" =

* {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)}. * عن سعيد بن جبير في قوله -تعالى-: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)}؛ قال: لما نزلت هذه الآية؛ اشتد على القوم العمل؛ فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية تخفيفاً على المسلمين: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)}؛ فنسخت الآية الأولى (¬1). [ضعيف] * عن قتادة: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)}؛ قال: هي رخصة من الله، كان الله قد أنزل في سورة آل عمران: {اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102]، وحق تقاته: أن يطاع فلا يعصى، ثم خفف عن عباده؛ فأنزل الرخصة: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)}؛ قال: والسمع ¬

_ = (ص 288) من طريق محمد بن عمر بن علي المقدمي ثنا أشعث بن عبد الله ثنا شعبة عن إسماعيل به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 402): ثنا أبو زرعة ثني يحيى بن عبد الله بن بكير ثني ابن لهيعة ثني عطاء بن دينار عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ للضعف المعروف في ابن لهيعة، ويحيى ليس من قدماء أصحابه. ثم إن رواية عطاء عن سعيد من صحيفته؛ كما في "التقريب"، مع التذكير بأنه مرسل.

والطاعة فيما استطعت يا ابن آدم عليها، بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه على السمع والطاعة فيما استطاعوا (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 186، 187) ونسبه لابن المنذر وعبد بن حميد. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

سورة الطلاق

سورة الطلاق. عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الطلاق بالمدينة (¬1). * {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)}. * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفصة، فأتت أهلها؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}؛ فقيل له: راجعها؛ فإنها صوامة قوامة وهي من أزواجك ونسائك في الجنة (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 188) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 403): ثنا محمد بن ثواب بن سعيد ثنا أسباط بن محمد عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس به. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: طلق عبد يزيد أبو ركانة، ثم نكح امرأة من مزينة، فجاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! ما يغني عني إلا ما تغني هذه الشعرة -لشعرة أخذتها من رأسها- وأخذت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمية عند ذلك؛ فدعا ركانة وإخوته، ثم قال لجلسائه: "أترون كذا من كذا؟ "، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعبد يزيد: "طلقها"؛ ففعل، فقال لأبي ركانة: "ارتجعها"، فقال: يا رسول الله! إني طلقتها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد علمت ذلك، فارتجعها"؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: قتادة مدلس وقد عنعن. الثانية: سعيد بن أبي عروبة اختلط بآخره ولم يذكروا أسباطاً هل روى عنه قبل الاختلاط أم بعده؟ والراجح أنه روى عنه بعد الاختلاط؛ فقد ذكروا ناساً أعلى طبقة من أسباط رووا عن سعيد بعد الاختلاط -والله أعلم-. وخالف أسباطاً عبد الأعلي بن عبد الأعلى السامي -راوية سعيد- فرواه عن سعيد عن قتادة به مرسلاً لم يذكر أنساً. أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 85): ثنا ابن بشار ثنا عبد الأعلى به. قلنا: وهذا مرسل صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح، وسماع عبد الأعلى من سعيد قبل الاختلاط وقد أخرج الشيخان في "صحيحيهما" حديثه عنه. (¬1) أخرجه الحاكم (2/ 491) من طريق زيد بن المبارك ثنا محمد بن ثور عن ابن جريج عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عكرمة عن ابن عباس به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: فيه محمد بن عبيد الله بن أبي رافع وهو واه، والخبر خطأ، عبد يزيد لم يدرك الإِسلام"، وانظر: "مختصر استدراكات الذهبي" لابن الملقن (2/ 951). قلنا: وهو كما قال الذهبي -رحمه الله-؛ فإن محمداً ذا متروك الحديث، واهٍ بمرة. انظر تفصيل الأقوال فيه في: "تهذيب التهذيب" (9/ 321). وفيه علة أخرى وهي: أن ابن جريج مدلس وقد عنعن، وقد أخرجه أبو داود في =

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فانطلق عمر فذكر ذلك له فقال: "مره؛ فليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم يطلقها إن بدا له"؛ فأنزل الله عند ذلك: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، قال أبو الزبير: هكذا سمعت ابن عمر يقرأها (¬1). * عن مقاتل بن حيان؛ قال: بلغنا في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} أنها نزلت في عبد الله بن عمرو بن العاص وطفيل بن الحارث وعمرو بن سعيد بن العاص (¬2). [ضعيف] عن ابن سيرين في قوله -تعالى-: {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}؛ ¬

_ = "سننه" (2/ 259، 260 رقم 2196)، والبيهقي (7/ 339) من طريق ابن جريج أخبرني بعض بني أبي رافع مولى رسول الله عن عكرمة عن ابن عباس به. قال الخطابي: "في إسناد هذا الحديث مقال؛ لأن ابن جريج رواه عن بعض بني أبي رافع ولم يسمه، فالمجهول لا تقوم به حجة". وحكى عن الإِمام أحمد بن حنبل: أنه كان يضعف طرق هذا الحديث كلها. انظر: "مختصر سنن أبي داود" بذيله "معالم السنن" (3/ 120 وما بعدها). (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 189) ونسبه لابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 189)، و"لباب النقول" (ص 215) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

قال: في حفصة بنت عمر فطلقها النبي - صلى الله عليه وسلم - واحدة؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} إلى قوله: {يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}؛ قال: فراجعها (¬1). [ضعيف] * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} في رجل من أشجع كان فقيراً، خفيف ذات اليد، كثير العيال، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله؛ فقال له: "اتق الله واصبر"، فرجع إلى أصحابه، فقالوا: ما أعطاك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ما أعطاني شيئاً، وقال لي: "اتق الله واصبر"، فلم يلبث إلا يسيراً حتى جاء ابن له بغنم له كان العدو أصابوه، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عنها وأخبره خبرها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلْها"؛ فنزلت: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "لباب النقول" و"الدر المنثور" ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه الحاكم (2/ 492)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 290) من طريق عبيد بن كثير العامري ثنا عباد بن يعقوب ثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل ثنا عمار بن أبي معاوية عن سالم بن أبي الجعد عن جابر به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"؛ وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: بل منكر؛ فيه عباد بن يعقوب رافضي جبل، وعبيد بن كثير العامري وهو متروك؛ قاله الأزدي". وانظر: "مختصر استدراكات الذهبي" (2/ 955). قلنا: بل الحمل فيه على عبيد بن كثير فقط؛ فإنه متروك؛ كما قال الدارقطني والأزدي وابن حبان. وانظر: "الميزان" (3/ 22، 23). وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 89، 90، 90) من طريقين عن عمار الدهني عن سالم به مرسلاً. وهو أصح من الذي قبله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 196) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}؛ قال: نزلت هذه الآية في ابن لعوف بن مالك الأشجعي، وكان المشركون أسروه وأوثقوه وأجاعوه، فكتب إلى أبيه: أن ائت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأعلمه ما أنا فيه من الضيق والشدة، فلما أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اكتب إليه وأخبره ومره بالتقوى والتوكل على الله، وأن يقول عند صباحه ومسائه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128] "، {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ الله لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)} [التوبة: 129] "، فلما ورد عليه الكتاب؛ قرأه؛ فأطلق الله وثاقه، فمر بواديهم التي ترعى فيه إبلهم وغنمهم فاستاقها فجاء بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إني اغتلتهم بعدما أطلق الله وثاقي، فحلال هي أم حرام؟ قال: "بل هي حلال، وإذا شئنا خمسنا"؛ فأنزل الله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ} من الشدة والرخاء {قَدْرًا}؛ يعني: أجلاً، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: من قرأ هذه الآية عند سلطان يخاف غشمه، أو عند موج يخاف الغرق، أو عند سبع؛ لم يضره شيء من ذلك (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: جاء عوف بن مالك الأشجعي، فقال: يا رسول الله! إن ابني أسره العدو، وجزعت أمه؛ فما ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 196، 197)، و"لباب النقول" (ص 216) وقال: "وأخرج الخطيب في "تاريخه" من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به". قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: جويبر؛ متروك الحديث. الثانية: الضحاك لم يلق ابن عباس، ولم يدركه.

تأمرني؟ قال: "آمرك وإياها أن تستكثرا من: لا حول ولا قوة إلا بالله"، فقالت المرأة: نِعْمَ ما أمرك فجعلا يكثران منها، فتغفل عنه العدو فاستاق غنمهم، فجاء بها إلى أبيه؛ فنزلت: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬1). * عن محمد بن إسحاق مولى أبي قيس بن مخرمة؛ قال: جاء مالك الأشجعي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: أسر ابن عوف، فقال له: "أرسل إليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تستكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله"، وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القد عنه، فخرج؛ فإذا هو بناقة لهم، فركبها فأقبل، فإذا بسرح للقوم الذين كانوا أسروه، فصاح بها فأتبع آخرها أولها فلم يفجأ أبويه إلا هو ينادي بالباب، فأتى أبوه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأخبره؛ فنزلت: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ جاء عوف بن مالك الأشجعي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إن ابني أسره العدو وجزعت أمه؛ فما تأمرني؟ قال: "آمرك وإياها أن تستكثروا من لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"؛ فانصرف إليها، فقالت: ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: "أمرني وإياك أن نستكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، فجعلا يقولان ذلك، فأتى بها إلى أبيه؛ فنزلت: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (¬3). [موضوع] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 197)، و"لباب النقول" (ص 216) وقال: "وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به". قلنا: والكلبي كذاب وشيخه -أيضاً- متهم بالكذب. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 197) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهذا مرسل؛ لا تقوم به حجة، وصرح بإرساله السيوطي في "لباب النقول" (ص 216). (¬3) رواه الثعلبي في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (4/ 52) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. =

* عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ فقال: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون الرخصة؟ لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (¬1). * {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)}. * عن أبيّ بن كعب -رضي الله عنه-؛ أنه قال: يا رسول الله! إن عِدداً من عدد النساء لم تذكر في الكتاب: الصغار، والكبار، وأولات الأحمال؛ فأنزل الله: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: وهذا موضوع. وقال السيوطي في "اللباب" (ص 216): "وأخرج الثعلبي من وجه آخر ضعيف". (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4532، 4910). (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4/ 298)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية المسندة" (9/ 60، 61 رقم 4154، 61، 4155)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 178، 179 رقم 7862)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 91)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 407)، والحاكم (2/ 492، 493)، والبيهقي (7/ 414)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 290) من طريق مطرف بن طريف عن عمرو بن سالم أبي عثمان الأنصاري عن أُبيّ به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: وهو كما قالا؛ فإن رجاله ثقات، وأبو عثمان الأنصاري اختلف في اسمه؛ فقيل: عمرو بن سالم، وقيل: عمر بن سالم، وهو ثقة روى عنه جمع ووثقه الذهبي وابن حبان وأبو داود. أما الحافظ؛ فقد قصر في "التقريب"؛ فقال: "مقبول"!! وأكثر منه الذهبي؛ =

* عن إسماعيل بن أبي خالد؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)}؛ سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله! أرأيت التي لم تحض والتي قد يئست من المحيض، فاختلفوا فيها؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} يقول: إن شككتم فعدتهن ثلاثة أشهر، واللائي لم يحضن بمنزلتهن، وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن (¬1). ¬

_ = فقال في "الميزان": "لا يكاد يدرى من هو". ثم تنبّهنا لأمر مهم: وهو أن أبا عثمان الأنصاري لم يدرك أُبيّ بن كعب. قال ابن أبي حاتم الرازي في "المراسيل" (ص 121 رقم 257): "سألت أَبي عن حديث رواه جرير عن مطرف عن عمرو بن سالم عن أُبيّ بن كعب: (وذكر حديثنا هذا). قال أَبي: إنما هو عمرو بن سالم. . . وهو جد يحيى بن الضريس. . . ولم يدرك أُبيّاً إنما يحدث عن القاسم بن محمد". وقال المزي في "تهذيب الكمال" (34/ 69): "روى عن أُبيّ بن كعب مرسلاً". فالحديث ضعيف. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 201) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 298)، وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 201) عن الثوري عن إسماعيل به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

سورة التحريم

سورة التحريم. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة التحريم بالمدينة (¬1). * {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)}. * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب عسلاً عند زينب ابنة جحش ويمكث عندها، فواطأت أنا وحفصة عن أيّتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مَغافير؟ إني أجد منك ريح مغافير، قال: "لا، ولكني كنت أشرب عسلاً عند زينب ابنةِ جحش فلن أعودَ له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحداً" (¬2). [صحيح] عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت له أَمة يطؤها، فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 213) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت بالمدينة سورة النساء، و {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)}. (¬2) أخرجه البخاري (رقم 4912، 5267، 6691)، ومسلم (رقم 1474/ 20). (¬3) أخرجه النسائي في "المجتبى" (7/ 71، 72)، وفي "عشرة النساء" (ص 50 رقم =

* عن عمر -رضي الله عنه-؛ قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحفصة: "لا تخبري أحداً، وإن أم إبراهيم عليّ حرام"؛ فقالت: أتحرم ما أحل الله لك؟ قال: "فوالله لا أقربها"، قال: فلم يقربها حتى أخبرت عائشة، قال: فأنزل الله -تعالى-: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب عند سودة من العسل، فدخل على عائشة، فقالت: إني أجد منك ريحاً، ثم دخل على حفصة، فقالت: إني أجد منك ريحاً، فقال: "إني أراه من شراب شربته عند سودة، والله لا أشربُه"؛ فنزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ ¬

_ = 21)، وفي "التفسير" (2/ 449 رقم 627)، والحاكم (2/ 493)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (5/ 69، 70 رقم 1694)، وابن مردويه في "تفسيره"؛كما في "الدر المنثور" (8/ 214) -ومن طريقه الضياء المقدسي (5/ 70 رقم 1695) - من طريق حماد بن سلمة وسليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. وقال الحافظ في "فتح الباري" (9/ 376): "بسند صحيح". وكذا صححه السيوطي في "لباب النقول" (ص 217). (¬1) أخرجه الهيثم بن كليب في "مسنده"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 412)، و"مسند الفاروق" (2/ 614، 615) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (1/ 299، 300 رقم 189) - من طريق جرير بن حازم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن عمر به. قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح. قال الحافظ ابن كثير: "وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه "المستخرج"، وقال في "مسند الفاروق": "هذا إسناد صحيح على شرطهما. . .". وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري" (8/ 657).

لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} (¬1). * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمارية القبطية سريته بيت حفصة بنت عمر، فوجدتها معه، فقالت: يا رسول الله! في بيتي من [بين] بيوت نسائك؟ قال: "فإنها عليّ حرام أن أمسها يا حفصة! واكتمي هذا عليّ"، فخرجت حتى أتت عائشة، فقالت: يا بنت أبي بكر! ألا أبشرك؟ فقالت: بماذا؟ قالت: وجدت مارية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي، فقلت: يا رسول الله! في بيتي من بين بيوت نسائك؟ وبي تفعل هذا من بين نسائك؟ فكان أول السرور أن حرمها على نفسه، ثم قال لي: "يا حفصة! ألا أبشرك؟ "، فقلت: بلى بأبي وأمي يا رسول الله! فأعلمني أن أباك يلي الأمر من بعده، وأن أبي يليه بعد أبيك، وقد استكتمني ذلك؛ فاكتميه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} أي: من مارية {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}؛ أي: حفصة {وَأللهُ غَفُور رَّحِيم}؛ أي: لما كان منك {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً}؛ يعني: حفصة {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ}؛ يعني: عائشة {وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ}؛ أي: بالقرآن {عَرَّفَ بَعْضَهُ} ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "الكبير" (11/ 96 رقم 11226): ثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا يحيى بن سعيد القطان عن [أبي أبي الخزاز] ثني ابن أبي مليكة عن ابن عباس به. قلنا: صحة الحديث متوقفة على معرفة [أبي أبي الخزاز] ونظنه تصحيفاً من الطابع أو الناسخ، وبحثنا في كتب الرجال فوجدنا رجلاً يكنى بهذه الكنية؛ وهو صالح بن رستم أبو عامر الخزاز، فإن يكن هو؛ فالسند ضعيف؛ لضعف صالح هذا -والله أعلم بالصواب-. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 127): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 217)، و"الدر المنثور" (8/ 213) بعد زيادة نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه: "بسند صحيح".

عرف حفصة ما أظهرت من أمر مارية {وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} عما أخبرت به من أمر أبي بكر، وعمر، فلم يثربه عليها {فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} ثم أقبل عليها يعاتبها، فقال: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}؛ يعني: أبا بكر وعمر {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)}؛ فوعده من الثيبات: آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وأخت نوح، ومن الأبكار: مريم بنت عمران وأخت موسى -عليه السلام- (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (3/ 13، 14 رقم 2316) -ومن طريقه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (4/ 60) -، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (4/ 155) من طريق هشام بن إبراهيم المخزومي ثنا موسى بن جعفر الأنصاري عن عمه عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به هشام بن إبراهيم". وقال العقيلي: "لا يعرف إلا به؛ [يعني: موسى بن جعفر] ". قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: هشام بن إبراهيم؛ لم نجد له ترجمة. الثانية: موسى بن جعفر؛ قال العقيلي: "مجهول بالنقل لا يتابع على حديثه ولا يصح إسناده". الثالثة: عمه مجهول -أيضاً-؛ قال الحافظ في "لسان الميزان" (6/ 114): "لم أقف على اسمه ولا عرفت حاله". وقال العقيلي: "لا يصح إسناده". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 127): "رواه الطبراني في "الأوسط" من طريق وسى بن جعفر بن أبي كثير عن عمه، قال الذهبي: "مجهول وخبره ساقط"". ا. هـ. وقال السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 216)، و"لباب النقول" (ص 217) بعد أن زاد نسبته لابن مردويه: "بسند ضعيف".

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية في سُريّته (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية في المرأة التي وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قول الله -عزّ وجلّ-: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً}؛ قال: دخلت حفصة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتها وهو يطأ مارية، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تخبري عائشة حتى أبشرك ببشارة؛ فإن أباك يلي من بعد أبي بكر إذا أنا مت"، فذهبت حفصة فأخبرت عائشة أنها رأت النبي - صلى الله عليه وسلم - يطأ مارية، وأخبرتها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرها: "أن أبا بكر يلي بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويلي عمر من بعده"، فقالت عائشة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 76 رقم 2274 - "كشف")، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 71 رقم 11130) من طريق إسرائيل عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات؛ ومسلم هو ابن عمران البطين. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 126): "رواه البزار بإسنادين والطبراني؛ ورجال البزار رجال الصحيح غير بشر بن آدم الأصغر، وهو ثقة". قلنا: الإسناد الثاني الذي أشار إليه الهيثمي هو عند البزار بعد السابق (رقم 2275) بسند ضعيف، فيه قيس بن الربيع وهو ضعيف. وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 217): "وأخرج البزار بسند صحيح". وقال في "الدر المنثور" (8/ 214): "بسند حسن صحيح". (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 413): ثني أبو عبد الله الطهراني أنا حفص بن عمر العدني أنا الحكم بن أبان أنا عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ حفص بن عمر هذا ضعيف؛ كما في "التقريب". قال الحافظ ابن كثير عقبه: "وهذا قول غريب". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 217) بعد زيادة نسبته لابن مردويه: "بسند ضعيف".اهـ. وقال في "لباب النقول" (ص 218): "غريب -أيضاً-، وسنده ضعيف".

من أنبأك هذا؟ قال: "نبأني العلم الخبير"، فقالت عائشة: لا أنظر إليك حتى تحرم مارية؛ فحرمها؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن رافع؛ قال: سألت أم سلمة عن هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)}؛ قالت: كانت عندي عكة من عسل أبيض يجرس نحله الضرو، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلعق منها وكان يحبه، فقالت له عائشة: نحلها تجرس عرفطاً؛ فحرمها؛ فنزلت هذه الآية (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: خرجت حفصة من بيتها، وكان يوم عائشة، فدخل رسول الله بجاريته وهي مخمر وجهها، فقالت حفصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما إني قد رأيت ما صنعت، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فاكتمي عني، وهي حرام"، فانطلقت حفصة إلى عائشة؛ فأخبرتها وبشرتها بتحريم القبطية فتسلم لهن أيامهن؛ فأنزل الله: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 91، 92 رقم 12640): ثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني ثنا إسماعيل بن عمر البجلي أنا أبو عوانة عن أبي سنان عن الضحاك بن مزاحم عنه به. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 178): "رواه الطبراني؛ وفيه إسماعيل بن عمر البجلي وهو ضعيف وقد وثقه ابن حبان، والضحاك بن مزاحم لم يسمع من ابن عباس، وبقية رجاله ثقات". قلنا: وهو كما قال. وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 416): "إسناده فيه نظر". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 218) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬2) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 170، 171): نا محمد بن عمر ثنا إبرهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن عبد الله به. قلنا: شيخ ابن سعد هو الواقدي الهالك؛ فالحديث ضعيف جداً.

أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ}؛ يعني: حفصة وعائشة {فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ} الآية، فتركهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسعاً وعشرين ليلة، ثم نزل: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)}؛ فأمر؛ فكفر يمينه، وحبس نساءه عليه (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كنت أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن قول الله -عزّ وجلّ-: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ}؛ فكنت أهابه، حتى حججنا معه حجة، فقلت: لئن لم أسأله في هذه الحجة؛ لا أسأله، فلما قضينا حجنا؛ أدركناه وهو ببطن مرو قد تخلف لبعض حاجته، فقال: مرحباً يا ابن عم رسول الله، ما حاجتك؟ قلت: شيء كنت أريد أن أسألك عنه يا أمير المؤمنين؛ فكنت أهابك، فقال: سلني عم شئت؛ فإنا لم نكن نعلم شيئاً حتى تعلمنا؛ فقلت: أخبرني عن قول الله -عزّ وجلّ-: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} من هما؟ فقال: لا تسأل أحداً أعلم بذلك مني. كنا بمكة لا تكلم أحدنا امرأته، إنما هن خادم البيت، فإذا كان له حاجة؛ سفع برجليها فقضى منها حاجته، فلما قدمنا المدينة؛ تعلمن من نساء الأنصار، فجعلن يكلمننا ويراجعننا، وإني أمرت غلماناً لي ببعض الحاجة، فقالت امرأتي: بل اصنع كذا وكذا، فقمت إليها بقضيب؛ فضربتها به، فقالت: يا عجباً لك يا ابن الخطاب! تريد ألا تكلم؛ فإن ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8/ 185، 186): نا محمد بن عمر الواقدي ثنا عمر بن عقبة عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الواقدي؛ متروك الحديث، متهم بالكذب. الثانية: شعبة هذا؛ صدوق سيئ الحفظ؛ كما في "التقريب".

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلمنه نساؤه، فخرجت فدخلت على حفصة، فقلت: يا بنية! انظري، لا تكلمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء، ولا تسأليه؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس عنده دنانير ولا دراهم يعطيكهن، فما كانت لك من حاجة -حتى دهن رأسك-؛ فسليني. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبح جلس في مصلاه، وجلس الناس حوله حتى تطلع الشمس، ثم دخل على نسائه امرأة امرأة، يسلم عليهن، ويدعو لهن، فإذا كان يوم إحداهن جلس عندها، وإنها أهديت لحفصة بنت عمر عكة عسل من الطائف -أو من مكة- فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل عليها يسلم؛ حبسته حتى تلعقه منها -أو تسقيه منها-، وإن عائشة أنكرت احتباسه عندها، فقالت لجويرية عندها حبشية -يقال لها: خضراء-: إذا دخل على حفصة فادخلي عليها؛ فانظري ما يصنع فأخبرتها الجارية ما يصنع بشأن العسل، فأرسل عائشة إلى صواحبها فأخبرتهن، وقالت: إذا دخل عليكن فقلن: إنا نجد منك ريح مغافير، ثم إنه دخل على عائشة، فقالت: يا رسول الله! أطعمت شيئاً منذ اليوم؟ فإني أجد منك ريح مغافير، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد شيء عليه أن يوجد منه ريح شيء، فقال: "هو عسل، والله لا أطعمه أبداً". حتى إذا كان يوم حفصة، قالت: يا رسول الله! إن لي حاجة إلى أبي، إن نفقة لي عنده، فائذن لي أن آتيه، فأذن لها، ثم إنه أرسل إلى مارية جاريته، فأدخلها بيت حفصة، فوقع عليها، فأتت حفصة فوجدت الباب مغلقاً، فجلست عند الباب، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو فزع، ووجهه يقطر عرقاً، وحفصة تبكي، فقال: "ما يبكيك؟ "، فقالت: إنما أذنت لي من أجل هذا، أدخلت أمتك بيتي ثم وقعت عليها على فراشي، ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن، أما والله؛ ما يحل لك هذا يا رسول الله! فقال: "والله ما صدقت، أليس هي جاريتي قد أحلها الله لي؟ أشهدك أنها عليّ حرام، ألتمس بذلك رضاك، انظري ألا تخبري بهذا امرأة منهن؛ فهي عندك أمانة"، فلما

خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة، فقالت: إلا أبشري، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حرم أمته وقد أراحنا الله منها. فقالت عائشة: أما والله لقد كان يريبني أنه يقيل من أجلها؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ}؛ فهي عائشة وحفصة، وزعموا أنهما كانتا لا تكتم إحداهما الأخرى شيئاً. وكان لي أخ من الأنصار إذا حضرت وغاب في بعض ضيعته حدثته بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، [و] إذا غبت في بعض ضيعتي حدثني، فأتاني يوماً وقد كنا نتخوف جبلة بن الأيهم الغساني فقال: ما دريت ما كان؟ فقلت: وما ذاك، لعل جبلة بن الأيهم الغساني يذكر؟ فقال: لا، ولكنه أشد من ذلك، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الصبح فلم يجلس كما كان يجلس، ولم يدخل على أزواجه كما كان يصنع، وقد اعتزل في مشربته، وقد تركت الناس يموجون، ولا يدرون ما شأنه؟ فأتيت والناس في المسجد يموجون ولا يدرون، فقلت: يا أيها الناس! كما أنتم. ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في مشربته قد جعلت له عجلة فرقي عليها، فقلت لغلام [له] أسود -وكان يحجبه-: استأذن لعمر بن الخطاب، فاستأذن لي فدخلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مشربته، فيها حصير وأُهب معلقة، وقد أفضى بجنبه إلى الحصير، فأثر الحصير في جنبه، وتحت رأسه وسادة من أدم محشوة ليفاً، فلما رأيته؛ بكيت، فقال: "ما يبكيك؟ "، قلت: يا رسول الله! فارس والروم يضطجع أحدهم في الديباج والحرير، فقال: "إنهم عجلت لهم طيباتهم في الدنيا، والآخرة لنا"، ثم قلت: يا رسول الله! ما شأنك؟ فإني قد تركت الناس يموج بعضهم في بعض، فعن خبر أتاك اعتزلتهن؟ فقال: "لا؛ ولكن بيني وبين أزواجي شيء، فأقسمت ألا أدخل عليهن شهراً"، ثم خرجت على الناس، فقلت: يا أيها الناس! ارجعوا؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بينه وبين أزواجه شيء فأحب أن يعتزل. ثم دخلت على حفصة، فقلت: يا بنية! أتكلمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

وتغيظين وتغارين عليه؟ فقالت: لا أكلمه بعد بشيء يكرهه، ثم دخلت على أم سلمة -وكانت خالتي-، فقلت لها كما قلت لحفصة، فقالت: عجباً لك يا عمر بن الخطاب! كل شيء تكلمت فيه حتى تريد أن تدخل بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وبين أزواجه! وما يمنعنا أن نغار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجكم يغرن عليكم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28)} [الأحزاب: 28] حتى فرغ من الآية (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} إلى قوله: {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}؛ قال: كانت حفصة وعائشة متحابتين، وكانتا زوجتي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذهبت حفصة إلى أبيها فتحدثت عنده، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جاريته، فظلت معه في بيت حفصة، وكان اليوم الذي يأتي فيه عائشة، فرجعت حفصة فوجدتهما في بيتها، فجعلت تنتظر خروجها، وغارت غيرة شديدة، فأخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاريته، ودخلت حفصة، فقالت: قد رأيت من كان عندك، والله لقد سئتني؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والله لأرضينك؛ فإني مسرّ إليك سراً فاحفظيه"، قالت: ما ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (8/ 323 - 326 رقم 8764) من طريق عبد الله بن صالح ثني الليث بن سعد ثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن يزيد بن رومان عن ابن عباس به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن يزيد بن رومان إلا سعيد بن أبي هلال ولا عن سعيد إلا خالد بن يزيد تفرد به الليث". قلنا: وهو ثقة حافظ ثبت لا يضره ذلك؛ لكن الراوي عنه ضعيف، لم يروه عنه أحد من الجهابذة الذين رووا عنه صحيح حديثه. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 8 - 10): "وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث؛ قال عبد الملك بن شعيب بن الليث: ثقة مأمون، وضعفه أحمد وغيره".

هو؟ قال: "إني أشهدك أن سريتي هذه عليّ حرام؛ رضاً لك"، وكانت حفصة وعائشة تظاهران على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأسرت إليها أن أبشري: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حرم عليه فتاته، فلما أخبرت بسر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أظهر الله -عزّ وجلّ- النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله على رسوله لما تظاهرتا عليه: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} إلى قوله: {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قلت لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: من المرأتان؟ قال: عائشة وحفصة، وكان بدء الحديث في شأن أم إبراهيم القبطية أصابها النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيت حفصة في يومها، فوجدته حفصة؛ فقالت: يا نبي الله! لقد جئت إليَّ شيئاً ما جئت إلى أحد من أزواجك بمثله؛ في يومي وفي دوري وعلى فراشي! قال: "ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها"، قالت: بلى، فحرمها، وقال: "لا تذكري ذلك لأحد"، فذكرته لعائشة فأظهره الله -عزّ وجلّ- عليه؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} الآيات كلها، فبلغنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كفر يمينه وأصاب جاريته (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 101). قلنا: وهو ضعيف جداً؛ لأنه مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 102) بسند صحيح إلى ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف؛ ابن إسحاق مدلس وقد عنعن. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 214) وزاد نسبته لابن المنذر. وأخرج الواحدي في "أسباب النزول" (ص 291) من طريق آخر عن ابن عباس عن عمر؛ قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأم ولده مارية في بيت حفصة، فوجدته حفصة معها، فقالت: أتدخلها بيتي؟ ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من =

* عن زيد بن أسلم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرّم أم إبراهيم، فقال: "هي عليّ حرام"، قال: "والله لا أقربها"، قال: فنزل: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}. قال مالك بن أنس: فالحرام حلال في الإماء؛ إذا قال الرجل لجاريته: أنت عليّ حرام؛ فليس بشيء، وإذا قال: والله لا أقربك، فعليه كفارة (¬1). [ضعيف جداً] * عن مسروق؛ قال: آلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أَمته وحرّمها؛ فأنزل الله في الإيلاء: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}؛ وأنزل الله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}؛ فالحرام ها هنا حلال (¬2). [ضعيف] ¬

_ = هواني عليك! فقال لها: "لا تذكري هذا لعائشة، هي عليّ حرام إن قربتها"، قالت حفصة: وكيف تحرم عليك وهي جاريتك، فحلف لها لا يقربها، وقال لها: "لا تذكريه لأحد"، فذكرته لعائشة، فأبى أن يدخل على نسائه شهراً واعتزلهن تسعاً وعشرين ليلة؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} الآية. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه عبد الله بن شبيب وهو واهٍ بمرة. (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 186): نا الواقدي نا مالك بن أنس عن زيد به. قلنا: والواقدي متروك وهو -أيضاً- مرسل؛ فالأثر واهٍ جداً. وأخرج الطبري في "جامع البيان" (28/ 100): ثني محمد بن عبد الرحيم البرقي ثني ابن أبي مريم ثنا أبو غسان ثني زيد بن أسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصاب أم إبراهيم في بيت بعض نسائه، قال: فقالت: أي رسول الله! في بيتي وعلى فراشى؟! فجعلها عليه حراماً، فقالت: يا رسول الله! كيف تحرم عليك الحلال؟ فحلف لها أن لا يصيبها، فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)}. قال زيد: فقوله: أنت عليّ حرام لغو. قلنا: وابن أبي مريم متروك -أيضاً-؛ فلا يعتد به. (¬2) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 186)، والطبري في "جامع البيان" =

* عن محمد بن جبير بن مطعم؛ قال: خرجت حفصة من بيتها؛ فبعث رسول الله إلى جاريته فجاءته في بيت حفصة، فدخلت عليه حفصة وهي معه في بيتها، فقالت: يا رسول الله! في بيتي وفي يومي وعلى فراشي؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اسكتي، ذلك الله لا أقربها أبداً، ولا تذكريه"؛ فذهبت حفصة فأخبرت عائشة؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} فكان ذلك التحريم حلالاً، ثم قال: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}؛ فكفّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن يمينه حين آلى، ثم قال: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً}؛ يعني: حفصة، {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} حين أخبرت عائشة، {وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ}؛ يعني: حفصة لما أخبره الله؛ قالت حفصة: من أنبأك هذا؟ قال: نبأني العليم الخبير، {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}؛ يعني: حفصة وعائشة، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} لعائشة وحفصة، {فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ} الآية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنا بداخل عليكن شهرا" (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = (28/ 100) من طريقين عن الثوري عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق به. قلنا: وسنده صحيح؛ لكنه مرسل. وأخرجه الطبري من طريق ابن علية عن داود بنحوه. وهو مرسل صحيح. وأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح إلى مسروق قال: حلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحفصة لا يقرب أمته، وقال: "هي عليّ حرام"؛ فنزلت الكفارة ليمينه، وأمر أن لا يحرم ما أحل الله. قاله الحافظ في "الفتح" (8/ 657). قلنا: وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 216) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 186، 187): نا محمد بن عمر ثنا موسى بن يعقوب عن أبي الحويرث عن محمد به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: =

* عن عروة بن الزبير؛ قال: انطلقت حفصة إلى أبيها تحدث عنده، وأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مارية فظل معها في بيت حفصة وضاجعها، فرجعت حفصة من عند أبيها وأبصرتهما؛ فغارت غيرة شديدة، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخرج سريته فدخلت حفصة، فقالت: قد رأيت ما كان عندك وقد سؤتني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإني والله لأرضيك، إني مسر إليك سراً فأخفيه لي"، فقالت: ما هو؟ قال: "أشهدك أن سريتي عليّ حرام"؛ يريد بذلك: رضا حفصة، وكانت حفصة وعائشة قد تظاهرتا على نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فانطلقت حفصة فحدثت عائشة، فقالت لها: أبشري؛ فإن الله حرم على رسوله وليدته، فلما أخبرت بسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أنزل الله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} إلى قوله: {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} (¬1). [ضعيف جداً] * عن الضحاك يقول في قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتاة فغشيها فبصرت به حفصة، وكان اليوم يوم عائشة، وكانتا متظاهرتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اكتمي عليّ ولا تذكري لعائشة ما رأيت"؛ فذكرت حفصة لعائشة؛ فغضبت عائشة، فلم تزل بنبي الله - صلى الله عليه وسلم - حتى حلف أن لا يقربها أبداً؛ فأنزل الله هذه الآية وأمره أن يكفر يمينه ويأتي جاريته (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = الأولى: الواقدي متروك. الثانية: موسى بن يعقوب الزمعي؛ صدوق سيئ الحفظ. الثالثة: أبو الحويرث هو عبد الرحمن بن معاوية؛ صدوق سيئ الحفظ. الرابعة: الإرسال. وأخرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 187) بسند فيه الواقدي بنحوه عن أم سلمة. (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/ 187) بسند فيه الواقدي. قلنا: وهو ضعيف جداً. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (28/ 101). =

* عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: لما حلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}؛ فأحل يمينه وأنفق عليه (¬1). [ضعيف جداً] * {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)}. * عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهم-؛ قالا: نزلت: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} في أبي بكر وعمر (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف جداً. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 216) عن الضحاك: أن حفصة زارت أباها ذات يوم، وكان يومها، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم -فلم يجدها في المنزل، فأرسل إلى أمته مارية، فأصاب منها في بيت حفصة، وجاءت حفصة على تلك الحال، فقالت: يا رسول الله! أتفعل هذا في بيتي وفي يومي؟! قال: "فإنها عليّ حرام، ولا تخبري بذلك أحداً"، فانطلقت حفصة إِلى عائشة، فأخبرتها بذلك؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} إلى قوله: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}؛ فأمر أن يكفر عن يمينه ويراجع أمته. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله إن صح الطريق إلى الضحاك. (¬1) أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (2/ 913 رقم 998 - بغية) بسند ضعيف جداً. (¬2) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 250 رقم 820): ثنا أحمد الحلواني نا إسحاق بن المنذر نا فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر وابن عباس به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ميمون بن مهران إلا فرات بن السائب". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 52): "وفيه فرات بن السائب وهو متروك". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 223) وزاد نسبته لابن مردويه.

* عن سعيد بن جبير؛ قال: نزلت في عمر بن الخطاب خاصة (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: وجدت حفصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أم إبراهيم في يوم عائشة، فقالت: لأخبرنها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هي عليّ حرام إن قربتها"؛ فأخبرت عائشة بذلك، فأعلم الله رسوله ذلك، فعرّف حفصة بعض ما قالت، فقالت له: من أخبرك؟ قال: نبأني العلم الخبير، فآلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه شهراً؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)} الآية (¬2). [ضعيف جداً] * {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: حدثني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ قال: لما اعتزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه؛ قال: دخلت المسجد، فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون: طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب، فقال عمر: فقلت: لأعلمن ذلك اليوم، قال: فدخلت على عائشة، فقلت: يا بنت أبي بكر! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 223) ونسبه لسعيد بن منصور وابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 292، 293) من طريق الدارقطني نا المحاملي نا عبد الله بن شبيب ثني أحمد بن محمد بن عبد العزيز قال: وجدت في كتاب أبي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس. قلنا: وعبد الله بن شبيب واهٍ؛ فالأثر ضعيف جداً.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: ما لي وما لك يا ابن الخطاب؟! عليك بعيبتك، قال: فدخلت على حفصة بنت عمر؛ فقلت لها: يا حفصة! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ والله؛ لقد علمت أن رسول الله لا يحبك، ولولا أنا؛ لطلقك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فبكت أشد البكاء، فقلت لها: أين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: هو في خزانته في المشربة؛ فدخلت، فإذا أنا برباح غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعداً على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينحدر، فناديت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إليّ فلم يقل شيئاً. ثم قلت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إليَّ فلم يقل شيئاً. ثم رفعت صوتي؛ فقلت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإني أظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظن أني جئت من أجل حفصة، والله؛ لئن أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضرب عنقها؛ لأضربن عنقها، ورفعت صوتي، فأومأ إليّ أن ارقه، فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع على حصير فجلست، فأدنى عليه إزاره، وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قرظاً في ناحية الغرفة، وإذا أفيق معلق، قال: فابتدرت عيناي، قال: "ما يبكيك يا ابن الخطاب؟! "، قلت: يا نبي الله! ومالي لا أبكي؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصفوته، وهذه خزانتك؛ فقال: "يا ابن الخطاب! ألا ترى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟ "، قلت: بلى، قال: ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله! ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلقتهن؛ فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلما

تكلمت -وأحمد الله- بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، ونزلت هذه الآية: آية التخيير: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)}. وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله! أطلقتهن؟ قال: "لا"، قلت: يا رسول الله! إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى يقولون: طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه، أفأنزل؛ فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال: "نعم إن شئت"، فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر فضحك، وكان من أحسن الناس ثغراً، ثم نزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلت، فنزلت أتشبث بالجذع ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده، فقلت: يا رسول الله! إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين، قال: "إن الشهر يكون تسعاً وعشرين"، فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه؛ ونزلت هذه الآية: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83]؛ فكنت أنا استنبطت ذا الأمر وأنزل الله -عزّ وجلّ- آية التخيير (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم 1479). وتقدم في أول سورة البقرة آية رقم (125) حديث عمر: "وافقت ربي في ثلاث".

سورة تبارك

سورة تبارك. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت بمكة {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (¬1). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 230) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. قلنا: وقد تصحف النحاس في مطبوع "الدر المنثور" إلى البخاري وهو تصحيف فاحش. وقال السيوطي: وأخرج جويبر في "تفسيره" عن الضحاك عن ابن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت تبارك الذي بيده الملك في أهل مكة إلا ثلاث آيات. قلنا: وجويبر؛ ضعيف جداً، والضحاك لم يسمع عن ابن عباس. وتصحف اسم (جويبر) إلى (ابن جرير) وهذا خطأ فاحش.

سورة القلم

سورة القلم. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {ن وَالْقَلَمِ} بمكة (¬1). * {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)}. * عن ابن جريج؛ قال: كانوا يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنه لمجنون به شيطان؛ فنزلت: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)} (¬2). [ضعيف] * عن عائشة -رضي الله عنهما-؛ قالت: ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال: "لبيك"؛ ولذلك أنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 240) ونسبه للنحاس وابن مردويه والبيهقي. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 242)، و"لباب النقول" (ص 218) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬3) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 293) من طريق حسين بن علوان الكوفي نا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ الحسين بن علوان؛ متروك الحديث، بل كذبه ابن معين. انظر: "الجرح والتعديل" (3/ 61). وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 218): "بسند واهٍ". وذكره في "الدر المنثور" (8/ 243) وزاد نسبته لابن مردويه وأبي نعيم في "الدلائل".

* {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)}؛ قال: رجل من قريش له زنمة مثل زنمة الشاة (¬1). [صحيح] * عن السدي في قوله -تعالى-: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10)}؛ قال: نزلت في الأخنس بن شريق (¬2). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: هو الأسود بن عبد يغوث (¬3). [ضعيف] * عن أبي عثمان النهدي؛ قال: قال مروان بن الحكم لما بايع الناس ليزيد: سنة أبي بكر وعمر؛ فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: إنها ليست بسنة أبي بكر وعمر، ولكنها سنة هرقل، فقال مروان: هذا الذي أنزلت فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: 17]، قال: فَسَمِعَتْ ذلك عائشة، فقالت: إنها لم تنزل في عبد الرحمن، ولكن نزلت في أبيك: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)} (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4917). (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 218)، و"الدر المنثور" (8/ 248) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله. وذكر أن ابن المنذر أخرج عن الكلبي نحوه. قلنا: والكلبي كذاب، ورأينا عبد الرزاق قد أخرجه في "تفسيره" (2/ 308)، والطبري في "جامع البيان" (29/ 15) عن معمر عنه به. ونسبه في "الدر المنثور" (8/ 248) لهما. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 248)، و"لباب النقول" (ص 218) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهذا مرسل. (¬4) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 246) ونسبه لابن مردويه.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ يعني: الأسود بن عبد يغوث (¬1). [ضعيف جداً] * عن الشعبي؛ قال: هو رجل من ثقيف يقال له: الأخنس بن شريق (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}؛ قال: نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)}، قال: فلم نعرفه حتى نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}، قال: فعرفناه له زنمة كزنمة الشاة (¬3). [حسن] * {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17)}. * عن ابن جريج: أن أبا جهل قال يوم بدر: خذوهم أخذاً فاربطوهم في الحبال ولا تقتلوا منهم أحداً؛ فنزلت: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ}، يقول: في قدرتهم عليهم كما اقتدر أصحاب الجنة على الجنة (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه. قلنا: وهو عند الطبري في "جامع البيان" (29/ 248) بنحوه، وسنده ضعيف جداً؛ لأنه مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لعبد بن حميد. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (19/ 17): ثنا الحسين بن علي الصدائي ثنا علي بن عاصم ثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن في الشواهد والمتابعات، وعلي بن عاصم؛ صدوق يخطئ ويصر. وسكت عنه الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في "فتح الباري" (8/ 663). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 248) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬4) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 219)، و"الدر المنثور" (8/ 250) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

سورة الحاقة

سورة الحاقة. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الحاقة بمكة (¬1). * {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)}. * عن بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه-؛ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لعلي: "يا علي! إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك وأن تعي، وحق على الله أن تعي"؛ قال: فنزلت: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 263) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 35، 36)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 441)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 294) من طريق بشر بن آدم ثنا عبد الله بن الزبير ثني صالح بن الهيثم عن بريدة به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لضعف عبد الله بن الزبير والد أبي أحمد الزبيري. انظر: "الجرح والتعديل" (5/ 56). والراوي عن بريدة لم نعرفه، ووقع اسمه عند الطبرى عبد الله بن رستم وهذا مشكل. وأخرجه الطبري من طريق أبي داود الأعمى عن بريدة به. قلنا: وأبو داود الأعمى -اسمه نفيع بن الحارث-؛ متروك الحديث، وقد كذبه ابن معين. فلا تقوي الطريقان بعضهما البعض. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 267) وزاد نسبته لابن مردويه وابن عساكر. =

* عن علي -رضي الله عنه-؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا علي! إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي"؛ وأنزل هذه الآية: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} (¬1). ¬

_ = قال الحافظ ابن كثير: "ولا يصح -أيضاً-". قال السيوطي في "لباب النقول" (ص 219): "لا يصح". (¬1) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/ 67) بالسند المركب بالآباء والأجداد عن علي. قلنا: وسنده ضعيف جداً.

سورة المعارج

سورة المعارج. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {سَأَل} بمكة (¬1). * {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال فى قوله: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1)}: هو النضر بن الحارث بن كلدة (¬2). [حسن] * عن السدي في قوله -تعالى-: {سَأَلَ سَائِلٌ}؛ قال: نزلت بمكة في النضر بن الحارث، وقد قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 277) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله. (¬2) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 463 رقم 640) من طريق أبي أسامة ثنا الثوري عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وهذا سند حسن على شرط البخاري. وأخرجه الحاكم (2/ 502) من طريق آخر عن الثوري عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قوله لم يذكر ابن عباس. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في "التلخيص": "على شرط البخاري" وهو الصواب. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 277) وزاد نسبته لعبد بن حميد والفريابي وابن أبي حاتم وابن مردويه. وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم مثله؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 277). قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

الآية، وكان عذابه يوم بدر (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج في قوله -تعالى-: {بِعَذَابٍ وَاقِعٍ}؛ قال: يقع في الآخرة قولهم في الدنيا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، هو النضر بن الحارث (¬2). [ضعيف] * عن الحسن؛ قال: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1)}، فقال الناس: على من يقع العذاب؟ فأنزل الله -تعالى-: {لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2)} (¬3). [ضعيف] * {وَالَّذِينَ في أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)}. * عن الحسن بن محمد: أن قوماً في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابوا غنيمة، فجاء قوم لم يشهدوا الغنائم؛ فنزلت: {وَالَّذِينَ في أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)} (¬4). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 277)، و"لباب النقول" (ص 219) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 277، 278) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 278)، و"لباب النقول" (ص 219) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬4) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 52) من طرق عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن الحسن به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

سورة نوح

سورة نوح. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة نوح بمكة (¬1). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 228) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

سورة الجن

سورة الجن. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الجن بمكة (¬1). * {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب؛ فرجعت الشياطين، فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأُرسلت علينا الشهب، قال: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا ما حدث؛ فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث؟ فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض ومغاربها؛ ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء؟ قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنخلة وهو عامد إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 296) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله. وأخرج -أيضاً- عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: نزلت سورة {قُل أُوحِىَ} بمكة.

سمعوا القرآن؛ تسمّعوا له، فقالوا: هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم؛ فقالو: يا قومنا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2)}؛ وأنزل الله -عزّ وجلّ- على نبيه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} وإنما أوحى إليه قول الجن (¬1). [صحيح] * عن كردم بن أبي السائب؛ قال: خرجت مع أبي إلى المدينة في حاجة، وذلك أول ما ذكر لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فآوانا المبيت إلى راعي غنم، فلما انتصف الليل؛ جاء الذئب فأخذ حَمَلاً من غنمه، فقال الراعي: يا عامر الوادي! أنا جارك، قال: فسمعنا قائلاً لا نراه، يقول: يا سرحان! أرسله، قال: فجاء الحمل يشتد حتى دخل الغنم، ولم يصبه كدمة، قال: وأنزل الله -عزّ وجلّ- على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري (رقم 773، 4921)، ومسلم (رقم 449/ 149). (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 457)، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/ 171 رقم 430)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (1/ 101)، وابن قانع في "معجم الصحابة" (2/ 395)، والواحدي في "الوسيط" (4/ 364)، والبغوي في "معالم التنزيل" (8/ 239)، وأبو الشيخ في "العظمة" (5/ 1664، 1666 رقم 1105)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الإصابة" (3/ 289)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (5/ 2407 رقم 5890، 5891)، وابن عبد البر وابن منده؛ كما في "أسد الغابة" (4/ 164، 165) من طريق القاسم بن مالك عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبيه عن كردم به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً، فيه علتان: الأولى: عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي؛ متفق على تضعيفه. الثانية: أبوه إسحاق بن الحارث؛ قال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 133): "منكر الحديث، فلا أدري التخليظ في حديثه منه أو من ابنه؟! ". وضعفه أحمد وغيره. انظر: "الميزان" (1/ 189). =

* عن أبي رجاء العطاردي؛ قال: بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد رعيتُ على أهلي كفيت مهنتهم، فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ خرجنا هُراباً فأتينا على فلاة من الأرض، وكنا إذا أمسينا بمثلها، قال شيخنا: إنا نعوذ بعزيز هذا الوادي من الجن الليلة، فقلنا ذاك، قال: فذكر حديثاً طويلاً، قال أبو رجاء: فقيل لنا: إنما سبيل هذا الرجل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فمن أقرّ بها؛ أمِن على دمه وماله، فرجعنا فدخلنا في الإِسلام، قال: وربما قال أبو رجاء: إني لأرى هذه الآية نزلت فيّ وفي أصحابي: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)} (¬1). [ضعيف] * عن سهل بن عبد الله؛ قال: كنت في ناحية ديار عاد؛ إذ رأيت مدينة من حجر منقورة في وسطها قصر من حجارة يأويه الجن فدخلت، فإذا شيخ عظيم الخلق يصلي نحو الكعبة وعليه جبة صوف فيها طراوة، فلم أتعجب من عظم خلقته كتعجبي من طراوة جبته، فسلمت عليه؛ فرد عليّ السلام، وقال: ومطاعم السحت، وإن هذه الجبة عليَّ منذ سبعمائة سنة لقيت بها عيسى ومحمد -عليهما السلام- فآمنت بهما، فقلت: ومن أنت؟ قال: أنا من الذين نزلت فيهم: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}؛ قال: ¬

_ = قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 129): "رواه الطبراني؛ وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي وهو ضعيف". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 298) وزاد نسبته لابن المنذر وابن عساكر. (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (7/ 138، 139): نا عمرو بن عاصم الكلابي ثنا سلم بن زرير قال: سمعت أبا رجاء يقول: (فذكره). قلنا: وهذا سند ضعيف؛ سلم بن زرير ضعيف، وأبو رجاء العطاردي مخضرم ثقة؛ فهو مرسل.

كانوا من حسن نصيبين (¬1). [منكر] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن رجلاً من بني تميم كان جريئاً على الليل والرجال، وأنه سار ليلة فنزل في أرض مجنة، فاستوحش، فعقل راحلته، ثم توسد ذراعيها وقال: أعوذ بسيد هذا الوادي من شر أهله، فأجاره شيخ منهم، وكان منهم شاب وكان سيداً في الجن، فغضب الشاب لما أجاره الشيخ، فأخذ حربة له قد سقاها السم لينحر ناقة الرجل بها، فتلقاه الشيخ دون الناقة فقال: [] يا مالك بن مهلهل ... مهلاً فذلك محجري وإزاري عن ناقة الإنسان لا تعرض لها ... واختر إذا ورد المها أثواري إني ضمنت له سلامة رحله ... فاكفف يمينك راشداً عن جاري ولقد أتيت على ما لم أحتسب ... إلا رعيت قرابتي وجواري تسعى إليه بحربة مسمومة ... أفّ لقربك يا أبا اليقطاري لولا الحياء وأن أهلك جيرة ... لتمزقتك بقوة أظفاري فقال له الفتى: أتريد أن تعلو وتخفض ذكرنا ... في غير مزية أبا العزار متنحلاً أمراً لغيرك فضله ... فارحل فإن المجد للمرار من كان منكم سيداً فيما مضى ... إن الخيار هم بنو الأخيار فاقصد لقصدك يا معيكر إنما ... كان المجير مهلهل بن وبار فقال الشيخ: صدقت، كان أبوك سيدنا وأفضلنا، دع هذا الرجل لا أنازعك بعده أحداً، فتركه، فأتى الرجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقص عليه القصة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أصاب أحداً منكم وحشة، أو نزل بأرض ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 297)، و"لباب النقول" (ص 220) ونسبه لابن الجوزي في "صفوة الصفوة".

مجنة؛ فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما يلج في الأرض، وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن فتن الليل، ومن طوارق النهار؛ إلا طارقاً يطرق بخير"؛ فأنزل الله في ذلك: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)} (¬1). * عن سعيد بن جبير: أن رجلاً من بني تميم يقال له: رافع بن عمير حدث عن بدء إسلامه، قال: إني لأسير برمل عالج ذات ليلة؛ إذ غلبني النوم؛ فنزلت عن راحلتي وأنختها ونمت وقد تعوذت قبل نومي، فقلت: أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجن، فرأيت في منامي رجلاً بيده حربة يريد أن يضعها في نحر ناقتي فانتبهت فزعاً فنظرت يميناً وشمالاً فلم أر شيئاً، فقلت: هذا حلم، ثم عدت فغفوت فرأيت مثل ذلك فانتبهت؛ فرأيت ناقتي تضطرب والتفت، وإذا برجل شاب كالذي رأيته في المنام بيده حربة ورجل شيخ ممسك بيده يدفعه عنه، فبينما هما يتنازعان؛ إذ طلعت ثلاثة أثوار من الوحش فقال الشيخ للفتى: قم فخذ أيتها شئت فداء لناقة جاري الإنسي، فقام الفتى، فأخذ منها ثوراً وانصرف ثم التفت إليّ الشيخ، وقال: يا هذا إذا نزلت وادياً من الأودية فخفت هوله؛ فقل: أعوذ برب محمد من هول هذا الوادي ولا تعذ بأحد من الجن؛ فقد بطل أمرها، قال: فقلت له: ومن محمد هذا؟ قال: نبي عربي لا شرقي ولا غربي بعث يوم الاثنين، قلت: فأين مسكنه؟ قال: يثرب ذات النخل، فركبت راحلتي حين ترقى لي الصبح وجددت السير حتى تقحمت المدينة، فرآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فحدثني بحديثي ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (*) (8/ 299) ونسبه لأبي نصر السجزي في "الإبانة". قال أبو نصر: غريب جداً؛ لم نكتبه إلا من هذا الوجه. (*) في "الدر" برق الصبح.

قبل أن أذكر منه شيئاً، ودعاني إلى الإِسلام فأسلمت. قال سعيد بن جبير: وكنا نرى أنه هو الذي أنزل الله فيه: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)} (¬1). [ضعيف] * {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا (18)}. * عن سعيد بن جبير: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}؛ قال: قالت الجن لنبي الله: كيف لنا نأتي المسجد ونحن باؤون عنك؟ وكيف نشهد معك الصلاة ونحن ناؤون عنك؟ فنزلت: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا (18)} (¬2). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قالت الجن: يا رسول الله! ائذن لنا نشهد معك الصلوات في مسجدك؛ فأنزل الله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا (18)} (¬3). [موضوع] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 221)، وقال: "وأخرج الخرائطي في كتاب "هواتف الجان": ثنا عبد الله بن محمد البلوي ثنا عمارة بن زيد ثني عبد الله بن العلاء ثنا محمد عن عكبر عن سعيد به". قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، وفيه من لم يعرفه. وذكر -أيضاً- (ص 222): أنه أخرج عن مقاتل في قوله: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16)}؛ قال: نزلت في كفار قريش حين منع المطر سبع سنين. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 73): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن محمود عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: مهران سيئ الحفظ له أوهام. الثالثة: ابن حميد؛ متهم بالكذب. (¬3) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 222)، وقال: "وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي صالح عن ابن عباس (فذكره) ". =

* عن الأعمش؛ قال: قالت الجن: يا رسول الله! ائذن لنا فنشهد معك الصلوات في مسجدك؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا (18)}؛ يقول: صلّوا لا تخالطوا الناس (¬1). [ضعيف] * {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22)}. * عن حضرمي؛ أنه ذكر له: أن جنياً من الجن من أشرافهم ذا تبع قال: إنما يريد محمد أن يجيره وأنا أجيره؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: أبو صالح ذا؛ متهم بالكذب، وعادةً الراوي عنه هو الكلبي الكذاب؛ فالحديث باطل. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 306) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهذا ضعيف؛ لإعضاله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 75، 76): ثنا ابن عبد الأعلى ثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه؛ قال: زعم حضرمي (فذكره). قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: حضرمي ذا؛ مجهول؛ كما قال ابن المديني.

سورة المزمل

سورة المزمل. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)} بمكة (¬1). * {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)}. * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: اجتمعت قريش في دار الندوة، فقالت: سموا هذا الرجل اسماً؛ فصُدوا الناس عنه، قالوا: كاهن، قالوا: ليس بكاهن، قالوا: مجنون، قالوا: ليس بمجنون، قالوا: ساحر، قال: ليس بساحر، فتفرق المشركون على ذلك؛ فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فتزمل في ثيابه وتدثر فيها؛ فأتاه جبريل -عليه السلام- فقال: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)} {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} (¬2). [موضوع] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 311) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله. وأخرج النحاس عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة المزمل بمكة إلا آية: {إِنَّ رَبَّكَ}. (¬2) أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 77 رقم 2276 - "كشف")، والطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 319 رقم 2096) من طريق معلي بن عبد الرحمن ثنا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر به. قال البزار: "لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن جابر بهذا الإسناد، ومعلى؛ واسطي، حدث بأحاديث لم يتابع عليها، وحدث عنه جماعة من أهل العلم". وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن عقيل إلا شريك، تفرد به معلى". =

* {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)}. * عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما أنزل عليه: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)}؛ قاموا سنة حتى ورمت أقدامهم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)} (¬1). ¬

_ = قلنا: وهذا كذب موضوع؛ فيه علتان: الأولى: قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 130): "رواه البزار والطبراني في "الأوسط"؛ وفيه معلى بن عبد الرحمن الواسطي، وهو كذاب". الثانية: شريك القاضي؛ ضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 311) وزاد نسبته لأبي نعيم في "الدلائل". وقال فى "لباب النقول" (ص 222): "بسند واهٍ". (¬1) أخرجه الحاكم (2/ 504) من طريق الحسن بن بشر الهمداني ثنا الحكم بن عبد الملك القرشي ثنا قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن سعيد بن هشام، عن عائشة: (فذكره). قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"! وتعقبه الذهبي بقوله: "وفيه الحكم بن عبد الملك وهو ضعيف". قلنا: وهو كما قال؛ لكنه توبع بلفظ أتم من هذا؛ فأخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم 746)، وأبو داود (رقم 1342) وغيرهما من طرق، عن قتادة عن زرارة: أن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = سعد بن هشام بن عامر أراد أن يغزو في سبيل الله، فقدم المدينة، فأراد أن يبيع عقارً له بها؛ فيجعله في السلاح والكراع، ويجاهد الروم حتى يموت، فلما قدم المدينة؛ لقي أناساً من أهل المدينة فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطاً ستة أرادوا ذلك في حياة نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فنهاهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "أليس لكم فيّ أسوة؟ "، فلما حدثوه بذلك؛ راجع امرأته، وقد كان طلقها، وأشهد على رجعتها، فأتى ابن عباس فسأله عن وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال ابن عباس: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: من؟ قال: عائشة؛ فأتها فسألها، ثم ائتني فأخبرني بردها عليك، فانطلقت إليها، فأتيت على حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها، فقال: ما أنا بقاربها؛ لأني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئاً فأبت فيها إلا مضياً، قال: فأقسمت عليه، فجاء فانطلقنا إلى عائشة، فاستأذنا عليها فأذنت لنا، فدخلنا عليها، فقالت: أحكيم؟ (فعرفته) فقال: نعم، فقالت: من معك؟ قال: سعد بن هشام، قالت: من هشام؟ قال: ابن عامر، فترحمت عليه، وقالت خيراً، (قال قتادة: وكان أصيب يوم أُحد)، فقلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق نبي الله - صلى الله عليه وسلم -كان القرآن، قال: فهممت أن أقوم ولا أسأل أحداً عن شيء حتى أموت، ثم بدا لي، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقالت: ألست تقرأ: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)}؟ قلت: بلى، قالت: فإن الله -عزّ وجلّ- افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حولاً، وأمسك الله خاتمتها اثنَىْ عشر شهراً في السماء، حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف؛ فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة، قال: قلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: كنا نُعد له سِواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل؛ فيتسوك، ويتوضأ، ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد؛ فتلك إحدى عشر ركعة يا بني، فلما سن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذه اللحم؛ أوتر بسبع، وصنع في الركعتين صنيعة الأول؛ فتلك تسع يا بني، وكان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلّى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل؛ صلى من النهار ثنتي عشرة =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما نزلت أول المزمل؛ كانوا يقومون نحواً من قيامهم في شهر رمضان، حتى نزل آخرها، وكان بين أولها وآخرها سنة (¬1). [صحيح] * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: كنت أجعل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصيراً ليصلي عليه من الليل، فتسامع به الناس؛ فاجتمعوا؛ فخرج كالمغضب وكان بهم رحيماً، فخشي أن يكتب عليهم قيام الليل؛ فقال: "يا أيها الناس! اكلفوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل، وخير الأعمال ما دمتم عليه"، ونزل القرآن: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ}، حتى كان الرجل يربط الحبل ويتعلق، فمكثوا بذلك ثمانية أشهر، فرأى الله ما يبتغون من رضوان؛ فرحمهم؛ فردهم إلى الفريضة، وترك قيام الليل (¬2). [ضعيف] ¬

_ = ركعة، ولا أعلم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ القرآن كله في ليلة، ولا صلى ليلة إلى الصبح، ولا صام شهراً كاملاً غير رمضان، قال: فانطلقت إلى ابن عباس فحدثته بحديثها، فقال: صدقت، لو كنت أقربها أو أدخل عليها؛ لأتيتها حتى تشافهني به، قال: قلت: لو علمت أنك لا تدخل عليها؛ ما حدثتك حديثها. (¬1) أخرجه أبو داود في "سننه" (2/ 32 رقم 1305)، والطبري في "جامع البيان" (29/ 78)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 465)، والحاكم (2/ 505)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/ 500) من طريق مسعر عن سماك الحنفي عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال شيخنا في "صحيح أبي داود" (رقم 1157): "صحيح". (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 79): ثنا سفيان بن وكيع ثنا زيد بن الحباب عن موسى بن عبيدة ثني محمد بن طحلاء مولى أم سلمة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنها به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: =

* عن سعيد بن جبير؛ قال: لما أنزل الله على نبيه: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)}؛ قال: مكث النبي - صلى الله ليه وسلم - على هذا الحال عشر سنين يقوم الليل كما أمر الله، وكانت طائفة من أصحابه يقومون معه؛ فأنزل الله عليه بعد عشر سنين: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} إلى قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}؛ فخفف الله عنهم بعد عشر سنين (¬1). [ضعيف] * عن قتادة في قوله: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)}: قاموا حولاً أو حولين؛ حتى انتفخت سوقهم وأقدامهم؛ فأنزل الله تخيفاً بعد في آخر السورة (¬2). [ضعيف] * عن أبي عبد الرحمن؛ قال: لما نزلت {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)}؛ قاموا بها حولاً حتى ورمت أقدامهم وسوقهم، حتى نزلت: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}؛ فاستراح الناس (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ = الأولى: موسى بن عبيدة؛ ضعيف. الثانية: سفيان بن وكيع؛ كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه؛ فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه. وتابعه من هو مثله وهو ابن حميد عند الطبري. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 79)، وابن أبي حاتم؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 466) من طريق عمرو بن رافع وابن حميد كلاهما عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 324)، والطبري في "جامع البيان" (29/ 79) عن معمر عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 79): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن سفيان عن قيس بن وهب عنه. به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: =

* عن الحسن؛ قال: لما نزلت: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)} الآية؛ قام المسلمون حولاً؛ فمنهم من أطاقه، ومنهم من لم يطقه، حتى نزلت الرخصة (¬1). [ضعيف] ¬

_ = الأولى: الإرسال. الثانية: مهران؛ له أوهام سيئ الحفظ. الثالثة: ابن حميد؛ متهم بالكذب. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 80): ثنا أبو كريب ثنا وكيع عن المبارك بن فضالة عن الحسن به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، والمبارك مدلس وقد عنعن.

سورة المدثر

سورة المدثر. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة المدثر بمكة (¬1). * {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)}. * عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: أحدثكم ما حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال: "جاورت بحراء شهراً، فلما قضيت جواري؛ نزلت فاستبطنت بطن الوادي، فنوديت؛ فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أرَ أحداً، ثم نوديت؛ فنظرت فلم أر أحداً، ثم نوديت؛ فرفعت رأسي؛ فإذا هو على العرش في الهواء؛ يعني: جبريل -عليه السلام-؛ فأخذتني رجفة شديدة، فأتيت خديجة فقلت: دثروني دثروني"؛ فصبوا عليَّ ماء؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)} (¬2). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاماً، فلما أكلوا؛ قال: ما تقولون في هذا الرجل؟ فقال بعضهم: ساحر، وقال بعضهم: ليس بساحر، وقال بعضهم: كاهن، وقال بعضهم: ليس بكاهن، وقال بعضهم: شاعر، وقال بعضهم: ليس بشاعر، وقال بعضهم: سحر يؤثر، وأجمع رأيهم على أنه سحر يؤثر، فبلغ ذلك ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 324) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والنحاس والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- مثله. (¬2) أخرجه البخاري (رقم 4، 3238، 4922، 4924، 4925، 4926، 4954، 6214)، ومسلم (رقم 161/ 255، 256، 257، 258) وغيرهما.

النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فحزن، وقنع رأسه وتدثر؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قلنا: يا رسول الله! كيف نقول إذا دخلنا في الصلاة؟ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)}؛ فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نفتتح الصلاة بالتكبير (¬2). * عن الزهري؛ قال: فتر الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فترة؛ فحزن حزناً، فجعل يعدو إلى شواهق رؤوس الجبال؛ ليتردى منها، فكلما أوفى بذروة جبل تبدّى له جبريل -عليه السلام-، فيقول: "إنك نبيء الله"؛ فيسكن جأشه وتسكن نفسه، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث عن ذلك، قال: "بينما أنا أمشي يوماً؛ إذ رأيت الملك الذي كان يأتيني بحراء على كرسي بين السماء والأرض، فجثَثْت منه رُعباً؛ فرجعت إلى خديجة، فقلت: زملوني"؛ فزملناه؛ أي: فدثرناه؛ فأنزل الله- تعالي-: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)}. قال الزهري: فكان أول شيء أنزل عليه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} حتى بلغ: {مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5] (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 102 رقم 11250) من طريق الحسن بن بشر البجلي ثنا المعافى بن عمران عن إبراهيم بن يزيد؛ قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: سمعت ابن عباس (فذكره). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 131): "رواه الطبراني؛ وفيه إبراهيم بن يزيد الخوزي وهو متروك". قلنا: وهو كما قال؛ فالحديث ضعيف جداً. وقال السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 325)، و"لباب النقول" (ص 223) -بعد زيادة نسبته لابن مردويه-: "بسند ضعيف". (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 90، 91)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 327) عن معمر عنه به. =

* {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل؛ فأتاه، فقال: يا عم! إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالاً ليعطوكه؛ فإنك أتيت محمداً تتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له أو أنك منكر أو أنك كاره له، قال: وماذا أقول؟ فوالله؛ ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجز ولا بقصيدة مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، ووالله؛ إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر؛ قال: هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره؛ فنزلت {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26)} (¬1). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: وهو مرسل صحيح، وتقدم موصولاً من حديث جابر من طريق الزهري وهو الأصح. (¬1) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 295)، والحاكم (2/ 506، 507) - =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وعنه البيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 393، 394 رقم 133)، و"دلائل النبوة" (2/ 198، 199) - من طريق إسحاق بن إبراهيم نا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السخيتاني عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ إسحاق بن إبراهيم الدبري راوية "مصنف عبد الرزاق" فيه مقال معروف، وسمع من عبد الرزاق بعدما اختلط بآخره. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وذكر البيهقي في "الدلائل" (2/ 199): أن يوسف بن يعقوب القاضي رواه عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة؛ قال: جاء الوليد بن المغيرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: اقرأ عليَّ، فقرأ عليه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل: 90] قال: أعد، فأعاد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق وما يقول هذا بشر. قلنا: وهذا أصح من الذي قبله، وحماد بن زيد من أثبت الناس في أيوب، وفيه أنه قرأ آية النحل، وهو أخصر من الذي قبله. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 98)، وعبد الرزاق في "التفسير" (2/ 328) عن معمر عن عباد بن منصور عن عكرمة: أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ عليه القرآن؛ فكانه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل؛ فأتاه فقال: أي عم! إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً، قال: ولِمَ؟ قال: ليعطوكه؛ فإنك أتيت محمداً لتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر لما قال، وأنك كاره له، قال: وماذا أقول فيه؟! فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصده، ولا بأشعار الجن مني، والله ما يشبه الذي يقول شيء من هذا، والله؛ إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى، فقال: قف، والله لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر فيه، قال: فلما فكر؛ قال: هذا سحر يؤثر؛ أي: يأثره عن غيره؛ فنزلت فيه: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)} الآيات. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22)}؛ قال: دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قحافة -رضي الله عنه- يسأله عن القرآن، فلما أخبره؛ خرج على قريش فقال: عجباً لما يقول ابن أبي كبشة؛ فوالله ما هو بشعر ولا بسحر ولا بهذي من الجنون، وإن قوله لمن كلام الله، فلما سمع بذلك النفر من قريش؛ ائتمروا وقالوا: والله لئن صبأ الوليد؛ لتصبأن قريش، فلما سمع بذلك أبو جهل؛ قال: أنا والله أكفيكم شأنه، فانطلق حتى دخل عليه بيته، فقال للوليد: ألم تر قومك قد جمعوا لك الصدقة؟ قال: ألست أكثرهم مالاً وولداً؟ فقال أبو جهل: يتحدثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة؛ لتصيب من طعامه، قال الوليد: أقد تحدثت به عشيرتي فلا يقصر عن سائر بني قصي؟ لا أقرب أبا بكر ولا عمر ولا ابن أبي كبشة، وما قوله إلا سحر يؤثر؛ فأنزل الله على نبيه: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28)} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = قلنا: وهذا مرسل ضعيف بل منكر؛ فإن رواية عباد عن عكرمة على وجه الخصوص منكرة. * ملاحظة: في "تفسير عبد الرزاق": "عن معمر عن رجل"، وهذا الرجل هو عباد؛ إذ السياق هو هو. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 330) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي نعيم في "الحلية". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 98)، وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 330، 331).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 199 - 201)، و"شعب الإيمان" (1/ 394 - 396) بسند حسن إلى ابن إسحاق ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس؛ قال: إن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش وكان ذا سن فيهم، وقد حضر المواسم، فقال: إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا؛ فأجمعوا فيه رأياً واحداً ولا تختلفوا، فيكذب بعضكم بعضاً، ويرد قول بعضكم بعضاً. فقالوا: فأنت يا أبا عبد شمس! فقل، وأقم لنا رأياً نقوم به، فقال: بل أنتم فقولوا أسمع، فقالوا: نقول كاهن، فقال: ما هو بكاهن؛ لقد رأيت الكهان فما هو بزمزمة الكهان، فقالوا نقول: مجنون، فقال: ما هو بمجنون؛ ولقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته، قالوا: فنقول شاعر، قال: ما هو بشاعر؛ قد عرفنا الشعر برجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه؛ فما هو بالشعر، قالوا: فنقول: ساحر، قال: فما هو بساحر؛ فقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثه وعقده، فقال: ما نقول يا أبا عبد شمس؟! قال: والله؛ إن لقوله حلاوة، وإن أصله لمغدق وإن فرعه لجنا، فما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول لأن تقولوا: ساحر، فتقولوا: هو ساحر يفرق بين المرء وبين أبيه، وبين المرء وبين أخيه، وبين المرء وبين زوجته، وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك فجعلوا يجلسون للناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه، وذكروا لهم من أمره؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- في الوليد بن المغيرة وذلك من قوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26)}. وأنزل الله -عزّ وجلّ- في النفر الذين كانوا معه ويصنفون له القول في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به من عند الله: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)} أي: أصنافاً {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)} [الحجر: 91، 92] أولئك النفر الذين يقولون ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن لقوا من الناس، قال: وصدرت العرب من =

* عن قتادة؛ قوله: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18)} زعموا أنه قال: والله لقد نظرت فيما قال هذا الرجل؛ فإذا هو ليس بشعر، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو وما يعلى، وما أشك أنه سحر؛ فأنزل الله فيه: {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19)} الآية {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22} قبض ما بين عينيه وكلح (¬1). [ضعيف] * وعنه -أيضاً- قال الله -تعالى ذكره-: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9)}؛ فبين الله على من يقع {عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)}، وقوله -تعالى-: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)} يقول -تعالى ذكره- لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: كِلْ يا محمد أمر الذي خلقته في بطن أمه وحيداً لا شيء له من مال ولا ولد إليّ، وذكر أنه عنى بذلك: الوليد بن المغيرة المخزومي (¬2). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: نزلت في الوليد بن المغيرة، وكذلك في الخلق كلهم: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)} (¬3). [ضعيف] * عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال: هذه الآية: {ذَرْنِي وَمَنْ ¬

_ = ذلك الموسم بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ شيخ ابن إسحاق مجهول، وهو عند الطبري في "جامع البيان" (29/ 96) باختصار. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 98): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 96) بنفس السند السابق. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 329) ونسبه لعبد بن حميد. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 96): ثنا أبو كريب ثنا وكيع عن محمد بن شريك عن ابن أبي نجيح عنه به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 329) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)}؛ أنزلت في الوليد بن المغيرة (¬1). [ضعيف جداً] * عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)}؛ قال: إن رهطاً من اليهود سألوا رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خزنة جهنم، فقال: الله ورسوله أعلم، فجاء رجل فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله -تعالى- عليه ساعتئذ: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)}؛ فأخبر أصحابه وقال: "ادعهم، أما إني سائلهم عن تربة الجنة إن أتوني، أما إنها درمكة بيضاء"؛ فجاؤوه فسألوه عن خزنة جهنم؛ فأهوى بأصابع كفيه مرتين وأمسك الإبهام في الثانية، ثم قال: "أخبروني عن تربة الجنة؟ "، فقالوا: أخبره يا ابن سلام! فقال: كأنها خبزة بيضاء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أما إن الخبز إنما يكون من الدرمك" (¬2). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: لما نزلت: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)}؛ قال رجل من قريش يدعى أبا الأشدين: يا معشر قريش! لا يهولنكم التسعة عشر، أنا أدفع عنكم بمنكبي الأيمن عشرة وبمنكبي الأيسر التسعة؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً} (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 96): ثني يونس نا ابن وهب عن عبد الرحمن به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: عبد الرحمن؛ متروك الحديث. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 473)، والبيهقي في "البعث" (ص 269 رقم 462) من طريقين عن ابن أبي زائدة ثني حريث بن أبي مطر عن عامر الشعبي عن البراء به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ حريث ضعيف؛ كما في "التقريب". قال البيهقي: "حديث ابن أبي مطر ليس بالقوي". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 332) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 333)، و"لباب النقول" (ص 224) ونسبه =

* {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31)}. * عن ابن إسحاق؛ أنه قال: قال أبو جهل يوماً: يا معشر قريش! يزعم محمد أن جنود الله الذين يعذبونكم في النار تسعة عشر، وأنتم أكثر الناس عدداً، أفيعجز مائة رجل منكم عن رجل منهم؟ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً} الآية (¬1). [ضعيف] * {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52)} * عن السدي؛ قال: قالوا: لئن كان محمد صادقاً؛ فليصبح تحت رأس كل رجل منا صحيفة فيها براءة وأمنة من النار؛ فنزلت: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله. (¬1) ذكره السيوطي في "اللباب" (ص 224). قلنا: وهذا معضل. (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 224) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

سورة القيامة

سورة القيامة. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة القيامة بمكة (¬1). * {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -عزّ وجلّ-: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)}؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه جبريل بالوحي، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} أخذه {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)}؛ قال: إن علينا أن نجمعه في صدرك، وقرآنه: فتقرأه، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)}؛ قال: فإذا أنزلناه؛ فاستمع له {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)}: علينا أن نبينه بلسانك، قال: فكان إذا أتاه جبريل؛ أطرق، فإذا ذهب؛ قرأه كما وعده الله -تعالى- (¬2). [صحيح] * وعنه -أيضاً-؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل القرآن عليه يعجل بقراءته؛ ليحفظه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ. . .} إلى ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 342) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- قال: نزلت سورة {لَا أُقْسِمُ} بمكة. (¬2) أخرجه البخاري (رقم 4927، 4928، 4929، 5044، 7524)، ومسلم (رقم 448/ 147، 148).

قوله: {قُرْآنَهُ} (¬1). [صحيح] * عن الشعبي في هذه الآية: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)}؛ قال: كان إذا نزل عليه الوحي عجل يتكلم به من حبه إياه؛ فنزل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} (¬2). [ضعيف] * {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33)}. * عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33)}؛ قال: هذا في أبي جهل متبختراً (¬3). [ضعيف جداً] * {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35)}. * عن سعيد بن جبير؛ قال: قلت لابن عباس: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34)} قَالَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنزله الله -عزّ وجلّ-؟ قال: قاله ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 481 رقم 656)، والطبري في "جامع البيان" (29/ 116، 117) من طرق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عنه به. قلنا: وسنده صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 348) ونسبه فقط لابن المنذر وابن مردويه!! (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 117): ثنا ابن المثنى ثنا ربعي بن علية ثنا داود بن أبي هند عن الشعبي به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. (¬3) أخرجه الطبري (29/ 124) من طريق ابن وهب، عن ابن زيد به. وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإعضال. الثانية: ابن زيد؛ متروك.

رسول الله ثم أنزله الله (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)} [المدثر: 30] إلى قوله: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]، فلما سمع أبو جهل بذلك؛ قال لقريش: ثكلتكم أمهاتكم، أسْمَعُ ابن أبي كبشة يخبركم: أن خزَنة النار تسعة عشر وأنتم الدّهم، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم؟ فأوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي أبا جهل فيأخذ بيده في بطحاء مكة، فيقول له: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35)}، فلما فعل ذلك به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال أبو جهل: والله لا تفعل أنت وربك شيئاً، فأخزاه الله يوم بدر (¬2). [ضعيف جداً] * عن قتادة؛ قال: في قوله: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 483 رقم 658)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 362 رقم 12298)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 510)، والواحدي في "الوسيط" (4/ 396) من طريق أبي عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 132): "رواه الطبراني ورجاله ثقات". وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 335)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 481، 482)، والطبري في "جامع البيان" (29/ 124) من طريق إسرائيل وسفيان الثوري كلاهما عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد به مرسلاً لم يذكر ابن عباس. قلنا: والوصل زيادة يجب قبولها، وأبو عوانة ثقة ثبت، ثم إن الطريق إلى سفيان الثوري عند الطبري فيها متروك وضعيف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 363) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 100) بالسند المسلسل بالعوفيين. قلنا: وسنده ضعيف جداً.

فَأَوْلَى (35)} وعيد على وعيد كما تسمعون، زعم أن هذا أنزل في عدو الله أبي جهل، ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بمجامع ثيابه، فقال: "أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى"، فقال عدو الله أبو جهل: أيوعدني محمد؟! والله ما تستطيع لي أنت ولا ربك شيئاً؛ والله لأنا أعز من مشى بين جبليها (¬1). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (29/ 124)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 482) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وأخرجه الطبري (29/ 124) من طريق عبد الرزاق -هذا- في "تفسيره" (2/ 334 - 335) - عن معمر، من قتادة به بنحوه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 363)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

سورة الإنسان

سورة الإنسان. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الإنسان بمكة (¬1). * {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)}. ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 365) ونسبه للنحاس. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت بمكة سورة {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}. وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الإنسان بالمدينة.

* عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يسأله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سَلْ واسْتَفْهِم"، فقال: يا رسول الله! فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة، أفرأيت إن آمنت بمثل ما آمنت به، وعملت مثل ما عملت به؛ إني لكائن معك في الجنة؟ قال: "نعم". ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده؛ إنه ليُرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام". ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال: لا إله إلا الله؛ كان له بها عهد عند الله، ومن قال: سبحان الله وبحمده؛ كتبت له مئة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة"، فقال رجل: كيف يهلك بعد هذا يا رسول الله؟! فقال: "إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل ولو وضع على جبل لا يقله، فتقوم النعمة من نعم الله فيكاد أن يستنفذ ذلك كله؛ إلا أن يتطاول الله برحمته"، ونزلت هذه السورة: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)} إلى قوله: {وَمُلْكًا كَبِيرًا}، قال الحبشي: وإن عيني لتريان ما ترى عيناك في الجنة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعم"؛ فاستبكى حتى فاضت نفسه، قال ابن عمر: لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدليه في حفرته بيده (¬1). [ضعيف] * عن محمد بن مطرف؛ قال: حدثني الثقة: أن رجلاً أسود كان يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التسبيح والتهليل، فقال له عمر بن الخطاب: مه؛ ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 333، 334 رقم 13595) من طريق عفيف بن سالم عن أيوب بن عتبة عن عطاء عن ابن عمر به. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 420): "رواه الطبراني؛ وفيه أيوب بن عتبة وهو ضعيف". قلنا: وهو كما قال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (28/ 365) وزاد نسبته لابن مردويه وابن عساكر.

أكثرت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "مه يا عمر! "، وأنزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}، حتى إذا أتى على ذكر الجنة؛ زفر الأسود زفرة خرجت نفسه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مات شوقاً إلى الجنة" (¬1). [ضعيف] * عن مجاهد؛ قال: لما صَدَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأسارى عن بدر؛ أنفق سبعة من المهاجرين على أسارى مشركي بدر، منهم: أبو بكر، وعمر، وعلي، والزبير، وعبد الرحمن، وسعد، وأبو عبيدة بن الجراح؛ فأنزل الله فيهم تسع عشر آية {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5)} إلى قوله: {تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18)} (¬2). [ضعيف] * عن ابن جريج في الآية؛ قال: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يأسر أهل الإِسلام، ولكنها نزلت في أسارى أهل الشرك، كانوا يأسرونهم في الفداء؛ فنزلت فيهم، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالإصلاح لهم (¬3). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ}؛ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (28/ 366) ونسبه لأحمد في "الزهد". قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، وجهالة المرسل. وذكر السيوطي أن ابن وهب أخرج عن ابن زيد؛ أنه قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه السورة: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)} وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود، فلما بلغ صفة الجنان؛ زفر زفرة فخرجت نفسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أخرج نفسَ صاحِبِكم الشوقُ إلى الجنة". قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف ابن زيد؛ فإنه متروك. (¬2) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (37/ 197). قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 371)، و"لباب النقول" (ص 225) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

قال: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). * عن عكرمة؛ قال: دخل عمر بن الخطاب على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راقد على حصير من جريد وقد أثر في جنبه؛ فبكى عمر، فقال له: "ما يبكيك؟ "، قال: ذكرت كسرى وملكه وهرمز وملكه وصاحب الحبشة وملكه، وأنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليك حصير من جريد؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما ترضى أن لهم الدنيا ولنا الآخرة"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20)} (¬2). [ضعيف] * {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24)}. * عن قتادة: أنه بلغه: أن أبا جهل يقول: لئن رأيت محمداً يصلي؛ لأطأن على عنقه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 371) ونسبه لابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 377)، و"لباب النقول" (ص 225) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬3) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 339)، والطبري في "جامع البيان" (29/ 138) عن معمر عن قتادة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. وذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 225)، و"الدر المنثور" (8/ 378) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وعبد بن حميد.

سورة المرسلات

سورة المرسلات. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة المرسلات بمكة (¬1). * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: بينما نحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غار بمنى؛ إذ نزل عليه: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1)} وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها؛ إذ وثبت علينا حية؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقتلوها"؛ فابتدرناها، فذهبت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وقيت شركم كما وقيتم شرها" (¬2). [صحيح] * {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48)}. * عن مجاهد؛ قال: نزلت في ثقيف (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 380) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. (¬2) أخرجه البخاري (رقم 1830، 3317، 4930، 4931، 4934)، ومسلم (رقم 2234). (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 388)، و"لباب النقول" (ص 226) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر والطبري وابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله، ولم نره في "جامع البيان".

سورة النبأ

سورة النبأ. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)} بمكة (¬1). * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)} بمكة (¬2). * {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)}. * عن الحسن؛ قال: لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ جعلوا يتساءلون بينهم؛ فأنزل الله: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)}؛ يعني: الخبر العظيم (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 389) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 389) ونسبه لابن مردويه. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 2): ثنا أبو كريب ثنا وكيع عن مسعر عن محمد بن جحادة عن الحسن. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، ومراسيل الحسن كالريح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 390) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

سورة النازعات

سورة النازعات. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة النازعات بمكة (¬1). * {قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12)}. * عن محمد بن كعب في قوله -تعالى-: {أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11)}؛ قال: لما نزلت هذه الآية؛ قال كفار قريش: لئن حيينا بعد الموت؛ لنحشرن؛ فنزلت: {قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12)} (¬2). [ضعيف] * {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45)}. * عن طارق بن شهاب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يزال يذكر من شأن الساعة؛ حتى نزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42)} (¬3). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 403) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال -أيضاً-: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 407) ونسبه لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر. قلنا: وهذا ضعيف؛ لإرساله. (¬3) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 490 رقم 665)، والطبري في "جامع البيان" (30/ 31)، والطبراني في "المعجم الكبير" (8/ رقم 8210) من طرق عن =

* عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم- يسأل عن الساعة؛ حتى أنزل الله -عزّ وجلّ-: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)} (¬1). [صحيح] ¬

_ = إسماعيل بن أبي خالد عن طارق به. قلنا: وهذا سند صحيح، وطارق رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمع منه وهو من صغار الصحابة، ومراسيل الصحابة حجة. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 133): "رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه". قلنا: قد جاء من غير طريق الطبراني بسند صحيح. وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 284): "وهذا إسناد جيد قوي". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 413) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 31)، والبزار في "مسنده" (3/ 78 رقم 2279 - كشف)، والحاكم (1/ 5، 2/ 513، 514)، وأبو نعيم في "الحلية" (7/ 314)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (11/ 321)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" -ومن طريقه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (4/ 151) من طرق عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة. قال البزار: "لا نعلم رواه هكذا إلا سفيان". وقال أبو نعيم: "لا أعلم رواه عن الزهري غير ابن عيينة". قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. قال الحاكم في الموضع الأول: "هذا حديث لم يخرج في "الصحيحين" وهو محفوظ على شرطهما معاً؛ وقد احتجا معاً بأحاديث ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة". وقال فى "الموضع الثاني": "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ فإن ابن عيينة كان يرسله بآخره"، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 133): "رواه البزار؛ ورجاله رجال الصحيح". وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 413) -ومن طريقه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (4/ 151) -، =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: إن مشركي أهل مكة سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: متى تقوم الساعة -استهزاء منهم-؟ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42)}؛ يعني: متى مجيئها {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43)} ما أنت من علمها يامحمد {إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)}؛ يعنى: منتهى علمها {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45)}؛ يعني: من يخشى القيامة {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا}؛ يعني: يرون القيامة {لَمْ يَلْبَثُوا} في الدنيا ولم ينعموا بشيء من نعيمها {إِلَّا عَشِيَّةً} ما بين الظهر إلى غروب الشمس {أَوْ ضُحَاهَا} ما بين طلوع الشمس إلى نصف النهار (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = وعبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 347)، وابن مردويه في "تفسيره" من طريق نعيم بن حماد ثلاثتهم (سعيد بن منصور وعبد الرزاق ونعيم بن حماد) عن ابن عُيينة به مرسلاً لم يذكر عائشة. قال أبو زرعة؛ كما في "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 68 رقم 1693): "الصحيح مرسل بلا عائشة". قلنا: لكن الذين رووه موصولاً أكثر وأثبت في ابن عيينة من غيرهم؛ كالحميدي، والوصل زيادة يجب قبولها، وما أحسن ما قاله الدارقطني في "علله"؛ كما في "تخريج الكشاف" (4/ 151): "وكان ابن عيينة أسنده مرة وأرسله أخرى"، ولعل إرساله له كان بآخره كما قال الحاكم -والله أعلم-. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 413) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬1) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 226)، وقال: وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به. قلنا: وجويبر؛ ضعيف جداً، والضحاك لم يسمع من ابن عباس. وقال فى "الدر المنثور" (8/ 413) بعد زيادة نسبته لابن مردويه: "بسند ضعيف".

سورة عبس

سورة عبس. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة عبس بمكة (¬1). * {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)}. * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: أُنزلت {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يقول: يا رسول الله! أرشدني، وعند رسول الله رجل من عظماء المشركين؛ فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعرض عنه ويقبل على الآخر، ويقول: "أترى بما تقول بأساً؟ "، فيقول: لا؛ ففي هذا أنزل (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 415) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال -أيضاً-: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله. (¬2) أخرجه الترمذي (5/ 432 رقم 3331)، والطبري في "جامع البيان" (30/ 32)، وأبو يعلى في "المسند" (8/ 261 رقم 4848)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1769 - "موارد")، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 297)، والحاكم (2/ 514) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ فقد أرسله جماعة عن هشام بن عروة"، وقال الذهبي: "وهو الصواب". وقال الحافظ العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (4/ 244): "رجاله رجال الصحيح". =

* عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- في قوله -تعالى-: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} جاء ابن أم مكتوم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يكلم أُبيّ بن خلف؛ فأعرض عنه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)}؛ قال: فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك يكرمه (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)}؛ قال: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب -وكان يتصدى لهم كثيراً ويحرص عليهم أن يؤمنوا-؛ فأقبل إليه رجل أعمى يقال له: عبد الله بن أم مكتوم، يمشي وهو يناجيهم، فجعل عبد الله يستقرئ النبي - صلى الله عليه وسلم - آية من القرآن، وقال: يا ¬

_ = قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وروى بعضهم هذا الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه قال: أنزل {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} في ابن أم مكتوم ولم يذكر فيه عن عائشة". قلنا: أخرجه مالك في "الموطأ" (1/ 203 رقم 8 - رواية يحيي)، و (1/ 105 رقم 271 - رواية أبي مصعب الزهري)، والطبري في "جامع البيان" (3/ 33) عن هشام به مرسلاً. والوصل زيادة يجب قبولها. وصححه شيخنا الألباني في "صحيح الترمذي"، و"صحيح الموارد" (1481). وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 416): أن الترمذي حسّنه. وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (4/ 156، 157) -ومن طريقه أبو يعلى في "المسند" (5/ 431، 432 رقم 3123) -: نا معمر عن قتادة؛ قال: قال لي أنس بن مالك به. قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين وصرح قتادة بالتحديث. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 33) من طريق يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس؛ قال: فذكر الشطر الأخير منه فقط. وسنده صحيح على شرطهما. =

رسول الله! علمني مما علمك الله؛ فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعبس في وجهه، وتولى وكره كلامه، وأقبل على الآخرين، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذ ينقلب إلى أهله؛ أمسك الله بعض بصره ثم خفق برأسه ثم أنزل الله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)}؛ فلما نزل فيه؛ أكرمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلمه، وقال له: "ما حاجتك؟ هل من شيء؟ "، وإذا ذهب من عنده؛ قال له: "هل لك حاجة في شيء؟ "، وذلك لما أنزل الله: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في مجلس من ناس من وجوه قريش؛ منهم: أبو جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، فيقول لهم: "أليس حسناً أن جئت بكذا وكذا؟ "، فيقولون: بلى والله، فجاء ابن أم مكتوم وهو مشتغل بهم فسأله؛ فأعرض عنه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)}؛ يعني: ابن أم مكتوم (¬2). * عن قتادة في قوله -تعالى-: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)}؛ قال: جاء ابن أم مكتوم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يكلم أُبيّ بن خلف، فأعرض عنه؛ فأنزل الله -تعالى- عليه: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)}؛ قال: فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك يكرمه (¬3). [صحيح] ¬

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 416) وزاد نسبته لعبد بن حميد. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 32، 33)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 502)، وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 416) من طريق العوفي عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 416) ونسبه لابن المنذر وابن مردويه. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 33)، وعبد الرزاق في "تفسيره" =

* عن أبي أمامة -رضي الله عنه-؛ قال: أقبل ابن أم مكتوم وهو أعمى -وهو الذي أنزلت فيه: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2)} وكان رجلاً من قريش -إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي! أنا كما تراني قد كبرت سنين ورق عظمي وذهب بصري ولي قائد لا يلائمني قياده إياي؛ فهل تجد لي من رخصة أصلي في بيتي الصلوات؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل تسمع المؤذن من البيت الذي أنت فيه؟ "، قال: نعم يا رسول الله! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أجد لك من رخصة، ولو يعلم هذا المتخلف عن الصلاة في الجماعة ما لهذا الماشي إليها؛ لأتاها ولو حبواً على يديه ورجليه" (¬1). [ضعيف جداً] * عن مجاهد؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مستخلياً بصنديد من صناديد قريش وهو يدعوه إلى الله وهو يرجو أن يسلم؛ إذ أقبل عبد الله بن أم مكتوم الأعمى، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كره مجيئه، وقال فى نفسه: "يقول ¬

_ = (2/ 348) عن معمر وسعيد كلاهما عنه به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد وقد تقدم موصولاً من حديث أنس -رضي الله عنه-. (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 224 رقم 7886) من طريق الحسين بن أبي السري العسقلاني ثنا محمد بن شعيب ثني أبو حفص القاص ثنا عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد الألهاني عن القاسم عن أبي أمامة به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: علي بن يزيد؛ متروك. الثانية: عثمان بن أبي العاتكة؛ قال فى "التقريب": "ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني". الثالثة: الحسين بن أبي السري؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 43): "رواه الطبراني في "الكبير"؛ وفيه علي بن يزيد الألهاني عن القاسم وقد ضعفهما الجمهور، واختلف في الاحتجاج بهما". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 417) وزاد نسبته لابن مردويه.

هذا القرشي إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد"؛ فعبس؛ فنزل الوحي: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} إلى آخر الآيات (¬1). [ضعيف] * {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)}. * عن عكرمة في قوله -تعالى-: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)}؛ قال: نزلت في عتبة بن أبي لهب حين قال: كفرت برب النجم إذا هوى، فدعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأخذه الأسد بطريق الشام (¬2). [ضعيف] * {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)}. * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: قالت عائشة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أنحشر عراة؟! قال: "نعم"، قالت: واسوأتاه؛ فأنزل الله -تعالى-: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)} (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 418) ونسبه لعبد بن حميد. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 419)، و"لباب النقول" (ص 227) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬3) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 297) من طريق محمد بن أحمد بن سنان حدثنا إبراهيم بن هراسة حدثنا عائذ بن شريح الكندي عن أنس به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: إبراهيم بن هراسة؛ متروك الحديث، وكذبه أبو عبيد. الثانية: عائذ بن شريح؛ ضعيف.

سورة التكوير

سورة التكوير. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1)} بمكة (¬1). * {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)}. * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: لما أنزل الله -عزّ وجلّ- على رسوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)}؛ قالوا: الأمر إلينا؛ إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 425) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير وعن عائشة مثله. (¬2) أخرجه الفريابي في "القدر" (ص 234، 235 رقم 423) -ومن طريقه البيهقي في "القدر" (ص 328) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "لباب النقول" (ص 227) من طريق بقية عن عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ بقية بن الوليد مدلس وقد عنعن. وأخرجه الفريابي (424)، والبيهقي (ص 328) من طريق محمد بن مصفى ثنا بقية ثني عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبي هريرة. قلنا: وهذا منقطع؛ لأن زيد بن أسلم لم يسمع من أبي هريرة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 436) وزاد نسبته لابن مردويه.

* عن سليمان بن موسى؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)}؛ قال أبو جهل: الأمر إلينا؛ إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} (¬1). [ضعيف] * عن القاسم بن مخيمرة؛ قال: لما نزلت: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)}؛ قال أبو جهل: أرى الأمر إلينا، قال: فنزلت: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 53، 54)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 298)، و"الوسيط" (4/ 432)، وابن بطة في "الإبانة" (رقم 1897). قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 436) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وعبد بن حميد. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 353) عن ابن المبارك عن الأوزاعي عن سليمان بن موسى عن القاسم بن مخيمرة به. قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 436) وزاد نسبته لابن المنذر.

سورة الانفطار

سورة الانفطار. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1)} بمكة (¬1). * {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)}. * عن عكرمة؛ قال: أنزلت في أُبيّ بن خلف (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 437) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله. (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 227) ونسبه لابن أبي حاتم، وذكره في "الدر المنثور" (8/ 439) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

سورة المطففين

سورة المطففين. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة المطففين بمكة (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أول ما نزلت بالمدينة {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)} (¬2). * {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: لما قدم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فكانوا من أخبث الناس كيلاً؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)}؛ فحسنوا الكيل بعد ذلك (¬3). [حسن] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 441) ونسبه للنحاس وابن مردويه. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله. وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس؛ قال: آخر ما أنزل بمكة سورة المطففين. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 441) ونسبه لابن مردويه والبيهقي. (¬3) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 502 رقم 674)، وابن ماجه (رقم 2223)، والطبري في "جامع البيان" (30/ 58)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1770 - "موارد")، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 294 رقم 12041)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 298)، و"الوسيط" (4/ 440)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 33)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/ 32)، وفي "شعب الإيمان" (4/ 327 رقم 5286)، والبغوي في "معالم التنزيل" (8/ 361) كلهم من طريق حسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن. =

سورة الانشقاق

سورة الانشقاق. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} بمكة (¬1). ¬

_ = قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 228)، و"الدر المنثور" (8/ 441) -وزاد نسبته لابن مردويه-: "بسند صحيح". (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 454) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال -أيضاً-: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.

سورة البروج

سورة البروج. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)} بمكة (¬1). * {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)}. * عن علي بن أبي طالب؛ قال: كان المجوس أهل كتاب، وكانوا مستمسكين بكتابهم، وكانت الخمر قد أحلت لهم، فتناول منها ملك من ملوكهم؛ فغلبته على عقله، فتناول أخته أو ابنته فوقع عليها، فلما ذهب عنه السكر؛ ندم، وقال لها: ويحك ما هذا الذي أتيت؟ وما المخرج منه؟ قالت: المخرج منه أن تخطب الناس فتقول: أيها الناس! إن الله قد أحل لكم نكاح الأخوات والبنات، فإذا ذهب ذا في الناس وتناسوه؛ خطبتهم فحرمته، فقام خطيباً فقال: يا أيها الناس! إن الله أحل لكم نكاح الأخوات أو البنات، فقال الناس جماعتهم: معاذ الله أن نؤمن بهذا أو نقرّ به، أو جاءنا به نبي، أو نزل علينا في كتاب، فرجع إلى صاحبته فقال: ويحك إن الناس قد أبوا عليّ ذلك، قالت: إذا أبوا عليك ذلك؛ فابسط فيهم السوط، فبسط فيهم السوط؛ فأبوا أن يقروا؛ فرجع إليها، فقال: قد بسطت فيهم السوط فأبوا أن يقروا، قالت: فجرّدْ فيهم السيف، فَجَرَّدَ فيهم السيف، فأبوا أن يقروا، قالت: خدّ لهم الأخدود، ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 461) ونسبه لابن الضريس والنحاس والبيهقي وابن مردويه.

ثم أوقد فيه النيران؛ فمن تابعك؛ فخلّ عنه، فخدّ لهم أخدوداً وأوقد فيه النيران، وعرض أهل مملكته على ذلك، فمن أبى؛ قذفه في النار، ومن لم يأب؛ خلّى عنه؛ فأنزل الله فيهم: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)} إلى قوله: {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} (¬1). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 467) ونسبه لعبد بن حميد.

سورة الطارق

سورة الطارق. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)} بمكة (¬1). * {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5)}. * عن عكرمة في قوله: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5)}؛ قال: نزلت في أبي الأشدين، كان يقوم على الأديم فيقول: يا معشر قريش! من أزالني عنه؛ فله كذا وكذا، ويقول: إن محمداً يزعم أن خزنة جهنم تسعة عشر؛ فأنا أكفيكم وحدي عشرة، واكفوني أنتم تسعة (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 473) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي. (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 228)، و"الدر المنثور" (8/ 474، 475) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهذا ضعيف؛ لإرساله.

سورة الأعلى

سورة الأعلى. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} بمكة (¬1). * {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}. * عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما-؛ قال: كان أول من قدم علينا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، ثم قدم علينا عمار وسعد وبلال، ثم قدم عثمان في عشرين، ثم قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما رأينا أهل المدينة فرحوا بشيء؛ فرحهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما قدم حتى نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} وسورة من المفصل (¬2). [صحيح] * عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قلنا: يا رسول الله! كيف نقول في سجودنا؛ فأنزل الله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}؛ فأمرنا أن نقول في سجودنا: "سبحان ربي الأعلى" (¬3). [موضوع] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 478) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير؛ قال: أنزلت سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} بمكة. (¬2) أخرجه البخاري (رقم 3924، 3925، 4941، 4995)، والنسائي في "تفسيره" (2/ 516، 517 رقم 686)، وهذا لفظ النسائي. (¬3) أخرجه الواحدي في "الوسيط" (4/ 469) من طريق إبراهيم بن الهيثم الزهري نا آدم نا محمد بن الفضل عن زيد العمي عن مرة الهمداني عنه به. =

* {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه جبريل بالوحي؛ لم يفرغ جبريل من الوحي حتى يزمل من ثقل الوحي، حتى يتكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأوله؛ مخافة أن يغشى قلبه فينسى، فقال له جبريل: "لِمَ تفعل ذلك؟ قال: مخافة أن أنسى"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)} (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ = قلنا: وهذا كذب موضوع؛ محمد بن الفضل كذاب، وزيد العمي ضعيف. (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 94 رقم 12649) من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: جويبر؛ ضعيف جداً. الثانية: الضحاك لم يسمع من ابن عباس. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 136): "رواه الطبراني؛ وفيه جويبر وهو ضعيف". وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 228): "في إسناده جويبر؛ ضعيف جداً". وزاد نسبته في "الدر المنثور" (8/ 483) لابن مردويه.

سورة الغاشية

سورة الغاشية. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الغاشية بمكة (¬1). * {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)}. * عن قتادة؛ قال: لما نعت الله ما في الجنة؛ عجب من ذلك أهل الضلالة؛ فأنزل الله: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)} فكانت الإبل من عيش العرب ومن خولهم (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 490) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 105): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 494)، و"لباب النقول" (ص 228) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

سورة الفجر

سورة الفجر. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {وَالْفَجْرِ (1)} بمكة (¬1). * {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من يشتري بئر رومة نستعذب بها؛ غفر الله له؟ "؛ فاشتراها عثمان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل لك أن تجعلها سقاية للناس؟ "، قال: نعم؛ فأنزل الله -تعالى- في عثمان: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)} الآية (¬2). [ضعيف جداً] * عن بريدة في قوله -تعالى-: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)}؛ قال: نزلت في حمزة (¬3). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 497) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال -أيضاً-: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت {وَالْفَجْرِ (1)} بمكة. وأخرج عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: أنزلت سورة {وَالْفَجْرِ (1)} بمكة. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 513)، و"لباب النقول" (ص 229) وقال: "وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به". قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: جويبر؛ متروك. الثانية: الضحاك لم يسمع من ابن عباس. (¬3) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 228، 229)، و"الدر المنثور" (8/ 514) =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)}؛ قال: نزلت في عثمان بن عفان -رضي الله عنه- (¬1). ¬

_ = ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 513، 514) ونسبه لابن مردويه.

سورة البلد

سورة البلد. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)} بمكة (¬1). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 516) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- مثله.

سورة الشمس

سورة الشمس. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} بمكة (¬1). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 827) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- مثله.

سورة الليل

سورة الليل. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)} وبمكة (¬1). * {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)}. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن رجلاً كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال، فكان الرجل إذا جاء فدخل الدار فصعد إلى النخلة ليأخذ منها الثمرة؛ فربما تقع ثمرة فيأخذها صبيان الفقير، فينزل من نخلته، فيأخذ الثمرة؛ من أيديهم، وإن وجدها في فم أحدهم؛ أدخل أصبعه حتى يخرج الثمرة من فيه، فشكا ذلك الرجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "اذهب"، ولقي النبي - صلى الله عليه وسلم - صاحب النخلة، فقال له: "أعطني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان، ولك بها نخلة في الجنة"، فقال له الرجل: لقد أعطيت وإن لي لنخلاً كثيراً وما فيه نخل أعجب إليّ ثمرة منها، ثم ذهب الرجل ولقي رجلاً كان يسمع الكلام من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصاحب النخلة، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أعطني ما أعطيت الرجل إن أنا أخذتها، قال: "نعم"، فذهب الرجل فلقي صاحب النخلة ولكليهما نخل، فقال له صاحب النخلة: أشعر أن محمداً أعطاني بنخلتي المائلة إلى دار فلان نخلة في الجنة، فقلت: لقد أعطيت، ولكن يعجبني ثمرها، ولي نخل كثير ما فيه ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 532) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

نخلة أعجب إليّ ثمرة منها، فقال له الآخر: أتريد بيعها؟ فقال: لا؛ إلا أن أعطى بها ما أريد، ولا أظن أعطى، قال: فكم تؤمل فيها؟ قال: أربعين نخلة، فقال له الرجل: لقد جئت بأمر عظيم تطلب بنخلتك المائلة أربعين نخلة. ثم سكت عنه فقال: أنا أعطيك أربعين نخلة، فقال له: أشهد إن كنت صادقاً، فأشهد له بأربعين نخلة بنخلته المائلة، فمكث ثَمَّ ساعة، قال: ليس بيني وبينك بيع لم نفترق، فقال له الرجل: ولست باحق حين أعطيتك أربعين نخلة بنخلتك المائلة، فقال له: أعطيك على أن تعطيتي كما أريد تعطينيها على ساق، فسكت عنه، ثم قال: هي لك على ساق، قال: ثم ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: يا رسول الله! إن النخلة قد صارت لي؛ فهي لك، فذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى صاحب الدار فقال: "النخلة لك ولعيالك"؛ فأنزل الله: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)} إلى آخر السورة (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: إني لأقول: هذه السورة نزلت في السماحة والبخل (¬2). * {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي ¬

_ (¬1) أخرجه الحافظ ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 555)، والواحدي في "الوسيط" (4/ 502)، و"أسباب النزول" (ص 229) من طريق حفص بن عمر العدني ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه حفص وهو ضعيف؛ كما في "التقريب". قال الحافظ ابن كثير: "هكذا رواه ابن أبي حاتم وهو حديث غريب جداً". اهـ. وقال السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 532): "بسند ضعيف". (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 533) ونسبه لابن مردويه.

مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)}. * عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- (¬1). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه البزار في "البحر الزخار" (6/ 168 رقم 2209)، والآجرّيُّ في "الشريعة" (3/ 53، 54 رقم 1350)، والطبري في "جامع البيان" (30/ 146)، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 3 - قطعة من المجلد 13)، وابن عدي في "الكامل" (6/ 2359)، والواحدي في "الوسيط" (4/ 505، 506) من طريق مصعب بن ثابت عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه به. قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم له طريقاً عن ابن الزبير إلا هذا الطريق، ولا نعلم رواه إلا بشر عن مصعب بن ثابت". قلنا: وسنده ضعيف؛ لضعف مصعب بن ثابت. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 138): "رواه البزار؛ وفيه مصعب بن ثابت وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، وشيخ البزار لم يسمعه". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 538) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر. وأخرجه أحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة" (1/ 95 - 97 رقم 66)، وابنه عبد الله في "زوائد الفضائل" (1/ 237 رقم 291) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 300، 301) -، والحاكم (2/ 525) من طريق ابن إسحاق حدثني محمد بن عبد الله بن أبي عتيق عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه به. قلنا: وهذا إسناد حسن. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. قلنا: لم يخرج مسلم لابن إسحاق إلا متابعة. (تنبيه): في "الفضائل"، والواحدي وقع اسم والد عامر بن عبد الله مبهماً [عن بعض أهله] وصرح به عند الحاكم. وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 142): ثني هارون بن إدريس الأصم ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن عبيد الله بن عبد الرحمن عن عامر بن عبد الله بن الزبير؛ قال: كان أبو بكر =

* عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: إن أبا بكر -رضي الله عنه- اشترى بلالاً من أمية بن خلف ببُردة وعشر أواق، فأعتقه لله -عزّ وجلّ-؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)}؛ يعني: سعي أبي بكر -رضي الله عنه-، وأمية، وأُبيّ، {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)} بلا إله إلا الله؛ يعني: أبا بكر {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)}؛ قال: الجنة، {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)} بلا إله إلا الله؛ يعني: أمية وأُبياً {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)}؛ قال: النار {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)}؛ قال: إذا مات {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16)} يعني: أمية وأُبياً {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18)}؛ يعني: أبا بكر {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19)} قال: لم يصنع ذلك أبو بكر ليد كانت منه إليه، فيكافئه بها {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)} (¬1). [ضعيف] ¬

_ = الصديق يعتق على الإسلام بمكة، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال له أبوه: أي بنيّ! أراك تعتق أناساً ضعفاء، فلو أنك أعتقت رجالاً جلداً يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك، فقال: أي أبت! إنما أريد -أظنه قال-: ما عند الله، قال: فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية أنزلت فيه: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)}، وقوله: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)}، يقول: فسنهيئه لخلة اليسرى وهي العمل بما يرضاه الله منه في الدنيا؛ ليوجب له به في الآخرة الجنة. قلنا: وهذا مع إرساله ضعيف، ابن إسحاق؛ مدلس وقد عنعن. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 535) وزاد نسبته لابن عساكر. (¬1) أخرجه الآجريُّ في "الشريعة" (3/ 54 رقم 1351)، وأبو الشيخ؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 534) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص300)، و"الوسيط" (4/ 502، 503) - من طريق منصور بن أبي مزاحم نا ابن أبي الوضاح عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق السبيعي عن ابن مسعود به. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)}؛ قال أبو بكر الصديق: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)}؛ قال: أبو سفيان بن حرب (¬1). [موضوع] * عن عروة: أن أبا بكر الصديق أعتق سبعة كلهم يعذب في الله: بلال، وعامر بن فهيرة، والنهدية وابنتها، وزنيرة وأم عيسى، وأمة بني المؤمل، وفيه نزلت: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)} إلى آخر السورة (¬2). [ضعيف] * عن قتادة في قوله -تعالى-: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19)}؛ قال: نزلت في أبي بكر؛ أعتق ناساً لم يلتمس منهم جزاء ولا شكوراً ستة أو سبعة؛ منهم: بلال، وعامر بن فهيرة (¬3). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)}؛ قال: هو أبو بكر الصديق (¬4). ¬

_ = قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه بين أبي إسحاق وابن مسعود. وقد وقع خطأ في سند الواحدي في "أسباب النزول": ففيه ابن إسحاق وهو خطأ، والصواب: (أبي إسحاق). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن عساكر. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 536) وقال: "وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به". قلنا: وهذا موضوع؛ الكلبي كذاب، وشيخه -أيضاً- متهم بالكذب. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 537)، و"لباب النقول" (ص230) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 146): ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا محمد بن ثور عن معمر عن سعيد عن قتادة. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، وجاء في "الدر المنثور" (8/ 538) عن سعيد لم يذكر قتادة. (¬4) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 538) ونسبه لابن مردويه.

سورة الضحى

سورة الضحى. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة الضحى بمكة (¬1). * {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)}. * عن جندب البجلي -رضي الله عنه-؛ قال: احتبس جبريل -عليه السلام- على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالت امرأة من قريش: أبطأ عليه شيطانه؛ فنزلت: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 539) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. (¬2) أخرجه البخاري (رقم 1124، 1125، 4950، 4951، 4983)، ومسلم (رقم 1797). وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 148)، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/ 173 رقم 1712) من طريق سفيان عن الأسود بن قيس عن جندب؛ قال: أبطأ جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال المشركون: قد ودع محمد؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ- على رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)}. قلنا: وهذا سند صحيح على شرطهما، وقد أخرجاه بنحو هذا السياق كما تقدم، وهذا اللفظ فيه بعض اختلاف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 540) وزاد نسبته للفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه. =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: عرض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما هو مفتوح على أمته من بعده كفراً كفراً، فسُرَّ بذلك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)}؛ فأعطاه الله في الجنة ألف قصر، في كل قصر ما ينبغي له من الولدان والخدم (¬1). [صحيح] ¬

_ = وأخرج الطبراني (2/ 173رقم 1709) بسند صحيح عن شعبة عن الأسود بن قيس عن جندب؛ قال: اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتته امرأة فقالت: يا محمد! ما أرى شيطانك إلا قد تركك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}. قلنا: وهذا إسناد صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذا السياق. وأخرج الترمذي في "جامعه" (5/ 442 رقم 3345)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 558) من طريق ابن أبي عمر وأبي أسامة كلاهما عن سفيان بن عيينة ثني الأسود بن قيس عن جندب؛ قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غار فدميت أصبعه؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل أنت إلا إصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت"، قال: فأبطأ عليه جبريل -عليه السلام-، فقال المشركون: قد ودع محمد؛ فأنزل الله -تعالى-: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". قلنا: وسنده صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح، وقد أخرجاه بغير هذا السياق. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 149)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 558)، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 277 رقم 10650)، و"الأوسط" (3/ 297 رقم 3209)، والحاكم (2/ 526)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (7/ 61)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 302)، و"الوسيط" (4/ 509)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/ 212) من ثلاثة طرق عن الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله المخزومي عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه به. قلنا: وهذا حديث صحيح رجاله ثقات. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله: "تفرد به عصام بن رواد عن أبيه وقد ضعف". =

* عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه-؛ قال: لما نزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} إلى {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)} [المسد: 4، 5]؛ قال: فقيل لامرأة أبي لهب: إن محمداً قد هجاك؛ فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في الملأ، فقالت: يا محمد! على ما تهجوني؟ قال: فقال: "والله ما هجوتك، ما هجاك إلا الله"، قال: فقالت: هل رأيتني أحمل حطباً أو رأيت في جيدي حبلاً من مسد، ثم انطلقت فمكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أياماً لا ينزل عليه؛ فأتته فقالت: يا محمد! ما أرى صاحبك إلا قد ودعك وقلاك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} (¬1). [ضعيف] ¬

_ = قلنا: كذا قال، بل تابعه محمد بن خلف السري عند الطبري والواحدي، وتوبع أيضاً عند من ذكرنا. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 139): "وإسناد "الكبير" حسن". قلنا: هو نفس إسناد "الأوسط"؛ فلا داعي لتخصيص "الكبير" دون "الأوسط"، ولكن بالمتابعات التي ذكرنا يصح الحديث، نعم؛ طريق الطبراني حسن؛ لكن يصح بمتابعاته. وقال الحافظ ابن كثير: "إسناده صحيح"، وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 231): "إسناده حسن". وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 179، 180 رقم 572) من طريق معاوية بن أبي العباس عن إسماعيل بنحوه. قال الهيثمي في "المجمع" (7/ 139): "وفيه معاوية بن أبي العباس ولم أعرفه". قلنا: لا يضر هذا؛ فقد تابعه الأوزاعي كما تقدم. (¬1) أخرجه الحاكم (2/ 526) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق السبيعي عن زيد به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ مداره على أبي إسحاق وهو مدلس وقد عنعن ثم هو قد اختلط وإسرائيل روى عنه بعد الاختلاط. قال الحاكم: "هذا إسناد صحيح كما حدثناه هذا الشيخ إلا أني وجدت لهُ علة". =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}؛ قال: لما نزل عليه القرآن؛ أبطأ عنه جبريل أياماً؛ فعيّر بذلك، فقال المشركون: ودعه ربه وقلاه؛ فأنزل الله: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن خولة خادم رسول الله: أن جرواً دخل البيت، ودخل تحت السرير ومات، فمكث نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أياماً لا ينزل عليه الوحي، فقال: "يا خولة! ما حدث في بيت رسول الله؛ جبريل لا يأتيني؟ فهل حدث في بيت رسول الله حدث؟ "، فقلت: والله ما أتى علينا يوم خير من يومنا، فأخذ برده فلبسه وخرج، فقلت: لو هيأت البيت وكنسته، فأهويت بالمكنسة تحت السرير؛ فإذا شيء ثقيل فلم أزل حتى أخرجته، فإذا بجرو ميت فأخذته بيدي، فألقيته خلف الدار فجاء نبي الله ترعد لحيته وكان إذا أتاه الوحي؛ أخذته الرعدة، فقال: "يا خولة! دثريني"؛ فأنزل الله: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ = ثم ساقه بإسناده هذا فجعله عن يزيد بن زيد لا زيد بن أرقم. قلنا: ومع ما فيه -كما تقدم- من علة؛ فهو مرسل -أيضاً-. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 148)، وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 541) من طريق العوفي عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. وقال الحافظ في "فتح الباري" (8/ 710): "لا يثبت". (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية" (9/ 74 رقم 4180)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 198 رقم 7894)، والطبراني في "المعجم الكبير" (24/ 196، 197رقم 636)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 302)، و"الوسيط" (4/ 508) عن أبي نعيم ثنا حفص بن سعيد القرشي تثني أمي عن أمها -وكانت خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -- به. قال الهيثمي في "مجمع "الزوائد" (7/ 138): "رواه الطبراني؛ وأم حفص لم أعرفها". =

* عن عبد الله بن شداد: أن خديجة قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أرى ربك إلا قد قلاك؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} (¬1). [منكر] * عن عروة؛ قال: أبطأ جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فجزع جزعاً شديداً، وقالت خديجة: أرى ربك قد قلاك مما نرى من جزعك، قال: فنزلت: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} إلى آخرها (¬2). [منكر] ¬

_ = وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (4/ 1834): "وليس إسناد حديثها في ذلك مما يحتج به". وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة": "هذا إسناد ضعيف". وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 230): "بسند فيه من لا يعرف"، وزاد نسبته في "الدر المنثور" (8/ 541) لابن مردويه. وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/ 710): "ووجدت الآن في الطبراني بإسناد فيه من لا يعرف. . "، ثم قال: "وقصة إبطاء جبريل بسبب كون الكلب تحت سريره مشهورة؛ لكن كونها سبب نزول هذه الآية غريب بل شاذ مردود بما في "الصحيح" - والله أعلم-". (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 148، 162): ثنا ابن أبي الشوارب ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا سليمان الشيباني عن عبد الله به. وسنده ضعيف؛ لإرساله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 148)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 302) - من طريق وكيع وأبي معاوية كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/ 711): "وهذان طريقان مرسلان ورواتهما ثقات". وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 558): "فإنه حديث مرسل من هذين الوجهين، ولعل ذكر خديجة ليس محفوظاً أو قالته على وجه التأسف =

* عن خديجة -رضي الله عنها-؛ قالت: لما أبطأ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي؛ جزع من ذك جزعاً شديداً، فقلت -مما رأيت من جزعه-: لقد قلاك ربك؛ لما يُرى من جزعك؛ فأنزل الله -تعالى-: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} (¬1). [منكر] * عن قتادة: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}؛ قال: إن جبريل -عليه السلام- أبطأ عليه بالوحي؛ فقال ناس من الناس وهم يومئذ بمكة: ما نرى صاحبك إلا قد قلاك فودعك؛ فأنزل الله -تعالى- ما تسمع: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} (¬2). [ضعيف] * عن الضحاك في قوله -تعالى-: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}؛ قال: أبطأ عليه جبريل؛ فقال المشركون: قد قلاه ربه وودعه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ = والحزن -والله أعلم-". ا. هـ. قال الحافظ ابن حجر: "فالذي يظهر أن كلّاً من أم جميل وخديجة قالت ذلك لكن أم جميل قالته شماتة، وخديجة قالته توجعاً". (¬1) أخرجه الحاكم (2/ 610، 611) -وعنه البيهقي في "الدلائل" (7/ 60) -من طريق يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه عن خديجة به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه؛ لإرسال فيه"، ووافقه الذهبي. قال البيهقي: "في هذا الإسناد إنقطاع فإن صح؛ فقول خديجة يكون على طريق السؤال أو الاهتمام به". قلنا: لا يصح، ولا يجوز التأويل؛ لأنه فرع التصحيح؛ فتنبه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 541) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 148) من طريق معمر وسعيد بن أبي عروبة كلاهما عنه به. قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 148). =

* عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فاطمة وهي تطحن بالرحى وعليها كساء من حملة الإبل، فلما نظر إليها؛ قال: "يا فاطمة! تعجلي فتجرعي مرارة الدنيا؛ لنعيم الآخرة غداً"؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)} (¬1). * عن عكرمة؛ قال: لما نزلت: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)}؛ قال العباس بن عبد المطلب: لا يدع الله نبيه فيكم إلا قليلاً لما هو خير له (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سألت ربي شيئاً وددت أني لم أكن سألته، قلت: يا رب! كل الأنبياء؛ فذكر سليمان بالريح، وذكر موسى؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6)} (¬3). ¬

_ = قلنا: وسنده ضعيف جداً. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 543) ونسبه للعسكري في "مواعظه"، وابن مردويه وابن لال وابن النجار. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 543) ونسبه لابن مردويه. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 544) ونسبه لابن مردويه.

سورة الشرح

سورة الشرح. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)} بمكة (¬1). * {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)}. * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالساً ينظر إلى جحر بحيال وجهه، فقال: "لو جاءت العسرة حتى تدخل هذا الجحر؛ لجاءت اليُسرة حتى تخرجه"؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى-؛ {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5)} (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 547) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وأخرج ابن مردويه عن عائشة -رضي الله عنها- مثله. وأخرج عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- مثله. (¬2) أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 81 رقم 2288 - "كشف")، وابن عدي في "الكامل" (2/ 694)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 561)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 145 رقم 1525)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 107)، والحاكم (2/ 255)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 206 رقم 10012)، وابن النجار؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 550) من طريق حميد بن حماد ثنا عائذ بن شريح؛ قال: سمعت أنس به. قال البزار: "لا نعلم رواه عن أنس إلا عائذ". وقال الطبراني: "لم يروه عن أنس إلا عائذ". وقال البيهقي: "تفرد به حميد". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال ابن عدي: "لا أعلم يرويه عن عائذ بن شريح غير حميد بن حماد"، كذا في المطبوع. وفي المخطوط (ق 80/ 2)؛ كما في "الضعيفة" (3/ 593): "لا أعلم يرويه عن عائذ غير حميد بن حماد وهو يحدث عن الثقات بالمناكير وهو على قلة حديثه لا يتابع عليه". وقال الحاكم: "حديث عجيب، غير أن الشيخين لم يحتجا بعائذ بن شريح"، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: تفرد به حميد بن حماد عن عائذ، وحميد منكر الحديث كعائذ". وقال الحافظ ابن كثير بعد أن ذكر مقالة البزار السابقة: "قلت: وقد قال فيه -يعني: عائذاً- أبو حاتم الرازي: في حديثه ضعف". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 139): "رواه الطبراني في "الأوسط" والبزار؛ وفيه عائذ بن شريح وهو ضعيف". وقال شيخنا الألباني في "الضعيفة" (3/ 593 رقم 1403): "ضعيف جداً". وهو كما قال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 550) وزاد نسبته لابن مردويه. وأخرج الطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 70 رقم 9977) من طريق يزيد بن هارون أنا أبو مالك النخعي عن أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو كان العسر في جحر؛ لدخل عليه اليسر حتى يخرجه"، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)}. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: أبو مالك النخعي؛ متروك؛ كما قال الحافظ. الثانية: أبو حمزة؛ ضعيف. وضعفه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 139) بالأول، ووقع فيه تحريف يحرر من هنا، وضعفه -أيضاً- السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 550) بعد أن زاد نسبته لابن مردويه. وكذا ضعفه جداً شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني -رحمه الله- في "الضعيفة" (3/ 593). وفي الباب عن ابن مسعود والحسن لكن ليس فيها التصريح بسبب النزول. =

* عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن ثلثمائة أو يزيدون، علينا أبو عبيدة بن الجراح، ليس معنا من الحمولة إلا ما نركب، فزوّدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرابين من تمر، فقال بعضنا لبعض: قد علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أين تريدون، وقد علمتم ما معكم من الزاد؛ فلو رجعتم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فسألتموه أن يزودكم، فرجعنا إليه، فقال: "إني قد عرفت الذي جئتم له، ولو كان عندي غير الذي زودتكم لزودتكموه"؛ فانصرفنا، ونزلت: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)}؛ فأرسل نبي الله إلى بعضنا فدعاه، فقال: "أبشروا؛ فإن الله قد أوحى إليّ: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)} ولن يغلب عسر يسرين" (¬1). ¬

_ = انظر: "تفسير القرآن العظيم" (4/ 561، 562)، و"الدر المنثور" (8/ 551) وغيرها. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 550) ونسبه لابن مردويه.

سورة التين

سورة التين. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت سورة {وَالتِّينِ} بمكة (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {وَالتِّينِ}؛ قال: مسجد نوح الذي بني بأعلى الجودي، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قال: بيت المقدس {وَطُورِ سِينِينَ (2)}؛ قال: مسجد الطور {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)}؛ قال: مكة {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)} يقول: يرد إلى أرذل العمر، كبر حتى ذهب عقله، هم نفر كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تسفهت عقولهم؛ فأنزل الله عذرهم: أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)} يقول: بحكم الله (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 553) ونسبه لابن الضريس والنحاس والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- مثله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 156)، وابن أبي حاتم وابن مردويه في "تفسيرهما"؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 554) من طريق العوفي عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

سورة العلق

سورة العلق. * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ أنها قالت: كان أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه (وفي رواية: فجئه) الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه؛ فقال: "اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني؛ حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية؛ حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} الآيات"، فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، فقال: "زملوني زملوني"؛ فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: ما لي؟ وأخبرها الخبر، وقال: "لقد خشيت على نفسي"، فقالت له خديجة: كلا، والله ما يخزيك الله أبداً؛ فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحقّ، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي -وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، وكان امرءاً قد تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما

شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي-، فقالت له خديجة: يا ابن عم! اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي! ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جَذَعاً، ليتني أكون حياً؛ إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أوَ مخرجي هم؟ " قال: نعم؛ لم يأتِ رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي -وفي رواية: أوذي- وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي (¬1). [صحيح] * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: إن أول ما نزل من القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} (¬2). [صحيح] * عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي: أنه سمع بعض علمائهم يقول: كان أول ما أنزل الله -عزّ وجلّ- في نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} إلى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}؛ فقالوا: هذا صدرها الذي أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حراء، ثم أنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري (رقم 3)، ومسلم (رقم 160). (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 162)، والحاكم (2/ 220، 221 رقم 529)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 155) من طرق عن سفيان بن عيينة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن إسحاق مدلس وقد عنعن. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقلنا: وقد وهما في هذا؛ فإن مسلماً لم يخرج له في الأصول بل في المتابعات والشواهد. وقال البيهقي: "هذا إسناد صحيح". قلنا: وأين ذهبت عنعنة ابن إسحاق؟! لكن الحديث صحيح بما قبله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 561) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬3) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 157) من طريق يعقوب بن سفيان ثنا =

* عن الزهري في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} [المدثر: 1]؛ قال: فتر الوحي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فترة، قال: وكان أول شيء أنزل عليه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} حتى بلغ {مَا لَمْ يَعْلَمْ}، فلما فتر عنه الوحي؛ حزن حزناً شديداً؛ حتى جعل يغدو مراراً إلى رؤوس شواهق الجبال ليتردى منها، فكلما أوفى بذروة جبل؛ تبدّى له جبريل، فيقول: "إنك نبي الله حقاً"؛ فيسكن بذلك جأشه وترجع إليه نفسه (¬1). [ضعيف] * عن أبي رجاء العطاردي؛ قال: أخذت من أبي موسى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} وهي أول سورة أنزلت على محمد - صلى الله عليه وسلم -. وفي رواية قال: كان أبو موسى الأشعري يطوف علينا في هذا المسجد مسجد البصرة يقعد حلقاً، فكأني أنظر إليه بين بردين أبيضين يقرئني القرآن ومنه أخذت هذه السورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}، قال أبو رجاء: فكانت أول سورة أنزلت على محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). [صحيح] ¬

_ = أبو صالح ثني الليث بن سعد ثني عقيل عن الزهري عن محمد به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وأما ما يخشى من ضعف أبي صالح عبد الله بن صالح؛ فإن الراوي عنه هو الفسوي، وهو من أهل الحذق والدراية؛ فهي من صحيح حديث عبد الله. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 327) والبخاري في "صحيحه" (12) عن معمر عن الزهري به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال الصحيح. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (10/ 542 رقم 10269، 14/ 88 رقم 17664)، والطبري في "جامع البيان" (30/ 162)، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 256، 257)، والحاكم (2/ 220) من طرق عن قرة بن خالد عن أبي رجاء به. قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات؛ لكنه مرسل، يوضح هذا الرواية الأخرى التي ذكرنا، لكن تقدم له شاهد من حديث عائشة؛ فالحديث بمجموعهما حسن -إن شاء الله- على أقل الأحوال، وسيأتي له شاهدان =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أول ما نزل من القرآن بمكة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} (¬1). [صحيح لغيره] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أول شيء أنزل من القرآن خمس آيات: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} إلى قوله {مَا لَمْ يَعْلَمْ} (¬2). * عن مجاهد؛ قال: أول ما نزل من القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} ثم: {ن} (¬3). [صحيح لغيره] * عن عبيد بن عمير؛ قال: أول سورة أنزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} (¬4). [صحيح لغيره] ¬

_ = مرسلان عن مجاهد وعبيد بن عمير. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قلنا: لكنه مرسل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 560) وزاد نسبته لابن الضريس وابن الأنباري في "المصاحف" والطبراني وابن مردويه. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه. قلنا: أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (7/ 143، 144) من طريق عبد العزيز بن عبد الرحمن ثنا خصيف عن مجاهد عن ابن عباس. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: خصيف؛ ضعيف. الثانية: وعبد العزيز هذا؛ ضعيف -أيضاً-. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 562) ونسبه لابن المنذر وابن مردويه. (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (10/ 541 رقم 10266، 14/ 88 رقم 17665)، والطبري في "جامع البيان" (30/ 162، 163) من طرق عن الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 562) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬4) أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 541 رقم 10268، 14/ 88 رقم 17662، =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أول سورة أنزلت على محمد: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} (¬1). * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: كان أول ما نزل عليه بعد {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} {ن وَالْقَلَمِ} و {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} و {وَالضُّحَى (1)} (¬2). * عن عطاء بن يسار؛ قال: أول سورة نزلت من القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} (¬3). [ضعيف جداً] * {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)}. * عن عبد الله بن عباس -رضى الله عنهما-؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فجاء أبو جهل؛ فقال: ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - فزبره، فقال أبو جهل: إنك لتعلم ما بها نادٍ أكثر مني؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)}؛ فقال ابن عباس: فوالله ¬

_ = 17663)، والطبري في "جامع البيان" (30/ 162) عن شعبة، وعبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 385) عن ابن عيينة، كلاهما (شعبة، وابن عيينة)، عن عمرو بن دينار، عن عبيد به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 562) ونسبه لابن المنذر. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن الأنباري في "المصاحف". (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 162). قلنا: وسنده ضعيف جداً.

لو دعا ناديه؛ لأخذته زبانية الله (¬1). [صحيح] * وعنه -أيضاً-رضي الله عنهما-؛ قال: قال أبو جهل: لئن عاد محمد يصلي إلى القبلة؛ لأقتلنَّه، فعاد؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} إلى قوله: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)} فلما قيل لأبي جهل: إنه قد عاد؛ قال: لقد حيل ما بيني وبينه، قال ابن عباس: والله لو تحرك؛ لأخذته الملائكة والناس ينظرون (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي (رقم 3349)، والنسائي في "تفسيره" (2/ 535، 536 رقم 704)، وأحمد (1/ 256، 329) وابنه عبد الله في "زوائد المسند" (1/ 256)، والطبري في "جامع البيان" (30/ 164)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 303)، و"الوسيط" (4/ 530)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 298 رقم 181411) من طرق عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد صحيح. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب صحيح". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 139): "في "الصحيح" بعضه، ورجال أحمد رجال الصحيح". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 564) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي. قلنا: هو في البخاري (رقم 4958) من طريق عبد الكريم الجزري عن عكرمة، قال: قال ابن عباس: قال أبو جهل: لئن رأيت محمداً يصلي عند الكعبة؛ لأطأن على عنقه، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "لو فعله؛ لأخذته الملائكة". وأخرج الطبري في "جامع البيان" (30/ 163، 164): ثني إسحاق بن شاهين ثنا خالد بن عبد الله عن داود عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فجاءه أبو جهل فنهاه أن يصلي؛ فأنزل الله: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى} إلى قوله: {كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}. قلنا: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 165)، والطبراني في "المعجم الأوسط" =

* عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ قال: قال أبو جهل: هل يعفّر محمد وجهه بين أظهركم (¬1)؟، قال: فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى، لئن رأيته يفعل ذلك؛ لأطأن على رقبته، أو لأعفرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، زعم ليطأ على رقبته، قال: فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، قال: فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو دنا مني؛ لاختطفته الملائكة عضواً عضواً"، قال: فأنزل الله -عزّ وجلّ- لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه-: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) يعني: أبا جهل {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)}؛ يعني: قومه {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ} (¬2). [صحيح] ¬

_ = (8/ 201 رقم 8398) من طريقين عن يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث عن ابن عباس به. قلنا: وهذا سند حسن على شرط مسلم، وفي يونس كلام لا ينزله عن رتبة الحسن. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 139): "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه موسى بن سهل الوشاء وهو ضعيف!! ". قلنا: موسى بن سهل شيخ الطبراني المذكور هو أبو عمر الجوني البصري وهو ثقة حافظ، وليس هو ابن سهل الوشاء كما قال الهيثمي، كما أن الوشاء هذا ليس من شيوخ الطبراني. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 564) وزاد نسبته لأبي نعيم في "الدلائل". (¬1) أي: يسجد ويلصق وجهه بالتراب. (¬2) أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 2154، 2155 رقم 2797).

* عن قتادة: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)}: ذكر لنا أنها نزلت في أبي جهل، قال: لئن رأيت محمداً يصلي؛ لأطأن على عنقه؛ فأنزل الله: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)}؛ قال: قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حين بلغه الذي قال أبو جهل؛ قال؛ "لو فعل؛ لاختطفته الزبانية" (¬1). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 166)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 384) من طريق سعيد بن أبي عروبة ومعمر كلاهما عن قتادة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، ويشهد له ما سبق.

سورة القدر

سورة القدر. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} بمكة (¬1). * {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)}. * عن يوسف بن سعد الجمحي؛ قال: قام رجل إلى الحسن بن علي بعدما بايع معاوية، فقال: سوّدت وجوه المؤمنين، أو يا مسوّد وجوه المؤمنين! فقال: لا تؤنبني رحمك الله؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُريَ بني أمية على منبر فساءه ذلك؛ فنزلت: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} [الكوثر: 1] يا محمد؛ يعني: نهراً في الجنة، ونزلت: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} يملكها بنو أمية يا محمد! قال القاسم: فعددناها؛ فإذا هي ألف يوم لا يزيد يوم ولا ينقص (¬2). [منكر] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 567) ونسبه لابن مردويه. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير وعائشة -رضي الله عنهم- مثله. (¬2) أخرجه الترمذي (5/ 444، 445 رقم 350)، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 90 رقم 2754) -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (32/ 428) -، والطبري في "جامع البيان" (30/ 167)، والحاكم (3/ 170، 171، 175)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 265، 266 رقم 2396)، و"دلائل النبوة" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = (6/ 509، 510) من طريق القاسم بن الفضل عن يوسف به. قلنا: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ لكنهم أعلوه بأن في متنه نكارة. قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث القاسم بن الفضل، وقد قيل: عن القاسم بن الفضل عن يوسف بن مازن. والقاسم بن الفضل الحداني هو ثقة؛ وثقه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي. ويوسف بن سعد رجل مجهول، ولا نعرف هذا الحديث على هذا اللفظ إلا من هذا الوجه". وقال الحاكم: "هذا إسناد صحيح"، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: وَرَوى عن يوسف نوحُ بن قيس -أيضاً-، وما علمت أن أحداً تكلم فيه، والقاسم وثقوه ورواه عنه أبو داود والتبوذكي، وما أدري آفته من أين؟ ". وقال في "سير أعلام النبلاء" (3/ 272): "فيه انقطاع". قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (6/ 243، 244): "رواه الترمذي وابن جرير والطبري والحاكم في "مستدركه"، والبيهقي في "دلائل النبوة" كلهم من حديث القاسم بن الفضل الحدّاني، وقد وثقه يحيى بن سعيد القطان وابن مهدي عن يوسف بن سعد، ويقال: يوسف بن مازن الراسبي، وفي رواية ابن جرير: عيسى بن مازن، قال الترمذي: وهو رجل مجهول، وهذا الحديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه". فقوله: إن يوسف هذا مجهول؛ مشكل، والظاهر أنه أراد أنه مجهول الحال؛ فإنه قد روى عنه جماعة منهم حماد بن سلمة، وخالد الحذاء، ويونس بن عبيد، وقال يحيى بن معين: هو مشهور، وفي رواية عنه قال: هو ثقة [قلنا: ووثقه الحافظ الذهبي في "الكاشف"، والحافظ في "التقريب"]؛ فارتفعت الجهالة عنه مطلقاً، قلت: ولكن في شهوده قصة الحسن ومعاوية نظر، وقد يكون أرسلها عمن لا يعتمد عليه -والله أعلم-. وقد سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي -رحمه الله- عن هذا الحديث؟ فقال: "هو حديث منكر". وأما قول القاسم بن الفضل -رحمه الله-: إنه حسب دولة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد يوماً ولا تنقصه؛ فهو غريب جداً، وفيه نظر؛ وذلك لأنه لا يمكن إدخال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = دولة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وكانت اثنتا عشر سنة في هذه المدة، لا من الصورة ولا من حيث المعنى، وذلك أنها ممدوحة؛ لأنه أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون. وهذا الحديث إنما سيق لذم دولتهم، وفي دلالة الحديث على الذم نظر؛ وذلك أنه دل على أن ليلة القدر خير من ألف شهر التي هي دولتهم، وليلة القدر ليلة خيرة، عظحمة المقدار والبركة، كما وصفها الله -تعالى- به، فما يلزم من تفضيلها على دولتهم، فليتأمل هذا؛ فإنه دقيق يدل على أن الحديث في صحته نظر؛ لأنه إنما سيق لذم أيامهم، والله -تعالى- أعلم. وأما إذا أراد أن ابتداء دولتهم منذ ولي معاوية حين تسلمها من الحسن بن علي، فقد كان ذلك سنة أربعين، أو إحدى وأربعين، وكان يقال له: عام الجماعة؛ لأن الناس كلهم اجتمعوا على إمام واحد. وقد تقدم الحديث في "صحيح البخاري" عن أبي بكرة: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول للحسن بن علي: "إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين". فكان هذا في هذا العام، -والله الحمد والمنة-. واستمر الأمر في أيدي بني أمية من هذه السنة إلى سنة اثنتين وثلاثين ومائة، حتى انتقل إلى بني العباس كما سنذكره، ومجموع ذلك اثنتان وتسعون سنة وهذا يطابق ألف شهر؛ لأن معدل ألف شهر ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، فإن قال: أنا أخرج منها ولاية ابن الزبير وكانت تسع سنين، فحينئذ يبقى ثلاث وثمانون سنة، فالجواب أنه وإن خرجت ولاية ابن الزبير؛ فإنه لا يكون ما بقي مطابقًا لألف شهر تحديداً، بحيث لا ينقص يوماً ولا يزيده كما قاله، بل يكون ذلك تقريباً، هذا وجه، والثاني: أن ولاية ابن الزبير كانت بالحجاز والأهواز والعراق في بعض أيامه، وفي مصر في قول، ولم تنسلب يد بني أمية من الشام أصلاً، ولا زالت دولتهم بالكلية في ذلك الحين، الثالث: أن هذا يقتضي دخول دولة عمر بن عبد العزيز في حساب بني أمية، ومقتضى ما ذكره أن تكون دولته مذمومة، هذا لا يقوله أحد من أئمة الإسلام، وإنهم مصرحون بأنه أحد الخلفاء الراشدين؛ حتى قرنوا أيامه متابعة لأيام الأربعة، وحتى اختلفوا في أيهما أفضل هو أو معاوية بن أبي سفيان أحد الصحابة؟ وقد قال أحمد بن حنبل: لا أرى قول =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبد العزيز، فإذا علم هذا؛ فإن أخرج أيامه من حسابه؛ انخرم حسابه، وإن أدخلها فيه مذمومة؛ خالف الأئمة، وهذا ما لا محيد عنه، وكل هذا مما يدل على نكارة هذا الحديث -والله أعلم-". وقال -أيضاً- في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 566، 567): "وقول الترمذي: إن يوسف هذا مجهول؛ فإنه قد روى عنه جماعة؛ منهم: حماد بن سلمة، وخالد الحذاء، ويونس بن عبيد، وقال فيه يحيى بن معين: هو مشهور، وفي رواية عن ابن معين: هو ثقة". ثم قال: "ثم هذا الحديث على كل تقدير منكر جداً، قال شيخنا الإمام الحافظ الحجة أبو الحجاج المزي: هو حديث منكر. قلت: وقول القاسم بن الفضل الحداني: إنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد يوماً ولا تنقص، ليس بصحيح؛ فإن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- استقل بالملك حين سلم إليه الحسن بن علي الإمرة سنة أربعين، واجتمعت البيعة لمعاوية وسمي ذلك عام الجماعة، ثم استمروا فيها بالشام وغيرها لم تخرج عنهم إلا مدة دولة عبد الله بن الزبير في الحرمين والأهواز وبعض البلاد قريباً من تسع سنين، لكن لم تزل يدهم على الإمرة بالكلية، بل عن بعض البلاد، إلى أن استلبهم بنو العباس الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فيكون مجموع مدتهم اثنتين وتسعين سنة وذلك أزيد من ألف شهر؛ فإن الألف شهر عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، وكأن القاسم بن الفضل أسقط من مدتهم أيام ابن الزبير وعلى هذا فيقارب ما قاله الصحة في الحساب -والله أعلم-. ومما يدل على ضعف هذا الحديث: أنه سيق لذم بني أمية ولو أريد ذلك؛ لم يكن بهذا السياق؛ فإن تفضيل ليلة القدر على أيامهم لا يدل على ذم أيامهم؛ فإن ليلة القدر شريفة جداً، والسورة الكريمة إنما جاءت لمدح ليلة القدر؛ فكيف تمدح بتفضيلها على أيام بني أمية التي هي مذمومة بمقتضى هذا الحديث؟ وهل هذا إلا كما قال القائل: ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل إن السيف أمضى من العصا وقال آخر: إذا أنت فضلت امرءاً ذا براعة ... على ناقص كان المديح من النقص؟ ثم الذي يفهم من الآية: أن الألف شهر المذكورة في الآية هي أيام بني أمية، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والسورة مكية، فكيف يحال على ألف شهر هي دولة بني أمية ولا يدل عليها لفظ الآية ولا معناها، والمنبر إنما صنع بالمدينة بعد مدة من الهجرة؛ فهذا كله مما يدل على ضعف الحديث ونكارته -والله أعلم-". قلنا: وهذا تحرير دقيق جداً؛ يدل على إمامة الحافظ وعلوّ كعبه في هذا الشأن --رحمه الله- رحمة واسعة-. فالحاصل: أن الحديث أعل بعلل: الأولى: جهالة يوسف بن سعيد، وتبين أنه ثقة مطلقاً. الثانية: الانقطاع؛ كما قال الذهبي والحافظ ابن كثير. الثالثة: نكارة متنه. ونزيد علة رابعة -ذكرت- وهي الاضطراب: قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 566): "ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل عن عيسى بن مازن (في الأصل: يوسف بن مازن)، كذا قال وهذا يقتضي اضطراباً في هذا الحديث -والله أعلم-". قلنا: هذا لا يقتضي اضطراباً في الحديث؛ فقد رواه عن القاسم الطيالسي وموسى بن إسماعيل التبوذكي وقراد أبو نوح لم يختلفوا في تسميته (يوسف) وخالفهم سَلْم بن قتيبة فسماه (عيسى). وسلم متكلم فيه؛ قال أبو حاتم: كثير الوهم ليس به بأس، وقال يحيى القطان: ليس من جمال المحامل، وهو دون الثلاثة في الضبط والإتقان، هذا أولاً. وثانياً: في الطريق إلى سلم شيخ الطبري سهيل بن إبراهيم الجارودي؛ قال ابن حبان في "ثقاته" (8/ 303): "يخطئ ويخالف". وقد يقال: إن الاضطراب الذي في سنده أنهم اختلفوا في رواية يوسف؛ فبعضهم قال: يوسف بن سعد الجمحي، وبعضهم قال: يوسف بن مازن الرؤاسي، وقد جرى معظم الأئمة كابن حبان والمزي والذهبي والعسقلاني وغيرهم على جعله واحداً، وخالف في ذلك البخاري وابن أبي حاتم، والصواب جعلهما واحداً -والله أعلم-. وعليه: مما سبق يتبين لنا أن أقوى ما أعلّ به الحديث هي العلة الثانية والثالثة. وقال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني -رحمه الله- في "ضعيف الترمذي" (ص 436 رقم 663): "ضعيف الإسناد، مضطرب، ومتنه منكر". =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني أمية على منبره؛ فساءه ذلك! فأوحى الله إليه: "إنما هو ملك يصيبونه"، ونزلت: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} (¬1). [ضعيف] * عن سعيد بن المسيب؛ قال: قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُريت بني أمية يصعدون منبري؛ فشق عليّ"؛ فأنزلت: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} (¬2). [ضعيف] * عن مجاهد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبس ¬

_ = قلنا: وقد بيّنا ما فيه ولله الحمد والمنة. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 569) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬1) أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (8/ 280) من طريق الدارقطني ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا محمد بن الحسن القطواني ثنا حسين بن أيوب الخثعمي ثني علي بن حديد بن حكيم المدائني عن أبيه؛ قال: أنبأنا أبو الجحاف أخبرني داود بن علي عن أبيه عن جده ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ داود بن علي ضعفه الذهبي وغيره، وحديد بن حكيم المدائني؛ ذكره الخطيب ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، ولم يزد أنه روى عنه ابنه؛ فهو في عداد المجهولين. (¬2) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (9/ 44) من طريق علي بن المديني ثنا يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري عن علي بن زيد عن ابن المسيب به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: علي بن زيد؛ ضعيف. وقد رواه الشاذكوني الكذاب عن يحي بهذا الإسناد إلا أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أريت بني أمية في صورة القردة والخنازير يصعدون منبري؛ فشق عليّ ذلك"؛ فأنزلت: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)}. قلنا: الشاذكوني كذاب، وما قبله أصح، وقد أنكره ابن المديني إنكاراً شديداً.

السلاح في سبيل الله ألف شهر، فعجب المسلمون من ذلك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} التي لبس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف شهر (¬1). [ضعيف] * وعنه؛ قال: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي، ففعل ذلك ألف شهر؛ فأنزل الله هذه الآية: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)}: قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل (¬2). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 567)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 203، 204)، والبيهقي (4/ 306) من طرق عن مسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: مسلم بن خالد الزنجي؛ صدوق كثير الأوهام. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 568) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 167): ثنا ابن حميد ثنا حكام بن سلم عن المثنى بن الصباح عن مجاهد. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: ابن حميد؛ متهم بالكذب. الثانية: المثنى بن الصباح؛ ضعيف. الثالثة: الإرسال.

سورة البينة

سورة البينة. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنها-؛ قال: نزلت سورة {لَمْ يَكُنِ} بالمدينة (¬1). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 585) ونسبه لابن مردويه. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: نزلت سورة {لَمْ يَكُنِ} بمكة.

سورة الزلزلة

سورة الزلزلة. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {إِذَا زُلْزِلَتِ} بالمدينة (¬1). * {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}. * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: بينا أبو بكر الصديق يأكل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ نزلت عليه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}؛ فرفع أبو بكر يده من الطعام. وقال: يا رسول الله: إني أجزى بما عملته من مثقال ذرّة من شر. فقال: "يا أبا بكر! ما رأيت في الدنيا مما تكره فمثاقيل ذر الشر، ويُدخر لك الله مثاقيل الخير حتى توفاه يوم القيامة" (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 590) ونسبه لابن مردويه. وأخرج عن قتادة؛ قال: نزلت بالمدينة {إِذَا زُلْزِلَتِ}. ذكره السيوطي. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 173، 174)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (8/ 204 رقم 8407)، والحاكم في "تاريخه"؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 593) -وعنه البيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 151، 152 رقم 9808) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 593) -ومن طريقه الضياء =

* عن أبي أسماء الرحبي؛ قال: بينا أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يتغدى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ نزلت هذه الآية: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}؛ فأمسك أبو بكر، وقال: يا رسول الله! أكل ما عملناه من سوء رأيناه؟ فقال: "ما ترون مما تكرهون فذلك ما تجزون، ويؤخر الخير لأهله في الآخرة" (¬1). [ضعيف] ¬

_ = المقدسي في "الأحاديث المختارة" (6/ 230، 231 رقم 2244 - 2247) -، والضياء -أيضاً من طريق آخر- (6/ 229 رقم 2243) من طريق الهيثم بن الربيع ثنا سماك بن عطية عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عن أنس به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلا سماك بن عطية ولا عن سماك إلا الهيثم، تفرد به زياد بن يحيى". قلنا: بل توبع عند الطبري والبيهقي. وسنده ضعيف؛ مداره على الهيثم بن الربيع العقيلي ضعيف؛ كما في "التقريب"، أما الهيثمي؛ فهو في وادٍ آخر؛ فقال في "مجمع الزوائد" (7/ 142): "رواه الطبراني في "الأوسط" وشيخه موسى بن سهل -والظاهر أنه الوشاء- وهو ضعيف". وهذا وهم من وجوه: الأول: أنه متابع عند المصادر التي ذكرنا، ولم يعله بالهيثم؛ إذ مدار الحديث عليه. الثاني: أن شيخ الطبراني ليس هو ابن الوشاء، بل هو ابن عمران الجوني؛ كما نسبه الطبراني نفسه لما ساق أحاديث شيخه في "الأوسط"، وانظر: "الأوسط" (رقم 8371)، ثم إن ابن الوشاء ليس من شيوخ الطبراني، فسبحان الذي لا يغفل ولا ينسى. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم. (¬1) أخرجه إسحاق بن راهويه وأبو بكر بن أبي شيبة في "مسنديهما"؛ كما في "المطالب العالية" (9/ 85 رقم 4181)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 201رقم 7897)، والحاكم (2/ 532) عن يزيد بن هارون أنبأ سفيان بن حسين عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء به. =

* عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-؛ أنه قال: أنزلت {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)} وأبو بكر الصديق قاعد، فبكى حين أنزلت، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يبكيك يا أبا بكر؟! "، قال: يبكيني هذه السورة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أنكم تخطئون وتذنبون، فيغفر الله لكم؛ لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون، فيغفر لهم" (¬1). [حسن] * عن أبي إدريس الخولاني: أن أبا بكر كان يأكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزلت هذه الآية: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}؛ فرفع أبو بكر يده من الطعام، وقال: إني لراء ما عملت، قال: لا أعلمه إلا قال: ما عملت من خير وشر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن ما ترى مما تكره فهو مثاقيل ذر شر كثير، ويدخر الله لك مثاقيل ذر الخير حتى تعطاه يوم القيامة، وتصديق ذلك في كتاب الله: ¬

_ = قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: مرسل". وهو كما قال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 593) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه. (¬1) أخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (30/ 175)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 304)، وابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء" (ص 75)، والطبراني في "المعجم الكبير" (ص 38 رقم 87 - قطعة من المجلد 13)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5/ 410 رقم 7103) من طرق عن ابن وهب؛ قال: ثنا حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله به. قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات رجال الصحيح؛ غير حيي المعافري، وفيه كلام، وفي "التقريب": "صدوق يهم". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 141): "وفيه حيي بن عبد الله المعافري وثقه ابن معين وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 594) وزاد نسبته لابن مردويه.

{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)} [الشورى: 30] " (¬1). [ضعيف] * عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه-؛ قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر الصديق؛ إذ نزلت عليه هذه الآية: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}؛ فأمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده عن الطعام، ثم قال: "من عمل منكم خيراً؛ فجزاؤه في الآخرة، ومن عمل منكم شراً؛ يراه في الدنيا مصيبات وأمراضاً، ومن يكن فيه مثقال ذرة من خير؛ دخل الجنة" (¬2). * عن سعيد بن جبير؛ قال: لما نزلت: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} الآية [الإنسان: 8]؛ كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه، وكان آخرون يرون: أنهم لا يُلامون على الذنب اليسير: الكذبة، والنظرة، والغيبة، وأشباه ذلك، ويقولون: إنما وعد الله النار على الكبائر؛ فأنزل الله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 174): ثنا ابن بشار ثنا عبد الوهاب ثنا أيوب؛ قال: وجدنا في كتاب أبي قلابة عن أبي إدريس. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 594) ونسبه لابن مردويه فقط! وهو قصور. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 594) ونسبه لابن مردويه. (¬3) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 233)، و"الدر المنثور" (8/ 594، 595) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

سورة العاديات

سورة العاديات. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)} بمكة (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلاً، فأشهرت شهراً لا يأتيه منها خبر؛ فنزلت: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)}: ضبحت بأرجُلها، {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2)}: قدحت بحوافرها الحجارة فأورت ناراً، {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3)}: صبحت القوم بغارة، {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4)}: أثارت بحوافرها التراب، {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)}؛ قال: صبحت القوم جميعاً (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 599) ونسبه لابن مردويه. (¬2) أخرجه البزار في "مسنده" (3/ 82 رقم 2291 - "كشف")، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 305)، والدارقطني في "الأفراد" (3/ 236 رقم 2525 - أطراف الغرائب)، وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه في "تفسيرهم"؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 599) كلهم عن أحمد بن عبدة الضبي عن حفص بن جميع ثنا سماك عن عكرمة عن ابن عباس. قال الحافظ الدارقطني: "غريب من حديث سماك عنه، تفرد به حفص بن جميع، ولم يروه عنه غير أحمد بن عبدة". قلنا: وهو ثقة؛ لكن شيخه حفص بن جميع ضعيف؛ كما في "التقريب". وفيه علة أخرى وهي: أن رواية سماك عن عكرمة على وجه الخصوص مضطربة. قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 142): "رواه البزار؛ وفيه حفص بن جميع وهو ضعيف". وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 579): "وقد روى أبو بكر البزار ههنا حديثاً غريباً جداً".

سورة القارعة

سورة القارعة. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {الْقَارِعَةُ} بمكة (¬1). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 605) ونسبه لابن مردويه.

سورة التكاثر

سورة التكاثر. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، قال: نزلت بمكة سورة {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} (¬1). * {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)}. * عن علي -رضي الله عنه-؛ قال: ما زلنا نشك في عذاب القبر؛ حتى نزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 609) ونسبه لابن مردويه. (¬2) أخرجه الترمذي (5/ 447 رقم 3355)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (13/ 176 رقم 5177)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 582، 583)، والطبري في "جامع البيان" (30/ 183، 184) من طريق الحجاج بن أرطأة عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن علي. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه الحجاج بن أرطأة صدوق كثير الخطأ والتدليس. قال الترمذي: "هذا حديث غريب". وأخرجه الطبري (30/ 183، 184): ثنا ابن حميد ثنا حكام بن سلم عن عنبسة عن ابن أبي ليلى عن المنهال عن زر عن علي؛ قال: نزلت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} في عذاب القبر. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: ابن حميد هذا متهم بالكذب. الثانية: ابن أبي ليلى؛ صدوق سيئ الحفظ جداً. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 610) وزاد نسبته لحنيش بن أصرم في "الاستقامة" وابن المنذر وابن مردويه.

* عن ابن بريدة في قوله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)}؛ قال: نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار: في بني حارثة وبني الحارث، تفاخروا وتكاثروا، فقالت إحداهما: فيكم مثل فلان بن فلان، وفلان؟ وقال الآخرون مثل ذلك، تفاخروا بالأحياء، ثم قالوا: انطلقوا بنا إلى القبور، فجعلت إحدى الطائفتين تقول: فيكم مثل فلان؟ يشيرون إلى القبر، ومثل فلان؟ وفعل الآخرون مثل ذلك؛ فأنزل الله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)} لقد كان لكم فيما رأيتم عبرة وشغل (¬1). [ضعيف] * عن قتادة؛ قال: في قوله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)}: نزلت في اليهود (¬2). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 582): ثنا أبو سعيد الأشج ثنا أبو أسامة قال: صالح بن حيان ثني ابن بريدة به. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 610) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

سورة العصر

سورة العصر. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {وَالْعَصْرِ} بمكة (¬1). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 621) ونسبه لابن مردويه.

سورة الهمزة

سورة الهمزة. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)} بمكة (¬1). * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية في أصحاب محمد: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)}، قال ابن عمر: ما عنينا بها ولا عنينا بعشر القرآن (¬2). * عن ابن إسحاق عن عثمان بن عمر؛ قال: ما زلنا نسمع أن {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ} ليست بحاجبة لأحد، نزلت في جميل بن عامر، زعم الرقاشي (¬3). [ضعيف] * عن السدي؛ قال: نزلت في الأخنس بن شريق (¬4). [ضعيف] * عن رجل من أهل الرقة؛ قال: نزلت في جميل بن عامر الجمحي (¬5). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 623) ونسبه لابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن أبي حاتم. (¬3) قلنا: ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 623) ونسبه لابن أبي حاتم، لكن ذكر في "لباب النقول" (ص 234): أن ابن أبي حاتم أخرجه عن عثمان وابن عمر قالا: ما زلنا نسمع أن {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ} نزلت في أبيّ بن خلف. (¬4) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 234)، و"الدر المنثور" (8/ 623) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله. (¬5) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 189) بسند صحيح إلى ابن أبي نجيح عنه به. =

* عن ابن إسحاق؛ قال: كان أمية بن خلف إذا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - همزه ولمزه؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)} السورة كلها (¬1). [ضعيف] ¬

_ = قلت: وهذا ضعيف. (¬1) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 234، 235) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهذا معضل.

سورة الفيل

سورة الفيل. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)} بمكة (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 627) ونسبه لابن مردويه.

سورة قريش

سورة قريش. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)} بمكة (¬1). * عن أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فضّل الله قريشاً بسبع خلال: أني منهم، وأن النبوة فيهم، والحجابة والسقاية فيهم، وأن الله نصرهم على الفيل، وأنهم عبدوا الله -عزّ وجلّ- عشر سنين لا يعبده غيرهم، وأن الله -عزّ وجلّ- أنزل فيهم سورة من القرآن"، ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)} (¬2). [حسن لغيره] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 634) ونسبه لابن مردويه. (¬2) أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 321)، والآجري في "الشريعة" (3/ 392 رقم 1826)، وابن عدي في "الكامل" (1/ 260، 261)، والطبراني في "المعجم الكبير" (24/ 324 رقم 994) -ومن طريقه الحافظ العراقي في "محجة القرب إلى محبة العرب" (ص 232، 233 رقم 130) -، والحاكم (2/ 536، 4/ 54)، والبيهقي في "الخلافيات"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 591)، و"مناقب الشافعي" (1/ 34)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 306) من طرق عن إبراهيم بن محمد بن ثابت بن شرحبيل ثني عثمان بن عبد الله بن أبي عتيق عن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة عن أبيه عن جدته أم هانئ به. قال الحافظ العراقي: "هذا حديث حسن، ورجاله كلهم ثقات معروفون؛ إلا عمرو بن جعدة بن هبيرة فلم أجد فيه تعديلاً ولا تجريحاً، وهو ابن أخت =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = علي بن أبي طالب، وهو أخو يحيى بن جعدة بن هبيرة أحد الثقات". وتعقبه شيخنا العلامة أبو عبد الرحمن الألباني -رحمه الله- في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (4/ 586 رقم 1944) بقوله: "قلت: في هذا الكلام نظر من وجوه: الأول: أنه مع جهالة عمرو بن جعدة التي أشار إليها العراقي؛ فإن ابنه سعيد حاله قريب من حال أبيه؛ فإنه لم يوثقه غير ابن حبان، لكن قد روى عنه جمع. والثاني: أن عثمان بن عبد الله بن أبي عتيق أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 156) من رواية إبراهيم هذا وسليمان بن بلال عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولعله في "ثقات ابن حبان" [قلنا: هو فيه (7/ 198)]. الثالث -وهو الأهم-: أن علة الحديث إبراهيم المذكور؛ فإنه مختلف فيه؛ فقد وثقه ابن حبان [في "ثقاته" (6/ 15)]، وقال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 125) عن أبيه: "صدوق". وقال ابن عدي: "روى عنه عمرو بن أبي سلمة وغيره مناكير"، وكذا قال الذهبي واستنكر له هذا الحديث كما يأتي، لكن ختم ابن عدي ترجمته بقوله: "وأحاديثه صالحة محتملة ولعله أُتي ممن قد رواه عنه". قلت: كيف يصح هذا الاحتمال وممن روى عنه المناكير عمرو بن أبي سلمة كما سبق عن ابن عدي نفسه، وعمرو ثقة حافظ؟ وروى عنه هذا الحديث ذاته أبو مصعب كما رأيت وهو أحمد بن أبي بكر الزهري المدني الفقيه، وهو ثقة -أيضاً- من رجال الشيخين. وبالجملة؛ فإبراهيم هذا لا يخلو من ضعف ما دام أن الثقات رووا عنه المناكير، ومما يؤيد ذلك أنه خولف في إسناده؛ فقال الإمام البخاري عقبه: "وقال لي الأويسي: حدثني سليمان عن عثمان بن عبد الله بن أبي عتيق عن ابن جعدة المخزومي عن ابن شهاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه". قلنا؛ فأرسله أو أعضله، ورجحه البخاري؛ فقال عقبه: "بإرساله أشبه". وسليمان الذي أرسله هو ابن بلال المدني ثقة من رجال الشيخين -أيضاً-، فمخالفة إبراهيم إياه في وصل الحديث مردودة، كما لا يخفى على من كان عنده أدنى معرفة بقواعد هذا العلم الشريف". اهـ. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: يعقوب ضعيف، وإبراهيم صاحب مناكير، هذا أنكرها". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 24): "وفيه من لم أعرفه". وللحديث شاهد من حديث الزبير بن العوام؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فضل الله قريشاً بسبع خصال: فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبده إلا قرشي، وفضلهم بأنه نصرهم يوم الفيل وهم مشركون، وفضلهم بأنه نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيهم غيرهم: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)}، وفضلهم بأن فيهم النبوة والخلافة والحجابة والسقاية". أخرجه الطبراني في "الأوسط" (9/ 76 رقم 9173) -ومن طريقه العراقي في "محجة القرب إلى محبة العرب" (ص 233، 234 رقم 137) -: ثنا مصعب بن إبراهيم بن حمزة ثني أبي ثنا عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير مرفوعاً به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا عبد الله بن مصعب، ولا يروى عن الزبير إلا بهذا الإسناد". قلنا: وهذا سند حسن في الشواهد؛ رجاله ثقات غير عبد الله بن مصعب بن ثابت ففيه ضعف؛ فقد ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: شيخ، ولم يوثقه إلا ابن حبان. أما شيخ الطبراني مصعب؛ فقال ابن الجزري في "غاية النهاية" (2/ 299): "ضابط محقق قرأ على قالون وله عنه نسخة وهو من جلة أصحابه". وأبوه إبراهيم صدوق من رجال البخاري. ومع ذلك توبع مصعب؛ فقد أخرجه البيهقي في "المناقب" (1/ 33)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (17/ 493 رقم 2) من طريق آخر عن مصعب به. ولذلك قال الحافظ العراقي عقبه: "هذا حديث يصلح أن يخرج للاعتبار به والاستشهاد؛ فإن عبد الله بن مصعب بن ثابت ذكره ابن حبان في "الثقات"، وضعفه ابن معين" وهو كما قال. وقال شيخنا الألباني (4/ 588): "وهو صالح للاستشهاد كما يشير إليه كلامه؛ فهو على الأقل صالح للاعتضاد به والاستشهاد بحديثه، وسائر رجاله ثقات غير شيخ الطبراني مصعب؛ فإني لم أجد له ترجمة. . . لكنه توبع". ثم قال شيخنا في نهاية البحث: "ولذلك؛ فقد انشرح صدري واطمأنت النفس لقول الحافظ العراقي المتقدم: إنه حديث حسن؛ يعني: لغيره، لا سيما ولبعض فقراته شواهد. . . ". اهـ. =

* عن سعيد بن المسيب؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله فضل قريش بسبع خصال: أني منهم، وأن الله أنزل فيهم سورة كاملة من كتابه لم يذكر فيها أحد غيرهم، وأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبده أحد غيرهم، وأن الله نصرهم يوم الفيل، وأن الخلافة والسقاية والسدانة فيهم ولله الحمد كثيراً" (¬1). [ضعيف] ¬

_ = والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 634) وزاد نسبته لابن مردويه. (¬1) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/ 195)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/ 297) من طريق إبراهيم بن محمد التيمي ثنا عبد الرحمن بن عياض ثتني عمتي عتيبة عن عبد الملك بن يحيى الزهري عن سعيد به. قال ابن الجوزي: "وهو مرسل، وعتيبة؛ مجهول الحال، وإبراهيم التيمي ضعيف".

سورة الماعون

سورة الماعون. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)} بمكة (¬1). * {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)}. * عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال: كان المسلمون يستعيرون من المنافقين الدلو والقدر والفأس وشبهه؛ فيمنعونهم؛ فأنزل الله: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} (¬2). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 641) ونسبه لابن مردويه. وذكر أن ابن مردويه أخرج مثله عن عبد الله بن الزبير. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 644) ونسبه لابن مردويه.

سورة الكوثر

سورة الكوثر. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} بمكة (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله -تعالى-: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)}؛ قال: نهر في بطنان الجنة، حافتاه قباب الدر والياقوت، فيه أزواجه وخدمه، قال: وبأي شيء ذكر ذلك؟ قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل من باب الصفا وخرج من باب المروة، فاستقبله العاص بن وائل السهمي، فرجع العاص إلى قريش، فقالت له قريش: من استقبلك يا أبا عمرو آنفاً؟! قال: ذلك الأبتر؛ يريد: النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى أنزل الله هذه السورة: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}؛ يعني: عدوك العاص بن وائل هو الأبتر من الخير، لا أذكر في مكان إلا ذكرت معي يا محمد! فمن ذكرني ولم يذكرك؛ ليس له في الجنة نصيب، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم؛ أما سمعت حسان بن ثابت يقول: وحَبَاه الإله بالكوثر ... الأكبر فيه النعيم والخيرات (¬2) * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بين أظهرنا؛ إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسماً، فقلنا: ما أضحكك يا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 646). وقال: وأخرج عن عبد الله بن الزبير وعائشة -رضي الله عنهم- مثله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 646، 647) ونسبه للطستي.

رسول الله؟! قال: "أنزلت عليّ آنفاً سورة"، فقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}، ثم قال: "أتدرون ما الكوثر؟ "، فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال: "فإنه نهر وعدنيه ربي -عزّ وجلّ-، عليه خير كثير؛ هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم، فأقول: رب! إنه من أمتي، فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك" (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة؛ قالت له قريش: أنت خير أهل المدينة وسيدهم؟ قال: نعم، قالوا: ألا ترى إلى هذا المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا؟ ونحن؛ يعني: أهل الحجيج وأهل السدانة، قال: أنتم خير منه؛ فنزلت: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}، ونزلت: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} إلى قوله: {فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء:51، 52] (¬2). [صحيح] ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم (رقم 400). (¬2) أخرجه النسائي في "تفسيره" (2/ 560 رقم 727)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم 1731 - "موارد")، والبزار في "مسنده" (3/ 83 رقم 2293 - "كشف")، والطبري في "جامع البيان" (30/ 213) من طريق يحيى بن راشد وابن أبي عدي عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد صحيح. وذكر الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 598): أن البزار أخرجه من طريق ابن أبي عدي عن داود، وقال: "وهذا إسناد صحيح". وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 235): "بسند صحيح". وذكره في "الدر المنثور" (8/ 652) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (رقم 11645) من طريق يونس بن سليمان الجمال ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به. قال الهيثمي في "المجمع" (7/ 5، 6): "وفيه يونس بن سليمان الجمال ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح".

* عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه-؛ قال: لما مات إبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ مشى المشركون بعضهم إلى بعض، فقالوا: إن هذا الصابئ قد بتر الليلة؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} إلى آخر السورة (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: كان أول من ولد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة قبل النبوة القاسم، وبه كان يُكنى، ثم ولدت زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم كلثوم، ثم ولد في الإسلام عبد الله؛ فسمي الطيب والطاهر وأمهم جميعاً خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي، فكان أول من مات من ولده القاسم، ثم مات عبد الله بمكة؛ فقال العاص بن وائل السهمي: قد انقطع ولده؛ فهو أبتر؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} (¬2). [موضوع] * عن عكرمة؛ قال: لما أوحى الله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قالت قريش: ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (4/ 179 رقم 4071) من طريق سعيد بن مسلمة عن واصل بن السائب عن أبي سورة عن أبي أيوب به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 143): "رواه الطبراني؛ وفيه واصل بن السائب وهو متروك". الثانية: أبو سورة ضعيف -أيضاً-. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 652) وزاد نسبته لابن مردويه. وقال في "لباب النقول" (ص 236): "بسند ضعيف". (¬2) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/ 133): نا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهذا موضوع كذب؛ الكلبي كذاب، وشيخه متهم بالكذب. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 652) وزاد نسبته لابن عساكر.

بتر محمد بنا؛ فنزلت: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: ولدت خديجة من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولهم عبد الله، ثمّ أبطأ عليه الولد من بعده، فبينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلم رجلاً والعاص بن وائل ينظر إليه؛ إذ قال له رجل: من هذا؟ قال: هذا الأبتر؛ يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكانت قريش إذا ولد للرجل ثم أبطأ عليه الولد من بعده؛ قالوا: هذا الأبتر؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}؛ أي: مبغضك هو الأبتر الذي بتر من كل خير (¬2). * عن السدي؛ قال: كانت قريش تقول إذا مات ذكور الرجل: بتر فلان، فلما مات ولد النبي - صلّى الله عليه وسلم -؛ قال العاص بن وائل: بتر محمد؛ فنزلت (¬3). [ضعيف] * عن محمد بن علي؛ قال: كان القاسم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بلغ أن يركب الدابة ويسير على النجيبة، فلما قبضه الله؛ قال عمرو بن العاص: لقد أصبح أبتر من ابنه؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} عوضاً يا محمد عن مصيبتك بالقاسم {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} (¬4). [ضعيف]. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11/ 508 رقم 11845)، والطبري في "جامع البيان" (30/ 213) عن وكيع عن بدر بن عثمان عن عكرمة به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 651)، و"لباب النقول" (ص 235) وزاد نسبته لابن المنذر وعبد الرزاق. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 652) ونسبه لابن عساكر. (¬3) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 235، 236)، و"الدر المنثور" (8/ 652) ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله. (¬4) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 652) ونسبه للبيهقي في "الدلائل". =

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}؛ قال: هو العاص بن وائل (¬1). [ضعيف جداً] * عن سعيد بن جبير؛ أنه قال: كانت هذه الآية؛ يعني: قوله -تعالى-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} يوم الحديبية، أتاه جبريل -عليه السلام-، فقال: "انحروا وارجع"، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخطب خطبة الفطر والنحر، ثم ركع ركعتين، ثم انصرف إلى البدن فنحرها؛ فذلك حين يقول -تعالى-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} (¬2). [ضعيف] * عن شمر بن عطية؛ قال: كان عقبة بن أبي معيط يقول: إنه لا يبقى للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولد وهو أبتر؛ فأنزل الله فيه هؤلاء الآيات: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} عقبة بن أبي معيط (¬3). [ضعيف جداً] ¬

_ = قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. وقال البيهقي: هكذا روي بهذا الإسناد وهو ضعيف، والمشهور أنها نزلت في العاص بن وائل. (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 212)، وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 653) من طريق العوفي عن ابن عباس به. قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 212): ثنا يونس نا ابن وهب أخبرني أبو صخر ثني أبو معاوية البجلي عن سعيد به. قلت: وهذا مرسل حسن الإسناد. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 213): ثنا ابن حميد ثنا يعقوب القمي عن حفص بن حميد عن شمر به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن حميد متهم بالكذب. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 653) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

* عن عطاء؛ قال في قوله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}: أبو جهل (¬1). [ضعيف] * عن ابن جريج؛ قال: بلغني أن إبرهيم ولد النبي - صلى الله عليه وسلم - لما مات؛ قالت قريش: أصبح محمد أبتر؛ فغاظه ذلك؛ فنزلت: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} تعزية له (¬2). [ضعيف] * عن جعفر بن محمد عن أبيه؛ قال: توفي القاسم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو آت من جنازته على العاص بن وائل وابنه عمرو، فقال حين رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني لأشنئوه، فقال العاص بن وائل: لا جرم لقد أصبح أبتر؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} (¬3). [ضعيف] * عن يزيد بن رومان؛ قال: كان العاص بن وائل السهمي إذا ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: دعوه؛ فإنما هو رجل أبتر لا عقب له، لو هلك انقطع ذكره واسترحم منه؛ فأنزل الله -تعالى- في ذلك: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} إلى آخر السورة (¬4). * عن عكرمة: في هذه الآية: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن أبي حاتم. قلنا: وهذا مرسل لا تقوم به حجة. (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 236) ونسبه لابن المنذر. قلنا: وهذا معضل. (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 653) ونسبه للزبير بن بكار وابن عساكر. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. (¬4) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 307) بسند حسن عن ابن إسحاق؛ قال: حدثني يزيد به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد.

آمَنُوا سَبِيلًا (51)} [النِّساء: 51]؛ قال: نزلت في كعب بن الأشرف، أن مكّة فقال له أهلها: نحن خير أم هذا الصنبور المنبتر من قومه، ونحن أهل الحجيج وعندنا منحر البدن؟! قال: أنتم خير؛ فأنزل الله فيه هذه الآية، وأنزل في الذين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما قالوا: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} (¬1). [ضعيف] * عن الكلبي في قوله -تعالى-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}؛ قال: هو العاص بن وائل، قال: إني شانئ محمداً، وهو الأبتر ليس له عقب؛ فقال الله -تعالى-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} (¬2). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 213): ثنا ابن المثنى ثنا عبد الوهاب ثنا داود عن عكرمة. قلت: وهذا مرسل صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 402). قلنا: وهو موضوع.

سورة الكافرون

سورة الكافرون. * عن عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت سورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} بمكة (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن قريشاً وعدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء ويطأوا عقبه، فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد! وكف عن شتم آلهتنا فلا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل؛ فإنا نعرض عليك خصلة واحدة فهي لك ولنا فيها صلاح، قال: "ما هي؟ "، قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى، ونعبد إلهك سنة، قال: "حتى أنظر ما يأتي من عند ربي"، فجاء الوحي من اللوح المحفوظ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} السورة، وأنزل الله: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64)} إلى قوله -تعالى-: {فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)} [الزمر: 64 - 66] (¬2). [ضعيف] * عن وهب؛ قال: قالت كفار قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن سرّك أن نتبعك ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 654) ونسبه لابن مردويه. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 214): ثنا محمد بن موسى الحرشي ثنا أبو خلف ثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو خلف ضعيف؛ كما في "التقريب". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 654) وزاد نسبته لابن أبي حاتم والطبراني.

عاماً وترجع إلى ديننا عاماً؛ فأنزل الله -جلّ ثناؤه-: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)} (¬1). [ضعيف] * عن سعيد بن ميناء مولى البختري؛ قال: لقي الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وأمية بن خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا محمد! هلمّ فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد ونشركك في أمرنا كله، فإن كان الذي جئت به خيراً مما بأيدينا؛ كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما في يديك؛ كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت منه بحظك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} حتى انقضت السورة (¬2). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن قريشاً قالت: لو استملت آلهتنا؛ لعبدنا إلهك؛ فأنزل الله: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/ 403) عن إبراهيم الأحول، قال: سمعت وهباً به. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 655) وزاد نسبته لابن المنذر. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 214): ثني يعقوب ثنا ابن علية عن ابن إسحاق حدثني سعيد به. قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 655) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن الأنباري في "المصاحف". (¬3) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 655) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.

سورة النصر

سورة النصر. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت بالمدينة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} (¬1). * عن عبد الله بن الزبير؛ قال: أنزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} بالمدينة (¬2). * عن عطاء بن يسار؛ قال: نزلت سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} كلها بالمدينة بعد فتح مكة ودخول الناس في الدين ينعى إليه نفسه (¬3). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؛ قال: نزلت هذه الآية: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وسط أيام التشريق، وعرف أنه الوداع، فأمر براحلته القصواء فرحلت له، فركب فوقف بالعقبة واجتمع الناس (فذكر الحديث في وضع الدم والربا واستدارة الزمان)، ثم ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 659) ونسبه لابن مردويه. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 216): ثنا ابن حميد؛ قال: ثنا سلمة؛ قال: ثني ابن إسحاق عن بعض أصحابه عن عطاء به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: الأولى: الإرسال. الثانية: جهالة الأصحاب مع ملاحظة أن ابن إسحاق مدلس. الثالثة: ابن حميد ضعيف متهم بالكذب.

قال: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} [التوبة: 37] وذلك أنهم كانوا يجعلون صفرَ عاماً حراماً وعاماً حلالًا، وعاماً حراماً، وذلك النسيء، أيها الناس! من كانت عنده وديعة؛ فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، أيها الناس! إنه لا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا ما طابت به نفسه"، وذكر الحديث (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: تعلم أي آخر سورة نزلت جميعاً؟ قلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)}؛ قال: صدقت (¬2). [صحصح] * عن الزهري؛ قال: فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد، فقاتل بمن معه صفوف قريش بأسفل مكة حتى هزمهم الله، ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرفع عنهم، فدخلوا في الدين؛ فأنزل الله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} حتى ختمها، ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه من قريش وهي كنانة، ومن أسلم يوم الفتح قبل حنين، وحنين وادٍ في قُبُل الطائف ذو مياه، وبه من المشركين يومئذ عجز هوازن، ومعهم ثقيف، ورأس المشركين يومئذ مالك بن عوف النضري، فاقتتلوا بحنين، فنصر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، وكان يوماً شديداً على الناس؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} الآية [التوبة: 25] (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 659) ونسبه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". قلنا: هو في "الدلائل" (5/ 447) من طريق زيد بن الحباب أخبرني موسى بن عبيدة الربذي أخبرني صدقة بن يسار عن ابن عمر به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ مداره على موسى بن عبيدة وهو ضعيف. (¬2) أخرجه مسلم (رقم 3024). (¬3) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5/ 378) عن معمر عن الزهري به. قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

سورة المسد

سورة المسد. * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: أنزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} بمكة (¬1). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: ما كان أبو لهب إلا من كفار قريش، ما هو حتى خرج من الشعب حين تمالأت قريش؛ حتى حصرونا في الشعب وظاهرهم، فلما خرج أبو لهب من الشعب؛ لقي هنداً بنت عتبة بن ربيعة حين فارق قومه، فقال: يا ابنة عتبة! هل نصرت اللات والعزى؟ قالت: نعم، فجزاك الله خيراً يا أبا عتبة! قال: إن محمداً يعدنا أشياء لا نراها كائنة، يزعم أنها كائنة بعد الموت، فما ذاك وصنع في يدي ثم نفخ في يديه، ثم قال: تباً لكما ما أرى فيكما شيئاً مما يقول محمد؛ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} قال ابن عباس: فحصرنا في الشعب ثلاث سنين وقطعوا عنا الميرة؛ حتى إن الرجل ليخرج منا بالنفقة فما يبايع حتى يرجع، حتى هلك فينا من هلك (¬2). * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى البطحاء، فصعد إلى الجبل؛ فنادى: "يا صباحاه! "؛ فاجتمعت إليه قريش، فقال: "أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم وممسّيكم أكنتم تصدقوني؟ "، قالوا: نعم، قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد"؛ فقال أبو لهب ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 665) ونسبه لابن مردويه. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير وعائشة -رضي الله عنهم- مثله. (¬2) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 665) ونسبه لأبي نعيم في "الدلائل".

-عليه لعنة الله- للنبي - صلى الله عليه وسلم -: تباً لك سائر اليوم؛ ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} (¬1). [صحيح] * عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ قال: في قول الله -تعالى-: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)}؛ قال: التب: الخسران، قال: قال أبو لهب للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ماذا أعطى يا محمد! إن آمنت بك؟ قال: "كما يُعطى المسلمون"، فقال: ما لي عليهم فضل، قال: "وأي شيء تبتغي؟ "، قال: تباً لهذا من دين، تباً أن أكون أنا وهؤلاء سواء؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} يقول بما عملت أيديهم (¬2). [ضعيف جداً] * عن رجل من همدان يقال له: يزيد بن زيد: أن امرأة أبي لهب كانت تلقى في طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - الشوك؛ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} إلى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)} (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري (رقم 1394، 3525، 4801، 4971، 4972، 4973)، ومسلم (رقم 208/ 355، 356). (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 217): ثني يونس نا ابن وهب عن عبد الرحمن به. قلت: وهذا ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف عبد الرحمن. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 219): ثنا أبو كريب ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق السبيعي عن رجل به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل: الأولى: جهالة هذا الرجل. الثانية: الإرسال. الثالثة: أبو إسحاق؛ مدلس وكان قد اختلط، ورواية إسرائيل عنه بعد الاختلاط. وذكر السيوطي في "لباب النقول" (ص 237): أن ابن المنذر أخرج عن عكرمة مثله. قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا آل غالب! يا آل لؤي! يا آل مرة! يا آل كلاب! يا آل عبد مناف! يا آل قصي! إني لا أملك لكم من الله منفعة ولا من الدنيا نصيباً إلا أن تقولوا: لا إله إلا الله"، فقال أبو لهب: تباً لك؛ ألهذا دعوتنا؟! فأنزل الله -تعالى-: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} (¬1). [موضوع] ¬

_ (¬1) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 308، 359) من طريق يزيد بن زريع عن الكلبي عن أبي صالح عنه به. قلنا: وهذا موضوع؛ الكلبي كذاب، ونحوه شيخه أبو صالح.

سورة الإخلاص

سورة الإخلاص. * عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه-: أن المشركين قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انسب لنا ربك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}؛ فالصمد: الّذي لم يلد ولم يولد؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، ولا شيء يموت إلا سيورث، وإن الله -عزّ وجلّ- لا يموت ولا يورث، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)}؛ قال: لم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء (¬1). [حسن] ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في "المسند" (5/ 134)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 245)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1/ 297، 298 رقم 663)، والترمذي في "سننه" (5/ 451 رقم 3364)، والطّبريّ في "جامع البيان" (30/ 221)، والدارمي في "الرد على الجهمية" (23/ 28)، وابن خزيمة في "التوحيد" (1/ 95 رقم 45)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" (1/ 11 - 12/ 8)، والعقيلي في "الضعفاء" (4/ 141)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (6/ 227)، والهيثم بن كليب في "مسنده" (3/ 371 رقم 1496)، والدارقطني في "الأفراد" (ق 64/ أ)، والهروي في "ذم الكلام وأهله" (3/ 222 - 228 رقم 654، 655)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 605)، وأبو الشيخ في "العظمة" (1/ 373، 374 رقم 88)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 540)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (1/ 92 رقم 50، 2/ 39 رقم 607)، و"شعب الإيمان" (1/ 276 رقم 100)، و"الاعتقاد" (ص 44)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 309، 310)، والخطيب في "التاريخ" (3/ 281) من طريقين عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه أبو جعفر الرازي، ضعفه الإمام أحمد والنسائي والساجي وأبو زرعة وغيرهم، ولخصه الحافظ في "التقريب" بقوله: "صدوق سيئ الحفظ". قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي!!. وقد خولف أبو جعفر الرازي، خالفه عبيد الله بن موسى؛ فرواه عن الربيع بن أنس عن أبي العالية به مرسلاً ليس فيه أُبيّ بن كعب. أخرجه الترمذي (5/ 421 رقم 3365). قال الترمذي: "وهذا أصح"، وهو كما قال: فعبيد الله ثقة، وتابعه أبو النضر هاشم بن القاسم -وهو ثقة ثبت- عن الربيع به مرسلًا. أخرجه العقيلي (4/ 141)، وقال: "وهذا أولى"، وهو كما قال -رحمه الله-. فهذان ثقتان روياه عن الربيع مرسلًا، وخالفهما الرازي -وهو ضعيف- فلا حجة فيه، وتابعهما ثالث وهو مهران بن أبي عمر العطار عن الربيع به مرسلًا. أخرجه الطبري (30/ 212) لكن في إسناده ابن حميد الرازي؛ ضعيف، واتهمه بعضهم. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 245) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به معضلًا. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: الأولى: الإعضال. الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف الحفظ. الثالثة: ابنه عبد الله فيه ضعف، لا سيما في روايته عن أبيه، وقد قال ابن حبان في "الثقات" (8/ 335): "يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه". الرابعة: رواية أبي جعفر الرازي عن الربيع خاصة فيها اضطراب. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 669) وزاد نسبته لابن النذر. قلنا: لكن للحديث شواهد يصح بها، ويدل على أن له أصلًا دون قوله: "والصمد". منها: ما أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 221)، وعبد الله بن أحمد في "السنة" (2/ 508 رقم 1185)، وأبو يعلى في "المسند" (4/ 38، 39 رقم 2044)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (6/ 25 رقم 5687)، والهروي في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = "ذم الكلام وأهله" (3/ 217، 218 رقم 651)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 310)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 508، 509 رقم 2552)، والذهبي في "معجم الشيوخ" (1/ 40)، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" (4/ 335) جميعهم من طريق سريج بن يونس عن إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن الشعبي عن جابر به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه مجالد بن سعيد الهمداني: ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره، وابنه إسماعيل فيه ضعف يسير، ولخصه الحافظ بقوله: "صدوق يخطئ"؛ فهو شاهد لا بأس به؛ فيكون الحديث بمجموعهما حسن لغيره. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 669) وزاد نسبته لابن المنذر. وقال أبو نعيم: "غريب من حديث الشعبي، تفرد به إسماعيل عن مجالد وعنه سريج". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 146): "رواه الطبراني في "الأوسط" -وفاته أنه عند أبي يعلى؛ فليستدرك عليه- فيه مجالد بن سعيد، قال ابن عدي: له عن الشعبي عن جابر [أحاديث صالحة] وباقي رجاله رجال الصحيح". اهـ. وما بين معقوفتين زيادة من "الكامل". وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 605): "إسناد متقارب". وحسنه السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 669). ومنها -أيضاً-: ما أخرج ابن عدي في "الكامل" (4/ 1566)، والهروي في "ذم الكلام وأهله" (3/ 219 رقم 652)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2/ 38 رقم 605) من طريق محمد بن موسى بن خالد الحرشي ثنا أبو خلف ثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ: أن اليهود جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب فقالوا: يا محمد! صف لنا ربك الذي بعثك؛ فأنزل الله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}. قلنا: وهذا إسناد ضعيف، وذكر اليهود فيه منكر، والمحفوظ أن الذين جاؤوا هم المشركون، والآية مكية واليهود كانوا في المدينة. وسبب ضعفه: أن مداره على عبد الله بن عيسى بن خالد الخزاز أبو خلف؛ ضعيف؛ كما في "التقريب" وغيره، لكن أصل السؤال ووقوع الحدث ثابت بما سبق. =

* عن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه-؛ أنه قال لأحبار اليهود: إني أريد أن أُحْدِثَ بمسجد أبينا إبراهيم وإسماعيل عهداً، فانطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة، فوافاهم وقد انصرفوا من الحج فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى والناس حوله، فقمت مع الناس، قال: فلما نظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "أنت عبد الله بن سلام؟ "، قال: قلت: نعم، قال: قلت: فانعت لنا ربك؟ قال: " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} "؛ قال: وقرأه علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). [ضعيف] ¬

= وبما أخرجه الطبراني؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 605)، والهروي في "ذم الكلام" (3/ 221 رقم 653) من طريق قيس بن الربيع عن عاصم عن شقيق عن عبد الله قال: قالت قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم -: انسب لنا ربك؛ فنزلت. قلنا: وهذا سند حسن في الشواهد؛ لأجل قيس بن الربيع وهو صدوق تغيّر لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به. وهذا يؤكد أن السائل هم قريش أو المشركون، وليس اليهود. وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (1/ 375 رقم 89) من طريق قيس به مرسلًا ليس فيه ابن مسعود، ولعل هذا من أوهام قيس؛ لأن الراوي عنه في كلا الروايتين ثقة؛ فتارة كان يسنده، وتارة كان يرسله. (¬1) أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1/ 298 رقم 664)، والطبراني في "المعجم الكبير" (ص 100، 101 رقم 138 - قطعة من المجلد 13)، والهروي في "ذم الكلام" (3/ 215، 216 رقم 650) من طريق محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه - في "ذم الكلام": حدثني أهل بيتي - عن جده به. قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: الأولى: أن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام لم يدرك جده عبد الله بن سلام، وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 147) فقال: "رواه الطبراني؛ ورجاله ثقات! إلا أن حمزة لم يدرك جده عبد الله بن سلام". الثانية: جهالة حمزة هذا؛ فلم يروه عنه إلا ابنه محمد، ولم يوثقه إلا ابن حبان، ومعروف تساهله؛ ولذلك قال عنه الحافظ في "التقريب" (1/ 201): =

* عن سعيد بن جبير؛ قال: إن اليهود قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما نسبة ربك؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} (¬1). [ضعيف] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن وفد نجران قدموا على ¬

_ = "مقبول" حيث يتابع، وإلا؛ فلين. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 670) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي نعيم في "الحلية". (¬1) أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (3/ 213، 214 رقم 648) من طريق محمد بن عثمان التنوخي الملقب بـ (أبي الجماهر) عن سعيد بن بشير عن قتادة عن سعيد به. وهذا سند ضعيف -وذكر اليهود فيه منكر-؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: سعيد بن بشير؛ ضعيف لا سيما عن قتادة؛ قال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 319): "كان رديء الحفظ فاحش الخطأ، يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه". وقال ابن نمير؛ كما في "تهذيب الكمال" (10/ 354): "يروي عن قتادة المنكرات". وأخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 221) بسند ضعيف جداً إلى سعيد؛ أنه قال: أتى رهط من اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا محمد! هذا الله خلق الخلق؛ فمن خلقه؟! فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى انتقع لونه، ثم ساورهم غضباً لربه؛ فجاءه جبريل -عليه السلام- فسكنه، وقال: "اخفض عليك جناحك يا محمد! "، وجاءه من الله جواب ما سألوه عنه، قال: "يقول الله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} "، فلما تلا عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قالوا: صف لنا ربك؛ كيف خلقه، وكيف عضده، وكيف ذراعه؟ فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد من غضبه الأول وساورهم غضباً؛ فأتاه جبريل؛ فقال له مثل مقالته، وأتاه بجواب ما سألوه عنه: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67]. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 671) وزاد نسبته لابن المنذر.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعة أساقفة من بني الحارث بن كعب، منهم: العاقب والسيد من مذحج، فقالوا للنبي: صِفْ لنا ربك: أمن زبرجد، أم من ياقوت، أم من ذهب؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن ربي ليس من شيء كان، بان من الأشياء، ولم تكن الأشياء منه"؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} الذي ليس كمثله شيء، فقال: هذا أنت واحد، وهذا واحد! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] كل أحد يموت إلا هو"، قالوا: زدنا في الصفة؛ فأنزل: {اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}، فقالوا: وما الصمد؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "السيد الذي يُصمد إليه في الحوائج؛ كقوله: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53] "؛ يريد: إليه تستغيثون، قالوا: زدنا في الصفة؛ فأنزل الله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} كما ولدت مريم، ولم يولد كما وُلد عيسى، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}؛ يريد: نظيراً من خلقه، فأنكروا ذلك وأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلاعنهم؛ فأجابوه إلى ذلك، وقالوا: أخرنا ثلاثاً، يوم الرابع نلاعنك، فقالت اليهود والنصارى: لا تلاعنوه؛ فإنه نبي ويُستجاب له فيكم (¬1). [ضعيف جداً] * عن عكرمة؛ قال: إن المشركين قالوا: يا رسول الله! أخبرنا عن ربك، صف لنا ربك ما هو ومن أي شيء هو؟ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ ¬

_ (¬1) أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (3/ 210، 212 رقم 646) من طريق عبد الغني بن سعيد ثنا موسى بن عبد الرحمن الثقفي عن ابن جريج عن عطاء وعن جويبر عن الضحاك كلاهما [عطاء والضحاك] عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد موضوع كذب ما قاله ابن عباس ولا عطاء، أما السند الأول؛ ففيه موسى بن عبد الرحمن الثقفي تقدم في غير ما حديث أنه كذاب وضاع دجال، وعبد الغني -أيضاً- ضعيف. والسند الثاني: فيه جويبر؛ ضعيف جداً، والضحاك لم يلق ابن عباس.

هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} (¬1). [ضعيف جداً] * عن أبي العالية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}؛ قال: قال ذلك قادة الأحزاب: انسب لنا ربك؛ فأتاه جبريل بهذه (¬2). [ضعيف جداً] * عن قتادة؛ قال: جاء ناس من اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: انسب لنا ربك؛ فنزلت: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} (¬3). [ضعيف جداً] * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: أتت يهود خيبر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا أبا القاسم! خلق الله -عزّ وجلّ- الملائكة من نور الحجاب، ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 221): ثنا ابن حميد ثنا يحيى بن واضح ثنا الحسين بن يزيد عن عكرمة به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: الإرسال. الثانية: ابن حميد؛ ضعيف متهم بالكذب. (¬2) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (8/ 221): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عنه به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: الأولى: ابن حميد؛ متهم بالكذب. الثانية: مهران؛ له أوهام سيئ الحفظ. الثالثة: أبو جعفر الرازي؛ صدوق سيئ الحفظ. الرابعة: الإرسال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 669) وزاد نسبته لابن الضريس. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 222): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن سعيد بن أبي عروبة به. قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لما عرفت من حال ابن حميد ومهران. ثم هو مع هذا مرسل، وقد ذكر السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 671): أن عبد الرزاق وابن المنذر أخرجاه، فإن صح السند إلى قتادة؛ فتبقى علة الإرسال.

وآدم من حمأ مسنون، وإبليس من لهب النار، والسماء من دخان، والأرض من زبد الماء، فأخبرنا عن ربك؟ فلم يجبهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه جبريل -عليه السلام- فقال: "يا محمد! {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}: ليس له عروق تتشعب إليه، {اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}: ليس بالأجوف لا يأكل ولا يشرب، و {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)}: ليس من خلقه شيء يعدل مكانه، يمسك السماوات والأرض إن زالتا"، هذه السورة ليس فيها ذكر جنة ولا نار، انتسب الله -عزّ وجلّ- إليها؛ فهي له خالصة (¬1). [ضعيف جداً] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: إن اليهود جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ منهم: كعب بن الأشرف، وحيي بن أخطب، فقالوا: يا محمد! صف لنا ربك الذي بعثك؛ فأنزل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} إلى آخرها (¬2). * عن أبي سعيد الصنعاني؛ قال: قال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: انسب لنا ربك؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} لأنه ليس بشيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله - جلّ ثناؤه- لا يموت ولا يورث: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}: ولم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء (¬3). [ضعيف] ¬

_ (¬1) أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (1/ 370، 371 رقم 86) من طريق يحيى بن عبد الله الحراني عن ضرار بن مرة الكوفي عن أبان بن أبي عياش عن أنس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: أبان؛ متروك الحديث؛ كما في "التقريب". الثانية: يحيى بن عبد الله؛ ضعيف؛ كما في "التقريب". وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 670) وزاد نسبته لأبي بكر السمرقندي في "فضائل قل هو الله أحد". (¬2) ذكره السيوطي في "لباب النقول" (ص 238) ونسبه لابن أبي حاتم. (¬3) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (30/ 223): ثنا أحمد بن منيع ومحمود بن =

* عن الضحاك؛ قال: قالت اليهود: يا محمد! صف لنا ربك؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} فقالوا: أما الأحد؛ فقد عرفناه، فما الصمد؟ قال: الذي لا جوف له (¬1). [معضل] ¬

_ = خداش قالا: ثنا أبو سعيد به. قلنا: وهذا معضل. (¬1) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 671) ونسبه للطبراني في "السنة". قلنا: وهذا -أيضاً- معضل.

سورة المعوذتين: الفلق والناس

سورة المعوذتين: الفلق والناس. * عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه-؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط؟ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} "، وفي رواية: "أنزل أو أنزلت علي آيات لم ير مثلهن قط؟ المعوذتين" (¬1). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرضاً شديداً؛ فأتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: "ما ترى؟ قال: طب، قال: وما طبه؟ قال: سحر، قال: ومن سحره؟ قال: لبيد بن أعصم اليهودي، قال: أين هو؟ قال: في بئر آل فلان تحت صخرة في ركية"؛ فأتوا الركي، فانزحوا ماءها وارفعوا الصخرة، ثم خذوا الركية فاحرقوها، فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ بعث عمار بن ياسر في نفر فأتوا الركي؛ فإذا ماءها مثل ماء الحناء، فنزحوا الماء ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الركية فاحرقوها، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم (رقم 814/ 264، 265) وغيره كثير من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عقبة به. قلت: وخالف عبد العزيز بن مسلم القسملي؛ فرواه عن إسماعيل به؛ لكن جعله من مسند أبي مسعود: أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (3/ 116، 117 رقم 2658). قال الطبراني: "رواه سفيان والناس عن إسماعيل عن قيس عن عقبة بن عامر". يعني: يشير للمخالفة، وعبد العزيز؛ ثقة ربما وهم، فهذا الحديث يعد من أوهامه، فقوله: عن أبي مسعود شاذ، والصواب أنه من مسند عقبة.

فإذا فيها وتر فيه إحدى عشرة عقدة؛ فأنزلت عليه هاتان السورتان، فجعل كلما قرأ آية؛ انحلت عقدة: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} (¬1). [موضوع] * عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ قال: صنعت اليهود لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً؛ فأصابه من ذلك وجع شديد، فدخل عليه أصحابه فظنوا أنه لمّ به، فأتاه جبريل بالمعوذتين فعوذه بهما؛ فخرج إلى أصحابه صحيحاً (¬2). [ضعيف] * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: سحر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يهودي من يهود بني زريق، يقال له: لبيد بن الأعصم، قالت: حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم -أو ذات ليلة- وهو عندي؛ دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم دعا ثم دعا، ثم قال: "يا عائشة! أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيه فيه؟ أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي -أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي-: ما وجع الرجل؟ فقال مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطه، وجف طلع نخلةٍ ذكر، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان (وفي رواية: ذروان) "، قالت: فأتاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أناس من أصحابه، فجاء فقال: "يا عائشة! والله لكأن ماؤها نقاعة الحناء، وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين"، قالت: فقلت: يا رسول الله! أفلا استخرجته؟ (وفي رواية: أفلا أحرقته؟)، قال: "لا، أما ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (6/ 248) من طريق عبد الوهاب بن عطاء أنبأنا محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قلنا: وهذا موضوع؛ الكلبي كذاب، ونحوه شيخه أبو صالح. (¬2) أخرجه أبو نعيم في "الدلائل"؛ كما في "لباب النقول" (ص 239) من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس به. قلت: وهذا سند ضعيف، أبو جعفر الرازي صدوق سيئ الحفظ.

أنا؛ فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير على الناس فيه شراً؛ فأمرت بها فدفنت" (¬1). [صحيح] * عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه-؛ قال: سحر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجل من اليهود، قال: فاشتكى؛ فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين، وقال: "إن رجلًا من اليهود سحرك، والسحر في بئر فلان"، قال: فأرسل عليًّا فجاء به، قال: فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية، فجعل يقرأ ويحل حتى قام النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنما أنشط من عقال، قال: فما ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك اليهودي شيئاً وما صنع به، قال: ولا أراه وجهه (¬2). [صحيح] * عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-؛ قال: مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذ عن النساء وعن الطعام والشراب، فهبط عليه ملكان وهو بين النائم واليقظان، فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، ثم قال أحدهما لصاحبه: "ما شكواه؟ قال: طب؛ يعني: سحر، قال: ومن فعله؟ قال: لبيد بن أعصم اليهودي! قال: ففي أي شيء جعله؟ قال: في طلعة، قال: فأين وضعها؟ قال: في بئر ذروان تحت صخرة، قال: فما شفاؤه؟ قال: تنزح البئر وترفع الصخرة وتستخرج الطلعة"، وارتفع الملكان فبعث نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلى علي -رضي الله عنه- وعمار فأمرهما أن يأتيا الركي فيفعلا الذي ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 3175، 3268، 5765، 5766، 6063، 6391)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 2189). (¬2) أخرجه النسائي في "المجتبى" (7/ 112، 113)، وفي "الكبرى" (2/ 307 رقم 3543)، وعبد بن حميد في "المسند" (1/ 247 رقم 271 - منتخب) -وهذا لفظه-، وأحمد (4/ 367)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (8/ 29، 30 رقم 3569)، والطبراني في "المعجم الكبير" (رقم 5016)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (رقم 5935) من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم به. قلنا: وهذا سند صحيح.

سمع، فأتياها وماؤها كأنه قد خضب بالحناء؛ فنزحاها، ثم رفع فأخرجا طلعة؛ فإذا بها إحدى عشرة عقدة، ونزلت هاتان السورتان: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)}؛ فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما قرأ آية؛ انحلت عقدة، حتى انحلت العقد، وانتشر نبي الله للنساء والطعام والشراب (¬1). [ضعيف جداً] * عن عائشة -رضي الله عنها-؛ قالت: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -غلام يهودي يخدمه، يقال له: لبيد بن أعصم، وكان تعجبه خدمته، فلم تزل به يهود حتى سحر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذوب ولا يدري ما وجعه، فبينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة نائم؛ إذ أتاه ملكان، فجلس أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رأسه للذي عند رجليه: "ما وجعه؟ قال الذي عند رأسه: مطبوب، قال الذي عند رجليه: من طبه؟ قال الذي عند رأسه: لبيد بن أعصم، قال الذي عند رجليه: بِمَ طبه؟ قال الذي عند رأسه: بمشط ومشاطة، وجف طلعة ذكر بذي ذروان، وهي تحت راعوفة البئر"، فاستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدعا عائشة، فقال: "يا عائشة! أشعرت أن الله -عزّ وجلّ- قد أنبأني بوجعي؟ "، فلما أصبح؛ غدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغدا معه أصحابه إلى البئر، فإذا ماؤها كأنه نقوع الحناء، وإذا نخلها الذي يشرب من مائها قد التوى سعفه كأنه رؤوس الشياطين. قال: فنزل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت الراعوفة، فإذا فيها ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (2/ 198، 199): نا عمر بن حفص عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان: الأولى: جويبر؛ متروك الحديث. الثانية: الضحاك لم يلق ابن عباس.

مشط رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن مُراطة رأسه، وإذا تمثال من شمع تمثال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا فيها إبر مغروزة، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة فأتاه جبريل -عليه السلام- بالمعوذتين؛ فقال: "يا محمد {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}، وحل عقدة، {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)}، وحل عقدة، حتى فرغ منها، ثم قال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} وحل عقدة، حتى فرغ منها، وحل العقد كلها. وجعل لا ينزع إبرة إلا وجد لها ألماً، ثم يجد بعد ذلك راحة، فقيل: يا رسول الله! لو قتلت اليهودي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد عافاني الله -عزّ وجلّ- وما وراءه من عذاب الله أشد"، قال: فأخرجه (¬1). [ضعيف جداً] ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (7/ 92 - 94) من طريق يزيد بن هارون عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن أبي بكر بن محمد عن عمرة عنها به. قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ العرزمي متروك الحديث.

§1/1